فيض الباري على صحيح البخاري

الكشميري

1 - كتاب بدء الوحي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 1 - كتاب بَدْءِ الوَحْي قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى آمِينَ: 1 - بابٌ كَيفَ كَانَ بَدْءُ الوَحْي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم وَقَوْلُ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) 1 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِىُّ قَالَ أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِىَّ يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ». أطرافه 54، 2529، 3898، 5070، 6689، 6953 تحفة 10612 - 2/ 1 الحمد لله رب العالمين والصَّلاة والسَّلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. قال الإمام محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المُغِيْرة بن بَرْدِزْبَه الجُعْفِي البُخَاري رحمه الله تعالى: (بسم الله الرحمن). وليُعْلم أن حديث: «كل أمر ذي بال» .. إلخ، اضطربت فيه الألفاظ الواردة، بعضها: «باسم الله»، وبعضها: «بحمد الله». وخَالَ بعضُهم التعارض، وظن اختلاف الألفاظ اختلاف الحديث. والحال أن الحديث واحد، ومع اضطراب كلماته حسَّنه الحافظ الشيخ أبو عمرو بن الصَّلاح، وهو شيخ الإمام النووي، دقيقُ النَّظر، واسع الاطِّلاع، وليس صاحبه النووي مثله في الحديث. فالعمل بالحديث إما بصورة الجمع، فيراد ذكر الله، ويؤيده ما ورد في رواية: «بذكر الله»، وإما يرجَّح اللفظ الأول، لأن أول ما نزل من القرآن: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبّكَ}، فالتَّأسي به يحصل بالشروع بالبسملة، وأيضًا يؤيده افتتاح كُتُب رسول الله صلى الله عليه وسلّم، إلى الملوك، وكُتُبِهِ في القضايا بالبسملة. وراجع «الفتح» و «العمدة» للتفصيل (¬1). ¬

_ (¬1) أي فيما ذكر في المقدمة.

وبالجملة: فلا إيراد على الإمام البُخاري في افتتاحه الصحيح بالتسمية دون التحميد، وما يُذكر من حمل الابتداء بالحقيقي في لفظ، وبالإضافي في لفظ، أو العرفي، فلا يُعبأ به، لأن مدارَ ذلك على تعدُّد الحديث. وذِكَرُ الاحتمالات التِّسْعةِ من بين صحيح وباطل ههنا كلها من سَقْط الكلام. (باب): لفظُ الباب مضاف. أو مبني كمَثْنَى وثُلاث. قال الرَّضِيّ: إن المفردات على سبيل التوارد مبنية. وقد عَلِمت من عادات المصنِّف رحمه الله تعالى أنه يُصدِّرُ الأبواب بصيغة السؤال، ولا يجيب عنه، بل يوجه النَّاظر إلى الحديث ويكون الجواب فيه. (بَدْء): مهموز، وقيل: بدو، بمعنى الظهور، والأول أولى، لما في بعض النسخ: «كيف ابتداء الوحي» ولأنه نظير قوله فيما بعد: «بَدْء الأذان» و «بدء الحيض»، فهذا بَدء الوحي على شاكلة أخويه. واعتُرضَ عليه، أنه لو قال: كيف كان الوحي؟ لكان أحسن، لأنه تعرض فيه لبيان كيفية الوحي مطلقًا، لا لبيان كيفية بدء الوحي فقط. وأجاب عنه شيخ الهند رحمه الله تعالى أن البدء ههنا عام، سواء كان زمانيًا، أو مكانيًا، أو باعتبار صفات المَوْحَى إليه، فيدخل فيه سائر ما يتعلق بالوحي، وجواب آخر للشاه ولي الله رحمه الله تعالى فراجعه من تراجمه. وما سنح لي بعد الإمعان في صنيعه، والنظر إلى نظائره، كبدء الأذان وبدء الحيض، أن البَدء عنده لا يختصُ بالحصة الابتدائية، بل يعتبر مما يضاف إليه لفظ البدء بما فيه من أحواله أولًا، ثم يضاف إليه لفظ البدء ثانيًا، ثم يُسأل عنه أن بدء هذا المجموع كيف كان؟ وحينئذٍ فيندرج تحته جميع أحواله، وهكذا فعل المصنف رحمه الله تعالى فيما بعد أيضًا. فقال: «بدء الأذان، وبدء الحيض»، ثم لم يقتصر على أول الحال فقط، بل ذكر حالهما من الأول إلى الآخر، ففهمت من صنيعه أنه لا يريد من لفظ البدء البداية في مقابل النهاية، بل بدؤه بعد أن لم يكن، ووجوده من كَتْم العدم، فهو سؤال عن هذا الجنس بتمامه، أنه كيف بدأ؟ فالحاصل: أن معناه، السؤال عن جنس الوحي، وجنس الأذان، وجنس الحيض، أنه كيف جاء من كتم العدم إلى ساحة الوجود؟ وحينئذٍ معناه كونه بعد أن لم يكن، لا بدايته قبل نهايته، وهذا التصرف في لفظ البدء مستفادٌ من كلام المصنف رحمه الله تعالى نفسه، لا أني تصرفت في كلامه، وصرفته عن ظاهره (¬1). ¬

_ (¬1) ويقول العبد الضعيف، وتؤيده نسخة البدو: وإن نظر فيها الحافظ رحمه الله تعالى، لأن بدء الوحي بهذا المعنى هو بدوه وظهوره، فصار مآل النسختين واحدًا، غير أن النظر في البدء إلى ظهوره أولًا، بخلاف البدو، فإنه الظهور مطلقًا، فإن شئت قلت: كيف ظهر الوحي وكيف بدأ؟ وإن شئت قلت: كيف وجدت تلك الحقيقة أولًا، فهو إذا بمعنى لا سابق له، لا بمعنى المتقدم على الغير، كما في الفقه، لو قال: "أول عبد أملكه فهو حر، فملك عبدًا عتق" مع أنه لم يملك غير هذا العبد، فكذلك معنى بدء الوحي وجوده أولًا بعد أن لم يكن، فلم يلاحظ في هذا الاعتبار أجزاء الوحي، ليكون البدء أول أجزائه، بل اعتبرت الحقيقة جملة، كالحقيقة البسيطة، ولا يكون بدؤها إلا ظهورها، ثم معنى الأولية مراعًا فيه، فإن الوحي كان انقطع بعد زمن عيسى عليه السلام ثم بدأ من زمن =

وبعبارة أخرى، معناه: كيف بدأت تلك المعاملة مع المخلوقات؟ ولك أن تقول: إن بدء الوحي مقصود بالذات، وبقاءه مقصود بالتبع. أما معنى الوحي فسيجيء الكلام فيه عن قريب. ولعمري أن المصنف رحمه الله تعالى أبدع في بدء كتابه، فصدَّره بالوحي على خلاف دأب المصنفين رحمهم الله تعالى، إشارة إلى أن أول معاملة العبد مع ربه إنما تقوم بالوحي، ثم بالإيمان، ثم بالعلم، ثم بسائر الأعمال، كما قال تعالى: {مَا كُنتَ تَدْرِى مَا الْكِتَبُ وَلاَ الإِيمَانُ} الآية [الشورى: 52] ثم علَّمَه ما علمه بالوحي، فهو مقدمه للإيمان والأعمال، فهو مقدمٌ طبعًا، فلا بد أن يكون مقدَّمًا وضعًا. (وقول الله عزَّ وجل) أراد به التوجيه إليه، والرعاية له والاستيناس منه، دون الاستدلال به. ثم اعلم أن المصنف رحمه الله تعالى ربما يذكر قطعة آية ولا يذكرها بتمامها. ويكون مقصوده في اللاحق أو السابق، فيتحير هناك الناظر، حيث لا يرى لها مناسبة بالمقام، فاعلم ولا تغفُل. وإنما انتخبها المصنف رحمه الله تعالى من بين سائر الآيات لكونها أبسط آية في باب الوحي، والغرض منه بيان مبدأ الوحي، أنه هو سبحانه وتعالى، وأنه إذا كان مبدأ هذا الوحي هو مبدأ وحي نوح عليه السلام والنبيين من بعده، فوجب لأهل الكتابين أن يؤمنوا به كما آمنوا بوحيهم، وأنه لما كان مبدؤهما واحدًا، فإنكار هذا الوحي كأنه إنكار لوحيهم أيضًا. وقوله تعالى: (كما أوحينا) بيان سنة، أي إيحائنا سنة قديمة من لَدن نوح إلى يومنا هذا، وليس بأمر جديد ليتوحش منه متوحش، ويتأخر عنه متأخر. وإنما خص نوحًا بالذكر، ولم يذكر آدم عليه السلام، لأن الوحي قبله كان في الأمور التكوينية، ولم يكن فيه كثير من أحكام الحلال والحرام، كما ذكره الشاه ولي الله رحمه الله في رسالته: «تأويل الحديث». وذكر الشاه عبد العزيز رحمه الله تعالى: أنه لما هبط آدم عليه السلام من الجنة أعطي بذورًا للزرع، وأكثر أحكامه كانت من هذا القبيل، ثم تغيرت شاكلته من زمن نوح، فنزلت الأحكام والشرائع، كما يُعلم من التفاسير، أن الكفر إنما ظهر في السِّبط السادس من قابيل، وأول رسول بعثه الله تعالى لِزَهْقِهِ هو نوح عليه الصَّلاة والسَّلام ولم يكن قبله كفر، ومن ههنا صار لقبه: «نبي الله» فإنه أول نبي بعث لإزهاق الكفر، والناس كلهم الآن من نسلِهِ، فهو آدم الثاني، ومنه نُشر العالم من بعد لفه، كذا ذكره المؤرخون. ثم إنه لما بُعث ودعا الناس إلى التوحيد ولم يؤمنوا به، وكان من أمره ما كان، واستقر ¬

_ = نبينا - صلى الله عليه وسلم - فهو كقوله تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} معناه كما خلقناكم بعد أن لم تكونوا شيئًا، كذلك نبعثكم ثانيا بعد موتكم، فخلق العالم جملة من الأول إلى الآخر هو بدؤه، فهكذا بدء الوحي معناه: وجود تلك الحقيقة أولًا، وإنما طوَّلت فيه هذا التَّطويل، لإيضاح مراد الشيخ وتفيهمه، مع الايماء بتأييده من نسخه أخرى. ثم إن الفرق بين كلامه وكلام شيخ الهند رحمه الله تعالى أن شيخه أخذ العموم في البدء بحسب الزمان والمكان، سؤالًا عن جزء من أجزاء الوحي، بل عن الحقيقة، وهي تتحقق في جميع موارد تحققها، فذكر جميع أحوالها باعتبار تحقق تلك الحقيقة هناك، لا باعتبار جزء دون جزء، وحال دون حال.

شرح الحديث على نحو ما قالوا

فُلْكُه على الجُوْديِّ، نزلت الشريعة وبعض من الحلال والحرام. فعند النَّسائي من كتاب الأشربة من الطِّلاء - ما يدل على بعض أحكام شريعته عليه الصَّلاة والسَّلام - عن أنس بن سيرين. قال: سمعت عن أنس بن مالك يقول: إن نوحًا صلى الله عليه وسلّم نازعه الشيطان في عود الكَرْم، فقال: هذا لي، فاصطلح على أن لنوح ثلثها وللشيطان ثلثيها. وإن نوحًا قد كان وضع عود الكَرْم، ومن كل حيوان زوجين حين ركب الفُلْك وطغى الماء، فإذا استوت سفينته ونزل منها نازعه الشيطان في عود الكرم وادّعاه لنفسه، فإن الخمر يتخذ منه، ثم انفصل الأمر كما في الحديث. قلت: وهو يفيدنا في جواز المُثَلث من الأشربة، فإن الثلث صار لنوح عليه الصلاة والسلام، فيكون حلالًا البتة، وصار الثلثان للشيطان فإن بقي فيه شيء من الثلثين لم يحل، لكون حظ الشيطان باقيًا، فإذا ذهب ثُلثاه بقي حق نوح عليه الصَّلاة والسَّلام فيكون حلالًا. قال ابن رشيد في «التهافت»: إن تعليم القيامة لم يكن قبل التوراة: أقول: بل هو مدار النبوة، وأساس الأديان السماوية، وشرائع الأنبياء، فلا بد أن يكون تعليمه من بدء الأمر، فإن الشريعة وإن اختلفت، إلا أن أصولها لم تختلف قط. وفي التفاسير: إن حرمة الخنزيرة كانت من زمن آدم عليه السلام. نعم تحتاج أمثال هذه النقول من المفسرين إلى الانتقاد، فكيف بالقيامة واعتقاد حقيتها، فإنها من أصول الدين؟ شرحُ الحديث على نحو ما قالوا واعلم أن الحديث تكلموا عليه قديمًا وحديثًا، وهو من أساس الدين، حتى رُوي عن الشافعي رحمه الله تعالى: أنه يدخُلُ فيه نصف العلم. ورُوي عن أحمد رحمه الله تعالى: أنه ثُلث الإسلام، أو ثُلث العلم. وقيل: ربعه كما قيل: *عُمدة الخيرِ عندنا كلماتٌ ... أربعٌ قالهنَّ خيرُ البريه *اتق الشُّبْهات، وازْهَد، ودع ما ... ليس يَعْنِيْك، واعمَلَنَّ بنيه ونسبهما علي القاري رحمه الله تعالى إلى الإمام الشافعي رحمه الله تعالى "وهو سهو منه، بل هما لشاعر آخر كما يُعلم من شرح «عقود الجمان» للسيوطي رحمه الله تعالى. ثم الحديث مروي عن إمامنا أبي حنيفة أيضًا في «مسنده» بلفظ: «الأعمال بالنيات» رواه عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم التَّيمي، عن علقمة، عن أبي وقاص الليثي، عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «الأعمال بالنيات» .. إلخ. ورواه بهذا اللفظ ابن حبان في «صحيحه»، والحاكم في «أربعينه»، وصححه. واقعته: ما رواه الطبراني بسند رجاله ثقات عن ابن مسعود رضي الله عنه: كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها: أُمُّ قيس، فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر، فهاجر فتزوجها. قال: فكنا نسميه: مهاجرَ أم قيس. قال ابن دقيق العيد: لم يُصنِّف أحد في شأن ورود الأحاديث، إلا ما بلغني عن أبي حفص العُكْبَري، أنه صنف في هذا الموضوع شيئًا، ولو فعله أحد لنفع جدًا.

ذكر الكلام في الفرق بين النية والإرادة

وإنما لم يقل: «الأفعال بالنيات» لأن بين العمل والفعل فرقًا، فالعمل "ساختن" والفعل "كردن" يعني أن العمل فيما يتمادى ويطول، بخلاف الفعل، ولذا قال: {وَاعْمَلُواْ صَلِحًا} [المؤمنون: 51] وقال: {إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} [البقرة: 277]. ولم يقل: افعلوا وفعلوا، دلالة على الدوام والاستمرار. ذكر الكلام في الفرق بين النِّيَّة والإرادة واعلم أنَّ المعتبر في الإرادة هو إصدار المراد، ولا يعتبر فيه غرضٌ للمريد، بخلاف النية، فإنها يعتبر فيها غرض، ولذا لا يكاد يُتْرك معها ذكر الغرض، فيقال: نويت لكذا، بخلاف الإرادة، فإنها تُستعمل بدون ذكر الغرض أيضًا، فيقال: أراد الله سبحانه، ولا يجب معه ذكر الغرض، ولذا لا يقال: نوى الله، بل يقال: أراد الله. أقول: حاصله أن النية لما اعتُبر فيها الغرض، فلو أطلق لفظ النية في جنابه تعالى لأوهم تعليل أفعاله بالأغراض، مع أنهم قالوا: إن أفعاله تعالى لا تعلل بالأغراض وقد مر منا تحقيقه في المقدمة، وأنه لا استحالة في كون أفعاله تعالى معللة بالأغراض، وأن ما زعموه في إبطاله باطل. نعم، لما استعمل الإرادة في لسان الشرع دون النية اقتصرنا في الإطلاق على ما ورد به الشرع، ورأينا التحرُّز عما لم يَرِد به الإطلاق أولى. وكذا حجروا على إطلاق العزم فيه تعالى، وقد وقع في مقدمة مسلم، وجوَّزَه التِّبَرِيزي، والله تعالى أعلم. واعلم أنهم تكلموا على هذا الحديث، وأطالوا فيه الكلام من الجانبين، وحَمَلَهُ كلٌّ على مسائله، وجرَّه إلى مختاراته. ولما لم يكن فيه بُدٌّ من التقدير، إذ لا معنى لكون ذوات الأعمال بالنيات، لثبوتها حِسًا وصورة من غير اقتران النية بها، فمنا من قدَّر الثَّواب بدليل قوله فيما بعد: «فهجرته إلى الله ورسوله» وهذا هو الثواب، ومنا من قدَّر الحكم كشارح «الوقاية»، فمعناه عندنا: ثواب الأعمال أو حكم الأعمال بالنيات، على اختلاف التقديرين. وقدر الشافعية الصحة، لأن متعلَّقات الظروف لا تكون إلا من الأفعال العامة، والصحة منها، فإن الثواب بعد الصحة، فمعناه عندهم: صحة الأعمال بالنيات. وعلى هذا فالأعمال عند عدم النيات تصير خالية عن الثواب عندنا وباطلة عندهم. ثم بنوا عليه اشتراط النية في الوضوء. أقول: وكلام شارح «الوقاية» وإن كان أولى من غيره، إلا أنه خلاف الوجدان. أما تقدير الثواب والصحة فلا يصح عندي. أما الأول: فلأن تقدير الثواب يؤدي إلى تخصيصين في الحديث: الأول بالدار الآخرة، فإن الثواب والعقاب من أحكام الآخرة. والثاني: تخصيصه بالطاعات فقط، لأنها هي التي يثاب عليها. بخلاف المعاصي، فإنها يعاقب عليها، فلو قلنا: ثواب الأعمال بالنيات، يقتصرُ الحديث على أحكام الآخرة، ثم على الطاعات. وأحكام الدنيا والمعاصي تخرج عن قضية الحديث

ومدلوله، ولا تُبقي له علاقه بها، مع أن الحديث عام قطعًا، فإن المعاصي مذكورة في آخر الحديث صراحةً كما قال: «ومن كانت هجرته إلى دنيا» .. إلخ فعُلِم أن الحديث لم يَرِدْ في الطاعات فقط. على أن صحة الأعمال والطاعات هي كونها بحيث يترتب عليها الثواب فإذا خلت عن الثواب فقد بطلت، فصار مآل تقدير الثواب والصحة واحدًا، فيلزم عليهم ما لزم على من قدَّر الصحة أيضًا. والتزمه المصنفون إلا أنهم رأوا فيه نفعًا يسيرًا في الجواب عن مسألة النية، فرضوا بهذا النفع اليسير بالضرر الكثير، واختاروا هذا التقدير مع أنه لا يجدي أيضًا كما سيجيء. وأما الثاني: أي تقدير الصحة فيؤدي إلى تخصيصين أيضًا: الأول بأحكام الدنيا، فإن الصحة اسم لاستجماع الشرائط والأركان، بحيث يَسْقط الفرض عن ذمته، وكذا البطلان نقيضه، وهما من أحكام الفقه والدار الدنيا، وحينئذٍ يقتصر الحديث على أحكام الفقه والدار الدنيا، ولا يَشْملُ أحكام الآخرة. والثاني أن من الأفعال ما لا يقال فيه: صَحَّ أو بَطَلَ، فإن الصحة تجري فيما فيه جهتان، الحِلة والحُرمة، أما الحرام قطعًا أو الحلال قطعًا فلا يقال فيه: إنه صح أو بطل، مثل من قتل رجلًا أو زنى أو سرق، فلا يقال فيه: إنه صَحّ قتله وزِناه وسرقتُه أو بطل. فيكون الحديث ساكتًا عن هذه الأحكام، مع أنه عام لجميع الطوائف كما علمت. على أن الصحة والبطلان بهذا الاصطلاح من المصطلحات الحادثة، ولا ينبغي أن يُحمل الحديث على مصطلحات الفنون، بل يجري على صرافة اللغة، هذا كلام على شرحهم. أما الكلام على مسائلهم فقال الحنفية: إن النية لا تُشترط في الوضوء، وقالوا بصحته بدونها. والحديثُ واردٌ عليهم، فقال بعضهم: إن الحديث إنما ورد في العبادات دون القُرُبات والطاعات، ونحن نلتزم أن الوضوء بدون النية لا ينعقدُ عبادة. أما أنه لا يصلح لكونه مفتاحًا للصلاة، فلا يدل عليه الحديث أصلًا. قال الشيخ زكريا الأنصاري: العبادة يشترط فيها النية ومعرفة من يُتقرَّب إليه. والقُرْبة يُشترط فيها معرفة من يتقرب إليه دون النية، كتلاوة القرآن. والطاعة لا يشترط فيها شيء، كالنَّظر الموصل إلى الإسلام. ثم أقول مراعيًا مسائل الدين إجمالًا: إن الدين مركبٌ من خمسة أشياء: العبادات، والعقوبات، والمعاملات، والاعتقادات، والأخلاق. أما الأخلاق والاعتقادات فالبحث عنهما في فنونهما، والبواقي مذكورة في الفقه. أما العبادات فالمقصود منها: الصلاة، والصوم، والزكاة، والحج. والنية شرط لصحتها بالإجماع. وأما المعاملات فأيضًا خمسة: مناكحات، ومعاوضات مالية، وخصومات، وتركات، وأمانات. ولا تُشترط النية لصحتها بالإجماع.

وأما العقوبات فخمسة أيضًا: حد رِدَّة، وقذف، وزنا، وسرقة، وقصاص. ولم يَشتَرِط فيها النية واحد منهم (¬1). فيا ليت شعري! كيف زعموا أن الحديث واردٌ علينا وموافق لهم؟! مع أنهم أخرجوا عنه المعاملات والعقوبات بتمامهما أيضًا، فلو كان الحديث يرد علينا في الوسائل فقط، فقد ورد عليهم في المعاملات والعقوبات. ثم أقول: إن من الوسائل ما يشترط فيها النية عندنا أيضًا، كالتيمم، والوضوء بالنَّبيذ، فإنها شرط للصحة فيهما. والعجب أن الإمام الأَوْزَاعي، والحسن بن حَيّ، لا يشترطان النية في التيمم أيضًا كما في العيني، فقد سبقوا إمامنا أبا حنيفة في عدم اشتراط النية. أما اشتراط النية في التيمم عندنا، فلأن الأرض ليست طهورًا بطبعها، وإنما هو بالجَعْل، كما قال صلى الله عليه وسلّم «جُعِلتْ لي الأرض مسجدًا وطهورًا». وإنما يُسْتعمل الجعل فيما ينصرف الشيء عن حقيقته، فالأرض ليست بطهور في أصلها، وإنما جُعلت طهورًا لهذه الأمة كرامة لها، بخلاف الماء فإنه ليس طهورًا بالجعل، بل أُنزل على هذه الصفة كما قال: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَآء مَآء طَهُورًا} [الفرقان: 48]، فلا يحتاج فيه إلى النية، بل تقع به الطهارة بمجرد استعماله، نعم، لا يكون عبادةً بدون النية كما هو مُصرَّح في كتبنا، بخلاف التراب، فإنه ليس طهورًا بالطبع، فاحتاج إلى ضمّ النية ليظهر معنى الجَعْل. وهذا كما شرط الشافعية النية للجمع عند الجمع بين الصلاتين، فإنه لو مضى وقت الصلاة الوقتية ولم ينو جمع التأخير، يكون فاسقًا عندهم، فلا بد له أن ينوي الجمع قبل مضي الوقت في التأخير، وقبل السلام في التقديم. فكذلك شرطنا النية في التراب. بقي النَّبيد، فلعلهم شرطوا النية فيه لأجل نقص في معنى الطَّهورية، فإنه لم يبق على الصفة التي أنزل عليه، وإن كان طهورًا وطاهرًا. ويقول العبد الضعيف: معناه أن النَّبيذ ماءٌ مُطلق عندنا، إلا أنه ليس كالقَرَاح، فكأنه بين المُطلق والمقيد، وكثير من الحقائق ما يدور النظر فيها ولا يزال يتردد ولا يقنع إلا بعد إقامة المراتب. فالنبيذ إن قلنا: إنه ماء مقيد فلا يُناسب أذواقنا، وإن قلنا: إنه مطلق فكذلك، فإنه ليس كالقَرَاح، فصار نظر إمامنا أنه أقرب إلى الإطلاق، فوضعه تحت المطلق وفوق المقيد، وشَرَط فيه النية إظهارًا لدنو رتبته، ولو علم الخصوم مُدْرَك إمامنا لما طعنوا عليه في هذه المسألة، وهذا كالحقيقة القاصرة تعسَّر عليهم دَرْجُها في الحقيقة المطلقة، وكذا في المجاز، فأقاموا المراتب، وجعلو فوق المجاز وتحت الحقيقة وسمَّوها: حقيقة قاصرة. فالحاصل: أن في الوسائل أيضًا نية عندنا ولو في الجملة. ولو تعمقنا النظر فالنية مرعية ¬

_ (¬1) قال العبد الضعيف: وقد كان شيخي رحمه الله تعالى ذكر وجه عدم ذكرهم حد الخمر فيها، وأنا نسيتها، اللهم إلا أن يكون إنه لا يجري على أهل الذمة.

في الوضوء من الماء المطلق أيضًا، فإنهم إن أرادوا بالنية الملفوظة والعبارة المخصوصة فلن يجدوا إليها سبيلًا. وقد صرح ابن تيمية وغير واحد من العلماء: أن التلفظَ بالنية لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم مدة عُمُره، ولا عن واحد من الصحابة والتابعين، ولا من الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى. وإن أرادوا بها النية التي تكون قبيل الأفعال الاختيارية، فنحن وهم فيه سواء ولا ننكرها أصلًا. والنية قبل الصلاة ليست إلا أن يعلم بقلبه أنه أيُّ صلاة يصلي، فكذلك في الوضوء. ولا أرى أحدًا من الحنفية أنه يتوضأ ثم لا يكون له شعور في نفسه أنه يتطهر أم لا، فالنية أمرٌ قلبي لا مَنَاص عنها في الأفعال الاختيارية. وإن أرادوا بها زائدًا على هذا القَدْر، فليس إليه إيماء في الحديث ولا حرف ولا شيء. وجملة الكلام أن النية التي لا تصح العبادات والأعمال بدونها لا تزيدُ على ما قلنا. وهي توجد في وضوء الحنفية والشافعية سواء بسواء، فأين الخلاف وأين الإيراد؟ اللهم أن يفرض كفَرَض - المنَّاطقة زيدًا حمارًا - أن رجلًا جاء وقد مَطَر السحاب من فوقه وابتلت أعضاء وضوئه، فإنه لم توجد منه تلك النية، فهل يُباح له يجتزىء بذلك الوضوء ويصلى؟ فلو كان الاختلاف في هذا الجزء الذي قلما يتفق أن يُبتلى به في عمره الأولى أن يفرزبالبحث عنه ويترك تحت مراحل الاجتهاد، ولا يدخل في مراد الحديث لئلا يصير مرادُه نَظَريًا بعدما كان بديهيًا. ولكن يُعلم من كلام الطرفين أنهم يزعمونه، كأنه مصرَّحٌ في الحديث، فيُلزِم كل واحد منهم الآخر أنه خالف الحديث مع أن الحديث لا مِسَاس له بموضع النِّزاع، كما ستعرف عن قريب إن شاء الله تعالى. فالحاصل: أن الحديث إن قصرناه على العبادات كما يُعلم من كلام الطرفين، وعلى الثواب، كما يعلم من كلام فقهائنا، فنحن نلتزم أن الوضوء بدون النية لا ينعقد عبادةً. أما أنه لا يصلح للشروع في الصلاة، ولا يقع مفتاحًا لها فلا نسلِّمه، فإنه أمرٌ حسي، ومعنى الطهورية فيه أظهر، فيقع المفتاحية بلا مِرية. وإن ادعوا أن الضروري منه هو الذي يقع عبادة ولا تصح الصلاة إلا به، فذلك نداء من بعيد. ثم إنهم إن أرادوا بالعبادة ما مر تفسيرها في كلام شيخ الإسلام زكريا الأنصاري، فعليهم أن يُقيموا عليه دليلًا، أن الضروري هو الوضوء بهذه الصفة. وإن أرادوا بها ما يؤجر عليه فمسلم. ونحن نلتزمه ونقول: إنّ في وضوئنا أيضًا أجرًا وإن لم يكن عبادة بالتفسير الذي مر، فإن القُرُبات والطاعات أيضًا عبادة، بمعنى أنها يؤجر عليها. ثم نُورد عليهم سوى ما ذكر: أنكم أوجبتم الدِّية في الخطأ مع أنه لا نية فيه. وقلتم بطهارة الثوب ولا نية فيها أيضًا. فما الفرق بين طهارة الأَنجاس والأحداث؟ حيث جعلتم النية شرطًا في إحداهما دون الأخرى، فأجابوا عن الأول: أن الحديث إنما ورد في الخطاب التكليفي، وهو متعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء والتخيير، دون الوضعي، وهو أن يكون هذا سبب ذلك أو شرطه، كالدُّلوك للشمس والقتل من الثاني. وعن الثاني: أنه من قبيل التُّروك دون الأفعال. قلتُ: وكلها تفلسف وأمارة عن عدم إدراك المراد وعدم إصابة المرمى.

هذا خلاصة كلام الأكثرين منهم، ويحوم حوله كلمات الباقين، والأمرُ بعد في الخفاء! والذي أراه: هو أن الحديث لم يَرِد في وجود النية وعدمها كما يُشعر به تفاريعهم. وإنما ورد في بيان الفرق بين النية الفاسدة والصحيحة فقال: «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله» فهذه نية صحيحة. وقال: «ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها» فهذه نية فاسدة، فالحديث فصَّل بنفسه آخرًا ما أجمله أولًا. وصرَّح بأنه لم يرد في بيان حكم الأعمال التي فيها النية والتي ليست فيها النية، بل جاء لبيان منفعة النية الصحيحة ومفسدة النية الفاسدة، وللتنبيه على أن للأعمال ربطًا بالنيات، فلا يغتر أحد بحسن علانيته مع قُبح سريرته، فإن الله لا ينظر إلى صوركم وأعمالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وليأتكم وهذا الذي يناسب علوم النبوة. أما الكلام في الصحة، والبطلان، والجواز، والكراهة، فإنما هو وظيفة الاجتهاد. وما يجبُ عليه التنبيه من جهة النبوة. هذا لأن رجلًا يصلي طول ليله، ويصوم طول نهاره، ويجاهد بنفسه وماله، ويحج ويسعى، ومع ذلك لا يزن عمله عند الله جَنَاح بعوضة إذا كان لغرض من الأغراض الدنيوية، وهذا كله لفساد سريرته. ويكون رجل آخر فلا يكون له عمل صالح يُذكر، فييأس من مغفرته، ثم تخرُج له بِطاقة وتُوزَن بسائر أعماله الطالحة فيزنها ويرجحها، وهذا لحسن طويته وطيب نيته. حتى إن الأعمالَ قد تنقلب بالنيات حسنات، كما أنها قد تنقلب بها سيئات. قال تعالى: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان: 70]. والحاصل: أن بركة الأعمال ومحقها تناط بالنيات على نحو ما عند «ابن ماجه» في: باب التوفي على العمل، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «إنما الأعمال بالنيات كالوعاء، إذا طاب أسفله طاب أعلاه، وإذا فسد أسفلُهُ فسد أعلاه». وإسناده ضعيف. وكما في الحاشية: الإناء يترشح، بما فيه. والظاهر عنوان الباطن. فتنوع الأعمال وتلوُّنها تدور بالنيات. وليس عملٌ إلا وله صِبْغ بلون نيته؛ إن خيرًا فخيرًا، وإن شرًا فشرًا. فالنية الصحيحة مثمرة للبركات، وتوجب النمَّاء في الأعمال. والفاسدة تمحو الأجور وتحبط الأعمال. وفي مثل هذا قص الله سبحانه: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16)} [هود: 15 - 16] فنعى على من كان نيته هكذا أنه قد حبط عمله. وقال تعالى: {كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا} [البقرة: 264] {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ} الآية [البقرة: 265]. ولما انكشف الغطاء عن وجه المقصود، وظهر أن الحديث ورد في جميع أنواع الأعمال، ولم يختص بحكم دون حكم. وإنه لم يتعرض إلى ما فيه نيته وما ليست فيه تلك، ولكنه جاء مادحًا لمن نوى نيةً حسنةً، وقادحًا فيمن نوى نيةً فاسدةً فحبط عمله، علم أن ما ليس فيه نية خارج عن متناول الحديث. وأن الحديث لا مِساس له بموضع النزاع، فينبغي أن يفوض صحة الوضوء بالنية وعدمها إلى الاجتهاد. وما يدلك على أن الحديث عام كما قلتُ ما قال البخاري

الفرق بين القرينتين

نفسه باب ما جاء أن الأعمال بالنية والحِسبة، ولكل امرىء ما نوى، فَدَخل فيه الإيمانُ، والوضوءُ، والصلاةَ، والزكاةُ، والحجُ، والصومُ والأحكام ... إلخ. ثم الحديث لما كان عامًا عندي فينبغي أن يكون التقدير أيضًا كذلك كالنماء، والزكاة، والعبرة، والثمرة، والحِسبة: فمعناه، نماء الأعمال وزكاؤها وعبرتها وحسبتها بالنيات. ولست أريد من العبرة والحِسبة الفقهي، لئلا يرجع الكلام إلى موضوعه بالنقض، بل أريد على حد قوله صلى الله عليه وسلّم «إنما الأعمال بالخواتيم»، وفي لفظ: «العبرة بالخواتيم» أو ما سواها من الألفاظ التي تدل على اعتناء جانب الموافق، وعدم البطلان بجانب المخالف. وهذه الألفاظ كلها كذلك. وكأن تقدير الألفاظ إليك بعد ما عرفت حقيقة المراد. فهناك ثلاثة أشياء: العمل، والنية، والغاية. فأشار إلى الأول بقوله: «فمن كانت هجرته» فالهجرة عمل، وإلى الثاني بقوله: «إلى الله» فهو نية، وإلى الثالث بقوله: «فهجرته إلى الله ورسوله» وهو غايته، وهكذا في الجملة الثانية. الفرق بين القرينتين قد سبق إلى بعض الأذهان أن قوله: «وإنما لكل امرىء ما نوى» مؤكد لقوله: «إنما الأعمال بالنيات» مع أنهما يفترقان من وجوه. منها كما قال الشيخ السِّندي: أن الجملة الأولى جملة عرفية تجربية وليست بتشريع. أقول: وله نظائر كقوله: «لكل أمةٍ أمين، وأمينُ هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح». «ولكل شيء زينة، وزينة القرآن آخر البقرة». فكون الأمين في كل أمة وكون الزينة في كل شيء أمر يعلمه أهل العرف أيضًا ويستعملونه فيما بينهم. ثم جاءت الشريعة ونبهت على أن تلك الحقيقة سرت إليها أيضًا، فدلت على أمين هذه الأمة. وهذا مما لا يُعلم إلا من تلقائه على حد. «وزينة القرآن» وهي لا تُقتنى إلا من جهته، فبيَّن أنها البقرة، وكذلك: «الأعمال بالنيات» جملة يستعلمونها أهل العرف ويقوله: هذه ثمرة أعماله "يعني عملون كي بهل". والجملة الثانية: «وإنما لكل امرء ما نوى» حكم من جانب الشرع وتشييدٌ لما جرى بينهم وتحقيقٌ لما اعتبروه. وقيل: إن الأولى علة فاعلية، والثانية غائية، ففي الأُولى بيان للنية وهي مؤثرة، وفي الثانية بيان للغاية والثمرة. إلا أن الأغبياء جعلوا الغاية أيضًا علة فاعلية لفاعلية الفاعل، إلا أن يفرَّق بين الفاعلية للشيء وبين الفاعلية لفاعلية الفاعل للشيء. وحينئذٍ وإن كانت الغاية فاعلية، لكنها لفاعلية الفاعل للشيء، دون الشيء نفسه. وقيل: أن الأولى في حال الأعمال، والثانية في حال العالمين. وقيل: مفاد الأُولى ضرورة النية في الأعمال، فهي المدار لحبطها وعبرتها. والثانية في تعيين المنوي، فإن لكل امرىء ما نوى، فلا بد أن يعين المنوي. ثم ما المراد بقوله: «ما نوى» هل المراد منه الغاية والثمرة؟ أو عين ما نوى؟ والأظهر عندي هو الثاني. فكلٌ يجدُ في آخرته عينَ عمله وعين ما ينويه في دُنياه. ولهذه الدقيقة ورد الجزاء بعين ألفاظ الشرط. والناس لما لم ينتقل أذهانهم إليه شمروا للجواب عن اتحاد الشرط

هل يشترط سنوح الجزئيات لإحراز الثواب؟

والجزاء، مع أن في الحديث أذان من الله ورسوله إلى من هاجر إليهما في الدنيا أنه يجدُ هجرته تلك بعينها في الآخرة. ومن هاجر إلى دنيا أو امرأة لا يجدها إلا تلك {وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}، (الكهف: 49) وقال تعالى: {وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرًا} (الكهف: 49) فهذه حقيقة غَفَلَ عنها الناس، وفهموا أن في الدنيا أعمالًا وفي الآخرة ثمراتها. ثم أشكل عليهم مسألة التقدير، وقالوا: إن الأعمال لما كان من إقداره وتقديره، فترتب الجزاء عليها غير ظاهر. وفيه نظم لي طويل: *وليس جَزَاءُ ذاك عينَ فِعَالِنَا ... وقد وجدوا ما يعملون وعوَّلوا *وفي الحَال نارٌ ما تورط ههنا ... ولكنَّ سِترًا حالَ سوف يزولُ وسنقرره إن شاء الله تعالى في مقامه. هل يُشترط سُنُوح الجُزئيات لإحراز الثواب؟ فقوله: «إنما الأعمال بالنيات» يُشعر بكفاية النية الإجمالية، وقوله: «إنما لكل امرىء ما نوى» يُشعر بتفصيلها. فإنه إذا وجد ما نواه ولم يجد ما لم ينوِ، فقد لزم منه التفضيل. والذي يظهر أن النية الإجمالية كافية لإحراز الثواب قطعًا ولا يجب سنوحها. ألا ترى أن من ربط فرسًا في سبيل الله يحصل له الأجر على روثه، وبوله، واستنانه، وريِّه، وعلفه، وشربه، مع أنه لم يَسْنَح له هذه الجزئيات عند ربطه في سبيل الله. نعم، بسط النية دخيل في انبساط الآجر، فإن الأعمال وثمارها تابعة للنيات، فقبضها بقبضها وبسطها ببسطها. والحاصل: أن الحديث فَرَّق بين النية الفاسدة والصحيحة نصًا. أما كونها مجملة أو مفصلة فلم يعط فيه تفصيلًا من عنده. وقوله: «ما نوى» أيضًا مجملٌ ومعناه: ما نوى نية إجمالية أو تفصيلية. بقي أن القدر الضروري هو النية نفسها، أو يشترط شعورها أيضًا. والأوضح أن النية في مرتبة العلم كافية، وهي التي تسبق الأفعال الاختيارية، ولا يشترط في مرتبة علم العلم. وحينئذٍ فصورة الذهول ليست بمذكورة في الحديث. وحاصله: أن النية العرفية تكفي لإحراز الثواب، ولا يشترط شعورها وتقررها واستحضارها. وهو العرف في هذه المواضع، ولا ينساق الذهن إلى المرتبة المنطقية، وهي علم العلم، فلا يُحْمَلُ عليها الحديث أصلًا. بخلاف الخصوم، فإن كلامهم أقرب إلى مرتبة علم العلم. تنبيه: ومما ينبغي أن يُحْفَظَ ولا يُذْهَلَ عنه ما اختاره الغزالي فيما يتعلق بالثواب: أنه إن كان القصد الدنيوي هو الأغلب لم يكن فيه أجر، أو الديني أُجِرَ بقدره، وإن تساويا فتردَّد القصدُ بين الشيئين فلا أجر. وأما إذا نوى العبادة وخالطها شيء بما يغاير الإخلاص، فقد نقل أبو جعفر بن جرير الطبري عن جمهور السلف: أن الاعتبار بالابتداء، فإن اعتراها فساد بعد الشروع - والعياذ بالله من الحَوْر بعد الكَوْر - فنرجو من رحمة الله أن يتغمده بغفرانه ولا يُحْبِطَ

عَمَلَه. فعلى المحسن الخاشع المريد وجهَ الله أن يصحح نيته، ويسعى فيهما عند الشروع في العمل، ويبذل في استقامتها جهده، ثم يسأل الله أن يقيمَه. وهي غنيمة باردة للإنسان الذي خُلِقَ ضعفَيًا، وصدق الله عزَّ وجلَّ: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]. وثانيًا: أن الأجساد هي البادية في هذا العالم والنية مستورة بالمرة. وينعكس الأمر في المحشر، فتكون النيات متبوعة والأعمال تابعة، وتكون هي البادية. فيراها أهل المحشر كلهم عِيَانًا، كالأجساد في هذا العالم، فإن ظهورَ كل شيء ما ناسب مكانه ومحله، والمحشر هو محل ظهور النيات، فإن الله سبحانه لا ينظر إلى أعمالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم ونياتكم، ومن يرائي يرائي الله، ومن سمع سمع الله به. فهذه كلها ظهور النيات. وعلى هذا لو اشتمل عمل على ألف نية، تكون ألف عمل يوم القيامة، والله تعالى على ما يشاء قدير. وقوله: «إنما الأعمال بالنيات» بحرف القصر في مقابلة من زعم عبرة الأعمال ونماءها بالنية الفاسدة، أو أن الأعمال لا تأثير فيها للنيات، فجيء «بإنما» على طريق قصر القلب، كما قال عبد القاهر في «إنما». ثم تحير الشارحون في وجه حذف البخاري قطعة من الحديث وهو قوله: «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ... إلخ» مع أنه ذكره من غير طريق الحُميدي مستوفى، وقد راجعت نُسخة الحُميدي - غير مطبوعة - فوجدت تلك القطعة فيها. فعُلم أن التصرف من جانب المصنف رحمه الله. ومحصل الجواب أن الجملة الأولى المحذوفة تشعر بالقربة المحضة، والجملة المذكورة تحتمل التردد. فلما كان المصنف رحمه الله كالمخبر عن حال نفسه في تصنيفه هذا بعبارة هذا الحديث، حذف الجملة المُشعرة بالقُربة المحضة فرارًا من التزكية. كذا في «الفتح» والتفصيل في الشروح. أما وجه مناسبة الحديث مع الترجمة فمن وجوه ذكرها الشارحون، وما يحكم به الخاطر الفاتر هو أن ورود الأفعال إنما هو بالوحي وصدورها بالنيات. فالوحي مبدأ لوجودها، والنية مصدر لصدورها ونعني بورود الأفعال مبدئيًا، أي الأوامر والنواهي. فالأوامر والنواهي ليست إلا من تلقاء الوحي، فيكون مبدأ لها. وكذلك صدورها لا يعتبر في الشرع بدون النية، فتكون مبدأ أيضًا. فالأفعال ذو حظ من الطرفين، والعلاقة هي الوحي في جهة: والنية في جهة. فالوحي والنية علاقتان لها: إحداها لوجودها، والثانية لصدورها والله تعالى أعلم. ولنا أن نقول في وجه المناسبة، ولنمهد لذلك مقدمة: إن كل شيء إنما يعرف بآثاره، فإن كانت آثارهُ حسنة، كان الشيء حسنًا، وإن كانت قبيحة، كان الشيء أيضًا كذلك. كيف لا وإنما الثمرة تنبىء عن الشجرة، ولذا تراهم عدوا الاستدلال من الأثر على المؤثِّر تحولٌ من الحُجة. وبعد ذلك نقول: إن أحوال العرب قبل مبعثه صلى الله عليه وسلّم غير خافية على من له شيء من الخِبرة، فإن ظلمات الكفر والطغيان قد كانت متراكمة على ضواحي الدنيا، لم يكن يُعرف الحق من الباطل، ولم يكن فيهم من كان يعبد الله على حرف، وكانت الكلمة الإبراهيمية قد انطمست، والملة الحنفية قد اندرست وانعدمت، ومصابيح الهداية أطفئت، ورياح العلوم الحقة ركدت،

2 - باب

حتى إنهم كانوا عاجزين أن يفهموا أن لهم ربًا، فنحتوا الأصنام وعبدوها. أما أخلاقهم فلا تسأل عنها، كان سفك الدماء، وهتك الأعراض، ونهب الأموال من عظم مفاخرهم، يبولون كما يبول الإبل، يمشون وهم عراة، لا يفرقون بين المحارم وغيرها، يرثُ أكبر الأبناء زوجةَ أبيه، يئدون البنات، قاموا لعصبية الجاهلية، ودعوا لعصبة الجاهلية، وإذا هاج شر قَضم بعضهم كالفحل، وعاثوا في الأرض، حتى انقطعت السُّبُل والتجارة، وتعذر الخروج إلا في الأشهر الحرم، وكانوا في تَرَحٍ وَمَرَحٍ، إذ بعث الله فيهم رسولًا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، فلم يترك شيئًا من دينهم ودنياهم إلا وعلمهم، حتى سادوا الناس وملكوا الأرض، فضُرِبت بهم الأمثال، واهتزت الأرض من الأنوار الإلهية، وملئت عدلًا وأمنًا، وأخرجت الكلمة شطأه حتى قامت على سوقها ليغيظ بها الكفار، فمن كان صاحب تلك الآثار وقريبها، ما ظنك به؟ لا ريب في حسن نيته وكونه موحى إليه، ومن هنا ظهرت المناسبة من وجه آخر. 2 - باب 2 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ - رضى الله عنه - سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْىُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَحْيَانًا يَأْتِينِى مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ - وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَىَّ - فَيُفْصَمُ عَنِّى وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِىَ الْمَلَكُ رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِى فَأَعِى مَا يَقُولُ». قَالَتْ عَائِشَةُ رضى الله عنها وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْىُ فِى الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ، فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا. طرفه 3215 - تحفة 17152 - 3/ 1 حديث صلصلة الجرس واعلم أن المصنف لما فرغ عن النية التي هي مبدأ الأعمال من جهة، شرع في الوحي الذي هو مبدؤها من جهة أخرى، وهو المقصود ههنا. أما الوحي والكلام فيه فالحق أنه خارج عن موضوعنا كما ذكره الشيخ الأكبر في «الفتوحات»، أن ما لا يحصل لنفسه لا يُدْرِكُ كُنْهَه. وذكر أنه دخل مرة في ملأ من الأولياء وهم في ذكر من المقام الموسوي، فَوَكَلوا الكلام إليه، فقال: لا يحل لي أن أتكلم فيه، لأنه لا يحصل لي، فكذلك الوحي لا يُدْرِك كنهه إلا لمن اتصف به. ولم يرو في هذا الباب عن السلف شيء كثير، إلا ما رُوي عن ابن عباس رضي الله عنه: أن الوحي هو القذف في القلب - أي في الآية التي سنتكلم عليها آنفًا - ولم ينفصل الأمر منه، فإن القذف والقذف يتغايران فلا ندري ما كيفيته، فإننا أيضًا نقذف في قلوبنا. وقد ذكر العلماء أقسامه. والأولى عندي أن يقتصر على ما اقتصر عليه النص، فقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا} إلخ [الشورى: 51].

تفسير آية الوحي إجمالا

تفسير آية الوحي إجمالًا واعلم أولًا أن الوحي على ثلاثة أنحاء: الأول: أن يُسخَّر باطن المُوحى إليه إلى عالم القدس، ثم يُلقى في باطنه، فلا توسُّط للملَك في هذا النوع. الثاني: ما يكون فيه دخل لحواس المُوحى إليه، فَسمِعَ فيه الصوت، وهو صوت الباري تعالى عند البخاري، بحيث لا يُشبه أصوات المخلوقين، ليس فيه مخارج ولا تقطيع. وقال الشيخ المجدِّد السَّرهندي رحمه الله تعالى: وليس بجزء ولا كل وليس بزماني ولا مكاني وسيجيء الكلام فيه. والثالث: أن يجيء المَلَكَ وهو على نحوين: الأول: أن يُسخر الملك باطن النبي. والثاني: أن يتمثل بنفسه في صورة البشر، كقوله تعالى: {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [مريم: 17]. إذا علمت هذا فاسمع منا تفسير الآية: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ} أي نبي ورسول، فالمراد منه هو النبي أو الرسول وإن كان اللفظ عامًا، وإنما لم يقل: لنبي أو رسول صراحة، حذرًا عن شبهة المصادرة على المطلوب. فإنهم لما قالوا: {لولا يُكلمنا الله .. } [البقرة: 118]، أجابهم بأنه: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلّمَهُ اللَّهُ} وحينئذٍ لا يناسب وصفه بالنبوة أو الرسالة، لأنه أول النزاع، وهو اعتراضهم أن الله لم لا يكلم واحدًا منا ويكلم هؤلاء فأجاب بنحو تعميم في اللفظ مماشاة معهم كما قال الرسل: {إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ} [إبراهيم: 11] {أَن يُكَلّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا} والمراد منه عندي: الإعلام بخفية، وهو النوع الأول، ويدخل فيه الإلهام والمنام. ولا يقصر على الإلهام والمنام فقط كما قالوا: {أَوْ مِن وَرَآء حِجَابٍ} إشارة إلى النوع الثاني: وهو ما تيسر له صلى الله عليه وسلّم ليلة المعراج ولموسى عليه الصَّلاة والسَّلام على الطور. الكلام في أنه صلى الله عليه وسلّم هل جمع بين الرؤية والكلام ليلة المعراج؟ بقي الكلام في أن النبي صلى الله عليه وسلّم هل جُمع له بين الكلام والرؤية ليلة المعراج أو كانت الرؤية بدون الكلام والكلام من وراء حجاب؟ فالله أعلم به. نعم، التفسير المذكور يُبنى على الفصل بينهما، فإن قوله: {مِن وَرَآء حِجَابٍ} حينئذٍ يدل على أنه لم تكن وقت الكلام رؤية، بل حصل له الكلام بدون الرؤية. وإن قلنا بالجمع له بين الرؤية والكلام أي كانا معًا، فالجواب على حديث مسلم أن الرؤية أيضًا كانت في الحجاب: «عن أبي موسى: أن حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سُبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه». وفي «القاموس»: سبحات وجه الله: أنواره. فعُلم منه أن الحجاب لا يُكشف، ولو كشفه لأحرقت سبحات وجهه. فالرؤية في الحجاب، والحجاب هو النور.

وعند مسلم (¬1) «نورٌ أَنَّى أراه»؟ يؤيده فإنه لا ينفي الرؤية مطلقًا، ولكنه ينفي اكتناهه والإحاطة به والتحديق إليه ورؤيته متمكنًا؛ فإن كمال النور يمنع الإدراك، وحينئذٍ لو كانت بدون الحجاب لأمكن أيضًا. فالنبي صلى الله عليه وسلّم حصل له الرؤية ألبتة، ولكنها كانت رؤية دون رؤية، وهي التي تليق بشأنه تعالى؛ فإنه لا يمكن لأحد أن يتقرر بصره على وجهه تعالى، وهو العلي العظيم، فإن مهابة كبريائه مانعةٌ عن النظر إليه متمكنًا، ولكنه رؤية دون رؤية، كما يتيسر لنا لأحد من الكبراء في الدنيا بطريق مسارقة النظر. ولذا ترى الألفاظ فيها واردة بالإيجاب مرة والنفي أخرى. ولا تريد أن تؤدي تلك الرؤية في العبارة إلا جاء التعبير هكذا موجبًا مرة ونافيًا أخرى. ونظيره قوله تعالى: {وما رميتَ إذا رميتَ ولكنَّ الله رمى} [الأنفال: 17] فجاء فيه النفي والإثبات معًا، فهكذا أمر الرؤية. والحق أن المعاملات الربانية كلها لا توفيها الألفاظ كما هي، فيحدث هذا العُسر لضيق نطاق البيان. فاختلاف الإثبات والنفي ليس تنافيًا وتضادًا، بل كل منهما أحد طرفي المراد. وإذا هو رؤية المتأدب، ورؤية بين رؤيتين، ورؤية دون رؤية. فلو شئت أن تثبتها أثبتها، ولو شئت أن تنفيها نفيتها، لا بمعنى أنها لم تحصل، بل بمعنى أنها رؤية تتحمل الإثبات والنفي معًا. وحينئذٍ لو كان لفظ مسلم: «نُورٌ أَنَّى أرَاه» لصح أيضًا، فإنه رأى ربه ألبتة وكان نورانيًا. وقد وقع إطلاق النور عليه في القرآن أيضًا: {الله نور السموات والأرض} [النور: 35]. ولكن هذا أيضًا رؤية دون رؤية، فإن شئتَ أثبتها وقلت: كان نورانيًا حين رآه. وإن شئتَ نفيتَ عنه وقلت: «نور أنَّى أراه» فإنها ليست رؤية بتمامها وكمالها. وفي لفظ: «رأيت نورًا» وهذا أيضًا يحتمل المعنيين: أي رأيت نورًا فحسب دون الذات، ومنعني النور عن رؤيتها. أو رأيت ذاتًا منورًا. وقد فهم الناس التقابل بين هذين الاحتمالين، وهما عندي واحد، فإن الرؤية التي حصلت ¬

_ (¬1) قال بعض المحققين في شرحه على منظومة في العقائد: أن الإدراك في قوله تعالى: {لا تدركه الأبصار} في أحد تفسيري ابن عباس رضي الله عنه: هو الرؤية على نحو الإحاطة بجوانب المرئي، إذ حقيقته النيل والوصول ومن المعلوم أن الرؤية المكيفة بكيفية الإحاطة أخص مطلقا من الرؤية المطلقة، فلا يلزم من نفيها نفي المطلقة وثاني تفسيري ابن عباس رضي الله عنه: أن لا تدركه الأبصار إذا تجلى بنوره الذي هو نوره فإنه إذا تجلى بنوره الذي هو نوره لا يقوم له بصر، لأن هذا التجلي مغنٍ للمتجلَّى له، كما يشير إليه حديث أبي موسى حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه، بخلاف التجلي الشمسي والقمري أي التجلي في النور الوارد في حديث: "هل تضارون في الشمس" ... إلخ "هل تضارون في القمر" اهـ. فإنه لا يغني المتجلى له، فيتمكن من الرؤية وعلى الأول يحمل حديث أبي ذر رضي الله عنه: "نور أنى أراه" وكذلك حديث عائشة رضي الله عنها في نفيها الرؤية، يحمل على نفي الرؤية لهذا النور، لا مطلقًا. ويحمل حديث أبي ذر رضي الله عنه أيضًا عند مسلم: "رأيت نورًا" على التجلي في نور يقوم له البصر أي التجلي الشمسي أو القمري ... إلخ ص 306. قلت: وإن كان الجمع بين الحديثين يحصل منه أيضًا، لكن ما ذكره الشيخ رحمه الله تعالى في وجه الجمع الطف منه؛ فإن الرؤية عنده رؤية يتأتى فيها الإثبات والنفي معًا، لكون رؤيته دون رؤيته.

له صلى الله عليه وسلّم كانت رؤية حقيقة وأمكن أن تكون بدون الحجاب أيضًا، إلا أن مهابة الكبرياء مَنَعَ التحديق إليه، فصارت بين بين، وكان كما قيل: *فبدا لينظرَ كيف لاحَ فلم يُطِق ... نظرًا إليه وردَّه أشْجَانُه ولكنه صلى الله عليه وسلّم تشرَّف برؤيته تعالى، ومَنَّ عليه ربُّه بها وكرَّمَه، وتفضَّل عليه بنوالِهِ، وأفاضَ عليه من أفضاله، فرآه رآه كما قال أحمد رحمه الله تعالى مرتين. إلا أنه رآه كما يرى الحبيبُ إلى الحبيب، والعبد إلى مولاه، لا هو يَمْلِكُ أن يَكُفَّ عنه نظرَه، ولا هو يستطيع أن يُشِخص إليه بَصَرَه. وهو قوله تعالى: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} فالزيغ: أن يتغافل عن جمال وجهه، فلا يراه مستجمَعًا. والطغيان: أن يراه، ولكن يتجاوز عن حَدِّه، فيقع في في إساءة الأدب. وهذا إثبات لرؤيته في غاية اعتدال. فالحاصل: أنها كانت بحيث لا يصفُها واصف، أمَّا أنَّها كيف كانت؟ فلا تَسأل عنها، فإنها كانت وكانت. *أَشْتَاقُهُ فإذا بَدَا ... أطرقتُ من إجلالِهِ ولو كانت (¬1) رؤية منام لما احْتِيج إلى تلك الاحتراسات. ومن ههنا اختلفوا في نفس الرؤية لعامة المسلمين في الجنة. هل تحصل برفع الحجاب؟ أو تكون في الحجاب؟ فجنح الشيخ الأكبر إلى أن رداء الكبرياء لا يُرفع في الجنة أيضًا، فإن المرئي في الرداء يُعَدُّ ذاتُهُ مرئيًا عُرفًا، كما لو رأيت رجلًا في ملبوس، لا تقول إلا أنك رأيتَ ذاته حقيقة. ولا يُشترط لرؤية الشخص رؤيته مجردًا عن اللباس. وإنما يكون المراد منه ما هو المعروف، والمعروف فيها ما قلنا. فكذلك الله سبحانه يكون مرئيًا البتة، إلا أن رؤيته تكون في رداء الكبرياء عنده، وهي التي بَشَّر بها الله سبحانه عبادَه بالغيب. وذهب العلماء إلى أنها تكون برفع الحجاب، على ما وقع من تشبيه رؤيته برؤية القمر ليلة البدر. وهذا التشبيه لا يَرِدُ على ما اختاره الشيخ، كما سبقت الإشارة إليه، فإن المراد في الأحاديث من عدم الحجاب عنده، سوى ¬

_ (¬1) وقد أجاب الشيخ رحمه الله تعالى عما روى أن المعراج كان منامًا ما حاصله أن الأنبياء عليهم السلام يرون في اليقظة ما يروه العامة في المنام، ونظيره أن الأولياء يرون في كشوفهم أشياء بعين الباصرة ولا نراها، كذلك الأنبياء عليهم السلام يرون المغيبات بأعين الباصرة في اليقظة إلا أنها لما تكون غائبة عن حسنا وباصرتنا يعبر عن حسنا وباصرتنا يعبر عن رؤيتهم تلك بالمنام لأن النائم أيضا يرى أشياء ولا نرها، فلما اشتركت رؤيتهم في اليقظة برؤية النائم في نومه عبر عنها بالنوم تارة وبالرؤيا أخرى ولا لفظ يؤدي مؤداه، يكشف عن مغزاه غيره وهكذا كان يحققه منذ زمان ثم رأى مثله عن السيوطي رحمه الله تعالى في تنوير الحوالك فرضي به جدًا. وبالجملة هناك كيفيات يضيق عنها نطاق البيان ولن يفقهها إلا ذووها، ولهذا العسر تراهم يختلفون في الرؤية ليلة المعراج لكونها رؤية المغيبات بعين الباصرة، وتلك الرؤية لا لفظ لها، فقد يعبر عنها بالنوم، وتارة بالرؤيا، وأخرى بالرؤية فيحدث الانتشار. ومن هذا الباب قوله تنام عيناي ولا ينام قلبي كلها كيفيات يذوقها صاحبها ويشهد له ما في المشكاة في باب فضائل سيد المرسلين، وسأخبركم بأول أمري دعوة إبراهيم، وبشارة عيسى، ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني، ص 513، ففي اللمعات ينبغي أن الرؤيا على الرؤية بالعين. قلت وإنما اضطر إلى حمله على الرؤية بالعين لأنه زعم أن الرؤيا تختص بالنوم وقد كشف شيخي عن معناها، فالحديث دليل له لا أنه يحتاج إلى تأويل.

حجابه الذي هو نورده ورداؤه الكبرياء، والرؤية مع الرِّداء رؤيةٌ للذات عرفًا وشرعًا بلا تأويلٍ وتأمل. قلتُ: وليس هذا اختلافًا وإنما هو اختلاف الأنظار، ونَظَرُ العلماء أحكم، ونظر أرباب الحقائق أسبق وألطف، فهم يُمَثِّلون على ما يظهر من ظاهر الشريعة، وهؤلاء يراعون ما كَشَفَ الله سبحانه عليهم من حقائق الشريعة وخبيثة أسرارها. وفي الحديث: «لكلِّ آيةٍ ظهر وبطن، ولكلِّ حدَ مطلع». والأمر إلى الله سبحانه. وسيجيء بقية الكلام فيه إن شاء الله تعالى في موضعه في آخر الكتاب. ولعله صلى الله عليه وسلّم تشرَّف بالإيحاء أولًا، ثم انتهى الأمر إلى الرؤية، وكانت عِيانًا. ولذا انتقل إلى تحقيقه وتثبيته في سورة النجم. ولم يكن في الإيحاء أمر بديع في حقه، فذكره كأنه أمرٌ مفروغٌ عنه. وإذا نزل إلى ذكر الرؤية أكَّده بأنها كانت بالفؤاد والعين معًا. وكانت بدون الطغيان والزيغ. وهذا على نحو ما وقع لموسى عليه الصَّلاة والسَّلام: الكلام أولًا ثم الرؤية ثانيًا. ولكنه رآه تعالى ثم غُشي عليه؟ أو لم يره وغَشِي قبله. فأمرٌ يعلمه الله سبحانه، إلا أن نبينا صلى الله عليه وسلّم رآه قطعًا (¬1) ولم يُغْشَ عليه، ولكن خَرَّ ساجدًا كما كان يليق بهذا الوقت، وبقي صاحيًا لم يأخذه غَشْيٌ، مؤدِّيًا وظيفة العبودية، مؤدَّبًا في حضرة الربوبية. فانظر كيف ذَكَرَ رؤيتَه حيث لم يجعلها مقصودة بالذكر؟ فكأنها أمرٌ مما لا يُنكر، إذ كان صلى الله عليه وسلّم دُعِي لذلك، وإنما اهتم برفع ما يمكن أن يقع فيه من اشتباهات، فأزاحها وأكدها بما لا مزيد عليه، فنفى عنه: الضلال، والغِواية، والنُّطق عن الهواء، والزيغ، والطغيان، وذَكَرَ عِلْمَه، وحال معلِّمِهِ، والمباسطة بينهما، وأثبت له الرؤية بالفؤاد، والعين، وأنه قد تصادقا عليه، فما رآه البصر صدَّقه الفؤاد ولم يكذبه، ولا تردد فيه، وما ذاك إلا لأنها كانت رؤيةً بصريةً يَقَظَةً. {فَبِأَيّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 185] ولكن {وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُورٍ} [النور: 40] والله تعالى أعلم. ثم لنرجع إلى ما كنا بصدده ونقول: إن قوله: {مِن وَرَآء حِجَابٍ} إشارة إلى النوع الثاني. ¬

_ (¬1) قال بعض المحققين في شرحه على المنظومة في العقائد في تفسير قوله تعالى ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه سوف تراني أي وأنت على حالتك هذه من غير الصعق، ومفهومه وإن لم يستقر مكانه فلن تراني وأنت على حالتك هذه بل لابد من الصعق فلما تجلى ربه للجبل الذي هو من جملة الأشياء التي تسبح بحمد الله المستلزم لحياته وعلمه جعله دكًا (مفتتا) فلم يستقر مكانه فلم يتحقق شرط الثبات على حالته التي كان عليه ولذا خر موسى صعقا مغشيا عليه أو ميتًا فعلى هذا بقية الآية دليل وقوع الرؤية لسيدنا موسى بعد دلالة أولها على جوازها والله أعلم. ووجه الجمع حينئذ بينه وبين قوله صلى الله عليه وسلم: "أن الله أعطى موسى الكلام وأعطاني الرؤية وفضلني بالمقام المحمود والحوض المورود". أخرجه ابن عساكر عن جابر كما في الجامع الكبير للسيوطي هو أن الرؤية التي أعطاها الله لنبينا صلى الله عليه وسلم عدد خلقه، هي الرؤية مع الثبات على الحالة التي كان عليها قبل الرؤية، كما أن الكلام الذي أعطى موسى كذلك بخلاف الرؤية التي حصلت لموسى فإنه لم يثبت معها وصارت سببًا لصعقة.

وقوله: {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} إشارة إلى النوع الثالث مع قَسِيمَيْه. فإن قلت: إذا قال في الثالث: {فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} فهذا وحي، والأول أيضًا كان وحيًا، فلم يستقم التقابل بين الأقسام. قلتُ: بل الأول وحي، وهذا إيحاء، وبينهما فرق، فإنه جاءت المعهودية الشريعية في الوحي، وهو ما عُرِف نزولُه على الأنبياء، يَعْرِفون به شريعتهم، بخلاف الإيحاء، فإنه على صَرَافة اللغة كالنبوة والنبي، فإن النبوة على صرافة اللغة فيقال: قد نبأنا الله من أخباركم، ولا يقال: إنه نبي ذلك. ولهذه الدقيقة نُسِب الإيحاء إلى غير الرسل أيضًا. بخلاف الوحي فقال تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} .. إلخ [النحل: 68]، وقال تعالى: {وَأَوْحَيْنَآ إِلَى أُمّ مُوسَى} [القصص: 7]. فالإيحاء ههنا على اللغة بخلاف الوحي، فإنه لم يُستعمل إلا في شأن الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام. وأيضًا إنما صح التقابل بينهما لأن بينهما عمومًا وخصوصًا. فإنهما يشتركان في التسخير ويختلفان بمجيء المَلَك في الثالث دون الأول. ولذا جمع ههنا بين الإرسال والإيحاء فقال: {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِىَ بِإِذْنِهِ} إلخ. ففي هذا النوع إيحاء أيضًا، إلا أنه بتوسط المَلَك. والحاصل: أن الله سبحانه لا يُكَّلَم مشافهة، ولا يليق بشأن العبد أن يكلِّمه عِيانًا، فإما يكلمه خُفْيَةً، أو مِن وراء حجاب، أو بتوسط المَلَك. أما الفرق بين الكشف والإلهام، فكما قال الشيخ المُجَدِّد السَّرْهَنْدِي: إن الكشف أقرب إلى ما سمَّوه أهل المعقول بالحِسِّيات، والإلهام إلى ما سمَّوه بالوجدانيات، ولعل الإلهام أقرب إلى الصواب من الكشف، فإن الكشف: رفع الحجاب عن الشيء، والإلهام: إلقاء المضمون. 2 - (أحيانًا يأتيني) وفاعله باعتبار الظاهر هو الوحي. ولكن المصنف (رواه) بوجه آخر عن هشام في بَدْء الخلق قال: «كل ذاك يأتي المَلَك». ويُعلم منه أن الفَاعل بالحقيقة هو الملك. والصلصلة قيل: هي صوت المَلَك بالوحي، وقيل: هي صوتُ حَفِيْفِ أجنحة المَلَك، وعليه اعتمد الحافظ. 2 - (مثل صلصلة الجرس) والصلصلة: صوت وقوع الحديد بعضه على بعض، ثم أُطلق على كل صوت له طنين، ولا يَرِدُ أنه تشبيه محمودٍ بمذموم، فإن التشبيه لا يلزم فيه التساوي من جميع الوجوه، بل يكفي اشتراكهما في صفة. ووجه الشَّبه ههنا هو تدارك الصوت بدون مبدأ ومقطع، فكما أن صوت الصلصلة والسلسلة متدارك ومسلسل، كذلك صوت الوحي يكون بسيطًا بدون مبدأ ومقطع. وهذا بخلاف أصواب البشر، فإنه ينطوي على مبادىء ومقاطع، فهذا هو وجه الشبه. وما ألطف ما قال الشيخ الأكبر: إن صوت الباري جل ذكره يُسمع من كل جهة، ولا تتعين له جهة. وصوت الصلصلة أيضًا كذلك، فوجه الشَّبه حينئذٍ مجيئُهُ من جميع الجوانب ومن جميع الجهات. ونُقِل أنَّ موسى عليه السلام كان يسمع كلامه تعالى على الطُّور من كل جهة. ولذا أقول: إن الصلصلة هي صوت الباري تعالى على خلاف ما اختاره الشارحون. واعلم أن ههنا مطلبان: الأول: ثبوت الصوت للباري تعالى ولا تردد لي في ثبوته، ولكن لا كأصوات المخلوقين سبحانه وتعالى. واختاره البخاري أيضًا في آخر كتابه.

والثاني: أن تلك الصلصلة هل هي صوت الباري عَزَّ اسمُهُ أم لا؟ وأختار فيه من عند نفسي أنها صوت الباري تعالى، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال. والسِّرُّ فيه أن ذلك الصوت ثابت في ثلاثة مواضع: عند صدوره من الحضرةِ الربوبية، وعند تلقِّي المَلَك، وعند إلقائه على النبي. فمبدؤه من فوق العرش ومنتهاه إلى النبي، وليس مقصورًا على هذا الموضع فقط، فينبغي أن لا يُغْفَلَ عنه، فإنه يتحدس منه أنه شيء واحد من هناك إلى ههنا. ويُستفاد من كلامهم أنهم قَصَرُوا ذلك الصوت على الموضع الأخير فقط، فحكموا عليه أنه صوت أجنحة الملائكة. وفي حديث النَّواس بن سمعان عند الطبراني وأخرجه الحافظ في باب قول الله عز وجل: {وَلاَ تَنفَعُ الشَّفَعَةُ} [سبأ: 23] تحت حديث أبي هريرة ما نصه: «أَخَذَتْ أهلَ السمواتِ منه رَعْدَةٌ، خوفًا من الله، وخَرُّوا سُجَّدًا، فيكون أول من يرفع رأسه جبرائيل فيكلمه الله بما أراد» اهـ. (وبالجملة): الصوت هو صوت الباري تعالى. ويجيء الكلام في ثبوت الصوت وسائر صفاته تعالى في آخر الكتاب مبسوطًا إن شاء الله تعالى. ثم إن هذا الصوت هل يبلغ إلى النبي بعينه كما يبلغُ إلى أهلَ السموات؟ أو يتلقاه المَلَك ويحفظه كما تُحفظ الأصوات في الألواح المعروفة اليوم: - بما يسمى بالفونوغراف 0؟ فأمرٌ يدور النظر فيه. ولم يتعرَّض إليه الحديث. فلذا اكتفيت بقدر ما أثبته الحديث، وكففت عما سكت عنه الحديث. فإن قلتَ: في إثبات الصوت تشبيهٌ؟ قلتُ: كلا، فإنه صوتٌ بحيث لا يُشبه أصوات المخلوقين، فلا تشبيه. والتنزيه عند أهل السنة ليس كتنزيه الفلاسفة. وكذا التشبيه عندهم ليس كتشبيه المُشبِّهة. بل نقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْء وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الشورى: 11) فنفى المِثليَّةَ وأثبتَ السمع والبصر بدون تأويل وتشبيه، فليس ربُّنا مجردًا عن السمع والبصر منزهًا عنهما كما زعمه عقلاء الفلاسفة، ولا مشبَّهًا سمعُهُ بسمعنا، وبصَرُهُ ببصرنا، كما توهمه جهلاء المشبِّهة، وإنما أمرنا بين التَّعطيل الصِّرف والتشبيه البحت كما قال الشيخ الأكبر: *فلا تَنْظُر إلى الحقِّ ... وتَعْرُوهُ عن الخَلْقِ *ولا تنظر إلى الخلق ... وتَكْسُوهُ سوى الحقِّ *ونَزِّهْهُ وَشَبِّههُ ... وقُمْ فِي مَقْعَدِ الصِّدْقِ وترجمةُ قوله: ونَزِّهْهُ وشَبِّهْهُ: (أور تنزيه كي جااور تشبيه دائى جا) (وهو أَشَدُّه عَلَيّ) ولمَّا كان في هذا النوع تسخيرٌ لباطنِهِ وانسلاخٌ عن بعض أوصافه، كان شديدًا من سائر أنواعه، وإن كان الوحيُ كلُّه شديدًا. وهو إشارة إلى النوع الأول: (فَبَفْصِم عني) إي إذا انقطع الوحي فيُقْلِع ويَتَجلّى ما قد غشيتني من الشِّدة. (وقد وَعَيت عنه ما قال) إنما جاء بصيغة الماضي إشارة إلى مزيد التثبُّت فيه، ودفعًا لِمَا قد يختلجُ، من أنه إذا كان مثل الصَّلصلة فلعله لا يَفْهَمُ معناه، أو يتعسَّر فهمُهُ، فأزاحه أنه كان يَعِيهِ ويحفظه بدون تردد، وإنما التشبيه لمعنى آخر.

3 - باب

(وأحيانًا يتمثل) ... إلخ إشارة إلى النوع الثالث. ولعل العسر لو كان فيه لكان على جبريل عليه السلام، بعكس ما في الأول، لأنه هو التاركُ لصورته الأصلية، والنازلُ إلى الصورة البشرية، وترك النَّشأة هو الموجب للعسر والشدة. وإنما لم يذكر الثالث لنَدْرَته وكونه مخصوصًا في الإسراء. فإن قيل: كيف تَمثُّلُه مع عِظَمِ جُثَّته؟ قلت: هذا أمر لا ندخل فيه، ونؤمن حقًا بما أخبر به نبينا صلى الله عليه وسلّم وهو كقوله تعالى: {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [مريم: 17]. وسئل إمام الحرمين عنه في الطواف، فأجاب بما تفصيله من «الفتوحات»: إن الأرواح على نوعين: طيبة، وخبيثة. فالأُولى: الملائكة، والثانية: الجِنّ، ثم جعل الشيخ رحمه الله الملائكة، والشياطين، والنفوس الناطقة الإنسانية عالمًا برأسه. وسمّاه: عالم الأرواح، وقال: إن أشياء هذا العالم تتمكن أن تتصور بصور متنوعة، وتتشكَّل بأشكالٍ مختلفة، وتَكْبُر ما كانت صغيرةً، وتَصْغُر ما كانت كبيرةً، بلا زيادة أمر ونقصانه، بخلاف الأجساد، فإنها لا تتمكن أن تتغير بتلك التغيرُّات، وهذه المسألة تسمى اليوم: بتجسد الأرواح، وتروُّح الأجساد. قلتُ: وهكذا قال الصدر الشِّيرازي، وهو صوفي شيعي لا يَسُبُّ الصحابة رضي الله عنهم، ولكنه يُسيىء الأدب في شأن الأشعري والرازي، وذكر أن أرواح المرتاحين رضي الله عنهم، تقدر على ذلك. قلتُ: ولا أعلم أحدًا من علماء الإسلام قال بتشكّل أرواح الإنسان غير الشيخ الأكبر (¬1). (فأعي ما يقول وقوله: (وعَيْتُ) يدلّ الثاني على الفهم مع الصوت، والأول على الفهم بعده، كما هو الطريق المعروف عند مخاطبة رجل برجل. والفرق ما أشرنا إليه. (لَيَتَفَصَّدُ) مأخوذ من الفَصْد: وهو قَطْع العِرق لإسالة الدَّم. شُبِّه جبينُه بالعِرْقِ المفصود مبالغةً في كثرة العَرَق. وفي قولها بيان لما رأته من الشدة، ودَلالة على كثرة معاناة التَّعب، لما في العَرَق في شِدَّة البرد من مخالفة العادة. وقد وردت في بيان نقله أخبار، فلتُطْلَب من مواضعها. والله تعالى أعلم. 3 - باب 3 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْوَحْىِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِى النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلاَّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاَءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - وَهُوَ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِىَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ، فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِى غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ اقْرَأْ. قَالَ «مَا أَنَا بِقَارِئٍ». قَالَ «فَأَخَذَنِى ¬

_ (¬1) قلت وفي نسخة الإنجيل الموجودة بأيدينا أن عيسى عليه الصلاة والسلام كانت تتبدل صورته في أبصارهم وأعينهم وما ذاك إلا لغلبة الروحانية ومنه سمي روح الله -والله تعالى أعلم بالصواب-.

الحديث الثالث

فَغَطَّنِى حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَقَالَ اقْرَأْ. قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَأَخَذَنِى فَغَطَّنِى الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَقَالَ اقْرَأْ. فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَأَخَذَنِى فَغَطَّنِى الثَّالِثَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَقَالَ (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ)». فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رضى الله عنها فَقَالَ «زَمِّلُونِى زَمِّلُونِى». فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِى». فَقَالَتْ خَدِيجَةُ كَلاَّ وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِى الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ - وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِىَّ، فَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِىَ - فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ يَا ابْنَ أَخِى مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَبَرَ مَا رَأَى. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِى نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى - صلى الله عليه وسلم - يَا لَيْتَنِى فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِى أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَمُخْرِجِىَّ هُمْ». قَالَ نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلاَّ عُودِىَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِى يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّىَ وَفَتَرَ الْوَحْىُ. أطرافه 3392، 4953، 4955، 4956، 4957، 6982 تحفة 16540، 16683، 16637، 16706 - 4/ 1 4 - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىَّ قَالَ - وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْىِ فَقَالَ - فِى حَدِيثِهِ «بَيْنَا أَنَا أَمْشِى إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِى فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِى جَاءَنِى بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِىٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَرُعِبْتُ مِنْهُ، فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ زَمِّلُونِى. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ) إِلَى قَوْلِهِ (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) فَحَمِىَ الْوَحْىُ وَتَتَابَعَ». تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَأَبُو صَالِحٍ. وَتَابَعَهُ هِلاَلُ بْنُ رَدَّادٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ «بَوَادِرُهُ». أطرافه 3238، 4922، 4923، 4924، 4925، 4926، 4954، 6214 تحفة 3152 الحديثُ الثَّالث (الرؤيا) قد كنتُ حققتُ في سالفٍ من الزمان أن الرؤيا ليست بنومٍ ولا يقظة، بل هي حاله متوسطة بينهما، ولذا لا تزال تتسلسل ولا تنقطع إلا بالنوم الغَرِق أو اليقظة، ثم اطلعتُ بعد زمن طويل على «دائرة المعارف» لفريد وجدي، فرأيت فيها تحقيق أهل أوروبا الآن بعين ما كنت حققته سابقًا.

رؤيا الأنبياء

رؤيا الأنبياء ولا شك أنه وحي وإن احتاج إلى التعبير، ولذا لما رأى إبراهيم عليه الصَّلاة والسَّلام أنه يَذبح ابنه تَشمَّر للذبح، وكان من شأنه كما قصَّه الله سبحانه وتعالى، ولولا أنها وحي لما اجترأ على مثل هذا. واعلم أن أهل الكفر كانوا يذبحون أولادهم تقرُّبًا إلى الله، ولم يكن هذا في دين سماوي قط. وتأويل رؤياه ما وقع منه فحسب، وبه تمّ الاختبار والابتلاء، ولم يكن الذبح مرادًا من أول الأمر، فلما صدَّقه وامتثل به وأجراه على ظاهره، ناداه ربه: {أنْ يا إبراهيمُ قد صدَّقتَ الرؤيا} [الصافات: 105]، ثم فداه بكَبْشٍ، فإن شاكلةَ وحي الرؤيا على خلاف شاكلة الوحي الصريح، فإنه قد يكون أُنموذجًا يكفي لصدقتها في الخارج نحو من الوجود، لا كما قال الشيخ الأكبر: إن إبراهيم عليه الصَّلاة والسَّلام كانَ مأمورًا بذبح الكَبْش من أول الأمر، ولكنه شدَّد على نفسه، وأراد أن لا يُؤَول رؤياه، بل يُجربها على ظاهرها، فكشف الله سبحانه عن مراده: أنه ذَبْحُ الكَبْش. ومعنى قوله: {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَآ} عنده أي أمضيتها على ظاهرها، مع أن المراد منها ما كان هو ذبح الكَبش، دون ذبح الولد. فإن الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام، أقرب فهمًا لهذه الأمور من الأولياء والصواب أنها تحتاج إلى التعبير كرؤيا يوسف عليه الصلاة والسلام وكرؤيا نبينا صلى الله عليه وسلّم في دار هجرته، فذهب وهْله إلى أنها اليمامة وكانت هي المدينة، وفي هزيمة المسلمين، ثم في فتحهم،. فرأى سيفًا، هَزَّها مرة فانقطعت، ثم هَزَّها مرة أخرى فعادت كأحسن ما كانت، وفي كَذَّابَيْن حيث رأى في يديه سواران من ذهب، وفي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أُرِيْهَا في سَرَقَةٍ من حرير وغيرها. وما نقل في واقعة الحُدَيْبِيَة فافتراء محضٌ ليس له إسناد ولو ضعيفًا. اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلّم واعلم أن النبي صلى الله عليه وسلّم ينتظر الوحي في الأمور كلها، فإذا لم ينزل عليه وَدَعَتْ له حاجة اجتهد. ثم لا يُتْرَكُ على الخطأ لو وقع فيه، ولا يَسْتَقِرُّ عليه حتى الموت قط، وهو تأويل قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} ... إلخ [الحج: 52] وسنعود إلى تفسيره إن شاء الله تعالى. وما ذكره المفسرون من القصص ههنا فكلُّها باطلة. وقول إبراهيم عليه الصَّلاة والسلام {هَذَا رَبّي} [الأنعام: 76] من هذا القبيل عندي. والناس ذكروا عنه وجوهًا من رَطْبٍ ويابس، وما نُلْقِي عليك الآن هو أنه لم يكن هناك شيء في الخارج، بل السلسلة كلها حكاية عن انتقالاته التدريجية الفكرية، حتى انتهى إلى العِلم الحقيقي. ولم يكن لهذا المعنى لفظ يؤدي مؤدَّاه، فسبق الوَهْم من مجرد التعبير إلى ما سبق، وكان المراد منه هو التدرّج، ولذا كرر قوله: {هَذَا رَبّي} ثلاث مرات. معناه: أنه اجتهد في أنه ربه أم لا؟ ثم اجتهد واجتهد حتى تبيَّن له أنَّ مَنْ كان محطًا للتحوُّلات، ومحّلًا للتغيرات، وآفلًا بعد كونه طعالعًا، ومُظلمًا إثْرَ كونه مضيئًا ومستضيئًا، لا تليق به الأولوهية، فتبرَّأ منه حنيفًا مسلمًا. ولفظ الاجتهاد حادثٌ، والتدرج لم يكن في الخارج بلفظ، ولكنه نية على نحو التقادير، وما المانع عنه عند

الرؤيا الصالحة في النوم

ظهور الحُجة شيئًا فشيئًا، فإبراهيم عليه الصَّلاة والسَّلام ما كان له أن يعتقد بقوله: {هَذَا رَبّى}، ولكنْ تَدرجَ نحو العلم الحقيقي شيئًا فشيئًا حتى بلغ إلى حقيقة العِلم، ولم يستقر على ما يلوح من ظاهر الألفاظ، ولو كلمحة برقٍ خاطفٍ، فاعلمه. الرؤيا الصالحة في النوم وعند المصنف في التعبير: «الرؤيا الصادقة». وبينهما فرق ظاهر، فإن رؤيا الأنبياء لا تكون إلا صادقة. وقد تكون غير نافعة، كرؤياه صلى الله عليه وسلّم في أحد: وإنما بُدىء بذلك ليكون له تمهيدًا وتوطِئةً لما يكون في اليقظة. كتسليم الحجر عند مسلم، وكسماع الصوت عند بناء الكعبة أن: «اشْدُدْ عليكَ إزارَكَ» وهو في البخاري عن جابر، وهذا الصوت عندي صوت المَلَك، وكرؤية الضوء، وكلها لتقريبه إلى عالم الرُّوحانيات وعالم الغيب (¬1). (فَلَقِ الصبح) قال ابن أبي جَمْرَة: إنما شبهه به دون غيره؛ لأن شمس النبوة كانت الرؤيا مَبَادىء أنوارها، فما زال ذلك النور يتسع حتى أشرقتِ الشمس، فمن كان باطنه نوريًا كان في التصديق بَكْرِيًا كأبي بكر، ومن كان باطنه مظلمًا كان في التكذيب خفَّاشًا كأبي جهل، وبقية الناس بين هاتين المنزلتين، كل منهم بقدر ما أُعطي من النور. كذا في «الفتح» من كتاب التعبير. (ثم حُبِّبَ إليه الخلاء) وهذا على نحوٍ من مجاهدات الصوفية وخلواتهم ثم إن اعتكاف الفقهاء وخلوات الصوفية عندي قريب من السَّواء. والفرقُ من جهة تعيين الأيام. (اللياليَ ذَوَاتِ العَدَد) وأُبهم العددُ لاختلافِهِ. وفي تفسير «روح المعاني»: عن الصفيري أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يذهب إلى حِراء في رمضان، ويمكث إلى أربعين يومًا. قلت: أما ذهابه في رمضان فقد تحقق عندي. وأما مكثُهُ إلى الأربعين فلم أقف عليه سوى ما ذكره الصفيري. ولا أدري حاله؟ وقد تحقق عندي أنه كان يذهب خارج رمضان أيضًا، كما يُستفاد الإكثار من هذا الحديث. وأما وجه خَلوته في حِرَاء خاصة. فكما عند الحافظ في التعبير: عن ابن أبي جمرة، أن المقيمَ فيه كان يمكنه رؤية الكعبة، فيجتمع لمن يخلو فيه ثلاث عبادات: الخلوة، والتعبد، والنظر إلى البيت. وفيه أيضًا: أن جدَّه عبد المطلب كان يخلو به أيضًا، وكان على الفِطرة، ويمكن أن يكون على الحنيفية. وتِنْقَلُ من كلماته ما يدل على إقراره بالقيامة، وأخلاقه الحسنة، وكان أُخْبِرَ بنبوته صلى الله عليه وسلّم بأن ابنه هذا يكون له شأن من الشرق إلى الغرب، وعلى هذا أمكن أن يكون ناجيًا، إلا أنْ يثبت عنه الشِّرك وعبادة الأصنام. والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) قلت: وذكر الحافظ في كتاب التعبير رواية عن عبيد عمير أنه وقع له في المنام نظير ما وقع له في اليقظة أيضًا من غظ الملك وأمره بالقراءة وغير ذلك مما وقع له في اليقظة.

الكلام في أول السور نزولا

(جَاءَهُ الحقّ) أي جبرائيل عليه السلام، أو المراد أنه انكشف له الحال الآن، وتحقق جليًا أن سماعَ الصوت ورؤية الضوء وسلام الحجر وغيرها، كان تمهيدًا للأمر الذي بُعث به. (اقرأ) ليس من باب التكليف، بل من باب التَّلقين والتلقي لما يقوله، كما إذ يَحْضُر الصبيُّ قِبَل المعلِّم وكتابُهُ معه، فيقول له أستاذه: اقرأ، لا يريد بذلك تكليفه بالقراءة، ولكنه يكون تلقينًا له أن أقرأ كما أقرأ لك الآن (¬1). (ما أنا بقارىء) واختُلف في هذا التركيب إنه مفيد للقصر أم لا، وذهب السكَّاكي إلى أنه يُفيد القصر، وهو المختار عندي، ولكنه ليس بمطَّرِد. قيل: (ما) في المرة الأولى نافية، أي لستُ بقارىء، وفي البواقي استفهامية، أي أيَّ شيء أقرأ؟ والأرجح عندي أنها كلها نافية، وترجمته: "مين وه شخص نهين جس سى قراءت هوسكى". (فغطَّني) ذكر العلماء: أنه كان ضَرْبًا من التنبيه. وقال الصوفية - كَثَّرهم الله تعالى -: إنه كان للإلقاء في القلب، وللتقريب إلى المَلَكِيّة وإحداث المناسبة بها، وفيه أن للمعلِّم حقًا على المُتعلِّم. فقال: {اقرأ بسم ربك} ... إلخ (¬2) وإنما أضاف لفظ الاسم ولم يقل: اقرأ بربك، تبرُّكًا باسمه تعالى، فكما أن ذاتَه مَجْمَعُ البركات، كذلك صفاتُهُ وأسماؤه تعالى، فأدخل لفظَ الاسم وتبرَّك به إيذانًا بذلك، وإنما بدأ بالقراءة لأنها الأهمُّ إذ ذاك، وأما اسمُ الله تعالى فيصلحُ لبداية جميع الأمور، وليس له اختصاصٌ بشيء دون شيء. الكلامَ في أولِ السُّورِ نُزُولًا واعلم أنه اختُلف في أول ما نزل من القرآن، فقيل: وهو الصحيح: أنه: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبّكَ}، وهو الظاهر من هذا السياق، وله أدلة أخرى، مذكورة في موضعها. والقول الثاني: {يأَيُّهَا الْمُدَّثّرُ}، ويُؤيده ما في الصحيحين، عن أبي سَلَمة عن جابر: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو يُحدِّث عن فترة الوحي، فقال في حديثه: «بينا أنا أمشي سمعت صوتًا من السماء، فإذا المَلَكُ الذي جاءني بحِراءَ جالسٌ على كرسي بين السماء والأرض، فرجعت فقلت: زمِّلوني فدثَّروني، فأنزل الله: {يأَيُّهَا الْمُدَّثّرُ}. ¬

_ (¬1) قلت يؤيده ما عنده الحافظ في التفسير رواية قال: أتاني جبريل نمطًا من ديباج فيه كتاب، فقال اقرأ، فقلت: ما أنا بقارىء، قال السهيلي: قال بعض المفسرين: أن قوله آلم ذلك الكتاب إلخ، فيه إشارة إلى الكتاب الذي جاء به جبريل، حيث قال له اقرأ. (¬2) فلما قال ثلاثًا ما أنا بقارىء، قيل له اقرأ باسم ربك، أي لا تقرؤه بقوتك ولا بمعرفتك، لكن بحول ربك وإعانته، فهو يعلمك كما خلقك، وكما نزع عنك علق الدم ومضمر الشيطان في الصغر، وعلم أمتك حتى صارت تكتب بالقلم بعد أن كانت ... ذكره السهيلي كذا في الفتح.

هل التسمية جزء من كل سورة؟

والجواب عنه بوجوه، منها: أن المراد منه نزولُهَا بعد زمنِ الفترة، كما يؤيده السياق. وقوله: فإذا المَلَك الذي جاءني بحِراء أيضًا يدلُّ على سابقيةِ عَهدٍ وتقدُّم خبرٍ. ومنها: أنه اجتهاد من جابر وليس مرفوعًا، وهو الأصوب عندي. والتوفيق عسير جدًا، وبه قال الكرماني كما في «الفتح» في سورة المدثر. والقول الثالث: الفاتحة، وله مُرْسَل عند البيهقي. قال البيهقي: إن كان محفوظًا فيحتمل أن يكون خبرًا عن نزولها بعد ما نزلت عليه «اقرأ» و «المدثر» (¬1). والجواب أن يُلْتَزَمَ بتعدُّدِ نزولها، فلعلها نزلت أولًا بغير صفة القرآنية، ونزلت أخرى بصفتها. وفي «الإتقان» رواية في ترتيب السور مسلسلة بأئمة النحو، فأمعنت فيها النظر، فبدا لي أنه قد سرى في هذا الباب اجتهاد، فالطرد والعكس عليه مشكل. ثم ههنا نُكتةٌ نبّه عليها الحلبيُّ في سيرته، وكأنه أراد منها تأييدًا لمذهب الحنفية أن الفاتحة إذا لم تنزل أولًا، فكيف يكون حَال الصلوات عند من جعلوها ركنًا. هل التَّسمية جزءٌ من كلِّ سُورة؟ فقال الشافعية: إنها جزء من كل سُورة وجزءٌ من الفاتحة أيضًا. وقال الحنفية: إنها ليست جزأً للفاتحة، ولا من كل سورة، قيل: أول مَنْ كتب هذه المسألة منا هو أبو بكر الرَّازي، وليست منقولة عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى. قلتُ: ومن رآها مكتوبةً بين كل سورتين يَحْكُمُ ذِهْنُه إلى أنها آية نزلت للفصل بين السور، كما ذكر في «الكنز». واعتُرض على الشافعية أن التسمية لو كانت جزءًا من كل سورة نزلت هناك أيضًا. وأجاب عنه الشافعية أولًا: بأن مضمون التسمية قد أُدِّيت في ضمن: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبّكَ} وثانيًا بأنها صارت جزأً بعد نزولها وهو كما ترى، فإن الكلام في صيغة التسمية لا في معناها. (حتى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ) رُوي بنصب الدال ورفعها (¬2). (يَرْجُفُ فُؤادُهُ) وفي «نوادر الأصول» للحكيم الترمذي - وهو غير الترمذي صاحب «الجامع»: أن القلب خاص، وهو موضع الإدراك، والفُؤاد يُطْلَق على وعائه. قال الشيخ ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف وقد راجعت ألفاظه فهي تأبى عن تأويل البيهقي كل الإباء قال شيخنا وهكذا روي عن أبي هريرة مرفوعًا بإسناد قوي إلا أن المحدثين عللوه وبالجملة ذهب بعضهم إلى أوليتها أيضا. (¬2) يقول العبد الضعيف وقد نقل الحافظ في التعبير ههنا كلامًا عن شيخه مليحًا جدًا فناسب أن نذكره ملخصًا، فقال: وقد رجح شيخنا البلقيني بأن فاعل بلغ هو الغط والتقدير بلغ مني الغط جهده أي غايته فيرجع الرفع والنصب إلى معنى واحد هو أولى، قال شيخنا وكان الذي حصل له عنه تلقى الوحي من مقدمة لنا صار يحصل له من الكرب عند نزول القرآن وهي حالة يؤخذ فيها عن حال الدنيا من غير موت، فهو مقام برزخي يحصل له عند تلقي الوحي ولما كان البرزخ العام ينكشف فيه للميت كثير من الأحوال خص الله نبيه يبرزخ في الحياة يلقى عليه فيه وحيه المشتمل على كثير من الأسرار، وقد يقع لكثير من الصلحاء عند الغيبة بالنوم أو غيره اطلاع على كثير من الأسرار، وذلك مستمد من المقام النبوي، ويشهد له حديث رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة اهـ.

الأكبر: إنه حنفي (¬1) والخشية إنما كانت بالعجز عن حمل أعباء النبوة، وإنما لم تضطرب خديجة رضي الله عنها لأنها لم تكن صاحب الواقعة، وفَرْقٌ بين مَنْ يدخل في الشيء ويكون صاحبَة الواقعة، وبين من يسمعها من وراء وراء (¬2). ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف ونص الحافظ عن شيخه في التعبير أن الحكمة في العدول عن القلب إلى الفؤاد أن الفؤاد وعاء القلب على ما قاله بعض أهل اللغه فإذا حصل للوعاء الرجفان حصل لما فيه فيكون في ذكره من تعظيم الأمر ما ليس في ذكر القلب،. وأما بوادره فالمراد به اللحمة التي بين المنكب والعنق جرت العادة بأنها تضطرب عند الفزع وعلى ذلك جرى الجوهري وتعقب ابن بري فقال هي ما بين المنكب والعنق يعني أنه لا يختص بعضو واحد وهو جيد فيكون إسناد الرجفان إلى القلب لكون محله وإلى البوادر لأن مظهره اهـ ملخصًا. (¬2) قلت إن الله سبحانه إذا اصطفى أحدًا لنبوته أو رسالته يخلق فيه عقيبه علمًا ضروريًا بنبوته بحيث لا يبقى له قلق ولا اضطراب كما يظهر من قصة موسى عليه الصلاة والسلام حين توجه إلى الطور لأن يأتي قبسًا أو يجد على النار هدى. ومعلوم أنه لم يكن مراقبًا عم يصنع به ولا منتظرًا بما يحمل عليه إذ ناده ربه من شاطىء الوادي الأيمن {يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} وأمره أن يذهب إلى فرعون إنه طغى فلما سمعه موسى عليه الصلاة والسلام ألقى عليه في ساعته تلك في اليقين والإذعان بنبوته ما هون عليه الدعوة لمثل فرعون الباغي الطاغي فلم يتأخر عن معارضته طرفه عين، ولا شك في نبوته كجناح بعوضة إلا أنه كان بشرًا خلق من ضعف فشكى إلى ربه عن ضعفه وسأله أن يجعل أخيه ردئًا يصدقه ويكون عونًا له فإنه كان أفصح لسانًا وأبين حجة ولهذا قال: "ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون" ولذا خاف من عصاه حين صار حيًا حين قال ربه "خذها ولا تخف" فلم يكن هذا الخوف شكًا منه أو إعراضًا عما أمره الله به والعياذ بالله، بل إظهارًا لضعف جبل عليه الإنسان: فإذا لم يشك من كان نبىء بدون تمهيد ولا سابقية خبر فكيف بمن مهد له تمهيدًا ومرن تمرينًا في النوم واليقظة؟ ولكن إذا تجلى له الملك، وقد سد الأفق وغطه حتى بلغ منه الجهد وأنزل عليه من الكلام ما لو أنزل على الجبال لتصدعت من خشية الله وتخشعت جعل يرجف فؤاده ويخشى على نفسه لا لريب عرضه أو هول هاله بل لضعف فطر عليه الانسان. بلى وحق له أن يرجف ويخشى. كيف وقد كان هذا أول معاملة اعترته؟ وفكر في نفسك أن لو عرا أحدًا الآن مثل ما عراه ماذا يصنع. ثم ما زال عليه من تلك الشدة بقايا حتى كان يأخذه الغطيط والبرحاء في شدة البرد كما علمت. فإذا كان هذا حاله بعد مزاولات ومعاهدات بالوحي فما ظنك به إذا كان نزل عليه وهو غير ممارس لتلك الأهوال والأحوال. ولكن الذين أشربت قلوبهم هواسات النصارى واتباعهم في كل ما وسوست به صدورهم جعلوا يحملونهم على ما يقشعر منه جلود الذين آمنوا فهم في ريبهم يترددون. وأصرح قرينة على ما قلنا ما عند البخاري في التفسير: فبينا أنا أمشي إذ سمعت صوتًا من السماء بصري قبل السماء فإذا الملك الذي جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض فجئت منه حتى هويت إلى الأرض وفي "بدء الوحي" فرعبت، وليس فيه لفظ "منه" فجئت أهلي فقلت زملوني زملوني، وهذا وإن كان في واقعة أخرى لكنه قرينة قوية على أن الخشية إنما لحقها مما رأى الملك على عظمته وهيأته بين السماء والأرض وهذه الأمور تضعف عن حملها فطرة البشر، فالخوف والخشية لا يصادم الإذعان والإيقان بشيء أصلًا لأنه في بنية البشر قال تعالى {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}، وكما جاز لموسى أن يخاف من عصاه حين صار ثعبانًا ولم يصادم ذلك إيمانه جاز للنبي صلى الله عليه وسلم أيضًا أن يخشى عند رؤية الملك بهذه الهيئة لأن الملك على تلك الهيئة وغطه ليس بأدون من عصاه. ثم بدا لي أن في إلقاء تلك الخشية عليه وإبلاغ هذا الجهد منه حكمة عظيمة من الله تعالى، فإن الخشية والجهد وإن كان مما لابد منهما في المعاملات الروحانية مطلقًا وقلما تعترض معاملة ربانية إلا ويحس منها صاحبها نوع غبية وهيبة وكيفية أخرى تشبههما. ولكن من لم يذق لم يدر ومع ذلك فيه حكمة بليغة تقتضي تمهيد "مقدمة"، وهي: أن الله تعالى قد يقدر لأنبيائه أمورًا يلقيها عليهم تكوينًا لمصالح لا يعلمها إلا هو كما ألقى على موسى عليه السلام من الغضب ما على أن يجمح خلف الحجر الذي كان وضع عليه ثيابه عند =

......................... ¬

_ = الغسل حتى قام به على ملأ من بني إسرائيل الذين آذوه فبرأه الله مما قالوا، مع أنه كان ستيرًا حبيبًا أفيسوغ لأحد أن يقول: إن موسى عليه السلام لم يكن حبيبًا، ويتمسك بهذه الواقعة، والعياذ بالله. ولكن الله سبحانه يفعل بخواصه ما يزيل به شين الأعداء عنهم. وكما ألقى عليه النصب في طريقه إلى خضر عليه السلام حين فقد الحوت ولم يلحقه تعب قلبه. وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما أنسى لأسن. فهذه تقديرات إلهية تجري على خواصه تعالى وتكون فيه مصالح تقصر عن إدراكها الأنظار وتتراجع عن إحاطتها الأفكار. إذا علمت هذا فاعلم أن ما أخذته من المخافة وما غشيته من الخشية والرهبة كلها ألقيت عليه تكوينا ليراجع إلى من جعلها الله له سكنًا وترجع به إلى ورقة فيشيع خبره من قبلهم وبعد تصديقهم ويعلم أنه لم يزور دعوة من نفسه، ولكن الله سبحانه هو الذي ألبسه قباء النبوة حتى عرفه من عرفه وجهله من جهله ويصير بهذا الطريق دليلًا محكمًا على النبي صلى الله عليه وسلم نبي صادق حتى شهد به شاهد من أهله وشهد به ورقة الذي كان يعرف حال الأنبياء. فإذا كان ظهر أمر نبوته ظهورًا لم يشك فيه من سمع به من أهل العلم والعدل، فكيف بمن نبىء! ولكن الله سبحانه أراد بهذا الطريق أن ينطق به لسانًا من عالم أهل الكتاب ابتداء بدون دعوة منه ليكون حجة على أهل الكتاب وعونًا لتصديق العرب ولو كان ادعى أولا ثم صدقة آخرون لكان أيضًا طريقًا صحيحًا كما سبق بموسى عليه الصلاة والسلام حيث ادعى قومه من غير مصدق معه ولذا سئل أن يكون معه ردء يصدقه ولكنه صلى الله عليه وسلم تجلى أمره وانكشف حاله انكشافًا شهد به قبل دعوة منه كل من كان يعرف الأنبياء وأحوالهم. فكان صريحًا في أنه نبي الله ومن افترى عليه بالافتراء فقد افترى إثمًا عظيمًا. فظهر بهذا الطريق أن أمر نبوته كان فجأة من غير تهيؤ منه. بخلاف من كان يريد أن يمكر بالناس فإنه يهيىء لهم من عند نفسه ما يصرف به وجوه الناس إليه وهذا لم يسو أمرًا من عنده ولكن غشيته غاشيتة من ربه كاد ظهره أن ينقض بها فاضطر إلى التزميل. فالله سبحانه أظهر أمره بهذا الطريق على الناس. ولذا لم يقدر أن يذهب هو بنفسه ولكن ذهبت به خديجة رضي الله عنها وإذن لم يبق في نبوته ريب لرائب، وصار أول أمره شهادة من علمائهم وآخر أمره الدعوة بما أمره الله. فسائر الأنبياء ادعوا ثم صدقوا وهذا مصدق ثم داعى فهو الذي صدق قبل دعوته؟ وأين هم عن حمل الوقائع على المحامل الحسنة؟ نعم (إن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلًا وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلًا) فحملوا خشيته على تردده في نبوته جهلًا ووقاحة والعياذ بالله! كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبًا. ولولا في قلبه من الإيقان والإذعان كأمثال الجبال لما حلمه على التردي بنفسه عند فترة الوحي، فإن إضاعة نفسه لا يستطيعه أحد إلا لحبيبه إذن ليس معنى قوله في الفتح إنك لرسول الله حقًا غير تسلية وتشفية وتذكار بالعهد الماضي، كما يدل عليه ما بعده "فيسكن عند ذلك جأشة". فعلم أنه كان تسكينًا وتسلية ولابد. ثم عند البخاري مصرح بأنه كان يفعله لأجل ما لحقه من الحزن ولذا قال تعالى {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} على قول ولم يقل إنك رسول الله حقًا: فلا تشك فيه ثم إني قائل لك أمرًا يضيق به صدري ولا ينطلق لساني ولكن أرجو من الله سبحانه أن يكون حقًا: وهو أن الإيمان بالمغيبات كما أنه يجب على الأمم كذلك يجب على أنبيائهم أيضًا بل هم أولهم وأولادهم به ولما كانت نبوة النبي أيضًا من المغيبات كما بين في علم الكلام فلا مناص أن يجب عليهم الإيمان بها أيضًا ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع المؤذن أشهد أن محمدًا رسول الله: "وأنا" "وأنا" والمغيبات نوع مغاير للشهادة. فكم من أشياء تبقى في المغيبات مجملة ولا تبقى في الشهادة وهذا أمر وراء الإذعان، فإن الإذعان قد يكون بالمغيبات أزيد من الشاهد ومع ذلك تبقى فيها أمور تتردد النفس في تفاصيلها ولا يزال يتردد ولا تقنع أبدًا حتى يصير الغياب شفاها. ولا يكون هذا التردد من تلقاء ضعف اعتقاد المتكلم بل هي ناشئة من نفس حقيقة الغيب فإنه لكونه غيبًا غير مشاهد لا تصفو حقيقته عند النفس كالمشاهد، فالتردد والتطلب إنما يكون في المتعلقات التي لا تدخل في الإيمان لا في نفس الشىء والإيمان به فإنه أمر مفروغ عنه. ألا ترى إلى قوله تعالى في سؤال إبراهيم عليه السلام عن أحيائه "أو لم تؤمن؟ قال بلى ولكن ليطمئن قلبي". أي الإيمان حاصل بالمرة ولكن إحياءك غيب فأريد أن أري الغائب شاهدًا لأزيل به ما يبقى في الغيب. وسماه طمأنينة فسؤاله لم يخالف إيمانه بل أكده لأن الإيمان هو الموجب للسؤال =

(زَمِّلُونِي) ولا يذهب وَهْلُك إلى نزول المُزَّمِّل في هذه القصة، نظرًا إلى مجرد اشتراك اللفظ، فإنه متأخر قطعًا. (ما يُخْزِيك الله) أصلُ الخْزِي أن يفوَّض أمرٌ إلى رجل فلا يستطيع حمله فيتركه، فيُعَدُّ غُمْرًا بين الناس وغيرَ أهل له. ¬

_ = لأنه يدل على أن لا محيي عنده إلا هو ولذا سأله عن الأحياء. ثم هذا ليس فيما يجب به الإيمان لأنه يجب على نفس الأحياء لا على كيفيته كيف هي فما يجب الإيمان به لم يقع السؤال عنه وما وقع عنه السؤال وهو كيفيته لا يجب الإيمان به كالإيمان بالقيامة فإنه واجب. أما أنها كيف تقدم فليس مما يتعلق به الإيمان. إذا علمت هذا فاعلم أن النبوة أيضًا يجب الإيمان بها للنبي أيضًا. ولكنها غيب وقد علمت أن الغيب يبقى معه أمور ولو احتمالًا عقليًا لا تجويزًا واقعيًا فربما يضطرب فيها النفس كتردد النبي - صلى الله عليه وسلم - عند مشاهدة الفزع والريح مع أن ذاته الشريفة كانت آمنة من العذاب لأمته ولكنه كانت الرياح والسحاب تهمه همًا شديدًا حتى كان يرى ذلك في وجهه فإذا مطرت انكشف عنه، فهذا التردد والفزع كله كان لفرض احتمال المفروض كالواقع لغناء رب العالمين عن العالمين وفي مثله تتجاذب الأطراف عند الخائف الخاشع فوعده بالأمن يسليه ويكشف همه ولمثله خاف موسى عليه الصلاة والسلام حين ألقى السحرة حبالهم فخيل إليه من سحرهم أنها تسعى حتى قال له ربه لا تخف إنك أنت الأعلى وهذا لكون علم العاقبة غيبًا لا يدري ما الله صانع به فقس عليه الخشية فيما نحن فيه. فلا تردد في النبوة ولا شك ولا شيء ولكن الخشيهَ وغيرها إنما كانت في متعلقاتها التي لا تدخل تحت الإيمان أصلًا كخطور عواقبها في القلب وأنه كيف يتحمل هذا الخطب العظيم. وأنه ماذا يعامل معه من تلقاء قومه. وأنه هل ينتصر له أو عليه؟ كما في حديث مسلم في المشكاة في باب الإنذار والتحذير في حديث طويل وإن الله أمرني أن أحرق قريشًا فقلت رب إذا يثلغو رأسي فيدعوه خبزة واحدة إلخ. ومن ههنا تبين معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - في المشكاة في "حديث الكهانة" قال: قلت: كنا نتطير قال: ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدقكم. فوجدناهم الشيء في أنفسهم لم يعد مخالفًا لإيمانهم. وإنما يخالفه انبساطه والعمل عليه. وبه ينحل ما أشكل على الناس في حديث الوسوسة عند مسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم قال أو قد وجدتموه؟ قال نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. فوجدان الشيء من آثار الغيب والتعاظم. بتكلمة عين الإيمان ولكن في وساوس ووساوس فرقًا فلا تستحمق ووسوسة كل على حدة، فلا تختلط بين الناس والناس، فإن من عباد الله حسناتهم سيئات المقربين. وجملة الأمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشك ولكنه عراه من الشدة وغيرها ما لو عرا أحدًا لمات فرقًا فإن عطايا الملك لا يحملها إلا مطاياه. ألا ترى أن الله سبحانه لما تجلى للجبل جعله دكًا بخلاف موسى فإنه لم تأخذه إلا غشية ثم لو فرضنا أنه كان بقي في نفسه ما يبقى في المغيبات لما ضر أيضًا ولما ناقض إيمانه وإذعانه كما مر وحمل الألفاظ الواردة في هذا الباب على غير هذا مشى على خلاف المراد وتأسيس لدين دانه ثمود وعاد فإلى الله المشتكى ومنه المبدأ وإليه المعاد ولما زورت تلك المقالة في نفسي إرغامًا، لبعض الملحدين طلبت لها نقلًا عن أحد قبلي فلم أجده حتى إذا أتممتها فوجدت أن الشيخ السنوسي رحمه الله أشار إلى بعضها في شرح مسلم وهو ما ذكرناه في حكمة بلوغ هذا الجزء من جهة خديجة رضي الله تعالى عنها قال السنوسي في حكمة ما اتفق له في نداء القصة أن يكون سببًا في انتشار خبر في بطانته ومن يستمع لقوله ويصغي إليه وطريقًا في معرفتهم مبائنة، ومن سواه في أحواله لينبهوا على محله فلله الحمد وإنما طولت الكلام فيه ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة وقد كنت أسمع نحوه من شيخي رضي الله تعالى عنه فما ذكرته لدقته وتعاليه عن إفهام الناس وخفت أن لا يكتنه كنهه جاهل ثم يكب في هوة من النار فإن لكل إنسان لمة لا يوعده إلا بالشر وإنما كتبت هذه السطور لإرغام بعض الجهلاء فإن طابق لما حققه العلماء فيها وإن خالفهم ولو جناح بعوضة فالطرب على الجدار أولى فإني مع الجماعة. ومن شذ شذ في النار.

(تَكِسب) بفتح التاء وضمها أيضًا، والأول أفصح، وحينئذٍ يتعدى إلى مفعولٍ واحد، وعلى الثاني إلى مفعولين، أي وتَكْسِبُ الفقيرَ المعدومَ، أي المال. (تَحْمِل الكَلَّ) أي الغرمات. وقولها: (وتُعين على نوائب الحق) كلمة جامعة لما تقدم وما لم يتقدم. كان بنو هاشم قد اشتهروا بهذه الأوصاف، ولذا قال لهم أبو طالب في قصيدته: يا قريش، إنما تقاطعون أُناسًا بلغ مواساتهم إلى بكر بن وائل. (ابنَ عَمّ) فيه تَجَوُّز، لأنهم كانوا يتوسَّعون في بيان الأنساب. (العبراني) سُمِّي به لأن إبراهيم عليه السلام كان اختاره بعد عبوره من العراق إلى الشام. وفي نُسخة: «العربي» وهما شعبتان من أصل واحد، فلعله كان يكتب العربي أيضًا، وكذا السُّرياني منسوب إلى السريا وهو الشام. وبالجملة كان لسان اليهود العبراني، والتوراة والإنجيل كلاهما كانا بالعبري. أما التوراة العبرية فتوجد اليوم أيضًا، ولا يوجد أصل الإنجيل العبري. نعم، توجد تراجمه مع اختلاف فاشٍ بينها، وقد أقرُّوا أنه ليس من إملاء عيسى عليه السلام، ولكن جُمِع بعده بسنين. وجَمَعَ ملك من القسطنطينية نُسخة منه وسمّاها: سبعينية، وجمع فيها عقائد النصارى. ورأيت شارحًا من شرّاح الإنجيل يقول: إني كتبت هذا الشرح بعد مطالعة تسع مئة شرحًا. (النَّاموس) أي مُبلِّغ الخير، وهو ضِدُّ الجاسوس. والآن يستعمل بمعنى القانون. يقال: نواميس النور، أي قوانيها. (أنزل الله على موسى عليه السلام) وهذا كما في القرآن: {إِنَّآ أَرْسَلْنَآ إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَآ أَرْسَلْنَآ إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15)} [المزمل: 15] وإنما أحال على موسى عليه السلام مع كونه نصرانيًا، لأن الشريعة الجامعة عندهم هي شريعته. أما الإنجيل فقالوا: إنه من تتمته. وإنما نزل عيسى عليه الصَّلاة والسَّلام للتزكية فقط. قلت: وهو باطل بنص القرآن، فإنه صريح في أنه نَسَخَ بعضًا من التوراة، فقال تعالى: {وَلاِحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرّمَ عَلَيْكُمْ} [آل عمران: 50]. وكذلك يوم عيدهم، كان الأحد بدل السبت. وكذلك ليس في الإنجيل الختنة. ثم إن الخنزير كان حرامًا في التوراة، والنصارى يُنْكِرُون حرمته. قلتُ: وليس في الإنجيل حِلُّ الخنزير أصلًا، بل هو حرام في شريعة عيسى عليه الصَّلاة والسَّلام أيضًا. ولذا يقتله بعد نزوله. وكان قَتَلَه عند ذهابه إلى بيت المقدس أيضًا، فكيف قالوا بِحِلِّهِ؟ {إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاَقٌ} [ص: 7]. والوجه فيه: أن ما حُرِّم في التوراة هو كل ذي ظُفُر، كما قال تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِى ظُفُرٍ} ... إلخ [الأنعام: 146]، فاختلفوا في تفسيره فجعله اليهود من ذي ظفر، بخلاف النصارى فأحلوه، وغلِطوا في ذلك قطعًا، كما علمت أن عيسى عليه الصَّلاة والسَّلام قَتَلَه حين ذهب إلى بيت المقدس. وسيقتله بعد النزول أيضًا. فالحاصل: أنه أيضًا نبيٌ مرسلٌ ذو شريعةٍ، ولكنها كانت شريعة كالتتمة للتوراة. ثم في بعض لفظه «ناموس عيسى» أيضًا وقد وجهه الحافظ، فراجعه. (يا ليتني فيها جَذَعًا) كأنه تمنى أن يكون عند ظهور الدَّعوة إلى الإسلام شابًا، ليكون أمكن لنصره. وبهذا تبين سِرُّ وصفه بكونه كان: «شيخًا قد عَمِيَ». قال الحافظ: ويظهر لي أن

ورقة وإسلامه

التمني ليس مقصورًا على بابه، بل المراد من هذا التَّنبيه على صحةِ ما أخبَرَه به، والتنويه بقوة تصديقهِ فيما يجيءُ به. (فتر الوحي) وفتوره عبارة عن تأخُّره مُدَّة، وكان ذلك ليذهب ما كان صلى الله عليه وسلّم وَجَدَهُ من الرَّوع. واختُلِف في زمن الفترة كم كان؟ وكان ينزلُ إسرافيل عليه السلام في تلك المُدة ويُسَلِّيه، ويُقَوِّي روحانيته، لأن له مناسبة مع الأرواح ولذا قالوا: أن الأرواح بعد مفارقتها عن الأبدان تسكن في الصُّور، ومنها تخرج إلى أبدانها عند نفخه فيها، وأما جبريل عليه الصَّلاة والسلام فله مناسبةٌ تامة مع عالم الشهادة، ولذا كان ينزل بالوحي. وَرَقَةُ وإسلامه واتفقوا على إيمانه، حتى إن بعضًا منهم عَدُّوه في الصحابة رضي الله تعالى عنهم. نعم، كونه من هذه الأمة محلَّ تردُّد، فإنه تُوفِّي قبل ظهور دعوته. ويشهدُ لإيمانه رؤياه صلى الله عليه وسلّم حيث رآه في ثياب بيض، ثم لا يكون مقدَّمًا على خديجة رضي الله تعالى عنها، والصِّديق الأكبر رضي الله تعالى عنه، بل يوضع بعدهما، فإنهما أسلما في زمن رسالته بدون تردد، بخلاف ورقة. واستحسنه الشيخ الأكبر أيضًا. (قال ابن شهاب) قيل: إنه تعليق. وقال الحافظ: بل هو موصول بعين هذا الإسناد، ولكن ليست القِطْعَةُ المذكورة عنده عن عروة، بل هي عن أبي سَلَمَة، فهذا تحويل لا تعليق. ثم التحويل على نحوين: الأول: أن يتغاير الإسناد في الأول ويتَّحِد في الآخر، وهو أكثر. والثاني عكسه، بأن يتَّحِدَ الإسناد في الأول ويتغاير في الآخر. وهذا النوع نادر، وهو المتحقق ههنا. (فأنذر) قيل: كان نبيًا والآن صار رسولًا أيضًا. قلتُ: ولا أدخل في مثل هذه الأمور. (وربَّكَ فكَبِّر) استدل به الحنفية: أن مُطلق الذِّكر المُشْعِر بالتعظيم يكفي للدخول في الصلوات، لأن قوله: «كبِّر»، معناه عظِّم، فالمأمور به هو مطلق التعظيم بأي صيغة كان، لا خصوص صيغة: الله أكبر، ولا سيما إذا ورد في سياق الصلاة، كما في قوله تعالى: {وَذَكَرَ اسْمَ رَبّهِ فَصَلَّى} فالسياق سياق الصلاة. والظاهر من الذكر هو الذي للشروع في الصلاة. فهذا دليل واضح على أن الضروري هو مطلق الذكر كما قلنا. وأجاب عنه ابن المُنَيِّر - وهو ركيك، وقال: إن الإضافة في ذكر اسم ربه للعهد، فالمراد هو الصيغة المعهودة، أي: الله أكبر. وهو كما ترى نداء من بعيد. نعم، لك أن تقول: إنّ كبر ليس تفعيلًا من كبَّر المجرد، بل هو قصر من جملة: الله أكبر، كَ: سَبْحَلَ وهَلَّل من قوله: سبحان الله، ولا إله إلا الله. فإذًا لا يكون التكبير معناه التعظيم مطلقًا، بل يكون معناه هو القول ب: الله أكبر. ولا يثبت ما أراده الحنفية رحمهم الله تعالى. ثم ههنا تتفيش ويقتضي تمهيدَ مقدمة وهي: أن النُّحَاةَ جعلوا (كَبَّر) قصرًا من اللَّهُ أكبرُ، مثل سَبْحَل، وجعلوهما من وادٍ واحد، وهو عندي خطأ للفرق الجلي بينهما، لأن كبّر لفظ يفيد

معنى بنفسه، بخلاف حَوْقَل وسَبْحَل، فإنه لا معنى له في نفسه، فوجب أن يُجعل قصرًا من الجملة، بخلاف كبّر، فإنه موضوعٌ ومفيدٌ لمعنى بنفسه، ولا ضرورةُ فيه إلى أخذه من الجملة. والوجه فيه عندي أنه مأخوذ من جزء الجملة أي من أكبر في قوله: الله أكبر، وليس مأخوذًا من الجملة كمجرب ومرغن، وملبب (بالأردية)، بخلاف حَوْقَل، فإنه مأخوذ من مجموع جملة: لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا بد. وإذا اتضح الفرق بينهما فالأولى أن يُفَرَّق في التسمية أيضًا ويُسمَّى مثل سَبْحَل نحتًا، لكونه منحوتًا من الجملة. ويسمى مثل كَبَّر وسَبَّح قصرًا لكونه مأخوذًا من جزئها، فإن سبح مأخوذ من سبحان في قوله: سبحان الله. فالخطأ إنما هو ممن سمى الأخذ من مجموع الجملة قصرًا، مع أنه ينبغي أن يسمى بالنحت، وهذا بالقصر. ثم اعلم أنه لا بد في التفعيل من ذكر المفعول، بخلاف النحت. فإن المفعول يدخل في نفس مفهومه، فسبَّح يحتاج إليه، بخلاف سَبْحَل، فإنه صار لازمًا واستغنى بمفعولٍ في معناه عن ذكر مفعول آخر. وإذ قد علمتَ: أن القصر ما يكون مأخوذًا من جزء الجملة لا من مجموع الجملة، لم يبق دليل في قوله كَبَّر على خصوص الصيغة، وصار معناه مطلق التعظيم. وكذا جاز لك أن تقول: معنى قوله {وَلِتُكَبّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] ولتُعَظِّموا الله على ما هداكم، ومع هذا لا أُغَيِّر المسألة ولا أدَّعي أن المأمور به مطلقُ التعظيم بأي صيغة كان. وإنما تكلمتُ في تحقق المدلول وبيان اللغة فقط، مع بقاء المسألة بحالها، فإن اللفظ وإن صار صالحًا للعموم، إلا أن التعامل قد تواتر على صيغة الله أكبر قُبَيل الصلاة، وفي العيدين. ولم يَرِد في العمل غيرُهُ، والتعامل هو الفاصل في تعيين المراد عندي. فينبغي أن يُترك وجوب الصيغة وسُنِّيتَها تحت مراحل الاجتهاد، فإنه لا بحث لنا في العمل، لأن الحنفية كافة لا يشرعون صلواتهم إلا بتلك الصيغة، وإنما البحث في الأنظار فقط، فَلْيَكِلْهُ إلى الاجتهاد لا سيما إذا اختار ابن الهُمَام رحمه الله وجوبَهَا. ونُقِل عن الإمام الأعظم أنَّ مَنْ ترك التكبير، أي الصيغة المخصوصة، فقد أساء، فماذا بعده إلا الجدال. وسيجيء للمسألة أشياء أُخَر في موضعه. ثم إن قوله: {وَرَبَّكَ فَكَبّرْ} إشارة إلى الصلاة، وقوله: {وَثِيَابَكَ فَطَهّرْ} إشارة إلى اشتراط الطهارة، {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} قالوا: أي الأصنام فاهجر. قلت: وعلى هذا لا يبقى له تعلق بمسألة الصلاة إلا أن يقال معناه: استمر على هجر الأصنام عند الصلاة وغيرها. ويكون المطلوب ههنا من الأمر هو دوام الهجران لا نفس الفعل. كما قرروا في قوله تعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ ءامِنُواْ}، والأَولى أن يُجْعل إشارة إلى طهارة المكان. كما أن الجملة الأُولى إشارة إلى طهارة الثياب، فتتعلق الجملتان بالصلاة، ويتسق النظم. تنبيه: واعلم أن الصلاة فريضةٌ عندي من أول أمر النبوة، نعم ما زالت تتحول صفاتها من حال إلى حال إلى أن آل الأمر إلى الخمس ليلة المعراج. ومعنى فرضية الخَمْس فيها بيان عدد المجموع مما فُرِض فيها مع ما قبلها. ثم أُمِدَّ بصلاة هي خير من خُمْر النَّعَم. وإذًا لا تأويل عندي في الآيات التي ذُكِرَت فيها الصلاتان فقط، كقوله تعالى: {وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ قَبْلَ طُلُوعِ

4 - باب

الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39] فإنهما صلاتان فُرِضَتَا أولًا ثم زِيدت عليهما. وكذلك أجدهما قد صُلِّيتا بعين شاكلة الفريضة قبل فرضية الخَمس أيضًا، كما عند البخاري: أن النبي صلى الله عليه وسلّم صلى الفجر ببطن نخلة وَجَهَر فيها بالقراءة، وهي بعينها شاكلتها بعد فرضيتها. واتفقوا أيضًا على ثبوتهما إلا أنهم قالوا بكونهما نفلًا. وعندي لا دليل عليه. فالحاصلُ: أنه لا خلاف في ثبوت الصلاتين من بدء الأمر كما في السير بإسناد فيه ابن لَهِيْعَة: أن جبرائيل عليه الصَّلاة والسَّلام علَّمه الوضوء عند نزول أوائل {اقْرَأْ} وعلمه الصلاة أيضًا. وابن لَهِيْعة عالم كبير احترقت كُتُبه، ثم كان يروي من حفظه، فاختلط فيها، فرواياته قبل الاحتراق مقبولة. واستمر على ما يَرِدُ عليه والأجوبة عنه: (تابعه عبد الله بن يوسف). 4 - باب 5 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِى عَائِشَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى (لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً، وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ - فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَنَا أُحَرِّكُهُمَا لَكُمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحَرِّكُهُمَا. وَقَالَ سَعِيدٌ أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا. فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ* إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) قَالَ جَمْعُهُ لَهُ فِى صَدْرِكَ، وَتَقْرَأَهُ (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) قَالَ فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ، فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا قَرَأَهُ. أطرافه 4927، 4928، 4929، 5044، 7524 - تحفة 5637 واعلم أن في المتابعة أربعة أشياء: المُتَابِع، والمتابَع، والمتابَع عنه، والمتابَع عليه. والبخاري يتفنَّن في ذكر المتابعات، فتارة يقول: تابعه فلان، وأخرى: تابعه عن فلان. فليعلم الفرق بينهما، فالفرق بين الأَوَّلين ظاهر، «وعنه»: هو ذلك الشيخ، «وعليه»: هو اللفظ، فعبد الله بن يوسف ههنا متابع (بالكسر)، ويحيى بن بُكَير الراوي شيخُ البخاري متابَع - بالفتح، والليث متابَع عنه. ثم المتابعَة إما تامة أو ناقصة، وقد بينها العلماء في أصول الحديث، وكذا المتابعة غيرُ الشاهد والفرق بينهما مذكور في «النُّخْبة» وغيرها من كتب الأصول. وفي هذا الحديث صفة أخرى للوحي. 5 - (وكان مما) قيل: مركب من «من» و «ما»، وقيل: «مما» بمعنى ربما، مركبًا كان أو مفردًا، واستشهد له بقول الحماسي:

وإنما لمَمِا نضربُ الكبش بيضة. (لتعجل به) من باب تلقي المخاطبَ بما لا يترقب، فإن النبي صلى الله عليه وسلّم إنما كان ينازِع جبريل عليه السلام في القراءة، ولا يصبر حتى يُتِمَّها لمسارعته إلى الحفظ لئلا يتفَلَّتَ منه شيء، لا لأنه كان يستعجل ليستريح عن مشقة الحفظ ولا يقاسي تعبه فيما بعد، ولكنه تلقَّى بما لا يترقبه إظهارًا لعدم ابتغاء التحريك مع قراءته، وتعليمًا لحسن الاستماع، وتأديبًا لأمر القراءة، كما قال تعالى: {وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْءانِ مِن قَبْلِ إَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} [طه: 114]. (جَمْعُه لك في صدرك) وفيه اختلاف النسخ، والأفصحُ عندي أن يكون (جمعه) مصدرًا. (قال: فاستمع له وأَنْصِتْ) واعلم أن الإنصاب والاستماع يقتصران على الجهرية، فإن الإنصاب مقدمة للاستماع ومعناه التهيؤ للاستماع (¬1). (ثم إنّ علينا بيانَه) قد وقع ههنا سوء ترتيب من الراوي: فذكر (أن تقرأه) في تفسير (بيانه) وهو وَهمٌ منه، لأنه تفسير لقوله: {وقرآنه} لا لقوله: {بيانه}، فنقل تفسير هذا إلى هذا، ويشهد له ما أخرجه البخاري في «التفسير» متنًا وسندًا وفيه: {قرآنه}، أي أن تقرأه {وبيانه}، أي أن تبينه على لسانك. وهذا واضح في المراد، فلا تلتفت إلى التأويلات. ثم اعلم أن القرآن معناه اتساق النَّظْم، يقال: ليس لشعره قرآن بندش، ومنه سُمي القرآن قرآنًا عندي. (لا تحرك به لسانك) ... إلخ، تكلَّم الناس في ربطه، فإن أوَّله وآخره في ذكر أحوال القيامة، وحينئذٍ قوله: {لاَ تُحَرّكْ} ... إلخ لا يظهر له كثيرُ ربط، فقيل: لعلَّ النبي صلى الله عليه وسلّم حَرَّك شفتيه عند نزوله فنُهي عنه. وقد تعرَّض إليه الرازي إلا أنه لم يأتِ بالجواب الشافي. وقد عُرِف من عادته أنه يَبْسُط في الإيراد ويُجْمِل في الجواب، ولذا اشتهر عنه أنه يعترض نقدًا ويُجِيب نسيئة. وقد فتح الله عليَّ جوابَه، ولا بد له من تمهيدِ مقدمةٍ وهي: إن القرآن قد يكون له معنى بالنظر إلى سياقه، فإذا نُظِر إلى شأن نزوله يظهر منه معنى آخر. فالوجه في مثله عندي أن يَحْمِل ما يُفْهَم من النَّظْم مرادَه الأَوَّليّ، وما يُفْهَم من النظر إلى الخارج مرادَه الثانوي، وقَصْرُ القرآن على شأن نزوله ليس بوجيه عندي، ولم أر أحدًا منهم صرح بالمراد الأوَّليّ والثانوي إلا مصنفٌ في «حاشية التلويح» حيث قال: إن للخمر إطلاقين، فما قاله الحنفية رضي الله تعالى عنهم مرادٌ أَوَّلِي، وما ذكره الشافعية أنَّ كلَّ مُسْكِر خمرٌ، فهو مرادٌ ثانوي. وكانت المسألة من علم الأصول، فعلى العلماء أن يَبْحثوا في أن نظم القرآن إذا أُعطِي معنىً ثم جاء الحديث يحمله على خلافِهِ، فهل يُعْتَبَر بنظمِ النص أو الحديث؟ ¬

_ (¬1) قلت: ويؤيده ما نقله الحافظ (في العلم)، وقد ذكر على بن المديني أنه يقول لابن عيينة أخبرني معتمر بن سليمان، عن كهمس، عن مطرف قال: الإنصات من العينين، فقال له ابن عيينة: وما ندري كيف ذلك؟ قال: إذا حدثت رجلًا فلم ينظر إليك لم يكن منصتًا، انتهى. قال الحافظ: وهذا محمول على الغالب.

5 - باب

والذي ظهر لي فيه أن يُجعل مرادًا أوليًا وثانويًا كقوله تعالى: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ} ... [البقرة: 230] إلخ قال الشافعية: إنه يتعلق بصدر الكلام، أي قوله تعالى: {الطَّلَقُ مَرَّتَانِ} ... إلخ [البقرة: 229] وجعلوا ذكر الخُلْعِ جملةً معترضة، والخُلُع فسخٌ عندهم. وقال الحنفية رضي الله تعالى عنهم: إنه يتعلق بما قبله، وقالوا: إن القول تعلُّقه بصدر الكلام مع إمكان بتعلقه بما قبله فكذلك في النظم. قال الشافعية رحمهم الله تعالى: إن قوله: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَنٍ} طلاقٌ ثالث لما عند أبي داود أن رجلًا سأل عن الطلاق الثالث، فقال: هو تسريح بإحسان، وحينئذٍ لو قلنا: إن قوله {فَإِن طَلَّقَهَا} ... إلخ يترتب عليه، لَزِمَ أن يكون هذا الطلاق رابعًا. قلتُ: التسريح بالإحسان تركُ الرَّجْعَة، وهذا مرادُهُ الأولى، ويدخل فيه الطلاق الثالث أيضًا على طريق المراد الثانوي، فإن الطلاق أيضًا صورة وقِسْمٌ من تَرْكِ الرَّجْعَة، وإذن لا يكون قوله: {فَإِن طَلَّقَهَا} بيانًا للطلاق المستأنف بل يكون بيانًا لأحد قِسْمي ترك الرجعة، فالمراد هو ما يُفْهَم من النظم. وما يدلّ عليه الحديث فهو داخل في مؤدَّاه أيضًا على طريق المراد الثانوي. وهذا هو الطريق في جميع المواضع التي يُخالف الحديث النص، فإنه يُوَفي حق النظم القرآني، ويؤل في الحديث. إذا أتْقنتَ هذا فاعلم أن الله تعالى لمَّا ذكر القيامة وأحوالها وكان المشركون مولَعين بالسؤال عنها تعّنتًا فقالوا: {أَيَّانَ مُرْسَهَا} [النازعات: 42] وأمثال ذلك، فحقَّق الله من أول الأمر أن لا يتكلم فيه بحرف، وأن لا يتعجل في تحصيل علمه وتفصيله، بل عليه أن يحفظ بقدر ما علَّمناه، وينتظرَ تفصيله فيما يأتي حسبما يريده الله تعالى شيئًا فشيئًا. وما ذكره ابن عباس رضي الله تعالى عنه من تحريك شفتيه فهو مراد أيضًا لكن على طريق المراد الثانوي، وقد علمتَ أن قصر النَّظْم على ما ورد في شأن نزوله ليس بسديد، ولا سيما إذا خالف سياق القرآن، والله تعالى أعلم وعليه التُّكْلان. 5 - باب 6 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ ح وَحَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ نَحْوَهُ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِى رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِى كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ. أطرافه 1902، 3220، 3554، 4997 - تحفة 5840 - 5/ 1 (حدثنا عَبْدَانُ) ... إلخ كان في الأصل تثنيةً ثم صار عَلَمًا، وقيل: بل عَلَمٌ من الأصل نحو عثمان، وذكر الزَّمْخَشَرِيّ عند الكلام على لفظ الرحمن: إني كنت ذاهبًا إلى الطائف فسألتُ عن البدوي هذا شخدف، قال: بل شغنداف يريد به الشغدف الكبير فكذلك عبدان، وحيثما كان بعده عبد الله فهو ابن المبارك. قال الحافظ: من دأب المصنف رضي الله

6 - باب

تعالى عنه أنه يذكر المتن في التحويل لآخر الطريقين، وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: أنه يكون لآخر الطريقين أو للسند العالي. قلت: ولعل ما ذكره الحافظ رضي الله تعالى عنه فهو عادة للبخاري خاصة، وأما ما ذكره ابن الصلاح فهو عادة عامة المحدثين، فالمتن ههنا لبشر بن محمد. قلت: وهو كذلك إلا أنه قد يوجد خلافه أيضًا، فإنه أخرجه في مقام آخر من لفظ عبدان أيضًا. (أجودُ ما يكون) والجُودُ أبلغُ من السَّخَاء، ولذا يقال: إن الله سبحانه جَوَادٌ ولا يقال سَخِيٌ. واخْتُلِفَ في إعرابه، وأجاز ابن مالك الرفعَ والنصبَ. قلت: وهما صحيحان إلا أن رواية الكتاب بالرفع، وما قيل: إن النصب لا يجوز لأن ما مصدرية، فلا يصح الحمل، فليس بشيء، فإنّ حرف المصدر لا يُخْرج الفعل عن حقيقته بحيث لا يبقى بينه وبين المصدر الصِّرْف فرق، ولهذا ذهب السيد الجُرجاني رضي الله تعالى عنه في بعض حواشيه إلى أنَّ المصدر المُنْسَبِك لا يتجرَّد عن معنى الفعلية بالكلية. وفَرَّق ابن القَيِّم رضي الله تعالى عنه في «بدائع الفوائد» بين قولهم: أعجبني قيامُك، وبين قولهم: أعجبني أن تقوم: بأن الأول يَصْلُح فيما حَصَل التعجبُ من نفس القيام، أو من بعض أحواله، بخلاف الثاني، فإنه يختص بما حصل التعجب من نفس القيام. وأيضًا لا دلالة للأول على الزمان أصلًا بخلاف الثاني، فافترقا. ومُحَصَّل الوجه المختار عندي: أن (أجود) اسم كان، و (في رمضان) حال، وحاصلًا خبرُه مقدَّر، والضمير في (يكون) للنبي صلى الله عليه وسلّم وليس في أجود ضمير. وهذا جائز في المشتق كما قيل في سيد الأنبياء لا ضمير فيه، وكان أجود ما يكون النبي صلى الله عليه وسلّم حال كونه في رمضان حاصلًا، يعني كان جوده الكثير في رمضان. وحينئذٍ لم يُحْكم فيه بكونه أجودَهم، ولكن المقصود منه أن جوده الكثير كان في رمضان، بخلاف صورة النصب، فهو كقولهم ضربي زيدًا قائمًا. (جبرائيل) إيل أي: الله، ومِيْكَا، وجِبْرَ، قريبٌ من معنى العبد، وحاصله عبد الله، وعَكَسَهُ بعضُهم أن إيل بمعنى العبد، ومِيْكَا وغيره بمعنى الله، وحينئذٍ شَاكِلَتُه كشاكله عبد الله وعبد الرحمن، حيث يبقى لفظ العبد ويتغير لفظ الله والرحمن. قلت: وهو القياس إلا أن علماءهم مصرِّحون بخلافه. (فيدارسه القرآن) ودَارَسَهُ في سنةِ رِحلته مرتين. أقول: ما كتب عمر رضي الله تعالى عنه في التراويح إلى البلاد لعله مأخوذ من مثل هذه الأمور. 6 - باب 7 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِى رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ - وَكَانُوا تُجَّارًا بِالشَّأْمِ - فِى

الْمُدَّةِ الَّتِى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ، فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ فَدَعَاهُمْ فِى مَجْلِسِهِ، وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ فَقَالَ أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِى يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىٌّ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَقُلْتُ أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا. فَقَالَ أَدْنُوهُ مِنِّى، وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ، فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ. ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُمْ إِنِّى سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ، فَإِنْ كَذَبَنِى فَكَذِّبُوهُ. فَوَاللَّهِ لَوْلاَ الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَىَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ، ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِى عَنْهُ أَنْ قَالَ كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ قُلْتُ هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ. قَالَ فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ فَقُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ. قَالَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ قُلْتُ بَلْ يَزِيدُونَ. قَالَ فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَهَلْ يَغْدِرُ قُلْتُ لاَ، وَنَحْنُ مِنْهُ فِى مُدَّةٍ لاَ نَدْرِى مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا. قَالَ وَلَمْ تُمْكِنِّى كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ. قَالَ فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ قُلْتُ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ، يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ. قَالَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ قُلْتُ يَقُولُ اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ، وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَةِ. فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ قُلْ لَهُ سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِى نَسَبِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، فَقُلْتُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ لَقُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَسِى بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، قُلْتُ فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ، وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، وَسَأَلْتُكَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ أَمْرُ الإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لاَ تَغْدِرُ، وَسَأَلْتُكَ بِمَا يَأْمُرُكُمْ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ، وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلاَةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ. فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَىَّ هَاتَيْنِ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، فَلَوْ أَنِّى أَعْلَمُ أَنِّى أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ. ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الَّذِى بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ:

ذكر حديث هرقل

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ. سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّى أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلاَمِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ وَ (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لاَ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) قَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَلَمَّا قَالَ مَا قَالَ، وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ، وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ وَأُخْرِجْنَا، فَقُلْتُ لأَصْحَابِى حِينَ أُخْرِجْنَا لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِى كَبْشَةَ، إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِى الأَصْفَرِ. فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَىَّ الإِسْلاَمَ. وَكَانَ ابْنُ النَّاظُورِ صَاحِبُ إِيلِيَاءَ وَهِرَقْلَ سُقُفًّا عَلَى نَصَارَى الشَّأْمِ، يُحَدِّثُ أَنَّ هِرَقْلَ حِينَ قَدِمَ إِيلِيَاءَ أَصْبَحَ يَوْمًا خَبِيثَ النَّفْسِ، فَقَالَ بَعْضُ بَطَارِقَتِهِ قَدِ اسْتَنْكَرْنَا هَيْئَتَكَ. قَالَ ابْنُ النَّاظُورِ وَكَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً يَنْظُرُ فِى النُّجُومِ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ سَأَلُوهُ إِنِّى رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ فِى النُّجُومِ مَلِكَ الْخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ، فَمَنْ يَخْتَتِنُ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ قَالُوا لَيْسَ يَخْتَتِنُ إِلاَّ الْيَهُودُ فَلاَ يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُمْ وَاكْتُبْ إِلَى مَدَايِنِ مُلْكِكَ، فَيَقْتُلُوا مَنْ فِيهِمْ مِنَ الْيَهُودِ. فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ أُتِىَ هِرَقْلُ بِرَجُلٍ أَرْسَلَ بِهِ مَلِكُ غَسَّانَ، يُخْبِرُ عَنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ قَالَ اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أَمُخْتَتِنٌ هُوَ أَمْ لاَ. فَنَظَرُوا إِلَيْهِ، فَحَدَّثُوهُ أَنَّهُ مُخْتَتِنٌ، وَسَأَلَهُ عَنِ الْعَرَبِ فَقَالَ هُمْ يَخْتَتِنُونَ. فَقَالَ هِرَقْلُ هَذَا مَلِكُ هَذِهِ الأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ. ثُمَّ كَتَبَ هِرَقْلُ إِلَى صَاحِبٍ لَهُ بِرُومِيَةَ، وَكَانَ نَظِيرَهُ فِى الْعِلْمِ، وَسَارَ هِرَقْلُ إِلَى حِمْصَ، فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ حَتَّى أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ صَاحِبِهِ يُوَافِقُ رَأْىَ هِرَقْلَ عَلَى خُرُوجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَّهُ نَبِىٌّ، فَأَذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِى دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ ثُمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ اطَّلَعَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، هَلْ لَكُمْ فِى الْفَلاَحِ وَالرُّشْدِ وَأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ فَتُبَايِعُوا هَذَا النَّبِىَّ، فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ، وَأَيِسَ مِنَ الإِيمَانِ قَالَ رُدُّوهُمْ عَلَىَّ. وَقَالَ إِنِّى قُلْتُ مَقَالَتِى آنِفًا أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ. فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ، فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَأْنِ هِرَقْلَ. رَوَاهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَيُونُسُ وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. أطرافه 51، 2681، 2804، 2941، 2978، 3174، 4553، 5980، 6260، 7196، 7541 - تحفة 4850 - 8/ 1 ذكر حديث هرقل واعلم أنه لا بد لنا أوّلًا أن نُلقي عليك ما في الحديث من القصة إجمالًا ليتضِح عندك أنه

كيف اتفق اجتماع أبي سفيان مع قيصر في بيت المقدس. ثم نشرح لك الحديث. فاعلم أن السلطنة العظيمة قديمًا كانت في الروم وإيران، وأصل إطلاق الرُّوم كان على إيطالية وكانت تُدعى برومة الكبرى، وعامة إطلاق الرُّوم في القرآن والحديث على نصارى إيطالية ويونان وقسطنطينية، وقد يُطْلق على مطلق النصارى أيضًا، ثم إيطالية وقسطنطينية كانتا بمنزلة واحدة، فلما جرت بينهما ريح الاختلاف جعل الملك العظيم دار مملكته القسطنطينية، وكان مَلِكَهم في زمنه صلى الله عليه وسلّم هِرَقلُ، وكان نصرانيًا. ثم إن لَقَبَ ملك الروم كان قَيْصَر، وملك إيران كِسْرَى، فهرقلُ اسمُهُ وقَيْصَر لقبه، وكذا اسم كسرى إذ ذاك خسرو برويز، وهو ابن هُرْمُز بن أَنُو شِيْروَان، وكان كسرى لقبه، فوقع الحرب بينهما في زمن النبي صلى الله عليه وسلّم ولما كان قيصر نصرانيًا وكسرى مجوسيًا كان المسلمون يفرحون بفتح قيصر والمشركون بفتح كسرى. وفي هذا وقعت قصة اشتراط أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه مع المشركين، وهو معروف، ويُستفاد منه جواز الفرح بفتح الكافر إذا كان أهونَ من الآخر، كما فَرِح المسلمون بفتح قيصر في مقابلة كسرى، فإنه كان مجوسيًا وأشد كفرًا من قيصر لكونه كتابيًا. وكان قيصر نذر لله تعالى إن كشف الله عنه جَوْرَ فارس ليمشي إلى إيليا حافيًا، فلما فتح له أوفى بنذره ووصل إليه، وكان تُبْسَطُ له البُسُط، وتُلقى على طريقه الرياحين فيمشي عليها، وكان أبو سفيان إذ ذاك كافرًا لم يُسْلِم، وأسلم السنة الثامنة، وكان النبي صلى الله عليه وسلّم صالح المشركين في الحديبية إلى عشرة سنين، وأدرك منها أربعة، فغدروا فيها فغزاهم في السنة الثامنة، وأرسل في تلك المدة الخُطُوط إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام، فصدَّق كثيرٌ منهم، غير أنهم لم يلتزم منهم طاعَته إلا النجاشيُّ. أما كسرى مَلِك إيران فمن شقاوته مَزَّقَ كتابه صلى الله عليه وسلّم فلما بلغه خبره دعا عليه فَمُزِّقَ كلَّ مُمَزَّق، وكان هلاكه على يد ابنه. وقصته: أن ابنه عَشِق على امرأته شيرين فقتل أباه. وكان شيرويته بن خسرو برويز مغرمًا بالأدوية المقوية، فرأى يومًا دواء في حُقِّهَ، وزعم أنه دواء مقوي فأكله، وكان فيه سُمّ فهلك، فأصابهم دعاء نبي الله صلى الله عليه وسلّم ومُزِّقوا كلَّ مُمَزَّق. وأما من كان صَدَّقه فَسَلِمُوا من الهلاك، ولو آمنوا به لأفلحوا كلَّ الفلاح، وكان هرقل محرومًا حيث لم يؤمن به طمعًا في مُلْكِه، ولو آمن به لَسَلِمَ مُلْكُه. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلّم أشار إليه أيضًا، حيث كتب «أَسْلِمْ تَسْلَمْ»، ولكنَّه اسْتَحْمَقَ وآثر الدنيا على الآخرة. وبالجملة لمَّا كتب النبي صلى الله عليه وسلّم إلى الملوك كتب إلى قيصر أيضًا. وأبو سفيان خرج في تلك المدة إلى الشام للتجارة فوافق مجيء قيصر، ثم كان أمرهما كما في الحديث. وإنما بعثه بواسطة دِحْيَة الكَلْبِي، لأنه كان جميلًا، وكان الملوك إذ ذاك لا يقبلون الكتاب إلا من رسول جميل. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يبعث كتابه إلى هرقل بل بعث إلى عظيم بُصْرَى ليدفعه إلى هرقل، لأن ذلك هو الطريق في الملوك، فلما بلغه كتابه سأل هل فيهم من أهل قَرَابة النبي صلى الله عليه وسلّم فلما أُخْبِر به فتح الكتاب ... إلى آخر القصة.

7 - (عند ظهره) لئلا يَسْتَحْيُوا أن يواجهوه بالتكذيب إن كذب. (إن كذبني) بالتخفيف أي إن نقل إلى الكذب. (يأثروا) ينقلوا. (سِجَال) فكأنه شبه المحاربين بالمُسْتَقِين بالدلو ليستقي هذا دلوًا وهذا دلوًا. وأشار أبو سفيان بذلك إلى ما وقع بينهم في غزوة بدر وغزوة أُحُد. واعلم أن هرقل كان عالمًا بالتوراة وأحوال الأنبياء فلم يجعل هزيمة أصحابه صلى الله عليه وسلّم دليلًا على عدم صدقه، لأنه كان يعلم أن موسى عليه السلام أول من انهزم في مقابلة العمالقة فقال: يا رب ما هذا؟ قال: لا أبالي، أي هذه سنتي قد يكون النبي غالبًا وقد يكون مغلوبًا. نعم، إنما تكون العاقبة للأنبياء، ففتح الله في زمن يُوشَع عليه السلام. قوله: {وَلاَ تُشْرِكُواْ} ... إلخ واعلم أن الإشراك بالله على عِدّةُ أقسام: الإشراك في الذات، والإشراك في الصفات، والإشراك في العبادة، والرابع: الإشراك في الطاعة، أما الأوَّلانِ فظاهران. وأما الثالث فيعم أن يكون عبادةَ الغير مع زعم كونه معبودًا، أو لا كبعض مشركي العرب حيث قالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرّبُونَآ إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] وأما الرابع، فنبه عليه الشاه عبد القادر رحمه الله، وهو أن يُتَّبِع في تحليل الحرام وتحريم الحلال غير الله سبحانه وتعالى، كما كان النصارى يتخذون أربابًا من دون الله، فهذا أيضًا نوع من الشِّرك، وسماه الشاه عبد القادر رحمه الله الشركَ في الطاعة، فاعلمه. (بالصلاة) واعلم أن الألفاظ التي لُوحِظت فيها القيود عند الشرع حقائق عندي لا مجازَ فيها ولا عموم المجاز، كيف مع أن أبا سفيان في زمن الجاهلية يستعمل الصلاة في تلك الحقيقة حقيقة، وإن لم يَكْتَنِه حقيقتَها فالشيء لا يصير مجازًا بتبدُّل الهيئة، وإلا يلزم أن تكون صلاة الحنفية مجازًا عند الشافعية وبالعكس. وكذا يلزم أن يكون إيمان أحدهما مجازًا عند الآخر، وهو باطل، خلافًا لبعضهم كما سيجيء. (وقد كنت أعلم) قال المازني هذه الأشياء التي سأل عنها هِرَقْل ليست قاطعةً على النبوة، إلا أنه يحتمل أنها كانت عنده علامات على هذا النبي بعينه صلى الله عليه وسلّم لأنه قال بعد ذلك: قد كنت أعلم أنه خارج ولم أكن أظنّ أنه منكم. وما أورده احتمالًا جَزَمَ به ابن بَطَّال وهو ظاهر كذا في «الفتح». وهو وإن صدقه صلى الله عليه وسلّم لكنه كافر لما في المسند لأحمد: أنه كتب من تبوك إلى النبي صلى الله عليه وسلّم أني مسلم، فقال صلى الله عليه وسلّم «كذب بل هو على نصرانيته». قال الحافظ رحمه الله: فعلى هذا إطلاق صاحب «الاستيعاب» أنه آمن، يعني به أَظْهَر التصديقَ، لكنه لم يستمر عليه ويعمل بمقتضاه. (بسم الله الرحمن الرحيم) وإنما جمع بين اسم الله والرحمن، لأن اسم الله كان معروفًا عند بني إسماعيل، والرحمن عند بني إسرائيل، فجاء القرآن يجمع بينهما، وقال: {قُلِ ادْعُواْ اللَّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الاْسْمَآء الْحُسْنَى} [الإسراء: 110].

(عظيم الروم) فيه عدول عن ذكره بالمَلِك، لأنه معزول بحكم الإسلام، لكنه لم يُخْلِهِ من إكرام لمصلحة التألُّف. كذا في «الفتح». (إني أدعوك) والدعاية كالشِّكَاية، وعند مسلم بداعية الإسلام، أي بالكلمة الداعية إلى الإسلام. 7 - (أسلم تَسْلَم) لي فيه شبهةٌ، وهي أن هرقل كان مسلمًا من قبلُ على دين عيسى عليه الصَّلاة والسَّلام ولم تبلغه الدعوة إذ ذاك، فإن يكُ كافرًا فمن حين الإنكار، فما معنى دعوته إلى الإسلام مع كونه مسلمًا؟ لا يقال الإسلام على معناه اللغوي أي الإطاعة، لأن الذوق لا يقبله. فالأوجه أن يقال: إن الإسلام لقبٌ مخصوص بهذه الأمة، ولم يُطْلق على أحد من الأمم من حيث اللقبُ قال تعالى: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ} [الحج: 78]، وقال تعالى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلاَمَ دِينًا} [المائدة: 3]، وقال: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85]، فإطلاقه وإن شَمِلَ الكلَّ إلا أنه صار وصفًا مشتهرًا لهذه الأمة فقط، وحينئذٍ فالإسلام أضيقُ من الإيمان، فإنّ الإيمان لا يختص بأمة دون أمة إجماعًا، وهذا على عكس ما سيجيء في كتاب الإيمان ولكنهما نظران. ثم إن تكلّف متكلِّفٌ أن الإسلام وإن كان عامًا لكنه يتحول إلى نبي الوقت في زمانه، وإذًا معناه: أَسْلِم بنبي الوقت، لأن الإسلام قد انتقل إليه الآن أقول: والأفصح حينئذٍ أن يقول: أسْلِمْ لي، ليدلَّ على الانتقال والتحوُّل. (يُؤْتِكَ اللَّهُ أجركَ مرتين) قال الحافظ: والأجرُ مرتين لكونه مؤمنًا بنبيه ثم آمن بمحمد صلى الله عليه وسلّم ويحتمل أن يكون تضعيف الأجر له من جهة إسلامه، ومن جهة أن إسلامه يكون سببًا لدخول أتباعه. وسيأتي التصريح بذلك في كتاب العلم إن شاء الله تعالى. وقد اشتملت هذه الجملُ القليلة التي تضمَّنها كتابُ النبي صلى الله عليه وسلّم على: الأمر بقوله: «أَسْلِم»، والترغيب بقوله: «تَسْلَم»، و «يُؤْتِكَ». والزَّجْرِ بقوله: «فإن تَولَّيْتَ»، والترهيب بقوله: «فإنَّ عليك»، وفي ذلك من البلاغة ما لا يخفى. (فإن تولَّيْتَ) وإنما لم يَقُلْ: فإن كفرتَ، لئلا يُغْضِبَه. (اليريسين) وفيه لغات، ومعناه الأَكَّارِين أي الزَّرَّاعين، ومرّ عليه الطحاوي في مشكله (¬1) ¬

_ (¬1) قال أبو جعفر الطحاوي فاحتجنا أن نَعلَم مَن الأريسيون المذكورون في هذه الآثار، فوجدنا أبا عُبَيدة قد قال: في كتابه "كتاب الأموال" مما كتب به إليَّ عليّ بن عبد العزيز يحدثني به عنه قد قال: هم الخدم والخولة. قال أبو جعفر: كان يعني أن يكون عليه إثمهم لصده إياهم عن الإسلام بمملكته لهم ورياسته عليهم، كمثل ما حكى الله عمن يقول يوم القيامة {رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} وكمثل قول سحرة فرعون لفرعون لما قامت عليهم الحجة لموسى من الآية المعجزة التي جاءهم بها من عند الله عز وجل مما لا يجيء من السحرة مثلُه: {وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ} أي استعملتنا فيه وأجبرتنا عليه. قال أبو عُبَيْدة في هذه الرواية: وهكذا يقول أصحاب الحديث يعني ما يقولونه من الأريسين، والصحيح الأريسيين. اهـ. "مشكل الآثار". قلت: وعبارة "كتاب الأموال" هكذا قال أبو عُبَيد: يعني بالأريسيين أعوانه وخدمه، قال أبو عبيد: وقال غيره الأرسيين، وهذا عندي هو المحفوظ. =

وتكلم كلامًا جيدًا وحاصله: أن المراد منه الرعايا وسكانُ بلده. بقي أنه يخالف قوله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 64] فإنها تدل على أنَّ أحَدًا لا يحمل إثمَ أحدٍ، قلت: الإثم إثمان: إثم التسبُّب وإثم المباشرة، وإثم التسبُّبب يكون عليه لأنه مِن فعله، ولا يخالف الآية، فإنها في إثم المباشرة، والوجه عندي أن معناه إثم إهلاكهم عليك، وأما إثم كفرهم فعليهم (¬1). ({سَوَآء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}) (¬2) فإن قيل: إن القوم كانوا مشركين، وكانوا يعبدون ¬

_ = ثم قال الطحاوي بعد نقل كلام أبي عُبَيد رادًا عليه قال أبو جعفر: وهذا عندنا بخلاف ما قال أبو عُبَيد، لأن ما قال أصحاب الحديث مما حكاه عنهم هو على نسبة أحد آبائهم الأريس لهم. يقال له: أريس، فيقال في نصبه وجره الأريسيين، ويقال في رفعه الأريسيون، كما تقول للقوم إذا كانوا منسوبين إلى رجل يقال له يعقوب اليعقوبين في نصب ذلك وجره، وتقول في رفعه اليعقوبيون، فمثل ذلك فيما ذكرنا الأريسين والأريسيون، وإذا أردت بذلك الجمع للأعداد لا الإضافة إلى رجل يقال له يعقوب قلت في النصب والجر: اليعقوبين، وقلت في الرفع: اليعقوبون، فبانَ بحمد الله ونعمته أن أصحاب الحديث لم يخطئوا فيما ادَّعَى عليهم أبو عبيد الخطأ فيه، وأنه محتَمِل لما قالوه، والله أعلم بحقيقة ما قال له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ذلك. وقد ذكر بعض أهل المعرفة بهذه المعاني أن في رهط هرقل فرقةً تُعْرَف بالأروسية توحِّد الله وتعترف بعبودية المسيح له عز وجل؛ ولا تقول شيئًا مما يقول النصارى في ربوبيته، ومن تؤمن بنبوته، فإنها تمسك بدين المسيح مؤمنة بما في إنجيله جاحدة لما يقوله النصارى سوى ذلك. وإذا كان ذلك كذلك جاز أن يقال لهذه الفرقة الأريسيون في الرفع والأريسيين في النصب والجر، كما ذهب إليه أصحاب الحديث، وجاز بذلك أن تكون هذه الفرقة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث عياض بن حمار الذي قد رويناه في الباب الذي قبل هذا الباب من كتابنا هذا. وجاز أن يكون قيصر كان حين كتب إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما كتب إليه على مثل ما هي عليه، فجاز بذلك إذا اتبع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودخل في دينه أن يؤتيه الله أجره مرتين. وجاز أن تكون هذه الفرقة عَلِمَتْ بمكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبدينه قبل أن يَعْلَمَه قيصر، فلم يتَّبِعوه ولم يدخلوا فيه ولم يُقِروا بنبوته. وفي كتاب عيسى بشارته به صلى الله عليه وسلم كما قد حكاه الله عز وجل في كتابه وهو قوله {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6]، فخرجوا بذلك من دين عيسى لأن عيسى الذي يؤمن به هو عيسى الذي بشر بأحمد لا عيسى سواه، فكتب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قيصر: وإنك إن توليت فعليك إثم الأريسين الذين خرجوا من ملة عيسى عليه السلام. "مشكل الآثار". واعلم أن النسخة مملوءة من أغلاط النساخ، فإنْ تعسر عليك فهم المعنى، فلا تذهب نفسك عليه حسرات. (¬1) قلت: يمكن أن يقال إن قوله تعالى ليس على التشريع بل بيان لما يقوله الكفار في المحشر، على خلاف ما قالوه من المسلمين في الدنيا. قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (12) وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (13)} [العنكبوت: 12 - 13] فظهر أن الآية إخبار عن الواقع لا إنها تشريع وبيان لقاعدة، والمعنى أن الله أخبر عن نفس وازرة أنها لا تحمل وزر أحد يوم القيامة، على خلاف ما ادعاه الكفار في الدنيا من أنهم يحملون خطايا المسلمين لو اتبعوا سبيلهم. والله أعلم. (¬2) قال الطحاوي في "مشكله" إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أن يُسَافَر بالقرآن إلى أرض العدو، فكيف كتب إلى هرقل بآيتين من القرآن! فأجاب عنه أنه ليس بخلاف نهيه لأنه إذا سافر بكله، وهذا على السفر ببعضه =

غير الله، فكيف قال: إن التوحيد سواء بيننا وبينكم؟ قلت: إنما خاطبهم باعتبار مزعومهم ودعاويهم، فإن النصارى أيضًا يدَّعون التوحيد مع شركهم الجليّ، وكذلك أكثر المشركين لا يؤمنون بربهم إلا وهم مشركون، ولكنهم يدَّعون بألسنتهم التوحيد، فدعاهم إلى التوحيد الصحيح بعد اشتراكهم فيه بحسب الصورة على حد قوله: {إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ} [إبراهيم: 11] في جواب قولهم: {إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُنَا} [إبراهيم: 10] فهذا مجاراة مع الخصم. (ابن أبي كَبْشَة) تعريض بالنبي صلى الله عليه وسلّم فإن أبا كبشة كان رجلًا في الجاهلية ترك دين آبائه وعبد الشعرى، فكذلك النبي صلى الله عليه وسلّم انتقل إلى دين آخر وترك دين آبائه، - والعياذ بالله مما أرادوه، وقيل: إن أبا كبشة أحدُ أجداده، وعادةً العرب إذا انتقصت أحدًا نَسَبَتْ إلى جَدَ غامض. (ملك بني الأصفر) والمراد منهم الرُّوم، وجعلهم العيني من ذرية إبراهيم، وليس بصحيح، وقد فصَّلته في عقيدة الإسلام في فصل مستقل. وأبو سفيان لم يكن إذ ذاك مسلمًا، لأنه أسلم في فتح مكة، ثم صار من مخلصي الصحابة رضي الله تعالى عنهم. «وكان ابن الناطوري» هذا مقولة الزهري، وهذه القطعة سمعها الزُّهري من ابن الناطور بلا واسطة، ولعله حين أسلم وكان ابن الناطور عاملًا لهرقل باعتبار منصب المملكة وكان أُسْقُفًّا بحسب العهدة المذهبية، فإن المناصب المذهبية عند النصارى عديدة: بابا، وبطريق، وكاهن، وسقف، وبوب، راجع له «المقدمة» لابن خَلدون. 7 - (صاحب إيلياء) وتمسك منه الشافعية على جواز الجمع بين معاني المشترك، فإن معنى الصاحب المصاحب والحاكم، وقد جمع بينهما ههنا، لأن صاحب إيلياء هو الحاكم، وصاحب هرقل بمعنى المصاحب، يلزم الجمع بين المعنيين. قلتُ: بل هو بمعنى واحد، والفرق باعتبار المتعلَّق، فصاحب بلد يقال له الحاكم، وصاحب رجل يقال له المصاحب، فهذا الفرق راجع إلى المتعلق دون نفس معنى اللفظ، وترجمته في الهندية (إيليا والا أور هرقل والا). ثم إن الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى صرح أن المسألة المذكورة لم يصرح بها الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه، وإنما أخذها الشافعية من بعض مسائله. ولو سلمنا فلنا أن نقول: إن الحديث ليس بحجة في مثل هذه الأمور، لأن الرواية بالمعنى قد فَشَتْ فيها، فلا يُؤمن بألفاظه من جهة النبي صلى الله عليه وسلّم بتًا. (حَزَّاءً ينظر في النجوم) أي كاهنًا، فالكهانة تستند تارة إلى الشياطين، وتارة تُستفاد من أحكام النجوم، والحَزَّاء في أصل اللغة الكاهن بالتخمين، أما مَنْ ينظر في النجوم فيقال له المنجِّم، ثم إن الشرع نهى عن الاعتماد عليهم قال الحافظ: فإن قيل: كيف ساغ للبخاري هذا الخبر المُشْعِر بتقوية أمر المنجمين والاعتماد على ما تدلّ عليه أحكامهم؟ فالجواب: أنه لم ¬

_ = إلى العدو، فتصحيحها إباحة السفر بالأجزاء التي فيها من القرآن, يكون في أمثالها، والكراهة للسفر بكليته إليهم عنهم عند خوفهم عليه. اهـ. مختصرًا والعبارة مشوشة.

تأثيرات النجوم

يقصِدُ ذلك، بل قَصَدَ أن يُبيِّن أن الإشارات بالنبي صلى الله عليه وسلّم جاءت من كل طريق، وعلى لسانِ كل فريق: من كاهنٍ، أو منجمٍ مُحقَ أو مُبطلٍ، إنسي أو جني. وهذا من أبدع ما يُشير إليه عالمٌ أو يَجْنَحُ إليه محتج. تأثيرات النجوم واعلم أنه لا يُنكر عن آثارها الطبيعية كالحرارة والبُرودة، لكن لا أثر لها في السعادة والنُّحوسة عند جمهور العلماء خلافًا لبعضهم (¬1). (يختَتِنُون) وكان الكفار أيضًا يختتنون تبعًا للملة الحنيفة. وكانت الخَتْنَة في دين عيسى عليه الصَّلاة والسَّلام أيضًا لكن محى عنه البولوس. (ملك غسان) هو صاحب بُصْرى. (فسجدوا له) وكانت السَّجْدةُ عند بني إسرائيل وهي الانحناءُ لغةً. ثم الانحناءُ أيضًا جُعِل مكروهًا تحريمًا في شريعتنا. (فكان ذلك آخر شأن هرقل) لما كان أمر هرقل عند كثير من الناس مستبهمًا أشار الراوي إلى آخر حالِهِ. ... ¬

_ (¬1) قلت: وفي "المشكاة" عن قتادة قال: "خلق الله تعالى هذه النجوم لثلاث: جعلها زينة للسماء، ورجومًا للشياطين، وعلامات يهتدى بها، فمن تأول فيها بغير ذلك أخطأ وأضاع نصيبه وتكلف ما لا يعلم" ورواه البخاري تعليقًا ورواية رزين: "وتكلف ما لا يعنيه وما لا غلم له به، وما عجز عن علمه الأنبياء والملائكة". وعن الربيع مثله وزاد: "والله ما جعل الله في نجمٍ حياة أحدٍ، ولا رزقه، ولا موته، وإنما يفترون على الله الكذب ويتعللون بالنجوم".

2 - كتاب الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم 2 - كتاب الإِيْمَان (¬1) الإيمانُ وَمَعْنَاهُ اللُّغوي الإيمان في اللغة: عبارة عن التّصديق، وقد يجيءُ بمعنى الوثُوق، لأنه إفعال من الأمن، ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: إن مسألة الإيمان كانت في نفسها سهلة المأخذ، ظاهرة المراد، إلا أنه تعسر تحصيل مراد مقالة السلف، وتحقيق وجه الخلاف من الخلف، فصارت صعب المنال، بعد ما كانت موضوعة على طرف الثمام، وكان كلام الحافظين في هذا المقام، كلام المتأخرين لا يروي الغليل، ولا يشفي العليل، فجاء شيخنا (رحمه الله تعالى) مشمرًا عن ذيله، فنقح كلام السلف ولخص من كلام الحافظ ابن تيمية (رحمه الله تعالى)، وأصلح ما وقع منه الإفراط والتفريط، وزاد عليه أشياء من عنده، وعين موضع الاختلاف، وحقق مراد القائلين، بحيث ارتفع الخلاف، فحصحص الحق، وزهق الباطل، إلا أنه لوفور علمه لم يكن يهذب هذا التهذيب الرائج، وكان يهطل هطلا، ويفيض علينا الدرر والغرر مدرارًا، فكانت نفسي الشحيحة تشح أن تضيع قطرة من وبله. وتحرص أن تحوز كله في ذيلها، إلا أنها كانت قصيرة قاصرة عن جمع جميع مدركاته، فلم تكن تقدر على شيء غير الطل من الوبل، فمضى على الحال، إذ جمع الله في صدري منه ما شاء، فأخذت وريقة وقيدت فيها ما كنت أسمعه يقول، ورتبت فيها ترتيبًا يقرب اقتناصه، ثم عرضتها بين يدي شيخي فاستحسنها، والحمد لله، فأردت أن أضعها ههنا، كما كنت قيدتها في سالف من الزمان، ثم أفصل ما فيها مع الترتيب والتهذيب، وأرجو من الطلبة أن يعاينوها بجد واجتهاد، فإني عرضت بين أيديهم ما لا يرجى دركه بعد ضرب الأكباد ورتبت الكلام وهذبته حسب ما أدى إليه طوقي وفكري، وإن لم يتيسر على قدر ما كانت تتحدث به نفسي، وأسأل الله أن يرزقني شرحها كما أريد، ثم النفع بها إياي ولمن يريد، إنه حميد مجيد. (صورة البطاقة التي أرجو أن أزن بها كفة أعمالي يوم الحساب) واعلم أن الايمان من الأمن، على حد قوله صلى الله عليه وسلم "المؤمن من آمنه الناس على دمائهم وأموالهم" رواه الترمذي في القلب عمل، والتزام الدين ثبت ضرورة، لا في الدماغ، إلا أن يكون مخرجًا وليس بتصديق، إلا أن يكون اختياريًا أو معه تسليم، فليس بعلم ولا معرفة يتعلق بالمغيبات فقط، وظني: أن الإيمان والإسلام واحد، والكامن أولًا فالبارز ثانيًا، والبارز أولًا فالكامن ثانيًا إسلام، فالمسافة واحدة، وإنما الفرق بالإياب والذهاب، قول وفعل، والأولى عمل فهو إذن مركب، فيزيد وينقص، أو بدونه فبسيط، لا يزيد ولا ينقص. فمسألة الزيادة والنقصان تتفرع على تركب الإيمان وبساطته، ولم يتكلم في نفس التصديق أحد من السلف، حتى تحدث فيه المتكلمون من المتأخرين بما تحدثوا، فأكثرهم إلى النفي مطلقًا، لاستحالة التشكيك، ولاجتماع الكفر والإيمان، وهما مدفوعان، وما عن أحمد أنه معاقدة على الأعمال، فيشير إلى شدة احتياج الأعمال، لأن العقد وسيلة، والمعقود عليه مقصود وإذن يكون الإيمان كالوسيلة ولما اتفق الكل على عدم تكفير المقصر في الأعمال، ودلت الآيات على تغاير الإيمان والأعمال صار نظر الحنفية (تبعًا للقرآن) إنه التصديق فقط، والمراد به الاختياري، فهو رأس الأعمال، وأساسها، ودعامتها، فيكون من أقصى المقاصد، أما الإقرار. فقيل: شرط، وقيل: شطر، وصرح ابن الهمام أنه حتم عند المطالبة، وما يتقرر بعد مراجعة عبارات السلف، =

وهمزة الإفعال إذا دخلت على الفعل المتعدي، فإما أنْ يعديه إلى مفعولٍ ثانٍ، أو يجعله لازمًا على معنى الصَّيرورة. فالأول، أي التَّصديق، منقولٌ من الأَفعال المتعدية، يقال: آمنته فلانًا، أي جعلتُه آمنًا منه، وآمَنْته غيري، أي جعلت غيري آمنًا منه، وكلا المعنيين اللغويين، معنيان حقيقيان لِلَفظ الإيمان، وُضِعَ أولًا لجعل الشيء أمنًا من أمر، ثم وُضِع ثانيًا لمعنىً يناسبه وهو التَّصديق، فإنك إذا صَدَّقْتَ المخبر فقد أمنته من تكذيبِكَ إياه. وتعدِيتُهُ بالباء لتضمِينه معنى الاعتراف، فإنك إذا صدَّقت شيئًا فقد اعترفت به. والمعنى الثاني منقول من الأفعال اللازمة، بمعنى صار ذَا أمن، فيتعدى بالباء، ليقال: آمن به، أي وثِقَ به، لأن الواثِقَ بالشيء صار ذا أمنٍ منه، وحينئذٍ لا يحتاج إلى التَّضمين. وأضاف الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى على معناه اللغوي، فبدأ قيدًا آخر، وقال: إن الإيمان اسم للتَّصديق بالمغيبات خاصة، ولا يطلق الإيمان على غير ذلك، فلا يقال: آمنت بذلك في جواب من قال: السماء فوقنا، ولذا قال تعالى: {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: 3]، فقيَّد الإيمانَ بالغيبِ، لأنه لا يتعلق إلا به، وقال: إن الإيمانَ هو تصديق السامِعِ للمخاطب، واثِقًا بأمانته، ومعتمدًا على دِيانته. وأصلُ الإيمان تبجيل الذاتِ وتعظيمها، ثم استعمل في التصديق مطلقًا، ويتعلق بالذوات والأخبار. فإن تَعَلَّقَ بالذات يُؤْتَى بالباء في صِلته، وإن تعلق بالأخبار فباللام لتضمينه معنى الإقرار، وعليه قوله تعالى: {وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا} [يوسف: 17] أي بمقر لنا، ولم يقولوا: بنا، ¬

_ = هو أنهم لم يجعلوها كالأجزاء للإيمان، فإنهم قالوا: الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، فجعلوها مؤثرة في نماء الإيمان وعدمه، لا أجزاء له وحينئذ لا يكون مسألة الزيادة والنقصان من تفريعات قولهم قول وعمل، ويكون الأعمال دخيلة في الزيادة والنقصان، لا داخلة في الإيمان. وقد صرح ابن تيمية (رحمه الله تعالى) بكون قولنا الإيمان لا يزيد ولا ينقص من بدعة الألفاظ، فكأنه لم يجد بدًا من تسليم صحة مقالته (رحمه الله تعالى) فالصواب أن الكل على الحق، ولكل أطراف، وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا، ولكل وجهة هو موليها، والوجه: إنه من باب متقضيات الأحوال، وهل النسبة بين الأعمال والإيمان، كنسبة الأجزاء إلى الكل، والأسباب إلى المسبب؟ فهما نظران، قيل: بالأول: وقيل: بالثاني، ثم بدا لي أن نسبة الأعمال إلى الإيمان ليس كنسبة المكمل إلى المكمل أيضًا، كما هو المنسوب إلى الحنفية، ولا كنسبة الأجزاء إلى الكل، كما هو مذهب المحدثين، بل هو كنسبة الفرع إلى الأصل وهي كونه نابتًا عنه ويشهد له القرآن (أصلها ثابت وفرعها في السماء) ولعل تعبير الأعمال بالشعب في حديث الصحيحين نظرًا إلى فرعيتها، لا لجزئيتها، واعلم أن مسألة عدم الزيادة والنقصان لم أجدها مروية عن أبي حنيفة (رحمه الله تعالى) غير أن ابن عبد البر نسبها إليه في التمهيد وأثبت شيء في عقائد الإمام الأعظم (رحمه الله تعالى) وصاحبيه عقيدة الطحاوي وفيه ما يدل على أن الإمام (رحمه الله تعالى) إنما ينفي الزيادة في مرتبة محفوظة بحيث لو انحط عنه لزال اسم الإيمان، وأما فيما بعده فيقول بهما وروى الزبيدي في شرح الإحياء عن أبي حنيفة (رحمه الله تعالى) الزيادة فيه مع نفي النقصان وهو يرجع إلى ما قاله الطحاوي والله أعلم. فدونك بطاقة حاوية محتوية، كافية كفيلة، جميلة جليلة، جزيلة وجيزة، غير طويلة في باب الإيمان.

الإيمان وتفسيره عند الشرع

لأن المرادَ التصديقُ بخبرهم دونَ ذَوَاتِهِم، وفي خلافه يكون التَّضمين، ولم نجد تعديتُهُ بعلى إلا ما عند مسلم: (ما مِنْ نبيَ إلا أُتِي من الآيات ما مثلُهُ آمن عليه البشرُ) أي آمن معتمدًا عليه البشر. ثم الكفر لغةً: الستر وجَحْدُ النِّعمة وتناسيها، وحينئذٍ لم يبق التقابل بين الإيمان والكفر لغة إلا باعتبار اللازم، فإنّ جحود النعمةِ والتناسي لا يجتمع مع التَّصديق بأحد، وتصديقه لا يجتمع معه جحود نُعمتِهِ، وأما ضِدُّه الصريح فهو الخيانة، كما أن ضِدُّ الكفر هو الشكر. ثم ههنا ألفاظ ينبغي الفرق بينها فالعلم دانستن والتصديق إن كان صفة القضية فمعناه: راست داشتن وإن كان صفة القائل فمعناه: راست كوداشتن وباوركردن والمعرفة شناختن واليقين إزاحة الشَّكِ وتحقيق الأمر، والفِكْر انديشيدن والفهم فهميدن فهذه ألفاظ ميزها أهلُ اللغة أي تمييز، فَرَاعِها تغنيك عن حدودِهِم الطويلة. الإيمانُ وتَفْسِيْرُهُ عند الشَّرْع قال عامة الفقهاء والمتكلمين: إن الإيمان تصديق بأمور مخصوصة عُلِم كونُها من الدين ضرورة. فلنتكلم أولًا على معنى التَّصديق وما يتعلق به، ثم لنبحث عن معنى الضرورة فالتَّصديق هو الإذعان عند الحكماء، وهو إما إدراك أو من لواحق الإدراك، والحق عندي هو الثاني ثم التَّصديق قد يجتمع مع الجُحود أيضًا وهو كفرٌ قطعًا قال تعالى: {وَجَحَدُواْ بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14]، وقال تعالى أيضًا: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءهُمْ} [البقرة: 146]، وقال تعالى: {فلما جاءهم ما عَرَفُوا كفورا به} [البقرة: 89] فانظر كيف اجتمع اليقين والإذعان، والمعرفة مع الجحود فيلزمُ على التعريفِ المذكورِ أن يجتمع الإيمان مع الجحود، واللاّزمُ باطلٌ، ولذا جعل الفقهاء الإقرارُ شرطًا للإيمان، لإخراج تصديق الجاحدين، فإن الجاحد لا يُقر بلسانه البتة، ومن أقر باللسان لا يمكن منه الجحود، فكأنهم فهموا أن الإقرار مقابلٌ للجحودِ فجعلوه شرطًا، أو شطرًا، احترازًا عن مثل هذا اليقين والمعرفة. وحينئذٍ فالجواب عندهم: إن هؤلاء وإن كانوا مستيقنين به، لكنهم لم يكونوا يقرُّون بألسنتهم، بل كانوا يجحدون، فلم يعتبر تصديقهم، ولم يُحكم عليهم بالإيمان، لأن التصديق المعتبر ما كان مع الإقرار باللسان ولم يوجد، وهو الفاصل في الباب. واختلف فيه صدر الشريعة رحمه الله تعالى، والعلامة التَّفْتَازَاني رحمه الله تعالى، فقال صدر الشريعة رحمه الله تعالى: إن التصديق المنطقي أعم من الاختياري والاضطراري، والمعتبر في الإيمان هو الاختياري فقط؛ لأن الإيمان مُثَاب عليه، والثواب لا يترتب إلا على فِعله الاختياري، فما هو معتبر في باب الإيمان ليس بجامعٍ مع الجحود، وما هو بجامع معه ليس بمعتبر في الإيمان، وكأنه فَهِمَ أن الرجل إذا صدّق أحدًا عن اختياره وطوعه، بدون إكراه مُكْرِه، لا يتمكّن على الجحود. والذي يجحدُ به لا يُمكنه التَّصديق عن اختياره. نحو أن يقعَ بصركُ على الجِدار، ويحصلُ لك الإذعان بوجوده اضطرارًا، فهذا النوع من اليقين يمكن أن يجامع الجحود، فإنه ليس من فعله، بخلاف ما صدر عن اختياره، فإنه فعله، والظاهر أنه إذا

فعل فعلًا عن اختياره لا يفعل نقيضه إلا أن يكون به جِنَّة، أو يكون كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا. وادعى التفتازاني أن تلك المعرفة الحقة اليقينية المجامعة مع الجحود ليست بتصديق، بل هي من التصورات والتصديق اسمٌ لليقين المجامع مع التسليم، فكأنه أخرجَ تصديقَ الجاحدين عن مُسَمَّى التصديق ومتناولاته رأسًا، وحينئذٍ ساغَ له أن يقول: إن المعتبر في الإيمان هو التصديق، وما وُجِد منهم هو اليقين المجامع مع الجحود، وهو تصورٌ وليس بمعتبر في الإيمان، وكأنه فَهِمَ أن التّصديق إذا قارنه التسليم لا يكون إلا اختيارًا. وحينئذٍ فالتصديق عنده مساوٍ للإيمان، بخلافه على الأول، فإنه كان أعم من الإيمان. والذي يظهر عندي أن الصواب مع صدر الشريعة، فإن أرباب المعقول لعلهم لا يحكمون على تلك المعرفة اليقينية بكونها تصورًا، والظاهر أنها تصديق عندهم ثم العجب من صدر الشريعة كل العجب حيث اعترض على شيخ التسليم في «باب الزكاة» من «شرح الوقاية» بقوله: فانظر إلى هذا الذي أدرج ركنًا زائدًا في الإيمان ... إلخ كيف، مع أن صدر الشريعة أيضًا قيدَ التصديقَ بالاختياري، وهذا الاختياري ليس أمرًا وراء التسليم، على أنه مصرحٌ به في القرآن أيضًا: {فَلاَ وَرَبّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِى أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلّمُواْ تَسْلِيمًا} [النساء: 65] فهذا التسليم هو الذي أضافه الشيخ رحمه الله، فلم يكن أمرًا زائدًا، كما ألزمه صدر الشريعة. والحاصل: أن الفقهاء رحمهم الله شرطوا الإقرار لإخراج مثل هذا التصديق عن مُسمّى الإيمان. والشيخ الهروي: التسليم. وصدر الشريعة وإن عَمَّم التصديق أولًا، لكنه خصصه آخرًا، وأراد منه الاختياري فقط، والتفتازاني خصصه من أول الأمر، وأخرجه عن مُسمّى التصديق ابتداءً، فلم يحتج إلى التخصيص، فالبيت واحدٌ وتلك أبوابه فأته من أيها شئت، ولعلك علمت مما ذكرنا مرامى الفقهاء والعلماء، وأنهم لماذا يختلفون في العبارات وماذا يريدون منها. ثم رأيتُ حكايةً في «الفتح» عن أحمد رحمه الله تعالى لا أرى في نقلها بأسًا، وأريد أن أنبه على ما استفدت منها. قال أحمد رحمه الله: بلغني أن أبا حنيفة رحمه الله يقول: إن الإسلام يهدم ما كان قبله، وكيف يكون هذا مع أنه رُوي عن ابن مسعود في الصحيحين، أن المرء إذا أسلم فأحسن في إسلامه، فهو كفارة له، وإلا فيؤخَذُ بالأول والآخر، فإنه يدل على أن الإسلامَ لا يهدم ما كان قبله مطلقًا، بل تبقى عليه المؤاخذة بعده أيضًا. واستفدت منه أن الإيمان عند أحمد رحمه الله كالتوبة الكلية، وهي عزمٌ على الإقلاع عن المعصية فيما يأتي، فمن أحسن بعد إسلامه، فقد صحت توبتُهُ وصار إسلامه كفارةً له، ومن أساء بعده ولم يقلع عن المعصية لم تصح توبته، فيؤخذ بالأول والآخر، وإذا كان الإسلام عنده كالتوبة، يكون وسيلة للأعمال، والأعمال مقصودة، فإنها المقصودة من التوبة، وإليه يشير ما نُقل عنه، أن الإيمان

بحث في معنى الإقرار

معاقدةٌ على الأعمال (¬1)، أي أنه عقدٌ على التزام الطاعات على نفسه، والعقد يكون وسيلةً للمعقودِ عليه. والإمام الهمام رحمه الله تعالى جعله من أكبرِ الأعمال وأساسها، ومقصودًا لذاته غير وسيلة لشيء. ثم لا اعتراض عليه بحديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، فإنه إن كان عند أحمد رحمه الله حديث ابن مسعود رضي الله عنه، فعنده أيضًا حديث صريح عند مسلم: «إن الإسلام يَهدِمُ ما كان قَبْلَه» فلو كان عند أحمد رحمه الله محمل لحديث الهدم، فيمكن أن يكون عند الإمام الأعظم رحمه الله أيضًا محملٌ لحديثه. والله تعالى أعلم. بحث في معنى الإِقْرار (¬2) واخْتُلِفَ في الإقرار، فقال المرجئة: إن الإقرار ليس بشطرٍ ولا شرطٍ للإيمان، فالتصديق ¬

_ (¬1) ثمَّ تفصيل كون الإيمان عند أحمد رحمه الله تعالى عقدًا: أن الإيمان عند أحمد رحمه الله اسم للبيعة من النبي - صلى الله عليه وسلم - على الإتيان بجميع ما يأمره به والترك بجميع ما ينهاه عنه، والبيعة أمر واحد تنسحب على مجموع ذلك، فلما خالف الشرع وأتى بما لم يكن له أن يأتيَ به فقد خالف بيعته، فانتقض إيمانُه لا محالة، فأحمد رحمه الله تعالى ذهب إلى الزيادة والنقصان في الإيمان مع كون الإيمان شيئًا واحدًا عنده أما المحدثون فجعلوه أمورًا، ثم قالوا بالزيادة والنقصان. والإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى جعل الإيمان أمرًا مستقلًا برأسه مفرزًا عن الأعمال، ولذا لو انتقص في الأعمال لم ينتقص منه إيمان، فإن الإيمان أمر على حدة عنده. ونظيره أن مَلِكًا مسلمًا عَاهد ملكًا من الملوك على أمور وصالحه عليها، فإن وفَّى به فهو على عهده، وإلا فهو غادر، قد نقض العهد والصلح. وهذا على نظر أحمد رحمه الله، وأما على نظر إمامنا، فالمَلِك المعاهد صار بمنزلة الرَّعية للمسلم، والرعيةُ تبقى رعية وإن فسقت، فلما كان الإيمان كالبيعةِ من النبي - صلى الله عليه وسلم -، صارَ الفاسق كالباغي عند أحمد رحمه الله، فانتقض عهده وانتقص إيمانه لا مَحَالة. وعندنا هو بمنزلة الرَّعية، فاستحق العِقاب والعُقوبة، ولم يُوجِبُ ذلك نقصانًا في أصل إيمانه. ولذا لم يرد الشرعُ بخلود الفاسق، فالنزاع في الأصل ما ذكرنا: أي أن الإيمان أصل واحد كما يقول إمامنا رحمه الله تعالى، أو أمور متعددة كما يقوله المحدثون، ثم إنه كالبيعة كما هو نظر أحمد رحمه الله، أولًا كما هو نظر إمامنا رحمه الله، وليس نزاعًا لفظيًا كما قالوا. ثم إن مَثلَ الكافر عند أحمد رحمه الله إذا أسلم فاقتحم المعاصي، كمثل المعاهد الغادر، فيؤخذ بالأول والآخر. وعندنا هو كرجل دخل في رعية سلطان، فإن ارتكب الجرائم يُعاقبُ عليها، ولكن لا يُعدْ باغيًا وناقضًا للعهد. وهذا معنى الزيادة والنقصان، ومعنى البيعة عند أحمد رحمه الله، وعدمها عند إمامنا رحمه الله. والأصوب ما ذكره الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى كما علمت. هكذا فَهِمنَاه من بعض تقارير الشيخ رحمه الله تعالى. (¬2) قال الشيخ بدر الدين العيني رحمه الله تعالى: اختلفوا في الإقرار أنه ركن للإيمان أم شرط له في حق إجراء الأحكام؟ قال بعضهم: إنه شرط، فمن صَدَّق فهو مؤمن بينه وبين الله تعالى وإن لم يقر بلسانه. قال النَّسفي رحمه الله تعالى: هو المروي عن أبي حنيفة رحمه الله، وإليه ذهب الأشعري رحمه الله في أصح الروايتين. وهو قول أبي منصور الماتريدي رحمه الله تعالى. وقال بعضهم: هو ركن، لكنه ليس بأصلي له، كالتصديق، بل هو ركنٌ زائد، ولهذا يسقط حالة الإكراه والعجز. وقال فخر الإسلام إن كونه ركنًا زائدًا مذهب الفقهاء، وكونه شرطًا لإجراء الأحكام مذهب المتكلمين. والمحدثون قالوا: إن الإيمان فعل القلب واللسان مع سائر الجوارح. انتهى بتغيير يسير عمدة القاري ينظر ص 121 ج 1.

المحور الذي يدور عليه الإيمان

وحده يكفي للنجاة عندهم، حتى اشتهر القول عنهم: بأنه لا تضرُ مع الإيمان معصية. وعلى خلافهم الكرَّامية، فإنهم زعموا أن الإقرار باللسان يكفي للنجاة، سواءٌ وُجِدَ التصديق أم لا، فكأنهما على طرفي نقيض. وعندنا لا بد من الإقرار أيضًا، إما شطرًا أو شرطًا. قال التفتازاني: إن الإقرار لو كان شرطًا لإجراء الأحكام فلا بد أن يكون على وجه الإعلان والإظهار للإمام وغيره من أهل الإسلام، وإن كان لإتمام الإيمان، فإنه يكفي مجرد التكلم به وإن لم يظهر على غيره. ومن جعل الإقرار ركنًا كالتصديق فرّق بينهما بكون التصديق لا يحتملُ السقوطَ في حال، بخلاف الإقرار، فإنه يسقطُ عند الأعذار. وفي «المسايرة» وجَعْلُ الإقرار بالشهادتين ركنًا من الإيمان هو الاحتياط بالنسبة إلى جعله شرطًا خارجًا عن حقيقة الإيمان. ثم إنه شرطًا كان أو شطرًا، لا بد منه عند المطالبة عند الكل، فإن طُولِبَ به ولم يُقر، فهو كافر كفر عناد، وهو معنى ما قالوا: إنّ تَرْك العناد شرطٌ في الإيمان. كذا صرح به ابن الهمام رحمه الله. تنبيه: وههنا إشكالٌ يردُ على الفقهاءِ والمتكلمين وهو أن بعضَ أفعال الكفر قد توجد من المُصدِّق، كالسجود للصنم والاستخفاف بالمصحف، فإن قلنا: إنه كافر، ناقض قولنا: إن الإيمان هو التصديق. ومعلومٌ أنه بهذه الأفعال لم ينسلخ عن التصديق، فكيف يُحْكم عليه بالكفر؟ وإن قلنا: إنه مسلم، فذلك خلافُ الإجماع. وأجاب عنه الكَسْتلِّي تبعًا للجُرْجَاني: أنه كافر قضاءً، ومسلم دِيَانَة. وهذا الجواب باطلٌ مما لا يُصْغى إليه، فإنه كافر دِيَانة وقضاءً قطعًا، فالحق في الجواب ما ذكره ابن الهمام رحمه الله تعالى، وحاصله: أن بعض الأفعال تقوم مَقَام الجحود، نحو العلائم المختصة بالكفر، وإنما يجب في الإيمان التبرؤ عن مثلها أيضًا، كما يجب التبرؤ عن نفس الكفر. ولذا قال تعالى: {لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَنِكُمْ} [التوبة: 66]، في جواب قولهم: {إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} [التوبة: 65]، لم يقل: إنكم كذبتم في قولكم، بل أخبرهم بأنهم بهذا اللعب والخوض اللذين من أخصِّ علائم الكفر خلعوا رِبْقَةَ الإسلام عن أعناقهم، وخرجوا عن حِمَاهُ إلى الكفر، فدل على أنّ مثلَ تلك الأفعال إذا وجدت في رجل يُحكم عليه بالكفر، ولا يُنظر إلى تصديقه في قلبه، ولا يلتفت إلى أنها كانت منه خوضًا وهزأً فقط، أو كانت عقيدة. ومن ههنا تسمعهم يقولون: إن التأويل في ضروريات الدين غيرَ مقبول، وذلك لأن التأويلَ فيها يُساوِق الجحود وبالجملة: إن التصديق المجامعُ مع أخصِّ أفعال الكفر، لم يعتبره الشرع تصديقًا، فمن أتى بالأفعال المذكورة فكأنه فاقدٌ للتصديق عنده وأوضحه الجصَّاص، فراجعه. المحورُ الذي يدورُ عليه الإيمان وإذا قد علمت أن التَّصديقَ والتسليمَ والمعرفةَ واليقينَ كلُّها يُجَامِعُ الجحود، فلا بد من تفسير يتميز به الكفرُ من الإيمان. كيف وهذا القرآن يشهدُ بمعرفة الكفار، قال تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءهُمْ} [البقرة: 146] وهذا أبو طالب يُقِرُ بنبوتِهِ ونباهته صلى الله عليه وسلّم ويُعْلنُ بها في أبياته، حتى دارت وسارت، فيقول:

*ودعوتَني وزعمتَ أَنَّكَ صادِق ... وصدقت فيه وكنت ثَمّ أمِينًا *وعرفتُ دينَك لا محالةَ أنه ... من خيرِ أديانِ البَرِيَّةِ دِينا *لولا الملامةُ أو حَذَارِ مَسَبَّةٍ ... لوجدتَّني سمحًا بذاك مُبِينًا وهذا هرقل عظيم الروم يقول: لو أني أعلم أني أَخْلُصُ إليه لتجَشَّمْتُ لقاءه، ولو كنت عنده لغَسَلْتُ عن قدميه، وفي «فتح الباري»: عن مرسل ابن إسحق عن بعض أهل العلم: أن هرقل قال: ويحك، والله إني لأَعْلَمُ أنه نبيٌ مرسل، ولكني أخاف الرومَ على نفسي، ولولا ذلك لاتَّبعتُهُ. فهل تريدُ من التصديق أمرًا وراء ذلك؟ فلما وُجِد منهم التصديقُ والتسليمُ والإقرارُ بهذه المثابة، وَجَبَ على التعريفِ المذكورِ أن يُحْكم عليهم بالإسلام، مع اتفاقهم على كونهم كافرين. فأقول: إنّ الجزءَ الذي يمتاز به الإيمان والكفر، هو التزام الطاعة (¬1) مع الردع والتبري عن دين سواه، فإذا التزم الطاعة فقد خرجَ عن ضلالة الكفر ودخل في هَدْي الإسلام. وحينئذٍ تبين لك وجه كفر هؤلاء الكفرة مع تصديقهم ومعرفتهم، وذلك لأن أبا طالب وإن أعلن بحقية دينه، إلا أنه لم يلتزم طاعته، ولم يدخل في دينه، ولذا قال: لولا الملامة أو حذار مسبة .... إلخ، فآثر النار على العار. وهكذا هِرَقل، وإن تمنى لقاءه وَبجَّلَه وعظمه بظهر الغيب، لكنه خشي الرومَ أشدَّ خشية، فلم يلتزم طاعته. وكذلك حال الكفار الذين أخبر الله سبحانه عن معرفتهم، فإنهم مع معرفتهم الحقَ، صفحوا عن كلمة الحق، ولم يَدِينُوا بدين الإسلام. ولذا أقول: إن الإيمان من الإرادات وترجمته في الهندية (ماننا) فهذا هو الصواب في تفسيره، فقد نقل الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى الإجماعَ على كون هذا الجزء مما لا بد منه في باب الإيمان، وحينئذٍ ينبغي أن يراد من الإقرار في قول الفقهاء: الإقرار بالتزام الطاعة. وإن كان المراد منه الإقرار بالشهادتين كما هو المشهور، يبقى الإشكال. ثم إنهم اكتفَوا بذكر هذه الأشياء، وفسروا بها الإيمان، لأن الإيمانَ بعد تحقُّقِها يتحققُ في أكثر المواد، وإن تخلَّف عنها في بعض، فبالنظر إلى مواد الاجتماع، جعلت كاللوازمِ المساوية له. وزعم أنها عين الإيمان، ثم إذا أمعنتَ النظرَ في مادة الافتراق وعلمت أنها ليست بإيمان ولا لوازمَ مساوية له، وجب عليك أن تطلبَ أنَّ حقيقةَ الإيمانِ ماذا؟ فهذا الذي نبهناك عليه، هو حقيقة الإيمان، وذلك وإنْ لم يقرع سمعُكَ، لكنه هو الصواب إن شاء الله تعالى، فإن هذا الجزء لا يجامعُ الكفرَ بأنواعه، أي نوع كان. ¬

_ (¬1) قلت: ومحصل البحث أن الإيمان هو الاعتمادَ والوثوقَ بالرسول في كل ما جاء به علمًا وعملًا، ومن ههنا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا إيمان لمن لا أمانة له". فإن الأمانةَ أيضًا عبارة عن وصف به يعتمِدُ الناس، وبه يثقون على أحد، فمن لا تكون فيه تلك الصفة فيما بينه وبين العباد، كيف يحصل له الإيمان، وهو صفة الاعتماد فيما بينه وبين الله ورسوله؟ فعمدةُ الإيمان هو الوثوق والاعتماد على الرسول، ولذا قالوا: إن رجلًا لو أذعن بكل الشرائع، بَيْدَ أنه لا يعتمد على الرسول -ولكنه حققها من عند نفسه كسائر التحقيق- فهو كافر قطعًا، نعم، إذا وثق بالرسول أذعن معتمدًا عليه، فذلك هو الإيمان. وهذا هو وجه الاشتراك بين الأمانة والإيمان، فافهم.

ونُقِل عن إمام الحرمين رحمه الله تعالى وعن الأشعري رحمه الله تعالى أيضًا كما في «المسايرة»: أنّ الإيمانَ كلامٌ نفسيٌ، وكأنهم أرادوا به: أن القلب إذا تكلَّمَ بكلمة الشهادةِ وأذعن بها فقد تم الإيمان، لأنه لا يمكن منه الجحود بعده، بخلاف الإقرار باللسان، فإنه يمكن الجحود بعده أيضًا. فالإيمان على هذا التقدير ليس عِلمًا من العلوم، بل قول من أقوال القلب. فقول القلب تصديقٌ وإيمان عندهم، وقول اللسان إقرار. ويمكن أن يُحْمَل عليه قول مَنْ قال: إن الإيمانَ قولٌ وعملٌ. ولست أريدُ أنّه مراد البخاري رحمه الله تعالى أو المحدثين، بل أريدُ أن له وجهًا أيضًا. وأما ما نُقل عن (¬1) إمامنا رحمه الله تعالى: أن الإيمان معرفة. فالمراد منه المعرفةُ المصطلحةُ عند الصوفية رحمهم الله تعالى، وهي التي تحدثُ بعد الرياضات، وهي الإيمان الكامل. وتلك لا تجامِعُ الجحود أصلًا، بل قلما توجد في قلوب عامة المسلمين، وليس المرادُ منها المعرفة اللغوية ونحوه. نُقل عن علي رضي الله عنه وأحمد رحمه الله: أن الإيمان معرفةٌ بالقلب، وإقرارٌ باللسان، وعملٌ بالأركان. وأما ما شَرَطَه جَهْمٌ، فقد ردّ عليه إمامنا رحمه الله، كما نقله أصحابنا، فالمراد من المعرفة ما يستوجب العمل، لا التي تجامع الجحود أيضًا، وهي التي تراد في مواضع المدح، وهي التي من الأحوال والأعمال. أما الإيمان أو المعرفة إذا أطلق على غير هذا مما لا يكون معتبرًا، فيُحْترسُ هناك ولا يُتركُ بدون تنبيه. قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ ءامَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الأْخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ} [البقرة: 8] فنبَّه أن إيمانهم غير معتبرٍ. ثم اعلم أنه أطلق في «الإحياء» الحال على الإيمان. أقول: والأولى لفظ العمل، لأن العمل في اللغة يختص بالاختياري وأما ما يقال: «مات زيد»، فمات فعلٌ، فهو اصطلاحُ النُّحاة. وأما أهل اللغة فلا يُسمُّونَه فعلًا، وإنما الفعلُ عندهم ما يصدر عن اختيار، فالإيمان فعلٌ اختياري، ولا بُدٌّ، فإن المرء لا يُثاب إلا على ما فعله من اختياره، بخلاف الحال، فإنه يُنبىءُ عن عدم الاختيار، ثم له وجه أيضًا، فإن الإيمان وإن كان عملًا في الابتداء، لكنه بعد الرسوخ يصيرُ حالًا غير اختياري، فإطلاق الحال عليه أيضًا صحيحٌ بنحو من الاعتبار. وعن أحمد رحمه الله: أنه معاقدةٌ على الأعمال، أي الإيمان عقدٌ، على أنه التزامٌ بأداءِ جميع الأعمال على نفسه. أقول: وحينئذٍ يكون الإيمان كالوسيلة، والأعمال مقصودة، فإن العقد ¬

_ (¬1) نقله الإمام الحارثي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى، وأورد عليه الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى: أن الإيمان كيف يكون معرفة، مع أنها حاصلةٌ للكفار أيضًا؟ ثم لما رُوي ذلك عن أحمد رحمه الله تعالى أيضًا، جعل يؤوِّل فيه ويطلبُ له محامل. قلت: ليته فَعَلَ مثله في مَقولةِ الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى أيضًا واعلم أن "المسند" للإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى لم يجمعْه هو بنفسه، بل جمعَه بعض الأئمة بعده، ويبلغ إلى خمسة عشر. وأحدُ جامعيه هو هذا الحارثي. انتهى. هذا تقريب ما في تقرير الفاضل عبد القدير الكاملفودي مع تهذيب.

المعرفة شرط في الإيمان أم لا؟

وسيلةٌ، والمقصودُ هو المعقود عليه، مع أن الإيمانَ من أسنى المقاصد، وبعد اللُّتيا والتي أن الإيمان تصديقًا اختياريًا كان، أو معه تسليم، كلامًا نفسيًا كان، أو معرفة، أو معاقدة، لا يفنك عن هذا الالتزام، والطاعة له صلى الله عليه وسلّم في جميع ما جاء به. فأما أن يراد بألفاظهم هذا، أو يُزادُ عليها هذا الجزء. بقي إصلاح الاصطلاحات والألفاظ، فهذا أمر نَكِلُهُ إليك، ولسنا بصدده بعد وضوح حقيقة الحال. والله تعالى أعلم وملمُهُ أتم. المَعْرِفَةُ شرطٌ في الإيمان أم لا؟ فالمشهور عن الأئمة الأربعة رحمهم الله: أنها ليست بشرط، بخلاف المعتزلة فإنها شرط عندهم، ومعناه عندهم: أن يكون عنده من الدلائل على التوحيد والرسالة ما يوجب اليقين، بحيث لا يزولُ بتشكيكِ المشكِّك، ويجبُ عند أئمتنا اليقين، ولا يجب سُنُوحُ الدلائل معه، وهو الحق، فإنه يُعلم من الصحيحين العبرةُ بإسلام رجالٍ أسلموا في الحروب والسيوف تلمع عليهم. وكذلك أمرنا أنْ نَكُفَّ سيوفنا عمن قال: لا إله إلا الله، لأنه دليل صادق على رضائه بالإسلام، والترك لدينه، وحسابُهُم على الله، وأين تحضرهم الدلائل في هذا الحين. وهذا معنى ما يقال: إن إيمانَ المقلدُ معتبرٌ عندنا، فمن آمن تقليدًا وأذعن به قلبه، فإنه مؤمنٌ وإن لم يكن عنده دليل على ذلك، بخلاف المعتزلةِ وزعم بعض السفهاء: أن الاختلافَ في عبرةِ إيمان مقلدي الأئمة رحمهم الله تعالى وعدمها، وهو حمقٌ، والصواب ما علمت. والحاصل: أنّ أولَ الواجبات عند المعتزلة: هو المعرفة، ثم الإيمان. وعندنا: الإيمان، هو أول الواجب، وليست تلك المعرفة شرطًا أصلًا، ثم رأيتُ، في «جمع الجوامع»: أن لو حصل لرجل ظن، ولم يكن عنده اعتقادٌ جازمٌ، فهو أيضًا كاف لإيمانه، بشرط أن لا يخطر الكفرُ في قلبه، ولا يوسوس به صدرُهُ، ولا تترددُ فيه نفسُه. قول وعمل وفي عامّة نُسخ البخاري: قولٌ وفعلٌ، ولا أعلم وجهَه. ولفظ السَّلف: الإيمان: اسم للاعتقاد والقول والعمل، فلا أدري ما وجه تغييرِهِ عُنوان السلف، ووضعُ الفعل بدل العمل، مع أن الأظهرَ هو العمل. ولما أراد البخاري من القول ما يوافقُ الباطنَ اندرج الاعتقاد تحته. ولذا حذفه من مقولتهم. فالإيمان عند السلف عبارة عن ثلاثة أشياء: اعتقاد، وقول، وعمل. وقد مر الكلام على الأولين: أي التصديق، والإقرار، بقي العمل، هل هو جزءٌ للإيمان أم لا؟ فالمذاهب فيه أربعة: قال الخوارج والمعتزلة: إن الأعمال أجزاءٌ للإيمان، فالتارك للعمل خارج عن الإيمان عندهما. ثم اختلفوا، فالخوارجُ أخرجوه عن الإيمان، وأدخلوه في الكفر، والمعتزلةُ لم يدخلوه في الكفر. بل قالوا بالمنزلةِ بين المنزلتين. والثالث: مذهب المرجئة فقالوا: لا حاجة إلى العمل، ومدار النَّجاة هو التصديق فقط. فصار الأوَّلونَ والمرجئة على طرفي نقيض.

تعدد الاصطلاح في الإرجاء

والرابع: مذهب أهل السنة والجماعة وهم بين بين، فقالوا: إن الأعمال أيضًا لا بد منها، لكنّ تَارِكها مُفَسَّقٌ لا مُكَفَّر. فلم يُشددوا فيها كالخوارج، والمعتزلة، ولم يِهوِّنوا أمرها كالمرجئة. ثم هؤلاء افترقوا فرقتين، فأكثر المُحدِّثين إلى أن الإيمانَ مركبٌ من الأعمال. وإمامنا الأعظم رحمه الله تعالى وأكثر الفقهاء والمتكلمين إلى أن الأعمال غير داخل في الإيمان، مع اتفاقهم على أن فاقدَ التَّصديق كافرٌ، وفاقدَ العمل فاسقٌ، فلم يبق الخلاف إلا في التعبير. فإن السلف وإن جعلوا الأعمال أجزاء، لكن لا بحيثُ ينعدمُ الكل بانعدامِهَا، بل يبقى الإيمان مع انتفائها. وإمامنا وإن لم يجعل الأعمال جزءًا، لكنه اهتم بها وحرَّضَ عليها، وجعلها أسبابًا سارية في نماء الإيمان، فلم يهدُرها هَدْر المرجئة، إلا أن تعبيرَ المُحدِّثين القائلين بجزئية الأعمال، لما كان أبعد من المرجئة المنكرين جزئية الأعمال، بخلاف تعبير إمامنا الأعظم رحمه الله تعالى، فإنه كان أقرب إليهم من حيث نفي جزئية الأعمال، رُمِي الحنفية بالإرجاء. وهذا كما ترى جور علينا فالله المستعان. ولو كان الاشتراك بوجه من الوجوه التعبيرية كافيًا لنسبة الإرجاء إلينا، لزم نسبة الاعتزال إليهم، فإنهم قائلون: بجزئية الأعمال أيضًا كالمحدثين، ولكن حاشاهم والاعتزال، وعفا الله عمن تعصب ونسب إلينا الإرجاء، فإن الدين نُصْحٌ كله، لا مُرَامَاة ومُنابذة بالألقاب. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. تعدد الاصطلاح في الإرجاء صرح الشَّهرستاني في «المِلل والنِّحل» على تعدد الاصطلاح فيه، وقال: إن المرجئة على قسمين: مرجئة أهل البدعة، وهم الذين أهملوا الأعمال وزعموا التَّصديق كافيًا للنجاة، فلا يضر عندهم مع الإيمان معصية. والثاني: مرجئة أهل السنة، وهم المنكرونَ جُزئيتها، مع شَغفِهم بالأعمال والأوامر من حيث الائتمار، والنواهي من حيث الاجتناب. وعُدّ الحنفية من القسم الثاني. وفي عقائد الحافظ فضل الله التُّوْربِشْتي رحمه الله تعالى: عندي أن المرجئة (¬1) هم الذين قالوا: إنه لا اختيار للعبد. والتوربشتي هذا حنفيُ متقدِّم على الرازي رحمه الله تعالى، وكتابه هذا أجودَ من «شرح المقاصد» وغيره. فليس النزاعُ بين الأئمة إلا في كون الإيمان مجموع الأجزاء، أو التصديق فقط. أما كون الأعمال واجبة، فلا اختلاف بينهم في ذلك. ¬

_ (¬1) قلت: وأخرج الترمذي في أبواب القدر عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صِنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب: المرجِئَةُ والقَدَرية". اهـ. قال ابن ملك: المرجئة هم الذين يقولون الأفعال كلها بتقدير الله تعالى، وليس للعباد فيها اختيار، فإنه لا يضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة. كذا في اللمعات.

شرح قولهم: قول وعمل

شَرْحُ قَوْلِهِم: قَوْلٌ وَعَمَلٌ فلنشرح أولًا مراد السلف، والكشف الغِطاء عن قولهم: الإيمان: قول وعمل، ثم لنبحث أن الأعمال هل تصلح لجزئية الإيمان أم لا؟ فاعلم أن قولهم هذا ليس نصًا في الجزئية كما فهموا، لأنه ليس من لفظ السلف أن الأعمالَ أجزاءٌ للإيمان، بل لفظهم: «قول وعمل» وهو يحتملُ شروحًا يصدقُ بعضها على مذهبنا أيضًا، بل هو أولى الشروح كما ستعرف. الأول: ما فهمه عامةُ الناقلين وأرباب التصانيف، وهو أن الإيمانَ مركبٌ من القول أي الشهادتين والعمل، وهذا الشرحُ دائرٌ فيما بينهم. والإيمان على هذا الشرح ذا أجزاء كالجدار واللُّبِنات. ثم إنهم قالوا: إن المُخلَ بالتصديق فقط مع القول الظاهر، منافقٌ، والمخلُ بالتصديق والقول كافرٌ مجاهِرٌ، والمخلُ بالعمل فقط فاسقٌ. وحكمه: أنه لا يخلدُ في النار، ففرقوا بين جزءٍ وجزء فبانتفاء البعض حكموا بانتفاء الكل، كالتصديق، وبانتفاء بعض آخر لم يحكموا بانتفاء الكل، كالعمل. واستشكله الرَّازي وقال: إن الأجزاء كلها متساوية الأقدام في أن انتفاءَ بعضها أي بعض كان - يستلزمُ انتفاءَ الكل قطعًا، ولا نتعقَّلُ فرقًا بين جُزء وجزء. وأجابوا عنه بأجوبةٍ كلها مشى على القواعدِ وغَفْلةٍ عن الحقائق. فقال قائل: إن الأجزاءَ على قسمين: حقيقةٌ، وعُرفيةٌ. وبانتفاء الأول ينتفي الكل، بخلافِ الثاني. والعمل من الثاني دون الأول، وحولَهُ تَحُومُ أجوبة أخرى. والحق في الجواب: أن المجموعَ المركبَ من الأجزاء لا يلزمُ من زوالِ بعض أجزائه انعدامُ هذا المركب أيضًا. نعم، تزول تلك الهيئة السابقة، لكن لا يقتضي التباينُ بينها وبين اللاحقة، وذلك كالإنسان مثلًا، فإذا أصابت بعض أعضائه عاهة، لم يخرج عن كونه إنسانًا، نعم يقال من حيث الصورة: إنه إنسان ناقص، فإذا زاد النقصُ ربما خرجَ عن تسميته إنسانًا ظاهرًا، بل لا أجد أحدًا من الأشياء يزولُ اسمه بزوال جُزء منه. نعم، ههنا مجال للنظر، فمن أهلكَ الحرثَ والنَّسل وفعلَ كلَّ مُنكَر، ولم يأت بخير ما، فلا علينا أن لا يُسمّى بأشرف أسماءِ الأمة. فإن قيل: فما مِقْدَارُ الطاعات التي يَخْرُجُ بتركها من الإيمان؟ قلنا: عِلمُها عند الله، وعدم علمنا بمقدارها، لا يقتضي أن لا يكون لها مقدار في الواقع. وهذا كالسواد والبياض، إذا انتقصْتَ من السواد درجة، لا يأخذُ البياضُ مكانها. نعم، لا تزال تنحطّ منه درجة بعد درجة، حتى إذا انتفت جميع مراتب السواد، يجيء البياضُ بدله. فهكذا الإيمان والكفر، لا يزال الإيمانُ ينقصُ بالمعاصي، حتى إذا انتفت المرتبة التي هي مَدَار النَّجاة، استخَلَفه الكفر، فيصبح من الكافرين. والعياذ بالله فافهمه، فإنه يُنْجِيك من الشَّبهات. فالعملُ على هذا التقدير حاصلٌ المصدر، ومثلُهُ القول. والشرح الثاني: أن الإيمان تصديقٌ يظهرُه اللسان والجوارح. وحاصله: أنه التصديقُ المساعدُ بالقول والعمل، وحينئذٍ لا يكون الإيمانُ إلا التصديق فقط، ويبقى القول والعمل ساعدًا ومُساعدًا للإيمان لا أجزاء له. فالتصديقُ الذي يخلو عن الإقرار والأعمال، كأنه ليس بتصديق. وهذا أيضًا نظرٌ على حد قوله: «المسلمُ مَنْ سَلِمَ المسلمونَ من لسانِهِ ويده»،

بحث في أن الأعمال أجزاء للإيمان أم لا؟

«والمؤمنُ من أمِنَه الناسُ على دمائهم وأموالِهم». رواة الترمذي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وفي القرينتين حصرٌ، وهو يؤدي انتفاء اسم الإسلام والإيمان عند عدمِ سلامة الناس، وعدم الأمن منه، فمن كان مسلمًا ينبغي أن يشهدَ له عملُهُ، وهو سلامةُ الناس من لسانه ويده، ومن كان مؤمنًا يجب أن يأمَنَه الناسُ على دمائهم. وبدون ذلك، إسلامه وإيمانه، غير مصدَّقٍ من العمل، وإذا لم يصدَّق عمله، فإذن هو أمرٌ يدَّعيه هو، ولا ندري أهو كذا أم لا؟ الشرح الثالث: إن التصديق منسحب على القلب، والجوارح، فتصديق القلبِ هو التصديق الباطني المُسمّى بالإيمان، وتصديق الجوارح يُسمّى عملًا وأخلاقًا. فالشيءُ واحد من هناك إلى ههنا. ويختلف الأسامي باختلاف المواطن. فالإيمان على اللسان قولٌ، وعلى الجوارح عملٌ. وهذا أيضًا محتملٌ، كقول الأطباء: إن الإرادة شيءٌ واحد، وهي التي تُسمّى في اليد: بقوة التحريك، وفي القلب: بالإرادة. فهكذا ما دام التصديقُ في القلب فهو إيمانٌ. وبعد كونِهِ مجبُولًا عليه يصيرُ أخلاقًا. وبالظهور على الجوارح يسمّى أعمالًا. فهذه كلها أنظار، والأخير تفلسف. لا كما زَعَمُوه: أنه حدٌ كحدِ المناطقة، فجعلوا عليه الطرد والعكس. والأمرُ كما عَلِمْتَ أنه نظرٌ من الأنظار، وهو الذي يليق أن يدورَ في السلف، لا تحديدُهُ، فإنه من طريق الخَلَفِ المشتغلين في الفنون. وهناك شرح رابع: وهو أن الإيمان اسم للتصديق الذي يَعقبُهُ القول والعمل، فينبغي أولًا أن يُصدِّق، ثم يُقر، ثم يعمل، والقولُ والعمل على هذا التقدير مصدر، لا الحاصل بالمصدر، وهذا نحو ما نقل الحافظ في «الفتح» في: باب الإنصات للعلماء من كتاب العلم: عن سفيان: أول العلم الاستماع، ثم الإنصات، ثم الحفظ، ثم العمل، ثم النشر. وعن الأصمعي تقديم الإنصات على الاستماع. فانظر كيفَ رأيتَ قولَه هل هو تحديدٌ له وذكر لأجزائه؟ بل مُراده أن حقَّ العلم أن يترتب عليه تلك الأشياء، فهذه الأشياء من مقتضياته، وهو داع لها. فكذلك الإيمان ليس تصديقًا فقط، بل من حقِّه أن يصدقه اللسان والجوارح، وهو القول والعمل. إذا علمتَ هذا فقد علمتَ أن قولهم: لا ينحصرُ في الجزئية، بل هو أحذُ شروحِهِ والظاهر أنهم ليسوا بصدد التحديد. وبيان الأجزاء، بل ببيان الأنظار، وأنَّ ما ينبغي أن يكون، وإذن يتأتَّى قولهم على مذهبنا أيضًا. وإذ قد فرغنا من شرح مقولتهم، فلنعرِّج إلى أن الأعمالَ هل هي أجزاءٌ للإيمان أم لا؟ بحثٌ في أنَّ الأعمالَ أَجْزاءٌ للإيمانِ أم لا؟ والظاهر أنَّه أيضًا نَظرٌ جعلَهُ الناسُ عقيدة. واعلم أن إطلاق الإيمان على الأعمال مما لا يمكن إنكاره، فقد تواتر به الحديث. لكن صنيع القرآن على خلافه. فإنه ينبىءُ أن الإيمان هو التصديق وحده من غير أن يعتبِرَ معه العمل، لأنه تعالى كلما ذكر الإيمانَ في القرآن أضافَهُ إلى القلب، وظاهره أن فعل القلب هو التصديق وحده.

والثاني: أنه تعالى عَطَفَ عليه العمل الصالح في مواضع لا تحصى. ولو كان ذلك داخلًا فيه، لكان مجرد ذكره عبثًا، فضلًا عن أن يُذكر بطريق العطف. والثالث: أنه سبحانه وتعالى ذكر الإيمان في مواضع وصفًا للعُصاة، مقترنًا بالمعاصي، فلو كانت الطاعةُ داخلةً في الإيمان، لكانت المعصية منافيةً له ممتنعة الاجتماع معه. قال تعالى: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ} [الحجرات: 9] فوصف المقتتلين بالإيمان، مع أن تقاتل المؤمنين حرام ومعصية. وأجاب الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى عن عطف القرآن، وقال: إن الأعمالَ وإن كانت داخلة في قوله: آمنوا، إلا أنها عُطفت عليه استقصاءً واستيفاءً للبيان، ولئلا يَذْهَل عنه. وهذه النُّكتةُ غير ما ذكروها من أن العطفَ قد يكون من عطف الخاص على العام، لأنها لا تتمشَّى ههنا. فإن الخاصّ في مثله يكون أشرف، وههنا المعطوف هو العمل، وهو أدونُ من الإيمان. فالعطف ههنا لبيان الاهتمام. فعلم منه أن التخصيص بعد التعميم، قد يكون لزيادة اهتمام الأدنى أيضًا، لئلا يَذْهَل عنه ذاهلٌ فيتركه، ويُحرم عما قدِّر له من منازلِ الجنة. وكلامه وإن كان متينًا دالًا على فطانته، لكنّ الأمر هو كما قال الإمام الهُمام، لأن هذا الجواب وإن سلَّمناه في العطف، لكنه ماذا يقول في آية أخرى؟ قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَلِحًا مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} ... إلخ [النحل: 97]. فجعل الإيمانَ قيدًا للأعمال، وليس فيها عطفًا. بقي الجوابُ عن إطلاق الإيمان على الأعمال في الحديث، فلا نُنكرُ أنه أيضًا إطلاق، لكنه لا ينحصِرُ فيما قالوه، بل يجوز أن يكونَ من إطلاقِ الكل على الجزء، كما فهموه. ويجوز أن يكونَ من باب إطلاق المبدأ على الأثر، كما فهمنا، فالمبدأ هو الإيمان، والعمل أثره. ولو انحصر الأمرُ في أنّ الحديثَ أطلق الإيمان على الأعمال، والقرآن جعلها مغايرةً له، بعطفها عليه، كان اتِّباعُ القرآن، والتأويل في الحديث، هو الأَوْلى. فالحقيقة أدَّاها القرآن، والحديث ورد على الاعتبار، لأن القرآنَ يؤدي الحقيقةَ ويُوفِّى حقها، والحديث قد يَردُ على المصالح ويُراعيها أيضًا. فإن شئت أخذَ الحقيقة كما هي فلا تجدها إلا في القرآن. وقد رأيتُ أن القرآنَ لا يجعلُ الأعمال أجزاءٌ للإيمان، فكانت حقيقة الإيمان مغايرة للأعمال. كما قلنا، ولما أمكن أن يُفرِّطَ فيه مفرطٌ أزاحه الحديثُ وأطلق الإيمان على الأعمال، تنبيهًا على أهمية الأعمال، وتلافيًا لما قد يسبق من عطف الأعمال على الإيمان من المغايرة، بحيث لا تبقى لها سراية في زيادته أيضًا. وهذا صنيع الحديث مع القرآن كثيرًا، فما يتركُه القرآن يأخذه الحديث، وما يُشكل عليه يزيحهُ. وبالجملة لا خلاف بعد الإمعان إلا في التعبير، فإن كان إمامنا رحمه الله تعالى غيَّر تعبيرَهم، وأخرج الأعمال عن حقيقة الإيمان، فله فيه سَلَفٌ وقدُوة، فإن ذلك صنيعُ القرآن، فلو كان المحدثون اختاروا جزئية الأعمال نظرًا إلى إطلاق الإيمان على الأعمال في الأحاديث، فإمامنا رحمه الله تعالى اختار تغايرَهُما، نظرًا إلى تغاير القرآن بالعطف، فأي الفريقين أحق، وأي النَّظَرين أصوب؟!!

وبعد اللُّتيا والتي إذا لم تكن نِسبة الأعمال إلى الإيمان كنسبةِ الأجزاءِ إلى الكل، ولا كنسبة الأوراق، والعُروق، والأغصان إلى الشجرة، فكيف نسبتُهُ إليها؟ فالجواب: أن النِّسبة بينهما على نَظَر الحنفية كنسبةِ الأصل إلى الشجرة والشجرة إلى الثمرة، فكما أن الشجرةَ نابتةٌ من أصلها، ثم الثمرةُ من تلك الشجرة، كذلك الأعمال تنبُت من الإيمان، فهو المبدأ وهذه آثارها. وكما أن الثمارَ تبدو وتسقط، تجيء وتذهب، كذلك حال الأعمال مع الإيمان فتكون قد وقد. وقوله تعالى: {أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِى السَّمَآء} [إبراهيم: 24] فالأصلُ هو الإيمان، والفُروعُ هي الأعمال، ولعل حديث شُعب الإيمان أيضًا على الفرعية لا الجزئية. فلا أقول كما هو المشهور: أن نِسْبةَ الأعمال إلى الإيمان كنسبة المُكِّمل إلى المُكَّمل، ولا أجعله في التعبير مكملًا للإيمان، بل لا أحب أن أقول: إنها كنسبة الثمرة إلى الشجرة أيضًا، فإن المقصودةَ من الشجرة الثمار، فتكون الأعمالُ مقصودةً، والإيمان تابعًا مع أنه أصل وهي فرع تنبُت منها. فالتعبير الأوفى هو: الأصلية والفرعية. ثم إني مع التتبُّعِ البالغ لم أجِدْ صورةَ الإيمان في المحشر، ووجدت صورَ الأعمال كلها تقريبًا. وهو على ما أقول: إن الأعمالَ تتجسدُ في الآخرة، وتتحولُ الأعراضُ إلى الجواهر. فدل على أن الإيمان لعله منفصلٌ عن الأعمال. وإليه يُشير قوله صلى الله عليه وسلّم «مُلئت إيمانًا وحكمة» فما صُبّ في صدره كان هو الإيمان، وهو المصبوبُ حقيقة، وإنما الأعمال ثمراته، والمقصود منها الإتيانُ بها، والحكمةُ غير العمل، وسيجىء تحقيقها. نعم، رأيت صورة الإسلام والإيمان في رواية مرسل عن قتادة: أن الإيمان يجيءُ يوم القيامة ويقول: أنت المؤمن، وأنا الإيمان، فاغفر لمن كسبني، ويجيءُ الإسلام ويقول: أنت السلام وأنا الإسلام ... إلخ. ولكنه لا يدرى أنه صورةُ الإيمان وحده أو المركب من الأعمال وههنا نَظَرٌ يفيدنا وهو: أن مدَار دخولُ الجنة على الإيمان عند الكل، وكذا الخلودُ في النار على الكفر. وإنما الأعمالُ للدخولِ أولًا والتجنُّبِ عن النار. فعُلم أن الإيمانَ غير الأعمال، وأنها خارجة عنه. والقول الفصل ما اختاره الشاه ولي الله رحمه الله تعالى: أن للإيمان إطلاقين: الأول: الإيمان الذي هو مَدَارُ الأحكام في الدنيا، ولا ريب أنه عبارة عن الاعتقاد فقط. والثاني: ما هو مدارُ للأحكام في الآخرة، وهي النجاةُ السرمدية، والفوزُ بالجنان بدون عذاب. ولا ريب أنه عبارة عن مجموع الأعمال والأخلاق، والله تعالى أعلم بالصواب. وهذا الذي عناه الغزالي رحمه الله تعالى في «الإحياء»: أن الإيمانَ المبحوثُ عنه في علم الكلام لا يزيد ولا ينقص. ولذا اتفقوا على تسليم إسلام المصدِّق، وإن كان فاسقًا. وكذا اتفقوا على أنه ليس بمرتد ولا كافر. وأما الإيمانَ المبحوثُ عنه في الأحاديث، فإنه يزيد وينقص البتة. وبالجملة من جَعَله مركبًا كالكلِّي المشكِك، ومن جعله بسيطًا جعله كالمتواطىء، لا تفاوت في صِدْقِهِ على أفراده. فظهر أن النزاعَ ليس لفظيًا، فإنه بعيدٌ عن أئمة الدين، بل

ذكر الزيادة والنقصان

الاختلاف في تحقيق حقيقة الإيمان، أنها التصديق فقط أو المجموع، على حد نزاعهم في مُسمّى الصلاة أنها اسم للمجموع من الأركان إلى الآداب، أو اسم للأركان فقط؟ وسيأتي عن قريب. ذِكْرُ الزِّيادَةِ والنُّقْصَان واعلم أن نفي الزيادة والنقصان وإن اشتهر عن الإمام الأعظم، لكني متردد فيه بعد. وذلك لأني لم أجد عليه نقلًا صحيحًا صريحًا، وأما مانسب إليه في «الفقه الأكبر» فالمحدِّثون على أنه ليس من تصنيفه. بل من تصنيف تلميذه أبي مطيع البلخِي، وقد تكلم فيه الذهبي، وقال: أنه جَهْمِيٌّ. أقول: ليس كما قال، ولكنه ليس بحجةٍ في باب الحديث، لكونه غير ناقد. وقد رأيت عدة نُسخ للفقه الأكبر فوجدتُها كلها متغايرة. وهكذا «كتاب العالم والمتعلم» «والوسيطين» الصغير والكبير، كلها منسوبة إلى الإمام، لكن الصواب أنها ليست للإمام. أما الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى فإنه وإن نسب الزيادة والنقصان إلى إمامنا رحمه الله تعالى، لكنّ في طبعه سَوْرَةٌ وحِدَّة، فإذا عَطَفَ إلى جانب عَطَفَ ولا يبالى، وإذا تصدى إلى أحد تصدى ولا يُحاشي، ولا يُؤمَنُ مثله من الإفراط والتفريط، فالتردد في نقله لهذا، وإن كان حافظًا متبحرًا. ونقل في «شرح عقيدة الطحاوي» بسند أبي مطيع البَلْخي عن النبي صلى الله عليه وسلّم ما معناه: أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص. قال ابن كثير: وفي إسناده كلهم مجروحون. ورأيتُ هذا الحديث في «الميزان» في ترجمة البَلخي، فأسقطه الذهبي. ثم رأيت في «طبقات الحنفية» تحت ترجمة: إبراهيم بن يوسف تلميذ أبي يوسف، وأحمد بن عمران، أنهما كانا يقولان: بزيادة الإيمان ونقصانه، مع كونهما من كبار الحنفية. فهذا أيضًا كان يَرِيبُني. ولما انعدمت النقول الصحيحة عن الإمام رضي الله تعالى عنه كِدْت أن أنفي عنه تلك النسبة، غير أني رأيت أن أبا عمرو المالكي نسبه في «شرح الموطأ» إلى شيخ إمامنا حَمّاد، وهو من المتقنين المتثبتين في باب النقل، فلا مناص من تسليم تلك النسبة أما المحدثون فكلهم إلى أن الإيمانَ يزيد وينقص. وأثبت شيء في هذا الباب عقيدة الطحاوي، فإنه كتب في أوله أنه يكتبُ فيه عقائد الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى وأبي يوسف رحمه الله تعالى. وأحسن شروحه شرح القُونوي، وهو حنفي المذهب، تلميذ ابن كثير. ويُستفاد منه أن الإمام رحمه الله تعالى إنما نفى الزيادة والنقصان في مرتبة محفوظة، كما سيأتي ولم ينفي مطلقًا، وكيف ما كان سلمت القول المذكور. فنقول: إنّ الزيادةَ والنقصان في الإيمان يحتمل أربعةَ معانٍ: الأول: الزيادة والنقصان في نفس الإيمان. والثاني: الزيادة والنقصان في الإيمان باعتبار التصديق. والثالث: الزيادة والنقصان في التصديق، باعتبار انبساطه وانفساحه في الصدر، لا باعتبار الحقيقة، فالانفساح والانشراح غير التصديق.

والرابع: الزيادة والنقصان في الصورة الإيمانية التي هي صورته، وهو بالحقيقة راجع إلى الثالث. أما الزيادة والنقصان في التلبس بتلك الكلمة، فمُسلَّمٌ عند إمامنا أيضًا، وهذا كالزيادة والنقصان في التلبس بالصلاة عند أبي داود في «باب ما جاء في نقصان الصلاة» عن عَمَّار بن يَاسر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «إن الرجل لينصرف وما كُتبَ له إلا عشر صُلاتِهِ تسعها، ثمنُهَا، سُبْعُهَا، سُدْسُها، خمسها، ربعها، ثُلُثُهَا، نِصْفُهَا». اهـ. فهذا المعنى لا ننكر في التلبُّس بالكلمة أيضًا. وبعد ذلك أقول إن الزيادة والنقصان في الإيمان باعتبار التصديق، لم يجر البحث عنهما في السلف، لا نفيًا ولا إثباتًا، فإن الكلام في أجزاء الشيء بعد التحليل، بحثٌ منطقيٌ. وإنما أوجَدَه المتكلمونَ من المتأخرين، وأول من تكلم فيه القاضي أبو بكر البَاقِلاني. والكلام في السلف، إنما كان في زيادة الإيمان ونقصانه، سواء كان من تلقاء الأجزاء أو من جهة السراية. وعلى هذا فالبحث عنه في «صحيح البخاري» لغو. إلا أني أتكلم عليه يسيرًا على طورهم. فأقول (¬1): إن الزيادة والنقصان في الإيمان بحسَبَ نفس التصديق، مما يمكن عقلًا قطعًا، وإن لم يتكلم فيه السلف. وغاية ما ذكروه في النفي أمران: الأول: أن التصديق ماهية من الماهيات، فلو قلنا بالزيادة والنقصان لزم التشكيك في نفس الماهيات، وهو باطل. قلتُ: الاستمداد في مثل هذه المسألة بقواعد الحكماء مما لا يزول عنك عاره. فالعجب من الشيخ ابن الهمام رحمه الله تعالى كيف اتسمد به مع أن المسألة في نفسه باطلة عند محققيهم أيضًا. وقد جوَّزَ بحر العلوم التشكيك في الماهية بنوعيه، على أنه يلزم حينئذٍ أن لا تكون الصلاةُ أيضًا ناقصة وزائدة بعين ذاك الدليل، لأنها أيضًا ماهية من الماهيات، مع أنَّ الزيادة والنقصان فيها مما لا ينكِرُه أحد. والثاني: أنهم قالوا: لو جُوِّز التشكيكُ في التصديق. لزمَ اجتماعه مع الشك، لأنه إذا انتفى جزءٌ منه جاء جزءٌ من الشك بدله، فلا يبقى منجيًا، فلا يكون إيمانًا. قلت: وهو أفحشُ من الأول، ألا ترى إلى سواد الثوب فإنه أضعفُ من سواد الغُرَاب بدَاهة، ولا يقول عاقلٌ إنه إذا كان أضعفُ لزمَ أن يكون فيه جزء من البياض، فكذلك لا يلزمُ من فوات جزءٍ من التصديق أن يجيءَ بدلَه جزء من ضِده. والحق أن السوادَ عَرْض عريض، وفيه مراتب لا يَعُدها عادّ، وبنقص واحد منها لا يجيء جزءٌ من البياض بدله، بل إذا نتفى جميعُ ¬

_ (¬1) قال بعض المحققين: أن التصديق يقبل الزيادة والنقصان، بوجهين: الأول القوة والضعف، لأنه من الكيفيات النفسانية وهي تقبل الزيادة والنقصان كالفرح، والحزن، والغضب. ولو لم يكن كذلك يقتضي أن يكون إيمان النبي صلى الله عليه وسلم وأفراد الأمة سواء وأنه باطل إجماعًا. الثاني التصديق التفصيلي في أفراد ما علم مجيئه به جزء من الإيمان يثاب عليه ثوابه على تصديقه بالآخر. كذا في العيني بحذف، ص 128 ج 1.

مراتبه ولم تبق مرتبة منه يجيءُ البياضُ قطعًا، وما دام مرتبةٌ من مراتب السواد باقية، لا يَحُكم عليه عاقلٌ أن جزأً من البياض موجودٌ فيه. ونحوه نقولُ في تقسيم الجسم، بأن تقسيمَ الجسم ليس إلى ما لا نهاية له كما زعمه الفلاسفة، بل ينتهي إلى العدم، فإنهم قالوا: إن الاتصال ذاتي للجسم، فإذا فات جميع الاتصالات فلينعدم الجسم لا محالة على قولهم، فإن ارتفاع الذاتي يستلزمُ ارتفاع الذات ومنشأ غلطهم: أن إعدام جميع الاتصالات ليس في طوق البشر؛ لأنه في الحقيقة إعدامٌ للشيء، والإعدامُ والإيجادُ كلاهما في يد المبدىء والمعيد، لا إله إلا هو، فإذا لم يقدروا على إعدام جميع الاتصالات، فهموا أن تقسيم الجسم لا ينتهي إلى نهاية، وليس كذلك، بل ليس هذا في قُدرَتِنَا. ولو استطعنا إفناء جميع الاتصالات لانْتَهَى التقسيم، وانعدم الجسم، إلا أنه بيد الواحد القهار، لا شريك له هو يحيي ويميت. فكما أنّ الجسمَ لا يزالُ ينقسم، ويطلق عليه الجسم ما دام يبقى فيه اتصال ما، ولا يجيءُ العدم أصلًا إلا إذا فات جميع مراتب الاتصال، كذلك التصديق لا ينتفي إلا بعد انتفاء جميع مراتبه. ولا يلزمُ بانتفاء جزء منه أن يقومَ مَقَامَهُ جزءٌ من الكفر، فإن الإيمان أيضًا عَرْض عريضٌ. نعم بفوات مرتبة بعدمرتبة، يجيءُ زمان ينتفي فيه جميع مراتبه، ثم يطرأ الكفر عليه البتة. ولكنا لا ندري عدد هذه الأجزاء، وأنه متى يجيءُ زمان فوات جميعها؟ إلا أنه نعلم إجمالًا أنه يجيءُ وقتٌ ما قطعًا ينتفي فيه جميع مراتبه. وحينئذٍ ينسلخ عنه اسم الإيمان. وقد نبهتُك آنفًا على أن هذا البحث لم يجر في السلف، بل هو بحث عقلي، أوجدَه المتأخرون من جانبهم عقلًا. والسلف إنما اختلفوا في نفس الإيمان، لا في جزءٍ منه بعد التحليل. فمن قال: إنه قول وعمل، ذهب إلى الزيادة والنقصان أيضًا، لأنه إذا أدخل العمل في الإيمان، فمن عمل عملًا صالحًا فقد تم إيمانه. ومن نَقَصَ فيه انتقص إيمانه لا محالة على تحقيقه. ومَنْ لم يُدخل الأعمال في الإيمان، بل جعله عبارةٌ عن التصديق، لم يلزم عليه ذلك. فأصل النزاع في إدخال الأعمال في مُسمّى الإيمان، وإخراجها عنه، وإن الإيمان أمرٌ أو أمور. ولذا بوَّبَ البخاري فيما بعد: باب أمور الإيمان نعم، من يجعل الإيمان مركبًا يلزمه أن يذكَر له أمورًا، ومن يجعله بسيطًا لا تكونُ له أمور عنده. ولذا قيل: إن تلك المسألة ليست مستقلةً، بل من فروع الأُولى، أي كون الإيمان قولًا وعملًا. هكذا كنتُ أفهمُ تحقيق الاختلاف، وإليه ذهب أكثر الشارحين. ثم رأيت (¬1) زيادةً في مَقُولَة السلف، انقلب منها المراد ففهمتُ حقيقة الحال، وهي أنهم قالوا: الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، فبان منه أنهم قائلون بالزيادة والنقصان في التصديق الباطني، دون الإيمان ¬

_ (¬1) ذكر الحافظ أبو القاسم هبة الله اللالكائي في "كتاب شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة": أن الإيمان يزيدُ بالطاعة وينقص بالمعصية. كذا في العيني، ثم عدد أسماء الذاهبين إليه من الصحابة وغيرهم رضي الله عنهم في نحو نصف صفحة. من شاء فليراجع.

المركب. فإن عبارتَهم هذه تدلُ على أن الأعمال دخيلةٌ في ازدياد الإيمان ونقصانه، وسبب له، لا أنها داخلة وإن لها سرايةً وتأثيرًا في نماء التصديق والإيمان، لا أنها أجزاء. فلم يكن الإخلال بالعمل عندهم كقطع الغصن من الشجرة، بل كعدم سقيها بالماء، فلا بد أن تيبس. وتبيَّنَ منه أن البخاري اختصر في نقل قولهم اختصارًا مخلًا. والحاصلُ: أن الأعمال على الشرح الأول كانت كالأصابع لليد، بخلاف هذا الشرح، فإنها أسباب. وإن الاختلاف على الأول كان بحَسَب الكمية، والآن جاء البحث في الكيفية فقولهم: الإيمان قول وعمل يحتمل شروحًا، كما مر، وقولهم هذا انحصر في السببية، وليس له شرح غيره. وحينئذٍ صارت تلك أيضًا مستقلة. ولم تَصِر من فروع الأولى. فإن الإيمان مركبًا كان أو بسيطًا يصلحُ محلًا لاختلاف الزيادة والنقصان بهذا المعنى. ثم الزيادة والنقصان بهذا المعنى لا ينكره الإمام أيضًا، فإن الانفساخ والانشراح زائدٌ وناقصٌ قطعًا، وهو المبحوثُ عنه في القرآن. وعليه يحمل ما تلا المصنف من الآيات. وحاصل الخلاف على هذا التقدير: أن الإمام الأعظم رحمه الله تعرَّض إلى أمرٍ لم يتعرض إليه السلف، فإنه تكلم في مرتبة محفوظة، وهي التي يدور عليها أمر النجاة، وليس بعدها إلا الكفر. فالتصديق وإن كان زائدًا، أو ناقصًا، باعتبار مراتب الكمال، والانفساخ، والانشراح، إلا أن الإمام الهُمام أفرز بالبحثِ حصةً منه، وهو التصديق بمعنى انتفاء الشك، ولا تفاوت بين الانتفاءِ، والانتفاءَ. وإنما التفاوت في الانشراح والاسْتِيلاء. قال الغزالي رحمه الله: إن الإيمان قد يطلق على اليقين، بمعنى انتفاء النقيض، ولا تفاوت فيه، فإن الانتفاء رأسًا لا تقام فيه المراتب، وقد يُطلق على استيلاء اليقين على القلب وجعلِهِ الجوارحَ تابعًا له وهو الأكثر، وهذا هو الذي فيه التفاوت، فوقع الالتباس بين المعنيين، فقيل ما قيل، فإما أن نقول: كما قال الغزالي، أي بتعدد الإطلاق في الإيمان. أو نقول: إن الإمام بحث في جُزء من الإيمان، لأن نَظَرَ الفقهاء يتعلق بالخلود والنجاة، أوليًا، كان أو مآليًا، بخلاف أنظار المحدثين، فإنها تقتصرُ على النجاة الكاملة الأولية، ولا يمكن إلا بالأعمال الصالحة. فالفقيه يبحثُ عن مراتبِ التصديق عما هو مدارٌ للنجاة، ولو مآلًا، ومن الكفر عما يوجب الخلود. وهذا كالشهادة، فإن الفقهاء إنما يبحثون عنها باعتبار أحكامهم في الدنيا، والذين تجرى عليهم تلك الأحكام قليلون، بخلاف ما في الحديث، فإن إطلاقَ الشهادة فيه أعمُ وأعم. ومثله وقع في كثير من المواضع، فالقرآن والحديث إنما تعرَّض إلى انفساحِ التصديق. والانفساحُ أيضًا تصديق في نظر، لأنه تابعٌ له ناشيء عنه، ولذا أطلقَ عليه البخاريُّ الإيمانَ، والإمام الهُمَام لم يتعرض إليه، بل تعرض إلى مرتبة مخصوصة، كما يدل عليه عبارة الطحاوي في «عقيدته»، وهي أثبتُ شيءٍ في هذا الباب. قال: الإيمان واحد، وأهله في أصله سواء، والتفاضل في الخشية، والتَّقى ومخالفة الهوى، وملازمة التقوى ... إلخ فجعل للإيمان أصلًا، وجعل الناسَ كلهم فيه سواء، وهو الذي لو انحط عنه الإيمان لجاء الكفرُ مكانَهُ، وأبقى

التفاضل في أمور تتعلق بالإيمان من الخشية وغيرها. فالإيمانُ بمعنى التقوى والخشية، يزيد وينقص، والناس يتفاضلون فيه على نص الطحاوي نعم، هناك أصلُ الإيمان، وهو واحد، ولا تفاوت فيه. ومن ههنا علمت: أن هذا الاختلاف ليس من باب النزاع اللفظي على اصطلاح المناطقة، فإنه ليس من دَأْب المحصلين، فضلًا عن الأئمة المجتهدين، بل من باب الاختلاف في الأنظار، بمعنى أن هذا مؤدٍ لِطَرفٍ صحيح. وهذا أيضًا لطرفٍ آخر صحيح. وعند كل حِصةٌ صحيحة. والناجي عندَ واحدٍ ناجٍ عند آخر، وكذلك الهالك عند واحد هالك عند آخر. وإنما تعرض الإمامُ إلى تلك المرتبة، لأن الإيمانَ عند السلفِ كان عبارة عن المجموع، ولم يكن هذا المجموع مدارًا للنجاة، بحيث تنعدم النجاةُ بانعدام جزء منه، فوجب أن يُنَبِّه على الحصة التي يدورُ عليها أمر النجاة، وهذا أيضًا كان أهم، فنبَّه الإمام على أن الإيمانَ المركبَ ليس مدارًا للنجاة المطلقة، بل هو مدارٌ للنجاة الأولية. أما الذي تنتفي النجاةُ بانتفائه مطلقًا فهو التصديق، ولذا لم ينقل أحد في لفظ الإمام: بأن الإيمان لا يزيد بالطاعة، ولا ينقص بالمعصية. وهو النقيض الصريح لما يقوله السلف، ويلزمُ منه انتقاءُ الزيادة والنقصان، بمعنى السراية والتأثير أيضًا، ولم يكن مرادًا للإمام، فأُورِدَ النفيُ على غير محل الإيجاب. والحاصل: أنه نُقل عن السلف: إثبات الزيادة والنقصان مجملًا، فأوهم ثبوتهما باعتبار نفس الإيمان، ثم نقل عنهم إثباتهما من تلقاء الأعمال، فتحققت السراية. وإذا كانت الأعمال أسبابًا، لم يبق الإيمان إلا عبارة عن التصديق، والزيادة فيه على طريق السلف لا تكون إلا في نمائه ونوره، فانكشف الأمرُ وثَلَجَ به الصدر. وأن ما يزيد وينقص عندهم هو انبساط الإيمان، وللأعمال سراية فيه، وهو تصديق أيضًا إطلاقًا للشي على مبدئه. ولو أرادوا جُزئية الأعمال لقالوا: الإيمانُ يتحقق بالطاعة وينعدمُ بعدمها، فلم يتوجهوا إلى الجزئية، بل أرادوا به بيانَ سراية الأعمال وتأثيرها في الإيمان. والإمام لما لم يقل: إن الإيمانَ لا يزيد بالطاعة، ولا ينقص بالمعصية، عُلم أنه لم يَرد بنفي الزيادة إلا الزيادة في مرتبة محفوظة، ولذا لم ينف الزيادة في الانبساط بالطاعات، وإنما نفاها عن أصل الإيمان الذي يحصل قبل الأعمال، وأبقى الزيادةَ والنقصانَ في الخشية والتقوى، كما مر عن الطحاوي رحمه الله تعالى، فلم يكن مورِد النفي عين مورِد الإيجاب، فمعنى قوله: لا يزيد ولا ينقص: أي أصله، ومعنى قولهم: يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، أي بهائه ونمائه، فأين الخلاف؟ نعم أدى كلَّ حِصة صحيحة. ولذا صرح الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى بكون مقولتِهِ من بدعة الألفاظ، فكأنه لم يجد بُدًا من تسليم صحة مقولة الإمام رحمه الله تعالى. ثم رأيت في «الكشاف» من الإمام الهمام رحمه الله تعالى نفسَه في الجواب عن الآيات التي تدل على الزيادة والنقصان، أن الإيمان كان يزيد في زمن النبي صلى الله عليه وسلّم باعتبار المؤمن به، لأن

الشريعة كانت تنزلُ وتزيدُ يومًا فيومًا. أما إذا كملت الشريعة وتمّ الدين ولم يبق احتمالٌ للنسخ والتبديل، استحالت الزيادة فيها، فلا زيادة ولا نقصان في الإيمان بعد زمنه صلى الله عليه وسلّم واستفدت منه أن الإيمان عند الإمام رحمه الله تعالى إرادةٌ على إطاعة النبي صلى الله عليه وسلّم بجميع ما جاء به. وتلك الإرادة تنسحِبُ على جميع الشريعة، بحيث لا يشذُ عنها شاذ. فمعنى قوله: لا يزيد ولا ينقص أن يدخل جميعُ المؤمن به تحتَ الالتزام، لا أنه يلتزم بعضًا دون بعض آخر. فإذا كان الإيمان اسمًا لالتزام الجميع بحيث لا يزاد عليه شيء ولا ينقص منه شيء فكيف يزيد الإيمان وينقص بهذا المعنى؟ فالنفي بالحقيقة راجعٌ إلى المؤمن به دون الإيمان. وإذن معنى قولهم: يزيد وينقص أي الإيمان بنفسه. ومعنى قوله: لا يزيد ولا ينقص أي باعتبار المؤمن به. وظاهر أنه لا تفاوت فيه بين إيمان أبي بكر رضي الله تعالى عنه وبين إيمان أدنى مؤمن من أمته صلى الله عليه وسلّم لأن إيمان أدنى مؤمن يشتملُ على جميع الأشياء التي يشتملُ عليها إيمان أبي بكر رضي الله تعالى عنه، فكما أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه التزم الإتيان بجميع الشريعة، كذلك أدنى مؤمنٌ من الأمة أيضًا التزم بجميعها، فلا فرق في هذا المعنى. إنما الفرق في الخشية والتُّقى ومخالفة الهوى. فلو وزنت إيمانَه بهذا المعنى لترجح إيمانه، على جميع أمته. ونظيره ما روى الترمذي عن عبد الله بن عمر وقال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم وفي يديه كتابان، قال: «أتدرون ما هذان الكِتَابان؟» قلنا: لا يا رسول الله إلا أن تُخْبِرَنا فقال للذي في يده اليمنى: «هذا كتابٌ من رب العالمين فيه أسماءُ أهلِ الجنة، وأسماء آبائهم، وقبائِلِهم، ثم أجمل على آخِرِهم، فلا يُزَادُ فيهم ولا يُنْقَصُ منهم أبدًا» ... إلخ فكما أن نفي الزيادة والنقصان راجع فيه إلى من فيهما من أسماء أهل الجنة والنار، كذلك نفي الزيادة والنقصان عن الإيمان راجع باعتبار ما فيه من الأحكام، وهي المؤمن بها. بقيت الصورة المثالية فهي زائدة وناقصة قطعًا. وإذا سمعت أن الاختلافَ فيه اختلاف الأنظار فقط، فلننظر أن أي النظرين أنفع، فنقول: إن الإيمان إذا كان إسمًا للمجموع لم تتضح له مزية على الأعمال في التعبير. ويتوهم كون جميع أجزائه متساوية الأقدام. ولما كان الإيمانُ من أسنى المقاصد، وأبرِّ الأعمال، وشرطًا لسائرها وأساسها ودِعامتها، لا كما يُتوهم مما قاله أحمد رحمه الله تعالى: إنه معاقدة، جعلناه منفردًا عن الأعمال تامًا بنفسه، ومختَتَمًا بذاته، غيرُ منتظر إلى الأعمال، فلا يُخفف أمره، ولا تُحطّ رتبته، بجعله مركبًا مع غيره، فإن الأعلى لا يعدّ مع الأدنى، والأصل مع الفرع، والتابع مع المتبوع، فلا بد أن يُظْهِرَ حقيقته في نفسه أيضًا، ويرى مكانه ومنزلته. ولا يمكن إلا بجعله منفصلًا عن الأعمال، وإذا انفصل أصلُ الإيمان لعظمة أمره عن الأعمال، فلا يكون إلا بسيطًا. فما قاله السلف أيضًا نظر صحيح. وما قاله الإمام الهمام أيضًا نظر صحيح. إلا أنّ كلامَ السلف يُبْنى على النظر الإجمالي وعَدِّ متعلقات الشيء والفروع مع الأصل. وكلام إمامنا يكشف عن الحقيقةِ ويعطي كل ذي حظ حظه، ويضعُ كل شيء مكانه. ولا خلاف في الحقيقة كما مر مرارًا. ثم بعد التفتيش عُلم أن هذه الأقوال لم تصدر عنهم في بيان العقيدة، وإنما هو من باب

تتمة في بحث الزيادة والنقصان

مقتضيات الأحوال، لأن السلف أرادوا الردَّ على المرجئةِ الآخذين من الإيمان التصديق فقط، والقائلين بأنه لا يضرُ مع الإيمان معصية. فكأنهم حطُّوا الأعمال عن مرتبها، وعطَّلُوها؛ وجعلوها كالمطروح في البين، وهذا جهل عظيم فردّ السلفُ عليهم واهتموا بذكر الأعمال، حتى أوْهَم بجزئيتها وانتفاء الإيمان بانتهائها. فقالوا: إن الإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، فله تعلقٌ عظيمٌ مع الأعمال، حتى إن ازديَادَها مؤثر في زيادته، ونقصَانها في نقصانه، فأين هؤلاء من الإيمان؟ فكأنهم أرادوا بهذا القول أن لا يتهاون الناس في أمر الأعمال، ولذا تواتروا بذلك القول، وتتابعوا عليه، حتى صارَ علمًا لأهل السنة والجماعة عندهم. ومن خالفهم في هذا القول رَمَوه بالإرجاء وغيره، لأنهم ابتلوا بهم، فمن خالفهم ولو في التعبير، أدخلوه في زمرتهم وحزبِهم، وزعَمُوه معينًا ونصيرًا لهم. ثم جاء إمامنا الأعظم رحمه الله تعالى ورأى في زمنه فتنة الاعتزال والخروج، وكانوا يقولون: إن مرتكب الكبير مخلد في النار، فأراد الردَّ على هؤلاء المتوغلينَ في أمرِ الإيمان والمعطين الأعمال ما ليس لها بحق، فلو قال: في مقابلتهم أيضًا كما قال السلف لكان إعانة لهم فغير عنوانهم، فقال: إن الإيمانَ لا يزيد ولا ينقص، فالأعمال ليس كما قلتم، بل هي وإن كانت أهم في نفسها، إلا أن أمرَ الإيمان أيضًا ليس بهينٍ، فهو أيضًا أمرٌ مستقلٌ وليس بتابع، بل أصلٌ وعليه يدور أمر النجاة. فلو لم يعمل أحدٌ طولَ عمره، وكان آخرُ كلامِهِ: لا إله إلا الله، دخل الجنة، لا كما قلتم: إن الرجل لو آمن وصدق أي تصديق، ثم صدرت عنه كبيرة لا يغفر له فجعل الأعمال كالمطروح في العبارة فقط، دون الحقيقة ليظهرَ استقلالُ الإيمان وتماميته بدونها، فأراد أن يكشفَ عن حقيقةِ الحال لئلا ينخدع أحدٌ من عبارة السلف، فيجعل الأعمال داخلة في الإيمان، مع أنها كانت دخيلة، فينفي النجاة بترك الأعمال (¬1). تتمَّةٌ في بَحْثِ الزِّيَادةِ والنُّقْصَان وليعلم أن القرآن لا يدل بمنطوقه إلا على زيادة الإيمان، أما على نقصانه فلا، إلا أن يؤخذ عنه باللزوم، ويقال: إن الإيمان إذا ثبتت فيه الزيادة أمكن فيه النقصان أيضًا. وعند أبي داود حديث في كتاب الفرائض، عن معاذ رضي الله تعالى عنه مرفوعًا: أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «الإسلام يزيدُ ولا يَنقْصُ». واستدل منه معاذ رضي الله تعالى عنه في قصة التوريث ونحوه. روى ¬

_ (¬1) قلت: وآخر ما رأيت شيخي رحمه الله تعالى يقرر محصل الاختلاف بعبارة أخرى، وهي أوضح. قال في رسالته: "اكفار الملحدين" ما حاصله: من قال: قولٌ وعملٌ يزيدُ وينقص أي بالطاعة والمعصية. أراد أنه لا بد هناك من الفرق بين المؤمن الكاملِ والعاصي، فمن زاد طاعة زاد إيمانًا، أي يكون مؤمنًا كاملًا، ومن نَقَصَ طاعة نقص إيمانًا أيضًا، ولا يكون في مرتبته، أي يكون مؤمنًا ناقصًا. فهذا الذي أراده السلف ومن قال: إن الإيمان لا يزيدُ ولا ينقصُ، أراد أن الإيمان لا يتبعض، بل يكون بمجموع ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -، بحيث لا لا يشُذ عنه شاذ، ثم جاء المشغوفون بالخلاف، فحملوا عبارة كلٍ فوق ما أرادوا، من التشكيك في نفس الاعتقاد أو الإرجاء.

محل الإيمان

الزَّبيدي عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه (¬1): أن الإيمان يزيد ولا ينقص، ولعله كلام في مرتبة محفوظة، كما هو ملحظ الإمام، وهي التي تقبلُ الزيادة باعتبار الانبساط والانشراح، فلو كان مجرد الاتباع في التعبير شيئًا، فالاتباع بلفظ الحديث أولى كما رُوي عن الإمام رضي الله تعالى عنه. محل الإيمان نُسب إلى الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه أن الإيمان محله القلب، ونُسب إلى إمامنا رحمه الله تعالى أنه في الدِّماغ، كما في «مجمع البحار» ولا أعتمد عليه، لأني لم أجد تلك النسبة في أحد من كتب القدماء، مع أن في كتاب الجنائز من «الهداية»: أن الإمام إنما يقوم حذاء الصدر، لأن الإيمان في القلب، فدل على كونه محلَّ الإيمان عند الحنفية. قلت: وذهب الأطباء إلى أن العلوم في الدِّماغ. وصَدَع القرآن في غير واحد من الآيات أن الإيمان في القلب وقد تحقق (¬2) عندي أن مَعْدِنَ الإيمان هو القلب، والمُظهِرُ هو الدِّماغ، ولقلة الفصل بين الانبعاث من القلب وظهوره في الدماغ قيل: إن الإيمان في الدماغ. وإنما اضطررتُ إلى التأويل المذكور، لأن القرآن صَدَعَ في غير واحد من الآيات بكون محله هو القلب، وإذن لا أصرفها عن ظاهرها. فائدة: واعلم أن القلبَ كأنه إنسانٌ صغير بين جَنبي الإنسان الكبير، عليه مدارُ صحته، وسَقمِهِ، وصلاحِهِ، وفساده، وقد خلقه الله تعالى منكوسًا. ووجهه على ما ظهر لي: أن الله تعالى خلق الخلق على أنحاء: فمنه ما هو شاخصٌ من التحت إلى الفوق كالشجر. فإن أصله في الأرض وفرعه في السماء. ومنه ما هو منبسط في العرض كالحيوانات، فإنها خَلْق متوسط. وأما الإنسان فإنه لما هبط من السماء إلى الأرض صارَ خلقه كله من الفوق إلى التحت، فإن ¬

_ (¬1) قلت: قال الشيخ بدر الدين العيني رحمه الله تعالى: قال بعضهم: إن الإيمان لا يقبل النقصان، لأنه لو نَقَصَ لا يبقى إيمانًا، ولكن يقبل الزيادة لقوله تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا}. وقال الداودي: سئل مالك عن نقص الإيمان، قال قد ذكر الله تعالى زيادته في القرآن وتوقف عن نقصه، وقال: لو نَقَصَ لذهب كله اهـ. ثم نقل عن أبي الحسن بعيد هذا. وأما توقف مالك رحمه الله تعالى عن القول بنقصان الإيمان فخشية أن يتناولَ عليه موافقةُ الخوارج. نقله في ذيل كون الإيمان زائدًا وناقصًا مما اتفق عليه السلف والخلف. ثم نقل العيني ذيل شرح قول المصنف رحمه الله تعالى: "قول وفعل، يزيدُ وينقص" عن سفيان بن عُيينة قال: الإيمان قول وفعل يزيد وينقص، فقال له أخوه إبراهيم: لا تقل: ينقص! فغضب وقال: اسكت يا صبي، بل ينقُصُ حتى لا يبقى منه شيء. انتهى. (¬2) قلت ووجدت في تذكرتي شيئًا لا أعتمد على كونه مقولة الشيخ رحمه الله تعالى، لكني أذكره لك، فإن كان حقًا فعليك به، لأن كلمةَ الحكمة ضالةُ الحكيم، فهو أحق بها حيث وجدها قال: إن الإيمان ما دام في القلب فهو من الأفعال، وإذا كان في الدماغ فهو من العلوم. انتهى. قلت: وهذا يدلُ على أن الأفعال الباطنية في القلب وعلومُها في الدماغ. وإنما ترددت فيه لأني وجدت في التذكرة الأخرى خلافَه، فليحرر.

النسبة بين الإسلام والإيمان

رأسه الذي هو أصلُهُ نحو الفوق على خلاف شاكلة الشجرة، فإن أصلها في الأرض وتنحدر أعضاؤُها كلها إلى التحت كاليدين، والرجلين، والأشعار، وحينئذٍ ناسب أن يكونَ القلبُ أيضًا إلى التحت، ففي خلقه إشعار بكونه عُلْويًا، على خلاف شاكلة سائر الخلق، ثم جعله في اليسار ليكون مِلْكُهُ في اليمين. وأما محل المعرفة فذهب المصنف رحمه الله تعالى: إلى أنها في القلب. أقول: المعرفة أقرب من العلم وليست بإيمان، بل هي من مقدماته. وقال المعتزلة: إن المعرفة الحقة اليقينية شرط للإيمان كما مر، لأنه لا إيمان عندهم إلا بالاستدلال المفيد للقطع. وعندنا يكفي له الجزم وإن حصل بالتقليد، والاستدلال غير ضروري. ونقل النووي ههنا عن القاضِي عِيَاض: أن الإيمان يزيد وينقص لزيادة المعرفة ونقصانها، فدل على أنها غير الإيمان، وهذا صحيح جدًا. وحينئذٍ تردد النظر في محلها هو القلب، أو الدماغ. نعم، المعرفة المكتسبة التي تحصل بعد الرياضات، وهي الإيمان الكامل، لا شك أن محلها القلب. وعلى هذا لو قال المصنف رحمه الله في الترجمة الآتية: وإن الإيمان فعل القلب، لكان أحسن. واعلم أن الرُّوح: طبعي، وحيواني، ونفساني، ومحل الأول: الكبد، وفعله التغذية، ومحل الثاني: القلب وفائدته الحياة، ومَعْدِن الثالث: الدماغ، وفائدته الحِسّ والحركة والروح عندي بعد الإمعان واحد، وإنما تعددت أسماؤه باعتبار الاختلاف في المواطن. ثم إن الأطباء حرروا عشرة آلاف حكمة في البدن الإنساني، غير أنهم لم يذكروا لكون القلب منكُوسًا حكمة، وقد ذكرتها. والعلم عند الله العليم الخبير. النِّسْبَةُ بين الإسْلام والإِيْمَان وقد جوَّز الغزالي رحمه الله تعالى بينهما النِّسبَ الثلاث من الأربع، غير العموم من وجه، باعتبارات مختلفة، ويقرُب منه ما قال الدَّوَّاني: أن الإسلام هو الانقياد الظاهري، وهو التَّلفظ بالشهادتين، والإقرار بما يترتب عليهما. والإسلام الكامل الصحيح لا يكون إلا مع الإيمان، والإسلام الظاهري قد ينفك عن الإيمان، قال تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] وأما الإسلام الحقيقي المعتبر عند اللَّهِ فلا ينفكُ عن الإيمان. وما وَضَحَ لدي: أن الإيمان يتدرج من القلب إلى الجوارح، على عكس الإسلام، فهما في مسافة ذهابًا وإيابًا، فإن ظهر الإيمان على الجوارح، ورسخ الإسلام في القلب فهما واحد، وإن بقي الإيمان في القلب واقتصر الإسلام على الجوارح فهما متغايران (¬1). وأعني باتحادِ المسافة وسراية الإسلامِ إلى الباطن نسبةَ الإحسان. كما سيجيء في حديث ¬

_ (¬1) قلت: وفي رواية للشيخين: قال الزهري: فنرى أن الإسلام الكلمة، والإيمان العمل الصالح، كذا في "المشكاة" في الفصل الثالث من باب قسمة الغنائم والغلول فيها. لا أريدُ أنه فصل في الباب، بل هو نَظَرٌ من الأنظار، ووجه من الوجوه. وانما اعتنيت به لكونه عن عالم جليل القدر، الذي طار صيتُه إلى الآفاق.

بحث في معنى الضرورة وما يتعلق بها

جبريل: «أن تعبد الله كأنك تراه» فالعبادةُ التي هي من الجوارح، إذا حصلت بحيث يجد العبد ربه بمرأى عينيه، فهذه أمارة على اتحاد المسافتين، فإن تلك الرؤية من صفةِ القلب، فإذا اجتمعت تلك الرؤية مع خشوع الجوارح، فقد اتحدت المسافتان، وحينئذٍ صار إيمانُهُ عينَ إسلامه، وإسلامهُ عينَ إيمانِهِ، لا فرق بينهما، وإلا فالإسلام على جوارحه والإيمان في قلبه، لم يسر ذلك إلى باطنه، ولم يَرْق هذا إلى ظاهره، والله تعالى أعلم بالصواب. وإذ قد فَرَغنا من بحث التصديق، وأنه علمٌ أو عمل، يزيد وينقُصُ، أو لا، وإن محله ماذا؟ إلى غير ذلك من المباحث، فالآن نذكر: معنى الضرورة، والتواتر وماذا أراد منهما المتكلمون، وماذا قصَّر فيه القاصرون، فنقول: بحثٌ في معنى الضَّرورَةِ وما يَتَعلَّقُ بها والمراد من الضرورة ما يُعرف كونُهَا من دين النبي صلى الله عليه وسلّم بلا دليل. بأن تواتر عنه واستفاض، حتى وصل إلى دائرة العوامّ وعلمَهُ الكوافّ منهم، لا أن كلًا منهم يعلمه، وإن لم يَرْفَع لتعليم الدِّينِ رأسًا، فإن جهلَه لعدمِ رغبتِهِ في تعليم الدين، وعلمته العامَّة، فهو ضروريٌّ كالواحدانية، والنبوة، وختمَهَا بخاتم الأنبياء، وانقطاعها بعده، والبعث والجَزَاء، وعذاب القبر سُمِّي ضروريًا لأن كلَّ واحدٍ يعلم أن هذا الأمر مثلًا من الدين. وإن كانت متوقفةً في نفسها على النظر والاستدلال، كالتوحيد، والنبوة، والبعث والجزاء، فإن كلَّ واحد منها وإن كان نظريًا في نفسه، لكن كونه من دينه صلى الله عليه وسلّم معلومٌ بالضرورة. وكذا لا يريدون بالضرورة أن الإتيانَ بها بالجوارح لا بد منه كما يُتَوهم. فقد يكونُ استحبابُ شيءٍ وإباحته ضروريًا، يكفر جاحده، ولا يجبُ الإتيان به كالسِّواك، فالضرورةُ في الثبوت عن حضرة الرسالة وفي كونه من الدين، لا من حيث العمل، ولا من حيث الحكم المتضمن، لأن الحديث قد يكون متواترًا، ويُعلم ثبوته عنه صلى الله عليه وسلّم ضرورة، ويكون الحكم المتضمن فيه نظريًا من حيث العقل، كحديث عذاب القبر، ثبوته عنه صلى الله عليه وسلّم مستفيض، وفهم كيفية العذاب مشكل. وليُعلم أن الإيمانَ هو التصديق بكل ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلّم وإن لم يكن متواترًا، والتزامُ أحكامِهِ، والتبرؤُ من كل دين سواه. ومن قَصَرَه من المتكلمين على الضروريات، فلأن موضوعَ فَنهِّم هو القطعي، لا أن المؤمنَ به هو القطعي فقط. نعم، التكفير عندهم إنما يكون بجحوده فقط. وأما الفقهاء فإنهم يبحثونَ عن أخبار الآحاد أيضًا، بخلاف المتكلمين. ولذا تراهُم يكَفِّرون بإنكار الأمر الظني أيضًا، وحينئذٍ كان الأنسب للفقهاء أن لا يعرِّفُوا الإيمانَ بالحدِّ المذكور، لأن قيدَ الضرورة يناسب موضوع المتكلمين دون الفقهاء. والمناسبُ لهم أن يقولوا: هو الاعتقاد بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلّم إن قطعًا فقطعًا، وإن ظنًا فظنًا. والسرُ فيه أن الموجِبَ لكفر الرجل في نفسه، هو إنكار قطعيَ. وأما المُنَبِّهُ للمُفتي في تكفيره، فقد يكون حديثًا آحاديًا، فيُنبِّههُ على أن إنكارَ أمر كذا، كفر. ثم لا يكونُ ذلك الأمرُ في الواقع إلا قطعيًا، ومثاله: أن رجلًا عالمًا عدّ المتواترات والقطعيات وفهرسها، وذَهَلَ وغَفَلَ عن بعضها، فلم يُدْخله في ذلك الفهرس، فجاء واحد آخر ونبَّه على قطعيات أُخر، فأدخله بقول ذلك

أقسام التواتر

الواحد في هذا الفهرس، فقد تَنَبَّه بقول واحدٍ للقطعي. فهكذا الأمرُ ههنا لم يكْفُر الرجلُ إلا بإنكار قطعي في نفسه، لكن المُفتي قد يأخذُ مسألةَ التكفير من خبر واحد، فيجوز بناءُ التكفيرِ على الظني بلا خطر، لأن الظنَّ في طريق العلم بالحكم، لا في أمرِ الموجِبِ لكُفْرِ المكفَّر. وهذا كإثبات الفرض والحرام بالقياس، نظرًا إلى حقيقة الشيء، لا نظرًا إلى طريق ثبوتِهِ، أو كالإجماع المنقول آحادًا. نعم، تكفيرُ المتكلِّمينَ يكون قطعيًا، وتكفير الفقهاء قد يكون ظنيًا، فليس هذا في الحقيقةِ خلافًا في المسألة وإنما هو اختلاف الفن والموضوع، فموضوع الفقهاء فِعْلُ المكلف، وكثير من مسائلهم ظني. وموضوع المتكلمين القطع، فلو تكلم متكلمٌ في الفقه يوافقهم في التكفيرِ، ولو ذهبَ فقيهٌ إلى فنِ المتكلمين، لا يَحْكُم به إلا بعد إنكار القطعيات. أقسَامُ التَّوَاتُر ثم إن التواترَ قد يكونُ من حيث الإسناد وهو معروفٌ، كحديث: «من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار». وقد يكون من حيث الطبقة كتواتر القرآن، فإنه تواتر على البسيطة شرقًا وغربًا، درسًا وتلاوةً، حفظًا وقراءةً، وتلقاه الكافةُ عن الكافة، طبقة عن طبقة، فهذا لا يحتاجُ إلى إسناد معين، يكون عن فلان عن فلان. وقد يكون تواترَ عملٍ وتوارث، بتواتر العمل على شيء من لدن صاحب الشريعة إلى يومنا هذا، كالسواك. والرابع: تواتر القدر المشترك، كتواتر المعجزات، فإن مفرداتها وإن كانت آحادًا، لكن القدر المشترك متواترٌ قطعًا، كسخاء حاتم، فإن أخباره وإن كانت آحادًا، إلا أن سخاءه معلومٌ متواترًا. وقد يجتمعُ أقسامٌ منها في شيء واحد. وعلى هذا نقول: إن الصلاة فريضةٌ، واعتقاد فريضتَها فرضٌ، وتحصيل علمُها فرض، وجَحدها كفر، وكذا جهلُهَا، والسِّوَاك سنةٌ، واعتقادُ سنيتَه فرضٌ، لأنه ثَبَتَ متواترًا بأنحاء التواتر وتحصيل علمُهُ سنةٌ، وجحودهُ كفرٌ، وجهلهُ حِرمانٌ، وتركُه عتَابٌ أو عِقَاب. ثم إن التواترَ يزعمه بعض الناس قليلًا، كما نقله الحافظ في «شرح نُخْبَةِ الفِكر»: أن بعضهم أنكروا مِثاله، وبعضهم ادعوا العِزَّة فيه، ولم يأتوا إلا بمثال أو مثالين. وهو على ما قلت كثير في شريعتنا، بحيث يفوت عنه الحصر، ويعجزُ الإنسان أن يفهرِسَه، ولكن ربما يذهل الإنسان عن التفاته، فإذا التفت إليه رآه متواترًا كالبديهي، وهذا مما ينبغي أن يُنَّبه عليه. أَقْسَامُ الكُفْر هذا آخرما أردنا تحريره في هذا المقام، لتكون على ذكرٍ من أمرِ الإيمان ومواضعِ الخلافِ فيه، ثم يأتي عليك أشياء في أثناء الكلام. وسنقررها في مواضعها إن شاء الله تعالى. وقد علمتَ أنّ الكفرَ بالمعنى اللغوي، لا يقابل الإيمان. نعم، يقابلُهُ بالمعنى الشرعي. قال الوَاحِدِيّ (¬1): وهو كفرُ إنكارٍ، وجحودٍ، ومعانَدَةٍ، ونفاقٍ، فمن لقيه بشيء من ذلك لم يُغفَر له. ¬

_ (¬1) وقد يقال: إن المخالفَ للدين الحقِّ، إن لم يعترف به ولم يذعِنْ له ظاهرًا ولا باطنًا، فهو الكافر. وإن اعترف بلسانه، وقلبه على الكفر، فهو المنافق. وإن اعترف به ظاهرًا وباطنًا، لكنه يفسرُ بعض ما ثَبَتَ بالدين ضرورةً =

1 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس»

أما كفر الإنكار: فهو أن يكفر بقلبه، ولسانه، ولا يعتقد بالحق، ولا يقر به. وأما كفر الجحود: فهو أن يعرف الحقَ بقلبه، ولا يُقرُ بلسانه، ككفر إبليس، وهو قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [البقرة: 89] يعني كفرُ الجحود. وأما كفرُ المعاندة: فهو أن يعرفَ بقلبه، ويقرَّ بلسانِهِ، ولا يقبلُ ولا يتدينُ به، ككفرِ أبي طالب. وأما كفرُ النِّفاق، فبأن يقرَّ بلسانِهِ، ويكفرَ بقلبه. 1 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلّم: «بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ» وَهُوَ قَوْلٌ وَفِعْلٌ، وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح: 4]، {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: 13]، {وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: 76]، {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17)} [محمد: 17]، {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: 31]، وَقَوْلُهُ: {أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [التوبة: 124]، وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} [آل عمران: 173]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22]، وَالْحُبُّ فِى اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِى اللَّهِ مِنَ الإِيمَانِ. وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِىِّ بْنِ عَدِىٍّ: إِنَّ لِلإِيمَانِ فَرَائِضَ وَشَرَائِعَ وَحُدُودًا وَسُنَنًا، فَمَنِ اسْتَكْمَلَهَا اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْهَا لَمْ يَسْتَكْمِلِ الإِيمَانَ، فَإِنْ أَعِشْ فَسَأُبَيِّنُهَا لَكُمْ حَتَّى تَعْمَلُوا بِهَا، وَإِنْ أَمُتْ فَمَا أَنَا عَلَى صُحْبَتِكُمْ بِحَرِيصٍ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260]. وَقَالَ مُعَاذٌ: اجْلِسْ بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْيَقِينُ الإِيمَانُ كُلُّهُ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لاَ يَبْلُغُ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ التَّقْوَى حَتَّى يَدَعَ مَا حَاكَ فِى الصَّدْرِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {شَرَعَ لَكُمْ} [الشورى: 13]، أَوْصَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ وَإِيَّاهُ دِينًا وَاحِدًا. ¬

_ = بخلاف ما فسَّرَه الصحابة والتابعون، وأجمعت عليه الأمة، فهو الزِّنديق، كما إذا اعترف: بأن القرآنَ حقٌ، وما فيه من ذكرِ الجنة والنار حقٌ، لكن المرادَ بالجنةِ الابتهاجُ الذي يحصُلُ بسبب المَلَكات المحمودة، والمراد بالنار هي الندامة الي تحصل بسببِ المَلَكات المذمومة، وليس في الخارج جنةٌ ولا نارٌ، فهو الزنديق. أو قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - خاتَم النبوة، ولكن معنى هذا الكلام أنه لا يجوز أن يُسمّى بعده أحد بالنبي، فذلك هو الزنديق. وقد اتفق جماهير المتأخرين من الحنفية والشافعية على قتل من يجري هذا المجرى، كذا في "المسوى" مختصرًا. ومن ههنا تبين وجه إكفار زنديقُ القاديان الذي ادّعى النبوة. وممن شاء التفصيل فليرجع إلى رسالة الشيخ الإمام "إكفارُ الملحدين"، فإنه بسط فيها تلك المسألة بما لا مزيد عليه، والله تعالى أعلم.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48] سَبِيلًا وَسُنَّةً. 9/ 1 لما أراد المصنفُ رحمه الله تعالى أن يعدد أجزاء الإيمان، ناسب له أن يُنبه أولًا على أهمِّ أجزائِهِ، فصدَّر الباب بقول النبي صلى الله عليه وسلّم هذا: لاشتماله على لفظِ البناء الدالِّ على تَرَكُّبِ الإيمان صراحة، واحتوائِهِ على أهم أجزاءِ الإيمان، ومن ههنا ظَهَر وجهُ تخصيصُ الخمسِ في الحديث، وإلا فالإسلام يُطلق على أحكام مشروعة غيرها أيضًا. ثم ادّعى أنه (قول) وأراد منه القولَ الصادقَ، الموافقُ للباطن، فاندرج تحته التصديق أيضًا. و (فعل) وهو غير العمل، وفي لفظِ السَّلف: «عمل». ولا يُعلم ما وجهُ تغييرِ لفظِ السلف، مع أنّ الأظهرَ هو العمل، وقد وقع في بعض نُسخ البخاري لفظ: «العمل» مكان: «الفعل» وكأنه استقى دعواه بجزئَيه من قوله صلى الله عليه وسلّم «بُني الإسلام على خمس» لأنه صلى الله عليه وسلّم فصَّلَ في الخمسِ القول والعملَ. فثبت: أن الإسلام والإيمان عنده واحد: (يزيد وينقص) وقد علمت أن لفظَ السلف: يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية. واختصره البخاري اختصارًا مُخِلًا، فإن الصِّلة فيه دالةٌ على السِّراية، ولا يظهرُ منها معنى الجُزئية، فيكونُ الاستشهاد من كلامهم في غير موضِعِه، إلا أن يقال: إنّ المصنف رحمه الله تعالى أخذَ الباء في قولهم للتصوير، وحينئذٍ معنى قولهم: يزيد بالطاعة، أنّ الإيمان يزيد، أنْ يطيعَ ربه، وهذا المعنى وإن كان لا يوجدُ عند النُّحاة، إلا أنه مستعمل فيما بين المصنفين. أما الجوابُ الجلي عن الآيات المتلوة: فلأن التمسك بها في غير محله، لكونها في شأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وإيمانُ جميعهم كان كاملًا، فلا معنى للزيادة والنقصان في نفس الإيمان في حقهم، فإن أراد الزيادة والنقصان باعتبار النور والانفساخ، فلا نُنْكِرُهُ أيضًا. وقد مر أن نورَ الإيمان أيضًا عنده، فصح تمسكُهُ بقوله: {لِيَزْدَادُواْ إِيمَانًا مَّعَ إِيمَنِهِمْ}. وليراجع له «الكشاف» فإنه جَعَلَ الظرفَ لغوًا ومستقرًا. والمعنى على الأول: أنهم كانوا على إيمان ثم زاد عليه إيمان، ولحق بإيمانهم السابق. وعلى الثاني: أنهم زادوا إيمانًا مع كونهم متلبسِّينَ بالإيمان من قبل. ولما دلت الآية على زيادة الإيمان، أجاب من قِبَل الحنفية. وحاصل ما أجابه عن مثل تلك الآيات: أنّ الزيادةَ فيها راجعةٌ إلى المؤمن به (¬1) فإن القرآن كان ينزلُ في زمنه صلى الله عليه وسلّم نجمًا ¬

_ (¬1) فإن قلتَ: يلزمُ من هذا تفضيلُ من آمن بعد تقرير الشرائع على من مات في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام من المهاجرين والأنصار، لأن إيمانَ أولئك أزيدُ من إيمان هؤلاء. قلت: لا نسلِّم أن هذه الزيادة سبب التفضيل في الآخرة. وسند المنع: أن كلّ أحد من هذين الفريقين مؤمنٌ بجميع ما يجب الإيمانُ به بحَسَبِ زمانه، وهما متساويان في ذلك، وأيضًا إنما يلزمُ تفضيلهم على الصحابة بسبب زيادة عدد إيمانهم - أي المؤمن به لو لم يكن لإيمانهم ترجيح باعتبار آخر. وهو قوة اليقين، وهو ممنوع، ولا ينقصُ الإيمان بحسب العدد قبل تقررِ الشرائع، ولا يلزمُ ترك الإيمان بنقصِ ما يجب الإيمانُ به، ويزيدُ وينقصُ بحسب العدد بعد تقرر الشرائع، بتكرار التصديق، والتلفظ بكلمتي الشهادة، مرة بعد أخرى ... إلخ كذا في العيني بحذف ص 128 ج 1.

نجمًا والأحكامُ تنزلُ تدريجًا، فإذا نَزَلَ حكمٌ وآمن به زاد إيمانه، وهذه الزيادةُ كانت في الحقيقة في المُؤْمَن به، فعبّر عنها بزيادة نفس الإيمان. وهذا الجواب نَسَبَه إلى الإمام الأعظم رحمه الله تعالى. قلتُ: وهذا إن صح عن الإمام رحمه الله تعالى فليس فيه أن أراد به توجيه تلك الآيات، بل المرادُ بيانُ معناها عنده، كما هو مَرويٌّ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في «العمدة» و «الفتح» في تفسيرها. قلتُ: ويتضحُ معناها كلَّ الاتضاح مما فصلها به ابن تيميّة رحمه الله تعالى، فقال ما حاصله: إن الناسَ في عهده صلى الله عليه وسلّم كانوا على نحوين، الأول: مَنْ إذا عُرض عليه الإسلام إجمالًا، آمن به، ثم إذا أتت عليه المصائب، والأعمالُ الشَّاقة، جعل يتأخرُ ويضيقُ صدرُهُ، ولا ينطلق لسانُهُ، نحو قول بعضهم: {لاَ تَنفِرُواْ فِى الْحَرّ} ... إلخ [التوبة: 81] وبعضهم: {لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لاَّتَّبَعْنَاكُمْ} [آل عمران: 167]، والآخر: من كان إذا آمنَ مرة ثَبَتَ عليه، ولم تزدْهُ الدوائر والخُطوب إلا شِدَّةً، وثباتًا، واستقامةً، وإيمانًا، وتسليمًا، فهذا الذي زاد إيمانًا مَعَ إيمانه، وسبقت له السوابق. فبضمِ هذا التقريرُ يتَّضحُ الجواب الأول، وحاصله حينئذٍ: أنهم عند نزول الأحكام تدريجًا كانوا يثبتُونَ على الإيمان، لا تعتريهم شبهةٌ ولا يُزَلْزَل إيمانهم من حمل المشاق، بل لا تزال قلوبُهم منشرحة، بخلاف الطائفة التي آمنت وجه النهار، فإذا نَزَلَ حكمٌ وشق عليها، كفرت في آخره فالبقاء على الإيمان مع تحمُّل الشدائد في سبيل الله هو مصداق الزيادة، والتأخر عنه هو المُسمّى بالنقصان. {وزِدْنَاهُمْ هُدَى} ولما كان الهُدى، والإسلام، والإيمان، والدين، والتقوى، كلها شيئًا واحدًا عند المصنف رحمه الله تعالى، صحّ تمسكُهُ من زيادة الهدى على زيادة الإيمان، ومراده أن هذه كلَّها متحدةٌ مِصْدَاقًا، لا مفهومًا، كالمعنى والمفهوم والمدلول، فإنها متحدةٌ مصداقًا، لا أن كلَّها ألفاظٌ مترادفة، فإنه باطلٌ، لأن اتحاد المفهوم نادرٌ جدًا، وهو أضيقُ من اتحاد الذاتِ واتحاد الوجودِ كليهما. كما ترى في الإنسان وحدِّه التَّام، فإنهما متحدان ذاتًا ومتغايران مَفْهُومًا. أما اتحادُ الوجود فهو أوسع من اتحادِ الذات. والمفهوم كليهما، فإنه يمكنُ مع تغاير الذاتين، والمفهومين، كما قال ابن سينا في الجنس والفصل، فإنهما متغايران ذاتًا، مع الاتحاد وجودًا. واعتراض المُلاّ حسن ساقط، فليراجعه في موضعه، وما قاله الأشعري: إن الوجود عينُ الماهِيّة، لم يَرِد به المفهوم، بل الوجود الحقيقي. {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَواْ هُدًى} يعني كانوا من قبل أيضًا على هدىً، ثم زاد الله عليه هدًى من عنده، كما مر في قوله: {إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ} أي كانوا من قبل أيضًا على الإيمان، ثم زيدوا إيمانًا، وفيه احتراس لئلا يظنَّ أحدٌ أنهم إذا زِيْدُوا هدًى وإيمانًا، فلعلهم لم يكونوا على هدًى مِنْ قبلُ أيضًا. ثم اعلم أن الاهتداء فِعْلهُم، والهدى كالثمرةِ له، والغرضُ منه أنهم فعلوا شيئًا واكتسبوه بالجِدِّ والاجتهاد، ثم زادهم الله شيئًا من جنس فعلِهِمْ، من عنده، مِنَّةً عليهم وكرامةً لهم. قال

الشيخ ناصر الدين بن المنير: وكذا يكونُ في الكفر أيضًا، فبعض الكفر يكون من فعلِهِ، وكسبِهِ ثم يزاد عليه كفر، نِقْمَةً عليه وسخطةً عنه، ليزداد كفرًا. ويمكنُ أن يكونَ هو المرادُ من قوله تعالى: {فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} [البقرة: 10]، أي كان مرضٌ في قلوبهم من كسبِهِم من قبل، فزِيْدُوا مرضًا على مرضهم (¬1). {فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} ويُعلم منه أن الإيمان يُطلق على ثباتِ قدمٍ أيضًا {إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} الإيمان هو تبجيل الذات، والتسليم، هو التصديق بالقول، يعني إيمان ذات كاماننا أو تسليم بات كاماننا وتفصيله: أن متعلَّق الإيمان إن كان العقائد، فهو عبارةٌ عن التصديق. وإن كان متعلَّقه الذات، فهو عبارةٌ عن تبجيلها، أي اتباعها فيما يُؤمر ويُنهى. (والحبُ في الله والبغض في الله من الإيمان) ولعل الحبُّ والبغض من الأحوال، لأنهما في الأكثر غيرُ اختياريين، ثم استدل المصنف من لفظ: «من»، فإنه للتبعيض، فدل على الجزئية. ونحن نقول: إنها للابتداء والاتصال كما في قوله صلى الله عليه وسلّم «أنت منِّي بمنزلةِ هارونَ من موسى»، فلا يدلُ على الجزئية، فالمعنى: أن الحبَّ في الله إنما يَبتدىءُ من الإيمان، ويتصل به، كما أن الشجرةَ تنبت من بَذْرها. وللبخاري رحمه الله تعالى إن يقول: إن ما نبت من الإيمانِ أيضًا إيمانٌ، وعلى هذا المِنْوال كلامُهُ، وكلامُنَا في الاستدلال. والجواب: هو يجعلُ «من» تبعيضية ونحن اتصالية وابتدائية. وكذا هو يجعل ثمراتِ، الإيمان ونورَه، إيمانًا، ونحن نجعله زائدًا عليه. فلا نُعيده في كل موضعٍ رَوْمًا للاختصار. (وكتب عمر بن عبد العزيز) وهو وإن جعله مُركَّبًا، لكن لفظَ الاستكمال إنما يُستعمل في الأوصاف، بخلاف التمام، فإنه باعتبار الأجزاء، وحينئذٍ فلا حجةَ فيه. ثم قد مر معنا مرارًا أن للإيمان إطلاقين: الأول: على الإيمانِ الكاملِ المركبِ من الأعمال والأحوال، والثاني على المرتبة المحفوظة، وهو غير مركب، فالجزئية في كلماتهم راجعةٌ إلى المعنى الأول. {وَلَكِن لّيَطْمَئِنَّ قَلْبِى} وهذه الآية أولى أن تكونَ حجةً لنا، من أن تكونَ علينا، لأنه لا شك في كمال إيمانه وبلوغه إلى أقصى مراتبه، فلا يمكن أن يكونَ طالبًا لزيادة في الإيمان، ولذا قال: {أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى} فالإيمان كان حاصلًا، وإنما طلب زيادةً في المعنى الزائد. ويحتاج البخاري في الاستدلال به إلى مقدمة زائدة لا يتم الاستدلال إلا بها، وهي: أن الاطمئنان أيضًا من مراتب الإيمان، وقد مر بعض الكلام على الآية. ¬

_ (¬1) قلت: وهو كما في قوله تعالى: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (77)} [التوبة: 77] فكان في قلوبهم نفاقٌ من قبل من كسبهم، إلا أن نفاقَهم لما كان مع الله سبحانه -الذي لا يخفى عليه خافية- زِيد على نفاقهم نفاقٌ آخر عقابًا لهم. ومنه ينحل كثير من الآيات، وُيستغنى عما ذكروه من التوجيهات. وكتب القوم عنها مشحونة، فراجعها. ومن ههنا سنح لي أن الحديثَ في آيات المنافق: "إذا وعد أخلَفَ، وإذا حدّث كَذَب، وإذا اؤتمن خان" مأخوذٌ منه. والله أعلم.

2 - باب دعاؤكم إيمانكم؛ لقوله تعالى: {قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم}

«نؤمن ساعة» وظاهره أنه ليس المرادُ منه الإيمان ساعةً فقط، بل ما في «الحصن الحصين»: «جددوا إيمانكم بقول: لا إله إلا الله» أي تجديده وإحضاره والتفكر فيه. ولا يخفى أن نَضْرة الإيمان ونَضَارَته وزهرَتَه ورِوَاءه، أمرٌ وراءَ الإيمان. لكن عند المصنف رحمه الله تعالى كلُّها من وادٍ واحد. «اليقين الإيمان كله» اليقين أيضًا يُطلق على معنيين: الأول: اعتقادٌ جازمٌ مطابقٌ للواقع. والثاني: استيلاؤه على الجوارح، بحيث تخضعُ له الأعضاء، وهو المعروفُ بين الصوفية رحمهم الله تعالى، وهو عينُ الإيمان. «والكل» لتأكيد الشيءِ ذي الأجزاء، فصح الاستدلال، قاله الكرماني. وهذا الشرحُ أقدم من «فتح الباري» إلا أن مصنفه ليس بمحدث، فيأتي فيه بحلِّ اللغةُ فقط، ويُكثرُ الأغلاط في فن الحديث - كما فَعَلَه علي القاريء في «شرح الموطأ» - وكان شرحه موجودًا عند ابنه، فلما لم يقدِرْ على تصحيحه، أتى به عند الحافظ رحمه الله فصححه، إلا أن تلك النُّسخَة المصححة لا توجد اليوم. (وقال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما) والتقوى عنده عينُ الإيمان، وهو اسم لوقاية النفس عن الشرك، والأعمالِ السيئة، والمواظبة على الأعمال الصالحة، وبهذا التقرير صح الاستدلال «ما وصى به الخ» يريدُ أن الدينَ من لدن نوحٍ عليه الصَّلاة والسَّلام إلى يومنا هذا مع الاختلاف في الجزئيات، فكذلك الإيمانُ مع كونه ذي أجزاء أمر واحد. ومعلوم أنَّ الدينَ والإيمانَ، عند المصنف رحمه الله تعالى شيءٌ واحد. وللمانع فيه مجال وسيع. (وقال ابن عباس رضي الله عنهما) قال أهل اللغة: المِنْهَاج: الطريق الواسع، بخلاف الشِّرعة، فإنها اسم للطرق التي تنشعب من السبيل، ولما اتحدَ المنهاجُ وتعددت الشِّرعة، حصل غَرضُ البخاري، وجوابه: أن الكلام في الإيمان لا في لفظ الشِّرعة، وإن كان الكلُّ عندكَ متقاربًا. فالسنةُ تفسيرٌ للشرعة. واللف والنشر مشوش. 2 - باب دُعاؤُكُمْ إِيمَانُكُمْ؛ لقَوْلِهِ تعَالَى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} ومعنى الدعاء في اللغة: الإيمان. 8 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِى سُفْيَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بُنِىَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ». طرفه 4515 - تحفة 7344 (لولا دعاؤكم) وفيه إطلاق الإيمان على الدعاء، وهو من الأعمال، لأن طريقهَ المعروفُ برفع الأيدي، فهو عملُ اليد واللسان، فصح استدلالُ المصنف رحمه الله تعالى. قلت: وعندي أن الآية لا تعلقَ لها بموضع النزاع، فإنها في حق الكفرة الفجرة، كما يدل عليه قول: {فَقَدْ كَذَّبْتُمْ} والدعاء لا ينحصر في اللغة فيما شاع الآن في عرفنا، وهو ما يكونُ برفع الأيدي، بل هو كما في قوله: {قُلِ ادْعُواْ اللَّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ} الخ. وكما في قوله: {دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ}

حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنه

[يونس: 22]، والمعنى: أن ربَّكم يكترثُ بكم ويُبالي بكم، لأنكم تدعونَه، ولولا ذلك لما عبأ بكم، على نحول قوله: {وما كان اللَّهُ معذِّبهم وهو يستغفرون} [الأنفال: 33] وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلّم «لا تقومُ الساعةُ حتى لا يبقى في الأرض أحد يقول: الله الله» فبقاء الدنيا ببركة اسم الله الأعظم. وإن ذهبنا إلى تفسير ابن عباس رضي الله تعالى عنه فنقول: إن مرادَه التنبيهُ على ما يُعبأ به عند الله، هو الإيمان، فإنّ رفعَ الأيدي فقط ليس أمرًا يُعتدّ به، وإنما هو الإيمان الذي يرحم الله علينا لأجله. ولما اتفقوا على أن دعاءَ الكفارِ يُستجاب في الدنيا، كما في قاضيخان فلا بأس أن يكون في استغفارهم أيضًا نفعٌ، ولو في الجملة. وفي مسلمٍ عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن ابن جدعان - رجل مات في الجاهلية - هل يَنْفعُهُ تصدقهُ؟ قال: «لا فإنه ما قال: رب اغفر لي وارحمني قط». واستفدت منه: أن استغفارَ الكفارِ أيضًا ينفعُ شيئًا، ولو لم يكن منجيًا من النار. وسيجيءُ الكلام فيه في أبواب الإيمان أزيد من هذا. وعلى هذا خرجتِ الآية عن ما نحن فيه، فإن الكلام في الإيمان والمؤمنين، والآية في الكفار، إلا أنّ تمسكَ المصنف رحمه الله تعالى تام، فإنه من قولِ ابن عباس رضي الله تعالى عنه: دعاؤكم إيمانكم، وهو صحيح على كل حال. حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنه وفي مصنف ابن أبي شَيْبة: الإسلام عَلانية، والإيمان ههنا، وضرب يدَه على الصدر. رجالُهُ كلهم ثقات، إلا رجلٌ وهو: علي بن .... وقد وثقوه أيضًا. وفي هذا إيماءٌ إلى أن الإيمانَ ينبعثُ من الباطن إلى الجوارح، والإسلامَ يسري من الجوارح إلى القلب، ثم في «فتاوى الحنابلة»: أنه إذا لم يُصلِّ رجلٌ، يمهله القاضي ثلاثة أيام، ويفهمه، ثم يقتله كفرًا. وقال الشافعي: يقتله حدًا. وقال الإمام الهُمام: بل يضربُ ضربًا شديدًا حتى يسيلَ منه الدم. قلتُ: والحنفية قد وسعوا للقاضي أنْ يقتلَ من شاء من المبتدعة، فينبغي أن يدخلَ تحته تاركُ الصلاة أيضًا، كما هو في تذكرة الهاشم بن عبد الغفور السندي عن بعض كتب الحنفية ثم عن أحمد رحمه الله تعالى روايةُ الكفرِ في تركِ كلٍ من الخمس أيضًا. وسيأتي فيه الكلام مفصلًا. 3 - باب أُمُورِ الإِيمَان وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِى الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِى الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ). وَقَوْلِهِ (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) الآيَةَ. هذا البابُ كالأصل الكليّ تحته جُزئيات، ولما كان الإيمانُ عبارةً عن المجموع عنده، نَزَلَ إلى تعديد أموره، وأجزائه، ليدل على أنه شيءٌ ذو أجزاء، وإن كان يحكَمُ بالفسق بفَوَات

بعض الأجزاء، وبالكفر بفوات بعض آخر. وهذا نظيرُ اختلافهم في الصلاة في أصول الفقه. فقال الشافعية: إن الصلاة اسم للحقيقة المعهودة من التحريمة إلى التسليم، وتدخل فيها المستحبات، والسنن والأركان، ثم ينتفي اسم الصلاةِ بانتفاءِ بعض الأجزاء، وتبقى مع انتفاءِ بعضِها. وقال ابن الهُمَام في «التحرير»: إنها اسم للأركان فقط، والبقية مكمِّلات لها، وعلى هذا لو فات جزء منها - ولا يكون إلا ركنًا على هذا التقدير - يحكَمُ عليها بالبطلان بتًا. أقول: والحقُ أن النزاعَ إن كان في أنه هل يمكن أن تكون حقيقةً مركبةً من أشياء ينتفي بعض أجزائها، ويبقى اسم الكل عليها أولًا؟ فالصواب مع الشافعية، فإنا نجدُ أشياءً كثيرة ينتفي بعض أجزائها، ومع هذا لا يرتفعُ اسم الكل عنها. وإن كان النزاعُ في أن المكمِّلات للشيء تكون أجزاءً لها دائمًا، فالصواب إلى الحنفية. إلا أن نَظَرَ الشافعية في الصلاة أصوب، وما ذهب إليه الشيخ ابن الهمام نظرٌ معقوليٌ، لأنه يُبنى على تجريدِ النَّظَرِ عن بعض أجزائه. وأهل العرف لا يفرقون بين جزء وجزء، بل يجعلون الشيءَ عبارة عن مجموعِ أجزائه، وإن كان بعضُهَا أدخلُ في تقوم الكلِّ من بعض آخر. وتظهر ثمرتُهُ عندهم عند الفوات، فيرون الشيء معدومًا بفوات بعضها، دون بعض، مع أنه لا فرقَ عندهم في كونه جزءُ الشيء. والسرُ فيه: أن الشيءَ عندهم عبارة عما هو في الواقع، وليست في الواقع إلا الماهية مع عوارضها، والمجموعُ هو الذي يُعبَّر عنه بالشيء عندهم. أما حقيقته المعقولية، فهي مأخوذةٌ ومنتزعةٌ عنه، تحتاج إلى تجريدِها عن عوارضِها، فليست هي إلا نحو اعتبار، وهذا الاعتبارُ وإن كان واقعيًا، يُبتنى عليه بعض الأحكام، إلا أنه بمعزل عن أنظار أهل العرف. أما في الإيمان فالأقربُ فيه نظرُ الحنفية، لأن الأعمال بعطفِهَا على الإيمان جُعلت مكمِّلات له، فلا يكون الإيمانُ مجموعًا مركبًا، فجعلها أجزاء خلاف الظاهر، فالأظهر فيه ما اختاره الحنفية. نعم، يوجد إطلاق الإيمان على الأعمال في الأحاديث، بما لا يُحصَى، وهو على نظر الشافعية، فإما أن يقال: إن الأصلَ هو التصديقُ، والباقي تابع له، وهذا أوفقُ بالحنفية، أو يُلْتَزَمُ اختلافُ الإطلاق، فتارة أطلق على الجزء، وأخرى على الكل، وهذا أوفقُ بالشافعية. (قوله تعالى: ليس البر) وإنما انتخبها من بين الآيات، إما لكونها أبسطُ في مراده، أو لأن النبي صلى الله عليه وسلّم تلاها في جوابِ رجلٍ سأله عن الإيمان، كما في «الفتح»: أن أبا ذر رحمه الله سأل النبي صلى الله عليه وسلّم عن الإيمان، فتلا عليه: «ليس البر» ... إلخ. ورجاله ثقات. قلت: وعندي قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (المؤمنون: 1) ... إلخ أقرب إلى مقصوده من قوله تعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ} ... إلخ، لأن في الآية الأولى تعديدٌ للأوصاف فقط، وليست جاريةً على الإيمان. وفي الآية الثانية الأوصافُ كلها جاريةٌ على الإيمان، لأن المعطوفاتِ كلها إما صفاتٌ مادحةٌ للمؤمنين، أو كاشفةٌ لهم، وعلى كلا التقديرين، كونُها من أمورهِ أظهر، بقي تفسيرُ قوله: {لَّيْسَ الْبِرَّ} ... إلخ ونكتَةُ التعبيرِ بنفي البرِّ عما هو من أبرِّ البر، كالتولِّي إلى القبلة فسأذكره في الصيام. وهو مهم جدًا. وقوله صلى الله عليه وسلّم «ليس من البرِّ الصيامُ في السفر» مع كونه من أعظم الطاعات من هذا الباب أيضًا فانتظره.

قوله: (قبل المشرق والمغرب) يعني أن أمرَ التولي إلى جهة، ليس لكون الله سبحانه وتعالى في تلك الجهة، ليتقيد بها دائمًا، فلا طاعة في الإصرار عليها، بل البر والطاعة في الانصراف إلى الجهة المأمور بها، أي جهة كانت. قوله: «الإيمان بضع وستون شعبة» .... إلخ. لما فرغ المصنف رحمه الله تعالى عن مباني الإيمان شرع في فروعه وشعبه، وذكر حديث الشعب. أقول: إن مفهومَ العددِ غيرُ معتبرٍ في الأحكام، فلا نتعرض إلى اختلاف العدد في الروايات. وقد تعرَّض الشارحون إلى تعديد تلك الشُّعب. والأحبُّ إليّ أن يُتتبع القرآن ويستوفى ذلك العدد منه، بأن يجعلَ كلَّ ما ذكر فيه مع الإيمان شُعبة من شعبهِ، فإن وفَّى به ذلك فهو المراد، وإلا فليفعل مثله في الحديث (¬1). والحاصل: أن الإيمان مُركب من أمور أعلاها: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق. والحياء شعبة منه، وإنما نبه على كون الحياء شعبةً من الإيمان، لكونه أمرًا خُلُقيًا، ربما يَذْهَلُ الذهن عن كونه من الإيمان، فدل على أن الأخلاقَ الحسنة أيضًا منه، وقد مر مني: أن ظاهرَ هذا التعبير يؤيدُ نظرَ الشافعية، لأن الشعب تكون أجزاءً للشجرة، ونحوه قوله تعالى: {كَلِمَةً طَيّبَةً كَشَجَرةٍ طَيّبَةٍ} ... إلخ (إبراهيم: 24) فشبَّه الكلمةَ بالشجرة، والكلمة هي الإيمان، وثمارُهَا هي الأعمال، قد تكون وقد لا تكون مع بقاء الشجرة، كذلك الأعمال تكون قد وقع، مع بقاء أصل الإيمان، ولكنه بالعطف جعلها مغايرًا له، فالنسبة إما كنسبة الأغصان إلى الشجرة، أو الأثر إلى المؤثر، والنظرُ دائر فيه بعد. ولنا أن نقول: إن للشعب نسبة أخرى إلى أصلها، وهي كونها نابتةٌ منه، وناشئةً عنه، وحينئذٍ لا تكونُ تلك الشعبُ أجزاءٌ، ينتفي الكلُّ بانتفائها، بل فروعًا يبقى اسم الكل مع انتفاء بعضها. وقد علمت: أن الاختلاف في كونها فروعًا، أو أجزاء، لا يرجع إلى إكفار مُعدَمي الأعمال أو عدمه، بل هو اختلاف تعبير بحسَبَ الأنظار فاعلمه. وتفصيلُهُ أن أجزاءَ الشيء لا يجب أن تكونَ كلها مستاويةَ الأقدام، ألا ترى أن الإنسانَ يتركبُ من أجزاء ليست كلها على حد واحد، ولكن بعضها رئيسة وبعضها مرؤسة، كالقلب والدماغ، فإنهما جزءان له، وكذلك الأيدي والأرجل أجزاء له أيضًا، ولكن أين هذا من ذلك؟ فجزئية الأول بحيث نِيْط بها صلاحُهُ وفلاحه، وليس كذلك الثاني، وهذه هي الحال في الشجرة، فإن فيها جِذْعًا وأغصانًا وشماريخ وأوراقًا، وليست كلُّها متساوية الأقدام. نعم، هناك أجزاءٌ أخرى تكون على حد سواء، كاللبنَاتِ للجِدَار، فإن كان مرادَهم بائبات الجُزئية نحو تلك، فلا نُسلَّمها ولا نَرَاهَا ثابتةَ من الأحاديث، وإن أرادوا بها الجُزئية كما في الطائفة الأولى، فإنا نقول بها. أما الحديثُ فلم يعبر إلا بكونها شعبًا، وفيه تردد بعد من حيث كونها فرعًا، وبحسب كونها جزءًا ولكل وجهة هو موليها. 9 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ ¬

_ (¬1) قلت: وقد يفعل الحافظ رحمه الله تعالى نحوه في تعديد أسماء الله تعالى وذكره، فإذا اعتبرت ذلك وجمعت الأسماء الواردة نصًا في القرآن وفي الصحيح من الحديث لم تزد على العدد المذكور. فراجعه ص 173 ج 11.

4 - باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده

بِلاَلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ». تحفة 12816 9 - قوله: (الحياء) وهو عندي لا ينقسمُ إلى نوعين: شرعيٌ وعرفيٌ كما قالوا، بل هو أمر واحدٌ، فمن غَلَبَ عليه ذكر الله استحى منه أن يهتكَ محارِمَه، ومن غلبتْ عليه الدنيا استحى منها، فالفرق باعتبار المتعلَّق، واعلم: أن بعض الأخلاق الحسنة التي هي مبادىء للإيمان مقدَّمة على الإيمان، يجيءُ عليها لون الإيمان كالأمانة، ولذا قال: «لا إيمانَ لمن لا أمانَةَ لَهُ» فالأمانةُ متقدِّمةٌ على الإيمان، وينبغي أن يقدَّم عليه الحياء أيضًا، إلا أنه لما عُدّت توابعُ الإيمان مع الإيمان، جُعِلَ شعبةً منه في الحديث، وكالجزء في التعبير فقط، ولعل الأمرَ كما قلنا، والله تعالى أعلم. وعلى هذا فالأحوال عند السلف تكون ثلاثة: الإسلام الخالص، والكفرُ الخالص، والثالث: ما يشتمل على صفات الإيمان والكفر، فإن الإيمانَ عندهم مُحركب، فيمكن أن يوجدَ في المؤمن خصائلُ الكفر، وفي الكافر خصائلُ الإسلام، ولا يمكن هذا على طورِنا، فإن الإيمان عندنا بسيط، فينحصر الأمرُ في الحالين فقط. فريق في الجنة وفريق في السعير. 4 - باب المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِه والجملةُ تشتملُ على تعريف الطرفين، وهو مفيدٌ للقصر، وهو من الطرفين عندي. أي قد يكون لقصر المسندَ إليه على المسنَد، وقد يكون بالعكس، وقد تصلح جملة لكل منهما، لكن لا على سبيل الاجتماع، كما اختاره الزمخشري في «الفائق». وما قاله التَّفْتَازاني رحمه الله تعالى: إن القصرَ من طرفٍ فقط، والمبتدأ هو المقصور، فهو غَلَطٌ عندي. ثم إن هذا الحكم قد أخذته الشريعة من الاشتقاق، فالمسلم مَنْ سَلِم الناس من إيذائه، وذلك لأنه وُجِد فيه مأخذ الاشتقاق، وأما من آذى الناسَ ولم يَسْلَم منه الناس، فلم يوجد فيه مأخذُ اشتقاقِ الإسلام، فكأنه ليس بمسلم، وهذا على نحو ما تقول: إن العَالَم من اتصف بالعلم. والضارب من اتصف بالضربِ. فكذلك المسلم من اتصف بوصف السلامة. وعلم منه أن الإسلام كما هو معاملة مع الله سبحانه، كذلك معاملة مع الناس أيضًا. واعلم أن الإسلام حقيقتُهُ ما يعبر عنه، بأن نقول: اطمئنَ أنت مني وأنا مُطمئنٌ منك، لأنه كان من عاداتهم قبلَ الإسلام: سفكُ الدماء، وهَتْكَ الأعراض، ونهبُ الأموال، فلما نزلت الشريعةُ أرادات أن تُعينَ لفظًا بأزاء ذلك المفهوم، ليدل (¬1) عند أول قرع السَّمْع على الأمن، وهو لفظُ الإسلام، ليصيرَ الناسُ في الأمن بعد الخوف، والاطمئنان بعد الفزع. 10 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى السَّفَرِ وَإِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ¬

_ (¬1) قال علي القاري، رحمه الله تعالى في الجنائز: إن إحدى فوائد السلام أن يسمع المسلم المسلم عليه ابتداء لفظ السلام، ليحصل الأمن من قبل قلبه ... إلخ.

5 - باب أى الإسلام أفضل

«الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ دَاوُدَ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6484 - تحفة 8834 - 10/ 1 10 - ولذا قال: (المسلمُ من سَلِمَ) ... إلخ «والمؤمنُ من آمَنَهُ الناسُ على دمائِهم وأموالِهم» فكأنه أحاله على اللغة. (والمهاجر) ... إلخ هذا أيضًا نوعُ هجرةٍ وفيه قصر، والقصرُ باعتبارِ تنزيلِ الناقصِ منزلة المعدوم، ولا أقول بتقدير الكمال. وقد مر تقريره مرة فراجعه. (قال أبو عبد الله) وإنما أتى به لأجل التصريح بالسماع كما هو مذْهَبَه. والشَّعْبي اسمه عامر، شيخ الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى. 5 - باب أَىُّ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ 11 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقُرَشِىِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ قَالَ «مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ». تحفة 9041 لما فَرَغَ عن أجزاء الإسلام، أراد أن يذكرَ مراتبُ الإسلام، وههنا إشكال، وهو أنه كيف يَستقيمُ اختلاف الأجوبة مع اتحادِ السؤال؟ فإنه قد أجاب ههنا بأن الأفضلَ: «من سلم المسلمون» الخ وفي حديث آخر أجاب بغيره، والجواب المشهورُ أن الاختلافَ في الأجوبة باعتبار اختلاف حال السائلين. قلت: وفيه أن هذا الجواب لا يجري إلا فيما صدر عنه القول المذكور في جواب سائل. أما إن كان قاله بدايةً بدون سبق سؤال، فينبغي أن يذكرَ ما هو الأفضلُ في الواقع لا غير، ولا يتحمل فيه هذا الاختلاف. والجواب الثاني: أن الاختلاف باعتبار اختلاف لفظ السؤال، دون حال السائل، ففي بعضه أيُّ الإسلام أفضل؟ وفي بعضه أيُّ الإسلام خير. والأفضلُ يكون بحَسَب الفضائل، وهي المزايا اللازمة كالعلم، والحياة، والخير باعتبار الفواضل، وهي المزايا المتعدية، فالتشتت في الجواب، باعتبار التشتت في السؤال، ولذا أجاب في الأول بالإسلام، وفي الثاني بإطعام الطعام. قلت: هذا الجواب يحتاج إلى تتبّعٍ بالغ، وإلى تعيين اللفظِ بعينه من صاحب الشريعة والسائل كليهما، وهو أمر عسير، لفُشو الرواية بالمعنى، فما الدليل على أن هذا من لفظه، وليس من الراوي. والجواب الثالث للطحاوي في «مشكله» وحاصله: أن يجمعَ جميعَ أجوبتِهِ صلى الله عليه وسلّم ثم يجعلُ الأفضل نوعًا كليًا يندرجُ تحته جميع الأشياء التي حُكِمَ عليها بكونها أفضل. وحينئذٍ لا يكونَ الأفضل شخصًا لينحصر في فرد. ولا يمكنُ أفضلية الآخر معه، بل جملة ما وضعه صلى الله عليه وسلّم في

6 - باب إطعام الطعام من الإسلام

المرتبة الأولى يُجعلُ كالنوع، ويدرجُ تحتَهُ ما ورد في المرتبة الأولى، وهكذا ما وضعه النبي صلى الله عليه وسلّم في المرتبة الثانية. يُجعلُ أيضًا كالنوع، ويدرجُ تحتَهُ جملةُ الأمور التي عُدت في المرتبة الثانية. وهكذا أقول: وهذا إنما يصلحُ جوابًا إذا كان الاختلافُ في جواب الأفضلية، بذكر أمر مرة وأمر آخر مكانه مرة أخرى، كما في الحديث المار، فإنه أجاب مرةً بكون الأفضل «من سلم» ... إلخ ومرة بكونه «إطعام الطعام» ولا يجري فيما إذا جعل أمرًا في المرتبةِ الأولى في حديث، وجعل ذلك بعينه في المرتبة الثانية في حديث آخر، فإن كونَ الشيء في المرتبة الأولى، والمرتبة الثانية معًا غير ممكن، فلا يمكن أن تكون الصلاةَ مثلًا أفضلُ من الجهاد، ومفضُولةً منه أيضًا، فإن أُجيب بتعدد الجهات، فهذا غيرُ جوابِ الطحاوي رحمه الله تعالى، إلا أن يتتبَّعَ الطرق، فإن تحقق بعده أن التقديم والتأخير إنما جاء من قبل الراوي، فوضع ما كان في المرتبة الأولى في المرتبة الثانية، أو بالعكس، نفذ جوابه. وإن تحقق أنه كذلك من جهة صاحب الشريعة، وليس من جانب الراوي، بقي الاشكال ولا يدفعُهُ جواب الطحاوي رحمه الله تعالى. 6 - باب إِطْعَامُ الطَّعَامِ مِنَ الإِسْلاَمِ 12 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ قَالَ «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ». طرفاه 28، 6236 - تحفة 8927 12 - (تطعم الطعام) عبّر بالمضارع إفادةً للاستمرار التجدُّدي. (وتقرأُ السلام) (¬1) واستثنى منه فقهاؤنا مواضع عديدة لا يقرأ فيها السلام، وليراجع له «الدر المختار» من «باب الحظر والإباحة» واعلم أن صيغة: السلام عليكم ينبغي أن يفيدَ القصرُ لاشتماله على التعريف. قلت: لا قصر فيه. فإن شئتَ تفصيل المقام: فاعلم أن ما اشتهر عندهم أن الجملةَ الإسمية إذا اشتملت على المعرَّف باللام وحرف يعينُ على القصر في الجانب الآخر، يفيدُ القصر، إنما هو إذا كانت اسمية ابتداء غير معدولة عن الفعلية، وإن كانت معدولة ¬

_ (¬1) وفي "المشكاة" عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مرفوعًا: "خلق الله آدم على صورته، طوله سِتونَ ذراعًا، فلما خلقه قال اذهب فسلِّم على أولئك النفر، وهم نفرٌ من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيُّونَك، فإنها تحيتُك وتحيةُ ذريتك، فذهب فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله ... إلخ". وفي رواية الترمذي ثم رجع إلى ربه فقال: "إن هذه تحيتُك وتحيةُ بنيك بينهم"، فجرت السنة في ذريته كما في الحديث وتلك من سنة الله أن يكونَ بعضُ الأفعال من المقربين، ويقع بمكان من القَبُول، ثم يصيرُ لمن بعدَهم شريعة مطلوبة. والأسف كل الأسف أن تلك السنة قد أمِيتَت في بلادنا حتى نقل: أن رجلين من السادات التقيا في الطريق، فانتظرَ كلِّ منهما أن يسلِّمَ عليه الآخر، فمضيا على طريقهما ولم يُوفَّق له واحد منهما. هكذا أفادنا الشيخ رحمه الله تعالى.

7 - باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه

عن الفعلية، فلا قصر فيها عندي، لأنه إذا لم يكن القصر في الأصل، كيف يكون في الفرعِ المعدولِ؟ ومر الزمخشري رحمه الله تعالى على قولهم: «السلام عليكم» وتفطَّنَ أنه ينبغي أن يفيدَ القصر، ثم لم يكتب فيه شيئًا شافيًا، وكذا مر على قوله تعالى: {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ} [مريم: 33] واختار أن اللام فيه للعهد. قلت: ولا يعلق بقلبي، فالجواب عندي: أن السلامَ عليكم معدولٌ عن جملة فعلية، أو كانت في الأصل: سلَّمتُ سلامًا، فلا تفيد القصر على ما بينا، فإن قلتَ فحينئذٍ ينبغي أن لا يكون جملة الحمد لله أيضًا مفيدًا للقصر، لأنها أيضًا معدُولةٌ عن الفعلية، قلت: ما الدليل عليه؟ لم لا يجوز أن تكونَ إسمية ابتداء، وأي رِكَّة فيه؟ بخلاف قولنا: السلام عليكم. والحاصل: أن ما فيه بيانٌ للعقيدة، فالمناسب هناك جملةٌ إسمية لا غير، وما فيه إنشاءٌ، أمر جاز فيه أن تكونَ معدولةٌ عن الفعلية. وبعبارة أخرى: إن الجملةَ الفعلية قد يعتبرُ انسلاخُهَا عن معناها، فتفيدُ القصرَ، لأنها جملة إسمية على هذا التقدير ولا لمع فيها إلى الفعلية، كقولنا: الحمد لله، إذا قصدنا بها الخبر لأن الأصلَ فيه الإسمية، ولا لمع فيها إلى الفعلية، فتفيدُ القصر بخلاف ما إذا أردنا منها الإنشاء، فإن قيل: فحينئذٍ ينبغي أن لا يكون القصر في الحمد لله لأنه إنشاء، وجعلُهُ إخبارًا ليس من الحمد في شيء، فإنه إخبارٌ عن الحمد، والإخبارُ عنه ليس بحمد. قلت: بل الإخبار عن الحمد أيضًا نوعُ حمد وإن جعل إنشاءً فلا قصر فيه أيضًا (¬1). 7 - باب مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ 13 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَعَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ». تحفة 1239، 1153 أفاد بإدخال لفظة: (من) على جملة الحديث: أن المذكورَ خصلةٌ من الإيمان، والنفي على ما مر محمولٌ على تنزيلِ الناقصِ منزلةِ المعدوم، واعلم أن طريقَ الشارع طريق الوعظ. والتذكير، فيختارَ ما هو أدخل في العمل، فلو قدَّرَ الكمالَ في مثل هذه المواضع، يفوتُ غرضُهُ، ولذا لم يكن السلف يحبونَ تأويل قوله صلى الله عليه وسلّم «من ترك الصلاة فقد كفر» بالترك مستحلًا، أو أنه فعلَ فعلِ الكفر، فإنه بالتأويل يَخِفّ الأمر فيفقد العمل. 8 - باب حُبُّ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الإِيمَانِ 14 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ ¬

_ (¬1) قلت: وكانت تذكرتي مشكوكة من هذا المقام، وإنما قررت هذا المقام بعد التصحيح ولا أدري أكان هذا هو مراد الشيخ أم غلطت أنا؟.

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ». تحفة 13734 15 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ح وَحَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ». تحفة 993، 1249 الباب الأولُ كانا عامًا لكل مسلم، وهذا خاص كالجزئي منه، وليس الحبُّ فيه هو الشرعي، أو العقلي، كما قاله البيضاوي: إن الحب عقلي، وطبعي، والمراد هو العقلي، وقد مر مني أن الحب صفة واحدةٌ، تختلف باختلاف المتعلَّق، إن صرفتَها إلى الآباء والأبناء، سميت طبعية، وإن صرفتها إلى الشرع، سُميت شرعية، فالفرق باعتبار المتعلَّق، كيف وقول الله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا} .. إلخ [التوبة: 24] أوجب أن يكونَ حبهما أزيدَ من الكل، وحب هذه الأشياء ليس إلا طبعيًا. وعند المصنف رحمه الله تعالى عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلّم لأنتَ يا رسولَ الله أحبُّ إليّ من كل شيء إلا من نفسي، فقال: «لا، والذي نفسي بيده حتى أكونَ أحب إليك من نفسك». فقال عمر رضي الله تعالى عنه: فإنك الآن أحب إلي من نفسي، فقال: «الآن يا عمر»، وعن جابر رضي الله تعالى عنه قال: لما حَضَرَ أحدٌ دعاني أبي من الليل فقال: ما أراني إلا مقتولًا في أولِ من يقتل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم وإني لا أترك بعدي أعزَّ عليّ منك، غير نفس رسول الله صلى الله عليه وسلّم وإن عليّ دينًا ... إلخ رواه البخاري. وأمثاله كثيرةٌ تدل على أن نفسَ رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان أحب عندهم مما في الأرض جميعًا، ولم يكونوا يعلمون غير المحبةِ التي تكون فيما بينهم (¬1). ¬

_ (¬1) قال الشيخ بدر الدين العيني: إن هذه المحبة ليست باعتقاد تعظيم -أي الحب الشرعي- بل ميلُ قلب -أي الحب الطبعي- ولكن الناسَ يتفاوتون في ذلك. قال الله تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] ولا شك أن حظ الصحابة رضي الله تعالى عنهم من هذا المعنى أتم، لأن المحبة ثمرة المعرفة وهم بقدرِهِ، ومنزلتِهِ أعلم، والله أعلم. ويقال: المحبة إما اعتقاد النفع، أو ميل يتبع ذلك، أو صفة مخصصة، لأحد الطرفين بالوقوع، ثم الميل: قد يكون بما يستلذه بحواسِّه، كحسن الصورة، وبما يستلذه بعقله، كمحبة الفضل والجمال، وقد يكون لإحسانه عليه، ودفع المضار عنه، ولا يخفى أن المعاني الثلاثة كلها موجودة في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِمَا جمعَ من الجمالِ الظاهر والباطن، وكمالِ أنواعِ الفضائل، وإحسانه إلى جميع المسلمين، بهدايتهم إلى الصراط المستقيم، ودوام النعيم، ولا شك أن الثلاثة فيه أكمل مما في الوالدين. لو كانت فيهما فيجب كونه أحب منهما. ثم قال الشيخ العيني رحمه الله تعالى: وإنما يجب أن يكون الرسول أحب إليه من نفسه، قال تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6] إلخ فلله در الشيخ رحمه الله تعالى حيث بَرهن على أن حب النبي - صلى الله عليه وسلم - يجبُ على كل مسلمٍ أكثرَ من نفسه ووالديه، اللهم اجعل حبَّك وحبَّ رسولك أحبَّ إلينا من أنفسِنا ومن الماء البارد. آمين.

9 - باب حلاوة الإيمان

ولم يخطر ببالهم الحب الشرعي، كما اتضح من قول عمر رضي الله تعالى عنه، فإنه قابلَ أولًا بين الحبِّ بنفسه والحب بالنبي صلى الله عليه وسلّم ومعلوم أن حبَّه بنفسه لم يكن إلا طبعيًا. وكذا تواتر من حال غير واحد من الصحابة أنهم جعلوا أنفسهم تُرْسًا، ووقاية للنبي صلى الله عليه وسلّم في الغزوات كما رُوي عن أبي طلحة الأنصاري رضي الله تعالى عنه وغيره فالتقسيم تفلسف. والأمر كما قلنا، ولا تحمل ألفاظ الحديث إلا على ما تعارفه أهل العرف، واللغة، وليُعلم أنَّ حبَّ النبي صلى الله عليه وسلّم ينبغي أن يكون من حيث ذاته الشريفة، لا من حيث أنه هدانا، والقصر عليه ليس بذاك، فهو محبوب لذاته المباركة الطيبة، ومحبوبٌ لأجل أوصافِهِ الحسنة، وملكاتِهِ الفاضلة، وأخلاقِهِ الكاملة أيضًا (¬1). ومقصودهُ أن الحلاوةَ من ثمرات الإيمان، ولما ذكر الإيمانَ وبيَّنَ أموره، وأن حب الرسول من الإيمان، أرْدَفَه بما يُوجد حلاوةَ ذلك. 9 - باب حَلاَوَةِ الإِيمَانِ 16 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِى الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِى النَّارِ». أطرافه 21، 6041، 6941 - تحفة 946 - 11/ 1 16 - قوله: (ثلاث من كن فيه) إلخ، وفيه تلميح إلى قصة المريض، والصحيح، لأن المريض الصفراوي، يجدُ طعم العسل مرًا، والصحيحُ يذوقُ حلاوته، على ما هي عليه، وكلما نقصت الصحة شيئًا ما، نقص ذوقُهُ بقدر ذلك، فكانت هذه الاستعارة من أوضح ما يقوّي استدلال المصنف رحمه الله تعالى على الزيادة والنقصان. قال الشيخ أبو محمد بن أبي جَمْرة: إنما عبر بالحلاوة لأن الله شبَّه الإيمان بالشجرة في ¬

_ (¬1) قلت: والذي يسمُّونه حبًا عقليًا نحوٌ من العلم أو قريب منه، بخلافِ الحبِّ عند أهل الفقه والعرف، فإنه من كيفيات نفسانية أخرى، ومن مراتبه الغرام والعشق، فهو غير العلم قطعًا. قوله: "أحب إليه مما سواهما"، قال الشيخ العيني رحمه الله تعالى: كيف قال بإشراك الضمير بينه وبين الله عز وجل، مع أنه أنكر على الخطيب الذي قال: ومن يعصهما فقد غوى وأجيب بأن المراد من الخطيب الإيضاح، وأما ههنا فالمراد الإيجاز في اللفظ ليحفظ. وقال القاضي عياض: إنه للإيماء على أن المعتبر هو المجموع المركب من المحبتين، لا كل واحدة، فإنها وحدَها ضائعةٌ لاغية. وأمر بالإفراد في حديث الخطيب إشعارًا بأن كل واحد من العصيانين مستقل، باستلزامه الغواية، وقال الأصوليون: أمر بالإفراد لأنه أشدُ تعظيمًا، والمقام يقتضي ذلك. انتهى بتغيير واختصار، قلت واحفظ عن شيخي رحمه الله تعالى أن جوابه أن إنكاره على الخطيب كان من باب التأديب والتهذيب، كقوله تعالى: {لَا تَقُولُوا رَاعِنَا} [البقرة: 104] وهذا الجوابُ أقوى، كما سيظهر لمن نَظَرَ في الأحاديث.

10 - باب علامة الإيمان حب الأنصار

قوله: {مَثَلًا كَلِمَةً طَيّبَةً كَشَجَرةٍ طَيّبَةٍ} [إبراهيم: 24] فالكلمةُ هي كلمة الإخلاص، والشجرة أصل الإيمان، وأغصانُها اتِّباعُ الأمر، واجتناب النهي، وورقُها ما يَهُم به المؤمن من الخير، وثمرُهَا عملُ الطاعات، وحلاوة الثمر جَنْيُ الثمرة، وغايةُ كمالِهِ تناهي نضج الثمرة، وبه تظهر حلاوتها كذا في «الفتح». أقول: وإنما عبر بالحلاوة لأن أهلَ العرف يَعُدون المحبة من المذوقات، وهكذا يعبرون عنها في محاوراتهم، وفي القرآن: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ} [النحل: 112] هذا واعلم أنه قد أشكل على القوم نسبة الذوق إلى اللباس في الآية الشريفة، فإن اللباس من الملبوسات، لا من المذوقات، ولم يُجبْ عنه أحد جوابًا شافيًا لطيفًا ليطمئن به القلب، وقد أجبتُ عنه وأثبتهُ في برنامجي ولا يسع الوقت ذكره (¬1). 10 - باب عَلاَمَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ 17 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «آيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ». طرفه 3784 - تحفة 962 لما فرغ من الحُبِّ مطلقًا وكان عامًا، أرْدَفَه بذكر محبة الطائفة، وانتخب منها الأنصار، وجعلها علامةُ الإيمان، فذكر أولًا: الإيمان، ثم حلاوتَه، ثم علامته ومأخذ الحديث، قوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءوا الدَّارَ وَالإيمَانَ} [الحشر: 9] وفي الآية استعارتان عند علماء البيان: الأولى: في الفعل استعارة تبعية، والثانية: في الإيمان استعارة أصلية. وعند النُّحاة هي من باب - علفتها ¬

_ (¬1) وتلك المناظرة طويلة وأصلُ المناظرة في مسألة تقديم الكفارة على الحنث. وهاك بعض عبارات منها تتعلق بموضوعنا. قال الطَّالقَاني رحمه الله تعالى: ويدل على ذلك أن الكفارةَ وضعت لتغطية المآثم، وتكفير الذنوب، واسمها يدل على ذلك، ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الحدودُ كفاراتٌ لأَهلِها" وإنما سماها كفارة لأنها تُكفِّر الذنوب وتغطيها ... إلخ، ثم قال في ذيل كلامه على ص 184 والكفارةُ وجبت لتكفير الذنب؛ وتغطية الإثم، ثم قال على وأما الدليل الثالث الذي ذكرته من كون الكفارة موضوعة لتكفير الذنب فصحيح ... إلخ، ثم قال في تلك الصفحة: ولهذا قال تعالى في قتل الخطأ: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ}، وهذا يدلُ على أن كفارةَ قتلِ الخطأ على وجه التطهير والتوبة. انتهى. فتلك عباراتٌ تترى تُنادي بأعلى نداء: أن الحدود كفارات لأهلها، ولهذا تردد الشيخ رحمه الله تعالى في مذهب الحنفية، ثم الذي قال بكونها زواجر لم ينسبه إلى الإمام الأعظم رحمه الله تعالى، فإن كان ذلك لأنه لم يُنقل عن الإمام الأعظم، فظاهر أنه لا يكونُ مذهبًا، وإن كان الإغماض لمجرد تساهل، فأمرٌ آخر. وبالجملة: كون الحدود زواجر مذهبًا للإمام محل تردد عند الشيخ رحمه الله تعالى، وذلك للاختلاف في النقول. قال الشيخ رحمه الله تعالى في سبب انعقاد تلك المناظرة: أن القاضي أبا الطيب الطبري والقاضي أبا الحسن الطَّالقَاني حضرا مرة في جنازة، فاشتاق الناس أن تجريَ بينهما مناظرة، ليستفيدوا من علومهما وكان بينهم القُدُوري وأبو إسحاق الشافعي، فأبدوا بحاجتهم إليهما، ولكنهما أشارا إلى القاضيين، فجرت المناظرةُ كما سردها في الطبقات. والناظرُ يتعجب من أبحاثهما، فإنهما تكلما في المسألة بدون أهبة ولا سابقية خبر، ثم أفاضا بحورَ العلوم ودررَ المعاني، فلله دَرُّهما.

11 - باب

تِبْنًا وماءً باردًا، واختار العلامة فيه التضمين، في «حاشية الكشاف» وأنكر عليه ابن كمال باشا، وقال: إنه وَهْمٌ توهم من عبارة «الكشاف». والمعنى عندي: الذين جعلوا الإيمان مبوأهم، ومقعدهم، كأن الإيمان أحاط بهم، وهؤلاء قاعدون فيه، كقوله: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)} [القمر: 54 - 55] فالإيمان ظَرْفٌ، وهؤلاء مَظْرُوفُون، وهو كناية عن كمال دينهم، وفيه ترغيب للمهاجرين بحبهم، ولذا جعله الحديث من علامة الإيمان وفيه تنبيه على أن حب أهل ورد الرجل، والخلص من أحبائه، أيضًا ضروري وإن كانوا أجانب، فإن حبَّ أقاربِ النبي صلى الله عليه وسلّم مما فُطِرَ عليه كل مسلم، يعلمه من فطرَتِهِ، أما حبُّ الأنصار الذين فدَوْه من أموالهم وأنفسهم، لكونهم أجانب قد يَذَهَل الذهنُ عن حبهم، فنبَّه على أن حبَّهم أيضًا من علامات الإيمان، لكونهم حَلُّوا منه محلَّ أهلِ البيت من الرجل، وفي الحديث: «من بر الولد إكرام أهل ولد أبيه» (بالمعنى). 11 - باب 18 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ - رضى الله عنه - وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا، وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ «بَايِعُونِى عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَزْنُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ، وَلاَ تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلاَ تَعْصُوا فِى مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِى الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ، فَهُوَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ». فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ. أطرافه 3892، 3893، 3999، 4894، 6784، 6801، 6873، 7055، 7199، 7213، 7468 - تحفة 5094 هذا بابٌ بلا ترجمة، وهو متعلقٌ بالأول، لأنه لما ذكر الأنصار أشار إلى سبب تلقُّبهم بالأنصار، وإنما لم يترجم به لأنه بصدد أمورِ الإيمان: وليس هذا من أمور الإيمان، فوضع الباب وحذف الترجمة، وذكر فيه حديث بيعة العقبة، وفي قوله: «بين أيديهن وأرجلهن» إشكال، ولا يظهرُ وجه التخصيص في حق الرجال. قال الخطابي: معناه لا تبتهوا الناس كفاحًا بعضكم يشاهد بعضًا، كما يقال: قلت كذا بين يدي فلان، وفيه وجوه أُخَر ذكروها في الشروح {فعوقب في الدنيا فهو كفارة له} استدل به من قال: إن الحدود كفارات. بحثٌ نفيسٌ في أنَّ الحدودَ كفَّارَاتٌ أم لا؟ وفي هذه المسألة معركة للقوم، ولم يتحقق عندي ما مذهب الحنفية بعد؟ ففي عامة كُتُب الأصول: أنها زواجر عندنا، وسواتر عند الشافعية. وفي «الدر المختار» تصريح بأن الحدود

ليست بكفارة عندنا وفي «رد المحتار» في الجنايات، من كتاب الحج عن «ملتقط الفتاوى» أنه لو جنى رجلٌ في الحج، وأدى الجزاءَ سقطَ عنه الإثم، بشرط أن لا يعتاد، فإن اعتاد بقي الإثم، وكذا صرح النسفي في «التيسير» من أنه لو أقيم عليه الحد ثم انزجر يكون الحدُّ كفارةٌ له، وإلا لا وفي الصيام من «الهداية» أيضًا إشارة إلى أن الكفارة ساترة، والكفارةُ والحدودُ من باب واحد. وفي التعزير من «البدائع» أيضًا تصريحٌ بأن الحدود كفارات. وتكلم الطحاوي على مثل هذا الحديث في «مشكل الآثار» ولم يتكلم حَرْفًا بالخلاف، وكذا بحث العيني رحمه الله تعالى بحثًا، وسكت عن عدم كونها كفارات. وأقدمُ النقولِ فيه ما في الطبقات الشافعية من مناظرة الطَّالْقَاني الحنفي مع أبي الطيب وصرح فيها: أن الحدود كفارات، وهذا الطالقاني من علماء المئة الرابعة، تلميذ للقُدُوري. فلعل ما في كتب الأصول يُبنى على المسامحة، فالاختلاف إنما كان في الأنظار، فجعلوه اختلافًا في المسألة، فنظرَ الحنفية أنها نزلت للزجر، وإن اشتملت على الستر أيضًا، ونظر الشافعية أنها للستر بالذات، وإن حصل منها الزجر أيضًا. قلت: إن كان الأمرُ كما علمت، فالأصوبُ نظر الحنفية، وإليه يرشد القرآن، وغير واحد من الأحاديث، كما لا يخفى، ثم إنهم لما قرروا الخلاف ومشى عليه الشارحون أيضًا، وإن كان بحثُ الحافظين في هذا المقام كالبحث العلمي والتفتيش المقامي، لا كالانتصار للمذهب، لكنه مع ذلك اشتهر الخلاف، حتى نقل في كتب الأصول أيضًا. فاعلم: أن هذا الحديث وإن دل على كون الحدود كفارات، لكن يعارضُهُ ما رواه الحاكم وصححه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «لا أدري الحدود كفارات أم لا؟» وادّعى الحافظ رحمه الله تعالى أن حديث الحاكم متقدم، وحديث الباب متأخر، وكأن النبي صلى الله عليه وسلّم توقف في أول أمره، ثم جزم بكونها كفارات، ويرد عليه أن حديث عُبادة كيف يكون متأخرًا مع أن بيعة العقبة إنما هي في مكة قبل الهجرة، وحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عند الحاكم متأخر عنه، لأنه أسلمَ السنة السابعة بعد الهجرة النبوية، وفيه تصريح بالسماع، فدل على أنه سمعه بنفسه في السنة السابعة. وأجاب عنه الحافظ رحمه الله تعالى أن هذه بيعة أخرى، بعد فتح مكة، وإنما حصل الالتباس من جهة أن عْبادة رضي الله تعالى عنه حضر البيعتين معًا، وكانت بيعة العقبة من أجل ما يتمدح به، فكان يذكرها إذا حدث تنويهًا بسابقيته. وحاصله: أن ذكر ليلة العقبة ههنا لتعريف حاله، لا لأن تلك البيعة كانت فيها، فجاز أن يكونَ حديثُ أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مقدمًا وحديث عُبادة رضي الله تعالى عنه متأخرًا. وعارضه العيني رحمه الله تعالى وقال: بل هي البيعةُ التي وقعت بمكة، والقرينة عليه أن فيه لفظ: «العصابة» وهو لا يطلق على ما زاد على الأربعين، وفي لفظ: «الرهط» وهو لأقل منه، فدل على قلة الرجال، في تلك البيعة؛ فلو كانت تلك ما كانت بعد فتح مكة، لاشترك فيها ألوفٌ من الناس، لشيوع الإسلام إذ ذاك، فهذه قرينة واضحة على أنها هي التي كانت بمكة، وحينئذٍ لا يحتاج إلى ما أوّل به الحافظ رحمه الله تعالى أيضًا، من أن ذكر الليلة لتعريف

الحال، ويبقى الحديث على ظاهره. واستدل الحافظ رحمه الله تعالى على تأخر تلك البيعة لقرينة أخرى، وقال: ويقوي أنها وقعت بعد فتح مكة، بعد أن نزلت الآية التي في الممتحنة وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} [الممتحنة: 12] إلخ، ونزول هذه الآية متأخرٌ بعد قصة الحديبية، بلا خلاف. والدليل عليه ما عند مسلم عن عُبادة في هذا الحديث: «أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم كما أخذ على النساء» قال الحافظ: بعد سرد الأحاديث: إن هذه أدلة ظاهرة في أن هذه البيعة إنما صدرت بعد نزول الآية، بل بعد صدور البيعة، بل بعد فتح مكة، وذلك بعد إسلام أبي هريرة بمدة، وعارضه الشيخ العيني رحمه الله تعالى، بروايات في البيعة الأولى، وفيها هذه الألفاظ أيضًا، فلم يكن دليلًا على أنها بعد نزول الممتحنة، وإن اشتركت الألفاظ. أقول: لا شك أن التبادر إلى الحافظ رحمه الله تعالى، فإن ألفاظَ الحديث كأنها مأخوذة من سورة الممتحنة. وأجاب الشيخ بوجه آخر أيضًا وقال: ما الدليل على أن المراد من العقوبة هي الحدود؟ لم لا يجوز أن يكونَ المرادُ منه المصائب (¬1) الأخرى كما في الحديث: «أن الشوكة يشاكها الرجل أيضًا كفارة»، وحينئذٍ يخرج الحديث عن موضع النزاع. واعترض عليه الحافظ رحمه الله تعالى إن هذه المصائب لا دخل فيها للستر، فما معنى قوله: «فستره الله» إلخ، فإنما هي معاملة الرجل في نفسه. قلت: ومن المصائب ما يُشهر بين الناس كاشتهار القبائح والخزي، فيحتاج إلى الستر في مثل هذه، وحينئذٍ صح التقابل، واستقام قوله: «ثم ستره الله». ثم رأيت حديثًا في «كنز العمال» عن عبد الله بن عمرو بن العاص وفيه: «فأقيم الحد» فهو كفارة له، فهذا صريح في أن المراد منه الحدود، دون المصائب، ولكن في إسناده تردد وأسقطه ابن عَدِي، وعندي فيه اضطراب أيضًا. ثم أقول إن الستر على نحوين: الستر عند الناس، وهو في الحدود، والستر عند الله، وهو بالمغفرة، والإغماض عنه، فالسترُ بهذا المعنى يصح في المصائب أيضًا، ويصح التقابل، وحينئذٍ حاصله أن من أصاب من ذلك شيئًا ثم غَفَرَ الله له في الدنيا فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه يوم القيامة أيضًا وإن شاء عاقبه. فإن قلت: ما الفرقُ بين الحدود والمصائب، حيث اخْتُلِف في تكفير الحدود دون المصائب، فإنها مكفرات اتفاقًا. قلت: الفرق عندي أن الحدود إنما تقام بأسباب ظاهرة كالزنا والسرقة، بخلافِ المصائبِ، فإنها بأسباب سماوية، ولا تجيءُ بأسباب ظاهرة، فإنك إن ضُرِبت الحد، تعلم أنك فعلت موجبُهُ، فلا يسعُ لك أن تقول: لم رجمتُ أو لم قطعت يدي؟ بخلاف ما شكيت أو مرضت لا تدري ما موجبه، فيسع لك السؤال عنه. ¬

_ (¬1) قال الحافظ ابن رجب: قوله فعوقب به يعم العقوبات الشرعية، ويشمل العقوبات القدرية، كالمصائب، والأسقام، والآلام، فإن صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال "لا يصيب المسلم نصب ولا هم ولا حزن حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه". اهـ. مختصرًا كذا في عقيدة السفاريني ص 320 ج 1.

وهذا كمن ضرب عبده لا عن سبب ظاهر، جاز له أن يقول لسيده: لم ضربتني. فلما كانت تلك المصائبُ لا عن أسباب ظاهرة، بل عن أسباب سماوية، ويسعُ السؤالُ عنها بحَسَب الظاهر، جعلَهَا اللَّهُ سبحانه كفارةً رحمةً، على عباده ومِنَةً عليهم، فكأنه جواب عن قولك: لم ابتليتني بتلك البلية قبل سؤالك عنها، بخلاف ما إذا حُدّ رجلٌ فإنه ليس له أن يسألَ عنه من أول الأمر، فجاز أن يكون كفارةً، وجاز أن لا يكون كفارة، ولا يتأتَّى فيه سؤالٍ: لِمَ. وهو ظاهر. وقال مولانا شيخ الهند رحمه الله تعالى في وجه الفرق: إن المصائبَ وإن كانت كفارةً، إلا أنه لا تتعينُ أنها لأي معصية، بخلاف الحدود، فإنها كفارةٌ لما حُدّ له على التعيين عند من يراه كفارة، فالرجم كفارة للزنا الذي أتى به، وقَطْعُ اليد، كفارة للسرقة التي ارتكبها بخلاف المصائب، فإنها لا يُدرى بكونها كفارة لمعصية على التعيين. ثم لي تذكرةٌ مستقلةٌ في الجمع بين حديثي عُبادة رضي الله عنه وأبي هريرة رضي الله عنه بحيث يَصِح الحديثان من غير احتياج إلى النسخ، وحاصله: أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يعلمُ حكمَ الحدود من حيث العموم، ولم يكن نَزَلَ فيها شيء خاص، فلم يكن يعلم حكمُها من حيث الخصوص، أما علمه من جهة العموم، فمما نزل عليه في تكفير المصائب مطلقًا، والحدُّ أيضًا مصيبةٌ بحسَب الظاهر، فينبغي أن تكون كفارةً، كما أن سائر المصائب كذلك، فكأن الحدود اندرجت تحت هذا العموم. ولما لم يكن نَزَلَ عليه شيءٌ في الحدود خاصة، والقرآن أيضًا لم يصرح فيها بشيء، توقفَ النبي صلى الله عليه وسلّم وقال: «لا أدري الحدود كفارات أم لا؟» أي لا أدري من حيث الخصوص. ونظيرُهُ أنه صلى الله عليه وسلّم سئل عن الخمر في باب الزكاة فقال: «لم ينزل علي فيه شيء، غير تلك الآية الجامعة، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}» فذكر القانونَ وبيَّن حكمه من حيث العموم، ونفى عن حكم جزئي، كذلك ههنا، فحديث عُبادة رضي الله عنه نظرًا إلى العمومات، وحديث أبي هريرة في التوقف نظرًا إلى خصوصِ الحُكم. واعلم أن في حديث الحاكم بعد قوله المذكور زيادة وهي: «لا أدري التبع كان مؤمنًا أم لا؟ ولا أدري خضر كان نبيًا أم لا؟» وقد كنتُ متحيرًا في مراده، فإنه صلى الله عليه وسلّم متى ادّعى علم جميعِ الأشياء لنفسه، فإنه إن كان لا يعلم هذه الأشياء، فقد كان لا يعلمُ كثيرًا من الأشياء غيرها، فما معنى نفي علم هذه الأشياء خاصة؟ فلما راجعت القرآن بدا لي مراده، وهو أنّ القرآنَ ذكرَ الحدود ولم يتعرض إلى كونها كفارة في موضع. وكذا ذكر التبع، وخَضِرٌ عليه السلام، ولم يتعرض إلى إيمانهما فتبيَّن أنه يريدُ نفيَ علمه عما ذُكر في القرآن. أعني أنه صلى الله عليه وسلّم وإن كان لا يدري غير واحد من الأشياء، ولكنه خصص هذه بنفي العلم، لكونها مذكورة في القرآن، ثم لم يعلم النبي صلى الله عليه وسلّم تفاصيلها، فكأنه يريد أن كثيرًا من الأشياء، وإن كنتُ لا أدريها، ولكن لا علم لي على وجه التفصيل ببعض ما ذكر في القرآن أيضًا، كالتبع، وخضر،

والحدود فإنها مع كونها مذكورة في القرآن، لا أدريها بتفاصيلها، فخصَّها بالذكر لهذا المعنى. واستدل (¬1) المدرسون بما في الطحاوي أن النبي صلى الله عليه وسلّم أُتِيَ بلص اعترف اعترافًا، ولم يوجد معه المتاع، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلّم «ما أخالُك سَرْقت»، قال: بلى يا رسول الله، فأمر به فقُطِعَ، ثم جيءَ به، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلّم «استغفر الله وتُبْ إليه» ثم قال: «اللهم تُب عليه»، فلو كان الحدُّ ساترًا كما قال به الشافعية، لما احتاج إلى الاستغفار بعده، مع أن النبي صلى الله عليه وسلّم أمره بالاستغفار. فعلم منه أن الحدودَ أصلُهَا للزجر، وإنما يصير ساترًا بعد لحوقِ التوبةِ. قلت: وقوله صلى الله عليه وسلّم «وتب إليه» يحتمل معنيين: الأول: «وتب إليه»، أي في الحالة الراهنة، ليصيرَ الحدُّ كفارةٌ لذنبك، وحينئذٍ يتم الاستدلال لأنه دل على أن الحدَّ لم يصر كفارةٌ بعد، والثاني: معناه في الاستقبال، بأن لا تفعله ثانيًا، كما يقال للصبيان عند التأديب: تب تب، لا يكون معناه إلا الانزجارُ عنه في الاستقبال، وحينئذٍ يخرجُ عما نحن فيه ولا يتم الاستدلال، والظاهر هو الأول. واعترض عليه الحافظ أن اشتراط التوبة للتكفير، مذهب المعتزلة، لا مذهب أهل السنة والجماعة. قلت: كلا، بل المغفرةُ قبل التوبة وتحت الاختيار، وبعدها موعودةٌ، فظهر الفرق. ثم إن البغوي من الشافعية أيضًا قائل به. يعني أن الحدودَ عنده أيضًا سواترُ بشرط التوبة. وأصل البحث في القرآن، فرأيت جماعةً من المفسرين اختاروا التكفير، وجماعة أخرى يختارون أنها زواجر، ويُستفاد من صنيعهم أنهم يأخذونه من القرآن على طريق الاستنباط، وليس عندهم مذهبٌ منقح، ولذا لا يذكرون مذاهبهم، بل يبحثون كبحث العلماء. أقول: وتفحصتُ القرآنَ لذلك، وما رأيتُ في موضعٍ أنه ذكر الحدود ثم وعدَ بكونها كفارة، فمن نَظَرَ إلى عدم ذكر الوعد، ادّعى أنها ليست كفارة، ومن نظر إلى أنهم إذا أُقيمَ عليهم مثلُ هذه العقوبات ¬

_ (¬1) قلت وقد سنح لي أوان درس "المشكاة": أنّ قولَه: فهو كفارة له، ليس حكمًا، بل أمرٌ مرجو من رحمة الله، أي إذا أقيم عليه الحد فقد يرجى من الله سبحانه أن يجعلَها كفارةً له، ويدل عليه ما رواه الترمذيُّ عن علي رضي الله عنه مرفوعًا: "من أصاب حدًا فعَجَّلَ عقوبَتَهُ في الدنيا، فالله أعدلُ من أن يُثَنِّيَ على عبده العقوبةَ في الآخرة، ومن أصاب حدًا فستَرَهُ الله عليه، وعفا عنه، فالله أكرمُ من أن يعودَ إلى شيء قد عَفَا عنه". فهذا الحديث مشيرٌ إلى أن كونَ الحد كفارة، ليس بحكم، ولكنه أمر مرجو نظرًا إلى عدله تعالى، كما أنه مرجو في حال ستره أيضًا، نظرًا إلى كرمِهِ تعالى، ومعلوم أنه لا يقول أحد بكونه كفارة في حال الستر، إنما الاختلافُ بعد إقامةِ الحد، ثم الجزاء ههنا "فالله أعدل". وفي حديث البخاري: "فهو كفارةٌ له" مع اتحاد الشرط، فهو بمعنى واحد، ومعنى التكفير: هو أن الله يُرجى منه العفو والكفارة، وكذلك الجزاء في الجملة الثانية. متعدد مع اتحاد الشرط، وهما أيضًا راجعان إلى معنى واحد، فالكفارة في كلتا الصورتين أمرٌ مرجوٌ، لا محكوم به قطعًا والله أعلم بحقيقة الحال. ثم بدا لي: أن قوله: "لا أدري الحدود كفارة أم لا" كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "والله لا أدري وأنا رسول الله ما يُفعل بي ولا بكم" مع كونه عالمًا له بوجه، وكقوله تعالى: {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ} فاعلمه.

الشديدة كالرجم والقطع، فينبغي أن تكون مكفراتٌ أيضًا، ذهب يدّعي أنهامكفرات. وكبيرُ نزاعِهم في قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] إلخ، وفيه تصريحٌ بعد ذكر حدِّهم: أن لهم في الآخرة عذاب عظيم، فكأنهم لم يرتفع عنهم العذابُ بعد إقامة الحد أيضًا، وهذا يُشعر بعدم كونها مكفرات. ولهذا جَزَمَ البغوي بعدم كون الحدود مكفرات (¬1). قلت: ولي فيه تردد (¬2)، لأنهم اختلفوا في شأن نزولها ففي الصحيحين: أنها نزلت في العُرَنيين، ومعلوم أنهم كانوا ارتدُّوا بعد إسلامهم، وحينئذٍ فالآية خارجةٌ عن موضع النزاع، لأن المسألةَ إنما كانت في المسلمين. أما التكفيرُ في حق الكفار، فلم يقل به أحد. وقيل: الآية في قُطَّاع الطريق، وإليه ذهب الجمهور، وهو المنقولُ عن مالك رحمه الله تعالى. وحينئذٍ يتمُ الاستدلال، لأن قطعَ الطريق يمكن من المسلمين أيضًا. قلت: والآية عندي في حق العُرنيين، إلا أن الآية لم تأخذ ارتِدَادهم، وكفرهم في العنوان، بل أدارت الحكم على وصفِ قطعِ الطريق، فيدور الحكمُ أيضًا على قطع الطريق. ولا يقتصرُ على المرتدين والكفار فقط. ومع ذلك أقول: إن استدلال البغوي ضعيفٌ، لأني أجدُ المعصية الواحدة تختلف شدَّةً وخفة، باعتبارٍ حال الفاعلين. وهذا معقول، فقد تكونُ المعصيةُ من المؤمن، ويخف العقاب عليها رعايةً لإيمانه، وتكون تلك المعصيةُ بعينها من الكفار، ويُزاد في عقوبته لحال كفره. وعليه جرى العرفُ فيما بيننا أيضًا، فلا نؤاخذُ حبيبنَا على أمرٍ ارتكبه، كما نؤاخذُ به عدونَا على ذلك الأمر بعينِهِ. وحينئذٍ يمكن أن يكونَ ذكرُ العذاب في الآخر جرى لحالِ كفرهم، فإن المعصيةَ تزدادُ شَنَاعَةً بحسَبَ الفاعلين، فقطعُ الطريقِ من المسلمين شنيعٌ، وهو من المرتدينَ أشنع. فيمكن أن يكون جَرَى ذكرُ العذاب لحالِ الفاعلين، لا لحال الفعل. ¬

_ (¬1) وذكر ابن جرير الطبري في هذه المسألة اختلافًا بين الناس، ورجح أن إقامةَ الحدِّ بمجرده كفارة، ووَهَن القول بخلاف ذلك جدًا. قال الحافظ رجب: وقد رُوي عن سعيد بن المسيب وصفوان بن سليم أن إقامة الحد ليس بكفارة، ولا بد معه من التوبة. ورجحه طائفة من المتأخرين، منهم: البغوي وأبو عبد الله بن تيمية رحمه الله تعالى في تفسيريهما، وهو قول أبي محمد بن حَزْم. والأول قول مجاهد، وزيد بن أسلم، والثوري والإمام أحمد رحمه الله تعالى. اهـ عقيدة السفاريني ص 320 ج 1. (¬2) قال الطحاوي رحمه الله تعالى في "مشكل الآثار" بعد ما أخرج عن ابن عباس أن الآية {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] نزلت في المشركين، ثم أخرجَ قصة العُرَنيين عن أنس رضي الله عنه ثم قال: إن الحديثَ الأول من هذين الحديثين يدلُ على أن الحكمَ المذكورَ فيه في المشركين إذا فعلوا هذه الأفعال، لا فيمن سواهم. وفي الحديث الثاني أن العقوبة في ذلك كانت عند أنس رضي الله عنه بكفر، إذ كانت تلك الأفعالُ مع الرِّدة لا مع الإسلام. ثم ذكرَ ما هو الوجهُ عنده فقال: إن قوله تعالى المذكور فيه جزاءٌ لمن أصاب تلك الأشياء، التي تلك العقوبات عقوبات لها، وقد تكونُ تلك الأشياء ممن ينتحلُ الإسلام وممن سواهم، فوجب استعمالُ ما في هذه الآية على من يكون منه هذه المحاربة، والسعي المذكورُ فيه إلى يوم القيامة، من أهلِ الملة الباقين على الإسلام، ومن أهل الملة الخارجين عن الإسلام إلى غيره، ومن أهل الذمة الباقين على ذمتهم، ومن أهل الذمة الخارجين عن ذمتهم، كما دخل أهلُ هذه الفرق جميعًا في الآية التي بعدها، وهي قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} إلخ". انتهى. مختصرًا ص 317 ج 1.

وعلى هذا لا دليلَ في الآية على أن المسلمَ لو فعل ذلك، والعياذُ باللَّه، ثم حُدّ حدَّه، كان له عذابٌ في الآخرة أيضًا، لأنه ليس جزاء للفعل. على هذا التقدير، بل الشَّنَاعة في الجزاءِ بشناعةُ الفاعلين. وهذا موضعٌ مشكلٌ جدًا يتحير فيه الناظر، فإنّ الآية تكونُ عامّةً بحكمِهَا، ثم تشتملُ على بعض أوصاف المورد، فيحدث التردد، هل هي معتبرةٌ في الحكم أيضًا أم لا، فيعتبرُهَا واحدًا ويُجرى الحكمَ على المجموع، ويقطعُ عنها النظرَ آخر، ويزعمُ أن تلك الأوصافَ مخصوصةٌ بالمورد، ويأخذ الحكمُ العام، ويُعدِّيه إلى غيره، مما ليس فيه هذه الأوصاف، وهذا مما يتعسرُ جدًا، وكثيرًا ما يقع في القرآن مثل ذلك، فإنه يُبيِّن حكمًا عامًا، ويومي إلى الوقائع أيضًا ليبقى له ارتباط بالموضع والمورد أيضًا، فإذا ركب عبارةً تعطي حكمًا عامًا مع الإيماءات إلى الوقائع تعسر إدارة الحكم على بعضها، وترك بعضها، وإدارة الحكم على المجموع، فاعلمه فإنه مهمٌ جدًا. وهناك آية أخرى تتعلقُ بموضوعنا: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ} [النساء: 92] ومعناه عندي: أن إيجابَ الصيام عليه ليخافَ ويقلعَ عنه في المستقبل، ويندم ولا يعود إليه ثانيًا، وحينئذٍ تكون تلك الصيام مغفرة له، لا أن مجردَ الصيام مغفرة له. وآية أخرى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [المائدة: 45]، وقوله تعالى: {فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ} قال التفتازاني في المطول: إن التنوين في المسند على الأصل، فلا تحتاج إلى نكتة، أقول: إلا تنوين المنعوت، فإنها لا تخلو عن نكتة، بخلاف التنوين في المُسند إليه، فإنها لما كانت على خلافِ الأصل، لا تخلو عن نكتة مطلقًا، فالتنوين في المسند المنعوت كما في قوله: *صح أن الوزير بدر منير ... إذ تواري كما توارى البدور وفي المُسْنَد إليه، كما في قول عمرو بن أبي ربيعة المخزومي. *وغابت قمير كنت أرجو غيابها ... وروح وريحان ونوم وسمر وعلى هذا التنوين في قوله: {كَفَّارَةٌ لَّهُ} يفيد أن في الحدودِ تكفيرًا ما، فإن التنوينَ فيه ليس حشوًا، على أن لفظَ الكفارة يدلَ على الستر، لا على التطهير كل التطهير، فلا دلالة في الحديث على أن الحدودَ مكفراتٌ بالكلية، بل على أن فيها شيئًا من التكفير والستر، ولعل الحنفية أيضًا لا ينكرونه (¬1). تنبيه: واعلم أنه لا ينبغي أن يُبحثَ في الحديث عن المعاني الثواني، والمزايا، وأن يدارَ عليها المسائل، فإن الحق عندي: أن لفظَ الحديث ليس بحجةً في هذا الباب، لفشو الروايةِ بالمعنى، فلا يتعين أنه من لفظه صلى الله عليه وسلّم أو من تلقاء الراوي، فينبغي أن تؤخذَ الأحكامُ من القدر ¬

_ (¬1) وإنما قالوا: إنها للزجر كما يدل عليه ما في "المشكاة" عن جابر رحمه الله تعالى: أن سارقًا لما جيء به في المرة الرابعة أمر به أن يقتلَ، لأن المقصودَ من إجراءِ الحد كان الانزجار، ولما لم ينزجر، أمر بقتله، وتطهيرِ الأرض من وجوده.

12 - باب من الدين الفرار من الفتن

المشترك، وتُدَار عليه. وإنما ذكرت ههنا مسألة المعاني، وأيدت منها للمذهب لثبوتها من دلائل أخرى، وما جعلته مدارًا، واستدلالًا. والفَصْلُ عندي: أن الأحوالَ بعد إقامة الحد ثلاثة: فإن تابَ المحدودُ بعده، صار الحد كفارةً له بلا خلاف. وإن لم يتبْ فلا يخلو، إما أنه انزجر عنه واعتبر له ولم يَعُد إليه، فقد صار كفارةً أيضًا وإن لم يبال به مبالاةً ولم يزل فيه منهمكًا كما كان، وعاد إليه ثانيًا؛ فلا يصير كفارةً له. ولذا صلى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم على امرأة غَامِدِية وقال: «لقد تابت توبةً لو قُسِمَتْ على أهل المدينة لَوَسِعْتَهم». ولما لم تظهر تلك السماحةَ من مَاعِز رضي الله تعالى عنه، وعلم منه تأخر ما عند إقامة الحد، لم يصل عليه. فهذه أحوالٌ فليراعها، وهذا كالإسلام، إن اشتمل على التوبة هدمَ ما سبق منه من المعاصي، وإلا أُخِذَ بالأول والآخر، فإذا كان حالُ الإسلامِ الذي هو من أعظمُ المكفِّرَات ما قد علمت، فما بالُ الحدود التي تكفيرها مختلف فيه؟ ولما كانت الحدود تتضمنُ التوبة في عامة الأحوال، وقلما تكون أن تجرى عليه هذه العقوبات، ثم لا يتوبُ في نفسهِ ولا ينزجِرُ، سيما في عهد الصحابة رضي الله تعالى عنهم حُكِمَ في الأحاديث بكونها كفارةٌ مطلقًا (¬1). 12 - باب مِنَ الدِّينِ الْفِرَارُ مِنَ الْفِتَنِ 19 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ». أطرافه 3300، 3600، 6495، 7088 - تحفة 4103 قد يأخذ المصنفُ رحمه الله تعالى لفظًا من الحديث، ويركِّبُ منه ترجمة بقطعة من الحديث، ويريدُ أن يجعلَهَا مفيدة، فيضيفُ إليها جُملة من عنده، ويدخل عليها: «من» ¬

_ (¬1) بل أقول: إن بذلَهم أنفسهُم لإقامة الحدود وإجراء حكم الله تعالى عليهم، من أعظم التوبة. كيف لا؟!! وقد سمّاه النبي - صلى الله عليه وسلم - توبة في حديث الغَامِدِية، فقال: "لقد تابت توبة ... الخ" وإليه أشار السفاريني في عقيدته فقال في الرجل الذي أصاب حدًا، وجاء معترفًا وقال: أصبت حدًا ... إلخ، إن هذا الرجل جاء نادمًا، تائبًا، وأسلم نفسَه إلى إقامة الحد عليه، والندمُ توبةٌ، والتوبةُ تكفر الكبائر بغير تردد. اهـ. وبالجملة إنا قد علمنا من حال الصحابة رضي الله عنهم: أن أحدًا منهم إذا أقيم عليه الحدُّ كان حدُّه يتضمن التوبةَ بلا مرية، وحينئذٍ لا خلاف في كونه كفارة، وكذا كل مَن يُقام عليه الحد، فإنه يتوبُ في نفسه، فإن الندم توبته، وهو أمر قلبي لا يستدعي التلفظ به، وقلما يكون رجلٌ يقام عليه الحد، ثم لا يتوب إلى الله تعالى ولا يندم، بل يُصرُّ على المعصية، فلا عليه أن يؤخذَ بالأول والآخر، ولا يغفر له ذنبه. والغرضُ منه أن النزاع بين العلماء قد يرجعُ إلى نزاع ذهني، وذلك لعزة مصدَاقِهِ في الخارج، وحينئذ ينبغي أن لا يجهر به كما سمعت عن الشيخ رحمه الله تعالى في حديث "الأعمال بالنيات" فإنه لا خلافَ فيه إلا في جزئي نادر، قلما يتفقُ أن يقع، ونظيره مسألة الباب، والله تعالى أعلم بالصواب.

13 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «أنا أعلمكم بالله».

التبعيضية، لتكون له دليلًا على تركب الإيمان. ونقول من جانب الحنفية: إنها ابتدائية كما مر تقريره. «والفتنة» شيءٌ يقع به التمييز بين الحق والباطل وبحث في «الإحياء» أن العُزْلة أفضل أو الخُلْطة؟ قلت: بل هو مختلِفٌ باختلاف الأحيان والأزمان ويُستفاد من الحديث أن العُزْلَة تكون أفضلَ في زمان مخافة أن تجرحَ الفتن دينه. والفتنة هي التي لا يُعلم سوء عاقِبَتِها في أول أمرها، ثم ينكشِفُ بعد حين وغرض البخاريُّ أن صيانتَه دينه من الفتن، وإن كان بعد حصولِ الدِّين، لكن ليس ذلك من الدِّين وأجزائه. 13 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ». وَأَنَّ الْمَعْرِفَةَ فِعْلُ الْقَلْبِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: 225]. العلمُ، والمعرفةُ، واليقينُ قد يطلق على الأحوال أيضًا، والعلوم لا تكون أحوالًا إلا بعد استيلائها، وحينئذٍ تكون عينَ الإيمان، وهو المراد في قوله صلى الله عليه وسلّم «من ماتَ وهو يعلمُ أن لا إله إلا اللَّهُ» ... إلخ، فالعلم ههنا بمعنى الإيمان، أي يؤمنُ بتلك الكلمة وكذا في قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [فاطر: 28] وهم المؤمنون الذين رَسَخَ العلم في بواطنهم، وأُشْرِبَ به قلوبهم، وخالطت بها بشاشته، فأوجد فيهم نورًا، وحلاوة، وانبساطًا، فإن أريدَ به هذا النحوُ من العلم الذي هو من الأحوال، وهو الذي يستوجبُ العملَ، فهو عينُ الإيمان، وزيادتُهُ يكون دليلًا على زيادة الإيمان، ونقصانُهَ على نقصانه، وإلا فالاستدلال منه على طريق إلحاق النظير بالنظير، يعني كما أن في العلم مراتب، كذلك في الإيمان أيضًا، فإن العلمَ سببُ الإيمان، فإذا ثبت التشكيك في السببِ، ينبغي أن يثبتَ في مسببِهِ، أي الإيمان أيضًا. (وأن المعرفة فعل القلب (¬1)) إن كان المرادُ من المعرفة هي الاضطرارية، كما في قوله تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءهُمْ} فهي ليست بفعلٍ بالمعنى اللغوي، لأن أهلَ اللغةِ لا يسمون فعلًا إلا الاختياري، وإن كان المرادُ منها ما تتقررُ بعد التكرر، وتغلبُ على الجوارح، وتكونُ ¬

_ (¬1) وذهب الرازي: إلى أن العلمَ فعل، وُيستفاد ذلك من كلام البخاري أيضًا، حيثُ جعلَ المعرفةَ فعل القلب، والتصديقُ الاختياري الذي هو أحد قسمي التصديق عند صدر الشريعة، هو أيضًا فعل. وأما التفتازاني فقد علمتَ أنه جعلَ التصديق غير الاختياري من أقسام التصور. قلت: وحينئذ كان الواجبُ عليه أن يقيدَ المَقْسَم بالاختياري، لئلا يلزمُ عليه تقسيمَ الشيء إلى نفسه، وإلى غيره، فإن التصور ليس قسمًا من التصديق، ثم لا يكون ذلك الاختياري إلا فِعلًا. وذهب الصدر الشيرازي في "الأسفار الأربعة": إلى أن العلومَ كلها فعلٌ، وهو عندي حاذقٌ، وما يهزأُ به بحرُ العلوم، فلعدمِ اكتناهِهِ كلامَه. ومن علوم الشيرازي أنه قال: إن الصورَ العلمية ليست قائمةً بالنفس، ولكنها حاضرةٌ عندها حضورَ المصنوعِ عند الصانع، والمخلوق عند الخالق، وإن النفسَ تنشىء الصورَ، كما أن الباري تعالى ينشىء المخلوقات، وإن النفسَ الناطقةَ ماديةٌ في حقيقتها، وإنما تتدرجُ إلى التجردِ بالرياضات. هكذا في تقرير الفاضل عبد القدير الكاملفوري من تلامذة الشيخ رحمه الله تعالى.

مكسوبة، فهي فعلُ القلب قطعًا، وعينُ الإيمان، إلا أن الأوضحَ حينئذٍ أن يقول: وإن الإيمان فعل القلب، لأنه أدلُ على مراده، ولكنه يتفنَنُ في أداء المقصود، فتارة، وتارة. وهو المراد بما نُقل عن إمامنا رضي الله تعالى عنه في «الإحياء»: أن الإيمان معرفة، وهكذا رُوِي عن أحمد رضي الله تعالى عنه أيضًا، إلا أنه إذا نُقل عن الإمام الهُمام رحمه الله تعالى جعلوا يُنكرونَ عليه، وإذا جاء عن أحمد رحمه الله تعالى مروا به كِرَامًا. *أصم عن الشيء الذي لا أريده ... وأسمع خلق اللَّه حين أريد وقد مر نُبذة من الكلام عند تحقيقِ محل الإيمان، وإن الأولى أن يقول المصنف رحمه الله تعالى: وإن الإيمانَ فعلُ القلب، فراجعه. وقد يتخايل أنه أراد منه الردَ على المعتزلة، فإنهم قائلون: بأن المعرفةَ أولُ الواجبات، ثم الإيمان كما مر، فالمصنفُ يردُّ عليهم بأن المعرفة هي فعلُ القلب، فتكون عينَ الإيمان، فهي الواجبُ الأول، لا أن المعرفةَ أمرٌ وراءَ الإيمان، لتكون أولَ الواجبات هي، ثم يكون الإيمانُ بعده واجبًا آخر. {وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} وتقريرُ الاستشهاد على كون المعرفةِ فعلُ القلب، بأن فيها إسنادُ الكسب إلى القلب، فكما أن الكسبَ فعلٌ، كذلك المعرفةُ أيضًا من فعله ومكسوباتِهِ، فمن اعترض عليه بأن الآية في الأيمان لا في الإيمان فهو غافل عن طريقته في الاستدلال. 20 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَمَرَهُمْ أَمَرَهُمْ مِنَ الأَعْمَالِ بِمَا يُطِيقُونَ قَالُوا إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ. فَيَغْضَبُ حَتَّى يُعْرَفَ الْغَضَبُ فِى وَجْهِهِ ثُمَّ يَقُولُ «إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا». تحفة 17074 - 12/ 1 20 - (أمرهم من الأعمال بما يطيقون) وهو طريق الحكيم، أي التشديدُ على نفسه، والتيسير على غيره، وهو طريق الأنبياء. (يا رسول اللَّه) ولم أر صيغة الصلاة في كلامهم عند الخطاب، نعم في الغَيْبَة، وهكذا ينبغي أن يُقتفى آثارهم عند القراءة، فلا يَتَلَفظُ بها في مواضع الخطاب، وهو الرسمُ في الكتاب. {قد غفر الله لك} ... إلخ وجوَّزَ الأشاعرةُ (¬1) وقوعَ الصغائرِ من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبل النبوة وبعدها، سهوًا بل عمدًا أيضًا، ونفاها الماتُرِيْديةُ مطلقًا. والجواب عن الآية ¬

_ (¬1) قال في عقيدة السفاريني قال الحافظ زين الدين العراقي: النبي - صلى الله عليه وسلم - معصومٌ من تعمدِ الذنب بعد النبوة بالإجماع، وإنما اختلفوا في جواز وقوعِ الصغيرة سهوًا، فمنعه الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني، والقاضي عياض، واختاره تقي الدين السبكي، قالَ: وهو الذي نَدِينُ اللهَ به. انتهى مختصرًا. وقال العلامة التفتازاني: وفي عصمتهم من سائر الذنوب تفصيل، وهو أنهم معصومون عن الكفر قبل الوحي وبعده بالإجماع، وكذا عن تعمُّدِ الكبائر عند الجمهور، خلافًا للحَشَوِية وأما سهوًا فجوز الأكثرون. قال: وأما الصغائر فيجوزُ عمدًا عند الجمهور، ويجوزُ سهوًا بالاتفاق إلا ما يدل على الخساسة هذا كله بعد الوحي، قال: وأما قبلَه فلا دليل على امتناعِ صدور الكبيرة. انتهى مختصرًا.

عندي: أن الذنبَ غيرُ المعصية، وههنا مراتب، بعضها فوق بعض، ووضع لكلٍ لفظ، فالمعصيةُ عدولٌ عن الحكم، وانحرافٌ عن الطاعة، ومخالفةٌ في الأمر، وترجمته: نافرمانى فهذا أشدها. ثم الخطأ، وهو ضِدُّ الصواب، وترجمته في الهندية: نادرست. ثم الذنب، وهو أخفها، ومعناه: العيب، فالسؤال ساقطٌ من أولِ الأمر، لأن في الآية ذكرُ مغفرة الذنوب، أي ما يعدُّ عيوبًا في ذاته الشريفة، وشأنِهِ الرفيعة. وقد سمعت: أن حسناتِ الأبرار سيئاتِ المقربين، فلعل ذنوبه من هذا القبيل. فالبحث ههنا بالصغائر والكبائر في غير موضعه، فإن هذا التقسيم يجري في المعصية، دون الذنوب بالمعنى اللغوي، بل هو موهم بخلافِ المقصود. ثم ههنا إشكالان. الأول: أن الأنبياءَ عليهم الصَّلاة والسَّلام كلهم مغفورون، فما معنى التخصيصُ في حقه فقط، مع كونهم مغفورين أيضًا. والثاني: أن مغفرةَ ما تأخر مما لا يُفهم معناه، فإنها تقتضى وجودَ الذنوب أولًا، ولم توجد بعد. والجواب عن الأول: أن الذي هو مختصٌ به هو الإعلان بالمغفرة فقط، أما نفس المغفرة فقد عمتهم كلُّهم، وذلك لأنه قد أبيحت له الشفاعة الكبرى، وقُدِّر له المقام المحمود، فناسب الإعلان بها في الدنيا، ليثبِّتَ فؤادَه يوم الفزع الأكبر، ويسكن جأشه، ولا ترجف بوادره، فلا يتأخر عن الشفاعة الكبرى، التي هي منزلته ومقامه، ولو لم يعلن بها في الدنيا، لتذكَّر ذنوبه أيضًا كما تذكروا، ولما تقدم إليها كما لو يتقدموا، فلما حلت به المغفرة التي لم تغادر شيئًا من ذنوبه، وأعلن بها عن المنائر والمنابر، إلى يوم الحشر، علم أنه هو المأذون فيها. وهو النبي الآسي والرسولُ المُوَاسي: ولهذا المعنى لما عرضت الشفاعة على النبين قالوا: ائتوا محمدًا، فإنه قد غفر له ما تقدم من ذنه، فذكروا هذا الوصف، فالإعلان والاطلاع لهذا، لا لأن المغفرةَ لم تشملهم. والجواب عن الثاني: أما أولًا فبالمنع بأن يقال (¬1): إنا لا نُسلِّم أن المغفرة تَستدعي وجودَ الذنوب أولًا، بل المغفرة على ما يأتي، بمعنى أنك إن صدر عنك ذنب لن نؤاخذه منك، فهي بمعنى عدم المؤاخذة. وأما ثانيًا: فبأن الجميع موجودة في علمه تعالى فصحت المغفرة على الجميع دفعة، لعدم التقدم والتأخر في علمه تعالى. وثالثًا: إن المغفرةَ من أحكام الآخرة، وهناك كلها ماضيةٍ، وإن كان في الدنيا بعضها ماضية وبعضها آتية. وحكمة الاطلاع مرّت. ثم إنه قال الشيخ ولي الله قُدِّس سِرُّه العزيز: إن الوعد بالمغفرة مقتضاه العمل، والاحتياط لا عدم العمل وترك الاحتياط. ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلّم حين سئل عن عبادته مع مغفرة ذنوبه: «أفلا أكونُ عبدًا شكورًا»، فعُلم أن مقتضى المغفرة هو الازدياد في العمل شكرًا، وهذا يفيدك فيما قيل في البدريين: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. (فغضب) ومَوْجِدَةُ النبي صلى الله عليه وسلّم إنما كان لأن سؤالهم كان مخالفًا للفطرةِ السليمة، فكان واجبًا عليهم، أن يفهموه من فطرتهم، وهكذا ثبت منه في مواضعَ عديدة، فإذا أخطأ أحدهم في ¬

_ (¬1) قلت وهذا الجواب على ما أتذكر ارتضى به الحافظ فضل الله التوربشتي في "شرح المصابيح".

14 - باب من كره أن يعود فى الكفر كما يكره أن يلقى فى النار من الإيمان.

موضع، لم يكن موضع الخطأ غضب عليه، وإن كان موضعُ الاجتهاد، أغمض عنه، وستأتي عليك نظائره. (أعلمكم بالله أنا) فمن كان علمه زائدًا كانت عبادتُهُ أيضًا مَرضِيَّة، لأن العبادةَ اسمٌ للطاعة حسب رضى المطاع، فمن كان أزيد علمًا برضى المطاع، كان أفضلُ عبادةً، فإن التقرب يتوقف على معرفة رضاء المطاع، والزمان، والمكان، لا على تَحمُّل المشقة؛ فإن الشيءَ الواحدَ قد يكون أرضى لأحد، ولا يكون اخر، وكذا يكون أرضى له بزمان، دون زمان. فمعرفة هذه الأشياء هي الأهم، فإن الصلاة مشهودةٌ محضورةٌ، وهي عند الطلوع والغروب. مردودةٌ محظورة، فاعلمه فإن الطبائِعَ السافلة يتحرون الفضل في تحمّلِ المشاق، ولذا قيل: إن بعض الأولياء وإن كانوا أزيدَ طاعة كمًا، لكنهم أنقصَ كيفًا عن الأنبياء بمراتب لا تحصى. كما عند الترمذي في كتاب الدعوات (¬1): أن بعضهم كان يسبح الله في كل يوم مئة ألف مرة. وكان أبو يوسف رحمه الله يُصلي مئتي ركعة كل يوم في زمن قضائه، ولا حاجة لنا إلى ذكر ما عند الأولياء من إحياء الليالي وقيامها، وترك الاستراحة، والتبتل إلى الله عز وجل، والاعتزال عن الناس، فإنها أغنى عن البيان. (وأتقاكم) أي تحرزًا عن الشبهات والمناهي، وتصديًا إلى تقرب الله تعالى. 14 - باب مَنْ كَرِهَ أَنْ يَعُودَ فِى الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِى النَّارِ مِنَ الإِيمَانِ. 21 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَمَنْ أَحَبَّ عَبْدًا لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ، وَمَنْ يَكْرَهُ أَنْ يَعُودَ فِى الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِى النَّارِ». أطرافه 16، 6041، 6941 - تحفة 1255 والأَوْلى أن يجعل الجملة بألفاظِهَا مبتدأ، ومن الإيمان خبره. وأراد به البخاري رحمه الله تعالى الردَّ على من ظن أن الاجتنابَ عن الكفر لا يكون إلا بعد تمامية حقيقة الإيمان، كباب المفسدات في الفقه، فإنه يكون بعد باب صفة الصلاة، فهكذا الاجتنابُ لا ينبغي أن يكون بعده، فنبَّه على أنه مع كونه بعد الإيمان من الإيمان. 15 - باب تَفَاضُلِ أَهْلِ الإِيمَانِ فِى الأَعْمَالِ. 22 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، ¬

_ (¬1) رواه في باب ما جاء في الدعاء إذا انتبه من الليل قال: كان عمير بن هانىء يصلي كل يوم ألف سجدة، ويسبح مائة ألف تسبيحة اهـ.

وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَخْرِجُوا مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ. فَيُخْرَجُونَ مِنْهَا قَدِ اسْوَدُّوا فَيُلْقَوْنَ فِى نَهَرِ الْحَيَا - أَوِ الْحَيَاةِ، شَكَّ مَالِكٌ - فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِى جَانِبِ السَّيْلِ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهَا تَخْرُجُ صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً». قَالَ وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرٌو «الْحَيَاةِ». وَقَالَ «خَرْدَلٍ مِنْ خَيْرٍ». أطرافه 4581، 4919، 6560، 6574، 7438، 7439 - تحفة 4407 واعلم أن هذه الترجمة لها ارتباط بما تأتي ترجمة أخرى بعدها، وهي: باب زيادة الإيمان ونقصانه ... إلخ. وأخرج المصنفُ رحمه الله تعالى تحتها حديثَ أنس رضي الله عنه بمعنى حديث الباب، ثم عبّر بالتفاضل ههنا، والزيادة هناك. وقوله: (تفاضل أهل الإيمان في الأعمال) ههنا على حد قولهم: تفاضل أهل العلم في المعاني والفقه، فلا يردُ أن العملَ إذا كان عينَ الإيمان عنده وداخلًا فيه، كان مآلُ الترجمة إلى تفاضل الإيمان في الإيمان، والمفاضلة بين الشيءِ ونفسه محال، فما معنى التفاضل في العمل؟ فإن الفصاحةَ أيضًا داخلةٌ في العلم، ومع ذلك صح قولهم: تفاضل أهل العلم في الفصاحة، فكذلك صح إطلاق التفاضل ههنا أيضًا، وإن كان العملُ داخلًا في الإيمان، ثم إن لفظ التفاضل يستعمل فيما بين الأنبياء، وسور القرآن، ولا يقال فيها: إن هذه زائدة وتلك ناقصة، وكذلك في الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام أيضًا، ولذا قال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} (البقرة: 253) ولم يقل: زِدْنا لإبهامه التنقيصَ في الجانب الآخر، والأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام ليس فيهم دُون ونقص، بل لم أر لفظَ النقصان في الإيمان أيضًا، إلا في آثار عند السفاريني. والحاصل: أن التفاضل في الأشخاص، والزيادة والنقصان في المعاني، فالمصنف رحمه الله تعالى نَظَرَ في هذه الترجمة إلى حال العاملين، فوضع التفاضلَ بينهم. وفيما يأتي نظر إلى نفس الإيمان، فوضع لفظَ الزيادة والنقصان؛ لأنهما يُستعملان في المعاني، ثم أقول في تمايز الترجمتين: إنه تعرض في هذه الترجمة إلى تفاضل الأعمال، وإن كانوا في الإيمان سواء، وفي الترجمة التالية إلى زيادة نفس الإيمان، سواء كانوا متفاضلين في الأعمال أم لا. أو بعبارة أخرى: إن الكلام في هذه الترجمة في الموصوفين، أي المؤمنين بحسب الأعمال، وفي الترجمة الأخرى في نفس صفتهم، وهي الإيمان دون الموصوفين، وإن كان ينجز أحدهما إلى الآخر. وهذا الكلام على مختارِ الشارحين، أما عندي فتلك الترجمة من أشكل التراجم من وجوه. الأول: أن المصنف رحمه الله فرق في الترجمة على الحديثين، فوضعَ ترجمةَ التفاضل على حديث أبي سعيد رضي الله عنه، وزيادة الإيمان على حديث أنس رضي الله عنه، مع اتحادِ مادة الحديثين، وإن كانا متعددين على اصطلاح المحدثين، فإن وحدة الحديث وتعدده يدورُ عندهم على وحدَةِ الصحابي وتعددهِ، لا على اتحاد مضمون الحديث واختلافه،

وبهذا المعنى قالوا: إن في مسند أحمد رضي الله عنه ثلاثين ألف حديث. والثاني: أنه لا ذكر للعملِ في حديث أبي سعيد رضي الله عنه بل فيه ذكر الإيمان فقط، كما يدل عليه قوله: «أخرِجُوا من كَانَ في قلبه حبةُ خردلٍ من إيمان» ففيه ذكر مراتبِ الإيمان فقط، بخلاف حديث أنس رضي الله عنه، فإن فيه ذكرُ الخيرِ، وهو العمل، ولفظه: «يخرجُ من النار من قال: لا إله إلا الله، وفي قلبه وزنُ شعيرةٍ من خيرٍ» فينبغي أن ينعكس حالُ التراجم، ويترجم على حديث أبي سعيد بزيادة الإيمان ونقصانه، لعدم ذكر الأعمال فيه، وعلى حديث أنس رضي الله تعالى عنه بالتفاضل في العمل، لمجيء ذكر العمل فيه، مع أن المصنف رحمه الله تعالى عكس في التراجم. والثالث: أن اللفظين إذا وردا في الحديثين، فلم أخرج في الأصل لفظ الإيمان في حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه والخيرَ في حديث أنس رضي الله تعالى عنه ولم لم يخرج في حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه لفظَ الخير في الأصل، والإيمان في المتابعة. وحاصله: أنه أخرج لفظ الإيمان والخيرِ في الحديثين، وجعل أحدهما أصلًا، والآخر متابعًا، فلم لم يعكس الأمر؟ ولم يجعل التابع أصلًا؟ والأصلُ تابعًا؟ والرابع: أن مسألة الزيادة والنقصان قد كانت مضت مرة، فلم أعادَها مرة أخرى، والشارحان لم يتكلما فيه إلا كلامًا سطحيًا، مع أن المقام يحتاجُ إلى إيضاح وبيان وإتمام والحافظ ابن تيمية رحمه الله وإن تكلم في كتابه على مسألة الإيمان مفصلًا، لكنه لم يلتفت فيه إلى حل تراجم البخاري، ولم يكن ذلك موضوعه، ولو فعل لأحسن. فأقول: أما الجواب عن الرابع فإنه سهل، وهو أن الترجمةَ السابقة لم تكن في مسألة الزيادة والنقصان قصدًا، بل كانت استطرادًا، ولذا لم يُخْرِّج لها حديثًا هناك، وههنا قصدي، فلذا أستدل عليها على نهج كتابه. وأما الجواب عن الثالث: فهو أنه من علوم المصنف رحمه الله تعالى ولا ندري ما وجهه. وأما الجواب عن الأول، والثاني، فلا يتضح إلا بعد المراجعة إلى حديثهما عند مسلم، وسأذكره، ولكن أذكر أولًا جوابَ الحافظ، قال الحافظ رحمه الله تعالى في الجواب عن الأول، والثاني، ما حاصله: إن الحديثين لما كان صالحين لزيادة الإيمان ونقصانه، والتفاضل في الأعمال، ترجم بكل من الاحتمالين، وخصَّ حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه بالتفاضل في الأعمال؛ لأنه ليس في سياقِهِ ذكرُ التفاوت بين مراتبِ الإيمان، فلم تناسب به ترجمةُ الزيادة والنقصان، بخلاف حديث أنس رضي الله تعالى عنه ففيه التفاوت في الإيمان القائم بالقلب، من وزن الشعيرة، والبُرَّة، والذرة. وأجاب عن الرابع: أن الزيادة والنقصان فيما مر كان في الإيمان، وأراد ههنا أن يتكلم في زيادة نقس التصديق ونقصانه. قلت: ما ذكره الحافظ رحمه الله تعالى لا يغني شيئًا؛ لأن المصنف رحمه الله تعالى لم يتكلم في زيادة الإيمان باعتبارِ نفسِ التصديق بحرف، وإنما اختار تركُّب الإيمان والزيادة فيه، سواء كانت من تلقاء الأجزاء، أو الأسباب، ولذا لم يقابل بين

التصديق، والأعمال، ليقال: إنه أراد في حديث أنس رضي الله تعالى عنه إثبات الزيادة والنقصان في نفس التصديق، وإنما الزيادةُ والنقصان عنده باعتبار المجموع؛ فإذن توجيه الحافظ رحمه الله تعالى من باب توجيه القائلِ بما لا يرضى به قائله. وكذا جوابه عن الأول، والثاني، غير نافذ؛ لأن تفاوتَ الموزونات وذكرُ المراتب ورد في حديث أبي سعيد رحمه الله تعالى أيضًا كما هو عند مسلم، ولئن سلَّمنا أن تفاوت المراتبِ ليس في طريق المصنف رحمه الله تعالى خاصة، فلا يصح الجواب أيضًا؛ لأنه لا ذكر للأعمال في حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه عنده، كما أنه لا ذكر فيه لمراتب الإيمان، فحديثه لا يصلح لترجمة التفاضل، كما أنه لا يصلح لترجمة الزيادة والنقصان، فكيف ترجم بالتفاضل في الأعمال؛ فكلام الحافظ رحمه الله تعالى يصلح جوابًا عن عدم ترجمته بالزيادة والنقصان، لا عن ترجمته بالتفاضل في الأعمال. وحينئذٍ أقول: إن البخاري رحمه الله تعالى إنما خصص حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه بالتفاضل في الأعمال لأمرين. الأول: أنه رحمه الله تعالى نظر إلى روايتهما المفصلتين: فحديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه أخرجه مسلم في «صحيحه» مفصلًا، وفيه ذكر الأعمال أيضًا. ولفظه: «يقولونَ ربنا كانوا يَصُومون مَعَنَا ويُصلُّونَ ويحُجُّون، فيقال لهم: أخْرِجُوا من عَرَفْتُم» ثم ذكر بعده مراتبَ الخير على الترتيب وفي آخره: «فيقبض الله قبضة من النار فيُخرجُ منها قومًا لم يَعْمَلوا خيرًا قطُّ» وليس فيه ذكرُ الإيمان، وكلمةُ التوحيد، وإن كان معتبرًا قطعًا لكونه مفروغًا عنه؛ فإن الأعمال لا عبرة لها بدون الإيمان. وأما حديث أنس رضي الله تعالى عنه فلم نجد فيه ذكر الأعمال في أحد من طرقه؛ بل فيه بعد ذكر الشفاعة «فمن كان في قلبه مثقال حبة من برة أو شعيرة من إيمان فأخرجه»، وليس في آخره ذكرُ العمل، ولعل نظر المصنف إلى هذين المفصلين، وحينئذٍ لا شك أن الطريقَ الأول لاشتماله على ذكر الأعمال يصلح لترجمة التفاضل في الأعمال، وكذا الثاني أيضًا يصلُح لما ترجم به. والثاني: أنه أخرجَ لفظَ الإيمان في حديث أبي سعيد رضي الله عنه، وعيَّنَ مُرَاده بذكر المتابعة، «بالخير» وهو العمل، فكأنه نبَّه على أن المراد من مراتبِ الإيمان في حديث أبي سعيد رضي الله عنه، إنما هو مراتبُ الأعمال، فجعل لفظ الإيمان مفسَّرًا، والخير مفسِّرًا «بالكسر» وإطلاقُ الإيمانِ على الخير جائزٌ عنده، بل هو أوضحُ في مراده، وعَكَسَ في حديث أنس رضي الله تعالى عنه، فأخرج لفظَ الخير في الأصل، وعيَّنَ مراده بإخراج لفظ الإيمان في المتابعة، فلما اختلف محطُّ الفائدة في سلسلة أسبابِ النجاة في الحديثين، بكون الأعمالِ في الأول، ومراتبُ الإيمان في الثاني، وضع عليهما التراجم كما ترى، ونبَّه عليه بإخراج المتابعات، شرحًا لما في المتن. بقي أنه لم جعل الإيمانَ أصلًا والخير متابعًا في حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه،

على عَكْسِ حديث أنس رضي الله تعالى عنه؟ فقد مر مني أنه من علوم المصنف رحمه الله تعالى. والحاصل: أن حديث أبي سعيد لما اشتمل على ذكر الإيمان في الأصلِ، ولا بد أن يكونَ هناك أحدٌ أهلًا للإيمان أيضًا، فأخذ منه لفظَ أهلِ الإيمان، وأخذ من متابعة الخيرِ لفظَ الأعمال، وركَّبَ من مجموعِ الأصل والمتابعة ترجمة، فقال: تفاضل أهل الإيمان في الأعمال، وفي حديث أنس رضي الله تعالى عنه جعل الخيرُ إيمانًا للمتابعة، ثم أخذَ من المجموعِ ترجمة زيادة الإيمان ونقصانه، وقد مرّ مني أنه لم يكن جرى ذكرُ تلك المسألة، على طريق المترجم له، بل كان ذكرُها استطرادًا، فأراد أن يذكرها على طريق المترجم له أيضًا، كما قاله الحافظ رحمه الله تعالى: هذا كلام على ترجمة المصنف رحمه الله تعالى. أما الكلام في الحديث ففيه أيضًا غموضٌ ودقة: الأول أن المراد من الخير ما هو؟ والثاني: أن الذين يخرجون في الآخر من هم؟ فاعلم أنه اتفق الشارحون على أن الخير في الحديثين زائدٌ على نفس الإيمان، لقوله تعالى: {أو كسب في إيمانِها خيرًا} (الأنعام: 158) فهذا دليل واضح على أن المرادَ من الخير هو العملُ الزائدُ على الإيمان، وكذا قوله تعالى: {فمن يعملْ مثقالَ ذرةٍ خيرًا يَرَه وَمَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذرةٍ شرًا يره} وأرادوا بالخير فيهما ما يعم الجوارح والقلب. قلتُ: أما الخير في حديث أبي سعيد، فالمراد به أعمال القلب فقط، كحسنِ النية، وغيره، لأن فيه ذكر الخير بعد أعمال الجوارح؛ لأن الشفعاءَ لما يخرِجُونَ مَنْ كَان عندهم أعمال الجوارح. يقولون: ربنا ما بقي فيها أحدٌ مما أمرتنا به، وهم أصحاب أعمال الجوارح. فيقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقالٌ دينار من خير فأخرِجوه إلى آخر المراتب، فلا بد أن يراد من الخير غير أعمال الجوارح، فإنهم أُخرجوا في المرة الأولى، وإنما أذن في هذه المرة فيمن كان عندهم خير على مراتبه، فلا يكون إلا من الأعمال القلبية. وأما في حديث أنس رضي الله تعالى عنه، فالمرادُ فيه من الخير هو نورُ الإيمان، وانفساحه وانبساطه، دون العملِ القلبي، بل ما هو من آثار الإيمان؛ لأنه لا ذكر في حديث أنس رضي الله تعالى عنه للأعمال أصلًا، بل فيه ذكر مراتبُ الخير من أول الأمر، مع ذكر لا إله إلا الله، فيكون قرينة على أن المرادَ منه ما هو من لواحق لا إله إلا الله، كالنماء مثلًا، ولأن في حديث أنس رضي الله تعالى عنه في بعض ألفاظه: «مثقال حبة برة أو شعيرة من إيمان»، فهذا دليل على أن تلك المراتب يجب أن تكون من الإيمان، فلذا جعلتُ الخيرَ فيه من لواحقه، وثمراته، بخلاف حديث الباب، فإنه لا ذكر فيه للإيمان في اللفظ، وإن كان معتبرًا قطعًا، فلا علينا أن لا نريد فيه من الخير آثار الإيمان، مع أنه لا إيماء فيه في اللفظ إلى مراتب نفس الإيمان أيضًا. وحينئذٍ فالتفاوتُ في حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه راجع إلى أعمال القلب، والتفاوت في حديث أنس رضي الله تعالى عنه إلى ما هو من آثار كلمة الإخلاص، وعلى هذا

التقرير فالأصل في حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه لفظ: الخير وإنما أخرج المصنف رحمه الله لفظَ الإيمان في الأصل، والخيرَ في المتابعة، تنبيهًا على أن المراد من الإيمان ههنا هو الخير، الذي هو من الأعمال، وعكسَ في حديث أنس رضي الله تعالى عنه للتنبيه على أن المرادَ من الخيرِ هو الإيمانُ. فإن قلت: إنك جعلت الخيرَ في حديث أنس رضي الله تعالى عنه من آثار الإيمان، وآثارُ الشيءِ غيره، فلا يثبت الزيادة والنقصان في الإيمان، وهو خلافُ ما رَامَه المصنف رحمه الله تعالى. قلت: وقد مرّ مرارًا أن آثارَ الإيمان عند المصنف رحمه الله تعالى أيضًا من الإيمان، فلا بأس في تفسيره الخير بالإيمان، والتفاوتُ فيها يكون عين التفاوت في الإيمان. ثم اعلم أن حديث أنس رضي الله تعالى عنه عند مسلم مفصل ومجمل، وليس في المفصل ذكرُ كلمة الإخلاص، إلا في المرتبة الرابعة، وهم الذين يقول النبي صلى الله عليه وسلّم فيهم: «ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله، قال: ليس ذلك لك»، والمراتبُ الثلاثةِ قبلها لا ذكرَ فيها للكلمة، وهي مرادةٌ قطعًا، فإنها مذكورة في الثلاث منها في الطريق المجمل، ولفظه: «يخرجُ من النار من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يَزِنُ شعيرة» إلى آخر المراتب وإنما حَذَفَها من المفصَّل؛ لأن المقصودَ ذكرُ ما به الفرق دون ما هو مشتركٌ في الكل، فحذفَ المشتركَ، وذكرَ المختص. وعلى هذا الفرقُ بين حديثي أبي سعيد رضي الله تعالى عنه وأنس رضي الله تعالى عنه، أما أولًا: فبذكر الأعمال في حديث أبي سعيد رضي الله عنه، دون أنس رضي الله تعالى عنه. وأما ثانيًا: فبأن الخير في حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه من أعمال القلب، وفي حديث أنس رضي الله تعالى عنه من متعلَّقات لا إله إلا الله وآثاره، فالخير في حديث أنس رضي الله تعالى عنه من متعلَّقات الكلمة، لا من الأعمال القلبية، وفيه إيماءٌ إليه أيضًا دون حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه، لعدم ذكر الكلمة في حديثه في أحد من طرقِه، ولعلك علمت مما قلنا أن الخيرَ عندي زائد على الإيمان في كلا الحديثين، إلا أنه من أعمال القلب في حديث الباب، ومن متعلَّقات الإيمان في حديث أنس رضي الله عنه؛ بخلاف ما اختاره الشارحون، فإنهم جروا فيهما على طريق واحد. ثم إن المراتب في الحديثين مشتبكة، والأخيرة مشتركة، فالذين أخرِجُوا في المرة الأخيرة، في حديث الباب، هم الذين أُخْرِجُوا في حديث أنس رضي الله عنه، وهم الذين ليس عندهم عملٌ من عمل الجوارح، ولا عندهم شيءٌ من أعمال القلب، ولا من ثمراتِ الإيمان شيء، وإنما يُخْرِجُهُم أرحمُ الراحمينَ بلا عملٍ عملوه، ولا خيرٍ قدَّموه. بقي الكلامُ على الأمر الثاني: أي الذين يخرجُون بلا عمل، من هم؟ فالشيخ الأكبر رضي الله عنه لما رأى أنَّ هؤلاء عندهم التوحيد فقط، وليست عندهم الشهادةُ بالرسالة: ذهب إلى أنهم أهل الفترة، وإذ لم يدركوا زمن الرسالة؛ فنجاتُهم تدورُ على التوحيدِ فقط. أقول: ليس الأمرُ كما قاله الشيخ الأكبر رحمه الله، بل هم الذين عندهم التوحيد

والرسالة، وإنما اكتفى بذكر التوحيد، لأن تلك الكلمة صارت شعارًا للإسلام وعُنوانًا له، فتضمنت الشهادة بالرسالة واستغنت عن ذكرها صراحة. ثم عندي حديثٌ قويٌ في امتحان أهل الفترة في المحشر، بأنهم يُؤمرونَ أن يلقوا أنفسهم في النار، فمن ائتمر منهم نجا، ومن أبى هلك، وكذا من زعم أنهم الذين عندهم القول بها فقط، أي مع ذهولٍ عن التصديق في الباطن، فقد أخطأ، لأنه لا عبرة به عند الشرع، فالمرادُ من هؤلاء الذين عندهم الإيمان والتصديق بالشهادتين؛ إلا أنه ليس عندهم من العمل والخير شيء، فيخرجون بمجرد بركة كلمة التوحيد ولا عمل، ولا خير، ولا شيء، ونحن نجيبُ المصنف رحمه الله تعالى عن استدلاله: أن الخير زائدٌ على الإيمان، فلم يُثبتُ الزيادةَ والنقصانَ في نفس الإيمان، بل في الخير، وقد مرّ أنه عبارة عن نور الإيمان، وهذا أمر زائدٌ على الإيمان، وإن كان المصنف رحمه الله تعالى يَعُدُّه من الإيمان، إلا أنه ليس مما نحن بصدده، وهو الإيمان الذي تدور عليه النَّجاة، ولما أُخرج من النار من لم يكن عنده عمل ولا خير أيضًا تبين أنّ مدار النجاة هو تلك الكلمة، وهي: الإيمان لا يزيد ولا ينقص. ثم إن النُّكْتَةَ في ذكرِ توحيدهم، وحذفِ شِهادتهم بالرسالة، وانفرادُ أرحمُ الراحمينَ بإخراجهم، أن هؤلأَ ليسوا بمختصين بتلك الأمة؛ بل هم من جميع الأمم، فراعى فيهم جهةَ العبُوديَّة فقط، دون الأممية، فإنها باعتبار الرسل، فحينئذٍ ناسب ذكر التوحيد، فإنه يشترك في الكل، بخلاف الرسالة، فإنها تتبدلُ بحسبِ الأعصار والأزمنة، فلذا ذكرَ الكلمةَ المتقرِّرة، وهي كلمة التوحيد، وحذفَ المتبدِّلة، وهي الشهادة بالرسالة (¬1). ثم هذا كله إذا كان حديثُ أبي سعيد رضي الله عنه، وأنس رضي الله عنه، متعددًا وأما إذا كان واحدًا، فينبغي أن يستحصلَ مرادُهما بعد جمعِ الطرقِ، ورعاية الألفاظ، وحينئذٍ وجهُ التغايرُ في التراجم عدمُ تعيين اللفظ عنده. ¬

_ (¬1) قلت: وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)} [الأنبياء: 25] فاكتفى بذكر التوحيد مع أنهم قالوا بالرسالة أيضًا. لأن الكلمة التي تتضمنُ الشهادة بالرسالة لم تكن مشتركة فيهم اشتراك التوحيد، فلما أراد الله سبحانه أن ينبِّه على الكلمةِ المشتركةِ، اقتصر على ذكر التوحيدِ لأنه حقه، والشهادة بالرسالة حقُّ الرسول، ثم إنه لما ظهرت شفاعةُ الملائكة، والنبيين، والصالحين، وأخرجَ من شفاعتهم مَن لا يعلمُ عددَهم إلَّا الله، وصل الأمرُ إلى أن تظهرَ رحمتهُ تعالى بحيثُ تفوقُ شفاعاتهم، كيف لا وهو أرحمُ الراحمينَ رحمة، وأبرَّهم بِرًا، وأكرمُهم كرامة، وأجودُهم جُودًا، فخصَّ لنفسه بمن لم يكن عندهمُ من العمل والخير شيء، ولم يأذن فيهم أحدًا، لأن حقَّ الشفاعة بين يدي الملك الجبار يكونُ فيمن عندهم شيء، أما من كان مجرمًا وكان أمرُه فُرُطًا، فإنه يُحشر يومَ القيامة أعمى، ولذا قال عيسى ابن مريم عليه السلام مع كونه أحْنَى على أمته {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} [المائدة: 118] ولم يواجهه بالمغفرة بتًا، وإنما هو الله تعالى يُخرجُ هو بنفسه من حُجزت عنهم شفاعة الشافعين، ليقال: إنهم عُتقاء الله، عْتِقُوا بمجرد بركة اسمه العزيز، ولذا اكتُفي بذكر كلمة التوحيد ليظهرَ وجهُ انفرادِ ذاته الوحيدة، إنه حميد مجيد، هكذا سمعتُ من شيخي رحمه الله تعالى مع بعض تغيير.

حكمة بالغة

وقد تحقق عندي أنه إذا لم يُبْد عنده ترجيح بين ألفاظ الحديث، يترجم على كلِ واحدٍ منها ترجمةً مناسبةً له، كما فعل في قوله صلى الله عليه وسلّم «إذا أمَّن الإمام فأمنُوا» وفي لفظ: «إذا أمّن القارىء» فالحديث واحد، فأخرج الأولَ في الصلاة: لأن لفظ «الإمام» يناسبُها، ووضع ترجمة مناسبة. وأخرج الثاني في الدعوات، فإن القراءةَ لا تنحصر في الصلاة، بل تكون خارجَها أيضًا. والذي عندي أن تُدَارَ المسألة على القدر المشترك، ولا ينبغي أخذها عن خصوصِ لفظ، فإنه لا يتعينُ أنه لفظُ صاحب الشريعة أو لفظ الراوي، والله أعلم. حكمةٌ بالغة واعلم أن كلمةَ الإخلاص، لاستئصال الإشراك في العبادة، دون الإشراك في الذات، وعليه تُبنى دعوةُ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، لأن منكري الربوبية أو المشركين في الذات كانوا أقل قليل، فلم يريدُوا بتلك الكلمة إلا الردَّ على الذين كانوا يشركون في العبادة، كما حَكى اللَّهُ تعالى عنهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] يعني أن الله سبحانه واحدٌ، وهؤء مقرِّبون إليه، والعياذ بالله. وقال تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [العنكبوت: 65] وقال تعالى: {إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} [الصافات: 35] ولم يقل: يجحدون، فعلم أنهم لم يكونوا منكرين لتلك الكلمة رأسًا، لأن الاستكبار بعد العلم، وقد مر أن أول من بعث لدحض الكفر هو نوح عليه الصَّلاة والسَّلام، وقبله لم يكن إلا الإيمان فقط، ثم جاء إبراهيمُ عليه الصَّلاة والسَّلام وقابل مع قوم نمروذ، وكانوا يشركون في العبادة، فردّ عليهم بأبلغَ وجه وأتمَّ تفصيل. وعلى هذا فالملةُ الإبراهيمية هي استئصال الإشراك في العبادة. بقي موسى وعيسى عليهما الصَّلاة والسَّلام فلم يكونوا بعُثوا في مُقابلةِ الكفر، بل إلى بني إسرائيل، وكانوا مسلمين باعتبار قومهم، لأنهم كانوا من أولادِ يعقوب عليه الصَّلاة والسَّلام، ثم جاء بعدهم كلهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلّم وقد انمحت آثار الأنبياء، واندرست تلك الكلمة، وانقطعت عن أصلها وفرعها، حتى لم يكن يعرفُها أحدىٌ. فأحيانها، وأسسها، وأقامها على سُوقِها، ليغيظ بها الكفار، فمن عَرَف تلك الكلمة، أو قالها، فقد قالها مقلدًا إياه صلى الله عليه وسلّم لأنه هو الذي أحياها وعلَّمَها الناس، ولذا يقال له: إنه على الملةِ الإبراهيمية، وحينئذٍ القول بتلك الكلمة فقط تضمن الشهادة بالرسالة أيضًا، وعليه فليحمل حديث مسلم: «من قال: لا إله إلا الله دَخَلَ الجنة» ليس معناه ولو بدون الشهادة بالرسالة، بل معناه أن من قال تلك الكلمة مقلِّدًا ومقتديًا به صلى الله عليه وسلّم دَخَلَ الجنة، فإنه قد أقر بالرسالة وشهد بها أيضًا، حتى أنهم صرحوا أن أحدًا لو قالها بدون تقليده صلى الله عليه وسلّم كسنوح السوانح، لا يكون من الإيمان في شيء، فظهر منه وجه آخر لحذف الشهادة بالرسالة في الحديث. ثم اعلم أن صيغة الشهادة غلبت عليها جهة الإيمان، وليست من عامة الأذكار، بخلاف لا إله إلا الله، فإن فيها جهة كونها ذكرًا من الأذكار أيضًا، بخلاف الشهادة بالتوحيد والرسالة، فإنها ليست ذكرًا، بل هي إيمان، ولذا إذا تذكر الشهادة بالتوحيد، تضم معها الشهادة بالرسالة

16 - باب الحياء من الإيمان

أيضًا، فإن الإيمان لا يتم بدونها، وتلك الكلمة بدون لفظ الشهادة قلما يذكر معها الجزء الثاني، لأنه تنتقل ههنا إلى الأذكار ويُراد بها أصحاب هذا الذِّكر، فمعنى قوله صلى الله عليه وسلّم «ائذن لي فيمن قال: لا إله إلا الله» أي في أصحاب هذا الذكر، وهم الذين أدوا الشهادتين. ولا تَظُننَّ أن المراد من أصحاب هذا الذكر هم الذين ذُكروا بتلك الكلمة مرارًا، فإنهم أصحاب الأعمال، بل أريدُ به أنه صار عنوانًا للمسلمين لأجل هذا؛ فَذَكَرَ العُنوانَ المشهورَ وأرادَ المعنونَ المخصوص، وإنما عنونَهم بذلك ليُعلم وجهُ خروجهم من جهنم بدون عمل وخير. وهذا وجه ثالث لحذفِ ذكرِ الشهادة بالرسالة، فدونك رابعًا أيضًا، وهو أن لا إله إلا الله لا تزالُ تَبقى المعاملةُ بها إلى الأبد، لأن الأذكارَ تبقى في الجنة أيضًا، وقد مرّ مني أنّ فيها جهة الذكر أيضًا بخلاف: محمد رسول الله، فإن فيه جهة الإيمان فقط، وليست فيه جهة الذكر، وإنما الذكرُ في حقه صلى الله عليه وسلّم هو الصلاة عليه، لا تلك الكلمة، فالمعاملة مع تلك الكلمة، وهي القول بها تنتهي بانتهاء تلك الحياة وليست معها معاملةٌ بعد انقطاع تلك النشأة، بخلاف كلمةِ التوحيد، فإن معها معاملة في المستقبل أيضًا، ولذا وردت في الحديث تلك الكلمة فقط، دون محمد رسول الله، فإن القول بها مضى في الدنيا، وأما في الجنة فليس هناك إلا الأذكار، وهو ليس منها. 23 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَىَّ، وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثُّدِىَّ، وَمِنْهَا مَا دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَىَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ». قَالُوا فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الدِّينَ». أطرافه 3691، 7008، 7009 - تحفة 3961 23 - (قميصه يجره) هذا من عالم الرؤيا فلا تجري فيه مسألة الإسْبَال. (تأولت) والتأويل عند السلف طلب المآل، وبيان المراد كما في قوله تعالى: {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ} أي مرادها ومصداقها، لا ما أصطَلَحَ عليه المتأخرونُ من صرف الكلام عن الظاهر. (الدين) فإن القميص كما يكون وقايةً للاّبس من الحر والقر والوقاحة، كذلك الدينُ يكونُ حافظًا لعرضِهِ في الدنيا والآخرة. 16 - باب الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ 24 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِى الْحَيَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ». طرفه 6118 - تحفة 6913 وقد مر منى أن الحياءَ كالأمانة مقدمةٌ للإيمان عندي، والأمانةُ وصفٌ يعتمدُ بها الناس على حاملها في أنفسهم، وأموالهم، وليست بمعنى الوديعة التي في الفقه، ولذا أنكرت الأرض

17 - باب {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم} [التوبة: 5]

والسموات عن حملها، حين عرضت عليهن، لأنهنّ لم يكُنَّ بهذه المثابة، ولم يكن حاملة لتلك الأوصاف، وإنما سبق بها الإنسان مع ضَعفه؛ لأنه كان حاملًا لهذه الأوصاف، وبعبارة أخرى: إعطاء كل ذي حق حقه، ووضعُ كل شيء مكانه أمانةٌ، وضِدّها غش، وهو: حطُّ الشيء عن مرتبته، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلّم ما معناه لأنس «يا بُنَيَّ إن قَدَرْتَ أن تُصبحَ وتُمسيَ وليس في قلبك غشٌ لأحد فافعل ... إلخ» ثم المصنف رحمه الله يجعل «مِنْ» تبعيضية، ونحن نجعلها ابتدائية كما قررنا. 17 - باب {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5] 25 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو رَوْحٍ الْحَرَمِىُّ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّى دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ». تحفة 7422 - 13/ 1 غرض المصنف رحمه الله: أن تلك الأعمال من الإيمان، فكما أنه لا نجاةَ في الآخرة بدون الأعمال كذلك لا يُكفُّ القتال عنهم في الدنيا إلا بها. قال الإمام الشافعي ومالك رضي الله عنهما: إن تارك الصلاة يقتل حدًا لا كفرًا. [الفرق بين الحد والتعزير، والكلام في تارك الصلاة] والفرق بين الحد والتعزير، أن الحد لا يمكنُ ردُّه للقاضي أيضًا، فإنه من حقوق الله تعالى، بخلاف التعزيز فإنه مفوض إلى رأيه. وقال أحمد رضي الله عنه: إنه يقتل كفرًا، وقال إمامنا الأعظم رضي الله عنه: إنه ليس بكافر، ولا يقتل، ولكنه يُحبس ثلاثًا، فإن عاد إلى الصلاة فبها وإلا يضُرب ضربًا يتفجر منه الدم، نعم، لو قتله الإمام تعزيرًا وسع له كما وسع له قتل المبتدع. قلت: وجاز في السرقة للقاضي أن يقطع اليد تعزيرًا، وعليه أحملُ ما وقع فيه القطع فيما دون عشرة دراهم، وتمام البحث يجيءُ في السرقة إن شاء الله تعالى. وقد قال لي بعض الفضلاء: إن في تذكرة المخدوم (¬1) هاشم السندهي إشارة إلى جواز قتل تارك الصلاة عندنا ¬

_ (¬1) وهو من قضاة البلدة طهطها ومعاصر للشاه ولي الله رحمه الله تعالى، ولم يتيسر له لقاؤه غير أنه حصلت له الإِجازة من كتابته. (قلت): ولعله يكون إذ ذاك صغيرًا، وكانت عنده ذخيرة من الكتب النادرة، والأسف على أنه لم يبق اليوم في ذريته أحد من العلماء ولم يبق لكتبه حافظٌ إلّا دابةُ الأرض، فإنا لله وإنا إليه راجعون. هكذا وجدناه فيما ضبطه الفاضل عبد القدير من تقارير الشيخ رحمه الله تعالى. ثم النووي من المفيدين عندي، وقد لا يُعدل في حق الحنفية والمفيدُ عندي من يأتي بكلام القوم مع إيضاح وبيان من قبله، أما من خاض اللجج، واقتحم الغِمار، وحل المعضِلات، ونقح كلمات القوم، وميز بين المَفرِّط والمُفرِط، فهو محقق عندي وقليل ما هو. هكذا سمعت من حضرة الشيخ رحمه الله تعالى.

تعزيرًا، ولنا عند أبي داود عن أبي مَحَيريزٍ أن رجلًا من بني كِنَانَة يُدعى المَخْدَجِيَّ سَمِعَ رجلًا بالشام يُدعى أبا محمد يقول: إن الوترَ واجبٌ، قال المخدجي: فَرحتُ إلى عُبادة بن الصامت رضي الله عنه فأخبرتُه، فقال عُبادة رضي الله عنه: كذب أبو محمدٍ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: خمسُ صَلَواتٍ كَتبهنَّ اللَّهُ على العباد، فمن جاء بِهنَّ لم يضيِّعْ منهنَّ شيئًا استخفافًا بحقِّهن، كان له عند الله عهدًا أن يُدخِله الجنةَ، ومن لم يأت بِهنَّ فليس له عند الله عهدٌ، إن شاء عَذَّبه، وإن شاء أدخَلَه الجنة. انتهى. فلو كان تاركُ الصلاة كافرًا لجزم بدخوله النار، ولكنه أبقى أمره تحت المشيئة، فعُلم أنه مسلم فاسق. ونقل فيه مناظرة الإمام الشافعي وأحمد رضي الله عنهما. قال الشافعي لأحمد رضي الله عنه: سمعتك تقول. إن تارك الصلاة كافرٌ، قال: نعم، قال: فما سبيل إسلامه؟ قال: أن يصلى، قال: وهل تُقبل صلاة الكافر؟ فسكت أحمد رضي الله عنه. بقى تواتر السلف بإطلاق الكفر على ترك الصلاة، فالأمر عندي أنه بمعنى كفرٍ دون كفر، لأني لا أعلمُ من حالهم إلا أنهم عاملوا مع أمراء الجور معاملة الفُساق، حتى صلوا على جنائزهم وصلوا خلفهم الفرائض، وتمسك النووي رضي الله عنه بحديث الباب على قتلِ تارك الصلاة. وفيه نظر؛ لأن القتال غير القتل (¬1). وفي الحديث ذكر القتال، دون القتل، والقِتَال بمعنى الجِدال، كما في الحديث «أقتالًا يا سعد؟» وما عند الترمذي «فليقاتله» لمن مر بين يدي ¬

_ (¬1) قاله الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد وهو من أعيان القرن الثامن، ويقال إنه شافعي، ومالكي. قال الشاه عبد العزيز في "بستان المحدثين": إنه لم يخل رجلٌ مثله أجود علمًا، وأدق نظرًا لا في السلف، ولا في الخلف، وله كتاب شهر بين الأنام يُسمى "بالإِلمام" في خمسة عشر مجلدًا، ولم يطبع وليس مفقودًا، وقد طالعت نُسخته، وله شرح يُسمَّى "بالإِمام" وقد طبع من إملائه "إحكام الأحكام"، وروي، أن الحافظ شمس الدين الذهبي ذهب إليه مرة، وكان الشيخ في شغل له، فسلم عليه، فرد عليه السلام، وقال: من أنت، وقد كان سمع اسمه، دون لقبه، فأجابه باسمه، ولم يذكر لقبه، فسأله الشيخ رحمه الله تعالى عن أبي محمد الكاهلي من هو، فأجاب من ساعته أنه: سفيان بن عيينة، فنظر إليه الشيخ من القَرَن وهو المقرون الحاجبين مختار الصحاح ص 222 مادة (قرن) إلى القدم، وكأنه تحير من سرعة جوابه، وكان الشيخ رحمه الله تعالى معاصرًا لابن تيمية رحمه الله تعالى ولم أر في التراجم أن الحافظ رحمه الله تعالى لقي الشيخ رحمه الله تعالى أم لا، مع أن الحافظ رحمه الله تعالى أقام بمصر إلى زمان، وكان الشيخ رحمه الله تعالى أيضًا هناك، فإن لم يكن لقيه فكأنه لم يحسن وكان الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى من أهل الطريقة صاحب الكرامات الباهرة، معتدل المزاج، لم يكن يتعصب للمذهب، ويتكلم بغاية الانصاف، حتى أنه ربما يأتي بكلام يفيد الحنفية ويترشح منه أنه يقصده، بخلاف الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى فإنه لا ريب أنه حافظ يتكلم في غاية المتانة والتيقظ، لكنه لا يريد أن ينتفع الحنفية من كلامه ولو بجناح بعوضة، فإن حصل فذلك بلا قصد منه، ونظيرُه في العدل والنصفة منا، الحافظ الزيلعي رحمه الله تعالى، وكان أيضًا من أهل الطريقة، وقد جربتُ من أهل الطريقة ذلك العدلُ والانصافُ، ونرجو منهم فوق ذلك فإنهم عباد الله، والشيخ ابن الهمام رحمه الله تعالى أيضًا من أهل الطريقة وهو منصفٌ أيضًا غير أنه قد يخرجُ عن الاعتدال يسيرًا حماية لمذهبه. كذا في تقرير الفاضل عبد القدير والفاضل عبد العزيز، ملتقطًا من المواضع المتفرقة ومعربًا.

المصلى، فمن هذا الباب، وكتب النووي رحمه الله تعالى تحته مسائل الدِّية: بأنه لو قتل المارِّ أحدٌ هل يجبُ به الدِّية أم لا؟ فأوهم أن المراد من المقاتلة القتل، وهو غلطٌ، وكان الأولى أن لا يكتب هناك تلك المسائل. فإن الحديثَ لا تعلق له بمسألة القتل، وذكر تلك المسائل يوهم ذلك. ثم عن محمد بن الحسن رحمه الله تعالى أنه يقاتلُ مع قوم تركوا الخِتَان، أو الآذان، وفهِمَ منه بعضهم أن الأذان عنده واجب. قلت: (¬1) بل القتال إنما هو على تركِ شعار الإسلام والأذان، والخِتَان، من شعارِهِ فمن نَسَبَ إليه وجوب الأذان منا فقد توهمَّ من هذه المسألة، فإذا ثبت عنه جواز القتال من هؤلاء، فمن تارك الصلاة أولى. ثم ههنا مهم (¬2): وهو أنه كيف امتنع عمر رضي الله تعالى عنه عن قتال مانعي الزكاة مع هذا الحديث الصريح؟ والحل ما في رسالتي: «إكفار الملحدين» وأوضحته في مواضع، وخلاصته: أن اختلاف الشيخين إنما كان في غرض مانع الزكاة، فجعله عمر رضي الله تعالى عنه بغيهم، وجعله أبو بكر رضي الله تعالى عنه الرِّدة، من حيث إن الإيمانَ اسم لالتزام كل الدين، فمن فرق بين الصلاة والزكاة، فكأنه لم يؤمن بالكل، ومن لم يؤمن بالكل، فهو كافر قطعًا. وهو نظر الحنفية: أن الإيمانَ لا يزيدُ ولا ينقص، لأنه لاتشكيك في الالتزام وقد مر الخلافُ في تحقيق الواقعة، والكشف عنها ولو تحقَّق عند عمر رضي الله تعالى عنه أنهم أنكروا الزكاة رأسًا لأكفرَهَم هو أيضًا، ولم يتردد أصلًا، وذكر مثله العلامة الحافظ الزَّيلعي رحمه الله تعالى في «تخريج أحاديث الهداية» من الجزية وفي «المستدرك» عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: لأن أكون سألت رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن ثلاث أحب إليّ من حُمْر النَّعم»، وذكر منها قومًا قالوا: نقرُّ بالزكاة في أموالنا، ولا نؤديها إليك، أيحلُّ قتالهم؟ انتهى مختصرًا. وهذا حديث صحيح على شرط الشيخين. فعُلم منه أنهم لم ينكروا الزكاة رأسًا، كيف ولو أنكروها عن أصلها ¬

_ (¬1) قال النووي: إن هذا الحديث يُستدل به على وجوب قتال مانعي الصلاة، والزكاة، وغيرهما من واجبات الإسلام، قليلًا كان أو كثيرًا. قال الشيخ العيني رحمه الله تعالى: فعن هذا قال محمد بن الحسن رحمه الله تعالى: إن أهلَ بلدة، أو قرية، إذا أجمعوا على ترك الأذان، فإن الإمام يقاتلهم، وكذلك كل شيء من شعائر الإسلام. اهـ. قال الشيخ: ومن هنا صار الحديث معمولًا به عندنا أيضًا فإنه لما جاز القتال من تاركي الأذان، فمن تاركي الصلاة بالأولى. (¬2) وقد تعرض إليه العيني رحمه الله تعالى وراجع كلامه، وحينئذٍ تقدر قدر كلام الشيخ قدس الله سره نعم ذكر العيني رحمه الله تعالى كلامًا وهو مفيدًا. قال وسأل الكرماني ههنا عن حكم تارك الزكاة ثم أجاب بأن حكمهُ حكم تارك الصلاة، ولهذا قاتل الصديق رضي الله تعالى عنه مانعي الزكاة. فإن أراد أن حكمهما واحدٌ في المقاتلة فمسلم، وإن أراد في القتل فممنوعٌ؛ لأن الممتنع من الزكاة يمكن أن تؤخذ منه قهرًا بخلاف الصلاة، أما إذا انتصب صاحب الزكاة للقتال لمنع الزكاة فإنه يقاتل، وبهذه الطريقة قاتل الصديق رضي الله تعالى عنه مانعي الزكاة، ولم يُنقل أنه قَتَلَ أحدًا منهم صبرًا. اهـ.

18 - باب من قال إن الإيمان هو العمل

لما كان في كفرهم موضعُ رَيبٍ لمن له أدنى علم، فإنها من الضروريات وإنكارُها كفرٌ لا محالة، وإنما زعموا أن الزكاةَ جبايةُ مالٍ، كما يجبي السلطان من الرعايا جبايات من جهات، فكانت إلى النبي صلى الله عليه وسلّم في عهده، وإذا وَلَّيْنا نحن ولاةً منا فقد سقطت، وبقيت كسائر الجبايات على رأى الوالى. ومنصبُ الخلفاء عندي فوق الاجتهاد، وتحت التشريع، من حيث أن صاحب الشريعة أمرنا باقتدائهم مطلقًا. ومن هذا الباب زيادة عثمان رضي الله تعالى عنه في الأذان، وجمعُ عمرَ رضي الله تعالى عنه الناس في التراويح خَلْفَ إمام واحد، فلا يرجع اختلافهم إلى مسائل الأصول. فلا يقال: إن الاختلافَ في الشيخين كان في حكم تعارضُ العموم والخصوص كما قرروا، ولعل الأمر يحوم حول ما قررنا، فافهم واستقم. (إلا بحق الإسلام) كالقصاص وزنًا، المحصن، والارتداد. 18 - باب مَنْ قَالَ إِنَّ الإِيمَانَ هُوَ الْعَمَلُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72)} [الزخرف: 72]. وَقَالَ عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)} [الحجر: 92، 93] عَنْ قَوْلِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. وَقَالَ {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61)} [الصافات: 61]. 26 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالاَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ أَىُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ فَقَالَ «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ». قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ «الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ». قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ «حَجٌّ مَبْرُورٌ». طرفه 1519 - تحفة 13101 وبعدُ الشيخ قطب الدين في بيان الغرض حيث قال: إن المصنف رحمه الله تعالى انتقل إلى الرد على المرجئة القائلين بأنه القول بلا إله إلا الله فقط، فقال ردًا عليهم: إنه عملٌ وليس بقول فقط. وعندي قد فرغ عنه المصنف رحمه الله تعالى من قبل، وإنما يريد الآن النصَّ على أن الإيمانَ عملُ القلب كما كان نصَّ أولًا على أن المعرفة فعل القلب (¬1) والعملُ لا يكون إلا ¬

_ (¬1) قلت: وحينئذٍ لا يرد ما أورد عليه الشيخ في "العمدة" بقوله: وههنا مناقشة أخرى: وهي أن إطلاق العمل على الإيمان صحيح من حيث، إن الإيمان هو عمل القلب، ولكن لا يلزم من ذلك أن يكون العملُ من نفس الإيمان، وقصد البخاري من هذا الباب وغيره إثباتَه أن العملَ من أداء الإيمان، لعل الصحيح من أجزاء الإيمان، ردًا على من يقول: إن العملَ لا دخلَ له في ماهية الإيمان، فحينئذٍ لا يتم مقصودَه على ما لا يخفي، وإن كان مرادُه جواز إطلاق العمل على الإيمان، فهذا لا نزاع فيه لأحد، لأن الإيمان عملُ القلب وهو التصديق. انتهى. "قلت": وذلك لأنك قد علمت أن البخاري رحمه الله لم يردْ بهذه الترجمة إلّا التنبيهَ على كونه عملًا دون الرد على المرجئة، وأما قوله: فهذا مما لا نزل فيه. "قلت": وأي حاجة أن نجعلَ ترجمتَه ناظرةٌ إلى المنازعين، لم لا يجوزُ أن تكونَ بيانًا للمسألة في نفسها وهو أهم؟ لا سيما إذا كان التصديق عَلَمًا عند طائفة من أصحاب المعقول.

19 - باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل

اختياريًا، فالإيمان أيضًا فعلٌ اختياري، ووجه الإشارة أنه قصرَ الإيمانَ على العمل، أي أن الإيمان مقصورٌ على كونه عملًا لا يتجاوزَ إلى صفة أخرى، من كونه علمًا أو غيره، ولا شك في أنه عملُ القلب، وأما من فسره بالمعرفة، فأراد بها ما تستوجبُ العمل، ولا ما تجامعُ الجحود، كما مرّ ولو كان غرضُ المصنف رحمه الله تعالى ما فَهِمُوه لقال: إن الإيمانَ عملٌ بدون القصر، لأن القصرَ إما قصر قلب أو إفراد ولا يصح واحدٌ منهما؛ لأن المعنى على الأول: أن الإيمانَ عملٌ ليس بقول، وعلى الثاني: أنه عملٌ وليس بمجموع القول والعمل، وكلاهما خلافُ المراد. وأما قصر التعيين فلا يحتملُه المقام. ومنه ظهرت المناسبة بين الآيات، والحديث، والترجمة، فإنها أطلقت العمل على الإيمان، بمعنى أن الإيمانَ من أكبر الأعمال، لا أن قوله تعالى: {بِمَا تَعْمَلُونَ} منحصرٌ في الإيمان، وكذا سُئل النبي صلى الله عليه وسلّم عن الأعمال، وأجاب بالإيمان، فاتَّضَحَ أن الإيمانَ عملٌ. 19 - باب إِذَا لَمْ يَكُنِ الإِسْلاَمُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَكَانَ عَلَى الاِسْتِسْلاَمِ أَوِ الْخَوْفِ مِنَ الْقَتْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] فَإِذَا كَانَ عَلَى الْحَقِيقَةِ، فَهُوَ عَلَى قَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19] {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85]. قالوا: إن هذا الباب كأنه دفع دَخَلٌ مُقدَّر، وهو أنك ادّعيت أن الإسلام والإيمان واحدٌ، مع أن الآيات والأحاديث، تدل على تغايرهما، فأجاب أَن الإسلام على نحوين: الإسلام حقيقة أي شرعًا، وهو المعتبرُ، وهو عينُ الإيمان. والثاني: الإسلام لغةً وهو غيرَ معتبر في الشرع، وهذا الذي أريد في قوله تعالى: {وَلَكِن قُولُواْ أَسْلَمْنَا} لأن الآية عنده في حقِ المنافقين كما صرح به في التفسير، وحينئذٍ لم تكن عندهم حقيقة الإسلام، وإنما جيء في الآية بلفظ الإسلام على معنى الاستسلام، وليس على حقيقتهِ، فدعوى الاتحاد إنما هو في الإيمان والإسلام المعتبر، أما الإسلامُ غير المعتبر، فهو غير الإيمان قطعًا، وفي عقيدة السفاريني: أن الإسلامَ من خوف القتل لا يُعتبر عند البخاري، ولعله أخذه من هذه الترجمة. قلت: وإن كان يتضح منه الدَّخْلُ ودفعه غاية وضوح، فإنه إذا لم يعتبر إسلامَ الخائفِ من القتل، كيف يحكمُ عليه بأن إسلامَه عينُ الإيمان، فلا جَرَمَ يكون مغايرًا للإيمان، أما الإسلام الذي هو عينُ الإيمان، فهو ما يكون من طوع ورغبة قلب، بدون خوف، ولكنه كلام باطلٌ، لأنا نجدُ أقوامًا أسلموا من خوف القتلِ ثم اعتبر النبي صلى الله عليه وسلّم إسلامَهم، نحو إسلام قوم لم يُحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فقالوا: صبأنا، صبأنا فقتلهم خالد ولم يعتبر إسلامَهم، ولما بلغ خبرهم إلى النبي صلى الله عليه وسلّم رفع يديه وقال: «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد»، فهذا صريح في أنه اعتبر إسلامهم، وعلى هذا فنِسبةُ هذا الكلام الباطل إلى المصنف رحمه الله تعالى لا يستقيمُ بحال. وعندي: غرضُه من هذه الترجمة الفرقُ بين الإسلام المعتبر، وغير المعتبر، لا دفع

الدَّخلَ، وحاصله: أن الإسلام قد يكون حكاية، وإسميًا، ورسميًا، وانتحالًا. بدون استشعار القلب، وهو غير معتبر وغير مُنجي، واستدل عليه بقوله تعالى: {قَالَتِ الاْعْرَابُ ءامَنَّا} ... إلخ أي هم يدّعون أالإسلام رَسَخَ في بواطنهم وليس كذلك، وإنما عندهم اسم الإسلام، والحكاية، بدون المحكي عنه، وهذا غير معتبر وقد يكونُ الإسلام عن جذر قلب وصدق نية لا حكاية فقط، فهو المرضي عند الله تعالى. وهو المنجي حقيقة، كما قال: {إِنَّ الدّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلَمُ} فجعل الإسلامَ دينًا مرضيًا، وعلى هذا قوله: على الحقيقة ليس مقابِلًا للمجاز، كما فهموه، بل معناه في نفس الأمر. وإذا لم يكن الإسلامُ على الحقيقة بذلك المعنى، يكون حكائيًا واسميًا لا حقيقة له في نفس الأمر. (أو كان على الاستسلام) من السلم أي الصلح، فمعناه الإسلام صلحًا، يعني على طريق المصالحة مجبورًا، وادِّعاءًا فقط دون الواقع، والاستفعالُ فيه بمعنى الإتيان بشيء بدون سماحة نفس، بل عن كُرْه، وسَخَطٍ في الباطن، وهو أيضًا من خواصِّ هذا الباب، لأني أجدُ فيه هذا المعنى في مواضع، وإن لم يذكره علماء التصريف، كما في قوله تعالى: {إِنَّآ أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالاْحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَبِ اللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَآء} [المائدة: 44] أي أنهم لم يحملوا كتاب الله ولم يحفظوه برغبةٍ، وطواعيةِ نفس، ولكنه حمل عليهم حفظه على كره، ولهذا المعنى جيء بالاستحفاظ ههنا، كاستأسر أي عدُّ نفسه أسيرًا مجبورًا. يقال: استأسر الرجل إذا أُخِذ في جريرةِ فيسلم إليه نفسه مجبورًا، وكما في قولهم: إن البغاث بأرضنا يستنسر مع أنه ليس بنسر، فاستسلم، معناه: أسلم، وليس بمسلم، وقد علمت أن المصنف لم يتعرض إلى دفع السؤال الناشىء من الآية، فإن التقرير المذكور لا يدفع السؤال المذكور، فإن اللإسلام واقعيًا كان أو حكائيًا إلا أن القرآن أباح لهم أن يقولوا: أسلمنا، وإن نفى عنهم اسم الإيمان، فالسؤال باق، ولكنه تعرض إلى المعتبر من الإسلام وغير المعتبر منه. ولم يدخل في مسألة اتحاد الإيمان والإسلام في تلك الترجمة وإنما تعرض إليها في ترجمة تأتي، وإنما يتبادر دخوله في تلك المسألة من جهة الآية، فإنها تفرق بين الإيمان، والإسلام، والمصنف قائل بالاتحاد، فخيِّلَ أنه توجه فيها إلى جوابه، والظاهر أنه أراد هُهنا بيانَ الفرق بين المعتبر من الإسلام، وغيره فقط، وإنما يتردد النظر في شرح تراجمه، لأنه كثيرًا ما يذكر الشرط، ويحذف الجواب من الترجمة، ويُخرِجُ مادته في الحديث المترجم له، فكأن السؤال يكون في الترجمة، والجواب في الحديث، وإذًا يكونُ الحديثُ محتمِلًا للوجوه، يُحدثُ الترددَ، أنه ماذا أراد؟ كما ترى ههنا (¬1). (أو الخوف من القتل) واعلم أن فيه أحوالًا: فمن أسلم كَرْها مع السخط في الباطن فهو ¬

_ (¬1) وكنت أسمع من شرح هذه الترجمة على النحو الذي شرحوا بها أيضًا، إلا أني وجدت فيما كتبت عن الشيخ على خلاف شروحهم، رأيته ألطف فجعلته أصلًا ولكنه سقط منها بعض شيء فانخرم المراد، فعليك أن تتفكر فيه.

كافرٌ قطعًا، لأنه ليس عنده سوى اسم الإسلام شيءٌ، وهو الذي أراده البخاري، والثاني: من أسلمَ وكان عنده أن قبولَ الأديان من الجائزات، فلم يختره لكونهِ حقًا في نفسه، بل كاختيار أحد الجائزات، فهذا حَسَنٌ، وهذا أيضًا حسن، فهذا النوعُ أيضًا كافر، وهذا أيضًا يمكن أن يدرجَ في مراده. والثالث: من أسلم كَرْها، ثم رضي به، كأنه عند الخوف من القتل، يَبْعثُ نفسَه أن ترى الإسلامَ حقًا وتعتقده عن صميم قلب، فهذا مؤمنٌ إجماعًا. ومن نسب إلى المصنف عدمُ الاعتبار بإسلامه، نظرًا إلى ألفاظ هذه الترجمة فقد بَعُدَ بعدًا بعيدًا. 27 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ سَعْدٍ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَى رَهْطًا وَسَعْدٌ جَالِسٌ، فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا هُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَىَّ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ فَوَاللَّهِ إِنِّى لأَرَاهُ مُؤْمِنًا. فَقَالَ «أَوْ مُسْلِمًا». فَسَكَتُّ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَعْلَمُ مِنْهُ فَعُدْتُ لِمَقَالَتِى فَقُلْتُ مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ فَوَاللَّهِ إِنِّى لأَرَاهُ مُؤْمِنًا فَقَالَ «أَوْ مُسْلِمًا». ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَعْلَمُ مِنْهُ فَعُدْتُ لِمَقَالَتِى وَعَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «يَا سَعْدُ، إِنِّى لأُعْطِى الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْهُ، خَشْيَةَ أَنْ يَكُبَّهُ اللَّهُ فِى النَّارِ». وَرَوَاهُ يُونُسُ وَصَالِحٌ وَمَعْمَرٌ وَابْنُ أَخِى الزُّهْرِىِّ عَنِ الزُّهْرِىِّ. طرفه 1478 - تحفة 3891 - 14/ 1 27 - (مالَكَ عَنْ فلان) قال الحافظ واسمه جُعَيل، وهو صحابي جليل القدر وله منقبة عظيمة. عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال لأبي ذر: «كيف ترى جُعَيلًا» قلت: كشكله من الناس - يعني المهاجرين - قال: «فكيف ترى فلانًا؟» قال: قلت: سيد من سادات الناس، قال: «فجعيل خير من ملاء الأرض من فلان». فهذه من منزلة جعيل المذكور. (أرى) واتفق أئمة اللغة على أنه معروفًا بمعنى اليقين، ومجهولًا بمعنى الشك، ولعل الأول مأخوذٌ من الرؤية والثاني من الرأي كما صرح به الشيخ ابن الهمام رحمه الله تعالى في باب الصيام، وههنا مجهولًا أولى؛ لأن الحكمَ بمحضر النبي جزمًا إساءةٌ للأدب، وقال قائل: بل الأول متعين للقَسَم، فإنه قال: فوالله إني لأراه مؤمنًا، والقسَمُ لا يناسبه الشك. قلت: ويلزمه أن لا يجوز قولهم: والله لأظنه كذا، وهو باطلٌ قطعًا. (أو) وقَرَأه الشيخ العيني رحمه الله تعالى بهمزة الاستفهام، وواو العطف (أو) يعني أتقول كذا وهو مسلمٌ، وقيل: بل هو حرف عطف بسكون الواو (أو) والفرقُ بينهما أنه على الأول يكون الحكمُ بإسلامِهِ، بتًا من جهة صاحب الشريعة، بخلاف الثاني، فليس فيه بتٌ وحكمٌ قطعيٌ على إسلامه، ومعناه: مهلًا ما تقول، لعله يكون مسلمًا، ولا يكون مؤمنًا. وقال بعضهم: إنها بمعنى الإضراب. أقول: وإنما يفهم منها الإضراب للمقابلة، لا أنه أصل المعنى. ثم إنه طال نزاعهم في قوله تعالى: {أَوْ يَزِيدُونَ} (الصافات: 147) وسنعود إليه إن شاء الله تعالى في موضع آخر. فإن قلت: إذا كان أمر جُعيل ما قد وُصِفَ في الحديث، فلا معنى للشك في إسلامه

20 - باب إفشاء السلام من الإسلام

وإطلاق اسم الإيمان في حقه، قلت: هو كذلك، وإنما منعه إصلاحًا له وتنبيهًا على أنه لا ينبغي المبادرة في مثل تلك الأمور الباطنة التي قد تخفى على الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام أيضًا، سيما بحضرة صاحب الوحي، وإن كان صحيحًا في خصوص هذا الموضع فلو كان صوبه ههنًا، ولم يمنعه لأمكن أن يستعمله في موضع آخر أيضًا لا يكون محلًا له، فمنعه مطلقًا سدًا للباب، ولم ينظر إلى خصوصِ المقام. فإطلاق أحب الألقاب إلى الله تعالى بدون رؤية وروية هو مورِدُ النكيرِ فقط، وليس المرادُ ذم الصحابي المذكور، فإنه ذو منقبةٍ ومكان، ورتبةٍ عند الله، وعند رسوله، وهذا كما قالت عائشة رضي الله عنها لولد مات: طُوْبَى له عصفورٌ من عصافير الجنةِ قال: مهلًا يا عائشة، وقد كان هذا ولدًا لأنصاري، ومعلوم أن أولاد المسلمينَ كلهم في الجنة، وإنما الاختلاف في أولاد المشركين، فهذا أيضًا إصلاح كالقاعدة الكلية، أي الجزمُ بأمور الغيب قبل العلم بها مما لا يُنَاسب مطلقًا، فكيف محضرٍ من صاحب الشريعة وهو أعلم، فينبغي أن يترقب ماذا يُلقى إليه من جانبه، ثم يتلقاه منه، لا أنه يتبادر فيفْتَات عليه، ولذا ترى الصحابة رضي الله تعالى عنهم أكثر ما يجيبونه بقولهم: الله ورسوله أعلم، ويتضح عندك مراده كل الاتضاح مما قيل في الفارسية. خطا اكرراست آيدتاهم خطاست وفي الحديث أيضًا «من فسر القرآن برأيه فأصاب، فقد أخطأ» وغَفَلَ بعضهم عن هذا المعنى فجعل يأولُ في قصة عائشة رضي الله تعالى عنهما، وقال: لعل الولد كان من المشركين، ثم لما مرّ على الروايات ورأى أنه كان ولدًا للأنصاري، ركب تأويلًا آخر باطلًا، وقال: إنه كان أنصاريًا نسبًا وقومًا فقط، وهذا كله كما ترى لعدم البلوغ إلى حقيقة المراد. أما المصنف رحمه الله تعالى فاستشهد بقوله فيه «أو مسلمًا» فإنه دالٌ على تغاير بين الإيمان والإسلام في الجملة؛ فإنه نفى عنه اسم المؤمن، مع إثباتِ لقب المسلم، فثبتت الترجمة. 20 - باب إِفْشَاءُ السَّلاَمِ مِنَ الإِسْلاَمِ وَقَالَ عَمَّارٌ ثَلاَثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الإِيمَانَ الإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ، وَبَذْلُ السَّلاَمِ لِلْعَالَمِ، وَالإِنْفَاقُ مِنَ الإِقْتَارِ. 28 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ قَالَ «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ». طرفاه 12، 6236 - تحفة 8927 وإفشاؤُه نشرُه سِرًا وجهرًا على مَنْ تَعْرف ومن لم تعرف. والمصنف رحمه الله تعالى في مثله يتبع ألفاظ الحديث، فإن كان الحديث جعل أمرًا «من الإسلام» يترجم المصنف رحمه الله تعالى أيضًا بذلك، وإذا كان جعله «من الإيمان» يتبعه أيضًا، فتارةً يقول: «من الإسلام» وأخرى: «من الإيمان» لهذه النكتة وليس لمجرد التفنن في العبارة. قوله: (الإنصاف من نفسك) يعني عن داعية نفس بلا رياءٍ أو حكم حاكم، وهذا إنصاف صادر من طبعه، وحينئذٍ يكون حرف «من» ابتدائية، والنفس فاعلًا معنى، ويمكن أن يكون معناه

21 - باب كفران العشير وكفر دون كفر

إجراءُ الإنصاف في معاملة نفسِهِ أيضًا، وحينئذٍ تكون النفس مفعولًا (للعالم) بالفتح، أي جميع الناس (من الإقتار) أي الافتقار، و «من» بمعنى «في» كما ذكره العيني رحمه الله تعالى، أو بمعنى عند ومع، كما اختاره الحافظ رحمه الله تعالى، فالإنصاف خُلُقٌ، والإنفاقُ يتعلق بحقوق الأموالِ، وإفشاءُ السلامِ أمرٌ بين الأمرين، والإيمانُ مجموعُ الثلاثة. 21 - باب كُفْرَانِ الْعَشِيرِ وَكُفْرٍ دُونَ كُفْرٍ فِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 29 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ يَكْفُرْنَ». قِيلَ أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ قَالَ «يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ». أطرافه 431، 748، 1052، 3202، 5197 - تحفة 5977 واعلم: أنّ هذه الترجمة أيضًا من التراجم المشكلة عندي، والجملةُ الأخيرةُ مرفوعٌ أي إعرابًا، وإعرابُها حكائي عندي، لأنه قول عَطَاء بن أبي رَبَاح، ونقل نحوه عند ابن كثير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه في تفسير قوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَفِرُونَ} أي بكفرٍ دون كفر. ولعل الحافظ رحمه الله تعالى لم يُدركه ولذا نسبه إلى عطاء، ولو أدركَهُ لنسبه إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنه، لأن عطاء تلميذ له، ولذا أظنُ أن عطاءَ لعله تعلَّمَه منه؛ فأصله عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه فاعلمه. قال الحافظ (¬1): «دون» بمعنى أقرب، واختاره. وقيل: بمعنى غير، وجعله مرجوحًا. ¬

_ (¬1) قلت: ولم أجدْه في "الفتح" من هذا الباب، ولكنه ذكره العيني في "العمدة" قال معناه وكفر أقرب من كفر، ثم قال: وتحقيق ذلك ما قاله الأزهري الكفر بالله أنواع: إكفار وجحودٌ وعِنَادٌ ونفاق، ثم فصلها، قال الأزهري ويكون الكفرُ بمعنى البراءة، كقوله تعالى حكاية عن الشيطان {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} [إبراهيم: 22] أي تبرأت. قال وأما الكفرُ الذي هو دون ما ذكرنا، فالرجل يقرُ بالوحدانية والنبوة بلسانه، ويعتقد ذلك بقلبه، لكنه يرتكبُ الكبائر من القتل، والسعي في الأرض بالفساد، ومنازعة الأمر أهله، وشق عصا المسلمين ونحو ذلك. انتهى. وقد أطلق الشارع الكفرَ على ما سوى الأربعة، وهو كفران الحقوق والنِّعم لهذا الحديث ونحوه، وهذا مراده من قوله: "وكفر دون كفر" وفي بعض الأصول: وكفر بعد كفر وهو بمعنى الأول، انتهى مع اختصار. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله وخَصَّ كفرانَ العشير من بين أنواع الذنوب لدقيقة بديعة وهي قوله - صلى الله عليه وسلم -. "لو أمرت أحدًا أن يسجدَ لأحد، لأمرتُ المرأةَ أن تسجدَ لزوجها" فقرن حق الزوج على الزوجة بحق الله، فإذا كَفَرت المرأة حقَ زوجها وقد بلغ من حقه عليها هذه الغاية، كان ذلك دليلًا على تهاونها بحق الله، فلذلك يُطلق عليها الكفر، لكنه كفر لا يخرج عن الملة، ويؤخذ من كلامه مناسبة هذه الترجمة لأمور الإيمان، وذلك من جهة كون الكفر ضد الإِيمان. اهـ. ولا ريب أن تلك النكتة بديعةٌ جدًا. ثمَّ راجعت "الفتح" من باب ظلم دون ظلم فوجدتُ فيه ما ذكره الشيخ رحمه الله. قال الحافظ "دون" يُحتمل أن تكونَ بمعنى غير، أي أنواع الظلم مُتغايرة، أو بمعنى الأدنى، أي بعضها أخف من بعض وهو أظهر في مقصود المصنف رحمه الله. انتهى. فلله الحمد.

قلت: والمختارُ عندي ما جعله الحافظ رحمه الله مرجوحًا. ثم إن الحافظ رحمه الله بنى شرحَهُ على شرح القاضي أبي بكر بن العربي، وحاصله راجعٌ إلى تحقيق الحافظ ابن تيمية رحمه الله. ومحصَّلُ تحقيقه: أن الإيمانَ لما كان مركبًا أمكن أن يوجدَ في المؤمن بعض أشياء الكفر، وفي الكافر بعض أشياء الإيمان، كالكِبْر فإنه من الكفر وقد يوجدُ في المسلم أيضًا، وكالحياء فإنه من الإيمان وقد يوجد في الكافر أيضًا فالإسلام عَرْضٌ عريضٌ، أعلاه: لا إله إلا الله وأدناه إماطة الأذى عن الطريق، وبينهما مراتبٌ لا تحصى، وكذلك الكفر أيضًا عرضٌ عريض، فكما أن الإيمانَ المنجي ما هو في المرتبةِ الأخيرة، كذلك الكفرُ المهلك أيضًا ما كان في تلك المرتبة. وبين أعلى الكفر، وأدناه مراتبُ لا تحصى. وعلى هذا فالكفرُ اسم للجحودِ والفسوق. وأقرب نظائِرِه كالصحة والمرض، فيوجدُ في الصحيح بعض أشياء المرض، وفي المريض بعضُ أشياء الصحة، ولكن هذا التقرير يناسبُ وظيفة المُحدِّث، والمفسر، أما على طريقِ الفقيهِ والمتكلم، فإنهم لا يبحثون إلا عن النجاة وهي المرتبة الأخيرة، فلا يجتمعُ الإيمان مع الكفر عندهم أصلًا. قلت: كما أن المحدثين والمتكلمين اختلفوا في الحالةِ المتوسطة بين الإيمان والكفر، فأثبتها الأولون، ونفاها الآخرون، كذلك اختلف الأطباء في الصحة والمرض فذهب جالينوس إلى أن هناك ثلاثة أحوال: الصحيح فقط، والمريض فقط، والذي بينهما، وأنكره ابن سينا وثنَّى القِسْمة، فالأعمى عند جالينوس ليس بصحيحٍ من حيث فقدان حاسة البصر، ولا مريضٍ من حيث صحة بقية الأعضاء، وعند ابن سينا هو مريض. ومن هذا التحقيق انحل كثيرٌ من الأحاديث التي أُطلق فيها لفظ الكفر على الكبائر، واستغنى عن التأويلات، كقوله صلى الله عليه وسلّم «من ترك الصلاة فقد كفر».فأول فيه بعضهم أنه ليس حكمًا بالكفر، بل معناه أنه قُرْبُ الكفر. قلت: وليس بشيء، لأن الحديث يصفه به في الحالة الراهنة، ويرميه بالكفرِ ولا ينظرُ إلى حالة أخرى، وقال قائل: معناه من ترك الصلاة مستحِلًا، وهو أيضًا من هذا القبيلَ؛ لأنه لا يختص بالصلاة فإنه يكفر باستحلال كل حرام قطعي، وقال آخر: معناه أنه فَعَل فِعْل الكفر، وهذا نافذ، والرابع ما أراده الحافظ ابن تيمية رحمه الله أي فقد كفرَ بكفرٍ دون كفر، فلم يُكْفِرْه بكفر يوجب الخلود، بل بكفرٍ سُلِبَ عنه حُسْنُ الإسلام، وشأنَه بوصمة الكفر، وهذا أحسن من الكل. ومقتضى هذا التحقيق جوازُ إطلاق الكافر على العاصي، لقيام مبدأ الكفر به والأعجب إليَّ: أن يحجزَ عنه إطلاق الكفر وإن صح ظاهرًا، فإن فيه مفاسد لا تخفى. وقد سمعت أن نظرَ الحنفية لما كان مقتصرًا على المرتبة الأخيرة - وهي التي تليق بوظيفتهم - لم يختاروا ذلك التحقيق كما مر مفصَّلًا. إذا سمعت هذا فاعلم أن الحافظ رحمه الله جعل حاصلَ هذه الترجمة والترجمة الأخرى باب «ظلم دون ظلم» واحدًا، وقال: إن المصنف رحمه الله لما أقام المراتب في الإسلام لزمَ منه أن يُقيم المراتب في الكفر أيضًا، وجعل «دون» بمعنى أقرب، ليكون أسهل في الإشارة في

إقامة المراتب، فالكفر على هذا نوعٌ واحدٌ، تحته مراتب، بعضها أخف من بعض. أقول: إن هذه الترجمة لا تبتنى على تحقيق الحافظ ابن تيمية رحمه الله وإن كان تحقيقه جيدًا، ولكن المصنف رحمه الله فيما أرى لم يُشر إليه، وكذلك «دون» في ترجمته بمعنى غير، على خلاف ما فهمه الحافظ رحمه الله، والوجه عندي أن المصنف رحمه الله استعمل هذا اللفظ في مواضع عديدة ومعناه هناك «غير» قطعًا، منها «باب من خص قومًا دون قوم بالعلم» أي سوّى قوم، وكذا أشار إليه الحديث أيضًا فإنه جعل الكفرَ نوعين، فالأول كفر بالله، والثاني كفران بالعشير، فجعله متغايرًا بالمتعلَّقاتِ ولم يقم فيه المراتب كما تقول: تَصَورٌ فقط، وتصور معه حكم، فهذان نوعان للعلم، كذلك الكفر أيضًا نوعان: كفرٌ بالله، وكفران بالعشير، فهو كفرٌ غير كفر، كمغايرة النوع بالنوع. ويمشي على هذا التقدير تقرير القاضي أيضًا، لأن كونَ كفر مغايرًا لكفرٍ آخر لا ينافي إقامةُ المراتب، بل هذا أولى مما قالوه، فإن الكفر إنْ جعلناه نوعًا واحدًا كما قالوه يلزمُ إثباتُ الأحكام المختلفة لأفراد نوعٍ واحد، وهو مستبعد بخلاف ما إذا جعلناه أنواعًا وغايرنا في أحكام الأنواع، فنوع منه موجبٌ للخلود، ونوع آخر للفسوق، كان على طريقٍ معروف ولم يكن فيه بعد، فلما كان تقريرهُ يمشي على هذا التقدير مع ملاءمته بكلام المصنف رحمه الله تعالى في مواضعَ أخرى، وإيماء الحديث إليه فالحمل إليه أولى، وينجلي الأمر مما في قوله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء: 48] لأنهم اتفقوا أن «دون» فيها ليست بمعنى أقرب، بل بمعنى غير، فلذا جزمت أن «دون» ههنا بمعنى غير لا بمعنى أقرب، كما شرحوا به، فالمصنف رحمه الله تعالى عندي ليس بصدد بيان تقارب الكفر بالكفر، ولا بشرح الأحاديث التي أُطلق فيها الكفر على المعصية، كما ذهب إليه القاضي بل بصدد بيان التنوع فيه، وتؤيده نُسخة أخرى نقلها الشيخ العيني رحمه الله تعالى: وكفر بعد (¬1) كفر. وقد كان يخطرُ ببالي أن طريقَ المصنف رحمه الله تعالى جمعُ الآيات المناسبة في ترجمة الباب وههنا لم يتعرض المصنف رحمه الله تعالى إلى قوله تعالى: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [التوبة: 97] مع كونها صريحة في هذا المراد، ثم تبين لي أن المصنف رحمه الله تعالى إنما يريد مراتب الكفر التحتانية، وهذه تدل على الفوقانية وهي الكفر المهلك، ولما كان بين الكفرِ والكفرانِ اشتقاقًا، لم يبال باختلاف الألفاظ واستدل به على مراده، وهذا تقرير على مذاقهم. وأما ما سنح لي فأقول: إن المصنف رحمه الله تعالى لو كان أراد إجراء التوجيه المذكور في الأحاديث، لأخرج تحت هذا الباب حديثًا من الأحاديث التي أطلقَ فيها الكفرُ على ¬

_ (¬1) قلت: ولي فيه نظر لأنها تدلُ على إقامة المراتب لا على تغايرُ الأنواع، وفي تقرير عبد العزيز وكذا في تقرير آخر عندي أن تلك النسخة كفر غير كفر ولا ريب أنها تؤيد ما ذكره الشيخ، بل تلك صريحةٌ فيه، غير أني لم أجد تلك في العيني، بل فيه لفظ: "بعد" على ما عندي من نسخة العيني قال وفي بعض الأصول: وكفر بعد كفر وهو بمعنى الأول، أي "دون" بمعنى أقرب.

المعاصي، أو الكافر على العاصي، ليتوجه ذهنُ الناظر إلى أن هذه الترجمة شرح لمثل هذه الأحاديث، ولكنه لم يشرْ إليه في مقام ولم يخرجْ تحته حديثًا كما وصفنا، بل ذكر أن كفرًا يباينُ كفرًا آخر، ولم يجعل الكفر شيئًا واحدًا وعرضًا عريضًا. فإن قلت: إنه قد أخرج حديثَ كُفْران العشير قلت: الكفران ههنا بالمعنى اللغوي (حق ناشناسى) وهو قد يطلق على أمر لا يكون معصيةً أيضًا، ولو كان أراد الإشارة إليه، فلا أقل من أن يُخرِّج تحته قوله صلى الله عليه وسلّم «وقتاله كفر» ولكنه لم يخرج مثل هذه الأحاديث في باب من أبواب الإيمان، ولم يشر إلى: تأويلها في موضع من المواضع. فإن قلت: إن الحديث قتاله كفر وقد أخرجه في الباب الآتي. قلت: لكنه لم يبوب عليه بكفر دون كفر بل بوب بباب آخر ولم يستفد منه هذا المعنى. والحاصل أنه إذا بوّب بترجمة أمكنت أن تكون إشارةً إلى تحقيق الحافظ ابن تيمية لم يُخرج تحتها حديثًا، أطلق فيه الكفر على المعصية، لتكون إشارة إلى شرحها، وإن أخرجَ حديثًا كذلك لم يترجم عليها بترجمة تكون مُشْعِرة بشرحها، ولو كان أراد التحقيق المذكور لجمع بينهما. ولما حجر في الباب الآتي عن إطلاق الكفر على العاصي إلا بالشرك، وقال: «ويكفر صاحبها» مكان ولا يكفر، وأيضًا لوجب عليه أن يقيدَ قوله: «ولا يكفر صاحبها» بقيد ما، كالكفر بالله ليتم مراده، ولا أخالُ عبارة المصنف رحمه الله تعالى تكون ناقصةً في مثل هذا الموضع، وأيضًا لما ذكر التحذيرَ من الإصرار على التقاتل في باب خوف المؤمن أن يحبط عمله، وخشية أصحابه صلى الله عليه وسلّم على أنفسهم النفاق، لأن حاصل هذه الترجمة أنه ليس بكافر في الحال، ولكنه يُخشى عليه سوء الخاتمة، أعاذنا الله منه وأماتنا على الملة البيضاء المحمدية على صاحبها الصلاة وألف ألف تحية. فهناك تحذيرٌ من الكفر بكفرٍ يُوجب الخروجَ عن الملة، لا حكمٌ بالكفر بكفر دون كفر في الحالة الراهنة، كما سيأتي، وهذا يخالفُ تحقيق الحافظ ابن تيمية فإنه يُجوِّز إطلاقَ الكفر في الحال بكفر دون كفر، فينبغي أن يُلاحظَ في شرح هذا الباب هذان البابان أيضًا، فإن لهما تعلقًا بهذا الباب، وقد علمت: أن الترجمة التالية: ولا يكفر صاحبها يُشعر بعدم اختياره هذا التحقيق، وكذا فيما بعده يدل على التحذير من الكفر المُخْرِجِ عن الملة، وليس فيه تَعرّضًا إلى كفر دون كفر، مع عدم الإشارة إلى هذا التوجيه في باب من أبوابه، فلا يصح عندي إدخال هذا التحقيق في شرح تراجمه. ولعل المصنف رحمه الله تعالى إنما ترجم بكفر دون كفر نظرًا إلى خصوصِ ألفاظِ هذا الحديث، ولما كان في الحديث الفعل الواحد مضافًا إلى الله والعشير، صار الكفر مختلفًا، وبوب بكفر دون كفر، ولم يرد التأويلُ في مثل تلك الأحاديث، ومثله يفعلُ المصنف رحمه الله تعالى في أبوابه ويضع التراجم نظرًا إلى خصوص الألفاظ أيضًا، والمصنف رحمه الله تعالى لعلو كعبه، ورفعة محله لا يزيد لأجلنا حرفًا، ويتكلم على قدر علمه فيُوجب تحيرًا للمحققين واعتراضًا للقاصرين، ولم يؤد أحدٌ حق تراجمه إلى يومنا هذا، فهي كالأحاجي بعد، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا.

22 - باب المعاصى من أمر الجاهلية، ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك

29 - قوله: (رأيت النار) وفي الحديث الآخر: «إن لكل رجل من أهل الجنة امرأتان» فدل على كثرتهن في الجنة، وقد عجز الحافظ عن جوابه. والجوابُ عندي: أن هاتين من الحور العين كما في البخاري عن أبي هريرة: لكل امرىء زوجتان من الحور العين، وأيضًا الأكثرية عند مشاهدته إذ ذاك، ولا تنسحب على مجموع الزمان، والوجه كثرة الغِيبة واللعن فيهن، وكن النِّساء إذ ذاك حديث عهد بالجاهلية، وكثرة الغِيبة واللعن فيهن أمرٌ معلوم، فرآهنَّ أكثر أهل النار، ولهذا لا يلزمُ من ذلك كثرتهن بعد ما أدبهن أدب الإسلام؛ فإنهن يكن أرق قلوبًا يتأثرن بالسرعة، فكما كن في الجاهلية أكثر لعنًا، صرن في الإسلام أبعد عنه، والله تعالى أعلم. والحافظ رحمه الله تعالى لما ذهل عن هذا اللفظ تحير في الجواب، ولم يأت بما يميز القِشر عن اللباب. 22 - باب الْمَعَاصِى مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَلاَ يُكَفَّرُ صَاحِبُهَا بِارْتِكَابِهَا إِلاَّ بِالشِّرْكِ لِقَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ». وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]. 30 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاصِلٍ الأَحْدَبِ عَنِ الْمَعْرُورِ قَالَ لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، وَعَلَى غُلاَمِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ إِنِّى سَابَبْتُ رَجُلًا، فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فَقَالَ لِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ». طرفاه 2545، 6050 - تحفة 11980 23 - باب {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] فَسَمَّاهُمُ الْمُؤْمِنِينَ 31 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ وَيُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ ذَهَبْتُ لأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ، فَلَقِيَنِى أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قُلْتُ أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ. قَالَ ارْجِعْ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِى النَّارِ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ «إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ». طرفاه 6875، 7083 - تحفة 11655 - 15/ 1 والمراد من المعاصي هي الكبائر، أما الصغائر فأمرها هينٌ برحمة الله، فإن الحسناتِ يذهبن السيئات. {ولا يكفر صاحبها} أي عند الجمهور فإنهم قالوا: إن مرتكب الكبيرة ليس

بكافر ما دام يكون جازمًا بالشهادتين، ومقرًا بهما، خلافًا للمعتزلة، فإنهم قالوا: بالمنزلة بين المنزلتين. أقول: قوله: «ولا يكفر صاحبها» على تقدير تحقيقه «كفر دون كفر» مُشْكِل؛ فإن موجبه أن يجوزَ إطلاقُ الكفر ولا يتأخر عنه. والجواب عندي: على تقدير التسليم أن مراده الإيذانُ بعدم إكفار صاحب المعصية من جانبه، والاقتصارُ به على المواضع التي ورد بها الشرع. فأينما حكم القرآنُ والحديثُ على أمر بكونه كفرًا جَاز لك إطلاق الكفرِ عليه على طريق: كفر دون كفر، وإلا فلا يُسوَّغُ لك إِطلاق الكفر عليه. وهذا كَحَذْر الشريعة عن اللّعْن، فلا يُسوَّغ لأحدٍ أن يلعن أحدًا من عند نفسه. ووجه الإشارة أنه جاء بلفظ المضارع، فمعناه لا يكفر في المستقبل. أما الإطلاقُ الذي مضى من جانب الشرع، فهو ماض، والمنع في المستقبل مخافةَ شيوعه في المحل وغير المحل. وعندي شرحٌ آخر أيضًا: وهو أنه لا يكفر صاحبها، لأن المبتادر من إطلاق الكفر، هو كفر الخلود، فيمنع عن إطلاقِهِ دفعًا لهذا التوهم. وله شرحٌ ثالث أيضًا: وهو يُبنى على ما أخرجه الهيثمي في «الزوائد» عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه أنه عدّ عِدَّة أشياء ثم قال: ويقال بتركه: به كفر، ولا يقال: إنه كافر، ونحوه رأيت عن علي رضي الله تعالى عنه، ولكن في إسناده راوٍ كذاب. وعن الدارمي (¬1) أيضًا مثله حيث قال: يقال: به كفر، ولا يقال: إنه كافر. قلت: إنه لا يُسمَّى كافرًا لأن إطلاقَ اسم الفاعل على من صَدَرَ عنه الفعل مرةً ولم يتكرر، ليس بلطيف في العُرْف، وإن جاز عقلًا. نعم إذا تكرر وصار صفةً له لَطُف إطلاقه. ولذا يقال: إن الفعلَ للواقعة، فمن ضرب مرة يقال: إنه ضرب ولا يقال: فلان ضارب، وفلان سارق وفلان زانٍ، إذا لم يتكرر منه ذلك الفعل. فإن قلت: إن القرآن لم يقل بن كفرٌ بل أطلقَ لفظ الكافر في قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] قلت: هذا إطلاق على الطائفة لا على الشخص، وكلامنا في الشخص دون الطائفة، فإنه يجوز أن يقال: لعنةُ الله على الكاذبين، بخلاف لعنة الله عليك، وإن كان كاذبًا. ويمكن أن يكونَ المصنفُ رحمه الله تعالى أراد منه بيانَ المسألة فقط. بأنه لا يكفر العاصي، ولم يكن أراد شرحَ الأحاديث التي وَرَدَ فيها إطلاق الكفر على المعاصي، وتأويلها بكفر دون كفر. ويحتمل أن يكونَ أراد من قوله: كفر دون كفر، إفادة التشكيك فيه، وأراد من ¬

_ (¬1) قال الشيخ رحمه الله تعالى: وكان الدارمي في طبقة البخاري رحمه الله تعالى، وكان أسنَّ منه، ولذا تجد الثلاثيات عنده أزيد من البخاري، وكنيته أبو محمد، ولم يكن البخاري رحمه الله تعالى يُنشدُ شِعرًا، فلما توفي الدارمي أنشد شعرًا على وفاته، وعند محمد بن الحسن رحمه الله تعالى توجد الثنائيات أيضًا، وفي تقرير الفاضل عبد العزيز أن الثنائيات لمحمد رحمه الله تعالى قد جمعها عالم ببلدة الكشمير، وكانت عند شيخنا رحمه الله تعالى أيضًا.

المعاصي غير ما أطلق عليه الكفر. والمقصودُ أن ما أطلق عليه الكفرُ في الشرع فقد اندرج في باب كِفر دون كفر. وأما المعاصي من غير هذا النوع فلا يُطلق عليه الكفر، ولا يكفر صاحبها لهذا النوع. ولذا أخرج تحت هذا الباب حديث: «إنك امرؤ فيك جاهلية»، ولم يُخرج نحو: «قتاله كفر». وأخرج في الباب الأول حديث: كُفران العشير، لمجيء إطلاق الكفر فيه. فيقال في أمثال تلك المعاصي: فيك جاهلية، ولا يقال: فيك كفر. ومن ارتكب القتل والعياذ بالله يقال له: به كفر، هذا كلُّه على ما شرحوا به. وأما الغرضُ منه على ما قررتُ مرادَه، فالصدع بعدم إطلاق الكفر على المعصية، والتصريح بأنه لم يرد من الباب السابق أن الكفر عرض عريض ولو كان ذهبَ إليه لجوَّز ذلك الإطلاق، فكأنه احتراسٌ منه، وتصريح بعدم إطلاق الكفر من ارتكاب المعصية، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال. قوله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} وهذه الآية نصٌ لأهل السنة والجماعة. وتأوَّل فيها الزَّمخشري. والشرك أخصُّ من الكفر، لأنه الكفرُ مع عبادة الغير، فهو أغلظُ أنواعه. فإنكار الرسالة كفرٌ وليس بشركٍ. وإنما ذكرَ فيها الشركَ خاصة والله أعلم، لأن أكثرهم كانوا يشركون في العبادة فوردت الآية ناعية عليهم. وإنما المراد الكفر مطلقًا (¬1). ثم استشهد المصنف رحمه الله تعالى من آية أخرى وفيها أيضًا إطلاقُ المؤمن على العاصي، لأن الاقتتال معصية، غير أنه يُوجبُ أن يكونَ اقتتالهم المذكور في الآية كبيرةً، ليثبت إطلاق الكفر عليها، حتى يلزم صحة إطلاق المؤمن على من فيه كفر دون كفر. قلت: إنما أراد المصنف رحمه الله تعالى في هذا الباب إطلاق المؤمن على من فيه جاهلية، ولا ريب في كون الاقتتال من أمور الجاهلية. وحينئذٍ لا حاجة إلى جعل هذا الاقتتال كبيرة. ¬

_ (¬1) ووجدت في تقرير الفاضل عبد القدير فيما ضبطه من كلام الشيخ رحمه الله تعالى جوابين آخرين، وتعريبهما على ما فهمت: أن الأولى بحال القرآن البحثُ عن أسباب الشيء لا عن نفسه، والشركُ سبب من أسبابِ الكفر، والكُفْرُ حكمُهُ يتفرع عليه، فاستحسن التعرضَ للشرك دون الكفر، والجواب الثاني: أن عدم مغفرة الكافر غير المشرك واضحٌ، فإنه إما بإنكاره بوجود الله سبحانه وتعالى وعدم مغفرته ظاهر، أو بإنكار رسوله والمناواة، والمعاداة، بذي منصب من الحكومة نفسها، فالبغاوة مع الرسول أيضًا يفضي إلى البغاوة مع الرب عز اسمه، وليس جزاء الباغي إلّا الهلاك، فمنكره، أيضًا هالك على ظاهر الأمر، نعم، الإشكال فيمن أقر بربه ثم جعل يدعوا له ندًا في ذاته أو صفاته، فهل تناله المغفرة أو لا؟ فنبه على أنه أيضًا كأخوين إن مات عليه، و"بالجملة" كان الغموضُ في مغفرة المقر المشرك، لذا وقع التعرض له خاصة. وهناك جواب آخر للشاه عبد العزيز رحمه الله تعالى في تفسيره ولا يعلق بالقلب ولا ثقة بالنُّسخة أيضًا، غير أن المولوي عبد الله قال: إن نسخة من تفسيره بلغت إلينا من حيدر آباد فطبعناها والشاه عبد العزيز رحمه الله تعالى معاصر لابن عابدين الشامي ولكنه أفقه منه عندي، ومراد البخاري رحمه الله تعالى أن الكفرَ لما كان غير معفوٍ وما دون الشرك معفو، لزم أنه ليس بكفر، ولا يطلق عليه الكفر، انتهى ما نقله في تقريره.

30 - قوله: (وعليه حلة) وفيه مسامحة من الراوي، لأن الحُلة اسم للثوبين من جنس، ولم يكن عليه ثوبان من جنس، لما عند المصنف رحمه الله تعالى في «الأدب» بلفظ: «رأيت عليه بُرْدًا» وعلى غلامه بُرْدًا. فقلت: لو أخذتَ هذا فلبستَه كانت حُلة ولأبي داود: فقال القوم: يا أبا ذر لو أخذت الذي على غُلامك فجعلته مع الذي عليك لكانت حُلة. ثم أجابه أبو ذرٍ بحكاية القصة التي كانت سببًا لذلك. ولفظُ الحديث وإن اقتضى المواساة دون المساواة، لكنه حَمَلَه على المساواة تشديدًا على نفسه. وههنا دقيقة أخرى سنذكرها إن شاء الله تعالى في موضع آخر. (ساببت رجلًا) والرجل هو عَمَّار بن ياسر رضي الله تعالى عنه كان يطعن فيه أن أمه سُمية أمة. والحق أنها لم تكن أمة، بل اتُّخذت أمةً بالقهر. وفي «الفتح» أنه بلال. واعلم أنه قال أرباب التصانيف: إن سبَّ الصحابة رضي الله عنهم فسقٌ. وقال بعضهم: إن سبَّ الشيخين كفر، والمحققُ أن سبَّ الصحابة رضي الله عنهم كلِّهم أو أكثرهم كفرٌ. وسبَّ صحابي واحد أو اثنين فسق، وسب أحدهما الآخر ليس بكفر، فإنه يكون لداعية، لا لمجردِ تبريدِ الغيظِ. بخلاف سبِّ من بعدهم إياهم، فإنه ليس بسبب صحيح، بل لمجرد تبريد الغيظ. قد فإنهم انقطعوا عن الدنيا، ولم يبق لهم معاملة مع الناس، فلا يقعُ مَنْ يقعُ فيهم إلا لأجل الغيظ منهم، ثم إنهم اختلفوا في إكفار الروافض، ولم يكفرهم ابن عابدين رضي الله عنه. وأكفرهم الشاه عبد العزيز رحمه الله تعالى، وقال: إن من لم يكفرهم لم يدر عقائدهم. ثم فصل في المسألة وبه أفتى، والله أعلم. 31 - قوله: (لأنصر هذا الرجل) وهو عليٌّ رضي الله عنه. قوله: (القاتل والمقتول في النار) ومع هذا أقول: يمكن أن يكون بينهما فرقًا من جهة مباشرة القتل من جانب، وعدم المباشرة من جانب آخر، وإن كانا في النار. وعَرْضُ هذا الحديثَ في واقعة علي رضي الله عنه، ومعاوية رضي الله عنه في غير محلهخ فإنَّ الحديث فيمن قاتل على الظلم والجَور. وأما عليٌ رضي الله عنه فكان على الحق، وأما معاوية رضي الله عنه فكان أيضًا على الحق عنده. ولذا كان أكثر الصحابة رضي الله عنهم مع علي رضي الله عنه، ولا أعلمُ أحدًا من الأنصار تخلّف عنه. غير أن المهاجرين اختلفوا، فتردد بعضهم، وسكت بعضهم، كابن عمر رضي الله عنه، ودخل بعضهم مع معاوية رضي الله عنه. ثم إن العقلَ يكادُ يعجز عن إدراك مما كان في صدورهم من تقوى الله، حيث كان علي رضي الله عنه يقول في ابن عمر رضي الله عنه: لله دره، وكان ابن عمر رضي الله عنه حين وفاته يبكي على تأخرِه عنه، لما تبين له الحق، ولا ينقل عنهما أن يكونَ أحدهُما طعن على الآخر. ولو كان الأمر كما هو الآن لصارا عدوين يغتابُ أحدهما الآخر ويقع فيه والعياذ بالله ثم هذا لا يناقض قوله «السيف محاء للذنوب» وهو أيضًا حديث قوي. لأن موردَه فيما لم يُرِدْ المقتولُ قتلَ صاحبه، بخلاف هذا الحديث. وإذا صح أن السيفَ محاءٌ، أي يمحو الذنوب، ظهر شرح آخر لقوله تعالى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ} [المائدة: 29] وهو أن المراد من قوله: «أن تبوء بإثمي» مَحْوُه عنه من أجل سيفه.

24 - باب ظلم دون ظلم

وحاصله: إني أرضى أن تكون من أصحاب النار بإثمك، وينمحي إثمي من سيفك، لأن السيف محاء. فكأنه إذًا انمحى عنه إثمه من سيفه، ومن فعله، فكأنه باء به ورجع بإثمه، وذهب به معه. لا بمعنى أنه طُرِحَ عليه ليخالف قوله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] فالقاتلُ حملَ وزرَ نفسِه، ولكنه محى عن المقتول ذنوبَه أيضًا، فكأنه ذهب بذنوبه معه، وإن لم يحملها على نفسه. والحاصل: أن قوله تعالى: {أَن تَبُوء بِإِثْمِى وَإِثْمِكَ} إنما هو بطريق محو الإثم عن المقتول، لا بحملِهِ على نفسه. وإنما ذكر هكذا في التعبير تهويلًا، والمراد ما قلنا، والقرينة عليه ما بينا أعني حديث المحو. وقد مر بعض الكلام في حديث هِرَقْل تحت قوله: «وعليك إثم اليريسين»، وقد شرحت هناك أن المراد منه: إثم إهلاك اليريسين عليك، أما إثم كفرِهم فعليهم. 24 - باب ظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ 32 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ح. قَالَ وَحَدَّثَنِى بِشْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتِ (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ) قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ). أطرافه 3360، 3428، 3429، 4629، 4776، 6918، 6937 - تحفة 9420 والكلام فيه كالكلام في الترجمة السابقة، أي كفرٌ دون كفر. فقال الشارحون: معناه إن في الظلم أيضًا مراتب كالكفر، فدون عندهم بمعنى أقرب. وأقول: معناه إن ظلمًا مغايرٌ لظلم، فدون عندي بمعنى «غير». وهذا حديث مرفوع في الخارج. ومن عادة المصنف رحمه الله تعالى أنَّ الحديثَ إذا لم يكنْ على شرطه ويكون مثبتًا لمقصودِهِ يضعه في الترجمة. قوله: (فأنزل الله: {إِنَّ الشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]) ظاهر هذه الرواية أن نزولها على السؤال المذكور ههنا. وفي رواية أخرى في جواب قولهم: «أيّنا لم يَظْلِم» ألا تسمعون إلى قول لقمان: {إِنَّ الشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}. وظاهره أن تلك الآية قد كانت نزلت من قبل، وكان الصحابة رضي الله تعالى عنهم يعلمونها. قال الحافظ رحمه الله تعالى في جوابه: إن الآية نزلت في هذه القصة ثم استشهدَ بها النبي صلى الله عليه وسلّم أيضًا وبه تلتئم الروايتان. ثم إنهم اختلفوا في محصَّل السؤال والجواب: فقال الخطَّابي رحمه الله تعالى: كان الشركُ عند الصحابة أكبرَ من أن يلقَّبَ بالظلم، فحملوا الظلمَ على ما عداه من المعاصي. ولذا قالوا: أَيُّنا لم يَظْلم، وبيَّن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه عامٌّ للكفر وغيره من المعاصي، وإن كان المرادُ منه ههنا كُفْرَ الخلود فقط. وقال الحافظ رحمه الله تعالى: بل إنهم حملوا الظلم على الأعم من الشرك، فما دونه، وخصصه النبي صلى الله عليه وسلّم بالشرك. فحاصلُ جواب النبي صلى الله عليه وسلّم على شرح الخطَّابي تعميمُ الظلم على كُفْر

الخلود وغيره، وعلى شرح الحافظ تخصيصهُ به، أي أنكم زعمتم أنه عامٌّ للكفر والمعاصي مع أنه خاص بالظلم الذي ليس بعده ظلم. أقول: ومنشأ شرح الحافظ رحمه الله تعالى ترجمة المصنف رحمه الله تعالى، فإنه عمم الظلْمَ، وجعله ظلمًا دون ظلم، ليمكن إطلاقه على الكفر والمعاصي سواءٌ بسواء، وتقام فيه المراتب. فحمل الحافظ رحمه الله الحديث أيضًا على العموم، ليكون ألصق بالترجمة. وعندي ما اختاره الخطَّابي رحمه الله تعالى أظهر، لأنه يُبنى على حمل كلامهم على ما هو المعروفُ بينهم، بخلاف شرح الحافظ رحمه الله تعالى، وذلك لأن المعروفَ في معنى الشرك والكفر عندهم، كان هو لفظَ الكفر والشرك، بخلاف الظلم، فإنه لم يكن عندهم معروفًا في الشرك والكفر، بل في سائر المعاصي. فعلى هذا حَمْلُ الظلم على ما وراء الكفر حَمْلٌ على ما كان المعروف المتعارف عندهم. ويلزم على شرح الحافظ حملُهُ على غير المتعارف عندهم، فإن الظلمَ لم يكن عندهم معروفًا في الكفر، فهو حَمْلٌ على غير المتعارف. أما مناسبتُهُ للترجمةِ، فبأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم لما فَهِمُوا من الظلم غيرَ الشرك، وأطلق النبي صلى الله عليه وسلّم الظلمَ على الشرك أيضًا، ثبت إطلاق الظلم على كفر الخلود وغيره، وثبت منه ترجمة ظلم دون ظلم على هذا التقدير أيضًا. فإن قلتَ: إذا كان الظلمُ مشهورًا عندهم فيما وراء الكفر، والمشهورُ في الشرك والكفر كان لفظًا هما دون الظلم، فمن أين أراد النبي صلى الله عليه وسلّم منه الشرك؟ قلت: إذا كان الله هو المتكلمَ، والرسولُ هو الشارع، فلا سؤال، ولا جواب. وقال قائل: إنه أخذ التنوين للتعظيم، والظلمُ العظيم هو الشِّرك، قال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}. وقال آخر: إن اللبس يقتضي اتحاد المحل، فإن الشيءَ لا يختلطُ مع شيء آخر عند تغايرِ المحل. ولما كان محلُ الإيمان هو القلب، فلا يختلطُ معه غير الكفر، لأن ما وراءَه من الأفعال محلها الجوارح دون القلب، فلا لبس معها. وحينئذٍ لو كان المرادُ من الظلم غيرَ الكفر من المعاصي، لما صح قوله: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ} [الأنعام: 82]. فإن قلت: إن الإيمانَ والكفرَ ضدان، فكيف يتحد محلهما، فلا يحصل اللبس. وأجاب عنه شيخنا الشيخ محمود حسن رحمه الله: أن الكفرَ وإن لم يختلط مع الإيمان حقيقة، إلا أنه يمكن أن يلتبسَ معه في القلب، والالتباس غير الاختلاط، لأن في الاختلاط يكونُ الجمعُ حقيقة، وفي الالتباس لا يكونُ الجمعُ حقيقة، بل توهم الجمع شهبة (¬1). ثم رأيت في كلام السُّبْكِي: أن تفسير النبي صلى الله عليه وسلّم بالشرك مأخوذ من قوله: {وَلَمْ يَلْبِسُواْ} كما مرَّ عن شيخنا. ¬

_ (¬1) قلت: هذا غاية تقرير الكلام، ولم أجد لإيضاحه غيرَ هذه الألفاظ، وهو واضحٌ في الهندية بلا تجشم فإن معناه: (رلنا) لا (ملنا) ومن كان يعرفُ اللغةَ يعرف الفرق بينهما، هذا ما عندي، وتقريره على ما عند الفاضل عبد القدير في تقريره في الهندية عن الشيخ محمد قاسم النانوتوي رحمه الله تعالى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حمل الظلم على معنى الشرك، بقرينة اللبس، فإن الأعمال محلها الجوارح، فلا لبس للإيمان معهما لاستدعائه اتحاد المحل، ثم رآه الشيخ رحمه الله تعالى في "عروس الأفراح" عن السبكي عن والده: أن قرينة حمله عليه هي اللبس: والله تعالى أعلم.

25 - باب علامة المنافق

وعندي يمكن أن تكون هذه الترجمة مأخوذةً من مجموع قوله تعالى: {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ} [النور: 40]، والحديث النبوي: «الظلم ظلمات يوم القيامة»، حيث جعلَ الظلمَ في الدنيا ظلمات يوم القيامة، والظلمات تفوق بعضها على بعض، فثبت ظلمٌ دون ظلم. فالمصنف رحمه الله لعله نظر إلى هذه وترجم بظلم دون ظلم، أما الاختلاط واللَّبس، فإنه وإن احتاج إلى اتحادِ المحل، لكنه يكفي له اتحاد الشخص أيضًا. وعلى هذا يصح اختلاط الإِيمان مع المعاصي، مع كونها على الجوارح، والإيمان في القلب. فإن محلَّهما هو ذلك الرجل بعينه، وهو واحد، وإيجادُ تغاير المحل في الشخص الواحد بأنه القلب للإيمان والجوارح، للمعاصي، نظر منطقي، وهو بمعزلٍ عن نظرِ أهل العُرف. ثم اعلم أنه يُعلم من سياق البخاري: «أن قوله: {إِنَّ الشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} نزل بعد قوله: {الَّذِينَ ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَنَهُمْ بِظُلْمٍ} ... إلخ، مع أن الأمر على العكس. والجواب: أنه أراد بتلاوته دفعَ الاستبعاد، وتفريجَ همهم، وعبَّره الراوي بالنزول كما تلا أبو بكر رضي الله تعالى عنه قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ} ... إلخ (آل عمران: 144) في خطبة بعد وفاته صلى الله عليه وسلّم تسليًا لهم ودفعًا لاستبعادهم، فقال قائل منهم: كأنها نزلت الآن، وانكشف عنهم ما رابهم، فهذا توسّع في البيان لا غيرُ. 25 - باب عَلاَمَةِ الْمُنَافِقِ لما قدَّم تفاوت المراتب في الكفر عَقِّبَه، بكون النفاق أيضًا كذلك. ولا إشكال فيه على تحقيق الحافظ ابن تيمية رحمه الله، فإنه يمكن أن توجدَ في المؤمن خصائلُ النفاق، بل خصائل الكفر. نعم يشكلُ على الجمهور، فإن هذه الأشياء إذا كانت علامات على النفاق أوجب وجودها سلب اسم الإيمان عمن تحققت فيهم. فأجاب عنه بعضهم بأنها كانت علامات للمنافقين في عهده صلى الله عليه وسلّم خاصّة. وأقول: العلامة غير العلة، فهذه علامات وأمارات للنفاق، وهي تتقدم على وجود الشيء، فيكون النفاقُ سابقًا عليها، وتلك علامات عليه. فمن تحققت فيه هذه، لا يحكم عليه بالنفاق، لأن تحققَ العلامة لا يستلزمُ تحقق المعلَّم عليه، بل يقال: فيه خَصلةٌ من النفاق. ولأن قيامَ المبدأ لا يوجبُ إطلاقَ المشتقِ عند الأدباء، ما لم يعتاد به حتى يصير له كالعَلَم كما مر. وبعضهم قَسم النفاق: إلى عملي واعتقادي كما فعله البيضاوي في «شرح مصابيح السنة». قلتُ: دعه، فإن النفاق أمرٌ واحدٌ، وهو العمل بخلافِ الاعتقاد، أو الاعتقادُ بخلاف العمل. أما الأول فكالمنافقين (¬1) في زمنه صلى الله عليه وسلّم، فإنهم كانوا يعملون أعمال المسلمين، مع أن باطنَهم كان ¬

_ (¬1) واعلم أن البيضاوي لم يصنف كتابه على طور المحدثين، بل أخذ كثيرًا من "الكشاف"، وصاحبُ "الكشاف" يأتي في كتابه "الفائق" بالموضوعات أيضًا فاعلمه، هكذا في تقرير الفاضل عبد العزيز الكاملفوري.

تنبيه

مملوءًا ظلمةً وكفرًا. وأما الثاني فكما ترى اليوم كثيرًا من المسلمين، والمعصومُ مَنْ عَصَمَهُ الله. 33 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو الرَّبِيعِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِى عَامِرٍ أَبُو سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ». أطرافه 2682، 2749، 6095 - تحفة 14341 33 - ثم إن قوله: (إذا حدث كذب) يتحقق فيما قال، أو فعل شيئًا في الماضي، فحكى عنه بخلافه. وقوله: (إذا وعد أخلف) يكون في المستقبل. وفيه أن الإخلافَ نوعٌ آخر غيرُ الكذبِ، وإن كان أهل العرف يعدُّونهما واحدًا، وإنما كانت هذه علامة على النفاق، لأن الظاهرَ من حالِ المؤمن أن يخبرَ عن الواقع كما هو في نفس الأمر، وهكذا الأليقُ بحاله أن يوفِّى بما وعد، ويظهرَ الحق عند الخصومة، لكنه خالف الظاهر، فإذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف وإذا خاصم فجر ولم يظهر الحق، فكان كذي الوجهين باطُنه غير ظاهره، فصلحت تلك الصفات، لكونها علائمَ على النفاق. والفرق بين الوعد والعهد: أن الوعد يكون من طرف، والعهد من طرفين، وفي خلف الوعد عندنا، قولان: الأول: أنه مكروهٌ كراهةً تحريم، والثاني: كراهة تنزيه. هكذا نقله النووي رحمه الله تعالى. قلت: بل الأمر عندي أن يُقسَّم على الأحوال (¬1): فإن أرادَ الإِخلافَ عند الوَعْد كُرِه تحريمًا، وإن أراد الإنجاز ثُم مَنَعه مانعٌ لا يكون مكروهًا. والعهد يقابله الغدر. والفجور معناه أن لا يتمالَكَ نفسَه عند الخصومة، وينزل إلى السِّباب "يعني ابني آبى مين نه رهى أوكالى كلوج براتر آوى". قوله: (حتى يدعها) وإنما زادها لأنه إذا تركَ هذه الخصائل، حتى خرج عنها وخرجت عنه، لا يبقى عليه حكمُ النفاق، كما في تمثيل إيمان الزاني، أنه يصيرُ كالظُّلة حين يزني، فإذا فرغ منه رجع إليه. تنبيه 34 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا ¬

_ (¬1) ويؤيده ما في "المشكاة" في باب الوعد عن زيد بن أرقم مرفوعًا قال: "إذا وعد الرجل أخاه ومن نيته أن يفي له فلم يف له ولم يجىء للميعاد، فلا إثم عليه"رواه أبو داود والترمذي.

26 - باب قيام ليلة القدر من الإيمان

خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ». تَابَعَهُ شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ. طرفاه 2459، 3178 - تحفة 8931 34 - قوله: (من كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق) يدل صراحةً على تحقيق الحافظ ابن تيمية من أنه يوجد في المسلم أشياء الكفر. 26 - باب قِيَامُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنَ الإِيمَانِ 35 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». أطرافه 37، 38، 1901، 2008، 2009، 2014 - تحفة 13730 واعلم أني متردد في معنى القيام: أنه مأخوذٌ من القيام في الصلاة، أو أنه مقابلٌ للنوم فقط. وعلى الأول معنى قوله: {من يقم} أي من يصلي ليلة القدر فله كذا، وإِن كان مأخوذًا من الثاني فمعناه: من أحيا ليلة القدر فقط، سواء كان بالصلاة أو الأذكار، أو لم ينم، فله كذا كلفظ الوقوف في عرفات، فإنه لا يشترط فيها القيام وإن كان مستحبًا. وكذا أتردد في قوله تعالى: {قُمِ الَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلًا} [المزمل: 2] إن المأمور به هو القيام للصلاة، أو إحياء الليل، واختار المفسرون أنه القيام إلى الصلاة، فإن كان الأمرُ كما قال المفسرون، فالمقصود من الأمرِ بالقيام هو الصلاة، ويكون المقصود منه القراءة كما يستفاد من قوله: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 4] وإن كان المراد به مطلق القيام، فالمقصودُ هو القرآن، سواء كان في ضمن الصلاة أو غيرها، ومن ههنا أترددُ في النَّسخ أيضًا، أنه في القيام فقط، والقرآن باق إلى الآن، أو في تطويلِهِ مع بقاءِ نفس القيام، والمقصود هو قراءة القرآن في ضمن الصلاة. فائدةٌ مهِمَّةٌ في معنى الاحْتِسَاب قوله: (إيمانًا واحتسابًا) واعلم أن الاحتساب كثيرًا ما يُستعمل في الأحاديث. فاعلم أن اشتراطَ الإيمانِ ظاهرٌ، فإنه لا عبرة بالعبادات بدون الإيمان. أما الاحتساب فهو مرتبة علم العلم واستحضار النية، وعدم الذهولِ عنها واستشعار القلب بها. فإنا وجدناه بعد التتبع مذكورًا في مواضع، أما في مواضع الذهول، إذا يذهل عنها ذاهل، فيوجه الشارع هناك إلى الاحتساب كما في المصائب السماوية، فإنه لا أحدَ يرجو فيها الثواب، لعدم دخله واختياره فيها، فهذا محل التنبيه ليحصل له الأجر، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلّم لمن مات ولدها: «فلتصبر ولتحتسب» فإن الموتَ أمرٌ سماوي مضى عليها كما يمضي على سائر الناس، وربما يمكن أن أَن يتوجَّه الذهنُ فيه إلى أجر، فكان موضع ذُهول. فنبَّه على أنه وإن كان أمرًا سماويًا، إلا أنه توفرَّ لها الأجرُ إن تصبر وتحتسب، أو في

26 - باب الجهاد من الإيمان

مواضع المشقة، والمجاهدة، كقيام الليل فيذهل فيه عن النية أيضًا من جهة أخرى، لأن ما فيه مِن حَمْل المشاق وإتعاب النفس، ومقاساة الأحزان، يعدُّه المرء طاعةً بنفسه، ولا يرى فيه جهة غير تلك الجهة على نقائض المصائب السماوية، فإنه لا يرى فيها جهةَ الطاعة. فوجه الشارع ههنا أيضًا إلى توفير النية ليزداد أجرًا، أو في موضع يعدّه الرجل خفيفًا غير موجب لأجر، كما في الإنفاق على الأهل والمجيء من البُعْد للصلاة، فإن الأولَ واجبٌ عليه طبعًا وعرفًا، والثاني وسيلة. فالمرادُ منه توفير النيةِ، واستحضارُهَا، وإشعارُ القلب بها في تلك المواضع، فهو مرتبة عِلمِ العلم، دون العلم، وقد مر معنا أنه لا حاجةَ لإحراز مطلق الأجر إلى نية زائدة على ما تكون في الأَفعال الاختيارية، بل تكفي منها ما يكون قُبيل الأفعال الاختيارية. نعم، لا بد من انتفاء النية الفاسدة، وبعده لا تجب عليه نية أخرى لتحصيل الثواب، وهذا الشرح أخذته من حديث «مسند أحمد»: «من هَمّ بحسنة كتب له عشر حسنات إذا أشعر به قلبه وحرص ... الخ». فهذا هو الاحتساب عندي أي إشعار القلب، وهو أمر زائدٌ على نفس النية، فالنيةُ وإن كانت كافية لإحراز الأجر إلا أن في الاحتساب معنى ليس فيها (¬1). 26 - باب الْجِهَادُ مِنَ الإِيمَانِ 36 - حَدَّثَنَا حَرَمِىُّ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «انْتَدَبَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِى سَبِيلِهِ لاَ يُخْرِجُهُ إِلاَّ إِيمَانٌ بِى وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِى أَنْ أُرْجِعَهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ، أَوْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَلَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّى أُقْتَلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ». أطرافه 2787، 2797، 2972، 3123، 7226، 7227، 7457، 7463 تحفة 14901، 14901 أ - 16/ 1 36 - قوله: (إيمان بي وتصديق) ... إلخ. وهذا تنوينٌ في المُسند إليه، فلا تخلو عن فائدة، وإنما الخلاف في تنوين المسند، كما مر فتفيد التبعيض، وتدل على أن إيمانًا دون إيمان (وتصديق برسوله) إن كان بأو العاطفة، فالغرض أنه لا فرق بين الإيمان والتصديق ههنا، إلا باعتبار المتعلق، وهو الله في الإيمان، والرسول في التصديق، بخلاف ما إذا كان بالواو العاطفة، قال الشيخ الأشعري: إن التصديق كلام نفسي، وهو قوي أيضًا. لأن الشريعة جعلت غايةَ القتال قول: لا إله إلا الله، فقال صلى الله عليه وسلّم «أمرتُ أن أقاتلَ الناسِ حتى يقولوا: لا إله إلا الله»، فجعل قولَ تلك الكلمة إيمانًا، ومبدأ القول هو الكلام النفسي، والمرادُ منه قول النفس، فإذا قال النفس بتلك الكلمة تبعه اللسان، وأقر بها. وقد مر تفصيله من قبل. ¬

_ (¬1) قلت ويتوهم من بعض الألفاظ دخول قسم في قسم آخر، وإنما لم نهتم بتمييزه في التعبير لوضوح المراد، فعليك بالتأمل، في الأمثلة ليتبين لك تباين المراد.

28 - باب تطوع قيام رمضان من الإيمان

(من أجر أو غنيمة) قيل: إن «أو» لا يناسب ههنا. فإنها للترديد بين الأمرين، ولا ترديد ههنا، فإن المجاهد لا يخلو عن الأجر بحال. قال القرطبي: إن الكلام في الأصل كان هكذا من أجر فقط، أو أجر وغنيمة، وكان فيه تكرار، فحذفَ الأجرُ من المعطوف، فصار من أجر أو غنيمة، والاختصار في مثل هذه الواضع شائع. لأن حصولَ الأجر معلومٌ، ومفروغ عنه، فصار ذكره حشوًا، فحذفه اعتمادًا على فَهْم السامع. ونظيره ما قرره الطحاوي رحمه الله تعالى في قوله صلى الله عليه وسلّم «إما أن تصلي معي، وإما أن تخفف عن قومك»، فإن التقابل في الظاهر غير مستقيم، وسيجيء الكلام فيه في موضعه إن شاء الله تعالى. أقول: والذي ظهر لي أنه يكفي لاستعمال «أو» العاطفة تغاير الحقيقتين فقط، وإن اجتمعا في الخارج، فلا يُشترط فيها المنافاة بحسبِ الخارج. وعلى هذا فاستعمال «أو» بين التابع والمتبوع لإفادة أن هذا أمرٌ وهذا أمرٌ آخر، كما في الحديث: «من أجر أو غنيمة»، فإن الغنيمة تابعة للأجر. ولما كان الأجرُ مغايرًا للغنيمةِ صح استعمال «أو»، وهكذا قلت في قوله تعالى: {أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158] استدل به الزمخشري على أن الإيمان بدون الأعمال غير منج، وقال: تقديرُ الآية هكذا: لا تنفعُ نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو آمنت ولم تكسب في إيمانها خيرًا لتصح المعادلة. وهذا صريحٌ في أن الإيمان بدون كسب الخير غيرُ منج، وهو مذهب المعتزلة. وأجاب عنه ابن الحاجب في «أماليه» وأبو البقاء في «كلياته»، والشيخ ناصر الدين في «حاشية الكشاف»، وكذا الطيبي في «حاشية الكشاف»، وابن هشام في «المُغنى»، وكلامُ الطيبي أجودُ من الكل. والذي عندي هو أن «أو» ليست لبيان التنافي بين المعادلين، بل جيء بها لإفادة أن الإيمان شيءٌ آخر والكسبَ شيءٌ آخر. وحاصل المعنى: نفي الكسبِ والإيمانِ جميعًا، أي لا تنفع إيمانُ نفس لم تكن آمنت ولم تكسب في إيمانها خيرًا. فانتفاءُ النجاة ليست لانتفاء الكسب مع وجود الإيمان، بل لانتفاءِ الإيمان وكسب الأعمال جميعًا، ولا نزاع فيه. فإن سمحت به قريحتُك بقَبوله فاقبله، وإلا فشأنك، وسنقررها بأبسط منه فيما سيأتي، فانتظره. 28 - باب تَطَوُّعُ قِيَامِ رَمَضَانَ مِنَ الإِيمَانِ 37 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». أطرافه 35، 38، 1901، 2008، 2009، 2014 - تحفة 12277 29 - باب صَوْمُ رَمَضَانَ احْتِسَابًا مِنَ الإِيمَانِ 38 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ،

30 - باب الدين يسر

عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». أطرافه 35، 37، 1901، 2008، 2009، 2014 - تحفة 15353 30 - باب الدِّينُ يُسْرٌ وَقَوْلُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ». يريد: أن الإيمانَ بعد كونه كاملًا بجميع أجزائه ينقسم: إلى العسر، واليسر، ومع هذا هو إيمان، فصار كالكلي المتكرر بالنوع. (الحنيفية) واعلم أن القرآنَ جعل اليهودية، والنصرانية، مقابِلًا للحنيفيّة، قال تعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [البقرة: 135]، فالقرآن يذمُ اليهودية، والنصرانية، ويمدح الحنيفية، ولا يُدرى وجهه، فإنهما أيضًا من الأديان السماوية، نعم، لو كانت المَذَمَّة على المتبعِين لما كان فيه إشكالًا، إلا أنها على هذه الأديان. فالوجه عندي: أن اليهوديةَ والنصرانية في الأصل ألقابٌ لأَتباعِ التوراةِ والإنجيل، ولما حرَّفُوهما وبدلوا كلام الله من بعد ما عَقَلُوه، واشتروا به ثمنًا قليلًا، وباؤا بغضب من الله، صارت اليهوديةُ والنصرانيةُ، ألقابًا لأتباعِ التوارةِ المحرفة، والإنجيل المحرَّف الذي في أيديهم، فذمه القرآن، وقابل بينهما وبين الحنيفيّة لهذا. والحنيفُ في الأصل لقبٌ لإبراهيم عليه الصَّلاة والسَّلام، وهو الأصل في هذه اللقب، وسائرُ الناس فيه تبعٌ له. لأنه كان مبعوثًا إلى الكفار، بخلاف موسى، وعيسى عليهما الصَّلاة والسَّلام فإنهما كانا مبعوثَيْن إلى بني إسرائيل، وهم مسلمون نسبًا فلم يُلقبَا به، وإن كان حنيفين قطعًا. قالوا: الحنيف: هو المائل عن الأديان الباطلة إلى دين الحقِّ سُمّي به إبراهيم عليه الصَّلاة والسَّلام لميله عن الباطل إلى الحق. قلت: الحنيف هو الذاهب إلى الدين الحق بدون التفاتٍ منه إلى الجوانب والأطراف، وإليه أشار الشيخ فريد الدين العطار: *"از يكى كو وزد وئى يكسوى باش ... يك دل ويك قبله ويك روى باش" وقد أمرَ اللَّهُ جميع الناس بالحنيفية فقال: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: 5] ثم رأيت في «الملل والنحل»: أن الحنيف مقابل للصابيء، ويعلم منه أن الحنيفَ هو المعترف بالنبوة، والصابىء هو المنكر بالنبوة، ومر عليه الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى في مواضع، ولم يكتب شيئًا شافيًا، وقال: إن قوم نمروذ كان صابئيًا، وكان فيهم الفلسفة، ومن هؤلاء تعلِّمه الفارابي، ثم مر على تلك الآية: {{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)} [البقرة: 62] ولمّا لم يدرك حقيقةَ الصابئين غَلِطَ في تفسيرها، ففسر قوله: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} إلخ بالصابئين الذين كانوا مؤمنين، وزعم أن اليهود والنصارى كما أنهم مؤمنين في

زمنهم مع بقائهم على اليهودية، والنصارنية، كذلك الصابئون أيضًا كانوا مؤمنين في زمانهم، مع بقائهم على الصابئية، مع أنهم لم يؤمنوا قط، فإن فريقًا منهم كان يتدينُ بأول المبادىء على طريق الفلاسفة، وفرقة أخرى كانت تتعبدُ بالنجوم في هياكلهم، وأخرى كانت تنحت الأصنام وتعبدها، صرح به في «روح المعاني» والجَصَّاص في «أحكام القرآن». وقد بحث العلماء عن شؤون الصائبة، وأحسنُ من بحث عنهم هو الإمام أبوبكر الجصاص، تكلم عنهم في ثلاثة مواضع من تفسيره: «أحكام القرآن» كلامًا جيدًا شافيًا محققًا، وكذا ابن النَّديم في «الفهرست» فليراجع (¬1)، ................. ¬

_ (¬1) قال الجصاص في تفسير سحر أهل بابل: إنهم كانوا قومًا صابئين يعبدون الكواكب، السبعة ويسمونها آلهة، ويعتقدون أن حوادثَ العَالم كلها من أفعالها، وهم معطِّلة لا يعترفون بالصانع الواحد المبدعِ للكواكب، وجميع أجرام العالم، وهم الذين بعث الله إليهم، إبراهيم خليله صلوات الله عليه، فدعاهم إلى الله تعالى ... وكان أهل بابلَ والعراق والشام ومصر والروم على هذه المقالة إلى أيام بيوراسب الذي تسميه العرب: الضحاك ... وكانت علوم أهل بابَل قَبل ظَهور الفرس عليهم الحيل والنيرنجيات، وأحكام النجوم، وكانوا يعبدون أوثانًا قد عملوها على السماء والكواكب السبعة، وجعلوا لكل واحد منها هيكلًا فيه صنمه، ويتقربون إليها بضروب من الأفعال على حسب اعتقاداتهم موافقة ذلك الكوكَب الذي يطلبون منه بزعمهم فعلَ خيرٍ أو شرٍ فمن أراد شيئًا من الخير والصلاح بزعمه، يتقرب إليه بما يوافق المشتري من الدخن، والرقي والعقدِ، والنفث عليها، ومن طلب شيئًا من الشر والحرب والموت والبوار لغيره، تقرب بزعمه إلى زحل بما يوافقه من ذلك، إلى آخر ما بسطه من خرافاتهم وأباطيلهم كذا في "أحكام القرآن". وقال في آخر باب تزوج الكتابيات: قال أبو بكر: الصابئون الذين يعرفون بهذا الاسم في هذا الوقت، ليس فيهم أهل كتاب، وانتحالهم في الأصل واحدٌ، أعني الذين بناحية حرَّان، والذين بناحية البطائح في سواد واسط، وأصلُ اعتقادهم تعظيم الكواكب السبعة، وعبادتها، واتخاذها ألهة، وهم عبدة الأوثان في الأصل، إلّا أنهم منذ ظهر الفرس على إقليم العراق وأزالوا مملكة الصابئين، وكانوا نَبطًا لم يجسروا على عبادة الأوثان ظاهرًا، لأنهم منعوهم من ذلك، وكذلك الروم، وأهل الشام والجزيرة كانوا صابئين فلما تنصَّرَ قسطنطين حملهم بالسيف على الدخول في النصرانية فبطلت عبادةُ الأوثان مِن ذلك الوقت ودخلوا في غِمار النصارى في الظاهر، وبقي كثير منهم على تلك النِّحلة مستخفين بعبادة الأوثان، فلما ظهر الإِسلام دخلوا في جملة النصارى، ولم يميز المسلمونَ بينهم وبين النصارى، إذ كانوا مستخفين بعبادة الأوثان، كاتمين لأصل الاعتقاد، وهم أكتم الناس لاعتقادهم، ولهم أمور وحيل في صبيانهم إذا عقلوا في كتمان دينهم. وعنهم أخذت الإسماعيلية كتمان المذهب، وإلى مذهبهم انتهت دعوتهم، وأصلُ الجميع اتخاذ الكواكب السبعة آلهة وعبادتها، واتخاذها أصنامًا على أسمائها، لا خلاف بينهم في ذلك، وإنما الخلاف بين الذين بناحية حرَّان وبين الذين بناحية البَطَائح في شيء من شرائعهم، وليس فيهم أهل كتاب، فالذي يغلب في ظني في قول أبي حنيفة في الصابئين أنه شاهد قومًا منهم أنهم يُظهرون أنهم من النصارى وأنهم يقرؤون الإِنجيل وينتحِلُون دين المسيح تقيةٌ، لأن كثيرًا من الفقهاء لا يرون إقرارَ معتقدي مقالهم بالجزية، ولا يقبل منهم إلّا الإسلام أو السيف، ومن كان اعتقاده من الصابئين ما وصفنا، فلا خلاف بين الفقهاء أنهم ليسوا أهل كتاب، وأنه لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم. انتهى. =

وظني: أنهم كانوا يعتقدون بمخترعاتِهِم، وتسويلاتِ شياطينهم، وكان عندهم من أشياءِ النبوة أيضًا، إلا أنهم لم يكونوا يتبعون نبيًا خاصًا، وقال بعضهم: إن المراد من {ومَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} ¬

_ = وتعلَمُ نحوه في باب أخذ الجزية من أهل الكتاب ورُوي في ذلك اختلافًا بين التابعين. وقد بسط ابن النديم في كتابه "الفهرست" في أحوالهم بما لاَ مزيد عليه، فذكر في الفن الأول من المقالة التاسعة معتقداتهم، وصلواتهم، وصيامهم، وذبائحهم، وسائر أحكام دينهم مفصلًا، ثم ذكر حكاية أخرى في أمرهم فقال: قال أبو يوسف أيشع القطيعي النصراني في كتابه في الكشف عن مذاهب الحرانيين المعروفين في عصرنا بالصابئة: إن المأمونَ اجتاز في آخر أيامِهِ بديار مصر، يريد بلاد الروم للغزو، فتلقاه الناس، يدعون له وفيهم جماعة من الحرَّانيين وكان زيهم إذ ذاك لبس الأقبية، وشعورهم طويلة بوَفرَات كوَفْرة جدِ سنان بن ثابت، فأنكر المأمون زيهم وقال لهم: من أنتم من الذمة؟ فقالوا: نحن الحرنانية، فقال: أنصارى أنتم؟ قالوا: لا، قال: فيهود أنتم؟ قالوا: لا، قال: فمجوس أنتم؟ قالوا لا، قال لهم أفلكم كتاب أم نبيٌ، فمجمجوا في القول، فقال لهم: فأنتم إذًا الزنادقة عبدة الأوثان، وأصحاب الرؤوس في أيام الرشيد والدي. وأنتم حلالٌ دماؤُكم، لا ذمة لكم فقالوا: نحن نؤدي الجزية ... فاختاروا الآن أحد أمرين: إما أن تنتحلوا دينَ الإسلام، أو دينًا من الأديان التي ذكرها الله في كتابه، وإلّا قتلتكم عن آخركم، فإني قد أنظرتكم إلى أن أرجعَ من سفرتي هذه، فإن أنتم دخلتم في الإِسلام أو في دين من هذه الأديان التي ذكرها الله في كتابه، وإلّا أمرت بقتلكم واستئصال شأفتكم -ورحلَ المأمونُ يريدُ بلد الروم، فغيروا زِيهم، وحلقوا شعورَهم وتركوا لبس الأقبية، وتنصر كثيرٌ منهم، ولبسوا زنانير، وأسلم منهم طائفة، وبقي منهم شرذِمة بحالهم، وجعلوا يحتالون، ويضطربون، حتى انتدب لهم شيخ من أهلِ حران فقيه، فقال لهم: قد وجدتُ لكم شيئًا تنجون به وتسلمُون من القتل فحملوا إليه مالا عظيمًا من بيت مالهم ... فقال لهم: إذا رجع المأمون من سفره فقولوا له: نحن الصابئون، فهذا اسم دين قد ذكره الله جل اسمه في القرآن، فانتحِلُوه فأنتم تنجون به. وقضى أن المأمون توفي في سفرته تلك بالبذندون ... وانتحلوا هذا الاسم منذ ذلك الوقت، لأنه لم يكن بحران ونواحيها قومٌ يسمَون بالصابئة، فلما اتصل بهم وفاة المأمون ارتد أكثر من كان تنصر منهم، ورجع إلى الحرنانية،، وطولوا شعورهم حسب ما كانوا عليه قبل مرور المأمون بهم، على أنهم صابئون، ومنعهم المسلمون من لُبْس الأقبية، لأنه من لُبْس أصحاب السلطان، ومن أسلَم منهم لا يمكنه الارتداد خوفًا من أن يقتل، فأقاموا متسترين بالإسلام، فكانوا يتزوجون بنساء حرانيات، ويجعلون الولد، الذكرَ مسلمًا، والأنثى حرانية، وهذه كانت سبيل كل أهل ترعوز، وسلمسين، القريتين المشهورتين العظيمتين بالقرب من حران إلى منذ نحو عشرين سنة. كان الشيخان المعروفان بأبي زرارة، وأبي عروبة، علماء شيخ حران بالفقه والأمر بالمعروف، وسائر مشايخ أهل حران وفقهائهم احتسبوا عليهم ومنعوهم من أن يتزوجوا بنساء حرانيات، أعني صابئات، وقالوا: لا يحل للمسلمين نكاحهم، لأنهم ليسوا من أهل الكتاب هكذا في النسخة، وبحران أيضًا منازل كثيرة إلى هذه الغاية بعض أهلها حرنانية ممن كان أقام على دينه في أيام المأمون، وبعضهم مسلمون، وبعضهم نصارى ممن كان دخل في الإسلام وتنصَّر في ذلك الوقت إلى هذه الغاية، مثل قوم يقال له: بنو أبلوط، وبنو قيطران، وغيرهم مشهورين بحران، اهـ. وقد فصل أحوالهم وذكر في خاتمتها- وقد كان هارون بن إبراهيم بن حمَّاد بن إسحاق لما كان يلي بحران وأعمالها القضاء، وقع إليه كتاب سرياني فيه أمر مذاهبهم وصلواتهم، فأحضر رجلًا فصيحًا بالسريانية والعربية ونقله له بحضرته من غير زيادة ولا نقصان، والكتاب موجود كثير بيد الناس، واحتسب هارون بن إبراهيم حملَه إلى أبي الحسن علي بن عيسى وفي ذلك الكتاب مشروح، فلينظر فيه فإنه يغفي عن كثير من الكتب المعمولة في معناه. انتهى.

31 - باب الصلاة من الإيمان

من يؤمنُ في المستقبل، وإنما اضطروا إلى هذه التوجيهات، لأن في ظاهر الآية تكرارًا في قوله: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} لما مر ذكره في صدرِ الآية أيضًا. والوجه عندي: أن {مَنْ آمَنَ} الثاني استئناف للكلام السابق، للفصل بينه وبين ما يترتب عليه، فإن قوله: {فلهم آجرهم عند ربهم} مرتبط مع قوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ} فأعيد بالاستئناف ليظهرَ الترتب. ثم إني رأيت في كُتُبِ أهل الكتاب أن الحنيفَ عندهم لفظ المذمة، والكاهِنُ من ألفاظ المدح، حتى إنهم كانوا يستعملونه في الأنبياء أيضًا، وفي عرفنا بالعكس: الحنيف من أوصاف الأنبياء، والكاهن من أوصاف الكفار. قال صلى الله عليه وسلّم «من أتى كاهنًا وصدقه فقد كفر» أو كما قال، والحاصل: أن المرادَ من الحنيفية الآن هو الملةُ الإبراهيمية، وسيجيء بعض الكلام في باب التيمم. 39 - حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ بْنُ مُطَهَّرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ مَعْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْغِفَارِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَىْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ». أطرافه 5673، 6463، 7235 - تحفة 13069 39 - (لن يشادَّ الدين) ... إلخ أي من أراد أن يعملَ بالعزائم فقط ولا يترخصَّ بالرخصِ، يكون مغلوبًا من الدين، ويَغْلِبُ عليه الدين آخرًا ولا يستطيعُ أن يداومَ عليه، فليعمل بالعزائم والرخص. (فسددوا وقاربوا) من السداد بالفتح، وهو: القصد. وحاصله عندي: أن اقتصدوا في الأعمال واتركوا التعمق، وترجمته في الهندية (ميانه روى كرو اور بلنديروازى نكرو) فاغتنمه غنيمةً باردةً، فإنه سهلٌ ممتنعٌ، وإن كثيرًا من الناس عن حقيقتِهِ لغافلون، فلا يدركونَ مراد هذين اللفظين. (واستعينوا بالغدوة) ... إلخ وكان مولانا قطب العالم الشيخ الجنجوهي رحمه الله تعالى يؤوله بالذكر في الغدوة والرَّوْحة وشيء من الدُّلجة، وإن ورد الحديث في الجهاد. 31 - باب الصَّلاَةُ مِنَ الإِيمَانِ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] يَعْنِى صَلاَتَكُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ. واعلم أن ههنا إشكالين: الأول: أنه لا خفاء في أن العمل بالمنسوخ قبل نزول الناسخ مقبولٌ، فما وجه إشكال الصحابة رضي الله تعالى عنهم فيمن ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس؟ والجواب: أنه كان أول نُسْخ في الإسلام، كما رُوِي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه فلم يكونوا يعلمون المسألة. والإشكال الثاني على ترجمة المصنف رحمه الله. وحاصله: أنه لم يكن للصحابة تردد في الصلوات التي صُليت إلى بيت الله، إنما كان الترددُ فيما صليت

بحث أنيق في استقبال الكعبة واستقبال بيت المقدس، وهل كانا قبلتين، أم كانت الكعبة قبلة لجميع الملل، وهل النسخ وقع مرة أو مرتين؟

إلى بيت المقدس، وإذن لا معنى لتفسيره بِالصلاة عند البيت، فإنه لم يكن لهم إشكال في تلك الصلوات، مع أنه روى النسائي وغيره في الحديث المذكور فأنزل الله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَنَكُمْ}: صلاتَكم إلى بيت المقدس، وعلى هذا فقول المصنف رحمه الله تعالى: «عند البيت» مشكلٌ، مع أنه ثابتٌ في جميع النسخ. قال بعض العلماء: إن المرادَ من البيت هو بيتُ المقدس، و «عند» بمعنى إلى، فصار الحاصل: يعني إلى بيت المقدس. قلتُ: والمعروف من البيتِ عند الإطلاقِ بيتُ الله، دون بيتِ المقدس. وأجاب عنه النووي: أن المراد منه الصلوات بمكة، وهو أيضًا كما ترى، فإن الترددَ والشبهة إنما كان في الصلوات التي صُليت بالمدينة سبعةَ عَشَرَ شهرًا إلى بيت المقدس. وقال الحافظ رحمه الله: مقاصد البخاري في هذه الأمور دقيقة وبيان ذلك: أن العلماء اختلفوا في الجهة التي كان النبي صلى الله عليه وسلّم يتوجه إليها للصلاة وهو بمكة، فقال ابن عباس رضي الله تعالى عنه وغيره: كان يصلي إلى بيت المقدس، لكنه لم يكن يَسْتدِبر الكعبة، بل يجعلها بينه وبين بيت المقدس. وأطلق آخرون: أنه كان يصلي إلى بيت المقدس. وقال آخرون: كان يصلي إلى الكعبة، فلما تحول إلى المدينة استقبلَ بيت المقدس، وهذا ضعيف، يلزمُ منه دعوى النَّسخ مرتين، والأول أصح، وراجع التفصيل من «شرح المواهب» للزُرْقَاني. وكأن البخاري أراد الإشارةَ إلى الجزم بالأصح، من أن صلاتهم عند البيت كانت إلى بيت المقدس، واقتصر على قوله: «عند البيت»، ولم يقلْ إلى بيت المقدس، اكتفاءً بالأولوية، لأن صلاتهم إلى غير جهة البيت، وهم عند البيت، إذا كانت لا تضيع، فأحرى أن لا تضيعَ إذا غابوا عنه، فتديرُ الكلامِ هكذا يعني: صلاتكم التي صليتُمُوها عند البيت إلى البيت المقدس. قلت: إن «عند» ههنا للزمان، والمراد منَ البيت هو بيت الله. والمعنى: أن صلاتَكم إلى بيت المقدس لم تضع عند كون البيت قبلة، وحينئذٍ «عند» زمانية لا مكانية. بحثٌ أنيقٌ في استقبالِ الكعبة واستقبالِ بيت المقدس، وهل كانا قِبْلتين، أم كانت الكعبة قِبلة لجميع الملل، وهل النسخ وقع مرة أو مرتين؟ بقى الكلام في أن استقبالَ بيت المقدس كان من الاجتهاد، أم من الوحي، فحقق ابن القيم رحمه الله تعالى في «هداية الحيارى» أن مكةَ شرفها الله وبيتَ المقدس كانتا قبلتين من قبل، وكان إبراهيم عليه الصلاة والسلام عيَّنهما، فالقبلتان إبراهيميتان. وذهب جماعة (¬1) إلى أن ¬

_ (¬1) وفي "حاشية جامع البيان" عن "بدائع الفوائد" -واليهود كانوا ينصبون التابوت ويصلون إليه من حيث خرجوا، فإذا قدموا نصبوه على الصخرة وصلوا إليه، فلما رفع صلوا إلى موضعه وهو الصخرة- كذا في "مشكلات القرآن" للشيخ رحمه الله، ص 40.

بيت المقدس لم تكن قِبلة قط، وإنما كان بنو إسرائيل مأمورينَ باستقبال التابوت في صلواتهم، ولم تكن لهم جهة متعينة لصلواتهم، وإنما كانوا يستقبلون بيت المقدس من عند أنفسهم، لا أنها كانت قِبلة لهم، ووجهه أن سليمان عليه الصَّلاة والسَّلام لما بناه في زمانه، وضع التابوت في البيت، فجعلوا يستقبلونه لأجل التابوت، لا لكونها قِبلة، إلا أنه لما استمر بها العمل اشتهرِ أنها قِبلتهم. قلتُ: ولي فيه تردد. والأصلُ أن الذبيحَ اثنان: إسحاق عليه الصَّلاة والسلام وقرب به في بيت المقدس، فكانت قِبلة لبني إسرائيل، وقرب بإسماعيل عليه الصَّلاة والسلام في بيت الله، فجعلت قبلة لِبَنِيْهِ، وفي التوراة تصريحٌ بأن يعقوبَ عليه الصَّلاة والسَّلام كان غَرَزَ خَشَبةً في بيت المقدس، وكان أوصى لبنيه أن يجعلوها قِبلةً عندما تفتحُ عليهم الشام، وكان أصل التعيين من أبيه، وحينئذٍ تحصَّلَ أن القبلتين كانتا على تقسيم البلاد، فبيت الله كانت قبلةً لأهلها، لأنهم كانوا بني إسماعيل عليه الصَّلاة والسَّلام، وبيت المقدس لأهل المدينة وأمثالهم، لأنهم كانوا من يهود بني إسرائيل، فلما كان النبي صلى الله عليه وسلّم في مكة توجه إلى البيت تبعًا لأهل بلدته، لأن قِبلتَه إذ ذاك كانت هي البيت، لكونه في بلدة قبلتها تلك البيت، فلما تحول إلى المدينة توجه إلى ما كان أهلُ تلك البلدةِ يتوجهون إليها، على ما مر أن تقسيم القِبلتين كان على تقسيم البلاد، لا أن بيتَ الله كانت قبلةً ثم صارت بيت المقدس، قِبلة، بل كلتاهما كانتا قبلتين على السوية، إلا أنهما كانتا على تقسيم البلاد، فلم تكن القبلتان في مكة والمدينة من اجتهاده صلى الله عليه وسلّم بل كانتا على الأصل، يعني من لدن إبراهيم عليه الصَّلاة والسَّلام، ولكنه توجه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في الموضعين بحَسَب تقسيم البلاد، وإنما كان النبي صلى الله عليه وسلّم يحب أن يوجَّه إلى البيت، لأنه كان من بني إسمعيل، فكان يحب قبلة أجداده. وعلى هذا التقرير، لا حاجةَ إلى القول بتكرر النسخ كما علمت. ولك أن تقول: إن حاله في الاستقبال يُشبَّهُ بحاله ليلة المعراج، فكما أنه عُرج به من بيت المقدس، ولم يُعرج به من البيت ابتداءً، كذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلّم بالاستقبال إلى بيت المقدس أولًا، ثم إلى البيت ثانيًا، فإن المقرَّ ونهاية السفر هو بيت الله، وحينئذٍ لا بِدْعَ في تكرر النسخ. وقد عدّ السيوطي رحمه الله تعالى عِدَّة أشياء تكرر فيه النسخ، على أن بيتَ الله كالديوان الخاص، وبيتَ المقدس كالديوان العام، لا يكون إلا لحاجة، والمقرُّ الأصليُ هو الديوان الخاص، فهذا النظر أيضًا يؤيد كون البيت قِبلة بمكة، ثم بيت المقدس بالمدينة لحاجة، ثم البيتُ قِبلة إلى الأبد. واعلم أن إطلاق الإيمان على الصلاة ليس من باب إطلاق الكل على الجزء كما قال بعضهم، بل لأن صلواتهم إلى بيت المقدس في ستةَ عَشَر أو سبعةَ عشَرَ شهرًا إن ضاعت كلها، فكأنه ضاع إيمانهم، وهذا وإن كان فيه إطلاق الإيمان على الصلاة أيضًا، إلا أنه ليس من الباب الذي فهم، بل هو راجعٌ إلى باب السِّراية دون الجزئية، وحينئذٍ يضعُف استدلال المصنف رحمه الله تعالى منه. 40 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ:

أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ - أَوْ قَالَ أَخْوَالِهِ - مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ، وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلاَةٍ صَلاَّهَا صَلاَةَ الْعَصْرِ، وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ، فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ، وَهُمْ رَاكِعُونَ فَقَالَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ، وَكَانَتِ الْيَهُودُ قَدْ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلِّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَأَهْلُ الْكِتَابِ، فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ الْبَيْتِ أَنْكَرُوا ذَلِكَ. قَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ فِى حَدِيثِهِ هَذَا أَنَّهُ مَاتَ عَلَى الْقِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ رِجَالٌ وَقُتِلُوا، فَلَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]. أطرافه 399، 4486، 4492، 7252 - تحفة 1840 - 17/ 1 40 - (أول صلاة صلاها صلاة العصر) وفي السير أنها الظهر وجمع الحافظ رحمه الله تعالى بينهما بأن أول صلاةً صُليت إلى بيت الله هي صلاة الظهر، نزل النسخ فيها بعد الركعتين (¬1) وكان النبي صلى الله عليه وسلّم إذ ذاك في مسجد ذي القِبْلتين، وأول صلاةً صلاها بتمامها إلى البيت هي صلاة العصر، وكانت في المسجد النبوي. وفي «وفاء الوفى بأخبار دور المصطفى» للسَّمْهُودي وهو تلميذ ابن حجر رحمه الله تعالى ما يدل على أنها نزلت في المسجد النبوي، دون مسجد ذي القبلتين، والحافظ ذَهَلَ عنه. ثم رأيت في تفسير الشيخ محمود الآلوسي رحمه الله تعالى عن حاشية السيوطي رحمه الله تعالى على البيضاوي: أنه كان يرذُ توجيه الحافظ، ويرجح رواية السِّير على «صحيح البخاري»، والسيوطي رحمه الله تعالى وإن لم يكن مثل الحافظ، لكن رأيت الآلوسي رحمه الله تعالى أيضًا اختار ترجيح رواية السير، فترددت فيه بعده أيضًا. (فمر على أهل مسجد) قال العيني: إن هؤلاء أهل مسجد القِبْلتين، ومرّ عليهم المار في صلاة العصر، وأما أهل قُباء، فأتاهم آتٍ في صلاة الصبح. (وأهل الكتاب) قيل: إن كان المرادُ منهم اليهود فقد مر ذكرهم، وإن كان النصارى فليست قِبلتهم بيت المقدس، بل هي بيت لحم، جانب الشرق من بيت المقدس، وهو مولد عيسى عليه الصَّلاة والسَّلام، فكان الأمران عندهم سواء، فَلِمَ سخطوا على التحويل عنها؟ والجواب: أن المراد منهم النصارى، ووجه إنكارهم أن النبي صلى الله عليه وسلّم إذا كان يستقبلُ بيتَ المقدس ¬

_ (¬1) ونقل الحافظ رحمه الله عن شرح الحافظ برهان الدين الحلبي على البخاري: أن نِصفَ صلاته كانت إلى بيت الله ونصفَها إلى بيت المقدس، والحافظ برهان الدين حنفي من جهابذة الحفاظ، كان من حفاظ اليمن كما أن ابن حجر رحمه الله كان من حفاظ مصر - وكان كثير التصانيف، إلّا أن ملك تيمور حرق كتُبَه كلها بين عينيه، فلم يبق من تصانيفه نقير ولا قِطْمِير، إلّا ما كان الناس أخذوه نقلًا، وقد أحال الشيخ ابن الهمام رحمه الله تعالى على شرحه في موضع من باب المهر، فلعله يكون عنده نقل عنه، ويمكن أن يكونَ بلغ كلامه إليه من أفواه تلامذته، هكذا في تقرير الفاضل عبد العزيز معربا. اهـ.

32 - باب حسن إسلام المرء

وهو بالمدينة، كان يقع استقباله إلى بيت لحم أيضًا، فإنهما في سَمتٍ واحد من المدينة، فلما ولَّى عنها لزمَ التحولُ عن قبلتهم أيضًا، فأنكروا لهذا. أو يقال: إنهم أيضًا كانوا يسمون بيت المقدس قِبلةً، فإنهم كانوا يدعون بتعبد الديانة الموسوية، والقبلة فيها بيتُ المقدس. والله تعالى أعلم. (قال زهير) قال الكَرْماني: إنه تعليق. قلت: والصواب ما قاله الحافظ رحمه الله تعالى: إن المصنف رحمه الله تعالى ساقه في التفسير مع جملة الحديث عن أبي نعيم عن زهير. (اقتلوا) قال الحافظ رحمه الله تعالى: لم أجد روايةً سوى رواية زهير تدل على قتلِ رجلٍ قبل التحويل، لعدم وقوع غزوة في تلك المدة. أقول: إن نفي القتل مطلقًا مشكل، ويمكن أن يراد به القَتْلُ بمكة لا المدينة كما ذكره الحافظ رحمه الله تعالى آخرًا. (فلم ندر ما نقول) المشهور أن الشبهة كانت في صلواتهم. ويحتملُ عندي أن تكونَ الشبهةُ في دفن الموتى، فإنها دُفنت قبل القِبلة، وأثرُهَا باقي بعد التحول أيضًا، بخلاف الصلاة، ولذا خصَّها الراوي بالذكر. وعلى الوجه المشهورِ لا يظهرُ بتخصيص الموتى معنى، فإن الأحياء والأموات كلهم مشتركون في إضاعة الصلوات لو ضاعت (¬1) وقد مر إن وجه الإشكال فيه كونه أول نَسْخ كما رُوي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه. قلت: فيه نظر إلا أن يكون أولًا باعتبار الشُّهرة، فإنه أولُ نسخٍ اشتُهر، لنزاعِ أهل الكتابين فيه. 32 - باب حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ 41 - قَالَ مَالِكٌ أَخْبَرَنِى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ سَيِّئَةٍ كَانَ زَلَفَهَا، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ الْقِصَاصُ، الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلاَّ أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهَا». تحفة 4175 42 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إِسْلاَمَهُ، فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، وَكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِمِثْلِهَا». تحفة 14714 قسم الإسلام إلى الحُسن وغيره بعد تقسيمه إلى العسر، واليسر، والحُسن أيضًا من الإيمان، كما أن حُسنَ الوجهِ من الوجه. واعلم أن ههنا إشكالًا: وهو أن المصنفَ رحمه الله تعالى تركَ قِطعة من الحديث وأخرجها النووي رحمه الله تعالى في «شرح مسلم» وقال: ذكره ¬

_ (¬1) قلت هذا الاحتمال جيد جدًا لو كانت الألفاظ تؤيده، ولم أسمع من شيخي رحمه الله تعالى غير تلك القطعة، ولا اتفق لي مراجعة في الباب، والله أعلم، فلا أدري ماذا قال الشيخ؟ وماذا فهمت؟.

الدارقطني في غريب حديث مالك، ورواه عنه من تسع طُرُق، وثبت فيها كلَّها أن الكافرَ إذا حَسُنَ إسلامهُ يُكتب في الإسلام كل حُسَنَة عملها في الشرك. انتهى. وهذه القطعة ليست في البخاري فقال قائل: إن المصنفَ رحمه الله تعالى حَذَفَها لإشكالها، لأنها تدلُ على أن حسناتِ الكافر أيضًا معتبرة. قلت: وهو كما ترى، والوجه عندي: أن تلك القِطعة الواردة في حديث أبي سعيد الخُدري رضي الله تعالى عنه ليست في أحدٍ من الروايات التي رُويت في هذا الباب، أي في معنى هدم معاصي الكفر بعد الإسلام، وإن كانت ثابتة في حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه، فحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: «الإسلامُ يهدمُ ما كان قَبْله» وإن كان مغايرًا لحديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه بحسَب ضابطة المحدثين، إلا أنه لاتحادِ المعنى يمكنُ أن يكونَ واحدًا عند المصنف رحمه الله تعالى. ولما لم ترد تلك القطعة في أحد من تلك الروايات سوى حديثِ أبي سعيد رضي الله تعالى عنه فيما أعلم تردد فيها وتَركها والله أعلم. بقي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قلنا يا رسول الله أنؤاخذُ بما عملنا في الجاهلية؟ فقال: «من أحسنَ في الإسلام لم يؤاخذْ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أُخِذَ بالأولِ والآخر». فقال النووي رحمه الله تعالى في «شرحه»: إن المراد بالإحسان الدخولُ في الإسلام ظاهرًا وباطنًا، ومن الإساءة عدم الدخول في الإسلام بقلبه، وكونه منقادًا في الظاهر مُظهِرًا للشهادتين غير معتقدٍ للإسلام بقلبه، فهذا منافق باقٍ على كفرِهِ بإجماع المسلمين، فيؤاخُذُ بما عمل في الجاهلية، قبل إظهار صورة الإسلام، وبما عمل بعد إظهارِهَا، لأنه مستمرٌ على كفره. انتهى. قلت: والمراد من إحسانِ الإسلامِ عندي أن يُسلم قلبُهُ، ويتضمن إسلامهُ التوبة عما فعل في الكفر، فلم يعد بعد الإسلام إليها، فهذا الذي غُفر له ذنبه. ومن إساءة الإسلام أن يُسلم ولم يتضمن إسلامُهُ التوبة عن معاصيه التي زلفها في الكفر، واستمر على ما كان، فهذا وإن صار مسلمًا إلا أنه يُؤخذُ بالأول والآخر، وعلى هذا فحديث الهدم محمولٌ على ما تضمن إسلامُهُ التوبة، وحديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه على ما لم يكن كذلك. ثم ههنا حديث آخر عن حكيم بن حزام عند مسلم: أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلّم أرأيتَ أمورًا كنت أتحنثُ بها في الجاهلية هل لي فيها من شيء؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلّم «أسلمت على ما أسلفت من خير» وهذا يدل على اعتبار حسناتِ الكافر في كفره. وأوَّلَه الناسُ بتأويلات ذكرها النووي رحمه الله تعالى. وعندي لا تأويل فيه، بل هو على ظاهرِه، وليَ جزمٌ بأن طاعاتِ الكفار نافعة بتًا، كما مر في حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه صراحةً من أن الكافرَ إذا حَسُنَ إسلامه يكتب له في الإسلام كلُ حسنة عملِها في الشرك. إلا أن حسناتِ الكافر على نحوين منها كالحِلْم، وصلة الرَّحم، والإعتاق، والصدقة،

33 - باب أحب الدين إلى الله أدومه

فهذه كلُّها نافعةٌ له في الآخرة، وإن لم تكنُ منجية، فإن المنجيَ من النار هو الإيمان لا غير، إلا أنها تصير سببًا لتخفيف العذاب شيئًا، ولذا أجمعوا على أن الكافرَ العادل أخفُّ عذابًا من الكافر الظالم، وكذا عُلم من الشريعة تفاوت دركات العذاب، وليس هذا إلا لنفع الطاعات يسيرًا. بقيت العبادات، فلا تعتبرُ أصلًا، فما أول به النووي في «شرحه» قول الفقهاء، وقال: وأما قول الفقهاء: لا تصح من الكافر عبادة، ولو أسلم لم يُعتدّ بها، فمرادهم أنه لا يعتد له بها في أحكام الدنيا، وليس فيه تعرض لثواب الآخرة. انتهى. ليس بصواب عندي قطعًا، فإن عبادات الكفار ليست بمعتبرة في أحكام الدنيا ولا في أحكام الآخرة، ولذا لم تُذْكر في حديث حكيم بن حِزَام غير العتق وأمثاله، ولم تذكر فيها العبادات أصلًا. فالحاصل: أن الطاعاتِ والقُرُباتِ، كلُّها نافعةٌ للكافر، أما العبادات فغيرُ معتبرةٍ أصلًا بلا تأويل والله أعلم بحقيقة الحال. 33 - باب أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ أي ينقسم الدين إلى الأحبِّ وغيره، كما انقسم إلى العسير، واليسير، والأحسن، وغيره. ثم ذلك أيضًا إيمان. قال العلماء: إن القليل الذي دِيْم عليه خيرٌ من الكثير الذي لم يداوَم عليه، كما في الحديث، ومثَّلَه الغزالي رحمه الله تعالى أن الماء إذا قَطَرَ على حجارةٍ قطرة قطرة، ولم يزل كذلك يقطرُ، فإنه يثقبُ فيه يومًا، بخلاف إذا صُبَّ صبًا، فإنه لا يؤثر فيه بشيء. 43 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا امْرَأَةٌ قَالَ «مَنْ هَذِهِ». قَالَتْ فُلاَنَةُ. تَذْكُرُ مِنْ صَلاَتِهَا. قَالَ «مَهْ، عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَوَاللَّهِ لاَ يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا». وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَا دَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ. طرفه 1151 - تحفة 17307 (لا يمل) قيل: إن الملال لا يُنسب إلى الله تعالى، فالنفي فيه على سبيل المُشَاكلة، والمراد منه أن الله تعالى لا يتركَ الإثابة ما لم تتركوا العبادة. قلت: وشاكلتُه كاليد، والأصابع، والوجه، فما قُرر فيها يقرر فيه أيضًا. وسيجيء عليه الكلام في موضعه إن شاء الله تعالى ما يكفي ويشفي. 34 - باب زِيَادَةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: 13]، {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: 31] وَقَالَ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] فَإِذَا تَرَكَ شَيْئًا مِنَ الْكَمَالِ فَهُوَ نَاقِصٌ. 44 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ، عَنِ

35 - باب الزكاة من الإسلام

النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَفِى قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَفِى قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَفِى قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «مِنْ إِيمَانٍ». مَكَانَ «مِنْ خَيْرٍ». أطرافه 4476، 6565، 7410، 7440، 7509، 7510، 7516 تحفة 1356، 1134 - 18/ 1 45 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ سَمِعَ جَعْفَرَ بْنَ عَوْنٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِى كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا. قَالَ أَىُّ آيَةٍ قَالَ (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا). قَالَ عُمَرُ قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِى نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ. أطرافه 4407، 4606، 7268 - تحفة 10468 وقد مر بعض الكلام عليه في باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال. ورُوي عن إمامنا الأعظم رحمه الله تعالى أن الإيمانَ يزيدُ ولا ينقص، وكأنه مأخوذٌ مما رُوي عند أبي داود في كتاب الفرائض عن معاذ بن جبل: «أنه ورث المسلم عن الكافر ولم يورثه من المسلم وقال: الإسلام يزيد ولا ينقص». قيل في شرحه: أي يعلو ولا يُعلى. وقد مر معناه: «أن رجلًا من اليهود» قيل: هو كعب الأحبار (¬1)، وكذا وقع في بعض الروايات مُسمّى، وقوله يدل على حقية الإسلام عنده. 45 - (قال عمر رضي الله تعالى عنه): حاصلُ جوابِهِ القولُ بالموجَب، لأن نزولَ الآية في حَجَّةِ الوداع من يوم عرفة في عرفات لتاسع من ذي الحِجَّة. 35 - باب الزَّكَاةُ مِنَ الإِسْلاَمِ وَقَوْلُهُ تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)} [البينة: 5]. 46 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَمِّهِ أَبِى سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، ¬

_ (¬1) وكان وهب بن منبه أيضًا يهوديًا عالمًا بالتوراة، ثم أسلم إلا أنه كان أصغر من كعب، وكان كعب من علماء الشام ووهب من اليمن، هكذا في تقرير الفاضل عبد القدير.

ثَائِرُ الرَّأْسِ، يُسْمَعُ دَوِىُّ صَوْتِهِ، وَلاَ يُفْقَهُ مَا يَقُولُ حَتَّى دَنَا، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلاَمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِى الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ». فَقَالَ هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهَا قَالَ «لاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَصِيَامُ رَمَضَانَ». قَالَ هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهُ قَالَ «لاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ». قَالَ وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الزَّكَاةَ. قَالَ هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهَا قَالَ «لاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ». قَالَ فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لاَ أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلاَ أَنْقُصُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ». أطرافه 1891، 2678، 6956 - تحفة 5009 واعلم أن قِصة هدا الرجل تُشبه بقصة ضِمام بن ثعلبة، فاختلفوا فيه أنهما واقعتان، أو واقعة واحدة، وأتى ضِمام في السنة الخامسة، فاعلمه. 46 - (إلا أن تطوع) واستدلَ منه الشافعية على نفي (¬1) وجوب الوتر، وليس بشيء. واستدل منه الحنفية أيضًا على أن النوافلَ تلزمُ بالشروع، وجعلوا الاستثناء متصلًا، أي فإنه يجب عليك. وجعله الحافظ رحمه الله تعالى منقطعًا. قلت: إن مالكًا رحمه الله أيضًا يوجب القضاء فيما أبطله بلا وجه. وأجمع الكلُّ في إيجاب القضاء بعد إفساد الحج. ونظر الحنفية في سائر العبادات كنظرهم في الحج. وأحسنُ ما يُستدل به للمذهب ما اختاره صاحب «البدائع» وقال: إنه نذرٌ فعليٌ، فقسم النذرَ إلى قولي وفعلي، وجعل الشروعَ نذرًا فعليًا، وهذا جيد جدًا. أما الاستدلال بقوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] فليس بناهضٍ، لأن الآيةَ إنما سيقت لبطلان الثوابِ لا للبطلان الفقهي، كما يدل عليه السياق، فهي كقوله: {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: 264]. ثم أقول: إن الحديث خارجٌ عن موضع النِّزَاع، فإن الإيجاب المذكورَ فيه إنما هو الإيجابُ من جهة الوحي، ومسألة لزومِ النفل بالشروع إنما هو في إيجابِ العبد على نفسه شيئًا بِخَيْرَتِهِ وطوعه، فافهم ولا تعجل. «وأبيه» وفيه حَلفٌ بغير الله. قال الشوكاني: وهو من فَلَتَات لسانِهِ صلى الله عليه وسلّم والعياذ بالله أن تجري على لسانه فَلْتة ما تكون فيه شوائب الشرك. مع أنه قد ثبت عنه في نحو أربعة أو خمسة ¬

_ (¬1) نقل المَقْرِيزي في "تلخيص قيام الليل" لمحمد بن نصر حِكاية أن رجلًا سأل أبا حنيفة رحمه الله أن الله تعالى كم فَرَضَ من الصلوات؟ فقال: خمسا، فقال: أين الوتر؟ فأعاد عليه السؤال، كل ذلك يجيبُه الإمام رحمه الله تعالى بأنها خمس، فسخِر منه الرجل وقال: إنه لا يدري الأعداد أيضًا. "قلت": أما محمد بن نصر فما أقول فيه، فإنه رجل عظيم القدر، أما هذا السائل فإنه عَجزَ أن يفهم جواب الإمام رحمه الله تعالى، مع أنه كان أجابه مرتين، فإن الوتر تابعٌ للخمس وإن كان مستقلًا في بعض الأنظار وبعض المسائل، وقد أنكر صاحب "البدائع" من كونه تابعًا للعشاء، وإني أعلنُ على رؤوس الأشهاد بأنه تابعٌ للعشاء عندي قطعًا، وإن لم يكن تابعًا في بعض الملاحظ، فذلك أمرٌ آخر.

مواضع، وقيل: إنه تصحيف «والله»، وقيل: إنه منسوخ وهو مهمل. وأحسنُ الأجوبة ما ذكره الجلبي (¬1) في «حاشية المطول» على لفظ: «ولعمري»، والشامي على «الدر المختار» في ¬

_ (¬1) وقال فاضل الروم حسن جلبي في "حاشية المطول": ويمكن أن يكون المراد بقولهم: لعمري وأمثاله ذكر صورة القسم لتأكيد مضمون الكلام وترويجه فقط، لأنه أقوى من سائر المؤكِّدَات، وأسلمُ من التأكيد بالقسم بالله تعالى، لوجوب البِرِ به، وليس الغرضُ اليمينَ الشرعي، وتشبيه غير الله به في التعظيم، حتى يردَ عليه أن الحَلِفَ بغير اسمه تعالى وصفاته عز وجلّ مكروه كما صرح به النووي في "شرح مسلم"، بل الظاهرَ من كلام مشايخنا، أنه كفرٌ إنْ كان باعتقادِهِ أنه حَلِفٌ يجب البرِ به، وحرام إن كان بدونه، كما صرح به بعض الفضلاء وذكر صورة القسم على الوَجْه المذكور لا بأس به، ولهذا شاع بين العلماء، كيف وقد قال عليه الصلاة والسلام "قد أفلح وأبيه إن صدق" وقال عزّ من قائل {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72)} [الحجر: 72] فهذا جري على رسم اللغة وكذا إطلاق القَسَم على أمثاله. اهـ. وكذا في "رد المحتار": والجلبي في لغة الروم، بمعنى مولانا، ثم إن الحسن الجلبي هذا متقدم على أخي الجلبي محشي "شرح الوقاية" كذا قاله شيخنا رحمه الله. قال الحافظ فضل الله التُّورِبِشْتِي رحمه الله في شرحه على المصابيح: وقد ذهب فيه بعض العلماء إلى النسخ طلبًا للتوفيق بين ما نقل فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعن الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وبين النهي الوارد فيه، ولا أراها إلّا زلةً من عالم، فإن النسخ إنما يتأتّى فيما كان في الأصل جائزًا وروي عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من حلف بغير الله فقد أشرك". وكل ما كان راجعًا إلى إخلاص الدين وتنزيه التوحيد عن شوائب الشرك الخفي فإنه مأمورٌ به في جميع الأديان القويمة وسائر القرون الخالية. وإنما الوجه فيه -والله أعلم- أن نقول: قد رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث طلحة بن عُبيد رضي الله تعالى عنه: جاء رجل من أهل نجد ثائر الرأس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث. وفيه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفلح الرجل وأبيه إن صدق - فإنه ليس بحَلِفٍ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يشرك بالله، وقد أخبر أنه شِرْك، وإنما هو تدعيمٌ للكلام وصلة له، وهذا النوع وإن كان موضوعًا في الأصل لتعظيم المحلوفِ به، فإنهم قد أسبغوا فيه حتى كانوا يدعمون به الكلام، ويوصلونه وهذا النوع لا يراد القسم، وأما غير النبي - صلى الله عليه وسلم - ممن جمعه زمان النبوة فإن بعضهم كانوا يحلفون بآبائهم تعظيمًا لهم، وبعضهم عادة، وبعضهم عصبيةً، وبعضهم للتوكيد، وقد أحاط بسائرها دائرة النهي، وإن كان بعضها أهون من بعض، لئلا يلتبس الحق بالباطل ولا يكون مع الله محلوف به، والنبي - صلى الله عليه وسلم - وإن امتازَ عن غيره بالعصمةِ عن التلفظِ: بما يكادُ يكون قادحًا في صِرْف التوحيد، ولا يشبه حالُه في ذلك حالَ غيره، فالظاهر أن اتساعه في استعمال هذا اللفظ قد كان قبل النهي، ولم يعد إليه بعدهَ كيلَا يقتدِي به من لا يهتدي إلى صِرْف الكلام. والله تعالى أعلم. انتهى. وقال الخطَّابي: هذه كلمة جارية على ألسن العرب، تستعملها كثيرًا في خطابها، تريد بها التوكيد، وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يَحلِفَ الرجل بأبيه، فيَحتملُ أن يكون هذا القول منه قبل النهي، ويحتمل أن يكون جرى ذلك منه على عادة الكلام الجاري على الألسن، وهو لا يقصد به القسم، كلغو اليمين المعفو عنه، قال الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} الآية قالت عائشة: هو قول الرجل في كلامه: لا والله، وبلى والله، ونحو ذلك. وفيه وجه آخر: وهو أن يكونَ - صلى الله عليه وسلم - أضمرَ فيه اسم الله كأنه قال: لا ورب أبيه، وإنما نهاهم عن ذلك لأنهم لم يكونوا يضمرون ذلك في أيمانهم، وإنما كان مذهبهم في ذلك مذهب التعظيمِ لآبائهم ويُحتمل أن يكون النهي إنما وقع عنه إذا كان ذلك منه على وجه التوقير له، والتعظيم لحقه دون ما كان بخلاف والعرب قد تطلق هذا اللفظ في كلامها على ضربين: أحدهما: على وجه التعظيم والآخر: على سبيل التوكيد للكلام دون القَسم. =

خطبته: أنه قَسَمٌ لغوي لا شرعي، والمقصودُ في الأول تزيينُ الكلام لا غير، والمطلوبُ من الثاني التأكيدُ مع تعظيم المحلوف به، والممنوعُ هو الثاني دون الأول، والمذكورُ هو الأول دون الثاني. ثم عندي أنه ينبغي الحجرُ عنه مطلقًا سدًا للذرائع لئلا يتساهل فيه الناس. بقي أن هذا الرجل حلف على ترك السنن والمستحبات فكيف هو؟ قلت: أولًا في بيان المسألة: إن الأمرَ مع الوعيدِ على الترك يفيدُ الوجوبَ عند ابن الهمام رحمه الله تعالى وابن نجيم كليهما، والمواظبة الكلية بدون الوعيد على الترك يفيد الوجوب عند ابن الهمام رحمه الله تعالى، والسنة عند ابن نجيم، والفعل أحيانًا مع الترك أحيانًا يفيد السنية عندهما (¬1). وههنا اختلاف آخر: وهو أن ترك السنة يوجبُ العتاب أو العقاب؟ فذهب الشيخ ابن الهمام إلى أن ترك السنة عِتابٌ، وابن نجيم إلى أنه يوجب العقاب. قلت: ولعل النزاع لفظي، لأن السنة التي يجبُ بتركها العقابُ عند ابن نجيم، داخلة في الواجب عند ابن الهمام رحمه الله تعالى، والإثم بترك الواجبِ متفقٌ عليه، فحينئذٍ فالإثم فيه عند ابن الهمام لكونه تركًا للواجب عنده، وإن كان عند صاحب البحر تركًا للسنة المؤكدة، فالإثم عند ابن نجيم يكون على تركِ الواجب، وترك السنة المؤكَّدةِ كليهما، غير أنَّ الإثمَ في الأول أزيدُ من الإثم في الثاني، وأنا مع ابن نجيم رحمه الله تعالى في تلك المسألة. هذا إذا كان الاختلاف المذكور من تفاريع الخلاف الأول، وإن كان الاختلاف فيه مبتدئًا فله وجه، ولا أدخلُ فيه، فإنه حكمٌ بالتأثيمِ على جميع الأمة. ¬

_ = قال ابن مَيَّادَةَ: أظنت سفاها من سفاهة رأيها ... لأهجوها لما هجتني محارب فلا وأبيها إنني بعشيرتي ... ونفسي عن ذاك المقام لراغب وليس يجوز أن يُقسِمَ بأب من يهجوه على سبيل الإعظام لحقه. وقال آخر لعبيد الله بن عبد الله بن مسعود أحد الفقهاء السبعة-: لعمر أبي الواشين أيام نلتقي ... لما لا تلاقيها من الدهر أكثر يعدون يومًا واحدًا إن لقيتها ... وينسون ما كانت على النأي تهجر وقال آخر: لعمر أبي الواشين لا عمر غيرهم ... لقد كلفتني خطة لا أريدها وهناك جواب آخر للبيضاوي وحاصله: أن الأقسام في القرآن ليست لتعظيمِ المحلوف بِه، أعني به الأقسامَ العُرفية عند الفقهاء، بل مدخولُ الواو فيها شهادات لما يأتي بعدها فهي شهادات، وما بعدها مشهود عليه، لا حَلِفٌ عليه ليرد الاعتراض ومن شاء تفصيله فليراجع رسالة الحافظ ابن القيم رضي الله عنه في "أقسام القرآن" "قلت": ما ذكره صواب، وإذن فالخطأ من النُّحاة في التسمية، حيث سموها واو القسم، ولو كانوا سموها واو الشهادة لم يرد شيء، وبتسميَتهِم بواو القسم يتبادرُ الذهن إلى القَسَم المعهود، هكذا أفاده الشيخ رضي الله عنه. وسيأتي أيضًا. (¬1) يقصد ابن عابدين رحمه الله تعالى وكتابه "رد المختار على الدر المختار"، المشهور بحاشية ابن عابدين.

نعم، قال محمد رحمه الله تعالى في «موطئه»: ليس من الأمر الواجب الذي إن تَرَكَه تاركٌ أثم فخرجَ منه أن ترك السنة قد لا يوجبُ الإثم، كما أن التثليثَ سنةٌ وتركُهُ لا يوجب الإثم. قلت: وينبغي أن يُقيدَ بتركه أحيانًا، أو بقدر ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلّم لا مطلقًا. وهو الذي اختاره المحقق ابن أمير حاج تلميذ ابن الهمام رحمه الله تعالى وصرح بالإثم إذا اعتاد الترك. ثم إن عبارةَ محمد رحمه الله تعالى تدلُ على ثبوتِ مرتبة الواجب، فإنها تشعر بتقسيم الواجب عنده: إلى ما لا إثم بتركه، وإلى ما بتركه إثم، وليست تلك المرتبة عند الجمهور، وهي عند الشافعي رحمه الله تعالى في الحج فقط، وعندنا في جميع العبادات المقصودة، وتُوجد هذه المرتبة في «المبسوط» أيضًا. وليس له اسم في كتاب الطحاوي، وهو من المتقدمين، ولذا اعتنيتُ بلفظِ محمد رحمه الله تعالى هذا. (والله لا أزيد على هذا ولا أنقص) قيل في توجيهه: إنه محاروةٌ لتحفظ الأمور (¬1). وقيل معناه: لا أزيدُ عددَ الفرائض ولا أنقُص منها وهو مهمل. والأول ينتقض بما أخرجه البخاري في الصيام من طريق إسماعيل بن جعفر: والله لا أتطوع فإنه صريحٌ في نفي التطوع والقصْرِ على الفرائض، فسقط ما أجاب به المجيبون. والوجه عندي أن هذا الرجل جاء إلى صاحب الشريعةَ واسترخَص منه بلا وَاسطة، فرخَّصَ له الشارع خاصة، فيصير مستثنى من القواعد العامة، كما في الأضحية «ولا تجزىء عن أحد بعدك». وهذا أيضًا باب يعلمه أهل العرف، فلا أثر له على القانون العام، فمن أراد أن يترخصَ برخصتِهِ فليسترخَّص من الشارع، وإذ ليس فليس. وأشار إليه الطِّيبي رحمه الله تعالى أيضًا إلا أنه لم يفصِحْ بمراده، وأراد الزرقانيُّ إعلالَ تلك الرواية من جهة إسماعيل بن جعفر. قلت: وهو غير مسموع، كيف وقد أخرجه البخاري. وعند أبي داود من باب المحافظة على الصلوات عن عبد الله بن فَضَالة عن أبيه قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلّم فكان فيما علمني: وحافِظ على الصلوات الخمس، قال: قلت: إن هذه ساعات لي فيها أشغال، فمرني بأمرٍ جامع إذا أنا فعلتُهُ أجزأ عني فقال: «حافظ على العصرين» إلخ ومر عليه السيوطي رحمه الله تعالى وقال: ولعل هذا الرجل إنما فرضت عليه هاتان الصلاتان فقط، واستثناه النبي صلى الله عليه وسلّم عن الحكم العام. قلت: بل التخصيص بهما لمزيد الاهتمام بهاتين الصلاتين، وقد ورد التأكيد بهما في حق جميع الأمة أيضًا، كما رواه أبو داود مرفوعًا «لا يلج النار رجلٌ صلى قبل طلوع الشمس وقبل أن تغرب». ورواه غيره: «من صلى البَرْدَين دخل الجنة» فليس في حديث فَضَالة غير ما في تلك الأحاديث، وحينئذٍ ليس هذا الرجل مخصوصًا من قاعدة كليةٍ كما زعمه السيوطي رحمه الله ¬

_ (¬1) قلت: ونظيره ما عند الترمذي في أبواب السير في قصة معاوية رضي الله تعالى عنه وعبسة رضي الله تعالى عنه: لا يحلن عقدًا ولا يشدنه مع أنه لا بأس بالشد، فقالوا: إنه كناية عن التغيير.

36 - باب اتباع الجنائز من الإيمان

تعالى. وعندي عليه رواية أيضًا، وهنا إشكال آخر: وهو أنه كيف بشره بالفلاح على أداءِ الزكاة والصلوات الخمس فقط، مع أن في الإسلام أحكامًا غيرها. وجوابهُ أن في بعضِ طرقه: فأخبره بشرائع الإسلام. 36 - باب اتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ مِنَ الإِيمَانِ والمشيُ عندنا خلفَ الجنائز أولى لأنه للتعظيم. وعند الشافعي رحمه الله تعالى أمامها أولى لأنه للشفاعة، ولفظُ الاتباع بمادَّتِهِ أقربُ إلى نظر إمامنا رحمه الله تعالى. 47 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِىٍّ الْمَنْجُوفِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا، وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ». تَابَعَهُ عُثْمَانُ الْمُؤَذِّنُ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ. طرفاه 1323، 1325 تحفة 12244، 14481 - 19/ 1 47 - (واحتسابًا) إنما جيء به لأن الناس لا يحتسبون فيه أجرًا بل يحسَبونهُ من مراسم المودة، فهو موضعُ ذهولٍ عن النية، فنبَّه عليه الشارع لئلا يُذْهَل عنها ويُحرم عن توفير الثواب. (حتى يُصلى عليها) قال العلامة القاسم في «فتاواه»: إن صلاةَ الجنازةِ في المسجد مكروهة تنزيهًا. وعند بعضهم مكروهة تحريمًا. والعلامة القاسم تلميذ لابن الهمام كابن أمير حاج. وقال صدر الإسلام أبو اليَسَر: إنها إساءة، وهي رتبة بين التحريم والتنزيهة. وإنما اشتهرُ بأبي اليَسَر لكون تصانيفه أقرب إلى الفهم، ويسمى أخوه الكبير بفخر الإسلام أبو العسر، لكون تصانيفه على خلافه. وعند محمد رحمه الله تعالى: لا تجوز، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم بنى له مكانًا منفصلًا إلى جنب المسجد ولو جازت فيه لما كان إلى بنائه حاجة ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلّم صلاة الجنازة في المسجد إلا مرةً أو مرتين، فلا تكون أصلًا وضَابطة، وخروج النبي صلى الله عليه وسلّم من المسجد للصلاة على النجاشي دليل على كراهيتها في المسجد، فإنه لم يكن هناك احتمالُ التلوث أيضًا، ومع ذلك لم يصل فيه. ولم يقف الحافظ ابن حجر رحمه الله على تعيينُ مصلى الجنائز، وذلك لأنه حج مرتين فلم يتفق له تحقيق الأمكنة، بخلاف تلميذِه السَّمهودي فإنه أقام بالمدينةُ مدةً مديدة وحققَ المواضع، فالعبرةُ لقولِ السمهودي في أمثال هذه المسائل.

37 - باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر

37 - باب خَوْفِ الْمُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لاَ يَشْعُرُ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِىُّ مَا عَرَضْتُ قَوْلِى عَلَى عَمَلِى إِلاَّ خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذَّبًا. وَقَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ أَدْرَكْتُ ثَلاَثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ. تحفة 15613 ب وَيُذْكَرُ عَنِ الْحَسَنِ مَا خَافَهُ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، وَلاَ أَمِنَهُ إِلاَّ مُنَافِقٌ. وَمَا يُحْذَرُ مِنَ الإِصْرَارِ عَلَى النِّفَاقِ وَالْعِصْيَانِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135]. وهذا التعبير مأخوذٌ من قوله تعالى: {أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2] واعلم أن هذه الترجمة لها تعلق وارتباط مما قبلها من التراجم: كفر دون كفر وباب المعاصي من أمر الجاهلية. وحاصلها عندي: التحذير من الجَرَاءة على المعاصي، وأنه ينبغي للمؤمن أن يخاف من سوء الخاتمة، ولا يغتر بكونه على صلاح الحال، فإن الكفر قد يطرأ في وسط العُمُر، وأخرى عند الموت، والعياذ بالله. وهذا كفر تكوينًا لا تشريعًا، يعني أن الرجل ربما يرتكب المعاصي ولا يحكم عليه بالكفر لأجلها، لكنها قد تؤدي إلى سلب الإيمان عند الموت من جانب الله تكوينًا، فحذَّر المصنف رحمه الله تعالى عن هذا النوع من الكفر، أو أراد به الرد على المرجئة خاصة القائلين: بأنه لا تضرُ مع الإيمان معصية، فرد عليهم: بأن المعاصي من شأنها إحباط العمل حتى تؤدي إلى سلب الإيمان أيضًا، كما كان رد قبلَها على المعتزلة في باب المعاصي من أمر الجاهلية. ومن أقوى شبه المعتزلة: أن المعصيةَ دليلٌ لنقصان التصديق، فإن من أذعن بكون الحيةِ في هذا الحجر مثلًا، لا يُدْخِلُ يده فيها أبدًا، فكذلك من صدَّق بأن الزنا موجبٌ للنار، ينبغي أن لا يأتي به. وإتيانُهُ دليلٌ على ضَعفٍ في تصديقه ونقصانٍ في اعتقاده. قلت: كلا، بل الإنسان قد يقتحم المعاصي مع بقائه على التصديق واليقين، اعتمادًا على أبواب المغفرة وتوثقًا برحمة الله تعالى. فإذا همّ بالسيئة تطلَّع قلبه في تلك الأبواب حتى يقعَ في المعصية. وهذا كالسارق يَسْرِقُ مع أنه مذعنٌ بأن السَّرِقة جَرِيْرة، وجزاؤه الحبسَ في الحكومة الحاضرة وما ذلك إلا لتطلعه في أبواب أُخر، فيزعم لعله لا يظفرُ به مثلًا، ولو ظفر به فلعله لا تثبت عليه جَرِيْرته، ولو ثبتت فلعله يُعفى عنه إلى غير ذلك من الاحتمالات. فكذلك فيما نحن فيه، يخوض الإنسان في المعاصي ويعتمد على رحمته تعالى، أو أنه يتوبُ قبل الموت وغير ذلك. وبالجملة قد يحدثُ بين الأسباب تزاحمٌ، فيميل القلبُ تارةً إلى هذا وأخرى إلى ذاك، على أن الناس خُلقوا على أصناف: فمنهم من تغلِبُ عليه القوة الشهوانية فيزداد في المعاصي

ولا يحاشى، ومنهم من يكونُ على عكسِه فيزداد في الطاعات، ألا ترى أن كثيرًا من الدُّعَّار واللصوص يفسدون في الأرض، ويعلمون كالشمس في نصف النهار أنهم يعُذَّبون بأصناف من العذاب، ثم لا يتوبونَ وذلك لِغلَبَةِ الشهوة والهوى فيهم. وبالجملة الإقدام على المعاصي لا يوجب النقصان في التصديق الذي هو مدار النَّجاة. ومن أقوى شبه المُرْجئة أن المؤمنَ العاصي لو دخل جهنم لزمَ دخولُ الإيمان فيها، وإذا لم يدخل الكفرُ في الجنة، فكيف دخل الإيمان في جهنم؟ والجواب: أن العاصي إذا دخل في النار يُنْزَعُ عنه إيمانه ويوضُع عند باب النار؛ كما يُنْزَعُ اليومَ ثياب المجرم عند باب السجن، ثم إذا خرج من سجنه يُعطى ثيابَه. كذلك المؤمن يُنْزَعُ عنه الإيمان عند إلقائه في النار، ثم يُعطى إيمانَه بعد تعذيبه على قدر ذنوبه وإخراجه من النار. وقد علمت سابقًا أن المصنف رحمه الله تعالى تعرض في هذا الباب إلى التخويف المجرد، ولم يرض بأن يأولَ الأحاديث التي أطلق فيها لفظ الكفر على المعاصي: بأنه على طريق التخويف دون التحقيق. وقد مر من قبل بعض ما يتعلق به فراجعه. (كلهم يخاف النفاق) فمن أين جاز للمُرجئة أن يقعدوا مطمئنين بإيمانهم فعلى المؤمن أن يخافَ كل آن. أما اختلافهم (¬1) في جواز القول: بأنا مؤمنٌ إن شاء الله تعالى، فلا يرجع ¬

_ (¬1) وفي عقيدة السفاريني واعلم أن الناس في جواز الاستثناء على ثلاثة أقوال: منهم من يوجبه، ومنهم من يُحرِّمه، ومنهم من يجوزُ الأمرينِ باعتبارين، وهذا الأخير أصح الأقوال، فالذين يحرمونه هم المرجئة، والجهمية، ومن وافقهم، ممن يجعلُ الإيمانَ شيئًا واحد يعلمه الإنسان من نفسه، كالتصديق بالرب ونحو ذلك مما في قلبه، فيقول أحدهم: أنا أعلم أني مؤمن، كما أعلم أني تكلمت بالشهادتين، وكما أعلم أني قرأتُ الفاتحة، وكما أنه لا يجوزُ أن يُقال: أنا قرأت الفاتحة إن شاء الله، كذلك لا يقول: أنا مؤمن إن شاء الله، لكن إذا كان يشك في ذلك فيقول: فعلته إن شاء الله، قالوا: فمن استثنى في إيمانه فهو شاكُّ وسموهم الشَّاكة. والذين أوجبوا الاستثناء لهم مأخذان: أحدهما: أن الإيمان هو ما مات عليه الإنسان، والإنسان إنما يكون عند الله مؤمنًا أو كافرًا باعتبار الموافاة وما سبق في علم الله أنه يكونُ عليه - وما قبل ذلك فلا عبرة به. قالوا: والإِيمان الذي يتعقبُه الكفر فيموت صاحبه كافرًا ليس بإيمانٍ، كالصلاة التي يُفسدها صاحبها قبل الكمال، وكالصيام الذي يفطر صاحبه قبل الغروب، فصاحب هذا هو عند الله كافرٌ، يعلمه بما يموت عليه وكذلك قالوا في الكفر. انتهى مختصرًا. ثم قال: والذين قالوا بالموافاة جعلوا الثبات على الإيمان إلى العاقبة والوفاء به في المآل شرطًا في الإيمان شرعًا، لا لغةً، ولا عقلًا، حتى إن الإمام محمد بن إسحاق ابن خزيمة كان يغلو في هذا ويقول: من قال: أنا مؤمن حقًا فهو مبتدع: قال شيخ الإسلام: ومذهب أصحاب الحديث كابن مسعود وأصحابه، والثوري، وابن عُيَينة، وأكثر علماء الكوفة، ويحيى بن سعيد القطَّان، فيما يرويه عن علماء البصرة والإمام أحمد بن حنبل، وغيره من أئمة السنة: كانوا يستثنون في الإيمان، وهذا متواترَ عنهم، لكن ليس في هؤلاء من قال: إنما أستثني من أجل الموافاة، وأن الإيمان إنما هو اسم لما يُوافى به، بل صرح أئمة هؤلاء بأن الاستثناء إنما هو لأن الإيمانَ يتضمنُ فعلَ جميع الواجبات، فلا يشهدون لأنفسهم بذلك كما لا يشهدون لها بالبر والتقوى، فإن ذلك مما لا يعلمونه وهو تزكية لأنفسهم بلا علم. =

بعد التحقيقِ إلى كثير طائل، فإن الترددَ في نفس إيمانه في الحالة الراهنة، غير جائز عند الكل، والاستثناءُ باعتبار الخاتمة جائز عن الكل، فمن مَنَعه فباعتبار الحالة الراهنة، ومن أجازه فبالنظر إلى الخاتمة فإنه لا يَعلمُ أحدٌ على ماذا يختمُ له، على الإيمان أو على الكفر؟ والعياذ بالله. قال صلى الله عليه وسلّم «والله لا أدري ما يفعل بي وأنا رسول الله ولا بكم». أو كما قال كما في الصحيح. (ما منهم أحد يقول إيماني على إيمان جبريل وميكائيل) وفي هذا إشارة إلى أن المذكورين كانوا قائلين بتفاوت درجات المؤمنين في الإيمان. وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في: «تذكرة الحفاظ» بإسناد صحيح: لا أقول: إيماني كإيمان جبريل. ونسب ابن عابدين الشامي إلى الإمام الأعظم رحمه الله تعالى عدم جواز الكاف والمثل كليهما في تلك العبارة. وفي «الدر المختار» عن أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى جواز الكاف دون المثل في رواية، وفي رواية أخرى الجواز مطلقًا. وجمعهما ابن عابدين أن جوازَ الكاف دون المثل لمن كان عالم العربية، وعدم جوازهما فيما لم يكن المخاطب صحيح الفهم، وجوازهما باعتبار نفسهما. وليراجع البحث من كتابه من باب الطلاق الصريح. قلت: وفي «خلاصة الفتاوى» وجدت نقلًا عن محمد فقط، وعلى هذا لم تجىء في هذا الباب رواية عن الإمام رحمه الله تعالى وثبت النفي عن الصاحبين، وظاهره يدل على إثبات التفاوت في درجات المؤمنين بحسب الإيمان. (وما يحذر من الإصرار) ... إلخ فمن أصر على نفاقِ المعصية يُخشى عليه أن يُفضي إلى نفاق الكفر. وكأن المصنف رحمه الله تعالى أشار إلى ما عند الترمذي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه مروفعًا: «ما أصرّ من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة». قال الحافظ: إسناده حسن. وهذا الخوفُ على الطالحين كما أن ما قبله كان في خوفِ الصالحين، فإنهم كانوا يخافون على أنفسهم النفاق، وهذا الخوف كان لصلاحِهم فلا يردُ أن إيمانَنَا أقوى منهم، لأنه ¬

_ = فمأخذ سلف الأمة في الاستثناء أن الإيمان المطلق فعلُ جميع المأمورات، وترك جميع المحظورات، فإذا قال الرجل: أنا مؤمن بهذا الاعتبار، فقد شَهِدَ لنفسه بأنه من الأبرار المتقين القائمين بفعل جميع ما أمروا به وترك كل ما نهوا عنه، فيكون من أولياء الله وهذا تزكيةُ الإِنسان لنفسِهِ وشهادته لها بما لا يعلم. وعن أحمد رحمه الله تعالى: أن الإيمان قول وعمل فقد جئنا بالقول ونخشى أن نكونَ فرَّطَنا في العمل، فيعجبني أن يستثني في الإيمان، يقول: أنا مؤمن إن شاء الله، ومع هذا فلم يكن ينكرُ على من ترك الاستثناء إذا لم يكن قصدُه فعل المرجئة: أن الإيمان مجردُ القول، بل يتركه لما يعلم أن في قلبه إيمانًا، وإن كان لا يجزم بكل إيمانه. وفي "شرح مختصر التحرير": يجوز الاستثناء في الإِيمان بأن يقول: أنا مؤمن إن شاء الله تعالى، نص على ذلك الإمام أحمد، والإمام الشافعي، وحُكي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه. وقال ابن عقيل: يُستحب ولا يقطعُ لنفسه، ومنع ذلك الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى وأصحابه والأكثرون، والله أعلم. انتهى من عقيدة السفاريني باختصار.

فائدة

لا يخطرُ ببالنا النفاق، وذلك لأنهم كانوا أخشى خلقِ الله بعد الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام. وطريق الخائف أن يخافَ على نفسه كل حين، بخلاف غيرهم من الناس فإن قلوبَهم خاليةٌ عن تلك الخشية، فلا تذوقُ من ذلك الخوف ذواقًا، ومن لم يذق لم يدر، بخلاف الطالحين فإنه يُخاف عليهم النفاق لسوء أعمالهم. 48 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ زُبَيْدٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا وَائِلٍ عَنِ الْمُرْجِئَةِ، فَقَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ». طرفاه 6044، 7076 - تحفة 9243 48 - (وقتاله كفر) قيل: مقابلته بالفسوق يقتضي أن يكونَ المرادُ من الكفر ههنا، الكفر المخرج عن الملة. والجواب: أنه أطلقَ الكفر على الفسوق تغليظًا، ولو قال: وقتاله فسوق، لساوى حال السِّباب، مع أن القتال أشدُ من السِّباب، فلإظهار هذه الشِّدة أطلقَ عليه الكفر. وهذا الذي يُعنونَ بقولهم: إنه محمولٌ على التغليظ. والأصل: أن الحديث اتَّبع القرآن في ذلك، فإن الله تعالى أخبرَ عن جزاءِ القتل بالخلود - بأي معنى كان - والخلود جَزَاء الكفر، فاتبَّعه الحديث وقال: قتال المسلم كفر. وإن لم يحكم به الفقهاء في الدنيا، إلا أن الحديثَ يختارُ من التعبيرات ما هو أدعى للعمل فيشددُ فيه لا محالة. وقال الدَّوَّاني: إنه وعيدٌ ويجوز الخُلْفُ في الوعيد. وأنت تعلم أنه إنشاءٌ لا خبر. وقيل: إنه محمولٌ على التَّشبُه كقوله: «لا تَرْجِعُوا بعدي كفارًا يضربُ بعضُكم رقاب بعض» ومعلومٌ أن المرءَ لا يصير كافرًا بضرب الرقاب، ولكن لما كان شأنُ القتل أن يجري بين مسلم وكافر، لا بين مسلم ومسلم فمن ضرب رقبة أخيه وقاتل، فقد تشبه بالكفار، وفعل ما يفعلُهُ الكفار، ومن تشبَّه بقومٍ فهو منهم. وهذا هو المختار عندي في الجواب، والله أعلم. فائدة قد سمعت أن بين هذه الأبواب الأربعة مناسبةً وارتباطًا، الأول: باب المعاصي من أمر الجاهلية. والثاني: باب كفرٌ دون كفر، والثالث: باب ظلمٌ دون ظلم. والرابع: باب خوف المؤمن أن يحبط عمله ... إلخ، فإن فيها على المشهور إيمَاضًا إلى ما نقلته عن ابن تيمية وتأويلًا للأحاديث التي أُطلقَ فيها الكفرُ على المعاصي. وقد بنيت لك ما سَنَحَ لي فيها - والله أعلم - لأن كلامَه مبهمٌ، فلكلٍ وجهةٌ هو مُوَلِيها. أما مطابقةُ جوابِ أبي وائل للسؤال عنهم، فبأن مقتضى الحديثِ تعظيمُ حق المسلم، والحكمُ بالفِسق على من سَبَّه بغير حق، وبالكفرِ على من قاتله، فكأنه قال: كيف تكون مقالة المرجئة حقًا والنبي صلى الله عليه وسلّم يقول هذا؟ 49 - أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ:

38 - باب سؤال جبريل النبى - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان والإسلام والإحسان وعلم الساعة وبيان النبى - صلى الله عليه وسلم - له

أَخْبَرَنِى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَتَلاَحَى رَجُلاَنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ «إِنِّى خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَإِنَّهُ تَلاَحَى فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ فَرُفِعَتْ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمُ الْتَمِسُوهَا فِى السَّبْعِ وَالتِّسْعِ وَالْخَمْسِ». طرفاه 2023، 6049 - تحفة 5071 49 - (فتلاحى رجلان) أي تنازع. قال الحافظ: إن المخاصمةَ مستلزمةٌ لرفع الصوت، وهو محبطٌ للعمل بالنص، قال تعالى: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} إلى أن قال: {أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ} وبه يتضح مناسبة الحديث للترجمة. وقد خفيت على كثير من الشارحين. (فَرُفعت) وفي رواية قويةٍ ما يَدلُ بظاهره على رفعِ أصلها عن هذه الأمة. أقول: بل المرادُ منها رفعُ العلم القطعي بها، لا رفعُ ليلة القدر كما فهمه الشيعة خذلهم الله، لأنا قد أُمِرْنا بالتماسها، ولو كانت رفعت مطلقًا لما كان لطلبها معنًى. ومن هنا ظهرت المناسبةُ للترجمة على وجه آخر أيضًا وهو: أن التنازع صار سببًا لرفع علم ليلة القدر، فكذلك المعصية قد تكون سببًا للحبط. قوله: (في السبع) ... إلخ، واعلم أن الشارحين عامّة ذهبوا إلى أن المأمورَ به هو التماسُها في ليلة واحدةٍ من تلك الليالي. والمرادُ عندي أحياءُ كلها لأجل ليلة القدر. وهي وإن كانت في الأوتار دون الأشفاع، لكن القيامَ مطلوبٌ في الكل، فكأنَّ التماسَها يكونُ بالقيام في العشر، أو السبع، أو الخمس، وهو المعهود من حاله صلى الله عليه وسلّم وحالِ الصحابة رضي الله عنهم. ثم أقول: إن قَسَمتَ الشهرَ على العشرات فليلة القدر في الأخيرة منها، وإن قسمتَها على الأسابيع فهي في الأسبوع الأخير، وإن قسمتَها على الأخماس فهي في الخمس الأخير، وكيف ما كان تكونُ في وترٍ منها. هذا، وإن لم يُقرعْ سمعُك به من قبل، لكنه هو التحقيق إن شاء الله تعالى. 38 - باب سُؤَالِ جِبْرِيلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الإِيمَانِ وَالإِسْلاَمِ وَالإِحْسَانِ وَعِلْمِ السَّاعَةِ وَبَيَانِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لَهُ ثُمَّ قَالَ «جَاءَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ». فَجَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ دِينًا، وَمَا بَيَّنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ مِنَ الإِيمَانِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85]. والغرضُ منه احتراسٌ مما يشنأُ من قوله: إن الإسلام والإيمان واحد، مع أن هذا الحديثَ يدل على المغايرة. وحاصلُ جوابِهِ على ما قرر الحافظ رحمه الله تعالى: أن الإيمان والإسلام لكل منهما حقيقةٌ شرعية، كما أن لكلٍ منهما حقيقةً لغوية، وكل منهما مستلزمٌ للآخر بمعنى التكميل له. فكما أن العامَل لا يكون مسلمًا كاملًا إلا إذا اعتقد، فكذلك المعتقدُ لا يكون مؤمنًا كاملًا إلا إذَا عمل. وحيثُ يُطلق الإيمانُ في موضع الإسلام أو العكس، أو يطلقُ أحدهما على

إرادتهما معًا، فهو على سبيل المجاز ويتبينُ المرادُ بالسياق، فإن وردا معًا في مقام السؤال حُمِلا على الحقيقة، وإن لم يردا معًا، أو لم يكن المقامُ مقامَ السؤال، أمكن الحمل على الحقيقة، أو المجاز، بِحَسَبَ ما يظهر من القرائن. ومحصَّلُ جوابه أن الإيمانَ والإسلامَ يفترقان إذا اجتمعا على صورة المقابلة، وحيث انفردا يكون أحدهما عينَ الآخر كما هو صنيعهم في المترادِفَات، فإنها إذا اجتمعت يفرَّق بينها في ذلك المقام خاصة. وإذن فالفرق في حديث جبرائيل مقاميٌّ ولا يدل على أن الإسلام والإيمان متغايران حقيقة، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم بيَّنَ لوفدِ عبد القيس أن الإيمانَ هو الإسلام، حيث فسَّر الإيمانَ في قصتِهم بما فسرَّ به الإسلام ههنا. وفي ضمن الجواب استدل المصنف رحمه الله لمذهبه بالآية، بأنها صريحة في أن الدينَ والإسلام شيء واحدٌ فظاهر جوابه معارضُة وبعد الإمعان حُلّ. وقد يقرر الجواب بطريق آخر أيضًا: وهو أن الاتحادَ بين الدين والإسلام ثابت من الآية: {إِنَّ الدّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلَمُ} [آل عمران: 19] واتحادَ الإسلام والإيمان ثابتٌ من حديث وفد عبد القيس فثبت اتحاد الكل. والمصنف رحمه الله تعالى لم يفصِح بالجواب، وهذا دأبه كثيرًا في كتابه، حيث يذكرُ مادةَ الجواب ولا يفصِحُ بمراده. أقول: وهذا الجوابُ غير مسقيمٍ، لأن التغايرَ المقاميُّ إنما يكون إذا كان اللفظان في عبارةٍ واحدة، وههنا لم يقع السؤال أولًا إلا عن الإيمانِ فحَسب، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلّم يعلمُ أنه سائل بعد ذلك عن الإسلام أيضًا حتى يجاب بالتغاير المقاميِّ. وإنما ذكر أولًا حقيقةَ الإيمان على ما كان عنده بدون نظرٍ إلى مفهوم الإسلام، حتى إذا سُئل ثانيًا عن الإسلام أيضًا أجابه كذلك، فالجواب بالفرق باعتبار المقام لا يمشي ههنا. نعم، لو كان هناك سلسلة الأسئلة في عبارة واحدة، وكان النبي صلى الله عليه وسلّم أجابَ عنها أيضًا كذلك لكانَ له وجه. فالوجه عندي: أن الجواب إنما يُلقى على السائل بقدرِ علمِهِ وفَطَانته، وسؤالُ جبرائيل عليه السلام وكذا حالُهُ لمَّا دلا على كمال فَطَانته، أجابه مفصلًا بذكر حقيقة كلٍ على حدة، بخلاف وفد عبد القيس فإن ضِمَام بن ثعلبة كان حديثَ العهد بالإسلام، فاكتفى في جوابه على الإجمال ولم يلتفت إلى بيان الحقائق. وحاصله: أنه راعى حال المخاطُب في كلا الحديثين، كما أن الذي يعظُ الناسَ يراعي ما يحرِّضُ على العمل، فربما يذكر الضَّعاف من الأحاديث عند الترغيب والترهيب ولا يفصِّلُ في كلامه، ويقول: تارك الصلاة كافر، ولا يقول: كافر بكفرٍ دون كفر. بخلاف المعلم الذي يتصدى لإظهار الحقائق فيذكر حقيقةَ الأمرِ ويُنَبِّه على المسامحات، ويفصِّلُ في المتعلَّقات. فحاصل حديث جبرائيل عليه السلام: إعطاء العلم، وبيان الحقيقةِ كما يفعلُ المعلم وهو الأقرب بسياقه، بخلاف حديث وفد عبد القيس فإنَّ حاصِلَه التحريضُ على العمل، وفي مثله يتمشَّى على الإجمال فيُتسامحُ في البيان.

50 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ مَا الإِيمَانُ قَالَ «الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَبِلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ». قَالَ مَا الإِسْلاَمُ قَالَ «الإِسْلاَمُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكَ بِهِ، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَتُؤَدِّىَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ». قَالَ مَا الإِحْسَانُ قَالَ «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ». قَالَ مَتَى السَّاعَةُ قَالَ «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ رَبَّهَا، وَإِذَا تَطَاوَلَ رُعَاةُ الإِبِلِ الْبُهْمُ فِى الْبُنْيَانِ، فِى خَمْسٍ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ». ثُمَّ تَلاَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) الآيَةَ. ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَالَ «رُدُّوهُ». فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا. فَقَالَ «هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: جَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنَ الإِيمَانِ. طرفه 4777 - تحفة 14929 - 20/ 1 50 - قوله: (بارزًا يومًا للناس) والبروز: الظهور. وعند الحافظ رحمه الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يجلسُ بين أصحابه، فيجيءُ الغريب فلا يدري أيهم هو. فجعلنا له مجلسًا يعرفه الغريبُ إذا أتاه. قال: فبنينا له دكانًا من طين كان يجلس عليه. (الإيمان أن تؤمن بالله) ... إلخ فذكر تحته الأشياءَ الغائبة، كما مر تحقيق الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى: أن الإيمان لا يتعلق إلا بالمغيبات. (وبلقائه): وهذا هو الجزءُ الذي يتميزُ به الإسلامُ عن سائر الأديان الباطلة. فإن أهل يونان عقيدتهم أن العلومَ الحقَّة كلها تحصلُ في الأنفس بعد افتراقِها عن الأبدان، وتصيرُ جميعُ الأشياء مشهودةً لها، فيحصل لها بها سرورٌ، وهو جنتها ونعيمها، وإن لم يحصلُ لها العلوم أو حَصَلَتْ على خلاف ما كانت في الواقع، فهذا يكون غمًا عليها أبدًا وهو عذابُها وجحيمُها. وعندهم العقول بدل الملائكة، ولقاءه تعالى عندهم محال. وأما هنادكة الهند فيقولون: بحلول الألوهية في الجُثْمان ويُسمونَها ديوتا، واوتار ويعبدونَها ويزعمونَ بالتناسخ، فليس أحدٌ منهم قائل باللقاء إلا أهل الدين السماوي، قال تعالى: {فمن كانَ يرجُوا لقاءَ ربه فليعملْ عَمَلًا صالحًا} [الكهف: 110]. ثم اعلم أنه ليس بين الدنيا والقيامةِ مسافةٌ يصلُ إليها بعد قطعها، بل تظهرُ القيامةُ من هذه الدنيا بعد خرابها، كما تظهرُ الشجرة من النواة، فإن النواةَ تنشقُّ، وينفُضَ قِشرهَا، وتفنى صورتُها، ثم تظهر من حاقها الشجرة، كذلك الدنيا بعد الانفطار والاندِكَاكِ تفنى وتنعدِم، ومنها تخرجُ القيامة. وليست القيامةُ في بقعة أخرى وموطن غيرها، بل يسوَّي لها ذلك المكان وذلك الموطن.

ولي قصيدة بالفارسية في تمثل البرزخ والحشر وأطوار الوقائع، ومنها: "منكشف آن جهان شود كرجه درين جهان بود زندكى دكر جنان ذره بذره مو به مو رهكذر نكه نه ديد ديده درين رهـ كذر - درته خاك خفته جو دشت بدشت سو به سو تانه شكست صورتي جلوه نزد حقيقتي - قد ورها شدن ازورنك برنك بو ببو ظاهر وباطن اندران هم جونوات ونخل دان نى بعداد يك زدو جنب بجنب دو بدو" (ولا تشرك به) فيه طردٌ وعكسٌ، أي إحاطة الكلام بطرفيه. (ما الإحسان) قال الحافظ رحمه الله تعالى: وأشار في الجواب إلى حالتين: أرفعُها، أن يغلبَ عليه مشاهدة الحقِ بقلبه، حتى كأنه يراه بعينه وهو قوله: (كأنك تراه) أي وهو يراك. والثانية: أن يستحضرَ أن الحق مطلع عليه، يرى كل ما يعمل وهو قوله: (فإنه يراك). وقال النووي: معناه إنك إنما تُراعي الآداب المذكورة إذا كنتَ تراه ويراك لكونه يراك، لا لكونك تراه، فهو دائمًا يراك، فأحسن عبادتَه، وإن لم تره، فتأويل الحديث: فإن لم تكن تَرَاه فاستمرَ على إحسانِ العبادة، فإنه يراك. انتهى ملخصًا (¬1). ¬

_ (¬1) قلت: وقد تسلسل هذان الشرحان في الكتب، إلّا أنه لم يُنبِّه أحدٌ منهم على الفرق بينهما. وقد كان شيخي رحمه الله تعالى يفرِّق بينهما بعبارة وجيزة ما كنتُ أفهمُها إلى زمن طويل، فلم أزل أتفكرُ فيها وأراجع إليها مرة بعد مرة حتى ظننتُ أني قد فهمتُها، فحاصل الشرح الأول على ما فهمته من كلمات الشيخ رحمه الله تعالى: أن الإحسان ينقسم إلى حال، وعلم، فإن مشاهدةَ الحَق بقلبه كأنه يراهُ حال له، وصفة قائمة به، وليست علمًا. بخلاف قوله: "فإنه يراك" فإِنه ليس فيه من صفته شيئًا، ولكنه علمٌ وعقيدة بأن الله يراه وبعد غلبته وأن تصير حالًا، لكنه مع هذا يكون أقرب من العلم. والمعنى أن الحالةَ الأولى إن فاتت عنك فلا تَفت عنك الثانية، فهاتان حالتان مطلوبتان، وإن كانت الأولى أرفع، من الثانية، فإن الأولى حال يدل على كمال الاستغراق، بخلاف الثانية فإنها أقربُ من العلم والعلم أدون من الحال، لأنك قد سمعت منا أن العلم إنما يكون حالًا بعد رسوخه، وصيرورته صفةً للنفس. وإنما قدَّر في المعطوف قوله: "وهو يراك" إشارة إلى أن ذلك أمرٌ لا مناص عنه، ففي الحالة الأولى استحضار لرؤيته إياه مع علمه بكونه مشاهدًا لعبده. وفي الحالة الثانية استحضار لمشاهدته فقط، فتلك الحالة أقرب من العلم. وحاصل شرح النووي: أن الإحسان: هو العبادة بغاية الخشوع والخضوع، وهي التي تكون في حالة العيان، فاعبد ربك في جميع أحوالك كما كنت تعبده لو كنت تراه، فهذا هو المقصود، ثم الخشوع ومراعاةُ الآداب في حالة العِيان إنما يكون لعلم العبد أن الله مطلِعٌ عليه وُيبصرُه، وهذا المعنى موجودٌ مع عدم رؤية العبد، فإنه وإن لم يكن العبدُ يراه لكنه تعالى يراه، وحينئذٍ وجب عليك أن تستمرَ على عبادتِهِ بغاية الخشوعِ في جميع الأحوال، فإن موجبه وهو رؤيته تعالى متحقق في الأحوال كلها، فالمقصود ليس هو الانصباغ بتلك الحال، بل المقصود هو العبادة بهذة الجهة، فالجهة الأولى حال لكنها مفروضة مقدرة، ولذا قال: "كأنك تراه" ولم يقل: لأنك تراه. =

واعلم أن لفظَ الإحسانِ شاملٌ لجميعِ أنواع البر من الأذكار من الأذكار، والأشغال وغيرها. والأذكارُ تقالُ للأوراد المسنونة، وما ذكرهُ المشايخ من الضربات والكيفيات يقال لها: الأشغال. والنسبة في اصطلاحهم: ربطٌ خاصٌ سوى ربطِ الخالقية والمخلوقية، فمن حصل له ربطٌ سوى الربط العام يقال له: صاحب النسبة. والطرق المشهورة في التصوف أربعة: السُّهْورْدِية، والقَادِرِية، والجشْتِية، والنَّقْشَبَنْدِية، والسلسلة السهروردية قد تسلسلت في أجدادنا من عشرةٍ متصلةٍ ثم ما نقل إلينا من الأوامر والنواهي، والوعد والوعيد سُمِّي شريعةً. والتخلُّقُ بها يُسمَّى طريقةً، وحينئذٍ تنصَبِغُ الأعمال بصبغ الإيمان كما كان في السلف. أما اليوم فعلمٌ بلا عمل، وإيمانٌ بلا تصديق من الجوارح، «ربَّ تالٍ للقرآن والقرآنُ يلعنُهُ». ثم الفوزُ بالمقصد الأسنى، والنيلُ بالمأرب الأعلى يُسمَّى حقيقةً. ومن ههنا ظهر أن الطريقةَ والشريعةَ لا تتغايران كما زعمه العوامِّ. وقد كتب الغزالي أن بعضَ العلمِ لا يُضطرُ العَالِمُ إلى العمل به، وبعضه يغلِبُ عليه، ويستعملُ الأعضاء في الطاعات، وهذا هو الإيمان عند السلف، وهو المرادُ بما قلت: إن الإيمان ينبسِط من الباطنِ إلى الجوارحِ، والإسلام يدخل من الظاهر إلى الباطن. فإن التصديقَ إذا غلب واستعمل الأعضاء صارَ الإسلامُ والإيمانُ متحدين، وهو المراد باتحاد المسافتين، وإلى هذا المقام أشير في قوله: «أن تعبد الله كأنك تراه» ... إلخ، فإن العبادة التي تتعلقُ ¬

_ = والجهة الثانية متحققةٌ لكنها علم بحت على هذا التقدير، وليس المقصود تحصيلها، بل المطلوبُ هو عبادتُه من تلك الجهتين. فالحاصل أن الإِحسانَ على الشرح الأول عبارة عن الحالتين المقصودتين تُثمِّرُهما معرفته تعالى وخشيته. وعلى الثاني عبارة عن العبادة بهاتين الجهتين، فهاتان جهتان للعبادة المطلوبة، لا حالتان مطلوبتان للعبد، فالمطلوب هو العبادة فقط، و"كأنك تراه" جهة لها، بمعنى أن العبادة ينبغي أن تكون بالخشوع بدون العيان كما تكون عند العيان، ومعلوم أنها عند العِيان تكون بغاية حسنِ السَّمتِ والتأدب ظاهرًا وبَاطنًا؛ فينبغي أن يكون عند عدم العِيان أيضًا كذلك، لأن الله تعالى يدرِكَ الأبصار ولا تدركُه الأبصار، فهو غير مُعَاين لكن عبادتَه ينبغي أن تكون كما لو كنتَ تُعَاينُه، لأن العبادة في حالة المعاينة إنما تكون بالخشوع مراعاة لرؤيته تعالى، ولا دخل فيه لرؤيتك، لأنك إنما تخشى المَلِكَ لزعمكَ أنه يراكَ أو يعلَم حالك، وإن كنتَ تزعمَ أنه لا يراكَ أو لا يعلمُ حالَكَ، لا تخاف منه. وإن كنت تراهُ فكذلك عبادتك مع عدم رؤيتك، إياه ينبغي أن تكونَ كما لو كنت تراه ويراك، لأن موجب الآداب والاعتناء بها هو رؤيته، لا رؤيتك، وهو متحقق دائمًا، فهذا أيضًا جهةٌ للعبادة المطلوبة، لا حالة مطلوبة في نفسها. بل عِلْمُ هذه الجهة تورثُ الخشوعَ في العبادة فهذه مؤثرةٌ ومورِثةٌ للخشوع. وبالجملة المقصود على الأول هو الانصباغ بهاتين الحالتين، وعلى الثاني المقصود هو العبادة من جهة حالة مقدرة وعلم محقق. وشرح النووي هو أقرب عند الشيخ رحمه الله تعالى، وإنما طوَّلتْ الكلام في بيان الفرق بينهما مع التكرار الشديد، بحيث يكادُ أن يملَ الناظر، لأنه تعسَّرَ على الفرق بينهما، وبعد تفكرٍ وتعمقٍ انكشف لي الأمر، فكأنما نَشِطت من عِقال، ودونك بيتين غريبين في هذا المعنى: كان رقيبًا منك يرعى خواطري ... وآخر يرعى ناظري ولساني وإني لأستحييك والبعد وبيننا ... كما كنت أستحي وأنت تراني

بالجوارح إذا صدرت عنه بذلك الخشوعِ والخضوعِ فقد خَرَجَ إيمانه إلى الأعضاء ودخل إسلامه في القلب واتحدت المسافتان، وحينئذٍ فالإسلام والإيمان شيء واحدٌ، بخلافِ ما أذا بقيَ تصديقهُ في القلب ولم يظهر إلى الأعضاء، أو اقتصر إسلامه على الأعضاء ولم يحصل له الإحسان، فبقيَ إسلامه على الأعضاء فقط ولم يسرِ إلى القلب، فهذا الإسلامُ غير الإيمان، والإيمانُ غير الإسلام، وقد ذكرناه سابقًا أيضًا. (ما المسؤول عنها) ... إلخ، ولم يقل: لست بأعلمَ منك، لأن الكناية أبلغُ من التصريح، كقوله تعالى {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِى هُوَ فِى بَيْتِهَا} [يوسف: 23] وذلك لكونه أبلغ. (إذا ولدت الأمة) ... إلخ، أي تصير الأصول فروعًا والفروعُ أصولًا. فالمرادُ منه انقلابُ الأمورِ عند إبَّانِ الساعة. وفيه شروحٌ عديدٌ أخرى أكثرها مرجوحةٌ عندي. ويؤيدُ ما قلنا قوله صلى الله عليه وسلّم «إذا وُسِّدَ الأمرُ إلى غير أهله فانتظر الساعة»، فهو الحريُّ بالأخذ، لأن الحديثَ يفسرُ بعضَه بعضًا. ثم إن التمسك فيه على جواز بيع أمهات الأولاد أو على عدم جوازه في غير موضِعه، فلم نلتفت إليه. (في خمس) ... إلخ أي علمُ وقتِ الساعةِ داخلٌ في خمس. ثم اعلم أن هذه الخمسَ لما كانت من الأمور التكوينية دون التشريعية، لم يُظْهِر عليها أحدًا من أنبيائه إلا بما شاء، وجعل مفاتيحه عنده فقال: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ} [الأنعام: 59] لأنهم بُعِثُوا للتشريع، فالمناسبُ لهم علومُ التشريع دون التكوين. ثم المراد (¬1) منه أصولها. وأما علمُ الجزئيات فقد يُعطى منه الأولياء رحمهم الله تعالى أيضًا، لأن علمَ الجزئيات ليس بعلم في الحقيقة، لكونها محطًا للتحولات والتغيرات، ولأن علمًا جزئيًا لا يوصل إلى علمٍ جزئي آخر فكأنه ليس علمًا. وإنما العلمُ علمٌ يوصِلُ إلى علمِ جميع أفرادِ ذلك النوع، وليس ذلك إلا علمُ أصولِ الشيء. ألا ترى أن ألوفًا من المصنوعات تُجْلبُ إلينا من ديار الأوربا ونحن نشاهدها ونعلمها، ولكن لا علم لنا بأصولها، فأيّ علم حصَّلناه بتلك الجُزئيات؟ ولكنّ العلمَ هو العلمُ الكُلي يتمكنُ به صاحبه من علمِ الجزئيات من ذلك النوع بأسرها ويطلع على حقائقها، وإليه أشار سبحانه بالمفاتح، فإنك إذا أُوتيت مِفْتَاحًا قَدَرْتَ على فتح المغاليق كُلِّها مهما أردت، وليس ¬

_ (¬1) واستشكله الرازي ثم لم يُجب عنه موضحًا. ومرّ عليه الشوكاني فقال: إنه من زيغ فلسفته فإنه لا علم لأحد منهم يجزِنيِّ من جُزئيات الغيب. "قلت": وإنما يَسمعُ دعواه من لا خبرة له بما دار في الدنيا، ولو طالع التاريخ لعلم أنَّ لأخبار بالمغيبات فنونًا ذكرها ابن خلدون. وقد اشتُهِرَ أن الكهنة أخبروا بشيء ثم وقع كما أخبروا به فليس ذلك من زيغه، بل لعدم وقوف الشوكاني بحقيقة الحال. واعلم أن الشوكاني الذي يُنكرُ على تقليد الأئمة ثم يريدُ هو أن يدعوَ الناس إلى تقليده، قد صنف تفسيرًا سماه "فتح القدير" فجاء نواب صديق حسن خان بعده وألحقَ به مقدمةً من قِبَلِه، وزاد ونقَّصَ فيه وسماه "فتح البيان" هكذا في تقرير الفاضل عبد العزيز الكاملفوري.

39 - باب

هذا الشأن إلا شأن العلم الكلي فلم يُعط أحدٌ إلا جُزئيات منتشرة. أما العلمُ الذي كالمفتاح فهو عند ربك الذي لا تخفى عليه خافية، وحينئذٍ صح الحصر في قوله: {لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ} بدون تأويل. أما تخصيصُ الخمس مع أن أصولَ الأشياءِ الأُخر أيضًا لا يعلمها إلا هو. فقيل: إن هذه أنواع والكل راجع إليها. قلت: بل لأن سؤال السائل لم يقع إلا عن هذا الخمس، كما ذكره السيوطي في شأن نزولها في «لباب النقول في أسباب النزول» وفي «الدر المنثور». 39 - باب 51 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سُفْيَانَ أَنَّ هِرَقْلَ قَالَ لَهُ سَأَلْتُكَ هَلْ يَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ. وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ، لاَ يَسْخَطُهُ أَحَدٌ. أطرافه 7، 2681، 2804، 2941، 2978، 3174، 4553، 5980، 6260، 7196، 7541 - تحفة 4850 هذا بابٌ بلا ترجمة والمناسبةُ ظاهرة، لأن هِرَقْل كان عالمًا بالتوراة، وأنه أطلق الإيمان على الدين فقال: (هل يرجع أحد سخطة لدينه)، ثم قال: (وكذلك الإيمان) ... إلخ فدل قولُهُ على أن الدينَ والإيمان واحدٌ عنده. وهذا الحديث أظهرُ في مقصوده مما سبق، لأنه أطلق الدينَ فيما سبق على مجموع الإيمان والإسلام والإحسان. وقال في آخره: «جاء يعلم الناس دينهم». ويمكن المناقشة فيه بأن النزاع في اتحاد الدين والإيمان. أما كونُ المجموع دينًا فليس محلًا للخلاف، وما أخرجه ههنا صريح في اتحاد الدين والإيمان، فكان أظهرُ في مقصوده. ثم البَشَاشةُ في حديثه إشارةٌ إلى مرتبةِ الإحسان. 40 - باب فَضْلِ مَنِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ والمرادُ منه الاحتياطُ في الدين، وهو وإن كان خارجًا من الدين باعتبار بعض الجهات، لكن المصنفَ رحمه الله تعالى جَعَلَهُ أيضًا من الدين يعني إذا أحرزَ الرجلُ من دينه القدْرَ الضروري واحتاط بعد ذلك استبراء لدينه، فهل يُعدُّ ذلك من الدين مع أنه أحرز دينَه من قبل؟ فقد عُلم من الحديث أنه أيضًا من الدين وإن كان زائدًا عليه من جهة أخرى. وهذا تقسيم آخر للدين والإيمان إلى من استبرأ لدينه، وإلى مَنْ لم يستبرىء. ولمن استبرأ لدينه زيادةُ فضلٍ على من سواه، فدل على ثبوت المراتب في الإيمان. ثم العبادةُ شيءٌ وجودي، والزهد: قِلةُ رَغْبَةٍ في الدنيا، والورع: احترازٌ عن الشُّبهاتِ، فهو شيء عدميٌّ.

تحقيق لفظ المشتبهات

واعلم: أن هذا الحديثَ من مُهِمَّاتِ الحديث وتصدّى لشرحه العلماء (¬1) والفضلاء، وكتبوا عليه رسائلَ مستقلة ولكنّ الحديثَ مهمٌ، وموضوعُهُ يحتاجُ إلى شرح الأئمة، ولا ينفعُ فيه كلام الآخرين، فإنه يتعلق بالحِلِّ والحرمة. ولا يمكنُ لنا الآن إلا شرحُ ألفاظِهِ فقط، ولو انكشفت حقيقته لوجدنا ضابطة الحلال والحرام من جهة صاحب الشريعة، ولكان هذا فصلًا في الباب، فإن ظاهرَ الحديث أن الحلالَ بيِّن في نفسه والحرام أيضًا كذلك، ولكن لا ندري ماذا أراد بقوله: «مشتبهات» فإن الاشتباه حاصل في كثير من المواضع، ثم لا تكون تلك بين الحلال والحرام، بل تكون تلك المشتبه إما حلالًا أو حرامًا. والحاصل: أن في الحديث ضَابِطةٌ كليةٌ للباب الفقهي، ولكن لم يتحصَّل عندنا منه شيءٌ غير حلِّ الألفاظ. ولما كان في المثل السائر: ما لا يُدْرَك كله لا يُترك كله، رأينا أن نتكلم عليه شيئًا. فنقول: إن الحديث بعد ذكر الحلال والحرام انتقل من الأحكامِ والمسائل إلى الحوادث والوقائع، وذكر ضابطةً عُرْفية، ولذا تعرض إلى استبراء العِرْض، فاندفع ما كان يخطر بالبال أنه لا دخل لذكر العِرض في باب الحلال والحرام، فمعناه أن الرجل إذا اتقى الشبهات ومواضعَ التهم فقد أحرز دينه عن الضياع وعِرْضَه عن القدح فيه، وهو مرادُ قول علي رضي الله تعالى عنه: إياك وما يَسبقُ إلى الأذهان إنكاره وإن كان عندك اعتذاره، فليس كل سامعٍ نكرًا يطيقُ أن تسمعَه عذرًا. فإنه ليس واردًا في المسائل فقط بل أعم منها. وكذلك الحديث وردَ صدرُهُ في المسائل وعجزُهُ في الحوادث مطلقًا. وقوله: «فقد استبرأ» على نحو استبراء المُدَّعى عليه عن نفسه في دار القضاء، أي فمن فعلَ كذلك وترك الشُّبهات فقد أحرزَ نفسَه عن أن تسري أوهامُ الناس إلى دينه كانت أو في عِرْضه. وترجمة قوله: «فقد استبرأ» ... إلخ، "تواس شخص في اينى دين اور آبروكى طرف سى صفائى بيش كردى". تحقيقُ لفظِ المُشْتَبِهَات 52 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْحَلاَلُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِيِنِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِى ¬

_ (¬1) وقد طالعت فيه رسالةَ الشوكاني فما وجدت فيه شيئًا يعلق بالقلب. نعم، لو مر عليه نحو الشافعي رحمه الله تعالى عنه لأغنى عن الإِيضاح، وهذا الشافعي لمّا كان فقيَه النفس أثنى على محمد بن الحسن رحمه الله تعالى، بما هو أهله، فتارة قال: إنه كان يملأَ العينَ والقلَب، لأنه كان جميلًا ويملأ القلب من العلم، وقال أخرى: إذا تكلم محمد رحمه الله تعالى فكأنما ينزلُ الوحي. ومرة قال: إني حملتُ عنه وقْرَي بعيرٍ من العلم. وأما المحدثون فمن لم يكن منهم فقيهًا لم يعرف قَدْرَه ورتبتَه ولم تُنْقَلْ عنهم كلماتُ التبجيل في شأنه رحمه الله تعالى، ووجه نكارَتهم أنه أولُ من جرَّد الفِقه من الحديث. وكانت شاكلةُ التصنيف قبل ذلك ذكرُ الآثار والفِقه مختلطًا، فلما خالف دَأبَهم طَعُنوا عليه في ذلك. مع أنه لم يبق الآن أحدٌ من المذاهب الأربعة إلّا وقد فعل فِعلَه وسار سِيرَتَه، فرحم الله من أنصف ولم يتعسف. انتهى تعريب ما في تقرير الفاضل عبد القدير.

الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ. أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلاَ إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِى أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، أَلاَ وَإِنَّ فِى الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ. أَلاَ وَهِىَ الْقَلْبُ». طرفه 2051 - تحفة 11624 52 - (مشتبهات) رُوي من الإفعال والتفعيل والافتعال. واعلم أن المفسرينَ اختلفوا في تفسير قوله تعالى: {مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَبِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: 7] فقيل: ملتبسات. واعتُرِض عليهم بأن الله تعالى قد وصف به جميعَ كتابه في موضع آخر، وقال: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَبًا مُّتَشَابِهًا} [الزمر: 23] ومعناه هناك كتابًا يصدِّق بعضه بعضًا، لا أنه يلتبسُ بعضُهُ ببعض، فإن هذا المعنى لا يليق أن يتصف به كتاب الله تعالى كما هو ظاهر، فأخذ بعضهم معنى التصديق في قوله: {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} أيضًا وهو مروي عن مجاهد. وذكره البخاري في التفسير. أقول: والمُتَشَابَه بمعنى المُصَدق، قريب من معنى المُحكم، وليس بينهما كثيرُ فرق، مع أن الله تعالى قابل بينهما وسَمَّى الذين يتبعونَ ما تشابه منه بالزائغين. وعلى هذا فتفسيرُ مجاهد مرجوحٌ، وكان ينبغي أن لا يذكره البخاري، والعذر عن البخاري رحمه الله تعالى يجيء في موضِعه. فمعنى المتشابهات في قوله: {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} هو الملتبسات، وفي قوله: {كِتَابًا مُّتَشَابِهًا} هو التصديق، أي مصدقًا بعضُهُ بعضًا. فإن قلت: إنه يوجب الانتشار في مطالب القرآن. قلت: لا انتشار فيه، لأن تغاير المعاني عند تغايرُ الصِّلات وإن كانت محذوفةً في اللفظ ليس من الانتشار في شيء. فالتَّشَابُه إذا كانت صلته «على» يكون معناه الالتباس، كما في قوله تعالى: {إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} [البقرة: 70] أي التبس علينا، وهو المراد في قوله: {وَأُخَرُ مُتَشَبِهَتٌ} وإذا كانت صِلته اللام يكون بمعنى التصديق، وهو المراد في قوله: {كِتَابًا مُّتَشَابِهًا} يعني متشابهًا لكم، أي مصدقًا بعضُهُ بعضًا. والسِّرُ فيه عندي أن اللفظَ إذا تغاير معناه عند تغاير الصلات يكون مشتركًا معنويًا. (لا يعلمها كثير من الناس) أي لا يعلم حكمُها، كما عند الترمذي بلفظ: «لا يدري كثير من الناس أَمِنَ الحلال هي؟ أم من الحرام؟». ومفهوم قوله: «كثير» أن بعضًا منهم يعلمها وهم المجتهدون، فحينئذٍ يكون الاشتباه في حق غيرهم. وقد يقع الاشتباه لهم أيضًا، حيث لا يظهرُ لهم ترجيحُ أحدُ الدليلين، كذا ذكره الحافظ. (لكل ملك حمى ... إلخ) وعندنا يجوز الحمى للإمام فقط، كما كان عمر رضي الله تعالى عنه بَنَى رَبْضةً لخيل الجهاد دون غيره. أما الملوك فكانوا يتخذون الحِمى لأنفسهم، وذلك محظور في الشرع، وأما حِمى الله فهو مطلوبٌ لله تعالى أن لا يرعَى عبدَه حولَه، ففيه تشبيه محمودٍ بمذموم، ولا ينبغي أخذ المسائل والأحكام من التشبيهات، فاعلمه، فإنه مهمٌ، وقد يَغْلَط فيه الناس. ثم الحديث إنما جاء على عُرْف الملوك وعاداتهم، وكان من عادات ملوكهم اتخاذُ الحمى كما علمتَ. (ألا وهي القلب) ونِسبة القلب إلى الجسد كنسبة الأمير إلى المأمور وهو الأصل،

41 - باب أداء الخمس من الإيمان

والأعضاءُ كالفروع له، وهو: مَعْدِنُ العلوم والمعارفِ والأخلاقِ والمَلَكاتِ. وفي «الجامع الصغير» للسيوطي رحمه الله تعالى: «أن القلب ملك ... إلخ»، وفي البيهقي: أن الأَذَنَ قِمْعٌ للقَلْب يُحضِرُ المسموعات عنده من الخارج، والعينان مسلمة يتقي بهما الحجر والشجر، واليدان جناحان، والرجلان البريد، والكبد رحمة، والطِّحال ضحك، والرِّئةُ نَفَس، فإن صح هذا لدل على أن الضَّحِكَ من الطِّحَال، ولم يذكر الأطباءُ له وجهًا. وما وَضَحَ لدي، أنه يحدث من انقباض الرئة مرة وانبساطه أخرى. والقلبُ هو أصلُ اللطائفِ كلها عندي غير الروح، فإنها من الخارج والنفسُ مَعِدنه الكبدُ الطالبة للذات والشهوات، والقلب بعد فنائه في اللذات والهوى يُسمَّى نفسًا. وعليه مدار الصلاح والفلاح وهو مهبطُ الأنوار ومنبعُ الأسرار. وفي الحديث أنه لما صوَّرَ آدم، طاف به الشيطان ودخل فيه ورأى فيه منافذ قال: إنه مخلوق لا يتمالك نفسَه. وفي تفسير «فتح العزيز» زيادة: وهي أن في يساره حُجْرَة مسدودة لا أدري ماذا فيها، وكان فيه القلب. قلت: ولما كان القلبُ مَظهرًا لتجلياتِ الصمد الأحد، جعله اللَّهُ صمدًا ولم يبق فيه منفذًا، فهو إذن كالقَّبةِ المُشرفةِ مسدودةٌ جوانبها، محكمةٌ أبوابُها وغرفُهَا، لا يدرى سره إلا الله العلي العظيم. 41 - باب أَدَاءُ الْخُمُسِ مِنَ الإِيمَانِ 53 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ قَالَ كُنْتُ أَقْعُدُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ، يُجْلِسُنِى عَلَى سَرِيرِهِ فَقَالَ أَقِمْ عِنْدِى حَتَّى أَجْعَلَ لَكَ سَهْمًا مِنْ مَالِى، فَأَقَمْتُ مَعَهُ شَهْرَيْنِ، ثُمَّ قَالَ إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا أَتَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنِ الْقَوْمُ أَوْ مَنِ الْوَفْدُ». قَالُوا رَبِيعَةُ. قَالَ «مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ - أَوْ بِالْوَفْدِ - غَيْرَ خَزَايَا وَلاَ نَدَامَى». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لاَ نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيَكَ إِلاَّ فِى شَهْرِ الْحَرَامِ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا الْحَىُّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ فَصْلٍ، نُخْبِرْ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا، وَنَدْخُلْ بِهِ الْجَنَّةَ. وَسَأَلُوهُ عَنِ الأَشْرِبَةِ. فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ، وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، أَمَرَهُمْ بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ. قَالَ «أَتَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصِيَامُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُعْطُوا مِنَ الْمَغْنَمِ الْخُمُسَ». وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ عَنِ الْحَنْتَمِ وَالدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ. وَرُبَّمَا قَالَ الْمُقَيَّرِ. وَقَالَ «احْفَظُوهُنَّ وَأَخْبِرُوا بِهِنَّ مَنْ وَرَاءَكُمْ». أطرافه 87، 523، 1398، 3095، 3510، 4368، 4369، 6176، 7266، 7556 تحفة 6524 - 21/ 1 53 - (كنت أقعد مع ابن عباس) وسبب ذلك في كتاب العلم عند المصنف رحمه الله تعالى ولفظه: «كنت أترجم بين ابن عباس رضي الله تعالى عنه وبين الناس»، لأن أبا جَمْرة كان يعرفُ اللغة الفارسية، وكانت المعاملات عنده تجيءُ في تلك اللغة فيترجِمُ لهُ. (أقم عندي) إن كان هذا الإعطاء أُجرة الترجمة كان دليلًا على جوازِ أخذِ الأجرةِ على التعليم أيضًا، وإن كان بسببٍ آخرَ فلا. ونقل أنه كان ذلك بسببِ الرؤيا التي رآها في فسخِ

العمرة، أنه قبل حجه وعمرته، وقد كان فسخَهُ على فتواه، فسُرَّ به. (إن وفد عبد القيس) (¬1) وأنهم أَتُوه مرتين: مرةً في السنة السادسة وأخرى عام فتح مكة. ومسجد عبد القيس بجُواثى، أول مسجدٍ صُليت فيه صلاةُ الجمعةِ بعد المسجد النبوي، فاحفظه فإنه ينفعُك في مسألة الجمعة في القرى، وسيجيء إن شاء الله تعالى تحقيقها. (غير خزايا ولا ندامى) وفي ندامى مُشاكلة كما في الغَدَايَا والعَشَاي. وإنما قال لهم ذلك لأنهم جاؤا برغبةٍ منهم بدون الحرب. ثم ههنا إشكال وهو أنه وعد بذكر الأربع، فإن عَددْنا الإيمانَ بالله منها، يبقى سواه أربعًا، ويصير المجموعُ خمسًا فيزيدُ العدد. وإن جعلنا المجموعَ تفسيرًا للإيمان وأدرجْنَاه تحته لم يحصل إلا أمر واحد، وعلى كلا التقديرين لا يحصلُ العدد الموعود. فقال البيضاوي في «شرح المصابيح»: إن الإيمانَ بالله وحده أمرٌ واحد، وإقامِ الصلاة ... إلخ تفسير للإيمان، والثلاثة الباقية تركها الراوي. قلت: وحاصله هَدْر ما ذكره الراوي والأخذُ بما لم يذكره هو الرجم بالغيب. وقيل: إن العددَ باعتبار أجزاء التفصيل، فالإيمان واحدٌ ثم فصَّلَه في ذلك العدد. وقيل: إنه وَعَدَ بالأربع وزاد عليه بواحد عند الوفاء، فذكرُ إعطاء الخمس تبرع منه، ولا بأس في إعطاء الزيادة على الموعود. قلت: وهذا الجواب بعيد عن ترجمة المصنف رحمه الله تعالى بَوَّبَ عليه بكونه من الإيمان. ويمكن أن يُجاب عنه أن إعطاءَ الخمسِ وإن كان خارجًا عن الإيمان، لكنه معدودٌ عند المصنف رحمه الله تعالى من الإيمان، لأنه قد علم من صَنِيْعِهِ أن جميع الأشياء المتعلقة بالإيمان إيمانٌ عنده. وقيل: إعطاءُ الخمسِ داخلٌ في إيتاء الزكاة، لأنَّه أيضًا من نوعه وهذا ألطفُ من جعله تبرعًا، سيما على مذهب الشافعية، فإنهم قالوا: في المعدِن الزكاة، وفي الرِّكاز الخمس. وقيل: إن الشهادتين ليستا من الأشياء الموعودة، وإنما ذكرهما تمهيدًا ولكونهما لا بد منهما، والعددُ يبدأُ من قوله: إقام الصلاة. أقول: ويرد عليه ما عند البخاري أنه ذكر الشهادتين وعقد واحدة. وهذا يدل على أنه عدَّها من الموعود. لا يقال: إن العقد كان للإشارة إلى التوحيد، لأنا نقول: المعهودُ فيها ¬

_ (¬1) واعلم أن رَبَيْعة، ومُضَر، وأنَمار، وزيدًا كانوا أبناء أب. ومضرُ منهم أحد أجداد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن ههنا صار الوفدُ المذكور من بني أعمامه - صلى الله عليه وسلم -. ثم اعلم أن والد هؤلاء كان من الأغنياء، فلما أشرف على الموت أوصاهم بالإِشارة أن يقتسموا أمواله بينهم، وعيَّن لكل ولد صِنفًا من المال، فكان الخيل في حظ ربيعة، فاشتهرت بربيعة الخيل، وكذا الذهب في حظ مُضَر، فاشتَهْرت بمضر الحمراء، فإِن الذهبَ يُكنى بالأحمر، وقد ذكرهم خواجه أمير خسرو أيضًا في كتابه /هشت بهشت/ غير أنه لم يدرك الحقيقة وقد ذكرناها لك. كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز.

الإشارةُ بنصبِ المسبِّحة دون العقد. والراوي يذكر العقدَ. والأولى عندي أن يقال: إن الأربعة هو الإيمان مع ما بعده، وما بعده تفسيرٌ للإيمان. فإذا قلنا: إنها إيمانٌ، قلنا: إنها شيء واحدٌ، وإن نظرنا إلى الأجزاء قلنا: إنها أربعة، فهو واحد من جهة الإجمال، وأربعةٌ من جهة التفصيل. وبعبارة أخرى: أن المقصود كان الأمرُ بالإيمان، غير أنه قال (¬1): أربعة نظرًا إلى أجزائه الداخلة فيه. وهذا يوافق غَرَضَ المصنفِ رحمه الله تعالى أيضًا، فإنه جعل أداء الخُمُس من الإيمان. وأيضًا يوافق لما ذكره في باب سؤال جبرائيل ما بينَه النبي صلى الله عليه وسلّم لوفد عبد القيس، فإنه دليل على أنه عدَّ الأشياء الأربعة من أجزاءِ الإيمان وتفسيره. وكذلك بَوَّب في كتاب السِّير والجهاد بقوله: باب أداء الخمس من الدين، فدل على أنه معدودٌ عنده من الإيمان. (وحده) وفرق في «المطول» بين الواحد والأحد. فقال: إن الواحدَ مشتقٌ من الوَحَد، ويصيرُ أحدًا بانقلاب الواو ألفًا، فالأحدُ اثنان: الأول من الوَحَد، وهو للعدد المقابل للاثنين، والثاني: للمنفرد عن الشيء. والأولُ لا يردُ إلا في سياق النفي، كقوله: {وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} أي واحدًا. والثاني يُستعمل في الإثبات كقوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} أي منفرد. ثم قيل: إن الواحد لا جمع له إلا أنه ثابت في شعر الحماسة: قامُوا إليه ذرافات ووُحْدانا قال التبريذي: والوحدان جمع الواحد، بمعنى المنفرد دون الواحد، بمعنى العدد المقابل للاثنين. قلت: لا بأس في كون الجمع للواحد بمعنى العدد أيضًا. وليطلب استعمالاته من "كليات" أبي البقاء فإنه بحث فيها أنه للانفراد عن الذات أو للانفراد عن الفعل. وكتب فيه السهيلي رسالة مستقلة. (إقام الصلاة ... إلخ) قيل: إنه مجرور ومعطوف على الإيمان وتفسيره قد تم عند ذكر الشهادتين. ثم إنه بعد كونه معطوفًا على الإيمانِ إيمانٌ أيضًا. وقيل: بالرفع. وأقول: إنه داخلٌ في تفسير الإيمان، وهو الأقرب عندي وأوفق لغرض المصنف رحمه الله تعالى، ثم إنه قال الحافظ رحمه الله تعالى: إن الحج ليس بمذكور في أحد من طُرقه، لأنه فُرِضَ بعدَه وما ذُكِرَ في بعض طرقه من الحج معلولٌ عند المحدثين. (وصيام رمضان) وهو مصدرٌ لغةً، لا جمعُ صوم وفي كتب الفِقه من قال: عليَّ صيام يلزمه ثلث صيام فدل على أنه جمعٌ عندهم، ولعله عُرفٌ حادثٌ. وإلا فالصيام مصدرٌ وليس بجمع. (والحنتم) "سبزرنك كى روغنى كهر يا جيسى مرتبان" والحنتم وإن فسروها بالجرة الخضراء، ولكن لا يشترطُ أن تكونَ خضراءَ دائمًا. بل هذا بالنظر إلى الغالب. ¬

_ (¬1) قلت: ولا يبعد أن يقال: إنه لما نهاهم عن أربعة ناسب، أن يأمرهم بأربعة، فإن الجمع بين أعداد المأمور به والمنهي عنه من نوع واحد أيضًا من المحسنات، وحينئذٍ لطف تعبير الإيمان بالأربعة جدًا، فذقه.

42 - باب ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة، ولكل امرئ ما نوى

(الدباء) "توبنرى" (النقير) ما يُتخذُ من نقر أصل النخلة. و (المزفت) وهو المُقيَّر، والقِيرُ والقَارُ واحد. والزفت ليست ترجمته "رال" كما في الغياث، بل هو نوع من الدُّهن يُجلب من البصرة. والنهي عن الانتباذ في هذه الأوعية بخصوصها لأنه يُسرع فيها الإسكار، ثم ثبتت الرخصةُ في الانتباذ في كل وعاءٍ إذا لم يُسكر. رواه الترمذي في الأشربة قال: إن ظرفًا لا يُحلُّ شيئًا ولا يُحرَّمه، وكل مسكر حرام. اهـ. 42 - باب مَا جَاءَ أَنَّ الأَعْمَالَ بِالنِّيَّةِ وَالْحِسْبَةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَدَخَلَ فِيهِ الإِيمَانُ وَالْوُضُوءُ وَالصَّلاَةُ وَالزَّكَاةُ وَالْحَجُّ وَالصَّوْمُ وَالأَحْكَامُ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84] عَلَى نِيَّتِهِ. و «نَفَقَةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا صَدَقَةٌ». وَقَالَ «وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ». 54 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ». أطرافه 1، 2529، 3898، 5070، 6689، 6953 - تحفة 10612 55 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ». طرفاه 4006، 5351 - تحفة 9996 - 22/ 1 56 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِى فِى امْرَأَتِكَ». أطرافه 1295، 2742، 2744، 3936، 4409، 5354، 5659، 5668، 6373، 6733 تحفة 3890 الغرضُ منه الردُ على من قال: إن الإقرار باللسان كافٍ للإيمان. فقال: إن الإيمانَ عملٌ، وكل عملٍ لا بد له من النية، فعُلم أن الإيمانَ أيضًا لا بد له من النية القلبية. وأما الإقرار باللسانِ فقط فليس بإيمان. أقول: وظني أنه لا يكونُ هناك من يقولُ بكفايةِ الإقرار فقط، ولعل غَرَضَهم غيرُ ما نَقَلَ عنهم الناقلون. (والحسبة) وقد مر منى أن الحسبة أمرٌ زائدٌ على نيةٍ صحيحة، فإن النيةَ مرتبةُ العلم، والحِسبةَ مرتبةُ علم العلم، أي استحضار تلك النيةِ واستشعارِهَا. (والوضوء) وافقَ الحجازيين في اشتراط النية للوضوء، وسوَّى بين العبادات المقصودة وغير المقصودة. وقد مر منى أن الوضوءَ بلا نيةٍ لا ثوابَ فيه عندنا أيضًا، كذا في «خزانة

43 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»

المفتين». والبحث عن مسألة النية في العبادات قد مر منا في شرح الحديث الأول مستوفى، وأن حديثَ: «إنما الأعمال بالنيات» مخصوصٌ عند الكل، فإن طاعاتِ الكافر وقُرُباتِهِ كلَّها يصحُ وحاجة فيها إلى النية عند أحد. (والأحكام) لا يُعلم ماذا أراد بها المصنف رحمه الله تعالى. أما الفقهاءَ فيريدونَ بها مسائل القضاء، ولعل المصنف رحمه الله تعالى أراد منها بقية المعاملات، وهي خارجةٌ عن الحديث عند الشافعية وعند الحنفية على القول المشهور. قلت: وفي المعاملات أيضًا نيةٌ، إلا أن في المعاملات جهتين: جهة تتعلق بالعباد ولا عبرة للنية فيها، وجهة تتعلق بالله تعالى والنيةُ معتبرة فيها أيضًا. فالحديث عامٌّ عندي كما قاله المصنف رحمه الله تعالى. (على شاكلته) فسَّره المصنف رحمه الله تعالى بالنية. وأصلَ معناه على مناسبةٍ طَبْعيَّة، فالإنسان إنما يعمل على طريقةٍ طبعية، ومناسبتها كيفما خُلِقَتْ وطُبِعَتْ، فمن طُبِعَ على السعادة يعمل لها، ومن طُبِعَ على الشَّقَاوة يعمل لها. (ونفقة الرجل ... إلخ) وقد مر أن النيةَ الإجمالية كافيةٌ لإحراز الثواب، وإنما الضروريُّ انتفاء النية الفاسدة فقط، فينبغي أن يَحْصُلَ الأجرُ في نفقة العيالِ بدون الاحتساب، لأن الاحتسابَ أمرٌ زائدٌ على النية. وقيَّدَ الاحتساب ههنا لأنه موضعُ ذهولٍ، لا يرجُو فيه الأجر أحد، فإنه أمرٌ طبعيٌ، فزاد الاحتسابَ تنبيهًا على هذا، كما مر مفصلًا. (ولكن جهاد ونية) هذه قطعة حديثٍ قاله في فتحِ مكة. ومعناها أن الهجرة من مكةَ إلى المدينة قد خُتمت، لأن مكةَ صارت دارُ الإسلام، ولكن الجهاد والنية باقيانِ إلى يوم القيامة، فمن كان منكم يتمنَّى أن يجتهدَ في الدين فلا يتأسَّف من انقطاع الهجرة، فإن المجالَ واسعٌ بعدُ، فالجهادُ باقٍ والنية باقيةٍ، فليجتهد فيها. 43 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «الدِّينُ النَّصِيحَةُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» وَقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 91]. 57 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسُ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. أطرافه 524، 1401، 2157، 2714، 2715، 7204 تحفة 3226 58 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاَقَةَ قَالَ سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ يَوْمَ مَاتَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ عَلَيْكُمْ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَالْوَقَارِ وَالسَّكِينَةِ حَتَّى يَأْتِيَكُمْ أَمِيرٌ، فَإِنَّمَا يَأْتِيكُمُ الآنَ، ثُمَّ قَالَ اسْتَعْفُوا لأَمِيرِكُمْ، فَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ الْعَفْوَ. ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّى أَتَيْتُ

النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ أُبَايِعُكَ عَلَى الإِسْلاَمِ. فَشَرَطَ عَلَىَّ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. فَبَايَعْتُهُ عَلَى هَذَا، وَرَبِّ هَذَا الْمَسْجِدِ إِنِّى لَنَاصِحٌ لَكُمْ. ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَنَزَلَ. تحفة 3210 وفيه تعريفُ الطرفين وهو يفيد القصر، إلا أن التفتازانيَّ يقول بالقصر من جانب واحدٍ، وهو المُعرَّف بلام الجنس فقط فالأميرُ زيدٌ وزيدٌ الأمير: معناهما واحد عنده، أي قَصَرَ الأعمَ على الأخصِّ. وفصَّل فيه الزمخشري أن القَصَرَ قد يكون من جانب المبتدأ وقد يكون من جانب الخبر أيضًا، فجوَّزَهُ من الطرفين، وهو الحق عندي. قال في «الفائق» في حديث: «لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر» إن الله مقصورٌ والدهرَ مقصور عليه. والمعنى أن الله هو الجالب للحوادث لا غير الجالبِ. قلت: بل فيه تعريفُ المبتدأ بحالِ الخبر كما في قوله: *فإنْ قَتَلَ الهوى رجلًا ... فإني ذلك الرَّجُلُ وحينئذٍ معنى الحديث عندي: أيها المخاطب أنك تعرفُ الدهرَ من قَبْلُ بنسبة جلبِ الخير والشر إليه، فالله هو ذلك الدهرُ. وبمثله قرره الزمخشري في قوله تعالى: {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة: 5] في «الكشاف»، وعليه قوله صلى الله عليه وسلّم «هو الطهور ماؤه» عندي يعني: أنك تعلمُ الطَّهُورَ من القرآن: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَآء مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48] فالطَّهُور الذي تعلمه هو هذا. ومعنى قوله: «الدين» مقصور على النصيحة فقط، وليس بغش فالمبتدأ مقصورٌ والخبر مقصور عليه. وكذا قوله: «الدعاء هو العبادة» معناه الدعاء مقصورٌ على صفةِ العبادة، لا أن العبادةَ مقصورةٌ على الدعاء كما فهمه الناس. فترجمته دعا عبادت هى هى والناس يترجمونه دعا هى عبادت هى. ثم النصيحة لله أن لا تشركَ به شيئًا، وللرسول أن تصدِّقه فيما جاء به، وللأئمة أن تطيعَهم، ولعامة المسلمين أن تتعامل معهم بالخلوص بدون غش، والله تعالى أعلم. وهذا آخر كتاب الإيمان (¬1). ¬

_ (¬1) قلت: إن الشيخ رحمه الله قد خالف في كثير من شرح تراجم الأبواب وغيره الشارحين، وهو أهل لذلك لا يجب عليه تقليدهم، ثم مع هذا ربما يكون من قبيل احتمالٍ من المحتملات، لا يكون على سبيل الجزمِ واليقين، بل هو أيضًا محتمل من المحتملات وسرُّ ذلك قد علمته أن المصنف العلام من غاية رفعته وفَرْط ذكائه، سلكَ مسلك الاختصار ولم يُفصِح بمراده في مواضع، لأنه لا يريد أن يتكلم بَلفظ مِنْ قَبْلِهِ إلّا إذا اضَطُّر إليه، وذلك أيضًا في التراجم، ولذا يأتي بالأحاديث في تراجمه، فإذا أراد أن يقولَ شيئًا من قِبَلِ نفسه وضعَ بدلهَ حديثًا يؤدي مؤدَّاه، فإِذا لم يجد له حديثًا أتى بلفظ أو لفظين مِنْ قَبْلِه، ومن ههنا ترى ضيق نطاق بيانِهِ، وحينئذٍ لا بد أن يَحْدُثَ الاختلاف في شرح التراجم، وهذا هو السبيل، فيما يأتي أيضًا، فعليك أن تتأمل في أمثال تلك المواضع. ثم إن بعد هذا الإِطناب ههنا كلام جميل للشاه عبد العزيز رحمه الله تعالى محقق هذه الأمة تَنَبهتُ له من تنبيه شيخي في "مشكلات القرآن" وها أنا أعرِّبُه لك إفادة. واعلم أن الإيمان في الشرع عبارة عن التصديق بمعنى /كرويدن، وباور كردن/ ويتعلق بما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - كونه من الدين ضرورة، وذلك لأن الله تعالى جعله من أفعال القلب في مواضع فقال: {وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106] وقال: {كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ} [المجادلة: 22] وقال: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: 14] لا شك أن فعلَ القلبِ هو التصديق لا غير، ثم إن ذكرَه مع الحسنات والمعاصي وقارَن بيَنه وبينَنا بالعطف فقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البقرة: 277] وقال: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ =

......................... ¬

_ = اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9] وقال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا} [الأنفال: 72] فدل على أن الطاعات ليست أجزاءً له، كما أن المعاصي ليست محبطةً له مطلقًا، ثم إنه نعى على مَنْ أقر باللسان فقط ولم يؤمن قلبُه كما في البقرة فقال: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8)} [البقرة: 8] فعلم أن الإِقرار فقط ليس إلّا حكاية عن الإِيمان، فإِن طابقت تلك الحكايةُ مع المحكي عنه فبها وإلّا فالإِقرارُ المحضُ لا يزيد إلّا الخداع والكذب. وتحقيقُ المقام أن للإِيمان أيضًا وُجُودَات كما هي لسائر الأشياء: وجود عينيٌّ، ووجود ذهني، ووجودٌ لفظيٌّ. وقدَ تقرر عندهم أن الأصل فيها هو الوَجود العيني، وسائرها فروعٌ وتوابعٌ فالوجود العيني للإِيمان هو نورٌ يُقذَفُ في القلب بِرفعِ حجاب بينه وبين الحق، وهذا هو النور الذي حَكَى عنه الله تعالَى في قوله: {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} [النور: 35] وذكر تمثيله بإشباعٍ، ثم ذكر سبَبَه في قوله: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257]. وهذا النورُ مِثلُ سائر المحسوسات، قابلٌ للقوةِ والضَّعف، واشتدادٍ وانتقاص، وهو الذي يزيدُ وينقُصُ كما في قوله: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال: 2] ونحوها كثيرًا، والسرُّ فيه أن الحُجُبَ كلما ترتفع يزدادُ هذا النور، ويزداد الإِيمانُ قوة وثباتًا إلى أن يبلغَ الأوج، ثم أنه يتسعُ ذلك النور شيئًا فشيئًا حتى يحيطَ بالأَعضاءِ كلِّها، والقِوى أجمعِها، وحينئذٍ ينشرحُ الصدرُ للإِسلام، ويطلعُ على حقائقِ الأشياء، وتتجلى على مُدرَكَتِه غيوب الغيوب، ويعرفُ كلَّ شيء في محله ويذوقُ من وجدانه ما كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أخبروا به إجمالًا أو تفصيلًا، ثم يزيدُ هذا النورُ والانشراح حتى ينبعثَ القلبُ إلى الائتمار بأوامر الشرع والانتهاء عن مناهيه. وبعد ذلك ينضم هذا النورُ مع أنوارِ الأخلاق الفاضلة، والمَلَكَات الحميدة، والأعمالِ الصالحة، فيضيءُ ظلماتِ الطبائعِ البهيمية والشهوانية، فتذل له، وإليه أشير في قوله تعالى: {نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [التحريم: 8] وفي موضع آخر: {نُورٌ عَلَى نُورٍ} [النور: 35] هذا في الوجود العيني. أما الوجودُ الذهني فله درجتان: "الأولى": ملاحظة المعارَف المتجلِّية إجمالًا، والنظرُ إلى الغيوب المنكشفةِ كليًا، وهو مفاد كلمة: لا إله إلّا الله محمد رسول الله وتسمَّى تلك الملاحظةُ تصديقًا إجماليًا وبلفظ آخر: /كرويدن وباور كردن/؛ و"الثانية" ملاحظة كل من تلك الغيوبِ المتجلية تفصيلًا، بمعنى كل فرد فرد، مع الارتباط بينها، وتسمَّى تصديقًا تفصيليًا. أما الوجود اللفظي ففي اصطلاح الشرع عبارة عن الشهادتين فقط. وظاهر أن الوجود اللفظي للشيء بدون تحقق حقيقة لا يُسْمِنُ ولا يُغني من جوع، وإلّا لزم أَن يروي، الغليل من ذكر الماء ويشبعَ الجائع من اسم الخبز، ولكن لمّا لم يكن في عالم البشر للتعبيرِ عما في ضميرِهِ سبيلٌ غير النُّطقِ والتلفظ، صار للشهادتين دَخل عظيم في الحكم بالإِيمان، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلَّا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلّا بحقها وحسابهم على الله" ومن ههنا عُلِمَ كيفية زيادةِ الإيمان ونقصانه، وقوته وضعفه، ولاح أن ما ورد في الحديث الصحيح: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن"، وقوله: "والحياء من الإيمان"، وقوله: "لا يؤمن أحدكم حتى يأمن جاره بواثقه" كلها محمول على كمال الإِيمان والوجود العيني له. ومن ذهب إلى نفي الزيادة والنقصان أراد المرتبة الأولى من الوجود الذهني، وحينئذٍ لم يبق بين الفريقين نَزاعٌ ولا خلاف. ثم الإِيمان على نحوين: تقليدي وتحقيقي. والتحقيقي أيضًا ينقسِمُ إلى قسمين: استدلالي وكشفي. وكل منهما على نحوين: إما أن يبلغ إلى حدِّ لا يتجاوزه أولا. والثاني: يُسمَّى علم اليقين. والأول على ضربين: إما المشاهدة، وُيسمَّى بعين اليقين، أو الشهودِ الذاتي، ويسمى حقَّ اليقين. وهذانِ الأخيران لا يدخلان في الإيمان بالغيب هذا.

3 - كتاب العلم

بسم الله الرحمن الرحيم 3 - كتاب العِلم 1 - باب فَضْلِ الْعِلْمِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: 11]، وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]. واعلم أن العلم عند الماتريدية: صفةُ مُودَعة في القلب، كالقوة البَاصرة في العين، من شأنها الانجلاء بالشروط اللائقة بها، فالعلمُ واحدٌ مع تعدُّد المعلومات. نعم، تعدُّد الإضافات ضروري. بخلاف الفلاسفة فإنهم قالوا: إنه حصول الصُّورة، أو الصُّوَر الحاصلة، ولا مُسكَة لهم على ذلك. ومن ههنا عُلم أن العلمَ والمعلومَ متغايران بالذات، لا كما زعموا أنهما متّحدان بالذات. ويتعلق بالمعدوم، لاكالفلاسفة القائلين بتوسُّط الصور؛ فإنهم لما استحالوا العلم بالمعدوم، ذهبوا إلى إقامة الصُّوَر في البين، وقالوا: إن الصورة تَحصلُ أولًا، ثم يحصلُ العلمُ بالمعدوم بواسطتها. قلت: وليس في هذا غير تطويل المسافة، فإنَّا نسأل كيف تُعلَّقُ تلك الصورة بذي الصورة؟ فإن كان بصورة أخرى يلزم التسلسل، وإن كان بالمعدوم فليكن تعلّقُ العلم أيضًا كذلك، على أنه يلزم عليهم أن يَحْصَلَ العلم قبل المعلوم، فإن المعلومَ عبارة عن الصورة من حيث هي هي، وهي مأخوذة عن درجة العلم التي هي عبارة عن الصورة من حيث الاكتناف. وتَقَدُّمُ المأخوذ منه على المأخوذِ أمرٌ بَدَهِيّ، فلزم أن يحصل العلم قبل المعلوم، وتقدم الصورة المطلقة التي هي عَلَمٌ على الصورة الملحوظةِ بقيد الاكتناف لا ينفع ههنا، فهذا كله جهل وسَفَه. والحق أن العلم يتعلق بالمعدوم والموجود، ولا يحتاج إلى تخلُّل الصُّوَر. ثم إن العلم حُسْنَه وقُبْحَه بحسنِ المعلوم وقبحه. وقد أبدع المصنف رحمه الله تعالى في الترتيب، حيث وضع الوحيَ أولًا، ثم الإيمان ثم العلم، ثُمَّ الطهارة ثم الصلاة ... إلخ. واعلم أن العلمَ إنما يُعدُّ كمالًا، لكونِهِ وسيلةً إلى العمل المُفْضِي إلى رضائه تعالى، فالعلم الذي ليس على هذه الطريقة، فهو وَبَالٌ على صاحبه، وإليه يشير آخرُ الآية: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} نبَّه فيه على ما به كمالُ أولي العلم والفوز بالدرجات. ثم إن العمل الصحيح يرضاه ربك، ولا علم به إلا من تِلقاء النبوة، فدعت الضرورة إلى الإقرار بالنُّبوة، ومَنْ أنكرها فهو صابئيٌّ مثل كفار يونان وعراق بعد نوح عليه الصَّلاة والسَّلام، فإنهم كانوا يُنْكرونها. ومرَّ ابن تيمية رحمه الله تعالى على تحقيقهم فلم يُدْرِكه. وقد ذكر الشَّهْرَسْتَاني مناظرة الحنفاء

2 - باب من سئل علما وهو مشتغل فى حديثه، فأتم الحديث ثم أجاب السائل

والصابئين في كتابه في نحو ثلاثين ورقة، وعَدَّها من غرائبه. ويتضحُ منها أنهم كانوا يُنْكِرون طَوْرَ النبوة. ثم إن المفسرين تكلموا في فضل آدم عليه الصَّلاة والسَّلام ورأَوْا أنّ فضله من جهة العلم، وهي عندي عبوديته، لأن الخلافةَ يستحِقُّها باعتبار الظاهر ثلاثة: آدم، والملائكة، وإبليس. أما إبليس فقد علمتَ حالَه، وأما الملائكة فإنهم سألوا ربهم عن سرّ الخلافة لَمّا كان ظاهرُ حال بني آدم يُنبىء عن سَفْك الدماء وغيرها، ولم يُحْسِنوا في السؤال، غيرَ أنهم لمّا لم يُصِروا عليه غُفر لهم. وأما آدم عليه الصَّلاة والسَّلام فإنه لم يواجِه ربّه إلا بالتضرّع والابتهال حين ناداه: {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} [الأعراف: 22] مع أنه كان عنده جوابٌ أفحم به موسى عليه الصَّلاة والسَّلام حين تناظر معه، كما في الحديث، إلا أنه لم يأت بحرف منه حين مواجهة ربه عبوديةً وطاعةً. ومن ههنا عُلم سر المناظرة بين موسى وآدم عليهما السلام، وإنما أظهر الله تعالى علمه لكونه وصفًا يمكن ظهوره، بخلاف العبودية، فإنها صفة مستورة في العبد لا سبيل إلى العلم بها، لا لكونه مَدَارًا للفضل، فعُلِم أنّ فضل العلم إنما يظهر إذا كان العمل يساعده، كآدم عليه الصَّلاة والسَّلام، فإن علمه عُدَّ فضلًا وكمالًا لعبوديته وعَمَلِه حسب عِلْمه. كيف وإنه وسيلة العمل، والوسيلة لا تفوق ما هو وسيلة إليه. ولعلك الآن ذُقت معنى قوله تعالى: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} ولا نُنْكِر فضل العلم، فإن مالكًا وأبا حنيفة رحمهما الله تعالى ذهبا إلى أن الاشتغال بالعلم خيرٌ من الاشتغال بالنوافل على عكس ما ذهب إليه الشافعي رحمه الله. وعن أحمد رحمه الله روايتان: إحداها في فضل العلم، والأخرى في فضل الجهاد، كما ذكره ابن تيمية رحمه الله في «منهاج السنة»، ولكني أردتُ بيان جهة الخلافة على ما كانت عندي. والله يعلم الحقَّ وهو يَهدي للصواب. قوله: (قول الله: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُواْ} ... إلخ) فيه أيضًا سابِقِيَّة للإيمان على العلم، والآية سيقت لبيان فضل عامة المؤمنين، ثم للعلماء لا للثاني فقط. ومعنى قوله: {وَالَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ} أي الذين آمنوا ومع ذلك أُوتوا شيئًا آخر وهو العلم. قوله: ({دَرَجَاتٍ}) جمع درجة، يُستعمل في الجنة، كالدَّرَكَات جمع دَرَكَة في النار قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِى الدَّرْكِ الاْسْفَلِ مِنَ النَّارِ}. قوله: (وقوله عزَّ وجل: {رَّبّ زِدْنِي عِلْمًا}) دلالته على فضل العلم واضحة. 2 - باب مَنْ سُئِلَ عِلْمًا وَهُوَ مُشْتَغِلٌ فِى حَدِيثِهِ، فَأَتَمَّ الْحَدِيثَ ثُمَّ أَجَابَ السَّائِلَ 59 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ ح وَحَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى هِلاَلُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ جَاءَهُ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ مَتَى

السَّاعَةُ؟ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحَدِّثُ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ سَمِعَ مَا قَالَ، فَكَرِهَ مَا قَالَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ لَمْ يَسْمَعْ، حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ «أَيْنَ - أُرَاهُ - السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ». قَالَ هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ». قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا قَالَ «إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ». طرفه 6496 - تحفة 14233 - 23/ 1 59 - قوله: (فإذا ضُيِّعَتِ الأمانة) ومعنى الضياع: أن لا يبقى اعتمادٌ لأحد على أحد، لا في الدِّين ولا في الدنيا. وقد مرَّ مني أن الأمانة صفةٌ متقدمة على الإيمان، فيجيء أولًا لون الأمانة ثم يجيء عليه لون الإيمان. ولذا اشتق منها الإيمان. وفي الحديث تأديب للسائل بأن السؤال ينبغي أن يكونَ بعد الفراغ لا عند الاشتغال. ومَنْ سُئِل عند الاشتغال يَسَعُ له أن لا يقطع كلامه ويَمضي فيه. وفيه ترغيبٌ للمجيب أن يُجيبَ بعد فراغه إن شاء، وفيه إجازةٌ لتحقيق السؤال إذا لم يفهمه. قوله: (إذا وُسِّد الأمرُ إلى غير أهله ... ) وفي ذلك حكايات عن الأئمة والمحدثين. فنُقِلَ عن الشافعي رحمه الله أنه لم يكن في سَعَةٍ من ذات يده، وكان الناسُ يُهدون إليه تحائف، إلا أنه لم يكن يُمْسِكُهَا، وكان يُنفقها على الفور، وكان يعيش في عُسرةٍ وتلميذه ابن عبد الحكم كان صاحب الضَّيْعَة والنخيل، فكان يَخْدُمه كثيرًا. واتفق أن الإمام الشافعي رحمه الله رحل إليه مرة فأمر الطبّاخ أن يهيىء له أنواعًا من الطعام، وكتب أسماءها، فأضاف عليها الشافعي رحمه الله طعامًا آخرَ وكتب بيده، فلما علمه ابن عبد الحكم أعتق عبده من شدة الفرح. فلما كان الشافعي رحمه الله ابن أربع وخمسين، وسمع نداء الرحيل، استفتاه الناس: مَنْ يجلس إليهم بعدَه؟ ومَنْ يتولّى التدريس؟ فجاء ابن عبد الحكم أمامه يرجو أن يُعَيِّن الإمام إياه، إلا أن الإمام الشافعي رحمه الله وَسَّد الأمر إلى أهله وقال: إنّ صاحب الحلقة بعدي يكون إسماعيل بن يحيى المُزَني خال الطحاوي، ولم يُبَالِ بما صنع إليه ابن عبد الحكم من المعروف مُدَّةَ حياته. وهكذا الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله، وكان صاحب طريقة لم يؤجِّرْ نفسه للتعليم مدة عمره، وكان متوليًا للخانقاه إذ ذاك، وكان يدرّس فيه لوجه الله. وكان يأخذ منه بالمعروف غير مُتَأَثِّلٍ مالًا. وكان مَلِكُ مصر من أكبر معتقديه متى تَعْرُو له حادثة سُئِل عنها، مع كون الحافظ ابن حجر رحمه الله والعينيّ رحمه الله موجودَيْن في زمانه أيضًا، فلما دنت وفاته سأل الناسُ عمن يجلس مجلسه بعده؟ قال: العلاّمة القاسم بن قُطْلُوبُغَا، وإنما انتخبه من بين سائر تلامذته؛ لأنه مع كونه عالمًا كان أورعهم وأتقاهم، ومن أدلة تقواه وورعه: أن علماء المذاهب الأربعة رحلوا لتأييده في مناظرة انعقدت بينه وبين الشيخ عبد البَرِّ بن الشِّحْنَة تلميذ ابن الهُمَام رحمه الله بين حضرة الملك. وبالجملة لما كان العلامة القاسم أهلًا عنده وسَّد إليه الدرس بعده.

3 - باب من رفع صوته بالعلم

وكذلك قصة الشيخ أبي الحسن السِّنْدي من أعيان القرن الثالث عشر، لم يكن يتكلم عند الدرس بحرف، وكان يجلس ساكتًا صامتًا، فلما دنا أجل شيخه سأله الناس أن يستخلف أحدًا بعده، فاستخلف أبا الحسن، فتعجَّب الناس منه حيث عَيَّن رجلًا لا يُحْسِن التكلم أيضًا، غير أن الشيخ لما تولّى الدرس بعده عَرَفَ الناس أنه هو الذي كان أهلًا لذلك، فأفاض عليهم من بحور العلوم ما أدهش الناس (¬1). 3 - باب مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْعِلْمِ 60 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلاَةُ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ». مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا. طرفاه 96، 163 - تحفة 8954 أي رفع الصوت بالعلم جائز عند الحاجة. 60 - قوله: (نمسح على أرجلنا ... ) أي نغسل أرجلنا، وإنما كَنَّى عنه بالمسح لعجلتهم فيه، لا كما يظهر من الطحاوي أن المسح على الأرجل كان في زمان ثم نُسِخ. 4 - باب قَوْلِ الْمُحَدِّثِ حَدَّثَنَا أَوْ أَخْبَرَنَا وَأَنْبَأَنَا وَقَالَ لَنَا الْحُمَيْدِىُّ كَانَ عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا وَأَنْبَأَنَا وَسَمِعْتُ وَاحِدًا. تحفة 18773 ب وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ. وَقَالَ شَقِيقٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَلِمَةً. وَقَالَ حُذَيْفَةُ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثَيْنِ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا يَرْوِى عَنْ رَبِّهِ. وَقَالَ أَنَسٌ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ. 61 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ، فَحَدِّثُونِى مَا هِىَ». فَوَقَعَ النَّاسُ فِى شَجَرِ الْبَوَادِى. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَوَقَعَ فِى نَفْسِى أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ ثُمَّ قَالُوا حَدِّثْنَا مَا هِىَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «هِىَ النَّخْلَةُ». أطرافه 62، 72، 131، 2209، 4698، 5444، 5448، 6122، 6144 تحفة 7126 - 24/ 1 ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: ومِثلُه كان دَأْب شيخي: "رحمه الله تعالى، فإنه ... " كان أصمت الناس بحضرة شيخه، فلما أراد شيخه أن يَحُجَّ، اشَرأبَّ الناسُ إلى أن يُفَوِّض إليهم خدمةَ الدرس، ولكنه رحمه الله تعالى وسَّد الأمر إلى أهله ونصَّب شيخنا رحمه الله تعالى لتلك الخدمة، وبأنه كان أحقَّ بها - سقاهما الله تعالى من سلسبيل الجنة آمين.

5 - باب طرح الإمام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم

اعلم أنه لا فرق بين التحديث والإخبار لغة. وأما في الاصطلاح فمنهم من استمر على أصل اللغة، ونَقَل الحاكم أنه مذهب الأئمة الأربعة كما في «الفتح». وصرح القاري أنه مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى، وهكذا يُستفاد من طبقات الحنفية للشيخ عبد القادر القُرَشي في ترجمة عبد الكريم بن الهيثم، أو عمرو بن الهيثم، وهو رأي البخاري، ولذا تجد في كتابه كثيرًا في الصلب حدثنا مع نسخة عليه «أخبرنا»، وذلك لعدم الفرق بينهما عنده، ومنهم من فرّق بينهما كمسلم، فإنه كثيرًا ما يحوِّل في الإسناد لأجل التنبيه على تغاير لفظي التحديث والإخبار فقط. ثم إنهم اختلفوا في القراءة على الشيخ هل تساوي السماع من لفظه أو هي دونه أو فوقه؟ فذهب مالك وأصحابه ومعظم أهل الحجاز والكوفة والبخاري إلى التّسوية بينهما. قال السَّيوطي: وعندي: هؤلاء إنما ذكروا المساواة في صحة الأخذ بها ردًا على مَنْ أنكرها لا في اتحاد المرتبة، وحُكِي ترجيح السماع عليهما عن جمهور أهل الشرق. قال النووي: هو الصحيح. وحُكِي ترجيح القراءة على السماع عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى. قلت: وفي «بستان المحدثين»: عن محمد بن شُجَاع الثَّلْجي، لأبي الليث السمرقندي، أنهما سِيّان عنده، إلا أن محمد بن شُجَاع يُرْمى بالاعتزال. ويُعلم من «الموطأ» أن الإخبار أرجح من التحديث عند مالك، على عكس ما يُستفاد من «الموطأ» لمحمد ثم إن أكثرهم اتفقوا على أن التحديث يدل على السماع. قلت: قد لا يدل عليه كما في حديث مسلم، في حديث الدجال: «إن الدجال يَقْتُل رجلًا فيقطعه جَزْلَتَيْن، ثم يُحييه فيسأله عنه، فيقول الرجل: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم .. إلخ»، فدلّ على أنه يُستعمل عند عدم السماع أيضًا، إلا أن يكون هذا الرجل خَضِرًا، لكن كونه خَضِرًا غيرُ منصوص في المتن. 5 - باب طَرْحِ الإِمَامِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَصْحَابِهِ لِيَخْتَبِرَ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ 62 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ، حَدِّثُونِى مَا هِىَ». قَالَ فَوَقَعَ النَّاسُ فِى شَجَرِ الْبَوَادِى. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَوَقَعَ فِى نَفْسِى أَنَّهَا النَّخْلَةُ، ثُمَّ قَالُوا حَدِّثْنَا مَا هِىَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «هِىَ النَّخْلَةُ». أطرافه 61، 72، 131، 2209، 4698، 5444، 5448، 6122، 6144 - تحفة 7179 62 - قوله: (مَثَلُ المسلم ... إلخ) ووجه الشبه أن النخلة لا تنمو بعد قطع رأسها كالإنسان، ويكون فيها ذَكَرٌ وأُنثى وتلقح. حتى رأيت في بعض الروايات التي لا يُعْبَأ بها أنها عمة بني آدم، فإنها خُلِقت من بقية طينته. أما كونها كالمسلم فلكونها غير مُضِرّة بجميع أجزائها، كالمسلم يجيء بالسلامة لا غير، والأمر في باب التشبيهات سهلٌ بعدُ، فلا ضيق. 6 - باب مَا جَاءَ فِي الْعِلْمِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114].

7 - باب القراءة والعرض على المحدث

7 - بابُ الْقِرَاءَةُ وَالْعَرْضُ عَلَى الْمُحَدِّثِ وَرَأَى الْحَسَنُ وَالثَّوْرِىُّ وَمَالِكٌ الْقِرَاءَةَ جَائِزَةً، وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ فِى الْقِرَاءَةِ عَلَى الْعَالِمِ بِحَدِيثِ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نُصَلِّىَ الصَّلَوَاتِ قَالَ «نَعَمْ». قَالَ فَهَذِهِ قِرَاءَةٌ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَ ضِمَامٌ قَوْمَهُ بِذَلِكَ فَأَجَازُوهُ. وَاحْتَجَّ مَالِكٌ بِالصَّكِّ يُقْرَأُ عَلَى الْقَوْمِ فَيَقُولُونَ أَشْهَدَنَا فُلاَنٌ. وَيُقْرَأُ ذَلِكَ قِرَاءَةً عَلَيْهِمْ، وَيُقْرَأُ عَلَى الْمُقْرِئِ فَيَقُولُ الْقَارِئُ أَقْرَأَنِى فُلاَنٌ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْوَاسِطِىُّ عَنْ عَوْفٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ لاَ بَأْسَ بِالْقِرَاءَةِ عَلَى الْعَالِمِ. حَدَّثَنَا عبيد الله وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرَبْرِىُّ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ إِذَا قُرِئَ عَلَى الْمُحَدِّثِ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَقُولَ حَدَّثَنِى. قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ يَقُولُ عَنْ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْعَالِمِ وَقِرَاءَتُهُ سَوَاءٌ. تحفة 18529، 18761 أ، 19246 أ قوله: (والعرض ... إلخ) ولعل غرض المصنف رحمه الله تعالى أن التمييز فيما بين الألفاظ الثلاثة فيما قرأ على الشيخ، أما إذا قرأ التلميذ بنفسه فإنه يقول فيه أقرأني فلان والمقرىء هو المعلِّم. وههنا رأي آخر وهو أن التلميذ إذا سمع من شيخه يقرأ أو يُقْرَأ عليه لا يعبِّر بالتحديث أو الإخبار ما لم يقصد الشيخ إسماعه، كما يقول النَّسَائي في الحارث بن مِسْكِين: أخبرنا الحارث بن مِسْكِين قراءةً عليه وأنا أسمع. 63 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدٍ - هُوَ الْمَقْبُرِىُّ - عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى نَمِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمَسْجِدِ، دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ فَأَنَاخَهُ فِى الْمَسْجِدِ، ثُمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُتَّكِئٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ. فَقُلْنَا هَذَا الرَّجُلُ الأَبْيَضُ الْمُتَّكِئُ. فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ أَجَبْتُكَ». فَقَالَ الرَّجُلُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنِّى سَائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ فِى الْمَسْأَلَةِ فَلاَ تَجِدْ عَلَىَّ فِى نَفْسِكَ. فَقَالَ «سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ». فَقَالَ أَسْأَلُكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ، آللَّهُ أَرْسَلَكَ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ فَقَالَ «اللَّهُمَّ نَعَمْ». قَالَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نُصَلِّىَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِى الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ قَالَ «اللَّهُمَّ نَعَمْ». قَالَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنَ السَّنَةِ قَالَ «اللَّهُمَّ نَعَمْ». قَالَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا فَقَالَ

النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ نَعَمْ». فَقَالَ الرَّجُلُ آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ، وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِى مِنْ قَوْمِى، وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَخُو بَنِى سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ. رَوَاهُ مُوسَى وَعَلِىُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا. تحفة 907، 404 - 25/ 1 63 - قوله: (فأناخه في المسجد) وعند البخاري من طريق آخر، فأناخه قريبًا من المسجد، وهكذا حكى الحافظ رحمه الله تعالى عن مسند أحمد رحمه الله: أنه أناخه خارج المسجد، فلا حجة فيه للمالكية على طهارة أزبال مأكول اللحم وأبواله. قوله: (ظَهْرَانَيْهم) وهو تثنية التثنية. فإن الظَّهْرَانِ تثنيةُ الظهرِ، ثم ثَنَّى فصار ظهرانَانِ وسقطت النون للإضافة، وبقيت ياء التثنية. أقول: إنَّ المُثَنَّى والجمع قد يُنَزَّل منزلةَ المفرد، فيثنَّى ويُجمع كما في البخاري: حدثنا عَبْدَانُ ... برفع النون مع أنه مثنَّى، باعتراف جميع أهل اللغة. ولكنه بعد العلمية نُزِّل منزلة المفرد، وعُوْمِلَ معه ما يعامل مع المفرد، فأُعرب بإعرابه، كما في قول الشاعر: عند التفرق في الهيجا جمالين فإن الجمال جمع جمل مع أنه ثني ههنا تنزيلًا له منزلة المفرد. قال الخطابي في "معالم السنن": إن الاتكاء ضد الجلوس مطمئنًا، فيشمل التربع أيضًا، وبه شرح قوله - صلى الله عليه وسلم - لا آكل متكئًا. أقول: أما شرح هذا الحديث فهو كما شرح به الخَطَّابي، وأما شرح حديث الباب فهو أعم مما قاله، ومن الاتكاء المتعارَف. قوله: (اللهم نعم) هذا للتأكيد. قوله: (قد أجبتك) أي أنه صلى الله عليه وسلّم سمع مقالته، وقال: قد أجبتك، مع أنه لم يُجِب الآن وهو موضع الترجمة. قوله: (رواه موسى ... إلخ). قال الحافظ رحمه الله تعالى: إنما عَلَّقه لأن سليمان ... ليس على شرطه، وتعقَّب عليه العينيّ رحمه الله تعالى بأنه قد أخرج عنه في باب: يَرُدُّ المصلي من بين يديه. قوله: (لا تسألوا الخ) روي عن ابن عباس رضي الله عنه أن الصحابة رضي الله عنهم لم يسألوا النبي صلى الله عليه وسلّم إلا ثلاثة عشر سؤالًا. أقول: ولعل مراده الأسئلة التي ذُكِرَت في القرآن، وإلا فهي كثيرة. قوله: (فمن خلق الأرض) الخَلْق يكون مِنْ كَتْمِ العَدَم بالاختيار والقدرة، فالعالم بقَضِّه

فائدة

وقضِيْضِه مخلوق عندنا. وقال الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى: إنه لم يَقُل أحد من الفلاسفة بقدَم العالم، وكان أفلاطون أيضًا قائلًا بحدوثه، حتى جاء أرسطاطاليس المخذول فاعتقد بقدمه، وهو باطل قطعًا، وقائله كافر، واتفقت الأديان السماوية على حدوث العالم. نعم نُسب إلى بعض الصوفية قدم بعض الأشياء كالشيخ الأكبر، وقال الشعراني الشافعي رحمه الله تعالى: إن هذه العبارات كلها مدسوسة. أقول: وقد تفرَّد الشيخ الأكبر رحمه الله تعالى ببعض المسائل أيضًا، فإنه قد اعتبر إيمان فرعون وإن لم يكن توبة، فيعاقب بما فعل، لكنه لا يُخلَّد في النار عنده، ونَسَبَ بحر العلوم إلى الشيخ الأكبر رحمه الله تعالى قدم بعض الأشياء. وظَنّي أن تلك النسبة صحيحة. وأما ما نَسَبَ الدَّوَّاني إلى ابن تيمية رحمه الله تعالى من قدم العرش، فليس بصحيح عندي، كما قلتُ فيما ألحقت بالقصيدة النونية لابن القيم رحمه الله تعالى: *واللَّهُ كان وليس شيءٌ غيره ... سبحانه جَلَّ العظيمُ الشانِ *واللَّهُ خالقُ كلِّ شيءٍ غيره ... ما ربُّنا والخلقُ مُقْتَرِنَانِ *لَسْنَا نقولُ كما يقول المُـ ... ـلْحِدُ الزِّنْدِيْقُ صاحبُ مَنْطِقِ اليُونَانِ *بِدَوَامِ هذا العَالَمِ المشهودِ والـ ... ـأرواح في أزلٍ وليس بفَانِ *وهو ابنُ سِينا القِرْمِطِي غدا مدى ... شرك الرَّدى وشريطة الشيطانِ *والعرشُ أيضًا حادثٌ عند الوَرَى ... ومِنْ الخطأ حكايةُ الدَّوَّاني *وإذِ الحوادثُ لا نَفَادَ لها فلا ... يَصِل المضاء لحادث الإبَّانِ *وكغابرٍ ماضٍ وما مِنْ فارقٍ ... فاثبُتْ فإنّ الكفرَ في الخِذْلانِ ولي قصيدة طويلة تزيد على أربع مئة بيت في إثبات الصانع وحدوث العالم المسماة: «بضرب الخاتم»، وأيضًا رسالة أخرى ذَكرتُ فيها ما لم أُسْبَقْ إليه. فائدة واعلم أن الحدوث الذاتي لم يَقُل به أحد من الفلاسفة حتى جاء ابن سيناء فاخترعه من عنده، يبتغي بذلك أن يتَّخِذ بين الإسلام والفلسفة سبيلًا، وكان فلاسفةُ اليونان قائلين بِقِدَمِ الأفلاك والعناصر بالشخص، وبِقِدَم المواليد الثلاثة: الجمادات، والنباتات، والحيوانات بالنوع، وقد بَيَّنْتُ بُطلانه في رسالتي. وقد صنف ابن رشد كتابًا سماه «تهافت التهافت» وتعقَّب فيه على الغزالي، وعلَّقْتُ عليه رسالة لدحض ما أَوْرَدَ على الغزالي، إلا أنه لم يتفق طبعه. وابن رشد هذا أحذق عندي من ابن سيناء، ويفهم كلام أرسطو أزيدَ منه. «حج البيت»: قيل إن مجيء ضِمَام بن ثعلبة في السنة الخامسة وفرضية الحج في السادسة أو التاسعة، فكيف ذكر الحج فيه؟ وأجيب بأن فرضية الحج من قبلُ. وأما في السادسة أو التاسعة فتفصيلٌ لأحكامه، وفيه نظر وسيأتي.

8 - باب ما يذكر فى المناولة وكتاب أهل العلم بالعلم إلى البلدان

8 - باب مَا يُذْكَرُ فِى الْمُنَاوَلَةِ وَكِتَابِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْعِلْمِ إِلَى الْبُلْدَانِ وَقَالَ أَنَسٌ نَسَخَ عُثْمَانُ الْمَصَاحِفَ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَى الآفَاقِ. وَرَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمَالِكٌ ذَلِكَ جَائِزًا. وَاحْتَجَّ بَعْضُ أَهْلِ الْحِجَازِ فِى الْمُنَاوَلَةِ بِحَدِيثِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حَيْثُ كَتَبَ لأَمِيرِ السَّرِيَّةِ كِتَابًا وَقَالَ «لاَ تَقْرَأْهُ حَتَّى تَبْلُغَ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا». فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الْمَكَانَ قَرَأَهُ عَلَى النَّاسِ، وَأَخْبَرَهُمْ بِأَمْرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 9783 64 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ بِكِتَابِهِ رَجُلًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ مَزَّقَهُ. فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ. أطرافه 2939، 4424، 7264 - تحفة 5845، 18728 المُنَاولة أيضًا حُجَّة، وإن اقترنت بالإجازة فهي الأقوى. وأما المُكَاتبة فهي أيضًا حجة بشرط تعيين الكاتب والمكتوب إليه. وقال بعض القاصرين: إن الخط يُشْبِه الخط، فلا تكون حُجة، وتوَّهم ذلك مما في «كتاب القاضي إلى القاضي»: أن الكاتب يُرسِل مع كتابه رجلين يشهدان بأن هذا كتاب فلان أرسله إلى فلان. والمحقَّق عندي أن الخط لا عبرة له في الدعاوي عند الجحود، كأن يدعي أحدٌ بأنَّ عنده كتابَ فلان، فيه إقرارٌ بألف درهم وهو يُنْكِره. وأما في سائر المعاملات: كالطلاق، والنكاح، والعتاق، فإنه معتبرٌ قطعًا، وفي عامة كتبنا تصريح بصحة وقوع الطلاق بالكتاب. وراجع «فتح القدير». فائدة قال ابن مَعِين: إن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كانَ يشترط في اعتبار الكتابة عدمَ النسيان من الأول إلى الآخر، وقال صاحباه بجوازها بشرط التذكر عند رؤية خَطِّه، ولا يُشْترط التذكّر من الأول إلى الآخر كما قال الإمام الهُمَام. 65 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَتَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كِتَابًا - أَوْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ - فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُمْ لاَ يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلاَّ مَخْتُومًا. فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِى يَدِهِ. فَقُلْتُ لِقَتَادَةَ مَنْ قَالَ نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَنَسٌ. أطرافه 2938، 5870، 5872، 5874، 5875، 5877، 7162 - تحفة 1256 - 26/ 1 65 - (فاتَّخَذَ خاتمًا) وعُلم منه أنه صلى الله عليه وسلّم لم يكن يحب اتخاذ الخاتم ثم اتخذها لأجل الضرورة، فاحفظه كالأصل؛ فإنه يدلّ على أنه قد يُتْرَكُ في شيء مرضيٌّ عند الضرورة، وكان

فائدة

نَقْشُهُ: محمد رسول الله، على اختلاف في صورته، وكان نَقْشُ خاتم عمر رضي الله عنه: «كفى بالوت واعظًا» وكان نقش خاتم إمامنا رحمه الله تعالى: «قُلِ الخيرَ وإلا فاسْكُتْ»، وهذا يدلّ على أنه لا يجب كتابة اسم صاحب الخاتم على الفَصّ. وكان الخاتم في القديم أمارة لاختتام الشيء ويُختم الآن للتصديق، وقوله تعالى: {وَخَاتَمَ النَّبِيّينَ} (الأحزاب: 40) على العُرْف القديم، فلا حُجَّة فيه للشقي القادياني. فائدة واعلم أنّ المصنِّف رحمه الله تعالى ذكر في تلك الأبواب عِدَّة مسائل من أصول الحديث وعمدةِ التصانيف، وأجودُهَا في هذا الباب تصنيفُ الشيخ شمس الدين السَّخَاوي، تلميذِ الحافظ ابن حجر، المسمى ب «فتح المغيث» و «النُّكَتُ على ابن الصلاح» للحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى أيضًا لطيف. 9 - باب مَنْ قَعَدَ حَيْثُ يَنْتَهِى بِهِ الْمَجْلِسُ، وَمَنْ رَأَى فُرْجَةً فِى الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا 66 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِى طَالِبٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِى وَاقِدٍ اللَّيْثِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِى الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ، إِذْ أَقْبَلَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَذَهَبَ وَاحِدٌ، قَالَ فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِى الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ، فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا، فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ، فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ». طرفه 474 - تحفة 15514 66 - ( ... فأعرض الله عنه) قد سبق إلى بعض الأوهام فضلُ الرجل الأول على سائرهم، وأنَّ الثالث محروم. قلت: فإن كان ذلك معلومًا من الخارج فالأمر كذلك، أما في الحديث فلا دلالة فيه على ذلك، لأنه ليس فيه إلا الجزاء من جنس العمل، كما في قوله: «أنا عند ظن عبدي بي ... إلخ» بَحَثَ الناس فيه أنَّ الذكرَ بالجهر أفضلُ أو بالسر؟. قلت: وهذا البحث في غير موضعه، بل تخليط للمراد، فإن الحديث ناطق بأن الله تعالى يُعَامِلُ كُلاًّ بِحَسَبِ ظنه، فليس فيه إلاّ الجزاء من جنس العمل، فمن ذكره في ملأً يذكره في ملأً عنده، لأنه جزاء عمله، وكذلم من ذكره في نفسه يذكره في نفسه لأنه جزاء يوازي عمله، فلا تعرُّضَ فيه إلى الأفضلية ولا إيماء. وهكذا الأمر ههنا، فمن أعرض عن ذلك المجلس فإنه لم يصب حظه من هذا المجلس

10 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «رب مبلغ أوعى من سامع»

وحُرِم عن أجره خاصة، وإن أمكن أن يكون هذا المستحي أفضل منه من جهة أخرى، فإن الحياء نصف الإيمان، ولأنه اصطفى لنفسه الخمول وتحرَّز عن الشهرة فهذا باب آخر، وفضيلة من جهة أخرى، كما في الحديث ولعله في كنز العمال أن من ترك الصف الأول لأجل أحد تواضعًا لله تعالى فإنه يَضْعُفُ أَجْرَهُ - أو كما قال - مع أن ثواب الصف الأول معلوم ولكن التأخر عنه قد يفضل التقدم إليه، فهكذا يمكن أن يكون المستحي أفضل من الداخل فيه. فمن قال: إن الثالث كان منافقًا فقد اقتفى لما ليس له بعلم. ونحوه ما عند الترمذي من حديث: «فلير أثر نعمته عليك» فإنه يدلّ على أن الفضل في إراءة النعمة. وحديث آخر «من ترك ثوب الزينة تواضعًا لله ألبسه الله حُلَلَ الكرامة يوم القيامة» - أو كما قال - يدل على أن الفضل في البذاذة. والوجه أنه لا تناقض بينهما لأنهما محمولان على بابي فضيلة فإراءة النعمة أيضًا باب وهو مطلوب بنفسه، والبذاذة فضيلة من جهة أخرى وباب آخر ومطلوب أيضًا، والشيء إذا كان ذا جهات يتأتى هناك مثل هذا فافهم (¬1). وأما قوله فاستحى الله منه فمبنيٌّ على صنعة المشاكلة. قوله: (فرجة) بالفتح أو الضم وفيه حكاية عن أبي العلاء النحوي، وكان إمام اللغة فجرى بينه وبين الحجاج شيء، فاضطر إلى ترك العُمْرانات وسكن بالبادية يتقي بذلك شرّه، ومضى على ذلك زمان حتى شدا أعرابي بوفاته، وأنشد: *ربما تَكرهُ النفوسُ من الدهرِ ... له فرجةً كحَلِّ العقالِ فلما سمع منه الفرجة بالفتح قال لا أدري أبموته أفرح أم بتحقيق هذه اللغة فإني كنت مترددًا فيه. 10 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ» 67 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ ذَكَرَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَأَمْسَكَ إِنْسَانٌ بِخِطَامِهِ - أَوْ بِزِمَامِهِ - قَالَ «أَىُّ يَوْمٍ هَذَا». فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ. قَالَ «أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «فَأَىُّ شَهْرٍ هَذَا». فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. فَقَالَ «أَلَيْسَ بِذِى الْحِجَّةِ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِى شَهْرِكُمْ هَذَا، فِى بَلَدِكُمْ هَذَا. لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أَنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ مِنْهُ». أطرافه 105، 1741، 3197، 4406، 4662، 5550، 7078، 7447 تحفة 11682 ¬

_ (¬1) ومحصله على ما أفهمه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هداه إلى نية صحيحة في الحالين، فمن أراد أن يلبس ثوب جمال عليه ينوي إراءة نعمة الله تعالى. ومن أراد أن يتركه عليه أن ينوي البذاذة فهذان بابان اهـ.

11 - باب العلم قبل القول والعمل

عبّرهُ بقول النبي صلى الله عليه وسلّم إشارة إلى قوته، وإنما أراد به التنبيه على أن الحديث لا يختص بالحلال والحرام بل هو عام لكل ما سُمِع، وفيه أنه يمكن أن يكون في الأمة من يفضل الصحابة في الوعي والحفظ فهذا فضل جزيءّ. وأما الفضل الكليّ فلهم خاصة لما ثبت. سبقهم بالإسلام والنصر. 11 - باب الْعِلْمُ قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) فَبَدَأَ بِالْعِلْمِ، وَأَنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ - وَرَّثُوا الْعِلْمَ - مَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ بِهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ. وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] وَقَالَ {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: 43] {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10)} [الملك: 10]. وَقَالَ {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9]. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِى الدِّينِ، وَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ». وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ لَوْ وَضَعْتُمُ الصَّمْصَامَةَ عَلَى هَذِهِ وَأَشَارَ إِلَى قَفَاهُ - ثُمَّ ظَنَنْتُ أَنِّى أُنْفِذُ كَلِمَةً سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ أَنْ تُجِيزُوا عَلَىَّ لأَنْفَذْتُهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} [آل عمران: 79] حُكَمَاءَ فُقَهَاءَ. وَيُقَالُ الرَّبَّانِىُّ الَّذِى يُرَبِّى النَّاسَ بِصِغَارِ الْعِلْمِ قَبْلَ كِبَارِهِ. 27/ 1 هذه مقدمة عقلية، واستشهد لها بقوله: ({فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلا اللَّهُ}) فذكر أولًا العلم ثم أردفه بالعمل وقال: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ} ... إلخ. 12 - باب مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَخَوَّلُهُمْ بِالْمَوْعِظَةِ وَالْعِلْمِ كَىْ لاَ يَنْفِرُوا 68 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِى الأَيَّامِ، كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا. طرفاه 70، 6411 - تحفة 9254 68 - (يتخولنا) أي يتعهدنا وقتًا فوقتا لئلا يفضي إلى السآمة "نكراني كرتى تهى" قوله: ({هل يستوي الذي يعلمون ... إلخ})، نزّل فيه الفعل المتعدي منزلة اللازم. وذكر الأُشْمُوني: أن اللازم يُجعل بالتضمين متعديًا وكذا العكس، وليس بينهما تباين كما فهم. وتلك المسألة وإن كانت من المعاني - وأهل اللغة لا يعتبرون باعتبارات علماء المعاني - إلا أن تلك المسألة أتى بها الزَّمْخَشَري في «المفصَّل»، وهو كتاب في النحو، فاعتبروا بها؛ لأنهم يعتبرون بالنحو.

وأوثق كتاب في النحو الرَّضِيّ، وأما باعتبار جمع المسائل فالأُشْمُوني، وأما كتاب سِيَبَويْه فهو «الكتاب»، إلا أنه عسير جدًا. وعلَّق عليه السَّيْرافي حاشية، وهو إمام النحو، فما يذكره يكون صحيحًا إلا أن إدراك مدارك سيبويه بعيد من شأنه. 69 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا». طرفه 6125 - تحفة 1694 69 - (يحيى بن سعيد) هذا هو القطَّان إمام الجرح والتعديل وأول من صنف فيه، قاله الذهبي. وكان يفتي بمذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى وتلميذه وكيع بن الجراح تلميذ للثوري وهو أيضًا حنفي. ونقل ابن معين: أن القطان سئل عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى، فقال: ما رأينا أحسن منه رأيًا وهو ثقة. ونقل عنه أني لم أسمع أحدًا يجرح على أبي حنيفة رحمه الله تعالى، فعُلم أن الإمام الهُمام رحمه الله تعالى لم يكن مجروحًا إلى زمن ابن معين رحمه الله تعالى. ثم وقعت وقعة الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وشاع ما شاع وصارت جماعة المحدثين فيه فرقًا. وإلا فقبل تلك الوقعة توجد في السلف جماعة تفتي بمذهبه، ويحيى بن معين أيضًا حنفي، وعندي رسالة الذهبي وهو حنبلي الاعتقاد وشافعي المذهب وفيها: أنه كان حنفيًا متعصبًا، ولعل وجهه أن ابن معين جرح على ابن إدريس الشهير بالإمام الشافعي رحمه الله تعالى. وما قيل إنه غير الشافعي رحمه الله تعالى فليس بشيء، والحق عندي أنه وإن جرح عليه لكنه غير مناسب له فإن الشافعي رحمه الله تعالى له شأن لا يدركه ابن معين رحمه الله تعالى. ثم إن الدارقطني قد أقرَّ: أن أبا حنيفة رحمه الله تعالى أسن منهم، وأنه لَقِيَ أنسًا رضي الله تعالى عنه، وإنما الخلاف في روايته عنه. وجمع ابن جرير في كتاب «اختلاف الفقهاء» فقه أبي حنيفة والأوزاعي والشافعي رحمهم الله تعالى، ولم يأتِ بفقه أحمد رحمه الله تعالى ولا بمناقبه فسئل عن وجهه، فقال: إني جمعت فيه مذاهب الفقهاء ومناقبهم وأذكر مناقبه حين أذكر مناقب المحدثين، وأصرَّ على ذلك حتى استشهد بسببه. وكذا أبو عمر المالكي أيضًا ذكر مناقب هؤلاء الأئمة الثلاثة ولم يذزكر مناقب أحمد رحمه الله تعالى، والبيهقي أيضًا لم يقدح في أبي حنيفة رحمه الله تعالى مع كونه متعصبًا، كما ذكره الشيخ شمس الدين في «الغاية»: أني سمعت من مشايخي أنه متعصب، ومر عليه ابن السبكي فقال: إن سمعت أن لحوم العلماء مسمومة من يأكله يموت. قلت: هو كذلك لكن من الطرفين ثم لم أر محدثًا فقيهًا أو فقيهًا فقط، يقدح في أبي حنيفة رحمه الله تعالى. نعم من كان منهم محدثًا فقط فإنه جرح عليه ثم إنه نقل عن أبي داود ما يدل على أنه من معتقدي أبي حنيفة رحمه الله تعالى حيث قال: رحم الله أبا حنيفة كان إمامًا. وأما البخاري فإنه يهجوه. وأما النسائي فقد ضعفه وشدد في حسن بن زياد، وقال: إنه كذَّاب وهو خلاف الواقع، وأما مسلم فلا يدري حاله غير أن الجارود رفيق سفره حنفي وأدبه العربي

13 - باب من جعل لأهل العلم أياما معلومة

أعلى من مسلم. وكان مسلم يستعين منه في أشياء. وأما التِّرمذي فهو ساكت. وأما ابن سيد الناس والدُّمياطي فإنهما في ثلج الصدر عن الإمام ويوقرانه ويبجلانه حتى أنه مرّ على إسناد فيه الإمام الأعظم فصححه. وأما العراقي فلا يدري حاله إلا أن سلسلة تلمذته انتهت على المارديني وهو حنفي، فالله أعلم أنه هل تأدب لهذا التلمذة أم لا. بقي الحافظ ابن حجر، وهو ضَرُّ الحنفية بما استطاعه حتى أنه جمع مثالب الإمام الطحاوي والطعون فيه، مع أن أبا جعفر الطحاوي إمام عظيم لم يبلغ إلى أحد من أئمة الحديث خبره إلا حضره عنده بمصر وجلس في حلقة أصحابه وتتلمذ عليه. والحافظ البدر العيني أسنّ من الحافظ ابن حجر، وقد سمع عليه ابن حجر حديثًا من مسلم، وحديثين من مسند أحمد (¬1). (قال يسروا الخ .. ) أخذ المضمون طردًا وعكسًا وهو من باب المحسنات. 13 - باب مَنْ جَعَلَ لأَهْلِ الْعِلْمِ أَيَّامًا مَعْلُومَةً 70 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُذَكِّرُ النَّاسَ فِى كُلِّ خَمِيسٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوَدِدْتُ أَنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ أَمَا إِنَّهُ يَمْنَعُنِى مِنْ ذَلِكَ أَنِّى أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّكُمْ، وَإِنِّى أَتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ كَمَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَخَوَّلُنَا بِهَا، مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا. طرفاه 68، 6411 - تحفة 9298 يريد أن مثل هذه التعينات لا تُعَدُّ بِدعةً، والبدعة عندي ما لا تكون مستندةً إلى الشرع، وتكون ملتبسةً بالدين، ولذا يقال إن الرسوم التي جرت في المصائب بدعة دون التي في مواضع السرور، كالأنكحة وغيرها فإن الأولى تُعَد كأنّها من الدين فتلتبس به بخلاف الثانية. والسر فيه أن رسوم المَسَرات أكثرُهَا تكون من باب اللهو واللعب فلا تلتبس بالدين عند سليم الفطرة، بخلاف رسوم نحو الموت فإن غالبَهَا يكون من جنس العبادات فيتحقق فيها الالتباس. فائدة: وفي محق الرُّسُومات كتاب للشاه إسماعيل رحمه الله تعالى سماه: «إيضاح الحق الصريح» وهو أجود من كتابه «تقوية الإيمان» فإنه يحتوي على مضامينَ علمية، وكتابه «تقوية الإيمان» فيه شدة فَقَلَّ نفعه، حتى إن بعض الجهلة رموه بالكفر من أجل هذا الكتاب. قلت وجميع ما فيه موجود في كتاب «الاعتصام» للشاطبي رحمه الله تعالى. والله الهادي إلى الصواب. أما محمد بن عبد الوهاب النَّجْدِي فإنه كان رجلًا بليدًا قليلَ العلمِ، فكان يتسارع إلى الحكم بالكفر ولا ينبغي أن يقتحم في هذا الوادي إلا من يكون متيقِّظًا متقِنًا عارفًا بوجوه الكفر وأسبابِهِ. ¬

_ (¬1) قلت وقد ذكر الشيخ رحمه الله تعالى أمورًا أخرى وما كنت قدرت على ضبطها بوجهها فتركت مني اشياء من البين فلذا تركت تلك السطور الناقصة لخلل في المراد.

14 - باب من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين

14 - باب مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِى الدِّينِ الفقه والفهم والفكر والعلم والمعرفة والتصديق كلها ألفاظ متقاربة لا مترادفة، فالفقه: أن يفهم غرض المتكلم صحيحًا. والفكر: "انديشيدن". والفهم: "فهميدن". والعلم: "دانستن". والمعرفة: "شناختن". والتصديق: "باوركردن". فهذه فروق نبه عليها أهل اللغة لا يُهتدى إليها بعد صرف الأعمال. 71 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ خَطِيبًا يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِى الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِى، وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللَّهِ». أطرافه 3116، 3641، 7312، 7460 - تحفة 11409 - 28/ 1 71 - قوله: (إنما أنا قاسم والله يُعطي). واعلم أن النبي صلى الله عليه وسلّم في النَّظر المعنوي ليس بقاسمٍ كما أنه ليس بمعطٍ فإن الأمورَ كلَّها إلى الله سبحانه فمنه الإعطاء ومنه القسمة. وإن نظرت نظرًا صوريًا فهو معطٍ أيضًا كما أنه قاسمٌ، فكيف هذا التقسيم في القسمة والإعطاء بين الله ورسولِهِ فإنه يؤدِّي إلى اعتبار جهة الصورة والمعنى معًا. ثم تبيَّن لي أنه راعى جهة الصورة فقط في الجملتين كلتيهما؛ لأن الحديث واردٌ على طور أهل العرف وهم لا يعتبرون في الإعطاء الفاعلَ الحقيقيَّ، بل ينسبونَه إلى الناس فيقولون: زيد أعطى كذا. وموجبه أن يعزوَ إلى نفسه الإعطاء أيضًا كالقِسمة ويقول وأنا أُعطِي. إلا أنه نسبه إلى الله تعالى؛ لأنه عارضته جهة أخرى، وهي أن المُعطي يكون عاليًا مستقلًا عند أهل العرف، والقاسم آلة، والآخذ سافلًا، واليدُ العليا خير من اليد السفلى، فأبقى الاستقلال لصاحب القوة وهو الله سبحانه. ونسب إلى نفسه ما ناسب ضعفه، فإن الإنسان خُلِق ضعيفًا فراعى الأدب في القرينتين، لا أنه راعى مسألة توحيد الأفعال. ثم رأيت في كلام الحافظ ابن تيميّة رحمه الله: أن الأنبياء عليهم السلام لا يملكون شيئًا حال حياتهم كما أنَّهم لا مِلْك لهم بعد وفاتهم، واستُدِلَّ عليه بهذا الحديث، وقال: «إنه قاسم لا غير ولا مِلْكَ له أصلًا. فحينئذٍ بقي الحديث على ظاهره بدون تأويل. وأما قوله تعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ} [الأنفال: 17] الخ، فإنه روعِيَتْ فيه جهة الصورة والمعنى معًا وله وجهٌ أيضًا. (ولن تزال ... إلخ) واختلف في تعيين مصادقِهِ وكلٌّ ادّعى بما بدا له. قلت: كيف مع أنه منصوصٌ في الحديث وهم المجاهدون في سبيل الله؟ ثم رأيت عن أحمد رحمه الله أن تلك الطائفة إن لم تكن من أهل السنة والجماعة فلا أدري من هي؟ ولم أكن أفهم مراده لأنك قد علمت أنها المجاهدون بنص الحديث. ولا يمكن عنه الغفلة لمثل أحمد رحمه الله فكيف قال إنها أهل السنة والجماعة؟ ثم بدا لي مراده: وهو أن المجاهدين ليسوا إلا من أهل السنة، فعلمت أنه عيَّنَهم من تلقاء جهادهم لا من جهة عقائِدِهم، ويشهد له

15 - باب الفهم فى العلم

التاريخ فإنه لم يُوفَّق للجهاد أحد غيرُ تلك الطائفة. وأكثر تخريب السلطنة الإسلامية كان على أيدي الروافض خذلهم الله ولعنهم. ومعنى قوله: (ولن تزال): أي لا يخلو زمان إلا وتوجد فيه تلك الطائفة القائمة على الحق لا أنهم يكثرون في كل زمان ولا أنهم يغلبون على من سواهم كما سبق إلى بعض الأفهام، حتى أن غلبة الدين في زمن عيسى عليه الصَّلاة والسَّلام عندي ليس كما اشتهر على الألسنة بل الموعود هو الغلبة حيث يظهر عليه الصَّلاة والسَّلام وفيما حواليه. أما فيما وراء ذلك فلم يتعرض إليه الحديث، والعمومات كلها واردة في البلاد التي يظهر فيها ولا تتجاوز فيما وراءها، وإنما هو من بداهة الوهم والسبق إلى ما اشتهر بين الأنام. علي بن المَدِيني: قال البخاري: وما استحقرت نفسي بين يدي أحدٍ مثل ما استحقرتُ بين يديه. 15 - باب الْفَهْمِ فِى الْعِلْمِ 72 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قَالَ لِى ابْنُ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَمْ أَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ حَدِيثًا وَاحِدًا، قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأُتِىَ بِجُمَّارٍ فَقَالَ «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً مَثَلُهَا كَمَثَلِ الْمُسْلِمِ». فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ هِىَ النَّخْلَةُ، فَإِذَا أَنَا أَصْغَرُ الْقَوْمِ فَسَكَتُّ، قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هِىَ النَّخْلَةُ». أطرافه 61، 62، 131، 2209، 4698، 5444، 5448، 6122، 6144 - تحفة 7389 72 - (مجاهد) وعند الطحاوي بإسنادٍ صحيح أنه صحب ابن عمر رضي الله عنه عشر سنين ولم يره يرفع يديه مع أن ابن عمر رضي الله عنه هو الذي رفع لواء رفع اليدين فاحفظه فإنه مهم جدًا. 16 - باب الاِغْتِبَاطِ فِى الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ وَقَالَ عُمَرُ تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا. وقد تعلم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في كبر سنهم. 73 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى خَالِدٍ عَلَى غَيْرِ مَا حَدَّثَنَاهُ الزُّهْرِىُّ قَالَ سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِى حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِى اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِى الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ، فَهْوَ يَقْضِى بِهَا وَيُعَلِّمُهَا». أطرافه 1409، 7141، 7316 - تحفة 9537 وترجمته، "ريس كرنا". وهو غير الحسد لأن المعتبر في الحسد تَمَنِّي زوال النعمة عن الغير بخلاف الغِبْطة. 73 - (قبل أن تُسَوَّدوا) ليس من المعارضة في شيء بل هي من باب التكميل أو الاحتراس، زاده البخاري من قبله.

فائدة

فائدة واعلم أن الشيخ جلال السُّيوطي رحمه الله صنّف كتابًا في المعاني والبيان وسماه «عقود الجمان» وهو وإن كان كتابًا حسنًا إلا أنه لم يستوعب المسائل. وهكذا «المُطَوَّل». وأقول بعد التجربة كالعيان: إن كثيرًا من المسائل من تلك الأبواب تُسْتَنْبَط من الكشاف، ما شممت رائحةً منها في أحدٍ من الكتب في هذا الفن، وأظن أنها تبلغ إلى نصف ما في كتب القوم فعلى المتبصِّر أن يتفحَّصَ كتابه طلبًا لتلك المسائل. (على غير ما حدثناه) يريد أنه بلغ سفيان من طريقين والذي ههنا هو من طريق إسماعيل بن أبي خالد. (الحكمة) ونُقِل في «البحر المحيط» في تفسيرها نحوٌ من أربعة وعشرين معنىً، وفسرها الدَّوَّاني في شرح العقائد الجلالي: "درست كارى وراست كردارى"، وهو مراد السيوطي رحمه الله بإتقان العمل. وفي «فتح العزيز»: أنها حكمة أحكام الشرع. وطرد ابن كثير في تفسيرها على أنها السنة. وما تحقق لي هو: أن الحكمة أمر غير النبوة وغير أمور الوحي بل هي مما يتعلق بأمور الفهم، والتمييز من باب الكلمات التي تضرب بها الأمثال، فإنها لا تكاد تكذب وتكون مفيدة جدًا، كذلك الحكمة تُلقى في قلوبِ الخاشعينَ الزاهدينَ في الدنيا وتكون كلماتهم نافعة للناس، فهي من باب المقولات المفيدة يستفيد بها الناس في أعمالهم وفصل أَقْضِيَتِهِم. (يقضي). واعلم أن الفتوى غير القضاء فإن الفتوى يقتضي علم المسألة فقط والقضاء يقتضي علم الواقعة أيضًا، فهو يستدعي علمين بخلاف الفتوى فإنها تجري على الفروض المجردة ولا تعلق له بما في الواقع، والقضاء يجري على الوقائع فقط ولا تعلق له مع الفروض المقدرة فاعلمه، وسيجيءُ تفصيلُ الفرق بينهما أَزْيَدَ من هذا. 17 - باب مَا ذُكِرَ فِى ذَهَابِ مُوسَى - صلى الله عليه وسلم - فِى الْبَحْرِ إِلَى الْخَضِرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66]. 74 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ الزُّهْرِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالْحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الْفَزَارِىُّ فِى صَاحِبِ مُوسَى قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ خَضِرٌ. فَمَرَّ بِهِمَا أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ إِنِّى تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِى هَذَا فِى صَاحِبِ مُوسَى الَّذِى سَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ شَأْنَهُ قَالَ نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بَيْنَمَا مُوسَى فِى مَلإٍ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ، جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ قَالَ مُوسَى لاَ. فَأَوْحَى اللَّهُ

إِلَى مُوسَى بَلَى، عَبْدُنَا خَضِرٌ، فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الْحُوتَ آيَةً، وَقِيلَ لَهُ إِذَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَارْجِعْ، فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ، وَكَانَ يَتَّبِعُ أَثَرَ الْحُوتِ فِى الْبَحْرِ، فَقَالَ لِمُوسَى فَتَاهُ: {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ}، {قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (64)} [الكهف: 63 - 64]، فَوَجَدَا خَضِرًا. فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا الَّذِى قَصَّ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - فِى كِتَابِهِ». أطرافه 78، 122، 2267، 2728، 3278، 3400، 3401، 4725، 4726، 4727، 6672، 7478 - تحفة 39 - 29/ 1 74 - (تمارى هو والحُرُّ) هذا الحرُّ تابعيٌّ، ووجه التَّماري: أن الحرَّ كان عالمًا بالتوراة، ولم تُذْكَر تلك القصة فيها. (في صاحب موسى) واعلم أنه يُعلم من هذا الطريق أن التماري في صاحب موسى من هو خضر أو رجل آخر؟ ويُعلم من طريق آخر أنه في تعيين الذاهب نفسه أنه موسى بن عمران أو موسى بن يوسف؟ أقول: وكلاهما صحيحان، والاختلاف باعتبار الرَّجلين فمع رجل في الذاهب ومع آخر في صاحبه، ولا وهم ولا اضطراب. (قال موسى: لا) وصدق موسى، لأنه كان نبي الوقت وهو يكون الأعلم في أمته قطعًا، إلا أنه أخذ عليه مؤاخذة لفظية حسب منزلته، حيث كان الأنسب له والأليق بشأنه أن يكل العلم إلى الله سبحانه وتعالى، ويتحرَّز عن الافتيات على الله صورةً، والادعاء ظاهر وتلك المناقشات لا تزال تجري مع الأنبياء عليهم السلام دون سائر الناس. ثم صيغة التفضيل في السؤال والجواب على العرف لا على طور أهل المعقول على حد قولهم: فلان أعلم بغداد فلا ضيق فيه. (فجعل اللَّهُ له الحوتَ آيةً ... إلخ) وإنما أَبْهَمَ على موسى سبيله ولقيه تبكيتًا ومعاتبةً وإظهارًا لقصور علمه في كل موضع وكل مكان، ولذا ألقى عليه النسيان مرتين. (إذا فقدت) وقد كان أوصى به يوشع عليه الصَّلاة والسَّلام ولم يكن نبيًا بعد. ({وَمَآ أَنْسَانِيهُ}) نسبة النسيان إلى الشيطان كنسبة التثاؤب إليه، فهذه من الأمور الطبيعية نسبت إليه لمناسبة بينهما وبين الشيطان. وقد ثبت النسيان خمس أو أربع مرات عن النبي صلى الله عليه وسلّم أيضًا. فدلَّ على أن النسيان لا يكون عن تسلط الشيطان دائمًا. ونسيان يوشع عليه السلام أيضًا من هذا القبيل، وإنما نسب إليه لما بينا، على أنه لا دليل على أنه كان نبيًا إذ ذاك، نعم لو ثبت كونه نبيًا لأشكل النسيان من جهة الشيطان ولكن إذا قلنا إنه من الأمور الطبيعية لم يرد شيء. (فوجدا خَضِرًا) عند مسقط الفرات في خليج فارس في العراق كذا قيل. قلت: والصحيح عند «أيلة» ويقال لها الآن «العقبة» في الجانب الغربي في الشام، وصَحَّف بعضُهُم فكتب أبله وهو غلط. ولعل لقاءه خَضِرًا في مدة إقامته بسيناء بعد العبور عن البحر. أما البحث في أن خضرًا كان نبيًا أم لا فلا أحب أن أقتحم فيه، غير أنه كان حاملًا

فائدة

لنحوٍ من العلم وهو العلوم التكوينية، وموسى عليه السلام كان حاملًا لنحوٍ آخر وهو علوم الذات والصفات وعلم الشريعة وهو العلم الأعلى والمقصد الأسنى، بخلاف العلم الأول فإن كماليته في جانب الحق لا في جانب الخلق، وقد جُرِّب أن كشوف أهل التصوف من غير العلماء أكثرَها تكون في الأمور التكوينية. أما أهل العلم منهم فأكثرُها تتعلق بالأمور الإلهية، كالشاه ولي الله رحمه الله تعالى والشيخ الأكبر رحمه الله تعالى فإن كشوفهما تتعلق بحلِّ مسائل الصفات وغيرها، ونعمت الكشوف هي. وإنما أظهر أعلمية الخضر عليه السلام مع كونه مفضولًا، لأن موسى عليه السلام كان معاتَبًا ومناقَشًا به إذ ذاك، ولو انعكس الأمر لأظهر أعلميةَ موسى عليه السلام، ولما علم خضر من حاله لم يقُل إلا ما حكاه النبيّ صلى الله عليه وسلّم عنه من قوله أنت على علم ... إلخ. ولعلك علمتَ من هذه القصة ما قَدْرُ عِلْمِ العبد بجنب علم الله تعالى حيث أن موسى عليه السلام مع كونه نبيًا لم يكن عنده علمٌ من الجزئيات الحقيرة بل لم يستطع أن يصبر على جزئي واحد من هذا العلم، وصدق خضر عليه السلام: {إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} [الكهف: 67] فكأنه لم يخلق لهذا النحو من العلم. وهذا الذي علمته كان من أمر موسى وخضر عليهما السلام. أما خاتم الأنبياء عليهم السلام فإنه تمنّى أن يكون موسى عليه السلام صَبَر ليعلم من عجائب قصصهما أزْيَدَ من هذا فكأنه أيضًا لم يكن أوتي تلك العلوم فهذه عقيدة موسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم في علم الله تعالى. ولقد صدق الله تعالى: {وَمَآ أُوتِيتُم مّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلًا} [الإسراء: 85] فالعبد عبد وإن عُرِجَ به فوق السموات العلى، والله تعالى سبحانه وراء الوراء وهو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد. فائدة قد صنف الشيخ تقي الدين السبكي في الرد على الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى رسالة سماها ب «الاقتناص في الفرق بين القصر والاختصاص»، وقال فيها: إن التقديم لا يفيد القصر بل يفيد الاختصاص والفرق بين القصر والاختصاص أن الاختصاص اسم لإفادة الشيء بخصوصه بخلاف القصر فإنه اسم للإثبات والنفي جميعًا، وأحاله السبكي والزمخشري ولم أره في كلام الزمخشري. 18 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ» يريد أنه غير مُضبِط بل مُختلِف باختلاف الأشخاص والأزمنة. وقصة العارف الجامي وذهاب أبيه إياه إلى درس العلامة الحيدرة في صباه مشهورة، وقد أحفظ أنا أيضًا كثيرًا مما وقع لي في صِغَري كالواقع اليومي. 75 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ضَمَّنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ». أطرافه 143، 3756، 7270 - تحفة 6049

19 - باب متى يصح سماع الصغير

75 - (اللهم علمه ... إلخ) وكان النبي صلى الله عليه وسلّم ذَهب لحاجته فلما رَجَعَ ورأى ماءًا موضوعًا للوضوء استحسن خدمَتَهُ وفَرِحَ على فَرطِ (¬1) ذكائه وفهمه، فدعا له فجعله الله تعالى تَرْجَمَان القرآن ببركةِ دعاءِ نبيه صلى الله عليه وسلّم ومن بركة دعائه أنه لما ذهب إلى اليمن، وألقى عليهم تفسير سورة البقرة، قال المسلمون هناك: إنه لو سمعه اليهود والنّصارى لآمنوا كلُّهم. 19 - باب مَتَى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيرِ 76 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاِحْتِلاَمَ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَىْ بَعْضِ الصَّفِّ وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ، فَدَخَلْتُ فِى الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَىَّ. أطرافه 493، 861، 1857، 4412 - تحفة 5834 77 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنِى الزُّبَيْدِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ عَقَلْتُ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَجَّةً مَجَّهَا فِى وَجْهِى وَأَنَا ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ دَلْوٍ. أطرافه 189، 839، 1185، 6354، 6422 - تحفة 11235 76 - (إلى غير جدار) واعلم أنه اختلف البيهقي والبخاري في وضع الترجمة على هذا اللفظ، فترجم البيهقي بنفي السُّتْرَة، والبخاري فيما سيأتي بإثباتها، وهذا يُبْنَى على الغور في معنى الغير. قال الشيخ العيني: إن غير في اللغة العربية قد يكون للنّعت فيقَدَّر له المنعوت، أي إلى شيء غير جدار. وقد تستعمل في الاستثناء فتنسلخ عن معناه. وتفصيل الفرق أنه إذا كان للاستثناء فهو للإخراج عن حكم ما قبله فقط بدون تعرُّضٍ إلى بيان المغايرة بينه وبين ما قبله، فمعنى قولك جاءني القومُ غيرُ زيد على الاستثناء إخراج زيد عن حكم المجيء لا بيان المغايرة بين القوم وزيد ... فيمكن أن يكون زيد مغايرًا للقوم، وأن لا يكون، ومعنى قولهم: جاءني رجل غيرُك، بيان المغايرة أي أن الجائي لم يكن أنت بل كان مغايرًا منك فقط، فلفظ غير إذا كان للنّعت فهو لبيان مغايرةِ ما قبله مما بعده، وإن تبعه النفي لزومًا، فإن الجائي إذا كان رجلًا مغايرًا منك فلم يكن أنت قطعًا وإذا كان للاستثناء فهو للإخراج عن الحكم فقط، ولذا قالوا: إن «إلا» في قوله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ} [الأنبياء: 22] إلخ بمعنى غير، ومعنى الكلمة أنه لو ¬

_ (¬1) وابن ماجه لم يخدمه العلماء فلم يشرحوه كما ينبغي إلّا ما نقل عن الحافظ علاء الدين الحنفي فإنه شَرَحَهُ في عشرين مجلدًا. أما الحواشي فقد علّقها عليه كثير من العلماء والحافظ علاء الدين مَغْلَطاي من أعيان القرن الثامن من معاصري الحافظ أبي الحَجّاج المِزي الشافعي، والحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى، كذا في تقرير الفاضل عبد القدير الكاملفوري.

20 - باب الخروج فى طلب العلم

لم يكن الله سبحانه وإن كان غيره واحدًا كان أو ألفًا لفسدت السموات والأرض، فهو الذي أمسك السموات والأرض أن تزولا، فهو قيام السموات والأرض ولو لم يكن الله بفرض المحال لزالتا عن مكانهما، ولئن زالتا لم يكن أحد ليمسكهما من بعده. وغفل بعض الناس عنه فذهب يزعم أن معناها بطلان التعدد فقط، والتحقيق أنه لبيان فساد العالمين على تقدير وجود أحد غيره تعالى ولو كان واحدًا أو ألفًا. إذا علمت معنى غير فاسمع أن البخاري أخذه للنعت، فمعناه أنه صلّى إلى شيءٍ مغايرٍ للجدار فثبتت السُّترة ولكنّها لم تكن جِدارًا بل كانت شيئًا مغايرًا له. وأخذ البيهقي بمعنى النفي المحض فمعناه أنه كان يصلي ولم يكن بين يديه جدارٌ، ولفظ غير وإن كان يستعمل للنفي المحض أيضًا، سيما إذا تقدّمته لفظة «من» و «إلى» كما في «المطول» لكن ما اختاره البخاري أوْلَى وعليه تظهر فائدة التعرّض إلى نفي الجِدار وخاصة، لأنه إذا لم يكن هناك جدار ولا غيرُهُ فالتعرض إلى نفيه خاصة لغو. (وأرسلت الأتان ... إلخ) وفي بعض طرقه أنه مرَّ بين يديهم راكبًا ورأيت في بعض الشُّرُوح مسألة وهي: أن رجلًا لو مرَّ راجلًا وراءَ الإمام أثم وإن كان راكبًا فلا. قلت: ولا يتأتّى هذا على مذهبنا فإن المعتبر عندنا في المرور هو المحاذاة، فإذا حاذى أعضاء المارّ أعضاءَ المصلِّي أو عضوًا منه اإثِمَ بدون تفصيلٍ بين الرُّكوب وعدمه. وأجاب بعضهم على ما اختاره البخاري من ثبوت السُّترة، أن مروره كان من وراء السُّترة. قلت: نعم هذا الكلام يأتي على مسائلنا أيضًا بشرط أن يكون مروره خارج السترة، وفي كتب المالكية أن سترة الإمام ما كان بين يديه من خَشَبٍ أو رُمْحٍ أو غيرِهِما، ثم الإمام بنفسه سُترة للقوم، ويلزم منه أنه لو مرَّ أحدٌ داخلَ السترة قُدَّام الإمام فلا شيء عليه؛ لأن الإمام نفسَه سُتْرةٌ للقوم، فكأنه لم يمرّ بين أيديهم. قلت: وهذا صادق في حق القوم أما في حق الإمام فلا يَصْدُق على مذهب المالِكيّة أيضًا، فإنه قد مرّ بين الإمام وسُتْرَتِهِ وإن لم يمرّ بين القوم وسترتهم. وإنما لا يكون مُرُورُهُ بين يدي الإمام إذا فُرِضَ مُرورُهُ وراءَ السترةِ مع أنه قد فُرِضَ مرورُهُ أمام الإمام، فيكون مارًّا بين يدي الإمام وإن لم يكن مَارًّا أمام القوم، فإن الإمام سترةٌ لهم على مذهب المالكية بخلافه على مذهبنا فإنّه يأثم مطلقًا؛ فإن سترة الإمام هي سترة للقوم وليس الإمامُ نفسُهُ سترةً للقومِ، فيكون المرورُ داخلَ السترةِ أمامَ الإمام كالمرورِ بين أيديهم بدونِ السُّترةِ، فإن حُكْمُهَا فيما وراءَها فقط. قوله: (مجة مجها) هذه مُطَايَبَةٌ منه صلى الله عليه وسلّم 20 - باب الْخُرُوجِ فِى طَلَبِ الْعِلْمِ وَرَحَلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ فِى حَدِيثٍ وَاحِدٍ. 78 - حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ خَالِدُ بْنُ خَلِىٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ قَالَ الأَوْزَاعِىُّ أَخْبَرَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

21 - باب فضل من علم وعلم

أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالْحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الْفَزَارِىُّ فِى صَاحِبِ مُوسَى، فَمَرَّ بِهِمَا أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ إِنِّى تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِى هَذَا فِى صَاحِبِ مُوسَى الَّذِى سَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ شَأْنَهُ فَقَالَ أُبَىٌّ نَعَمْ، سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ شَأْنَهُ يَقُولُ «بَيْنَمَا مُوسَى فِى مَلإٍ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ أَتَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ قَالَ مُوسَى لاَ. فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى بَلَى، عَبْدُنَا خَضِرٌ، فَسَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الْحُوتَ آيَةً، وَقِيلَ لَهُ إِذَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَارْجِعْ، فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ، فَكَانَ مُوسَى - صلى الله عليه وسلم - يَتَّبِعُ أَثَرَ الْحُوتِ فِى الْبَحْرِ. فَقَالَ فَتَى مُوسَى لِمُوسَى: {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} [الكهف: 63] قَالَ مُوسَى: {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (64)} [الكهف: 64]، فَوَجَدَا خَضِرًا، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا مَا قَصَّ اللَّهُ فِى كِتَابِهِ». أطرافه 74، 122، 2267، 2728، 3278، 3400، 3401، 4725، 4726، 4727، 6672، 7478 - تحفة 39 - 30/ 1 (ورحل ... إلخ) وقصته أنه رحل من المدينة إلى الشام حتى إذا بَلَغ الشام سأل الناس عن بيته فوصل إليه وناداه على بعيره، وكان عبد الله بن أنيس في عِلْيَتِهِ فأخرج رأسه من عِلْيَةٍ ورأى جابرًا رضي الله تعالى عنه، فقال جابر رضي الله عنه: سمعت أن عندك حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلّم فحدثني به؟ فحدثه، فأخذه جابر رضي الله تعالى عنه وصرف عنان بعيره إلى المدينة ولم ينزل عن بعيره، فَأَصرَّ عليه عبد الله بن أنيس أن يَنْزِلَ من بعيره ويُقِيْمُ عنده فأبى، ورجع القَهْقَرَى. والحديث الذي رحل جابر لأجله مذكور في حاشية الصحيح وفيه: فيناديهم بصوت .... إلخ. 21 - باب فَضْلِ مَنْ عَلِمَ وَعَلَّمَ 79 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَثَلُ مَا بَعَثَنِى اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ، فَأَنْبَتَتِ الْكَلأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى، إِنَّمَا هِىَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً، وَلاَ تُنْبِتُ كَلأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقِهَ فِى دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِى اللَّهُ بِهِ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِى أُرْسِلْتُ بِهِ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إِسْحَاقُ وَكَانَ مِنْهَا طَائِفَةٌ قَيَّلَتِ الْمَاءَ. قَاعٌ يَعْلُوهُ الْمَاءُ، وَالصَّفْصَفُ الْمُسْتَوِى مِنَ الأَرْضِ. تحفة 9044 وعَلَّمَ من المجرد معناه "جانا". والقياس أن يكون معنى عَلَّم من التفعيل جنوايا إلا أن ترجمته سكهلايا؛ لأنه لا سبب للعلم إلا التعليم، وأتردد في أن هذا النوع من التعدية ثابت في لغة العرب أم لا؟ وقد أقرَّ به المالكية في قوله صلى الله عليه وسلّم إذا أَمَّنَ الإمام وقالوا معناه: إذا يحمِلُكُم الإمام على التأمين.

22 - باب رفع العلم وظهور الجهل

الغيث "فريادرس"، ويقال للماء الذي تَخْضَرّ به الأرض وينبت به الكلأ والعشب. والعشب عام للرَّطْبِ والكلأ، ثم إن كتابة الهمزة بعد الألف غلط بل ينبغي أن تكتب فوق الألف هكذا «الكلأ» ولم تكن الهمزة في لغة العرب حتى أحدثها الخليل. («أمسكت الماء ... إلخ») يعني فيها قابلية الإمساك دون الإنبات، وأَمْرُ التَّطبيق بين المُشَبَّه والمُشَبَّه به سهلٌ، فليراجعه من الشروح والحواشي. 22 - باب رَفْعِ الْعِلْمِ وَظُهُورِ الْجَهْلِ وَقَالَ رَبِيعَةُ لاَ يَنْبَغِى لأَحَدٍ عِنْدَهُ شَىْءٌ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ يُضَيِّعَ نَفْسَهُ. 80 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا». أطرافه 81، 5231، 5577، 6808 - تحفة 1696 ربيعة وهو ربيعة الرائي شيخ مالك رحمه الله تعالى، وأكثر فقه مالك رحمه الله تعالى منه. وحُكِي أن ربيعة تعلّم الفقه على أبي حنيفة رحمه الله تعالى. والرأي عند السلف بمعنى الفقه، وشاع في المتأخرِّين بمعنى القياس حتى أن بعض الشافعية يُلَقِّبون الحنفية بأهل الرأي هجوًا لهم ولا يدرون أنه في الحقيقة مدحٌ لهم؛ لأن محمد بن الحسن هو أول من فَصَلَ الفقه من الحديث ودونه ولذا نسب إلينا الفِقْه ولُقِّبْنَا بأهلِ الفِقْه وأهل الرأي. فأهل الرأي بمعنى مؤسس الفقه ومدونه لا بمعنى القائِس والقائِفِ ليكون هجوًا كما راموه ثم إن كلًا منهم أفرزوا فِقْهَهُمْ من الحديث ودَوَّنوه على حِدَة، إلا أنه بقي العارُ علينا كقولهم: البادي أظلم، وإلا فمن في المذاهب من ليس فقهه مفرزًا من الحديث؟ فأي اعتراض علينا؟ ثم في الكُتُب أن مُدَوِّن علمِ أصولِ الفقه هو الشافعيّ رحمه الله تعالى. قلت: وعندي ثبت من التاريخ أنه أبو يُوسُف رحمه الله تعالى، وكان يُنَبِّه المحدثين في إملائه على بعض قواعد أصول الفقه. وفي «الجامع الكبير» أيضًا حِصَّةٌ منه: إلا أن رسالة الإمام الشافعيّ رحمه الله تعالى، لما كانت مُدَوَّنَةً مطبوعةً وأذاعها الشافعية، اشتُهِرَ أنّه مُدَوِّنُ أصولِ الفقه. والحنفية لما لم يرفعوا إليه رأسهم خَمَلَ ذكرُ أبي يُوسُف رحمه الله تعالى في هذا الباب. ثم عند البخاري أن رفع العلم إنما يكون برفع العلماء ولا يُنْتَزَعُ انتِزَاعًا، وعند ابن مَاجَه (¬1) بإسناد صحيح عن زياد بن حبيب «أنه يُنْزَعُ من الصُّدُور في ليلة» والتوفيق بينهما أن أوّل أمرِ الرَّفْعِ يكونُ كما في البخاري وهو برفعِ العلماءِ، ثم إبَّان الساعةِ يكونُ كما عند ابن ماجه أي يُنْتَزَع عن الصدور نزعًا، فلا تعارض لاختلاف الزمانين. ¬

_ (¬1) قلت: وحديث "لا حرج"، روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضًا وفتواه موافق لمذهب الحنفية كما عند الطحاوي، فدل على أن نفي الحرج معناه نفي الإثم لا نفي الجزاء.

23 - باب فضل العلم

(أن يُضَيِّعَ نفسه) قالوا: معناه أن يَقْعُد في زاوية بَيْتِهِ ولا يُفشي العِلْمَ؛ فإنْ قُعُود العالم بلا فائدة هو ضياعُهُ، ويمكن أن يكونَ مرادَهُ أن يَذِلَّ نفسه. أي فلا يذهب مذهبًا يوجِبُ ذُلَّ العلم. 80 - قوله: (يُشْرَب الخمر) في القدوري: الخمر هي عصيرُ العنب إذا غلا واشتَدّ وَقَذَفَ بالزَّبَدِ. ولم يدرك عامةُ الناس معنى الاشتداد والصواب أن معناه ما نقول في محاوراتنا «يه أجا اته- كيا» أي صلح للاستعمال فبلوغها إلى ذلك الحد هو الاشتِدَار وهذا هو المُرادُ مما فسّروا به. 81 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لاَ يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَقِلَّ الْعِلْمُ، وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ». أطرافه 80، 5231، 5577، 6808 - تحفة 1240 - 31/ 1 81 - («أن يقل العلم») وفي نُسْخَة على حاشية النَّسائي: يَكْثُر العلم. وهو أيضًا صحيح، فإنه يكون كثيرًا كمًا وقليلًا كيفًا كما نشاهد في زماننا فإن العلماء مع كثرتهم قليلون فهي كثرةُ قِلَّةٍ، قال المُتَنَبِّي: *لا تكثر الأموات كثرة قلة ... إلا إذا شقيت بك الأحياء (تَكْثُرُ النساء) وهذا أيضًا قد تحقق في زماننا حيث يزيد عددهُنَّ على الرجال. (حتَّى يكون لخمسين) وأشكل على الحافظ هذا العدد. قلت: وفي متن الحديث من طريق آخر قيد ذهل عنه الحافظ ويرتفع به الإشكال رأسًا وهو «القيِّمُ الواحدُ الأمين» فالواحد الأمين اليوم أيضًا أعزّ وأنْدَر. 23 - باب فَضْلِ الْعِلْمِ والفضل في أول الكتاب كان بمعنى الفضيلة. وههنا بمعنى ما بقي كما تقول فضل الوضوء. وإنما تَرْجَمَ به لمعنى الاستغراب فيه، فإن العلمَ يُعْطَى ثم لا يَنْقُص منه، كما أن النبي صلى الله عليه وسلّم أعطى فضل لَبَنِهِ ولم يَنْقُصْ من علمه شيء، بخلاف الأشياء إذا يُعْطَى منها فإنها تنقص ولا كذلك العلم. 82 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ حَتَّى إِنِّى لأَرَى الرِّىَّ يَخْرُجُ فِى أَظْفَارِى، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ». قَالُوا فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الْعِلْمَ». أطرافه 3681، 7006، 7007، 7027، 7032 - تحفة 6700 82 - (ليث بن سعد) وهو إمام مصر. قال الشافعي رحمه الله تعالى وهو عندنا ليس بَأَدْوَنَ

24 - باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها

من مالك رحمه الله تعالى إلا أن أصحابه أَضَاعُوه. وقال ابنُ خَلِّكان في تاريخه: إني رأيت في بعض الكُتُب أنه حنفيٌّ. عند الطحاوي في «باب القراءة خلف الإمام» إسناد فيه ذلك الليث وهذه صورته: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن قال حدثنا عمي عبد الله بن وهب قال أخبرني الليث عن يَعْقُوب - وهو أبو يوسف - عن النُّعمان - أي أبي حنيفة - عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة» فهذا الإسناد أيضًا قرينة على كونه حنفيًا لكونه تلميذَ أبي يوسف. قال الليْثُ: إني كنت أَسْمَع اسم أبي حنيفة رحمه الله تعالى وكنت مولعًا بِلُقِيِّهِ فوجدتُهُ بمكة قد أكب عليه الناس يستفتونه فبينما هم كذلك إذا أتاه آتٍ واستفتاه في حاجته فعَجِبْتُ على جوابه بداهَةً. قوله: (لأرى الرِّيَّ) وهذا من باب المحاورات فلا يقال إنه كيف رأى الرِّيُّ مع كونه غير مرئي؟ حكاية: ذكر الشيخ الأكبر حكاية عن بَقي بن مَخْلَد في «الفصوص» أنه رأى في المنام أن النبي صلى الله عليه وسلّم سقاه لبنًا فاستقاء بعدما استيقظ تصديقًا لرؤياه، فخرج اللبن في قَيْئِهِ. قال الشيخ الأكبر: كان هو العلم فلو كان تَرَكَه لكان أَحْسَن، ولكنه لما استقاء تحوَّل العلم إلى صورة اللبن: قلت: ولا بأس فإنه لو قُدِّرَ له من العلم النَبَوِيّ حِصّة يفوز بها ولا يَخِيْبُ منها بالاستقاء كما أن النبي صلى الله عليه وسلّم أعطى الفضل ولم ينقص من علمه شيء. (من هو بقي) كذلك بقي وإن استقاء اللبن لكنه لا ينقص من علمه الذي قُدِّرَ له وبَقِي محدِّثٌ جليلُ القَدْرِ من تلامذة أحمد رحمه الله تعالى، وصَنَّف في الحديث كتابًا جمع فيه ثلاثينَ ألف حديث (30.000) كذا ذكره الذهبي. وبَقِي من معاصري البخاري وقد أخذ عن أحمد كثيرًا ولعله تَعَلَّم منه حين كان أحمد رحمه الله تعالى يجلس للدرس. ثم لما أَتَتْ عليه الحوادثُ في خَلْقِ القرآن تَرَكَهُ، وكان البخاري بَلَغَهُ مرة وهو صغير السن ثم رحل إليه بعد أن كان أحمد ترك الدرسَ، ولذا لم يخرِّج عنه البخاري إلا ثلاثة أو أربعة أحاديث منها. وكتاب بَقِي هذا لم يَفُزْ به الذهبي. والذهبي ممن قيل في حقه أنه لو أقيم على أكْمَةَ والرّواة بين يديه يعرف كلًا منهم بأسمائِهم وأسماءِ آبائهم. ويتلو كتابَ بَقِي «مسند أحمد» فإنه جمع أربعين ألف حديثٍ، ثم «كنز العمال» فإن فيه أيضًا ذخيرة عظيمة للأحاديث. 24 - باب الْفُتْيَا وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا 83 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَفَ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًى لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ. فَقَالَ «اذْبَحْ وَلاَ حَرَجَ». فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ لَمْ أَشْعُرْ، فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ. قَالَ «ارْمِ وَلاَ حَرَجَ». فَمَا سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ شَىْءٍ قُدِّمَ وَلاَ أُخِّرَ إِلاَّ قَالَ افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ. أطرافه 124، 1736، 1737، 1738، 6665 تحفة 8906

ناظِرْ إلى حديث النهي عن جعل ظهر الدابة منبرًا فإما أن يمشي راكبًا أو ينزلَ ثم يتكلم بحاجته فيقول البخاري: إن الفُتْياشيءٌ يسيرٌ وليس تحت النهي. وقوله: (وغيرها) وقد استفدتُ من عادةِ البخاري أن الحديث إذا اشتمل على جزء مخصوص ويكون الحكم عامًا عنده فيصنع البخاري هناك هكذا، ويضع لفظَ «أو غيرها» دفعًا لإيهام التخصيص وإفادة للتَّعميم ثم لا يخرِّج له دليلًا فيما بعد. فالمصنف رحمه الله تعالى ههنا أخرج من الحديث مسألة الدابة فقط، وإنما أضاف أو غيرها إفادة لتعميم الحكم فهذا فقه وبيان مسألة احتراسًا. فطلب الدليل على هذا الجزء في كلامه بعيدٌ عندي. ثم كونه صلى الله عليه وسلّم على الدابة مذكورٌ في هذا الحديث بعينه إلا أنه في غير طريقه. وهذا أيضًا من دَأْبِهِ حيثُ يضعُ التَّرْجَمَةَ ويكونُ اللفظُ المُتَرْجَمُ عليه في طريق آخَر، ويُخَرِّجُهُ في موضعٍ آخر ويتركه ههنا عمدًا تعميةً وإلغازًا، وربما لا يكون ذلك اللفظُ في كتابه بل يكونُ في الخارج ومع ذلك يُتَرْجِمُ على الحديث ناظرًا إلى هذا اللفظ. 83 - قوله: (اذبح) والأمر ههنا للإبقاء يعني ذبح هو نى ذى، واعلم أن في يوم النحر أربعة أفعال الرَّمي والذَّبح والحلق والطَّواف. ثم لا ترتيب في الطواف؛ فإنه عبادة في الأحوال كلِّها وليس بجناية. والنحر ليس بواجب على المفرد، نعم يجب الترتيب بين الرمي والحلق مطلقًا، وبين الذبح والحلق على القارن والمتمتع فقط. ولم يُعلم بعد أن هذا الرجل كان قارنًا أو مفردًا، فإن كان مفردًا فأبو حنيفة رحمه الله تعالى أيضًا يقول كما في الحديث يعني أنه لا شيء عليه؛ لأن ذلك الذَّبح الذي قُدِّمَ عليه الحَلْق ذَبْحٌ غير واجبٍ ولكن كان أفضل له أن يُقَدِّمَ الذَّبْحَ قبل الحَلْقِ ولكنه إذا قَدَّمَ الحَلْقَ أَجْزَأَهُ ولا شيء عليه، إلا أن في بعض ألفاظِهِ ما سُئِل عن شيء قُدِّم أو أُخِّر إلا قال افعل ولا حرج. والصور كلُّها سبعةٌ مذكورةٌ في الفقه، وفي بعض الصور يتعين الدم عندنا. وأجاب عنه الطحاوي بأن قَوْلَه «لا حَرَجَ» هو على الإثم أي لا إثم عليكم فيما فعلتموه من هذا لأنكم فعلتموه على الجهل منكم لا على التعمد فلا جناح عليكم في ذلك. واستَشْهَدَ بروايةٍ فيها: «فجاءه رجل فقال يا رسول الله: لم أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قبل أن أذبح» فدلَّ على أنهم كانوا جاهلين لا متعمدين. وبروايةٍ أخرى فيها: «وتعلموا مناسككم فإنها من دينكم». وبرواية أخرى فيها: «قد رَفَع الله الحرج عن عباده إلا من اقْترضَ من أخيه شيئًا ظُلمًا، فذلك الذي حَرِجَ وهَلَك». ورواية أخرى نحوُها وهي عند أبي داود أيضًا فدَّلَّ على أنّه أراد نَفْيَ الإثم دونَ الجزاء. وهذا من خصائص الحج فإن الشارع يأمر فيه بشيء ثم يوجب معه الجزاء أيضًا، وإلا فقد يَتَخَايَلُ أن بَيْنَ امتِثَال الأمرِ وبين إيجابِ الجزاءِ تَنَاقُضٌ فاعلمه. والذي تحقق عندي أن يُلْتَزَمَ أن الجزاءَ أيضًا سَقَطَ عنه كما سَقَطَ الإِثْمُ لعذر الجهل؛ فإنه إذا لم يُشْعِرْ ينبغي أن لا يكونَ عليه حرجٌ أصلًا كما قال أحمد رحمه الله تعالى: إن أحدًا لو خالف الترتيبَ بين هذه الأفعال جاهلًا لا يجبُ عليه الجزاء، والجهل في فقهنا لا يكاد أن يكون عذرًا بخلاف الآخرين فإنهم اعتبروه كثيرًا واعتبره البخاري أكثر كثيرًا.

25 - باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس

قلت: وما تحكم به شريعة الإنصاف أن الأمر بين تَضْيِيْقِ الحنفية وتوسيعِ البخاري فينبغي أن يُعْتَبَر بالجهلِ أكثر مما اعْتَبَرَ به الحنفية رحمهم الله تعالى، وأن لا يُوَسَّع فيه كما وَسَّعَ البخاري رحمه الله تعالى. ثم إن الحنفية عدُّوه عذرًا عند ذكر عوارض الأهلية في أصول الفقه، وأَخْمَلُوا ذكرَه في كتب الفقه، والأحاديث مشحونة بكونه عذرًا. فكان المناسب أن يستعملوه في فقههم ويَعْتَبِرونه عُذْرًا في مسائلهم أيضًا، لا سيما في عهده صلى الله عليه وسلّم فإنه كان زمان انعقاد الشريعة، والقومُ أُمِيُّون إذ ذاك وكم من أشياء تُتَحَمَّل في الابتداء ولا تُتَحَمَّل فيما بعد، وليس هذا تغييرُ مسألةٍ مِنِّي بل هو تغييرُ تَعْبِيرٍ وعنوانٍ، فإنه لو عَمَّمْتَ اعتبارَ الجهل في ظَرْفٍ فقد قَصَرْتَه على عهده صلى الله عليه وسلّم من طرفٍ آخر، فصارَ مآلُهُ أنه غير مُعْتَبَر بعدَه صلى الله عليه وسلّم إلا بقدرِ ما اعتبره فقهاؤُنا. وهذه الواقعة واقعة عهده صلى الله عليه وسلّم فلو اعتبرناه عذرًا ونفينا عنه الجزاء والإثم لا يكون خلافًا للمذهب فإن مسألة إيجاب الجزاء على من خالف الترتيب لمن كان بعد عهدِهِ صلى الله عليه وسلّم ولا تجري على الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وإنما كان الصحابة في عهد النبوة فالمسائل المبسوطةُ في فقهنا لمن أراد اقتداء الإمام الهُمَام لا للصحابة الكرام. نعم فيه نفع وهو أنه لا نحتاج في الحديث إلى تأويل، ونخرج عنه كَفَافًا. ونِعْمَ ما قال الغزالي رحمه الله تعالى: أن الخبر الواحد كان نَاسِخًا للقاطعِ في زمنه صلى الله عليه وسلّم لأنه كان عندهم ذريعة التحقيق، ولذا تَحوَّلوا إلى بيت الله يخبر الواحد فإنّه كان عندهم خبره من قبل وكان الزمان زمان الرسالة، فأمكن تحقيقه أيضًا. أما فيما بعده فلا سبيل إلى تحقيق الخبر وتَثْبِيْتِهِ فيبقى ظَنِّيًا فلا يكون ناسخًا، فكما فَصَّل الغزالي رحمه الله تعالى في نسخ القاطع بِخَبَرِ الواحدِ وفَرَّقَ بين عهده صلى الله عليه وسلّم وبعدَ عَهدِهِ، كذلك فَصَّلْتُ في عبرةِ الجهلِ. وهذا تَصَرُّفٌ عقليٌّ اعتبرناه لنستريح عن الجواب والله أعلم بالصواب. 25 - باب مَنْ أَجَابَ الْفُتْيَا بِإِشَارَةِ الْيَدِ وَالرَّأْسِ 84 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ فِى حَجَّتِهِ فَقَالَ ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ قَالَ وَلاَ حَرَجَ. قَالَ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ. فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ وَلاَ حَرَجَ. أطرافه 1721، 1722، 1723، 1734، 1735، 6666 - تحفة 5999 85 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِى سُفْيَانَ عَنْ سَالِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُقْبَضُ الْعِلْمُ، وَيَظْهَرُ الْجَهْلُ وَالْفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْهَرْجُ فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ، فَحَرَّفَهَا، كَأَنَّهُ يُرِيدُ الْقَتْلَ. أطرافه 1036، 1412، 3608، 3609، 4635، 4636، 6037، 6506، 6935، 7061، 7115، 7121 - تحفة 12912 يعني به أن الإشارة هل هي معتبرةٌ أم لا؟ فالمصنِّف رحمه الله تعالى جعل الإشارة والكلام في باب الطلاق سواء، وعَرَضَ إلينا بعدم اعتبارِها.

قلت: إنما ننكر الإشارة في المعاملات والحُكْم دون الأمور الأُخَر، ولم يأت المصنِّف رحمه الله تعالى بشيء يدلُّ على عِبْرَتِهَا في الحُكْم، وما ذكره ليس من باب الحُكْم بل من باب الفتوى فلو اعتمد أحدٌ على أحدٍ فذا جائز له، وإن أراد أن يُلْزِمَ عليه حجةً فكلا. والبخاري يجعلها حجةً في أبوابٍ شتّى كما سيجيء، وما استُدِلَّ به كلِّه في الأمور البَيْنِية دون الحُكْم فلا تقومُ حجةٌ علينا. وفي: «الأشباه والنظائر» أنه لو قال رجلٌ لجماعةٍ: من كان منكم طلْقَ امرأتَهُ فَلْيَنْكُسُ رأسه فَنَكَسُوا رؤوسهم، لا تَطْلُقُ امرأةُ واحدٍ منهم؛ وهذا لأن الإشارة لم تعد حجة عندنا. 86 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ أَتَيْتُ عَائِشَةَ وَهِىَ تُصَلِّى فَقُلْتُ مَا شَأْنُ النَّاسِ فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ، فَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ. قُلْتُ آيَةٌ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا، أَىْ نَعَمْ، فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلاَّنِى الْغَشْىُ، فَجَعَلْتُ أَصُبُّ عَلَى رَأْسِى الْمَاءَ، فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ «مَا مِنْ شَىْءٍ لَمْ أَكُنْ أُرِيتُهُ إِلاَّ رَأَيْتُهُ فِى مَقَامِى حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، فَأُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِى قُبُورِكُمْ، مِثْلَ - أَوْ قَرِيبًا لاَ أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، يُقَالُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ - أَوِ الْمُوقِنُ لاَ أَدْرِى بِأَيِّهِمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى، فَأَجَبْنَا وَاتَّبَعْنَا، هُوَ مُحَمَّدٌ. ثَلاَثًا، فَيُقَالُ نَمْ صَالِحًا، قَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُوقِنًا بِهِ، وَأَمَّا الْمُنَافِقُ - أَوِ الْمُرْتَابُ لاَ أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ لاَ أَدْرِى، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ». أطرافه 184، 922، 1053، 1054، 1061، 1235، 1373، 2519، 2520، 7287 - تحفة 15750 - 32/ 1 86 - قوله: (أسماء) الأخت الكبيرة لعائشة رضي الله تعالى عنها. قوله: (الكسوف) في السنة التاسعة بعد الهجرة يوم تُوفي إبراهيم عليه السلام. قوله: (وهي تصلي) قال الحافظ رضي الله تعالى عنه: أنها اقْتَدَتْ من حُجْرَتها. قلت: وهذا الاقتداء صحيح عندنا أيضًا فإنه يكفي لِصِحَّةِ الاقتداء علم انتقالات الإمام، ولكن لا أدري مِنْ أين أخذه الحافظ رحمه الله تعالى. غير أني رأيتُ في «المُدَوَّنَةِ» أن أمهاتِ المؤمنين كُنَّ يقتدينَ يومَ الجمعة مِنْ حُجْرِهِنَّ. قوله: (فقالت: سبحان الله) والذِّكر عندنا ليس بمفسِدٍ بحال، وظاهرُ عباراتِهم تُشْعِر بأن الذِّكْرَ بأي لسان كان، فإنه لا يُفْسِد الصلاة. وينبغي عندي أن يَقْتَصِر عدمُ الفسادِ على العربية والفارسية فقط. نعم يكره في بعض الأحوال. قوله: (فجعلتُ أَصُبُّ ... إلخ) فعُلِم أن الصلاةَ لا تُفْسِدُ من مثلِ هذا العمل القليل. واعلم أن الغَشْيَ في القلب، والجنون والإغماء في الرأس. قوله: (إلا أريته) وفي واقعةٍ أُخرى أنه رأى الجنة والنار ممثَّلَتَين في الجدار، والرؤية في

كلا الموضعين من رؤية عالَمِ المِثَال. وفيه الكمية دون المادية كَشَبَحِ المرآة، فالعوالم متعدِّدة وهو رب العَالَمِيْن، كما أن الوجود متعدد عند الفلاسفة خارجي وذهني. وأنكر المتكلمون الثاني، نعم عندهم نحوٌ آخر من الوجودِ يسمّى بالتقديري وعند الدَّوَّاني نحوٌ آخر يسمى الدهري. فكذا عالم المثال أيضًا نحوٌ من الوجود. ثم إن عالمَ المثال ليس اسمًا للحيِّز، بل هو اسم لنوعٍ من الموجودات، فأمكن أن يكونَ في هذا الحيِّز أشياء من عالم المثال. ثم اعلم أن ما يَرَوُنَه الأولياء من الأشياء قبل وجودها في العالم لها أيضًا نحو من الوجود، كما أن أبا يزيد البِسَطامي رحمه الله تعالى لما مرَّ من جانب مدرسةٍ وهَبَّتْ ريحٌ قال: إني أجد منها ريحَ عبدٍ من عباد الله، فنشأ منه الشيخ أبو الحسن الخرقاني. وكما قال النبي صلى الله عليه وسلّم «إني أجد نفس الرحمن من اليمن» فنشأ منه الأويس القرني. فهذا أيضًا نحوٌ من الوجود وذكر الشيخ الأكبر أن الشيء إذا نزل من العرش فلا يمرّ بموضعٍ إلا ويأخذ حُكْمه وما من شيءٍ، يَنْزِل على الأرض إلا ويكونُ على السماء الدنيا قبل نزوله بسنة. قلت: وهذا من أمور الغيب لا يعلمها إلا الله، ولكني أُسَلِّم أن الأشياء تنزل من السماء لما في الحديث أن البلأَ ينزل من المساء ويَعْرِجُ الدعاء من الأرض فلا يَزالُ يدافِعُ أحدُهُما الآخرَ إلى يوم القيامة فلا يَنْزِلُ هذا ولا يَعْرِج هَذا بل يبقى معلقًا أبد الدهر. قوله: (المسيح) أصله عِبْري من «الماشيح» أي المبارك وليس عربيًا، فاشتقاق أمثالِ تلك من العربية لا يَصِحّ. قيل: إن لقب الدجال المَسِّيْح بتشديد السين. قلت: بل لقبهما هو المسيح، ووجه الاشتراك في اللقَّب أن كلاهما قد أخبرا عن مَجِيْئِهِمَا في الكتب السّالِفة، فلما جاء المسيح المبارك جعله اليهود مسيحَ الضَّلالة والدجَّال وصاروا له أعداءً والعياذ بالله. ولما يَخْرُج الدجَّال يجعلونَه المسيحَ المباركَ. ولذا يكون أكثر اتباعه اليهود فجاء الاشتراك لهذا، ولذا ترى في الأحاديث المسيحَ مقيدًا بالدجّال تارةً والضلالةِ تارةً وبلفظِ الهُدى أخرى؛ ليحصلَ التمييزُ بينهما. وراجع الفوائد للشاه عبد القادر رحمه الله تعالى فإنه أشار إليه. قوله: (بهذا الرجل) إشارة إلى الحاضر في الذهن، كما في تنوير الحوالك شرح الموطأ لمالك رحمه الله تعالى للسيوطي رحمه الله تعالى. قوله: (نم صالحا) يُستفاد منه أن القبورَ معطَّلةٌ عن الأعمال مع أن كثيرًا من الأعمال قد ثبتت في القبور كالأذان والإقامة عند الدارمي، وقراءة القرآن عند الترمذي، والحج عند البخاري، وراجع له «شرح الصدور» للسيوطي رحمه الله تعالى. وهكذا في القرآن إيهام الجانبين ففي سورة يس: {مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا} [يس: 52] وهذا يدل على أنه لا إحساس في القبر وكلُّهم نائِمون. وفي آيةٍ أخرى {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [غافر: 46] فهذه تدل بخلافه، والوجه فيه عندي: أن حالَ البرزخ تختلف على حسب اختلاف عمل العاملين في حياتهم، فمنهم نائمون في قبورهم، ومنهم متلذِّذون فيه، وإنما عُبِّرتْ الحياةُ البرزَخِيَّة بالنوم لأنه لم يكن له لفظ في لغة العرب يؤدي مؤدَّاه، ويصرِّح عن معناه وضعًا، فاختير اللفظُ الموضوعُ لنظيره تفهيمًا، فلا شيء أشبه بالحياة البَرْزَخِيَّة من النوم. ولذا جاء في

الحديث «النوم أخ الموت» فالنوم أشبه الأشياء بالموت، ولذا أَدْخَلَ القرآنُ النومَ والموتَ تحت لفظٍ واحدٍ وهو التَّوَفِي، ثم فرق بينهما فدل على أن فيهما بعضُ اشتراك وبعض امتياز قال الله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى} [الزمر: 42] إلخ (¬1)، والحاصل أن البَرْزَخَ اسم لانقطاع حياة هذا العالمَ وابتداءِ حياةٍ أخرى وكذلك النوم فيه أيضًا نوعُ انقطاعٍ عن هذا العالم. قوله: (أما المنافق أو المرتاب) هكذا في أكثر الروايات، وفي البعض «أو الكافر» ونُسْخَةٌ فيه «والكافر» بدون الترديد. ومن ههنا قام البحث في أن السؤال مخصوص بالمنافق أو يُسأل الكافر المجاهر أيضًا؟ ومقتضى تلك النُّسخة أن يكونَ السؤال عن المنافق والكافر كليهما. وتَعرَّضَ إليه السيوطيّ في «شرح الصدور» (¬2) فقيل: إن السؤال يختص بمن تَزَيّا بِزَيِّهِ ويَدَّعي الإسلام ويلتبس به. أما الكافرُ ¬

_ (¬1) وللشيخ الإمام صاحب هذه الأمالي رحمه الله تعالى تحقيق في هذه الآية بخلاف هذا في رسالته (تحية الإسلام) فلتراجع (من المصحح). (¬2) قال السيوطي: قال ابن عبد البر: لا يكونُ السؤال إلّا لمؤمن أو منافقٍ كان منسوبًا إلى دين الإِسلام بظاهرِ الشهادة، بخلاف الكافر فلا يُسأل. قال السيوطي رحمه الله: وأما التصريح في بعض الأحاديث بالكافر فالمراد به المنافق، فإنه لم يجمع بينهما في حديث، وإنما ورد في بعضها المنافق وفي بعضها الكافر بدل المنافق. قلت: وقد ردّ عليه بعض المحققين في شرحه على "العقائد" وقد أجاد وفيه، ونصه هذا: وأما المنافق والكافر فيقال له: "ما كنتَ تقولُ في هذا الرجل، فيقول: لا أدري كنتُ أقولُ ما يقول الناس" ... الحديث. حيث جمع بين المنافق والكافر بواو العطف، والأصل في العطف المتغايرة، فيدل على أن كلًا من المنافق والكافر الذي لم ينطق بالكلمة وقد بلغته الدعوة يسأل، ويؤيده قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ} [إبراهيم: 27] حيث ذكر الظالمين في مقابلة الذين آمنوا، والظالم يعم الكَافر والمنافق. وقول تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 124] فقد أخرج الطبراني في "الأوسط" بسند حسن وابن حبان في "صحيحه" وغيرهما من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "وأما الكافر فيقال له: ما تقول في هذا الرجل الذي كان فيكم وما تشهد به؟ فلا يهتدي لاسمه، إلى أن قال: فيضيقُ عليه قبرُه حتى يختلف أضَلاعه، فذلك قوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} .. الحديث فإن من أعرض عن ذكر الله لا يختص بالمنافق، بل يعم كلُّ من بلغتُه دعوةُ الإِسلام ولم يُصدِّق، مع أن الحديث بلفظ: "وأما الكافر" الشامل للمنافق وغيره فتخصيصه بأهل الشك من أهل القبلة كما نقله السيوطي رحمه الله عن حماد بن سلمة وأبي عمر الضرير - لا موجبَ له ويزيده، تأييدًا قوله تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ} [الحج: 31] الآية، فقد أخرج الإمام أحمد رحمه الله بسند رجاله رجال الصحيح والحاكم وصححه وغيرهما من حديث البراء الطويل رفعه: "وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا إلى أن قال: فيقول: الله عز وجل: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، ثم يطرح روحه طرحًا ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} فيعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك، فيقول: هاه هاه لا أدري: الحديث فإن الآية بلفظ: "الكافر" وأَما ما رواه البخاري في باب خفق النعال من حديث أنس مرفوعًا بلفظ: "وأمنا الكافر أو المنافق" فلا ينافي رواية الواو، لأن الترديد إما للشك أو لمنع الخلو، فإن كان الأول فالمحفوظ "أما الكافر" فهو صريح في المقصود "أو المنافق" فلا دلالة في الحديث على الانحصار فيه، إذ غايته إفراد المنافق بالذكر، وهو لا ينافي أن =

المجاهر فلا التِبَاس فلا سؤال فإنه للتمييز. وقيل: إن الكافرَ أَوْلى بالسؤال. والتَّرْدِيد في ¬

_ = يسأل غيره من الكفار، وإن كان الثاني جاز الجمع بينهما بالسؤال تحقيقًا لمنع الخلو. وعلى التقديرين لا منافاة بين الروايتين، ومنه يظهر أن اعتراض السيوطي رحمه الله تعالى على القُرطبي وابن القيم رحمهما الله تعالى لم يقع في محله، حيث قال في "شرح الصدور": قال ابن عبد البر: لا يكون السؤالُ إلَّا لمؤمن أو منافق كان منسوبًا إلى دين الإسلام بظاهر الشهادة، بخلاف الكافر فلا يُسأل وخالفه القُرطبي وابن القيم وقالا: أحاديث السؤال فيها التصريح بأَنَ الكافر المنافق يسألان. قلت: ما قالاه ممنوع فإنه لم يجمع بينهما في شيء من الأحاديث وإنما ورد في بعضها ذكر المنافق، وفي بعضها بدله الكافر، وهو محمول على أن المراد به المنافق بدليل قوله في حديث أسماء، وأما المنافق أو المرتاب ولم يذكر الكافر. انتهى. وقال: وذلك لما تبين أن حديث أنس رضي الله عنه في الصحيح فيه الجمع بين المنافق والكافر بالواو العاطفة، وهو أول حديث أورده السيوطي في باب فتنة القبر وسؤال المَلَكين في كتابه "شرح الصدور" ولكن الله تعالى يقول: {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [المدثر: 56] ولا دليل في حديث أسماءَ على حمل الكافر على المنافق، إذ ليس فيه إلّا الترديد بين المنافق والمرتاب، فإن قلنا: إن الترديد للشك وإن المنافقَ والمرتابَ متساويان، فغايته أن يكون كرواية الترمذي في إفراد المنافق بالذكر، ولا دليل في ذلك على انحصار السؤال فيه لما مر، وإن قلنا بأن المرتاب أعم لجواز أن بعضَ من بلغتهُ دعوةُ الإِسلام ولم ينطق بالكلمةِ لا يكونُ جازمًا بالتكذيب. وإن قلنا إن الترديد لمنع الخلو فالأمر واضح، إذ غاية ما فيه الترديد بين المنافق وبين الكافر المرتاب، وقد تبيَّن أن إفرادَ المنافقِ بالذكر لا يدل على انحصارِ السؤالِ فيه، فكيف إذا ذكر معه بعض الكفار. ثم السؤالُ عند السيوطي رحمه الله ليس وجه الحكمة فيه منحصرًا في امتحان المسلم الخالص من المنافق حتى يكون موجبًا لحمل الكافر على المنافق، فإنه قال في رسالته التي سماها: "الثريا بإظهار ما كان خفيا": إنما المقصود من السؤال أمور: أحدها إظهارُ شرفِ النبي - صلى الله عليه وسلم - وخصوصيَّتهِ ومزيته على سائر الأنبياء، فإن سؤال القبر إنما جُعل تعظيمًا له وخصوصية شرفٍ، بأن الميت يُسأل عنه في قبره، انتهى. وهذا جار في كل من بلغتهُ دعوة الإسلامُ وقد جرى عليه السيوطي رحمه الله تعالى في تكملة "تفسير الجلال المحلي" حيث قال في قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} هو كلمة التوحيد {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] في القبر لما يسألهم الملكان عن ربهم، وعن دينهم وعن نبيهم، يُجيبون بالصواب كما في حديث الشيخين: "ويُضِلُّ الله الظالمينَ" الكفار فلا يهتدون للجواب بالصواب، بل يقولون: لا ندري، كما في الحديث. وقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في "فتح الباري" في باب ما جاء في عذاب القبر: قوله: وأما المنافق والكافر في هذه الطريق بواو العطف، وقد تقدم في باب خفق النعال، وأما الكافر أو المنافق بالشك وساق رواياتٍ مختلفة لفظًا، فقال: وفي رواية أبي داود: وإن الكافر إذا وضع وكذا لابن حِبَان من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وكذا في حديث البراء الطويل، وفي حديث أبي سعيد عند أحمد: وإن كان كافرًا أو منافقًا بالشك، وكذا في حديث أسماء، فإن كان فاجرًا أو كافرًا، وفي الصحيحين من حديثها: وأما المنافق أو المرتاب، وفي حديث جابر عند عبد الرزاق وحديث أبي هريرة عند الترمذي: وأما المنافق، وفي حديث عائشة عند أحمد وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما: وإن كان من أهل الشك، ثم قال: فاختلفت هذه الروايات لفظًا وهي مجتمعة على كل من الكافر والمنافق يُسأل ففيه تعقب على من زعم أن السؤالَ إنما يقع على من يدَّعي الإيمانَ إن محِقًّا وإن مبَّطِلًا. ومستندهم في ذلك ما رواه عبد الرزاق من طريق عبيد بن عُمير أحد كبار التابعين قال: إنما يفتن رجلان مؤمن ومنافق، وأما الكافر فلا يُسأل عن محمد ولا يعرفه - صلى الله عليه وسلم -، وهذا موقوف، والأحاديث النَّاصة على أن الكافر يُسأل مرفوعةٌ مع كثرة طُرقها الصحيحة، فهي أولى بالقُبُول، وجَزَمَ الترمذي الحكيم بأن الكافرَ يُسأل. انتهى.

26 - باب تحريض النبى - صلى الله عليه وسلم - وفد عبد القيس على أن يحفظوا الإيمان والعلم ويخبروا من وراءهم

الرِّوايات من الراوي، وكلامُ الحافظ ابن القيِّم رحمه الله تعالى في «كتاب الروح» يُشْعِرُ بأن السؤال مخصوصٌ بالمُنَافِقِ فقط. أما النُّسخة عند البخاري بحرفِ الجَمْعِ فلا ينبغي أن يُدَار عليها المسألة؛ لأن في أكثرها التَّرديد، والكلامُ مستوفٍ في كتبِ الكلام. والمختارُ عندي أن السؤال يكونُ من الكافر أيضًا. ثم السُّؤالُ عندي يكونُ بالجَسَدِ مع الرُّوْحِ كما أشار إليه صاحب «الهداية» في الإيمان. وقال الصوفية: إنه بالجسد المثالي دون التُّرابي. قال العارف الجامي رحمه الله تعالى: إن الغالبَ في هذا العالم أحكامُ الأجسادِ، وأحكامُ الرُّوحِ مستورةٌ لظهورِ الجسد وخفاءِ الروحِ، وينعكس الحالُ في البرزخ وتظهر أحكام الروح. أما المحشر فيتساوى فيه الحُكْمَان والله تعالى أعلمَ. ولا بُعْد في تعذيب الجسد بعد تَمَزُّقِهِ فإنه يُبْنَى على عدم الشُّعُور في الجمادات وهو في حيِّز الخفاء، وقد تناقض فيه كلام الصدرِ الشيرازي فيلوحُ من بعضِ كلامه نفيُ العلمِ عنها، ومن البعض ثبوتُ العلمِ لها. والتحقيق عندي: أن الشعور البسيط ثابت لها قطعًا كما حَقَّقَهُ المحقِّقُون وتفصيله أن الشيرازي قال مرة: إن العلم كما لا يكون إلا بعد التجريد من جانب المعلوم كذلك لا يَتَحَقَّق إلا بعد التجريد من جانب العَالَم أيضًا، ولذا أنكر أن يكونَ القلبُ عالمًا ومدركًا. وقال في موضع آخر: إن العلم عين الوجود وهذا مناقضٌ للأول كما ترى، وإذ قد ثَبَتَ الشُّعُورُ البسيطُ في الجمادات عندي فلا بِدَعَ في تعذيبِ ذراتِ الجسمِ في محالِّها وتعيينِ الوضعِ ليس بلازمٍ فتُعَذَّبُ كلُّ ذرةٍ في مكانِهَا، والله تعالى أعلم بالصواب. 26 - باب تَحْرِيضِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى أَنْ يَحْفَظُوا الإِيمَانَ وَالْعِلْمَ وَيُخْبِرُوا مَنْ وَرَاءَهُمْ وَقَالَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ قَالَ لَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ، فَعَلِّمُوهُمْ». 87 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ قَالَ كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ أَتَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَنِ الْوَفْدُ - أَوْ مَنِ الْقَوْمُ». قَالُوا رَبِيعَةُ. فَقَالَ «مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ - أَوْ بِالْوَفْدِ - غَيْرَ خَزَايَا وَلاَ نَدَامَى». قَالُوا إِنَّا نَأْتِيكَ مِنْ شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا الْحَىُّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ، وَلاَ نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيَكَ إِلاَّ فِى شَهْرٍ حَرَامٍ فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نُخْبِرْ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا، نَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ. فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ، وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ أَمَرَهُمْ بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ. قَالَ «هَلْ تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَتُعْطُوا الْخُمُسَ مِنَ الْمَغْنَمِ». وَنَهَاهُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ. قَالَ شُعْبَةُ رُبَّمَا قَالَ النَّقِيرِ، وَرُبَّمَا قَالَ الْمُقَيَّرِ. قَالَ «احْفَظُوهُ وَأَخْبِرُوهُ مَنْ وَرَاءَكُمْ». أطرافه 53، 523، 1398، 3095، 3510، 4368، 4369، 6176، 7266، 7556 تحفة 6524 - 33/ 1

الفرق في معنى الديانة والقضاء

87 - (وربما قال النقير) والشك في الأصل بين المزفت والمقير، لا في النقير، ففيه مسامحة. يعني إذا لم يكن عنده علمٌ يرتحلُ لتحصيلِهِ. قال الدَّوَّاني في «شرح العقائد»: يجب على الناس إقامة عالمٍ على المسافة الغدوية ليرجع إليه الناس في أمور دينهم، وإلا فهم آثمون. قوله: (عبد الله) وهو ابن المبارك بعد مقاتل في جميع المواضع. قوله: (زوجة) ولم يثبت في اللغة بالتاء وإنما هو زوج للقبيلتين. قوله: (وقد قيل ... إلخ) أي كيف تباشرها؟ وقد قيل: إنها أختك من الرضاعة. واعلم أنهم اختلفوا في نصاب شهادة الرضاعة، فقال أحمد رحمه الله تعالى: شهادة المُرضعة تكفي لإثباتها. وعندنا حجُتها حجةُ المالِ كما في «الكنز». وقد وقع فيه التعارض في قاضيخان، ففي باب المحرمات: أنها لو شهدت بها قبل النكاح تُقبلُ وبعده لا. وفي الرِّضاع خلافُهُ. وقاضيخان أرفعُ رُتبةً من صاحب «الهداية». قال العلامة القاسم بن قُطْلُوبُغَا في كتاب «الترجيح والتصحيح»: أنه من شيوخِ صاحب «الهداية» ومن أجله عُلماءِ الترجيح. والحاصل أن الحديث واردٍ علينا. والجواب عندي: أن الحديث محمول على الدِّيانة دون القضاء، وشهادة المرضعةِ معتبرةٌ دِيانةً عندنا أيضًا، كما في «حاشية البحر» للرملي شيخ صاحب «الدر المختار». والخير الرملي آخر أيضًا من علماء الشافعية، وهو أيضًا صاحب الفتوى. أنها تُقبل دِيانة لا حكمًا. وهو مُرادُ الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى بما في «الفتح»: أنها تُقبل تَنَزُهًا. ولا بِدْع فيه فإن الحديث كما يتعرض لمسائل القضاء، كذلك يتعرض لمسائل الدِّيانة أيضًا، وهذا كثير فيه، ولكن غفل عنه الناس. ثم إنه لا بد أن تعلمَ الفرقَ بين الدِّيانة والقضاء. الفرقُ في معنى الدِّيانة والقَضَاء واعلم أنهم فسروا الدِّيانة بما بينَّه وبين الله، والقضاءَ بما بينه وبين الناس، وفَهِمَ منه بعضُهم أن الدِّيانة تقتصر على معاملةِ الرجل نفسه، فإذا شَاعَ وبلغ إلى ثالثٍ خَرَجَ عن معنى الدِّيانة إلى القضاء، وهذا غَلَطٌ فاحِش، فإن مدار الديانة والقضاء ليس على الاشتهار وعدمِهِ، بل يبقى الأمرُ تحتَ الديانة ما لم يُرفع إلى القاضي، وإن كان اشتهرَ اشتهارَ الشمس في رَابِعَةِ النهار، فإذا رُفَع إليه فقد خرج عن الدِّيانة ودخل تحتَ القضاء، ولو لم يسمَعَهُ قرينك. ثم إن القاضي من تولى من جهةِ الأمير لتنفيذِ الأحكام وإجرائها، بخلاف المفتي فإنه يُعْلِمُ مسائلَ الشريعة عند الاستفتاء ولا يحتاجُ إلى نَصْبِ الأمير، ولا له إجراء الأحكام. وقد علمتَ مرةً فيما سبق أن المفتي يحتاجُ إلى علمِ المسألةِ فقط، ويجيبُ على الاحتمالات والتقديرات أيضًا. مثلًا لو كان الأمرُ كذلك كان الجوابُ ذلك بخلاف القاضي فإنه يحتاجُ إلى علم الوَاقعةِ، ولا تعلُّقَ له بالتقديرات، فإنه نُصِبَ لإجراءِ المسائل، ولا يكون إلا بعد التحقيق عما في الواقع.

إذا علمت هذا فاعلم أن مسائلَ الدِّيانات كلها يُفتي بها المُفتي ولا يحكم بها القاضي، وهكذا مسائل القضاء، يَحكم بِهَا القاضي ولا عَلاقةَ بها للمُفتِي، فإن الدِّيانة والقضاءَ قد يتناقضان حكمًا، أي يكون حُكم الدِّيانة نقيض ما في القضاء. وقد صرحوا أنه لا يجوز لأحدِهِما أن يحكمَ بحكمِ الآخر، والمُفْتُونَ اليوم غافلون عنه، فإن أكثرهم يفتونَ بأحكامِ القضاء. ووجه الابتلاء فيه: أن المذكور في كتب الفقه عامةً هو مسائل القضاء، وقَلَّما تُذكرُ فيها مسائلُ الدِّيانة. نعم، تذكر تلك في المبسوطات، ولا تُنَال إلا بعد تدرُّبٍ تامٍ، ولعل وجهته أن القاضي في السلطنة العثمانية لم يكن ينصبُ إلا حنفيًا، بخلاف المفتيين فإنهم كانوا من المذاهب الأربعة، وكان القاضي الحنفي يُنَفِّذُ ما أفتُوا به، فشرع المُفْتُونَ تحرير حكم القضاء لينفِّذ القاضي، فاشتهرت مسائل القضاء في الكتب، وخملت مسائل الديانة، ثم لا يجبُ أن تتفقَ الديانة والقضاء في الحكم بل قد يختلفان. ففي «الكنز»: إن ولدتِ ذكرًا فأنت طالقٌ واحدة، وإن ولدتِ أُنثى فثنتين، فولدتهُما ولم يُدرَ الأول تَطلقُ واحدةً قضاءً. وثِنتين تنزهًا، أي ديانة. فههنا أخذ القاضي بالجانب المتيقن والمُفتي بالأحوط. ولو قال في هذه المسألة بعينها: إن ولدتِ أُنثى فثلاثة، فولدتهُما، فهي ثلاثةٌ دِيانةً وواحدةٌ قضاءً، فاختلفَ الحكمان حِلًا وحُرْمةً. ثم الأحوطُ ههنا واجبٌ كما صرحوا به، لا أنه مُستحبٌ، وهكذا الإقالة في الغرر الفعلي واجبةٌ عندنا دِيانة وليست بمستحبة. فظهر أن الدِّيانةَ لا تكونُ مستحبةً كما زعم أن العمل بالقضاء يكون واجِبًا، وبالديانةِ يكون مستحبًا، فليس الفرقُ بينهما من هذه الوجوه. ثم لي ترددٌ ههنا وهو أنك قد علمتَ أن الديانةَ والقضاء قد يتخالفان حِلًا وحُرمةً، فإن عَمِلَ الرجلُ المُبتلى به بالديانة وكانت الديانةُ فيه مثلًا أنه حرامٌ، ثم رَفَعهُ إلى القاضي فحكم بالحل، فهل يرتفعُ من قضائه تلك الديانة أم لا؟ وهل يصيرُ هذا الأمرُ حلالًا له بقضاء القاضي بعد ما كان حرامًا له؟ فلا نَقْل فيه عندي غيرُ جُزئيةٍ واحدةٍ تُروى عن صاحبيه وهي: أن الزوجَ الشافعيُ إن طلق امرأته الحنفية طلاقًا كِنائيًا، ثم أراد الرجوع لأن الكنايات رواجعُ في مذهبه، وأبت أن ترجع إليه لأنها بوائنُ عندها، فإن حكم القاضي الشافعي بالرجوع نفذَ ظاهرًا وباطنًا، ويصح رجوعه. وليست عندي ضابطةٌ كليةٌ يُستفاد منها أنه متى ترتفع الديانة من القضاء ومتى لا ترتفع. ولذا أترددُ في ارتفاع الكراهةِ ديانةً فيما حَكَمَ القاضي بالرجوع في الهبة عند ارتفاع الموانعِ السبعة، لأن القضاء بالرجوعِ مع بقاءِ الكراهة ديانةً أيضًا ممكنٌ، ولكني مترددٌ فيه. والذي يظهر أنه يرتفع تارةً، وتارةً لا يرتفع. وأول ما تنهبتُ على الفرقِ بين القضاء والديانة من كلام التَّفْتَازاني في «التلويح» لما ذكرَ صاحب «التوضيح» مسألة الاستعارة بين السببِ والحكم في باب الحقيقة والمجاز، وقال: لو نوى بالشراء الملك وبالعكس يُصدَّقُ فيما عليه ولا يصدق فيما له. قال التفتازاني: وفيما له

27 - باب الرحلة فى المسألة النازلة وتعليم أهله

أيضًا دِيانة يُفتي به المُفتي ولا يحكمُ به القاضي. ففهمتُ منه أن القضاءَ أمرٌ غير الفتوى. ثم لم أزل أفتشُ عن هذا الفرق في عبارات الفقهاء حتى وجدتُ في أصول العِمَادي لابن أبي صاحب «الهداية» مقدمةً مُمهدةً لذلك وقد بسطه الطحاوي في «مشكل الآثار» أيضًا وهذا الفرقُ معتبرٌ في المذاهب الأربعة. ففي قصة امرأة أبي سفيان: «خذي ما يكفيك وولدك». وبحث عليه النووي هل كان هذا قضاءً أو فتوى؟ فإن كان الثاني فإنه يصحُ أن يفتَى به كل عالمٍ، وإن كان الأولُ فإنه لا يجوز إلا للقاضي. وعند الطحاوي ما يدلُ على أن هذا الفرق كان دائرًا في السلف أيضًا: حدثنا سليمان بن شعيب، عن أبيه، عن أبي يوسف، عن عطاء عن السائب قال: سألت شُرَيحًا. فقال: إنما أقضي ولستُ أفتي. وهذا صريحٌ في أن القضاءَ غيرُ الإفتاء. وأن القاضي لا يجوزُ له أن يحكم بالدِّيانة ما دام قاضيًا وجالسًا في مجلس القضاء، فإذا تحوَّل عنه والتحقَ بسائرِ الناس، فإنه مفتىٍ كسائرهم ويسوَّغُ له ما يسوغ لهم. فالحاصل: أن الزوجَ إن استقينَ بخبرِ المرضعةِ جَازَ له أن يقبلَ شهادتها، ويعملُ بالديانة ويفارِقَها، فإن بلغَ الأمرُ إلى القضاء لا يجوز له أن يحكم بتلك الشهادة. ومن ههنا تبيَّن أن مراد ابن الهُمَام رحمه الله تعالى من التنزه والتورع: الكراهةُ تنزيهًا دون الاحتياط فقط. 27 - باب الرِّحْلَةِ فِى الْمَسْأَلَةِ النَّازِلَةِ وَتَعْلِيمِ أَهْلِهِ 88 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لأَبِى إِهَابِ بْنِ عَزِيزٍ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ إِنِّى قَدْ أَرْضَعْتُ عُقْبَةَ وَالَّتِى تَزَوَّجَ بِهَا. فَقَالَ لَهَا عُقْبَةُ مَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرْضَعْتِنِى وَلاَ أَخْبَرْتِنِى. فَرَكِبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ». فَفَارَقَهَا عُقْبَةُ، وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ. أطرافه 2052، 2640، 2659، 2660، 5104 - تحفة 9905 88 - قوله: (ففارقها) لعله بالتطليقِ لأنه لم يثبت كونُها مرضعةً بعدُ، وإنما الفسخُ فيما لو تحققَ كونها مرضعة. وإن كان المرادُ أنه فارقَها بأمر النبي صلى الله عليه وسلّم فلينظر فيه المجتهد أنَّ حكمَهُ هذا كان قضاءً أو دِيانةً. ومسائلنا تقتضي أن تكون ديانة، والله تعالى أعلم بالصواب. 28 - باب التَّنَاوُبِ فِى الْعِلْمِ 89 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ ح قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى ثَوْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ قَالَ كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِى مِنَ الأَنْصَارِ فِى بَنِى أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهْىَ مِنْ عَوَالِى الْمَدِينَةِ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِخَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْوَحْىِ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَنَزَلَ صَاحِبِى الأَنْصَارِىُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ، فَضَرَبَ بَابِى ضَرْبًا شَدِيدًا. فَقَالَ أَثَمَّ هُوَ فَفَزِعْتُ

29 - باب الغضب فى الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره

فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ. قَالَ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَإِذَا هِىَ تَبْكِى فَقُلْتُ طَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لاَ أَدْرِى. ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ قَالَ «لاَ». فَقُلْتُ اللَّهُ أَكْبَرُ. أطرافه 2468، 4913، 4914، 4915، 5191، 5218، 5843، 7256، 7263 تحفة 10507 89 - قوله: (بني أمية) محلَّةٌ من المدينة. قوله: (أطلقكن) هذه قصة طويلة والإيلاءُ فيه لغويٌ، وغرضُ المصنف رحمه الله تعالى إثباتُ التناوب بين عمر والأنصاري، لأن عمر رضي الله عنه كان نَكَحَ خارجَ المدينةِ، فكان يَحضُرُ المدينةَ انتيابًا. 29 - باب الْغَضَبِ فِى الْمَوْعِظَةِ وَالتَّعْلِيمِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ 90 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لاَ أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلاَةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلاَنٌ، فَمَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْ يَوْمِئِذٍ فَقَالَ «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الْمَرِيضَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ». أطرافه 702، 704، 6110، 7159 - تحفة 10004 - 34/ 1 90 - قوله: (لا أكاد أدرك ... الخ) أي هو يُطوِّلُ الصلاة، فلا يُصلي الناسُ بصلاتِهِ لأجل تطويله. ثم إنه صلى الله عليه وسلّم غضب عليه لمخالفته الفطرةَ السليمة، فإنه طَوَّلَ الصلاةَ على من كانوا عمالًا وأصحاب نوَاضَح، وهو غير مناسب عقلًا ولا يحتاجُ إلى كثير فكرٍ، فكان عليه أن يراعيَهُ من فِطْرَتِهِ السليمة، ويصلي بهم كما كان النبي صلى الله عليه وسلّم يصلي بهم في تمام. والحاصل أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يكن يغضب إلا عند هتكِ حرمةٍ من حُرُمَات الله، أو عند مخالفةِ البَدَاهَة، وصريح السفاهة، فإذا كان موضعَ عذرٍ أو موضعَ اجتهادٍ كان أسمحَ الناس. قال الحافظ: إن هذا الرجل أبي. 91 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ الْمَدِينِىُّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ «اعْرِفْ وِكَاءَهَا - أَوْ قَالَ وِعَاءَهَا - وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ اسْتَمْتِعْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ». قَالَ فَضَالَّةُ الإِبِلِ فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ - أَوْ قَالَ احْمَرَّ وَجْهُهُ - فَقَالَ «وَمَا لَكَ وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ، وَتَرْعَى الشَّجَرَ، فَذَرْهَا حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا». قَالَ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قَالَ «لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ». أطرافه 2372، 2427، 2428، 2429، 2436، 2438، 5292، 6112 - تحفة 3763 91 - قوله: (اللقطة) بفتح القاف أفصح، وهي مبالغةُ اسم الفاعل، ولقطة اسم مفعول

كاللقمة والأكلة. ثم اعلم أن الوعاءُ اسم للظرفِ والخِرْقة التي على فمها يقال لها: العِفَاص، والخيطُ الذي يُشد به الخِرْقة يقال له: الوِكَاء. قوله: (سنة) واختلفت الروايات في «المبسوط» و «الجامع الصغير» في تقدير مدَّةِ التعريف؟ ففي «الجامع الصغير»: أنها سنة. وفي «المبسوط»: أنه بقدر ما يرى، وهو أسهل في الأحاديث. قوله: (ثم استمتع بها) ويجوز الاستمتاعُ بها للفقير والغني عند الشافعية. وعندنا للفقير فقط. وأجاب صاحب «الهداية» عن استمتاعِهِ مع كونهِ غنيًا أنه كان بإذن الإمام، وهذا جائز عندنا وغَلِطَ في شرح مرادِهِ صاحب «العناية» وهو شيخ الشيخ ابن الهمام. وإن كان كتابه أرفع من «العناية» حيث علل بكونه محلًا مجتهدًا فيه. والقضاءُ إذا لاقى محلًا مجتهدًا فيه يصير مُجمعًا عليه، فهذا الشارح صَرَفَه إلى باب آخر مع أن صاحب «الهداية» قد جوَّزَ الاستمتاع به على المذهب. ثم اتفقت الحنفية والشافعية على أنه لو أقامَ المالكُ عليه البينةَ وجبَ عليه ردُّهُ. ونُسِبَ إلى داودٍ الظاهري والبخاري أنه لا حق له في ماله بعد السنة، ويصيرُ بعدها مِلكُ الملتقط بتًا. واعلم أن العمل بمذهبه خاصة إنما هو قبل حكم القاضي، فإذا حكم القاضي بأمر وجبَ العملُ بحكمِهِ ولو من أي مذهب كان، فالذي هو رافعٌ لاختلافِ المذاهبِ الأربع عند الفقهاءِ هو القضاءُ. 91 - قوله: (حتى احمرت) وإنما غضِبَ عليه لأن السؤالَ كان مخالفًا للفِطرة السليمةِ، فإن الزمان كان زمان الديانة، والبعير مما لا يُخاف عليه السَّبُعُ، ولا يعجز عن الماء والكلأ، فلا حاجة إلى التقاطه. أما الآن فقد انقلب الزمان ظهرًا لبطن فينبغي أن يلتقطَ البعيرُ أيضًا. 92 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا، فَلَمَّا أُكْثِرَ عَلَيْهِ غَضِبَ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ «سَلُونِى عَمَّا شِئْتُمْ». قَالَ رَجُلٌ مَنْ أَبِى قَالَ «أَبُوكَ حُذَافَةُ». فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ مَنْ أَبِى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ «أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شَيْبَةَ». فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا فِى وَجْهِهِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. طرفه 7291 - تحفة 9052 كُلُّ سفيان بعد محمدِ بن كثير هو الثَّوري، لا ابن عُيَيْنَة. 92 - قوله: (حدثنا محمد بن العلاء) وهذا غير واقعة الكسوف التي مثلت فيها الجنة والنار. قوله: (فلما أكثر عليه) أي بعض المخلصين بلا وجه وجيه وبعض المنافقين تعنتًا. قوله: (مَنْ أبَى) فسمّى أباه فارتفعت شبهة الناس عنه، وفي الشروح: أن الرجل لما رجع

30 - باب من برك على ركبتيه عند الإمام أو المحدث

إلى بيته لامَتْهُ أمهُ وقالت: ما رأيت ولدًا أعق منك، ما أعلمك أني ما فعلت في الجاهلية، أفكنت مفضحي بين الناس، قال: والله لو ألحقني النبي صلى الله عليه وسلّم بغير أبي لالتحقت به. قوله: (سلوني) وكان هذا غضبًا منه وسَخْطَةً، ولم يفهمه أحدٌ غير عمر رضي الله تعالى عنه فقال ما قال. وإنما غضبَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم لكونه شارعًا بُعثَ لتعليم الشرائع، فجعلَ بعضُهُم يسألونه عن المغيبات، وكذلك بعض المنافقين سألوه سخرية فقط. وحاصلُ مقالة عمر رضي الله تعالى عنه أنَّا نكتفي للنجاةِ بالإيمان بالله ورسوله ... إلخ، ولا نحتاج إلى أسئلة سواه. قلت: وكان مناسبًا أن يقعَ في حياتِهِ مثْلُ تلك الواقعةِ مرةً ليُعلَم أنه أيضًا تحت القدرةِ الإلهية أن يخبرَ رسوله بكل ما استخبَرُوه، ويلقمُ في أفواهِ المتعنتينَ حجرًا. ثم اعلم أن في طرقه: «والقرآن إمامًا»، وتتبعتُ إمامتَه في التنزيل أيضًا فلم أجد غير قوله تعالى: {كِتَابُ مُوسَى إَمَامًا وَرَحْمَةً} وهذا كتاب. ومر عليه الطيبي في «حاشية الكشاف» وفهم لطفَه ولم يذقه أحدٌ غيرَه. ومعناه عندي أن كتابَ موسى مع جلالة شأنه يكتنه إمامته وكونه رحمة. وهذا أيضًا كتابٌ مثله في كونه إمامًا ورحمة، ولكنه بلغَ في كونه إمامًا ورحمة مبلغًا لا تُكتنه نهايته. ثم إنه إذا كان إمامًا فلا يكون مأمومًا ومقتديًا، فلا يقرأه المقتدي. وعند أبي داود أن رجلًا قرأ بـ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} خَلْفه صلى الله عليه وسلّم. والظاهر أنه لم يقرأ الفاتحة فلما فرغَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم قال: «ما لي أُنازعُ القرآن» بصيغة الواحد المتكلم المجهول، وهذا في واقعة الظهر، فلو كانوا كلُّهم قارئين لَمَا كان لتخصيص المخالجةِ بنفسه معنىً، فإن المخالجةَ حينئذٍ تكون مع جميعِ القارئين لا مع النبي صلى الله عليه وسلّم فقط، فدل على أنه كان هو القارىء فقط، ولم يكن هناك قارىء من المقتديين غير هذا الرجل. ولعله أيضًا لم يقرأ بالفاتحة بل قرأ بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} فكان أمرُ القراءة عنده بالفاتحة وغيرها سواء. وكيفما كان جاءت قراءتُهُ تحت الإنكار لِعِلةِ المنازعة والمخالجة، فلا ينبغي أن يقرأ خلف القارىء، فإن الصراطَ المستقيمَ الاستماعُ والإنصات عند القراءة: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)} [الأعراف: 204] وهو وإن كان في الجهرية، لكنَّ الحديثَ صريحٌ في السرية، والمنازعةُ تحصل فيهما. وسيأتي التفصيل في موضعه. 30 - باب مَنْ بَرَكَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ عِنْدَ الإِمَامِ أَوِ الْمُحَدِّثِ 93 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ فَقَالَ مَنْ أَبِى فَقَالَ «أَبُوكَ حُذَافَةُ». ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ «سَلُونِى». فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - نَبِيًّا، فَسَكَتَ. أطرافه 540، 749، 4621، 6362، 6468، 6486، 7089، 7090، 7091، 7294، 7295 - تحفة 1493 وإنما ترجمَ المصنفُ بلفظ الإمام لأن في طرق هذا الحديث: «وبالقرآن إمامًا»، ولمّا كان هذا مُوهمًا للتخصيصِ احترس وأضاف قوله: أو المحدث ليندفعَ التخصيصُ.

31 - باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه

31 - باب مَنْ أَعَادَ الْحَدِيثَ ثَلاَثًا لِيُفْهَمَ عَنْهُ فَقَالَ «أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ». فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ بَلَّغْتُ». ثَلاَثًا. ولعله ناظرٌ إلى مقولةِ الخليل النَّحوي في جزء القراءة «يكثر الكلام ليفهم ويعلل ليحفظ». وقد كنت أظنُ أنه وَقَعَ فيه القلب. والأصل أن الكلامَ يُكثرُ ليحفظ، لأن التعليل أنفعُ للفهم، والتكرارُ أعونُ للحفظِ، حتى طالعت نُسخًا عديدة لذلك ولكن وجدتُ في جميعها كذلك، ثم بدا لي أن التعليلَ معينٌ في الحفظ أيضًا، كما هو مُعينٌ في الفهم، وكذلك التكرارُ أيضًا له دخل في الفهم كما يُعلم بالتجربة. قوله: (هل بلغت) وإنما كرره مبالغةً وتهويلًا، وإنما جعلهم شَاهِدينَ لجحود الأمم يوم الدين، فاحْتِيْجَ إلى شاهد، فجعل اللَّهُ سبحانه أيضًا شاهدًا وهو على كل شيء شهيد. وليس فيه إساءةُ أدبٍ، كما أن التسمية والاستعاذةَ قبل الخلاء ليست بإساءة، لأن الحفظَ لا يحصلُ إلا ببركة اسمه تعالى. 94 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَلَّمَ سَلَّمَ ثَلاَثًا، وَإِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلاَثًا. طرفاه 95، 6244 - تحفة 500 - 35/ 1 95 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلاَثًا حَتَّى تُفْهَمَ عَنْهُ، وَإِذَا أَتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثَلاَثًا. طرفاه 94، 6244 - تحفة 500 96 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ تَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ سَافَرْنَاهُ فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقْنَا الصَّلاَةَ صَلاَةَ الْعَصْرِ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ». مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا. طرفاه 60، 163 - تحفة 8954 94 - قوله: (عبدة) وفي نُسخة لصمدة وهو غلطٌ من الكاتب. قوله: (سَلَّم) قيل: الأول للاستئذان، والثاني للقاء، والثالث للتوديع. قلت: ولعل الظاهر أن يكونَ التثليث باعتبار مروره على الناس كما هو المعتاد في زماننا أيضًا، وإنما اكتفى بالثلاثِ لكونِهِ شارعًا تضبط أقوالهُ وأفعاله، فاختار الوسط إلا أني لا أتيقنُ به لفقدان النقل. وحاصله: أنه صلى الله عليه وسلّم إذا كان يمر على جماعة عظيمة لم يكن يكتفي بسلام واحدٍ بل كان يُسلمُ مرةً في الأول، ثم إذا بلغ في الوسط سَلَّم، ثم إذا بلغ في الآخر سَلَّم. أما الأحاديث في التوديع فهي في «كنز العمال» فليراجعها.

32 - باب تعليم الرجل أمته وأهله

32 - باب تَعْلِيمِ الرَّجُلِ أَمَتَهُ وَأَهْلَهُ 97 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ - هُوَ ابْنُ سَلاَمٍ - حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ قَالَ عَامِرٌ الشَّعْبِىُّ حَدَّثَنِى أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ثَلاَثَةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ، وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - وَالْعَبْدُ الْمَمْلُوكُ إِذَا أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ، وَرَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ {يَطَؤُهَا} فَأَدَّبَهَا، فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا، فَلَهُ أَجْرَانِ». ثُمَّ قَالَ عَامِرٌ أَعْطَيْنَاكَهَا بِغَيْرِ شَىْءٍ، قَدْ كَانَ يُرْكَبُ فِيمَا دُونَهَا إِلَى الْمَدِينَةِ. أطرافه 2544، 2547، 2551، 3011، 3446، 5083 - تحفة 9107 97 - قوله: (ثلاثة لهم أجران: رجل من أهل الكتاب) ... إلخ أجرُ الإيمان بنبيِّهِ وأجر الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلّم قوله: (يَطَؤُهَا) أي بملك اليمين. قوله: (أدبها) التأديب تهذيب "دادان". قوله: (ثم أعتقها) وقد ذكرتُ ههنا أمورٌ فاختلف الشارحون في التعيين - منها: قلت: والأوجهُ أن الأمورَ المذكورة إلى الإعتاق عملٌ واحد والأمورُ بعد الإعتاق عمل آخر. فالأجرانِ على الإعتاق بما فيه وعلى النكاح، لأن الإعتاقَ عبادٌ مستقلةٌ. وسائرُ الأمور المذكورة قبلَه تمهيداتٌ له، وكذا التزوُّجُ بعد الإعتاق أيضًا عبادة مستقلة أخرى، فالأجران على هذين العملين. ثم ههنا عَوِيْصَةٌ وهي: أن المرادَ من أهل الكتاب ماذا؟ إن كان اليهودُ فهو صعبٌ من حيث أنهم كفروا بعيسى عليه السلام، وصاروا كفارًا وحبطَ إيمانُهُم، فكيف يستحقون الأجرين. لأنه لم يبق حينئذٍ من عملهم غيرُ الإيمان بالنبي وهو عملٌ واحدٌ فلا يستحِقون عليه إلا أجرًا واحد. وإن قلنا: إن المراد منهم النصارى كما يؤيده ما عند البخاري: «رجل آمن بعيسى» بدل قوله: «من أهل الكتاب» فدل على أن المراد منهم النصارى فقط دون اليهود، فهو أصعبُ لأن الحديثَ مستفادٌ من قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ} [القصص: 54] وإنه نَزَلَ في عبدِ الله بن سلام وأصحابه باتفاق المفسرين، وكان يهوديًا فعُلِم أن لهم أيضًا أجرين فيدخلون تحت أهل الكتاب أيضًا ولا بد. قلت: ولا ريب في أن الحديث عام لليهود والنصارى، أما ما ورد في لفظ البخاري: «رجل آمن بعيسى»، فإنه يجعل تابعًا لما في أكثر الروايات: «رجل من أهل الكتاب» ويحملُ على اقتصارٍ من الراوي. والأصل كما ذكره آخرون ولا ينبغي أن تُدارَ المسألة على ألفاظِ بعض الرواة، سيما إذا وردت مخالفة للأكثرين. فهذه قضية أبهمت على الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى حتى استقر رأيه على ما نُقِلَ عن الكِرْمَاني أن الأجرينِ لا يختصانِ بأهل الكتاب، بل كل من آمن بنبينا صلى الله عليه وسلّم ولو بعد الكفر الصريح حتى المجُوسي والوَثني، فإنه أيضًا يُحْرِزُ الأجرين.

قلت: هذا كلامٌ باطلٌ، فإنه خلاصةَ الحديثِ الوعدُ بالأجرين على العملين، وليس الكفرُ الصريحُ من البرِّ في شيء يستحقُ عليه الأجر، فلم يبق حينئذٍ إلا عملٌ واحد وهو الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلّم وهو وإن كان من أبرِّ البرِّ وأزكى الأعمال، وأسنى المقاصد، لكنه عملٌ واحد لا يستحقُ عليه إلا أجرًا واحدًا. نعم، أجرُهُ يكون وِزَانُ عمله وهذا أمرٌ آخر. وعندي حديثٌ صريحٌ في أنَّ الآيةَ عامةٌ، وأن الأجرين بالإيمان بنبيه وبالإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلّم فعند النسائي في تأويل قول الله عز وجل: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] في حديث طويل فقال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} [الحديد: 28] أجرين: بإيمانهم بعيسى وبالتوراة وبالإنجيل، وبإيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلّم .. إلخ، فهذا أوضحُ دليلٍ على أن الأجرين على العملين من إيمانهم بعيسى وبمحمد صلى الله عليه وسلّم ولما عجز الحافظ رحمه الله تعالى عن الجواب التزم هذا الباطل. والذي عندي هو أنَّ عبد الله بن سلام وأمثاله أيضًا يَستحقُّونَ الأجرين، والذين دخلوا تحت النصِّ داخلون في قوله: «أهل الكتاب» أيضًا، ولا يردُ شيءٌ، لأن الذين كفروا بعيسى عليه الصَّلاة والسَّلام وحَبِطَ إيمانهم، فإنهم الذين بُعث عيسى عليه الصَّلاة والسَّلام فيهم، ودَعَاهم إلى شريعته، أي بني إسرائيل، فلما أبوَا هلكوا كما قصَّهُ اللَّهُ سبحانه، أما يهود المدينة فلم تبلغ دعوتُهُ إليهم، ولا وُجد منهم الانحراف عنها، وإنما أمرُهُم كما في التاريخ أنهم فروا من الشام إلى العرب حين اجتاحهم «بخنتصر» وبعد فرارهم بمئتين سنة بُعث عيسى عليه الصَّلاة والسَّلام في الشام. فالذين تمت عليهم الدعوةُ بالتوحيد والشريعة جميعًا هم يهودُ الشام، أما يهود المدينة فلم تصل إليهم الدعوة أصلًا. كما في «الوفا» أنه وُجِد في جانب من المدينة حجر عند تلَ مكتوبٌ عليه: هذا قبرُ رسولُ رسول الله عيسى عليه السلام، جاء للتبليغ فلم يُقدَّر له الوصول إليهم. وقد وقع فيه تحريفٌ في «تاريخ الطبري» فسقط لفظ: الرسول، وصارت صورته هكذا: هذا قبرُ رسول الله عيسى، وكثيرًا ما يسقطُ اللفظُ المكرر عند الكتابة ويتكرر اللفظ الواحدُ. فشغب به الطائفة الباغية قاديانية وزعمت أنه أصرحُ دليل لهم على وفاة عيسى عليه السلام. وهذا هو دَيْدَنُ الزائغين من بدء الزمان، يستفيديون من أغلاطِ الرواة وتحريفِ الناسخين، ويتَّبِعُون ما تشابه منه، وأما الرَّاسخون في العلم فيتبعون المحكمات ويأخذون العلم من مكانه، قاتلهم الله ما أجهلهم أيتمسكون بما في الطبري ولا يستحيون أن تلك الواقعة بعينها موجودةٌ في «الوفاء» وفيه رسول رسول الله عيسى، فطاح ما ركبوا عليه من الجهل. وقد حقق أهل أوربا مجيء حواريين في الهند أيضًا، وقالوا: إنهما دُفِنا في بلدة مدارس، وكذلك حواريان مدفونان في إيطاليا، وحواري في تبت. وهكذا ثبتَ ذهابهم إلى يونان وقسطنطينة، أيضًا. والذي يدلك على أنهم لم يذهبوا إليهم من عند أنفسهم بل بعثهم عيسى عليه السلام: أن النبي صلى الله عليه وسلّم لما كتب كُتبًا إلى النَّجاشي والمُقَوْقَس ودُومة الجندل وغيرهم قال لأصحابه: «إني أبعثُكم كما بَعثَ عيسى عليه السلام الحواريين».

فنشأ منه جهلٌ آخر للنصارى، فإنهم استدلوا به على عمومِ بعثة عيسى عليه السلام، وقالوا: إنها لو لم تكن عامة لما بعث الحواريين إلى الأطراف، ولم يعلموا أن الدعوة إلى التوحيد لا تختص بنبي دون نبي، بل تجوزُ لهم الدعوةُ إلى الشريعة أيضًا إذا لم يكن فيهم نبيٌ. فأهل المدينة لم يكن لهم نبيٌ إذ ذاك وكانوا من بني إسرائيل، وهو رسولٌ إلى بني إسرائيل بنص القرآن، فلو كان دعاهم إلى شريعتِهِ لما كان فيه بأسٌ أيضًا، ولكنهم لم تبلغ إليهم دعوته. وإذا كان أمرُهم ذلك، فالمسألة فيهم عندي أنه لو كان أحد منهم على دينٍ سماوي من قبلُ كعبد الله بن سلام، فإنه كان على اليهودية، ولم تشملهم دعوة عيسى عليه السلام بخصوصها، ينبغي أن يكون ناجيًا. نعم، لو كان في الشام لما احتاج إلى خصوص الدعوة وكفته دعوة عامة، وهذا لم تبلغه الدعوةُ ولم يكن من سكان الشام وكان على دينٍ حقٍ فيكون ناجيًا، لأنه لم يلتزم شريعة عيسى عليه السلام لعدم المطالبة من جهته لا للإباء منه. نعم، يخرج عن هذا الاستحقاق من كانت دعوتُهُ بلغت إليه ثم ردها. أما إذا كان قومُهُ يدعى في الشام وهذا كان غافلًا عن دعوته لعدم علمه، فإنه بعد الإيمان بالنبي يستحق الأجر مرتين إن شاء الله تعالى وكفاه التصديق إجمالًا. ويتضحُ ذلك كل الاتضاح بعد البحث في معنى عموم، البعثة فاعلم: أن النبي صلى الله عليه وسلّم مبعوثٌ إلى كافة الناس بلا خلاف. ثم قيل: إن إبراهيم ونوحًا عليهما السلام أيضًا كذلك، فإنه يقال لنوح: إنه أولُ نبيَ صلى الله عليه وسلّم في الأرض. فتصدى العلماءُ لجوابه، لأن البعثةَ العامة قد عُدَّت من خصائصه صلى الله عليه وسلّم وتوجه إليه الحافظ رحمه الله تعالى في «الفتح» والسيوطي رحمه الله تعالى في «حاشية النسائي» ولكنهما لم يذكرا وجهًا قويًا. والذي ظهر لي: أن بِعثة الأنبياء كلهم عامة في حق التوحيد كما صرح به ابن دقيقٍ العيد، بمعنى أنه يجوز لهم أن يدعو إليه من شاؤوا سواء كانوا مبعوثين إليهم أم لا. ويجبُ على القوم إجابة دعوتهم ولا يسعُ لهم الإنكار بحال، فإن أنكروا استحقوا النار. بقي أنه ماذا معيار بلوغ الدعوة وأنه هل يُشترط التبليغ إلى كل نفس أو مصر على رؤس الأشهاد؟ أو كفى له التبليغ إلى من حَضَرَه، فذلك مما لا علم لنا به. وإذًا فالتعبيرُ الأوفى أن يقال: إن مَنْ تحقق التبليغُ فيهم بأي نحو كان فإنه يُعَدُّ كافرًا بالجحود، سواء كان ذلك النبي بُعث إليهم أم لا. ثم إن كانوا متعبدين بشريعة سماوية من قبل لا يجبُ عليهم الدخول في شريعته. ما لم تبلغهم الدعوة إلى الشريعة أيضًا، فإن بَلَغتْ وجب التعبدُ بها أيضًا، ويحمل ذلك على نسخ شريعة المدعو له، فإن لم تكن عندهم شريعة سماوية من قبل، وجبَ عليهم الدخول في شريعته بدون دعوة إليها، هذا فيمن بلغت إليهم دعوة نبي بخصوصها. وأما الذين لم تبلغ إليهم الدعوة بخصوصها، ولكن بلغ إليهم خبر ذلك النبي كسائر الأخبار تحمل من بلد إلى بلد، يجب عليهم الإيمان به أيضًا، فإن آمنوا به نَجوا وإن أبَوا هلكوا، وتكون معاملتهُم مع ذلك النبي كمعاملتنا مع سائر الأنبياء عليه الصَّلاة والسَّلام، أعني التصديق فقط. ولا يجبُ عليهم التعبدُ بشريعته بمجرد بلوغ خبره إذا كانوا على شريعة نبي من

قبل. وهذا كلُّه قبل هذه الشريعة الآخرة، وأما بعدها فلا يسعُ لأحدٍ الانحراف عنها بحال: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85]. وبالجملةِ دعوةُ التوحيد لا تختصُ بنبي دون نبي، بل هي عامة مطلقًا. وأما الدعوة إلى شريعته فخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلّم بمعنى أنه يجب أن يدعوَ إليها جميع من في الأرض، وقد تمت على أيدي الخلفاء الراشدين. وأما سائر الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام فكانت دعوتهم إلى شرائعهم مقصورة على أقوامهم وتبليغُ من سواهم كان في اختيارهم، ولم يكن فريضة عليهم. والسر في شُهرةِ عموم بِعثة هذين النبيين أنه لم يُبْعث لمناقضةِ الكفر غيرُ هذين. أما موسى وعيسى عليهما الصَّلاة والسَّلام فإنهما بُعثا إلى بني إسرائيل وكانوا مسلمين نَسَبًا فإنهم من أولاد يعقوب عليه الصَّلاة والسَّلام، بخلاف نوح عليه الصَّلاة والسَّلام فإنه أول من ناقض الكفر، ولذا لقِّب بني الله، وكذلك إبراهيم عليه الصلاة والسلام أول من رد على الصابئين وأسس الحنفية. والنبي إذا رد على شيء يكون عامًا لجميع البلاد وهذه مقدمةٌ ينبغي أن يُبحث عنها أن النبي إذا ردّ على شيءٍ فهل يقتصرُ ردُّه على من بُعث إليهم أو يعمُ لمن في الأرض. وهذا في باب العقائد ظاهر، فإنها مشتركة في الأديان كلها فيعم الرد قطعًا، وأما في الشريعةِ ففيه نظرٌ، فالعموم من هذه الجهة، وللقومِ أجوبةٌ أخرى فليراجعه من «الفتح» (¬1). إذا علمتَ هذا فاعلم أن عبد الله بن سلام إنما هو ممن بلغ إليه خبر عيسى عليه الصَّلاة والسَّلام، ولا نظن بمثل عبد الله بن سلام إلا أن يكون صَدَّقَه لما قد علمنا من سلامة فطرتِهِ حين حضر بمجلس النبي صلى الله عليه وسلّم وانطلق لسانُهُ بعد نظرة، بأن هذا الوجه ليس بوجه كذاب فلا نسيءُ به الظن. ولا نقول: إنه لم يصدقه، فإذا كان كذلك فقد كفاه عن عهدة الدخولِ في شريعته، لأنه لم تبلغ إليه الدعوة إلى شريعته وإن بلغ إليه خبره كما علمت، نعم لو كان بلغ إليه وصي عيسى عليه الصَّلاة والسَّلام ودعاه إلى شريعته، لوجب عليه الدخول في شريعته أيضًا، ولكنه لم يصل إليه ومات دونه فكفَاهُ تصديقهُ به لإحراز أجر إيمانه. وحينئذٍ بقاؤُه على اليهودية وعمله بالتوراة لا يمنعُ عن تحصيل الأجر، فلما ظَهَر النبي صلى الله عليه وسلّم وآمن به أيضًا حصل له الأجر مرتين، لأنه أحرز إيمانَه مرة من قبلُ، وهذا إيمانٌ ثانٍ فيحصل له الأجر أيضًا. نعم، الذين كانوا في الشام وأنكروا به لا يحصلُ لهم بالإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلّم إلا أجرٌ واحد، بخلاف مَنْ كانوا في المدينة، فإنه ليس عليهم إلا التصديق لعدم بلوغ دعوة الشريعة إليهم، وكانوا على دين سماوي من قبلُ فيُحرزُون الأجر مرتين. فإن قلت: وفي المعالم أن عبد الله بن سلام جاء النبي صلى الله عليه وسلّم مع ابن أخيه، وقال: لو آمنت ¬

_ (¬1) قلت: إن عموم بعثتهما لزومًا كان أو قصدًا بأي معنًى أخذتُه، إنما كان لأهل زمانهما، بخلاف عموم بعثة نبينا - صلى الله عليه وسلم - فإنه مبسوطٌ على البَسيطةِ طولًا وعرضًا يعني تحبط على جميع من في الأرض إلى يوم القيامة، ولا يختص بزمان، فلا شركة فيه لأحد، والله تعالى أعلم.

بجميعِ الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام غير عيسى فهل يكفى ذلك للنجاة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلّم «كلا»، أو كما قال. وهذا يدلُ على أنه لم يؤمن به أيضًا. قلت: أولًا: إن إسناده ساقطٌ. وثانيًا: إن سؤاله من باب الفَرض. وتحقيق المسألة لا أنه يُخبرُ عن حالهِ، بل يريد أنه لو فَعَلَه أحدٌ هل يُعتبر منه أم لا؟ وثالثًا: أنه لما آمن بعيسى عليه الصَّلاة والسَّلام إجمالًا لعدم التفصيل عنده، ثم عنده التوراة من قبل إمامًا ورحمة. وهذه الشريعة الكاملة الجامعة الآن، فهل يجبُ عليه الإيمانُ بها تفصيلًا بعد هاتين أم لا؟ فهذا أيضًا احتمال من الاحتمالات. والحاصل: أنه إذا ظهر أمرهُ ونيتُهُ من الأحاديث القوية فلا نتركه لروايات ساقطةٍ ولا نُسيءُ به الظن ونأولُ فيما وردَ خلافه. وبعد هذا التحقيق انحلت العقدة التي عرضتْ على الحافظ رحمه الله تعالى فألجأتهُ إلى التزام باطل، والحمد لله. ثم قال قائل: إن مسألة إحراز الأجرين ينبغي أن تكون مقتصرةٌ على زمانِ عدم التحريف، فأما إذا حرفوا كتبهم وبدلوا كلام الله من بعد ما عَقَلُوه فلا ينبغي أن يحصل لهم الأجران. قلت: وهذا القائل خالفَ نصَ الحديث، فإن حديثه صلى الله عليه وسلّم إنما كان لأهل زمانه، وحالُهم إذ ذاك معلومٌ. والذي عندي أن يُفصَّلَ في التحريف، فإن كان بلغَ تحريفُهم إلى حد الكفر البواحِ، ينبغي أن لا يحصل لهم الأجر مرتين، وإلا فالأمر كما في الحديث. نعم، يمكن اختلاف كلمات الكفر في الشريعتين كلفظ: الابن، فإنه مستعمل في الكتب السابقة بأي تأويل كان، وهو كفر في شريعتنا مطلقًا، فينبغي رعايته أيضًا. وراجع بحثه من «فتح العزيز» من تفسير قوله تعالى: {نَحْنُ أَبْنَاء اللَّهِ} [المائدة: 18] إلخ من أن التأويلَ الباطل هل يُفيد شيئًا أم لا؟ فإن النصارى كفار قطعًا، لكنهم كذلك يدَّعون التوحيد أيضًا. والشريعة الغراء قد اعتبرت به بعض اعتبار، حيث ميَّزَهَم عن سائر الكفار في جواز المُنَاكحات مع نسائهم وأكل ذبائحهم. فإذا خفف اللَّهُ فيهم في أمور الدنيا لرعايةِ دينٍ سماوي، فلا بُعد أن يغمض عنهم في الآخرة أيضًا ويمنحهم أجرهم مرتين بعبرة إيمانهم الأول أيضًا لمجرد ادعائهم. فإن قلت: إن الأجرين لهؤلاء الثلاثة فقط أو لغيرهم أيضًا، فالجواب كما قاله السيوطي رحمه الله تعالى في نظم له: أنهم يبلغون إلى اثنين وعشرين نوعًا. ومن ههنا ترددت أن هذا العدد محصورٌ أو فيه أمرٌ جامع، وما تحصل لي هو أن كلَّ عمل عُرِضَ على بني إسرائيل فقصَّروا فيه، فإن حافظنا عليها فلنا فيه الأجران. كما عند مسلم في صلاة العصر: «إنها صلاة فُرضت على مَنْ قبلكم، فإن حافظتم عليها فلكم أجران» - بالمعنى. وكما أن بني إسرائيل كانوا يغسِلون أيديهم قبل الطعام، فلو غسلناها قبل الطعام وبعده فلنا أجران الترمذي. فإن قلت: إذا كان الأجران على العملين فأي فائدة في ذكر هذه الثلاثة؟ فإن كلَّ من يعملُ عملين يستحق أجرين. قلت: إنما خصَّصها لانضباطها والاعتداد بحالها. والحكم الشرعي إنما يجيءُ في نوعٍ أو في صِنْفٍ منضبط لا في الأشخاص، فإن ورد في شخص يعد من خصوصيته ولا يعم. ومن ههنا بحث في الأصول، أنه هل يجوز خلوّ حكم شرعي من الحكمة. ونسب إلينا أنه يجوز كما في استبراء البِكْر، فإن البكر لا شبهةَ فيها للعلوق، فلاستبراء فيها خال عن

الحكمة ظاهرًا، ومر عليه شارح «الوقاية» وقال: إن ما يجبُ هو أن لا يخلو صِنْفٌ منضبط عن الحكمة، لا أنه يجب وجودُها في كل جزء. وحينئذٍ فخلوّ هذا الجزئيِّ بخصوصه عن الحكمة لا يضرنا. ولم يقدر الشارحُ على غير هذا الجواب. وعندي جوابُهُ لكنَّ الوقتَ لا يتحملُ بيانه وقد فَصَّلتُهُ في بَرْنَامجي. وقد يقال: إن في هذه الثلاثة إشكالًا ولا يتبادرُ الذهنُ إلى حصول الأجرين فيها، فإن المنساقَ إلى الذهن أن الإيمان طاعةٌ واحدةٌ، وإنما الفرقُ في الفروع، فاعتبار هذا الإيمان وهذا الإيمان ربما يفضي إلى التعجب، فتعرَّض إليه الحديث بأن الإيمان وإن كان واحدًا إجمالًا، لكنه لما تعلق بنبيَ بخصوصه تفصيلًا، ثم تعلق بنبي آخر كذلك صار متعددًا باعتبار الشخص، فإنه إذا آمن بنبي فهذا عملٌ، ثم إذا آمن بنبي آخر في زمانه فهذا عمل آخر متجددًا. وكذلك يتوهم أن العبدَ عبدٌ لمولاه، فلعله لا يستحق الأجرَ في خدمته، وكذلك التزوج لنفعه فلا يكونُ عليه الأجر أيضًا. وقد يقال: إنه خصَّصَها بالذكر لأجل التنبيهِ والتحريضِ على هذين العَمَلين، فإن جمعهما عسير، لأن الكتابي إذا آمن بنبيه فالإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلّم يَشُقُّ عليه. فنبه على أنه بهذا الإيمان لا يُحرمُ عن أجر إيمانه، بل يبقى إيمانُهُ معتبرًا ومأجورًا عليه كما كان، بل يضعَّفُ أجره فيحصل مرتين. وكذلك العبدُ إذا اشتغل بخدمة مولاه، ربما لا يجدُ وقتًا لأداء الصلوات ولا أقل من أن يتعسر عليه، فحرَّضَهُ على أن يؤديَ حق الله أيضًا ليحصل له الأجران. وهكذا الأمر في تزوج الجارية، فإن الطبائعَ الفاضلةَ نافرةٌ عنها، فحرَّضَ على إعتاقِها والتزوج منها، ليحصل له الأجران. وتوهَّم بعضهم أن العبدان صلى فله أجران على صلاته، وليس كذلك، بل الأجران على العملين: أجرٌ على خدمةِ مولاه، وأجر على أداء الصلاة (¬1). ¬

_ (¬1) قال أبو جعفر: وهذا الذي جئنا بهذه الآثار من أجل قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الثلاثة الذين يؤتون أجرهم مرتين: "رجل آمن بنبيه ثم أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - فآمن به". لأنا عقلنا بذلك إنما أراد مَن دخل من أهل دين النبي الذي كان قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ممن كان مؤمنًا به في دين النبي. وعقلنا بذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام الذي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعقبه من أنبياء الله عز وجلّ هو عيسى عليه السلام، فمن كان كذلك استحق أجره مرتين، وإن من لم يَكُن كذلك لم يستحق بدخولِهِ في دين النبي - صلى الله عليه وسلم - إلَّا أجرًا واحدًا، وهو أجر دخوله في دينه. فأما ما كان فيه قبل ذلك من دين موسى عليه السلام فإنه لا يستحقُ به مثل ذلك، لأن دين عيسى عليه السلام قد طرأ على دين موسى ولم يَتْبعه، فخرج بذلك من دين موسى ثم اتبع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد كان من قبلِ اتِّباعه إياه على غير ما كان الله عزّ وجلّ تعبَّده أن يكون عليه عن دين عيسى. وعقلنا مما ذكرنا أن الذي يؤتي أجره مرتين بإيمانه، كان بنبيه ثم بإيمانه كان بالنبي عليه الصلاة والسلام هو الذي أدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو على ما تعبد عليه من دين النبي الذي كان قبله وهو عيسى عليه السلام حتى دخل منه في دين النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ومما يؤكدُ ما ذكرنا، ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قوله في حديث عياض بن حماد ما قد حدثنا يزيد بن سنان وإبراهيم بن أبي داود حدثنا أبي عمر الحوفي حدثنا همام بن يحيى حدثنا قتادة حدثني العلاء بن زياد ويزيد أخو مطرف ورجلان آخران -نسي همام اسميهما- أن مطرفا حدثهم أن عياض بن حماد حدثه أنه سمع =

33 - باب عظة الإمام النساء وتعليمهن

33 - باب عِظَةِ الإِمَامِ النِّسَاءَ وَتَعْلِيمِهِنَّ 98 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ سَمِعْتُ عَطَاءً قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ قَالَ عَطَاءٌ أَشْهَدُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ وَمَعَهُ بِلاَلٌ، فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعِ النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ، وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِى الْقُرْطَ وَالْخَاتَمَ، وَبِلاَلٌ يَأْخُذُ فِى طَرَفِ ثَوْبِهِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَطَاءٍ وَقَالَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَشْهَدُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 863، 962، 964، 975، 977، 979، 989، 1431، 1449، 4895، 5249، 5880، 5881، 5883، 7325 - تحفة 5883 34 - باب الْحِرْصِ عَلَى الْحَدِيثِ 99 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِى عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لاَ يَسْأَلَنِى عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ». طرفه 6570 - تحفة 13001 - 36/ 1 يريدُ أن التبليغَ لا يختصُ بالرجال، بل يعم النساءَ أيضًا. وكان هذا يومُ عيدٍ، ولعل التحريض كان في صدقَةِ الفِطر. قوله: «شنف» (بالى) قرط (در) أسعد الناس (يعني كسكى قسمت مين آب كى شفاعت زيادة بريكى). 99 - قوله: (خالصًا) وأكثرُ الأحاديث ساكتةٌ عن هذا القيد، وهو معتبرٌ قطعًا. والخُلوصُ ¬

_ = رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في خطبته: "إن الله اطلعَ على عبادِهِ فمقتهم عربهم وعجمهم إلاّ بقايا من أهل الكتاب - فأخبر صلى الله عليه وآله وسلم أنه لم يدخل في مقت الله ذلك بقايا من أهل الكتاب وهم عندنا والله أَعلم الذين يقولون نحن على ما بعث به عيسى عليه السلام ممن لم يبدله ولم يدخل فيه ما ليس منه وبقي على ما تعبده الله عزّ وجلّ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم يومئذٍ هذا القول والله نسأله التوفيق مشكل الآثار ص 396 ج 2. قلت: وظهر مما ذكرنا من كلام الطحاوي أن الأجرين إنما هما على عَمَلين: إيمانه بنبيه وإيمانه بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن لم يكن عنده إلاّ إيمان واحد فإنه لا يستحقُ الأجرين، وهذا الذي اختاره الشيخ رحمه الله وذهب بعضهم إلى أن الأجرين لهم على عمل واحد أي، الإيمان بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وذلك من حيث أن الكتابيَّ يشقُّ عليه الإيمان بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فبشره بالأجرين ليتقدَّم إليه، والظاهر هو الأول، والله تعالى أعلم بالصواب.

35 - باب كيف يقبض العلم

في اللغة: ما لا غِش فيه. وفي الاصطلاح: قريب من معنى الحنيف، ثم لا تعارضَ بينه وبين ما رُوي: «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» فإن الأول فيمن يدخل في الشفاعة. والثاني فيمت يظهرُ في حقِّه النفع الكثير. وكذا لا يخالفُ ما عند البخاري ومسلم: «أن قومًا يخرجون بلا عمل عَمِلُوه بقبضة الرحمن ولا يكونُ خروجهم بيد النبي صلى الله عليه وسلّم فإنه يدل على أن شفاعته مختصةٌ بالعاملين. وأما الذين لا عملَ لهم فإنهم يخرجونَ بقبضة الرحمن، ولا تنفع الشفاعة فيهم مع وجود كلمة التوحيد عندهم. قلنا: إن الشفاعة نفعت لهم أيضًا، بيد أنَّ الرحمنَ توكَّل بإخراجهم ولم يفوضه إلى أحد، فهؤلاء أيضًا يخلصون عن النار ببركة الشفاعة، إلا أنهم لا يخرجونَ بيده الكريمة، بل يتولاهُم الرحمن بنفسه وقد بينا سره في كتاب الإيمان (¬1). 35 - باب كَيْفَ يُقْبَضُ الْعِلْمُ وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَبِى بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ انْظُرْ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاكْتُبْهُ، فَإِنِّى خِفْتُ دُرُوسَ الْعِلْمِ وَذَهَابَ الْعُلَمَاءِ، وَلاَ تَقْبَلْ إِلاَّ حَدِيثَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَلْتُفْشُوا الْعِلْمَ، وَلْتَجْلِسُوا حَتَّى يُعَلَّمَ مَنْ لاَ يَعْلَمُ، فَإِنَّ الْعِلْمَ لاَ يَهْلِكُ حَتَّى يَكُونَ سِرًّا. 100 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا، يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا». قَالَ الْفِرَبْرِىُّ حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ هِشَامٍ نَحْوَهُ. طرفه 7307 - تحفة 8883 قوله: (أبو بكر بن حزم) قاضي المدينة "دروس" وحقيقته الفَنَاءُ بعد البِلى تدريجًا "يعني برانا بن بيدا هونا أو رفنا هوتى جانا". والتحقيق عندي: أن كل شيء يمر عليه الزمان فإنه يندرسُ ويفْنَى تدريجًا، أي يَبْلى فيبلى ثم يَفْنى. ولذا ترى الأجساد أنها تندرسُ لأنها يمر عليها الزمان. ولما كان الله عز وجل لا تبلغُ شائبةُ الاندارس إلى جَنَابِ قُدْسِهِ، كان عاليًا عن الزمان أيضًا. ¬

_ (¬1) وتفصيله أن المؤمنين العاصين حين يدخلون في جهنم يُحرَّمُ عليها أن تأكلَ وجوههم. وقيل: بل أعضاء الوضوء كلها، وكيفما كان يعرفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بسلامة وجوههم أو الأعضاء منهم فيخرجُهم عن النار. أما الذين لا عَمَلَ عندهم ولا خير، فيمتحشون مطلقًا وتتغيرُ وجوهُهم أيضًا، ولا يبقى سبيلٌ إلى معرفتِهم فلا يقدِرُ النبي - صلى الله عليه وسلم - على إخراجهم بيده الكريمة، إلّا أن شفاعتَه تشملُ لكل من قال: لا إله إلّا الله، فيخرجهم الله تعالى بعلمِه المحيط من أجل شفاعة حبيبه - صلى الله عليه وسلم - لهم. ومن هنا تبين أن الشفاعة ظهرت فيهم أيضًا وإن تكفَّل بإخراجهم الرحمن، والله تعالى أعلم بالصواب.

36 - باب هل يجعل للنساء يوم على حدة فى العلم

قوله: (وكتب عمر بن عبد العزيز) وهو أولُ من تهيأ لجمع العلم. قوله: (ينزعه) أي لا يسلب ما كان حاصلًا من قبل. قوله: (الفِرَبري) رحمه الله تعالى هو من تلامذة البخاري. وليس هذا من عبارة البخاري، إنما ألحقها صاحب النُّسخة، فهذا الإسناد عند الفِرَبري من غير طريق البخاري، وكثيرًا ما يفعله الفربري، فإنه كلما يجدُ إسنادًا غير إسناد البخاري يأتي به أيضًا. 36 - باب هَلْ يُجْعَلُ لِلنِّسَاءِ يَوْمٌ عَلَى حِدَةٍ فِى الْعِلْمِ 101 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ الأَصْبَهَانِىِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ ذَكْوَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ. قَالَتِ النِّسَاءُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ، فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ، فَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهُنَّ «مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلاَثَةً مِنْ وَلَدِهَا إِلاَّ كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ». فَقَالَتِ امْرَأَةٌ وَاثْنَيْنِ فَقَالَ «وَاثْنَيْنِ». طرفاه 1249، 7310 - تحفة 4028 102 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِىِّ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِىِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ «ثَلاَثَةً لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ». طرفه 1250 - تحفة 4028، 13409 - 37/ 1 101 - (أبو سعيد) اسمه: سعيد بن مالك. قوله: (من نفسك) يعني اجعل لنا يومًا من نفسك ومن عندك، لأنه لا يليقُ بنا أن نُعيِّنَه من عندنا. قوله: (واثنين) عطفُ تلقين، وأثبت الحافظ رحمه الله تعالى أنه حكم الواحد أيضًا، فإن مفهومَ العدد لا يعتبر إجماعًا، نعم قد يعرضُ للمتكلم اعتباري في الذهن يكون سببًا لذكر العدد المخصوص، ولا يكون مدارًا للحكم. وفي الحديث فيه قيد وهو «لم يبلغَ الحنث» والحِنْثُ في اللغة: ناشايان كام والمراد منه البلوغ، فلو كانوا بالغين فكذلك أيضًا، إلا أنَّ نفعَ الصبيان لعصمتهم وشفاعتِهم، ونفعَ البالغين لمزيدِ التأسفِ على وفاتهم والصبر عليهم. 37 - باب مَنْ سَمِعَ شَيْئًا فَرَاجَعَ حَتَّى يَعْرِفَهُ 103 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَتْ لاَ تَسْمَعُ شَيْئًا لاَ تَعْرِفُهُ إِلاَّ رَاجَعَتْ فِيهِ حَتَّى تَعْرِفَهُ، وَأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ». قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ أَوَ لَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} [الانشقاق: 8] قَالَتْ فَقَالَ «إِنَّمَا ذَلِكَ الْعَرْضُ، وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَهْلِكْ». أطرافه 4939، 6536، 6537 - تحفة 16261

38 - باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب

هذا هو الترتيب الصحيح. ويردُ عليه سؤال عائشة رضي الله عنها. وحاصلُ جوابِهِ صلى الله عليه وسلّم أن الحسابَ اليسيرَ هو العَرْضُ فقط، والعذابُ لمن نُوقِش فيه. وانعكس الترتيب في بعض طرقِهِ كما يأتي في الصفحة الآتية. فقدم فيه قوله: «من نوقش عذب» ولا يتأتى عليه سؤالُ عائشة رضي الله تعالى عنها، فإنه لم يقل بالعذاب لمن حوسب، وإنما أخبرَ به لمن نُوقش، فلا سؤال، فاحفظه ولا تغفُل. فإن الحديثَ إذا وردَ بألفاظٍ مختلفةٍ فليؤخُذ بجميع ما ورد من طرُقِهِ ثم ليخْتَر أقربَ ألفاظه وأعجبها إلى الذوق والتبادر، فإن الرواية بالمعنى فاشيةٌ، والتغييرَ من الرواة معلومٌ. قوله: (إنما ذلك العَرْض) واستفدتُ منه أنه يجوزُ للتفهيم تغييرُ عُنوانَ القرآن، كما غيره النبي صلى الله عليه وسلّم من الحساب اليسير إلى العَرْض، وهذا مهم فاعلمه. ثم العَرْض غير التعليم، قال الله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ} [البقرة: 31] فآدم معلَّم والملائكة معروضٌ عليهم. ولم يعلمهم من أسمائها شيئًا فلا إشكال في حديث عَرْض الأعمال. 38 - باب لِيُبَلِّغِ الْعِلْمَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 104 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدٌ عَنْ أَبِى شُرَيْحٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ وَهْوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ ائْذَنْ لِى أَيُّهَا الأَمِيرُ أُحَدِّثْكَ قَوْلًا قَامَ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْغَدَ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ، سَمِعَتْهُ أُذُنَاىَ وَوَعَاهُ قَلْبِى، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَاىَ، حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ، حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ، وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلاَ يَحِلُّ لاِمْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلاَ يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا فَقُولُوا إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِرَسُولِهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ. وَإِنَّمَا أَذِنَ لِى فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ». فَقِيلَ لأَبِى شُرَيْحٍ مَا قَالَ عَمْرٌو قَالَ أَنَا أَعْلَمُ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ، لاَ يُعِيذُ عَاصِيًا، وَلاَ فَارًّا بِدَمٍ، وَلاَ فَارًّا بِخَرْبَةٍ. طرفاه 1832، 4295 - تحفة 12057 قوله: (أبو شريح) صحابي. (عمرو بن سعيد) والي المدينة من جهة يزيد: ولم يذكر المحدثون سُوء حاله، إلا أني رأيت حكايةً بالإسناد تدلُّ على شَقَاوتَه، حتى أخشى عليه سلبَ الإيمان، فلا أدري هل خفيتْ عليهم أو ماذا؟ وكيفما كان ذِكرُهُ ههنا في ذيلِ القصة لا أنه راوي الحديث ليعدّ من رواة الصحيح. ثم إن المسألة عندنا فيمن جَنَى خارج الحرم، ثم التجأ إليه، أنَّ جنايتَه لو كانت في

39 - باب إثم من كذب على النبى - صلى الله عليه وسلم -

الأطراف يُقتصُ منه في الحرم. فكأنها جعلت في حكم الأموال. وإن كانت في النَّفْس لا يُقتص منه في الحرم، ويُلجأ إلى الخروج حتى يُقتص منه. وعند الشافعية يقتص في الحرم، فحَرُمةُ الحرمِ أزيدُ عندنا من الشافعية. وتمسك الحافظ رحمه الله تعالى بقول عمرو بن سعيد. قلت: وأنا راض على هذا التقسيم، فإن الصحابيَّ في هذا الحديث يُوافقَنا في المسألة. 104 - قوله: (ولا يعضد) وراجع لتفصيله «شرح الوقاية» من الجاف والمنكسِرِ والنابت بنفسه، وعدمُ كونه مما ينبتُهُ الناس. قوله: (ساعة من نهار) وهي من طلوع الشمس إلى الغروب كما في «مسند أحمد». قوله: (الخَرْبَة) في الأصل سرقة الإبل، ثم عمَّم. وفي بعض النُّسخ: الخزية بمعنى رسوائي وراجع «دراسات اللبيب في الأسوة الحسنة للحبيب» فإنه تكلم في هذا الحديث كلامًا حسنًا. وكتب أن الإمامَ أبا حنيفة رحمه الله تعالى قد فَهِمَه حق الفهم، وكان مصنفه من علماء السند، وأصله من الكشمير، وأجازه الشاه ولي الله قُدِّس سره بالكتابة، وحرر له أني أجيز لك ولمن كان لها أهلًا من أهل بلدك - وقد تكفل بطبعه غير المقلدين في زماننا، لأن مصنف الدراسات أيضًا لم يكن مقلدًا، إلا أنه لم يكن متعصبًا مثل هؤلاء، فإذا وجد كلمةَ حقٍ أقرَّ بها كما فعل ههنا - فإنه مدح الإمام على أنه هو الذي أدى حق الحديث وعمل به بدون تخصيص ولا تأويل. قوله: (إن الحرمَ لا يعيذُ عاصيًا) قلت: هو من باب كلمةِ حق أريدَ بها الباطل، فإنه لا يصدُقُ على ابن الزبير أصلًا، بل يصدقُ عليه وعلى يزيد. وملخص القصة أن معاويةَ رضي الله عنه لما ولى يزيد أنكرَ عبد الله بن الزبير وأصحابَه أن يُبَايعوه ورحلَ عبد الله بن الزبير رضي الله عنه إلى مكة، فاستخلف بعدَه مروان، ثم عبد الملك، فولى عبد الملك الحجاج المبير ظالمُ هذه الأمة، فتولى قتْلَ ابن الزبير رضي الله عنه وفعلَ ما فعل، وأحرقَ قرنًا كَبْش إسماعيل عليه الصَّلاة والسَّلام، وتهدمت حِصةٌ من البيت أيضًا، والعياذ بالله. 105 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ ذُكِرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ - قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَحْسِبُهُ قَالَ وَأَعْرَاضَكُمْ - عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِى شَهْرِكُمْ هَذَا، أَلاَ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ». وَكَانَ مُحَمَّدٌ يَقُولُ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ ذَلِكَ «أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ» مَرَّتَيْنِ. أطرافه 67، 1741، 3197، 4406، 4662، 5550، 7078، 7447 تحفة 11682 - 38/ 1 105 - قوله: (وكان محمد) جملةٌ معترِضةٌ ومعناها: تصديقُ ما أخبرَ به النبي صلى الله عليه وسلّم من أنه وَقَعَ كما أخبر. وثبت أن رُبَّ غائبٍ أحفظ من السامع. 39 - باب إِثْمِ مَنْ كَذَبَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - 106 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى مَنْصُورٌ قَالَ سَمِعْتُ

فائدة

رِبْعِىَّ بْنَ حِرَاشٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَكْذِبُوا عَلَىَّ، فَإِنَّهُ مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ فَلْيَلِجِ النَّارَ». تحفة 10087 107 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ إِنِّى لاَ أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا يُحَدِّثُ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ. قَالَ أَمَا إِنِّى لَمْ أُفَارِقْهُ وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ «مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». تحفة 3623 108 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ أَنَسٌ إِنَّهُ لَيَمْنَعُنِى أَنْ أُحَدِّثَكُمْ حَدِيثًا كَثِيرًا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ تَعَمَّدَ عَلَىَّ كَذِبًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». تحفة 1045 واعلم أنَّ الجمهورَ على أن الكذبَ على النبي صلى الله عليه وسلّم عمدًا من أشدِّ الكبائر. وذهب أبو محمد الجُويني - من كبار الفقهاء - إلى أنه كفرٌ. وأيَّده من المتأخرين الشيخ ناصر الدين بن المنير وأخوه الصغير زين الدين بن المنير. وأما من فرق بين الكذب عليه والكذب له تمسكًا، بقوله: من تكذب عليّ فإنه جاهل، فإن الكذب كيف كان ليس له في حال بل هو عليه في كل حال فلا يجوزُ الكذبُ في الترغيب والترهيب أيضًا. والكذب بكسر الذال اسمٌ، وبسكونها مصدرٌ. قال العيني: من ذكر حديثًا موضوعًا بدون ذكر وضعِهِ أو غَلِط في الإعراب فهو أيضًا تحت هذا الوعيد. قال الحافظ في «الفتح»: إن هذا الحديث ثابت عن ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم قلت: وهو عندي عن خمسينَ منهم. والحاصل: أنه حديثٌ متواترٌ قطعًا. فائدة واعلم أني لم أجد أتقن في باب النقل من المحدثين، ثم الفقهاء، ثم أهل اللغة فإنهم لا يأتون بحديث لا يكون له أصلٌ في كتب الحديث. وأما الذين أشربت قلوبهم فنَّ المعقول فإنه تبيَّن بعد الاستقراء أنهم لا عِلم لهم بأن الحديث ما هو؟ وأن البحثَ عن الأسانيد ماذا؟ ولكنهم إذا سمعوا الناس قالوا في كلام: إنه حديث، جعلوا يقولون: إنه حديث وإن كان موضوعًا. 109 - حَدَّثَنَا مَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ يَقُلْ عَلَىَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». تحفة 4548 109 - قوله: (مكي بن إبراهيم) وهو حنفيٌ من أصحاب أصحاب أبي حنيفة رحمه الله. وهذا أول الثلاثيات عند البخاري، وهي أزيدُ عند الدارمي منه، فإن الدارميَّ أكبر سنًا منه، وشيء منها عند ابن ماجه أيضًا وليست عند أحد من الصحاح غيرهما. وفي «مسند الإمام أبي

حنيفة» الثنائيات أيضًا. وقد مرَّ أنه تابعيٌ رؤيةً وتبع التابعين رِوَايةً، فإنه ثبتَ رؤيتُهُ أنسًا رضي الله تعالى عنه عند الكل. وادَّعى العيني أنه رأى سبعة من الصحابة. وردها العلامة قاسم بن قُطَلُوبُغَا وقال: إنه لم يثبت له غير رؤية أنس رضي الله عنه. وقال الحافظ رحمه الله تعالى: إن العلامة قاسم مُتقنٌ وهو في اصطلاحهم من لا يغلطُ في إسماء الرواة وألفاظ الحديث. قلت: بل هو حافظ، وإن لم يكن مثل الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى. ثم إن «مسند الإمام» إنما جُمِعَ بعده، والمتداول في الأيدي هو «مسند الخوارزمي» وهو المشهور ب «مسند الإمام». وقد كان جَمْعَهَ عشرة من الناس منهم حفاظ، ثم جمعَ الجميعَ الخوارزمي ثم جمع «مسنده» أربعة من الأئمة أيضًا: منهم أبو بكر المقرىء، وأبو نُعيم الأصْبَهاني وهذه المسانيد مفقودة كلها. وأحسن ما يمكن جمع مسنده من أمالي أبي يوسف رحمه الله تعالى، وكان يملي في زمان قضائه. وقد حضرَ في مجلس إملائه أحمد رحمه الله تعالى وابنَ معين أيضًا وعن ابن مَعين عندي أن أبا يوسف رحمه الله تعالى كان يحفظُ في زمن حفظهِ ستين حديثًا في مجلس واحد، وليس في «الجامع الصغير» حصة من الأحاديث. نعم، في «المبسوط» حصة منها، لكن الآفة فيها أن الطابع لم يميز فيما بين كلام محمد وكلام الشارح، وكذا حذف الأسانيد فتعطلت عن الفائدة. 110 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَسَمَّوْا بِاسْمِى وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى، وَمَنْ رَآنِى فِى الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِى، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَمَثَّلُ فِى صُورَتِى، وَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». أطرافه 3539، 6188، 6197، 6993 - تحفة 12852 110 - قوله: (تسموا باسمي ... إلخ) كان دأب العرب أنهم إذا دعوا أحد أو أرادوا توقيره، دعوه بكنيته دون اسمه، وعليه ما جاء في الحديث أن رجلًا دعا أحدًا بأبي القاسم، فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلّم فقال الرجل: إني لم أردكَ، فنهى النبي صلى الله عليه وسلّم أن يُكْتَنَى أحد، يكنيته لئلا يحصلَ الالتباس، ولذا قال بعض العلماء: إن النهى مقتصر على زمانه، سواء تَكنَّى منفردًا أو مع اسمه الشريف. وفي المسألة أقوال عديدة ذكرها الشارحون. قوله: (من رآني في المنام ... إلخ) والمعنى: من تعلقت رؤياه بي فهو تعلق صحيح، أي من تعلقت رؤياه بي في اعتقاده فهي رؤيا صحيحة، كذا قال صاحب «القوت». واعلم أن اختُلف في رؤيته صلى الله عليه وسلّم ومراد الحديث. فقال بعضهم: إنه مخصوصٌ بما إذا رآه في حليته المباركة، واعتبر هؤلاء أطوارَ الحلية ولم يجوزوا المخالفة ولو بشعرة، فإن كان رآه في حليةِ صباه ينبغي أن تطابق بما كانت حليته فيه، وكذا في حلية الشباب والشيخوخة. ونقل البخاري عن ابن سِيرين في كتاب الرؤيا أنه كان يسأل الرائي عن حليته التي رآه فيها، فهذا دليلٌ على اعتباره أطوار الحلية، وهذه الجماعة قليلة.

وعممها بعضهم وقالوا: إن المرئي هو النبي صلى الله عليه وسلّم في أي حلية كان إذا كان عنده أنه رآهُ، ولم يعتبروا المطابقةَ بين الحلية المرئية والحلية التي هي حليتُهُ. ولما ضيَّق الأولونَ في رؤيته وقيدوها بتقييداتٍ وسعَوا في اعتبار أقواله الحُلمية، بخلاف الجمهور فإنهم إذا وسَّعوا في أمر الرؤية ضيَّقوا في اعتبار تلك الأقوال، ولكنها تُعرضُ على الشريعة عند جميعهم، فإن وافقت قُبلتِ وإلا لا. وما ذكره النووي رحمه الله تعالى مضرٌ جدًا، لأن ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلّم به هو في رؤيته، ولم يخبرنا بأنه يقول له ويكلمه أيضًا، فما ثبتَ عنه يقظةً لا يُترك بما رئي منامًا. وأيضًا النائم ليس على يقينٍ من كلامه ولا من كلام تلك الصورة المُرتبة، وليست تلك صورةٌ بصرية، بل رؤيا حُلمية، وأكثر الناس لا يعرفون حقيقتها، فلذا لا يجبُ الأخذ بها. ولكن إذا لم تخالف حكمًا ظاهرًا من الشرع حَسُن العملُ بها أدبًا مع صورته صلى الله عليه وسلّم أو مِثالها. ولا ندَّعي أنه قاله صلى الله عليه وسلّم في الواقع، ولا أنه خاطبه، ولا أنه انتقل من مكانه، ولا أنه أحاط علمه الشريف بذلك البتة، وإنما الله أراه إياهُ لحكمةٍ علمها. وراجع له «شرح منهاج السنة» للسبكي. وفيه حكاية ذكرها الشيخ عبد الحق رحمه الله تعالى: أن رجلًا رأى النبي صلى الله عليه وسلّم في المنام يقول: اشرب الخمر، وكان الشيخ علي المتقي حيًا إذ ذاكَ وهو حنفي، شيخ لمحمد طاهر صاحب «مجمع البحار»، وهو أيضًا حنفي كما صرح به هو بنفسه في رسالة خطية، وسها مولانا عبد الحي رحمه الله تعالى حيث عده من الشافعية ومن مصنفات شيخه «كنز العمال» رتب فيه كتاب السيوطي رحمه الله تعالى «جمع الجوامع» - فأجابه: أن النبي صلى الله عليه وسلّم إنما قال: لا تشرب الخمر، ولكن الشيطان لَبَّس عليك، والنوم وقت اختلال الحواس. فإذا أمكن في اليقظة أن يسمعَ رجلٌ بخلاف ما قاله القائل لعلة في الخارج أو من جهته، ففي النوم أولى. والدليل عليه أنك تشرب الخمر، فأقر به، وقال: نعم إني أشرب الخمر. وعندي أنه قال له: اشرب الخمر تعريضًا على حاله القبيح، ويفهم هذا المعنى من لهجة المتكلم وكيفية تكلمه، فاللفظ الواحد قد يكون لمعناه، وقد يكون للتعريض. ثم التعريض قد يكون قوليًا وقد يكون فعليًا، يُعرف ذلك بالقرائن. وقالت هذه الطائفة: إن الحلية تُنبىء عن حال الرائي، فإن كان حاله حسنًا يراه في حالة حسنة، وإلا ففي غير ذلك. وفيه أيضًا حكاية أن رجلًا رآه صلى الله عليه وسلّم وعلى رأسه القَلنسوة الإنكليزية، فاستوحش منه، وكتب إلى مولانا الكنكوهي رحمه الله تعالى، فكتب إليه أنه إشارة إلى غلبة النصرانية على دينه. ثم التحقيقُ أن رؤيتَه صلى الله عليه وسلّم لا تتعين في رؤيةِ عين الذات المباركة، فإن الأحوال في رؤية الشخص مختلفة، فربما نرى شخصًا من الأحياء ولا يكون له علمٌ برؤيتنا ولو كان في المنام عين ما في الخارج لكان عنده شعور بها، فالمرئيُ إذًا والله تعالى أعلم قد يكونُ صورةً مخلوقة لله تعالى على مِثال تلك الصورة، أي أنه تعالى يخلق حقيقة على مثال صورتِهِ وروحانيته أرانا إياها وأوقع في نفسنا مخاطبتها إياها، وقد تكونُ روحه المباركة بنفسها مع البدن المثالي. ثم قد تكون يقظَةً أيضا كما أنها قد تكون منامًا.

ويمكن عندي رؤيته صلى الله عليه وسلّم يقظةً (¬1) لمن رزقه الله سبحانه كما نقل عن السيوطي رحمه الله تعالى - وكان زاهدًا متشددًا في الكلام على بعض معاصريه ممن له شأن - أنه رآه صلى الله عليه وسلّم اثنين وعشرين مرة وسأله عن أحاديث ثم صححها بعد تصحيحه صلى الله عليه وسلّم وكتب إليه الشاذلي يستشفع به ببعض حاجته إلى سلظان الوقت، وكان يوقِّره فأبى السيوطي رحمه الله تعالى أن يشفع له، وقال: إني لا أفعلُ وذلك لأن فيه ضررُ نفسي وضررُ الأمة، لأني زرتُهُ صلى الله عليه وسلّم غير مرة ولا أعرفُ في نفسي أمرًا غير أني لا أذهب إلى باب الملوك، فلو فعلتُ أمكن أن أحرم من زيارتِهِ المباركة. فأنا أرضى بضررِك اليسير من ضررِ الأمة الكثير. والشعراني رحمه الله تعالى أيضًا كتب أنه رآه صلى الله عليه وسلّم وقرأ عليه البخاري في ثمانية رفقة معه، ثم سمَّاهم وكان واحد منهم حنفيًا وكتب الدعاء الذي قرأه عند ختمِه. فالرؤية يقظة متحققة وإنكارُهَا جهلٌ. ثم عند مسلم في لفظ آخر: «فسيراني في اليقظة» ولعله حديث آخر ومضمون آخر يقتصر على حياته صلى الله عليه وسلّم وفيه تبشير بالصحابية لمن كان رآه في المنام، ولكن الراوي شك فيه وقال: أو فكأنما رآني، فوقع التردد في أنهما حديثان أو واحد. ونقل العيني رحمه الله تعالى فيه زيادة أخرى «فإني أرى في كل صورة» وهي تضرُ الطائفة الأولى فإنها تُشعر بالتعميم وأن لا تخصيصَ بحلية دون حلية. أقول وظاهرُ حديث البخاري يؤيد الطائفة الأولى، سيما إذا كان من لفظه: فإن الشيطان لا يتكونني، وحينئذٍ صرفُ هذه الزيادة عن ظاهرها أولى، فإنها لا توازي حديث البخاري. وشرحُهَا عندي دفع استبعاد، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلّم إذا كان في المنام هو ولم يتمكن الشيطان من تمثله، فكيف تكون رؤيته في زمان واحدٍ لأشخاصٍ عديدة في أمكنة كذلك. والجواب: أنه ممكنٌ لأنه يُرى في كل صورة. أما أن تلك صورة مثالية أو عينه صلى الله عليه وسلّم فهو تابعٌ لمنامه قد تكون كذا وقد تكون كذا (¬2). ¬

_ (¬1) قلت: وقد بحث فيه السيوطي رحمه الله تعالى في رسالته: "تنوير الحَلَكَ في رؤية النبي والمَلَكَ" وملخصه على ما أحفظ الآن: أن عامَة المحدثين إلى النفي وعامة الأولياء إلى إثباتها، وراجع التفصيل منها إن شئت. (¬2) قلت: هذا آخر ما سمعت من شيخي رحمه الله تعالى في هذا الباب. وهو يُشعر أنه اختار مسلكَ ابن سيرين ومن نحا نحوه، ولم يُعمم أمرَ الرؤية، بل قصرها على مطابقتها بما في الخارج، ولذا احتاج إلى تأويل قوله: فإني أرى في كل صورة. وقد كنتُ كتبتُ عنه فيما مضى ما يُشعر بخلاف ذلك، وهو أن السؤال عن حليته ينبغي أن يقتصرَ على الزمان الذي كان فيه أحد ممن رآه - صلى الله عليه وسلم - حيًا كما في زمن الصحابة رضي الله عنهم، وأما إذا لم يكن بقي فيه واحد منهم فلا ينبغي السؤال عنها كما هو اليوم، وهكذا يفعلون أهل العرف في رؤياهم، فإذا رأيت رجلًا في المنام وقد بقي ممن رآه في حياته يسألونك أنَّك كيف رأيت صورته؟ فلو ذكرت ما خالف حليته يكذبونك ويقولون: إنك ما رأيته، لأنه لم يكن على تلك الحلية. وأما إذا مضى عليه، برهة من الزمان ولم يبق لأحدٍ ممن رآه فلا يبحثون عن حليته، وهكذا ينبغي، فإن المنازعة إنما تكونُ ممن كان رآه، وأما إذا انقطع أثرُه وذهب ذِكره وفِكره فلا يمكن المنازعة، ويحتاج إلى تصديق رؤياه إلى شهادة قلبه فقط، فإذا ألقى في قلبه أنه رأى فلانًا فإنّه كذلك، ولو خالفت حليته مما في الخارج، فكذلك ينبغي رؤيته النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا يُسأل عن حليته اليوم، لأنه لم يبق من الصحابة رضي الله عنهم ولا من رآهم ورأى من رآهم أحد، فمن الباحث عن الحلبة إنما هو شهادة القلب وبُشرى المؤمن، فتحقيقه هذا يعلُق بالقلب ويثلج به الصدر، إلّا أنه فيما أفهم راجعٌ إلى المذهب الثاني أو أمر بين الأمرين.

ثم اعلم أن الأحاديث عامةٌ في الرؤيا تنبىء عن التقسيم الثنائي: الرؤيا من الله، والحُلُم من الشيطان. وشرحه العلماء بأن ظاهرَه إن كان خيرًا فهو من الله، ويَسألُ عن تعبيره. وإن كان مشوهًا فهو تحزينٌ من الشيطان ولا يَسأل عن تعبيره وأمره كما في الحديث. وفي بعض الأحاديث التقسيم الثلاثي أيضًا: تحديث النفس، وتخويفٌ من الشيطان، وبشرى من الله، وقد كنت مدةً طويلةً أظن أن حديث الباب يبنىء عن التقسيم الثنائي، فإذا انتفى الحُلم تعيَّنَ أن يكونَ من الله تعالى، وهذا معنى قوله: «فقد رآني» أي رؤياه صحيحة وحق ومن الله لانتفاء مَدْخليَّة الشيطان منها، لأنه لا يمكنُ أن يتمثل به صلى الله عليه وسلّم. أما الحظورُ بالبالِ أنه رآه أو انتقاشُ صورتِهِ المباكرة بتكررِ الخيال، فهما خارجان عن مصداق الحديث، فلم يدخلا تحت الشرط، فكذا في الجزاء أيضًا وإن كانا واقعين في الخارج. وبين الانتقاش والخطور فرق، فإن الرؤية في الأول متحققةٌ ولو كانت من أجل تصوره، ولا رؤية في الثاني غير الخطور بباله أنه رآه. ثم تبين لي بعد مرور الزمان أنه ينبىء عن التقسيم الثلاثي. والحديثُ لا يصرحُ إلا بانتفاء الحُلم فيه، فلا يمكنُ في رؤيته مَدْخليَّةُ الشيطان. نعم، يمكن أن يكون على طريق تحديث النفس أيضًا وحينئذٍ معنى قوله: «فقد رآني» أي تارة على طريق الرؤيا الإلهية، وأخرى على طور تحديث النفس، فبقي هذان الاحتمالان داخلين تحت مِصداق الحديث. وعلى الشرح الأول لم يكن فيه ألا احتمالُ كونِها من الله، سواءٌ كان ذلك رؤية لشخصه أو مثاله. والآن انفسحَ الأمرُ وأمكنَ أن يكونَ على طريق تحديث النفس أيضًا. بقي الشق الرابع، وهو رؤيته على سبيل الخُطور، فهو خارجٌ عن قضيةِ الحديث مطلقًا، فإنها ليست برؤيته أصلًا، فلا يدخل تحت الشرطِ فكيف في الجزاء فإن قوله: «فقد رآني» يُصدَّق فيمن تحققَ فيه الشرط، وهو قوله: «من رآني في المنام» ورؤيته على سبيل الخطور ليست من الرؤية في شيء. وهكذا أخرجه السبكي أيضًا. وجملةُ الأمر أن ما بدا لي بعد مضي الدهر هو أن الحالَ في رؤيته صلى الله عليه وسلّم على ثلاثة أنحاء كما هو عندهم في الرؤيا العامة، وإن كنتُ أظن أولًا أنه على خلافها من كونه مبنيًا على التقسيم الثنائي. وبالجملة أن الرؤية قد تكونُ عنايةً من جهته صلى الله عليه وسلّم وتلك هي أعلاها، وقد تكون تلك على المثال دون الشخص بعينِهِ، وكلتاهما داخلتان في قضية الحديث أما الرؤية على طريق الخُطور بالبال، فقد أخرجه السبكي رحمه الله تعالى. بقي تحديثُ النَّفْسِ فهو داخلٌ بعد كما ظهر آخرًا. وإنما اخترتُ هذا الشرحَ لأني رأيت الحالَ في الخارج كذلك، فلما أمكن شرحُ الألفاظ بما يطابق الخارج رأيته أولى. وتفصيله: أن القوةَ الخياليةَ بتكررِ الخيال، وممارستها قد تُحِدثُ في النفس صورةً، ولا يكون هذا إلا تصرفًا منها كما اشتهر في المثل في بلادنا: أن الهرةَ لا ترى في نومها إلا لحمًا، فإنها تحبُّه وتمارسه حتى لا تكاد تغيب عن ذهنها صورتُهُ، فتلك هي رؤياها في نومها كما هي في اليقظة، فكذلك حالُ من أُغرِمَ بحب النبي صلى الله عليه وسلّم وأكثر ذكره وطال فيه فِكرُه، ولم يزل مشغولًا به في اليقظة، فربما

40 - باب كتابة العلم

يصوِّر في نومه ما عَلِق به قلبه في اليقظة، فهذا أمرٌ ممكنٌ، بل واقعٌ ونوعُ بشارةٍ له أيضًا، فإن هذا الخيال وإن لم تكن له حقيقة لكنه مبارك. والحاصل أن رؤياه صلى الله عليه وسلّم قد تكون كرامةً من الله تعالى، وهو بشرى المؤمن حقيقة، وقد تكون على طور تحديث النفس، فهذا أيضًا نوع بِشارة، وإن كانت ضعيفة ولذا يشتركُ فيها الصالح والطالح، ولو كان مع ذلك عناية من جانبه تعالى، فالأمر أعلى؛ وأما على طريق تحزين الشيطان فهذا أبعد وأبعد، نعم، يتحقق ذلك في الرؤيا العامة، هكذا حققه الشيخ المجدد السَّرهندي رحمه الله تعالى وأعلى درجته في عليين وبعدَه الشيخ ميرزا جان جانان الشهيد والشاه رفيع الدين رحمهما الله تعالى، فإنهم كلهم كانوا قائلين بالرؤية الخيالية أيضًا. ولعَمري أنه مذهبٌ محكمٌ مطابقٌ بما في الواقع، والله تعالى أعلم. 40 - باب كِتَابَةِ الْعِلْمِ 111 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ قُلْتُ لِعَلِىٍّ هَلْ عِنْدَكُمْ كِتَابٌ قَالَ لاَ، إِلاَّ كِتَابُ اللَّهِ، أَوْ فَهْمٌ أُعْطِيَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، أَوْ مَا فِى هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. قَالَ قُلْتُ فَمَا فِى هَذِهِ الصَّحِيفَةِ قَالَ الْعَقْلُ، وَفَكَاكُ الأَسِيرِ، وَلاَ يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ. أطرافه 1870، 3047، 3172، 3179، 6755، 6903، 6915، 7300 تحفة 10311 واعلم أن الاهتمام في عهده صلى الله عليه وسلّم كان بجمعِ القرآن فقط، ولم تكن هممهم مصروفةً إلى جمع الأحاديث، بل كانوا يحفظونَها عن ظهرِ قلب، إما بالألفاظ بعينها إن أمكن، وإلا فبالمعنى مع إبقاء المراد على حاله. ثم جَمَعَ أبو بكر الصديق مما تفرق من القرآن في مقام واحد، ثم أخذ عنه عمر رضي الله عنه نقولًا في زمان خلافته. أما عثمان رضي الله عنه فكتب جميع ما كان قرأه جبرئيل على النبي صلى الله عليه وسلّم في العَرْضَةِ الأخيرة وأرسل نقوله إلى البلاد وما كانت عندهم من القراءات المختلفة أمر بحرقها لئلا يَشقَّ الناسُ عصاهم في أمر القرآن. ثم إنه ثبت عنه النهيُ عن كتابة الحديث وثبت عنه الإجازة أيضًا لبعض أصحابه صلى الله عليه وسلّم فقد رُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: إني لا أعلمُ أحدًا أحفظُ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم مني غير عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، فإنه كان يكتب ولا أكتب (¬1)، فكان عبد الله بن عمرو بن العاص جمع أحاديثه صلى الله عليه وسلّم في كتاب وسمَّاه الصادقة. ¬

_ (¬1) قلت: وأحسن وجوه التوفيق بينهما أن يقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم -، إنما نهى عن كتابتها في أول الأمر، لأن القومَ كانوا أميين لا يُحسنون طرق الكتابة وكان أهم حينتئذٍ القرآن، فلو أجيز لهم بالكتابة لخلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا، واختلط عليهم القرآن وتعسر عليهم معرفة الصحيح من غلطه، لأجل عدم تحسينهم الكتابة كما ترى اليوم، فإن الكتُبَ عامة مملوءة من الأغلاط، مع تعلُّم الناس حرفة الكتابة، حتى أن بعضها قد انقطعت عنه الفائدة لأجل =

وأخرج الطحاوي عن عمر رضي الله عنه أنه أراد أيضًا جمعَ الأحاديث واستخار إلى شهرٍ، فاستقر رأيهُ على أن لا يجمعها وقال: إني سمعت قومًا نزلت عليهم الصحيفةُ فكتبوا حديثَ نبيِّهم وانهمكوا فيها، حتى غَفَلوا عن صحيفتهم فضاعت، فرأى أن لا يجمع. ثم أول من صنف فيه من التابعين الزُّهْري، فجمع فيه السير والمغازي. ثم صنف ابن جُرَيج في زمن عبد الملك. وجمع مالك رحمه الله تعالى في «الموطأ» المرفوع مع الآثار. ثم جرَّد أحمد رحمه الله تعالى المرفوع من الآثار مع عدم التميز بين الصحيح والسقيم، حتى ظهر البخاري وصنف «صحيح البخاري» مميِّزًا بين الصحيح وغيره. حتى قيل في حقه: إنه أصحُّ الكتبِ بعد كتاب الله تعالى، ثم صنف الناس كتبًا تَتْرى على اختلافهم إلى أن بلغ الأمر كما ترى. قلت: وإن جَمْعَ الأحاديث في زمنه صلى الله عليه وسلّم وإن كان أحسنَ في بادىء الرأي، إلا أن المرضِيَّ عند ذلك كان أن لا تدونَ الأحاديثُ مثل تدوين القرآن، ولا تحفظُ حفظه، ولا تنتهي في الحتم نهايته، ولا تبلغُ في الاهتمام بألفاظها مبلغَه، ولا ينفي عنه الاختلاف والشبهات نفيها عنه، بل تبقي في مرتبة ثانوية يمشي فيها الاجتهادُ، وتفحصُ العلماء، وغور الفقهاء، وبحث المحدثين لينفسح عليهم أمر الدين، ويتوسع عليهم من كل جانب، وصدق حيث قال: «إن الدين يُسر» ثم رأيت أثرًا عن الزهري في كتاب «الأسماء والصفات» قسم فيه الوحيَ وقال: إنه لا يُكتب منه إلا قسم واحدٌ، فعلمتُ أن انضباطَ نوعٍ دون نوع في زمنه صلى الله عليه وسلّم كانت هي المسألة، لا أن عدم كتابة الأحاديث كانت اتفاقًا فقط. قوله: (ولا يقتل مسلم بكافر) وبظاهره أخَذَ الأئمة الثلاثة وقالوا: إن المسلم لا يقتل بكافر حربيًا كان أو ذِميًا. وخالفهم أبو حنيفة رحمه الله تعالى في الذِّمي وقال: إن المسلم يقتل بالذمي وإليه ذهب داود الظاهري وأبو بكر الضحاك في كتاب الديات، وأبو بكر هذا بعد البخاري بزمن قريب. قلت: والمستأمنُ أيضًا كذلك فيقتلُ بالمستأمن أيضًا، وإن كان بعض عبارات الفقه يُوهم بخلافه، لكنَّ المذهبَ ما قررنا. واحتج الأئمة رحمهم الله تعالى بقوله: «لا يقتل مسلم بكافر» ونقل الحافظ في «الفتح» أن زفرَ رحمه الله تعالى قيل له: إنك تقولُ بقتل المسلم بالذمي مع أن الحدود مُندرئةٌ بالشبهات، وأي شبهةٍ أقوى من أن يقتصَّ من المسلمِ بالذمي مع قوله صلى الله عليه وسلّم «لا يقتل مسلم بكافر» فرجع عنه وقال: أشهد أني رجعت عن هذه المسألة. وأجاب عنه ¬

_ = عدم جُودة الناسخين، فلو كان بلغ أمرُ الحديث إلى هذا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بلغَ اليوم أحاديثه - صلى الله عليه وسلم - إلينا بهذه الصحة، فإن الطبائع بعد الكتابة تتكاسل في الحفظ وتعتمدُ على الكتابة كما ترى اليوم وأَن الناس يعظمون رغبتهم في كُنُت غير مطبوعة فإذا طُبعت يتكاسلون عنها لعلمهم أنها لا تضيع الآن، ثم إذا شاع الإسلام ودخل فيه من كانوا يحسنون الكتابة، وكان عندهم علم ورآهم أَهلًا واطمأن بهم أجازهم بالكتابة، وهذا هو سر التخليط في كتبِ بني إسرائيل، أنهم كتبوا التفاسير على هوامش الكتاب فأدرجت في المتن، فلم يميزوا بينهما إلى الآن، فكان النهي في زمنه هو الأولى، هكذا استفدت من كلام ابن قتيبة رحمه الله تعالى.

الطحاوي (¬1) أن المرادَ من الكافرِ هو الحربيُّ دون الذمي، بقرينة قوله: «ولا ذو عهد في عهد» ¬

_ (¬1) قال الطحاوي في "معاني الآثار" بعدما أخرج حديث علي رضي الله تعالى عنه من لفظ "ولا ذو عهد في عهده": أن الذي فيه من نفي قتل المؤمن بالكافر هو قوله: "لا يقتل مؤمنٌ بكافر، ولا ذو عَهْدٍ في عهده" فاستحال أن يكون معناه على ما حمل إليه أهل المقالة الأولى، لأنه لو كان معناه على ما ذكروا لكان ذلك لحنًا، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبعدُ الناسِ من ذلك، ولكان لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذي عهد في عهده، فلما لم يكن نَقطٌ كذلك وإنما هو ولا ذو عَهد في عهده، علمنا بذلك أن ذا العهد هو المعني بالقصاص، فصار ذلك كقوله: لا يقتل مؤمن ولا ذو عهد في عهده بكافر. وقد علمنا أن ذا العهد كافرٌ، فدل ذلك أن الكافر الذي منع النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقتل به المؤمن في هذا الحديث هو الكافرُ الذي لا عهد له، فهذا مما لا اختلاف فيه بين المؤمنين، أن المؤمنَ لا يقتلُ بالكافر الحربي، وأن ذا العهدِ الكافر الذي قد صار له ذمة لا يقتلُ به أيضًا. وقد نجد مثل هذا كثيرًا في القرآن، قال الله سبحانه وتعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] فكان معنى ذلك: واللائي يئسن من المحيض واللائي لم يحضن إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر، فقدم وأخر. ثم أجاب الطحاوي عن كون الجملة "ولا ذو عهد" ... إلخ مستأنفة وقال: إن هذا الحديث إنما أجري في الدماء المسفوكِ بعضها ببعض، لأنه قال: "المسلمون يد على من سِوَاهم، دماؤُهم، ويسعى بذمتِهم أدناهم". ثم قال: "لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده" فإنما أجرى الكلام على الدماء التي تؤخذ قصاصًا ولم يجر على حرمة دمٍ بعهد، فيُحمل الحديث على ذلك. ثم نُقل مِثْله عن علي رضي الله عنه وهو أعلم بمعنى الحديث، ثم أتى بنظر يُؤيده وقال: إن الحربيَّ دمُه حلال وماله حلال، فإذا صار ذميًا حَرُم دمه وماله، كحرمة دم المسلم وماله، ولذا يجبُ القطع بسرقةِ ماله كما في سرقة مال المسلم، فإذا كانت العقوبة في انتهاكِ حرمة ماله كالعقوبة في انتهاكِ حُرْمة مال المسلم، كان دمُه أجرى أن يكون عليه في انتهاك حرمته من العقوبة ما يكون عليه في انتهاك حرمة دم المسلم. والنظر الثاني أنهم أجمعوا أن ذميًا لو قتل ذميًا ثم أسلم القاتل أنه يقتلُ بالذمي الذي قتَله في حال كفره ولا يُبطِلُ ذلك إسلامه، فلما رأينا الإسلام الطارىء على القتل لا يُبطِلُ القتلَ الذي في حال الكفر، كذلك الإِسلامُ المتقدمُ لا يدفعُ عنه القَوَد، وقال أهل المدينة: إن المسلم إذا قتلَ الذميَّ قَتلَ غِيلة على ماله أنه يقتل به، فإذا كان هذا عندهم خارجًا من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقتل مسلم بكافر" فما تنكرون على مخالفكم أن يكون كذلك الذمي المحايد خارجًا من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -. انتهى مختصرًا. ثم إن الطحاوي قد تكلم عليه في "مشكل الآثار" أيضًا وهو أوضح مما ذكره في "معاني الآثار"، قال الطحاوي في "مشكل الآثار": ثم تأملنا ذلك فوجدنا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا ذو عهد في عهده" لا يخلو من أحد وجهين أن يكون معطوفًا على ما قبله كما ذهب إليه أبو حنيفة وأصحابه فيه. أو على كلام مستأنف، بمعنى: ولا يقتل ذو عهد جائز قتله بمن يقتله قَوَدًا به وكان في ذلك ما قد دل أنه لم يكن قوله: "ولا ذو عهد في عهده" على نفي القتل عنه، لأن ذلك لو كان كذلك لما وجب أن يقتلَ على حال من الأحوال، والظاهرُ يوجبُ أن لا يقتلَ بحال من الأحوال ما كان في عهده. ولما وجب أن يقتلَ في عهد بحال من الأحوال لعله أيضًا سهو من الناسخ عَقَلنا بذلك أن المراد بأن لا يقتل في عهده، إنا هو بأن لا يقتلَ بمعنى خاص، ولا خاصٌ في هذا غير الكافر الحربي، لأنه عطف عليه، فصار المرادُ بأن لا يقتلَ أي بما لا يقتل به المؤمن المذكور قبله في هذا الحديث، وعاد قوله: "لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده" إلى أن لا يقتل مؤمن ولا ذو عهد في عهده بكافر غير ذي عهد وذو العهد كافر، فدل ذلك أن الكافرَ المراد في هذا الحديث هو الكافرَ غير ذي العهد، وأن قوله - صلى الله عليه وسلم - الذي ذكرناه على التقديم والتأخير، بمعنى: لو قال لا يقتل مؤمن ولا ذو عهد في عهده بكافر. ثم نقل نحوه عن عمر رضي الله عنه. عمله. انتهى. وكانت النسخة مملوءة من سهو النَّساخ فأتيتُ بعبارته مع إشارات إلى التصحيح وبعد عبارته غير مفصحة.

وشرحه بأن المسلمَ لا يُقتل بكافرٍ ولا يقتلُ ذو عهدٍ في عهده بكافر أيضًا. وحينئذٍ وجب أن يرادَ من الكافر الحربيُ فقط، ليستقيم التقابل بين ذي العهد والكافر. وقال الشافعية: إن في الحديث قطعتين: الأولى في حكم القِصاص، أي لا يقتصُ من المسلم بقتل كافر حربيًا كان أو ذميًا. وأما القطعة الثاني فلم تُذكر لحكم القصاص بل لحكمِ المعاهد، أي أنَّ القصاص وإن لم يجب لقتله، ولكن قتلُهُ حرامٌ، فلا يقتلُ ذو عهدٍ في عهده، كما في حديث رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا قال: «إلا من قَتَلَ نَفْسًا مَعَاهِدًا له ذِمَّة الله وذِمَّة رسُولِهِ، فقد أخفر ذمة الله فلا يُرَح رائحة الجنة .. إلخ»، وهذا الحديث سِيق لبيان حِرمَةِ قتله، لا لأجل القِصاص. فكذلك القِطعة الثانية في حديث الباب إنما سيق لبيانِ حرمةِ قتلهِ، وليست مرتبطة بما قبلها، وحينئذٍ يمكنُ أن يكونَ معنى الحديث: أن المسلم لا يُقتلُ بحال بكافر، سواءٌ كان الكافر حربيًا أو ذميًا. أما ذو عهد فإنه لا يقتلُ أيضًا، لأنه حَرَامٌ قتله، فلم يتعين مرادُهُ فيما ذكره الطحاوي وبقي الأمر في التردد بعد. وأجاب عنه الشيخ ابن الهُمَام (¬1) أن الحديثَ إنما ورد في دماء الجاهلية وذهولها. والمعنى أن مسلمًا بعد إسلامه لا يقتلُ في قصاص كافرٍ قَتَلَه في الجاهلية، فدعاوي الجاهلية لا يرافع بها بعد الإسلام. قلت: وهذا لطيف جدًا: فإنه قطعة من خُطبة النبي صلى الله عليه وسلّم خَطَبها في فتح مكة. وإعلانُ هذه المسألة هو الذي يناسبُ المحلَ والمقامَ. وقد ورد عند البخاري حديث آخر عن ابن عباس، وشرحه العلماء بعين هذا، وفيه أنه قال: «أبغض الناس عند الله ثلاثة: مبتغ في الإسلام سنة لجاهلية، ومطالب دم امرىء بغير حق ... إلخ». قال العلماء: إنه في دماء الجاهلية فلا يُبعد أن يكونَ هذا الحديث أيضًا في دمائها كما ادَّعاه الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى. والجواب (¬2) عندي: أنَّ حقنَ دمَ الذميِّ مستفادٌ من عهده بالمسلمين، حيث لم يعاهده ¬

_ (¬1) قال الجَصَّاص: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقتل مؤمن بكافر ... " الحديث. إن ذلك كان في خطبته يوم فتح مكة، وقد كان رجلٌ من خُزَاعة قتل رجلًا من هذيل بِذَحْلِ الجاهلية فقال عليه الصلاة والسلام: "ألا إن كل دم كان في الجاهلية فهو موضوع تحت قدمي هاتين لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده" يعني والله أعلم بالكافر الذي قتله في الجاهلية، وكان ذلك تفسيرًا لقوله: "كل دم كان في الجاهلية فهو موضوع تحت قدميّ"، لأنه مذكور في خطاب واحدٍ في حديث، وقد ذكر أهلُ المغازي أن عهدَ الذمة كان بعد فتحِ مكة، وأنه إنما كان قبل ذلك بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين المشركين عهود إلى مدد، لا على أنهم داخلون في ذمة الإسلام وحكمه، وكان قوله يوم فتح مكة: "لا يقتلُ مؤمن بكافر" منصرفًا إلى الكفار المعاهَدين إذا لم يكن هناك ذمي ينصرفُ الكلامُ إليه، ويدل عليه قوله: "ولا ذو عهد في عهده" إلخ. (¬2) وهذا الجواب أشار إليه علي رضي الله عنه، فلما رأيته سررتُ به جدًا فأخرج الجَصَّاص في "الأحكام" عن أبي الجَنُوب الأسدي قال: جاء رجل من أهل الحِيْرة إلى علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه، فقال: يا أمير المؤمنين رجل من المؤمنين قتل ابنه ولي بيِّنة، فجاء الشهود فشهدوا، وسأل عنهم فزكوا، فأمر بالمسلم فأقعِدَ وأعطي الحِيري سيفًا وقال: أخرجوه إلى الجبانة فليقتله وأمكناه من السيف، فتباطأ الحيري، فقال له بعض أهله: هل لك في الدِّية تعيش فيها وتَصنُع عندنا يدًا، قال: نعم، وغَمَدَ السيفَ وأقبل إلى علي رضي الله عنه. =

إلا على حفظِ دمهِ ومالهِ. وعند الترمذي: أن لهم ما لنا وعليهم ما علينا. فالمعاهدة لا تقع إلا على حفظِ دمه وعِرضِهِ ومالِهِ. فمن قتله من المسلمين فقد أَخْفَرَ ذمة المسلمين وافْتَاتَ عليهم، فيكون ناقضًا لذمتهم لأنهم ما عاهدوه إلا على أن دمَه يكون كدمهم، فلو لم يُقتل بقتلِهِ بَطَلَ معنى المُعاهدة فيُقتلُ لأجل معاهدتِهم إياه لا أصالة، فكأن قتل المسلم بالذمي من لوازِمِ عقد الذمة. وحينئذٍ معنى الجملة الأولى: «لا يقتل مسلم وذمي بكافر، وإنما أخرجنا لفظ الذمي في العبارة فقد بيانًا لحكمه، لأنه بعد عقد الذمة دَخَلَ في أحكام المسلمين في الدنيا لا أنه مقدَّرٌ ليكون تأويلًا. ومعنى القطعة الثانية كما ذكره الآخرون. وبهذا الطريق حصل الجواب عن الحديث مع بقاء موافقتهم في الشرح. ومن ههنا ظهر الجوابُ عما أُورِدَ على زفر رحمه الله تعالى فإن له أن يقول: يقتل لِخَفْره ذمة المسلمين وإزالةِ عصمتِها لا أصالة. ولي طريق آخر لم يسلكه أحدٌ، ويقتضي تمهيدَ مقدمة: وهي أن بيت الله كان تحت ولاية جُرْهم الذين تزوَّج فيهم إسماعيل ثم بقي كذلك في ذريتهم إلى زمان ثم تحول إلى يد خُزاعة، وليسوا بقريش، فإن لَقَبَ قريش شرع من قُصَيّ. واخُتِلف في خُزاعة أنهم كانوا مُضَرِيين أم لا؟ ثم لما صارت الولاية إلى قريش أخرجوا خزاعة ففروا إلى حوالي مكة وسكنُوا فيها، فعُلم منه أنه كانت عداوةٌ بين قريش وخُزَاعة من زمان طويل، فلما وقعَ صُلح الحُدَيْبِيَة دخل بنو خُزاعة في العهد مع النبي صلى الله عليه وسلّم وكان النبي صلى الله عليه وسلّم ارتضع فيهم ودخل بنو بكر أو بنو ليث - هكذا يشك الراوي - مع قريش. ومضى عليه زمان حتى وقعت حربٌ بين بني خُزَاعة وبين بني بكر حليف قريش فأعانهم قريش على خلاف المُعَاهدة ونقضوها وقتلوا رجلًا من خزاعة، فجاء خزاعةُ وافدين إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وقد أخبره الله سبحانه عنهم قبل مجيئهم وكان يتوضأ وهو يقول: «سأنصر خزاعة». فسألته عائشة رضي الله عنها ممن تكلم يا رسول الله؟ قال: يجيء وَفْدُ خزاعة فلما جاؤا وقَصُّوا عليه القِصة وعدهم بالنُّصْرِة، وغزا قريشًا مع عشرة آلاف من صحابته وحاربهم من الطلوع إلى الغروب، وهي الساعة التي أَحلت له صلى الله عليه وسلّم فلما فتحت مكة أعلن النبي صلى الله عليه وسلّم بالأمن وكان رجل من بني بكر - أو ليث - يجيء إلى النبي صلى الله عليه وسلّم ولا يدرى أنه كان يريد الإسلام أم لا؟ فقتلته خُزَاعة بقتيل لهم على بني بكر - أو ليث - كما كانت عادتُهم في الجاهلية، فأُخبرَ به النبي صلى الله عليه وسلّم فَرَكب راحلتَه مُغضَبًا وخَطَبَ: أن الله تعالى حبس عن مكة القَتْل أو الفيل». قال ¬

_ = فقال: لعلهم سبُّوكَ وتواعدُوك قال: لا والله، لكني اخترت الدية، فقال علي: أنت أعلم. قال ثم أقبل علي رضي الله عنه على القوم فقال: أعطيناهم الذي أعطيناهم لتكون دماؤُنا كدمائهم، ودياتا كدياتهم، وهو مذهب عمر رضي الله عنه، وعلي رضي الله عنه، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، قال ولا نعلمُ أحدًا من نظرائهم خالف ذلك.

محمد، أي البخاري: اجعلوه كذلك على الشك فإني سمعت من شيخي هكذا إلى أن قال: «فمن قتل قتيلًا فهو بخير النظرين» ... إلخ. وكانت هذه واقعةٌ قَتَلَ مَسلمٌ ذميًا، لأن الرجل وإن لم يكن ذميًا لكنه كان في حكمهم، لأنه لما أمر بالكفِّ عن القتال وأمن الناس فدخل هذا الرجل أيضًا في أمنه، والنبي صلى الله عليه وسلّم ذَكَرَ فيه القصاصَ صراحةً، فإن النظرة الواحدةَ هي القصاصُ، فمورد الحديثِ يُقوي مذهبنا ويلزم عليهم أن يخصِّصوا النصَّ بما وراء المورد، فلا يكون له حكم في المورد. وهذه المسألة اختلف فيها الأصوليون: أنه هل يجوز إخراج مورد الحديث عن حكم النص أولًا؟ والظاهرُ أنه لا يجوز، فعليهم أن يخصُّوا النصَّ بما وراء المورد. وإنما لم يقتص منه النبي صلى الله عليه وسلّم مع جَوَازِه لأنه أعذره، وكان الموضِعُ تسامحٍ وإغماض، لأن إعلان الأمن كان عن قريب، واحتملت المدة أن لا يشيعَ خبرُهُ ولا يصل إلى الأطراف أو يقال: إنه عَفَى عنه، وهذا جائز بشرطِ عدم الخُصومة والمراضاة، كما في فقهنا: أن المستحب للقاضي أن يدعوهم إلى الصلح أولًا كالتحكيم. وفَعَلَه عمر رضي الله عنه في الحقوق المالية كثيرًا. وإنما أدى الدية من قِبَلَ نفسه إطفاءًا لنار الفتنة. ثم عند الترمذي في كتاب الديات ما هو أصرح منه في شموله سبب الورود أيضًا. عن أبي شُريح الكعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «ثم إنكم معشر خُزَاعة قتلتم هذا الرجل من هذيل، وإني عاقلته فمن قتل له قتيل بعد اليوم فأهله بين الخيرتين ... إلخ» فهذا يدل على أنه كان ينبغي أن يقتصَّ منه إلا أنه أغمض عنه لمصلحةٍ رآها. ثم إن الحافظ نقل رواية عن الواقدي واستدل منه لمذهبه، إلا أنه لم يُسمِّه، فقلت: سبحان الله، وهل يُستدل بمثل الواقدي في أحكام الفقه؟ ولو فعله حنفيٌ لبقي عليه عارهُ أبدَ الدهر. وتحصل من المجموع أربعة أجوبة: الأول: أن المراد من الكافر هو الحربي دون الذمي، بقرينة مقابلته بالذمي. والثاني: أن الحديث في وضع دماء الجاهلية. والثالث: أن الذمي في حكمِ المسلم في النفس فقط والمال بنص الحديث وبالعهد فيدخل في المسلم بهذا الاعتبار. والرابع: أن النبي صلى الله عليه وسلّم أعلنَ في خُطبته بالقِصاص بين المسلم والذمي، فاعلمه. 112 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ خُزَاعَةَ قَتَلُوا رَجُلًا مِنْ بَنِى لَيْثٍ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ بِقَتِيلٍ مِنْهُمْ قَتَلُوهُ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فَخَطَبَ فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْقَتْلَ - أَوِ الْفِيلَ شَكَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ - وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُؤْمِنِينَ، أَلاَ وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِى، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِى أَلاَ وَإِنَّهَا حَلَّتْ لِى سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، أَلاَ

وَإِنَّهَا سَاعَتِى هَذِهِ حَرَامٌ، لاَ يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ تُلْتَقَطُ سَاقِطَتُهَا إِلاَّ لِمُنْشِدٍ، فَمَنْ قُتِلَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِمَّا أَنْ يُعْقَلَ، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ الْقَتِيلِ». فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ اكْتُبْ لِى يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ «اكْتُبُوا لأَبِى فُلاَنٍ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلاَّ الإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِى بُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِلاَّ الإِذْخِرَ، إِلاَّ الإِذْخِرَ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يُقَالُ يُقَادُ بِالْقَافِ. فَقِيلَ لأَبِى عَبْدِ اللَّهِ أَىُّ شَىْءٍ كَتَبَ لَهُ قَالَ كَتَبَ لَهُ هَذِهِ الْخُطْبَةَ. طرفاه 2434، 6880 - تحفة 15372 - 39/ 1 113 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ أَخْبَرَنِى وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ عَنْ أَخِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ مَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْهُ مِنِّى، إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلاَ أَكْتُبُ. تَابَعَهُ مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. تحفة 14800 112 - (قوله: ولا تحل لأحد بعدي) وهذا تكوينٌ ولا يخالفُ تسلط الكفارِ على مكة في زمان، لما في «الجامع الصغير»: أن مكةَ لا يُحِلها أحد حتى يُحلِها أهلها. قوله: (ولا تلتقط) وإنما عَدَلَ إلى المجهول لكونِهِ أبلغَ من المعروف ههنا، لدَلالته على انتفاء الفعل رأسًا. وهو حكم لُقطَةِ الحرم عند الشافعي رحمه الله تعالى، أي من التقطها يجبُ عليه التعريف دائمًا لقوله: «إلا لمنشد». وعندنا حكمُها حكمُ سائر اللقطات. وإنما خصَّها بالذكر للاعتناء بشأنها، لأنه يمكن أن يفهمَ ناظرٌ عدم الإنشاد فيها، فإنه محل مجتمعُ فيه الناس من كل فجٍ عميقٍ، فلعله لا يظهر فيه للإنشاد كثيرُ فائدة لرجوع الناس إلى أوطانهم. فقال إن فيها الإنشاد أيضًا. قوله: (فمن قُتِل) يعني أن المسألةَ بعد اليوم تكونُ كذلك، كما هو صريح عند الترمذي وقد مر وإنما سامح في هذه الواقعة لما مر من قبل. قوله: (إما أن يقاد من أقاد) بمعنى قصاص دلوانا ويقاد يعنى قصاص دلوائى جائين وبظاهره أخذ الشافعي رحمه الله تعالى. وموجِبُ القتلُ عنده على التخيير: إما القصاص، وإما الدِّية. وعندنا: موجبُ العمد هو القصاص فقط. وإنما يُرجع إلى الدِّية بالمراضاة، فلو عفا الأولياء عن القِصاص أو سكتوا ثم طالبوا الدِّية بعد بُرهة ليس لهم شيء، وإنما عليهم ذِكْرُ مالِ الصلح في المجلس. قلت: والحديثُ صادقٌ على مذهبنا أيضًا فإنه جاز له أن يقتصَّ منه وأن يأخذ الدِّية عندنا أيضًا، وإنما لم يذكر رضا القاتل لأن رضا القاتل ببذل المال عن نفسه أمر بديهي والعسر إن كان ففي رضا أولياء المقتول على الدية فإنهم يأخذون المال بدل النفس. ومعلوم أنَّ النَّفْسَ أعز. ولذا لم يذكر شرط الرضا في القاتل، وإنما لا أدخل في هذا الباب لأنه من باب التفقه. ثم

41 - باب العلم والعظة بالليل

الحافظ العيني رحمه الله تعالى أطال الكلامَ ههنا وقال: إنه ليس فيه تخيير للأولياء، بل فيه تعريضٌ لهم بالأخذ بالأحسنِ والأصلح، ومراده أن خذوا بما كان أحسنَ وأصلح أما إنه خيرهم مستقلًا أو برضا القاتل؟ فإنه أمرٌ بمعزلٍ عن الحديث. وراجع كلامه إن شئت. قوله: (إلا الإذخر) وهو نوع من النبات مرجياكند وفي الفنجابى كترن بالنصب على الاستثناء. وعند ابن مالك يجوز الرفع أيضًا، وتقديره إلا الإذخر فإنه مُستثنى، وحينئذٍ المستثنى جملة كما في قوله تعالى: {فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: 26 - 27] وبه يندفع الإشكال عن الآية. وقد مر الكلام عليها. ولعل إجازته واستثناؤه بالوحي. وليعلم أن تلكَ الصحيفة كانت عند أبي بكر رضي الله عنه، ثم عند عمر رضي الله عنه كما عند الترمذي في الزكاة وكانت في قِرَاب السيف، وكانت فيها أحكام الزكاة كما في البخاري أيضًا. وفي «مصنف ابن أبي شيبة» بإسناد جيد، يدل على أنها كانت فيها مسائل الزكاة على وفق مذهب الحنفية، إلا أن الحافظ لما جمعَ أحكام تلك الصحيفة أغمضَ عن تلك المسائل ولم يلتفت إليها، فعفى الله عنه حيث أخفى شيئًا كان فيه منفعةٌ للحنفية. ثم هذا من دأبي القديم أني إذا أجدُ أمرًا في البخاري ولو كان مُجملًا، ثم أجد تفصيلُهُ في غيره أضيفُ ذلك التفصيلَ إليه، وعلى هذا ادَّعى أن مذهبَ الحنفية في باب زكاة الإبل ثابتٌ من البخاري. 114 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا اشْتَدَّ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَجَعُهُ قَالَ «ائْتُونِى بِكِتَابٍ أَكْتُبُ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ». قَالَ عُمَرُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - غَلَبَهُ الْوَجَعُ وَعِنْدَنَا كِتَابُ اللَّهِ حَسْبُنَا فَاخْتَلَفُوا وَكَثُرَ اللَّغَطُ. قَالَ «قُومُوا عَنِّى، وَلاَ يَنْبَغِى عِنْدِى التَّنَازُعُ». فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبَيْنَ كِتَابِهِ. أطرافه 3053، 3168، 4431، 4432، 5669، 7366 - تحفة 5841 114 - قوله: (فخرج) ولعل خروجه فيما بعد، لا عند واقعة القُرِطاس، لأن ابن عباس لم يكن هناك كما عند البخاري في موضع آخر، كأن يقول ابن عباس رضي الله عنه ... إلخ. وهو الصواب فالمرادُ من الخروج ههنا خروجُه إلى تلامذته، وهذا وإن كان خلافَ الظاهر لكنه يجبُ المصيرُ إليه. 41 - باب الْعِلْمِ وَالْعِظَةِ بِاللَّيْلِ 115 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ هِنْدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَعَمْرٍو وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ هِنْدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتِ اسْتَيْقَظَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ «سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الْفِتَنِ وَمَاذَا فُتِحَ مِنَ

42 - باب السمر في العلم

الْخَزَائِنِ أَيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الْحُجَرِ، فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِى الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِى الآخِرَةِ». أطرافه 1126، 3599، 5844، 6218، 7069 - تحفة 18290 - 40/ 1 العِظة: التذكير للغير. والعلم: التذكير لنفسه. والمصنف رحمه الله تعالى يُشير إلى قوله صلى الله عليه وسلّم «لا سمر بعد العشاء ... إلخ» ويقول: إن العلم والعظة ليس من السمر، فيجوز. قوله: (صدقة) هو محدث متشدد في حق الحنفية، وراجع له نيل الفرقدين. 115 - قوله: (ذات ليلة) قال الرضي: إن كلمة ذات مؤنث ذو، وتكون صفةً لموصوف محذوف، أي مدة ذات ليلة. وقال العيني رحمه الله تعالى: إنها مقحمة زعمًا منه أنها بمعنى الحقيقة. قلت: وما اختاره الرضي أقرب، فإنه في هذا الباب أحذق. قوله: (ماذا أنزل) وهذا من باب تجسد المعاني، ثم ما رآه النبي صلى الله عليه وسلّم فهو أيضًا نحو من الوجود كالتقدير، فعلى هذا ما يقدر في ليلة البراءة هو أيضًا نحو من الوجود. وقد مر سابقًا أن للوجود أنحاءً من الجسماني، والرُّوحاني، والمِثالي، والعلمي، والذر، والتقديري كلها وجودات لشيءٍ واحد. وكذا كل وجود عالم برأسه، فهذه سبع وجودات (¬1) وسبع عوالم، وهو الله سبحانه رب العالمين. وسيجيء تحقيقُ عالمِ الذر بما لم يقرعُ سمعك إن شاء الله تعالى. وبه ينحلُ حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه: «أن الله خلق سبع أرضين» إلخ وقد أشكل على الناس. وألف مولانا محمد قاسم النانوتوي فيه رسالة مستقلة. والوجه عندي: أن الحديث تعرَّض إلى أنحاء وجُودات الشيء، فالشيء واحدٌ وهو متعددٌ بتعدُدِ الوجُودات، لا أنها أشخاصٌ متعددة وأشياء كثيرة فافهم، وستنفعك هذه الإشارة إن شاء الله تعالى. قوله: (صواحب الحجر) جمع حُجْرة، ثم إن كانت مُسَقَّفةً فهي بيت، وإلا فحجرة. وصرح السَّمْهُودي في «الوفا» أن لكل من أزواجه صلى الله عليه وسلّم كانت حجرة وبيتًا. قوله: (رب كاسية عارية) بفقدان العمل ولباسِ التقوى ذلك خير، وهي إن كانت مرفوعة فهي جواب رُبَّ، وإن كانت مجرورةً فجوابه محذوف. 42 - باب السَّمَرِ في الْعِلْمِ 116 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ وَأَبِى بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ صَلَّى بِنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْعِشَاءَ فِى آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ فَقَالَ «أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ». طرفاه 564، 601 - تحفة 6867، 8578 ¬

_ (¬1) ذكرت ههنا ستة، فلعل السابع سقط من الضبط، وعسى أن يكون السابع: الوجود البرزخي، (من المصحح).

وإطلاق السمر في العلم كإطلاق التغني في القرآن، وإلا فالسمر لا يكون إلا في غير العلم كالقصص والحكايات. وقال النبي صلى الله عليه وسلّم «ليس منا من لم يتغن بالقرآن» وألطفُ شروحِهِ ما ذكره ابن العربي: أن مراده وضعُ القرآن موضعَ الغناء واختياره مكانه، فإن الغناءَ ألذُ عند عامة الناسِ، والمطلوب تركه، فإذا تركه لا بد أن يضعَ مكانه شيئًا آخر يتلذذُ به، فعلى المؤمن الخاشع أن يجعلَ القرآنَ مقامَه ويتنزه قلبه به، ويتركَ ما لا يعنيه، ويشتغل بما يعنيه. ومن لم يفعل كذلك واشتغل باللهو والغناء وأضاعَ فيه وقته وجعلَ القرآن خلفَ ظهره، فإنه ليس منه صلى الله عليه وسلّم وليس على طريقه. قوله: (أرأيتكم) قال النُّحاة: ضميرُ المنفصلِ فيه تأكيدٌ للمتصل. ومعناه: أرأيتم ومحصلُه أخبرني على حد قول سعدى في بوستان. *"دو لشكر بهم برزدنذا زكمين ... توكفتى زدند آسمان برزمين" يعني: لو كنتُ هناك لقلتُ هذا وكذلك معناه، لو كنت فرأيت فأخبرت. 116 - قوله: (لا يبقى) ... إلخ وقد وقعَ في شرحه أغلاطٌ. ومعناه: أن كل من كان موجودًا في وقت تكلمه على وجه الأرض فإنه لا يتجاوزُ عن هذه المدة، فالذين وُلدُوا بعد هذه، لم يدخلوا تحت هذه المقُولة، وكذا لا حكمَ فيه بأن عمرَ أمته لا يزيد عليه. ومن ههنا قال المحدثون: إن دعوى الصُّحْبة بعد تلك المدة باطلة كما ادَّعى بابًا رَتَن في بهتندا وردَّ عليه الذهبي فأخطأ في اسمه فكتبه «بطرند». وتصحيح اسم لسان من عالمِ لسان آخر أمرٌ عسير. وآخرهم وفاةً في مكة إنما هو عامر أبو طفيل، وفي المدينة جابر رضي الله عنه، وأنهما ماتا في تلك المئة كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلّم. ثم تكلم في الخضر أنه حي الآن أو مات هو أيضًا؟ ونسب إلى البخاري أنه ليس بحيِّ. وعند عامتهم هو حيّ. وأحسن ما يستدل به على حياته ما في «الإصابة» بإسناد جيد أنّه خرج عمر بن عبد العزيز مرة من المسجد ومشى مع رجل يتكلم معه فلم يعرفه الناس، فسألوه عنه فقال: إنه كان خَضِرًا. والعرفاء أيضًا ذهبوا إلى حياته إلا أنهم قالوا: بالبدن المثالي كما صرح به بحر العلوم. ثم قيل في وجه الجواب: أنه يمكن أن يكون على وجه البحر إذ ذاك لا على وجه الأرض، فلا يدخل في قضية الحديث. وعندي هو مخصوصٌ، فإن العموم على التحقيق ظني. ثم هو من رجال الأمم السابقة وغائب عن الأبصار، فلا بُعدَ في أن لا يشمَلَه الكلام ويبقى خارجًا عنه. ومن زوال كلام البلغاء لا يراها تأويلًا، بل هو الطريق المسلوك في العبارات. 117 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بِتُّ فِى بَيْتِ خَالَتِى مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَهَا فِى لَيْلَتِهَا، فَصَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْعِشَاءَ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ، ثُمَّ قَالَ «نَامَ الْغُلَيِّمُ». أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا، ثُمَّ قَامَ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَجَعَلَنِى عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ نَامَ حَتَّى

سَمِعْتُ غَطِيطَهُ - أَوْ خَطِيطَهُ - ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ. أطرافه 138، 183، 697، 698، 699، 726، 728، 859، 992، 1198، 4569، 4570، 4571، 4572، 5919، 6215، 6316، 7452 - تحفة 5496 117 - قوله: (عن ابن عباس) إنما سنه عباس ليرى صلاةَ ليله صلى الله عليه وسلّم ولاستيفاء دينه منه، لما كانت جرت بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلّم معاملة للدين، فكان يستقرض منه ويصرفه في مصارف الزكاة، ثم يؤديه إذا جاء عنده من مال الزكاة. واعلم أنه اخُتلف في عدد ركعات صلاة ليله صلى الله عليه وسلّم تلك، فقيل إنها إحدى عشرة وقيل ثلاث عشرة، ولم يترجح واحد منهما. قوله: (فصلى أربع ركعات ... إلخ) وفهم الحافظ أنها قطعة من صلاة ليله صلى الله عليه وسلّم والركعتان الأخيرتان كانتا سنة الفجر. وعندي هي سنهُ بعدِية للعشاء. وصرح الشيخ ابن الهُمام رحمه الله تعالى بأن المؤكَّدة وإن كانت هي الركعتان، إلا أن الأربع أيضًا مأثور بعد العشاء. وعند أبي داود عن عائشة رضي الله عنها قال: سألت عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقالت: ما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلّم بعد العشاء إلا صلى أربع ركعات أو ست ركعات (¬1). والتحقيق عندي: أن الراوي جمع فيه قِطعتين من صلاته صلى الله عليه وسلّم فذكر السنة البعدية وخَمْسًا من صلاة الليل، وحذف منها الباقي كما هو مصرح عند أبي داود عن سعيد بن جبير. فجاء فصلى أربعًا ثم نام، فهذه هي السنة البعدية، ثم قام يصلي ... فصلى خمسًا. وعند أبي داود: فصلى ركعتين ركعتين حتى صلى ثماني ركعات، ثم أوتر بخمس لم يجلس بينهن ... إلخ، فصارت تلك إحدى عشرة ركعة صلى ثمانية منها في سلسلة وخمسة في سلسلة أخرى. فاقتصر الراوي على إحدى السلسلتين وترك الأخرى. أما الاستدلال بقوله: أوتر بخمس ... إلخ على خلاف وِتْرية الثلاث فليس بناهض، بل يُبنى على خفاءِ حقيقة صلاته صلى الله عليه وسلّم في تلك الليلة. فاعلم أن صلاته صلى الله عليه وسلّم في تلك الليلة على ما يظهر من الروايات كانت هكذا: أربع ركعات، وثمان ركعات، وخمس ركعات، وركعتين. والأرجح عندي في الأربع أنها كانت سنة بعد العشاء كما مر، فمجموع صلاة ليله: ثلاثة عشر، والركعتان سنة الفجر. فصلى ثماني منها في سلسلة، وخمسًا أخرى في سلسلة، يعني صلى ثماني ركعات، ركعتين ركعتين ولم يجلس بينهما للاستراحة، فصارت تلك سلسلة واحدة ثم جلس. وليست هذه الجلسة إلا جلسة الاستراحة، لا ما تكون في خلال الصلاة، ثم أتمها بخمسة أخرى، فصلى ركعتين من صلاة الليل وثلاثًا للوتر في سلسلة واحدة، ثم جلس جلوس الفراغ، ثم ركع ركعتي الفجر. ¬

_ (¬1) قلت: وعن ابن مسعود رضي الله عنه موقوفًا: أربع ركعات بعد العشاء يحاسبن بمثلهن في ليلة القدر لعله حديث آخر ولم يتيسر لي السؤال عنها أنها السنة البعدية أو صلاة مستقلة. حتى رحل الشيخ إلى جنة النَّعيم، فيمكن أن تكون الأربع هي هذه.

وإذا كانت صلاته في تلك الليلة هكذا، سرى فيه تفنن العبارات. فذكر بعضهم السنَّة بعد العشاء، وحذف ثمان ركعات من صلاة ليله، ثم ذكر ركعات الوتر مع قِطعةٍ من صلاة ليله، ثم ذكر ركعتي الفجر كما هو عند أبي داود عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس قال: بتُ في بيت خالتي ميمونة بنت الحارث فصلى النبي صلى الله عليه وسلّم العشاء، ثم جاء فصلى أربعًا ثم نام - وهذا قريب من الصريح في أنها كانت سنة بعد العشاء، لأنه صلاها قبل النوم وبعد العشاء - ثم قام يُصلي فقمت عن يساره، فأدارني فأقامني عن يمينه، فصلى خمسًا ثم نام - وهذه الخمسة من صلاة ليله، وسقط عنه ذكر الثمانية ههنا - ثم قام فصلى ركعتين ثم خرج فصلى الغَدَاة. وهذا صريح في أن الركعتين كانتا سنة الفجر، لأنه فَصَلهما عن الخمس وذكرهما عند الخروج إلى الفرض. والدليل على أن ذكر الثمانية سقط من الراوي ما عنده عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس من طريق آخر: أنه قال: قام فصلى ركعتين ركعتين حتى صلى ثماني ركعات، ثم أوتر بخمس لم يجلس بينهن - وبقي في هذا الطريق ذكر ثنتي الفجر - وأيضًا عنده في تلك القصة أنه صلى ركعتين خفيفتين ثم سلم، ثم صلى حتى صلى إحدى عشرة ركعة بالوتر ثم نام - فذكر فيه مجموع عدد صلاة الليل بدون الفصل بين الثمانية والخمس. وقد علمت حال الاختلاف في بيان العدد المجموع بين إحدى عشرة وثلاث عشرة - فأتاه بلال فقال: الصلاة يا رسول الله، فقام فركع ركعتين ثم صلى للناس، وهذا أصرح في أنهما كانتا سنة الفجر لا غير - فيذكر الراوي تارة صلاته قِطعةً قِطعةً لأنها كانت في الخارج كذلك، وتارة يُعطى العدد المجموع لداعية له، وأخرى قد يتعرض إلى ركعتي الفجر وقد يحذفها. وإذا تبينتَ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم صلى الثمانية في سلسلةٍ وفصل بين هذه القِطعة وقطعة أخرى بعدها لم يبعدُ حذفها من العبارة أَيضًا. ثم إذا لم يحصل له الفراغ عن صلاة ليله إلا بعد الخمس، تعرض إلى بيانه وقال: أوتر بخمس ثم فرغ عن صلاته، يعني تمت صلاته على هذا العدد ولم يتجاوزه. وعبر عنه بقوله: لم يجلس بينهن، أي جلوس الفراغ، لأنه كان بصدد حكاية ما رأى من كيفية صلاته صلى الله عليه وسلّم ولم يره جالسًا جلوس الفارغ إلا بعد الخمس، فرواه كما رأى، وليس هو بصدد بيان ركعات الوتر فقط أو الجلسات بينهما، وإنما أراد أن يحكيَ عن صورة صِلاته في تلك الليلة. وكان ذهب لذلك فكأنه أراد التصوير على اصطلاح علماء المعاني، ولم يكن منه بدٌ أن يذكرَ تلك القطعات كذلك. إلا أن بعض الرواةِ لما ذكرها إجمالًا ذكر العدد المجموع فقط، وبعضهم زاد ونقص حسب ما سنح لهم عند روايتهم. ثم إن الدليل على أن الوترَ من تلك الخمس كانت هي الثلاث: ما أخرجه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنه في تلك القِصة بعينها وفيه: ثم فعل ذلك ثلاث مراتٍ ستَّ ركعات، كل ذلك يَستاكُ ويتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم أوتر بثلاث. وأشار الحافظ رحمه الله تعالى إلى تفرُّدٍ فيه. قلت: لا تفردَ فيه، بل له متابعاتٌ شتى أخرجها الطحاوي عن قيس بن سليمان، عن كريب مولى ابن عباس: أن عبد الله بن عباس

حدثه ... ثم أوتر بثلاث، وفيه غَلطٌ من الكاتب إنما هو: مَخْرَمة بن سليمان عن أبي إسحاق، عن المنهال بن عمرو، عن علي بن عبد الله بن عباس رضي الله عنه وفيه: حتى صلى ست ركعات وأوتر بثلاث. وعنه عند النسائي عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوتر بثلاث. وهو عند الطحاوي أيضًا. فتحصل من هذه المتابعات أن وتر النبي صلى الله عليه وسلّم في تلك الليلة كانت هي الثلاث. وإنما ذكر معه الركعتين من صلاة الليل لأنهما كانتا صُليتا معه في سلسلة كما علمت. وستعلم إن شاء الله تعالى أن المطلوبَ في نظر الشارع أن يصلي الوتر مع شيء من صلاة الليل، وهو معنى قوله: «لا توتروا بثلاث، أوتروا بخمس أو سبع ... إلخ» فمعنى النهي عن الإيتار بالثلاث إفرازها عن صلاة الليل، والإيتار بها بدون أن يكون شيء قبلها. أما إذا كان قبلها ركعتان أو أربع ركعات، فقد خَرَجَ عن معنى النهي، لأن الوتر لما كانت لإيتار صلاة الليل، ناسب أن تكون قِطعة من صلاة الليل معها، ليظهر معنى الإيتار، وستعرف إن شاء الله تعالى. وقال مولانا شيخ الهند محمود حسن رحمه الله تعالى: الركعتان مع الوتر ليستا قِطعة من صلاة الليل، بل هما اللتان تصليان بعد الوتر قاعدًا. وقد كان رحمه الله تعالى يُجري هذا الجواب في حديث عروة أيضًا. قلت: أم الأحاديث في الركعتين بعد الوتر فقد بلغت إلى الأربع وكلها صحاح، إلا أني لم أختر هذا التوجيه، لأن مالكًا رحمه الله تعالى أنكرهما ولم يخرج لهما في «موطئه» شيئًا، ورآه وهَمًا مخالفًا لقوله صلى الله عليه وسلّم «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا» فإنه صريح في أن الوتر ينبغي أن يكون في آخر صلاة الليل، وحينئذٍ لو سُلِّم ثبوت الركعتين بعده لزم أن يكون الآخر هما هاتان، وتفوت آخرية الوتر. والبخاري رحمه الله تعالى وإن أخرجهما في كتابه إلا أنه لم يبوب على هذا اللفظ. وقد تحقق عندي: أن البخاري رحمه الله تعالى إذا يخرج لفظًا ويكون فيه ضعف عنده لا يُترجم عليها، فهذا أيضًا دليلٌ على ضعف في المسألة عنده. ثم إن السلف أيضًا كانوا مختلفين فيها، فحملها على هاتين الركعتين، وإن كان ممكنًا في حديث ابن عباس رضي الله عنه، إلا أني تركته لما علمت آنفًا. أما في حديث عُروة فحملُها على هاتين الركعتين مُشكلٌ، فإن عروةَ ممن ينكرهما رأسًا كما هو في «قيام الليل» للمروزي، فهاتان غير ما في حديث عروة قطعًا. إن أمكن حملهما عليهما في غير حديثه، إلا أني لمّا لم أحملُهما في حديث عروة على الركعتين بعد الوتر لما علمت، وجعلتهما من صلاة الليل. لهذا المعنى أحببتُ أن تكون شاكلةُ الجواب في كلها واحدة، وإن أمكن الحملُ عليهما في حديث ابن عباس رضي الله عنه. أما المسألة في هاتين الركعتين فإنهما جائزتان عندي، غير أنهما تصليان قاعدًا. وقد اتضحت لي حكمةُ القعود أيضًا، وهي: إبقاء آخرية الوتر ولو بوجه، فإنها وإن فاتت صورةً ناسب أن لا تفوت معنى أيضًا، فحرفهما عن شاكلة الصلاة التي صليت قبلهما، لتصير صلاة متميزةً مستقلةً ممتازةً عما قبلها ويبقى الوتر آخرًا فيما جعل لها آخرًا، وهي صلاة الليل. وأما الركعتان بعدها فكأنها صلاة أخرى لم يقصد تأخير الوتر عنها. ولما كان القعودُ فيها لتغيير

43 - باب حفظ العلم

الشاكلة وإبقاء آخرية الوتر، كان قصديًا فلو صلاهما قائمًا يفوت المعنى. والله تعالى أعلم بالصواب. 117 - قوله: (نام الغليم) قيل: وهو موضع الترجمة. قال الحافظ رحمه الله تعالى: بل هو مذكور في طريق آخر عنده في كتاب التفسير، وفيه: فتحدث مع أهله ساعة. قلت: وهو الصحيح، وهذا هو السمر الذي أراده. 43 - باب حِفْظِ الْعِلْمِ 118 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَلَوْلاَ آيَتَانِ فِى كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُ حَدِيثًا، ثُمَّ يَتْلُو (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ) إِلَى قَوْلِهِ (الرَّحِيمُ) إِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ، وِإِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الْعَمَلُ فِى أَمْوَالِهِمْ، وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِشِبَعِ بَطْنِهِ وَيَحْضُرُ مَا لاَ يَحْضُرُونَ، وَيَحْفَظُ مَا لاَ يَحْفَظُونَ. أطرافه 119، 2047، 2350، 3648، 7354 - تحفة 13957 119 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ أَبُو مُصْعَبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيثًا كَثِيرًا أَنْسَاهُ. قَالَ «ابْسُطْ رِدَاءَكَ» فَبَسَطْتُهُ. قَالَ فَغَرَفَ بِيَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ «ضُمُّهُ» فَضَمَمْتُهُ فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدَهُ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى فُدَيْكٍ بِهَذَا أَوْ قَالَ غَرَفَ بِيَدِهِ فِيهِ. أطرافه 118، 2047، 2350، 3648، 7354 - تحفة 13015 - 41/ 1 120 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنِ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وِعَاءَيْنِ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ. تحفة 13023 119 - (فما نسيتُ بعد) والظاهر عندي عدم نِسيانه جميع ما سمعه في عمره، لا أنه يقتصرُ على هذا المجلس فقط. والعلم الآخر إنما لم يبثه أبو هريرة رضي الله عنه لأنه كان يتعلق بالفتنِ وأسماء أمراء الجَور، كما نقل في «حاشية الصحيح» للشيخ أحمد علي رحمه الله تعالى فراجعه. ثم إن هذه الأمة إنما ابتُليت بالفتن لأنها رُفعَ عنها عذاب الاستئصال. وعليهم تقوم الساعة، فابتليت بالفتن للتمحيص. 44 - باب الإِنْصَاتِ لِلْعُلَمَاءِ 121 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَلِىُّ بْنُ مُدْرِكٍ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ جَرِيرٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ «اسْتَنْصِتِ النَّاسَ» فَقَالَ «لاَ

45 - باب ما يستحب للعالم إذا سئل: أي الناس أعلم؟ فيكل العلم إلى الله

تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». أطرافه 4405، 6869، 7080 - تحفة 3236 وقد مر أن الإنصات صموت للاستماع. ومعناه توجيه الحواسِّ نحو المتكلم لما يُلقى إليه منه. وفي كتب غريب الحديث: أنه بمعنى سكتَ سكوتَ مُستمع، فقيل: إنه تقييد، وقيل: تشبيه فقط. والأول يفيدنا في مسألة القراءة خلف الإمام، وإن كان الثاني فلا يفيدنا، فإن معناه حينئذٍ أن يكون حالهُ مشابهًا لحالِ المستمعِ وإن لم يكن مُستمعًا حقيقة. وقد مر مني أن الآية تقتصر على الجهرية فقط، فلا تقوم حجةً عليهم في حق السرية. 121 - قوله: (رقاب بعض) مفعولٌ مطلق، أو حالٌ للتشبيه. 45 - باب مَا يُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَيَكِلُ الْعِلْمَ إِلَى اللَّهِ 122 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ نَوْفًا الْبِكَالِىَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى لَيْسَ بِمُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ، إِنَّمَا هُوَ مُوسَى آخَرُ. فَقَالَ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَامَ مُوسَى النَّبِىُّ خَطِيبًا فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ، فَسُئِلَ أَىُّ النَّاسِ أَعْلَمُ فَقَالَ أَنَا أَعْلَمُ. فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِى بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ. قَالَ يَا رَبِّ وَكَيْفَ بِهِ فَقِيلَ لَهُ احْمِلْ حُوتًا فِى مِكْتَلٍ فَإِذَا فَقَدْتَهُ فَهْوَ ثَمَّ، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقَ بِفَتَاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ، وَحَمَلاَ حُوتًا فِى مِكْتَلٍ، حَتَّى كَانَا عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَضَعَا رُءُوسَهُمَا وَنَامَا فَانْسَلَّ الْحُوتُ مِنَ الْمِكْتَلِ {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61)}، وَكَانَ لِمُوسَى وَفَتَاهُ عَجَبًا، فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِمَا وَيَوْمِهِمَا فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ: {آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} [الكهف: 62] وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى مَسًّا مِنَ النَّصَبِ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِى أُمِرَ بِهِ. فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ: {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ} [الكهف: 63]، قَالَ مُوسَى: {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (64)} [الكهف: 64] فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ إِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى بِثَوْبٍ - أَوْ قَالَ تَسَجَّى بِثَوْبِهِ - فَسَلَّمَ مُوسَى. فَقَالَ الْخَضِرُ وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلاَمُ فَقَالَ أَنَا مُوسَى. فَقَالَ مُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ قَالَ نَعَمْ، قَالَ مُوسَى: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67)} [الكهف: 66 - 67] يَا مُوسَى، إِنِّى عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لاَ تَعْلَمُهُ أَنْتَ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ عَلَّمَكَهُ لاَ أَعْلَمُهُ. {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69)} [الكهف: 69] فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ لَيْسَ لَهُمَا سَفِينَةٌ، فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ، فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمَا، فَعُرِفَ الْخَضِرُ، فَحَمَلُوهُمَا بِغَيْرِ نَوْلٍ، فَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ

السَّفِينَةِ، فَنَقَرَ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ فِى الْبَحْرِ. فَقَالَ الْخَضِرُ يَا مُوسَى، مَا نَقَصَ عِلْمِى وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلاَّ كَنَقْرَةِ هَذَا الْعُصْفُورِ فِى الْبَحْرِ. فَعَمَدَ الْخَضِرُ إِلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ فَنَزَعَهُ. فَقَالَ مُوسَى قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ، عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا؟ {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ} [الكهف: 72 - 73]؛ فَكَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا. {فَانْطَلَقَا} فَإِذَا غُلاَمٌ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ مِنْ أَعْلاَهُ فَاقْتَلَعَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ. فَقَالَ مُوسَى: {فَأَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ} [الكهف: 74] {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75)} [الكهف: 75]- قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَهَذَا أَوْكَدُ - {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف: 77]. قَالَ الْخَضِرُ بِيَدِهِ، فَأَقَامَهُ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: 77 - 78]». قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى، لَوَدِدْنَا لَوْ صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا». أطرافه 74، 78، 2267، 2728، 3278، 3400، 3401، 4725، 4726، 4727، 6672، 7478 - تحفة 39 - 42/ 1 وقد مر أن الاختلافَ فيه إنما كان لأن هذه القِصة لم تكن في التوراة، لأنها عَرَضت في التِّيه، وكانت التوراة نزلت قبل ذلك. 122 - قوله: (ليس موسى بني إسرائيل) وهذا اختلافٌ آخر. وقد مر التنبيه على تعدد الاختلاف فيه. قوله: (هو أعلم منك) مناقشةٌ لفظيةٌ لتركِهِ الأليق بشأنه، فإن الأدب في مثل هذه المواضع أن يُوْكل العلم إلى الله سبحانه ولا يحكمُ من عند نفسه بشيء. قوله: (وكان لموسى وفتاه عجبًا) وإنما تعجَّب فتاه إذ ذاك لأنه كان مستيقظًا ناظرًا إلى عجائب قُدرته تعالى من حياته واتخاذه في الماء سربًا. أما موسى عليه السلام فكان نائمًا وإنما تعجَّب بعد ما استيقظ وعِلم قِصة الحوت. قوله: (نصبًا) وإنما ألقي عليه النصب تكوينًا، مع الأمر بالانطلاق تشريعًا، فكان مأمورًا بالانطلاق ومع ذلك يُلقى عليه النَّصبُ من جهة التكوين، فعلم: أنهما بابان قد يتحدان وقد يتخالفان، فلا يوافقُ التشريعَ التكوين، ولا التكوينُ التشريع دائمًا، والنجاةُ في اتباع التشريع دون التكوين كائنًا ما كان، وكذلك ألقي عليه النِسيان تكوينًا فلا بُعد في نِسيانه مرة بعد مرة. قوله: (قصصًا) "بير ديكهتى هوئى". قوله: (مُسجى) وفي طريقه على متن البحر مضطجعًا. قوله: (أنى بأرضك السلام) ولعله رد عليه السلام، ثم قال ذلك. قوله: (خضر) نبي عند الجمهور، وليس داخلًا تحت شريعة موسى عليه السلام.

46 - باب من سأل وهو قائم عالما جالسا

قوله: (أنت على علم ... إلخ) ولذا قلت: إن الأعلم في قول موسى عليه السلام كان على العرف، فعند هذا طرفٌ من العلم وعند هذا طرف، والبعض مشتركٌ وإنما الفضل لموسى عليه السلام. قوله: (فجاءت عصفورة) وهو أيضًا تكوينٌ ليضرب له مثلًا. وعلم منه عقيدة النبيين في علم الله تعالى وأنه لا يُوازى بعلم الله شيء. قوله: (أقل لك) كلمة لك لمزيد التأكيد. قال الزمخشري: وكنت في سفر فقلت لأعرابي وهذا الشغدف، فقال: نعم هذا شغنداف، كما يقال في الهندية روتى بك كئى؟ جواب دياجائى كه روتى بلكه روت ثم الزمخشري يمر على مواضع من القرآن وربما يقول: إنه لمزيد التصوير، كما يقال: سمعت بأذني ورأيت بعيني ومراده في الهندية: فوتؤاتارنا على حد قول الشاعر: *وعينان قال اللَّهُ كونا فكانتا ... فعولان بالألباب ما تفعل الخمر فقوله: «كونا» ههنا ألطف ما يكون، يعجِزُ عن إدراكه المعقولي، فإنه يقول: إن كل شيء بتكوين من الله تعالى، فلا وجه لتخصيص العينين. وسئل الشيخ صلاح الدين الصفدي السُّبكي عن قوله: إن واستطعماها، أوجز من قوله: {اسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا} [الكهف: 77] فأجاب عنه السبكي وبيَّن الفرقَ بينهما ونكتة هذا التطويل (¬1). قوله: (يريد أن ينقض) نسبَ فيه الفعلَ إلى الجماد، وهو مليحٌ جدًا عن البُلغاء. قوله: (لو صبر ... إلخ) انكشف فيه عقيدة خاتم الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام في حق علمِهِ أيضًا. قوله: (أقتلت) وقد روي في التفاسير أن خَضِرًا عليه الصَّلاة والسَّلام نَزَعَ اللحم عن كتفِهِ وأراه، فإذا فيه طبع يوم طبع: كافرًا، وهذا لا يخالف حديث الفِطرة وسيجيء في موضعه تحقيقه. 46 - باب مَنْ سَأَلَ وَهْوَ قَائِمٌ عَالِمًا جَالِسًا أي أن السائلَ قائمٌ والمسؤول عنه جالس، فهذا مجلسٌ سَطحي ليس فيه اهتمام بالفقه. فهل يجوز السؤال في مثل هذا الحال؟ أو يقال: إنه كان عنده حديث في هذا المضمون، فأراد أن لايتركه خاليًا عن الترجمة ويستفيدَ منه مَسْألة. وقد نُقل عن مالك ما يدلُ على أنه كان يكرهُ ذلك، فإنه مر على شيخ يحدث قومًا، فلم ير في المجلس فُسحةً فلم يقف، وذهب إلى وجهه ¬

_ (¬1) قلت: والأسف كل الأسف على أنه لم يذكر ماذا كان جوابه، وقد استشكل جوابه على الفحول ذكره الشيخ بهاء الدين بن التقي السبكي عن والده التقي السبكي مفصلًا في كتابه "عروس الأفراح" في بحث مسألة: وضع المُظهرِ موضعَ المَضمر، فراجعه إن شئت: من البنوري (المصحح).

47 - باب السؤال والفتيا عند رمى الجمار

ولم يجلس فيه، وقال: كرهت أن أُسمِعَ الأحاديث وإني قائم. وكان إذا حدَّث حدث بالوقَار والتؤَدة. 123 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْقِتَالُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً. فَرَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ - قَالَ وَمَا رَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا - فَقَالَ «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ». أطرافه 2810، 3126، 7458 - تحفة 8999 - 43/ 1 123 - قوله: (فرفع رأسه) لأنه كان جالسًا وكان السائل قائمًا. قوله: (فقال) لم يتعرض إلى استقصاءِ الأقسامِ واستيفاءِ الوجوه، بل عَدَلَ إلى مراده. قوله: (فإن أحدنا) والفاء ليست للتعليل على طريقَ المعقوليين بل لمجرد التناسب. وحاصله: أني أرى القتال على أنحاء. قوله: (لتكون كلمة الله هي العليا) حُكِي أن تيمورَ لما قَتَلَ قومًا وجمع هامات المقتولين ووضع عليها سريره، واستوى عليها ظلمًا وعلوًا، سأل علماءَهم عن قتله هؤلاء، فتقدم للجوابِ من كان أهدى منهم، وقال: من قاتل لتكونَ كلمةُ الله هي العليا فهو في سبيل الله، ففطِن أنه رام به تخليص نفسه، فتركه. 47 - باب السُّؤَالِ وَالْفُتْيَا عِنْدَ رَمْىِ الْجِمَارِ 124 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ الْجَمْرَةِ وَهُوَ يُسْأَلُ، فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ. قَالَ «ارْمِ وَلاَ حَرَجَ». قَالَ آخَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ. قَالَ «انْحَرْ وَلاَ حَرَجَ». فَمَا سُئِلَ عَنْ شَىْءٍ قُدِّمَ وَلاَ أُخِّرَ إِلاَّ قَالَ افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ. أطرافه 83، 1736، 1737، 1738، 6665 - تحفة 8906 وعند الترمذي: السعي ورمي الجمار لإقامة ذكر الله. ولما كان هذان الفعلان خاليين عن معنى الذكر ظاهرًا، تعرض إليهما خاصة. ونبه على أنهما أيضًا لإقامة ذكر الله، فإنهما كانا من أفعال المُقربين، فأدخلهما الله تعالى في الحج وجعلَ حِكاية أفعالهم وتذكيرها ذكرًا برأسه. ويفعلُ اللَّهُ ما يشاء ويحكمُ مايريد. وغرضُ البخاري أن هاتين إذا كانتا عبادة فالسؤال في خلال الذكر قادحٌ أم لا؟ أو نظره إلى ما روى ما حاصله: أن لا يقضي القاضي في حالة غير مطمئنة. وهذا أوانُ الذكر، فهل يفتى في تلك الحال بشيء؟ والجواب على الأول: أن الفُتيا ليس بقادحٍ في الذكر، لأنه أيضًا ذكر. وعلى الثاني أنه جائزٌ للمتيقظِ الفطنِ. ورأيت في تذكرة بعض المحدثين أن الطلبة كانوا يقرءون

48 - باب قول الله تعالى: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}

عليه، فكان يجيبُ كلًا في زمان واحدٍ، ويميزُ ما كان غلطهم من صوابهم، فهذا أمرٌ يختلفُ فيه أحوالُ الناس. وذلك فضلُ الله يؤتيه من يشاءً. 48 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلًا} 125 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ سُلَيْمَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَيْنَا أَنَا أَمْشِى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى خَرِبِ الْمَدِينَةِ، وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ مَعَهُ، فَمَرَّ بِنَفَرٍ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ تَسْأَلُوهُ لاَ يَجِىءُ فِيهِ بِشَىْءٍ تَكْرَهُونَهُ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَنَسْأَلَنَّهُ. فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، مَا الرُّوحُ فَسَكَتَ. فَقُلْتُ إِنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ. فَقُمْتُ، فَلَمَّا انْجَلَى عَنْهُ فقَالَ {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)} [الإسراء: 85]. قَالَ الأَعْمَشُ هَكَذَا فِى قِرَاءَتِنَا. أطرافه 4721، 7297، 7456، 7462 - تحفة 9419 وفي بعض الروايات الصحيحة أن هذا السؤال كان في مكة. وفي أخرى أنه كان في المدينة. وعندي كلاهما صحيح. واعلم أن الروح قد يطلق ويراد به المَلَك، قال الله تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلَئِكَةُ وَالرُّوحُ} (القدر: 4) وقد يُطلق ويقصد به المدبِّر للبدن، أعني الروح المنفوخة في الجسد. وادعى الحافظ ابن القيم رحمه الله أن المرادَ منه في تلك الآية هو المعنى الأول. وأما المعنى الثاني فلم يُذكر في القرآن إلا بلفظ النَّفس. ولم يُستعمل هذا اللفظ في المدبِّر للبدن وإذن سؤالهم عن الملك. قلت: ولعل المراد منه ههنا هو المعنى الثاني، أي المدبر للبدن، لأن السؤال عنه هو الدائرُ السائر بين الناس. أما الروح بمعنى المَلَك فلا يَعرفونَه غير أهل العلم، فينبغي أن تحملَ الآية على المتعارف وإطلاقه على المدبر البدن ثبت في الأحاديث. روى الحافظ ابن عباس رضي الله عنهما أن الروحِ مخلوقٌ من مخلوقات الله تعالى ... إلخ ونقله السُّهيلي في «الروض» وجعله موقوفًا. وما كنت أفهمُ مرادَه حتى طالعت كلام السُّهَيْلى رحمه الله فإنه قال: إن نسبة المَلَك إلى الروح كنسبة البشر إلى الملك، فكما أن الملائكة ينظرون إلينا ولا نراهم، كذلك الروح ترى الملائكة ولا يرونها، فتبين أنه ليس مراده كونها مخلوقة لله تعالى فقط فإنه أمر ظاهر، بل المرادُ أنه نوع مستقلٌ مخلوق لله تعالى كالملائكة والإنسان. والفرق بين الروح والنفس لا تجدُ ألطفَ من كلام السُّهيلي، فراجعه. وما ذكره ابن القيم رحمه الله تعالى يبنى على مكاشفات الصوفية. 125 - قوله: (من أمر ربي) واختلفوا أنهم هل أجيب لهم فيها أم لا؟ فقيل: لا، وقيل:

49 - باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا فى أشد منه

نعم. ومنهم الغَزَالي، وكذلك اختلف في تفسير عالم الأمر والخَلْق، فقيل: إن المشهودَ عالم الخَلْق والغائب عالم الأمر، فما كان من عالم الأمر لا يمكنُ فهمُ كُنْهِهِ لمن كان من عالم الشهادة. وأن المرءَ يقيسُ على نفسه مثل سائر. وقال المفسرون: إن الخلق عالم التكوين والأمر عالم التشريع. وحينئذٍ حاصل الجواب: أن الروحَ من أمرها. فوجدت من أمره تعالى. ولما لم تُعطوا من العلم إلا قليلًا فلا ينكشفُ عليكم حقيقتها أزيد منه، وعلى هذا فكأنهم مُنعوا عن السؤال عنها والخوض فيها، فلا يجوزُ البحث فيها إلا بعد رعاية قواعد الشريعة. وقال الشيخ المجدد السَّرهندي رحمه الله تعالى: إن تحت العرش عالم الخلق، وما فوقه عالم الأمر. وذهب الشيخ الأكبر رحمه الله تعالى: إلى أن ما خلق الله من كَتم العدم، بلفظ: كن، فهو عالم الأمر. وما خلق شيئًا من شيء كالإنسان من الطين، فهو عالم الخلق. قلت: والشيءُ الأول يقال له: المادة، وهو مُسلَّمٌ عند الكل ولا ينكرها إلا مكابر. أما الهيولي فليس بشيء إنما هو أوهامَهم غلبت عليهم. وقد قيل: إن الوهم خلاق. والذي تحقق عندي في بيان مراده أمر آخر ويتوقف على مقدمة وهي: أن المتكلمين قالوا: إن الفعل مختصٌ بذي شعور، ومَنْ لا شعور فيه فلا فعل له. وأقر الطوسي في «شرح الإشارات» والصدر الشيرازي صاحب «الشمس البازغة»: على أن للطبيعة شعورًا. وأقول: يمكن عندي أن يصدر الفعلُ ممن لا شعور له أيضًا، لكن لا بد من انتهائه إلى ذي شعور. كما أن ابن سينا خمَّس الحركة وسمَّى نوعًا منها حركة التسخير. والحاصل: أن الفعل لا بد أن ينتهي إلى شعور أو إلى ذي شعور. وإذا علمت هذا فاعلم أن القرآن لم يتعرض في الجواب إلى حقيقة الروح ومادتِهِ، بل ذكر العلة الصُّوْرية فقط، ويريدُ أن الروحَ محرِكٌ للبدن وانتهاء شعورها أمرُ الرب، فهذا علتها الصورية فقط. أما حقيقتها فلا يعلمها إلا هو (¬1). 49 - باب مَنْ تَرَكَ بَعْضَ الاِخْتِيَارِ مَخَافَةَ أَنْ يَقْصُرَ فَهْمُ بَعْضِ النَّاسِ عَنْهُ فَيَقَعُوا فِى أَشَدَّ مِنْهُ 126 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ قَالَ لِى ابْنُ الزُّبَيْرِ كَانَتْ عَائِشَةُ تُسِرُّ إِلَيْكَ كَثِيرًا فَمَا حَدَّثَتْكَ فِى الْكَعْبَةِ قُلْتُ قَالَتْ لِى قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا عَائِشَةُ، لَوْلاَ قَوْمُكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ - قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِكُفْرٍ - ¬

_ (¬1) قلت: ولم يتحصل لي في تقرير مراده مع تفكر تام غير هذه الجمل، فهي ضالة الحكيم، فمن وجدها فهو أحق بها، ويحتمل أن تكون سقطت عند الضبط فأشكل الغرض.

50 - باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا يفهموا

لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ فَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ بَابٌ يَدْخُلُ النَّاسُ، وَبَابٌ يَخْرُجُونَ». فَفَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ. أطرافه 1583، 1584، 1585، 1586، 3368، 4484، 7243 - تحفة 16016 - 44/ 1 يريدُ أنَّ العملَ بالمرجوح مع العلم بالراجح جائزٌ إذا كانت فيه مصلحة. قوله: (الاختيارات) أي الجائزات. وكان النبي صلى الله عليه وسلّم أراد أن يُردَّ بناء البيت إلى البناء الإبراهيمي، إلا أنه لم يفعله لما في الحديث. وترك هذا الاختيار وهو موضع الترجمة. 50 - باب مَنْ خَصَّ بِالْعِلْمِ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ كَرَاهِيَةَ أَنْ لاَ يَفْهَمُوا وَقَالَ عَلِىٌّ حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. 127 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذٍ عَنْ أَبِى الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِىٍّ بِذَلِكَ. تحفة 10153 128 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَمُعَاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ قَالَ «يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ». قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ «يَا مُعَاذُ». قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. ثَلاَثًا. قَالَ «مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلاَّ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلاَ أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا قَالَ «إِذًا يَتَّكِلُوا». وَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا. طرفه 129 - تحفة 1363 129 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ ذُكِرَ لِى أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِمُعَاذٍ «مَنْ لَقِىَ اللَّهَ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ». قَالَ أَلاَ أُبَشِّرُ النَّاسَ قَالَ «لاَ، إِنِّى أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا». طرفه 128 - تحفة 885، 15531 أ يعني العلم شيءٌ شريف فهل يخصُّ به أحدًا دون أحد؟ فكان الباب الأول في الفرق بين الفَطِن الذكي والبليد الغبي. وهذا البابُ في الفرق بين الشريف والوضيع. 128 - قوله: (إلا حرمه الله) واستشكله الناس. فإن ظاهره يدلُ على أنه لا حاجة للنجاة إلى سائر الفرائض، بل تكفي لها كلمةُ التوحيد فقط فحملَهُ بعضهم على زمنٍ قبل زمان نزول الأحكام. فإن مدارَ النجاة إذ ذاك كان هو التوحيد فقط. فعند مسلم في باب الرخصة في التخلف عن الجماعة، عَن عِتْبان: فإن الله قد حرَّم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغى بذلك وجه الله. وفي الرواية التي بعده قال الزُّهرى: ثم نزلت بعد ذلك فرائض وأمور، نرى أن الأمر انتهى إليها، فمن استطاعَ أن لا يغير فلا يغير. قلت: وهو بعيد جدًا، فإن الراوي معاذ بن جبل وهو أنصاريٌّ، ولا يمكنُ عدم نزول حكم إلا ورودَهم في المدينة، زادها الله شرفًا. وبعضهم قَسَم النار أي: نار الكفار ونار عصاة

المؤمنين (¬1) وحملوها على الأول. أقول: وتقسيمُ النار وإن كان صحيحًا في نفسه لكنه لا يصلحُ شرحًا للحديث. وقد صح في الأحاديث اختلاف أنواع العذاب. أقول: والصواب عندي أن الائتمارَ بالطاعات والانتهاء عن المعاصي مراعى ههنا أيضًا وإن حذف ذكره من العبادة، لأن الشارعَ لما فرغ من ذِكرها مرة وتفصيلها بابًا بابًا، والترغيب فيها طاعة طاعة، والتحذير عنها معصية معصية، فقد استغنى عن تكريره في كل موضعٍ، لأنه بيَّنَ وأكَّد لسليم الفطرة أن هذه الأشياء أيضًا دخيلة في النجاة عنده، فلم تبق له حاجة إلى القيود في كل مرة، وهو الطريقُ المسلوكِ في العرف، فإنهم يرون المعلوم كالمذكور، وإنما يستوفون الكلام فيما يتعسر انتقال الذهن إليه. وإنما خصَّ الكلمةَ من بين سائر الأجزاء لكونها أساسًا وأصلًا ومدارٌ للحياة الأبدية، فهي المؤثرة حقيقة. والأعمال وإن كانت دخيلة في تحريم النار، إلا أن المُؤَثِرة فيها هي تلك الكلمة. ثم تلك الكلمة وإن كانت هي المؤثرة، لكنها لا غنية بها عن تلك الأعمال. فالحاصل أن تحريم النار وإن دار بالمجموع لكنه خُصَّ من هذا المجموع ما كان أهم من بينها، وهو تلك الكلمة كالأصل للشجرة، فإنه لا حياةَ لها بدون الأصل. ثم إن هذه القاعدة مُطَّردةٌ في جميع ما ورَدَ فيه الوعد والوعيد، فلا يتعرضُ فيه إلى وجود شرط ورفع مانع، فإنه يكون عنده ملحوظًا على كنهه. وإنما يذكر الكلام مرسلًا لظهوره. ثم اعلم أن من فطرةِ الإسان أنه يجعلُ كلياتٍ من عند نفسه، وليس هذا إلا لعدم إحاطته بأطراف الشيء وجوانبه، وليس حال العامة كالطبيب، فإنه إذ يحكم على دوائه بأنه مفيد أو مضر، لا يحكم إلا بظنه الغالب، لكن إذا جاءَه واحدٌ من الأغبياء يجعله كليًا ويزعمُ أنه مفيد أبدًا ولا يمكن عنده خلاف ذلك، حتى إذا تخلَّف عنه الحكمُ مرةً يسبُّ الطبيب ويكذبُهُ، ولا يدري أنه لا يسبُّ إلا نفسه. فكذلك إذا أخبر الشارع عن أشياء غائبة وإن كان حكمُهُ عليها ¬

_ (¬1) ومما يدل على ذلك ما رواه مسلم في باب إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من النار عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يَحْيَون، ولكن ناسٌ منكم أصابتهم النار بذنوبهم -أو قال بخطاياهم- فأمَاتَهم الله تعالى إماتَةً، حتى إذا كانوا فُحْمًا أذن بالشفاعة فجيء بهم ضبائر ضبائر -أي جماعات- فبثوا على نار الجنة" إلخ. قال النووي: هذه الأماتةُ إماتةٌ حقيقية يذهبُ معها الإحساس، ويكون عذابهم على قَدْر ذنوبهم ثم يميتهم، ثم يكونون محبوسين في النار من غير إحساس المدة التي قدَّرها الله تعالى ثم يخرجون من النار موتى. والوجه الثاني ما حكاه عن القاضي عياض: أنه ليس بموت حقيقي ولكن يغيب عنهم إحساسهم بالآلام، قال: ويجوز أن تكون آلامهم أخف. انتهى مختصرًا جدًا. وقال الحافظ رحمه الله تعالى في "الفتح": ووقع في حديث أبي هريرة أنهم إذا دخلوا النار فإذا أراد الله تعالى إخراجَهم أحسَّهم ألمَ العذاب تلك الساعة. اهـ. ووجدت فيه زيادة في تقرير الفاضل عبد العزيز أن فيه رواية في "البدور السافرة" تدل على أنهم لا يكون لهم حِسٌّ ما داموا في النار، فإذا أخرجوا أحسُّوه من ساعته كما ذكره الحافظ رحمه الله تعالى، ففيه دليلٌ على تعدد النارين.

قطعيًا، لكن تكون هناك شرائطَ وموانعَ معتبرة عنده، فيجيءُ واحدٌ من الأشقياء ولا يُراعي تلك الشرائط والموانع ويجعلُ الكلامَ المرسل كليًا. ثم إذا تخلَّف عنده الحكم يضطربُ ويقلقُ، فلا يلومن إلا نفسه. ولما كان حالُ الإنسان بين طرفي نقيض فقد يتداوى بدواء ويكون عندَه أنه نافعٌ قطعًا فلم ينفعه، فإنه لا يكذبُ نفسه، ولا يلزمُ الطبيب، ولكنه يعللُ تارة بأن الدواء كان رديئًا، أو لم يستعمله على وجهه، أو عدم حمايتِهِ نفسَه عن المضرات. ولكنه إذا مر على آية من آيات الله أو حديث من أحاديث رسوله صلى الله عليه وسلّم ويبدو له فيه قلقٌ، فإنه لا يتعللُ بشيء ولا يطمئنُ قلبه بحال حتى يكونَ أولَ كافرٍ به. {قُتِلَ الإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ} [عبس: 17] فلا يخلو حالُهُ إلا من حُمق جلي، أو نفاق خفي. والجواب الآخر: أن الشارع ذكر الخواص على طريق «التذكرة» دون «القرابادين» والتذكرة في مصطلح الطِّب: ما تذكر فيها خواص المفردات. والقرابادين: ما تذكر فيها خواص المُرَكبات. فحكمُهُ على العبادات وذكر خواصِّها على طور التذكرة فقط، ولا يمكنُ غيره في الدنيا، فإن التركيبَ لا يحصلُ إلا بعد انصرام العالم، فحكمه أيضًا لا يظهر إلا هناك. وهذا كالطبيب يحكمُ على المفردات أن هذا سُمٌّ، وهذا تِرْيَاقٌ، وهذا مُسهِّلٌ، وهذا قَابِضٌ، ثم إذا ركَّب دواءً من الأشياء الحارة والباردة معًا وكسر هذا سورة هذا، يخرج من بينها مزاجٌ ثالثٌ مع وجود الدواء الحار والبارد فيه ولا يأتي فيه قال وقيل، ولا يكذبُهُ أحدٌ لأنه ما كان ذكر من حرارته وبرودته إنما كان حاله بانفراده، فإذا مزج أحدهما بالآخر خرج منه مزاج آخر. وهكذا كلمة التوحيد فإنها تحرِّم النارَ بلا مِرية ولا فرية، إلا أنها إذا خالطتها المعاصي ماذا يصير مزاجه، فالله أعلم به. نعم، إن غلبت آثار الكلمة على المعاصي جرَّته إلى الجنة، وإن كان غير ذلك فالعياذ بالله. وإذا علمت أن المزاجَ المركبَ لا يحصلُ إلا في الآخرة، علمت أن مطالبةَ «القرابادين» في الحالة الراهنة جهلٌ وسَفَهٌ، وكأنه استخبارٌ عن أمرٍ لم يوجد بعد ومآلهُ الاطلاع على التقدير. وكذا المنعُ من بيان «التذكرة» أيضًا حمقٌ وغَبَاوةٌ، فإن في عدم الذكرِ مطلقًا ضررُ الأمة، فإنه وإن لم يحصل عندها بالتذكرة العلمُ التام لكنه لم يبق مجهولًا مطلقًا أيضًا وحصل نحو من العلم. فإن قلتَ: ففي ذكر «التذكرة» بعض حرج وإشكالات. قلت: لا إشكالَ فيها للفطرة السليمة والجاهل بمعزل عن النظر، وبمثله ينحل حديث الكفارات. فإن الصلاةَ إلى الصلاة مثلًا لما صارت كفارةً ولم يبق له ذنبٌ، فماذا تصنع المكفرِّات الأُخر. وحله: أن مجموعَ المكفرات دخيلة في مجموع المعاصي، ولا يحصل هذا المجموع إلا في الآخرة. ولكن الشارع لما أراد الاطلاع على قطعة قطعة، جاء التعبيرُ كما ترى. قوله من كان آخر كلامه وليس المرادُ من الكلمة ههنا ما كانت على طريق العقيدة، بل هي عملٌ من الأعمال الصالحة وحسنةٌ من حسناته، أجرُها عند الرحيل هو النجاة، فهذه فضيلةٌ لمن

جرت تلك الكلمةُ على لسانه. ولما كانت على طريق الأذكارِ دون الإِيمان فلا يحكم بالكفرِ على مَنْ لم تجر تلك الكلمة على لسانه. ومعنى الآخرية أن لا يجري على لسانه بعدها شيء من كلام الدنيا، فمن قالها وأغمى عليه ليلًا مثلًا ومات فيه ولم يفق، فإِنه يُرجى له هذا الأجر الموعود إن شاء الله تعالى. قوله: (إذًا يْتكلوا) قد يسبقُ إلى الأذهان أن المرادَ منه الإتكالَ عن الفرائض، لأن الكلمةَ المجردة إذا صارت كفيلةً للنجاة فلم تبق حاجةٌ إلى الأعمال الأُخر. وليس بمراد قطعًا بل المرادُ الإتكال من فضائل الأعمال وفواضلها، لأن الإِنسانَ أرغبُ في دفع المضرة من جلب المنفعة، فإِذا علم أنَّ الكلمةَ والفرائض تكفي له لدفع النار، ذهب يقنع عليها، ويتكاسل عن النوافل، ولا يسابق إلى المدارج العليا. وقد حكى الله سبحانه عن فطرته تلك بقوله: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ... الخ} [الآنفال: 66] فالإِنسان لا يزالُ مجتهدًا في آخرتِهِ، فإِذا تيقنَ نجاته فتر. وهذا أمرٌ مركوز في خاطره، ولذا منعه النبي صلى الله عليه وسلّم عن إخباره لأن الاكتفاءَ بالفرائض والافترارَ عن الفضائل نقيصةٌ لهم وحِرمان عن الطبقات العُلى، فأحب أن لا يتكلوا ويجتهدوا في معالي الأمور، لأن الله تعالى يحب معالي الهمم، وقد مدح حسان النبي صلى الله عليه وسلّم بقوله: *له هممٌ لا مُنتَهى لكبارها ... وهمته الصغرى أجل من الدهر والدليل على أن المراد من الإتكال هو الإتكال عن الفرائض وأنه في طلب الدرجات ما رواه الترمذي عن معاذ بن جبل في هذا الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «من صام رمضان، وصلى الصلاة، وحَجَّ البيَت لا أدري أذكرَ الزكاة أم لا؟ - إلاّ كان حقًا على الله أن يغفرَ له إن هَاجَرَ في سبيل الله، أو مكث بأرضه التي ولد بها» قال معاذ: ألا أخبر بها الناس؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «ذر الناسَ يعملون فإِن في الجنة مئة درجة .. والفِردوسُ أعلى الجنة ... فإِذا سألتم الله فاسألوه الفِردوس. ففيه ذكرُ الفرائض أيضًا والتحريض على الدرجة العليا، فانكشف أنه لم يَردْ في الحديث المجمل الإتكال عن الفرائض. وأن الحديث لا يختصُّ مرادهُ بكونه قبل نزول الأحكام. كيف وترك الفرائض لا يُرجى من عوام الناس؟ شأن الصحابة رضي الله عنهم أرفع. وعند الترمذي عن معاذ أيضًا قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلّم في سفر فأصبحت يومًا قريبًا منه نحن نسير، فقلت: يا رسول الله أخبرني بعمل يُدخلني الجنة ويباعدني عن النار. قال لقد سألتني عن عظيمٍ وإنه ليسيرٌ على من يسَّرَه الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتأتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت» ... إلخ. ففيه أيضًا ذكر الفرائض بتمامها. وأيضًا عند البخاري وهو وإن كان عن أبي هريرة لكن المضمون واحد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلّم «من آمن بالله ورسوله وأقام الصلاة، وصام رمضان، كان حقًا على الله أن يُدخله الجنة، جاهدَ في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها» قالوا: يا رسول الله أفلا نُبشر الناس؟ قال: «إن في الجنة مئة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله».

51 - باب الحياء فى العلم

فتبين من هذا: أن الحديث لم يردْ في القَدَر المُتحتم، وإنما أراد اتكالهم عن الفضائل والفواضل. والحاصل: أن هذا الوعدَ إنما هو بعد لحاظ جميع ما ورد في الشرع من الأوامر والنواهي، ثم الإتكالُ فيما وراء ذلك. ولما أراد أن يبشر به الناس أبهمَ في الشروط وتركَ استيفاء الأمورِ، فإِن البشارة باب آخر، والمناسب لها الإِجمال والإِبهام. 51 - باب الْحَيَاءِ فِى الْعِلْمِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ لاَ يَتَعَلَّمُ الْعِلْمَ مُسْتَحْىٍ وَلاَ مُسْتَكْبِرٌ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِى الدِّينِ. تحفة 17996 أ 130 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِى مِنَ الْحَقِّ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ». فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ - تَعْنِى وَجْهَهَا - وَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ قَالَ «نَعَمْ تَرِبَتْ يَمِينُكِ فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا». أطرافه 282، 3328، 6091، 6121 - تحفة 18264 131 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَهِىَ مَثَلُ الْمُسْلِمِ، حَدِّثُونِى مَا هِىَ». فَوَقَعَ النَّاسُ فِى شَجَرِ الْبَادِيَةِ، وَوَقَعَ فِى نَفْسِى أَنَّهَا النَّخْلَةُ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَاسْتَحْيَيْتُ. فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا بِهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هِىَ النَّخْلَةُ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَحَدَّثْتُ أَبِى بِمَا وَقَعَ فِى نَفْسِى فَقَالَ لأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِى كَذَا وَكَذَا. أطرافه 61، 62، 72، 2209، 4698، 5444، 5448، 6122، 6144 تحفة 7234 - 45/ 1 لما ورد الحديث في الطرفين فحديث ابن عمر رضي الله عنه يدُل عل حُسنِهِ، وحديث عائشة رضي الله عنها علي قُبحه، قسمه على الحالات وجعله في بعض الأحوال حسنًا وفي بعضها قبيحًا، فإِن الحياء إذا كان عن تحصيل علم فهو مذموم، وإن كان كما استحى ابن عمر رضي الله عنه فهو ممدوحٌ، فإنه لم يتبدل بسكوته حلال أو حرام، ولكن فاتته فضيلة بالحضرة النبوية عليها الصلاة والسلام، ولعله يؤجر عليها في الآخرة. وعن أبي حنيفة رضي الله عنه في جواب سائل: ما بخلت بالإِفادة ولا استحييت من الاستفادة. وعن الأصعمي: ذِلة السؤال خير من ذلة الجهلة مُدَّة عمره. 130 - قوله: (إن الله لا يستحي) وقد تأول الناس فيه، وإني لا أتأخرُ عن إسناد أمر أسنده الله سبحانه وتعالى بنفسه إلى نفسه، ولكن أكِلُ علمَ كيفيته إلى الله عزّ وجلّ. ولا أقول كما قال البيضاوي: إن الرحمة عبارة عن رقة القلب فإِسنادها إليه تعالى مجاز. ويا للعجب فإِن الرحمة إذا كان إسنادُها إلى الله تعالى مجازًا فإِلى مَنْ يكون حقيقة؟

52 - باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال

قوله: (أوتحتلم المرأة؟) واعلم أنه احتُلف في الاحتلام في حق الأنبياء، والحقُّ إنه يجوز في حق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، إلاّ أنه يكون لامتلاء كِيَسَة المنى ولا دخل فيه للشيطان. وما نقل (¬1) عن محمد رحمه الله تعالى: أن لا غُسل على المرأة إذا احتلمت، فتأويلُه أنه إذا لم يخرج من عضوها الداخل إلى الخارج. قوله: (بم يشبهها؟) وفسروا العُلُو تارةً بالغلبة، وأخرى بالسبق. 52 - باب مَنِ اسْتَحْيَا فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالسُّؤَالِ 132 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ عَلِىٍّ قَالَ كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ أَنْ يَسْأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ فَقَالَ «فِيهِ الْوُضُوءُ». طرفاه 178، 269 - تحفة 10264 وجه الاستحياء مذكور في لفظ الحديث هو قوله: «لمكان ابنته تحته» وهو معنى صحيح. 132 - قوله: (فأمرت المقداد) أي للسؤال في حق نفسه. وسأل هو أيضًا، لكنه على طريق الفَرَض بدون التعرُّض إلى الواقعة لمن هي، فلا تناقض. قوله: (ففيه الوضوء) وذهب أحمد رحمه الله تعالى إلى أنّ الحديثَ من أحكام المذي دون الصلاة، فينبغي أن يكون الوضوءُ عقيب خروجه، لا عند القيام إلى الصلاة فقط. وهكذا نسبه الشوكاني في «النيل» إلى الحنفية أيضًا. قلت: ولا أترددُ في أن المطلوبَ عند الشرع هو إزالة النجاسات على الفور. والتلطخ بها زمانًا مكروهٌ عنده قطعًا إلاّ أن أثرّه لمّا لم يظهر إلاّ عند القيام إلى الصلاة جاء الخمول في كتب الفقه كحكم الديانات، فإِنها قلما تُذكر في المتون وعامة الشروح. ووجهه أن الفقهاء عامة يتعرضون إلى بيان الفرائض والواجبات، وقليلًا ما يذكرون المُستحبات والسننِ الزوائد. ولما كان هذا النوع من الوضوء مستحبًا عقيبَ خروج المذي، وواجبًا عند القيام إلى الصلاة، لم يذكروه إلاّ عند القيام إليها. ثم إنه إن توضأ عقيبه وقام إلى الصلاة متصلًا يتأدى في زمنه الفرضُ أيضًا، وفي بعض طرقه: غسل العضو فقط، وفي بعضها: غسل الانثيين أيضًا، وفي بعضها: غسل المرفقين أيضًا، وتصدى المحدثون إلى إعلاله. قلت: هو صحيح ويحمل على الاستحباب. وما ذكره الطحاوي الغُسل للعلاج لا يريد به العلاج الطبي، بل انقطاع التقطير في الحالة الراهنة، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلّم للمستحاضة أن تغتسلَ ولبعضها أن تجلس في المِرْكن. ¬

_ (¬1) وتفصيله: أن في مني المرأة اختلافًا للأَطباء، فذهب أرسطو إلى تحقيق المني في النساء، وذهب جالينوس إلى نفيه وقال: إنه رطوبة أخرى يشبه المني، ويكون الولد من ماءِ الرجل فقط، بخلاف أرسطو فإنه اختار كون الولد من مجموع مني الرجل والمرأة، ولا بُعدَ أن يكون قول محمد رضي الله عنه مبنيًا على هذا الاختلاف. وأما تأويله على مذهب الجمهور فقد ذكرناه. هكذا وجدته في تقرير المولى عبد العزيز بالهندية فيما ضبطه من إملاء الشيخ رحمه الله تعالى.

الكلام في الربط بين القرآن والحديث والفقه كيف هو؟

الكلام في الربط بين القرآن والحديث والفقه كيف هو؟ واعلم أن فهمَ الحديثِ والإطلاع على أغراض الشارع مما لا يتيسرُ إلاّ بعد علم الفقه، لأنه لا يمكنُ شرحُه بمجرد اللغة ما دام لم يظهر فيه أقوال الصحابة رضي الله عنهم ومذاهب الأئمة بل يبقى معلقًا (¬1)، لا يُدرى وجوههُ وطرقه، فإِذا انكشف ما ذهب إليه الذاهبون واختاره المختارون خفَّ عليك أن تختارَ واحدًا من هذه الوجوه، وهو حال الحديث مع القرآن ربما يتعذرُ تحصيلُ مرادِهِ بدون المراجعة إلى الأحاديث، فإذا ورردت الأحاديث التي تتعلق به قُرُب اقتناصُ غرضِ الشارع. وهذا من غاية علوه ورفعة محله، بل كلما كان الكلامُ أبلغَ كان في اجتمال الوجوه أزيدَ، ولا يُفهم هذا المعنى إلاّ من عُنِيَ به. وأما الجاهل فيزعمه سهل الوصول لقوله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءانَ لِلذّكْرِ} [القمر: 17] إلخ ولا يدري أنه ليس تيسرُه على قدر ما فهمه، بل معناه أنه يشتركُ في تحصيل معناه والاستفادة منه الأعالي والأداني، لكنه يكون بقدر نصيبهم من العلم. وهذا من غاية إعجازه، يسمعه الجاهلُ ويأخذ منه علمًا بقدره، ويَرَاه الفحولُ ويُفعِمون منه دِلاءً بقدر أفهامهم، بخلاف كلام الناس فإِنه إن كان ملتحقًا بأصوات الحيوانات فإِنه لا يَلتفِتُ إليه البلغاء، وإن كان في مرتبة من البلاغة لا يُدرِكُ مرادَه الجهلاء. وهذا كتابٌ بلغ في مراتب البلاغة أقصاهما ولم يزل سحاب علومِهِ مَاطِرًا على كافة الناس، عقلائهم وسفهائهم سواء بسواء، وهذا معنى التيسير لا ما فهموه. 53 - باب ذِكْرِ الْعِلْمِ وَالْفُتْيَا فِى الْمَسْجِدِ 133 - حَدَّثَنِى قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. أَنَّ رَجُلًا قَامَ فِى الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنْ أَيْنَ تَأْمُرُنَا أَنْ نُهِلَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِى الْحُلَيْفَةِ، وَيُهِلُّ أَهْلُ الشَّأْمِ مِنَ الْجُحْفَةِ، وَيُهِلُّ أَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ». وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَيَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ». وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ لَمْ أَفْقَهْ هَذِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1522، 1525، 1527، 1528، 7344 - تحفة 8291 ¬

_ (¬1) ولا يّشُق عليك هذا اللفظ، فإِنه رُوي عن الإِمام أبي حنيفة النعمان كما في "الميزان": لولا السنة ما فَهِمَ أحدٌ منا القرآن وعن الإِمام الشافعي رضي الله عنه: جميع ما تقولُه الأئمة شرح للسنة، وجميع السنة شرح للقرآن. وقد روي عن عمران بن حُصين رضي الله عنه: أنه قال لرجل: إنك امرؤ أحمق، أتجدُ في كتاب الله الظهرَ أربعًا لا يجهر فيها بالقراءة، ثم عدَّد إليه الصلاة والزكاة ونحو هذا، ثم قال: أتجد هذا في كتاب الله مفسرًا وإنَّ كتاب الله أبهم هذا وأن السنة تفسر ذلك. وقال الأوزاعي: الكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب. قال ابن عبد البر: يريد أنها تقضي عليه وتبين المراد منه. وسئل أحمد بن حنبل عن الحديث الذي رُوي أن السنةَ قاضيةٌ على الكتاب، فقال: ما أجسرُ على هذا، ولكني أقول: إن السنة تفسر الكتاب. كذا في "الموافقات" مع اختصار.

54 - باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله

أي أن المسجدَ وأن بُنى للصلاة لكن العلمَ والفتوى أيضًا من أمور الآخرة (¬1)، فيجوز أيضًا. والقضاء أيضًا يجوز عندنا دون الشافعي رحمه الله تعالى، لأنه ذكر وإقامةُ الحدِّ لا يجوز أنه من المعاملات، ويجوز تعليمُ الأطفال إذا لم يأَخذ عليه أجرًا. 133 - قوله: (إن رجلًا قام ... الخ) خرج من المدينة يوم السبت وبيَّنَ مسائل الميقاتِ يوم الجمعة قبلَ السفر. قوله: (يهل من ذي الحليفة) وفي «الموطأ» لمحمد أن المدني لو مر على ذي الخليفة وأحرم من الجُحفَة لا يكون جنايةً، فدل على أنه إذا أحرمَ من أبعدِ الميقاتين فلا جناية عليه بمروره على أقربه بدون الإِحرام، وهذه مسألةٌ لم تذكر في عامة كتب الفقه. قوله: (ذات عرق) قال الشافعية: إنها وقتها الفاروقُ الأعظم رضي الله عنه. وقلنا: بل وقتها النبي صلى الله عليه وسلّم من قبل، غير أنه اشتهر في زمن عمر رضي الله عنه، لأنه ظهرت الفتوح في زمنه وانتشرَ المسلمون في البلاد. 54 - باب مَنْ أَجَابَ السَّائِلَ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَهُ 134 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَعَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ فَقَالَ «لاَ يَلْبَسِ الْقَمِيصَ وَلاَ الْعِمَامَةَ وَلاَ السَّرَاوِيلَ وَلاَ الْبُرْنُسَ وَلاَ ثَوْبًا مَسَّهُ الْوَرْسُ أَوِ الزَّعْفَرَانُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ». أطرافه 366، 1542، 1838، 1842، 5794، 5803، 5805، 5806، 5847، 5852 - تحفة 8432، 6925 - 46/ 1 أي لا حرج فيه، بل هو من المحسنات. وإنما تعرَّضَ في الجواب إلى ذِكرِ ما لا يجوز ولم يتعرض إلى ذكر الجائزات لكونه أخضَرَ وأنفع. 134 - قوله: (القميص) والضابطة فيه: أن كلَّ ثوبٍ مخيطٍ مُستمسِكٍ على الجسد بدون شد ولا يَلبَسه المحرمُ، وإن لم يجد الإِزار يجوزُ السراويل ويتخذه إزارًا، وإذا لم يجد النَّعلين يقطعُ الخفَّ أسفل من الكعبين. وقال الحنفية رحمهم الله تعالى: الممنوع في الإِحرام الطيب، وفي الإِحداد الزِّينة. وراجع المسائل من الفقه. ... ¬

_ (¬1) وفي "الخيرات الحسان": أن الثوري كان أصغرَ سنًا من الإِمام أبي حنيفة رحمه الله، فدخل عليه مرة وهو يُذاكر مع أصحابه بِرَفْع الصوت، فقال له الثوري: رفع الصوت في المسجد؟ فقال له الإِمام رحمه الله تعالى: أن هؤلاء لا يفهمون إلاّ به، وظاهره أن الإِمام أجازه. وفي "النظم" لابن وهبان: لا، ويفسقُ مُعتادُ المرور بجامع، ومَنْ علَّم الأطفالَ فيه ويؤزر. وظاهره أن الأطفالَ في المسجد فسوق، ثم رأيتُ شرحَهُ لابن الشِّحْنة: أن المراد منه التعليم بالأجرة، وله شرح آخر للشّرنُبلالي إلّا أني لم أجده.

4 - كتاب الوضوء

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 4 - كتاب الوُضُوء 1 - باب مَا جَاءَ فِى الْوُضُوءِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6]. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَبَيَّنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ فَرْضَ الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً، وَتَوَضَّأَ أَيْضًا مَرَّتَيْنِ وَثَلاَثًا، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ثَلاَثٍ، وَكَرِهَ أَهْلُ الْعِلْمِ الإِسْرَافَ فِيهِ وَأَنْ يُجَاوِزُوا فِعْلَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. الوضوء: هو الصفاءُ. والنُّور لغةً. وقد أخبرت الشريعة بِوَضاءَة أعضاءِ الوضوءِ في المحشر. قوله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} قالوا: معناه إذا قمتم إلى الصُّلاة وأنتم محدِثون. ولا أقولُ بالتقدير بل أقول: معنى الأمر بالوضوء لمن كان محدثًا بالوجوب وإلا فعلى الاستحباب. ويجوز عندي دخول الفَرْضِ والمستحب تحت لفظٍ واحد وليس بمجاز. وإذا صح إطلاق الوُضُوءِ والصَّلاةِ على الفرض والمستحب فأي بأسٍ في إطلاق المشتقِ عليهما. والعجب من الرَّازي في «المحصول» حيث قال: إنَّ الصلاة حقيقةٌ في الفريضة ومجاز في النافلة. قلت: كلا، بل الحقيقة والمسمَّى في الصورتين واحدةٌ، وإنما الاختلاف بحَسَب الأوصاف وهي من الخارج، فينبغي أن يميز بين الشيءِ وأوصافِه الطارئة من الخارج. وإذا كانت حقيقتُها في الصورتين واحدة لزمَ أن يصحَّ إطلاق اللفظ عليهما حقيقة أيضًا. ثم إنَّ الشريعة لم توجب عبادةً إلا وُضِعَ من جنسها نفلًا، وفي الفقه أن النذرَ إنَّما ينعقدُ فيما يكون من جنسِهِ واجب، فعُلم أن كلَّ نفلٍ من جنسه واجبٌ أيضًا، ومع هذا ذهب الرازي إلى أن لفظ الصلاة مجازٌ في التطوع. ثم كونُ الأمر للوجوب أيضًا لم يتحقق عندي، بل هو مشترك عندي كما هو رأى الماتُرِيدي، وراجع لتفصيله رسالتي «فصل الخطاب في مسألة الفاتحة خلف الإِمام». ثم إن هذه الآية وإن كانت آخرها نزولًا لكنها مما تقدم حكمها. أقول: وفي «سيرة محمد بن إسحاق» (¬1) أن جبرائيل عليه السلام لما نزل بخمس آياتٍ من أوائل اقرأ، علَّمه ¬

_ (¬1) وفي "المشكاة" من باب آداب الخلاء عن زيد بن حارثة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن جبريل أتاه في أول ما أوحي إليه فعلمه الوضوء والصلاة، فلما فرغ من الوضوء أخذ غرفة من الماء فنضح بها فرجه. رواه أحمد والدارقطني.

وجه القراءتين في آية الوضوء

الوضوءَ والصلاتين أيضًا، ومرَّ عليه الشيخ ابن حجر المكي الشافعي في «شرح المشكاة» وحسَّنه. قلت: وفي إسناده راوٍ تُكِلِّمَ فيه. وَجْهُ القِراءتين في آيةِ الوضوء على نحو المذهب المختار بعد إمعانِ نظرٍ، وإِعمال فكرٍ، وحَذَاقةٍ في الفنون العربية. قوله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ} استدل بها الشيعة على جواز المسح بالأرجل على قراءة الجر، وهم لا يجوزون المسحَ على الخفين مع كونه مواترًا وتصدى لجوابهم علماءُ الأمة منهم: ابن الحَاجب والتَّفْتَازاني في أواخر «التلويح» وابن الهُمَام وآخرون. وما فتح الله عليَّ في بيان وجه قراءة النصب: هو أن قوله وأرجلكم بالنصف مفعول معه وليس عطفًا، وفرق بين واو العطف والتي للمفعول معه، فإِن العطف لبيان شَرِكة المعطوفِ والمعطوفِ عليه في أمر، نحو جاءني زيد وعمر، ومعناه: أنهما مشتركان في المجيء. وإن قلنا: وعمرًا بالنصب فمعناه بيان مصاحبتهِ مع زيد في الجملة. أمَّا إنها في الفعل خاصة أو في أمر آخر، فأمر مَوْكُولٌ إلى الخارج على حد قولهم: إذا خلى وطبعه ولا يدل على الشركة أصلًا، وإن لزمتْ في بعض المواد فمِنْ تلقاءِ المادةِ لا من تلقاءِ المدلول. ثم المصاحبة معناها المقارنة: وهي قد تكون في الزمان كقولهم: جاء البَردُ والجُبَّاتَ بالنصب ليس معناه أن الجباتَ اشتركت في المجيء مع البرد وأن الجائي هو البرد والجبات، بل معناه أن الجائي هو البرد، ثم له مصاحبة مع الجبات مصاحبة زمانية. وأما إنه في المجيء أو الخياطة مثلًا فهو أمرٌ خارج عن مدلول المفعول معه. والمعنى: جاءَ البردُ وخِيْطت الجُبَّات في زمانه، فصاحَبَها زمانًا، ولو كانت في الخياطة فجاء هذا وخيط هذا. وهذا أيضًا نوعٌ من المُصَاحبة. وقد تكون المصاحبة في المكان كقولهم: سرت والطريق، ليس معناه أن الطريق أيضًا سار كما سار المتكلم، فلا دَلالة فيه على الشَرِكة في الفعل، فإِنه لم يُسند السيرُ إليه، بل معناه أن السائر هو المتكلم، لكن الطريق قارنَهُ وصاحبهُ وبقي معه في آخر سيره، فكان مُصاحبًا له مصاحبةً مكانية. وقد تكون بهما نحو قولهم: سرت والنيل، إذا اعتبرت جريَ الماء معك ساعة. وهناك أمثلة أخرى. منها قولهم: لو تركت الناقة وفَصِيلتَها لرضعتها، ليس معناه أن التركَ واقعٌ على الناقة والفصيلة كلتيهما، ليكون من باب العطف ولاشركة، بل معناه: لو تركت الناقة فقط وبقيت معها معاملة للفصيلة لرضعتها، كقوله تعالى: {ذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11)} [المدثر: 11] لا يريد الشركةَ في الفعل، بل معناه ذرني فقط ثم انظر ماذا أفعلُ بهم. ونحو قول الشاعر: *وكنتُ ويحيى كَيَدي واحدٍ ... نرمي جميعًا ونُرامي معًا لا يريد الشاعرُ الشركةَ في الكون فإِنه ليس بشيء، بل معناه كنت ويحيى مصاحبًا معي، فالمراد هذا المجموع ثم كونهما كيدي واحد. وكقول الآخر: *فكونوا أنتمُ وبني أبيكم ... مكان الكُليتين من الطِّحال

وإنما قَطَعَه الشاعرُ عن إعراب ما قبله ونَصَبَهُ إعراضًا عن الشركة وإفادةً للمصاحبة كما قرره الرَّضي في قوله: *للبْسُ عَباءَةٍ وتَقَرَّ عيني ... أحبُّ إليَّ من لُبْس الشُّفُوفِ فإِنه صرَّح أن نصبَ المضارع للقطع عن العطف ولإِفادة المصاحبة، وهو «واو» الصرف عندهم لصرفه عن حقيقتها التي هي العطف، لأن الشاعر إنما أراد أن لُبْسَ العباءةُ مُصَاحبًا مع هذا أحبّ إليه، يعني هذا المجموع أحبّ إليه؛ ولا يريدُ أن هذا محبوبٌ وهذا أيضًا محبوب. ومرَّ عليه ابن هشام «في المغني» وقال: إن بعضهم أضافوا قِسمًا آخر وسمَّوه «واو» الصرف كما في الشعر للبس عباءة الخ. ثم قال: ولا حاجة إليه، فإِنَّا نقدرُ الناصبَ ونقول: ولَلُبسُ عَبَاءةٍ وأن تَقرَّ عيني ... إلخ. قلت: وليس الأمرُ كما زعمه لفسادِ المعنى. والوجه ما ذَكَره الرَّضي. ومن ههنا تبينَّ أن «الواو» في قوله تعالى: {قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِى الاْرْضِ جَمِيعًا} [المائدة: 17] ليس للعطف. ومعناه: أن الله إن أراد أن يُهلِكَ المسيحَ ابن مريم مع كون أمه ومن في الأرض في حمايته لا يملكُ أحدٌ أن ينقذه من الله. وليس الإِهلاك ههنا واقعًا على هؤلاء جميعًا، لأن المقصود هو إظهارُ القُدرةِ على إهلاك مَنْ جُعل إلهًا من دون الله وافترى عليه بالألوهية، ولو كان هؤلاء أعضاد آله، لا إهلاكُ من في الأرض. والفرق بين إهلاكِ المسيح عليه السلام في حال مُصَاحبةِ جميع مَنْ في الأرض وحمايتهم إياه وإهلاك جميع مَنْ في الأرض غير خفي، فإِن في الإهلاك الأول قوةً ليست في الثاني، فهو على حد قوله: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْءانِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)} [الإسراء: 88] فعجزُهم في حال المظاهرة أبلغُ من عجزهم في غير هذا الحال، فكذلك إهلاكُ جميع مَنْ في الأرض، وإن كان دليلًا على قُدرته على إهلاكِهِ أيضًا، إلا أن إهلاكه، مصاحبًا جميع من في الأرض إياه، أدلُّ على قدرته من إهلاكه في غير هذا الحال، فإن القدرةَ في صورة إهلاك الجميع ضِمنني بخلافه في تلك الصورة. والحاصل: أن المسوقَ له في هذا الموضع هو بيانُ إهلاك من اتخذوه إلهًا وهو يَتِم بالمفعول معه ما لا يتم بالعطف كما علمت. وعلى هذا صارت الآيةُ قاطعةً قاهرةً على من تفَّوَه بوفاة المسيح وتمسكِ بهذهِ الآية، ودلت كالشمس في رَابعة النهار على أنه لم يمت وأنه حيٌ بعد. وأنه تعالى لو أراد إهلاكَه لم يَمْنعه أحدٌ، فعُلِم أنه لم يَهلِك، ولو كان هَلَكَ لكان ذِكْرُ هلاكِهِ أحرى من بيان القدرة فقط. ولمَّا لم يذكره مع داعيةِ المقام، عُلِم أنه لم يهلكِ بعد، وإلا لكان هلاكُه أفحَم للنصارى. ولكن الله سبحانه انتقل من بيان الهَلاك إلى بيان قدرتِهِ ثُمَّ صرَّحَ عليه في النساء وقال: {وَإِن مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: 159] فأعلن أنه لم يَمتُ ولو كان ماتَ لكرره في ردِّ الألوهية، مع أنَّه ذكر مخاضَ والدته وكونُه مولودًا كسائر الناس، إلا أن وِلادَتَه لما كانت بالنفخ على خلاف ولادة عامة الناس، نبَّه على هذا الأمر البديع، ليُعلِم أن الإِنسانَ لا

يصيرُ إلهًا بكونه منفوخًا ومخلوقًا من غير الطريق المعروف، إنما هو إله يخلق كيف يشاء. ولذا جاءت تحمِلُه على يديها ليراه الناسُ أنه وُلِد كما يولد الناس؛ فانظرْ كيف ذَكَرَ وِلادتَه على أتم تفصيل، ولم يذكر وفاته ولو إيماءً مع كونه أدلُّ وأقطعُ لحجة الخصم، فهذه الآية حجة قوية لا يأتيها الباطلُ من بين يديها ولا من خلفها إن شاء الله تعالى. وإذا تحصَّلت الفرق بينهما، فاعلم أن قوله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ} بالنصب مفعولٌ معه، وليس لإِفادة الشَّركة. والمعنى: أن للرجلِ معاملة مع مسح الرأس، أما إنها معاملةُ المسح أو الغسل فهو مسكوت عنه. ثم أقول: إن «الواو» قد لا تكون للشركة في الحكم وتجيء للمصاحبة فقط مع اشتراكها في الإِعراب وأُسَمِّيها واو المعية. واستنبطته من كلام الرَّضي في قوله: لَلُبْس عبادةٍ ... إلخ، وعلى هذا أمكنَ «الواو» في قراءة الجر أيضًا للمصاحبةِ دون إفادة الشركة. والحسنُ فيه أن الآيةَ جَعَلت الوجهَ واليدينِ في طرف، والرأس والرجل في طرف آخر، لأنهما نوعان يشتركان في بعض الأحكام ويختصانِ ببعضٍ آخر، كسقوط الرأس والرجل في التيمم. وأشار إليه ابن عباس رضي الله عنه، ولعله في «الفوز الكبير» أن الوجهَ واليدَ مغسولان ويُعتبران في التيمم، والرأسَ والرِّجلَ قد يسقطان في حكم الغسل، فلهذين حكمٌ ولهذين حكم، ولذا جُمعا في الآية عند بيان المسح. وفي تذكرة قديمة عندي أن اليد والوجه مغسولان في الأقوال كلها، بخلاف الرجل والرأس، فإن الشريعةَ تفردت ببيان وظيفتهما. وانحل به ما تعسَّر عليهم من قول ثُمَامة عند البخاري: آمنت مع محمد صلى الله عليه وسلّم فَفَهِمَ منه الشارحون أنه آمن معه مَعِيةً زمانية وليس بصادق، فاضطروا إلى التأويلات، ومراده أن ابتداءَ إيمانه قَارن وصَاحب مع بقاء إيمان محمد صلى الله عليه وسلّم فصحت المعيةُ، ولهذا الضيق استُشكَلت عليهم آية آخرى وهي: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} [الصافات: 102] وقالوا: إن «مع» يتعلق بالسعي لا بقوله: «بلغ». والحاصل: أن المعيةَ والمصاحبةَ تصدُقُ بالاقتران في الجملة، لا كما فهموه. وعند البخاري يكفيك الوجهَ والكفين بالنصب أيضًا من هذا الوادي، فإِنه مفعولٌ معه، فإِنه أدار الحكمَ على هذا المجموع ولم يُرد أن يحكمَ على كل واحدٍ على حدة. ثم اعرف الفرق (¬1) بين قوله: {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ} وقولنا: وامسحوا رؤوسكم بدون الباء ¬

_ (¬1) قال الشيخ رضي الله عنه بعد نقل عبارة "بدائع الفوائد" الدالة على الفرق بين قولهم: قرأت سورة كذا وقولهم: قرأت بسورة كذا: إن المرادَ بالأول أنه قرأ هذا الشيء والمراد بالثاني أنه أوقعَ القراءة المعروفة المعهودة التي اشتهرت بهذا الاسم بين الناس، وعهدت أنها أي جنس بالإِتيان بهذه السورة، ووجهه أن قَرَأ في متعارف اللغة متعدٍّ بنفسه فإِذا نقلته الشريعةُ إلى عُرفها ولقَّبتْ به قراءة الصلاة، صار لازمًا، كان معنى قرأ على هذا فعلُ فعلِ القراءة، وهذا لا يحتاج إلى مفعول به، فلما أريدَ تعلقُه بسورة عُدِّيَ بالباء، مثل هذا في قوله: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] بالباء وقولك: مسحت رأس اليتيم، الأول على عُرف الشريعة، وهو إمرار اليد المبتلة على الشيء، فاقتضى ليلة، بخلاف الثاني فإنَّه على صرافة اللغة. انتهى بعبارته الشريفة.

وهو الظاهر، لأن المسح متعدٍ بنفسه ومثل قوله: أوتره وأوتر به، وقرأ الفاتحة وقرأ بالفاتحة. وتعرض إليه الزمخشري تحت قوله تعالى: {وَهُزّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} [مريم: 25] مع كون الهز متعديًا بنفسه. وسنقرر عليه الكلام مفصلًا إن شاء الله تعالى في باب الوتر. وجملة الفرق هاهنا أنه لو قيل: وامسحوا رؤوسكم لكفي إمرارُ اليد بدون الماء أيضًا عن عهدة المسح، لأنه لا تعتبر فيه البِلة لغةً، فإِذا اعتبرت فيه المعهودية الشريعية، وهي إمرار اليد المُبتلة، صار لازمًا واحتاج في تعديته إلى الباء. وحينئذ معنى قوله: {وَامْسَحُواْ} أي افعلوا فعل المسح، يعني المسح المعهود، فاقتصر على ما كان باليد المبتلة. ولعل العربَ لمَّا لم يكونوا يعتمُّون في عامة أحوالهم، جاء القرآن على عرفهم إذ ذاك وقال: {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ} ولم يتعرض إلى العِمَامة، ولذا عامةُ رواياتِ وضوئه صلى الله عليه وسلّم خاليةٌ عن ذكر المسح على العِمامة، ومتى كان معتمًا تعرض هناك الراوي، كما عند أبي داود في بيان صفة المسح أنه مسح ولم يَنْقُض العِمامة. ثم إنه لا إجمالَ في الآية عندي في باب المسح كما قرره علماؤنا. والإقتصار على الربع، إنما هو لأنه لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلّم دونه، ولو ثبت عنه صلى الله عليه وسلّم دون الربُع لقلنا بفرضيته، وبفعله علمنا أن الفرضَ هو الربع، ولو كان الفرضُ هو الكلَّ لما تنزل إلى الربع، وكذلك لو كان الفرض دون الربع لتنزل عنه بيانًا للجواز، فإِذا اقتصر على الربع ثم لم يتنزل عنه، ثبت أن هذا القدرَ هو الفرضُ. ولا شكَّ أن مذهبنا هو الأحوط في هذا الباب، حتى أن بعض الشافعية أيضًا أَقرُّوا بذلك. قوله: (قال أبو عبد الله) ... إلخ وظني أن المصنف رحمه الله انتقلَ إلى بيان مسألةٍ أُصولية، وهي أن الزِّيادةَ بخبر الواحد تجوز. ولذا بيَّن النبي صلى الله عليه وسلّم قَدْر الفرض مع عدم ذكره في القرآن، وقد مر منا تحقيقه في المقدمة فراجعه. وحاصل المسألة عندنا: أن الزيادةَ بالخبر إنما تمتنعُ في مرتبة الرُّكنية والشرطية، أما في مرتبة الوجوب أو الاستحباب فلا (¬1)، ولعل نظرَ الشافعية في أمثال هذه المواضع أن الحكم إذا كان قطعيًا بنفسه لا تؤثر فيه ظنية الطريق، فخبر الواحد وإن كان ظنيًا في نفسه إلا أنه طريقٌ لبلوغ الحكم القطعي إلينا فقط، فلا يكونُ مؤثرًا في الحكم. ونَظَر الحنفية أن خبرَالواحد وإنْ كان طريقًا لعلم الحكم، لكنه لازمٌ ولا انفكاك عن هذا الطريق الظني في تحصيل هذا الحكم القطعي. وإذا امتنع انفكاكُ طريق العلم عن الحكم وَجَبَ أن يُؤَثِّر فيه. ولم تصح مراعاة الحكم في نفسه، فظنية الطريق تسري إلى الحكم لا محَالة وتجعله ظنيًا البَّتة. ¬

_ (¬1) قلت: ورأيت في "العرف الشذى" في باب مهور النساء: أن الزيادة في مرتبة الركنية والشرطية أيضًا تجوز عند شيخي رضي الله عنه وإن لم يكتبُوه إلَّا في مرتبة الظن دون القطع. وهذا يبني على تحقيقه أن الأركانَ والشرائطَ أيضًا قد تكون ظنية.

2 - باب لا تقبل صلاة بغير طهور

وبعبارة أخرى: أن الشافعية ذهبوا إلى التجريد ونظروا إلى الحكيم في نفسه بدونِ ملاحظةِ حال الطريق، والحنفية لاحظوا الحكم وطريقُه، فلم يمكن لهم أن يحكموا على المجموع إلا بالظنية، فإِن النتيجةَ تتبع الأخسَّ الأرذل. وبعبارة أخرى: أن الشافعية جعلوا القرآنَ كالمتن والحديثَ كالشرع، فأخذوا المراد من المجموع، ونحن أخذنا القرآن أولًا ثم أَوجبنا العمل بالحديث ثانيًا، فوضعنا هذا في مرتبتة وبعبارة أخرى أن الحنفيةَ يتخذون السبيل هو القرآن، إلا أنه لما ورد الحديثُ فيما سكت عنه القرآن يُخرِّجون له صورة العمل ويعملون به أيضًا، فكأنهم جعلوا حالَ القرآن مع الحديث كحالِ ظاهر الرواية مع النَّوادر. ومما يتعلقُ بموضوعنا هذا مسألةُ النَّسخ والتَّخصيص، والشيءُ بالشيءِ يُذكر. فاعلم أن المنسوخَ بعد نزول الناسخ يبقى قطعيًا عندنا، بخلاف التخصيص فإِنه يَجعلُ العام ظنيًا. ووجه الفرقِ أن المخصَّصَ يُصاحبُ العام زمانًا، فكأنه لم ينعقد حجةً بعدُ حتى لحقه المخصَّصَ فأخرج عنه أفرادًا، فيخطرُ بالبال خروج الأفراد الأُخر أيضًا لعلة مشتركة هناك. بخلاف الناسخ فإِنه يتراخى عن المنسوخ زمانًا، فينعقدُ حجةً، فإِذا نزل الناسخ وكان المنسوخُ محكمًا إذ ذاك وحجة، لم يؤثر فيه. وعليه يتفرع منعُ تعليل الناسخ دون المخصَّص، لأن تعليلَ الناسُ يستلزمُ أن يجوزَ إخراج أفرادٍ أُخرَ أيضًا، مع أن النصَّ لم يخرج إلا أفرادًا معلومة، فيلزم المعارضة بالنَّص بخلاف المخصص. 2 - باب لاَ تُقْبَلُ صَلاَةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ قد يُتخايل أن نفي القَبولِ لا يستلزمُ نفي الصحة. فقال قائل: إن القبولُ يطلق على معنيين: الأول: ما هو المعروف. والثاني: ما يرادف الصحة. قلت: بل هو ضِدُّ الرد، فمنعناه أن الصلاةَ بدون الطهور مردودة ولا حاجة إلى التقسيم، لأنه انعقد الإِجماعُ على أن الطهارة شرطٌ لصحة الصلاة. نعم، في صلاة الجنازة وسجدة التلاوة بعض شذوذٍ، فعند البخاري عن ابن عمر رضي الله عنه: أنَّه لا يسجدها على غير وضوء، إلا أن في الحاشية للشيخ أحمد علي السهارنفوري نقيضُه. أنه كان يسجدها على وضوء، فتردد فيه النظرُ أيضًا. أما في صلاة الجنازة فقد ذهب بعضهم إلى جوازها بدون طهارة. ولعل الوجهَ عنده خفاءُ لفظ الصَّلاة في صلاة الجنازة. والخفاءُ إنما يكون لنقص في المسمَّى أو زيادة فيه، فإِذا نَقَصَ شيءٌ من المسمَّى أو زاد فيه، يتردد فيه أنه بقي داخلًا في مسماه أو خرج عنه، كما قالوا في الطَّرَّار والنَّبَّاش: إنَّ الفظَ السارق خفيٌ فيهما، وكذلك ههنا خفيَ إطلاقُ الصلاةِ على صلاة الجنازة وسجدةِ التِّلاوة لمعنى النقص فيهما. أما سجدة التلاوة فظاهرٌ. وأما صلاة الجنازة فلعدم اشتمالها على الركوع والسجود. وذهب الفقهاءُ الأربعة والجمهور إلى أنها داخلة في مسمَّى الصلاة، وسجدة التِّلاوة من

فائدة

أخصِّ أركان الصلاة، فينبغي أن يشترطَ لها ما يشترط للصلاة. وما نُسب إلى مالكٍ رحمه الله تعالى من أن الصَّلاةَ بدون الطهور جائزة عنده فهو باطلٌ (¬1). 135 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِىُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُقْبَلُ صَلاَةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ». قَالَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ مَا الْحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ فُسَاءٌ أَوْ ضُرَاطٌ. طرفه 6954 - تحفة 14694 135 - قوله: (ما الحدث) ولمَّا كان السؤالُ عنه حَال كوِنهِ في المسجد أجابَه: بالفُساء والضُّراط، لأنه قلَّما يقع في المسجد إلا هذان. ثم الحدثُ في المسجد عمدًا مكروه تحريمًا عندنا. وفي قول تنزيهًا كما في «شرح المُنية». وفي «طبقات المالكية»: أنه حرامٌ بتًا. والمعتكِفُ مستثنى عندي لمكان الضرورة. فائدة وراجع «الخير الجاري» وهو مِنْ تصنيف المُلا محمد يعقوب البمباني المحشي على «مختصر الحُسامي» وشرحه ملخص من العيني «والفتح». أخذ المطالب في العيني رحمه الله تعالى وأضاف عليه الفوائد في «الفتح» وأكثرُ اشتغالِ أهل الهند كان في الفلسفة والمنطق، وقليل منهم اشتغلَ بالفقه والأصول والحديث. فصنف الشيخ محمد عابد الهندي كتابًا في الفقه وكذا «فتاوي إبراهيم شاهي»، و «مجمع سلطاني»، «وخاقاني»، وليست بشيء ونحوها مطالب المؤمنين لعالِمٍ من لاهور، وقد بقي الاشتغال بالحديث في سلسلة الشاه ولي الله رحمه الله تعالى إلى ثلاثة أسباطٍ ثم انعدم. 3 - باب فَضْلِ الْوُضُوءِ، وَالْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ 136 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ قَالَ رَقِيتُ مَعَ أَبِى هُرَيْرَةَ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ، فَتَوَضَّأَ فَقَالَ إِنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ أُمَّتِى يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ». تحفة 14643 والفضلُ ههنا بمعنى الفضيلة، وما بقي لا بمعنى الفضيلة فقط. واعلم أن الصلاة كانت في بني إسرائيل أيضًا. وعند النَّسائي: أنه فرضت عليهم صلاتان، لا كما في البيضاوي أنَّها كانت خمسين. وإذا ثبتت فيهم الصلاة فالأقربُ أن يكونَ الوضوءُ أيضًا. وقد ثبت في البخاري وضوء ¬

_ (¬1) أما من نَسَبَ إلى مالك رحمه الله جوازَ الصلاة مع الحدث فقد اشتبه عليه الحال بين الحدثِ والخبث. وإنما الخلافُ بين المالكية في اشتراطِ الطهارة عن الخبث. فقيل بالوجوبِ وقيل بالسنية، أما الطهارة عن الحدث فقد نقلوا عليه الإِجماع.

سارة. وعند الترمذي: «هذا وُضُوئي ووضوء الأنبياء مِنْ قبلي» فثبتَ الوضوء في الأمم السالفة في الجملة. وإذا اشتركَ الوضوءُ بيننا وبين الأمم، فما وجه اختصاص التحجيل بهذه الأمة؟ ولقائل أن يقول: إنَّ وضوءنا أكثر من وضوئهم، فإِنه فرض علينا خمسَ صلوات في اليوم والليلة، فازداد وضوءنا على وضوئهم. وقال قائل: إن التَّحْجيل والعُزَّة بسبب الإِطالة، ولعلها لم تكن في الأمم السالفة. قلت: وعلى هذا ينبغي أنَّ مَنْ لا يطيلَ غرتَه وتحجيلَه من هذه الأمة لا يحصلُ له نفسُ التحجيل والغرة يوم القيامة، مع أنَّ الأمرَ عندي: أن نفس التحجيل من آثار نفسِ الوضوء وإطالتُها من إطالته، فكون التحجيل من آثار الإِطالة غير مُسُلَّم عندي. ولم أجد في هذا الباب مع تتبُّع بالغٍ غيرَ ما في «حِلْية الأولياء» لإ لأبي نُعيم في صفات هذه الأمة: «متوضئين الأطراف». وفي التَّوراة: أني أجد في الألواح أمةً حمَّادين متوضئين ... فاجعلها يا رب أمتي. وفي الدَّارمي عن كعب قال: «نجده مكتوبًا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلّم لا فظٌ ولا غليظٌ ولا صخَّابٌ في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، وأمته الحمَّادون، يكبرون الله عز وجل على كل نَجْدٍ، ويحمدونه في كل منزلة، ويتأزرون على أنصافهم، ويتوضئون على أطرافهم، مناديهمُ ينادي في جو السماء، صفُّهم في القتال وصفهم في الصلاة سواء، لهم بالليل دَويٌّ كدوي النحل، ومولده بمكة، ومهاجره بطَيْبة ومُلكه بالشام. اهـ. فعَلِمت أنَّ لوضوء هذه الأمة اختصاصاتٌ ليست في الأمم الماضية، فلذا صار وضوءُنا وصفًا مشتهرًا بنا. وظني أن الوضوءَ في الأمم السالفة كان على الأحْدَاث، بخلاف هذه الأمة فإِنَّه عند الصلوات أيضًا، وهو معنى قوله تعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلوةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] فالمطلوب من هذه الأمة الوضوء عند كل صلاة وإن لم يكن واجبًا، لا عند الأحداث فقط. ولذا لا أقدِّرُ فيها: وأنتم مُحدِثون كما قدروه، فإِنه يختفي به رضا الشارع، وهو الوضوء لكل صلاة. وعند أبي داود: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم أمر بالوضوء عند كل صلاة طاهرًا أو غير طاهر .. فكان ابن عمر رضي الله تعالى عنه يَرى أنَّ به قوةً فكان يتوضأ لكل صلاة: فهذا دليل واضحٌ على أن المطلوبَ والمرضيَّ هو الوضوء عند كل صلاة، لا عند الأحداث فقط. واستحبه فيها فقهاؤنا أيضًا (¬1). ¬

_ (¬1) قلت: وهذا كالصلاة فإنها فرضت علينا مرزعةً على الأوقات، فنحن نراقبُ الشمسَ ونراعي الأوقات، بخلاف الأمم السالفة فإِنها كانت عليهم التقيد بالأمكنة، ولذا كانوا يطلبون البِيَعَ والكنائس لصلواتهم، وهو معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا فإِنها لم تكن مسجدًا لهم إنما جعلت لنا خاصة، وهذا هو معنى الجعل والحاصل: أن الأهم عندنا مراقبةُ الأوقات ومراعاتها ثم الصلاة أينما كانت، والأهم عندهم الأمكنة، وسيجيء البحث عنه عن قريب إن شاء الله تعالى. =

4 - باب لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن

وبالجملة إذا عَلِمْت أن الغُرَّة والتحجيل من خصائص هذه الأمة، فإِذًا لا التباس بينها وبين الأمم السَّالفة، فإنَّ كل أمة تقوم مع نبيها، وإنَّما يحصلُ الالتباسُ لمن لم يكن يتوضأ من هذه الأمة، فإِنه لا تكون له هذه السيماء، فلعلهم يُحرَمُون عن الكوثر. فمن كان له شَغَفٌ ببيانِ الحِكَمِ في الأحكام الشرعية، فهذه حكمة الوضوء. وقد تكلم الناسُ في حكمة مسح الرأس وكلها لا تستندُ إلى رواية. وقد تبيَّن لي روايةٌ في هذا الباب أخرجها المُنذري في «الترغيب والترهيب» وحاصلها: أنَّ من كان مسح رأسَه في الدنيا لا يكون أشعثَ يوم القيامة، ويكون رأسُه ساكنًا، وأمَّا غيره فيكون أشعثَ الرأس. وقد صنَّفَ العلماء في بيان الحِكم تصانيفَ منها: «القواعد الكبرى» للشيخ عزّ الدين الشافعي رحمه الله تعالى، وقِطعة منها موجودة عندِي ومنها: «حجة الله البالغة» للشَّاه ولي الله رحمه الله تعالى وغيرهما. ثم في الفقه إنّ إطالة التحجيل إلى نصف السّاق ونصف السّاعد. ولا أدري في الغرة غير ما عند أبي داود عن علي رضي الله تعالى عنه: «أنَّه توضأ حتى إذا فرغ من وضوئه أخذ غَرْفة من ماء وأفاضه على ناصِيتَهِ، حتى استنّ الماء على صدره ولحيته» واستشْكَلَ عليهم شرحه، فإِنّه في الظاهر زيادةٌ في المِرَار وهو ممنوع، فشرحه بعضهم أنه كان للتبريد أو غير ذلك. وعندي أنّه كان لإِطالة الغرة والله تعالى أعلم بالصواب (¬1). 4 - باب لاَ يَتَوَضَّأُ مِنَ الشَّكِّ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ 137 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الرَّجُلُ الَّذِى يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ ¬

_ = وأذكر فيما سمعت من حضرة الشيخ في درس "جامع الترمذي": أن بني إسرائيل كانوا مأمورين بالوضوء لكل صلاة، وقد بقي على هذه الأمة إلى زمان، ثم إذا شق عليهم نزل التيسير، أي الاكتفاء بالوضوء ما لم يحدث: وتوجد أشياء كانت على بني إسرائيل ثم إنها بقيت على هذه الأمة إلى زمان حتى نزلت الرخصة وانفسح الأمر. (¬1) قلت: إنَّه قد تردد فيه بعض أهل العلم وقالوا: إنّ الإطالة راجع إلى الإسباغ دون المجاوز عن الحدود، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من زاد على هذا فقد تعدى وظلم" وفي رواية: "أو نقص" وليس بثابت كما هو عند النسائي، فلا يردُ أن النقصَ عن الثلاث جائزٌ، فلا يكون ظُلمًا، ولا يحتاجُ إلى جواب أجابه صاحب "الهداية". ولعلك علمتَ أنه راجعٌ إلى المرات دون الحدود ولقد سلمناه فهي على ما زادت على ما أراده أبو هريرة وما يتوهم فيه من إفراط العوام وإضاعة الحدود لقد راعاه أبو هريرة رضي الله عنه فلم يفعله بين أيديهم، وإنما رآه بعضهم بفعلُ ذلك وهو لا يدريه، ولذا قال: أنتم ههنا يا بني فروخ، فعُلم أنه مستحب الخواصّ، وكم من أحكام في الشرع اختصت بالخواص دون العوام. وبالجملة الإطالة مستحبة وإسقاطُ الحديث بعد ما صح نظرًا إلى الغايتين في الوضوء ليس بجيد، نعم يجب أن لا يعتقدَ إلاّ بفرضية القدْر المنصوص، وهو إلى المرفقين في اليدين وإلى الكعبين في الرجلين، وأن لا يفعلها عنه الجهلاء فيقعوا في الأغلاط، وقد سمعتُ نحوَه من شيخي رحمه الله تعالى.

5 - باب التخفيف فى الوضوء

الشَّىْءَ فِى الصَّلاَةِ. فَقَالَ «لاَ يَنْفَتِلْ - أَوْ لاَ يَنْصَرِفْ - حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا». طرفاه 177، 2056 - تحفة 5296، 5299 وفصَّل المالكيةُ فيما إذا شكَّ في الصَّلاة في الوضوء وبعد الوضوء، وذكروا له حكمًا حكمًا. وأما عندنا فالأمر كما في الفقه. 137 - قوله: (حتى يسمعَ صوتًا) ... إلخ كنايةٌ عن تيقنِ الحَدَث، وإليه أشار البخاري في الترجمة وقد استوفينا الكلام في الفَرْق بين الكناية والمجاز في المقدمة، وهو مهمٌ فراجعه، وسيجيء أبسط منه في الشرح. 5 - باب التَّخْفِيفِ فِى الْوُضُوءِ 138 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ أَخْبَرَنِى كُرَيْبٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَامَ حَتَّى نَفَخَ ثُمَّ صَلَّى - وَرُبَّمَا قَالَ اضْطَجَعَ حَتَّى نَفَخَ - ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى. ثُمَّ حَدَّثَنَا بِهِ سُفْيَانُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بِتُّ عِنْدَ خَالَتِى مَيْمُونَةَ لَيْلَةً، فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا كَانَ فِى بَعْضِ اللَّيْلِ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَوَضَّأَ مِنْ شَنٍّ مُعَلَّقٍ وُضُوءًا خَفِيفًا - يُخَفِّفُهُ عَمْرٌو وَيُقَلِّلُهُ - وَقَامَ يُصَلِّى فَتَوَضَّأْتُ نَحْوًا مِمَّا تَوَضَّأَ، ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ - وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ عَنْ شِمَالِهِ - فَحَوَّلَنِى فَجَعَلَنِى عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ صَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ اضْطَجَعَ، فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ أَتَاهُ الْمُنَادِى فَآذَنَهُ بِالصَّلاَةِ، فَقَامَ مَعَهُ إِلَى الصَّلاَةِ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. قُلْنَا لِعَمْرٍو إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَنَامُ عَيْنُهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ. قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ رُؤْيَا الأَنْبِيَاءِ وَحْىٌ، ثُمَّ قَرَأَ {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات: 102]. أطرافه 117، 183، 697، 698، 699، 726، 728، 859، 992، 1198، 4569، 4570، 4571، 4572، 5919، 6215، 6316، 7452 - تحفة 6356 - 47/ 1 يريدُ به ضبطَ الغُسل في الوضوء شيئًا، وهو عسيرٌ، فأتىَ بلفظ التخفيف. وهو قد يكونُ باعتبار المياه، وقد يكون بحسب المِرَّار. 138 - قوله: (نام حتى نفخ) والمراد من النوم، إمَّا نومُه خلال الصَّلاةِ النافلة، أو بعد الفراغِ عنها قبل سُنّة الفجر، وهو الظاهر. قوله: (توضأ من شن معلق) قال الحافظ: ولم يَغْسل النبي صلى الله عليه وسلّم يديه في هذا الوضوء. والمراد من غسل اليدين هو ما يكون إلى الرُّسغين في ابتداء الوضوء؛ ولا أدري من أين أخذه الحافظ رحمه الله تعالى. قوله: (وضوءًا خفيفًا) والتخفيف في إسالة الماء والتقليل في المِرار. وقد ثبت عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلّم توضأ في تلك الليلة مرتين: مرة بعد ما أتى حاجته وأراد أَنْ ينامَ ولم يَغْسلْ فيه غير الوجه واليدين، ومرة أخرى حين قام إلى الصَّلاة، ولا أدري أي الوضوءين هو؟ ولعل التخفيفَ

والتقليل راجع إلى الوضوءِ الأول، وترجمة المصنَّف رحمه الله تعالى ناهضةٌ على كِلا التقديرين. وعُلِم من هذا الحديث نوعٌ آخرَ من الوضوء، وهو بغسل اليدين والوجه فقط. وإنَّما حدث هذا النوعُ من صنيع القرآن، حيث أشار إلى المصاحبة بين الرأس والرجل، فإِذا سقط أحدهما في وضوءِ النَّوم سقط الآخر أيضًا، فانظر كيف انكشفت المصاحبة، وأنَّ لهذين حُكمًا ولهذين حُكَمًا، فإِذا غُسِلَ الوجهُ غُسِلت معه اليدان أيضًا، وإذا تُركت وظيفةُ الرأس تركت وظيفة الرِجْل أيضًا. ثم اعلم أن ما يأخذه القرآنُ في عُنوانه لا بد أن يكون معمولًا به أيضًا، ولو في أي مرتبة كان، ولا يكون نظريًا وعلميًا فقط كقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] فإنه عُنوان عام لم يُردْ به التوجيه إلى كل جهة، ولكنَّه ليس علميًا فقط أيضًا، بل ظهر به العمل في حق النافلة، وكقوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَوةَ لِذِكْرِي} [طه: 14]، فإن ظاهره أن تنحصرَ الصَّلاةُ في الذكر، وهو وإن لم يكن معمولًا به في جميع الأحوال، لكنه ليس عقليًا صِرفًا، بل عُمِل به في صلاة الخوف كما نُقِل عن الزهري: أنه إذا تعذَّرت عليه الصلاةُ في الخوف كفى له التكبير. وكما في الفقه أنَّ الحائض تتوضأ وتجلس في وقت صلاتها وتذكر الله عز وجل. فهذا كله عَمَلٌ بعنوان القرآن ولو في مرتبة. والحاصل: أنه لا بد لعنوان القرآن أن يبقى معمولًا به ولو في أي صورة وأي مرتبة، ولمَّا جَعَلَ القرآنُ الوجه واليدين في طرف، والرأس والرِجْل في طرف - مع كون الرجل مغسولًا - لا بد أن يظهرَ لهذين حكمٌ خاصٌّ ولهذين أيضًا. وهو الذي ظهر به العمل في النَّوم والتيمم. وما عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه عند مالكٍ في الوضوء للجنابة من مسح الرأس بدون غسل الرجلين، فغير مُسلَّمٌ عندي ما لم يَثْبُت عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه جمع الثلاثة وترك الرابع، فينبغي أن يُحملَ على الوضوء الكامل، يعني مع غسل الرجلين أيضًا، واختصره الراوي. قوله: (فحوَّلني فجعلني عن يمينه) وصورته ما عند مسلم فأخذ بيدي من وراء ظهرهِ يعدلُني كذلك من وراء ظهره إلى الشق الأيمن، وهذا يفيدُك في أنَّ الكراهةَ إذا طرأت في خلال الصَّلاة يجبُ رفعُها فيها. قوله: (ثم صلى ما شاء الله) وقد علمت اختلافَ الروايات فيه. قوله: (ثم اضطجع) وفيه تصريح بالاضطجاع. واختُلف في كونه بعد صلاة الليل أو بعد سُنَّة الفجر وليس بسُنَّة؛ ومن اضطجع اتباعًا له صلى الله عليه وسلّم يَحْصُل له الأجر إنَّ شاء الله تعالى، ولكنه ليس من السُنَّة في شيء. وتفرد ابن حزم حيث جعله شرطًا لصحةِ صلاة الفجر، ولا دليل له على ذلك، ولكنَّه إذا أَخَذَ جانبًا شدد فيه. قوله: (تنام عينه) ... إلخ وهذا مِنْ باب الكيفيات كالكشف، إلا أنَّه في اليقَظَة، والمكشوفُ عليه يرى ما يراه الآخرون في اليقظة. وأما في ليلة التَّعريس فقد أُلقي عليه النَّوم تكوينًا وفي الحديث: «إِني أُنَسَّى لأَسُن». قوله: (رؤيا الأنبياء وحي) وقد مرَّ مني أنَّ رؤيا الأنبياء أيضًا يَحْتمل التقسيم الثلاثي.

6 - باب إسباغ الوضوء

وعلى هذا لا حاجة لي إلى تأويلٍ في قوله: «إنْ لم يكُن من عند الله يمضه» في قِصة رؤياه في عائشة رضي الله عنها. وإنَّما أوَّلَها الشارحون لأنهم قَصَرُوا رؤياه على نحوين فقط، فافهم. قوله: (ثم قرأ: {إِنّي أَرَى فِى الْمَنَامِ}) وقد مرَّ الكلام عليه تحت حديث الوحي، فراجعه. 6 - باب إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ: الإِنْقَاءُ. 139 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشِّعْبِ نَزَلَ فَبَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَلَمْ يُسْبِغِ الْوُضُوءَ. فَقُلْتُ الصَّلاَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ «الصَّلاَةُ أَمَامَكَ». فَرَكِبَ، فَلَمَّا جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ، فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِى مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الْعِشَاءُ فَصَلَّى وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا. أطرافه 181، 1667، 1669، 1672 - تحفة 115 وهو بالتقطير بين الإِسالة والإِسراف، وبالتثليث وبإِطالة الغُرَّة والتَّحْجِيل. قوله: (ولم يُسِبغْ الوضوء) والمراد منه الوضوء الناقص، أو التقليل في المرات. وكَرِه الفقهاء تَكرَار الوضوء بدون تخلَّلِ عبادة أو تبدُّل مجلس، وقد ذكروه مفصلًا. ولا بأس في تكراره إن كان توضأ وضوءًا كاملًا أيضًا، فإِنَّه تبدل مجلِسُه صلى الله عليه وسلّم أو يقال: إنه لم يكن أسبغ وضوءَه أولًا، فلما بلغ جمعًا ووجد الماء أسبغَ فيه تحصيلًا لأكمل الطهارتين. وكثيرًا ما نفعل مثله أيضًا، فنكتفي بالقدر الفرضي عند عِزَّة الماء، فإِذًا نجد الماء وتكون فيه سَعة نعيد الوضوء. لا يقال: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم لم يكن أدَّى قدر الفرض أَوَّلًا لأنا نقول: إن قول الراوي: الصَّلاة يا رسول الله لا يلائمه، فإِنَّه يدل على أنه كان على وضوء يصح به الصَّلاة فالجواب ما ذكرنا. قوله: (الصَّلاة أمامك) وأَخَذَ منه الحنفية أن تأخيرَ المغرب في المزدلفة واجبٌ، لأنه أخر المغرب بلا وجهٍ وجيه، فإنَّ الدفع إلى المزدلفة لا يكون إلا بعد غروب الشمس، فإِذا لم يُصلِّ المغرب مع حضور وقتها، عُلِم أن وقتَ تلك الصلاة تحولَ وقتها المعروفِ وصار وقته ووقت العشاء واحدًا في هذا اليوم، وهو معنى قوله: «الصَّلاة أمامك» يعني ليس وقته ههنا. بخلافِ تقديم العصر في عرفة، فإِن، له وجهًا ظاهرًا، فشرطوا له شروطًا وقصروه على مورِد النص ولم يوجبوه، فلا يَجْمع في عرفة إلا من يصلى مع الإِمام بشرائطه. أما في الجُمع فيجمع كل من يصلى منفردًا كان أو مصليًا بالجماعة. ووجه تقديم العصر وتأخير المغرب ترجيحُ العبادة الوقتية، فإِنَّه لما تعارضت العبادتان الصلاة والوقوف وسَّعت الشريعةُ للوقتية ورجحتها على ما كانت وقتها العمر كله. وفَهِم الحنفية أنَّ هذا الجمع ليس أمرًا بديعًا، بل هو على شاكلته المعروفة، فحملوه على الجمع للسفر وأنكره الآخرون وحملوه على الجمع للنُسُك.

7 - باب غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة

ثم مِنْ مسائل الجمع الثاني أنه لو صلى أحدٌ المغربَ في عرفة يُعيدها قبل طلوع الفجر من يوم النَّحر، فإِن لم يعدها حتى طلع الفجرُ فإِنَّه لا يُعيدها بعده. وهذه المسألة أيضًا من فروعِ مسألة جوازِ الزيادة بالخبر، فإِنَّه ثبت بالنص القاطع أداءُ الصَّلاة في أوقاتها، وأنَّ الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا. ومقتضاها اعتبار الصَّلاة التي صُليت في وقتها وعدم إيجاب القضاء عليه. ثم جا خبر الواحد في إيجاب تأخيرها عن وقتها، ومقتضاها إيجاب الإِعادة إن صليت في وقتها المعروف، فلو جَوَّزنا الإِعادةَ بعد الطلوع أيضًا بطلَ عموم الآية الوقتية رأسًا. فقلنا: إنَّه يعيدُها إلى طلوع الفجر لأجل الخبرِ والليلُ باقٍ، ولا يُعيدها بعده لأجل النَّص القاطع، فإِنَّه قد صلاها في وقتها فينبغي أن تعتبر بالنص أيضًا، وبه حصل الجمع بينهما، فلم نهمل الخبر بالكلية ولم نترك الآية بالكلية، بل راعيناهما بقدر ما أمكن. وبعبارة أخرى. إنَّ العمل بالظني - وهو خبر الجمع - إنما يمكن إلى وقت الطُّلوع فقط، لأنَّ وقتَ العشاء باق، فإن أعادها فيه حصل الجمع، وبعد طلوعه يفوت العمل بالظني ولا يمكن الجمع لفوات الوقت، فلا طائل في إيجاب الإِعادة بعده، فإِن قلنا بالإِعادة بعد الطلوع أيضًا لزمَ تركُ القاطع بفوات الظني، وهو غير معقول. ثم من مسائل الجمع أنَّه لا يُصلِّي بينهما نافلة ولا شيئًا كما في «المناسك» للعارف الجامي. ولم أر تلك المسألة في غير هذا الكتاب. وعند مُسْلِم: فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ، فأسْبَغ الوضوء، ثم أقيمت الصَّلاة فصلَّى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء فصلاها ولم يصل بينهما شيئًا. وفي بعض الروايات: أنَّهم أناخوا بعيرهم بعد أداء الصلاة. ووجه التوفيق: أنَّ بعضَهم فَعَل كذا. وبعضَهم فعل كذا. ومن مسائله أن الجمعَ في المزدلفة بأذان وإقامة، إلا إذا وقعت الفاصلة بين الصَّلاتين، فإنَّه يقيم للثانية أيضًا كما مَرَّ في رواية مسلم. 7 - باب غَسْلِ الْوَجْهِ بِالْيَدَيْنِ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ 140 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْخُزَاعِىُّ مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ بِلاَلٍ - يَعْنِى سُلَيْمَانَ - عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ، فَمَضْمَضَ بِهَا وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ، فَجَعَلَ بِهَا هَكَذَا، أَضَافَهَا إِلَى يَدِهِ الأُخْرَى، فَغَسَلَ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ، فَغَسَلَ بِهَا يَدَهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ، فَغَسَلَ بِهَا يَدَهُ الْيُسْرَى، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَرَشَّ عَلَى رِجْلِهِ الْيُمْنَى حَتَّى غَسَلَهَا، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً أُخْرَى، فَغَسَلَ بِهَا رِجْلَهُ - يَعْنِى الْيُسْرَى - ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ. تحفة 5978 - 48/ 1 الغُرْفة، كاللُّقمة، بمعنى اسم المفعول. والغَرْفة بالفتح للمرة، وهو الأفصح. 140 - قوله: (فرشَّ على رجله اليمنى) وإنما عبَّر بالرشِّ لأنَّه ضَرَبَ بها على رجله وغسلها شيئًا فشيئًا. وعن ابن عباس رضي الله عنه عند أبي داود: «فأخذ حَفْنَة من ماءٍ فضَرَبَ بها على

8 - باب التسمية على كل حال وعند الوقاع

رِجلِهِ وفيها النَّعل، فَفَتَلَها بها ثُم، الأخرى مثل ذلك». ولعله في واقعة أخرى. وإنَّما نقلتها ليعلم أنَّه قد يحتاج إلى الرشِّ ولا يكفي الإِسالة. 8 - باب التَّسْمِيَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعِنْدَ الْوِقَاعِ واعلم أنَّه لم يذهب إلى وجوبِ التسمية أحدٌ من الأئمة، إلا ما نُقل عن أحمد رحمه الله تعالى في رواية شاذة، مع ما ثَبَتَ عنه في الترمذي: أنه لم يثبت في هذا الباب شيء. ولذا أقول: لا بدَّ أن يكون في الباب روايةٌ قابلة للعمل عنده، وإن كان في أدنى مراتبِ الحسن، وإلا لم تجىء عنه تلك الرواية. وتفرد الشيخ ابن الهُمَام منا واختار الوجوب وقال: إن الأحاديث فيه لِتَعَاضُدِ بعضها ببعض بلغت مرتبة الحُسن، فانجبر الضَّعفُ بتعدد الطرق. ولعل البخاري أيضًا اختار الوجوب كما اختاره رفيقه في السفر داود الظاهري. وكنت أرى أنَّه ليس رجلًا محققًا، فلما طالعت كتبَه علمتُ أنَّه عالمٌ جليلُ القدر رفيعُ الشأن. وإنَّما لم يسمَّ الوضوءَ لئلا يكون إشارةً إلى تحسين للأحاديث التي وردت في هذا الباب عنده. وحديث الترمذي ليس قابلًا عنده لترجمته أيضًا، فانْظُر رِفعة المصنِّف رحمه الله تعالى أنَّ ما يخرِّجُه الأئمة تحت أبوابهم لا يذكره المصنِّفُ رحمه الله تعالى في تراجمه، بل لا يحبُ أَنْ يشيرَ إليه أيضًا، مع أن في نيته إثباتُ التسمية عند الوضوء، إلا أنَّه لما لم يكن عنده حديث معتبر في هذا الباب خاصة تمسك من العمومات، وأدخلَ الوضوءَ تحتها، وضمَّ معه الجِمَاع، ليُعلم أن التسمية لما كانت مشروعة قبل الجماع، فأَن تكون قبل الوضوء أولى. فكأنَّه استدلال من النَّظائر. وقد يخطر ببالي أنَّ المصنِّف رحمه الله تعالى مع كثرة قياساته كيف يُنْكِرُ القياسَ؟ ثم ظهر لي أنَّه يعمل بتنقيح المناط. ولم يُنبه عليه أحد من الشارحين. فالحديث وإن ورد في جزئية واحدةٍ من الجماع لكنه بعد تنقيح المناط صار عامًا، فبوَّبَ بالتسمية في كل حال. قلت: والنَّظر المعنوي يحكمُ بوجوب التسمية في كل حال، فإِنَّ الشيطان لا يزالُ يراقب الإنسان، ولا يجدُ موضعًا إلا ويلقي النقيصةَ فيه فعند الغائط يلعبُ بمقاعِدِ بني آدم، ويَشْتَرِكُ معه في الجماع والأكل، ويُفْسدُ الأواني، ويقطع الصلاةَ إذا لم تكن بين يديه سترة، ويوسوس في الوضوء، ويجلس على خَيَاشِيْمِهِ عند النوم، ويَضْحَكُ منه إذا قال في صلاته: «ها» إلى غير ذلك من مفاسده التي أَخْبَر بها الشرع. والمخلَّصُ هو التسميةُ لا غير. ثم الذي يتضح: أنَّ الوجوب والحُرْمة لا يترتبان على الأنظار المعنوية، بل إنَّما يتعلقان بأمر الشارع ونهيه، فإِذا لحَقَهُ أمرُ الشارع أو نهيُه يكون واجبًا أو حرامًا. ولا شك أن الواجباتِ كلها تشتملُ على المنافع والمحرمات بأسرها على المضار، إلا أنَّه لا يلزمُ عكسه. ورُبَّ شيءٍ يكون مُضرًا ثم لا يحرِّمُه الشارع شفقة على النَّاس ورحمة لهم، ورُبَّ شيءٍ يكون فيه منفعةً عظيمةً ثم لا يأمرُ به الشرع. نعم، يكون له صلوح للأمر، كالنوم حالة الجَنَابة، فإِنه لا تحضر جنازته ملائكة الله، وأي ضَرَرٍ أعظمُ منه؟ إلا أنه لم يوجب عليه غُسلًا تيسيرًا له، وإنَّ الدين يُسرٌ.

9 - باب ما يقول عند الخلاء

141 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا. فَقُضِىَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ، لَمْ يَضُرَّهُ». أطرافه 3271، 3283، 5165، 6388، 7396 - تحفة 6349 141 - قوله: (لم يضره) ويتعين في مثله الضم إذا لحقه ضمير، صرح به سِيْبَوَيهٍ، ولا يجري فيه الوجوه الثلاثة كما في: لم يمد. قيل: المراد من الضرر صَرَعُ الصبيان، لا يقال: إنَّا قد نشاهدُ المضرَّة مع قراءة التسمية أيضًا، لأنَّا نقول: هذا بيان لبركة اسم الله. ومع هذا هناك شرائط وموانع لم تذكر، فإذا تحققت التسميةُ بوجودِ تلك الشرائطِ وارتفاع الموانع لا يكون إلا كما أخبرَ به الشرع، ولا يتخلفُ عنه الحكم البتَةَ. 9 - باب مَا يَقُولُ عِنْدَ الْخَلاَءِ 142 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ الْخَلاَءَ قَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ». تَابَعَهُ ابْنُ عَرْعَرَةَ عَنْ شُعْبَةَ. وَقَالَ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ إِذَا أَتَى الْخَلاَءَ. وَقَالَ مُوسَى عَنْ حَمَّادٍ إِذَا دَخَلَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ. طرفه 6322 - تحفة 1022، 1020 10 - باب وَضْعِ الْمَاءِ عِنْدَ الْخَلاَءِ 143 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى يَزِيدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ الْخَلاَءَ، فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا قَالَ «مَنْ وَضَعَ هَذَا». فَأُخْبِرَ فَقَالَ «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِى الدِّينِ». أطرافه 75، 3756، 7270 - تحفة 5865 قد يُتوهم في أبوابه سُوءُ ترتيبٍ، فإنَّه أدخَلَ الاستنجاء خلال أحكام الوضوءِ، مع أن مقتضى الترتيب أن يذكرَها مقدَّمًا على أحكام الوضوء. قلت: بل هو ترتيب حَسَنٌ جيدٌ، لأنَّه لما قدمَ الوضوءَ وكان هو الطريق المسلوك في تصانيفهم أراد أن يتعرض إلى حقيقة الوضوء شيئًا، فَذَكَرَ أولًا بعض أحكامِهِ لتعيين مِسمَّاه لا غير، كبحث الفقهاءِ أنَّ أيِّ قدرٍ من استعمال الماء يُسمَّى غَسْلًا، فذكر أولًا فضله وهو مقدمٌ على بيان الحقيقة. ثم توجَّه إلى بيانِ أنه شيءٌ لا يجبُ بالشك، ثم نزل إلى بيان التخفيف والإِسباغ فيه؛ ولا بحث فيه من الأعضاء الأربعة، لأنَّ التخفيفَ والإِسباغَ يجريان في عضو واحدٍ أيضًا. ثم تَعرَّض إلى غسل الوجه لمزيد تعيينها، حتى إذا بلغ إلى التسميةِ وتقررت حقيقتُه في الأذهان، انتقل إلى الترتيب الحسي، فذكر ما كان مقدَّما في الحس وهو آداب الخلاء، فهذه الأبوابُ تترى في بيان مُسمَّاه وتحقيقِ حقيقتِهِ، لا في بيان أحكام الوضوء.

11 - باب لا تستقبل القبلة بغائط أو بول، إلا عند البناء جدار أو نحوه

ثم إنَّ المصنِّف رحمه الله تعالى أتى في المتابعة بلفظ: «أراد» إشارة إلى أنَّ هذا الدعاء إنما هو عند الإِرادة قبل دخول الخلاء، لا بعد الدخولِ فيه كما يتُوهم من ظاهرِ لفظه. قلت: ورَوى المصنِّف رحمه الله تعالى في «الأدب المفرد» بلفظ: «إذا أراد الدخول». صراحةً. 11 - باب لاَ تُسْتَقْبَلُ الْقِبْلَةُ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، إِلاَّ عِنْدَ الْبِنَاءِ جِدَارٍ أَوْ نَحْوِهِ 144 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْغَائِطَ فَلاَ يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلاَ يُوَلِّهَا ظَهْرَهُ، شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا». طرفه 394 - تحفة 3478 قالوا: إن الحديثَ لأهل المدينةِ ولمن كانت قِبلتُهم على سَمِتْهم. ثم إن الظاهر أن البخاري اختار مذهب الشافعي ومالك رحمهما الله تعالى، ولا يُدرى أنَّه اختار تفاصيلهم وفروعَهم في تلك المسألة أيضًا أم لا؟ أما استثناءُ المصنِّف رحمه الله تعالى فمأخوذٌ من حديث ابن عمر رضي الله عنه عندي، وليس مأخوذًا من حديث أبي أيوب رضي الله عنه كما تكلَّفَ فيه بعضهم، فقال: إن الغائطَ يقال للصحراء والفضاء، فكأن هذا الحديث لم يَرِد في البُنيان، وإنما جاء فيما ذهب لحاجّه إلى الصحارَى والفيافي. قلت: بل الغائطُ في اللغة للأرض المطمئنة والمنخفضة، وإنما كانوا يتحرَّون مكانًا منخفضًا ليحصلَ التسترُ، وهكذا العمل في أهل البوادي إلى يومنا هذا. وحينئذٍ صار الحديثُ حجة لنا بعدما كان حجة علينا، لأن الانخفاض يكون كالبنيان كما فعل ابن عمر رضي الله عنه فأناخ راحلته وبال إليها. ثم إن الراوي فَهِمَ غير ما فَهِموه، فعنه عند الترمذي: «فقدِمْنَا الشام - فوجدنا مراحيضَ قد بُنِيَت مستَقبَلَ القِبْلة فننحرف عنها ونستغفر الله» فهذا أبو أيوب جعل النهي على عمومه، البُنيانَ والصحارى سواء. ومن العجائب ما نسب ابن بَطَّال إلى البخاري أنه ليس في المشرق والمغرب عنده قبلةً على البسيطة كلها. قلت: وكيف نَسَبَه إليه مع أن أهل بخارى إنما يصلون إلى المغرب؟ فهل خَفِيَ على مثلِ البخاري قبلتَه مدَّة عُمُره؟ وإنما تَوهَّم من عبارته في أبواب القِبلة ليس في المشرق ولا في المغرب قبلةً وسيجيء شرحه في موضعه. واعلم أن المذاهبَ في هذا الباب عديدةٌ ذكرها العلماء، ونذكر ههنا مذاهب الأئمة الأربعة فقط: فمذهب الإِمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى: كراهة الاستقبال والاستدبار في البناء والفضاء تحريمًا. وهو إحدى الروايتين عن أحمد. والرواية الأخرى عنه جواز الاستدبار مطلقًا مع كراهة الاستقبال مطلقًا. وهو رواية عن أبي حنيفة كما في «الهداية». وفي «النهر الفائق» قيل: إنه كُرِه تنزيهًا، ومثله في «المسوى» «والمصفى».

ومذهب الشافعي ومالك رحمهما الله تعالى كراهتهما في الفيافي دون البنيان، فكأنَّهما فرَّقا في حكم الفيافى والبنيان، ولم يفرقا بين الاستقبال والاستدبار على خلاف ما رُوِيَ عن أحمد رحمه الله تعالى، فإِنَّه فَصَل بين الاستقبال والاستدبار، ورأى أمرهما في الكُنُف والصحارَى سواء، ولم يعرج إلى تفصيل بين الصحراء والبناء. وحجة أبي حنيفة رحمه الله تعالى في هذا الباب: حديث أبي أيوب رضي الله عنه وهو أصرحُ وأصحُّ وأنص وأمس بالمقام. وحجتهم إجمالًا: حديث ابن عمر رضي الله عنه، وجابر رضي الله عنه عند الترمذي، وحديث عِرَاك عند ابن ماجه. أمَّا حديث ابن عمر رضي الله عنه فلفظه: قال: رقيتُ يومًا على بيت حفصة رضي الله عنها فرأيت النبي صلى الله عليه وسلّم على حاجته مستقبلا لشام مستدبرَ الكعبة. وأما حديث جابر رضي الله عنه فلفظه: قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلّم أن نستقبلَ القِبلة ببول، فرأيته قبل أَنْ يُقبَضَ بعامٍ يستقبلُها. وأما حديث عِرَاك فلفظه على ما رواه ابن ماجه عن خالد الحَذَّاء، عن خالد بن أبي الصَّلْت، عن عِرَاك بن مالك عن عائشة قالت: ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلّم قوم يكرهون أَنْ يستقبلوا بفروجهم، فقال: «أَرَاهم قد فَعَلوها، استَقْبِلُوا بمقَعَدَتِي القِبْلَة». وأجابَ الحنفية عن حديث ابن عمر رضي الله عنه وجابر رضي الله عنه أنهما فعلان، والفعل لا يعارضُ القولَ، كما بُسِط في الأصول. قلت: ولا أحبُّ هذا العنوان لأن فِعلَه صلى الله عليه وسلّم أيضًا حجةٌ كقوله، فغيرتُه إلى أنهما حكايتا حالٍ لا عموم لهما. وحديث أبي أيوب نصٌ في الباب، وتشريعٌ في المسألة، وحكمٌ على وصفٍ معلومٍ منضبط. وهذه الأحاديث لم يُعلم سببُها بعدُ، فكيف يُترك ما هو معلومُ السبب بما جُهِل سببه؟ وكيف يُهدر الناطق بالساكت. ثم نظمت هذا الجواب وقلت: *يا مَنْ يُؤَمّل أن تكو ... ن له سمات قَبُوله *خذ بالأصول ومن نصو ... ص نَبِيِّهِ ورَسُولِه *نصًا على سبب أتى ... بالساكت المجهوله *دَعْ ما يفوتك وجهه ... بالبَيِّنِ المنقوله *وخُذِ الكلام بغَوره ... لا عَرضِه أو طُولِه *ليس الوقائع في شرا ... ئعه كمثل أُصُوله *لِتَطَرُّقِ الأعذارِ في ... فعلٍ خلافِ أُصُولِه وحاصله: أن ما رآه ابن عمر ورواه لا يُدرى أنه كان لنسخ النهي به أو لتخصيصِهِ بالبُنيان، أو لعذرٍ اقتضاه المكان، أو كان بيانًا للنهي أنه ليس للتحريم. مع أنَّ نظَرَهُ في هذا الحال لا يمكِنُ أَنْ يكون محققًا، بل لا بد أن يكونَ ارتجالًا. ومن يجترىءُ على رسول الله صلى الله عليه وسلّم فَينْظُرَه في هذا الحال إلا أن يكون ساهيًا أو خاطئًا. وهو عند الطحاوي أيضًا أنَّه رآه محجوبًا عليه بِلَبِنٍ، فحينئذٍ كثُر ما يمكن أن يكون رأى منه صلى الله عليه وسلّم وهو في هذا الحال، رأسه الشريف فقط، مع أن العبرة فيه للعضو دون الصدر، فأمكن أن يكون منحرفًا بعضوه ومستقبلًا بوجهه وصدره، ثم لو سلمناه فما الدليل على أن استقبالَه صلى الله عليه وسلّم

كان يُبنى على ما فَهِمَهُ ابن عمر رضي الله عنه؟ وإنَّما هو اجتهادُه وفهمُه وظنه، وليس عنده غيرَ تلك الرؤية المشتبهة شيء، وقد عارضه فهمَ أبي أيوب رضي الله عنه كما علمت، على أنَّ في حديث ابن عمر رضي الله عنه شيئًا آخر ذَكَرَهُ أحمد رحمه الله تعالى كما في العيني، ولم أكن أفهمُ مرادَه إلى زمان ولم ينتقل إليه أذهان عامتهم، وبعده يخرجُ حديثُه عما نحن فيه رأسًا وينتقل إلى باب آخر. وهو: أنَّ محطَّ حديثه المعارضةُ بمن رأى الكراهة في استقبال بيت المقدس، ولا بحث له عن استقبال البيت قصدًا، ويتضحُ ذلك من سياقٍ سَاقه مسلمٌ عن عمه واسع بن حَبان قال: كنت أصلي في المسجد وعبد الله بن عمر مسنِدٌ ظهرَه إلى القبلة، فلما قضيت صلاتي انصرفت إليه من شقي، فقال عبد الله: يقول ناس إذا قعدت لحاجة تكون لك فلا تقعد مستقبلَ القِبلة ولا بيتَ المقدس. انتهى. فهذا يدلُّ صراحةً على أنَّ كلامَه إنما هو مع من كان يكره استقبال بيت المقدس ويعدّه كالقبلة. وقد رُوي عنه صلى الله عليه وسلّم في النَّهي عن الاستقبال بهما أيضًا، فعند أبي داود عن مَعقِل بن أبي معقل الأسدي قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن نستقبلَ القِبلتين ببولٍ أو غائطْ فابن عمر رضي الله عنه إنما يُعارضُ بمن يعد كراهة استقبالِ بيت المقدس أيضًا كالبيت، ولا تعلق له بمسألة البيت قصدًا، ولذا تعرَّض عند بيان رؤيته إلى بيت المقدس فقط. وما في بعض الروايات: مستدبرَ الكعبة، فهو لزوميٌّ ويُبنى على تحقيق السَّمت. وكونُهما على طرفين بحيث يُوجب استقبالُ أحدهما استدبار الآخر، وذلك غير معلوم. وإنما أراد به ابن عمر رضي الله عنه التقريبَ وما يَتَرَاءى في بادىء النظر فقط، ومسألة الاستدبار والاستقبال تُبنى على تحقيق ذلك السَّمت في نفس الأمر، ولا تتحققُ إلا أن يحقِّقَها علماء الجغرافيا كذلك. وعرض البلدتين مكة وبيت المقدس يختلف على أنَّه لا يرد علينا، لِمَا مرت رواية عن الإِمام في جواز الاستدبار (¬1). ¬

_ (¬1) قال الحافظ فضل الله التُّورِبشْتي في "شرح المصابيح": النظرُ يقتضي التسويةَ بين الصحارى والأبنية، لأنا لم نجد للنهي وجهًا سوى احترام القِبلة ومما يؤيد ذلك كراهة مواجهة تلك الجهة الشريفة بالبُزَاق والنُّخَامة واستحباب صيانتها عما يستخف بالحرمة، وهذا حكم لا يُغيَّر بالبناء، وأما ابن عمر رضي الله عنهما ففي بعض طُرُقه الصحاح أنه قال: يقول ناس: إذا قعدت للحاجة فلا تقعد مستقبلَ القبلة ولا بيت المقدس، ولقد رقيتُ على ظهر بيت فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -مستقبلًا بيت المقدس لحاجته ففي هذا الحديث لم يذكر استدبار القبلة، وإنما أنكر على من قال بالنهي من استقبال بيت المقدس. وأما حديثه الذي ذكرناه: وفيه استدبار الكعبة فيُحتمل أنه كان قبل النهي، ويُحتمل أنه كان قد انحرف عن سمت القبلة شيئًا يسيرًا، بحيث خَفِي على ابن عمر رضي الله عنه أمره. فإنّ قلت: إذا كان مستقبلًا لبيت المقدس فقد استدبر الكعبة، لأنهما مسامتانِ في المدينة، لأن المدينة متوسطة بين مكة وبيت المقدس، وكلاهما في ناحية الشمال، كما ترى ذلك في مسجد القبلتين الذي نسخ فيه قبلة بيت المقدس بني فيه محرابين كلٍّ منهما مُسَامِتًا للآخر. =

قلت: والأحسن عندي أن يُجمع بين روايات الإِمام أيضًا، كما يُجمع بين الأحاديث، فتقام المراتبُ ويقال: إنَّ كراهةَ الاستقبالِ أشدُّ من كراهة الاستدبار، وبه حصل الجمعُ بين الروايتين (¬1). ¬

_ = قلنا: ليس الأمرُ كذلك في التحقيق، ومما يدل على ذلك أنَّ سمتَ القِبلة بالمدينة لا يقعُ على السواء من سمت بيت المقدس، بل بينهما مُبَاينة، وإن ذكره بعض العلماء بناءً على الظاهر، فذلك مبني على التقريب، ولقد وجدتُ بعضَ أهل العلم ذكروا في كتبهم أنَّ من استقبلَ بيت المقدس بالمدينة فقد استدبر الكعبة، وكنتُ أرى الأمرَ بخلافِهِ لما شاهدت من التفاوت بين الموضعين في القبلة باستبانة آياتها من مطالع البروج ومغاربها، ومع ذلك فلم أعتمد على تلك المقايسةِ والشواهدِ الحسية حتى سألتُ أهل المعرفة بطول البلاد وعرضها عن ذلك، فبينُوا لنا بالشواهد الهندسية تفاوتَ ما بين البلدين، أعني المدينة وبيت المقدس ثلاث. فوجدنا طول المدينة على خمس وسبعين درجةَ وعشرين دقيقة، وعرضها على خمسِ وعشرين درجة، وطول بيت المقدس على ستٍ وستين درجة وعشرين دقيقة، وعرضها على اثنتين وعشرين درجة ودقيقتين، وطول مكة على سبعَ وستين درجة وثلاث وثلاثين دقيقة، وعرضها على إحدى وعشرين درجة وأربعين دقيقة. وإنما أضربنَا عن بيان ذلك تحقيقًا لأنَّا لم نقتبس من ذلك العلم ما نُحلُّ به عُقدة الإِشكال، ولا نحبُّ أن نكون بصدده، فاكتفينا بالنقل عمن يتعاطاه، فمن أحب الوقوفَ عليه بالبرهان من طريق الحسبان فليراجع أهل الفن، فإنَّه يجد الأمر على ما ذكرنا. اهـ. (¬1) قلت: ثم رأيت أكثَر روايات الباب ساكتة عن ذكر الاستدبار بخلاف الاستقبال، فإنَّها ليست رواية في هذا الباب إلَّا وقد نهي فيها عن الاستقبال فلعلَّ رواية جواز الاستدبار جاءت عن إمامنا في مثل هذه الأشياء، ثم ما السرُّ في اختلاف صنيع الحديث، فإنه قد يذكر النهي عنهما، وقد يقتصر على النهي عن الاستقبال فقط ويترك النهي عن الاستدبار، كأنه جائز، ففيه سرٌّ عظيم سيذكره حضرة الشيخ رحمه الله في أوائل كتاب الصلاة في باب ما يستر من العورة إن شاء الله تعالى. قلت: ويخدِشُه في قلبي ما عند أبي داود عن مروان الأصفر قال: رأيت ابن عمر رضي الله عنه أناخ راحلته مستقبل القبلة ثم جلس يبول إليها، فقلت: يا أبا عبد الرحمن أليس قد نهي عن هذا؟ قال: بل نُهي عن ذلك في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس، لأنه يدل على أنه اختار تفصيل الشافعية، وأن استقبال البيتِ عند السُّترَةِ جائز، فإن كان الاستقبال بعد السترة في الصحارى جائزًا عند الشافعية أيضًا، لما أنها تصير كالبُنيان، فمذهبه عين مذهبهم، وإلاّ فقريب من مذهبهم مع شيءٍ من المغايرة. وكيفما كان إذا عُلم من مذهبه فكلامُه مع واسع بن حَبَّان عند مسلم ينبغي أن يُحمل على جوازهما عنده في البنيان مطلقًا، سواء كان بيت المقدس أو الكعبة شرفها الله، إلّا أن يقال: إن أحمد إنما تعرض إلى بيان محطِّ الكلام في مكالمته هذا، لا إلى مذهبه كائنًا ما كان، إلّا أن معارضته بمن كان يرى استقبال بيت المقدس مكروهًا فقط، وحينئذٍ لا تبقى فيه فائدة للأحناف رحمهم الله، بل يبقى حجة عليهم كما كان، ولم أرد بهذا الكلام غير التنبيه على أن حديثَه إنما يخرجُ عن موضِعِ النِّزاع إذا قرر مرادَه كما قرره أحمد رضي الله عنه، فإنه حينئذٍ لا يبقى حجةً علينا. وأما إذا كان كلامُه ناظرًا إليهما كما علمت؛ فهو حجةٌ باقية تحتجُ للتفصي عنها إلى وجوه ذكرت من قبل. ثم هذا وإن كان مفيدًا للشافعية من طرف، لكنه مضرٌ لهم من طرف آخر لدلالته أن العملَ الشائعَ في زمن مروان كان كمذهب الحنفية، وكان استقبال البيت إذا ذاك خاملًا خمولًا أفضى إلى إنكاره على ابن عمر رضي الله عنه، ولو كان الاستقبال أمرًا مباحًا عندهم كما قاله الشافعية، لما كان لهذا الإنكار معنًى، فعُلِم أن فيه نَذرَةً وخُمولًا كنَدْرَةِ وضعِ السواكِ موضع القلم عند الصلاة على زيد بن خالد عند الترمذي وقد زعم بعضهم أنه مفيدٌ للشافعية، مع أن الراوي إنما تعرَّض إلى نقله لنَدرة فعله لا لبيان السنة. =

وأما حديث جابر رضي الله عنه ففيه بعض ما مرَّ في حديث ابن عمر رضي الله عنه، مع أنَّ الظاهر أن رؤيتَه كانت في سفر من أسفارِه في الصحارَى دون البنيان، لأنه لم تكن له قَرَابة من النبي صلى الله عليه وسلّم ليكون طَوَافَه على النبي صلى الله عليه وسلّم كأهل البيت، فالظاهرُ أَنْ يكون رآه في الصحارَى، وهذا خلافُ ما رَامه الشافعية رحمهم الله تعالى. وأجابَ عنهما بعضهم أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم كان أفضلُ من البيت قطعًا، فجاز له الاستقبال والاستدبار خاصة، بخلاف سائر الأمة. قلت: ومما ينبغي أن يُعلم أن الطريقَ المختارَ عند الجواب أن يُستشهدَ بأمر خاص رُوي في هذا الباب بعينه دون التمسكِ بالعمومات، وكونه صلى الله عليه وسلّم أفضلُ من البيت أمرٌ عامٌ، فالتمسك به على جواز الاستقبال والاستدبار غير مَرْضِيٍ عندي ما لم يؤت بخصائصه التي رُويت في هذا الباب بعينه، لأنه يجوز أن يقال: إن أفضليته إنما ظهرت في عالم التكوين، أما في المسائل فلم تظهر بعدُ، فإِنه مأمورٌ بالاستقبال كسائر الناس، وكثيرٍ من أحكامه في التشريع مثلَ أمته. فالوجه عندي في تقريره أنَّه محمولٌ على خصوصيتِهِ صلى الله عليه وسلّم لكِنْ لا لكونه أفضل، بل لكونه مختصًا ببعض الأحكام مِنْ هذا الباب. فإِذا علمنا خصوصيتَه في هذا الباب هَان علينا أن نحمل استقباله أيضًا على الخصوصية. ومما وجدنا من خصائصه في هذا الباب ما في «المواهب»، ¬

_ = ثم إن في الفرق بين الاستقبال والاستدبار معنًى صحيحًا يعرفه العامة، لأن ما ينحطُّ عند الاستدبار إنما ينحط إلى الأرض دون جهة القبلة، بخلافه عند الاستقبال، ولأن قضاءَ حاجته والبيتُ يواجهه أبعدُ عن الاحترام مما إذا كان يقضيها وهو يستدبره، وهذا معنًى صحيحٌ يفهمه كل ذي فطرة سليمة، ولذا مُنع عن البصاق نحو القِبلة، فإن البيتَ يواجهه، والمناجاةَ قائمةٌ بينه وبين القبلة، وعن مَسْح الحصى في الصلاة، لأنَّ الرحمة تواجهه، ففي المواجهة معنى ليس في غيرها. ومعنى قول ابن عمر رضي الله عنه: نهى عن ذلك مجهولًا. أنه ليس فيه عنده نهيٌ صريحُ إنما هو اجتهاده من نظرةٍ نَظَرَها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو قاعد لحاجته. ولو كان عنده حديث مرفوع لأتى به لاسيما عند المعارضة، وإنما لم يتعقبْه مروان بعدَه لأنه ليس من دأب السلف سيما بحضرة ابن عمر رضي الله عنه، فإنه صحابي جليل القدر ولعلك علمتَ أن بناءَ المذهبِ على التشريع العام والقانون الكلي أولى من بنائه على واقعة أو واقعتين، فإن الوقائع الجزئية لا تنكشف وجوهُها وأسبابها، وربما يكون تحت الأعذار، كما ثبت عنه أنه بال قائمًا عند سُبَاطة قوم، فلم يذهب أحدٌ إلى أن البولَ قائمًا سنة. فكذلك ينبغي أن لا يقال بجواز الاستدبار والاستقبال من جهة الوقائع الجزئية، بل الواقعةُ الواحدة فقط مع ورودِ ضابطةٍ كلية صحيحة صريحة في الباب، وهذا هو دأب الحنفية في جميع الأبواب، وهذا كمسألة البول، فإنهم لم يختاروا طهارة أبوال مأكول اللحم نظرًا إلى حديث العُرَنيين، فإِنه واقعةٌ جزئية، مع ورود التشديد في الباب، فاختاروه وجعلوه مذهبًا، وكذلك مسألة الفصلِ والوصلِ بين المضمضة والاستنشاق، لم يختاروا فيه الوصل لحديث عبد الله بن زيد مع صحتهَ لكونه واقعة جزئية كما سيتضح، وذهبوا إلى حديث عثمان وعلي رضي الله عنهما، وكذلك حديث القُلَّتين رأوه كالواقعة الجزئيةِ لكونه غير منكشف الوجه والسبب، فلم يجعلوه مدارًا للطهارة والنجاسة، بل طلبوا له مَحملًا صحيحًا، وكذلك، مسألة الأوقات المكروهة جعلوا الأحاديث الواردة فيها قدوةً لم يستخفوها لأجل الوقائع الجزئية، وهكذا في غير واحد من المسائل.

عن الدارقطني: أن عائشة رضي الله عنها سألت النّبي صلى الله عليه وسلّم إنا لا نجدُ في خلائك شيئًا يا رسول الله قال: «أَمَا تعلمِ أنَّ الأرض تبلغ عَذِرات الأنبياء». وأسناده قوي بالمعنى. وعند الترمذي في المناقب أنه قال لعلي رضي الله عنه: «لا يجوز لأحدٍ أن يجنبَ في المسجد غير وغيرك» أي يمرُّ في المسجد جنبًا، وحسَّنه الترمذي، وتصدى إليه ابن الجوزي فأدخله في الموضوعات فَهْمًا منه أن الروافضَ لما رأوا فضيلة أبي بكر رضي الله عنه في إبقاء خَوْختِهِ خاصّة، أرادوا أن يتخرعوا له خصوصية أيضًا، فوضعوا له هذا الحديث. وردَّه الحفاظُ وقالوا: الحديث قوي. ثم ما زلت أتفكرُ في وجه الإِباحة لهما خاصة وأقول: لعلهما لم يكن لهما طريق إلا من المسجد. ثم رأيتُ في «السيرة المحمدية» أَنَّ موسى وهارون عليهما الصلاة والسَّلام لِمَّا بنيا المسجد في مصر أعلنا أَنْ لا يَقْعُدَ في المسجد جنبًا غيرهما، فتبين لي أنَّ جواز الدخول جنبًا لِمَّا مِنْ خصائص النبوة، ولذا تحت الخصائص ذكره صاحب «السيرة». وعلى هذا أقول: إنَّ مرورَه صلى الله عليه وسلّم من المسجد جُنبًا أيضًا من هذا الباب، وليس من عدم وجدانه طريقًا آخر، وإنَّما رخَّص لعليٍ رضي الله عنه مع عدم نبوته، لما في الصِّحَاح: «أنت مِنِّي بمنزلة هَارونَ من موسى» ... إلخ. فلمَّا كان عليٌ رضي الله عنه بمنزلة هارون منه أباحَ له أيضًا ما أَبيح له، ثم صرَّح بقوله: «إلا إنه لا نبي بعدي»، أَنَّه لا ينبأَ بعده أحدٌ لئلا يُختَدَع منه دجَّال من أمته فيضل الناس بغير علم، كما وقع لميرزا غلام أحمد القادياني فادَّعى النبوةَ وجعله أمه الهاوية. وتمسك من مثل هذه الأحاديث مع صَدْعها بخلافه، لعنه الله. ثم مسألةُ طهارة فَضَلات الأنبياء توجد في كتُب المذاهب الأربعة، ولَكِنْ لا نَقْلَ فيها عندي عن الأئمة إلا ما في «المواهب» عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى نقلًا عن العيني، ولكنِّي ما وجدتُه في العيني. وفي «كَنْزِ العمال» أنَّ أجساد الأنبياء نابتةٌ على أجساد الملائكة. وإسناده ضعيف. ومرادُه أن حالَ الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام في حياتهم كحال الملائكة، بخلاف عامة الناس فإنَّ ذلك حالَهم في الجنة، فلا تكون فضلاتهم غير رَشَحَات عَرَقٍ. والحاصل: أنَّ هذه عدة خصائصه تتعلقُ بأحكام الخَلاء جنسًا أو نوعًا، فليكن الاستقبال أيضًا من خصائصه كأخواته هذه، وهذه الطريق أقرب من ادِّعاء الخصوصية أوَّلًا، فإِنَّ الذهنِّ إذا تصوَّر بعض خصائصِهِ من هذا الباب تيسر له أن يقيسَ عليها الأخرى ويُلحِقَها معها. وأما حديث عِرَاك فقد استُشْكِل جوابهُ على النَّاس، فنازع بعضُهم في وصلِه وإرساله. فنُقل عن ابن أبي حاتم في «المراسيل» أَنَّ أحمد أَعَلَّهُ وقال: إن عِرَاكًا لم يسمع من عائشة رضي الله عنها. وأجيبَ أن مسلمًا أثبت وأَخْرَجَ في «صحيحه» حديثَه عن عائشة رضي الله عنها من رواية يزيد بن أبي زياد مولى ابن عباس عن عِرَاك عن عائشة رضي الله عنها: جاءتني مسكينةٌ تحمِلُ ابنتين لها ... إلخ.

قُلْتُ: أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى أولى بالاتباع في هذا الباب، فهذا الحديثُ وإن كان صحيحًا عند مسلم لكنه معلولٌ عند أحمد. وقال الذهبي في ترجمة خالد بن أبي الصَّلْت: أنه منكرٌ. وصَحَّحَ البخاري وقفَه، ثُمَّ إن خالدًا هذا جعفر بن ربيعة الضابط والحجة في عِرَاك، فإنَّه رواه عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تُنكر ذلك ولم يرفعه، وأوضح القرائن على وقفِهِ أَنَّه حَدَثَ بمجلس عمر بن عبد العزيز، عن عِرَاك، عن عائشة رضي الله عنها فلم يَعمَل به. رواها الدارقطني من طريق هارون بن عبد الله، والبيهقي من طريق يحيى بن أبي طالب كلاهما عن علي بن عاصم حدثنا: خالد الحَذَّاء، عن خالد بن أبي الصَّلْت قال: كنت عند عمر بن عبد العزيز في خلافته وعنده عِرَاك بن مالك، فقال عمر: ما استقبلتُ القِبلة ولا استدبرتُها منذ كذا وكذا، فقال عِرَاك: حدثتني عائشة رضي الله عنها أمْ المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم لما بَلَغَهُ قولُ النَّاس في ذلك أمر بمقعدتِهِ فاستقبل القِبْلة، وهو عند الطحاوي أيضًا. ومع ذلك لم يعمل به عمر بن عبد العزيز، حتى إن مذهبه أن التَّفْل في جهة القبلة حرام، فكيف بالغائط وما ذلك إلا أَنَّه رآه موقوفًا. ثم إن الحديث أجنبي في الباب ولا يرتبطُ مما رُويَ عنه صلى الله عليه وسلّم في هذا الباب، لأنَّه لا يخلو (¬1) إمَّا أَنْ يكون مقدَّمًا على حديث أبي أيوب أو متأخرًا عنه، فإنْ كان الأول فقد نَسَخَه حديث أبي أيوب، وإن كان الثاني فلا معنى لإنكارِه عليهم بعد الأمر به بنفسه، ولا يتعقل عاقلٌ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم نَهَاهم عن الاستقبال والاستدبار أولًا، ثم تعجَّب عليهم حين امتثلوا بأمره وانتهوا عن نهيه، فهذا الحديث يدل على كونه موقوفًا. وإِنما الأمر أنَّ عائشة رضي الله عنها هي التي تعجبت من فعلهم، ثم أمرتهم بما أُمِرَت، وليس ذلك عن النَّبي صلى الله عليه وسلّم إِنْ شاء الله تعالى. ولعلَّ الدارقطني قد عدَّه من أفرادِهِ لمثل هذا (¬2). ¬

_ (¬1) قال ابن حزم في "المحلى": إن حديث عِرَاك عن عائشة رضي الله عنها ساقط، ثم نوضح لما كانت فيه حجة لأن نصَّه - صلى الله عليه وسلم - يُبين أنه إنما كان قبل، لأن من الباطل المحالِ أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَاهم عن استقبال القبلة بالبول والغائط ثم يُنكر عليهم طاعة في ذلك. هذا ما لا يظنه مسلمٌ ولا ذو عقل. اهـ. (¬2) قلت: وحديث عائشة يدل على أن الكَنِيف في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن مبنيًا نحو القبلة، وإنما حوَّل بعد ما بلغه من الناس ما بلغ، والصحيح أنه حولته عائشة رضي الله عنها. لا يقال: إن حديث ابن عمر رضي الله عنه أدل على مذهب الشافعية، لأنه يدل على أن الكنيف في بيت حفصة كان مبنيًا قِبَلَ الشام، ويلزمُ للقاعِدِ عليه أن يستدبر القبلة، فثبت الجواز في البُنيان. قلت: وهل عندك فيه غير رؤية ابن عمر رضي الله عنه؟ وتلك أيضًا كانت مفاجأة مع كونه محجوبًا عليه بِلَبنَة، فكيف يصلُح لك أن تبني عليها مسائل الحل والحُرْمة، مع وجودِ حديث في الباب مسفرًا إسفارَ الصبح؟ فينبغي أن يرجع في مثل هذه المسائل إلى الأقوى والأنص والأصرح، وقد أقر ابن حزم وابن القيم: أن جمهورَ الصحابة والتابعين كانوا يختارون النهي مطلقًا وما نقله الحافظ رضي الله عنه من موافقة الجمهور إياه بعيد عن الصواب، إلّا أن يكون أراد من الجمهور جمهور الأئمة أي أكثرهم لا جمهور السلف. وصرح القاضي أبو بكر بن العربي في "شرح الترمذي" أن الأقرب والأقوى في الباب مذهبُ الحنفية.

ثم اعلم أنهم اختلفوا في معنى النَّهي ما هو، ليُعلَّم أن التفصيلَ في النهي أولى أو الإطلاق. فقال قائل: هو إكرام الملائكة وقيل: حرمة المصلين، وقيل: احترام القِبلة (¬1). وأيَّد ابن العربي الثالث بخمسة أوجه ذَكَرها في الشرح مفصَّلة. والظاهر أنَّ المعنى هو احترام القِبلة، لأنَّه نص عليه من جانبه، وقال: لا تستقبلوا القبلة ... إلخ. فذكره بلفظه وأشار إلى أن النهي لأجله، ولذا أباحهما، لأنَّ التغوطَ في هاتين لا ينافي معنى الاحترام، فقد أخذه طردًا وعكسًا وأدار عليه النهيُ والإِباحة كيف والقِبلةُ يوجه إليها عند الصَّلاة، فلا يُستقبل بها عند الغائط؟ ثم إنَّ العيني تمسَّك للمذهب مما أخرجه ابن حِبَّان في «صحيحه» من حديث حذيفة مرفوعًا: «من تفل تُجاه القِبْلة جاء يوم القيامة وتفلُه بين عينيه» وإذا كان حال التَّفْل هذا، فما بال الغائط؟ قلت: وهذا المضمون يوجدُ في عامة الكتُب مقيدًا بقيدِ الصَّلاة وفيه: «فإنَّ ربَّه بينه وبين القِبْلة» فتردد النظرُ فيه أنَّ هذه المعاملةَ دائمةٌ أو تقتصرُ على حال كونِهِ في الصَّلاة فقط؟ واختار أبو عمرو أنَّه مستمر في جميع الأحوال. ونقله الحافظ رحمه الله تعالى في «الفتح» واعتراه النسيان، لأنَّه يسقط به تفصيل الفيافي والبُنيان، ويبقى النَّهي على إطلاقه كما كان. نعم، لو ثبت أنه مقتصرٌ على حين الصلاة فقط، ولا يستمر في جميع الأحوال - لو هي استدلال العيني رحمه الله تعالى به والوجدان - يحكمُ أنه مستمرٌ، لكنه لا نقل عندي. وليكَن أخر الكلام أني لم أجد في أحدٍ من المرفوع التفصيل الذي ذهب إليه الآخرون، غير ما في هاتين الواقعتين مع ما فيهما وقد علمت حاله. 144 - قوله: (شرِّقوا أو غربوا) واستنبطَ منه الغزالي أنَّ العالم منقسمٌ على الجهات الأربعة، وأنَّ المعتبر في الاستقبال هو الجهة. قلت: مسألةُ (¬2) استقبالِ الجهة أو العين لا ترجِعُ إلى كثير طائل. ومبناها عندي على العُرف فقط دون الدقائق الهندسية، فإِنهم قالوا: إن المعتبرَ فيمن كان يشاهدُ البيتَ هو العين، ولمن كان بعيدًا منه هو الجهة. ثم قالوا: إنَّ المعتبر في المُسَامتة وصولُ خطٍ خارج من جهة المصلى إلى البيت، فما دام أمكنَ أن يصلَ خطٌ بينه وبين البيت تصح صلاته، وإلا لا. قلت: وهذا في حق البعيد، أمَّا من كان قريبًا فيمكن وصولُ الخطِّ مع الانحراف أيضًا، مع أنَّه لا تجوز صلاته، فَآل الأمرُ إلى العِرفِ. وقد طالعت له أسفارًا وزبرًا. وما قاله المَقْرِيزي فلم أجد المقال يرجع إلى طائلٍ، فالتحقيق أنَّ الاستقبال لا يتوقف على البراهين الهندسية، بل يرجع إلى العُرف. ¬

_ (¬1) قلت: وقد ظهر اعتبارُه في الطواف عُريانا أيضًا، أعني به أن التعري إذا كان شنيعًا في جميع الأحوال، فإنه عند البيت أشنع، وإذا كان التعري عنده أشنع، كان التخلي إليه أشنع بالأولى، وكأن هذا من مناصباته، والشيءُ، بالشيء يذكر وليس باستدلال. (¬2) ومن شاء تفصيل المسألة فليرجع إلى رسالة العالم الجليل المولوي محمد يوسف البنوري فإنه قد أتى فيها بما لا مزيد عليه، وهي رسالة عزيزة جدًا.

12 - باب من تبرز على لبنتين

12 - باب مَنْ تَبَرَّزَ عَلَى لَبِنَتَيْنِ 145 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ إِذَا قَعَدْتَ عَلَى حَاجَتِكَ، فَلاَ تَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلاَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَقَدِ ارْتَقَيْتُ يَوْمًا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ الْمَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ. وَقَالَ لَعَلَّكَ مِنَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَى أَوْرَاكِهِمْ، فَقُلْتُ لاَ أَدْرِى وَاللَّهِ. قَالَ مَالِكٌ يَعْنِى الَّذِى يُصَلِّى وَلاَ يَرْتَفِعُ عَنِ الأَرْضِ، يَسْجُدُ وَهُوَ لاَصِقٌ بِالأَرْضِ. أطرافه 148، 149، 3102 - تحفة 8552 - 49/ 1 145 - قوله: (يُصَلَّونَ على أَوْرَاكِهم) وهنَّ النِّساء، وهو كناية عن عدم عِلْمِه بالمسائل. وتصدى الناس في بيان مناسبته مما قبله. قلت: إنه تعريض إلى وَاسع بن حَبَّان بأنك تتعجبُ من جلوسي مستدبرَ القبلة، وإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم مستدبرًا قاعدًا لحاجته، كما يتضح من سياق مسلم، ولفظه عن واسع: كنت أصلي في المسجد وعبد الله بن عمر رضي الله عنه مسندٌ ظهرَه إلى القِبلة، فلما قَضَيت صلاتي انصرفت إليه من شقى فقال عبد الله: يقول ناس ... إلخ. وقال الحافظ رحمه الله تعالى: لأجلِ هذا الحديث أنَّ ابن عمر رضي الله عنه لعلَّه رأى منه في حال سجودِهِ شيئًا لم يتحقق عنده، فقدَّمها على ذلك الأمرِ المظنون ولا بعدُ أن يكونَ قريبُ عهدٍ بقولِ من نَقَلَ عنهم ما نقل، فأحبَّ أن يعرِّفه هذا الحكم لينقله عنه، على أَنَّه لا يمتنعُ إبداء مناسبةٍ بين هاتين المسألتين، بأن يُقال: لعل الذي يسجد وهو لاصقٌ بطنَه بوَرِكيه كان يظنُّ امتناعَ استقبالِ القبلة بفرجه على كل حال، فأشار ابن عمر رضي الله عنه إلى أنَّ السترَ بالثياب كافٍ، كما أنَّ الجدارَ كافٍ في كونه حائلًا بين العورة والقِبلة. اهـ (¬1). ¬

_ (¬1) قلت: والأسهل ما اختاره العيني في "شرحه" وحاصله: لعلك من الذين لا يعرفون السُّنَّة، إذ لو كنتَ عارفًا بالسنةِ لعرفتَ جواز استقبال بيت المقدس، ولما التفتَ إلى قول القائلين بعموم النهي عن الاستقبال والاستدبار في الصحراء والبُنيان. وإنما كنَّى عن الجاهلين بالسنة بالذين يصلون على أوراكهم، لأن المصليَ على الوَرِك لا يكون إلّا جاهلًا بالسنة، لأن السنة في السجود هو الرفع. قوله: فقلت: لا أدري، أي قال واسع: لا أدري أنا منهم أم لا: ولا أدري السنة في استقبال بيت المقدس؟ انتهى مع تغيير يسير. وفيه بعد لأنه أراد من الناس في قوله: إن ناسًا يقولون: إلخ أمثال أبي أيوب الأنصاري، وإنما يصحُّ الكلام معهم في إطلاق النهي في الصحراء والبُنيان أو اقتصارِهِ على الصحراء فقط، لا في بيت المقدس، مع أن كلام ابن عمر رضي الله عنه ممن كان إنما كان في بيت المقدس دون عموم النهي فيما أردنا، ثم لم ينكشف عندي معنى قوله: والله لا أدري، ولعله سقطت من البين قطعة من الكلام فليحرر والله تعالى أعلم. ثم رأيت في تقرير الفاضل عبد العزيز مما ضَبَطَه من أمالي الشيخ رحمه الله تعالى أن المقصود هو التجهيل فقط، بأنك لست تعلمُ طريقَ السنة وإن لم تكن له مناسبة مما قبله. ثم رأيت في القَسْطَلَّاني مثله وهذا نصه: "لعلك من الذين يصلون على أوراكهم" أي من الجاهلين بالسنة في السجود من تجافي البطن عن الوَرِكين فيه، إذ لو كنت =

13 - باب خروج النساء إلى البراز

13 - باب خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْبَرَازِ 146 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا تَبَرَّزْنَ إِلَى الْمَنَاصِعِ - وَهُوَ صَعِيدٌ أَفْيَحُ - فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - احْجُبْ نِسَاءَكَ. فَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُ، فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ زَوْجُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِى عِشَاءً، وَكَانَتِ امْرَأَةً طَوِيلَةً، فَنَادَاهَا عُمَرُ أَلاَ قَدْ عَرَفْنَاكِ يَا سَوْدَةُ. حِرْصًا عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَابُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْحِجَابِ. أطرافه 147، 4795، 5237، 6240 - تحفة 16542 147 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَدْ أُذِنَ أَنْ تَخْرُجْنَ فِى حَاجَتِكُنَّ». قَالَ هِشَامٌ يَعْنِى الْبَرَازَ. أطرافه 146، 4795، 5237، 6240 - تحفة 16805 قوله: (كن يخرجن) وعُلم منه أنهنَّ لم يكنَّ يخرجن في النهار قبل نزول الحجاب أيضًا. وفي المقام إشكالات عديدة: الأول: أنه يُعلم من رواية الباب أنَّ سَوْدَة رضي الله عنها خرجت قبل أن ينزلَ الحجاب، ثم قال عمر رضي الله عنه ما قال، وبعده نَزَلَ الحجاب، ويعلم مما أخرجه المصنف رحمه الله تعالى في التفسير أنها خرجت بعد ما ضُرِب الحجاب، مع أنَّ الرواية متسحدةٌ متنًا وسندًا. وأجاب عنه الحافظ بتقسيم الحجاب، فمنه ما يكون بإدناء النِّقَاب عند الخروج وأُسمِّيه حجاب الوجوه. والثاني: أسميه حجاب الأشخاص. فما في الباب محمولٌ على خروجها قبل نزول حجابِ الأشخاص، وما في التفسير محمولٌ على خروجها بعد نُزُولِ حجاب الوجوه فصحَّ الأمران. قلت: ولي فيه نظر، لأنَّ حديثَ البابِ يدُل على أنَّ عمر رضي الله عنه كان يحب التضييق، ولذا قال: قد عرفناكِ يا سوردُ رضي الله عنها حِرْصًا على أن يُنزلَ حكمُ الحجابِ أضيقَ منه. وحينئذ فالظاهر من قوله: «فأَنْزَلَ اللهُ الحجاب» أَنْ يكونَ نَزَلَ التضييق كما أراده، لأنَّ الحجابَ يعدّه عمر رضي الله عنه مما وافق فيه ربه كما في البخاري. ومعلوم أنه لم يكن يحبُ إلا التضييق، مع أنه نَزَل فيه التوسيع. وقال النبي صلى الله عليه وسلّم «قد أُذنَ لكُنَّ» ... إلخ. كما في الرواية التي بعدها فهذا لا يتربط من السياق، لأن قوله: «فأنزل الله الحجاب»، يُشعر بنزول التضييق والرواية الأخرى بعدها تدل على إذن الخروج، وكذا لا يلتئمُ بقول عمر رضي الله عنه: وافقت ربي في الحجاب، فإِنَّ ربه خَالَفَه فيه ولم يُنزِل فيه التضييق كما أراد، فما معنى الموافقة؟ فالوجه عندي أنَّ الروايَ قدَّم وأَخَّر هنا في سرد القِصة، والصحيح كما في التفسير أنَّها ¬

_ = ممن لا يجهلها لعرفتَ الفرقَ بين الفضاء وغيره، والفرق بين استقبال الكعبة وبيت المقدس قال وَاسع: فقلت: لا أدري والله أنا منهم أم لا؟ أو لا أدري السنة في استقبال الكعبة أو بيت المقدس. اهـ. قال الشيخ رضي الله عنه: وإنما قال واسع: لا أدري أدبًا للصحابي.

خرجت بعدَ نُزُول الحجاب. كان عمر رضي الله عنه يحبُّ حجاب الشخص فلم يوافقه الوحي فيه، وإنما عدَّ الحجاب من مُوَافقاتِهِ لنزول حِصة منه على وَفْقِ رأيه. ثم إنَّ قوله صلى الله عليه وسلّم «قد أَذن لكُنَّ» لم يكُن مستفادًا من الآية، بل لعله كان من وحيٍ غير متلوٍ أو استنباط منه. ولذا لم يذكر نزول آية هناك. وسياقه في التفسير هكذا: عن عائشة رضي الله عنها قالت: خَرَجَتْ سَودةُ بعدما ضُرِبَ الحجابُ لحاجتها .... فرآها عمر بن الخطاب فقال: يا سودة أما والله ما تخفَينَ علينا فأَنْكَفَأت ... فقالت: يا رسول إنَّي خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمره: كذا وكذا، قالت: فأوحى الله إليه، ثم رفع عنه ... فقال: «إنَّه قد أُذِنَ لكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لحاجتكنَّ» ففيه تصريح بأنَّها خرجت بعد نزول الحجاب، وليس فيه إِنَّه إذْنَ الخروج كان من وحي متلوٍ، بل يُمكِن أن يكون من وحي غير متلو. هذا هو الترتيب عندي، فاندفع منه إشكالُ التعارُضِ بين الروايتين، وكذا لم تبق في قوله: «فأنزل الله الحجاب» رِكَّة، لأنَّه مقدَّمٌ في الأصل وإنَّما أخره الراوي فأوهمَ رِكَّةً، وكذا لم يبق في قوله: «قد أُذِنَ لكُنَّ» قلقٌ، لأنَّ الإِذن على هذا التقدير ليس مُستفادًا من جهة الآية شرحًا لها، بل من جهة أخرى، بخلاف ما إذا كان الترتيب كما في رواية الباب، فإِنَّه يدُل على أن الإِذن مستفادٌ من آية الحجاب وأنَّ التوسيع من جهة الوحي فيوهم رِكَّةً، لأن السياقَ يوجبُ نزولَ التضييق وكذا لا يرتبط مع قول عمر رضي الله عنه، فإِن قوله: إذا كان قَبْلَ نزول الحجاب كما في هذه الرواية ونزول الحجاب بعده. فالظاهر أنه نَزَلَ حَسَب رأيه وَوَافقَه الوحي فيه كما في البخاري عنه. وهذا كله لسوءٍ الترتيب، ولو كان الترتيبُ كما في التفسير لم يرد شيءٌ مِنْ هذا. ومن زَاول تصرفات الرواة لا يستبعد ما قلنا. وأمَّا من كان عنده عِلم بدون تجربة فإنَّه يضيق منه، فليكُن هكذا فإِنَّه الأولى بشأنه8 وللحافظ رحمه الله تعالى أن يقول: إن قوله: «فأنزل الله الحجاب» إشارة إلى أن الحجاب الذي نَزَلَ أولًا ولأجله عدَّه عمر من مُوَافقاته لا إلى الحجاب الذي نَزَل الآن، فإِنه لم ينزل في هذه الوَاقعة حجاب الشخص كما كان عمر يحبه ولا شيء. والإِشكال الثاني: أنَّ هذه الرواية تدل على أن الآيةَ نزلت في قِصة سودة رضي الله عنها. وما عنده في التفسير يدُل على أنها نزلت في وليمة زينب رضي الله عنها. قال الحافظ: إِنَّ هناك واقعة أخرى أيضًا وكلها متقاربة وآخرها واقعةُ زينب رضي الله عنها، وفيها نَزَلت آية الحجاب، إلا أنَّ كلَّها لّما كانت متقاربةً نُسب نزولُها إلى هذه وهذه. قلت: والمتبادر من ألفاظ الأحاديث نزولها في كل منها، لا أنها نزلت في واحد منها ثم نُسب نزولُها إلى الأخرى لتقاربها فلتكن ما في قصة سودة رضي الله عنها غير ما نزلت في قصة زينب، إلا أنَّ الحافظ رحمه الله تعالى أتى برواية صريحة أنَّ الآية التي نزلت في قصة زينب رضي الله عنها هي بعينها نزلت في قصة سَودة رضي الله عنها، وإسنادُه لا بأس به. ثم اعلم أنَّ المشهور بآية الحجاب هي التي نَزَلت في قصة زينب رضي الله عنها، يعني

قوله تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النَّبِيّ} [الأحزاب: 53] ... إلخ. فلعلها هي الدَّعامة في هذا الباب والبواقي تفاصيلها. وليعلم أن في قصة زينب رضي الله عنها أيضًا إشكالًا، فعن أنس رضي الله عنه أن الحجاب نزل بعدما خرج القومُ حين أراد أَنس رضي الله عنه أن يدخلَ بيته الشريف. وعنه في تلك القِصة أنَّه نَزَل الحجاب ثم خرج القوم. فإِن قلت: إن الآية التي نزلت في واقعة زينب رضي الله عنها ليس فيها حجابُ الوجوه ولا حجاب الشخص، بل فيها أمرٌ ثالثٌ وهو نهيُ الدخول عليهن. قلت: ويعلم منها بطريق العكس نهي الخروج عليه مع استثنائه عند الحوائج (¬1) ثم اعلم أن هناك آياتٌ أخرى متعلقةٌ بمسألةِ الحجاب، فمنها: {قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30] إلخ. فحكم الرجال والنساء بغض البصر، ومنها: {يَأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59]. ومنها: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] والجِلباب: هو الرِداء الساتر لجميع البدن، والخِمار: ثوب صغير يُلقى على العمائم، وتجعله النساء على رءوسهنَّ لستر الجيب. فإن قلت: إن إدناء الجِلباب يُغني عن ضرب الخُمُر على جيوبهن. قلت: بل إدناء الجِلباب فيما إذا خرجت من بيتها لحاجة، وضرب الخُمُر في عامة الأحوال، فضرب الخُمُر أيضًا محتاج إليه. ومنها: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: 31] إلخ. قيل: الزينة هي الوجه والكفان، فيجوز الكشف عند الأمن عن الفتنة على المذهب، وأفتى المتأخرون بسترها لسوء حال الناس. وقيل المراد بها: الزينةُ المكتسبة من الثياب والحُلي، فما ظهرَ منها بعد مُرَاعاة التسترُ يكون عفوًا. قلت: وهو المراد عندي، فإِن التي يعدُّونها أهل العرف زينةً هي هذه لا غير، وإليه يشيرُ قوله تعالى: {وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ} [النور: 31] أي لئلا تنكشف زينتهم المكتسية. ومنها: {وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ} إلخ [الأحزاب: 33] والخطاب فيها وإن كان خاصًا إلا أن الحكمَ عامٌ، ثم الخروج عند الحوائج ليس من تبرج الجاهلية في شيءٍ، إنما تبرجهم أن يخرجن كالرجال بالوقاحة وعدم التسترُ. فهذه نسق آيات الحجاب عندي والله تعالى أعلم بالصواب. اطلاع: واعلم أن القَسْطَلاني أوضح مرادَ الحافظ رضي الله عنه في هذا الموضع فراجعه (¬2). ¬

_ (¬1) قلت: وإنما أخذ نهيَ الدخول في العنوان لحال المورد إذ ذاك، وقد مر في كتاب الإِيمان أن القرآن يذكرُ المسألةَ مع إشارته إلى المورد للارتباط ويحدُث منه الإِشكال. (¬2) قال العلامة القسَطلَّاني: قوله: "قد أذنَ لَكن أن تخرجن لحاجتكن" دفعًا للمشقة ورفعًا للحرج، وفيه تنبيه على أنَّ المراد بالحجاب الستر، حتى لا يبدو من جسدهنَّ شيء، لا حجب أشخاصهن في البيوت. والمراد بالحاجة البَراز كما وقع في الوضوء من تفسير هشام بن عروة، وقال الكِرْماني وتبعه البراوي: فإِن قلت: قال ههنا: إنه كان بعد ما ضرب الحجاب، وقال في كتاب الوضوء باب خروج النساء إلى البراز: أنه قبل الحجاب. "قلت": لعله وقع مرتين، اهـ، ومراده أَن خروجَ سَوْدة للبَرَاز وقول عمر رضي الله عنه لها ما ذُكر، وقع مرتين =

14 - باب التبرز فى البيوت

14 - باب التَّبَرُّزِ فِى الْبُيُوتِ 148 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ ارْتَقَيْتُ فَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ حَفْصَةَ لِبَعْضِ حَاجَتِى، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْضِى حَاجَتَهُ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ مُسْتَقْبِلَ الشَّأْمِ. أطرافه 145، 149، 3102 - تحفة 8552 149 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ أَنَّ عَمَّهُ وَاسِعَ بْنَ حَبَّانَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ قَالَ لَقَدْ ظَهَرْتُ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى ظَهْرِ بَيْتِنَا، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَاعِدًا عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. أطرافه 145، 148، 3102 - تحفة 8552 وإنَّما ترجم البخاري باستثناء الجدار والبناء فيما مر، نظرًا إلى هذا الحديث. وإنما لم تنتقل إليه أذهانُ العامة لأنه لم يترجم عليه بذلك. والمصنِّف رضي الله عنه إنما يترجم به على هذا الحديث لأنه قد فرغ عنه مرة وأدرجه فيما سبق (¬1). ¬

_ = لا وقوع الحجاب وقول الحافظ ابن حجر عقب جواب الكِرْماني. قلت: بل المرادُ بالحجاب الأول غير الحجاب الثاني. وذكره العيني وقال: وفيه نظير، إذ ليس في الحديث ما يدل لذلك، بل ولا أعلم أحدًا قال بتعدد الحجاب، نعم، يحتمل أن يكون مراده الحجاب الثاني بالنظر لإرادة عمر رضي الله عنه أن يحتجبن في البيوت فلا يبدين أشخاصهن، فوقع الإذن لهن في الخروج لحاجتين دفعًا للمشقة كما صرح هو به في "الفتح"، وليس المرادُ نزول الحجاب مرتين على نوعين، وأما قوله أيضًا: تقدم في كتاب الوضوء (*) من طريق هشام بن عروة عن أبيه ما يخالفُ ظاهر روايتي الزُّهري هذه عن عروة، يعني روايته هذا الباب فليس كذلك فإن روايته هذا الباب ليس كذلك، فإن روايته هذا الباب إنما هي من طريق هشام بن عروة عن أبيه والسابقة المصرحة بالقبلية من طريق الزُّهري عن عروة. فلعله سبقُ قَلَم. اهـ. فائدة ثم اعلم أَنَّ شيخي لم يكن يتصدى إلى التوفيق بين ترتيب القصص وإخراج المحامل لها، إذا لم تكن مدارًا للمسألة، وكان يزعمه من باب الرَّجم بالغيبِ والرمي في الليل، فإن كان مدارًا للمسألة كان أرغبَ الناس في ترتيبه وأبذل الناس جهدًا في تهذيبه. وَلَعمْري إنه قدوةٌ حسنةٌ لمن كان يريد الاشتغال بالحديث، فإنه كثيرًا ما نرى العلماء يعرقُ جبينُهم في ترتيب القصص ويرونَه عِلمًا لدُنيا ومعلوم أن الترتيب على وجهه لا يمكن إلَّا لمن كان شاهد الواقعة وشَهِدَها، أما من لم يَشْهدْها فإنه لا يزيدُ إلّا ظلمة على ظلمة فجاء واحد وركَّبَ من عند نفسه ترتيبًا، ثم جاء آخر وركب ترتيبًا آخر مع أن الواقعةَ لا تكون إلّا على أحد هذه الوجوه، نعم إن كانت مسألةٌ هناك تُغزَلُ أو تُنقض فلا بد من التوجه إليه. (¬1) قلت: ولعل المصنِّف رحمه الله تعالى لم يترجم على هذا الحديث بالاستثناء لأنه رأى فيه ضعفًا، وعلم أنه لا يقومُ دليلًا على جوازهما في البناء لوُجُوه مر ذكرها فيما سبق، فالمسألة التي كانت فيه عنده ترجم بها، وهو التبرز في البيوت. ونحن أيضًا لا ننكره أما مسألة جَوَاز الاستقبال والاستدبار في البُنيان فلا دليل، عليه =

15 - باب الاستنجاء بالماء

15 - باب الاِسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ 150 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى مُعَاذٍ - وَاسْمُهُ عَطَاءُ بْنُ أَبِى مَيْمُونَةَ - قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ أَجِىءُ أَنَا وَغُلاَمٌ مَعَنَا إِدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ. يَعْنِى يَسْتَنْجِى بِهِ. أطرافه 151، 152، 217، 500 - تحفة 1094 - 50/ 1 واعلم أن الاقتصارَ على أحدهما جائزٌ والجمعُ مستحبٌ. وأفتى الشيخ ابن الهُمَام بسنيته في زماننا، لأن الناس لكثرة أكلهم يَثْلِطُون ثلطًا. وقد ثبت الجمع عن عمر رضي الله عنه كما في «الأم» للشافعي رحمه الله تعالى. ويُعلم مِنَ الروايات المرفوعة إشارةً أيضًا، كما في حديث المُغيرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم ذهب لحاجة ثم جاءَه لطلب الماء، ويُستبعد أَنْ يكونَ النبي صلى الله عليه وسلّم جاءَه ولم يستنج بالحَجَرِ، لأنَّه يوجبُ التلوث والتنجُّس. ثم إذا استنجى بعده بالماء ثبت الجمعُ. 150 - قوله: (غلام) قال الحافظ: إنه ابن مسعود رضي الله عنه. قلت: ولا أدري من أين عيَّنَه الحافظ رحمه الله تعالى، مع أنَّ الغلامَ لا يُطلق على شيخ كبيرِ السن، فإِنَّ كان هو لأجل أنه كان خادمَه، فآخرون أيضًا كانوا يخدمونه بمثله، على أنَّ في روايةٍ لفظ: «غلام من الأنصار» وهو من المهاجرين فالظاهر عندي أنه رجل آخر. والله تعالى أعلم. 16 - باب مَنْ حُمِلَ مَعَهُ الْمَاءُ لِطُهُورِهِ وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: أَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالطَّهُورِ وَالْوِسَادِ؟. 151 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى مُعَاذٍ - هُوَ عَطَاءُ بْنُ أَبِى مَيْمُونَةَ - قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ تَبِعْتُهُ أَنَا وَغُلاَمٌ مِنَّا مَعَنَا إِدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ. أطرافه 150، 152، 217، 500 - تحفة 1094 17 - باب حَمْلِ الْعَنَزَةِ مَعَ الْمَاءِ فِى الاِسْتِنْجَاءِ 152 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ ¬

_ = فيه، فلذا أغمض عنه. وهذا من دأب المصنِّف رحمه الله تعالى أن يخرِّجَ حديثًا في كتابه في مواضعَ ثم لا يترجم عليه إلّا بمسألة يمكن أن يستنبطَ منه عنده، فهذا صنيع المصنف رحمه الله تعالى مفيدٌ لنا إن شاء الله تعالى. والحاصل: أنه اختار تفصيل الشافعية ولم يخرِّج له حديثَ ابن عمر، وإذا أخرجَ حديثَه لم يترجم بهذا التفصيل، بل ترجَمَ بغيره، فدَّل على أن حديث ابن عمر لا دليلَ فيه على مذهب الشافعية عنده، قذفه إن شئت وأشركني في دعواتك الصالحة إن كنت من الشاكرين ..

18 - باب النهى عن الاستنجاء باليمين

عَطَاءِ بْنِ أَبِى مَيْمُونَةَ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُ الْخَلاَءَ، فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلاَمٌ إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ، وَعَنَزَةً، يَسْتَنْجِى بِالْمَاءِ. تَابَعَهُ النَّضْرُ وَشَاذَانُ عَنْ شُعْبَةَ. الْعَنَزَةُ عَصًا عَلَيْهِ زُجٌّ. 18 - باب النَّهْىِ عَنْ الاِسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ 153 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ - هُوَ الدَّسْتَوَائِىُّ - عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَتَنَفَّسْ فِى الإِنَاءِ، وَإِذَا أَتَى الْخَلاَءَ فَلاَ يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَلاَ يَتَمَسَّحْ بِيَمِينِهِ». طرفاه 154، 5630 - تحفة 12105 يعني انَّ هذا القدرَ من الإِعانة جائزٌ، فلو حَمَلَ ماءً لمقتدى وَسِعَ له. والصَّبُ أيضًا غير مكروهٍ، وكُرِه دلكه. قوله: (أليس فيكم) ... إلخ وأخذ منه المصنف رحمه الله تعالى أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم كان يستخدمُ أصحابه في مثل هذه الأشياء. قوله: "والوسادة" وفي بعض النُّسخ: السواد، ومعناه النَّجوى، فإِنه لشِدَّة وروده كان يُعدُّ من أهل بيته، حتى إنه لم يكن له إلى الاستئذان حاجة. قوله: (حمل العنزة) العنزة "ده لكرى جس مين شام لكى هو". 153 - قوله: (فلا يتنفس في الإِناء) بل ينبغي أن يتنفسَ في الخارج، ولذا أقول: إن الشريعة التي تنهى عن التنفُّس كيف تتحملُ الوضوءَ والشُّرب من الماء وفيه لحوم الكلاب والنَّتَن والحِيَضِ. قوله: (فلا يمس ذكره) واعلم أنَّ المسَّ ظاهرٌ وإنَّما عبَّر بالمسح في استعمال الحجارة على عادتهم، فإنَّ السلف لم يكونوا يستنجون كما يستنجون في بلادنا: من المشي والتَّنَحْنُح لقطع التقطير لكونهم أقوياء، فكان يكفي لأحدهم المسحَ في البول كما في الغائط فحصل الفرقُ بين المس والمسح، ومَنْ غَفَلَ عن عاداتهم يَضْطَرِبُ فيه. 19 - باب لاَ يُمْسِكُ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ إِذَا بَالَ 154 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَأْخُذَنَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَلاَ يَسْتَنْجِى بِيَمِينِهِ، وَلاَ يَتَنَفَّسْ فِى الإِنَاءِ». طرفاه 153، 5630 - تحفة 12105

20 - باب الاستنجاء بالحجارة

20 - باب الاِسْتِنْجَاءِ بِالْحِجَارَةِ 155 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّىُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو الْمَكِّىُّ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ اتَّبَعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَخَرَجَ لِحَاجَتِهِ، فَكَانَ لاَ يَلْتَفِتُ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقَالَ «ابْغِنِى أَحْجَارًا أَسْتَنْفِضْ بِهَا - أَوْ نَحْوَهُ - وَلاَ تَأْتِنِى بِعَظْمٍ وَلاَ رَوْثٍ». فَأَتَيْتُهُ بِأَحْجَارٍ بِطَرَفِ ثِيَابِى فَوَضَعْتُهَا إِلَى جَنْبِهِ وَأَعْرَضْتُ عَنْهُ، فَلَمَّا قَضَى أَتْبَعَهُ بِهِنَّ. طرفه 3860 تحفة 13085 - 51/ 1 نَقَّحَ منَاطَه أبو حنيفة رضي الله عنه بكل شيءٍ طاهرٍ تَافهٍ قالعٍ للنجاسة وعمم، مع أنه لا يرد في الحديث إلا الحجارة، وقد علمتَ أنَّ تنقِيحَ المناط يجري في المنصوص أيضًا وعلمتَ أيضًا أن طريقَ تعليمِ صاحبَ النبوة هو التعليم بالعمل، فما أراد أَنْ يُعَلِّمَ أمَّتَه عَمِلَ به وأمرَهم باقتدائه، لا بأن يهيىءَ عبارةً مطردةً منعكسة ثم يُعرضها على الناس، فإنه طريقٌ مُحدَثٌ غير فِطري فاستعمل الحجارةَ على عادتهم ولكونها سهلةُ الوصول، وكان الغرضُ أعم منه، وذهب داودٌ الظاهري أن غيرها لا يُجزىءُ عنه. 155 - قوله: (وكان لا يلتفت) هذا من الآداب. قوله: (استنفض) أراد به إزالة النجاسة. 21 - باب لاَ يُسْتَنْجَى بِرَوْثٍ 156 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَةَ ذَكَرَهُ وَلَكِنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ يَقُولُ أَتَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْغَائِطَ، فَأَمَرَنِى أَنْ آتِيَهُ بِثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ، وَالْتَمَسْتُ الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَأَخَذْتُ رَوْثَةً، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ وَقَالَ «هَذَا رِكْسٌ». وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ. تحفة 9170 156 - قوله: (ليس أبو عُبيدة ذَكَرَه) مع أنَّ الترمذيَّ رجَّحَه وخالف فيه شيخَه البخاري، وادَّعى أنَّ حديثَ أبي إسحاق عن أبي عُبيدة عن عبد الله ... إلخ أصحُّ عنده من حديث زهيرٍ هذا، وذَكَرَ له وُجُوهًا في «جامعه». ومال الحافظ رحمه الله تعالى إلى ترجيحِ طريق زهيرٍ كما رجَّحه البخاري، وأجاب عما أورده الترمذِيُّ. قوله: (وألقىَ الرَّوثة) واعلم أنهمَّ اختلفوا في عدد الأحجار. فقال الشافعية: إن التثليث واجبٌ والإِيتار مستحبٌ، فلو استعمل رجلٌ الحجرين وأنقى يستنجي بثالثٍ وجوبًا عندهم لا عندنا. وعندنا القلعُ واجبٌ والتثليث والإِيتار مستحب كما هو في «البحر شرح الكنز». وينبغي للمشتغل بالحديث أن يويِّدَ ما في «البحر» ليكون مذهبُنا أقربُ إلى الحديث. ثم الحافظ رحمه الله اعترض على الطحاوي بأنَّ التمسك منه على الاستنجاء بالحجرين لا يصح، لما ثبت فيه من زيادة: «وأْتِني بثالث» قلت: إن كان هذا اعتراضًا على الطحاوي فهو على الترمذيِّ أيضًا، لأنَّه أيضًا بوَّبَ عليه بالاستنجاء بالحجرين، فعُلِم أنَّه لم يقبل تلك الزيادة.

ولنا ما عند أبي داود: «من استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج» ... إلخ. والإِيتار بإِطلاقه يشمل الثلاث فما فوقه. أما استدلال صاحب «الهداية» منه على نفي سُنِّية العدد بأن الإِيتارَ يحصُل من الواحد أيضًا فغير ناهِضٍ، لأنَّا لو حملنا الإِيتارَ على الواحد أيضًا. لَزِمَ نفي الاستنجاء رأسًا، لأنه إذا كان الواحدُ أيضًا تحت الاختيار فقد آل الخيار إلى نفس الاستجمار، مع أنه واجب اتفاقًا وهو كما ترى. علم أنه لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلّم الاكتفاء بالواحد، فحملَهُ على الواحد مَشْيٌ على مجرد اللفظ. وكذا حُمْلُ البيهقي على ما فوق الثلاث إبطالٌ لغرض الشارع وإخلاءُ الشيء من نوعه. والذي تحصَّل لي من روايات هذا الباب، هو أنَّ مقصودَ الشارعَ هو الإِقلاعُ وإِزالةُ النجاسات، والثلاثُ يجزىءُ عنه في الأغلب، فجاء ذِكرهُ لهذا. والوِتريةُ مطلوبةٌ في الأحوال كلِّها، فَرُوعِيَت في هذا الباب أيضًا. ولما كان الثلاث فيه الاجتزاء والوِترية معًا كَثُرَ ذكره في الأحاديث، فَذِكرُ الثلاث لكونه قالعًا ومُجْزِئًا لا لكونه واجبًا. ويشهدُ له ما أخرجه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها: فليذهب معه بثلاثة أحجار، فإنَّها تُجزىءُ عنه. فأشار إلى أنَّ المطلوبَ هو الإِنقاء والاقلاع، والتثليثُ بعينه للإجزاء. وأما أن الوِتريةَ مطلوبةٌ فلما ورد: «ءن الله وِترٌ يحبُّ الوترَ» وحينئذٍ حُمِلَ قوله: «فليوتر» على ما فوق الثلاث ابتداءً، كما حَمَله البيهقيُّ إعدامٌ لغرضِ الشارع، فإنَّه لم يَرِد به الثلاثُ فما فوقه لكونه عددًا مخصوصًا، بل أراد الوترية وجعلها مقصودَة. نعم، الثلاث محبوبٌ لكونه أقرب إلى الطهارة ولتحقُّقِ الوِترية فيه. ثم العجب منهم حيثُ وردَ ذلك العددُ بعينه في كثير من الأحكام فلم يَرَوه واجبًا ففي الحديث: «أما الطِّيبُ فاغسُلْه عنك ثلاث مرات» قال النووي: إنما أمر به مبالغة في الإِزالة فإِن حصلت بمرة كفَتْه. في غير واحد من الموضع، وهو المُتَمَسَّك للحنفية في عدد الثلاث للتطهير في النجاسات الغير المرئية، وأما في المرئية فيكتفي عندهم إزالتها ولا عدد فيها. وبعبارة أخرى إنَّ الشريعة إذا وردت بالإِيتار أعلنت معه بالاختيار، وقالت: من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج. وإذا وردت بالتثليث ذكرت معه الإِجزاءُ والاكتفاء، وهو قوله: فإِنَّها تجزىء عنه، فخرجَ أنَّ التثليثَ أيضًا مستحبٌ كاستحباب الإِيتار، وإِنْ كان التثليثُ للإِجزاء والإِيتارُ لتحصيل الوِترية، وصار إجزاء التثليثِ واستحبابُ الإِيتار مشروحين بالحديث بدون كُلفة، وخرج الوجوبُ من البين. قوله: (هذا رِكْس) وقد وقع عند ابن ماجه بدله: «رجس» وفي النهاية: الركس شبيه المعنى بالرجيع. قال تعالى: {اركسوا فيها} [النساء: 91] أي ردوا. وقال ابن سيد الناس: رِكس كقوله: رجع، يعني نجسًا، لأنَّها أركست أي رُدَّت في النجاسة بعد أن كانت طعامًا. وقال الخطَّابي: الرِّكس: الرجيع من رَجَعَ من حالة الطهارة إلى حالة النَّجاسة. وفي رواية «رَكيس»

22 - باب الوضوء مرة مرة

فعيل بمعنى مفعول، فإِذن هو وصفٌ لا حكمٌ وترجمته: "بهراهوا" ومآلُه إلى النجاسة. وعلى هذا يدور الحُكْم على هذا الوصف، فكلُّ ما يكون ركسًا يكون نجسًا. وحينئذٍ يكونُ حجةً لنا على نجاسة الأزبال مطلقًا، سواء كانت لمأكول اللحم أو غيره، لأَنَّا علمنا العلَّة من جهة الشرع، وهي تصدُق على الأزبال فإنَّها ركسٌ، فتكون نجسًا لا محالة بخلاف الرجس فإِنَّه لا يفيدنا وإِنَّ كان صادقًا في نفسه، وذلك لكوزنه حكمًا على تلك الرؤية فيقتصر على مورده، ولم تعط فيها ضابطة من صاحب الشرع، لنستعمله في المواضع الأخر، بخلاف الركس فإِنَّه وصفٌ حِسِيٌّ، فيدور عليه الحُكْم حيثما دار. ولعلَّ الرجس رواية بالمعنى، لأنَّ مآل الركس هو الرجس كما عَلِمْت. ثم إِنْ قلنا: إن الرجس أيضًا وصف بمعنى "بليدى" فهو وصفٌ غير منضبطٍ لأنه محوِّل إلى الطبائع ويحتاج إلى الاستقراء، فلم تتحصل منه ضابطة. نعم، لو كان الرجس منضبطًا لصلُح أن يُعلل به أيضًا. وفي رواية ابن خزيمة أنها كانت رَوْثة حمار. ونقله الشوكاني في «النيل» (¬1) وسهى فيه حيث جعله مرفوعًا فلا يبقى حجة لنا، لأنَّ معناه حينئذ أن كونه ركسًا ورجسًا لأجل كونه روثة حمار، وهو حيوانٌ غير مأكول اللحم، فلا يلزمُ منه نجاسةُ زِبْل مأكول اللحم، وهو في الحقيقة من جهة الراوي كما في «الفتح» فإِنه يذكرُ في بيان القِصة أنَّ الروثة التي جاء بها كانت روثةُ حمار، فهذا بيانُ واقعةٍ منه لا تعليل مِنَ النبي صلى الله عليه وسلّم فاحفظه. وقد تكلم ابن تيمية رحمه الله تعالى على المسألة في نحو خمسٍ وثلاثين ورقة واختار طهارة أزبالِ مأكول اللحم، وقد أَجبتُ عن كلامه في ورقة. 22 - باب الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً 157 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ تَوَضَّأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّةً مَرَّةً. تحفة 5976 23 - باب الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ 158 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ. تحفة 5304 وقد ثَبَت عنه صلى الله عليه وسلّم الوضوء مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثًا ثلاثًا، إلا أنَّ السنة الكاملة ثلاثًا ثلاثًا. ثم لو تركه أحد يأثم أم لا؟ فهذه مسألة لا أتعرض إليها فإنَّه أمرٌ عظيم؛ نعم، أقول: إنَّ الترك بقدر ما تركه النبي صلى الله عليه وسلّم جائز، فإِن ترك التثليثَ واعتاد عليه، مُنِعَ. ¬

_ (¬1) واعلم أن "نيل الأوطار" مأخوذ من أربعة كتب: "فتح الباري"، و"تلخيص الحبير"، و"مجمع الزوائد" و"شرح الترمذي" للعراقي. وقد استفاد شيئًا من الرضي. وقد وافقنا في المسألة ابن حزم، وقد عرف منه أن قلمه كسيف الحجاج. كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز مما ضبطه من إملاء الشيخ رحمه الله تعالى زيادة.

24 - باب الوضوء ثلاثا ثلاثا

24 - باب الْوُضُوءِ ثَلاَثًا ثَلاَثًا ولعلَّ الصحابة رضي الله تعالى عنهم اختلفوا في بعض صفات وضوء النبي صلى الله عليه وسلّم في زمن عثمان وعلي رضي الله عنهما فاحتاجا إلى إرَاءَةِ صِفةِ وضوئه صلى الله عليه وسلّم وظاهر حديثهما الفصل كما هو مذهب الحنفية. 159 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَزِيدَ أَخْبَرَهُ أَنَّ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ دَعَا بِإِنَاءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلاَثَ مِرَارٍ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِى الإِنَاءِ فَمَضْمَضَ، وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا، وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلاَثَ مِرَارٍ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلاَثَ مِرَارٍ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِى هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». أطرافه 160، 164، 1934، 6433 - تحفة 9794 159 - قوله: (ثم أَدْخَل يمينه في الإِناء) لما يأتي من قوله صلى الله عليه وسلّم «إذا استيقظ أحدكم» وما يتعلق به. وإنما غمس يده في الإِناء لأن إناءهم لم يكن له أُذْن يومئذ، والأُذْن ترجمته "لوئى". قوله: (ثم صلَّى ركعتين) أي تحية الوضوء. قوله: «لا يُحَدِّث فيهما نفسه» ومرَّ عليه الطحاوي في «مشكِل الآثار» وقال: إنَّ الأفصح نفسَه بالنصب. قال بعضهم: إنَّ المرادَ بتحديثِ النفس هو ما كان له فيه دخل واختيار، فالخواطرُ غير المكتسبة تبقى خارجةً وصاحبها يكون مشمولًا في قضية الحديث. «قلت»: لا حاجة إليه، وليكن النفيُ عامًا كما في الحديث وإِنْ كان أمرًا عسيرًا، لكنَّه إذا كان في النوافل فلا بأس، فإِنَّه يُشَدَّد في النوافل ما لا يُشدَّد في غيرها، لكونها معاملة المرء ونفسه. قوله: (غُفِرَ له) وأطلقه المتقدمون وفصل فيه المتأخرون. 160 - وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَلَكِنْ عُرْوَةُ يُحَدِّثُ عَنْ حُمْرَانَ، فَلَمَّا تَوَضَّأَ عُثْمَانُ قَالَ أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا لَوْلاَ آيَةٌ مَا حَدَّثْتُكُمُوهُ، سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَتَوَضَّأُ رَجُلٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، وَيُصَلِّى الصَّلاَةَ إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلاَةِ حَتَّى يُصَلِّيَهَا». قَالَ عُرْوَةُ الآيَةُ {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ} [البقرة: 159]. أطرافه 159، 164، 1934، 6433 - تحفة 9793 - 52/ 1 160 - قوله: (ما بَيْنَهُ) ... إلخ وعند مسلم: «إلى صلاة أخرى». وعند المصنِّف رحمه الله تعالى في كتاب الرقاق عن عثمان رضي الله عنه في آخره قوله: (فلا تَغْتَروا) وهو يرجع إلى معنى قوله: «لئلا يتكلوا» فبيَّن أن الوعد بهذا الإطلاق موضع الاغترار، فلا ينبغي الغفلة عن الأعمال، فإِنَّ المغفرةَ إنما تحلُّ بالمجموع، والمجموعُ مكفِّرٌ للمجموع، وهو غير معلوم في الدنيا، فلا ينكشف الأمرُ إلا في المحشر، فلا تغتروا بهذا الوعدِ ولا تظنُّوا أَنَّ هذا

25 - باب الاستنثار فى الوضوء

القدرَ من العمل يكفي للنجاة، فعُلم منه أنه شيء اغترار لا موضع قرار، فإِذن هذا الحديث أيضًا في فواضل الأعمال لا في فرائضها. ومعنى الاغترار أن يغترَّ بهذا الوعد ولا يرغبُ في فضائل الأعمال. 25 - باب الاِسْتِنْثَارِ فِى الْوُضُوءِ ذَكَرَهُ عُثْمَانُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 161 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو إِدْرِيسَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ، وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ». طرفه 162 - تحفة 13547 قالوا: وهو من النَّثْرَة والاستفعال بمعنى تحريك النثرة، والظاهر عندي أَنْ يكون من النَثَّر. 161 - قوله: (من استجمر) والجمهور على أَنَّ معناهُ استعمالُ الحِجَارة، وما نُقِل عن مالك أنَّه تجمير الكفن، فإِنه لا يليقُ بشأنه ومثلُ هذه النقول البعيدة توجد في مطاوي الأسفار وبطون الأوراق، فلا يُعتمد عليها. 26 - باب الاِسْتِجْمَارِ وِتْرًا 162 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِى أَنْفِهِ ثُمَّ لِيَنْثُرْ، وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، وَإِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِى وَضُوئِهِ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لاَ يَدْرِى أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ». طرفه 161 - تحفة 13820، 13840 فلو أَنْقَىَ بالرابعة يَستعمِلُ الخامسة استحبابًا تحصيلًا للإِيتار. 162 - قوله: (إذا استيقظ أحدكم) ... إلخ (¬1) ويدخل فيه عِدَّة مسائل، مِنْ أنَّ الحديثَ من متعلقات الوضوء أو المياة، فإِنَّ كان من مسائل الوضوء يخرج منه سُنية غَسْل اليدين قبل الوضوء، ولا أحفظ فيه حديثًا قوليًا. ¬

_ (¬1) قال الشيخ رحمه الله تعالى: ونُقل عن الشافعي رحمه الله تعالى كما في "الأم" في سبب الحديث: أنهم كانوا يستنجون بالأحجار والبلادُ حارة، فإذا نام أحدٌ عرق فلا يأمنُ النائم من أن تطوفَ يدُه على ذلك الموضع النجس. اهـ. كذا في تقرير الترمذي عندنا. قلت: ففيه دليلٌ على أن أمرَ الغِسْل لاحتمال النجاسة. ولما كان مدارُ النجاسة عند المالكية على التغيرِ وعدمه، ذكروا في سبب وروده شيئًا يليق بمختاراتهم، فقال الباجي المالكي: إن النائم لا يكاد أن يَسْلَم من حَكِّ جسده وموضع بشرة في بدنه ومس رفغه وإبطه وغير ذلك من مَغَابنِ جسده ومواضع عَرَقه، فاستحب له غَسْل اليد تنظيفًا وتنزهًا. اهـ. وهذا كما ترى جعل مرجعَ الحديث إلى باب النظافة كما فعله ابن تيمية رحمه الله تعالى، مع أنه قد أحسن في تأويله حيث جعل العلة تَطْوَاف اليد، وابن تيمية رحمه الله تعالى جعلها ملابسةُ الشيطان. والله تعالى أعلم بالصواب.

وأَنَّ النجاسة الموهومة هل لها أحكامُ التطهير؟ وأَنَّ أمر الغَسْل هل يختصُ بنوم من الليل أو النهار أو يعمهما؟ وأن سببَ الغسل ما هو؟ وأن التثليثَ ضروريٌ أم لا؟ وأنه إن غمس يده فيه فهل يفسد الماء أم لا؟ فاعلم أن ابن رُشدٍ تكلم عليه أنَّه من أي البابين، أعني من باب الوضوء أو المياه، فإِن كان من مسائل المياه كان محطُّه صيانةَ الماء لا غير، وهو أولى عندي، بقي الغَسْل قبل الوضوء فيكون من باب الأولى، لأن صيانةَ الماءِ إذا كان مطلوبًا في كل حالٍ كان للوضوء بالأولى، فالحديث وإن كان من باب المياه إلا أنه ينجرُّ حكمه إلى باب الوضوء أيضًا. ولا تناقض بين النظرين. والحديثُ ناظرٌ إلى النجاسات الموهومةِ وأنَّ لها أحكام التطهير، ولذا أَمَرَهُ أن يغسل يده قبل إدخالها في الإِناء. ثم إنه لو غَمَسَهَا فيه بدون الغَسْل لا يفسدُ الماء، بشرط أن لم يكن على يده أثر نجاسة. نعم، كُرِه تنزيهًا، وهي الضابطة عندنا في النجاسات الموهومةِ كسؤور الدجاجة المُخَلاة إلا ما في «المنية». وأمرُ التثليث عندنا في النجاسات الغير المرئية خاصةً لحصولِ غلبةِ الظن بعده بالتطهيرِ. وهذا الحديث وأمثاله هو المتمسك في هذا الباب، وعند الترمذي: «فلا يْدُخِلْ يده في الإِناء حتى يُفرِغَ عليها مرتين أو ثلاثًا». وإنما وسَّع في الحكم ولم يؤكد لكون السبب أي وجودِ النجاسة محتمَلًا أيضًا، فحَكَم بقدر سببه. والحديث حجةً لنا في مسائل المياه وها أنا أذكر مسألةَ المياه بقدْر الضرورة، وقد ذكرته تفصيلًا في درس «جامع الترمذي»، فاعلم: أن الماء يتنجسُ بالتغيُّرِ إجماعًا، وهو مذهب مالك رحمه الله تعالى بدون فصل بين القليل والكثير، وعنه روايات أخرى. وعند الشافعي رحمه الله تعالى: إذا بلغ الماءُ قلتين لم يحمل الخبث وإلا تنجَّس، وهو الفاصل عنده بين القليل والكثير. وعندنا الأمر مفوض إلى رأي المُبْتَلى به، فإِن رأى أنَّ النجاسةَ وقعت في جانبٍ وخَلَصَ أثرها إلى جانب آخر فهو قليل، وإلا فهو كثير في حكم الجاري. وبعبارة أخرى: أنَّ الماء إذا كان جاريًا أو في حكم الجاري فهو كثير وما وراءه فقليل. واختلفت الروايات عن أحمد رحمه الله تعالى. والحاصل: أن الموقَّت والمحددَ في الباب ليس إلا الشافعية، فإنَّ المحدِدَ من لا يحكم بمقدار العِلَّة وهم الشافعية، فإنَّهم قالوا: إنَّ الماء إذا كان ما دون القلتين ولو بدرهم تنجَّس بقليل والنجاسة وكثيرها، وإن كان قُلتين لا يتنجَّسُ ولو بِرَطل منها، وهذا هو غايةُ التحديد حتى أنهم قالوا: إنَّ النجاسة إذا أُخرجت من قلتي الماء ولم يبق أَثرُها فالمطروحُ نجسٌ والباقي طاهر. وأعجب منه ما رأيت في كلمات بعضهم: أنَّ ما دون القلتين يتنجس وإن كان الماء

جاريًا والباقي طاهرًا، فهم الذين لا يحكمون بقدر العِلَّة، لأن حكمَ التَّنجيْس إن كان لحالِ النجاسة فالواجبُ أن يدارَ الحكمُ عليها، ويكون الحكم في القلتين وما دونهما سواء. ولكن المدار عندهم هو القلتان. وأما أبو حنيفة رضي الله عنه فليس بمحدد أصلًا، كما قرره الطحاوي، ومسألة العشر في العشر ليست مرويةً عن الإِمام، وأَمرُها معلومٌ ولا نذكره، ثم لا فرق بيننا وبين المالكية إلا أنهم اعتبروا التغيُّرَ باعتابر الحِسِّ، واعتبرناه بحَسَبِ ظن المبتلى به. وأنت إن تأملت ظهر لك إن شاء الله تعالى أن أقربَ الأنظار إلى الشريعة هو الإِحالةُ إلى ظن المبتلى به، ولا أراك شاكًا في أن ما اعتبرته الشريعة في أكثر الأبواب هو الظنُّ دون الحس، فإِن كان الأمرُ في الأبوابِ الأُخر هو هذا، فليكن في هذا الباب أيضًا كذلك. ثم ما من مذهب فيه إلا ويلزمُ عليه أَنْ يتركَ حديثًا من أحاديثِ الباب أن يؤوِّل فيه. فالمالكية يستدلون بحديث بئر بُضَاعة وأمثاله، ويتركون حديثَ القُلتين وحديثَ النَّهي عن البول في الماء الراكد وأمثالهما. وهكذا الشافعية يختارون حديث القلتين ويؤوِّلون في الباقي. والحاصل: أن كلًا منهم يأخذُ بحديثٍ في الباب ويجعلُه قاضيًا على جميع الأحاديث، ويحصرُ فيه مسألة المياه، فيشكِلُ عليه جمعُ الأحاديث على مورد واحد فتارة يلجأ إلى تأويل هذا، وأخرى إلى إعلال هذا، فصار كما قيل: إِذا سد منه منخر جاش منخر وأمَّا إمامنا الأعظم فإِنَّه لدِقَّة نظره لم يترك في الباب حديثًا إلا وقد عَمِلَ به ووضعه على الرأسِ والعينِ بدون ريب، وقال: إنَّ الله تعالى خَلَقَ المياه على أقسام: فمنها ماء الأنهار، ومنها ماء الآبار، ومنها ماء الفَلَوات والقِفار، ومنها ما تُحْرَز في البيوت والديار، والشريعة الغراء قد أعطت لكلٍ منها حكمًا حكمًا. فحديث بئر بُضَاعة إنَّما ورد في مياه الآبار بعد إخراج النجاسة عنها لا حَالَ كونها فيها. وحديث القُلتين في مياه العيونِ التي في الفلوات، ويكون لها نبع من تحتها وأَخْرَجَهٌ من فوقها، ويَبْقَى في الصحارى على طريق الدوام يَستقي منه النَّاس، يَردُون عليها ويَصْدرون عنها، ولا يكون فيها تيقنُ النجاسة، غير أَنَّها لمَّا لم تكن مصونةً محفوظةً، تسبقُ الأوهامُ إلى نجاستها، ويتزَّهُ العامَّة عن استعمالها. وحديث ولوغِ الكلب وأمثاله في المياه المقطوعة المحرزة في الأواني. ولذا أخذها الحديث في العُنوان وقال: «طهورَ إناءِ إحدكم إذا ولغ فيه الكلب» ... فلا يغمس يده في الإِناء. كما أنه أخذ عُنوان الفلوات في حديث القُلتين. فدلت الأحاديث من حاقِّها على أنَّها جاءت موزعةً على مياه. ثم إنَّه لمَّا لم يتفق في البيوت إلا أن يَلَغَ الكلبُ، أو تشربَ منه الهرةُ، أو تقعَ فيه الفأرة، أو يغمسَ أحد فيه يده، فقد أخذ كله في العُنوان ثم بيَّن له حكمًا. وحديثُ ماء الفلوات لا يكون فيها إلا ورود السِّباع، فذكر له حكمًا أيضًا، فلمَّا علمنا أنها

تنبيه

قد أقامت أبوابًا عديدة في مسألة المياه، وقصدت أن تعُطي لكل منها حكمًا حكمًا فليأتها من أبوابها ولا يختلط بينها فمياه الآبار حكمُها أنها تتنجَّسُ بوقوع النجاسات، ثم يبقى سبيلٌ بنزحها كلها أو بعضها بعد إخراج النَّجاسة عنها فلا يكونُ نجسًا بحيث لا يَطْهر أبدًا، كما أنَّ المؤمن لا ينجس وأن الأرض لا تنجس. وهو معنى قوله: «إن الماء طهورٌ لا ينجسه شيء». أي بحيث لا يطهر أبدًا أو بحيث كما زعمتم. ومياه العيونِ حكمها أنَّها لا تتنجس من النجاسات الموهومة غير المقطوعة أصلًا، وذكر القُلتين لأنه إذا بلغَ هذا المقدارُ لا يظهرُ فيه أثر النجاسة غالبًا ولم يرد به التحديد، ولهذا صح فيه لفظ: أو ثلاثًا فهو للتنويع والتقريب، وإن حمله الشافعية على الشك. على أنَّ حديث القُلتين لو حملناه على ما حملوه لكان غريبًا في الباب، فإِن مسألةَ المياه مع كثرة الأحاديث لا يوجدُ فيها ذكرٌ للقلتين، ولا نعلمه إلا من تلقاء ابن عمر. ثم لم يرو عنه غيرَ هذا. فَندْرَته عندهم وعدمُ البحث عنه صريح في أنه ليس بمدارٍ بل نحو تعبير فاعلمه. والمياه المحرزةُ حكمها أنَّها تتنجس ولا يبقى إلى تطهيرها سبيلٌ غيرُ طرحها، يل يتنجس معها أوانيها أيضًا. ولذا قال: «طهور إناء أحدكم ... » إلخ فهذه أقسامُ المياه وتلك أحكامُها فَرَاعِها وأنزلها في مَنَازِلها، ولا تُدْخِلْ جملتَها تحت حديثٍ واحد (1). تنبيه وهناك سهوٌ ينبغي أَنْ يَتَنبَّه عليه النَّاظر، وهو أن الحنفية عند تقرير الاضطراب في حديث القُلتين قالوا: إنه رُوي عن ابن عمر أربعين قُلة. هكذا وجدناه في «فتح القدير» أيضًا، وكنت أظنَّ أن الصحيحَ ابن عمرو وسقط الواو من الناسخ وحينئذ يَخِفُّ الاضطراب، حتى إذا طُبع كتاب البيهقي وجدناه فيه عن ابن عمرو بن العاص، ففرحتُ منه فرحَ الصائم عند الإِفطار. فهذا سهوٌ قد تسلسل في الكتب فلا تَغْفُلْ عنه، والأمر كما قلنا. أما حديث المستيقظُ فحجةٌ لنا في الباب واستدل به صاحب «الهداية» أيضًا بأنه إذا أُمرنا بغسل اليد عند احتمال النجاسة، علمنا أنها لو كانت على يده حقيقة نؤمرُ بغسلها بالأولى. ومعلوم أنَّه لو غمسها وعلى يده نجاسة لَمَا تغير منها الماء لقُلتها، ومع ذلك حكمت الشريعةُ بغسلها، وليس ذلك إلا لتنجس الماء بهذا الغمس عندها، فأمره أَنْ يغسلها قبل أن يُدخِلَها في الإِناء لئلا ينجسَ الماء كما يشير إليه التعليل بقوله: «فإنه لا يدري أين باتت يده» أي على موضع النَّجاسة أو غيره.

فلا بد أن يكونَ لإِلقاء اليدِ المحتملة النجاسة تأثيرٌ في الماء عندها وهو النجاسة، ولذا مَنَعَه عن إلقائِها، وهو الذي فَهِمَه أحمد وإسحاق والشافعي رحمهم الله تعالى، كما يدل عليه عبارة الترمذي والحافظ ابن تيمية، لمَّا اختار فيه مذهب مالك رحمه الله تعالى جَعَلَه من باب النظافة، يعني أن إلقاءَها فيه حال كونِها محتملةَ النُّجاسة بعيدةٌ عن النظافة وإن لم ينجس الماء فهو كالنهي عن البصاق في الماء والتنفس فيه، مع أنهما لا يُنَجسان الماء عند أحد. وقال في تقريره: إن للشيطان ملامسةٌ وملابسةٌ بالإِنسان، فإِنَّه يبيت على خَيَاشيم بني آدم ولذا أمره الشارعُ بغسل الخياشيم عند الانتباه، وهكذا له ملابسةٌ بيده أيضًا لكونها جارحة، فوردت الشريعةُ بغسلِها قبل غمسها لأجلِ هذا النظر المعنوي لا غير، فإن هو من باب النَّظافة دون النجاسة. حتى أنَّ الشيخ ابن الهُمام رحمه الله تعالى أيضًا تأثر منه وقال: ليس فيه تصريح يتنجس الماء بتقديرِ كونِ اليد نجسة، بل ذلك تعليلٌ منها للنَّهي المذكور وهو غيرُ لازم، أعني تعليلَه بتنجس الماء عينًا بتقدير نجاستها، لجواز كونه لأعم من النجاسة والكراهة. فنقول: نهى لتنجُّس الماء بتقدير كونها متنجسة بما يغير، أو الكراهة بتقدير كونها بما لا يغير. وحاصله: أنَّه يُمكن أن يكون الماءُ على تقدير غَمْسها مكروهًا لا نجسًا، وإنما يكون نجسًا إذا تغير، ولا دليلَ فيه على أنه يكونُ نجسًا عند عدم التغير أيضًا، فإن النهي يكون عن المكروه كما أنه يكون عن النجس. قلت: أمَّا ما ذكره الحافظ ابن تيمية فقد ذكرنا أنَّه لم يذهب إليه أحد من الأئمة، وكلهم حَمَلوه على باب النجاسة دون النظافة، ثم إنَّ ملابسَتَه إنما هي بمواضع الألواث، فإنه يلعب بمَقَاعِدِ بني آدم ويبيت على الخياشيم لكونها مواضع اللوث أيضًا، أو ملابسته ليُلقي منها الوساوس إلى القلب والدِّماغ، واليد بمعزلٍ منهما، فماله ولليد؟ مع أنَّ الذكر في الحديث لتَطْوَاف اليد وجولانها، فهو الدخيلُ في النجاسة لا ملابسة الشيطان، ولو كانت لتعرَّض إليها أيضًا كما تعرض إلى بيتُوتته على الخياشيم، على أن في الدارقطني: «أين باتت يده منه» وصححه ابن مَنْده الأصبهاني (¬1). فهذا صريحٌ في أنَّ المدخل لبيتُوتة اليد على حصة من جسده، لا لبيتوتة الشيطان على يده فجعلَ الحديثُ اليدَ طائفًا وبائتًا، وجعل ابن تيمية رحمه الله تعالى الشيطان بائتًا. وذكرَ الحديث بيتوتَة اليد من جسدِهِ وذكر هو ملابسةَ الشيطان بيده، فأني هذا من ذاك؟. وأما ما ذكره ابن الهُمَام فلست أُحَصِّلهُ أيضًا، لأنه لا معنى للكراهة إلا أنها لأجلِ النجاسةِ المحتملة، فالكراهةُ أيضًا من فروع النجاسات لا أنَّها باب آخر. وتفصيله: أن الماء عندنا إما طاهر أو نجس إن وقعت فيه نجاسة، وليس فيه قسم ثالث. أما كونه مكروهًا فليس إلا لأجل ¬

_ (¬1) وابن منده الأصبهاني طاف أربعين سنة في طلب الحديث وقطع مسافة تسعة آلاف ميل ماشيًا، فلما انصرف كان معه أربعون وقرًا من كتب الحديث. هكذا وجدت زيادة فيما ضبطه الفاضل عبد القدير.

27 - باب غسل الرجلين

احتمال وقوع النجاسة، كما قالوا في سؤر الدجاجة المُخَلاة وليس حاله كالصلاة، فإِنها إما صحيحةٌ أو فاسدةٌ أو مكروهةٌ، فالكراهة فيها قِسم مستقلٌ وليست لأجل مِظنَّة سبب الفساد، فللكراهة أسبابٌ كما أنَّها للفساد، أعني أنَّ الصلاةَ تفسدُ بأسبابها وكذلك تكون مكروهةً بأسبابها. وليس مرجعُ الكراهة فيها إلى أسباب الفساد، فلا نقول فيها: إن أسباب الفساد إن تحققت فيها بطلت وإلا صارت مكروهة، بخلاف الماء فإِنَّ الحكم بالكراهة فيه ليس من أجل تحقق سبب مستقل لها، بل مرجعُها إلى سبب النجاسة، فإِن تحققت النجاسة فيه يُحكم بنجاسته، وإن تُرُدِّدَ في وقوعها يُحكم بالكراهة، فلم يكن للكراهة سببٌ مستقلٌ. وإذن لا معنى لكراهته إلا كونُه محتملَ النجاسة، فما نظر به الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى لم أفهمه نعم، لو كانت كراهةُ الماء لسببٍ مستقل ولم يكن مرجِعُها إلى النجاسة لكان لإِيراده وجه، فإِن الكراهةَ حينئذ كانت لأمر مستقلٍ لا تأثيرَ فيها للنجاسة، كما أن الصلاةَ تكون مكروهةً بأسبابها لا من جهة احتمال أسباب الفساد. ويلوح من كلام ابن رُشد أَنَّ الكراهةَ عند المالكية قِسم ثالث، كما أن الكراهةَ في الصلاة كذلك عندنا، ولا تكون ناشئةً من جهة احتمال النجاسة. قلت: وهو كذلك عندهم. أمَّا كونها قِسمًا مستقلًا عند الحنفية فلم يثبت عندي، وحينئذ ظَهَرَ الجوابُ عن نظر الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى على أظهر وجه، وبقي الحديث في مسائل المياه حجةً لنا، ولله الحمد على مألهم، والله تعالى أعلم. والحاصل: أنَّ الشريعةَ أقامت أبوابَ النجاسة كما أنَّها أقامت أبواب النظافة، فإِرجاع أبواب النجاسات إلى أبواب التزكية والتحلي والتخليط بينها بإِقامة جرِّ ثقيلٍ مما لا ينبغي، فالبُصاق في الماء والتنفس فيه من باب النظافة قطعًا، ولذا لم يذهب فيه أحد إلى الفساد، لأنه لم توجد هناك نجاسة ولا احتمالها، بخلاف ما نحن فيه، فإِنَّه لو كان الغَسْل لأجل النظافة فقط، لكان النائم وغيره فيه سواء، كما ذكره صاحب «العناية» في قيد الدائم في قوله صلى الله عليه وسلّم «لا يَبُولنَّ أحدكم في الماء الدائم وسيجيء»: ولا دَخْل لنومِهِ، إلا أن يدَه احتملت التنجس لتَطْوَافها على مواضع الأنجاس وهو لا يدريه، فكان لا بد أن تنهاه الشريعةُ عن غَمْسِها، فهذا حجةٌ على المالكية قطعًا. وللأعذار الباردة مجالٌ وسيع (¬1). 27 - باب غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ 163 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ تَخَلَّفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنَّا فِى سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقْنَا ¬

_ (¬1) قلت: ومنهم من جعله حجة على الشافعية بأنه لم يفرق فيما كان الماء قلتين أو دونهما، فعلم أن تأثير النجاسة في القلتين وما دونهما سواء.

28 - باب المضمضة فى الوضوء

الْعَصْرَ، فَجَعَلْنَا نَتَوَضَّأُ وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ». مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا. طرفاه 60، 96 - تحفة 8954 وترجمة المصنَّف رحمه الله تعالى هذه ناظرةٌ إلى تفسير الآية. ومن العجائب أنَّ ما يجعلونَه لعنهم الله تعالى حجةً لمسح الأرجل هو بعينه حجة للغسل عند السلف، حتى إن بعضهم توهَّم منه نسخَ المسح، ولذا كان يُعجبهم إسلام جرير، لأنَّه أسلم بعد المائدة وكان يمسحُ على الخفين، فَعُلِكَ أنَّ حكم المسح باقٍ بعد نزول المائدة أيضًا. وفيها آية المسح بالرأس والأرجل. ثم لا يخفى عليك أن المسحَ بالرجلين قد ثبت عند الطحاوي بإِسناد قوي، ولكنه في الوضوء فعنده عن النَّزَّال بن سَبْرة بإِسناد قوي قال: رأيت عليًا رضي الله تعالى عنه صلى الظهر ثم قعد للناس في الرُّحبة، ثم أتي بماء فمسح بوجهِهِ ويديه، ومسح برأسه ورجليه، وشرب فَضْلَه قائمًا ثم قال: إنَّ ناسًا يزعمون أن هذا يُكره، وإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يصنع مثل ما صنعت، وهذا وضوء من لم يحدث. وليعلم أنَّ الوضوء في الشرع على أقسام: فمنها ما عَلِمت، ومنها للنوم كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما ومنها من عند الترمذي. والرواة أيضًا يراعونها، ولذا تراهم يقولون: توضَّأ وضوءَه للصَّلاة، فَعُلِم منه أن في أذهانهم أقسامًا للوضوء يريدون به الاحتراز عنها، فلا عبرة لإِنكار ابن تيمية، وعند الترمذي في باب ما جاء في التسمية على الطعام فغسل رسول الله صلى الله عليه وسلّم يديه ومسح ببَلِلِ كفيه وجهه وذراعيه ورأسه، وقال: «يا عِكْرَاش، هذا الوضوء مما غيرت النار». وفي إسناده لين. 28 - باب الْمَضْمَضَةِ فِى الْوُضُوءِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ - رضى الله عنهم - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 164 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ دَعَا بِوَضُوءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ إِنَائِهِ، فَغَسَلَهُمَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِى الْوَضُوءِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ، وَاسْتَنْشَقَ، وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلاَثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ كُلَّ رِجْلٍ ثَلاَثًا، ثُمَّ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ نَحْوَ وُضُوئِى هَذَا وَقَالَ «مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِى هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». أطرافه 159، 160، 1934، 6433 - تحفة 9794 - 53/ 1 وأخرجه ابن السَّكَن في «صحيحه» وفيه تصريحٌ بالفصل (¬1). ¬

_ (¬1) ولفظه عن أبي وَائل شقيق بن سلمة قال: شهدت عليَّ طالب بن أبي طالب وعثمان بن عفان توضّآ ثلاثًا ثلاثا وأفردا المضمضة من الاستنشاق، ثم قالا: هكذا رأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ. قال مولانا ظهير أحسن النيموي: لم أظفر بإسناده، ولكنه أخَرَجه الحافظ رحمه الله تعالى في "التلخيص" وعزاه إليه. وقد بوَّب أبو داود في "سننه" بالفرق بين المضمضة والاستنشاق وأخرج عن طلحة، عن أبيه، عن جده أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يفصل بين المضمضة والاستنشاق وفي إسناده كلامٌ أجاب عنه علماؤنا، فليراجعه.

29 - باب غسل الأعقاب

29 - باب غَسْلِ الأَعْقَابِ وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَغْسِلُ مَوْضِعَ الْخَاتَمِ إِذَا تَوَضَّأَ. 165 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا وَالنَّاسُ يَتَوَضَّئُونَ مِنَ الْمِطْهَرَةِ - قَالَ أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ فَإِنَّ أَبَا الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ». تحفة 14381 وإنما خصَّصها بالذكر لأنه لا يصلُ إليها الماء إلا بالاعتناء. ومرَّ عليه الطحاوي وجعله ناسخًا للمسح على الأرجل، ويُفهم من كتابه مشروعيةُ المسح في زمان ثم نَسْخه، لأنَّه أخرج عن عبد الله ابن عمرو وفيه: ونحن نتوضأ ونمسحُ على أرجلنا ... إلخ. فَدَلَّ على أنهم كانوا يمسحون على الأجل حينًا ما؛ فلمَّا نادى بلالٌ بقوله: «ويلٌ للأعقاب من النار» نَسَخَ المسحَ وصار فرضُ الرجلين هو الغَسْل. قلت: وهو كما ترى، لأن التعبيرَ بالمسح إنما هو لخِفَّة غسلهم وعدم اعتنائهم به، كما يُعلم من ألفاظه، ففي لفظ: فانتهينا إليهم قد توضؤوا وأعقابهم تلوح لم يمسها ماء. وفي لفظ: رأى قومًا توضؤوا وكأنَّهم تركوا من أرجلهم شيئًا. فهذا كلُّه يدل على أن ما يقصدُونه كان هو الغَسْل، إلا أنهم كانوا يتعجلون فيه لئلا تفوتهم الصلاة، فكأنهم كانوا يمسحون لا أنهم كانوا يمسحون لأجلِ أن فرضَ الرجل كان عندهم هو المسح ليثبت النَّسخُ. 30 - باب غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فِى النَّعْلَيْنِ وَلاَ يَمْسَحُ عَلَى النَّعْلَيْنِ 166 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا. قَالَ وَمَا هِىَ يَا ابْنَ جُرَيْجٍ قَالَ رَأَيْتُكَ لاَ تَمَسُّ مِنَ الأَرْكَانِ إِلاَّ الْيَمَانِيَيْنِ، وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ، وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْهِلاَلَ وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَمَّا الأَرْكَانُ فَإِنِّى لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمَسُّ إِلاَّ الْيَمَانِيَيْنِ، وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ فَإِنِّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَلْبَسُ النَّعْلَ الَّتِى لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا، وَأَمَّا الصُّفْرَةُ فَإِنِّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصْبُغُ بِهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا، وَأَمَّا الإِهْلاَلُ فَإِنِّى لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ. أطرافه 1514، 1552، 1609، 2865، 5851 - تحفة 7316 واعلم أنَّ المسحَ على الجَوْربين لم يثبت عندي مرفوعًا وإن كان جائزًا بشرائطه فقهًا، لأنَّ الترمذيَّ وإن صحح حديث المُغيرة في الجَوْربين، لكنَّه معلولٌ عندي قطعًا، لأن حديث المُغيرة واقعةٌ واحدة قد رُوي بنحو من سبعين طريقًا، وليس فيهما إلا أنَّه مسح على الخفين، فمن ذكر الجوربين فقد وَهِمَ قطعًا. ولذا كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدثُ بهذا الحديث كما نقله أبو

31 - باب التيمن فى الوضوء والغسل

داود وأسقطه مسلم أيضًا. وأما الترمذي فقد نظر إلى صورة إسناده فقط. وكذا ذَكَرَ النَّعلين فيه سهو أيضًا، وهو عند الطحاوي عن أبي موسى: أنه مسح على جوربيه ونعليه. وحمله الطحاوي على ما إذا كان النعلان على الجوربين. قلت: وحديثه ليس بمتصل ولا بقوي، وهو تأويلُ عامتهم في حديث المُغيرة، وقد قلت: إِنه معلوم قطعًا. 166 - قوله: (فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلّم يمس) ... إلخ، ومسُّ الركن اليماني جائزٌ عندنا أيضًا. قوله: (ويتوضأ فيها) وعند أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما: فأخذ حَفْنَة من ماءٍ فَضَرَب بها على رجلِهِ وفيها النَّعْل فَفَتَلَ بها ثم الأخرى مثل ذلك، وقد مرَّ في البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه أخذ غَرفة من ماء فرشَّ، ولعله أيضًا عند التنعل، والحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى جعله صورةً مستقلة وقال: إن الرشَّ كافٍ في النعلين كالمسح في الخفين. قلت: وهو احتمالٌ لم يذهبْ إليه ذاهبٌ. قوله: (وأما الصُفرة) واعلم أن ابن عمر رضي الله عنه كان يستعمل الصُّفرة (1). ثم كان برفعُه إلى النبي صلى الله عليه وسلّم مع أنه قد ثبت فيه الوعيدُ عن النبي صلى الله عليه وسلّم قلت: وردت فيه ألفاظٌ عديدةٌ مع صَبغ الأشعار والثياب ثم الصَّبْغ بالزعفران وغيره لا يُدرى أن أي هذه الأجزاء رفعه. ولعله تطرَّق فيه اجتهاده. نعم، يجوزُ التصفير علاجًا، ولم يتبين لي بعد في هذا الباب شيء صافٍ كافٍ. ولعل الله يُحدثُ بعد ذلك أمرًا. قوله: (حتى تنبعت) ... إلخ يعني به أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يُهِلُ حين يركب راحِلَته، وإنِّي لا أركب حتى يُظِلُّ يوم التروية، فلأجل هذا لا أُهلُّ إلا في هذا اليوم، ولا أهل عند رؤية الهلال كأهل مكة. وهذا أيضًا اجتهادٌ منه رضي الله تعالى عنه. قلت: إنه صلى الله عليه وسلّم كان يُهل إذا شرع في أفعال الحج، وإنما كان يُهِلُّ عند الانبعاث، لأنه كان يَقْدُم من المدينة وكان انبعاثه عند سفره، بخلاف ابن عمر رضي الله عنه، فإنه كان مقيمًا بمكة من قبل، فلا عليه أن يُهلَّ ثم يركبَ يوم التروية. ولعله لم يرغب في تقديم الإهلال اجتهادًا منه، وإلا فالفارق موجودٌ والأولى هو القديم. 31 - باب التَّيَمُّنِ فِى الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ 167 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَهُنَّ فِى غُسْلِ ابْنَتِهِ «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا». أطرافه 1253، 1254، 1255، 1256، 1257، 1258، 1259، 1260، 1261، 1262، 1263 تحفة 18124

32 - باب التماس الوضوء إذا حانت الصلاة

168 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِى تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ وَفِى شَأْنِهِ كُلِّهِ. أطرافه 426، 5380، 5854، 5926 - تحفة 17657 وفي «شرح الوقاية»: أنَّ التيامن كان من عادته صلى الله عليه وسلّم ثم إذا داوم عليه جاء الاستحباب. ثم التيامن ليس في أحدٍ من أقوام الدنيا غير الإِسْلام، حتى أن كتابتهم أيضًا من جانب الأيسر. وفي «المشكاة»: «أن الله تعالى خَيَّر آدم فاختار اليمين وكلتا يدي الرحمن يمين» فهذا اختيار آدم جرى في ذريته، كالسَّلام ورد الملائكة عليه صار سُنَّة له ولذريته، وأجدُ أشياءَ استحبها المقربون فوقعت بمكانٍ من القَبُول، ثم سُنَّت في الشرائع. 32 - باب الْتِمَاسِ الْوَضُوءِ إِذَا حَانَتِ الصَّلاَةُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ: حَضَرَتِ الصُّبْحُ فَالْتُمِسَ الْمَاءُ فَلَمْ يُوجَدْ، فَنَزَلَ التَّيَمُّمُ. 169 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَحَانَتْ صَلاَةُ الْعَصْرِ، فَالْتَمَسَ النَّاسُ الْوَضُوءَ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِوَضُوءٍ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى ذَلِكَ الإِنَاءِ يَدَهُ، وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَوَضَّئُوا مِنْهُ. قَالَ فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ. أطرافه 195، 200، 3572، 3573، 3574، 3575 - تحفة 201 - 54/ 1 يعني أنه لا يَجبُ قبل الوقت. 169 - قوله: (ولم يجدوا) وكان في المدينة خارجًا منها. قوله: (من عند آخرهم) مختصر من أوَّلِهم إلى آخرهم، واختُلف في تَعداد الرجال فيه، وحمله الحافظ رحمه الله تعالى على تعدُّدِ الواقعة. 33 - باب الْمَاءِ الَّذِى يُغْسَلُ بِهِ شَعَرُ الإِنْسَانِ وَكَانَ عَطَاءٌ لاَ يَرَى بِهِ بَأْسًا أَنْ يُتَّخَذَ مِنْهَا الْخُيُوطُ وَالْحِبَالُ، وَسُؤْرِ الْكِلاَبِ وَمَمَرِّهَا فِى الْمَسْجِدِ. وَقَالَ الزُّهْرِىُّ إِذَا وَلَغَ فِى إِنَاءٍ لَيْسَ لَهُ وَضُوءٌ غَيْرُهُ يَتَوَضَّأُ بِهِ. وَقَالَ سُفْيَانُ هَذَا الْفِقْهُ بِعَيْنِهِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] وَهَذَا مَاءٌ، وَفِى النَّفْسِ مِنْهُ شَىْءٌ، يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيَتَيَمَّمُ. 170 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ قُلْتُ لِعَبِيدَةَ عِنْدَنَا مِنْ شَعَرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَصَبْنَاهُ مِنْ قِبَلِ أَنَسٍ، أَوْ مِنْ قِبَلِ أَهْلِ أَنَسٍ فَقَالَ لأَنْ تَكُونَ عِنْدِى شَعَرَةٌ مِنْهُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. طرفه 171 - تحفة 1465

171 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا حَلَقَ رَأْسَهُ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَوَّلَ مَنْ أَخَذَ مِنْ شَعَرِهِ. طرفه 170 - تحفة 1462 قلت: إنَّ المصنَّف رحمه الله تعالى ذَكَرَ فيها مسألة الأنجاس والآسار دون مسألة المياه كما اختاره الحافظ رحمه الله، فهذه ترجمةٌ تتعلق بالأشياء التي قد تتفقُ أن تقعَ في الماءَ، ثم تُفسِدُ الماء أو لا تفسده. وإنما جاء ذِكْرُ الماء تبعًا لكونه محلَّ الوقوع. أما مسألة المياه أصالة فسيجيء ذكره. وذَكَرَ هذه الأشياء هناك تبعًا لكونها واقعة فيه. وهذا شبيهٌ بما في فِقْهنا من ذكر بعض الأنجاس في فصل المياه مع كون باب الأنجاس مستقلًا عندهم أيضًا، فلهذه الأشياء تعلق بالماءِ لكونها واقعةً فيه، وكونِ الماء محلًا لوقوعها. ولهذا قد ينجرُّ ذِكرها إلى المياه، وقد ينجرُّ المياه إليها. ويبقى الفرق بالأصالة والتبعية، فالأصل في باب الأنجاس ذِكرها فقط، وذكر الماء لكونِهِ قد يتفق أن تقعَ فيه وإن أمكن وقوعُها في غيره أيضًا كالطعام واللبن والدهن وغيرها. وكذلك الأصل في باب الماء، ذِكرُ مسائله خاصَّة لا ذِكرُ الأنجاس، وإنَّما تذكر استطرادًا لكونها واقعةً فيه. والحاصل: أن المصنَّف رحمه الله تعالى ذكر في ترجمته مسألة الأشعار أولًا، سواء وقعت في الماء أو الطعام، لا مسألة المياه. واعلم أن في الحديث بابًا لا يوجد في الفقه إلا قليلًا، وهو أنَّ الشارع إذ يحكم على شيء بالنجاسة لا يحبُّ المعاملةَ معه والملابسة به، ويأمرُ بالاجتناب والتحرُّز عنه، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: 28] وقال: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: 90]، وقال: {فَاجْتَنِبُواْ الرّجْسَ مِنَ الاْوْثَانِ} [الحج: 30] فإذا حكم على شيء بكونه نجسًا أمر بالتحرُّز عنه ونهى عن قُرْبانه، فعُلِم أنَّ الاجتناب والتحرز من لوازم النجس والرِّجْس. ورأيت عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما غسل اليدين بعد المصافحة بالمشرك، فكأنَّه فهم معنى النجس، وأنَّه لا ينبغي أن يقربَ منه، ولهذا غسل يديه مع كون يدي المشرك يابسًا، ومقتضاه أَلا يطلق النَّجِس على الثياب والمياه. ثم اطلعت على كلام الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير وفيه وفيه: إنَّ إطلاق النَّجَس على المؤمن لا يجوز، لا حقيقة ولا مجازًا وحينئذ ظهر شرح لطيف لقوله صلى الله عليه وسلّم «إنَّ المؤمنَ لا يَنْجَس» وشرح آخر لقوله: «إن الماء طَهُورٌ لا ينجِّسه شيء» فإن مياه الآبار لا يتنجس بحيث لا تبقى معها معاملة، ويكون التجنب عنها ضروريًا في نظر الشارع بل يُستعمل بعد نزح البئر، فهذا عُرف قرآني في النجس فلاحَظَه بخلاف الفقهاء، فإنهم يحكمون على شيء بالنجاسة ثم يكتبونَ مسائلَ تُبنى على بقاء المعاملة معها كما قالوا: إنَّ الكلب إذا مر في المسجد يابسًا لا يتنجَّسُ به المجسد. وإنَّ المُصلي إن حَمَلَ جُرو كلب في كمِّه ولم يكن عليه نجاسةٌ تصحُّ صلاته. فباب

الأنجاس لا يظهرُ أثرُها في الفقه إلا عند وقوعها في الماء أو المائع. أما قطعُ المعاملة عنها والملابسة بها، فهذا بابٌ مفقود في الفقه وإن ظهر في بعض الجُزئيات كما في «الكبيرى»: أنَّه يُكره لُبْس الثوب النجس خارجَ الصلاة أيضًا، فهذا يُشير إلى قطع المعاملة عنه ما دام نجسًا. ونحوه نَسَبَ إلينا الشوكاني أييضًا، ولذا أقول: إنَّ أمر التوضؤ بخروج المَذْي وأمثاله محمولٌ على الفور لا عند القيام إلى الصلاة، فإِن المطلوبَ عند الشرع كونُ المؤمن على طهارةٍ وعدم تلطُّخه بالنجاسات. ولم يذكره من علمائنا إلا ما يستفاد من الجزئية التي ذكرتها عن «الكبيري». قوله: (وكان عطاء) ... إلخ، واختار البخاري في الأشعار مذهبَ أبي حنيفة رحمه الله تعالى كما قال ابن بَطَّال، وأيدَه بأثر عطاء، لأنَّه لما وسَّع فيه باتخاذِ الخيوطِ والحبال لَزِمَ أن يقولَ بطهارته جزمًا، فلو سقطت في الماء لا تُفْسِدُه، إلا أن أبا حنيفة رحمه الله تعالى لم يجوز الانتفاع بأجزاء الإنسان كرامةً له وتحرزًا عن الامتهان. وفي رواية عند الشافعي أنها نجسة، فأشكل عليهم أشعارَه صلى الله عليه وسلّم لأنَّه ذهب جماعة إلى طهارة فَضَلاته صلى الله عليه وسلّم ونُسِبَ إلى إمامنا أيضًا، إلا أنَّي لم أجده فاستثنوها. وأراد الحافظ رحمه الله تعالى إخمالَ هذه الرواية، لأنَّها أصعب عليه جدًا، وصَدَعَ بها الشيخ العيني رحمه الله تعالى. قوله: (سؤر الكلب) ... إلخ هذا هو الجزء الثاني من ترجمته. وفيه مسألةُ الآسار وتتعلقُ بها مسألة المرور فذكرها استطرادًا. وسُؤرُ الكلب طاهرٌ عند مالك رحمه الله تعالى (¬1). وفي «المدونة»: أنه سُئل عن وجه الحديث المرفوع، فقال: لا أدري. ولعلَّه عدَّهُ من سواكن البيوت كالهرة، فصار من الطَّوَّافين فسقطت نجاستهُ عنده. ثم جاء فضلاء المالكية وقالوا: إنَّ الغَسْل منه لأجل صفاء الباطن، فإنَّه أطلقَ عليه لفظ الشيطان في الحديث، فهو من باب التزكية والتحلية دون النجاسة. قلت: فارتفع باب الآسار عند مالك رحمه الله تعالى، حتى أن سؤر الخنزير أيضًا غير مؤثرٍ في الماء عنده، فإنَّ الكلاب والسِّبَاع كلها يَرِدُون علينا ونردُ عليهم، فلا أثر لآسارهم في التَّنجِيسِ عنده. واختار الشافعي رحمه الله تعالى نجاسةَ سؤرِ الكلب والخنزير خاصة، ولم ير بسؤرِ السِّباع بأسًا. ثم شَرَطَ التَّسبيعَ في سؤر الكلب، وهو مذهب أحمد رحمه الله تعالى فيه وفي سائر النجاسات، حتى رأيت في كلام بعضهم التسبيع في الاستنجاء أيضًا. والواجبُ فيه عندنا هو التثليث كما في البول والغائط، فإِنَّ سؤرَ الكلبِ ليس بأغلظ منهما. نعم، التسبيع مستحب كما في «الزَّيْلعي شرح الكنز». وصرَّح (الوبرى) باستحباب التسبيع عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى كما في «التحرير». وإنما اعتنيتُ بهذا النقلِ لأنه ليست ¬

_ (¬1) قلت: قال الخطابي: وذهب مالك والأوزاعي إلى أنه إذا لم يجد ماءً غيره توضأ به. وكان سفيان الثوري يقول: يتوضأ به إذا لم يجد ماءٌ غيره ثم يتيمم بعده. اهـ. قلت: وإذن صار كالنبيذ عند إمامنا رحمه الله تعالى.

في الكتب رواية عن أبي حنيفة، فيمكن أن يكونَ استحبابه من باب الخروج عن الخلاف، بخلاف ما في «التحرير» فإنَّه صريحٌ في كونه روايةً عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى، فصار التسبيع مستحبًا على المذهب لا على طريق الخروج عن الخلاف، فإِنَّه باب آخر يجري فيما لا يكون فيه رواية عن الإِمام أيضًا. ثم إن راوي الحديث أبو هريرة أفتى بالثلاث أيضًا كما عند الطحاوي، وصححه ابن دقيق العيد. وما أخرج عنه الحافظ رحمه الله تعالى من فتوى التسبيع فإنه لا يضرُّنا، بل يؤكد الاستحباب، ثم فتوى الثلاث رفعه الكرابيسي كما في «الكامل» وهو حسين بن علي الكَرَابيسي من معاصري أحمد رحمه الله تعالى، من كبار العلماء - وإنما حَمَلَ ذكره لما جرى بينه وبين أحمد رحمه تعالى من الخلاف. ومنه تعلَّم البخاريُّ وداود الظاهري مسألة: لفظي بالقرآن مخلوق، ولم أطلع عليه بِجَرْحٍ فيه، فإِن كانت هذه المسألةُ هي سببُ الجرح فيه، فالبخاري أيضًا يصيرُ مجروحًا. ومع هذا أتردد في رفعه، ولعله وَهَمٌ منه. ثم فتوى التثليثُ وإن لم تكن مرفوعةً، لكن أخرجَ الطحاوي في باب سؤر الهرة إسنادًا أن كلَّ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم وإنَّما كان يفعلُ ذلك لأن أبا هريرة لم يكن يحدثهم إلا عن النبي صلى الله عليه وسلّم فدلَّ على أن فتوَاه وإن كانت موقوفةً لكنها في حكم المرفوعِ. قلت: الكُلِّية محل ترددٍ عندي، نعم، كل ما رواه ابن سيرينَ عنه فهو مرفوع قطعًا، ثم لا عليك أن تحمل التسبيع على زمان كان فيه التشديد في أمرِ الكلاب (¬1)، ثم خُفِّف فيه، فلعل أمر التسبيع كان عند أمره بقتل الكلاب، وإذا خفف في الكلاب وأباح لهم الاصطيادَ بها خفف في أمر التطهير أيضًا. ونظيره النهي عن استعمال الأواني المخصوصة بالخمر (¬2). ثم قال: «إن الأواني لا تحرم شيئًا ولا تحلله» فاستعملوا كلها غير أنه لا تشربوا مسكرًا. وألزم الطحاوي أنكم لو عملتم بالتسبيع لأجل حديث أبي هريرة فعليكم أن تقولوا بالثامنة لحديث عبد الله بن مُغَفَّل ففيه: «وعفِّرُوه الثامنة بالتراب». قلت: وهو رواية عن أحمد رحمه الله تعالى أيضًا إلا أنَّ النَّووي حَمَله على أن المراد منه اغسلوه سبعًا واحدةً منهن بالتراب مع الماء، فكان الترابُ قائمًا مَقَام غَسْله، فسميت ثامنة لهذا. ¬

_ (¬1) قلت: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أمر بقتلها حين لم يلقه جبريل بعد مُوَاعدة منه، فعند مسلم: فأصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ فأمر بقتلِ الكلاب ... إلخ. كذا في "المشكاة" من باب التصاوير. وعند أبي داود الدارمي: "لولا أن الكلابَ أمةٌ من الأممِ لأمرت بقتلها كلِّها فاقتلوا منها كل أسود بهيم"، كذا في "المشكاة" من باب ذكر الكلب، قلت: ولذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الكلبَ الأسود يقطعُ الصلاة" كذا في أحاديث السترة. (¬2) فقد أخرج الترمذي في الأشربة عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني كنت نَهيتُكم عن الظروف، وإن ظرفًا لا يُحلُّ شيئًا ولا يحرِّمه، وكل مسكر حرام" هذا الحديث حسن صحيح.

وقد تصدَّى بعضهم إلى إثبات الاضطراب فيه. ففي رواية: «أولاهُنَّ بالتراب» وفي رواية: «أخراهن»، وفي أخرى: «إحداهن». قلت: بل ينبغي أن تجوزَ الصور كلها ولا اضطرابَ ولا حاحة إلى إقامة الترجيح كما قال بعضهم: إن الراجِحَ أولاهن. ثم الوجه في الأمر بالثامنة عندي أنَّ الترابَ لمَّا كان له دخلٌ في التطهير عدَّه الراوي غسلًا مستقلًا، فهو داخلٌ في السبع، ودليله أنَّه أمَرَه في عين تلك الرواية بالتسبيع، ثم قال: وعَفِّرُوه الثامنة. ولو أرادَ الغسل ثمان مرات لقال: فاغسلوه ثمان مرات، وعفروه الثامنة ... إلخ. ولكنه أَمَر أولًا بالتسبيع، فذكر العددَ المطلوب ثم فكَّكَ الراوي منها واحدةً وعدَّها ثامنة في التعبير فقط. قال الحافظ ابن تيمية: إنَّ الكلب يكثر من فِيهِ اللعاب فيغلبُ على الماء ولا يتميز منه لكونه مائعًا أيضًا. وأنت تعلم أنه تغيَّرَ المناطُ، لأنه كان في أصل التغير وعدمه. ثم لا أدري ماذا أراد به؟ فإن أراد أنَّ الماءَ كان في الأصل طاهرًا إلا أنه تنجَّس لأجل عدم تخليص اللعاب منه وهو نجس، فهذا مجرد اعتبار، لأنهم لا يعنونَ بحكم التَّنجيسِ على شيء إلا اختلاطُ النجَاسة به، ولا معنى لكون الشيء نجسًا غيره وهل يتنجسُ الطاهر إلا باختلاط النجَاسة، فأي اعتبار هذا. وقد يتعللُ بأن لعابَه لزجٌ فلا يستحيل بالسرعة. قلت: وخرج منه مناطٌ آخر غير ما ذكره أولًا، وهو الاستحالة وعدمها، فالحافظ رحمه الله تعالى مع جلالة قدرِه اضطرب كلامهُ في المناط، ولا أظن بالشريعة أن تنوطَ أحكام النجاسة والطهارة فيها على الاستحالة وغيرها، مما لا يُدرى إلا بعد الممارسة الطويلة، ولشرحها موضع آخر. قوله: (وممرها) ... إلخ وفي الكلب روايتان عن أبي حنيفة: في رواية أنه نجسُ العينِ، هو ما يكونُ نجسًا بجميع أجزائه ولا يُستثنى منه شيء. وفي المشهورة أنه نجسُ اللحم، فإن صلَّى حاملًا إياه في كمه، صحت صلاتُه إذا لم ير عليه أثر نجاسة. قيل: إنما كانت تُقْبِلُ وتدبر لأنه لم يكن للمسجد إذ ذاك باب. قلت: ويمكن ذلك مع وجود الأبواب أيضًا كما هو مشاهد في زماننا، وعند أبي داود: تبول أيضًا، وحينئذٍ أشكل. قوله: (قال الزهري) ... إلخ قال الحافظ رحمه الله تعالى: إن البخاري اختار مذهبَ مالك رحمه الله تعالى. وقال العيني رحمه الله تعالى: إنه اختار مذهبَ أبي حنيفة رحمه الله تعالى، وهو الأجه عندي. فإِنه لم يُفصح في ترجمته بما يدل على طهارة سؤر الكلاب، ولا أخرج حديثًا يكون دليلًا على ذلك، بل أخرج حديث الغَسْل سبعًا الذي يدل على كونه من أغلظ النجاسات. وأما أثر الزهري فلا دلالة فيه على طهارته عنده، بل رُوي عنه في «مصنَّف عبد الرزاق» الأمر بإراقة سؤرها. أما ما أخرجه البخاري فهو نظيرُ مسألتنا: أَنَّ المُصلي إذا لم يجد إلا ثوبًا نجسًا هل يُصَلي عُريانًا أو في ذلك الثوب. فكما أنها لا تدل على عدم نجاسة هذا الثوب عندنا، كذلك قول الزهري فيمن لم يكن عنده غيرُ هذا السؤر، لا يكون دليلًا على طهارته وهو ظاهر.

34 - باب إذا شرب الكلب فى إناء أحدكم فليغسله سبعا

وأمَّا أثر سفيان فأيضًا كذلك، ونظيرها ما عن محمد رحمه الله تعالى في النَّبيذ أنه يتوضأ منه ويتيمم، بل تردده يشعر بخلافه. والحاصل: أنه ليس في ترجمته شيء صريح يدل على طهارة سؤرِها عنده، فلا ينبغي لنا أن نعزو إليه هذه المسألة. 34 - باب إِذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِى إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا 172 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِى إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا». تحفة 13799 173 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ سَمِعْتُ أَبِى عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّ رَجُلًا رَأَى كَلْبًا يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَأَخَذَ الرَّجُلُ خُفَّهُ فَجَعَلَ يَغْرِفُ لَهُ بِهِ حَتَّى أَرْوَاهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ». أطرافه 2363، 2466، 6009 - تحفة 12825 174 - وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَتِ الْكِلاَبُ تَبُولُ وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِى الْمَسْجِدِ فِى زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. تحفة 6704 وإنما تردد نظر الشارحين في مختاره لأنه أخرج المادَّة للطرفين تحت باب واحدٍ، فالأول: يدل على النجاسة. والثاني: يمكن أن يستدلَ منه على طهارته وإن كان ضعيفًا. قلت: ولا حجة في قصة الإسرائيلي على الطهارة. أمَّا أولًا، فلأنه لم يذكر أنه سَقَاه من خُفِّه أو حَفَرَ حُفرة ثم سقاه منه، وكذلك ليس فيه أنه غَسَلَ الخفَّ أولًا. وسكوتُه هذا ليس سكوتًا في معرض البيان، لأنه بصدد ذكر القِصة فقط لا ببيان المسألة. والرواةُ إذا سردوا قصةً لا يقصدون إلا ذكرَها على ما كانت في الخارج ولا يتعرضون إلى تخاريج المسائل ولا يراعونها في عباراتهم ثم يجيء علماءُ المذاهب ويأخذون المسائل من تعبيراتهم. وهذا طريق ضعيفٌ جدًا فاحفظه فإِنه يُنجيك عن كثير من المضائق وستمر عليك نظائره في هذا الكتاب. قوله: (وقال أحمد بن شَبِيبٍ) ... إلخ وفيه لفظ مشكل وهو «تبول» كما مرَّ: ولعل البخاري تَرَكه عمدًا. وقد ثبت عندي أنه من عادة البخاري حذفُ الجملة المشكلة أو اللفظ المشكل ولا قلق فيه، فإِنَّه يعلم من موضعه. والحاصل: أن الشريعةَ لا تحكم بالنجاسة إلا بالمشاهدة الجزئية أو الإِخبار، فإِذا لم يكن هناك إِخبار ولا مشاهدة جُزئية، فاإنه لا تحكم بالنجاسة بمجردِ تطرقِ الأوهامِ وتوسوس الصدور. واعلم أن الشريعةَ لم تهدر الاحتمالات بالكلية وكذا لم تعتبرها بالكلية. والذي تبين لي أن تُقسَمَ على الأحوال فيعتبرُ مرة ويهدرُ أخرى. وإن كانت عامةُ عبارات فقهائنا تذهبُ إلى

التعميم فإِنهم قالوا: إن ما يُحمل إلينا من دار الحرب فإِنه طاهر مطلقًا (¬1). وعندي أن مطبوخات الهندوسيين كلها مكروهةٌ لغلبة الظن بنجاستها، كما قالوا في سؤر الدجاجة المُخَلاة. قوله: (فلم يكونوا يرشون شيئًا من ذلك) على الشافعية رحمهم الله تعالى. وهذا لا يردُ على الحنفية، فإِنهم قائلون بطهارة الأرض باليُبْس. وأبعد الخَطَّابي في تأويله بأنها كانت تبولُ خارجَ المسجد ثم تمر في المسجد. قلت: ما أظرفَ وأعقلَ هذه الكلاب فهلا قال: إنها كانت تستنجي أيضًا. ثم تجيء في المسجد واعلم أن ترك البولِ في أرض المسجد حتى اليُبس مستنكرٌ عندنا أيضًا فلم أرد به شرحَ الحديث من أن طهارةَ أرضِ المسجد عندهم كانت على هذا الطريق، بل أردت التعريضَ ليفهمَ الخصومُ أن الحنفية رحمهم الله تعالى أيضًا لهم مُسْكَةٌ في الباب. والوجه عندي أن غرضَ الراوي منه بيانُ عدم علمهم الخصوصي بمواضع أبوالها، مع حصول العلم الكلي وجنسه عندهم، فإِنها إذا كانت تُقبلُ وتدبر فأمكن أن تبول أيضًا فيقول: إنه لم يحدثْ من هذا الجنس في تطهير المسجد أمر جديد، بل عُدَّت طاهرة كما كانت قبل ذلك. والحكمُ بالنجاسة لا يمكن عندنا إلا بمشاهدة جُزْئية أو إخبار صحيح. وأما الظُّنْون فلا تغني عن الحق شيئًا. وبمثله نقول في حديث القُلتين وبئر بُضَاعة أيضًا، فإنه ليس هناك إلا عِلمٌ كليٌّ في مرتبة الجنس دون العلم الجزئي فاعلمه. ثم استدلَّ الشافعية على أنَّ الأرض لا تطهر إلا بالغسل بحديث بولِ الأعرابي في المسجد وإهْرَاق الدلو عليه كما أخرجه أبو داود. قلت: وهذا أيضًا سبيل آخر لتطهيرها عندنا وفيه نفع أيضًا، وهو إزالةُ الرائحة الكريهة، والتطهير على الفور. مع ورودِ التصريح بحفرِ هذا الموضع أيضًا، كما هو عند أبي داود، فكأنه اكتفى بإسالة الدلو في الحالة الراهنة ليطهر سطحها وأمرَ بعده بحفرها تطهيرًا لباطنها. وكيف ما كان مسألة طهارة الأرض باليُبس مستقيمة على كل حال. 175 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ ابْنِ أَبِى السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ فَقَتَلَ فَكُلْ، وَإِذَا أَكَلَ فَلاَ تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا أَمْسَكَهُ عَلَى نَفْسِهِ». قُلْتُ أُرْسِلُ كَلْبِى فَأَجِدُ مَعَهُ كَلْبًا آخَرَ قَالَ «فَلاَ تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ، وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى كَلْبٍ آخَرَ». أطرافه 2054، 5475، 5476، 5477، 5483، 5484، 5485، 5486، 5487، 7397 - تحفة 9863 - 55/ 1 175 - قوله: (إذا أرسلت) ... إلخ واتفقوا على أنَّه إن قَتَلَ خنقًا لا يكون حلالًا، بل يكون ميتة، فلا بد من الجرح. وشَرَطَ بعضُهم الإِدماء أيضًا. ¬

_ (¬1) قلت: وأخرج الترمذي عن أبي ثعلبة الخشني يقول أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب نأكل في آنيتهم؟ قال إن وجدتم غير آنيتهم فلا تأكلوا فيها فإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها اهـ هذا حديث حسن صحيح ويعارضه ما عنده عن هلب قال سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن طعام النصارى فقال لا يختلجن في صدرك طعام ضارعت فيه النصرانية اهـ هذا حديث حسن.

35 - باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين: من القبل والدبر؛ لقوله تعالى: {أو جاء أحد منكم من الغائط} [المائدة: 6]

قوله: (فإِنما أَمْسَكَهُ) ... إلخ وفيه إشارة إلى أن الكلب بعد فَنَائه في رضاءِ مولاه يصيرُ آلةً له، ولا يبقى له حكمة بل يصير كالمُدْيَة. قلت: فما ظنُّك بالعبد الذي انتصب لمعاداةِ مولاه في اتباعِ هَوَاه، فمثله كَمَثَل الكلب أو أسوأ منه، فالكلبُ بعد طاعة مالكه صار في حُكْم المالك، والمالكُ بمعصية مولاه صار أسوأ من الكلب. ووجه الاستدلال منه على طهارته: أنه لم يأمره بغسل لعابه ولو كان نجسًا لأمر به، فدلَّ على أنه طاهر. قلت: التمسكُ بالمبهمات بعد ورودِ الأحاديث المصرحة في الباب بعيدٌ جدًا على أنَّه استدلال بالمسكوت، وهو في غاية الضَّعف، فإِنَّه كما لم يأمر بغسل لعابه لم يأمر بغسل الدم الذي خَرَجَ من جرحه، ولا أمر بإِخراج النجاسات التي في بطنه، فمن ذهب إلى طهارتها؟ وإنما لم يتعرَّض إلى الغسل لأنه معروفٌ في الصيد فاستغنى عن ذكره. ومُحَصِّل الكلام: أنه لا يُظن بمثلِ المصنِّف رحمه الله تعالى أن يكونَ ذهب إلى طهارته مع وُرودِ القطعياتِ الدالة على النجاسة في الباب، وغايتُه أن يكونَ فوض الأمر إلى النَّاظر، ولذا أخرج الأحاديث للطَّرفين، وهذ أيضًا من دأبِهِ فإِنَّه إذ يرى قوةً في الجانبين يذكر الحديثَ للطرفين ولا يجزم بأحد الجانبين والله تعالى أعلم. 35 - باب مَنْ لَمْ يَرَ الْوُضُوءَ إِلاَّ مِنَ الْمَخْرَجَيْنِ: مِنَ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ؛ لقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة: 6] وَقَالَ عَطَاءٌ فِيمَنْ يَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ الدُّودُ أَوْ مِنْ ذَكَرِهِ نَحْوُ الْقَمْلَةِ يُعِيدُ الْوُضُوءَ. وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِذَا ضَحِكَ فِى الصَّلاَةِ أَعَادَ الصَّلاَةَ، وَلَمْ يُعِدِ الْوُضُوءَ. وَقَالَ الْحَسَنُ إِنْ أَخَذَ مِنْ شَعَرِهِ وَأَظْفَارِهِ أَوْ خَلَعَ خُفَّيْهِ فَلاَ وُضُوءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لاَ وُضُوءَ إِلاَّ مِنْ حَدَثٍ. وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ فِى غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَرُمِىَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ، فَنَزَفَهُ الدَّمُ فَرَكَعَ وَسَجَدَ، وَمَضَى فِى صَلاَتِهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ مَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ يُصَلُّونَ فِى جِرَاحَاتِهِمْ. وَقَالَ طَاوُسٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِىٍّ وَعَطَاءٌ وَأَهْلُ الْحِجَازِ لَيْسَ فِى الدَّمِ وُضُوءٌ. وَعَصَرَ ابْنُ عُمَرَ بَثْرَةً فَخَرَجَ مِنْهَا الدَّمُ، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. وَبَزَقَ ابْنُ أَبِى أَوْفَى دَمًا فَمَضَى فِى صَلاَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ فِيمَنْ يَحْتَجِمُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلاَّ غَسْلُ مَحَاجِمِهِ. 176 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَزَالُ الْعَبْدُ فِى صَلاَةٍ مَا كَانَ فِى الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ، مَا لَمْ يُحْدِثْ». فَقَالَ رَجُلٌ أَعْجَمِىٌّ مَا الْحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ الصَّوْتُ. يَعْنِى الضَّرْطَةَ. أطرافه 445، 477، 647، 648، 659، 2119، 3229، 4717 - تحفة 13026 177 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا». طرفاه 137، 2056 - تحفة 5299

شَرَعَ في النواقض ووافق فيها أبا حنيفة رحمه الله تعالى في مسِّ الذكر والمرأة ولم يَرَ بهما وضوءًا. ووافق الشافعي رحمه الله تعالى في الخارج من غير السبيلين فلم يره ناقضًا. ثم أَخَرَج آثارًا عديدةً ولا علينا أن لا نلتفتَ إلى جوابها، لأن جوابَ الآثارِ أن يُؤتى بآثار أخرى تعارضها ولكنَّا نُجيبُ بخصوصها إن شاء الله تعالى. فلنتكلم أوّلًا على آية الوضوء يسيرًا ثم لنعرَّج إلى جواب الآثار. فاعلم أنه يشكلُ على تكرارِ الآية الواحدة كآية الوضوء في المائدة والنساء، فإِنَّه لا فرقَ بينهما إلا بلفظ منه في المائدة. ولا أجد التكرار مثله في باب الأحكام. نعم، قد يوجدُ في القصص لمقاصد ومعاني ذكرها المفسرون، مع أنه راعى فيها التفنن أيضًا. والذي تحصل لي في دَفْعِه: أن آية المائدة إنما نزلت لتعليم الوضوء عند القيام إلى الصلاة، كما مرَّ أنَّ المطلوبَ في شريعتنا هو الوضوءُ لكل صلاة وإن كان فرضًا بعد الحدث، وللتيمم عند فَقْدِ الماء. وآيةُ النساء نزلت لتعليم التيمم من الجنابة عند فَقْدِ الماء. ثم لمَّا كان التيمم من الحدث الأصغر والأكبر سواءٌ، جاء الاشتراكُ فب بعض الأشياء، وإلا فالآية الأولى سِيْقت لبيان حكم الحدثِ الأصغر، والثانية لبيان الحدث الأكبر، وانجرَّ في ذيلهما ذكر بعض أشياء تبعًا، وحينئذ لم يبق في التكرار قلق. وسيأتي بعض الكلام في باب التيمم. ثم اعلم أنَّ الآية عند الشافعي رحمه الله تعالى أقامت أصلين في النواقض: الأول: الخارج من السبيلين، وهو المُشار إليه بقوله: {أو جاء أحدٌ من الغَائِط} [المائدة: 6] فنقَّح مناطه وقال: إنه الخروج من السبيلين. والثاني: مسُّ المرأة وأَلحقَ به مسَّ الذكر أيضًا لكونهما من باب الشهوة. وعند الحنفية المراد من المُلامسة هو الجماع، كما ذَهَب إليه ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وعلي رضي الله تعالى عنه وغيرهما، واختَارَه البخاري وصرَّح به في التفسير، ولذا لم يُوجب من مسِّ المرأة والذكر وضوءًا. فالأصلُ عندنا واحدٌ، فإِنَّا فتشنا المناط في قوله: {أو جَاءَ منْكم أحدٌ من الغَائِطِ} فوجدنا المعنى المؤثرَ فيه خروجُ النَّجَاسة، ولم نجدْ للسبيلين أو غيرهما تأثيرًا. وإذا علمنا أنَّه المؤثرُ في زوال الطهارة أدرنا الحكمَ عليه. وقلنا: إن الخارجَ النجسَ ناقضٌ مطلقًا. وبالجملة حمل الشافعي رحمه الله تعالى الملامسةَ على مسِّ المرأة، فَكَان المسُّ عنده ناقضًا بالنص وأَلحقَ مسَّ الذكر من الحدث. ونحن جعلنا الخارجَ من السبيلين ناقضًا بالنص وألحقنا به الخارجَ من غير السبيلين بالحديث. غير أنَّ الثاني أخف عندي بالنسبة إلى النوع الأول وإن لم يصرح به فقهاؤنا. وذلك لما ثبت عندي اختلاف المراتب تحت شيء واحد وسنقرره عن قريب. ومذهب الحنفية قوي. إنْ شاء الله تعالى - دِرَاية، ورواية. ويشهد له ما أخرج الترمذيُّ من حديث نقض الوضوء من القيء وسكت عليه، وصححه ابن مَنْده الأصْبَهاني، وأوَّله الشافعي رحمه الله تعالى وقال: إن المرادَ من الوضوء غَسْل الفم، وهو كما ترى. ثم قال الترمذي: وقد

رأى غير واحدٍ من أهلِ العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم وغيرهم من التابعين الوضوءَ من القيء والرُّعَاف، وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق. وقال بعض أهل العلم: ليس في القيء والرُّعاف وضوء، وهو قول مالك والشافعي رحمهما الله تعالى انتهى. وقال الخَطَّابي في «معالم السنن»: قال أكثر الفقهاء: سيلان الدم من غير السبيلين ينقض الوضوء. وهذا أحوط المذهبين وبه أقول اهـ. فعُلِم أن مذهبَ الحنفية هو ما اختاره أكثر أصحابه صلى الله عليه وسلّم ولا حاجة لنا بعد ذلك إلى تَجَشُّم استدلال. ولكِنَّا نقول: إنَّ لنا ما أخرجه الحافظ الزَّيْلَعي من «كامل بن عَدي»: «الوضوء من كل دم سائل». إلا أن في النسخة سهوًا من الكاتب فكتب: محمد بن سليمان وهو غير معروف، وبعد التصحيح هو: عمر بن سليمان وقد حررته في محله. وفيه أحمد بن الفرج وقد أخرج عنه أبو عَوَانة في «صحيحه» فصار الحديث قويًا. وكذلك حديث آخر في البناء رواه ابن ماجه والدارقطني: «من أصابه قيء أو رُعَاف أو مَذْي فلينصرف وليتوضأ، ثم لْيبْنِ على صلاته» ... إلخ والأصحُّ عندي أنه مرسل وإن تعقب عليه المارديني، ومالَ إلى رفْعِهِ، وفي التخريج للزيلعي أنَّه صحيح، ولعلَّه سهو من الكاتب، لأنَّ نسخته مملوءة من الأغلاط، فكان في الأصل غير صحيح فحرَّفه، لأن الأصح هو الإِرسال. والمرسلُ حجةٌ عند الأكثر سيما إذا التحق به فتاوى الصحابة رضي الله تعالى عنهم، كما في الزُّرْقَانِي وظَهَر به العمل. ثم الأظهر عندي: أَنْ يُرادَ من الملامسة المباشرةُ الفاحشة، فيدخلُ فيها الجماع، بل لفظ الملامسةِ أصدقُ على المباشرة مما قالوه. وحينئذٍ صارت الملامسةُ أيضًا أصلًا مستقلًا، كالخروج من السبيلين، فإِن الغُسْل بالجماع لا ينوط بالإنزال، فلا يقال: إن الجماع ليس أصلًا مستقلًا، بل هو داخلٌ تحت الخارج من السبيلين. وعلى هذا التقرير لا يردُ ما أورده الشيخ ابن الهُمَام على مذهب الشيخين: أنهما قالا: إنَّ المباشرةَ الفاحشة ناقضة مطلقًا، سواء خرج منه شيءٌ أو لا، وعللوه أنَّ المباشرة الفاحشة لمَّا لم تخلُ عن خُروج شيء في غالب الأحوال أُقيم غلبة الظنِّ فيها مُقَام خروجه، فقال الشيخ رحمه الله تعالى: إنَّ هذا الاعتبار إنَّما يناسب فيما لا يمكنُ إليه النَّظر بالحس، وههنا أمكن تحقيقهُ بالمشاهدة، فينبغي أن يُدارَ الحكمُ على حقيقة الخروج كما ذهب إليه محمد رحمه الله تعالى. قلت: والراجح عندي مذهب الشيخين، لأن نقضَ الوضوء من المباشرة الفاحشة ليس لِمَا فَهموه، فإنه يرجعُ حينئذ إلى الأصل الأول، بل هي داخلة عندي تحت الأصل الثاني، فهي من جُزْئيات المُلامَسَة. ثم اعلم أني أردتُ من المُلامَسة: الجماعَ، والمباشرةَ، الفاحشة كليهما، على طريقِ إِطلاقِ الشيء وإرادة بعض ما صدقاته وبعضُ مراتبه. فالجماعُ من أعلى مراتبه، والمباشرةُ من أدناه وأخذُ جميع المراتب غير لازم، ليقال: إِنَّه يلزم عليه كونُ مس المرأة أيضًا ناقضًا، لأنَّ

الشافعية أيضًا لم يأخذوا بجميع مراتبها، وقيدوها بباطنِ الكفِّ وبكونها بدون حائل. وهذا بابٌ غَفَلَ عنه النَّاس، فإن الشريعةَ تَرِدُ بشيء وتبقى مراتبُها تحت مراحل الاجتهاد، ألا ترى إلى قوله تعالى: {فَاعْتَزِلُواْ النّسَآء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] فمن أخذَه بجميع مراتبه، ومن ذهب إلى وجوبِ الاعتزال وحُرْمة القربان مطلقًا، ولكنهم أقاموا فيه المراتب. فقال قائل: إنَّ المراد منه أدنى مرتَبةُ الاعتزال، وهو الاعتزال عن موضع الطَّمْث. وقال آخر: بل هو فوقه، فأراد من السُّرة إلى الركبة، وللغفلة على هذا اضطروا إلى التأويلات في كثير من المواضع، كقوله: «المؤمنُ لا يَنْجَس»، «وإن الماء الطهور لا يُنَجِّسُه شيء» ولو تركوا المراتبَ على الاجتهاد لَمَا احتاجُوا إليه، فسلبُ النجاسة عنه في مرتبة دون مرتبة، وهو معنى قول الطحاوي: أي كما زعمتم، أي ليست نجاستُه بهذه المثابة، وهذه المرتبة. وهكذا أقول في مسألة الإستدبار والإستقبال تكلموا عليه من الجانبين وأطالوا الكلامَ، وحقيقة الأمر أن الشريعةَ لم ترد فيها بمراتب النهي، فالمطلوب أن لا يتوجه الإِنسان إلى القبلة عند الغائط أما أنَّ أي مرتبة من التَّوقِّي مطلوبٌ فلم يتعرَّض إليه الشارع وتركه تحت الاجتهاد. وهكذا لا تردُ الشريعة إلا بالأمرِ والنهي، ولا تُعَرِّج إلى مراتبه أصلًا، بل يقول تحت الاجتهاد. فيجيء أحدٌ من الأئمة ويقول: إنه واجبٌ، ويقول آخر: إِنه مستحب، وكذا يقول هذا: إنه حرام، ويقول هذا: إنه ليس بحرام. ووجه الاختلاف ما نبَّهناك عليه، فإِذا لم تَرِد مراتبُ الشيء مصرحة من جهة الشرع لا بد لهم أن يختلفوا فيه. ومن ههنا عُلِم ضرُورَة الاجتهاد، فإِنه لولاه لما علمنا مَرَاتب الشيء، ولا أدركنا غَرَضَ الشارع، فإِن الشارع إذا تركه ولن يعرج إليه، فإِذن ليس من يُنبِّهنا إلا المجتهد. ولعلك ما دريتَ فِقهه بهذا القَدْر من البيان، وتحتاجُ إلى مزيد التِّبْيان. واعلم أنَّ هناك وظيفتان: الأولى: وظيفةُ الواعظِ المذكِّر، فإِنَّه يحرِّض على العمل ويرغِّب إليه، فيختار من التعبيرات ما يكون أدعى لها، ولا يلتفتُ إلى تحقيق المسألة واستيفاءِ شَرَائطها وموانعها، بل يرسل الكلام، فَيَعدُ ويُوْعِد، ويرغِّب ويرهِّب مطلقًا، ويأمر وينهى، ولا يلتفت إلى مزيد التفاصيل. والثانية: وظيفةُ المعلم والفقِيه، وهو يريدُ تلقينَ العلم وبيان المسألة. إما العمل بها فبمعزلٍ عن نظره، فيحقق البيانَ ويدقق الكلام ويستوفي الشروطَ ويختارُ من التعبيرات ما لا يكونُ مُوَهِمًا بخلاف المقصود، بل يكون أدلَّ عليه وأقربَ إليه، فلا يرسل الكلام بل يذكرُه بشرائطه ويَعِدُ ويُوْعِد ويرغِّب ويرهِّب بشرائطه. فهاتان وظيفتان ومنصب الشارع منصبُ المُذَكِّر قال الله تعالى: {إنما أنت مُذَكِّر (21) لست عليهم بِمُصيْطِرٍ (22)} [الغاشية: 21، 22] وليس له منصبُ المعلم فقط، فهو مذكِّرٌ ومعلمٌ

معًا، فوجب أن يعبِّر بما هو أدعى للعمل، وأبعد عمَّا يوجب الكسل. وهذا هو التعليم الفطري، فإِن أكثر تعليماته صلى الله عليه وسلّم مستفادٌ من عَمَلِهِ، فما أمر به الناسَ عمل به أولًا، ثم تعلم منه الناس. ولذا لم يحتاجوا إلى التعليم والتعلم. ولو كان طريقُه كما في زماننا لما شاع الدِّين إلى الأبد ولكنه عَلَّمَ الناس بعمله، ثم إذا قال لهم أمرًا اختار فيه الطريقَ الفطري أيضًا: وهو الأمر بالمطلوب والنَّهي عن المكروه ولم يبحث عن مراتبه. قال الله تعالى: {وَمَآ ءاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ} [الحشر: 7] فهذا هو السبيل الأقوم. أما البحث عن المراتبِ فهو طريقٌ مستحدَثٌ، سلكَه العلماء لفسادِ الزمان. وأما الصحابة رضي الله عنهم فإنَّهم إذا أمروا بشيء أخذوه بجميع مراتبه، وإذا نُهُوا عنه تركوه بالكلية، فلم تكن لهم حاجة إلى البحث. ولو كان الشارعُ تعرَّض إلى المراتب لفاته منصبُ المذكِّر، ولانعدمَ العمل، فإِنه إذا جاء البحثُ والجدلُ بَطَل العمل. مثلًا لو قال تعالى: فاعتزلوا النساء عن موضع الطَّمْث ولا تقربوه فقطه واستمتعوا بسائر الأعضاء، لربما وقع الناس في الحرام، لأنَّ مَنْ يَرتعُ حول الحِمى يُوشكُ أن يقع فيه، وإنَّما أخذَ الاعتزال في التعبير ليكون أسهلَ له في العمل، ولا يقعوا في المعصية. وكذلك إذا أحب أمرًا، أمر له مطلقًا، ليأتمر به النَّاس بجميع مراتبه، ويقع في حيز مرضاه الله تعالى مثلًا، قال: من ترك الصلاة فقد كَفَرَ، ولم يقل فَعَلَ فِعْلَ الكفر، أو مُستحِلًا، أو قارب الكفر، مع أنه كان أسهلَ في بادىء النظر، لأنه لو قال كذلك لفات غرضُه من التشديد ولانعدم العمل، ولذا كان السلف يكرهون تأويله. فالحاصل: أنه إذا يأمرنا بشيء فكأنه يريدُ العملَ به بأقصى ما يمكنُ، بحيث لا تبقى مرتبةٌ من مراتبه متروكةً، وكذلك في جانب النهي، ولذا كان يقول عند البيعة: «فيما استطعتم» فبذل الجُهد والاستطاعة لا يكون إلا إذا أجملَ الكلام وإذا فصَّل يحدثُ التهاون كما هو مشاهد في عمل العوامّ وعامة العلماء. أما الذين لهم وَجَاهةٌ عند الله، وقَبُولٌ في جَنَابِهِ، فهمُ الذين لا تُلْهِيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله. فإِن كنتَ هينًا لينًا تستطيعُ أَنْ تقبلَ ما ألقينا عليك من هذا التحقيق، فاعلم أنَّ القرآن أخذَ الملامسة في العُنوان، وهي تتناولُ مسَّ المرأة أيضًا. لكنَّه لما كان في أدنى مرتبة منه حكمنا باستحباب الوضوء منه، ولم نقل بالوجوب، بخلاف المُبَاشرة الفاحشة فإِنها أشد، فقلنا بإِيجاب الوضوء منها، وبخلاف الجماع فإِنَّه أشدُّ من الكل فقلنا بإِيجاب الغُسْل. والحاصل: أن إرادة المس باليد في مرتبةٍ تناول اللفظ، وإرادة المباشرة في مرتبة الغرض، يعني أن اللفظَ وإن كان يتناولُ المسَّ باليد أيضًا إلا أن الغَرَض منه هو الجماع والمباشرة، التي هي عبارةٌ من تماسِّ الفرجين. ولمَّا لم يكن المسُّ مرادًا - وإن كان متناولات اللفظ - حكمنا بكونه ناقضًا في أدنى مرتبة، وأوجبنا الوضوءَ منه على خواصِّ الأمة، ومثله قلنا في لحوم الإِبل وما مسَّت النار. وعلى هذا فقد عملنا بالآية بجميع مراتبها. نعم،

فرقنا في حكمها بالشدة والضَّعف، ويمكن أن يدخلَ في جُزْئيات المباشرة ما كان عليه العمل في ابتداء الإِسلام، أعني: الماء من الماء. ثم اعلم: أنَّ الشريعةَ قد تدل على هذه المراتب بصنيعها ولا تفصحُ عنها، ولكنَّها تُفهمها بعرض الكلام وأطرافه، ومن جهة القرائن، فتنهى عن شيء ثم قد تردُ بفعله تارةً، فيحدثُ التعارض في بادىء النظر. والوجه أنه يريد أن لا يترتكبه الناسُ ويجتنبوا عنه، ومع ذلك يريدُ بيان المسألة والجواز، فيرد بالفعل تارةً ليُعْلَم جوازه. وهذا كالاستدبارِ نهى عنه الشرعُ كما نهى عن الاستقبال. ثم رُوي عنه الاستدبار عن ابن عمر رضي الله عنه كما فهمه الشافعية. وهذا ليُعلَم أن كراهيةَ الاستدبار دون كراهية الاستقبال، مع أن المطلوبَ التجنب عنهما، إلا أن الاستدبارِ متحملٌ في بعض الأحوال. ونظائرهُ كثيرةٌ وسنعود إلى إيضاحه في باب ما يستر من العورة بأبسط من هذا. وبعد هذا التحقيق لم يبق تكرار في قوله: {جُنُبًا} وقوله: {لَامَسْتُمُ} على أنَّ ذكر الجَنَابة والسُّكر في صدر الآية لكونهما منافيين للصلاة، ثم ذكر حُكمَ الاغتسال، ثم كرر: {لَمَسْتُمُ} لبيان التيمم، فاندفع إشكال الطبري. قال ابن الهُمَام: وإنَّما ناسب حملُ اللمس على معنى الجماع ليكونَ بيانًا لحكم الحدثين عند عدم الماء، كما بيَّن حكمهما عند وجوده. فإِن قلت: فما تقول في القهقهة فإِنه ليس داخلًا في الأصلين مع أنكم قلتم بوجوب الوضوء منه. قلت: التحقيق عندي أن إيجابَ الوضوءِ منه ليس لكونه ناقضًا بل تعزيرًا كما في «البحر»: أنَّ في الوضوء من القهقهة قولان: الأول أنه تعزيرٌ فقط. وفرّع عليه أنه لو قهقهه رجلٌ في الصَّلاة فوضوءُه باطل في حق الصَّلاة فقط، على أنَّه صح فيه مرسلُ أبي العالية عند الدارقطني وإن وَصَلَهُ الثقات، إلا أن الوجدان لا يحكمُ بوصله، فيمكنُ أن يكونَ وَهَمًا. واختاره الأوزاعي أيضًا. ومن ههنا اندفع إيرادُ الزيادة على الكتاب بالخبر، فإِنّ القهقهة ليست داخلة في شيء من الأصلين اللذين ذكرهما النَّص في باب النواقض. فإِن قلت: إنه لا مناسبةَ بين المرضِ والسفر، والإِتيان من الغائط واللمس، فإِن الأوَّلين من الحالات التي يتعسرُ فيها القدرةُ على الماء، والأخيران من النواقض، فكيف ناسبَ عدهما في سياق واحد؟ قلت: وإنما حَسُن سردُها في سياق واحد لدخولها كلها في حُكْم التيمم، فإِن قوله: {فَلَمْ تَجِدُواْ مَآء} [المائدة: 6] يشمل الكلَّ، سواء كان مريضًا أو مسافرًا أو آتيًا من الغائط أو جنبًا، فإِن هؤلاءكلهم إذا لم يَقْدِروا على الماء لفَقْدِه أو لعدم القدرة على استعماله، فإِنَّهم يتيممون على أنه جَمَعَ العذرين والناقضين، فكأن جمع هذا وهذا وهو لطيف. (قال عطاء) كذا المسألةُ عندنا. وقال جابر رضي الله عنه: «إذا ضَحِكَ في الصَّلاة أعاد الصلاة ولم يعد الوضوء». قلت: وعنه عند الدارقطني: «من ضَحِكَ منكم في صلاتِهِ فليتوضأ وليُعد الصَّلاة» وتكلَّمَ عليه الدارقطني، على أن الوضوءَ عندنا في القهقهة فقط. والحق أنَّ جابرًا لا يوافقنا.

قوله: (وقال الحسن) وكذلك المسألة عندنا، إلا أنَّه إذا نَزَع خُفية يغسل رجليه فقط، ولا يعيد الوضوء. قوله: (وقال أبو هريرة): قلت: وعنه في تفسير الحديث أنَّه (¬1) ... البخاري فيخالف البخاري أيضًا، لأنه أخصُّ من الخارج من السبيلين أيضًا، فإِذن هو نحو تعبير فقط. (ويذكر عن جابر رضي الله تعالى عنه) ... إلخ وأخرجه أبو داود وإنما عبَّر عنه بالتمريض لأنَّ في إسناده عبد الله بن محمد بن عَقيل. وحسَّنَ بعضُهم حديثَه وهو الراجح عندي. قال الترمذي: وعبد الله بن محمد بن عَقيل هو صدوق، وقد تَكَلَّم فيه بعض أهل العلم من قِبَل حفظه وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم والحُميدي يحتجون بحديث عبد الله بن محمد بن عَقيل. قال محمد (يعني البخاري) وهو مُقارِبُ الحديث. قلت: والاستدلال منه غير تام، لأنَّه لم يَعلم أنَّه هل بَلَغَ خبرُه إلى النبي صلى الله عليه وسلّم أم لا؟ ثم إن الدم نجس بالاتفاق، فكيف مضى في صلاته مع وجود الدم النجس. قال الخَطَّابي في باب الوضوء من الدم في قصة رجلين كان النبي صلى الله عليه وسلّم بعثهما للحراسة على فم الشِّعب. وقول الشافعي رحمه الله تعالى قويٌّ في القياس، ومذاهبهم أقوى في الاتباع. ولست أدري كيف يصح هذا الاستدلال من الخبر والدم إذا سالَ أصاب بدنَه وجلدَه، وربما أصاب ثيابه، ومع إصابته شيء من ذلك - وإن كان يسيرًا - لا تصح الصَّلاة عند الشافعي رحمه الله تعالى، إلا أن يقال: إن الدمَ كان يخرجُ من الجِراحَة على سبيل الذوق، حتى لا يصيبُ شيئًا من ظاهر بدنه، ولئن كان كذلك فهو أمر عجب. والوجه عندي أنه كان إبقاءً رجاءً للرحمة، فإنَّ الشهيد يجيءُ يوم القيامة واللونُ لون الدم والريحُ ريحُ المسك، فهذا من باب المناقب كالموت في السجدة. وكما في البخاري في قِصة شهادة القرَّاء، حيث استشهد رجلٌ من أصحابه صلى الله عليه وسلّم فخرجَ منه الدمُ فأخذ من دمِهِ وجعل يمسَحَه على وجهه ويقول: فُزت ورب الكعبة. ولم يبحث هناكَ أحدٌ أنَّ مسحَ الدم على الوجه كيف هو. وكقوله في رجل مات في إحرامه: «لا تخمِّرُوا رأسَه .... فإِنَّه يُبعث يوم القيامة مُلبيًا» فإنَّه من باب البِشارة. وحملَه الخصومُ على الحكم الفقهي وليس بجيد وسنقرِرُه في موضعه إن شاء الله تعالى. قوله: (وقال الحسن) ... إلخ أي البصري ويمكنُ أن يُحمل على مسألة المعذورِ عندنا وهذه المسألةُ ذكرها الكبير أحسن من الكل. ثم إنهم ذكروا مسألة ابتداء العُذر، أي متى يصير معذورًا وهو بإحاطة الوقت، ومسألة بقائه وهو بظهوره مرة في وقت الصَّلاة، ولم يتعرضوا إلى أنَّه ماذًا يفعل في ابتداءِ عُذْرِه، فهل ينتظر إلى أَنْ يمضي الوقت فيتبين أنَّه كان معذورًا أولا، ثم يُصلي ويقضي ما فاته، أو يتوضأ ويصليِّ قبل التَّبيُّنِ ولم أرها إلا في «القنية» وفيها: أنَّه يتوضأ ويصلِّي مع عُذْرِهِ، فإِنْ أحاط عذرُه بالوقتِ صحت صلاته وإلا فيُعِيدُها. ¬

_ (¬1) سقطت ههنا من الضبط كلمات ففات الغرض من الحوالة (المصحح).

قوله: (قال طاوس) ... إلخ ولعلَّهَ دمُ المعذورُ، أو دم غيرُ سائلٍ، كما قال الحسن على ما عند ابن أبي شيبة بإِسناد صحيح: «أنه كان لا يرى الوضوء من الدم، إلا إذا كان سائلًا». قوله: (وعَصَر ابن عمر) .. إلخ وليس فيه أنَّه خَرَجَ إلى موضعٍ يلحقه حكم التطهير أم لا؟ مع أنَّه فرَّق بين الخارج والمُخرَج كما في «الهداية». قوله: (وبزق ابن أبي أَوْفَى دمًا) ... إلخ، وهكذا عندنا إذا لم يكن الدم غالبًا على البُزَاق. قوله: (وقال ابن عمر رضي الله عنه) قلت: وليس فيه أنَّه في أحكام النجاسة أو الصلاة، لأنَّكَ قد عَلِمتَ أن الأحسنَ عند الشرع هو إزالة النجاسة على الفور دون التَّلطُّخ بِها. فالوضوء من المَذْي، والمضمضةُ من اللبن، وكذلك غَسل المَحَاجم كلها ليس من أحكام الصلاة عندي، بل المقصود منها الإتيان بها على الفور. وقد تحقق عند أن التلطُّخَ بالنجاسات يوجِبُ نقصًا في العبادات في نظر صاحب الشرع، فقال صلى الله عليه وسلّم «أفطر الحاجِمُ والمحجوم» لهذا النقيصة والوضوء من الرُّعَاف والقيء، وترك الصيام للحائضة كلها لهذا المعنى، والله تعالى أعلم. وسنقرره في الصيام. 178 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُنْذِرٍ أَبِى يَعْلَى الثَّوْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ قَالَ عَلِىٌّ كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ «فِيهِ الْوُضُوءُ». وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ. طرفاه 132، 269 - تحفة 10264 - 56/ 1 178 - قوله: (حدثنا قُتيبة) ... إلخ وفيه الوضوء فهو من أحكام المَذْي عندي، فيستحب له أن يَغْسِلَ ذَكَرَه عقيبه. ولمَّا كان أكثر أحكام الفقه يتعلق بالحلال والحرام، خفي ذكرُ هذه الآداب، واقتَصرَت هذه الأبواب كلها على وقت الصلاة. ولعل الوجه فيه أن المنيَّ لمَّا كان من الشهوة القوية أوجب منه الغُسْل، وهذا من الشهوة الضعيفةِ فأوجبَ فيه الوضوءَ وغَسْل المذاكير فقط. وما ذكره الطحاوي: أنَّه كان للعلاج، لم يرد به العلاج الطبي، بل دَفُع تذرِيقهِ في الحالة الراهنة، كما في الجديث من الغسل والجلوس في المِرْكن للمستحاضة، فإِنه أيضًا مؤثرٌ في تقليل الدم. وهذا يَدُلك ثانيًا على أن تقليلَ النجاسة وعدم التلطخ بها مطلوبٌ في حدّ ذاته. 179 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنْ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ - رضى الله عنه - قُلْتُ أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ فَلَمْ يُمْنِ قَالَ عُثْمَانُ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ، وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ. قَالَ عُثْمَانُ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيًّا، وَالزُّبَيْرَ، وَطَلْحَةَ، وَأُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ - رضى الله عنهم - فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ. طرفه 292 - تحفة 9801، 10098، 3621 ل، 4997 ل، 3477 179 - قوله: (حدثنا سعد) ... إلخ أقول: والإِجماع منعقدٌ على إيجاب الغُسل بمجاوزة

36 - باب الرجل يوضئ صاحبه

الخِتَانين، فلعل مراد عثمان أنه يتوضأ في الحالة الرَّاهنة ليتخفَّفَ أثرُ الجنابة، ولا يريدُ به نفيَ الغُسْل رأسًا فإنَّه ضروري. وإنما تعرَّض إلى أمر زائد. كيف وقد صحَّ عنه فتوى الغُسْل. ويمكن أن يُحمل على زمانٍ لم يكُن حَصَلَ عليه الإِجماعُ، حتى إذا جَمَعَ عمرُ رضي الله عنه الناس وأعلنَ أنه من يعملُ بعده بحديث: «الماء من الماء» يُعَزِّرْه، فلا يُمكِن أن يقولَ به. ولذا قال الترمذي بعد إخراج حديث الجمهور: وهو قول أكثرِ أهلِ العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم وعدّ منهم عثمان رضي الله عنه أيضًا، على أن أحمد رحمه الله تعالى كان يعلله، كما في «الفتح». قوله: (كما يتوضأ للصَّلاة) وهذا يُشير إلى أنَّ للوضوء أقسامًا في ذهن الراوي، ولذا قيَّده وقد ثبت نحو من الوضوء عند الطحاوي عن ابن عمر رضي الله عنهما: وهو وضوءُ مَنْ لم يحدث. وعند مسلم في حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلّم للنَّوم. وهو أيضًا ليس بوضوءٍ تامٍ. وإذا ثبتت أقسامٌ في الوضوء فلا بُعْد أن يكون النبي صلى الله عليه وسلّم التزم لنفسه نوعًا منه لردِّ السلام أيضًا، كما في قصة مهاجر بن قُنْفُذ: «إني كرهت أن أذكر الله إلا على طُهْر» والكلام فيه طويل. وسَيجيء مفصلًا إن شاء الله تعالى. 180 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ ذَكْوَانَ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَجَاءَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَعَلَّنَا أَعْجَلْنَاكَ». فَقَالَ نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أُعْجِلْتَ أَوْ قُحِطْتَ، فَعَلَيْكَ الْوُضُوءُ». تَابَعَهُ وَهْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَلَمْ يَقُلْ غُنْدَرٌ وَيَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ الْوُضُوءُ. تحفة 3999 180 - قوله: (أعجلت) "تعجيل هو كئى تجهير". قوله: (قحطت) من القحط صلى الله عليه وسلّم ني نه نكلا وهو مفصلٌ عند مسلم: وهو دليلٌ صريحٌ على أنَّ قوله: «الماء من الماء» كان في اليقظة لا في النوم، كما عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه في الاحتلام. وقد مرَّ منَّا تأويله في المقدمة. 36 - باب الرَّجُلِ يُوَضِّئُ صَاحِبَهُ 181 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ عَدَلَ إِلَى الشِّعْبِ، فَقَضَى حَاجَتَهُ. قَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَجَعَلْتُ أَصُبُّ عَلَيْهِ وَيَتَوَضَّأُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُصَلِّى فَقَالَ «الْمُصَلَّى أَمَامَكَ». أطرافه 139، 1667، 1669، 1672 - تحفة 115 يعني هل يجوز الاستمداد في الوضوء؟ فأجاز الحنفية الصبَّ ومثله دون الدَّلك، فهذا أيضًا من باب إقامة المراتب، فأجازوا بعضها ومنَعوا عن بعضها. ثمَّ إن النبي صلى الله عليه وسلّم توضأ بعدَه في المُزْدَلفة أيضًا، ولا بأس إذا كان بعد تبدُّل المجلس.

37 - باب قراءة القرآن بعد الحدث وغيره

181 - قوله: (المصلى أمامك) وقد مرَّ مفصلًا أنَّ وقتَ المغربِ والعشاء في هذا اليوم صارَ واحدًا في نظر الحنفية. 182 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ يُحَدِّثُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ، وَأَنَّهُ ذَهَبَ لِحَاجَةٍ لَهُ، وَأَنَّ مُغِيرَةَ جَعَلَ يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ. أطرافه 203، 206، 363، 388، 2918، 4421، 5798، 5799 - تحفة 11514 - 57/ 1 182 - قوله: (ومسح برأسه) وفي بعض طرقه: «ومسح بعِمامته»، فحديث المُغِيرة لا يقومُ دليلًا للحنابلة في الاكتفاء بالمسح على العمامة، ما لو يأتوا بدليل نصًا على مسح العِمَامة بدون المسح بشيء من الرأس. وأمَّا الحديثُ المُجمل فإِنَّه لا يكفي، فإِن الراويَ قد يكتفي بِذكْر العِمَامة، ثم إذا أراد التفضيلَ ذَكَرَ معه المسحَ على الرأس أيضًا، مع أن الواقعة واحدةٌ فلا يمكن إلا أَنْ يكون مَسَحَ على بعض الرأس وأدى سُنَّة التكميلِ على العمامة. 37 - باب قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بَعْدَ الْحَدَثِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ مَنْصُورٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ لاَ بَأْسَ بِالْقِرَاءَةِ فِى الْحَمَّامِ، وَبِكَتْبِ الرِّسَالَةِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ. وَقَالَ حَمَّادٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ إِنْ كَانَ عَلَيْهِمْ إِزَارٌ فَسَلِّمْ، وَإِلاَّ فَلاَ تُسَلِّمْ. 183 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهِىَ خَالَتُهُ فَاضْطَجَعْتُ فِى عَرْضِ الْوِسَادَةِ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَهْلُهُ فِى طُولِهَا، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ، أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَلَسَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الآيَاتِ الْخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ، فَتَوَضَّأَ مِنْهَا فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ، فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِى، وَأَخَذَ بِأُذُنِى الْيُمْنَى، يَفْتِلُهَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ، حَتَّى أَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ، فَقَامَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ. أطرافه 117، 138، 697، 698، 699، 726، 728، 859، 992، 1198، 4569، 4570، 4571، 4572، 5919، 6215، 6316، 7452 تحفة 6362 لم يفصح المصنِّف رحمه الله تعالى بأن المرادَ منه: الأصغر أو الأكبر؟ وعُلم من الخارج أنها جائزةٌ عنده بعد الحدث الأكبر. قوله: «وغيره» أي في الأوقات العامة. قوله: (لا بأس) وتُكره عندنا في الحمام كما في قاضيخان. وكذا لا يُقرأ عند الميت قبل غَسْله.

38 - باب من لم يتوضأ إلا من الغشى المثقل

قوله: (وبكتب الرسالة) ومسُّ المصحف للمحدثِ حرامٌ عندنا مطلقًا، سواء كان مسَّ حروفَه أو بياضه. نعم، يجوزُ مسُّ بياض التفاسير. وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى: أنه يجوز في المصحف أيضًا. أما قوله تعالى: {لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (79)} [الواقعة: 79] فقال مالك رحمه الله تعالى: إنه خبرٌ لا إنشاء. وذهب إلى التوسُّع كالبخاري، ومعناه: أنَّ المطهرون هم الملائكة فأخبر أن القرآنَ لا يمكن أن تقربَه الشياطين وتمسَّه، وأَن الملائكة هم الذين يمسُّونه، وليس بإنشاءٍ لِيَشتَرطَ الطهارة للمس. ومر عليه السهيلي وقال: إن {الْمُطَهَّرُونَ} وصفٌ للملائكة، فإنَّهم الذين يكونون دائمًا على هذا الوصف، أمَّا بنو آدم يتنجسون مرَّة ويتطهرون أخرى، فهؤلاء متطهرون، أي طهارتهم كَسْبية لا مُطَهرون، لأنَّه يدل على دوام الطهارة، فلا يكون إلا الملائكة. 183 - قوله: (ثم اضطجع) واعلم أنَّ الحنفيةَ رأوا الاضظجاع بعد سُنَّة الفجر جائزًا، ولم يَروَه سنةً مقصودةً في حقه صلى الله عليه وسلّم أمَّا لو أراد أحدٌ أن يقتديَ بعادات النبي صلى الله عليه وسلّم يؤجر أيضًا، ويصير مقصودًا في حقه. وقال إبراهيم النَّخَعي: إنه بدعة. ثم نَسَبَ إلينا أن الاضطجاع بدعةٌ عندنا، مع أنَّ الحنفية لم يقولوا به. قوله: (خفيفتين) وفي رواية: أنَّه كان يقرأ بسورة الإِخلاص، وقل يا أيها الكافرون. وعند الطحاوي أن الإمام الأعظم كان يقرأ تارةً بجزء. قلت: ولعلَّه إذا فات حزبُه من الليل فيطول القراءةَ تلافيًا له. وفي «الدر المختار»: أنَّه قرأ مرَّةً داخلَ الكعبة نصفَ القرآن في رَكْعة قائمًا على إحدى رجليه، ونصف القرآن في ركعة أخرى هكذا وتحير منه الشامي. قلت: وهو ثابتٌ مرفوعًا أيضًا، كما ذَكَرَهُ أصحاب التفاسير في سورة طه. قال الحافظ ابن تيمية في بيان نُكتة تخفيف هاتين الركعتين: إِنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم كانَ يبدأ وظيفتَه من الليل بالركعتين الخفيفتين، فلما دخل في وظيفة النَّهار أحبَّ أن يبدأها بالركعتين الخفيفتين فلمَّا دخل في وظيفة النهار أحبَّ أن يبدأ بالركعتين كذلك، لتكون شاكلةُ الوظيفتين واحدة (¬1). ثم اعلم أنَّ هذا الحديث أخرجه الطحاوي أيضًا، وفي إسناده قيس بن سليمان مكان مَخْرمَة بن سليمان، وهو سهو من النَّاسخ قطعًا، فإِنَّه لا دخل لقيس في هذا الإسناد. فاعلمه. 38 - باب مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ إِلاَّ مِنَ الْغَشْىِ الْمُثْقِلِ 184 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنِ امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ أَنَّهَا قَالَتْ أَتَيْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ خَسَفَتِ ¬

_ (¬1) قلت: فهو إذن كقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة المغرب وتر النهار فأوتروا صلاة الليل" -أو كما قال- فكما أن صلوات النهار اختتمت بالوتر، كذلك فلتكن صلاة الليل.

39 - باب مسح الرأس كله لقول الله تعالى: {وامسحوا برؤوسكم} [المائدة: 6]

الشَّمْسُ، فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ يُصَلُّونَ، وَإِذَا هِىَ قَائِمَةٌ تُصَلِّى فَقُلْتُ مَا لِلنَّاسِ فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ. فَقُلْتُ آيَةٌ فَأَشَارَتْ أَىْ نَعَمْ. فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلاَّنِى الْغَشْىُ، وَجَعَلْتُ أَصُبُّ فَوْقَ رَأْسِى مَاءً، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ «مَا مِنْ شَىْءٍ كُنْتُ لَمْ أَرَهُ إِلاَّ قَدْ رَأَيْتُهُ فِى مَقَامِى هَذَا حَتَّى الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَلَقَدْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِى الْقُبُورِ مِثْلَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ - لاَ أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - يُؤْتَى أَحَدُكُمْ فَيُقَالُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ - أَوِ الْمُوقِنُ لاَ أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى، فَأَجَبْنَا وَآمَنَّا وَاتَّبَعْنَا، فَيُقَالُ نَمْ صَالِحًا، فَقَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُؤْمِنًا، وَأَمَّا الْمُنَافِقُ - أَوِ الْمُرْتَابُ لاَ أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ لاَ أَدْرِى، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ». أطرافه 86، 922، 1053، 1054، 1061، 1235، 1373، 2519، 2520، 7287 تحفة 15750 - 58/ 1 قال الأطباء: إنَّ الإغماء يكون في الدماغ، والغَشْي في القلب، وهو من النَّواقض عندنا أيضًا، فاعتبر فيه المراتب أيضًا، حيث عَدَّ الثقيلَ منه ناقضًا دون الخفيف. 184 - قوله: (فحمد الله وأثنى عليه) هذه الخُطبة للكسوف، وهي سُنَّة عند أبي يوسف رحمه الله تعالى. وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: إنها ليست من سُنن الصلاة، وإنما خَطَبها لداعية المقام. قلتُ: وهذا من مراحل الاجتهاد. قوله: (إلاّ قد رأيته) والرؤية غير العلم، فإنَّك ترى الجو من الفَلَك إلى السمك، ولا تعلم كُنُه ما في بطنك، فلا يُستدلَ على العِلمِ المحيط. 39 - باب مَسْحِ الرَّأْسِ كُلِّهِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ} [المائدة: 6] وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ الْمَرْأَةُ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ تَمْسَحُ عَلَى رَأْسِهَا. وَسُئِلَ مَالِكٌ أَيُجْزِئُ أَنْ يَمْسَحَ بَعْضَ الرَّأْسِ فَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ. 185 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِىِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ - وَهُوَ جَدُّ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى - أَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِى كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ نَعَمْ. فَدَعَا بِمَاءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَ يَدَهُ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلاَثًا، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ، فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِى بَدَأَ مِنْهُ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ. أطرافه 186، 191، 192، 197، 199 - تحفة 5308 قوله: (وقال ابن المسيب) ... إلخ يعني أنها لا تمسح على الخِمار اختار فيه مذهبَ

مالك، ولا شك أن الرأس اسم لمجموع العضو، فلا يكون المأمور بالمسح إلا هو، وهذا هو نظر المصنِّف رحمه الله تعالى. والذي فيه عندي، أنَّ نظر الأئمة دائرٌ في أنَّ الفعلَ إذا أُمر بإِيقاعه على محلٍ، فهل يُشترطُ للامتثال به إيقاعُه على جميع المحل، أو يكفي على بعضه أيضًا؟ ولا إجمال في الآية كما قرروه، لأنَّه يكون إما بالاشتراك أو بالغرابة، وليس ههنا واحد منهما. نعم، إن ثَبَتَ أن الإِجمالَ قد يكون باعتبار مراد المتكلِّم أيضًا، فهذا النوع ممكن ههنا، إلا أن الإِجمال عندهم ينحصر في النحوين فقط. فنحن معاشر الأحناف تفحَّصْنا حالَ النبي صلى الله عليه وسلّم في المسح فلم نجد فيه أقلَّ من الرُّبُع فقلنا به، وعلمنا أن الإِيقاعَ على الربع يحكي عن لكل، ويقومُ مَقَامه في نظر الشارع، ويؤدي مُؤدَّاه عنده. لحديث المُغيرة رضي الله عنه، فإنه بعد اختلاف ألفاظه لا يدلُ إلا على أنه مسحَ على بعض الرأس، أي الناصية، وهو ما كان شريطةً، أما على العِمَامة فلأَداءِ سُنة الاستيعاب (¬1). ولنا ما عند أبي داود: «أنه مسحَ مُقدَّم رأسه ولم ينقض العِمَامة» وفيه أبو مُعْقِل: إنه مجهول. قلت: وتبين لي اسمه وهو حَسَنٌ عندي، وهو عبد الله بن مَعْقِل كما في «الفتح» وفي «تهذيب التهذيب» عبد الله بن مَعقِل عن أنس في المسح على العمامة هو أبو مَعقِل يأتي في الكُنى، سمَّاه صاحب «الأطراف». وأيضًا عندي مرسلٌ عن عطاء بن أبي رَبَاح: «أنُّ النبي صلى الله عليه وسلّم كان في سفر وكان على رأسه عِمَامة، فوضَعَها على رقبته ثم مسح رَأْه» فلمثل هذه الأحاديث قلنا: إن الاستيعابَ ليس بفرضٍ. وثَبَتَ في «الفتح» و «العُمدة» عن ابن عمر رضي الله عنه: «أنَّ المسح على الربع كافٍ للخروج عن العُهدة»، فعُلِم أن الاستيعاب لم يكن شرطًا عند السلف أيضًا. ثم اعلم أنَّ الراوي توجه في قوله: «ولم يَنْقُض العِمامة» إلى أمرٍ مُهم، لأنَّ السُنَّة في المسح هو الإِقبال والإِدبار، فمسَّت الحاجةُ إلى تعليم المسحِ حالةَ التعمم، فإِنَّ الإِقبال والإِدبار متعذران في ذلك الحال، فالظاهر أنَّه أراد أن يعلِّمَ كيفية المسح حال التعمم. والله تعالى أعلم. وفي «مدارج النبوة» عن ابن الظهيرة: أنَّ الأقوى بما في الباب مذهبُ مالك رحمه الله تعالى. «قلت»: وفي «التفسير الكبير» عن البغوي: أنَّ الأقوى مذهبُ الإِمام الأعظم، ولعلَّهُ في «طبقات الشافعية» أيضًا. ¬

_ (¬1) واعلم أن عامة الأحناف يُنكرون المسح على العِمَامة رأسًا. وتُوهِمه عبارة محمد رحمه الله تعالى في "موطئه" أيضًا، إلّا أن الجَصَّاص صرح في "الأحكام" أنه جائزٌ عندنا. قال: وقد بينا في حديث المُغيرة بن شُعبة: "أنه مسح على ناصيته وعِمَامته". وفي بعضها: "على جانبِ عِمَامته". وفي بعضها: "وضع يده على عمامته"، فأخبر أنه فعلَ المفروضَ في مسح الناصية ومسحَ على العِمَامة، وذلك جائزٌ عندنا. اهـ. وكان الشيخ رحمه الله يُطيلُ البحثَ في هذه المسألة في درس الترمذي.

40 - باب غسل الرجلين إلى الكعبين

قوله: (وقال ابن المسيب ... الخ) وعن أحمد رحمه الله تعالى: أنَّ المرأةَ إن مسحت على مُقَدَّم رأسها أجزأها. 185 - قوله: (فَأَفْرَغ على يده) واعلم أنَّه قد مر منا الاختلافُ في غسل اليدين قبل الوضوء، هل هو من آداب المياه أو سُنن الوضوء؟ والذي يظهر أنَّه من باب اختلاف الأنظارِ فقط، لأنه إذا ثَبَتَ عسلهُما قبل الوضوءِ عند الطائفتين. فالذين قالوا: إنَّه من آداب المياه لم يذكُروا له إلا حِكمة التقديم، وهي صِيَانة الماء، فهذا نظرٌ لا غير. والذين قالوا: إنَّه من سُنن الوضوء، فكأنهم لم يلتفتوا إلى تلك الحكمة مع اتفاقِهم على أنَّه الوضوء. نعم، لو ثَبَتَ عن النبي صلى الله عليه وسلّم تركُه في وضوئه لكان محلًا للخلاف. ثم إِنه وقع لفظُ الوضوء في حديث المستيقظ فقال: «فلا يَغمِس يدَهُ في وضوئه» فمن هنا دارَ النظرُ في كونه من أحكام الوضوء أو الماء، وحينئذ الأولى أن يسلمَ النظران ويقال: إن الغَسْل إنما هو لأجلِ صيانة الماء، لكنَّ موضِعَهُ قبل الوضوء كما في الحديث، فإِنَّ ماءَ الوضوء أولى بالصِّيانة، وحينئد يجتمع النظران ولا يبقى التناقض، ولا يذهب عليك أنَّ غَسلَ اليدين مرتين ههنا من فعله نفسه، وما يذكره من فعله صلى الله عليه وسلّم الذي رآه، ففيه كما في الرواية التالية: أنَّه كان إلى المرفقين فاعلمه. 40 - باب غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ 186 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ شَهِدْتُ عَمْرَو بْنَ أَبِى حَسَنٍ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ عَنْ وُضُوءِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ، فَتَوَضَّأَ لَهُمْ وُضُوءَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَكْفَأَ عَلَى يَدِهِ مِنَ التَّوْرِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلاَثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِى التَّوْرِ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلاَثَ غَرَفَاتٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَمَسَحَ رَأْسَهُ، فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ. أطرافه 185، 191، 192، 197، 199 - تحفة 5308 قوله: (فأقبل بهما وأدبر) والإِقبال والإِدبار حركتان لا أنهما مَسْحتان، كما عن عبد الله بن زيد في الرواية الآتية عقيبها: «فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة» فحسبُه مرةً واحدةً مع ذكر الإِقبال والإِدبار. وكذا في حديث الربيع أخرجه الترمذي وغيره قالت: «مسح رأسه، ومسح ما أقبل منه وما أدبر، وصُدغيه وأذنيه مرةً واحدةً، ثم تقول هي: «مسح برأسه مرتين، بدأ بمؤخَّرِ رأسه، ثم بمقدَّمِهِ» فتبين أنَّ مَن ذَكَر التَكرار في المسح عنى به الإِقبال والإِدبار. وقال أبو داود: أحاديثُ عثمان الصِّحاح كلها تدلُّ عل المسح مرة. على أنَّه روى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى: أنَّ المسح ثلاثًا بماء واحد جائزٌ، كما في «الهداية» وفي قاضيخان عن أبي حنيفة: أنه لو ثلَّث المسح لا تكون بِدعةٌ ولا سُنة، وهو الرجح عندي، وإن كان في بعض الكتب أنَّه بدعة.

41 - باب استعمال فضل وضوء الناس

أما الإِقبال والإِدبار فقال النووي: قال أصحابنا: وهذا الردُّ إنما يُستحَبُّ لمنْ كان له شعر غير مضفور، أما من لا شعر له على رأسه، أو كان شعرُه مضفورًا، فلا يُستحب له الرد، إذ لا فائدة فيه. ولو ردَّ في هذه الحالة لم يُحسب الردُّ مسحةً ثانيةً، لأن الماءَ صار مستعملًا بالنسبة إلى ما سوى تلك المسحة. انتهى. أقول وهو باطلٌ قطعًا، بل الإِقبال والإِدبار لتحقيق الاستيعاب، ويستوي فيه المضفور وغيرُه. وأما حكاية الاستعمال فليست كما قال، لأنه لا يحكم به إلا عند الانفصال وحكمه المسح كما ذكره الشاه ولي الله رحمه الله تعالى: أنَّ دأبَ الشرع أنه إذا خفَّفَ في أمرٍ يتركُ له أُنموذجًا لئلا يُذْهَل عن الأصل بالكُلية، كغسل الأرجُل إذا سقط حالَ المَخفف أقيم مُقَامه المسح أنموذجًا للغسل وتذكارًا له، وكذلك في مسح الرأس، كان الأصل فيه أيضًا هو الغَسْل، إلا أنَّه اكتفى بالمسح لِمَا نبَّهناك أنفًا. قلت: وعندي رواية عن علي رضي الله عنه «من الترغيب والترهيب»: أنه لئلا تنتشر الأشعار في المحشَرِ من طول المُكث». وإسناده ضعيف. قوله: «في الإِسناد» وهو جد عمرو بن يحيى. ويعلم من «الموطأ» لمحمد رحمه الله تعالى: أن الضميرَ راجعٌ إلى السائلِ، لأن عبد الله بن زيد ليس جد عمرو، بل جد عمرو بن أبي حسن، كما في الرواية التالية: «شَهِدْتُ عمرو بن أبي حسن سَأل عبد الله بن زيد» ... إلخ. 41 - باب اسْتِعْمَالِ فَضْلِ وَضُوءِ النَّاسِ وَأَمَرَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَهْلَهُ أَنْ يَتَوَضَّئُوا بِفَضْلِ سِوَاكِهِ. 187 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ يَقُولُ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْهَاجِرَةِ، فَأُتِىَ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَأْخُذُونَ مِنْ فَضْلِ وَضُوئِهِ فَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ، فَصَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ. أطرافه 376، 495، 499، 501، 633، 634، 3553، 3566، 5786، 5859 تحفة 11799 - 59/ 1 188 - وَقَالَ أَبُو مُوسَى دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ، وَمَجَّ فِيهِ ثُمَّ قَالَ لَهُمَا اشْرَبَا مِنْهُ، وَأَفْرِغَا عَلَى وُجُوهِكُمَا وَنُحُورِكُمَا. طرفاه 196، 4328 - تحفة 9061 ذهب البخاريُّ إلى طهارةِ الماء المستعمل. قال الشيخ ابن الهُمَام وابن نُجَيم رحمهما الله تعالى: إنَّ العراقيين قاطبةً أنكروا روايةَ النجاسة عن الإِمام، وهم المُتَثَبِّتُون في نقل مذهب الإِمام عندي. وأثبَتَها ما وراء النهر من علمائنا، وهي ضعيفة جدًا، لأنِّي لا أجدُ أحدًا من السلف يُعَامِلُ الماءَ المستعمل معاملة النجاسات، إلا أنه لا شك أن المطلوب عند الشرع هو

42 - باب

صيانةُ وضوئه عنه، كما عند الطحاوي عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «لا يَغْتَسِلُ أحدكُم في الماء وهو جنب»، فقال: كيف يفعل يا أبا هريرة فقال: «يتناوله تناولًا». وكذا نَهَى الرجلَ عن فَضلِ طَهورِ المرأة. عندي يُبتنى على هذه الدقيقة كما سيجيء تقريره. والحاصل: أنَّ الماءَ المستعملَ طاهرٌ، لا دليلَ على نجاسته، إلا أنَّ التوقي منه. ثم إن البخاري رحمه الله تعالى استدل على طهارته بفضل طَهور رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولي في استدلاله نَظَرٌ ظاهرٌ، وإن كانت المسألةُ صحيحة في نفسها، لأن العلماء ذهبوا إلى طهارة فَضَلاته صلى الله عليه وسلّم فكيف بفضلِهِ، فلا تقومُ حجة على الطهارة مطلقًا. نعم، يَثْبت طهارة فضله خاصَّة، وبعد فالأمر سهلٌ، ونَسِبَ إلى مالك رحمه الله تعالى أنه مطهِّر أيضًا. 187 - قوله: (الهاجرة) أي نصفُ النهار، سُمِّي بها لأنَّهم يهجرون الطريقَ في هذا الوقت ويجلسون في بيوتهم. قوله: (فضل وضوئه) أي المتساقط من الأعضاء. قوله: (فصلَّى النبي صلى الله عليه وسلّم) ... إلخ ولا دليل فيه على الجمع، لأنَّ الراوي بصدد تعديد ما كان من أفعالِه صلى الله عليه وسلّم فجاء الاتصال في الذكر لهذا، لا لأنه تعرَّضَ إلى حال صلاته في الخارج. وهذا كتعديده أشراط الساعة، وربما تكون بينها مدة طويلة، فيجيء أحدٌ من الجهلاء ويظُنها متصلًا واحدًا بعد واحد لمجرد القِران في الذِّكر. قوله: (فمَسَح رأسي) انظر كيف ظهرَ الفرقُ بين قوله: {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ} [المائدة: 6] وقوله: وامسحوا رءوسكم، فإِنَّ المعتبرَ في الأول هو المسحُ المعهودُ في الشرع، وهو ما يكون بإمرار اليد المبتلة. وأما الثاني فهو على مجرد اللغة، ومعناه إمرار اليد لا غير، ولذا قال: «فمسح رأسي» ولم يَقُل برأسي، وأجد هذا المسح للتبريك في الكتب السَّابقة أيضًا. ومنه سُمِّي المسيح، كأنه مَسَحهُ ربُّه وصار مَسِيحًا بِمسحِهِ، ولذا كان محفوظًا عن نزعة الشيطان ومسحُ رأسِ الصبيان للتبريكِ رائج إلى الآن أيضًا. 189 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ وَهُوَ الَّذِى مَجَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى وَجْهِهِ وَهْوَ غُلاَمٌ مِنْ بِئْرِهِمْ. وَقَالَ عُرْوَةُ عَنِ الْمِسْوَرِ وَغَيْرِهِ يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَإِذَا تَوَضَّأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ. أطرافه 77، 839، 1185، 6354، 6422 - تحفة 11235، 11270 189 - قوله: (كادوا يقتتلون) وهو واقعة صُلح الحُدَيْبِيَة. 42 - باب 190 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْجَعْدِ

43 - باب من مضمض واستنشق من غرفة واحدة

قَالَ سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ ذَهَبَتْ بِى خَالَتِى إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَ أُخْتِى وَجِعٌ. فَمَسَحَ رَأْسِى وَدَعَا لِى بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلِ زِرِّ الْحَجَلَةِ. أطرافه 3540، 3541، 5670، 6352 - تحفة 3794 بَوَّب بلا ترجمة وقد ذكرنا وجهه. 190 - قوله: (فشربت من وضوئه) والظاهر أنه الباقي في الإِناء دون المتساقِطِ من الأعضاء. قوله: (زَرِّ الحَجَلة) وقد أتى كل منهم في تشبيه ما كان أقربُ إليه في ذهنه وكان علامة لختم النبوة. وناسب أن يكونَ على الظَّهر على خلاف ما يكون على جبهة الدَّجَّال من: ك، ف، ر، يقرأه كل راءٍ (¬1)، وذلك لأنَّ الختمَ يكونُ في الآخر، فناسب الظهر. وطبعه بالنقش المذكور للإشاعة والإِعلان، فناسب الوجه (¬2). ولم يكن الخاتم في حقِّ الوسط بل كان مائلًا إلى جانب اليسار، وذلك لأنَّه محل وسوسة الشيطان كما كُشِفَ لبعضهم أنَّ للشيطان خُرطومًا، فإذا وسوس في قلب ابن آدم جلس خلفَه ووسوس من هننا، فجعل الله سبحانه محفوظًا من الخاتم، فناسب ذلك المحل للختم. 43 - باب مَنْ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ 191 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ أَفْرَغَ مِنَ الإِنَاءِ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ غَسَلَ أَوْ مَضْمَضَ، وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلاَثًا، فَغَسَلَ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَا أَقْبَلَ وَمَا أَدْبَرَ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَالَ هَكَذَا وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 185، 186، 192، 197، 199 - تحفة 5308 ويُستفاد بلفظ «من» أنَّه يُشير إلى الاستدلال على الجمع فقط، لا أنَّه اختاره بنفسه أيضًا. واعلم أنَّ الخلافَ في الفصل والوصل بين الحنفية والشافعية ليس في الجواز وعدمه، بل في الأوْلَوية، مع أنَّ في «البحر» تصريحًا بأنَّ أصل السنة تتأدى بالوصل أيضًا وكمالُها بالفصل. وهو في «إمداد الفتاح شرح نور الإِيضاح» أيضًا، فلا حاجة إلى الجواب عندي. ¬

_ (¬1) قلت: وعند الترمذي: "يقرأه من يكره عمله" فاحفظه فإن أكثر الأحاديث خالية عنه، وهو مهم. (¬2) قلت: وقد رأيت في الأحاديث كتابة التقدير بين السنن، فعند الترمذي في حديث طويل في بسط الرب تعالى اليدين وعرض ذرية آدم بين يديه فقال: "أي رب ما هؤلاء قال: هؤلاء ذريتك، فإذا كل إنسان مكتوب عمره بين عينيه" ... الحديث.

وقد أجاب عنه الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى (¬1) أنَّ المرادَ من قوله: «من كُفَّة واحدة» هو الاستعانة بيد واحدةٍ على خِلاف سائر الوضوء، فإِنه يُستعان فيه باليدين. فالراوي لا يريد الفصلَ والوصلَ، بل يريد بيانَ استعمال كفة لا كفتين. وقال آخر: إنَّه من باب تنازع الفعلين، والذي وَصُحَ لدي: (¬2) هو أنَّ حديث عبد الله بن زيد واقعة واحدة، وفيها الوصل لما في النسائي: «من ماء واحد» وروى: «غَرفة واحدة» لكن لا لكونه سُنة بل لكون الماء قليلًا. أما كونه واقعة فلما أخرجه البخاري في باب الغسل والوضوء من المِخْضَب يكونُ الغُسْل مرتين أيضًا سُنة لهذا الحديث بعينه، مع أنه لم يقل به أحد. ثم اعلم (¬3) ولا تغفل أن هذا من دأبهم أنه إذا تكونُ عندهم واقعةٌ عن النبي صلى الله عليه وسلّم يُضيفونها ¬

_ (¬1) قال الشيخ رحمه الله تعالى: وأول ما رأيت هذا الشرح في "شرح ابن مَلَك على مشارق الأنوار" لشمس الدين الصغاني وقد جمع أحاديث الصحيحين. وابن مَلَك مقدَّم على ابن الهُمَام رحمه الله تعالى، وله شرح آخر لصاحب "العناية" أيضًا، إلّا أنه ليس فيه إلّا حل الألفاظ؛ كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز مما ضبطه من تقريرات الشيخ رحمه الله تعالى. (¬2) ونص عبارة الشيخ رحمه الله تعالى مما تتعلق بهذا الحديث في موضع آخر هكذا. وأما صفة الوضوء التي أراها عبد الله بن زيد رضي الله تعالى عنه، وفيه ما ظاهرهُ الجمع وهو حديث الباب، فالذي يظهر والله أعلم: أنه أخذها من واقع عينٍ لا عمومَ لها، كما يدلُّ عليه سِيَاق عبد العزيز بن أبي سلمة عند البخاري في باب الغسل من المخضب؛ في أول هذا الحديث: "أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخرجنا له ماءً في توْرٍ من صُفْر، فتوضأ ... الحديث. ولعل هذه القصة هي التي روتها أم عبد الله بن زيد، وهي أم عُمَارة بنت كعب، اسمها نَسيبة، وزوجها زيد بن عاصم وابناها منه: حبيب وعبد الله كما في "الإِصابة" للحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فأتي بماء في إناء قَدْر ثُلثي المُد". قال شعبة: حفظ أنه غَسَلَ ذراعيه وجعل يدلكهما ويمسحَ أذنيه باطنهما، ولا أحفظُ أنه مسح ظاهرهما. رواه النَّسائي في "سننه" من طريق حَبيب عن عبَّاد بن تميم، وحَبيب هذا هو حَبيب بن زيد بن خلَّاد كما يظهر من "التهذيب". وخلَّاد جدُّ حبيب هذا لعله ابن عبد الله بن زياد كما يظهرُ من قول ابن سعد في ترجمة عبد الله: بلغني أنه قُتِل بالحرَّة، وقُتل معه ابناه: خلَّاد وعلي، كذا في "التهذيب". وعبَّاد بن تميم هو ابن أخي عبد الله بن زيد، فحديث عبد الله بن زيد إن شاء الله ليس حكاية عن العادة الكريمة، بل هي حكاية فعل جُزئي يمكن حملُه على التخفيف والجواز، دون الإِكمال والِإتمام كما يُشعر به الاكتفاء بتثنية غَسْلَ الذراعين،، مع أن السنة التثليثُ بالاتفاق، وفي حديث أم عُمَارة إشارةٌ إلى قِلة الماء الموجبة للتجوز في الوضوء. وُيؤيد ما قلنا من كونه حكاية فعل جُزئِي ما قاله الحافظ رحمه الله تعالى: في رواية مالك عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه: أن رجلًا قال لعبد الله بن زيد: إن تستطيع أن تُريني كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ؟ فقال عبد الله بن زيد: نعم! فدعا بماء ... الحديث، وقال وفي رواية وهيب: فدعا بِتَورٍ من ماء، وفي رواية عبد العزيز بن أبي سلمة: أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخرجنا له ماءً في تور من صُفْر. قال: والتور المذكورُ يُحتمل أن يكون هذا الذي توضأ منه عبد الله بن زيد، إذ سئل عن صفة الوضوء، فيكون أبلغُ في حكاية صورة الحال. انتهى كلامه. (¬3) بل كان بعضُهم يداومُ عليها مع عدم كونها مسألة. وأعجب أمثلتِهِ ما أخرجه أبو داود عن أنس قال: "كانت لي ذؤابة ففالت لي أمي: لا أجزها كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمدها ويأخذها" ولا يبعدُ أن يكونَ تطبيق ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، وأذان أبي مَحْذُورة رضي الله تعالى عنه من هذا الباب. ويجيء تفصيله في موضعه. والله تعالى أعلم.

إليه كالعادة له، ويعبرون عنها كأنها وضوء النبي صلى الله عليه وسلّم دائمًا، ولا يمكن لهم غيره، فإنهم لم يَرَوه إلا كذلك، فلا بد أن يجعلوه كالعادة له، فإن الصحابة لم يتيسر لكل منهم الصُّحبة إلى زمان طويل، بل صَحِبَ بعضُهم مرةً فقط، وبعضٌ آخر أزيدَ منه وهكذا. ثم عبَّر كلُّ واحدٍ منهم عن فعله كما رآه في مدة إقامته. فلمَّا كان النبي صلى الله عليه وسلّم توضأ في بيته ووصل فيه بين المضمضة والاستنشاق وغَسْل ذراعيه مرتين، حكاه كذلك وجعله وضوءَ النبي صلى الله عليه وسلّم والذي يَذْهَل عن هذه الدقائق يَحسبُه عادةً وسُنة مستمرةً وقاعدةً مُنعقدة، ولا يدري أنه مجرد تعبير منه، لا أنَّه رأى من وضوئه مرارًا، ثمَّ حقَّقَ المسألة، ثم أراد أن يذكرَها كما يذكرون المسألة، بيد أنَّه ينقل الواقعة، وهكذا يفعله الرواة في نَقْلِ سائر الوقائع، فيريدون بها حكايتها كما وقعت ولا يتعرضون إلى تخريج المسائل وهكذا فعلوا في مهر صفية رضي الله عنها فقالوا: «وجعل عِتْقَها صَدَاقها» وفعلوا مثله في حديث استقراض الحيوان بالحيوان. وسنقرره إن شاء الله تعالى. وإنَّما هو إلى الفقهاء فإِنهم يُنَقِّحُون المناطَ، ويخرِّجُون عنها الأصول، ويُفرِّعون عليها الفصول، والناس غافلون عن هذا الصنيع. فربما يأخذون المسائل عن تعبيراتهم وليس بشيء عندي. والحاصل: أنَّ وضوء النبي صلى الله عليه وسلّم عند الصحابة هو ما رأوه ولو مرةً، فهذا عبد الله بن زيد ليست عنده غير تلك الواقعة وحكاية الحال، فنقلها كما رآها، فليُفهم. إلخ عنه قال: «أتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأخرجنا له ماءً في تَوْرٍ من صُفْر، فغسل وجهه ثلاثًا ويديه مرتين» ... إلخ. وعند أبي داود في باب الوضوء في آنية الصفر عنه قال: «جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأخرجنا له ماءً في تَوْر» فدلَّ على أنَّ ما يحكي عبد الله بن زيد عن وضوئه صلى الله عليه وسلّم إنما هو واقعةٌ عنده. وعند النسائي عن أم عُمَارة أم عبد الله بن زيد ما يدلُّ على قِلة الماء في تلك الواقعة، وفيه: «أن النبي صلى الله عليه وسلّم توضأ فأُتي بماءٍ قَدْر ثلثي المُد» فكأنَّها تشير إلى ذلك. (باب قدر الذي يكتفى به الرجل من المار «نسائي») ولذا اكتفى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فيها في الغَسْل إلى المِرْفَقين بالمرتين فقط، فلو كان الوصلُ سنةً كاملةً لحديث عبد الله بن زيد ينبغي أن ولنا ما أخرجه ابن السَّكَن في «صحيحه» ونقله الحافظ في «التلخيص الحبير» عن أبي وائل شقيق بن مسلمة، قال: «شَهِدْت علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان توضآ ثلاثًا ثلاثًا، وأَفْرَدا المضمضة من الاستنشاق، ثم قالا: هكذا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم توضأ». وأخرج أبو داود أيضًا حديثَ وضوئهما إلاّ أنه ليس فيه التصريح بالفصل. نعم، ظاهره الفصل قطعًا، وإن كان يُتوهَّمُ من بعض الألفاظ الوصل. ثم إنَّ عثمان رضي الله تعالى عنه إنما اهتم بوضوءِ النبي صلى الله عليه وسلّم لأنَّه اختُلف في زمانه في صفة وضوئه كما في «الكنز». عن أبي مالك الدمشقي قال: حُدِّضتُ أَن عثمان بن عفان اختلف في خلافته في الوضوء، فأذن للناس فدخَلوا عليه فدعا بماء ... إلخ، وهكذا فعله علي رضي الله عنه، وبَّوب أبو داود على الفصل. وأخرج تحتَه حديثًا، إلاّ أنه ليَّنَه لما فيه: ليث بن

44 - باب مسح الرأس مرة

سليم. وقد جاء في شواهدِ أمَّاما في طلحة، عن أبيه، عن جده من الجهالات فرفعه الشيخ عمرو بن الصلاح وحَسَّنه (¬1). ثم تتبَّعتُ «مسند أحمد» لذلك فتبادر من وضوءِ غيرِ واحد من الصحابة رضي الله تعالى عنه الفصل. والله تعالى أعلم. ثم اعلم أنَّ الروايات التي وردت فيها غَرفة واحدةً للمضمضة والاستنشاق حَمَلها النووي على الجمع بينهما ستُّ مراتٍ، كل منهما ثلاث مرات. فكأنه أراد إجراء سُنة التثليث فيها أيضًا، وهو أحدُ وجوهِ الجمع عندهم وإِن كان عسيرًا، ومرَّ عليه ابن القيم وقال: بل هي محمولة على وضوئه مرة مرة، فالجمع في غَرفة واحدةٍ إنما هو في وضوئه مرةً مرةً. وفي الغَرْفتين في وضوئه مرتين مرتين، لا أنه مضمض واستنشق ثلاثًا ثلاثًا، مع غسل سائر الأعضاء مرة مرة. قلت: ما اختاره ابن القيم هو الأقربُ عندي (¬2). وليعلم أنَّ الترمذي نقلَ مذهب الشافعي كالحنفية، حيث قال: قال الشافعي رحمه الله تعالى: إن جَمَعَهُما في كَفًّ واحدٍ فهو جائز، وإن فَرَّقَهما فهو أحب. اهـ. قلت: ذلك رواية الزَّعْفَراني عنه، وتلك كانت بالعراق حين استفادته من محمد رحمه الله تعالى، والمعتبرُ عند الشافعية ما اختاره بعده لما رجع إلى مصر. 191 - قوله: (كفة واحدة) قيل: الكُفَّة لم يثبت في اللغة بمعنى الكَفّ. وقيل: إنه فُعْلَة من نَصَر، بمعنى المرة والصواب أنه غَلَطٌ من الراوي. 44 - باب مَسْحِ الرَّأْسِ مَرَّةً 192 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ شَهِدْتُ عَمْرَو بْنَ أَبِى حَسَنٍ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ عَنْ وُضُوءِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ، فَتَوَضَّأَ لَهُمْ، فَكَفَأَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا ثَلاَثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِى الإِنَاءِ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَاسْتَنْثَرَ ثَلاَثًا بِثَلاَثِ غَرَفَاتٍ مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِى الإِنَاءِ، فَغَسَلَ ¬

_ (¬1) لما سئل عبد الرحمن بن مهدي عن اسم جدِّه قال: عمرو بن كعب أو كعب بن عمرو، وكانت له صحبة، وقال الدوري عن ابن معين: المحدثون يقولون: إن جدَّ طلحة رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأهل بيتِهِ يقولون: ليست له صحبة. وقال الخلال عن أبي داود: سمعت رجلًا من ولد طلحة يقول: إن لجدِّهُ صُحبة. قال الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى: ما نقل عن ابن معين غيرُ قادحٍ، فإِذا اعترف أهلُ الشأنِ بأن له صحبةٌ تمَّ الوجه، أهلُ بيته يعرفون أم لا؛ وقال ابن القطان: علةُ الخبرِ عندي الجهل بحال مُصرِّف بن عمرو والد طلحة، ولكن حَسَّن إسناده ابن الصلاح. كذا في "فتح الملهم" نقلًا عن بعض كتب الشوكاني. (¬2) قلت: وسرحت طرفي في "شرح مسلم" و"زاد المعاد" إلَّا أني ما وجدتُه فيهما في بادىء النظر، وما أوغلت في طلبِهِ لِقلّة الفرصة إذ ذاك، ولعله سها فيه قلمي في درس البخاري، أو نظري عند المراجعة، إلّا أنه شرح صحيح.

45 - باب وضوء الرجل مع امرأته وفضل وضوء المرأة وتوضأ عمر بالحميم من بيت نصرانية

وَجْهَهُ ثَلاَثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِى الإِنَاءِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِى الإِنَاءِ، فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ بِهِمَا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِى الإِنَاءِ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ. وَحَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ مَسَحَ رَأْسَهُ مَرَّةً. أطرافه 185، 186، 191، 197، 199 - تحفة 5308 - 60/ 1 جَزَمَ البخاري هنا بمذهب الإِمام الأعظم رحمه الله تعالى وترك مذهب الشافعية. قال الحنفية: إن الإِسباغ في المسح هو بالاستيعاب، لأنه لا يُنَاسبُه التثليث. 192 - قوله: (من ماء) هذا تصريحُ بكونِ الماءِ واحدًا. قوله: (وقال مسح برأسه مرة) وفَهِمَ هذا الراوي عينَ ما فهمه الحنفية: أن الإِقبال والإِدبار حركتان، والمسحُ واحد. ولم يحملهما على التكرار في المسح كما فَهِمَه الشافعية رحمهم الله تعالى. 45 - باب وُضُوءِ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ وَفَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ وَتَوَضَّأَ عُمَرُ بِالْحَمِيمِ مِنْ بَيْتِ نَصْرَانِيَّةٍ واعلم أن تَطُّرَ الرجل والمرأة من إناء واحد جائزٌ بإِجماع المسلمين، وكذا تطهر المرأة بفضلِ الرجلِ أيضًا جائزٌ بالإِجماع. وأما تطهر الرجل بفضلها، فذهب جمهورُ السلف والأئمة الثلاثة إلى جوازه، سواء خَلتْ بالماء أو لم تخِلِ. وقال أحمد وداود: إنها إذا خلت بالماء واستعملته لا يجوزُ للرجلِ استعمال فضلها. وجمِعِ الخَطَّابِي بين أحاديث النهي عن الفضل وجوازه: بأن المراد من الفضل في أحاديث النهي المُتَساقط من الأعضاء، وفي أحاديث الجواز ما بقي في الإِناء. وحاصله: أنه نهى عن استعمال الماء المتساقِطِ من الأعضاء، وأباح استعمالَ الماءِ الباقي في الإِناء، فلا تنافي بين الحديثين. وقال آخرون: بل المراد به في الحديثين هو الباقي في الإِناء، والنَّهي لئلا تخطَر ببالِهِ الوساوس الشهوانية. ويرد عليهم قوله: «وليغترفا جميعًا»، فإن النهي إن كان لأجل الوساوس، فهي في حالة الاغتراف جميعًا أزيدُ وأكثر منها في حالة الانفراد. وحمله بعضهم على التنزيه، وهو الصواب، إلاّ أنهم لم يُبيّنوا مرادَ الحديث، وهو مع كونه بديهيًا عسيرٌ. وكأنه من قبيلِ السهلِ المُمتنع، وقد كشفَ اللهُ على مرادَه. فاعلم أنَّ النَّهي في الغسل ورد من الطرفين، كما هو عند أبي داود: نهى الرجل أن يغتسل بفضل المرأة، والمرأةَ بفضلِ الرجل» وفي الوضوءِ من جانبٍ واحدٍ فقط، فنهى الرجلَ عن فضلِ المرأة، ورأيتُ عكسَه أيضًا في بعض الروايات، إلاّ أن المحدثين عللوه. ومناطُ النَّهي عندي: هو صِيَانة الطَّهُور عن وقوع الماء المُسْتَعْمَل فيه، كما مرّ مني: أنَّ الماء المُسْتَعْمَل وإن لم يكن

نجسًا عند صاحب الشرع، إلاّ أن المطلوبَ الاحتزاز عنه والاحتياط فيه، لئلا يقع في مُغْتَسَلِهِ، وهو المذكور في فقهنا، حتى لو سقط الماء المُسْتعمَل في وَضُوئه وغَلَب عليه، لا يجوز الوضُوء منه، ولا يبقى مُطَهِّرًا. ولمّا كانت النساء أقل نظافةً، وأقل احتياطًا في أمور التطهير، خصَّ الرجل بالنهي عن استعمال فضلهَّن. ولو ثَبَتَ عكسه أيضًا، فالنهي عن فَضْل الرجال جَرْيًا على مقتضى طَبْعهن، فإِنهنَّ يَرَوْن الرجال أقلّ نظافةً من أنفسهن، فراعى في الأول الواقع في نفس الأمر، وفي الثاني الواقع في زَعْمِهنَّ، لئلا تَتَوَسْوَس صدورهنَّ في استعمال الماء، فإِن عدم الوسواس في أمر التَّطَهّر مطلوبٌ. فناسب أن ينهى عن فَضْل الرجال أيضًا، حسمًا لمادة الوَسَاوِس وقطعًا لِعرْقها، والمراد منها التي تقع في طهارة الماء وعدمها، دون الوَسَاوِس الشهوانية. والحاصل: أن الحديث وَرَدَ على وَفْق طَبْع الرجال والنساء، وإن كان ما في طَبْع الرجل مُوَافقًا للواقع، وما في طَبْعهنّ مخالفًا له، إلا أن الغرضَ لمّا كان قَطْع الوَسْوَاس لم يُنَاظِر معهنَّ، وتركهن على فِطْرَتهن، ولا تبديل لخَلْق الله، نعم الوَسَاوِس التي تكون لا عن منشأ صحيح لم يعتبرها الشرع أصلًا، ولذا أباح الاغْتِرَاف معًا، لأنَّ الذين يكرهون استعمال السُّؤْر لا يَرَوْن به بأسًا، أَلا تَرَى أن من يَكْرَه أن يأكل فَضْل طعامك، لا يَكْرَه أن يكألَ معك، لأنه لا يراه سُؤْرًا فالدَّخْل فيه للسُّؤْر دن الوَسَاوِس. والمعنى أن لا يُسْئِر الرجلُ الماءَ للمرأة، ولا تُسْئِر هي له، فكما أنك تَكْرَه أن تُسْئِر طعامَك وشرابَك لجبيك، كذلك أراد الشرع أن لا يُسْئِر الزوجان أحدهما للآخر غِسْلَه. فهذا الحديث من باب حُسْن الأدب، وسدّ الأوهام، وأول ما انتقل إليه ذِهْني من كلام الطَّحَاوِي، فإِنه بوَّب أولًا بسُؤْر الهرة، ثم بسؤو الكلب، ثم بسُؤْر بني آدم، وأخرج تحته حديث النهي عن اغتسال الرجل بِفَضْل المرأة وبالعكس، فكأنه أشار إلى أن المعنى في هذه الأحاديث هو السُّؤْرِيَّة الإِسْآر، دونَ الوَسَاوِسِ الشهوانية، فللَّه دَرُهُ ما أدقّ نَظَرِه. ويدُّلك على قلنا ما أخرجه النسائي عن أمُ سَلَمَة: «أنها سُئِلَت: أَتَغْتَسِلُ المرأه مع الرجل؟ قالت: نعم، إذا كانت كَيِّسَة». فأشارت إلى أن الأمر يدور على الكِيَاسة وعدمها، ولَمَّا كان الرجل كَيِّسًا لم يُنْه عن استعمال فَضْل وضُوئه، يخلاف النساء، فإِنهنَّ لَسْن كذلك في عامة الأحوال، وإذا كانت كَيِّسَة تَعْرِف طريق آداب الماء وصيانته،، فلها أن تَغْتَسل معه. فإِن قُلْتَ: إذا كان الأمر كما وَصَغْتَ لِمَ نهى النساء عن اغتسالهنَّ بفَضْل الرجال؟ قُلْتُ: إن التَّقَاطُرَ في الاغتسال يمكن منهم أيضًا، فإِنَّه استعمالٌ للماء الكثير وغسلٌ لسائر البدن، والأواني كانت مُتَّسِعَة كالمِرْكَن، فيُشْكِلُ فيها التَّحَفُط من الرجال أيضًا، فلذا وَرَدَ فيه النهي للطرفين. فإِن قلتَ: وحينئذٍ ينبغي أن يُنْهَى الرجل عن الاغتسال بفَضْل الرجل أيضًا، فَلِمَ خصَّصَ به الزوجين مع أن العِلَّة تشملهما؟ قلتُ: لتحقُّق الاغتسال كثيرًا بين الزوجين، بخلاف غيرهما،

وأراد بالمرأة في حديث التَّوَضُّؤ من كانت في بيته، ولم يقل في المرأتين شيئًا، لأنهن يَفْعَلْنَ ما هو عادتهنَّ. والحاصل: أن الأقسام ستة فَضْل الرجل للمرأة، وبالعكس. وفَضْل الجنس للجنس، وكلٌّ منه إمَّا في الوُضِوء، أو الغسْل. والأحاديث وَرَدَت في الأربعة منها، وإن علَّل المحدِّثون واحدًا منها كما مرَّ، ولم يَرِد في الاثنين لِمَا بيَّنَّا. وجملة الكلام أن الحديث لا دَخْل فيه للوَسَاوِس الشهوانية، بل وَرَدَ على طبائع الناس في السُّؤْر، فالنَّهي فيه كأمر الغُسْل بِغَسْل الميت، والوُضُوء بحَمْلِه، والمراد بالفَضْل: هو الباقي في الآنية، لا كما قاله الخطَّابي، وتَبَعِه الحافظ رحمه الله تعالى. قوله: (بالحميم) ... إلخ، ويُتَبَادَرُ من ظاهر عبارته أنهما واقعتان: الأولى في استعمال الحَميم، والثانية في استعمال ماء النصرانية، مع أنها واقعةٌ واحدةٌ في مكة حين جاء للحج، فقضى حاجته، ثم طلب الماء وتوضأ بالحَمِيم من بيت نصرانية. والظاهر أن الماء إذا كان من بيتها، أنها غَمَسَت فيه يدها أيضًا، ولعلَّه كان من سُؤْرها، ومع ذلك توضّأ ابن عمر منه، فَثَبَتَ أن وُضُوء الرجل بفَضْل المرأة لابأس به. وهذا من عادات البخاري حيث يعتبر الاحتمالات القريبة، لأنَّه لمّا شدَّد على نفسه في باب الحديث، وأراد أن يخرِّج المسائل، ويَبْسُط فقهه في تراجمه، فلزمه أن يوسِّع في الإِشارات وطُرُق الاستدلال. 193 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَتَوَضَّئُونَ فِى زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَمِيعًا. تحفة 8350 193 - قوله: (جميعًا) قال السِّيرافي: إنه يُسْتَعمل بمعنى كلّهم، وبمعنى معًا، والأول يدلّ على الاستغراق، والثاني على المَعِيَّة الزمانية وتفصيله: أن هذا اللفظ قد يُسَتْعْمَل للاستغراق وإحاطة الأفراد مع قطع النظر عن الاجتماع، وقد يُسْتَعْمَل للثاني، أي بمعنى الاجتماع والمَعِيَّة، وهو المناسب ههنا، فإن التعرُّض إلى اغتسال الرجال والنساء مطلقًا ليس بأهم، وإنما المفيد بيانُ اغتسالهما معًا. ثم أقول: والشيء بالشيء يُذْكَر، أن إمامنا رحمه الله تعالى ذهب إلى مقارنة المقتدي مع الإِمام في حميع أفعال الصلاة، واختاره صاحباه أيضًا، إلا في التحريمة والتسليم، والشافعي رحمه الله تعالى ذهب إلى التعقيب في جملة أفعالها غير آمين، وتمسَّك من أحاديث الائتمام، وفيها الفاء: «إذا كبر فكبروا ... » إلخ، وهي للتَّعقِيب عندهم، فَلزمَ التَّعْقِيب في جميع الأفعال كما أراد. قلت: وفي «شرح التسهيل»: أن في الفاء الجَزَائية قولان: التَّعْقِيب، والمقارنة، وحينئذٍ صحَّت الفاء على مذهبنا أيضًا، فلا تنافيها المقارنة الزمانية، فهي للتَّعْقِيب ذاتًا، والمقارنة زمانًا عندي. ولا بُدَّ أن يكون بين أفعال الإِمام والمأموم تقدُّمًا وتأخُّرًا ذاتًا، وإنما أراد الإِمام من المقارنة أن يدخل المقتدي في الرُّكن حين يدخل الإِمام، ولا ينتظر بلوغه فيه، فَيْركع حين

46 - باب صب النبى - صلى الله عليه وسلم - وضوءه على المغمى عليه

يَرْكع، لا أنه ينتظر الإِمام حتّى إذا أتمَّ راكعًا رَكَع معه. ومعلومٌ أن رُكُوعَه لا يكون إلا بعد ركوع إمامه بْعدِيَّة ذاتية، وإن أراد المقارنة، فإن ركوع الإِمام كالعِلَّة لركوعه، وهو المُلْحَظُ في الجماعة عندي، لأن ظاهر أمر الجماعة أن تكونُ حركتهُم واحدةً، وصلاتُهم واحدةً، وقراءتُهم واحدةً (¬1)، وسنعود، إلى تفصيله في مواضع إن شاى الله تعالى. 46 - باب صَبِّ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَضُوءَهُ عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ 194 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِى، وَأَنَا مَرِيضٌ لاَ أَعْقِلُ، فَتَوَضَّأَ وَصَبَّ عَلَىَّ مِنْ وَضُوئِهِ، فَعَقَلْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَنِ الْمِيرَاثُ إِنَّمَا يَرِثُنِى كَلاَلَةٌ. فَنَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ. أطرافه 4577، 5651، 5664، 5676، 6723، 6743، 7309 - تحفة 3043 ولعله أراد بيان مسألة الماء المستعمل. 47 - باب الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ فِى الْمِخْضَبِ وَالْقَدَحِ وَالْخَشَبِ وَالْحِجَارَةِ 195 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ حَضَرَتِ الصَّلاَةُ، فَقَامَ مَنْ كَانَ قَرِيبَ الدَّارِ إِلَى أَهْلِهِ، وَبَقِىَ قَوْمٌ، فَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمِخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ فِيهِ مَاءٌ، فَصَغُرَ الْمِخْضَبُ أَنْ يَبْسُطَ فِيهِ كَفَّهُ، فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ. قُلْنَا كَمْ كُنْتُمْ قَالَ ثَمَانِينَ وَزِيَادَةً. أطرافه 169، 200، 3572، 3573، 3574، 3575 - تحفة 700 196 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَعَا بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ وَمَجَّ فِيهِ. طرفاه 188، 4328 - تحفة 9061 197 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْرَجْنَا لَهُ مَاءً فِى تَوْرٍ مِنْ صُفْرٍ فَتَوَضَّأَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا وَيَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ فَأَقْبَلَ بِهِ وَأَدْبَرَ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ. أطرافه 185، 186، 191، 192، 199 - تحفة 5308 - 61/ 1 قوله: (المِخْضَب والقدح) ... إلخ، هذا في بيان الهيئة. قوله: «والخشب والحجارة» هذا في بيان مادتهما. ¬

_ (¬1) قلت: وذلك لأنه يُعْلَم من النظر إلى الشريعة أنه اعتبر الجماعةَ كنفسٍ واحدةٍ في أمور، كإعطاء الأمن، فإنه يسعى به أدناهم، وينفَّذُ على الكل، وكما في أمر السلام، ففي "المشكاة" عن عليّ رضي الله عنه قال: "يجزىء عن الجماعة إذا مرّوا إن يُسلم أحدهم، ويجزىء عن الجلوس أن يردّ أحدهم". رواه البيهقي في "شعب الإيمان" مرفوعًا. ورواه أبو داود، وقال: رفعه الحسن بن علي، وهو شيخ أبي داود، فهكذا القراءةُ في الجماعة تكون واحدةً عند الحنفية، سواء اعتبرتَها واحدة حقيقةً، أو على طريق أن قراءةَ الإِمام قراءةٌ للقوم، والله تعالى أعلم.

48 - باب الوضوء من التور

195 - قوله: (أتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ... إلخ، وهذا تصريحُ بأنه صلى الله عليه وسلّم جاءه في بيته وتوضَّأ، فكانت هذا واقعةٌ عند عبد الله بن زيد، وفيها تصريحٌ بغسل المرفقين مرتين. وأمَّا الغسل إلى الرُّسْغَين فهو ثلاثُ مرارٍ باتفاق الروايات. 198 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا ثَقُلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ، اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ فِى أَنْ يُمَرَّضَ فِى بَيْتِى، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلاَهُ فِى الأَرْضِ بَيْنَ عَبَّاسٍ وَرَجُلٍ آخَرَ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَأَخْبَرْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ أَتَدْرِى مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ قُلْتُ لاَ. قَالَ هُوَ عَلِىٌّ. وَكَانَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - تُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ بَعْدَ مَا دَخَلَ بَيْتَهُ وَاشْتَدَّ وَجَعُهُ «هَرِيقُوا عَلَىَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ، لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ، لَعَلِّى أَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ». وَأُجْلِسَ فِى مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عَلَيْهِ تِلْكَ حَتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ. أطرافه 664، 665، 679، 683، 687، 712، 713، 716، 2588، 3099، 3384، 4442، 4445، 5714، 7303 - تحفة 16309 48 - باب الْوُضُوءِ مِنَ التَّوْرِ 199 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ عَمِّى يُكْثِرُ مِنَ الْوُضُوءِ، قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَخْبِرْنِى كَيْفَ رَأَيْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ فَدَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ، فَكَفَأَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا ثَلاَثَ مِرَارٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِى التَّوْرِ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَاغْتَرَفَ بِهَا فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ مَاءً، فَمَسَحَ رَأْسَهُ، فَأَدْبَرَ بِيَدَيْهِ وَأَقْبَلَ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ، فَقَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ. أطرافه 185، 186، 191، 192، 197 - تحفة 5308 200 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ، فَأُتِىَ بِقَدَحٍ رَحْرَاحٍ فِيهِ شَىْءٌ مِنْ مَاءٍ، فَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِيهِ. قَالَ أَنَسٌ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى الْمَاءِ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، قَالَ أَنَسٌ فَحَزَرْتُ مَنْ تَوَضَّأَ مَا بَيْنَ السَّبْعِينَ إِلَى الثَّمَانِينَ. أطرافه 169، 195، 3572، 3573، 3574، 3575 - تحفة 297 - 62/ 1 198 - قوله: (اسْتَأْذَنَ) ... إلخ، إما لأن القَسْمَ كان واجبًا عليه، أو استحبابًا لتطييب قلوبهنَّ. قوله: (بين رَجُلَيْن)، وفي تعيين الرجل الآخر اختلاف، وإنما أُبْهِمَ، لأنهم كانوا يتناوبون الأخذَ بيده الكريمة صلى الله عليه وسلّم تارةً هذا، وتارةً هذا: وكان العباس رضي الله عنه أَدَام الأخذ بيده لِمَا له من السن والعمومة، كذا قال النووي. وحمله العَيْنِي على تعدّد الوقائع.

ذكر عدد صلواته صلى الله عليه وسلم في مرض موته، وخروجه إلى المسجد وتحقيقه على خلاف ما اختاره الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى

قوله: (سَبْع قِرَب) ... إلخ، وفي كتب السِّير: أن تلك السَّبْع كانت من الآبار السَّبْع، ولعلّ تعدّد السبع وعدم الحل دخلا في الشفاء، كما يكون مثل هذه الشرائط في باب العملياتِ والتعويذاتِ كثيرًا. قوله: (ثم خرج إلى الناس) ... إلخ، وخروجه هذا إنما هو في العشاء عندي. ذِكْرُ عدد صلواته صلى الله عليه وسلّم في مرض موته، وخروجه إلى المسجد وتحقيقه على خلاف ما اختاره الحافظ ابن حَجَر رحمه الله تعالى واعلم أنَّ الروايات في غَيْبُوبته صلى الله عليه وسلّم في مرضه عن المسجد مختلفةٌ: فعند البخاري أنَّه غاب ثلاثة أيام، واختاره البيهقي وتَبِعَه في ذلك الزَّيْلَعِي. وعند مسلم أنَّه غاب خمسة أيام، واختاره الحافظ. قلت: ولعلّ الحافظ رحمه الله تعالى عدّ الكُسُور أيضًا، ولعلّ ابتداءَ الغَيْبة عنده يكون من ليلة الخميس، وحينئذٍ لو اعتبرنا ذلك اليوم مع يوم الاثنين حصل الخَمْس، ومَنْ قال بثلاثة أيام، اعتبر اليوم التام، فارتفع الخلاف. ثم إنَّهم اتفقوا على أنَّه خرج في صلاة من تلك الأيام، ولعلّه ظُهْر السبت أو الأحد، لأنَّ الغَيْبة لمّا كانت من عشاء الخميس على ما اختاره الحافظ، فلا يُمكِنُ أن يكون ظُهْر هذا اليوم، ولا من يوم الجمعة، وتُوْفِّي يوم الإثنين، فتعيَّن أن يكون إما ظُهْر السبت أو الأحد. والعجب من الحافط حيث جَعَلَ قدوتَه فيه الإِمام الشَّافعيّ رحمه الله تعالى، مع أنَّ الإِمام رحمه الله تعالى وإن اختار شركته في صلاةٍ واحدةٍ، إلاّ أنَّه ذَهَبَ إلى أنَّها الفجر، بخلاف الحافظ، فإِنَّه اختار أنَّها الظُّهْر. أقول: والذي تبيّن لي: هو أنَّه صلى الله عليه وسلّم دَخَلَ في أربع صلوات بعد، الغَيْبُوبة: الأولى: العشاء التي غُشِيَ عليه في ليلتها - كما في رواية الباب - فإِنَّه لم يستطع أولًا أن يَخْرُج، ثم وجد في نفسه خِفَّة، وخرج إليها وصلَّى بهم وخطب النَّاس، كما عند البخاري، وفيه: قالت وخَرَجَ إلى النَّاس فصلّى لهم وخَطَبهم. وأَوَّله الحافظ رحمه الله تعالى، وقال معناه: إنه أراد الخروج، ثم لم يَقْدِر عليه. والثانية: الظُّهْر من أي يوم كانت، وأَقَرَّ بها الحافظُ رحمه الله تعالى أيضًا. والثالثة: المغرب كما هو عند الترمذي في باب القراءة بعد المغرب، عن أمّ الفَضْل قالت: «خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو عاصبٌ رأسه في مرضه، فصلَّى المغرب، فقرأ ب: المرسلات، فما صلاّها بعد حتى لَقِيَ الله عزّ وجلّ. وهو عند النَّسائي أيضًا، وأوَّله الحافظ بأنَّه خرج من مكانه إلى موضع في بيته، لا أنه خرج إلى المسجد. والرابعة: الفجر من اليوم الذي تُوُفِّي فيه كما في «مغازي موسى بن عُقْبَة»، وهو تابعي صغير السِّن، وأقرَّ بها البيهقي أيضًا، ودخل فيها في الركعة الثانية، وصَلاها خلف أبي بكر

رضي الله عنه. نعم، ظاهر البخاري خلافه، إلاّ أني جَمَعْتُ بينهما بأنه اقتدى من حُجْرَته، ولم يَخْرُج إلى المسجد. فهذه أربع صلوات دخل فيها النبي صلى الله عليه وسلّم بعد غَيْبُوبته عن المسجد، ولم أَجِد شَرَكَته في العصر في يوم، وكذا لم أَجِد الترتيب في تلك الصَّلاة. وأقرَّ الترمذي أنه صلّى في مرض وفاته ثلاث صلوات، وزِدْتُ عليه رابعة، وهي المغرب. وفي العَيْنِي: أنه ذهب جماعةٌ إلى القول بتعدّد الصلوات حتى نُقِل عن الضِّيَاء، وابن ناصر، وابن حِبَّان: أنَّ من أنكر تعدّد خروجه صلى الله عليه وسلّم إلى الصَّلاة، فإِنَّه جاهلٌ عن الحديث. ثم اعلم أني بالغت في هذا التفتيش، لأنه يُفِيدُنا في مسألةِ القراءةِ خلفَ الإِمام، لأنه ثَبَتَ عند الطَّحَاوي خروجُه في صلاة جَهْرِيَّة، وأخذ القراءةَ من حيث تَركَها أبو بكر رضي الله تعالى عنه، وحينئذٍ لا بُدَّ أن تَفُوتَه الفاتحة، كلُّها أَو بعضُها، فلو كانت رُكْنًا لَزم أن لا تتِمّ صلاته صلى الله عليه وسلّم والعياذ بالله، فهذه آخره صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وسلّم كانت مُسْتَدَلًا للحنفية، ولم يَشْعُر به أحدٌ منهم غير ابن سيِّد الناس في «شرح الترمذي»، إلاّ أنه لم يُجِب عنه. وعَرَضَ للحافظ رحمه الله تعالى إشكالٌ آخر، وهو: أنَّ الصَّلاة التي خَرَج إليها النبيّ صلى الله عليه وسلّم هي الظُّهْر عنده، فكيف أخذَ القراءةَ من حيث تَرَكَها أبو بكرَ رضِي الله تعالى عنه؟ فالتزم أنَّ أبا بكر رضي الله تعالى عنه لعلّه جَهَر بآيةٍ منها. وأمَّا على ما اخْتَرْتُ، فلا حاجة إلى هذا التأويل، فإِنه ثَبَتَ خروجُه إلى العشاء أيضًا، وهي جَهْرِيَّة. ولفظ الطَّحَاوِي في قصة مرض موته: «وجَدَ رسول الله صلى الله عليه وسلّم من نفسه خِفَّةً، فخرج يُهَادَى بين رجلين، فلمَّا أحسَّ أبو بكر، سَّبحوا به، فذهب أبو بكر يتأخَّر، فأشار إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم مكانك، فاسْتَتَمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم من حيث انتهى أبو بكر من القراءة»، ورواه ابن ماجه، والدَّارقّطِنيِّ، وأحمد في «مسنده»، وابن الجَارُود في «المُنْتَقى»، وأبو يَعْلَى في «مسنده»، والطَّبَرِي في «تاريخه»، وابن سعد في «الطبقات»، والبَزَّار في «مسنده». وإذ قد عَلِمْتَ أنَّه خَرَج في أربع صلواتٍ، منها الفجر والمغرب، أَمْكَن لنا أَنْ نقول: إنَّ ما عند الطَّحَاوِي قصةٌ في إحدى هاتين الصَّلاتين، وأخذ فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم القراءةُ من حيث تركها أبو بكر رَضِي الله تعالى عنه، ولم يُدْرِك الفاتحةَ كلَّها أو بعضَها، ثم صحَّت صلاته، وحُسِبَت قراءة أبي بكر رَضِيَ الله تعالى عنه عن قراءته، فلو كانت الفاتحة ركنًا لا تصحَّ الصَّلاة بدونها، فأين ذَهَبْتَ من صلاة النبي صلى الله عليه وسلّم هذه؟ وقد بَسَطْتُ فيه الكلام في رسالتي بالفارسية المسماة ب «خاتمة الخطاب في فاتحة الكتاب». ومرَّ الحافظ على رواية ابن ماجه هذه - وهي عند الطَّحَاوي أيضًا - فَحَكَمَ عليها بالحُسْن، وحَكَمْتُ عليها بالصحة، وعَزَوْتُها إلى الحافظ رحمه الله تعالى، فاعترض عليَّ بعضُ المُدَّعِين بالعمل بالحديث: أنه خلافُ الواقع، فإن الحافظ رحمه الله تعالى لم يَحْكُم عليه بالصحة، فأَجَبْتُ له: أن الحافظ رحمه الله تعالى مرَّ عليها في موضعين، فحكم بالحُسْنِ في المجلد الثاني، وبالصحة في المجلد السادس.

49 - باب الوضوء بالمد

49 - باب الْوُضُوءِ بِالْمُدِّ 201 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ جَبْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَغْسِلُ - أَوْ كَانَ يَغْتَسِلُ - بِالصَّاعِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ، وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ. تحفة 963 واعلم أنهم اتفقوا على أنَّ الصَّاع أربعة أَمْدَاد، واختلفوا في تقدير لمُدِّ: فقال العِرَاقِيُون: إِنَّ المُدَّ رَطْلان، وقال الحِجَازِيُون: إنَّه رَطْلٌ وثُلُث. وعلى هذا يكون الصَّاعُ ثمانية أَرْطَالٍ عند العِرَاقِيين، وخمسةُ أَرْطَالٍ وثُلُث عند الحِجَازِيين. قلت: ولا يمكن لأحدٍ أن يُنْكِرَ صَاعَ العِرَاقِيين، فإِنَّه كان مُسْتَعْمَلًا في زمن النبيّ صلى الله عليه وسلّم قَطْعًا، لِمَا رُوِيَ من غير وجهٍ: «أنه كان يتوضأ بالمُدِّ». ثم أَخْرَج أبو داود عن أنس قال: «كان النبيِّ صلى الله عليه وسلّم يتوضَّأ بإِناءٍ يسع رَطلين» ... إلخ. وفيه شَرِيك، وأَخْرَجَ عنه مسلم، وعند النَّسَائِي عن موسى الجُهَنِي قال: «أتى مُجَاهِد بقَدَحٍ حَزَرْتُه ثمانية أرْطَالٍ، فقال: حدَّثني عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان يَغْتَسِلُ بمثل هذا». وعند الطحاوي عن إبراهيم قال: «قدَّرْنا صاعَ عُمر، فوجدناه حَجَّاجِيًّا»، والحَجَّاجِيّ عندهم: ثمانية أرْطَال. والحافظ لمَّا مرَّ على صاعنا سمّاه حَجَّاجِيًّا، ولم يُسَمِّهِ فَارُوقِيًّا، مع أنَّ الحجَّاج إنما صَنَعَ صاعَهُ على صاع عمر، وكان يَفْتَخِرُ عليهم بذلك، وهو صاع عمر بن عبد العزيز أيضًا، فأصله عن عمر رضي الله عنه، والحَجَّاج شَهَرَه لا أنه صنعه هو. ومنهم مَنْ أَرَادَ من كونِه عُمَريًّا عمر بن عبد العزيز، وهو أيضًا عُدُولٌ عن الصواب. فإِن صاعَنا ثَبَتَ في عهده صلى الله عليه وسلّم ثبوتًا لا مردَّ له. وفي الباب روايات أُخْرَىَ تدلُّ على مذهبنا، إلاّ أنَّا لم نُرِدْ اشتيعابها، لأنَّه لا يسع لأحدٍ أن يُنْكِر على صاع الحنفية، وأقرَّ به ابن تيمية رحمه الله تعالى، إلاّ أنه قال: إنَّ الصَّاعَ في الوضوء والغُسْل ثمانية أَرْطَال، وفي صدقة الفِطْر خمسة أَرْطَال وثُلُث. ونحن نقول: إنَّ الاحتياط أن يؤخذ في جميع المواضع بثمانية أرْطَال. ثم اعلم أنَّه أخرج ابن حِبَّان في «صحيحه» عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم قيل له: إِنَّ صاعنا أصغر الصِيعَان، ومُدَّنا أكبر الأَمْدَاد فقال: اللهم بارك لنا في صاعنا، وبارك في مُدِّنا»، ولا يبدو في بادي النظر مَحَطُّ سؤالهم، فإِنَّ كون الصَّاع صغيرًا، والمُدّ كبيرًا لا يظهر فيه معنى الشِّكَاية. وكنت مترددًا في مراده حتى رأيت عبارة في «موطأ مالك» رحمه الله تعالى في الظِّهِار، انكشف بها المراد، وأخذت منه أَنَّ المُدَّ عندهم كان باعتبار طعام رجلٍ واحدٍ، وكان مِكْيَالُهم لطعامهم وشرابهم مُستْعمَلًا فيما بينهم في التجارات. وفي المقدار الكثير يطبخون الطعام كَيْلًا في زماننا أيضًا، وحينئذٍ حاصل سؤالهم: أن المُدَّ الذي نستعمله في البيوت في طعامنا كبيرٌ، والصاع الذي في التجارات صغيرٌ، فكأنهم شَكُوا من كثرة المصارف وقلة المال، فدعا لهم: «اللهم بارك لنا ... » إلخ. وحملوه على البركة المعنوية، وحَمَلْتُه على البركة الحِسِّيَة أيضًا، حيث صار

ثمانية أرْطَال في زمن عمر رضي الله عنه مع بقاء اسمه، ولعلّه زاد ثمنه، فبقاء الاسم والثمن مع زيادة الوزن هو ثمرةُ دعاء النبي صلى الله عليه وسلّم فصاعنا من ثمرات دعائه صلى الله عليه وسلّم. وأمَّا وجه رَوَاجه في زمن عمر رضي الله عنه دون زمنه صلى الله عليه وسلّم فَوُفور الأشياء في زمن عمر رضي الله عنه، بخلاف زمن النبي صلى الله عليه وسلّم. ويُسْتَفَاد مِنْ هذا الحديث تعدّد الصِيعَان في عهد النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كما قلت: إنَّ صَاع العِرَاقيين والحِجَازيين كلاهما كانا في زمنه صلى الله عليه وسلّم وإنْ كان أحدهما أقل استعمالًا من الآخر، على أنه يَنْهَدِم منه أصل المقدمة المتفق عليها أيضًا، لأنه يدلُ على أنَّ المُدَّ ليس رُبْع الصَّاع، فاختلفت الأَمْدَاد أيضًا، وحينئذٍ لا يكون أكبر الأَمْدَاد رُبْع أصغر الصِيعَان، ثم «الصُّوَاع» في سورة يوسف والصَّاع واحدٌ، مع أن الصُّوَاع أكبر من صاع الشافعية. وفي «الفنجاب»: مِكَيالٌ يُقَال له جها وظنّي أنَّه من الصَّاع مكيال آخر كروه، ولعلَّه من الكُرِّ. وليُعْلَم أن الناس إنما تحيَّروا في معرفة مقادير هذه المكاييل لفُقدانها في زماننا، وانقطاع العمل عمّا كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم فتعلَّلنا عنها بالاسم فقط، وهذا هو الحال في جميع الأشياء التي لا توجد بين الناس. وقد تصدَّى صاحب «القاموس» لبيان تعداده، فقال: إنَّ المُدَّ مكيالٌ يسع حَثْيَة من حَثْيَة الرجل المتوسط، والصَّاع ما يَسَع أربع حَثَيَات كذلك. قلت: ولو كان المقصودُ بيان استقامة الحساب على مذهب الشافعية، فإِنَّه يستقيمُ على مذهب الحنفية أيضًا، فإِنَّ صاعهم إن كان يتمّ بأربع حَثَيَات، فصاعنا يتمّ بستة حَثَيَات. وصاحب «القاموس» كما أنَّه لغوي كذلك حافظٌ للحديث أيضًا، وقد سَمِع مرّة أربع مئة سطر، فَوَعاها من ساعته. وقد صنَّف «القاموس» في اليمن، وهو شافعي، ومعتقدٌ لأبي حنيفة رحمه الله تعالى، إلاّ أنه قد يتجاوزُ عن الحد في حماية مذهبه، وله رسالة بالفارسية سمَّاها: «نور سعادت»، وأتى فيها برواياتٍ لا أصل لها عند المحدِّثين، وهكذا قد يذكر لتأييد مذهبه أسماء الصحابة ولا يكون له أصلٌ، ولا يكون مقصوده منه إلاّ تكثير السواد، كما فعله في مسألة رفع السَّبِّابة، فإِنَّه لم يثبت عمَّا ذكره من عدد الصحابة قط. وهكذا فعل في رفع اليدين، فقد عدّ فيه جِماعاتٍ كثيرةً. مع أنه خلاف الواقع، كما سنحقِّقه في بابه إن شاء الله تعالى. ولنا أحاديث عند الطَّحَاوي، وأبي داود، والنَّسائي، وقد مرَّ أن النَّسائي أذكى من مسلم، وأمَّا أبو داود، فهو حنبلي راوٍ لفِقه الإِمام أحمد رحمه الله تعالى، كمحمد وأبي يوسف لفقه الحنفية، ومَنْ عدَّه من الشافعية، فكأنَّه لم يقصد به إلاّ تكثيرَ السواد، ولا ريب أنَّه حنبلي فاعلمه. ثم اعلم أنَّ ابن جَبْر هذا الذي في إسناد البخاري، هو الذي يفسِّر المُدّ: أنه رطلان عند أبي داود، ولم يُرْوَ في تحديد الماء في الوضوء عن الأئمة شيء، غير أَنَّه يتوضّأ وضوءًا بن الوضوءين، ووقَّته محمد رحمه الله هنا بالمُدِّ تبعًا للحديث، والحافظ رحمه الله تعالى لم يذكر اسمه، وضرب عنه كَشْحًا، وأغمض عنه، وأمَّا خمسة أمْدَاد في الغُسْل، فقيل: المُدِّ للوضوء، وأربعة أمْدَاد للغْسْل. وقيل هو للغُسْل إلاّ أنه إذا أراد الماء من الصَّاع فإِلى خمسة أمْدَاد.

50 - باب المسح على الخفين

وقدَّره علماء الهِنْد أنه مئتان وسبعون «تولجة» وكتب فيه ابن حَزْم شيئًا في «المُحَلى»، وظنِّي أنَّه خلاف الواقع. وفي الأوزانِ رسالةٌ (للملامبين)، ولكنَّها نادرة، ورسالةٌ أخرى للمخدوم هاشم السِّنْدِهي، ورأيتها فوجدت فيها مثل ذلك. وسها مولانا عبد الحي رحمه الله تعالى في حساب نِصَاب الفضة والذهب، ووجهه أنَّه اعتبر بالأحمر ما هو عند الأطباء، وهو أربع شعيرات، وفي الخارج هي قريب من ثلاث شعيرات، وما حقَّق القاضي ثناء الله الفاني فتى رحمه الله تعالى فيه وهو الصحيح. قال الشيخ السِّنْدِي في بيان وزن الصَّاع: *"صاع كوفي هست أي مرد فيهم ... ذو صد هفتاد توله مستقيم *باز ديناري كه دارد اعتبار ... وزآن از ماشه دان نيم وجهار" وقد أضفت إليهما بيتين آخرين فقلت: *"درهم شرعي أزين مسكني شنو ... كان سه ماشه هست يك سرخه دو جو *سرخه سه جوهست ليكن باوكم ... هشت سرخه ماشه أي صاحب كرم" 50 - باب الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ 202 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ الْمِصْرِىُّ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرٌو حَدَّثَنِى أَبُو النَّضْرِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ. وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سَأَلَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ نَعَمْ إِذَا حَدَّثَكَ شَيْئًا سَعْدٌ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ تَسْأَلْ عَنْهُ غَيْرَهُ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَخْبَرَنِى أَبُو النَّضْرِ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ سَعْدًا حَدَّثَهُ فَقَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ اللَّهِ. نَحْوَهُ. تحفة 3899 203 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْحَرَّانِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ خَرَجَ لِحَاجَتِهِ فَاتَّبَعَهُ الْمُغِيرَةُ بِإِدَاوَةٍ فِيهَا مَاءٌ، فَصَبَّ عَلَيْهِ حِينَ فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ، فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ. أطرافه 182، 206، 363، 388، 2918، 4421، 5798، 5799 - تحفة 11514 204 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِىِّ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ. وَتَابَعَهُ حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ وَأَبَانُ عَنْ يَحْيَى. طرفه 205 - تحفة 10701 وراجع لتعريف الخُفّ «الكبيري»، ويُشْتَرط عندهم أَنْ يكون بحيث يمكن فيه تتابع المشي، ولذا يستعملون في الإِبل الأخفاف، لأَنَّ الخُفَّ عندهم اسمٌ لِمَا يمكن فيه قطع المسافة وليست ترجمته موزة، بل هو خلاف المراد، لأنَّه لا يظهر منه هذا المعنى. 202 - قوله: (وإِنَّ عبد الله بن عمر سأل)، قيل: وجه السؤال أنَّه كان يعرفُ المسحَ في السفر، فسأل عن حالِ الإِقامة في البيوت أيضًا. قلت: ولا حاجةَ إلى هذا التأويل أيضًا، فإنَّ أمورِالدين تُعْرَف شيئًا فشيئًا، ومعلوم أنه لم يكن عندهم المدارس يتدرَّسُون فيها المسائل، بل

كانوا يتعلَّمون المسائل بحسب الحاجات والواقعات. ثم لا يخفى عليك أن ابن عمر رَضِيَ الله عنه هذا الذي يسأل عن المسح، هو حامل لواء رفع اليدين، مع أنه لم يَثَّبُت عن الخلفاء الثلاثة. واعلم أنَّه لا ذكر في حديث المُغِيرَة للجَوْرَبَيْنِ والنَّعْلَين أصلًا، وهو وهمٌ قطعًا، فإِنَّ هذه الواقعة قد رُوِيَت في نحو سبعين طريقًا، ولا يذكر أحدٌ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم مسح فيها على الجَوْرَبَيْنِ والنَّعْلَيْن. فما أخرجه الترمذي وهمٌ قطعًا، وإنما صحَّحه نظرًا إلى صورة الإِسناد فقط. 205 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ. وَتَابَعَهُ مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَمْرٍو قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 204 - تحفة 10701 205 - قوله: (يمسح على عِمَامته) ... إلخ، وبظاهره أخذ أحمد رحمه الله تعالى، واختار أنَّ الفريضة تتأدى بالمسح عليها بشرط أنَّ تكون مُحَنَّكةَ، وشرائطها شرائط الخُفّ. وجزم الشافعي رحمه الله تعالى: أنَّه لو مسح على بعض الرأس والعِمَامة، خرج عن عهدة الاستيعاب، وهكذا قال الماليكة، إلاّ أنَّ القاضي أبو بكر بن العَرَبي منهم قال: إِنَّ القدر المستحب لا يَتَأَدَّى عندهم بالمسح عليها. ومذهب الحنفية أنَّه غير مُعْتَبَرٌ، وفي «الموطأ»: بلغنا أنه كان ثُمَّ تُرِكَ، ولذا وقع في بعض عباراتهم أنه بِدْعة عندنا. ومرَّ أبو عمرو في «التمهيد» على أحاديث المسح على العِمَامة، وحكم عليها بأنَّها مْعلُولة كلها. وقال ابن بَطَّال: الأصِيلي: ذِكْر العِمَامة في هذا الحديث من خطأ الأوْزَاعي. قال الحافظ: وله مُتَابعات أيضًا، وإن سلَّمنا تفرُّدَه، فإِنَّه لعلو كَعْبه، وجلالة قدره لا يوجبُ الإِعلال أيضًا، وأظنُّ أنَّ هذه واقعة عمرو بن الضَّمْرِي واقعة الخَضَر، والله تعالى أعلم. قلت: والبخاري وإن أخرج حديث المسح على العِمَامة، إلا أنَّه لم يُتَرْجِم عليه بهذه المسألة، فدلّ على ضعفٍ فيه، لأنَّه تحقَّق عندي من عاداتِه أنَّ الحديث إذا كان قويًا عنده، ويكون فيه لفظ يتردَّد فيه النظرد يخرِّجه في كتابه، ولا يُتَرْجِم على ذلك اللفظ، ولا يخرِّج منه مسألة. فصنيعه هذا في المسح على العِمَامة يدلَّ على تردّد عنده فيه، ولذا تركه ولم يذهب إليه، والله تعالى أعلم. وأجاب عنه بعض الحنفية: أنه سوّى عِمَامته بعد المسح، وظنَّه الرَّواي مسحًا، فعبَّر عن التسوية بالمسح على العِمَامة. قلت: وهذا الجواب ليس بمرضيًّ عندي، لأنه يُفْضِي إلى تغليط الصحابي الذي شاهد الواقع وحكي عنه كما رأى، ومعلومٌ أَنَّهم من أذكياء الأمة، كيف يُمكِن أن يَخْفَى عليهم الفرق بين المسح والتسوية؟ وهذا الجواب في الأصل للقاضي أبي بكر بن العربي، وليس مراده ما فُهِمَ، ولفظه: إن المسح على العِمَامة لم يكن عن نصٍ، وإنَّما اختصر على مسح بعض الرأس

وإمرار اليد عليها تَبَعًا لمسح البعض، كما نشاهد البعض إذا مسح على البعض وكان على الرأس عِمَامة» (¬1). وحاصله: أنَّ المسح على الرأس كان أصلًا، وعلى العِمَامة تَبَعًا، وهو الذي أراده الرَّاوي، أي أَنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلّم فعله على الرأس قصدًا، ومسح على العِمَامة أيضًا، إلاّ أنَّه لم يفعله قصدًا، بل وقع تَبَعًا، فمعنى التَّبَع: بلا قصدٍ، لا أنه كان في الحقيقة تسويته، وظنَّه الرَّاوي مسحًا، فإنَّه يوُجِبُ تغليط الراوي، وكم من فرق بينهما؟ وحاصل جواب القاضي على ما قرَّرت: أنَّ الرَّاوي ذكر المسح على العِمَامة كما وقع في الخارج، وإذا كان مَسَحَ بلا قصدٍ، فنقله أيضًا كذلك، وليس فيه تغليطٌ له بل فيه تصويبٌ، فادر الفرق بينهما، ولا تتعصب، فإِنَّ من العصبية لجهلًا. وقد يُجَاب. أنَّ معناه أنه لم يمسح على العِمَامة، بل مسح على الرأس حال كون العِمَامة على الرأس، وحينئذٍ غرضُ الرَّاوي بيان طريق المسح حين التَّعَمُّم، كما تعرَّض إليه في حديث أبي داود: «أن النبي صلى الله عليه وسلّم مسح على رأسه ولم ينقض العِمَامة». وقوله: «مسح على العمامة» متحملٌ لهذا المراد عُرْفًا وعربية. والحق عندي أنَّ المسحَ على العِمَامة ثابتٌ في الأحاديث، كيف لا؟ وقد ذهب إليه الأئمة الثلاثة رَضِي الله عنهم، ولو لم يكن له أصلٌ في الدين لَمَا اختاروه البتة. وإني لَسْتُ ممن يأخذون الدين من الألفاظ، بل أَوْلى الأمور عندي تَوَارّث الأمة، واختيار الأئمة، فإنَّهم هُدَاة الدين وأعلامه، ولم يَصِل الدين إلينا إلا نهم، فعليهم الاعتماد في هذا الباب، فلا نُسِيّء بهم الظن، ولا نقول: إنَّ المسحَ على العِمَامة لم يَثْبُت في الدين، ومع ذلك ذهبوا إليه، ولذا لم يقل محمد رضي الله عنه: إنَّ المسحَ على العِمَامة لم يَثْبُت، ولكنَّه قال: إِنَّه كان ثُمَّ نُسِخَ. ومعنى النَّسخ قد علمته في المقدمة، فَرَاجِعه، فإِنَّه مهمٌ، وقد غَفَل عنه كثير من الناس، ولا يَرَوْن النسخ إِلا ما اشتهر عندهم، مع أنَّ النسخ في السلف أعمِّ منه، ولذا لا أجترىء على أَنْ أقول: أنه بدعة كما يُتَبَادر من بعض الكتب، بل هو مباحٌ كما صرّح به الرَّازِي منا في «أحكام القرآن». وكان مولانا شيخ الهِنْد يقول بأداء الاستحباب منه، وإن لم يكتبوه في الكتب، قلت: بل ينبغي أن يلتزم أداة الاستحباب منه، لأن الإِباحة تُفِيدُ لو كان المسح على العِمَامة من باب العادات، وأمّا إذا كان سنة قَصْدِيّة، فلا بُدَّ أن يُقَال بأداء سُنَّة التكميل منه. ¬

_ (¬1) قلت: قال الخَطَّابِي: وأبى المسحَ على العِمَامة أكثر الفقهاء، وتأوَّلوا الخبرَ في المسح على العِمَامة على معنى أنه كان يقتصرُ على مسح بعض الرؤوس، فلا يمسحه كلّه مقدمه ومؤخره، ولا ينزع عِمَامة من رأسه، ولا ينقضها وجعلوا خبر المُغِيرَة بن شُعْبَة كالمُفَسِّر، وهو أنه وصف وضوءه، ثم قال: ومسح بناصيته وعلى عِمَامته، فوصل مسح الناصية بالعِمَامة، وإنما وقع أداء الواجب من مسح الرؤوس بمسح الناصية، إذ هي جزء من الرأس، وصارت العِمَامة تَبَعًا له، كما رُوِيَ: "أنه مسح الخف وأسفله"، كالتَّبَع له، والأصل أن الله تعالى فرض مسح الرأس، وحديث ثَوْبَان محتمل للتأويل، فلا يُتْرَك الدليل المُتَيَقَّن بالحديث المُحْتَمَل: اهـ.

51 - باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان

والأحاديث في المسح على العِمَامة على أنحاءٍ: في بعضها ذكر العِمَامة فقط، وفي بعضها ذكر العِمَامة والرأس كليهما، وفي بعضها ذكر الرأس فقط. وقد جاء حديث المُغِيرَة على الطرق الثلاثة، فدلَّ على أنَّه لم يَمْسَح على العِمَامة في تلك الواقعة، إلاّ وقد أدّى القدر المجزيء على الرأس، ثم تفنَّن الراوي في بيانه، فاقتصر تارةً على ذكر المسح على الرأس، وأخرى على العِمَامة، وإذا أوعب القصة ذكرهما، فإِذا وجدنا في هذا الحديث ذكر مسح العِمَامة مكان المسح على الرأس تارةً، وبالعكس تارةً، وجمعهما الرَّاوي تارةً، يَسْبِقُ الذهن منه أن يكون في الأحاديث الأُخُر التي فيها ذكر المسح على العِمَامة فقط أيضًا كذلك، فما دام لا يَثْبُت أنه مسح على العِمَامة ولم يمسح معها على الرأس، لا تقوم الأحاديث المُجْمَلة في هذا الباب حُجَّة للحنابلة، لاحتمال أن يكون الأمر فيها أيضًا كما في حديث المُغِيرَة. ويمكن عندي أَنْ يكونَ المسح على العِمَامة في الوضوء على الوضوء، فإِنَّه قد ثَبَتَ الوضوء عندي على أنحاءٍ كما مرّ من قبل، وإن أنكرها ابن تَيِمْيَة. وثَبَتَ الاقتصار على بعض أعضاء الوضوء وعلى المسح في بعض أنحاء الوضوء، وعلى هذا يمكن عندي أن يكون هذا أيضًا نوعًا من الوضوء. وتبيَّن لي بعد تَتَبُّع الطرق أن هذه الواقعة والتي تليها في الباب الآتي واحدةٌ «قال: أخبرني عمرو بن أُمَيَّة: أن أباه أخبره: أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلّم يَحْتَزُّ من كَتِف شاةٍ، فَدُعِي إلى الصَّلاة، فألقى السِّكِّين، ولم يتوضَّأ»، وواقعة الباب أيضًا يرويها عمرو بن أُمَيَّة، عن أبيه، فإِن كانت تلك واحدة كما هو المُتَبَادَر عندي بعد جمع طرقها، فالأقرب فيها أنه لم يتوضّأ فيها وضوأً كاملًا، ولكنه اكتفى بالمسح على العِمَامة والخُفِّين، وحينئذٍ، فليكن هذا أيضًا نوعًا من الوضوء. 51 - باب إِذَا أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ 206 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ، فَأَهْوَيْتُ لأَنْزِعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ «دَعْهُمَا، فَإِنِّى أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ». فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا. أطرافه 182، 203، 363، 388، 2918، 4421، 5798، 5799 - تحفة 11514 - 63/ 1 أراد به أن يُتَرجِّم بلفظ الحديث، ولم يُشِر إلى تحقيق المسألة: بأن الطهارة شرطٌ عند اللُّبْس أو عند الحدث، فإنَّه من مراحل الاجتهاد، ويجري السَّرْحَان في الحديث، ولو كان المصنِّف رحمه الله تعالى أراد أن يُشِير إلى هذه المسألة، لغيَّر لفظ الحديث شيئًا يمكن أن يَنْتَقِل إليه ذهن الناظر. 52 - باب مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ وَالسَّوِيقِ وَأَكَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ - رضى الله عنهم - لَحْمًا فَلَمْ يَتَوَضَّئُوا. 207 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ

عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. طرفاه 5404، 5405 - تحفة 5979 دخل في مسألة الوُضُوء ممّا مَسَّت النار، واخْتَار مذهب الجمهور من عدم إيجاب الوُضُوء منه، وهو مذهب الأئمة الأربعة والخلفاء الراشدين، وقد وَرَدَ في الأحاديث الوُضُوء منه أيضًا، فقال بعضهم: إنه منسوخٌ لِمَا عند أبي داود عن جابر رَضِيَ الله عنه: «كان آخر الأَمْرَيْن من رسول الله صلى الله عليه وسلّم تَرْك الوُضُوء ممّا غيَّرت النار». وزَعَمُوه صريحًا في النسخ. قلت: لم يُرِد به جابر رضي الله عنه بيانَ النَّسخ، إِنَّما أشار إلى ما وقع من النبي صلى الله عليه وسلّم الوُضُوء، وتَرْكه في يوم واحدٍ، حيث قال: «قَرَّبْتُ للنبي صلى الله عليه وسلّم خبزًا ولحمًا، فأكل، ثم دعا بوَضُوء فتوضَّأ به - فهذا هو الأمر الأول - ثم صلَّى الظُّهر، ثم دعا بفَضْل طعامه فأكل، ثم قام إلى الصَّلاة ولم يتوضَّأ» - وهو الأمر الآخر - فبيَّن جابر رضي الله عنه أنه توضَّأ منه، ولم يتوضَّأ أيضًا، والذي كان منهما آخرًا هو عدم الوضوء، وإليه أشار أبو داود حيث قال بعد نقل حديث جابر الأول: «كان آخر الأمْرَين ... » إلخ، قال أبو داود: هذا اختصار من الحديث الأول، فإِذن لا يريد بيان النسخ، أي أن الوُضُوء منه كان، ثم تُرِك، فكان آخر الأَمْرَين بهذا الطريق، بل أراد من الأَمْرَين الواقعتين كما ذكرهما هو قبله، ولا يَكْفِي للنسخ مجرد كونه آخرًا، لأن ما يكون مُسْتَحَبًّا يَرِد فيه الفعل وتركه لا محالة، فلو كان ترك الوُضُوء آخرًا بهذا الطريق، لَمَا كان فيه دليلًا على النسخ أصلًا. واختار الشَّاه ولي الله رحمه الله تعالى: أنه مُسْتَحبٌّ، وأزيد عليه شيئًا، فأقول: إنه مُسْتَحَبُّ الخَوَاصِّ دون العَوَامِّ، ومُسْتَحَبُّ الخَوَاصِّ هو ما يكون مُسْتَحَبًّا لأجل المعنى. فالمُسْتَحَبٌّ على نحوين: مُسْتَحَبٌّ لأجل الصورة، وهو الذي وَرَدَ الشرع باستحبابه، وهو الدائر في الفقه، ومُسْتَحَبٌّ لأجل المعنى، وهو ما يكون فيه إيمااءٌ إلى الفائدة فيه، ولم يَردِ الشرع باستحبابه صراحةً، ولمَّا أومأ إلى فوائد فيه، عَلِمنا أَنَّه مطلوبٌ، فقلنا: إنه مُسْتَحَبٌّ لأجل المعنى الموجب للاستحباب، وإن لم يكن من جهة الصورة. وليس هذا النوع من وظيفة الفقهاء، وأَسَمِّيْه مُسْتَحَبَّ خَوَاصِّ الأمة، كالوضوء للجُنُب، فإِنه أشار الشرع إلى معنى فيه، لما في «معجم الطبراني» في جُنُبٍ ينام ويموت: «إن الملائكة لا تَحْضُر جِنَازته». وبالوُضُوء تَنْدَفع هذه المَضَرَّة، فهذا المعنى أوجب القول باستحبابه. ومن هذا الباب: الوُضُوء من مَسِّ الذَّكَر، ومس المرأة ولحوم الإِبل عندي. فأقول: إن الوضُوءَ مُسْتَحَبٌّ في جميعها، إلاّ أنَّه مُسْتَحَبُّ الخَوَاصِّ، ولا بُعْدَ فيه، فإن فقهاءنا أَوْجَبُوا الوُضُوء بأقلُ من هذه الأشياء، كالنظر إلى الأجنبية والغيبة مثلًا، فلو إلتزمنا الوُضُوء من مَسِّ الذكر والمرأة وغيرها الذي هو أفحش منه، لَمَا كان فيه بأسٌ، ولا خلاف للمذهب. أمَّا معنى «فيما مَسِّت النار»: فإنَّ الملائكة لهم تُبَاعِد وتُنَافِر عن الأكل والشرب بطباعهم الزكية، ومن أكل أو شرب المطبوخ الذي تَدَنَّسٍ بصنعهم ونَضَّجَتْهُ أيديهم، فكأنه وقع على بُعْدٍ

بعيد من طَبْعهم، فلعلّ الشرع أمر بالوُضُوء منه تلافيًا لهذا البُعْدِ، أمّا اليانع على الشجرد فإِنه بمَعْزِلٍ عن النظر، لأنه حديث عَهْدٍ بربه، وبركة من الله. وكان النبي صلى الله عليه وسلّم يضع البَاكُورَة على عينيه، ويعطيه أصغر الولدان، وأمّا المطبوخ، فقد مَسَّته النار، ولَحِقَتْهُ صَنْعَة، البشر، وغيرَّته عمّا نزل إليهم، فمَحَقَت بركته، وبدَّلت قُرْب عهده بالبُعْد، ودَنَّسَتْهُ بأدناس البشر، فشأنه لا يكون شأن الثمر، فإِنه قد عُلِمَ من شأنه صلى الله عليه وسلّم أنه كان يَتَبَادر إلى ماء المطر، ويقوم فيه قائلًا: «إِنه حديثُ عهدٍ بربهٍ». ولم يكن يفعل مثله بسائر المياه، لأن هذا الماء بعد استقراره في حفرة أو بِرْكة تلطَّخ بأنواع الأدناس، ولن يبقَ على صفة حَدَاثة العهد. فالحاصل: أن الوضوء من هذه الأشياء ليس كالوضوء من الأحداث والأنجاس، بل من باب التشبُّه بالملائكة والتقرُّب إليهم. ولَمّا اختار المُصَنِّف رحمه الله تعالى مذهب الجمهور، لم يخرِّج أحاديث الجانب الآخر، وترك ذكرها رأسًا، وهذا من دأبه. وإنَّما خصَّ اللحم بالشاة، لمكان الخلاف في لحم الإِبل، فإِنه ذهب أحمد رحمه الله تعالى إلى الوُضُوء منه ولو كان نِيئًا. وقال بعضهم: إن المرادَ من الوضوء هو الوضوء اللغوي. قلت: وهو خلاف المُتَبَادر عندي، لا لِمَا قاله ابن تَيْمِيةَ، فإِن أقسام الوُضُوء قد ثَبَتَ عندي في غير واحدٍ من الأحاديث، بل لأنه لا يَشْهَدُ به الوجدان، ولا يشْهَد به العمل، وإن كان لا بُدَّ لك أن تقول به، فالأَولى أن تستدلّ عليه بما أخرجه السيوطي في «الجامع الكبير» عن «المختارة» للضياء المَقْدِسي: «الوُضُوء الناقص ممَّا مَسَّت النار» فليُحْمَل الوُضُوء في هذه الأحاديث على الوُضُوء. الناقص على رواية «المختارة»، والحافظ ضياء الدين شرط الصِّحَّة في كتابه، وقال ابن تَيْمَيِة: إنه أحسن من «المستدرك» للحاكم، ثم إن حديث: «الوضوء ممَّا مَسَّت النار»، يشتمل على القصر، وقد وجَّهناه فيما أَمْلَيْنَاه في درس «الجامع» للترمذي. 208 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ، فَدُعِىَ إِلَى الصَّلاَةِ فَأَلْقَى السِّكِّينَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. أطرافه 675، 2923، 5408، 5422، 5462 - تحفة 10700 208 - قوله: (يَحْتَزُّ)، ولم يكن الاحتزاز للأكل كما يفعلونه أهل أوروبا، بل للقطع لفقط، وقطعة اللحم إذا كانت كبيرة، لا بُدَّ من قطعها. ثم تلك أمورٌ يعرفها كلٌّ بِفِطْرَتِه السليمة: أن أيها يكون للضرورة، وأيها للتشُّبه بهم، فإِن كنت أوتيت من الإِيمان نورًا فاعرفه، فإِنَّ المؤمن ينظر بنور الله، وإلاّ فأنت وشأنك، وإنما يحادل في مثل هذه المواضع من لا حياء لهم ولا دين. وصَدَقَ الله: {وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَىء جَدَلًا} [الكهف: 54]، والجدل: بأن لا يريد العمل، ويتعلَّل بالشُّبُهَات، ويُخَاصِم المجرد هواه، فَلَسْنَا نَشْتَغِل بجوابهم، والله المستعان.

53 - باب من مضمض من السويق ولم يتوضأ

53 - باب مَنْ مَضْمَضَ مِنَ السَّوِيقِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ 209 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ مَوْلَى بَنِى حَارِثَةَ أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ النُّعْمَانِ أَخْبَرَهُ. أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ خَيْبَرَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالصَّهْبَاءِ - وَهِىَ أَدْنَى خَيْبَرَ - فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ دَعَا بِالأَزْوَادِ، فَلَمْ يُؤْتَ إِلاَّ بِالسَّوِيقِ، فَأَمَرَ بِهِ فَثُرِّىَ، فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَكَلْنَا، ثُمَّ قَامَ إِلَى الْمَغْرِبِ، فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. أطرافه 215، 2981، 4175، 4195، 5384، 5390، 5454، 5455 - تحفة 4813 210 - وَحَدَّثَنَا أَصْبَغُ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَكَلَ عِنْدَهَا كَتِفًا، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. تحفة 18080 ولمَّا كان عند المصنِّف رحمه الله تعالى بعض جزئيات ممَّا مسَّت النار، أراد أن يُبَوِّب لكلَ منها بابًا بابًا. 209 - قوله: (صَهْبَاء)، وهي الموضع الذي رُدَّت فيها الشمس بين خَيْبَر والمدينة، وصحَّحه الطَّحَاوي في «مُشْكِل الآثار»، ونقل عن شيخه أنَّه أَوْصَى الأمة بحفظ هذه المعجزة الباهرة التي ظهرت على يد النبي صلى الله عليه وسلّم (¬1)، ونَسَبَ النووي إليه أن قائل بتعدّد القصة وهو سهوٌ منه، وإنّما صحَّحَ الطَّحَاوِي واقعة واحدة ولم يقل بتعدّدها أصلًا، ولعلّ النووي لم يَظْفَر بالأصل أو لم يرجع إليه، فوقع في الغَلَط، هكذا تكون الأغلاط في أخذ النقول بدون المراجعات إلى الأصول. والذي تحصَّل لي في تنقيح القصة: «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم بَعَث عليًا رضي الله عنه لحاجةٍ قبل العصر، فذهب إليها ولم يصل حتى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثم لما أَخُبِر به النبي صلى الله عليه وسلّم دعا له فرُدَّت له الشمس». وما سوى ذلك، فكلَّه من اضطراب الرواة، أمّا إنه لم يصلِّ العصر، فالوجه عندي أنه تَزَاحَم عنده أمران: الأول: الأمر العام في أداء الصَّلاة في وقتها، والثاني: الأمر الخاص، وهو أَمرُ النبي صلى الله عليه وسلّم في هذا اليوم بالفَرَاغ عن حاجته التي بعثه إليها قبل غروب الشمس، كما يجيء في البخاري في قصة بني قُرَيْظَة، حيث أمرهم النبي صلى الله عليه وسلّم أَنْ يُصَلَّوا العصر في بني قُرَيْظَة، فأدركهم الوقت قبل بلوغهم إليهم، فصلّى بعضهم العصر نظرًا إلى الأمر العام، ولم يُصَلِّها بعضهم حتى فاتتهم الصَّلاة، لأنَّهم رجَّحُوا الأمر الخاص على العام، وفَهِمُوا أنَّهم أُمِرُوا بأن يُصلُّوا العصر في هذا اليوم في بني قُرَيْظَة وإن فافهم الوقت في الطريق. وهذا اجتهاد مُشْكِلٌ، لأنَّه إن رجَّحَ الأرمر الخاص، يَفُوته الأَمر العام، وإن عَمِلَ بالأمر العام، فإِنَّه الخاص. ثم إِنَّ ¬

_ (¬1) قال الطَّحاوي بعد سَرْد الأحاديث في قصة رَدِّ الشمس: وكل هذه الأحاديث من علامات النبوة، وقد حكى عليُّ بن عبد الرحمن بن المُغِيرَة، عن أحمد بن صالح أنه كان يقول: لا ينبغي لمن كان سبيله العلم التخلُّف عن حفظ حديث أسماء الذي رُوِيَ لنا عنه، لأنه من أجَلِّ علامات النبوة، اهـ. "مشكل الآثار".

54 - باب هل يمضمض من اللبن

هذه القصة في خَيْبَر، وسَهَى بعضهم حيث فَهِمَ أنها في غزوة الخَنْدَق، مع أنه ليس فيها رَدُّ الشمس، بل فيها غروب الشمس وفوات الصلاة. 54 - باب هَلْ يُمَضْمِضُ مِنَ اللَّبَنِ 211 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ وَقُتَيْبَةُ قَالاَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَرِبَ لَبَنًا، فَمَضْمَضَ وَقَالَ «إِنَّ لَهُ دَسَمًا». تَابَعَهُ يُونُسُ وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ. طرفه 5609 - تحفة 5833 وقد مرّ منِّي أن المَضْمَضَة لحال اللَّبَن، لا لحال الصَّلاة، فالمَضْمَضَة من متعلقات الأكل، وآدابه عندي، فيُسْتَحَبُّ عِقِيبه لا عند الصَّلاة خاصة. نعم قد يجتمع الفراغ عنه والقيام إلى الصَّلاة، وحينئذٍ يتأكَّد كما قلتُ في حديث المستيقظ، فإِنَّه من مسائل المياه في الأصل، ثم الصِيَانة مطلوبةٌ في مياه الوُضُوء بالأَوْلَى، فَيَنْجَرُّ إلى الوُضُوء أيضًا، وإليه يُشِير تعليله: «بأن له دَسَمًا»، يعني به: أنَّه لحال الطعام. 55 - باب الْوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ، وَمَنْ لَمْ يَرَ مِنَ النَّعْسَةِ وَالنَّعْسَتَيْنِ أَوِ الْخَفْقَةِ وُضُوءًا 212 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّى فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لاَ يَدْرِى لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبَّ نَفْسَهُ». تحفة 17147 - 64/ 1 213 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِى الصَّلاَةِ فَلْيَنَمْ حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَقْرَأُ». تحفة 953 وظاهر الرواية فيه: أنَّ النَّوم عند تمكُّن المَقْعَدَة لا يُفْسِد، ويُفسد عند التَّجافي، وأمَّا الهيئة التي في كتب الفقه فأوَّل في فضَّلَها الطحاوي، ثُمَّ تبعه القُدُوري، ثم تبعه الناس، وفي «الدُّر المختار»: إن تمكَّن مقعده ونام، وإن طال، وفي عبارةٍ: وإن جلس مستندًا، فهذا هو المذهب. أمَّا الفَتْوَى فإنَّها تبني على المصالح واختلاف الزمان والمكان، فلا يُوَسَّع فيها في هذه الأيام، فإنَّها أيام يأكل فيها الناس كثيرًا، فيُحْدِثُون مع تمكُّن المَقْعَدَة. وذهب بعضهم إلى أن النوم ناقضٌ مطلقًا، وقال آخرون: إنه غير مناقض، مطلقًا. وحاصل ترجمة المصنِّف رحمه الله تعالى: أنَّ فيه تفصيلًا، فيكون ناقضًا تارةً غير ناقض تارةٍ ولم يَضْبطه، لأنه وغير مُمْكِن، ومذهب الحنفية مرَّ تفصيله. 212 - قوله: (فلْيَرْقُد)، أي حتى يعلم أنَّه يَسْتَغِفرُ أو يَسُبَّ، وأنه ماذا يَقْرَأ، وفي «الدُّرِّ المختار»: أن الاختيار شرطٌ للصَّلاة، ومُرَاده أَنْ يكونَ بحيث يبقى له فَهْمٌ، فلا يَغْفُل عمَّا يفعل

56 - باب الوضوء من غير حدث

كُلِيَّةً، وفي «البحر»: أنَّه لو نام في قعدة التراويح لم تَفْسُد صلاته وإن غرقا ... إلخ. قلتُ: وكأنَّ الحديث مأَخوذٌ من قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43] إلخ. ومن ههنا ذهب الفقهاء إلى أنَّ الأغماء والجُنُون ناقِضَان، فإِنَّهم رأوا أَنَّ القرآنَ جَعَل العلم بما يقولون غايةً للصَّلاة، فإِذا كان بحيث لم يَكُن له أن يَعْلَم ما يقول، فإِنه لا يَقْرَب الصَّلاة، فجعلوا الإِغْمَاء والجُنُون ناقضتين، لأنَّه لا يَدْرِي فيهما ما يقول. ومِنْ هذه الآية أُخِذَ أدنى مقدار الخُشُوع: وهو أنَّ يَعْلَم الرجل أنَّه ماذا يقرأ هو أو إمامه، فاعلمه فإِنَّه مهمٌ ثم الخُشُوع مُسْتَحبٌّ كما في «الاختيار شرح المختار»، ولم أجده في عامة كُتُبنا، وهو بالنظر إلى مَوْضع سُجُوده في حال القيام، إلى آخر ما قالوا، ولم أَزَل أَتَتَبَّعُ لهذا التفصيل مَأْخَذًا من كتب أصحابنا، فرأيته في متن «المبسوط» للجُوْزَجَانِي، وهو تلميذُ محمد بن الحسن رحمه الله تعالى. وعن أحمد رحمه الله تعالى في كتاب «الصَّلاة»: أنَّ المصلِّي في حال القيام يَحْني رأسه شيئًا، إلاّ أني أتردَّد في كون الكتاب المذكور من تصنيف أحمد، وفي «الفتح»: أنَّه تصنيفه. 212 - قوله: (لعلّه يَسْتَغِفر) ... إلخ، أيءَريد أن يَسْتَغْفِر، فَيْهجُر ويَسُبّ نفسه مكان استغفاره لها، وقيل: معناه أن يَمَلَّ عن الصلاة، فيَسُبّ نفسه لِمَ فُرِضَتْ عليه. 56 - باب الْوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ 214 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا ح قَالَ وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ. قُلْتُ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ قَالَ يُجْزِئُ أَحَدَنَا الْوُضُوءُ مَا لَمْ يُحْدِثْ. تحفة 1110 215 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سُوَيْدُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ خَيْبَرَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ، صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْعَصْرَ، فَلَمَّا صَلَّى دَعَا بِالأَطْعِمَةِ، فَلَمْ يُؤْتَ إِلاَّ بِالسَّوِيقِ، فَأَكَلْنَا وَشَرِبْنَا، ثُمَّ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْمَغْرِبِ فَمَضْمَضَ، ثُمَّ صَلَّى لَنَا الْمَغْرِبَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. أطرافه 209، 2981، 4175، 4195، 5384، 5390، 5454، 5455 تحفة 4813 أراد أن يُشِير إلى الوُضُوء المُسْتَحَبّ، فأَخْرَجَ تحته الوُضُوء وتركه، وهو مُسْتَحَبٌّ في نحو عشرين مَوْضِعًا كما في «الدُّر المختار»، وقد مرَّ مني أَنَّ الوضوءَ عند كل صلاة مطلوبٌ عند الشرع، وهو الظاهر من قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6]، ولذا لا أُقَدِّر فيه: وأنتم مُحْدِثون، كم قَدَّره المفسِّرون، كيف وقد ثَبَتَ عند أبي داود بإِسنادٍ قوي: «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم كان مأمورًا بالوضوء طاهرًا أو غير طاهر، فلمَّا شَقَّ عليه، أُمِرَ بالسِّواك عند كل صلاة». وعُلِمَ منه أيضًا أنَّ السِّوَاك بدل الوُضُوء، وكان الأصل هو الوُضُوء، إلاْ أنه لما شَقَّ عليه أُقِيَم أُنْمُوذَج الشيء مَقَام الشيء، وقد مرَّ مني عن «فتح القدير»: أنَّ السِّواك مُسْتَحَبٌ عند الصَّلاة عندنا أيضًا،

57 - باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله

ثم الوضوء من الأشياء التي تقدَّمَ حكمُها نزولَ النَّص، لأنَّ آية المائدة آخرها نزولًا، والوضوء كان فرضًا قبلها أيضًا. 57 - باب مِنَ الْكَبَائِرِ أَنْ لاَ يَسْتَتِرَ مِنْ بَوْلِهِ 216 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِى قُبُورِهِمَا، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِى كَبِيرٍ»، ثُمَّ قَالَ «بَلَى، كَانَ أَحَدُهُمَا لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِى بِالنَّمِيمَةِ». ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا كِسْرَتَيْنِ، فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ قَبْرٍ مِنْهُمَا كِسْرَةً. فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا قَالَ «لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ تَيْبَسَا أَوْ إِلَى أَنْ يَيْبَسَا». أطرافه 218، 1361، 1378، 6052، 6055 - تحفة 6424 216 - قوله: (فسمع صوت إنْسَانَيْن) ... إلخ، وهذا دليلٌ على أنَّ العذابَ محسوسٌ ومسموعٌ لمن كان له أذنان، لا أنه مُتَخَيَّلٌ فقط، نعم هـ في عالم آخر، والناس يريدون أن يسمعوه في هذا العالم، فَيَقَعُون في الخَبْط، ألا أنّ الحواس الخمس في هذا العالم، ثم لا يدري أحدهما ما في عالم الآخر، فلا تدري الشَّامَّة ما السمع والذوق؟ ولا تدري السامعة ما الشمُّ والذوق؟ فهكذا لا يمكن أن يَكْتَنِهَ مَنْ في عالم الأجساد ما في عالم البَرْزَخ، إلاّ أَنْ يُسْمَعِه الله تعالى: {وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] ولم يدّعِ الشرع أَنَّ أحوال البرزخ من أحوال عالم الأجساد، ليُقَال إنَّا لا نسمع الصوت، ولا نرى أحدًا في القبر معذَّبًا إلى غير ذلك، فاعلمه. قوله: (في كبيرٍ) أي بحَسَب نَفْسِه ووجوده، لا بحَسَب الإِثم. قال النَّووي ما حاصله: إِنَّ عدم الاجتناب من البول ليس بكبيرة في نَفْسِهِ، بل يُفْضِي إلى كبيرة، وهي الصَّلاة في تلك الثياب النجسة المستلزِمَة لبطلان الصَّلاة. قلت: إنْ أراد به الصغائر لا يُعَذَّب عليها، فهو ليس بصحيحٍ، وإلا فعدم الإتقاء كبيرة في نَفْسِه، بل كان صغيرة تَصِير بالإِصرار كبيرة، فَمَنْ قلَّت مبالاته بأمر البول واعتاد به، فقد ارتكب الكبيرة، صلَّى فيها أم لا، لأنَّه قد مرَّ مني أن التطهُّرَ في عامة الأحوال مطلوبٌ، والتلظُّخ بالنجاسات مكروهٌ، وهذا وإن كان صغيرة، لكنه لمَّا أصرَّ عليه واعتاده، صار كبيرة حتى حقَّت عليه كلمة العذاب، والعياذ بالله. قوله: (لا يَسْتَتِر) ... إلخ، وفي لفظ: لا يَسْتَنْزِه، وفي لفظٍ آخر: لا يَسْتَبْرِأ. وتوهَّم بعضهم: أن معناه إنه لم يكن يَسْتُر عورته عند البول. وقيل معناه: إنه لم يكن يَحْتَرِز عن رِشَاش البول. أقول: ومُحَصَّل كلها واحدٌ مع فرق يسيرٍ بينها، فمعنى عدم الاستتار: أنَّه لم يكن يضع سُتْرة بينه وبين البول، ولا يتَّقي من رِشَاشه، فيعود إليه رِشَاشه. والاستنزاه والاستبراء: هو الاستنجاء على طريقٍ مسنونٍ، أعني به الطريق الذي يعمل به النَّاس لقطع التقطير: من التنحنح،

والمشي خطوة أو خطوتين، كالنَّتْر عند ابن ماجه مرفوعًا، وهو عند الأطباء مُضِرُّ. فإِن كان ما أظنُّه صحيحًا، فالحديث على الأخيرين يَقْتَصِر على بول النَّاس فقط، ويكون معناه: أنَّه لم يكن يَحْتَاط في الاستنجاء ودفع التقطير، فابْتُلِي بالعذاب لأجل هذا التهاون، وعلى الأول يمكن أن يُرَاد من البول مُطْلَقه الشامل لبول الإِنسان وغيره، لأنَّ عدم الاتقاء من رِشَاش البول يتحقَّق في سائرها، ويكون معناه: أنه مُعَذَّبٌ لقلة مُبَالاته بالأبوال. ثم قَتَّشْتُ عن وجه خصوصية البول في عذاب القبر، ليظهر أنَّ المراد به بول النَّاس أو مطلقه، فإِن كان ذلك المعنى مُخْتَصًّا ببول الناس، يقتصر الحديث على أبوالهم، وإن كان عامًّا فليَعُمَّ الحديث أيضًا حَسَب عمومه، ولم أرَ فيه شيئًا غير ما في «شرح الهداية»: «أنَّ أول ما يُسْأَل العبد عنه يوم القيامة، هو الصلاة». فناسب أن يكون أول ما يُسْأَل عنه في القبر هو الطهارة، لأنَّ البَرْزَخ مقدَّمٌ على الحشر والطهارة متقدِّمة على الصَّلاة، فناسب أن يُسْأَل في أول منزل من منازل الآخرة عن شرائط الصلاة. وما وَضَح لديّ هو أنَّه لا دَخْلَ فيه لخصوصِ البول، بل النَّجاسات كلها مُؤَثِّرَة في العذاب، لأنَّ ملائكة الله تتأذَى عن النجاسات بطبعهم، والمعاملة في القبر إنما تكون معهم، فيقَعَ من جانبهم التعذيب لهذا، فالملائكة إنما يَسْتَأْنسُون بالطهارة، ويَتَنْفَّرون بالنجاسة، والبول نجاسةٌ حِسًّا، والنميمة معنًى، لأنَّها لحم الأخ. وإنَّما خصَّ ذكر البول، لأنَّ الخِثَي والرَّوْثَةَ وعَذِرَةَ الإِنسان، وكذا سائر القَاذُورَات يَحْتَرِز عنها كلُ جاهل وعالمٍ من فِطْرَته، وقَلَّما يتحمَّل أن يتلطَّخ بشيء منها بخلاف البول، فإِنَّ عامةَ العرب لم يكونوا يبالُون به، كما صرَّح به الشارِحون في قصة بول الأعرابي: أنَّ بوله في المسجد كان على عادتهم في قلة المُبَالاة به. ولذا قال: «وما يُعَذَّبان في كبير». قوله: (ما لم يَيبْسَا) ... إلخ، قيل في وجه تخفيف العذاب: إنَّه من آثار تسبيح الجريدة، وإنما وقته باليَبْس، لأنَّها لا تُسَبِّح بعده. وقيل: بل هو ببركة يده الكريمة، ومثل هذه الواقعة عند مسلم في أواخره، وفيها تصريحٌ باستشفاعه صلى الله عليه وسلّم لهما، ففي حديث جابر الطويل في صاحبي القبرين: «فأُجِيبت شفاعتي أن يرفع ذلك عنهما ما دام القضيبان رَطْبَان»، وهذا صريحٌ في شفاعته صلى الله عليه وسلّم وأنَّه لا دَخْل فيه للقضيب، نعم عدم اليَبْس أجلٌ فقط، فالتوقيق ليس لعدم التسبيح بعده، بل لأنَّه ضُرِبَت له هذه المدة. ثم إنَّ الحافظين بَحَثَا في هاتين القصتين أنهما اثنتان أو واحدة، ومال الحافظ رحمه الله تعالى إلى التعدُّد، وقال: إنَّ ما في الباب قصة المُسْلِمَيْن في المدينة، وما في أواخر مسلم قصة الكَافِرَيْن في سفرٍ، وإلتزام تخفيف العذاب عن الكافر مع عدم النجاة. وذهب الشيخ البدر العَيْني إلى الوَحْدة. أمَّا إلقاء الرَّيَاحين على القبور، ففي «الفتاوي الهِنْدِيَّة» عن «مطالب المؤمنين»: أنَّه جائزٌ تمسُّكًا بحديث الباب. قلت: وصرَّح العْيَني أنَّه لغوٌ وعَبَثٌ. وقال الخطَّابي: إِنَّ ما يفعله الناس

البحث في تسبيح الأشجار، قوله تعالى: {وإن من شىء إلا يسبح بحمده}

على القبور لا أصل له كما في النووي، ومُصَنِّف «المطالب» ليس من الكبار لِيُثَق به، بقي البحث في أنَّ المُؤثِّرَ لو كان هو التسبيح، فهل ينقطع عنها التسبيح، بعد اليَبْس، فإِنه يخالف ظاهر قوله تعالى: {وَإِن مّن شَىْء إِلاَّ يُسَبّحُ بِحَمْدَهِ} [الإسراء: 44]. البَحْثُ في تسبيح الأشجار، قوله تعالى: {وَإِن مّن شَىْء إِلاَّ يُسَبّحُ بِحَمْدَهِ} واعلم أنَّ المفسِّرين أخْرَجُوا آثارًا تحت قوله تعالى: {وَإِن مّن شَىْء إِلاَّ يُسَبّحُ بِحَمْدَهِ}، ويُسْتَفَاد منها انقطاع التسبيح في زمان، مع أنَّ الآيةَ تدلُّ على العمومِ، ففي الآثار: أنَّ الثوبَ إذا كان أبيض، فإِنَّه يسبِّح، وإذا اتّسَخَ، فإِنه لا يسبِّح، وهكذا الماء إن كان جاريًا يسبِّح، وإن ركد ينقطع عنه التسبيح، وكذلك المرأه إذا حاضت، وأمّا الحمار والكلب، فإنهما لا يُسَبِّحَان أصلًا، ومن ههنا تبيّن لي وجهُ كونهما قاطِعَيْن لصلاة المُصَلِّي، فإِذا كانت دونهما سُتْرةٌ لم يَضُرَّ مرورهما، ولذا غَضِبَت عائشة رضي الله عنها، وقالت: «عدَّلْتُمَونا بالكلاب والحُمُر». وقيّد الحائضة وإن لم يكن في عامة الطُرُق، لكنه عند أبي داود: «يقطع الصَّلاة: المرأة الحائضة، والكلب» ولم أرَ أحدًا منهم تنبَّه لهذه الدقيقة. قلتُ: ولذا يتنجَّس بوقوع النحاسة، كما اختاره الحنفية، وهكذا الحال في الحجر إذا ثَبَتَ في مكانه وإذا أُقْلِع، والشجر إذا كان رَطْبًا وإذا يَبِسَ. والذي تبيَّن لي - والله تعالى أعلم - أنَّ هذه الأشياء كلها تُسَبِّح في الحالين، كما شَهِدَ به النص، إلاّ أنه يتغيّر نوع تسبيحها، فإِن الاتساخَ والرُّكُود والقَطْع والقَلْع موتٌ لهذه الأشياء، وهكذا الإِنسان يُسَبِّح نوعَ تسبيحٍ ما دام حيًا، وإذا مات وصار ترابًا ولَحِق أجزاءه بالعناصر، فإِنَّه لا يُسَبِّح هذا التسبيح، بل بتسبيح العناصر، فيتغيَّر نوعُ تسبيحه، لا أنه لا يُسَبِّح أصلًا، لأنَّ القرآن صرَّح بأن تسبيحَ كل نوعٍ على حِدَة، فقال: {كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} [النور: 41] وهكذا يُسْتَفَاد الاستغراق من عامة الآيات،

إلاّ في آيةٍ واحدةٍ، فإنَّها تُشِيرُ إلى التخصيص، فقال بعد ذكر السجدة - والسجدة والتسبيح من نوع واحد - {وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} [الحج: 18]، قال الشيخ الأكبر في «الفصوص»: إن بُنْيَة الكافر لا تُسَبِّح، وتسبِّح أجزاءه. قلت: ومراده ما مرَّ مني: أنَّ الهيئةَ الوحدانية لا تُسَبِّح، وإنما تُسَبِّح أجزاءه وعناصره من نوع تسبيحه. والحاصل أنَّ الشجرَ الرَّطب يُسيَبِّح تسبيح النبات، وإذا يَبِسَ فإِنه يُسَبِّح تسبيح الجماد، وهو معنى قوله: «ما لم يَيْبَسا» (¬1). وليُعْلَم أن قوله تعالى: {وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} ليس فيه استثناءٌ صراحةً، فإِن الاستثناء إخراجٌ عن الحكم، وليس له عندهم لفظ سوى «إلاّ» بل خاصٌّ وَرَدَ بنقيض حكم العامّ، وهو قوله تعالى: {وَإِن مّن شَىْءٍ} [الإسراء: 44] إلخ، فليس فيه استثناء، بل تَعَارُض، فهو يُومِيء إليه. ثم أقول: ليس العذاب في القبر غير تلك المعاني التي يراها الرجل في حياته من الضيق والإِنشراح، فمن يرى في نومه أنه متلطَّخ بالنجاسات مثلًا، فإِنه تَشُمَئِزُّ نفسه، ويَضِيقُ صدره، وتَطُول عليه ساعاته، كذلك في القبر إذا يرى نفسه متلطِّخة بالنجاسة، فإِنه يَتَنَفَّر عنه، ولعلّ الغِيبَة تتجسَّد لحمًا، ويكون بهذا الطريق عذابه. ونِعْمَ ما قال الصفدي: *شَرُّ الوَرَى بمساويء الناس مَشْتَغِلٌ ... مثل الذباب يَرْاعَى مَوْضِع العِلَلِ ولا أجد أحدًا من الحيوانات مُتَتَبِّعًا للنجاسات مثل الذباب والكلب، وفي الكلب معاني أخرى أيضًا، فمن عاداته الوُلُوغ في الأواني، فلا يَمرُّ بآنيةٍ إلاّ ويشَمُّها ويَلَغُ فيها، ومن عاداته أن يَسْطُوَ على الإِنسان، فإِذا هدَّده بالعصى فرَّ، ثم إذا تَغَافَل عنه شيئًا عاد إليه. وهو حال الشيطان، فإِنه أيضًا في مراقبة أحوال الإِنسان، فإِذا وَجَدَ موضع نقص فيه، وكذلك حاله مع الذكر كحال الكلب مع العصى، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201)} [الأعراف: 201]، فذكر الله مَطْرَدَةً للشيطان، وحياةً للقلب، فتلك الطبائع الإِبليسية التي في جِبْلَة الإِنسان هي التي تتمثَّل في القبر، ويزداد منها عذابًا، لا أُرِيدَ به أن العذاب في القبر تَخْييلٌ فقط، كما تَفَوَّه به بعض الملاحدة، بل أُرِيد تفهيمه وتقريبه إلى الأذهان بنوع من الأمثلة، فيُعَذَّب في القبر كما وَرَدَ في الحديث (¬2). ¬

_ (¬1) قلت: ولعلَّه يكون فرق بين تسبيح الرَّطْب واليابس، كتسبيح الحي والميت، حيث لم ينفع تسبيح اليابس في تخفيف العذاب. وإذا تُحِقِّق ممَّا أفاده إمام العصر صاحب هذه "الأمالي": أن يَبس الجريدتين انتهاء لأجل التخفيف، فلا إشكال، (من المصحِّح). (¬2) يريد إمام العصر رحمه الله: ما حقَّقه في غير هذا الموضع من تجسُّد المعاني والأعراض في البَرْزخ والمحشر، وتحوُّلها جواهر بما أخْبَرَ عنه المخبرُ الصادق - صلى الله عليه وسلم -، لا أنها أمور خيالية لا يكون لها وجود في الخارج، وفي العِبَارة نوع قصور عن الاِيضاح فليتنَبه، وليراجع لإيضاح ما أشار إليه إمام العصر ما ذكره الغزالي في "الإِحياء" من عذاب القبر، والشاه ولي الله الدَّهْلَوِي في "حجة الله البالغة" في عالم المثال، (من المصحِّح).

58 - باب ما جاء فى غسل البول

58 - باب مَا جَاءَ فِى غَسْلِ الْبَوْلِ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِصَاحِبِ الْقَبْرِ «كَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ». وَلَمْ يَذْكُرْ سِوَى بَوْلِ النَّاسِ. 217 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِى رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنِى عَطَاءُ بْنُ أَبِى مَيْمُونَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا تَبَرَّزَ لِحَاجَتِهِ أَتَيْتُهُ بِمَاءٍ فَيَغْسِلُ بِهِ. أطرافه 150، 151، 152، 500 - تحفة 1094 - 65/ 1 59 - باب 218 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِى كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِى بِالنَّمِيمَةِ». ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً، فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ، فَغَرَزَ فِى كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ فَعَلْتَ هَذَا قَالَ «لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا». قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا مِثْلَهُ «يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ». أطرافه 216، 1361، 1378، 6052، 6055 - تحفة 5747 فَقَصَر البول على بول الناس، ونصَّ عليه، ولم يُرِد به مطلق البول، واختار طهارة بولَ مأْكُول اللحم، وحينئذٍ يقتصر قوله: يستزهوا من البول، على بول النَّاس عنده، بل يُسْتَفَاد من تراجمه: أنه اختار طهارة الأبوال سوى بول الإنسان، وقال الشارحون: إنه اختار مذهب داود الظاهري القائل بطهارة الأبوال والأذبال غير عَذِرَة الإِنسان والخنزير والكلب. قلت: وقد مرّ مني في الباب السابق: لفظ الاستنزاه والاستبراء يُشْعِرُ بأنَّ المراد منه بول الإِنسان، فإِنه لا يتحقَّق إلا في الإِنسان، فلفظ الاستنزاه في هذا الحديث يُوميء إلى أن المُرَاد به بول الناس خاصةً، وحينئذٍ يسقط الاحتجاج به على نجاسة سائر الأبوال. والقرينة الثانية على أن المراد به بول الناس فقط: ما رُوِيَ عن بني إسرائيل أنهم كانوا إذا أصابهم البول يَقْرِضُون جلدهم بالمَقَاريض. وأوَّلَهَ ابن دقيق العيد، وقال: إن المراد من قطع الجلد هو قطع الفَرْوِ دون قطع الجسد، فإِنه مُسْتَبْعَدٌ. قلت: ورأيت في بعض الألفاظ قطع الجسد أيضًا، ثم رأيت في «مصنَّف ابن أبي شيبة» (¬1): «أنهم كانوا مأمورين بقطع الثوب في الدنيا، أمَّا قطع الجلد، فكان عذابهم به في قبورهم». فتبيَّن لي أن هذا القطع كان طريق عذابهم في القبر، وأظنُّ أن أثره باقٍ في هذه الأُمّة أيضًا، وإن كان خُفِّفَ فيه بنوعٍ، والله أعلم. ¬

_ (¬1) ومصنفه صنف قبل البخاري، وابن أبي شيبة من رجال مسلم، كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز من الزيادة.

60 - باب ترك النبى - صلى الله عليه وسلم - والناس الأعرابى حتى فرغ من بوله فى المسجد

والقرينة الثالثة: أن الرُّوَاة إنما يَتَنَاقَلُونه في بَوْل الناس، يعني أنَّ الرُّوَاة عند السؤال والجواب والمُرَاجعات إذ يأتون بهذا الحديث يريدون به بول الناس، وهذا يؤيِّد أنه محمولٌ على بول الناس عندهم، ولمَّا لم يكن عندي دليلٌ على التخصيص، رَاعَيْتُ الجانبين، فقلتُ باعتبار تَنَاقُل الرُّوَاة: إن المراد منه بول الناس، وهو مراد أَوْلَى، ولفقدان دليل التخصيص قلتُ: إنَّ المرادَ منه البول مطلقًا، وهو مرادٌ ثانوي. وهذا واسع عندي: أن يقتصر الشيء على أمر باعتبار مراده الأَوْلى ويُعَمَّم يَحَسب مراده الثانوي، ولأنَّه لا فارق بين بول الناس وغيره، فيلحق غيره به أيضًا. وقد تحقَّق عندي تعدُّد المِصْدَاق، ولم يُنَبِّه عليه أحدٌ، إلاّ بعض شارحي «التلويح» حيث قال: إن خمر العنب مِصْدَاق أَوْلى للفظ الخمر، وما يقوله الجمهور مِصْدَاق ثانوي له. وهكذا أقول في البول، ثم أقول: إنَّ الحُكمُ إذا ورد على اسم يكون بعضُ ما صَدُقَاتِ مُسَمَّاهُ كثيرَ الوقوع، ثم خَصَّص الحديثُ هذا البعضَ الذي هو كثيرُ الوقوع بحكم، فهل يقتصر هذا الحكم على هذا البعض فقط، أو يدور على الاسم مطلقًا؟ والذي يتَّضِح: أنه يدور على الاسم، ولا يَقْتَصِر على هذا البعض، لأن الاقتصار فيه إذا كان لكَثْرَة الوقوع، فلا معنى للتخصيص، وههنا أيضًا كذلك، فإِنَّ حُكْمَ التعذيب وإن اقتصر على بول الناس، كما اختاره البخاري، إلاّ أن تخصيصه بالذكر لكَثْرَة المعاملة معه، فلا يَقْتَصِر الحكمُ عليه، بل يتعدَّى إلى سائر الأبوال، وحينئذٍ لا يحتاج إلى التقرير السابق أيضًا. أما الأصوليون فلم يذكروا تعدُّد المِصْدَاق، نعم قسَّمُوا العُرْف إلى: لفظِيِّ، وعمليَ، واللفظي: أن يدلّ عليه اللفظ بوضعه. والعمليَّ ما تُرِكَ به العمل في بعض ما صَدُقَاتِه، وإن اشتمل عليه اللفظ لغةً كاللحم، فإِنه لا يُطْلَقُ في العُرْف على لحم السمك، وإن اشتمل عليه لغةً، فاعتبروا اللفظيَّ مطلقًا، وقد يَعْتَبِروُن بالعملي أيضًا، ويجعلونه مخصِّصًا كما في اللحم، فمن حَلَف أن لا يأكل اللحم، فإِنه لا يْحْنَثُ بأكل لحم السمك. والذي أقول في مثل هذه المواضع: هو إقامة المراتب واختلاف الأحكام في بعض أفراد المُسَمَّى، ففي معنى اللحم مراتب يَسَعُ للمتكلِّم أن يريدَ بعضَها ويَتْرُكَ بعضَها، وهذا أيضًا وجه. وإقامة المراتب لم يتعرَّض إليها الأصوليون أيضًا، وكان مهمًا. وما في حاشية «نور الأنوار» نقلًا عن «مُسْتَدْرَك الحاكم» أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم لما فَرَغ من دفن سعد، وابْتُلي بعذاب القبر، جاء إلى امرأته فسألها عنه، قالت: كان يرعى غنمًا، ولا يستتر من بولها، فقال: «استنزهوا من البول»، فلم أجده في النسخة المطبوعة ولا في القدر الموجود من النسخة القلمية عندي، ولو ثَبَتَ لكان فصلًا في الباب، وسيأتي بعض الكلام في باب ما يقع من النجاسات ... إلخ. 60 - باب تَرْكِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسِ الأَعْرَابِىَّ حَتَّى فَرَغَ مِنْ بَوْلِهِ فِى الْمَسْجِدِ 219 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ عَنْ

61 - باب صب الماء على البول فى المسجد

أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى أَعْرَابِيًّا يَبُولُ فِى الْمَسْجِدِ فَقَالَ «دَعُوهُ». حَتَّى إِذَا فَرَغَ دَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ. أطرافه 221، 221 م، 6025 - تحفة 216 لعلّه يريد بيان ما هو الأنفع فيما بَالَ الرجل في: المسجد، ولم يدخل في مسألة التطهير بعد، وقد مرَّ في باب الماء الذي يُغْتَسل به شعر الإِنسان ... إلخ. 61 - باب صَبِّ الْمَاءِ عَلَى الْبَوْلِ فِى الْمَسْجِدِ 220 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَامَ أَعْرَابِىٌّ فَبَالَ فِى الْمَسْجِدِ فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ». طرفه 6128 - تحفة 14111 حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 219، 221 م، 6025 - تحفة 1657 62 - باب يُهَرِيقُ الْمَاءَ عَلَى الْبَوْلِ 221 - حَدَّثَنَا خَالِدٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ فَبَالَ فِى طَائِفَةِ الْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ النَّاسُ، فَنَهَاهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ، فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ. أطرافه 219، 221، 6025 تحفة 1657 يَطْهُرُ السَّطْحُ بالصَّبِّ، والجَوْفُ بالجفاف أو بالحفر، لأنَّه إذا صَبَّ الماء يصير جاريًا، واعلم أنَّ في فقهنا مسألة عجيبة وهي: أنَّ دَلْوَين إذا كان أحدهما نَجِسًا والآخر طاهرًا، ثم صُبَّا من الفَوْق معاٌ، يكون مجموع الماء الساقط طاهرًا للجريان، فيراها النَّاظر ويَزْعُم أنَّها متفقٌ عليها بدون اختلاف، مع أنها تُبْنَى على أصل آخر اخْتُلِفَ فيه عندنا، وهو أن الجَرْيَ هل يُشْتَرَطُ له المَدَدَ أم لا؟ فقال بعضهم: إن الماء لا يُسَمَّى جَارِيًا ما لم يكن له مَدَد، وأطلقه آخرون وسمَّاه جاريًا بمجرد الجَرْي. ثم جعلوا يتفرَّعُون على قول من لم يَشْتَرِط المَدَدَ للجَرَيَان، كما رأيت المسألة المذكورة، فينظرها ناظر ويَغْفُل عن الأصل الذي اخْتُلِف فيه، وبظنها مُسَلَّمَة بدون اختلاف، فاعلمه. قوله: (طائفة المسجد) ... إلخ، وترجمة الناحية عندي (يكسو) وعلى هذا ما في «الموطأ» لمحمد رحمه الله تعالى: «أَحْسِن إلى غنمكِ وأَطِبْ مُرَاحها، وصلِّ في ناحيتها، فإِنَّها من دوابِّ الجنة»، معناه يكسوا ورايكطرف هو كرنما يثره، فيكون دليلًا على نجاسة أزبالَ مأْكُول اللحم وأبوالها، لأنه أمره بالتجنُب عنها، والصَّلاة في الناحية: أي في طرف منه.

63 - باب بول الصبيان

قوله: (أعرابي) هو ذو الخُوَيْصِرَة (¬1) وهو يماني، ورجل آخر تميمي، والأوَّل رجل صالح، والثاني شِقَّي رأس الخوارج، نبَّه عليه ابن الأثير. 63 - باب بَوْلِ الصِّبْيَانِ 222 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِصَبِىٍّ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ إِيَّاهُ. أطرافه 5468، 6002، 6355 - تحفة 17163 - 66/ 1 223 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ، لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حِجْرِهِ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ. طرفه 5693 - تحفة 18342 نَسَبَ ابن بطَّال إلى الشافعية: أن بول الصبي الذي لم يَطْعَم طاهرٌ عندهم، وأنكر عليه الشافعية، وقالوا: إنه نَجِسٌ عندنا إلاّ أَنه يكفي النَّضْح لتطهيره. قلت: ومذهبهم أنَّه إذا رَشَّ الماء على بوله، فقد طَهُرَ وإن لم تتقاطر منه قطرة، فإِنه صار مغلوبًا، وحينئذٍ لاذنب لابن بطَّال إن نَسَبَ إليهم الطهارة، فإِنَّ النجاسة إذا لم تخرج بشيء، فكيف طَهُرَت بمجرد كونها مغلوبة، وقال الثلاثة: إنه نَجِسٌ يُغْسَل كسائر الأنجاس، إلا أنه لا يحتاج إلى المبالغة في غسله من الدَّلْك والعصر في كل مرَّة، وصرَّح محمد رحمه الله تعالى في «موطئه»: أن في بول الرضيع رُخْصَةً - أي تيسيرًا - وهو مُقْتَضَى الأحاديث، فَوَرَدَ فيه خمسة ألفاظ: أَتْبَعَه بوله، ورَشَّه، ونَضَحَه، وصَبَّه، ولم يَغْسِلْهُ غَسْلًا، كما عند مسلم والآخر صريحٌ في نفي التأكيد. قال ابن عصفور في حاشية «كتاب سيبويه»: إنَّ المجازَ لمّا كان له تطرُّق في لغة العرب كثيرًا، وضعوا لدفعه طُرُقًا، منها التأكيد، فقولنا: جاءني جاءني: لبيان أنَّ الفعلَ هو المجيء حقيقةً دون مقدماته. وقولنا: جاءني أمس أمس: لدفع تطرُّق المجاز في الزمان، وقالوا: إنَّ لدفع التطرُّق في الفعل طريقٌ آخر، وهو التأكيد بالمفعول المُطْلَق، وعلى هذا قوله: «لم يغسله غسلًا»: للتأكيد ودفع تطرُّق المجاز، فمعناه أنَّه لم يغسله غَسْلًا مؤكَّدًا، وهو الذي أراده بإِثبات الرشّ والنَّضْح، فالنفي والإِثبات يترقيان في المعنى والمآل، فقد عنى بالنفي نفي الغسل مؤكَّدًا، وبالأمر أمر الرشّ ومثله. ¬

_ (¬1) لعل هذا لقبه، حيث قال السهيلي، اسمه نافع، وقيل حرقوص بن زهير، وجزم به أسعد. اهـ. (من المصحح البنوري).

ثم المسألة عند اختلاف الألفاظ ينبغي أن تُؤْخَذ بعد رعاية جميع الألفاظ، فَمَنْ نظر إلى لفظ النَّضْح والرشّ، فقد قطع نظره عمّا يجب عليه النظر إليه، وإنَّما اختلفت الألفاظ في بيان تطهيره، لأنه لم يكن فيه تأكيد، فاستخفَّ أمره، وعبَّر عنه تارةً بالنضح والرشّ، وأخرى بالصَّبِّ، فهذا مجرد تعبير وطريق بيان، لا مسألة منضبطة، وهكذا إذا يستخفُّ الأمر تَرِد فيه التعبيرات بكل نحو، ومن ههنا يُسْتَفاد الرخصة. ثم في «الدُّرِّ المختار» مسألةٌ سها فيها صاحبه وهي: أنَّ العَصْرَ إنما يُشْتَرط إذا غسل الثوب في الإِجَّانة، وإلاّ كفى له الصَّبُّ ولو لم يَعْصِرْه. قلت: وهو سهوٌ بيِّن، فإِنَّ هذه المسألة كانت في النجاسة المرئية، فنقلها في غير المرئية أيضًا، كم في «الخلاصة»، والعجب من ابن عابدين حيث لم يتعقَّب عليه. ثمَّ إن الطَّحَاوِي (¬1) أجاب من لفظ الرَّشِّ بوجهٍ آخر، وقال: إنما أراد بالنَّضْح صَبَّ الماء عليه، فقد تُسَمِّي العرب ذلك نَضْجًا، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلّم «إني لأعرف مدينة يَنْضِحُ البحر بجانبها» فلم يَعْنِ بذلك النَّضْح الرَّش، ولكنه أراد يَلْزَقُ بجانبها. انتهى. قلت: والنَّضْح في الأصل: إسالة الماء وقتًا فوقتًا، شيئًا فشيئًا، بخلاف الصَّبِّ: فإِنَّه إسالة الماء دفعة، ولذا يُقَال للإِبل الذي يُحْمَل عليه الماء للاستسقاء: النَّاضِح، لأنه يجيء بالماء وقتًا فوقتًا، وإن كان الماء عليه كثيرًا، فالإِنصاف أن النَّضْح في الثوب هو بمعنى الرَّش دون الصَّب وإن لم يكن في البحر، والنَّاضِح كذلك، وهذا لتفاوت مَقَام وَمَقام، فنَضْح البحر وإن كان أَزْيَد من الصَّب والإِسالة، لكن نَضْح الثوب لا يكون كذلك، بل يكون بمعنى الرَّش، لأن نَضْح كل شيء بحَبَسه، فقلة الماء وكَثْرَته في البحر ليس مأخوذًا في نفسه اللفظ، بل هو لأجل المقام. وأما النَّضْحُ لغةً فمعناه: رشُّ الماء شيئًا فشيئًا فقط، وإن كان نَضْح البحر صَبًّا، فاعلمه. ¬

_ (¬1) قال الخَطَّابي في "معالم السنن": إن النَّضْح في هذا الموضع الغَسْل، إلَّا أنه غَسْلٌ بلا مَرْس ولا دَلْكٍ. وأصل النَّضْح الصَّب، ومنه قيل للبعير الذي يُسْتَقَى عليه: النَّاضِح، فأمَّا غَسْل بول الجارية، فهو غَسْلٌ يُسْتَقْصَى فيه، فيُمْرَسُ باليد وُيعصر بعده. وقد يكون النَّضح بمعنى الرَّش أيضًا. ثم قال: إن النَّضح فيه ليس من أجل أنَّ بول الغلام ليس بنجس، ولكنه من أجل التخفيف الذي وقع في إزالته. انتهى مختصرًا. قلتُ: وعلى هذا لا أدري ماذا بقي الخلاف بيننا وبين الشافعية؟ فإِن النَّضْح على ما أراده الخطَّابي هو الغَسْل بلا مَرْسِ، وهو متفق، عليه على ما يظهر من "الموَطأ"، إلَّا أن يفرِّق بإقامة المراتب في التخفيف. قال الشيخ رضي الله عنه: إنَّ كتاب الطحَاوي أحسن كتاب للحنفية إلّا أن الأسف أنهم لم يمارسوه ولا يستفيدون به بخلاف المالكية فإنهم يستفيدون من كتابه في تصانيفهم، حتى قيل: إن الطحَاوي أعلم بمذهب المالكية والشافعية من أنفسهم. والطحَاوي فقيه النفس، لا يبلُغ مبلغ كلامه إلَّا فقيهٌ كذلك، وله كتاب في الفقه الشهير "بمختصر الطحاوي"، وتعلَّم الفقه على القاضي الإِسْبِيجَابي. والبيهقي لمّا رأى كتابه "معاني الآثار"، وصنَّف لجوابه كتابًا سمَّاه "معرفة السنن والآثار"، ورَد فيه على الطحاوي في بعض المواضع، ووافقه في بعض، ثم جاء الشيخ علاء الدين التركماني فذبَّ عن الحنفية، وصنَّف كتابًا لجوابه سمَّاه "الجوهر النقي في الردّ على البيهقي"، إلّا أنه لم يُجِب فيه عن "المعرفة"، بل أجاب عن أصل كتابه الذي كان صنَّفه أولًا، أي "السنن الكبرى". انتهى، أفاده الشيخ رضي الله عنه.

64 - باب البول قائما وقاعدا

وعفى الله عن النووي حيث قال: والأحاديث الصريحة تَرُدُّ على أبي حنيفة، مع كون ثلاثة ألفاظ من الخمسة لأبي حنيفة رحمه الله تعالى: «أَتْبَعَهُ بوله»، و «صَبَّه» و «لم يَغْسِله غَسْلًا»، على أن لفظ النَّضْح وَرَدَ في تطهير دَمِ الحيض، كما سيأتي، فلم يقل هناك أحد بالتخفيف، كما في بول الصبي. 64 - باب الْبَوْلِ قَائِمًا وَقَاعِدًا 224 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ أَتَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ، فَجِئْتُهُ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ. أطرافه 225، 226، 2471 - تحفة 3335 65 - باب الْبَوْلِ عِنْدَ صَاحِبِهِ، وَالتَّسَتُّرِ بِالْحَائِطِ واعلم أنَّ الشارحينَ توجَّهوا إلى أنه لِمَ لَمْ يخرِّج حديث البول قاعدًا مع ذكره في الترجمة؟ قلت: وإنَّما لم يخرِّجه لشهرته، وإنما عمَّم في الترجمة دفعًا لتوهم الاقتصار. وفي الشامي: أنه جائز. قلت: وينبغي التضييق فيه في زماننا، لأنَّه صار من شعار النصارى، ولا ينزل عن كراهة التنزيه. أما بوله (¬1) صلى الله عليه وسلّم قائمًا، فمحولٌ على الأعذار. ففي «المستدرك» للحاكم: أَنه كان لوجع في مَأْبِضِه - أي باطن ركبتيه وإسناده وإن كان ضعيفًا، إلاّ أنَّه يصلح لبيان الاحتمالات. وعن الشافعي رحمه الله تعالى: أنَّ العربَ كانت تَسْتَشْفي لوجع الصُّلْب بالبول قائمًا. وأحسن الوجوه أَنْ يُقال: إن السُبَاطَةَ تكون مُلْقَى الكُنَاسَة، وتكون مخروطية في أكثر الأحوال، فلو بال قاعدًا ارتد إليه بوله. وأمّا بوله بقُرْب الدّور مع أن المعروف من عادته الإِبعاد، فذكر القاضي عِيَاض رحمه الله تعالى: أنَّه كان مشغولًا بأمور المسلمين، فلعلَّه طال عليه المجلس، وحَفَزَه البول، فلم يمكنه التباعد، ولو تباعد لتَضَرَّر. ويُسْتَفَاد من الحديث: أنه يجوز البول في الصحراء بدون الاستئذان من صاحبها. قال السيوطي رحمه الله تعالى في «حاشية النَّسائي»: إن تثليث الوضوء سنةٌ، وتركَه مكروهٌ تحريمًا. وأمَّا تركه صلى الله عليه وسلّم التثليث تارةً، فهو موجبٌ للثواب في حقه، فإن البيان واجبٌ عليه، والإتيان بالواجب موجبٌ للثواب قطعًا. ¬

_ (¬1) قلت: وبوَّب عليه النَّسائي: "بالرخصة في البول في الصحراء قائمًا"، وعلى حديث عائشة رضي الله عنها: "بالبول في البيت جالسًا"، فحديث حُذَيْفَة محمولٌ على خارج البيت، وحديث عائشة: "ما كان يَبُول إلَّا جالسًا" على البيت. نبَّه عليه السندهي. اهـ.

66 - باب البول عند سباطة قوم

قلت: بل ترك التثليث ليس بمكروهٍ لأحدٍ من الناس عندي بشرط أن لا يتركه أزيد مما ثَبَتَ عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم ولا يَعْتَاد عليه (¬1). 225 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ رَأَيْتُنِى أَنَا وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نَتَمَاشَى، فَأَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ خَلْفَ حَائِطٍ، فَقَامَ كَمَا يَقُومُ أَحَدُكُمْ فَبَالَ، فَانْتَبَذْتُ مِنْهُ، فَأَشَارَ إِلَىَّ فَجِئْتُهُ، فَقُمْتُ عِنْدَ عَقِبِهِ حَتَّى فَرَغَ. أطرافه 224، 226، 2471 - تحفة 3335 225 - قوله: (خلف حائِطٍ) ... إلخ، والحائط كانت أمامه. 225 - قوله: (فقام كما يقوم) ... إلخ، تشبيهٌ في أصل القيام لا غير. قوله: (فأشار إليَّ) ... إلخ، ويُسْتَفَاد منه: أنَّ الكلامَ في هذا الحال مما لا ينبغي، ولذا اكتفى بالإِشارة وما عند مسلم فقال: «أدْنُه - باللفظ - فَدَنْوَت ... » إلخ، لعلَّه روايةٌ بالمعنى، والمُتَبَادَرُ أنه لم يتكلَّم في تلك الحال. ومنع مولانا الكَنْكُوهِي رحمه الله تعالى رَدَّ السلام حالة البول، ووسَّع فيه عند الاستنزاه والاستبراء والاستنجاء بالمَدَر. ومنعه مولانا محمد مظهر رحمه الله تعالى في حالة الاستنجاء أيضًا (¬2). 66 - باب الْبَوْلِ عِنْدَ سُبَاطَةِ قَوْمٍ أشار إلى أنَّ البولَ عند السُّبَاطة ممّا لا يحتاج إلى الإذن من صاحبه لكونه معلومًا عُرْفًا. 226 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ كَانَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِىُّ يُشَدِّدُ فِى الْبَوْلِ وَيَقُولُ إِنَّ بَنِى إِسْرَائِيلَ كَانَ إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ أَحَدِهِمْ قَرَضَهُ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ لَيْتَهُ أَمْسَكَ، أَتَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا. أطرافه 224، 225، 2471 - تحفة 3335، 9003 226 - قوله: (يُشَدِّد) ... إلخ، فإِنَّه كان يَبُول في القَارُورَة اتقاءً عن الرِشَاش. قوله: (قُرَضَه)، وفي بعض الروايت الصحيحة: «قَرَض الجلد» أيضًا كما مرَّ، وقد تحقَّق عندي أنَّ هذا القَرْض يكون في القبر تعذيبًا، لا أنه كان في لدنيا تشريعًا، وإن كانت ألفاظ الرُّوَاة تشْعِر بخلافه، وأظُّن أنَّ العذابَ منه في هذه الأمة أيضًا من بقاياه، والله تعالى أعلم. قوله: (فقال حذيفة رضي الله عنه) ردٌّ على تجاوزه عن الحد، لا أمرٌ بالبول قائمًا. ¬

_ (¬1) قلتُ: وراجعت حاشيته على النَّسائِي، فما وجدته فيه. نعم في النووي: ولكن المستحب تطهير الأعضاء كلها ثلاثًا ثلاثًا، كما قدَّمناه: وإنما كانت مخالفتها من النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض الأوقات بيانًا للجواز، كما توضَّأ - صلى الله عليه وسلم - مرةً مرةً في بعض الأوقات بيانًا للجواز، وكان في ذلك الوقت أفضل في حقه - صلى الله عليه وسلم -، لأن البيان واجبٌ عليه - صلى الله عليه وسلم -، فلعلَّه سهوٌ من القلم، والله تعالى أعلم. (¬2) وما عند أبي داود: "لا يَخرُج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدَّثان، فإن الله عزّ وجلّ يَمْقُت على ذلك"، فالظاهر أن المَقْتَ على مجموع الأمرين دون التحدُّث فقط، على أن التحدُّث معناه: على ما كان من عاداتهم في الجاهلية، وأمَّا الكلام لأجل الحاجة فهو بمَعْزِلٍ عنه.

67 - باب غسل الدم

67 - باب غَسْلِ الدَّمِ انعقد الإجماع على نجاسته، ولذا عبَّر بالغَسْل، وهكذا فعل في البول والمَذِيِّ والمَنِيِّ، فقال: باب ما جاء في غَسْل البول كما مرَّ، وقال: باب غَسْل المَذِيِّ والوضوء منه، وقل: باب غسل المَنِيِّ وفَرْكِهِ، كما سيأتي. فهذا دليلٌ على أنَّه ذهب إلى نجاسة المَنِيِّ على ما أرى، وفي عامة كتبنا؛ أنَّ المسفوح نَجِسٌ، وغير المسفوح ليس بَنجِسٍ، وبحث فيه شارح «المُنْيَة» في الكبيري، وجمع الشَّوْكَاني فقهه في رسالة سمَّاها «الدُّرر البَهِيَّةً»، ووضع فيها مسائل أخشى على العامل بها أن لا يُغْفَر له، منها: طهارة جميع الأشياء سوى دم الحيض، وغائط الإِنسان، وبوله. وقال: إنَّ شَحْم الخنزير ليس بحرامٍ، لأن القرآن سمّى لحمه حرامًا، والشحم ليس بلحمٍ، فلا يكون حرمًا، ونعوذ بالله منه. 227 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَتْنِى فَاطِمَةُ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا تَحِيضُ فِى الثَّوْبِ كَيْفَ تَصْنَعُ قَالَ «تَحُتُّهُ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ، وَتَنْضَحُهُ وَتُصَلِّى فِيهِ». طرفه 307 - تحفة 15743 227 - قوله: (وَتَنْضَحُهُ) ... إلخ، وقد مرّ أن النِّضْح ههنا بمعنى الغَسْل عند الكل، وهو المراد عندنا في بول الصبي، فَشاكِلَتُه عندنا من ههنا إلى هناك واحدة، بخلاف الشافعية رحمهم الله تعالى. 228 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَتْ فَاطِمَةُ ابْنَةُ أَبِى حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِى الصَّلاَةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِى عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّى». قَالَ وَقَالَ أَبِى «ثُمَّ تَوَضَّئِى لِكُلِّ صَلاَةٍ، حَتَّى يَجِىءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ». أطرافه 306، 320، 325، 331 - تحفة 17196 - 67/ 1 228 - قوله: (أُسْتَحَاض) بضم الهمزة وفتح المثناة مجهولًا، وهكذا يُقْرَأ، لأن الاستحاضة ليست من صنعها وإنما تلقى عليها من أسباب سَمَاوِيَّة. ومعناه: أنه استمرَّ بي الدم، فلا يَرْقَأ، ولا تريد به الاستحاضة الفقهي: وهي الدماء التي تَنْقُص من عادتها أو تزيد عليها، وأهل اللغة لا يفرِّقون بين الدماء الفقهية، ويقولون: حاضت المرأة، إذا جاء الدم على عادتها، وإذا غَلَب عليها يقولون: أُسْتُحِيضَت، ثم الفقهاء يفصِّلونها إلى دم الحيض والاستحاضة، وهو موضوعهم. وأما اللغويون، فيحكمون على المجموع أنه استحاضة. قوله: (فلا أَطْهُرُ) أي حِسًّا، ولم تُرِد به الطهارة الشرعية، بل معناه لا أَطْهُر حِسًّا، ولا أزال أتلطَّخ بالدماء لأجل جَرَيان الدم، فلا أَطْهُرُ حِسًّا. والشريعة قد تَحْكُم بالطهارة حال النجاسة الحِسِّية كالمعذور، وقد تحكم بالنجاسة مع الطهارة الحسِّية كالطُّهْرِ المتخلل، فهذه من اعتبار الشرع، فلا تريده، وإنما أرادت: أنَّ دمها غَلَبَ عليها فلا يسكن، ومنعها عن صلاتها، وبه يرتبط الجواب، لأنها لو كانت تَعْلَمُ أنها استحاضة، لم يكن فيه إشكالٌ. وإنما أَشْكَل عليها الأمر،

لأنها إذا استمر بها الدَّمُ لم تستطع أن تتبيَّن حَيْضَها من استحاضتها، فسألت صاحب الشرع. قوله: (إنما ذلك دم عِرْقٌ) ... إلخ، وهذه عِلَّةٌ منصوصةٌ تدلُّ على أنَّ الخارج من غير السبيلين أيضًا ناقضٌ، لأنه علَّلها بَكونها دم عِرْق، وإنما تحقَّق خروجه عن إحدى السبيلين لخصوص المقام، وإدارةُ الحكم على السبيلين في هذا المقام تركٌ للمَنْطُوق، وأخذٌ بالمسكوت، وهو كما ترى. وما قاله الحافظ رحمه الله تعالى: إنَّ المقصودَ من قوله: «إنه دم عِرْق»، توكيدٌ لعدم كونه دم الحيض، وليس بيانًا لكونه ناقضًا، يأباه السياق أيضًا. ثم إن الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى أيضًا موافقٌ للشافعية رحمهم الله تعالى في عدم النقض من الخارج من غير السبيلين، مع أن أحمد رحمه الله تعالى نصَّ على نقض الوضوء من الرُّعَاف، وقد مرَّ التصريح به. قوله: (فإذا أقبلت حيضتُك) بالفتح وبالكسر يوميء إلى التميز بالألوان. واعلم أنه لا عِبْرة للألوان عندنا في أيام الحيض، فما تراه من السَّوَاد إلى الكُدْرَة يكون كلها حيضًا. وذهب الإِمام الشافعي رحمه الله تعالى إلى اعتباره، فجعل الأحمر الشديد والأسود منه حيضًا، ولم يَرَ باقي الألوان حيضًا. ولفظ الإِقبال والإِدبار يؤيده، فإِنه يُعْلَم منه أن دم الحيض دمٌ متميِّزٌ بنفسه، يُعْرَف إذا أقبل وإذا أَدْبَر. فالإحالة على الدم مُشْعِرٌ بأن دم الطمث مُغَايِر لدم الاستحاضة بنفسه، ومُتَمَيِّزٌ كَتمَايُز سائر المَاهِيَّات، ولذا اكتفى بالإحالة على الاسم، لأنه كان من الأشياء المتميِّزة بنفسه، كما في رواية: «فإِنه دمٌ أسود يُعْرَف». قلت: ولا ريب أن الألفاظ المذكورة أقرب إلى نظرهم، إلا أنَّه يَصْدُق على مذهبنا أيضًا، فإِنه يمكن أن يُعْرَف الإِقبال والإِدبار باعتبار عادتها، فإذا جاء أوانُ حيضها ودَمِيت، فقد أَقْبَل حيضها، وإذا مضى زمان الحيض، فقد أَدْبَر، ثم أقول: إن في الباب لفظ آخر، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلّم أمر مستحاضة أن تَنْظُر عِدَّة الليالي والأيام الي كانت تحيضهنَّ من الشهر، فهذا إحالةٌ ظاهرةٌ على عادتها بدون تفصيلٍ بين الدماء وألوانها، وإن كان يَسُوغ لهم أيضًا أن يحملوه على التمييز، إلاّ أنَّ المُتَبَادر منه عدمه. فالحاصل: أنَّ العُنوانَ الأول أقرب إلى الشافعية، والعنوان الثاني أقرب إلى الحنفية، وإن أمكن حَمْل أحدهما على الآخر، ولذا وَضَع أبو داود ترجمة بهذا اللفظ، وترجمة أخرى بذاك، لينبِّه على أنهما يُنْبئان عن النظرين. وأما قوله: «فإِنه دمٌ أسود يُعْرَف»، فقد أخرجه النَّسائي في موضعين، وأشار إلى إعلاله، وفي «العلل» لابن أبي حاتم: أنه مُنْكَرٌ. وحكي الطَّحَاوي (¬1) عن أحمد رحمه الله تعالى ¬

_ (¬1) قال الطَّحَاوي: فلم نجد أحدًا يرويه عن عُرْوَة عن عائشة، ولا عن عُرْوَة عن فاطمة إلَّا محمد بن المُثَنَّى، وذكر لنا أحمد بن شُعَيْب أنه لم يكن عليه لمّا حدَّث به كذلك، وقيل له: إن أحمد بن حنبل قد كان حدّث به عن محمد بن أبي عَدِي، فأوقفه على عُرْوَة، ولم يتجاوز به إلى عائشة، فقال: إنما سمعته من ابن أبي عدي مِنْ حِفْظه، فكان ذلك دليلًا على أنه لم يكن فيه بالقوي، ووقع في القلب اضطراب محمد بن المُثَنَّى فيه، لأنه قال فيه مرةً: عن عائشة، وقال فيه مرّةً: عن فاطمة بنت أبي حُبَيْش، وقوَّى في القلوب أنَّ حقيقتَهُ عن ابن أبي عدي.

في «مشكلة»: أنه مُدْرَجٌ. وإن سلَّمنا، فهو محمولٌ على الأغلب، لا أنه هو المَحَطُّ كما فَهِمُوه. والذي تبيَّن لي أن الأمر في حديث فاطمة بنت أبي حُبَيْش إنما يَدُور على العادة دون التمييز، وإن كان لفظ الإِقبال والإِدبار أقرب إلى التمييز، لأنه أخرجه البخاري بعينه في باب إذا حاضت في شهر ثلاثَ حِيَض، وفيه: «ولكن دَعِي الصَّلاة قدر الأيام التي كنتِ تَحِيضِينَ فيها» مكان الإِقبال والإِدبارد فاتِّضحَ أنَّ الراوي لم يَقْصِد إِلا التَّفَنُن في العبارات، ولم يُرِد من قوله: «أقبلت وأدبرت» معنًى زائدًا عمَّا في قوله: «قدر الأيام التي كنت تَحِيضين فيها (¬1)»، فالأمر أنها كانت مُعْتَادة تعرف الإِقبال والإِدبار بحَسَب عادتها، لا أنها كانت تْعتَبر بالألوان وإلا لَمَا اختار التعبيرَ المُخِلَّ بالمراد. قوله: (فاغسلي عنكِ الدم)، المراد منه غَسْل اللَّوْث دون الغَسْل الذي هو فرض بالإِجماع، وهو مرادٌ قطعًا وإن لم يُذْكَر في هذا الطريق، وصحَّ فيه لفظ: «توضيء»، وإن تردَّد فيه مسلم. وقال: وفي حديث حمَّاد بن زيد زيادةُ حرفٍ تركنا ذكره. قلت: بل هو صحيحٌ بدون تردّد كما أثبته الطَّحَاوي، وأخرج له مُتَابعات أيضًا، فلا تفرُّد، فيه ولا ترُّدد. وأقرّ به الحافظ رضي الله عنه أيضًا: ثم الإِسناد الذي أخرجه الطَّحَاوي فيه أبو حنيفة، ومرّ عليه ابن سيد الناس في «شرح الترمذي» وصحَّحه. وهكذا استشهد أبو عمرو في «التمهيد» بطريق أبي حنيفة والحافظ رحمهما الله تعالى. وإن أقرّ بتلك الزيادة، إلاّ أنه لم يَسْتَعِن بهذا الطريق، ونحن نفهم ما يريد، فافهم أنت أيضًا، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله. والحاصل: أنَّ الأمر بالوُضُوء ثابتٌ فيه، ثم هو محمولٌ على الوُجُوب عندنا، وعلى ¬

_ (¬1) قال الطَّحَاوي في "مشكله" في حديث حَمْنَة في شرح قوله: "تَحِيضِين في كل شهرٍ في علم الله ستة أيام أو سبعة أيام". هكذا عند الطحاوي: أنه لم يأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما توَّهم أنه أمرها به مما ردَّ الخيار فيه إليها أن تَحِيض ستًا أو سبعًا، ولكنه أمرها أن تَتَحَيَّض في علم الله ما أكثر ظنّها أنها فيه حائض بالتَّحرِّي منها لذلك، كما أمر مَن دخل عليه شكٌّ في صلاته، فلم يَدْر ثلاثًا صلّى أم أربعًا، أن يتحرَّى أغلب ذلك في ظنِّه، فيعمل عليه، فمثل ذلك أَمْرُهُ المرأةَ في حيضها لمّا أمرها به فيهَ، ولا يكون ذلك منه إلَّا وقد أعْلَمَتْه أنه قد ذهب عنها علم أيامها التي تحيضهن، أي أيام هي من كل شهر؟ فأمرها بتحرِّيها، كما أمر - صلى الله عليه وسلم - المصلِّي في صلاته عند شكِّه كم صلّى منها بالعمل على ما يؤدِّيه إليه تحرِّيه فيه، وكان ما في الحديث من الستة أو السبعة إنما هو شكُّ دخل على بعض رواته، فقال ذلك على الشكِّ، فأمَّا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يأمرها إلَّا بستة أيامٍ أو بسبعة أيامٍ، لا اختيار منها في ذلك لأحد العددين، ولكن لأنَّ أيامَها كانت -والله أعلم- أحد العددين، وذهب عنها موضعها من كل شهر، وأَعْلَمَتْهُ - صلى الله عليه وسلم - ذلك، فأمرها به فيه. انتهى. قلت: وهذا كلامه وإن كان في حديث حَمْنة لا في حديث فاطمة، غير أني نقلته لفائدة، ولقد تعسَّر عليّ فهم مسائل الحيض والاستحاضة، فأنا كذلك متردِّد؟ في شرح تلك الأحاديث، فنقلتُ كلام الطَّحَاوي لتتمكَّن من شرح بعض الأحاديث شيئًا، وقد بَسَطَه الطَّحَاوي في "معاني الآثار"، غير أني ما فَهِمْتُ منه بما يكفي ويشفي، وأنا أسأل الله تعالى أن يرزقني فهمه.

الاستحباب عند مالك رحمه الله، لأن عُذْر المْعذُور لا يَنْقُضُ طهارته عنده، ولذا تصدَّى بعض المالكية إلى إسقاطه، والله تعالى أعلم. ثم ههنا خلافٌ آخر، وهو: أنَّ وضوءَ المَعْذُور للصَّلاة أو للوقت؟ فعند الشافعية للصَّلاة، وعندنا للوقت، فالمستحاضة إذا توضَّأت تصلِّي في الوقت ما شاءت من الفرائض والنوافل، ولا تَبْطُل طهارتُه بهذا العُذْر. وتمسَّك الشافعية بلفظ: «لكل صلاةٍ»، فإِنَّه صريحٌ في أنَّ طهارته اعْتُبِرت في حقّ الصلاة خاصةً، وأجاب عنه الحنفية: بتقدير المضاف، ومعناه: لوقت كل صلاة. قلت: وأخرج العَيْنِي رحمه الله لفظ: «الوقت» عن «المغني» لابن قُدَامة، وإذن لم يَبْقَ هذا تأويلًا مع أنه لا حاجة إليه أيضًا، لأنه شاع في الدُّور الإِسلامية توقيت الأمور بأسامي الصلاة، فتقول: آتيك الظهر، وآتيك العصر، تريد وقته، فقوله: «لكل صلاة» صادقٌ فيما كانت طهارته للوقت أيضًا، ولعلّك فَهِمْتَ أن بين حذف المضاف وبين ما قلنا بَوْن بعيد، والفصل عندي: أَنّ الحديثَ صالحٌ للطرفين، ولا يتعيَّن لأحدٍ منهما. والمسألة من مراحل الاجتهاد، لأنه لو ثَبَتَ لفظ وقت الصلاة، لم ينفصل منه الأمر أيضًا، لأنه يجري البحث بعده في السبب: هل هو الصلاة أو الوقت؟ ويَسُوغ لهم أن يقولوا: إن اللام للظرف، فوقت الصلاة ظرفٌ للوُضُوء لا سببٌ، وإنما السبب هو الصلاة، كما في قولنا: أتيت فلانًا لخمس مَضَيْنَ من رمضان، فإِن اللام فيه للظرف، لا للسبب، فالوُضُوء يجب على المْعذُور لأجل الصلاة في وقتها عندهم، فصحَّ ما في «المُغْني» «لوقت كل صلاة» على مذهبهم أيضًا، ولذا قلتُ: إن المسألة مفوَّضة إلى الاجتهاد، ولا تدخُلَ تحت النص. ونظر الإِمام الهُمَام رحمه لله تعالى فيه: أنَّ العِبْرَةَ للوقت دون الصَّلاة، كما أنَّ العِبْرةَ في الجنون والإِغماء أيضًا للوقت، فَمَنْ جنَّ في رمضان بعدما أدرك جزءًا منه، يَلْزَم عليه قضاء رمضان بتمامه. وكذا من أُغْمِي عليه، وأحاط إغماؤه يومًا وليلةً، يسقط عنه قضاؤها، فالجنون والإِغماء عذران اعْتُبِرَ فيهما الوقت أيضًا، إلاّ أنه أخذ في الإِغماء وظيفة اليوم والليلة بتمامها، لأنه فَهِمَ أن بين الصلوات الخمس ربطًا، ولذا قال: إن الترتيب بين الفوائت مستحقٌ، وأخذ في باب الصوم وظيفة الشهر، وأَلْزَم كلَّه بإِدراك بعضه فالشهر في الجنون كالصلوات الخمس في الإِغماء، فمن لم يُدْرِك جزءًا من الشهر، وأحاط به الجنون جميع الشهر، فإِنه لا يَقْضي، كمن أحتاط بِه الإِغماء يومًا وليلةً. وهكذا في مسألة الرَّجْعَة قالوا: لو انقطع دمها على العشرة، فإِنها تخرج عن عِدَّتها بمجردٍ مُضِيِّ الحَيْضَة الثالثة، وإن انقطع لأقل من العشرة، فإِنها تنتظر قدر الغُسْل، فاعتبروا فيها الوقت أيضًا. والظاهر أَنَّ البحث فيما إذا انقطع الدَّمُ لأقل من العشرة، أنَّ انقطاع حقّ الزوج - وهو الرجعة - يَنُوط بأمرٍ سماويّ - وهو الوقت - أو بفعل اختياري، كغسل المرأة، والذي فَهِمُوه أن إحالته على أمر سماوي أَوْلَى، وهو الوقت، بخلاف الفعل الاختياري، فإِنَّ إبطالَ حقًّ مِنْ فعل أحدٍ غيرُ معقولٍ فلم يَعْتَبِرُوا فيه فِعْلَها - وهو الغُسْل - بخلاف الوقت، فإِنه أمر سَمَاوِيّ، ورَاجِعْ

68 - باب غسل المنى وفركه، وغسل ما يصيب من المرأة

فيه كلام الطحاوي من كتاب تلميذه أبي جعفر النَّحَّاس، فإِنه أجود وأحسن، ولا يمكن تلخيصه. وإذا عَلِمْتَ أن الإِمام اعتبر الوقتَ في حميع هذا الباب، سَهُلٌ عليك أن تَعْتَبَرِه في طهارة المَعْذُور، فطهارته أيضًا تَدُور بالوقت دون الصلاة، فإِنها فِعْلُه بخلاف الوقت، فإِنه أمرٌ سماوي، وأمارةٌ للصلاة، وهو الذي يُسْتَفَاد من الشريعة، فإنَّ المَعَذُور لا يزال ينتظر الوقت، فإِذا بلغ آخره يتوضَّأ ويُصَلِي. والحاصل: أنَّهم اعْتَبَرُوا في الجنون الشهرَ كلَّه، وفي الإِغماء اليومَ والليلةَ، وفي المَعْذُور وقتَ الصلاة الواحدة كلَّه، فهو من مراحل اجتهادٍ لا غير. تنبيه: وأعلم أنه قد ثَبَتَ في المُسْتَحَاضة الغُسْل لكل صلاةٍ، والحمع بين الصلاتين في غُسْل واستبعده الشَّوْكَانِي، وقال: إن الغُسْلَ لكل صلاة أمرٌ غسيرٌ مما لا يمكن أن يَأْمُرَ به الشرع، وهو مما لا يُصْغَى إليه، فإِنَّه ثابت قطعًا، كما قاله الحافظ رحمه الله تعالى، وأقرَّ به أبو داود، الدارمي: «أنَّ امرأةً مستخاضةً سألت ابن عباس رضي الله عنه عن نفسها، وكانت مُتَحَيِّرَة، فأمرها أن تَغْتَسِلَ عند كل صلاةٍ، فقيل له: إن فيه مَشَقَّة قال: لو شاء الله لشق عليها أزيد منه»، وبمثله أفتى علي رضي الله عنه، أمَّا تعدُّد الغُسْل للمُعْتَادة والمُبْتَدئة، فحمله الطحاوي على التبريد، وتقليل الدَّم، ودفع تقطيره، وهو المُسْتَفَاد بأمره زَيْنَب أن تَجْلِسَ في مِرْكَنَ ... إلخ. والغُسْل لكل صلاةٍ أقطعُ للتقطير، فإِنْ تَعَسَّرَ، فالجمع في غُسْلٍ، وإلا فالوضوء لوقت كل صلاة، وهو الواجب عليها، أمَّا سائر الغسلاة فمستحبةٌ لها. 68 - باب غَسْلِ الْمَنِىِّ وَفَرْكِهِ، وَغَسْلِ مَا يُصِيبُ مِنَ الْمَرْأَةِ 229 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ الْجَزَرِىُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَغْسِلُ الْجَنَابَةَ مِنْ ثَوْبِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَيَخْرُجُ إِلَى الصَّلاَةِ، وَإِنَّ بُقَعَ الْمَاءِ فِى ثَوْبِهِ. أطرافه 230، 231، 232 - تحفة 16135 230 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الْمَنِىِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ فَقَالَتْ كُنْتُ أَغْسِلُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَيَخْرُجُ إِلَى الصَّلاَةِ وَأَثَرُ الْغَسْلِ فِى ثَوْبِهِ بُقَعُ الْمَاءِ. أطرافه 229، 231، 232 - تحفة 16135 69 - باب إِذَا غَسَلَ الْجَنَابَةَ أَوْ غَيْرَهَا فَلَمْ يَذْهَبْ أَثَرُهُ 231 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ سَأَلْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ فِى الثَّوْبِ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ كُنْتُ أَغْسِلُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلاَةِ وَأَثَرُ الْغَسْلِ فِيهِ بُقَعُ الْمَاءِ. أطرافه 229، 230، 232 - تحفة 16135

232 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَغْسِلُ الْمَنِىَّ مِنْ ثَوْبِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ أَرَاهُ فِيهِ بُقْعَةً أَوْ بُقَعًا. أطرافه 229، 230، 231 تحفة 16135 واختار المصنِّف رحمه الله تعالى نجاسة المَنِيِّ كما هو مذهب الحنفية، ووضع تراجم ثلاث تَتْرَى تدلّ على هذا المعنى، فذكر فيها غسله، كما ذكر غسل البول والمَذِيِّ، وكذا في الباب التالي ولم يومىء إلى طهارته وعدَّه مع سائر النجاسات في الباب الآتي: باب إذا أُلْقِيَ على ظهر المصلِّي ... إلخ، وفيه: «وفي ثوبه دمٌ أو جَنَابةٌ، أي مَنِيّ، إلخ، فَعادَل بين الدم والمَنِيِّ، وسَوَّى بينهما، فدلّ على كونه نجسًا عنده. ثم اعلم أنَّ فقهاءنا رحمهم الله تعالى وضعوا للتطهير أنواعًا: فالاستجمار في السبيلين، والدَّلك في الخُفَّين، والمسح فيما لا تتداخله النحاسة، والجفاف في الأرض، الفَرْك في المَنِيِّ، فهو تطهير له عند الشرع، وإن لم يكن منه القَلْع بالكلية، فقد لا يمكن بالماء أيضًا، كما هو المُتَبَادر من حديث عائشة رضي الله عنها الآتي، وفيه: «ثم أراه فيه بقعة أو بُقَعًا»، لأنَّ الظاهر أن الضمير رَاجِعٌ إلى المَنِيّ (¬1)، وفي فقهنا: أنه يجب إزالة الرائحة واللون إلاّ ماشقَّ منها، وحينئذٍ لا بأس إن أردنا من الماء: هو المَنِيُّ، ومن البقعة: بقعته، مع أن المُتَبَادَرَ من لفظ الماء: المعروف، ومن البقعة: بقعة الماء، وحاصله عندي: أنه كان يَذْهَبُ إلى المسجد مع بقاء أثر الغَسْل في ثوبه. ولم يكن يَنْتَظِر الجفاف. والألفاظ الواردة فيه ثلاثةٌ: الأول: «وإن بُقَع الماء في ثوبه» يقع الماء مبتدأ، وفي ثوبه خبره. والثاني: «وأثر الغَسْل في ثوبه». والثالث: «ثم أراه فيه بقعة». وهذا الأخير هو الظاهر في مرادهم، إلا أنه لا ينبغي أخذ المسائل من ألفاظ الرُّوَاة لا سِيَّما عند اختلاف ألفاظهم، وكانت المسألة من الحلال والحرام، أو من باب الطهارة والنجاسة، وكذا لا مُسْكة لهم في لفظ الفَرْك، والمسح، والسَّلْت الواردة في هذا الباب، فإِن بعضها تطهيرٌ له، والبعضَ الآخر تقليلٌ في الحالة الراهنة، وإزالةٌ لجُرَمه المُتَقَذَّر وسَتْرُه عن أعين الناس. كذلك رَدَّ البعض بالبعض في المُخَاط في الثوب حالة الصلاة، مع أنَّ النجاسةَ القليلةَ ¬

_ (¬1) قلت: وقد يَخْطُر بالبال أن الفرك لو كان دليلًا على الطهارة كما فهمه الشافعية، لكان النَّضْح في البول دليلًا على طهارة البول، فإن النَّضْح على ما عُرِفَ عندهم هو الرَّشُّ، وهو غيرُ قالعٍ ولا مقلِّلٍ، بخلاف الفرك، فإنه وإن لم يكن قالعًا عن أصله، لكنه مقلِّل البتة، فلَزِمَهمِ أن يقولوا بطهارة البول، فاعلمه.

70 - باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها

عفوٌ عندنا (¬1)، ثم لا دليلَ على أنه صلّى في الثوب الذي مسح عنه المَنِيَّ، ولم يَغْسِلْه، فلا دليلَ لهم في الأحاديث، ما لم يأتوا بما تكون صريحةً في أنَّه صلّى في الثوب حال كون المَنِيِّ فيه ولم يَغْسِلْه، واكتفى بالمسح السَّلْت. والعَجَب منهم حيث يحكمون بنجاسة المَذِيِّ، ويُوجِبُون الغُسْلَ بخروج المَنِيِّ، ومع ذلك ذَهَبُوا إلى طهارته (¬2). 70 - باب أَبْوَالِ الإِبِلِ وَالدَّوَابِّ وَالْغَنَمِ وَمَرَابِضِهَا وَصَلَّى أَبُو مُوسَى فِى دَارِ الْبَرِيدِ وَالسِّرْقِينِ، وَالْبَرِّيَّةُ إِلَى جَنْبِهِ، فَقَالَ هَا هُنَا وَثَمَّ سَوَاءٌ. 233 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَدِمَ أُنَاسٌ مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ، فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِلِقَاحٍ، وَأَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، فَانْطَلَقُوا، فَلَمَّا صَحُّوا قَتَلُوا رَاعِىَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ، فَجَاءَ الْخَبَرُ فِى أَوَّلِ النَّهَارِ، فَبَعَثَ فِى آثَارِهِمْ، فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ جِىءَ بِهِمْ، فَأَمَرَ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسُمِرَتْ أَعْيُنُهُمْ، وَأُلْقُوا فِى الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلاَ يُسْقَوْنَ. قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ فَهَؤُلاَءِ سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَكَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ. أطرافه 1501، 3018، 4192، 4193، 4610، 5685، 5686، 5727، 6802، 6803، 6804، 6805، 6899 - تحفة 945 - 68/ 1 234 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو التَّيَّاحِ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى قَبْلَ أَنْ يُبْنَى الْمَسْجِدُ فِى مَرَابِضِ الْغَنَمِ. أطرافه 428، 429، 1868، 2106، 2771، 2774، 2779، 3932 - تحفة 1693 نُسِبَ إلى البخاري أنَّه اختار في النحاسات: مذهب داود الظاهري، كما نقله الكَرماني. ¬

_ (¬1) قلت: وبلغني فيه شيء عن الشيخ الكَنْكُوهِي، وأعجبني كلامه: وهو أن الخلاف فيه يُبْنَى على اختلاف آخر، وهو أن النجاسة القليلة مُتَحَمَّلَةٌ في الصلاة عندنا، فإن كانت دون الدرهم لا تُفْسِد الصلاة، وإلَّا أَفْسَدَت؛ بخلافها عند الشافعي رحمه الله. فإنها تُفْسِد عنده مطلقًا، قليلةً كانت أو كثيرةً، حكاه الترمذي في نجاسة الدم عنه رحمه الله، وعلى هذا، لو كان الْمِنيُّ نَجِسًا، لَزِمَ بطلان الصلاة فيما إذا صلَّى في الثوب المَفْرُوك، لأنه يُقَلِّلُه فقط. ولمَّا اكتفى فيه بالفرك، مع أن الفرك لا يزيله بالكلية، وإنما يقلِّله، عُلِمَ أنه طاهرٌ، ونحن نقول: إن الفرك تطهيرٌ لا تقليل، والقليل في نظر الشرع بمنزلة العدم، كما في السبيلين والخُفين وغيرهما. (¬2) قال ابن العربي في "شرح الترمذي" بعدما بَسَطَ الكلام في وجوه المذاهب، أن الأحاديثَ الصِّحَاح ليس فيها أكثر من أن عائشة قالت: "كنت أَفْرُكُه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". والمراد إزالة عينه. فأمَّا الصلاة به لذلك، فليس بمروي فيها، بل المروي فيه غَسْله عنه، وحديث عائشة رضي الله عنها بزيادة قوله: "فيصلي فيه" من رواية عَلْقَمة والأسود مُتَكَلَّمٌ عليه، وغَمَزَه الدَّارَقُطْني، فلم يبق إلَّا حديث الفَرْك وحده، دون صلاة فيه، فلا حُجَّة فيه كما بيناه، وهذه هي غاية المسألة، انتهى مختصرًا.

أقوله: أمَّا أنا، فلا أقولُ إلاّ بَقْدرِ ما يظهر من عبارته، وأَسْكُتُ عَمَّا سَكَتَ عنه البخاري، لأنه لا يَلْزَم باختياره بعض جزئيات الظاهرية، اختيار جميعها. وأمَّا الشَّارِحُون فيكتفون بالحكم الإِجمالي، فإِذا رأوا أنه وَافَقَ أحدًا في بعض جزئياته، يحكُمُون عليه أنه اختار مذهب فلان، مع أنه مَجْتَهِدٌ في الفقه، فيأخذ ما شاء من مسائلهم، ويترك ما شاء، وليس من لوازم اختيار البعض، اختيار الكل. ثم اعلم أنه نُسِبَ إلى الظاهرية: طهارة الأبوال والأزبال مطلقًا، غير عَذِرَة الخنزير والكلب والإِنسان، ولم يتحقَّقَ عندي مذهبه، لأنَّ ابن حَزْم لمَّا مرَّ على حديث: «صلُّوا في مَرَابِض الغنم، ذهب إلى أنَّه منسوخٌ، والناسخ: ما وَرَدَ في تطييب المساجد، وهذا يُشْعِرُ بنجاسة أزبالها عنده. كيفما كان، لا أحبُ أن أعزُو إليه مذهب الظاهرية، فإِن شأنه أرفعُ منه عندي، فالذي يظهر من تراجمه: أنه أخذ الأبوال في الإِبل، وترك الأزبال. وسمَّى بالإِبل لحديث العُرَنِييِّن عنده، ثم زاد لفظ الدواب من عنده، وليس عنده دليل عليها من الحديث، فأبهمه، وهو تعميمٌ بعد تخصيصٍ لدفع توهُّم الاقتصار على المنصوص. والظاهر عندي: أَنَّه أراد منها المركوب من الحيوانات، ثم زاد عليه «الغنم» للحديث عنده فيها، فما كان له دليلًا عنده سمَّاه، وما لم يكن له دليلًا من الحديث أبهمه، ثم إنه لم يُفْصِح بالحكم بأن تلك الأبوال طاهرةٌ أم نجسةٌ؟ لأنه من عاداته أنَّ الأحاديث إذا صَلُحت للطرفين، يُحِيلُ الحكمَ إلى الناظر، ولا يَجْزِم بجانبٍ إلاّ عند حاجة. قوله: (مَرَابِضها) .. إلخ، دخل في مسألة الأزبال، ولم يُعَيِّن من الحيوانات غير الإِبل والغنم المذكُورَيْن في الحديث. قوله: (وصلّى أبو مُوسَى)، والمُتَبَادَرُ من هذا الأثر: أنَّه اختار الطهارة. قوله: (والسِّرْقِين) ... إلخ، يعني أنَّه لو أراد أن يَتَنَحَّى عن السِّرْقِين لوَسِعِه، فإِنَّ الأرض الطاهرة كانت بجنبه، إلاّ إنَّه لم يُبَال به مبالاةً، وزَعَم أنَّ: ههنا وثَمَّ سواء. لا دليل في قوله: «في السِّرِقِين» على أن الصلاة كانت على السِّرْقِين، فإِنَّ الظرفية مُوَسَّعَة. وسيجيء في البخاري: أنَّ البعيرَ كان خارج المسجد، وعَبَّر عنه الراوي أنَّه كان في المسجد. واعلم: أنَّ بول الإِنسان وعَذِرَته نَجِسٌ بالإِجماع. واختلفوا في أبوال مَأُكُول اللحم وأزبالها. فذهب أبو حنيفة والشافعي رحمهما الله تعلى إلى نجاستهما. واختار مالك رحمه الله تعالى، ومحمد بن الحسن في روايةٍ طهارتهما، وهو مذهب زُفَر. وتمسَّك القائلون بطهارة أبوالها من حديث العُرَنِيِّين، حيثُ أَبَاحَ لهم النبي صلى الله عليه وسلّم شربها فلو كان نَجِسًا لَمَا أمرهم بشربها. وتمسَّكُوا في مسألة الأزبال من إباحته للصلاة في مَرَابِض الغنم.

فلنبحث أولًا في حديث العْرَنِيِّين بما فيه، ويَظْهَر في ضِمْنِه جواب الخصوم أيضًا. فنقول: أنَّ في حديث العُرَنِّيين أربعة مباحث: البحث الأول في طهارة الأبوال ونجاستها، والثاني في جواز التدَّاوي بالمحرَّم، والثالث في مسألة الحدود، والرابع في المُثْلَة. أمّا البحث الأول، فنقول: إن حديثهم إنما يَصْلُح حُجَّةً للطهارة، إن ثَبَتَ أن إباحة الشرب كانت على معنى الطهارة، وإن كانت تَدَاوِيًا، فلا دليلَ فيه على الطهارة أصلًا، فإِنه يَجُوزُ أن يكونَ الشيءُ حرامًا في نفسه، ثم يُبِيحُه الشارع لأجل الضرورة. وما يَتَبَادَرُ من ألفاظ الرواة هو أنه كان لأجل التَّدَاوِي، لأنهم ذكروا في السِيَاق مرضهم. وقالوا: «فاجْتَوَوُا المدينة، فَعُلِم أن الأمر بشرب الأبوال إنما كان استشفاءً. ولا إيماءَ في لفظ الحديث إلى أن بناءه مكان على الطهارة. وأيضًا عند البخاري، في باب ألبان الأُتُن قال: «كان المسلمون يَتَدَاوَوْن بها - أي بأبوال الإِبل - ولا يَرَوْن به بأسًا». ولِمَا عُرِف من أمر المسلمين أنهم كانوا يَتَدَوَوْن بها، فالأسبق إلى الذهن أن يكون ما في حديث العُرَنِيِّين أيضًا تَدَاوِيًا. وفي كلام بعض الأطباء: أَنَّ رائحةَ بول الإِبل تَفِيدُ الاسْتِسْقَاء. وقال ابن سِينَا: إن أَلبانَ الإِبل تَفِيدُه. ثم لي فيه بحثٌ آخر: وهو أنَّ التَّداوي كان على طريق الشُرْب، أو على طريق النُّشُوق، فقد يترشَّح من الأحاديث: أنَّه كان على طريق النُّشُوق، دون الشُرْب. فأخرج الطحاوي عن أنس وفيه: «فقال: لو خَرَجْتُم إلى ذَوْدٍ لنا، فَشَرِ: تُم من ألبانها». قال: وذَكَر قَتَادَة: أنه قد حَفِظَ عنه: «أبوالها». فالرَّاوي فَصَلَ ذكر الأبوال عن الألبان، وهكذا في النَّسَائي أيضًا، وعنده: عن سعيد بن المُسَيِّب: «فَبَعَث رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى لِقَاح ليشربوا من ألبانها، فكانوا فيها». وليس (¬1) فيه ذكر الأبوال؛ وعنده أيضًا: «فبعثهم النبيّ صلى الله عليه وسلّم إلى ذَوْدٍ له، فَشَرِبُوا من ألبانها وأبوالها»، وليس فيه: أن الشُّرْب كان بأمره، أو بدون أمره. فللباحث أن يُمَعِنَ النظر في أن فصل الأبوال عن الألبان تارةً، والاقتصار على الألبان تارةً، ثم رفع الشرب تارةً، وأخرى عدمه، لِمَ ذاك؟ ثم في بعض الطُّرُق ذكر الألبان مقدّم على الأبوال، هكذا: «وأن يَشْرَبُوا من ألبانها وأبوالها»، كما يُشْعِرُ به ألفاظ الطحاوي والنسائي، وقد مرّت. وحينئذٍ يجوز أن يكون من باب: عَلَفْتُها تِبْنًا وماءً باردًا، ولا تكون الأبوال للشرب، بل يمكن أن يكون الفعل محذوفًا من المعطوف مثلًا: «ويستنشقوا من أبوالها»، وإنما حُذِفَ ¬

_ (¬1) قلت: ورأيت عند أبي داود روايةً في باب الجُنُب يتيمَّم، وفيها: "فقال أبو ذرٍ: إني اجْتَوَيْتُ المدينة، فأمر لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذَوْدٍ وبغنم، فقال لي: اشرب من ألبانها -وأشك في أبوالها-" ... إلخ: وحكم عليه أبو داود بعدم الصحة، وقال: ذكر البول فيه ليس بصحيح، وليست زيادة في "أبوالها" في حديث أنس رَضِيَ الله عنه، تفرَّد به أهل البصرة، فهذه أيضًا مهمة، وإنما نبَّهت عليها، لأنها في غير بابها، ربما تَضِلُّها عند الحاجة.

لتقارب الفعلين، سِيَّما إذا ما رُوِيَ في «مصنَّف عبد الرزاق» عن إبراهيم النَّخَعِي: «أنه لا بَأْسَ بأبوال الإِبل، وكانوا يَسْتَنْشِقُون منها». فَعُلِم أن طريق التَّدَاوِي كان هو النُّشُوق، فيكونُ قرينَةً على حذف الفعل من نوعه، إلاّ أن هذا الأثر عند الطحاوي أيضًا، وفيه: «كانوا يَسْتَنْشِفُون بأبوال الإِبل» بدل: «يَسْتَنْشِفُون»، فوقع التردُّد في لفظ المصنِّف، ثم أن هذا كله ذكرته بحثًا محضًا، وليس بمختارٍ عندي، والظاهر أنهم شَربُوا أبوالها أيضًا، ولكنه كان تَدَاوِيًا إن شاء الله تعالى. أما البحث الثاني: فهو أن التَّدَاوِي بالمحرَّم جائزٌ أم لا؟ فكلام نَقَلَةِ المذهب فيه مُضْطَرِبٌ: ففي «الكنز»: أنَّ الأبوال لا تُشْرَب مطلقًا، لا للتَّدَاوِي، ولا لغيره. وفي رَضَاع «البحر»: أنَّ المذهب عدم الجواز، وجوَّزه مشايخنا رحمهم الله تعالى بقيودِ مذكورةٍ في الكُتُب. وفي «المستصفى»: أنه جائز لأجل الضرورة بالاتفاق. ولا أدري أنه أراد به اتفاق الأئمة، أو اتفاق المشايخ، وفي «فتح القدير»: أنه جائزٌ مطلقًا. وفي «الطحاوي»: أنَّه يجوز عند الضرورة بما سِوَى المُسَكِّرَات (¬1)، ثم لا يُعْلَم أنه تحقيقه، أو مذهب لأحدٍ. وفي «الدُّرِّ المختار» في موضع: عدم جواز التَّدَاوِي إلا بطاهرٍ، وفي موضع آخر عن «النهاية»: يجوز إذا لم ينفع غيره، وشَهِدَ به طبيبٌ وَرِعٌ حَاذِقٌ مُسْلِمٌ. وفي «غاية البيان» للشيخ أمير الكاتب والإتْقَاني: أنَّ أبا يوسف رحمه الله تعالى سأل الإِمام أبا حنيفة رحمه الله تعالى عن رجلٍ خَرَج في أَصْبُعه خُرَاج، هل يُعَالِجُها بلف المرارة؟ فنَقَل أنه كرهه، فخرَّج منه بعضَ توسيع. قلتُ: ولعلّ المذهب أنَّه لا يَجُوز مطلقًا، فاللفظ من صاحب المذهب كان مطلقًا، وفصَّلَهُ المشايخ إلى الضرورة وعدمها، وخَرَّجُوا التفصيل. وأُرِيدَ من التخريج أنَّهم عَيَّنُوا ما كان مُرَاد الإِمام رحمه الله تعالى.، وفصَّلُوا ما كان أَبْهَمَهُ، لا أنهم خَالَفُوه فكان المذهب عدم الجواز، وجاء هؤلاء فجوَّزُوه في حالة دون حالة. وعندي عليه قرائن: فعند الطحاوي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى: أنه لا بأس بشدِّ السِّنِّ بالذهب، فإِذا حاز شدُّه بالذهب، فالتَّدَاوي بالمحرَّم أَوْلَى. وفي المتون: أَنَّه يجوز شُرْبُ غير الأشربة الأربعة بقَدْر التَّقْوى دون التَّلَهِّي، ولا أدري أنَّ ¬

_ (¬1) قلتُ: وما فهمته من كتابه: هو أن معنى: "أن الله لم يَجْعَلْ شِفَاءَكم فيما حرَّم عليكم". لإِعْظَامهم إياها، ولأنهم كانوا يَعُدُّونَها شفاءً في نفسها، وأمَّا ما عزاه الشيخ رضي الله عنه، فلم أفهمه من "معاني الآثار"، فلينظر فيه لِيَظْهَر حقيقة الحال، ثم رأيت في "الفتح": أن الحافظ رضي الله عنه أيضًا فَهِم مثل ما فَهِمْتُ، فقال في الفرق بين المُسَكِّر وغيره: لأنهم كانوا يَعْتَقِدُون أن في الخمر شفاءً، فجاء الشرع بخلاف معتقدهم، قاله الطحاوي. لم يظهر لي فَرْقٌ بين ما نَقَلَه إمام العصر عن الطحاوي، وبين ما نَقَلَه الحافظ عنه، ولأن ما نَقَلَه الحافظ صريحٌ في أنه لم يجعل الشفاء في الخمر، وإن كان للتدَاوِي استئصالًا لِشَأفة معتقدهم في الاستشفاء بالخمر، فأُرِيدَ في قوله: "ما حُرِّم عليكم" الخمر فقط، لا مطلق الحرام، فليكن جائزًا عنده بدليلٍ آخر، وهذا الذي أراده إمام العصر بقوله: يجوز عنده بما سوى المُسَكرات للضرورة، فليتنبه. (من المصحِّح).

هذه القيود من الإِمام رحمه الله تعالى أو المشايخ؟ فإِن كان من الإِمام، فهو دليلٌ لحوازه عند الضرورة. وعنه: إجازة لُبْس الحرير في الجهاد، فلعلّ في المذهب تضييقًا مع المستثنيات. وأمَّا ما نُقِلَ من عدم الجواز مطلقًا فمحمولٌ على سدِّ الذرائع، ودفع التهاون، ولعلَّهم لم يتحقَّق عندهم الضرورة. وثَبَتَ عند الطحاوي: «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم أمر عَرْفَجَة أن يَتَّخِذَ أنفافًا نم ذهب لمَّا أنتن من وَرِقٍ»، وكذا: «أباح للزُّبَيْر بن العَوَّام، وعبد الرحمن بن عَوْف لُبْس الحرير لحِكَّةٍ كانت بهما». وههنا أحاديث كثيرة تدلّ على المنع عند الطَّحاوِي وأبي داود منها: أنه قال: «لا تَدَاوَوْا بحرام». ومنها عند مسلم: «أنها داء ليست بدواء». وعند الطَّحَاوي: «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرّم عليكم» وأوَّله في «العالمكيرية» بما بَيْنَو عنه السمع. ومعنى النهي عندي: أن يَتَتَبَّع الشفاء من الحرام؛، فلا يَتَدَاوَى من غيره مع وِجْدَان الحلال، فالمطلوب أن لا يَتَدَاوَى من الحرام ما دام تَيَسَّر له الحلال، وإليه يشير لفظ الجعل، فإِنه يُسْتَعْمَل فيما تَصْرفُ فيه عن حقيقته، كما مرّ تحقيقه في الحديث الأول، وبعده في مواضع. قال تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذّبُونَ} [الواقعة: 82] يعني أنه ليس رزقًا لكم من الله تعالى، ولكنكم تجعلُونه رزقكم من عند أنفسكم، كذلك الله سبحانه وتعالى جَعَلَ لكم شفاءً في الحلال، وأنتم تَطْلبونه من الحرام، فَتَجْعَلُون الحرام مكان الحلال، أنتم من عند أنفسكم، فهذا تقيبحٌ لهم. وهكذا سائر الأحاديث لا تدلّ إلاّ على كراهة التَّدَاوِي بالمحرَّم، وعدم ابتغائه في حالة الاختيار، وإنما أُطْلِق في اللفط سدّ للذرائع، ودفعًا لتهاون الناس. ثم إنَّه اختار بعضهم أنه ليس في الحرام شفاء أصلًا، وجَعَل يؤوِّل قوله تعالى: {فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 219] بأن المراد من المنافع: هو منافع التجارة دون المنافع البدنية. قلتُ: بل المراد بها المنافع مطلقًا، لا منافع التجارة فقط، لأن ما يكون مأكولًا ومشروبًا، تكون ذاتُه مطلوبةً، بخلاف النقود، فإِنها آلةٌ لتحصيل وليست ذاتُها مطلوبةً، فلو أَرَدْنا بها منافع التجارة فقط، ولم نُرِدْ بها المنافع في أنفسها، لأدَّى إلى جعلها في حكم النقود. ثم لا يَخْفَى عليك أن القرآن تعرَّض ههنا إلى مهمٍ تَحَيَّرَتْ فيه الأفكار، وكَلَّتْ منه الأنظار، وهو: أن الشرع إذ يحرِّم شيئًا، فهل يبقى فيه منفعة للبدن أيضًا؟ فتعرَّض القرآن إلى هذا الأصل العظيم: أنه يحرِّم أشياء مع وُجُود المنافع فيها، لأن ضَرَرَها يكون أَكْثَرَ من نفعها، ولذا قال: {وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا} [البقرة: 219] فسلَّم أن فيهما نَفْعًا إلا أن إثمهما لمَّا كان أكبر حَرَّمَهُمَا، هذدا لا يُعْرَفُ إلاّ من جهته، فهو يْعلَمُ أن الإِثم أكبر، أو النفع أكثر، وبيده الميزان يَخْفِضُ ويَرْفَعُ. ثم إنَّ الحديث إن كان محمولًا على التَّدْاوِي، لم تُسْتَنْبَطْ منه مسألة طهارة الأبوال. وإن

حَمْلْنَاه على الطهارة، لا تُسْتَنْبَط منه مسألة التَّدَاوِي بالمحرَّم. فليت شعري، كيف أخذ الناس هاتين المسألتين من الحديث؟ مع أنَّه لا يمكن أن يُؤْخَذَ منه إلاّ إحداهما (¬1). وأما البحث الثالث، فقال الشافعية رحمهم الله تعالى: إن في الحديث دليلًا على المُمَاثَلة في القِصَاص. قلت: بل هو محمولٌ عندنا على السِّياسة. وعند النَّسَائي في تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَآء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ} ... إلخ [المائدة: 33] أن النبي صلى الله عليه وسلّم دعا عليهم: اللهم عطشٌ من عطش آل محمد». وإنما دعا عليهم، لأنهم لما اسْتَاقُوا الإبل، وكانت فيها ناقته صلى الله عليه وسلّم أيضًا عَطِشَ أهله، كما في السِّيَر، فلهذا الدعاء أيضًا دَخْلٌ في هذا التعذيب، ولذا كانوا يَسْتَسْقُون، فما يُسْقَوْن حتى ماتوا عِطَاشًا. ثم إنهم قَطَعُوا الطريق، واستاقوا الإِبل، وقتلوا الرعاة، فجَنُوا جِنَاياتٍ عديدةً، وفي مثله الخِيَار إلى الإِمام: إن شَاءَ جَمَعَ الأَجْزِيَة، وإن شاء اكْتفَى بالقتل. وَرَاجِعْ كُتُبَ الفقه. أما البحث الرابع فبأنه قَبْلَ النهي عن المُثْلَة لِمَا عند النَّسائي: «أن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يَخْطُبْ بعده خُطْبَة إلاّ نَهَى فيها عن المُثْلَة»، وعن ابن سيرين عند الترمذي: إن هذه الواقعة قبل أن تَنْزِلَ الحدود. وتبيَّن في ضِمْن هذه المباحث: أن لا حُجَّة في الحديث على طهارة الأبوال. وأما مسألة الأزبال: فقد ذهب مالك وزُفَر ومحمد رحمهم الله تعالى في رواية: إلى طهارة أزبال مأكول اللحم، ولا حُجَّة لهم فيما رُوِي عن النبي صلى الله عليه وسلّم «صَلُّوا في مِرَابض الغنم» لأنَّا لمَّا تَتَبَّعْنَا طُرُقه لم نَجِدْ فيه معنىً يُخَالِفُ مذهبنا، فإِن الحديث ما لم تُجْمع طُرُقه، لا ينكشف مُرَادهُ، ويُعْلَم من هذا الطريق: أنَّ الصلاة في المَرَابِض مطلوبٌ أَمَرَ بها صاحب الشرع، ولا يظهر فيه معنى. وهذا الحديث بعينه عند الطحاوي: «أن رجلًا سَأَلَ النبي صلى الله عليه وسلّم أُصَلِّي في مَرَابِض الغنم؟ قال: نعم»، فدلُ على أن الأمر ليس ابتدائيًا، بل هو في جواب سائل، فلم تَبْقَ فيه شِدَّة، وانكسرت سَوْرَتُهُ، وعنده عن أبي هريرة رضي الله عنه: «إذا لم تَجِدُوا إلاّ مَرَابِض الغنم، ومَعَاطِن الإِبل، فصلُّوا في مَرَابِض الغنم، ولا تُصَلّوا في مَعَاطِن الإِبل»، فلم تَبْقَ فيه مطلوبية أصلًا. وعُلِمَ أن أمر الصلاة في المَرَابِض إنما هو عند فُقْدَان مكان سواها، لا أن الصلاة مطلوبة فيها مع وِجْدَان مكان غيرها. ¬

_ (¬1) قلتُ: ومنهم من قال: إنه أُبِيحَ لهم شرب الأبوال، لأنه عَلِمَ بالوحي ارتدادهم، والكفار غير مخاطبين بالفروع. قلت: ولستُ أُحَصِّلُه، فإِنه لم يُعَامَل مع المنافقين معاملة الكفار، مع كونهم كفَّارًا في الحالة الراهنة، فكيف بمن كانوا مسلمين، وسيصيرون إلى الكفر؟ وليس هو بشريعة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولا شريعة موسى عليه السلام، بل هو شريعة خِضْر عليه السلام، حيث قتل الولد المعصوم، وخَشِي أن يُرْهِقَهُمَا طغيانًا وكفرًا، ولم يعجبه موسى وقال: {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا} [الكهف: 74] ولم يستطع أن يصير عليه. أما مسألة كون الكفار مخاطبين بالفروع، فلها معنى آخر ذكره علماء الكلام، فليراجعه.

ثم ظَهَرَ أنَّ الحديثَ وَرَدَ على عاداتهم، فإِنهم لم يكن عندهم مكانٍ مستوٍ غير مَرَابضهم، وكانت الغنم أعزَّ أموالهم، فكانوا يَسْكُنُون معها، ويَجْلِسُون في مَرَابِضها، ويَتَحَدَّثُون فيها، بخلاف الإِبل، فإِنه لا يَجْلِس في مكانٍ مُسَطَّح، على أنه لا دليلَ فيه على أنهم كانوا يُصَلُّون على الأبوال والأزبال أيضًا، لأنهم لَمَّا كان مَطْعَمُهم ومَشْرَبُهم ومَسْكَنُهم فيها، فلعلَّهم كانوا يْنَظِّفُون مكانًا لأنفسهم، ولصلواتهم أيضًا. ويدلُّ عليه ما عند محمد (¬1) في «موطئه»، عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أَحْسِن مَرَابِضَ الغنم، وأَطِبْ مُرَاحها، وصَلِّ في ناحيته»، ورفعه البيهقي، وأَتردَّد في رفعه، ويمكن أن يكون وهمًا، فدلَّ على الصلاة في الناحية، أي مُنَتَحِيًا عنها. وقد مرّ مني ترجمته في الهندية: يكسو هوكر. وقد مرَّ عن ابن حَزْم أنه ذَهَبَ إلى نَسْخِه، وقال: إنه منسوخٌ بما وَرَدَ في تطييب المساجد وتنظيفها عند أبي داود بسندٍ قوي، ولا أدري ما حَمْلَه على النَّسْخ، إلاّ أن يكونَ اختار نجاسةَ الأزبالِ والأبوالِ. قلتُ: أمّا كونه منسوخًا، فالله أعلم به، ولكن ما تحقَّق لدي هو أنَّ المطلوب من هذه الأمة ابتغاءُ الوقت ومراعاتها، بخلاف بني إسرائيل، فإِنهم كانوا مأمورين بابتغاء الأمكنة، وكانت مُرَاعَاتُها عندهم أهم من مُرَاعَاة الأوقات، ولذا كانوا يطلبون البِيعَ والكنائس عند صلواتهم، ثم لمَّا بُنِيت المساجد أُمِرْنا بتقيُّد المساجد أيضًا. فالصلاة في المَرَابِض إنما كانت قبل بناء المساجد، كما في البخاري في باب الصلاة في مَرَابِض الغنم، عن أنس: «كان يُصَلِّي في مَرَابِض الغنم قبل أن تُبْنَى المساجد». وفي هذه الصفحة قبله بقليل: «وكان يُحِبُّ أن يُصَلِّي حيث أدركته الصلاة، ويُصَلِّي في مَرَابِض الغنم». وفي باب قول الله عزّ وجلّ: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125]: ثنا إبراهيم التَّيْمي، عن أبيه قال: «سمعت أبا ذرٍ قال: قلتُ: يا رسول الله، أيُّ مسجدٌ وضع في الأرض أوَّل؟ قال: المسجد الحرام. قلتُ: ثُمَّ؟ قال: المسجد الأقصى ... ثم أَيْنَما أَدْرَكَتْكَ الصلاة، فصلِّه، فإِن الفَضْلَ فيه». فدلّ على أنَّ الاعتناء أولًا كان بموضع تُدْرِكُهُ الصلاة فيه، ولَمَّا كانوا يَسْكُنُون في المَرَابِضِ، كانوا يُدْرِكُون وَقْتَها فيها، فكانوا يُصَلُّون هناك لهذا. ولذا قَرَنَ الرَّاوي بين الصلاة في المَرَابِض، وبين أَحِبِيَّة الصلاة حيث أَدْرَكَتْهُ، فهذا بمنزلة التَّرَقِي، يعني أنه كان يحب الصلاة، ولو أدركته وهو في المرابض، فَيُصَلِّي فيها أيضًا. أما أدلة النَّجاسة، فأقول: أولًا إنه يُعْلَم من سِيَاق القرآن نحاستها، لأنه عَدَّ الفَرْث مع الدم، وقال: {نُّسْقِيكُمْ مّمَّا فِى بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النحل: 66] وأمّا عند الترمذي: «أنه صلى الله عليه وسلّم نَهَى عن أكل الجَلالة وألبانها»، وفي القاموس: الجَلَّة البَعْرة. فَعْلِمَ المناط، ولا منعنى فيها إلا أنها نَجِسَة، وفي الحديث: «من دَخَلَ المسجد، فَلْيُمِطُ الأَذَى عن نَعْلَيْه»، وقَصْرُه على عَذِره الإِنسان مستبعدٌ جدًا. «وأنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلّم نَهَى عن الصلاة في المَزْبَلة». «وأنه ألقى الرَّوْث، وقال: إنها رِكْسٌ». ¬

_ (¬1) قلت وفي العيني عن مسند البزار أحسنوا إليها وأميطوا عنها الأذى.

71 - باب ما يقع من النجاسات فى السمن والماء

وأمّا ما نُقِل من أثر أبي موسى، فلا دليلَ فيه على أنَّ صلاتَه كانت على السِّرْقين، وإنما يُشْتَرَطُ للصلاة طهارة موضع أعضاء السجود، لا غير كما في «فتح القدير». وقي القُدُوري: أن الفرضَ في السجود وَضْعُ الجبهة وإحدى الرجلين فقط، إلاّ أن الصلاة تُكْرَه عندنا إذا كانت النجاسة في حواليه أيضًا. فأثره وإن كان الظاهر منه الطهارة، إلاّ أنه لا يتعيَّن في النجاسة. 71 - باب مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسَاتِ فِى السَّمْنِ وَالْمَاءِ (¬1) وَقَالَ الزُّهْرِىُّ لاَ بَأْسَ بِالْمَاءِ مَا لَمْ يُغَيِّرْهُ طَعْمٌ أَوْ رِيحٌ أَوْ لَوْنٌ. وَقَالَ حَمَّادٌ لاَ بَأْسَ بِرِيشِ الْمَيْتَةِ. وَقَالَ الزُّهْرِىُّ فِى عِظَامِ الْمَوْتَى نَحْوَ الْفِيلِ وَغَيْرِهِ أَدْرَكْتُ نَاسًا مِنْ سَلَفِ الْعُلَمَاءِ يَمْتَشِطُونَ بِهَا، وَيَدَّهِنُونَ فِيهَا، لاَ يَرَوْنَ بِهِ بَأْسًا. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَإِبْرَاهِيمُ وَلاَ بَأْسَ بِتِجَارَةِ الْعَاجِ. 235 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِى سَمْنٍ فَقَالَ «أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَاطْرَحُوهُ. وَكُلُوا سَمْنَكُمْ». أطرافه 236، 5538، 5539، 5540 - تحفة 18065 236 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِى سَمْنٍ فَقَالَ «خُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَاطْرَحُوهُ». قَالَ مَعْنٌ حَدَّثَنَا مَالِكٌ مَا لاَ أُحْصِيهِ يَقُولُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ. أطرافه 235، 5538، 5539، 5540 - تحفة 18065 237 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كُلُّ كَلْمٍ يُكْلَمُهُ الْمُسْلِمُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهَا إِذْ طُعِنَتْ، تَفَجَّرُ دَمًا، اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالْعَرْفُ عَرْفُ الْمِسْكِ». طرفاه 2803، 5533 تحفة 14681 شَرَع المصنِّف رحمه الله تعالى في بيان مسألة المياه، وقد مرَّ بعض ما يتعلَّق بها في باب ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد حرَّرْتُ هذا المقام بعد عَنَاءٍ وتَعَبٍ، فإني كنتُ أتردَّد في أن تلك الرواية عن أحمد رَضِي الله عنه، هل هي في النجاسة الجامدة والمائعة؟ أو الشيء الجامد والمائع؟ أعني أن الفرق من تِلْقَاء النجاسة أو محل وقوعها. ولي فيه قَلَقٌ بعدُ، فإني وَجَدْتُ في جملة التقارير عن الشيخ رضي الله عنه كما ذكرته، ثم رأيت في "الفتح": واستدلَّ بهذا الحديث لإحدى الروايتين عن أحمد رَضِي الله عنه: أن المائعَ إذا حَلَّت فِيه النجاسة لا يتنجَّس إلَّا بالتغير، وهو اختيار البخاري، اهـ. ففيه: أن أحمد رضي الله عنه إنما فَرَّق باعتبار الشيء الذي تقع النجاسة فيه، أنه مائعٌ أو جامدٌ، لا لحال النجاسة، إلّا أن تكون تلك رواية أخرى، وليس عندي فتاوى الحافظ ابن تَيمِيَة لأراجع إليها، فليحرِّره.

الماء الذي يُغْسَلُ به شعر الإِنسان ... إلخ، وقد قدَّمنا أنَّ المقصودَ هناك كان ذكر مسألة الأسار، وكان ذكر الماء تَبعًا لكونه محلًا لوقوع هذه الأشياء. وأمَّا المقصود من هذه الترجمة فهو ذكر مسألة المياه أصالةً. وذكر الأنجاس فيها، لكونها واقعةً فيها، فَبَيْنَ الحال والمحل رَبْطٌ يُوجِبُ ذكر أحدهما عند ذكر الآخر. وهكذا فَعَلُوه في كُتُب الفقه، فيذكرون الأنجاس في باب المياه، ثم يَقْعِدُون لها فصلًا أيضًا، وذلك لَما نَبَّهُنَاك عليه آنفًا. قوله: (وقال الزُّهْرِيّ: لا بَأْسَ بالماء ما لم يُغِيِّرْهُ طَعْمٌ أو رَيحٌ أو لَونٌ)، هذا صريحٌ في أنه دَخَلَ في مسألة المياه، ثم في تلك العبارة الطَّعْمُ وغيره: صفاتٌ للأشياء الساقطة، وفي المشهورة: وجعلوها صفاتٍ للماء، فقالوا: «ما لم يغيِّر طعمه، أو ريحه، أو لونه». قوله: (قال حَمَّاد: لا بأس بريش الميّتَة)، وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى في الأجزاء التي لا تتداخلها الحياة، كعظم الميتة، وقُرُونِها، وَشَعْرِها، وَوَبرِها. قوله: «قال الزُّهْرِي في عظام الموتى، نحو الفيل) ... إلخ، انتقل فيه إلى ملحقات الباب، والفيل نَجِسُ العين عند أبي يوسف رحمه الله تعالى، وهو ما يكون حرامًا بجميع أجزائه، ولا يكون شيءٌ منه مستثنىً ممَّا يُسْتَثْنَى من سائر الحيوانات. قوله: (وقال ابن سِيرِين وإبراهيمُ: لا بَأْسَ بتجارة العَاجِ)، إنما ذكره لمجرد التَّنَاسُب، وإلا فأصل مسألة الطهارة والنجاسة تَتعلَّق من اللحم، ثم تَسْرِي إلى السؤر، فإِنَّ السؤر يَتْبَعُ اللحم. أمَّا المُلابَسة به، والمعاملة معه، فذلك من المتعلَّقات البعيدة، بقيت التجارة، فإِنها تُبْنَى على المِلْك، دون الطهارة والنجاسة. ثم الشيء إذا تنجَّس، هل يَنْقَطِعُ منه الانتفاع أصلًا أم لا؟ فقال (¬1) الحنفية رحمهم الله تعالى في دُهْنٍ سقطت فيه فأرة: أن بَيْعَه والاسْتِصْبَاحَ به كله جائزٌ، غير أنه لا يُسْتَصْبَحُ به في المساجد، فدلّ على جواز الانتفاع في الجملة. وأمَّا في شَحْم الميتة، فَحَجَرُوا عنه الانتفاع مطلقًا، حتى لم يجَوِّزُوا تَطْلِيَة السُّفُن أيضًا. فلمّا لم يكن جَوَاز الانتفاع دليلًا على الطهارة ضابطة مطردة، لم يكن في جَوَاز بيع أجزاء الميتة دليلٌ على طهارتها. أما مسألة المياه، ففيها خمسة عشر مذهبًا للعلماء، ونذكر منها أربعة، وسها مولانا عبد الحي رحمه الله تعالى في «حاشية الموطأ» في نقل مذهب الظاهرية. وقد عَلِمْتَ سابقًا أنَّ مالكًا رحمه الله تعالى اعتبر التغيُّر وعدمه، وللمالكية رحمهم الله تعالى ثلاثة أقوال كما في «مختصر ابن الحاجب»، وأشهرها: أن العِبْرَة بالتغيُّر وعدمه، فلو سَقَطَتْ قَطْرَةٌ من البول في قَدَح من الماء لم يَتَنَجَّسْ. وذَهَبَ أحمد رحمه الله تعالى في روايةٍ غير مشهورةٍ عنه، كما في «فتاوى ابن تَيْمِيَّة» رحمه الله تعالى إلى الفَرْق بين النجاسة الجامدة والمائعة، فالجامدة إذًا وَقَعَتْ في الماء وأُخْرَجَتْ من ساعته، لم تُنْجِّسْ، بخلاف المائعة. أمَّا ¬

_ (¬1) قلت: روى الحافظ في الأطعمة عن ابن عمر في فأرة. وقعت في زيت، قال: "استصبحوا وادهنوا به أدمكم". وعند البيهقي عنه: "إن كان السمن مائعًا، انتفعوا به، ولا تأكلوه".

إذا غيَّرت الماء، وظَهَرَ فيه أثرها، فذلك ممَّا لا خِلافَ في نجَاسته، سواء كانت جامدةً أو مائعةً. أمّا مذهب الإِمام أبي حنيفة والشافعي رحمهما الله تعالى، فَغَنِيٌّ عن البَيَان. إِذا عَلِمْتَ هذا، فاعلم: أن الشارحين عامةً ذَهَبُوا إلى أن البخاري رحمه الله تعالى اختار مذهب مالك رحمه الله تعالى، وذلك لأنه أَخْرَجَ حديث الفأرة، وفيه: «أَلْقُوها وما حولها، وكُلُوا سَمْنَكم»، فدل على أنَّ الباقي طاهرٌ، ولأثر الزُّهْرِي الذي مرَّ في ترجمة الباب. قلتُ: ولا دليلَ فيه على ما قالوا، والظاهر عندي: أنَّه اختار الروايةَ الغيرَ المشهورة عن أحمد رحمه الله تعالى التي ذَكَرْنَاها، وذلك لأنه أخرج أولًا حديث الفأرة، وهي نجاسةٌ جامدةٌ، وأَمَرَ النبي صلى الله عليه وسلّم فيه بأكل السَّمْنِ بعد إِخراجها، وطَرْح ما حولها. ثم بوَّب بالبول، وهو نجاسةٌ مائعةٌ، وأَخْرَج فيه حديثًا يَدُلُّ على النجاسة، فَخَرَج أن حكم المائعة، على خلاف حكم الجامدة، فَثَبَتَ الجزءان من الحديث. وتلك الرواية لَمَّا لم تَكُن مشهورةً فيما بين القوم، لم يَنْتَقِل إليها أذهانهم، فَحَمَلُوا كلام البخاري رحمه لله تعالى على مذهب مالك رحمه الله تعالى، ولعلَّ أمر الطَّرْح حينئذٍ لا يكون عنده إلا على الاستحباب. فالكلام ههنا في أربع مواضعٍ: الأول في مختار البخاري رحمه الله تعالى عندي، وإيضاحه. والثاني في مختاره عند الشارحين، وإيضاحه. والثالث في الجواب عمَّا تمسَّكَ به الشَّارِحُون من كلامه، والرابع في الجواب عن استدلال البخاري، سواء كان مختاره ما نَسَبَهُ إليه الشارحون، أو ما حقَّقْتهُ. أَمّا الأوَّل فقد عَلِمْتَهُ آنفًا. أمّا الثاني، فقد عَلِمْتَ: أن البخاري رحمه الله تعالى اختار عندهم مذهب مالك رحمه الله تعالى، ولعلّه حملهم على ذلك أمران: الأول أنه بَوَّبَ في المجلد الثاني وقال: باب إذا وقعت الفأرةُ في السَّمْن الجامد والذائب ... إلخ، فعمَّم بالنوعين، والثاني أنه علَّل الزيادة التي رُوِيَتْ في هذا الحديث، وهي: «فإن كان مائعًا، فلا تَقْرَبُوه». قال الترمذي بعد إخراج هذه الزيادة: سَمِعْتُ محمد بن إسماعيل يقول: حديث مَعْمَر، عن الزُّهْرِي، عن سعيد بن المُسَيَّب، عن أبي هُرَيْرَةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلّم في هذا خَطَأْ. فدلّ الأمران على أن حكمَ الجامد والمائعَ عنده سواءٌ خلافًا للجمهور. وهذا إنما يَصِحُّ على مذهب مالك رحمه الله تعالى فقط، فإِنَّ العِبْرَةَ عنده بالتغيُّر وعدمه، والجامدُ والمائعُ في ذلك سواءٌ، بخلاف الحنفية والشافعية رحمهما الله تعالى، فإِن القليلَ المائعَ عندهم يَتَنَجَّسُ بوُقُوع النجاسة مطلقًا، لعدم إمكان خُلُوصها منه، بخلاف الجامد، فإِنك لا تَطْرَحُ من الذائب شيئًا، إلا ويَخْلُفُه غيره قبل طَرْحِك منه. وبالجملة فرَّق الجمهور بين الجَامِد والمَائِع لِمَا قام عندهم من الدليل، بخلاف مالك رحمه الله تعالى، فإِنه مرّ على أصله، فلمّا سوَّى البخاري بين حكم الجامد والذائب في حكم الطهارة، كما صَرَّح به في المجلد الثاني، وعلَّلَ الزيادة التي تُبْنَى على الفرق بينهما، تَحَدَّسَ للشارحين أنه اختار مذهب مالك رحمه الله تعالى، وهذا إيضاحُ قولهم.

أمّا الثالث، وهو الجواب عنه، فأقول إن تعميمَه في الترجمة الثانية، لا يَنْحَصِر فيما زَعَمُوه، وذلك لأنه يمكن أن يكون أَتَى بِلَفْظِ الجَامِد تَبَعًا للحديث، وأضاف عليه الذَّائِب من قِبَلِهِ توجيهًا للناظر إلى طلب حكمه، فإِنك تَعْلَمُ أن كتابه يحتوي على مسائل الفقه أيضًا، فلا دليلَ فيه على تَسْوِيَة حكمها عنده. وكذلك جواب الزُّهْرِي لا يتعيَّن أن يكونَ للجامد والذائب كليهما، وإن وَقَعَ السؤال عنهما، بل يُمْكِن أن يكونَ أَجَابَ عن الجَامِد لأجل وُرُود الحديث فيه؛ وسَكَتَ عن حكم الذائب. وأمّا (¬1) ما شَرَحَهُ الحافظ رحمه الله تعالى، فلا أَرْضَى به، وكذا لا دليلَ في إعلاله الزيادة على ما قالوا، فإِنه يُمْكِن أن يكونَ لحالها في نفسها، لا لحال المسألة، بل هو الظاهر. وتَحَصَّل ممَّا ذكرنا أن البخاري لم يَخْتَرْ مذهب مالك رحمه الله تعالى عندي، بل اختار روايةً غير مشهورةٍ عن أحمد رحمه الله تعالى، وهي الفَرْق بين النجاسة الجامدة والمائعة. أمّا الجواب عنه، هو الموضع الرابع، فبأن الحديث الذي أَخْرَجه يَدُلُّ على أنه في الجامد، وليس في الذائب، لِمَا قال ابن العربي: أن السَّمْنَ لو كان مائعًا، لم يكن له حولٌ لأنه لو نُقِلَ من أي جانب مهما نُقِل لخَلَفَه غيره في الحال، فَيَصِيرُ هو أيضًا ممَّا حولها، فيحتاج إلى إلقائه كلِّه، فليس في الحديث دليلٌ على التَّسْوِية بين حكم الجامد والمائع. ونُقِلَ أن (¬2) عبد الله بن أحمد سأل أباه أحمد رحمه الله تعالى: أن الطرح إِنما يُمْكِنُ في الجامد دون المائع؟ فَغَضِبَ عليه أحمد رحمه الله تعالى، وأجاب: أنه تَطْرَحُ حَثْية منه. قلتُ: وهذا لا يُتَصَوَّرُ إِلا إذا كان الإِناء وَسِيعًا، والشيء مائعًا ثخينًا، أمَّا إذا كان الإِناء عميقًا كالجَرِّ، والشيء رقيقًا لا يُتَصَوَّرُ فيه ما قال. ولعلَّه غَضِبَ عليه، لأنه ضَاقَ عليه جوابه. ثم إن عبد الله هذا حافظٌ، ومن أجله كُنِّيَ أحمد بأبي عبد الله، وله أخٌ واسمه صالح. وبالجملة: أن الإِلقاء لمَّا لم يُتَصَوَّر إِلا في الجامد، تعيَّن ما لا يُتَصَوَّر فيه الإِلقاء، وهو الذائب نَجِسٌ. فحديث البخاري وإن لم يَدُل عليه بمَنْطُوقه، لكنه بمَفْهومه دليلٌ على الفرق بين حكم الجامد والذائب. ثم مَفْهُوم حديثه، قد جاء مَنْطُوقًا في حديث عند أبي داود عن أبي هُرَيْرَةَ، والنَّسائي عن مَيْمُونَة، وحينئذٍ مَفْهُومه مؤيَّدًا بِمَنْطُوقٍ صريح الحديث. بَقِيَ إعلاله، فالجواب عنه أنه صحَّحها إسحاق بن رَاهُويه، والذُّهْلي في «الزهريات» كما في الفتح. فظهر مما قُلْنَا: أنه لا دليلَ عنده على التَّسْوية بين حكم الجامد والذائب من نصِّ ¬

_ (¬1) قُلْتُ: لمَّا سُئِلَ الزُّهْرِي عن الفأرة تَمُوت في السَّمْن جَامِدًا، أو غير جَامِد، أجاب كما في الأطعمة: أنه بلغنا: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر لفأرة ماتت في السَّمْن، فأمر بما قَرب منها فَطُرِح، ثم أَكل". قال الحافظ رضي الله عنه: وهذا ظاهرٌ في أن الزُّهْرِي لا يفرِّق بين الجامد وغيره، انتهى مُخْتَصَرًا. (¬2) قلتُ: أَخْرَج الحافظ عن ابن عباس رضي عنه: "سئِل عن فارةٍ ماتت في السَّمْن، قال: تُؤخَذُ الفأرة وما حولها، فقلتُ: إن أثرها كان في السَّمْن كلِّه، قال: إنما كان وهي حيَّة، وإنما ماتت حيث وُجِدَت"، ورجاله رجال الصحيح، وأخرجه أحمد من وجهٍ آخر، وقال فيه عن جَرٍّ فيه زيتٌ وقع فيه جُرَذٌ، وفيه: "أَلَيس جال في الجَرِّ كلِّه، قال: إنما جَالَ وفيه الروح، ثم استقرت حيث ماتت".

الحديث، بل حديث البخاري بِمَفْهُومه، وحديث أبي داود والنَّسَائي بِمَنْطُوقه صريحٌ في التَّفْرِقَة بينهما، وهذا هو مذهب الجمهور. ثم نَقَلَ الحافظ في كتاب الأطعمة تحديد ما يُلْقَى، فَرَوى عن عطاء بن يَسَار أنه قَدْر الكفّ. قلت: لو كان المصنِّف رحمه الله تعالى اختار مذهب مالك رحمه الله تعالى لكان لهذا النقل فائدةٌ، أما إذا علمت أنه لم يذهب إليه فلا طائل تحته. نعم ههنا شيء، لعله يختلج في صدرك، وهو أنَّ الأحاديث في نجاسةِ الماء بوقوع النجاسات كلها في المائعات غير حديث الفأرة، فذلك يؤيد رواية أحمد رحمه الله تعالى، أعني الفرق بين المائعة والجامدة. فحديث وُلوغ الكلب والنهي عن البول في الماء الدائم، وحديث المستيقظ كلها في النجاسة المائعة. قلت: تلك الأحاديث إنما جاءت على الوقائع في الخارج، فإِنه لا يتفقُ في الماء الدائم إلا البول لا سيما لأَعراب العرب، فإِنهم لم يكونوا يحترزون عنه، بخلاف الغائط، فإِنه لا أحد يفعله بل يتقذره بطبعه، فلاة حاجة إلى النهي عنه. وكذا لا يتفق في البيوت إلا ولوغ الكلب والهرة، أو وقوع الفَأْرة، وفي الفَلَواتِ إلا ولوغ السِّباع، وكذا من عادات العامة غَسْل الأيدي والوجه بعد الاستيقاظ، ولا بد له من إلقاء اليد، لأن أوانِيهم لم تكن ذوات آذان، فأخذت الأحاديث تلك الوقائع كلها لهذا لا أنها جاءت بما تُنبىء عنه روايةٌ شاذةٌ عن أحمد رحمه الله تعالى. واعلم: أنه لم يصنف أحدٌ، كتابًا في مختارات الإِمام البخاري كما صنفوا في مختارات سائر الأئمة، فالنظر فيها يدور على تراجمه فَيَجُرَّهَا كلٌّ من أهل المذاهب إلى جانبه ويفسِّرُها حسب مسائله، مع أنَّ البخاري عندي سَلَك مَسْلَك الاجتهاد ولم يقلِّد أحدًا في كتابه، بل حَكَم بما حكم به فَهْمُه، ولذا أَوفى حقَّ تراجمه أولًا، ثم انظر أنه هل وافق أحدًا أَم لا؟ ولمَّا لم يدوِّنْ فِقْهَهُ ساغ لي أيضًا أن أعزو إليه ما أفهم من تراجمه، ولذا قد أخالف الشارحين في مختاره كما فعلت في تلك الترجمة. وبعد فليس هذا، إلا ظن أو احتمال، والعلم عند الله العلام، فإن المصنِّف رحمه الله تعالى لو أفصح بِمُرَاده لحكمنا بالجَزْم، ألا أنه كثيرًا ما يذكر مادة الجواب ثم لا يُفْصِحُ به، فيتردد النظر في شَرْح جوابه وذلك غير قليل في كتابه، ومثل ذلك له مقاصدُ أخرى تَعْلَمُها في مواضعها. قوله: (اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّم) وجه تَنَاسُبه مع الباب أن الاعتبار للمعنى دون الصورة، كما أن دمَ الشهيد دمٌ صورةً إلا أنه مِسْكٌ معنىً. فكذلك العبرة في الماء للمعنى وهو التغيُّر وعدمه، وكأنه دفع ما يَرِد: أن النجاسة إذا وقعت في الماء فكيف يبقى الماء طاهرًا؟ فأجاب بأن الاعتبار دون الصورة، فإذا وقعت في الماء ولم يتغير الماء فقد بقي على معناه وهو المعتبر في الباب، كما اعتُبِر في الدم. وقد يقال: إِنَّه يشيرُ إلى أنَّ العِبرة للغالب، فإذا كان ريحُ المسك

72 - باب الماء الدائم

غالبًا على لون الدم كان في حُكْم المسك طاهرًا. وكذلك الماء يُعْتبر فيه الغَلَبة. ويمكن أن يكون تَعَرَّضَ إلى العبرة بالأوصاف، فإنه ذَكَرَ في الترجمة الطَّعْم والريح، فأَراد التنبيه على أن الشيء يتغير بأوصافه كما أن الدم تَغَيَّرَ عن أصله لأجل ريح المسك، والله تعالى أعلم. 72 - باب الْمَاءِ الدَّائِمِ 238 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ». أطرافه 876، 896، 2956، 3486، 6624، 6887، 7036، 7495 تحفة 13744 - 69/ 1 وقد تكلم الشارحون في مناسبة قوله: (نَحْنُ الآخِرُون السَّابِقُون) مع الباب، وذهبوا في بيانها كل مذهب وأبعدوا بُعْدًا بعيدًا. والأمر أنَّ هذا الأعرج كانت عنده صحيفة تحتوي على أحاديث، وقد أخذ عنها البخاري أحاديث، كما أن عند مسلم أيضًا صحيفةً عن همَّام وقد أخذ عنها أيضًا، ثم يشير كلٌّ منهما إلى تلك الصحيفة بطريق مخصوص. أما البخاري فيذكر أول حديثه وهو: «نحنُ الآخِرُون السابِقون» ثم يخرِّجُ ما يكون مناسبًا لترجمته، وأما مسلم فيقول: فَذَكر أحاديثَ منها هذا الحديث. فإِبداء المناسبة في هذه المواضع تَكَلُّفٌ بارد. والوجه ما قلنا: إنَّه إشارةٌ إلى كونِ هذا الحديث من الصحيفة التي أولها حديث: «نحنُ الآخِرُون، السابِقون ... » إلخ، كإِشارة مسلم إليها بقوله: «فذكر أحاديث» وهذا الحديث منها. وقد فَعَل المصنف رحمه الله تعالى مثله في كتاب الجمعة. وكتاب الأنبياء. 239 - وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ «لاَ يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِى الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِى لاَ يَجْرِى، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ». تحفة 13742 239 - قوله: (الماء الدَّائم الذي لا يَجْرِي) وقد تَعَسَّر الفَرْقُ على الناس بين الدائم والراكد، حتى كاد يختفي عليهم، فقال بعضهم: الذي لا يجري، صفة كاشفة، وعندي بينهما فرقٌ كثير، فالدائم للماء الذي يدوم أصلُه، ولا ينقطع، سواء كان تحته مددٌ كالبئر أو لا، والراكد ضد الجاري سواء كان دائمًا أو لا. فالدوام باعتبار البقاء الزماني، وحينئذ قيد الذي لا يجري للاحتراز عما كان دائمًا وجاريًا، ولذا لا يذكر هذا القيد مع الراكد، فإِن الراكد معناه أنه لا يجري بخلاف الدائم، فإِنَّه قد يكون جاريًا كالعيون، وقد لا يكون فاحتاج إلى هذا القيد. لا يقال: وحينئذ يقتصر النهي على الماء الذي لا يجري ولا يتناول الذي يجري. قلت: وفي «مجمع الزوائد» النهيُ عن الدائم الذي يجري أيضًا، ولكنه وَهْم عندي، فروى: «الذي يجري» مكان «لا يجري»، والحُكْم عندنا فيهما سواء، فلا يبول فيهما، والأمر في القيود سهل. قوله: (ثُمَّ يَغْتَسِلُ فيه) وقد ذكرنا وجوه الإِعراب فيه في «درس الترمذي» والأمر عندي أنه

على حدِّ قوله تعالى: {ثْمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: 1]، كما قَرَّره الطيبي، فالنهي مقصور، على البول، وثم للاستبعاد وبيان المآل. وهذا الحديث لم يعمل به غيرُ أبي حنيفة رحمه الله تعالى، لأنه اعتبر الجريان وعدمه، وقال: إن الماء الجاري لا يتنجسُ بوقوع النجاسة، بخلاف غير الجاري، ولا تَعَرُّض في الحديث إلى القُلتين وغيرهما. والتغيُّرِ وعدمِهِ. ولذا قلت: إنَّ حديث القُلَّتين (¬1) أجنبيٌّ في الباب ولا نعلم تناقُله عند المراجعات (¬2) مع كون المسألة كثيرةَ الوقوع. فالذي يظهر من الحديث: أنَّ الماء الذي لا يجري يتنجس بمجرد وقوع النجاسة، وإِلا لكان البولُ فيه كَسَكب الماء، ولكان الجاري وغيره مساويًا، فلم يكن للتقييد معنى. وأجاب عنه ابن تيمية بوجوهٍ قد استوفينا الكلام فيه في «درس الترمذي» منها: أنَّ البولَ فيه ليس لمعنى النجاسة كما زعمتُم، بل لأنَّ البول في الماء الدائم يوجِب تغَيُّرِه ولو بعد حين، فإِنَّه لو لم يَنْهَ عنه لاعتاد الناس البولَ فيه، فنهى عنه لهذا. قلنا: وإن كان كلامه لطيفًا إلا أنَّه يخالف الحديثَ وفَهْم الراوي أيضًا، لأنَّ الحديثَ يَسْتَبْعِدُ الاغتسالَ بعد البول. وفي رواية: «ثم يتوضأ منه» ولا استبعاد فيه، ألا أنه يتطهر مما نجَّسَه بنفسه ولا إيماء فيه إلى التغير ولا بناء عليه، لأنه استبعد البول ثُم الغُسْل في الحالة الراهنة لا بعد التَّغَيُّر. وأيضًا أخرج الطحاوي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه لمَّا سئل عنه قال: «لعله يَمُرُّ به أخوه المسلم فيشرب منه ويتوضأ». فدل على أنه بعد البول لم يبق صالحًا للشرب والوضوء. وإنما قال: «لعله يمرُ به أخوه المسلم» لأنَّ الشربَ أو التوضؤ ممن بال فيه أبعد وأبعد، فلا يتفق إلا ممن يمر من إخوانه بعده فلا يرى فيه نجاسة في الظاهر فيشرب منه، مع أنه نجس. ومن ههنا عُلِم أن النهي في الحديث ليس من جنس النهي عن التنفس، والبُزَاق في الماء، والتغوط تحت الشجرة، فليس من باب الآداب، ولكنه من باب النجاسة قطعًا. ومنها أَنَّ البولَ نجسٌ، والماء طاهر، إلا أنه لما كان مائعًا لا يمكن تميزه عنه يقينًا معطلين عن استعماله، فتعطيلُه لأجل عدم تميُّزِ النجاسة منه لا لتنجُّسِه. قلت: وهذا عجيب لأنه لا معنى للتنجس إلا اختلاط النجاسة بحيث لا يتميز، وكذا التعلل باستحالة البول وعمده كلّه تفلسف. والحاصل: أنه لم يَعْمل بظاهره إلا إمامُنا، فإِنه لم يفرق بين الراكد والجاري إلا هو، وألغاه الآخرون، فمنهم مَنْ قَسَمَ المياه باعتبار التغير وعدمه، ومنهم مَنْ جعل المدار على القُلَّتين، ولم يعتبر أحد منهم الفرق بين الركود والجريان إلا الإمام الهمام. وكذا لم يعتبر أحد منهم تقسيم الماء الفطري، فإِنه خلق على ثلاثة أنحاء، فراعينا. وأعطينا حُكْم كلِّ قسم على ¬

_ (¬1) قال الحافظ ابن القيم رضي الله عنه: ومن المعلوم أن هذا الحديث لم يروه غيرُ ابن عمر، ولا عن ابن عمر غيرُ عبد الله وعبيد الله، فأين نافع وسالم وأيوب وسعيد بن جبير، وأين أهلُ المدينة وعلماؤهم من هذه السُنَّة؟ اهـ. (¬2) راجع لتفصيل هذه العبارة صفحة 358. (من المصحح).

73 - باب إذا ألقى على ظهر المصلى قذر أو جيفة لم تفسد عليه صلاته

حِدَة كما حكم به الشرع، وهَدَرهُ وجعلوها كلها بمنزلة واحدة فاضطروا إلى التأويلات، والله تعالى أعلم. 73 - باب إِذَا أُلْقِىَ عَلَى ظَهْرِ الْمُصَلِّى قَذَرٌ أَوْ جِيفَةٌ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلاَتُهُ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا رَأَى فِى ثَوْبِهِ دَمًا وَهُوَ يُصَلِّى وَضَعَهُ وَمَضَى فِى صَلاَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَالشَّعْبِىُّ إِذَا صَلَّى وَفِى ثَوْبِهِ دَمٌ أَوْ جَنَابَةٌ أَوْ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ تَيَمَّمَ، فَصَلَّى ثُمَّ أَدْرَكَ الْمَاءَ فِى وَقْتِهِ، لاَ يُعِيدُ. قَذَر "كندكى" نُسب إلى مالك رحمه الله تعالى أن طهارةَ الثوب عنده من سُنن اللباس لا من شرائط الصلاة، وكذا طهارةَ المكان سُنةٌ عنده. وذهب جماعة منهم إلى أنها من واجبات الصلاة وليست شريطة للصلاة، كما في «الفتح». وذكر الباجي في «شرح الموطأ» القولَ الأولَ. وظني أن المصنِّف رحمه الله تعالى فرَّق بين الابتداء والبقاء: فلو دخل في الصلاة طاهرًا، ثم أُلقي عليه قَذَرٌ بدون صُنْعِه لم تَفْسُد صلاته. ونحوه عن أبي يوسف رحمه الله تعالى: أن رجلًا لو سجد على موضعٍ نجس، ثم تَنَبَّه من فوره وسجد على مكان طاهر ولم يَمْكُث قَدْر ركنٍ جازت صلاتُه. فدل على الفرق بين الابتداء والبقاء عندنا أيضًا، إلا أنه اشترط الفور. والمصنِّف رحمه الله تعالى وإن لم يفصل بين الفور وعدمه إلا أنه فصل في حالة الاختيار وعدمه، ولعله يتحمل التمادي أيضًا. قوله: (أو جَنَابةٌ)، وقد مرَّ أنه يدل على نجاسة المَنِيِّ عنده. قوله: (لغيرِ القِبْلَة) فإِن كان بعد التحرِّي فكذلك المسألة عندنا، وإن كان بدون التحري فإِنه يعيدُها عندنا. ثم إن هذه واقعة قبل الهجرة «سَلَى» بجه دان، وترجمته: «أو جهري» غلط (منعة) حامي. (يحيل) يعني يقول هذا الآخر: ما فعلت، ويقول له الآخر: ما فعلت تهكُّمًا. وفي نسخة: «يجيل» أي كأن يسقط أحدُهما على الآخر. 240 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَاجِدٌ ح قَالَ وَحَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى عِنْدَ الْبَيْتِ، وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ، إِذْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَيُّكُمْ يَجِىءُ بِسَلَى جَزُورِ بَنِى فُلاَنٍ فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ فَجَاءَ بِهِ، فَنَظَرَ حَتَّى إِذَا سَجَدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَأَنَا أَنْظُرُ، لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا، لَوْ كَانَ لِى مَنْعَةٌ. قَالَ فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ وَيُحِيلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَاجِدٌ لاَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ،

حَتَّى جَاءَتْهُ فَاطِمَةُ، فَطَرَحَتْ عَنْ ظَهْرِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ». ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ إِذْ دَعَا عَلَيْهِمْ - قَالَ وَكَانُوا يُرَوْنَ أَنَّ الدَّعْوَةَ فِى ذَلِكَ الْبَلَدِ مُسْتَجَابَةٌ - ثُمَّ سَمَّى «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِى جَهْلٍ، وَعَلَيْكَ بِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِى مُعَيْطٍ». وَعَدَّ السَّابِعَ فَلَمْ يَحْفَظْهُ قَالَ فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ عَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَرْعَى فِى الْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ. أطرافه 520، 2934، 3185، 3854، 3960 - تحفة 9484 240 - قوله: (دعَا عليهم) ولا تفصيل فيه أن هذا الدعاء كان خارجَ الصلاة أو داخلَها. وظاهر «الفتح» (¬1) أنه كان بعد الفراع عن الصلاة. ثم إنه إن ضَمَّ معه كلمة الدعاء «له» أو «عليه» فقال: اللهم عليك بزيد، أو اللهم اهد لزيد، ففيه قولان، ففي قول تَفْسُد، وفي قولٍ آخَر لا تَفْسُد. أقول: وهذا الأخير أختارُ فلا إشكال. أما تمسُّك البخاري بالحديث ففيه نظر، أما أوَّلًا: فلأنه لا يدري أنها كانت فريضةً أو نافلةً. وثانيًا: أنه أعادها أم لا؟. وثالثًا: أنه لا دليل فيه على أنه كان يعلم أن على ظهره سَلَى جَزُور بخصوصه. ويمكن أن يكون أحسَّ منه ثِقْلًا فقط بدون علمه ما هو. ورابعًا: أنه ما الدليل على أنه تَمادى في صلاته لأنها كانت جائزة؟ لمَ لا يجوز أن يكون تَمَادَى عليها إبقاءً لأَثَرِ الظُّلم واستغاثةً في جَنَابِه تعالى، وَتَرَحُّمًا منه كما قال في قصة حمزة رضي الله عنه: «لولا صفيته لتركته تأكُلُهُ السِّباع». فهذا أيضًا من باب إبقاء أَثر الشهادة، وتكميل أثر الظلم. وكما في بئر معونة حيث استُشهد رجلٌ منهم وجعل يُلَطِّخ وجهه بدمه يقول: «فزت وربِّ الكعبة» فهذا أيضًا إبقاء للحالة المحمودة وهي الشهادة، فكذلك يمكن هنا أيضًا. وخامسًا: أنه لا دليل فيه على أن هذا السلا كان نجسًا، وفيه نظر لما في طُرُقه: «سلا جزور بين فرث ودم» وسادسًا: لما في «سيرة الدِّمياطي» (¬2): أنها كانت أول واقعة دعا فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم على أَحَد ولم يثبُت منه قبلها دعاءٌ على أحد فهل يصِح التمسكُ من هذه الواقعة الشاذة الفاذة، التي ترك فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عادته المسمرة؟ يمكن أن يكون دعاؤه صلى الله عليه وسلّم لحال النجاسة، فلو كان الدعاء لحال النجاسة لم يَجُز التمسك به أصلًا، فإِنه لا يدل إذَن على أن صلاته تلك كانت جائزةً مع ¬

_ (¬1) قال الحافظ في "الفتح": ففي رواية البزَّار فرفع رأسه كما كان يرفعُ رأسَه عند تمام سجوده، فلما قَضى صلاته قال: اللهم. اهـ. ولمسلم والنَّسائي نحوه. والظاهر منه أن الدعاء المذكور وقع خارج الصلاة، لكن وَقَع وهو مستقبلٌ القِبلة، كما ثبت من رواية زهير عن أبي إسحاق عند الشيخين-، قال الشيخ رضي الله عنه: ولعله يكون قطعَ صلاته حينئذٍ ثم دعا عليهم، والله تعالى أعلم. وإن فرضناه أنه مَضى في صلاته ولم يقطعها، يكون إبقاءً للهيأةِ المحمودة، كما سيجيء في الحوض. (¬2) قال الحافظ في "الفتح": ففي رواية الطيالسي عن شعبة في هذا الحديث: أن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "لم أره دعا عليهم إلَّا يومئذٍ" إلخ وفي تقرير الفاضل عبد العزيز: أَنَّ الدمياطي شيخٌ لابن سيد الناس، وابن سيد الناس شيخ لزين الدين، وهو شيخ للعَيْني والحافظ، فكان الدمياطي شيخًا للحافِظَين ابن حجر والعيني بواسطتين.

74 - باب البزاق والمخاط ونحوه فى الثوب

النجاسة، بل الأقرب أنها كانت بَطَلت فحزِن عليها، ولأجل ذلك دعا عليهم. ثم في «الفتح» في المجلد (¬1) الثامن عن تفسير ابن المنذر: أن هذه الواقعة قبل نزول قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهّرْ} [المدثر: 4] وإنما نزلت تلك الآية بعد هذه الواقعة، فانفصل الأمر. ومن ههنا تَبيَّن أن الآية إنما سِيقت لاشتراط طهارة الثياب، لا لطهارة الأخلاق كما قالوا. 74 - باب الْبُزَاقِ وَالْمُخَاطِ وَنَحْوِهِ فِى الثَّوْبِ وقَالَ عُرْوَةُ عَنِ الْمِسْوَرِ وَمَرْوَانَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - زَمَنَ حُدَيْبِيَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَمَا تَنَخَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نُخَامَةً إِلاَّ وَقَعَتْ فِى كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ. تحفة 11250، 11270 - 70/ 1 241 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ بَزَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى ثَوْبِهِ. طَوَّلَهُ ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 405، 412، 413، 417، 531، 532، 822، 1214 - تحفة 674، 790 وأجمعوا على طهارته إلا أنه نُسب إلى سلمانَ الفارسيّ أنه نَجِسٌ بعد تَفْله. قوله: (وما تَنَخَّمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم) ... إلخ وقد مرَّ معنا أنَّ طهارةَ فضلات النبيّ صلى الله عليه وسلّم توجد في كتب المذاهب الأربعة، ثم لا أدري أنها منقولةٌ عن الأئمة أم لا؟ إلا أن القَسْطَلاني نَقَل طهارتها عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى بحوالة العيني ولم أجدها فيه، ولخفاء تلك المسألة لم يُفْصِح بها البخاريُّ في كتابه، ومشى في كتابه على التسوية بينها وبين فضلات سائر الناس في أمر الطهارة والنجاسة، وهكذا فعل في الماء المستَعمل، وضُعِّفَت رواية نجاستِه عن الإِمام درايةً وروايةً، لإِنكارها مشايخ العراق مع كونهم أثبت. 75 - باب لاَ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِالنَّبِيذِ وَلاَ الْمُسْكِرِ وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ. وَقَالَ عَطَاءٌ التَّيَمُّمُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنَ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ وَاللَّبَنِ. 242 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ». طرفاه 5585، 5586 - تحفة 17764 ¬

_ (¬1) قال الحافظ في تفسير سورة المدثر. أخرج ابن المُنْذِر في سبب نزولها من طريق زيد بن مَرْثد قال: ألقي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سلا جَزُور فنزلت: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4)} [المدثر: 4] قال الشيخ رحمه الله تعالى، ويقضي العجب من الحافظ رحمه الله تعالى أنه لم يُؤم إلى تلك الرواية ههنا، بل نَبَّه عليه في المدثر مع كونها عنده، ولا أراه نِسيانًا منه فإنه متيقِّظٌ في غايته ولكنه فعلَه عمدًا لما عرفت من عاداته مع الحنفية رحمهم الله تعالى، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم.

واعلم أنَّ مَحَلَّ الخلافِ (¬1) فيما إذا أُلقيت في الماءِ تُمَيراتٌ حتى صار حلوًا رقيقًا غير مطبوخ ولا مُسْكر، فإن أَسكر أو طبخ فلا خلاف في عدم الجواز كما في «المبسوط». وفي «البحر» نقلًا عن قاضيخان: أن الإِمام رجع عنه إلى مذهب الجمهور، والطحاوي أيضًا تركه ولم ينتصر للمذهب المرجوع عنه، وأخرج له الترمذي حديثًا، وأبو داود، إلا أنه تكلم فيه بوجوهٍ كلها مدفوع، منها أن في إسناده أبو زيد وهو مجهول. ودفع بأنه مولى عمرو بن حُرَيْث رَوَى عنه راشد بن كَيسان العبسي وأبو روق، كما صرَّح به ابن العربي، مع وُرُوده عن أربعةَ عشرَ طريقًا بسطها العيني في «شرح البخاري». ومنها أن ابن مسعود رضي الله عنه لم يكن في تلك الليلة، ودفع بأن ليلة الجن متعددة، كما في «آكام المرجان في أحكام الجان» والمشهورة منها ما في القرآن، وهي الدائرة على الألسنة، فأراد بالنفي كونه في تلك الليلة خاصة. وعند الترمذي في باب كراهية ما يُسْتنجى به، قال أبو عيسى: وقد روى هذا الحديث إسماعيلُ بن إبراهيم وغيره عن داود بن أبي هند، عن الشَّعْبي عن علقمة، عن عبد الله أنه كان مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ليلة الجن الحديثَ بطوله. وهذا صريحٌ في كونه في واحدٍ منها. ثم إن الزيلعي أخرج طُرُقَ هذا الحديث، وفي سنده عليُّ بن زيد بن جُدْعان، وأخرج عنه مسلم مقرونًا مع الغير، واتفقوا على أنه صدوق إلا أنه سيِّىء الحِفْظ. قال ابن دقيق العيد: إنه أحسنُ من حديث أبي زيد، ولم أَرَ أحدًا من المحدِّثين صحَّح حديثًا من أحاديث الوضوء بالنبيذ. وقد مرَّ ابن تيمية على تلك المسألة في «منهاج السنة» (¬2) وتكلم كلامًا لطيفًا جدًا، ورأيتُ ¬

_ (¬1) وقال الحسن: جاز الوضوء بالنبيذ، وقال الأوزاعي: جاز بسائر الأنبذة، وروي عن عليّ رضي الله عنه أنه كان لا يرى بأسًا بالوضوء بنبيذ التمر - وقال عِكْرِمَة: النبيذ وضوءُ مَن لم يجد الماء، وقال إسحاق: النبيذ الحلو أحبُّ إليَّ من التيمم، وجمعُهُما أحبُّ، اهـ. كذا في "عُمدة القاري"، وقال الترمذي: وقد رأى بعضُ أهل العلم الوضوءَ بالنبيذ، منهم سُفْيان وغيره اهـ. (¬2) قلت: وهذا نصُّ عبارتِهِ في "المنهاج": وقول هذا الرافضيّ: وإباحة النبيذ مع مشاركته الخمر في الإسكار احتجاج منه على أبي حنيفة رحمه الله تعالى بالقياس، فإن كان القياس حقًا بطل إنكاره له، وإن كان باطلًا بطلت الحجة. ولو احتج عليه بقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ مُسْكرٍ خمرٌ، وكُلُّ خمرٍ حرام" لكان أجود. وأما الوضوء بالنبيذ فجمهور العلماء يُنْكرونه. وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى فيه روايتان أيضًا. وإنما أخذ ذلك لحديث رُوي في هذا الباب حديث ابن مسعود وفيه: "تمرة طيبة وماء طهور". والجمهور منهم يُضَعِّف هذا الحديث ويقولون: إن كان صحيحًا فهو منسوخٌ بآية الوضوء، وآية تحريم الخمر، مع أنه قد يكون لم يَصِر نبيذًا وإنما كان باقيًا لم يتغير، أو تغيَّر تغيرًا يسيرًا، أو تغيرًا كثيرًا مع كونه ماءً على قول مَنْ يُجيزُ الوضوء بالماء المضاف، كماء الباقلاء، والحِمَّص، ونحوهما، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد رحمهما الله تعالى، وأكثر الروايات عنه، وهو أقوى في الحجة من القول الآخر، فإِن قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [المائدة: 6] نكرةٌ في سياق النفي فيعُمُّ ما تغير بإِلقاء هذه فيه، كما يعم ما تغير بأصل خِلْقته، أو بما لا يمكن صونه عنه، إذ شمول اللفظ لهما سواء، كما يجوز التوضؤ بماء البحر وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قيل له: أنتوضأ من ماء البحر، فإِنا نركبُ البحرَ ونحمل معنا الماء القليل فإن توضأنا به عَطِشنا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هو الطَّهور ماؤه والحِلُّ مَيْتَتُه".

روايةً لم أر أحدًا منهم يتمسك بها: أخرجها الزَّيْلعي (¬1) عن الدارقطني، وفي إسناده سَهْوٌ من الكاتب في موضعين: ¬

_ = قال الترمذي: حديث صحيح، فماء البحر طهورٌ مع كونه في غاية الملوحة، والمرارة، والزُّهُومة، فالمتغيرات بالطاهرات أحسن حالًا، لكن ذاك تغييرٌ أصلي وهذا طارىء، وهذا الفرق لا يعود إلى اسم الماء، ومن اعتبره جَعَل مقتضى القياس أنه لا يتوضأ بماء البحر ونحوه، ولكن أُبيح لأنه لا يمكن صونه عن المغيرات، والأصل ثبوتُ الأحكام على وَفْق القياس لا على خلافه، فإن كان هذا داخلًا في اللفظ دخل الآخر، وهذه دلالةٌ لفظيةٌ لا قياسية، حتى يعتبر فيها المشقة وعدمها. انتهى. هذا ما وجدته في كتابه، فإن كان مرَّ عليه في موضع آخر أبسط منه فليرجع إليه، فإني لم أجد الآن إلَّا ما ذكرته. (¬1) واعلم أن المسألة لما صارت مَطْعَنًا للخواصِّ والعوام، وكان شيخي يذكر لها ما لا يذكره غيرُه، ولكنه كان يجمل في بيانها على عادته، وكنت مشغوفًا بأن أسمع منه في ذلك أبسط مما يذكره لنا في درسه، فسألته عنها يومًا وكان عليلًا ففصلها لي شيئًا، ولم أجترىء على أن أكرر عليه السؤال فأُمْله، فلم أزل أراجع إليه بصري كرةً بعد كرة حتى ألقى اللهُ في صدري ما أُلقي عليك منه، وبدا لي أن أفصِّله، فها أنا أفصله وأحسَبه أن يكون ذلك هو مرادَ الشيخ رحمه الله، ولا أجزم به، فإن كان حقًا فذلك من فضَالته، وإن كان خطأ فمِن نفسي. واعلم أن العلامةَ الزَّيلَعي أخرج لحديث ابن مسعود رضي الله عنه سبعة طُرُق: الأول: ما عند أحمد رضي الله عنه، والدارقطني في "سننه" عن أبي سعيد مولى بني هاشم، عن حمَّاد بن سَلَمة، عن علي بن زيد، عن أبي رافع عن ابن مسعود رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له ليلَة الجِنّ: "أمعك ماءٌ؟ قال: لا، قال: أمعك نبيذ؟ أحسبه قال: نعم، فتوضأ به". انتهى، قال الدارقطني: عليّ بن زيد ضعيف، وأبو رافع لم يثبت سماعُه عن ابن مسعود رضي الله عنه، انتهى، قال الشيخ تقي الدين في "الإمام": وهذا الطريق أقربُ من طريق أبي فَزارة وإن كان طريق أبي فَزارة أشهر، فإن عليّ بن زيد وإن ضَعفُ فقد ذُكر بالصدق، قال: وقول الدَّارقطني: وأبو رافع لم يثبت سماعُه عن ابن مسعود رضي الله عنه لا ينبغي أن يُفْهم منه أنه لا يمكن إدراكه وسماعه منه، فإن أبا رافع الصائغ جاهليٌ إسلامي، قال أبو عمر بن عبد البر في "الاستيعاب": هو مشهور من علماء التابعين إلى أن قال: ومَنْ كان بهذه المثابة فلا يمتنع سماعُه من جميع الصحابة اللهم إلّا أن يكون الدارقطني اشترط في الاتصال ثبوتَ السماع ولو مرةً وقد أطنب مسلمٌ في الكلام على هذا المذهب. ثم أُخرج له طريقًا آخر عند الدارقطني عن معاوية بن سلَّام، عن أخيه زيد، عن جده أبي سلّام، عن ابن غَيْلان الثقفي: أنه سمع عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الحديث، قال الدارقطني وابن غيلان هذا مجهول قيل اسمه عمرو وقيل: عبد الله بن عمرو بن غيلان. انتهى. ورواه أبو نعيم في كتاب "دلائل النبوة" من الطبراني بسنده إلى معاوية عن عمرو بن غَيلان، والله أعلم. قلت: وكان الشيخ رضي الله عنه يحسِّن هذين الإِسنادين وإن لم يحكم به الزيلعي. أما تحسين الطريق الأول، فقد ظهر من كلام الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد رضي الله عنه واندفع به نظر الدارقطني. أما تحسين الطريق الثاني فلا بد له من النظر أولًا في طريقه التام الذي ساقه الدارقطني، وهذه صورة إسناده: حدثني محمد بن أحمد بن الحسن حدثنا: إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسان حدثنا هاشم بن خالد الأزرق: حدثنا الوليد: حدثنا معاوية بن سلَّام عن أخيه زيد، عن جده أبي سلام، عن فلان بن غَيْلان الثقفي إلخ. وللمُحَدِّثِين فيه كلام من وجهين، الأول: من جهة هاشم بن خالد، والثاني: من جهة الثقَفي، قال الشيخ رضي الله عنه: أما هاشم ففيه سَهْوُ الناسخ وهو بعد التصحيح هشام بن خالد، وذلك لأن الرواة إنما يُعْرفُون بسلسلة تلامذتهم وشيوخهم، وقد وجدنا أن ما عند الدارقطني سلسلةُ للتلامذة والشيوخ، وقد وجدنا تلك السلسلة بعينها عند =

الأول: أنه كَتَب «هاشم بن خالد» مع أنه «هِشَام بن خالد» وهو من رواه أبي داود، أخرج عنه في باب الرجل يموتُ بسلاحه، وباب فِيمَنْ سأل اللَّهَ الشهادةَ. والثاني: أن في آخر سنده ابنَ غَيْلان. قال الدارقطني: إنه مجهول. قلت: بل هو عمرو بن غَيْلان كما سماه الزَّيْلعي بعده بقليل. وفي «الإصابة»: أنه صحابي صغير، وفي بعض طرقه عبد الله بن عَمرو بن غَيْلان، وهو من رجال ابن ماجه. وعَدَّه في «السنن الكبرى» تحت المَسْح على الرجلين من العلماء. والصحيح عندي أن عَمرو بن غَيْلان. وبعد هذا التصحيح يمكن تصحيحُ الحديث أيضًا، ولا أقلَّ مِن أن يكون حَسَنًا لذاتِه. ثم إن بعض السلف أيضًا ذهبوا إليه، منهم سفيان وغيره، وهكذا صرَّح له الترمذي وفيه: قال إِسحاق: إن ابتُلي رجلٌ بهذا فتوضأ بالنبيذ وتيمم أحبُّ إليَّ. ومِثْله رواية عندنا أيضًا. قلت: وذهب إليه الأَوزاعي أيضًا وبعضٌ من التابعين، كما في «مصنَّف ابن أبي شَيْبَة». ثم إن الترمذي قال: وقول مَنْ يقول: لا يتوضأ بالنبيد أقربُ إلى الكتاب وأشبه، لأن الله تعالى قال: {فَلَمْ تَجِدُواْ مَآء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيّبًا} [المائدة: 6]. قلت: ولعله يشير إلى أن القول بجواز الوضوء بالنبيذ زيادةٌ على الكتاب. قلت: والزيادة عليه إنما تمتنع عندنا فلو كان فيه إشْكال لكان على مذهبنا. أما على مذهب الشافعية فإِنهم يجيزون الزيادة بخبر الواحد، فعبارتُه أقرب إلينا في مسألة الأصول. ¬

_ = أبي داود، والذي في تلك السلسلة هو هشام بن خالد لا هاشم بن خالد، فتحدس لنا أن ما في نسخة الدارقطني لعله سهوٌ من بعض النُّساخ، وصورة تلك السلسلة عند أبي داود هكذا: حدثنا هشام بن خالد: حدثنا الوليد عن معاوية بن أبي سلَّام، عن أَبيه، عن جده أبي سلَّام، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ... إلخ، هكذا في باب الرجل يموت بسلاحه وهذه هي السلسلة في إسناد الدارقطني، فلما رأينا اتحاد الرواة كلهم بين هذين الإسنادين من المبدأ إلى المنتهى غير رجل واحدٍ، فإنه عند الدارقطني هاشم، وعند أبي داود هشام، تبادر لنا أنه لا يكون عند الدارقطني أيضًا إلَّا ما كان عنه أبي داود، فحكمنا أنه هشام بن خالد، ثم رأينا أن هشامًا هذا قد أخرج عند أبو داود في: باب مَنْ سأل الله الشهادة أيضًا، فعلمنا أنه شيخه قد يروي عنه أبو داود حديثًا من تلك السلسلة، وأخرى عن غيرها. وبالجملة: إذ قد ثبت عندنا أن ما عند أبي داود سلسلة واحدة متصلة للتلامذة والشيوخ، ثم رأيناها عند الدارقطني بعينها بدون فَرْق بين التلامذة والشيوخ، حكمنا لا محالة أن هاشمًا عند الدارقطني لا يكون إلّا أحد الرواة من هذه السلسلة، وهي هشام كما عند أبي داود وبعد فليس في هذا الباب إلّا حكم الوجدان، والذوق، ولا يذوق إلّا معتنٍ. بقي الثقفي فهو عندي عمرو بن غيلان الثَّقفي كما هو مصرَّح في سند الطبراني المذكور سابقًا، وهو صحابي صغير كما ذكره الحافظ ابن حجر رضي الله عنه في "الإِصابة" وليس بعبد الله بن عمرو غَيلان وهو من رجال ابن ماجه والبيهقي لما مرَّ عليه في "سننه" لم يجرح فيه ولا وَثَّقَه غير أنه لما عدد العلماء من السلف الذين ذهبوا إلى افتراض غسل الرجلين عدّة منهم، فدل على كونه عالمًا. والسند بعد هذا التصحيح ليس أقل من الحسن عندي، والله تعالى أعلم. هذا مراده رحمه الله تعالى على ما أَفهم. ثم الكلام على الطريق المشهور فقد ذكرناه في تقريره للترمذي عندنا، ولم نذكره ههنا خوف الإِطناب ولشهرته بين العلماء.

76 - باب غسل المرأة أباها الدم عن وجهه

والحل عندي أن النبيد وإن كان ماء مقيدًا ألا أنهم يُحُلونه محل المطلق، لأنهم كانوا يجعلون الماء المالح حلوًا بهذا الطريق، كتبريدنا الماء بالثلج فيلقون فيه تميراتٍ ليظهر حلاوتها، ثم يشربونها. وإنما كانوا يفعلون هذه لعِزَّة الماء الحلو عندهم، وهذا الطريق كان معروفًا كما في «بلوغ الأرب في أيام العرب» (¬1) والكِرماني، وحينئذ دار النظر فيه، فإِن نظرنا إلى الاسم فهو مقيَّد، وإنْ رأينا مَحَل استعماله فهو مطلقٌ، وإن شئت قلت: إنه كان ماءً مطلقًا عندهم عُرْفًا، ولهذا التردد جاءت رواية التيمم مع الوضوء (¬2) وراجع له «العقد الفريد» وكتاب «الناسخ والمنسوخ». قوله: (ولا بالمُسْكِرِ) والحديثُ يخالف أبا حنيفة رحمه الله تعالى في مسألة المسكرات، ويوافق الجمهور. وغرض البخاري منه أنه إذا كان حرامًا فعدم جواز الوضوء منه أظهر. قلت: ومسألة المسكر وإن استنصر له الطحاوي وأجاد فيه، إلا أن تَوَاتُرَ الأحاديثِ يخالِفُه. 76 - باب غَسْلِ الْمَرْأَةِ أَبَاهَا الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ امْسَحُوا عَلَى رِجْلِي، فَإِنَّهَا مَرِيضَةٌ. 243 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِىَّ، وَسَأَلَهُ النَّاسُ وَمَا بَيْنِى وَبَيْنَهُ أَحَدٌ بِأَىِّ شَىْءٍ دُووِىَ جُرْحُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ مَا بَقِىَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّى، كَانَ عَلِىٌّ يَجِىءُ بِتُرْسِهِ فِيهِ مَاءٌ، وَفَاطِمَةُ تَغْسِلُ عَنْ وَجْهِهِ الدَّمَ، فَأُخِذَ حَصِيرٌ فَأُحْرِقَ فَحُشِىَ بِهِ جُرْحُهُ. أطرافه 2903، 2911، 3037، 4075، 5248، 5722 - تحفة 4688 لا يريد بيان مسألة الدم فقط، بل نظره إلى خصوص من غَسْل المرأة، لأنه اختار أن مسَّ المرأة غيرُ ناقض. قوله: (عن وجهه) وإنما ذكره طِبْقًا للقِصَّة. ¬

_ (¬1) قال السيد محمود الشكري في باب ما يعتبر به جودة الماء عند العرب من كتابه "بلوغ الأرب": وعلى كل حال أن الماء البارد أنفع، ولا سيما إذا خالطه ما يحليه كالعسل، والزبيب، والسكر، ونحو ذلك، فإِنه من أنفع ما يدخل البدن، وأحفظ عليه صحته. اهـ. وكنت طالعته في سالف من الزمان، فرأيت فيه ما هو أصرح منه، ولكني لم أجد فيه الآن غير هذا. (¬2) قلت: وهذا كاللحم، فإِن السمك لحمٌ حقيقةً، وعليه جرى القرآنُ، إلّا أنه لا يحنَث به الحالف لكونه مهجورًا عُرْفًا، فهذا موضِع مُشْكِل، فلحال العرف يسع لنا أن نقول: إِن مَنْ وجد النبيذ فقد وجد الماء المطلق، فينبغي له أن يتوضأ منه، ولكونه ماءً مقيدًا يسوغ لنا أن نقول فيه: إنه معدم للماء فيجب عليه أن يتيمم. فهذه من مراحل الاجتهاد دون مسائل النصوص، ومَنْ أراد من الحنفية أن يجعلها مسألة منصوصة فقد حاد عن طريق الصواب، والحق إن شاء الله تعالى ما نبهناك عليه، وله نظائر في الفقه أيضًا أكثر مِن أن تحصى فعليك بها.

77 - باب السواك

قوله: (قال أبو العالية: امسحوا) ... إلخ يعني قال هذا عند وضوئه. ومعنى المسح على اللغة لا على العرف الحادث بمعنى إمرارِ اليد المُبْتَلَّة (¬1). 77 - باب السِّوَاكِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِتُّ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَنَّ. 244 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ غَيْلاَنَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَجَدْتُهُ يَسْتَنُّ بِسِوَاكٍ بِيَدِهِ يَقُولُ «أُعْ أُعْ»، وَالسِّوَاكُ فِى فِيهِ، كَأَنَّهُ يَتَهَوَّعُ. تحفة 9123 245 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ. طرفاه 889، 1136 - تحفة 3336 واعلم أنَّ السواكَ مع كونِه متواتِرًا لم يخرِّج المصنِّفُ أحاديثَ فضيلته، ولم يهتمَّ به في تراجمه، نعم أخرج في باب الجمعة حديثًا جيدًا مع كونه أليق بباب الطهارة، ولا أدري ما وجهه؟ ولعله عدَّه من متعلقات الصلاة كما هو نظر الشافعية، ولذا أخرجه في كتاب الصلاة. ثم الحديث الذي أخرجه في باب الجمعة لفظه: «مع كلِّ صلاةٍ» فلم يعتبِرْه من أجزاء الطهارة، ولذا لم يُذكر في هذا الباب، والله تعالى أعلم. ثم إنَّ الحنفيةَ قائلون باستحبابه عند القيام إلى الصلاة أيضًا إنْ أبطأ بعد الضوء. قوله: (فاستَنَّ): فاستواه على أسنانه، مُشْتَقٌّ من السِّنِّ. 245 - قوله: (يَشُوص): أي إجراءِ السِّوَاك في داخل الفم. 78 - باب دَفْعِ السِّوَاكِ إِلَى الأَكْبَرِ 246 - وَقَالَ عَفَّانُ حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَرَانِى أَتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ، فَجَاءَنِى رَجُلاَنِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الآخَرِ، فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الأَصْغَرَ مِنْهُمَا، فَقِيلَ لِى كَبِّرْ. فَدَفَعْتُهُ إِلَى الأَكْبَرِ مِنْهُمَا». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ اخْتَصَرَهُ نُعَيْمٌ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ أُسَامَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. تحفة 7689، 7474 - 71/ 1 لعله يريد ترتيبَ إعطائه، ويُستفاد منه كونُه من أشياء الفضيلة. 246 - قوله: (وقال عفان) ... إلخ هذا مقاولة مع أن عفان شيخُه، فلعله أخذه منه مقاولةً ¬

_ (¬1) قلت: والمروي عن أبي العالية في "مصنف" ابن أبي شيبة أنه اشتكى رجله فعصبها وتوضأ ومسح عليها، وقال: إنها مريضة وهذا غير الذي ذكره البخاري على ما لا يخفى عيني.

فائدة في معنى الرؤيا

لا مذاكرةً، وما يُسمع من الشيخ في سلسلة الكلام وإن لم يجلس للتحديث فهو مقاولةٌ، فإِن جلس للتحديث فهو مذاكرةٌ، فالتعهد في المذاكرة أزيدُ من المقاولة، فالمقاولة كمَجْلِس الوعظ. قوله: (أَرَاني أَتَسَوَّكُ) ويُعْلم منه أنها قصةُ الرؤيا، ومن بعض الألفاظ أنها قصةُ اليقظة كما عند أبي داود. فذهب بعضهم إلى التعدد وجُمع بأنه رآه أولًا في الرؤيا، ثم وقع في اليقظة، كذلك وقد كان يرى أشياءَ في المنام ثم تقعُ له مَثْلُها في اليقظة. قوله: (فقيل لي) وعلم منه أنه شيء فيه فضيلة حيثُ نزل فيه الوحيُ. فائدة في معنى الرؤيا واعلم أن ما يرَونه الأنبياءُ عليهم السلام من أشياءِ الغيب في اليقظة يُقال له: الرؤيا أيضًا، لأن الرؤيا التي يراها النائم في نومه لا يراها غيرُه، وكذلك الأنبياء عليهم السلام يرون أشياء في اليقظة ولا يراها غيرُهم. وفي «الصحيح» لابن حِبان: أنا بِشارةُ عيسى، ورؤيا أمي، وكانت رأت نورًا من الشرق إلى الغرب عند ولادته، ثم أطلق عليه الرؤيا، وفي سفر الدانيال: أن يختم بعد سبعين أسبوعًا على الرؤيا، وعنى بها مشاهداتٍ الأنبياء عليهم السلام والنبوة، فما رأى النبي صلى الله عليه وسلّم كان رؤيا عين وإنما أطلق عليه الرؤيا لما قلنا. وسيجىء مزيد بحث في التفسير. 246 - قوله: (قال أبو عبد الله: اختصره نُعَيم) وفي «الميزان»: أن نُعَيمًا هذا كان يُزَوِّرُ حكايات في أبي حنيفة رحمه الله تعالى. لا يقال: إن البخاري إنما أخرجه في الاستشهاد دون الأصول، لأنا نقول: إنه أخرج عنه في الأصول أيضًا كما في باب فضل استقباله القبلة ... إلخ، وفي موضع آخر أيضًا، فينبغي أن يُؤوّل ما في «الميزان» ويقال: إن معنى التزوير عدمُ المبالاة لا أنه كان يزوّر بنفسه. ولا ريب في كونه مخالفًا لأبي حنيفة رحمه الله تعالى، لأنه كان مُنْشئًا وكاتبًا للقاضي أبي مطيع البلخي تلميذ الإِمام فأسر بأمره لأمر ثم كان يرميه بالجَهْمية بعد. ومن مثل هذه الأشياء قال البخاري: «محمد بن الحسن جَهْمي» مع أن محمد بن الحسن يَرُدُّ على الجهم، ويقول: إن الاستواء على العرش صحيح، مَن خالفه فهو جَهْمي، كما في «الفتح» وفي «المسايرة» لابن الهمام: أَنَّ أبا حنيفة ناظر جَهْمًا ثم قال في الآخِر: أخرج عني يا كافر. فالعجب أنهم كيف يَطْعَنوننا بالجهمية، والله المستعان (¬1). ¬

_ (¬1) قلت: وقد رأيت كلامًا للخطَّابي في "معالمه" غريبًا جدًا يفيدك في هذا الباب غاية إفادة، فأذكرُه لك فاحفظه فإِنه خير لك من حُمْر النعم، وكان الشيخ رحمه الله تعالى يذكر مِثْله من ذوقه كما ستعرفه في موضع من هذا الكتاب، وكان موضع تلك العبارة هناك إلّا أني لم أجده أين هو، فذكرته ههنا لئلا ينسيني الشيطانُ. قال الخطابي في باب المحافظة على الوقت مفسرًا قول عبادة بن الصامت: كذب أبو محمد أن أبا محمد رجلٌ من الأنصار له صحبةٌ، والكذب عليه في الأخبار غير جائز، والعرب تضعُ الكذب موضع الخطأ في كلامها فتقول: كذب سمعي، وكذب بصري، أي زلَّ ولم يدرك ما رأى وما سمع ولم يحط به، قال الأخطل: كذبتك عينك أم رأيت بواسط ... ملس الظلام من الرباب خيالا ومن هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للرجل الذي وصف له العسل: "صدقَ الله وكذبَ بطنُ أخيك"، اهـ.

79 - باب فضل من بات على الوضوء

79 - باب فَضْلِ مَنْ بَاتَ عَلَى الْوُضُوءِ وضوءك للصلاة، وهذا وضوء لحال الأحداث لا لحال الصلاة، وأما الآن فهو خامل عندهم بحيث لا يكادُ يعرفونه، واشتهر عندهم الوضوء لحال الصلاة فقط، لأنَّه في المائدة وهو الذي في كُتب الفقه، وما عند مسلم: «الطُّهُور شَطْرُ الإِيمان» فإِنه يشمل جميع أنواع الوضوء. وصور التطهير، لا أنه الوضوء المعروف فقط. 247 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلِ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِى إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِى إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِى إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِى أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ. فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ». قَالَ فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا بَلَغْتُ «اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِى أَنْزَلْتَ». قُلْتُ وَرَسُولِكَ. قَالَ «لاَ، وَنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ». أطرافه 6311، 6313، 6315، 7488 - تحفة 1763 247 - قوله: (ثم اضْطجِع على شِقِّك الأَيمن) وهو نوم الأنبياء عليهم السلام، لأنَّ التيامنَ من دَأْب الشرع في جميع المواضع، لأنَّ القلبَ لا يزال معلَّقًا فيه، فلا يغرق في النوم ولا يطرأ عليه الغفلة، وعند أبي داود أن نومهم بالاضطجاع على الظهر، فينبغي أن يفعل أولًا كما عند أبي داود، ثم يضطجع كما في «البخاري». والنوم على البطن من ضجعة أهل النار. وقالت الأطباء: إن النوم على الشقِّ الأيسر أيسر وأسهل، وأعون في الهضم، وأنفع للصحة. 247 - قوله: (وجهي إليك) "منه ياوه جيز جواقبال على الله كى هى". قوله: (على الفطرة) يعني تموت كما جئت من عند الله تعالى يعني "جيسا خدا تعالى كى يهان سى آئى تهى ويساهى جاؤكى". قوله: (قال لا ونبيك) ... إلخ لأن في لفظ الرسول تكرارًا وتمسك به بعضهم على نفي الرواية بالمعنى، لأنه لم يجوزه تبديل اللفظ. قلت: النهي ههنا لاستلزامه التأكيد، والتأسيس أولى. ثم إنَّ الروايةَ بالمعنى لا تمكن في اللغة العربية، لأنه لا ترادف عند التحقيق، ولا تركيب يؤدي مؤدَّى تركيب آخر. نعم يمكن تأدية المعنى المشترك فقط، فخصائص كل تركيب على حِدَة لا يفيدها تركيب آخر، ثم إنهم قالوا: إن أنسًا رضي الله عنه وابن عمر ممن كانوا يرويان باللفظ وابن مسعود رضي الله عنه ممن كان يروي بالمعنى عند ذُهُول اللفظ مع التنبيه عليه، والإمام رحمه الله تعالى ممن كان يروي باللفظ، لأن يحيى بن مَعِين لمَّا وثَّقَه قال: ولا نَكْذِبُ بين يدي الله، فإنا ما رأينا أحسنَ منه رأيًا، وكان لا يُحَدِّث إلا بما يحفظ، وكتبوا أيضًا: أنه كان من شرائطه عدم النسيان ما يرويه مُدَّةَ عُمُره.

وهو في الأصل منقول عن أبي يوسف رحمه الله تعالى، ثم إنَّ يحيى بن مَعِين ويحيى بن سعيد القَطَّان يقال هما حنفيان. قلت: وهو على طريق السلف لا كما شاع الآن، ثم إن رأيهما لم يكن حسنًا في حق الشافعي رحمه الله تعالى، وإن لم يكن حسنًا فإن الشافعي رحمه الله تعالى أجلُّ من أن يُخَرِّج فيه مثلهُما. فائدة: واعلم أنه ينبغي للجُنُب أن يتوضأ إذا أراد أن ينام لما في «تنوير الحوالك»: عن ميمونة بنت سعد: «هل يَرْقُدُ جُنُبٌ؟ قال: لا أُحِب إلا أن يتوضأ، فإِني أخشى أن يموت فلا يَحْضُره جبرائيل». وقد نقله مولانا عبد الحيّ رحمه الله تعالى في «حاشية الموطأ» أيضًا، وكان ابن عمر رضي الله عنه يفعله إلا أنه لم يكن يمسح في ضوئه هذا، ولعله يكون عنده فيه قدوة، وفيه عندي أحاديث عديدة جيدة عن النبي صلى الله عليه وسلّم وقد صرَّحَ فقهاؤنا باستحبابه، وصرَّحوا بأن هذا الوضوء لا يُنْتَقَض من البول والغائط راجع «الدُّر المختار» و «عين العلم» (¬1). ... ¬

_ (¬1) واعلم أن عالمًا من ما وراء النهر لَخَّص "إحياء علوم الدين" سماه "عين العلم"، والغزالي لمّا لم يكن محدثًا أتى في "الإحياء" بأحاديث لا أصل لها عند المحدثين، فهذا المُلَخص أسقطها منها، وعلّق عليٌّ القاري عليه شرحًا سماه "زين العلم" وقد لخّصه عالم رباني حنفي وسماه "الطريقة المحمدية"، وخرَّج فيه أحاديث "الإِحياء" أيضًا، وأسقط الساقط منها، وأضاف عليه الأحاديث أيضًا رجل آخر، هكذا في تقرير الفاضل عبد العزيز.

5 - كتاب الغسل

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 5 - كتاب الغُسْل وقول الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)} [المائدة: 6]. وقوله جل ذكره: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)} [النساء: 43]. واعلم أنَّ الدَّلْكَ معتبر في الغسل لغةً، وأَقَرَّ به الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى في «الفتح»، ولذا شرطه المالكية، وما لا دَلْكَ فيه لا يسمى غسلًا، بل يقال له: الصَّبّ والإِسالة، ولكنه قد مرَّ معنا مرَّة أنَّ اعتبار جميع مراتب المسمَّى أن بعضها من مراحل الاجتهاد، فأخذ مالك رحمه الله تعالى بجميع مراتبه، وعمَّمه آخرون، ولا يقال فيه: إنه خلافُ النص، فإِن النص لم يتعرَّض إلى المراتب أصلًا، وإنما أمر بالمسمَّى، وقد قلنا به. 1 - باب الْوُضُوءِ قَبْلَ الْغُسْلِ 248 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِى الْمَاءِ، فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعَرِهِ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ. طرفاه 262، 272 - تحفة 17164 249 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ غَيْرَ رِجْلَيْهِ، وَغَسَلَ فَرْجَهُ، وَمَا أَصَابَهُ مِنَ الأَذَى، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ، ثُمَّ نَحَّى رِجْلَيْهِ فَغَسَلَهُمَا، هَذِهِ غُسْلُهُ مِنَ الْجَنَابَةِ. أطرافه 257، 259، 260، 265، 266، 274، 276، 281 - تحفة 18064 وتقديمه على الغسل سنة، والتوضؤ بعده -إن توضأ قبله- بدعةٌ، إلا بالتفاصيل المذكورة

2 - باب غسل الرجل مع امرأته

في الفقه - وظني أنَّ هذا الوضوء كاملٌ حتى يمسح فيه أيضًا، وأما غسل الرجلين فأَمْرُه كما في «القُدُوري»: إن كان المغتسَلُ يجتمع فيه الماء يؤخرهما، وإلاّ فيغسلهما مع وضوئه. ثم في «فصول البقراطي» (¬1): أن الغسل بعد الجماع متصلًا قد يورث عِلَّة. 248 - قوله: (غرف) والغَرْفة بالفتح في الإِناء، والغُرفة بالضم في النهر، قال تعالى: {إلا من اغترف غرْفَةً بيده} [البقرة: 249]. 2 - باب غُسْلِ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ 250 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ قَدَحٍ يُقَالُ لَهُ الْفَرَقُ. أطرافه 261، 263، 273، 299، 5956، 7339 - تحفة 16620 وهكذا بوَّب في الوضوء، ص 32 باب وضوء الرجل مع امرأته، فكأنه تَرَكَ مذهب أحمد رحمه الله تعالى، وقد مرَّ مني تفصيلُ المسألة، وأنَّ الفضل لا يصدق بالغسل حميعًا، وأن مناط أحاديث النهي هو الأَسآر. 250 - قوله: (الفَرَق) إناء يسع ثلاثة آصع، فإن كان ملآن يصير لكل منهما صاع ونصف، والمعروف في عادته في الغسل صاع، وقد مرَّ أنَّه لا تحديد فيه، والأمر تقريبي، وإن كان خاليًا فالأمر تحقيقي، ويصير لكل منهما صاعًا صاعًا، فإنَّه لا يلزم بكون الفَرَق هذا القَدْر أن يكون الماء فيه أيضًا كذلك، فيمكن أن يكون الماء على قدر عادته. 3 - باب الْغُسْلِ بِالصَّاعِ وَنَحْوِهِ 251 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنِى شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ يَقُولُ دَخَلْتُ أَنَا وَأَخُو عَائِشَةَ عَلَى عَائِشَةَ فَسَأَلَهَا أَخُوهَا عَنْ غُسْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَتْ بِإِنَاءٍ نَحْوًا مِنْ صَاعٍ، فَاغْتَسَلَتْ وَأَفَاضَتْ عَلَى رَأْسِهَا، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهَا حِجَابٌ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَبَهْزٌ وَالْجُدِّىُّ عَنْ شُعْبَةَ قَدْرِ صَاعٍ. تحفة 17792 وإنَّما ترجم له لعنايته به ولوروده في الأحاديث، والعناية ههنا كعناية أهل المعاني، وقد مرَّ أنه لم يعتن به أحد من الأئمة غير محمد رحمه الله تعالى، فإِنه اعتبره في الغسل اتباعًا للأثر لا تحديدًا وتوقيتًا. ¬

_ (¬1) وفي تقرير الفاضل عبد العزيز عن "فصول البقراطي": أن عدم الاغتسال من الجنابة يُورِث البرص والدَّفَر، والجماع في الحيض يورث الجُذَام، فلْيُحَرره. قلت ولعل هذا من قبيل حفظ كل ما لم يحفظه الآخر (المصحح).

4 - باب من أفاض على رأسه ثلاثا

251 - قوله: (وأخو عائشة) أي رضاعًا. قوله: (الجُدِّي) منسوب إلى الجُدَّة، وهو الأفصح من الجدة، وبالفتح لَحْنٌ. 252 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ وَأَبُوهُ، وَعِنْدَهُ قَوْمٌ فَسَأَلُوهُ عَنِ الْغُسْلِ. فَقَالَ يَكْفِيكَ صَاعٌ. فَقَالَ رَجُلٌ مَا يَكْفِينِى. فَقَالَ جَابِرٌ كَانَ يَكْفِى مَنْ هُوَ أَوْفَى مِنْكَ شَعَرًا، وَخَيْرٌ مِنْكَ، ثُمَّ أَمَّنَا فِى ثَوْبٍ. طرفاه 255، 256 - تحفة 2641 - 73/ 1 253 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَيْمُونَةَ كَانَا يَغْتَسِلاَنِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ أَخِيرًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ، وَالصَّحِيحُ مَا رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ. تحفة 5380 252 - قوله: (ثم أَمَّنا) وعو عند مسلم وأبي داود أبسط منه، وفي إسناده يحيى بن آدم، وهو من رجال الكوفة. راجع له «نيل الفرقدين»، فإن الحافظ رحمه الله تعالى غَلِطَ في شرح أثره. 4 - باب مَنْ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثًا 254 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ قَالَ حَدَّثَنِى جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَّا أَنَا فَأُفِيضُ عَلَى رَأْسِى ثَلاَثًا». وَأَشَارَ بِيَدَيْهِ كِلْتَيْهِمَا. تحفة 3186 255 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مِخْوَلِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُفْرِغُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثًا. طرفاه 252، 256 - تحفة 2642 256 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَامٍ حَدَّثَنِى أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ قَالَ لِى جَابِرٌ أَتَانِى ابْنُ عَمِّكَ يُعَرِّضُ بِالْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ كَيْفَ الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ فَقُلْتُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْخُذُ ثَلاَثَةَ أَكُفٍّ وَيُفِيضُهَا عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ. فَقَالَ لِى الْحَسَنُ إِنِّى رَجُلٌ كَثِيرُ الشَّعَرِ. فَقُلْتُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَكْثَرَ مِنْكَ شَعَرًا. طرفاه 252، 255 - تحفة 2643 5 - باب الْغُسْلِ مَرَّةً وَاحِدَةً 257 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ

6 - باب من بدأ بالحلاب أو الطيب عند الغسل

سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَتْ مَيْمُونَةُ وَضَعْتُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَاءً لِلْغُسْلِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى شِمَالِهِ فَغَسَلَ مَذَاكِيرَهُ، ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ بِالأَرْضِ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ، ثُمَّ تَحَوَّلَ مِنْ مَكَانِهِ فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ. أطرافه 249، 259، 260، 265، 266، 274، 276، 281 - تحفة 18064 وهو جائز عندنا أيضًا. 257 - قوله: (ثم أفاض على جسده) وهو موضع الترجمة، وقد حصل لي التردُّد بعد المراجعة إلى طرقه في اكتفاء النبي صلى الله عليه وسلّم فيه بالمرة الواحدة، ولعله جرى فيه على عادته بالتثليث، فإِن كان في هذه الواقعة هو التثليث، فالترجمة لبيان المسألة فقط. 6 - باب مَنْ بَدَأَ بِالْحِلاَبِ أَوِ الطِّيبِ عِنْدَ الْغُسْلِ 258 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ حَنْظَلَةَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ دَعَا بِشَىْءٍ نَحْوَ الْحِلاَبِ، فَأَخَذَ بِكَفِّهِ، فَبَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأَيْمَنِ ثُمَّ الأَيْسَرِ، فَقَالَ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ. تحفة 17447 - 74/ 1 والحِلاب (¬1) إناء معروف، وما قيل: إنه تصحيف جُلاب بمعنى كل آب أو بمعنى حَبُّ المَحْلَب فكلُّه شطط، لأنه استعمله المصنَّف رحمه الله تعالى في مواضع، والقول بالتصحيف في المواضع كلها، أو تغليط المصنِّف رحمه الله تعالى بأنه فَهِم معناه حَبُّ المَحْلَب للاستنفاق بينها بعيدٌ جدًا، ولأنه ورد هذا اللفظ في الحديث صراحة وقد استشكل عليهم جمع الحِلاب والطِّيب. قلت: بل الجمع بينهما لكون التقابل بينهما تقابل التضاد، فإِن في الحِلاب يبقى ريح اللَّبَن، فأشار إلى أنه لا بأس بريحه ولونه إنْ ظهر في الماء، وكذا الطِّيب عند الغسل قد يبقى أثره بعد الغسل، فلا بأس به أيضًا. ونظره إلى الترجمة الآتية «باب مَن تطيَّبَ ثم اغتسل وبقي أثر الطيب» وإن كان استعمال الطيب هناك للجِماع ليحصل النشاط لا للغسل، والتطيب قبل الاغتسال أيضًا شائع في بعض البلاد، فيدَّهِنُون أولًا ثم يغتسلون، المعروف في بلادنا التطيب بعد الغسل فقط. والحاصل: أن مَطْمَح نظره في هذه الترجمة أنه لو بقي في الماء أثرُ الحِلاب أو شيء من جنسه، فلا بأس به، وبعبارة أخرى أنه لا بأس بماء اختلط به شيءٌ طاهر. أما مسألة الطيب ¬

_ (¬1) قال الخطَّابي في "معالم السنن": الحِلاب: إناءٌ يَسَعُ قَدْرَ حَلْبَةِ ناقةٍ، وقد ذكره محمد بن إسماعيل في كتابه، وتأوَّله على استعمال الطِّيب في الطهور، وأحسبه توهَّم أنه أُريد به المَحلَب الذي يُستعمل في غسل الأيدي، وليس هذا من الطِّيب في شيء، وإنما هو على ما فسرته لك، ومنه قول الشاعر: صاح هل رأيتَ أو سمعتَ بِرَاعٍ ... ردَّ في الضرع ما قَرَى في الحِلَاب وقد ظهر مما ذكره الشيخ رحمه الله تعالى أنه لا حاجة إلى تغليط البخاري كما فعله الخطَّابي، فَيُشْكَر.

7 - باب المضمضة والاستنشاق فى الجنابة

فجاء استتباعًا، وحينئذ لا يَرِدُ أنه لا ذِكْرَ له في الحديث على أنهما يشتركان في معنى بقاء الاثر، ففي الحِلاب يبقى أثر اللَّبَن، وفي التطيب يبقى أثر الطيب، فيقول: إنه لا بأس ببقائهما بعد الاغتسال. 258 - قوله: (نحوَ الحِلاب)، وفي الطرق إنه كان الحِلاب بعينه. 7 - باب الْمَضْمَضَةِ وَالاِسْتِنْشَاقِ فِى الْجَنَابَةِ 259 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمٌ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَتْنَا مَيْمُونَةُ قَالَتْ صَبَبْتُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - غُسْلًا، فَأَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ، ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ الأَرْضَ فَمَسَحَهَا بِالتُّرَابِ، ثُمَّ غَسَلَهَا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ، وَأَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ، ثُمَّ أُتِىَ بِمِنْدِيلٍ، فَلَمْ يَنْفُضْ بِهَا. أطرافه 249، 257، 260، 265، 266، 274، 276، 281 - تحفة 18064 قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى والثوري: أنهما واجبتان في الغسل واختاره أحمد وإسحاق مطلقًا. قلت: ولا ريب في ثبوتهما في غسله صلى الله عليه وسلّم وتعيين المراتب من باب الاجتهاد، فصار نظرنا أنهما واجبتان حيث شدَّد الشرع في الجَنَابة ما لم يشدِّد في الحَدَث الأصغر، فَنَهى الجُنُبَ عن قراءة القرآن، ولم يَنْهَ عنها المُحْدِث بالحَدَث الأصغر، فعَلِمنا أن للجنابة سِرايةً إلى الباطن أزيد من الحدث الأصغر، فقلنا بالافتراض. ومَنْ زعم أن الفرض لا يثبت بالخبر الواحد فقد سها، فإِنه يثبت بالخبر أيضًا إلا أنه لا يكون قطعيًا، ولا يجب كونُ كلِّ فرض قطعيًا. نعم ما ثبت بالكتاب يكون قطعيًا قطعًا. ثم إن حفص بن غِياث هذا الذي في الإِسناد من خاصة تلامذة أبي يوسف، والبخاري إذا أخذ حديث الأعمش يعتمد فيه على حفص هذا. قوله: (غُسلًا) الغُسْل بالضم: مصدر واسم، وبالفتح: مصدر، والغِسْل بالكسر: الماء ولكنه نادر. ثم إن استعمال المِنْدِيل جائز. راجع المسألة من «المنية» و «قاضي خان» وفي واحد منهما كراهةُ استعمال المِنْدِيل، وتُحمل على التنزيه. والحاصل: أنه ليس بسنَّة، وتكلم في لفظه واشتقاقه، وهو مشهور. 8 - باب مَسْحِ الْيَدِ بِالتُّرَابِ لِيَكُونَ أَنْقَى 260 - حَدَّثَنَا عبد الله بن الزبير الْحُمَيْدِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ، فَغَسَلَ فَرْجَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ دَلَكَ بِهَا الْحَائِطَ ثُمَّ غَسَلَهَا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ غَسَلَ رِجْلَيْهِ. أطرافه 249، 257، 259، 265، 266، 274، 276، 281 - تحفة 18064 260 - قوله: (الحُمَيدي) رفيق الإِمام الشافعي رحمه الله تعالى في سفره، وحامل لواء مذهبه، ومخالف لأبي حنيفة رحمه الله تعالى، ولمّا كان البخاري من تلامذته اتَّبَع شيخَه في الخلاف أيضًا، وهذا هو الدَّأْب من القديم إلى الحديث أن التلامذة يتَّبِعون مشايخهم في

أعمالهم، وأخلاقهم، وشمائلهم، وخصائلهم ومسائلهم. ونقل البخاري قصة حَلْقِ الحجاج رأس الإمام وإصلاحه له، مع أن مدارك الإِمام دقيقة، فإنَّ التيامنَ يمكن أن يكون باعتبار الحالق وباعتبار المحلوق كليهما. وكذا استقبال القِبلة. فليراعِ الحُمَيدي هذه الأمور أيضًا، وليحذر عن الطعن في حق الإِمام الذي مُعْظَم الأُمَّة على أثره. ولمثل هذه الأمور لم يكتب البخاري مناقبه في أحدٍ من تصانيفه، لأنه لما بلغته مَثَالِبُه ومناقبه، وغلب على ظنه مثالبه فقط، أعرض عن مناقبه. ثم إن هذه أمور وعوارض تعتري الرجل، ولا يجب أن يستقرّ عليه رأيه، كما أنك تسمع اليوم فِسقَ رجل فتنفر عنه، ثم تبلغ إليك محاسنه، فيتبدل رأيك فيه وتُحِبّه. فهذه أمور ليست مما يستقر عليه الإنسان، بل تبنى على الإِخبار، وأَجِد في الصحيح كثيرًا من الرواة من تلامذة أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى، لأنه ترجَّح عنده مناقبهم، ولا أر عن الشافعي رحمه الله تعالى حرفًا في هجو الإمام، بل ينقل منه المناقب، حتى إني لم أر مناقب أحمد رحمه الله تعالى أزيد ما رأيته في كلامه. فمنها: أني تحمَّلت عنه وقْرَيْ بعيرٍ من العلم. ومنها: أنه كان يملأ العين والقلب. وأنه إذا تكلم فكأنما ينزل الوحي. وينقل عن أحمد ومالك رحمهما الله تعالى بعضًا من المناقب. وشيئًا من المَثَالِب أيضًا. وسببه وقوع الفتن والمصائب من جهة الحنفية. وفي تاريخ الخطيب لفظ الكفر أيضًا في حق الإمام {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا} (الكهف: 5). وهو شافعي في المذهب، وأجاب عنه السلطان ... وسماه «السَّهْم المُصِيب في كَبِدِ الخطيب»، وقد طُبِع الآن، وليراجع في هذه الأمور الخارجُ والواقعُ، ألا ترى ماذا يفعل الناس اليوم؟ وكيف يتَّهِم بعضهم بعضًا. واعلم أن مشايخنا رحمهم الله تعالى اختلفوا في جواز الاقتداء عند الاختلاف في الفروع بين الإمام والمأموم فقيل: إنه جائز إذا عَلِمَ من حال الإِمام أنه يحتاط في مواضع الخلاف وألا لا. وقيل: إذا شاهد إمامه يرتكب ناقضًا من النواقض المختلفة فيها كَمَسِّ المرأة، ومَسِّ الذَّكَر، أو خروج الدم من غير السبيلين، لا يجوز افتداؤه لمن كان يراه ناقضًا، وإلاّ صح. قلت: والذي تحقَّق عندي أنَّه صحيح مطلقًا سواء كان الإِمام محتاطًا أم لا، وسواء شاهد منه تلك الأمور أم لا، فإِني لا أجد من السلف أحدًا إذا دخل في المسجد أنه تفقد أحوال الإِمام أو تساءل عنه بَيْدَ أنهم كانوا يقتدون وينصرفون إلى بيوتهم بلا سؤال ولا جواب. وفي «فتاوى الحافظ ابن تيمية»: أن هارون الرشيد افْتَصَدَ مرةٌ ثم قام ليصلي، وكان أبو يوسف رحمه الله تعالى موجودًا هناك، فاقتدى به مع علم الناقض عنده. فإِن قلت: كيف الاقتداء مع تيقُّن الإِمام على عدم الطهارة عنده؟ قلت: إنما يتوجه السؤال إذا كان الإمام على أمرٍ باطل قطعًا، وهذه المسألة مجتهَدٌ فيها، أمكن فيها أن يكون الحق إلى الإِمام، وأمكنَ أن يكون في جانبٍ آخر، ولذا لا يسعك أن تحكم على صلاة الآخرين أنها باطلة عند الله تعالى، ولكن يَبْذُل الجَهْدَ ويتحرَّى الصواب لينال الثوابَ بقدر الاجتهاد.

ولذا أقول: إن الإِمام إن كان شافعيًا وتكلَّم ناسيًا، ثم مضى في صلاته لعدم كونه ناقضًا عنده، ينبغي أن يَفْسُدَ صلاة المقتدي الحنفي لأن بين المسألتين فرقًا، فإِن مسألة التكلم قليلةُ الوقوع جدًا بل ليست فيه إلا واقعة ذِي اليدين، فإِن تَمَّتْ على نظر الحنفية ينهدم مراد الشافعية عن أصله، وليس في أيديهم غيرها شيء، بخلاف مسألة النواقض، فإِنها كثيرة الوقوع من الصدر الأول، وما تكون كذلك لا يمكن فيها فصل الأمر أبدًا. ثم الذين قالوا بالجواز عند الاختلاف في الفروع افترقوا فرقتين: فقال قائل منهم: إنَّ العبرةَ لرأي الإِمام، فإِن تحقق ناقض على مذهبه وانتقض وضوؤه لا يجوز الاقتداء به، وإلا جاز، ولا عبرة بحال المقتدي، وإليه ذهب الجصَّاص، وهو الذي اختاره لتوارث السلف، واقتداءِ أحدهم بالآخر بلا نكير مع كونهم مختلفين في الفروع، وإنما كانوا يمشون على تحقيقاتهم إذا صلَّوا في بيوتهم، أما إذا بلغوا في المسجد فكانوا يقتدون بلا تقدم وتأخر، ولن يُنْقَل عن إمامنا أنه سأل عن حال الإِمام في المسجد الحرام مع أَنَّه حَجَّ مرارًا. وقال آخرون: إن العبرة لرأي المقتدي، والقول الثالث فيه لنوح أفندي وهو فاضل ذكي متيقِّظ بعد الشيخ ابن الهُمَام، وله حاشية مبسوطة على «الدر المختار»، أودع فيها مباحث لطيفة، ويُعلم منها أنه رجل محقق، واختار أن الاقتداء إنما يصح عند تلاقي الرأيين: أي المقتدي والإِمام. وإلا لا، وهذا القول من جانبه وليس عن السلف. وهناك صورة أخرى وهي أن الإِمام صلى وكان على غير وضوء على رأيه وعلى وضوء على رأي المقتدي، مثلًا: كان شافعيًا فمسَّ امرأة ثم أمَّ الناس، فهذا على وضوءٍ عند الحنفية، ومحدثٌ على مذهبه، فيجري فيه الاختلاف المذكور أيضًا. قال الشيخ ابن الهُمام: إن شيخه سراج الدين تلميذ صاحب الهداية كان يختار مذهب الجصَّاص، وأنكر مرة أن يكون فسادُ الصلاة فيه مرويًا عن المتقدمين، وإنما أوجده المتأخرون، فَذكَّرْتُه بمسألة «الجامع الصغير» في الجماعة الذين تحرَّوا في الليلة المظلمة، وصلَّى كلٌّ إلى جهة، مقتدين بإِمامهم، أنَّ صلاةَ مَن عَلِم إمامه على خطأ فاسدة، لاعتقاده إمامَه على خطأ، فإنها تدل على أن الاعتبار لرأي المقتدي عند السلف أيضًا، وليس إيجادًا من المتأخرين فقط، فلم يجبه شيخه. قلتُ: الفرق ظاهر ونظير الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى، وكذا سكوت شيخه في غير محله، فإِنَّ معاملةَ القِبلة قطعية يمكن فصلها بالرجوع إلى الحِسّ بخلاف النواقض، فإِنه لا سبيل فيها إلى الفصل بعد اختلاف السلف فيها اختلافًا كثيرًا، فلو علم المقتدي إمامه على خطأ في مسألة التحرِّي ينبغي أن لا تصح صلاته، بخلاف الاجتهاديات التي لا تزال الأنظار تدور فيها إلى الأبد، ووجه الفساد في المسألة المذكورة ليس ما فهمه الشيخ من مخالفة اعتقاده لإِمامه، بل هو ترك المتابعة له، وهي من الواجبات. وكان مولانا شيخ الهند رحمه الله تعالى يذهب إلى مذهب الجصَّاص ويستعين بمسألة قضاء القاضي في العقود والفسوخ، فإِنه ينفُذُ ظاهرًا أو باطنًا مع شرائطها المذكورة في الفقه. وقد

سبق مني في المقدمة أن أهل قُبَاء، إنما عَمِلوا بخبر الواحد وتركوا قِبلتهم الثابتة بالقاطع لهذا المعنى، لأنه كان عندهم طريق التحقيق والتثبيت، وفي مثله يجوز أن يكون الخبر ناسخًا للقاطع. والحاصل: أَنَّه لا نزاع في الجزئي القليل الوقوع، وإنما الكلام فيما تواتر فيه الخلاف كالنواقض. ثم لا يذهب عليك أن ابن نُجَيم في باب قضاء الفوائت، وابنَ عابدين في مقدمة «رد المحتار» وسَّعًا سهوًا مُضِرًا، حيث وسَّها للأُمِّيِّ الذي لا يعلم مذهبَ أحدٍ أن يستفتيَ في صلواته الخمسِ أيَّ عالم من علماء المذاهب الأربعة شاء، ويعمل بما شاء من فتاواهم. أقول: وهذا باطل، فإِنَّ حاصله: أن الأُمِّيِّ ليس له مذهب والقياس على مسألة الاقتداء فاسد، فإِن الاقتداء لا مناص فيه عن المتابعة، بخلاف العمل بالمذاهب فإِن له أن يتقيد بمذهب ويتابعه في مسائله. أما العمل بمذهب الشافعي رحمه الله تعالى في صلاة، وبمذهب الحنفية في صلاة أخرى، فمسلكٌ غيرُ مستقيم، والتزام للتناقض، ولا نظير له في الدِّين. وتحقيقه: أنَّ المسائلَ من مذهب واحدٍ تكون مُتَّسِقَة، أعني به أنه تكون بينها سلسلة وارتباط في ذهن المجتهد، فإِذا خلط في هذه المسائل، فيعمل تارةً بهذا وأخرى بهذا، يلزم التناقض، وإن لم يَبْدُ في بادىء الرأي، لأنها ربما تبنى على أصول مختلفة يخالف أحدهما الآخر، فإِذا عمل بتلك المسائل كلها ابتلي بالتناقض من حيث لا يدريه، فإِن تلك المسائل وإن لم تكن متناقضة إلا أن الأصول التي تتفرع عليها تلك المسائل تكون متناقضة، فلا يلوح التناقض بين تلك المسائل في بادىء الرأي مع أنه متحقق بعد الإِمعان. ثم ما في كُتُب الفقه أنّ الرجوع عن التقليد بعد العمل غيرُ جائز، ليس معناه ما فهمه بعض القاصرين أنه لا يجوز كون الشافعي حنفيًا أو بالعكس. وكذا ليس معناه عدم جواز ترك تحقيق بعد سُنُوح تحقيق آخر خلافه، لأنه يجوز التحوُّل من مذهب إمام إلى مذهب إمام آخر إن بدا له ودعته حاجة. وكذا يجوز للمجتهد أن يترك تحقيقه ويختار الجانب الآخر إن رأى فيه الصواب، فإِن الشافعي رحمه الله تعالى كان قائلًا بعدم وجوب الفاتحة على المقتدي في الجهرية، ثم رجع عنه واختار وجوبها قبل وفاته بسنتين. فهذا أيضًا جائز، بل معناه أنه إن اختار تحقيقًا في مسألة ثم عمل عملًا لم يكن صحيحًا على هذا التحقيق، وأراد أن يطلب له صورة الصحة فقال: إني أختار تحقيقًا آخر في تلك المسألة بعينها، تصحيحًا لعمله، فإِنه لا يجوز. كحنفي صلَّى الظهر، ثم ظهر أن الدَّمَ كان يسيل منه، ومقتضاه أن يفسد طُهره، فأراد أن يُبقيها صحيحة فقال: إني أختار مذهب الشافعي رحمه الله تعالى، فهذا غير جائز. وما نقل عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه توضأ مرةً وصلى به، ثم لما عَلِمَ أن الماء الذي توضأ منه كانت فيه فأرة، وكان أزيد من القُلَّتين، قال: إني أختار مذهب الشافعي رحمه الله تعالى، فَبَعْدَ تسليم صحته أقول: إنه جواب على أسلوب الحكيم، وليس من باب ترك التحقيق بعد العمل به، وغرضه أنا نحكم بنجاسة الماء عند العلم بها كما هو مذهبه، فلم يكن

9 - باب هل يدخل الجنب يده فى الإناء قبل أن يغسلها إذا لم يكن على يده قذر غير الجنابة؟

نجسًا على مذهبه إلا بعد العلم بها، ولم تكن له حاجة إلى ترك تحقيقه، ولكنه نحو تعبير جريًا على أسلوب الحكيم. وإنما أنكرتُه لأنه لم يثبت عندي عن السلف الرجوع بهذا المعنى، وقدوتي في هذا الباب وعمدتي عبد الله بن المبارك، فقد قال الترمذي في باب ما جاء لا طلاقَ قبل النكاح: وذكر عن عبد الله بن المبارك أنه سئل عن رجل حَلَف بالطلاق أن لا يتزوج، ثم بدا له أن يتزوج، هل له رخصة أن يأخذ بقول الفقهاء الذين رخَّصوا في هذا؟ فقال ابن المبارك: إن كان يرى هذا القول حقًا من قَبْلِ أن يُبتلى بهذه المسألة، فله أن يأخذ بقولهم، فأما من لم يرضَ بهذا فلما ابتُليَ أحبَّ أن يأخذ بقولهم، فلا أرى له ذلك اهـ. 9 - باب هَلْ يُدْخِلُ الْجُنُبُ يَدَهُ فِى الإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَدِهِ قَذَرٌ غَيْرُ الْجَنَابَةِ؟ وَأَدْخَلَ ابْنُ عُمَرَ وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ يَدَهُ فِى الطَّهُورِ، وَلَمْ يَغْسِلْهَا ثُمَّ تَوَضَّأَ. وَلَمْ يَرَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ بَأْسًا بِمَا يَنْتَضِحُ مِنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ. 261 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ أَخْبَرَنَا أَفْلَحُ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ. أطرافه 250، 263، 273، 299، 5956، 7339 - تحفة 17435 صرَّح في هذه الترجمة بنجاسة المَنِيِّ وعَدَّه من القذر واختار أنَّ الماء المستعمل طاهر، وإليه ذهب الجمهور، وقال مالك: إنه مُطَهِّر أيضًا. قوله: (ولم ير ابن عمر رضي الله عنه) ... إلخ وهذا القدر عَفْوٌ عند مشايخنا القائلين بنجاسة الماء المستعمَل أيضًا، وفي «الدر المختار» أنَّ العِبرةَ عند اختلاط المستعمَل مع غيره للغالب. 262 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَهُ. طرفاه 248، 272 - تحفة 16860 262 - قوله: (غسل يده) يعني إن تيسَّر له الغسل قبل الإِدخال، فإِنه يغسلهما وإلا يسع له أن يدخلها في الإِناء، وتركيبه مذكور في «شرح الوقاية»، ونقل الشيخ العيني رضي الله عنه عن ابن عمر بإِسناد قوي أن الحائض إن أدخلت يدها في الإِناء تنجَّس، ولعل فيه تفصيلًا، عنده. وفي «الفتاوى» لابن تيمية عن أحمد رضي الله عنه: أن الجُنُب إن أدخل يده في الماء نجسه، فهاتان المسألتان تدلان على نجاسة الماء المستعمَل، وإنما ذكرتهما لتخليص رقابنا على رواية نجاسة الماء المستعمَل، فكأن لها مُسْكَة أيضًا. وغرض البخاري من هذه الأحاديث إثبات غسل اليدين قبل الاغتراف، والاغتراف قبل غسلهما عند الحاجة ليثبت به طهارة الماء المستعمل، وإن كان التوقي منه مطلوبًا. 263 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ

10 - باب تفريق الغسل والوضوء

عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ جَنَابَةٍ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ. أطرافه 250، 261، 273، 299، 5956، 7339 - تحفة 17367، 17493 264 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمَرْأَةُ مِنْ نِسَائِهِ يَغْتَسِلاَنِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ. زَادَ مُسْلِمٌ وَوَهْبٌ عَنْ شُعْبَةَ مِنَ الْجَنَابَةِ. تحفة 964 - 75/ 1 263 - قوله: (حدثنا أبو الوليد: حدثنا شعبة) ... إلخ هذا هو الإِسناد في قَدْر ماء وضوئه صلى الله عليه وسلّم أنه كان ثلثي المُدَّ عند النَّسائي. 10 - باب تَفْرِيقِ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ غَسَلَ قَدَمَيْهِ بَعْدَ مَا جَفَّ وَضُوءُهُ. 265 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَتْ مَيْمُونَةُ وَضَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَاءً يَغْتَسِلُ بِهِ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ، فَغَسَلَهُمَا مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، ثُمَّ أَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، فَغَسَلَ مَذَاكِيرَهُ، ثُمَّ دَلَكَ يَدَهُ بِالأَرْضِ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ثُمَّ غَسَلَ رَأْسَهُ ثَلاَثًا، ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى مِنْ مَقَامِهِ فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ. أطرافه 249، 257، 259، 260، 266، 274، 276، 281 - تحفة 18064 11 - باب مَنْ أَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فِى الْغُسْلِ 266 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ قَالَتْ وَضَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غُسْلًا وَسَتَرْتُهُ، فَصَبَّ عَلَى يَدِهِ، فَغَسَلَهَا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ - قَالَ سُلَيْمَانُ لاَ أَدْرِى أَذَكَرَ الثَّالِثَةَ أَمْ لاَ - ثُمَّ أَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، فَغَسَلَ فَرْجَهُ، ثُمَّ دَلَكَ يَدَهُ بِالأَرْضِ أَوْ بِالْحَائِطِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَغَسَلَ رَأْسَهُ، ثُمَّ صَبَّ عَلَى جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ، فَنَاوَلْتُهُ خِرْقَةً، فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَلَمْ يُرِدْهَا. أطرافه 249، 257، 259، 260، 265، 274، 276، 281 - تحفة 18064 فيه تعريض للمالكية، وإشارة إلى أَنَّ الموالاةَ ليست بشرط، واختار فيه مذهب الحنفية. قوله: (ويذكر عن ابن عمر رضي الله عنه) أخرجه مالك في موطئه وفيه: أنه غسل رجليه بعدما بلغ المسجد النبوي. فثبت منه تركُ الموالاة. 265 - قوله: (فغسل قدميه) قلت: وفيه تأخير غسل القدمين فقط، وليس فيه أنه غسلهما بعد الجَفَاف أو قبله.

12 - باب إذا جامع ثم عاد، ومن دار على نسائه فى غسل واحد

12 - باب إِذَا جَامَعَ ثُمَّ عَادَ، وَمَنْ دَارَ عَلَى نِسَائِهِ فِى غُسْلٍ وَاحِدٍ 267 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ذَكَرْتُهُ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَخُ طِيبًا. طرفه 270 - تحفة 17598 قوله: (ومن دار على نسائه في غسل واحد) ومراد البخاري من هذا الغسل هو الذي في الآخر بعد جماع الكُلّ. 267 - قوله: (ذَكَرْتُه لعائشة رضي الله عنها) وكان عند ابن عمر أن بقاء أثر الطيب بعد الإِحرام أيضًا جنابة، فهذه هي المسألة التي ذَكَرَ لها، وإليه مال مالك رضي الله عنه، ومذهب الجمهور أنه لا بأس بالطِّيب قبل الإِحرام، وإن بقي أثره أو جِرْمُه بعده. قوله: (فيطوف على نسائه) وظاهره يخالف القَسْمَ، فقيل: إنه لم يكن واجبًا على النبي صلى الله عليه وسلّم لقوله تعالى: {وَتُؤْوِى إِلَيْكَ مَن تَشَآء} [الأحزاب: 51]- الآية، وقيل: إنه يجوز مطلقًا بعد ختم الدورة الواحدة قبل شروع الدورة الأخرى. قلت: وليُحَرَّر أيستقيم على مسائل الحنفية أم لا؟ فإِني لم أرَ هذا التفصيل في فقهنا أقول هذه واقعة واحدة في حجة الوداع لم تقع إلا مرة واحدة، وإن كانت ألفاظ الراوي تُشْعِر بكونها عادة، ولكن عندي اتباعُ الواقع أولى، لأنه لم يُعْلَم في الخارج غيرُ هذه الواقعة، فليقصرها على موردها. قال ابن الحاجب: إنَّ «كان» لا يدلّ على الاستمرار لغةً لأنه من الكون، إلا أنه يُستفاد منه الاستمرار عُرفًا ولا سيما إذا كان خبره مضارعًا. قلت: وهذا صحيح إلا أن الواقعة ههنا ليست إلا واحدة كما سيجيء. 268 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِى السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ. قَالَ قُلْتُ لأَنَسٍ أَوَكَانَ يُطِيقُهُ قَالَ كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ أُعْطِىَ قُوَّةَ ثَلاَثِينَ. وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ إِنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ تِسْعُ نِسْوَةٍ. أطرافه 284، 5068، 5215 - تحفة 1365، 1186 - 76/ 1 268 - قوله: (وهن إحدى عشرة) التسع منهن منكوحة، وثنتان سُرِّيَتَان. قوله: (قوة ثلاثين) وفي «الحلية» لأبي نعيم: «قوة أربعين كل رجل من رجال أهل الجنة»، وفي إسناده أبو حنيفة رضي الله عنه. وأبو نُعيم ليس من مخالفي أبي حنيفة رضي الله عنه بخلاف الخطيب. وفي الترمذي: أن قوة رجل من أهل الجنة كمئة رجل فمن ضرب الأربعين في المئة يحصل أربعة آلاف. كذا ذكره السيوطي. قلت: والذي تحقَّق عندي بعد هدم اختلاف الألفاظ وتعبير الرواة أنه أعطي في الدنيا ما يُعطَى سائرهم في الجنة، لكونه في الدنيا من رجال أهل الجنة، وليست وراءة إلا تعبيرات وتَفَنُّنًا في العبارات، فليحملها عليه.

13 - باب غسل المذى والوضوء منه

13 - باب غَسْلِ الْمَذْىِ وَالْوُضُوءِ مِنْهُ 269 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِىٍّ قَالَ كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَأَمَرْتُ رَجُلًا أَنْ يَسْأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لِمَكَانِ ابْنَتِهِ فَسَأَلَ فَقَالَ «تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ». طرفاه 132، 178 - تحفة 10178 ثم الغُسل عند كل جماع مستَحَبٌ عندنا، ولا يُدْرى أنَّه مستحبٌّ فقهيٌّ أو لكونه أنفع، وذهب بعضهم إلى الوجوب. 14 - باب مَنْ تَطَيَّبَ ثُمَّ اغْتَسَلَ وَبَقِىَ أَثَرُ الطِّيبِ 270 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَذَكَرْتُ لَهَا قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ مَا أُحِبُّ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِمًا أَنْضَخُ طِيبًا. فَقَالَتْ عَائِشَةُ أَنَا طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ طَافَ فِى نِسَائِهِ ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِمًا. طرفه 267 - تحفة 17598 قوله أنها طيبت فانظر كيف عبرت ههنا بكونها واقعة بخلاف الحديث المار عن قريب فعبرت فيه كأنه كان عادة له فقالت فيه كنت أطيب إلخ. فهذا كله من تصرفات الرواة وعلى المشتغل أن يتبع الواقع ولا يذهب بكل تعبير. 271 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِى مَفْرِقِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُحْرِمٌ. أطرافه 1538، 5918، 5923 - تحفة 15928 15 - باب تَخْلِيلِ الشَّعَرِ حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ أَفَاضَ عَلَيْهِ 272 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيْهِ، وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ ثُمَّ اغْتَسَلَ، ثُمَّ يُخَلِّلُ بِيَدِهِ شَعَرَهُ، حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنْ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ، أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ. طرفاه 248، 262 - تحفة 16969 273 - وَقَالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ نَغْرِفُ مِنْهُ جَمِيعًا. أطرافه 250، 261، 263، 299، 5956، 7339 - تحفة 16976 16 - باب مَنْ تَوَضَّأَ فِى الْجَنَابَةِ ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ، وَلَمْ يُعِدْ غَسْلَ مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ منه مَرَّةً أُخْرَى 274 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى قَالَ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ

17 - باب إذا ذكر فى المسجد أنه جنب، يخرج كما هو ولا يتيمم

وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَضُوءًا لِجَنَابَةٍ فَأَكْفَأَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلاَثًا، ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ يَدَهُ بِالأَرْضِ - أَوِ الْحَائِطِ - مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ، ثُمَّ غَسَلَ جَسَدَهُ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ. قَالَتْ فَأَتَيْتُهُ بِخِرْقَةٍ، فَلَمْ يُرِدْهَا، فَجَعَلَ يَنْفُضُ بِيَدِهِ. أطرافه 249، 257، 259، 260، 265، 266، 276، 281 - تحفة 18064 - 77/ 1 وحاصله: أنه إذا اغتسل بعد الوضوء فليس عليه أن يفيض الماء على أعضاء وضوئه ثانيًا، فإن شاء أفاض عليها الماء، وإن شاء اكتفى بغسل سائر جسده، فقط ولمَّا قابل الراوي بين أعضاء الوضوء والجسد حيث ذكر أولًا غسلها وذكر بعده غسل الجسد بثم، ظهر أَنَّه أرادَ من الجسد غيرها، وثبت ما رامه المصنَّف رحمه الله تعالى «سائر» الأفصح أنه بمعنى الباقي، من السؤر بمعنى الباقي والفضل، وقيل: بمعنى الجميع من السور أي من سور البلد. 17 - باب إِذَا ذَكَرَ فِى الْمَسْجِدِ أَنَّهُ جُنُبٌ، يَخْرُجُ كَمَا هُوَ وَلاَ يَتَيَمَّمُ قال النُّحَاة: (كما هو) قد يكون للتشبيه، وقد يكون للمفاجأة، وهو المراد ههنا. قوله: (ولا يتيمم) ولا يجوز للجنب أَنْ يَدْخل المسجد عندنا، فإِنْ دخل ناسيًا يتيمم ثم يخرج، وفي رواية غير مشهورة: يخرج وإن لم يتيمم. كذا في «رد المحتار»، وهي المختارة عندي، وإن كانت غير مشهورة، وهو المتبادَر في الحديث، فإِن النبي صلى الله عليه وسلّم لو كان تيمم لَذَكَرَهُ الراوي، فهو سكوت في مَعْرِض البيان، وأصل الكلام في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 43]- الآية. قال الشافعية رضي الله عنهم: إنَّ صدرَ الآيةِ في حُكْمِ الصَّلاةِ ثم انتقل إلى حكم المسجد، فلا يجوز للجنب أن يدخلَ فيه إلا بطريق العبور والاجتياز. وقال الحنفية: إن آخِرَها أيضًا في حكم الصلاة كأوَّلها، ومعناه: لا تقربوا الصلاة حال كونكم جنبًا إلا أن تكونوا مسافرين. ويَردُ عليه قوله: {أَوْ عَلَى سَفَرٍ} فإِنه يوجب التكرار على هذا التقدير والجواب أنه أعادُهُ لبيان حكمه، لأنه لم يذكره أوّلًا، فهذا استئناف بإِعادة ما استؤنف عنه، وهو نوع من البلاغة. ويَرِدُ على الشافعية أنه يجب عليهم تقدير المضاف، أي: لا تقربوا مواضع الصلاة ليكون المذكور فيها حكم المساجد، وهذا خلافٌ الظاهر، فإِن المتبادَر أنها في حكم الصّلاة دون المسجد، وأيضًا قوله: {عَابِرِى سَبِيلٍ} وإن صلح للعبور والاجتياز لغةً إلا أنَّ المتبادرَ منه عُرفًا المسافر، فيقال للمسافر: إنَّه عابرُ سبيل وابن سبيل. أقول: والذي تبين لي أن الآية سِيقت لبيان أحكام الصلاة، ثم انسحبت على ذكر مواضعها أيضًا، فالحكم في القطعة الأولى للعبادة، وفي الثانية لمواضع العبادة. فإِن شئت سمَّيتَه صنعةَ الاستخدام أو غيرها. وحاصلها عندي: لا تقربوا الصلاة وأنتم سُكَارى، ولا تقربوا

فائدة

مواضعها جنبًا إلا أن تكونوا مسافرين، فوافقتُ االشافعية في التفسير، والحنفية في المسألة، وكثيرًا ما فعلته في مواضع. أما الجواب عن الحديث فقد مرَّ معنا في باب الاستقبال والاستدبار: أنه يجوز أن يكون من خصائصه صلى الله عليه وسلّم لِمَا عند الترمذي في مناقب علي رضي الله عنه: عن أبي سعيد مرفوعًا: «لا يَحِلُّ لأحدٍ غيري وغيرك أن يُجْنِبَ في المسجد» (بالمعنى) واستغربه الترمذي، وعدَّه ابن الجوزي في الموضوعات. قال الحافظ رضي الله عنه: إن الحديث قوي، وأخرج له متابعات، وقد مرض من قبلُ مفصَّلًا فراجعه. فائدة: واعلم أن الروايات إذا اختلفت عن إمامنا في مسألة، فعامة مشايخنا يسلكون فيها مسلك الترجيح، فيأخذون بظاهر الرواية ويتركون نادِرَها، وليس بسديد عندي ولا سيما إذا كانت الرواية النادرة تتأيد بالحديث، فإِني أحمله على تلك الرواية، ولا أعبأ بكونها نادرة، فإِنّ الرواية إذا جاءت عن إمامنا رحمه الله تعالى لا بد أن يكون لها عنده دليل من حديث أو غيره، فإِذا وَجَدتُ حديثًا يوافقها أحمَلُه عليها. نعم، الترجيح إنما يناسب بين الأقوال المختلفة عن المشايخ، فإِن التضاد عند اختلاف القائلين معقول، وربما يكون التوفيق بينهما خلافَ منشئهم، وحينئذ لا سبيل إلا إلى الترجيح، بخلاف ما إذا جاء الاختلاف عن قائل واحد، فإِنّ الأَولى فيها الجمع، فإِن الأصل في كلام متكلمٍ واحد أن لا يكون بين كلاميه تضاد، فينبغي بينهما الجمع أوّلًا، إلا أن يترجح خلافه، والأسف أنهم إذا مروا بأحاديث مختلفة يبتغون الجمع بينها عامة، وإذا مروا بروايات عن الإِمام إذا هم برجِّحون ولا يسلكون سبيل الجمع، فالأحب إليَّ الجمع بين الروايات عن الإِمام مهما أمكن، إلا أن يقوم الدليل على خلافه، فاعلمه ولا تعجل. 275 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، وَعُدِّلَتِ الصُّفُوفُ قِيَامًا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا قَامَ فِى مُصَلاَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ فَقَالَ لَنَا: «مَكَانَكُمْ». ثُمَّ رَجَعَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ، فَكَبَّرَ فَصَلَّيْنَا مَعَهُ. تَابَعَهُ عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَرَوَاهُ الأَوْزَاعِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ. طرفاه 639، 640 - تحفة 15309، 15275، 15200 18 - باب نَفْضِ الْيَدَيْنِ مِنَ الْغُسْلِ عَنِ الْجَنَابَةِ 276 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ قَالَ سَمِعْتُ الأَعْمَشَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَتْ مَيْمُونَةُ وَضَعْتُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - غُسْلًا، فَسَتَرْتُهُ بِثَوْبٍ، وَصَبَّ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ صَبَّ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، فَغَسَلَ فَرْجَهُ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ الأَرْضَ فَمَسَحَهَا، ثُمَّ غَسَلَهَا فَمَضْمَضَ، وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ صَبَّ عَلَى رَأْسِهِ،

19 - باب من بدأ بشق رأسه الأيمن فى الغسل

وَأَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ، فَنَاوَلْتُهُ ثَوْبًا فَلَمْ يَأْخُذْهُ، فَانْطَلَقَ وَهْوَ يَنْفُضُ يَدَيْهِ. أطرافه 249، 257، 259، 260، 265، 266، 274، 281 - تحفة 18064. 19 - باب مَنْ بَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأَيْمَنِ فِى الْغُسْلِ 277 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنَّا إِذَا أَصَابَتْ إِحْدَانَا جَنَابَةٌ، أَخَذَتْ بِيَدَيْهَا ثَلاَثًا فَوْقَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَأْخُذُ بِيَدِهَا عَلَى شِقِّهَا الأَيْمَنِ، وَبِيَدِهَا الأُخْرَى عَلَى شِقِّهَا الأَيْسَرِ. تحفة 17850 275 - قوله: (فكبَّر فصلينا معه) ... إلخ واعلم أن في تكبيره صلى الله عليه وسلّم اختلافًا واضطرابًا ذكره أبو داود، فيُعلم من بعض الألفاظ أنه انصرف بعد أن كَبَّر، ومن بعضٍ آخر أنه انصرف قبل أن يكبِّر، فذهب ابن حِبَّان إلى تعدُّد الواقعة، وبعضُهم إلى وَحْدَتِها. قلت: والذي عندي أنَّ الواقعةَ واحدة وهي كما في البخاري، وفيه تصريح أنه لم يكن كَبَّر كما في باب هل يخرج من المسجد لِعِلَّة: «حتى إذا قام في مصلاه أنتظرنا أن يُكَبِّر»، وعند مسلم في باب متى يقوم الناس للصلاة «حتى إذا قام في مُصَلاة قبل أن يكبِّر ذَكَر فانصرف» وما في أبي داود في بعض ألفاظ «كبَّر» معناه: بلغ موضع التكبير، وكذا أن يكبِّر، وهذا التعبير عام، فإِنهم يُعَبِّرون عن القريب من الشيء بالشيء، وذهب البخاري رحمه الله تعالى إلى أن هذه الواقعة بعد التكبير ثم فرَّع عليه مسألة وهي جواز تقدُّم تحريمة المؤتم على تحريمة الإِمام، وهو مروي عن الشافعي رحمه الله تعالى في رواية، ووجه التفريع أن النبي صلى الله عليه وسلّم أعاد تحريمته بعد انصرافه، ولا بد لوقوعها في حالة الحَدَث، والظاهر من حال المقتدين أن تحريمتهم السابقة قد اعتُبِرَتْ واعتُدَّ بها، فلزم تقدُّم تحريمتهم على تحريمة الإِمام. قلت: وأصل النزاع في رابطة القدوة: وَسَّع فيها الشافعية وَوَسَّعَ البخاري أزيد منهم، ولما كانت تلك الرابطة عندهم ضعيفة جدًا تحمَّلوا تلك الاختلافات بأنواعها فيما بين المقتدي وإمامه، فجوَّزوا الاقتداء عند اختلاف الصلاتين ذاتًا وصفةً، ومن هذاالباب تقدُّم التحريمة على تحريمة الإِمام، وعدم سراية فساد صلاة الإِمام إلى صلاة المقتدي، وهذا كلّه لأنهم لم يَرَوْها شديدةً، بخلاف الحنفية، فإِنهم شدَّدوا فيها، ولذا عبّروا عنها بلفظ «التضمن» كما في «الهداية»، فانعكست عندهم التفريعات بأسرها. فالحاصل: أن مسائل القدوة عند الشافعية على خلاف مسائل التضمن عند الحنفية. ولما اختار المصنِّف رحمه الله تعالى مسائلهم على أوسع وجه، ذهب إلى جواز تقدم التحريمة أيضًا، ولعلك علمتَ مما سبق تمسك الإِمام البخاري إنما ينهض إذا سلَّمنا أنه صلى الله عليه وسلّم كان دخل في الصلاة وفرغ عن التكبير، وأن القوم لم يُعيدوا تحريمتهم، وفي كلا الأمرين نَظَرٌ، أما الأول،

20 - باب من اغتسل عريانا وحده فى الخلوة، ومن تستر فالتستر أفضل

فقد عَلِمتَ. وأما الثاني، فلأنه روي أنَّ القومَ أعادوا تحريمتهم كما في الدَّارقطني أنهم كبَّروا بعد انصرافه صلى الله عليه وسلّم. على أنَّ المسألةَ عند المصنِّف رحمه الله تعالى أن الإِمام إن كان فرغ عن التكبير يجب على القوم أن لا يزالوا قائمين على هيآتهم، مع أنَّ روايةَ أبي داود صريحةٌ في أنه أمرهم بالجلوس. ففيه: عن محمد رحمه الله تعالى مرفوعًا قال: فكبَّر ثم أومأ إلى القوم أن اجلسوا، فذهب فاغتسل، وكأن هذا الراوي يناقض نفسه عند المصنِّف رحمه لله تعالى، فإِنه يذكر تكبير الإِمام، ومع هذا يقول: إنه أمرهم بالجلوس وهذا يناقض ثبوت التكبير عنده، لأنِّ الجلوسَ عنده فيما إذا لم يكبِّر الإِمام، وعبارة المصنِّف رحمه الله تعالى في بعض النسخ هكذا: «قيل لأبي عبد الله: إن بدا لأحدنا مثلَ هذا يفعل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلّم قال: فأي شيء يصنع؟ فقيل: ينتظرونه قيامًا أو قعودًا، قال: إن كان قبل التكبير فلا بأس أن يقعدوا، وإن كان بعد التكبير ينتظرونه قيامًا». وحكى بعض المحدثين عن أبي داود في هذه الواقعة جلوسَ بعضٍ وقيامَ بعض (¬1). ثم اعلم أنه ينبغي للرسول أن نقع له مثل هذه الواقعة مرة أو مرتين لقوله صلى الله عليه وسلّم «إنما أُنَسَّى لأَسُنَّ»، ولكونهم بشرًا فينسون كما تَنْسَون، وهذا كمال في حقهم ورحمة في حق أممهم. 20 - باب مَنِ اغْتَسَلَ عُرْيَانًا وَحْدَهُ فِى الْخَلْوَةِ، وَمَنْ تَسَتَّرَ فَالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ وَقَالَ بَهْزٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ». تحفة 11380 - 78/ 1 هذه الترجمة إذا كان في الفضاء وأَمِنَ من مرور الناس، وفي مراسيل أبي داود: أنه لو اغتسل في الفضاء فليَخُطَّ حوله خطًّا، لأن هناك أيضًا من عباد الله مَن يُسْتَحَى منهم، فالمطلوب التستر، ولو اغتسل عُريانًا لا يكون معصيةً. قوله: (الله أحق) يعني أن الله سبحانه وإن كان يعلم سِرَّهم ونجواهم إلا أنه ينبغي أن يُسْتَحْيَى منه مما يُسْتَحْيَى فيما بين الناس، فهذا من الآداب. ¬

_ (¬1) قلت: والذي في أكثر الروايات أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: "مكانكم أو كما أنتم" بعد اختلافهم في أنه كان إيماءً أو قولًا، ولم أرَ في أحدٍ من الروايات أنه أمرهم بالقيام صراحةً، بل في بعضها: "فلم نزل قيامًا ننتظره" بعد قوله: "مكانكم"، فهذا يُشْعِر أن قيامهم كان من عند أنفسهم حملًا لقوله: "مكانكم" على القيام، مع أنه يمكن أن يكون أراد منه عدم تفرقهم من المسجد، وحينئذٍ لا يبقى فى قوله: "فلم نزل قيامًا" دليلٌ للبخاري على أن قيامهم كان بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، مع ثبوت الأمر بالجلوس عنه - صلى الله عليه وسلم - صراحةً. والذي يظهر أنه لم يأمرهم بالقيام ولا بالجلوس، وإنما أشار إليهم أو تكلم كلامًا فحمله بعضهم على الأمر بالقعود وبعضهم على الأمر بالقيام، فلم يزل بعضهم قائمًا وقعد بعضهم، كما نقله بعض المحدثين عن أبي داود، ثم إن ترجح أنه تكلم معهم كلامًا تجري مسألة الكلام في الصلاة أيضًا، والظاهر فيه عندي أنه جمع بين الإِشارة والكلام، وهو المعروف في مثل هذه المواضع ولا سيما على ما قلنا: إنه لم يكبِّر، فإِنه لا حَجْرَ في الكلام إذن، والله تعالى أعلم.

278 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَكَانَ مُوسَى يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ، فَقَالُوا وَاللَّهِ مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلاَّ أَنَّهُ آدَرُ، فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ، فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ، فَخَرَجَ مُوسَى فِى إِثْرِهِ يَقُولُ ثَوْبِى يَا حَجَرُ. حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى مُوسَى، فَقَالُوا وَاللَّهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ. وَأَخَذَ ثَوْبَهُ، فَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا». فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَنَدَبٌ بِالْحَجَرِ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ ضَرْبًا بِالْحَجَرِ. طرفاه 3404، 4799 - تحفة 14708 278 - قوله: (يغتسلون عُرَاةً) ولعله كان في التِّيْهِ لانعدام العِمَارَات فيها. قوله: (ثوبي يا حجر) يدل على أن فيه شعورًا، ولكنه من نحو العلم الحضوري فقط. قوله: (لَنَدبٌ) ترجمتُه في لساننا: ليكين. قلت: وإنما رُئي عليه من ضربه ندبًا فقط، لأنه قُدِّر منه تفجُّر الأعين، وإلا لانعدم بضرب موسى، وأَنَّى كان للحجر أن يضربه نبي مغضَبًا عليه ثم يبقى موجودًا، ألا ترى أنه وَكَزَ واحدًا من أهلهم فقضى عليه، ولطم المَلَك ففقأ عينه، وأشار النبي صلى الله عليه وسلّم برُمح إلى رجل ناداه في أُحُد يا محمد، وأراد أن يُبَارُزه فخرَّ يَتَدَهْدَه (¬1)، ودعا بالويل والثُّبُور حتى ماتمُحْرَقًا، ولذا قيل: شر القتلى من قتله نبي، ولذا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم القتال. 279 - وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْتَثِى فِى ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ يَا أَيُّوبُ، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى قَالَ بَلَى وَعِزَّتِكَ وَلَكِنْ لاَ غِنَى بِى عَنْ بَرَكَتِكَ». وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا». طرفاه 3391، 7493 - تحفة 14724، 14224 279 - قوله: (يغتسلُ عريانًا) (¬2) أي بعد ما صحّ ممَّا ابتُلي به. ¬

_ (¬1) فإن قلت: لِمَ استعمل الله الحجر في فعل يُنسب إلى الوقاحة؟ فالجواب أن الله تعالى أراد أن يُبَرِّىء رسوله من عيب كانوا يرمونه به، أعني الأدرة، وكان لا بد له من أن يُرَى عُريانًا لئلا يبقى في أنظار الطاعنين فيه عيب، وعَلِمَ أن ذلك أنفعُ لهم من تستره وبقائهم في التردد، على أنه لم تكن فيه عندهم وقاحة، فإنه كان من عاداتهم، فإذا لم يكن عندهم فيه عيب، وكان ذهابه إليهم عُريانًا أقطع لطعنهم، تحمَّل هذا. -كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز بالهندية-. (¬2) واعلم أن النبوة بعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام انحصرت في ذريته بنص القرآن، وله ابنان: إسحاق، وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام، ولإسحاق عليه السلام ابنان: يعقوب، وعِيصَ عليهما الصلاة والسلام. والنبوة إنما جرت في ذرية يعقوب عليه الصلاة والسلام، والظاهر أن أيوب عليه الصلاة والسلام نبيٌّ من بني إسرائيل، لأنه لا دليل على تقدمه على إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وبعده قد انحصرت النبوة في ذريته، ثم في بني إسرائيل، وإن قلنا: إنه من الروم من ذرية عِيص عليه الصلاة والسلام لزِمَ إثبات النبوة في ذرية عِيص عليه الصلاة والسلام، والمشهور خلافه، -كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز-.

21 - باب التستر فى الغسل عند الناس

قوله: (عما ترى) أي بعد النجاة إلى الآن. قوله: (لا غنى بي عن بركتك) ما ألطفَ جوابَه وأملحه لفظًا، وأعمق معنىً، وأليق شأنًا، فهذا لا يمكن إألا ممن اصطفاهم الله لنفسه. ومثله جواب موسى عليه السلام حين ناداه ربه: {خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ} [طه: 21] فجعل موسى يَلُفُّ ثوبًا على يده ويَمُدُّ إليها يده ليأخذها، فنُودي أَلا تعتمد علينا قال: بلى، ولكني بَشَرٌ خُلِقْتُ من ضعف. وكجواب إبراهيم خليل الله عليه الصلاة والسلام قال: {بَلَى وَلَكِن لّيَطْمَئِنَّ قَلْبِى} [البقرة: 260]. فهؤلاء الأنبياء عليهم السلام يُلْهَمون جوابَهم من جهته تعالى، وإلا فَمن يتكلم بين يديه إلا من بعد إذنه. 21 - باب التَّسَتُّرِ فِى الْغُسْلِ عِنْدَ النَّاسِ يعني لا بأس بالغُسل بينهم إذا كانت له سُترة تستره عن أعين الناس. وحاصل المسألة عندي: أنَّ التسترَ في الفضاء مطلوب ولو بثوب، ولا أقلَّ من خطٍ، وإن لم يفعل وأَمِن المرور لا بأس، أما في المُسْتَحِمّ والمُغْتَسَل - كما في زماننا - فلا بأس بالغُسل عُريانًا. 280 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِى طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِى طَالِبٍ تَقُولُ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ تَسْتُرُهُ فَقَالَ «مَنْ هَذِهِ». فَقُلْتُ أَنَا أُمُّ هَانِئٍ. أطرافه 357، 3171، 6158 - تحفة 18018 280 - قوله: (فوجدته يغتسل) وفي الروايات أنَّه صلى ثمان ركعات، وفي ابن ماجه تصريح بكون التسليمتين على كل ركعتين ثم إنها كانت صلاة الضحى أو شكرًا للفتح ووافق وقتها فلينظره. 281 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ سَتَرْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ صَبَّ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، فَغَسَلَ فَرْجَهُ، وَمَا أَصَابَهُ، ثُمَّ مَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى الْحَائِطِ أَوِ الأَرْضِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ، غَيْرَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ الْمَاءَ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ. تَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَابْنُ فُضَيْلٍ فِى السَّتْرِ. أطرافه 249، 257، 259، 260، 265، 266، 274، 276 - تحفة 18064 - 79/ 1 281 - قوله: (تابعه أبو عَوَانَة) هو وَضَّاح بن يَشْكُر (وابن فُضَيل) اسمه: محمد. 22 - باب إِذَا احْتَلَمَتِ الْمَرْأَةُ 282 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ

23 - باب عرق الجنب وأن المسلم لا ينجس

أَبِى طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِى مِنَ الْحَقِّ، هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِىَ احْتَلَمَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «نَعَمْ إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ». أطرافه 130، 3328، 6091، 6121 - تحفة 18264 23 - باب عَرَقِ الْجُنُبِ وَأَنَّ الْمُسْلِمَ لاَ يَنْجُسُ 283 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرٌ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَقِيَهُ فِى بَعْضِ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَهْوَ جُنُبٌ، فَانْخَنَسْتُ مِنْهُ، فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ «أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ». قَالَ كُنْتُ جُنُبًا، فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ وَأَنَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ. فَقَالَ «سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ يَنْجُسُ». طرفه 285 - تحفة 14648 24 - باب الْجُنُبُ يَخْرُجُ وَيَمْشِى فِى السُّوقِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ عَطَاءٌ يَحْتَجِمُ الْجُنُبُ وَيُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ، وَيَحْلِقُ رَأْسَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ. 284 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِى اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ. أطرافه 268، 5068، 5215 - تحفة 1186 285 - حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ بَكْرٍ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ لَقِيَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا جُنُبٌ، فَأَخَذَ بِيَدِى، فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى قَعَدَ فَانْسَلَلْتُ، فَأَتَيْتُ الرَّحْلَ، فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ جِئْتُ وَهْوَ قَاعِدٌ فَقَالَ «أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هِرٍّ» فَقُلْتُ لَهُ. فَقَالَ «سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أَبَا هِرٍّ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ يَنْجُسُ». طرفه 283 - تحفة 14648 - 80/ 1 وفي «الدر المختار» أن مُدْمِنَ الخمر لو وُجِدَ ريح الخمر من عَرَقه، فثوبه نَجِس. وفي «المبسوط» لمحمد رحمه لله تعالى أن غُسَالة الميت نَجِسة. وحَمَلَه المشايخ على ما اختلط بها نجاسة خارجة منه، بخلاف الكافر، فإنه جِيفة حيًا وميتًا، فغُسالته نَجِسَة ولو لم يخرج منه شيء. وظني أنَّ المصنَّف رحمه الله تعالى ذهب إلى نجاسة بَدَنِ الكافر، ونُسِب إلى مالك رحمه الله تعالى أيضًا، واختاره الحسن البصري أيضًا، فلو غَمَسَ يدَه في الماء يصير نجسًا، كما ذكره العيني، فكأنه أسوأ من الخنزير أيضًا حيث سؤره طاهر عند مالك في رواية، وهو ظاهر القرآن، فإنه قال: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] ... إلخ. واعلم أن النَّجَس في اللغة: ما كان نَجِسًا في ذاته كَعَذِرَةِ الإنسان وبوله، لا ما اختلطت به النجاسة. وعلى هذا لا ينبغي أن يُطلق النَّجَس على الثوب النَّجِس، بل يقال فيه: إنه متنجّس، لأن أهل اللغة لا يتعارفون إلا ما كان نَجَسًا عندهم، وهو ما يكون متقذِّرًا طبعًا، أما ما يكون نَجِسًا بعد حكم الفقهاء، فإنه بمعزِل عن أنظارهم، ولذا لم يضعوا له لفظًا، ولمّا لم

يكن عندهم لفظ موضوع لهذا النوع من النَّجَس اضطر الفقهاء إلى التوسيع في هذا اللفظ، فاستعملوه في النَّجَسِ والمُتَنَجِّس أيضًا، وأما أصل اللغة فكما قلنا. وحينئذ ظهر معنى ما رُوي عن ابن عباس رضي الله عنه: أن المؤمن لا يَنْجُس حيًا وميتًا. ورَفْعُه معلول، وقد مرَّ عليه الوزير محمد بن إبراهيم (¬1) فقال: لا يصح إطلاقه على المؤمن لا حقيقة ولا مجازًا، وهذا الفاضل زَيديٌّ، وعندهم أحاديث أهل السنة أيضًا حجةٌ، والحافظ رحمه الله تعالى لما جاء إلى الحج أجازه أيضًا في الحديدة كما ذكره في «الدُّرَر الكامنة». وقد مرّ أيضًا أن قوله صلى الله عليه وسلّم «إن الماء طَهورٌ لا ينجِّسُه شيء»، حمله الشيخ ابن الهُمَام على الماء الخاص، وأخذ اللام للعهد، وقيَّده الطحاوي بقوله: «كما زعمتم»، كما قَيَّد في سؤر الهرة، وانكشف بهذا التحقيق أنه ليس بنَجَسٍ حال كون النجاسة فيه أيضًا، فإن له صورةَ التطهير بإخراج النجاسة ونَزْحِ البئر، فماء الآبار ليس بنَجَس، ولكنه متنجِّس، إلا أنه لمّا كَثُر في الفقه إطلاق النَّجَس على المتنجِّس غُفِل عن هذا الإطلاق حتى لا يَسبقَ إليه ذهن أحد، وعليه قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}. واعلم أنَّ في الآية حكمين: الأول: بنجاسة الكافر، والثاني: بحرمة دخولهم في المسجد الحرام. وقد علمتَ مذهب مالك رحمه الله تعالى في الجملة الأولى، وأما في الجملة الثانية فإنَّه قال: إن الكافرَ لا يدخل المسجد الحرام ولا غيرَه، مع أنه ثبت في أحاديث الصحيحين وغيرهما دخولهم في المسجد، ومرّ عليه القاضي أبو بكر بن العربي المالكي وقال: إن تلك الوقائعَ كلَّها قبل عامهم هذا، وإنما النهي فيما بعد عامهم هذا، ثم إن النَّصَ وإن خَصَّصَ المسجد الحرام بالذِّكر لكنه عَمَّم الحكم بالتعليل فقال: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} فالنهي عن دخولهم لكونهم أنجاسًا، فيشمل المساجد كلها ولا يختص بمسجد دون مسجد. وأما الشافعية، فلم أر عنهم شيئًا في نجاسة المشرك، وصرَّحوا أن الكافر لا يدخل المسجد الحرام، فوافقوا مالكًا رضي الله عنه في الحكم، وخالفوه في التعميم. وأما الحنفية فإنهم قالوا: إنَّ المشركَ ليس بنَجَسٍ، وله أن يَدخل المسجدَ الحرام وغيرَه، ¬

_ (¬1) وهو زيدي من القرن الثامن، وكان أخوه الكبير مَلِكًا وهذا وزيرًا له، وكانت السلطنة في آبائه من نحو ألف سنة، والزيدية لا يَسُبُّون الصحابة، وكُتُبُ أهل السنة كلُّها حجة عندهم، غير أنهم يُفَضِّلون عليًا رضي الله عنهم، وكتابهم "المجموع" لزيد بن علي، وهو ابن زين العابدين، وهو راوٍ لبعض أحاديث أبي داود في موضعين أو ثلاثٍ، وعلى تلك "المجموع" حاشية للوزير المذكور، وفيها: أن إطلاق النَّجَس لا يصح على المؤمن لا حقيقة ولا مجازًا، "قلت: ونفي المجاز مُشْكِلٌ، ويُعْلَم من حاشيته أنه رجل دقيق النظر، واستجاز من الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى حين سمع أنه جاء للحج، وسافر له من صنعاء اليمن، فأجازه الحافظ رحمه الله تعالى، وصنف الحافظ رحمه الله تعالى "النُّخبة" وشرحه في السفر. كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز.

كما في «الجامع الصغير»، فأشكلتْ عليهم الآية. قلت: وفي «السِّيَر الكبير» أنَّه لا يدخل المسجد الحرام عندنا أيضًا، كما هو ظاهر النص، واختاره في «الدر المختار» لأن «السِّيَر» آخر تصانيف محمد رضي الله عنه. بقي الكلام في الجملة الأُولى بعدُ، فأُجيب عنها أنَّ المرادَ من النجاسة نجاسةُ الشِّرْك دون نجاسة البدن، وهو كما ترى. فإن النجاسة وإن كانت نجاسة الشرك لكن الحكم أن لا يقربوا المسجد الحرام، والجواب حينئذ كما في «الكشاف» أن المراد من عدم القرب نهيهم عن الحج والعمرة فقط (¬1)، كما في الصحيحين وغيرهما: أن النبي صلى الله عليه وسلّم بعد نزولها بعث أبا بكرٍ أميرًا، وعليًّا رضي الله عنهما لينادي في الناس أن لا يَحُجَّ البيتَ عُريان ولا مشركٌ، فاستُفِيد منه أن الغرض من النهي هو منعهم عن الحج والعمرة، وفيه نظر بعدُ، لأنه يجري البحث في أنه هل يجوز ترك لفظ القرآن بعد ما انكشف الغرض أم لا؟ والذي يظهر أن ترك تعبير القرآن بحيث لا يبقى له حكمٌ وأَثَرٌ عسيرٌ جدًا، وإنما يتوسع بمثله في الأحاديث لفُشوِّ الرواية بالمعنى، وأما في القرآن فإنه مشكل، ولا سيما إذا كانت المناسبة بين الجملتين ظاهرة كما هو هنا. فإنه حكم في القطعة الأولى بكونهم أنجاسًا، ثم فَرَّع عليه أن لا يقربوا، فهذان الحكمان يرتبطان جدًا لما ظهر أثر اللفظ في الحكم أيضًا، ولذا اخترتُ رواية «السِّيَر الكبير» بأن دخولهم في المسجد الحرام غير جائز، وأن النجاسة فيهم أزيد من نجاسة الشِّرك، أما دخولهم في سائر المساجد فالأمر فيه موسَّع، لأن الأصوليين قالوا: إن العموم إنما يكون في الآحاد لا في الأزمنة والأمكنة، وإن ذهب إليه جماعة أيضًا، إلا أن المختار عندي أن العموم في الأفراد والآحاد فَحَسْب، لأن الأحوال والأزمنة والأمكنة ليست موضوعًا لها ليشملها اللفظ. وعلى هذا فالنجاسة عندي محمولة على ما هو المعروف لا على نجاسة الشِّرك، ومع هذا ¬

_ (¬1) قلت: هذا الجواب قد ارتضاه الجَصَّاص في أحكامه فقال: إنما معنى الآية على أحد وجهين: إما أن يكون النهي خاصًا بالمشركين الذين كانوا ممنوعين من دخول مكة وسائر المساجد، لأنهم لم تكن لهم ذِمّة، وكان لا يُقبل منهم إلا الإسلام، أو السيف، وهم مشركو العرب، أو أن يكون المراد منعهم من دخول مكة للحج، ولذلك أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنداء يوم النحر، وفي حديث علي رضي الله تعالى عنه حين أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يُبَلّغ عنه سورة (براءة) نادى: ولا يحج بعد العام مُشْرِك، دليل على المراد بقوله: فلا تقربوا المسجد الحرام، ويدل عليه قوله في فسق: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً}، وإنما كانت خشية العَيْلَة لانقطاع تلك المواسم بمنعهم من الحج، لأنهم كانوا ينتفعون بالتجارات التي كانت تكون مواسم الحج، فدل ذلك على أن مراد الآية الحج ويدل عليه اتفاق المسلمين على منع المشركين من الحج والوقوف بعرفة والمزدلفة وسائر أفعال الحج، وإن لم يكن في المسجد ولم يكن أهل الذمة ممنوعين من هذه المواضع ثبت أن مراد الآية هو الحج دون قرب المسجد اهـ. يقول العبد الضعيف: وهذا عندي كقوله تعالى في المحيض: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] قيل: أُريد منه الاعتزال مطلقًا، فكذلك ههنا فافهم.

25 - باب كينونة الجنب فى البيت إذا توضأ

يقتصر النهي على المسجد الحرام، لأنه ليس من ضرورة العموم في الأفراد العموم في الأمكنة أيضًا ليعمَّ النهي سائر المساجد، وعُلِم من هذا الاختلاف أن العموم في الأفراد قويٌّ، وأما في الأمكنة وغيرها فضعيف، حتى أنكره بعضهم كما علمتَ. وهكذا يعلم من كتبنا أنهم اعتبروا نجاستهم فوق نجاسة الشرك ففي «البدائع» عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في البئر سقط فيه كافر ثم أُخرج حيًا أنه يُنْزَح كله، وكذا لو أسلم الكافر يجب عليه الغُسل في رواية، كذا في «الذخيرة» عن الحسن بن زياد، فدلّ على أن نجاسة هؤلاء أزيدُ من نجاسة الشِّرْك، إلا أنه لا يُدرى أنه إلى أين تجري وأين تُكَفُّ. وأجاب ابن رُشْد عن الإشكال المذكور: أن إطلاق النَّجَس عليهم أُجْرِي مجرى الذَّمِّ، فالله سبحانه وتعالى بالغ في ذمهم ونزَّلهم منزلةَ النَّجَس، لا أنهم أنجاسٌ حقيقةً، فلا يَرِدُ عليه شيء. والحاصل: أن ههنا أربعة أجوبة: الأول: أنَّ المراد من النجاسة نجاسة الشِّرك، وهذا لا ينفع في المسألة الثانية لصراحة الحكم بعدم القُرْبِ، على أنه حُمِل اللفظ على الغير المعروف، والمعروف هو النجاسة المتعارَفة التي تتقذرها الطبائع، ثم إنه لا يرتبط بالمسائل، لأن ما في الفقه يدلُّ على أن نجاستهم فوق نجاسة الشرك، لتعلق بعض أحكام النجاسة بأبدانهم أيضًا. نعم، إن اخترنا رواية «الجامع الصغير» فله وجه ونفاذ. والثاني: أنَّ المرادَ من النجاسة هي التي تُعُورِفت عندهم مع التزام النهي عن دخولهم في المسجد الحرام، كما في رواية «السير الكبير». والثالث: أن المراد من النهي عن القُرْبِ هو الحج والعمرة دون الدخول مطلقًا، وفيه أنه يلزم عليه تركُ تعبير القرآن رأسًا، وهو مُشكل ولا سيما إذا اتضحت المناسبة بين القرينين، فإن الحكم بالنجاسة يدلّ على أن الغرض عدم دخولهم مطلقًا دون المنع عن الحج والعمرة فقط. والرابع: أن اللفظ النَّجَس أُخْرِج مخرج الذَّم، وما يُساق لأجل الذم أو المدح لا يُعتبر فيه اللفظ، ويكون المراد هو المعنى فقط، فكذلك فيما نحن فيه، لما أطلق عليهم النَّجَس ذَمًّا وشناعة لهم لا يجري عليهم ما يجري على النَّجَس حقيقة. قوله: (سبحان الله) وفي النظم لابن وَهْبَان ما معناه: أن إخراج تلك الكلمات عن موضوعها ليس بصحيح. قلت: ورأيت كثيرًا ما يُخْرِجونها عن موضوعها كما ترى ههنا، فإنها وإن وُضِعَتْ للتسبيح لكنه مستعمل في التعجب. 25 - باب كَيْنُونَةِ الْجُنُبِ فِى الْبَيْتِ إِذَا تَوَضَّأَ 286 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ وَشَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ أَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَرْقُدُ وَهْوَ جُنُبٌ قَالَتْ نَعَمْ وَيَتَوَضَّأُ. طرفه 288 - تحفة 17785

26 - باب نوم الجنب

لعله يشير إلى ما رواه ابن ماجه أن الملائكة لا تشهد بيتا فيه كلب أو جنب أو تصاوير إلا أنه ليس على شرطه. 26 - باب نَوْمِ الْجُنُبِ 287 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهْوَ جُنُبٌ قَالَ «نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْقُدْ وَهُوَ جُنُبٌ». طرفاه 289، 290 - تحفة 8303 وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى عند الطحاوي أنه لا بأس بنوم الجُنُب من غير أن يتوضأ لأن التوضؤ لا يخرجه من حال الجنابة إلى حال الطهارة، وعندهما يتوضأ ثم ينام، لِمَا في «تنوير الحوالك» من «معجم الطبراني»: «أن ملائكة الرحمة لا تَحْضُر جنازة الجُنُب»، فهو ضرر عظيم، ويدور النظر فيما يشتمل المقام على الضرر مع عدم ورود الوعيد والنهي صراحةً، فينظر بعضهم إلى المعنى فيذهب إلى الوجوب، كما في «شرح المنهاج»: أن التسمية واجبةٌ عند الأكل عند الشافعي رحمه الله تعالى في رواية، وكالتسمية قبل الوضوء عند البخاري، فإن الشيطان يشترك في كل أمرٍ لم يُبْدَأ باسم الله ويمحق بركته، وهذه مَضَرَّةٌ عظيمة. ويَنظر بعضهم إلى اللفظ، فإن كان ورد فيه الأمر أو النهي يقول به، وإلا لا، والظاهر أن الوجوب والحُرمة تدور على الخطاب دون المعنى كما مرّ مفصلًا. أقول (¬1): ولم يثبت عندي نومه صلى الله عليه وسلّم في حالة الجنابة إلا بالغسل أو الوضوء، وثبت التيمم أيضًا كما في «المصنَّف» لابن أبي شَيبة، كما في «الفتح»، وفي «البحر»: أن التيمم فيما لا تُشترط فيه الطهارة صحيح مع وجدان الماء أيضًا، وهو مختار جماعة، وهو الصحيح عندي، وما رواه أبو إسحاق عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها في نومه صلى الله عليه وسلّم في حالة الجنابة، فقد ¬

_ (¬1) قلت: وهذا التحقيق مما ينبغي أن يحافظ عليه، لأن السيوطي تكلم عليه في "حاشية النسائي" مبسوطًا، ونقل عن الخطَّابي أن المراد من الملائكة الذين لا يدخلون بيتًا فيه الجُنُب ملائكةُ الرحمة، ثم نقل أنه فيمن يتهاون بالغسل، وزعم أنه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - النوم جُنُبًا، ونقل عن وليّ الدين العراقي أن ذلك لامتناعه عن قراءة القرآن، وتقصيره بترك المبادرة إلى الاغتسال، ثم قال: وفيه نظر، ثم عدل إلى ما اختاره الخطَّابي، وإليه مال صاحب "النهاية"، قلت: وهؤلاء الجبال إنما أشكل عليهم الأمر لأنهم إلتزموا نومه - صلى الله عليه وسلم - في حالة الجنابة، وصح عندهم عدم دخول الملائكة في بيت الجُنب فاستبعدوا عدم دخولهم في بيته - صلى الله عليه وسلم - في تلك الحالة، فاضطروا إلى هذه التوجيهات، والأمر كما قرره الشيخ رحمه الله تعالى، وحينئذٍ لا حاجة إلى التأويلات، لأنها من باب بناء الفاسد على الفاسد. وحاصله: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يثبت عنه النوم حالة الجنابة إلّا في إِبَّان الصبح قُبَيْلَه بلحظات، أما إذا أجنب في أول الليل فإِنه لم ينم إلّا بالتوضؤ، أو التيمم أحيانًا، ولم يثبت في واقعة واحدة أنه نام بدون طهارة مطلقًا، وحمل النووي حديث أبي إسحاق على بيان الجواز، واستبعده الشيخ رحمه الله تعالى لما عند مسلم: عن ابن عمر أن عمر استفتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: هل ينام أحدُنا وهو جُنُب؟ قال: "نعم إذا توضأ"، فلم يُرَخِّص به إلّا على طهارة.

27 - باب الجنب يتوضأ ثم ينام

بَيَّنَه الطحاوي (¬1) مفصَّلًا، وبَعْدَه لا يبقى فيه ما يُخَالفنا بشيء. فساق أولًا حديث عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا رَجَعَ من المسجد صلى ما شاء الله ثم مال إلى فراشه وإلى أهله، فإن كانت له حاجة قضاها، ثم ينام كهيئته ولا يَمَسّ الماء»، ثم قال الطحاوي: إنه حديث مختصر اختصره أبو إسحاق من حديث طويل فأخطأ في اختصاره إياه. والحديث الطويل ما رواه فهد: حدثنا أبو غسان حدثنا أبو إسحاق قال: أتيت الأسود بن يزيد، وكان لي أخًا وصديقًا، فقلت: يا أبا عمرو حَدِّثْني ما حدَّثَتْكَ عائشة رضي الله تعالى عنها أمُّ المؤمنين عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلّم «ينامُ أوَّلَ الليل ويُحيى آخره، ثم إن كانت له حاجة قضى حاجته، ثم ينام قبل أن يَمَسَّ ماء، فإذا كان عند النداء الأول وَثَبَ»، وما قالت: نام فأفاض عليه الماء، وما قالت: اغتسل، وأنا أعلم ما تريد، «وإن كان جُنُبًا توضأ وضوء الرجل للصلاة»، فصرح في هذا الحديث الطويل أنه إن أرادّ أن ينام وهو جُنُب توضأ وضوءه للصَّلاة، وأما قولها: «ولم يمسَّ ماء». فالمراد منه الماء الذي للغُسل، لا على الوضوء، لِمَا رواه غير إسحاق عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا أراد أن ينام أو يأكل وهو جُنُب يتوضأ»، وهكذا روي عن الأسود من رأيه وهكذا رواه مسلم إلا أن في آخره جملة تناقضه وهي: «وإن لم يكن جُنُبًا توضأ وضوءه للصلاة»، ولم يتعرض إليه أحد. ويمكن أن يوفَّق بينهما أنّ ما في الطحاوي فهو حالُهُ في أول الليل، وما عند مسلم، فهو حالُه في آخر الليل، أي: إن كان جُنُبًا في آخر الليل اغتسل، وإن لم يكن جنبًا توضأ وضوء الرجل للصلاة، وأشار محمد رحمه الله تعالى إلى ما ذكره الطحاوي. نعم كَشَفَه الطحاوي، ثم إني تتبعتُ إلى زمان لأَعْلَم أن مأخذ كلام الطحاوي ما هو؟ فبان لي بعد الفحص البالغ أن أصله يكون من محمد رحمه الله تعالى، ثم الطحاوي يُفَصِّله. قال محمد رحمه الله تعالى في «مُوَطَّئه»: هذا الحديث أوفقُ بالناس. 27 - باب الْجُنُبِ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَنَامُ 288 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهْوَ جُنُبٌ، غَسَلَ فَرْجَهُ، وَتَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ. طرفه 286 - تحفة 16399 ¬

_ (¬1) قال القاضي أبو بكر بن العربي: تفسيرُ غَلَطِ أبي إسحاق هو أن هذا الحديث الذي رواه أبو إسحاق ههنا مختصرًا اقتطعه من حديث طويل، فأخطأ في اختصاره إياه، ثم ساق القاضي الحديث بطوله، كما أخرجنا عن الطحاوي، ثم قال: فهذا الحديث الطويل فيه: "وإن نام وهو جُنُبٌ توضأ وضوءه للصلاة"، فهذا يدلُّك على أن قوله: "فإِن كانت له حاجةٌ قضى حاجته ثم ينام قبل أن يمسَّ ماءً أنه يَحْتَمِلُ أحدَ وجهين: إما أن يريد بالحاجة حاجة الإِنسان من البول والغائط فيقضيها ثم يستنجي، ولا يمس ماء وينام، فإن وَطِىء توضأ كما في آخر الحديث، وَيحْتَمِل أن يُريد بالحاجة حاجةَ الوطء، وبقوله: "ثم ينام ولا يمس ماء" يعني: الاغتسال، ومتى لم يُحْمَل الحديث على أحد هذين الوجهين تناقض أوَّله وآخره، فتوهم أبو إسحاق أن الحاجة هي حاجة الوطء، فنقل الحديث على معنى ما فهم. والله تعالى أعلم.

28 - باب إذا التقى الختانان

289 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ اسْتَفْتَى عُمَرُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهْوَ جُنُبٌ قَالَ «نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ». طرفاه 287، 290 - تحفة 7618 290 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ نَمْ». طرفاه 287، 289 - تحفة 7224 288 - قوله: (غسل فرجه وتوضأ للصلاة) اختصر فيه الراوي اختصارًا مُخِلاًّ، والمراد توضأ وضوءه للصلاة، وانكشف ههنا أن غَسْلَ الذَّكَرِ والوضوء كله مطلوب في الحالة الراهنة، وأنه من أحكام الجنابة كما مَرَّ مرارًا، فلا بد للمشتغل بالفقه أن يراعيَ الأحاديث ويمارسها ويزاولها، لأن في الشرع أحكامًا خَمَلَتْ في الفقه. فإن قلت: إذا كان مقلدًا فلا حاجة له إلى النظر في الأحاديث، ويكفي له قول إمامه الذي يُقَلِّده. قلت: كلا بل لا يتحتَّم التقليد إلا بعد المراجعة إليها، فإنه إذا يمرُّ على الأحاديث والمسائل، ويرى مأخذها، يستقر رأيه، ويطمئن قلبه لا محالة، ويقلد من يقلد بعد ثَلْجِ الصَّدْرِ، كما حررناه من قبلُ، ومن كان تقليده تقليدَ الأعمى، فإنه على رِجْلِ طائر. 28 - باب إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ 291 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا، فَقَدْ وَجَبَ الْغَسْلُ». تَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ شُعْبَةَ مِثْلَهُ. وَقَالَ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبَانُ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ مِثْلَهُ. تحفة 14659 29 - باب غَسْلِ مَا يُصِيبُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ 292 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنِ الْحُسَيْنِ قَالَ يَحْيَى وَأَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِىَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَلَمْ يُمْنِ. قَالَ عُثْمَانُ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ، وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ. قَالَ عُثْمَانُ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ وَطَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ - رضى الله عنهم - فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ. قَالَ يَحْيَى وَأَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 179 - تحفة 9801، 3477، 10098، 3621 ل، 4997 ل - 81/ 1 293 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو أَيُّوبَ قَالَ أَخْبَرَنِى أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ قَالَ «يَغْسِلُ مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّى». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْغَسْلُ أَحْوَطُ، وَذَاكَ الآخِرُ، وَإِنَّمَا بَيَّنَّا لاِخْتِلاَفِهِمْ. تحفة 12

واعلم أنه ذهب جماعة إلى إنكار النسخ في هذا الباب رأسًا، وأن الأمر الآن كما كان يُوهمه ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه عند الترمذي من قوله: «إنما الماء من الماء في الاحتلام»، وقد مر معنا تحقيقه في المقدمة وأنه ثبت فيه النسخ البتة، وأنه ينبغي أن يُؤَوَّلَ قول ابن عباس رضي الله عنه. وكذلك ما أخرجه البخاري عن عثمان: «أن الرجل إذا جامع امرأته ولم يُمْنِ يتوضأ وضوءه للصلاة، ويغسل ذكره». يُحْمَل على (أنه كان) قَبْلَ جمع عمر رضي الله عنه إياهم وإجماعهم على وجوب الغُسْل بمجاوزة الخِتَانَين. فقد أخرج الطحاوي أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم تذاكروا عند عمر بن الخطاب الغُسْلَ من الجنابة، فقال بعضهم: «إذا جاوز الخِتَان الختانَ فقد وَجَبَ الغُسْل»، وقال بعضهم: «إنما الماء من الماء»، فقال عمر رضي الله عنه: «قد اختلفتم عليَّ وأنتم أهل بدر الأخيار؟ فكيف بالناس بعدكم؟ فقال عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين إن أردتَ أن تَعْلَم ذلك فأرسل إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلّم فسلهنَّ عن ذلك، فأرسل إلى عائشة رضي الله عنها، فقالت: إذا جاوز الخِتَانُ الخِتَانَ فقد وَجَبَ الغُسْل، فقال عمر رضي الله عنه عند ذلك: لا أسمعُ أحدًا يقول: الماء من الماء إلا جعلته نَكَالًا». قال الطحاوي: فهذا عمر رضي الله عنه قد حمل الناس على هذا بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلم يُنْكِر ذلك عليه مُنْكِر. قلت وهذا أصرح شيء. وأقواه في أن الأمر كما في حديث عائشة رضي الله عنها، وأن حديث: «الماء من الماء» منسوخ، ومع ذلك يتسلسل النقل عن عثمان أنه كان يختار حديث: «الماء من الماء» فالذي ينبغي أن نحمله عليه أنه كان قبل إجماع أهل الحَلِّ والعَقْد، وأما بعده فلا ينبغي تلك النسبة إليه كما وقع في «الفتح» ولذا عَدَّه الترمذي فيمن أوجبوا الغُسل بالمجاوزة. وأخرج الطحاوي أيضًا قال: اجتمع المهاجرون: أنه ما أوجبَ الحدَّ من الجلد والرَّجْم أوجبَ الغُسل: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، فعدَّ عثمان رضي الله عنه أيضًا منهم (¬1). وعبارة المصنَّف رحمه الله تعالى مع التكرار في الموضعين تُوهِم أنه ذهب إلى إيجاب الغُسل من الإنزال دون المجاوزة، ولذا أَلانَ في الكلام فقال مرة: الغُسْلُ أحوط، وأخرى: الماء أنقى، ويمكن أن يُؤَوَّل قوله: أنَّ الأحوط لا ينحصر في الاستحباب بل يُطْلَق على ¬

_ (¬1) قلت: وقد جاء الاختلاف في هذه المسألة بنحوٍ آخر أيضًا، وإن كان هو أيضًا قبل هذا الإِجماع، إلَّا أني أردتُ التنبيه عليه فقط، فقد أخرج الطحاوي عن أبي صالح قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب فقال: "إن نساءَ الأنصار تُفتين أن الرجل إذا جامع فلم يُنْزل فإِنَّ على المرأة الغُسل ولا غُسل عليه، وإنه ليس كما أَفْتَينَ، وإذا جاوز الخِتانُ الخِتانَ ففد وجب الغُسْل" فدلَّ على أن حديث: "الماء من الماء" كان عندهم في الرجال المجامِعِين، لا في النساء المجامِعَات، وأن المخالطة، تُوجب على النساء الغُسل ولو بدون إنزال، فالإِنزال شرط للغُسل في الرجال فقط. قلت: إذا كان تحقُّقُ الإنزال فيهن عسيرًا أوجب عليهن الغسل بالمجاوزة فقط عند القائلات به، بخلاف الرجال، فإن ذاك الإِنزال فيهم أظهر فأُدِير الغسل عليه، فإِذا لم يُمْنِ لا يجب عليه الغسل. والله تعالى أعلم.

الواجب أيضًا عند تعارض الدليلين، يعني إذا تعارض الدليلان فاخترتَ الوجوب احتياطًا مثلًا، صَدَقَ قولُك إنك اخترت الأحوط على الواجب أيضًا. وأما إذا حُمِلَ قوله على الحكم، أي حكم الغسل أحوط، يعني: الأحوط له أن يغتسل، وإن لم يغتسلْ لا بأس، لأن الواجب فيه الوضوء لا غير، فحينئذ لا يكون لقوله وجهٌ، ويخالف الإجماع. قلت: وإن فرضنا أنه أَلانَ الكلامَ واختار استحبابَ الغُسل، فلعله أوَّلَ قولَه صلى الله عليه وسلّم «إذا جاوز الخِتانُ الختانَ» أنه كناية عن الإنزال لخروج الماء بعدها في الأغلب، وحينئذ لا يكون الحديث المذكور عنده صريحًا في إيجاب الغُسل بالمجاوزة فقط، وإذا لم يَقُمْ عنده دليل على إيجاب الغُسل بمجرَّد المجاوزة أَلانَ في الكلام وقال: الغُسْل أحوط. ولذا لما أراد أن يُخَرِّج حديثًا يدلُّ على عدم وجوب الغسل بالمجاوزة بَوَّب عليه كما سيأتي: «باب غَسْلِ ما يُصِيب من فَرْجِ المرأة»، ونَظَرُه إلى إخراج الأحاديث كما ترى، إلا أنه أراد أن لا يُفْصِح بمراده احتياطًا، ولكنه وَجَّه الناظرين إليه فقط، فإن الموضع مُشْكِل، فأراد أن يُخَرِّج مادتَه من الأحاديث ومن أسماء الصحابة الذين ذهبوا إليه، ويشير إليه فقط ولا يتكلم بشيء. ثم وإن رُوي عند مسلم في هذا الحديث: «وإن لم يُنْزِل» صراحةً لكنه ليس على شرطه ليكون عليه حِجَّة، وما كان على شرطه يَصْلُح أن يُجعل كناية عن الإنزال مع نقل الاختلاف فيه. فهذا وجه ما ذهب إليه البخاري واختيارُه لو كان اختاره. والله أعلم بالصواب. والحاصل: أنَّ المسألةَ منفصلة، وإنما ذكرته بحثًا فقط ليظهر وجه ما للبخاري مع ورود هذه الصرائح في الباب. ***

6 - كتاب الحيض

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 6 - كتاب الحَيض وقول الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] والحيض دم معروف حَدَّده فقهاؤنا، ولا تحديد في الخارج، وإنما يختلف باختلاف الأمصار والأعصار، ولذا ذهب مالك رحمه الله تعالى إلى أنَّه أمكن أن يكون ساعةً أيضًا، وإنما وَقَّتَه في باب العدة فقط، ولم يَرِد في هذا الباب من المرفوع شيء ولو بإسناد ضعيف، ومَرَّ عليه الزيلعي رحمه الله تعالى في تخريج الهداية، فلم يأت إلا بالمناكير - وهو رفيق للحافظ زين الدين العراقي رحمه الله تعالى، وكان يصنِّف في هذه الأيام تخريج الإحياء والزيلعي رحمه الله تعالى «تخريج الهدية»، وكان يرافق أحدُهما الآخر، فإذا ظَفِر أحدُهما بحديث نادر أرسله إلى الآخر ليستفيد منه في تصنيفه، وظني أن الزيلعي رحمه الله تعالى أحفظُ من الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى. وقد صنف الحافظ رحمه الله تعالى «فتح الباري» في اثنين وعشرين سنة، وصنَّف العيني رحمه الله تعالى «عمدة القاري» في عشرة سنين - وصرح ابن العربي رحمه الله تعالى أنه لا توقيت فيه. وكنتُ أتمنى أن أرى مثلَه من قلم حنفي أيضًا إلا أني مع التتبع الكثير لم أرَ أحدًا صرَّح به، ثم ذكر ابن العربي رحمه الله تعالى أنه صنف رسالةً مستقلة في هذا الباب، إلا أنها ضاعت منه في سفر فلم يقدر على جمعها ثانيًا. أما في هذا العصر فلا توجد غير رسالة البِرْكِلي وهو معاصر لصاحب «الدر المختار»، إلا أنها لاشتمالها على الأغلاط قد انقطعت الفائدة منها، لأن المصنِّف رحمه الله تعالى ذكر في خُطبتها أنه جمع هذه الرسالة من كتب مملوءة بالأغلاط، فاجتهد في تصحيحها، ومع ذلك بقيت فيها أغلاط كثيرة. وقد راجعت تلك الرسالة فوجدتُ فيها أغلاطًا كثيرة، وشرحها ابن عابدين واتَّبَعَ الماتن، فاحتوى شرحه أيضًا على الأغلاط. ونِعْمَ ما فعله المالكية حيث وقَّتوه في باب العِدَّة، أما في معاملة بيتها وصلاتها وصيامها، فاعتبروا فيها رأيَها وفَوَّضوها إليه. والحاصل: أن دم الحيض غير موقت شرعًا وعرفًا، وليت الحنفية كتبوا مثله ولكن: *ما كلُّ ما يتمنَّى المرءُ يُدْرِكُه ... تأتي الرِّياح بما لا تشتهي السُّفُنُ وهكذا الأمر في توقيت مُدَّة الحَمْل، فإنها أيضًا غير مُوَقَّتة، فقد تمتد إلى عشرة سنين

لأجل المرض، مع أن فقهاءنا صرَّحوا أن أكثر مدة الحمل سنتان، ولم يكتب أحدٌ منهم أنها مدة طَبْعِيَّة. وأما بالعوارض فيمكن أن تزيد عليها، فلو كتبوه لاسترحنا. وكان ينبغي للفقهاء أن يرجعوا إلى الأطباء. في مثل هذه الأمور، فإنّ لكل فنَ رجالًا، ثم إنه تحديد اجتهادي لا تحديد شرعي، والأصل فيما لم يَرِد فيه التعديد أن يرسل على حيالها ولا يقدَّر كما في أصول الفقه: أن نصب الحدود والمقادير لا يجوز بالقياس. ومرادهم من الحدود والمقادير كأعداد الرَّكَعَات ونحوها دون الحدود التي هي زواجر أو سواتر على اختلاف الرأيين، وعليه جرى السَّرخسِي رحمه الله تعالى في تحديد العمل الكثير والقليل، والماء القليل والكثير، ففوَّضه إلى رأي المبتَلَى به، وهكذا فعل في أَجَلِ السَّلَم وتعريف اللُّقَطَة، فأحاله على رأي المبتَلَى به، وإن حدده أصحابُ المتون. ثم الأصل وإن كان هو التفويض إلا أنَّ نظامَ العالَم لا يستوي إلا بالتقدير، فإن كثيرًا من العوام ليس لهم رأي، ولا ينفع فيهم التفويض أصلًا، فيحتاج إلى التحديد لا محالة، فالتحديد من المجتهد فيما لم يَرِدْ به الشرع إنما هو لقضاء حوائج الناس، كما قالوا في مسألة الطُّهْر: إنه لا حدَّ لأكثره، ومع ذلك حدَّوده عند نَصْبِ العادة في زمن الاستمرار، وفي هذه المسألة ستة أقوال لمشايخنا. والمختار عندي أنها تخرج من عدتها في ثلاثة أشهر، ويُحْسَبُ شهرُها عن طُهر وطَمْثٍ، وهكذا في ممتدة الطهر حيث ليس لها حيلة على مذهبنا إلا بالتربُّص ثلاثة قروء، ولا شك أنه مُعْتَضِد بالنص، فإنها مطلَّقة، وهذه عدتها بالنص إلا أن طُهرها إذا امتدَّ وضاق عليها أمرها لجأنا إلى الإفتاء بمذهب مالك رحمه الله تعالى. فكما أنهم اضطروا إلى التحديد في هذه المواضع لئلا تتعطل عن حوائجها، كذلك اضطروا إلى تحديد أقل الحيض وأكثره، وإن لم يتوقَّت في الخارج. والحاصل: أن المجتهد في هذا التحديد مجبور ومأجور، بل أُهَنِّؤُهُم عليه حيث أخرجوا مخرجًا وسبيلًا للخلائق، وخلصوهم عن المضائق، ولعلك ما نسيتَ ما كنتُ ألقيتُ عليك في كتاب العلم أنَّ الحديثَ أيضًا قد يحتاج إلى الفقه في بعض المَلاحِظ، وهي أمثال هذه، فإنه لا يكفي لك فيها الاقتصار على الحديث، ولا يسع لك قطع النظر عن الفقه. فالفقه لا يتم بدون الحديث، لأن المرء إذا مرَّ بالحديث، وجال نظره فيه، وفَهِمَ مداركه ومعانيه، استقر على الفقه وسكن قلبه، حيث لم يجده رأيًا محضًا غيرَ مستنِدٍ إلى دليل سماوي، وكذلك الحديث لا يستقرّ مراده ولا ينقطع محتملاتُه بدون المراجعة إلى أقوال الفقهاء ومذاهب الأئمة. فإذا ادَّراها وأمعن النظر فيها تبيَّن له الوجوه، ولم يبق له فيما سواها مساغ. فالفقه محتاج إلى الحديث في نفسه، والحديث محتاج إليه للعمل، وهكذا القرآن يبقى معلَّقًا بدون الرجوع إلى ألفاظ الحديث، وأعني بالتعليق أنَّ النظر لا يزال يتردد فيه، ولا يَقْنَع بشيء، حتى إذا رجع إلى الحديث استقر وسكن. وهذا لأن اللغة لم تتكفل إلا ببيان المعاني الموضوعة له دون مراد المتكلِّم، وهو ربما يتعسَّر تحصيلُه في كلام الناس، فكيف بالكلام

المُعْجِز؟ والكلام كلما ارتفع تحمَّل الوجوه واحتمل المعاني، ولذا قال تعالى: {ولقد يَسَّرْنَا القرآنَ للذِّكْرِ فهل من مُدَّكِر} [القمر: 32] وهذا أمر وراء التيسير، فالقرآن يسير ومع ذلك عسير، انقضَّ به ظهر الفحول، ومعنى يُسْرِه قد بَّينَاه. ثم إنَّ الأمرَ إن كان كما سمعت آنفًا من أنه لا تحديد فيه لا في الخارج ولا في الحديث، وإنما التحديد فيه ضرورة بالاجتهاد، فأبو حنيفة رحمه الله تعالى أَسْبَقُ فيه من الكل، وعنده في ذلك إشارات وعبارات من النصوص، كما في حديث أخرجه الترمذي في خُطبة النبي صلى الله عليه وسلّم في أبواب الإيمان وفيها: «فتمكث إحدَاكُنَّ الثلاث والأربع لا تصلي». اهـ. وتمسَّك به الطحاوي (¬1) في «مشكله». وما عند ابن ماجه وفيه زيادة: وفي الخارج أن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يكن يُضَاجِعُهُنَّ إلى ثلاثة أيام، ثم يُضَاجِعُهُنَّ بعد أن تَتَّزِرْنَ. وهذه كلها تنزل على مذهبنا لأنه لم ينزل فيه عن الثلاث. ولنا أثر أنس رضي الله عنه صححه في «الجوهر النقي» وإن تأخر عنه البيهقي، وأثر عثمان بن العاص عند الدارقطني. وأورد علينا الشافعية أن الشهر إذا لم يَخْلُ عن طُهْرِ وطَمْثٍ، وتَكَرُّر الطَّمْثِ في الشهر نادرٌ، فيلزم على مذهبكم أن لا يستقيم الحساب، فإن أقلَّ الطُّهر خمسةَ عشرَ اتفاقًا بيننا وبينكم، فلو كان الطَّمْثُ أكثرُه عشرةَ أيام، يلزم أن يبقى خمسة أيام من الشهر مهملًا غير معدود في الطمث ولا في الطهر، بخلافه على مذهبنا حيث قسمنا الشهر عليهما، فجعلنا النِّصف للطَّمْثِ والنصف الآخر للطُّهر. أقول: أما أولًا: فعن الإمام كما في «النهاية»: أن أكثره عشرة، وأقل الطهر عشرون يومًا، فيستقيم الحساب على مذهبنا أيضًا. وأما ثانيًا: فلأن أقلَّ الطهر ليس عندنا خمسة عشر يومًا مطلقًا، بل هو عشرون يومًا في بعض الصور، كما في المُسْتَحاضة المبتدَأة، فيستقيم الحساب ولو في الجملة. وأما ثالثًا: فلأن تكرُّرَ الطهر وإن كان نادرًا إلا أنه ليس معدومًا محضًا، فينبغي النظر إليه أيضًا. وفي «المواهب اللَّدنية» إسنادًا: «أن الله سبحانه لما أهبط حواء أخبرها أنها تَحْمِل كُرْهًا وتضع كُرْهًا» وفي آخره: «ولأُدْمِيَتَّها في شهرٍ مرتين»، ومع هذا ذهبوا إلى أن التكرار نادر، وفي إسناده سُنَيْد، وهو من القدماء ومفسِّر للقرآن. وهذه الرواية عند ابن كثير أيضًا إلا أنه ليست في آخره تلك الزيادة، وحينئذ يمكن أن يكون بناؤه على تكرر الحيض وإن كان نادرًا. ثم إنهم تمسكوا من قوله تعالى: {واللائي يَئِسْنَ من المَحِيضِ فَعِدَّتُهُنَّ ثلاثةُ أشهر} [الطلاق: 4] حيث حسب فيه الشهر عن طهر وطَمْث، وإذا كان أقلُّ الطهر خمسةَ عشرَ بالاتفاق، فالباقي للطمث لا محالة، وهو خمسة عشر، وبناؤه على تكرر الطمث بعيد لأنه نادر. ¬

_ (¬1) قال الطحاوي بعد سَرْد الحديث المذكور: ولا نعلم شيئًا رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مقدارِ قليلِ الحيض غير ما ذكرنا، فكان هذا مما قد دلَّ على مقداره، وأنه أيام وليال، وأوجب القول به وترك خلافه. والله أعلم، وإياه نسأله التوفيق.

قلت: نعم بناؤه ليس على التكرر، إلا أنَّا علمنا من عاداتهن أن طهرهن في الشهر يكون أغلب من الطمث غالبًا، كما في حديث حَمْنَة، حيث عَدّ طمثها ستة أو سبعة، وهكذا هو المعروف في عادات النساء أن طهرهن يكون غالبًا على أيام حيضهن. ولمّا كانت عاداتهن مختلفة جمع القرآن الحيضَ والطهر في الشهر تخمينًا (¬1). قوله: (فلا تَقْرَبُوهُنَّ) واعلم أنه قد مرَّ مرارًا أن أنظار الأئمة ربما تختلف في أخذ مراتب الآية، فيأخذ واحد مرتبتها العليا وآخر مرتبتها السفلى، ويتحير فيه الناظر، فيزعم أن هذا وافقها وهذا خالفها، والأمر أنهم يَتَحَرَّون العمل بها أجمعون، ويجتهدون فيها بما يستطيعون، إلا أنه تختلف أنظارهم في المراتب، والأصوليون وإن بحثوا عن العموم والخصوص والإطلاق والتقييد، ولكنهم لم يبحثوا في مراتب الشيء وكان لا بد منه فقالوا: إن العموم والخصوص يجري في الأفراد والآحاد، والإطلاق يكون في التقادير وأوصاف الشيء، والمراتب بمعزل عنهما. وظاهر الآية الأمر بالاعتزال مطلقًا، وهو عين ما كان يفعله اليهود، ووجه التفصِّي عنه أن في الاعتزال مراتبَ وهي مجملة فصَّلها الحديث، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلّم بعد نزولها افعلوا كل شيء إلا النكاح، فمن حاملٍ حَمَلَها على الجماع والاتقاء عن موضع الطَّمْثِ خاصةً، ومن حَاملٍ حَمَلَها على الاستمتاع بما دون السُّرَّة إلى الركبة، لأن حريم الشيء في حكمه، فجعل موضع النجاسة وما يتبعها في حكمٍ واحدٍ، وكلاهما نوعٌ من الاعتزال ومرتبةٌ منه. أما أن المراد في النص أيُّ قدرٍ منه وأيُّ مرتبة، فالله ورسوله أعلم. وسيجيء تحقيق المسألة في بابه. قوله: (يَطْهُرْنَ) قُرِىء بالتخفيف والتشديد، والحنفية يَعُدُّون القراآت كالآيات المستقلة، فيأخدون منها أحكامًا، فحملوا قراءة التشديد على تصرُّم الدم لأقل من العشرة، لأن التَّطَهُّر تَفَعُّل، بمعنى تحصيل الطهارة من فعله وهو الغسل، وحملوا قراءة التخفيف على تصرُّم الدم على العشرة، فإنَّ طَهُرَ لازمٌ، فيحصل الطهور بأمر سماوي بدون صنعه. قالوا: إنه يجامعها في الصورة الأولى بعد الاغتسال، لأن الدم ينقطع مرة ويَدُرُّ أخرى، فيحتمل العَوْد، فلا بد أن ¬

_ (¬1) قلت: كيف تستقيم الآية على مذهبهم مع أن المعروفَ في عاداتهن هو التوسط في الحيض، وقلّما تكون امرأةٌ دمُها إلى خمسة عشر. فإِنْ كان حَمْلُ الآية على تكرُّرِ الحيض بعيدًا لأنه نادر، فَحَمْلُهُ على خمسة عشر يومًا أبعدُ منه بعين هذا البيان، لأن تكرر الحيض ليس بأندَر من فرض الدم إلى خمسة عشر، ثم إن ساغ لهم استيعاب الشهر بأخذ الأكثر من جانبٍ والأقل من جانب، فلِمَ لا يجوز لنا أن نأخذ أكثر الحيض من جانب وأكثر من الأقل في جانب آخر! وإنما لم نأخذ بالأكثر مطلقًا في الجانب الآخر لأن أكثرَ الطهر لا حَدَّ له، فلا بد أن نأخذ أكثر من الأقل، لأن الاقتصار على أقل الطهر أيضًا نادر كما علمتَ من حديث حَمْنَة أن أيام طهرهن تكُون أغلب على أيام حيضهن، فإن كان أخذ الأكثر من الأقل بعيدًا في نظر المحاسب، فهو أقرب في نظر الباحث عن الواقع، وإتباع الواقع أولى، وعليه ورد القرآن والحاصل أن الفصل فيه مشكل. كيف ولم يَرِد فيه تحديد من جانب الشرع، وإنما الأمر إلى عاداتهن وهي مختلفة بحسب عِدَادِهِن.

يعتضد الانقطاع بالاغتسال، بخلاف الصورة الثانية، فإنه إذا انقطع على أكثر مدته فلا خشية لعوده، وتطهر حسًا فيجوز الجماع بدون الاغتسال. قيل: إن أبا حنيفة رحمه الله تعالى تفرَّد في إباحة الجماع بلا غُسل، لأن القرآن يدلّ على أن الإتيان إنما يُبَاح له بعد الاغتسال فقال: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة: 222] أي اغتسلن {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} قلت: والجماع وإن كان جائزًا بدون الاغتسال لكنه يُستحبُّ لها أن تغتسل ثم يجامعها زوجها، ويجب الغُسل للصلاة إجماعًا، فإنها غير طاهرة حكمًا، وإن طَهُرَتْ حسًا. وحينئذٍ جاز لي أن أقول: إن المراد من التطهر في النص هو التطهُّر بنَحْوَيْهِ. ومعنى قوله: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} أي وجوبًا تارةً واستحبابًا أخرى {فَأْتُوهُنَّ} ... إلخ، وذلك عندي واسع في اللغة ولا بدع عندي في إدخال مسمًّى واحد وحقيقة واحدة تحت لفظ، وإن اختلفت صفاته من الخارج، كالاستحباب والوجوب، فإن هاتين صفتان تَعْرِضان للحقيقة من الخارج مع بقائها في الصورتين. فإن الصلاة حقيقةٌ واحدة ولا اختلاف في حقيقتها بين الفريضة والنافلة، فإنهما صفتان لها بالنظر إلى لُحُوق الأمر وعدمه، وحينئذ لا ضَيْرَ في إدخال النوعين تحت لفظ واحد، وقد فصَّلناه في رسالتنا «فصل الخطاب» بما لا مزيد عليه. وبالجملةِ الأقربُ عندي أن القرآن إذا لم يتعرض إلى أقلّ الحيض وأكثره - كما كان غير متعين في الخارج - فلا يُبنى الأحكام على أقله وأكثره. فالذي ينبغي أن يُشترط الغُسل للجماع ولا بُدَّ. نعم إن قام دليل للمجتهد من الخارج على أنَّ الدم لا يتجاوز عن العشرة، فله أن يُجيز به قبل الاغتسال لطهارتها حسًا، ولكن المستحسن للقرآن هو الإطلاق، لأنه ينزل بما هو مطلوب، وللمجتهد هو التفصيل، لأنه يبحث عن الفروع. وتفصيله أنَّ القرآنَ عَلَّق الإتيان بالأمرين: الأول: هو الطهارة الحسية، وهو المشار إليه بقوله: {حَتَّى يَطْهُرْنَ}. والثاني: الاغتسال، وهو المذكور بقوله: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ}. وكأنَّ أصل الكلام هكذا: فإذا طَهُرْنَ وتَطَهَّرْنَ فأتوهن من حيث ... إلخ. وإنما حُذِف أحدُ الفعلين اختصارًا لدلالة ما قبله عليه، وإنما راعى الأمرين لأن من عادة النساء أنهن لا يَطْمَأننَّ في أنفسهن في طُهورهن ما دُمنَ لم يغتسلن، ولا يزال يبقى لهن التردد في عَوْدِ الدم، وإن كان انقطع على عادتهن، فإذا اغتسلن فيطمئن قلبهن، فكما أن الطمأنينة في الخارج لم تحصل لهن إلا بعد الطُّهْر السماوي والاختياري كليهما، كذلك القرآن أخذ مجموع الأمرين على وَفْقِ ما في الخارج. فهذا الذي مشى عليه القرآن، يعني على الإبهام والإجمال بدون عناية إلى تفصيل بين الأقل والأكثر، وبدون تفصيل في البناء عليهما. ثم جاء المجتهد وقسم هذين الأمرين وقال: إن الدم إن تَصَرَّم لأكثر مدته فالدخيل في أمر جماعها هو الطهارة السماوية فقط، فيباح له الجماع بمجرَّد انقطاعه وإن تَصَرَّم لأقل منه فالدخيل هو الطهارة الاختيارية، أي الاغتسال، فلا يجوز الجماع إلا بعده، فينبغي للقرآن الإطلاق في صورة الإطلاق وتفويض التفاصيل إلى

الاجتهاد. فإن القرآن أطلق في الاغتسال لأنه لم يتعرض إلى الأقل والأكثر لعدم تعيينه في الخارج، فإن عَلِم المجتهد من تحرِبته أنَّ الدمَّ لا يتجاوز عن العشرة، فله أن يُخْصِّص هذا الجزئي من اجتهاده لا بحكم النص. وهذا معنى صحيح لا يخالفه النص أصلًا. نعم لو قلنا: إن القرآن شرط الاغتسال فيما تصرم الدم على الأكثر أيضًا لخالفه وناقضه البتة، ولكنك سمعتَ آنفًا أن القرآن لم يُومِ إليه أصلًا، وإنما جاء على عادتهن في الخارج من اعتبار الأمرين. وهناك أمر آخر يُعْلَم من كتاب «الناسخ والمنسوخ» (¬1) عن الطحاوي أنَّ الفرقَ بين العَشَرة وبين ما دونها إنما نُقِلَ عن الإمام الأعظم رحمه الله تعالى في حق الرَّجْعَةِ خاصةً، فالمطلَّقة إذا انقطع دمها لأقلَّ من العشرة، وأدركت وقتَ الاغتسال والتحريمة انقطع حق الرجعة عنها، وليس للزوج أن يراجعها بعدمضيِّ القُرْءِ الثالث إذا انقطع لأقلها في الصورة المذكورة. فهذا الفرق إنما كان في حق الرجعة خاصة، ثم انتقل إلى الصلاة وغيرها أيضًا، ولا ريب أن الطحاوي أعلم بمذهب أبي حنيفة رحمة الله تعالى لأنه تحصَّل فقهه بثلاث وسائط، فكان ينبغي أن يُعْتَمَد عليها، ولكني لا أعتمد على تلك النسخة لاشتهار المذهب بخلافه، نعم إن ثبت من طريق معتبرة فيكون له وجه. ثم إنهم قالوا: إنه إذا انقطع دمها لأقل من عشرة أيام لم يَحِلَّ وطؤها حتى تغتسل، ولو لم تغتسل ومضى عليها أدنى وقت الصلاة بقَدْرِ أن تقدر على الاغتسال والتحريمة حَلَّ وطؤها. وهذا يُشْعِر بأن مدة الغُسْل عندهم معدودة في زمان الحيض، ومثله ما قالوا في باب الرَّجْعَة: أن دمها إذا انقطع لعشرة أيام انقطعت الرجعة وإن لم تغتسل، وإن انقطع لأقلَّ منها لم تنقطع الرجعة حتى تغتسل، أو يمضيَ عليها وقت صلاة كاملة. قلت: وإنما أخذوه من هذه الآية: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} فإنه اعتُبِرَتْ فيها مدة التطهر من زمان الحيض وأُبيح الجماع بعده، إلا أنهم لا يُفْصِحون بأن مسائلهم تلك مأخوذة من القرآن، فعليك أن تتفكر فيه لينجلي لك الحال. ومن ههنا اندفع ما عرض لابن رُشْد من عدم الارتباط بين الغاية والاستئناف، فقال: إن مَثَلَهُ كمثل قولنا: لا أُعطيك درهمًا حتى تدخل بيتي، فإذا دخلت المسجد فلك كذا. فالغاية غايرت الاستئناف وكذا الاستئناف يغايرها، والصحيح من الكلام أن يقال: فإذا دخلت بيتي ... إلخ، لاتحادهما فيه. وحاصل الجواب: أن معنى قوله: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} ... إلخ أي حتى يَطَّهَّرْنَ ويَطْهُرْنَ {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} وطَهُرْنَ {فإتوهن من حيث أمركم ا} فأخذ أحد الفعلين من المعطوف عليه، وحذف مقابله من المعطوف ليكون ذكر الآخر قرينة على حذفه من المعطوف عليه، فحصل الارتباط في غايته. والجواب الثاني أن قوله: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} لا يتعلق عندي بالغاية بل ¬

_ (¬1) وهو لأبي جعفر النحاس الشافعي، تلميذ الطحاوي، وكان معاصرًا لابن جرير المفسر، وكان ابن جرير في مصر وأبو جعفر في بغداد. كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز.

1 - باب كيف كان بدء الحيض وقول النبى - صلى الله عليه وسلم - «هذا شىء كتبه الله على بنات آدم»

يتعلق بصدر الكلام أي {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ} {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} إلخ. ويقال له الطَّرْدُ والعكس في مصطلحهم فاعلمه (¬1). 1 - باب كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الْحَيْضِ وَقَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «هَذَا شَىْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ» وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَانَ أَوَّلُ مَا أُرْسِلَ الْحَيْضُ عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ، قال أبو عبد الله وَحَدِيثُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَكْثَرُ 2 - باب الأَمْرِ بِالنُّفَسَاءِ إِذَا نُفِسْنَ 294 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ يَقُولُ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ خَرَجْنَا لاَ نَرَى إِلاَّ الْحَجَّ، فَلَمَّا ¬

_ (¬1) قلت: وقد كنتُ في سالف من الزمان كتبتُ في تلك الآية تذكرة حين أشكل عليَّ قوله: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ} إلخ، فإِنه عين ما كان اليهود يفعلونه، ثم لما رأيتُ قوله: "اصنعوا كل شيء إلَّا النكاح، ازددت مرضًا إلى مرضي، لأنه نقيض ما يتبادر من الآية، فلم يكن التفسير يلتئم بالآية في الظاهر، وليست تلك التذكرة عندي حاضرة الآن، وحاصلها كما أحفظ: أن الله سبحانه صَدَّر قوله بأن المحيض {أَذًى} أي فلا يُعَامل معه إلّا ما يُعَامل مع الأذى، وهو الاجتناب والاعتزال عنه فقط، لا كما كان اليهود يفعلونه من المتاركة مطلقًا، فإنه تعمُّق وحُمْقٌ، ولا كما نُسِب إلى النصارى أنهم كانوا يخالطونهن في تلك الأيام، فلا يُعَامَلون معه ما كان ينبغي أن يعامل مع الأذى، فهؤلاء كانوا يشددون في أمره فوق ما أراده الشارع، وهؤلاء كانوا يستخِفُّون بما أمرهم الله سبحانه، فكأنهم كانوا على طرفي نقيض، ويجب في مثل هذا الموضع رعايةُ الطرفين ولا يوفي حقّه إلّا القرآن فقال: إن المحيض لا يزيد على كونه أذىً، وإذا كان كذلك فعاملوا معه ما يعامل مع الأذى، وهو الاعتزال لا غير. ولذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "جامعوهن في البيوت واصنعوا كل شيء إلّا النكاح" لأن الأذى حقُّه أن يُجْتَنَبَ عنه فقط دون ترك البيوت، ففي قوله: {أَذًى} رعايةٌ لليهود فإنهم كانوا يشددون في أمره كل التشديد وفي قوله: {فَاعْتَزِلُوا} رعايةٌ لجهة النصارى، لأنهم كانوا يهوّنون فيه كل التهوين، فهداهم القرآن يلى ما كان ينبغي وما لا ينبغي. ولا ريب في أن المطلوب هو الاعتزال وعدم القُرْبِ كما عند أبي داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنت إذا حِضتُ نزلتُ عن المِثَال على الحصير فلم نقرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم نَدْنُ منه حتى نطهر". انتهى. ولكن الغرض من أمر الاعتزال هو النهي عن الجماع أو ما يقربه، فأشار إليه بقوله: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} ومعلوم أنه لم يُبحْ في آخرها إلّا ما كان نهى عنه في أولها، وإلّا فالظاهر: فإذا تطهرن فاقربوهن، ليناسب قوله {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ} ولكنه أشار بالنهي عن القرب أولًا والإباحة بالجماع آخرًا أن المقصود الأصلي من نهي القرب هو هذا، ولو قال: لا تجامعوهن لم يلتئم مع قوله: {هُوَ أَذًى} في الأول، وقوله: {فَاعْتَزِلُوا} في الآخر، مع أنه مطلوب كما علمتَ، لَبقِيَتْ فيه إشارة إلى الاستمتاع بما دونه من حاق النص، مع أن القرآن لا يأخذ في التعبير إلّا ما يكون أعلى وأرضى للربِّ وأبعد عن المأثِم، فلا يأمر أحدًا أن يَرْعَى سارِحَتَه حول الحِمَى، فرعاية الأطراف وإحاطة الجوانب مع بيان الحقيقة سواء بسواء، والإِيماء إلى المقصود كما هو بحيث لا يبقى فيه إبها للعامل ومجال للمجادِل، مما يعجز عنه البشر، وإنما هو شأن خالق القُوَى والقَدَر.

كُنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ، فَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أَبْكِى قَالَ «مَا لَكِ أَنُفِسْتِ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِى مَا يَقْضِى الْحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِى بِالْبَيْتِ». قَالَتْ وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ. أطرافه 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 17482 يعني به بَدْءَ هذا الجنس، وأنه كيف ظَهَرَ في الدنيا من كَتْمِ العدم، ولا يختص بأول أمره فقط كما مرَّ مفصّلًا في شرح قوله: بَدْءِ الوحي. وفي رواية قوية: «أنَّ نساء بني إسرائيل كُنَّ يذهبن إلى المساجد فأخذن في التشوُّف إلى الرجال، فمُنِعْنَ عن المساجد، فأُلقي عليهن الحيض عقوبةً لهن». وعُلِم منه أن منع النساء عن المساجد سُنَّةٌ ماضية، والبخاري لم يُبَالِ بهذا الحديث، وأخذ من قوله: «هذا شيء كتبه الله على بنات آدم» أنه من الابتداء وليس بدؤه من بني إسرائيل، ولم يوفِّق بينهما أن بدأه وإن كان من بدء الزمان إلا أنه أُلقي على بني إسرائيل قهرًا، فزِيد فيهن شيئًا نِقمةً. والله تعالى أعلم. 294 - قوله: (سرف) هذه قصة حَجَّة الوداع، وأنا أبكي لمخافة فوات الحج. قوله: (أنُفِسْتِ) قيل: المجهول في الولادة والمعروف في الحيض، وقيل: لا فرق بينهما. قوله: (غير أن لا تطوفي) إلخ. والسعي يترتب على الطواف فلا تسعى أيضًا (¬1). قوله: (وضحى) وحمله محمد رحمه الله تعالى في «الموطأ» على دم التمتع، لأنهن كن متمتعاتٍ، والراوي لا يَبحث عن المعاني الفقهية ولا يراعيها، وإنما يرى صلوح اللغة فقط. قوله: (بالبقر) قيل: الأزواج تِسعًا فكيف جاز عنهن بقرًا؟ ولقائل أن يقول: إنه اسم جنس يجوز إطلاقه على البقرتين أيضًا، وعند النسائي: «بقرة» بتاء الوَحْدَة. قلت: وحينئذ غرض الراوي بيان الشركة في البقرة بدون التعرض إلى جميعهن أو بعضهن، فلا يَردِ أنه ثبت شركة جميعهن برواية النسائي. وهذا كالأَلِف واللام للجنس والاستغراق، فإن معنى قوله: ¬

_ (¬1) ويترشَّح من تعليل شارح "الوقاية" أنَّ نهي الحائض عن الطواف لكونه في المسجد، والحائض لا تدخل المسجد. والصواب أن الطواف لو كان من الخارج لم يَجُزْ لها أيضًا، فالتعليل به غير سديد، وشارح "الوقاية" هو صدر الشريعة، وجَدُّه البرهان، وإليه نُسِب "المحيط البرهاني" و"الذخيرة" أيضًا من تصانيف قبيلته، ولذا يقال له: بيت الفقه، غير أن أكثر اشتغال صدر الشريعة كان بالمنطق، حتى أنه صنَّف فيه رسالته سماها "تعديل المنطق" ردّ فيها على ابن سيناء، وأراد قُطْبُ الدين أن يناظره مرةً فأرسل إليه تلميذه مبارك شاه -الذي هو شيخ للجُرْجَاني- ليأتي بأخباره، فلما بلغه وجده يُعَلِّم كتابًا في المنطق يرد عليهم ويجيب عنهم، فلما رأى مبارك شاه أن له شأن في المنطق كتب إلى شيخه أن لا يقصد إليه، فإنه يفضحه. كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز.

3 - باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله

الحمد لله على الأول أنَّ جنسَ الحمد لله لا لغير الله، فمحطُّ الفائدة في جانب الخبر بخلافه في الثاني، فإنه يكون في المبتدأ، ويكون الإيجاب والسلب فيه، يعني: جميع أفراد الحمد لله تعالى دون بعضه، فلم تظهر فائدته في جانب الخبر، وقد بينَّا الفرق بينهما تفصيلًا في المقدمة. واتفق أهل اللغة أن التاء في أسماء البهائم للوَحْدَة دون التأنيث، لكن الأولى في إرجاع الضمير أن يراعى اللفظ أيضًا. وفي «الكشاف»: أن قَتَادة لما ورد الكوفة دعا الناس أن يسألوه عما هم سائلوه، وكان أبو حنيفة رضي الله عنه إذا ذاك صغيرًا، فقام وقال: إن نملَة سليمان كانت ذكرًا أم أُنثى؟ فسكت، فقال أبو حنيفة رحمه الله: إنها كانت أنثى لقوله تعالى: {قَالَتْ نَمْلَةٌ} [النمل: 18]. قلت: تأنيث الفعل فيه لأَجْلِ اللفظ فقط، فلم يلزم كونها أنثى، ولم أجد أحدًا من النُّحَاة يوافق الإمام في تلك المسألة غير ابن السِّكِّيت. 3 - باب غَسْلِ الْحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِهَا وَتَرْجِيلِهِ 295 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا حَائِضٌ. أطرافه 296، 301، 2028، 2031، 2046، 5925 - تحفة 17154 - 82/ 1 296 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى هِشَامٌ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ سُئِلَ أَتَخْدُمُنِى الْحَائِضُ أَوْ تَدْنُو مِنِّى الْمَرْأَةُ وَهْىَ جُنُبٌ فَقَالَ عُرْوَةُ كُلُّ ذَلِكَ عَلَىَّ هَيِّنٌ، وَكُلُّ ذَلِكَ تَخْدُمُنِى، وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ فِى ذَلِكَ بَأْسٌ، أَخْبَرَتْنِى عَائِشَةُ أَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ - تَعْنِى - رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهِىَ حَائِضٌ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَئِذٍ مُجَاوِرٌ فِى الْمَسْجِدِ، يُدْنِى لَهَا رَأْسَهُ وَهْىَ فِى حُجْرَتِهَا، فَتُرَجِّلُهُ وَهْىَ حَائِضٌ. أطرافه 295، 301، 2028، 2031، 2046، 5925 - تحفة 17040 296 - قوله: (الحائض) قال الزَّمَخْشَري: إنه بدون التاء للسِّنّ، وبها لمن كانت تحيض في الحالة الراهنة، وهكذا الحامل والمُرضِع. 296 - قوله: (مجاور) أي معتكف، وهذه لغة مختصة بأهل المدينة. 4 - باب قِرَاءَةِ الرَّجُلِ فِى حَجْرِ امْرَأَتِهِ وَهْىَ حَائِضٌ وَكَانَ أَبُو وَائِلٍ يُرْسِلُ خَادِمَهُ وَهْىَ حَائِضٌ إِلَى أَبِى رَزِينٍ، فَتَأْتِيهِ بِالْمُصْحَفِ فَتُمْسِكُهُ بِعِلاَقَتِهِ. 297 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ سَمِعَ زُهَيْرًا عَنْ مَنْصُورٍ ابْنِ صَفِيَّةَ أَنَّ أُمَّهُ حَدَّثَتْهُ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهَا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَتَّكِئُ فِى حَجْرِى وَأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ. طرفه 7549 - تحفة 17858

5 - باب من سمى النفاس حيضا

هكذا المسألة عندنا، وفي «قاضيخان»: أنه يُكْرَه قراءة القرآن عند الجنازة قبل الغُسل وحوالَي النجاسة، وليس هكذا في الحائض، فإن نجاستها مستورة تحت الثياب. قوله: (فتُمْسِكُهُ بعِلاقَته) والمسألة عندنا أن ثوب اللابس في حكم اللابس، والذي على القرآن فهو في حكمه، فيجوز مَسُّه من ثوب منفصل أو غلاف منفصل إذ لم يكن مُشَرَّزًا. فهذه المسائل أقرب إلى مذهب الحنفية. وفي إسناده الفَضْل بن دُكَين، وهو اسم أبو نُعَيم، وقد وقع في إسناد مسلم أبو نُعَيم فقط، فلم يَعْرِفْهُ بعضُ الطلبة، وهو الفَضْل بنُ دُكَيْن كما في إسناد البخاري فاعلمه. 5 - باب مَنْ سَمَّى النِّفَاسَ حَيْضًا 298 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهَا قَالَتْ بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مُضْطَجِعَةً فِى خَمِيصَةٍ إِذْ حِضْتُ، فَانْسَلَلْتُ فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِى قَالَ «أَنُفِسْتِ». قُلْتُ نَعَمْ. فَدَعَانِى فَاضْطَجَعْتُ مَعَهُ فِى الْخَمِيلَةِ. أطرافه 322، 323، 1929 - تحفة 18270 قال الشارحون: إنَّ المرادَ منه مجرَّد بيان جواز إطلاق الحيض على النِّفاس وبالعكس، ولمَّا وَرَدَ في الحديث إطلاق النِّفاس على الحيض استفاد منه المصنِّف رحمه الله تعالى أنه يصح إطلاق الحيض على النفاس أيضًا، وإلا فالظاهر في الترجمة أن تكون: «مَن سمَّى الحيضَ نفاسًا» لِمَا في الحديث من إطلاق النفاس على الحيض دون العكس. وقيل: إن في الترجمة تقديمًا وتأخيرًا، فالنِّفَاس مفعول ثان وحيضًا مفعول أول، وكان أصل العبارة هكذا: «من سمى حيضًا النفاس» كما في الحديث. قلت: وهل يجوز أن يكون المفعول الأول نكرة والثاني معرفة؟ فقيل: نعم كما في «حاشية المغني»: *كأنَّ سبيئةً من بيت رأس ... يكون مَزَاحَها عسلٌ وماءُ وأقول: إن المصنِّف رحمه الله تعالى لا يريد بيانَ اللغة فقط، بل يريد أن النِّفاس هو دم الحيض، خرج بعد انفتاح فَمِ الرَّحِم، لأن الحامل إنما لا تَحيض لانسداد فم الرحم، فإذا خرج الولد انفتح فمه وتنفس بالدم، فالنِّفاس هو دم الحيض كان مِحْتَبَسًا في الرحم لأجل المانع فإذا زال المانع دَرّ دُفعةً، وتلافى الطبعُ ما فاته، كما ترى في النوم، فإنك إذا سَهِرْتَ أو أَرْقْتَ يومًا، ثم غلب عليك النوم، فربما تنام أزيدَ مما كنتَ تعتاده تلافيًا لما فات. وذكر بعضهم نُكتة وهي: أن الدم إنما يصير غذاء للولد بعد أربعة أشهر، وبحساب عشرة في كل شهر يحصل أربعون يومًا، وهو أكثر مدة النفاس. ويتفرَّع على هذا التحقيق أنَّ الحامل لا تحيض، وإليه تُشير قواعد الشرع، لأنها لو كانت تحيض كما ذهب إليه الشافعي ينبغي أن ينعدم من الشرع باب الاستبراء، فإن الشرع جعل الطَّمْثَ أمارة لبراءة الرحم، وإذا أمكن الحيض من الحامل أيضًا لم يَبْقَ أمارة للبراءة، فيلزم أن ينعدم هذا الباب رأسًا.

6 - باب مباشرة الحائض

قلت: وقد تحقق عندي أن الحامل أيضًا تحيض إلا أنه لا ينبغي أن يعتبره الشرع لِنَدْرَتِه وقِلّة وقوعه جدًا. ثم من العجائب أن العُلُوق عند الفقهاء لا يكون إلا واحدًا، كما قالوا في التوأمين، ويمكن العلوق على العلوق عند جالينوس، فكان ينبغي للفقهاء أن يستشيروا في هذه الأمور الأطباء، لأنهم أعلم بموضوعهم، ولكل فن رجال. وإنما تنبهت لهذا الشرح مما علقه ابن بَطَّال على الترجمة الآتية: «قول الله عز وجل: {مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ}» [الحج: 5] فإنه فَهِم منها أن دم الحيض إذا صار غذاءً للولد فكيف تحيض الحامل، ولذا قال: إن غرض البخاري بإدخال هذا الحديث في باب الحيض تقوية مذهب من يقول إن الحامل لا تحيض، فمن ههنا انتقل ذهني إلى أنَّ المرادَ من هذه الترجمة أيضًا هو التقوية لمذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى كما عَلِمْتَ تقريره. قوله: (ثِيَابَ حَيضتي) ويُستفاد منه أنَّ النساءَ كُنَّ يُعْدِدْنَ الثياب لحيضهن أيضًا، وكانت ثيابهن لعامة الأحوال على حِدَةٍ. 6 - باب مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ 299 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، كِلاَنَا جُنُبٌ. أطرافه 250، 261، 263، 273، 5956، 7339 - تحفة 15983 300 - وَكَانَ يَأْمُرُنِى فَأَتَّزِرُ، فَيُبَاشِرُنِى وَأَنَا حَائِضٌ. طرفاه 302، 2030 - تحفة 15982 301 - وَكَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ إِلَىَّ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ، فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ. أطرافه 295، 296، 2028، 2031، 2046، 5925 - تحفة 15990 302 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ - هُوَ الشَّيْبَانِىُّ - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُبَاشِرَهَا، أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ فِى فَوْرِ حَيْضَتِهَا ثُمَّ يُبَاشِرُهَا. قَالَتْ وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ كَمَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْلِكُ إِرْبَهُ. تَابَعَهُ خَالِدٌ وَجَرِيرٌ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ. طرفاه 300، 2030 - تحفة 16008 - 83/ 1 303 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ قَالَ سَمِعْتُ مَيْمُونَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ أَمَرَهَا فَاتَّزَرَتْ وَهْىَ حَائِضٌ. وَرَوَاهُ سُفْيَانُ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ. تحفة 18061 ذهب محمد وأحمد رضي الله عنهما إلى أنه يُتَّقى موضعُ الدم فقط، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي رضي الله عنهم بالاجتناب عما دون السرَّة إلى الركبة، وهو ظاهر النص {فَاعْتَزِلُواْ النّسَآء فِي الْمَحِيضِ} يعني هو أصدق وأكثر تناولًا لمراتبه على مذهبنا، وهو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم في عامة الأحاديث كما عند أبي داود: «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم كان يأمرهن بالاتِّزَار ثم يُبَاشِرُهُنّ». أما ما رواه أبو داود في حديث أنَّه قال: «ادِني مني، فقلت: إني حائض، فقال:

7 - باب ترك الحائض الصوم

وإن، اكشفي عن فخذيكِ، فكشفتُ فخذيّ، فوضع خَدَّه وصدره على فخذي وحَنَيْتُ عليه حتى دفىء ونام». فإسناده ضعيف على أنَّ المراد من الكشف هو الكشف عن الثوب الزائد، ولا يتعين في الكشف عن البدن، وبه أجاب النبي صلى الله عليه وسلّم سائلًا حين سأله عما يَحِلّ له من زوجته فقال: «لك ما فوق الإزار». رواه ابن ماجه بإسناد حسن. وهو الأحوط، وهو غير خفي. أما قوله: «اصنعوا كلَّ شيء إلا النكاح» عند مسلم فيخصَّص عمومه لهذه الأدلة، ويبقى شيوعُه فيما سوى تحت الإزار، لأن عموم الكل في هذا الموضع عموم غير مقصود، والعموم إذا كان غير مقصود فهو ضعيف جدًا كالعموم في قوله تعالى: {وَأُوتِيَتْ مِن كُلّ شَىْء} [النمل: 23] مع أنها لم تكن أُوتِيَتْ من شيء واحد كله، فكيف بكل شيء، أو يقال: إنه كناية عن الاستمتاع بما تحت الإزار، وإن كان صريحًا في النكاح (¬1). 7 - باب تَرْكِ الْحَائِضِ الصَّوْمَ 304 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زَيْدٌ - هُوَ ابْنُ أَسْلَمَ - عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى أَضْحًى - أَوْ فِطْرٍ - إِلَى الْمُصَلَّى، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ، فَإِنِّى أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ». فَقُلْنَ وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ». قُلْنَ وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ». قُلْنَ بَلَى. قَالَ «فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ». قُلْنَ بَلَى. قَالَ «فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا». أطرافه 1462، 1951، 2658 - تحفة 4271 وفيه خلاف الخوارج، وليس عِدَادهم في أهل السنة لِيُعْتَدَّ بخلافهم، ونُقِل في الحكايات أن حواء عليها السلام أُمِرَتْ أن لا تصلَى في أيام حيضها، فقاستِ الصومَ عليها، فعُوتبت وأُوجب عليها قضاؤه. ولم أره روايةً، نعم رأيت أنها إذ دَمِيَتْ بعد نزولها في الدنيا سألتْ آدم عليه السلام عنه، فأُوحي إليه أنه عتاب. وعندي هذا العتاب مخصوص بهذه الدار مَن ينزل فيها ¬

_ (¬1) قلت: قد علمت من نظر الشيخ رحمه الله تعالى في إقامة المراتب مرارًا، فيمكن أن يقال: إنه يتَّقي عن موضع الدم وعما تحت الإزار كليهما، إلّا أن الأمر بالاتقاء عن موضع الطَّمْث أوكد، وهذا كالفرق بين مباشرتهن في فوح حيضتهن وبعده، كما عند أبي داود: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا في فوح حيضتنا أن نَتَّزر ثم يباشرنا"، وكما عنده عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "إذا أصابها في أول الدم فدينار، وإذا أصابها في انقطاع الدم فنصف دينار"، فهذه الفروق كلها تبنى على إقامة المراتب، وحينئذٍ ما نُقِل من التوسيع في أمر الحائض كله يُحمل على أنه كان عند عدم الفوران. والحاصل أن الاتقاء عن موضع الطَّمْث أوكد مع أن المطلوب الاتقاء عما تحت الإزار أيضًا، ثم هذا الاتقاء في فوح الحيض أوكد، وفي آخره أخف، وبه تجتمع الأحاديث كلها.

8 - باب تقضى الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت

يُعَاتَب هذا العتاب، ويُبتلى به، ومن يتركها مهاجرًا إلى الله ويصعد إلى مأواه يخلص منه، كما أن آدم عليه السلام حين أكل الحَبَّة وأحس بحاجة الغائط نُودي أن اهبط منها، فإنها ليست بموضع الألواث، واذهب إلى مكان فيه ذلك. ولم يكن يعلم قبلَه عورتَه، فاطلع عليها بعده، وأشا القرآن إليهما. ثم الفرق بين قضاء الصلوات والصيام كما هو مذكور في «الهداية». واعلم أنَّ الطهارةَ شرط للصلاة عند عامتهم، وكذا صرحوا في الحج أن الطهارة في المناسك واجبة في بعضها وسنة في بعضها، كسَتْرِ العورة، فإنه وإن كان فرضًا في الخارج وفي عامة الأحوال إلا أنه من شرائط الصلاة وواجبات الحج، فاتفقوا في اعتبار الطهارة في العبادتين. قلت: وقد تبين لي أنها معتبرَة في الصيام أيضًا، ولم يُنَبِّه عليه أحد، فالعبادات كلها لا تتكامل إلا بالطهارة، ومن أدخل فيها نقيصةً انتقصت عبادته، وعليه قوله صلى الله عليه وسلّم في الجُنُب «لا صوم له» (¬1)، وفي المُحْتَجِم: «أفطر الحاجم والمحجوم». ثم لا يخفى عليك أن هذه النقيصة في النظر المعنوي دون نظر الفقيه، فإنه يقتصر على أحكام الدنيا كالغِيبة في الصوم، فإنه إفطار معنًى، لأنها أكل اللحم معنى، وإن لم يكن حسبًا. والحاصل: أنَّ الحدثَ كما ينافي الصلاة كذلك ينافي الصيام أيضًا، وإن كان فرقٌ بين جهتي المنافاة. 8 - باب تَقْضِى الْحَائِضُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلاَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لاَ بَأْسَ أَنْ تَقْرَأَ الآيَةَ. وَلَمْ يَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالْقِرَاءَةِ لِلْجُنُبِ بَأْسًا. وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ. وَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ يَخْرُجَ الْحُيَّضُ، فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ وَيَدْعُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنِى أَبُو سُفْيَانَ أَنَّ هِرَقْلَ دَعَا بِكِتَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَ فَإِذَا فِيهِ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَ (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ)». الآيَةَ. وَقَالَ عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ حَاضَتْ عَائِشَةُ فَنَسَكَتِ الْمَنَاسِكَ غَيْرَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَلاَ تُصَلِّى. وَقَالَ الْحَكَمُ إِنِّى لأَذْبَحُ وَأَنَا جُنُبٌ. وَقَالَ اللَّهُ (وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ). تحفة 2448، 4850 - 84/ 1 305 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ نَذْكُرُ إِلاَّ الْحَجَّ، فَلَمَّا جِئْنَا سَرِفَ طَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أَبْكِى فَقَالَ «مَا يُبْكِيكِ». ¬

_ (¬1) قالوا: إن لغة العرب كانت تسعمائة ألف، دُوِّن منها ثلاثمائة ألف، وأما اليوم فلا يوجد منها أيضًا إلّا ثمانون ألفًا (000, 80) ثلاثون ألفًا في "صحاح الجوهري" وعشرون ألفًا سواها في "القاموس"، فصارت خمسون ألفًا، ثم في "لسان العرب" ثلاثون ألفًا أخرى، فصار المجموع ثمانين ألفًا. ورأيت في مقولة الأصمعي أن ثلاثة أشياء جاءت من اليمن: الوَرْس، والعُصْفُر، والعَصْبُ. فدل على كونه مجلوبًا من اليمن، مع أنه على معناه المشهور يوجد في البلاد ههنا أيضًا. كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز.

قُلْتُ لَوَدِدْتُ وَاللَّهِ أَنِّى لَمْ أَحُجَّ الْعَامَ. قَالَ «لَعَلَّكِ نُفِسْتِ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «فَإِنَّ ذَلِكَ شَىْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَافْعَلِى مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِى بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِى». أطرافه 294، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 17501 أباح المصنِّف رحمه الله تعالى للحائض والجُنُب أن يقرآ القرآن. قوله: (وقال إبراهيم) وهو النَّخَعِي، وفي قراءة الآية خلاف بين الكرخي والطحاوي، وهما معاصران، وأظن أن الطحاوي كان شيخًا وهذا شَارِخًا إذ ذاك، فذهب الطحاوي إلى إباحة القراءة بما دون الآية لهما، ومنع عنها الكرخي مطلقًا. قلت: ولعلَّ نظر الطحاوي أن التحدي لمَّا لم يقع إلا بالآية، فالإعجاز يكون فيها، بخلاف المفردات، فإنها مستعمَلَة فيما بينهم أيضًا، فلا إعجاز فيها، ولذا لم يقع التحدي بها. على أنّا لو منعنا عنها يلزم الحَجْر عن التكلم، لأن مفرداتِ القرآن ومفردات كلامهم سواسية. وهذه حقيقة عظيمة راعاها الطحاوي ونَبَّه عليها، حيث دل على أن ما دون الآية ومفرداتها لا يسمى قرآنا، ولا يكون له حكمه، فيجوز قراءته ومَسّه، ولو لم يدلَّ عليه لبقينا في حيرة ولم نَدْرِ أن ما دون الآية قرآن أم لا. والذي يَسبِق إلى الذهن في الظاهر أن مجموعَه قرآنٌ بما فيه، فيكون كل لفظ قرآنًا، ويُشْكِل الأمر، فَنَبَّه على أن القرآن لا يُطْلَق على ما دون الآية بل يقال له: إنه من القرآن وجُزء منه، وهو معنى ما في «المشكاة». فَضَّل فيه القرآن على الأذكار مع أنَّ جُلَّ الأذكار جزء من القرآن، فجعلها من كلام الله ولم يجعلها كلامَ الله بعينه، فدلَّ على أنَّ الإعجاز في قيام هيئة الآية. وتلك الكلمات لمّا لم تكن آيةً كاملة لم تكن معجزة، فلم تكن كلام الله، بل من كلام الله فانحطت درجتها عنه. وعندنا تفصيلٌ آخرُ أيضًا، وهو: أن قراءة الآية إن كانت بطريق التلاوة لا يجوز، وإن كانت بطريق الذِّكْر فيجوز. ثم اختُلِف في اشتراط اشتمالها على مضمون الذِّكر وعدمه، ثم إن المصنِّف رحمه الله تعالى أخرج قِطعة من قصة عبد الله بن رَوَاحة في صلاة الليل، وهي مفصَّلة عند الدارقطني، وفيها دليل على أنَّ الجُنُب ليس له أن يقرأ القرآن، «فإن زوجتَه رأتهُ يطأ جاريةً له، فغارت عليها، فوجدته نائمًا، فجلست على صدره وهددته بالقتل، فقال ابن رَوَاحة: ما جامعتُها، فجعل يقرأ أشعارًا يُرِيها كأنه يقرأ قرآنًا، ولم تكن قارئةً، فحسِبته قرآنًا وأرسلته»، فدلّ على أنَّ القرآن كان ممنوعًا على الجنب عندهم بحيث كان يعلمه مَن قرأ ومن لم يقرأ. قوله: (ولم يَرَ ابن عباس رضي الله عنه) ... إلخ. ولنا أحاديثُ مرفوعةٌ أخرجها أصحاب السنن. قوله: (وكان النبي صلى الله عليه وسلّم يذكر الله على كل أحيانه) وشَرَحَهُ بعضهم أن المراد من الذِّكر هو الذكر القلبي، وليس بسديد عندي، فإنه لا يُقال له ذِكر لغةً، إنما هو فِكرٌ، والذي يعرفه أهل اللغة هو الذكر باللسان، جهرًا كان أو سرًا، والمراد عندي أنه كان يذكر الله في كل أحيانه المتواردة، لأن حال الإنسان على نحوين: حاله المتشابه، والثاني: المتوارد، أعني به كالقيام من القعود وبالعكس، ودخوله في المسجد والخروج منه، وكذا دخوله في السوق والبيت

9 - باب الاستحاضة

والخلاء، والخروج منها، وإيواؤه إلى فراشه ونومه ويقظته وغير ذلك. فإذا كان حاله من نوع واحد فهو حال متشابه، وإذا نواردت عليه الأحوال واحدًا بعد واحد فهي الأحوال المتوارِدة، فالمراد من أحيانه وأحواله هي تلك الأحيان والأحوال، وأذكارها مبسوطة في كتب الحديث، وقد أُفرِد لها بالتصنيف أيضًا؛ وإلا فيُشْكِل على الإنسان تصوره وإمكانه، فإن من الأحيان دخولَه في الخلاء ومنها أوانُ تكلمه من غير الذكر، فكيف يَصْدُق أنه كان يذكر في كل أحيانه، فإنه يستلزم أن يكون معطلًا عن سائر الأفعال سواه. وتبيَّن مما قلنا أن أذكارها كانت مبسوطةً ومنسحبة على الأحوال المتواردة كما يُعْلَم بالمراجعة إلى حال الأدعية مع كونه ذاكرًا في عامة الأحوال المتشابهة أيضًا، أو يقال معنى قوله: «كان يذكر الله» أي لم يكون ممنوعًا عنه. قوله: (ويدعون) واعلم أنَّه لا دعاء بعد صلاة العيدين، لأنَّ المطلوب ههنا اتصال الصلاة ولخُطبة، ولا ينفع فيه التمسك بالإطلاقات، وإنما يَسُوغ التمسك من الإطلاقات فيما لم تكن له مادة في خصوص المقام، وصلاته تلك لم تزل إلى تسع سنين، ولم يَنْقُل أحدٌ فيها الدعاء بعدها، فلا يصح فيها التسمك بالإطلاقات: كرفع اليدين في تكبيرات العيدين ثبت في الأحاديث في خصوص هذه الصلاة، فالتمسك على كراهته بقوله: «مالي أراكم رافعي أيديكم كأذناب خيلِ شمس» باطل، وكالجمع في عَرَفَة والمُزْدَلِفة، فإنه ثابت بأدلته، والتمسك بما يخالفه على نفيه باطل، وأمثلته غير قليلة. قوله: (فإذا فيه) ... إلخ. وكتابة آية إلى كافر واسعة عندنا أيضًا. قوله: (وقال الحكم) وفي «الهداية» في باب الأذان: أن الطهارة تُستحبُّ لكل ذِكرٍ، وذهب صاحب «البحر» إلى أن التيمم لمّا لم تُشْتَرَط له الطهارة مفيد مع وجدان الماء أيضًا، كتيممه صلى الله عليه وسلّم لردِّ السلام في رواية أبي الجُهَيم. قوله: (ولا تأكلوا) ... إلخ. وفيه حكاية وهي أن الشافعية رحمهم الله تعالى أقاموا حفلة في زمن ابن سُرَيج الشافعي رحمه الله تعالى وتناجَوا من قبلُ أن يَسأل فيه سائل عن مسألة المُصَرَّاة لتظهر سخافة مذهب الحنفية، ففعل، فأجابه ابن سُرَيج أن فيها خلافًا بين أبي حنيفة رحمه الله تعالى وبين النبي صلى الله عليه وسلّم فأقام الحنفية بعدها حفلة أخرى لجوابهم وتناجَوا مثلهم لمثله، فسأل فيها سائل عن متروك التسمية عامدًا، فقام رجل وقال: فيه خلافٌ بين الإمام الشافعي رحمه الله تعالى وبين رَبِّ العزة. ولا حول ولا قوة إلا بالله. 9 - باب الاِسْتِحَاضَةِ 306 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِى حُبَيْشٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى لاَ أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِى الصَّلاَةَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِى عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّى». أطرافه 228، 320، 325، 331 - تحفة 17149

10 - باب غسل دم المحيض

واشتقاقه من الحيض، فكيف يمكن أن يكون بينهما فرقٌ لغةً، وإنما يقولون: استُحِيضتْ المرأة إذا غلب عليها الدم، ثم الفقهاء يجعلون منه حيضًا واستحاضة على حسب أحكامهم، والحديثُ يُحْمَل على اللغة دون العُرْف الحادِث. ثم إن الفرق بين دم الحيض والاستحاضة عسيرٌ جدًا لا يمكن من حُذَّاقِ الأطباء أيضًا، فلا بد أن يُتَوَسَّع في الأحكام. ثم إن الدِّعامة في هذا الباب عنوانان: الأول: عِدَّة الأيام والليالي، والثاني: الإقبال والإدبار، والأول أقربُ إلى نظر الحنفية، لأنه إحالة على عادته بدون تعرض ألى الألوان، والثاني أقربُ إلى الشافعية لإيمائه إلى التمييز بالألوان. واستفدتُ من «سنن البيهقي» أنَّ المحدثين أيضًا فَهِمُوا بينهما فرقًا ولذا يُغَلِّطون الرواةَ إذا تفرَّد أحدُهم بذكر أحد العنوانَين مكان الآخر، وعليه مشى أبو داود في كتابه فبوَّب مرةً بمَن قال: تدعُ الصلاةَ في عدة الأيام التي كانت تحيضهن، وأخرى: إذا أقبلت الحيضةُ تدعُ الصلاة. ومن ذكر منهم أحدَهما مكان الآخر نُسِب إلى الوَهَم، ولم أدرِ من كتاب البخاري أنه راعى هذا الفرق أم لا. أقول: أما الرواة فإنهم لا يفرقون بينهما حتى إنهم يذكرون أحدهما مكان الآخر كما مرّ في «صحيح البخاري». نعم ذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في «الأم» إلى الفرق بينهما، ثم إنه وإن مرَّ مني أن العنوان الأول أقرب لمذهب الحنفية لكنه ما تبيَّن آخرًا - وأن الإنصاف خيرُ الأوصاف - أنَّ محطَّ هذا العنوان ليس إلغاءَ مسألة التمييز أو اعتبار مسألة العادة، بل هو بيان المقدار يعني أنه فوَّض التردُّدَ في عدد أيام الحيض إلى أيام عادتها، فلتعتبرها على عادتها ستة أو سبعة، فالتفويض إلى العادة لهذا لا لإلغاء مسألة التمييز. وقد مرَّ الكلام فيه مفصلًا في كتاب الغُسل، وإنما ذكرناه ثانيًا لبعض المغايرة وبعض الفوائد. راجع «الجوهر النقي». 10 - باب غَسْلِ دَمِ الْمَحِيضِ 307 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ أَنَّهَا قَالَتْ سَأَلَتِ امْرَأَةٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا إِذَا أَصَابَ ثَوْبَهَا الدَّمُ مِنَ الْحَيْضَةِ، كَيْفَ تَصْنَعُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ إِحْدَاكُنَّ الدَّمُ مِنَ الْحَيْضَةِ، فَلْتَقْرُصْهُ ثُمَّ لِتَنْضَحْهُ بِمَاءٍ، ثُمَّ لِتُصَلِّى فِيهِ». طرفه 227 - تحفة 15743 308 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَتْ إِحْدَانَا تَحِيضُ، ثُمَّ تَقْتَرِصُ الدَّمَ مِنْ ثَوْبِهَا عِنْدَ طُهْرِهَا فَتَغْسِلُهُ، وَتَنْضَحُ عَلَى سَائِرِهِ، ثُمَّ تُصَلِّى فِيهِ. تحفة 17508 وأجمعت الأُمَّة على نجاسته، ومع ذلك استعمل فيه لفظ النَّضْحِ، فليَتَبَّه. 307 - قوله: (سألتِ امرأةٌ) واختُلِف في اسمها.

11 - باب الاعتكاف للمستحاضة

11 - باب الاِعْتِكَافِ لِلْمُسْتَحَاضَةِ 309 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اعْتَكَفَ مَعَهُ بَعْضُ نِسَائِهِ وَهْىَ مُسْتَحَاضَةٌ تَرَى الدَّمَ، فَرُبَّمَا وَضَعَتِ الطَّسْتَ تَحْتَهَا مِنَ الدَّمِ. وَزَعَمَ أَنَّ عَائِشَةَ رَأَتْ مَاءَ الْعُصْفُرِ فَقَالَتْ كَأَنَّ هَذَا شَىْءٌ كَانَتْ فُلاَنَةُ تَجِدُهُ. أطرافه 310، 311، 2037 - تحفة 17399 - 85/ 1 310 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتِ اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ، فَكَانَتْ تَرَى الدَّمَ وَالصُّفْرَةَ، وَالطَّسْتُ تَحْتَهَا وَهْىَ تُصَلِّى. أطرافه 309، 311، 2037 - تحفة 17399 311 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ بَعْضَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ اعْتَكَفَتْ وَهْىَ مُسْتَحَاضَةٌ. أطرافه 309، 310، 2037 - تحفة 17399 وفي فقهنا أنَّ المرأةَ تعتكف في مسجد بيتها لا في مسجد الجماعة. قلت: والمراد به بيان الأَولى كما في «البدائع» لأنه قد ثبت اعتكاف بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلّم في مسجده، ولكنه صلى الله عليه وسلّم لم يرضَ به، بل أمر مرةً بتقويضِ خِيَمِهِنَّ وقال: «آلبِرَّ يُّردن». فالحاصل: أنه لم يُرَغِّبْهُنَّ في ذلك، فإن فعلنَ من عند أنفسهن لم يَنْهَ صراحةً على شأن خاطرهن، فكأنه رضًى مع الكراهة، كما في النهي عن حضورهن في الجماعة، فما في «الدرّ المختار» من لفظ الكراهة محمول على التنزيه عندي، ولا أجترىء أن أحكم على أمر ثبت في مواجهة النبي صلى الله عليه وسلّم أنه مكروهٌ تحريمًا، والعَجَب من السيوطي حيث قال في «حاشية النسائي»: إن ارتكاب الكراهة تحريمًا جائز للنبي صلى الله عليه وسلّم لأنه شارع، فيكون ثوابًا في حقه قلت: والذي علمناه أن ارتكابه معصيةٌ باتفاق بيننا وبين الشافعية، فلا أدري ماذا أراد به وراجع كلام ابن رُشْد لتنقيح المذاهب في مسألة الباب. فائدة: كتب المَقْبِلي أنَّ النَّاسَ سلكوا في الحنفية مسلك التعصُّب، والمَقْبِلي عالم جيد من علماء اليمن. 309 - قوله: (العصفر) ترجمته كسمبه، ويَنْبت في الكشمير فيصير زعفران، وينبت الزعفران في الهند فيصير عُصْفُرًا. 12 - باب هَلْ تُصَلِّى الْمَرْأَةُ فِى ثَوْبٍ حَاضَتْ فِيهِ 312 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ مَا كَانَ لإِحْدَانَا إِلاَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ تَحِيضُ فِيهِ، فَإِذَا أَصَابَهُ شَىْءٌ مِنْ دَمٍ، قَالَتْ بِرِيقِهَا فَقَصَعَتْهُ بِظُفْرِهَا. تحفة 17575 والمحدثون ترجموا لإثبات تعدد ثيابهن ثوب لحيضهن وثوب لطهرهن كما ترى.

13 - باب الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض

قوله. (قالت بريقهن) وعلم منه أن الريق مطهر فما طعن به المدعون العمل بالحديث على فقهنا مردود بالنصر الصريح وحديث الصحيح. 13 - باب الطِّيبِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ 313 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَوْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - قَالَتْ كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلاَ نَكْتَحِلَ وَلاَ نَتَطَيَّبَ وَلاَ نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلاَّ ثَوْبَ عَصْبٍ، وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا عِنْدَ الطُّهْرِ إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا فِى نُبْذَةٍ مِنْ كُسْتِ أَظْفَارٍ، وَكُنَّا نُنْهَى عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ. قَالَ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1278، 1279، 5340، 5341، 5342، 5343 تحفة 18117، 18134، 18122، 18139 313 - قوله: (أن تحد على ميت ... ) وهكذا أجاز محمد رحمه الله تعالى الحِدَاد لغير الزوج أيضًا إلى ثلاثة أيام، والإحداد عندنا للمطلَّقة أيضًا، ولم يوافقنا فيه غير إبراهيم النَّخَعِي. 313 - قوله: (ثوب عَصْبٍ) (¬1) وقد اختُلف في تفسيره بفقدانه في زماننا، وراجع «معجم البلدان» للحَمَوي الحنفي في ذكر مخاليف اليمن، والمشهور أنه ثوب تُتَّخَذ من (كلاوه)، وأجازه مالك إن لم يكن رفيعًا وثمينًا، ومنعه الحنفية والشافعية كما نقله النووي، ونَسَب إلى أحمد الجواز. وفي «فتح القدير» عن «كافي الحاكم» أن القصب (¬2) مكروه، ولا يُدْرَى أنه تصحيفُ عَصْبٍ أو المسألة ¬

_ (¬1) قلت: وقد ظهر لي وقتَ الكتابة أن العصب هو القَصَب، لأن العصب بعد الصبغ، يَظهر كالقصب عُقْدَةً بعد عقدة، وذلك لأن العَصْبَ هو الشَّدُّ، وكانوا يأخذون قصة من الخيط فيُشدُّون عليها كالعُقَد، ثم يصبغونها، ثم يَحُلون موضع العُقَد فيبقى تحته بياض غير مصبوغ وسائره مصبوغًا، فيظهر كالقصب، فإِن فيه أيضًا عُقَدًا. والله تعالى أعلم بالصواب. ثم رأيت الطحاوي مرَّ عليه في "مشكله" في باب إن العُصْفُر هل هو من الطيب أم لا؟ فقرر أن العصفر طِيبٌ ولذا نُهِيت الحَادَّةُ أن تَلْبَسها، ثم قال قائل: إن النهي عنه للزينة لا لكونه طيبًا فأجاب عنه أن النهي عنه: لو كان لأجل الزينة لنُهِيَتْ عن الثوب العَصْبِ، لأنه من الزينة فوق الثوب المُعَصْفَر، ثم قال: وفيه ما يَشُدّ مذهبَ الذين يذهبون في العصفر أنه ممنوع في الإِحرام، وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى وأصحابه، ففيه دليل على أنه ثوب زينة، فلا أدري أنه كيف يُباح للحادة والله تعالى أعلم بالصواب. (¬2) واعلم أن الله تعالى إذا أراد أن يخلق ولدًا يُوكل برَحِم أمه مَلَكًا، فيتطور أطوارًا بين يديه وحراسته من نطفة إلى علقة، ومن علقة إلى مُضْغة، حتى يكون خلقًا آخر كآلة الميكانيك في الدنيا لا تتحرك بأنفسها بل ينصب عليها رجل ينظِّم أمرها، فحركاتها وسكونها كلها تكون بنظم معين في أوقات معينة، بأعين رجل ذي تجربة، متيقظ واقف بها، فليُفْهَم مثله في أمر الولد والرَّحم والمَلَك، ثم إن بعض الناس أنكروا بنفخ الروح في أربعة أشهر، وزعموا أنه خلافٌ قولِ الأطباء، وهل حَمَلَهم على ذلك القول غير المَسْخ؟ على أنه قد صرَّح داود الأنطاكي بنفخ الروح في تلك المدة، وهذا الرجل هو محمد حسن الأمر وهي صنف تفسيرًا وحرَّف الآيات وأوّلها بغير تأويلها ووضعها في غير مواضعها، ثم تبعه الناس في غواياه مثل السيد أحمد ومتنبىء القاديان مرزا غلام أحمد وتمسكوا منه لتحريفاتهم في مواضع، فإنه كان رئيسهم في ذلك، غير أنه لم يَدَّع دعوى لنفسه، وأما لَعِينُ القاديان فانتفع من تفسيره وانتحل محرفاته، ثم ادَّعى لنفسه النبوة. أذاقه الله سوء العذاب. كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز بالهندية.

14 - باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض

فيه؟ ثم لم أزل أتفكَّر في مناط الاستثناء أنه كونه رخيصًا ومحقَّرًا، أو كونه مروّجًا فيهن. وسياق الحديث يدل على أنه كان محقرًا عندهم، ولذا أُبيح في الإحداد، وما فَسَّر به عامةُ الناس يُشْعِر بكونه ثمينًا، ووجهه أنه لم يتنقَّح عندهم المناط حتى إن ابنَ القيِّم مرَّ عليه ولم يكتب شيئًا شافيًا، والذي يظهر لي أن ثوب العَصْب ثمينًا كان أو رخيصًا، خشنًا كان أو رقيقًا، إنما أُبيح لهنّ في الإحداد لأنه كان هو لباسهن إذ ذاك، فلو مُنِعْنَ عنه أيضًا لضاق الأمر عليهن لقلة الثياب إذ ذلك، فكأنه من باب اختلاف عصر وزمان لا دليل وبرهان. ثم إن عند النسائي: «ولا ثوب عَصْب» بدل الاستثناء في هذا الحديث بعينه، فانعكس المراد، ولا أعلم أيهما أصح. والله تعالى أعلم. ويمكن أن يكون تصحيف «إلا» حرف الاستثناء. 313 - قوله: (كست) قيل: هو كب ويقال: له القُسْط، يوجد في بلاد الكشمير والصين. قوله: (أظفار) وفي نسخة: «ظَفَار» قرية في أطراف البحرين، وإن كانت النسخة «الأظفار» فهو نوع طيب كان النساء يجعلنه على هيأة الظفر، وترجمته "نك". 14 - باب دَلْكِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا إِذَا تَطَهَّرَتْ مِنَ الْمَحِيضِ وَكَيْفَ تَغْتَسِلُ، وَتَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَتَّبِعُ بِهَا أَثَرَ الدَّمِ 314 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورِ ابْنِ صَفِيَّةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ، فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ قَالَ «خُذِى فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرِى بِهَا». قَالَتْ كَيْفَ أَتَطَهَّرُ قَالَ «تَطَهَّرِى بِهَا». قَالَتْ كَيْفَ قَالَ «سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِى». فَاجْتَبَذْتُهَا إِلَىَّ فَقُلْتُ تَتَبَّعِى بِهَا أَثَرَ الدَّمِ. طرفاه 315، 7357 - تحفة 17859 - 86/ 1 والدَّلك شرط عند مالك كما علمتَ، ولا شك في كونه مطلوبًا عندنا أيضًا. قوله: (فِرْصَة) "أون كى جتيا". 314 - قوله: (مُمَسَّكَة) قيل: من المِسْك، وقيل: من المَسْك بمعنى الجِلْد، قرىء مُمْسِكَة من الإمساك، وعلى الأوَّلَين يَرِد اعتراض الاشتقاق. راجعه في مواضعه. قوله: (فتطهري بها) فإن كان مُمَسَّكَة من المِسْك فوجه الإشكال أن المِسْكَ لا يُتَطَهَّرُ به، بل يُتَطَيَّب به، فلم تفهم معنى التطهر بالمِسك، وإن كان من المَسْك بالفتح، فوجه الإشكال عدم درايتها طريق التطهر، حتى جذبتها عائشة رضي الله عنها وعلَّمتها. 15 - باب غُسْلِ الْمَحِيضِ 315 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قَالَتْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - كَيْفَ أَغْتَسِلُ مِنَ الْمَحِيضِ قَالَ «خُذِى فِرْصَةً مُمَسَّكَةً، فَتَوَضَّئِى ثَلاَثًا». ثُمَّ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَحْيَا فَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ أَوْ قَالَ «تَوَضَّئِى بِهَا» فَأَخَذْتُهَا فَجَذَبْتُهَا فَأَخْبَرْتُهَا بِمَا يُرِيدُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 314، 7357 - تحفة 17859

16 - باب امتشاط المرأة عند غسلها من المحيض

315 - قوله: (توضئي) من الوَضَاءة فهو ههنا على اللغة، فالوُضوء أمرٌ شرعي، والطهاة أمرٌ حسي اعتبرها الشارع وضوءًا لأجل الوضاءة. 16 - باب امْتِشَاطِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ 316 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ أَهْلَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَكُنْتُ مِمَّنْ تَمَتَّعَ، وَلَمْ يَسُقِ الْهَدْىَ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ، وَلَمْ تَطْهُرْ حَتَّى دَخَلَتْ لَيْلَةُ عَرَفَةَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ لَيْلَةُ عَرَفَةَ، وَإِنَّمَا كُنْتُ تَمَتَّعْتُ بِعُمْرَةٍ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «انْقُضِى رَأْسَكِ، وَامْتَشِطِى، وَأَمْسِكِى عَنْ عُمْرَتِكِ». فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا قَضَيْتُ الْحَجَّ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ فَأَعْمَرَنِى مِنَ التَّنْعِيمِ مَكَانَ عُمْرَتِى الَّتِى نَسَكْتُ. أطرافه 294، 305، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786 - تحفة 16404 316 - قوله: (فكُنت ممن تمتع ولم يَسُقِ الهدي) واعلم أنَّ النبيَ صلى الله عليه وسلّم لمَّا خرج للحج نادى به في الناس، وكانت العمرة في أشهر الحج في زمن الجاهلية من أفجر الفجور، فأهلَّ أكثرهم بالحج، ثم لمَّا أراد النبي صلى الله عليه وسلّم أن يُعَلِّمهم أن العمرة قد دخلت في الحج إلى يوم القيامة أمرهم برفض إحرام الحج وجعله عمرةً، فمن لم يكن عنده هديٌ رفض الحجَّ وصار متمتعًا بغير سَوْق الهدي، أما من كان عندهم هدي فلم يرفضوا إحرامهم لمكان الهدي، ومن ههنا علمتَ أن لا خلاف بين من قال: لا نرى إلا الحج، وبين من ذكر التمتع. ثم المسألة عندنا أن المتمتع يجمع بين العمرة والحج، بأن يأتي أفعال العمرة أولًا ثم يأتي بأفعال الحج، فإن كان غيرَ سائقٍ الهديَ يَحِلّ بعد عمرته ويُحْرِم بالحج يوم التروية، وإلا يبقى محرمًا ثم يُحْرِم بالحج يوم التروية. واختُلف في عائشة رضي الله عنها أنها كانت قارنة أو مُفْرِدة؟ فقال الحنفية: إنها كانت أحرمت بالعمرة أولًا كما في الرواية الآتية: «وكنتُ ممن أَهلَّ بعمرة» ثم إذا حاضت ولم تَطْهُر حتى قَرُبَ الوقوف رفضتها وأحرمت بالحج، وصارت مفرِدةً ثم اعتمرت بعد الفراغ عن الحج مكان عمرتها التي كانت رفضتها. قوله: (امتشطي) من المَشْط يقال: سَرَّح الشعر أي خَلَّص بعضَه عن بعض، ورَجَّلَه أي جعله مستقيمًا حتى لا يبقى فيه الجُعُودة، ويقال امتشطت المرأة شعرها أي مشطتها بالمُشْط وهذا صريح في أنها كانت رفضت عمرتها، وأوَّله الشافعيةُ بأن المراد منه الامتشاط بالرِّفق لئلا تنقض الأشعار، ولا ينافى الإحرام، وهو كما ترى، فكأن النبي صلى الله عليه وسلّم أمرها بذلك لئلا يناقض مذهب الشافعية رحمهم الله تعالى، بل الامتشاط على ما هو المعروف ولا يخلو عن نقض شعر عادة. على أن النبي صلى الله عليه وسلّم أمر أبا موسى بنقض إحرامه بمثل هذه الألفاظ كما في الصحيحين. قوله: (وأمسكي عن عمرتك) هذا أيضًا أقرب إلينا، ومعناه عندنا رفضُ العمرة، وقال الشافعية معناه دعي أفعال العمرة مع إبقاء الإحرام على حاله. قلت: إذا كانت أفعال العمرة عندكم داخلة في الحج للقارن، فلا تكون أفعال العمرة إلا أفعال الحج، فما معنى تركها فإنها لا تطوف إلا

17 - باب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض

طوافًا واحدًا ولا تسعى إلا سعيًا واحدًا، وتُحسب أفعالُها عنهما جميعًا، وإذن لم يبقَ لقوله: (وامسكي عن عمرتك) مصداق. قوله: (مكان عمرتي التي نَسَكْتُ) هذا أيضًا يؤيدنا لأنه يُشْعر برفض عمرتها الأولى، ولذا احتاجت أن تعتمر مكانها أخرى، وأوَّله الشافعية أنها لم ترضَ أن تكتفي بالعمرة المتضمنة وألحَّتْ أن تعتمر منفردة أيضًا مكان عمرتها المتضمنة، فتكون لها في هذه السنة عمرتان: عمرتها المتداخلة في حجها، وعمرتها هذه بعد الفراغ عن الحج. قلت: وما لها أَلَحَّتْ عليه مع أن عمرة النبي صلى الله عليه وسلّم أيضًا كانت مندمجة في الحج على نظرهم، فإذا كان حالها كحال النبي صلى الله عليه وسلّم فما الإلحاح وما الاضطراب؟ 17 - باب نَقْضِ الْمَرْأَةِ شَعَرَهَا عِنْدَ غُسْلِ الْمَحِيضِ 317 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مُوَافِينَ لِهِلاَلِ ذِى الْحِجَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهْلِلْ، فَإِنِّى لَوْلاَ أَنِّى أَهْدَيْتُ لأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ». فَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِحَجٍّ، وَكُنْتُ أَنَا مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَأَدْرَكَنِى يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «دَعِى عُمْرَتَكِ، وَانْقُضِى رَأْسَكِ وَامْتَشِطِى، وَأَهِلِّى بِحَجٍّ». فَفَعَلْتُ حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ أَرْسَلَ مَعِى أَخِى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرٍ، فَخَرَجْتُ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِى. قَالَ هِشَامٌ وَلَمْ يَكُنْ فِى شَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْىٌ وَلاَ صَوْمٌ وَلاَ صَدَقَةٌ. أطرافه 294، 305، 316، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 16828 - 87/ 1 317 - قوله: (قال هشام ولم يكن في شيء من ذلك هدي ولا صوم ولا صدقة) وهذا مشكل لأنه لا مناص عن الدم، أما دم القِران أو دم الرفض، على اختلاف النَّظَرَين، على أنَّ في الخارج تصريح بذبح النبي صلى الله عليه وسلّم بقرةً عن نسائه، فلعله لم يبلغ هشامًا فذهب الناس في توجيهه كلَّ مذهب. وأقول: إن الهدي إنما يقال لما يُهدى إلى البيت، فدلَّ من حاقِّ لفظه أنه اسم لما يكون معه من بيته، فالنفي حينئذ محمول على أنها لم تكن ساقت الهدي معها كما كان النبي صلى الله عليه وسلّم ساقها، فالمنفي هو كون الهدي معها لا الذبح عنها. ثم إن المتبادَر أنه من دماء الحج، فلا يُحْمَل على الأضحية، وإنما عَبَّر عنه بالتضحية لكونه في زمان الأضحية. وراجع الهامش والله تعالى أعلم. 18 - باب {مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} [الحج: 5] 318 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا يَقُولُ يَا رَبِّ نُطْفَةٌ، يَا رَبِّ عَلَقَةٌ، يَا رَبِّ مُضْغَةٌ. فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْضِىَ خَلْقَهُ قَالَ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى شَقِىٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَمَا الرِّزْقُ وَالأَجَلُ فَيُكْتَبُ فِى بَطْنِ أُمِّهِ». طرفاه 3333، 6595 - تحفة 1080

19 - باب كيف تهل الحائض بالحج والعمرة

19 - باب كَيْفَ تُهِلُّ الْحَائِضُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ 319 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، فَقَدِمْنَا مَكَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ فَلْيُحْلِلْ، وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَهْدَى فَلاَ يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ بِنَحْرِ هَدْيِهِ، وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ فَلْيُتِمَّ حَجَّهُ». قَالَتْ فَحِضْتُ فَلَمْ أَزَلْ حَائِضًا حَتَّى كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَلَمْ أُهْلِلْ إِلاَّ بِعُمْرَةٍ، فَأَمَرَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أَنْقُضَ رَأْسِى وَأَمْتَشِطَ، وَأُهِلَّ بِحَجٍّ، وَأَتْرُكَ الْعُمْرَةَ، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ حَتَّى قَضَيْتُ حَجِّى، فَبَعَثَ مَعِى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرٍ، وَأَمَرَنِى أَنْ أَعْتَمِرَ مَكَانَ عُمْرَتِى مِنَ التَّنْعِيمِ. أطرافه 294، 305، 316، 317، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 16543 وتناسبه الترجمة الماضية باب من سمى النِّفَاس حيضًا، وقد مرَّ أنَّه لا يريد منها بيان اللغة بل بيان الحُكم، أي الحيض والنفاس اسمان لدم واحدٍ، فما خرج من الحَائِل في أيامه يقال له: الحيض، وما خرج من الحامل بعد الولادة يقال له: النِّفَاس. وراجع الحاشية لابن بَطَّال - وهو مالكي المذهب وشارح متقدم للبخاري - ومن أهم فوائده أنه إذا ذكر مذهبًا ذكر معه أسماء جملةِ من ذهب إليه من الصحابة والتابعين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين. قوله: (مُخَلَّقة) يعني أن الله تعالى إذا أراد أن تَلِدَها سليمةً يجعل دمَ الحيض غذاءه فتلدها مخلَّقة وإن أراد أن يكون غير مخلقة لا يجعله غذاءً لها، وتصير سِقْطًا، فتلدها خَديجًا غير تامة. قيل: إن تلك الأطوار على خلاف ما في الطِّب. قلت: كلا بل هي في الطب كذلك كما ذكره الأنطاكي في «تذكرته». واعلم أن للتقدير أنواعًا، فمنها تقدير أزلي، ومنها مُحْدَث، ومنها ما كُتِب قبل خلق العالَم بخمسين ألف سنة، ومنه ما يكون في ليلة البراءة، ومنه هذا الذي في رَحِم أُمّه. فاعلمه. يعني أنه يجوز لها الإحرام لأنها غير ممنوعة عنه، والحيض ليس من محظوراته. 319 - قوله: (منّا من أَهَلَّ بعمرة) يعني في الحالة الراهنة، وإن أَهَلَّ بالحج يوم التروية، لا أنه أَهَلَّ بها فقط ولم يحجَّ في تلك السنة مع بلوغه بمكة. 20 - باب إِقْبَالِ الْمَحِيضِ وَإِدْبَارِهِ وَكُنَّ نِسَاءٌ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدُّرْجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ فَتَقُولُ لاَ تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ. تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنَ الْحَيْضَةِ. وَبَلَغَ ابْنَةَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ نِسَاءً يَدْعُونَ بِالْمَصَابِيحِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يَنْظُرْنَ إِلَى الطُّهْرِ فَقَالَتْ مَا كَانَ النِّسَاءُ يَصْنَعْنَ هَذَا. وَعَابَتْ عَلَيْهِنَّ. 320 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ

21 - باب لا تقضى الحائض الصلاة

عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِى حُبَيْشٍ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ فَسَأَلَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِى الصَّلاَةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِى وَصَلِّى». أطرافه 228، 306، 325، 331 - تحفة 16929 21 - باب لاَ تَقْضِى الْحَائِضُ الصَّلاَةَ وَقَالَ جَابِرٌ وَأَبُو سَعِيدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - "تَدَعُ الصَّلاَةَ". 88/ 1 321 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ حَدَّثَتْنِى مُعَاذَةُ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِعَائِشَةَ أَتَجْزِى إِحْدَانَا صَلاَتَهَا إِذَا طَهُرَتْ فَقَالَتْ أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ كُنَّا نَحِيضُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ يَأْمُرُنَا بِهِ. أَوْ قَالَتْ فَلاَ نَفْعَلُهُ. تحفة 17964 ولم يُفْصِح بعبرة التمييز بالألوان، بل أخرج أثرًا عن عائشة رضي الله عنها يدل على هدره. قوله: (بالدُّرْجَة) (دبيه) قوله: (القصة البيضاء) (قلعى جونه) قوله: (وعابت عليهن) قيل: إنَّ النظرَ في جوف الليل مطلوب في نفسه، لأنه إن انقطع دمها تصلي العشاء وإلا لا، فَلِمَ عابت عليهن؟ وأجاب عنه السَّرَخْسِي رحمه الله تعالى بأنه لم يكن يحتاج له إلى السُّرُج والمصابيح، وكان يكفي لها الإحساس بالبلل. قلت: وهذا ليس بوجيه، لأنه لا يتبين منه أنها رطوبة الفرج أو دم الحيض، فلا بد من السِّراج، وقد كان جوابه تبين لي ثم رأيته في كلام الشَّاطِبي الشافعي مصرحًا. فالوجه أن العيب على تعمقهن أزيد من الحاجة بما لم يُؤْمَرْنَ به، فإنَّ الشرع لم يُضَيِّق عليهن بهذه المثابة، وإنما الأمر أن يكتفين ببِلَّة الكُرْسُف إذا كانت عادتهن معلومة، كما في الفقه أنها إذا وضعت كُرْسُفًا ثم لم تَرَ عليه أثرًا في الصبح تصلي العشاء، ولا إثم عليها، وإن رأته ملوثًا تَعُدُّ نفسها حائضةً. ومما ينبغي أن ينبَّه عليه في هذا المقام أنه يلزم من كتب الفقه والحديث أنها تُعِيد العشاء إذا علمت أنها طَهُرَتْ في الليل، ولا تكون آثمةً بتركها في الوقت، وذلك لعدم التبين في الوقت وعدم تكليف الشارع إياها بالتعمق. وراجع «القنية» لمسائل الحيض والمعذور. والحاصل: أنَّ الشرعَ إذا لم يأمرها بالمراقبة في كلُّ أوان، وأمرها بأدائها عند ظهور الطهور مع عدم التأثيم على قضائها في الوقت، فعابت عليهن على تعمقهن بما لم يكلفهن الله. 22 - باب النَّوْمِ مَعَ الْحَائِضِ وَهْىَ فِى ثِيَابِهَا 322 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِى سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ حِضْتُ وَأَنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْخَمِيلَةِ، فَانْسَلَلْتُ فَخَرَجْتُ مِنْهَا، فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِى فَلَبِسْتُهَا، فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَنُفِسْتِ». قُلْتُ نَعَمْ، فَدَعَانِى فَأَدْخَلَنِى مَعَهُ فِى الْخَمِيلَةِ. قَالَتْ وَحَدَّثَتْنِى أَنَّ

23 - باب من أخذ ثياب الحيض سوى ثياب الطهر

النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ، وَكُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنَ الْجَنَابَةِ. أطرافه 298، 323، 1929 - تحفة 18270، 18271، 18272 وظاهر القرآن أنَّه لا يقربها أصلًا، وقد مرَّ معنا أنه كيف المشي على اللفظ عند وضوح الغرض، ولا سيما عند ظهور المناسبة، وأنه ينبغي أن يُبحث عنه بشكل المقدمة، فإنه يدور النظر فيه كثيرًا كما ترى ههنا، لأنَّ ظاهرَ لفظِ القرآن الاعتزال وعدم القُربان. والغرض الاعتزال عما تحت الإزار مع بقاء الاستمتاع بما فوقه، كما يدلّ عليه قوله صلى الله عليه وسلّم «لك ما فوقَ الإزار» على نظر الحنفية، مع أنه قد ظهر أثر لفظ الاعتزال، وتأيَّد بقول: {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ} (البقرة: 222) فهل يُعتمد في مثل هذه المواضع على نظم القرآن، أو يعمل بالغرض المستفاد من الحديث؟ 23 - باب مَنِ أَخَذَ ثِيَابَ الْحَيْضِ سِوَى ثِيَابِ الطُّهْرِ 323 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مُضْطَجِعَةً فِى خَمِيلَةٍ حِضْتُ، فَانْسَلَلْتُ فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِى فَقَالَ «أَنُفِسْتِ». فَقُلْتُ نَعَمْ. فَدَعَانِى فَاضْطَجَعْتُ مَعَهُ فِى الْخَمِيلَةِ. أطرافه 298، 322، 1929 - تحفة 18270 صَدَعَ بأن تعدد الثياب لهذا المعنى ليس من الإسراف في شيء، كما مر عليه التنبيه من قبل. 24 - باب شُهُودِ الْحَائِضِ الْعِيدَيْنِ، وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى وكذلك يَحْضُرْنَ عندنا أيضًا، كما في «الهداية». وفي «العيني» هكذا عن سِراج الدين البُلْقيني الشافعي، وهو تلميذ مُغَلْطَاي الحنفي. وأما الآن فالفتوى أن لا تخرج الشوابُّ لا في الجمعة، ولا في الجماعات، وهكذا ينبغي، لظهور الفساد في البَرَّ والبحر وقِلّة الحياء، والتواني في أمور الدين. أما على أصل المذهب فيصح للحُيَّضِ أن يَحْضُرْنَ دعوة المسلمين كما يَحْضُرْنَ في عَرَفَة، ويعتزلن المُصلَّى. والمراد بالدعوة: الكلمات الدُّعَائية التي في خلال الخُطبة، لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم دُبُرَ صلاة العيدين دعاءٌ ولو مرةً، كما مر آنفًا. ثم إنَّ كثيرًا من الألفاظ قد شاعت في غير معانيها اللغوية حتى لا تكاد تُدرك معانيها الأصلية، ولا تنتقل إليها الأذهان أصلًا، كالدعاء فإنه شاع الآن في الدعاء بالصورة المعهودة، وليس له في اللغة أصل، وإنما وُضع له لفظ السؤال. والدعاء في اللغة: بكارنا {ادْعُواْ رَبَّكُمْ} [الأعراف: 55] {وَمَا دُعَآء الْكَافِرِينَ} [الرعد: 14] إلخ، فاعلمه. ثم إنَّ المُصَلَّى في الزمان القديم لم يكن له أحكام المساجد، أما الآن فينبغي أن يكون في حُكم المسجد، لإحاطته بالجدران، وبنائه على هيئة المساجد، فينبغي أن لا يَدْخُلْنَه.

25 - باب إذا حاضت فى شهر ثلاث حيض وما يصدق النساء فى الحيض والحمل وفيما يمكن من الحيض

324 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ - هُوَ ابْنُ سَلاَمٍ - قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ كُنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ فِى الْعِيدَيْنِ، فَقَدِمَتِ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِى خَلَفٍ، فَحَدَّثَتْ عَنْ أُخْتِهَا، وَكَانَ زَوْجُ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثِنْتَىْ عَشَرَةَ، وَكَانَتْ أُخْتِى مَعَهُ فِى سِتٍّ. قَالَتْ كُنَّا نُدَاوِى الْكَلْمَى، وَنَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى، فَسَأَلَتْ أُخْتِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ لاَ تَخْرُجَ قَالَ «لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا، وَلْتَشْهَدِ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ». فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ سَأَلْتُهَا أَسَمِعْتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ بِأَبِى نَعَمْ - وَكَانَتْ لاَ تَذْكُرُهُ إِلاَّ قَالَتْ بِأَبِى - سَمِعْتُهُ يَقُولُ «يَخْرُجُ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ، أَوِ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ وَالْحُيَّضُ، وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى». قَالَتْ حَفْصَةُ فَقُلْتُ الْحُيَّضُ فَقَالَتْ أَلَيْسَ تَشْهَدُ عَرَفَةَ وَكَذَا وَكَذَا أطرافه 351، 971، 974، 980، 981، 1652 - تحفة 18118، 18389 أ - 89/ 1 324 - قوله: (محمد بن سلام): وهو البِيكَنْدي رفيق أبي حفص الكبير، ويقال لابنه: أبو حفص الصغير، كانت بينه وبين البخاري مودَّة، وأقام البخاري عنده حين أُجلي عن وطنه، وكان يُرسل إليه الهدايا أيضًا، ومع ذلك لم يزل خلافُ البخاري مع الحنفية كما كان. قوله: (نَدَاوي الكَلْمى)، وهكذا مصرَّح في سيرة محمد بن إسحاق أيضًا. قوله: (لتلبسها) ... إلخ عُلِم منه أن الجِلْبَاب مطلوب عند الخروج، وأنها لا تخرج إن لم يكن لها جِلْبَاب. والجِلْباب: رداء ساتر من القَرْن إلى القدم. وقد مَرَّ معنا أن الخُمُرَ في البيوت والجلابيب عند الخروج، وبه شرحتُ الآيتين في الحجاب: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] والثانية: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59]. قوله: (العَواتِق) أي مَن قاربْنَ البلوغ. والأصل أنهن بناتٌ مُعْتَقَةٌ عن خدمة والديهِنَّ، ولعلّه كان في عُرفهم أنهم لم يكونوا يستخدمونهن. قوله: (الحُيَّض) يعني أنهن إذا كُن حُيَّضًا فما يفعلن بحُضورهن المُصَلى؟ فقال العلماء: لإِراءة شوكة المسلمين. 25 - باب إِذَا حَاضَتْ فِى شَهْرٍ ثَلاَثَ حِيَضٍ وَمَا يُصَدَّقُ النِّسَاءُ فِى الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ وفِيمَا يُمْكِنُ مِنَ الْحَيْضِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228]، وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِىٍّ وَشُرَيْحٍ إِنِ امْرَأَةٌ جَاءَتْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا مِمَّنْ يُرْضَى دِينُهُ، أَنَّهَا حَاضَتْ ثَلاَثًا فِى شَهْرٍ. صُدِّقَتْ. وَقَالَ عَطَاءٌ أَقْرَاؤُهَا مَا كَانَتْ، وَبِهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ. وَقَالَ عَطَاءٌ الْحَيْضُ يَوْمٌ إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ. وَقَالَ مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ سَأَلْتُ ابْنَ سِيرِينَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى الدَّمَ بَعْدَ قَرْئِهَا بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ قَالَ النِّسَاءُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ.

325 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ. أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِى حُبَيْشٍ سَأَلَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ إِنِّى أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ فَقَالَ «لاَ، إِنَّ ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَكِنْ دَعِى الصَّلاَةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِى كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِى وَصَلِّى». أطرافه 228، 306، 320، 331 - تحفة 16826 وهذه الترجمة لا تستقيم على مذهب أحد، إلا على مذهب مَن اختار عدم التوقيت في الحيض، كمالك رحمه الله تعالى. أما الشافعية رحمهم الله فأقلُّ الحيض عندهم يوم وليلة، والطُّهر أقلُّه خمسةَ عشرَ يومًا إجماعًا. والعِدَّة عندهم بالأَطهار، فيحتاج إلى خمسةٍ وأربعين يومًا للأَطهار، ويومين للحيضتين، فلا تمضي عدتُها إلا في سبع وأربعين يومًا عندهم. نعم لو فرضنا أنه طلقها في آخر الطُّهْر، فيجب عليها أن تتربص طُهرين آخرَين، وثلاث حِيَض، فلا تمضي عِدَّتُها إلا بثلاثٍ وثلاثين يومًا. وأما الحنفية فأقلُّه عندهم ثلاثةُ أيام، فلا تمضي عِدّتُها إلا بتسعةٍ وثلاثين يومًا: تسعة أيام لحيَضها، وشهر لطُهرها. فالحاصل: أن فَتوى عليَ وشُرَيح رضي الله عنهما لا تستقيم على المذهبين، وَلْيُمْعِنِ النظرَ فيه كلُّ مَن كانت له عينان، لأنه مؤثر في مسألة أقلّ الحيض وأكثره جدًا. وجمع الحافظ رحمه الله تعالى طُرُقه، وأخرج لمذهبه مخرَجًا، فأتى بروايةٍ من الدارِمي وفيها: «خمسًا وثلاثين» يومًا بدل الشهر، وادَّعى أنَّ الراوي حذف الكسر فاستراح منه. قلت: وإذا تُسومح في حَذْف الخمس فليكن هَيّنًا لَيِّنًا في حقّ الأربعة أيضًا، وليقل: إن الراوي حذف تسعة أيام ولا عجب. ثم السَّرَخْسي أجاب عنه بوجه آخر، وقال: إنَّه مِن باب التعليق بالمُحال، لأن حرف «إن» يستعمل في المحالات أيضًا، وحينئذ حاصله أنها تُصَدَّقُ إن جاءت ببينة مِن بِطانة أهلها، ولكنه مُحال، لأن القضاة كانوا يعلمون أن مُضي العدة في تلك المدة غير ممكن. وإذا كان الزمانُ زمانَ التدين فلا يشهد لها أحدٌ من بطانة أهلها، فلا يمكن أن تُصَدَّق في هذه المدة وهو كما ترى، على أن في الفقه أنها لا تُصَدَّق عند الخصومة إلا بالشهرين، كذا في «الدر المختار» من باب الرجعة. واختلفوا في تخريجه، فقيل: شهر للحِيَض الثلاث على أن أكثره عشرة، وشهر للطُّهرين. وقيل: بل يُؤخذ للحِيَض الوسط، لا أقلَّ ولا أكثر، وهو خمسة أيام، فيكون نصف الشهر للحيض، والباقي للطهر. ووجهه: أنَّ المرأةَ إذا ادعت بانقضاء عدتها وأنكره الزوج، وجب رعاية الطرفين، فلم نأخذ بالأقل وأخذنا بالمتيقَّن. ولأن العدة يدخل فيها القضاء، ولا سيما عند الخصومة، وتتعلق بها الأحكام، فإنها تَنْكِح بعدَها زوجًا آخر، وربما يُحتمل أن تكون كَذَبَتْ في أخذ طَمْثها بالأقل، وتكرار الطَّمْث في شهر أيضًا نادر، فلا يحمل القاضي عليه، فلا بد أن لا تُصَدَّق بأقل من شهرين لتنقضيَ عدتها بيقين. وهكذا فعله المالكية رحمهم الله تعالى بعينه، فإن الحيض وإن أمكن عندهم ساعةً لكنهم قدَّرُوه في باب العدة احتياطًا، فما دامت المعاملة كانت في بيتها وما كان أمكن أحكام الصلاة والصيام فَوَّضوه إلى رأيها، وإذا تعلق بها حقُّ العبادة عينوه، لعين ما قلنا.

وأتصرف فيه من قِبل نفسي - وإن لم يكتبه أحدٌ - وأقول: إنه إن لم تقع الخصومة بينها وبين الزوج، وادعت المرأة بانقضاء عدتها في تسعة وثلاثين يومًا تُصدَّقُ ديانةً. وما في المتون فهو مسألة القضاء عندي قطعًا، فإنهم إذا عينوا الأقل والأكثر من الحيض والطهر في بابيهما، وجعلوه كلية، فمن هدمه في هذا الباب، فإن لم نعتبره في باب العدة تناقضت المسألتان، لأن تحديد الأقل والأكثر يستلزم تصديقها بانقضاء عدتها إذا احتملت المدة، وعدم تصديقها إلا بالشهرين يستلزم هدر هدر هذا التحديد، ولهذا جزمتُ بأن ما في الكتب مسألةُ القضاء دون الدِّيانة. والحاصل: أنَّ عدمَ تصديقها إلا بالشهرين ليس بناء على عدم الحيض بالثلاث، أو على هدر التحديد المذكور، بل بناؤه على عدم التصديق عند النزاع رعايةً للجانبين. وإن أمكن مضيُّ عدتها بأخذ تسعة أيام للحيض بناءً على أنَّ أقلَّه ثلاثةٌ وشهر للطُّهْرَين، وحينئذ محطُّ الشهر في فتوى شُريح ليس نفيَ الكسر بل نفي الشهرين، فجاز أن يكون الكسر خمسةً كما قال الحافظ رحمه الله تعالى روايةً، أو تسعةً كما قلنا ولا يذهب عليك أن هذا تصرف في التعبير والتقرير فقط، لا تغيير في المسألة. وكم من مواضع سلكتُ فيها هذا المسلك. قوله: (وما يُصَدَّقُ النِّساءُ) ... إلخ يعني أنه يصدّق بقولهن في باب الحمل والحيض فيما يمكن انقضاء الحيض في تلك المدة، ولذا قال الله تعالى: {وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِى أَرْحَامِهِنَّ} (البقرة: 228) فنهى عن الكتمان، ولو لم يكن قولُهن معتبرًا لما كان في نهيهن معنى، فإذا نُهين عن الكتمان وجب للقوم أن يعتبروا بقولهن، إلا أن يَقُلن بما يخالف البداهة من انقضاء العدة فيما لم يحتمل انقضاءها فيه، فاستدل به المصنِّف رحمه الله تعالى على عبرة قول المطلَّقة إن ادَّعت بانقضاء عدتها في شهر. قوله: (ويُذْكَر عن عليِّ وشُرَيح رضي الله عنهما) ... إلخ وشُرَيح هذا كان قاضيًا منذ نصَّبه عمر رضي الله عنه. فمرّ على عليّ رضي الله عنه يومًا، فأمرَهُ أن يحكم في تلك القضية. قال شُرَيح: أَبين يدي الأمير أَحْكُم؟ قال: نعم. ثم حَكَم شُرَيح بما في الكتاب. وفي «الفتح»: أن عليًا صوّبه، وقال: قالون: وهو في لسان الروم بمعنى أحسنت. قوله: (بِطَانَة أَهْلِها) يعني خواصَّ أهلها (ابنى خاص كنبه مين سى)، وقد سمعت أنَّ هذا الأثر مخالفٌ للشافعية والحنفية، وأقرب بِمَنْ لم يَرَ التوقيت في أمر الحيض. وأجاب عنه الحافظ رحمه الله تعالى بما في الدارمي بزيادة الكسر، وأجبتُ عنه بِحَمْله على الدِّيانة، فلم يخالف ما في المتون من أنها لا تُصَدَّق إلا بالشهرين، فإنه في حقّ القضاء. أما حذف الخمسة أو التسعة فالأمر فيه سهل (¬1)، وإنما ينازع فيه مَنْ يتعصب لمذهب الحنفية، ولا يتحمل أن ¬

_ (¬1) قلت: ويمكن أن يؤيد الحنفية بما أخرجه الحافظ رحمه الله تعالى عن الدارمي بإِسناد صحيح إلى إبراهيم قال: "إذا حاضت المرأة في شهر، أو أربعين ليلةً ثلاث حيض ... "، فذكر نحو أثر شُرَيح رحمه الله تعالى، وعلي رضي الله عنه.

يصيبهم خير من ربهم، على أن محط الشهر نفي الشهرين كما مرّ. وحاصله: أنَّ شُرَيحًا حكم بالدِّيانة دون القضاء، وحينئذ المقصود أنه لم يحكم بالشهرين الذين كانا بحُكْم القضاء، ولذا حَذَفَ الكسر ولم يتعرض له. بقي أن شُرَيحًا كان قاضيًا، والظاهر من أمره أن يكون حُكمه بحُكْم القضاء. قلت: ولا يجب على القاضي أن يحكم بحكم القضاء دائمًا، بل له أن يحكم بحكم الديانة إذا تراضى الخصمان. نعم لا يكون حُكْمه بالديانة حجةً ملزِمة وفاصلًا، فلو رضي به الخصمان جاز له أن يحكم بالديانة، كما في «الدر المختار»: ويُفتي القاضي ولو في مجلس القضاء، وهو الصحيح ... إلخ. وفي «الطحاوي» في باب الصدقات الموقوفات: عن أبي يوسف، عن عطاء بن السائب قال: سألت شُرَيحًا عن رجل جعل داره حَبْسًا على الآخر، فالآخر من ولده؟ فقال: إنما أقضي ولست أُفتي. قال: فناشدته، فقال: لا حبس على فرائض الله ... إلخ. فهذا شُريح القاضي أنكر أولًا أن يُفتيَ بحكم الديانة، ثم إذا ناشده أفتى بها، فهذا دليل على أن للقاضي أن يحكم بالديانة أيضًا. قوله: (وقال عَطَاءُ) أقْرَاؤها ما كانت. وهو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى القديم، كما في «النهاية». وأما الجديد فهو مشهور ويُعْلَم منه: أن الأقراء بمعنى الحيض، كما قال به الإمام. قوله: (وقال مُعْتَمِرٌ) ... إلخ. ولا يَنْحلُّ مرادُ ابن سيرين إلا بعد مراجعة أبي داود مُفَصَّلًا. قال أبو داود: وروى يونس عن الحسن: الحائضُ إذا مدَّ بها الدم - يعني استمر بها وزاد على عادتها - تُمْسِك بعد حيضتها يومًا أو يومين - يعني عن الصلاة والصيام فهي عنده إلى يومين حائضة - فهي - أي بعد يومين - مُستَحاضةٌ. وقال التيميُّ: عن قَتَادة: إذا زاد على أيام حيضها خمسةُ أيام فلتُصَلِّي. قال التيمي: فجعلت أَنْقُصُ حتى بلغتُ يومين، فقال: إذا كان يومين فهو من حيضها. وسُئل ابن سيرين عنه، فقال: النساءُ أعلم بذلك. انتهى. يعني أن ابن سيرين لم يُجِبْ فيما زاد على أيامها خمسة أيام، بخلاف ما نقله التيمي عن قَتادة، فإنه جعلها استحاضةً، واليومين حيضًا. وهذه المسألة تُسمَّى بالاستظهار عند المالكية: وهي أنها تنتظر بعد أيامها إلى ثلاثة أيام، فإن ظهر الدم فيها فإنه يُعَدُّ من حيضها ويُلحق بما قَبْله، وإلا فيكون استحاضةً. وعندنا إنْ ظهر الدم في العشرة يُعَدُّ المجموع حيضًا، وإن تجاوز عنها رُدّت إلى عادتها. فالعبرة عندنا بظهوره في أيامه أو بعدها، والعبرة عند مالك رحمه الله تعالى بظهوره في ثلاثة أيام، أو بعدها. وقد مرّ معنا أن التمييز بين دم الحيض والاستحاضة مُشْكِل جدًا، فإنهما دمان مشتبهان، ولذا اختُلِف في إفراز الحيض من الاستحاضة، وإنما عَيَّن مَنْ عَيَّن تقريبًا وتسهيلًا لإجراء الأحكام. ثم إنَّ هذا كلّه فيما تجاوز الدم على أيامها، فإن تصرَّم عليها فجوابه كما في الفقه.

تنبيه

تنبيه وبعض الناس لمّا لم يَدْرِ مسألة الاستظهار عند المالكية كتبوه بالطاء، وهو غلط. ولعلك علمت من هذه المسائل أنها لو ترقَّبت ولم تُصلِّ، ثم بدا لها أنها كانت طاهرةً ولم تكن حائضة، أنها غيرُ آثمة بِتَرْك صلاتها في تلك المدة، وأن القرآن إنما بَنَى على رأيهن فقال: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} [البقرة: 222] إلخ لأن رأيهن معتَبر في هذا الباب (¬1). تنبيه واعلم أنه قد سها العيني رحمه الله تعالى في شرح قول صاحب «الكنز»: «ولا حَدَّ لأكثره إلا عند نصب العادة في زمن الاستمرار». والصحيح كما في «البدائع» و «خُلاصة الفتاوى»، ولعل السهو فيه من المتأخرين، ولا أدري وجه ما اختاروه. 325 - قوله: (ولكن دَعِي الصلاةَ قَدْرَ الأيام). وقد مرّ في هذه الرواية لفظ الإقبال والإدبار من قَبْل، فدل على أن الرواة لا يعتنون بهذه التعبيرات وإنما هو تفنن منهم، فتارةً كذا، وتارة كذا، وإنما اعتنى بها بعض المحدثين حتى بَنَوا عليها تغليط الرواة، كما مرّ مُفَصَّلًا. 26 - باب الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ فِى غَيْرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ 326 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ كُنَّا لاَ نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ شَيْئًا. تحفة 18096 هدر البخاري مسألة التمييز بالألوان إلا أنه قيدها بغير أيام الحيض، ومفهومه اعتبارُها في أيام الحيض، ثم أخرج عن أم عَطية أنها قالت: «كنا لا نَعُدُّ الكُدرةَ والصُّفرةً شيئًا». قال الحنفية: معناه أنه لم تكن عندنا مسألة التمييز بالألوان، فكنّا نعدها كلها حيضًا. وقال الشافعية: معناه إن كنا نعد التمييز بالألوان، فنعد الحُمرة والسواد حيضًا، ولا نعد الكُدرة والصُّفرة شيئًا لكونها استحاضةً. والشرح الثالث للبخاري. وحاصله: أنا كنا نُلغي الألوان في غير أيام الحيض، ومفهومه أنه كنا نعتبرها في أيام الحيض، ففصل بين رؤية الألوان في أيام الحيض وبين رؤيتها في الخارج، وهذا التفصيل من جانبه. وكأن البخاري ذهب إلى التمييز بالألوان من وجهٍ، وهَدَرَه من وجهٍ (¬2). وبالجملة لكلامه ¬

_ (¬1) قلت: وفي تذكرة للشيخ رحمه الله تعالى عندي أن الحافظ رحمه الله تعالى شرح أثر ابن سيرين بخلاف ما مرّ وهو ليس بصحيح، فراجعت "الفتح" لأطلع على شرحه وأَعرِف خطأه من صوابه، فلم أجد فيه شرحًا للحافظ رحمه الله تعالى، والله تعالى أعلم. (¬2) قلت: وفي تذكرة أخرى عندي، قال الشيخ رحمه الله تعالى: إن البخاري أقرب إلينا، ثم قرره بعده، إلّا أني ما تحصَّلتُ مرادَه، وكانت مُسَوَّدتي مشكوكة أيضًا. والظاهر أنه حمل عبارته في تلك السَّنَة على الشرح الأول، وفي السنة الأخرى على الثانية ولا بدع فيه، لأن العبارة تحتملهما فتارة ذكر هذا، وتارة هذا.

27 - باب عرق الاستحاضة

ثلاثة شروح: الأول: أنا لم نكن نعتبر الألوان في مدة الحيض وتُعْتَدّ كلها من الحيض. نعم كنا نعتدّ بها إذا رأيناها من غير أيام الحيض، وحينئذ وَافَقَنَا المصنِّف رحمه الله تعالى في مسألة التمييز بالألوان وهدرها. والثاني: إنا لم نكن نَعُدّ الألوان شيئًا من غير أيام الحيض، أما إذا كانت في أيام الحيض فكنا نعتبر بها، وهذا موافق للشافعية. والثالث: عدم عبرتها مطلقًا. 27 - باب عِرْقِ الاِسْتِحَاضَةِ 327 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَعَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ، فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ فَقَالَ «هَذَا عِرْقٌ». فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلاَةٍ. تحفة 16619، 17922 - 90/ 1 يعني أنه ليس من دم الرَّحِم بل من العِرْق، واسمه العاذِل. قلت: وإن كانت الاستحاضة دم عِرْق والحيض دم رَحِم، إلا أنه مع ذلك بينهما ارتباط يوجِب الارتباط في الأحكام أيضًا. 327 - قوله: (فكانَتْ تَغْتَسِل) ... إلخ. وعند أبي داود: الغُسْل لكل صلاةٍ مرفوعًا أيضًا. وصححه الحافظ رحمه الله تعالى. وعدَّه الشوكاني من التكليف بما لا يُطاق. وحَمَله الطحاوي على العلاج، أي لإزالة التلطخ بالدم في الحالة الراهنة، فهو لتقليل العُذْر لا للعلاج الطبي، والجمع فيه عندنا فعليّ فإن قلتَ: إن طهارة المعذور تُنْتَقَضُ عندكم بخروج الوقت، أو بدخوله فلا يصح الجمع فعلًا أيضًا. قلت: وفيه عند أبي داود: «وتتوضأ فيما بين ذلك». قالوا: فهو لهذا المعنى. والتحقيق عندي يجيء في باب المواقيت، لأن هذا الوضوء عندي للحوائج الأخرى تعرِض له في تلك المدة، لا لأن الطهارة بطلت بخروج الوقت، أو بدخولها على اختلاف القولين، وإن كان اللفظ صالحًا له. 28 - باب الْمَرْأَةِ تَحِيضُ بَعْدَ الإِفَاضَةِ 328 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ قَدْ حَاضَتْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَعَلَّهَا تَحْبِسُنَا، أَلَمْ تَكُنْ طَافَتْ مَعَكُنَّ». فَقَالُوا بَلَى. قَالَ «فَاخْرُجِى». 329 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رُخِّصَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَنْفِرَ إِذَا حَاضَتْ. طرفاه 1755، 1760 - تحفة 5710

29 - باب إذا رأت المستحاضة الطهر

330 - وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ فِى أَوَّلِ أَمْرِهِ إِنَّهَا لاَ تَنْفِرُ. ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ تَنْفِرُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ لَهُنَّ. طرفه 1761 - تحفة 7100 ويسقط عنها طواف الصَّدَر إجماعًا وإليه رجع ابن عمر رضي الله عنه بعدما عُلِم المسألة كما في الحديث الآتي: 328 - قوله: (لعلها تَحبِسُنا) ... إلخ. وإنما قال هذا لأنه لم يكن يعلم أنها طافت للزيارة، ثم عَلِم أنها لم يبق عليها غير طواف الصَّدَر. 29 - باب إِذَا رَأَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ الطُّهْرَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّى وَلَوْ سَاعَةً، وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا إِذَا صَلَّتْ، الصَّلاَةُ أَعْظَمُ. 331 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ عَنْ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِى الصَّلاَةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِى عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّى». أطرافه 228، 306، 320، 325 - تحفة 16898 يعني من استمرَّ بها الدم ثم انقطع حِسًّا فهل تنتظر بعده شيئًا، أو تغتسل وتصلي ولا تراعي عَوْدَة وإن كان ممكنًا؟ فقال ابن عباس رضي الله عنه: أنها تغتسل: من ساعته وتصلي ولا تنتظر عَوْدَهُ، ثم إذا وجبت عليها الصلاة - وهي أعظم - كيف لا يأتيها زوجها، وهو أهون. وهذا يُشْعِر بأن المراد من التطهر في النص عند ابن عباس رضي الله عنه هو الغُسْل. وعند الحنفية مُضِيّ الوقت قَدْرَ الاغتسال في حكم الاغتسال، فتحِلّ لزوجها بعد مُضِيِّ الوقت أيضًا (¬1). 30 - باب الصَّلاَةِ عَلَى النُّفَسَاءِ وَسُنَّتِهَا 332 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى سُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّ امْرَأَةً مَاتَتْ فِى بَطْنٍ، فَصَلَّى عَلَيْهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ وَسَطَهَا. طرفاه 1331، 1332 تحفة 4625 ¬

_ (¬1) قلت: وفي تذكرة أخرى للشيخ رحمه الله تعالى: عندي أن بعض السلف ذهبوا إلى عدم التوقيت في الطُّهر والطَّمْث، فإذا رأت الدم فهو الطَّمْث، وإذا انقطع فهو الطهر، ولا عجب أن يكون البخاري اختاره أيضًا استئناسًا من قوله: "ولو ساعةٍ"، لأنه لم يأتِ في الباب بترجمة تُشعر بالتوقيت عنده، وهناك قول عند مالك رضي الله عنه ويسمونه تلفيقًا. وقالوا: إنها إذا رأت اليوم دمًا تترك الصلاة، وإذا انقطع غدًا تصلي، ثم تسلسل كذلك إلى ستة أيام: فثلاثة منها حيض، وثلاثة طُهر. وقال آخرون: إن الطُّهر المتخلل بين الدَّمَيْن كالدم المتوالي. وراجع تفصيله من "شرح الوقاية". ورسالة الشيخ محمد البركلي المعروف "بالطريقة المحمدية". وشرحها للشامي لمسائل الطمث، "والجوهر النَّقي" لمسائل الإِقبال والإِدبار، والشيخ علاء الدين التُّرْكُماني شيخ لشيخ الحافظ ابن حجر، فإن الحافظ رضي الله عنه تلميذ لزين الدين، وهو تلميذ للتُّرْكُماني فاعلمه.

31 - باب

يعني به أنه يُصلَّى عليها، وزاد: «وسنتها» إشارة لما في الحديث: «فقام وسطها». والسُّنَّةُ فيها عندنا أن يقوم الإمام حِذَاء الصَّدْرِ من الرجل والمرأة كليهما، وما ذهب إليه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى هو روايةٌ عن إمامنا أيضًا على أن لفظ الوسط لا يتعين في القيام بحِذَاء العَجِيزة، لأن الساكن منه متحرك والمتحرك ساكن، ولا يتعيَّن فيه واحد منهما، وإنما يكون دليلًا لهم لو كان متحركًا «وسطها» فهو للوسط الحقيقي، ولا يكون إلا واحدًا، بخلاف ما إذا كان ساكنًا، أي «وسطًا» فإنه يَصْدُقُ على الوسط الإضافي فهو متعدِّد، وهو معنى كونه متحرِّكًا. ولعله راعى ما في أبي داود أن أنسًا رضي الله عنه صلى على جنازة، فقيل له: يا أبا حمزة، هكذا كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم يصلِّي على الجنازة كصلاتك عليها؟ قال: «نعم». فعبَّر بلفظ السُّنة. ثم عند أَبي داود قام عند عَجِيزتها، فاندفع التأويل المذكور ولا حاجة إلى الجواب، فإنه أيضًا رواية عن إمامنا الأعظم رحمه الله تعالى. 31 - باب 333 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ - اسْمُهُ الْوَضَّاحُ - مِنْ كِتَابِهِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِىُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ سَمِعْتُ خَالَتِى مَيْمُونَةَ - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا كَانَتْ تَكُونُ حَائِضًا لاَ تُصَلِّى، وَهْىَ مُفْتَرِشَةٌ بِحِذَاءِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يُصَلِّى عَلَى خُمْرَتِهِ، إِذَا سَجَدَ أَصَابَنِى بَعْضُ ثَوْبِهِ. أطرافه 379، 381، 517، 518 - تحفة 18060 - 91/ 1 وإنما لم يترجم، لأن هذا الحديث ليس من تلك السلسلة التي وضعها وإن كان مناسبًا في الجملة. وفيه عبد الله بن شدَّاد صحابيّ صغير وتابعي كبير، يروي حديث: «قراءة الإمام له قراءة». قوله: (مَسجد رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلّم) تعني به مسجد البيت. 333 - قوله: (خُمْرَته): وهي التي تحفظ الجبهة عن التراب. وفَهِم الروافض أنها بهذا القدر فقط، وليس كذلك، وإنما أراد أهل اللغة بيان الغَرَض منها، لا أنها مقصورة عليه فقط. وإنما سُمِّي خُمْرَة لاختمار لُحْمتَه من سُدَاه. وفي الهند قومٌ يُدْعون «خُمْرَة» وأنهم يصنعون الحصير والخُمرة، فدلّ العمل أيضًا على أن الخُمرة هي الحصير الذي يصلح للصلاة عليه، ولا يقتصر على الجبهة فقط. قوله: (أصابني بعضُ ثوبه). وفي الفقه: أن النجاسة المفسِدَة ما يُعَدُّ المصلي حاملًا لها وما لا يحملها فليست بمفسدة، كما في «العَالْمَكِيرِيَّة»: أن جُنِبًا لو ركب على رجل يصلي وثيابُه نجسةٌ؛ فإن أمسكه فسدت صلاته، وإلا لا. وفي «المنية»: أن الثوب إذا كان واسعًا بحيث لا يتحرك أحد طرفيه بتحريك الطرف الآخر، وأحد طرفيه نجس، فصلى رجلٌ ملتفًّا بالطرف الآخر، جازت صلاته، وإن تحرَّك الطَّرَف الآخر بتحريك ذلك الطرف بطلت صلاتُه. ***

7 - كتاب التيمم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 7 - كتاب التَّيَمُّم قول الله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6]. 1 - باب والتيمم: القَصْدُ لأمر وقيع، والصعيد: من الصعود: ارتفع من الأرض، سواء كان مُنبتًا، أَو لا. ووافق فيه صاحب القاموس أبا حنيفة رحمه الله تعالى مع أنه يراعي مذهبه في بيان اللغة أيضًا، إلا أنه لم يجد ههنا بدًا من موافقته. وفي «الزُّرْقَاني»: وإنما سمَّى وجه الأرض صعيدًا، لأنه نهاية ما يصعد إليه من الأرض. نظرة وفكرة في أن أيّ الآيتين نزلت في التيمم قال ابن العربي: هذه مُعضِلة ما وجدتُ لدائها دواء، لأنا لا نعلم أيَّ الآيتين عَنَتْ عائشةُ رضي الله تعالى عنها. قال ابن بَطَّال: هي آية النساء، أو المائدة. وقال القُرطبي: هي آية النساء، لأن آية المائدة تسمَّى آية الوضوء؛ وآية النساء لا ذِكْرَ فيها للوضوء. قال الحافظ رحمه الله تعالى: وظهر للبخاري ما خفي على جميعهم من أنَّ المراد بها آية المائدة بغير تردد لرواية عمرو بن الحارث إذ صرَّح فيها: فنزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} الآية [المائدة: 6]، وأشار إليها البخاري فتلاها في الترجمة، لهذا قلت: وهو الأظهر عندي وإن ذهب ابن كثير إلى أنها آية النساء، وجزم به، لأن ما تمسك به في إسناده ربيع بن بدر، وهو ساقط وأخرجه الطحاوي أيضًا (¬1). ¬

_ (¬1) قلت: وفي تذكرة أخرى عندي: ولعل مراد القاضي من المُعضِلة التي لم يجد لها دواء أنَّ آية التيمم إن قلنا: إنها نزلت قبل هذه الواقعة فلِمَ انتظروا وتركوا الصلاة في هذه الواقعة مع حكم التيمم عدهم من قبل؟ وإن قلنا: إنها نزلت في تلك الواقعة بخصوصها ولم يكن عندهم عِلمٌ من التيمم قبل ذلك، فلِمَ نزلت الآية الثانية، فإِنَّ التيمم قد عَلَّمته الآية الأولى فلا فائدة في نزول الآية الثانية، لأنه لا فرق بينهما إلّا بحرف واحد وهو {مِنْهُ}؟ قلت: وجوابه على ما ظهر لي أن آية التيمم التي تَعَلَّم الناسُ منها مسألة التيمم في آية النساء كما جزم به ابن كثير دون المائدة فإنها آخرها نزولًا وما استشهد به ابن كثير وإن كان في إسناده ربيع بن بدر وهو ضعيف إلّا أنه أخرجه الحافظ ضياء الدين المقدسي في مختاراته، وشرطه معلوم، فدلّ على ثبوتها عنده بإسناد آخر غير هذا الإِسناد فلا بأس بضعف هذا الإِسناد، لأنه تأيَّد بطريق آخر صحيح، إذا علمتَ هذا، فاعلم أن آية النساء إنما سيقت لبيان =

أبدع تفسير لآية التيمم

أبدع تفسير لآية التيمم قوله: {لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلَاةَ} واعلم أنَّ الآية سيقت لأحكام الإتيان إلى الصَّلاة لا لأحكام المسجد كما فهمه الشافعية، ولا لأحكام الصلاة نفسها كما فهمه الحنفية. فاحتاج الشافعية إلى تقدير المضاف وقالوا: معناها لا تقربوا مواضع الصلاة، أي المساجد، إلا أن تكونوا عابري سبيل، أي مجتازين بها، فيجوز لكم المرور في حالة الجَنَابة اجتيازًا. ونشأ على مختار الحنفية سوء ترتيب، لأنهم أرادوا بالصلاة فعلَها، أي: لا تصلوا، فلم يرتبط به الاستثناء. والوجه عندي أنَّه جعل الصلاة في تلك النظرة مأتية كأنها ليست من فعله بل هي منفصلة عنه يرد عليها ويصدر عنها وهي شاكلة الجماعة في المسجد، وعليه قوله تعالى: {إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9]، وقوله تعالى: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 58]، وقوله تعالى: {وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى} [التوبة: 54]، ففُرِضت الصلاة في هذه الآيات كأنها منفصلة عنه، وكذا في قوله صلى الله عليه وسلّم «إذا أقيمتِ الصلاةُ فلا تأتوها تَسْعَونَ» وحينئذ معناها أن لا تأتوا الصَّلاةَ في حال السُّكْر، ولا في حال الجنابة إلا أن تكونوا عابري سبيل إلى المسجد، فالعبور ليس في المسجد بل في الطريق إلى المسجد عند الإتيان إلى الصلاة (¬1). قوله: (إلا عَابِري سَبِيل). وترجم عليه البخاري. وعدَّ العيني رحمه الله تعالى هناك نحوًا من عشرة أنفس كانوا يقعدون في بيوتهم معطلين، فدعت الحاجة إلى الاستثناء، وأن المرور والاجتياز جائز. قوله: (وإنْ كُنتُم مُرْضَى) وإنما أعادها مع ذكرها في المائدة، لدفع تَوَهُّم نَسْخ ما في المائدة، فإنه لو اقتصر على قوله: {حَتَّى تَغْتَسِلُواْ} لتوهم نَسْخ تيمم الجُنْب المذكور في المائدة، وتعين إيجاب الغُسْل فقط، فأعادها ثانيًا وتقريرًا للتيمم، وهذا كالتكرار في آية الصيام حيث كرر قوله: {فَمَنْ كان منكم مَرِيضًا أو على سَفَرٍ فعِدَّةٌ من أيام أُخَر} [البقرة: 184]، واضطرب فيه المفسِّرون، وكتب كلٌ ما بدا له، وأنا أيضًا كنت فيه ما أراني ربي. ¬

_ = حكم الحَدَثِ الأكبر والتيمم منه، وحينئذٍ انتظارهم إنما كان لأنهم لم يكونوا يعلمون التيمم من الحدث الأصغر كيف هو، فتركوا الصلاة حتى نزلت آية المائدة، وهي التي سيقت لبيان حكم الحَدَث الأصغر، وأَن التيمم منه كالتيمم من الحدث الأكبر، فعند ذلك فُرِّجَ عنهم وتيمموا وصلَّوا، والحاصل: أن التيمم من الحدث الأكبر كان معلومًا عندهم، وقد تعلَّموه من آية النساء، ولم يكونوا يعرفون التيمم من الحدث الأصغر أنه كيف هو. ثم إذا فقدوا الماء ولم يكونوا يعلمون صفةَ التيمم من الحَدَث الأصغر ترددوا ودُهِشوا حتى نزلت آية المائدة وتعلّموها منها، وهذا كما ترى صريح بعكس ما اختاره البخاري والشيخ رضي الله عنه نَفْسُه، فراجعتُ الشيخ في ذلك وذكرتُ له رأيه في درسه، ورأيه في تذكرته فقال: كلاهما صحيحان، يعني به أنهما نظران. فهذا نظر، والمختار عندي ما اختاره البخاري، وأما ضياء الدين فإِنه وإن شرط الصحة في كتابه، لكنه لا يوازي البخاري، فيترجح عليه ما أخرجه البخاري. (¬1) قلت: وإنما بَيَّن الرُّخْصَة لهذا المرور خاصة لأن الآتي إلى الصلاة في حكم الصلاة في نظر الشارع، والذي ينتظر الصلاة كالذي يصلي، ولذا كُرِه له التشبيك كما كُرِه للمصلي، فكان التعرض إليه أهم، فأباح له هذا المرور.

وحاصله: أنَّ صدر الآية ليس في رمضان بل في الأيام البيض، وكانت فريضة قبل رمضان ثم نسخها الله بعد، فاحتاج إلى التنبيه بأن صيام البيض وإن نسخت إلا أنَّ مسألة القضاء باقٍ على ما كانت، وإلا لأمكن أن يتوهَّم أحدٌ بنسخِها نسخ مسألة القضاء أيضًا، وسيجىء تقريره في موضعه تفصيلًا إن شاء الله تعالى. قوله: (أو على سفر) والمراد به السفر الشرعي. ففرق القرآن بين عُبور السبيل والسفر، ودل على أنَّ السفَّر في نظره أمر وراء عبور السبيل. فمن أطلق في السفر وحمله على اللغة فقط وجعل له أحكامًا من القصر والفطر وغيرهما، فكأنَّه لم يراع ما أومأ إليه القرآن، وحينئذ اندفع إيراد التكرار أيضًا. والفرق الثاني: أن آية المائدة وإن سيقت في الحدث الأصغر لكنها انجرت إلى حكم الحدث الأكبر أيضًا، ثم ذَكَر التيمم بعدهما، فلم تكن صريحة في التيمم للجنب، واحتملت أن يكون التيمم فيها مقصورًا على الحدث الأصغر. ولذا نُسِب إلى عمر رضي الله عنه أنه كان يتردد في التيمم للجُنب. ومِثْلُه نُسب إلى ابن مسعود رضي الله عنه، بخلاف آية النِّساء، فإنها لما سِيقت للحدث الأكبر من أول الأمر كانت صريحة في التيمم منهما. والحاصل: أنها في حكم الإتيان عندي، وهكذا أقول في تفسير آية المائدة أنَّ المرادَ من قوله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] ليس هو القيامُ إلى الصلاة - أي التحريمة - بل الذهاب إلى المسجد لأجل الصلاة. يعني إذا قمتم من مجالسكم لأجل الصلاة فتوضئوا، فآية النساء والمائدة كلتاهما على سياق الإتيان إلى المساجد عندي، والله تعالى أعلم. وقد مرَّ الكلام على بقية أجزائه في كتاب الوضوء. 334 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ - أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ - انْقَطَعَ عِقْدٌ لِى، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْتِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالُوا أَلاَ تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسِ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ. فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِى قَدْ نَامَ فَقَالَ حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَعَاتَبَنِى أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، وَجَعَلَ يَطْعُنُنِى بِيَدِهِ فِى خَاصِرَتِى، فَلاَ يَمْنَعُنِى مِنَ التَّحَرُّكِ إِلاَّ مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى فَخِذِى، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا. فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ مَا هِىَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِى بَكْرٍ. قَالَتْ فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِى كُنْتُ عَلَيْهِ، فَأَصَبْنَا الْعِقْدَ تَحْتَهُ. أطرافه 336، 3672، 3773، 4583، 4607، 4608، 5164، 5250، 5882، 6844، 6845 - تحفة 17519 - 91/ 1 334 - قوله: (في بعض أسفاره)، أي غزوة بني المُصْطَلِق، وفيها قِصَّةُ الإفْك. قوله: (بالبَيْدَاءِ) وقد سها النووي في تَعْيينه، وهو موضعٌ بين مكةً والمدينة.

قوله: (ما هي بأَوَّلِ بَرَكَتِكُم يا آلَ أبي بكر) بل هي مسبوقة بغيرها. وفي رواية: «فواللهِ ما نزل بكِ أمرٌ تَكْرَهِينه إلا جعل اللهُ للمسلمين فيه خيرًا» وفي النكاح: «إلا جعل اللهُ لك منه مَخْرجًا وجعل للمسلمين فيه بركة». وهذا يُشْعِر بأنَّ هذه القصة كانت بعد قصة الإفْك. فإن فُقدان القِلادة، والتماسَ الناس، والبركةَ لهم، والمَخْرجَ لها كلُّها في قصة الإفْك، وإليها يتبادر الذهن لشهرتها. فإن جعلناها قصةً في غزوة بني المُصُطَلِق لم يلتئم معه هذا القول، لأن قصة الإفك فيها. ولقائل أن يقول: لِمَ لا يجوز أن يكون هذا إشارة إلى قصةٍ غيرِ الإفْك؟ ولكنه ليست هناك قصة أخرى اشتهرت بالبركة للمسلمين، والمخرج لها غيرَ قِصَّة الإفْك. فقيل: إن العقد انقطع في تلك الغزوة مرتين. ففي قصة الإفْك: أنها ذَهَبَتْ لِطَلَبِها وتأخرت عنهم حتى أَنهم رحَّلُوا الهَوْدج، وكُنَّ النساء إذ ذاك خفافًا، فظنوا أنها فيه، فارتحلوا وارتحل النبيُّ صلى الله عليه وسلّم ثم جاء صفوانُ ورأى سوادَ إنسان، وجاء بها إلى القافلة حين ارتفع النهار وشاع ما شاع. وفي هذه القصة أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم بعث الناس لِطَلَبِها، وكان رأسهم أُسَيد بن حُضَير، فلم يجدوا، ثم رجعوا ووجدوا العِقْد تحت البعير، ثم ارتحلوا وارتحل النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وعائشةُ رضي الله عنها معه. فإذا كان بين القصتين مغايرة، لا بد لنا أن نقول بتعدد الواقعتين. قلت: وهو كذلك، إلا أنه لا دليل فيه أنهما كانتا في سفر واحد، والذي يظهر أَنَّهما كانتا في سفرين لأمرين: الأول: لِمَا أخرجه الحافظ رحمه الله تعالى عن الطبراني من طريق عَبَّاد بن عبد الله بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما كان من أمر عِقْدي ما كان، وقال أهل الإفْك ما قالوا، خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم في غزوة أخرى، فسقط أيضًا عِقْدي حتى حُبِس الناسُ على التماسه، فقال لي أبو بكر: يا بنيةُ في كلِّ سفرٍ تكونين عناءً وبلاءً على الناس، فأنزل الله عزو وجل الرخصة في التيمم. فقال: إنك لَمباركةٌ ثلاثًا. وفي إسناده محمد بن حميد الرازي، وفيه مقال. قلت: ولكنه يُعَدّ في طبقة الحفاظ فالرواية صحيحة عندي. والثاني: لما أخرجه الطحاوي عن ابن لهِيعة، عن أبي الأسود حدثه: أنَّه سَمِعَ عُروة يخبره عن عائشة رضي الله عنها قالت: أَقْبَلْنا معَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلّم من غزوة له، حتى إذا كنا بالمُعَرَّسِ - قريبًا من المدينة - نَعَسْتُ من الليل، وكانت عليَّ قِلادةٌ، تُدْعَى السِّمْطَ تبلغ السّرَّةَ، فجعلت أَنْعس فخرجَتْ من عُنُقي، فلما نزلتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم لصلاة الصبح، قلت: يا رسول الله، خرّت قِلادتي من عُنُقي. فقال: أيها الناسُ، إنَّ أُمَّكم قد ضَلَّت قِلادتَها فابتغوها، فابتغاها الناس ولم يكن معهم ماء، فاشتغلوا بابتغائها إلى أن حضرَتْهُمُ الصلاةُ ووجدوا القِلادةَ ولم يقدروا على ماء، فمنهم مَن تيمم إلى الكفِّ، ومنهم مَنْ تيمم إلى المَنْكِب، وبعضهم على جسده. فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم فنزلت آيةُ التيمم. فهذا أيضًا يدلُّ على أنَّ قصة فُقْدان القِلادة وقعت مرتين. وفي إسناده ابن لَهِيعة، ولكنَّ

اختلاطه يؤثر فيما يروى من حفظه، وظَنِّي أنَّ روايتهَ هذه عن الصحيفة، لأنَّه يروي ههنا عن أبي الأَسود وكان عنده صحيفة منه، فإذا كانت روايته تلك عن الصحيفة فلا يضرُّ اختلاطه أصلًا. ولما صحَّت الروايتان في تَعَدُّدِ القصة، هان علينا أن نلتزم تَعَدُّدَ القِصَّتين. قوله: (يطْعَن) بفتح العين، بمعنى الطعن باليد أو غيرها فهو للطعن حِسًّا، وبضم العين للطعن مَعْنًى. قوله: (فأَنزلَ اللهُ آيةَ التيممِ) وقد مرَّ الكلامُ فيه أنَّ المرادَ منها آية المائدة. 335 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ح قَالَ وَحَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ النَّضْرِ قَالَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ - هُوَ ابْنُ صُهَيْبٍ الْفَقِيرُ - قَالَ أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِى نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِىَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِى أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِىَ الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِى، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِىُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً». طرفاه 438، 3122 - تحفة 3139 - 92/ 1 335 - قوله: (أُعطيتُ خمسًا) ومفهوم العدد غير مُعتبر عند الكل، فلا تكون الخصائص منحصرة في هذا العدد فقط، حتى إن السيوطي رحمه الله تعالى صنف فيها تصنيفًا مستقلًا، سماه بـ «الخصائص الكبرى»، وعَدَّ فيه خصائصه تزيد على المئات. قوله: (جُعِلَت لي الأَرضُ) وقد مرَّ أنَّ الأممَ السابقة كان فيهم التوسيع في الأوقات، والتضييق في الأمكنة بعكس هذه الأمة، فعلينا التضييق في الأوقات، والتوسيع في الأمكنة، وصِفتُنا في الكتب السابقة: أمةٌ يراقِبون الشَّمس، فأوقاتُ صلاتنا وُزِّعت على أحوال الشمس من الطلوع، والغروب، والدُّلوك. وعند الدَّارِمي: ويصلون ولو في الكُناسة. قلت: وهذا لا ينافي الطهارة، لأنَّه أُخْرِج مُخْرجَ المبالغة، والمعنى: أنهم يراقبون الأوقات فيصلون أينما أدركتهم الصلاة ولو في الكُناسة، وهو قوله صلى الله عليه وسلّم «صَلُّوا في مَرَابِضِ الغنم». فالصلاة في مرابض الغنم كان لهذا، لا لطهارة أزبال مأكول اللحم كما فَهِمَه الذاهبون إليها، وقد مَرَّ تفصيله فتذكره. قوله: (طَهورًا) واستدل به المالكية أَنَّ الماءَ لا يكونُ مستعملًا أبدًا، لأنَّ الله تعالى وصَفَهُ بالطَّهور، فقال: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَآء مَآء طَهُورًا} (الفرقان: 48) والطَّهور ما يطهر مرةً بعد أخرى. فلو قلنا: إنه لا يَطْهُر بعد الاستعمال - وإن بقي طاهرًا - لم يصحَّ وَصْفُه بالطُّهورية. وأجاب عنه الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى في «الفتح» فراجعه. قلت: وأوزان صِيغ المبالغة أربعةٌ في الصرف، والذي وُضع لمعنى التَّكرار هو وزن فَعَّال

2 - باب إذا لم يجد ماء ولا ترابا

كضَرَّاب للذي يضرب مرةً بعد أخرى. والفَعُول وُضِع للقوة، فالطَّهُور ما يكون قويًا في الطهارة، لا كما فَهِمَه المالكية، والله تعالى أعلم. قوله: (فأيُّما رَجُلٍ من أُمَّتي أَدْرَكَتْهُ الصلاةُ) ... إلخ. قال الحنفية: إنَّه من قبيل إفراد الخاص بحكم العام، فلا يكون مفيدًا للتخصيص. ويكون الحاصل: أنَّ المسجدَ إن كان قريبًا فالمطلوب الصلاة فيه، والاهتمام لها، وإن لم يكن قريبًا كما في السفر فالاهتمام بالوقت، فاعلمه. 335 - قوله: (بُعِثْتُ إلى النَّاسِ عامَّةً). قيل إنَّ دعوة نوح عليه السَّلام أيضًا كانت عامَّةً لجميع مَن في الأرض، وإلا لما أُهْلِكوا، لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15]. فالجواب كما قاله ابن دقيق العيد: يجوز أَنْ يكونَ التوحيدُ عامًّا في بعض الأنبياء وإن كان التزامُ فروع شريعته ليس عامًّا. ويحتمل أنه لم يكن في الأرض عند إرسال نوح عليه السلام إلا قومُ نوح عليه السلام فبعثته خاصة إلى قومٍ فقط - وإن كانت عامةً صورةً - لعدم وجود غيرهم. قلت: وقد مرَّ معنا في كتاب العلم أنَّ دعوتَهَم وإن كانت عامة في التوحيد، لكنَّها كانت باختيارهم، بخلاف النبيّ صلى الله عليه وسلّم فإنَّه كان مأمورًا بالتبليغ لجميع مَنْ في الأرض {فإنْ لم تَفْعَل فما بَلَّغتَ رسالتَهُ} [المائدة: 67] (¬1). 2 - باب إِذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلاَ تُرَابًا دخل المصنِّف في مسألة فاقد الطَّهورين، واختار أنَّه يُصلِّي كذلك، وهو أحدُ وجوه الشافعية، ذكرها النَّووي رضي الله عنه. وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: يتشبه بالمصلين ويقضي إذا قَدِرَ بما قَدِر. ثم التشبه إنما هو في الركوع والسجود فقط دون القراءة، ولِما علمنا أنَّ الحُكمَ في الحج والصوم أنَّ الحاج إذا فَسَد حَجُّه يتشبه بالحاج ويمضي في أفعاله، وأنَّ الطَّامِثَ إذا طَهُرت، والكافر إذا أسلم، والصبي إذا بلغ في رمضان، أنهم يتشبَّهون الصائمين، ويُمْسِكُون ¬

_ (¬1) قلت: وقد مر معنا أنه لو ثبت عموم البعثة في نوح عليه الصلاة والسلام، أو إبراهيم عليه الصلاة والسلام أيضًا لا تكون تلك إلّا في عرض الزمان، لا في طوله فتقتصر على أهل زمانه ولا تنسحب إلى يوم القيامة. ولم أر الشارحين إلّا أنهم يريدون إثبات التخصيص في عرض الزمان، ولم يتكلموا في طول الزمان بِحَرْف، وهذا يُشْعِر بأنه لو سَلَّمنا عموم بعثة أحد غير النبي - صلى الله عليه وسلم - لخالف ذلك عموم بِعْثَتِه - صلى الله عليه وسلم - في نظرهم، والذي يظهر أنه من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - في كلّ حال، لأن عموم بعثة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إنما هو طولًا وعرضًا، فهو كما أنه مبعوثٌ لجميع أهل زمانه، كذلك لمن سيُولَدُ بعده، فهو نبيٌ لجميعهم حيًا وميتًا، بخلاف بعثة نوح عليه الصلاة والسلام فإنها لو كانت عامة لكانت لأهل زمانه فقط، وهو الذي نعني بعرض الزمان، فلو سلمنا أن بعثته أيضًا كانت عامة، لما كان فيها معنًى يخالف عمومَ بعثتِه - صلى الله عليه وسلم - وكونَه من خصائصه. وإنما أردت بذلك بيانَ قِلَّة نظري وقصور فَهمي، لا بيان حقيقة، أو إبداع تحقيق، فإني رجلٌ فقدت بصري وبصيرتي، فإن شيخي رضي الله عنه هو الذي كان سمعي وبصري الذي أسمع به، وأبصر به، وأما الآن فالأبواب تدفعني أطرقها فلا تفتح لي، وأدخلها فلا يُرحب بي أُسَلِّم فلا يُردّ عليّ والله المستعان.

3 - باب التيمم فى الحضر، إذا لم يجد الماء، وخاف فوت الصلاة

بقيَّة يومهم، ألحقنا الصلاة بأخويها، وقلنا: إنه إذا فَقَد الطَّهُورين يتشبَّهُ بالمصلِّين حُرمةً للوقت (¬1). 336 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلاَدَةً فَهَلَكَتْ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً، فَوَجَدَهَا فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلاَةُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَصَلَّوْا، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ. فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ لِعَائِشَةَ جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكِ لَكِ وَلِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ خَيْرًا. أطرافه 334، 3672، 3773، 4538، 4607، 4608، 5164، 5250، 5882، 6844، 6845 - تحفة 16990 336 - قوله: (وليس معهم ماءٌ فَصَلُّوا) يعني أنَّ الماءَ إذا لم يكُن عندهم، وحُكْمُ التيمم لم يَنْزِل بعد، فكانوا كفَاقِد الطَّهورين فَصَلّوا، أي أُسَيد بن حُضَير ورفقاؤه الذين كانوا ذهبوا معه لطلب القِلادة، فَعُلِم أنَّ الأداء واجبٌ، والقضاء غير لازم. قلت: وهذا استدلالٌ مِن فِعْلهم ومن التبادر ببلوغ خبرهم إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وفي كليهما نظر - ولنا في تَرْكِ الصلاةِ ما رُوي عن عمر رضي الله عنه أَنَّه أَجْنَبَ ولم يُصلِّ، على أنَّه قياسٌ لنادرِ الوقوع على كثيرِ الوقوع، فإنَّ فُقْدان الماء مما يَكْثُرُ وقوعُهُ، بخلاف فُقْدان الطَّهورين (¬2). 3 - باب التَّيَمُّمِ فِى الْحَضَرِ، إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ، وَخَافَ فَوْتَ الصَّلاَةِ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ. وَقَالَ الْحَسَنُ فِى الْمَرِيضِ عِنْدَهُ الْمَاءُ وَلاَ يَجِدُ مَنْ يُنَاوِلُهُ يَتَيَمَّمُ. وَأَقْبَلَ ابْنُ عُمَرَ مِنْ أَرْضِهِ بِالْجُرُفِ، فَحَضَرَتِ الْعَصْرُ بِمَرْبَدِ النَّعَمِ فَصَلَّى، ثُمَّ دَخَلَ الْمَدِينَةَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ فَلَمْ يُعِدْ. ونُسب إلى أبي يوسف رضي الله عنه أنَّه كان يُنكِرُ التيممَ في الحَضَر لوُجْدَان الماء على الأكثر، وندرة فُقْدانه فيه. واعلم أنَّ في الباب ثلاثَ وقائع على اختلافٍ في ألفاظها، ينبغي للباحث أن يراعيها لأنها يتناقض بعضها ببعض، وتُبْتنى عليها مسائل مختلفة، فليحرِّرها قبل أَخْذ المسائل منها، ليعلم أنها متعددةٌ، أو واحدةٌ والاختلافُ من الرواة، وأنَّ اللفظ الراجح ما هو، ليصحَّ بناءُ المسألة عليها (¬3). ¬

_ (¬1) قلت: ومن العجائب ما حرره الحافظ في قصة التيمم في حديث أبي الجُهَيم أنه قيل: إن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يُرِد بذلك التيمم رَفْعَ الحَدَث ولا استباحةَ محظور، وإنما أراد الشبه بالمتطهرين، كما يشرع الإِمساك في رمضان، لمن يباح له الفطر أو أَراد تخفيف الحَدث بالتيمم، كما يشرع تخفيف حدث الجُنُب بالوضوء، والمسألة طويلة الأذيال فصَّلناها في تقرير الترمذي. (¬2) قلت: ولعله لا يَرِد على البخاري، لأنه لم ينزل إذ ذاك طهورية التراب، فكان الماء هو الطَّهُورَ، فَفَقْدُ الطَّهور الواحد حال كونه طهورًا فقط كَفَقْد الطهورين عند مشروعية الطهارة بهما، ولا أفهم بينهما فرقا، والله تعالى أعلم. (¬3) قلت: ولا ينكشف الغطاء عن وجه المقصود ما دامت أَلفاظها، وقد جمعتُها مع بيان الفروق بينها وها هو هذا: =

فمنها حديث أبي الجُهَيم، ومنها حديث ابن عمر رضي الله عنه، ومنها حديث مُهاجر بن قُنْفُذ. أما حديث أبي الجُهَيم ففيه: أنَّ رجلًا سَلَّم عليه وهو مُقْبِلٌ من نحو بئر جَمَل، فكان السلامُ فيه بعدَ البول لا حال البول، وفيه رَدُّهُ صلى الله عليه وسلّم عليه بعد التيمم، وليس فيه ذِكْرُ العِلّة. وأمَّا حديث ابن عمر رضي الله عنه ففيه: أنه سَلَّم عليه حالَ البول، وفيه أنه لم يَرُدَّ عليه السلامَ. وفيه عند الطحاوي، وأبي داود جواب السلام بعد التيمم، مع ذكر التعليل، والاختلاف في أنَّ السلامَ كان بعد خروجه من غائطٍ أو بولٍ، فاختلف حديثه: ففي الترمذي ومسلم والطحاوي في طريق: أن السلامَ كان حالَ البول، وعند الطحاوي من طريق آخر وأبي داود: أنه كان بعد الخروج من الغائط، أو البول. أما حديث مهاجر ففيه اختلاف أيضًا، فعند ابن ماجه: أنه سلَّم عليه وهو يتوضأ، فلم يردَّ عليه السلامَ حتى فَرَغ من وضوئه، مع ذكر التعليل. وهكذا عند الطحاوي في طريق. وعنده من طريق آخَرَ وأبي داود: أنه سلَّم عليه وهو يَبُولُ، وعلى الأول فيه استدلالُ الطحاوي على اشتراط الطهارة للأذكار، كما ذَكَره في باب التسمية على الوضوء، على خلاف مذهب الشافعية. ¬

_ = الأولى: ما عند ابن ماجه عن المهاجر بن قُنْفُذ قال: أتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهو يتوضأ فسلمتُ عليه فلم يَرُدَّ علَيَّ، فلما فرغ من وُضوئه قال: "إنه لم يمنعني مانع، مِن أن أَردَّ عليك، إلا أني كنتُ على غيرِ وضوء، وهكذا عند الطحاوي بلفظ: "وهو يتوضأ"، مع بعض تغيير في لفظ التعليل. وعنده من طريق آخر عنه: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يَبُولُ، أو قال: مررت به وقد بال، فسلمت عليه فلم يردَّ علي حتى فَرَغ من وُضوئه، ثم ردَّ عليَّ. وعند أبي داود: وهو يبول، بدل وهو يتوضأ. والثانية: ما عند ابن ماجه عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: مرَّ رجلٌ على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول، فسلَّم عليه فلم يَرُدَّ عليه، وهكذا عند الترمذي ومسلم بدون ذكر التعليل. وعند الطحاوي عنه: أن رجلًا سلَّم على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو يبولُ، فلم يَرُدَّ عليه حتى أتى حائطًا فتيمم. وعنده أيضًا أنه قال: مرَّ رجلٌ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في سِكَّةٍ من السِّكَك، وقد خَرَج مِن غائطٍ، أو بولٍ فسلَّم عليه فلم يَرُدَّ عليه السلام حتى كاد الرجل أن يتوارى في السِّكَّة فضرب بيديه على الحائط فتيمم بوجهه، ثم ضرب ضربةً أخرى فتيمم لذراعيه، قال: ثم رَدَّ عليه السلام وقال: "أما إني لم يمنعني أن أَرُدَّ عليك السلامَ إلا أَني كنتُ لستُ بطاهر". وفيه التعليل أيضًا. وأخرج أبو داود نحوه - يعني مع بيان التعليل، ثم عَلَّله. قلت: والذي يظهر من كلامه أنه علَّله لحالِ ذِكْر الذراعين لا لحال التعليل، والله تعالى أعلم. والثالثة: ما أخرجه البخاريّ ومسلم، ولفظ مسلم: فقال أبو الجَهْم (والصحيح مُصَغَّرًا كما في البخاري): أقبل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من نحو بئر جَمَل، فلقيه رجلٌ فسلم عليه فلم يردَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أقبل على الجدار، فمسح وَجْهَهُ وَيدَيْه ثُم ردَّ عليه السلام. وهكذا عند الطحاوي وأبي داود بدون ذِكْر التعليل. والرابعة: ما عند ابن ماجه عن أبي هريرة قال: مَرَّ رجلٌ على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يَبُولُ، فسلَّم عليه فلم يردَّ عليه، فلما فَرَغ ضَرَب بِكَفِّه الأرض فتيمم، ثم ردَّ عليه السلامَ. والخامسة: ما عنده عن جابر بن عبد الله: أن رجلًا مَرَّ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو يَبُولُ فسلم عليه، فقال له رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِذا رَأَيْتَنِي في مثل هذه الحالة فلا تسلم عليّ، فإنك إن فعلت ذلك لم أردَّ عليك". ولم أجد هاتين غيرَ عند ابن ماجه، ولا سمعت فيها شيئًا من شيخي، والذي لا أشك فيه -والله تعالى أعلم- أنها قصة مهاجر رضي الله عنه، أو ما ذكره ابن عمر رضي الله عنه. وإذن تحصل من مجموع الروايات ثلاثُ قصص مع مغايرات بينها.

وأورد عليه ابن نُجيم أنه ينتفي منه الاستحباب أيضًا، مع أنها مستحبةٌ في المذهب. قلت: وهذا غيرُ واردٍ عليه، لأنَّه ذهب إلى نَسْخِهِ وقال: إنَّ الطهارةَ كانت واجبةً للأذكارِ في زمنٍ، ثم نُسِخَت. وذكره في «باب ذِكْر الجُنب، والحائض، والذي ليس على وضوء، وقراءتهم القرآن» عن عبد الله بن علقمة بن الغَفْواء عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا أهْرَاق الماءَ إنما نكلِّمُه فلا يكلِّمُنا، ونسلِّمه فلا يردُّ علينا، حتى نزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6]. انتهى وإذا نُسخ الوجوبُ فلا بأس بقول الاستحباب. قلت: وفيه جابر الجُعْفي وهو ضعيف، وعلى الثاني يعني إذا كان لفظه: وهو يبول، تَحَوَّلَ إلى مسألة أخرى، وهي ما في حديث ابن عمر رضي الله عنه. والذي تبين لي أنَّ قصةَ أبي الجُهَيم، وقصة ابن عمر رضي الله عنه واحدةٌ، لما عند الدارقطني (¬1) «وكنز العمال» في قصة ابن عمر رضي الله عنه كما في حديث ابن عمر رضي الله عنه، يعني أنَّ السلامَ كان حالَ البول. وما في حديث أبي الجُهَيم ففيه تقديم وتأخير في سرد القصة، فمجيئه من نحو بئر جَمَل كان بعد الفراغِ عن البول، وبعد سلامه عليه، يعني كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يَبُول فَلَقِيه ذلك الرجُلُ وسَلَّم عليه فلم يردَّ عليه، حتى إذا أقبل من نحو بئر جَمَل بعد البول تَيَمَّمَ وردَّ عليه السَّلام. وأمَّا في حديث مهاجر فإنَّه قِصَّةٌ أخرى، وحينئذ تَحَصَّل أنهما قِصَّتان، غير أنَّ حديثَ مهاجر يتردد بين أَنْ يكونَ فيه مسألةُ اشتراط الطهارة للأذكار، أو عدم رَدّ السلام حالَ البول، على اختلاف لَفْظَيه عند ابن ماجه رحمه الله تعالى، وأبي داود كما عَلِمْتَ، والسلام فيهما حال البول، والجواب: بعد التيمم أو الوضوء مع التعرض إلى التعليل. ويُشْكِل فيه التيمم حال وُجْدَان الماء، وكراهة الذِّكْر بدون طهارة. والحَل: أنَّ التيممَ للأشياء التي لا تحتاج إلى الطهارة صحيحٌ حال وُجْدَان الماء أيضًا عند صاحب «البحر»، وإن ردَّ عليه الشامي. والصواب عندي: ما اختاره ابن نُجيم صاحب «البحر». وأما حَلُّ المسألة الثانية: فإن كان الأمر فيه أنَّ الوقائعَ كلها تُرَدُّ على مورد واحد وأن السلام فيها كان حال اشتغاله بالبول كما قررت، كان معنى قوله: «إلا أَني كَرِهت أن أذكرَ اللهَ إلا على طُهْر، أي الطُّهر من البول وعدم اشتغاله له، ويكون حاصل التعليل بقرينة وقت السلام: ¬

_ (¬1) قلت: وسياقه عند الدارقطني هكذا: عن ابن الهاد: أن نافعًا حدثه عن ابن عمر رضي الله عنه قال: أقبل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من الغائط فلقيه رجل عند بئر جَمَلَ، فسلم عليه فلم يرد عليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أقبل على الحائط، ثم مسحَ وَجْهَهُ ويديه، ثم ردَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على الرجل السلامَ ونحوه في الكنز أيضًا ففيه دليلٌ على أن القصة في حديث ابن عمر رضي الله عنه هي القصةُ عند بِئر جَمَل. وتلك القصة ليست إلا لأبي الجُهَيم، فظهر أن القِصّتان في حديثي ابن عمر رضي الله عنه، وأبي الجهيم واحدةٌ. وإذا تحقق عندك أنها قصةٌ واحدة فما بقي من المغايرات بين الحديثين فهي من تلقاء الرواة، فليطلب لهما مَحْملا كما تفعل عند المغايرة في طُرُقِ حديثٍ واحد، فاعلمه. وإذن تحصَّل من المجموع قصتان فقط: قِصة أَبي الجُهَيم، وقصة مهاجر، وهما على اختلاف ألفاظهما تتلخصان على ما وجهناهما في الصلب، فافهم.

أَني كَرِهت أن أذكرَ اللهَ حالَ اشتغالي بالبول، فلم أرد عليك، وإن كان اللفظ عامًا. وفيه نظر من وجهين: الأول: لِما في «العمدة» عن الطبراني بزيادة وهي: أنَّه دعا بوَضوءٍ فتوضأ، ورَدَّ عليَّ وقال: «إني كرِهت أَنْ أذكرَ اللهَ على غير وضوء». فإن كانت محفوظةً ففيها تصريح بأنَّ الكراهةَ كانت لعدم كونه على الطهارة، لا لاشتغاله بالبول. والثاني: أنَّه لم يجب بعد الفراغ عن البول أيضًا إلا بالتيمم، أو الوضوء، فعاد الإشكال، لأنه إذا صرفنا قوله: «إلا على طُهر» على معنى الطهر عن البول، وعدم الاشتغال له، فنحن وإن خرجنا منه عن عهدة القول، إلا أنَّه لم يزل فِعلُه واردًا علينا، فإنَّه لم يجب بعد الفراغ أيضًا، فدل فِعْله على أنَّ جواب السلام ينبغي أن يكون على حال الطُّهر. ولكن في «العمدة» عن ابن دقيق العيد أنَّه أَعلَّ الحديث لِما في البزَّار بسند صحيحٍ عن ابن عمر رضي الله عنه: أن رجلًا مَرَّ على النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وهو يبولُ فسلم عليه الرجل فرد عليه السلام، فلما جاوزه ناداه وقال: «إني رددتُ عليك خشيةَ أن تقولَ سلمتُ ولم يُجِبْني، فلا تسلِّم علي، فإنك أنَّ تَفْعَل لا أردُّ عليك». فاضطرب الحديث جدًا، وراجع «نصب الراية». وما تحرر عندي في هذا الباب: أَنَّ السلامَ كان حالَ البول، والجواب: بعد التيمم مرةً، وبعد أَنْ أَقبل النبيُّ صلى الله عليه وسلّم من نحو بئر جَمَل، كما ذكره أبو الجُهَيم. فإذا رأيت في القصتين إتيانَه صلى الله عليه وسلّم من نحو بئر جَمَل حَكَمْتَ أنها قصةٌ واحدةٌ، بقي الاختلاف بكون السلام بعد البول عند أبي الجُهَيم، وحال البول عند ابن عمر رضي الله عنه، فالأمر فيه سهل ويُحمل على توسع الرواة. ويقال: إن الواقعة على صرافتها الوضوء أخرى، ثم أظن أنَّ ردَّ السلام واجبٌ على الفورِ، فإن تأخر سقط عنه (¬1) إلا أن التأخير ههنا لما كان لمانع شرعي، وهو أنه أراد أن يذكرَ اللهَ حالَ الطهارةِ فيحمل فيه التأخير بقدر الوضوء، أو التيمم، ولم يسقط عنه الجواب وساغ له أن يردَّ عليه بعد الوضوء أو التيمم. وفي «المسند» لأحمد عن عبد الله بن جابر قال: إني سلمت على النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ثلاثَ مرارٍ لا يُجِيبُني كلَّ مرةٍ، حتى دخل حجرته وتوضأ مستعجِلًا، وردَّ عليَّ ثلاث مرار. وليس فيه ذِكر البول، ولا ذِكْر البول، ويَخْرُج منه أنَّ العزيمةَ فيما لم يَخَفِ الفَوْتَ وكان بصدد الطهارة، أن يردَّ بعدها، وهو عند ابن كثير أيضًا. وعبد الله بن جابر اختُلف فيه، قيل: إنه بياضي من بني بياضة، وقيل: عبدي. وحاصل: المسألة عندي أنَّ الذِّكر المختص بالوقت كقوله: غفرانك، يُؤتى به في وقته ¬

_ (¬1) قلت: وترددوا مثله في جواب الأذان أنه إن أجاب المؤذن بعدما تمَّ الأذان، هل يُحْرِز الثواب ويشترك معه في الأَجر أم لا؟ وتعرض إليه السندي في "حاشية النسائي"، والظاهر أنه إن تلافى عقيبه وأجاب على الفور يُرجى له الأجر، وإن أخر بُرْهةً ثم أجاب لا يحصل له هذا الثواب، لأنه فات فيه معنى الإِجابة، وَوَعْد الأجر نيط به، والله تعالى أعلم.

مطلقًا، وأما غير المختص منه، فالمستحب فيه أن يكون على طهارة إلا إذا خاف الفوات، وقد مرَّ عن صاحب «الهداية» في باب الأذان أنَّ الطهارةَ تستحب للأَذكار. قلت: ومع هذا لا تُكره قراءةُ الأذكار بدونها ولو تنزيهًا، لأنَّه لا يلزم أن يكون كلُّ خلافِ المستحَبِّ مكروهًا تنزيهًا، بل لا بد له من دليل خارج، وهو قد يكون، وقد لا يكون، فلعلَّ الكراهة المذكورة في الحديث طبعي لا فقهي، فإِنَّ الطبائعَ الذكية تَحُسُّ من مثل هذه الأمور كُربة وغُمة، ويفوت عنها الانشراح، فكيف بطبع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم الذي كان في أقصى مراتب النزاهة والنظافة. ثم ههنا فَرْقٌ بين فراغ البول عقيبه، وبينه بعد برهة، فإِنَّ الإنسانَ إذا بَعُدَ عهدُه بهذه الأشياء وطرأ عليه ذهولٌ ما تزول عنه تلك الكراهة، ويصدِّقه وجدانك إن شاء الله تعالى. ولي ههنا إشكال آخر لما رواه الترمذي، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يذكر اللَّهَ في كل أحيانه، ومعناه أنَّه لم يكن ممتنعًا عنه في حالٍ. وقد رُوي عنه عن غيرِ وجهٍ أنه لم يكن يَحْجُرُه عن قراءة القرآن شيءٌ غير الجنابة، فإِما أَنْ يقال كما قاله الطحاوي من النسخ، أو يُفَرَّق بين الكراهة قبل الاستنجاء، وبين الكراهة بعده، ولعلَّك لو نظرت على هذه الأجزاء بالغور والإِمعان سَهُل عليك الأمرُ، وعلمت أَنَّ المسألةَ المشهورة لا تُخَالِفُ الأحاديث (¬1). وقد علمت أن مولانا الجنجوهي رحمه الله تعالى كان يُفتي بجواز الردِّ حال الاستبراء، أي بعد الفراغ عن البول حال استعمال الحجارة، وكان مولانا محمد مظهر رحمه الله تعالى يمنع منه. قلت: أما في الفقه فكما اختاره مولانا الجنجوهي رحمه الله تعالى (¬2). قوله: (ولا يَجِدُ مَنْ يُنَاولِهُ) ... إلخ وعندنا يتيمم وإن كان يجده، لأنَّ القدرة بالغير غير مُعتَبرة عندنا. قوله: (فلم يُعِد) وهو المسألة عندنا. ¬

_ (¬1) قلت: قال السيوطي رحمه الله في "حاشيته على ابن ماجه": إنه ينبغي لِمَنْ سلَّم عليه في تلك الحال أن يدع الردّ حتى يتوضأ أو يتيمم ثم يرد، وهذا إذا لم يخش فوت المُسَلِّم، أما إذا خشي فوته فالحديث لا يدل على المنع، لأن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - تَمَكَّن من الرد بعد أن توضأ، أو تيمم على اختلاف الرواية، انتهى. قلت: ولعله رحمه الله تعالى أراد منه التوجيه للمسألة المشهورة من أن ردَّ السلام جائز، بدون الطهارة، فقال: ما نطق به النص، هو أن الطهارة مستحبةٌ لردِّ السلام وهذا مسلم. أما إنه لا يجوز وإن لم يتمكن من الطهارة فالحديث ساكت عنه. لأن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - تَمَكَن من الطهارة، وعلمنا من الخارج أنه جائز فلم يخالف الحديث. قلت: ولعل معنى قوله إلا أني كرهت عنده، يعني عند التمكن بها اهـ. (¬2) قلت: والذي يدور بالبال وإن لم يكن له بال بأن الطهارة لردِّ السلام كالوضوء مما مست النار، ومن لحوم الإبل، ومن مسِّ الفَرْج، ومسِّ المرأة، فكما حمله الشيخ رحمه الله تعالى على مستحب الخواص، كذلك فليحملها على مستحب الخواص ليتسع الأمر، ويقرب بمسائل الفقه، والأحاديث الواردة في التوسيع فيه، والله تعالى أعلم اهـ.

4 - باب المتيمم هل ينفخ فيهما؟

337 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَيْرًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَقْبَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبِى جُهَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ الأَنْصَارِىِّ فَقَالَ أَبُو الْجُهَيْمِ أَقْبَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الْجِدَارِ، فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ. تحفة 11885 337 - قوله: (بئر جَمَل) وإنما سُمِّيَت به لسقوط جَمَلٍ فيها. قوله: (رَجُلٌ) وهو أبو الجُهَيم نفسه، وإنما أبهم وأخفىَ اسمه لأنَّ ما سيذكره شيءٌ مكروهٌ ومن عدم جوابه صلى الله عليه وسلّم له. وفي مثله يفعل البيلغُ مِثلَه، ولا بَحْثَ لنا في البليد. 4 - باب الْمُتَيَمِّمُ هَلْ يَنْفُخُ فِيهِمَا؟ 338 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنْ ذَرٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ إِنِّى أَجْنَبْتُ فَلَمْ أُصِبِ الْمَاءَ. فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَمَا تَذْكُرُ أَنَّا كُنَّا فِى سَفَرٍ أَنَا وَأَنْتَ فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فَصَلَّيْتُ، فَذَكَرْتُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا». فَضَرَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِكَفَّيْهِ الأَرْضَ، وَنَفَخَ فِيهِمَا ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ. أطرافه 339، 340، 341، 342، 343، 345، 346، 347 - تحفة 10362 - 93/ 1 وواقعة عمَّار مع عمر رضي الله عنهما هذه ما علمتُ متى هي، مع أني تتبعت ذلك كثيرًا، وبوَّب عليه النسائي: «باب التيمم في الحضر»، وعنده واقعة أخرى في السفر في قصة فُقْدان القِلادة. وعبارة الترمذي تُشْعِر باتحاد القصتين. وذهب الطحاوي إلى تَعَدُّدِ القصتين، لأنَّ روايتهُ بالمسح قبل روايته بالكفين، ولهذه الواقعة نسب إلى عمر رضي الله عنه أنَّه كان لا يرى التيمم من الجنابة، ومثله نُسِب إلى ابن مسعود رضي الله عنه، وسيجيء بيانه. 5 - باب التَّيَمُّمُ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ 339 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِى الْحَكَمُ عَنْ ذَرٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ عَمَّارٌ بِهَذَا، وَضَرَبَ شُعْبَةُ بِيَدَيْهِ الأَرْضَ، ثُمَّ أَدْنَاهُمَا مِنْ فِيهِ، ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ. وَقَالَ النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ ذَرًّا يَقُولُ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قَالَ الْحَكَمُ وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عَمَّارٌ. أطرافه 338، 340، 341، 342، 343، 345، 346، 347 - تحفة 10362 340 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ ذَرٍّ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ شَهِدَ عُمَرَ وَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ كُنَّا فِى سَرِيَّةٍ فَأَجْنَبْنَا، وَقَالَ تَفَلَ فِيهِمَا. أطرافه 338، 339، 341، 342، 343، 345، 346، 347 - تحفة 10362

واعلم أنَّه جاءت الروايات في صفات التيمم على خمسة أنحاء: المسح إِلى الرُّسْغَين، والمسح إلى نصف الساعد، والمسح إلى المِرْفَق، والمسح إلى نصف العَضُد، وخامسها: المسح إلى الإباط، والمناكب، وضعَّف الحافظ أحاديث المسح إلى نصف العَضُد، ونصف الساعد. قلت: ولعلَّ الوجه أنَّ مَنْ زاد على الرُّسْغَين بشيءٍ عَبَّروه بنصف الساعد، وكذلك مَنْ زاد على المِرْفَقين عَبَّروه بنصف العَضُد، ولم تكن هاتان صفتين مستقلتين عندهم، وإنما أريد بهما استيعابُ المَحَلّ رُسْغًا كان أو مِرْفَقًا. ولا بد في الاستيعاب من زيادة فَخُيِّل أنهما صِفَتان. أما أحاديث الرُّسغَين فأصحُّها ما في الباب، وحديث الآباط أيضًا قَوِيٌّ، وحَسَّن الحافظ أحاديثَ المَسْح إلى المِرْفقين أيضًا. ثم الاختلاف فيه في موضعين: الأول: في الضربات، فقال مالك في روايةٍ وأحمد: تكفي ضربةٌ. وذهب أبو حنيفة رحمه الله تعالى وصاحباه ومالك - في رواية «الموطأ» إلى أنَّه ضربتان. والتيمم بالضربتين جائزٌ عند أحمد رحمه الله تعالى أيضًا وإن كان المختار عنده ضربةً واحدةً. والموضع الثاني الذي اختلفوا فيه: أنَّه إلى أين؟ فعند أحمد إلى الرسغين، وهو رواية عن الإِمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى ذكره صاحب «مراقي الفلاح»، والمختار عندنا وعند الشافعيّ رحمه الله تعالى أنَّه إلى المِرْفقين. وظاهرُ ما في «الموطأ» لمالك رحمه الله تعالى أنَّه يكونُ التيمم إلى المرفقين واجبًا عنده أيضًا، لكنَّ الشارحين حين حملوه على الاستحباب (¬1). ¬

_ (¬1) قلت: وكأني أرى القرآن يُبْهِم الأمر ليختلفوا فيه، واختلاف أمتي رحمة ولذلك خلقهم ويبقى الناس في فسحةٍ من الأمر، وإنما يريد الله بكم اليسر، فصرح في الوضوء بالغاية وقال: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6]، وسكت عنها في التيمم وقال: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [المائدة: 6] ولم يتعرض إلى الغاية فيه، وهذا مُشْعِرٌ بأن الصور كلها مُحتملة فَمَنْ شاء تيمم إلى الرُّسْغَين. ومَنْ شاء إلى المِرْفقين، ولذا ذهب إلى كلِّ احتمال من الاحتمالات إمامٌ من أئمة الدين، فقيل: ضربة، وقيل: ضربتان، وقيل: إلى الرُّسْغَين، وقيل: إلى المِرْفقين. ثم مَن اختار التيمم إلى المرفقين جاءت عنه الرواية بالرُّسْغَين أيضًا. وكأن الأئمة تختلف الرواياتُ عن إمامٍ واحد في مثل هذه المواضع لهذا أعني أن اللهَ سبحانه لو أراد أن ينحصر الدينُ في صورةٍ واحدة لانحصر فيها، ولضاق به الأمر على الناس فأراد أن لا يكون في الدين من حرج. فكم من أشياء عَيَّنها وصرح بها، وكم مِن أشياء أبهمها وهو المَرْضي لا أنه بحسب الاتفاق، أَو نحوٍ من قصور في العبارة والعياذ بالله، فإني رأَيتُ كثيرًا من العلماء يتأسفون في مثل هذه المواضع، وتتحدث بهم أنفسهم أن القرآن لو صرَّح لانفصل به الأمر، ولا يتوجهون إلى أن الله تعالى ليس غافلًا عن هذه الأشياء ولكنه أبهمها قصدًا، ونَبَّه عليه في قوله: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] وعدَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أعظمهم وزرًا مَنْ حُرِّم بسؤاله شيءٌ لم يكن حرامًا في الدين، فإنه هو الذي ضيَّق على الناس وهذه فائدة عظيمة تنفعك في القرآن في كثير من المواضع، ولم أر أحدًا منهم نَبَّه عليها، ولكن شغلهم عنها الاستنصارُ لمذهبهم فقالوا: إن الله سبحانه لما ذكر الغاية في الوضوء وأطلقها في التيمم، كان الظاهر فيه التقييد بمثل ما في الوضوء، ولا أُنكر هذا الاستنباط فليكن الأمر كما قالوه، ولكن الأهم منه أّن يُنبهوا على هذا الصنيع لينفع في كثيرٍ من الآيات. وهذا لم يكن خاطري أبو عُذْرِهِ، =

ولنا ما أخرجه البَغَوي في قصة أبي الجُهَيم أنه ردَّ عليَّ السلامَ بعدما مسح بوجهه وذراعيه، وحَسَّنه، ثم اطلعت على إسناده بعد زمان فوجدت فيه راويًا ساقطًا، وهو إبراهيم بن محمد. ولنا أيضًا ما رواه الدَّارقطني عن جابر عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم قال «التيممُ ضربةٌ للوجه، وضربةٌ للذِّرَاعَين إلى المِرْفَقَين». واختُلِف في رَفْعِه وَوَقْفِهِ، قال الدَّارقطني: والصواب أنَّه موقوفٌ. ونقله الزَّيْلعي في تخريج «الهداية»، ولم يَنْقل فيه مَقولة الدارقطني، فكنت فيه مترددًا لأني ما جربت عليه أنه يُخفي شيئًا ويَبْتُر النقل، حتى وجدتُ في «التلخيص»: قال الدَّارقطني: «رجاله ثقات» في الصلب، وفي الهامش. والصواب أنَّه موقوف، فعلِمْتُ أنه نقل ما كان في الصلب وترك ما كان في الهامش، ولم يدخله في الصلب. وأخرجه الطحاوي أيضًا عن جابر رضي الله عنه قال: أتاه رجلٌ فقال: أصابتني جنابةٌ، وإني تَمَعَّكْتُ في التراب، فقال: أصِرت حمارًا؟ وضرب بيديه إلى الأرض فمسح وجهه، ثم ضرب بيديه إلى الأرض فمسح بيديه إلى المِرْفَقين، وقال: هكذا التيمم. والذي يقع في الخاطر أَنَّه مرفوعٌ ومَن صوَّب وَقْفَه إنَّما حمله على ذلك إرجاعُ الضمير إلى جابر رضي الله عنه. وعندي مَرْجِعُه إِلى النبي صلى الله عليه وسلّم وإنما ينقل جابر رضي الله عنه ما كان جرى بين النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وبين هذا الرجل من القصة (¬1)، ولنا ما رواه البَزَّار عن عَمَّار في قصة، وفيها: أَمَرَنا فَضَرَبْنا واحدة ¬

_ = ولكني كنت سمعته من شيخي رحمه الله تعالى في الآية التي في صلاة الخوف حيث تعرض القرآن لصفتها في الركعة الأولى، وأجمل في الثانية، وهي عين موضع الانفصال، فنبه هناك أنَّ الله أبقى لهم فيه مساغًا، ولذا ترك التصريح بعين ما كان ينفصل به الأمر، وهو الركعة الثانية، وسكت عن صفتها. وسيأتي ذكره مفصلًا إن شاء الله تعالى، وإنما أجريت تقريره ههنا من عند نفسي، وأحمد الله ربي على هذا الانتقال أيضًا، ثم إياك وأن تُنْسب إليَّ ما لم أُرِدْه، فإن المذهب عندي كما في الكتب وهو الذي ينبغي عليه العمل للمقلد، وإنما أردت الآن الكلامَ في الشّرع الحاوي للمذاهب الأربعة دون خصوص الجزئيات، وإن عَجَزْتَ أن تفهم حقيقة المراد بعده أيضًا فأنت أعلم اهـ. (¬1) قلت: ورأيت بعض القاصرين يقول: وكيف يصح إرجاع الضمير إليه - صلى الله عليه وسلم - مع أنه ليس بمذكور في طريق من الطرق؟ قلت: وكأن هذا القائل غافل عن طريق الصحابة رضي الله عنهم، وعن طريق سَنَن الكلام، وليس عنده إلا مسائل هدايةِ النحو، ولا أدري ما الضيق في إرجاع الضمير إلى مَنْ دار ذِكْره فيما بينهم وكان في أذهانهم حاضرًا كلَّ أوان. ثم لبس عند جابر رضي الله عنه صفة التيمم عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على لفظ الدَّارقطني وكأنه أخذها عَمَّا كان في الطحاوي من الواقعة وفي آخره: وهكذا التيمم. ولا ريب في أن الأظهر أنه مرفوع ولذا لما نقل عنه صفة التيمم عند الدارقطني صرَّح بالرَّفْع مع أن سند ما وراء الدارقطني والطحاوي مُتَّحِد. فحديثه المختصر عند الدارقطني من أجَلِّ القرائن على أن ما عند الطحاوي مرفوع، لأن ما يتبادر إلى الذهن أَن الحديث على وجهه كما في الطحاوي، ثم أخذ عنه صفة التيمم واكتفى بروايتها كما قالوا في روايةِ عمار: إن قوله: "إنما يكفيك الوَجْه والكَفَّيْنِ" روايةٌ بالمعنى، وحديثه على وجهه هو الذي فيه الإشارة إنما يكفيك هكذا، والتصرف بِمثله غيرُ نادر في الرواة، كحديث ابن عمر رضي الله عنه: "الوتر ركعة من آخر الليل"، إنما هو منقوض من حديثه الطويل في الوتر: "صلاةُ الليلِ مثنى مَثْنَى"، وفي آخره: "فليوتر بواحدة" وسيجيء تحقيقه، وأما الكلام فيما نحن فيه فلا يحتاج إلى شيء من هذا، فإنه لا ندرة ولا سترة في إرجاع الضمير إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في زمن الصحابة رضي الله عنهم، لكونه حاضرًا بينهم في زمانهم ومكانهم، وإنما الأسف على مَن اعتاد الردَّ وظنه كمالًا اهـ.

للوَجْهِ، ثم ضربةً أخرى لليدين إلى المِرْفَقَين. وحَسَّنه الحافظ في «الدراية» (¬1)، وهي تلخيص نصب الراية، للعلامة الزَّيلعي، وغلط الكاتب في اسمها فكتب «نصب الراية» مكان «الدراية». 341 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ ذَرٍّ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ قَالَ عَمَّارٌ لِعُمَرَ تَمَعَّكْتُ فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «يَكْفِيكَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ». أطرافه 338، 339، 340، 342، 343، 345، 346، 347 - تحفة 10362 342 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ ذَرٍّ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ شَهِدْتُ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ. أطرافه 338، 339، 340، 341، 343، 345، 346، 347 - تحفة 10362 343 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ ذَرٍّ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عَمَّارٌ فَضَرَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ الأَرْضَ، فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ. أطرافه 338، 339، 340، 341، 342، 345، 346، 347 - تحفة 10362 341 - قوله: (يكفيك الوَجْهُ والكَفَّيْن) والظاهر أَنْ يكون «الكفان» وقد مرَّ معنا مفصّلًا أنَّ هذا التعبير مستفاد من قوله: {وَأَرْجُلَكُمْ} على قراءةِ النصب، ولعله روايةٌ بالمعنى، وحكايةٌ للفعل بالقول وإنَّما كان أشار إليه كما في الرواية المارة: «إنما يكفيك هكذا» وكانت تلك إشارة إلى المعهود، ولِما عَلِمتَ من رواية الطحاوي تعدد الواقعتين، أَمْكَن أن تجعل ما في قصة عمر وعمَّار رضي الله عنهما إشارةً إلى ما تعلم من صفته من قبل (¬2). وإنما سلك النبيُّ صلى الله عليه وسلّم مَسْلَك ¬

_ (¬1) قلت: وردَّ هذا المشغوف بالخلاف في هذا الموضع أيضًا، ولا أُحب أن أذكر اسمه فإِنه امرؤٌ مَضَى لسبيله وأفضى إلى ما قدمه، ولا أريد الرد عليه ولا أراه أهلًا له، وإنما هَمّه في جميع كتابه تضعيفُ أحاديث الحنفية، ونَقْل الجروح فيمن وَثقهم أصحابُ الصَّنعة وردُّ بعض الأقوال على البعض، وهذا هو عِلْمُهُ لا غيرُ فلو كان هذا علمًا لأمكن منه كلُّ أحد، ولا يسلم بِصَنِيعه هذا حديثُ أحدٍ من المذاهب الأربعة، وهل يريدُ رجلًا أكثر جرحًا من محمد بن إسحاق فما رأيه فيه؟ فالحاصل: أنا لم نلتفت إلى الرد عليه من قَبْل ولا أردنا أَن نفعله فيما يأتي، ولكن جرى به القلم ههنا على حَيْفه حيث قال: إن صاحب "العَرْف الشَّذِي" لم ينقل كلام الحافظ بتمامه، وليس هذا من شأن أهل العلم. قلت: بل هو شأن أهل العلم أن ينقل ما حكم به ثم يُتْبع رأيه، فإن الحافظ رحمه الله لم يتكلم فيما بعده في إسناده وإنما تركه لمعارضة الروايات الأخرى عنه، وأنت تعلم أن باب المعارضة غير باب الإسناد، فالشيخ أراد النقل عن رأيه في حق الإسناد ثم مشى على رأي نَفْسِه فيما بعد، وأيُّ حاجة له أن ينقل رأيه في ما يتعلق بتعارُضه أيضًا. ثم هذا القائل لِفَرْط تَعَصُّبه لم يعرف أن ما في "العَرْف الشَّذِي" كله على طريق الدرس، الذي ربما يُذكر فيه أشياء وُيحذف أشياءُ باعتبار المخاطَب والوقت، بل قد يتفق مثله في التصانيف أيضًا، فحمله على أنه صنفه فأورد عليه ما أورد، مع أن "العَرْف الشَّذِي" وهذه المجموعة وأمثالهما كلها عبارة عن جَمْع أحد من تلامذته لما ألقى عليهم في درسه، لا أنه تصنيف مستقل أريد به الاستيعاب بما في الباب، وإنما طولت فيه الكلام لأني رأيت آخرين أيضًا خبطوا فيه، ولم يفرقوا بين شأن الدرس والتصنيف، ولا حول ولا قوة إلا بالله. اهـ. (¬2) قلت: والقرينة على أن الأصل في روايته هو التعليم بالإثارة، وأن التعليم بالقول رواية، بالمعنى ما عنه عند البخاري، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما كان يكفيك هكذا"، فضرب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بكفيه الأرض ... إلخ. ففيه ذِكْرُ التعليم القولي مع فِعْله - صلى الله عليه وسلم - بالكفين، فلما كان ذِكْر الكفين جرى في ذيل فعله، وكان بيانًا لقوله أخذه بعض الرواة في بيان القول، ثم رفعه، والله تعالى أعلم.

6 - باب الصعيد الطيب وضوء المسلم، يكفيه من الماء

الاختصار والإِشارة، لأنَّه كان بالغ فيه، فردَّ عليه فِعْلَه بأبلغ وجه، وقال: إنك تَمَعَّكْتَ مع أنه تَكْفِيك هكذا فقط، فليس هذا موضعَ تعليم فقط بل تعليمٌ مع الرد على مبالغته بأبلغ وَجْهٍ كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في حديث جُبَير بن مُطْعِم حين تَماروا في الغُسْل: أما أنا فأفيض على رأسي ثلاثًا لا يريد بذلك الاقتصار عليه فقط، بل الردّ على المبالغات (¬1). 6 - باب الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ، يَكْفِيهِ مِنَ الْمَاءِ وَقَالَ الْحَسَنُ يُجْزِئُهُ التَّيَمُّمُ مَا لَمْ يُحْدِثْ. وَأَمَّ ابْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ مُتَيَمِّمٌ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لاَ بَأْسَ بِالصَّلاَةِ عَلَى السَّبَخَةِ وَالتَّيَمُّمِ بِهَا. ولعله اختار مذهب الحنفية وترك مذهب الشافعية ولذا لم يتعرض إلى تفصيل فيه: من كونه مُنْبِتًا أو لا. ولا عجب أن يكون إشارة إلى مسألة أخرى أيضًا، وهي طهارة مطلقةٌ عندنا، وضروريةٌ عند الشافعية، فجعله وضوءَ المسلم فكان طهارةً مُطْلقة كالوضوء. قوله: (وقال الحسن) ... إلخ واعلم أَنَّ رؤية الماءِ والقدرة على استعماله من نواقض التيمم عندنا، وعند أحمد نواقِضُه تواقضُ الوضوء فقط، وليست الرؤية من نواقضه، فكأَنَّ المصنِّف رَحِمه الله تعالى أشار إلى مذهبه وتمسك بقوله صلى الله عليه وسلّم «ما لم يُحْدِث». قوله: (وأَمَّ ابنُ عباس رضي الله عنه) وأنكر محمد رحمه الله تعالى إِمَامةَ الميتممِ للمتوضىء، كإنكاره إمامة القاعِدِ للقائم. قوله: (وقال يحيى بن سعيد) أي القاضي، وليس بالقطان. قوله: (عَلى السَّبَخَةِ) فاكتفى بنجس الأرض، وترك تفصيل الشافعية كما مرَّ. 344 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ عِمْرَانَ قَالَ كُنَّا فِى سَفَرٍ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَإِنَّا أَسْرَيْنَا، حَتَّى كُنَّا فِى آخِرِ اللَّيْلِ، وَقَعْنَا وَقْعَةً وَلاَ وَقْعَةَ أَحْلَى عِنْدَ الْمُسَافِرِ مِنْهَا، فَمَا أَيْقَظَنَا إِلاَّ حَرُّ الشَّمْسِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ فُلاَنٌ ثُمَّ فُلاَنٌ ثُمَّ فُلاَنٌ - يُسَمِّيهِمْ أَبُو رَجَاءٍ فَنَسِىَ عَوْفٌ - ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الرَّابِعُ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا نَامَ لَمْ يُوقَظْ حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَسْتَيْقِظُ، لأَنَّا لاَ نَدْرِى مَا يَحْدُثُ لَهُ فِى نَوْمِهِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ عُمَرُ، وَرَأَى مَا أَصَابَ النَّاسَ، وَكَانَ رَجُلاً ¬

_ (¬1) قلت: وقوله: "اصنعوا كلُّ شيءِ إلا النكاح" أيضًا من هذا الوادي عندي لم يرد بذلك بيانُ كلِّ ما يجوز له من امرأته، ولكنه أراد -والله تعالى أعلم- مخالفة اليهود، فشدد في التعبير فقط. وفهمه الصحابة رضي الله عنهم حقًا، ولذا قالوا: "أفلا نجامعهن"، وقد اختُلف في مراده، وفي طريق: "أفلا ننكحهن"؟، فمَنْ حمله على المجامعة في البيوت فلعله غَفَلَ عن هذا اللفظ، وإنما تبادروا إلى الإِذن بالمجامعة، لأنهم فهموا أن القرآن نزل بخلافهم، فأرادوا أن يخالفوهم بأقصى ما يمكن، ولما كانت هذه المبادرة استعجالًا منهم بدون تفكر في قوله: {فَاعْتَزِلُوا}، وكثيرًا ما يعتري المرء عند الاستعجال في الامتثال - غضبَ عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فاعلمه فإِن طريق النبوة بين الإفراط والتفريط، والعدل في الرضا، والغضب والصدق في الجد والهزل.

جَلِيدًا، فَكَبَّرَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ، فَمَا زَالَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ لِصَوْتِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ شَكَوْا إِلَيْهِ الَّذِى أَصَابَهُمْ قَالَ «لاَ ضَيْرَ - أَوْ لاَ يَضِيرُ - ارْتَحِلُوا». فَارْتَحَلَ فَسَارَ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ نَزَلَ، فَدَعَا بِالْوَضُوءِ، فَتَوَضَّأَ وَنُودِىَ بِالصَّلاَةِ فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلاَتِهِ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مُعْتَزِلٍ لَمْ يُصَلِّ مَعَ الْقَوْمِ قَالَ «مَا مَنَعَكَ يَا فُلاَنُ أَنْ تُصَلِّىَ مَعَ الْقَوْمِ». قَالَ أَصَابَتْنِى جَنَابَةٌ وَلاَ مَاءَ. قَالَ «عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ، فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ». ثُمَّ سَارَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاشْتَكَى إِلَيْهِ النَّاسُ مِنَ الْعَطَشِ فَنَزَلَ، فَدَعَا فُلاَنًا - كَانَ يُسَمِّيهِ أَبُو رَجَاءٍ نَسِيَهُ عَوْفٌ - وَدَعَا عَلِيًّا فَقَالَ «اذْهَبَا فَابْتَغِيَا الْمَاءَ». فَانْطَلَقَا فَتَلَقَّيَا امْرَأَةً بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ - أَوْ سَطِيحَتَيْنِ - مِنْ مَاءٍ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا، فَقَالاَ لَهَا أَيْنَ الْمَاءُ قَالَتْ عَهْدِى بِالْمَاءِ أَمْسِ هَذِهِ السَّاعَةَ، وَنَفَرُنَا خُلُوفًا. قَالاَ لَهَا انْطَلِقِى إِذًا. قَالَتْ إِلَى أَيْنَ قَالاَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَتِ الَّذِى يُقَالُ لَهُ الصَّابِئُ قَالاَ هُوَ الَّذِى تَعْنِينَ فَانْطَلِقِى. فَجَاءَا بِهَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَحَدَّثَاهُ الْحَدِيثَ قَالَ فَاسْتَنْزَلُوهَا عَنْ بَعِيرِهَا وَدَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِإِنَاءٍ، فَفَرَّغَ فِيهِ مِنْ أَفْوَاهِ الْمَزَادَتَيْنِ - أَوِ السَّطِيحَتَيْنِ - وَأَوْكَأَ أَفْوَاهَهُمَا، وَأَطْلَقَ الْعَزَالِىَ، وَنُودِىَ فِى النَّاسِ اسْقُوا وَاسْتَقُوا. فَسَقَى مَنْ شَاءَ، وَاسْتَقَى مَنْ شَاءَ، وَكَانَ آخِرَ ذَاكَ أَنْ أَعْطَى الَّذِى أَصَابَتْهُ الْجَنَابَةُ إِنَاءً مِنْ مَاءٍ قَالَ «اذْهَبْ، فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ». وَهْىَ قَائِمَةٌ تَنْظُرُ إِلَى مَا يُفْعَلُ بِمَائِهَا، وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ أُقْلِعَ عَنْهَا، وَإِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْنَا أَنَّهَا أَشَدُّ مِلأَةً مِنْهَا حِينَ ابْتَدَأَ فِيهَا، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اجْمَعُوا لَهَا». فَجَمَعُوا لَهَا مِنْ بَيْنِ عَجْوَةٍ وَدَقِيقَةٍ وَسَوِيقَةٍ، حَتَّى جَمَعُوا لَهَا طَعَامًا، فَجَعَلُوهَا فِى ثَوْبٍ، وَحَمَلُوهَا عَلَى بَعِيرِهَا، وَوَضَعُوا الثَّوْبَ بَيْنَ يَدَيْهَا قَالَ لَهَا «تَعْلَمِينَ مَا رَزِئْنَا مِنْ مَائِكِ شَيْئًا، وَلَكِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِى أَسْقَانَا». فَأَتَتْ أَهْلَهَا، وَقَدِ احْتَبَسَتْ عَنْهُمْ قَالُوا مَا حَبَسَكِ يَا فُلاَنَةُ قَالَتِ الْعَجَبُ، لَقِيَنِى رَجُلاَنِ فَذَهَبَا بِى إِلَى هَذَا الَّذِى يُقَالُ لَهُ الصَّابِئُ، فَفَعَلَ كَذَا وَكَذَا، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لأَسْحَرُ النَّاسِ مِنْ بَيْنِ هَذِهِ وَهَذِهِ. وَقَالَتْ بِإِصْبَعَيْهَا الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ، فَرَفَعَتْهُمَا إِلَى السَّمَاءِ - تَعْنِى السَّمَاءَ وَالأَرْضَ - أَوْ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ ذَلِكَ يُغِيرُونَ عَلَى مَنْ حَوْلَهَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَلاَ يُصِيبُونَ الصِّرْمَ الَّذِى هِىَ مِنْهُ، فَقَالَتْ يَوْمًا لِقَوْمِهَا مَا أُرَى أَنَّ هَؤُلاَءِ الْقَوْمَ يَدَعُونَكُمْ عَمْدًا، فَهَلْ لَكُمْ فِى الإِسْلاَمِ فَأَطَاعُوهَا فَدَخَلُوا فِى الإِسْلاَمِ. طرفاه 348، 3571 - تحفة 10875 - 95/ 1 قال أبو عبد الله: صبأ خرج من دين إلى غيره. وقال أبو العالية: الصابئين فرقة من أهل الكتاب يقرؤون الزبور. [الحديث 344 - طرفاه في: 348، 3571] 344 - قوله: (كنَّا في سَفَرٍ) ... إلخ وهذه واقعة التعريس، واختُلف فيها على أربعة أوجه: فقيل: إنَّه عند رجوعه من خيبر، وقيل: في غزوة أولات الجيش، وقيل: في قُفُوله من غزوة تَبوك، وقيل: من الحديبية. أقول: وأقطع على أنَّها واقعة واحدة لا أنها واقعت عديدة،

وإنما الاختلاف من الرواة في تعيينها والأرجح عندي أنه واقعة خيبر. وما عند أبي داود أنها في غزوة «مؤتة» فغلط، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يكن في تلك الغزوة. قوله: (لا ضَيْرَ) واعلم أَنَّ النقصان في الأمور الدينية على نحوين: الأول: من جهة النية، والثاني من جهة وجود الشيء. والمُنتَفى ههنا هو الأول فلا ضَيْر من تلقاء النية، أما النقصان باعتبار وجود الشيء فقد وجد، فمعناه لا إثم وإن فاتتهم الصلاة. قوله: (ارْتَحلوا) قال الشافعية: وإنَّما أمرهم بالارتحال لأنه كان مكانًا حَضَره الشيطان. قلنا: وما لكم تفَرُّون من مكان الشيطان ولا تفرُّون من زمانه، فكلا الأمرين مَرْعيَّان: مكان الشيطان، وزمانه. وقد رُوي: أنَّ الشمسَ تَطْلُع بين قَرْنَي الشيطان، ثم لا أدري أنَّهم قالوه جوابًا فقط أو المسألة عندهم تَرْك الصلاة في مكان الشيطان؟ ولم أر في هذا الباب منهم إلا ما كتبه ابن حجر المكي الشافعيّ في «الزواجر» وهو غير الحافظ رحمه الله تعالى: أن تَرْكَ مكان المعصية من مُكَمِّلات التوبة. قوله: (فَصَلَّى بالنَّاس) وفي كتاب «الآثار»: أنه جهر فيها أيضًا، فَعُلم منه أنه ينبغي الجَهْر في قضاء الجهرية، وليست تلك المسألة إلا في هذا الكتاب. وفيه اختلاف المشايخ الحنفية. والأرجح عندي ما قررت، ثم إذا فاتته الجماعة هل يجب عليه ابتغاء الجماعة في مسجد آخر غير مسجده؟ فالظاهر أنه لا يجب عليه، ولا يبقى عليه وجوبُ الجماعة بعد فواتها، نعم لا شك في الاستحباب. وفي هذه الواقعة تصريح بأن النبي صلى الله عليه وسلّم قضى سُنَّة الفجر قبل ركعتيه. قوله: (قال أبو العالية) ... إلخ. قال البيضاوي: إن الصابئين كانوا عُبَّادًا للنجوم. وقيل: إنهم كانوا يُنْكِرون النبوة، وكانوا على مُضَادَّة الحنفية، ثم صار من ألقاب الذمّ. قلت: وقد تحقق عندي من التاريخ أنَّ العربَ كنوا يُلَقِّبون أنفسهم بالحَنِفِيَّة، وبني إسرائيل بالصابئية، وكان بنو إسرائيل يعكسونه. ونقل الشهرستاني مناظرتهم في نحو خمسين ورقةً، ويفهم منه أنهم كانوا يُنْكِرون النبوة. ومرَّ عليه الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى وقال: إنهم كانوا من الفلاسفة، وزعم أنهم كانوا فرقة من أهل الكتاب لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا} [البقرة: 62] الآية، حيثُ سَوَّى فيه أمرَهم وأمرَ أهلِ الكتاب، ووعد بالأجر لِمَنْ آمن منهم كما وعد لليهود والنصارى فهو صريحٌ في كونهم أهلَ الكتاب، لأنه ذَكر إيمانَ بعضهم. وقال آخرون: إِنَّ المرادَ بِمَن آمن: مَنْ يؤمن في المستقبل، وحينئذٍ لا يكون فيه دليل على كونهم كَتَابِيَّين. ويكون المعنى: أنَّ الفوزَ بالآخرة لا يختص بجماعة دون جماعة، ولكن مَنْ يؤمن بالله ورسوله فله النجاة سواء كان يهوديًا، أو نصرانيًا، أو غيرهما، وليس كما يزعمه اليهود والنصارى أنَّ الآخرةَ تَخْتَص بهم، ففيه تفصيلٌ بعد الإِجمال. وقد مرَّ معنا في كتاب الإِيمان في باب «الدِّين يُسْر» إن «مَنْ آمن» الثاني استئناف عندي، وقد مرَّ في موضع أنَّ الصابئين عندي مِمَّن

7 - باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش، تيمم

كانوا يريدون تسخيرَ عالم الأمر بنوعٍ من الرياضات، كتسخيرنا الأجنة بالأعمال الحنيفية، فإِنه تخشُّع وتَذَلُّل وتَمَسْكُن وتَضَرُّع من تلك الجهة، وأداء لوظيفة العبودية فقط بدون نية تسخير. قوله: (أَصْبُ) أَمِل. وستعلم أن الإِمام الهُمام له شَغَفٌ باللغة فنبه ههنا على الفرق بين المهموز والناقص. 7 - باب إِذَا خَافَ الْجُنُبُ عَلَى نَفْسِهِ الْمَرَضَ أَوِ الْمَوْتَ أَوْ خَافَ الْعَطَشَ، تَيَمَّمَ وَيُذْكَرُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ أَجْنَبَ فِى لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فَتَيَمَّمَ وَتَلاَ {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] فَذَكَرَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يُعَنِّفْ. 345 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ - هُوَ غُنْدَرٌ - عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ قَالَ أَبُو مُوسَى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ لاَ يُصَلِّى. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ رَخَّصْتُ لَهُمْ فِى هَذَا، كَانَ إِذَا وَجَدَ أَحَدُهُمُ الْبَرْدَ قَالَ هَكَذَا - يَعْنِى تَيَمَّمَ وَصَلَّى - قَالَ قُلْتُ فَأَيْنَ قَوْلُ عَمَّارٍ لِعُمَرَ قَالَ إِنِّى لَمْ أَرَ عُمَرَ قَنِعَ بِقَوْلِ عَمَّارٍ. أطرافه 338، 339، 340، 341، 342، 343، 346، 347 - تحفة 10360، 9247 346 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ شَقِيقَ بْنَ سَلَمَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِى مُوسَى فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى أَرَأَيْتَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِذَا أَجْنَبَ فَلَمْ يَجِدْ، مَاءً كَيْفَ يَصْنَعُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لاَ يُصَلِّى حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ. فَقَالَ أَبُو مُوسَى فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِقَوْلِ عَمَّارٍ حِينَ قَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كَانَ يَكْفِيكَ» قَالَ أَلَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِذَلِكَ. فَقَالَ أَبُو مُوسَى فَدَعْنَا مِنْ قَوْلِ عَمَّارٍ، كَيْفَ تَصْنَعُ بِهَذِهِ الآيَةِ فَمَا دَرَى عَبْدُ اللَّهِ مَا يَقُولُ فَقَالَ إِنَّا لَوْ رَخَّصْنَا لَهُمْ فِى هَذَا لأَوْشَكَ إِذَا بَرَدَ عَلَى أَحَدِهِمُ الْمَاءُ أَنْ يَدَعَهُ وَيَتَيَمَّمَ. فَقُلْتُ لِشَقِيقٍ فَإِنَّمَا كَرِهَ عَبْدُ اللَّهِ لِهَذَا قَالَ نَعَمْ. أطرافه 338، 339، 340، 341، 342، 343، 345، 347 - تحفة 10360، 9247 - 966/ 1 قوله: (ويُذْكَرُ أَنَّ عَمْرَو بنَ العاص) ... إلخ. وحديثه في السنن، وهكذا المسألة عندنا. ثم إن التيمم من الجنابة لا ينتقض إلا عن موجِبات الجنابة، ولا ينتقض عن نواقض الوضوء. 345 - قوله: (حدثنا بِشْر بن خالد) ... إلخ. وفيه قصة أبي موسى رضي الله عنه، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما، والترتيب فيه ليس على وجهه، كالترتيب فيما ذكره عن محمد بن سلام، والترتيب الصحيح فيما حدثه عمر بن حَفْص رضي الله عنه. وحاصله: أَنَّ ابن مسعود رضي الله عنه لما أنكر التيمم من الجنابة أورد عليه أبو موسى قِصة عمر وعمار رضي الله عنهما، ثم لما أجاب عنه ابن مسعود رضي الله عنه وقال: إن عمر رضي الله عنه لم يَقْنَع بقوله، أورد عليه الآية الدالة على التيمم من الجنابة، وحينئذ لم يَدْرِ ابنُ مسعود رضي الله عنه ما يقول، والتجأ إلى إظهار مُضْمَرِه، وصرَّح بأنَّ إنكارَه لأجل المصلحة، لا لإِنكاره التيممَ رأسًا. وانكشف به أنَّ إنكار عمر رضي الله عنه أيضًا كان من هذا القبيل عنده،

8 - باب التيمم ضربة

فما نسب الترمدي إليهما ليس بصحيح، وكذا عُلم منه أنَّ الملامسة عنده محمولةٌ على الجِماع وإلا لم ترد عليه الآية أصلًا، ولقال: إنَّ التيمم في الآية ليس من الجنابة، بل من مسّ المرأة فتقديره على أنَّ الآية وردت في حكم التيمم من الجنابة دليلٌ على أنَّ الملامسة عنده هي الجِماع، لا كما نسب إليه أبو عمر فهو أيضًا مَحَلُّ تَرَدُّد. واعلم أنَّه قد وقعت أغلاطٌ كثيرة في نقل مذاهب الصحابة رضي الله عنهم، لأنها غيرُ مخدومة، وليس جميعها متوارثة بالعمل، فأخذوها من مقولتهم فقط. ومعلوم أنه لا يحصل شيءٌ من النقل فقط، وإنما يُفهم الشيء بعد الممارسة، ولا تكون إلا بعد العمل بها كما رأيت ههنا، فنسبوا إنكار التيمم إلى ابن مسعود رضي الله عنه مشيًا على اللفظ فقط، وهو قوله: «لا يصلي حتى يجد الماءِ»، مع أنك إذا حققت الأمر استبنت أنه لا يُنكِره أصلًا. ثم إذا نُسب إليه الإِنكار من الجنابة فُرِّع عليه أنَّ الملامسة عنده في معنى مسِّ المرأة. هذه كما ترى كلُّها تفريعاتٌ على لفظه فقط، وقد كشفنا لك وجهه، وهذا هو وجه اختلافهم في حجية الوِجادة عندي، لأنها أخذٌ من الكتاب، ومعلوم أن الكتاب ليس كالخطاب، ولذا أقول، إِنه لو أقام بحقه ومارسه حتى أدركه بما فيه، كان حجة قطعًا. 8 - باب التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ 347 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى لَوْ أَنَّ رَجُلاً أَجْنَبَ، فَلَمْ يَجِدِ الْمَاءَ شَهْرًا، أَمَا كَانَ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّى فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِهَذِهِ الآيَةِ فِى سُورَةِ الْمَائِدَةِ (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ رُخِّصَ لَهُمْ فِى هَذَا لأَوْشَكُوا إِذَا بَرَدَ عَلَيْهِمُ الْمَاءُ أَنْ يَتَيَمَّمُوا الصَّعِيدَ. قُلْتُ وَإِنَّمَا كَرِهْتُمْ هَذَا لِذَا قَالَ نَعَمْ. فَقَالَ أَبُو مُوسَى أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَاجَةٍ فَأَجْنَبْتُ، فَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ، فَتَمَرَّغْتُ فِى الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَصْنَعَ هَكَذَا». فَضَرَبَ بِكَفِّهِ ضَرْبَةً عَلَى الأَرْضِ ثُمَّ نَفَضَهَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهَا ظَهْرَ كَفِّهِ بِشِمَالِهِ، أَوْ ظَهْرَ شِمَالِهِ بِكَفِّهِ، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَفَلَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِقَوْلِ عَمَّارٍ وَزَادَ يَعْلَى عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِى مُوسَى فَقَالَ أَبُو مُوسَى أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَنِى أَنَا وَأَنْتَ فَأَجْنَبْتُ فَتَمَعَّكْتُ بِالصَّعِيدِ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْنَاهُ فَقَالَ «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا». وَمَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ وَاحِدَةً أطرافه 338، 339، 340، 341، 342، 343، 345، 346 - تحفة 10360، 9247 9 - باب 348 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ أَبِى رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ الْخُزَاعِىُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً مُعْتَزِلاً لَمْ يُصَلِّ فِى

الْقَوْمِ فَقَالَ «يَا فُلاَنُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّىَ فِى الْقَوْمِ». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَابَتْنِى جَنَابَةٌ وَلاَ مَاءَ. قَالَ «عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ». طرفاه 344، 3571 - تحفة 10876 - 97/ 1 وهذا الترتيب أيضًا مقلوب، حيث ذكر فيه قصة عمر وعمَّار رضي الله عنهما بعدما كشف عن مراده، مع أنه لا إيراد عليه حينئذ، لأنه إذا أقر بالتيمم من الجنابة فما الإِيراد عليه بقصتهما؟ قوله: ضربةٌ وقد مرَّ معنا أنه وإن اكتفى بالضربة ههنا لكنه مختصر، والجمهور ذهبوا إلى الضربتين كما في الروايات المفصَّلات، فلا يُقْضى بالإِجمال على التفصيل ألا ترى أنه ذُكِر في هذه الرواية أَخصَر مِمَّا ذكره في عامة الروايات، فقال: «ثم مَسَح بها ظَهْرَ كَفِّه بشماله»، فلم يذكر مسح الكفين بتمامها أيضًا، وليس هذا مذهبًا لأحد فاعلمه، فإنه يفيدك في دَعْوى الاختصار في تلك الروايات، والله تعالى أعلم. انتهى بحسن توفيق الله تعالى الجزء الأول من كتاب "فيض الباري على صحيح البخاري" من أمالي إمام العصر المحدث الشيخ أنور الحنفي الديوبندي رحمه الله ويليه الجزء الثاني وأوله: كتاب الصلاة ***

8 - كتاب الصلاة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 8 - كتاب الصَّلاة سمّيت الصلاة صلاة لكونها متَّبعًا بها فِعْلَ الإِمام، فإن التّالي للسابقِ من الخيل يسمّى مصلِّيًا لكون رأسه عند صَلا السابق. كذا ذكره الباقلاّنِي، وهو الوجه عندي في تسمِيَتِهَا صلاة، لا أنها من تحريك الصلوين، فإِن المُقتدي يصلّي خلفَ الإِمام ويتَّبع فعلَه ويجري معه، ونظرًا إلى هذا الاستصحاب قال صاحب «الهداية»: إن ربط القدة هو للتَّضمُّن، فراعى في صلاة الجماعة التَّضمُّن، أعني أن صلاة الإِمام متضمِّنةٌ لصلاة المقتدي، فلم يكن الإِمام مجليًا والمقتدي مصليًا في الحس فقط، بل بِحَسَب المعنى أيضًا حتى صار الإِمام يَسْتَصْحِبُ صلاةَ المقتدي معه بحيث تَوَقَّفت صلاةُ المقتدي على صلاةِ إِمامِهِ صحةً وفسادًا؛ ولذا قال أصحابنا: إن اتحاد الصّلاتين من شرائط الاقتداء بخلاف الشافعي رضي الله عنه، فإنه خَالَفَنا في تلك الفروع كلِّها فلا سِرَايةَ عنده لصلاةَ الإِمام إلى صلاة المقتدي، وجاز الاقتداء عنده عند اختلافِ الصّلاتين فرضًا ونفلا حتى الاختلاف وقتًا أيضًا، وقد بسطناه من قبل. وقد علمت أن البخاري رحمه الله تعالى وسَّع فيه أزيدَ من الشّحافعية رحمهم الله تعالى، ومن هنا أجاز بتقدم تحريمة المقتدي على تحريمة الإِمام. ثم لا يخفى عليك أن كلَّ عبادة تكون من المخلوق تعظيمًا لخالقه وخشيةً له أسمِّيها صلاة، والصلاة بهذا المعنى تشترك في جميع الخلق وإن اختلفت صورها، فصلاة كلَ ما نَاسَبَهُ، وإليه يُشير قوله تعالى: {كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} [النور: 41] فأشار إلى اشتراك جميع الخَلْقِ في وظيفةِ الصلاةِ مع تغاير صُوَرِهَا كالسّجدة فإِنَّ الخلائِقَ كلُّها تَسْجُدُ لربِّها ولكن كلٌّ بِحَسَبِهَا، قال تعالى: {ولله يسجد من في السماوات والأرض} [الرعد: 15] فَوُقوعُ الظِّلال على الأرض هو سجودُها، وبالجملة حقيقةُ الصلاةِ مشتركةٌ في الخلائق كلِّها حتى رأيتُ في حديثٍ في قصة المعراج: «قف يا محمد فإن ربَّكَ يصلي». فَتَحَقَّقَتِ الصلاةُ في جنابه تعالى أيضًا، غير أَنَّ صلاةَ الخالقِ ما ناسَبَهُ، وصلاةَ المخلوقِ ما نَاسَبَهُ، وللبسط موضوع آخر. واعلم أنَّهم اختلفوا في أن الرُّكوع كان في الأمم السالفة أم لا؟ فقال بعضهم: لا، وتَمَسَّكوا بما في المُسْنَدِ لأبي يَعْلَى عن علي رضي الله عنه، وقال بعضهم نعم وتمسكوا من قوله تعالى: {وَارْكَعِي مَعَ الراكِعِينَ} [آل عمران: 43]. قلت: ورأيت في كتابِ نصرانيّ أن صلاةَ المُنْفَرِدِ عِنْدَهُمْ كانت ساجدًا، والجماعةِ راكعًا، وصلاة اليهود قائمًا وفي بعض الأحوال ساجدًا. ومع هذا أظنُّ أنّه لا بُدَّ من ثبوتِ الرُّكوع في حقِّ أنبيائِهِم، ورأيت عن وَهْبِ بن مُنَبِّه أن الأنبياء السابِقِيْنَ كانوا مأمورِينَ بالوضوءُ عند كلِّ صلاة، وكانوا يصلون كصلاةِ هذه الأُمَّةِ على خلاف شاكلةِ أُمَمِهِمْ، ثم إن الاصطفاف من خصائِصِ هذه الأمة، فصلاتُهُم وإن كانت بالجماعةِ أيضًا إلا أنّه لم يكن فيهم الصَّفُّ.

1 - باب كيف فرضت الصلوات فى الإسراء

1 - باب كَيْفَ فُرِضَتِ الصَّلواتُ فِى الإِسْرَاءِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِى أَبُو سُفْيَانَ فِى حَدِيثِ هِرَقْلَ فَقَالَ يَأْمُرُنَا - يَعْنِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِالصَّلاَةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ. تحفة 4850 349 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِى وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صَدْرِى، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهُ فِى صَدْرِى ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِى فَعَرَجَ بِى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَلَمَّا جِئْتُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ افْتَحْ. قَالَ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا جِبْرِيلُ. قَالَ هَلْ مَعَكَ أَحَدٌ قَالَ نَعَمْ مَعِى مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. فَلَمَّا فَتَحَ عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَإِذَا رَجُلٌ قَاعِدٌ عَلَى يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ وَعَلَى يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ، إِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَسَارِهِ بَكَى، فَقَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِىِّ الصَّالِحِ وَالاِبْنِ الصَّالِحِ. قُلْتُ لِجِبْرِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا آدَمُ. وَهَذِهِ الأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ، فَأَهْلُ الْيَمِينِ مِنْهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَالأَسْوِدَةُ الَّتِى عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ، فَإِذَا نَظَرَ عَنْ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى، حَتَّى عَرَجَ بِى إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَقَالَ لِخَازِنِهَا افْتَحْ. فَقَالَ لَهُ خَازِنُهَا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُ فَفَتَحَ». قَالَ أَنَسٌ فَذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ فِى السَّمَوَاتِ آدَمَ وَإِدْرِيسَ وَمُوسَى وَعِيسَى وَإِبْرَاهِيمَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وَلَمْ يُثْبِتْ كَيْفَ مَنَازِلُهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ آدَمَ فِى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيمَ فِى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ. قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِإِدْرِيسَ قَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِىِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ. فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا إِدْرِيسُ. ثُمَّ مَرَرْتُ بِمُوسَى فَقَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِىِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ. قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا مُوسَى. ثُمَّ مَرَرْتُ بِعِيسَى فَقَالَ مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِىِّ الصَّالِحِ. قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا عِيسَى. ثُمَّ مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِىِّ الصَّالِحِ وَالاِبْنِ الصَّالِحِ. قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا إِبْرَاهِيمُ - صلى الله عليه وسلم -». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا حَبَّةَ الأَنْصَارِىَّ كَانَا يَقُولاَنِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ثُمَّ عُرِجَ بِى حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوًى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلاَمِ». قَالَ ابْنُ حَزْمٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِى خَمْسِينَ صَلاَةً، فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَكَ عَلَى أُمَّتِكَ قُلْتُ فَرَضَ خَمْسِينَ صَلاَةً. قَالَ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ ذَلِكَ. فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى قُلْتُ وَضَعَ شَطْرَهَا. فَقَالَ رَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ، فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُهُ. فَقَالَ هِىَ خَمْسٌ وَهْىَ خَمْسُونَ، لاَ يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَىَّ. فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى

فَقَالَ رَاجِعْ رَبَّكَ. فَقُلْتُ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّى. ثُمَّ انْطَلَقَ بِى حَتَّى انْتَهَى بِى إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لاَ أَدْرِى مَا هِىَ، ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا فِيهَا حَبَايِلُ اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا الْمِسْكُ». طرفاه 1636، 3342 تحفة 1556، 11901، 6573 ل - 98/ 1 يُعْلَمُ من طريقِ المصنِّف رحمه الله تعالى أنّه سمّى مجموعَ القَطْعين إسراءً، بخلاف عامَّتِهِم فإِنَّهم يُسَمُّون القِطْعة التي من بيته إلى بيتِ المقدس إسراءً، والتي منه إلى السماواتِ العُلى معراجًا، فَفَرْضِيّة الصلاة إنما هي في المعراجِ على طريقهم، ولما كانت القِطْعَتان عنده إسراءً جَعَل فرضِيَّتَها في الإِسْراءِ. ثم إنّ القرآن ذكر إحدى القِطْعَتَيْنِ في سورة النَّجم وهي ما تتعلَّقُ بسيرِ السماواتِ، والرؤيةُ فيها عندي رؤيةُ ربِّه جلَّ سبحانهِ كما اختاره أحمد رضي الله عنه، وذَكَرَ أُخْرَاها في سورة بني إسرائيل. والمِعْرَاجُ كان منامًا مرةً ويقظةً أُخْرَى، وقد مرَّ أن النبي صلى الله عليه وسلّم ربّما كان يَرَى منامًا ما كان يَقَعُ له في اليَقَظَةِ فَلَعَلَّهُ وَقَعَ مِثْلُهُ في قصة المِعْرَاجِ أيضًا. فرآه منامًا أولا ثم عَرَجَ بِهِ يَقَظَةً، وقد مرَّ أن صلاة الفجر والعصر عندي كانت فريضةً قبل المعراج أيضًا كما ذهبَ إليه جماعةٌ، وأما في المعراج فتكاملت خمسًا. قوله: (وقال ابن عباس رضي الله عنه ... ) يريد أَنْ يُنَبِّهَ على أَنَّ الصلاة كانت قبلَ الإِسْرَاءِ أيضًا كما قال أبو سفيان في حديث هِرَقْلَ. 349 - قوله: (أَسودة) جمع سواد. وترجمته «كالبد». قوله: (عن يمينه ... إلخ) قال الحافظ: قال القاضي عياض: قد جاء أنَّ أرواحَ الكُفَّار معذبةٌ في سِجِّين، وأنَّ أرواحَ المؤمنين مُنَعَّمَةٌ في الجنة، فكيف تكونُ مُجْتَمِعَةً في سماء الدنيا؟ ويُحتمل أن يُقال: إنَّ النَّسَمَ المرئِيّة هي التي لم تدخل الأجسادَ بعدُ، وهي مخلوقةٌ قبلَ الأجسادِ، مُسْتَقَرُّهَا عن يمينِ آدم وشمالِهِ، وقد أَخْبَرَ بِمَا سيصيرونَ إليه فلذلك يَسْتَبْشِرُ إذا نَظَرَ إلى مَنْ عن يمينه، ويَحْزَنُ إذا نظر إلى مَنْ عن يسارِهِ. ثم قال الحافظ: أما ما أخرجه ابن إسحق والبيهقي من طريقه في حديث الإِسراء: «فإذا أنا بآدم تُعْرَضُ عليه أرواحُ ذرِّيَّتِهِ المؤمنينَ، فيقولُ: روحٌ طَيِّبَةٌ ونَفْسٌ طَيِّبَةٌ اجعلُوها في عِلِّيِّيْنَ، ثم تُعْرَضُ عليه أرواحُ ذريته الفُجَّار، فيقول: روحٌ خبيثةٌ ونَفْسٌ خبيثةٌ اجعلوها في سِجِّينَ». فهذا لو صَحَّ لكانَ المصيرُ إليه أولى من جميع ما تَقَدَّمَ، ولكن سنده ضعيف. قلت: ولا بأس به في مثل هذه الأمور، والجوابُ عندي على ما هو التحقيق عند أربابِ الحقائِقِ: أن الجِهَات تنقلبُ في الآخرة، فتصيرُ العاليةُ يمينًا والسافلةُ شمالا، ولا يَبْقَى هناك فوق ولا تحت، ولما كانت تلك الواقعة في عالم يُشْبِهُ الآخِرَة لم يَبْعُدْ كونُ الأرواح الخبيثةِ التي مُسْتَقَرُّهَا في سِجِّين تحت الأرض على شمالِ آدم عليه الصَّلاة والسَّلام، وكذلك لا بُعْدَ في كون الأرواح الطيبةِ التي مستقرّها عِلِّيِّيْنَ على يمين آدم عليه الصَّلاة والسَّلام، لأن اليمينَ هناك والشمالَ هو الفوقُ والتحتُ عندنا الآن، فالأرواح التي مستقرُّهَا فوقَ السماواتِ أو تحتَ الأَرضينَ ظهرتْ على يمينه أو شِمَالِهِ. ثم تِلْكَ الأَرواحُ هل هي التي لم تدخل في الأجساد أو التي تجرَّدَتْ عن أجسادِهَا بعد

الموتِ؟ فالجواب: كما مر عن «الفتح» روايته (¬1): ثم ليعلم أن الرُّوحَ المُجَرَّدَ ليس بمكانيَ وليس له تَعَلُّقٌ بالمكانِ المخصوصِ، بخلافِ حالِ الجَسَدِ فإِنَّه لا يوجد إلا بالمكانِ، والبدنِ المثالي بَيْنَ بَيْنَ. قال الصَّدْرُ الشِّيرَازي: إنَّ النَّفْسَ الناطقةَ مُنْغَمِسَةٌ في شوائبِ المادةِ، ثم تصيرُ بعد الرياضاتِ مجرّدةً تدريجًا، ثم إن الروحَ والنَّسَمَةَ، والنَّفْسَ والذَّرَّ كلَّها أشياءٌ متغايرةٌ وليست حكايةً عن معنىً واحد، ولذا ترجم ابن سيناء الحيوانَ «جان» والروح «روان» ففيها فروق. ولم يتكلم التُّورِبِشْتِي لما مرّ على شرحِ أحاديث الذَّرِّ إلا بالذَّرِّ، ولم يُغَيِّر هذا اللّفظ ولم يَضَعْ مكانَه لفظًا آخرَ، ففهمتُ أنّه لا يُتْرَك هذا اللّفظ لهذه الدّقيقة، والذّرّ وإن كان قريبًا من الروح لكنّه أُطلق على الجسد أيضًا. قال ابن دقيق العيد رحمه الله: لو وُجِدَتْ تضانيفُ هذا الفاضِلِ لَنَفَعَتِ الأمة جدًا، ولكنّها تلفت في فتنة التتار. وزعم الناس أنّه شافعي رحمه الله تعالى. قلتُ: بل هو خلاف الواقع وهو حنفي تلميذ البغوي متقدِّم على الإِمام الرازي، وإنما تَوَهَّم من تَوَهَّم لذكره في طبقات الشافعية، وكونِهِ محدثًا. قوله: (سماء) أَنْكَرَ وجوده المُتَنَوِّرون، وقالوا: ليس فوقنا إلا جوهرًا لطيفًا غيرَ متناهٍ، والنجومُ تجري فيها سابحةً بنفسها. قلت: ولا دليل عليه عندهم، لِمَ لا يجوز أن يكونَ هذا الجَوّ على طبقاتٍ، كلُّ طبقةٍ منها تسمّىِّ سماءً، حتى تكونَ سبعَ سماواتٍ كما أخبر به النص. قوله: (سماء الدنيا) واختار الشاه عبد القادر: أنَّ النجومَ كلَّها في سماءِ الدُّنْيَا. قوله: (إدريس) واعلم أن نوحًا عليه الصَّلاة والسَّلام عُدَّ من أجدادِهِ صلى الله عليه وسلّم اتفاقًا، وعَدَّ الجمهور إدريسَ عليه الصَّلاة والسَّلام أيضًا منهم لكونه متقدِّمًا على نوح عليه الصَّلاة والسَّلام أيضًا، فإذا كان نوح عليه الصَّلاة والسَّلام من أجدادِهِ فَإِدْرِيسُ عليه الصَّلاة والسَّلامُ بالأَوْلَى. وتردَّدَ فيه البخاري وقال: بل هو نبي من الأنبياءِ بعدَ نوح عليه الصَّلاة والسلام، ولذا ذَكَرَ أَوّلا نوحًا عليه السلام، ثم ذكر إلياسَ عليه السلام، واحْتَجَّ من كلام ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه وابنِ عباسٍ رضي الله عنه، أنَّ إلياسَ عليه السلام هو إدريسُ عليه السلام، ولا ريب أن إلياسَ عليه السلام نبي من أنبياء بني إسرائيل، فثبت تأخُّرُ إدريسَ عليه السلام عن نوحٍ عليه السلام. وتمسك بلفظه الأخ الصالح للنبي صلى الله عليه وسلّم. قلتُ: ولا دليل في ذلك لجوازِ أن يكونَ ذلك توسعًا، لأنه لم يواجِهْهُ أحدٌ من الأنبياء عليهم السلام بلفظِ الابنِ إلا آدمَ عليه السلام وهو أبو البشر، وإبراهيم عليه السلام وقد أعلن بأُبُوَّتِهِ هو في الدنيا ونَسَبَهُ إليه بنفسِهِ، فينبغي لهما أن يخاطِباه بالابنِ. ثم إنهم اختلفوا في أن إدريسَ عليه السلام وإلياسَ عليه السلام نبي واحد أو اثنان؟ والذي سَنَحَ لي أنهما اثنان، وإدريسُ عليه السلام نبيُّ متقدِّمٌ على نوح عليه الصَّلاة والسَّلام، بخلاف إلياسَ عليه الصَّلاة ¬

_ (¬1) قلتُ: ولا يَظْهَر أَنَّ تلكَ الأرواح هي التي دَخَلت في الأجساد، أو لم تدخل بعد، والذي فَهِمْتُهُ من كلامِ الشيخ رحمه الله تعالى: أَنَّها التي الآن في الأجسادِ على الأرضِ، إلا أنَّه كَشَفَ له عنها مع كونِهَا على الأرض، ولا يَسْتَلْزِم أنْ تكونَ على السماءِ إذ ذاك اهـ. منه.

والسَّلام، فإنَّه نبي من أنبياء بني إسرائيل عليهم الصَّلاة والسَّلام، لكنَّه أُطْلِقَ هذا الاسم على إدريس عليه الصَّلاة والسَّلام أيضًا، فالتُبِسَ (¬1) الأمر لهذا، وراجِعِ التفصيلَ من «شرح المواهب» وابن كثير في تفسير قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: 1]. قوله: (صريف الأقلام) وهي صوتُ أقلامِ الكرامِ الكاتِبِينَ، كانوا يأخذون النَّقْلَ عن اللّوحِ المحفوظِ. قوله: (وهي خمسون) وقد ذكر في المقدّمة أنَّه ليس بنسخٍ، بل إلقاءٌ للمراد بعد دفعاتٍ. ونظيرُهُ قصّةُ ليلةِ البعير مع النبي صلى الله عليه وسلّم وجابر رضي الله عنه حيثُ قال له النبي صلى الله عليه وسلّم «بِعْنِي بعيرَكَ» فأجابه جابر: إني قد بِعْتُهُ منك، فراجعه النبي صلى الله عليه وسلّم بمثل ذلك وأجابَهُ كذلك، وقد وَقَع ذلك مرارًا، ثم انكَشَفَ الأمرُ حينَ بَلَغَ النبي صلى الله عليه وسلّم المدينة أَنَّ غَرَضَهُ لم يكن شراءَهُ منه، ولكنّه كان يريدُ أن يَمُنَّ به عليه ويَزِيدَهُ، فرَدَّ بعيرَهُ ورَدّ ثَمَنَهُ. وكقولِهِ صلى الله عليه وسلّم «أترضون أنْ تَكونُوا رُبْعَ أَهلِ الجنَّة؟ ... » إلى أن قال: «أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟ ... » وكقوله صلى الله عليه وسلّم عند البخاري في باب فضلِ السّجود في ذكر رجلٍ يكونُ من آخرِ أهلِ الجنَّةِ دخولا، وفيه: «لك مثلُ الدنيا وما فيها، ومثلُهُ ومثلُهُ ... » حتى عدَّ عَشْرَ مراتٍ، كل ذلك من هذا الوادي. وأما ما ذَكَره الراوي ههُنا، أنّه وَضَعَ عنه شَطْرَهَا في المرةِ الأولى ففيه إجْمالٌ، وكذلك ما في بعضِ الألفاظ أنّه وَضَعَ عَشْرًا في كلِّ مرةٍ. والأصلُ أنّ التخفيفَ كانَ خمسًا خمسًا حتى إذا بَقِيَتْ منها خَمْسُ فقد استحى من ربِّهِ أنْ يُراجِعَهُ بَعْدَهُ؛ لأن حاصلَ المراجَعَةِ في تلك المرَّةِ لم يكن إلا أنْ يَعْفُوَ عنه رأسًا، فإنّه إذا عفى عنه خمسًا في كل مرةٍ ولم يَبْقَ عليه إلا خمسُ، فلو راجَعَهُ بعدَهُ أيضًا لكانَ المعنى التخفيفَ عن هذه الخمس أيضًا. ومآله رَدٌّ لما أَمَرَهُ الله به والعِيَاذُ باللَّهِ؛ لأنَّه لمّا سَمِعَ في المرّة الأخيرة أنّه لا يُبَدَّلُ القول لديّ، عَلِمَ أنّ بقاءَ الخمس هو المرضي لربِّهِ عزّ وجلّ، فاستحى منه أن يُراجِعَهُ في أمرٍ عَلِمَ رضاءَهُ فيه. وكنت حَقَّقْتُهُ من قبلُ، ثم رأيتُ السُّهَيْلِيَّ رحمه الله تعالى قد سَبَقني به في «الرَّوْضِ الأُنُفْ»، والسُّهَيلي من العلماءِ المالكيةِ دقيقُ النَّظَرِ جدًا. وأمَّا سِدْرَهُ المُنْتَهَى فقرَّرَ الحافظُ رحمه الله تعالى أنَّ أَصْلَهُ في السماءِ السادسةِ، وفروعَهُ في السابعةِ، فَصَحَّ كونُهَا في السادسةِ والسابعةِ معًا. قالوا في وجهِ تَسْمِيَتِهِ بسدرةِ المنتهى، أنّهَا تَنْتَهِي إليها أعمالُ الناسِ، وما تَبَيَّنَ لي يَقْتَضِي تمهيدَ مقدمةٍ وهي: أن السّماواتِ السبع مع الأرضينَ كذلك كلَّها عِلاقَةُ جهنمَ عندي، والجَنّةَ عِلاقَتُهَا فوقَ السّماواتِ السبعِ، وسَقْفُها عرشُ الرحمن، إذا عَلِمْتَ هذا فاعلم أن أَصْلَهَا في عِلاقةِ جهنَّمَ، وجِذْعُهَا في عِلاقةِ الجنةِ لكونِهِ فوقَ السّماواتِ السبع، ونَصَّ القرآن على أنَّ {عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15)} [النجم: 15]، فعُلم أن علاقة ¬

_ (¬1) وتفصيله: أن الالتباس إنما جاء من حيث اشتراك الاسم، فإدريس اسمه الأصلي عليه السلام وأُطلق عليه إلياس بالمعنى الوصفي، لأنه بالعبرانية عبد الله، وكذا إلياس اسمه الأصلي، ويقال له إدريس أيضًا، فالأقرب أن يُؤَيّدَ قول الجمهور ويُؤَوَّلُ قول البخاري.

الجنة تبتدأ مِنْ هناك، وتنتهي عِلاقة جهنمَ، ومنه سُمِّيَتْ سِدْرَةُ المُنْتَهَى عندي يعني لكونِهَا على مُنْتَهَى عِلاقةِ جهنمَ ومبدأ عِلاقةِ الجنةِ، والله تعالى أعلم. وأما ما غَشِيَهَا مِنَ الألوانِ فَلَعَلَّهَا كانَتْ ملائكةُ الله يَفِدُون على تَجَلِّيَاتٍ رَبَّانِيّةٍ هناك، وفي رواية عند مسلمٍ فراشٌ من ذهب. قوله: (حبائل من لؤلؤ) أي أسلاكُ اللُّؤلُؤِ المنظَّمة يُرْخُونَهَا على الغُرَفِ في زَمَانِنَا لأجل التَّزَيُّنِ. 350 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ «فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاَةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِى الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلاَةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِى صَلاَةِ الْحَضَرِ». طرفاه 1090، 3935 - تحفة 16348 - 99/ 1 350 - قوله: (فأقرت صلاة السفر) وهذا صريحٌ للحنفيّة في أنّ القَصْرَ في السفرِ رُخْصَةُ إسقاطٍ لا رخصةَ ترفِيه، وأجاب عنه الشافعيّة بوجُوه ردّها الحافِظُ رحمه الله تعالى كلِّها، ثم أجَابَ مِنْ عِنْدَ نفسه وقال: والذي يظهر لي أنَّ الصّلواتَ فُرِضَتْ ليلةَ الإسراء ركعتين ركعتين، ولا المَغْرِب - ولعلّه إلا المَغْرِبَ - ثم زِيْدَت عَقِبَ الهِجْرَةِ إلا الصبحَ كما روى ابن خُزَيمَة عَنْ مَسْروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: «فُرِضَتْ صلاةُ الحضرِ والسفرِ ركعتينِ ركعتينِ، فلما قَدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلّم واطمأنَّ زِيدَا في صلاةِ الحضرِ والسفر ركعتانِ ركعتانِ، وتُرِكَتْ صلاةُ الفَجْرِ لطولِ القراءةِ، وصلاة المَغْرِبِ لأَنّهَا وِتْرُ النهار» اهـ. ثم بعد أنْ استقرَّ فرضُ الرُّبَاعِيّة خُفِّفَ منها في السفر عند نُزُولِ الآيةِ السَّابِقَةِ. وقوله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاةِ} [النساء: 101] وحينئذٍ المرادُ بقولِ عائشة فَأُقِرَّتْ صلاةُ السفرِ، أي باعتبار ما آل الأمرُ إليه من التَّخْفِيف لا أنَّها استمرتْ كذلك منذ فُرِضَتْ، فلا يَلْزَمُ من ذلك أنَّ القصر عزيمةٌ. انتهى مختصرًا. وحاصل جوابِهِ: أنَّ بناءَ استدلالِ الحنفيّة على أنَّ الصلاةَ في الأصلِ لم تكنْ أرباعًا قَطْ، فما يصلِّيها المسافرُ ليست قصرًا لِيُتَوَسَّع فيها بالإِتمام، وإنما هي على أصلِهَا كما كانتْ، وحينئذٍ الإتمامُ لا يكون إلا زيادةً، وذا لا تَجُوز. ولما عَلِمْتَ أنَّها صارَتْ أربعًا وإنْ كانت في الأصل ركعتينِ، ثم نَزِلَتْ فيها الرُّخْصَة فَسَدَ المَبْنَى، وَظَهَرَ أنَّ صلاتَهُ قَصْرٌ، وحينئذٍ لا يكونُ الإتمامُ زيادةً، بل يكونُ القصرُ للتَّرفيه لقوله تعالى: {لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} فمن شاء قَصَرَ ومن شاءَ أَتَمّ. قلتُ: وفيه نظرٌ: لأنَّه يَلْزَمُ على ما اختارَهُ النّسْخُ مرَّتينِ، الأول: من الركعتينِ إلى الأَرْبَع. والثاني: من الأربعِ إلى الركعتينِ، وليس عندَهُ دليلٌ على قولِهِ هذا غيرُ قولِ العلماءِ، أنَّ آيةِ القَصْرِ نَزَلَتْ في السنةِ الرابعةِ، فاسْتُنْبِطَ منه أنَّ المسافرينَ كانوا يُصَلُّون أربعًا في تلك المدةِ، وليس عندَهُ نَقْلٌ خصوصيٌّ على أنَّ المسافِرِينَ كانوا يُتمُّون صلاتَهُمْ في هذه الأيَّام سِوَى هذا الاجتهادِ، ولهذا لم يُشَدِّدْ فيه، وأَلانَ الكلامَ. قلتُ: ولي فيما اسَتَدلَّ به الحنفيةُ أيضًا نَظَرٌ، لكنْ لا لِمَا قَالَهُ الحافِظُ كما عَلِمْتَ، ولا لِمَا قَالَهُ بعضُهُمْ أنَّه لو كان الأمرُ كما قالتْ به عائشة رضي الله عنها، لِتَواتَرَ به النَّفْلُ مع أَنَّهُ لا يَنْقُلُه أَحَدٌ غيرُهَا؛ لأنَّه إذا نُسِخَ واستَقَرَّ الأَمْرُ بِخِلافِهِ كيفَ يَبْقَى التواتُرُ بأمرٍ قد نُسِخَ؟ فانْقِطَاعُ

2 - باب وجوب الصلاة فى الثياب وقول الله تعالى {خذوا زينتكم عند كل مسجد} [الأعراف: 31]، ومن صلى ملتحفا فى ثوب واحد

التواتُر لِمَا قُلْنا، لا لِمَا فُهِمَ، وكأَنَّ هذا القَائِلَ غَفَلَ عن هذِهِ النُّكْتَة، فَجَعَلَ حالَ المَنْسُوخِ كغيرِهِ بل لِمَا أَقُولُ: وهو أَنَّ اسْتِدْلالَهُمْ يَنْبَنِي على صورةِ تعبِيرِهَا وأَلْفَاظِهَا فَقَطْ حيثُ قالتْ: «فَأُقِرَّتْ ... وزِيْدَتْ». والأمرُ في التَّعْبِيْرِ واسعٌ، ويُمْكِنُ أَنْ تكونَ الصلاةُ أربعًا، ثُمَّ نَزَلَتِ الرُّخْصَةُ للمسافرينَ. إلا أَنَّ صلاةَ الحاضرينَ لَمّا كَانَتْ ضِعْفَ صَلاةِ المسافرينَ في الحِسِّ، وصلاةَ المسافرينَ على نِصْفِ صلاةِ الحاضرينَ فِيهِ، وُسِّعَ لك أنْ تقولَ: إنَّ هذه كانتْ أربعًا وتلك قصرًا، أو إنَّها كانت في الأَصلِ ركعتانِ ثم زِيْدَتْ في الحَضَرِ، فإنَّ المآلَ واحدٌ، وهو كونُ الصلاةِ في الحَضَرِ أربعًا وفي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، سَوَاء خَرَّجْتَه على ما خَرَّجَتْ عليه عائشة رضي الله عنها، أو على ما خَرَّجَهُ ابن عبّاس رضي الله عنه، فتلك أَنْظَارٌ عَبَّرَ عنها في الأَلْفَاظِ فلا تُدَارُ عليها المَسْأَلَةُ، سِيّما إذا وَرَدَتْ بالنَّحْوَيْنِ في الجَانِبَيْنِ، وهذه سبيلي أَدْعُوْكَ إليه ومن اتَّبَعَنِي، وذلك لأنَّ ابنَ عبّاس رضي الله عنه يُخْبِرُ بِخِلافِهَا، فقال: «فُرِضَتِ الصلاةُ في الحَضَرِ أربعًا وفي السَّفَرِ ركعتينِ» أخرجه مسلم. وإليه مالَ السُّهَيْلِي رحمه الله تعالى في «الرَّوْض». قلتُ: وقد يَخْطُرُ بالبالِ أنَّ ما رَوَتْهُ عائشة رضي الله عنها، محمولٌ على الزّمانِ الذي كان يصلى فيه الصلاتينِ فقط، الفجر والعصر، وذلك قبلَ الإِسراءِ، ولَعَلَّهُمَا كانتا إذ ذاك ركعتينِ ركعتينِ كما وَصَفَتْهَا، فَلَمَّا فُرِضَت في الإِسْرَاءِ، فُرِضَتْ ابتداءً على الشَّاكِلَةِ التي رواها ابن عباس رضي الله عنهما. وحاصِلُهُ: أنَّ ما رَوَتْهُ عَائِشَةُ رضي الله عنها هو حالُهَا قَبْلَ فَرْضِيَّةِ الخَمْسِ، وقد عَلِمْتَ أَنَّها كانتْ ركعتينِ ركعتينِ، وما يَذْكُرُهُ ابنُ عَبّاسٍ رضي الله عنهما هو حالُهَا بعدَ فَرْضِيَّتِهَا في الإِسْرَاءِ، ولم يكنْ بعدَهُ إلا أربعًا، فمعنى قَوْلِهَا: «فَرَضَ اللَّهُ الصلاةَ حينَ فَرَضَهَا ... » يعني قبلَ الإِسْرَاءِ، لا يقالُ: إنّه لم تَكُنْ فَرِيْضَةٌ قَبْلَهُ صلاة، لأنّا نقولُ: إنّا لَمْ نَسْلُكْ هذا المَسْلَكَ وقد اخْتَرْنَا: أنّ الصلاتينِ كانتا فريضَتَيْنِ قبلَهُ أيضًا، فلا إِشْكَالَ علينا، وَمَعْنَى ما رواه ابنُ عَبّاسٍ رضي الله عنهما: فُرِضَتِ الصّلاةُ في الحضر أربعًا، يعني بعد ما فُرِضَتْ في الإِسْرَاءِ، وبه يَجْتَمِعُ الحديثانِ، إلاّ أنَّهُ يُخَالِفُهُ ما أَخْرَجَهُ البخاري في الهجرةِ عن عائشة رضي الله عنها قالت: «فُرِضَتِ الصلاة ركعتينِ، ثُمَّ هاجرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فَفُرِضَتْ أربعًا» فَعَيَّنَتْ في هذه الرِّوَايةِ أنَّ الزِّيَادَةَ في قولِهِ: «وزِيْدَ في صلاةِ الحضر ... » وَقَعَتْ بالمدينةِ، مع أَنّ الإِسْرَاءَ قد مضى في مَكّةَ، فلا يَصِحُّ التَّوْجِيْهُ المذكُوْرُ. قلتُ: ويُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عنه أَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ في عامّةِ الرِّواياتِ، وأَكْثَرُ أَلْفَاظِهَا ساكِنَةً عَنْ مَوْضِعِ الزِّيَادةِ أَنّها أَيْنَ وَقَعَتْ، ومَتَى وَقَعَتْ، فَيُمْكِنُ أَنْ تَكُوْنَ وَهْمًا كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ السُّهَيْلِي رحمه الله تعالى في «الرَّوْضِ الأُنُفِ»، والله تعالى أعلم. 2 - باب وُجُوبِ الصَّلاَةِ فِى الثِّيَابِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31]، وَمَنْ صَلَّى مُلْتَحِفًا فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَيُذْكَرُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَزُرُّهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ». فِى إِسْنَادِهِ

نَظَرٌ، وَمَنْ صَلَّى فِى الثَّوْبِ الَّذِى يُجَامِعُ فِيهِ مَا لَمْ يَرَ أَذًى، وَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ لاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. 351 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْحُيَّضَ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَدَعْوَتَهُمْ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ عَنْ مُصَلاَّهُنَّ. قَالَتِ امْرَأَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِحْدَانَا لَيْسَ لَهَا جِلْبَابٌ. قَالَ «لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا». وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ حَدَّثَتْنَا أُمُّ عَطِيَّةَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا. تحفة 18106 أطرافه 324، 971، 974، 980، 981، 1652 - تحفة 18113 دَخَلَ المصنِّفُ رَحِمَهُ الله تعالى في شَرَائِطِ الصلاةِ، وصرَّحَ أنَّ التَسَتُّرَ مِنْ شَرَائِطِ الصَّلاةِ وَفَرَائِضِهَا، خلافًا لبعضِهِمْ حيث قال: إنّه فَرْضٌ في نفسِهِ، سنةٌ في الصلاةِ، والمُعْتَبَرُ في سترِ العَوْرَةِ عند فُقَهائِنَا أَنْ يكونَ بحيث لا يُمْكِنُ النّظرُ فيها، وما ظَهَرَ منها بالتَكَلُّفِ فغيرُ مُعْتَبَرٌ. قوله: ({خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلّ مَسْجِدٍ}) وهذه مِنَّةٌ عظيمةٌ من المصنِّف رحمه الله تعالى على رقابِ النّاسِ. وعلينا أنّه يَسْتَعْمِلُ القرآنَ في كلِّ مَوْضِعٍ ممكنٍ، وإنْ لم يكنْ رَاضِيَا عن إمامِنَا الأعظم رحمه الله تعالى، وأرى جماعةً من أصحابِ محمدٍ وأبي يوسف رحمهما الله تعالى يروي عنها المصنِّفُ - رحمه الله تعالى في كتابه، ثم لم تَخْرُجْ مَنْقَبَةٌ من قلمهِ للأئمةِ الثلاثةِ فيا للعجب؟ واعلم أنَّ الله سبحانه لَمَا فَرَغَ من ذكرِ آدم عليه الصَّلاة والسَّلام، وقِصَّةِ نَزْعِ اللِّبَاسِ عنه، انتقل إلى مسألةِ اللِّبَاسِ والسَّتْر، وهذا الذي كنتُ أَفْهَمُهُ. ثم رأيت السُّهَيْلي رحمه الله تعالى ذَكَرَ مِثْلَ ما ذَكَرْتُ في ربطِ الآيةِ، وإنّمَا قال {عِندَ كُلّ مَسْجِدٍ} لا: عندَ كلِّ صلاةٍ؛ لأنَّ الصلاةَ في نظرِ القرآنِ ليستْ إلا في المسجدِ، وعليه قوله تعالى: {وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى} [التوبة: 54]. فالسِّتْرُ وإنْ كان لأجلِ الصلاةِ لكنَّهُ خَصَّصَهُ بالمسجدِ لما قُلنا، وليس قولُهُ {عِندَ كُلّ مَسْجِدٍ} كنايةً عن الصلاةِ، بل المُرَادُ هو السِّتْرُ عندَ المسجدِ وإن كان لِحالِ الصَّلاةِ، سيَّمَا إِذَا كان الكفّارُ يَطُوفُونَ بالبيتِ عرايا، ففِيهِ رَدٌّ لزعمِ الجاهليةِ، فإنَّهم كانوا يَتَحَرَّجُوْنَ عن دُخُولِهِمُ المسجدَ الحرامَ في ثِيَابِهِمُ التي أَتَوْا فيها كُلَّ مُنْكَرٍ، فَهَدَاهُمُ القرآنُ إلى الأصلحِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَاخُذُوا ثيابَهُمْ عِنْدَ كلِّ مسجدٍ، ثم لا يَخْفَى عليك أنَّ سَتْرَ العورةِ واجبٌ من بَدْءِ الخَلْقِ، وإنّمَا نَزَعَ الثيابَ عن آدمَ عليه السلام تعزيرًا، ولذا اضّطَرَّ إلى سَتْرِ عورتِهِ من الأوراق. ثم إنَّ لفظَ الزِّينةِ يَقْتَضِي أنْ يكونَ الرجلُ عندَ المسجدِ أَحْسَنَ حالا مما سِوَاه، وبيّنه الحديث والفقه، ففي الحديثِ أنّ عِمَامتَهُ صلى الله عليه وسلّم كانت في صلاتِهِ سبعةَ أَذْرُعٍ، وفي الفقه أنّه يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصلّى في ثلاثِ ثيابٍ، منها العِمامة، أما تركُ العِمَامَة فليس بمكروهٍ عندي، ولم يُصَرِّحْ بالكراهَةِ أحدٌ إلا صاحبَ الفتاوى الدينية، وهو من تصانيفِ علماءِ السندِ، ولا أدري رتبةَ هذا المصنَّفِ. والمحقَّقُ عندي أنّها تُكره في البلادِ التي تُعَدُّ فيها شيئًا محترمًا، بخلافِ البلادِ

التي لا اعتيادَ لهم بها ولا اعتدادَ، فلا تكونُ مكروهةً، ثم إذا علمت أنَّ السياقَ ما قلنا لم تَبْقَ حاجةٌ إلى مفهومِ قولِهِ: {عِندَ كُلّ مَسْجِدٍ}. (قوله تعالى: {مِن سَوْءتِهِمَا}) فسَتْرُ العورةِ من خصائصِ الجنَّة، ولما انكَشَفَ عورتُهُمَا هبطا إلى الدنيا، وفُرِضَ السِّتْر. (قوله تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ}) ويَنْعَكِسُ الحالُ في المحشر، فنراهم ولا يَرَوْنَنَا والله تعالى أعلم. قوله: (ومن صلى ملتحفًا ... إلخ) وبَوَّبَ الطحاوي على الصلاة في الثوبِ الواحدِ، وحاصِلُهُ: أنَّ المخالفةَ بين الطرفينِ، وهو التَوَشُّح والالتِحَافُ فيما يكون سَعَةً في الثوبِ، وإلا فيُعْقَدُ على القَفَا وإلا فَفَوْقَ السُّرَةِ، والغرضُ منه استعمالُ الثَّوْبِ كلِّه في السِّتر، أما أحمد رحمه الله تعالى فحملَ الأوامرَ الواردة فيها على ظاهِرِها، حتى ذَهَبَ إلى فساد الصلاةِ لو كانت في الثوبِ سَعِةٌ فصلى فيه كاشفًا عن أحدِ مَنْكِبيه، مع أنَّ العورةَ ليست عندَهُ إلا ما في المشهورِ، وهذا لأنه لم يصرف الثوبَ في سَتْرِ جسدِهِ مع الوُسْعَةِ فيه، ولعلَّهُ ذَهَبَ إلى تأكُّدِ السَّتْرِ في غير العورةِ أيضًا والله أعلم بمراده. ثم إن كان الثوبُ واحدًا وأدخلَ فيه يديه أيضًا يُسَمَّى اشتمال الصَّمَاءِ، واشتمالَ اليهودِ، وهو ممنوع، وفي «البحر»: أنَّ المَنْعَ فيما إذا لم يكن عليه إلاّ ثوبٌ، فإنْ كان عليه ثوبان لا بأسَ أَنْ يُدْخِلَ يديه تَحْتَهُ، لأنّهُ يُمْكِنهُ إخراجُهُما عند الضرورة بدون كشفِ العورةِ، ثم إذا كان المقصودُ التَحَرُّزَ عن هدا الاشتمالِ فالأَنفع هو التَّوَشُّحُ، لحصولِ السَّتْرِ فيه مع صرفِ الثوبِ، وإمكانِ استعمالِ اليدينِ عند الضرورة بدون كشفِ العورة. ثم الالتحاف عندي كَشَدِّ الوَسَطِ عند الأمراءِ، وهو المعنِيّ في عقدِ اليدين تحت السُّرْةِ عندي، فإذا كان المقصودُ والمعنَى هو عقد اليدين في القيام بين يدي المَلِكِ الجبّارِ، فهو إذْنٌ عَامٌّ سواءٌ كان فوق السُّرَةِ أو تَحْتَهُ، أَما فَوْقَ الصدرِ فليس بشيء عندي، وليس العقدُ فوقَ الصدرِ في واحدٍ مِنْ كُتبِ الشافعية إلا «الحاوي»، وفي عامَّتِهَا أنّه تَحْتَ الصدر، فهو مَحْمُولٌ عندي على المسامَحَةِ. قوله: (ولو بشوكة) وهو مُسْتَحَبٌّ، وإلا فالنَّظَرُ إلى عورتِهِ ليس بمُفْسِدٍ عندنا. قوله: (ولم ير فيه أذى) وهذا أيضًا دليلٌ على أَنَّهُ ذَهَبَ إلى نجاسَةِ المَنِيّ، وأَمْرُ النبي صلى الله عليه وسلّم يعني أَنّ بعضَ الفرائض مشتَرَكةٌ في الصلاةِ والحج كسَتْر العَوْرَةِ. 351 - قوله: (فيشهدن [المصلى]) والمرادُ منه حضورُهُنَّ بدونِ الاقتداء، ويُسْتَعْمَلُ الشهودُ في شَرِكَةِ الجماعةِ أيضًا، كما في الحديث: هل شَهِدْتَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: نَعَمْ، فمرادُهُ في شرِكَتِهِ الجماعةِ. ثم إنّ الأحاديثَ الواردةَ في باب السَّتْرِ ليستْ على شرطِهِ، فأُخْرِجَ هذا الحديثُ استئناسًا فقط.

3 - باب عقد الإزار على القفا فى الصلاة

3 - باب عَقْدِ الإِزَارِ عَلَى الْقَفَا فِى الصَّلاَةِ وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ صَلَّوْا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَاقِدِى أُزْرِهِمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ. تحفة 4681 352 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِى وَاقِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ صَلَّى جَابِرٌ فِى إِزَارٍ قَدْ عَقَدَهُ مِنْ قِبَلِ قَفَاهُ، وَثِيَابُهُ مَوْضُوعَةٌ عَلَى الْمِشْجَبِ قَالَ لَهُ قَائِلٌ تُصَلِّى فِى إِزَارٍ وَاحِدٍ فَقَالَ إِنَّمَا صَنَعْتُ ذَلِكَ لِيَرَانِى أَحْمَقُ مِثْلُكَ، وَأَيُّنَا كَانَ لَهُ ثَوْبَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أطرافه 353، 361، 370 - تحفة 3089 353 - حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ أَبُو مُصْعَبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى الْمَوَالِى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُصَلِّى فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَقَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِى ثَوْبٍ. أطرافه 352، 361، 370 - تحفة 3056 وقد مَرَّ أنَّ أحمدَ رحمه الله تعالى نَظَرَ إلى ظواهرِ الأحاديثِ، وإلاّ فلا معنى لبطلانِ الصلاة إذا لم يَسْتُرْ إحدى منكبيه مع كونِهِ خارجًا عن العورة عِنْدَهُ. 4 - باب الصَّلاَةِ فِى الثَّوْبِ الْوَاحِدِ مُلْتَحِفًا بِهِ قَالَ الزُّهْرِىُّ فِى حَدِيثِهِ الْمُلْتَحِفُ الْمُتَوَشِّحُ، وَهْوَ الْمُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ، وَهْوَ الاِشْتِمَالُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ. قَالَ وَقَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ الْتَحَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِثَوْبٍ، وَخَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ. 354 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ. طرفاه 355، 356 - تحفة 10684 - 100/ 1 355 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ فِى بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، قَدْ أَلْقَى طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ. طرفاه 354، 356 - تحفة 10684 356 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَهُ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُشْتَمِلاً بِهِ فِى بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَاضِعًا طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ. طرفاه 354، 355 - تحفة 10684 357 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِى طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِى طَالِبٍ تَقُولُ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ،

5 - باب إذا صلى فى الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه

وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ قَالَتْ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ «مَنْ هَذِهِ». فَقُلْتُ أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِى طَالِبٍ. فَقَالَ «مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ». فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ، قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِىَ رَكَعَاتٍ، مُلْتَحِفًا فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ ابْنُ أُمِّى أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلاً قَدْ أَجَرْتُهُ فُلاَنَ بْنَ هُبَيْرَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ». قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ وَذَاكَ ضُحًى. أطرافه 280، 3171، 6158 - تحفة 18018 358 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ سَائِلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الصَّلاَةِ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ». طرفه 365 - تحفة 13231 357 - قوله: (ثماني ركعات) وعند أبي داود صراحةً أنّه كان يُسَلِّم على ركعتين، قيل إنها كانت صلاة الضّحى، وقيل شكرًا للفتح. والأحاديثُ القوليةُ فيها كثيرةٌ، أما الفعليةُ فقليلةٌ جدًا، أما الوجهُ في قِلَّةِ العملِ مع كثرةِ الترغيب، فراجِعْهُ من «نيل الفرقدين». وقولُهُ صلى الله عليه وسلّم «آمنَّا مَنْ آمنتِ» جرى على العرفِ، أي عَدَمِ نَقْضِ أمانِهَا، وإلاّ فقد حَصَلَ الأمان حين آمَنَتْ. 5 - باب إِذَا صَلَّى فِى الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَلْيَجْعَلْ عَلَى عَاتِقَيْهِ 359 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يُصَلِّى أَحَدُكُمْ فِى الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ شَىْءٌ». طرفه 360 - تحفة 13838 - 101/ 1 360 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ سَمِعْتُهُ - أَوْ كُنْتُ سَأَلْتُهُ - قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ صَلَّى فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَلْيُخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ». طرفه 359 - تحفة 14255 وهو مذهبُ أحمدَ رحمه الله تعالى، وقد مرَّ الوَجْهُ فيه أنه تأثُّرٌ من ورودِ صِيَغِ الأمر في الالتحافِ والتَّوَشُحِ. واعلم أَنَّ مراتبَ الأمرِ والنهي كلَّها من بابِ الاجتهادِ، ولذا تراهُم يختلفونَ عند ورودِ الأمرِ والنهي، فيَحْمِلُ واحدٌ على الوجوبِ والتحريمِ، والآخرُ على الاستحبابِ والكراهةِ، وبعد كلٍ منهم كأنه عَمِلَ بالحديثِ، فلا يَعْتَرِضُ هناك أحد على أحد، نَعَمْ إذَا تَرَكَ الحديثَ بجميعِ مراتِبِهِ فحينئذٍ يُعْتَرَضُ عليه ويُرْمَى بتركِ الحديثِ، فهذا صريحٌ في أنَّ المراتِبَ عندهُم اجتهادِيَّةٌ، نعم إذا وَرَدَ الحديثُ بالوعيد على التَّارِكِ أو الفاعلِ يَتَعَيَّنُ الوجوبُ أو الحُرْمةُ، ولا يتأتى فيهِ الاستحبابُ. 6 - باب إِذَا كَانَ الثَّوْبُ ضَيِّقًا تنبيهٌ على أن الثوبَ إذا كان ضيقًا لا يتيسرُ فيه الالتحافُ والتوشُّحُ ماذا يفعل؟ ولا توجدُ

7 - باب الصلاة فى الجبة الشأمية

كثيرٌ من المسائل في الفقه، وتعرَّض إليه الحديث، فمن زَعَمَ أن الدِّين كلَّه في الفقه بحيث لا يبقى وراءه شيءٌ، فقد حاد عن الصواب. 361 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الصَّلاَةِ فِى الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَقَالَ خَرَجْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَجِئْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ أَمْرِى، فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّى وَعَلَىَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ، فَاشْتَمَلْتُ بِهِ وَصَلَّيْتُ إِلَى جَانِبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «مَا السُّرَى يَا جَابِرُ». فَأَخْبَرْتُهُ بِحَاجَتِى، فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ «مَا هَذَا الاِشْتِمَالُ الَّذِى رَأَيْتُ». قُلْتُ كَانَ ثَوْبٌ. يَعْنِى ضَاقَ. قَالَ «فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ». أطرافه 352، 353، 370 - تحفة 2253 361 - قوله: (يحيى بن صالح) وهو حنفي المذهب، ساكن الشام، عديل الإِمام محمد رحمه الله تعالى في سفر الحج، وشيخ البخاري. قوله: (في بعض أسفاره) عيَّنه مسلمٌ أنه غزوةُ بَواط، وهي من أوائل مغازيه صلى الله عليه وسلّم قوله: (لبعض أمري) وفي رواية مسلم: أنه صلى الله عليه وسلّم كان أرسله هو وجبار بن صخر ليُهيئا الماء في المنزل. كذا في «الفتح». قوله: (فاشتملت) وهذا التعبيرُ ناقصٌ، لأنه كان أمسكَ طرفي ثوبه تحت ذقنه، وليس هذا باشتمال. وإنما فعلَهُ لعدم علمه بالمسألة، فإِنَّ الواجب فيه العقد. قوله: (كان ثوبًا) أي كان ثوبًا واحدًا. وفيه أيضًا نقصٌ، لأنه لم يكن فيه دخل لوحدة الثوب، بل لضِيقِهِ، فالأولى أن يقول: كان الثوبُ ضيِّقًا. 362 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ كَانَ رِجَالٌ يُصَلُّونَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَاقِدِى أُزْرِهِمْ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ كَهَيْئَةِ الصِّبْيَانِ، وَقَالَ لِلنِّسَاءِ لاَ تَرْفَعْنَ رُءُوسَكُنَّ حَتَّى يَسْتَوِىَ الرِّجَالُ جُلُوسًا. طرفاه 814، 1215 - تحفة 4681 362 - قوله: (لا ترفعن) ... إلخ وليس هذا النهيُ لحصول التعقيب المطلوب عند الشافعية بين الإِمام والمقتدي، بل لأجل مصلحة كما عند أبي داود، وهي أنْ لا يَلْمَحْنَ شيئًا من عورات الرجال. ودل الحديث على مسألة الحنفية: أنه لو أمكن النظرُ إلى عورتِهِ بتعنُّتٍ وتكلفٍ لا تفسد صلاتُهُ. 7 - باب الصَّلاَةِ فِى الْجُبَّةِ الشَّأْمِيَّةِ وَقَالَ الْحَسَنُ فِى الثِّيَابِ يَنْسُجُهَا الْمَجُوسِىُّ لَمْ يَرَ بِهَا بَأْسًا. وَقَالَ مَعْمَرٌ رَأَيْتُ الزُّهْرِىَّ يَلْبَسُ مِنْ ثِيَابِ الْيَمَنِ مَا صُبِغَ بِالْبَوْلِ. وَصَلَّى عَلِىٌّ فِى ثَوْبٍ غَيْرِ مَقْصُورٍ. 363 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ

مَسْرُوقٍ عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ فَقَالَ «يَا مُغِيرَةُ، خُذِ الإِدَاوَةَ». فَأَخَذْتُهَا فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى تَوَارَى عَنِّى فَقَضَى حَاجَتَهُ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَأْمِيَّةٌ، فَذَهَبَ لِيُخْرِجَ يَدَهُ مِنْ كُمِّهَا فَضَاقَتْ، فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ أَسْفَلِهَا، فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ فَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ صَلَّى. أطرافه 182، 203، 206، 388، 2918، 4421، 5798، 5799 - تحفة 11528 والظاهرُ أن نظرَه إلى قِطَعِه يعني أن الثوبَ إذا قُطع على طريق غير طريق العرب، جازت الصلاة فيه، فإن النبي صلى الله عليه وسلّم صَلَّى في الجبة الشامية، وليس نظرُهُ إلى مسألة الطهارة والنجاسة كما فَهِمُوه. ثم اعلم أن مسألة الشعار إنما تجري فيما لم يرد فيه النهيُّ من صاحب الشرع خاصة، وما ورد فيه النهيُّ، فإنه يمنع عنه مطلقًا، سواءٌ كان شعارًا لأحدٍ أو لا. أما إذا لم يرد به النهيُّ وكان شعارًا لقوم يُنهى عنه أيضًا، فإِن لم يكُفُّوا عنه حتى حصل فيه الاشتراك أيضًا، واختارَه الصُّلَحَاءُ بكفِّ اللسان عنه (¬1). ثم إنه يتبادر من كتب الفتاوى هدرُ الاحتمالات بالكلية، والذي أظن أن الأمرَ ليس بهذا التوسيع. ففي المتون أنهُ يكره سؤرُ الدجاجة المُخَلاة. وفي «فتح القدير» أن الكراهة تنزيهية، فدل على عبرتها شيئًا، فعلى هذا ينبغي أن لا يوسع فيه كل التوسيع. ولا تلغى الاحتمالات بأسرها. وفي «البحر» أن الماء إذا كان في فَلاة من الأرض وكانت حولَهُ آثارُ أقدامِ الوحوش كُرِه، مع أنهم قالوا: إن الماء إذا كان كما وُصف لا يتنجَّسُ، ما لم توجد مشاهدة جُزئية، أو إخبار بوقوع النجاسة، كذلك ثيابُ الكفار التي تُجلب من بلادهم لا يحكم عليها بالنجاسة، ما دام لم يوجد فيها أحد الأمرين. وكذلك قال الفقهاء: إن في الأطعمة والأشربة والألبسة والأدوية يعتبرُ بالاحتمالِ الغالب، ولا معتبرَ بالمرجوح، وقد مر فيه بعض الكلام. قوله: (قال الحسن) ... إلخ وهكذا عندنا. وقد مر مني أنه وإن كان فيه توسيعًا في كتب الفتاوى لكن فيه تفصيلٌ في المتون، فينبغي أن يفصَّلَ بالقِلة والكثرة، ويعتبرُ بما يكثُرُ وقوعهُ، ويهدَرُ بما قل وقوعه. قوله: (رأيت الزهري) ... إلخ ولعل المراد منه اللُّبس بعد الغَسْل، لأن مذهَبَه نجاسة الأبوالِ كما مر عن «مصنف عبد الرزاق»، ويومىء إليه ما عند البخاري: «هل تشرب أبوال الإِبل» ... إلخ. فالاستدلال منه على طهارته عنده في حيِّزِ الخفاء، ورأيت أثرًا في الخارج أن عمر رضي الله عنه أراد أن ينهى عن ثياب اليمن وكانت تصبغ بالبول، فقام أبيُّ وقال: إنك لا تستطيعهُ، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لم ينه عنه، فسكت عمر رضي الله تعالى عنه. ¬

_ (¬1) قلت: وقال الحافظ رحمه الله تعالى: إن هذه الترجمة معقودةٌ لجواز الصلاة في ثياب الكفار ما لم يتحقق بنجاستها، وروي عن أبى حنيفة رحمه الله تعالى كراهية الصلاة فيها إلا بعد الغَسْل، وعن مالك إن فعل يعيد في الوقت. انتهى مختصرًا.

8 - باب كراهية التعرى فى الصلاة وغيرها

8 - باب كَرَاهِيَةِ التَّعَرِّى فِى الصَّلاَةِ وَغَيْرِهَا 364 - حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنْقُلُ مَعَهُمُ الْحِجَارَةَ لِلْكَعْبَةِ وَعَلَيْهِ إِزَارُهُ. فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ عَمُّهُ يَا ابْنَ أَخِى، لَوْ حَلَلْتَ إِزَارَكَ فَجَعَلْتَ عَلَى مَنْكِبَيْكَ دُونَ الْحِجَارَةِ. قَالَ فَحَلَّهُ فَجَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَمَا رُئِىَ بَعْدَ ذَلِكَ عُرْيَانًا - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 1582، 3829 - تحفة 2519 - 102/ 1 قال الفقهاء: أول الفرائض الإِيمانُ، ثم ستْرُ العورة، فهو فرضُ عينٍ في الخارج، وشرطٌ لصحة الصلاة. 364 - قوله: (فحلَّه)، وفي عُمْره عليه الصَّلاة والسَّلام إذ ذاك اختلاف في السِّير، وينبغي أن يؤخذ بالأقلِ فالأقل منها. وقد علمت سابقًا أن الأشَاعِرَة جَوَّزوا الصغائر قبل البِعثة، ونفاها المَاتُرِيدِيَّة (¬1) وقالوا بالعصمة قبلها وبعدها. ثم هذا التَّعري كتعري موسى عليه الصَّلاة والسَّلام حين آذاه قومَه. 364 - قوله: (فسقط مغشيًا عليه) وهذا يدل على أنه لم يزل بعين الرضا منه، وهو لفظ الأشعري في حق أبي بكر الصديق رحمه الله تعالى. وحاصله: حِفَاظتُهُ عما لا ينبغي من بدءِ الأمر، وإن لم يتوجه إليه الخِطاب بعد (¬2). ¬

_ (¬1) والشيخ أبو منصور تلميذ لمحمد رحمهما الله تعالى بثلاث وسائط، ومعاصر للأشعري، ولعل الأشعري أسنَّ منه، وقد جرى بينهما في بعض المسائل خِلاف أيضًا، وعدَّهُ شيخ الإسلام في حاشية البيضاوي في اثنين وعشرين موضعًا، وبعد الإمعانِ يشبِهُ النزاعَ اللفظي، وأصحابنا المتقدِّمون ينسبونهم إلى الماتريدي مع حسن الأدب بشأن الأشعري، وليسوا كالحنابلة، فإنهم يُسيئُون بشأنه، والحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى إِذَا مرَّ بشيءٍ من أشياءٍ يُسْقِطُ له في الكلام ولا يُحَاشي، كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز. (¬2) قلتُ: والذي فهمتُ من مرادِ الشيخ رحمه الله تعالى وإن لم يكنْ من صريحِ ألفاظه، أنه لا ينبغي الشكُّ من مثل هذه الوقائع على وقوع الصغائر من الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلامِ قبل البعثة، لأنها واقعةٌ واحدة فقط وقد عُلم فيها من أمره أيضًا أنه غُشي عليه، فالله سبحانه رباه وأدَّبه بهذا الطريق، ولهذا لم ير بعده عُريانًا. وكذلك الأنبياءُ عليهم السلام تربى بأعين الرب الحقيقي، فتلك أمورٌ تُلقى عليهم مرة أو مرتين من حيث كونهم بشرًا، ثم يُنبِّه عليها تكوينًا، كإلقاءِ الغَشْي ليكونوا على أُهْبَةٍ من أمرهم في المستقبل ولا يعودوا إليه، ومعلومٌ أن الوحي لا ينزل إلا بعد البعثة، فلم يكن إلى تهذيبهم سبيلٌ إلا بمثل هذه الأمور. وهذا كشقِّ صدره في أوان صِبَاه، وطرح حَظِّ الشيطان منه، فهذا من سنة الله، حيث خلقَ فيه حظِّ الشيطان أولًا، ثم طُرِحَ عنه، مع أنه أمكن أن لا يكون خَلقه في خُلقه وبنيته، ولكنه يفعل ما يشاء ويحكمُ ما يريد، فكذلك ههنا أَلْقى عليه التعرِّي ثم ألقى الغَشْيَ منه وإن أمكن التحفُّظُ قبل إلقاء التعري أيضًا، إلَّا أنه لم يظهر فيه معنى التربية والتأديب، وكان لا بد نظرًا إلى نسق هذا العالم، فالله سبحانه لا يحبُّ لأنبيائه قبل البِعثة ما لا يحب لهم بعدها، ولكنه يربيهم بهذا الطريق. اهـ منه.

9 - باب الصلاة فى القميص والسراويل والتبان والقباء

9 - باب الصَّلاَةِ فِى الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالتُّبَّانِ وَالْقَبَاءِ السراويل كان من قطع الإِيران دون العرب. قوله: (والتبان) (جانيكيا). 365 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ عَنِ الصَّلاَةِ فِى الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَقَالَ «أَوَكُلُّكُمْ يَجِدُ ثَوْبَيْنِ». ثُمَّ سَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ فَقَالَ إِذَا وَسَّعَ اللَّهُ فَأَوْسِعُوا، جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ، صَلَّى رَجُلٌ فِى إِزَارٍ وَرِدَاءٍ، فِى إِزَارٍ وَقَمِيصٍ، فِى إِزَارٍ وَقَبَاءٍ، فِى سَرَاوِيلَ وَرِدَاءٍ، فِى سَرَاوِيلَ وَقَمِيصٍ، فِى سَرَاوِيلَ وَقَبَاءٍ، فِى تُبَّانٍ وَقَبَاءٍ، فِى تُبَّانٍ وَقَمِيصٍ - قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ - فِى تُبَّانٍ وَرِدَاءٍ. طرفه 358 - تحفة 10668، 14417 365 - قوله: (إذا وَسَّع الله فأَوسعوا) رُوي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: «أن الْبَسُوا من الثياب عند صلواتكم، ما تحبون أن تكونوا فيها في مجالسكم، فإِن كان يعتادُ في مجالسها بالثيابِ الرفيعة يُستحب له أن يُصليَ فيها. وحاصلهُ: أن يتجَمَّل لقيامه بين يدي ربه كما يتجملُ لحضورهِ في مجالسه. وكان مالك رحمه الله تعالى يهتمُّ بمجالسِ الحديث، ما لا يهتمُّ لغيرها. نُقل أن الشافعي رحمه الله تعالى أراد أن يستفيد منه، فحفظ «الموطأ» في ثلاثة أيام، واستشفع إليه بحاكم مكة شرفها الله، فكتب حاكمُ مكةَ إلى نائبه في المدينة أن يذهبَ معه إلى مالكٍ ويشفعَ له، وقال للشافعي رحمه الله تعالى في الطريق: إني شافعٌ، ولكني لا أدري هل أشفع أم لا؟ فإن مالكًا من أغنى الناس نفسًا، فلما بلغَ إليه وباحَ بحاجته أجازَ له أن يجلسَ في حلقته، وقال: ليس لي فُرصة غير ذلك. ولم يُرخص له الاستفادة في الخارج، فقبِلَه الشافعي رحمه الله تعالى وقعد إليه. فلما كان من الغد قرأ الشافعي رحمه الله تعالى عبارةَ «الموطأ»، فلما قرأهُ عَرَفَ مالكٌ رحمه الله تعالى أنه رجلٌ، فقرأ الثاني والثالث فقال له مالك: ادخل عليَّ متى شئت وسل عما شئت، فأقام الشافعي رحمه الله تعالى عنده مدةً، فلما استرخَصَ منه أعطاه مالكٌ رحمه الله تعالى فرسًا وشَيَّعَه على أرجله - فإنه لم يكن ينتعلُ بالمدينة ولا يركبُ فيها، مخافةَ أن تقعَ قدمُهُ على موضعٍ وقعت قدم النبي صلى الله عليه وسلّم عليها - وودَّعه أحسن توديع. ونقل أيضًا أن مالكًا كان إذا جلس للتحديث جلس في أحسن ثيابه متطيبًا، وقِصصه في ذلك معروفة. وبالجملة ما أحسن بالرجل أن يعبدَ ربَّه في أحسن ثيابه إذا قدر. قوله: (جمع رجل) ... إلخ ولم يذكر فيه العِمَامة، وفي فقهنا العمامة أيضًا. 366 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِىٍّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ فَقَالَ «لاَ يَلْبَسُ الْقَمِيصَ وَلاَ السَّرَاوِيلَ وَلاَ الْبُرْنُسَ وَلاَ ثَوْبًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلاَ وَرْسٌ، فَمَنْ لَمْ يَجِدِ

10 - باب ما يستر من العورة

النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ». وَعَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. أطرافه 134، 1542، 1838، 1842، 5794، 5803، 5805، 5806، 5847، 5852 - تحفة 6925، 8432 366 - قوله: (أسفل من الكعبين) وسأل هشامٌ محمدًا رحمه الله تعالى عن الكعبين، فأجابه: أنه العظم النابت ومَعقِدُ الشِّرَاك، وكان فسَّره في باب الحج ثم نقلَ تفسيره في الوضوء، وهو باطل، وهشامٌ هذا هو الذي نَزَلَ عنده محمد رحمه الله تعالى حين دخل الرَّي. 10 - باب مَا يَسْتُرُ مِنَ الْعَوْرَةِ 367 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّهُ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ وَأَنْ يَحْتَبِىَ الرَّجُلُ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ، لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَىْءٌ. أطرافه 1991، 2144، 2147، 5820، 5822، 6284 - تحفة 4140 واعلم أن المصنفَ رحمه الله تعالى كثيرًا ما يستعملُ في تَرَاجِمِهِ «ما» و «مِنْ» كما ترى ههنا. والشارحونَ قد يجعلون «مِنْ» وأخرى تبعيضية، وراجع الفرقَ من الرّضي، فإنها لو كانت بيانيةً لاطَّردَ الحكمُ على جميع مدخُولِهَا وإلا لا. وجعلتها تبعيضيةً في جميع الأبواب لتكونَ شاكلتُهَا في كلها سَوَاء. فإن قلت: كيف يستقيم التبعيضُ في ستر العورة؟ قلت: العورة لغةً: هي ما يُستحى منه، فيستقيم فيها التبعيض أيضًا. ثم اعلم أن العورةَ عندنا من السرة إلى الرُّكبة. وعند مالك رحمه الله تعالى هي أصل الفخذ دون سائرها. وقد مر مني أنه من باب إقامةِ المراتب، وهذا الباب كثيرٌ في الفقه. ففي «الفتح» في باب الجمعة: أن الجمعةَ فريضةٌ وآكدُ من الفرائض الخمس، فأقام المراتبَ بين الفرائض أيضًا، وجعلَ بعضَها آكدُ من بعض. وإنما صرح به الشيخ ابن الهُمَام لمسألة ذكرها في القُدُورِي وهي: من صلى الظهرَ في منزلِهِ يوم الجُمعة قبل صلاةِ الإمام ولا عُذْرَ له كُرِه له ذلك وجازت صلاتُهُ، ويُتوهَّمُ منها عدمُ فرضية الجمعةِ عندنا، فصرَّح بأن الجمعة فرضٌ قطعيٌّ عندنا، بل آكد من سائر الفرائض. وكذلك في «البحر»: أن الفاتحةَ واجبةٌ والسورةَ أيضًا واجبةٌ، إلا أن الفاتحةَ أوجبُ، فهذه نقولٌ تدُل على عِبرة المراتب عندهم، وهذه هي الحقيقةُ التي سرت عليها مسألة ستر العورةِ، والاستقبال، والاستدبارِ، والنواقضِ الخارج من السبيلين وغير السبيلين، ومسِ المرأة، ومس الذكر. وقد مرَّ ذكرُهَا في الأبواب السابقة مُفصلا، فرأسُ الفَخِذِ عورةٌ أيضًا، كما أن أصلها عورةٌ، إلا أنها أخفُّ بالنسبة إلى الأصل، ولذا تجدُ فيها الدلائل في الطرفين، فبعضها يدُل على

أنها عورة، وبعضها يدلُ على أنها ليست بعورة، بخلاف أصل الفخذ فإنك لا تجدُ دليلا يُشعر بعدم كونها عورة. وكأني أريدُ أن الاختلافَ في الأدلة قد يكونُ من جهةِ الشارع قصدًا، ولا يكون من الرواة، وهذا حيث يريدُ صاحبُ الشرع بيان المراتب، فإذا لم تكن عنده مراتبُ في جانب الأمرِ أو النهي لم تعط مادةٌ تدلُ بخلافه، وإذا كانت فيه مراتب بعضها أخفُّ من بعض وأرادَ فيها توسيعًا يؤديه بعرْضِ الكلام ولا يأخذه في الخطاب، لأنه لو أخذه في الخطاب فات الغَرَضُ وهو العمل، فإنه إنما يبقى ما دام الإجمال، وإذا جاء التفصيلُ ذهبَ العملُ، ولذا نرى العوام قد يسبقونَ على العلماءِ في العمل، فإنهم لا يفرِّقون بين الفرائض والسنن والنوافل، فيؤدُّونَها على شاكلةٍ واحدةٍ. وأما الذين يعلمون أن النوافلَ في طوعه كلما شاء فعل، وإذا لم يشأ لم يفعل، فإنهم تفترُ هِمَمُهم، وتتقاعدُ عَزَائِمُهُم، فَيُفْقَدُ العمل. فإذا كان حالُ التخفيف في الخطاب ما قد علمتَ، ولم يكن بدٌّ من بيان حقيقة الأمر أيضًا، احتاج إلى التنبيه عليه بنحوٍ من أنحاء الكلام وجوانبه وأطرافه، بدون أخذِهِ في العبارة وطريقهُ أن تَرِدَ الدلائل في الطرفين، فيوجدُ الاختلاف ولا يحصلُ الجزمُ بجانب فيخِفَّ الأمر، وهذا أيضًا نحو بيانٍ إذا لم يَرِد التصريح به. وهذا الذي أراده صاحب «الهداية» حين قَسَّمَ النجاسة إلى الغليظة والخفيفة، حيث قال: إن التخفيفَ إنما يثبت عند أبي حنيفة رضي الله عنه بتعارُضِ النصين، وعند أبي يوسف رضي الله عنه باختلاف الصحابة والتابعين، فنظر أبو حنيفة رضي الله عنه إلى تعارض الأدلة، فجاءت المراتب عنده من حيث قَطْعيَّةِ الدليل وعدمها، ونظر صاحباه إلى التعامل، لأنه شيءٌ فاصل في الباب، بخلاف الأدلة فإنها موارد للاحتمالات. إلا أن صاحب «الهداية» قرر الخِفَّة لتعارض الأدلة. وأقول: إن تعارضَ الأدلة لأجل الخِفة في نظر الشارع. فأدَّاها بهذا الطريق، لا أنه اتفقَ تعارضُ الأدلة باختلاف الرواة، فأورث خِفةً فيها، بل تلك النجاسات بحقائقها كانت خفيفةً بالنسبة إلى الدم مثلا، فأراد التنبيهَ على الفرق بينهما، فلو صرَّح به لتهاون بها الناس، مع أن المطلوب التوقي منها، فأدَّاها بإِعطاء المادة للطرفين، ليتردد فيه النظر ويَخِف الأمر مع بقاء العمل. وعلى هذا وَسِعَ لي أن لا أتأول في أحدٍ من الأحاديث التي وردت في هذه الأبواب على خلاف مذهبنا واكتفي بالمراتب. وأقول: إن أصل الفخذ عورة ولكن أمرها أشد من رأسها، وكذلك الاستدبار، وإن ورد به حديث ابن عمر رضي الله عنه، لكنه لا يثبتُ به، إلا أنه أخفُّ بالنسبة إلى الاستقبال أو الصحراء، وهكذا النواقض كلها كما دلت عليها الأحاديث، إلا أنَّ أمرَها أخفُّ مما ذهب إليه الحنفية رضي الله عنهم، فافهمه بعين الإنصاف وإمعان النظر، ينفعك في مواضع لا تُحصى.

11 - باب الصلاة بغير رداء

368 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعَتَيْنِ عَنِ اللِّمَاسِ وَالنِّبَاذِ، وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ، وَأَنْ يَحْتَبِىَ الرَّجُلُ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ. أطرافه 584، 588، 1993، 2145، 2146، 5819، 5821 - تحفة 13661 - 103/ 1 368 - قوله: (نهى عن بيعتين) ولعل الراوي جمع بين الحديثين: الأول: في الاحتباء في ثوب، والثاني: في البيع. واللِّمَاس: أن يَغمضَ المشتري عينه ثم يضعُ يده على شيء ويُلزمُ به البيع. والنِّبَاذ: أن ينبذ البائع شيئًا إلى المشتري مُغْمِضَا عينيه ويكون منه بيعُهُ بهذا فقط. ثم قيل: إنه كان قطعًا للخيار، وقيل: بل كان هو طريق الإِيجاب والقَبُول، وراجع كتاب «الآثار» لمحمد رحمه الله تعالى. 369 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَعَثَنِى أَبُو بَكْرٍ فِى تِلْكَ الْحَجَّةِ فِى مُؤَذِّنِينَ يَوْمَ النَّحْرِ نُؤَذِّنُ بِمِنًى أَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِيًّا، فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِىٌّ فِى أَهْلِ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ لاَ يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. أطرافه 1622، 3177، 4363، 4655، 4656، 4657 - تحفة 12278، 6624، 18599 369 - قوله: (ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلّم ... إلخ واعلم أنَّ مكةَ فُتحت السنةَ الثامنة في رمضان. وعُمْرَةُ الجِعِرَّانة أيضًا كانت في تلك السنة، ولم يحُج النبي صلى الله عليه وسلّم السنة التاسعة لعدم كون الحج في أشهره في هذه السنة، فإِنهم كانوا يزيدون شهرًا بعد سنين على عادتهم في الجاهلية، وهو المراد من النَّسِيء في القرآن، فإذا جاء الحجُّ في أشهره في السنة العاشرة حجَّ النبي صلى الله عليه وسلّم ومن ههنا اندفع ما كان يَخْتَلِجُ أن الحجَّ إنِ افترضَ قبله فلِمَ أخَّرَه النبي صلى الله عليه وسلّم وهو وإن لم يكن واجبًا على الفور لكن المسارعةَ مطلوبةٌ، وفيه دليلٌ على عبرة الأغلاط التي تعذَّرَ إصلاحها، فإن الذين حَجُّوا قبلها قد اعتُبِرَ حجهم قطعًا، ولم يأمر واحدًا منهم بالقضاء، وإنما بعث النبي صلى الله عليه وسلّم عليًا رضي الله عنه لأنه أراد أن ينبذَهُم على سواء، فبعث أقربَ رجلٍ إليه على عادةِ العرب. 11 - باب الصَّلاَةِ بِغَيْرِ رِدَاءٍ 370 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى الْمَوَالِى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ يُصَلِّى فِى ثَوْبٍ مُلْتَحِفًا بِهِ وَرِدَاؤُهُ مَوْضُوعٌ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْنَا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ تُصَلِّى وَرِدَاؤُكَ مَوْضُوعٌ قَالَ نَعَمْ، أَحْبَبْتُ أَنْ يَرَانِى الْجُهَّالُ مِثْلُكُمْ، رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى هَكَذَا. أطرافه 352، 353، 361 - تحفة 3056

12 - باب ما يذكر فى الفخذ

12 - باب مَا يُذْكَرُ فِى الْفَخِذِ وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَرْهَدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «الْفَخِذُ عَوْرَةٌ». وَقَالَ أَنَسٌ حَسَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ فَخِذِهِ. وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَسْنَدُ، وَحَدِيثُ جَرْهَدٍ أَحْوَطُ حَتَّى يُخْرَجَ مِنِ اخْتِلاَفِهِمْ. وَقَالَ أَبُو مُوسَى غَطَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رُكْبَتَيْهِ حِينَ دَخَلَ عُثْمَانُ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِى فَثَقُلَتْ عَلَىَّ حَتَّى خِفْتُ أَنْ تُرَضَّ فَخِذِى. قوله: (ويروى عن ابن عباس رضي الله عنهما) ... إلخ هكذا قال الحنفية رضي الله عنهم: أن الفخذَ عورةٌ. والمصنِّف رضي الله عنه وإن مر منه إلا أنَّ الترمذيَّ أخرجه من وُجُوهٍ وحسَّنَه، وتحسينُ الترمذيِّ معتبرٌ عندي، وقيل: إنه متساهل في التحسين، ثم قيل: إن أكثرَ أفراد ابن ماجه ضِعَاف، والمراد من الأفراد عندي الرواةُ دون الروايات، لأني وجدتُ فيما أُفرد به ابن ماجه أحاديثَ صحيحة أيضًا، نعم، رواته المختصة قلَّما وجدتهم يبلغون الصِّحة. والذي يَظْهَر من صنيع المصنِّف رضي الله عنه أنه مال إلى مذهب مالك رضي الله عنه، وحمل ما ذهب إليه الحنفية على الاحتياط. قوله: (وحديث جَرْهَدٍ أحوط) يعني خروجًا عن الخلاف. وقد مر في آخر كتاب الغسل أن الأحوطَ قد يُطلقُ على الواجب أيضًا عند تعارض الأدلة. قوله: (غطى النبي صلى الله عليه وسلّم ركبتيه) ... إلخ يمكن أن يكونَ ثوبُهُ إلى انتهاءِ الركبة، ثم إذا دخلَ عثمان جرَّه إلى ما تحته، وهذا في التعبير واسعٌ. قوله: (وفخذه على فخذي) وليس فيه أن فخذَه كانت مكشوفةً، فَذِكْرُه إذن من مُلحقاتِ الباب، ويمكن أن يكون غرضُ المصنفِ رضي الله عنه أنَّ الفخذَ لو كانت عورةً لما وضعها على الفخذ. وللمجيبِ أن يقول: إن في وضعِ الأعضاءِ بعضها على بعض مراتب، فأهل العُرف لا يبالونَ بوضع الفخذ على الفخذ إذا كانت مستورةً بثوب، بخلاف الأعضاء الغليظة، فهم يراعون هذه الأشياء من عند أنفسهم، كرفع القميص عن السراويل، وككبس الأرجلِ إلى أين ينبغي. ولعل المصنفَ رضي الله عنه أراد بيان هذه المسألة فقط، يعني أنَّ الفخذِ على الفخذَ متحملٌ، ولم يرد الاستدلال به. قوله: (أن ترضَّ فخذي) من أعباءِ الوحي، ولم يكن يتحمَّلُها أحد غير ناقته القَصْوَاء، ولعله لاعتيادها بها. وحصول المناسبة شيئًا كأبي بكر رضي الله عنه، فإنه لم يكن يسمع صوتَ الوحي غيره. 371 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَزَا خَيْبَرَ، فَصَلَّيْنَا عِنْدَهَا صَلاَةَ الْغَدَاةِ بِغَلَسٍ، فَرَكِبَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَكِبَ أَبُو طَلْحَةَ، وَأَنَا رَدِيفُ أَبِى طَلْحَةَ، فَأَجْرَى نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى زُقَاقِ خَيْبَرَ، وَإِنَّ رُكْبَتِى لَتَمَسُّ فَخِذَ نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ حَسَرَ الإِزَارَ عَنْ فَخِذِهِ

حَتَّى إِنِّى أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ فَخِذِ نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا دَخَلَ الْقَرْيَةَ قَالَ «اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ». قَالَهَا ثَلاَثًا. قَالَ وَخَرَجَ الْقَوْمُ إِلَى أَعْمَالِهِمْ فَقَالُوا مُحَمَّدٌ - قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا - وَالْخَمِيسُ. يَعْنِى الْجَيْشَ، قَالَ فَأَصَبْنَاهَا عَنْوَةً، فَجُمِعَ السَّبْىُ، فَجَاءَ دِحْيَةُ فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ، أَعْطِنِى جَارِيَةً مِنَ السَّبْىِ. قَالَ «اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً». فَأَخَذَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ، أَعْطَيْتَ دِحْيَةَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ سَيِّدَةَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ، لاَ تَصْلُحُ إِلاَّ لَكَ. قَالَ «ادْعُوهُ بِهَا». فَجَاءَ بِهَا، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خُذْ جَارِيَةً مِنَ السَّبْىِ غَيْرَهَا». قَالَ فَأَعْتَقَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَتَزَوَّجَهَا. فَقَالَ لَهُ ثَابِتٌ يَا أَبَا حَمْزَةَ، مَا أَصْدَقَهَا قَالَ نَفْسَهَا، أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالطَّرِيقِ جَهَّزَتْهَا لَهُ أُمُّ سُلَيْمٍ فَأَهْدَتْهَا لَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَأَصْبَحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَرُوسًا فَقَالَ «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَىْءٌ فَلْيَجِئْ بِهِ». وَبَسَطَ نِطَعًا، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِىءُ بِالتَّمْرِ، وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِىءُ بِالسَّمْنِ - قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَدْ ذَكَرَ السَّوِيقَ - قَالَ فَحَاسُوا حَيْسًا، فَكَانَتْ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 990 - 104/ 1 371 - قوله: (غزا خيبر) في السنة السابعة. قوله: (بغلس) وتعرُّضُ الراوي إلى التَّغليس كالاستغراب، يدلُّ على أنه لم يكن من عادتِهِ الشريفة، ثم إنه كان لأجلِ الغزوة، لا لأنه كان من سُنة الصلاة. قوله: (فأجرى) أي مركوبه، أما ليسطو عليهم، أو لإلقاء الرُّعبِ عليهم. قوله: (ثم حسر الإزار عن فخذه) وعند مسلم: «انحسر»، فلم يدل على أنَّه كَشَفَها قصدًا، على أن في «القاموس» أن حسر لازم أيضًا، فعلى هذا جاز أن يكون الإزارُ فاعلا له، لا سيما إذا كان عند مسلم: «انحسر» على أنه يمكنُ أن يكون حَسَرَ الإزارَ بمعنى وَسَّعَه لئلا يلزقَ بفخذه، وحينئذٍ يجوزُ أنه كان حسر الإِزارَ عما يجوزُ الحسرُ عنه، فانحسرَ عن فخذه، كما يتفقُ في الإزار. ثم عند البخاري في موضع آخر: «وإن قدمي لتمسُّ قدمَ النبي صلى الله عليه وسلّم مكان «فخذ النبي صلى الله عليه وسلّم. وفي «الفتح» عن «صحيح الإسماعيلي»: «أنه مشى نبي الله صلى الله عليه وسلّم في زُقَاق خيبر إذ سقط الإِزار» وهو أيضًا يدلُ على عدم القصد. وقال القرطبي: إن حديث أنس رضي الله تعالى عنه ورد في قضية معينة في أوقات مخصوصة، يتطرقُ إليها الاحتمالات، بخلاف حديث جَرْهَد، لأنه يتضمن تشريعًا عامًا. وقال النووي: ذهب أكثر العلماء إلى أن الفخذَ عورةٌ، وقد يتعسر على البعض جَرَيان مثل هذه الأمور على النبي صلى الله عليه وسلّم فيتمنَّون أن لا يكون جَرَى على النبي صلى الله عليه وسلّم شيء مما لا يحبه الشارع.

قلتُ: وهذا غير كائنٍ، فإنّه أُلقِيَ عليه النومُ في ليلة التَّعْرِيس، وأُلقي عليه النسيان حتى قام للصلاة وهو جنبٌ، ثم تذكَّر قبل التحريمة. وقد مر بحثه. وأُقيم موسى عليه السلام بين قومه عُريانًا. قال المتكلمون: إن ما يعدُّونَه خلافَ المروءةِ لا يجوز وقوعهُ على الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام. قلتُ: كشف الفخذِ لو كان وقعَ لم يكن خلافًا للمروةِ عند العرب أصلا، كما عُرِفَ من حالهم في التعري، حتى في الطواف أيضًا، والسر فيه أن وقوع هذه الأشياء مرةً أو مرتين في مُدة عُمْره لأجلِ مصلحةٍ لا يعدُّ شَيْئَا، وإنما يعدُّ خلافُ المروءة إذا تكرر وقوعُها وتساهَلَ فيها صاحبُها. قوله: (بساحة) آنكن يعني مكانون كي سامنى. قوله: (والخميس) سُمِّيَ به لأنه يشتملُ على مقدمة، وسَاقَةٍ، وقلبٍ، وجناحان. قوله: (عَنوة) أي قهرًا. وقال الشافعي رحمه الله تعالى: إن مكة فُتحت صُلحًا. وكنتُ متحيِّرًا في أنه إذا عدَّ هذا الفتح صُلحًا مع هذه الحروب والضروب، فما الفتحُ عَنوة عنده؟ وتشوشَ فيه الحافظ رحمه الله تعالى أيضًا، ثم تبين لي أنه اعتبره صُلحًا، لأنهم التجأوا إليه آخرًا، فأولُ أمرِهم وإن كان القِتالُ، لكنهم إذا صالحوا آخرًا، وكَفَّ عنهم القتالُ عُدَّ الفتحُ صلحًا. وبوب عليه الطحاوي. قوله: (فجمع السبي) من النِّسْوان والصبيان، لأن العربَ لا يُسترقُّ رِجَالُهم، وليس فيهم إلا الإسلام أو السيفُ عندنا، ثم إن أهلَ خيبر كانوا يهودًا. قوله: (خذ جارية) وعند مسلم: «أن النبي صلى الله عليه وسلّم اشترى صفيةَ منه بسبعة أرؤس»، وفي النقول أنه أعطاه ستة. ثم إني علقت تذكرةً مستقلةً على أن جملةَ أنكحةِ النبي صلى الله عليه وسلّم كانت من أسبابٍ سماوية، وصفيةُ هذه قد كانت رأت رؤيا: أن البدر نَزَلَ في حِجْرِهَا، فقصَّتْها على زَوْجِهَا فلطمها، وقال: أتريد أن تنكحي بهذا الرجل؟ يريدُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم فكان كما رأته. قوله: (أعتقها وتزوجها) وقد ذهب بعضُ أهلِ العلم: إلى أن الإِعْتَاقَ بشرطِ التزوُّجِ لا يحتاجُ إلى إيجابٍ وقَبُول مستأنف. وهذا اللفظُ يدل على أن التزوجَ أيضًا لا بد منه، ولا ينوبُ نفسُ الإِعتاقِ مَنَا به. قوله: (مال نفسها) وهذا بيان للمآل، يعني لما أعتقها النبي صلى الله عليه وسلّم وأسقطت هي مهرَها عنه، لم يبقَ المهرُ إلا نفسُها، فإِنه لم يكن هناك إيفاءٌ واستيفاء لسقوط المهر، وكانت نفسُها هي التي استوفاها. فهذا نحو تعبير عُرفي، لا مسألة فقهية، وأظن أن النبي صلى الله عليه وسلّم أعتقها وتزوجها تحصيلا للأجر مرتين، على الحديث الذي مر في كتاب العلم، وسيجيء الكلام عليه. ثم إنهم اختلفوا: في أنه إذا كان أعطاها، فهذا الأخذُ كان شراءً منه، أو استردادًا في الهبة. ومالَ الحافظُ رحمه الله تعالى إلى الثاني، وأوَّلَ في لفظ مسلم: «اشترى صفية» وحمله على المجاز. قوله: (عروسًا) مفعول يُطلقُ على المذكر والمؤنث.

13 - باب فى كم تصلى المرأة فى الثياب؟

قوله: (نِطعًا) سُفرة من أدمٍ. قوله: (حيسًا) حلواء. 13 - باب فِى كَمْ تُصَلِّى الْمَرْأَةُ فِى الثِّيَابِ؟ وَقَالَ عِكْرِمَةُ لَوْ وَارَتْ جَسَدَهَا فِى ثَوْبٍ لأَجَزْتُهُ. 372 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الْفَجْرَ، فَيَشْهَدُ مَعَهُ نِسَاءٌ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ مُتَلَفِّعَاتٍ فِى مُرُوطِهِنَّ ثُمَّ يَرْجِعْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ. أطرافه 578، 867، 872 - تحفة 16473 واستثنى الحنفية: الوجه، والكفين، والقدمين. 372 - قوله: (ما يعرفهن أحد) قال النووي: أي أرجالٌ أم نساء، ليكون أدلَّ على التغليس، قلت: بل المراد به معرفةُ الأشخاص، ولا ريب في أن عدم معرفة الأشخاص معنىً مطلوب، حيث عَرَضَ عمر رضي الله تعالى عنه، فقال: «ألا قد عرفناك يا سودة»، وإلى هذا المعنى أرشد القرآنُ فقال: {ذلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: 59] والمعرفة هنا هي معرفةُ الشريفة من الوَضِيعة، فإن المنافقين إذا وجدوا امرأةً وضيعةً، غمزوها وآذوهَا، فهديُ القرآنِ لإِدناء الجلابيب، لئلا يعرفنَ أنهنَّ شريفاتٍ أو وَضِيعات فلا يؤذين، فكانت تلك معرفة الأشخاص. أما عدم معرفة الرجال من النساء فليس فيه معنى، ثم ما يُعلم من عمل الشيخين هو البداية في التغليس، والنهاية في الإسفار، وهو الذي اختاره الطحاوي، وهكذا في كتاب الحج، قيل: هو من قلمِ أحمد بن عِمران، وقيل من قلم عيسى بن أَبَان، وعمل عثمان رضي الله عنه بالإسفار، وهو الذي اختاره المتأخرون منا. وعند ابن ماجه: تعني من الغلس، نظير الجواب. 14 - باب إِذَا صَلَّى فِى ثَوْبٍ لَهُ أَعْلاَمٌ وَنَظَرَ إِلَى عَلَمِهَا 373 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى فِى خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلاَمٌ، فَنَظَرَ إِلَى أَعْلاَمِهَا نَظْرَةً، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِى هَذِهِ إِلَى أَبِى جَهْمٍ وَائْتُونِى بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِى جَهْمٍ، فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِى آنِفًا عَنْ صَلاَتِى». وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى عَلَمِهَا وَأَنَا فِى الصَّلاَةِ فَأَخَافُ أَنْ تَفْتِنَنِى». طرفاه 752، 5817 - تحفة 16403، 17345 - 105/ 1 373 - قوله: (فإنها ألهتني) وفي الطريق الآتية المنقطعة: «فأخاف أن تفتنني»، فدل على أنه لم يقع شيءٌ من ذلك، وإنما خشي أن يقعَ، وإنا تحسُ هذه الأمور القلوب اللطيفة دون

مسألة

المغشوشة، وليس من طريقِ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الاستغراقَ فيها، بحيث لا يبقى لهم حِسٌّ وشعور، ألا ترى أن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما إذا قام عن يساره، أداره إلى يمينه في الصلاة، فهذا شأنهم. قوله: (وائتوني) قال ابن بَطَّال: إنما طلب منه ثوبًا غيرها ليُعلِمَه أنه لم يرده استخفافًا به، قال الطِّيْبيُّ: فيه إيذان بأن للصور والأشياء الظاهرة تأثيرًا في القلوب الطاهرة، والنفوس الزكية، فضلا عمن دونها. مسألة وفي الفِقه: أنَّ من نقشَ المسجدَ بمالِ الوقف يضمنه، وإن كان بماله جاز. 15 - باب إِنْ صَلَّى فِى ثَوْبٍ مُصَلَّبٍ أَوْ تَصَاوِيرَ هَلْ تَفْسُدُ صَلاَتُهُ؟ وَمَا يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ وهي مسألةُ الصلاة لا مسألة التصوير، فادْرِ الفرقَ بينهما. قوله: (مصلب) والشكل المشهور هذا (+). وفي «دائرة المعارف» أشكالٌ أُخرى أيضًا. قوله: (أو تصاوير) عطف على المعنى. كما في «المغني»، أن العطف قد يكون على اللفظ، وقد يكون على المعنى، وقد يكون على التوهم. واعلم أن هناك ثلاث مسائل: الأولى: فعل التصوير، وهو حرامٌ، صغيرًا كان أو كبيرًا. والثانية: حكم التصاوير في الصلاة. وحاصل ما في المتون: أن لا بأس بالمُمتَهن والصغيرة جدًا، بحيث لا تبدو للناظر وإلا كرهت. والثالثة: لُبْس الثوب المصور. وراجع التفصيل من «الفتح» لابن الهُمَام من مكروهات الصلاة، و «الموطأ» لمحمد بن الحسن. 374 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمِيطِى عَنَّا قِرَامَكِ هَذَا، فَإِنَّهُ لاَ تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ فِى صَلاَتِى». طرفه 5959 - تحفة 1053 374 - قوله: (قِرَام) هتلا كيرا. تمثال عامٌّ من التصوير، فإن الثاني يختصُّ بذي الروح. 16 - باب مَنْ صَلَّى فِى فَرُّوجِ حَرِيرٍ ثُمَّ نَزَعَهُ 375 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ أُهْدِىَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَرُّوجُ حَرِيرٍ، فَلَبِسَهُ فَصَلَّى فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ

17 - باب الصلاة فى الثوب الأحمر

فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا كَالْكَارِهِ لَهُ وَقَالَ «لاَ يَنْبَغِى هَذَا لِلْمُتَّقِينَ». طرفه 5801 - تحفة 9959 قوله: «فروج» كوك: وعند مسلم: «صلى في قَبَاء دِيبَاج ثم نزعه، وقال: نهاني عنه جبريل عليه السلام» فدل على أن صلاته تلك كانت قبل تحريم الحرير، ولعله نزعه لكونه بعين الرضا منه تعالى. 17 - باب الصَّلاَةِ فِى الثَّوْبِ الأَحْمَرِ واعلم أن في الثوب الأحمر اختلافًا وانتشارًا في كتب المتأخرين، ولو صادفنا «تجريد القدوري» لاقتصرنا عليه. والحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى يأخذ بقول الحنفيةِ من هذا الكتاب، فدل على اعتباره عنده. وحاصل ما لخصتُ في تلك المسألة: أن اللونَ إن كان من الزَّعْفَرَان أو العُصْفُر كُره تحريمًا للرجال، وغيرهما إن كان أحمرَ قانيًا كُره تنزيهًا وإلا لا، وإن كان مخططًا بخطوط حمراء بلا كراهة. وقال بعضهم باستحبابه. وجاز الكلُّ للنساء، ثم إن تلك المسألة في الثياب دون الأَدَم. 376 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَرُ بْنُ أَبِى زَائِدَةَ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ، وَرَأَيْتُ بِلاَلاً أَخَذَ وَضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَأَيْتُ النَّاسَ يَبْتَدِرُونَ ذَاكَ الْوَضُوءَ، فَمَنْ أَصَابَ مِنْهُ شَيْئًا تَمَسَّحَ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا أَخَذَ مِنْ بَلَلِ يَدِ صَاحِبِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ بِلاَلاً أَخَذَ عَنَزَةً فَرَكَزَهَا، وَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مُشَمِّرًا، صَلَّى إِلَى الْعَنَزَةِ بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ مِنْ بَيْنِ يَدَىِ الْعَنَزَةِ. أطرافه 187، 495، 499، 501، 633، 634، 3553، 3566، 5786، 5859 تحفة 11816 376 - قوله: (حلة حمراء) قالوا: إنها كانت مخططة. قلت: ووجدتُ له روايةً بعد تتبُّعٍ بالغٍ في «أحكام القرآن» لابن العربي. 376 - قوله: (مشمِّرًا) أرسى هوثي. 18 - باب الصَّلاَةِ فِى السُّطُوحِ وَالْمِنْبَرِ وَالْخَشَبِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَلَمْ يَرَ الْحَسَنُ بَأْسًا أَنْ يُصَلَّى عَلَى الْجَمْدِ وَالْقَنَاطِرِ، وَإِنْ جَرَى تَحْتَهَا بَوْلٌ أَوْ فَوْقَهَا أَوْ أَمَامَهَا، إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا سُتْرَةٌ. وَصَلَّى أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ بِصَلاَةِ الإِمَامِ. وَصَلَّى ابْنُ عُمَرَ عَلَى الثَّلْجِ. جمع سطح، أي سقف. قوله: (والمنبر) موضعٌ مرتفعٌ، يُجْلَسُ عليه لإِلقاء الوعظ، فهذه هيئة. قوله: (والخشب) وهذا مادة. وحاصلُ الكلِّ أن السجدةَ وقعت على غير الأرض، سواء كان على هذه الهيئة أو تلك المادة، فأجاز الصلاةَ على غير جنسِ الأرض، وتجوز عندنا على

السرير بدون عذر، لأنه يُتصوَّر عليه إلقاء الجبهة وهو الشرط. وإنما لا تصح على القطن لأنه لا تستقرُ عليه الجبهة، فلا يتحققُ معنى السجدة، وكذلك على الثلج، لأنه لا يتأتَّى فيه الطرحُ والإِلقاء إلا بالاستمساك، واستمساكُ الجبهة ليس بسَجْدةٍ، بل هو مَسَاس، لا طرحٌ وإلقاءٌ، والشرط هو هذا دون ذلك، فافترقا، فمن قاس السريرَ على الثلج فكأنه لم يراع ما قُلنا. قوله: (الجمد). قوله: (والقناطر) وإن جَرَى تحتَها بولٌ، وهذا على عادتهم في البلادِ الباردة، أنهم كانوا يذهبون بمواشيهم تحت القناطر، فتبول، ويجري البولُ من تحتها. وظهر منه أن حملَه على بولِ ما لا يؤكلُ لحمه بعيدٌ كلَّ البُعد، بل هو بول ما يؤكل لحمه، فدل على نجاسته عنده، كما هو مصرح عند الطحاوي عن الحسن: أنه كره أبوال الإِبل والبقر والغنم. ثم في «الدر المختار» عن «حاوي القدسي»: أن الصلاةَ على سطح الاصْطَبل مكروهةٌ، والظاهر أن الوجه فيها الروائح الكريهة. وليس فيه مسألةُ الصلاة على سطحٍ تحته نَجِسٌ، وذلك لأنه خصَّ الاصطبل بالذكر، وفيه تكون ذلك. قوله: (إذا كان بينهما سترة) ... إلخ يعني به طهارة موضع المُصلى، ومختارُ الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى في طهارة المكان: طهارةُ مواضِعِ السجودِ فقط، فلو صلى وبحذاءِ صدرِهِ نجاسةٌ، صحت صلاتُهُ وإن كره، وفيه أن النجاسة المفسدة هي التي ينسب حملها إليه، وإلا لا. قوله: (وصلى أبو هريرة رضي الله عنه) انتقل إلى مسألة أخرى، وهي أن الإِمام إذا كان تحت السقف، والمأموم فوقه، هل تصح صلاته؟ فتصح عندنا إذا علم انتقالاتِ الإِمام، سواء كان بينهما منفذ، أو لا. 377 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ قَالَ سَأَلُوا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ مِنْ أَىِّ شَىْءٍ الْمِنْبَرُ فَقَالَ مَا بَقِىَ بِالنَّاسِ أَعْلَمُ مِنِّى هُوَ مِنْ أَثْلِ الْغَابَةِ، عَمِلَهُ فُلاَنٌ مَوْلَى فُلاَنَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَامَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ عُمِلَ، وَوُضِعَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ كَبَّرَ وَقَامَ النَّاسُ خَلْفَهُ، فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَرَكَعَ النَّاسُ خَلْفَهُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى، فَسَجَدَ عَلَى الأَرْضِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى حَتَّى سَجَدَ بِالأَرْضِ، فَهَذَا شَأْنُهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَأَلَنِى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ فَإِنَّمَا أَرَدْتُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ أَعْلَى مِنَ النَّاسِ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَكُونَ الإِمَامُ أَعْلَى مِنَ النَّاسِ بِهَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ فَقُلْتُ إِنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ كَانَ يُسْأَلُ عَنْ هَذَا كَثِيرًا فَلَمْ تَسْمَعْهُ مِنْهُ قَالَ لاَ. أطرافه 448، 917، 2094، 2569 - تحفة 4690 - 106/ 1 377 - قوله: (اثل) (جهاؤ) وهذه الشجرة على نحوين: العظيمةُ منهما تُسمَّى أثلا، والصغيرة طَرْفَا.

قوله: (الغابة) موضعٌ معروف من عَوَالي المدينة. واختار الحافظ رحمه الله تعالى أن المنبرَ عُمِلَ في السنة التاسعة. وعندي رواياتٌ تدُل على أنه متقدِّمٌ بكثير، وإنما عارضتُ فيه الحافظَ رحمه الله تعالى، لأنه يُعْلَمُ من بعض الروايات أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قام متكئًا بجذعٍ في المسجد في واقعة ذي اليدين - وكانت تلك الجذعُ هي الأَسطُوانة الحنَّانة، كما أشار إليه القاضي عياض، وقد دفنت حين عُمِلَ له المنبر - فيدل على أن واقعةَ ذي اليدين متقدمةٌ جدًا. وهذا ينفعُ الحنفية في مسألة نسخِ الكلام كما لا يخفى، بخلاف ما اختاره الحافظ رحمه الله تعالى، فإِنه يمكن أن يكونَ واقعة ذي اليدين في السنة الثامنة مثلا، وكان قيامُهُ بتلك الجذع لأنه لم يُعمَل له المنبرُ إذ ذاك، فيدلُ على تأخُّرِ هذه القِصة جدًا. وسَهْلُ بن سَعْد هذا آخرُ الصحابة المدنيين وفاةً. قوله: (ثم رجع القَهْقَرَى)، قلت: إنما كان ذلك بخطوتين وهو عمل قليل، لأن منبر النبيِّ صلى الله عليه وسلّم عُمِلَ بثلاث درجات، فلو كان قيامُهُ على الدرجة الثالثة أمكنَ نزوله عنها بخطوتين، وهذا عمل قليل. وحقق ابن أمير حاج: أن المشي الكثير أيضًا غير مفسدٍ إذا كان متفاصلا. ثم في الحديث دليل على جواز كون الإِمام أعلى من القوم، ونهى عنه عند أبي داود. قال النووي: كراهة الارتفاع إنما هي عند عدم الحاجة، فإِن كان لحاجةٍ بأن أراد تعليمَ الصلاة لم يُكره، بل يستحبُّ لهذا الحديث، وكذا إن أرادَ المأمومُ إعلامَ المأمومين بصلاة الإِمام، واحتاج إلى ارتفاع. انتهى مختصرًا. قلتُ: وكذا في «الدر المختار» عن «الاختيار»: أنه يجوز للإِمام إذا احتاج إليه، إلا أن لي فيه ترددًا، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم كان عليه طردُ الدين وعكسُهُ، وأما مَنْ بعدَه فلا أرى أن يُسوَّغَ له ذلك؛ لأنه ليس اليوم أحدٌ منهم يتقصرُ عليه التعليم، فليقصر عليه صلى الله عليه وسلّم ولا يوسَّعُ به في حق سائر الأئمة، لأن الضرورة تحققت في حقه صلى الله عليه وسلّم خاصة. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلّم إنما فعل كذلك لأنه لم يتفق لهم رؤية صلاة النبي صلى الله عليه وسلّم قبله، إلا لمن كان في الصف الأول، فأراد أن يشاهدوا جميعَهم مرةً ليتعلَّموا صلاتَه، ويحفظوا عنه، كما هو عند مسلم: «يا أيها الناس إني صنعت هذا لتأتَمُّوا بي، ولتَعَلَّمُوا صلاتي»، كأنهم قبل ذلك لم يشاهدوا صلاةَ النبي صلى الله عليه وسلّم وإنما أْتَمُّوا به بواسطة الصف الأول، فأراد أن يكون الجميع سواءً في رؤية صلاته والائتمام به، وهذا سائغ للشارع. أما من كان إمامًا كسائر الأئمة، فلا أرى له هذا التوسيع. والله تعالى أعلم. ثم التَّحيُّرُ من ابن حَزْم حيث مرَّ على هذا الحديث، وادَّعى أن تلك الصلاةَ كانت نافلةً، وتمسك بالجماعة في النافلة، وشدَّدَ على من أنكرها، مع التصريح في الصحيح أنها كانت صلاةُ الجمعة. ثم لا يذهبُ عليك أنَّ الراويَ لا يذكرُ للمقتدين ههنا قراءةً، ولا يقول: فقرأ وقرأ الناس معه، وذلك لأنه لا قراءةَ في الجهرية مع الإِمام، وليست في «الأم» عند الشافعي رحمه الله تعالى، غير أن المُزَني يحكي عن الربيع روايةَ القراءة في الجهرية عن الإِمام الشافعي رحمه الله تعالى، فاحفظه ولا تغفُلْ.

وابنُ حَزْم هذا كان أُجلي من بلده. من سعي المالكية، وتوفي في البرية ولم يكن معه أحد. وصنف عشرة آلاف من الأوراق، وجاء منها «المحلى» مطبوعة، وعليه حاشيةٌ لبعض غير المقلدين، وتتبَّع على أغلاطِهِ الحافظ قطب الدين الحلبي الحنفي من المئة الثامنة. قوله: (إنما أردت) ... إلخ وفاعله أحمد بن حنبل، لا علي بن المديني كما حرره شيخ الإِسلام بين السطور، وهو حفيدٌ لمولانا عبد الحق الدِّهلوي رحمه الله تعالى. وله حاشيةٌ على الجلالين يُسمَّى ب: «الكمالين»، وهو أحسن من حاشية علي القاري «الجمالين» وكنت أرجُو أن تكون حاشيتُهُ لطيفةً لكونه قارئًا، فلما رأيتُها وجدتُها سطحيةً، أما في باب الأحاديث فقد رأيتُهُ يرتكب الأغلاط كثيرًا. أما حاشيةُ ذلك الحفيد فلا ريبَ أنه جيدٌ حتى أظنه أعلمُ من جدِّه. قوله: (قال: فقلت) ... إلخ أي قال علي بن المديني. قوله: (قال لا) قال الحافظ رحمه الله تعالى: وهذا صريح في أن أحمد بن حنبل لم يسمع هذا الحديث من ابن عُيَيْنَة، وقد راجعت «مسندَه» فوجدتُهُ قد أخرج فيه عن ابن عُيَيْنَة بهذا الإسناد من هذا الحديث، قولَ سَهْل: «كان المنبر من أَثْلِ الغابة» فقط، فتبيَّن أن المنفي في قوله: «فلم نسمعه منه قال: لا» جميعُ الحديث لا بعضه، والغرض منه ههنا، وهو صلاته صلى الله عليه وسلّم على المنبر داخلٌ في ذلك البعض، فلذلك سأل عنه علي بن المديني اهـ. قوله: (سقط عن الفرس) قال ابن حبان: وهي وَاقعةُ السنة الخامسة. وقال الحافظ في المجلد الثامن: وحاصله: إنها في التاسعة. قلتُ: وهو قطعي البطلان، وأتعجَّبُ من مِثْلِ هذا الحافظ أنه كيف غَفَلَ عنه. ولعله دَعَاه إليه ذكر إيلاءِ النبي صلى الله عليه وسلّم في تلك الواقعة، وكان في السنة التاسعة، فجعل سقوطَ الفرسِ أيضًا فيها. والذي تحقق عندي أن قِصةَ السقوط عن الفرس وإيلاءِه صلى الله عليه وسلّم واقِعَتان في عامين مختلفين، وإنما جمعهما الراوي في حديثٍ واحدٍ لجلوسِهِ صلى الله عليه وسلّم في المَشْرُبة فيهما. أما في السقوط فلأن أصحابَه يجيئون لعيادته، وأما في قصة الإِيلاء فللتخلي والتجنب عنهنَّ قصدًا. 378 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ، فَجُحِشَتْ سَاقُهُ أَوْ كَتِفُهُ، وَآلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، فَجَلَسَ فِى مَشْرُبَةٍ لَهُ، دَرَجَتُهَا مِنْ جُذُوعٍ، فَأَتَاهُ أَصْحَابُهُ يَعُودُونَهُ، فَصَلَّى بِهِمْ جَالِسًا، وَهُمْ قِيَامٌ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا». وَنَزَلَ لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ آلَيْتَ شَهْرًا فَقَالَ «إِنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ». أطرافه 689، 732، 733، 805، 1114، 1911، 2469، 5201، 5289، 6684 تحفة 811 378 - قوله: (آلى من نسائه) وهذا إيلاءٌ لغويٌ لا شرعيٌ. قال الشيخ ابن الهمام رحمه الله تعالى: إن الإيلأَ اللغويَّ جَائِزٌ. واضطرب فيه الشافعية، فلعله لا يجوز عندهم. قيل: المُهَاجَرَةُ

فوق الثلاث ممنوعٌ، فكيف هاجرهنَّ شهرًا؟ قلتُ: إن المُهَاجَرَةَ إلى الثلاث مباحٌ، وأزواجُه كنَّ تسعةً أو إحدى عشرة، فحصل بضربِ التسعةِ في الثلاث شهرًا، فكأنه لم يهاجر كلهن إلا ثلاثًا، أما التناوب في المهاجرة فكان ركيكًا، فهاجرهنَّ معًا. قوله: (يعودونه) وهذا في واقعة السقوط، لأنه صلى الله عليه وسلّم لم يكن عليلا في قِصة الإِيلاء. وفي البخاري عن عمر رضي الله عنه في قصة الإِيلاء، أنه قال: «صليت الفجر خلفَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في المسجدِ»، بخلافِ قصة السقوط، فإنَّ قدمه كانت انفكت، على ما في بعض الروايات، فلم يكنْ يحضُر المسجد في تلك الأيام، وهذا كله يدُل على المغايرةِ بين القِصتين، فكيف غَفَلَ عنه الحافظ رحمه الله تعالى وجعلها في السنة التاسعة؟ قوله: (إنما جعل الإِمام) ... إلخ وهذا يدُل على شدَّةِ الربط بين صلاةِ الإمام والمقتدي، واعتبره الحنفية رحمهم الله تعالى، بخلاف الشافعية فإنه عندهم عبارةٌ عن الاتِّباع في الأَفعال فقط، حتى إنهم جعلوا التسميعَ على المقتدي، وليس معهم في تلك المسألة عن السلف إلا رجلٌ أو رجلين. وسنعود إلى تفصيله في موضعه إن شاء الله تعالى. قوله: (فإذا كبر فكبروا) وقد مر مني أن الفاءَ عندهم تُستعملُ في التعقيب الذاتي أيضًا، ولا تنحصرُ في التعقيب الزماني، وحينئذٍ لا يدلُ على التعقيب في الأفعال، كما رامه الشافعية رحمهم الله تعالى، ويصدق على مذهبنا أيضًا، فإن المختارَ عندنا المقارَنةُ في جميع الأفعال. وعند الشافعية: التعقيب في جُملتها. وعند الصاحبين: المقارَنةُ إلا في التكبير والتسليم. وروي في بعض طرقهُ: «إذا قرأ فأنصتوا» أيضًا، وعلله المحدثون، وقد كشفتُ حقيقتَه في رسالتي «فصلُ الخِطَاب» أن هناك حديثان: الأول ما في واقعة السقوط، ويرويه مَنْ كان منهم في السنة الخامسة، وليس فيه تلك القِطْعَةُ، لعدم الحاجة إليه فيه، لأنه سِيْقَ لبيانِ المشاكلةِ بين الإِمام والمقتدي، وسائرُ الأجزاءِ ذُكرت فيه تبعًا، والحديث الثاني يرويه مَنْ جاء منهم في السنة السابعة، وفيه تلك القِطعة، ويجيء بسطه أزيد من هذا. واعلم أن صلاةَ القائمِ خلفَ القاعدِ جائزةٌ عندنا وعند الشافعية. وعند أحمد رضي الله عنه لا تجوز، بل يجب على القوم أن يقعدوا أيضًا وإن لم يكونوا مَرْضى، لأجل هذا الحديث. ثم قالوا: إن قعودَ الإِمام إن كان طارئًا يسعُ للقومِ أن يقوموا. وعند مالك: لا يجوز اقتداؤه مطلقًا. فذهب الحنفيةُ والشافعيةُ إلى نسخه، وإليه ذهب البخاري، وصرح به في موضعين من كتابه. قلتُ في جوابه: إن حاصل الحديث استحبابُ المشاكلةِ بين الإِمام والمأموم، لأن الإمامَ جُعِلَ لِيُؤتمَّ به، ولم يرد في بيان تفاصيل جواز القيام والقعود أنه متى يجوز ومتى لا يجوز، فليكله إلى الخارج كما قرره الشارعُ في موضعه. ومحصَّلُه عدمُ ابتغاءِ الاقتداءِ بالإِمام القاعد، فإن اقتدَوا به فالمطلوبُ المشاكلةُ مهما أمكن. هذا في الحديث القولي. وأما وجه ما رواه أبو داود من واقعةٍ جُزئيةٍ، فالجواب عنه أن القومَ كانوا متنفلين؛ لأن الظاهرَ من حالهم أنهم صلوا الظهرَ في المسجد، لأنه بعيدٌ كلُّ البعدِ أن تبقى المساجدُ في تلك الأيام معطلةً عن الجماعة، ثم جاؤوا لعيادتِهِ صلى الله عليه وسلّم فوجدوه يُصلي

مسألة

فدخلوا في صلاته تحصيلا للبركة على عادتهم، حيثما رأوه يُصلي اقتدَوا به كما فعلوا في رمضان، فلم يخرج إليهم خشيةَ أَنْ تفترضَ عليهم، فلم تكن صلاتُهم تلك لإِدْراكِ الفريضة، بل لتحصيلِ البركةِ، فكانت هذه صلاة لا تدعى لها، بل التي تكونُ في البيوت. وإنما جاء من جاء للعيادة فاتفق أنْ وَجَدَهُ يُصلي فدخلَ معه لطوعه، وحملَه الناسُ على الفريضة ثم عمّموها. وسنقرره إن شاء الله تعالى بوجه أبسط منه فراجعه من بابه. فإن قلت: إن الناسخَ لحديث السقوط عند من زَعَمَ النسخَ، صلاتُهُ صلى الله عليه وسلّم في مرض موتهِ، وللرواةِ فيها اضطرابٌ في كونه إمامًا ومأمومًا. قلت: وهذا إنما يَرِدُ على مَنْ ذهب إلى وحدة الخروج كالشافعي رحمه الله تعالى، أما أنا فقد التزمتُ الخروجَ في أربع صلوات، فكان إمامًا في بعض دون بعض، على أن حديثَ الحنابلة أيضًا لا يخلو عن اضطراب، لما عند مسلم: «فصلى بنا قاعدًا، فصلينا وراءه قعودًا»، وهذا يخالفُ ظاهرَ حديث أنسٍ رضي الله عنه ههنا، وللتأويلِ مجالٌ وسيعٌ، فاضطرب حديثُ السقوطِ أيضًا. مسألة وليعلم أن المسألةَ فيمن دخلَ المسجد وقد صلى، أنه يُعيد الظهرَ والعشاءَ. وفي «فتح القدير»: أنه ينوي النفل. قلت: وفيه تسامحٌ، بل المذهب أنه يُعيدُ ويصلي تلك الصلاة بعينها، نعم، تقع عنه نفلا لسقوط الفريضة عنه من أولها. كما أن الصبيانَ يصلون الظهرَ والعصرَ مثلا، ثم لا يقع منهم إلا نفلا. والعجب أن الحافظ رحمه الله تعالى نقلَ مذهبَنَا صحيحًا مع أنه شافعيٌ، والحنفية يغلَطُون فيه. وهكذا في «المبسوط» للجُوْزَجاني، و «الجامع الصغير»، وكتاب «الآثار»، وكتاب «الحجج»، و «الموطأ» لمحمد، وبه صرح الطحاوي. وسيجيء بسطُهُ في صلاة معاذ رضي الله عنه مع قومه، فانتظره. فالمذهبُ هو الإِعادَةُ دون التنفُّلِ فاعلمه، فإِنه ينفعكَ في كثير من الأحاديث. قوله: (فقال: إن الشهر) ... إلخ يعني قد يكون الشهرُ تسعًا وعشرين. ثم إنهم اختلفوا في سبب الإِيلاء، فقيل: قِصة مارية القِبْطية، وقيل: طلبهنَّ النفقة، وقيل: قِصة العسلِ. 19 - باب إِذَا أَصَابَ ثَوْبُ الْمُصَلِّى امْرَأَتَهُ إِذَا سَجَدَ 379 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِىُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى وَأَنَا حِذَاءَهُ وَأَنَا حَائِضٌ وَرُبَّمَا أَصَابَنِى ثَوْبُهُ إِذَا سَجَدَ. قَالَتْ وَكَانَ يُصَلِّى عَلَى الْخُمْرَةِ. أطرافه 333، 381، 517، 518 - تحفة 18060 وقد مر عن «الفتح»: أن النجاسةَ المفسدةَ هي التي يحملها المصلي، ولا بأس بأن وقعَ ثوبُ المصلي على نجاسةٍ يابسةٍ.

20 - باب الصلاة على الحصير

20 - باب الصَّلاَةِ عَلَى الْحَصِيرِ وَصَلَّى جَابِرٌ وَأَبُو سَعِيدٍ فِى السَّفِينَةِ قَائِمًا. وَقَالَ الْحَسَنُ تُصَلِّى قَائِمًا مَا لَمْ تَشُقَّ عَلَى أَصْحَابِكَ، تَدُورُ مَعَهَا وَإِلاَّ فَقَاعِدًا. 380 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ لَهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ «قُومُوا فَلأُصَلِّ لَكُمْ». قَالَ أَنَسٌ فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ، فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَصَفَفْتُ وَالْيَتِيمَ وَرَاءَهُ، وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ. أطرافه 727، 860، 871، 874، 1164 - تحفة 197 - 107/ 1 قال ابن بَطَّال: إن كان (ما يصلي عليه كبيرًا) قَدْر طولِ الرَّجُلِ فأكثر، يقال له: حصير، وإلا يقال له: خُمْرة. وقد مر الكلام فيه. ثم إن الصلاة عند مالك رحمه الله تعالى ينبغي أن تكونَ على جنس الأرض، فإن صلى على غيره كُره. واختارَ البخاريُّ السجدةَ على جنس الأرض وغيره كما هو مذهب الجمهور، فأثبت الصلاةَ على الحصير - وهو يصنعُ من سَعَف النخل - ثم من عادات البخاري وضعُ التراجِمِ لمجرد إحصاء الجزئيات الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلّم فبوَّبَ بالصلاة على الخُمْرة، وفي الفِراش. قوله: (وصلى جابر رضي الله عنه) ... إلخ وجاز فيه القعود عند الإِمامِ الهُمَام بلا عذر. ويُؤيدُهُ أثرُ أنسٍ رضي الله عنه: «إنه كان يذهبُ من البصرةِ إلى أرض له ويُصلي جالسًا، والظاهرُ عدم العذر. وعند صاحبيه يجوزُ بالعذر، وإلا لا. قلت: والعمل على مذهب الصاحبين أولى، ثم إن مشايخنا كانوا يعدُّون القِطَار كالسريرِ المستقرِ على الأرض، فلا تجوز الصلاة فيه إلا قائمًا، وقيل: إنه كالسفينة، فتجوز قائمًا وقاعدًا وهو المختار عندي. وأما السفينة إذا كانت بشطِّ البحر، ففيه تفصيل مذكورٌ في الكتب. 380 - قوله: (إن جَدَّتَهُ) قيل: الضمير إلى إسحاق، وقيل: إلى أنس رضي الله عنه وكلاهما صحيح، فإن أمَّ سليم والدة أنس رضي الله عنه كانت تزوجت بعده أبا طلحة رضي الله عنه، فصار عبد الله أخًا لأنس رضي الله عنه، وصارَت مُلَيْكَةُ جَدَّةً لإِسحاق بن عبد الله. قوله: (اليتيم) علمٌ بالغَلَبَة، واسمُهُ ضميرُة. ثم إن مولانا عبد الحي رحمه الله تعالى ضعَّف مسألةَ المُحَاذات. قلت: بل هي مسألةٌ قويةٌ، لكنها مسألةٌ اجتهادية، ويُسوَّغُ للمجتهد أن يحملَ تأخير الصبيانِ في مرتبةِ السُّنِّية، وتأخيرَ النِّساء في مرتبة الشرطية، لفروقٍ سَنَحتْ له. مثلا ثَبَتَ في الأحاديث كراهةُ الصلاةِ خلف الصفِّ وحدَهُ، حتى ذهب أحمد رحمه الله تعالى إلى بطلان الصلاة، ومع ذلك أخَّرَهَا النبيُّ صلى الله عليه وسلّم ولم يتركها أن تقومَ مع صف الرجال، ولم يثبت عنه إقامةُ النساءِ مع صفِّ الرجالِ ولو مرةً، بخلاف الصبيان، فإِنهم وإن سُنَّ تأخيرهم عن صف الرجال، لكنه ثبتَ إقامتُهم في صف الرجال عند انعدام رجل آخر لتحصيلِ الصف. فَعُلِمَ أنه يحتمل قيام الصبيان مع الرجال في صورة، بخلاف النِّسْوان، فإنه لا يحتمل مطلقًا، فلو كانت

21 - باب الصلاة على الخمرة

واحدة لصفت وحدَها، ولا تحاذى بالرجال، وحينئذٍ ساغ للمجتهد أن يحملَهُ على الشرطية، ويقول بفساد الصلاة عند محاذَاتِها بالرجال. وما قال صاحب «الهداية»: «أَخِّرُوهُنَّ من حيث أَخَّرَهُنّ اللَّهُ» خبر مشهور، اعترضَ عليه مولانا عبد الحيِّ رحمه الله تعالى. قلتُ: أراد به المشهور عند الأصوليين أي متلقى بالقَبول. ثم لا يخفى عليك أن النساء قد فُضِّلنَ بأمورٍ، فليست فيهن الجماعة، فلو فعلْنَ يقوم إمامُهنَّ وَسَطَهنَّ كالعُرَاة، فإذا حُرِمْنَ عن الإِمامة حُرِمْنَ عن النبوة أيضًا. فهذه المسائل تدُل على دُنُوِّهن من الرجال في كثير من الأبواب. 21 - باب الصَّلاَةِ عَلَى الْخُمْرَةِ 381 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِىُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى عَلَى الْخُمْرَةِ. أطرافه 333، 379، 517، 518 - تحفة 18062 22 - باب الصَّلاَةِ عَلَى الْفِرَاشِ وَصَلَّى أَنَسٌ عَلَى فِرَاشِهِ. وَقَالَ أَنَسٌ كُنَّا نُصَلِّى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَسْجُدُ أَحَدُنَا عَلَى ثَوْبِهِ. 382 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قَالَتْ كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَىْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرِجْلاَىَ فِى قِبْلَتِهِ، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِى، فَقَبَضْتُ رِجْلَىَّ، فَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا. قَالَتْ وَالْبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ. أطرافه 383، 384، 508، 511، 512، 513، 514، 515، 519، 997، 1209، 6276 - تحفة 17712 قوله: (قال أنس رضي الله عنه) ... إلخ والسجدة على الثوب الملبُوس جائزةٌ عندنا، كما يظهر من أنس رضي الله عنه، ولا تصح عند الشافعية، ولعل تَفَقُّهُهُمْ فيه أنَّ الثيابَ أيضًا تسجد، فينبغي أنْ تكون السجدةُ على ما عداها. قلتُ: وهذا من النِّكَات فلا تدارُ عليها المسائل. 382 - قوله: (غمزني) وعند أبي داود: «أَنَّ يدَهُ كانت تَقَعُ على رجلي»، وهذا دليلٌ على أنَّ مسَّ المرأة ليس بناقض، وأوَّلَه الشافعية رضي الله عنهم. وفي «الدر المختار»: أنَّ الوضوءَ بمسِ المرأةِ مستحبٌ خروجًا عن الخلاف. قلتُ: أما الاستحبابُ فلا كلامَ فيه، وأما دليلهُ ففيه نظرٌ، والأشبه أنْ يُقال: إنَّ الأحاديثَ إذا صَحَّتْ في الطرفين عَدَلنا من الوجوبِ إلى الاستحباب، وقد مر الكلام في الطهارة مبسوطًا. ويُعْلَم من بعض ألفاظِهِ أن صلاتَهُ تلك، كانت على السرير. 383 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى وَهْىَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ عَلَى فِرَاشِ أَهْلِهِ، اعْتِرَاضَ الْجَنَازَةِ. أطرافه 382، 384، 508، 511، 512، 513، 514، 515، 519، 997، 1209، 6276 - تحفة 16554

فائدة

384 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عِرَاكٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى وَعَائِشَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ عَلَى الْفِرَاشِ الَّذِى يَنَامَانِ عَلَيْهِ. أطرافه 382، 383، 508، 511، 512، 513، 514، 515، 519، 997، 1209، 6276 - تحفة 16372 383 - قوله: (اعتِرَاضَ الجَنَازة) وتُسْتَنْبَط منه إشارةٌ إلى ما اختارَهُ الحنفية: أن الإِمامَ يَقومُ وسطهُنَّ. فائدة واعلم أن الإِشارةَ قد تَفُوق على العبارة، فإنَّ العبارة تَدلُ على الواقعةِ الجُزْئيةِ أنها كذلك، بخلافِ الإِشارة، فلكونها مشبهًا به تدل على تَقَرُّرِها في الأذهان، كأنَّها أمر مفروغٌ عنه، حتى يذكر كالمشبَّه به، وليس كذلك العبارة، فإِنَّها لا تَدلُّ على التصريح بما صرح فقط. 23 - باب السُّجُودِ عَلَى الثَّوْبِ فِى شِدَّةِ الْحَرِّ وَقَالَ الْحَسَنُ كَانَ الْقَوْمُ يَسْجُدُونَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَيَدَاهُ فِى كُمِّهِ. 385 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنِى غَالِبٌ الْقَطَّانُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَضَعُ أَحَدُنَا طَرَفَ الثَّوْبِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِى مَكَانِ السُّجُودِ. طرفاه 542، 1208 - تحفة 250 - 108/ 1 ولعلها مسألة أخرى، فإنه أضاف فيها قَيدَ شدة الحر، وتقرر في علم المعاني: أنَّ الحكمَ إذا ورد على مقيد، كان محطَّ الفائدة القيود، ففرَّقَ بين قولك: جاءني زيد، وجاءني زيدٌ راكبًا، وجاءني زيدٌ راكبًا أمس، فإنَّ المقصود في الأول الإخبار بالمجيء فقط، وفي الثاني إخباره بمجئيه راكبًا، وفي الثالث بالركوب والمضي كليهما. وكره السجود على كَوْرِ عِمَامته، والقَلَنْسُوة، قيل: إنَّها نوع من العِمامة. وقيل: إنَّها قَلَنْسُوة ذات الأذنيين (كنلوب). 24 - باب الصَّلاَةِ فِى النِّعَالِ وقد علمت أنَّ النِّعال غير المِدَاس المعروف الآن في بلادنا، والصلاة في المِداس ربما لا تصح؛ لأنَّ القَدَمَ تبقى فيها معلَّقة، ولا تقع على الأرض، فلا تتم السجدة. ثم في الشامي: أنَّ الصلاة في النعلين مستحبة، وفي موضع آخر: أنَّها مكروهة تنزيهًا. قلتُ: بل هي مباح، وحقيقة الأمر عندي: أنَّ موسى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لمَّا ذهبَ إلى الطورِ {نُودِيَ يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} [طه: 11 - 12] حَمَلَهُ اليهودُ على النهي مطلقًا، فلم يُجوِّزوا الصلاة في النعلين بحال، وغلطوا فيه فأصلَحهُ الشرع، وكشَفَ عن حقيقته مِنْ أَنَّها جائزة فيهما، وما زعموه باطل، ولذا وَرَدَ في بعض الروايات: «خالفوا اليهود» فَعُلِم أنَّ الأمرَ

25 - باب الصلاة فى الخفاف

بالصلاةِ فيهما على ما في بعض الروايات، إنما هي لأجل تقرير مُخالفتهم، لا لأنها مطلوبة في نفسها. وعن كعب الأحبار - عند مالك في «موطأه» - أنه عليه الصَّلاة والسَّلام أُمر بالخلع لأن نَعْلَيْه كانتا من جلد حمار ميت. قلتُ: وظاهر القرآن يقتضي أنَّ أَمْرَ الخَلعِ كان تأدُبًا ولذا قَدَّم قوله: {إِنّى أَنَاْ رَبُّكَ}، ورتب عليه: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ}، إشعارًا بسبب الخلع، ولكنه لا يُوجب عدم الجواز، فالجواز باقٍ مع أنَّ التأدُّبَ في الخلع. وحاصلُ ما قررَهُ الشارع: أنَّ الصلاةَ في النعلين جائزة، سَوَاءٌ كان أمرُ الخلع لِمَا ذَكَرَهُ كعب، أو لِما يرشد إليه ألفاظُ القرآن، وليس كما زَعَمَهُ اليهود من عَدَمِ جَوَازِ الصلاةِ فيهما. وهكذا دأبُ الشريعة في مواضع، فمتى ما غير اليهودُ أمرًا وكانت فيه مَغْلَطَة، تَرِدُ الشريعةُ بإصلاحه، كاشفةً عن حقيقته. 386 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مَسْلَمَةَ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ الأَزْدِىُّ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِى نَعْلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. طرفه 5850 - تحفة 866 386 - قوله: (قال: نعم) ولا دليلَ فيه أنَّ صلاته تلك كانت في المسجد أو خارجها، فلْيُنْظر فيه أيضًا. وليُعْلَم أنَّ القرآن قد يُعبرُ القصةَ الواحدةَ بألفاظٍ متغايرة كما فعل ههنا، ففي موضع {إِنّى أَنَاْ رَبُّكَ} وفي تلك القصة بعينها في موضعٍ آخر {إِنّى أَنَا اللَّهُ} مع أنَّ التحقيقَ عندي أنَّ الآية إذا وردت باسم من أسماء الله تعالى، فالأنسب هو ذلك الاسم بذلك الموضع، ويكون له دَخْلٌ فيه، لا أنه وقع اتفاقًا، لكونه عبارة عن مسمَّى واحد، كقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)} [المائدة: 38] فالأنسب ههنا هو {عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، ولو قال: والله غفور رحيم، لفات عنه الحُسْن، وتقريره في مَقَامِهِ مشهورٌ، فلا أدري أنَّ النداء كان بقوله: {أَنَاْ رَبُّكَ} كما في موضع أو بقوله: {أَنَا اللَّهُ} كما في موضع آخر. 25 - باب الصَّلاَةِ فِى الْخِفَافِ 387 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ يُحَدِّثُ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ رَأَيْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، فَسُئِلَ فَقَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَنَعَ مِثْلَ هَذَا. قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَكَانَ يُعْجِبُهُمْ، لأَنَّ جَرِيرًا كَانَ مِنْ آخِرِ مَنْ أَسْلَمَ. تحفة 3235 388 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ وَضَّأْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَصَلَّى. أطرافه 182، 203، 206، 363، 2918، 4421، 5798، 5799 - تحفة 11528 قوله: «خف» موزه وراجع «الكبيري» لمسائله.

26 - باب إذا لم يتم السجود

387 - قوله: (لأن جريرًا) ... إلخ. والعجب أنَّ قوله تعالى: {فامسحوا برؤوسكم وأرجلكم} [المائدة: 6] كان دليلا على إيجاب غَسْلِ الأَرْجُل عندهم، حتى كان يُتَوهم منه نسخ مسح الخف، ولذا كانوا يحبون حديثَ جَريرٍ، لأنه أَسْلَمَ بعد نزول المائدة، فلو كان المسحُ منسوخًا كيف أَدْرَكَهُ جرير؟ فإذا رواه جرير مع إسلامه بعد المائدة، عُلِمَ بقاؤُهُ بَعْدَهُ أيضًا، وأَنَّهُ لم يُنْسَخ منها، فلم تَبْقَ حِيْلَة لمن أَنكر المَسْحَ بأَنَّهُ كان، ثُمَّ نُسِخَ بِنُزولِ المائدة - والروافضُ الملاعِنة يفهمون أنَّ آية المائدة، قامت دليلا على مَسْحِ الأَرْجُل بدون الخِفَافِ أيضًا، على نقيض ما فهمه الصّحابة رضي الله عنهم، فانظر كيف انقلبَ الحال ظهرًا لبطن. أقول إنَّ المَسْحَ في اللغةِ بمعنى مَسَاسِ الماءِ وإسالتِهِ أيضًا، كما ذكره ابن تيمية رحمه الله تعالى. وحينئذٍ مسحُ الرأس هو بإمرارِ اليدِ المُبْتَلَّة؛ ومسحُ الأَرْجُلِ بِإِسَالَةِ الماءِ عليها، وليس هذا مِنْ بَابِ عمومِ المشْتَرك. والوجه فيه عندي: أنَّه مِنْ بَابِ اختلافِ المعاني باختلاف المحال، فمسحُ الرأسِ هو الإِصرار، ومسحُ الأَرْجُل هو الإِسالة كما قلت في لفظٍ النَّضْح، فإِنَّ النَّضْحَ لفظٌ واحد، وله معنىً واحد، إلا أنه اخْتَلف باختلافِ المحال. فالواحد: نَضَحُ البحر، وأَنْتَ تَعْلَم أَنَّ نَضْحَ البحرِ يكون بقدر عِظَمهِ، فلو مَاج البحرُ موجَةً يقال: إنه نَضْحٌ. والآخر: نَضْحُ النَّواضح، وهذا النضح أيضًا يكون بقَدْرهِ، فيكون أقل مِنْ نَضْحِ البحر بكثير. والثالث: نضحُ الإِنسان، وهو أخف من الكلِّ، ويكون بمعنى الرأس، وقد ذكرناه مرةً في الطهارة بَسْطًا منه، وكذلك المسح في الرَّأسِ بمعنى الإِمرار وفي الأَرْجُلِ بمعنى الإِسالة، لا مِنْ جهةِ تغايرِ معناه، بل من جهةِ المحال المختلفة وموارد الاستعمال. وحاصله: أنَّ النَّضْحَ والمَسْحَ واحدٌ، وأشكالها مختلفة، ففي موضعٍ كذا، وفي موضع كذا. 26 - باب إِذَا لَمْ يُتِمَّ السُّجُودَ 389 - أَخْبَرَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا مَهْدِىٌّ عَنْ وَاصِلٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ رَأَى رَجُلاً لاَ يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلاَ سُجُودَهُ، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ مَا صَلَّيْتَ - قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ - لَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ سُنَّةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 791، 808 - تحفة 3344 وستجيء هذه الترجمة والتي بعدها في صفة الصلاة بعينها، ولولا أنه ليس مِنْ عادة المصنف رحمه الله تعالى إعادة الترجمة وحديثها معًا، لكان يمكن أن يقال، مناسبةُ الترجمة الأولى لأبوابِ سَتْرِ العَوْرَة، الإِشارةُ إلى مَنْ تَرَكَ شرطًا لا تصح صلاتُهُ، كمن تَرَكَ ركنًا، ومناسبة الترجمة الثانية، الإِشارةُ إلى أَنَّ المجافاةَ في السجودِ لا تستلزمُ عَدَمَ سَتْرِ العَوْرَة فلا

27 - باب يبدى ضبعيه ويجافى فى السجود

تكونُ مُبْطِلَة للصلاة، كذا قاله الحافظ. ثم اختار أنَّ الحَمْلَ فيه عندي على النُّسَّاخ، بدليل سلامة رواية المستملي من ذلك، وهو أحفظهم. قلتُ: ويُمْكِنُ أنْ يُتكلف، ويقال: إنَّ الفقهاء ذكروا للسجدةِ شرائط، كوجْدَانِ حَجْمِ الأَرْضِ في سجوده، فهي من شرائط الصلاة من هذه الجهة. ومن جهة التعديل، والطمأنينة، معدودة في صِفَةِ الصلاة (¬1). 27 - باب يُبْدِى ضَبْعَيْهِ وَيُجَافِى فِى السُّجُودِ وإنَّما أَتَى به من جِهَةِ أَنَّ المجافاةَ في السجودِ، لا تستلزمُ عَدَمَ السَتْرِ، كما مَرَّ الحافظ رحمه الله تعالى، لا من جهةِ كَيْفِيَّةِ السجود، وهو مِنْ تِلْكَ الجِهَةِ معدودٌ مِنْ صفاتِ الصلاة. 390 - أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ هُرْمُزَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ نَحْوَهُ. طرفاه 807، 3564 - تحفة 9157 390 - قوله: (فَرَّجَ بين يَدَيْهِ) ... إلخ ليستوفي كُلُّ عضوٍ حَظَّهُ مِنَ السجود، لأنَّه نَصَّ الحديثُ على سَجْدَةِ أَعْضَاءِ السجودِ كُلِّها، وبالانضمامِ تَصِيرُ الكلُّ كالعضوِ الواحد، فلا يَتَوَفَّرُ حَظُّ كلَ منها على حِدَةٍ مع أنَّه مطلوب. قوله: (ليثُ بن سَعْد). قال الشافعي رحمه الله تعالى في حَقِّهِ إنَّه ليس عندنا دون مالكٍ رحمه الله تعالى، إلا أَنَّ أَصْحَابَهُ أضاعوه. وفي لفظٍ عندي: أَنَّهُ أفقه مِنْ مالكٍ رحمه الله تعالى، وفي لَفْظٍ آخر: ما آسَيْتُ على عدَمِ لقاءِ أحَدٍ كما آسى على ليثِ بنِ سَعْدٍ، وكان يَذْهبُ إلى قَبْرِهِ ¬

_ (¬1) قلتُ: وهو الأظْهَر عندي والأنْسَب بأنظار البخاري مع إيماء صنيعه إليه حيث بوب ههنا أولًا: باب إذا لم يتم السجود، فكأنه أشار إلى أنَّ تماميةَ السُّجُودِ من شَرَائِطِ الصلاة. وثانيًا: باب يُبدي ضبعيه إلخ فهذا وإن كان من تَمَامِ السجدةِ لكنَّهُ أشارَ إلى أَنَّه ليس من شرائطِ الصلاة، وإِنْ كان من لم يُبْدِ ضَبعيه، فإنه لم يُتم السجود، وإنَّما التماميةُ التي عُدَّت من شَرَائطِ الصلاةِ هي التي يُحْكَم على تَارِكها أنَّه لو ماتَ على غيره مات على غير سنة محمد - صلى الله عليه وسلم -، كما أخرجه البخاري. وثالثًا: باب فضْل استقبالِ القِبلة، فأشارَ إلى أنَّه أيضًا نوع تَمَامِية، مع عدم كَوْنِها مِنْ الشَرائِط، ثم إذا بَوَّب في صفةِ الصلاةِ، بَوَّبَ أولًا: باب يُبدي ضَبْعَيهِ ويُجا في السجود، وهذه هي صفة السجود، فقدمها في باب صفة الصلاة، بخلاف تبويبه في شرائط الصلاة، ثم بوب باب "يَستَقْبِل بأطرَافِ رِجْلَيهِ"، وهذا أيضًا نَوع صِفةٍ، ثمَّ بَوَّب في آخرها: باب إذا لم يتم السجود الخ، وقد كان قَدَّمَهَا في شَرَائطِ الصلاة، وإنما أخره ههنا، لأنه مِنْ صِفاتِ السجودِ عدمًا، كما كانت الأُولى من صِفَاتِه وجودًا، فلمَّا رأيتُ أنَّه وإنْ أخرَج هذه الأبواب في الموضعين إلّا أنَّه عَكس في الترتيب، تحدس لي أنَّه فَعَلَه لهذا، وليس هذا مِنْ باب النَّص في مَوْرِد النِّزاع، وإنَّما هو من باب الإشارات، كما تكون في أبواب المصنف رحمه الله تعالى، فإن سمحت به قريحتك ولم تُماكس، فهذا طارفك فاجمعه مع تَلادِك، وإلّا فأنت اعلم لأني لستُ مِنَ المنازعين بل من المنصتين، اهـ.

28 - باب فضل استقبال القبلة يستقبل بأطراف رجليه القبلة

ما دَامَ في مصر، وكَتَبَ ابنُ خَلِّكَان: إنِّي رَأَيْتُ في بعضِ المُبيَّضَات: أنَّهُ كان حنفيًا وَرَحَل مِنْ مِصْرَ إلى مكة، ثمَّ إلى المدينة، ثمَّ إلى العراق، لمجردِ تَحْصِيلِ العِلْم، وَلَعَلَّهُ لقيَ أبا يُوسف رحمه الله تعالى هناك فَرَوَى عنه، وأَخْرَجَ الطَّحَاوي رِوَايتَه عن أبي يوسف، في بابِ رَفْعِ اليدينِ، وليست تلك الرِّوَاية إلا عند أَهْلِ الكوفة، وصَنَّفَ الحافظُ رحمه الله تعالى، في مناقبه رسالة سمَّاها «الرحمةُ الغيثيةُ في ترجمةِ الليثيةِ»، وكَتَبَ الذهبي رسالةً مستقلةً في مناقب الإِمام أبي حنيفة، وصاحبيه رحمهم الله تعالى. 28 - باب فَضْلِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ يَسْتَقْبِلُ بِأَطْرَافِ رِجْلَيْهِ القبلة قَالَه أَبُو حُمَيْدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 391 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَهْدِىِّ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ سِيَاهٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ صَلَّى صَلاَتَنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا، فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِى لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، فَلاَ تُخْفِرُوا اللَّهَ فِى ذِمَّتِهِ». طرفاه 392، 393 - تحفة 1620 392 - حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَإِذَا قَالُوهَا وَصَلَّوْا صَلاَتَنَا، وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا، وَذَبَحُوا ذَبِيحَتَنَا، فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ». طرفاه 391، 393 - تحفة 706 - 109/ 1 قوله: (يَسْتَقْبِلُ بِأَطْرَافِ رِجْلَيْهِ القِبْلَة). إنْ كان الغرضُ مِنْ ذِكْرِهِ التَفْصِيْلُ في الأَعضاءِ التي تَجِبُ الاستقبالُ بها، فهو مِنْ شَرَائِطِ الصلاةِ، وإلا فهو مِنْ صِفَةِ الصلاةِ. وفي «الكبير» من لَمْ يَسْتَقْبِلْ بِأَطْرَافِ رِجْلَيْهِ القِبْلَةَ فَصَلاتُهُ بَاطِلَة. قلتُ: بل تكون مكروهة لا باطلة. 391 - قوله: (مَنْ صَلَّى صلاتَنَا). وأُخِذَ مِنْ نحوِ هذه الأحاديث، لَقَبُ أَهْلِ القِبْلة، لأهلِ الإِسلام. وَوَجْهُهُ: أَنَّ هذه الأمور، أَمَارَاتٌ جَلِيَّةٌ يَحْصُلُ بِهَا التَّمايُزُ بين الإسلامِ وبَيْنَ سائرِ الأديان، فإنهم يَتَنزهون عن أَكْلِ ذَبِيحتِنَا، ولا يُصَلُّون صلاتنا، ولا يَسْتَقْبلون قبلتَنا، فصارت تلك كالشِّعارِ لأهل الإِسْلامِ، لا أَنه مَنْ تُوجد فيه تلك الأمور يُحكم عليه بالإِسلام، وإن أنكر سائر الدين ومرق منه مُرُوقَ السهم من الرَّمِّية. ولا أرَى أَنَّك شاكٌّ في تكفيرِ من فعل جميع ذلك، ثم أنكر بكون أصغرِ سورةٍ من القرآن قرآنًا، فكيف بِمَنِ ادّعى النبوة، وَأَهَانَ الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام، وسبهم سبَّا يقشعر منه الجلود، وحَرَّفَ الدِّينَ كُلَّهُ، واشترى به ثمنًا قليلا، واستهزأ بالأحاديث، وأخبار الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام ومعجزاتهم، إلى غير ذلك من موجباتِ الكُفْرِ التي لو تحققت واحدة منها في

29 - باب قبلة أهل المدينة وأهل الشأم والمشرق ليس فى المشرق ولا فى المغرب قبلة، لقول النبى - صلى الله عليه وسلم - «لا تستقبلوا القبلة بغائط أو بول ولكن شرقوا أو غربوا».

رجلٍ لكفت لتكفيره، فكيف بمن جمع هذه الأنواع أجمع؟ وأعني به: المرزا غلام أحمد الكادياني، الذي بغى وطغى، ثمَّ ذهب يَدَّعي النبوة، فَتَرَدَّدَ في تكفيره بعض من لم يمارس كتب الفقه، وَجَعَلَ يحتاط فيه، ولم يدرِ أنَّ التشجع في إكفار المسلم والتأخر في عدم إكفار الكافر سواء في الوزر، ولا تنس قول أبي بكر رضي الله عنه أوَّل خليفةٍ بعد رَسُوْلِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم لعمر رضي الله عنه: «أجبَّارٌ في الجاهلية، وخَوَّارٌ في الإِسْلام؟» فلم يتأخر عن قتال مانعي الزكاة، حتى شرح الله صدر عمر رضي الله عنه بأن الاحتياط أيضًا كان فيما عَمِلَ به أبو بكر رضي الله تعالى عنه. قوله: (فلا تُخْفِرُوا الله) ... إلخ. لأنَّ أفعالَ الله عز وجل مَسْتُورةٌ تحت الأَسْبَابِ في الدنيا، فلا يَظْهر خَفَرُهُ وذمته إلا على أيْدِيكُم، فلا تُخْفِرُوا أنتم ذِمَّة الله، فيلزم خَفَرَ الله ذَمَّتَهُ على أيديكم. 393 - قَالَ ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ سَأَلَ مَيْمُونُ بْنُ سِيَاهٍ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ يَا أَبَا حَمْزَةَ، مَا يُحَرِّمُ دَمَ الْعَبْدِ وَمَالَهُ فَقَالَ مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَصَلَّى صَلاَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا، فَهُوَ الْمُسْلِمُ، لَهُ مَا لِلْمُسْلِمِ، وَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُسْلِمِ. طرفاه 391، 392 - تحفة 789، 638 393 - قوله: (وقال ابن أبي مريم أنا يحيى بن أيوب) ... إلخ قلتُ: وبهذا الإِسناد عندنا روايته في السُّوَرِ الثلاث في رَكعات الوتر، فلمَّا عَجَزَ الواقعُ عَنْ جوابها غمزوا يحيى. قلتُ: وليُحْذَر عَنْ مِثْلِهِ، فإِنَّهُ يُوْجِبُ هَدْم كثيرٍ من ذخيرةِ الأحاديث، ومَنْ ذا الذي لم يَجْرحْ فيه أحد، فَسَدِّدُوا وقَارِبُوا. 29 - باب قِبْلَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الشَّأْمِ وَالْمَشْرِقِ لَيْسَ فِى الْمَشْرِقِ وَلاَ فِى الْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ، لِقَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا». 394 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ فَلاَ تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلاَ تَسْتَدْبِرُوهَا، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا». قَالَ أَبُو أَيُّوبَ فَقَدِمْنَا الشَّأْمَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ بُنِيَتْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ، فَنَنْحَرِفُ وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى. وَعَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أَيُّوبَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. طرفه 144 - تحفة 3478 واعلم أنَّ ابن بَطَّال غَلِطَ في تفسيرِ هذه الترجمة، ونَسَبَ إلى المصنف رحمه الله ما لم يُرِدْهُ، وهو أنَّه لا قِبْلَةَ عنده في هاتين الجهتين في الدنيا بأسرها، ثم فَرَّع عليه أنَّ قول النبي صلى الله عليه وسلّم شرِّقوا أو غرِّبوا، عامٌّ عنده لكافةِ النَّاس، أهلِ المدينةِ وغيرِهم فيه سواء.

وقال: تقدير هذه الترجمة هكذا: بابُ قِبْلة أهلِ المدينةِ وأهلِ الشَّامِ والمشْرِقِ والمغربِ ليس في التشريق ولا في التغريب. يعني أنَّهم عند الانحرافِ للتشريقِ والتَّغْرِيبِ ليسوا مواجهين للقِبلة ولا مُسْتَدْبِرِين لها، ولم يستثنِ منه إلا جزئيًا واحدًا، وهو ما قابلَ شرق مكةَ من البلاد التي تكونُ تحت الخطِّ المارِّ عليها من مشرِقها إلى مغربها، فتكون قِبلتهم فقط في هاتين الجمعتين، ولا يجوز لهم استعمال حديث أبي أيوب، ولا يصح لهم أن يُشَرِّقوا أو يُغَرِّبوا، وإنَّما يَنْحَرِفون إلى الجنوب والشمال، وأما سائرُهم فلهم التشريق والتغريب على حديثِ أبي أيوب مثلَ أهل المدينة. قلتُ: وهذا كله كلامٌ باطلٌ، ولم يحمله على ذلك إلا قوله: (ليس في المشرق) ... إلخ، فَحَملَهُ على شرق العالم وغربه، وتعجبت من قوله، كيف ساغ له أخذه بهذا العموم، مع أنَّ المصنف رحمه الله تعالى لم يسمِّ مِنْ جانبه إلا ثلاثة: أهل المدينة، والشام، والشرق، ثم بَيَّنَ قبلتهم بقوله: (ليس في المشرق) ... إلخ، ثم إنَّ قِبلة المصنف رحمه الله تعالى أيضًا في المغرب، فيلزم أنْ يكون هو أيضًا جاهلا عن قِبلته مدة عمره، على أنَّه يوجب أنْ لا تصحَّ عنده صلوات أهلِ الهند كلِّهم، لأنهم يُصلّون إلى المغرب، وليست فيه قِبلة عندَه لأَحَدٍ مِنَ العالمين، وكذا صلاة كل من كانت قبلتهم على سَمْتِهم، وتلك الآفة إنَّما حَدَثَتْ مِنْ حيث أنَّ الهيأةَ ليست مِنْ فَنِّهم، ولِكُلِّ فنٍ رجال، فإذا لم تتحقق عنده سَمْتُ القِبلة ولم يَدْرِ جِهَاتِ البلاد، تيسر له نفي القِبلة عن هاتين الجهتين مطلقًا، مع أنَّه بديهي البطلان، فكيف يليق أَنْ يعزوا ذلك إلى ذي شأن مثل المصنف رحمه الله تعالى. والحق عندي: أنَّ المصنفَ رحمه الله تعالى لم يَتَعَرَّضْ فيها إلى قِبْلَة كافةِ النَّاسِ، بل أَرَاد أَنْ يَذْكُرَ قِبْلَةَ هؤلاء الثلاثةِ فقط، وإنَّما خَصَّصَها بالذِكْرِ لأنَّ أَهْلَ المدينةِ وَرَد فيهم الحديث، ولذا جعلها عمودًا في الترجمة، وكذلك ذَكَر فيه الشام أيضًا، حيث يقولُ أبو أيوب: «فقدِمنا الشام»، ولاتصاله بأرض العرب، لأنَّ العرب مُحَاط بالبحرِ من جوانبه الثلاثة، ولا يتصل بالبر إلا مِنْ هذا الجانب، وهذا هو السِرُّ في عدم تعيين حدوده بعد، لأنَّ تقسيم البلادِ لا يكونُ إلا بالجبالِ أو البحار، ولا يكون باعتبار السَّلْطَنَة، فإِنَّ الملوكَ يَعْلُو بَعْضُهُم على بعض، وتكون الحرب سجالا، فلا تتعين حدودها، وليس هناك جبال أو بحارٌ ليقع التمييز بها، فيبقى فيه الاشتباه بعد، ولأن الشام مورد الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام والأَبدال، وفيه خصائص أخرى أيضًا، ثم أراد المصنِّف رحمه الله أَنْ يَسْحَبَ حُكْمَه على الجوانبِ والأطراف، فسمى الشَرْقَ وتَرَكَ الغرب، لأنَّ معظم المعمورة في تلك الجهةِ فقط، وأرادَ مِنَ الشرقِ شَرْقَ داخل العرب، لأن الإِسلام لم يخرج من بعد، بل شَرْقَ الحرمين الشريفين كالعراق ونجد، وهو عُرف الحديث، فلا تراد منه إلا هذه البلاد دون شَرْقِ العالم كُلِّه، وعلى هذا قوله صلى الله عليه وسلّم «شرِّقوا أو غرِّبوا» أيضًا يكون في أهلِ المدينة عنده، لا كما وَهِمَ ابنُ بَطَّال، بل أقول إنَّ المصنِّف رحمه الله تعالى أَخَذَ ترجمته مِنْ حديثِ أبي أيوب وَبَنَى عليه، ولمَّا كان حديثُه خاصًا بأَهْلِ المدينةِ عِنْدَهُمْ جميعًا مع عُمُومِ أَلفاظِه، عَبَّر أيضًا على نهج تعبيره، فَهَلا حملوه على العموم أيضًا، فكما أَنَّ الحديثَ مع عُمُومِ ألفاظِهِ محمولٌ على قِبْلَةِ أهلِ المدينة، فبجنبه قولُ المصنِّف رحمه

30 - باب قول الله تعالى {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} [البقرة: 125].

الله تعالى ليس في المشرق والمَغْرِب قِبْلَة، بل هي مأخوذةٌ منه فليحمله عليه أيضًا، وما النَّكِرُ فيه وما البُعْدُ؟ ثم إنَّ الحديث وإنْ وَرَدَ في الغائطِ والبولِ، لكنَّه لم يَكُنْ عنده فيه حديث غيره، فَأَخَذَ ترجمته منه، وهذا غيرُ نادرٍ في كتاب المصنِّف رحمه الله تعالى. وأما ما رواه الترمذي عن أبي هريرة «ما بين المشرق والمغرب قبلة». وحسَّنه وصححه، فمعناه كما ذكره ابن عمر رضي الله تعالى عنه: «إذا جَعَلْت المغرب عن يمينك، والمشرق عن يسارك، فما بينهما قِبلة، اسْتَقْبَلْتَ القِبلة»، وما ذكره ابن المُبَارَك أنه قِبلة لأهل المشرق، فمؤوَّل بأنَّه ليس المرادُ من أهلِ الشرق كلَّهم، بل أهل بُخارى وسَمَرْقَنْدَ وبَلْخ، لأنَّ بلادَهم في مَشْرِقِ الصيف، وقِبْلَتَهُمْ بين مَغْرِبِ الصيف ومشرق الشتاء، فحينئذٍ صح قوله: (ما بين المشرق) أي: مشرق الشتاء (والمغرب) أي: مغرب الصيف قبلة، وإلا فظاهره غيرُ مستقيم. 30 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]. 395 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ الْعُمْرَةَ، وَلَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، أَيَأْتِى امْرَأَتَهُ فَقَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ. أطرافه 1623، 1627، 1645، 1647، 1793 - تحفة 7352 396 - وَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ لاَ يَقْرَبَنَّهَا حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. أطرافه 1624، 1646، 1794 - تحفة 2544 395 - قوله: (وقد كان لكم في رسول الله صلى الله عليه وسلّم أسوة حسنة) ومرادُهُ أنَّه ليس عندي صريح النهي، فدعوا الاحتمالات، واقتدوا بالنبي صلى الله عليه وسلّم وفيه تعريضٌ إلى ابن عباس رضي الله عنهما، ومذهبه: أنَّ المُفْرِدَ بالحجِّ إذا لم يَكُنْ عنده هديٌ يَنْفَسِخ حَجُّهُ بمجرَّدِ رؤيتهِ البيتَ، ويصيرُ عمرة فلو وقف بعرفةَ ولم يَدْخُل مكةَ، ولم يَنْظُر إلى البيت، صح حجه، فإذا طاف لِعُمْرَتِهِ جاز أَنْ يَقْرَبَ امرأتَهُ قَبْلَ سعيه لها خلافًا للجمهور في المسألتين، فأجاب ابنُ عمر رضي الله عنه إشارةً، وجابرٌ رضي الله عنه صراحةً، وقال: لا يَقْرَبنَّها حتى يَطُوف بين الصفا والمَرُوَة، يعني لا يجوز له التَّحَلُّل قَبْلَهُ، ولا يجوز الجماع إلا بعده. 397 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سَيْفٍ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا قَالَ أُتِىَ ابْنُ عُمَرَ فَقِيلَ لَهُ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ الْكَعْبَةَ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ فَأَقْبَلْتُ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ خَرَجَ، وَأَجِدُ بِلاَلاً قَائِمًا بَيْنَ الْبَابَيْنِ، فَسَأَلْتُ بِلاَلاً فَقُلْتُ أَصَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْكَعْبَةِ قَالَ نَعَمْ رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ عَلَى يَسَارِهِ إِذَا دَخَلْتَ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى فِى وَجْهِ الْكَعْبَةِ رَكْعَتَيْنِ. أطرافه 468، 504، 505، 506، 1167، 1598، 1599، 2988، 4289، 4400 تحفة 7400، 2037 - 110/ 1

397 - قوله: (دخل الكعبة) وهذا في فتح مكة، ولم يَعْتَمر النبي صلى الله عليه وسلّم في هذه المرة، ودَخَلَها بدون إحرام، وهذا أيضًا من ماصدقات قوله: «وأحلَّ لي ساعة من النهار» عندنا. قوله: (فسألتُ بلالا رضي الله عنه) والمشهور عن ابنِ عمرَ رضي الله عنه أنَّه قال: «نسيت بلالا أَنْ أسألَهُ كم صلى». قال الحافظ رحمه الله تعالى: والاعتماد على ما رُوِيَ عنه في المشهور، ويُحْتَمَل أنه ذَكَرَ رَكَعتين ههنا أخذًا بالمتيقن، لا أنَّه ذكر بلالا رضي الله عنه. ثم إنَّ بلالا رضي الله عنه يُثبت الصلاةَ ويَنْفي التَّكْبِير، على عكس ابنِ عباس رضي الله عنهما. وجمعهما المصنف رحمه الله تعالى فَأَثْبَت الصلاةَ على رواية بلال رضي الله عنه، والتكبيرَ على حديث ابن عباس رضي الله عنهما، لأنَّ قولَ المُثْبِت أولى. وتتبعت الفقه للتكبير في البيتِ، فلم أرَ أحدًا منهم صَرَّحَ به، مع ورودِهِ في الأحاديث. قلتُ: وقَدْ كَانَ يَخْطُر بالبالِ وجه آخر في دفع التعارض بين حديثِ بلالٍ رضي الله عنه، وابن عباس رضي الله عنهما بأن يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلّم دخلها في حَجَّةِ الوداع أيضًا، فيُحْمَل النفي والإِثبات على تَعَدُّد الواقعتين، إلا أنَّ المُحَدِّثين ذهبوا إلى الترجيحِ دون التَّطْبيق. وفي «تاريخ الأَزْرَقي»: أنه سأل ابن عباس رضي الله عنهما عن الصلاةِ في البيت فقال: «فيه صلاة، إلا أنَّها ليست ذات ركوعٍ وسجودٍ، بل هي تكبيرٌ، وتسبيحٌ، واستغفارٌ من غيرِ قراءةٍ، كصلاةِ الجَنَازة». ففيه دليل على نفي الفاتحة في صلاةِ الجنازَةِ عند ابنِ عباس رضي الله عنهما على خلافِ ما فَهِمَه الشافعية رحمهم الله تعالى، وقد كان يَتَبَادرُ إلى ذهني أنَّ التَّكْبِيرَ في البيت لعله يكونُ برفع الأيدي كالتحريمةِ كما يقوله الشافعي رحمه الله تعالى عند رؤية البيت. ونفاه الطحاوي، وكما قاله الحنفية رحمهم الله تعالى عند استلامِ الحَجَر. ثم تتبعتُ ما كان ابنُ عباس رضي الله عنه يَفْعَلُ في صلاةِ الجنازَةِ فَظَهر أنَّه لم يَكُن يَرْفَعُ فيها إلا عِنْدَ التحريمةِ، وحينئذٍ أَمْكَنَ أَنْ لا يكونَ الرَّفْعُ عند التكبيرِ داخلَ البيت أيضًا، ولم أجد عليه روايةً صريحة، وأما مشايخُ بَلْخ منَّا، فذهبوا إلى الرفعِ عند التكبيراتِ في صلاةِ الجَنَازَةِ. وسَنَحَ لي بالرفع عند الاسْتِلام أَنَّ الرَّفْعَ في الصلوات لاسْتِقْبَالِ البيت. 398 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْبَيْتَ دَعَا فِى نَوَاحِيهِ كُلِّهَا، وَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ، فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِى قُبُلِ الْكَعْبَةِ وَقَالَ «هَذِهِ الْقِبْلَةُ». أطرافه 1601، 3351، 3352، 4288 - تحفة 5922 398 - قوله: (هذه القبلة) إشارة إلى المجموع. وتَمَسَّكَ به المالكيةُ على عَدَمِ جوازِ الفَرِيضةِ داخلَ البيتِ لإِمكان استقبال المجموع. ولنا فيه مجال وسيع.

31 - باب التوجه نحو القبلة حيث كان

31 - باب التَّوَجُّهِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ حَيْثُ كَانَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَكَبِّرْ». 399 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِى السَّمَاءِ) فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ - وَهُمُ الْيَهُودُ - مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِى كَانُوا عَلَيْهَا (قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِى مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) فَصَلَّى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَا صَلَّى، فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِى صَلاَةِ الْعَصْرِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ. فَتَحَرَّفَ الْقَوْمُ حَتَّى تَوَجَّهُوا نَحْوَ الْكَعْبَةِ. أطرافه 40، 4486، 4492، 7252 - تحفة 1804 400 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ، فَإِذَا أَرَادَ الْفَرِيضَةَ نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ. أطرافه 1094، 1099، 4140 - تحفة 2588 هذا البابُ مأخوذٌ مِنَ القرآن. قوله: (حيث كان) ما المراد منه حيث كانت قِبْلَة، أو حيث كان مسقتبِلا، وعند أبي داود في روايةٍ ما يدل على أنَّه ينبغي له أَنْ يَتَوَجَّهُ إليها عند التحريم ثم يُرْسِل دابتَه على الطريق تسير حيث شاءت، ووسع فيه الحنفية فلم يَشْتَرِطوا الاستقبال عند التحريمة أيضًا. ثم إني ترددت في رسالتي أنَّ قَلْبَ الصلاةِ التحريمة أو موضع التأمين. والاهتمام في الشرع وإنْ كان بالتحريمة لكن القلب هو الثاني لأنَّ الأجر في إدراك التحريمة أجر المبادرة إلى الصلاة، أما مغفرة الذنوبِ بما تقدم وما تأخر ففي إدراك التأمين هو القلب والله تعالى أعلم. بقي إدراك الركعة بإدراك الركوع فليس لكونه قلبًا باعتبار أنَّ إدراكَ الرَّكعة إلى أي جزء منها فهو لقاصرِ الهمَّةِ إذ لم يُوَفَّقْ لإِدراكِ التأمين وفات عنه، ثم دَخَلَ في الرُّكوعِ، عَدَّهُ الشرع مُدْرِكًا للركوع، ولذا كان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: لا تسبِقْني بآمين. (عند مالك رحمه الله تعالى) فكان يهتم بآمين ما لم يكن يهتم بالفاتحة. ومن الناس مَنْ زَعَمَهُ قائلا بالقراءة خَلْفَ الإِمام، مع أنه يراعي آمين ولا يبالي بالفاتحة لأنه صحابي يَعْلَم أَنَّ آمين هو الطابع، أما الفاتحة فقد كَفَى عنه إمامهُ بخلاف آمين، فإِنه وظيفتُهُ، ولا ينوب عنه إمامه. قوله: (قال أبو هريرة رضي الله عنه) ... إلخ قطعةٌ مِنْ حديثٍ طَوِيلٍ في مُسيء الصلاة. قوله: (فَتَحرَّف القَوْمُ) لا يُقالُ إنَّه نَسْخٌ فكيف عملوا بخبر الواحد. لأنا نقول: أصلُ الخبرِ قطعي، نعم بلوغه بطريق ظنِّي، فالظنُّ في الطريق لا في الناسخ، وإنَّما لم يُؤثر فيه ظنِّية الطريق

لأنه كان عندهم ذريعة التحقيقِ، وأمكن لهم تبين الحال بذهابهم إلى المدينة، فالأصلُ أنَّه لا بَأْسَ بالعَمَلِ على الظنِّي إذا كان قطعيًا مِنْ أصله، ولذا لم يُشْتَرط في تبليغ الدين عدد التواتر عند أحد، ولا يُسَوَّغُ لكافرٍ أَنْ يقول إنَّ دينَكُم وَإِنْ كان قطعيًا في نفسه لكنه لمّا لم يَبْلُغ إليّ إلا مِنْ أخبارِ الآحادِ فلا يكون حجةً ملزمةً. ولم يَكْتُبه الأصوليون، وإنما تنبهتُ له. وقد ذكرته في «نيل الفرقدين» و «إكْفَارُ الملحدين»، وقد مرَّ هذا البحث في المقدمة فَرَاجعهُ مع بيان أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم لمَّا تَكَفَّل بإِخبارِهم لزِم أَنْ تصحَّ صلواتُهم التي صلَّوْها إلى بيت المقْدِس قَبْلَ بلوغِ الناسخ إليهم. وقد فَرَغْنَا من تحقيق أَنَّ النَّاسِخَ نَزَلَ في صلاةِ الظهر أو العصر، وصرح الحافظ بُرْهَان الدين الحلبي الحنفي في شرح البخاري: أَنَّ التَحْوِيلَ كان في ركوعِ الرَّكعة الثالثة. وقد كان «تيمر» حَرَق كتبه وتصانيفه. واعلم أن الواو في «تيمور» إنِّما هو على مذهبِ مَنْ يرسمون الإِعراب بالحركاتِ في صورة الحروف. قوله: (هشام) بن عبد الله وهذا هو الذي تُوفي محمدٌ رحمه الله تعالى في بيته، وفي هذا اليوم تُوفي الكِسَائي رحمه الله تعالى أيضًا، وكان محمدٌ رحمه الله تعالى قاضيًا في الرَّقَّة، ولما بَلَغَ الرشيد قال: دفنا اليوم الفقه والنحو معًا. *أَسِفْتُ على قاضي القُضَاةِ محمدٍ ... وأذريتُ دمعي والفؤادُ عميدُ *فَقُلْتُ إذا ما أَشْكَلَ الخَطْبُ مَنْ لنا ... بإيضاحه يومًا وأَنْتَ فَقِيْدُ 401 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ إِبْرَاهِيمُ لاَ أَدْرِى زَادَ أَوْ نَقَصَ - فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحَدَثَ فِى الصَّلاَةِ شَىْءٌ قَالَ «وَمَا ذَاكَ». قَالُوا صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا. فَثَنَى رِجْلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَلَمَّا أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ قَالَ «إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِى الصَّلاَةِ شَىْءٌ لَنَبَّأْتُكُمْ بِهِ، وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِى، وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِى صَلاَتِهِ فَلْيَتَحَرَّى الصَّوَابَ، فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ يُسَلِّمْ، ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ». أطرافه 404، 1226، 6671، 7249 - تحفة 9451 - 111/ 1 401 - قوله: (لا أدري أزاد أو نَقَصَ) وسيأتي في البابِ الذي بعده أنَّه جَزَمَ بالزِّيَادةِ، فلعله شَكَّ فيه مرةً وجَزَمَ به أُخْرَى. قوله: (فليتحرَّى الصَّوَابَ) والمسألةُ عندنا فيمن عَرَضُه الشَّك أَوَّلَ مرةٍ أَنْ يَسْتَقْبِلَ، وإلا تَحَرَّىَ وعَمِلَ بِغَلَبَة الظنِّ، وإلا أَخَذَ بالمُتَيَقَّنِ وهو الأقل وتفصيله في الفقه، وعند الشافعية يَأْخُذ بالأقل في جميعِ الصُّورِ. ثمَّ اختلفَ مشايخُنَا في إيجابِ سجدةِ السَّهْوِ في الصَّورَة الثانية، ففي «الجوهرة النَّيِّرَة» و «رَدِّ المحتار» نقلا عن «السراج الوهاج» أنَّه لا يسجدها وهو الأقرب، والأكثر إلى أنَّه يسجدها كما في «الفتح». وأما في الصورة الثالثة فيسجد للسهو قطعًا.

32 - باب ما جاء فى القبلة، ومن لا يرى الإعادة على من سها فصلى إلى غير القبلة

أما الأحاديث فهي أقعد على مذهبنا لأنها وردت بالاستقبال كما في «المصنَّف» لابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، والتَّحرِّي والأخذ بالأقلِ جميعًا كما عند مسلم، فَعَمِلْنَا بِمَجْمُوعِهَا بخلافِ الشافعية فَإِنَّهم لم يَعْمَلُوا إلا بالثالث، وأوَّلوا في سائرها فقالوا: إنَّ تَحَرِّي الصَّوَابِ هو الأَخْذُ بالأقلِ فأرجعوه إلى الصورةِ الثالثة. قلنا: لا تساعده اللغة أصلا فإنَّ التَّحَرِّي هو أَنْ يَرَى غَلَبَةَ ظَنِّه، ولا يجوز إلغاء هذا التعبير الجديد وإرجاعه إلى الثالث، فإن التَّحَرِّي بهذا المعنى شيء مفيد في نفسه، سيما إذا علمنا أَنَّ الشَّرْعَ قد اعتبر بالغَلَبَةِ في غَيْرِ واحدٍ مِنَ الأبواب، فما الوجه في أَنْ لا نَعْتَبر هذا النوعَ من ههنا أيضًا؟ ويلزم على مذهبِهم إخلاء النوعِ عن حُكْمِه بالكُلِّية، وذا غيرُ جائز. قوله: (ثم ليُسَلِّمْ) وفيه سَجْدَتَا السَّهْو بعد السلامِ، وفي «الهداية» أَنَّ الخِلاف فيه خلاف الأَفضلية نعم عبارةٌ «التجريد» موهمةٌ شيئًا. قلتُ: وينبغي الأَخذ بما في «الهداية» وإنْ كانت مرتبة القُدُوري أزيد لأنَّ العمل برواية «التجريد» يُوْجِبُ مخالفةَ أكثر الأحاديث الصِّحاح - أما حجةُ الحنفية فأقول: إنَّ الأحاديث القولية تُؤَيِّدُنا خاصةً، كما عند أبي داود: «مَنْ شَكَّ في صَلاتِهِ فَلْيَسْجُد سجدتين بعد ما يُسَلِّم»، وعند البخاري عن عبدِ اللَّه بنِ مسعود: «ثم ليُسَلِّم ثم ليسجد سجدتين». بقي الفِعْلُ فقد ورد بالنَّحْوَين ولا بأس، فإِن الخلاف في الأفضلية لا غير. ثم اعلم أنَّ وقائعَ سَهْو النَّبي صلى الله عليه وسلّم أربعة، حَرَّرَها الشيخ تقي الدين ابنُ دقيق العيد. ثنتين منها عن البخاري. الأولى: جعل الظهر خمسًا. والثانية: جعل الرباعية ثنائية. والثالثة: ما عند أبي داود ترك القَعْدةَ الأولى. والرابعة: أنَّه سهى عن قَراءَةِ آيةٍ. في صلاته، فلما انصرف قال لابنِ مسعود رضي الله عنه: «هل كنت في الصلاة؟ قال: نعم. قال: فهلا ذكرتني». أقول وهناك واقعةٌ خامسة أيضًا وهي: أنَّه سَلَّم مَرَّةً على القَعْدَةِ الأولى من المَغْرب، ثم إنَّ البُخَاري أخرج حديث السَّهْو مرارًا واستنبط منه مسائلَ عديدة، وتَرْجَم تراجِمَ مختلفة، ثم لم يترجم عليه بجوازِ كلامِ النَّاسي فَدَلَّ على موافقَتِه للحنفية. 32 - باب مَا جَاءَ فِى الْقِبْلَةِ، وَمَنْ لاَ يَرَى الإِعَادَةَ عَلَى مَنْ سَهَا فَصَلَّى إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَقَدْ سَلَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى رَكْعَتَىِ الظُّهْرِ، وَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ أَتَمَّ مَا بَقِىَ. 402 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ وَافَقْتُ رَبِّى فِى ثَلاَثٍ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فَنَزَلَتْ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] وَآيَةُ الْحِجَابِ قُلْتُ يَا رَسُولَ

اللَّهِ، لَوْ أَمَرْتَ نِسَاءَكَ أَنْ يَحْتَجِبْنَ، فَإِنَّهُ يُكَلِّمُهُنَّ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ. فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ، وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْغَيْرَةِ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُنَّ {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ}. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ [التحريم: 5]. أطرافه 4483، 4790، 4916 - تحفة 10409 حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا بِهَذَا. تحفة 794 403 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِى صَلاَةِ الصُّبْحِ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ، فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ. أطرافه 4488، 4490، 4491، 4493، 4494، 7251 - تحفة 7228 وقد عَلِمْتَ فيما مَرَّ أَنَّ البخاري وَسَّعَ في عِبْرَةِ الجهل والنِّسْيَان كثيرًا، فلو صلى ناسيًا إلى غير القِبلة أو ساهيًا جازت صلاتُهُ عندَه، وهكذا المسألةُ عندَهُ فِيْمَنْ صلى في ثوبٍ نَجِسٍ. لم يُوَسِّع فيه الحنفية بمثله، نعم تحملوا الانحراف عنها فيما إذا سبقه الحَدَث فانصرفَ للوضوءِ بِشَرْطِ أن لا يخرج مِنَ المسجد، فقد اعتبروا الانحراف في الجملة إلا أنَّهم لم يُجَوِّزوا فيه الإِطلاق. 402 - قوله: (في ثلاث) وليس في تَخْصِيصِ العددِ بالثَّلاث ما يَنْفِي الزيادة، وقَدْ عدَّ المحدِّثون موافقاتِهِ إلى اثنين وعشرين كما في القَسْطَلاني. قوله: (أن يبدله أزواجًا) ... إلخ وبحث اللغويون في الفَرْقِ بين الإبدال والتَّبْدِيْلِ والتَّبدل وأنَّ المتروك فيها ما هو، والمأخوذ ما هو، وتَعَرَّضَ إليه شارح الإِحياء في مسألة تبديل الضاد بالظَّاء في الصلاة. 404 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ خَمْسًا فَقَالُوا أَزِيدَ فِى الصَّلاَةِ قَالَ «وَمَا ذَاكَ». قَالُوا صَلَّيْتَ خَمْسًا. فَثَنَى رِجْلَيْهِ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ. أطرافه 401، 1226، 6671، 7249 - تحفة 9411 - 112/ 1 404 - قوله: (الظُّهْرَ خَمْسَا) ويلزمُ فيه القُعود على الرابعةِ عندنا، وإلا تتحول فَرِيضَتُهُ نفلا ولا حاجةَ إليه على مذهب الشافعية. والمسألة اجتهادية ليست فيها نصوص لأحد. ولنا: تفقه قوي، وهو أَنَّ الصلاةَ في الدين المحمَّدي ثنائية، ورباعية، وثلاثية، ومعلوم أَنَّ مثنوية الصلاة ورباعيتها، لا تتقوم إلا بالقَعْدة، فكونها ثنائية أو غيرها مِنْ متواترات الدِّين. وقد عَلِمْتَ أَنَّها تَتَوقف على القَعْدَةِ فلا بد أَنْ تكونَ فريضة كما قيل: إنَّ مقدمة الواجب واجب. ولذا قال الحنفية: إِنَّ ما دون الرَّكعة مَحَلٌ للرفض بخلاف الرَّكعة التامة، فإنَّها من متواترات الدِّين بمعنى كونِها أمرًا معتدًا بها فلا تكون محلا للرفض؛ لأنَّه يُوجب نقض المتواتر. ثم إنَّ

33 - باب حك البزاق باليد من المسجد

النَّوويَّ قد أَقَرَّ أَنَّ هذه الواقعة قُبَيل بدر، فثبت أَنَّ النَّسْخَ في الكلام ثابتٌ عند الكلِّ وإنِّما الاختلاف في تاريخه، وعلى هذا فالاعتذار به في حديث ذي اليدين ليس لِنَفْع المذهب فقط بل هو أمرٌ ثابتٌ عند الكل، أما أَنَّه متى هو فهو أمرٌ مختلفٌ فيه. قوله: (فَثَنَى رِجْلَه وَسَجَد سجدتين) فإنْ قلتَ: إذا كانت تلك عند جَواز الكلام في الصَّلاة فَلِمَ سَجَدَ فيها للسهو؟ قلت: لتخلل ما ليس مِنْ أجزاءِ الصَّلاةِ في الصَّلاة. وهذا بابٌ جديد لم يَذْكُره العلماء، ولعلَّ المسألةَ إذ ذاكَ عدمُ فسادِ الصَّلاة بهذه الأشياء وكفاية سجود السَّهْو عنها. واعلم أَنَّ الرواة اختلفوا في ذِكْرِ سَجْدَتي السهو في واقعة ذي اليدين، فبعضُهم أثبتهما، والبَعْضُ الآخر نفاهما، وهذا الخِلافُ عندي راجعٌ إلى الاجْتِهَادِ لا في نَقْلِ الواقع، فَمَنْ نَظَرَ إلى سُوءِ الترتيبِ، وَفَكَّ الرَّبْط بين أَجْزَاءِ الصَّلاةِ، زَعَم أنَّه سجد للسهو جبرًا لهذا النقصان. ومن نفاهما رأى أنَّ الواقعةَ قَبْلَ النَّسْخ، والكلام جائز فلا حاجة إلى سجود السهو. والحاصل: أَنَّه لم يَكُن عند الفَرِيقين نَقْلٌ خصوصي اعتمدوا عليه، ولكنَّهم إذا سَرَدوا القِصَّة ذَكَرُوا السُّجُود أو نفوها حسب ما أدى إليه اجتهادهم، وهذا هو وجه اختلافهم في ذِكْرِهَا وحَذْفها عندي، والله الملهم للصواب (¬1). 33 - باب حَكِّ الْبُزَاقِ بِالْيَدِ مِنَ الْمَسْجِدِ 405 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى نُخَامَةً فِى الْقِبْلَةِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى رُئِىَ فِى وَجْهِهِ، فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ فَقَالَ «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِى صَلاَتِهِ، فَإِنَّهُ يُنَاجِى رَبَّهُ - أَوْ إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ - فَلاَ يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ قِبَلَ قِبْلَتِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ». ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ فَبَصَقَ فِيهِ، ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ «أَوْ يَفْعَلْ هَكَذَا». أطرافه 241، 412، 413، 417، 531، 532، 822، 1214 - تحفة 582 406 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى بُصَاقًا فِى جِدَارِ الْقِبْلَةِ فَحَكَّهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّى، فَلاَ يَبْصُقْ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى». أطرافه فى 753، 1213، 6111 - تحفة 8366 407 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ ¬

_ (¬1) قلتُ: وهذا نَظِيرُ اختلافهم في رَدِّ زَينب رضي الله عنها على زَوْجِهَا أبي العاص. قال بعضهم: إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَدَّها بالنَّكاح الأول. وقال آخرون: بالنكاح الجديد. وسئل عنه محمَّد رحمه الله تعالى أترى كلَّ واحدٍ منهما سَمِعَ عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: لا بل إنَّما جاء هذا مِنْ قِبَلِ اجتهادهم، فَذَكَر كلٌ حَسَب ما آدَّى إليه اجتهاده، وَفَصَّلَه الطَّحَاوي في باب فراجعه.

عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى فِى جِدَارِ الْقِبْلَةِ مُخَاطًا أَوْ بُصَاقًا أَوْ نُخَامَةً فَحَكَّهُ. تحفة 17155 وحَمَلَه الشارحون على أنَّه حَكَّهُ باليد دون الآلة. قلتُ: ومعناه عندي أنَّه حَكَّه بيده الكريمة أي لم يأمر غيرَهُ به سواءٌ كان باليد أو بغيرِهَا. وفَرَّقَ اللغويون بين النُّخَامة والنُّخَاعة. فقيل: إنها بالميم من الرأس، وبالعين من الصدر، وفي «شرح الأسباب» أنَّ النُّخَامة ما خرج من مَخْرَجِ الخاء، وما خرج مِنْ مَخْرَج العين فهو النُّخَاعة ثم المُخَاط ما خَرَج مِنَ الأَنْف وما خَرَجَ من الفَمِ فهو البصاق. 405 - قوله: (أو إنَّ ربه بينَه وبين القِبْلَة) وهو نحو مِنَ التجلِّي واختلف في أنَّه مستمر أو مقتصر على حالة المُناجاةِ فقط، وفي عبارة أبي عمرو (¬1) وأنَّه مستمر كالاستواء، والمعية، والأقربية، ونَقَلَهُ الحافظ رحمه الله تعالى في «الفتح» وَجَنَح إليه أيضًا. قلتُ: وَخَطأ الحافظ رحمه الله تعالى أو غَفَل ولم يدرِ أنَّه يكون نافعًا للحنفية في مسألة الاستقبال والاستدبار، لأنَّه إذا نَهَى عن البُزَاق تِجَاه القِبلة لهذا، فما ظَنُّك بالاسْتِقْبَال والاسِتدبار عند الغَائِطِ (¬2) وقد مر أنَّ عُمَرَ بنَ عبد العزيز لم يكن يَبْزُق إلى القِبْلَةِ مطلقًا. قلتُ: وعندي في الاستدلال منه نظر بَعْدُ لأَنَّه وإنْ وَرَدَ فيه الإطلاق في عِلَّةِ أحاديث لكنَّه مقيدٌ في بعض الروايات بحالة الصَّلاة، وحينئذٍ يَقْتَصِر النَّهْي على حالة الصَّلاةِ فقط، نعم لو ثَبَتَ دوامُ هذا التَّجَلِّي لكان حُجَة لنا قطعًا. وراجع لحقيقة التجلي أواخر «نيل الفرقدين» وهي مِنْ أَصْعَب مسائل الصوفية رحمهم الله تعالى. قوله: (ولكن عن يساره) وحَمَلَهُ النُّوويُّ على خارجِ المَسْجد، أما إذا كان في المَسْجِد فإِنَّه لا يَبْصُق إلا على طَرَفِ ثَوْبِهِ، وقال في شرح الحديث: إِنَّ الحديث وَإِنْ وَرَدَ في المسجد ابتداءً لكنَّه انتقلَ عند ذِكْرِ البُصَاق إلى خارج المسجد انتهاءً، واستدل عليه بقوله: «أنَّ البُصَاق في المسجدِ خطيئة وكفارتها دفنها». فإذا كان البُصَاق في المسجدِ خطيئةً في نظر الشارع كيف يأذن هو به. ومعنى الحديث عندي: أنَّ البُصَاقَ في المسجد خطيئةٌ وعليه أَنْ يُكَفِّر عنها، كما أَنَّ ¬

_ (¬1) قِيلَ مَنْ كانت عِنْدَهُ الكُتب الأربعة فلا يَضِيْرُهُ إنْ فاتَهُ غيرَهَا وهي: "التمهيد" لأبي عمرو - "والسُنن الكبرى" للبيهقي و"المُحَلَى" لابن حزم "وشرح السنة" للبغوي أو "المغني" لابن قُدَامة. وأهم شيء في "التمهيد" جمع المتابعات والشواهد -كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز- قلت: وسمعت من شيخي رحمه الله تعالى وصف "كنز العمال" أيضًا. (¬2) وفي "شرح العقائد" الجلالي: أنَّ القِبْلَةَ الشرعية للحاجات هي السماء، ثم قال إنَّ عالمًا حنبليًا يقول: إنَّ السماء جهة حقيقة ثم تعجب من قوله. وقال: لِمَ لَمْ يقُلْ إنَّه جهة شرعية. قلت: المرادُ منه الحافظ ابن تيمية وبالجملة كما أنَّ بين الحاجات وقِبْلتها وصلة، كذلك بين الرَّجُلِ وقِبلته الدينية علاقةٌ ووصلة، والبُزَاق إليها يُخَالِف تلك الوصْلَة والدَّوَاني هذا شافعي تَعلم الحديث من الشيخ أبي الفتح الشيرازي إلَّا أنه لم يكن له اشتغال بالحديث كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز.

34 - باب حك المخاط بالحصى من المسجد

الزِّنا، والخمرَ، وقَتْلَ الصيدِ في الحرم محرَّمات وخَطَايَا، وإذا ارْتَكَبَ فعليه عُقُوبَتها. وذهب القاضي إلى أَنَّ أَوَّلَ الحديث لِمَّا ورد في حق المسجد، فالبُصَاق أيضًا فيه. وحَمَلَ حديثَ الخطيئة على ما لم يُرِدْ دَفْنَها، فإِنْ أَراد دَفْنَها فليس بخطيئة. والذي يَظْهر عندي أَنَّ التضييقَ فيه أَوْلَى، وما يتوهم فيه التوسيع مِنْ بَعْضِ الألفاظ يُخَالِفُه ما عند مسلم وأبي داود مِنْ قَيد المُبَادَرَة، فليحذر عن الأَوَامِر المُطْلَقَةِ الوارِدَةِ في هذا الباب ولا يَحْمِلها على إطلاقها. وَنَقَلَ أبو داود عن أحمد أَنَّه كان يَبْصُق بإخراج الوجه عن الغُرْفَة إن احتاج إليه في الصلاة. وحاصل أحاديث البصاق: أَنَّ البُصَاقَ في الصَّلاةِ قَبِلَ القِبْلَةِ مما يَغِيظُ النَّبي عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ ويُفْضِي إلى إِعْرَاضِ ربِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَكِنْ ينبغي أنْ يُكَفَّ عن إطلاقِ لَفْظِ المعصية. وقد اخْتُلِفَ في الشروحِ في مناطِ النَّهي. فقيل: شُغْل المُنَاجَاة، وقيل: احترامُ جِدَارِ القِبْلَةِ، وقيل: احترامُ المَسْجد، وقيل: احترامُ كاتب الحسنات، وقيل: احترام الصلاة، وغيرها، وكلها مأخوذةٌ من النُّصوص إشارة ودِلالة. فَالأَوْلى عندي أَنْ يُقَال: إنَّ المجموع مَنَاطٌ، وإِنَّ الوصفَ المُؤَثِّر فيه كونُ المُصَلي على أَحَسَنِ هيأةٍ عند مناجاتِهِ رَبَّهُ، فإِنْ الله جَمِيلٌ يُحِبُّ الجمال، والبُزَاقَ فيها يخالُفها. ثمَّ الترتيب في البُصَاقِ كما عند أبي داود: «فلا يَبْزُقَنَّ أَمَامَهُ ولا عن يمينه ولَكِنْ عن يسارِهِ إِنْ كان فَارِغَا أو تَحْتَ قَدَمِه اليسرَى ثم لِيَقُلْ به». وقد عَلِمْتَ أَنَّه فيما أمكن الدفن، وإلا فيبصُق على ثوبه وَيَرُدُّ بعضَهُ ببعضٍ لإعدام الجِرْمِ، وعند الترمذي جانب الخلف أيضًا. فإنْ قلت: إنَّ في جانب اليسار أيضًا ملكًا، قلت: والله قادر على أَنْ يجعلَها على الشيطانِ في هذا الجانب. 34 - باب حَكِّ الْمُخَاطِ بِالْحَصَى مِنَ الْمَسْجِدِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنْ وَطِئْتَ عَلَى قَذَرٍ رَطْبٍ فَاغْسِلْهُ، وَإِنْ كَانَ يَابِسًا فَلاَ. 408 و 409 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبَا سَعِيدٍ حَدَّثَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى نُخَامَةً فِى جِدَارِ الْمَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَ حَصَاةً فَحَكَّهَا فَقَالَ «إِذَا تَنَخَّمَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَتَنَخَّمَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى». حديث 408 طرفاه 410، 416 - تحفة 12281 حديث 409 طرفاه 411، 414 - تحفة 3997 35 - باب لاَ يَبْصُقْ عَنْ يَمِينِهِ فِى الصَّلاَةِ 410 و 411 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبَا سَعِيدٍ أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى نُخَامَةً فِى حَائِطِ الْمَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَصَاةً فَحَتَّهَا ثُمَّ قَالَ «إِذَا تَنَخَّمَ

36 - باب ليبزق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى

أَحَدُكُمْ فَلاَ يَتَنَخَّمْ قِبَلَ وَجْهِهِ وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى». حديث 410 طرفاه 408، 416 - تحفة 12281 - 113/ 1 حديث 411 طرفاه 409، 414 - تحفة 3997 412 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى قَتَادَةُ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَتْفِلَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ رِجْلِهِ». أطرافه 241، 405، 413، 417، 531، 532، 822، 1214 - تحفة 1261، 1262 36 - باب لِيَبْزُقْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى 413 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِى الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا يُنَاجِى رَبَّهُ، فَلاَ يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ». أطرافه 241، 405، 412، 417، 531، 532، 822، 1214 - تحفة 1261 414 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ. أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَبْصَرَ نُخَامَةً فِى قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَحَكَّهَا بِحَصَاةٍ، ثُمَّ نَهَى أَنْ يَبْزُقَ الرَّجُلُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى. وَعَنِ الزُّهْرِىِّ سَمِعَ حُمَيْدًا عَنْ أَبِى سَعِيدٍ نَحْوَهُ. طرفاه 409، 411 - تحفة 3997 37 - باب كَفَّارَةِ الْبُزَاقِ فِى الْمَسْجِدِ 415 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْبُزَاقُ فِى الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا». تحفة 1251 38 - باب دَفْنِ النُّخَامَةِ فِى الْمَسْجِدِ 416 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَلاَ يَبْصُقْ أَمَامَهُ، فَإِنَّمَا يُنَاجِى اللَّهَ مَا دَامَ فِى مُصَلاَّهُ، وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ، فَيَدْفِنُهَا». طرفاه 408، 410 - تحفة 14736 وهذا الذي دعا الشارِحِين إلى حَمْلِ الترجمةِ السَّابقةِ على الحَكِّ بِنَفْسِ اليد، لأنَّه لا يصح التقابل بين هاتين الترجمتينِ إلا بهذا المعنى، فالترجمةُ الأولى للحَكِّ باليد، وهذه للحكِّ بالحصى، يَغْنُون به أنَّ الحَكَّ ثَبَت بالواسِطَة وبدون الواسطة، وقد مَرَّ معنى أنَّه أَرَادَ بالترجمة السَّابقةِ الحَكَّ بنفسِهِ أي لا بِأَمْرِهِ رَجُلا آخر سواء كان باليدِ أو بِآلةٍ، والحَكُّ بالحصى وإِنْ كانَ دَاخِلا تحت الترجمةِ السَّابقةِ إلا أَنَّه لمَّا كان عنده فيه حديثًا مستقلا أَرَادَ أنْ يُتَرْجِمَ عليه أيضًا كذلك، وهذا مِنْ دَأْبِ المصنِّف رحمه الله تعالى أَنَّه إذا كانت عندَهُ جزئيات مِنْ بابٍ واحدٍ يُتَرْجِم على كلِّ واحدٍ منها إحصاء لها، ثم يُتَرْجِم على كلٍ بما نَاسَبَ لفظَهُ.

39 - باب إذا بدره البزاق فليأخذ بطرف ثوبه

(وقال ابن عباس رضي الله عنه) ... إلخ قال الحافظُ رحمه الله تعالى: أَشَارَ به البخاري إلى أَنَّ العلَّةَ العظمى في النَّهي احترامُ القِبْلَةِ لا مجرد التأذي بالبُزَاق، فإِنَّه وإنْ كان عِلَّةً أيضًا لكِنْ احترامُ القِبْلَة فيه آكد، فلهذها لم يُفَرَّق فيه بين رَطْبٍ ويابس بخلاف ما عِلَّةُ النِّهي فيه مُجَرد الاستقذار فلا يَضُرُّ وطء اليابس منه. انتهى. قوله: (القَذَر) وهو ما يَسْتَقْذره الإنسان طبعًا فهو أعمُّ من النَّجَاسَةِ وغيرها، ثمَّ إِنَّه لا تُغْسَلُ اليدُ بمسِّ النَّجَاسَةِ اليابسةِ عندنا. وبيان المناسبة بين الأَثَرِ والترجمةِ عندي: أنَّ البُصَاقَ إذا كان رَطْبًا فاغسله وإلا فلا بَأْسَ به لأَنَّه طاهر، وإِنْ كان نجسًا فكذلك أيضًا، فإنَّ بعضَ السَّلَفِ ذهبوا إلى نجاستِهِ كما مر. 39 - باب إِذَا بَدَرَهُ الْبُزَاقُ فَلْيَأْخُذْ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ 417 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى نُخَامَةً فِى الْقِبْلَةِ فَحَكَّهَا بِيَدِهِ، وَرُئِىَ مِنْهُ كَرَاهِيَةٌ - أَوْ رُئِىَ كَرَاهِيَتُهُ لِذَلِكَ وَشِدَّتُهُ عَلَيْهِ - وَقَالَ «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِى صَلاَتِهِ فَإِنَّمَا يُنَاجِى رَبَّهُ - أَوْ رَبُّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِبْلَتِهِ - فَلاَ يَبْزُقَنَّ فِى قِبْلَتِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ». ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ فَبَزَقَ فِيهِ، وَرَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، قَالَ «أَوْ يَفْعَلُ هَكَذَا». أطرافه 241، 405، 412، 413، 531، 532، 822، 1214 - تحفة 665 - 114/ 1 وليس فيه عِنْدَهُ حديثٌ على شرطه بل حديثه عند أبي داود ومُسْلِم، ولَكِنْ مِنْ دَأْبِ المصنِّف رحمه الله تعالى أَنَّه إذا أَرَادَ أَنْ يُفيدَ بمسألةٍ لا يكونُ لها حديثٌ عنده وَلَكنَّه يكونُ في الخارج يُتَرْجِمُ بها، وَيَسْتَدِلُ عليها بحديثٍ واردٍ في الباب بِأَدْنَى مناسبةٍ، ويكونُ نَظَرُهُ إلى هذا الحديثِ الذي وَرَدَ فيه صراحةٍ في الخارج. 40 - باب عِظَةِ الإِمَامِ النَّاسَ فِى إِتْمَامِ الصَّلاَةِ، وَذِكْرِ الْقِبْلَةِ 418 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «هَلْ تَرَوْنَ قِبْلَتِى هَا هُنَا فَوَاللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَىَّ خُشُوعُكُمْ وَلاَ رُكُوعُكُمْ، إِنِّى لأَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِى». طرفه 741 - تحفة 13821 واعلم أَنَّ مِنْ دَأْبِ المصنِّف رحمه الله تعالى أَنَّه إذا أَخْرَجَ حديثًا مِنْ نوعِ سِلْسِلَةٍ ثمَّ يجِد فيه مسألةً أخرى من غَيْرِ هذه السِلْسِلَةِ يُتَرْجِمُ بها أيضًا في هذه الترجمة بعينها، فتختلَّ الترجمة بحسب الظَّاهر لاشتمالها على حُكْمٍ لا يتعلق بتلك السِلْسِلَةِ - وأُسَمِّيهِ إنجارًا - لأنَّه يُريد أَنْ يفرغ عنها في تَرْجَمةٍ واحدةٍ، فيترجم بها اختصارًا، وإنْ لم يكن مِنْ هذا الباب. قوله: (خُشُوعُكُمْ) قيل: الخُشُوعَ في الجوارِح، والخُضُوعُ في القلب. قلت: بل الخُشُوع أيضًا في القَلْبِ أيضًا، قال تعالى: {أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ} [الحديد: 16]. وكذلك في الأَصْوَاتِ قال تعالى: {وَخَشَعَتِ الأصْوَاتُ} [طه: 108]. وَنَسَبَه إلى الجمادات أيضًا {وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الاْرْضَ خَاشِعَةً} [فصلت: 39] فالمناسب فيه استقراءُ القرآن.

41 - باب هل يقال مسجد بنى فلان؟

ثم الخُشوعُ (¬1) مُسْتَحَب مَعَ كونِهِ رُوحًا للصَّلاةِ، ولا يُمْكن أَنْ يكونَ فرضًا وإلا لَبَطلَتْ صلوات أَكْثَرِ الأمة فما نُقِلَ عن بعضِ الصُوفية أَنْسَب بحالهم. 418 - قوله: (إني لأراكم) وراجع ما في الهامش عن أحمد رحمه الله تعالى. 419 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ صَلَّى بِنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةً ثُمَّ رَقِىَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ فِى الصَّلاَةِ وَفِى الرُّكُوعِ «إِنِّى لأَرَاكُمْ مِنْ وَرَائِى كَمَا أَرَاكُمْ». طرفاه 742، 6644 - تحفة 1647 419 - قوله: (حدثنا يحيى بنُ صالح) وهو الذي كان عديلا للإمام مُحمَّد رحمه الله تعالى في الحج وقد مرَّ تذكرته. 41 - باب هَلْ يُقَالُ مَسْجِدُ بَنِى فُلاَنٍ؟ 420 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِى أُضْمِرَتْ مِنَ الْحَفْيَاءِ، وَأَمَدُهَا ثَنِيَّةُ الْوَدَاعِ، وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِى لَمْ تُضْمَرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِى زُرَيْقٍ، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ فِيمَنْ سَابَقَ بِهَا. أطرافه 2868، 2869، 2870، 7336 - تحفة 8340 والجمهورُ على الجوازِ، ونُقِلَ عن الحَجَّاح عاملِ بني أُمَيَّة أَنَّه كان يُخَالِفُ فيه، وكان يَكْرَهُ أَنْ يُقال مسجدُ بني فلان. لقوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن: 18] وهو أَظْلَم هذه الأمة. وعنْ أحمد رحمه الله تعالى في روايةٍ أَنَّه كَفَّرَهُ كما كَفَّرَ يزيد أيضًا، وفي الترمذي أنه قَتَل مِنْ الصحابَةِ والتابعين مائة ألف وأربعًا وعشرين ألفًا. 42 - باب الْقِسْمَةِ وَتَعْلِيقِ الْقِنْوِ (¬2) فِى الْمَسْجِدِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقِنْوُ الْعِذْقُ، وَالاِثْنَانِ قِنْوَانِ، وَالْجَمَاعَةُ أَيْضًا قِنْوَانٌ مِثْلَ صِنْوٍ وَصِنْوَانٍ. يريد أَنْ يُفَصِّل في الأفعالِ التي وَرَدَتْ في المسجدِ مِنْ غيرِ جِنْسِ الصَّلاةِ والأَذْكَارِ وَوَسَّعَ ¬

_ (¬1) وفيه رسالة للشيخ محمد البركلي المُسَمَّاة بـ "معدل الصلاة"، والشيخ المذكور مِنْ علماء الروم حنفي، ظَهَرَ في الحادي عشر مُتَقَدِّم على صاحب "الدر المختار"، وكان من أولياءِ الله تعالى كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز. (¬2) واعلم أنَّ المصنِّف رحمه الله تعالى سبَّاق الغاياتِ في وضع التراجم، وفيها منافعُ للأمة غيرَ أَنَّ القاصرين قد يتضررون منها أيضًا، أما المنافع فلا تسأل عنها، فإن المصنِّف رحمه الله تعالى يُشيرُ فيها إلى رُوحِ الحديث، ويُنَبِّهُ على أغراضِ الشارعِ ودَقَائِقِ الفِقْهِ، وأما المَضَرَّة فلأنَّ الحديثَ قَدْ يَرِدُ في حَادِثةٍ مَحْفُوفَةٍ بالقرائنِ ويكونُ لها حُكْمٌ بالنظر إلى هذه القرائن، ثُمَّ المصنِّف رحمه الله تعالى يَتَّبع في الترجمةِ لفظَ الحديث فيجيء واحدٌ ويجعلُهُ حكمًا مُطَّردًا ولا يلاحظ إلى تلك الاحتفافات فَيَقَع في الأغْلَاطِ لأَنَّه لا يكونُ فيه عمومٌ فَاعْلَمْهُ كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز.

فيها كُلَّ التَّوسِيع، فَأَثْبَتَ القِسْمَةَ، وَكَرِهَ فقهاؤُنا الكلامَ والطعامَ في المسجد فلعلهم لا يحبون القِسْمة فيه أيضًا. قوله: (وتعليقِ القِنْو) ولم يُخَرِّج له حديثًا، وهو ثابت في الخارج عند الطحاوي وغيره، وكان هذا على عادةِ العربِ أنهم كانوا يُعَلِّقون الأَقْنَاءَ، فَإِذَا نَضِجَتْ قَسَّمُوها على أصحابِ الصُّفَّة، ثمَّ إنْ كان عُشرًا أو صدقة غيره، فسيجيء البحث فيه في كتاب الزكاةِ بِقَدْرِ الضرورة. قوله: (والاثنان قِنْوَان) يعني أنَّه تثنيةٌ وجمعٌ، والفَرْقُ أَنَّه بالتَّنْوِينِ جمعٌ، وبكسر النون تثنية. 421 - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَقَالَ «انْثُرُوهُ فِى الْمَسْجِدِ». وَكَانَ أَكْثَرَ مَالٍ أُتِىَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الصَّلاَةِ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاَةَ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ، فَمَا كَانَ يَرَى أَحَدًا إِلاَّ أَعْطَاهُ، إِذْ جَاءَهُ الْعَبَّاسُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِى فَإِنِّى فَادَيْتُ نَفْسِى وَفَادَيْتُ عَقِيلاً، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «خُذْ». فَحَثَا فِى ثَوْبِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُؤْمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعُهُ إِلَىَّ. قَالَ «لاَ». قَالَ فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَىَّ. قَالَ «لاَ». فَنَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُؤْمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ عَلَىَّ. قَالَ «لاَ». قَالَ فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَىَّ. قَالَ «لاَ». فَنَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ احْتَمَلَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى كَاهِلِهِ ثُمَّ انْطَلَقَ، فَمَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ حَتَّى خَفِىَ عَلَيْنَا، عَجَبًا مِنْ حِرْصِهِ، فَمَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ. طرفاه 3049، 3165 - تحفة 989 - 115/ 1 421 - قوله: (وقال إبراهيم) .. إلخ وإنَّما لأنَّ في إبراهيم لينًا ولِعَدم الاتصالِ أيضًا. قلتُ: وما أخرجَ المصنِّف رحمه الله تعالى مِنَ الأحاديث في إثباتِ أفعال غير الصَّلاةِ في المسجد كلُّها واردة على الوقائع على سبيلِ القِلَّة، ولعلَّ الفقهاء أيضًا لا يُنْكِرُونها، وإنَّما الكراهةُ فيما إِذَا اعتادَ بها، أَمَّا إذا كانتْ مرةً أو مرتين فهي جائزةٌ عِنْدَهم أيضًا، فإِنْ أَرَاد المصنِّف رحمه الله تعالى مِنْ هذه الترَاجِم ثبوتَ هذه الأفعالِ فقط فهو مُسَلَّم ولا يخالف الفقهاء. وإِنْ أراد به التوسيع في أحكامِ المَسَاجِد فلا يَثْبت مُدَّعَاهُ مِنْ هذه الأحاديث، لأَنَّك قد عَلِمتَ أَنَّها لا تَدُلِ على أنَّ المَسَاجِدَ كانت تُفْعل فيها هذه الأفعال كأنَّها مهيأة لها، وإذا كان المستحبُّ في النَّوافِلِ أَنْ تُصلَّى في البيوتِ فما بالُ هذه، وسيجيءُ في هذه الأبوابِ ما هو أفيد منه. حكاية مَرَّ سفيانُ الثَّوْرِيّ على أبي حنيفة رضي الله عنه وهو يُدَرِّس رافعًا صوتَهُ فَأَنْكَرَ عليه فاعتذرَ منه أَنَّهم لا يَفْهَمُون بِدُونِهِ. (حكاية) مر سفيان الثوري على أبي حنيفة رضي الله عنه وهو يدرس رافعًا صوته فأنكر عليه فاعتذر منه أنهم لا يفهمون بدونه. والقضاءُ جائزٌ عندنا في المسجد لأنَّه عبادة، ومنعه الشافعية. واختلفوا في التدريس، فقال الحنفية: إن كان بدون الأجرة جازَ وإلا فلا.

43 - باب من دعا لطعام فى المسجد ومن أجاب فيه

قوله: (مِنَ البَحْرَيْن) وكان مائة ألف. قوله: (إذا جاءَه العبَّاس) وادَّعى الطَّحاوي أَنَّه أَسْلَم قَبْلَ الهجرةِ (¬1) إلا أنَّه كان يَخْفَى به، ثُمَّ أَعْلَنَ بِهِ في فتحِ مَكَّة. قوله: (وثَمَّ منها دِرْهَم) والتاء في ثَمَةَ لِتَأْنِيث اللفظِ لا لِتأْنِيْث المُسَمَّى. أقول وَأَتَرَدد في أَنَّ تَقْسِيم هذا المالِ ونحوِهِ كان في المَسْجِدِ لِمَا ذَكَرَهُ السَّمْهُودي: أَنَّ قِبْلَة المسجدِ كانت أَوَّلا نحو بيتِ المقْدِسِ، ثُمَّ إذا نَزَل التَّحْويل صارَتْ في الجانب المُقَابِلِ وَجَعَلت تلك مُسْقَفَةً والأولى صفة. وفي كُتُبِ الفقهِ أَنَّ إِخْرَاج جزء من المسجد منه جائز عند الضَّرُورَة، وحينئذٍ جاز أَنْ تَكُون التوسيعات التي نَقَلَهَا المصنِّف رحمه الله تعالى كلها في الحصةِ الأولى وهي الصِّفة وكانت تُدْعَى مسجدًا وإنْ لَمْ تَبْقَ مسجدًا النظر الفقهي، لكن ما له وللرواة فَإِنَّهم يتكلمون بحسب العُرْفِ ولا حَجْرَ في إطلاقِ المَسْجِد عليها عرفًا. وصرح الذهبي أَنَّ الصُّفَّة كانت مِنْ أَجْزَاء المَسْجد ثُمَّ أُخْرِجت عنها فلا بأس إذن في ذلك الإِطلاق، وبعد هذا التحقيق لا يَتُم ما رَامَهُ المصنِّف مِنْ وجهٍ آخر كذا ذَكَرَهُ السَّمْهُودي. وهذا الذي كنا نريد إفادتك به فَإِنَّه جَوابٌ جُمْلي عن جملةِ ما تمسك بهِ المصنف رحمه الله تعالى على أَنْ نقول: إنَّ هذا المال إنَّما جِيءَ به في المَسْجِد، لأَنَّ بيتَ المالِ لم يكن بُنِيَ بَعدُ، ولم يَكُن النبي صلى الله عليه وسلّم يُحب أَنْ يذهب بِحُطَام إلى بيتهِ، وكان في وَضْعِه في بيتِ بعضِ الصحابةِ رضي الله عنهم مظِنَّة للوَسْارُس، فلهذه الاحتفافات أمر بِوضْعِهِ في المسجد ثم قَسَّمه هناك، فهل يُنَاسِب بعده أَنْ يَطَّرِد عليه أو يَقْتَصر على موضعه، ذلك أَمرٌ كفل إلى عدلِك وفصْلِك. 43 - باب مَنْ دَعَا لِطَعَامٍ فِى الْمَسْجِدِ وَمَنْ أَجَابَ فِيهِ 422 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعَ أَنَسًا قَالَ وَجَدْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمَسْجِدِ مَعَهُ نَاسٌ فَقُمْتُ، فَقَالَ لِى «آرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ» قُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ «لِطَعَامٍ». قُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ «قُومُوا». فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ. أطرافه 3578، 5381، 5450، 6688 - تحفة 200 وكان عندَه فيه حديثٌ فَتَرْجَم عليه لئلا يَخْلو عن فائدة. 44 - باب الْقَضَاءِ وَاللِّعَانِ فِى الْمَسْجِدِ 423 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ ¬

_ (¬1) ويَدلُّ عليه ما أخرجَهُ التِّرمِذي في التفسيرِ عن ابن عباس قال: لمَّا فَرَغَ رَسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ بدرٍ قيلَ له عليك العِير ليس دُوْنَها شيء، قال فناداه العباس وهو في وَثَاقه: لا يَصْلُحُ، وقال: لأنَّ الله وَعَدَكَ إِحْدى الطَّائفتين وقد أعطاك ما وعد، قال: صَدَقْتَ. ففيه دليلٌ على أنَّه كان بِطَانَةَ خيرٍ للمسلمين.

45 - باب إذا دخل بيتا يصلى حيث شاء، أو حيث أمر، ولا يتجسس

امْرَأَتِهِ رَجُلاً أَيَقْتُلُهُ فَتَلاَعَنَا فِى الْمَسْجِدِ وَأَنَا شَاهِدٌ. أطرافه 4745، 4746، 5259، 5308، 5309، 6854، 7165، 7166، 7304 تحفة 4805 وقد مر الكلام فيه. قوله: (واللعان) وإنَّما سَمَّاهُ لبيان أَنَّه هل يجوز مِثْلُه في المسجد. قوله: (بين الرجال والنساء) وإنَّما ذَكَر النِّساء لإِثبات حُضورِهِنَّ في المسجد ويُخْرَجُ بهنَّ عند إقامة الحدود. 423 - قوله: (حدثنا عبد الرَّزاق) وهو معاصر المصنِّف إمامُ صنعاء اليمن لم يُلاقه البخاري وقد كان سافرَ إليه فسمع بوفاته في الطريق. 45 - باب إِذَا دَخَلَ بَيْتًا يُصَلِّى حَيْثُ شَاءَ، أَوْ حَيْثُ أُمِرَ، وَلاَ يَتَجَسَّسُ 424 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَاهُ فِى مَنْزِلِهِ فَقَالَ «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّىَ لَكَ مِنْ بَيْتِكَ». قَالَ فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى مَكَانٍ، فَكَبَّرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ. أطرافه 425، 667، 686، 838، 840، 1186، 4009، 4010، 5401، 6423، 6938 - تحفة 9750 حيث شاء أي الداخل أَوْ حيث أَمَر أي صاحبُ البيت، قال الشارحون: إنَّ «أو» للتنويع وليس للشك. قلت: والمترْجَم به هو في الحقيقة قوله: حيث أمر، ثُمَّ أَضَافَ حيث شاء مِنْ عنده لئلا يُتوهم الاقتصار عليه فلا تنتظر لدليله. قوله: (ولا يتجسس) فهذا من الآداب أنَّ الرَّجُلَ إذا دَخَلَ بيتًا ينبغي له أَنْ لا يَنْظُر يمينًا وشمالا تجسيسًا. وحاصله: إنْ لم يكن هناك هتك للستر يُصلي حيث شاء وإلا حيث أُمِر. واعلم أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلّم إذا صلى في بيوت أصحابه فتارة سألهم أين يُصلِّي، وتارة لم يسألهم وصلَّى حيث شاء، والوجه أنَّ صَلاتَه صلى الله عليه وسلّم كانت لإِيصاله البركة، فإذا أَرَادها مِنْ قِبَل نفْسِه لم يَسْأَل عنها، وههنا دعى الصحابي وأراد هو أَنْ يُصلي النَّبي صلى الله عليه وسلّم في بيته مكانًا يتخذه مصلى فسأله النَّبي صلى الله عليه وسلّم أَين تُحب أَنْ أُصلي لك. فَوَضَح الفَرْق. وفي الحديث دَليلٌ على ثبوتِ الجماعة في النافلةِ وهي مع التداعي مكروهة تحريمًا وإلا جازت، ثُمَّ التداعي على عُرف اللغة، ولا تحديد فيه في أصل المذهب وإِنْ عينه المشايخ. 424 - قوله: (فَصَفَفْنَ) والمضاعف إذا كان مِنْ نَصَرَ فهو متعدٍ، وإذا كان من ضَرَبَ فهو لازم وههنا مِنْ ضَرَبَ.

46 - باب المساجد فى البيوت

46 - باب الْمَسَاجِدِ فِى الْبُيُوتِ وَصَلَّى الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ فِى مَسْجِدِهِ فِى دَارِهِ جَمَاعَةً. 425 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِىُّ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ - وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الأَنْصَارِ - أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَنْكَرْتُ بَصَرِى، وَأَنَا أُصَلِّى لِقَوْمِى، فَإِذَا كَانَتِ الأَمْطَارُ سَالَ الْوَادِى الَّذِى بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ، لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ آتِىَ مَسْجِدَهُمْ فَأُصَلِّىَ بِهِمْ، وَوَدِدْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّكَ تَأْتِينِى فَتُصَلِّىَ فِى بَيْتِى، فَأَتَّخِذَهُ مُصَلًّى. قَالَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «سَأَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». قَالَ عِتْبَانُ فَغَدَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ، فَاسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَذِنْتُ لَهُ، فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ ثُمَّ قَالَ «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّىَ مِنْ بَيْتِكَ». قَالَ فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَيْتِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَبَّرَ، فَقُمْنَا فَصَفَّنَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، قَالَ وَحَبَسْنَاهُ عَلَى خَزِيرَةٍ صَنَعْنَاهَا لَهُ. قَالَ فَثَابَ فِى الْبَيْتِ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ ذَوُو عَدَدٍ فَاجْتَمَعُوا، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخَيْشِنِ أَوِ ابْنُ الدُّخْشُنِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ مُنَافِقٌ لاَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُلْ ذَلِكَ، أَلاَ تَرَاهُ قَدْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ». قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ فَإِنَّا نَرَى وَجْهَهُ وَنَصِيحَتَهُ إِلَى الْمُنَافِقِينَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. يَبْتَغِى بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ ثُمَّ سَأَلْتُ الْحُصَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِىَّ - وَهْوَ أَحَدُ بَنِى سَالِمٍ وَهُوَ مِنْ سَرَاتِهِمْ - عَنْ حَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَصَدَّقَهُ بِذَلِكَ. أطرافه 424، 667، 686، 838، 840، 1186، 4009، 4010، 5401، 6423، 6938 - تحفة 9750 - 116/ 1 وليس لها حُكْمُ المساجد عندنا فيجري فيها التَّوريث وغيره من الأحكام، وفي «المُنْية» أنَّ مَنْ جَمَعَ في بيته يكون تاركًا لفضل المسجد، ولا يعد تاركًا للجماعة، وليست هذه المسألة إلا فيها، وقد ثبتت الجماعات في البيوت في زمن أمراء الجور وعند أعذارٍ أخرى. 425 - قوله: (محمود بن الربيع) وهذا هو الصحابي الذي ضَجَّ عليه النبي صلى الله عليه وسلّم وقد مَرَّ في العلم. قوله: (أَنْكَرْتُ بصري) وعند مُسلم: أصابني في بَصَري بعض الشيءِ، فَدَلَّ على أَنَّه لم يكن بَلَغَ العَمَى إذْ ذاك. ثُمَّ إنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلّم رَخَّصَ عِتْبَان بن مالك بعدمِ حضورِ الجماعة ولم يُرَخِّص به ابنَ أَمِّ مَكْتُوم، فقيل في وجهه إنَّ ابن أم مَكْتُوم كان أعمى مِنْ بَطْنِ أمه، ومثله لا يلحقه تعب ومشقة في الإياب والذهاب، بخلاف عِتْبان فإنَّ بَصَرَهُ قد ساء في آخره، وقد علمت من حالِ تَيقُّظ ابن أم مكتوم فإنَّ بلالا رضي الله عنه قد كان يُؤذن قَبْل وقته بخلافه، وقد نُقِل عن الشَّاطِبي أَنَّه كان يذهبُ مَرةً للحجِّ فمرَّ من تحت شجرةٍ فقيل له: اخفض رَأْسَك لا يصيبكَ

47 - باب التيمن فى دخول المسجد وغيره

الغصنُ ففعل، فلما جاء هناك مرَّةً أخرى بعد خمس وأربعين سنة خَفَضَ رَأْسَهُ فَسُئِلَ عنه، فقال هناك شجرة، فقيل له ليست هناك شجرة ولا شيء، فَنَزَل الشَّاطبي مِنْ مَرْكَبه وَزَعَم أنَّه ساء حِفْظه فلا ينبغي له رواية الحديث، فَدَعى الناس عن هذا المَوْضِع وَسَأَلهم عن الشَّجرة فقال له شيوخهم: إنَّه كان به شَجَرة ولكنَّها قُطِعَت، فاطمأنَّ به ثُمَّ مضى لحاجته. ولذا قُلْتُ إِنَّ معنى ما رُوي عن سُفْيَان حين سأل عن تَرْك ابن عمر رَفع اليدين، فأنْكَرَهُ أي لم يعرفه، فأي بأس فيه إنْ لم يَعْرِفه سُفْيَان فقد عَرَفه الناس وليس معناه أنَّه نَفَاه. قوله: (والوادي) وهو الذي سال السيلُ منه الرآبِ وبقي الحَصْبَاءُ تَلُوح. وهو البَطْحَاء. قوله: (قال ابن شِهَاب) وهذا تحويل مِنْ آخَرِ السَّنْد على خلاف طريق الآخَرِين، ووجهه أنَّ سائرَ المصنِّفين يُخَرِّجُون جميعَ أسانيدِ الحديث في بابٍ واحد، فيحولون في ابتداءِ الإسنادِ بخلافِ المصنِّف رحمه الله تعالى فإنَّه يَقْطَعُ الحديثَ الواحد في أبوابٍ متفرقةٍ بِحَسَب المناسبات فيكون التحويلُ عندهُ في آخره. 47 - باب التَّيَمُّنِ فِى دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَبْدَأُ بِرِجْلِهِ الْيُمْنَى، فَإِذَا خَرَجَ بَدَأَ بِرِجْلِهِ الْيُسْرَى. 426 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِى شَأْنِهِ كُلِّهِ فِى طُهُورِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَتَنَعُّلِهِ. أطرافه 168، 5380، 5854، 5926 - تحفة 17657 أي التيامنُ وراجع له النَّووي. 426 - قوله: (في شأنه) أي شُغْلِه وترجمته في الهندية دهتدا. قوله: (في طُهُورِه وتَرَجُّله) وفي «شرح الوقاية» أنَّه كان عادةً لا عبادةً، وإلا فالمواظبة تُفيد السُنِّية، فَفَرْقٌ بين التعبُد والتعود. 48 - باب هَلْ تُنْبَشُ قُبُورُ مُشْرِكِى الْجَاهِلِيَّةِ، وَيُتَّخَذُ مَكَانَهَا مَسَاجِدَ؟ لِقَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». وَمَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلاَةِ فِى الْقُبُورِ. وَرَأَى عُمَرُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُصَلِّى عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ الْقَبْرَ الْقَبْرَ. وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالإِعَادَةِ. 427 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَذَكَرَتَا لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». أطرافه 434، 1341، 3873 - تحفة 17306 - 117/ 1

وعلَّلَه المصنِّف رحمه الله تعالى بقولِ النَّبي صلى الله عليه وسلّم «لَعَنَ اللَّهُ اليهودَ والنَّصارى اتخذوا قبورَ أنبيائِهم مساجد». واخْتَلفوا في وجه تعليله بالحديث: فقال الكَرْماني: إنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلّم لَمَّا خَصَّصَ اللَّعْنَ باتخاذِ قُبور الأنبياء مساجد وَمَنْ في حُكْمِهم كالصالحين من أمتهم، دلَّ على جواز اتخاذ قبور المشركين مساجد بعد نبشها. قلتُ: وكأنَّه فَهِم أَنَّ اليهودَ والنَّصارى إنما لُعِنوا لأنَّهم كانوا يَنْبُشونُ قبور أنبيائِهم، ثُمَّ كانوا يبْنُون عليها المساجد فَلُعِنُوا لكونِهِ توهينًا لهم، وهذا المعنى لا يُوجد في نَبْش قُبور المشركين، فيجوز نَبْشُها واتخاذ القبور عليها لانتفاءِ المَنَاط. قلتُ: هذا باطل قطعًا فإنَّ اليهودَ والنَّصارى لم يفعلوه قَطْ، ولكنَّهم كانوا يَبْنُون عليها المساجد مع إبقائِها على حالِهَا تبركًا بهم، وحينئذٍ مناط اللعنةِ هو التشبه بالعبادة. وقال الحافظ رحمه الله تعالى في وجه التعليل به: إِنَّ الوعيدَ يتناولُ من اتخذ قُبورَهم مساجد تعظيمًا، وَمَنِ اتخذ أمكنة قبورهم مساجد بِأَنْ تُنْبَش وتُرْمَى عظامُهم، فهذا يَخْتَصُ بالأنبياء ويلحق بهم أتباعهم. وأما الكفرة فإنَّهم لا حَرَج في نبشِ قبورهم إذ لا حرج في إهانَتِهم. قال الطيبي: وأما من اتخذ مسجدًا بجوارِ صالحٍ بحيث يَبْقَى قبرُهُ خارجَ المسجد، وقصد التبرك بالقرب منه لا التعظيم له ولا التوجه نحوه فلا بأس به ويُرْجَى فيه النفع أيضًا. 427 - قوله: (وما يكره) ... إلخ وعندي مِنْ تبعيضية في جميع المواضع، وفي «الجامع الصغير» أنَّه لو صلى إلى قبرٍ كُرِه، وإنْ وَضَعَ سُتْرَة بينه وبين القَبْرِ ارتفعت الكراهة. قوله: (رَأَيْنَها بالحبشة) والهجرةُ إلى الحبشةِ وَقَعت مرتين بل ثلاث مِرَار، ولعلهما ذهبتا إليها في هجرةٍ ولم تكونا دَخَلَتَا في نِكاح النَّبي صلى الله عليه وسلّم فلمَّا نَكَحهما النبي صلى الله عليه وسلّم ذكرتا له القِصَّة. 428 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ فَنَزَلَ أَعْلَى الْمَدِينَةِ، فِى حَىٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ. فَأَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى بَنِى النَّجَّارِ فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِى السُّيُوفِ، كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ، وَمَلأُ بَنِى النَّجَّارِ حَوْلَهُ، حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِى أَيُّوبَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُصَلِّىَ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ، وَيُصَلِّى فِى مَرَابِضِ الْغَنَمِ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَلإٍ مِنْ بَنِى النَّجَّارِ فَقَالَ «يَا بَنِى النَّجَّارِ ثَامِنُونِى بِحَائِطِكُمْ هَذَا». قَالُوا لاَ وَاللَّهِ، لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلاَّ إِلَى اللَّهِ. فَقَالَ أَنَسٌ فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ، قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ، وَفِيهِ خَرِبٌ، وَفِيهِ نَخْلٌ، فَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، ثُمَّ بِالْخَرِبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ، وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ الْحِجَارَةَ، وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ، وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُمْ وَهُوَ يَقُولُ

«اللَّهُمَّ لا خَيرَ إِلا خَيرُ الآخِرَهْ ... فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ» أطرافه 234، 429، 1868، 2106، 2771، 2774، 2779، 3932 - تحفة 1691 428 - قوله: (فَنَزَل أعلى المدينة) يعني لم يَدْخل في المدينة وَذَهَبَ مِنْ أعلاه إلى قُبَاء، والأصوب أَنَّه دَخَلَ المدينةَ الثامنة مِنْ ربيع الأول. قوله: (بنو عمرو بن عوف) فعمرو بنٌ لعوف وليس ابن عوف بدلا عن عمرو، وهكذا يكون في أنساب الجاهلية بخلافه في الإِسلام، فَإِنَّه يكون بدلا ومبدلا منه في الأكثر. كعبد الله بن مُبَارك، فإنَّ ابنَ المُبَارك بَدل عن عبدِ الله، وذلك لأنَّه لم يَكُنْ للرُّواة عباءة بِذكْرِ أسمائهم وكِنَاهم بخلاف مَنْ كان أهلَ إِسلام فَإِنَّهم يُذُكَرون بأسمائهم وكُنَاهم ليُعْرَفوا ويُوَقَّروا ويُجَلُّوا بين النَّاس وليس كذلكَ الكُفَّار. قوله: (أربعًا وعشرين) وفي الهامش أَرْبَعَ عَشْرَة ليلة، قال الحافظُ رحمه الله تعالى: وهو الصحيح. قلتُ: وهذه النُّسخة مِنْ أَجُوَدِ النُّسَخ إلا أنَّ الآفَةَ فيها أنَّ النُّسَخ المرجوحة فيها في الصلب والراجحة في الهامش، ثم إنَّ الجمعةَ فُرِضَت بِمَكَّةَ ولم يَتَمَكَّن النبي صلى الله عليه وسلّم على إقامتِها حتى ورد المدينةَ فأقامَ بها، وفيه استدلالٌ للحنفيةِ رحمهم الله تعالى اشتراط المصر حيث لم يَجْمع النَّبي صلى الله عليه وسلّم في قُبَاء مع قِيامه أَرْبَعَ عَشْرَةَ يومًا، وأولُ جُمُعَةٍ أقامَها حين ورد المدينةَ في محلَّتِهَا كما في الرِّوايات، وأولُ من استدلَّ به المولوي فيضُ عالم الهزاروي. قوله: (فجاءوا مُتَقَلِّدِين السيوف) ... إلخ وهذا على عادتهم عند ذهابهم إلى أَحَدٍ من عُظَمَائِهِم. قوله: (حتى أَلْقَى بِفَنَاءِ أبي أيوبَ) واعلم أنَّ التبع حين كان وَرَدَ المدينةَ قال له حَبْرٌ من اليهود إنَّ هذه مهاجر خاتم الأنبياء عليهم الصَّلاة والسلام فلا تُقَاتَل ههنا، فَبَنَى بيتًا للنَّبي صلى الله عليه وسلّم وَأَوْصَى به أَنْ يكونَ له حين يُبْعَثُ ويهاجِرُ إليها فكان في يد أبي أيوب ولذا بَرَكت به راحلته بفنائه. قوله: (ثامنُوني) وكان هذا الحائطُ ليتيمينِ في حِجْر زُرَارَة رضي الله عنها فلينظر فيه أنَّه هل يجوز للولي التصرف في عَقار الأيتام أم لا؟ أما التصرفُ في المنقولاتِ فَأَجَازَهُ الفقهاء، وليراجع الفقه للعقَار، ولعلَّه أيضًا جائز في بعض الصُّور. قوله: (فصفوا النَّخْلَ) وفَهِمَ الحافظُ رحمه الله تعالى: أنَّ النَّخْلَ كانت في الجدار القِبْلي بين اللَّبِنِ والطين، وفَهِمَ السمهوري أنها كانت عمودًا في الحصة المُسْقَفة قِبَل القِبلة. قلت: وهو الأصوب. قوله: (وهو يقول اللهم لا خير) ... إلخ قال الأَخْفَش إنَّ الرَجَزَ ليس مِنْ بحور الأشعار، وَعَدَّهُ الباقون منها. أقول: وما قاله الأَخْفَش قوي، لأنَّ الرَجَزَ من أسماء الجاهلية، وترجمتُهُ في الهندية: فقرة بندى - تك بندى وهذا نوع مغاير للأشعار قطعًا، والبُحور في الألسنة كلها خرجت

49 - باب الصلاة فى مرابض الغنم

منهم اتفاقًا ثُمَّ دونت بعد، وكان عند التبع شاعرًا يرتجز بعد جميع الشُّعَرَاء، فالرَّجَز غير الشِّعر، ومن قال إنِّه شعر اعتبرَ القصدَ فيه، وارتجازه صلى الله عليه وسلّم لم يَكُنْ عن قَصْدٍ ولم يَثْبُتْ عنه الإِنشاء، نعم ثبت الإنشاد قليلا وربما نقضه أيضًا، فَأَنْشَدَ شِعْرَ شاعرٍ مَرَةً وَنَقَضَهُ، فقال أبو بكر رضي الله عنه: إنَّ الشِّعْرَ هكذا، فقال: «إني لست بشاعرٍ». وثبت عنه هذا الشِّعر، وفي إسناده أئمة النَّحْو: *تفاءَل بما تَهْوَى فلقلما ... يُقال لشيءٍ كان إلا تحققا ثم إنَّهم اختلفوا أنَّه هل يجوز الاقتباسُ من القرآن كما في قوله: *أيها النَّاسُ اتقوا ربَّكُم ... زَلزلةَ الساعةِ شيءٌ عظيمُ *وَمَنْ يَتَقِ اللَّهَ يَجْعَل لَهُ ... ويَرْزُقْهُ من حيث لا يحتسبُ فجوَّزَهُ الشافعية رحمهم الله تعالى، وفي ترجمة الحَمَوي أنَّه أنشأ بيتًا ثم تَرْدَّدَ فيه: *وما حُسْنُ بيتٍ لَهُ زُخْرُفْ ... تَرَاهُ إذا زُلْزِلَتْ لم يَكُنْ فجاء عند ابن دقيق العيد وكان جارًا له وأنشدَ عليه بيتَهُ، فَذَكَر أنَّ ابنَ دقيق العيد قال له قَبْلَ أَنْ يسأله، إنَّ الكهْفَ أولى من البيت هكذا: وما حسن كهف له زخرف إلخ فكأنه أجازه تلك الاقتباسات، وأضاف من جانبه اقتباسًا رابعًا مع إصلاح بيته، وقال الحافظ رحمه الله تعالى في رثاء شيخه: *يا عينُ جُودِي لفقدِ البحْرِ بالدُّرَرْ ... واذر الدموعَ ولا تُبْقي ولا تَذَرْ فهذه الصُّور كلُّها جائز عند الشافعية رحمهم الله تعالى. قلتُ: وإني أخْشَى أَنْ أنْشُدَ بالقرآنِ بهذا النَّحْوِ مِنَ الحذف. 49 - باب الصَّلاَةِ فِى مَرَابِضِ الْغَنَمِ 429 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِى مَرَابِضِ الْغَنَمِ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ بَعْدُ يَقُولُ كَانَ يُصَلِّى فِى مَرَابِضِ الْغَنَمِ قَبْلَ أَنْ يُبْنَى الْمَسْجِدُ. أطرافه 234، 428، 1868، 2106، 2771، 2774، 2779، 3932 - تحفة 1693 50 - باب الصَّلاَةِ فِى مَوَاضِعِ الإِبِلِ 430 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّى إِلَى بَعِيرِهِ وَقَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُهُ. طرفه 507 - تحفة 7909

51 - باب من صلى وقدامه تنور أو نار أو شىء مما يعبد، فأراد به الله

وقدَ مرَّ هذا البابِ في الأنْجَاسِ وذِكْرُهُ ههنا من حيث كونهُ مُصلَّى ومسجدًا، وفيه تصريح بأنَّ الصَّلاةَ فِي المَرَابِضِ كانت قَبْلَ أنْ يُبنى المسجدِ (¬1). 430 - قوله: (حدثنا صدقة) وهذا راوي فيه حِدةٌّ وشَرَهٌ، حيث جَعَلَ رفع اليدين عَلَمًا لأهل السُّنة والجماعة. واعلم أنَّ المصنِّف رحمه الله تعالى أَشَار إلى الأحاديث الواردة في التفرِقَة بين الإِبلِ والغَنَم وليست على شرطِهِ، لكن لها طُرُقٌ قوية، وفي معظمها التعبير بِمَعَاطِن الإبل، وفي بعضها بمبَارِك الإبل وعند الطبراني مناخ الإبل، وعند أحمدَ مَرَابِض الإبل، فَعَبَّر المصنِّف رحمه الله تعالى بالمواضع لكونِهَا أَشْمَل والمعاطِن أخص، لأنَّ المعَاطِن مواضعُ إقامتها عند الماء خاصة، كذا قال الحافظُ رحمه الله تعالى وفيه وجوه أُخَر أيضًا. قلتُ: وعندي أنَّه تَرَكَ لفظَ المَعَاطِن لأنَّه ورد النهي عن الصَّلاةِ فيها في غيرِ واحدٍ مِنَ الأحاديث، ويُعْلم مِنْ حديثِ الباب الجواز فيها، فَأَرَادَ أَنْ لا يَرِدَ الإيجابَ على عَيْنِ ما ورد عنه النهي، فَغَيَّرَ اللفظَ وعَبَّرَ بالمواضع، والوجه فيه أَنَّ المَعَاطن مَوَاضِع الألْوَاثِ والأَنْجَاس، ولأنَّها لا يُؤْمَنُ فيها عن إِيذائِهَا بخلافِهَا ههنا، فإنَّه موضِع طمأنينة ولا يخاف منها أيضًا فلم تشمله أحاديث النَّهي. 51 - باب مَنْ صَلَّى وَقُدَّامَهُ تَنُّورٌ أَوْ نَارٌ أَوْ شَىْءٌ مِمَّا يُعْبَدُ، فَأَرَادَ بِهِ اللَّهَ وَقَالَ الزُّهْرِىُّ أَخْبَرَنِى أَنَسٌ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عُرِضَتْ عَلَىَّ النَّارُ وَأَنَا أُصَلِّى». تحفة 1493 431 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ انْخَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «أُرِيتُ النَّارَ، فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ». أطرافه 29، 748، 1052، 3202، 5197 - تحفة 5977 - 118/ 1 ¬

_ (¬1) وقد مَرَّ فِيمَا سَلَفَ أَن الصَّلَاةَ في المَرَابِض لم تَكُنْ مطلوبًا، ولكن لَمَّا جُعِلَتْ له الأرضُ مسجدًا خاصةً دون سائر الأمم أرَاد أنْ لا يُخَصِّصَهَا بمكان دون مكان، فَمْن سأل أَنْ يُصلي أجاز له بها، وإنَّما نَهَى عن الصلاةِ بالمعاطِن - تحرزًا عن الإِيذاء لا غَيْرَ، فَدَلَّ أَنَّ تلك الإباحة كانت لتمشيته تلك الخصيصة لا لأَن أذبالَ مأكولِ اللحم طاهرة فانْظُر سياق الحديثِ عن "المُشْكَاةِ" من "باب فضائلِ سيدِ المرسلين - صلى الله عليه وسلم -" عن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وجُعِلَتْ لِيَ الأرْضُ مسجدًا وطَهُورًا فأيُّمَا رجلٍ مِنْ أمتي أدْرَكَتْهُ الصَّلَاة فليصلِّ" إلخ. فدلَّ على إباحة الصلاة في الأرض كلِّهَا التي منها المَرَابِض لإجراء هذه الحقيقة لا لِمَا فهموا، فإنَّ الجملة الثانية كالتفريعِ على الأولَى، وكأَنَّها جزء مِنْ جزئياتِهِ، وحينئذٍ ظَهَر أَنَّ الصَّلاةَ في المرابض كانت دليلًا على جواز الصلاةِ في المواضع كلِّها على خلافِ سائر الأمم، فجعلوها دليلًا على طهارةِ الأزْبَالِ على خلاف الحنفية والشافعية، والحديث إذا ينقل من باب إلى باب يورث خلطًا مثله، وقد ظهر لي الآن أن هذا كان مراد الشيخ رحمه الله تعالى والله تعالى أعلم.

52 - باب كراهية الصلاة فى المقابر

وكَرِهَ فقهاؤُنا أَنْ يُصلِّي وبين يديه جمرة لأَنَّها يعبدها المجوس، أما إذا كان سراجًا أو غيره فلا كَرَاهَةَ لانتفاءِ المَنَاط، ويُمْكِنُ أَنْ يكون المصنِّف رحمه الله أَرَاد منه التعريض إلى الحنفية. قلتُ: وما تَمَسَّك به المصنِّف رحمه الله من قوله: عُرِضت عليَّ النار» ففي غير مَحَلِّه قطعًا لأنَّه مِنْ أشياء عالَمِ الغيب وهي خارجةٌ عن البحث، والاعتذارُ من جانب المصنِّف رحمه الله أنَّه إذا أَرَادَ أَنْ يُفَصِّل في الاجتهاديات ويُشدد في الأحاديث احتاج لا مَحَالَة إلى اعتبارِ مثل هذه المناسَبَاتِ البعيدة، وإلا فَمِنْ أين توجَد الأحاديث الصريحة للمسائلِ الفقهية؟ ثم إنَّه قد وَقَعَ له العَرْضُ مرتين في صلاةِ الكُسُوف، وَمَرَّةً كان على المنبر وَأَغْضَبَه النَّاس، فقال: «من كان منكم سائلا عن شيءٍ فليسأله»، فقام رَجُلٌ وقال: مَنْ أبي؟ قال: «أبوك فلان»، وإنَّما غَضِبَ لأنَّه بُعِثَ لبيانِ الشرائعِ، وسأله النَّاس عمَّا لا تَعلُّقَ له بها. 52 - باب كَرَاهِيَةِ الصَّلاَةِ فِى الْمَقَابِرِ 432 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اجْعَلُوا فِى بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلاَتِكُمْ، وَلاَ تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا». طرفه 1187 - تحفة 8142 وقد مَرَّت المسألة عن «الجامع الصغير» أنَّه إذَا وَضَعَ بينَهُ وبين القبرِ سُتْرَة لا يُكْرَه وإلا كَرِه، وإنْ كان القبرُ في جوانبه لا يُكْرَه. 432 - قوله: (اجعلوا في بيوتِكم) ... إلخ وَجَزم الطحاوي بأنَّ المُرَادَ منها التطوع فقط لأنَّه لمَّا جَعَل الفرائضَ في المساجد فحينئذٍ لا يتناول هذا القول إلا النوافل. وحَكَى القاضي عِيَاض عن بعضهم أنَّ مَعْنَاه: اجعلوا بعضَ فرائِضِكُم في بيوتِكم. قلت: وله وجه أيضًا، أما الضابطة فكما ذَكَرَها الطَّحاوي يعني أنَّ الفرائِضَ في المساجد والنَّوافل في البيوت، وما ذَكَرَه هذا البعض محمولٌ على جزئيات غير منضبطة كأن فاتَتْهُ الصَّلاة مع الجماعة أَوْ لم يُصلِّ الإِمام في وقتها إلى غير ذلك مِنَ العوارِض. قوله: (ولا تتخذوها قبورًا) واخْتُلِف في شرحه على أقوال: قيل: لا تدفنوا موتَاكُم في البيوت وحينئذٍ لا مناسبة له من الجملة الأولى، فإنَّها في أحكامِ الصلاةِ وهذا في حكم الدَّفن. وحاصله: مَنْع الدفن في الأبنية، وقيل معناه: أَعطوا البيوت حظَّها من الصلوات ولا تجعلوها كالمقابر حيث لا يُصلَّى فيها إلا بالسُتْرَة، فأحالَ على المقابر لكونِهَا معهودةً معروفة بهذه الصِّفة، وفي حديث أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعًا: «أَنَّ الأَرض كلَّها مسجد إلا المَقْبَرة والحمام»، وهذا الشرح أَلصق بترجمة المصنِّف رحمه الله وكأنَّه أخذَه من التشبيه يعني كما أنَّ الصلاةَ عند القبرِ مكروهةٌ في الفقه فلا تجعلوا بيوتَكم كذلك، بأنْ لا تصلّوا قريبًا منه أيضًا، ولكن صلُّوا فيها، فتكونُ أبعد شبهًا بالقبور. وقيل معناه: لا تُعَطِّلُوا البيوتَ عن العبادةِ كالقُبور، إذ الموتى، لا يُصَلُّون في قبورِهم، كأنَّه قال: لا تكونوا كالموتَى الذين لا يُصلُّون في بيوتِهم

وهي القُبور، وحينئذٍ لا تَبْقَى له مناسبة من ترجمة المصنِّف رحمه الله لأنَّه ليس فيه ذِكْرُ جواز الصلاةِ في المقابر أو المنعِ عنها. قلتُ: وهو الأصوب في شَرْح الحديث سواءٌ كان مناسبًا لترجمة المصنِّف رحمه الله أوْ لا، لكنَّهُ يُشْكِل عليَّ لأنَّ المحقَّق عندي أنْ لا تُعطَّل في القُبور بل فيها قراءة القرآن والصَّلاة والأذان وغيرها من العبادات، وليراجع لها شرح الصدور للسيوطي رحمه الله. والأفعال الأخر أيضًا ثابتة عند أهل الكشف وهم أَدْرَى به فلا ننكره ما لم يرد الشرع بإنكاره صراحة. والوجه عندي: أَنَّ الأَحْوالَ في القبور مختلفةٌ حسب اختلافِهم في الدنيا، فكما أَنَّ عمل واحد لا يوازي عمل آخر في الحياةِ، فليس عليه اختلاف الأحوالِ بعد الوفاة، نعم مَنْ تَرَكَ الأعمال في الدنيا يتركها في القبور أيضًا، فإنَّه قد تركها إذا كان أحق بها فلا حق له بعد ما لَحِقَ بالأموات وصار ترابًا، وأمَّا مَنْ أحيا ليله وصام نهارَه فله أَنْ يُقِرَّ عينهُ بعبادةِ ربه في القبور أيضًا، وذلك فَضْلُ الله يُؤْتيه مَنْ يشاء، فواحدٌ ينامُ كنومةِ العَرُوس حتى إذا نُفِخ في الصُّور يَمْسح عن عينيه ويقول: مَنْ بعثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا، والآخَر تُعرض عليه النَّار غُدُوًّا وعشيًا والعياذ بالله. ومِنْ ههنا انحلَّت عُقْدة التَّعارض بين الآيتين. وقيل في رفعه: إنَّ الحالَ في الآية الأولى حالهم من نفْخَة الصَّعْقة إلى نفخة البَعْث وفي رِوَايةٍ ضعيفة «أَنَّ النَّاس بعد نفخة الصَّعقة يُصعقون إلى أربعين عامًا»، فهذه الغَشْيَة تَشْمَل الكل، وليس حالُهم من الموت إلى نفخة الصَّعْقَة، أما في الثانية فحالُهم مِنَ الموت إلى نفْخَة الصَّعقة، ولا بُعد أَنْ يكون المراد هو هذا. ثم اعلم أنَّ هناك عالَمَان: الأول: ما هو مشهود بأَعيُننا، ومحسوسٌ ببصرنا، ويسمى بعالَم الشهادة. والثاني: غائبٌ عن حَوَاسِنا وقد علمناه بأخبارِ الشرع، ويسمى بعالم الغيب. والشريعة قد تَعْتَبِر الحسَّ أيضًا واقعًا ونوعًا مِنْ نَفْس الأمر، فما عندنا وما نحسُّ به ونشاهدُهُ لا يخلو عن كونه نحوًا مِنَ الواقع ونفس الأمر أيضًا، وحينئذٍ يُمكن أن يَعْتَبر الشارعُ أحكامًا في الحس كأنَّها في الواقع وإنْ كان في عالَم الغيب بخلافِها، ولا بدع فيه فإِنَّه إذا بَنَى أحكامًا على الحسِّ باعتبارِه فهذا صحيح، كما أنَّه إذا بَنَى أحكامًا على الغَيْبِ باعتباره فهذا أيضًا صحيح، نعم إجراء أحكام الغَيْب على الحسِّ، والحسِّ على الغيب قد يُوهم التَرَدُّد، إذا عَلِمْتَ هذا فاعلم أَنَّ القبور في الحسِّ معطَّلَةٌ قطعًا، وحينئذٍ إجْراء الكلامِ عليها كأنَّها خالية عن الأفعال إجراءٌ على ما في الواقع ونَفْس الأمر، وإن كانت في نظر عالَم الغيب غير معطَّلَة، ومشغولة أصحابها فيما فُوِّضَ إليهم من ربهم، وهذا كالعذاب لا يسمعُهُ غيرُ الثقلين فهي معطَّلَة عنها في الحسِّ ومملوءة بها في عالم الغَيْب، وحينئذٍ تَعَطُّلها في الحسِّ لا ينافي عدمها في عالَم الغيب. والحاصل: أنَّ الشَّرْعَ قَدْ يَمْشِي على محاوراتِهِم وإطلاقَاتِهِم في عُرْفِهم إذا كان في الحسِّ أيضًا كذلك كقوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرّ لَّهَا} فجريانُها مشهودٌ لا يُنْكِره

فائدة

إلا مكابر، لكنَّه يمكن أَنْ يكونَ كذلك في الواقع أيضًا، ويمكِنُ أَنْ يكون الجَرَيان للفَلك مع ثَبَاتِ الشمس في مكانِهَا لكنَّها لمَّا كانت تجري في الحسِّ نَسَبَهُ إليها، وهذا معنىً صحيح فهل لك فيه رَغْبة رَهْ فيه رأيك. ثم في الحديث: «النَّوم أخو الموت»، ومعلومٌ أنَّ النَّائِمَ يرى أمورًا، وتَمْضِي عليه حالات تنفى عنها ببعض الاعتبارات وإنْ كانت ثابتة ببعضها فكذلك ههنا، ومزيد الباب قوله تعالى: {إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى} وله جواب آخر وهو أَنَّ المنفي في الآية هو الإِسماع دون السَّماع، وتقريره أنَّ الآيةَ تَنْفِي السَّماع الذي يترتب على الأسباب، فإن له أسبابًا في الدنيا، فإذا وُجِدَت تلك الأسباب لَزِمَ ترتب السَّماع عليها وليس هكذا في عالم البرزخ، لأنَّ ذلك عالَم آخر، ولا تستوي فيه تلك الأسباب، فالسَّماع فيه إنَّما يَحْصُل متى شاء الربُّ جلَّ وعلا ولمن شاء، ولا يكفي لإِسْمَاعِهم الأسباب التي عندنا فليس في الآية نفيًا له مطلقًا، إنَّما فيها نفيه بالطريق الذي عندنا وقد قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى الْقُبُورِ} [فاطر: 22] وسنتكلم عليه في مواضع البَسْطِ من هذا إنْ شَاء الله تعالى. وههنا حديث آخر في السنن وهو: «لا تتخذوا قبري عيدًا». وقد حرَّف مرادَه بعض الجهلاء وفهموا أَنَّ معناه لا تجعلوه كالعيد فتأتوه في السَّنة مرة، ومعناه لا تجعلوه كالعيد حفلة سنوية يعني: ميلا ميري قبربرنه "لكاياكرو". فائدة ولَقَبُ الصوفي ليس من الصُّفة بل هو نِسْبَة إلى الصُّوف، وكان موسى عليه الصَّلاة والسَّلام (¬1) لبسَه يومَ ذهب إلى الطُّور لأَخْذِ التَّوراة فاستحسَنه ربه في هذا اللباس. 53 - باب الصَّلاَةِ فِى مَوَاضِعِ الْخَسْفِ وَالْعَذَابِ وَيُذْكَرُ أَنَّ عَلِيًّا - رضى الله عنه - كَرِهَ الصَّلاَةَ بِخَسْفِ بَابِلَ. 433 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلاَ تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ، لاَ يُصِيبُكُمْ مَا أَصَابَهُمْ». أطرافه 3380، 3381، 4419، 4420، 4702 - تحفة 7246 وفي فقهنا أَنَّ الصَّلاةَ في مواضِع العذاب مكروهةٌ تنزيهًا. قوله: (ويُذْكَر أنَّ عليًا) ... إلخ وهذا عند ذهابه إلى حرب صُفين. ¬

_ (¬1) قلتُ: وأَخْرَجَ الترمذي في اللِّبَاس عن عبدِ الله بنِ مسعود رضي الله عنه قال: كان على موسى يومَ كَلَّمه ربُه كساء صوفٍ وجُبةَ صوفٍ وكمة صوف وسَرَاوِيل صوف، وكانت نَعْلًا من جِلْدِ حمار مَيِّتَ اهـ والكُمَّةُ: القَلَنْسُوة الصغيرة.

فائدة

فائدة واعلم أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلّم لما مرَّ بديار هود وصالح عليهما الصَّلاة والسَّلام نَهَى أصحابَهُ أنْ يعجِنوا ببئر صالح عليه الصَّلاة والسَّلام، ففعل بعضُهم فأمَره أَنْ يُطعمَه دابتَه، وفيه دليل على الفَرْق بين الحيوان والإِنسان في مثل هذه الأحكام، وما في الفِقه يخالفه شيئًا فليحرره. 433 - قوله: (لا تدخلوا على هؤلاء) .. إلخ وهذا النَّهي لمَّا مروا على ديارِ ثمود حالَ توجههم إلى تبوك. 54 - باب الصَّلاَةِ فِى الْبِيعَةِ وَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - إِنَّا لاَ نَدْخُلُ كَنَائِسَكُمْ مِنْ أَجْلِ التَّمَاثِيلِ الَّتِى فِيهَا الصُّوَرَ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُصَلِّى فِى الْبِيعَةِ إِلاَّ بِيعَةً فِيهَا تَمَاثِيلُ. 434 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَنِيسَةً رَأَتْهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ يُقَالُ لَهَا مَارِيَةُ، فَذَكَرَتْ لَهُ مَا رَأَتْ فِيهَا مِنَ الصُّوَرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ الْعَبْدُ الصَّالِحُ - أَوِ الرَّجُلُ الصَّالِحُ - بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ». أطرافه 427، 1341، 3873 - تحفة 17075 قوله: (قال عمر رضي الله عنه) وهذا حين فَتَح الشام وَصَنَع له رجل مِنْ عُظَمَائِهم مأدبةً وقال: أُحب أن تجيئني فقال له عمر رضي الله عنه ... إلخ. قوله: (تمثال) مخصوص بصورة الحيوان. 55 - باب 435 و 436 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالاَ لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ بِهَا كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهْوَ كَذَلِكَ «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا. حديث 435 أطرافه 1330، 1390، 3453، 4441، 4443، 5815 - تحفة 16310 - 119/ 1 حديث 436 أطرافه 3454، 4444، 5816 - تحفة 5842 437 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». تحفة 13233 437 - قوله: (قاتل الله) محاورة في معنى لعن الله.

56 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «جعلت لى الأرض مسجدا وطهورا»

56 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «جُعِلَتْ لِىَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» 438 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ - هُوَ أَبُو الْحَكَمِ - قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ الْفَقِيرُ قَالَ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِى، نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِىَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِى أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِىَ الْغَنَائِمُ، وَكَانَ النَّبِىُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ». طرفاه 335، 3122 - تحفة 3139 435 - 436 - قوله: (لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلّم) أي الموت، وحاصله: ابتلي بمرضِ الموت. واختلفوا في تخريج مثل هذا التركيب، فقال ناظر الجيش النحوي: إن مر به معناه أوقع المرور به وقال آخرون: بل الجار والمجرور نائب الفاعل، والأول أقرب إلى الفَهم. قوله: (اغتمَّ) "كههنا". 57 - باب نَوْمِ الْمَرْأَةِ فِى الْمَسْجِدِ 439 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ وَلِيدَةً كَانَتْ سَوْدَاءَ لِحَىٍّ مِنَ الْعَرَبِ، فَأَعْتَقُوهَا، فَكَانَتْ مَعَهُمْ قَالَتْ فَخَرَجَتْ صَبِيَّةٌ لَهُمْ عَلَيْهَا وِشَاحٌ أَحْمَرُ مِنْ سُيُورٍ قَالَتْ فَوَضَعَتْهُ أَوْ وَقَعَ مِنْهَا، فَمَرَّتْ بِهِ حُدَيَّاةٌ وَهْوَ مُلْقًى، فَحَسِبَتْهُ لَحْمًا فَخَطَفَتْهُ قَالَتْ فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ قَالَتْ فَاتَّهَمُونِى بِهِ قَالَتْ فَطَفِقُوا يُفَتِّشُونَ حَتَّى فَتَّشُوا قُبُلَهَا قَالَتْ وَاللَّهِ إِنِّى لَقَائِمَةٌ مَعَهُمْ، إِذْ مَرَّتِ الْحُدَيَّاةُ فَأَلْقَتْهُ قَالَتْ فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ قَالَتْ فَقُلْتُ هَذَا الَّذِى اتَّهَمْتُمُونِى بِهِ - زَعَمْتُمْ - وَأَنَا مِنْهُ بَرِيئَةٌ، وَهُوَ ذَا هُوَ قَالَتْ فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَسْلَمَتْ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَكَانَ لَهَا خِبَاءٌ فِى الْمَسْجِدِ أَوْ حِفْشٌ قَالَتْ فَكَانَتْ تَأْتِينِى فَتَحَدَّثُ عِنْدِى قَالَتْ فَلاَ تَجْلِسُ عِنْدِى مَجْلِسًا إِلاَّ قَالَتْ: *وَيَوْمَ الْوِشَاحِ مِنْ أَعَاجِيبِ رَبِّنَا ... أَلاَ إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الْكُفْرِ أَنْجَانِى قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ لَهَا مَا شَأْنُكِ لاَ تَقْعُدِينَ مَعِى مَقْعَدًا إِلاَّ قُلْتِ هَذَا قَالَتْ فَحَدَّثَتْنِى بِهَذَا الْحَدِيثِ. طرفه 3835 - تحفة 16830 - 120/ 1 وكَرِهَه الحنفية للرجال إلا لغريبٍ فكيف بالنساء؟ والوقائع المخصوصة مع الاحتفافات التي كانت بها لا تقوم حجة للإِكْثَار والتوسِعة التي أرادَها المصنِّف رحمه الله تعالى فليقتصر على موردها، إلا أنَّ المصنِّف رحمه الله تعالى يَتَمَسك من الرُخصِ فيجعلها عزائم مع أنَّ تلك الوقائع كانت لمكان الضَّرُورة، ويُناسب إخمالَها إلا إعمالها، ففي المِشْكَاة: أَنَّ رجلين رفعا أصواتَهما في المسجد، فقال لهما عمر رضي الله عنه: «لو كُنْتما مِنْ أَهلِ المدينة لَعَزَّرْتُكما

58 - باب نوم الرجال فى المسجد

أترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلّم. وكتب في عبد الوهاب النَّجْدِي أنَّه كان يَدق الهاون (¬1) في المسجد. 439 - قوله: (ولِيدَة) وإنَّما يُطلق على الإِماء خاصةً، لأنَّهم كان يُحصِّلُون منها الأولاد بِمِلْكِ اليمين. قوله: (سوداء) "سانولا". قوله: (وشَاحٌ أحمر) "سرخ جراؤ". قوله: (سُيُور) "تسمه". قوله: (خِبَاء) الخَيْمَة الكبيرة، والحِفْش الصغيرة منها. 58 - باب نَوْمِ الرِّجَالِ فِى الْمَسْجِدِ وَقَالَ أَبُو قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُكْلٍ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَكَانُوا فِى الصُّفَّةِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ كَانَ أَصْحَابُ الصُّفَّةِ الْفُقَرَاءَ. تحفة 945 440 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ وَهْوَ شَابٌّ أَعْزَبُ لاَ أَهْلَ لَهُ فِى مَسْجِدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1121، 1156، 3738، 3740، 7015، 7028، 7030 - تحفة 8173 قوله: (رَهْطٌ من عُكْلٍ) وهم الذين اجتووا المدينةَ ثُمَّ كان من أمرهم ما كان. قوله: (فكانوا في الصُّفَّة) وصَرَّح المصنِّف رحمه الله تعالى في هذه الترجمة أَنَّ الصُّفةَ كانت دَاخِلَ المسجد وقد مرَّ ما فيه. قوله: (وقال عبد الرحمن بنُ أبي بكر رضي الله عنه) ... إلخ وهذه قُطعة من حديثٍ طويلٍ يأتي في علاماتِ النُّبوة في ضِيافة أَضْيَاف، ثُمَّ تأخره عند النَّبي صلى الله عليه وسلّم والحَلِف على عَدَمِ الأَكْلِ، وفيه قصَّة بَركةِ الطعام وهو شابٌ أعزب. قلتُ: ولا تَمسكَ فيه لأنَّ ابنَ عُمَر رضي الله عنه كان أَحْوَجَ النَّاسِ، وأفقرَ من الغرباء، لم يكن له بيتٌ ولا شيء، فإذا جاز للغريب أن يَنَامَ في المسجد فكيف به. 441 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْتَ فَاطِمَةَ، فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِى الْبَيْتِ فَقَالَ «أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ». قَالَتْ كَانَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ شَىْءٌ، فَغَاضَبَنِى فَخَرَجَ فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِى. فَقَالَ ¬

_ (¬1) قلت وهذا كقوله - صلى الله عليه وسلم - لا تمنعوا إماء الله عن الخروج إلى المساجد، ومع ذلك قالت عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لو شاهد ما أفسدت النساء الآن لمنعهن عن الخروج وهو الذي راعاه المفتيون، فهذا من باب اختلاف عصر وزمان، لا اختلاف دليل وبرهان. ثم أقول ان ما يترشح من عامة الأحاديث هو كون التباهي بالمساجد والتزخرف بها من أمارات الساعة دون التجصيص، فإذا كان التجصيص لمعنى صحيح غير التباهي ففيه رخصة.

59 - باب الصلاة إذا قدم من سفر

رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لإِنْسَانٍ «انْظُرْ أَيْنَ هُوَ». فَجَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ فِى الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُضْطَجِعٌ، قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ، وَأَصَابَهُ تُرَابٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَيَقُولُ «قُمْ أَبَا تُرَابٍ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ». أطرافه 3703، 6204، 6280 - تحفة 4714 442 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ رَأَيْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ، مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ رِدَاءٌ، إِمَّا إِزَارٌ وَإِمَّا كِسَاءٌ، قَدْ رَبَطُوا فِى أَعْنَاقِهِمْ، فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ نِصْفَ السَّاقَيْنِ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الْكَعْبَيْنِ، فَيَجْمَعُهُ بِيَدِهِ، كَرَاهِيَةَ أَنْ تُرَى عَوْرَتُهُ. تحفة 13424 441 - قوله: (أين ابنُ عمِّك) وهذه مسامحة في النَّسب وليس عند العرب التنقير في الأنساب، وإنَّما تَعلمه أهل الهند مِنَ الهُندُوس. قوله: (قد سَقَطَ ردَاؤه) والرداء في النهار، والكساء في الليل للحِفْظِ عن البَرْدِ والقَرِّ. قوله: (قُمْ أبا تراب) وفي الشُّرُوح: أنَّه كان في غَزْوَة بُوَاط، وكان عليٌّ رضي الله عنه مُسْتَلْقِيَا تَحْتَ شجرةٍ متلطخًا في التُرَابِ، فقال له أبا تُرَاب، ويمكن أَنْ يَكُون كِلاهما وجهين لِكُنيته، قلتُ: ولا تَمَسُّك من هذه الواقعة أيضًا فإنَّه قد مَرّ أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلّم وعلِيَّا كانا مُخْتَصَّين ببعض أحكامِ المَسْجِدِ حتى جاز لهما الاجتياز جُنُبًا أيضًا. 59 - باب الصَّلاَةِ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ. 443 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِى الْمَسْجِدِ - قَالَ مِسْعَرٌ أُرَاهُ قَالَ ضُحًى - فَقَالَ «صَلِّ رَكْعَتَيْنِ». وَكَانَ لِى عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَضَانِى وَزَادَنِى. أطرافه 1801، 2097، 2309، 2385، 2394، 2406، 2470، 2603، 2604، 2718، 2861، 2967، 3087، 3089، 3090، 4052، 5079، 5080، 5243، 5244، 5245، 5246، 5247، 5367، 6387 - تحفة 2578 أي في المسجد. وقال شمس الأئمة السَّرَخْسِي: إنَّها مستحبة عند القُفول من سفرٍ، ولم يكن صلى الله عليه وسلّم يَدْخُل على أُمهاتِ المؤمنينَ حتى يَصْدر عنه الزائرون. قوله: (عن جابرٍ رضي الله عنه) وهذه واقعة ذات الرُّقاع التي اشترىَ فيها النَّبي صلى الله عليه وسلّم بَعِيرَهُ وهذا الثمن هو ثمن بَعِير جابر رضي الله عنه. 60 - باب إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ 444 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِىِّ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ السَّلَمِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا

61 - باب الحدث فى المسجد

دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ». طرفه 1163 - تحفة 12123 - 121/ 1 ونقل ابنُ بَطَّال عن أَهْلِ الظاهرِ وجوبَها، ونَسَبَ إلى البَعْضِ وُجوبَ التهجدِ والضُحى وسُنَّة الفَجْر، فهذه فروضٌ مختلِفة زَادَت على الصلوات الخمسِ، ولكِنْ إذا قال الإِمامُ الأعظم بوجوبِ الوترِ جَلَبوا عليه من كُلِّ جانب وصاحوا. 444 - قوله: (قبل أَنْ يَجْلِس) والعوامّ يُصَلُّونَها بعد الجلوس مع هذا القيد صَراحة. 61 - باب الْحَدَثِ فِى الْمَسْجِدِ 445 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمَلاَئِكَةُ تُصَلِّى عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِى مُصَلاَّهُ الَّذِى صَلَّى فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ». أطرافه 176، 477، 647، 648، 659، 2119، 3229، 4717 - تحفة 13816 وقد مَرَّ أَنَّ للحنفيةِ فيه قولان، ففي «الكبير» من «الغاية» أنَّه مكروه تحريمًا، وقيل: إنَّه مكروه تنزيهًا، ويجب عندي استثناء المعتكِف وإنْ لم يَكُنْ له نقل. 445 - قوله: (تُصَلِّي على أحدِكم) ... إلخ وهذا صريحٌ في إطلاق الصَّلاةِ على غيرِ الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام وفي التنزيل: {خُوَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103] ذَهَبَ المُفْتُون مِنَ المذاهب الأربعة إلى هجرِها وهكذا ينبغي، فإنَّ لفْظَ الصَّلاةِ صار شِعارًا للأنبياء عليهم الصّلاة والسلام في زماننا، فلا يُصَلَّى على غيرهم إلا أنْ يكونَ تَبَعًا، وما قِيلَ في جوابِهِ إِنَّ الصَّلاةُ في القرآن بمعنى الدعاء فلغو، لأنَّه لا بَحْثَ لنا عن المعنى، وإنَّما الكلام في إطلاق هذا اللفْظِ وهو موجود، ثُمَّ أَقُولُ إنَّ الصَّلاةَ لفظ مُشْتَرك في معانٍ فإذا كان كذلك فللمُفتي أَنْ يُخَصِّص إطلاقات القُرآن ببعضِ المعاني. 445 - قوله: (ما لم يُحْدِث) ... إلخ ولعلهم يَدْعون عليه إذا أحدث تأذيًا عن الرائحة الكريهة، وعلى هذا ينبغي للفقيه أن يُمْعِن النظر في الكراهة فيها أنَّها تحريمية أو تنزيهية، والنَّظر يتردد في الأمور التي تشتمل على الضررِ كنومِ الجنب والوضوءِ بدون التسمية، والطعامِ، والجماعِ بدون أنَّها في أيِّ مرتبة تعتبر. والذي يَظْهر أَنَّ الوجوبَ، والحرمة، يتبعان الأمر والنهي، دون النظر المعنوي، فلا يَجِبُ الشيءُ ولا يَحْرمُ إلا بالأمر والنهي، وبعبارةٍ أُخْرَى أنَّ المأمورَ به لا بُدَّ أَنْ يكونَ نافعًا في النَّظَر المَعْنوي، وكذلك المنهي عنه لا بُدَّ أنْ يكون مُضرًا فيه، ولا يَلْزَم أَنْ يكون كلَّ مضرٍ منهيًا عنه، وكلُّ نافعٍ مأمورًا به. 62 - باب بُنْيَانِ الْمَسْجِدِ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ كَانَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ. وَأَمَرَ عُمَرُ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَقَالَ أَكِنَّ النَّاسَ مِنَ الْمَطَرِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُحَمِّرَ أَوْ تُصَفِّرَ، فَتَفْتِنَ النَّاسَ. وَقَالَ أَنَسٌ يَتَبَاهَوْنَ بِهَا، ثُمَّ لاَ يَعْمُرُونَهَا إِلاَّ قَلِيلاً. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى.

446 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَبْنِيًّا بِاللَّبِنِ، وَسَقْفُهُ الْجَرِيدُ، وَعُمُدُهُ خَشَبُ النَّخْلِ، فَلَمْ يَزِدْ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ شَيْئًا، وَزَادَ فِيهِ عُمَرُ وَبَنَاهُ عَلَى بُنْيَانِهِ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِاللَّبِنِ وَالْجَرِيدِ، وَأَعَادَ عُمُدَهُ خَشَبًا، ثُمَّ غَيَّرَهُ عُثْمَانُ، فَزَادَ فِيهِ زِيَادَةً كَثِيرَةً، وَبَنَى جِدَارَهُ بِالْحِجَارَةِ الْمَنْقُوشَةِ وَالْقَصَّةِ، وَجَعَلَ عُمُدَهُ مِنْ حِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ، وَسَقَفَهُ بِالسَّاجِ. تحفة 7683 قوله: (والجَريد) وهي الغُصْن التي جُرِّدَتْ عن أورَاقِها. قوله: (أكِنَّ) يعني "بجانا جاهتاهون". قوله: (وإياك أَنْ تُحمِّرَ أو تُصَفِّر) واعلم أنَّه قد يَخْتَفي مرادُ الأحاديث الجلِيَّة لعدمِ الاطلاعِ على غَرَضِ الشارع والفَحْص فيه كالأحاديث في نهي تجصيص البيوت فإنَّ ظاهرها تدل على أن التجصيص لا يجوز، وبعد التحقِيق والإِمعان يُعْرَف أَنَّ النَّهْيَ عنه لإِظهارِ كَرَاهَتِه على حَسَبِ مَوْضُوعه فقط وما كان للنَّبي أَنْ يرغب في الدنيا ويُحرض في تزيينها، فإنَّ موضوع الأنبياء عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ أَنْ يكون الإنسان في الدُّنيا كأنَّه غريب أو عابر سبيل، وتلك الكراهةُ قد تَرْتَفِع لأجل المصالح. وكذلك ما في المِشكاة «لا تدعوا على ملوككم الظلمة، ولكن أصلحوا أنفسكم فإنكم كما تكونون يؤمَّرُ عليكم»، أو كما قال. تمسك به بعضُهم أنَّ الدُّعاء على الملوك لا يجوز، مع أَنَّ غَرَض الحديث التوجيه إلى ما يَغْفَل عنه الإِنسان، فإن الدُعاء على الظالِم لا ينساه أحد، ولكنَّه لا يكاد يَتَوجَّه إلى حال نفسه فَوجِّه إلى ما هو الأهم. وكقوله صلى الله عليه وسلّم لمن كان يَتهَجدِ في الليل ثم تركه «أنه لو لم يكن صلاها لكان أحسن» أو كما قال: وبَحَثَ فيه الشارحون: أنَّ المتهجد أحيانًا أفضلُ أو التاركُ لها مطلقًا؟ قلتُ: بل المتهجدُ تارة أفضل يقينًا إلا أنَّهَم مشوا على الألفاظ فقط ولم يتوجهوا إلى المراد، وإنَّما مرادُهُ التحريض على المواظبةِ وكَرَاهة تركِها. والحاصل: أنَّ المقصودَ قد يكون في غيرِ المَنْطُوق والنَّاس يقتصرون أنظارَهم على المنطوقِ فقط، ويَغْفُلون عن المقصودِ فَيُفْقَد الغَرض، فالأحاديثُ الواردة في النَّهي عن تَجْصِيص البيوت لم يَرِد في الحِل والحُرمة بل لبيان ما ينبغي أَنْ يكون من حال الإِنسان في الدنيا، هل يناسبه التَّطَاول في البُنيان، والتَّخَبُّط كالعُمْيان؟ أو الاكتفاءُ بِقَدْرِ ما يحتاج والإِعداد لدار الجِنَان. وكذلك قوله في النَّهي عن الدعاءِ على الظَّلمَة لم يَرِد في جواز الدُّعاء أو عَدَمِه، بل لِتوجِيه الأَذْهان إلى الأهم لتغافُلِهم عنه، وكذلكَ الحديث الثالث لم يَرد في بيان فَضْلِ شيءٍ على شيءٍ، بل لتحريضِ قيامِ الليل والمُدَوَامَةِ عليه، وإنَّما يَفْهَمُه من رُزِقَ فَهْمَا سليمًا. إذَا عَلِمْتَ هذا فاعلم أنَّ الأحاديثَ قد كَثُرَت في كونِ تَجْصِيص المساجد من أمارات السَّاعة، ومع هذا جَصَّصَه عثمان رضي الله تعالى عنه من ماله، فالصحابة رضي الله عنهم نظروا

63 - باب التعاون فى بناء المسجد

إلى ظواهر الأحاديث، وكان عثمان رضي الله عنه أَفْقَهَهُمْ، فنظر إلى المصالح، وإنَّما لم يعلنه النبي صلى الله عليه وسلّم بِنَفْسِهِ المباركةِ الطيبة خشيةَ غُلُوِّ العوامِّ فيه فَوْقَ ما أراده الشارع، وفي الروايات أنَّ الصّحابةَ رضي الله عنهم لمَّا اعترضوا عليه قَامَ على المِنْبَر وَحدَّثهم أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلّم قال: «من بنَى لله مسجدًا بنَى الله له بيتًا في الجنة مثله»، فَحَمَلَ المِثْلِية في الكيفية أيضًا؛ وكَتَبَ السُّيُوطِيّ رحمه الله تعالى في «حاشية أبي داود»: أنَّ أبا هريرة رضي الله عنه لمَّا وَرَدَ المدينةَ وعَلِمَ القِصَّة روى الحديث مرفوعًا وقال: إنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلّم أَخْبَرَ بتجصيص هذا المسجد فَسُرَّ به عثمان رضي الله عنه وأَعْطَاهُ خمس مئة دينارًا، قال الحافظُ رحمه الله تعالى أنَّ نَقْشَ المساجد إذا كان على سبيل التَعْظِيم ولم يُنفق له من بيت المال فهو رُخْصَة عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى، وقال ابن المُنَيَّر: لمَّا شَيَّدَ النَّاسُ بيوتهُم وزخرفها: أَنَّه لا بَأَس بأَنْ يُصْنَع كذلك بالمساجد صونًا لها عن الاستهانة، فالأَصل هو عدم التَجْصِيص، لَكِنِ الآن يُناسب التجصيص لاختلافِ العصر والزَّمَان ولا يُعدُّ ذلك خلافًا للأحاديث، إلا ترى أَنَّه لو لم يَكُنْ السَّلاطين جصصوا المساجد لما وَجَدْتَ اليوم مَسْجِدًا على وجه الأرض، وانْدَرَست رسومُها وعَفَتْ آثارُها، فدعت المصالح إلى تَجْصِيصها ولا سيما في البلاد التي غلبت عليها الكفر. ثم اعلم أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلّم بَنَى المسجدَ مرتين، مرة ستين في ستين، ومرة أخرى بعد خيبر مئة في مئة، ثم زاد فيه عمر رضي الله عنه في زمانِهِ، وزادَ فيه عثمان كَمَّا وكَيفًا، وميَّزَ بعضُ السلاطين تلك الزيادات بأماراتٍ يتمايزُ بها بناؤُه قَبْلَ خيبر وبعدَهُ، وبناء عمر رضي الله عنه من بناء عثمان. وأما زِيادات سائر السلاطين فغيرُ متميِّزَة كذا في كتب السِيَر - وفيها حُجَرُ أمهاتِ النِّساء بُنيت بعد تعمير المسجد النبوي. 63 - باب التَّعَاوُنِ فِى بِنَاءِ الْمَسْجِدِ وقول الله عز وجل: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18)} [التوبة: 17 - 18]. قوله: ({ما كان للمشركين .. } الآية) وفي «المَدَارِك» تحت تفسيره أن إِعانة الكافرِ في المسجد لا تجوز، وكذا في «المستصفى» لصاحب «الكنز» في «الفتاوى السعدية» للمفتي سعد الله الرَّامفوري إلا أنْ يَهَبَ ماله مسلمًا ثم يبنيهِ المسلمُ بذلك المال، فهذه حِيلة لصرف أَموال المشركين في المساجد. 447 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ لِى ابْنُ عَبَّاسٍ وَلاِبْنِهِ عَلِىٍّ انْطَلِقَا إِلَى أَبِى سَعِيدٍ فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ. فَانْطَلَقْنَا فَإِذَا هُوَ فِى حَائِطٍ يُصْلِحُهُ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَاحْتَبَى، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا حَتَّى أَتَى ذِكْرُ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً، وَعَمَّارٌ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، فَرَآهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -

فَيَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ وَيَقُولُ «وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ». قَالَ يَقُولُ عَمَّارٌ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ. طرفه 2812 - تحفة 4248 - 122/ 1 447 - قوله: (وعمارٌ لبنتين) لَبِنَة عنه ولَبِنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كذا ذَكَرَه السَّمْهُوري. قوله: (وَيْحَ عمار) قال سيبويه: والفَرْق بين ويل وويح: أَنَّ الأوَّل فيمن يَسْتَحِق الهلاك بخلاف الثاني فهي كلمة رحمة والأُولَى كلمة سَخْط. قوله: (يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار) وفي طريق آخر: «تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ... » إلخ. قال الحافظ رحمه الله تعالى ما حاصله: أنَّ عمارًا قُتِل بصفين، ومَنْ قتلوه مِنْ أصحابِ معاوية رضي الله عنه كانوا من الصحابة رضي الله عنهم، فكيف يَصدُقُ في حقهم أنَّهم دعَوْهُ إلى النَّار وإنْ صَدَق عليهم أنَّهم كانوا الفئة الباغية. فالجواب: أنَّهم كانوا ظانِّين أنَّهم يَدْعون إلى الجنَّة وإنْ لم يكونوا كذلك بحسب الواقع، لكنَّهم مَعْذُورون للتَّأول الذي ظَهَرَ لهم لكونِهم مُجْتَهِدين لا لَوْمَ عليهم، فدعاؤُهم إلى مخالفة علي رضي الله عنه وإنْ كان سببًا للنارِ، لكنَّه لم يترتب عليه النَّار لِكَوْنِهِمْ مجتهدين، والمُسَبِّب قد يتخلف عن السبب إذا لم تُوْجَد شرائطه، ولا يجبُ تحققه عند وجودِ السبب مطلقًا. قلتُ: ولا أَرْضَى بهذا الجواب، لأنَّ هذا العنوان مأخوذ من القرآن، وهو هناك في حق الكفار، ولا أحب أنْ يكون العنوان الذي ورد فيهم صادقًا على الصحابة رضي الله عنهم بعينه، فقال تعالى: {مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ} [غافر: 41] وقال تعالى: {أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} [البقرة: 221] فالوجه عندي أنَّ الكلامَ في حق الأمير معاوية رضي الله عنه، ثم إلى قوله: «تقتله الفئة الباغية»، وصرَّح صاحب «الهداية» في كتاب القضاء: أنَّ الأميرَ معاويةَ رضي الله عنه كان بَغَى على عليَ رضي الله عنه. أما قوله: «يدعوهم إلى الجنة» فاستئْنَاف لحالِهِ مَعَ المشرِكين وقريش العرب، وإشارةٌ إلى المصائبِ التي أتت عليه مِنْ جهةِ قريش، وتعذيبهم، وإلجائهم إياه على أَنْ يَكْفُر بربه فأبَى إلا أنْ يَقُول: الله أحد. وفيه قلت: باده نوشان غمت داود ومعروف وجنيد جان فروشان درت عمار وسلمان وبلال. فهذه حكاية للقِصةِ الماضيةِ ومنقطعة عما قبلها لا إخبار عن حال قائليه (¬1). وأَجَابَ عنه الحافظُ رحمه الله تعالى بنحو آخر وقال: إنَّ هذه الزِّيادة لم يَذْكرها الحُمَيْدِي في الجمع، وقال: إنَّ البخاري لم يَذْكُرها أصلا ثم ذَكَر ما ظَهَرَ له في وجه حَذْفِ هذه القِطعة. قلتُ: فإن لم تَكُنْ تلك الزِّيادة ثابتة في هذا الطريق فإنَّها ثابتةٌ في الخارجِ بِطُرُق قوية، ¬

_ (¬1) قلت: وذكره الحافظ رحمه الله تعالى بعضه احتمالًا ثم نظر فيه أيضًا وهو مندفع عند اللبيب اهـ. منه.

فالنقضُ النقض، والجوابُ الجواب. وإنْ شئت تقرير كلامِهم على النَّحْوِ الذي يقتضي مَرِامِهِم فَقُل: إنَّ الحُكْم قَدْ يَرِد باعتبارِ الجِنْس مع عَدَمِ تحققِهِ في بعض الأنواع، وهذا حيث يَتَأَتَّى التشكيكُ في مراتبِ الشيءِ كَضَرْبِ الدُّفِّ يُسوَّغ فيه التشكيك، ويُمْكِن أَنْ يتنوع إلى مندوب ومكروه ومباح، ولذا أَغْمَضَ عنه النبي صلى الله عليه وسلّم فيما كانت الجاريتان تُغَنِّيان عنده وتدفِّفَان، ولم يزل متغش وجهه بثوب حتى قالتا؟ «وفينا نبي يَعْلَمُ ما في غد» فكشف عن وجهه وقال: «قولي بالذي كنت تقولين»، وإنَّما نهاهنَّ أَنْ يقلن هذا لأنَّهنَّ قُلن قولا باطلا، فلم يَمضْ عنه ساعة، وَمَنَع عنه على فورِهِ بخلاف الدُّف. وهكذا في واقعة أخرى مثلها حتى جاءه عمر رضي الله عنه، وَرَأَيْنَه ألقينَهُ على الأرضِ وقعدن فحينئذٍ قال النَّبي صلى الله عليه وسلّم «إن الشيطان يفر من عمر». وأشكل على الناس قوله، فإنَّ التدفف لو كان مِنَ الشيطان كما يدل عليه قوله هذا كيف أغمض عنه، ولو كان مباحًا كما يدل عليه إغماضه كيف جعله مِنْ فعل الشيطان آخرًا. وحله: أنَّ الشيءَ قد يكون قدْرٌ منه حلالا ويَنْجَرُّ إلى الحرام بالإفراط والتفريط فما كان حَرَامًا باعتبار أغلب الأَحْوَال يَحْكم عليه الشرع بكونه من الشيطان باعتبار الجنس وحالِهِ الأغلب، وإن لم يتحقق بحسب خصوص المقام فالتَّدَفُّفُ وإنْ كان حلالا في بعض الأحوالِ كهذا التدفف الذي ضُرِبَ به بين يَديِ النَّبي صلى الله عليه وسلّم لأَجْلِ معنىً صحيح مع فُقْدِان معنىً مُحَرَّم، لكنه لما كان حرامًا في أغلب الأحوال لانعِدَام هذه الاحتفافات نَسَبَهُ إلى الشيطان. وحاصل صنيعه تقرير الإجازة مع إظهار الكراهة، وهو الذي يناسب منصب النبوة، فإنَّه لو نَهَى عنه مطلقًا لانعدمت الإباحة وصارَ حرامًا ولم تَبْقَ مرتبة منه جائزة ولو لم يُكْرَه ولم يُظْهِرِ الكراهة أيضًا لجاز بدون كراهة أيضًا، فكل ما كانت مباحة في نفسها باعتبار بعض الشرائط ومكروهة باعتبار انجرارِهَا ءى الحرام في الأَغْلَبِ يَرِد فيها النَّهي باعتبار الجِنْسِ مع الإِغْمَاضِ عنها عند خُلُوِّها عن الإفراط والتفريط، وهذا معنى قولهم: إنَّ الشيء قد يكون مُوجِبَا للنار وسببًا له ثُمَّ يَتُخَلَّف عنه مسبِبَهُ، وهذا حيث يكونُ الحُكْمُ باعتبارِ الجنس يكفي لصدق تحققه في فرد ما وإنْ لم يَتَحقَّق في خصوص هذا المورد كما في «مستدرك الحاكم»: «أن رجلا جاءه فسأله مالا فأعطاه حتى فعل ثلاث مِرَار يُعْطِيه كلَّ مَرَّة فلَمَّا ولَّى قال: إنَّ السؤالَ جمرةٌ فمن شاء استقلَّ ومَنْ شاء استَكْثَر قال رجلٌ: يا رسول الله فَلِمَ أعطيتَهُ؟ قال: إنَّ الناس لَيْسئَلِونَنِي وَيَأْبَى الله أَنْ أكونَ بخيلا» أو كما قال. قلتُ: شرحه عندي أنَّ الشؤالَ شأنُهُ أن جمرة من النَّار سواء ترتب عليه النار أوْ لا، فهذا حكم جنسي يكفي لصدْقِ تحقُقِه في الجنس، وإنْ لم يَتْقق في خصوص هذا السائل مثلا. ومَرَّ التُّوْربِشْتِي الحنفي في «عقائده» على الأحاديث التي يكون فيها الوعيد بالنار على المعصية وَقَرَّرٍ مرادَها بما يَقْرُب من هذا التحقيق. وحاصله: أنَّ تلك المعاصي أسبابُ النَّارِ ولا يَلْزَم من ارتكابِ الأسبابِ ترتب مسبِبَاتِهَا، فإِنَّ ترتب المسبِبَات يَتَوقَّف على أمورٍ أخرى من ارتفاعِ الموانِع، ووجود الشرائطِ، وربما يكون مَنْوِيًا. ثم إنَّ الشرع قَدْ يَحْكم بالنَّار على أمر حسي فما البُعد فيما حَكَم بها على سببٍ من

64 - باب الاستعانة بالنجار والصناع فى أعواد المنبر والمسجد

أسبابِها، بل هو طريق مَعْروف مسلوكٌ مؤثر، وَتَحَصَّل من هذا شَرحٌ جيد لأحاديث الوعيد فاحفظه. وحينئذٍ معنى قوله: «إنَّهم يدعونه إلى النار» باعتبار الجنس، يعني أنَّ مثلَ هذه الدعوةِ كانت سببًا للنَّار إلا أنَّه تخلَّف عنه مسبِبَه في حق الصحابة رضي الله عنهم خاصة لمانِع، وهو كونهُم مجتهدين قاصدين الصوابَ والحق، والله تعالى أعلم. 64 - باب الاِسْتِعَانَةِ بِالنَّجَّارِ وَالصُّنَّاعِ فِى أَعْوَادِ الْمِنْبَرِ وَالْمَسْجِدِ 448 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى امْرَأَةٍ أَنْ مُرِى غُلاَمَكِ النَّجَّارَ يَعْمَلْ لِى أَعْوَادًا أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ. أطرافه 377، 917، 2094، 2569 - تحفة 4711 449 - حَدَّثَنَا خَلاَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ أَجْعَلُ لَكَ شَيْئًا تَقْعُدُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ لِى غُلاَمًا نَجَّارًا قَالَ «إِنْ شِئْتِ». فَعَمِلَتِ الْمِنْبَرَ. أطرافه 918، 2095، 3584، 3585 - تحفة 2215 وإنَّما ترجم بالمِنْبَرِ لحديثٍ عِنْدَهُ في خُصوصِ المِنْبَرِ، وفي رواية «أنَّ مِنْبَرهُ جُعِلَ على مِنْبَرِ إبراهيم عليه الصَّلاة والسَّلام وهو أوَّل من بنى مِنْبرًا، وكذا في رواية أخرى «أنَّ مسجدَهُ كان على هيئة مسجد موسى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ وهو أوَّل من بنى مِنْبرًا، وكذا في رواية أخرى «أنَّ مسجدَهُ كان على هيئة مسجد موسى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، ثم لا يَدْرِي ماذا أراد بقوله: «عريش كعريش موسى عليه السَّلامُ»، التشبيه في الارتفاع أو مجموعِ الهيأة. 65 - باب مَنْ بَنَى مَسْجِدًا 450 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ أَنَّ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ الْخَوْلاَنِىَّ أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّكُمْ أَكْثَرْتُمْ، وَإِنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ بَنَى مَسْجِدًا - قَالَ بُكَيْرٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ - يَبْتَغِى بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِى الْجَنَّةِ». تحفة 9825 قوله: (مثله) قال النووي في معنى المثلية: يحتمل أن يكون المراد أن فضله على بيوت الجنة كفضل المسجد على بيوت الدنيا. 66 - باب يَأْخُذُ بِنُصُولِ النَّبْلِ إِذَا مَرَّ فِى الْمَسْجِدِ 451 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قُلْتُ لِعَمْرٍو أَسَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ مَرَّ رَجُلٌ فِى الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ سِهَامٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمْسِكْ بِنِصَالِهَا». طرفاه 7073، 7074 - تحفة 2527

67 - باب المرور فى المسجد

67 - باب الْمُرُورِ فِى الْمَسْجِدِ 452 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ مَرَّ فِى شَىْءٍ مِنْ مَسَاجِدِنَا أَوْ أَسْوَاقِنَا بِنَبْلٍ، فَلْيَأْخُذْ عَلَى نِصَالِهَا، لاَ يَعْقِرْ بِكَفِّهِ مُسْلِمًا». طرفه 7075 - تحفة 9039 المرور في الوقائع الجزئية، والممر أنْ يتخذه طريقًا ويعتادَ به، فوضح الفَرْقُ بين المرور والممر. 68 - باب الشِّعْرِ فِى الْمَسْجِدِ وبوَّب عليه الطَّحاوي. وحاصلهُ: أنَّه جائز إذا لم تَقَع منه ضجة في المسجد وتضمن معنى صحيحًا. فائدة واعلم أنَّ الفعل إن كان لازمًا كاستوى وَنَزَلَ فما بعده من متعلقاتِ الصِّفَة كقوله تعالى: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] معناه تعلق صِفة الاستواء بالعرش، وإن كان متعديًا فما بعده مفعول به كقوله تعالى: {خلق السماوات والأرض}. 453 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىَّ يَسْتَشْهِدُ أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ سَمِعْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَا حَسَّانُ، أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَعَمْ. طرفاه 3212، 6152 - تحفة 15155، 3402 - 123/ 1 453 - قوله: (يستشهِدُ أبا هريرة) رضي الله تعالى عنه، ووجهه أنَّه أنشد شِعْرَا فأراد عُمر رضي الله عنه أنْ يُعزِّرَه فاضطر إلى الاستشهاد. قوله: (أيِّدْهُ بِرُوح القُدُس) وأظنُّ أَنَّ هذه الواقعة في غزوة الأحزاب، وفيها تصريح أَنَّ حسانًا رضي الله عنه قرأها على المِنْبَرِ كما عند الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم ينصب لحسان مِنْبَرًا في المسجدِ فيقوم عليه يهجو الكُفَّار». قلتُ: وهذا مِمَّا استدللتُ به على خلاف الحافظِ رحمه الله تعالى من أنَّ المِنْبَرَ قد كان متقدمًا بكثير لا كما زَعَمَهُ الحافظ رحمه الله تعالى أنَّه متأخر جدًا، وفي ثبوتِ تَقَدُّم المنبر نفع للحنفية في مسألة نسخ الكلامِ وقد مرَّ مني التنبيه عليه، وكذلك قد عَلِمْتَ أنَّه لا استدلال فيه للبخاري على توسيع في أحكام المسجد، فإنَّ الآمر ههنا هو النبي صلى الله عليه وسلّم والغرضُ المدافعة عنه فلا يَدُل على التوسيع أصلا بل الإِنشاد عبادة في مثل هذه الحالة.

69 - باب أصحاب الحراب فى المسجد

69 - باب أَصْحَابِ الْحِرَابِ فِى الْمَسْجِدِ 454 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا عَلَى بَابِ حُجْرَتِى، وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فِى الْمَسْجِدِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتُرُنِى بِرِدَائِهِ، أَنْظُرُ إِلَى لَعِبِهِمْ. أطرافه 455، 950، 988، 2906، 3529، 5190، 5236 - تحفة 16498 455 - زَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ. أطرافه 454، 950، 988، 2906، 3529، 5190، 5236 - تحفة 16710 وفي الحديث اللعب بالحراب (¬1) قلتُ: وثبت عندي عن مالك رحمه الله تعالى أنَّه كان خارجَ المسجد لا دَاخِلَه، وظاهرُ كلامِ المصنِّف رحمه الله تعالى أنَّه حَمَلَهُ على داخل متن المسجد. 454 - قوله: (يستُرُني) إنْ كان قبلَ الحِجَابِ فالأمرُ ظاهر، ولا بَأْسَ إِنْ كان بعده أيضًا فإنَّه جائزٌ أيضًا (¬2) بشرطِ عدم الفتنة. 70 - باب ذِكْرِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الْمِنْبَرِ فِى الْمَسْجِدِ 456 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَتَتْهَا بَرِيرَةُ تَسْأَلُهَا فِى كِتَابَتِهَا فَقَالَتْ إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتُ أَهْلَكِ وَيَكُونُ الْوَلاَءُ لِى. وَقَالَ أَهْلُهَا إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتِهَا مَا بَقِىَ - وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً إِنْ شِئْتِ أَعْتَقْتِهَا وَيَكُونُ الْوَلاَءُ لَنَا - فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَّرَتْهُ ذَلِكَ فَقَالَ «ابْتَاعِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّ الْوَلاَءَ لِمَنْ أَعْتَقَ». ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ - وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ - فَقَالَ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِى كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِى كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ مَرَّةٍ». قَالَ عَلِىٌّ قَالَ يَحْيَى وَعَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ عَنْ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَةَ ¬

_ (¬1) قال الطَّحاوي في "مُشكلِه" (1/ 118): وهذا لم يكُن من اللهو المذمُومِ لأَنَّه مما يُحْتَاجُ إليه من أمثالِهِم في الحرب، فذلك محمودٌ منهم في المسجد وفيما سواه، وقد رَوَىَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في صِنْف من اللهو ما هو ممدوحٌ، ثم ذَكَر أحاديثَ تَدُل على أنَّ اللَّهو بالسَّهْم وتأديب الفَرَس وملاعبةَ المرأةِ ليس بمذموم. (¬2) قد يَخْتَلِج أنَّهُ يُعَارِض ما عن أُمِّ سَلَمَة فذكرت قِصَة دُخُولِ ابن أُمِّ مَكْتُوم في بيتها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أفعُمْيَاوَانٍ أنتما؟ فأجاب عنه الطَّحاوي في "مُشْكِله" من وجهين: الأول أَنَّ قصة أُمِّ سَلَمَة رضي الله عنها كانت بعد نزول الحجاب، وكذلك كانت أُمُّ سلمة وميمونة رضي الله عنهما بالغَتين قد لَحِقَتْهُمَا العبادة بخلافِ قِصة عائشة رضي الله عنها في الأمرين فإنَّه لا دليل فيها على أَنَّها كانت بعد نزول الحجاب، ولا أَنَّها كانت بَلَغَت مَبْلَغ النِّسَاء. انتهى مختصرًا جدًا (1/ 117 و 118) ونتكلمُ عليه أبسط منه إنْ شَاءَ الله تعالى.

فائدة

قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ. رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ أَنَّ بَرِيرَةَ. وَلَمْ يَذْكُرْ صَعِدَ الْمِنْبَرَ. أطرافه 1493، 2155، 2168، 2536، 2560، 2561، 2563، 2564، 2565، 2578، 2717، 2726، 2729، 2735، 5097، 5279، 5284، 5430، 6717، 6751، 6754، 6758، 6760 - تحفة 17938 وفي فِقْهِنا أنَّ المُسَاوَمَة والإيجاب والقَبول جائزٌ للمعتِكف لا إحضار السِّلْعة. والحديثُ لا يَرِد علينا، لأنَّهُ لا بيعٌ فيه ولا شراءٌ، وإنَّما ذَكَرَهُ النَّبي صلى الله عليه وسلّم بطريقِ المَسْأَلة وهو بمعزلٍ عن البحث. 456 - قوله: (وقال أَهْلُهَا: إنْ شِئْتِ أعطيْتِهَا مَا بَقِي) يعني ويكون الولاءُ لَهُم، ومعنى قولِهِم: «إنْ شِئْتِ أَعْتَقْتِها» يعني إنْ شئتِ صرتِ سببًا لإعْتَاقِهَا بشرائِك إيَّاها، والمسألةُ أنَّ الولاء يكون لِمَنْ عُتِقَت على مِلْكِهِ. قوله: (ابتاعِيها) ويجوزُ بيعُ المُكَاتَب والمُدَبَّر عندَهم، ولا يجوز عندنا إلا بيع المُكَاتَب عند العَجْزِ، فقالوا: ابتاعيها دليلٌ على جَوَازِ شراء المُكَاتب. ونحن نقول: إنَّه يكون تَعْجِيزًا عن الكِتَابة في ضمن الابتياع. وراجع «شرح الوقاية» من قوله: أعتق عني فلانًا بألف درهم، وفي لفظة: «اشترطي لهم الولاء». وأَشْكَل معناه بوجهين: الأول: أَنَّ الولاءَ لها قطعًا، فما معنى كونُ الولاءَ لهم؟ ثُمَّ إذا اشْترَطت الولأَ لهم وصار الولاءُ لها ففيه خُلْف الوَعْد أيضًا، ونِعْمَ الحلُّ ما ذَكَرَهُ شيخُنا أنَّ معنَاه دعيهم لِيَشْتَرِطوا يعني به أَنَّ هذا الاشتراط لغوٌ لا أَثَرَ لهُ، وهكذا وقع عند البخاري في طريق آخر. قوله: (شُرُوطًا ليس في كتاب الله) وظاهره أَنَّ المرادَ منه ما لم يُنص به في الكتابِ وسنةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلّم وكان مسكوتًا عنه، ويمكِنُ أَنْ يفسر بما لا يُلائِم كتابَ الله. فائدة واعلم أنَّ الشُّروط إما ملائِمة أو غير ملائِمة، ولا تأثير للثانية أصلا، وهذه الحقيقة سَرَتْ إلى مسألةِ التَّعْلِيق في الأجنبية فإنَّهم قالوا: إنَّه لو قال للأجنبية إنْ دَخَلْت الدارَ فَأَنْتِ طالق فَنَكَحها ثم دخلت الدار أنَّها لا تطلق، ويَبْطل هذا التعليق لأنَّهم فهموا أنَّه شَرْط غيرُ ملائم لأنَّه لا حَقَّ له على الأجنبيةِ أن يُخَاطِبَها بقوله: إنْ دخلتِ فلغا، بخلافِ ما إذا أَضَافَهُ إلى المِلك أو إلى سببه، فإنه يصير به مُلائِمًا ويَخرج عَنْ كونِهِ غير مُلائِم، فإنْ كانت الحقيقة كما قُلنا وإنْ لم يكتبوها، فليُنظر في مثل هذه المواضِع، فينبغي أَنْ يُعتبر لكلِّ شرط مُلائم وإن لم يَكُنْ مضافًا إلى الملك أو سببه فإنَّ اشْتِرَاط الإِضافة لأحداث المُلأَمة، فإنْ ظَهَرَت الملاءَمة بدُونِهَا يَنْبَغِي أَنْ يكونَ كالمُضَافِ إلى المِلْك أو سبَبِهِ وهذا وإنْ لم يَقْرَع سَمْعَك لكنَّهُ يكون صوابًا إنْ شاء الله تعالى.

71 - باب التقاضى والملازمة فى المسجد

71 - باب التَّقَاضِى وَالْمُلاَزَمَةِ فِى الْمَسْجِدِ والملازمة أي ملازمةُ الغريم يدور معه حيثما دار، وأخرجه المصنِّف رحمه الله تعالى في باب الصُّلْح وفيه: (فلقيه فلزمه) ... إلخ وهو موضعُ الترجمةِ. 457 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ كَعْبٍ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِى حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِى الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِى بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ فَنَادَى «يَا كَعْبُ». قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا». وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَىِ الشَّطْرَ قَالَ لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «قُمْ فَاقْضِهِ». أطرافه 471، 2418، 2424، 2706، 2710 - تحفة 11130 - 124/ 1 457 - قوله: (في المسجد) متعلقٌ بالتقاضي. قوله: (وهو فِي بَيْتِهِ) يعني وهو في معتكَفِه المُتَخَذِ مِنْ حَصِير في المسجد، كذا حَرَّرَهُ الشارحون لأنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلّم كان إِذْ ذاكَ مُعْتَكِفًا، ولعلَّ عِلْمُ ليلةِ القدر ارتفعَ من هذا التلاحي والمراد به عِلمُ خصوص ليلة هذه السنة لا مطلق الليلة، وقد مرَّ الكلامُ في العِلم، وليس عندي نقل صريحٌ في أنَّ الرجلين كانا هذيْنِ وإنَّما هو تَخْمِين مني. قوله: (فاقْضِهِ) واعلم أَنَّ بعض الأشياءِ يَرِدُ في الأحاديث ويكون من باب المُروءة، فلو يم يُجْرِه العلماءُ إلى مسائل الفقه لكان أحسن، فإني قدُ أَجِدَ أشياءَ ما لا يَدْخُل تحت قواعِدِهم ويكونُ مِنْ باب المُروءة وحُسْنِ المعاملة، فعلى المتيقِظِ أَنْ يراعيَهُ». فائدة قال الشيخ ابنُ الهُمام رحمه الله تعالى في «الفتح»: إنَّ الكلامَ في المسجد يأكل الحسنات وقيده في «البحر»: إذا قصد ذلك، أما إذا جَاءَ للصَّلاةِ فتشاغل بالتَّكلُّمِ فلا. 72 - باب كَنْسِ الْمَسْجِدِ وَالْتِقَاطِ الْخِرَقِ وَالْقَذَى وَالْعِيدَانِ 458 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً أَسْوَدَ - أَوِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ - كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ، فَمَاتَ، فَسَأَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْهُ فَقَالُوا مَاتَ. قَالَ «أَفَلاَ كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِى بِهِ دُلُّونِى عَلَى قَبْرِهِ». - أَوْ قَالَ قَبْرِهَا - فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ. طرفاه 460، 1337 - تحفة 14650 ومن عادة المصنِّف رحمه الله تعالى كما قد عَلِمْتَ مِرَارًا أنَّه يَبْسط الأبوابَ على الجزئيات التي سُمِّيَت في الأحاديث وإنْ لم يكن مدارًا للمسألة. 458 - قوله: (يَقُمُّ) أي يَكْنُس، وعند أبي داود في باب في حَصَى المسجد عن أبي صالح

قال: «كان يُقَال إنَّ الرَّجُلَ إذا أَخْرَج الحصى من المسجدِ، يُنَاشِده». وفي رواية أخرى رَفَعَهُ إلى النبي صلى الله عليه وسلّم «أَنَّ الحصاة لتناشِد الذي يُخْرِجها من المسجد». قلت: إنَّها تُنَاشِد لأنَّ فَضْلها فيه، ونحن نُخْرِجُها فإنَّ الفضل لنا فيه فَدَعْهَا تناشدك. قوله: (مات) أي في الليل فلم يُوقِظُوا النَّبيِّ صلى الله عليه وسلّم لكراهَةِ إيقاظِ النَّبيَ صلى الله عليه وسلّم وخِفة أمره عندهم كما هو عند مسلم. قوله: (فصلى عليها) قال أبو عمرو في «التمهيد»: إنَّه قد ثَبَت سبعة أحاديث في الصَّلاةِ على القبرِ وهو مذهب مالك رحمه الله تعالى إلا أنَّ النووي نسب إليه خلافه فقال: أصحابُ مالك منعوا الصَّلاةَ على القبرِ والمسألة فيها عندنا أنَّه لو دُفِن بدونِ الصَّلاةِ يُصلَّى على قَبْرِهِ ما لم يَتَفَسَّخ، وعيَّنَهُ المشايخ بِثلاثةِ أيام وإنْ لم يكن الوليُّ حاضرًا فله أَنْ يُصلّي عليه وإنْ كان قد صلى عليه مرة، ثم صرحوا أنَّ الفريضةَ قَدْ سَقَطت مِنَ الأُوْلَى وصلاتُهُ الثانية قضاء لحقه فقط، ثم إنَّه هل يُصلِّي منفرِدَا أو يُصلِّي معه من لم يُصلِّ أوَّل مرة أيضًا، ويُعْلَم من كُتِب الشافعية أنَّه يدخل معه ما لم يصلِّ أول مرة، وأظنُّ فيه خلافًا عن مشايخنا، وتستفاد الإِجازة مِنْ كلامِ البعض والممانعة من بعض، وليس فيه عندي نَقْلٌ صريح إلا ما قال السَّرَخْسِي في تعدد الصَّلوات على النبي صلى الله عليه وسلّم إنَّ الوَلِيَّ كان هو الصديق الأكبر فصلى عليه بعد كونه أميرًا، وإنْ كانت قد صُلِّيَت عليه قبله أيضًا. ورأيت في الخارج أنَّه صلى معه آخرون منا، وهو مشعر بجواز دخول آخرين مع الولي. وأمَّا في حديث البابِ فادَّعى الحنفية أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلّم كان وليًا فلا بأس بإعادته. وفي «الخصائص الصُّغْرى» للسيوطي رحمه الله تعالى عن بَعْضِ الحنفية: أنَّ صلاة الجَنَازَة لا تصح بدون حضور النَّبي صلى الله عليه وسلّم إِذَا أَمْكَن شِرْكَتَه. قلت: ومَنْ ذَهَبَ هذا المذهب فقد أصاب وأجاد، وهو الذي يُعْلَم من التتبع أنَّ الصَّلاة وقتيةً كانت أو جنازة لا تَصِح بدونه صلى الله عليه وسلّم وهو الذي نبه عليه أبو بكر رضي الله عنه ولم يَفْهَمْهُ النَّاس ولا أدركوا كلامه حيث قال: ما كان لابن أبي قُحافة أَنْ يَتَقَدَّم بين يَدَيِ رسول الله صلى الله عليه وسلّم. وحاصله: أنَّ غيرَ النَّبي لا يَصْلِح لإمامة النَّبي صلى الله عليه وسلّم فكيف يصلح لي أمامتك؟ ثم في «المسند» لأحمد رحمه الله تعالى أَنَّهُ لا يُتوَفَّى نبي ما لم يَؤمه أحَدٌ مِنْ أمّته، وكان هذا نداء على رحيل النبيِّ وأنّ أمته قد صهرت وبهرت، ودينه قد كمل وتمَّ حيث يصلح منهم من يؤم نبيًا، وأمَّا إمامة المهدي لعيسى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ فإنما يكون في أول صلاة يصلي بهم وذلك أيضًا بعد تقريرِ عيسى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، وإنَّما لم يُؤخره لأنَّه كان بَلَغَ موضِعَ الإمامة وقد أُقِيمَت الصَّلاة ولم يَبْقَ إلا التحريمة، فلو أَخَّرَه لربما تُوهم عدم أهليتِهِ لها، ولذا وَرَدَ في بعضِ أَلفاظهِ: أنَّها لك أقيمت، وبعدَه يكونُ الإمامُ هو عيسى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ. والحاصل: أنَّ الصلاة بمحضر النبي لا تصحُ بدونه ما لم تُوجَد قرينة الإِجازة من جانبه، وههنا قد أمكن شِرْكَتُه ولنا أيضًا أن نعدَّها من خصائِصهِ صلى الله عليه وسلّم لِما عند مسِلم «إِنَّ هذه القُبور مملوءة ظُلمة على أهْلِها، وإنَّ الله لَيُدْخِل عليهم نورًا من صلاتي»، أو كما قال. فَعُلِم منه وجه

73 - باب تحريم تجارة الخمر فى المسجد

الخصوصية، ومن يكون بَعْدَهُ من يُدخل بصلاته نورٌ على أهل القبور. ومرَّ عليه الحافظ وقال: إنَّه مدرج دخلت فيه قطعة من الحديث الآخر، وهو وهم من الراوي. قلتُ: وإذا كان حديثًا فكيفما كان يكون حجة، وإليه أشار محمد رحمه الله تعالى في الصَّلاة على الغائب، وقال: وليس النَّبي صلى الله عليه وسلّم في هذا كغيرِهِ، يعني به الإِشارة إلى الخصوصية وقد ذكرناه. 73 - باب تَحْرِيمِ تِجَارَةِ الْخَمْرِ فِى الْمَسْجِدِ 459 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا أُنْزِلَ الآيَاتُ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِى الرِّبَا، خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقَرَأَهُنَّ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ حَرَّمَ تِجَارَةَ الْخَمْرِ. أطرافه 2084، 2226، 4540، 4541، 4542، 4543 - تحفة 17636 أي لا بأس بِذِكْرِ المسألة، وإنْ كانت الخمر خبيثة نجسة لا سيما إذا كان ذُكِرَ تحريمها. 459 - قوله: (ثُمَّ حَرَّم تجارةَ الخمر) وأما التناسب بين الرِّبا والخمر، فقال تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} وهذا التخبط في الخمر أيضًا، وقيل: لا حاجةَ إلى بيان التناسب، وإنَّما ذَكَرَ الأمرين بيانًا للنَّاس، ثم إنه متى حُرِّم الربا؟ فحرَّرَه الطحاوي في «مشكِله». 74 - باب الْخَدَمِ لِلْمَسْجِدِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} [آل عمران: 35] لِلْمَسْجِدِ يَخْدُمُهُ. 460 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ وَاقِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ امْرَأَةً - أَوْ رَجُلاً - كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ - وَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ امْرَأَةً - فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ صَلَّى عَلَى قَبْرِهِ. طرفاه 458، 1337 - تحفة 14650 قوله: ({ومحرَّرًا}) وهو في الفِقه مَنْ رُفِعَ عنه قَيد الرَّقبة أي مُعْتَقًا، ومعناه ههنا من اختص بأمر وترك لأجله، وكان من عاداتهم النذر بذكور أولادِهم وولدت أنثى فقالت اعتذارًا {رَبّ إِنّي وَضَعْتُهَا أُنثَى}. 75 - باب الأَسِيرِ أَوِ الْغَرِيمِ يُرْبَطُ فِى الْمَسْجِدِ 461 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا رَوْحٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَىَّ الْبَارِحَةَ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - لِيَقْطَعَ عَلَىَّ الصَّلاَةَ، فَأَمْكَنَنِى اللَّهُ مِنْهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِى الْمَسْجِدِ، حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِى

سُلَيْمَانَ: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي}». قَالَ رَوْحٌ فَرَدَّهُ خَاسِئًا. أطرافه 1210، 3284، 3423، 4808 - تحفة 14384 - 125/ 1 لم يكن دار الحبس في زمنه صلى الله عليه وسلّم وإنَّما كانوا يشدون بسارية من سواري المسجد ثم بناه عمر رضي الله عنه. 461 - قوله: (عِفْريت) سركش طاغ. قوله: (تَفلَّتَ عليَّ) وفي مصنَّف عبد الرزاق: أنَّه كانَ في صورة الهرة، وفي كتاب «الأسماء والصفات» للبيهقي: أنَّه تقدَّم إليه بِشُعْلَةٍ من نارٍ في وجهه صلى الله عليه وسلّم. قوله: (ليَقْطع عليَّ الصَّلاة) إما بالمرورِ بين يديهِ أو إلجائِهِ إلى العملِ الكثير، واختارَهُ في «أحكام المُرجان» للقاضي بدر الدين الشِّبْلي وهو تلميذ الذهبي عالمٌ جليل القدر، إلا أنَّه توفي في شبابه فلم يُشْتَهر بين الناس وَكَتَبَ ترجمتَه أستاذُهُ؛ والقَطْع على الأول على معناه الحقيقي، فإنَّك قد عَلِمت أنَّ بين المُصلِّي وبين ربه جل وعلا وصلة المناجات، فإنَّ المصلي يناجي ربَّهُ، وإنَّ رَبَّهُ بينه وبين القِبْلَة، وإنَّ الرحمةَ تواجِهُه كلُّها عبارة عن تلك الوِصلة، فإِذا مرَّ بين يديهِ فقد قَطَع تلك الوَصْلَة حقيقة، وليس القَطْع بمعنى قَطْع الخُشوع ولا بمعنى الفساد كما حَمَله أحمد رحمه الله في مرور الكلبِ، قال الترمذي في باب ما جاء أنَّه لا يقطعُ الصَّلاةَ إلا الكلبَ والحمارَ والمرأةَ، قال أحمد رحمه الله: الذي لا شك فيه أنَّ الكلبَ الأسودَ يَقْطَعُ الصَّلاةَ، وفي نفسه من الحمارِ والمرأةِ شيء. قلتُ: وذلك لأنَّ فيهما عِنْدَهُ حديثًا، أما في المرأةِ فما روتْهُ عائشةُ رضي الله عنها «أنَّها كانت تعترض بين يدي النَّبي صلى الله عليه وسلّم اعتراض الجنازة وهو يصلي»، وأما في الحمار فحديث ابن عباس «أنَّه جاء على أتان وأرسلها تَرْتَع بين أيدي المُصلين» وأما الكلب فليس عنده شيء يخالفُ حديثَ القَطْعِ فأبقاه على عمومه، والقطع على الشرح الثاني بمعنى الفساد فإنَّه إذا اضطرَّهُ إلى العمل تَفْسد صلاتُهُ لا محالة. قوله: (لا ينبغي لأحدٍ من بعدي) واعلم أنَّ المشي في الدعاء والنَّذر يكونُ على الألفاظِ لا على الغرض. والمعنى كما يدل عليه ما في «مسند أحمد»: أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلّم خَرَجَ مرةً من عند عائشةَ رضي الله عنها وقال: «قطع اللَّهُ يديك»، أو كلمة مثلها، فلمَّا رجع رأى يديها شُلتا، فسأل ما بالُ يديها قالت: هي كذلك منذ قلت ما قلت إلخ، أو كما قال. مع أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم لم يُرِد به قَطْعَ يديها حقيقة، ولكن مشى التكوينُ على عموم ألفاظه فاعلمه، ومن ثمرة دعائه تسخير الجن، ولا بحث للبخاري بكونه جنًا أو غيره فاسْتَدلَّ به على الأسير مطلقًا. واعلم أنَّه قد بَيّنّا لك في المقدمة أنَّ العامَّ ظني عند ما وراء النهرين مِنْ أصحابِنَا وهو مذهبُ الجمهور، ولا يقومُ حجة ما لم تَتَّصِل به قرائن مِنْ خَارج، فإِذَا وَرَدَ خاصٌ في موضع وشَمِلَه العام أيضًا وتعارض في الحُكْمَين لا يُعتدُّ بهذا العام أصلا ويكون الحكم حكم الخاص،

76 - باب الاغتسال إذا أسلم، وربط الأسير أيضا فى المسجد

ألا ترى أَنَّ رَفْعَ اليدين إذا ثبت في العيدين خاصًا، أخذه الحنفية ولم يتركوه بالعمومات، وهكذا إذا ثبت البيع بما ليس عندك في السَّلَم اختاروه ولم يأخذوا بالعمومات، وهذا غير قليل في الأحاديث. ثم إنَّ جماعة من الأشاعرة ذهبوا إلى أنَّ الدليل اللفظي لا يفيد القطع أصلا، وذهب الماتُرِيديَّة إلى خلافِهِ وقالوا: يمكن أَنْ يُفيدَ القطعَ؛ وكَتَب الرازي في «تفسيره» أنَّ الدَّليلَ اللفظي وإنْ تواتر في النَّقَلِ لكنَّه لا يمكن أَنْ يكونَ قطعيًا في الدَّلالة، لعدم انقطاع الاحتمالات عنه، وصَرَّحَ في «المحصول» بخلافِهِ، وقال: إنَّه يمكن أَنْ يُفيد القَطع. فلعلَّ ما في «الكبير» باعتبارِ الأغلب والأكثر، وبَحَثَ فيه صدر الشريعة أيضًا، ولعلَّه بَلَغَهُ إنكارُ الأشاعرةِ القَطْعَ، فإِذَا عَلِمْتَ أَنَّهم ترددوا في إفادة نفس الدَّلِيل اللفظي القَطْعَ فكيف بِقَطْعِيةِ العام. ولا غَرْوَ أنْ يكونَ خلافُهم في تلك المسألةِ مؤثِّرَا في قَطْعِيَّة العام وظنيته أيضًا، ومع هذا أقول: إنَّه قد يَبْقَى العام على عمومه، كما في الدعاء والنذر، فإن المشي فيهما يكون على الألفاظ، ولا بَحْث عن كون المدعو عليه أهلا له أو لا، فكل موضع يكون المشي فيه على الألفاظِ يُترك فيه العامُ على عمومه. ولذَا نَهَى في «المشكاة» عن الدعاء على الأولادِ لئلا يُوافِقَ ساعةً من ساعاتِ الإجابة، فيسْتَجِيب له ويَمْضِي دعاءَهُ على ظَاهِرِهِ مع أنَّه لا يريدُه، ومِنْ هذا الباب دعاءُ سليمان عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، ولذا لم يَرْبِطْه النَّبي صلى الله عليه وسلّم إبقاءٍ لدعاءه على عمومه، ولو رَبَطَهُ لما خالف دعاءَه حقيقة إلا أنَّهُ أحبَّ أن يُجْزِيهِ على عُمومِهِ على دَأْبِ سائرِ الأدعية، والله تعالى أعلم. وراجع تحقيقه من المواقف. 76 - باب الاِغْتِسَالِ إِذَا أَسْلَمَ، وَرَبْطِ الأَسِيرِ أَيْضًا فِى الْمَسْجِدِ وَكَانَ شُرَيْحٌ يَأْمُرُ الْغَرِيمَ أَنْ يُحْبَسَ إِلَى سَارِيَةِ الْمَسْجِدِ. 462 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِى حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِى الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ». فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. أطرافه 469، 2422، 2423، 4372 - تحفة 13007 وذكر الاغْتِسَال إنجاز. وقوله: (رَبْطِ الأسير في المسجد) من مسائل سلسلته، والغسل للإسلام مستحب وراجع «شرح الوقاية» لتفصيلِ غسل الجنابةِ بعد الإِسلام. قوله: (خَيْلًا) قال ابنُ سِيده في «المُخَصَّص» إنَّ الرُّكُب والرُّكْبَان أيضًا في معنى الخيل.

77 - باب الخيمة فى المسجد للمرضى وغيرهم

قلت: وهو مخالفٌ لِعُرف العرب وإنَّما أخذه من اشتقاق الركب فقط. 77 - باب الْخَيْمَةِ فِى الْمَسْجِدِ لِلْمَرْضَى وَغَيْرِهِمْ 463 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فِى الأَكْحَلِ، فَضَرَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْمَةً فِى الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ، فَلَمْ يَرُعْهُمْ - وَفِى الْمَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِى غِفَارٍ - إِلاَّ الدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا يَا أَهْلَ الْخَيْمَةِ، مَا هَذَا الَّذِى يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ فَإِذَا سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا، فَمَاتَ فِيهَا. أطرافه 2813، 3901، 4117، 4122 - تحفة 16978 والمتبادر منه المسجد النبوي، وهو الذي يَقْتَضِيه «سنن البخاري» وكلامُ الحافظ، ويُسْتفاد مِنْ سِيرةِ محمد بن إسحق أنَّه مسجدٌ آخر دون المسجد النبوي، وقد عُرِف من عادةِ النَّبي صلى الله عليه وسلّم في السِيَر أنَّه كان إذا نَزَلَ منزِلا اتَّخَذَ مكانًا لِصَلاتِهِ يَحْجزه من أطرافه، وأصحابُ السِير يَذْكُرونه بلفظ المسجد سواءٌ يُسَمِّيه الفقهاء مسجدًا أوْ لا، وهذه واقعةُ الأحزابِ حين اغتسل النَّبي صلى الله عليه وسلّم بعد فَرَاغِهِ عنها وجاءه جبريل عليه السلام وأشارَ إلى بني قُرَيْظَة فحاصروهم فنزلوا على حُكْم سعد، وكان حليفهم في الجاهلية فَحَكَمَ فيهم بقضاء الله، فجاءه فقال: «قوموا إلى سيدكم»، لأنَّه كان جريحًا؛ القصة بطولها. ولعلَّ النَّبي صلى الله عليه وسلّم لما حاصَرَهُم إلى عِدَّةِ أيام، اتخذ هناك موضعًا لِصَلاتِهِ فما يَحْكُم به الوجدان أنَّ المراد من المسجد هو هذا وبه يُناسب قوله: (ليَعُودَه مِنْ قريب) فإنَّ المسجد النبوي كان على ستة أميالٍ منه فأين كان يَعُوده مِنْ قريب، وحينئذٍ لا يثبت ما رَامَهُ البخاري رحمه الله تعالى من التوسيع في أحكامِ المساجد، فإنَّه وإنْ كان في مسجدٍ، لكنَّه لم يكن مسجدًا مما نحن بصدده وهو المسجد الفقهي، على أنَّك قد عَلِمْتَ أنَّ تلك الواقعة كانت مَحْفُوفة بالقرائن إلا أنَّ البُخَاري يَسْتَنْبِط منها مسألة ولا يبالي. قوله: (فمات) وكان دعا ربه أَنْ يُعطِيه حياة إنْ قَدَرَ بعد غَزْوَةٍ من قريش، وإلا فيُعَجِّل وفاتَه وكان جُرْحُه قد اندمل ثم تفسخ فلم يرقأ منه الدَّم حتى مات. 78 - باب إِدْخَالِ الْبَعِيرِ فِى الْمَسْجِدِ لِلْعِلَّةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ طَافَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى بَعِيرٍ. 464 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى أَشْتَكِى. قَالَ «طُوفِى مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ». فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ، يَقْرَأُ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ. أطرافه 1619، 1626، 1633، 4853 - تحفة 18262 464 - قوله: (طاف) أي في فتح مكة.

79 - باب

قوله: (قال طُوفي) وهذه قِصة حَجة الوَداع. قوله: (يُصَلِّي) أي كصلاة الصُبْح. ويجوز المرور للطائفين أَمَام المُصَلِّي فإنَّ الطَّوَاف بالبيتِ صلاة. كذا في كتاب الطَّحَاوي. وغرض المصنِّف رحمه الله تعالى أَنَّ الطَّوَاف وإنْ كان حول البيتِ لكنَّ البيتَ كان في المسجدِ الحرام فثبت دخول البعير في المسجد. قلت: وفي استدلاله نظر لأنَّه لم تكُن هناك عِمَارة في عهده صلى الله عليه وسلّم غير البيت كما في البخاري وكان حولَهُ مَطَافَا فقط حتى بنَى عمر رضي الله عنه حوله حائطًا ثم بنى الملوكُ تلك الأبنية، نعم بقي فيه نظر بَعْدُ وهو أَنَّ حولَ البيت وإنْ كان مطافًا فقط لكِن القرآن أَطْلَقَ عليه لفظ المسجد، فينبغي البحث للفقيه في أَنَّ الأرضَ هل تأخذ أحكام المسجد بمجرَّدِ نية المسجد ولو لم يُحِط حائطًا ولم يبن بناءً، والذي يَظْهر أنَّه يَأْخُذُ حُكْمَهُ. ثم على المفسرين أَنْ يمعنوا أنظارَهم في أنَّ الذي سَمَّاه القرآن مسجدًا هل هو البيت فقط أو المطاف أيضًا؟ وعندي تَبْقَى حِصة منها خارجة عن هذا الإطلاق بعد كَوْنِ المَطاف مشمولا في المسجد أيضًا، وهذه حيث حَاط عمر رضي الله عنه حائطًا. 79 - باب 465 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، وَمَعَهُمَا مِثْلُ الْمِصْبَاحَيْنِ يُضِيآنِ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، فَلَمَّا افْتَرَقَا صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدٌ حَتَّى أَتَى أَهْلَهُ. طرفاه 3639، 3805 - تحفة 1372 465 - قوله: (من عند النَّبي صلى الله عليه وسلّم أي مِنْ مَسْجِده فظهرت المناسبة، وثبتت الكرامة من حديث الباب، وأنكرها ابن حزم لاِلْتِبَاسها بالمعجزة، وفُرِّقَ بينهما بالتحدي وعدمه. ثم قال ابن حزم: إني قائل باستجابة الدعاء مع إنكاره الكرامة. قلتُ: إذا اشتمل الدُّعاء على أمرٍ خارقٍ للعادة فهو الكرامة فلم يبق النزاع إلا في التسمية، فما الفائدة في إنكار الكرامة. ثم في «الدر المختار» و «شرح العقائد» أنَّه لا اخْتِصَاصَ للمعجزة والكرامة بأمرٍ دون أَمْر، وكل كرامه معجزة للنَّبي، وكل أمرٍ يكون معجزة مِنَ النَّبي إذا ظهر على يَدِ ولي يُسمَّى كرامة. وقال الأستاذ أبو القاسم صاحب «الرسالة القشيرية»: أنَّه لا بد أَنْ تكون أشياء تَخْتَص بالمعجزة، وهو المختار عندي. وهل يُمْكِنُ إحياء الميت مِنَ الولي أوْ لا؟ فكنت مترَدِّدًا في ذلك حتى رأيت حكايةً نَقَلَهَا الشيخ عبد الغني النابلسي عن العارف الجامي رحمه الله تعالى: أَنَّ رجلا من الأغنياء اتَّخَذَ له طعامًا، وطبخ دَجَاجَة ميتة اختِيارًا له ثم دعاه فجاء العارِفُ الجَامي وقال: قم بإِذن الله، فكان كما قال. إلا أني لا أعرف سنده، وهكذا نقل الشنطوفي ووثقه المحدثون عن الشيخ عبد القادر حبلي رحمه الله أنه كان يُذَكِّر النَّاسَ إذ جاءت حِدَأَة تصيح حتى شَوِّشَتْ على الشيخ كلامه فدعا عليها وقال: ما لكِ قَطَعَ اللَّهُ عُنُقَكِ فَسَقَطَتْ على الأرض ميتة من ساعتِها. ثم إذا فَرَغَ الشيخُ عن

80 - باب الخوخة والممر فى المسجد

الوعظِ قام ورآها ميتة في فناء المسجد، فسأل عنها فأُخْبِرَ بها فقال بها: قم بإذن الله فطارت (¬1). وهكذا جاء رجل في «بجنور» فقطع عُنُقَ طائرٍ حتى فَصَلَها بين أعينِ النَّاس ثم ضمها فكانت كما كانت قبله، وأحيى الطائر. وزارني هذا الرجل فسألتُهُ عنه فقال: إنَّا نَقْدِر عليه إلى ساعةٍ قليلة فإذا مضت تلك الساعة فلا نَقْدِر عليه. وفي كتاب «العلو والعرش» للذهبي: أَنَّ كرامات السيد عبد القادر الجيلي تواترت كقطر الأَمْطَارِ والنابلسي هذا هو الذي من معاصري صاحب «الدر المختار» وَرَدَّ عليه في مسألة الخف - وبعد اللتيا والتي أسلم أنَّ بعضَ الأشياء تختص بالمعجزة، لأنَّ الشيخَ أبا القاسم صاحبَ الكرامات بِنَفْسِهِ، فاتِّباعه في تلك الأبواب أولى، وراجع «المقدمة» لابن خلدون للفَرْقِ بين المعجزة والكرامة، وأزيدَ منه في كلام الشيخ الأكبر. 80 - باب الْخَوْخَةِ وَالْمَمَرِّ فِى الْمَسْجِدِ 466 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ خَطَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ». فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَقُلْتُ فِى نَفْسِى مَا يُبْكِى هَذَا الشَّيْخَ إِنْ يَكُنِ اللَّهُ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ الْعَبْدَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا. قَالَ «يَا أَبَا بَكْرٍ لاَ تَبْكِ، إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَىَّ فِى صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً مِنْ أُمَّتِى لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ وَمَوَدَّتُهُ، لاَ يَبْقَيَنَّ فِى الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلاَّ سُدَّ إِلاَّ بَابُ أَبِى بَكْرٍ». طرفاه 3654، 3904 - تحفة 3971، 4145 - 126/ 1 467 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ عَاصِبٌ رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ، فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَىَّ فِى نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَبِى قُحَافَةَ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً، وَلَكِنْ خُلَّةُ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ، سُدُّوا عَنِّى كُلَّ خَوْخَةٍ فِى هَذَا الْمَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِى بَكْرٍ». أطرافه 3656، 3657، 6738 - تحفة 6277 ¬

_ (¬1) وسَمِعْتُ من حَضرَةِ الشيخ صاحب هذه الأمالي رحمه الله حكاية لطيفة أخرى أيضًا في هذا الصدد وهي: أنَّ صبيًا كان يشتغل بالاستفادةِ والتَعَلُّم عند بعض العرفاء فزارتْهُ يومًا أُمُّهُ وبيدِهِ خبز شعير يأكله، ودخلت على الشيخ فرأت عنده دجاجةٌ مشوية فشكت إليه وقالت: تطعم ابني خبز الشعير وأَنْتَ تَأْكُلُ هذه، فأشار الشيخُ إلى الدَّجَاج وقال: قم بإذنِ الله فقام حيًا فتحيرت. فقال الشيخ: إذا وصل ابنك إلى هذه المنزلة فيأكل الدجاج وأنا أيضًا كنت قبل ذلك آكل خبز الشعير كما هو يأكله الآن. (البنوري المصحح).

قوله: (المَمَرِّ في المسجد) يعني به اتخاذه طريقًا، أما إذا مَرَّ بها للصَّلاة فهو أمرٌ مقصودٌ ومعنى صحيح. 466 - قوله: (فاختار) وفي الحديث أنَّ النبي يخير أوَّلا. قوله: (لاتخذت) ... إلخ وبحث الناس في أنَّه هل تمتنع الشركة في الخُلَّة فقيل: إنَّ الخُلَّةَ لا تَحْتمل التعدُّد لأنَّه من الخِلال بمعنى الوسط ولا يَحُل في الوسط إلا واحدٌ بخلافِ المحبة، فإنَّه يَصْلُحُ من المتعدِّد، أقول: وليس كذلك لما في القرآن: {الأَخِلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (67)} [الزخرف: 67] فَدَلَّ على أنَّها أيضًا تكونُ من المتعدد، فالأحب إليَّ أنْ لا يستمد فيه من اللُّغة، ويقال: إنَّه أراد من الخُلَّةِ، خُلَّة تَخْتَصُ بين العَبْدِ والمعبود، ولا تكون بين العبدِ والعبد، على أَنَّه لا حرج في اختصاصه عند إرادةِ الاختصاص باللَّهِ سبحانه، وإنْ كان مُشْتَرَكَا في النَّاس فالخُلَّة وإنْ أمكن مع الآخرين، لكنَّه أراد أن يتخذ اللَّهُ خليلا فقط وحينئذٍ ينحصر فيه لا محالةَ بحسب إرَادتِهِ لا باعتبارِ اللغة، والناسُ بصدد بيان معنى يَخْتَص بحضرةِ الحقِّ ولا يكون له اشتراكٌ في الناس، فَفَرَّقوا بين الخَلِيْل والحبيب، والكل في غير موضعه؛ والوجه ما بَيَّنا. وحاصله: أنَّه لا حاجةَ إلى إيجادِ الاختِصَاصِ في الخُلَّةِ من حَاقِّ لفظه بل الاختصاص من تلقاءِ إرادةِ المتكَلِّم كاف، وجاز إرادةُ الاختِصَاصِ فيما كانت الحقيقة مشتركة وإذن هو تابع لإِرادتِهِ. قوله: (لكن أُخوة الإسلام) قامت مقام الخُلَّةِ الآن. قوله: (لا يَبْقَيَنَّ) ... إلخ. وفي حديث قوي الإِسناد «أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلّم أَمَرَ بسدِّ الأبوابِ غير باب علي رضي الله عنه» وحكم عليه ابن الجوزي بالوضع ولم يُسَلِّمه الحافظ، ونَقَل عن الطَّحاوي من «مشكلِهِ» أنَّ هذين الحديثين محولان على الوقتين، فكان الأمر أوَّلا كما في الحديث المار ثم أمر بسد باب عليّ رضي الله عنه أيضًا وصار الأمر كما في حديث الباب. وحاصلهُ: أن استثناء باب عليّ رضي الله عنه متقدم، واستثناء خَوْخَة أبي بكر رضي الله عنه في مرض وفاتِهِ صلى الله عليه وسلّم وقد مرَّ أنَّ استثناءَ باب عليّ رضي الله عنه كان لاِخْتِصَاصِهِ ببعضِ أحكام المسجد، كالمرور في المسجد جنبًا، وقد مَرَّ أَنَّ موسى وهرون عليهما الصَّلاة والسَّلام أيضًا كانا مُخْتَصَّيْن ببعضِ الأحكامِ، وقال النَّبي صلى الله عليه وسلّم «أنت مني بمنزلة هرون من موسى»، وقد مرَّ تقريره مبسوطًا، قال العلماء: إنَّ القِبْلَةَ إذا تحولت نحو الجنوب صارَ بابُ المسجد نحو الشِّمَال وكانت في جهتي الشرق والغرب خوخات، فَأَمَرَ النَّبي صلى الله عليه وسلّم بِغَلْقِهَا أيضًا غير خَوْخَة أبي بكر رضي الله عنه إشارة إلى خلافتِهِ لحاجته إليها في دخوله المسجد وصلاتِهِ بالنَّاسِ، والأبواب تكون للإيابِ والذهاب، فبقي البابُ الذي كان في جهة الشمال للإِياب والذهاب، وسُدَّت الخَوْخَات وسائر الأبواب كلُّها، فإنْ قلت: ما معنى قوله إلا بابَ أبي بكر، مع أنَّه كان قد سد أوّلا فلم يكن هناك باب ليسد؟ قلت: المراد بالباب الخَوْخَة كما قرَّره الحافظ.

81 - باب الأبواب والغلق للكعبة والمساجد

81 - باب الأَبْوَابِ وَالْغَلَقِ لِلْكَعْبَةِ وَالْمَسَاجِدِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ لِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ لِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ يَا عَبْدَ الْمَلِكِ، لَوْ رَأَيْتَ مَسَاجِدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبْوَابَهَا. تحفة 5804 468 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ وَقُتَيْبَةُ قَالاَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدِمَ مَكَّةَ، فَدَعَا عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ، فَفَتَحَ الْبَابَ، فَدَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَبِلاَلٌ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، ثُمَّ أُغْلِقَ الْبَابُ، فَلَبِثَ فِيهِ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجُوا. قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَبَدَرْتُ فَسَأَلْتُ بِلاَلاً فَقَالَ صَلَّى فِيهِ. فَقُلْتُ فِى أَىٍّ قَالَ بَيْنَ الأُسْطُوَانَتَيْنِ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَذَهَبَ عَلَىَّ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى. أطرافه 397، 504، 505، 506، 1167، 1598، 1599، 2988، 4289، 4400 تحفة 2037، 7533 - 127/ 1 وأثر ابن عباس. قوله: (الغلق) ترجمته روك يعني قفل يا بلائي ياجتخنى. قوله: (لو رأيت مساجد ابن عباس) ... إلخ مناسب للجُزْءِ الأول ولا ذِكْرَ فيه للغَلْق فلا حاجةَ إلى إيجادِ التكلفات، ثم إنَّ ابنَ عباس سكن في مواضع عديدة فلا تَعْجب من تعدُّد مساجده. 82 - باب دُخُولِ الْمُشْرِكِ الْمَسْجِدَ 469 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِى حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِى الْمَسْجِدِ. أطرافه 462، 2422، 2423، 4372 - تحفة 13007 وأشار المصنِّف إلى موافقةِ الحنفية، وقد مَرَّ الكلامُ فيه في باب عَرَق الجنب مبسوطًا ونَذْكُر ههنا بعض أشياء. فاعلم أنَّه يجوز دخول المشرك عندنا في جميع المساجد المسجد الحرام وغيره سواء، وجوزه الشافعية رحمهم الله تعالى إلا في المسجد الحرام، وَمَنَعَهُ مالك رحمه الله تعالى مطلقًا وأَخَذَ بالحُكم والتعليل، ونعني بالحكم قوله: {فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: 28] وبالتعليل قوله: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} والمُرادُ من أَخْذِ التعليل اعتباره وإجراءه في سائر المساجد، والشافعية رحمهم الله تعالى أخذوا بالحُكْمِ دون عُموم التعليل، والحنفية لم يَأْخذوا شيئًا منهما. قلت: وفي «السِيَرِ الكبير» لمحمد رحمه الله تعالى أَنَّ دُخولَ المشرك لا يجوز في المسجد الحرام كمذهب الشافعية رحمهم الله تعالى وهو الذي ينبغي أنْ يُخْتَار، فإنه أَوْفَق بالقرآن وأَقْرَب إلى الأئمة؛ ثمَّ المرادُ بِعَدَمِ القُرْبِ عدم الطواف لأنَّ الآيةَ نَزَلت لِمَنْع الطَّواف كما يُعْلَم مِنْ نِدِاءِ عليّ رضي الله عنه أنَّه لا يحج بعد العام مُشْرِك، ولا يَطُوف بالبيت عُرْيَان، ولا عِبْرة بعموم اللفظ كما في قوله تعالى: {فلا يقربوا} حيث لم يذهب أحد إلى عمومه فهو مِنْ بابِ إقامةِ المراتب في المسمى، وقد مرَّ تقريرُهُ في المقدمة وإجراؤه في مواضِعَ كثيرة من تقريرِنا،

83 - باب رفع الصوت فى المساجد

هذا وههنا بحث آخر وهو أَنَّ الحُكْم إذا كان خاصًا والتعليل عامًا فهل يعم الحُكْم بعموم التعليل؟ فذهب جماعة إلى أَنَّ الحُكم يدورُ على النُّطْقِ ويَثْبُت الحُكْم فيما وراءه بالقياس، وقال جَمَاعة: إنَّ التعليلَ إذا كان عامًا فما وراء المنطوق أيضًا يكونُ داخلا في المَنْصُوصِ والنَّظر الأَوَّل يفيدُنا شيئًا، وقد يَخْطُر بالبال أنَّ قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} ... الآية جزء العِلَّة، والجُزْء الآخر منها أنهم يَدْخلون في المسجد الحرام زاعمين أنَّه من حقهم وحقّ آبائِهم بخلافِ المساجد الأخرى، فإنَّها بناها أهل الإِسلام فلا يرون فيها حقًا، فنهاهم الله أن يَدْخلوا فيه، وصدع أَنْ لا حقَّ لهم فيه كما في سائر المساجد، وإنَّما المساجد لله، وحينئذٍ حكم عدم القُرب يَتَفَرَّع على هذا المجموع، وذا لا يوجد إلا في المسجِد الحرام، فلا يكون الحُكم إلا عليه، ويَبْقَى سائر المساجد خارجة عنه. بقي البحث في أنَّ التَّعْلِيل بجُزْء العِلَّة يجوز أم لا؟ فصرح الغَزَالي أنَّه يجوز، فلو كان التَّعليل بالجُزْء جائزًا لخرجنا عن عُهدة النَّص رأسًا برأس. قلت: والفْصَلُ فيه أَنَّ الإِضافةَ على العِلَّة إن لم يَسْتَوْجِب رِكَّة في النَّص فهو جائزٌ وإلا فمحل تردد. فإن قلت: إذا كانت العِلَّة مجموعُ الأمرين فَلِمَ اقتصر على أحدِهما؟ قلت: لا بأس بالاقْتِصَارِ على الأدخل منهما، وأهل العُرف لا يراعون الطَّرْد والعكس، بل يَذْكرون ما يكون أدخل في الحكم، والأدخل ههنا كونهم مشركين، أما كونهم داخلين بالدَّعْوَى والزعم المذكور، فهو وإنْ كان مؤثِّرًا أيضًا لكنَّه دونَه فَحَذَفَه اعتمادًا، ثُمَّ أقول إنَّ تسميتَه بِتَخْصِيص العِلَّة أولى من التعليل بالجُزْء، وتَخْصِيص العِلَّة جائزٌ، وهذا كله بَحْثٌ مني فليحرر على الأصول. ولك أَنْ تقول إنَّ الآيةَ مجمَلة فلحق نداء عليّ رضي الله عنه بيانًا لها، وذلك لأنَّهم قالوا: إنَّ الإجمال إنَّما يأتي إما من جهة غَرَابَة اللفظ أو ازدحام المعاني، وليس ههنا واحدٌ منهما، نعم إنْ كان الإِجمال بحسب مرادِ المتكلم أيضًا فذلك هو المراد ههنا، كمال قال الحنفية في آيةِ المسيح إنها مجملة، وأنت تعلم أَنْ لا إجمال فيها إلا بحسب مرادِ المتكلم. أما أن مراد المتكلم هل يجب أن يُساوي مدلول اللفظ، فقد بسطناه في المقدمة. 83 - باب رَفْعِ الصَّوْتِ فِى الْمَسَاجِدِ 470 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْجُعَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كُنْتُ قَائِمًا فِى الْمَسْجِدِ فَحَصَبَنِى رَجُلٌ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ اذْهَبْ فَأْتِنِى بِهَذَيْنِ. فَجِئْتُهُ بِهِمَا. قَالَ مَنْ أَنْتُمَا - أَوْ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمَا قَالاَ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ. قَالَ لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لأَوْجَعْتُكُمَا، تَرْفَعَانِ أَصْوَاتَكُمَا فِى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تحفة 10442 471 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِى حَدْرَدٍ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ، فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى

سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِى بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ وَنَادَى «يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ، يَا كَعْبُ». قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ مِنْ دَيْنِكَ. قَالَ كَعْبٌ قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قُمْ فَاقْضِهِ». أطرافه 457، 2418، 2424، 2706، 2710 - تحفة 11130 وفي «المرقاة» أَنَّ الجهرَ في المسجد ولو بالذكر حرام، ونَقَل عن مالك رحمه الله أنَّ احترام النَّبي صلى الله عليه وسلّم بعد وفاته أيضًا كما كان في حياته. وفي البيهقي عن أنس وصححه ووافقه الحافظ في المجلد السادس «أنَّ الأنبياء أحياءٌ في قبورهم يصلون». أَشْكَل عليهم مراده، فإنَّ الروح نفسها حياة لا فناء لها سواء كانت رُوح الكافر أو المؤمن، فالأرواحُ كلها أحياء، فما معنى كون الأنبياء أحياء؟ فاعلم أنَّ تلك الأحاديث لم تَرِد في بيان حياة نفس الرُّوح ومدتها، لأنَّ حياتَها مفروغة عنها بل في تعطلها عن الأفعال وعدمه، وحينئذٍ معناه أن أَرْوَاح الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام ليست بمعطلة عن العبادات الطيبة والأفعال المباركة، بل هم مشغولون في قبورهم أيضًا كما كانوا مشغولين حين حياتهم في صلاةٍ وحج، وكذلك حال تابعيهم على قدر المَرَاتِب بخلاف من كان مُعطَّلا عنها في حياته، فإنَّه يكون معطَّلا في قبره أيضًا {وَمَن كَانَ فِى هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِى الأخِرَةِ أَعْمَى} وإلى هذا أشار بقوله: يُصلون، فَذَكَر لهم عبادة ليُنبه على معنى حياتِهم فهم يُصلُّون ويحجون في قبورهم، ويفعلون أفعال الأحياء، فهم أحياء بهذا المعنى، وهذا عُرف عام يقال للمعطَّل عن الأفعال إنه ميت وإنْ كان حيًا، فَعُلِم أَنَّ أَصْلَ الحياة عبارة عن أفعالها، وحقيقة الموت (عبارة) عن التعطُّل عنها. على وزان قولهم: إنَّ العِلْمَ حياة، والجهلَ موت، ومن ههنا انحل حديثٌ آخر رواه أبو داود في رد رُوْحِه صلى الله عليه وسلّم حين يُسَلَّم عليه صلى الله عليه وسلّم ليس معناه أَنَّه يَردُ روحه أي أنه يَحيى في قبره، بل تَوجُّهُه من ذلك الجانب إلى هذا الجانب، فهو صلى الله عليه وسلّم حي في كلتا الحالتين بمعنى أنَّه لم يطرأ عليه التعطُّل قَط، لكنَّه كان مستهلِكًا في التوجه إلى حضرة الربوبية، فإِذا سُلِّم عليه رُدَّ عليه روحه بمعنى شَغَلَهُ بذلك الجانب الذي كان معطَّلا عنه قَبْلَه. ثم الحياة فيها مراتب لا يعدها عاد ولا يحصيها محصىٍ، فحياةُ الأنبياء أعلى وأتم، وحياةُ الصحابة دونَها ثُمَّ، وثم بخلاف الكافِر، فإنَّهُ مَيْت في قبره بمعنى أنَّه معطَّل عن جميع الخيرات، ليس له غير الويل والثُبور لا بمعنى فناءِ روحِهِ ولذا قال تعالى: {لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَى} [الأعلى: 13] أمَّا أَنَّهم لا يموتون، فلأن الأرواحَ لا فَنَاءَ لها ولا موت، وأمَّا عدمُ حياتِهِم فلانْتِفَاءِ أفعالِ الأحياء عنهم، وأَفْعَالُ الأحياء هي الخيرات والحسنات، دون الفسق والفجور، كما في الأحاديث: «إن الذكر حياة، والذاكر حي، والغافل عنه ميت»، وروى الدَّيْلَمِي أن النبي صلى الله عليه وسلّم أَنْشَد مرة قول القائل: *ليس مَنْ مَاتَ فَاسْتَرَاحَ بِمَيِّتٍ ... إنَّمَا المَيّتُ مَيتُ الأحياءِ وما تتصرف الأرواح الخبيثة مِنَ الأفعالِ الخبيثة فلا يُسمى أفعال الحياة، وليست تلك إلا أشياء البركة، ولذا قررتُ فيما مرَّ أَنَّ قوله: «لا تتخذوها قبورًا» محمولٌ على الحس، وهو أيضًا

84 - باب الحلق والجلوس فى المسجد

نحو من الواقع أو يقال: إنَّه باعتبار حال العوام وإلا فَحَال الخواص قد عَلِمْتَه أنَّهم يُصَلُّون ويحجون، فقبورُهم معمورة عن العبادة فلا معنى للنهي. والحاصل: أنَّ الحياة في حديث البيهقي إنَّما هي باعتبار الأفعال، ولذا كلما ذُكِرَ في الأحاديث حياة أحد ذُكِرَ معه فعل من أفعاله أيضًا، ليكون دليلا على وجه الحياة، أما حياة نَفْسِ الرُّوح فهي بمعزل عن النَّظر. 84 - باب الْحِلَقِ وَالْجُلُوسِ فِى الْمَسْجِدِ 472 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ عَلَى الْمِنْبَرِ مَا تَرَى فِى صَلاَةِ اللَّيْلِ قَالَ «مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِىَ الصُّبْحَ صَلَّى وَاحِدَةً، فَأَوْتَرَتْ لَهُ مَا صَلَّى». وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ وِتْرًا، فَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِهِ. أطرافه 473، 990، 993، 995، 1137 - تحفة 7814 473 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَخْطُبُ فَقَالَ كَيْفَ صَلاَةُ اللَّيْلِ فَقَالَ «مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ، تُوتِرُ لَكَ مَا قَدْ صَلَّيْتَ». قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَجُلاً نَادَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِى الْمَسْجِدِ. أطرافه 472، 990، 993، 995، 1137 - تحفة 7554، 7306 - 128/ 1 474 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِى طَالِبٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِى وَاقِدٍ اللَّيْثِىِّ قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمَسْجِدِ فَأَقْبَلَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَذَهَبَ وَاحِدٌ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فَجَلَسَ، وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ الثَّلاَثَةِ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ، فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا، فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ، فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ». طرفه 66 - تحفة 15514 إنَّما نهى عن الحِلق يومَ الجمعة لئلا يَضيق الطريق على المارين، فلو كان المسجد وسيعًا جاز. 472 - قوله: (وهو على المنبر) والعَجَب أَنَّ الحديثَ رُوِيَ على المِنْبَر ولا يَرويه غير ابنِ عمر رضي الله عنه وكان يتبادر إلى الذِّهن أَنْ يرويه غيرُ واحد منهم، ويدخل فيه المسألتان: الأولى: أفضلية المثنى أو الرُّباع، والثانية: مسألة الوتر. قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله في الأُوْلى: إن الرباع أفضل في المَلَوَيْن. وقال الشافعي رحمه الله: المَثْنَى أفضل فيهما، وقال صاحباه: الرُّباع في النَّهار، والمَثْنَى في الليل، وهو

الأقوى حديثًا. واستدل الشافعية رحمهم الله بحديث الباب، وأجاب عنه الشيخ ابن الهُمام رحمه الله وقال: إنَّ مثنى معدول مِنَ اثنين فصارَ بالتكرار أربعًا وهو مذهب الحنفية. قلتُ: قد صرَّح الزَّمْخَشَري في «الفائِق» أن مَثْنَى ههنا مجرد عن معنى التَّكْرَار ومعناه اثنين فقط، ولذا احتيج إلى تَكْرِيره، على أنَّ ما ذكره الشيخ وإنْ كان نافعًا في مسألةِ التَّطوعِ لكنَّه يضرنا في مسألة الوتْرِ جدًا، وغفل عنه الشيخ رحمه الله وهو أَنَّ صلاةَ الليل إذا كانت أربعًا فبإيتارها بواحدة يحصل الوتر خمس ركعات، بخلاف ما إذا كانت مَثنى فإنها بعد الإِيتار تَحْصُل ثلاثَ رَكعات، وهي ركعات الوِتْر عندنا، ولعلَّ الشيخ زعم أنَّ الحديثَ هذا القَدْر فقط «صلاةُ الليل مَثْنَى مثنى»، وهكذا رَواه بعض الرواة أيضًا كما روى الآخرون القِطْعَة الأخيرة فقط: «الوتر ركعة من آخر الليل»، فَأَوْهَم أنَّهما حديثان مستقلان، فَحَمَل الشيخُ القِطعة الأُوْلى على مذهبه في التَّطوع، وحَمَل الشافعيةُ رحمهم الله تعالى الثانيةَ على مَذْهبهم في الوِتْرِ مع أنَّ الحديثَ واحدٌ فَصَلَهُ بعض منهم، وهاتان قِطْعتان مختصرتان من المُطَوَّل لا أَنَّهما حديثان، فبناء المسألتين يَنْبَغِي أَنْ يكونَ على المُطوَّل على أنَّه سئل عنه ابن عمر رضي الله عنه عند مُسْلِم ما مَثْنَى؟ فَفَسَّرَه أَنْ تُسَلِّم في كلِّ رَكعتين. فالجواب: ما ذكره ابنُ دقيق العيد أَنَّ الجمهور وإنْ حَمَلَهُ على بيان الأفضل، لكنَّه يَحْتَمِل أَنْ يكون للإِرشاد إلى الأخف، إذِ السَّلام بين كلِّ رَكتين أَخفُّ على المُصلِّي من الأربع فما فوقها، لما فيه من الرَّاحة غالبًا، وقضاءِ ما يَعْرِض من أمرهم. قلتُ: وما أَدَّاه ابنُ دقيق العيد احتمالا هو المراد عندي، وحاصله: أَنَّ للمصلِّي حالان. الأول: أَنْ تكونَ لَهُ وظيفةٌ راتبةٌ من ابتداء الأمر بأنَّه يُصلِّي كذا من الرَّكعات مثلا. والثاني: أنْ لا يكون كذلَك، بل كان الأمر إليه كيفما شاء، تَدَّرَج من الأقل إلى ما شاء الله. فالحديث إنْ كان واردًا على الاعتبار الأوَّلِ دل على مطلوبية المَثْنَى البتة، لأنَّه يكونُ حينئذٍ تعليمًا مِنْ جانبِ الشارع لأداءِ وظيفتِهِ كيف يُصَلِّيها، فعلَّمه أَنَّه يصليها مَثْنَى مَثْنَى ويتبادر منه استحبابه، وإنْ حملناه على الاعتبار الثاني فلا يدل على الاستحباب أصلا بل يكون بناءً على أَنَّ مَثْنَى أَقلُّ صلاةِ الليل، ولذا كرره ليدُل على أنَّ ذلك إليه مهما جاء بِشَفْع ثم جاء بشفع آخر تدرجًا على انتظارِ الصبح فعل، ولذا شَرَع مِنَ الأقلِّ لأنَّه قد لا يجد إلا مَثْنى مرةً، وإذا لم تَتَعيَّن وظيفة، ولا أَعطاه الشارع عددًا معينًا من عنده، بل تَرَكَهُ على قَدْر طاقته وفُسْحَةِ وقته جاءَ التَّعبيرُ هكذا، فظهر أَنَّ التصدير بالمَثْنَى ليس لكونِهِ مطلوبًا بل بناءً على الأقلِّ لأنَّه لا يَعْلَم أَنَّه كم يُدْرِك فَإِنَّما الأمرُ فيه إلى المُصَلِّي كيف شاء صَلَى، وجاء يزيد شيئًا فشيئًا حتى إذا هَجَمَ عليه الصبح أو أَرَادَ النوم يُوتِر بواحدة، وبعبارة أُخْرى أنَّ الشيءَ قد يُذْكَر لاعتبارهِ في نفسه، وقد يُذْكر لا لاعتباره في نفسه بل لِدَفْعِ إيهام المضرَّة عند ذكر جانب مخالفِهِ. وذِكْر المَثْنَى من قبيل الثاني لا مِنْ قبِيل الأوَّل ليدُل على اعتبارِهِ واستحبابه، وذلك لأنَّه لو ذَكَرَ الأربع لأوهم أنَّه الراجح، وربما أمكن أَنْ لا يكونَ مقصودًا لأنَّه واقعٌ في الوسط، وترك

الأول والتنزل إلى الوسط يَحْتَاج إلى نُكتة قطعًا، بخلاف ما إذا بُدِىءَ بالمبدأ والأقل، فإنَّه على الأصل غير محتاج إلى نُكْتة، لأنَّ البدايةَ بالمبدأ طريقٌ معروف، كتعريف المبتدأ وتنكيرِ الخبر ولا سيما إذا كان ذِكْرُه جَرَى تبعًا فقط، لأنَّ الحديث على ما يَظْهر سِيق لبيان صفة إيتار صلاة الليل بالواحدة كما هو مصرح في لفظِ مسلم: «أنَّ سائلا سأله فقال: يا رسول الله كيف أُوتِر صلاةَ الليل؟ فَجَعَل السؤالَ في الإِيتار لا في صلاةِ الليل، فقال: «من صلَّى صلاةَ اللَّيلِ فليصلِّ مَثْنَى مَثْنَى ... إلخ. وكأنَّه كان يَعْلَم صلاةَ الليلِ والوترِ من قَبْل، وإنَّما أُبْهِم عليه كيفية إيتارها، هل يُوتر في الأوَّل أو الآخِر أم كيف يفعل؟ فأَرْشَدَه إلى أَنَّه يُوْتِر في الآخِر، ويكونُ بذلك موترًا لجميع صلاةِ الليل. وفَهِمَ الحافظُ رحمه الله تعالى أَنَّ سؤاله عن صلاةِ الليل وعددها خاصة، فَأَرْشَده النَّبي صلى الله عليه وسلّم إلى أَنَّهَا مَثْنَى مَثْنَى ولا يكونُ إذن ذكره إلا قصديًا ويتبادر منه استحبابه لا محَالَة؛ وإذ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ السؤال لم يَقَع عن صلاةِ اللَّيل نفسِهَا بل عن إيتارِهَا، تَبَيَّن لك أَنَّ ذِكْرَ المَثْنَى تمهيدٌ لقوله: «فإذا خَشِي أَحدكم الصُّبْحَ فليوتر بواحدة»، لا أنه مقصودٌ، فلا يَتِمُّ ما رامه الحافظُ، ولذا لمَّا سُئِلَ أبو داود عن صلاةِ الليل، قال: إن شِئْتَ مَثْنَى وإنْ شِئْتَ أربعًا. كذا في سننه من باب صلاة النَّهار. وما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما في تفسير المثنى يخالفهُ ما رواه الترمذي في تفسيره مرفوعًا «من التخشّع في الصلاة مَثْنى مثنى تشهد في كل رَكعتين» إلا أنَّ في المسند أنَّه قال في جواب سائل صلاة الليل: «مثنى مثنى تسلم في كل ركعتين» فَجَعَل التفسير بالسَّلام مرفوعًا، وفيه تردد لأنَّه عند الأَكْثَرِ موقوف فلعله مُدْرَج، وكذلك في حديث التخشع زيادة: «وتَشْهَد وتُسلم في كلِّ ركعتين». والحديث إنْ كان مِنْ مُسْنَد الفضل بن عباس كما صوَّبه البخاري فليس فيه التقييد بصلاةِ الليل ولا زيادة السَّلام، وإنْ كان من مُسند المطلب ففيه ذلك، وقد أَخْرَجَه في المُسْنَد عن مسنديهما كليهما، وهذا كلام في صلاة الليل ما الأفضل فيها مثنى أو رباع. بقيت مسألة الوتر، فاعلم أنَّ الشافعية حَمَلوا قوله: «صلِّي رَكعة واحدة توتر له» على الفَصْل. فالوتر ركعة واحدة. قلت أوّلا: قال ابنُ الصَّلاح: إنَّه لم يثبت منه صلى الله عليه وسلّم الاقتصارَ على واحدة، ولا يُعْلَم في روايات الوتر مع كَثْرَتِهَا أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أوْتَر بواحدةٍ فحسب، كذا في «التلخيص» وتعقبه الحافظ رحمه الله تعالى بما ليس بشيء، وإذن حَمْلُه على الإيتار بالواحدة حمل على مسائلهم، والذي يتحصل بعد المُرَاجَعَة إلى جميع الألفاظِ أنَّه نحو تعبير وأداء ملحظ فقط لا بيان مسألة الفَصْل والوَصْل فليراعه النَّاظر، فإنَّ الرَّاوي قد يُؤدي طرفًا من الكلام ويحمله آخر على طرف آخر، فيفقد مراده، ويكونُ من باب توجيه القائِل بما لا يَرْضَى بِهِ قائله. ألا تَرى أنَّ عائشةَ رضي الله عنها تروي الإِيتار بالوَاحدة وهي التي تصرح بأنَّه لم يكن يُسَلِّم بين رَكعتي الوتر، فهل تَرَاهَا تُناقض قولها، أو تلك تفنن في العبارات، وطرقٌ في العد والحسبان، فأرَادَت تارةً أنْ تَدل على أنَّ الإيتار في الحقيقةِ إنَّمَا تتقوم بالواحدة وإنْ كانت رَكعات الوتر ثلاثًا بدون السَّلام بينهن، إلا أنَّ صِفَة الإيتار إنَّما حَصَلت فيها من جهة الواحدة الأخيرة، وهذا أمرٌ بديهي يَعْلمه البُله والصبيان، أنَّ الإيتار لا يَحْصُل إلا بِهَا فلم تَتَعرض فيه إلى

مَسْأَلةِ الفصل والوصل، والسَّلام وعدمه، وإنَّما أَرَادَت أنَّ صلاة الليلِ إذا كانت مَثْنَى مَثْنَى فكيف صارت وِتْرًا، فَدلَّت على أنَّ الواحدة الأخيرة هي التي تَتَقوم بها صفة الإيتار فهي موترة، وأَوْهَمت عبارتُها الفَصْلَ بالسَّلام ولم يكن مرادها. ولذا انحلت ثلاث الوتر إلى شفع ووتر، لأنَّ الوترَ في الحقيقة هي الواحدة بمعنى أنَّ صفةَ الإيتار في مثناه إنَّما جاءت من قِبَلِ تلك الواحدة، وأرادت تارة أنْ تُقَسم صلاةَ الليل إلى حِصَص لإظهار الوَقْفَة في البين كأربع أربع، أو بين صلاةِ الليل والوتر، وإذن كان محط كلامها إفراز حِصة حصةٍ لا بيان الشَّفْعية والوتْرِيَّة كما كان في الصورة الأولى، فلم تحل الوتر إلى جزءين. وقالت: يُصلِّي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن» إلى أن قالت: «ثم يصلِّي بِثلاث»، ونزلت تارة على التصريح بِمَسْأَلة السَّلام فصدعت أنَّه لم يكن يُسلم في رَكعتي الوتر كما عند النَّسَائي، فوقعَ الأمر أنَّه كما رَجَحَت كفة طاشت الأخرى فليعتبره. ثم اعلم أنَّ الأصل الذي لا محيد عنه أَنَّ أمرَ الفصل والوصل يدور على وَحْدة الصَّلاة وتعددها، وهو يدور على تسميتها باسم مُخْتَص، والوتر عندنا اسم لثلاث رَكَعَات بسلام واحد، وجَعْل الشَّفْع السابق من الوتر مع الفصل بِسَلام لا يَرْجِع إلى حقيقة، فإنَّ مَنْ فَصَلَ وسلَّم فقد أَوْتَر في الحقيقة بركعة واحدة، وإطلاقُ الوترِ على ثلاث ركعات على هذا التقدير مجرد اعتبار ذهني، لأنَّ حال هذا الشَّفع حينئذٍ كحال الشفعات قبله لا فَرْقَ بينه وبينها، فإنْ ثبت أنَّ الوتر عبارة عن ثلاثِ رَكَعَات لَزِمَ أَنْ تكون تلك الواحدة موصولة بشفعها، لأنَّها لو كانت مفصولة كانت هي الوتر ولا يبقى لها علاقة مع الشَّفع الذي قبلها. اللهم إلا باعتبار الذهن، وإنْ ثَبَتَ اأنَّه عبارة عن رَكعة وَجَبَ أنْ تكون مفصولة قطعًا فإنَّها هي الصَّلاة المعتبرة الموسومة باسم مُسْتَقِلَ على هذا التقدير، فلا معنى لاعتبار الشُّفْعَة السابقة معها، وعليه يدور حديث «مِفْتَاح الصَّلاة الطُّهور، وتحريمها التكبير وتحليلها التسلم». يعني أنَّ الصَّلاةَ الواحدةِ تكون لها تحريمة تَدْخُل بها فيها، وتحليلا تخرج عنها، فإذا كَبَّرْتَ فقد دخلت في الصَّلاة، وإذا سلَّمْتَ فقد خرجتِ منها، فإذا كانت الصَّلاة واحدة تكون تحريمتها وتحليلها أيضًا كذلك، لا أنَّها تَبْقَى واحدة، ولو سَلَّمْتَ في خلالها فالصَّلاة الواحدة لا تَتَحمل إلا تسليمة واحدة كما لا تَتَحمَّل إلا تحريمة كذلك، وحينئذٍ لو سَلصمتَ فِي ركعتي الوتر لا تكون المجموع صلاة واحدة، فَأَمْر الفصل والوصل يبْني على وحدة الصَّلاة، لا على هذه التعبيرات التي جاءت على ملاحظ مختلفة. وإذن حديث: «إذا خَشَى أحدكُم الصُّبْح صلى رَكعة واحدة توتر له ما قد صلى»، على شاكلةَ ما عندَ الطَّحاوي عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «مَنْ أَدْرَكَ من صلاةِ الغداة رَكْعة قبل أنْ تَطْلَعَ الشمس فليصلّ إليها أخرى». فهل ترى تلك الرَّكعة مفصولة أو موصولة فكما أنَّ تلك الرَّكعة موصولة لأنَّها اعتُبرت جزءًا من صلاة الغَداة وهي صلاة واحدة مُسَمَّاة باسم منفرد، كذلك الركعة في قوله: «صلى رَكعة واحدة» موصولة مع الشَّفْع الذي قبله لكونها جزءًا لصَلاةٍ واحدة مسمَّاة باسم الوتر، وهو ثلاث رَكعات عندنا.

وإنَّما أوردناه نظيرًا على معناهُ المشهور، وإلا فالأمْرُ عندي ليس كما زعموه، وفيه كلامٌ طويل ذكرته في موضعه، وما يدلك على كَوْنِ الثَّلاث صلاة واحدة تَمَيزُهَا بالقراءة مِنْ صَلاةِ الليل، والصَّلاة الواحدة المفردةِ بالاسم المتميزة بالقراء لا يُعرف فيها الفصل، فعند الترمذي وغيره عن ابنِ عباس رضي الله عنهما «كان رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم يقرأ في الوتر بسبح اسم ربك الأعلى، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، في رَكعة رَكعة» اهـ. ثُمَّ الشَّارع إذا لم يُعْطِ لهذه الواحدة ما يَخْتَص بها مِنْ طريقة، ولم يَذْكُر لها تحريمة على حِدَةٍ نجعلها مما قبلها ونَصِلها بها مشيًا على لفظه متى أردنا الانصراف، ولا نزيد سلامًا من عندنا لأنَّه أَمَرَنَا عند إرادة الانصراف أنْ نوتر بواحدة فلا نَزَيد عليِ شيئًا مِنَ الصَّلام، بل نقوم كما نحن بدون سلام، ولا نعدها صلاة على حِدَة، بل ندعها على حال التَتِمّة من الشَّفَع الذي قبله إلا الأشفاع السابقة قد فُصِلت قبل هذه الإرادة بخلاف هذا الشَّفع الأخير وعليه سَنَحت لنا إرادة الانصراف، وعند ذلك أُمِرْنا بالرَّكعة فنكْتَفِي بما أمرنا ونعدها كالتتِمَّة لما سبق، فتكون موصولة لا مَحَالة كما زيد في صلاة الحضر وكانت تتمة موصولَة لا مَفْصُولة، كذلك تلك الرَّكعة كانت كالتتمة فلا نَفْصُلها. والحاصل: أنَّه أبرز الواحدة على حِدة فِي العبارة فقط لا على الفَصلِ فِي العمل، وإنما لم يقل: فليوتر بثلاث من أول الأمر، لأنَّ له مكنة أَنْ يوتر بواحدة، أي مثانية شاء فله أنْ يوتر مثناه الأول أو الثاني إلى غير ذلك، فالمقصود هو الإِيتار فِي الآخرِ، ولا بد أنْ يكونَ هناك موتَرًا - بالفتح - ليوتره وهو الشَّفْع، وإذا كان أقل ما يوتره هو الشَّفْع خَرَجَ أنَّ الوتر ثلاث، وإذا كان صلاة برأسها خَرَجَ أنْ لا تَسْلِيم بينها، بَقِي الأحاديث على تصريح الثَّلاث فكثيرة مسرودة في مواضِعها، وإنما أردنا ههنا أنْ نَتَكَلم على ألفاظِ هذا الحديث فقط، ثم قد يتخايل أنَّ الحديثَ يُخالف وجوبَ الوتِر لأنَّه إذا جَاءَ يُصَلِّي مَثْنَى مَثْنَى فإذا بلغ إلى المَثْنَى الأخيرة وهَجَم الصُّبْحِ، يزيد رَكعة واحدة أخرى على نص الحديثِ، ويكون ذلك وترًا لهُ مَعَ أنَّهُ لم يَنْوِ إلا تطوعًا، فإمَّا وهَجَم الصُّبْح، يزيدَ رَكعة واحدة أخرى على نص الحديثِ، ويكون ذلك وترًا لَهُ مَع أَنَّهُ لَمْ يَنوِ إلا تطوَعَا، فإمَّا يلزم أنْ تكونَ هذه مثل صلاة الليل فِي النِّية فينحَط الوتر عن رُتبته، أو تَتَرَقَى صلاةُ الليل عَنْ رُتبتها. قلتُ: إنَّما عَلَّمَهُ الشارع بهذا الحديث مسألةُ إيتار صلاةِ الليل واختتامها ب، أمَّا مسألة النِّية فكما سلكته الشريعة في سائر الصَّلوات لم يُعْطِ فيها تفصيلا في هذا الحديث، والنِّية عبارة عندهم عن إرادةِ إدخال المسمُّى في الوجود مثلا: أُصلي الوتر أو الظُّهر أو العصرِ، أمَّا كونه فرضًا أو واجِبَاٍ فأمرٌ يَلْحَقُه مِنْ خارج، وليس داخلا في نفسة النِّية، فإذا سَمَّت الشريعةُ صلاةً باسم على حِدَة وبيَّنت صفتها وهيأتا وميَّزَتْهَا عن سائرِ الصَّلوات كفى له في أمرِ النِّية إدخالها في الوجود فقط ناويًا مسمَّى ذلك الاسم، وهو الذي أراده الفقهاء من قولهم: والشَّرط أنْ يَعْلَم بقلبه أي صلاة يُصلِّي، فهذا القَدْر هو المعتبر عندَهُم في النِّية، وإنَّما عَلَّم الشارعُ هذا السائلَ أنَّ وِتْرَه يَتَضَمَّن شَفْعَا ووترًا. والمجموعُ وتره ليكون على علم منه في مستقبل الزمانِ، وليكون على

85 - باب الاستلقاء فى المسجد ومد الرجل

أهبة مِنْ أمْرِهِ قَبْلَ هجوم الصُّبْ عليه، فهو يُصلِّي صلاةَ اللَّيل وينوي في آخرها ما قد تَعلَّمه وحَفِظَه وترًا في الهيأة مَنْ أوَّل الأمر، وهذا يَكْفِي في أمر النِّيةِ أي كفاية. وأمَّا فَرْض أَنَّهُ فَرْض أَنَّهُ يُصلَّي ذَاهِلا عَنْ أَمْرِ والتر فإِذَا هَجَمَ الصُبح ولم يَبْقَ إلا مِقْدَارَ رَكعة بادَر إلى والتر، فَهَذَا فَرْض لا يقع في العمر مرة فخشية الصبح وإدراكه المُصلي طريقة بيان فقط، ونحو التعبير يأتي في تعليم من لا يَعْلم هكذا إلا أنَّهُ يُجزيه كذلك كل يوم فِي عُمْرِهِ ويستعمله طُول دَهْرِهِ. 472 - قوله: (واجعلوا آخر صلاتِكم) ... إلخ على اللَّغة الصَّرْفَة، ولم يرد بالوتر الصَّلاة المعهودة المُتَمَيرة باسمِ على حِدَة، وإلا لَقَالَ اجعلوا الوتر آخِر صلاتِكُمْ، والأمرُ فيهِ على الاستحبابِ لا على الوجوبِ، فهوَ لَتَحْصِيلِ فضيلة الإِيتار في الآخر، وإنَّ الله وتر يحبُ الوتر، وَحَمَلَهُ بعضُهم على ظاهره حتى ثال بنقضِ الوتر، فَمَنْ كانَ لأتر في أول الليل. ثم استقيظَ فِي آخره وبدا له أَنْ يُصلِّي صلاةَ الليلِ، عليه أَنْ يَنْقُضَ وِتْره برَكْعة ثم يُتر في آخرِ صلاتَهُ لأجل هذا الحديثِ. وقد عَلِمت أنَّ الآخِريَّة مطلوبة لكن لا بحيثُ يُوجب نَقْض المُؤَدَّى، وكذلك لا يذهب وَهَلَك إلى أنَّ الوتر لمحض محبة الإِيتار وليست صلاة بَرَأْسِهَا، فإذا لم تجب صلاةُ الليلِ كيف تجب الوتر لأَنَّهَا صارت صلاة برأسها أيضًا، كما يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلّم «إنَّ الله أَمَدَّكم بصلاةٍ هي خير لكم منن حُمْر النِّعم» وأَمَرَ غير واحد منالصحابةِ أنْ يُصلُّوها بعد العشاءِ إذا لم يثقوا بالانتباه في آخرِ الليل، فدلَّ على أنَّهَا صلاة مستقلة كوتر النَّهَارِ وهي صلاةُ المغرب، وإنَّما اشتبه الأمرُ ولم يَتَمَيَّز إذا كانت فِي آخرِ صلاة الليل وعُدَّت من سلسلتها، وأما إذا نُقلت إلى أول الليل تميزت عن غيرِهَا كما تميزت بإِفراد قرابتها ورَكَعاتها وقضائها (¬1). 85 - باب الاِسْتِلْقَاءِ فِى الْمَسْجِدِ وَمَدِّ الرِّجْلِ 475 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُسْتَلْقِيًا فِى الْمَسْجِدِ، وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى. وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ كَانَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ يَفْعَلاَنِ ذَلِكَ. طرفاه 5969، 6287 - تحفة 5298، 10446، 9804 وإنَّما نهى عنه لِمَخَافَةِ الانكشاف إذا لم يَتَحفَّظ أمره، فإن كان متيقظًا متحفظًا لحاله جاز، ومِنْ عَلِمَتَ أنَّ الحكم في الشريعة قد يَرِدُ على علة ولا سجب تحققها في كلِّ فَرْدٍ، نعم يجب في الجنسِ أو النَّوعِ المنضبط، وقد يَنْقَسِم الحُكم على العِلَّةِ كَمَا تَرَى ههنا في الاستلقاء. ¬

_ (¬1) قلت: هذه عدة مباحث التقطتها من رسالة كشف الستر عن مسألة الوتر للشيخ رحمه الله تعالى على ما أدى إليه فكري مع إيضاح وبيان من عندي، وأين النقل من الأصل فإن كنت تريد البسط فراجعها وإنما لم أنقلها بألفاظها ليكون أسهل تناولا للطلبة أهـ. وسائر مباحثه فسنذكرها في باب الوتر إن شاء الله تعالى.

86 - باب المسجد يكون فى الطريق من غير ضرر بالناس

86 - باب الْمَسْجِدِ يَكُونُ فِى الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ بِالنَّاسِ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَأَيُّوبُ وَمَالِكٌ. 476 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَىَّ إِلاَّ وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلاَّ يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَرَفَىِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، ثُمَّ بَدَا لأَبِى بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، فَكَانَ يُصَلِّى فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَقِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ، وَأَبْنَاؤُهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلاً بَكَّاءً لاَ يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. أطرافه 2138، 2263، 2264، 2297، 3905، 4093، 5807، 6079 تحفة 16552 - 129/ 1 يعني إذا بَنَى أحد مسجدًا في طريق ومَمَرِّ النَّاس ولم يكُن منهُ ضررًا لأحد جاز، وضَيَّقَ فيه فقهاؤنا إلا عند إذن الوالي أو القاضي كما في إحياء الموات. قلتُ: والأقربُ عندي أنْ يقسم على الحالات، فإنْ ظَهَرَت فيهِ مماكسةِ مِنَ النَّاسِ يَنْبَغِي أنْ يتوقف على الإذن وإلا لا، وهذا أيضًا مِنَ الأشياء التي لا يَنْبَغِي إدْخَالُهَا في الفِقْهِ، وقد نَبَّهتكَ على أنَّ مَنَ لا يَدْخُل تحت مسائِلِهم ويصح، ويجري على طريق المروة. فالحاصل: أَنَّ المسائلَ قد تَخْتَلِف باعتبارِ عادات البلدان أيضًا أيضًا فلينظره أيضًا. حكاية: كَتَبَ الشاه ولي الله رحمه الله تعالى في ترجمة ميرزا الهروي وكان والده تلميذًا للهروي، فَذَكَر أنَّ الهروي كان قاضيًا في بلدة آكره فصنع للشاه عبد الرحيم رحمه الله تعالى طعامًا، وكان شهر رمضان فَحَضر وقت الإفطَار، فَسَمِعَ صوت رجلٍ يبيع الكَبَاب فدعاه واشْتَرَى منهكَبَابَا، فقال له الشاه عبد الرحيم رحمه الله تعالى: إنَّهُ بَاعَ منك بأنقص من ثمنه المعروفِ، فلمَّا نظر فيه الهروي عَلِمَ أنَّه كذلك، فلمَّا سأله قال له: إنَّما فعلته رجاء أنْ تُرَاعِي في حُكْمِك، فإنَّ قطعة من دُكَّاني كانت نحو الطريقِ، فأَمَرْتَ بهدمها، فراعيت معك في الثمن لعلك تراعي في حُكْمِكَ أيضًا، فقال لَهُ الهروي: ويلك لقد أفْسَدت علينا صومنا من رشوتك هذه. قلت: فهذه ديانة أهل المَعْقُول في الزمان الماضي ولن تَرَ مثلها اليوم ممن كان مُحدِّثًا أو فقيهًا فيا أسفًا كيف انقلب الزمان ظهرًا لبطنَ والله تعالى هو المستعان. 87 - باب الصَّلاَةِ فِى مَسْجِدِ السُّوقِ وَصَلَّى ابْنُ عَوْنٍ فِى مَسْجِدٍ فِى دَارٍ يُغْلَقُ عَلَيْهِمُ الْبَابُ. 477 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ

أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «صَلاَةُ الْجَمِيعِ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ فِى بَيْتِهِ، وَصَلاَتِهِ فِى سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وَأَتَى الْمَسْجِدَ، لاَ يُرِيدُ إِلاَّ الصَّلاَةَ، لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ خَطِيئَةً، حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ، وَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِى صَلاَةٍ مَا كَانَتْ تَحْبِسُهُ، وَتُصَلِّى - يَعْنِى عَلَيْهِ - الْمَلاَئِكَةُ مَا دَامَ فِى مَجْلِسِهِ الَّذِى يُصَلِّى فِيهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ». أطرافه 176، 445، 647، 648، 659، 2119، 3229، 4717 - تحفة 12502 وهذا ناظر إلى كونِ الأسواقِ شَرُّ البقاع والمساجد خير البقاع فإذا بني المسجد في شر البقاع فهل يصير خير البقاع مع كونه شر البقاع، وهل يَحْصُل فيه تضعيف الأجر وثواب الجماعة أوّ لا. قوله: (وصلَّى ابن عون) وقد مَرَّ مني في «شرح المُنية» أَنَّ الم2لِّي في البيت مَعَ الجماعةِ لا يُعد تاركًا، لها نعم يُفوت عنه فضل الجماعة (¬1). 477 - قوله: (صلاته في سوقه) وظَنِّي أنَّ الحديث سِيقَ بناءً على عادَتِهم في عَهْدِ النُّبوة مِنْ أَنَّ المساجدَ لم تكْنِ في أسواقِهم، فإِذَا كانت أسواقُهم خالية عن المساجد لا تكونُ صلاتُهم فيها إلا منفَرِدين وعلى هذا يُقَابِل صلاةُ الجميع بصلاتِهِ في صوقِهِ بناءً على أنَّه منفرد في سُوقِهِ (¬2) كما في البيت وليس مِنْ بابِ تَقَابل الجماعة بالجماعة في السُّوقِ، نَعَم لو فُرِضَ أنَّ أحدًا بَنَى مسجدًا في السوق ماذا يكون حكمه؟ فجوابه على قواعد الشريعة أنَّه يَصيرُ مسجدًا ويَحْصُل فيه ثواب الجماعة، وحينئذٍ ترجمته ليست مستفادة من الحديث. ثم علم أنَّ صلاةَ الجماعة واحدةٌ بالعددِ عندنا، لا صلوات بعدد من فيها كما هي في العرف والعادة وعليه قوله صلى الله عليه وسلّم «أعجبني أنْ تكونَ صلاة المسلمين أو المؤمنين واحدة» وعليه قوله تعالى: {إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] فصلاة الجماعة مفردة لا تثنية ولا جمع، وإنما يحللون إليها حيث دعت إليه حاجة، ولذا قال: صلاة الجميع ولم يقل صلوات الجميع وهي عند الشافعية رحمهم الله تعالى عبارة عن الصلوات المجتمعة في المكان الواحد مع وظيفة كلٍ على حِدَة، فالمقتدرون كلُّهم أمراء أنفسهم وكل على حيالهم، وإنَّما يتبعون الإمام في الأفعال فقط حتى إنَّ فَسَادَ صلاة الإِمام لا يَسْرِي إلى صلاتهم، فهذا هو حقيقة الجماعة ¬

_ (¬1) لعل هذا سهو من فضيلة الجامع في الضبط أو زَلَّة مِنَ القَلم، والصحيح: يفوت عنه فضل المسجد. وهكذا أتذكر من "الفتاوَى الخانية" فإِنَّه صرَّحَ فيها بإِدْرَاك فَضْلِ الجماعةِ وراجعت ما ضبطه صديقنا مولانا عبد العزيز الكاملفوري فوجدتُ فيه أيضًا كما ظَننتُه فليراجع إلى "شرح المنيةَ" ليتضحَ الحالُ والمرادُ من "شرح المنية" هنا هو "الشرح الكبير" عليها للشيخ إبراهيم الحَلَبي وقد طُبع بالهند غير مرة. البَنُّوري. (¬2) قال النَّووي في شرح مسلم، إِنَّ المراد به صلاته في بيته وسوقه مُنْفَرِدًا هذا هو الصواب، وقيل فيه غير هذا، وهو قول باطل نبهت عليه لئلا يغتروا به.

عندهم. إذا علمت هذا فاعلم أنَّ حديث: «لا صلاة .. » إلخ لا يَصلُح أن يُحْنَج به على قراءة المقتدي، لأنَّه لا يدل إلا على فاتحة واحدة في صلاة واحدة، وقد قلنا به، فإِنَّ قلنا به، فَإِنَّ صلاة الجماعة صلاة واحدة بالعدد في نظر الشريعة، وحيئنذٍ لا تجب صلاة واحدة، وقد قلنا به، فإِنَّ صلاة الجماعة صلاة واحدة بالعدد في نظر الشريعة، وحينئذٍ لا تجب فيها إلا فاتحة واحدة وقد كَفَاها الإِمام. وسيجىء الكلام في موضعه. قوله: (خمسًا وعشرين) وجَمَعَ الحافظُ رحمه الله تعالى بين خمس وعشرين وسبع وعشرين بحمل الأوَّل على السِّريَّة، والثاني على الجهرِيَّة، ثم دار البحث في أَنَّ الفضل المذكور بين المنفرد وبين المصلي بالجماعة، وبين المسجد والبيت، فأقام الشيخ تقي الدين ههنا بحثًا أصوليًا وقال: إنَّ قوله «فإِنَّ أحدَكُم ... » إلخ علة منصوصة فلا يجوز إلغاؤها، وحينئذٍ يَختَص تضعيف الأجر بمن أتاها من البعد فلا يحصل التضعيف لمن صلى في بيته بالجماعة. قلتُ (¬1): وهذه الأشياء وإنْ كانت دَخِيلة في التضعيف لكنَّها ليست مناطًا له، فإِنَّ الحديث إنَّما وَرَدَ على عُرْفِهم فإِنَّهم إذا طَعِموا في إدْرَاكِ الجَمَاعة لم يكونوا يُصلُّونَها في البيوت، وكانوا يَذْهبون إلى المساجد فإِنْ فاتتهم الجماعة صلُّوها في البيوت فجماعتهم لم تَكُن إلا في المسجد، ولم تَكُن في البيت إلا الصَّلاة منفردًا، وقد تغير العُرف فِي زماننا فجَعَل بعضُ المترفهين يَجْمَعُون في بيوتهم وليس الحديث على هذا العُرف، وبالجملة ينبغي للمجتهدِ أنْ يُدير التضعيف وعدمه على الاجتماع والانفراد دونَ المسجد، والبيت، وكذلك ورد في الحديث وضوءهم على عادتهم في الإِتيان إلى المساجد، لكونِهِ مناطًا حتى إذا لم يأتِ مِنْ مكانهِ متوضئًا أَوْ أَتَى من مكانٍ قريب أو صَلَّى في بيتهِ بالجماعة أَدْرَك هذا الأجر فليخرج المناط وليحترز عن المشي على القواعد فقط. ثم الحديث إنما سيق لبيان الفَرْقِ بين حال الانفراد والاجتماع، أمَّا إذا كانت الجماعة قليلة والأخرى كثيرة، فإنَّ الثانية للفضل على الأولى بعدد مَنْ فيها، كذا في أبي داود (¬2)، والعَجَب من بَعْضِ الشَّافعية (¬3) حيث تمسكوا من حديث الباب على نية الجماعة بأنه إذا كان لِصَلاةِ المنفردِ أجرًا ¬

_ (¬1) فعند أبي دَاود عن أبي هريرة مرفوعًا الأبعد فالأبعد من المسجد أعظمُ أجرًا -ولكنَّه لا دَخْلَ له في الحساب المذكور- وهو عند مسلم أيضًا وكذا عند مسلم "دياركم تَكْتُب آثاركم" اهـ. وجعل في زيادة الأجر لا في نفس أجر الجماعة، وهكذا حديث "بشر المشَّائين في الظُلَمِ بالنَّور التام". اهـ. (¬2) ولَعَلَّه أَرَادَ ما أخرجه أبو داود في فضل صلاة الجماعة عن أُبي بنِ كَعْب مرفوعًا وفيه: "صلاةُ الرجُل مع الرجل أَزْكَى من صَلاتهِ وحدَهُ، وصلاته مع الرجلينِ أَزْكَى من صلاتِه مع الرجل، وما كَثُرَ فهو أحب إلى الله عز وجل". وحينئذٍ لا تعارض بين الروايتين، فإنَّ الزيادَةَ بخمس وعشرين أو سبع وعشرين بالنِّسبةِ إلى الانفرادِ والجَمَاعَةِ، وتلك بالنِّسبة إِلى حال الجماعة في نَفْسِها، أي الجماعةِ القليلةِ والكثيرة فاعْلَمه. (¬3) قال النَّووي واحتج أصحابُنا والجمهور بهذه الأحاديث على أن الجماعةَ ليست بِشَرْط لصحة الصَّلاة خلافًا لداود، ولا فرضًا على الأعيان خلافًا لجماعةٍ مِنَ العُلماء، والمُخْتَار أَنَّها فرض كفاية وقيل: سُنَّة. قلت: ما تمسك منها على الأمور الثلاثة الأول صواب أما من تمسك بها على الأجر ففيه بُعد كما ذَكَرَه الشيخ رحمه الله تعالى.

88 - باب تشبيك الأصابع فى المسجد وغيره

واحدًا دلَّ على اعتبارِهَا وعدم القصور فيها عند صاحبِ الشَّرع، وإنَّما الجماعةُ لمعنى الفضل لا غير، أقول: ذكر أجر المنفرد جرى في ذيل الحساب لا لما فَهِمُوا وليحذر عن الاستدلال بما يُذْكَر في الحسابِ والتشبيهات، ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلّم عند الترمذي «في كلِّ أربعين درهمًا درهم»، هل ذَهَبَ أحدٌ إلى إيجابِ درهم واحد في أربعين؟ وذلك لأنَّه ذُكِر لبيان الحساب فقط لا لبيان النِّصاب، فالخمسة في المائتين بحساب دِرْهَم في كل أربعين، فالأحكام والمسائل عند ذوي الألبابِ تُؤْخَذُ من الخطاب لا مما ورد في صَدَر الحساب. 477 - قوله: (ما دَامَ في مجلسه) أي لانتظار صلاةِ أخرى أو لتلك الصَّلاة، وقد وَرَدَ عن السَّلف بالنحوين. 88 - باب تَشْبِيكِ الأَصَابِعِ فِى الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ 478 و 479 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ بِشْرٍ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ حَدَّثَنَا وَاقِدٌ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَوِ ابْنِ عَمْرٍو شَبَّكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَصَابِعَهُ. تحفة 7428 480 - وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَبِى فَلَمْ أَحْفَظْهُ، فَقَوَّمَهُ لِى وَاقِدٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى وَهُوَ يَقُولُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، كَيْفَ بِكَ إِذَا بَقِيتَ فِى حُثَالَةٍ مِنَ النَّاسِ بِهَذَا». تحفة 7428 481 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا». وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ. طرفاه 2446، 6026 - تحفة 9040 482 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ شُمَيْلٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِحْدَى صَلاَتَىِ الْعَشِىِّ - قَالَ ابْنُ سِيرِينَ سَمَّاهَا أَبُو هُرَيْرَةَ وَلَكِنْ نَسِيتُ أَنَا - قَالَ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامَ إِلَى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِى الْمَسْجِدِ فَاتَّكَأَ عَلَيْهَا، كَأَنَّهُ غَضْبَانُ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَوَضَعَ خَدَّهُ الأَيْمَنَ عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى، وَخَرَجَتِ السَّرَعَانُ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالُوا قَصُرَتِ الصَّلاَةُ. وَفِى الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ، وَفِى الْقَوْمِ رَجُلٌ فِى يَدَيْهِ طُولٌ يُقَالُ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتِ الصَّلاَةُ قَالَ «لَمْ أَنْسَ، وَلَمْ تُقْصَرْ». فَقَالَ «أَكَمَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ». فَقَالُوا نَعَمْ. فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى مَا تَرَكَ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ. فَرُبَّمَا سَأَلُوهُ ثُمَّ سَلَّمَ فَيَقُولُ نُبِّئْتُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ ثُمَّ سَلَّمَ. أطرافه 714، 715، 1227، 1228، 1229، 6051، 7250 - تحفة 14469، 10891 أ - 130

فائدة

وما نهَى عنه إلا لأَنَّه هيئة قبيحة، ونَهَى عنه في أبي داود عند إتيانِهِ إلى المسجدِ لكونِهِ في الصَّلاةِ حُكْمَا، فإِذَا كان لمعنىً صحيح كما فعله النَّبي صلى الله عليه وسلّم لتمثيل الفتن والهَرْجِ والمَرْجِ فهو جائز، وبالجملة أن التشبيك بدون حاجةٍ ممنوع خارج المسجد أيضًا، وأمَّا من حاجة فجائز في المسجد أيضًا. فائدة ورأيت عن سُفيان الثَّوري أَنَّ المحدِّثين قد كَثروا اليوم، فلو كان فيهم خيرًا لذهبوا كما ذهب سائر الخيرات. حديث ذي اليدين. 482 - قوله: (إلى خشبة معروضة) أي واقع في جانب العَرْض، قيل هي الأُسطوانة الحنَّانة، وفي «مسند الدَّاري»: أنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلّم لمَّا التزمها وسَكَت صغى إليها وقال: «إني كنت خيرتها بين أَنْ أردها إلى مكانها أو أنْ يأكل منها عباد الله في الآخِرة فاختارَت الآخرة». والمرادُ بأكلِ عباد الله منها في الآخرة عندي أن تُدفن في رياض الجنة لأنَّها عندي قِطعةِ مِنَ الجنَّةِ بدون تأويل، فكانت دُفنت جانب القِبلة عَرْضَا ولعلها كانت تُرَى إذ ذاك شاخصة، قال القاضي: وكانت هذه الأسطوانة هي الحنانة يعني بعد ما دفنت كانت مرئية إذ ذاك شيئًا منها، ووضِع المنبر يوم دفنت الحنانة. وعندي روايات عديدة تدل على تقدم المِنبرَ على البدر بكثير، فتعين أنْ تكون هذه الواقعة قَبْلَ نَسْخِ الكلام. قوله: (يقال له ذو اليدين) والنَّاس كانوا يَدْعُونَه بذي الشمالين، وإنَّما غَيَّره النَّبي صلى الله عليه وسلّم وسلَّم وقال له ذو اليدين. 482 - قوله: (ولم أَنْسَ ولم تُقْصَرِ) أي على ما في ظَنِّي، وهذا غير رَاجع إلى مَذْهَبِ الجاحظ وأوضحه التَّفْتَازَاني فراجعه، واعلم أنَّ أبا هريرة أَنَّه لم يَكُنْ شريكًا في هذه الاقعة لأنَّه جاء في السَّنَة السَّابِعَة وهذه الواقعة قَبْلَ بَدْرٍ، وما يدلك على أنَّهخ لم يَحْضُر تلك الواقعة ما أَخْرَجَه الطَّحاوي عن ابنِ عمر رضي الله عنه بإِسناد قوي أنَّهُ ذَكَر لَهُ حديث ذي اليدين فقال: «كان إسلام أبي هريرة بعدما قُتِلَ ذو اليدين». ورواتهُ كلهم ثقات إلا العمري فإنَّهم تَكَلَّموا فيه، لكَنْ صرَّح ابنُ مَعِين أنَّهخ ثقة في نافع، وأمَّا ما رواه أبو هريرة «صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وسلَّم» فمعناه معاشِرَ المسلمين ولا يُريد به نفسه، ومثل هذه الإضافات وَقَعَتْ في القُرآنِ والحديثِ فلا بُعْدَ فيه قال تعالى: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا} ... الآية [البقرة: 72] يعني آباؤكم أيها اليهود فَنَسَب فعلهم إلى المخاطبين، وَكَمَا قال طَاوس: قَدِمَ علينا مُعَاذ بنُ جبل أي قَدِمَ بلدَنا، لأنَّ طاوسًا لم يكُن ولا حين قَدِمَ مُعاذ في اليمين، فإنَّ قُلْتَ: وهذا في صيغةِ الجمع سائغ، أمَّا في صيغة المُتَكَلمفلا يُنْسَب ما فعله آباؤك إليك بصيغة المفرد المُخَاطب، فلا يقال في الآية المذكورة إذْ قَتْلَ أَنْتَ أيها الفلان لأنَّهِ يَقْتَضِي إنتساب الفعل إليه حقيقة، والغَرَضُ

أَنَّه لا يكون له فاعلا مع أَنَّه ورد عند مُسْلِم «بينا أَنَا أُصليِّ» بصيغة الإفراد فلا تَجْرِي فيه التأويل المذكور. قلتُ: وهذا مَهْمٌ عندي قطعًا لأنَّ أكثر الرواة وَرَواهُ بالجمع، فجاءَ واحدٌ فرواهُ بصيغةِ الوَاحدِ روايةً بالمعنى، كيف لا وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ أبا هُريرة رضي الله عنه لم يُدْرِك تلك الوَاقِعَة، وكان إسلامُ أبي هريرة رضي الله عنه بعد ما قُتِلَ ذو اليدين كما صَرَّح به ابنُ عمر رضي الله عنه؛ وإنْ كان لا بُدَّ لك من التأويلِ، فالأَوْجَه أَنْ يقال: إِنَّهخ لا يُريد به شَركته في تلك الصَّلاةِ بَل يُريد بيان تَثَبُّتِهِ بأنَّهُ يَحْفظها كأَنَّه صلاهَا خَلْفَه، وهذا ما يَفْعله الرُّواة عند بيانِ تثبتهم لأمرٍ، فينقلون كأنهم يَرَونَه الآن، فيقول قائل كأني أنظر إلى بياضِ ساقيه، وآخر كَأَنَّي أَرَاهَ يَرْفَع يديه، فهذا كله للتنبيه على مزيد إتقانِه وحفظِهِ فقوله: «بينا أَنَّا أُصلِّي» أيضًا مِنْ هذا الوادي، وليس بناءً على أَنَّه صلاهَا حقيقة، ثُمَّ إنَّ ذا اليدين هو ذو الشمالين ولقبه خِرْباق، لأَنَّهُ كان يَعْمَل بيديه واسمه عمير، وهو من سليم ابن ملكان بطن من خزاعة فهو خزاعي كما أَنَّهخ رجلٌ واحدٌ كان يُقال لعه ذو الشمالين وسماه النَّبي صلى الله عليه وسلّم ذا اليدين وهو خرباق وعمير وخزاعى وسلمى، ومن لم يعرف وجه هذا الاختلاف ظَنَّ أَنَّهُما رجلان وقد بيَّنا لك وجه تعدد إسمه ولقبه ونسبته فلا تغْفَل، وقد نَظَمْتُهُ في البيتين، بيتان للحنفية وبيتان من جهة الشافعي رحمه الله. أما مِنْ جانِبهم فقلت: *الذي كان شهيدَ البَدْرِ ... ذو الشمالين بنُ عبد عمرو *ثم خِرْباق بن عمرو آخر ... ذو اليدين السلمي ذكروا ومِنْ جانبِ الحنفية: *قيل عمرو عبد عمرو واحد ... وابنه هذا عمير قرروا *من سليم ابن ملكان ولا ... ابن منصور فَخُذْ ما حرروا وأَجْوَدَ شيءٍ ما ذكره النِّيْمَوي في «آثار السنن» أَنَّ أبا محمَّد الخُزاعي قال: ذو اليدين أَحدُ أجدادِنَا وهو ذو الشمالين هَكَذَا نَقَله عن مسند أبي عبد الله محمَّد بن يحيى العَدَنِي - وذلك لكونِهِ شهادة على اتحادِهَما مِنْ أَهْلِ بَيتِهِ، وصاحب البيت أَدْرَى بما فيها، ولكنَّي كُنت أَرْغَب في أَنْ أَعْرِفَ أَبَا محمَّد الخُزّاعي مَنْ هو فرأيت مرةً رواية عنه في «الدر المنثور»، ثم وجدت تَذْكِرته في «الأنساب» للسَّمْعَاني أَنَّهُ مِنْ أهل الري من ذُرِّية ذي اليدين، عالمٌ نِبيهُ القَدْرِ جليلُ الشأنِ، فلا أرى شهادة أحدٍ تُوازي شهادته، وهذه مَنْ أَجلّ القرائن على كونِما رجلا واحدًا. وسنعود إلى بسطه إن شاء الله تعالى. قوله: (وسَجَدَ مثلَ سُجُوده) وقد عَلِمْتَ مَرةً، أنَّ بَعْضَا مِنَ الرُّوَاة ينفون السَّجدة رأسًا، وقد مَرَّ مني وجهه أَنَّ ذكره وحذفِهِ يُبْنَى على اجتهاد الرُّواة، فمن نَفَاهَا فإنَّما نَفَاهَا لأَنَّها لم تَكُن واجبة عليه حَسَب زعمه، وهذا إنَّما يُسَوَّغ له إذَا كانت تلك الواقعة قَبْلَ نسخِ فلا يكون موجبَا للسجود. 482 - قوله: (فيقول نبئت أن عِمْرَان بن حصين) ... إلخ واعلم أنَّ هُنَاك حديثان حديثِ

89 - باب المساجد التى على طرق المدينة والمواضع التى صلى فيها النبى - صلى الله عليه وسلم -.

عِمْرَان بن حُصَيْن رضي الله عنه، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه مع تغاير بينهما، فحملهما النَّووي على تعدد الوقائع حَذَارًا عَنْ لزومِ الإضطراب فِي واقعة واحدة، حَمَلهما الحافِظُ رضي الله على الوَحدة وهو الأصوب عندي، والاضطراب لا ينفعنا، ولا يضر الشافعية، لأَنَّهما يتفقان في إثباتِ الكَلامِ في خلال الصَّلاة وهو المقصود، وإنَّما الاختلافِ في أمورٍ خارجية فلا يَضُرُّ أصلا، وإليه يُشِير هذا الراوي، ولهذا يستمد في حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه من تَفْصِيلِ عِمْرَان بن حُصَيْن، فَدَلَّ على أَنَّهما قِصة عندَهُ، فَإِنْ كان بعضُ أَلْفَاظِهِ لا تَنْزِل على الوحدة فدعها إِنْ كان وُجدَانُك شَهِد بحقيقةِ الحالِ. 89 - باب الْمَسَاجِدِ الَّتِى عَلَى طُرُقِ الْمَدِينَةِ وَالْمَوَاضِعِ الَّتِى صَلَّى فِيهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. 483 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَتَحَرَّى أَمَاكِنَ مِنَ الطَّرِيقِ فَيُصَلِّى فِيهَا، وَيُحَدِّثُ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يُصَلِّى فِيهَا، وَأَنَّهُ رَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِى تِلْكَ الأَمْكِنَةِ. وَحَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّى فِى تِلْكَ الأَمْكِنَةِ. وَسَأَلْتُ سَالِمًا، فَلاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ وَافَقَ نَافِعًا فِى الأَمْكِنَةِ كُلِّهَا إِلاَّ أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِى مَسْجِدٍ بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ. أطرافه 1535، 2336، 7345 - تحفة 7031، 8475 وقد مَرَّ نُبْذَة مِنَ الكلامِ على دَأْبِ النَّبي صلى الله عليه وسلّم باتخاذِ مكانٍ على حِدَة للصَّلاة في سَفَرِهِ، وهذه تُدْعَى المساجد في كتب التاريخ والسِيَر وإنْ لم تكن مساجد عند الفقهاء. ثم إنَّ الناس بنوا على بعض تلك المواضِع مساجد بَعْدَ النَّبي صلى الله عليه وسلّم إبقاءً لمآثِره صلى الله عليه وسلّم ولذا يُفَرِّق الراوي بين التعبير، فتارةً يقول في موضِع المسجد، وهذا حيث لم يُبْنَ هناك مسجد، وأُخْرَى يقول في المسجد وهذا حيث بُني المسجد بعده صلى الله عليه وسلّم وكان سَفَره صلى الله عليه وسلّم هذا ممتدًا إلى سبعةِ أيامٍ، فتكون جملة مواضِع صلاتِه صلى الله عليه وسلّم خمسًا وثلاثين، إلا أَنَّ الرُّواةَ ذكروا بعضَها وتَرَكوا أكثرها لداعيةٍ دَعَت لهم. واعلم أنَّ هذا الحديث طويل ولم يَتَحَصَّل لنا منه شيء، لأنَّ فيه ذِكر آثار النَّبي صلى الله عليه وسلّم ما قد عَفَت اليوم، وفيه مسألة: وهو أَنَّه كيفَ التَّحَرِّي لِمَا صَدَر عنه صلى الله عليه وسلّم اتفاقًا، وما يترشّح من كلام الحافظ ابن تيمية رضي الله عنه أنّهُ يجب فيه التضييق، فاتباع ما صدر عنه صلى الله عليه وسلّم اتفاقًا حسنٌ إذا كان بطريق الاتفاق، وأمَّا إذا تَعَمَّده وتَحَرَّاها فَلَعَلَّه لا يراه حسنًا، وعندي في تَحَرِّي الاتفاقيات أيضًا أجر. وكان ابنُ عمر رضي الله عنهما ممن يتحراها، وإِنْ أنكره جماعة إلا على سنن النَّبي صلى الله عليه وسلّم كَنُزُول المُحَصَّب فإِنَّ ابنَ عمر رضي الله عنه يراهُ سُنَّة، وأَمَّا ابنُ عباس رضي الله عنه فقد اشتُهر في اجتهاده، وكان عمَلُه بخلاف ابنِ عمر رضي الله عنه حتى صارت شدائِد ابن عمر رضي الله عنهما. ورُخَص ابن عباس رضي الله عنهما تُضْرَب بها الأمثال، وهو مراد السفَّاح بقوله حين أمر مالكًا رحمه الله أن يُصنِّف كتابًا: اتق فيه بشدائد ابن عمر رضي الله عنهما ورخص ابن عباس رضي الله عنه ووطئه للنَّاس توطئة.

484 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنْزِلُ بِذِى الْحُلَيْفَةِ حِينَ يَعْتَمِرُ، وَفِى حَجَّتِهِ حِينَ حَجَّ، تَحْتَ سَمُرَةٍ فِى مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ الَّذِى بِذِى الْحُلَيْفَةِ، وَكَانَ إِذَا رَجَعَ مِنْ غَزْوٍ كَانَ فِى تِلْكَ الطَّرِيقِ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ هَبَطَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ، فَإِذَا ظَهَرَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِى عَلَى شَفِيرِ الْوَادِى الشَّرْقِيَّةِ، فَعَرَّسَ ثَمَّ حَتَّى يُصْبِحَ، لَيْسَ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الَّذِى بِحِجَارَةٍ، وَلاَ عَلَى الأَكَمَةِ الَّتِى عَلَيْهَا الْمَسْجِدُ، كَانَ ثَمَّ خَلِيجٌ يُصَلِّى عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَهُ، فِى بَطْنِهِ كُثُبٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَمَّ يُصَلِّى، فَدَحَا السَّيْلُ فِيهِ بِالْبَطْحَاءِ حَتَّى دَفَنَ ذَلِكَ الْمَكَانَ الَّذِى كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّى فِيهِ. أطرافه 1532، 1533، 1799 - تحفة 8475 - 131/ 1 484 - قوله: (بذي الحُلَيْفَة) على ستةِ أميالٍ من المدينة، ويُقال له اليوم آبار عليّ وهو غير أمير المؤمنين. 484 - قوله: (وليس عند المسجد) ... الخ. وهذا يَدُلُّ على محوِ تلك الآثار في زمانِه فكيف بها اليوم. 485 - وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى حَيْثُ الْمَسْجِدُ الصَّغِيرُ الَّذِى دُونَ الْمَسْجِدِ الَّذِى بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْلَمُ الْمَكَانَ الَّذِى كَانَ صَلَّى فِيهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ ثَمَّ عَنْ يَمِينِكَ حِينَ تَقُومُ فِى الْمَسْجِدِ تُصَلِّى، وَذَلِكَ الْمَسْجِدُ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ الْيُمْنَى، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ الأَكْبَرِ رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. تحفة 8475 486 - وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّى إِلَى الْعِرْقِ الَّذِى عِنْدَ مُنْصَرَفِ الرَّوْحَاءِ، وَذَلِكَ الْعِرْقُ انْتِهَاءُ طَرَفِهِ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ، دُونَ الْمَسْجِدِ الَّذِى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنْصَرَفِ، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ. وَقَدِ ابْتُنِىَ ثَمَّ مَسْجِدٌ، فَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّى فِى ذَلِكَ الْمَسْجِدِ، كَانَ يَتْرُكُهُ عَنْ يَسَارِهِ وَوَرَاءَهُ، وَيُصَلِّى أَمَامَهُ إِلَى الْعِرْقِ نَفْسِهِ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَرُوحُ مِنَ الرَّوْحَاءِ، فَلاَ يُصَلِّى الظُّهْرَ حَتَّى يَأْتِىَ ذَلِكَ الْمَكَانَ فَيُصَلِّى فِيهِ الظُّهْرَ، وَإِذَا أَقْبَلَ مِنْ مَكَّةَ فَإِنْ مَرَّ بِهِ قَبْلَ الصُّبْحِ بِسَاعَةٍ أَوْ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ عَرَّسَ حَتَّى يُصَلِّىَ بِهَا الصُّبْحَ. تحفة 8475 486 - (عِرق) منتهى الجبل. 487 - وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنْزِلُ تَحْتَ سَرْحَةٍ ضَخْمَةٍ دُونَ الرُّوَيْثَةِ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ، وَوِجَاهَ الطَّرِيقِ فِى مَكَانٍ بَطْحٍ سَهْلٍ، حَتَّى يُفْضِىَ مِنْ أَكَمَةٍ دُوَيْنَ بَرِيدِ الرُّوَيْثَةِ بِمِيلَيْنِ، وَقَدِ انْكَسَرَ أَعْلاَهَا، فَانْثَنَى فِى جَوْفِهَا، وَهِىَ قَائِمَةٌ عَلَى سَاقٍ، وَفِى سَاقِهَا كُثُبٌ كَثِيرَةٌ. تحفة 8475

488 - وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى فِى طَرَفِ تَلْعَةٍ مِنْ وَرَاءِ الْعَرْجِ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى هَضْبَةٍ عِنْدَ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ قَبْرَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ، عَلَى الْقُبُورِ رَضْمٌ مِنْ حِجَارَةٍ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ، عِنْدَ سَلِمَاتِ الطَّرِيقِ، بَيْنَ أُولَئِكَ السَّلِمَاتِ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَرُوحُ مِنَ الْعَرْجِ بَعْدَ أَنْ تَمِيلَ الشَّمْسُ بِالْهَاجِرَةِ، فَيُصَلِّى الظُّهْرَ فِى ذَلِكَ الْمَسْجِدِ. تحفة 8475 489 - وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَزَلَ عِنْدَ سَرَحَاتٍ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ، فِى مَسِيلٍ دُونَ هَرْشَى، ذَلِكَ الْمَسِيلُ لاَصِقٌ بِكُرَاعِ هَرْشَى، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ قَرِيبٌ مِنْ غَلْوَةٍ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّى إِلَى سَرْحَةٍ، هِىَ أَقْرَبُ السَّرَحَاتِ إِلَى الطَّرِيقِ وَهْىَ أَطْوَلُهُنَّ. تحفة 8475 - 132/ 1 488 - قوله: (على القبور) وثَبَتَ عن النَّبي صلى الله عليه وسلّم أيضًا وضع حجرٍ عند رأس قبر عثمان بن مظعون عَلَمًا له، ثم أفرط فيه النَّاس في زمانِنا، وأفسدوا فيه أي مفسدة. 488 - قوله: (سَلِمات) وهو في الأصل لنوع منه. 490 - وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنْزِلُ فِى الْمَسِيلِ الَّذِى فِى أَدْنَى مَرِّ الظَّهْرَانِ، قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ يَهْبِطُ مِنَ الصَّفْرَاوَاتِ يَنْزِلُ فِى بَطْنِ ذَلِكَ الْمَسِيلِ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ، لَيْسَ بَيْنَ مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبَيْنَ الطَّرِيقِ إِلاَّ رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ. تحفة 8475 490 - قوله: (أدنى مر الظهران) ولفظ أَدْنَى صادق على جانبيه، ولذا عينه أَنَّه أَدْنَى من جانبِ المدينة. 491 - وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنْزِلُ بِذِى طُوًى وَيَبِيتُ حَتَّى يُصْبِحَ، يُصَلِّى الصُّبْحَ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ، وَمُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ، لَيْسَ فِى الْمَسْجِدِ الَّذِى بُنِىَ ثَمَّ، وَلَكِنْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ. طرفاه 1767، 1769 - تحفة 8475، 8460 492 - وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَقْبَلَ فُرْضَتَىِ الْجَبَلِ الَّذِى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَبَلِ الطَّوِيلِ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، فَجَعَلَ الْمَسْجِدَ الَّذِى بُنِىَ ثَمَّ يَسَارَ الْمَسْجِدِ بِطَرَفِ الأَكَمَةِ، وَمُصَلَّى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَسْفَلَ مِنْهُ عَلَى الأَكَمَةِ السَّوْدَاءِ، تَدَعُ مِنَ الأَكَمَةِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا، ثُمَّ تُصَلِّى مُسْتَقْبِلَ الْفُرْضَتَيْنِ مِنَ الْجَبَلِ الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ. تحفة 8462، 8475 أبواب سترة المصلى 492 - قوله: (نحو) ظرف للصفة المشبهة أعني الطويل - والراوي عدد تلك المواضع بقوله وإن عبد الله بن عمر حدث. ***

أبواب سترة المصلي

أَبْوَابُ سُتْرَةِ المُصَلِّي 90 - باب سُتْرَةُ الإِمَامِ سُتْرَةُ مَنْ خَلْفَهُ 493 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاِحْتِلاَمَ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى بِالنَّاسِ بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَىْ بَعْضِ الصَّفِّ، فَنَزَلْتُ وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ، وَدَخَلْتُ فِى الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَىَّ أَحَدٌ. أطرافه 76، 861، 1857، 4412 - تحفة 5834 وهذا لفظُ حديث أخرجه ابن ماجه وإسناده ساقط، ولذا لم يومىء إلى كونِه حديثًا وهذا من رفعةِ شأنهِ وعلوِّ كَعْبِهِ حيث لا يَلْتَفِت إلى أمثال هذه الأحاديث، وهو مذهبُ الجمهور، ومذهب مالك أَنَّ سُتْرَة الإِمام سترة له خاصة، وهو بنفسهِ سُترة للقومِ، وليست سُترته سُترة للقوم، فلو مَرَّ مار بين الإِمام وسُتْرَتِه فهو غير مارّ أمام القَومِ عنده، لكون الإِمام سُتْرَة لهم. ثم ليُعْلَم أنَّ هذا الحديث أيضًا يُنْبِىءُ على أَنَّ صلاةَ الجماعةِ صلاة واحدة بالعدد، لا أَنَّها صلوات بعدد مَنْ فيها، ولذا اكتفي فيه بسُتْرَة واحدة، ولو كانت تلك صلوات لاحتاج كُلُّ مَنْ فيها إلى سُتْرَة سترة؟ مع أَنَّ الأحاديث فيها وَرَدَت عامة أعني بدون تَعَرُّض إلى حال الجماعةِ أو الاِنْفِرَادِ، فَهَلا حَملُوها على العموم؟ ولِمَ لم يقووا بوجوب السُّتْرَة لكل؟ وكذلك قوله صلى الله عليه وسلّم «لا صلاةَ إلا بخطبة». فَلِمَ لم يوجبوا الخُطبة على رجل رجل؟ فكان المناسِب لهم أَنْ يَقِيسوا عليه قوله صلى الله عليه وسلّم «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب؟» وشرحوه بمثله. والحاصل: أَنَّ الشريعةَ جعلت صلاةَ الجماعةِ نوعًا متغَأَيِرًا لصلاةِ المنفرد، وأقامت لكُلَ منهما بابًا، وحينئذٍ إجراءُ أحكامِ نوع على نوع منازعة بالشَّارع، ورفع صوت فوق صوته وافتيات عليه، ألا تَرَى أنَّه نَهَى عن البيع بما ليس عندك، ثُمَّ أقام للسَّلَم بابًا على حِدَة، فهل يُسَوَّغ لك أن تُخْرِجه من بابه وتُجْرِه تحت أحاديث النَّهي وتقُول بحرمتِه فكذلك صلاة الجماعة أَقَامَ لها صاحب الشَّرع بابًا مستقِلا وساقَ له مثل حديث: «إنَّما جُعِلَ الإِمامُ ليؤتم به» ثُمَّ لَمْ يَأمر فيه بالقِرَاءة للمُقْتَدي مع كونِها رُكْنًا ومع تعرضِه فيه إلى أمور أهون منها، بل صَحَّ فيه «إذا قرأ فأنصتوا»، ولكِنَّ الذين رَسَخَ في بواطِنهم عموم «لا صلاة ... » الخ يُرجِّحون العموم على الخصوص، ويُجرون على نوع غيرَ حكمه، ويخلطون بين الأبواب فلا يأتونَها مِنْ حيث أُمِرُوا بإِتيانِها، نعم، وحبُّك الشيءَ يُعمي ويُصِمُّ، فحال صلاةَ الشافعية كحال بني إسرائيل حيث كانوا منفردين في حال الاجتماع أيضًا، ولم يكن فيها تضمن وصلاتنا مبنية على التضمن كما أخبرَ به النَّبي صلى الله عليه وسلّم «الإِمام ضامن»، وواحدة بالعدد كما أحبَّها النَّبي صلى الله عليه وسلّم على لفظ أبي داود، لقد

أعجبني أَنْ تكون صلاة المؤمنين أو المسلمين واحدة فسمعنا وأطعنا، ووضعناه على الرَّأسِ والعين بلا كذب ومَيْن، وراجع لتفصيله رسالتي «فصل الخطاب» وقد مَرَّ البحث. ثم إنَّ البخاري والبيهقي اختلفا في شرحه، فَذَهَب البخاري إلى إثبات السُّتْرَة، والبيهقي إلى نفيه، وإليه مال الحافظُ رحمه الله. قلتُ: وما ذَهَب إليه البخاري أرجح وقد بيَّنَّا وجهه في العِلْم. 494 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ أَمَرَ بِالْحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيُصَلِّى إِلَيْهَا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِى السَّفَرِ، فَمِنْ ثَمَّ اتَّخَذَهَا الأُمَرَاءُ. أطرافه 498، 972، 973 - تحفة 7940 - 133/ 1 494 - قوله: (حَرْبَة) رُمْح صغير. قوله: (فيُصَلِّي إليها) أي قريبًا منها. قوله: (فمن ثم اتخذها الأمراء) ... الخ لأنَّ الإِمام في السلف يكون هو الأمير. قال الشيخُ ابنُ الهمام رحمه الله: إنَّ السُتْرَة لربط الخَيَال وحَصْرِه، فإِنَّ الإِنسان مجبولٌ على أَنَّ خَيَاله يَنْبَسِط ويَطوف بكلِّ جانب إذا كان في مكان وَسيع، وحيثُ يكونُ المكان ضيقًا يَنْقَبِض هناك، وينقبِض حتى لا يَبْقَى له جَوَلان وتَطْوَاف فيما وراءه، فإِذا أَرَاد الشَّارعُ أن لا يجول خَيَاله بكلِّ جانبٍ وأَن يَمْقُلَ بين يديه كما يَنْبَغي له أمره بالسُّتْرَة لذلك. قلت: والذي وَضَح لدي أَنَّها لقصر وَصْلَه المناجاة صونًا لها عن القطع، فإِنَّ المُصلِّي يُناجي رَبَّهُ ويواجهه كما أخرج أبو داود عن سَهْل في باب الدنو من السُّتْرَة: «إذا صلَّى أحدُكم إلى سُتْرَة فليدن منها لا يقطع الشيطانُ عليه صلاتَه». فتلك المناجاة والمواجهة قائمة بينه وبين القِبلة ما دام يُصلِّي، فإِنَّ رَبَّهُ بينه وبين القِبْلَة، ولذا حَكَم الشَّرع على المارِّ أَنَّه شيطان لأنَّه مَرَّ بين العبدِ ومولاه، فأَرَاد أَنْ يَحْصُر تلك المواجهة لئلا يَضِيق الطريق على المارين، فَنَهَى المصلِّي أَنْ يُصلِّي في حاقِّ الطريق، وإذا صَلَّى في غَيْرِ الطريق أمره أَنْ يَغْرِزَ سُتْرَة وأَمَر المارَّ أَنْ لا يَمُر بين يَدَي سُتْرَة ولكن يَمُر وراءها، وهدَّده وحذَّره ووعَّدَه، فلو مَرَّ بعد هذه التمهيدات أيضًا لم يكن إلا شَيْطَانًا مَقْصُوده الحيلولة بَيْنَه وبين رَبِّه، وقَطْع تلك الوَصْلَة التي قامت في الصَّلاة وهو عند أبي داود عن أبي سعيد الخُدْرِي مرفوعًا قال: «من استطاع منكم أَنْ لا يَحُول بَينَه وبين قِبْلَته أحد فليفعل». وعلى هذا لا أَتأوَّل في أحاديث القَطْع وأَحْمِلها على ظاهرها. وأقول: إنَّ المرأةَ والكلب والحمار كلها تقطع الصَّلاة، أي تلك الوَصْلَة، وهذا كما إذا جَرَى بيْنَكَ وبين أَحدٍ محادثة، فلو قَعَدَ رجلٌ في الوسطِ تراه أنَّه قَطَع كلامَك ومحادثَتك فهو أيضًا نوع من القَطْع أيضًا بدون تأويل ولا بُعْدَ فيه، فإِنَّ الشَّرِيعة قد تُخْبِر عن الغائِبات بما تَرَاه ولا نراه فأخبرت بإقامة الوَصْلَة، وكذلك أَخْبرَت بقطْعِها عند المرور، فما لنا أَنْ ننكِره أو نُؤوِّل فيه؛ نعم هذا قَطْعٌ على عُرْفِه وطَرِيقه، وإنْ لم يُسَمِّه الفقهاء قطعًا اصطلاحهم، فإن

أحكامَهم تتعلق بعالم الشَّهادة وتلك الوصلة مِنْ عالم الغيب، وكذا الاستواء على العرش، والمعية، وقربه تعالى، كلها من باب واحد عندي، لا نُدْرِك كيفياتِها في غير أن نقول بتشبيه أو تجسيم كما يقوله الزائغون، فكما أَنَّ تلك الأشياء كلها على ظاهرها بدونِ تأويل عند الأئمة الأربعة، كذلك هذه المواجهة ووصلةِ المناجاة عندي. والتحقيق عندي: أنَّها كلُّها تجليات من الله سبحانه وقد قلت فيه: *رأيتُ بليلةٍ ظلماءَ نورًا ... على ألوانِ أطْوَارِ الخَلِيقَهْ *تجلى في صفاتِ الكونِ شَتَى ... وتلك مله زجاجاتٍ رقيقَهْ *كمِشكاة ترى المِصْبَاح فيها ... وذلك في زجاجاتٍ أنيقَهْ *فَحَيَّز ناظري رُؤيَاه حتى ... عَبرَت مِنَ المجازِ إلى الحقيقَهْ *عبارات ومعنىً ليس إلا ... وكلُّ الكون قد وسِعَت دَقِيقَهْ *ومَنْ قصد النِّهاية في مداه ... رَأى كلَّ الورَى عبرَ الطريقَهْ وسيجيء البحث على معنى التَّجَلِّي بما يكفي ويشفي إنْ شاء الله تعالى. ثم إنَّ تلك الوَصْلَة لمَّا كانت مِنْ عالمَ الغيب لا يكون قطعه إلا فيه، ولا يكون محسوسًا، وهو مَحْمَل حديث: «أَفْطَرَ الحاجمُ والمَحْجُوم»، عندي أعني به إفطار حقيقة الصَّوم بدونِ تأويلٍ في نظر الشَّرْعِ، وإِنْ لم يَكُن إفسادًا في نظر الفقيه. فمن احْتَجم فقد أَفْطَر في نظر الغيب وإنْ بقي صائمًا في نظر الفقيه لما مَرَّ مني من قَبْل، أَنَّ الطَّهارة وإِنْ لمْ تكن شَرِيطة في الصيام لكنَّه لا شَكَّ في كونِها مطلوبة، فإِذا انْتَقَضَت بخروج الدم وانتقصت، انتقض صومه وانتقص، فكان إفطارًا عند الشَّريعة في الجملة، وإِنْ زَعَم أَنَّه صائمٌ ولا سيما إذ كان الصيامُ تحصيلا للتَّقْوَى وتشبهًا بالملائِكة، فإِنَّهم يتنفرون عن الدِّماء في غايته، ولذا قالوا: {وَيَسْفِكُ الدِّمَاء} [البقرة: 30]. فذكروا من نقائِصه ما يُوجِب نقيصة في عالَمِهم وهو معنى قوله: «من أصبح جنبًا فلا صوم له». فإِنَّ الجنابَة قدحت في صَوْمِه وأدخلت فيه نقيصَة، والملائكة لا يدخلون بيتًا فيه جُنب. وأمّا قول عائشة رضي الله عنها: «عدلتمونا بالكلب والحمار». فيبنى على عَدَمِ القَطْعِ الحسي كما هو نَظَرُ الفقيه، وقد مَرَّ مني غير مرة أَنَّ التَعارُضَ بين الأحاديث قد يكونُ قصديًا يعني به الاطلاع على مراتب الشيء، وقد يُرَادُ به التنبيه على اختلاف العوالِم والأَنْظَار، فَترِد عليك الأحاديث في قَطْعِ المرأة الصَّلاة، وترد عليك أَنَّ عائشةَ رضي الله عنها كانت تكون تعترض في قِبلَتِه اعتراض الجِنَازة وهو يُصلِّي، وكذلك يَرِد عليك أَنَّ مَنِ احتجَمَ فقد أَفْطَر، ويَرِد عليك أَنَّه احتجم وهو صائم، وهكذا يُروى لك «من أصبح جُنبًا فلا صوم له»، ويُنقل أنَّه أصبح صائمًا وهو جنب مِنْ غيرِ احتلام، وذلك لأنَّه قد عنى في بعض هذه الرِّوايات حكم هذه الأشياء في عالم الغيب، وفي بعض آخر حكمها في عالم الشَّهادة. وقد مَرَّ منا أَنَّه لا يجبُ توافق الحكم بين العالَمين. ثم إِنَّ أحمد رضي الله عنه جزم بقَطْع الصَّلاةِ مِنَ الكلبِ الأسود، ووقع هذا القيد في

الرِّوايات أيضًا، وروى: أنَّه شيطان. ولعلَّ فيه معنى الإِيذاء وغيره. ما ليس في غيره، وهكذا سمعنا من الراقيين أَنَّهم يطلبون الكلب الأسود، وسمعنا أَنَّ الجِنَّ يظهرون ويتشكلون بشكل الكلب الأسود، وإنَّما جزم بالقَطْعِ فيه لأنَّه لم تَرِد فيه مادة في الجانبِ المُخَالِف، وتردد في قطع الحمار لأنَّه رُوِيَ فيه حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّه جاء على أتان، كما مَرَّ الآن ولم يَقْطَع ذلك صلاته، ولذا قال فلم ينكر ذلك عَليَّ. وكذلك تردد في المرأةِ (¬1) لأنَّه ثبت اعتراض عائشة رضي الله عنها بين يَدَيه وهو يُصلِّي، أمَّا الكلب فلم يَرِدَ فيه شيء بخلافِه فَجَزَم به. قلت: وفي «الدر المنثور» أنَّ هؤلاءِ الثَّلاثةِ لا يُسَبِّحون، وروى في حديث صحيح (¬2) الاستعاذة عند نَهِيقِ الحمار، فهؤلاء كالميت غافلون عن الذِّكْرِ فاعتراضُها حال الصَّلاة التي هي الذِّكْر الأكْبَر عُدَّ قاطعًا لها، ولذكر الله أكبر. ولعلك عَلِمْتَ مِنْ هذا البحث أَنَّ السُّتْرَة يجب أَنْ يكون واجبًا وهو مذهب الشافعي رحمه الله واستحبه الحنفية. قلت: كيف وَوَرَدَ الوعيد في تَرْكِها (¬3) فليتَ الحنفية اعتبروها أزيد مما في كتبهم (¬4). ولا يخفى أَنَّ الراوي قد يَتَعَرَّض إلى الخُصُوص لتردد فيه، فيُرِيد أَنْ يُشْهَرَ أمرُهُ ويُنوَّهُ ذكره كما فعل ههنا، فلعلَّ النَّاسَ تهاونوا فيها فأَرَاد بتعرُّضِه إليها أَنْ يَهْتَم بها النَّاس وهكذا فَعَله ابنُ عمر رضي الله عنهما في رفع اليدين، فَتَعرَّض في حديثهِ إلى الرَّفع في الموضِعين خاصة، وتَعرَّض إلى نفيهِ في السُّجود خاصة، وخَصَّصَهُ بالذِّكْرِ مِنْ سائِر أَفْعَال الصَّلاة، فَدَلَّ على أَنَّ في مض لمطمعًا، والشافعيةُ غفلوا عنه أو تَغَافلوا فإِنَّ الحديثَ يَضُرهم مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى لدلالته على أَنَّ أَمْرَ الرفعِ صار خاملا في زَمَنِه إلى أَنِ احتاج إلى إِثباتِه وتأكيدهِ وتَشْهِيرهِ، وإلا فَمنْ يَتَعرَّض إلى أمر مُسَلَّم بين النَّاس، فذقه أنت فإِنْ كان الأمرُ كذلِك فمن أخمله إلا الصحابة رضي الله عنهم، وهل كان إذ ذاك غيرهم فانْظُر ماذا ترى. 495 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ سَمِعْتُ ¬

_ (¬1) وعند أبي داود عن ابنِ عباس رضي الله عنهما قال: "تقطع الصَّلاة المرأة الحائضة"، وفي رواية أخرى: "يَقْطَع صلاته الكلب والحمار والخنزير واليهودي والمجوسي والمرأة .. الخ" ففي الرواية الأُولى قَيَّد الحائضة وفي الثانية ذكر بعض أشياء أُخر أيضًا. (¬2) أخرجه الترمذي في الدَّعوات في باب ما يقول إذا سمع نهيق الحمار. (¬3) فعند أبي داود في باب ما يَقطع الصَّلاة - عن يزيد بنِ عِمْران قال رأيتُ رجلًا بتبوك مقعدًا فقال: مررت بين يدي النَّبي - صلى الله عليه وسلم - وأنَا على حِمَار وهو يُصلِّي فقال: "اللهم اقطَع أثره" فما مشيت عليها بعد. (¬4) قلت: ويَظْهَر الجواب للحنفية رحمهم الله تعالى بما ذَكَرَهُ الشيخ فيما مَرَّ أنَّ الوجوب والحرمة لا يَعْتَمِدَان على الأنْظَار المعنوية فإنَّ النَّوم في الجَنَابة يُوجِب الحرمان وكذا ترى التسمية قَبْل الوضوء وقُبيل الأكل، كله يوجب الخُسران إلا أنَّ الحنفية رحمهم الله تعالى لم يقولوا بوجوبِ واحدٍ منها، وذلك لِفُقْدان دليل الوجوب عندهم وهو أمر الشارع، غير أنَّه وَرَدَ الوعيدُ على التارك في باب السُّتْرَة، وهو أعلى ما يَثْبُت به الوجوب، ولذا لم يجب به الشيخ رحمه الله تعالى ههنا، فافهمه.

91 - باب قدر كم ينبغى أن يكون بين المصلى والسترة

أَبِى أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بِهِمْ بِالْبَطْحَاءِ - وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ - الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ. أطرافه 187، 376، 499، 501، 633، 634، 3553، 3566، 5786، 5859 تحفة 11810 495 - قوله: (الظُّهرَ رَكعتين والعَصْرَ رَكعتين) لا دليلَ فيه على الجمع أصلا، لأنَّ الراوي جَمَعَ بينهما في الذِّكْرِ فقط، كما يجمع بل أشراط الساعة، فيذكرها بالواو ويقول: يكون كذا وكذا مثلا. فيزعم الجاهل الغبي أَنَّ الوَقَائِع كلها تَتْرَى مع أَنَّها قَدْ تَكُون بينَها المئات مِنَ السِّنين. 91 - باب قَدْرِ كَمْ يَنْبَغِى أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُصَلِّى وَالسُّتْرَةِ 496 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ قَالَ كَانَ بَيْنَ مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبَيْنَ الْجِدَارِ مَمَرُّ الشَّاةِ. طرفه 7334 - تحفة 4707 497 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ كَانَ جِدَارُ الْمَسْجِدِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ مَا كَادَتِ الشَّاةُ تَجُوزُهَا. تحفة 4537 92 - باب الصَّلاَةِ إِلَى الْحَرْبَةِ 498 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُرْكَزُ لَهُ الْحَرْبَةُ فَيُصَلِّى إِلَيْهَا. أطرافه 494، 972، 973 - تحفة 8172 93 - باب الصَّلاَةِ إِلَى الْعَنَزَةِ 499 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْهَاجِرَةِ، فَأُتِىَ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فَصَلَّى بِنَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ، وَالْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ يَمُرُّونَ مِنْ وَرَائِهَا. أطرافه 187، 376، 495، 501، 633، 634، 3553، 3566، 5786، 5859 تحفة 11810 500 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَاذَانُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى مَيْمُونَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ تَبِعْتُهُ أَنَا وَغُلاَمٌ وَمَعَنَا عُكَّازَةٌ أَوْ عَصًا أَوْ عَنَزَةٌ وَمَعَنَا إِدَاوَةٌ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ نَاوَلْنَاهُ الإِدَاوَةَ. أطرافه 150، 151، 152، 217 - تحفة 1094 قال الفقهاء: يُسْتَحب أَنْ يَدْنوَ منها ما استطاع لئلا يَضِيق الطريق على المارين. وعند أبي داود ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يصلي إلى عود ولا عمود ولا شجرة إلا جعله على حاجبه الأيمن أو الأيسر ولا يصمُد له صمْدًا. 496 - قوله: (وكان بين مُصَلَّى رسولِ الله صلى الله عليه وسلّم) قال الحافظُ رضي الله عنه أي مقامه في صلاتِه يعني به موضِع القدَمين.

94 - باب السترة بمكة وغيرها

قلتُ: بل المرادُ به مَوْضِعُ سجودِه وإلا لا يَبْقَى بينَه وبين القِبْلَة فُسْحَة لسجوده. 497 - قوله: (كان جدارُ المسجدِ عند المنبر: وإنَّما تَعَرَّض فيه إلى ذِكْرِ المنبر، لأنَّه معلوم مِنْ عَمَل الأمه أنها تُصَلِّي في يسار المنبر، فليقدر الفاصلة مما بين المنبر وجدار القِبْلة. وفي «الوفاء» للسَّمْهُودي أَنَّ وضع المنبر كان منحرفًا ولم أعرف السر فيه وقد يخطر بالبال أَنَّه رَاعَى فيه جهة القِبْلَة، فكره أَنْ يستدْبِرَها عند الخُطْبَةِ وغيرِها، فَوَضَعَهُ منحرفًا عن جِهَتِها لهذا والله تعالى أعلم. وفي إسناده مكي بن إبراهيم وهو اسم راوٍ وليست نسبته إلى شيء، وهو تلميذُ أبي حنيفةَ رحمه الله وأَظنُّ أنَّه حنفي أيضًا وأكثر ثلاثيات البخاري بإسنادِهِ. 94 - باب السُّتْرَةِ بِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا 501 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْهَاجِرَةِ فَصَلَّى بِالْبَطْحَاءِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَنَصَبَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةً، وَتَوَضَّأَ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَتَمَسَّحُونَ بِوَضُوئِهِ. أطرافه 187، 376، 495، 499، 633، 634، 3553، 3566، 5786، 5859 تحفة 11799 - 134/ 1 قال الطَّحاوي في مشكِله إِنَّه لا بأْسَ بمرورِ الطَّائِفين أَمَامَ المُصَلِّي عند البيت لأنَّ الطَّواف بالبيتِ صلاة، ولا تُوجَد تلك المسألة في المذاهب الأربعة إلا عند الطَّحاوي. وهذا الباب ناظرٌ إليها إلا أَنَّ الصَّلاة في الحديث كانت على نحو ميل من مكة، ومسألة الطَّحاوي في داخل المسجد. وكانت تلك المسألة مهمة فَتَعَرَّض لها المصنِّف رحمه الله تعالى وترجم عليها. 95 - باب الصَّلاَةِ إِلَى الأُسْطُوَانَةِ وَقَالَ عُمَرُ الْمُصَلُّونَ أَحَقُّ بِالسَّوَارِى مِنَ الْمُتَحَدِّثِينَ إِلَيْهَا. وَرَأَى عُمَرُ رَجُلاً يُصَلِّى بَيْنَ أُسْطُوَانَتَيْنِ فَأَدْنَاهُ إِلَى سَارِيَةٍ فَقَالَ صَلِّ إِلَيْهَا. 502 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ كُنْتُ آتِى مَعَ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ فَيُصَلِّى عِنْدَ الأُسْطُوَانَةِ الَّتِى عِنْدَ الْمُصْحَفِ. فَقُلْتُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ أَرَاكَ تَتَحَرَّى الصَّلاَةَ عِنْدَ هَذِهِ الأُسْطُوَانَةِ. قَالَ فَإِنِّى رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَحَرَّى الصَّلاَةَ عِنْدَهَا. تحفة 4541 قوله: (صلِّ إليها) يعني صلِّ إلى الأُسْطُوَانَة جاعلا إياها سُتْرَة، ولا تُصَلِّ في البين. وكان النَّبي صلى الله عليه وسلّم يُصلي إلى أُسْطُوَانتِه في اعتكافِه، واستفيدَ منه أنَّ الصَّلاةَ إلى الأُسْطوانةِ مطلوبة من المنفرِد لئلا يَتَحَرَّج بها المارُّون. وفي «مِعْرَاج الدِّرَاية شرح الهداية» - وهو غير مطبوع: أَكْرَهُ للإِمام أنْ يقوم بين السَّارِيَتَيْنِ. ونَقَل الشوكاني عن أبي حنيفةَ رحمه الله تعالى في «النيل»: أَنَّ المُنْفَرِد يُصَلِّي بين السَّارِيَتَيْن بلا كَرَاهة، والمقْتَدون إِنْ كانوا اثنين فقيامُهما بين السَّارِيَتَيْن مَكْروهٌ أيضًا وإلا لا، لكونهم أذن صفًا. ولعل التفقه فيه أَنَّ الاثنين قِطعة مِنَ الصَّف فلم انفردا عنه، وأَمَّا الثلاث فما فوقَه فصفُّ مستَقِل فلا يُكْرَه ولم أَجِدْ هذه المسألة إلا في كتاب الشوكاني ولم يَكْتُب أَنَّه مِنْ أين أخذها، وأقول بعد التَّجرِبة أَنَّ مَذْهَبَ الحنفية ليس محققًا عند الشوكاني فلا

أعتبر به. ولا أَعْتَمِد عليه في نَقْلِ مذهبنا إلا أَنَّ الوجدان يحكُم ههنا، أَنَّ المسألةَ تكونُ كَذلِك والله تعالى أعلم. 502 - قوله: (التي عند المُصْحَف) قال الحافظُ رحمه الله تعالى: إِنَّها أُسْطُوَانة مخلقة. ورد عليه السَّمْهُودي وقال: والتي عندَ المصحف غيرها. ثُمَّ إنَّ الراوي يعلمها بأمارات حدثت في زَمَنِ عثمان رضي الله عنه لا أَنَّها كانت في زَمَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلّم. قوله: (قال فإِني رأيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلّم) ولولا مِثْل هذه الوقائِع الضمنِيَّة لنفيت ثبوت النافلةِ عن النَّبي صلى الله عليه وسلّم في المسجد. 503 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ كِبَارَ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِىَ عِنْدَ الْمَغْرِبِ. وَزَادَ شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَنَسٍ حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 625 - تحفة 1112 503 - قوله: (يبتدرون السَّوَاري عند المَغْرِب) وتلك الصَّلاة مستَحَبَّة عند الشافعية، ومباحة عند أبي حنيفة ومالك، كما قَرَّرَ ابنُ الهمام رحمهم الله تعالى. وحاصله: أَنَّها تُرِكَ العمل بها ولم يقررها أحد كما قررها الشيخ رحمه الله تعالى فليراجعه. وعن أحمد رحمه الله تعالى في «العيني»: ما صَلَّيتها إلا مرةً حين بلغني الحديث. وكان هذا من دَأَبِ بَعْضِ المحدِّثين أنَّهم كانوا يَعْمَلون بحديث يَبْلغهم مرة خروجًا عن عُهْدَته، وعند الحافظِ رحمه الله تعالى ما صلَّيتها إلا مرة حتى بلغني الحديث، مكان حين، فانقلت منه المراد، وهو غلط من الناسخ، والصحيح كما نَقَلَهُ العيني فليُتنبه. ولعلَّ في «البدائع» أو كتاب الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى: أنَّ أحمد رحمه الله تعالى سُئِل عنهما فلم يهتم بشأنهما، وقال: انْقَطَع بهما العَمَل، فدلَّ أَنَّ الصَّواب كما في العيني، وما في نسخة الحافظ رحمه الله تعالى سَهْوٌ. وفي الخَارِج أَنَّ الأنْصار كانوا يُصَلُّونها بخلافِ المُهاجرين، وعند أبي داود عن ابنِ عمر رضي الله عنهما ما يدل على خُمولها في الصدر الأَوَّل، وفيه «ورخص في الرَّكعتين بعد العصر» ومرجع الضمير عندي ابنُ عمر رضي الله عنهما دون النَّبي صلى الله عليه وسلّم ثم في إسنادِهِ محمد بن جعفر. قلت: وهو غُنْدَر وقد تَحصَّل الفِقْهَ بمطالعة كُتُبِ زفر رحمه الله تعالى، وكان زُفر رحمه الله تعالى، ذهب إلى البَصْرَة لحاجةٍ له فأصرَّ عليه النَّاس أَن يقيم بها، فتوفي هناك ولم يدركه غُنْدَر، فَحصَّل الفِقَه من كُتُبِه، ثم إنَّ أهلَ البَصْرَة كانوا سَاخِطين عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى، فكان محمد بن جعفر يُلقي على النَّاس ويَذْكُر مسائله، لا يذكر اسم أبي حنيفة حتى إذا مدح النَّاس على مسائِله أَفْصَح باسمِهِ وقال: إنَّها هي مسائل أبي حنيفة، فسكت عليه الناس هكذا ذَكَرَهُ الطَّحاوي.

96 - باب الصلاة بين السوارى فى غير جماعة

96 - باب الصَّلاَةِ بَيْنَ السَّوَارِى فِى غَيْرِ جَمَاعَةٍ 504 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْبَيْتَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ وَبِلاَلٌ، فَأَطَالَ ثُمَّ خَرَجَ، وَكُنْتُ أَوَّلَ النَّاسِ دَخَلَ عَلَى أَثَرِهِ فَسَأَلْتُ بِلاَلاً أَيْنَ صَلَّى قَالَ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ. أطرافه 397، 468، 505، 506، 1167، 1598، 1599، 2988، 4289، 4400 تحفة 7641، 2037 505 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ الْكَعْبَةَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِلاَلٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ الْحَجَبِىُّ فَأَغْلَقَهَا عَلَيْهِ وَمَكَثَ فِيهَا، فَسَأَلْتُ بِلاَلاً حِينَ خَرَجَ مَا صَنَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ جَعَلَ عَمُودًا عَنْ يَسَارِهِ، وَعَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ، وَثَلاَثَةَ أَعْمِدَةٍ وَرَاءَهُ، وَكَانَ الْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ، ثُمَّ صَلَّى. وَقَالَ لَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ وَقَالَ عَمُودَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ. أطرافه 397، 468، 504، 506، 1167، 1598، 1599، 2988، 4289، 4400 تحفة 8331، 2037 وقد مَرَّت المسألة عَنْ قريب أنَّه يجوز للمنفرد وإنْ كان المطلوبُ منه أَنْ يُصلِّي إلى الأُسْطُوانَة، أَمَّا المقْتَدُون فَعن ابنِ مسعود (¬1) رضي الله عنه: أَنَّهما إِنْ كان اثنان فلا بأس، وكرِه للواحد. وكأَنَّ الاثْنين صفٌّ فلم يَعْبَأ بتخللِ السَّوارِي، بخلافِ ما إذا كان واحدًا، فإنَّه يُوجِب تخللها في صفَ واحدٍ، وذلك مناقضٌ لمعنى الصفِّ صورةً ومعنىً. تنبيه: ونَسَبَ النَّووي إلى الحنفية أنَّ اليمينَ تنعقِد عندهم بالَّلاتِ والعُزَّى، وهو غَلَطٌ فاحشٌ وليس في أحد مِنْ كُتبنا، ومَنْشَأ غلطه ما في كتبنا لو قال: إن فَعَلْتُ كذا فأنا يهودي انعقد يمينه، ثُمَّ إن تَعَمدَهُ بالرضاء كفر أيضًا. 97 - باب 506 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْكَعْبَةَ مَشَى قِبَلَ وَجْهِهِ حِينَ يَدْخُلُ، وَجَعَلَ الْبَابَ قِبَلَ ظَهْرِهِ، فَمَشَى حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ الَّذِى قِبَلَ وَجْهِهِ قَرِيبًا مِنْ ثَلاَثَةِ أَذْرُعٍ، صَلَّى يَتَوَخَّى الْمَكَانَ الَّذِى أَخْبَرَهُ بِهِ بِلاَلٌ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى فِيهِ. قَالَ وَلَيْسَ عَلَى أَحَدِنَا بَأْسٌ إِنْ صَلَّى فِى أَىِّ نَوَاحِى الْبَيْتِ شَاءَ. أطرافه 397، 468، 504، 505، 1167، 1598، 1599، 2988، 4289، 4400 تحفة 8476، 2037 - 135/ 1 506 - قوله: (يكونُ بينَهُ وبين الجِدَارِ) ... الخ وفيه أَنَّ الفاصلة كانت بثلاثَةِ أَذْرُع، وفي الحديث المارِّ أَنَّها كانت بمَمَرِّ الشَّاة، والوجه أَنَّه أَرَادَ فيما مرَّ بيان الفاصلة إذا كان إمامًا، أمَّا ههنا فإنَّه كان منفردًا. ¬

_ (¬1) وفي تقرير الفاضل عبد العزيز أنه في مجمع الزوائد للهيثمي وأن العمد الكبار حكمها حكم السواري.

98 - باب الصلاة إلى الراحلة والبعير والشجر والرحل

98 - باب الصَّلاَةِ إِلَى الرَّاحِلَةِ وَالْبَعِيرِ وَالشَّجَرِ وَالرَّحْلِ 507 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ البصري قال: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يُعَرِّضُ رَاحِلَتَهُ فَيُصَلِّى إِلَيْهَا. قُلْتُ أَفَرَأَيْتَ إِذَا هَبَّتِ الرِّكَابُ. قَالَ كَانَ يَأْخُذُ هَذَا الرَّحْلَ فَيُعَدِّلُهُ فَيُصَلِّى إِلَى آخِرَتِهِ - أَوْ قَالَ مُؤَخَّرِهِ - وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنه - يَفْعَلُهُ. طرفه 430 - تحفة 8119 والمرادُ به ههنا بيان مسألة السُتْرَة، وأمَّا ذِكْرُ البعير ... الخ، فاحتراسٌ، وتتميمٌ، وكان بوب عليه في الأنجاس مرَّة لبيانِ الفَرْقِ بين الإبْلِ الواحد والعَطَن، فالبعير إذا كان واحدًا في سَفَرِه وأَمِنَ منه لا يكون في معنى العَطَن حيث يكون فيه الأنْجَاس مع كَثْرَةِ الإبل فَيَسْطُو بعضه على بعضٍ ويُخَافُ منه الإِيذاء، إلى غيرِ ذلك مِنَ المعاني. وتَرْجَم ههنا لبيان السُّتْرَة فقط لا للفَرْق المذكور، ثُمَّ مِنَ العجائبِ ما كتبه ابنُ خَالَوَيه في كتابه المسمَّى بـ: «ليس» أَنَّ البعيرَ في لغةِ العرب بمعنَى الحمار أيضًا. 507 - قوله: (آخِرَتِه) ونَقَّح الحنفيةُ مناطَه فقالوا: إنَّ كلَّ شيءٍ بقَدْرِ الذِّراع في غَلْظِ الأُصْبَعِ لَيَصْلُح للسُّتْرَة، أما الخط عند فقدانها ففي «الهداية» أنَّه غير معتبر، وفي «الفتح» عن صاحِبَيْهِ أَنَّه معتبرٌ. قُلْتُ: وهو الذي يَليقُ به العمل، لحديثٍ فيه عند أبي دَاوُد، وإن كان مضطربًا عند عامة المحدِّثين، فإنَّه رُويَ عن أحمد أنَّه قابِل للعمل، والخطُ يكونُ بشَكْلِ الهِلال، ولعله مانعٌ عن مُرور الشيطان كما نشاهده عن الراقين عند رَقْيِهم بمن صَرَعه الجِنُّ يَخُطُّون حوله خَطًّا ويُسمُّونَه الحِصَار، لأنَّ الجِنَّ يحصر به ولا يستطيع أَنْ يَخْرُج منه، كما فَعَلَه النَّبي صلى الله عليه وسلّم مع ابنِ مسعود رضي الله عنه في ليلة الجِنِّ، ثُمَّ إنَّ قولَه: إلى آخرتِهِ، يَدُل على أنَّ الغَرْزَ ليس بِشَرْطٍ ويكْفي له الوَضْعُ أيضًا. 99 - باب الصَّلاَةِ إِلَى السَّرِيرِ 508 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَعَدَلْتُمُونَا بِالْكَلْبِ وَالْحِمَارِ لَقَدْ رَأَيْتُنِى مُضْطَجِعَةً عَلَى السَّرِيرِ، فَيَجِىءُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَتَوَسَّطُ السَّرِيرَ فَيُصَلِّى، فَأَكْرَهُ أَنْ أُسَنِّحَهُ فَأَنْسَلُّ مِنْ قِبَلِ رِجْلَىِ السَّرِيرِ حَتَّى أَنْسَلَّ مِنْ لِحَافِى. أطرافه 382، 383، 384، 511، 512، 513، 514، 515، 519، 997، 1209، 6276 - تحفة 15987 وفي نُسْخَة على السَّرِير وثَبَتَ السرير - بمعنى جارياني - في السِّيَر: وكان نَسْجُه مِنْ سَعَفِ النَّخْلِ والحبال، ولذا حملت عليه، وإن كان السَّرِير تطلق على تخت عندهم أيضًا، فالنُّسخة إن كانت «بعلى» فالمسألة فيه جواز الصَّلاةِ فَوْقَ السَّرِيرِ، وقد مَرَّ مني أنَّها تجوز مطلقًا، لأنَّ الشَّرْطَ في السُّجود هو الإلقاءِ والطَّرْح، وذا يَحْصُل عليه بخلاف القُطْن، فإِنَّه لا يحصُل فيه الإِلقاء، بل يَحْتَاج إلى استمساكِ الرَّأْسِ فلا يَزَال يَخْسِف بهِ، وإِنْ كانت «إلى» فالمسألة فيه مسألة السُّتْرَة

100 - باب يرد المصلى من مر بين يديه

ويكون الحاصل أن النبي صلى الله عليه وسلّم جعل السرير سترة وحينئذ تكون أمامه خشبته المعروضة دون القائمة، فإِنْ صَلَّى إلى قَائِمَتِهِ فهو ظاهرٌ. 508 - أما قوله: (فيتوسطُ السرير) فالظَّاهِر منه أَنَّه صلَّى على الأَرْضِ متوجِهًا إلى وسطه، وعليه تَرِدُ الألفاظ وإن صلح لغة على أنَّه صلَّى فَوْقَ السرير في وسطه. قوله: (فأَكْرَهُ أَنْ أُسَنَّحَهُ) - يعني آرى آجاؤل - واعْلَم أَنَّ مسألةَ المرورِ في الفقه فيما إذا مرَّ أمامَهُ من جانبٍ إلى جانبٍ، ولا تفصيلِ فيه فيما إذا كان قاعدًا فصلَّى خلفَهُ رجلٌ هل يَنْسَل أم لا؟ قلت: فليعمل بهذا الحديث ولا شك أَنَّ الانسلال أَفْيَد، وهو الخُروج من التَّخْت خُفْيَة، والسُنُوح أَقْرَب من المرور فلذا كانت تكرهه، والمرادُ من السُنُوح أن تواجهه بشخصِها -يعني ميرا شخص سامني آجائي-. ثم إنَّ المُصلِّي إاذ كان في الصحراء جاز له المرور أمامه فيما وراء موضِع سجوده عند فَخْر الإِسلام واعتبر الشيخ رحمه الله تعالى موضِعَ نظره فلا يجوز له المرورُ فيه. أمَّا إذا كان في المسجد الكبير فيجوز له المرور، وإِنْ كان صغيرًا فلا، والكبير عندي ما كان في أربعين ذِرَاعًا. وراجع المسائل من الفقه. وفي حاشية «العناية» للشيخ سعد الدين: أَنَّه لو أَسْبَلَ غشاوة من السَّقْف كفاه للسُّتْرَة. قلت: وعلى هذا فَمن كان لا بدَّ أَن يَمُرَّ بين يدي المُصلِّي فَلْسُسْبِلْ منديله أمامَهُ ثُمَّ ليمر، ولعلَّهُ يكون أَيْسر له مِن مرورِه كما هو. 100 - باب يَرُدُّ الْمُصَلِّى مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَرَدَّ ابْنُ عُمَرَ فِى التَّشَهُّدِ وَفِى الْكَعْبَةِ وَقَالَ إِنْ أَبَى إِلاَّ أَنْ تُقَاتِلَهُ فَقَاتِلْهُ. 509 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَحَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلاَلٍ الْعَدَوِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ فِى يَوْمِ جُمُعَةٍ يُصَلِّى إِلَى شَىْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَأَرَادَ شَابٌّ مِنْ بَنِى أَبِى مُعَيْطٍ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَدَفَعَ أَبُو سَعِيدٍ فِى صَدْرِهِ، فَنَظَرَ الشَّابُّ فَلَمْ يَجِدْ مَسَاغًا إِلاَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَعَادَ لِيَجْتَازَ فَدَفَعَهُ أَبُو سَعِيدٍ أَشَدَّ مِنَ الأُولَى، فَنَالَ مِنْ أَبِى سَعِيدٍ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى مَرْوَانَ فَشَكَا إِلَيْهِ مَا لَقِىَ مِنْ أَبِى سَعِيدٍ، وَدَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ خَلْفَهُ عَلَى مَرْوَانَ فَقَالَ مَا لَكَ وَلاِبْنِ أَخِيكَ يَا أَبَا سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَىْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ». طرفه 3274 - تحفة 4000 - 136/ 1

101 - باب إثم المار بين يدي المصلى

وفي فِقْهنا: أَنَّه يرده بجهر آية فإِنْ كانت الصَّلاة جهرية يَرْفَعُ بها صوتَه أَزْيَدَ من قراءتِه، وإِنْ كانت سِرِّية ففيها ثلاث أقوال لمشايِخنا، قيل: تَجِبُ سجدة السَّهْو بجهر كلمة، وقيل: بما زاد على الآية، وقيل: بآية. قلت: يَجُوزُ الجهرُ بآية في الصَّلاةِ السِرِّية لِمَا ثَبَتَ عن النَّبي صلى الله عليه وسلّم وله أَنْ يَدْفَعه بالتسبيحِ أيضًا. ثُمَّ إِنَّ ابنَ دقيق العيد ذكر تفصيلا فيه لا أَذْكُره خوفًا من تهاونِ النَّاس. قوله: (قاتله (¬1)) وهو عندنا محمولٌ على مزيدِ الكرَاهةِ والتقبيح في القلب دون القِتال حسًا، وحَمَلَهُ الشافعية على ظاهره، فَجَوَّزُوا الدرء بالعملِ أيضًا ويُدرأ عندنا بما مَرَّ، وَذَكَر القِتال في سياق المُبَالغة فقط، وكَتَبَ النَّووي تَحْتَه مسائل الدية، أَنَّ قَتْلَ المارِّ وهو عَجِيب لأنَّه ربما يَخْبِطُ النَّاظر فيظن أَنَّ الحديثَ ورد في القَتْل مع أَنَّه ليس بمراد، فكان الأولى أَنْ لا يَذْكُرها، وعلَّله في الحديث أنَّه شيطان. قلت: ومن يَسْنَح بينه وبين مولاه فإِنَّه شيطان ولا ريب. ثم اعلم أَنَّ الشيطان من عالَمِ الأرواح أعني به أَنَّ له بَدنٌ مثالي يَتَصرف في الأجساد كتصرف الجِنّ، فكما أَنَّ الجنَّ يركب الإِنسان ويصرعه، ثُمَّ يتكلم بلسانه كذلك يَفْعَل الشيطان أيضًا والله تعالى أعلم بحقائق الأمور فأمكن، أن يركب على إنسان ويمر به أمام المُصَلِّي (¬2). 101 - باب إِثْمِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّى 510 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ ¬

_ (¬1) ويُلْحَق به حديثٌ أَخر فِيمَن اطلع على رجلٍ في منزلِهِ بلا إِذْنِه هل له فقأُ عينه كذلك أم لا؟ وتَكَلَّم عليه الطحاوي في مشكِله فقال: وفيما رَوَينَا مِنْ هذه الآثار، ما قد دَلَّ على أَنَّه لمَّا كان لصاحب المنزل ترك الاطلاع إلى منزله، كان قطع له ذلك عن منزله وإن كان في قطعه إياه تلف عين المطلع، وكان مَنْ كان له أَنْ يَفْعَل شيئًا ففعله معقولًا أَنّ لا ضمان عليه فيه، ثم أَخْرَج عن أبي هريرة مرفوعًا أَن مَنْ فقأ عينَه فلا دِية ولا قِصاص"، ثم قال في آخر الباب وهذا الذي ذكرنا مما لا يَسع خلافه ولا القول بغيره. انتهى مختصرًا. قلتُ: إِذَن هو كَمَن عض رجلًا فنزع يده فأندر ثنيته فقال له النَّبي - صلى الله عليه وسلم - "أَيَتْرُك يده في فمك تقضمها قضم الفَحْل" أو كما قال، ولكنَّه هل يلائم مذهب الحنفية فليُنظر فيه. (¬2) قلتُ: وقد يَدُور بالبالِ أنَّه على حَدِّ قولِه: إنَّ التثاؤب مِن الشيطان، وأَنَّ الاستحاضة رَكضة مِنَ الشيطان، فكل شيء يُخِلّ بالطاعات يُنسب إليه بأي معنىً كان، أو يقال إنَّه يُوَسْوِس إلى النَّاس بالمرور فيكون سببًا له كما في المشكاة في باب المعجزات في حديث أبي سعيد رضي الله عنه في قصةِ قدوم النَّبي - صلى الله عليه وسلم - عُسفان، وإقامته بها، حيث قال الصحابة: ما نحن ههنا بشيء، وإنَّ عيالَنا لَخلُوف فقال: والذي نفسي بيده ما في المدينة شعب ولا نقب إلا عليه مَلَكانِ يحرسانها قال الصحابة رضي الله عنهم فلمَّا دخلنا المدينة أغَار عليها بنو عبد الله بن عطفان وما يهيجهم قبل ذلك شيء -بالمعنى- فكان مِنْ آثار حراستهم ذهولهم عن الإغارة فكذلك الشيطان يُهيج النَّاس ليمروا، والوجه ما ذكره الشيخ رحمه الله تعالى فإنَّ الحديث على ظاهِرِهِ بدون تأويل، وإنَّما ذكَرْته لمن لا يستطيع أَنْ يحمل الأحاديث على ظاهرِها وتَتَردد إليه نَفْسُه فلا يُؤمن إلا قليلًا على حد قولهم: إِنَّ المراد مِنَ الله هو القدرة.

102 - باب استقبال الرجل الرجل وهو يصلى

عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ أَرْسَلَهُ إِلَى أَبِى جُهَيْمٍ يَسْأَلُهُ مَاذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمَارِّ بَيْنَ يَدَىِ الْمُصَلِّى فَقَالَ أَبُو جُهَيْمٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَىِ الْمُصَلِّى مَاذَا عَلَيْهِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ». قَالَ أَبُو النَّضْرِ لاَ أَدْرِى أَقَالَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً. تحفة 11884 وفي مُسْنَد البزَّار أربعين سَنَة بالجزم، وفي حديث آخر مئة سنة كذا نَقَله الحافظ رحمه الله تعالى. 102 - باب اسْتِقْبَالِ الرَّجُلِ الرَّجُلِ وَهُوَ يُصَلِّى وَكَرِهَ عُثْمَانُ أَنْ يُسْتَقْبَلَ الرَّجُلُ وَهُوَ يُصَلِّى، وَإِنَّمَا هَذَا إِذَا اشْتَغَلَ بِهِ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَشْتَغِلْ فَقَدْ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مَا بَالَيْتُ إِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَقْطَعُ صَلاَةَ الرَّجُلِ. 511 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ - يَعْنِى ابْنَ صُبَيْحٍ - عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلاَةَ فَقَالُوا يَقْطَعُهَا الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ. قَالَتْ قَدْ جَعَلْتُمُونَا كِلاَبًا، لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - يُصَلِّى، وَإِنِّى لَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ عَلَى السَّرِيرِ، فَتَكُونُ لِى الْحَاجَةُ، فَأَكْرَهُ أَنْ أَسْتَقْبِلَهُ فَأَنْسَلُّ انْسِلاَلاً. وَعَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ. أطرافه 382، 383، 384، 508، 512، 513، 514، 515، 519، 997، 1209، 6276 - تحفة 17642، 17605، 15952، 15973 وهل الاستقبال منحصرٌ في المواجهة أو هو أَوْسَع منه، ولعلَّ أهلَ اللُّغة يُخصصونَهُ بالمواجَهة. ثُمَّ الاستقبال المذكور مكروه عندنا مطلقًا بدون تَفْصيل الاشتغال وعَدَمِه، وفَرَّقَ المصنِّف بالاشتغالِ وعَدَمِه. وحاصل تراجم المصنِّف رحمه الله تعالى: أنَّه لا يَقْطَع الصَّلاةَ شيء كما سيجيء مصرحًا، ولم يُبال بما يُروى في القَطْعِ بالمرورِ، ولذا لم يُخرج له حديثًا. ولنا: ما رُوِيَ عن ابنِ مسعود رضي الله عنه موقوفًا وهو مرفوع حُكْمًا: أَنَّ مَنْ مَرَّ أَمامَ المُصَلِّي فقد قَطَعَ عليه نِصْفَ صَلاتِه. وثَبَت منه أمران: كون المارِّ قَاطِعًا مطلقًا، وكذا ثَبَتَ منه عدم بُطْلان صلاتِه. واضطرب الشارحون في أَنَّ المصنِّف رحمه الله تعالى مِنْ أَي لفظٍ أَخَذَ ترجمَتَه فقالوا مِنْ قِولِه: (وأنا مُضْطجِعَة) ثم تَحيَّرُوا فيه فإِنَّها لا تُؤْخَذ منه. قلت: بل هي مأخوذة مِنْ قوله: «وأكره أَنْ أستقبله» ففيه كراهة الاستقبالِ صراحةً، ثُمَّ إِنَّ قولها: وأنا مضْطَجِعَة على السرير» صريحٌ في أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلّم كان على الأرضِ، وقد مَرَّ مني التفتيش فيه في ذيل شرح لفظ «فيتوسط السرير». 103 - باب الصَّلاَةِ خَلْفَ النَّائِمِ 512 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ

104 - باب التطوع خلف المرأة

عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى وَأَنَا رَاقِدَةٌ مُعْتَرِضَةٌ عَلَى فِرَاشِهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ أَيْقَظَنِى فَأَوْتَرْتُ. أطرافه 382، 383، 384، 508، 511، 513، 514، 515، 519، 997، 1209، 6276 - تحفة 17312 وهي مكروهة إذا كان يَخْشى منه اللغط وإلا لا، ولعلَّها كانت مأمونة عنه فانْدَفَعت الكراهة. 512 - قوله: (على فِرَاشِه) وهذا يشير إلى كَونِها على الأرض. قوله: (فإِذا أرَادَ أَنْ يوتر) ... الخ ولهذا أقول إنَّ عائشة رضي الله عنها ممن يُفَرِّق بين الوتر وصلاة الليل، بخلاف ابنِ عمر رضي الله عنهما فإِنَّه يُطْلق الوتر على جميع صلاة الليل، ثُمَّ الحديث دلَّ على تأكُّد أمر الوتر، بخلاف صلاةِ الليلِ، ولذا أَيْقَظَها النَّبي صلى الله عليه وسلّم للوتر دون صلاةِ الليل. 104 - باب التَّطَوُّعِ خَلْفَ الْمَرْأَةِ 513 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قَالَتْ كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَىْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرِجْلاَىَ فِى قِبْلَتِهِ، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِى فَقَبَضْتُ رِجْلَىَّ، فَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا. قَالَتْ وَالْبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ. أطرافه 382، 383، 384، 508، 511، 512، 514، 515، 519، 997، 1209، 6276 - تحفة 17712 - 137/ 1 513 - قوله: (فإِذا سجد غَمَزني) وفي النَّسائي لفظ صريح في أَنَّ مسه كان بدون حائلٍ، فأفادَ الحنفية في مسألة النَّواقض. 105 - باب مَنْ قَالَ لاَ يَقْطَعُ الصَّلاَةَ شَىْءٌ 514 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ. قَالَ الأَعْمَشُ وَحَدَّثَنِى مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ ذُكِرَ عِنْدَهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلاَةَ الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ فَقَالَتْ شَبَّهْتُمُونَا بِالْحُمُرِ وَالْكِلاَبِ، وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى، وَإِنِّى عَلَى السَّرِيرِ - بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ - مُضْطَجِعَةً فَتَبْدُو لِى الْحَاجَةُ، فَأَكْرَهُ أَنْ أَجْلِسَ فَأُوذِىَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَنْسَلُّ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ. أطرافه 382، 383، 384، 508، 511، 512، 513، 515، 519، 997، 1209، 6276 - تحفة 15952، 15973، 17642، 17605 515 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَمَّهُ عَنِ الصَّلاَةِ يَقْطَعُهَا شَىْءٌ فَقَالَ لاَ يَقْطَعُهَا شَىْءٌ، أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُومُ فَيُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ، وَإِنِّى لَمُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ عَلَى فِرَاشِ أَهْلِهِ. أطرافه 382، 383، 384، 508، 511، 512، 513، 514، 519، 997، 1209، 6276 - تحفة 16615 أَي مِنْ فعلِ غير المُصَلِّي لمرورهِ أَمَامه ولا يريد أَنَّه لا يقطعها شيء ولو كان مِنَ المُصَلِّي،

106 - باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه فى الصلاة

وقد عَلِمْتَ من عاداتِ المصنِّف رحمه الله تعالى أَنَّ رجحانِه قَدْ يكون إلى جانب ولا يريد الإِفصاح به، فيضع هناك لفظ «من» كأنَّه يعزوه إلى قائل مُبْهم، ولا يَتكفل به قوله: «وإني على سرير» ... الخ وعدَّه المصنِّف رحمه الله تعالى مِنْ جِنْس المرور ولمَّا كان هذا النَّوع مِنَ المرور غير قاطع، عُلم أَنَّه لا يَقْطَع الصَّلاة شيء وهذا أيضًا مِنْ عاداتِ المصنِّف رحمه الله تعالى أَنَّه إذا اختار جانبًا ذَهَب يهدر جانبًا آخر كأنَّه لم يرد فيه شيء، قلنا كَيْفَ وقد صَحَّ فيه أحاديث عند مُسْلِم وأبي داود مِنْ أَنَّ الحمار والمرأة والكلب قاطعٌ للصَّلاةِ بأي معنىً كان، وإنَّما يَثْبُت خلافه إذا ثَبَت في حديث أَنَّ تلك الأشياء الثلاثة لا تَقْطَع الصَّلاة، فإِنْ أَرَاد بالقَطْعِ القطعَ فقهًا فمن أَنْكَره، ونحن أيضًا نقول: إنَّها لا تقطع بمعنى أَنَّها لا توجِب البطلان، أما إنَّها لا تقطع أصلا فلا نقول به. 106 - باب إِذَا حَمَلَ جَارِيَةً صَغِيرَةً عَلَى عُنُقِهِ فِى الصَّلاَةِ 516 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِىِّ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ الأَنْصَارِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى وَهْوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلأَبِى الْعَاصِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا. طرفه 5996 - تحفة 12124 107 - باب إِذَا صَلَّى إِلَى فِرَاشٍ فِيهِ حَائِضٌ 517 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ قَالَ أَخْبَرَتْنِى خَالَتِى مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ قَالَتْ كَانَ فِرَاشِى حِيَالَ مُصَلَّى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَرُبَّمَا وَقَعَ ثَوْبُهُ عَلَىَّ وَأَنَا عَلَى فِرَاشِى. أطرافه 333، 379، 381، 518 - تحفة 18060 518 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ سُلَيْمَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ قَالَ سَمِعْتُ مَيْمُونَةَ تَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى وَأَنَا إِلَى جَنْبِهِ نَائِمَةٌ، فَإِذَا سَجَدَ أَصَابَنِى ثَوْبُهُ، وَأَنَا حَائِضٌ. وَزَادَ مُسَدَّدٌ عَنْ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِىُّ، وَأَنَا حَائِضٌ. أطرافه 333، 379، 381، 517 - تحفة 18060 - 138/ 1 وتدخل فيه مسألتان: الأولى: مسألة الحمل. والثانية: مسألة ثياب الصبي. أَمَّا الحمل فإِنْ كان بالإِشارة فهو عَمَلٌ قليل كما في عالمكيرية، وإِنْ كان الاستمْسَاك فهو عملٌ كثير وفي الخارج أَنَّه كان يُشير بها بالنُّزول عند الركوع ولا بد، فَعَبَّر الراوي عن تَعلقُها بنفسِها، وعَنْ إشارتِه إيَّاها أنَّه صلَّى وهو حاملٌ لها، وإذا رَكَع وضعها، وما للرُّواة وللأنظار الفقهية فهذا توسع لا غير. قلت: فأين ذهب رفع اليدين؟ وإنَّما فَعَلَ النبي كذلك وهو في الصَّلاة بيانًا للجواز وهو

108 - باب هل يغمز الرجل امرأته عند السجود لكي يسجد؟

التَّعليم الفطري، وهو ما يكون في ضمن الأفعال، أما ما يكونُ باللسانِ كما ترى اليوم فهو طريق مستحدثٌ مجعول، فكما أَنَّ الأبناءَ يتعلمون حوائِجَهم عن أوضاع آبائِهِم كذلك الأُمَّة تتعلم دينَها مِنْ نبيها (¬1). وأمَّا المسألة الثانية: فقد مَرَّ عن الشيخ ابنِ الهُمام أَنَّ العِبرة فيه بحملِه، فإنْ كان الصبي بحيث يتعلق بنفسه ولا يحتاج إلى حمله، لا تنسب تلك الثياب إليه ولا تُعِد حاملا إياها وإلا نسبت إليه، ويُعدُّ وتفسد صلاته. وفي «المُنية» إذا كان الحصير كبيرًا وأحد جوانِبِه نجس لا بأس بالصَّلاة عليه في الموضع الآخر. وفي إسناده حفص وأنَّه رأى أبا حنيفة رحمه الله تعالى وهو من تَلامذةِ أبي يوسف رحمه الله تعالى، وعبد الواحد بن زياد أيضًا أرى له علاقة مع أبي حنيفة لما عند الدَّارقطني عند اختتامه عنه أنَّه يقول: عن أبا حنيفة رضي الله عنه عن تصدق مال خبيث ومن أين أخذه قال من حديث عاصم بن وفيه أنه دعي إلى لحم شاة ذبحت بغير إذن أهلها فأمره أن يطعمه المساكين. 108 - باب هَلْ يَغْمِزُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ عِنْدَ السُّجُودِ لِكَيْ يَسْجُدَ؟ 519 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ بِئْسَمَا عَدَلْتُمُونَا بِالْكَلْبِ وَالْحِمَارِ، لَقَدْ رَأَيْتُنِى وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى، وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ غَمَزَ رِجْلَىَّ فَقَبَضْتُهُمَا. أطرافه 382، 383، 384، 508، 511، 512، 513، 514، 515، 997، 1209، 6276 - تحفة 17537 ولا عجب إنْ كان يُشير إلى عدم نَقْضِ مسِّ المرأة. 109 - باب الْمَرْأَةِ تَطْرَحُ عَنِ الْمُصَلِّى شَيْئًا مِنَ الأَذَى 520 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ السُّرْمَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ ¬

_ (¬1) قلت: ورأيت فيه كلامًا في "حاشية الزيلعي" فاستحسنه فنقلتُ منه مختصِرًا قال: وقد ثَبَتَ عنه - صلى الله عليه وسلم - وهو حامل بنت أمامة بنت زينب رضي الله عنها وهو فَوْقَ حَمْل المُصحف وتَقْلِيب الأَوْرَاق، وقد نصَّ على جواز هذا في "المبسوط" وقال كان فِعْله ذلك في بيته. قلتُ: ذكر ابن عبد البر في "التمهيد" وحَكَى أشهب عن مالك رحمه الله تعالى أَنَّ هذا كان في النَّافلة ومثله لا يجوز في الفَرِيضَة وذكر عن محمدِ بن إسحاق أَنَّه كان في الفَرْض. وقال أبو عمر: ولا أعْلم خلافًا أنَّ مثل هذا مكروه، فيكون إِما في النافلة أو منسوخًا. قال: وَروَى أشْهَب وابن نافع أَنَّ مثلَ ذلك في حال الضَّرورة، ولَمْ يُفَرِّق بين الفَرْض والنَّفل. قال: وعند أهل العلم أنَّ أُمامة كان عليها ثياب طاهرة .... وقال شمسُ الأئِمة: وفعله - صلى الله عليه وسلم - كان في وقتِ كان العمل مباحًا في الصَّلاة وقال في البدائع: .... ثُمَّ هذا الصنِيع لم يَكُن مِنه - صلى الله عليه وسلم - إلا أَنَّه كان محتاجًا في ذلك لعدم مَنْ يحفظها، ولبيان الشَّرع إنَّما هذا غَير مُوجِب فساد الصَّلاة ومثل هذا أيضًا في زماننا لا يُكره لواحد منا لو فعل عند الحاجة، أَمَّا بدون الحاجة فيكره. انتهى. وذكر الحافظُ رحمه الله تعالى ههنا كلامًا عن النَّووي وهو أحسن، وعن ابن دقيق العيد وهو أَلطَف.

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ يُصَلِّى عِنْدَ الْكَعْبَةِ، وَجَمْعُ قُرَيْشٍ فِى مَجَالِسِهِمْ إِذْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ أَلاَ تَنْظُرُونَ إِلَى هَذَا الْمُرَائِى أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى جَزُورِ آلِ فُلاَنٍ، فَيَعْمِدُ إِلَى فَرْثِهَا وَدَمِهَا وَسَلاَهَا فَيَجِىءُ بِهِ، ثُمَّ يُمْهِلُهُ حَتَّى إِذَا سَجَدَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَانْبَعَثَ أَشْقَاهُمْ، فَلَمَّا سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَثَبَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَاجِدًا، فَضَحِكُوا حَتَّى مَالَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ مِنَ الضَّحِكِ، فَانْطَلَقَ مُنْطَلِقٌ إِلَى فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - وَهْىَ جُوَيْرِيَةٌ، فَأَقْبَلَتْ تَسْعَى وَثَبَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَاجِدًا حَتَّى أَلْقَتْهُ عَنْهُ، وَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ تَسُبُّهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلاَةَ قَالَ «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ - ثُمَّ سَمَّى - اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِعَمْرِو بْنِ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِى مُعَيْطٍ، وَعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَوَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ، ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَأُتْبِعَ أَصْحَابُ الْقَلِيبِ لَعْنَةً». أطرافه 240، 2934، 3185، 3854، 3960 - تحفة 9484 وقد تَرْجَم به مرَّة مِنْ قَبْل لييان صحة الصَّلاةِ وفسادِها، والمقْصُود بيان مسألة المرأةِ، وعليك أنَّ تُفَرِّق في مثل هذا التَّكرار. 520 - قوله: (إلى فَرْثِها ودمِها وسَلاها) هذا صريحٌ في نجاسة السلا فبطل التأويل المشهور وقد مرَّ منا كلام عليه. 520 - قوله: (اللهم عليك بقريش) ... الخ قال الدِّمياطي: إنَّه أَوَّل دعاء دعا به النبي صلى الله عليه وسلّم على الكفار. ***

9 - كتاب مواقيت الصلاة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 9 - كتاب مواقيت الصلاة واعلم أَنَّ حديث إمَامة جبريل عليه السَّلام أساس الأحاديث في بابِ الأَوقاتِ وإن لم يخرجه الشيخان، لكن في حديثِ البابِ إيماء إليه فَحَصلت له نوعُ رِفعة، فلنشرح أَوَّلا ألفاظَه ثُمَّ لنعرِّج على مباحثِه. 1 - باب مَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ وَفَضْلِهَا وَقَوْلِهِ {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] وَقَّتَهُ عَلَيْهِمْ. 521 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَّرَ الصَّلاَةَ يَوْمًا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَخَّرَ الصَّلاَةَ يَوْمًا وَهْوَ بِالْعِرَاقِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىُّ فَقَالَ مَا هَذَا يَا مُغِيرَةُ أَلَيْسَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ فَصَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «بِهَذَا أُمِرْتُ». فَقَالَ عُمَرُ لِعُرْوَةَ اعْلَمْ مَا تُحَدِّثُ أَوَإِنَّ جِبْرِيلَ هُوَ أَقَامَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقْتَ الصَّلاَةِ. قَالَ عُرْوَةُ كَذَلِكَ كَانَ بَشِيرُ بْنُ أَبِى مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ. طرفاه 3221، 4007 - تحفة 9977 - 139/ 1 521 - قوله: (أَخَّرَ الصَّلاةَ يومًا) وعند البخاري في بدءِ الخلق: «أخر العصر شيئًا» وعند أبي داود «كان قاعدًا على المنبر». فقوله: «يومًا دَلَّ على أنَّه لم يَكُن إذ ذاك أمير المؤمنين. قوله: (أنَّ جبريل نَزَل) وفي رواية للشافعي رحمه الله تعالى أَنَّه أَمَّهُ عند المقام تلقاء الباب، وهذا يَرد على مَنْ قال إن قِبلتَه صلى الله عليه وسلّم في مكة كانت بيت المقدس، وإنَّما أَبْهم الأمر لأنَّه كان يُصلي مستقبلا بهما وذاك لأنَّه لا يُمكنه استقبالَ بيت المقدس فيما قلنا. وفي «سيرة محمد بن اسحق» أَنَّه نَزَلَ عند زوال الشمس ولذا سُميت بالأولى فتصدى الناس إلى بيان النكتة في نزوله في الظهر دون الفجر، فقيل: إنه كان نائمًا صبيحة الإِسراء فلم يحب جبرئيل عليه السلام إيقاظَه، وهو غلط ومنشأه الخلط بين السفرين في الليلتين ليلة التَعْرِيس وليلة الإِسراء،

وإنَّما نام النَّبي صلى الله عليه وسلّم في الأول دون الثاني، فما كان وقع في ليلة التعريس نقلوه في ليلة الإِسراء بمجرد اشتراك كونهما في الليل، ولا حاجة إلى بيان النُّكتة على ما حققتُ سابقًا من ادعاء فرضية الصلاتين قبل الإِسراء أيضًا، واتفق الكُل على أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلّم كان يُصليهما قبل الإِسراء، وإنَّما تكلموا في صفتِهما هل كانت فريضةً أو تطوعًا. فذهب جماعة إلى فرضيتهما وهو الذي أختارُه، والأصلُ أَنَّهما صلاتان كانتا على بني إسرائيل كما هو عند النَّسائي فبقيتا على أُمَّةِ محمد صلى الله عليه وسلّم وصلاهما النَّبي صلى الله عليه وسلّم وأصحابُه حتى صارت خمسًا، وقد ذَكَرهما القرآن في غير واحدة مِنَ الآيات (¬1)، وقد تُذْكَر معهما صلاة الليل أيضًا، وهي أيضًا من الابتداء ولم تنسخ بتمامها أصلا، وإنَّما غيَّر في صفتها وبقيت منها الوتر كما سيجيء تقريره، وحَمْلُها على الصلوات الخمس غير مرضي عندي، والوجه فيها: أَنَّ تلك الآيات كانت فيما لم تَكُن فريضة إلا هاتان ولا أجد فَرْقًا في صفة أدائهما قبل الإِسراء وبعده، فقد رُوِيَ في الصحيحين: أنَّه صلى بأصْحابه الفجر بالنَّخْلَة حين ذَهَبَ عامدًا إلى عُكاظ واستمع له الجِنّ، وفيه أنَّه جَهَرَ بالقراءةِ فثبتت الجماعةُ والجهرُ أيضًا، وهذه شاكلتها بعد الإِسراء أيضًا، فما الدليل على أنها كانت نافلةً؟ ومِنْ هذا التحقيق خرج غير واحدة مِنَ الآيات من التأويل وهي التي ذُكِرت فيها الصَّلاتان فقط كقوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39)} [ق: 39] فلا حاجة إلى إدخالِ الصَّلاةِ الخمس فيها. وما وقع عند الدَّارقطني أنَّه نزل في الصبح فهو أيضًا وَهْمٌ عندي، والتبسَ عليه تَعْليم النَّبي صلى الله عليه وسلّم أعرابيًا في المدينة بتعليم جبريل إيَّاه في مكة، وكانت أَوَّل صلاة صلَّى به صلى الله عليه وسلّم هي الفجر، قال ابن كثير: صلاتُه صلى الله عليه وسلّم في بيت المقدس ذاهبًا كانت تحية المسجد، وآيبًا كانت الفجر. قوله: (صَلَّى فَصَلَّى) وفي غير صحيح البخاري أَنَّ جبريل عليه السَّلام صَلَّى به مرتين، وما في هذه الرواية يدل على إمامته يومًا فقط، فإِما أَن يُقال إنَّ الرَّاوي اقتصرَ في تلك الرِّوايات، أَوْ يُقال إنَّ الفِعلَ مُطْلَق يَصدُق على مرة كما يصدُق على ألف مرة، فيُقال ضرب لمن ضرب مرة ولمن ضرب مرارًا كذا قاله سيبويه كما في «الجامع الكبير» للشيخ بَلْبَان الفارسي، ولذا قالوا: إنَّ التثنية والجمع من خواص الاسم، وهو في الفعل لحال فاعله، وحينئذ تَنْدَرِج صلاة يوميه في فِعْلٍ واحدٍ، والرواية المُفَصَّلة عند أبي داود وفيها ذكر اليومين وصلاته فيهما مُفَصَّلة، وفي آخرِها «ثم لم يُسْفِر بعد» وتكلَّم المُحدَّثون في الجملة الأخيرَة وإن ثبَتَت فالأمر أيضًا سهل. ثمَّ قيل: إنَّ الفاء في قوله: «فصلَّى» لبيان صلاتِه في عمره، يعني أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم صلَّى فيم بعد كما كان جبريل عليه السَّلام علمه، وقيل: بل هي لبيان التعقيب بين أجزاء الصَّلاةِ بحسب الإِمامة والاقتداء. وقد مَرَّ مني أنَّ الفاء قد تَدْخُل الأمرين المتَعاقِبين ذاتًا وإن كانا متقارنين ¬

_ (¬1) وقال رحمه الله: تبلغ الآيات التي ورد فيها ذكر هاتين الصلاتين صراحة أو إشارة إلى ثلاثين آية. المصحح البنوري.

زمانًا، فلا يخالف مسألةَ الحنفية في مقارَنَة الأَفْعَال بين الإِمام والمقتدي، وليس في أحدٍ من طُرُقِه تفصيل الأوقات إلا في رواية عند أبي داود، وعلله المحدِّثون أيضًا، نعم في حديثِ إِمَامةِ جبريل عليه السَّلام الذي شير إليه في هذا الحديث تفصيل ذلك، وفي مراسيل أبي داود عن الزُّهري والحسن أنَّه صلَّى أربعًا. قلت: والمرسَلان معلولان لِمَا في البخاري أنَّ الصَّلاة قَبْلَ الهجرةِ كانت مَثْنَى مَثْنَى، وإنَّما قاسها الرَّاوي على الحالةِ الرَّاهِنة فذَكَرها أربعًا. قوله: (اعلَمْ ما تُحَدِّثُ به) يعني أَنَّك لستَ بصحابي فأْتِ بسنَدِهِ ولا تَرْوِ مرسلا هكذا قالوا: والوجه عندي أَنَّ الاستبعاد على تعليمه فعلا، مع أنَّ التعليم القولي أيضًا كان كافيًا له، ولذا قال: أو إِنَّ جبريل هو أقامَ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلّم؟ يعني حتى تَعَلَّمَ الصَّلاةَ مِنْ فِعلهِ، فأجابه عروة: إني لا أَرْوِيه إلا بالإِسناد فَخُذْه مني فَذَكَره كما في الكتاب (¬1). 522 - قَالَ عُرْوَةُ وَلَقَدْ حَدَّثَتْنِى عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى الْعَصْرَ، وَالشَّمْسُ فِى حُجْرَتِهَا قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ. أطرافه 544، 545، 546، 3103 - تحفة 16596 522 - (والشمسُ في حُجْرتِها) دلَّ على تَعْجيلِ العصر، وأجاب عنه الطَّحاوي أَنَّ الجُدر كانت قصيرة فلم تكُن الشمس تخرج منها إلا قُبيل الغروب، وكان الطَّحاوي قاله في العصر، فنقله بعضهم في التغليس، وفَهِم أنَّ الطَّحاوي جعلَه وجهًا للتغليس. وحاصله: أَنَّ الصحابةَ إنَّما ذكروا التَّغْلِيس لِقَصر جُدْرَان مسجدِه فلم يكُنِ الضوء يَدْخله إلا بعد الإِسفار الشديد، ثم اعتُرِض عليه أنَّه تحميق لهم والعياذ بالله، وهذا كما ترى بناء الفاسد على الفاسد. ثم إنَّ الخلافَ في تأخيرِ العصر في الاستحبابِ دونَ الجواز فَيُسْتَحب تَأْخِيرُها عندنا قَبْل ضَعْفِ الشمس وهو المُرادُ من الإِحمرار والإِصفرار، والتمكُّن مِنَ النَّظرِ إلى قُرص الشمس وانكسارِ الشعاع، فإِنَّ هذه أمور لا تَحْصُل إلا عند ضَعْفِها، فإِذا ضعفت اصفرت، ويُتمكَّن النَّظر إليها. وفي «تحفة المحتاج» للشافعية رحمهم الله، أَنْ يُصلِّي العصر حين يَبْقى ربع النَّهَار أو ¬

_ (¬1) ولعل الظَّاهِر ما قاله القرطبي كما في العيني: أَنَّ وَجهَ الإِنكار أَنَّه لم يَكُن عندَه خبر من إِمَامةِ جبريل عليه السَّلام، والدليل عليه ما أخرَج الحافظُ رحمه الله في "الفتح" عن "مصنَّف عبد الرزاق" زيادة قال: فلم يَزلْ عُمر يعلم الصَّلاة بعلامة حتى فارق الدنيا. وعن أبي الشَّيْخ ما زَال عمرُ بن عبد العزيز يَتَعلم مواقيت الصَّلاة حتى مات. فَدَلَّ على أنَّه لم يَكُن قَبْل ذلك عندَهُ عِلمٌ مِنْ الأوقاتِ كما هي حتى عَلِمها من حديث إمامة جبريل عليه السلام. قلت: ما قاله القرطبي هو عين ما اختاره إمام العصر، فإنَّه استبعدَ الأمرَ واستعظمه لأجل أَنَّه لم يكُن عندَه خبر إمَامَة جبريل وما نقلَهُ الحافظُ يدلُّ على أنَّه لم يكُنْ عندَهُ على المواقيتِ فضلًا عن إمَامةِ جبريل وظاهرُ هذا مستَبعدٌ عن مِثل عمر بن عبد العزيز بل عِلْمُ المواقيت فرضٌ على كل مؤمنٍ فضلًا عن صحابي، ثم عن مثله، بل هذه الأوقات قبل الإِسلام كانت معروفة فيهم كما سيأتي، فيتأول فيما أخْرَجَه الحافظُ عن عبد الرزاقِ وعن أبي الشَّيْخ ولا بُدَّ، فليتنبه المصحح.

خمسه. وصرَّح الشامي منَّا في «شرح قِصة الدَّجال» والتقدير في يومِهِ الطويلِ للصلوات: أنَّه يُصليها إذا بقي خمس النَّهار أو سدسه. فلم يَبْق بين الإِمامين فَرْق كثير، ولكنَّ المشغوفون بالخلافِ يتعسر عليهم التقريب، فيجعلون الخلافَ على طرفي نَقيض فإِذا نُقَّحَ وحقَّق هان، لأنَّه لم يَبْقَ إلا بسدس النَّهار فتشكر. وعند أبي داود في باب الجمعة مرفوعًا: أنَّه قال يومُ الجمعةِ ثنتا عَشْرَةَ، يريد ساعة لا يُوجد مُسْلِمٌ يسأل الله شيئًا إلا أتاه الله عز وجل، فالتمسوها آخِرَ ساعةٍ بعد العصر. وهذا الحديث وإِنْ لم يُسق لهذه المسألة عبارة لكنَّه دلَّ على أَنَّ التَّأْخِير مُسَلَّمٌ في ذهن المُتَكَلِّم حتى ينبع مِنْ أَطْرافِ كلامِه، ويُعلم منه كأنه مفروغ عنه عنده فكأنَّه أَدَّاهُ كالعلم الحُضوري لا يغيب عنه، كذلك التأخير بالعصرِ ههنا فإِنَّه مُتكلم في باب آخر، والتأخيرُ لا يَزال يَخْرج من عَرْضِ كلامِه كالعِلم الحضوري لا يذهل عنه، وعند الترمذي عن أم سَلَمة كان رَسولُ الله صلى الله عليه وسلّم أشدَّ تعجيلا للظُّهر منكم، وأنتم أَشدُّ تعجيلا للعصر منه، وبوَّب عليه الترمذي بتأخيرِ العَصْرِ واستدل الإِمام محمد بما أخرجَهُ هو، وأخرجه الشيخان: إنَّما أجلكم فيما خلا مِنَ الأُمم كما بين صلاةِ العصر إلى مَغْرِبِ الشمس، وفي الحديث «أنا والسَّاعة كهاتين». فدلَّ على أنَّ وَقْتَ أَمَّتِه أَقل قليل، فلا يكونُ مِنْ صلاةِ العَصرِ إلى الغُروبِ إلا وقتًا قليلا، وهو محمول على المبالغةِ، وإلا فهو دالٌّ على أزيد من التأخير الذي أَرَدْنَاهُ وسيأتي الكلام فيه. الفائدة الأولى: في ذِكْرِ الآيات التي فيها الإِيماء إلى الصَّلواتِ الخمس. واعْلَم أَنَّ المفسرينَ تعرضوا إلى عد الآيات التي فيها إيماء إلى الصَّلواتِ الخمس، وهي عندي عدة آيات على ملاحظ مختلفة، واعتبارات شتى، فمنها قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)} [الروم: 17 - 18] ومنها قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ الَّيْلِ} [هود: 114] ومنها قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ الَّيْلِ وَقُرْءانَ الْفَجْرِ} [الإسراء: 78] ومنها قوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40)} [ق: 39 - 40]. فَذَكَر الصَّلوات الخمس في الآية الأولى في أربعة ألفاظ، فبدأ أَوَّلا بِذِكْرِ طرفي النَّهار وهو الصَّباح والمَساء، فدخلت صلاة الفجر في قوله {وَحِينَ تُصْبِحُونَ}، والمَغْرِب والعشاء في قوله {حين تمسون} لأنَّ المساء صالحٌ للعشائين، أمَّا صلاة العصر والظهر فَذَكَرهما في قوله: {وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} وذكرها في الآية الثانية في لفظين فقط أي طرفي النَّهار والزلف، وطرفا النَّهار هما نصفاه، فالصبحُ في نصف، والظهر والعصر في نصف آخر، أمَّا العشاءان فأدرجهما في الزُّلَف، وتمسك منها الحافظ مُغْلَطاي على وجوب الوتر، بأنَّ الزُّلَف صيغة جَمْع، وأقله الثلاث، فلا بد أَنْ تكونَ هناك صلاة ثالثة وهي الوتر، وقال الحافظُ رحمه الله إِنَّه تشديد من مُغْلَطاي وليس في الآيةِ ما يدلُّ عليه، ولم يِقْدِر على جوابه. قلت: الْحافظُ وإنْ عَجَزَ عن الجوابِ لكِنْ أقول أنا: لا دليلَ في الآيةِ المذكورةِ على وجوب الوتر، أَمَّا جمعية الزُّلَف فهي باعتبارِ وقوع العشاء في هذه الحصة تارة، وتارةً في

الحصةِ الأُخْرَى، فكانت باعتبار حِصَص الليل وساعاتِه من حيث تعجيلِ العشاء وتأخيره، فأخذها باعْتِبار أنواعِ الصَّلوات. أما الآية الثالثة: فهي على شَكِلَةِ حديث جبريل عليه السَّلام وبدأ فيها مِنَ الظُّهْرِ، ولف الأربع في قوله: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ الَّيْلِ} وفَصَل منها الفجر وعدَّها مستقلة، وذلك لأنَّ أَوْقَات الأربع كانت مُسَلْسَلة مِنَ الدُّلُوك إلى الغرب بخلاف الفجر، لأنَّها في طَرَف، وبينهما وبين الظُّهْرِ وقتٌ مُهْمَلٌ جَعَلَهُ الله لِمَنْ فاتَتْهُ وظيفتهُ مِنَ الليلِ أن يؤديها فيه، فتحسب له كأنَّما قَرَأَها من الليل، وهو تأويلُ قوله تعالى: {وجعلنا الليل والنَّهار خِلْفَة لمن أرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أو أراد شكورًا} [الفرقان: 62] والخلافة حيث يخلف ما في النَّهار عمَّا في الليل، وتَعرَّض في الآية الرَّابعةِ عن وَقْتِ الصبحِ والعصر أيضًا، بكون إحداهما قَبْلَ طُلُوعِ الشمس، وأُخْرى قَبْلَ غُرُوبِها تنبيهًا على وقتَيْهِمَا. وَذَكَرَ المَغْرِب والعِشَاء في قوله: {ءانَآء الَّيْلِ} على شاكلة {وَزُلَفًا مِّنَ الَّيْلِ}. بقيت الظُّهر فَجَعَلَها في أطرافِ النَّهار، والجمعية ههنا كجمعية الآناء والزلف هناك، باعتبارِ وقوعِ الظُّهْرِ تارةً في أوَّل وقتها، وأُخْرَى في غيره، فهي أيضًا باعتبارِ السَّاعات. والحاصل: أنَّه حيث ثَنَّى الطَّرَف أَرَادَ به جَانِبيّ النَّهار وحيث ذَكَرَهُ بصيغةِ الجمع قَصَرَهُ على ساعاتِ الوقتِ، باعتبارِ وقوعِ الصَّلاةِ في أَجْزَائِها، لأنَّه لا يكونُ لشيء واحدٍ إلا طَرَفان، فلا تستقيمُ الجمعية إلا بأَخْذِها في الوقت. ولَعَلك عَلِمْتَ أَنَّ مِصْدَاق تلك الآياتِ واحدٌ، وإِنَّما تَفَنَّنَ فيها في العبارات لمعانٍ وَملاحِظ، عليك أَنْ تتأملَ فيها حتى تَذُوقَ حلاوتَها (¬1). ¬

_ (¬1) قلتُ: وحاصلُ هذه الآيات، أَنَّه يجبُ على ابنِ آدم أَنْ يَعْمُرَ أوقاتَه بالتسبيح، والصلاة، وإِنْ كانت السماواتُ والأرضُ مملوءة بحمدِه، وكذلك يُسبِّحُ له من السماواتِ والأرضِ كيف لا، وهو خَليفَة الله في خَلِيقَتِه، فيجبُ عليه أَنْ يسبِّحهُ مساءً وصباحًا، وحين زوالِ الشمس وقَبْل الغروب، وهذه هي أُمهاتُ الأوقات، باعتبارِ تحولات الشمس، فَوَضع فيها التسبيحَ لربه الأكبر، ليَعْلَم أَنَّ مَنْ كان محطًا للتحولاتِ، مبتلى بأنواع التغيرات، مسخرًا بالأفول أثر الطلوع، والسجود عقيب الركوع، والاصفرار بعد اللموع، كيف يَصْلُح أَنْ يكون ربًا للهلوع المنوع، فليقل كما قال الله: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: 79] وإليه أشار في قوله: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}. فذكر دلوكها كأنّ أوقات الصّلاة منقسمة عليها، وهو كما في الكتب السالفة والدارمي من أوصاف هذه الأمة "يراقبون الشمس". وإنَّما عَبَّر الصبح عن القرآن لبيان خصيصتِه فيه، وهو أَنْ الملائكةَ تشهدُها فيقتدون وَيستَمِعون، ولا يَقرَؤون، ولا يُنازعون، ولمَّا كان منَّا الإِسماع ومنهم الاستماع سُنَّ فيه طول القراءة، فإنَّهم ضيوفنا، نزلوا لاستماع القرآن العربي المبين، فليكرم الرجل ضَيْفَه ولا ينبغي إرجاعهم عِطَاشًا، ثم إذا أَمَر أنْ تُقَام الصَّلاة في طَرَفي النَّهار ناسبَ ذِكر الليل بما فيه، ولمَّا دَخَلَ الفَجْرُ في أحد طَرَفي النَّهار لم يَبقَ مِنَ الليل إلا الزُّلَف، وإنَّما عبَّرها بالزُّلَف دون الأَطرَاف لما فيها مِنْ معنى القُربة، ولو قال طَرَفي الليل لانقسم على النصفين، فإِنْ كان باعتبارِ العِشاءِ وصلاةِ الليل فليس بصحيح لصحةِ العشاء بعد النِّصف أيضًا على اختِلافِ الأَقْوال فيه، وإِنْ كان باعتبار العِشاء لكان دليلًا على جوازِها قُبيل الصُّبْحِ بدونِ كَرَاهةٍ. =

الفائدة الثانية: واعلم أنَّ القرآن لم يَتَعرض إلى تعيين أوقات الصَّلوات غير الفجر والعصر، فحدَّد أواخِرَهما بطُلوعِ الشمس وغروبِها، وأَمَّا سائر أوقاتها فَتَرَكها (¬1) على أسامِيها، كما ذَكَرَها الثَّعَالبي في «فقه اللغة» وراجع لها «شرح لأميةِ العجم» مِنْ قوله: والشمس رأد الضحى كالشمس في الطفل فإِنَّها كلَّها أسامي عُرْفية لا يُمكِن ضَبطها وتحديدها وإِنْ نُصَّ كالضحى، فإِنَّه اسم لجُزْءٍ مِنَ النَّهارِ يعلمه أَهل العُرْف بدون تَفَكُر، أمَّا لو شئتَ أَنْ تُحَدِّدَه تحديدًا لا وَكَس فيه ولا شطط، فلستُ أَرَاكَ تَقْدِر عليه، وعليه جاء القرآن فقال: {حِينَ تُمْسُونَ} فَذَكَر المساء والصباح، والظهيرة والعَشي، وهذه كلُّها أسامي لجُزْء جُزء مِنَ النَّهار، وإنَّما حَدَّدَ الفجر والعصر، لأنَّه، أمكن تحديدُها بالحس. ولذا انْعَقَد عليه الإِجماع، فلا يُعْلَم في آخرِ وقتِ الفجر والعصر خلاف يعتد به، إلا أَنَ الإِصْطَخري من الشافعية، وحسن بن زياد مِنَ الحنفية ذهبا إلى خُروجِ وقت الفجر بعد الإِسفار، لأن جبريل عليه السلام صلَّاها في اليوم الثاني حين أَسْفَرَ. وقال: الوقت ما بين هذين. وهو غريبٌ جدًا. ولعلَّ مرادهما كراهة تَحرِّيها في ذلك الوقت، وليس مَذْهبًا لأحد أصلا، وإنَّما هو مِنْ ثَمَراتِ المبالغات، والشعف بالخلاف، كما قال بعض من الشافعية: إن الوتر بالثلاث باطل. وكذلك لم يَرِد في الأحاديث غير التقريب، ومَنْ حَمَلَها على غاية التَّحْدِيد، فقد تَكَلَّف بما لا يَقْدِر عليه هو، فإِذا لم تَقْدِر أنتَ على تَحْدِيدِ تلك الأوقات غير التقريب، فكيفَ ساغَ لك أَنْ تَحْمِل كلمات الرواة على أَنَّهم أرادوا به حق التعيين، أَلا تَرَى أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلّم لم يَأْمُر الرَّجُلَ حين جاء يسأله عن أَوْقَاتِها إلا بِأَنْ يُصَلِّي مَعَهُ يومين ويُشَاهِدَ أوقات الصَّلوات بعينِه ولم يَكتَفِ ¬

_ = ولهذا المعنى رَدَّدَ في المُزَمِّل فقال: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)} [المزمل: 2 - 4] أعني أنَّه إذا أَرَادَ القِسْمَة بين العِشاءِ وصلاةِ الليل لم يَجِدْ مِنَ الترديدِ بُدًّا، ولو قال أَطرَاف الليل لمَا كان أَرْجح من الزلُف على أَنَّه خَلَا عن معنى القُربة. ثُمَّ في ذِكْر الأطرَاف إِشارة إلى أنَّه طَلَبَ منه العبادة في حافتي النَّهار وترك حافة لحوائجه. {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا} [المزمل: 7] أمَّا الليل فالمقْصود إحياؤُه مهما أَمْكَن كما كان السابقون يفعلون {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17)} [الذاريات: 17] وإنَّما ذَكَرَ الزُّلَف منه تخفيفًا على حَدِّ الأَطرَاف في النَّهار فأَبْقَى النَّهار لحوائجه، ومن الليل لاستراحته، لأن الإنسان خلق ضعيفًا. ولهذا المعنى لمَّا ذَكَر أَنَاء الليل أَدْخَل عليه "مِنْ" التبعيضية ليُعْلِم أَنَّ اللهَ يُرِيد بكم اليسر، ولا يُريد بكم العسر، وإنَّما لم يَقُل مِنْ أَطْرَاف النَّهار، لأَنَّ الطَّرَف مِنْ لفظه يدل على التبعيض، فإِنَّ طَرَف اسم لجُزْءٍ مِنَ الشيء إِمَّا في الأَوَّل أَوْ في الآخر، ولذا قال: {وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} ولم يقل مِنْ آناءِ الليل وأطرَاف النَّهار. فهذه نِكَات وَرَشَحَات سَنَحَتْ لي وقت التحرير بدون كثير تفكر، فَذَكرْتُها على قَدْرِ عِلْمي {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: 76] والقرآن مما لا تَنْقَضي عجائِبُه. (¬1) فعند الطَّحاوي: عن عبدِ الله بنِ محمد بن عَقِيل قال: سمعتُ جابرَ بنَ عبدِ اللهِ يقول: كان النَّبي - صلى الله عليه وسلم - يؤَخِّر الفجر "كاسمها". وعنده عن أبي قِلَابة أَنَّه قال: إِنَّما سُميَتْ العصر لتعصر وإنَّما كانت العرب تسمي العِشاء العَتْمَة، لأَنَّها كانت ساعة يعتمون فيها الإبل على أَنَّ قوله تعالى: {حِينَ تُمْسُونَ} [الروم: 17] {وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الروم: 18] يَدلُّ على أَنَّه إحالة على ما هو المَعْرُوف عِنْدَهم مِنَ الأوْقَاتِ.

بالتعلِيم القولي، وذلك لأنَّ تحدَيدِها لا يمكن بمجَرَّدِ القولِ، ولعلَّ جبريل عليه السَّلام أيضًا، نَزَلَ لهذا السو فصلَّى به، وعَلَّمَهُ أوقاتها عَمَلا، ولذا تَرَى الرُّواةَ يُحَدِّدُونَ الأوقات، تارةً بِذِكْرِ المَسَافَةِ وأُخْرَى بذِكْرِ ظِلالِ الأشياء، ثُمَّ قد يُبالِغُون فيه حَسَب داعية هناك، وقد يَذْكُرونها برؤية مواقع نَبْلِهم، وفي العصر أنَّ الشَّمْسَ كانت حية، فهل ترى تلك التعبيرات كلها تَنْزِل على التقريب الذي أَرَدْنَاه أو على التحديد الذي راموه. ثُمَّ أي تحديدٍ في قوله: وكان ظِلُّ الرَّجُل كطوله مَا لم تَحْضُر العصر، فأراد مِنْ أَوَّلِ كلامِهِ التحديد شيئًا ثُمَّ لم يَقْدِر فَعَدَل عنه إلى التقريب، فقال: ما لم تَحْضُر العصر. ولو أنَّ النَّاس فَهِمُوا هذه الدقيقة، لَمَا ضَرَبوا بَعْضَ الأحاديث على البعض، ولعَلِمُوا أَنَّ الدِّينَ أَبْقَى لهم فُسْحَة مِنْ عندِه وأَرَادَ أَنْ يُبْقي النَّاسَ في يُسر وكم مِنْ أشياء أَهمَلَها الشارع لذلك، ولا تسألوا عن أشياء إن تُبْد لكم تَسُؤْكُم. الفائدة الثالثة: واعلم أنَّه انعقَدَ الإِجماعُ على أَوَّل وَقْتِ الفجر وآخرها، وكذا في أَوَّلِ وقت الظُّهر، واختلفوا في آخرها، وتَعَدَّدَت فيهِ الرِّوايات عن الإِمام، ومِنْ ههنا اختلف في أَوَّل وقت العصر، واتفقوا في آخرِها، ولهذا اتفقوا في أوَّلِ وقت المَغْرِبِ، وإِنَّما لم يَخْتَلِفوا في الفَجْرِ في أَوَّلِها وآخِرها، لكونِه مُتَعينًا في الحسِّ بانْبِلاجِ الفَجرِ، وطُلوعِ الشَّمْسِ، وكَذا أَوَّل وَقْتِ الظُّهر، لأنَّه مِنْ حين الزَّوال وهو أيضًا مشاهد، وفي آخر وَقْتِ العَصْرِ وأَول المَغْرِب، لأنَّه أيضًا يَنْتَهي بأمرٍ مُشَاهَد. واخْتَلفوا في آخِر المَغْرِب، وَأَوَّل العِشاء وآخرها شيئًا، ومُعْظَم اختلافِهم في آخرِ وَقْتِ الظُّهْرِ وأَوَّل العصر وليس في سائرها إِلا نذر مِنَ الخِلاف. فقال مالك رحمه الله تعالى: بالاشتراك قَدْرَ أربع رَكَعَاتٍ بين آخر الظُّهْر وأَوَّل العصر، فَوَقْتُ العَصْرِ يَدْخُل عنْدَهُ بمصيرِ ظلِّ الشيء مثله، ولا يَخْرج وَقْتُ الظُّهر إلا بَعْدَ قَدْرِ أَرْبَع رَكَعَاتٍ، فقدر أَرْبَع ركعات مْشْتَرك يَصْلُح للظهر والعصر عنده، وإليه ذَهَب جماعةٌ وبعضٌ مِنَ الشافعية، إلا أنَّهم اختاروا أَدْنَى فاصلة بينهما بدونِ قولٍ بالاشتراك كأَنَّه وقتٌ مُهْمَلٌ عندَهُم (¬1). ثُمَّ أكثر الشافعية رحمهم الله تعالى والجمهور إلى أَنَّه يَخْرُجُ وَقْتُ الظُّهْرِ بمصيرِ ظلِّ كل شيءٍ مثلَه ويَدْخل وَقْتُ العَصْر. وأمَّا الإِمام الهُمام فظاهرُ الرواية عنه في المَشْهُور أَنَّ وَقْتَ الظُّهر لا يخرج إلى أَنْ يَصِيرَ الظلُّ مثلَيه ثُمَّ يَدْخُل وقت العصر وليت شِعْري مِنْ أَيْنَ جعلُوها ظاهر الرواية مَعَ أَنَّ آخِرَ وقْتِها لم يُذْكَر في «الجامع الصغير والكبير» ولا في «الزيادات» ولا في «المبسوط»، وصَرَّح السَّرْخَسي: ¬

_ (¬1) قلتُ: وكَتَبَ مولَانا عبد الحي رحمه الله تعالى في "حاشية الموطأ" نقلًا عن "الاستذْكَار" أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الفَجْرِ عِنْدَ مالك رحمه الله تعالى وأصحابه إذا كان ظِلُّ كل شيء مثله بعد القدر الذي زالت عليه الشمس وهو أَوَّل وقت العَصْر بلا فَصْل ثم ذَكَر عن الشافعي رحمه الله تعالى الفاصلة بينهما مع أَنَّ المَشْهُور عن مالك رحمه الله تعالى خلافه فكأَنَّه أَخَذ رواية أخرى عنه فليحرره.

أَنَّ محمدًا لم يَتَعَرض إلى آخر وَقْتِ الظهر، وهو ظاهر «موطأه» حيث قال: وأمَّا أبو حنيفة رحمه الله تعالى فإِنَّه قال: لا يَدْخُل وقتُ العَصْرِ حتى يَصِيرَ الظِّلُّ مثليه، ولم يَذْكُر آخر وقتِ الظهر عنه. وفي «البدائع» أنَّ آخر وقْتِهِ لم يُذْكَر في ظاهر الرواية. وكذا ليس ذكرهِ في «السِّيَرَ الكبير» ولم أرَ «السِّيَرَ الصغير» فإِذا خَلَتْ هذه الكُتب الستة عن ذِكْر آخر الوقت عُلِمَ أَنَّه لم يجىء في ظاهرِ الرِّواية، ولعلَّهُم أَرَادوا منه معناه اللُّغوي أي الرِّواية الظاهرة المشهورة على الألسنة دون التي في مُصْطَلَحِهم، والرِّواية الثانية عنه كَمَذْهَبِ الجمهور، وَنَقَلَ السيد أحمد الدَّحْلاني الشافعي رحمه الله تعالى رجوعَ الإِمامِ إلى هذه الرِّواية عن خِزَانة المفتين، والفَتَاوَى الظهرية وهما من المُعْتَبَرات،، وأما خِزَانة الرِّوايات فغير معْتَبَرة عندي، وفي عامةِ كُتُبِنَا أنَّها عن حسن بنِ زياد عن أبي حنيفةَ وجعلها في «المَبْسُوط» السَرْخسي عن محمد وبها أَفْتَى صاحب «الدُّر المختار»، ورَدَّ عليه ابنُ عابدين بأنَّها خِلافُ ظاهرِ الرِّواية فلا يُفْتَى بها، والأَرْجَح عندي ما اخْتَارَهُ صاحبُ «الدُّر المختار»، والثالثة: أَنَّ وقَتَ الظُّهْرِ إلى المثل ولا يَدْخُل وقْتُ العَصْرِ إلا بعد المِثل الثالث، والمِثل الثاني مهملٌ، وهي رواية أسد بن عمرو عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى. والرابعة: كما في «عمدة القاري» وصححها الكَرْخِي أنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ إلى أقل مِنْ قامتين ولا يَدْخُل وقْتُ العَصْرِ حتى يَصِير قامتين. وبه قال مالك رحمه الله تعالى: إلا أنَّه حَدَّدَ الوقتَ المُهْمَل بِقَدْرِ أَرْبَع رَكَعات، وَجَعَلَهُ (¬1) مشتركًا، ثُمَّ جاء المالكية فافْتَرَقُوا في تفصيلِهِ على فِرقتين: فقيل: إن القَدْرَ المُسْتَثْنَى في آخر المِثل، وقيل: بل مِنَ ابتداء المِثْل الثاني. فإِذا حَقَّقْتَ الرِّوايات، فاعلم أَنَّ النَّاسَ جَعَلُوها روايات شتى، وهي تَنْحَط على مَحطَ واحدٍ، ومرجع الكُل عندي، أَنَّ المِثْل الأَوَّل وقتٌ مُخْتَصَرٌ بالظُّهْرِ، والمِثل الثالث بالعصر، والثاني يَصْلُح لهما، والمطلوبُ هو الفاصلةُ بينهما في العمل، فإِنْ عَجَّل الظُّهر فَصَلاها بعد الزَّوَال يُعَجِّل العصرَ ويصلِّيها على المِثل، وإِنْ أَخَّرَ الظُّهْرَ فصلاها على المِثل يُصلي العصر أيضًا مؤخِّرًا إبقاءً للفاصِلَة بينهما، فلا يُؤَخِّر الظهر مع تَعْجِيلِ العصر، لأنَّه رُبما يُوجِب الجَمْع مَعَ أَنَّ المطلوبَ هو الفاصلة، نعم تلك الفَاصِلة قد تَرْتَفِع لأَجْلِ السَّفر والمرض، فللمُسَافر أَنْ يَجْمَع بين الظُّهر والعصر في المثل الثاني. وكَذَلِكَ جَازَ للمستحاضَة أَنْ تَغْتَسِل ثُمَّ تَجْمَعَ بينهما في غُسلٍ واحد، ومِنْ ههنا اندفعت الشُّبْهة (¬2) العظيمة، أَنَّ خُروجَ الوقتِ أو دُخولَه ¬

_ (¬1) قلت: وقد ذكره العيني في باب صلاة العصر في حديث محمد بن مقاتل عن سيَّار بن سَلَامة. (¬2) قال الطحاوي في مشكِله: وجهُ الجَمْعِ عندنا -والله تعالى أعلم- على الرُّخْصةِ لها منه في الجمع بين الصلاتين لما ذكر في بدء الحديث أنه لا يأتي عليها وقتُ صلاة إلا احْتَمَلَ أنْ يكونَ فيه حائضًا لا صلاةَ عليها فيه، أوْ طاهرًا من حيضٍ واجبًا عليها الغُسل، أو مستحاضَة واجبًا عليها الوضوء، فكان الذي عليها في ذلك أَنْ تَغْتَسِل لها على عِلْم منها، بأَنَّها طاهرة طُهْرًا يجزيها معه تلك الصَّلاة، فلمَّا عَجَزت عن ذلك وضعفت عنه جَعَلَ لها أَنْ تَجْمَعَ بين الظُّهْر والعصر بغسل واحد، وبين المغرب والعشاء بغُسلٍ واحد، بتأخير الأُولى منهما إلى وَقْتِ الأخيرة منهما، وتُصلِّي الأخيرة منهما في وقتها، وتغتسل للصبح غسلًا، فتصلِّيها وهي طاهرة بذلك =

لمَّا كان ناقضًا لطهارة المعذور عندنا كيف أمر المستحاضة أَنْ تَجْمَع بين الصَّلاتين في غُسل واحد، لأنَّه يُوجب عندنا أَنْ تكونَ صلاتُها الثَّانية في حالة الحَدَث. والحل عندي: أَنَّه أَمَرها بالجمع في الوقت الصَّالح لهما، ومسألة النقض بالخُروج أَوْ الدُّخول فيما خرج الوقت المختص، أو دَخَل الوقت المختص، أمَّا الوقت الصالح لهما فلا كَلامَ فيه وما أَخْرَجَه أبو داود في باب الاستحاضة. والوضوء فيما بين ذلك، حمله بعض الأَعلامِ على ذلك وفَهموا أنَّ المرادَ به الوضوء فيما بين الصَّلاتين لانتقاضِ طهارتها بعد الصَّلاة الأُولى، وهو عندي للحَوائجِ الأُخر، يعني أَنَّه علَّمَها الغُسل لصَلاتِها، فإِنِ احتاجَت إلى غيرها لحمل المصحف، فإِنَّها تَكْتَفي بالوضوء فهذا الوضوء لحاجاتٍ تعتري لها فيما بين ذلك إذا انْتَقَضَتْ طهارتها، وكان تعليمه أيضًا مهمًا وهذا الذي وَعَدْنَاك في باب الاستحاضة في أَمْرِ طهارتِها، فإِنْ سَمَحَت به قريحتُك فهذا سبيلُ الجواب، وإلا كَفَاك رواية أبي داود على الشرح المشهور، ولا رَيْبَ أَنَّ اللفظَ يحتمله أيضًا. أمَّا ما قلت إنَّ الرِّوايات كلها تشير إلى معنى واحد وكلها شطر للمراد فبأن الرواية الأولى تدل على أَنَّ المِثْل الثاني للظهر، وَدَلَّتِ الثانية على أَنَّه وقت للعصر أيضًا فلزم القول (¬1) بالاشتراك. وعُلِمَ أَنَّ المِثل الثاني صالح لهما، ولمَّا لم تَقَع العصر في المِثل الأَوَّل والظُّهر في المِثْل الثالث قَطْ لَزِمَ أَنَّ المِثل الأَوَّل وقتٌ مختصٌّ بالظُّهْرِ والثالث بالعصر بحيث لا تَصْلح إحداهما في وَقْتِ الأُخْرى، وأمَّا الرواية الثالثة مِنْ أَنَّ المِثل الثاني وَقْتٌ مُهْمَلٌ فلم تجيء لبيانِ ¬

_ = الغُسل، وهذا أحسن ما تَقْدِر عليه تلكَ المرأة في صلاتها. فإِنْ قال قائل فلم أمرت أَن تصَلِّي الصَّلاتين في وقت الأخيرة منهما، ولم تُؤمَر أَنْ تُصَلِّي في وقت الأُولى منهما. قيل له: لمعنيين أَمَّا أَحدُهما فلأَنَّها لو صَلَّتْهما في وقت الأُولَى منهما لكانت قد صَلَّت الأخيرة منهما قَبل دخولِ وقتها، والآخر أَنَّها إِذا دَخَل عليها وقتُ الأخيرة منها وَجَبَ عليها الغُسل، فتكون به طاهرة إلى آخرِ ذلك الوَقت، وتكون إذا صَلَّت فيه الصَّلاتين جميعًا صلَّتْها وهي طاهرة. انتهى باختصار. قلت: قد تَكَلم الطَّحاوي على أحاديث المُسْتَحاضَة في "معاني الآثار" مَبسوطًا جدًا ما بَسَطَ مثلَه إلا في باب الوتر وبعض أبواب أُخر، لكِنْ لِدِقَّتِهِ وغموضِهِ لم أفهمه. وهذا الكلام وإِنْ كان مختَصرًا لكن ظاهرُه على ما أَفْهَم أَنَّه حَمَلَهُ على جَمعِ التأخيرِ وقتًا، فلينظر الحنفية مسائلهم أنهم هل يلتزمون ذلك. ثُمَّ العجب أَنَّ الطَّحاوي لم يَتَكَلَّم فيه كأَنَّه رأى منه، بل ظاهره أَنَّه مِن جانبِ المذهب، وإلا لناسَب له أَنْ يُنبِّه عليه كما يَفْعَل في "معاني الآثار". وكذلك لا أَفْهَم ماذا أَرَاد من ثاني الوَجْهَين في دفع الإِيرادِ، وإنَّما نَقَلْتُ كلامَهُ لأنَّه حامل لواءِ مذهب الحنفية، فلينظر فيه العلماء على قَدْرِ عِلْمِهِم فَرُبَّ مبلغ أوعى من سامع والله تعالى أَعْلَمُ بالصَّواب. (¬1) قلت: وما يَدلُّك على ثُبوتِ الاشتراكِ عند البعض ما حكاه العيني في باب صلاة العصر ناقلًا عن "مغني ابن قدامة" عن رَبيعةَ أَنَّ وقْتَ الظُّهْر والعصر إذا زَالت الشمس وعن عَطَاء وطاوس إذا صار ظلُّ كلّ شيءٍ مثلهُ دَخَلَ وقت الظُّهْرِ، وما بعدَهُ وقتٌ لهما على سبيلِ الاشتراكِ حتى تَغْرب الشَّمْس -القول لعلَّه العصر- وقال ابن رَاهويه، والمُزْني، وأبو ثَور، والطبراني: إذا صار ظِلُّ كلّ شيءٍ مثلهُ دَخَلَ وقت العصر، وَيبْقَى وقْتُ الظُّهْر قَدْرَ ما يصلى أربع ركَعات ثُمَّ يَتَمَحض الوقت للعصر، وبه قال مالك. انتهى.

مسألةِ الوقت بل لبيَانِ ما ينبغي في العمل، وهو الفاصلة بينهما، فينبغي ألا يصلِّيها جميعًا بل يَجْعل بينهما فاصلة، فإِن صَلَّى الظُّهْرَ في المِثل، عليه أَنْ يُصلِّي العصر في المثل الثالث، ويُهْمِل المِثل الثاني في البين؛ ومعنى الإِهمال إهماله عملا، وإِنْ كان في الحقيقة أَقرب إلى الظُّهْرِ لكنَّه إِنْ أَدْخَل فيه العصر تارةً يكون متحملا أيضًا. وأما الرَّابعة فلبيانِ أنَّ تلك الفاصلة غير متَعيّنة، فيجوز أَنْ تكون بقَدْرِ المِثل الثاني، أو بما دونه كما أشير إليه بالرابعة، ولا استغراب (¬1) في القولِ بالاشتراك، فإِنَّه ذهب إليه جماعةٌ من السَّلف كما في الطَّحاوي وهو مَذْهَبُ مالك رحمه الله تعالى ورواية عن الإِمام الشافعي رحمه الله تعالى، وهو الذي تُشْعِر به مسائلهم فإِنَّهم قالوا: مَنْ طَهُرَت في آخر العصر يلزمها قضار الظُّهر أيضًا، وكذا مَنْ طَهُرَت في آخر العشاء تَقْضِي المَغْرِب أيضًا، ولولا الاشتراك لَما قالوا بقَضَاءِ الظُّهْر والمغرب بطهارتها في العصر والعشاء. ونقل الحافظُ في «الفتح» عن ابنِ عباس وعبدِ الرحمن رضي الله عنهم مثلَه، فظهرَ الاشتراك شيئًا في سائر المذاهب. لا يقال: إنه يؤول إلى مذهب الشافعية رحمهم الله تعالى في ¬

_ (¬1) وهذا الجواب مما لم تَزَل نفسي تَضْطرِب فيه حتى أني راجعت فيه شيخي مِرَارًا، ولكن لم يَتَحَصَّل لي منه من يُسَكِّن به جأشي وأين كان مثلي يدرك مدارك الشيخ رحمه الله تعالى وكان له جد على هذا الجواب وكان يقول: إنَّ الحافظَ العيني رحمه الله تعالى أَيضًا ذَكَرَ بعضَهُ فلمَّا رَتبْتُ هذه الأوراق أَوْغَلْتُ في طلبهِ حتى وجدته. قال العلَّامة العيني رحمه الله تعالى في باب تأخير الظُّهْر إلى العصر، في ذيلِ الجواب عن أحاديث الجمعِ بين الصَّلاتين. قلت: الجواب عن الأول: أَنَّ الشفق نوعان أحمر وأبيض، كما اختلف العلماء مِنَ الصَّحابة وغيرهم فيه. ويُحْتَمل أَنَّه جَمَعَ بينَهما بعد غياب الأَحْمَرِ فيكون المغرب في وقْتِها على قولِ مَن يقول: الشَّفق هو الأبيض، وكذلك العشاء يكون في وقتها على قول مَنْ يقول: الشفق هو الأحمر، ويُطْلق عليه أَنَّه جَمَعَ بينهما بعد غيِاب الشفق، والحال أَنَّه صلَّى كلَّ واحدة منهما في وقْتِها على خلافِ القولين في تفسير الشَّفق وهذا مما فَتَح لي مِنَ الفيض الإِلهي، وفيه إبطال لقول مَنِ ادَّعى بطلانَ تأويلِ الحنفية في الحديثِ المذكور. والجوابِ عنِ الثالث: أَنَّ أَوَّل وَقْتِ العصرِ مختلفٌ فيه كما عُرف، وهو إما بصيرورةِ ظِلِّ كل شيءٍ مثله أو مثلَيهِ، فيحتمل أَنَّه أخَّر الظُّهْرَ إلى أَنْ صار ظلُّ كلِّ شيءٍ مثله ثُمَّ صلَّاها وصلَّى عَقيبها العصر، فيكون قَدْ صلَّى الظُّهر في وقْتِها على قول مَن يرى أَنَّ آخر وقت الظُّهْر بصيرورة ظلِّ كلِّ شيءٍ مثْلَيه، ويكون قَدْ صلَّى العصر في وقْتِها على قَولِ مَن يَرَى أَنَّ أَوَّل وقْتِها بِصيرورة ظلِّ كل شيءٍ مثلَيه -لعله مثله- ويَصْدُق على مَنْ فعل هذا أَنَّه جَمَعَ بينهما في أول وقتِ العصر، والحال أَنَّه قد صلَّى كل واحدة منهما في وقْتِها على اختلافِ القولين في أَوَّل وقتِ العصر، ومثل هذا لو فعل المقيم يجوز، فضلًا عن المسافر الذي يحتاج إلى التَّخْفِيف. قلتُ: وهذا كما تَرَى قريبٌ مما ذَكَره الشيخ رحمه الله تعالى غير أَن الجمع في المِثل الثاني عند الشيخ رحمه الله تعالى على المَذْهَب فإِنَّ المِثل الثاني عندَه صالحٌ لهما، وحينئذٍ لا يحتاج إلى تجشم أخذ وقت الظهر على رواية ووقت العصر على رواية أُخرى والجمع المذكور عند الحافظ العيني رحمه الله تعالى باعتبارِ الجَمْعِ بين الروايتين في الظهر والعصر، وليست تلك عند الشيخ رحمه الله تعالى روايات، بل عبارة عن معنى واحد ذكرت منه حصة حصة، وهذا بناء على ما عَلِمْت عن أصله، أَنَّ الجمعَ بين أحاديث النَّبي - صلى الله عليه وسلم - كان جائزًا فذاك بالأَوْلَى.

الجَمْع بين الصَّلاتين، فإِنَّه وقتيٌّ عندهم، كذلكَ يكونُ الجمعُ عند الحنفية أيضًا وقتيًا على هذا التقدير. قلتُ: كلا، فإِنَّ الجمعَ الوقتي عندهم: هو تقديم إِحدَى الوقتيتين في الوقت المخْتَص للأخرى، أو تأخيرُها إلى الوقتِ المُخْتَص بتلك؛ والحنفيةُ لا يقولون به، فلا يجوزُ العصر عندَهم في المثل الأَوَّل لا في السَّفرِ ولا في المطرِ، ولا يجوز الظُّهْرُ في المثل الثالث كذلك، فتفَارَقا. فإِنْ قلت: يُخَالف الاشتراكُ قولَه تعالى: {كتابًا موقوتًا} [النساء: 103] قلتُ: وماذا فهِمْتَ مراده، وهل فيه توقيت بحسب ظنِّك، أو كما وقَّتَه النَّبي صلى الله عليه وسلّم؟ فإِنْ كانت «موقوتًا» بمعنى أنَّه وقَّت لها سبحانه وقتًا وبينه رسولُه، فليراجع له إلى ما بينه النبي صلى الله عليه وسلّم فإِنْ كان بالاشتراك فهو موقوتٌ بالاشتراك، وإن كان بالافتراق فكذلك. أمَّا مثل قوله صلى الله عليه وسلّم «وقت الظهر ما لم تحضر العصر» فهو أيضًا لا ينفي ما قلنا؛ فإِنَّ المراد به وقت الظهر المجموع، يعني مع الوقت المُخْتَص وغيره، ومن العصر وقته المُخْتَص، ثُمَّ إذا ظَهر اختلافٌ بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم وتحقق عندَك خِلافٌ بين الأئمةِ، فإِيّاك وأَنْ تَظُنَّ في هذه المواضع أَنَّ القرآن أَو الأحاديث في يد أحد الطرفين، فإِنَّ القرآن إذا لم يَحْتَمله والأحاديث خالَفته، كيف يَسُوغ لمِثل ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، ومِنَ الأئمةِ مثل مالك رحمه الله تعالى أَنْ يقولَ بما ليس له أَثرٌ في الدِّين بل نصٌّ بخلافِه، فلو كان معنى الموقوت ما كنتَ تَظنُّه لَمَا ذهبَ إليه مالك رحمه الله تعالى وجماعةٌ مِنَ السَّلَف، فخفض عليك شأنَك، ولا تُسْرِع في ردِّ ما لم تَسمعهُ أُذُنَاك؛ فإِنَّه ليس من العِلم وإنَّ مِنَ العِلم لجهلًا. تنبيه: واعلم أَنَّ السَّرَخْسي نبَّه على أَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ ليس إلى المِثل فقط عند صاحبيه، بل يَبْقَى بعدَه شيئًا أيضًا فكان وَقْتُ الظُّهرِ عندهما مِثلا وشيئًا، لا كما هو المشهور عنهما، أَنَّه إذا صار المِثل فقد دَخَل وقتُ العصرِ وخرجَ وقتُ الظهر (¬1). إذا أتقنت هذا، فاعلم أنَّ حديث جبريل لا يَصدُق إِذَن إلا على مذهب الحنفية، لأَنَّه ليس فيه إلا تَعْجِيل الصَّلوات كلِّها في اليوم الأول، وتأخير كلها في اليوم الآخر مع إبقاءِ الفَاصلة بينهما، فإِذا صَلَّى الظهر في اليوم الأول حين زالت الشمس صلَّى العصر على المِثل وعَجَّلَ فيها أيضًا، ثُمَّ إذا أَخَّرَ الظُّهْرَ في اليوم الثاني وصلاها في المِثل الثاني أَخَّر العصرَ أيضًا وصلاها بعد المثلين وهذا عينُ مذهبِ الحنفية على ما حققت. وحديث جبريل صريحٌ في الاشتراك حيث صلَّى العصرَ في اليوم الأَوَّلِ حين صار ظلُّ كلِّ ¬

_ (¬1) قلتُ وراجعت "المبسوط" فلم أجد فيه ما ذَكَرَهُ الشيخ فقلتُ له: إني ما وجدتُ فيه ما ذَكَرتَ، فقال لي: فيه ذلك فراجع، فما رجعت إليه بعد ولا وجدت فرصة، نعم ظاهر "الموطأ" أيضًا يُشير إليه، قال محمد: فإِنَّا نقول: إذا زَادَ الظِّلُّ على المِثل فصار مثل الشيءِ وزيادة من حين زالت الشمس، فقد دَخَلَ وقتُ العصرِ. وهذا قريبٌ مِنَ الصَّريح فيما أَظُنّ.

شيءٍ مثلَه؛ وصلَّى الظُّهْرَ في اليوم الثاني في عين ذلك الوقت. وعند الترمذي تصريح أنَّه صلَّى الظُّهْرَ في اليوم الثاني لوقت العصر بالأمس، فلا مَناص عن القولِ بالاشتراك، ولذا قال به مالك رحمه الله تعالى، ثُمَّ إنَّه يُخالف الشافعي رحمه الله تعالى وغيرَه في أَنَّ وقتَ الظُّهرِ يَخْرجُ بالمِثل، لأنَّه صلاها اليوم الثاني بعد المِثل، فليس فيه ما رامُوه مِنْ كَوْنِ وقتِ الظُّهْرِ إلى المِثل ولذا أَوَّلَ فيه النَّووي بما أَوَّل فراجعه. وفي الروايات: أَنَّه نَزَل في اليوم الثاني بعد المِثل فعند النَّسائي: «ثُمَّ أتاهُ اليوم الثاني حين كان ظلُّ الرَّجُل مِثل شخصه، فصنع مِثلَ ما صَنع بالأمسِ صلَّى الظُّهْرَ اليوم ... » الخ. وهذا صريحٌ في أَنَّه صلاها في اليومِ الثاني بعد المِثل، وهو وقتُ العصرِ عند الشافعيةِ رحمهم الله تعالى، ولا يَمْشِي فيه تأويل النَّووي. « ... وصلَّى العصر في اليومِ الثاني حين كان ظِلُّه مثلَيه ... وهذا يَصْدُق لو كان صلاها قَبْلَ خَتم المِثل الثالث أيضًا، ولا بُدَّ من حَمْلهِ عليه كما سيجيء، وعادتُهم قد جرت بحذفِ الكسور. فتحصَّل أنَّه صلَّى الظُّهر تارةً في المِثْل وهو وَقْتُها المُخْتَص وتارةً في المِثْل الثاني وهو الوقْتُ الصَّالح لها، وكذلك صلَّى العصرَ تارةً بعد المِثل الأوَّل، وهو وقتٌ صالحٌ لها أيضًا، وصلاها تارةً بعد المِثل الثاني قبل نهايةِ المِثل الثالث، وهو الوقتُ المُخْتَص بها مع إبقاء الفَاصِلة بين الصَّلاتين في اليومين، وهذا عينُ مذهبنَا ولله الحمد أَوَّلا وآخرًا. ثم اعلم أَنَّ وقتَ العصرِ عند الشوافِعَ رحمهم الله تعالى على خمسة أنحاء. قال النووي: قال أصحابنا: للعصر خمسة أوقات: وقتُ فضيلة، ووقتُ اختيار، وجوازٍ بلا كراهة، وجوازٍ مع كراهة، ووقتُ عذر. أمَّا وقت الفضيلة: فأَوَّل وقتِها، ووقتُ الاختيار يمتد إلى أَنْ يَصيرَ ظلُّ كلِّ شيءٍ مثلَيه، ووقت الجواز إلى الاصفرار، ووقت الجواز مع الكراهة: حالة الاصفرار إلى الغُروب، ووقت العُذر: هو وقت الظُّهْرِ في حق من يَجْمع بين الظُّهْرِ والعصر لسفرٍ أو مطرٍ، ويكونُ العصر في هذه الأوقاتِ الخمسة أداء، فإِذا فاتَتْ كلها بغروبِ الشمس صارت قضاءٍ. انتهى. وقسمه الحنفيةُ إلى قسمين: وقتِ الاستحباب، ووقتِ الكراهة، وأرادوا من الاستحباب ما لا يكونُ مكروهًا، ومعلوم أَنَّ جبريل عليه السَّلام لم يَنْزِل لتَعْلِيم الوقت المكروه، فلم يستوعب في اليومين إلا الوقت المستَحب، فلو قلنا: إنَّه صلَّى العصرِ في اليومِ الثاني في المِثلين، يَلْزَم أَنْ تَبْقَى مِنَ الوقت المستحب أيضًا حِصةٌ ما، ولذا قلت: إنَّه صلاها فيه قُبَيل المِثل الثالث، ليُحاط الوقتُ المستَحب في يومَيه، فإِنَّ المِثْلَ إذا لم يتم جاز أَنْ يُقال إِنَّه صلاها على المِثلين، وهذا واسع في اللُّغة بلا نكير. والحاصل: أَنَّ جبريل عليه السَّلام إنَّما نَزَل لبيان الأوقاتِ التي ينبغي أَنْ يُصلَّى فيها تقريبًا، ولم يَرِد التحديد أصلا، وإنَّما هو من باب التَّفَقُّه فمنهم مَنْ جَعَلَ وقتَ الظُّهْر إلى المِثل نظرًا إلى أحاديث التعجيل، ومنهم مَنْ جَعَلَه إلى المِثل وزيادة تارة وأُخْرَى إلى المِثلين نظَرًا إلى

2 - باب {منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين} [الروم: 31]

أحاديث التأخِير، ثُمَّ أَرَاد كلٌّ منهم أَنْ يجعلَه منصوصًا، فآل أمرُهم إلى ما رأيت مِنَ النِّضَال فصارت الحربُ سجالًا (¬1). وهكذا أقولُ بالاشتراك بين المَغْرِبِ والعشاء، ففي المغرِبِ أيضًا روايتان عن الإِمام. الأولى: أنَّها إلى الشفقِ الأبيضِ، قالوا: إنَّه ظاهر الرواية. والثانية: أنَّها إلى الأحمر. قلتُ: الأحمر، وقتٌ مختصٌ بالمغرب، وما بعدَ الأبيضِ وقتٌ مختصٌ بالعشاء، والأبيضُ يصلحُ لهما، والمطلوبُ هو الفاصلة، وترتفعُ تلك المطلوبية في السفرِ والمرض، فيجوزُ الجمعُ فيه كالجمع بين الظُّهرين في المِثل الثاني، وأظنُّ أَنَّ البخاري لم يَذْهَب إلى الجمعِ الوقتي كما اختاره الشافعية، وإليه تومىء الأحاديث لتعرضها إلى التأخيرِ والتعجيل، وهما أَصْدَق وأفيد على نظرِ الحنفيةِ، وإنْ صَدَقا على نظرهم أيضًا، لكِن ليس فيه لطف، لأنَّه إذا كان الجمعُ باعتبار الوقتِ فأي بحثٍ من التأخير والتعجيل، وأي حاجة إلى ذكرِهما؟ ويكفي له ذِكر الجمع فقط أمَّا على طورنا، ففيه بيان معنى الجمع، لأنَّه لا جمع وقتًا وإنَّما هو جمع بحسب تأخير هذه وتقديم تلك، فذِكر التعجيل والتأخير مما لا بُدَّ منه، وسيجيء تفصيله في موضعه إن شاء الله تعالى. 2 - باب {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الروم: 31] 523 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ - هُوَ ابْنُ عَبَّادٍ - عَنْ أَبِى جَمْرَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا إِنَّا مِنْ هَذَا الْحَىِّ مِنْ رَبِيعَةَ، وَلَسْنَا نَصِلُ إِلَيْكَ إِلاَّ فِى الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَمُرْنَا بِشَىْءٍ نَأْخُذْهُ عَنْكَ، وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا. فَقَالَ «آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ الإِيمَانِ بِاللَّهِ - ثُمَّ فَسَّرَهَا لَهُمْ شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا إِلَىَّ خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَى عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُقَيَّرِ وَالنَّقِيرِ». أطرافه 53، 87، 1398، 3095، 3510، 4368، 4369، 6176، 7266، 7556 تحفة 6524 ¬

_ (¬1) قلتُ: وذَهب طائفةٌ مِنْ علماء الحنفيةِ إلى أَنَّ حديث جبريل منسوخ فقال قائل منهم. إِنَّه منسوخٌ في حق الظُّهْر، وتَشجَّع آخر وقال: إنَّه منسوخٌ في جميع الأوقات. ولعَمْري إنه شيءٌ عُجاب، أيقولون بالنَّسخ لأجلِ رواية عَنِ الإِمام الهُمام جاءت على خلاف الجمهور؟ ومع ذلك نُقِل رجوعُ الإِمام عنها أيضًا، فهل يُناسب القول بالنَّسخ لأجل رواية مثلها؟ وفَكِّر في نفسِك أَنْ لو كان النَّسخُ تحقَّقَ في مسألةِ المواقيت، فهل يُناسب أَنْ يَخْفَى على جميع الأئمةِ والأمة، حتى لم يدْرِه غير إمامنا؟ ثم هو أيضًا في رواية، كيف والنَّبي - صلى الله عليه وسلم - عَلَّم كلَّ مَنْ سَأَله عن الأوقاتِ بعدَه بعين ما كان تَعلَّمه من جبريل حتى أنَّه لم يغير شاكلةَ التعليم أيضًا، وذلك في المدينة كما في قِصة الأعرابي، صرَّح به البيهقي في بعض عباراتهِ، وهو المتبادَر مِنْ لفظِ الحديث، كما نبَّه عليه الشيخُ رحمه الله تعالى، فلو كان النَّسخُ وَرَدَ في مِثل هذه المسألةِ الفاشيةِ، ثُمَّ لو تَحَقَّقَ ذلك عن الإِمام لَمَا رُوَيت عنه رواية أُخْرَى غير تلك الرِّواية، لأنَّ النَّسخَ لا يثبت إلا بَعدَ وضوحٍ تام، ولا يجوز القَول بالنَّسخ بمجرد الاحتمالِ، وهذا الذي اختاره مولانا وشيخ مشايخنا القطب الجنجوهي رحمه الله تعالى.

3 - باب البيعة على إقامة الصلاة

واتقوه أي اخشَوا منه، ومعناه اتخذوه تُقاة. قوله: ({وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}) وهذا طَرْد وعكس من صنائع البديع، ومِنْ ههنا قال النَّبي صلى الله عليه وسلّم - عند مُسْلِم - «إِنَّ بين الرجلِ وبين الشِّرك والكفر ترك الصلاة». أو كما قال: قال الشاه عبد القادر رحمه الله تعالى: إِنَّ تَرْكَ العِبادة اتباعًا للهوى أيضًا، نوعٌ من الشرك؛ ولذا قال: {وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}. 3 - باب الْبَيْعَةِ عَلَى إِقَامَةِ الصَّلاَةِ 524 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. أطرافه 57، 1401، 2157، 2714، 2715، 7204 - تحفة 3226 - 140/ 1 والأصلُ أَنَّ العربَ كانوا يُصافحون عند البيع، فالبيعة بمعنى البيع إلا أنَّه انسلخ عن معناهُ، وصار يُستعمل بمعنى المعاهدة مطلقًا، وهي كما تكون على الإِسلام تكونُ على أمورٍ جزئية أيضًا؛ فالبيعةُ على إقامةِ الصَّلاةِ لمزيد التأكيد. 4 - باب الصَّلاَةُ كَفَّارَةٌ 525 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ قَالَ سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ - رضى الله عنه - فَقَالَ أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْفِتْنَةِ قُلْتُ أَنَا، كَمَا قَالَهُ. قَالَ إِنَّكَ عَلَيْهِ - أَوْ عَلَيْهَا - لَجَرِىءٌ. قُلْتُ «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِى أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ وَالنَّهْىُ». قَالَ لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ، وَلَكِنِ الْفِتْنَةُ الَّتِى تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ. قَالَ لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا. قَالَ أَيُكْسَرُ أَمْ يُفْتَحُ قَالَ يُكْسَرُ. قَالَ إِذًا لاَ يُغْلَقَ أَبَدًا. قُلْنَا أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ الْبَابَ قَالَ نَعَمْ، كَمَا أَنَّ دُونَ الْغَدِ اللَّيْلَةَ، إِنِّى حَدَّثْتُهُ بِحَدِيثٍ لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ. فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ، فَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ الْبَابُ عُمَرُ. أطرافه 1435، 1895، 3586، 7096 - تحفة 3337 526 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلاً أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ). فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِى هَذَا قَالَ «لِجَمِيعِ أُمَّتِى كُلِّهِمْ». طرفه 4687 - تحفة 9376 الفتنة - نكهاركي جيز - وهو كل شيءٍ يَحصُل به التمييز بين الأمرين. وفي الحديث: «إِنَّ هذه الأُمَّة أكثرهم فتنة». وكنتُ أتفكر فيه أنَّه لِمَ ذاك؟ حتى تبين لي أَنَّ

شرح قوله: الصوم لي وأنا أجزي به وتحقيق أن الصوم يؤخذ في كفارة أم لا؟

الأُمم السابقة أُهْلِكَت بعضُها بالإِغْرَاق وأُخْرَى بالقَذْفِ وأنواعٍ من العذاب، وهذه الأُمَّة لمَّا قُدِّر بقاؤها ابتُلِيَت بالفتن للتمْيِيز بين المُخلِص والمُنَافِق، فكان لا بُدَّ منها قال تعالى: {أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِى كُلّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ} [التوبة: 126]، ثُمَّ إنَّ المنافقين كانوا معروفين في عهدِ النَّبي صلى الله عليه وسلّم يَعرِفُهم أكثرُ الصحابةِ رضي الله عنهم بأسمائِهم وأعيانِهم؛ إلا أَنَّ إقامة الشَّهادة عليهم واستباحة بيضتِهِم كان خلافُ المصلحةِ فأغمض عنهم لذلك، فانْدَفَعَ ما يختلجُ في الصُّدورِ. 525 - قوله: (فتنةُ الرَّجُلِ في أهلِهِ ومالهِ) يعني أَنَّ الرَّجُلَ يَضْطَرُّ إلى إدخالِ النقائص في دينه من جهةِ هؤلاء؛ {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15]. قوله: (يكفرها الصلاة والصيام) ... الخ فالصَّلاة والصَّوم عبادتان حقيقةً، ومكفِّرتان تبعًا. شرح قوله: الصوم لي وأنا أجزي به وتحقيق أَنَّ الصومُ يُؤخذُ في كفارة أم لا؟ واعلم أَنَّهم ذَكَروا لقوله صلى الله عليه وسلّم «الصومُ لي ... الخ» شروحًا عديدة استوعبها الحافظُ رحمه الله تعالى في «الفتح»، ولم يَتَعرض أحدٌ إلى زيادة فيه أَخْرجَها البخاري وأحمد في «مسنده»؛ ولمَّا كانت الجملة الأخيرة واقعة موقع الاستثناء لا يجوز الخوض في معناه قبل تعيين المُسْتَثنى، فلا بُدَّ علينا أَنْ نأتيك بتمام سياقه؛ ثم لنبحث عن معناه. أخرجَ البخاري في باب ذِكْر النَّبي صلى الله عليه وسلّم ورواية عن رَبِّه: «لكل عملٍ كفارة والصومُ لي وأنا أَجْزِي به» وفي «مسند أحمد» «كل عمل كفارة ... الخ» والفرقُ بين اللفظينِ أَنَّ العملَ على لفظ البخاري من السيئات وكَفَّارته من الحسنات؛ والمعنى أَنَّ لكلِّ سيئةٍ من بني آدم كفَّارة من حسنة؛ وعلى لفظ «المُسْنَد» من الحسناتِ؛ فتكون كفارة للسيئات. والمعنى كلُّ حسنة تكونُ كفارة للسيئات، والجملة: «والصوم لي» على كِلا التقديرين وَقَع مَوقِع الاستثناءِ، يعني إلا الصومَ فإِنَّه لي وأنَا أجزي به. والصواب عندي ما في «المُسْنَد» فصار الحديثُ هكذا: كل عمل كَفَّارة والصومُ لي وأنا أجزي به أي إلا الصوم فإِنَّه لي وأنا أجزي به كما هو في سياق آخر عندَهُ بلفظ الاستثناء هكذا: كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له إلا الصوم فإِنَّه لي ... الخ. فَدَلَّ الحديث على أَنَّ الحسنات كُلَّها تُؤْخَذ في الكفَّارات بخلافِ الصومِ فإِنَّه لا يُؤخذ به فيها، ولكِنَّه يُجزَى به لا محالَة، لكونِه له تعالى فهذه خاصةٌ للصوم دون سائر العبادات. ويخالفه ما أخرجه الترمذي في باب شَأْنِ الحساب والقِصاص عن أبي هريرة رضي الله عنه: «المُفْلِس مِنْ أمتي مَنْ يأتي يومَ القِيامة بصَلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ ويأتي قد شَتَم هذا، وقَذَف هذا، وأَكَل مال هذا، وَسَفَك دم هذا، وضَرَب هذا، فيقعُدُ فيَقْتَص هذا مِنْ حسناتِه، وهذا من حسناته، فإِن فَنِيَت حسناتُه قَبْلَ أَنْ يُقْتَصَّ ما عليه من الخطايا أُخِذ من خطايَاهم فَطُرِحَ عليه ثم

طُرِح في النار» انتهى. وهذا صريحٌ في أَنَّ الصيامَ أيضًا يُؤْخَذ في الكفارات كما تُؤْخَذ سائر العبادات. والوجه فيه عندي: أَنَّ الرَّاوي خَلَطَ فيه بين السِّيَاقينِ، والصحيحُ ما في «الموطأ» لمالك عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم قال: «والذي نفسِي بيده لَخَلُوفِ فَمِ الصَّائمِ أطيبُ عند الله مِنْ رِيح المِسْك إنَّما يَذر شهوتَهُ وطعامَهُ وشرابَهُ مِنْ أَجْلي فالصيامُ لي وأنا أجزي به؛ كلُّ حسنةٍ بعشرِ أمثالها إلى سبعمائةِ ضَعف إلا الصيام فهو لي وأَنَا أجزي به» انتهى. فدلَّ على أَنَّ الخصوصية في الصَّوم أَنَّهُ يَدَع فيه شهوتَه لأجلِه تعالى، وهو معنى قوله: «الصومُ لي». كما تُشعر به الفاء بعد قوله: «إنَّما يَذر شهوتَهُ» ومعنى قوله: «وأنا أجزي به»، أَنَّ أجره غير محدود، يعلمُه الله تعالى، بخلاف أجورِ سائرِ العبادات، فإِنَّها تضعف إلى سبع مئة ضعف. وهذا هو أَصْوَبُ الشُّروح. وما ذَكَرُوه كلها احتمالات، وما أَخرجه البخاري غيره الراوي فكان الاستثناء في الأَصلِ مِنْ تضعيفِ الثَّواب، فَنَقَلَهُ إلى تكفير العمل، فأوهم (¬1) أَنَّ الصيامَ لا يُؤْخَذ في الكفَّارَة؛ وعلى هذا ليس فيه ما يَدلُّ على خلافِ حديث الترمذي أَنَّ الصومَ لا يُؤْخَذ في الكفَّارة وإنَّما خفي مُراد حديثِ البخاري لاختلالٍ في سِيَاقِه كما علمت. والحاصل: أَنَّ الحديثَ جاءَ على أربع: سياق الأول: ما في البخاري: «لكل عملٍ كفارة»؛ والثاني: ما في المسند «كل عمل كفارة». والثالث: «كل عمل ابن آدم له». والرابع: ما في «الموطأ» «كلُّ حسنةٍ بعشرٍ أمثالِها، إلا الصيام ... الخ» وهذه القطعيات كُلُّها صحيحة عندي، ولعلَّه مِنْ بابِ حفظِهِ كل ما لم يحفظ الآخر، لا مِنْ بابِ الرِّواية بالمعنى، وأَحقُّ السِياق: كلُّ عَمَلِ ابنِ آدمَ له إلا الصوم، ووجه كونِه له، ما يَظْهَر مِنْ رِواية «الموطأ» وهو أَنَّ فيه تَرْك الأكلِ، والشربِ، والجماعِ، وليس ذلك في سائر العباداتِ غير الصوم، فإنَّ الصومَ عبارةٌ عن نفس تَرْكِ هذه الأشياء قصدًا، بخلافِ الصَّلاةِ والحج ونحوهِما مِنَ العبادات؛ فإنَّها ليس فيها تَفُويت الأكلِ، والشربِ، فإِنَّ الرَّجُل يأكلُ ثُمَّ يُصلِّي، ويُصَلِّي ثُمَّ يأكل؛ فليست الصَّلاةُ اسمًا لترك هذه الأشياء، وإنْ تَعَطَّلَ فيها عن بعض حوائِجه تلك المدة، والله تعالى أعلم. قوله: (إذًا لا يُغْلَقَ) قال العلامةُ الكَافِيجي إِنَّ «إذن» و «أنْ» الناصبة شيء واحد، وجاز كتابتها بالتنوينِ أو النُّونِ. قوله: (بالأغاليط) جمع أغلوطة، كلُّ شيء يلقي الناس في الغلط. قوله: (مِنَ امرأة قُبْلة) وروايةُ البخاري تَدُلُّ على أَنَّ آية {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيّئَاتِ} نزلت ¬

_ (¬1) قلتُ: وفي تقرير آخر للشيخِ عندي: أَنَّ الصِّيامَ إنَّما يُؤْخَذُ في كفارةِ المَظَالِمِ وحقوق النَّاسِ، كما هو عند الترمذي، لا في سيئاتِ نفسه، بخلافِ سائر الأنواعِ مِنَ العباداتِ، وحينئذٍ استقام سيَاقُ "المُسنَد" لأحمدَ أيضًا، إلا أن هذا الجواب سمعتُه في دَرْسِ الترمذي، وهو مكتوبٌ عندي على ما فَهِمْتُه منه.

5 - باب فضل الصلاة لوقتها

في تلك القِصة، وفي عامَّةِ الروايات أنَّها نَزَلت قَبْلَها وإنَّما استشهد بها النَّبي صلى الله عليه وسلّم فيها، ففيه مسامحة عندي. ثُمَّ اعلم أَنَّ آيات الكفَّارة ثلاث {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء: 48]. والثانية: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنهَوْنَ عَنْهُ نُكَفّرْ عَنْكُمْ سَيّئَاتِكُمْ} [النساء: 31]. والثالثة هذه. ففي الأولى بيانٌ لكونِ مَغْفِرَةِ الذُّنُوب كُلِّها تَحْتَ المشيئةِ، فإِنْ شَاءَ غَفَرَها، وإنْ شاء عاقب عليها، وفي الثانية ذِكْرٌ لإِنعامه، وإخبَارٌ بِفَضْلِهِ، ووعدٌ منه بِمَغْفِرَة السيئات لِمن اجتنب الكبائر، وليس في التعليق ما يُفيد المعتزلة كما وهم، فإِنَّها سِيقَتْ في الوعدِ دون الإِمكانِ، أَمَّا الإِمكانُ فقد عُلِمَ مِنَ النَّص الأَوَّل. فَعُلِمَ أَنَّ مَغْفِرَةَ الذُنوبِ كُلُّها ممكِنة ولكنَّها تحت مشيئتِه تعالى؛ وأَمَّا الوعد ففي صورة الاجتنابِ عَنِ الكبائِر لا أَنَّها مستحيلة عند عَدَمِه؛ وأَمَّا في الثالِثَةِ فتنبيه على سبب خاص لها وهو أَنَّ الحسناتِ أَحَد أسبابِ المَغْفِرَةِ للسيئات. وفي قوله: إلا اللمم أيضًا إشارة إلى الوعد بمَغْفِرَةِ الصَّغَائر، فهذا نوعٌ آخر، ووعدٌ آخر، وراجع لِكَفَّارَة الصَّغائِر والكبائِر «عقيدة (¬1) السَّفَارِيني»، ثُمَّ إنَّ في الزيلعي «شرح الكنز» أَنَّ القُبلة صغيرةٌ، قلت: ولي فيه تردد (¬2). 5 - باب فَضْلِ الصَّلاَةِ لِوَقْتِهَا 527 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ ¬

_ (¬1) قلتُ: وفيه كلامٌ طويلٌ على المسألةِ لا يمكن الإِتيان بجميعه في ذلك المختصر، غير أنَّه نَقَلَ عن سَلْمَان الفارسي شيئًا لطيفًا جدًا -فأنا آتِيكَ به- قال سلمان الفارسي: الوضوءُ يُكَفِّر الجراحات الصغائر، والمشي إلى المسجد أكبر مِنْ ذلك، والصَّلاةُ تُكَفِّر أكْبَر مِنْ ذلك. خَرَّجه محمد بن نَصْرِ المَرْوزي ولعَمْري هو كلامٌ حسن جدًا. ثمَّ نَقَل عن الحافظِ ابن رَجب: أَنَّ قومًا مِنْ أَهْلِ الحديث قد ذَهَبُوا إلى أَنَّ هذه الأعمال تُكَفِّر الكبائر منهم أبو محمد عليُّ بنُ حزم، وقد وَقَعَ نحوه في كلامِ ابنِ المُنْذِرِ في قيام ليلة القدر. قال: يُرْجى لِمَنْ قامها أَنْ يَغْفِر له جميعَ ذنوبِه كبِيرَها وصغيرَها. ثم رد على هؤلاء وأطال فيه فراجعه من ص 18 ج 1 عقيدة السَّفَارِيني. (¬2) قلتُ: وههنا كلام لطيف للشيخ محمود الحسن الشهير بشيخِ الهند رحمه الله تعالى ونَوَّر الله ضريحه، أَذْكُره إتحافًا للناظرين قال. في آية: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}: أنَّ التكفيرَ ههنا راجعٌ إلى مقدماتِ تلك الكبيرة، فالكبائر هي الغايات والمقاصد. أَمَّا المقدِّمات لها أو الوسيلة إليها التي لا تراد لنفسها، فهي الصَّغَائِر فمعنى الآية: أيُّها النَّاس إِنْ تجتنبوا عن الكبائِر خشيةً مِنْ رَبِّكم نكفِّر عنكم ما فَرَّطتُم في تمهيداتِ تلك الكبائر مِنَّةً منَّا. قلتُ: وعلى هذا أمكن أَنْ تَكُون القُبلة كبيرة تارة وصغيرة أخرى، فإن كان المقصودُ هي، فهي كبيرة، وإن كانت مقدمة الزِّنَى والعياذ بالله فلعلها تكون صغيرة، ثم إِنَّكَ تَعْلَم أَنَّ تَفْصِيلَ الصغيرة والكبيرة فيما لم يُصِرّ عليها، أَمَّا إذا أَصرَّ وتَهَوَّر فكل صغيرةٍ تصيرُ كبيرة، فما في الزَّيْلَعي محمولٌ على صدورِها اتفاقًا، لا عَنْ عمدٍ، وكنتُ راجعتُ فيه عن شيخي رحمه الله تعالى ثم نسيت جوابه، وأمكَنَ أَنْ يكونَ هذا هو مرادَه إلا أني لم أنسبه إليهِ لأنّي لا أَذْكُره الآن. والله تعالى أعلم.

6 - باب الصلوات الخمس كفارة

الْعَيْزَارِ أَخْبَرَنِى قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِىَّ يَقُولُ حَدَّثَنَا صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ وَأَشَارَ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ «الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا». قَالَ ثُمَّ أَىُّ قَالَ «ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ». قَالَ ثُمَّ أَىُّ قَالَ «الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ». قَالَ حَدَّثَنِى بِهِنَّ وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِى. أطرافه 2782، 5970، 7534 - تحفة 9232 لم يَرِد مِنْ هذه الترجمةِ الإِشارةُ إلى مسألةِ التعجيلِ، بل هي أَوْسَع منه، وأَرَاد الآن مِنَ الصَّلاة لوقتِها أَلا تفوتَ عنه، وأوضحه الحافظُ رحمه الله تعالى. 527 - قوله: (أيُّ العَمْلِ أَحبُّ) واسمُ التفضيلِ ههنا بمعنى اسم المفعول، وهو نادرٌ، والأكثر في معنى اسمِ الفاعل. قوله: (الصَّلاةُ على وقْتِها) وفي لفظٍ: «الصَّلاةُ أَوَّل وقتِها» وأسقطَهُ الحافظُ رحمه الله تعالى مع أَنَّه رواية ثقة لكونه مخالفًا لأكثر الألفاظ، أَمَّا زيادةُ الثقة فقال جماعة: إنها تُقْبلُ مطلقًا. وقال آخرون: بل تُقبل بعد البحث جزئيًا، فإِنْ تحقق أَنَّها صحيحةٌ تُقْبَل وإلا لا. ولا حكم كليًا، وهو الحق عندي. وإليه ذهب أحمد رحمه الله تعالى وابن مَعِيْن وغيرهما كما ذكره الزيلعي في بحث آمين. قوله: (برُّ الوالدين) أي إطاعتُهما. 6 - باب الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَةٌ 528 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِىُّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ، يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا، مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِى مِنْ دَرَنِهِ». قَالُوا لاَ يُبْقِى مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا. قَالَ «فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بِهَا الْخَطَايَا». تحفة 14998 - 141/ 1 كذا في أكثر الرِّوايات وفي نسخة الكُشْمِيهني إذا صلاهنَّ لوقتها في الجماعة وغيرِها. قلتُ: ولو حَذَفَ المصنِّف رحمه الله تعالى قوله: «وغيرها» لكان أحسن، لأنَّه يُشْعِر بالتَّوسِيع في أمر الجماعة، وقد يَخْطُرُ بالبَال أنَّ المصنِّف رحمه الله تعالى مع الشافعي رحمه الله تعالى في مسألة الجماعة. 528 - قوله: (مِنْ دَرَنهِ شيئًا) ولا يكون مِصداق الدَّرَن إلا صغيرة، لأنَّ الكبيرة صَدَاءٌ يأكلُ الحديد أيضًا. قوله: (يَمحو) والوضوءُ أيضًا يمحو الخطايا كما في الترمذي.

7 - باب تضييع الصلاة عن وقتها

7 - باب تَضْيِيعِ الصَّلاَةِ عَنْ وَقْتِهَا 529 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا مَهْدِىٌّ عَنْ غَيْلاَنَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. قِيلَ الصَّلاَةُ. قَالَ أَلَيْسَ ضَيَّعْتُمْ مَا ضَيَّعْتُمْ فِيهَا. تحفة 1130 530 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ وَاصِلٍ أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِى رَوَّادٍ أَخِى عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ يَقُولُ دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِدِمَشْقَ وَهُوَ يَبْكِى فَقُلْتُ مَا يُبْكِيكَ فَقَالَ لاَ أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا أَدْرَكْتُ إِلاَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ، وَهَذِهِ الصَّلاَةُ قَدْ ضُيِّعَتْ. وَقَالَ بَكْرٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِىُّ أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى رَوَّادٍ نَحْوَهُ. تحفة 1514 530 - قوله: (دخلتُ على أنس رضي الله تعالى عنه) كان أنس قَدِمَ دِمشق في إمارةِ الحَجَّاجِ يشكو الحجاح إلى الوليدِ بن عبد الملك وكان هو الخَلِيفة إِذْ ذاك فما أشكاه؛ وانظر إلى هؤلاء الصحابةِ رضي الله تعالى عنهم. إذا لقوا صُفوف قَيْصَر وكِسْرَى ماذا صنعوا بهم؟ ثُمَّ إذا أوذوا مِنَ المسلمين كيف تخوروا، وهم الذين قال الله فيهم: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة: 54]. قوله: (وهذه الصَّلاة قد ضيعت) وهو على حد قول المتنبي: *تَخَالَفَ النَّاسُ حتى لا اتفاقَ لهم ... إلا على شَجَبٍ والخُلف في الشَّجَب 8 - باب الْمُصَلِّى يُنَاجِى رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ 531 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى يُنَاجِى رَبَّهُ فَلاَ يَتْفِلَنَّ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى». وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ لاَ يَتْفِلُ قُدَّامَهُ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ. وَقَالَ شُعْبَةُ لاَ يَبْزُقُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ. وَقَالَ حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَبْزُقْ فِى الْقِبْلَةِ وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ». أطرافه 241، 405، 412، 413، 417، 532، 822، 1214 تحفة 1373، 1205، 819 أ، 1261 532 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اعْتَدِلُوا فِى السُّجُودِ، وَلاَ يَبْسُطْ ذِرَاعَيْهِ كَالْكَلْبِ، وَإِذَا بَزَقَ فَلاَ يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، فَإِنَّهُ يُنَاجِى رَبَّهُ». أطرافه 241، 405، 412، 413، 417، 531، 822، 1214 - تحفة 1443 - 142/ 1 والمُناجَاة مِنْ كلِّ مصلَ إنَّما تكونُ في صلاةِ المنفرد؛ كما يشعِر به. قوله: (إِنَّ أحدَكُم إذا صلَّى ... ) الخ. فليست تلك الصَّلاةُ جماعة ليتشجع منها أحد من الشافعية رحمهم الله تعالى فيستدل به على الفاتحة، ويقول: إِنَّ الاستماعَ يُخَالِف المناجاة على

9 - باب الإبراد بالظهر فى شدة الحر

أَنَّك قد عَلِمْتَ أَنَّ صَلاةَ الجماعة صلاة واحدة بالعددِ في نظرِ الشَّرْع؛ والإِمام يُناجي فيها فلا تَخْلُو عن المُنَاجَاة على طَوْرِنا أيضًا. ثُمَّ لو أَخَذْنا المناجاةَ مِنْ كل فليست هي إلا في السِّرية وأمَّا في الجَهْرِية فهي مُنَازَعة لا مناجَاة، ومخالَفة لأمرِ الإِنصات والاستماعِ؛ لا مبادرة إِلى الامتِثَال، ولم أَرَ في نَقْلٍ عن الإِمام أَنَّ القِرَاءةَ في السِّرِية لا تجوز، أَمَّا في الجهرية فأمرُها كما صرَّح به النَّص. 531 - قوله: (فلا يَتْفِلَنَّ) وقد حققتُ مناطَه أَنَّه كان المُصلِّي على سَمْتٍ حسن، ولذا نَهَى عن إِقْعَاءِ الكَلْبِ، وافْتِرَاشِ الثَّعْلَب، ونَقْرِ الغراب، وبُروك الجَمَل، وأَنْ يَخْفِضَ رَأْسَهُ في الرُّكوعِ كالحمارِ، كلُّ ذلك لأجلِ كونِه على هيئاتٍ حسنة بين يدي رَبِّه، فالبُزَاق في اليمين وإنْ كان منها من أجل الملك لكن رعايته أيضًا لكون المُصَلِّي بين يدي ربِّه في هذا الحين، أَمَّا البُزَّاق أمامَهُ فهو أَشَدُّ وأشد وأَقْبحُ وأقبح. ثُمَّ إنَّ سِيَاق الحديث - «مَنْ تَفَل أَمَامَهُ في الصَّلاةِ جاء يومَ القيامةِ وتفلُه بين عينَيْهِ» أو كما قال - ليس عندي كسياق: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات: 12]. لأنَّ الحديثَ إنَّما سِيق بيانًا للجزَاءِ مِنْ جنس العمل، بخلاف الآية. قوله: (اعتدِلوا) وَفَسَّرَهُ ابنُ دقيق العيد برفع العَجِيزة، ومجافاةِ العَضُدَينِ عَنِ الجنْبَين؛ ولم أَزَل أَتَفَكَّر في تفسيره، لأنَّ غايةَ ما يدلُّ عليه لفظُ الاعتدال، هو التعديل على خِلافِ نَقْرِ الدِّيك حتى رأيتُ كلامَ ابنِ العربي في العارضة (¬1) فتبين منه المرادُ. وحاصله: أَنَّ الاعتدالَ لبيانِ الهيئةِ المتوسِطَّةِ بين القَبْضِ والبَسطِ، فلا يَبْسط في السجودِ بحيث يشبه بالمُسْتَلقى على وجهه، ولا يَقْبِضُ أعضاءَهُ حتى يصير كالعضوِ الواحد، ولا يَحْصُل لكل عضوٍ حظُّه مِنَ السجودِ مع ما في الحديثِ: أنَّ ابنَ آدمَ يَسْجُد على سبعةِ آراب، ولا يَتَيسر هذا إلا في الهيئةِ المسنُونَةِ فتفسيره به بهذا الطَّريق لا أَنَّه مدلولُ اللفظ. ثُمَّ إِنَّ التعديلَ المعروف أيضًا يدخُل في عمومِهِ. 9 - باب الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِى شِدَّةِ الْحَرِّ 533 و 534 - حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ حَدَّثَنَا الأَعْرَجُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، وَنَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «إِذَا ¬

_ (¬1) قال أبو بكر بنُ العربي في "شرح الترمذي": معنى قوله: اعتدلوا، أراد به كون السجودِ عدلًا باستواءِ الاعتمادِ على الرِّجْلَين والرُّكْبَتَين واليَدَين والوجه، ولا يأخذُ عضوٌ من الاعتدالِ أكثر مِنَ الآخر وبهذا يكونُ ممتثِلًا لقوله: "أمرتُ بالسجودِ على سبعةِ أعْظُمٍ" وإذا فَرَشَ ذِرَاعَيهِ فَرْشَ الكلبِ، كان الاعتمادُ عليها دون الوجهِ، فيسقُط فرضُ الوجه، ولهذا روى أبو عيسى بعدَهُ في بابِ حديث أبي هريرة: اشتكى أصحابُ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - إلى النَّبي - صلى الله عليه وسلم - مشقّةَ السجودِ إذا انفرجوا، فقال: استعينوا بالرُّكَب، معناه يَكْفِيكُم الاعتماد عليها راحة. وفي سُنَنِ أبي داود نهى عن نُقْرَةِ الغُراب، وافتراشِ السَّبُع اهـ.

اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلاَةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ». تحفة 7686 535 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْمُهَاجِرِ أَبِى الْحَسَنِ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ أَذَّنَ مُؤَذِّنُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ فَقَالَ «أَبْرِدْ أَبْرِدْ - أَوْ قَالَ - انْتَظِرِ انْتَظِرْ». وَقَالَ «شِدَّةُ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلاَةِ». حَتَّى رَأَيْنَا فَىْءَ التُّلُولِ. أطرافه 539، 629، 3258 - تحفة 11914 536 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ». طرفه 533 - تحفة 13142 537 - «وَاشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِى بَعْضًا. فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِى الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِى الصَّيْفِ، فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ». طرفه 3260 - تحفة 13142 538 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ». تَابَعَهُ سُفْيَانُ وَيَحْيَى وَأَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ. طرفه 3259 - تحفة 4006 والباءُ فيه للصِّلَةِ داخلة على المفعولِ به كما في قولِهم: أَخَذْتُ باللجامِ. وقوله تعالى: {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ} [المائدة: 6] وقوله صلى الله عليه وسلّم قرأ بالفاتحةِ. لا للسببيةِ؛ وتَعَرَّضَ إليهما الزَّمَخْشَرِي تحت قوله تعالى: {وَهُزّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} [مريم: 25] وفسَّرَهُ أي افعلي فِعْلَ الهزِّ، فهو آكد من هُزي النَّخلة على معنى أَخْذِ الفعل على المعهُوديةِ بين النَّاس؛ وحينئذٍ يصيرُ لازمًا ويحتاجُ لتعديَتِه إلى الباء. فمعنى قوله هزي النَّخْلَة أي حَرِّكِيها، ومعنى قوله هُزي بالنَّخلة أي افعلي بها فِعْلَ الهزِّ الذي عَلِمَه النَّاس. ويكونُ مُسَلَّمًا فيما بينهم، ولا يكونُ كذلك إلا بَعْدَ الهزِّ بالمُبالَغة، يعني هُزِّيها حتى يقول النَّاس إنه هز، لا هزًا دون هزَ، فإِنَّه وإِنْ كان هزًّا في اللغة أَنَّهم إلا لا يُسَمُّونَه هزًا فيما بينهم، فهُزي كما هو المعروف والمعهود عندهم في هزِّ النَّخْل وهو بالمبالغة، وعلى هذا معنى قوله: «أَبْرِدُوا بالظُّهر» أي افعلوا به فِعْلَ الإِبرادِ، فيدلُّ على المبالغة لا محالة، وهكذا قولُهم: أخذتَ باللجام أي فَعَلْتَ به فِعل الأخذِ، أي أخذتَهُ بالشِّدَّة. فهذا تقريرُ المعهوديةِ المعروفة في هذه الأفعال، وأمَّا المعهوديةُ في المسحِ والقراءةِ والوترِ فكما مرَّ بيانُها وسيأتي بسطهما في مسألة الوتر. قوله: (من فيح جهنَّم) وترجمته (بهاب) فإِنْ قلت: إنَّ الحَرَّ تابعٌ للشمس في الحسِّ والمشاهدةِ فما معنى تبعيته لجهنَّم؟ قلتُ: والشمس تابعة لجهنَّم ولا يَبْعُد أَنْ يكونَ إلقاءُ القمرين فيها يومَ القيامةِ لهذه المناسبة، والوجه المعروف وإلقاؤهما مشهور.

تحقيق لطيف في حديث الإبراد

وتفصيلُ المقام أَنَّ الأَسبابَ إمَّا ظاهرة أو معنوية والأُولَى معلومةٌ بالحسِّ والمشاهدةِ لا حاجةَ إلى التنبيه عليها، وإنَّما تدلُّ الشريعة على أسبابٍ معنويةٍ غير مدرَكة بالحسِّ، وهو الذي يليقُ بشأنِها، فدلَّت على أنَّ معدن الخير والسرور كلها هو الجنَّة، ومعدن المهالك والشرور كلها هو جهنَّم، فالخِزَّانة هي في الجنة والنَّار، وهذه الدارُ مركبة من أشياء المعدنين وليست بخِزَانة في نَفْسِها، فالحرارَة وإِنْ كانت في النَّظرِ الحسي مِنْ أَجْلِ الشمس، إلا أنَّها في النظر الغَيْبي كلها من معدنها، فإِذا رأيتهما أينما كان فهي من معدنها. فإِنْ قُلْتَ إِنَّ الصيفَ والشتاءَ إذا دارا على النفسين، فينبغي ألا يكون شتاءً عند نفسِ الصيف وبالعكس مع أنَّهما يجتمعانِ في زمنٍ واحدٍ باعتبارِ اختلافِ البلاد. قلت: ولعلَّ تَنَفُّسها بحرِّها من جانب وإِرْسَالها إلى الآخر، فإِذا تَنَفَّس مِنْ جانب صارَ شتاءً وإلى جانب صار صيفًا؛ ولعلَّ الحرَّ والبردَ كيفيتان لا تتلاشيان أصلا بل إذا غَلَب الحرُّ دَفَعَ القَرِّ إلى باطنِ الأرض، وإذا غلب القَرُّ دَفَع الحرَّ، إلى باطنها، لا أَنَّ إِحدى الكيفتين تَنعَدِم عند ظُهورِ الأخرى، وهذا كما في الفَلْسَفَة الجديدةِ أَنَّ الحركاتِ كلَّها لا تَفْنَى بل تَنتَقِل إلى الحرارة. والأصوات كلُّها مِنْ بدء العالم إلى يومِنا هذا موجودة عندهم في الجو فالشيء بعد ما وجِدَ تأَبَّد عندَهم. وأَمَّا عند اليونانيين: فلا حَرارةَ عندهم في الأجسامِ الأثيرية ولا بُرودة. تحقيق لطيف في حديث الإبراد واعلم أنَّه عُلِّل الإِبراد بفيح جهنَّم فأشعر بكراهةِ الصَّلاة قَبْلَ الإِبرادِ، لأنَّ التسجيرِ مِنْ آثارِ غضبهِ تعالى، ولذا لا تسجر يوم الجمعة. وعند أبي داود مرفوعًا وصحح أبو داود إرسالَه أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم كَرِه الصَّلاةَ نصفَ النَّهارِ إلا يوم الجمعة، وقال «إنَّ جهنم تُسْجَر إلا يوم الجمعة». انتهى. ولذا قال أبو يوسف رحمه الله تعالى إِنَّ النَّوافِل تصح يوم الجمعة عند نصف النَّهار أيضًا. فإِنْ قلتَ: إنَّ التَّسْجِير ينتهي بالزوالِ فلا كراهة بعده. قلتُ: ولكن يَبْقَى الفيح وإِنِ انتهَى التسْجِير، ولذا أُورِد الحديث: بلفظ «الفيح» وهو أيضًا أَثَر مِنَ التَّسْجِير فلا ينبغي المواجهة عند غضبه تعالى، لأنَّه تعرض لصلاته بالرَّد. والحاصل: أَنَّا إِنْ نَظَرْنَا إلى التعليل فإِنَّه مُشْعِر بكراهَةِ الوقتِ، وإِنْ ذهبنا إلى عدمِ كراهتِه فلا يَرْتَبط به التعليل، لأنَّه ينبغي أَنْ يكون بأمرٍ حسي نحو قوله: فلا تتحملوا مشقةَ الحرِّ، ليكونَ إشارة إلى أَنَّ أمرَ الإِبرادِ للشفقةِ لا لمعنى في الوقت، بخلافِ الإِحالة إلى حهنَّم، فإِنَّه يوجِّهُ الدهنَ إلى كراهةٍ شرعية لا محالةَ، فإِنْ كان الأمرُ بالإِبراد على الشفقة، فلا كراهة في الصَّلاة بعد الزوال، وإنْ كان لمعنى شرعي ففيها ذلك. والذي يتبين أَنّ ما هو من آثارِ الغضبِ هو التَّسْجِير دون الفيح، ولهذا المعنى نُهِيَ عن الصَّلاة عندما يستقِل الظِّل بالرمحِ، كما يدل عليه ما أخرجه مسلم: ثُمَّ اقْتُصِر عن الصَّلاةِ فإِنَّ حينئذ تَسْجُر جهنَّم، فإِذا قِيل الفيءُ فصلِّ. انتهى.

وفي حديثِ البابِ إحالة على الفيح دون التسجير، ولعلَّ الفيحَ من آثارِ الرحمة، لأنَّه من أَثَرِ تنفسِ جهنَّم، فلو كان الفيحُ من آثارِ الغضبِ، لَزِمَ أَنْ يكونَ موسمُ الصيف كلُّه أثرًا للغضب، فإِنَّ الصيفَ كلَّه من أجل فَيْحِ جهنم، وحينئذٍ لا تكون في الصَّلاةِ بعدَ الزوال كراهة أصلا، وإِنَّما أُمِرنا بالإِبراد شَفَقَة ورحمة. وحاصلُ التعليل: أَنِ اربعوا على أنفسكم فلا تصلوا في شِدَّةِ الحرِ التي تكون من أجل الفيح، فالتعليل بالحقيقة بشدة الحر وهو أمرٌ حسي فيكون مُشْعِرًا بكونِهِ للشفقة كما قررنا. أما قوله: «مِنْ فيحِ جهنم» فبيان للسبب الغَيْبي للحرَارة، ولا دَخْلَ له في التعليل، ويؤيدهُ أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلّم صلى بعد الزَّوالِ وقال: «ويفتح عند ذلك أبوابُ السماءِ فأُحِبُّ أَنْ يَصعَد لي فيه عَمَل» أو كما قال. فدلَّ على انتهاءِ أَثَرِ التسجيرِ بالزوال، وعدمِ كراهةٍ بعده، وأنَّ أَمْرَ الإِبراد لأجلِ الشفقة فقط. فإِنْ قلتَ: إذا كان في الصَّلاةِ عند التَّسجيرِ تعريضٌ لها بَرَدّها لكونِه مِنْ آثارِ غضبهِ تعالى، فكيفَ بصلاتِهِ صلى الله عليه وسلّم عند رؤيةِ آثارِ الغضب، فإِنَّه كُلَّما كان يَرى مَهْيَعة بادرَ إلى الصَّلاةِ، وهذا يدلُّ على أَنَّ السنةَ عند غضبه تعالى، هو الالتجاءُ بالصَّلاة. قلت: فهذه حالات قد تكون بالصَّلاةِ عند السُّخْطِ تعريض لها بالرَّد، وقد تكونُ بفعلها التجاء إليه، وهكذا هو في الدنيا، قد تكونُ عاقبةُ العبدِ بالانسلالِ عن مواجَهةِ مولاه، وقد تكونُ بالخدمةِ له والتملقِ إيَّاه، فقسم النبي صلى الله عليه وسلّم ههنا أيضًا على الحالات، فما كان من آثار غضبهِ كل يومٍ رأَى الملجأ منه بعَدَمِ المواجهةِ في ذلك الوقت، والتنكبِ إلى جانب، وما كان نادرًا لم يَرَ منه ملجأً إلا إليه، فهذه حالاتٌ تَشْهَدُ بها الفِطرَة السليمة. ثمَّ اعلم أنَّ حديثَ الإِبرادِ حَمَله الإِمام الشافعي رحمه الله تعالى على معنىً آخر، نقله الترمذي ما نصه: وقال الشافعي رحمه الله تعالى: إنَّما الإِبرادُ بِصلاةِ الظهرِ، إذا كان مسجدًا ينتابه أهله من البعد، فأما المصلي وحده، والذي يُصَلِّي في مسجد قومِه، فالذي أُحِبُّ له أَنْ لا يُؤخِّر الصَّلاة في شدة الحرِّ. انتهى. ولم يرض الترمذي بهذا التأويل مع كونِه شافعيًا، ولم يصرِّح بخلافِه مع إمامه في موضع من كتابه إلا هذا، فقال: قال أبو عيسى: ومعنى من ذهب إلى تأخير الظهر - وهم الحنفية رضي الله عنهم - في شدَّةِ الحرِّ هو أولى وأشبه بالاتباع. وأمَّا ما ذهب إليه الشافعي رحمه الله تعالى أَنَّ الرخصةَ لمن ينتابُ مِنَ البُعدِ وللمشقة على الناس فإِنَّ في حديث أبي ذرٍ ما يَدلُّ على خلافِ ما قال الشافعي رحمه الله تعالى - قال أبو ذر رضي الله عنه: كنَّا مع النبي صلى الله عليه وسلّم في سفرٍ فأَذَّنَ بلال رضي الله عنه بصلاةِ الظُّهر فقال النبي صلى الله عليه وسلّم «يا بلال أَبْرِد ثُمَّ أبرد». فلو كان الأمرُ على ما ذهبَ إليه الشافعي رحمه الله تعالى، لم يكن للإِبرادُ في ذلك الوقت معنىً، لاجتماعهم في السفرِ، وكانوا لا يحتاجون أنْ ينتابوا من البُعد. انتهى. وقال الطحاوي: إنَّ تعجيلَ الظهرِ قد كان يُفعَل ثُمَّ نُسِخَ، وأَخْرجَ عن المُغِيرَةِ بن شُعْبَة قال صلَّى بنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم صلاةَ الظُّهرِ بالهَجِير، ثمَّ قال: «إِنَّ شدَّة الحرِّ من فَيحِ جهنَّم، فأبردوا

10 - باب الإبراد بالظهر فى السفر

بالصَّلاةِ» فأخبر المُغِيرَة في حديثه هذا، أَنَّ أَمْرَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلّم بالإِبرادِ بالظُّهر بعد أَنْ كان يُصلِّيها في الحرِّ. وفي «التلخيص الحبير» أنَّ الترمذي سأل البخاري عن حديث المُغِيرة فصححه، فَعُلِم أَنَّ الإِبرادَ هو الآخر فالآخر مِنْ فِعْلِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلّم وما احتجوا به مِنْ أحاديث التعجيل، إمَّا منسوخٌ أو محمولٌ على الشتاء، لِمَا روى أنسُ بنُ مالكٍ قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم إذا اشتدَّ البردُ بكَّر بالصَّلاةِ، وإذا اشتدَّ الحرُّ أبردَ بالصلاةِ ومثلُه عن أبي مَسْعُود. قال الطحاوي: وهكذا السنَّة عندنا في صلاةِ الظُّهر على ما يذكُرُهُ ابنُ مسعود، وأنس رضي الله عنه من صلاةِ رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأَخْرَجَ أبو داود عن الأسودِ أَنَّ عبدَ الله بنَ مسعود قال: كانت قَدْر صلاةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلّم في الصيفِ ثلاثة أَقْدَام إلى خمسة أقدام وفي الشتاء خمسة أقدام إلى سبعة أقدام. انتهى. وأوَّلَه الخَطَّابي فحمله على اختلاف الفُصولِ (¬1)، فقال: وأمَّا الظِّل في الشتاء، فإِنَّهم يذكرون أَنَّه في تشرين الأول (¬2)، خمسة أقدام وشيء، وفي كانون سبعة أقدام أو سبعة أقدام وشيء؛ فمعنى قول ابن مسعود رضي الله عنه عنده: أَنَّ قَدْرَ صلاتِه صلى الله عليه وسلّم في الشتاء خمسةُ أقدام إلى سبعةِ أقدام، يعني به خمسة أَقْدَام في تشرين الأول وسبعة أقدام في كانون. وهو عندي محمول على التَّارَات والأحيان دون الفُصول، فتارةً صلاها على الخمسة، وتارةً على السبعةِ ولو في فَصْل. والله تعالى أعلم. 10 - باب الإِبْرَادِ (¬3) بِالظُّهْرِ فِى السَّفَرِ 539 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا مُهَاجِرٌ أَبُو الْحَسَنِ مَوْلًى لِبَنِى تَيْمِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ الْغِفَارِىِّ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ، فَأَرَادَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلظُّهْرِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَبْرِدْ». ثُمَّ أَرَادَ أَنْ ¬

_ (¬1) وقال الخلَّال في "عِلَلهِ": عن أحمد: آخرُ الأمرين مِنَ النبي - صلى الله عليه وسلم - الإِبراد. اهـ. ثمَّ العجب ممَّا عنده على ص 526 ج 2 قال ابن بزيزة: "ذَكَر أهلُ النَّقْلِ عن مالك أنَّه كَرِه أَنْ يُصلَّى الظهر في أول الوقت، وكان يقول: هي صلاة الخوارج أهل الأهواء. وحكَى أبو الفرج عن مالكٍ أولُ الوقتِ أفضلُ في كل صلاةٍ إلا الظُّهر في شدة الحر. اهـ. (¬2) وتمام أسماء تلك الأشهر هكذا: كانون الأول، كانون الثاني، شباط، آذار، نيسان، أيار، حزيران، تموز، آب، أيلول، تشرين الأول، وتشرين الثاني، وكانون الأول هو ديسمبر من الأشهر الشمسية، وكذا كانون الثاني هو [[يناير]] وهكذا إلى آخر الأشهر. (¬3) قال العلامةُ العيني رحمه الله تعالى: قال بعضُهم حديث خَبَّاب منسوخٌ بالإِبراد، وإلى هذا قال أبو بكر الأَشْرَم في كتاب "النَّاسخ والمنْسُوخ" وأبو جعفر الطَّحاوي، وقال: وجَدْنَا ذلك في حديثين: أحدهما: حديثُ المُغيرة كنَّا نُصلِّي بالهَاجِرَة فقال لنا - صلى الله عليه وسلم -: أَبرِدوا - فتبين بها أَنَّ الإِبراد كان بعد التَّهْجِير. وحديثُ أنس رضي الله عنه: إذا كان البردُ بكِّروا، وإذا كان الحرُّ أبْرِدُوا، وحَمَل بعضُهم حديثَ خَبَّاب على أَنَّهم طَلبوا تأخرًا زائدًا على قَدْرِ الإِبراد. وقال أبو عمر في قول خَبَّاب فلم يشكنا يعني لم يحوجنا إلى الشكوى، وقيل: لم يزل شكوانا ويقال: حديثُ خبَّاب كان بمكة، وحديثِ الإِبراد بالمدينة، فإِنَّ فيه مِنْ رواية أبي هريرة.

11 - باب وقت الظهر عند الزوال

يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ «أَبْرِدْ». حَتَّى رَأَيْنَا فَىْءَ التُّلُولِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ». وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {يَتَفَيَّأُ} [النحل: 48]: تَتَمَيَّلُ. أطرافه 535، 629، 3258 - تحفة 11914 - 143/ 1 539 - قوله: (حتى رأينا فَيْءَ التُّلُولِ) وعند البخاري في الأذان حتى ساوى الظلُّ التُّلُول، وهذا يدلُّ على أَنَّ وَقْتَ الظُّهر يَبْقَى إلى المِثلين لأنَّ التُّلُول في الغالبِ تكونُ منبطحة ولا تكون شاخِصَة فلا يَظْهرُ لها ظِلٌّ إلا بعد غاية التأخيرِ، فالمساواةُ لا تكونُ إلا بالمِثلين. وأقرَّ النَّووي بأَنَّه دالٌّ على التأخير الشديد، وأجابوا عنه بأَنَّه محمولٌ على الجمعِ في السفر (¬1). قلتُ: وهذا غيرُ نافذ، لأنَّ الجمعَ الوقتي لم يثبت عندنا أصلا، فهو مِنْ بابِ البِنَاءِ على ما ليس بثابتٍ، ثُمَّ إنَّه ليس بحجة للحنفية أيضًا، لأنَّ الراوي لم يَرْوِ بالمساواة حقيقتها، وتحديدِ الوقت بها، وتعليمِ مسألة المِثل والمِثلين منها، بل هو بصددِ بيان شِدَّةِ تأخيرهِ في ذلك اليوم، فبالغ فيه وعبره بالمساواة والتعبيرات اللاتي تَخْرج في سِياق المبالغةِ، لا تكون مدارًا للمسألة عندي، كالأوصافِ التي أُجريت مَجْرَى المدْحِ أو الذمِّ، ومِنْ هذا الباب ما وقعَ في أشعارِ بعضِ العلماءِ من نحو تعميم في علم النبي صلى الله عليه وسلّم فتمسكَ به بعضُ من لا عِلْمَ له على كونِ النَّبي صلى الله عليه وسلّم عالمًا للغيب كُلاًّ وجزءًا، ولم يَقْدِرُوا أَنْ يُفَرِّقوا بين بابِ العقيدة، وبابِ المدح، فإِنَّ المبالغاتِ تُسْتَحْسَن في النوع الثاني دون الأَوَّل، وهكذا بابُ الوعدِ والوعيد، تجيء فيها العبارات مرسلَة عن القُيودِ والشُّرُوط، وهو مُقْتَضى الحالِ فيهما، إلا أَنَّ الجاهلَ يهدِرُ هذه الدَّقائِق فيحملهما على الإِطلاقِ، ثُمَّ يضطرُّ إلى خَرْقِ الإِجماع ومخالَفةِ النُّصوصِ والسُنَّة، فنعوذ بالله مِنَ الجَهْل. 11 - باب وَقْتِ الظُّهْرِ عِنْدَ الزَّوَالِ وَقَالَ جَابِرٌ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى بِالْهَاجِرَةِ. قوله: (الهَاجِرَة) سمي به لأَنَّ الطُّرُق تُهْجَرُ في هذا الوقتِ. 540 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ، فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَذَكَرَ السَّاعَةَ، فَذَكَرَ أَنَّ فِيهَا أُمُورًا عِظَامًا ثُمَّ قَالَ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَىْءٍ فَلْيَسْأَلْ، فَلاَ تَسْأَلُونِى عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ أَخْبَرْتُكُمْ مَا دُمْتُ فِى مَقَامِى هَذَا». فَأَكْثَرَ النَّاسُ فِى الْبُكَاءِ، وَأَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ «سَلُونِى». فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِىُّ فَقَالَ مَنْ أَبِى قَالَ ¬

_ (¬1) قلتُ: كيف ساغَ للنَّووي رحمه الله تعالى أَنْ يَحْمِلَه على السَّفَر مع أنَّ تعليلَ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - بأنَّ شدَّةَ الحرِّ من فيح جهنَّم في هذا الحديث ينادي بأعلى نداء أَنَّه لا اختصاصَ له بالسَّفَر، بل المقصود هو الإِبراد بلا فصل بين السفر والحضر، فليس التأخيرُ فيه لأجل الجمع كما قالوا، بل لأجل الإِبرادِ كما هو المنصوص، والله تعالى أعلم بالصواب.

«أَبُوكَ حُذَافَةُ». ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ «سَلُونِى». فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا. فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ «عُرِضَتْ عَلَىَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِى عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ فَلَمْ أَرَ كَالْخَيْرِ وَالشَّرِّ». أطرافه 93، 749، 4621، 6362، 6468، 6486، 7089، 7090، 7091، 7294، 7295 - تحفة 1493 540 - قوله: (إِلا أخبرتُكم ما دُمْتُ في مقامي هذا) (¬1). 541 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى الْمِنْهَالِ عَنْ أَبِى بَرْزَةَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الصُّبْحَ وَأَحَدُنَا يَعْرِفُ جَلِيسَهُ، وَيَقْرَأُ فِيهَا مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ، وَيُصَلِّى الظُّهْرَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، وَالْعَصْرَ وَأَحَدُنَا يَذْهَبُ إِلَى أَقْصَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ ¬

_ (¬1) قلتُ: ولو كان النَّبي - صلى الله عليه وسلم - عالمًا للغيبِ مطلقًا، ظاهرًا عليه بمفاتيحه، كما فَهِمَه بعضُ الجُهَلاء، لما كان لهذا التقييد معنىً، بل هو مِنْ نحو تجلى عليه إِذْ ذاك على نحو ما يَطْرأ على الأولياء مِنْ بَعْضِ تلكَ الأحوالِ، فتارةً يُخبِرون عَن العرش، وأُخْرَى يَغْفَلون عن الفَرش، وأحوالِ الأنبياءِ أَرْفَع، وإنَّما ذَكَرْتُ الأولياء تفهيمًا وتَقْرِيبًا، ويَدُلُّ على هذا قوله: "عُرِضَت عَليَّ الجنةُ والنَّارُ آنفًا". ومعلومٌ أَنَّهما لم تكونا معروضتين عليه دائمًا، وإِنَّما هو مِنْ بابِ العَرْض فَظَنُّوهُ عِلمًا على أَنَّه لا يدري أَنَّ وَعْدَ الإِخبار منه لكل شيء يسألونه عنه، كان لإِحاطة بِعلم الجزئيات كلًّا وجزءًا، أو بوعدِهِ تعالى إياه أنَّه سيَكشفها عليه عند السؤال، كما كشف عَنْ بيتِ المقْدِس، وجُلِّي له حتى أخبر قريشًا عما سألوه مِنْ أحوالِها. والظاهر هو الثاني، لقوله: عرضت ... الخ. ثم إنَّ الغيبَ هل ينحصر فيما هم سائلون عنه، أو سؤال النَّاسِ فيما يبلُغ إليه فكرههم جزء من الغيب. فلو فرضنا أنَّه عَلِمَ جوابَ كل ما يسأله النَّاس مِنَ الأشياءِ، وكان ذلك النَّحو منه مستمِرًا عنده حاضرًا حضور المعلول عد عِلَّتِه لَما ازداد على قَطْرة من بحرٍ أو دونَها، فإِن كلماتِ الله غير متناهية، وأسئلتهم كلها متناهية، والمتناهي وإِنْ كثر وكثر، لكنَّه لا شيء بجنب غير المتناهي، فَعِلْم النبي - صلى الله عليه وسلم - أَزْيَد مِنَ المخلوقات، ولم يبق من علوم الهدَاية ما لا بد منها لأمته إلا وَقد أعطاها الله له، وهو الأليقُ بشأن الأنبياء. أما علوم المزارع والأكارع فهو كما قال هو بنفسه: أنتم أعلمُ بأمور دنياكُم، ألا ترى أَنَّ الخضر عليه السَّلام كان عالمًا بجزئياتٍ لم يعلمها موسى عليه الصلاة والسَّلام؟ ثُمَّ اتفقوا على أَنَّ الفضلَ إنَّما هو لموسى عليه الصلاة والسلام. أمَّا الخضر عليه الصلاة والسلام فإنَّهم اختلفوا في نبوته، وهم كذلك بعد مختلفون. ويجوز على قولِ مَنْ قال بولايته، أَنَّ يزيد ولي على نبي في نحو هذه العلوم، فأي فضل بَقي فيه فيرومون إثباته للنبي - صلى الله عليه وسلم -. ولقد قلتُ مرة للشيخ رحمه الله: إِنَّ علوم الباري جل ذِكْرُه لعلها تضعف عن حملها بنية البشر فلو تجشم أحد لتحمله لم يتحمله فإنَّ العلوم الغير المتناهية إنَّما تليق بمن كان سائر صفاته كذلك، ليس هو إلا الله، فليست تلك العلوم أيضًا إلا لله جل مجده، ولله المثل الأعلى. فأقرّ به الشيخ رحمه الله تعالى، وهو مَحْمَلُ قول النَّبي - صلى الله عليه وسلم - حين رأى في المنام أَن الله تعالى وَضَعَ يده بين كتفيه "فتجلى لي كل شيء" وفي لفظ "فعَلِمْت ما في السماوات والأرض". فعبَّر عنه تارةً بالعلم، وتارةً بالتجلي، ثُمَّ إنَّ علمه تعالى لا يَنْحَصر فيما بين السماوات والأرض، ولو عَلِمَ ما بينهما كلها فماذا كان. وفي حديث عند الترمذي وغيره: "إنَّ اللهَ زوى لي الأرض كلها، وبلغ ملك أمتي إلى ما زُوي لي منها" -بالمعنى- في هذا الباب إلا لفظ العرضى والتمثل والتجلي والزوي نعم تارة جاء فيه لفظ العلم أيضًا ثم في أحاديث الفتن عند الترمذي أَنَّه أَخبَر الصحابةَ بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة، فهل تراهم صاروا به عالمين بالغيب كلهم؟! سبحانك هذا بهتان عظيم، وإنَّما أريد به الإِخبار بما يتعلق بالفتن، وبنحو الدرجات والكفارات في حديث المنام مع تعميم في اللفظ فادره.

وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِى الْمَغْرِبِ، وَلاَ يُبَالِى بِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ. ثُمَّ قَالَ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ. وَقَالَ مُعَاذٌ قَالَ شُعْبَةُ ثُمَّ لَقِيتُهُ مَرَّةً فَقَالَ أَوْ ثُلُثِ اللَّيْلِ. أطرافه 547، 568، 599، 771 - تحفة 11605 541 - قوله: (وأَحَدُنَا يَعْرِفُ جَلِيسَه) وعند أبي داود في باب وَقْتِ صلاة النَّبي صلى الله عليه وسلّم وكان يُصلِّي الصُّبح وما يَعْرِفُ أحدُنا جَلِيسَه الذي كان يَعْرفُه وكان يَقْرأ فيها الستين إلى المائة. فليحرره فإِنَّ بينهما تضادًا صراحةً، وليس هذا سهوًا من الكاتب، فإِن كان فَمِنَ الراوي، والظاهر أَنَّ الصَّواب ما عند البخاري، لأنَّ هذا الحديث أَخْرَجَهُ مسلم أيضًا بذلك السند، وفيه: «فيصرف الرجلُ الرجلَ فينظُر إلى وجهِ جليسهِ الذي يَعْرِفه فيعرفه» - فهذه القصة بهذا الإِسناد مروية عند الشيخين، وأبي داود، وليس اللفظُ المذكورُ إلا عند أبي داود فهو إمَّا وَهْمٌ مِنْ أحدِ رواته وهو الظاهر، أو من النَّاسخ. قوله: (وأحدُنا يَذْهَبُ إلى أَقْصَى المدينةِ رَجَعَ والشمسُ حية) والمتبادر من لفظِ الرُّجوعِ أَنَّه المرادُ من المسافة إيابًا وذهابًا، فيدلُّ على شدِّةِ التعجيلِ، والصوابُ أَنَّهما مسافة من جانبٍ فقط، كما تدل عليهِ الرِّواية الآتية في الباب الآتي، وفيها: «فيأتيهم والشمس مرتفعة». وتأويلُ الرجوع (¬1) أَنَّه رجوع إلى أَهلِهِ في أَقْصَى المدينةِ لا إلى المدينةِ كما هو بَعْدَ عدةِ أحاديثَ مصرحًا في حديث سَيَّار: ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أَقْصَى المدينة والشمس حية. فتحقَّقَ أَنَّ تلكَ المسافة من جانبٍ واحد فقط، لا كما كان يُتوهم مِنَ اللفظ الأول. وقال الطحاوي إنَّه يَدُلُّ على التأخير مكان التعجيل، فإِنَّ الرَّاوي لم يستطع بيان تأخيره إلا بأْنَّ الحياةَ كانت باقية في الشمس، ولم تكُن ماتت بالكُلِّية، فهذا سِياق في التأخيرِ لا في التعجيلِ كما فهموه. على أَنَّ الخِلافَ فيه خلافُ الأفضليةِ كما في الظُّهْرِ في تعجيلها وتأخيرها، وكما في التَّغْلِيس. فذهب الإِمامُ الشافعي رحمه الله تعالى إلى التَّعْجِيل في الكُلِّ «غير العشاء، مشيًا على العمومات والإِطلاقات، كقوله صلى الله عليه وسلّم في جوابِ سائلٍ أَيُّ الأعمال أفضل: قال: الصَّلاةُ لأَوَّل وقْتِها». وأَخَذَ الحنفيةُ بخصوص سُنَّةِ رسول الله صلى الله عليه وسلّم رويت في صلواته فقسموها على تلك الأوقات، وهو صَنيعُنا وصنيعهم في مسألة الفاتحة، فإِنَّهم تمسَّكُوا بعمومِ قوله صلى الله عليه وسلّم «لا صلاةَ إلا بفاتحةِ الكتابِ». ونحن نَزَلنا إلى الخصوصِ، فتمسكنا بقوله: «إذا قرأ فأنصتوا» وأنت تعلم أَنَّ التَّمسكَ بالخصوص أَوْلَى وأقوى، وهو الأوجه فإِنَّ النُّزول من العمومات إلى الخصوص هو السبيلُ الأقوم. 542 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ - يَعْنِى ابْنَ مُقَاتِلٍ - قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنِى غَالِبٌ الْقَطَّانُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِىِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ¬

_ (¬1) قال الشيخ بدر الدين العيني رحمه الله تعالى وإنما سمي رجوعًا، لأن ابتداء المجيء كان من المنزل إلى المسجد، فكان الذهاب منه إلى المنزل رجوعًا.

12 - باب تأخير الظهر إلى العصر

قَالَ كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالظَّهَائِرِ فَسَجَدْنَا عَلَى ثِيَابِنَا اتِّقَاءَ الْحَرِّ. طرفاه 385، 1208 - تحفة 250 542 - قوله: (فسجدْنَا على ثيَابِنَا) وهذا يُفيدنا في مسألة جواز السُّجود على الثياب مطلقًا، وعلى الشافعية رحمهم الله تعالى أَنْ يحملوه على الثِيَابِ المنفصِلَةِ دون الملبوسة. 12 - باب تَأْخِيرِ الظُّهْرِ إِلَى الْعَصْرِ 543 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - هُوَ ابْنُ زَيْدٍ - عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بِالْمَدِينَةِ سَبْعًا وَثَمَانِيًا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ. فَقَالَ أَيُّوبُ لَعَلَّهُ فِى لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ. قَالَ عَسَى. طرفاه 562، 1174 - تحفة 5377 - 144/ 1 قد مَرَّ أَنَّ أمثالَ هذه الألفاظ تُشْعِرُ بأَنَّه اختار في الجمع مسلك الحنفية، ولذا عُبَّر بتأخير واحد إلى الآخر مع أَنَّ أبا داود قد صَرَّح أَنَّه لم يَثْبُت حديث في جمع التقديم ومع هذا ذَهَبَ إليه بعضٌ من الأئمة. 543 - قوله: (صلَّى بالمدينة) وهذا الحديثُ صريحٌ فيما رامه الحنفية من الجَمْع فعلا، فإِنَّه صلى الله عليه وسلّم جَمَعَ في المدينةِ، ولم يكن سفر ولا مطر، فلا بُدَّ أَنْ يكون الجمعُ فعلا فقط. وعند مسلم قال سعيد: فَقُلْتُ لابنِ عباس ما حمله على ذلك؟ قال: أَرَادَ أَلا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ. وأَصْرَح منه ما عندَهُ عن أبي الشَّعْثَاء. وهو جابرُ بنُ زيدٍ تلميذ ابن عباس راوي الحديث. قلت: يا أبا الشَّعْثَاء أَظُنُّه أخَّر الظهر، وعَجَّل العصر، وأَخَّر المغرب والعشاء، قال: وأَنَا أظنُّ ذلك، فلم يكن الجمع وقتًا. ثمَّ هو مصرح عند النَّسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما نفسه قال: صَلَّيتُ مع النبي صلى الله عليه وسلّم بالمدينة ثمانيًا جميعًا، وسبعًا جميعًا، أَخَّر الظهر وعجَّل العصر، وأَخَّرَ المغرب وعَجَّل العشاء. انتهى (¬1). وحينئذٍ لا يحتاج إلى القولِ بالنَّسْخ، كما اختارَهُ جماعة في تأويلهِ، وحَمَلَهُ النَّووي على المَرَضِ وقوَّاه. قلتُ: والعَجَبُ منه كيف حَمَلَهُ على المَرَضِ فإِنْ كان النبي صلى الله عليه وسلّم جَمَعَ بينهما لأَجْلِ المرض، فهل كان القومُ جملتهم مَرْضَى فجمعوا بينهما؟، على أَنَّ الغَرَض مِنْ عدمِ الخوفِ والسَّفرِ ليس انتفاء هذين فقط، بل المقصودُ انتفاء الأعذارِ مطلقًا، ولذا وَرَدَ في بعض ألفاظِهِ ولا مَطَر؛ ولو سلَّمْنَاه فما معنى قوله: أَرَاد أَلا يُحْرِجَ أمته؟ فإِنَّ الواجبَ عليه أَنْ يقول: إِنَّما جُعِل ¬

_ (¬1) قلت: وهذا يدل على أن عنوان التأخير والتعجيل، كان معروفًا عندهم في الجمع الصوري دون الوقتي، كما قال الشيخ رحمه الله تعالى.

13 - باب وقت العصر

لأجلِ المرض، وأَقَرَّ الحافظُ رحمه الله تعالى أَنَّ الجَمْعَ فيه على نظر الحنفية، وفي كتاب الصلاة للحافظِ شمس الدين السَّخاوي: أَنَّ وفدًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فَجَمَعَ بين الصَّلاتين لأجلهم في المدينة، وهذا صَرِيحٌ في أَنَّ الجَمْعَ لا للمرض كما أَوَّل به النَّووي. قوله: (فقال أيوب: ولعلَّهُ في ليلةٍ مَطِيرَةٍ) ولعلَّ هذا الاحتمال من راوٍ تحته، وإلا فقد عَلِمْتَ مِنْ مسلم أَنَّ ما فَهِمَهُ تلميذ ابن عباس رضي الله عنهما هو الجَمْعُ الصُّوري، كما ذهب إليه الحنفية، فلا بُدَّ أَنْ يكونَ ما في البخاري احتمالا مِنْ راوٍ آخر في ابتداءِ السند. 13 - باب وَقْتِ الْعَصْرِ وقال أبو أسامة عن هشام: من قعر حجرتها. 544 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ حُجْرَتِهَا. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ مِنْ قَعْرِ حُجْرَتِهَا. أطرافه 522، 545، 546، 3103 - تحفة 16765، 16833 أ ولقد عَلِمْتَ الخِلافَ فيه، أَمَّا الخلافُ في الاستحباب فَذَهَب الحنفيةُ إلى استحباب التأخيرِ، وهو ظاهرُ القرآن، واستدلّ به العيني، وأَظُنُّ أَنَّ أصله من الحافظ قُطْبِ الدين الحلبي أو من الحافظ علاء الدين الحنفي شيخ شيخ الحافظ رحمه الله تعالى (¬1). قال تعالى: {وسَبِّح بحمدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمسِ وقَبْلَ الغُروب} [ق: 39] فجعل الفَجرَ قَبْلَ الطُّلوع، والعصر قَبْلَ الغُروب، ومعلومٌ أَنَّهم لا يمادون في العْرْفِ بطلُوعِ الشَّمس وغُرُوبِها، إلا ما كان أقرب إليه، فإِذا قلت: آتيك قبل الغروب، ثُمَّ أتيته بعد الطُّلوع تعد غَمْرًا وجاهلا، وإنْ كنت صادقًا في قولك فإِنَّك إذا جئت بعد الطُّلوعِ، فقد جئت قَبْلَ الغروب لا مَحَالة، وما ذلك إلا لأنَّ هذا التعبيرَ عندَهُم للإِتيان قُبَيل الغروبِ، فلا يَنتظرونَكَ إلا في هذا الوقت، فلو كان العصرُ بعد المِثْلِ الأوَّل لم يلطف قوله: «قبل الغروب» كما لَطَف إذا صليتها قُبيل الاصفرار والشمس حية، فكأنَّه لم يَبْقَ بعدَها إلا الغروب (¬2). ويؤيدُه النَّظَر الفقهي أيضًا، لأنَّ الشريعةَ قد نَهَتْ عن التَّطوعِ بعد هاتينِ الصَّلاتَين فلا صلاةَ بَعْدَ الفَجْرِ حتى تَطْلُع، ولا صلاةَ بعد المغرب حتى تَغْرُب الشمس، ففي تأخيرهما توسيع في التطوعاتِ، وفي التَّعجِيل تضييق لها. وأَخْرَج الطَّحاوي عن أبي قِلابة أَنَّها سُمِّيت العصر، لأنَّ سبيلها أَنْ تَعْصِر. فَدَلَّ على التأخير وعلى أَنَّ الأوقات متروكة على العُرف عندهم، ولا تحديد فيها فوقه. وعن عُمر كَتَبَ إِلى عُمَّالِه: «صلُّوا العصرَ والشمس مرتفعة بيضاء نَقِية قَدْرَ ما يسيرُ الراكب فرسخين أو ثلاثةً». ¬

_ (¬1) قلت: والتردد مني اهـ. (¬2) قلت ومن العجائب ما ورد عند أبي داود عن خيثمة قال حياتها أن تجد حرها فاحفظه اهـ.

وعن أَبي هريرة أَنَّه لم يُصَلِّ العصرَ حتى رأينا الشمسَ على رَأْسِ أَطْوَل جبلِ المدينة، وهو الوقت الذي ذهب إليه الحنفية (¬1). 544 - قوله: (والشمسُ لم تَخْرُج من حُجْرَتِها) قال الطحاوي: إنَّ الشَّمسَ لم تكن تَخْرج من حُجْرتِها إلا بقرب غروبِها لقصر حجرتها، فلا دَلالة فيه على التعجيل. وَرَدَّ عليه الحافظُ رحمه الله: بأَنَّه قد عُرِفَ بطريق الاستفاضة، أَنَّ حُجُرَهنَّ لم تكُن مُتَّسِعَة، ولا يكون ضوءُ الشمسِ باقيًا في قَعْرِ الحُجْرة الصغيرةِ إلا والشمس مرتفِعَة، وإلا متى مالت جدًا ارْتَفَع ضوؤها عن قَاعِ الحُجْرَةِ ولو كانت الجُدر قَصِيرة. وَرَدَّ عليه الحافظُ العيني وقال: لا فَرْقَ بين الحُجْرة الضيقة العَرْصة ومتسعتها بعدما كانت جدرانُها قصيرة أَنَّ الشمس لا تَحْتَجِب عنها إلا عند الغروب، وهذا الفَرْقُ إنَّما يمكِنُ عند ارتفاعِ الجُدْرَان (¬2). ثُمَّ إِنَّ سِيَاقَ حديث أنس رضي الله عنه - عند الترمذي - لا دِلالة فيه على التعجيلِ فوقَ ما أَرَدْنَاهُ ووفِقَ ما أَرَادُوه، لأنَّه كان ابتُلي بزمن الحجاج، وكان الحجاج يميتُ الصَّلوات، ويُؤَخِّر صلاةَ الظُّهر إلى وقت العصر، حتى إنَّ الصَّحابة كانوا يُصلُّون العصر إيماءً كما ذكره العيني رحمه الله. وإِمَّا أنس رضي الله عنه فلم يَكُنْ يَدْخُل في صلاته، فإِذا جاءه أَحَدٌ ممن كان صلَّى معه في آخرِ وَقْتِ الظُّهر، رآه يتهيأ للعصر فكان تعجيله لأَمانته وإلا فقد يرويه هو عند النَّسائي، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم يُصلِّي بنا العصر والشمسُ بيضاء محلقة. فَفَكِّرْ في لفظ التحليق، هل يفيدُ التأخير الذي أَرَدْنَاه أو التعجيل الذي أَرَادُوه؟. 545 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ ¬

_ (¬1) قلتُ: والذي يَظْهَر أنَّ أَمَر التَّعجيلِ مع هذا التأكيدِ والتهديد، إنَّما وَرَدَ في العصرِ لاشتماله على الوقتِ المكروهِ، فمحَطُّه التحذير، أَلَّا يلقيها بالتأخير في الوقت المكروه، فيلحق بالمنافقين، دون التحريض بأداء الصلاة في أول وقتها، فافهمه مِنْ فِطرتِك هل يُناسِب في مثلِهِ التحريض بأوَّل الوقت أَو لا. وهل ذلك لأجل التحرز عن صلاةِ المنافق أو استحباب أول الوقت. وأمعن النَّظر في أَصْرَح حديث فَهِمُوهُ حجةً للتعجيل، عن أنس عند البخاري وهو أبسط عند أبي داود، وفيه: دخلنا على أنس بن مالك رضي الله عنه بعد الظُّهر، فقامَ يُصلِّي العصرَ، فلمَّا فَرَغَ من صلاتِه ذَكَرْنَا تعجيلَ الصَّلاة أو ذكرها، فقال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "تلك صلاةُ المنافقين تلك صلاةُ المنافقين تلك صلاةُ المنافقين، يَجْلِسُ أَحَدُهم حتى إذا اصفرَّت الشمس فكانت بين قرني الشيطان أو على قرني الشيطان قام فنقر أربعًا لا يذكر الله عز وجل فيها إلا قليلًا". انتهى. إنَّه هل قصد بالتعجيلِ أمرًا وراء صيانة صلاتِه عن التشبُّهِ بصلاةِ المنافقين، وهل عندَهُ أمرٌ في التعجيل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير تلك الصِّيانَةِ؟ ولَسْنَا ننازِعُك فيه، بل نَكِلُهُ إليك، فانْظُره مِنْ نفسك تجِد المعنى؟. (¬2) قلتُ: وبَلَغني عن مشايخنا أنَّ هذا التفصيلَ فيما كان الكلامُ في الضَّوءِ المنبسِط في الحُجْرَة، أمَّا الداخل من الباب، فلا يَنْقَطِع عنها إلى الغروب قطعًا، بل كُلَّما تَضَيَّفت الشمس للغروب ازداد هذا الضوء، وذلك لأنَّ البابَ كان قريبًا يدخل منه الضوء.

14 - باب وقت العصر

رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِى حُجْرَتِهَا، لَمْ يَظْهَرِ الْفَىْءُ مِنْ حُجْرَتِهَا. أطرافه 522، 544، 546، 3103 - تحفة 16585 546 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى صَلاَةَ الْعَصْرِ وَالشَّمْسُ طَالِعَةٌ فِى حُجْرَتِى لَمْ يَظْهَرِ الْفَىْءُ بَعْدُ. وَقَالَ مَالِكٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَشُعَيْبٌ وَابْنُ أَبِى حَفْصَةَ وَالشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ. أطرافه 522، 544، 545، 3103 - تحفة 16440، 16685، 16484، 16614، 16597 547 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلاَمَةَ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِى عَلَى أَبِى بَرْزَةَ الأَسْلَمِىِّ، فَقَالَ لَهُ أَبِى كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الْمَكْتُوبَةَ فَقَالَ كَانَ يُصَلِّى الْهَجِيرَ الَّتِى تَدْعُونَهَا الأُولَى حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ، وَيُصَلِّى الْعَصْرَ، ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إِلَى رَحْلِهِ فِى أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ - وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِى الْمَغْرِبِ - وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ الَّتِى تَدْعُونَهَا الْعَتَمَةَ، وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا، وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلاَةِ الْغَدَاةِ حِينَ يَعْرِفُ الرَّجُلُ جَلِيسَهُ، وَيَقْرَأُ بِالسِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ. أطرافه 541، 568، 599، 771 - تحفة 11605 547 - قوله: (تَدْعُونَها الأُولى) وإنَّما سُمِّيَت أُولى لِكَونِها أَوَّل صلاة أمَّ فيها جبريل عليه السَّلام، ولهذا بدأ محمد رحمه الله تعالى كتاب المواقيت من وقت الظُّهر على خِلاف دَأْبِ المتأخرين. قوله: (التي تَدْعُونَها العَتَمَة) لأنَّها كانت اسمًا لها في الجاهلية، وهي العشاء في الإِسلام. قوله: (وكان يَكْرَهُ النَّوم) لأجلِ خَطَرِ الفَوات. قوله: (والحديثَ بَعْدَها) لأنَّ الشريعةَ أرادت أَنْ تكونَ الفاتحة والخاتمة على الخير، فاستحْسَنَت أَلا ننامَ إلا على العبادة، ولا نشتغل بعد الاستيقاظِ بشيءٍ إلا بالعبادة. 548 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّى الْعَصْرَ ثُمَّ يَخْرُجُ الإِنْسَانُ إِلَى بَنِى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَنَجِدُهُمْ يُصَلُّونَ الْعَصْرَ. أطرافه 550، 551، 7329 - تحفة 202 549 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ صَلَّيْنَا مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الظُّهْرَ، ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَوَجَدْنَاهُ يُصَلِّى الْعَصْرَ فَقُلْتُ يَا عَمِّ، مَا هَذِهِ الصَّلاَةُ الَّتِى صَلَّيْتَ قَالَ الْعَصْرُ، وَهَذِهِ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الَّتِى كُنَّا نُصَلِّى مَعَهُ. أطرافه 550، 551، 7329 - تحفة 225 - 145/ 1 14 - باب وَقْتِ الْعَصْرِ 550 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ حَيَّةٌ، فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى

15 - باب إثم من فاتته العصر

الْعَوَالِى فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، وَبَعْضُ الْعَوَالِى مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ أَوْ نَحْوِهِ. أطرافه 548، 551، 7329 - تحفة 1495 551 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّى الْعَصْرَ ثُمَّ يَذْهَبُ الذَّاهِبُ مِنَّا إِلَى قُبَاءٍ، فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ. أطرافه 548، 550، 7329 - تحفة 1531 550 - قوله: (فيذهَبُ الذَّاهِبُ) ... الخ. ولا بَأْسَ أَنْ تكونَ الصَّلاة ههنا بِتَعْجِيلٍ يسير، وهناك بتأخيرٍ كذلك، والفاصلة بقَدْرِ ميل. قوله: (العَوَالي) تسمى العُمْرانات التي في شرق المدينة بالعَوَالي، والتي في جانب غربها بالسَّوَافِل. وحاصل الحديث: أنهم كانوا يُصلُّون العصرَ في المسجد النبوي، ثُمَّ ينتشرون إلى القرى في عوالي المدينة، فَيَأْتُونَها والشمسُ مرتفعة، وهذا لا يدلُّ على تأخيرٍ فوق ما أراده الحنفية، فإِنَّه مما يَتَيسر على طريقنا أيضًا. 15 - باب إِثْمِ مَنْ فَاتَتْهُ الْعَصْرُ 552 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الَّذِى تَفُوتُهُ صَلاَةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ». تحفة 8345 قال أبو عبد الله: {يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 35]، وترت الرجل: إذا قتلت له قتيلًا، أو أخذت له مالًا. واختلفوا في تفسير الفوات، فقيل: فوات الجماعة، وقيل: دخولُها في الاصفرار كما فَسَّر به الأَوْزَاعي (¬1) عند أبي داود قال: وذلك أَنْ تَرَى ما على الأرضِ مِنَ الشمسِ صفراء، وقيل: الغروب. ومَنْ فَسَّرَهُ بفواتِ الجماعة، فنظره أنَّ الصَّلاةَ بدون الجماعة كأنَّها لا يُعبأُ بها عند الشرع، فإِذا فاتته الجماعة وكأنَّما فاتته العصر. والوجه عندي أنَّ الأحاديث لمَّا وردت بالوعيد على كلَ مِنْ هذه الأوصاف، جعلوها تفسيرًا للفواتِ مع أَنَّ كله مستقل برأسه، ومضمون على حياله، لا أنَّها تفسير له. وما تحقق عندي أَنَّ الفواتَ يبدأ مِن الاصفرار وينتهي بالغروب، فإِذا غَرَبَت الشمسُ، فقد فاتَت بجميع مراتبها، فهذا الفَوات هو الكامل. ¬

_ (¬1) وهو إمامٌ جليل القَدْرِ، أصغر من الإِمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى، فإنَّه لقي أنسًا رضي الله عنه بلا خلاف، وادَّعى العيني رحمه الله تعالى أنَّه لقي ستةً أو سبعة، وتَعَقَّبَ عليه العلامة القاسم بنُ قُطْلُوبُغا وهو تلميذُ الحافظ ابن حجر، وابن الهُمام رحمهما الله تعالى، وقال: إنه لم يَثْبُت لقاؤه إلا مِن أنسٍ رضي الله عنه، أما الأوزاعي فلم يَرَ أحدًا من الصحابة رضي الله عنهم، نعم هو أسنّ من الإمام مالك رضي الله عنه. كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز، عن كلام الشيخ.

16 - باب من ترك العصر

552 - قوله: (وُتِرَ أهلَهُ (¬1) ومالَهُ) والموتور: هو الذي قُتل له قَتيلٌ فلم يُدْرِك بقصَاصِه ولا دِيَتِهِ. ثُمَّ قيل: ما وجه تخصيص الوتر بالعصر؟. وأجيب: بأنَّه لا اختصاصَ به، والحديثُ قد وَرَدَ في كلها في مواضعها، ويمكِنُ أَنْ يكونَ خَرَجَ على جوابِ سائلٍ، فلا يَدلُّ على التخصيصِ. قال شارحُ الجامعِ الصغير للسيوطي (¬2): إِنَّ الجماعةَ آكد في الفجر والعشاء، لكونِهما أَثْقَلُ الصَّلواتِ على المنافقين، وإِن العصر أفضلُها، وحينئذٍ يَظْهَرُ وجه التخصيص، ولابِدْعَ في تفاوت مراتب الفرض مع تساويها في وَصْفِ الفَرْضِيَّة كالجمعة، فإِنَّها آكد الفرائض كما صَرَّح به ابنُ الهُمام في «الفتح» وقد مرَّ. قلتُ: وأصابَ هذا القائل إلا أنَّه متأخر، ومثل هذا الدعوى ينبغي أَنْ ينقل من المتقدمين. ثُمَّ لا أَدْرِي أَنَّ الوعيد في فواتِ العصر لكونها أَفْضَل الصلوات كما قال هذا القائل، أو لكونِ وقْتِها مشتملا على الوقت المكروه؟ وأمَّا البخاري فلم يَحْكُم بكونها أفضل الصَّلوات وبوب بفضلها فقط، فقال: باب فضل صلاة العصر. 16 - باب مَنْ تَرَكَ الْعَصْرَ 553 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَبِى الْمَلِيحِ قَالَ كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ فِى غَزْوَةٍ فِى يَوْمٍ ذِى غَيْمٍ فَقَالَ بَكِّرُوا بِصَلاَةِ الْعَصْرِ فَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ». طرفه 594 - تحفة 2013 فَرْقٌ بين الفوات والترك: فالفوات ما لم يَكُن عن عَمْدٍ، والترك ما كان عمدًا، ولذا عُوقِبَ به بحَبْط العمل، فالحَبْط مِنْ المصائبِ التي جاءت على عمله، والوترُ من وارادات الخارج. ¬

_ (¬1) قال الطحاوي: فكأَنَّ معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فكأنما وُتِرَ أهلَهُ ومالَهُ" بمعنى كأنَّما نقص أهله وماله من قوله تعالى: {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 35] أي ينقصكم أعْمَالكم، وكذلك حدثنا وَلَّاد النحوي عن المصادري عن أبي عبيدة وفي ذلك ما قد دلَّ أَنَّه لم يكن بذلك كافرًا وإن كان ما قد نَقَصَهُ من ذهاب إيمانه أكثر مما نَقَصَهُ من ذهاب أهله وماله، وكان القصد إلى ذكر ذلك لا إلى ذكر أهله وماله. وبالله التوفيق. "مشكل الآثار". وقال الخطَّابي: معنى وُتِرَ: أي نقِصَ أو سُلِبَ فبقي وترًا فردًا بلا أهل ولا مال، يريد فليكن حذره من فوتها كحذره من ذهاب أهله وماله "معالم". (¬2) وللجامع الصغير ثلاثة شروح: الأول: للملا عبد الرؤوف الشهير بالسِّراج المنير وهو في ثمان مجلدات، وقد جاء مجلد منها مطبوعًا إلينا. والثاني: للعلْقَمي. والثالث: للعزيزي، وكون العصر أفضلها وكذا كون الجماعة آكد في العشاءين في الأخير منها. قلتُ: أما كون الجماعة آكد في العشاء فلعلَّه أَخَذَهُ من حديث عند أبي داود في تخلف المنافقين عن الجماعة، أَنَّهم لو وجدوا مرماتين حسنتين لحفروهما -بالمعنى- فكأنَّ الآكدية لهذا. كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز عن الشيخ.

17 - باب فضل صلاة العصر

وفي الحديث أَنَّ الأولين قصروا في صلاة العصر، وعن عليّ رضي الله عنه أَنَّ المرادَ منه سليمان عليه الصَّلاة والسَّلام. قلتُ: وإذا ثَبَتَ عند مُسْلِم: «أَنَّها صلاةٌ كانت عُرضت على بني إسرائيل، فقصَّروا فيها، فإِن أتممتم فلكُم الأجرُ مرتين» - بالمعنى - فأيُّ حاجة إلى حَمْلِه على نبي من الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام فالأَوْلَى أَنْ يراد به مطلق الأمم، وقد فاتت عن النبي صلى الله عليه وسلّم أيضًا في غزوة الخندق. وحمله الحنفية على عذر المسايفة. الشافعية رحمهم الله على عَدَمِ نزولِ صلاة الخوف. والمالكية على عدم الوضوء. والله تعالى أعلم. 17 - باب فَضْلِ صَلاَةِ الْعَصْرِ 554 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةً - يَعْنِى الْبَدْرَ - فَقَالَ «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لاَ تُضَامُّونَ فِى رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا». ثُمَّ قَرَأَ (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ). قَالَ إِسْمَاعِيلُ افْعَلُوا لاَ تَفُوتَنَّكُمْ. أطرافه 573، 4851، 7434، 7435، 7436 - تحفة 3223 554 - قوله: (لا تضامُّون) وهو من الضم بمعنى لا تَزْدَحِمون. وفي رواية: من الضَيْم بمعنى الظُّلم أي لا يَحْرُم عن رؤيته أحدٌ أحدًا. وتلك الرؤية إنَّما تكون رؤيته للتجليات عندي دون رؤية عن الذات، كما اختاره الشيخ الأكبر رحمه الله، وقَسَّمَها إلى رؤية شمسية ورؤية قمرية، ثُمَّ لم يفسرها (¬1). ثُمَّ إنَّ رواية التجلي هي التي تسمى برؤية الذات؛ ألا تَرَى أَنَّكَ إذا رأيتَ اللَّهَ - جلَّ سبحانه - في منامك تقول: إنك رأيت ذاته مع أنَّك ما رأيت ذاته المباركة، بل نظرت إلى نحو تجلي فقط؟. ولا تنسب إليَّ ما لم أقله. فإِنِّي لا أُنْكِرُ الرؤية، ولكن أريدُ البحث في أَنَّ حقيقةَ الرؤيةِ هي رؤية الذات أَوْ ماذا؟ فالله سبحانه وتعالى يَتَجَلَّى لعباده يومَ الحشر على نحو ما تجلَّى لموسى عليه الصَّلاة والسَّلام فقال: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّا} [الأعراف: 143] مع أنَّه كان سَأَلَهُ عن رؤية ذاتِه تعالى فتجلَّى له، وذلك لأنَّ رؤية ذاته تعالى لا تكون إلا بالتجلِّي، وفي ضمنِه تنكشف الذات أيضًا على ما تليق بشأنها، وتلك التَّجلِّياتِ لا نهاية لمراتبها، فالله سبحانَه وتعالى يَعْلَم أنَّه كيف يَتَجَلَّى، ولكن تجلِّيه هو عبارةٌ عن رؤيتِه، وقد مرَّ تقريره في أوائلِ الكتاب شيئًا في شرحِ الحديث الثاني، وهذا على مختارِ الشيخ الأكبر رحمه الله تعالى. وراجع «الفتاوى للشاه عبد العزيز» رحمه الله تعالى؛ فإِنَّه تكلَّم جيدًا في هذا الموضوع. ¬

_ (¬1) وسيجيء عن بعض المحققين في ذيل شرح التجلي، أَنَّها إيماء إلى لفظِ الحديث، ففي لفظ: "فترونَهُ كما تَرَوْنَ هذا القمر لا تضامُّون في رؤيتِه" وفي أُخْرى "الشمس" بدل القمر فسمَّاهما رؤية شمسية وقمرية، ثُمَّ اللهُ تعالى أعلم ما الفَرْقُ عنده بينهما؟.

ثم إنَّه فَرْقٌ بين التجلِّياتِ ونحو الوجه واليد والعين، لأنَّ التَّجلِّيات صُوَرٌ مخلوقة - أُقيمت بين العَبْدِ وربهِ، لتعريفه إياه - وآثارٌ لأفعاله، بخلافِ الوجهِ وغيرِه، فإِنَّها من مبادىء الصفاتِ، وليست منفصلة عنه انفصال التجليات. وإنَّما عبَّر عن تلك المبادىء عن ألفاظٍ مختلفة، لاختلاف أفعالها فيما بعد، فَوَضَعَ لها أَلفاظًا كذلك تنبيهًا على هذا المعنى، وهي في الحقيقة من متعلَّقات الذات لا مغايرة عنها. وسمَّاها البخاري شؤونًا والله تعالى أعلم بحقائق الأمور. ومن ههنا تبين أَنَّ الاهتمام بها إِنَّما هو لكونِها دخيلا في رؤيتِه تعالى، وعند الدارقطني وقوَّاه أَنَّ النساء تحصل لهن الرؤية في العيدين، ولذا أُمِرْن أن يَحْضُرْنَ العيدين، وهو معنى قولها: «أليست تَشْهَدُ عرفة» تعني به أَنَّ المقصودَ بحضورهنَّ المُصلِّى هو الشهودُ فقط كما في عرفة، وفي (¬1) الأحاديث أَنَّ بعضهم يَرَى ربه في هذين الوقتين كل يوم (¬2). 555 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِى صَلاَةِ الْفَجْرِ وَصَلاَةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ بِهِمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِى فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ». أطرافه 3223، 7429، 7486 - تحفة 13809 - 146/ 1 555 - قوله: (يتعاقبون فيكم ملائكةٌ بالليل) ... الخ. وهو على حد قولهم: أكلوني البراغيث. فالواو علامة للجمع، وليست ضميرًا، والعُقْبَة، أي النَّوبة. واختلف في أَنَّهم الحفظة أو السَّياحون، والطوافون في الأرض، والذين يَطْلُبون مجلس الذكر. فإِنْ قلتَ: وليس فيه ذِكْرُ الطائفة الأخرى، الذين جاءوا في العصر. قلتُ: وهو موجودٌ مفصلا عند النَّسائي، واختصره الراوي ههنا، وراجع رواية الصحيح لابنِ خزيمةَ، ففيه ذِكْرُ السؤالِ مِنَ الطائفة الأخرى أيضًا، فلا يُقال: إنَّه لِمَ اقتصر فيه على سؤالِ الذين باتوا دون الذين ظلُّوا. وسياقه على ما أخرجه الحافظُ رحمه الله تعالى في «الفتح»: ¬

_ (¬1) وفي الجامع الصغير: أنَّ الله تعالى يَتَجَلَّى لعبادِهِ المقرَّبين كلَّ يومِ مرتين، وفيه أنَّه يتلو عليهم القُرآن. -بالمعنى- وصححه السيوطي على الهامش، ودَلَّت القرائنُ أَنَّ هذا الحُكم من جانبه، وإذا لم يَبْلُغُ إلينا فيه كلام ممنْ هو أَقْدَم منه، نعتمد بتصحيحه، فإنَّه عالمٌ جليلُ القَدْرِ، وإنْ لم يكُن كالحافِظِ ابنِ حجر رحمه الله تعالى. وعند الترمذي في بابِ سوق أهل الجنة: "إنَّ أَهلَ الجنة يُؤْذَنُ لهمِ بالزيارة في مِقْدَار يوم الجمعة مِنْ أيام الدنيا" الحديث. وأخذتُ منه أَنَّه لذا فُرِضَتِ الجمعة في الدنيا، كأنَّه تذكار لما يجتمعون في الآخرة. وفي "عقيدة السَّفارِيني" عن الدَّارَقُطْني: أنَّ الرؤية للنساء تكون في العيدين، إلا أني لم أجده في الدَّارَقُطْني في نسخة بأيدينا، وله نسختان فلعله يكونُ في الأخرى. وهكذا يكونُ في النقول عن النَّسائي، فإنَّ الحديث قد يكونُ في الكبرى، والنَّاسُ يطلبونَهُ في الصغرى، فإذا لم يجدوه تَحَيَّرُوا. كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز عن الشيخ. (¬2) وعند الترمذي في باب رؤية الرَّبِّ تبارك وتعالى في حديث ثُوَيْر: "وأكرمهم على اللهِ من يَنْظُر إلى وجهه غدوةً وعشيًا". وفي رواية جرير: "فإِنِ استطعتُم أَلَّا تغلبوا على صلاةٍ قَبْل طُلوعِ الشمسِ وصلاة قبل غروبها فافعلوا".

تجتمع ملائكةُ الليل وملائكة النَّهارِ في صلاة الفجر وصلاة العصر، فيجتمعون في صلاة الفجر، فتصعَدُ ملائكةُ الليل، وتثبتُ ملائكة النَّهار، ويجتمعونَ في صلاةِ العصر، فتصعَدُ ملائكةُ النَّهارِ، وتثبتُ ملائكةُ الليل، فيسألهم ربهم: كيف تركتم عبادي؟ فهذه الرِّواية تَنْفي كثيرًا من الاحتمالاتِ، فهي معتمدةٌ، ويحمل ما نَقَصَ منها على تَقصيرِ بعض الرواة. انتهى مع تغيير. فإنْ قلتَ: إنَّه ينبغي التعاقب في المغرب مكان العصر، فإِنَّ الطَّرَف الآخر من النَّهارِ، وهو المغرب. قلتُ: وهذه اعتباراتٌ، فعدُّ المغرب ههنا من الليل، والعصر من الطرف الآخر، باعتبارِ أَنَّ النَّهار الشرعي يبتدأُ من طلوع الفجرِ، لا من طلوع الشمس، وينتهي بالعصر لا بالغروبِ، على خلافِ النَّهارِ العُرفي، والصَّلاةُ بعدها مكروهةٌ، فينسد الدفتر فينبغي أَنْ تعتبَر العصرُ آخرًا بهذا الاعتبار أيضًا. قوله: (تركناهم وهم يصلون (¬1)) وهل الملائكة يقتدون في الفجر أو لا؟ فلي فيه تردد ففي «الموطأ» لمالك رحمه الله تعالى عن سعيد بن المسيب أنَّه كان يقول: «مَنْ صلَّى بأرضٍ فَلاةٍ صلَّى عن يمينِه مَلَكٌ وعن شمالهِ ملكٌ، فإِنْ أَذَّنَ وأَقَامَ الصَّلاة صلَّى وراءه مِنَ الملائكةِ أمثال الجبال انتهى. فيمكنُ أَنْ يُقال إِنَّ اقتداءهم إذا ثَبَتَ في صلاةٍ ثَبَتَ في جميع الصَّلوات إِلا أَنَّ قولَه تعالى: {إِنَّ قُرْءانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] ليس بصريح في الاقتداء، لأن الشهودَ يمكن أَنْ يكون كما مَرَّ في قولها: «أليست تشهد عرفة» وقوله: «يشهدن دعوة المسلمين». ولذا بَحَثْتُ هناك أَنَّ الشهود يُطْلَق على غير الاقتداء أيضًا، وكذا قوله في الجمعة: «إذا قَعَدَ الإِمامُ على المنبر طووا الصحف وجلسوا يستمعون الذكر». لأنَّه ليس فيه ذِكْر اقتدائهم، فإِنْ كان إطلاقُ الشهودِ على مطلق الحضُور فقولهم: تركناهم وهم يصلون، ظاهر. وإِنْ كان على الاقتداء فلا يَصْدق قولهم إلا باعتبارِ الجنس يعني تركنَاهُم أي الذين ما كنَّا مقتدين بهم دون الذين اقتدينا بهم أو يُحْمَل على المَسْبُوقِ وغيرهم. قلتُ: ولي ههنا إشكالٌ آخر في عبارة البخاري وهو أَنَّه لِمَ خَصَّصَ الحديث المذكور بترجمةِ فَضْل العصر مَعَ اشتمالِهِ على فَضْل الفجر أيضًا، ثُمَّ إذا بَوَّبَ على فَضْل الفجر لَمْ يُخْرجه هناك، وتلا قوله تعالى: {إِنَّ قُرْءانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} فلعلَّه حَمَلَهُ على فَضْل العصر فقط، لأَنَّ حُضُورَهم في الفجر يُمْكِنُ أَنْ يكون مَحْمُولا على كونِها طرفًا من النَّهار بخلاف العصرِ، فإِنَّ الحضور فيها لِفَضْلِها في نَفْسِها لا لكونها طرفًا من النَّهار، فإِنَّ طرفه في الحس هو المغرب، فلو حضروا من أجل كونِها طرفًا لحضروا في المغرب دون العصر (¬2). ¬

_ (¬1) قُلتُ: وفي المقام أَبحاثٌ شريفة، ولطائف غريبة، ذكرها العيني فمن شاء فليرجع إليه. (¬2) ولا يَرِدُ عليه أنه قرر العصر فيما مر طرفًا، لأنهما نظران ومن ليس له نظر ليس عنده خبر ثم آخر ما سمعته في جوابه عنه أَنَّه بَوَّبَ عليه بفَضْلِ العصر دفعًا لما عَرَا لبعض العلماء مِنْ أَنَّ التعاقبَ لعلَّهُ يَخْتَص بالفجر، كما قال تعالى: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} فأشارَ الإِمام إلى دَفْعِ هذا التوهم، وبَوَّبَ عليه بفَضْل العصر، فالتعاقُب في الفجر ثابتٌ بالنَّص، وفي العصر بالحديث، ولذا لم يخرجه في باب الفجر، لأنَّ فضلها والتعاقب فيها كان ثابتًا بالنَّص، فاكتفى بقوله تعالى: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}.

18 - باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب

فإنْ قلتَ: إذا كان التعاقبُ فيها فما نكتة تخصيص الفَجْرِ في النَّص قلتُ: لِكَونِ القراءة فيها جَهْرِيَّة فكان ذِكْرُ الملائكةِ أهم لدَلالتِه على شِدَّةِ اشتياقهم وشَغَفِهم باستماع القرآن، ولي جزم بأنَّهم يَشْهَدُون صلاةَ الجماعةِ دون المنفرد. 18 - باب مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ 556 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلاَتَهُ، وَإِذَا أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلاَتَهُ». طرفاه 579، 580 - تحفة 15375 قال النَّووي: هذا دليلٌ صريحٌ في أَنَّ مَنْ صلَّى رَكْعَة مِنَ الصُّبح أو العصرِ ثُمَّ خرجَ الوقتُ قَبْلَ سَلامِهِ لا تَبْطُل صلاتُه، بل يُتِمها وهي صحيحة، وهذا مُجْمَعٌ عليه في العصر، وأمَّا في الصُّبح فقال به مالك، والشافعي، وأحمد رحمهم الله تعالى. والعلماء كافة إلا أبا حنيفة رحمه الله تعالى فإِنَّه قال: تَبْطُل صلاة الصبحِ بطُلُوعِ الشمس فيها، لأنَّه دَخَلَ وقتُ النَّهي عن الصَّلاة بخلاف غروب الشمس. والحديثُ حجة عليه. انتهى. واعلم أنَّ الشمس إنْ طَلَعت أو غَرَبَت في خلال الصَّلاة، فالصَّلاة جائزةٌ عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: تصح عصر اليوم خاصة، أمَّا الفجر فتتحول نفلا عند الشيخين. وهذا معنى ما في المتون من فسادها. وقال محمد رحمه الله تعالى: إِنَّها باطلةٌ أصلا. وفي رواية شاذة عن أبي يوسف رحمه الله تعالى: أنها تصح فريضة وسبيلُها أَنْ يُمسك عنها عند الطُلوعِ مراقبًا للشمس، فإِذا رأى وقت الكراهةِ قد خرج يُتم ما بقي. والحديث يَرِد علينا إلا على تلك الرواية الشاذة. وأجاب عنه الطحاوي: أَنَّه وَرَدَ في المجانين إذا أفاقوا، والصبيان إذا بَلَغُوا، والنَّصارى إذا أَسْلَمُوا، والحُيَّضِ إذا طَهرن، وقد بقيَ عليهم من وقت الصُّبح مقدار رَكعة أَنَّهم لها مدركون. انتهى. فمعنى قوله: (أَدْرَك) أي لزمه القضاء دون البناء. والعجب من الحافظِ رحمه الله تعالى حيث رد عليه بما رَدَّ الطحاوي نفسه في كتابه، قال الحافظ رحمه الله تعالى: وللبيهقي من وجه آخر: «مَنْ أَدْرَك رَكعة من الصبحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشمسُ فليصلِّ إليها أخرى». ويُؤْخَذُ من هذا الرد على الطحاوي حيث قال: الإِدراك باحتلام الصبي، وطُهْر الحائض، وإسلامِ الكافر، ونحوها، وأَرادَ بذلك نُصْرَة مذهبه في أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ من الصبح رَكعة تَفْسد صلاتُه لأنَّه لا يكملها إلا في وقْتِ الكراهة. انتهى كلام الحافظ رحمه الله تعالى. مع أَنَّ الطحاوي بعد سَرْدِ جوابه أَورَدَ عليه بعين ما أَوْرَدَ به الحافظ رحمه الله تعالى ما نصه هكذا: فكان من الحجة عليهم - أي الذين أخذوا الإِدراك بمعنى اللزوم دون البناء - لأهلِ المَقَالةِ الأولى - أي الجمهور - ما قد حدثنا عن أبي هريرة عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلّم قال: «مَنْ أَدْرَكَ رَكعةً من صلاة العصرِ قَبْل أَنْ تَغْرُبَ الشمسُ فقد

تمت صلاته؛ وإذا أَدْرَك رَكعةً من صلاة الصبحِ فقد تمت صلاته». ففيما روينا ذِكْرُ البناء بعد طلوعِ الشمس على ما قد دَخَل فيه قَبْل طُلُوعِها انتهى. فالعجب من الحافظِ رحمه الله تعالى كل العجب أنَّه رَدَّ على الطحاوي ولم يَنْظُر إلى أنَّه رَدَّ عليه بنفسه بعد سطرين. ثُمَّ أقول: إنَّ الطحاوي ليس متفردًا فيه بل في «المدونة»: قال ابن وهب: وبلغني عن أُناس مِنْ أَهْلِ العلم أَنَّهم كانوا يقولون: إنَّما ذلك للحائِض تطهر عند غروب الشمس، أو بعد الصبح، أو النائم، أو المريض يفيق عند ذلك. على أَنَّه يمكِنُ تمشية جوابهِ على مسائِلنا أيضًا. ففي كُتبِ الأصول أَنَّ فخر الإِسلام رحمه الله تعالى والسَرَخْسي رحمهما الله تعالى اختلفا فيمن صار أهلا للصَّلاة في هذه الأوقات أَنَّه يُصلِّيها فيها أو يُمسك في الوقت المكروه. ثُمَّ يقضي بعدها؟ فقال واحد منهما أنَّه يصليها كذلك وصرَّح في «التحرير»، أنَّه ليست فيه رواية عن صاحب المذهب، فينفذ جواب الطحاوي على هذا القولِ بدون تمحل. أقول: في «الدر المختار» عن «القنية»: أنَّ رجلا لو صلَّى قبل الغروب، ثُمَّ ذهبَ بها إلى الغروب بالتطويلِ لم يُكْرَه عندنا، وهو رواية عن الشافعي رحمه الله تعالى، ومصنِّفه حنفي في الفقه ومعتزلي في الاعتقاد، فلا تُقْبَل تفرداته إلا أَنَّ هذه المسألة رأيتُها في «أصول البزدوي» لفخر الإِسلام أيضًا، فلم أجد مساغًا للإِنكار، وإِنْ كنتُ مترددًا فيها. وما اعْتذر عنه صاحب «التوضيح» بعذر الخُشوعِ والخضوعِ لا ينفع. وظاهر «الموطأ» أنَّه يصليها إذا أَدْرَكَها بتمامها قبل الغروب، لا كما في المتون أَنَّه يُصلِّيها ولو أَدْرَكَ رَكعة منها قَبْلَ الغروب، ثُمَّ يُتمها بعد الغروب. قال محمد رحمه الله تعالى في باب الرجل يَنْسَى الصَّلاة أو تَفُوتُه عن وقتها: وبهذا نَأْخُذ إلا أَنْ يَذكرها في الساعة التي نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم عن الصَّلاة فيها حين تَطْلُع الشمس حتى ترتفع وتَبْيَضَّ، ونصف النَّهار حتى تَزُول، وحين تَحْمَر الشمس حتى تغيب، إلا عصر يومه فإِنَّه يُصَلِّيها وإِنْ احمرَّت الشمس قَبْل أَنْ تَغْرُب. انتهى. والذي يظهر فيه أَنَّ الظاهر ما ذهب إليه محمدٌ رحمه الله تعالى. ولعلَّ فخر الإِسلام فرَّع على القولِ المرجوح، لأنَّهم اختلفوا في الصورَةِ المذكورة: أنَّ الكراهةَ في الفعلِ فقط، فحينئذ لو أَطَالَها إلى الغُروبِ لا تكون صلاته مكروهة. فاعلمه. ثم إني تتبعتُ مرادهم بصحةِ عصرِ اليومِ، أَنَّهم يأمرون بأدائها أيضًا أو قائلون بالصحةِ فقط. والوجدان يحكم أَنَّهم إذا قالوا بصحتها فلا بُدَّ أَنْ يحكم بأدائِها أيضًا، لأنَّه معاملة الصَّلاة فإِذا صَحَّت لا بُدَّ من أدائها ولم أجده مصرَّحًا في كتبهم. وينبغي أَنْ يكون الأمر للترغيب فقط. وقد عَلِمْتَ آنفًا أَنَّ الصحةَ فيما إذا أَدْرَكَها بتمامها قَبْل الغروب، لا كما في المتونِ، إِن أَدْرَكَ رَكعة قَبْل الغروب يُتم بعدها. فليحرر. وجملةُ الكلامِ أَنَّ الحديثَ لا يُفَرِّق بين الفَجْرِ والعصر، وظاهرهُ موافقٌ لما ذَهَبَ إليه الجمهورُ، وتفريقُ الحنفية باشتمالِ العصرِ على الوقْتِ النَّاقص دون الفَجْرِ عَملٌ بإحدى القِطعتين وتركٌ للأخرى بنحوٍ من القياس، وذا لا يَرِد على الطحاوي، فإِنَّه ذَهَبَ إلى النَّسخِ بالكُلِّية مِنْ

الأحاديث التي وَرَدَت في النَّهي عن الصَّلاةِ عند طُلوعِ الشمس وعند غُروبِها، إلا أنَّ المَعْرُوف مِنْ مَذْهَبِ الحنفية خلافه، فإِنَّهم قائلون في العصر بصحتِها كما في الحديث. وذَهَبَ ابنُ حَزْمٍ إلى عكسه، وقال: إنَّ أحاديثَ النَّهي مَنْسُوخةٌ كلُّها بحديث: «مَنْ أَدْرَكَ رَكعة ... » وعلى هذا لا حاجةَ إلى حَمْلِ حديث الإِدراكِ على صلاةِ النَّائم كما حَمَلَ عليه الشافعي رحمه الله تعالى بل لو تَعَمّدَه ينبغي ألا يكون عندَهُ بأْسًا فلم أَرَ جوابًا شافيًا عنه في أحد من كُتب الحنفية بعد. والذي سَنَحَ لي أَنَّ النَّاس حَمَلوا الحديثَ المذكورَ على المواقيتِ وهو عندي في حق المسبُوق، فيكونُ مفهومه على طريقهم: أَنَّ الرَّكعَة الأُخرى بعد ما طلعت الشمس أو غربت، فتجري فيه الخلافية. وأما على ما اخترتُ فمفهومه: أَنَّ الرَّكعة مع الإِمام ورَكعة أخرى بعده وكلتاهما في الوقت قَبْلَ الطلوع في الفجر، وقَبْلَ الغروب في العصر، فلا تجري فيه الخلافية المذكُورة. والدليل عليه: أَنَّ هذا الحديث وَرَدَ في أَرْبَعَةِ مَواضِع واتفق الكلُّ في الكلِّ أَنَّها في حق المَسْبُوق، واختلفوا في هذا فقط، فأَدْخَلُوه في مسأَلةِ الوقْتِ وهو عندي محمولٌ على نظائِرهِ. فالأول: الحديثُ العام الذي أَخْرَجَهُ مُسلم وغيره «فمن أَدْرَك رَكعة من الصَّلاة فقد أَدْرَك» ولا فَرْقَ بين هذا الحديث وحديث الباب، إلا أنَّه عامٌ لجميعِ الصَّلوات: الفجر والعصر وغيرهما سواء، وحديث الباب في حقهما فقط، ونُكتة تخصيصهما بالذِّكر اشتراكهما في بَعْض الأوصافِ، فلهُما دَخْلٌ في الرؤية، ولذا جمعهما الحديث أيضًا، فقال: «من صلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجنَّة». وقد جمعُهما القرآن في غيرِ واحدٍ من الآياتِ، كقوله: {وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39] واتفقوا في الحديث العام أنَّه في حق المسبوقِ قطعًا لِمَا عند مسلم من طريق آخر: «مَنْ أَدْرَكَ رَكعة مِنَ الصَّلاةِ مَعَ الإِمامِ فَقَدْ أَدْرَكَ» ففيه تصريح بكونِه في حق المسبوق. وإسنادُ هذين الحديثين واحدٌ، فأمكن أَن يدَّعي أحدٌ باتحاد الحديثين، عممه الراوي تارة وخصصه أخرى، فيكون مِنْ باب اختلافِ الرواة، أو اختلاف الراوي، تارةً كذا وتارةً كذا، ويكون القيد الثابت في واحدٍ ثابتًا في الآخر، فيكون كل منهما محمولا على المسبوق بالنَّص إلا أني حملتهما على أنَّهما حديثانِ، ثُمَّ قلتُ: إِنهما في حَقِّ المسبوقِ. والثاني: ما أَخْرَجَه النَّسائي في باب مَنْ أَدْرَك رَكعة من الصَّلاة: عن سالم أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم قال: «من أَدْرَكَ رَكعة من صلاة مِنَ الصَّلوات فقد أَدْرَكها إلا أنَّه يَقْضي ما فاته». وهذا صريحٌ أَنَّه في حق المسبوقِ، وفيه عن سالم عن أبيه قال: «من أَدْرَكَ رَكعة من الجمعة أو غيرِها فقد تمت صلاتُه» وهو أيضًا في حق المسبوق عندهم. والثالث: ما أخرجه أبو داود في باب يُدرك الإِمام ساجدًا كيف يصنع. وقد وقَعَ فيه الحديث المذكور قطعة منه عن أبي هريرة مرفوعًا: «إذا جئتم إلى الصَّلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدُّوها شيئًا، ومَنْ أَدْرَك الرَكعةَ فقد أدرك الصَّلاة». وأخرجه ابن حِبّان في «صحيحه» فعُلِم أَنَّه صحيحٌ عنده، وحَمَلهُ النَّاس على أَنَّ الرَّكعة فيه بمعنى الركوع، والصَّلاة بمعنى الرَّكعة وهو

عندي على ظاهرِه. وحاصله: أن مُدْرِك الرَّكعة يعدُّ مدركًا للصَّلاة في نظر الشرع، ومَنْ أَدْرَك ما دونها فإِنَّه لا يُعدُّ مُدرِكًا لها، وإِنْ أَدْرَكَ فَضْلَ الجماعة. والرابع: ما عند العيني عن الدَّارَقُطْني: «مَنْ أَدْرَكَ من صلاةٍ رَكعة قَبْل أَنْ يُقِيم الإِمام صُلْبَهُ فقد أَدْرَكها». فإِذا جعلوا هذه الأربعة في حقِّ المسبوق، جعلتُ حديث الباب أيضًا فيه، ثمَّ هو عندي مضمونٌ واحِدٌ، ذَكَرَهُ النبي صلى الله عليه وسلّم مِرَارًا في أوقاتٍ مختلفة بطُرُق مختَلِفة، فهي إذن أحاديث لا أَنَّها حديث واحد، والاختلاف مِنَ الرواة وإِنْ أمكن فيه دعوى الاتحاد لكنه خلاف الوجدان. ثم إنَّه قَدْ ظَهَرَ عندي بعد السبر، أَنَّ الشرعَ أَقامَ لذلك بابًا مستقلا، وعَدَّ مُدرِكَ الرَّكعة مُدْرِكًا للجماعة وكان مُهمًا، ولم يتعرض في موضعٍ إلى إجرَاءِ هذا الباب في المواقيت، فلم يَظْهَر لي بعدُ أَنَّ المُدْرِك لجُزْءٍ مِنَ الوَقْتِ مُدرِكٌ للوقت عنده أم لا؟ فإِذا لم يَظْهَر هذا الباب إلا في إدراك الجماعة كيف يَسُوغُ حملُه على المواقيت؟ فلا يكون إلا في حق المسبوق. فافهمه بالتفكُّر التام. ثم ما يدلك على أَنَّه في حق المسبوق دون الوقت أنَّه تعرض فيه إلى الرَّكعة ولو جاء في الوقت لتعرَّض إليه، وإنَّما تَوَهَّمَ كونه في مسألة المواقيت من أجل قوله: «قبل أَنْ تَطْلُعَ الشمسُ» فَفَهِمَ منه أَنَّ الرَّكعة قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشمس مع أَنَّه يَتَعلقُ بالفعلِ على معنى: مَنْ أَدْرَكَ الصبح قَبْل أَنْ تَطْلُعَ الشمسُ، لا أَنَّ تلك الرَّكعة قَبْل أَنْ تَطْلُعَ كما فُهِم. ويتأتي هذا الشرح في جملة ألفاظه بلا كلفة ففي لفظ: «فقد أَدْرَكَ الصَّلاة» وفي لفظ: «فليصلِّ إليها رَكعةً أخرى» وفي معناه: «فليضف» وفي لفظ: «فليتم صلاته». فهذه كلها صادقة في حقِّ المسبوق. نعم، ههنا لفظٌ آخر أخرجَهُ الحافظُ رحمه الله تعالى من البيهقي يهدِمُ الشرحَ المذكور ولفظه: «مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصبح رَكعة قَبْلَ أَنْ تَطْلُع الشمسُ ورَكعَة بعد ما تَطْلُع الشمس فقد أَدْرَكَ الصَّلاة» انتهى. وهذ صريحٌ في أَنَّ الحديث في الوقت لا في حق المسبوق، وأَنَّ الرَّكعةَ هي بعد طُلوعِ الشمس. قلتُ: وهذه القِطعة من «الكبرى» موجودة عندي، ولم أجد فيه ما نَقَلَهُ الحافظُ رحمه الله تعالى، ثمَّ الشوكاني نَقَلَه في «النيل» عن «الفتح» وحذف حوالة البيهقي، ولعلَّه أيضًا راجعٌ إليه فلم يجدها فيه، ولذا حَذَفَ الحوالة. ولكنَّ الحافظ رحمه الله متقنٌ مُتَثَبِّتٌ في النقل عندي فلعلَّهُ يكون في نسخة منه عنده البتة. فالوجه فيه عندي: أَنَّ الحافظَ رحمه الله تعالى سها فيه، حيث نقلهُ إلى مسألة المواقيت مع أنَّه حديث آخر جاء في رَكعتي الفجر، واختصر فيه الرازي اختصارًا مخلاًّ، وهو في الحقيقةِ ليس من ألفاظِ هذا الحديث، والحديث على وجهه كما أخرجَهُ الترمذي عن أبي هريرة مرفوعًا: «مَنْ لم يصلِّ رَكعتي الفجر فليصلهما بعد ما تطلع الشمس». انتهى. وصححه الذهبي فأصلُ الحديث كان هكذا فغيروه كما ترى. والدليلُ عليه: أَنَّ هذا الحديث موجودٌ عندي بإِحدى وعشرين طريقًا: خمس في «المسند»، وخمس في الدَّارَقُطْني، وثلاث في البيهقي، وطريقان في «الصحيح

لابن حِبَّان» وطريقان في «المستدرك» وطريق في «الطبقات» للذهبي، وطريق في «كبرى النسائي» وطريق في الطحاوي، وطريق في الترمذي، ومدار الكُلِّ فَتادةُ، والصحابي فيها أبو هريرة. ثم بعضهم يُصَرِّحُ فيه بمسألةِ أداء رَكعتي الفجر بعد الطُّلُوع. وآخرون يبهمون فيه، وينقلون لفظه قريبًا مما نَقَلَهُ الحافظُ رحمه الله تعالى، وهؤلاء أَرَادُوا مِنَ الرَّكعةِ الصَّلاة، فالرَّكعة قبل الطلوع هي صلاة الفجر، وبعد الطُّلوع هي سُنَّة الفجر، وربما يَقَعُ التخليط مِنَ الرُّواة. ومثله يفهمه المجرب وتنبه عليه الحافظ أيضًا في «تهذيب التهذيب» تحت ترجمة عَزْرَة بن تميم وأخرجه عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: «إذا صلَّى أحدُكم رَكعة من الصبح ثمَّ طلعت الشمس فليصلِّ إليها أخرى» انتهى. ثم قال: قال الخطيب: لا يحفظ له عن أبي هريرة رضي الله عنه سوى هذا، وتفرَّد عنه قتادة بالرِّواية ولم يُنبِّه عليه في «الفتح» (¬1). ثم ما يَدلُّك على أَنَّه في رَكعتي الفجر دون العصرِ أنَّه ليس في أحد من طُرُقِه ذِكْر العصر، بل في كلِّها ذِكْر الفجر فقط، وذلك لأنَّه لمَّا كان وَرَدَ في سُنَّةِ الفجرِ لم يَذْكُر فيه العصر، ولو كان هذا هو الحديث العام لجاء فيه ذِكْرُ العصر أيضًا في طريق من طرقه (¬2). فإِن قلتَ: إذا كان الأمرُ كما وصفتَ من كونِ الحديثِ في حق المَسْبُوقِ فما نُكتة ذِكره. قبل أن تطلع الشمس وقبل أن تغرب الشمس. قلتُ: أمَّا أَوَّلا: فلأنَّ أواخر أوقاتِها متعينة بالحسِّ، بخلاف سائرِ الأوقات، فإِنَّه لم يَرِد فيه غير التقريب مع أنَّه قد وُقِّت بهما في القرآن أيضًا قال تعالى: {وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39] فكان عُنْوَانًا لهاتين الصَّلاتين، فجاء في الحديث أيضًا تبعًا للقرآن. وأمَّا ثانيًا: فلدفع إيهامِ أَنْ يُصلِّي رجلٌ رَكعة قبل الطُّلوعِ، ورَكعة بعدَه، ويصيرُ بذلك مُدْرِكًا للصَّلاة، فَقيَّد بكون الصبحِ قَبْل الطُّلوعِ، وصرَّح أَنَّه يكون مُدرِكًا لها بإِدراكها في الوقت، ¬

_ (¬1) قلتُ: وأخرجه الترمذي ما لفظه: عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا "من لم يُصلِّ رَكعتي الفجر فليصلهما بعد ما تطلع الشمس". ثمَّ قال ولا نَعْلَم أحدًا روَى هذا الحديث عن همام بهذا الإِسناد نحو هذا إلا عمرو بن عاصم الكلابي والمعروف من حديث قَتادة عن النَّضْرِ بن أنس عن بشير بن نَهِيك عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أَدْرَكَ رَكعةً من صلاةِ الصبحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشمسُ فقد أَدْرَك الصبح". انتهى. فقلتُ لشيخي رحمه الله تعالى: إنَّ كلامَه هذا يدلُّ على أنَّه واقعٌ بين هذين الحديثين بعض تخليط من الرُّواة إلا أَنَّ الترمذي جَعَلَ المسألةَ فيه: من أدْرَكَ ركعةً من الصلاةِ فقد أَدْرَكَ" وحملته على ركعتي الفجر، فسكت عليه بحيث فَهِمْتُ أنَّه قرَّرَهُ. (¬2) قلتُ: لكن أَخْرَجَ العيني والحافظُ رحمهما الله تعالى مِنْ ألفاظِه ما فيه ذلك، ولست من العصر أحفظُ فيه شيئًا عن شيخي رحمه الله تعالى. والله تعالى أعلم. ففي العيني، وعند السراج "من صلَّى بسجدةٍ واحدةٍ قَبْلَ غُروبِ الشمس ثُمَّ صلَّى ما بقي بعد غروبِ الشمس فلم يفته العصر". انتهى إلا أن لا يكون هذا مِن ألفاظ النبي - صلى الله عليه وسلم - ويكون فتوى من جهة الرَّاوي، فاختلط بالمرفوع، فروى تارة مقتصرًا عليه وتوهم كونه مرفوعًا. ولعلَّ الشيخ أشارَ إلى جواب مثل هذه الأحاديث فيما مر، وقد سقط مني بعضُ الكلامِ من هذا المقام فبقي فيه قَلَق بعد.

ولذا لم يَقُلْ: مَنْ أدرك من الصُّبحِ قَبْل الطُّلوعِ، وإِنَّما قال: «من أَدْرَكَ رَكعة من الصبح» يعني قَدَّم الرَّكعةَ على الصبحِ، ليكونَ إشارةً إلى أنَّ صلاة الصبح قَبْلَ الطُّلوع، ولو قدَّم الصبحَ على الرَّكعة، وقالَ: مِن الصبحِ رَكعة قَبْل أَنْ تَطْلُعَ الشمسُ، لأوهم أَنَّ تلك الرَّكعة قَبْلَ أَنْ تطلُعَ دون الصبح. وتلك اعتبارات ونِكات. وثالثًا: فإِنَّ صلاة المسبوق عندنا على ترتيب صلاةِ الإِمام، فالرَّكعة الأخرى وإِنْ كان آخرًا حسًا، لكنَّه متقدمٌ حكمًا، فإِذا كانت رَكعة مع الإِمام قَبْلَ طُلوعِ الشمسِ حقيقةً، فَرَكعتُه الأخرى أيضًا قبلَهُ في نظر الشرع (¬1). ثُمَّ إِنْ قُلتَ: إنَّ راوي الحديث أبو هريرة وفَتْوَاهُ على وَفْقِ مذهبِ الشافعية رحمهم الله تعالى. قلتُ: إِنَّه يُرْوَى عن ابن عباس رضي الله عنهما وفتواهُ كمذهبِ الحنفية كما في «مسند أبي داود الطيالسي». ثم اعلم أَنَّ فتوَى أبي هريرة قد رُوي في بعض الطُرقِ على شاكلةِ المَرْفُوعِ، وليس بمرفوعٍ في الحقيقة، ويظنُّه النَّاظِرُ مرفوعًا، وإِنَّما تنبهتُ له مِنَ البيهقي، لمَا مرَّ على شرح الطحاوي ردَّهُ عليه بفتوى أبي هريرة رضي الله عنه، وعبره ههنا بالفتوى فليحمل عليه المبهمات أيضًا (¬2). وفي «تخريج الهداية» للزيلعي: ولا يوجد هذا النقل عند غيره. أنَّ الحديثَ محمولٌ على المسبوقِ عند بعض العلماءِ كما قررتُ سابقًا؛ فهذا هو مَحْمَلُ الحديث عندي. بقي الفَرْقُ بين الفجرِ والعصرِ كما في المذهب، فليكِلْهُ إلى الاجتهاد أو إلى حديثٍ آخر، ألا تَرَى إلى ما نَقَلَهُ الترمذي في معنى الحديث: أنَّه عندَهُم لصاحبِ العُذْرِ، مثل: رجل يَنَامُ عن الصَّلاة، أو يَنْسَاها، فيستيقظُ، ويذكر عند طُلوعِ الشمس وعند غروبها. انتهى. هذا أيضًا اجتهاد، وإلا فلا دَلالةَ عليه في الحديثِ ولا حرف. فإِذا عَلِمْتَ أَنَّ الحديثَ في حق المسبوقِ عندي وفي إِدْرَاكِ الجماعةِ لا في إِدْرَاكِ الوقْتِ، وأنَّ الصَّلاةَ كلَّها في الوقت وَقْبَل أَنْ تغرب؛ فاعلم أَنَّ المراد من الغرُوب هو الغروبُ الشرعي دون الحسي. والشرعي يَمْتدُّ من الاصفرار إلى الغروب، وحينئذٍ يكونُ حاصل الحديث: أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ رَكعةً من صلاة العصر مع الإِمام قبل الاصفرار فقد أَدْرَكَ العصرَ؛ وذلك لأنَّ الوقتَ فيما بعد الاصفرار إلى الغروب وقت النافق فلا أحب أَنْ يَدْخُل في سياق التعليم، ولا دليل فيه على أنَّه لو أَدْرَك رَكعة قبل الغروب يتمها بَعْدَ الغروب ويكون بذلك مُدْرِكًا لها. ¬

_ (¬1) قلتُ: لم أَفْهَمْ مرادَهُ بعدُ. (¬2) قلتُ: وراجعت البيهقي من مَظَانِّه فلم أَجِدْهُ فيه في النسخة المطبوعة بحيدر آباد. والله تعالى أعلم بالصواب. ولكِنْ كُنْتُ أُقَلِّبُ أَوراق "الكنْز" لحاجةٍ لي فوجدتُ فيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إنْ خَشيت مِنَ الصبح فواتًا فبادِر بالرَّكعة الأولى الشمس، فإِنْ سبقت بها الشمس فلا تَعْجِل بالآخرة أَنْ تكملها (عب) وكانت تلك النسخة عند الشيخ فكنت كُلَّما أقلب أوراقها، وأجدُ فيها حديثًا يفيدنا في مسألة من المسائل، وجدتُ عليه علامة من الشيخ رحمه الله تعالى وهذا أيضًا منها ولولا علامته عليه لَمَا التفتُّ إليه.

557 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، أُوتِىَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِىَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِينَا الْقُرْآنَ فَعَمِلْنَا إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَأُعْطِينَا قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ أَىْ رَبَّنَا أَعْطَيْتَ هَؤُلاَءِ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، وَأَعْطَيْتَنَا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، وَنَحْنُ كُنَّا أَكْثَرَ عَمَلاً، قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَىْءٍ قَالُوا لاَ، قَالَ فَهْوَ فَضْلِى أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ». أطرافه 2268، 2269، 3459، 5021، 7467، 7533 - تحفة 6799 558 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «مَثَلُ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا يَعْمَلُونَ لَهُ عَمَلاً إِلَى اللَّيْلِ، فَعَمِلُوا إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ، فَقَالُوا لاَ حَاجَةَ لَنَا إِلَى أَجْرِكَ، فَاسْتَأْجَرَ آخَرِينَ فَقَالَ أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمْ، وَلَكُمُ الَّذِى شَرَطْتُ، فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا كَانَ حِينَ صَلاَةِ الْعَصْرِ قَالُوا لَكَ مَا عَمِلْنَا. فَاسْتَأْجَرَ قَوْمًا فَعَمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، وَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الْفَرِيقَيْنِ». طرفه 2271 - تحفة 9070 - 147/ 1 557 - قوله: (إنَّما بقاؤُكم) ... الخ. هل المراد منه تقاصُر الأعمار بالنَّسبة إلى كل أُمة، أو بالنسبةِ إلى مجموع الأمم؟ فالظَّاهِرُ هو الثاني. وحاصله أنَّ الدنيا مَع أَشْهُرِها وسِنِينِها وأَيَّامِها لو فُرِض يومًا واحدًا لكانت زمان هذه الأمة فيهم كما بين العصر والغروب؛ يعني به أنَّه لم يبقَ مِنَ الدنيا إلا قليل. ثم إنَّ دورةَ هذه الأمة ألف سنة كما قال الشيخُ الأكبر، والشيخُ المجدِّد ثُمَّ الشاه عبد العزيز والقاضي ثناء الله مصنِّفُ التفسير المظهري» رحمهم الله تعالى، ويؤيده ما عند ابن ماجه «إنَّ لأمتي نصف يومٍ فإِنِ استقامُوا بعدَهُ استقاموا بقية يومِهِم وإلا فيهلكون سبيل من هلك» - بالمعنى - واتَّفقوا على أَنَّ المرادَ مِنَ اليوم فيه يومَ الآخِرة {وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مّمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47] وقد شَهِدَ به التاريخ: أنَّ الداهية الكبرى التي هي فتنة التاتار، نَزَلَت بنا بعد خمس مئة سنة، فتزلزلَ بها بُنيان الدِّين إلا أنَّ الله سبحانه أتمَّ لنا ما وعدنا على رسوله، فتكاملت مدتها ألف سنة وكان الإِسلام في تلك المدة غالبًا على الأديان كلِّها شرقًا وغربًا وهي دورةُ الأمةِ المحمدية وبعدَها سلط علينا الأوروبا فَبَلَغَ حال منائرِ الإِسلام ومنابره إِلى ما ترى. والله المستعان. وحاصلُ التشبيهين في حديثي ابن عمر وأبي موسى رضي الله عنهما: أَنَّ العبرةَ عند ربك بالمجموع والخواتيم، فمن دَخَلَ في آخرِ اليوم كان كَمَنْ دَخَلَ في أوَّلهِ في إِحْرَازِ أَجْرِ ذلك اليوم، وهذا هو الأصلُ في باب الاجتماع، لأنَّ الأُمورَ التي تُدعى لها الجماعة لا يمكنُ فيها الشركة مرة واحدة، فلا بُدَّ أَنْ يَشْتَرِكوا فيه واحدًا بعد واحد، حتى أَنَّ مَنْ دَخَل فيها آخرًا يُعَدُّ

ممَّن دخلَها أَوَّلا وإِنْ كان بينهم تفاوت في الأجور، لكنَّهم أَدْرَكوا الدعوة كلهم، فاللَّهُ سبحانه خلق الدُّنيا وسوَّى فيه مأدبة، ودعى لها دعوة، فمنهم مَنْ أَجابَ، ومنهم من صدَّ عنها، ودَخَلْنَا نحنُ في آخِرِهم وأكملنا بقية اليوم، فاستوفينا الأجرَ الموعود في اليوم كله، فكأنَّ الدنيا كلها كيوم واحد عند ربك، والمطلوبُ مِنَ الداخلينَ أَنْ يَعْمَلُوا إلى آخرِ اليوم، فَمنْ عَجَزَ عنه نَقَصَ أجرُهُ، ومَنْ قَامَ به وُفِّيَ أجرُه. ولمَّا جفَّ القلمُ بالقيراطين لمن يُعْمَل إلى الغروبِ، واتفق أنَّه استأجرنا صاحب المأدبة في آخر اليوم فعملنا إلى مُدَّته استوفينا القيراطين نحن، فنحن وإِنْ دَخَلْنَا في آخر اليوم عند النَّاس إلا أنَّا عُومِلْنَا معامَلَة الذين دخلوا أَوَّلَ اليوم على قاعدة باب الاجتماع، فبقي تقسيم العاملين وعملهم في نظرنا وأما عند ربك فالعبرة بالمجموع والخواتيم. ومن هذا الباب: «هم القوم لا يَشْقَى جَلِيسهم»، فمن دَخَل معهم كان ملَثهم في استحقاقِ الأجر رحمةً من الله تعالى، ولم يُحْرَم من الأجر، وإِنْ كان في نظرنا هو التقسيم في الداخلين، لكنَّ الله سبحانه نَظَر إلى مجموعِ العمل وعدَّ الداخل في آخره بمن دَخَلَ في أوله، ومن ههنا ظَهَرَت المناسبةُ بين الترجمة والحديثين، بأَن مُدْرِك الرَّكعة مُدْرِكٌ للصَّلاةِ في نَظَرِ الشارع، ومُدْرِك الركوع مُدْركٌ للرَّكعة عنده، ومَنْ أَدْرَكَ من الصَّلاةِ رَكعة فَقَدْ أَدْرَكَ، كمن دَخَل في آخر اليومِ فقد أَدْرَك أَجْرَ اليوم كله، وما في كتاب الإيمان أَنَّ مُدْرِكَ الرَّكعَة لا يُعد مُدْرِكًا للصَّلاة، فمبْنَاه على أمر آخر، وهو نظر آخر ذُكِر في موضِعه. وإن كنتَ فَهِمْتَه فاعلم أَنَّ حديث: «من أَدْرَكَ الصَّلاة ... » الخ. إنَّما وَرَدَ في باب الاجتماع والجماعة لتعليم أَنَّ الدَّاخلَ فيها إلى أي جزءٍ منها يُعَدُّ داخلا؛ فبين أنَّ المدرِكَ من أَدْرَكَ رَكعة منها وبعدها، وإِنْ أَحْرَزَ شيئًا من الأَجْرِ أيضًا إلا أنَّه لا يُعَدُّ مدرِكًا لها في نظر الشارع. ثُمَّ إنَّ الناسَ جَرُّوه إلى مسألةِ المواقيتِ، ولم يروا إلى أَنَّ إدْرَاك الوقت بجزءٍ منه بابٌ مستقل، لم يَرِد به الشرع، ولم يَتَعَرِّض إليه، فلو عَلِمْنَاه أَنَّه أيضًا بابٌ عِندهُ لعددناه من جزئياتِه، ولَحَمَلْنَاهُ عليه، بخلافِ إِدْرَاك الصَّلاة من إِدْرَاكِ الرَّكعة، فإِنَّه بابٌ مستقل أَقَامَتْهُ الشريعةُ في مواضع وتَعرَّضَت إِليه، فحملناه عليه، فإِذا علمناه بعد السَّبْر كذلك، لم يَسُغْ لنا أَنْ نحملَهُ على مسألةِ المواقيت. ثم إنَّ حقيقةَ الإِدْرَاك أَنَّها كانت على شَرَفِ الفوات فتلافاه على نحوِ تَقْصِيرٍ منه وأَدْرَكَها، كَمَنْ سابقَهُ أحد فسبقه فأَدْرَكه هذا بعد جِدَ واجتهاد منه، فهكذا حال مُدْرِك الرَّكعَة، فإِنَّ الإِمام قد سَبَقَهُ بصلاته وتَرَكَهُ خلفه فدخل هذا في الركعة، وأَدْرَكَه في عملهِ بهذا الجِدّ وعدَّهُ الشارعُ داخلا في هذا العمل، وكذلك حال مَنْ أَدْرَكَ الرُّكوع، فإِنَّه كاد أَنْ يَتَخَلف عن الأَجْرِ أي أجر تِلْكَ الرَّكعة فَجَدَّ واجتهدَ حتى أَدْرَكَ ركُوعَها فكأَنَّه أَدْرَك تلك الرَّكعة بما فيها، ولذا سقطت عنه الفاتحة مع أنَّه لا صلاةَ إلا بفاتحةِ الكتاب، وهذا مما قد أجمعوا عليه، فالرُّكوعُ عندي آخر موضع تُحْتَسَب فيه الشِّرْكةُ. وأمَّا مركزُ الصَّلاة فهو موضِع التأمين، وهو نُقْطَةُ مَرْكَزِ الدائرة،

ومجتَمع الملائكة والنَّاس. وهناك وَعْدُ المَغْفِرَة فهو مقام الجمعِ، فمقام السَّبْقِ: التحريمة، ومقام الاحْتِسَاب: الركوع، ومقام الجمع: آمين. فإِنْ شئتَ أَنْ تَعْرِفَ السابقين بسيماهم، فاحْفَظِ التحريمة تعرفهم وإِنْ شِئْتَ أَنْ تَتَوَسَّم المجتمعينَ مَع الملائِكَة فلا تَنْسَ مَوضِع التأمين تفوز بهم، وإنْ تُرِدْ أَنْ تَقِفَ على مَنْ أَدْرَكُوا الرَّكعَة آخرًا، فاذكر الرُّكوع تَفْرُسهم، ثُمَّ إِنْ فَاتَك التأمين فلا يَفُتك موضع التحميد فإِنَّه أيضًا موضع الوعد تلافيًا لمن فاته التأمين، وقد ورد في الخبر «أَنَّ الصدِّيق الأكبر رضي الله عنه تخلَّف مرةً عن التحريمة وأَدْرَكَ إمامه في الركوع، فأحرم بها، وقال: الله أكبر، ثُمَّ قال: الحمد لله، ثُمَّ رَكَع، فكأَنَّه كان اختصارًا منه للصَّلاة، فلمَّا فَرَغَ النبي صلى الله عليه وسلّم عن صَلاتِه أُوْحَيَ إليه أَنَّه سمع الله لمن حَمِده». فَجُعِل مكان التَّكْبِير عند الرَّفع مِنَ الرُّكوع، وقد كانوا يُكَبِّرون فيه قَبْل ذلك، فهذا نحو تَلاف فاعلمه. ثم إِنَّ ههنا بحثًا آخرِ وهو أنَّه ما الذي أُريد مما قصروا فيه وأتممناه؟ فإِن كان المرادُ منه الشريعة فقد قصَّرنا فيها أيضًا، ومنَّا أيضًا مطيعون وعاصون مثلهم، فإِنْ كان مقابلةُ أفاضل هذه الأُمة بمَنْ سَلَفَ مِنْ أَفَاضِلِهم، فلا يَصِح عدُّ أفاضلهم من المقصِّرين، وأفاضلِنا من المؤتمرين، ولَكِن الأحسن حينئذٍ أَنْ يُفَرَّق بالقِلة والكَثْرَة، فإِنَّ أفاضِلَ هذه الأمةِ أكثرُ كثير بمن مضى من قبلهم، وإن كان بين الأَرَاذِل والأراذل فَهُم في التركِ والتقْصِير سواء، مع أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «لَتَّتَّبِعُنَّ سَنَن مَنْ قَبْلَكم شِبرًا بشبر وذراعًا بذراع» فأي أمرٍ قَصَّروا فيه وقُمنا بحقه؟ والذي يَظْهَر أَنَّه باعتبارِ مجموع الأمة، لا باعتبار الأفاضلِ، ولا باعتبارِ الأَرَاذِل. والفَرْق بقِلَّة المقصِّرين فينا وكَثْرَتِهم فيهم، على عكس المطيعين، أَمَّا حديث الاتباع بمن قبلنا فهو ساكتٌ عن بيان القِلة والكَثرة إنَّما أَرَادَ به بيانَ الاشتراك في نوع الفعل، فجاز الاختلافُ بين الكم والكيف. واحتج القاضي أبو زيد الدَّبُوسي وهو أَوَّلُ من دَوَّنَ علم الخلاف، وهو عِلْمٌ بين الفِقْهِ وأصول الفقه (¬1) على مسألة المثلين، وتقريره أَنَّ قولَه صلى الله عليه وسلّم «إنَّما أجلكم ... الخ» يفيد قِلَّة زمان مدة هذه الأمة بالنسبة إلى الأُمم الماضين، وزمان هذه الأمة مشبَّه بما بين العصر والمغرب، فلا بُدَّ أَنْ يكونَ قليلا بالنسبةِ إلى زمانِ النَّصارَى، إلا إذا كان وَقْتُ العصر من حين ¬

_ (¬1) قلتُ: وههنا كلامُ متين، ذَكَرَهُ الشاه عبد العزيز رحمه الله تعالى في "بستان المحدثين" وتَعقَّبَ عليه مولانا عبد الحي رحمه الله تعالى في آخر حاشيتِهِ على "الموطأ" مِنْ وجوه فليُنظر فيه، فإنَّ المقامَ مَزَالُّ الأقدام. قال ابن رشد في بيان سبب الاختلاف بين الأئمة في ذلك: إن مالكًا والشافعي رحمهما الله تعالى ذهبا إلى حديث إِمَامَة جبريل، وذَهب أبو حنيفة رحمه الله تعالى إلى مفهومِ ظاهرِ هذا، وهو أَنَّه إذا كان من العَصْرِ إلى الغروبِ أَقْصَر من أَوَّل الظُّهْرِ إلى العصرِ على مَفْهُوم هذا الحديث، فواجبٌ أَنْ يكونَ أول العصر أكثر من قَامَة: وأَنْ يكون هذا هو آخر وقت الظُّهر. قال أبو محمد بن حزم: وليس كما ظَنُّوا وقد امتحنت الأمر فوجدت القامة تنتهي من النهار إلى تسع ساعات وكسر ... الخ بداية المجتهد.

صَيْرورَة الظِّل مثلَيْهِ فإِنَّه حينئذٍ يَزيد وقتُ الظُّهْر أي مِنَ الزَّوال إلى المثلين على وَقْتِ العصرِ أي من المثلَين إلى الغُروب وإِنْ كان ابتداء العصرِ من المِثل كانا متساوِيين ولم يصح قولهم نحن أكثرُ عملا. وتعقب عليه ابن حزم أَنَّ الوقتَ في المِثل يمضي أزيد من بقيةِ الأمثال كلِّها فلو كان وَقْتُ العصرِ من المِثل لبقي وَقْتُ الظُّهْرِ أزيدَ من بقيةِ الأمثال، وصحَّ قولهم نحن أكثر عملا. قلتُ: وما قالَهُ صحيح إلا أنَّ هذه الزِّيادة لا تَظْهَر إلا في نظر الرياضيين، ولا يأتي التشبيه في مثل هذه الأمورِ الغامضة التي قَلَّمَا يُدْركها أحدٌ مِنْ أَهْلِ العُرْفِ، فلا بُدَّ أَنْ يكونَ في وَقْتِهم زيادة تصلح لكونها مُشَبَّهًا بها، ولا تكونُ إلا إذا زَادَ الوقتُ على المِثْل زيادة، على أَنَّ محمدًا رحمه الله تعالى إنَّما استشهدَ بهِ على مسألةِ استحْبَابِ تأخير الظُّهْرِ لا على المِثلين. قلتُ: وحديثُ ابنِ عمر رضي الله عنه عندي يحتوي على أَمْرَين مُستَقِلَّين: الأول: بيان قِلَّة زمانِ هذه الأمة بالنِّسْبَةِ إلى الأُمم السالفة. والثاني: التشبيه، وهما قِطعتان مستقلتان ليست إحدَاهُما تفسيرًا للأُخرى لِما بينهما من المُغَايَرة، تتضحُ بعدَ النَّظَرِ في سياقِهما، وقد بَلَغَ معنى القِطعة الأُولى مبلغَ التواتر، كقوله: «أنا والساعة كهاتين». فإِذا عَلِمْنَا أنَّ زمانَ هذهِ الأمة أقلّ قليل بالنِّسبةِ إلى الأُممِ وقدَّره بعضهم: بسدس النَّهار - لم يَبْقَ ريب في أَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ أَزيدُ من المِثل، بحيث لا يَبْقَى بعدَه للعصرِ إلا بقَدْرِ السُّدس كما ذَكَرهُ ابن عابِدِين في مسألةِ أَهْلِ البُلغاء، أو بقَدْرِ خُمس النَّهار كما في «الفتح». فحديثُ التمثيل وإِنْ لم يَكُن حجة لنا إلا أَنَّ لِلقِطْعَة الأولى بعد النَّظَرِ إلى الخارجِ حجة لنا قطعًا: أَمَّا لمحمد فظاهر وأمَّا للقاضي فأيضًا ممكن (¬1). قوله: (قيراطين قيراطين) والإِعرابُ فيه عندي باعتبار المجموعِ، لأنَّ المعاني المعتورة أيضًا على المجموع إلا أَنَّ كُلَّ كلمةٍ لمَّا كانت صالحة للإِعراب ظَهَر الإِعراب فيها، كما قرروا في: عبد الله، حال كونِه عَلَمًا ومضافًا إليه. قوله: (هو فضل أوتيهِ من أشاء) قال المتكلمون: إِنَّ المُحال هو الترجح بلا مُرَجِّح دون الترجيح بمرجِّح، فالله سبحانه يَفْعَلُ ما يشاء، ويَحْكُم ما يريد، والمرجِّح إرادتُه ومشيئتُه، ولا حاجةَ بعدَهُ إلى مرجِّح آخر في جانب المقْدُور. ¬

_ (¬1) قال الشيخُ رحمه الله تعالى في تعليقاته على آثار السُنن: ينبغي أَنْ يكون تَمسُّك الحنفية بقوله: "إنما أجلكم ... الخ" لا بقوله: وإنما مثلكم اهـ. وهما قضيتان كما في "الفتح" والمثل الثاني إنَّما هو بالنَّظر إلى اليهود والنصارى، فَجعل اليوم بينهم وبين المسلمين لا بالنَّظر إلى كلٍ من الأمم، وإلا لم يَبْق اليوم لهؤلاء، فَذَكَر في المثل الأول قُرب أَجَلِنا، وفي المَثل الثاني إِعراضهم أي اليهود والنَّصارى فقط وإسلامنا. والأمرُ الأول حجة للحنفية في تأخيرِ وقت العصر أو أدائه، ولا يَنْتَهِض بَحْثُهم في أقلِّية العطاء، وأكْثَرِيَّة العمل. وأيضًا لا يَسْتَقيم أكثرية العمل من النصارى إلا بالنَّظر إلى طولِ الأعمار طولًا بينًا، وهو بالزيادة على المثل، وقد اعْتَرَفَ به الكِرْمَاني كما في "العمدة" اهـ. هكذا فيما نَقَلْتُ من تعليقاتِه حين قراءتي عليه بدار العلوم بديوبند.

19 - باب وقت المغرب

19 - باب وَقْتِ الْمَغْرِبِ وَقَالَ عَطَاءٌ يَجْمَعُ الْمَرِيضُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. فأحالَها على اسمِها ولم يُوقِّت. قوله: (وقال عطاء) ... الخ وهو جمع صُوري عندنا، وفي الحديث: «إنَّ أمتي لن يَزالوا على الخيرِ ما عجَّلوا العصرَ وأخَّروا السَّحور» - بالمعنى - وذلك لوقوعِ التحريفِ فيهما عن أهل الكِتاب. فوجبَ التحذيرُ عنه لتُحْفَظَ الحدود. أَمَّا الاحتياط فيه بعد الوقت فلغوكما قد يفعله الجهلاءُ من الصلحاء. 559 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّجَاشِىِّ صُهَيْبٌ مَوْلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ يَقُولُ كُنَّا نُصَلِّى الْمَغْرِبَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَنْصَرِفُ أَحَدُنَا وَإِنَّهُ لَيُبْصِرُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِ. تحفة 3572 559 - (مواقع نَبْلِهِ) ومعلومٌ أَنَّ السنة المتوارِثة في قراءة المَغْرِب هي التقصير، وإِنْ وَرَدَ التطويلُ أيضًا في بعضِ الأحيان. 560 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ قَالَ قَدِمَ الْحَجَّاجُ فَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ، وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ نَقِيَّةٌ، وَالْمَغْرِبَ إِذَا وَجَبَتْ، وَالْعِشَاءَ أَحْيَانًا وَأَحْيَانًا، إِذَا رَآهُمُ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ، وَإِذَا رَآهُمْ أَبْطَوْا أَخَّرَ، وَالصُّبْحَ كَانُوا - أَوْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّيهَا بِغَلَسٍ. طرفه 565 - تحفة 2644 561 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ كُنَّا نُصَلِّى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَغْرِبَ إِذَا تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ. تحفة 4535 562 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْعًا جَمِيعًا وَثَمَانِيًا جَمِيعًا. طرفاه 543، 1174 - تحفة 5377 560 - (إذا وَجَبَت) ومنه الواجب، وهذا كَمَن شال على رقبته حملا، فتلقاهُ واحدٌ في الطريق فأعطَاهُ حملا آخر ليحمِله فلزمه حمله كالضِّغْث على الإِبَّالة فهكذا الغَرَضُ، ثابت بالدَّليلِ القطعي، ويَلْزَمُ عليه إلا أَنَّ الواجب لمَّا ثَبَتَ بالدليل الظني لَزِمَهُ أيضًا، وسَقَطَ عليه، فالواجبُ هو الساقط بهذا الطريق. قاله فخر الإِسلام. قوله: (إذا رآهم) وهذا نصٌ في رعاية حال القوم، وعند البيقهي: أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلّم كان يقومُ للصَّلاةِ فإِذا رآهم لم يجتمعوا قَعَدَ - بالمعنى - (¬1). ¬

_ (¬1) وعند أبي داود في باب الصلاة تقام .. الخ. كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين تقام الصلاة في المسجد إذا رآهم قليلًا جلس لم يصل وإذا رآهم جماعة صلى.

20 - باب من كره أن يقال للمغرب العشاء

وفي «المبسوط» في باب التيمم: أَنَّ فضلَ الإِبرادِ بالظُّهْرٍ والإِسفارِ بصلاة الفجر، إِنَّما هو عند عدمِ اجتماعِ القوم، فإِنِ اجتمعوا قَبْلَه فالأفضل التَّعجِيل، وعُلِم من هذه الرِّواية تَعْجِيل العشاء أيضًا لحالِ القوم. وعند أبي داود: أَنَّه كان يقومُ في الرَّكعةِ الأولى مِنْ صَلاةِ الظُّهْرِ حتى لا يَسْمع وَقْعَ قدم وفيه عن أبي قَتادة رضي الله عنه: فظَنَنَّا أنَّه يريدُ بذلك أَنْ يُدْرِك الناسُ الركعةَ الأولى. وهذا من تَفْرِيعَات مَنْ ظَنَّ أَنَّ مُدْرِكَ الرُّكوعِ ليس بمدرك للركعة، وإلا فَلَيس مِنَ الصحابة رضي الله عنهم مَنْ كان يُنكر إدراك الركعة بإِدْرَاك الركوع فاعلمه. 20 - باب مَنْ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ لِلْمَغْرِبِ الْعِشَاءُ 563 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ - هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو - قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنِ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ الْمُزَنِىُّ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَغْلِبَنَّكُمُ الأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلاَتِكُمُ الْمَغْرِبِ». قَالَ الأَعْرَابُ وَتَقُولُ هِىَ الْعِشَاءُ. تحفة 9661 والعربُ كانوا يَعْكِسُون في التسمية فكانوا يُسمون العشاء العَتَمَة، فَوَرَدَ الشرعُ بإِصلاحِه، وعَلَّمهم ما ناسب كل صلاة اسمها، فهذا مِنْ باب تعليمِ الآداب، لا مِنْ بابِ الأمر والنَّهي. واعلم أنَّه قد مرَّ منَّا التنبيه على أَنَّ تَعارُضَ الأدلةِ قد يكونُ لإِفادةِ المراتب، وقد يكونُ لكون الشيء مِنْ عالم الغيب. والثالث لكونِه من باب المحاسِن فيوجد التعبير بالمكروه مع المنع عنه، وهذا لأنَّه يكون جائزًا في مرتبة ولكنَّه يمجُّه السمع، ويَنْبُو عنه الطَّبْع فيكرهه الشرع أيضًا، ولذا يُوجد إطلاق العَتَمَة في الأحاديث، وإنْ كان أقل قليلا مع إظهار الكراهةِ، فيدل على أنَّه مِنْ باب تهذيب الألفاظ فقط، ولو كان من بابِ عَدَمِ الجوازِ أو الكراهة لم يرد به الشرع. نعم، عند أحمد في «مسنده». مَنْ قال منكم يَثْرِب مكان المدينة فليقل المدينة المدينة عشر مرات - بالمعنى - فإِنَّه يُشْعِر بالكراهة شيئًا، والأمر بَعْدُ سهلٌ. 21 - باب ذِكْرِ الْعِشَاءِ وَالْعَتَمَةِ وَمَنْ رَآهُ وَاسِعًا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَثْقَلُ الصَّلاَةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ الْعِشَاءُ وَالْفَجْرُ». وَقَالَ «لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِى الْعَتَمَةِ وَالْفَجْرِ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَالاِخْتِيَارُ أَنْ يَقُولَ الْعِشَاءُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} [النور: 58]. وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ كُنَّا نَتَنَاوَبُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ صَلاَةِ الْعِشَاءِ فَأَعْتَمَ بِهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ أَعْتَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعِشَاءِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ عَائِشَةَ أَعْتَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعَتَمَةِ. وَقَالَ جَابِرٌ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الْعِشَاءَ. وَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ. وَقَالَ أَنَسٌ أَخَّرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْعِشَاءَ الآخِرَةَ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو أَيُّوبَ وَابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ.

22 - باب وقت العشاء إذا اجتمع الناس أو تأخروا

564 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ سَالِمٌ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً صَلاَةَ الْعِشَاءِ - وَهْىَ الَّتِى يَدْعُو النَّاسُ الْعَتَمَةَ - ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ «أَرَأَيْتُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ». طرفاه 116، 601 - تحفة 7003 - 148/ 1 22 - باب وَقْتِ الْعِشَاءِ إِذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أَوْ تَأَخَّرُوا 565 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو - هُوَ ابْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ - قَالَ سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ صَلاَةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ كَانَ يُصَلِّى الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ، وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، وَالْمَغْرِبَ إِذَا وَجَبَتْ، وَالْعِشَاءَ إِذَا كَثُرَ النَّاسُ عَجَّلَ، وَإِذَا قَلُّوا أَخَّرَ، وَالصُّبْحَ بِغَلَسٍ. طرفه 560 تحفة 2644 أَلانَ المصنِّف رحمَهُ الله كلامَهُ في هذا الباب، لورُودِ إطلاق العَتَمة أيضًا. وقال: (ومن رآه واسعًا) كأنَّه لا يَحمله على رَقَبَتِه فَيَنْسِب التوسعة فيه إلى مَنْ كان يَرَاه، وهكذا يَفْعَلُ المصنِّف رحمه الله تعالى في غير واحدٍ مِنَ المواضعِ، فَيَضَع لفظ «مَنْ» الموصول، إشارةً إلى أنَّه ذَهَب إليه ذَاهِبٌ فهو سائِغٌ ولا يَجْزِم به لِعَدَم الدَّليل القاطع عنده، أَوْ لِعَدَمِ اختياره لأسبابٍ سَنَحَت له، ثُمَّ أَتى بقطعات عديدة وَرَدَّ فيها إطلاق المشتق، وبطريق العلمية أيضًا. قوله: (ويُذْكَرُ عن أبي موسى) ... الخ، وهو عند أبي دَاود أيضًا. فمرضه بالنسبة إليه، وإلا فقد أَخْرَجَهُ المصنِّف رحمه الله تعالى موصولا في الباب التالي أيضًا وقد مرَّ منَّا أنَّ المصنِّف رحمه الله تعالى قد يُمَرِّضُ لمعنى غير التضعيف وهو أنَّه يورد الحديثَ بالمعنى وقَدْ يَقْتَصِر على بعضه لوجود الاختلاف في جوازه، وإن كان المصنِّف يَرَى الجواز، نبه عليه الحافظ. قوله: (نتناوب) يعني كُنَّا نازِلين مِنَ الحَبَشَة في موضع فَكُنَّا نتناوب منه إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وهذا التناوب وَرَدَ في الجمعة أيضًا فانْظُر ماذا يُفيد؟. قوله: (فَاعْتَمَ به) وهذا على صرافة اللغة، ولا كلام فيه، وإنَّما الكلامُ في إِطلاقِ العَتَمَة لأنَّها غَلَبَت عليها العَلَمِيَّة عندهم، كما قالوا في المُرْسَلِ والمُنْقَطِع لا فَرْقَ بين فعليهما مَعَ ثبوتِ الفَرْقِ بين اسمي المفعول، فيقولون: إنَّه مُرْسَلٌ إذا حَذَفَ التابعيُّ اسم الصحابي خاصة، ويقولون: أَرْسَلَهُ فلانٌ سواء سَقَطَ ذِكْرُ الصحابي أو راوٍ آخر مِنَ السَّنَد فَيُطْلَق المشتق على المنقطع أيضًا. وفي «الفتح» أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلّم إنَّما اعتم به لما اشتغل بأبي بكر رضي الله عنه في بعضِ أمور المسلمين. 564 - قوله: (فإِنَّ راسَ مئة سَنَةٍ منها لا يَبْقَى ممن هو على ظَهْرِ الأرض أحدٌ) وقد مرَّ بعضُ الكلامِ عليه، والمرادُ به مَنْ كان حيًا في هذا الوقتِ على وجه الأرض، وأَبْعَدَ مَنْ قال: إِنَّ عيسى عليه الصَّلاةُ والسَّلام يَنْزِل بجسده المثالي بل يَنْزَل بجسده الأصلي ورده بحر العلوم في «شرح المثنوي» وأيضًا قال بعض الصوفية إِنَّ الخَضِرَ عليه السلام حيٌّ من عالم المِثَال.

23 - باب فضل العشاء

23 - باب فَضْلِ الْعِشَاءِ 566 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً بِالْعِشَاءِ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَفْشُوَ الإِسْلاَمُ، فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى قَالَ عُمَرُ نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ. فَخَرَجَ فَقَالَ لأَهْلِ الْمَسْجِدِ «مَا يَنْتَظِرُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ غَيْرُكُمْ». أطرافه 569، 862، 864 - تحفة 16544 567 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ كُنْتُ أَنَا وَأَصْحَابِى الَّذِينَ قَدِمُوا مَعِى فِى السَّفِينَةِ نُزُولاً فِى بَقِيعِ بُطْحَانَ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَتَنَاوَبُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ صَلاَةِ الْعِشَاءِ كُلَّ لَيْلَةٍ نَفَرٌ مِنْهُمْ، فَوَافَقْنَا النَّبِىَّ - عليه السلام - أَنَا وَأَصْحَابِى وَلَهُ بَعْضُ الشُّغْلِ فِى بَعْضِ أَمْرِهِ فَأَعْتَمَ بِالصَّلاَةِ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ، ثُمَّ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى بِهِمْ، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ قَالَ لِمَنْ حَضَرَهُ «عَلَى رِسْلِكُمْ، أَبْشِرُوا إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يُصَلِّى هَذِهِ السَّاعَةَ غَيْرُكُمْ». أَوْ قَالَ «مَا صَلَّى هَذِهِ السَّاعَةَ أَحَدٌ غَيْرُكُمْ». لاَ يَدْرِى أَىَّ الْكَلِمَتَيْنِ قَالَ. قَالَ أَبُو مُوسَى فَرَجَعْنَا فَفَرِحْنَا بِمَا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 9058 - 149/ 1 اعلم أَنَّ حديثَ عائشة، وحديثَ أبي موسى رضي الله عنهما بعده حديثان متعدِّدَان، وواقِعَتان مختلفتان، وإنْ كان سطحهما واحدًا، فما في حديث عائشة رضي الله عنها واقعة قَبْلَ فُشُوِّ الإِسلام، وما في حديث أبي موسى رضي الله عنه واقعة متأخرة جدًا حين قَدِمَ أبو موسى رضي الله عنه مِنَ الحبشة في السَّنَة السابعة، وكان خَرَجَ مِنَ اليمنِ لزيارَةِ النبي الكريم عليه الصَّلاة والسَّلام، فنازعته الرِّيح حتى ألقَتْهُ في الحبشة فَسَكَن بها سبع سنين، ثُمَّ قَدِمَ مع جعفر رضي الله عنه ونَزَل بالبقيع، والبقيع: اسم لكل مكان فيه أُرُوم الشجر من أنواعٍ شتى، وكان مثل هذه الأمكنة كثيرة في أرضِ العرب، فيحتاجُ للتمييز إلى الإِضافات كما ترى ههنا «بقَيع بُطْحَان». 566 - قوله: (نَامَ النِّساءُ) ... الخ. أي مَنْ كانوا في المسجد، ويُمكِن أَنْ يُرَاد به أَنَّه حان وَقْتُ النَّومِ. والأول أوجه. قوله: (ما ينتَظِرُها أحدٌ من أهل الأرضِ غَيْركُم) قال السيوطي رحمه الله تعالى إنَّ الحصر بالنسبة إلى أهل الكتاب (¬1) وادَّعى في شرح البخاري أَنَّ العِشَاء لم تَكُنْ في أحد مِنَ الأُمَمِ غير هذه الأمة، وتَمَسَّكَ بما عند الطحاوي في باب الصَّلاةِ الوسطى وليس هذا عند غيره: أَنَّ أول مَنْ صلَّى العشاء الآخرة نبينا صلى الله عليه وسلّم وقد مرَّ مني في أول كتاب الصَّلاة، أنَّ الصَّلاةَ كلها ثَبَتَت عن الأنبياء الآخرين أيضًا، إلا أنَّها لم تكُن مفروضة على أُممهم وكانت على بني إسرائيل الفجر ¬

_ (¬1) فعند مسلم في لفظ إنكم تنتظرون صلاة ما ينتظرها أهل دين غيركم اهـ.

24 - باب ما يكره من النوم قبل العشاء

والعصر فقط كما في النسائي إلا أَنَّ الشيخ السيوطي رحمه الله تعالى ذَهَبَ إلى أنَّ العشاء الآخرة لم يصلِّها نبي أيضًا فيمكِنُ أَنْ يقال: إنَّها مختصة بهذه الأمة بوصفِ الفرضية، ومن دونهم وإنْ صَلوها فعلَى شاكلة النافلة، وحينئذ معنى قوله: ما ينتظرها أي من حيث الفرضية، وقيل (¬1) إنَّ الإِسلامَ لم يَفْشُ إذ ذاك إلى الأَطْرَافِ كما في متن الحديثِ فيكون الحصر بالنِّسْبَة إلى الكُفَّار. قال الحافظُ: والمرادُ أنَّها لا تُصَلَّى بالهيئةِ المخصوصة، وهي الجماعة إلا بالمدينة، وبه صرَّح الدَّاودي، لأنَّ مَنْ كان بمكةَ مِنَ المستضعفين لم يكونوا يُصلُّون إلا سِرًا، وأمَّا غير مكة والمدينة مِنَ البلادِ فلم يَكُنِ الإِسلام دَخَلَها. قلتُ: ويمكِنُ أَنْ يكون قوله بالنسبةِ إلى المسْجِدِ النَّبوي، فإِنَّ المساجدَ اليوم كانت تسعة كما عند الدَّارَقُطْني بإِسنادٍ ضعيف، وراجع كلام السمهوري فإِنَّه أيضًا ذَهَبَ إلى التعدد، وحينئذٍ يمكِنُ أَنْ يكون مراده ما يَنْتَظِرُها غيركم الذين قَدْ صلَّوْها في مساجدهم وَرَقَدوا؛ أمَّا دعوى السيوطي رحمه الله تعالى فتحتاج إلى تأمل. 24 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوْمِ قَبْلَ الْعِشَاءِ 568 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِى الْمِنْهَالِ عَنْ أَبِى بَرْزَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا. أطرافه 541، 547، 599، 771 - تحفة 11606 ولا بَأس به إذا كان عِندَهُ مِنْ يوقِظُهُ، أو كان مِنْ عادتِه أنَّه لا يَسْتَغْرق وقت الاختيار بالنَّوم. وحَمَل الطحاوي الرخصة على ما قَبْلَ دخولِ وَقْتِ العشاءِ والكراهةَ على ما بعدَ دُخولِهِ. 25 - باب النَّوْمِ قَبْلَ الْعِشَاءِ لِمَنْ غُلِبَ 569 - حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو بَكْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعِشَاءِ حَتَّى نَادَاهُ عُمَرُ الصَّلاَةَ، نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ. فَخَرَجَ فَقَالَ «مَا يَنْتَظِرُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ غَيْرُكُمْ». قَالَ وَلاَ يُصَلَّى يَوْمَئِذٍ إِلاَّ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانُوا يُصَلُّونَ فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الأَوَّلِ. أطرافه 566، 862، 864 - تحفة 16499 فقسم على الحالات وأَجَازَ لِمن غَلَبَ عليه النَّوم وكَرِهَهُ لمن لم يكُن كذلك. 569 - قوله: (فيما بين أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ) ... الخ. قال الفراء - واسمه يحيى: إنَّ الشَّفَقَ هو البياض، قال الإِتْقَاني في «غاية البيان شرح الهداية»: إنَّ الإِمام محمدًا والفراء ابنا خالة، وهو متقدم عن الشيخ ابنِ الهُمَام رحمه الله تعالى، ونَقَل عن الخليل أَنَّ البياض قد يَبْقَى إلى ¬

_ (¬1) وعند مسلم في باب وقت العشاء وتأخيرها بعد قوله ما ينتظرها من أهل الأرض غيركم وذلك قبل أن يفشو الإسلام في الناس. اهـ.

نِصْفِ الليل، وهو باطلٌ عندي، فإِنَّ البياض الذي بعد الحُمْرَة يَعْقُبه الظَّلام والبياضات بعدَهُ تكون غير هذا البياض. ولنا: ما عند الترمذي «حتى يَسْوَد الأفقُ» وليس هذا السواد إلا بَعْدَ البياض، أمَّا اللغة. (¬1) فالتحقيق فيه عندي: أَنَّ الشَّفَقَ مِنَ الإِشفاقِ والشَّفَقَةِ هي الرِّقة فهو أَمرٌ بينَ البياضِ الناصع، والحُمْرَة القانية. واعلم أَنَّ الوَقْتَ في اليوم الواحدِ من انبلاج الصُّبحِ الصَّادقِ إلى طُلوعِ الشمسِ، يكون كما بين غُروبِها وغُروب الشَّفقِ الأبيض في ذلك اليوم كذا حققَه الرياضيون. ثم اعلم أنَّ تَرْدِيدَ وَقْتِ العشاء في الأحاديث مِنَ الثُلث والنِّصف إنَّما يُبْنَى على تَرْدِيد القُرْآن في صَلاةِ الليل، قال تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ ... } [المزمل: 2 - 4] فقد وزع الله سبحانَه الليلَ كلَّهُ بين وظيفةِ العشاءِ وصَلاة الليل، فإِن جَعَلَ العشاء في النصف بقي النصف الآخر لصَلاةِ الليل، وإِنْ صلاها في الثلث بقي الثُلثان لصَلاةِ الليل وهكذا، وعليه الترديد في النُّزول، فيعلم مِنْ بعض الرِّوايات أَنَّه مِنَ الثُلث، ومِن بعض آخر أنَّه من النِّصف، ورجحَ الحافظُ أنَّه في الثلث الآخر. والتحقيقُ فيه عندي أَنَّ الكلَّ صحيح، ويفصل بين النُّزول والنزول، فنوعٌ منه يكون على النِّصف، والآخر على الثُلث، ولا نَدْرِي ما كيفيات تلك النزولات، وأي فروق بينها، وسَيَرِدُ عليك تحقيقُ النزول وأشباهه إن شاء الله تعالى. 570 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شُغِلَ عَنْهَا لَيْلَةً، فَأَخَّرَهَا حَتَّى رَقَدْنَا فِى الْمَسْجِدِ، ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا ثُمَّ رَقَدْنَا ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ غَيْرُكُمْ». وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يُبَالِى أَقَدَّمَهَا أَمْ أَخَّرَهَا إِذَا كَانَ لاَ يَخْشَى أَنْ يَغْلِبَهُ النَّوْمُ عَنْ وَقْتِهَا، وَكَانَ يَرْقُدُ قَبْلَهَا. تحفة 7776 570 - قوله: (وكان ابنُ عمر رضي الله عنه لا يُبالي أَقَدَّمَها أم أَخَّرَها إذا كان لا يَخْشَى أَنْ يَغلِبَهُ النَّوم) ... الخ، وهذا يدلُّ على جواز النَّوم حين أَمِنَ فَوَاتها. 571 - قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ وَقَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً بِالْعِشَاءِ حَتَّى رَقَدَ النَّاسُ وَاسْتَيْقَظُوا، وَرَقَدُوا وَاسْتَيْقَظُوا، فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ الصَّلاَةَ. قَالَ عَطَاءٌ ¬

_ (¬1) قال الخَطَّابي: قالت طائفة: الشَّفَق: الحُمرة. روي ذلك عن ابنِ عُمر وابنِ عباس، وهو قولُ مَكْحُولٍ وطاوسٍ، وبه قال مالك وسفيان الثوري، وابنِ أبي ليلى وأبي يوسف، ومحمد والشافعي، وأحمد وإسحاق، وروي عن أبي هريرة أَنَّه قال: الشَّفَقُ البياض، وعن عمر بن عبد العزيز مثله، وإليه ذَهَب أبو حنيفة رحمه الله، وهو قولُ الأوْزَاعي. وقال بعضهم: الشَّفَقُ اسم للحُمْرَة والبياض معًا، إلا أنَّه إِنَّما يُطْلَق في أحْمَر ليس بقاني، وأبيض ليس بناصع، وإنَّما يُعْلَم المرادُ منه بالأدلةِ لا بنفسِ اللفظ كالقرء اهـ. "معالم السُنن".

26 - باب وقت العشاء إلى نصف الليل

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَخَرَجَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ الآنَ، يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً، وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَقَالَ «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى لأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُصَلُّوهَا هَكَذَا». فَاسْتَثْبَتُّ عَطَاءً كَيْفَ وَضَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَأْسِهِ يَدَهُ كَمَا أَنْبَأَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَبَدَّدَ لِى عَطَاءٌ بَيْنَ أَصَابِعِهِ شَيْئًا مِنْ تَبْدِيدٍ، ثُمَّ وَضَعَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ عَلَى قَرْنِ الرَّأْسِ ثُمَّ ضَمَّهَا، يُمِرُّهَا كَذَلِكَ عَلَى الرَّأْسِ حَتَّى مَسَّتْ إِبْهَامُهُ طَرَفَ الأُذُنِ مِمَّا يَلِى الْوَجْهَ عَلَى الصُّدْغِ، وَنَاحِيَةِ اللِّحْيَةِ، لاَ يُقَصِّرُ وَلاَ يَبْطُشُ إِلاَّ كَذَلِكَ وَقَالَ «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى لأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُصَلُّوا هَكَذَا». طرفه 7239 - تحفة 5915 - 150/ 1 571 - قوله: (قال ابنُ عباس رضي الله عنه: فَخَرج نبي الله صلى الله عليه وسلّم كأنِّي أَنْظُر إليهِ الآن) ... الخ، وهذه الواقعة متأَخِرَة جدًا، فإِنَّ ابن عباس رضي الله عنه جاء السنة الثامنة وقد أَدْرَكها، ثُمَّ إِنَّ نحو قوله: (كأَنِّي أَنْظُر) ... الخ، سَمَّاهُ النُحَاة استحضارًا وحكاية للحال والظاهر أَنَّه لم يُرِد بذلك بيان التثبُتِ فقط، بل أَرَادَ شِرْكته فيها. 571 - قوله: (على الصُّدْغ وناحية اللحية) وهي في اللغة ما نبَتَت على لحييه. ويقال لها في الهندية: دارهى. لهذا المعنى لأنَّها تنبُتُ على الضرس - داره. 26 - باب وَقْتِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ وَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَحِبُّ تَأْخِيرَهَا. 572 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ الْمُحَارِبِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أَخَّرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةَ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ صَلَّى ثُمَّ قَالَ «قَدْ صَلَّى النَّاسُ وَنَامُوا، أَمَا إِنَّكُمْ فِى صَلاَةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا». وَزَادَ ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ سَمِعَ أَنَسًا كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ لَيْلَتَئِذٍ. أطرافه 600، 661، 847، 5869 - تحفة 657، 791 وهو مستحبٌ إلى الثُلث، وجائزٌ إلى النِّصف بلا كَرَاهة، وبعدَهُ مع كراهةٍ تنزيهية، كذا حَقَّقَهُ ابنُ أمير الحاج. وإليه ذَهَبَ الطحاوي. واخْتَارَ بعضُهم التحريم إلا أَنَّهم استثنوا منه المسافر، فيجوز له بعد النِّصف بدونِ كَرَاهة. قلتُ: واستثني المسافر في المغرب أيضًا، فإِنَّ الحنفية إذا قالوا بالجمع الصُّوْري لَزِمَهُم القول بجوازِ تَأْخِيرِها وإِنْ كانت السُّنَّة فيها التعجيل. ونُسِبَ إلى داود الظاهري والحسنِ بنِ زياد من الحنفية أَنَّ وَقْتَ العشاء إلى نِصْفِ الليل. 572 - قوله: (ما انتظرتُمُوها) وقد وَرَدَت في فضيلةِ انتظارِ الصَّلاةِ بعد الصَّلاة أحاديث ولم أتحقق لها صورة العمل غير إشارة في «شرح الموطأ» للباجي: أنَّ السَّلف كانوا يَنْتَظِرون الصَّلاة بعد الصَّلاة وهكذا يُسْتَفَادُ من رِوَاية ابنِ ماجه ووجه التَّرَدد أني لا أرى في السَّلفِ شُهرة

27 - باب فضل صلاة الفجر

جُلوسِهم لانتظار الصَّلوات بعد الصَّلوات مع كَثْرةِ الأحاديث في فضيلتهِ فلا أدري هل المراد به تَعلقُ القلب فقط أو الجلوسُ الحسي أيضًا؟ 27 - باب فَضْلِ صَلاَةِ الْفَجْرِ قلتُ: وهذا مِنْ عادات المصنِّف رحمه الله تعالى أَنَّ الحديثَ إذا اشتمل على فائدةٍ، ويريد أَنْ بُنبِّه عليها، فإِنَّه يَذْكُرَها في الترجمة وإِنْ لم يُناسِب سلسلة التراجم، أعني به أَنَّ التَّراجِمَ إِذا تكون عندهُ مُسَلْسَلَة ثم تَبْدُو له فائدة في الأحاديث المستخرجة ويراها مهمة، فلا يَنْتَظر أَنْ يُبَوِّب لها بابًا، مستقلا، ولكِن يُفَرِّغْ عنها في ذيول هذه التراجم؛ وأسميه إنجازًا فقوله: والحديث، أي: الحديث بعد العشاء وإنْ لم يُناسب ذكره ههنا لأنَّه عَقَدَ الترجمةَ لفضلِ صلاة الفجر ولا مناسبة بينَهُ وبين الحديث بعد العشاء إلا أنَّه لمَّا كان مَذْكُورًا في الحديثِ المترجَم له ذكره إنجازًا. وقد اضطرب في توجيهِهِ الشارحون، ولم يَأْتُوا بشيء فقال بعضُهم: معنى قوله: والحديث أي الذي جاء في فَضْلِ الفجر. 573 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ قَالَ لِى جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ كُنَّا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَقَالَ «أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا، لاَ تُضَامُّونَ - أَوْ لاَ تُضَاهُونَ - فِى رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا». ثُمَّ قَالَ «فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا». أطرافه 554، 4851، 7434، 7435، 7436 - تحفة 3223 573 - قوله: (كنَّا عند النبي صلى الله عليه وسلّم) ... الخ، وظاهرٌ أنَّه بعد صَلاةِ العشاء. قوله: (لا تضامُّون) وهو من الضمِّ أو الضَيمِ بمعنى الظُلم. والمعنى على الأول: أنكم تَرَوْنَهُ بغير مزاحمة بعضهم لبعض. وعلى الثاني: معناه: بغير أن يَظْلِمَ بعضكم بعضًا لا تُضاهون (تمهين شبه نه قال: بريكا). 573 - قوله: ({فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ}) ... الخ، لا أقول إنَّ المرادَ من التسبيح الصَّلاة بل المراد منه هو التسبيحُ المعروف إلا أنَّه ما يكون في ضمن الصَّلاة وهكذا لا أريد مِنْ قوله: «اركعوا واسجدوا» الصَّلاة ابتداء ولكن الركوع والسجود مستعملان في مسماهما؛ ثُمَّ المراد منهما ما يكونان في خِلال الصَّلاة وفائدة هذا التعبير، التنبيه على أَجْزَاء الصَّلاة وتعليمها، وحينئذٍ تَنْسَحب الآية على التسبيحات بعد هاتين الصَّلاتين أيضًا، فالأذكار بعد الفَجْرِ والعَصْرِ متطفلة وتابعة لهما دون الوقت، بخلافِها بعد المغرب فإِنَّها تابعة للمساء والصَّلاة معًا. 574 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنِى أَبُو جَمْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَبِى مُوسَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ». وَقَالَ ابْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ أَخْبَرَهُ بِهَذَا. تحفة 9138

28 - باب وقت الفجر

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ حَبَّانَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. تحفة 9138 - 151/ 1 574 - قوله: (من صلى البَرْدَين) فيه تغليب. وفي الجامع الصغير للسيوطي رحمه الله تعالى أَنَّ الرؤية إِنَّما تكون في هذين الوَقْتَين، فجاء التَّخْصِيص لهذا، ثُمَّ رَمَزَ عليه السيوطي بالصحة، ومَنْ خَدَمَهُ أَقرَّ أَنَّ تلك الرُّموز من جانب الشيخ رحمه الله، وفي «حادي الأرواح» رواية أَنَّ التميز في الجنة بين الليل والنَّهار، إنَّما يكون بإِرخاء السَّتر، وكشفه بين أهل الجنة، وبين ربهم جل وعلا. 28 - باب وَقْتِ الْفَجْرِ 575 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُمْ تَسَحَّرُوا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ. قُلْتُ كَمْ بَيْنَهُمَا قَالَ قَدْرُ خَمْسِينَ أَوْ سِتِّينَ - يَعْنِى آيَةً - ح. طرفه 1921 - تحفة 3696 576 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ سَمِعَ رَوْحًا حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ تَسَحَّرَا، فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ سَحُورِهِمَا قَامَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الصَّلاَةِ فَصَلَّى. قُلْنَا لأَنَسٍ كَمْ كَانَ بَيْنَ فَرَاغِهِمَا مِنْ سَحُورِهِمَا وَدُخُولِهِمَا فِى الصَّلاَةِ قَالَ قَدْرُ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَمْسِينَ آيَةً. طرفه 1134 - تحفة 1187 قوله: (إنَّ زيدَ بنَ ثابت حدثه) ... الخ، وزيد بن ثابت هذا قَدْ دَخَلَ في صلاةِ ليله صلى الله عليه وسلّم ومذهبه في الوترِ كمَذْهَبِ الحنفية، وراجع: «كشف الستر عن مسألة الوتر». واعلم أنَّ الخِلاف فيهِ بيننا وبين الشافعي رحمه الله تعالى في الاستحبابِ دون الجوازِ فمذهبنا على ما يُعْلَم من كلام الطحاوي، أنْ يَشْرَع بغَلَس ثُمَّ يسفر بها بالإِطالة وهو مذهبُ محمد وأبي يوسف رحمهما الله تعالى، كما يُستفاد مِنْ كتاب «الحجج» وصرَّح الطحاوي أنَّه قول أَبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى، ولم يَذْكر بينهم خلافًا، ثُمَّ وجدتُ في كتب أركان النَّقل أنَّه مذهب محمد رحمه الله فقط، ومذهبُ الشيخين أفضلية الإِسفار بداية ونهاية، وحدُّ الإِسفار عندنا أَنْ يَفْرَغَ عنها، وقد بقي عليها من الوَقْت ما لو أَعَادَ فيه صلاته لعارض وَسِعَهُ قبل الطُّلوع مع رعاية السنن. ومذهب الثَّلاثة استحباب التَّغْلِيس بداية ونهاية، فَيَدْخُل فيها كما طلع الفجر، ويفرغ عنها في الغَلَس، ويخالفه ما أخرجه المصنِّف عن ابنِ مسعودٍ رحمهما الله تعالى أنَّه قال: ما رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم صلَّى صلاةً في غير وَقْتِها غير ذلك اليوم - يعني الفجر يوم المزدلفة. ومعلومٌ أنَّه لم يُصلِّها في ذلك اليوم إلا وَقَدْ طَلَع عليه الفَجْر، فَعُلِمَ أَنَّ الصَّلاة عَقِيب طُلوعِ الفَجْرِ صلاة في غير وَقْتِها، والصَّلاة في وَقْتِها أَنْ تُصَلَّى وقد دَخَلَت في الإِسفار كما قال النَّبي صلى الله عليه وسلّم «أسفِرُوا بالفجر ... » الخ، ومِنْ ههنا عُلِمَ أَنَّه لا يَصِحُّ حَمْلُه على تَحَقُّق طُلوع الفَجْرِ، فإِنَّك قد عَلِمْتَ أَنَّ

الصَّلاةَ كما تَحَقَّقت الفجر كانت بمزدلفة ثُمَّ عدَّها ابنُ مسعود رضي الله عنه في غير وَقْتِها فلا تكون مأمورًا بها مع أَنَّا أُمِرْنا أَنْ نُسْفِرَ بها فالإِسفار هو وَقْتُها على نصِّ الحديث، وهي عند تَحقُّقِ الفجرِ في غير وَقْتِها على ما ذَكَرَهُ ابنُ مسعود رضي الله عنه، فَعُلِمَ أَنَّ الصَّلاة عند تَحقُّق الفجرِ صلاة في غيرِ وَقْتِها (¬1). قال النَّووي: وقد يَحْتَجُّ أصحابُ أبي حنيفة رحمه الله تعالى بهذا الحديث على منعِ الجمعِ بين الصَّلاتين في السفر، لأنَّ ابنَ مسعودٍ رضي الله عنه قد أَخْبَرَ أنَّه ما رآهُ يَجْمَعُ إلا في هذه الليلة، ثمَّ رَدَّ عليه من وجوه منها أَنَّه متروكٌ الظَّاهِر بالإِجماع، لأنَّه لَمْ يَذْكُر الجمع بعرفة أيضًا مع أَنَّه مُجْمَعٌ عليه، ونَقَلَ الحافظُ رحمه الله تعالى رَدَّ النووي وسكت عليه. قلت: والجمعُ بعَرَفة أيضًا مذكورٌ عند النَّسائي قال كان رَسولُ الله صلى الله عليه وسلّم يصلِّي الصَّلاةَ لوقْتِها إلا بجمعِ وعَرَفات، فإِنْ كان خَفي على النَّووي فكيف خَفي على الحافظ. ثم إنَّه نيطت بالإِسفار أَعْظَمِية الأجْرِ، فقال في موضعِ التعليلِ فإِنَّه أعظمُ للأجرِ والصَّلاة قَبْل التحقُّقِ باطلة (¬2) فضلا عن حصولِ الأَجْرِ لتحصُلَ بعد التحقُّقِ أَعْظَمِية. وفي رواية النَّسائي «كُلما أَسْفَرْتُم، فدَلَّ على مراتب الإِسفار في أَجْزَاءِ يوم واحد، وأَخْذ التكْرَارِ بحَسبِ الأَيَّام بعيدٌ، وعن يزيد الأَودي عند الطحاوي رحمه الله تعالى، قال: كان علي بن أبي طالب كَرَّم اللَّهُ وَجْهَهُ يُصَلِّي بنا الفجرَ ونحن نَتَرَاءَى الشمس؛ مَخَافَةَ أن تكون قد طلعت. وعن عَليّ بنِ رَبيعة قال: سمعتُ عليًا رضي الله تعالى عنه يقول: يا قنبر أَسْفِر أسْفِر. ومثله عن عمرَ بنِ الخطاب أنَّه كان يُنَوِّر بالفجر. كيف لا وقد أُمِرَ أَنْ يُسْفِرَ بالفجر، وراجعه بأسانيده عند الطحاوي، وعنده عن إبراهيم قال ما اجتمعَ أصحابُ محمد صلى الله عليه وسلّم على شيء ما اجتمعوا على التَّنوير، وهو مَحْمُولٌ عندي على بدايتِهم في التَّغْلِيس ونهايتُهُم في الإِسفارِ، كما حملُهُ الطحاوي فافهم. ¬

_ (¬1) قلتُ: وما عند الطحاوي صريحٌ فيه قال: سَمعتُ عبدَ الرحمن بنَ يزيد يقول: حجَّ عبدُ الله فأَمَرني عَلْقَمَة أَنْ ألزَمَهُ فلمَّا كانت ليلة مزدلفة وطَلَعَ الفجرُ، قال: أَقِم فقلتُ: يا أبا عبدِ الرحمن إنَّ هذهِ الساعة ما رأيتُك تُصلِّي فيها قط، فقال: إنَّ رَسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يُصلِّي هذه يعني هذه الصَّلاة إلا هذه الساعة في هذا المكان، مِنْ هذا اليوم، قال عبد الله: هما صلاتان تحولان عن وَقْتِهما: صلاةُ المغرب بعدما يأتي النَّاس من المُزْدَلِفة وصلاةُ الغَدَاة حين ينزع الفجر، رَأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُ ذلك وفيه أن الصَّلاةَ عَقِيب الطُّلوعِ كانت غير معروفةٍ عندهم، حتى سَأَلَ عنها - وفيه أَنَّهما تَوَافَقَا على أَنَّ صلاتَهُ في هذا الوَقْتِ متحولة عَنْ وَقْتِها في سائر الأيام. (¬2) وقد أجاب عنه الخَطَّابِي فقال: وإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَستقِيم هذا ومعلومٌ أنَّ الصَّلاةَ إذا لم يَكُن لها جَواز لم يكُنْ فيها أجْر. قيل: أَمَّا الصَّلاة فلا جواز لها، ولكِنْ أَجْرُهم فيما نَوَوْهُ ثابتٌ، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر"، ألَا تَرَاهُ قد بَطَل حُكمه ولم يَبْطُل أجرُهُ وقيل: إنَّ الأمرَ بالإِسفار إنَّما جاء في الليالي المقمرة وذلك أَنَّ الصُّبح لا يتبينُ فيها جيدًا، فَأَمَرهُم بزيادةِ التبيين استظهارًا باليقينِ في الصَّلاةِ "معالم". قلتُ: وإنَّما نقلتُ هذه السُّطور لِتَعْلَم اضطرابَهم في هذا الحديث وعجزَهم عَنِ الجوابِ، فإنَّ الجوابَ المذكورَ ليس تأويلًا ولا صرفًا، والله تعالى أعلم بالصواب.

أمَّا ما تمسُّكوا بما نقل في سُنِّيَّة التغليس حتى إذا استشهد عمر رضي الله تعالى عنه، فليس فيه ما يدلُّ على مَذْهَبِهم، فإِنَّ التَّغْلِيس في البداية لا ننكره أيضًا، وما عَمِلَ به عثمان رضي الله تعالى عنه فهو الإِسفار بداية ونهاية، ليكون خُروجهم في وقتٍ يأمنُونَ فيه، ولا يَخافون أن يُغْتَالوا كما اغْتِيل عمر رضي الله تعالى عنه، وأمَّا ما تمسكوا به ممَّا روي في حديث جبريل عند أبي ادود في سِيَاق تأخيرِ عمر بن عبد العزيز في صلاة العصر أنَّه صلَّى الصُّبحَ مرةً أخرى فأَسْفَرَ بها ثُمَّ كانت صلاته بعد ذَلك التَّغْلِيس حتى مات لم يعد إلى أَنْ يُسْفِرَ. فقوله: لم يعد ... الخ علله أبو داود. وعندي له وجه، ومعناه: أنَّه لم يعد إلى الإِسفارِ كما كان أَسْفَرَ بها في اليوم الثاني، وهكذا كان ينبغي، لأنَّ جبريل عليه السَّلام علَّمه آخر وقتها في ذلك اليوم، وقد عَلِمْتَ أنَّا لا نعني بالإِسفار أَنْ يُصلَّي بها بحيث لا يَبْقَى بعدَهُ وقتٌ، أو يَبْقَى وقتٌ لم يَسعْ للصَّلاةِ، أو وسعها لكنَّه لم يَسع لها مع مراعاةِ الآداب. والدليل عليه ما أَخْرَجَهُ أبو داود في حديث جبريل أنَّه: «لمَّا كان من الغَدِ صلَّى الفجر وانصرف، فقلنا: أَطَلَعَت الشمس؟» انتهى. فدلَّ على شِدَّةِ التأخيرِ بحيث توهم منه «طلوع الشمس ونحوه عند مسلم في حديث أبي موسى في قِصة تَعْلِيم الأوقاتِ أعرابيًّا «أنَّه أَخَّر الفجر من الغد حتى انصرف منها والقائل يقول قد طَلَعت الشمس أو كادت» انتهى. فالصَّلاتين في هذين اليومين كانتا في شِدَّة الغَلَس مرةً، وفي شدة الإِسفار أخرى، ثُمَّ جَرَى عَمله على التوسط والذي يَظْهَر أَنَّ العملَ في عهدِ النبي صلى الله عليه وسلّم كان على التَّغْلِيس ولا يجب أن يكونَ بِقَدْرِ ما رامَهُ الشافعية رحمهم الله تعالى مع أَنَّ الزمانَ إذْ ذاك كان زمانَ الشدة في العمل، والنَّاس كانوا يَتَقَيَّدون بصلاةِ الليل، فلم تَكُنِ الجماعة تَخْتَل بالتغليس، ثُمَّ إذا نشأ الإِسلامُ وكَثُرَ المسلمون وعَلِمَ أَنَّ فيهم ضعفًا عَمَلَ بالإِسفار في زمن الصحابة رضي الله عنهم، لئلا يُفضي إلى تقليل الجماعةِ، وقد عَلِمْتَ فيما سَبَقَ أَنَّ بُطْأَ النَّاس وتعجيلهم ممَّا قد رَاعَاه النَّبي صلى الله عليه وسلّم أيضًا، فلو اجتمع النَّاس اليوم أيضًا في التَّغْلِيس لقُلنا به أيضًا كما في «مبسوط السَرَخْسي» في باب التيمم أَنَّه يُستحب التَغْلِيس في الفجر، والتعجيل في الظُّهْرِ إذا اجتمع النَّاس، ثُمَّ إنَّا لا ننازعك أنَّ الأمرَ كيف كان في عهدِ النَّبي صلى الله عليه وسلّم ونرجو منك أن تعذرنا في العمل بالإِسفار، فإِنَّا قد أُمِرْنا به بصريحِ النَّص «أسفروا بالفجر» وليرَ كُلُّ امرىءٍ وظيفتَه ولا يبحث مما كان أو يكون، هذا هو الصراط المستقيم فاتبعوه. وبعد فقد نقل السخاوي عن الحافظِ ابن حجر كما في «شرح الإِحياء» أنَّه أقرَّ بكونِ مذهبِ الحنفية أَقْوَى. والحاصل: أنَّ العملَ قد بقي مشتركًا بيننا وبينهم فلهم أَنْ يَحمِلُوه على مسائِلهم. ولنا: أَنْ نحمِلَهُ على مختارنا، أمَّا القول أي «اسفروا بالفجر» فهو لنا خالصًا إِنْ شاء الله تعالى فناهيك به إمامًا في حديث عائشة رضي الله عنها: «ما يعرفن من الغَلَس» فقوله: «من الغَلَس» ليس مرويًا عن عائشةَ رضي الله عنها، بل هو قياسٌ مِنْ راو آخر، كما يُعْلَمُ من ابنِ ماجه، وفيه «تَعْنِي من الغَلَس».

29 - باب من أدرك من الفجر ركعة

وأمَّا ما عند البخاري «أَنَّه كان يُصلِّي بغَلَس» بطريق العادة فعلى ما علِمت فيه أنه مروي مَتنًا وسندًا عند الدارمي وفيه كان يغلس أو كانوا يغلسون بالشك - بالمعنى - وفي حديثٍ مرفوع «التغليس في الشّتاء والإِسفار في الصيف» وتتبعتُ طرقه فوجدتُ سندَهُ ساقطًا وفي إسنادِه سيف صاحب كتاب «الفتوح» وهو ضعيف بالاتفاق، ثم وجدته في «حلية الأولياء» وليس فيه هذا؛ والله تعالى أعلم. 577 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ عَنْ أَخِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ كُنْتُ أَتَسَحَّرُ فِى أَهْلِى ثُمَّ يَكُونُ سُرْعَةٌ بِى أَنْ أُدْرِكَ صَلاَةَ الْفَجْرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1920 - تحفة 4696 578 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ كُنَّ نِسَاءُ الْمُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةَ الْفَجْرِ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَنْقَلِبْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ حِينَ يَقْضِينَ الصَّلاَةَ، لاَ يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الْغَلَسِ. أطرافه 372، 867، 872 - تحفة 16555 لمَّا فَرَغَ عَنْ فَضْلِها شَرَعَ في وقتها. 577 - قوله: (كنت أَتَسحَّرُ في أهلي، ثُمَّ يكونُ سُرْعَةٌ بي أَنْ أُدْرِكَ صلاةَ الفجرِ مَعَ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلّم) ولعل هذا التَّغْلِيس كان في رمضان خاصة، وهكذا ينبغي عندنا إذا اجتمعَ النَّاس، وعليه العمل في دار العلوم بديوبند من عهد الأكابر. 29 - باب مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْفَجْرِ رَكْعَةً 579 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَعَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ وَعَنِ الأَعْرَجِ يُحَدِّثُونَهُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ». طرفاه 556، 580 - تحفة 12206، 14216، 13646 30 - باب مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلاَةِ رَكْعَةً 580 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلاَةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ». طرفاه 556، 579 - تحفة 15243 أخرجه أَوَّلا بتخصيص العصر، ثُمَّ بتخصيصِ الفجر، ثُمَّ أَخْرَجَهُ مطلقًا، باب مَنْ أَدْرَك من الصَّلاة رَكعة، فأَمْكَنَ أَنْ يَكُون إشارةً إلى أَنَّ الحديثَ في العصرِ والفجرِ أيضًا في حَقِّ المَسْبُوق، كالحديث المُطْلَق، وقد مرَّ تقريره.

31 - باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس

31 - باب الصَّلاَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ 581 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ شَهِدَ عِنْدِى رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِى عُمَرُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ. تحفة 10492 - 152/ 1 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنِى نَاسٌ بِهَذَا. تحفة 10492 توجه المصنِّف رحمه الله تعالى إلى مسألةِ الأوقاتِ المكروهةِ، وَقَدْ وَقَعَ فيها انتشار كثير، ووجهُه: أنَّ الأحاديثَ تَنهَى عن الصَّلاة في تلك الأوقات، ثُمَّ تَرِدُ أحاديث أخرى بجوازِ الصَّلاةِ فيها، وقد تَنْسَحِب بعمومِها على تلك الأوقاتِ فَيَحْدُثُ التجاذب بين العمومين، فمنهم مَنْ يَتَحرى أحاديث النَّهي على عمومِها ويخصص بها أحاديث الجواز ومنهم مَنْ يَظُنُّ أَنَّ الشريعةَ إذا وَرَدَتْ بالصَّلاة في تلك الأوقاتِ بعينها، فما لنا ألا نخصصها من تلك العموماتِ، كما في الرَّكعتين بعد العصر، فعموم قوله: «لا صلاة بعد العصر حتى تَغْرُبَ الشمس» يُوجِبُ نفيها، وخصوصُ ثبوت هاتين الرَّكعتين يُوجِب تخصيصهما عن هذا العموم. فهذا هو سِرُّ الخلافِ بين الأئمة رحمهم الله تعالى (¬1). واعلم أَنَّ الأوقات المكروهة عندنا خمسة: الطلوع، والغروب، والاستواء. وهذه الثلاثة لا تجوز فيها الصَّلاةُ مطلقًا، لا صَلاة جنازة، ولا سجدة تلاوة إلا عصر يومه، وأمَّا بعد الفجرِ حتى تَطْلُع الشمس، وبعد العصر حتى تَغْرُبَ الشمس، فيكره فيهما التَّنفُّل، ولا بأس بأن يُصلَّى في هذين الفوائت وسجدةَ التلاوة، والصَّلاةَ على الجنازة. وإنَّما فَرَّقنا بين حكمها لوضوحِ معنى الكَرَاهة، فإِنَّها في الثلاثة الأول لمعنى في الوقتِ وهو مقارنةُ الشيطان، فاستوى فيها الفرائض وغيرها، وأمَّا في الأخيرين فقد ظَهَرَ أَنْ لا كَرَاهة في الوقتِ، ألا تَرَى أَنَّه لو نَوَى فَرْضَ الوقتِ فيهما، أو شَغَلَهُ بالإِطالة جاز. فالكراهةُ لحقُ الفَرْضِ لا لأَجْلِ الوقْتِ، ولو كانت للوقْتِ لَمَا جازَ تأخيرُ الفَجْرِ والعصر إلى آخر وقتها، وَلَمَا وَرَدَ النهيُ بعد ما قبلها علمنا أَنَّ الكراهةَ فيهما لمعنى في غير الوقت، وهو حقُّ الفَرْضِ ليصير الوقتُ المشغول به فلم تَظْهَر في حق سائرِ الفرائض، وما في معناها وهي الواجبات بعينها كسجدةِ التِّلاوةِ بخلافِ رَكْعَتيِ الطَّوافِ لأنَّ وجوبَها لغيرِه، وقد تَعَسَّرَ الفَرْقُ على شارحي الهداية بين سجدةِ التِّلاوة، وركعتي الطواف، فراجعه وحرره. والحاصل: أَنَّ الحنفيةَ قالوا بكراهةِ تلك الأوقاتِ كلِّها لأجلِ قيامِ الدَّليل. واعترض عليه الشيخ ابن الهُمَام: أَنَّ النَّهْيَ في هذين الوقْتَيْن أيضًا مطلقٌ كما في الثلاثةِ المذكورةِ، وتخصيصُ النَّص بالرأي لا يجوزُ ابتداءً. ¬

_ (¬1) قلت: وقد بسطه ابن رشد في "بداية المجتهد" أحسن بسط فراجعه.

أقول: أمَّا مسألةُ التَّخْصِيص بالرأي فهي ما ذَكَرَهُ الشيخ وإنْ كان عَملُهم بخلافها، فإِنَّهم يُخصِّصُونَ الأحاديثَ في الأخلاقِ والمعاملات بالرأي بلا تساؤل؛ نعم، يتأخرون عن تَخْصِيصِ أحاديث العباداتِ، وذلك لانجلاء الوجُوهِ في الطائفة الأولى وخفائِها في الثانية، وقد صرَّح ابنُ دقيق العيد أَنَّ الوجه إذا كان جليًا جازَ التخصيصُ بالرأي بلا نَكير على أنَّه ليس تَخْصِيصًا ابتداءً، بل خَصَّصَ منه الوتْرَ، فعند الدَّارَقُطْني: «من فاتَ عنهُ وِتْرُهُ فليصلِّها بعد الصُّبح - بالمعنى - وصَحَّحهُ العراقي في «شرح الترمذي» وهو عند أبي داود أيضًا إلا أَنَّ لفظَهُ: «فليصَلِّها إذا ذَكَرَها». وعند الترمذي «فليصلها إذا أصبح». وهو مرسلٌ قوي الإِسناد، وعنده مرفوعًا أيضًا إلا أَنَّ فيه عبد الرحمن بن زيد بن أَسْلَم، وهو ضعيفٌ. والحاصل: أنَّ النَّهيَ وإنْ ورد في كلِّها إلا أنَّ الإِمامَ فَرَّقَ بين حكمها لمَّا رأى من اختلافِ شاكلة الشريعة فيها، فإِنَّها عَلَّقتِ النَّهي في هذين على الفجرِ والعصر، فدَلَّ على أنَّه ليس فيهما ما يُوجِبُ نُقْصَانَ الوقت، ثم ثَبَتَ عنه صلى الله عليه وسلّم الرَّكعتين بعد العصر أيضًا، فَدَلَّ على أَنَّ فيهما صلُوحًا وتوسعًا، بخلافِ تلك الثلاثة؛ وأمَّا الآخرون فَلَم يُفَرِّقوا بينهما وتَرَكُوها على شَاكِلةٍ واحدة. فَنَظَرُ الحنفية دقيق. وأمَّا مالك رحمه الله تعالى فأَسْقَطَ الاستواء مِنْ بينِ الأوقاتِ المكروهةِ، وَجَوَّزَ في الأربعةِ الفرائضَ دون النَّوافِل، ولعلَّه رَأَى أَنَّ الفَرائِضَ مِنْ إقامةِ الله فلا بَأْسَ باستثنائِها لقوتِها، فأَخْرَجَها عن النَّهي بخلاف النَّوافِل فإِنَّها مِنْ تِلْقَاءِ العبد. وأمَّا الشافعي رحمه الله تعالى فوافقنا في اعتبارِ الخَمْسةِ إلا أنَّه جَوَّزَ فيها الفرائضَ، والواجبات، وذوات الأسبابِ مِنَ النَّوافِل، ولم يُفَرِّق بينهما في الحُكْمِ كمالك رحمه الله تعالى، وإنَّما فَرَّقَ في النوافل بين ذواتِ الأسبابِ وغيرِها، لأنَّ النَّوافِلَ التي أقامَ الشرعُ لها أسبابٌ ورَغَّب فيها بنفسِها بدونِ تفصيلٍ كتحية المسجد - فكأنَّها خارجة عن قضيةِ النَّهي من جهته فليتركها على حالها - جائزة في جميع الأوقات. وأمَّا التي لا أَسْبَابَ لها مِنْ تِلْقَاءِ الشَّرع بل هي في طوع العبد إِنْ شاء فعل وإِنْ لم يَشَأ لم يَفْعَل، لا تَرْغيب فيها بخصوصِها فليمتنع عنها في تلك الأوقات. قلتُ: ولعلَّك عَلِمْتَ أنَّ الصَّلوات كلَّها إذا جازت في تلكَ الأوقات - المكتوباتِ، والتطوعاتِ من ذواتِ الأسباب، خَرَجَ أَكْثَرُ الأَفْرَادِ من أحاديث النَّهي، ولم يَبْقَ تَحْتَها إلا غير ذواتِ الأسباب من النَّوافِل، فصار عمومها قليل الجَدْوَى مَعَ صحةِ الأحاديثِ فيها بل تواترها في الوقتين الأخيرين، كما قال به أبو عمرو. فأخذناها بالنواجذ وعَمِلْنا بها مهما أمكنَ وجَعَلْنَاها أُسوة في البابِ، وسائرها مخصوصة بخلاف الخُصوم فإِنَّهم قد عَكَسوا الأمرَ وخَصَّصُوا الأحاديث العامَّة والضوابطَ الكلِّية بكل واقِعة وَرَدَت عليهم فأشعر به أيهما أولى؟ إلقاء الصَّلواتِ في أوقاتِ الشيطان أو صونُها عنها؟ وَذَهَب بعضُ السَّلَف إلى جواز الصَّلاةِ بعد العصر والفجر، وحملوا النَّهيَ على سَدِّ الذرائعِ أي لِئَلا تَقَع صلواتُهم في عين الطُّلُوع والغروب، فالأوقاتُ المكروهة عندَهُم ثلاثة، والنَّهيُ عن

هاتين الصَّلاتين ليس لكونِهما مِنَ الأوقاتِ المكروهة بل صِيانَةً للصَّلواتِ عن الوقوع في عينيهما، وهو ظاهر قوله صلى الله عليه وسلّم «لا يتحرَّى أحدكم فيصلِّي عند طلوعِ الشمس وعند غروبها». فالنُّطقُ وإِنْ كان بعد الطُّلوع وبعد الغروب إلا أَنَّ المحط هو عين الطُّلوع والغروب، وأنت تَعْلَم أَنَّه لم يَبْقَ حينئذٍ تحت أحاديث النَّهي عن هاتين الصَّلاتين فَرْد، وبقيت الأحاديث بلا مصداق. 582 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَحَرَّوْا بِصَلاَتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلاَ غُرُوبَهَا». أطرافه 585، 589، 1192، 1629، 3273 - تحفة 7322 583 - وَقَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلاَةَ حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلاَةَ حَتَّى تَغِيبَ». تَابَعَهُ عَبْدَةُ. طرفه 3272 - تحفة 10544، 7322 582 - قوله: (لا تَحَرَّوْا بصلاتِكُم طلوعَ الشمسِ ولا غُروبَها) قال الشافعية رحمهم الله تعالى: إنه لا دَخْل لتحري العبد في الفرائضِ وكذا في ذواتِ الأسبابِ مِنَ النَّوافِل فإِنَّها ليست من تَحَرِّيه، وإنما هي مِنْ جِهَةِ الله تعالى، فلم تَبْقَ تحتَهُ إلا غير ذواتِ الأسباب، وهي التي فيها دَخْلٌ لتَحَرِّيهِ، وقد مرَّ أنَّ ظاهرَهُ أَوْفَقُ مِمَّا ذهب إليه بعض السلف. قلتُ: إذا صَدَعَ الشرعُ بكونِ الأوقاتِ الثلاثةِ أوقاتًا للشيطانِ، وبيَّنَ معنى الكراهة لكلِّ ذي عينينِ، فالجمودُ على ظاهرِ لفظِ التَّحرِّي لا نَدْرِي أهو مِنْ لَفْظِ النبي صلى الله عليه وسلّم أَوْ مِنْ جِهَةِ الرَّاوي جمود جامد، ثُمَّ إنَّك إنْ كان عندَكَ ذوقٌ مِنَ العربية فافهم أَنَّ قوله: «لا تَحَرَّوْا» ليس مدارًا للحُكْمِ بل تقبيحٌ عليه أيُّ تقبيح، فإِنَّه إذا تهاونَ في أَمْرِ الصَّلاة وفَعَلَ فِعْلَ المُنافِقِ ولم يحافظها على ما أَمَرَه الله، فصلاها متى أَرَادَ فكأنَّه أَلْزَمَهُ أنَّه يتحرَّى بذلك طلوع الشمس، فتهاونُه وقِلةُ مبالاتِه أُقيم مَقَامَ التَحرِّي على حد قوله تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مّنَ الْغَمَامِ} [البقرة: 210] فكأَنَّ تأخرهم عن تصديق الرُّسل وتأخيرهم فيه أُقيمَ مَقَام نَظَرِهم إلى إتيان الله في ظُلل من الغمام، فإِذن هو لمزيدِ التقبيح، وراجع الطيبي للفَرْقِ بين قوله: «لا تَحَرَّوْا بصلاتكم» وقوله: «لا يَتَحَرَّى أحدكم فيصلي» ... الخ. قوله: (وقبل أن تغرب) وقد مرَّ مني أنَّ المرادَ منه قبل الاصفرار وهو الغروب الشرعي، والصَّلاة بعده مكروهة، فلا يَدْخُل في سياقِ التعليم، وأمر القرآن أرفع منه، فلا يُحْمَل نَظْمُه إلا على الأحب فالأحب في نظر الشارع، ولذا أقول: إنَّ المرادَ من قوله: {مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْءانِ} [المزمل: 20] ليس هو الآية، لأنَّه يُوجِب أَن تدخل الكراهة في نَظْمِ النَّص. 584 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ وَعَنْ لِبْسَتَيْنِ وَعَنْ صَلاَتَيْنِ نَهَى عَنِ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى

32 - باب لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس

تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَعَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ وَعَنْ الاِحْتِبَاءِ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ يُفْضِى بِفَرْجِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَعَنِ الْمُنَابَذَةِ وَالْمُلاَمَسَةِ. أطرافه 368، 588، 1993، 2145، 2146، 5819، 5821 - تحفة 12265 584 - قوله: (نهى عن بيعتين) لمَّا ذَكَرَ الراوي تثنية واحدة، وهي النَّهي عن صلاتين أَرَادَ أَنْ يَذْكُر معهما تثنية أُخْرَى، وهي النَّهي عن بيعتين وإِنْ كانت من باب آخر. 32 - باب لاَ يَتَحَرَّى الصَّلاَةَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ 585 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَتَحَرَّى أَحَدُكُمْ فَيُصَلِّى عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلاَ عِنْدَ غُرُوبِهَا». أطرافه 582، 589، 1192، 1629، 3273 - تحفة 8375 586 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ الْجُنْدَعِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ صَلاَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، وَلاَ صَلاَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ». أطرافه 1188، 1197، 1864، 1992، 1995 - تحفة 4155 ولعلَّ البخاري لا يريد تفصيلا بين التَحري وعدَمِه، وإنَّما كان عندَهُ لفظٌ في الحديث، فأحب أَنْ يُترجِم به كما هو، أو يُقال: إنَّه لم يَسْنَح له فصل في الجانبين، وكان في اللفظِ صَلُوحٌ لهما فأَبْقَاهُ على حالِه، فَخَرَجَ من عُهدَةِ بتِّ القولِ في مَوضِع كَثُرَ فيه الاختلاف، ثُمَّ أقولُ: إِنه يُستفاد مِنْ تَراجِمه إطلاقُ النَّهي في الفجر فلم يفصل، ولعلَّهُ لا يُجيز سُنَّة الفجر بعد رَكعَتَيْهِ. وأمَّا حديث قيس بن فَهْد فليسَ على شرطه، فَتَرَكَهُ ولم يَنْظُر إليه، وهو مرسلٌ كما عند الترمذي، ووصَلَهُ بعضُهم أيضًا. وأمَّا العصر فقد أَلانَ الكلامَ فيها، وأرَادَ أَنْ يفصل لما عنده حديث في الركعتين بعد العصر، وعن عمر رضي الله عنه أنَّه كانَ يُعَزِّرُ مَنْ صَلاهما، فألان الكلامَ لهذا التعارض وَوَسَّع. 587 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ يُحَدِّثُ عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ إِنَّكُمْ لَتُصَلُّونَ صَلاَةً، لَقَدْ صَحِبْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمَا رَأَيْنَاهُ يُصَلِّيهَا، وَلَقَدْ نَهَى عَنْهُمَا، يَعْنِى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ. طرفه 3766 - تحفة 11406 - 153/ 1 588 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ خُبَيْبٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَلاَتَيْنِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ. أطرافه 368، 584، 1993، 2145، 2146، 5819، 5821 - تحفة 12265 587 - قوله: (ولقد نَهَى عنهما يعني الرَّكعَتَين بعد العصر) وعلى الهامش «يصليها» بالضمير المفرد وهكذا في أكثر المواضع لا يَزَال فيه تبادل النسختين في الهامشِ والصلب، فدار

33 - باب من لم يكره الصلاة إلا بعد العصر والفجر

النَّظر في أَنَّ الحديثَ عنده في خُصوصِ هاتين الرَّكْعَتين أو الحديث عنده، هو الحديث العام فقط، ثُمَّ يذكر النهي عنهما تمسكًا بالعموم. قلتُ: إِنْ كانَ عندَه حديثٌ مستقل في النَّهْي عن هاتين الرَّكعتين فهو نصٌّ لنا في البابِ، وتكون المسألة في غايةِ القُوَّةِ وإن أَدْخَلهما في عموم قوله: «لا صلاةَ بعد العصر ... الخ» فليس نصًا فيه، بل يكونُ ظاهرًا ولا تَبْقَى فيه تلك القوة، وكيفما كان فالحديثُ حجةٌ لنا لأنَّ الظَّاهِرَ وإن لم يَكُن كالنَّص إلا أَنَّه لا ينحَطُّ عن كَونهِ على ما أخرجَهُ البخاري يَدلُّ على كونِه حُجَّةً نصًا فيه. وفيه: «سمعتُك تَنْهَى عن هاتين الرَّكعتين هناك تُصلِّيهما» مكان الضمير فليجري فيه اختلاف أَفْرادِ الضميرِ وتثنيته، وهذا صريحٌ في بَعْضِ النَّهي فيه مستقلا، وإذن لا يكونُ مِنْ بابِ التمسكِ بالعموم. 33 - باب مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلاَةَ إِلاَّ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ رَوَاهُ عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ وَأَبُو سَعِيدٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ. 589 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أُصَلِّى كَمَا رَأَيْتُ أَصْحَابِى يُصَلُّونَ، لاَ أَنْهَى أَحَدًا يُصَلِّى بِلَيْلٍ وَلاَ نَهَارٍ مَا شَاءَ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَحَرَّوْا طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلاَ غُرُوبَهَا. أطرافه 582، 585، 1192، 1629، 3273 - تحفة 7532 واعلم أَنَّ المصنِّف رحمه الله تعالى لم يُعد الاستواء من الأوقات المكروهة، وكأَنَّه لم يَصُح فيه حديث على شرطِهِ فتَرْجَمَ على نفيه، فبقيت مِنَ الخَمْسِ أربع، ثُمَّ لفها في اثنين بحيث أَخَذَ الوقت بعد الفجر أي عين الطُّلوعِ فاستتبع الطلوع أيضًا، وكذلك فَعَلَ في العصر، فأخذ بعد العَصْرِ إلى عينِ الغروب، فانْدَرَج عين الطلوع والغروب تحت الوقتين بعد الفجر وبعد العصر، وحينئذ ظَهَر معنى الحصر في الترجمة أي قوله: «إلا بعد العصر والفجر» ولا يدري أَنَّه أَرَادَ بذلك الصَّدْعَ بموافقه مالكٍ رحمه الله تعالى أو الإِغماض عنه فقط، لفقدان الدَّليل على شَرْطِهِ ثم لا يَخْفَى عليك أَنَّ الاستواء وإِنْ أَغْمَضَ عنه المصنِّف رحمه الله تعالى إلا أَنَّه صَحَّتْ فيه عدة أحاديث عند مسلم وابن ماجه وغيرهما. 34 - باب مَا يُصَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ مِنَ الْفَوَائِتِ وَنَحْوِهَا وَقَالَ كُرَيْبٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ «شَغَلَنِى نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ». تحفة 18207 590 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ قَالَتْ وَالَّذِى ذَهَبَ بِهِ مَا تَرَكَهُمَا حَتَّى لَقِىَ اللَّهَ، وَمَا لَقِىَ اللَّهَ تَعَالَى حَتَّى ثَقُلَ عَنِ الصَّلاَةِ، وَكَانَ يُصَلِّى كَثِيرًا مِنْ صَلاَتِهِ قَاعِدًا - تَعْنِى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ - وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّيهِمَا، وَلاَ يُصَلِّيهِمَا فِى الْمَسْجِدِ مَخَافَةَ أَنْ يُثَقِّلَ عَلَى أُمَّتِهِ، وَكَانَ يُحِبُّ مَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ. أطرافه 591، 592، 593، 1631 - تحفة 16042

591 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى قَالَتْ عَائِشَةُ ابْنَ أُخْتِى مَا تَرَكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - السَّجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ عِنْدِى قَطُّ. أطرافه 590، 592، 593، 1631 - تحفة 17311 592 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ رَكْعَتَانِ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَعُهُمَا سِرًّا وَلاَ عَلاَنِيَةً رَكْعَتَانِ قَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحِ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْعَصْرِ. أطرافه 590، 591، 593، 1631 - تحفة 16009 - 154/ 1 593 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ رَأَيْتُ الأَسْوَدَ وَمَسْرُوقًا شَهِدَا عَلَى عَائِشَةَ قَالَتْ مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْتِينِى فِى يَوْمٍ بَعْدَ الْعَصْرِ إِلاَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. أطرافه 590، 591، 592، 1631 - تحفة 16028، 17656 ولعلَّ المصنِّف رحمه الله تعالى وَافَقَ في الفَجْرِ مذهبَ الحنفية، فَتَرَكَ النهي فيه على إطلاقه، ولم يفصح فيه بتخصيص، فَدَلَّ على أَنَّ مَنْ فاتته سُنَّة الفَجرِ يَقْضِيها بعد طلوع الشمس، ولا يُصلِّيها بعد رَكْعَتَي الفجر. وأما حديثُ قيس بن فَهد فقد عَلِمْتَ أَنَّه ليس على شَرْطِه فلم يَنْظُر إليه، ولعلَّهُ يَضَع ترجمة التَّحَرِّي في الفجر إشارةً إلى هذا، وَوَضع في العصر ثلاثَ تراجم تُشِيرُ إلى التَّخْصِيص فيه، مَعَ أَنَّ شاكِلَةَ الحديث واحِدة فيهما، وذلك لعَدَم التَّفْصِيل عندَهُ في الفجر بخلافِ العصر. ثُمَّ إنَّ الشَّارِحَيْنِ الحافِظَيْن اختلفا في أنَّه ماذا أَرَادَ بزيادة «نحوها»؟ فَحَمَلَها كُلٌّ منهما على مسائِله، فَأَرَادَ بها الحافظُ ابنُ حجر: غير ذوات الأسباب مِنَ النَّوافِلِ، والحافظ البدر: الواجبات لعينها ونحوها من الصَّلواتِ التي جازت في هذا الوقتِ عنده. قلتُ: لمَّا ثَبَتَت الرَّكعتان بعد العصر عند المصنِّف رحمه الله تعالى أَضَافَ في ترجمته نحوها، وأَجْمَلَ في الكلامِ للتردُّدِ عنده، ليَنظُر فيها العلماء، فهذا هو غَرَضُ المصنِّف رحمه الله تعالى عندي، أَمَّا إنَّه أَرَادَ بها ما اخْتَارَهُ ابنُ حجر أو ما ذَهَبَ إليه الحافظُ العيني، فَلَعَلَّهُ بمَعْزِلٍ عن نَظَرِهِ، لأنَّه لم يَرِد فيه الجزم بأحدٍ من الطرفين. وإنَّما أَبْهَم إحالة على النَّاظرين. 590 - قوله: (وكان يُصَلِّي كثيرًا من صَلاتِهِ قاعدًا تَعْني الرَّكعتين بعد العصر) وقد ذَكَرَهُ الراوي في غيرِ موضعِهِ، فإِنَّه لا تَعلُّق له بقوله: «قاعدًا» وإنَّما هو تفسيرٌ للضمير في قوله: «ما تركهما حتى لقي الله» فينبغي أَنْ يَذكُرَه مقدمًا لئلا يَخْتَلَّ الترتيب والمعنى، فاعلمه. بقي الكلامُ في هاتين الرَّكعتين، ففيهما اضطراب من وجوه، فعندَ الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «إنَّما صلى رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم الرَّكعتين بعد العصر لأنَّه أتاه مالٌ فشَغَلَهُ عن الرَّكعتين بعد الظُّهْر فصلاهُما بعد العصر ثم لم يعد لهما» قال الترمذي: وحديث ابنِ عباس رضي الله عنه أصح، حيث قال: «ثم لم يَعُدْ لهُما» اهـ. وهذا صريحٌ في أَنَّه صَلاهُما مرَّةً واحدة فقط. ولم يداوم عليهما، وإنَّما كان حديثُ ابن عباس رضي الله عنه أَصَحّ من حديثِ عائشة رضي الله عنها لِمَا يأتي فيه من الاضطرَاب. قال

الحافظُ: وفيه جَرِير عن عَطَاء، وسماعهُ منه بعد الاختلاط، وحديثُ عائشة رضي الله عنها هذا، يَدُلُّ على المُدَاوَمَةِ عليهما، حيث قالت: والذي ذهب به ما تَرَكهما حتى لقي الله. ثُمَّ عند أبي داود عن عائشةَ رضي الله عنها نفسها: أَنَّها رَدَّتِ الأَمرَ إلى أُمِّ سَلَمَة رضي الله عنها حين استَخْبَرُوها عنهما، كأَنَّه لم يَكُن عندَها علمٌ بهما. وعند الطحاوي: أَنَّ معاويةَ رضي الله عنه أَرْسَلَ إلى عائشةَ رضي الله عنها يسألها عن السَّجْدَتَيْنِ بعد العصر، فقالت: ليس عندي صلاهما، ولكن أم سلمة حَدَّثَتني أَنَّه صَلاهُما عندها ... الخ ولو قَطَعنا النَّظر عن هذا الاضطراب فهي بنَفْسِها تقول: إِنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم كان يُصلِّي بعد العصر ويَنْهَى عنها، ويُواصِل ويَنْهَى عن الوِصَال، فحديثُ عائشة رضي الله عنها ليس دليلا على جواز الصَّلاة بعد العصر أصلا أو هو دليلٌ لنا لصراحتها أَنَّها كانت من خصائص النبي صلى الله عليه وسلّم كالوِصَال. أَمَّا إِحْداثُ مرتبة أُخْرَى فيه، والادعاء بجواز نفس الصَّلاة، وإرجاع الخُصوصية إلى المُداوَمَة، فتجريد منطقي لا يُعْتَبَرُ في كلام الشارع، ثُمَّ قد عَلِمْتَ أَنَّ أَصْلَ الخبر كان عند أُمِّ سلمة رضي الله عنها، ولذا أَدَّت إليها عائشة رضي الله عنها حين سُئِلت عنها فهي التي تَرْوي عن النَّبي صلى الله عليه وسلّم بإِسنادٍ فيه زيد بن هارون أنا حماد بن سَلَمَة عن الأَزرق بن قيس عن أُمَّ سَلَمَة رضي الله عنها قالت: يا رسولَ الله أفنقْضِيَهما إذا فاتتا؟ قال: «لا». فما ترى فيها الآن؟ وغايته ما اعتذروا عنه أَنَّ يزيد بن هارون عن حَمَّاد فيه شيء. قلتُ: وقد تتبعتُ له مسلمًا فوجدتُ أنَّه أَخْرَج عِدَّةَ أحاديث بها الإِسناد. ومرَّ عليه السُّيوطي في «الخصائص الكبرى» وصححه، وهو في «مسند أحمد» أيضًا، فإِذن هو في أَعْلَى مرتبةِ الحَسَن لذاته، وعند الطحاوي بأسانيد عديدة: أَنَّ عمر كان يُعَزِّرُ مَنْ كان يُصلِّي بعد العصر وذلك بمحضرٍ من الصحابة رضي الله عنهم، ولم يُنكِرْ عليه أحدٌ أيضًا، وعند الطحاوي عنه: أنَّه طَافَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمسِ، ولم يُصَلِّي رَكعتي الطَّواف حتى بَلَغَ ذو طَوَى. أَخْرَجَهُ موصولا، والبخاري معلقًا، وما ذلك إلا لخُروج وَقْتِ الكراهة. وقد صرَّح الترمذي بعبارةٍ كاد أَنْ تُومىء إلى إجماعهم على ذلك. وهذا نصه: والذي اجتمعَ عليه أَكْثرُ أهلِ العلم على كراهية الصَّلاةِ بعد العصر حتى تَغْرُبَ الشمس، وبعد الصُّبْح حتى تَطْلُع الشمس، إلا ما استُثْنِيَ من ذلك مثل: الصَّلاةُ بمكة بعد العصر حتى تَغْرُبَ الشمس، وبعد الصُّبْح حتى تطلع الشمس يعد الطَّواف. اهـ. كيف لا وقد تواتَرت الأحاديث في النَّهي عن الصَّلاةِ في هذين الوقْتَيْن أَمَّا ما وَرَدَ فيه من الاستثنَاءِ فهو ضَعيفٌ عندَهُم وفي كتاب «النَّاسخ والمنسوخ» عن الأَثْرَمِ أَنَّه كان يقول: حديثُ عائشة رضي الله عنها في مُدَاوَمَةِ الرَّكعتين بعد العصر معلولٌ. وَنَقَل ابنُ الجوزي عن ابنِ عقيلٍ: أَنَّ النَّهيَ عن الصَّلاةِ بعدَ العصرِ والفجرِ لِئَلا يُلْزَم الدُّخول في عين الطُّلُوع والغروب، فالممنوعُ هو الوصل، كما هو مذهبُ بعضِ السَّلَف، ومنه ظَهَر وَجْهُ الجمع بين النَّهي عن الوصالين، قال القاضي ابن العربي: إِنَّ العِلَّة وإِنْ أَوْجَدَت الحُكْم ابتداءً لكن الحكم يَدُورُ على لَفْظِ الحديث انتهاءً. وقال علماءُ الأصول: إِنَّ الحِكْمَةَ لا يجب طَرْدُها وعَكْسُها والذي يَجِبُ فيه ذلك هو العِلَّةُ الفقهية، والنَّبي صلى الله عليه وسلّم لمَّا كان مأمونًا عن هذا التَّخْلِيط، ساغ له أَنْ يُصلِّيهما بعد العصر.

وأَخْرَجَ السُيوطي رحمه الله تعالى: أنَّ أبا أيوب الأنصاري كان يُصلِّي بعد العصر في زمنِ عمر رضي الله عنه، فرآه عمر وهَدَّدَهُ على عادتِه في هاتين الرَّكعتين، فقال له أبو أيوب رضي الله عنه: لا أَتْرُك شيئًا كنت أَفْعَلُه في زمن النَّبي صلى الله عليه وسلّم فقال له عمر رضي الله عنه: مالي ولك؟ إنَّما أَنْهَى عنها سدًّا للذرائع. وهذا يَدُلُّ أَنَّ مذهَبَهُ فيهما كمذهبِ بعضِ السَّلَفِ، وإذا عَلِمْتَ حال هاتين الرَّكعتين، فانصف من نَفْسِك أَنَّ العَمَل بهمَا أَوْلَى أو بالنَّهي الذي تواتر عنِ النَّبي صلى الله عليه وسلّم ولِمثْل هذا تركهما الدارمي، وعَمِلَ بقول عُمَر رضي الله عنه، وإليه مال أكْثَر السَّلَف. وأعلى ما في الباب عندي ما عن الليثِ بن سعد في «الطبقات» ونَقَلَهُ العيني: أَنه حَضَرَ بمكةَ في سَنَةٍ - أراه ثلاثة وثمانين - في موسمِ الحج، وانكَسَفَتْ الشمس بعد العصر، فلم يُصلوا صلاة الكُسوفِ مع كَونِها من ذواتِ الأسباب، فسألوا: أَنَّهم لِمَ لا يُصَلُّون صلاة الكُسُوفِ فقالوا: لكَرَاهةِ الوقتِ، وكان ذلك بمَحْضَر أُلوفٍ من التابعين رحمهم الله تعالى والصحابةِ رِضْوَان الله تعالى عليهم أجمعين. وليث هذا حنفي كما صَرَّح به ابن خَلِّكان في كتاب «الخَراج» وقال الشافعي رحمه الله تعالى في حقه: إنه ليس عندنا بأدون من مالك رحمه الله تعالى إلا أَنَّ أصحابَهُ ضَيَّعُوهُ. وهذا الليث يَرْوِي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى في باب قِراءَةِ الفاتحة خلف الإِمام عند الطحاوي رحمه الله تعالى، وقد نَقَلْنَا صورةَ الإِسنادِ فيما سَلَف. ثُمَّ لا يَخْفَى عليك أَنَّ تَقلِيدَ مثل الليثِ كتقليدِ المتقدمينَ. وفي مُسْنَدِ الدارمي: أَنَّه لمَّا حَدَّثَهُم حديث عائشة رضي الله عنها سألوه عنه، قال: وإنَّما عَمَلي على ما عَمِلَ به عُمر. وإنَّما كان يَعْمَل بهما ابنُ الزبير رضي الله عنه تَعَلَّما مِنْ عائشة رضي الله عنها كما هو عند المصنِّف رحمه الله تعالى في الحجِّ قال: رأيتُ ابنَ الزبير رضي الله عنه يُصَلِّي رَكعتين بعد العصر، ويُخْبِر أَنَّ عائشةَ رضي الله عنها حَدَّثَتْهُ أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلّم لم يَدْخُل في بيتها إلا صلاهما. قال الحافظُ رحمه الله تعالى: وكان ابنُ الزبيرِ فَهِمَ منه ما فَهِمَتْهُ عائشة رضي الله عنها، أي أَنَّ النَّهي عن الصَّلاةِ بعد العصر، مُخْتَصٌّ بِمَنْ قَصَدَ الصَّلاة عند غروبِ الشمس. ثُمَّ يَظْهَر مِنَ الرِّوايات أَنَّهما رَكْعَتَانِ فاتتاه بعد الظُّهْرِ فقضَاهُما بعد العصر، ومِنْ سُنَن الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام أَنَّهم إذا فَعَلوا عِبَادةً مرةً داوموا عليها، وكثيرٌ من عبادتِنا من شَعَائِر عباد اللَّه، كما مرَّ عن الطحاوي رحمه الله تعالى (¬1). ¬

_ (¬1) قلتُ: وعن عائشةَ رضي الله عنها بعدَ هذه الرِّوايات بقليل، أَنَّها قالت: رَكعتانِ لم يَكُنْ رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يدعهما سِرًّا ولا علانِيَة، رَكعتان قَبْلَ الصُّبْحِ، ورَكعتان بعد العصرِ. اهـ وهذه الرِّواية تُنَاقِضُ ما رُوِيَ عنها أنه كان يُسِرُّ بهما ولا يُصَلِّيهما في المسجد، مَخَافَةَ أَنْ يُثْقِلَ على أُمَّتِه إلا أنْ يُقال: إنَّ تعميمَ السرِّ والعلانِية بالنسبةِ إلى رَكْعتي الفجرِ دون التي بعد العصر. ثم نَقَلَ الحافظُ رحمه الله تعالى فيهما زيادة. وهي: "لم يكُن يَدَعُهُما في بيتي"، فإن استطعتَ أنْ تأخُذَ السرَّ والعلانِيةَ باعتبار البيت فافعل، وإلا فيكونُ هذا اضطرابًا آخر، وحينئذٍ لا يجري فيه ما جَمَع به الحافظُ رحمه الله تعالى بين حَدِيثَي ابنِ عباسِ وعائشة رضي الله عنهما، مِنْ أَنَّ النفي في حديث ابنِ عباس رضي الله عنه محمولٌ على عِلْمِ الراوي، فإِنَّه لم يَطَّلع على ذلك، لكونِهما في بيتها والله تعالى أعلم.

35 - باب التبكير بالصلاة فى يوم غيم

35 - باب التَّبْكِيرِ بِالصَّلاَةِ فِى يَوْمِ غَيْمٍ 594 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى - هُوَ ابْنُ أَبِى كَثِيرٍ - عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ أَنَّ أَبَا الْمَلِيحِ حَدَّثَهُ قَالَ كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ فِى يَوْمٍ ذِى غَيْمٍ فَقَالَ بَكِّرُوا بِالصَّلاَةِ فَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ الْعَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ». طرفه 553 - تحفة 2013 واعلم أَنَّ التأخيرَ مستحبٌ عندنا في جميع الصَّلواتِ غير المغرب مطلقًا، والعصر والعشاء يوم غيمٍ فقط. وعند الشافعية رحمهم الله تعالى: يُستحبُ التعجيل في جميعها غير العشاء. 36 - باب الأَذَانِ بَعْدَ ذَهَابِ الْوَقْتِ 595 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سِرْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ لَوْ عَرَّسْتَ بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «أَخَافُ أَنْ تَنَامُوا عَنِ الصَّلاَةِ». قَالَ بِلاَلٌ أَنَا أُوقِظُكُمْ. فَاضْطَجَعُوا وَأَسْنَدَ بِلاَلٌ ظَهْرَهُ إِلَى رَاحِلَتِهِ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَنَامَ، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَقَالَ «يَا بِلاَلُ أَيْنَ مَا قُلْتَ». قَالَ مَا أُلْقِيَتْ عَلَىَّ نَوْمَةٌ مِثْلُهَا قَطُّ. قَالَ «إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ، وَرَدَّهَا عَلَيْكُمْ حِينَ شَاءَ، يَا بِلاَلُ قُمْ فَأَذِّنْ بِالنَّاسِ بِالصَّلاَةِ». فَتَوَضَّأَ فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ وَابْيَاضَّتْ قَامَ فَصَلَّى. طرفه 7471 - تحفة 12096 وفيه حديث ليلةِ التعريسِ، والمسألةُ فيه عندنا أَنَّ الفَوائِتَ إذا اجتمعت فإِنَّه يُؤذِّنُ فقط ويقيمُ لسائِرها، ثم إِنَّ سُنِّيةَ الأذان لا لفائتة مَحْمُولٌ على ما إذا قضاها في البيت، أَمَّا إذا قَضَى في المسجد فلا يُؤذَّنُ لها. ثم إنَّ واقعةَ ليلَةِ التعريس واحدة عند القفول من خَيْبَر ولا بُدَّ. ومنهم مَنْ زَعَم أَنَّها متعددة نظرًا إلى تَغَايُرِ الألفاظِ وتَصَرُّفات الرُّواة وهو بعيدٌ عندي (¬1). ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد يشق على الذين لم يدخل الإِيمان في قلوبِهم فوات صلاةِ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في تلك الليلة. قلتُ: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قد كان قَيَّض رجلًا لإيقاظِه، وكان بلال تَكَفَّلَ به، فلا بأس إذن في نومه، ولا إثم. وهو معنى قوله: "ليس في النوم تفريط، وإنما التفريط في اليقظة" وعند النسائي في باب "من نام عن صلاة" ما يوضحه. وفيه: "إنَّما التفريطُ فيمنْ لم يُصَلِّ الصَّلاة حتى يجيء وقتُ الصَّلاة الأُخْرَى حتى يثبته لها، وإنَّما ذَكَرتُ هذا اللفظ، لأنَّه ليس في عامة طُرُقِه وهو مفسر. ثُمَّ إنَّ مِنْ سُنة الله أَنَّ بعضَ الألفاظِ قد تجري على أَلْسُن المقرَّبين أَوْ يَخطُر ببالهم ما يُقَدَّرُ وقوعه فيقع، كما جرى على لسانِهم أَوْ خَطَرَ ببالهم، إمَّا لأنَّه ينعكس في قلوبهم ما سيقع في الخارج، أو يكون لهذا الجَريان والخُطْورِ تأثير في تحققه تكوينًا، ولذا نُهينا عن الدُّعاء على الأولاد، لأنَّه قد يُوافِقُ ساعةَ الإِجابة فيقع، كما جَرَى على اللسان، وقد سَمِعْتُ من شيخي رحمه الله تعالى: أَنَّ المعتبرَ في باب الأدعية والنُّذور هو الألفاظ أيضًا دون المعنى فقط، وإذا كان حالُ أمتهِ العاصين هذا، فليقس عليه حال بنيها، وقد أشار إليه الشاه عبد القادر رحمه الله تعالى =

595 - قوله: (إنَّ الله قبضَ أرواحكم) وقبضُ الروحِ عند العامة: أَنْ يَذْهب الله بها، وحقيقته ما نبَّه عليه السُّهَيْلِي، وحاصله: أَنَّه قريبٌ مِنَ الغَطِّ والضَّغْطِ كَضَمِّ الأصابع على شيءٍ، وجعله صغيرًا بعد ما كان كبيرًا، مثلا: كأن عندك قُطْن مَنْفُوش فقبضته وضممت عليه أصابعك، فجعلته صغيرًا في يدك بهذا القبض بعدما كان منتفخًا في الخارج، وقبض الله سبحانه الأرواح عبارة عن تعطيلها عن بعض الأفعال، بعدما كانت ساريةً في الجسم تحركها، فإذا قُبِضَت فقد تَعَطَّلَت عن بعض أفعالِها كما تَرى في النوم. وترجمته في الهندية - بهينجنا - فالتوفي والإِرسال في قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} ... الخ، عبارة عن تعطيلِها عن بَعضِ الأفعال ثم ردها إليها وإذا أراد الله أَنْ يتوفاها توفى الميت، فَيَقْبُضُ الأرواح قباضًا لا إرسالَ بعدها، فتتعطَّل عمَّا كانت تُشغَل فيه بالكلية، وهو بإِخراجِها عن أجسادها، لأن التَّعطُّلَ بالكلية لا يكون إلا بذلك، فإِنها ما دامت في الأجسادِ لا تزال تْشغَل ببعض تدبيرها، فإِذا نُزعت عنها وأُخرجت فقد تعطَّلت عن تدبيرها مطلقًا، ولم يَبْقَ لها معها تعلُّق التدبير أصلا. فهذا أيضًا نوعٌ من القبض، وهو القبض التام. وحينئذٍ انكشف معنى قوله صلى الله عليه وسلّم عند أبي داود: «ما من أحدٍ يُسلِّم عليَّ، إلا ردَّ اللَّهُ عليَّ رُوحي، فأُسَلِّمُ عليه» - بالمعنى - أي كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم مُعَطَّلا عن ذلك الجانب، مشغولا بجناب القُدُس، فإِذا سُلِّمَ عليه يَرُدُّ الله عليه روحه ويُشْغِلُه بذلك الجانب، حتى يَرُّدَّ عليه السلام، وليس معناه الإِحياء والإِماتة، وهو ما أرادَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في عذر بلال عن نومه: «إن الله قَبَضَ أرواحَكم حين شاء، وردَّها حين شاء». ومعلومٌ أن بلالا لم يَتَوَفَّ كالميت، ولم تَخْرُج رُوحُه من جسده، ¬

_ = في فوائِدِه فراجعها من قوله تعالى: {رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا} [المائدة: 114] ومن قوله تعالى: {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156] ومن قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} [يوسف: 33] ومن قوله تعالى: {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} [يوسف: 13] فإنَّه أشار إلى أَنَّه يُرَاعى بحضرة الرب ما يجري على ألسُن الأنبياء عليهم السلام. إذا سمعت هذا فاعلم أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما عرس بعد ما لحقهم التعب وسألوه التعريس فقالوا: لو عَرَّست بنا يا رسول الله، ثُمَّ جرى على لسانِه وخَطَرَ ببالِهِ ما كان واقعًا تكوينًا. فقال: إني أَخَافُ أن تناموا عن الصَّلاة على نحو ما جَرَى على لسانِ يعقوب عليه السَّلَام إنِّي أخاف أن يأكله الذئب فوقع كما خطر ثَم إِنَّ التكوين أَمر غير التشريع، ولم نُكَلَّف بما في التكوين، فإذا أرَدْنَا أن نعرس فليس علينا إلّا أَنْ نوكِّلَ رجلًا أَنْ يوقظنا، فلو نامَ الرجلُ ونمنَا فهو تكوين. وما قدَّره الله تعالى فهو آتيه لا محالة. فالتشريعُ لا يسد باب التكوين، ولذا قال يعقوب عليه السلام بعد ما أَوصَاهم ألا يدخلوا من باب واحد، ولا أغني عنكم من الله شيئًا، فكان كما جَرَى على لسانه حتى جاءه التقديرُ من باب آخر، ولم يمنعه دُخولُهم من أبواب متفرقة، نبه عليه الشاه عبد القادر رحمه الله تعالى أيضًا، ثُمَّ قَد يَغْلِب عليهم التكوين من جهة الله سبحانه، ومن هذا الباب حكايةُ موسى عليه السَّلام خَلفَ الحجر عُريانًا، وإلقاءِ النبي - صلى الله عليه وسلم - إزاره على مَنكِبهِ ولُقِّي النَّصبِ لموسى عليه السلام من السفر، وإليه يشير قوله: "إنما أنسى لأسن" أي يُلقى عليَّ النسيان تكوينًا ليسن ما ينبغي في مثل هذه، وأمكَنَ أن يكون نومه أيضًا من هذا الباب والله تعالى أعلم، وهو يهدي إلى الصواب.

ليكون الردُّ بمعنى إعادتها فيه، بل بمعنى أنها كانت تعطَّلت عن أفعالِ اليَقْظان، فلم تقدِر أن تُوقِظَ أحدًا وتحفظَ ما يحفظه ولكن الله سبحانه إذا ردَّها عليه، شُغِلت فيما تُشغل فيه أرواح الناس في اليقظة، وقَدَرَت على ما كانت تَقدِرُ عليه من قبل. فهذا هو حقيقته إن شاء الله تعالى، فذقه واحفطه في وعائك، وأَشْرِكْنَا في دعائك. أما الفرقُ بين الروح والنفس، فألطف ما وجدته في كلام السُّهيلي، وَنَبْذَة منه: أنه شيءٌ واحدٌ تغايرت أسماؤه بتغايُرِ صفاته، فيُسمَّى روحًا باعتبار تجرُّدِه، ويسمَّى نفسًا باعتبار تعلُّقِه بالبدن، واكتسابه المَلَكات الردية كالماء، فإنَّه ماءٌ ما دام في الخارج، وإذا تشرَّبته الشجرةُ، فتغيَّرت أوصافه، يُسمَّى باسمٍ آخر، حتى لا تبقى له أحكام الماء، ولا يجوز به الوضوء. قوله: (فلمَّا ارتفعت الشمسُ وابْيَاضَّتْ)، ولعلَّك تدري وتَفْهَمُ أنه لماذا ارتقب الارتفاع والابيضاض، ولم يُصلِّها إذا ذكرها، وما ذاك إلا أنه قد تواتر النهيُّ عن الصلاة حتى ترتفعَ الشمس. فهذا قولُهُ، وذاك فعلُهُ، فانظرهما، وفَكِّر في لفظ الابيضاض ماذا يُفيد؟ وأَصْرَحُ منه ما عند الدَّارَقُطْنِي: «حتى إذا أَمْكَنَنَا الصلاة». ثم ارجع إليه البصر كرتين لا يُفيدكَ إلا أنهم قبل الارتفاع لم يكونوا في مُكْنَة الصلاة، فلم يُصَلُّوها، فإن احْتَالُوا بأنه كان هناك واديًا حَضَرَ فيها الشيطان، فتنحَّوا عنها لذلك، فقل لهم: إنه لو كان هذا هو المؤثِّر، لكان حقّ العبارة أن تكون هكذا: «فلما زِلْنَا عن مكان الشيطان، وبعُدَ الشيطانُ عنا»، لتكون إشارة إلى وجه التنحِّي. ولا تجده ولا مثله في لفظٍ. ثم هل المسألةُ عندك أن لا يُصَلِّي في كل مكان فاتتك الصلاة، أو سوَّيْتَها لجوابنا فقط. ثم مالك تَتَبَاعَدُ عن مكان الشيطان وتتقارن بزمانه، فإنه كنتَ تريدُ أن تقع عبادتك في حيَّز مرضاة الله، فاجتنب عن مكانِهِ وزمانِهِ جميعًا. ولا تدع الشيطانَ يفرحُ من عبادتك حين تَسْجُد وهو قائم بين يديك، فـ: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} [فاطر: 6] ولعلّك تَفْهَمُ الآنَ أنه كان يتحرَّى أن يَخْرُج وقت المكروه، فلذا إذا ارتفعت الشمسُ وزُحزحت عنها الصُّفْرة، وجد مُكْنَة للصلاة فصلاها. وفي كتاب «الآثار» لمحمد رحمه الله تعالى: وليس في غيره أنه جهر فيها أيضًا، وهو المختار عندي. هذا ما سمعت في الفجر. فإن شئتَ أن تَعْلَمَ حال العصر وأنه هل يُصلِّيها إذا ذكرها ولو عند الاصفرار، فراجع «الصحيح» لمسلم حتى يتبينَ لك شرحُ قوله: «لا صلاةَ بعد الفجر حتى تَطْلُع الشمس، ولا صلاةَ بعد العصر حتى تَغْرُبَ الشمس» بجزئيه من قِبَلِ صاحب الشرع. فعند مسلم في باب الصلاة الوسطى صلاة العَصْر، عن عبد الله قال: «حَبَسَ المشركونَ رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن صلاةِ العصر حتى احمرَّت الشمس أو اصفرَّت». وعند البخاري في باب من

37 - باب من صلى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت

صلَّى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت: «حتى كادت الشمس تغرُب». ومع هذا لم يصلِّها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إلا بعد ما غَرَبَت الشمس، كما في البخاري في هذا الحديث. والاعتذار عنه بأنه لم يكن على وضوءٍ، أو انتظر أن يجتمعَ الناس، أو لم تَنْزِل صلاة الخوف بَعْدُ، فكلها لا يَعْلَقُ بالقلب. وبالجملة: إن الأحاديث في الأوقات المكروهة قد اشتهرت، وفيهما عندنا بيان من قِبَل صاحب الشرع أيضًا. أمَّا في الفجر، فما رُوِيَ عنه في ليلة التعريس. وأمَّا في صلاة العصر، فكما في غزوة الأحزاب، وأمسك النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فيها عن الصلاة حتى خرج الوقت المكروه، وحسبك قُدْوة بهما. أمَّا صحة عصر اليوم عند الاحمرار عندنا، فقد مرَّ تحقيقه وأنه هل يُؤْمَرُ بها إذ ذاك أو يؤخِّرها. وكيفما كان، ولكنه لا يجب عليه أن يصلِّيها إذا ذكرها. 37 - باب مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الْوَقْتِ 596 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كِدْتُ أُصَلِّى الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا». فَقُمْنَا إِلَى بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ، وَتَوَضَّأْنَا لَهَا فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ. أطرافه 598، 641، 945، 4112 - تحفة 3150 ولم أر في فِقْهِ الحنفية أنهم قالوا بوجوب الجماعة على من قضاها بعد الوقت. 596 - قوله: (يوم الخَنْدَق)، وهي في السنة الرابعة أو الخامسة. وقد كان الخَنْدَق حُفِرَ على رأي سلمان الفارسي، فإنه كان من دَأْب العجم. قوله: (ما كِدْتُ). واخْتُلِفَ في «كاد» في الإيجاب والنفي، والمختار أن شاكلتَه شاكلةُ سائر الأفعال، وحاصلُ قول عمر رضي الله عنه: أنه صلَّى العصر مُنْفَرِدَا بكُلْفَةٍ. ثم في عدد قضاءِ صلوات النبيِّ صلى الله عليه وسلّم يوم الخَنْدَق اختلافٌ، فعند «الصحيحين»: أنه لم تَفُتْهُ إلا العصر. وعند الطحاويِّ: أنه فاتته الظُّهْر والعصر والمغرب، وفي إسناده الإمام الشافعيُّ رحمه الله تعالى، وصحَّحه ابن سيد الناس. فمن اقتصر على حديث «الصحيحين»، قال: إنه وَهمٌ. ومن سَلَكَ طريق الجمعِ بينها، قال كما قال به ابن سيد الناس: إن واقعة الخَنْدَق بقيت أيامًا، فكان هذا في بعض الأيامِ، وهذا في بعض. ثم في عَدِّ المغرب من الفوائت مُسَامحةٌ، فإنها لم تَفُتْهُ، ولكنها أُخِّرت عن وقتها شيئًا، فعبَّره عن الفوات. والحافظ ابن سيد الناس من شيوخ مشايخ الحافظ ابن حَجَر.

38 - باب من نسى صلاة فليصل إذا ذكرها ولا يعيد إلا تلك الصلاة

38 - باب مَنْ نَسِىَ صَلاَةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا وَلاَ يُعِيدُ إِلاَّ تِلْكَ الصَّلاَةَ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ مَنْ تَرَكَ صَلاَةً وَاحِدَةً عِشْرِينَ سَنَةً لَمْ يُعِدْ إِلاَّ تِلْكَ الصَّلاَةَ الْوَاحِدَةَ. 155/ 1 597 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالاَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ نَسِىَ صَلاَةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا، لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إِلاَّ ذَلِكَ». {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] قَالَ مُوسَى قَالَ هَمَّامٌ سَمِعْتُهُ يَقُولُ بَعْدُ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} تحفة 1399 وَقَالَ حَبَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ. تحفة 1399 يمكن أن يكونَ إشارةً إلى اختيار مذهب الشافعية. ويمكن أن يكونَ قولهُ: «إذا ذكرها» تَبَعًا للحديث فقط، فيجري الكلامُ فيه كما في الحديث. وفَهِمَ بحر العلوم في «الأركان الأربعة»: أن مبنى الخلاف بيننا وبين الشافعية لفظة: «إذا» فهي على ملحظِ الحنفية: شرطية، وعلى نَظَرِ الشافعية رحمهم الله تعالى: ظرفية. ولعلَّه أخذه مما ذُكِرَ في الكُتُب من الخلاف بين الإمام وصاحبيه في مسألة: إذا لم أُطَلِّقْكِ، وإن لم أُطَلِّقْكِ، حيث تطلُق في الصورة الأولى كما سكت، وفي الثانية: لا تُطْلَق حتى يموت أحدهما. وهذا عندهما. أما عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى: «فإذا» فيه «كإِن». قالوا: إن مبنى الخلاف فيه: أن «إذا» عند الإِمام: شرطية، وعند صاحبيه: ظرفية. قلت: والفرق بين إذا الشرطية والظرفية أن الأولى للوقت المُبْهَم، والثانية للوقت المُعَيَّن. والعاملُ في الظرفية فعل الجزاء. واختُلف في الشرطية، فقيل: فعل الشرط، وقيل: كالظرفية. ومنه ظهر وجهُ الفرقِ بين المسألتين عند الصاحبين. ومبنى الخلاف عندي هو: اختلاف التفقُّه فقط. وحاصلُ الحديث عندي: إيجابُ القضاء فقط. ولا تعرُّضَ فيه إلى مسألة الأوقات المكروهة لنجعله هادمًا أو ناسخًا لها، فمسألة الأوقات قد فَرَغَ منها الشرع في موضعها، وحرَّرها وكرَّرها حتى صَدَعَ بالنهيِّ عن الصّلاة في تلك الأوقات، ثم ذكر مسألة إيجاب القضاء. وأما قوله: «إذا ذكرها»، فمعناه على المعهودية في الأوقات، يعني إذا ذكرها في الأوقات التي هي أوقاتها عند الشرع، أمَّا إذا ذكرها في الأوقات المكروهة، فليس ذلك وقتها عند الشرع. وإنما وقت التذكُّر وقتها إذا صلاها في غير وقت الكراهة. وهذا دَأْبُ الشريعة في غير واحدٍ من المواضع: إذا فَرَغَت عن ذكر الشرائط مرةً، تَسْكُتُ عنها في سائر المواضع، وتُرْسِلُ الكلامَ اعتمادًا على تمهيدها من قبل. ومن هذا الباب: أحاديث الإيمان، وأحاديث الوعد والوعيد. والذي يغفُلُ عن هذا يجعلُ كلَّ حديث كلِّية، ثم يقع في الخَبْطِ. فهكذا ههنا، إذا مُهِّدَت

مسألة الأوقات، وبُسِطَت في موضعها كلَّ البَسْطِ، لم تَبْقَ حاجةٌ إلى ذكرها في كلِّ موضعٍ، وصارت كأنها مفروغٌ عنها، ثم يكون بناء كلامه عليها نظرًا إلى تلك المعهودية. فمن جوَّز الصلاة في الأوقات المكروهة، فقد عضَّ بإبهام «إذا»، وترك التواتر المنصوص، وعَدَل عن المكشوف إلى المجهول، مع أنه لم يَثْبُت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم الصلاة في عين الطلوع والغروب ولو مرةً، ولو كان فيها وُسْعَةٌ لَثَبَتَتْ فيها أيضًا، كما ثَبَتَتِ الركعتان بعد العصر (¬1). قوله: (ولا يُعِيدُ إلا تلك الصلاةَ) أشار به إلى ما وقعَ عند أبي داود: «فإذا سها أحدُكم عن صلاةٍ، فَلْيُصَلِّها حين يذكرها، ومن الغد للوقت». وفي لفظٍ عنده: «فمن أَدْرَك منكم صلاة الغَدَاة من غدٍ صالحًا، فَلْيَقْضِ معها مثلَها»، وظاهره: أن كل من فاتَتْه صلاةٌ يُعيدها مرَّتين إذا ذكرها، ومن الغد إذا أتى وقتها. قال الحافظُ بعدما نقل كلام الخَطَّابي (¬2) مِنْ حَمْلِهِ على الاستحباب أنه لم يَقُلْ أحدٌ من السَّلف باستحباب ذلك أيضًا، بل عدُّوا الحديث غلطًا من رَاوِيه. وحَكَى ذلك الترمذيُّ وغيره عن البخاريِّ. ويؤيِّدُ ذلك ما رواه النَّسائي أنهم قالوا: «يا ¬

_ (¬1) قلت: ومحطُّ قوله: "إذا ذكرها" هو تركُ التوقيتِ فيها على خلاف شاكلة الصلاة المؤدَّاة، فإِنها ليست: إذ ذكرتها، بل حين جاء وقتها. وهذا ما قاله علماء الأصول عند تقسيم المأمور به: إنه مطلقٌ عن الوقت، ومقيَّدٌ به، وعدّوا الفوائتَ من القسم الثاني، فالإطلاق فيها أن لا تتقيدَ بالأوقات التي كانت مقيَّدة فيها، وتراقبها قبل أن تَفُوتَ عنك، لا أن تلقيها في الأوقات المكروهة التي نهي عنها، وهذا كالطبيب يحميكَ عن أشياء ما دُمْتَ مريضًا، فإِذا بَرِئْتَ وشُفِيتَ يجيزُ لك بأكل جميعها، ويقول: الآن كُلْ ما شِئْتَ، فيكون تعميمًا في اللفظ، ولا يريدُ إلَّا ما جاز أكله للأصحاء. وهذا ينفَعُكَ في جواب ما أُوردَ على قوله تعالى في الحديث القدسي: "افعلوا ما شِئتُم، فقد غَفَرْتُ لكم" لا يريدُ به إلَّا التعميمَ في اللفظ، ورفعُ القيد في العُنوان كرامةً لهم، والكريمُ إذا رُفع عنه القيد في العنوان يرى نفسه أوثق مما كان، ولذا قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أفلا أكون عبدًا شكورًا، فمن أكل السُّمَّ بعدما أجازه الطبيبُ أن يأكل كل شيء، وعمل بتعميمه ثم مات، فلا يَلُومَنَّ إلَّا نفسه، فإن التخييرَ إنما يجري في الجائزات دون المحرَّمات. فإن قلتَ: فحينئذٍ لم يَبْقَ فيه لأهل بدر كرامةً قلتُ: كلا، بل هي كرامةٌ أي كرامةٍ، فإِنهم قد عَملُوا عملًا كُفُوا عن كسب سائر الحسنات على حدُّ قَوله: "ما ضرَّ عثمان ما عمل بعده" أو كما قال فقد تكون طاعةٌ تغنيك عن الفواصل، وتكفيك لآخرتك، فهؤلاء أهل بدر قد عَمِلُوا عملًا أعلن به على لسان رسوله في الدنيا أنه كفى لنجاتهم، فليعملوا ما شاؤوا، ولا حاجةَ لهم لنجاتهم إلى تجشُّم الأعمال، وتكلُّف المشاق، وسهر الليالي والأيام، فأيَّة منقبةٍ بعد ذلك تريد؟ والحاصل: أن التعميمَ بالنسبة إلى الوقت الذي كانت الصلاة مقيَّدةً به، لا بالنسبة إلى الأوقات المكروهة، فافهمه. (¬2) قلتُ: ولفظ الخَطَّابي في "معالمه": لا أعلم أحدًا من الفقهاء قال بها وجوبًا، ويُشْبِهُ أن يكون الأمرُ به استحبابًا ليُحرِزُ فضيلة الوقت في القضاء، اهـ. أَمَّا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا كفارةَ له إلَّا ذلك"، فقال الخَطَّابي: يريد أنه لا يَلْزَمُه في تركها غُرْمٌ أو كفَّارةٌ من صدَقةٍ أو نحوها، كما يَلْزَمُه في ترك الصوم في رمضان من غير عذر الكفِّارة، وكما يَلْزَم إذا ترك شيئًا من نَسكه كفارةٌ، وجبران دم، وإطعامٌ، ونحوه. وفيه دليلٌ على أن أحدًا لا يُصَلِّي عن أحدٍ كما يَحُجُّ عنه، وكما يؤدِّي عنه الديون ونحوها. وفيه دليلٌ على أن الصلاة لا تُجْبَرُ بالمال، كما يُجْبَرُ الصوم ونحوه. اهـ. قلت: أَمَّا لزوم الكفارة من ترك الصوم في رمضان من غير عذر، فلا أَعْرِفُ أن يكونَ مذهبًا للأئمة الأربعة، إلَّا أن يكون المرادُ من الترك الفسادَ، والإِفطار بعد الصوم، أمَّا إذا لم يصُم فلا كفَّارة عليه، وعليه قضاءٌ.

رسول الله، أَلا نقضِيها لوقتها من الغد؟ فقال صلى الله عليه وسلّم لا، يَنْهَاكم اللَّهُ عن الرِّبَا، ويأخذَه منكم» (¬1)؟ قلت: وهو عندي محمولٌ على الاستحباب، كما قال به الخَطَّابي: أنه يُشبه أن يكونَ الأمرُ فيه للاستحباب، ليُحْرزَ فضيلة الوقت في القضاء. اهـ. والحديث عندي صالحٌ للعملِ، فلا يُسوَّغُ إنكاره أو التخلُّص بنحوٍ من التضعيف. نعم، يجري البحث في أن مَنْ أَعاد الصلاة للتكميل، فهل يَسَعُ له أن يُصَلِّيهَا في الأوقات المكروهة؟ ويَلْزَمُ من أقوالهم أن ذلك واسع له. ثم رأيت في مناقب الإِمام الأعظم رحمه الله تعالى أنه فاتته صلاةٌ مرةً، فكان يُعيدها إلى زمانٍ طويلٍ (¬2). ¬

_ (¬1) قلتُ: هكذا وجدته في "الفتح"، وفيه غلطٌ من الناسخ، واللفظ الصحيح: "ينهاكم الله عن الربا، ويأخذه منكم"* ثم سِيَاق كلام الحافظ رحمه الله تعالى يدلُّ على أنه أتى بهذه الرواية لتؤيِّد عدم الاستحباب، مع أنها تَدُلُّ على خلافه، كما في "حاشية أبي داود" عن ابن حِبَّان. وذكر ابن حبَّان في "صحيحه" فقال بعد رواية هذا الحديث: هذا أمرُ فضيلةٍ لمن أَحب ذلك، لا أن كلَّ من فاتته صلاة يُعيدها مرتين إذا ذكرها والوقت الآتي من غدها، ثم روى حديث الحسن، عن عِمران بن حُصَيْن أنه - صلى الله عليه وسلم - لمَّا صلى بهم، قال: "قلنا يا رسول الله: أَلَا نقضيها لوقتها من الغد؟ فقال: نهاكم ربكم عن الربا، ويقبله منكم"؟ اهـ. ويمكن أن يكون لفظ "ذلك" في قوله: ويؤيِّد ذلك، إشارةً إلى قول الخَطَّابي، وحينئذٍ يَرْجِعُ إلى ما قاله ابن حِبان. وفيه تأويل آخر ذكره الشارحون، وهو: أنه إذا فاتته صلاة فقضاها، فلا يتغيَّرُ وقتها في المستقبل، بل يُصليها من الغد لوقتها المعهود. قلتُ: وهذا أعجب إليَّ، وإليه يشيرُ ما عند مسلم في بعض طُرُق حديث قَتَادة، ولفظه: قال: "فإذا كان من الغد، فلْيُصلها عند وقتها". اهـ. وهو معنى ما عند أبي داود: "فلْيُصَلها حين يذكرها، ومن الغد للوقت". أي أنه يقضي اليوم الفائت حين يذكرها، أَمَّا من الغد، فإنه يصلِّيها للوقت المعهود. نعم، لا يتحمله اللفظ الثالث عند أبي داود كما مرَّ، لأن فيه تصريحًا بقضاء مثلها، وكذلك ما استشهد به الحافظ من رواية النَّسائي. وأنت تعلم أن ألفاظَ الحديث إذا اختلفت ولم تأتِ على موردٍ واحدٍ، فلا سَبيلَ إلَّا إلى الترجيح، وإنما ذهبتُ إلى هذا التوجيه لَمَّا وجدت ألفاظَ الحديث تشير إليه، لِمَا في ألفاظه: "فَليُصلهَا إذا ذكرها، فإن ذلك وقتها"، فهذا يُوهِمُ أنه إذا صلَّاهَا اليوم في ذلك الوقت، لأن ذلك وقتها، فلعلَّه يُصلِّيها بعد ذلك أيضًا في ذلك الوقت لما يكون وقتُهَا قد تحول إليه، فأزاحه أن قوله: "فإن ذلك وقتها" لهذه الفائتة فقط، ولهذا اليوم فقط. أمَّا من الغد، فإنه يُصَلِّيها لوقتها. قلت: ولعل لفظ "الفتح" هو الصحيح، فكلمة "لا" في قوله - صلى الله عليه وسلم - جوابٌ بالإنكار لِمَا سألوه عنه. فمعنى قوله: "لا" لا تقضوا، وقوله: "ينهاكم عن الربا" ... إلخ استعجابٌ واستعظام، يعني كيف يكون ذلك، أينهاكم عن الربا ويأخذه منكم؟ كلا لا يكون ذلك. وعلى هذا المحمل ما عن عِمْرَان بن حُصَيْن عند ابن حِبان، فتطابقت الروايتان، فليست كلمة "لا" داخلة على "ينهاكم". (المصحح البنوري). (¬2) قلتُ: ولعلَّ مراد الشيخ من حمله على الاستحباب هو الاستحباب للخواص، وقلما يأتي ذكره في الفقه، كالوضوء من مسِّ الذكر، ومسِّ المرأة، ولحوم الإبل عنده، وقد مرَّ تقريره. فلا يرد أن استحبابَه لم يُنقل عن أحدٍ من السلف، فإنه مستحبٌّ لأجل المعنى فقط. والذي يُنْقَل ونُعْنَى به هو المستحبُّ لأجل المعنى والصورة جميعًا. وقد حققناه من قبل. والله تعالى أعلم بالصواب. اهـ.

ثم إنه يَنْوِي عند الإِعادة تلك الصلاة بعينِها، وتقع عنه نفلا، لا أنه يَنْوِي النفل أيضًا، كما قاله به بعض الحنفية. فإن الطحاويَّ قد صرَّح في مواضعَ من كتابه: أن المذهب عندنا هو الإِعادة. نعم، تقع نفلا، لأنه قد أسقط عنه الفرض بصلاته مرَّةً، وسنوضحه في حديث مُعَاذ بن جبل رضي الله عنه إن شاء الله تعالى، فاحفظه، فإنه ينفعك في مسألة إعادة الصلوات. قال الحنفيةُ: إن مَنْ صلَّى مرةً ثم أدركته الجماعة، فإنه يعيدها إلا الفجر والعصر. وذهب الشافعيةُ إلى الإِعادة في الصلوات الخمس. قلت: وإن كانت الإعادة في كتبنا في الثلاثة فقط، إلا أن نفسي قد تتحدَّث بجواز الإعادة في الخمِيس (¬1). والله تعالى أعلم. 597 - قوله: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) واسْتَشْكَلَ مناسبتَه بما قبله. قلتُ: والآية وإن وردت في موسى عليه الصَّلاة والسَّلام، إلا أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم تلاها ههنا على معنى أن الصلاة للذكر، والذكرُ غير موقَّت. فالصلاة إذا صارت قضاءً، انتقلت إلى شاكلةِ الأذكار، وبقيت غير موقَّتة مثلها، فلا يُتوهَّم أنها كانت موقَّتة بالوقت، فإذا ذهب الوقت، فلا قضاء لها. ثم هناك دقيقةٌ: وهي أن القرآن كثيرًا ما ينتقلُ إلى ذكر الأذكار عَقِيب ذكر الصلاة، فهل تدري لِمَ ذاك؟ والسِّرُّ فيه: أنه يُشير إلى أنكَ إذا فَرَغْتَ عن الذكر الموقَّت، فعليك بِذِكْرِكَ السابق الغير الموقَّت: {فَاذْكُرُواْ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} [النساء: 103]، ولعلَّه نحو تلافٍ لِمَا عسى أن يقع منه من التقصير في صلواته. ولذا لَمَّا فَرَغَ عن صلاة الخوف، قال: {فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ} [النساء: 103] لينجبرَ به ما قد وقعَ من التقصير في صلاة الخوف، فإنه يكون فيها للإيابِ والذهابِ وغيرها. وقال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ} [النساء: 103]، وقال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُواْ فِى الأْرْضِ وَابْتَغُواْ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا} [الجمعة: 10]. وحاصلها: أن روحَ العبادة هو الذِكْرُ، وقد جعله الله في اختياركم، أمَّا الصلاةُ، فإنها موقَّتة، قد تكون وقد لا تكون، فإذا فَرَغْتُم منها، فادخلوا في وظيفتكم الأصلية المطلقة. ومحصَّلُه: أنك إذا لم تكن عندك من وظيفتِك الموظفة، فاشغَلْ أوقاتك بذكر الله. وراجع كلام الشاه ولي الله رحمه الله تعالى من «شرحه على الموطأ» (¬2). ¬

_ (¬1) قلتُ: وفي تقرير الفاضل عبد العزيز من كلام الشيخ: أن حمله على الاستحباب إنما يُسَوَّغ في الصلوات التي تجوز فيها الإعادة عندنا. أمَّا في الفجر فمطلقًا، وفي العصر بعده فلا، قلتُ: ولعلَّ هذا بالنظر إلى المذهب، فلا تَعَارُض. (¬2) واعلم أن هناك فائدةَ نبَّه عليها القاضي في "شرحه على الترمذي" -عارضة- وثَبَتَ في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - النوم عن الصلاة ثلاث مرات. إحداها: الحديث الذي رواه أبو قَتَادَة، ولم يَحْضُر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. الثانية: رواها عِمران بن حُصَينٍ، حضرها أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، واستيقظ أبو بكر رضي الله عنه أوَّلَهما وكبَّر عمر رضي الله عنه. الثالثة: رواها أبو هريرة رضي الله عنه، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولهم استيقاظًا، وحَضَرَها بلالٌ رضي الله عنه، وأبو بكر رضي الله عنه. رواه مالك وغيره، ويحتمل أن تكون قِصة أبي قَتَادة، فتكون اثتين اهـ.

39 - باب قضاء الصلوات الأولى فالأولى

39 - باب قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ الأُولَى فَالأُولَى 598 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى - هُوَ ابْنُ أَبِى كَثِيرٍ - عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ جَعَلَ عُمَرُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ يَسُبُّ كُفَّارَهُمْ وَقَالَ مَا كِدْتُ أُصَلِّى الْعَصْرَ حَتَّى غَرَبَتْ. قَالَ فَنَزَلْنَا بُطْحَانَ، فَصَلَّى بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ. أطرافه 596، 641، 945، 4112 - تحفة 3150 قال أبو حنيفة ومالك (¬1) رحمهما الله تعالى: إن الترتيب مستحقٌ. وعند آخرين: إنه ¬

_ (¬1) قلتُ: ويُسْتَفَادُ من "الفتح" أن مالكًا رحمه الله تعالى تمسَّك على وجوب الترتيب من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَلْيُصَلِّها إذا ذكرها". قال الحافظُ رحمه الله تعالى: وذهب مالكٌ رحمه الله تعالى إلى أن من ذكر بعد أن صلَّى صلاةً أنه لم يُصَلِّ التي قبلها، فإنه يُصَلِّي التي ذَكَر، ثم يُصَلِّي التي كان صلَّاها مراعاة للترتيب. اهـ. قلتُ: وتوضيحُهُ على مَا فَهِمْتُ: أن الشرعَ أوجب عليه أَنْ يُصَلِّي الفائتةَ أولًا، فمن صلَّى الوقتية مع تذكّره بالفائتة، فقد خالف أمر الشارع، فإنه لم يُصَلِّ الفائتة إذا ذكرها، بل قدَّم الوقتيةَ مع تذكُّر الفائتة، وكان الواجبُ عليه تقديمها، وهذا الذي نعني بالترتيب. والعجبُ من الشافعية رحمهم الله تعالى حيث يَحْمِلُون عموَمه على الأوقات المكروهة، فيجوِّزونَ الصلاة فيها، مع أنه يوجب تخصيصَ النصوص أو تأويلها. ولا يأخذونه في الترتيب، مع أنه لا يُخَالِف أحدًا من النصوص. فالمأمور به أن يُصَلِّي الفائتة كما ذكر، ثُم يُصَلي الوقتية، كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخَنْدَق، فصلى الفوائت أولًا، ثم صلى الوقتية بعدها مع ضيق وقت المغرب عندهم. فلو كان الترتيبُ مستحبًّا كما قالوا، لقدَّم المغرب ألبتَّة، وهذا أقربُ ما يَتَمَسَّك به في وجوب الترتيب. واستشعر به النووي فقال: وفي هذا الحديث دليلٌ، على أن من فاتته صلاة وذكرها في وقتٍ آخر، ينبغي له أن يبدأ قضاء الفائتة، ثم يُصَلِّي الحاضرة، وهذا مجمعٌ عليه، لكنه عند الشافعيِّ رحمه الله تعالى وطائفةٍ على الاستحباب، فلو صلَّى الحاضرة، ثم الفائتة جاز. وعند مالك وأبي حنيفةَ رحمهما الله تعالى وآخرين على الإيجاب، فلو قدَّم الحاضرة لم يَصِحَّ اهـ. قلتُ: إن تعجيلَ المغرب أيضًا مجمعٌ عليه، بل ربما أمكن أن يكون أرجح من تقديم الفائتة عند القائلين باستحباب الترتيب، فلا بدَّ لهم لاختيار هذا المستحب دون هذا من نكتة، فإن الظاهر أن يُصَلِّي أولًا الوقتية لإحراز فضيلة الوقتية، فإنها في وقتها بخلاف الفائتة، فإنه يمكن قضاؤها بعد الوقتية أيضًا. وأمَّا نحن معاشر الحنفية فمستريحون، فإن التقديم عندنا واجبٌ، فلا حاجة إلى بيان نكتة. ولمثل هذا كان القول بوجوب الترتيب أولى. وهذا إن قلنا بالسَّعَة في وقت المغرب، وإن نظرنا إلى أن وقتها أضيق عند الشافعية، ففي تقديم الفوائِت تفويت للوقتية، وحينئذٍ لَزِمَ تقديمُ الوقتية؛ مع أن الثابتَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - خلافُهُ. وقد استشعر به النوويُّ أيضًا، فقال: وقد يحتجُّ به من يقول: إن وقتَ المغرب متَّسِعٌ إلى غروب الشَّفق، لأنه قدَّم العصر عليها، ولو كان ضيقًا لبدأ بالمغرب لئلا يفوت وقتها أيضًا، ولكن لَا دَلَالة فيه لهذا القائل، لأن هذا كان بعد غروب الشمس بزمنٍ، بحيث خَرَجَ وقتُ المغرب عند من يقول: إنه ضيق، فلا يكون في الحديث دَلالة لهذا. وإن كان المختارُ أن وقتَ المغرب يمتدُّ إلى غروب الشفق. اهـ قلتُ: وهذا الجواب مما لست أفهمه. ثم لو راعينا مع فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخَنْدَق قوله: "صلُّوا كما رَأَيْتُمُوني أُصلي" تأيَّد به مذهبُ من قال بوجوب الترتيب. وقد تنبَّه له الحافظ رحمه الله تعالى، ولذا أَلاَن فيه الكلام. وَيخطُرُ ببالي أَن البخاري أيضًا اختار مذهبَ الأحناف. وأغمض عنه الحافظ، ولم يتكلَّم بحرفٍ أنه وافق الأحناف أولًا. فتنبَّهت منه أن ترجمة البخاري عنده أقربُ إلى الوجوب، ولذا انتقل إلى الكلام في الحديث. والله تعالى أعلم.

40 - باب ما يكره من السمر بعد العشاء

مستحبٌ. وقال مولانا عبد الحي: إنه لا دليلَ للحنفية على وجوب الترتيب، كما قال في مسألة المُحَاذاة. قلت: وقد مرَّ مني أن طلبَ النصوصِ في الاجتهاديات إتعابٌ للنفسِ، وعدولٌ عن سواءِ الصراط. أَلا ترى أن نبيَ الله صلى الله عليه وسلّم لم يقضِ فوائته يوم الخَنْدَق إلا مْرتَّبة، وهذا القدر متفقٌ عليه. بقي أن هذا الترتيبَ الذي عَمِلَ به: كان على أنه واجبٌ عنده، أو مستحب، فهو من مراتب الاجتهاد كما أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يَصُف النساءَ إلا خلف الصفوف، حتى أَنه أقام العجوز مرةً خلفه، وجعل لها صفًّا وحدَها، مع أنه قال: «من صلَّى خلف الصف وحده، فلا صلاةَ له» - بالمعنى، فهل كان هذا التأخير، لأن محاذاتَها بالرجالِ مُفْسِدَةٌ لصلاتِهم، أو لأمرٍ آخر. فهو أيضًا من مَدَارك الاجتهاد. فحكم وِجْدَانُ أمامِنا بالوجوب في الموضعين، ولا يُسوِّغُك الاعتراض عليه. نعم، لو أتيتَ بحديث يَدُلُّ على أنه صلى الله عليه وسلّم قضى فوائته غير مرتَّبةٍ، أو أقام النساء حِذَاء الرجال ولو مرَّةً، لكان كذلك مكان القول ذا سعة. أمَّا إذا لم يُنقل عنه بخلافِهِ، فأيُّ بأسٍ في حملِ عمله صلى الله عليه وسلّم على الوجوب. 40 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ السَّمَرِ بَعْدَ الْعِشَاءِ 599 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمِنْهَالِ قَالَ انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِى إِلَى أَبِى بَرْزَةَ الأَسْلَمِىِّ فَقَالَ لَهُ أَبِى حَدِّثْنَا كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الْمَكْتُوبَةَ قَالَ كَانَ يُصَلِّى الْهَجِيرَ وَهْىَ الَّتِى تَدْعُونَهَا الأُولَى حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ، وَيُصَلِّى الْعَصْرَ، ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إِلَى أَهْلِهِ فِى أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِى الْمَغْرِبِ. قَالَ وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ. قَالَ وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا، وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلاَةِ الْغَدَاةِ حِينَ يَعْرِفُ أَحَدُنَا جَلِيسَهُ، وَيَقْرَأُ مِنَ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ. أطرافه 541، 547، 568، 771 - تحفة 11605 إنما أعاد هذه الترجمة لتغايرُ السلسلة. واعلم أنهم تكلَّموا في المشتقِّ أنه هل يُستعمل بمعنى اسم الجنس، أم لا؟ واتفقوا في الجامد، فيُطَلق على القليل والكثير. والمشتّقُ يثنَّى ويُجمع، فتردَّدوا فيه لذلك، إلا أني رأيت في «الكشاف» في موضعين أنه جعلَ المشتقَّ اسم الجنس الأول في قوله: {كَيْدُ سَاحِرٍ} [طه: 69] والثاني: {وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [طه: 69]، فقال: إن اسم الفاعل المفرد معرَّفٌ باللام يكون بمعنى اسم الجنس، فافهم. 41 - باب السَّمَرِ فِى الْفِقْهِ وَالْخَيْرِ بَعْدَ الْعِشَاءِ 600 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِىٍّ الْحَنَفِىُّ حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ انْتَظَرْنَا الْحَسَنَ وَرَاثَ عَلَيْنَا حَتَّى قَرُبْنَا مِنْ وَقْتِ قِيَامِهِ، فَجَاءَ فَقَالَ دَعَانَا جِيرَانُنَا هَؤُلاَءِ. ثُمَّ قَالَ قَالَ أَنَسٌ نَظَرْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى كَانَ شَطْرُ اللَّيْلِ يَبْلُغُهُ، فَجَاءَ فَصَلَّى لَنَا، ثُمَّ خَطَبَنَا فَقَالَ «أَلاَ إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا ثُمَّ رَقَدُوا، وَإِنَّكُمْ لَمْ

42 - باب السمر مع الضيف والأهل

تَزَالُوا فِى صَلاَةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلاَةَ». قَالَ الْحَسَنُ وَإِنَّ الْقَوْمَ لاَ يَزَالُونَ بِخَيْرٍ مَا انْتَظَرُوا الْخَيْرَ. قَالَ قُرَّةُ هُوَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 572، 661، 847، 5869 - تحفة 526 - 156/ 1 احتراسٌ عن توهُّمِ دخولِ المُذَاكرة بالمسائل تحت النهي عن السمر أيضًا. 600 - قوله: (ورَاثَ علينا حتى قَرُبْنَا من وقت قِيَامِهِ): يعني أنه أبطأ علينا اليوم، حتى ظننا أنه لا يأتي اليوم، لأنه حانَ وقت قيامه عن مجلسنا، فقال: «إن الناس قد صَلَّوْا، ثم رَقَدُوا». وقد مرَّ في حديثٍ أنه قال حين تأخَّر عنهم: «إنه ما ينتظرها أحدٌ غيركم»، فإمَّا أن يُحْمَلَ على أنهما واقعتان، وإن كانت الواقعةُ واحدةً، فالأَمرُ سهلٌ أيضًا. 601 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى حَثْمَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةَ الْعِشَاءِ فِى آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةٍ لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ». فَوَهِلَ النَّاسُ فِى مَقَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - إِلَى مَا يَتَحَدَّثُونَ مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ عَنْ مِائَةِ سَنَةٍ، وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ» يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهَا تَخْرِمُ ذَلِكَ الْقَرْنَ. طرفاه 116، 564 - تحفة 6840، 8578 601 - قوله: (وإنكم لم تَزَالُوا) ... إلخ، وهذا من بابِ إقامة الشرعِ لمن انتظر الشيء، فإنه يَعُدُّه بمنزلة الداخل فيه. 42 - باب السَّمَرِ مَعَ الضَّيْفِ وَالأَهْلِ 602 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ، وَأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، وَإِنْ أَرْبَعٌ فَخَامِسٌ أَوْ سَادِسٌ». وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلاَثَةٍ فَانْطَلَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَشَرَةٍ، قَالَ فَهْوَ أَنَا وَأَبِى وَأُمِّى، فَلاَ أَدْرِى قَالَ وَامْرَأَتِى وَخَادِمٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَيْتِ أَبِى بَكْرٍ. وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ لَبِثَ حَيْثُ صُلِّيَتِ الْعِشَاءُ، ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ وَمَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ - أَوْ قَالَتْ ضَيْفِكَ - قَالَ أَوَمَا عَشَّيْتِيهِمْ قَالَتْ أَبَوْا حَتَّى تَجِىءَ، قَدْ عُرِضُوا فَأَبَوْا. قَالَ فَذَهَبْتُ أَنَا فَاخْتَبَأْتُ فَقَالَ يَا غُنْثَرُ، فَجَدَّعَ وَسَبَّ، وَقَالَ كُلُوا لاَ هَنِيئًا. فَقَالَ وَاللَّهِ لاَ أَطْعَمُهُ أَبَدًا، وَايْمُ اللَّهِ مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إِلاَّ رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا. قَالَ يَعْنِى حَتَّى شَبِعُوا وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هِىَ كَمَا هِىَ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهَا. فَقَالَ لاِمْرَأَتِهِ يَا أُخْتَ بَنِى فِرَاسٍ مَا هَذَا قَالَتْ لاَ وَقُرَّةِ عَيْنِى لَهِىَ الآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلاَثِ مَرَّاتٍ. فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ - يَعْنِى

يَمِينَهُ - ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَقْدٌ، فَمَضَى الأَجَلُ، فَفَرَّقَنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ، اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ، أَوْ كَمَا قَالَ. أطرافه 3581، 6140، 6141 - تحفة 9688 - 157/ 1 602 - قوله: (فليذهب بثالثٍ) يعني من أهل الصُّفة. (قال) يعني عبد الرحمن (فلا أدري) من قول الراوي إنه لم يحفظْ هل ذَكَرَ الخادمَ والزوجة أم لا؟ (وخادم بين بيتنا) يعني أن هذا الخادم كان يخدم في بيتنا وبيت أبي بكر رضي الله عنه. قوله: (وإن أبا بكر تعشى) ... إلخ وفيه توسُّع الراوي، وإلا فالظاهرُ أنه أكل الطعام مع النبي صلى الله عليه وسلّم قوله: (ثم لَبِثَ حيث صُلِّيَتِ العشاء) ... إلخ يعني مكث هناك إلى تلك المدة، (ثم رجع) يعني بعد أداء الصلاة ومكث في حُجرة النبي صلى الله عليه وسلّم (فجاء) أي بعد ما مضى من الليل، وإنما رَاثَ عليهم لأنه اطمَأَنَّ أنه قد أمرَ أهله أن تُطعَمَ الضيوف. قوله: (فجَدَّعَ وسَبَّ) (كوسنى دئي) «وايْمُ الله» همزة وَصْلٍ، كما في الاسم والاثنين. «غنثر» ذباب الكلب «بني فراس» وكانت من هذه القبيلة «لا وقرة عيني» «لا» زائدة. وفيه حَلِفٌ بغير الله. واحفظ أنه حَلَفَ بمثله في أربعة مواضع: الأول: في قصة الإفك، والثاني: «أَفْلَحَ، وأبيه، إن صَدَقَ»، والثالث: في هذه الواقعة، والرابع: في موضعٍ آخر. قال الشوكاني: إنه من فلتات لسانه صلى الله عليه وسلّم قلت: إنَّ تجويزَ سَبْقَةِ اللسان في مواضع الشِّرْك مُسْتَبْشَعٌ جدًا، والصواب ما ذكره جَلَبِي: أن المحظورَ هو الحَلِفُ الشرعي لِمَا فيه من التعظيم لغير الله بخلاف اللُّغَوِيّ، فإنه لتقوية الكلام فقط، وهو جائزٌ لعدم اشتماله على معنى محظورٍ، ومع ذلك أصلحه الشرع، وقد بقي في مواضع بَعْدُ. قلت: ولا ينبغي لمثل هذا الحَلِفِ أن يسمَّى يمينًا، فإن اليمينَ والحَلِفَ قد شاع في العُرْف في مصطلح الفقهاء، فلا يَتَبَادَرُ الذهنُ إلا إليه، فلو سمَّاه النُّجَاةُ استشهادًا لكان أحسن وأحكم. ولعلَّه لم يكن في أذهانهم أيضًا إلا اليمين اللُّغَوِيّ، أي بمعنى الاستشهاد، ثم التُبَسَ الأَمرُ على الناس لشيوعه في اليمين الفقهيّ، فَذَهَلُوا عن النوع الآخر. وإذن فالتقصير في التسمية، لا في حقيقة هذا الحَلِف. والجَلَبِي لغةً: رومية بمعنى المولوي والصوفي، والأوصاف في الرومية تتأخَّر عن موصوفاتها، بخلاف الهندية. وملا حسن جَلَبِي هذا أستاد أخي يوسف جَلَبِي مُحشي «شرح الوقاية». وهكذا أقول: إن الفقهاء لم يُحْسِنُوا في إطلاق الصِّحَّة على كراهة التحريم، فقالوا: من تعمَّد الحدَث بعد التشهُّد الأخير، صحَّت صلاته، مع أنها تُكْرَهُ تحريمًا. ومن هذا الباب قولهم: جَازَ في المحل المكروه، فإنه كلَّه موهمٌ بانتفاء الكراهة، فلو لم يُطْلِقُوا لفظ الجواز والصِّحَّة

فائدة

على المكروه، لما وَرَدَ علينا كثيرٌ من الإيرادات التي أوردها الخصوم لأجل هذا التقصير فقط، فإنه إذا قيل إنه صحيحٌ أو جائزٌ وَرَدَت علينا نصوصُ النهيِ فيه، فإذا قيل: إنه مكروهٌ اندفع، لأن ظاهر هذه الألفاظ تُوهِمُ انتفاء الكراهة أيضًا، فكان الأَوْلى تركه، وسيجيء توضيحه أزيد من هذا فانتظره، والله الموفِّق. ثم ههنا دقيقةٌ تُفِيْدُك في مواضع، وهي: أن الشيءَ قد يكون جائزًا في نفسه ومحظورًا لكونه موهمًا لجانب آخر، فلا يُحْكَمُ عليه بالجواز أو بالحرمة كليًا، ولكن الأمر فيه إلى المفتي، فإن رَأَى أن الناس يتضرَّرون منه لإِيهامه خلاف المقصود، عليه أن يَمْنَعَ عنه. وإن لم يَرَ فيه ضررًا، فله أن يتركه على الجواز في نفسه على ما كان. وهذا الباب ممَّا تعرَّض إليه القرآن، بل أقامه فقال: {لاَ تَقُولُواْ راعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا} [البقرة: 104]، فقول: {راعِنَا} وإن جاز في نفسه، إلا أَنَّه لمَّا أَوْهَمَ بخلاف المقصود حيث كان اليهود يَلْوُون به ألسنتهم، ويُشْبِعُون الكسر، ويقولون: راعينا، لعنهم الله - نهى عنه القرآن. فمتى ما يرتفع هذا الإيهام، يَعُودُ جوازُ الإطلاق على حاله. فالمسألة في مثل هذه الأشياء أيضًا كذلك، هكذا يُعْلَمُ من باب الحظر والإِباحة من «الكنز». فائدة واعلم أن الذكر باسم الله هو الذي عُرِفَ في الشرع ذكرًا، أمَّا تكرار اسم النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فلم يُعْهَد ذكرًا، فلعلَّه لا يكون فيه أجرًا لذكر، وإنما طريق ذكر النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وتحصيل الأجر منه: أن تُصَلِّي عليه، فالثواب بالنسبة إلى جَنَابه تعالى بذكر اسمه، وإلى جَنَاب النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بالصلاة عليه، وبها وَرَدَ الشرع. وكذلك: يا شيخ عبد القادر الجِيلانِي، شيئًا لله لم يُعْهَد ذكرًا، فلا يترتَّب عليه أجرٌ، بل هو لغوٌ يُخْشَى أن يترتَّب عليه وِزْرٌ، لا سِيَّما إذا اعْتَقَد به ما خَالَفَ الشرع، وعلا فيه وتَجَاوَز عن الحدِّ، فإنها من الكلمات التي تُوهِمُ خلاف المقصود، فَيُنْهَى عنها. وما في بعض الفتاوى من الرخصة، فمبنيٌّ على التكلُّم به بشرط إن لم يكن مُوهِمًا بخلاف المقصود، أمَّا اليوم، فقد فَسَدَت عقائد الناس بما تَقْشَعِرُّ منه الجلود، وكادت أن تَبْلُغ الكفرَ، بل ربما جاوزت الكفر، فينبغي أن لا يُفْتَى بمثل هذه الكلمات، لئلا يَدْخُل عليهم الشيطان من هذا الباب، فَيُفْسِدُ عليهم دينهم وهم لا يعلمون. فَلْيَرَ كلُّ إنسانٍ دينه، ولا يَتَشَبَّثْ من أقوال الفقهاء بما ليس بمرادهم. قوله: (وكان بيننا وبين قوم عقدٌ): يعني العهد، وقد كانت مدته تمَّت، وكان نُقَبَاء القوم جاءوا إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ليتكلَّمُوا في أمرهم، فَقَسَمْنَا نقباءهم اثني عشر نقيبًا، ولا يَدْرِي كم كانوا مع كل نقيبٍ، فأكلوا كلُّهم وشَبِعُوا، وكان الطعامُ بعد قيامهم عنه كما كان حين وُضِعَ بين أيديهم. حكاية وكَتَبَ ابن خَلِّكَان: أن السلطان محمود كان أميًّا مَحْضَا، فأراد أن يَرَى صلاة الشافعية

والحنفية رحمهم الله تعالى، ويختار أعجبها إليه. فجاء القَفَّال الشافعيّ، وحَكَى عن صلاة الحنفية، فَطَلَب جِلْدَ كلبٍ، وألقى فيه النبيذ، ثم صلَّى يَرْكَعُ ويَسْجُد فقط، ولا يعدِّل الأركان، وإذا بَلَغَ موضع السلام حَدَثَ عمدًا، وقال: هذه صلاة الحنفية. ثم حَكَى عن صلاة الشافعية رحمهم الله تعالى، فأَدَّاها مع التعديل كما أمره الله، فاسْتَحْسَنَ السلطانُ صلاةَ الشافعيةِ رحمهم الله تعالى وصار شافعيًا. ثم اتفق بعد زمان أن حنفيًا حَكَى عن صلاة الشافعية رحمهم الله تعالى، ويُقَال له القَفَّال أيضًا، فَطَلَبَ القُلَّتَيْنِ، وألقى فيهما أرطالا من النجاسات، ثم توضَّأ منه وصلَّى. ولكني متردِّدٌ في هذه القصة، لأني رأيت في طبقات الحنفية: أن السلطان محمود كان حنفيًا فقيهًا، وتصانيفه تُوجَد في تلك الخطة، وطبقات الحنفية أَثْبَتُ عندي من طبقات الشافعية رحمهم الله تعالى. فتردَّدت في نقل ابن خَلِّكَان من وجوه، والله أعلم. ***

10 - كتاب الأذان

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 10 - كتاب الأَذان (¬1) 1 - باب بَدْءُ الأَذَانِ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} [المائدة: 58] وَقَوْلُهُ {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9]. 603 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ ذَكَرُوا النَّارَ وَالنَّاقُوسَ، فَذَكَرُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، فَأُمِرَ بِلاَلٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ. أطرافه 605، 606، 607، 3457 - تحفة 943 604 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلاَةَ، لَيْسَ يُنَادَى لَهَا، فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِى ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى. وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ بُوقًا مِثْلَ قَرْنِ الْيَهُودِ. فَقَالَ عُمَرُ أَوَلاَ تَبْعَثُونَ رَجُلاً يُنَادِى بِالصَّلاَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا بِلاَلُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلاَةِ». تحفة 7775 2 - باب الأَذَانُ مَثْنَى مَثْنَى 605 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أُمِرَ بِلاَلٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ إِلاَّ الإِقَامَةَ. أطرافه 603، 606، 607، 3457 - تحفة 943 ¬

_ (¬1) أَمَّا التأذين شُرعَ من أجل رؤيا عبد الله، أو بوحي من السماء، أو الاجتهاد. فما يَدُلُّ على أنه كان من الوحي ما رواه عبد الرَّزاق في "مصنَّفه"، وأبو داود في "المراسيل": "أن عمر رضي الله عنه لمَّا رأى الأذان جاء ليُخْبر به النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فوجد الوحيَ قد وَرَدَ بذلك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد سَبَقك الوحيُ". قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في "فتح الباري": إن هذا المُرْسَل أصحُّ مِمَّا حكى الداودي ... إلخ، كذا في "السعاية". ثم أكثر أصحابنا رحمهم الله تعالى إلى أنه سنةٌ، وما رُوِيَ عن محمد رحمه الله تعالى: "أن أهلَ قريةٍ لو تَرَكُوا الأذانَ لقاتلناهم، فلا دليلَ فيه على الوجوب، كما فَهِمَه ابن الهُمَام رحمه الله تعالى. وكذا لا دليلَ فيما رُوِيَ عن عليّ بن الجَعْد، عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى كما في "الدراية": أن من صلَّى الظهرَ والعصرَ في الحَضَر بلا أذانٍ وإقامة، فقد أخطأ السنة وَأثِمَ. لجواز أن يكون الإثم لتركهما معًا. وقد بَسَطَ الكلامَ فيه ابن نُجَيمٍ في "البحر"، وأجَابَ عمَّا تمسَّك به ابن الهُمَام رحمه الله تعالى. اهـ. ملخَّصًا من "السعاية".

3 - باب الإقامة واحدة، إلا قوله قد قامت الصلاة

606 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ قَالَ - ذَكَرُوا - أَنْ يَعْلَمُوا وَقْتَ الصَّلاَةِ بِشَىْءٍ يَعْرِفُونَهُ، فَذَكَرُوا أَنْ يُورُوا نَارًا أَوْ يَضْرِبُوا نَاقُوسًا، فَأُمِرَ بِلاَلٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ. أطرافه 603، 605، 607، 3457 - تحفة 943 - 158/ 1 3 - باب الإِقَامَةُ وَاحِدَةٌ، إِلاَّ قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ 607 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أُمِرَ بِلاَلٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ، وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ فَذَكَرْتُ لأَيُّوبَ فَقَالَ إِلاَّ الإِقَامَةَ. أطرافه 603، 605، 606، 3457 - تحفة 943 قوله: (بَدْء الأذان)، وهو كقوله: بَدْء الوحي، وقد مرَّ الكلام في تحقيق معناه. {هُزُوًا وَلَعِبًا} [المائدة: 58] (هنسى أوركهيل). قوله: ({إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَاةِ}) ... إلخ [الجمعة: 9]. واعلم أني متردِّدٌ في أذان يوم الجمعة أنه كان بهذه الكلمات، أو بطريقٍ آخر، لأن أول ما دَخَلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في المدينة صلَّى الجمعة في بني سَالِم. وشرعية الأذان وإن كانت في السنة الأولى (¬1)، لكنها بُعَيْد هذه الجمعة لمَّا شَاوَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أصحابَهُ، ثم كان من أمرهم ما كان. واعلم أن الصلوات وإن صُلِّيَت بمكة، إلا أنهم لم يكونوا في مَكْنَةٍ من تشهيرها، فلمَّا دَخَلُوا المدينة واطمأنُّوا بها، شَاوَرُوا لتشهيرها، حتى نَقَلَ عبد الله بن زيد رؤياه. وذكر المحدِّثُون أنه رأى مثلَها آخرون أيضًا، إلا أن عبد الله بن زَيْد لمَّا سَبَقَ برؤياه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم نُسِب إليه، وممَّن رأى مثلَه عمرُ رضي الله عنه، غير أنه لمَّا رأى عبد الله بن زيد سَبَقَ به لم يَقُصَّها على النبيِّ صلى الله عليه وسلّم حتى سَمِعَ التأذين. وما في بعض الرِّوايات: «فقال عمر رضي الله عنه: أَوَلا تبعثون رجلا يُنَادي بالصلاة، فقال صلى الله عليه وسلّم يا بلال قُمْ فَنادِ» ... إلخ، فإنه يَدُلُّ على أن بَدْء ¬

_ (¬1) والروايات التي تَدُلُّ على أن التأذين شُرعَ ليلة المعراج، فقد حَكَم عليها المحدِّثون بالضَّعْفِ، كما بُسِطَ في "السعاية" نقلًا عن "المبسوط"، وكذا ما رُوِيَ في شرعيته بمكة قبل الهجرة. نعم في تاريخ الإمام الكَازَرُوني عن عُرْوَة بن الزُّبَيْر، وزيد بن أسلم، وسعيد بن المسيِّب قالوا: "كان الناس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن ينادى بالأذان، ينادي منادي رسول الله: الصلاةُ جامعةٌ، فَيَجْتَمِعُ الناس، فلمَّا صَرَفَ القبلةَ إلى الكعبة، أَمَرَ بالأذان". فعلى هذه الرواية يكون الأذانُ قد وَقَعَ في السنة الثانية، لأنه قد صحَّ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرًا. اهـ. كذا ذكره صاحب "السعاية". ونُقِلَ عن السُّهَيلِي أنه قال: "حكمة ترتُّب الأذان على رؤيا رجل دون باقي الأحكام، وقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنها لرؤيا حق": أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أُرِيَ الأذان ليلة الإسراء على ما رواه البزَّار عن علي رضي الله تعالى عنه، وهذا أقوى من الوحي. فلمَّا تأخر الأذان إلى المدينة، وأراد إعلام الناس بوقت الصلاة، لَبِثَ الوحيُ حتى رأى عبد الله الرؤيا، فَوَافَقَت ما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلذلك قال: "هذه رؤيا حق إن شاء الله تعالى". وعُلِمَ أن مراده بما رآه في السماء أن يكونَ سنةً في الأرض، كذا في "السعاية" باب الأذان ملخصًا، وتعقَّب عليه الحافظ ابن حجرٍ رحمه الله تعالى.

ترجيع الأذان وإفراد الإقامة

الأذان كان بقول عمر رضي الله، فأجاب عنه الحافظ رحمه الله: أن هذا الأذان لم يكن بالكلمات المعروفة، بل أراد به مُطْلَق الإعلام. وثَبَتَ عن بلال رضي الله عنه: أنه كان ينادي بالصلاة جامعة إلى أيام، حتى رأى عبد الله بن زَيْد رُؤْيَاه، وحينئذٍ شُرِعَ الأذان المعروف. وأيَّدَه بأثرين، وَوَجَدْتُ لهما مُتَابِعَا آخر. فهذا الشَّرْحُ هو المختار عندي، وإن نَازَع فيه العَيْنِي رحمه الله تعالى. 603 - قوله: (فَأُمِرَ بلالٌ) ... إلخ، هكذا يُرْوَى بصيغة المجهول في جميع الطُّرُق. وأراد الحافظ رحمه الله أن يعيِّن الفاعلَ والآمرَ مَنْ هو؟ فأتي بروايةٍ تَدُلُّ على أنه النبي صلى الله عليه وسلّم قلت: وعلَّلها أبو حاتم، وقال: إن هذا اللفظ وَهْمٌ، فتفكَّرْتُ فيه إلى سنين حتى تبيَّن لي حقيقةَ الحال، وهو: أن أنسًا رضي الله عنه لم يكن حاضرًا عند أمر النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بلالا رضي الله عنه بالشافعية والوِتْرِيّة، وإنما رآه فيما بعد يُوتِرُ ويُشْفِع في أذانه، فَحُمِلَ على أنه لا يمكن إلا أن يكون فيه عنده أمرٌ من جهة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فلفَّ الفاعل لهذا. ولو حَضَرَ عند أمر النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بلالا رضي الله عنه وشاهده، لأَسْنَدَ إليه البَتَّة، ولكنه لمَّا لم يشاهده يأمره، وإنما هو أمرٌ فَهِمَه من عند نفسه وإن كان صوابًا، احتاط فيه، وأحبَّ أن لا يَنْسِبَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ما لم يشاهده به، فأتى بالمجهول لهذا. والغرض من هذا التحقيق أنه لو أَظْهَر الفاعل، لكان دليلا صريحًا على أن أذانَ بلال رضي الله عنه وإقامتِهِ، كان على أذان الملك النَّازِلِ من السماء وإِقَامتِهِ لكونه عِقِيْبَه بِأَمْرِه. ولمَّا لم تكن عنده مشاهدة بأمر النبيِّ صلى الله عليه وسلّم إذ ذاك صراحةً، وإنما شاهده يؤذِّنُ ويقيم فيما بعده بزمنٍ، فحكاه كما شاهده، أمكن أن يكونَ على خلاف شاكلته أيضًا (¬1). تَرْجِيْعُ الأَذَانِ وإِفْرَادُ الإِقَامَةِ واعلم أن الكلامَ في الأذان في موضعين: الأول في كلماته، والثاني في صفته. وهي عندنا: خمسةَ عشرَ كلمةً بتربيع التكبير وحَذْفِ التَّرْجِيع، وعند الشافعية رحمهم الله تعالى: تسعةَ عشرَ كلمةً مع التربيع والتَّرْجِيع، وعند مالك رحمه الله: سبعةَ عشرَ مع تَثْنِيَة التكبير وترجيح الشهادتين. ويُرْوَى تثنية التكبير عن أبي يوسف رضي الله عنه أيضًا، كما في «الدُّرِّ المختار». قلت: أمّا تَثْنِيَة التكبير، فقد رُوِيَ عن أبي يوسف كما عَلِمْتَ. وأمَّا التَّرْجِيع، فصرَّح صاحبُ «البحر» (¬2) أنه ليس بسنةٍ ولا مكروهٍ، وبه أُفْتِي. وفي «ملتقى الأبحر»: أنه مكروهٌ، والصواب كما في «البحر». ¬

_ (¬1) قلتُ: فافهم مَدَارِك الشيخ رحمه الله تعالى، وذُقْ أذواقه، ولا تُسْرع في الرَّدِّ والقَبُول. فإن كنتَ لا تستطيع أن تَدْخُلَ في مثل هذه الأمور من عند نفسكَ، فخُذْهَا عَمَّن رَزَقَهَا الله، فوالله إنها لعلمٌ، فلا تَمْتَرُنَّ بها. (¬2) قال في "البحر": الظاهر من عباراتهم أن التَّرْجِيعَ عندنا مباحٌ فيه، ليس بسنةٍ ولا مكروهٍ ... إلخ. قال مولانا عبد الحي رحمه الله تعالى: والذي يَظْهَرُ لي أنه خِلَافُ الأوْلى، وعليه يُحْمَلُ القول بالكراهة، أي كراهة تنزيه. وسبقني بمثله صاحبُ "النهر"، فنشكره.

والتَّرْجِيْعُ عبارة عن خَفْضِ الشهادتين مرَّةً، ورفعها أخرى. وأمَّا التَّرْجِيْعُ بمعنى تَرْجِيع الصوت كصوت الغناء، فإنه لحنٌ ممنوعٌ، ولا شكَّ أن الأذانَ بمكة كان بالتَّرْجِيع حتى تسلسل إلى زمان الشافعي رحمه الله تعالى، فاختاره لهذا، فلا يمكن إنكاره، ولا يُسْتَحْسَن تأويله، كيف، وقد كان يُنَادَى بهِ على رؤوس المنائر والمنابر، فلا خلاف فيه عند التحقيق إلا في الأفضلية، وإن كان التأويل أيضًا ممكنًا، ذكره الطَّحَاويُّ (¬1)، وصاحب «الهداية»، وابنُ الجوزي بثلاث عبارات، ومآلها إلى أمرٍ واحدٍ، فإن شِئْتَ، فارْجِع إليه. قال عامة الحنفية: إن حُجَّتَنا في تَرْك التَّرْجيع: أذان بلال رضي الله عنه، وفي شفع الإِقامة: إقامة أبي مَحْذُورَة. قلت: والأجودُ عندي ما عبَّر به صاحب «الهداية»: أن حُجَّتَنا أذان المَلَك النازل من السماء وإقامته، وما في بعض طُرُقه من الإِيتار يُحْمَلُ على الاختصار ولا بُدَّ، فإنه قد ثَبَتَ عنه الشَّفْعُ، وذلك لأنه الأصلُ في الباب. نعم، ولنا أذان بلال أيضًا، فإنه أذَّن بمحضر النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في مسجده إلى عشر سنين بلا تَرْجِيع، وذلك هو أذانه بعدما رَجَعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم من فتح مكة شرَّفها الله تعالى، وقد كان علَّم هناك أبا مَحْذُوْرَة التَّرْجِيع، فلو كان التَّرْجِيعُ أفضل لعلَّمه بلالا رضي الله عنه أيضًا، ولكنه تَرَكَ الأَمرَ على ما كان، ولم يُحْدِث في أذانه شيئًا جديدًا، فَعَلِمْنا أن السنةَ في الأذان هي التركُ، ولعلَّه كان بمكة لكونه أليق بحالهم، إذ كان المسلمون لا يَقْدِرُون بها أن يؤدُّوا صلواتهم جِهَارًا، فكيف بالنداء؟ فلمَّا فَتَحَ اللَّهُ مكةَ نَاسَبَ أن يُعْلِنَ بالشهادتين جِهَارًا ومِرَارًا ليُعْلَمَ أن الزمانَ قد انْقَلَبَ إلى هيئته بالأمس، فاسْتَحْسَنَ فيها التَّرْجِيعَ لهذا. ولو كان التَّرْجِيعُ من سنَّة نفس الأذان لَمَا تركه في مسجده أبدًا، لا سِيَّمَا بعدما أَلْقَاه على أبي مَحْذُورَة وعلَّمه، ولكنه استمرَّ العملُ في مسجده على الترك. وخَرَجَ منه أصلٌ مهمٌ، وهو: أن الشيءَ الوجوديَّ قد يكون من جِنْسِ العبادات كالشهادتين، ثم قد يترجَّح تركه على فِعْلِهِ، ولا يتأتَّى فيه أن يُقَال: إن الوجوديَّ عبادةٌ، فَتَرْكُه تَرْكٌ للعبادة، فلا يكون إلا مفضولا كما رأيت في التَّرْجِيع، فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم رَجَّحَ التَّرْكَ. ونحوه ¬

_ (¬1) قال الطَّحَاوِيُّ في "معاني الآثار": فاحتمل أن يكونَ التَّرْجِيعُ الذي حكاه أبو مَحْذُورَة رضي الله عنه إنما كان لأن أبا مَحْذُورَة لم يَمُدَّ بذلك صوته على ما أراده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له: "ارجع فامدد من صوتك". وأجاب عند الدَّبُوسِي في "الأسرار"، وَتَبِعَهُ الأكمل، وغيرُهُ من شُرَّاح "الهداية" من أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمره بذلك لحكمةٍ رُوِيَتْ في قصته، وهي: أن أبا مَحْذُوْرَة كان يَبْغُضُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل الإِسلام بُغْضًا شديدًا، فلمَّا أسلم أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَعَرَكَ أذنه، وقال له: "ارجع وامدد بها من صوتك"، ليعلم أنه لا حياءَ من الحق، أو ليزيده محبةً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتكرير كلمات الشهادتين، وتعقبه العَيْنِي رحمه الله تعالى. وأجاب عنه صاحب "الهداية": أنه - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ أبا مَحْذُورَة بالتكرار حالة التعليم، ليحسن تعلُّمه، كما كان عادة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه إذا علَّم أحسن في التعليم، فظنَّه أبو مَحْذُورَة رضي الله تعالى عنه تَرْجِيعًا، وفيه ما فيه. وأجاب عنه ابن الهُمَام رحمه الله تعالى: أن التَّرْجِيْعُ لم يُذْكَر في أذانه عند الطبراني في "الأوسط"، فتعارضا، وهو أيضًا مخدوشٌ، كذا في "السعاية". اهـ ملخصًا.

أقول في رفع اليدين: إنه وإن كان شيئًا وجوديًا، ونَقَلُوا في فضائلِهِ أشياء، إلا أنه يمكن أن يترجَّح تركه كترك التَّرْجِيع، فلا يُقَال: إن تركَ الرفع كيف يكون راجحًا مع كونه ترك عبادة؟ والسرُّ فيه: أن الفَضْلَ إنما هو فيما استمرَّ عليه عملُ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أو انتهى إليه سواء كان وُجُوديًا أو عدميًا، فإن الانتهاءَ عند النهيِ عبادةٌ كالائتمار عند الأمر، مع أنه وَرَدَ عن أبي مَحْذُورة التركُ أيضًا، والكلامُ فيه مُطْنَبٌ، تركناه لانجلاء ترجيح الترك عند المصنِّف (¬1). وأما صفته: فسُنَّ الوقف فيه على كلمة كلمة، غير أن التكبيرَ مرتين بمنزلة كلمةٍ واحدةٍ. والمراد من الوقف: هو الاصطلاحي، والمأثور (¬2) في كلماته سكون أواخرها. وعن المُبَرَّد: الله أكبر - بفتح الراء أيضًا - ولا تُسَاعِدُه الرواية. ثم هذا الوقف تَرَسُّل، أي أداء كل كلمةٍ في نَفَسٍ غير التكبير هو سنةُ الأذان، فلو حَدَرَ فيه وجمع بين كلمتي الأذان، اختلف فيه المشائخ: وفي «قاضيخان»: أنه يعيده، وهو المختار عندي. وفي عامة كُتُبنا عدم الإِعادة، ثم إن محمدًا رحمه الله تعالى كَشَفَ عن معنى الترسُّل حين ناظر أهل المدينة في تثنية التكبير، فقال: إن المراد بها التثنية في النَّفَس دون الكلمات. والحَدْرُ: أن يَجْمَعَ بين الكلمتين في نَفَسٍ، فَيَجْمَعُ التكبير أربع مراتٍ في نَفَسٍ، ثم صَرَّح أن خلافَه خلافُ السُّنة. قلت: وبه يُشْرَحُ قوله صلى الله عليه وسلّم «وأن يُوتِرَ الإِقامة»، أي الإيتار في النَّفَسِ والصوتِ، لا في الكلمات، إلا أنه يَخْدِشُهُ الاستثناء إلا الإِقامةَ، كما في بعض الروايات. وحينئذٍ يَلْزَمُ أن تكونَ السُّنةُ في لفظ: «قد قامت الصلاة»: أن يتلفَّظَ به في نَفَسَيْن، وليس كذلك، ولم يتوجَّه إلى جوابه أحدٌ. قلت: والجواب عندي: أنه ليس باستثناء مما يُفْهَمُ من الظاهر، بل هو استثناء من مفهوم ¬

_ (¬1) قلتُ: ولي من عند نفسي ههنا شيءٌ:، وهو: أني لا أحْفَظُ في واحدٍ من أحاديث إجابة المؤذن الترجيعَ مع ذكر جميع كلمات الأذان فيها من الأول إلى الآخر، وأكثرها أحاديث قوليَّة، فبناؤها على الترك، ولم أرَ أحدًا تنبَّه له، فلو ثَبَتَ هذا في جميع الأحاديث لكان قويًا، وعُذْر الاختصار فيه عذرٌ باردٌ. (¬2) قال مولانا عبد الحي في "السعاية" بعدما بَسَطَ الكلام فيه: إن الحاصل فيه أربعة أقوال: الفتح كما هو مختار الدَّمَامِينِي وهو مختار صاحب "الروضة"، وتَبِعَهُ الحَصْكَفِي. والضم كما هو مختار ابن هشام في "المغني"، ومَالَ إليه القُهْسَتاني. والسكون بغير حركة على ما هو ظاهر كلام الشُرُنْبُلالي والزَّيْلَعِي. والتخيير بين أن يضم وبين أن يجزم كما نقله صاحب "البحر" عن "جامع المضمرات"، واختاره السيد الطَّحْطاوي في حواشي "الدر المختار". والحق هو: القول الأول. وقد صنَّف الشيخ عبد الغني النَّابُلْسِي في هذه المسألة رسالةٌ سمَّاها: "تصديق من أَخْبَر بفتح راء الله أكبر". خلاصة ما ذكره فيها: أن السُّنة أن يُسَكن الراء أو يصِلَها، فإن سكنها كفى ذلك، وإن وَصَلها نَوَى السكون فحرَّك الراء بالفتحة، فلتُرَاجَع. فإن قلتَ: لِمَا اخترتِ الفتح، فما معنى الحديث المشهور: الأذان جَزمٌ ... " الحديث. فإنه بظاهره يُؤَيِّد ما يُسْتَفَادُ من كلام الشُّرُنْبُلالي. قلتُ: معناه: أن لا يَمُدَّ كما ذكره الرافعي، وُيؤَيِّده روايته: "جذم"- بالذال المعجمة. فرعٌ: يقف على حيَّ على الصلاة، هكذا سُمِعَ، وكذا على حيَّ على الفلاح. كذا في "المضمرات". اهـ من باب الأذان.

الكلام، وهو أنه لا فرقَ بين كلمات الأذان والإِقامة إلا بالشَّفْعِيَّة والوِتْرِيَّة غير: «قد قامت الصلاة»، فإنه ليس في الأذان. فالاستثناء مما يُفْهَمُ من الاتحاد بين كلماتهما، على أن المالكية حَكمُوا عليه بالإِدراج، والله تعالى أعلم بالصواب. بقيت الإقامة، ففيها أيضًا خِلافٌ، فقال الإمامُ الأَعظمُ: إن كلماتها مثل الأذان، وقالت الثلاثةُ: بالإيتار فيها إلا بقوله: قد قَامَت الصلاةُ، وعند مالك رحمه الله تعالى: الإِقامة أيضًا مرةً. فينبغي عند مالك رحمه الله تعالى: عشر كلمات، وعند الشافعي وأحمد رحمهما الله تعالى: إحدى عشر كلمة، وعندنا: سبعة عشر كلمة. ولنا فيه ما رُوي عن أبي مَحْذُورَة، فإنه كان يُقِيْمُ مَثْنَى مَثْنَى. وكذلك كانت إقامة المَلَك عند أبي داود. وما في بعض طُرُقه من الإفراد، فيُحْمَل على أنه إحالةٌ على المعهود، ولا بُدَّ، لأنه واقعةٌ واحدةٌ. وطريقُ الاختلاف مسلوكٌ كما عند مسلم عن عمر رضي الله عنه في جواب الأذان، وهو محمولٌ على الاختصار عندهم جميعًا، وهذه صورته: عن جدِّه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «إذا قال المؤذنُ: الله أكبر الله أكبر، قال أحدُكم: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: أشهدُ أن لا إله إلا الله، قال: أشهدُ أن لا إله إلا الله، ثم قال: أشهدُ أن محمدًا رسول الله، قال: أشهدُ أن محمدًا رسول الله»، وهكذا إلى آخر الأذان بإفراد الكلمات. على أنه أخرج الطَّحَاوِيُّ عن بلال التَّثْنِيَة في الإِقامة أيضًا، وأقرَّ به الشيخُ تقي الدين ابن دقيق العيد، ورَاجِعْ له «تخريج الهداية» للزَّيْلَعِي رحمه الله تعالى. قال الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى: ادَّعى الطَّحَاويُّ التواترَ في تَثْنِيَة الإِقامة عن بلال رضي الله عنه. قلت: ولم أجده في «معاني الآثار»، نعم يُسْتَفَاد منه التواتر على ترك التَّرْجِيع، فيُمْكِن أن يكون قد اختلط عليه، فكان التواترُ بترك التَّرْجِيع، فَنَقَلَهُ في تَثْنِيَة الإِقامة، إلا أن يكون في تصنيفٍ آخر له غير «معاني الآثار»، فإن الطحاويَّ كثيرُ التصانيف، وأكبرُ ظني أنه في ترك التَّرْجِيع، والله تعالى أعلم. وقال الشيخ نور الدين الطرابلسي (¬1) - وهو متأخِّرٌ عن الشيخ ابن الهُمام رحمه الله تعالى: ¬

_ (¬1) وَصَنَّفَ الطرَّابُلْسِي متنًا في الفِقْه أولًا، ذكر فيه فِقْهَ المذاهب الأربعة، غير أنه أَشَار إليهم بطريق الرمز، كصاحب "الكنز". وإن كان بين رمزيهما فرقٌ. ثم شَرَحَه ولَخَّص فيه أحاديث من كتاب الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى، وسمَّاه: "البرهان شرح مواهب الرحمن". ولا جَرَمَ أن الكتابَ مفيدٌ، ذَكَرَ فيه من الجزئيات والدلائل قدرًا كافيًا. ويوجد في الهند مخطوطًا. وكذا الطَّيبي أيضًا يوجد، وهو أحسن الشروح باعتبار النكات العربية، وإن لم يكن "مصنفه" حافظًا. أما فضل الله التوربِشْتِي شارح "المصابيح" فمن كبار الحفَّاظ، وهو حنفي لا كما زُعِمَ. وبالجملة: الإيتارُ جائزٌ عندنا، ومختارٌ عندهم. بقي التَرْجِيع، فهو عندنا ليس بمستحبٌ ولا مكروهٍ، وما ذُكِرَ في مُلتقى الأبحر" من الكراهة، فلا يُعْتَمَدُ عليه، والصواب كما في "البحر الرائق". وهكذا الخلاف في جهر آمين، ورفع اليدين، فإنه ليس في الجواز فإنه متفقٌ عليه كما صرَّح به السيد الجُرْجَاني الحنفي في "حاشية الكشاف"، والشيخ محمد البِرْكِلي في "تفسير سورة الفاتحة"، ونور الدين في "البرهان"، وإن قال غيرهم بكراهة الجهر. ومثله أقول في رفع اليدين، ففي "البدائع": إنه مكروهٌ، والصواب عندي كما في "أحكام القرآن": أن الخلافَ فيه أيضًا يَرْجِعُ إلى الاختيار لا إلى الجواز، كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز من كلام الشيخ رحمه الله تعالى.

4 - باب فضل التأذين

إن الإيتارَ كان بيانًا للجواز، فدلَّ كلامُهُ على جواز الإيتار عندنا، ولم أجد التصريحَ به في كلام أحدٍ من الحنفية غير ما صرَّح به الشيخ المذكور في ذيل كلامه. وهذا أيضًا ليس في صورة المسألة، بل في سِيَاق الجواب، والبخاري اختار أذانَ الحنفية وإقامة الشافعية رحمهم الله تعالى. وحاصل الكلام: أن بلالا رضي الله عنه لم يَثْبُت عنه الترجيع في الأذان، وكذلك المَلَك النازل من السماء، نعم ثَبَتَ في أذان أبي مَحْذُورة، فلا بدَّ أن يُقَرَّ بالأمرين، أي الترجيع وعدمه، ويجري الكلامُ في الاختيار فقط. ومَنْ أراد منَّا نفي التَّرْجِيع رأسًا، فقد تَطَاوَل وخَرَجَ عن حِمَى الحق، فإنه ثابتٌ بطُرُقٍ لا مَرَدَّ لها. بقيت الإِقامةُ، فهي عند أبي مَحْذُورة والمَلَكِ النازل: مَثْنَى مَثْنَى، وعند بلال بالإِيتار، وثَبَتَ عنه مَثْنَى أيضًا. هذا حال الأحاديث ممَّا هو على رسم الحسن أو الصحيح، أمَّا الضِّعَاف، ففيها اختلافٌ. وبالجملة لم يَسْنَحْ لي ترجيح التثنية بَعْدُ مع ثبوت كلا الأمرين قَطْعَا. 4 - باب فَضْلِ التَّأْذِينِ 608 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا نُودِىَ لِلصَّلاَةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ التَّأْذِينَ، فَإِذَا قَضَى النِّدَاءَ أَقْبَلَ، حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلاَةِ أَدْبَرَ، حَتَّى إِذَا قَضَى التَّثْوِيبَ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطُرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ، يَقُولُ اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا. لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ، حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لاَ يَدْرِى كَمْ صَلَّى». أطرافه 1222، 1231، 1232، 3285 - تحفة 13818 608 - (قوله:) (له ضُرَاط)، وفي بعض الألفاظ: «له حُصَاص»، وهو قبض الأذنين كما يَقْبِضُ الحمار. لا يُقَال: (¬1) ما بالُ الشيطان يَفِرُّ من الأذان ولا يَفِرُّ من الصلاة، حتى يَخْطُرَ بين ¬

_ (¬1) وقد ذَكَرَ الحافظ في جواب نُكَات تفوق إحداها على الأخرى. منها: ما نَقَلَ عن ابن الجوزي: أن للإنسان هيبةً يشتدُّ انزعاج الشيطان بسببها، لأنه لا يكاد يَقَعُ في الأذان رياءٌ ولا غفلةٌ عند النطق به، بخلاف الصلاة، فإن النفسَ تَحْضُر فيها، فيفتح لها الشيطانُ أبوابَ الوسوسة. وقد ترجم عليه أبو عَوَانة: الدليل على أن المؤذِّن في أذانه وإقامته منفي عنه الوسوسة والرياء لتباعُدِ الشيطان عنه، وفيه نُكات أخرى فأخرى. نعم ههنا فائدةٌ ذَكَرَهَا الحافظ رحمه الله تعالى عن ابن بَطَّال: قال ابن بطَّال: يُشْبِه أن يكون الزَّجْرُ عن خروج المرء من المسجد بعد أن يؤذِّن المؤذنُ من هذا المعنى، لئلا يكون متشبِّهًا بالشيطان الذي يَفِرُّ عند الأذان. ثم ذكر الحافظ رحمه الله تعالى ههنا تنبيهين، نذكر واحدًا منهما، قال: فَهِمَ بعضُ السلف من الأذان في هذا الحديث الإتيان بصورة الأذان، وإن لم توجد فيه شرائط الأذان: من وقوعه في الوقت، وغير ذلك. ففي "صحيح مسلم" عن رواية سُهَيْلٍ بن أبي صالح، عن أبيه أنه قال: "إذا سَمِعْتَ صوتًا، فناد بالصلاة". واستدلَّ بهذا الحديث ملخَّصًا.

5 - باب رفع الصوت بالنداء

المرء ونفسه مع كونها أفضل؟ قلتُ: وهذا من باب الخصائص، فللأذان (¬1) خواصٌّ، كما إن للصلاة خواصٌّ أخرى تَلِيقُ بشأنها. ولعلَّ الوجهَ أن الأذانَ يُبْنَى على الإِعلان والصَّدْع بالشهادتين، فلا يتحمَّله الشيطان، أمَّا الصلاة فمناجاةٌ مع ربه، فحقيقةُ الصلاة وإن جَلَت إلا أنها ليست بحيث لا يمكن للشيطان تحمُّلها، بخلاف حقيقة الأذان، فإنها ممَّا لا يستطيع أن يتحمَّلها الشيطان. فهذا الفرق يُبْنَى على تَغَايُرِ الحقيقتين لا على الفضل. على أنه وَرَدَ في الأحاديث: «إنَّ المؤذِّن يَشْهَدُ له كل رَطِبٍ وَيَابسٍ يوم القيامة»، وهذا اللعين لا يحب أن يَشْهَد لأحدٍ من المؤمنين. ونَقَل الحافظُ ابن حَجَر رحمه الله تعالى فيه حكايةً في مناقب الإمام الأعظم رحمه الله تعالى، فقال: ومن ثَمَّ اسْتَنْبَطَ أبو حنيفة رحمه الله تعالى للذي شَكَا إليه أنه دَفَنَ مالا، ثم لم يهتدِ لمكانه: أن يُصَلِّي ويَحْرِصَ أن لا يحدِّث نفسه بشيء من أمر الدنيا ففعل، فَذَكَر مكان المال في الحال. انتهى. قلت: ما لك يا ابن حَجَر، فإنك تأتي بمناقب الإمام في مثل هذه الأمور، فإذا حَمِيَ وطيسُ المسائل تُعْرِضُ عنه كشحًا. قوله: (ثُوِّب) ويمكن عندي أن يكونَ التثويبُ مأخوذًا من الثَّوْبِ على عادتهم في الجاهلية، فإنهم كانوا يحرِّكُون ثيابهم على طَلَلٍ عند مهيعة، ثم اسْتُعْمِل في مطلق الإعلام. وفي عُرْف الفقهاء هو الإعلام بين الأذان والإقامة، وهذا مختلِف في البلاد والزمان، وأجازه أبو يوسف رحمه الله تعالى للقضاة، ومن ازدحمت عليه المسائل. 5 - باب رَفْعِ الصَّوْتِ بِالنِّدَاءِ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَذِّنْ أَذَانًا سَمْحًا وَإِلاَّ فَاعْتَزِلْنَا. 609 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ الأَنْصَارِىِّ ثُمَّ الْمَازِنِىِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ قَالَ لَهُ «إِنِّى أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِى غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ بِالصَّلاَةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلاَ إِنْسٌ وَلاَ شَىْءٌ إِلاَّ شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 3296، 7548 - تحفة 4105 قوله: (سَمْحًا): يعني بدون لَحْنٍ وترجيعٍ في الصوت (سادى أورردان). وغَرَضُ المصنِّف رحمه الله تعالى أنه يرفعُ صَوْتَه، ويَجْتَنِبُ عن اللحن. ¬

_ (¬1) قلتُ: وَسَمِعْتُ من شيخي: أنه لا يبلغُ أهل السموات من أصوات أهل الأرض غير الأذان والقرآن، فهاتان فقط تَخْلُصَان إلى السموات، ولعلَّه في "الجامع الصغير" للسيوطي رحمه الله تعالى.

6 - باب ما يحقن بالأذان من الدماء

609 - قوله: (فارفع صوتك): يُشِيرُ إلى دَفْعِ توهُّم أنه لا حاجةَ إلى رفع الصوت في الصَّحَارِي، فعند مالك رحمه الله تعالى في «موطئه»: «من أذَّن في البادية، ثم أقام وصلَّى، يُصَلِّي خلفه الملائكةُ كأمثال الجبال» - بالمعنى - وعند أبي داود في باب فضل المشي إلى الصلاة، عن أبي سعد الخُدْرِي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «الصلاةُ في جماعةٍ تَعْدِلُ خمسًا وعشرين صلاةً، فإذا صلاها في فلاةٍ، فأتمَّ ركوعها وسجودَها بَلَغَتْ خمسين صلاةً». انتهى. واعلم أن فضيلةَ الجماعة أمرٌ مستمرٌّ، بخلاف الصلاة في الفلاة، فإنه قد يتَّفقُ له، فراعِ هذين البابين، فتركُ الجماعة عمدًا والذهابُ إلى الصلاةِ في الفلاة لتحصيل أجر الخمسين سَفَهٌ وحُمْقٌ، فإنك إن فعلته عمدًا يَفُوتُ عنك ثوابُ الجماعة أيضًا، وإن اتفق لك تُحْرِز ما وَعَدَ لك. 6 - باب مَا يُحْقَنُ بِالأَذَانِ مِنَ الدِّمَاءِ 610 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا قَوْمًا لَمْ يَكُنْ يَغْزُو بِنَا حَتَّى يُصْبِحَ وَيَنْظُرَ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا كَفَّ عَنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ عَلَيْهِمْ، قَالَ فَخَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ لَيْلاً، فَلَمَّا أَصْبَحَ وَلَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا رَكِبَ وَرَكِبْتُ خَلْفَ أَبِى طَلْحَةَ، وَإِنَّ قَدَمِى لَتَمَسُّ قَدَمَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ فَخَرَجُوا إِلَيْنَا بِمَكَاتِلِهِمْ وَمَسَاحِيهِمْ فَلَمَّا رَأَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالُوا مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ، مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ. قَالَ فَلَمَّا رَآهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ». طرفه 371 تحفة 581 - 159/ 1 والإسلام عندنا كما يكون بقول: لا إله إلا الله، كذلك يكون بالفعل أيضًا، فلو رَأَى كافرًا يؤذِّن يَحْكُم عليه بالإِسْلام، كما لو رآه يُصَلِّي (المكتل) زنبيل (توكرا) مسحات (كدال) (خَرِبَتْ خَيْبر). وفي الصحيح: «أنه رَفَع يديه أيضًا»، وظني أن رَفْعَه يكونُ كما في التحريمة، لا كما في الدعاء، وحينئذٍ يكونُ عند التكبير. ويُسْتَفَادُ منه: أن الرفعَ شِعارٌ للتكبير. ولعلَّه تكبيرٌ فعليٌّ كما فَهِمَه الشافعيُّ رحمه الله تعالى، وفَهِمَ الحنفية أنه للاستقبال، وإن كان كما في الدعاء. فينبغي أن يكون عند قوله: «خَرِبَتْ خَيْبر»، لأنه دعاءٌ عليهم، لا عند التكبير. وراجِع تفصيله من رسالتي «نيل الفرقدين في رفع اليدين»، فلقد أَطْنَبْتُ الكلامَ فيه في فصلٍ مستقلٍ. 610 - قوله: (وإنَّ قَدَمي لَتَمَسُّ قَدمَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم)، مع أنه قد مرَّ منه من قبل لفظ: «الفَخِذِ»، وقد بَحَثْتُهُ هناك مستوفيًا، فَرَاجِعْهُ. 7 - باب مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْمُنَادِى 611 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ ما يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ». تحفة 4150

612 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِى عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَوْمًا فَقَالَ مِثْلَهُ إِلَى قَوْلِهِ «وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ». طرفاه 613، 914 - تحفة 11434 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى نَحْوَهُ. تحفة 11434 613 - قَالَ يَحْيَى وَحَدَّثَنِى بَعْضُ إِخْوَانِنَا أَنَّهُ قَالَ لَمَّا قَالَ حَىَّ عَلَى الصَّلاَةِ. قَالَ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. وَقَالَ هَكَذَا سَمِعْنَا نَبِيَّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ. طرفاه 612، 914 - تحفة 11434 والوظائفُ في حق المُجِيب ثلاثةٌ: المثليةُ مطلقًا. واثانية: الحَوْقَلة مكان الحيْعَلَتينِ، وقال بعضهم (¬1) بالجمع بينهما، واختاره ابن الهُمَام رحمه الله تعالى، وَنَقَلَه (¬2) عن بعض ¬

_ (¬1) واعلم أن ما اختاره الشيخ قُدِّس سره- في الحاشية الآتية، هو الذي حققه مولانا عبد الحي، ونَقَلَه عن الحافظ ابن تَيْمِيَة كما بَسَطَه في "السعاية"، حيث قال: وليعلم أنه قد يَرِد ههنا أن الأخبارَ والآثارَ قد اختلفت في أذكار الرُّكُوع والسجود وما بينهما، فالعملُ بأحدها يفوِّت العملَ بالآخر، فماذا يفعل؟ ويُجَاب عنه بأنه يفعلُ تارةٌ بهذا، وتارةً بهذا، والعمل بأحدها لا يُنَافِي العمل بالآخر، وإنما يكون كذلك لو كان الخلاف خلاف تَضَاد، وههنا ليس إلَّا خلاف تنوُّع. وتوضيحه على ما أورده شيخ الإسلام أحمد ابن تَيْمِيَة رحمه الله تعالى في "منهاج السنة". أن الخلاف على نوعين: خلاف تَضَاد، وخلاف تنوَّع، فالأول: أن يُوجِب شيئًا ويحرِّم الآخر، فيكون العمل بأحدها منافيًا للآخر. والثاني مثل القراءات إلي يجوز كل منها. ومن هذا الباب أنواع التشهد، كتشهُّد ابن مسعود، وتشهُّد ابن عباس رضي الله عنهما، فكل ما ثَبَتَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو سائغٌ وجائزٌ، وكذلك الترجيعُ في الأذان وتركه، وكذلك أنواع صلاة الخوف، ومن ذلك الاستفتاحات في الصلاة، ومن ذلك صفات الاستعاذة وأنواع الأدعية في آخر الصلاة، وأنواع الأذكار التي تُقَال في الرُّكُوع والسُّجود مع التسبيح المأمور، ومن ذلك صلاة التطوُّع: يخيَّر فيها بين القيام والقعود وغير ذلك، ومن ذلك تخيير الحاج بين التعجيل في يومين من أيام منى، والتأخير إلى ثالثٍ. انتهى كلامه ملخصًا. قلتُ: وهذا الكلام وإن كان في غير ما نحن فيه. لكنه كالأصل لِمَا اختاره الشيخُ رحمه الله تعالى، وإنما أتيت به لتعلم أن كل ما يختاره الشيخُ رحمه الله تعالى يكون له سلفٌ وقدوةٌ، ولا يكون ابتداعًا محضًا، ولكنه لوفور علمه وَسَعَة اطلاعه كان يَبْني عليه، ثم قد لا يجد فرصةً لتفصيله لضيق الوقت، والله تعالى أعلم. (¬2) قال الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى: إن السنة في الجواب أن يَجْمَع بين الحيْعَلَةِ والحَوْقَلَةِ في جواب الحيْعَلَتَيْن، وعزاه إلى بعض المشايخ، وأظنُّ أن المرادَ ببعض المشايخ هو الشيخ الأكبر رحمه الله تعالى، فإنه من معتقديه، وأمَّا ابن حجر فليس براضٍ عنه. أمَّا الحافظ ابن تَيْمِيَة، فَيُنْكِر عليه أشد الإنكار ويَحْكُمُ عليه بالزندقة، وعندي: أن الشيخ الأكبر رحمه الله تعالى من كبراء هذه الأمة، وسبَّاق غايات في علم الحقائق، أمَّا الحافظ ابن تَيْمِيَة، فلَا رَيْبَ أنه بحرٌ موَّاجٌ لا ساحلَ له، ولكن شذَّ في مسائل من الأصول والفروع جمهورَ الأمةِ المحمدية، والحقُّ مع الجمهور، ويُنْكِرُ الكشف والكرامات، غير أنه قائلٌ بِمِصْدَاق الكشف، ويسمِّيه: فراسة المؤمن، تبَعًا للحديث. =

المشايخ. قلت: المراد به الشيخ الأكبر، ثم تبيَّن لي أن مرضاة الشرع في عامة الأذكار هو التخيير دون الجمع، فأحيانًا كذا، وأحيانًا كذا، وهذا مخصوصٌ بباب الأدعية، فليراع أن بعض العادات تكون مختصَّةً ببعض الأبواب، فلا يَخْتَلِط بينها. وقد تحقَّق عندي أن عادة الشرع في الأدعية أن يأتي بها حينًا كذا، وحينًا كذا. أَلا ترى أنه وَرَدَت أدعيةٌ مختلفةٌ في وقتٍ معيَّنٍ، كما في دُبُر الصلوات؟ فهل يستطيع أحدٌ أن يجمعَ كلَّها في وقتٍ واحدٍ؟ ولكن الأمر أن يُؤْتَى بكلِّها في أزمنةٍ مختلفةٍ، وهذه هي صورة العمل بالجميع دون الجمع بينها. فالسنة عندي: أن يُجيبَ (¬1) تارةً بالحَيْعَلة، وتارةً بالحَوْقَلة، وما يُتَوَهَّم أن الحَيْعَلة في ¬

_ = ويُحْكَى أنه قال لملك الشام: اخرج إلى التتار يفتح الله لك، فتردَّد فيه الملك، فَحَلَف مائة مرَّة على رؤوس الأشهاد -لا يستثني- أنه يفتح له، فلقَّنه تلميذه ابن عبد الهادي أن يقول: إن شاء الله تعالى، فقال: إن شاء الله تحقيقًا لا تعليقًا، ثم فَتَحَ اللهُ له كما كان الحافظ ابن تَيمِيَة أخبره به من قبل، وبالجملة هو صاحب الكَشْفِ أيضًا، غير أن في طَبعِهِ حِدَّة وشِدَّة، فَيَزعُمُ تحقيقه كالوحي النازل من السماء، وإن كان خلاف الواقع، ولا يُبَالِي بمن خَالَفَه وإن كان على الحقِّ، وهذه طبقات من الناس، خلقهم الله على مراتب: فمنهم من يُطبَعُ على الاعتدال والنَّصَفَة كالشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، وابن عبد البَرِّ، والزِّيلَعِي. ومنهم من يُطبَعُ على هذه الشِّدة، كالحافظ ابن تَيْمِيَة. ومنهم من يُطبَعُ على غاية التيقُّظ مع شدَّة التعصُّب، كالحافظ ابن حجر. وذكر الحافظ في "الفتح": أنه ناظر واحدًا من المبتدعة، فلم يمضِ عليه شهران إلَّا مات، وكان الحافظ بأهله. ولم أدرِ أنه ماذا كان النزاع، ولم يذكر الحافظ اسم هذا المُبتَدِع، ثم تبينَ لي من "الخارج" أنه كان من غُلاَة معتقدي الشيخ الأكبر رحمه الله تعالى. وبالجملة كنتُ أقمتُ إلى نحو خمس عشرة سنة على ما حقَّقَه ابن الهُمَام رحمه الله تعالى، فاجمع بينهما في جواب الأذان، ثم تحقَّقَ لديَّ أن مراد الشرع: هو التخيير دون الجمع وهو السنة في باب الأذكار، وليس الجمعُ إلَّا رأي ابن الهُمَام والشيخ الأكبر. وعند مسلم: "وأنا وأنا" في جواب الشهادتين. وكذا وَرَدَت الصلاة عَقِبَ الأذان قبَيْل الدعاء، والأفضل فيها ما وَرَدَت في الصلاة وإن تركها الناس في الخارج. ثم إن قوله: "إنك لا تُخْلِفُ الميعاد" لم يَثْبُت في النسخ المتداولة، وهو نسخة كريمة بنت الأحمر. والوسيلة: منزلةٌ في الجنة كما هو مُصَرَّح عند مسلم وليس الدعاء لأجل تردُّد في حصولها له، بل لنيل حظ الشفاعة لنفسه، فإنها تُجَسِّدُ الشفاعة، كما أن الحوضَ يُجَسِّدُ الشرع، والصراط يُجَسِّدُ الصراط المستقيم، فمن يدعو بهذه الدعوة ينال حظَّه من شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، هذا ما عندي، ولست أقلِّد في العقليات أحدًا، بل في الفنون كلها إلَّا الفِقهِ، فإنه لا حظَّ لي فيه غير النقل، فإنه باب صعب، وإن كنت لا أقلِّد فيه مَن يُتبِعُون قولهم: "به يُفْتَى" فقط. فإن الفتوى قد تكون في الطرفين، ولكنهم لقصور نظرهم لا يكون لهم علمٌ بطرف آخر، ولكن أُرَاعِي في ذلك الأحاديث والأئمة. فإن روايات الإمام إذا تعدَّدت ووافق الحديث إحداها، وكذلك إذا التأَمَت مع أقوال سائر الأئمة، فهي تكون أرجح عندي وأَوْلى. وأمَّا الفنون العقلية، فأنا أعلم بها من ابن سِينَا، فإنه لا علم له إلَّا بمذهب أرسطو، بل لا علم له به أيضًا، فإنه لا ينقل عنه إلّا من تلميذ واحد، مع أن تلامذته كثيرون، وفي نقلهم مذهبه اختلافٌ عظيمٌ، فبعضهم يقول: إنه كان قائلًا بحدوث العالم، والآخر يقول: بقِدَم العالم. ومذهب أرسطو: أنه لا هَيَّولَى في الأفلاك، وما أثبته ابن سِينَا من الهُيُّولى في الأفلاك، ثم نَسَبَه إلى أرسطو فهو غلطٌ، بل هو من مخترعاته؛ هكذا في تقرير الفاضل عبد العزيز من كلام الشيخ. وقد سمعت أكثره من شيخي، غير أني لم أجده في مذكرتي من هذا الموضع. (¬1) واعلم أن بعضهم زَعَم أن في الجواب صورةً واحدةً، وهو الحَوْقَلة في جواب الحَيْعَلة، وحَمَل قوله: =

جواب الحَيْعَلة يُشْبه الاستهزاء، فليس بشيءٍ، لأنه في جملة الكلمات كذلك إن أراد بها الاستهزاء، والعياذ بالله، وإلا فهي كلمات خيرٍ أُرِيْدَ بها الشركة في العمل لينال بها الأجر، فإنها نحو تلافٍ لما فَاتَه من الأذان، فلا بدَّ أن يعمل بعمله ليشترك في أجره. وأمَّا ما يفعله الناس من الصلاة عند الشهادتين، فلم يَرِد به الحديث، وإنما يفعلونه عملا بالأحاديث العامة التي وَرَدَت فيها الصلاة عند ذكر اسمه المبارك، ولا يَدْرُون أن الشرعَ قد راعاه بنفسه، فوَضَع الصلاة عَقِيب الأذان قُبَيْل الأدعية المأثورة لهذا، بل فيها فضيلتان، فإن الصلاةَ قبل الدعاء أيضًا سنةٌ، ولا يُرْفَعُ الدعاء إلا بها، فبالصلاة عَقِيب الأذان يحصل الأمران. وكذلك لا أصلَ (¬1) لتقبيل الإبهامين عند الشهادتين كما شرع في بلادنا إلا أثرٌ أخرجه القاري، عن أبي بكر رضي الله عنه في «الموضوعات»، لكنه ضعيفٌ يَقْرُبُ المُنْكرَ. ثم لا يِخْفى عليك أن جواب الأذان إنما شرع لكلَ لفقدان العلامة بين المؤذن والمجيب، بخلاف الإمام والمقتدي، فنهى المقتدي عن القراءة في الجهرية. واستحب للمستمع أن يُجِيْبَ الأذان مع جهر المؤذن، فادْرِ الفرق بينهما. وما عن الحَلَواني أن الإجابةَ واجبةٌ، محمولٌ على الإجابة الفعلية، وجاءت روايات في إجابة الإقامة أيضًا مع قوله: أقامهما الله وأدامهما عند صيغة الإقامة، إلا أن أسانيدها ليست بذاك (¬2). ¬

_ = "فقولوا مثل ما يقول المؤذن" على أن المثل في الحَيعَلة هو الحَوْقَلة، كما في روايات عند مسلم، وليس كذلك، بل المثلية في الحَيعَلة أيضًا كما في سائر الكلمات. كيف وفي "السعاية" عن "مسند أبي يَعْلَى" مرفوعًا: "إذَا نادى المنادي، فُتِحَت أبواب السماء، واسْتُجِيبَ الدعاء، فمن نزل به كَرْبٌ أو شدةٌ، فليتحيَّن المنادي: إذا كبَّر كبَّر وإذا تشهَّد تشهَّد، وإذا قال: حيَّ على الصلاة، قال: حيَّ على الصلاة. وإذا قال: حيَّ على الفلاح، قال: حيَّ على الفلاح" .. إلخ. وروى الطبراني في كتاب الدعاء مثل حديث أبي يَعْلى، وقال: صحيحُ الإسناد، ولكن نَظَرَ فيه لضعف أبي عابد، فقد يُقَال: هو حسنٌ، ففيه دليلٌ على أن الحَيعَلة في جواب الحَيعلة أيضًا صورة مستقلَّة، ولذا اختار الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى الجمع بين الجوابين. وذكر الكَرْب والشدَّة ليس لأن الجواب اختصاصًا به، بل لكون الوقت وقت الإجابة، والمكروب أحوج إليه. فالمكروب وغيره في الجواب سواء فاحفظه، فإني أدركت الرواية المذكورة بعد جدٍّ واجتهادٍ، والناس قد بَحَثُوا في المسألة، ولم أر أحدًا منهم أتى بتلك الرواية إلَّا هذا الحَبْر في "السعاية". (¬1) وقد بَحَثَ فيه مولانا عبد الحي رحمه الله تعالى في "السعاية" مبسوطًا، فراجعه. (¬2) قلتُ: قال السِّنْدِي على النَّسَائِي: ثم طريق القول المروي: أن يقول كل كلمة عِقَب فراغ المؤذِّن منها، لا أن يقولَ الكلَّ بعد فراغ المؤذِّن من الأذان. اهـ. وقال النوويُّ: فمن كان في صلاةٍ فريضةٍ أو نافلةٍ، فَسَمِعَ المؤذِّنَ، ولم يوافقه وهو في الصلاة، فاذا سَلَّم أتى بمثله. ولو سَمِعَ الأذان وهو في قراءة أو تسبيح أو نحوها، قَطَعَ ما هو فيه، وأتى بمتابعة المؤذِّن. واختلفوا أنه هل يقوله عند سماع كل مؤذِّن، أم لأول مؤذِّن فقط؟! اهـ مختصرًا. وفي "البحر": لم أر حُكْمَ ما إذا فَرَغ المؤذِّن ولم يتابعه السامعُ: هل يجب بعد فَرَاغِه؟ وينبغي أنه إن طال الفصل لا يُجِيب اهـ. وحقَّق مثله ابن عابدين نقلًا عن "شرح المنهاج" لابن حجر، وبسط فيه مولانا عبد الحي رحمه الله تعالى، فليراجع "السعاية". واعلم أني آتيك بهذه النقول، لأنك ربما تحتج إليها عند الإفتاء أو العمل، فتجدها حاضرةٌ بين يديك وتَصلَنِي ولو بكلمةٍ.

فائدة

ثم في الجواب (¬1) للأذان الثاني من يوم الجمعة ثلاثةُ أقوال: ففي «العناية»: أن الإمام إذا جَلَسَ على المِنْبَرِ، فلا صلاةَ ولا كلامَ غير جواب الأذان. وفي الزَّيْلَعِي «شرح الكنز»: نفي الكلام مطلقًا، فلا يجوز الجواب أيضًا. وفي «البناية»: جواز الكلام الديني مطلقًا، وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه كان يصحِّح كتابه إذا لم يَبْلُغْه صوت الإِمام، وعندي: له أن يُجيبه إذا لم يُجِبْ الأذان الأول. فائدة واعلم أن الأدعية بهذه الهيئة الكذائية لم تَثْبُت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ولم يَثْبُت عنه رفع الأيدي دُبُر الصلوات في الدعوات إلا أقل قليل، ومع ذلك وَرَدَت فيه ترغيباتٌ قوليةٌ، والأمر في مثله أن لا يُحْكَم عليه بالبدعة، فهذه الأدعية في زماننا ليست بسنةٍ بمعنى ثبوتها عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وليست ببدعة بمعنى عدم أصلها في الدين، والوجه فيه ما ذكرته في رسالتي «نيل الفرقدين»: أن أكثر دعاء النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كان على شاكلة الذكر، لا يزال لسانه رَطِبَا به، ويَبْسُطه على الحالات المتواردة على الإنسان من الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم، ويتفكَّرون في خلق السموات والأرض. ومثل هذا في دوام الذكر على الأطوار لا ينبغي له أن يَقْصُر أمره على الرفع، فإنه حالةٌ خاصةٌ لمقصد جزئي، وهو وعاء المسألة. فإن ذُقْتَ هذا، نفِّس عن كُرَبٍ ضَاقَ بِهَا الصدر، لا أن الرفعَ بدعةٌ، فقد هَدَى إليه في قوليات كثيرة، وفعله بعد الصلاة قليلا، وهكذا شأنه في باب الأذكار والأوراد، اختار لنفسه ما اختاره الله له. وبقي أشياء رَغَّب فيها للأمة، فإن التزم أحد منا الدعاء بعد الصلاة برفع اليد، فقد عَمِلَ بما رغَّب فيه، وإن لم يكثره بنفسه. فاعلم ذلك اهـ (¬2). 8 - باب الدُّعَاءِ عِنْدَ النِّدَاءِ 614 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِى حَمْزَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ¬

_ (¬1) قال مولانا عبد الحي رحمه الله تعالى في "السعاية": وقع السؤال عن دعاء الوسيلة بعد الأذان الثاني يوم الجمعة عند جلوس الإمام على المنبر، هل يُكْره على مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى؟ ومُقْتَضَى التحقيق أنه لا يُكْره عنده الكلام الأخروي في ذلك الوقت على الأصحِّ. نعم ذكر الزَّيْلَعِي أن الأحوط هو الإنصاتُ عن الكلام مطلقًا من حين جلوس الإمام على المِنْبَر. ثم ذَكَرَ الكلامَ في إجابة الأذان الثاني، فاختار أن كراهةَ مطلق الكلام مرجوحةٌ، كما قال في "النهاية": اختلف المشايخ على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى، قال بعضهم: إنما يُكْرَه الكلام الذي هو من كلام الناس، أَمَّا التسبيح وأشباهه، فلا يُكْرَه. وقال بعضهم: كل ذلك، والأول أصح اهـ. ولقد أطال الكلام فيه مولانا عبد الحي رحمه الله تعالى، وهو مهمٌ فليراجع. (¬2) قلتُ: ونحوه في الأذان، فإنه ثَبَتَ في فضيلته أحاديثُ كثيرة، ثم لم يَثْبُت عنه فيما أعلم مباشرته بالأذان بنفسه ولو مرَّة، نعم ثَبَتَ فعله في زمن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - متواترًا، وهذا أمر آخر، وإنما الكلام في فعله بنفسه. ويقاربه فعله في صلاة الضحى، فإنها وإن ثَبَتَت في بعض الروايات، لكنه أقل قليلٍ حتى أن بعضَهم ذَهبَ إلى إنكار ثبوتها فعلًا، والصحيحُ أنها ثابتةٌ، ولو قليلًا، فَعُلِمَ من هذا أنّ الشيء قد يكون من باب الفضيلة، ثم لا يُنْقَلُ العملُ به عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كثيرًا.

الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاَةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِى وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفه 4719 - تحفة 3046 والمسنون في هذا الدعاء ألا تُرْفَع الأيدي، لأنه لم يَثْبُت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم رفعها، والتشبُّث فيه بالعمومات بعدما وَرَدَ فيه خصوصُ فعله صلى الله عليه وسلّم لغوٌ، فإنه لو لم يَرِد فيه خصوصُ عادته صلى الله عليه وسلّم لنفعنا التمسُّك بها، وأمَّا إذا نُقِلَ إلينا خصوصُ الفعل، فهو الأُسْوَةُ الحسنة لمن كان يرجو الله والدار الآخرة، وينبغي لمن أراد أن يستنَّ بسنة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أن يكتفي بتلك الكلمات، ولا يزيد عليها، إلا ما ثَبَتَ في نسخة الكُشْمِيهَني من زيادة: «إنك لا تُخْلِف الميعاد» في آخره، قاله ابن دقيق العيد، وعند البيهقي أيضًا (¬1). وأمَّا زيادة: «والدرجة الرفيعة» بعد قوله: «والوسيلة والفضيلة». فلم تَثْبُت عندي في حديثٍ، فلا يُزَاد بها، لأنها زيادةٌ في خلال الكلمات، وَمَنْ كان لا بدَّ له أن يَزِيْدَ في تلك الكلمات، ففي الآخر كما ثَبَتَ عن ابن عمر رضي الله عنه: «أنه كان يزيد في تلبيته في الآخر: «لبيك وسعديك» ... إلخ. 614 - قوله: (الوسيلة): ورأيتُ في روايةٍ: «أن طُوْبَى شجرةٌ في وسط الجنة، وفي سائر الجنة منها غصنٌ غصن». وبعده فيها ألفاظ يُتَبَادر منها أنها هي الوسيلة، فهذه عندي تُمَثَّل بعلائق الأمة بالنبيِّ صلى الله عليه وسلّم وعلى هذا، فدعاؤه للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم ليس لنفع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بل فيه خيره، وهو استيفاء حظِّه من شفاعته صلى الله عليه وسلّم ولذا قال في آخره: «حلَّت له شفاعتي»، فلدعائه دَخْلٌ في حلول شفاعته. وما نُقِلَ عن بعض المشايخ: أن دُعَاءَ الوسيلة تمَّ عليه، وحَصَل له هذا المقام في زمانِهِ، فهو عندي مصروفٌ عن ظاهره، لأن حصولَ هذا المقام للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم ليس مرهونًا بدعاء أحدٍ من أمته، بل هو مقطوعٌ به، والدعاء منا لاستيفاء (¬2) حظ الشفاعة منه. قوله: (مقامًا محمودًا)، ولعلَّ المقَام خارج الجنة في المحشر، والوسيلة داخلها، والله سبحانه أعلم. وصفته بالموصول لكونه علمًا. ثم إن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم له اختصاصٌ بالحمد، فاسمه محمد، ولواؤه لواء الحمد، ومَقَامُهُ محمودٌ، وأمته الحمَّادون، وتُلْقَى عليه في ذلك المقام مَحَامِدُ لا تَحْضُرُه الآن. وخاصة تلك الكلمات: أن يَحْيَى بها وجهُ الرحمن. وقال الشيخ ¬

_ (¬1) وفي "السعاية": زاد البيهقي في روايته: "إنك لا تُخْلِفُ الميعاد"، وقال ابن حجر الهيثمي في "شرح المنهاج": كما نقل عنه ابن عابدين زيادة: "والدرجة الرفيعة"، وختمه بـ: "يَا أرحم الراحمين"، لا أصل لهما. وفي "مرقاة المفاتيح": أَمَّا زيادة: "والدرجة الرفيعة" المشتهرة على الألسنة، فقال السَّخَاوي في "المقاصد الحسنة": لم أره في شيء من الروايات، وتمام البحث في "السعاية". (¬2) ونحوه ما ذكره ابن العربي في الصلاة قال: فائدة الصلاة عليه ترجع إلى الذي يُصَلِّي عليه لدلالة ذلك على نصوع العقيدة، وخُلُوص النية، وإظهار المحبة، والمداومة على الطاعة والاحترام للواسطة الكريمة - صلى الله عليه وسلم - كذا في "الفتح".

9 - باب الاستهام فى الأذان

الأكبر: إن الحمد يكون في الآخر، فإذا فَرَغَ عن الطعام اسْتُحِبَّ له الحمد، وإذا يَدْخُلُ أهل الجنة الجنة يحمدونه تعالى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 10] وسُمِّي النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أحمدَ ومحمدًا، لكونه في آخرهم. اللهم صلِّ عليه صلاةً دائمةً مع دوامك، وصلاةً خالدةً مع خلودك، وصلاةً لا مُنْتَهَى لها دون مشيئتك، وصلاة عند كل طرفة عين، وتنفُّس كل نفس. 9 - باب الاِسْتِهَامِ فِى الأَذَانِ وَيُذْكَرُ أَنَّ أَقْوَامًا اخْتَلَفُوا فِى الأَذَانِ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ سَعْدٌ. والقرعةُ لقطع النزاع مَعْتَبَرةٌ عندنا أيضًا، إلا أنها ليست بحُجَّةٍ. قوله: (ويُذْكَر: أَن أقوامًا) ... إلخ. كان ذلك في حروب القادسية، استشهد مؤذِّنهم، فجَعَلُوا يختلفون فيمن يصير مؤذِّنَا بعده. 615 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِى النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِى التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِى الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا». أطرافه 654، 721، 2689 - تحفة 12570 - 160/ 1 615 - قوله: (لو يَعْلَمُ الناسُ ما في النداء والصَّفِّ الأوَّل) ... إلخ. قلت: ومن خصوصيات الصفِّ الأول أنه يكون أبعد من تسلُّط الشيطان من سائر الصفوف، هكذا يُسْتَفَاد من الأحاديث. واخْتُلِفَ في الصف الأول، والأكثرون: أنه ما يتصل من الشمال إلى الجنوب، والذين في مِحْراب الإمام إذا كان متسِّعًا ليسوا في الصف الأول، خلافًا لبعضهم. قوله: (ولو يعلمون ما في العَتَمَة والصُّبْحِ)، ويُعْلَمُ من بعض طُرُقه أنه سِيْقَ للتعريض على المنافقين، لا في فضل هاتين الصلاتين. 10 - باب الْكَلاَمِ فِى الأَذَانِ وَتَكَلَّمَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ فِى أَذَانِهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ لاَ بَأْسَ أَنْ يَضْحَكَ وَهْوَ يُؤَذِّنُ أَوْ يُقِيمُ. 616 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ الزِّيَادِىِّ وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِى يَوْمٍ رَدْغٍ، فَلَمَّا بَلَغَ الْمُؤَذِّنُ حَىَّ عَلَى الصَّلاَةِ. فَأَمَرَهُ أَنْ يُنَادِىَ الصَّلاَةُ فِى الرِّحَالِ. فَنَظَرَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَقَالَ فَعَلَ هَذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَإِنَّهَا عَزْمَةٌ. طرفاه 668، 901 - تحفة 5783

كَرِهَهُ الحنفية (¬1)، وإن تكلَّم اخْتُلِفَ في الإِعادة. قوله: (ولا بأس أن يَضْحَكَ) ... إلخ، لا ينبغي أن يُفْهَم منه التوسيع في الكلام والضحك وأمثالهما، فإنَّ توارثَ الأمة على ترك السلام في خلاله. قوله: (رزغ) كارا. 616 - قوله: (فلما بَلَغَ المؤذِّنُ حيَّ على الصلاة، فَأَمَرَه أن يُنَادِي: الصلاة في الرِّحَال) ... إلخ، ففي هذا الحديث أنه أمَرَ بتلك الكلمات مكان حيَّ على الصلاة، ثم ليس فيه ذكر بقية الأذان. وعن ابن عمر رضي الله عنه في الحُدَيبية: «أنه أَمَرَ بها بعد الفراغ عنه». قلتُ: وعليه ينبغي العمل، فإن ابن عمر رضي الله عنه أكثر اتباعًا للأثر، وأقل اجتهادًا من ابن عباس رضي الله عنه، وفي طُرُقه تصريحٌ أنه كان يوم الجمعة. وعَدُّ الزَّرْغ من أعذار الجمعة في فقهنا أيضًا. وروى محمد رحمه الله تعالى في كتاب «الحجج»: «إذا ابتلّت النعال، فالصلاة في الرِّحَال»، ثم فسَّر النعال بالأرض الصلبة، دون النعل المعروف. والحافظ رحمه الله تعالى لَمَّا لم يَظْفَرْ بكتاب «الحجج»، نقل تفسيره عن «غريب الحديث» لأبي عُبَيْد، وأبو عُبَيْد هذا كثيرًا ما يقول في كتابه: ومن الروايات التي تأوَّلناها على محمد بن الحسن، أي أخذنا شرحه منه. وعُلِمَ منه أن شاكلةَ الجمعة تُغَاير شاكلة سائر الصلوات عندهم، ولذا من تخلَّف منهم عن الجمعة لم يصلِّها في بيته. ولو كان حال الجمعة كحال سائر الصلوات، لأقاموا الجمعات في رِحَالهم أيضًا، فافهم. 616 - قوله: (وإنها عَزْمَةٌ): يعني أن صلاةَ الجمعة عَزْمة، فلولا أَمَرْت بهذه الكلمات أن ينادى بها في الأذان لحضرتم كلكم، وربما تحرَّجتم، فصلَّيت بالحاضرين، وأعلنت بتلك الكلمات لمن أَرَاد أن لا يَحْضُرها، ويصلِّي في بيته. ¬

_ (¬1) وفي "البحر": أنه لا يتكلَّم في الأذان ولا في الإقامة، وإن كان ردُّ سلام، أو تشميتُ عاطسٍ، أو حمدٌ على العطس، أو السلام، فإن تكلَّم، يَستَأنِفُ. وفي "الخلاصة": إن تكلَّم بكلامِ يسيرٍ، لا يَلْزَمُه الاستقبال. وفي "فتاوى قاضيخان": لا ينبغي للمؤذِّن أن يتكلَّم في الأذان والإقامة أو يمشي، لأنه شبيهٌ بالصلاة، فإن تكلَّم بكلامٍ يسيرٍ، لا يلزمه الاستقبال. وفي "البناية": يكره له أن يتكلَّم في أذانه وإقامته، لأنه ذِكْرٌ معظم. قال القَسْطَلانِي في "إرشاد الساري": اختلف الأئمة رحمهم الله تعالى في هذه المسألة، فقال أحمد رحمه الله تعالى: يجوز الكلام في أثناء الأذان، وهو قول عند الشافعية، وقيَّده في "المجموع" بما إذا لم يُفحِش بحيث لا يُعَدُّ أذانًا. ورجَّح المالكية رحمهم الله تعالى المنع مطلقًا، لكن إن حَصل مهمٌ ألجأه إلى الكلام، ففي "الواضحة" يتكلَّم، وفي "المجموعة": نحوه. وقال المحقِّقُ العَيْني رحمه الله تعالى: إنه خلاف الأولى عندنا، وقال محمد رحمه الله تعالى في كتاب "الآثار": أخبرنا أبو حنيفة رحمه الله تعالى: حدَّثنا حمَّاد، عن إبراهيم أنه قال في المؤذِّن يتكلَّم في أذانه قال: "لا آمره ولا أنهاه". قال محمد رحمه الله تعالى: وأمَّا نحن فَنَرى أن لا يفعل، وإن فَعَلَ لم يُنْقِص ذلك في أذانه، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى اهـ. كذا في "السعاية" مع بعض تغييرٍ.

11 - باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره

11 - باب أَذَانِ الأَعْمَى إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ 617 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِىَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ». ثُمَّ قَالَ وَكَانَ رَجُلاً أَعْمَى لاَ يُنَادِى حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ. أطرافه 620، 623، 1918، 2656، 7248 - تحفة 6917 وفي «المحيط»: أنه مكروهٌ، والمختار ألا بأس به إذا كان عنده من يُخْبِره بالوقت، وبه حَصَل الجمع أيضًا. 617 - قوله: (إن بلالًا يؤذِّنُ بليلٍ) ... إلخ، وفيه مباحث: الأول: هي يُشْرَع تكرار الأذان لصلاةٍ واحدةٍ أو لا؟ فقال الشافعيةُ: إنه جائزٌ مطلقًا، ويُسْتَفَاد من كتاب «الأم» للشافعيِّ رحمه الله تعالى: أن فيه تفصيلا من نحو كونه عند الحاجة، وكونه في أمكنةٍ متعدِّدةٍ، وكون المؤذِّن متعدِّدًا (¬1) ثم صَرَّح فيه بجواز التكرار إلى أربعة. وقال النوويُّ: يُسْتَحَبُّ أن لا يُزَاد على أربعةٍ إلا لحاجةٍ ظاهرةٍ، وهذا يَدُلُّ على جواز الزيادة على الأربعة أيضًا، وهذا التكرار عندهم إعلامٌ بعد إعلامٍ حتى جوَّزوه في الصلوات الخمس لا إعادة. ولعلَّ زيادة عثمان رضي الله عنه النداء الثالث أيضًا تحت هذه الضابطة، لأنه لمَّا رَأَى أن الشرعَ وَرَدَ بتكرار الأذان في الفجر، لكونه وقت الغَفْوَة والغَفْلَة، زاده في الجمعة أيضًا لظهور الاحتياج فيه إلى مزيد إعلامٍ (¬2). والحنفية أيضًا أبَاحُوا أذان الجَوْق، إلا أن أذان الجَوْق يكونُ في وقتٍ واحدٍ، والتكرارُ عندهم يكون بطريقِ التعقيب، بل يُسْتَحَبُّ أن يترتَّبُوا فيه إذا اتسع الوقت. قلت: وقد تمسَّك لأذان الجَوْق بما أخرجه مالك في «الموطأ» في باب ما جاء في الإنصات يوم الجمعة والإمام يَخْطُب: «فإذا خَرَجَ عمر، وجَلَسَ على المنبر، وأذَّن المؤذِّنون، وقال ثَعْلَبة: جَلَسْنَا نتحدَّث، فإذا سَكَتَ المؤذِّنون، وقام عمر يَخْطُب، أنصتنا فلم يتكلَّم منا أحدٌ». اهـ. ¬

_ (¬1) قلتُ: قال الخطَّابي في "معالم السنن": ذهب بعضُ أصحاب الحديث إلى أن ذلك جائزٌ إذا كان للمسجد مؤذِّنَان، كما كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فأمَّا إذا لم يؤذِّن فيه إلَّا واحدٌ، فإنه لا يجوز أن يفعله إلَّا بعد دخول الوقت، فيحتمل على هذا أنه لم يكن لمسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الوقت الذي نهى فيه بلالا إلا مؤذِّن واحد، وهو بلال. ثم أجَازَه حين أقام ابن أم مكتوم مؤذِّنًا، لأن الحديث في تأذين بلال رضي الله عنه قبل الفجر ثابت من رواية ابن عمر رضي الله عنه. اهـ. قلتُ: وإنما أتيتُ بهذا النقل لما زعمت فيه ندرة، ولأن أوله يُفِيدُنا شيئًا، فتفكَّر. (¬2) قلتُ: والتثويب أيضًا لهذا المعنى، فمن نَظَرَ إلى كفاية الاعلام الأول كَرِهَهُ وعدَّه بدعة، ومن نَظَرَ إلى تهاون الناس، ولم يَرَ في الاعلام الأول كفاية أجاز به، كالمتأخّرين. وإنما ذكرتُ التثويبَ لاشتراكه في الأذان في كونه إعلامًا، وإلَّا فمسألة تعدُّد الأذان مسألةٌ أخرى اهـ.

والثاني: هل يجوز الأذان قبل الوقت؟ فأجمع (¬1) كلُّهم على أن الأذان قبل الوقت لا يَجُوز إلا في الفجر، فذهب الجمهور إلى جوازه في الفجر خاصةً، وقال إمامنا الأعظم ومحمدٌ رحمهما الله تعالى: إنه لا يجوز في الفجر كما في أخواته عندهم، وتمسَّك الجمهور بحديث ابن عمر رضي الله عنه، وعائشة رضي الله عنها في تكرار الأذان، وفيه تصريحٌ بأن الأذان الأول كان قبل الوقت. والثالث: أنهم اختلفوا في وقته، فأجازه النوويُّ من نصف الليل، وهو تطاولٌ محضٌ ليس له مُسْكَة في الأحاديث، بل فيه ما يَدُلُّ بخلافه، كما في البخاري: «ولم يكن بين أذانيهما إلا أن يَرْقَى هذا، وينزل هذا». فدلَّ على تقارُب الأذانين جدًا، ومنه سَقَطَ تأويله: أن بلالا كان يُؤَذِّن قبل الفجر، ويتربَّص بعد أذانه للدعاء ونحوه، ثم يَرْقُبُ الفجرَ، فإذا قارب طلوعه نَزَلَ، فأخبر ابن أم مكتوم، فيتأهَّب ابن أم مكتوم بالطهارة، ثم يَرْقَى ويَشْرَعُ في الأَذان مع أول طلوع الفجر. اهـ. وأنتَ تَعْلَمُ أنه لم يَحْتَجْ إلى هذا التصوير البعيد، إلا أنه لَمَّا التزم جوازه من نصف الليل، وكان الحديث يَدُلُّ على شدَّة التقارُب بينهما، حَمَلَه على أنه كان يُؤَذِّن بليلٍ، وكان يَجْلِسُ هناك ليصادف نزولُ هذا صعودَ هذا، فيَصْدُق التقارب. وكأنه كان بصدد الجمع بين ما اختاره وبين تعبير عائشة رضي الله عنها في شدَّة التعجيل، فلم يكن يَنْزِلُ حتى يجيءَ وقتُ أذان ابن أم مكتوم، ثم كان يَنْزِلُ بحيث يَقَعُ أذانُ ابن أم مكتوم في أول الطلوع، لئلا يُخَالِفَ مسألة التغليس أيضًا، وهذا كلُّه إنما يمشي إذا أخذ التقارُب فيه بين النزول والصعود. وقد عَلِمْتَ من متن البخاري ما بين الأذانين، فدَلَّ على قلة الفاصلة بين الأذانين جدًا، ولذا قال السُّبْكي: إن وقتَ الأذان الأول من سدس الليل بعد طُلُوعِ الصبح الكاذب، وصحَّحه. وإنما عبَّره ابن عمر رضي الله عنه بالليل توسُّعًا لبقاء بعض الظلمة بَعْدُ، فَحَمَلَه على الليل حقيقةً، ولعلَّ النوويَّ ذَهَبَ إليه، لأنِ رَأَى وقتَ العشاء إلى النصف بلا كراهة، فَجَعَلَ أذان الفجر في النصف الثاني، لأن هذا الأذان عندهم للفجر، فلا يكون إلا بعد انقضاء وقت العشاء، وهو إلى النصف بدون كراهة. قلت: فهلا جَعَلَ للعشاء والفجر أذانًا واحدًا، فإنه إذا قدَّمه إلى النصف فما بعده أيسر. والذي تَدُلُّ عليه الأحاديث هو تقارب الأذانين جدًا، حتى بالغت فيه عائشةُ رضي الله عنها، قالت: «لم يكن بين أذانيهما» ... إلخ. وهذا أيضًا مبالغة منها، ولم تُرِدِ الفاصلة بقدر هذا ¬

_ (¬1) قال الشيخ الأكبر في "الفتوحات": اتفق العلماءُ على ألَّا يُؤَذِّن للصلاة قبل الوقت ما عدا الصبح، فإن فيه خلافًا. فمن قائل بجواز ذلك قبل الوقت، ومن قائلٍ بالمنع، وبه أقول، فإن الأذان قبل الوقت إنما هو عندي ذِكْرٌ بصورة الأذان، وما هو الأذان المعروف على صورة الإعلام بدخول وقت الصلاة. فقد كان بلال يُؤَذِّن بليلٍ، وكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يمنعنكم أذان بلال عن الأكل والشرب". يعني في رمضان، ولمن يُرِيدُ الصوم، فالأذان عندي لا يجب إلَّا بعد دُخُول الوقت اهـ. كذا في "السعاية".

فقط، بل أرادت بيان شدَّة التقارُب بينهما. فإن كان حنفيٌّ يريد أن يَجْمَدَ على ظاهر تعبيرها، ويشدِّد على الشافعية، فليس بسديدٍ، فإن الشيءَ من باب المحاورات، والأخذ فيه بمثله، أخذٌ بكل حشيشٍ. والرابع: أنه إن أذَّن قبل الوقت، فهل يُجْتَزِىء بذلك، أو يعيده في الوقت أيضًا؟ فادَّعى الشافعية أنه يُجْزِىءُ بذلك، واسْتَبْعَدَه الحنفية، وقالوا: كيف مع ورُود التكرار في متن الحديث صراحةً؟ والمختار عندنا أنه لا يُعْتَدُّ بالأذان قبل الفجر، ويجب الإعادة في الوقت، كما في سائر الأوقات عندهم أيضًا. والخامس: أن الأذان الأول كان للفجر، أو لمعنى آخر؟ فذهب الشافعيةُ أنه كان للوقت كالثاني على طريق الإعلام بعد الإعلام، وادَّعى الحنفيةُ أنه كان للتسحير لا للوقت. وتمسَّك له الطحاويُّ بما رُوِيَ عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه، وهو عند مسلم أيضًا: «لا يَمْنَعَنَّ أحدَكم أذانُ بلالٍ، أو قال: نداءُ بلالٍ من سَحُوره، فإنه كان يُؤَذِّن ليَرْجِعَ قائمكم، ويُوقِظَ نائمكم» ... إلخ فتبيَّن منه أن أذان بلال إنما كان لأجل أن يَرْجِعَ قائم الليل عن صلاته ويتسحَّر، ويستيقظ النائم فيتسحَّر، فهذا تصريحٌ بكونه للتسحير لا للفجر. وأمَّا للفجر، فكان ينادي به ابن أم مكتوم، ولذا كان يَنْتَظِرُ الفجرَ ويتوخَّاه. وتحيَّر منه الحافظُ ولم يَقْدِر على جوابه، إلا أنه قال: لا تناقُضَ بين الأسباب، فَجَازَ أن يكون للتسحير أيضًا. ثم المذكور في حديث ابن مسعود رضي الله عنه في جميع طُرُقه هو الأذان الواحد فقط، ولا ذكر فيه للثاني، فَحَمَل الحنفيةُ الساكتَ على الناطقِ، وَعَجَز عنه الحافظُ أيضًا، فإنه لا دليلَ فيه حينئذٍ على الاجتزاء بالأذان الواحد. والسادس: أنه كان في رمضان خاصةً، صرَّح به أحمدُ رحمه الله تعالى كما في «المغني» لابن قُدَامة، وابن القطَّان كما في «الفتح»، وابن دقيق العيد كما في «التخريج» للزَّيْلَعِي. والسابع: أن هذا الأذان كان بعين تلك الكلمات، أو بكلماتٍ أخرى غير المعروفة، فذهب السَّرُوجي منا أنه كان بكلماتٍ أخرى غير تلك الكلمات، وحمله الشافعية رحمهم الله تعالى على المعروف. فهذه سبعة مباحث. ولعلَّك فَهِمْتَ منها أن في استدلالهم نظرٌ من وجوهٍ: الأول: في ثبوت نفس التكرار، وإن سلَّمناه، فلنا أن نمنع كونه بكلماتٍ معروفةٍ، لِمَ لا يجوز أن يكون بكلماتٍ أخرى؟ وإن سلَّمناه، فلِمَ لا يجوز أن يكون في رمضان خاصةً؟ ولو سلَّمناه أيضًا، فَلِمَ لا يجوز أن يكون الأول للتسحير لا للفجر؟ فعليهم أن يُثْبِتُوا هذه الأشياء، ودونه خَرْطُ القَتاد. قلت: لمّا رأيت الحنفيةَ يتأوَّلون بكون الأول في رمضان خاصةً، تتبعت له كتُبَ الفقه: أن المسألة عندنا هي أيضًا كذلك، أو هو مجرد احتمال واحتيال، فوجدتُ في «شرعة الإسلام» لشيخ صاحب «الهداية»: جواز العمل به في رمضان عندنا. وحاصلُ هذا الجواب: أنه لا نِزَاع في نفس التعدُّد، وإنما النزاع في تعدُّد الأذان للفجر، ولا دليلَ عليه من ألفاظ الحديث، بل فيها أنه كان للتسحير، وهو جائزٌ عندنا أيضًا.

وههنا جوابٌ آخر ساقه الطَّحاويُّ في «معاني الآثار»، وقال: يحتمل أن يكون بلالا كان يؤذِّن في وقتٍ كان يَرَى أن الفجرَ قد طَلَعَ فيه، ولا يتحقَّق ذلك لضعف بصره، لما رُوِيَ عن أنس رضي الله عنه: «لا يَغُرَّنَّكم أذانُ بلال، فإن في بصره شيئًا». وفي بعض ألفاظ عندي: «فإن في بصره سوءٌ». وقوَّاه ابن دقيق العيد، ثم أيَّده الطَّحاويُّ بما رُوِي عن عائشة رضي الله عنها من التقارُب الشديد بين أذانيهما، حيث قالت: «فلم يكن إلاّ مقدار ما يَصْعَدُ هذا، ويَنْزِلُ هذا»، فثَبَتَ أنهما كانا يَقْصُدَان وقتًا واحدًا، وهو طُلُوع الفجر، فيخْطِئُهُ بلال لِمَا ببصره شيء، ويُصِيبُهُ ابن أم مكتوم، لأنه لم يكن يفعله حتى يقول له الجماعة: أصبحت أصبحت. وله جوابٌ آخر: «أن الأسودَ سَأَلَ عائشةَ رضي الله عنها عن وترها، فقالت: إذا أذَّن المؤذِّن، قال الأسودُ: وإنما كانوا يؤذِّنون بعد الصبح». وسماع الأسود عن عائشة رضي الله عنها كان بالمدينة، ثم هو يروي أذان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلّم بعد الصبح، وعائشة رضي الله عنها لم تُنْكِر على تركهم التأذين قبله، ولا أنكر عليه غيرها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم مع أنها سَمِعَت من النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في تعدُّد الأذان ما سَمِعَت. وله جوابٌ آخر أيضًا: ما أُخْرِجَ عن ابن عمر رضي الله عنه: «أن بلالا أذَّن قبل طُلُوع الفجر، فأمره النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أن يَرْجِعَ، فنادى: ألا إن العبدَ قد نام». فهذا ابن عمر رضي الله عنه يروي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ما ذكرناه، وهو ممن قد رَوَى عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «إن بلالا يؤذِّن بليلٍ» ... إلخ فَثَبَتَ بذلك أن ما كان من ندائه قبل طُلُوع الفجر مما كان مباحًا له هو لغير الصلاة، وأننا ما أنكره عليه إذ فعله قبل الفجر كان للصلاة. وقد رُوِيَ عن ابن عمر، عن حَفْصَة بنت عمر رضي الله عنهم في حديثٍ: «وكان لا يؤذِّنُ حتى يُصْبِحَ». فهذا ابن عمر رضي الله عنه يُخْبِرُ عن حَفْصَة رضي الله عنها: أنهم كانوا لا يؤذِّنُونَ حتى يُصْبِحَ». فهذا ابن عمر رضي الله عنه يُخْبِرُ عن حَفْصَة رضي الله عنها: أنهم كانوا لا يؤذِّنون للصلاة إلا بعد طُلُوع الفجر. وأَمْرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بلالا أيضًا أن يَرْجِعَ فينادي: «ألا إن العبدَ قد نام»، يَدُلُّ على أن عادتهم أنهم كانوا لا يَعْرِفُون أذانًا قبل الفجر، ولو كانوا يَعْرِفُون ذلك لَمَا احتاجوا إلى هذا النداء. وأراد به عندنا - والله أعلم - ذلك النداء إنما هو لِيُعْلِمَهم أنهم في ليلٍ بَعْدُ حتى يُصَلِّي من آثر منهم أن يُصَلِّي، ولا يُمْسِك عنه الصائم. اهـ. بتغييرٍ. واعْتُرِضَ عليه من جهة الإسناد والمعنى جميعًا. أمَّا الأول، فقالوا: إن الصحيحَ وَقْفُه على عمر رضي الله عنه، فهو واقعةُ عمر رضي الله عنه مع مؤذِّنه، لا واقعة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم مع بلال وأُجِيبَ: إن حَمَّادًا إن سلَّمنا تفرُّده، فهو ثقةٌ مقبولٌ، مع أنه ليس بمتفرِّدٍ فيه، وله مُتَابَعَاتٌ شتَّى، وإحداها قوية، فلا يُمْكِن إنكاره وإنما اضْطَرُّوا إلى إنكاره لِمَا ثَبَتَ عندهم تقديم الأذان عن وقته، وهكذا قد يأتي الفِقْهُ على الحديث (¬1). ¬

_ (¬1) قلت: ولئن سلمنا وقفه، حجة لنا أيضًا، وهل ترى عمر رضي الله عنه يخالف سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم لم ينكر عليه أحد منهم، غير أنهم تكلموا فيه أيضًا.

وأمَّا من جهة المعنى، فكما قال الترمذي: إن حديث حمَّاد لو كان صحيحًا لم يكن لهذا الحديث معنى، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «إن بلالا يؤذِّن بليلٍ»، فإنما أمرهم فيما يُسْتَقْبَلُ، ولو أنه أمره بالإِعادة حين أذَّن قبل طُلُوع الفجر لم يَقُل: «إن بلالا يؤذِّن بليلٍ». اهـ. وأُجِيبَ: بأن العمل في تكرار الأذانين كان مختلفًا، فكان بلالٌ يؤذِّن بالليل، وابنُ أمّ مكتوم في الصباح، ثم صَارَ ابنُ أم مكتومٍ مكان بلالٍ، فكان ابنُ أم مكتومٍ يؤذِّن في الليل، وبلالٌ في الصباح. هكذا ثَبَتَ في بعض الروايات، وأخرجها الحافظ في «الفتح». وزَعَم بعضُهم فيه قلبًا من الرَّاوي، والصواب أنه ليس بقلبٍ، بل محمولٌ على (¬1) اختلاف الزمانين وعليه استقرَّ رأيُ الحافظ بعد تطريقه. فإذا ثَبَتَ أنه كان كذلك، فلنا أن نقول: إن قولَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم «إن بلالا يؤذِّن بليلٍ»، إنما هو في زمانٍ كان بلالُ يؤذِّن بالليلِ وابن أم مكتوم في الصباح. وأمَّا أَمْرُه إياه أن ينادي: «ألا إن العبدَ قد نام» فجاز أن يكون في زمان كان بلالُ يؤذِّن فيه في الصباح واتفق في ذلك اليوم أنه أذَّن في الليل على عادته القديمة، أو ظنَّ أن الفجرَ قد طَلَعَ عليه، فاحتاج إلى الاعتذار عنه. فإن الأذان بالليل قد كان فَرَغَ عنه ابنُ أم مكتومٍ، وكان ينبغي له ألا يؤذِّن إلا بعد طُلُوع الفجر لئلا يقع الأذانان كلاهما في الليل، فلمَّا أذَّن هو أيضًا بالليل لَزِمَه أن يَعْتَذِرَ عنه، لأنه قد أذَّن قبل وقته الذي كان يؤذِّن فيه، فهذا هو وجهه، والله تعالى أعلم. ثم إنك قد عَلِمْتَ عن حَفْصَة رضي الله عنها: أنهم كانوا لا يؤذِّنون للصلاة إلا بعد الفجر، وهكذا عن الأسود في حديث عائشة رضي الله عنها، وقد مرَّ آنفًا. وأخرج الطَّحَاويُّ عن سُفْيَان بن سعيد أنه قال له رجلٌ: «إني أؤذِّن قبل طُلُوع الفجر لأكون أول من يَقْرَعُ باب السماء بالنداء، فقال سُفْيَان: لا حتى يَنْفَجِرَ الفجرُ». وعن عَلْقَمَة عنده قال إبراهيم: «شيَّعنا عَلْقَمَةَ إلى مكة، فخرج بليلٍ، فَسَمِعَ مؤذِّنًا يؤذِّن بليلٍ، فقال: أمَّا هذا، فقد خَالفَ سنةَ أَصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم لو كان نائمًا كان خيرًا له، فإذا طَلَعَ الفجرُ أذَّن». وفي «التمهيد»، عن إبراهيم قال: «كانوا إذا أذَّن المؤذِّن بليلٍ أَتَوْهُ، فقالوا له: اتقِ الله، وأَعِد أذانك». ومن أراد التفصيل فليراجع الزَّيْلَعِي. ثم ههنا دقيقةٌ أخرى يجب التنبيه عليها، وهي: أن الطَّحَاويّ ادَّعَى جوازَ الأكل في زمانٍ بعد طلوع الفجر أيضًا، ووافقه الداودي المالكي شارح البخاري، وأيَّده الحافظُ رحمه الله تعالى أيضًا، وأخرج أثرًا عن أبي بكر رضي الله عنه: «أنه أكل بعد الفجر»، وعن حُذَيْفَة مثله كما في «التفسير المظهري». واستشكل الحافظُ روايةَ الباب أيضًا، وقال: إنه جَعَلَ أذانَ ابن أم مكتوم غايةً للأكل، فلو أذَّن بعد دُخُول الصباح - كما يعلم من الرواية، وكان ابنُ أم مكتومٍ رجلا أعمى لا ينادي حتى يُقَال له: أصبحت أصبحت - لَزِمَ جوازُ الأكل بعد طُلُوع الفجر، وهو خِلافُ ما ¬

_ (¬1) وقد جمع ابن خزيمة والصيفي بين الحديثين باحتمال أن الأذان كان نوبًا بين بلال وابن أم مكتوم، وجزم ابن حبان، بذلك ولم يبده احتمالًا - كذا في "شرح الزرقاني على الموطأ".

عليه الجمهور. فالظاهر أن حديثَ الباب مؤيِّدٌ لمن قال: إن حُرْمَةً الأَكل بتبيُّن الفجر، لا بنفس الطُّلُوع، وهو أقوى حُجَّةً، وهو أقوى حُجَّةً، كما قالوا. اهـ مختصرًا. قلت: ومن بقاياه ما تسلسل في كُتُب الفِقْه من رواية جواز الأكل بعد الطُّلُوع أيضًا، كما في «قاضيخان»، وإن كان الأحوطُ هو التركُ. وأصل البحث في القرآن: فمنهم من أراد منه التبيُّن التام، ومنهم من اكتفى بنفس التبيُّن، ولذا أقول: إن من أكل بعد الطُّلُوع وانتهى عنه قُبَيْل الانتشار، فإنه يقضي فقط ولا يُكَفِّر، واستدلَّ الطَّحَاوِيُّ على ذلك بقصة زِرّ بن حُبَيْش مع حُذَيفة في الصيام، ثم أخرج في باب التأذين قبل الفجر، عن حَفْصَة رضي الله عنها: ما مرَّ آنفًا، ولفظه: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان إذا أذَّن المؤذِّن بالفجر، قام فصلَّى ركعتي الفجر، ثم خَرَجَ إلى المسجد، وحَرُمَ الطعامُ، وكان لا يؤذِّن حتى يُصْبِح». وعند أبي داود، في باب الرجل يَسْمَعُ النداء والإناء على يده، عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «إذا سَمِعَ أحدُكم النداءَ والإناءُ على يده، فلا يَضَعْه حتى يقضي حاجته منه». اهـ (¬1). فهذه الروايات تَدُلُّ على جواز الأكل بعد نداء الصبح أيضًا، وحينئذٍ دَعَتْ الضرورةُ إلى الأذان الآخر، ليُمْسِكَ من أراد الصومَ عَمَّا يُمْسِكُ عنه الصائمون، فيمكن أن يكون تعدُّد الأذان في ذلك الزمان، فإذا نُسِحَ الأكلُ بعد الفجر، نُسِحَ أحدُ الأذانين أيضًا، وهو الذي قبل الفجر. وقال بعضُ العلماء: إن الأذان قبل الفجر في عهد صلى الله عليه وسلّم كان لتعليمهم وقت السُّحُور، ثم لمَّا عَرَفُوه تُرِكَ. هذا زُبْدَة مقالهم، وملخَّص كلامهم في هذا الباب. والذي تبيَّن لي هو أن الأذانَ الأولَ أيضًا كان للوقت كالأذان الثاني، ومن قال: إن الأذان الأولَ لو كان للفجر لَمَا كانت حاجةٌ إلى الأذان الثاني، ففيه مصادرةٌ على المطلوب، كيف وهذا أول النزاع؟ وقد بيَّنا في أول الكلام أن الأذانَ الثاني ليس إعادةً ليُتَوَهَّم منه إبطال العمل، بل هو إعلامٌ بعد إعلامٍ، وهو معقولٌ. وإنما التزم الحنفية أنه للتسحير ليَسْهُلَ الجواب عليهم، ولذا قالوا: إنه مخصوصٌ برمضان. قلتُ: ولا دليلَ عليه، وأمَّا ما قال به ابن القطَّان وابن دقيق العيد، فليس في أيديهما شيءٌ أيضًا إلا هذا الحديث، ولا نقلَ عندهم من الخارج أنه كان مخصوصًا برمضان، وإنما أبداه من قوله: «فَكُلُوا واشْرَبُوا»، ففَهِمَا منه أنه كان للتسحير، لأن الأكلَ والشربَ في الليل لا يكون إلا تسحيرًا، ولا يكون إلا في رمضان. وأصرحُ حُجَّةٍ عندهم على ذلك: حديث ابن مسعود رضي الله عنه لِمَا فيه تصريحٌ بعلَّة الأذان، وهي أنه: «لِيَرْجِعَ القائمُ، ويستيقظَ النائمُ». وحَمَلُوه على التسحير، فَغَلِطُوا في شرحه، مع أن المرادَ من القائم ليس هو القائمُ للصلاة، بل هو الذي قام ¬

_ (¬1) قلتُ: قال البيهقي: إن صحَّ هذا، يُحْمَلُ عند الجمهور على أنه - صلى الله عليه وسلم - قاله حين كان المنادي ينادي قبل طلوع الفجر، بحيث يَقَعُ شُرْبُه قبل طُلُوع الفجر. اهـ. قلتُ: ويُسْتَفَاد منه: أن الأذان قبل الفجر كان في زمانٍ، ثم انقطع فيما بعده، ولذا حَمَلَه على زمان تعدُّد الأذان. فلو كان الأذانُ قبل الفجر أمرًا مستمرًا، لم تكن في قوله: "حين كان المنادي" ... إلخ. فائدةٌ. ثم إذا عَلِمْتَ جوازَ الأكل بعد الصبح من رواية الطَّحَاوِيِّ صراحةً، فلا فائدة من هذا التأويل. والله تعالى أعلم.

عن فراشه، ثم ذهب لحاجته وتفرَّق في الفضاء وغيره، فمعناه أن بلالا يُؤَذِّنُ ليَرْجِعَ هذا القائم إلى الصلاة، وليقومَ من كان نائمًا، فيتأهَّبَ للصلاة. وعند الطَّحَاوِيِّ: «ليرجعَ غائبكم» بدل قائمكم، أي من كان غائبًا، ولم يكن موجودًا في بيته، وهو أصرح في هذا المراد. ثم رأيتُ الشافعيَّ رحمه الله تعالى شَرَحَه بعين ما قلتُ. والحافظُ رحمه الله تعالى لَمَّا لَمْ يُدْرِكْ مراده تحيَّر منه، وَعَجَزَ عن جوابه، ولم يَقْدِر إلا على أنه لا تناقضَ في الأسباب، فجاز أن يكونَ للتسحير أيضًا، فكأنه التزم شرحه المشهور. وأمَّا إذا عَلِمْتَ حقيقةَ الحال، لم يَبْقَ لنا فيه استدلالٌ. بقي حديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما، فليس فيه بيانٌ لِمَا كان بلالٌ يُؤَذِّنُ له، وإنما فيه: «أن بلالا يُؤَذِّنُ بليلٍ»، وأما لأي شيء هو، فلا حَرْفَ له فيه، وحَمْلُهُ على التسحير من بداهة الوَهْم لا غير، بل في طُرُقه ما يَدُلُّ على خلاف ذلك، وهو قوله في «صحيح البخاري»: «لا يَمْنَعَنَّكم أذانُ بلال»، فدلَّ على أن أذانه لم يكن مانعًا عن التسحير، لا أنه كان للتسحير كما فَهِمُوه، وهل تستطيع أن تفرِّق بينهما؟ ثم إنه لا ذِكْرَ للأذان الثاني في حديث ابن مسعود رضي الله عنه في واحدٍ من طُرُقه، وإنما فيه الأذان الواحد، وهو قبل الوقت، وليس فيه علَّةُ الأذان، بل فيه نكتةُ التقديم، أي إن بلالا يُؤَذِّنُ بليلٍ ويقدِّمه ليرجعَ القائم إلى الصلاة، وليتأهَّب النائمُ. أمَّا الأذانُ، فهو لِمَا عُهِدَ في الشرع، فَطَاحَ ما زَعَمُوه أنه للتسحير، وكفانا عن إثبات كونه للفجر. فإن الأذانَ لم يُعْهَد عند الشرع إلا للصلاة، مع أنه إذا قال: حيَّ على الصلاة، فليس معناه إلا أنه للوقت، وإذا كان الأمرُ كذلك، فلا يُنَاسب أن يُقَدَّم إلى نصف الليل كما زَعَمَه النوويُّ، بل هو كما قلنا في الصبح المستطيل قبل المستطير. بقي أن الأذانين هل كانا في رمضان خاصةً؟ فهو أيضًا مما لا دليلَ عليه. أمَّا قوله: «فكُلُوا واشْرَبُوا»، فهو متأتَ على ما فرضناه خارج رمضان أيضًا، وهذا لمن كان يريد صيام النفل، لا سِيَّما في زمن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فإن بعضَهم كان يصومُ صومَ داود، وبعضَهم يصومُ أيامَ البيض، وآخر يصومُ الدهرَ فلا يُفْظِرُ. ولم يكونوا بقليل، فأمكن أن يكون قوله: «فكُلُوا واشْرَبُوا» بالنظر إلى هؤلاء. ويَدُلُّ على ما قلنا ما في «المسند»، و «الكنز»: «فمن أراد الصوم، فلا يمنعه أذانُ بلال حتى يؤذِّن». اهـ. فجَعَلَ الصومَ فيه بخيرته، فهل يُنَاسِبُ هذا في رمضان؟ فهو إذن لم يكن مُخْتَصًّا برمضان كما أنه لم يكن مستمرًّا في سائر السنة، أمَّا إنه لم يكن مستمرًّا في السنة كلِّها، فمما يَدُلُّ على ذلك ما في «السنن»: «إن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم حذَّر في أمر الجماعة مرةً وعظَّم أمرها، وخَفَضَ فيها وَرَفَعَ، فقال ابن أم مكتوم: إني رجلٌ أعمى، وليس لي قائدٌ، فهل لي رُخْصَةٌ؟ قال: نعم، ثم سأله أنه هل يَسْمَعُ التأذين؟ قال: نعم، فلم يرخِّصه في ترك الجماعة». فهذا صريحٌ أنه لم يكن يؤَذِّن دائمًا، وفيه دليلٌ على أن لسماع الأذان مزيدَ دَخْل في حضور الجماعة. وفي «الطبقات» لابن سعد: «إن بلالا كان يُؤَذِّن إذا حَضَر بالمدينة، وإذا غَاب أَذَّن ابنُ أم مكتوم، وكان بلالُ إذا أذَّن أذَّن قبل الوقت». نقله عن الواقدي، وهو أعلم بهذه الأشياء.

وبالجملة إني متردِّدٌ في ثُبُوت استمرار تعدُّد الأذان، ثم في أنهما كانا في مسجدين أو في مسجدٍ واحدٍ، فإن كانا في مسجدين خَرَجَ عمَّا نحن فيه، ولا دليلَ عليه في قول عائشة رضي الله عنها: «لم يكن بين أذانيهما إلا قدر ما يَنْزِلُ هذا وَيَصْعَدُ هذا». وليس فيه إلا شِدَّة التقارُبِ بينهما، لا أنهما كانا في مسجدٍ واحدٍ، ومن العجائب ما في «الوفاء» من الاكتفاء بأذانٍ واحدٍ (¬1) لجميعِ أهل المدينة، وكان في المدينة يومئذٍ تسعُ مساجدَ، وكلُّهم كانوا يصلُّون على أذان بلال، وليس مذهبًا لأحدٍ، ثم إني أجدُ في أحاديثٍ عدمَ رِضَاء النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بأذانه قبل الفجر، وهذا حيث كان الأذانُ واحدًا، وهو كما أسلفناه عن الطَّحَاويِّ: «لا يَغُرَّنَّكم أذانُ بلال، فإن في بصره شيئًا»، وهذا يَدُلُّك ثانيًا على أن أذانَ بلال قبل الفجر لم يكن للتسحير كما فَهِمُوه، وإلا لَمَا احتاج إلى الاعتذار عنه: «بأن في بصره سوء»، بل كان للفجر، ثم كان يقدِّمه لسوء في بصره، فأَمر الناسَ أن يتحقَّقوا الفجر بأنفسهم. وكذلك ما مرَّ عن حَفْصَة رضي الله عنها، والأسود عند الطَّحَاوِيِّ: «أنه كان لا يُؤَذِّنُ حتى يُصْبِحَ»، وعند أبي داود: ولا تُؤَذِّنْ حتى يَسْتَبِيْنَ لك الفجرُ». قال أبو داود: وهو منقطعٌ. قلتُ: وقد أخرجه الحافظُ ضياء الدين المقدسي في «مختاراته»، فلا بدَّ أن يكون قابلا للعمل، وهو عندي بإسنادٍ قوي أيضًا. والحاصل: أني متردِّدٌ في كون هذين الأذانين في مسجدٍ واحدٍ، وفي استمرارهما سائر السنة، والذي تَلَخَّصَ عندي: أن الأذانين حين كان ينادى بهما كانا للصلاة قطعًا لا للتسحير، نعم لم يكن الأول مانعًا عن التسحير بخلاف الثاني. وعلى هذا ينبغي أن يُؤَوَّلَ ما رُوِيَ عن محمد (¬2): «أن الأذانَ الأولَ كان للتسحير»، بأن ¬

_ (¬1) قال الشيخ بدر الدين العَيْنِي رحمه الله تعالى في باب قول الله عز وجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] ... إلخ. أنه روى أبو داود مُرْسلًا، عن بُكَيْر بن الأشَجّ: إنه كان بالمدينة تسعةُ مساجدَ مع مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يَسْمَعُ أهلُهَا أذانَ بلالٍ رضي الله عنه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيصلون في مساجدهم، ثم فَصَّلَ تلك المساجد التسعة. انتهى. وفي "الوفي" نقل الأقشهري عن المحب الطبري: "أنه ذَكَرَ المساجد التي كانوا يصلُّون فيها بأذان بلال رضي الله عنه" اهـ. (¬2) قال محمد بن الحسن في كتاب "الحجج": قيل لهم: إنما كان يَصْنَعُ هذا بلالُ رضي الله عنه في شهر رمضان ليتسحَّر الناسُ بأذانه، ويكتفي الناسُ بأذان ابن أم مكتوم لصلاة الفجر، لأنه قد جاء حديث آخر يَدُلُّ على أن بلالا رضي الله عنه إنما كان يَصْنَعُ ذلك لسُحُور الناس في شهر رمضان خاصة، لأنه بلغنا: "أن بلالا رضي الله عنه أذَّن بليلٍ، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينادي: أَلَا إن العبدَ قد نام". ولكن الأمر الذي رويتم كان في شهر رمضان، والأمر الآخر من كراهية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأذانه بليلٍ كان في غير شهر رمضان. أخبرنا عبَّاد بن العوَّام قال: أخبرنا سليمان التيمي، عن أبي عُمَيْر، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَمْنْعَنَّ أحدًا منكم من سحورهِ أذانُ بلالٍ رضي الله عنه، فإنه إنما ينادي ليرجع قائمكم، ويوقظ نائمكم". أو: "ينبه نائمكم" ... إلخ الحديث. قال محمد بن الحسن: أخبرنا سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قتادة عن الحسن البصري: "أن منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يُؤَذِّن لصلاة الصبح حتى يَطلُعَ الفجرُ"، وعن بلال رضي الله عنه مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنه كان لا يؤذن لصلاة الفجر حتى يَرَى الفجر". انتهى. قال الشيخ رحمه الله تعالى: وربما رأيت أن أصلَ كلام الطحاويِّ يكون من محمد رحمه الله تعالى، فيكون في كلامه لفظٌ، ثم يَبْسُطُه الطحاويُّ ويقرِّره، وقد جرَّبت عنه مثله في مواضع. ثم إنهم اختلفوا في كتاب "الحجج": فقيل: إنه من خط محمد بن الحسن رحمه الله تعالى، وقيل: من خط تلميذه أبي عمران.

12 - باب الأذان بعد الفجر

معناه: لم يكن مانعًا عن التسحير. ثم إن اكتفى بأذانٍ واحدٍ، كان المطلوبُ فيه أن يكونَ بعد الفجر، فإن وَقَعَ قبل الفجر بقليلٍ أَغْمَضَ عنه، ولم يرض به، وهو قوله صلى الله عليه وسلّم «لا يَغُرَّنَّكُمْ أذانُ بلالٍ، فإن في بصره سوءً». ففيه نداءٌ على عدم رضائه مع الإغماض عنه، وإن تقدَّم على وقته المعهود بزمنٍ طويلٍ لم يُغْمِض عنه، ولم يتركه حتى ينادي: «إن العبدَ قد نام». فحَمْلُه عندي: إذا قدَّمه على ما كان من عادته أيضًا، ثم لم يأمره بالإعادة. فيُسْتَفَاد من الأحاديث: جواز الأذانين للفجر، مع كون الأول قبل الوقت. ويُسْتَفَاد: أن المطلوبَ كونهُ بعده إن اكتفى بالواحد، ولا إعادة إن قدَّم بقليلٍ. ومحصَّل الكلام بعد هذا التطويل والإسهاب بحيث يَمَلُّ منه النُظَّارُ، وتَكِلُّ منه الأنظارُ: أن الحديث لم يُوَافِقِ الحنفية بتمامه، كما إنه لم يُوَافِقِ الشافعية بتمامه، لأنه ليس فيه: أن أذان الفجر إن تقدَّم على الوقت، وَجَبَ إعادته، كما في فِقْهِنَا، وكذلك ليس فيه: الأذان قبل الفجر مطلقًا، كما كَتَبَه الشافعية، والأصوبُ في الجواب: أنه ثَبَتَ الأمران، إلا أن الأمرَ انتهى إلى: أن لا يؤذِّن للفجر حتى يَسْتَبِيْنَ (¬1) ولعلَّ بعض القطعات من تلك القصة لم تَصِلْ إلينا، فانْخَرَمَ به المراد. 12 - باب الأَذَانِ بَعْدَ الْفَجْرِ 618 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَتْنِى حَفْصَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا اعْتَكَفَ الْمُؤَذِّنُ لِلصُّبْحِ وَبَدَا الصُّبْحُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تُقَامَ الصَّلاَةُ. طرفاه 1173، 1181 - تحفة 15801 619 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءِ وَالإِقَامَةِ مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ. طرفه 1159 - تحفة 17783 620 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ ¬

_ (¬1) قلت وتَدُلُّ عليه رواياتٌ عديدةٌ ذُكِرَت في "الكنز"، لا أدري أنها صحيحةٌ أو سقيمةٌ، إلَّا أني وجدتها في تذكرةٍ للشيخ عندي، فرأيت أن لا أَضِنُّ بها. عن الحسن قال: هل كان الأذانُ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلَّا بعدما طَلَعَ الفجرُ، أذَّن بلالُ، فأمره النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَصَعِدَ فنادى: إن العبد نام". (ص) "كنز العمال" عن عُرْوَة، عن امرأة من بني نجَّار، قالت: "كان بيتي أطول بيتٍ حول المسجد، وكان بلالُ يؤذِّنُ عليه الفجر كل غداة، فيأتي بسَحَرٍ، فيجلس على البيت ينتظر الفجر، فإذا رآه تمطَّى ثم يُؤَذِّنُ" (أبو الشيخ في الأذان) "كنز العمال". عن بلال مُؤَذِّن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنه كان لا يؤذِّنُ لصلاة الفجر حتى يَرَى الفجرَ" (ص) "كنز العمال". وفي مسند ثَوْبَان - مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أذَّنْتُ مرةً فدخلت على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقلت: قد أذَّنْتُ يا رسول الله، فقال: لا تُؤَذِّنْ حتى تُصْبحَ، ثم جئته أيضًا، فقلتُ: قد أَذَّنْتُ، فقال: لا تؤَذِّنْ حتى تَرَى الفجرَ، ثم جئته الثالثة، فقلتُ: قد أَذَّنْتُ، فقال: لا تؤذِّن حتى تَرَى هكذا، وجمع بين يديه، ثم فرَّقهما". (عب) "كنز العمال" عن سُوَيْد بن غَفَلة قال: "كان بلالٌ لا يثوب إلَّا في الفجر، وكان لا يؤذِّن حتى يَنْشَقَّ الفجرُ" (ش) "كنز".

13 - باب الأذان قبل الفجر

اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ بِلاَلاً يُنَادِى بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِىَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ». أطرافه 617، 623، 1918، 2656، 7248 - تحفة 7237 عَكَسَ المصنِّف رحمه الله تعالى في وضع التراجم، فبوَّب بالأذان بعد الفجر أولا، وبالأذان قبله ثانيًا إيماءً إلى أنه لا مَنَاص عن الأذان بعد الفجر، سواء أذَّن قبله أو لا. ومن ههنا عُلِمَ أن ما ذَهَبَ إليه الشافعيُّ رحمه الله تعالى من الاكتفاء بالأذان الأول فقط، والحنفية من نفي الفائدة في ذلك الأذان (¬1) أصلا، ليس بسديدٍ: فإن الأذانَ بعده مما لا بدَّ منه، وقبله مفيدٌ ولو في الجملة مثل التهيؤ لها وغيره. 618 - قوله: (إذا اعْتَكَفَ) ... إلخ، فَهِمَ منه المصنِّف رحمه الله تعالى: أن اعتكافه كان لارتقاب طُلُوع الصبح ليؤذِّنَ حين يتبيَّن له، ولذا ترجم عليه بالأذان بعد الفجر. قوله: (ركعتين خفيفتين) حتى تردَّدت عائشةُ رضي الله عنها: أنه هل قَرَأَ فيها شيئًا، أم لا؟ ورُوِيَ مثله عن ابن عمر رضي الله عنه، إلا أنه علَّله أبو نصر، ووجهُ إعلاله: أنه رُوِيَ عنه مرةً: «أنه رآه يقرأ فيهما بسورة الإخلاص إلى شهرين»، ورُوِي عنه أخرى: «أنه لم يَرَه هو، بل بَلَغَه عن أخته حَفْصَة رضي الله عنها، لأنه صلى الله عليه وسلّم كان يصلِّيهما في بيته، ولم يكن يَدْخُل عليه في تلك الساعة أحدٌ». 13 - باب الأَذَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ 621 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ - أَوْ ¬

_ (¬1) واعلم أن قاضي القضاة أبا يوسف رحمه الله تعالى لَمَّا رَحَل لزيارة البيت -وكان معه هارون الرشيد أيضًا- نَاظَر مالِكًا رحمه الله تعالى في عِدَّة مسائل، منها: في سجدة السَّاهِي: إنها قبل السلام، أو بعدها، فأجابه مالك رحمه الله تعالى كما كان مذهبه: إنها إن كانت لنقصانٍ، فليسجدها قبل السلام. وإن كانت لزيادةٍ، فبعد السلام فقال له أبو يوسف رحمه الله تعالى: إن وَقَعَ السهو بكلا النحوين، فماذا يفعل؟ فَسَكَتَ مالكٌ رحمه الله تعالى، فقال أبو يوسف رحمه الله تعالى: الشيخُ قد يخطىء، وقد لا يصيب، ولم يسمعه مالك رحمه الله تعالى، وَفَهِمَ أنه قال: الشيخ قد يخطىء، وقد يصيب. ولذا انصرف مالك رحمه الله تعالى إلى وجهه، فَضَحِكَ الناسُ، فقال مالك رحمه الله تعالى: وهذا جزاء الشيخ الذي نَاظَر مع شابٍ: وكان أبو يوسف رحمه الله تعالى إذ ذاك شابًا، وفيه منقبة لمالك رحمه الله تعالى أنه كيف تحمَّل وأبدى الوقار. فلمَّا رَجَعَ أبو يوسف رحمه الله تعالى من سفره، رَجَعَ عن عدَّة مسائل: الأولى في الأذان قبل الفجر، ولم يَرَ فيه الإعادة، والثانية مسألة الوقف، والثالثة مسألة الصاع. وفي "شرح الجامع الصغير": إن رجوعه كان لكمال ديانته، فإنه لمَّا رَأَى العملَ ببلدة الرسول خلاف ما كان يقول به رَجَعَ عنه. انتهى معرَّبًا في تقرير الفاضل عبد العزيز من كلام الشيخ رحمه الله تعالى. وقد ذكر قصة أبي يوسف رحمه الله تعالى صاحب "الكفاية" عن مبسوط شيخ الإسلام، وفيه: الشيخ تارةً يخطىءُ، وتارة لا يُصِيب. وليس فيه جواب مالك رحمه الله تعالى، وهو في خزانته "الروايات"، وفيه: هذا جزاء من لم يَمُتْ مع أقرانه.

14 - باب كم بين الأذان والإقامة ومن ينتظر الإقامة

أَحَدًا مِنْكُمْ - أَذَانُ بِلاَلٍ مِنْ سَحُورِهِ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ - أَوْ يُنَادِى - بِلَيْلٍ، لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ وَلِيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ، وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ الْفَجْرُ أَوِ الصُّبْحُ». وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ وَرَفَعَهَا إِلَى فَوْقُ وَطَأْطَأَ إِلَى أَسْفَلُ حَتَّى يَقُولَ هَكَذَا. وَقَالَ زُهَيْرٌ بِسَبَّابَتَيْهِ إِحْدَاهُمَا فَوْقَ الأُخْرَى ثُمَّ مَدَّهَا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ. طرفاه 5298، 7247 - تحفة 9375 - 161/ 1 622 و 623 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ. وَعَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ (ح). قال وَحَدَّثَنِى يُوسُفُ بْنُ عِيسَى الْمَرْوَزِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ». أطرافه 617، 620، 1918، 2656، 7248 - تحفة 17535 لا يُقَال: إن الأذانين لو كانا بكلماتٍ واحدةٍ لَمَا حَصَلَ التمييزُ بينهما، ولَمَا أفاد تأذينُ ابن أم مكتومٍ فائدةً، فَلَزِم أن يكونا بكلماتٍ مختلفةٍ بحيث لا يَغْتَرُّ الصائمُ بالأذان الأول، ثم إذا سَمِعَ الأذانَ الثاني يُمْسِكُ عَمَّا يُمْسِكُ عنه الصائمون، لأنا نقول: إن التمايُزَ يَحْصُل من تِلْقَاء أصواتهما، وإن لم يَحْصُل من جهة كلماتهما، وأن الأذانين لو كانا بكلماتٍ مختلفةٍ ولم يكن بينهما التباسٌ على زعمكم، فما معنى قوله: «لا يَغُرَّنَّكم أذانُ بلال»، فإنه يَدُلُّ على أن أذانه كان بحيث لو اغترَّ منه مُغْتَرٌّ لاغترَّ، فَدَلَّ على وَحْدَة كلماتهما على طوركم أيضًا. 14 - باب كَمْ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ وَمَنْ يَنْتَظِرُ الإِقَامَةَ 624 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنِ الْجُرَيْرِىِّ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاَةٌ - ثَلاَثًا - لِمَنْ شَاءَ». طرفه 627 - تحفة 9658 625 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الأَنْصَارِىَّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ الْمُؤَذِّنُ إِذَا أَذَّنَ قَامَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِىَ حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُمْ كَذَلِكَ يُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ شَىْءٌ. قَالَ عُثْمَانُ بْنُ جَبَلَةَ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلاَّ قَلِيلٌ. طرفه 503 - تحفة 1112 وقدَّره الحنفية (¬1) بقَدْر أن يقضي الرجلُ حاجَتَه، ويَرْجِعَ إلى الصلاة، وأقلُّه أن يُصَلِّي فيه أربع ركعات إلا في المغرب، فإنه يُسْتَحَبُّ فيها التعجيل مهما أمكن. وقال ابن الهُمَام رحمه الله تعالى: يَنْتَظِرُ فيها أيضًا بقدْر ركعتين لورود الحديث فيه، وذهب إلى إباحتها كما في «القنية» ¬

_ (¬1) أخرج الترمذي عن جابر في حديثه: "واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله، والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته". قال الترمذي: وإسناده مجهول.

أيضًا. وفي عامة الكُتُب: إن الصلاةَ قبل المغرب مكروهةٌ والأوجه ما اختاره ابن الهُمَام، وإليه ذَهَبَ مالكٌ رحمه الله تعالى. وقال الشافعيُّ رحمه الله تعالى: يُصَلِّي ويتجوَّز فيهما، وعن أحمد رحمه الله تعالى: أنه صلاهما مرةً، ثم لم يستمر عليهما، كما يُعْلَمُ من «مسنده». وفي العيني: أنه لم يصلِّها إلا مرةً حين بَلَغَه الحديث، وهكذا عُرِفَ من عادات المحدِّثين: أنهم كانوا يعملون بالحديث مرةً حين يَبْلُغُهم وإن لم يَذْهَبُوا إليه ولم يختاروه، وإنما يَبْتَغُون بهذا الطريق سبيل الخروج عن عُهْدَتِهِ. ونَقَلَه الحافظ في «الفتح»، وفيه سهوٌ، فكَتَبَ: حتى بَلَغَه الحديث، مكان «حين» فانقلب منه المراد. والصواب كما في العَيْنِي، كَمَا يَتَّضِحُ من «مسند أحمد» رحمهم الله تعالى. والحديثُ حُجَّةٌ للشافعية، وأصرح منه ما عند البخاري في باب الصلاة قبل الغروب، ولفظه: «صَلُّوا قبل صلاة المغرب، قال في الثالثة: لمن شاء، كراهية أن يتخذها الناسُ سنةً». اهـ. لأن فيه صيغةَ الأمر، وأدناها أن تُحْمَل على الاستحباب، ولأن فيه تصريحًا بصلاة المغرب بخلاف حديث الباب، فإنه إن صَدَقَ عليها، صَدَقَ بعمومه. وقد عَلِمْتَ أن التمسُّك بالعموم دائمًا عندنا ليس بذاك. وأجاب عنه الحنفية رحمهم الله تعالى: أن المرادَ من الأذانين الأذانان في الوقتين للصلاتين، فاستقام الحديث على مذهبنا أيضًا، وليس بجيدٍ عندي، لأن المراد منه هو الأذان والإِقامة تغليبًا. والحديثُ على طورهم يَصِيْرُ قليل الجدوى، فإنه أمرٌ بديهي. والصواب في الجواب ما اختاره ابن الهُمَام من التزام الإباحة، وعليه تُحْمَلُ صيغة الأمر، لأنها وَرَدَت في صلاةٍ تَضَافَرَت الروايات بتعجيلها - أعني المغربَ - وحينئذٍ يَتَبَادَرُ الذهنُ أن لا يصلِّي قبلها بصلاة، فإذن لا تكون إلا لبيان الإباحة، ورفع إبهام الحظر، لا سِيَّما إذا كان فيه لفظ: «لمن شاء»، و «كراهية أن يتخذها الناسُ سنةً». والفرق في الأحاديث بالاستحباب والسنية غير نافع. وعند أبي داود في باب الصلاة قبل المَغْرِب، عن أنس بن مالكٍ قال: «صلَّيت الركعتين قبل المغرب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: قلتُ لأنس: أرآكم رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: رآنا، فلم يأمرنا، ولم ينهانا». وهذا هو معنى الإباحة. وما يَحْكُمُ به الخاطر الفاتر أن الحديثَ على وجهه، هو الحديثُ العامُّ، وأراد الراوي أن يُجْرِيَ عمومه على المغرب، لأن المسألةَ عنده هكذا كانت، فأخْرَجَ المغرب من الخمس، وأدْخَلَها تحت حكم الحديث العامِّ، وركَّب منه عبارةً كما رأيت. وهذا بالحقيقة رواية المعنى، لا الرواية بالمعنى. وحاصلهُ: أن الروايةَ بالمعنى هي التي يَقْصُد بها الراوي سَرْدَ الرواية بألفاظها، فلم تَحْضُرْهُ الألفاظ، فرواها على المعنى، أي مراعيًا للألفاظ. وأمَّا رواية المعنى: فهي أن لا يَقْصُدُ سردَ الألفاظ من أول الأمر، بل يَقْصُدَ إعطاء المراد الجملي، كما يَقْصُد في المجالس العامة كالوعظ وغير ذلك، فيروي المعنى فقط إلقاءً للمراد بدون تعرُّض إلى الألفاظ. وإنما حَمَلَني على ذلك حكم الوجدان، ولأن الحديث في عامة

ألفاظه لا يُوْجَدُ إلا على اللفظ العام، ولاشتراك الإسناد في الموضعين، ولنقل ابن الجوزيِّ في كتاب «الناسخ والمنسوخ»، عن الأَثْرَم تلميذ أحمد رحمه الله تعالى: أنه معلولٌ. ثم وَرَدَت في الحديث العامِّ زيادةٌ عند الدارقطني و «مسند البزار» هكذا: «بين كل أذانين صلاةٌ إلا المغرب». اهـ. وهو عجيبٌ، فإن استثناء المغرب يُنَاقِضُ صراحةً قوله: «صَلُّوا قبل المغرب». ولا يلتقي الأمرُ بها مع استثنائها حتى يلتقي السُهَيْل مع السُّهَا. قيل: في إسناد الاستثناء حَيَّان بن عبد الله، وقال ابن الجوزيّ: إنه كذَّابٌ، ومَرَّ عليه الزَّيْلَعِيُّ وقال: إنه اثنان: ابن عبد الله: وهو كذَّابٌ، وابن عُبَيْد الله: وهو ثقةٌ، ونقل عن البزار: أن حيان ههنا هو ابن عُبَيْد الله، وهو بصريٌّ ثقة. ومرَّ عليه السيوطي في «اللآلىء المصنوعة»، وقال: وسها ابن الجوزيِّ في حكمه بالوضع، ثم قرَّره بما مرَّ (¬1). فالروايةُ صحيحةٌ، ويقضي العجب من مثل الحافظ حيث نَقَلَ عبارةَ ابن الجوزيِّ، ولم يَنْقُل عبارةَ البزَّار، ولا وجهَ له غير أنه كان فيه نفعٌ للحنفية ولا يريده، وإلا فالحافظُ ليس غافلا عن هذه الأشياء، والله المستعان. قلتُ: ولعلَّ الحديثَ كان بدون الاستثناء، إلا أن الراوي لمَّا لم يُشَاهد بهما العمل، ألحق به الاستثناء من قِبَل نفسه، كما فعل ابن عمر رضي الله عنه، وبنى نفيه على انتفاء المشاهدة عنده. فعند أبي داود قال: «سُئِلَ ابن عمر رضي الله عنه عن الركعتين قبل المغرب، فقال: ما رأيتُ أحدًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم يصلِّيهما» ... إلخ. فليس عنده غير تلك المشاهدة، فبنى عليها النفي. وهكذا حالُ من زاد الاستثناء، فإنما زاده لأجل أنه افتقد بهما العملَ، لا أنه كان مرويًا عنده جزئيًا. وتحصَّل من المجموع: أن في الباب ثلاث روايات: الأولى: الحديث العام بدون تعرُّض ¬

_ (¬1) قلتُ: ونأتيك بعبارة "اللآلىء" برُمَّتِهَا: البزار: حدَّثنا عبد الواحد بن غِيَاث: حدثنا حَيَّان بن عُبَيْد الله، عن عبد الله بن بُرَيْدَة، عن أبيه: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "بين كل أذانين صلاة إلَّا المغرب". لا يَصِحُّ حَيَّان: كذَّبه الفَلَّاس. قال البزار بعد تخريجه: لا نعلم رواه إلّا حَيان، وهو بصريٌّ مشهورٌ ليس به بأس. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد": لكنه اختلط. وذكره ابن عدي في "الضعفاء". انتهى. وحيان هذا غير الذي كذَّبه الفَلَّاس، ذاك حَيَّان بن عبد الله -بالتكبير- أبو جَبَلة الدارمي، وهذا حيان بن عبيد الله -بالتصغير- أبو زهير البصري، ذكرهما في "الميزان": اهـ. وهكذا هو عند البيهقيِّ حَيَّان بن عُبَيْد الله -مصغرًا- ثُمَّ نَقَلَ السيوطي عن ابن خُزَيْمة أن حَيَّان بن عُبَيْد الله هذا قد أخطأ في الإسناد، ثم ذَكَرَ خطأه، ثم قال: ولعلَّه لما رَأَى العامةَ لا تُصَلِّي قبل المغرب، توهَّمَ أنه لا يُصَلَّى قبل المغرب، فزاد هذه الكلمة في الخبر. وازدد علمًا بأن هذه الرواية خطأ: أنَّ ابن المبارك قال في حديثه عن كَهْمَس: "فكان ابن بُرَيْدَة -وهو أحد رواته- صلى قبل المغرب ركعتين". فلو كان ابنُ بُرَيْدَة سَمِعَ عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الاستثناء الذي زاد حَيَّان بن عُبَيْد الله في الخبر: "ما خلا صلاة المغرب"، لم يكن يُخَالِف خبرَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - اهـ. ولله دَرُّه ما ألطف كلامه، ولذا أتحفناك به. وهذا أوضح القرائن على كون تلك الزيادة من حَيَّان، فإنها لو كانت مرويةً ممن فوقه من ابن بُرَيدَة، لم يكن ابن بُرَيْدَة ليصليها مع كون تلك الزيادة عنده، فدلَّ على أن من صلَّاها، فقد عَمِلَ بالمرفوع، ومن تَرَكَهَا، فلأجل أنه لم يُشَاهِد العمل بهما.

إلى المغرب نفيًا وإثباتًا (¬1)، والثاني: الأمر بها جزئيًا، والثالث: استثناؤها عن الخمس. والذي يَدُور بالبال - وإن لم يكن له بال - أن الحديثَ المرفوعَ هو الحديثُ العامُّ، ثم من كان مذهبُهُ الصلاة قبل المغرب، رواها على اللفظ الثاني على طريق رواية المعنى وبيانًا للمسألة، لا على شاكلة سَرْد الرواية. ومن استثناها عن الخمس نظر إلى الخارجِ، ولمَّا لم يَجِدْ فيه أحدًا يَعْمَلُ بهما، أَخرجهما عن الأمر بالصلاة لا محالة، لا أن الاستثناء مرفوعٌ عنده، أَلا تَرَى أن ابن عمر رضي الله عنه لمَّا سُئِلَ عنهما لم يأتِ بصريح النهيِّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وإنما نفاهما بناءً على مشاهدته وفُقْدَان العمل، هكذا فليفهم حال الاستثناء. ثم لم يَذْكُر راوٍ من رواة هذه الرواية أن واحدًا منهم كان يعمل بهما. وهذا يحقِّق أن من صلَّى بهما، فقد عَمِلَ بألفاظ الحديث، ومن تَرَكَهُمَا، فقد نَظَرَ إلى المشاهدة (¬2) وبالجملة إن مذهب الإمام هو المذهبُ المنصورُ، وإليه ذهب الجمهور، كما صرَّح به النووي. ثم إنه مع التصريح بعمل الخلفاء الأربعة وغيرهم على الترك، أراد أن يَرُدَّ على أبي حنيفة رحمه الله تعالى، فلينظر هل يُنَاسب هذا بعد ذلك؟ وإن تعدلوا هو أَقْربُ للتقوى. والله المستعان. وما تحصَّل عندي: أنهما قد عُمِلَ بهما في زمنٍ، ثم انتهى العملُ بالترك، كما مرَّ عن ابن عمر رضي الله عنه. وعند النسائي في باب الرخصة في الصلاة قبل المغرب: «أنَّ أبا تميم الجَيْشَانِيَّ قام لِيَرْكَعَ ركعتين قبل المغرب، فقلتُ لِعُقْبَةَ بن عامرٍ: انظر إلى هذا، أيَّ صلاةٍ يُصَلِّي؟ فالتفتَ إليه فرآه، فقال: هذه صلاة كنا نُصَلِّيها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم. اهـ. فَثَبَتَ منه الجزآن، أي أنها كانت في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ثم انقطع بهما العمل حتى أفضى إلى الإنكار عليهما. أَلا ترى إلى قوله: «أيَّ صلاةٍ يُصَلِّي؟» كيف يَتَسَاءلُ عنها كأنه لا يَعْرِفُ أصلها. بقي عَمَلُ أبي تميم، فتلك أذواق للناس: فمنهم من لا يُحِبُّ أن يَتْرِكَ ما عُمِلَ به في عهده صلى الله عليه وسلّم مرةً، ويُوَاظِبُ عليه، ويراه مُؤَكَّدًا لنفسه. ومنهم من يُرَاعِي السُّنَّةَ الأخيرة، فالأخيرةُ وهي ما استقرَّ (¬3) عليها عملُه صلى الله عليه وسلّم وعَمِلَ بها أصحابُهُ صلى الله عليه وسلّم بعده، وقد عُرِفَ من أمر أصحابه ¬

_ (¬1) قلتُ: وكثيرًا ما وَقَعَ مثله في أحاديث، فمن أمثلته ما رُوي عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه: "إذا أُقِيَمتِ الصلاةُ، فلا صلاةَ إلَّا المكتوبةَ". فالحديثُ المعروفُ هو هذا، ثم جاء بعضُ الرواة، فزاد فيه: "إلَّا ركعتي الفجر"، وجاء بعضٌ آخر، فروى: "ولا ركعتي الفجر"، فأورث على الناس تخليطًا. والأصل أن مذهبهما اختلط مع المعروف فأوحش طول، وسيجيءُ تفصيله. (¬2) قلتُ: وفي "العرف الشذي": أن البزار وابن شاهين ذهبا إلى نسخهما لورود الاستثناء، فدلَّ على صحته عندهما، كذا في كتاب "الناسخ والمنسوخ"، ثم اعلم أن ابن شاهين مُعَاصِرُ الدارقطني. (¬3) يقول العبدُ الضعيفُ: وكان شيخُنَا أقل ما يطلق لفظ النسخ على شيء، بل يقول: انتهى به العمل. ولَعمرِي إنه تعبيرٌ جيدٌ لو تخيَّره الناسُ أسوةً، فإن العملَ قد ينتهي مع بقاء المشروعية، بخلاف النسخ فإن المُتَبَادَرَ منه رفعُهَا، فادِّعاء الانتهاء أسهلُ من ادِّعَاء الرفع. وأمَّا من لا يَحْتَاطُ في مثل هذه الأبواب، فيدَّعي في كل موضع لم يُسْنَحْ له التوفيق أنه منسوخٌ ولا يُبَالِي، ثم يَزْعَمُهُ علمًا. نعم، وإن من العلم لجهلًا، ثم أخرجه النَّسائي، في باب الصلاة بين الأذان والإقامة، وفيه قال: "كان المؤذِّنُ إذا أذَّن، قام ناسٌ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَيَبْتَدِرُون السواري يُصَلُّون، حتى يَخْرُجَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهم كذلك يُصَلُّون قبل المغرب" اهـ. =

15 - باب من انتظر الإقامة

رضي الله عنهم ما نبَّهناك عليه، أَلا تَرَى أن أبا مَحْذُوْرَة (¬1) لم يَجِزَّ ناصيته بعدما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم مَسَحَ عليها، ومثله في الصحابة رضي الله عنهم كثيرٌ، وقد مرَّ منا مثله عن أُبَيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه مع عمر في الركعتين بعد العصر. وبالجملة: المسائل إنما تُؤْخَذُ من الأمر والنهي، لا من أذواق الناس، وإن للناس فيما يَعْشَقُون مذاهب. 15 - باب مَنِ انْتَظَرَ الإِقَامَةَ 626 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ بِالأُولَى مِنْ صَلاَةِ الْفَجْرِ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْفَجْرِ بَعْدَ أَنْ يَسْتَبِينَ الْفَجْرُ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ لِلإِقَامَةِ. أطرافه 994، 1123، 1160، 1170، 6310 - تحفة 16465 يعني من جَلَسَ في بيته ينتظر الإقامة، فهل يُسَوَّغُ له ذلك؟ 626 - قوله: (سَكَتَ المُؤذِّنُ بالأُولَى)، إنما سمَّاه بالأولى باعتبار الإِقامة، وليس بناؤه على تكرار الأذان، لأنه قد تحقَّق عندنا: أن التكرارَ لم يكن مستمرًّا، وإن عُمِلَ به في زمانٍ. قوله: (ثم اضْطَجَع على شِقِّهِ الأيمن حتى يأتيهِ المُؤَذِّنُ للإِقامة)، وهذا نوعٌ آخر من الانتظار، فلا يتمسَّك منه أحدٌ على أنه صلى الله عليه وسلّم كان يَجْلِسُ في بيته، ثم يَخْرُجُ إذا سَمِعَ الإِقامَةَ. وعند أبي داود، عن ابن عمر رضي الله عنه: «إنما كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم مرتين مرتين»، إلى أن قال: «فإذا سَمِعْنَا الإِقَامَة توضَّأنا، ثم خَرَجْنَا إلى الصلاة». اهـ. وما بلغتُ كُنْهَ مراده، ولعلَّه وَقَعَ فيه نقصٌ في التعبير ولا بدَّ، وإلا لَمْ يُعْرَف ذلك من حال الصحابة رضي الله عنهم (¬2). ¬

_ = وهذا يُفِيدُ أنهم لم يَعْمَلُوا بهما كلهم حينما عَمِلُوا، كما يَدُل عليه لفظ: "مِنْ"، ثم يُفِيدُ أنهم كانوا يريدون بذلك شَغْل الوقت بين الأذان والإقامة بعبادةٍ، كما اختاره المالكية بعد كل ترويحة، كما يَدُلُّ عليه لفظ: "حتى يَخرُجَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -". ثم ظاهرُهُ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يكن ليصلِّيهما. ثم يُفِيدُ أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يراهم يُصَلُّون ويُقِرُّهم على شاكلة الجائزات فإن كنتَ من أهل الأذواق فذُق. "وهم كذلك يُصَلُّون" ... إلخ، ما يريد بذلك، ثُمَّ ارجع البصر كرتين إلى قوله: "يبتدرون" لِمَ يذكر الابتدار؟ وقوله: "حتى يَخْرُجَ" ... إلخ، ماذا كانوا يريدون منها؟ وقوله: "وهم كذلك يُصَلُّون"؛ يَدُلُّك إن شاء الله تعالى على أنه لم يُعْمَل بهما على طريق الاستحباب والسنية أبدًا، وإنما كانتا كالأمور الوقتية تجري ثم تنتهي، ولو كانت سنةً مطلوبةً، فأين كان الخلفاء عنها؟ حيث تركوهما كما صرَّح به النووي. (¬1) ونظيره ما في "المشكاة"، في باب الترجُّل: عن أنس: "كانت لي ذُؤَابة، فقالت لي أمي: لا أَجُزُّهَا، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَمُدَهَا ويأخذها". رواه أبو داود. وعند أبي داود في الأذان، في حديث أبي مَحْذُوْرَة: "قال عبد الرزَّاق: فكان أبو مَحْذُورة لا يَجِزُّ ناصيته ولا يَفْرُقها، لأن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَسَحَ عليها". (¬2) يقول العبدُ الضعيف: ويمكن أن يُعْتَذَرَ عنه: بأن أكثرهم كانوا يَصُومُون، فيشتغلون بالإفطار، حتى إذا أُقِيمَتِ الصلاة فَرَغُوا عنه وتوضَّأوا ... إلخ. فقد كان ابن عمر رضي الله عنه يُوضَعُ له الطعامُ وتُقَام الصلاة، فلا يأتيها حتى يَفْرُغَ، وإنه يسمع قراءة الإمام. ومن لا ينظر إعادته في الخارج يتعجَّب عليه، فيمكن أن يكون =

16 - باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء

16 - باب بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاَةٌ (¬1) لِمَنْ شَاءَ 627 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاَةٌ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاَةٌ - ثُمَّ قَالَ فِى الثَّالِثَةِ - لِمَنْ شَاءَ». طرفه 624 - تحفة 9658 - 162/ 1 أطلق في هذه الترجمة، ولم يسمِّ المغرب، ثم لمَّا ترجم عليه في النوافل صرَّح بالمغرب، كما عَلِمْتَ مفصَّلا. 17 - باب مَنْ قَالَ لِيُؤَذِّنْ فِى السَّفَرِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ قوله: (مُؤَذِّنٌ واحدٌ). كلامُ الحافظ ههنا مشوَّشٌ، ولعلَّه فَهِمَ أن في عبارته قُصُورًا، لأنه ترجم أولا بتعدُّد الأذانين، ولمَّا أراد أن يُتَرْجِمَ على الأذان الواحد انتقل من حال الأذان إلى المُؤَذِّن، وقال: «مُؤَذِّنٌ واحدٌ» - فكان الأحسن أن يقولَ: «لِيُؤَذِّنْ في السفر أذانًا واحدًا»، لِتَّسِقَ نظمُ التراجم - مع أن كون المؤذِّن واحدًا لا يُوْجِبُ كون الأذان أيضًا واحدًا لِيَثْبُتَ مطلوبُهُ، لأنه يَجُوز أن يؤذِّنَ المُؤَذِّنُ الواحدُ آذانًا عديدةً، والمقصود هو الأذان الواحد. أقول: وبناءُ ترجمته على أن المُؤَذِّنَ الواحدَ لا يُؤَذِّنُ إلا واحدًا، ولذا اختار الشافعيُّ رحمه الله تعالى تعدُّد المؤذِّنين عند تعدُّد الأذان. فالمؤذِّنُ الواحدُ لا يُؤَذِّنُ إلا أذانًا واحدًا، والأذانُ المتعدِّدُ لا يكون إلا من المؤذِّن كذلك. وحينئذٍ إذا كان في السفر مؤذِّنٌ واحدٌ يكون الأذان أيضًا واحدًا، المصنفُ رحمه الله تعالى في باب الجمعة، فبَوَّب بالمؤذِّن الواحد يوم الجمعة، وعبَّر عن الأذان الواحد بالمؤذِّن الواحد، وهذا دليلٌ على أن المؤذِّنَ الواحدَ لا يُؤَذِّنُ عنده إلا أذانًا واحدًا، والله تعالى أعلم. 628 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى نَفَرٍ مِنْ قَوْمِى فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ ¬

_ = تأخيرهم أيضًا من هذا الباب، والله تعالى أعلم. وقد سَمِعْت هذه من شيخي رحمه الله تعالى في حديث ابن عمر رضي الله عنه في أَكْلِهِ العشاء والإقامة بأذنِهِ، فأجريته هنا أيضًا، وكثيرًا ما فعلته في هذه الوريقات. ولا ضيق في كون الحديث في مطلق الصلاة، فإن ذِكرَ العامِّ وإرادةَ الخاصِّ معهودٌ. (¬1) واعلم أن الشيخ رحمه الله تعالى كان يتردَّد في أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بين كل أذانين صلاة"، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلُّوا قبل المغرب"، حديثان أو حديثٌ واحدٌ، ولم يكن يَجْزِم بجانبٍ غير أن البخاريَّ بوَّب على الأول بـ: الفصل بين الأذانين، وعلى الثاني بـ: الركعتين قبل المغرب. وقد أجاب بعضُ الحنفية رحمهم الله تعالى عن الأول: أن المرادَ من الصلاة هو مقدارها، أي ينبغي أن يَمْكُث بين الأذان والإقامة بذلك القَدْر، وما كنتُ أعبأُ بهذا الجواب، فلمَّا رأيتُ أن البخاريَّ بوَّب عليه بـ: الفصل بين الأذانين، عَرِفتُ أن له وجهًا، والله تعالى أعلم بالصواب. وله رواية تُنَاسِبُه عند الترمذي، عن جابر رضي الله عنه، وقد مرَّت عن قريبٍ في الهامش، غير أن إسنادَه مجهولٌ.

18 - باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة، والإقامة، وكذلك بعرفة وجمع، وقول المؤذن: الصلاة فى الرحال، فى الليلة الباردة أو المطيرة

رَحِيمًا رَفِيقًا، فَلَمَّا رَأَى شَوْقَنَا إِلَى أَهَالِينَا قَالَ «ارْجِعُوا فَكُونُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَصَلُّوا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ». أطرافه 630، 631، 658، 685، 819، 2848، 6008، 7246 - تحفة 11182 628 - قوله: (أَتَيْتُ النَّبِيَّ فِي نَفَرٍ من قومي)، وهذا الصحابي قد يقول: أتيت مع ابن عمي، ثم الراوي أيضًا يتبعه في التعبير. (فَإِذَا حَضَرَتِ الصلاةُ، فَلْيُؤَذِّنْ لكم أحدُكم)، والمُتَبَادَرُ منه عندي: أن أمره ذلك إنما هو عند بلوغهم إلى بلدهم، وحَمَلَهُ البُخَارِيُّ رحمه الله تعالى على السفر، وسيجيءُ بعضُ توضيحٍ في الحديث الآتي. قوله: (ولْيَؤُمَّكُم أكبرُكم)، ومنه أُخِذَ الترتيبُ في الإِمامة، فَيَؤُمُّ الأعلمُ، ثم الأقرأُ ... إلى آخره. 18 - باب الأَذَانِ لِلْمُسَافِرِ إِذَا كَانُوا جَمَاعَةً، وَالإِقَامَةِ، وَكَذَلِكَ بِعَرَفَةَ وَجَمْعٍ، وَقَوْلِ الْمُؤَذِّنِ: الصَّلاَةُ فِى الرِّحَالِ، فِى اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوِ الْمَطِيرَةِ 629 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْمُهَاجِرِ أَبِى الْحَسَنِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ فَأَرَادَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ «أَبْرِدْ». ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ «أَبْرِدْ». ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ. فَقَالَ لَهُ «أَبْرِدْ». حَتَّى سَاوَى الظِّلُّ التُّلُولَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ». أطرافه 535، 539، 3258 - تحفة 11914 630 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ أَتَى رَجُلاَنِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدَانِ السَّفَرَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَنْتُمَا خَرَجْتُمَا فَأَذِّنَا ثُمَّ أَقِيمَا ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا». أطرافه 628، 631، 658، 685، 819، 2848، 6008، 7246 - تحفة 11182 631 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ أَتَيْنَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَحِيمًا رَفِيقًا، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّا قَدِ اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا أَوْ قَدِ اشْتَقْنَا سَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا بَعْدَنَا فَأَخْبَرْنَاهُ قَالَ «ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَأَقِيمُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ - وَذَكَرَ أَشْيَاءَ أَحْفَظُهَا أَوْ لاَ أَحْفَظُهَا - وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِى أُصَلِّى، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ». أطرافه 628، 630، 658، 685، 819، 2848، 6008، 7246 - تحفة 11182 - 163/ 1 632 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ قَالَ أَذَّنَ ابْنُ عُمَرَ فِى لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ بِضَجْنَانَ ثُمَّ قَالَ صَلُّوا فِى رِحَالِكُمْ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ

19 - باب هل يتتبع المؤذن فاه ها هنا وها هنا؟ وهل يلتفت فى الأذان؟

رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَأْمُرُ مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِهِ، أَلاَ صَلُّوا فِى الرِّحَالِ. فِى اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوِ الْمَطِيرَةِ فِى السَّفَرِ. طرفه 666 - تحفة 8186 633 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالأَبْطَحِ فَجَاءَهُ بِلاَلٌ فَآذَنَهُ بِالصَّلاَةِ، ثُمَّ خَرَجَ بِلاَلٌ بِالْعَنَزَةِ حَتَّى رَكَزَهَا بَيْنَ يَدَىْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالأَبْطَحِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ. أطرافه 187، 376، 495، 499، 501، 634، 3553، 3566، 5786، 5859 تحفة 11814 الأحسنُ للمسافر عندنا أن يُؤَذِّنَ وَيُقِيْمَ، فإن اكتفى بالإقامة جاز، وإن تَرَكَهما كُرِهَ، وأشار من قوله: «إذا كانوا جماعةً» إلى توسيعٍ في حق المُنْفَرِدِ. 630 - قوله: (إذا أَنْتُما خَرْجْتُمَا فَأَذِّنَا)، وهذا في السفر قطعًا. وما مرَّ من صيغة الجمع يَحْتَمِلُ أن يكونَ في السفر، كما حَمَلَ عليه المصنِّف رحمه الله تعالى، ويَحْتَمِلُ أن يكون بعد بُلُوغهم إلى بلدهم، كما هو المُتَبَادَرُ عندي، وقد وَرَدَ في طُرُقه ما يُشِيْرُ إليهما، ومن ههنا اندفع التناقضُ بين صيغة التثنية والجمع، فإن الأُولى محمولةٌ على الطريق، والثانيةَ على بلوغهم إلى وطنهم. أو يُقَال: إنهما في السفر، إلا أن الراوي قد يُرَاعي نفسَه وابنَ عَمِّه بالتثنية، وقد يُرَاعي نفسَه مع رُفَقَائِهِ، فيأتي بالجمع، كما يَدُلُّ عليه قوله: «ونحن شَبَبَةٌ»، لأنه يُسْتَفَاد منه: أنه كان معه رُفَقَاؤُه أيضًا. ثم العجبُ من النَّسائي، حيث بوَّب عليه بما لم يَذْهَبْ إليه أحدٌ من الأمة، وهو: تعدُّد الأذان في السفر: نظرًا إلى صيغة التثنية فقط، مع أن التثنيةَ على معنى أنه ينادي به أحدُهما ويَقَعُ عن الآخر، لا أنه يُؤَذِّنُ كلٌّ منهما. فالتثنيةُ بطريق وقوعه عن أحدها أصالةً (¬1) وعن الآخر حُكْمَا. ولقائلٍ أن يقولَ بمثله في الفاتحة، فإن الإمامَ يقرؤها أصالةً، وَتَقَعُ عن المقتدي حُكْمَا، فيُعَدَّان قارئين بهذا الطريق، فَصَدَقَ قوله: «لا صلاة لمن لم يقرأ» ... إلخ عندنا بدون تكلُّفٍ أيضًا. 19 - باب هَلْ يَتَتَبَّعُ الْمُؤَذِّنُ فَاهُ هَا هُنَا وَهَا هُنَا؟ وَهَلْ يَلْتَفِتُ فِى الأَذَانِ؟ وَيُذْكَرُ عَنْ بِلاَلٍ أَنَّهُ جَعَلَ إِصْبَعَيْهِ فِى أُذُنَيْهِ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يَجْعَلُ إِصْبَعَيْهِ فِى أُذُنَيْهِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لاَ بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ. وَقَالَ عَطَاءٌ الْوُضُوءُ حَقٌّ وَسُنَّةٌ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ. تحفة 17996 ج ¬

_ (¬1) ويمكن أن يقال: إن الأذانَ لَمَّا كان دائرًا بينهما، فيُؤَذِّنُ هذا تارةً وهذا تارةً، فلم يتعيَّن له واحدٌ منهما، أتى فيه بصيغة التثنية على إرادة البدلية، بخلاف الإمامة، فإنها حق الأكبر منهما خاصةً. فالمعنى: أن يُؤَذِّنَ أيكما شاء، ولكن الإمامة فللأكبر منكما فحسب.

20 - باب قول الرجل فاتتنا الصلاة

634 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ رَأَى بِلاَلاً يُؤَذِّنُ فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَا هُنَا وَهَا هُنَا بِالأَذَانِ. أطرافه 187، 376، 495، 499، 501، 633، 3553، 3566، 5786، 5859 تحفة 11807 والحكمةُ في سَدِّ صِمَاخ الأذنين: أن يَحْتَبِسَ النفسُ، ويَقْوَى الصوتُ. ومن ههنا عُلِمَ أن وضعَ الإِصْبَعَيْن على الصِّمَاخين لا يكفي، بل لا بدَّ أن يُدْخِلَهُمَا فيهما، ومَنْ لم يَفْعَلْه، فقد خَالَفَ السُّنَّةَ. وفي كلام المصنِّف رحمه الله تعالى وجهان: الأول: أن يكونَ قوله: «المؤذن» مرفوعًا على أنه فاعلٌ، وهل يَلْتَفِتُ تفسيرًا له، وحينئذٍ يكون المذكورُ فيه مسألةَ التحويل عند الحَيْعَلَتَيْنِ. والثاني: أن يكونَ المؤذِّنُ مفعولا، والمعنى: هل يَتْبَعُ السامعون المؤذنَ، ويكون فاه بدلا عنه. قوله: (وهل يَلْتَفِتُ في الأذان)، لا ينبغي أن يحوِّلَ صدرَه. قوله: (وكان ابن عمر رضي الله عنه لا يجعل إصْبَعَيْهِ في أُذُنَيْهِ): إمَّا لأنه لم يَبْلُغْهُ الحديث، أو لكونه ليس بعزيمةٍ. قوله: (لا بَأْسَ أن يُؤَذِّنَ على غير وُضُوءٍ): ولنا فيه قولان: الأول: الكراهيةُ مطلقًا، وهو المختار عندي، لموافقته حديثًا فيه وإن كان إسنادُهُ ضعيفًا. والآخر: كراهةُ الإقامة فقط. وأمَّا البخاري، فإنه لمَّا وَسَّع في مسِّ المصحف، ودُخُول المسجد وأمثالهما، فكذلك في الأذان. 20 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ فَاتَتْنَا الصَّلاَةُ وَكَرِهَ ابْنُ سِيرِينَ أَنْ يَقُولَ فَاتَتْنَا الصَّلاَةُ وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَمْ نُدْرِكْ. وَقَوْلُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَصَحُّ. 635 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ سَمِعَ جَلَبَةَ رِجَالٍ فَلَمَّا صَلَّى قَالَ «مَا شَأْنُكُمْ». قَالُوا اسْتَعْجَلْنَا إِلَى الصَّلاَةِ. قَالَ «فَلاَ تَفْعَلُوا، إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا». تحفة 12111 21 - باب لاَ يَسْعَى إِلَى الصَّلاَةِ، وَلْيَأْتِ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَقَالَ «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا». قَالَهُ أَبُو قَتَادَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 636 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَعَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلاَةِ، وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَلاَ تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا». طرفه 908 - تحفة 13251، 15259 - 164/ 1 (وكَرِهَ ابنُ سِيرينَ أن يقولَ: فاتتنا الصلاةُ)، وهذه الكراهة من باب تهذيب الألفاظ، كإِطلاق العَتَمَةِ على العشاء، وإطلاق يَثْرِب على المدينة. ويُسْتَفَاد منه: أن فواتَ الجماعة يُعَبَّرُ بفوات الصلاة في نظر الشريعة، وعليه حُمِلَت.

الاختلاف في المسبوق أهو قاض أم مؤد؟

الاختلاف في المسبوقِ أهو قاضٍ أم مؤدٍ؟ قوله: (صلى الله عليه وسلّم من فاتته صلاة العصر) ... إلخ، أي من فاتته الجماعةُ، وهناك احتمالات أخرى أيضًا. 635 - قوله: (فَلا تَفْعَلُوا): صلى الله عليه وسلّم ربهى مت كرو، وسيجيء عليه الكلام مبسوطًا. قوله: (ما أَدْرَكْتُمْ فصَلُّوا) ... إلخ اعلم أن ترتيبَ صلاة المَسْبُوق عندنا كترتيب صلاة الإِمام، فما يُصَلِّيه مع إمامه هو آخرُ صلاته، وما يقضيه بعده أولُ صلاته، فالمسبوقُ عندنا كالمُنْفَرِد فيما يقضي. وقال آخرون بعكسه، فترتيبُهُ عندهم كما في الحسِّ، وعبَّر عنه الشيخُ الأكبرُ رحمه الله تعالى: إن المسبوقَ عندنا قاضٍ فيما بقي، وعند آخرين مُؤَدَ فيه. وتمسَّك الحنفيةُ بلفظ الفوات والقضاء، كما في بعض الروايات: «وما فَاتَكُمْ فَاقْضُوا»، فدلَّ على أن المسبوقَ قاضٍ فيما بقي، لأن الحديثَ سمَّى أول صلاته فائتةً، ثم أمره بقضائها، فدلَّ على أنه يصلِّي على ترتيب الإمام. وتمسَّك الشافعية بلفظ: «أَتِمُّوا» والإتمام لا يكون إلا في الآخر، فكأن ما يصلِّيها مع إمامه أولها، فلا يُقَال فيما بقي إلا أنه مُتَمَّمٌ وَمُؤَدَّى فيها. قلتُ: والحقُ أنه لا تمسُّكَ فيه لهما، ومسائلُهم من باب التفقُّه. فللشافعيةِ أن يَحْمِلُوا الفواتَ على الفوات بحَسَبِ الحسِّ دون الحكم، كما جَازَ للحنفية أن يَأْخُذُوا الإتمام بحسبه. وتفصيله: إن أولَ صلاته وإن كانت فائتةً باعتبار الحسِّ والمشاهدة، لكنها لم تَفُتْهُ بِحَسَبِ الحكم عندهم، فهو قاضٍ لها في الحسِّ، ومُتَمِّمٌ في الحكم. فإن أول صلاته ليست إلا التي أدركها مع إمامه، وهذه لم تَفُتْهُ، وإنما فاتته ما هو أول صلاته باعتبار المشاهدة والحسِّ. وكذلك نقول في الإِتمام: إن المسبوقَ وإن كان في الحسِّ والمشاهدةِ مُتِمًّا لصلاته، إلا أنه قاضٍ لها في نظر الشارع، لأنه قد فاتته أول صلاته، وحينئذٍ يجري فيه الشرحان سواء بسواء. ولنا في المسألة حديثان ذكرناهما في رسالتنا «فصل الخطاب»، أحدهما: ما عند أبي داود، في الأذان: «أُحِيْلَت الصلاة ثلاث تحويلاتٍ» ... إلخ، والآخر عند الترمذي غير أن في إسناده ليِّنٌ. ولتراجع كتب الأصول، فإنهم اختلفوا في أن صلاةَ المسبوقِ أداءٌ كاملٌ أو قاصرٌ، وأقاموا فيها المراتب. 22 - باب مَتَى يَقُومُ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الإِمَامَ عِنْدَ الإِقَامَةِ 637 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ كَتَبَ إِلَىَّ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلاَ تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِى». طرفاه 638، 909 - تحفة 12106 23 - باب لاَ يَسْعَى إِلَى الصَّلاَةِ مُسْتَعْجِلاً، وَلْيَقُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ 638 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ

24 - باب هل يخرج من المسجد لعلة؟

أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلاَ تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِى وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ». تَابَعَهُ عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ. طرفاه 637، 909 - تحفة 12106 ويُعْلَمُ من بعض الأحاديث أنهم كانوا يَقُومُون لها بعد تمام الإقامة، ومن بعضها أنهم كانوا يَقُومُون في خلالها، وهكذا في كُتُبنا، ويراجع له الطَّحَاويّ «حاشية الدر المختار». والمسألةُ فيه: أن الإمام إن كان خارج المسجد، ينبغي للمقتدين أن يَقُوموا لتسوية الصفوف إذا دَخَلَ في المسجد، وإن كان في المسجد، فالمعتبرُ قيامه من موضعه. وكيفما كان ليست المسألة من مسائل نفس الصلاة، بل من الآداب، فإن قَامَ أحدٌ قبله لا يكون عاصيًا (¬1). قوله: (فلا تقوموا حتى تَرَوْنِي): قال العلماء: إن بلالا رضي الله عنه كان يُرَاقِبُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم فإذا رآه أقام. وأمَّا سائرُ الناس، فكانوا لا يَرَوْنه إلا بعد أن يَصِلَ إلى الصف. وكان المسجدُ من بيته بحيث لو خَرَج قدمُهُ منها وَقَعَ في المسجد، فكان بلالُ رضي الله عنه يُقِيمُ إذا خَرَجَ، فإذا وَصَلَ مَوْضِعَ الإِقامة وَجَدَ الصفوفَ قد سُوِّيَت، والإِقامةَ قد تمَّت. وأمَّا القيامُ قبل رؤيته فَعَدَّه عبثًا، كما قال مرةً: «ارْبَعُوا على أنفسكم، إنكم لا تَدْعُون أصمَّ ولا غائبًا»، حين رآهم يُبَالِغُون في الجهر. فليس فيه أن الجهرَ ممنوعٌ كما فَهِمَه بعضُهم، بل فيه إيذانٌ بكون جهرهم عَبَثًا، فهكذا القيام من قبل. وثم إنه إن كان بطريق المُثُول فممنوعٌ، كما عند أبي داود: «إنكم لتفعلون فِعْلَ فارس والروم مع عظمائهم». والحاصل: أن الأنفعَ القيامُ عند رؤية الإِمام، وقبله عَبَثٌ، وكان القوم في عهده صلى الله عليه وسلّم يَجْلِسُون مستقبل القبلة، فلم يكن في التسوية عُسْرٌ. 24 - باب هَلْ يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ لِعِلَّةٍ؟ 639 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ وَعُدِّلَتِ الصُّفُوفُ، حَتَّى إِذَا قَامَ فِى مُصَلاَّهُ انْتَظَرْنَا أَنْ يُكَبِّرَ انْصَرَفَ قَالَ «عَلَى مَكَانِكُمْ». فَمَكَثْنَا عَلَى هَيْئَتِنَا حَتَّى خَرَجَ إِلَيْنَا يَنْطُفُ رَأْسُهُ مَاءً وَقَدِ اغْتَسَلَ. طرفاه 275، 640 - تحفة 15193 25 - باب إِذَا قَالَ الإِمَامُ: مَكَانَكُمْ، حَتَّى رَجَعَ انْتَظَرُوهُ 640 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَسَوَّى ¬

_ (¬1) واعلم أن الشيخَ كثيرًا ما كان يُنَبِّهُ على منازل المسائل ليعرف حقّها: فإن كانت من باب الآداب، فلا ضَرْبَ فيها ولا طَرْدَ، والناس فيها على وُسْعَة وفُسْحَة. وإن كان غير ذلك، فينبغي لها المراجعة إلى الفقه، وهذا مهمٌ فلا تحسبه هيِّنًا، فإنه بعد الإمعان عظيمٌ.

مسألة

النَّاسُ صُفُوفَهُمْ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَقَدَّمَ وَهْوَ جُنُبٌ ثُمَّ قَالَ «عَلَى مَكَانِكُمْ». فَرَجَعَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ خَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً فَصَلَّى بِهِمْ. طرفاه 275، 639 - تحفة 15200 وفي «المِشكاة: «إن أبا هُرَيْرَة رضي الله عنه رَأَى رجلا خَرَجَ من المسجد بعد الأذان، فقال: أمَّا هذا، فقد عَصَى أبا القاسم صلى الله عليه وسلّم - بالمعنى - وأشار المصنِّف إلى الرخصة لذي الحاجة. وفي «البحر»: أنه يَجُوزُ لمن كان يُرِيْدُ العَوْدَ، أو كان ينتظم به أمرُ الجماعة. وهذا الذي كنتُ نَبَّهْتُك عليه: أن العمومَ قد يخصَّصُ بالرأي أيضًا، ولو ابتداءً، لأنه لمَّا وَجَدُوا الوجهَ فيه جَلِيًّا، خَصَّصُوه بالرأي (¬1). 639 - قوله: (خرج إلينا يَنْطُفُ رأسُه ماءً). وقد مرَّ منا أنها واقعةٌ واحدة، وأن النبي صلى الله عليه وسلّم خَرَجَ فيها قبل أن يُكَبِّرَ، وأنه يَدُلُّ على جواز خروج الجُبُبِ من المسجد بدون طهارة كما في فِقْهِنَا، أو محمولٌ على أنه كان خاصةً له. ثم لمَّا كانت المساجدُ بيوتَ الأنبياء ومأواهم، حتى جَازَ لهم الدُّخُول والمُرُور فيها جُنُبًا، قُدِّرَ أن يَعْتَرِضَ عليه مثل هذه العوارض مرةً لِيُعْرَفَ منه ذلك. وههنا حاشية من المصنِّف رحمه الله تعالى في بعض النُّسَخ تَدُلُّ على مُضِيِّ تحريمته، وأنه يَجِبُ على القوم أن لا يَجْلِسُوا إن كانت التحريمةُ سَبَقَت. قلتُ: ولو سلَّمنا أن المسألةَ كانت هذه، فقد مرَّ مني عن أبي داود: أن بعضهم جَلَسُوا في تلك الواقعة، فالتزامُ سبق التحريمة مع جلوس القوم مُشْكِلٌ عنده، وقد مرَّ أيضًا: أن مسائلَ القدوة أوسعُ عنده من الكل. مسألة في كُتُب الحنفية: أن قيامَ الصبيان في خلال الصفوف مكروهٌ، ولا أدري ماذا كان السلف يفعلونه، فإن الصبيان كانوا يَحْضُرُون الجماعات في زمنهم أيضًا. 26 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ: مَا صَلَّيْنَا 641 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ يَقُولُ أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا كِدْتُ أَنْ أُصَلِّىَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، وَذَلِكَ بَعْدَ مَا أَفْطَرَ ¬

_ (¬1) يقول العبدُ الضعيفُ: ونظيره ما عند الترمذي، عن عليّ رضي الله عنه: "أن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أمره بضرب الحدِّ على أمةٍ له، فَوَجَدَهَا في النفاس، فانصرف عنها ولم يَحُدَّها، واستحسنه النبي - صلى الله عليه وسلم -"، مع أنه خَالَفَ أمره. وهذا لكون الوجه فيه جَليًّا، بل لو امتثل أمره ربما أمكن أن يُعَنَفَ عليه. وهكذا فعَلَه المجتهدون حين وَجَدُوا الوجهَ، وأدركوا العلَّةَ، فهم مأجورون إن شاء الله تعالى. وإن كان يَزْعُمُهُ من لا بصيرة له عملًا بالرأي، ويسمِّيه قياسًا، ألا تَرَى إلى عمر رضي الله عنه كيف رَدَّ أبا هريرة رضي الله عنه على عَقِيبه حين رآه يُعْلِنُ بقوله: من قال لا إله إلا الله دَخَلَ الجنَّةَ، مع أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان أمره بذلك، حتى سألَه النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه، فلم يَتْرُكْهُ حتى مَنَعَهُ، فرضي به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أيضًا، وهذا لانجلاء الوجه وفَهْمِه غرض الشارع لا غير، فربما رأى عين الامتثال، فليفهمه.

27 - باب الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة

الصَّائِمُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا» فَنَزَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى بُطْحَانَ وَأَنَا مَعَهُ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى - يَعْنِى الْعَصْرَ - بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ. أطرافه 596، 598، 945، 4112 - تحفة 3150 - 165/ 1 والمصنِّفُ رحمه الله تعالى بصدد بيان تهذيب الألفاظ، وقد مرَّ ما عن ابن سيرين رحمه الله تعالى. 641 - قوله: (ما كِدْتُ أن أُصَلِّي) ... إلخ. قد عَلِمْتَ فيه اختلاف آراء النُّحَاة، فإن حَمَلْتَه على رأي الجمهور، فالترجمةُ مأخوذةٌ من قول النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وإن أَخَذْتَ رأيَ بعض النحاة، فيمكن أخذها من قول عمر رضي الله عنه أيضًا. 641 - قوله: (بعدما أفطر الصائمُ)، وهذا من بابالمحاورات، ولا يَستَدْعِي أن يكون هناك صائمٌ أيضًا. 27 - باب الإِمَامِ تَعْرِضُ لَهُ الْحَاجَةُ بَعْدَ الإِقَامَةِ 642 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُنَاجِى رَجُلاً فِى جَانِبِ الْمَسْجِدِ، فَمَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ حَتَّى نَامَ الْقَوْمُ. طرفاه 643، 6292 - تحفة 1035 28 - باب الْكَلاَمِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ 643 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ سَأَلْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِىَّ عَنِ الرَّجُلِ يَتَكَلَّمُ بَعْدَ مَا تُقَامُ الصَّلاَةُ فَحَدَّثَنِى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَعَرَضَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ فَحَبَسَهُ بَعْدَ مَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ. طرفاه 642، 6292 - تحفة 395 وفي «الدر المختار»: أن الإِمامَ إن مَكَثَ بعد الإقامة، ولم يَدْخُل في الصلاة حتى طال الفصل يُعِيدُها، وإلا لا وأمَّا ضَبْطُ البطء. وعدمه، فعسيرٌ. 643 - (قوله): (فَحَبَسَهُ بعدما أُقِيمَتِ الصَّلاةُ): هذه واقعةٌ واحدةٌ، وما تُوهِمُه ألفاظ الترمذي: أنها كانت عادةً له فقد علَّله البخاري. وأمَّا الرجلُ فِلم يدركه الشارحان من هو. قلتُ: وقد وَجَدْتُ اسمه، وهو مذكورٌ في «الأدب المفرد» للبخاري. ثم لمَّا اتضحَ أن احتباسه صلَّى الله عليه وسلَّم كان لحاجةٍ، ثم في واقعةٍ واحدةٍ فقط، لم يُخَالِفْه تضييق الفقهاء، فإنهم اختاروا الإِعادةَ فيما إذا طال الفصلُ، فليراجع له «الأدب المفرد»، فإِنه مهمٌ. ومَنْ يُمْعِنُ النظرَ فيه يَفْهَمُ أنه لا توسيعَ فيه، لأن الرجل كان من رؤساء القوم، وقال: إن له حاجةً لعلَّه ينساها بعد الصلاة، فأراد أن يُبَادِرَ بها الصلاة، فتبيَّن العُذْرُ. وإذا احْتَفَّت الواقعةُ بقرائنِ التضييق، فليقتصرها على مورها، ولا ينبغي التوسيع فيها لأجل واقعةٍ واحدةٍ وقد تردَّدت في تلك الرواية، وأتِعبْتُ لها نَفْسِي، فإنّ الحافين لم يُدْرِكا هذا الرَجل، رأيتُ

29 - باب وجوب صلاة الجماعة

إعلامه أهم، فَقَلَّبْتُ لذلك دفاترَ، حتى وجدت اسمه في «الأدب المفرد»، وقد وقع لي مثله كثيرًا. نعم لا يُقْتَنَصُ العلم براحة الجسم (¬1). 29 - باب وُجُوبِ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ وَقَالَ الْحَسَنُ إِنْ مَنَعَتْهُ أُمُّهُ عَنِ الْعِشَاءِ فِى الْجَمَاعَةِ شَفَقَةً لَمْ يُطِعْهَا. اختار الوُجُوبَ، ولنا فيها قولان: الأول: أنها سنةٌ مؤكَّدةٌ، والثاني أنها واجبةٌ. وقال صاحب «البحر»: إنَّ أدنى الوُجُوب وأعلى السنة المؤكَّدة واحدٌ، فلم يَبْقَ خلاف. بقي أنَّ تَرْكَ السنةِ: عِتَابٌ، أو عِقَابٌ، فلا أَدْخُلُ فيه، وقد مرَّ بعضُ الكلام فيها. وعند الشافعية أيضًا قولان: فقال بعضُهم: فرضُ كفاية، وقال آخرون: سنةٌ موكَّدةٌ. وهكذا عند أحمد رحمه الله تعالى قولان: ففي قولٍ: فرضُ عينٍ وشرطٌ لصحة الصلاة، وفي آخر: ليست بشرطٍ للصحة، مع كونها فرضُ عينٍ. والمشهور بيننا من مذهبه: أنها واجبةٌ. والخلافُ في الحقيقة راجعٌ إلى نَظَرٍ معنويَ، وهو أنه قَلَّما يكون فرضٌ من الفرائض إلا تَتَطَرَّقُ إليه الأعذار، أَلا تَرَى أن الجماعةَ قد وَرَد فيها الوعيدُ على تاركها، ثم جاءت فيه الرخصةُ بأمورٍ يسيرةٍ، كحَضْرَة الطعام وغيرها. فَيَتَعَسَّرُ الحكم في مثله، فيجيءُ واحدٌ من المجتهدين، ويُلاحِظُه مع تلك الأعذار، ويَحْكُمُ على المجموع، فلا يُمْكِنُه الحكمَ بالوُجُوبِ والافتراض، لأنه إذا دَخَلَت تلك الأعذار في نظره، وحكم مُلاحِظًا إياها، فقد ثَبَتَ تَرْكُهَا، فانحطَّ عن مرتبة الفرض، وَنَزَل إلى النِّيَّة. ومن قَطَعَ نظرَه عن تلك الأعذار، ولاحَظَهُ من حيث هو هو، ورَاعَى الوعيدَ الواردَ فيه، لم يُمْكِنْهُ أن يَحْكُمَ عليه إلا بالافتراض، ثم جعل له أعذارًا من الخارج. وهذا كالمُحَال بالذات وبالغير عند المعقوليين، فمن لاحظ هذا الغير مع الشيء أمكنه أن يَحْكُمَ على المجموع بكونه مُحَالا بالذات، لأن الغيرَ إذا لُوحِظَ في مرتبة ذاته، وحُكِمَ بعد اعتباره حكمًا على المجموع من حيث المجموع، صَحَّ أن يَحْكُمَ عليه بكونه مُحَالا بالذات. ومن لاحظ ذاتَ الشيء التي هي ذاته، وقطع النظر عن هذا الغير الذي هو سبب الاستحالة، لم ¬

_ (¬1) حكايةٌ مفيدةٌ للطلبة تَحُضُّهم على طلب العلم رأيتها في تقرير الفاضل عبد العزيز، قال الشيخ رحمه الله تعالى: إِني كنتُ رأيتُ رسالة بدُيوبند حين إقامتي بها لبعض المُدَّعيين العمل بالحديث، وكان فيها حَوَالة على "خلافيات البيهقي"، وكانت الرسالةُ لرجلٍ، من "سامرود كورة من مضافات سورت"، فأمرت أحدًا من الطلبة أن يذهبَ إلى سورت على نفقتي ويُطالِعَ الكتاب المذكور، فلمَّا رَجَعَ، قال لي: إن الكتابَ موجودٌ، إلا أنه ناقصٌ من أوله وآخره، فقلتُ له: من أيِّ بابٍ إلى أيّ بابٍ هو، فلم يَدْرِ ما يقول، فَتَأَسَّفْتُ وتَحَيَّرْتُ أنه قَطَع له مسافةً طويلةٌ، ثم لم يَصْنَعْ شيئًا، غير أني كتمته في نفسي ولم أقل له شيئًا. ثم بَعَثتُ رجلًا آخر، فجاءني بخبره كما أريدُ، ثم اتفق أني وردت بدابهيل كورة من مضافات سورت، فَطَلَبْتُ هذا الكتاب وطالعته. فقد كَابَدْتُ لمسألةٍ واحدةٍ مثل ذلك والناس اليوم في راحةٍ ليس لهم همٌ إلَّا أنفسهم، ويريدون أن يَحْصل لهم كل شيءٍ. تلك أمانيهم، فإن العلمَ لا يُعْطِيكَ بعضَه، حتى تُعْطِيَه كُلَّك.

يُمْكِنْه أن يَحْكُمَ عليه إلا بالإمكان بالذات، لأن ذاته لم تَنْطَو على شيءٍ يُوجِبُ الاستحالة، وإنما هو خارجٌ عنها على هذا التقدير، فلا تكون الاستحالةُ إلا مِنْ خارجٍ، ولا يُمْكِن أن يُحْكَمَ عليه إلا بكونه مُحَالا بالنظر إلى الغير. فالفرق بين المُحَال بالذات وبالغير لا يَرْجِعُ إلى كثير طائلٍ، وإنما هو من باب اختلاف الأنظار والاصطلاحات. وهكذا الوُجُوبُ والنِّيَّةُ، فمن رأى الوعيدَ الواردَ، وقطع النظرَ عن الأعذار، رآه حقيقةً بتَّةً واجبةَ العمل عليها، فَحَكَمَ بالوجوب، ثم إذا مرَّ على الأعذار الواردة عدَّها كأنها عوارض من خارج، فلا تُؤَثِّرُ في نفس الشيء، غير أن له بتلك الأعذار رخصةً بترك الجماعة، فيسقط بها الإثم. بخلاف من اعتبر تلك الأعذار، وأراد أن يَحْكُمَ على مجموع الأمرين، لم يَسَعْ له الحكم بالوجوب، لأنه خَفَّت تلك الحقيقة، وهانت في نظره لاشتمالها على رخصة الترك. وهذه كُلِّيَّةٌ تَنْفَعُكَ في كثيرٍ من المسائل وهي التي دَعَتْهم إلى الاختلاف في صفة الوتر، فإِنَّ الوترَ لمَّا أُطْلِقَ على مجموع صلاة الليل، ولم تَكُنْ حتمًا بمجموعها، وإنما فوَّض الشارعُ قطعةً منها إلى حِسْبَة المصلِّي وطَوْعِهِ يتطوَّع بها كيف شاء، وكم شاء؟ ولم يُعْطِ فيها عددًا معيَّنًا من عند نفسه، صار ظاهرُه السُّنية، ولم يُمْكِنِ الحكم على المجموع بالوُجُوب ولا يمكن، كيف، وحصَّةٌ منها نافلةٌ قطعًا، والمجموع إذا اشتمل على رُخْصة الترك في بعضه لا يُحْكَمُ عليه بالوُجُوب. وأما الحنفيةُ رحمهم الله تعالى، فلم يَحْكُمُوا على المجموع، بل أَفْرَزُوا منها حصةً أخرى فرأوها قد عيَّن وقتها وقراءتها وأمر بقضائها، فوجَدُوا شاكلتها كشاكلة سائر الواجبات، فحَكَمُوا عليها بالوُجُوب لا محالة، وهو الذي عُنِيَ من قوله صلَّى الله عليه وسلَّم «إن اللَّهَ أمدَّكم بصلاةٍ، هي خيرٌ لكم من حُمْر النَّعَمٍ». اهـ. لا يريد بذلك مجموع صلاة الليل، بل هذه الحصة التي قَصَرَ الحنفيةُ أنظارهم عليها، ولذا تراهم لا يُنَازِعُوننا في رُخْصَةِ الترك، فاتفقوا كلُّهم على أن تركَ الوتر لا يَجُوز، وكذلك في الوقت والقراءة، وإنما يُنَازِعُون في تسمية الوُجُوب لا غير. فلو أدْرَكْتَ حقيقته، عَلِمْتَ: أن لا نِزَاع بعد الإِمعان إلا قليلا.، ولو راعيتَ أن اصطلاح الواجب لم يكن عند المتقدِّمين، وإنما شاع بين المتأخِّرين فقط، خَفَّ عليك الأمرُ، فلا يُوجَدُ إطلاق الواجب في كتاب الطحاويِّ، وكذا في تصانيف محمد عامةً وإنما كان هذا الواجبُ، داخلا عندهم في السُّنة. نعم السُّنة كانت على أنحاءٍ: بعضها أكيدةٌ، وبعضها غير أكيدةٍ. ولعلَّ الأكيدةَ هي الواجب، وقد مرَّ آنفًا عن «البحر»: أن أدنى الواجب عينُ أعلى السنة الأكيدة. وبعد هذه الأشياء لم يَبْقَ خلافٌ إلا من باب الاجتهاد، أعني به الخلاف في إقامة المراتب، ولكنهم يبحثون فيه كأن الخلاف فيه خلاف النصوص، فافهم. 644 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ

فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ». أطرافه 657، 2420، 7224 - تحفة 13832 644 - (هَمَمْتُ): الهم في اللغة يُطْلَقُ في الشر، ثم أُطْلِق في الخير توسُّعًا. «ثم أُخَالِف (¬1)» يعني به فراغه عن هذه الأشياء، ثم عَوْدُه إلى رجالٍ لم يَحْضُرُوا الصلاة. قوله: «أُحَرِّقُ عليهم بُيُوتَهم» ولا يجب أن يكون التحريقُ حال كونهم فيها، بل يَصِحُّ إطلاقه وإن خرجوا منها، وهذا في اللغة واسعٌ. (مرماة): قيل: لحمةٌ بين شِقَّي الغنم، وقيل: سهمٌ بدون نَصْلٍ يُسْتَعْمَلُ لتعلُّم الرمي فقط، وبالجملة هو شيءٌ. غير متقوَّمٍ. والحافظُ رحمه الله تعالى حَمَل الحديثَ المذكورَ على المنافقين، كما في البخاري، عن أبي هُرَيْرَة، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «ليس صلاةٌ أثقلَ على المنافقين من الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأَتَوْهما ولو حَبْوًا، لقد هَمَمْتُ أن آمُرَ المؤذِّنَ فيقيم، ثم آمُرَ رجلا يَؤُمُّ الناسَ، ثم آخُذَ شُعَلا من نارٍ، فأُحَرِّقَ على من لا يَخْرُج إلى الصلاة بعد». اهـ. ثم حَمَل النفاقَ (¬2) على العمل لمَا عند أبي داود، عن أبي هريرة، وفيه: «آتي قومًا ليست بهم عِلَّةٌ، فأُحَرِّقُها عليهم»، وفي روايةٍ: «لولا صبيانهم في بيوتهم». قلتُ: ولعلَّه أراد منه الانتصارَ لمذهبه، لأنهم إذا كانوا منافقين، فالوعيدُ فيهم لحال نفاقهم، لا على ترك الجماعة فقط، فلا يَثْبُتُ به الوُجُوب أو الفرضية، ويمكن أن يكونَ تحقيقُ المقام فقط، وهذا بابٌ نبَّهناك عليه في كتاب الإِيمان: من أن المقام قد يشتمل على أوصاف، ثم يَرِدُ عليه حكمٌ، فبعضُهم يُنِيطُ الحكمَ بهذه الأوصاف، وبعضُهم يُرَاعي اللفظَ فقط، ولا يَنْظُرُ إلى الأوصاف التي في الخارج. فمن نظر إلى أن الوعيدَ فيه على الترك، جعله دليلا على الوُجُوب، ومن نَطَر إلى الأوصاف الخارجية كنفاق المتخلِّفين، رآه دليلا على السنية فقط. ثم لا أدري أنه لِمَ حَمَلَ النفاقَ على العملِ مع أن الأفيدَ له الاعتقادي. قلتُ: أمَّا كونه في حقِّ المنافقين، فهو صحيحٌ عندي، وأمَّا أن المرادَ من النفاق: هو العملي أو الاعتقادي، فالنظرُ دائرٌ فيه. وهكذا في القرآن، قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)} [النساء: 142] وفي آيةٍ آخرى {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54)} [التوبة: 54] وفي آيةٍ آخرى ¬

_ (¬1) قال الحافظُ رحمه الله تعالى في "شرحه": أي آتيهم من خَلْفِهم، وقال الجوهري: خَالَف إلى فلان: أي أتاه إذا غاب عنه ... إلخ. (¬2) قال الحافظ رحمه الله تعالى: والذي يَظْهَرُ لي: أن الحديثَ ورد في المنافقين لقوله في صدر الحديث الآتي بعد أربعة أبواب: "ليس صلاةٌ أثقلَ على المنافقين من العشاء والفجر"، ولقوله: "لو يَعْلَمُ أحدُهم". اهـ. لأن هذا الوصف لائقٌ بالمنافق لا بالمؤمن الكامل، لكن المراد به نفاق المعصية، لا نفاق الكفر إلى آخر ما قال حيث قد بَسَطَ الحافظُ رحمه الله تعالى الكلامَ جدًا.

30 - باب فضل صلاة الجماعة

{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)} [الماعون: 4 - 5] الخ. وقد عَلِمْتَ: أن الإتيان إلى الصلاة هو الإتيان إلى الجماعة، ومن فاتته الجماعة، فقد فاتته الصلاة في نظر الشرع، وحينئذٍ فالذين يتخلَّفون عن الجماعات، ويَتَكَاسَلُون فيها هم مُنَافِقُون في لسان القرآن ولذا سمَّاهم الحديث أيضًا منافقين. وأمَّا وجهُ التردُّد في تعيين النِّفَاق، فلأنَّ صَدْرَ الآية الأولى يَدُلَّ على كونها في النفاق الاعتقادي لاشتمالها على ذكر خِدَاعهم، وعَجُزَها على كونها في النفاق لقوله تعالى: {وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلًا}، ومع هذا أظنُّ أنها في الاعتقادي. أمَّا الثانية والثالثة، ففي النفاق الاعتقادي قطعًا، وحينئذٍ إن كان المراد في الحديث هو العملي، كما ذهب إليه الحافظ، فهو من باب إلحاق الجنس بالجنس عندي، فإِن نفاقَ العمل إذا بَلَغَ نهايته، وصار بحيث لا يتحمَّلُه الشرع أُلْحِقَ بالنفاق الحقيقي الاعتقادي. والحاصل أن الآيات في حقِّ المنافقين. أمَّا الحديثُ، فيُمْكِنُ أن يكونَ في حقِّ المنافقين، كما يُمْكِنُ أن يكونَ في حقِّ المسلمين المُسْرفين، إلا أن نفاقهم العملي لمَّا بَلَغَ نهايته سدَّ مسد النفاق الاعتقادي، ثم أُلْحِقُوا بهم على طريق إلحاق الجنس بالجنس الآخر، وأُجْرِي عليهم ما يجري على المنافقين اعتقادًا. ثم الحديثُ اسْتُدِلَّ به على كراهة الجماعة الثانية وعلى عدمها، وكلاهما عدولٌ عن الصواب، وقد قرَّرناه في درس الترمذي. 30 - باب فَضْلِ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ وَكَانَ الأَسْوَدُ إِذَا فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ ذَهَبَ إِلَى مَسْجِدٍ آخَرَ. وَجَاءَ أَنَسٌ إِلَى مَسْجِدٍ قَدْ صُلِّىَ فِيهِ، فَأَذَّنَ وَأَقَامَ وَصَلَّى جَمَاعَةً. 645 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً». طرفه 649 - تحفة 8367 - 166/ 1 646 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الْفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً». تحفة 4096 647 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «صَلاَةُ الرَّجُلِ فِى الْجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاَتِهِ فِى بَيْتِهِ وَفِى سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لاَ يُخْرِجُهُ إِلاَّ الصَّلاَةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلاَّ رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلِ الْمَلاَئِكَةُ تُصَلِّى عَلَيْهِ مَا دَامَ فِى مُصَلاَّهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ. وَلاَ يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِى صَلاَةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاَةَ». أطرافه 176، 445، 477، 648، 659، 2119، 3229، 4717 - تحفة 12437

قوله: (وكان الأسودُ إذا فاتَتْه الجماعة ذَهَبَ إلى مسجدٍ آخر) ... الخ. ولا يجبُ ابتغاء الجماعة في مسجدٍ آخر إذا فاتته جماعة المَحَلَّة. نعم يُسْتَحَبُّ له ذلك عندنا أيضًا. وفي الفِقْه: إن فاتت الجماعة يُجَمِّعُ مع أهله في بيته، وأمَّا من لم يَرْغَب في تحصيل جماعة المسجد أصلا وجَمَّعَ في بيته، فهل يُعَدُّ تاركًا للجماعة أو لا؟ فلم يتعرَّض إليها غير «الكبيري» فليراجعه. قوله: (وجاء أنسٌ إلى مسجدٍ قد صُلِّيَ فيه، فأَذَّنَ وأَقَامَ، وصلَّى جماعةً)، واستدلَّ به من اختار الجماعة الثانية، ووسَّع فيها أحمد رحمه الله تعالى، وذهب الشافعيُّ رحمه الله تعالى ومالك رحمهما الله تعالى إلى التضييق كما صرَّح به الترمذيُّ (¬1). وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في الكبيري: أنها تَجُوزُ بدون الأذان والإِقامة إذا لم تكن في موضع الإِمام. ولعلَّ تركَ الأذان والإِقامة مع ترك موضع الإِمام لتغييرها عن هيئة الجماعة الأولى، وفي ظاهر الرواية: أنها مكروهةٌ. ثم إن رواية أبي يوسف رحمه الله تعالى محلُّها فيمن فاتتهم الجماعة، لا أنهم تعمَّدوا ذلك أو تعوَّدوه. أمَّا أثرُ أنس رضي الله عنه، فلا دليلَ فيه لِمَا في «مصنَّف ابن أبي شيبة» «أنه جَمَع بهم وقام وَسْطَهم، ولم يتقدَّم عليهم»، فدَّل أنه قصد تغيير الشَّاكِلَةِ كما فعله أبو يوسف رحمه الله تعالى، غير أن أبا يوسف رحمه الله تعالى غيَّرها بترك الأذانين وموضع الإِمام، وأنسًا رضي الله عنه بترك التقدُّم عليهم، على أنه لم يُجَمِّعْ في مسجد مَحَلَّته، وإنما جاء إلى مسجد بني زُرَيْق (¬2)، وجَمَّعَ بهم فيه. ومسألةُ الجماعة الثانية فيما إذا جمع أهل تلك المَحَلَّة في مسجدهم ثانيًا. ثم إن الهيثمي أخرجه، وبوَّب عليه بما يُعْلَمُ منه أنها كانت قضاءً للفائتة، وحينئذ خَرَجَ عمَّا نحن فيه، وهو عندي وَهْمٌ منه. والهيثمي صاحب «مجمع الزوائد» تلميذ الحافظ العراقي، و «مجمع الزوائد» كتابٌ نافعٌ جدًا. قالوا إن الكُتُبَ على أربع مراتب: الأولى الصِّحَاح الست غير ابن ماجه، ثم «المسند» لأحمد رحمه الله تعالى في ستة مجلدات تحتوي على أربعين ألف حديث، ثم «مجمع الزوائد» للحافظ نور الدين الهيثمي، والرابعة «كنز العمال» إلا أن النقدَ فيه قليلٌ، ثم إن التكرارَ فيه مع تجديد الأذان والإقامة، ولا يقولُ به أحدٌ، فلا استدلالَ فيه أصلا. قوله: (صلاةُ الرجل في الجماعة تُضَعَّفُ على صلاته في بيته) ... الخ. فيه مقابلةٌ بين صلاة الجماعة والفَذِّ، لا بين جماعة المسجد وجماعة البيت، فإن الجماعةَ في نظر الشارع في المسجد دون البيوت، وحينئذٍ فالصلاة في البيت لا تكون إلا منفردًا، وكذلك صلاته في سوقه، ¬

_ (¬1) قال الترمذي في باب ما جاء في الجماعة في مسجد قد صُلِّي فيه مرة: إذا صلَّى لا بأس أن يُصَلِّيَ القومُ جماعة في مسجد قد صُلِّي فيه، وبه يقول أحمدُ وإسحاقُ رحمهم الله تعالى، وقال آخرون من أهل العلم: يُصَلُّون فُرَادَى وبه يقول سُفْيانُ، وابنُ مبارك، ومالكُ، والشافعيُّ رحمهم الله تعالى يختارون الصلاة فُرَادَى. اهـ. (¬2) قلتُ: وفي "الفتح": أنه مسجد بني ثَعْلبة، وفي رواية: بني رِفَاعة.

31 - باب فضل صلاة الفجر فى جماعة

فإن المساجدَ في زمن السلف لم تكن في الأسواق (¬1)، ولم تكن صلواتهم فيها إلا منفردين. وحاصل كلامه: إن الصلاة منفردًا - ولا تكون إلا في بيته، أو في سوقه - تَنْحَطُّ بكذا مرتبة من صلاة الجماعة، وإن شِئْتَ قلتَ: إن الصلاةَ في البيت مَفْضُولةٌ من الصلاة في المسجد، فإِنهما عبارتان عن معنى واحدٍ على الفرض المذكور. بقي تجميع فائت الجماعة في بيته، فهو بمعزلٍ عن النظر، لأنه من العوارض، لا أن الجماعات مشروعةٌ في البيوت لتبني عليها الأحكام. والمصنِّف رحمه الله تعالى جَزَم بأن هذا الفضل مختصٌّ بالصلاة في الجماعة، كما جَزَمْتُ أن الملائكةَ لا يشهدون إلا في صلاة الجماعة، وفيها يَتَعاقَبُون، فمن صلَّى في بيته لا يَدْخُلُون في صلاته. والسرُّ فيه: أن الصلاة في نظر الشرع هي صلاةُ الجماعة، لأنها الفردُ الأكمل، ولا يكون المراد في المواعيد ومواضع الترغيب إلا هو، أمَّا أنه إذا لم يُصَلِّها بالجماعة، أو فاتته، فكم يُنْتَقَصُ منها؟ وهل يبقى لها وجودٌ أو تَنْعَدِم عن أصلها؟ فكل ذلك من مراحل الفقه (¬2). ونظيره ما مرَّ مني في بيان مراد قوله: «قبل أن تَغْرُبَ الشمسُ»: أن الغروبَ عند الشرع بالاصفرار، وإن كان الغروب حسًّا بعده، فإِن الشرع لمَّا صرَّح بكراهة الصلاة عند الغروب، إذن كيف يَعْتَبرُه في سياق التعليم؟ نعم إذا كان السياقُ سياقَ الذم أمكن أن يُرادَ به الاصفرار، كما في الحديث: «تلك صلاة المنافق» ... الخ. ولو علمتَ هذا الصنيع، علمتَ أن القرآنَ أيضًا مشى عليه، فلم يُرْخِ العِنَان لعاصٍ قطعًا، ولا تجدُ لهم فيه غير التشديد، نعم، إذا كان السياقُ سياقَ المغفرة، يُفْهَمُ منه أن لهم أيضًا تفصِّيًا. 31 - باب فَضْلِ صَلاَةِ الْفَجْرِ فِى جَمَاعَةٍ 648 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «تَفْضُلُ صَلاَةُ الْجَمِيعِ صَلاَةَ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا، وَتَجْتَمِعُ مَلاَئِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةُ النَّهَارِ فِى صَلاَةِ الْفَجْرِ». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]. أطرافه 176، 445، 477، 647، 659، 2119، 3229، 4717 - تحفة 13147، 15156 ¬

_ (¬1) قلتُ: وعليه قوله - صلى الله عليه وسلم - عند الترمذي، وغيره: "خيرُ البقاع عند الله المساجدُ، وشرُّها الأسواقُ" -بالمعنى- فإِنه جَعَلَ المسجدَ في طرفٍ، والسوقَ في طرفٍ آخر. (¬2) يقول العبدُ الضعيفُ: وقرَّر نحوه في حديث: "لا صلاة إلَّا بفاتحة الكتاب"، فالصلاة عند انتفاء واجب منها منتفيةٌ في نظر الشارع، والمُعتبرةُ عنده: ما كانت باستجماع الشرائط والأركان والواجبات، بل المستحبات أيضًا، حتى أنه لا صلاة عنده بدون الخشوع أيضًا، ومن ههنا اختلفت أنظار الفقهاء: أنها تنتفي بانتفاء الفاتحة رأسًا حتى لا يبقى لها وجودٌ، أو تصيرُ خِدَاجًا على حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وهذا ممَّا لا يمكن فصله.

649 - قَالَ شُعَيْبٌ وَحَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ تَفْضُلُهَا بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً. طرفه 645 - تحفة 7678 650 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ سَالِمًا قَالَ سَمِعْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ تَقُولُ دَخَلَ عَلَىَّ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَهْوَ مُغْضَبٌ فَقُلْتُ مَا أَغْضَبَكَ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا أَعْرِفُ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا إِلاَّ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ جَمِيعًا. تحفة 10982 650 - (دَخَلَ عليَّ أبو الدَّرْدَاء) كان عمر رضي الله عنه بَعَثَ الصحابةَ رضي الله عنهم إلى النواحي، ونَصَبَهم على مناصب خاصة فبعث أبا الدَّرْدَاء نحو الشام للتعليم، ونَصَبَ ابن مسعود رضي الله عنه على تولية بيت المال، وعَمَّارًا رضي الله عنه لإِمامة الصلاة، وسعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه للإِمارة على الكوفة. وكان عمر رضي الله عنه جَعَل الكوفة والبَصْرَة معسكرًا. (جهاؤني). وفي «فتح القدير»: أن قريته قَرْقِيسَة نَزَل فيها ست مئة من الصحابة رضي الله عنهم. وبالجملة كان الصحابةُ قد تفرَّقوا في النواحي والبلاد لإشاعة الدين، وتبليغ كلمة الإِسلام، ونشر الأحكام، فلو كان المالكية يَفْتَخِرُون بأن إمامهم من أهل المدينة معدن العلم، فلا نُنْكِرُ فضلهم في ذلك، غير أن أكثرَ الصحابة رضي الله عنهم كانوا نحو العراق، وهناك دُوِّن النَّحْوُ. قيل إن بَدْءَه كان من عليّ رضي الله عنه، فإِنه سَمِعَ مرةً رجلا يقرأ: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 3] بكسر رسوله، مع أنه مرفوعٌ، فتفكَّر في أنه كيف يُخَلِّص الأمةَ عن هذه المهالك، فإِن فيها العرب والعجم، فأَمَرَ أبا الأسود الدُّؤَلي أن يَجْعَلَ قانونًا يحفظها عن الخطأ في الكلام، وأَصَّلَ له أصولا، فقال: كلُّ فاعِلٍ مرفوعٌ، وكلُّ مفعولٍ منصوبٌ وكلُّ مضاف إليه مجرورٌ، ثم قال: انْحُ نحوه، فَشَرَعَ فيى تدوينه، وبَدَأَ من أفعال التعجُّب، فصوَّبه عليُّ رضي الله عنه، ثم جمع الحروف المشبَّهة بالفعل، غير أنه ترك: «لكن»، فأمره عليّ رضي الله عنه أن يزيدها عليها. وبالجملة إن كان لهم فَضْلٌ لكون إمامهم من مدينة الرسول، فلنا أيضًا فَضْلٌ، فإن إمامنا من البلدة التي نزل فيها جنودٌ مُجَنَّدَةٌ من الصحابة رضي الله عنهم، حتى دار بها علمهم وسار، فاعلمه. والله تعالى أعلم بالصواب. 651 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَعْظَمُ النَّاسِ أَجْرًا فِى الصَّلاَةِ أَبْعَدُهُمْ فَأَبْعَدُهُمْ مَمْشًى، وَالَّذِى يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الإِمَامِ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الَّذِى يُصَلِّى ثُمَّ يَنَامُ». تحفة 9063 651 - (أَبْعَدُهم فَأَبْعَدُهم مَمْشى)، وليس هذا أجرًا لنفس الجماعة، بل هو من المكملات. ولا مُعْتَبر عندي بصِغَر الخُطَأْ وكِبَرِ كما نُقِلَ عن بعض السلف، لأن المراد عندي بُعْدُ المسافة وقُرْبُها، فإن كانت خطواتُه صغيرةً كان ثوابها أيضًا مثلها، فلا فرقَ بين صِغَرها وكِبَرها.

«والمَمْشَى» مصدر ميمي، والحقُّ عندي أنه حاصلٌ بالمصدر، وليس عند النحاة، وإنما عندهم: المصدر، واسم المصدر. قلتُ: وما يسمُّونه اسم المصدر هو الحاصلُ بالمصدر عندي، كالرؤيا في قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّءيَا الَّتِى} [الإسراء: 60] ... الخ ولذا لم يَقُل: رؤيته، لأنه مصدرٌ، والمراد ههنا: هو الحاصل به. ومن ههنا ظَهَر أن المراد من الرؤيا هنا ليس رؤيا المنام، بل رؤيا عين. وترجمته بالهندية. (دكهاوا). قوله: (والذي يَنْتَظِرُ الصلاةَ حتى يُصَلِّيَهَا مع الإِمام، أعظمُ أجرًا من الذي يُصَلِّي ثم يَنَام): يحتمل أن يكونَ المرادُ من الأول: من صلَّى مع الجماعة، ثم لم يَزَل جالسًا في انتظار صلاةٍ أخرى حتى صلاها مع الإمام. ومن الثاني: من صلَّى مع الجماعة ثم نام، ولم يُحْرِز فضيلةَ الانتظار للصلاة الأخرى. ويحتمل أن يكون المرادُ من الثاني: من صَلَّى مُنْفَرِدًا ثم نام، ولم يرغب في الجماعة. فالمقابلةُ على الأول: بين المصلِّيين بالجماعة إذا انتظر أحدُهما لصلاة أخرى، ولم ينتظر الآخر وعلى الثاني: بين المصلِّي بالجماعة والمصلِّي في بيته منفردًا، وعليه حَمَلَ الحافظ رحمه الله تعالى، واستفاد منه سُنية الجماعة، فإِن الشرعَ قابل بين المصلِّي بالجماعة، والتارك لها بعذر النوم. وما يُبَاح تركُه بأعذار يسيرةٍ، لا يكون شأنه شأن الواجب. فَإِذا عَلِمْنا أن الجماعةَ يجوز تركها بعذر النوم وإن كان مَفْضُولا عَلِمْنَا أنها سنةٌ وليست بواجبةٍ. أقول: ينبغي أن لا يُحْتَجَّ بمثل هذه الأمور على المسائل الفقهية، فإن الحديث لم يُسَقْ لبيان سنية الجماعة ووجوبها، وإنما سِيقَ لفضل الجماعة، وإنما قَابَل بصلاة الفذِّ ليُظْهِرَ فضل الجماعة، فهو لِتَعْقِلَ صورة الحساب فقط، كما في حديث الزكاة: «في كل أربعين درهمًا درهمٌ»، لا يريد به بيان النصاب ليجب درهمٌ في أربعين درهمٍ، إنما يُريد به الحساب، فالخمسةُ في المائتين كالدرهم في الأربعين. وهكذا في قوله: «صلاة الجماعة تزيد على صلاة الفذِّ» بكذا مرتبة؛ إنما سِيق لبيان الحساب، لا لصحة صلاة الفذِّ بمعنى عدم نقصان فيها. ثم ذِكْرُ النوم ههنا أيضًا ضمني، والمراد به: عدم الانتظار، سواء نام أو اشتغل بأمرٍ آخر، لأنه إذا لم يُصَلِّها مع الجماعة، فصلاته مَفْضُولةٌ مطلقًا سواء نام أو لم يَنَمْ، وقد سَبَقَ نَقلا من إمام الحرمين على طريق الضابطة الكليَّة أن أخذَ المسائل لا ينبغي مما يَرِدُ في سياق التشبيه، فقد تُشَبَّهُ أمورٌ مرغوبةٌ بأمورٍ مكروهةٍ، كتشبيه صوت الوحي بصَلْصَلة الجرس، واستقرار الدين في المدينة برجوع الحية إلى حُحْرِها، وغير ذلك وإنما يكفي لصدقه صورة ما، فعلى هذا لو دَخَل رجلٌ في المسجد ولم يعلم متى يجيء الإمامُ، جاز له في بعض الأحوال أن يُصَلِّيَ مُنْفَرِدًا ثم ينام؛ فالجواز في بعض الصور يكفي لصِدْق هذا الحسابِ ولا يُوجبُ أن تكونَ الصلاةُ منفردًا. ثم النومُ جائزٌ على الإطلاق، وللحنفي أن يقول: إن الرجلَ إذا كان مُنْكَسِرًا فاتِرًا، فله أن يُصَلِّيَ وينام عندنا أيضًا، فإن ضَعْفَه وانكساره له عذرٌ، ومن الأعذار في كُتُبنا ما هو أهون منه. ففي الفِقْه أن من يَزْدَحِمُ عليه الفتاوى، وهو مشتغلٌ في مراجعة الكُتُب، جَازَ له ترك الجماعة. وفيه: أن حنفيًا لو ناظر شافعيًا في رمضان، ورأى أن الصومَ يُضْعِفُه جَازَ له الإفطار.

32 - باب فضل التهجير إلى الظهر

قلتُ: ولا ينبغي العمل بهما، فإنهم قاسوا المناظرة في المسائل على الجهاد في المعاركِ فأباحوا الإفطار وهذا فاسدٌ والفارقُ واضحٌ، وكذا الأُولى فإنها تُفْضِي إلى التهاون في أمر الجماعة. والحاصل: أنه لا ينبغي أخذ المسائل الغير المعروفة بألفاظ مشتبهة فيما اشتهرت وظيفته واستقرت شريعته، والله تعالى أعلم بالصواب. 32 - باب فَضْلِ التَّهْجِيرِ إِلَى الظُّهْرِ 652 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِى بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ». طرفه 2472 - تحفة 12575 - 167/ 1 653 - ثُمَّ قَالَ «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ الْمَطْعُونُ، وَالْمَبْطُونُ، وَالْغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الْهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ». وَقَالَ «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِى النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا لاَسْتَهَمُوا عَلَيْهِ». أطرافه 720، 2829، 5733 - تحفة 12570 654 - «وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِى التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِى الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا». أطرافه 615، 721، 2689 - تحفة 12570، 12577 653 - (الشهداءُ خمسةٌ)، وقد عَلِمْتَ أن الشهداءَ في الأحاديث أعمُّ ممَّا في الفقه، وكتب السيوطي رحمه الله تعالى رسالةً في الشهداء، وعدَّهم الأَجْهُوري المالكي إلى ستين، فلمَّا رأيت أن الأحاديثَ لا تستقرُّ فيه على عددٍ معيَّن، بدا لي أن تُوضَعَ له ضابطة، فاستفدتُ من الأحاديث: أن كل من مات في عِلَّةٍ مُؤْلمةٍ متماديةٍ، أو مرضٍ هائلٍ، أو بلاء مفاجىءٍ فله أجر الشهيد. فمن النوع الأول: المَبْطُون، ومن النوع الثاني: المَطْعُون، ومن الثالث: الغريق. 33 - باب احْتِسَابِ الآثَارِ 655 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا بَنِى سَلِمَةَ أَلاَ تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ». وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِى قَوْلِهِ (وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ) قَالَ خُطَاهُمْ. طرفاه 656، 1887 - تحفة 719 656 - وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ حَدَّثَنِى أَنَسٌ أَنَّ بَنِى سَلِمَةَ أَرَادُوا أَنْ يَتَحَوَّلُوا عَنْ مَنَازِلِهِمْ فَيَنْزِلُوا قَرِيبًا مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُعْرُوا {الْمَدِينَةَ} فَقَالَ «أَلاَ تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ». قَالَ مُجَاهِدٌ خُطَاهُمْ آثَارُهُمْ أَنْ يُمْشَى فِى الأَرْضِ بِأَرْجُلِهِمْ. طرفاه 655، 1887 - تحفة 792

34 - باب فضل العشاء فى الجماعة

34 - باب فَضْلِ الْعِشَاءِ فِى الْجَمَاعَةِ 657 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ صَلاَةٌ أَثْقَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنَ الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ الْمُؤَذِّنَ فَيُقِيمَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً يَؤُمُّ النَّاسَ، ثُمَّ آخُذَ شُعَلاً مِنْ نَارٍ فَأُحَرِّقَ عَلَى مَنْ لاَ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلاَةِ بَعْدُ». أطرافه 644، 2420، 7224 - تحفة 12369 قد قلتُ غير مرةٍ: إن الاحتسابَ مرتبةُ علم العلم، ومرتبةُ الاستحضار. وجيء به ههنا للتنبيه على أن في الذهاب إلى المسجد أيضًا أجرًا، ولو لم يُنَّبِّه عليه، لربما سَبَقَ إلى الذهن أنه لا أجرَ فيه، لعدم معنى الطاعة فيه ظاهرًا، فهو موضعُ ذهولٍ. 35 - باب اثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ 658 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا». أطرافه 628، 630، 631، 685، 819، 2848، 6008، 7246 - تحفة 11182 - 168/ 1 وهو حديث ابن ماجه، إلا أن إسنادَه ضعيفٌ، ولذا لم يعبِّره بقول النبيِّ صلى الله عليه وسلّم 36 - باب مَنْ جَلَسَ فِى الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ، وَفَضْلِ الْمَسَاجِدِ 659 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمَلاَئِكَةُ تُصَلِّى عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِى مُصَلاَّهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ. لاَ يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِى صَلاَةٍ مَا دَامَتِ الصَّلاَةُ تَحْبِسُهُ، لاَ يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْقَلِبَ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ الصَّلاَةُ». أطرافه 176، 445، 477، 647، 648، 2119، 3229، 4717 - تحفة 13816، 13807 660 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِى ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِى عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِى الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِى اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ. وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ». أطرافه 1423، 6479، 6806 - تحفة 12264 661 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سُئِلَ أَنَسٌ هَلِ اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمًا فَقَالَ نَعَمْ، أَخَّرَ لَيْلَةً صَلاَةَ الْعِشَاءِ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ، ثُمَّ أَقْبَلَ

37 - باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح

عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ بَعْدَ مَا صَلَّى فَقَالَ «صَلَّى النَّاسُ وَرَقَدُوا وَلَمْ تَزَالُوا فِى صَلاَةٍ مُنْذُ انْتَظَرْتُمُوهَا». قَالَ فَكَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ. أطرافه 572، 600، 847، 5869 - تحفة 578 الانتظارُ في الأحاديث وَرَدَ بكلا النحوين: قبل الصلاة، وبعدها لصلاة أخرى. قلتُ: ولا يوجد العملُ بالنحو الثاني عند السلف كثيرًا. 660 - (سبعةٌ (¬1) يُظِلْهم الله) وفي بعض الروايات: «ستة»، ولا مفهومَ للعدد، وأمّا الظِّلُّ فيحمله كلٌّ على فَنِّه، فيقول البليغُ: إنه كِنايةٌ أو استعارةٌ عن العُطُوفَة، ويحمله الصوفي على الظِّلِّ في مرتبة التجلِّي. وسنوضحه إن شاء الله تعالى في آخر الكتاب. قوله: (رجلان تَحَابَّا في الله) ... إلخ. قال السُّبْكي في «عروس الأفراح»: إن التثنية خاصٌّ، إلاّ أنه قد يَعُمُّ باعتبار الأثنينيات، فالمراد به: أيّ رجلين كانا. يمكن أن يُرَاد منه الحب في الله، والبغض في الله، وله شرحٌ آخر تؤيِّده الرواية أيضًا: أنهما ذكرا الله عند اجتماعها، وذكراه عند افتراقهما، وحينئذٍ ذكر التَّحَابُب تمهيدٌ، وذكر الله عند الاجتماع والافتراق مطلوبٌ. ويَدُلُّ الحديث على فضل ذكر الله عند الاجتماع والافتراق، وله حديث في الخارج، وله شروحٌ أخرى مذكورةٌ في الكُتُب، فلتراجع. 37 - باب فَضْلِ مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَمَنْ رَاحَ 662 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الْجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ». تحفة 14217 وفي الهامش: «غدا» مكان «خرج»، وهو الأولى. وحاصله: أنه لم تَزَل معاملته بالمسجد غداةً وعشاءً. ¬

_ (¬1) وقد نَظَمَه أبو شامة رحمه الله تعالى: وقال النبيُّ المصطفى: إنَّ سبعةً ... يُظلُّهُمُ اللهُ الكريم بِظِلِّهِ مُحِبٌّ، عفيفٌ، ناشىءٌ، مُتَصَدِّقٌ ... وباكٍ، مُصَلٍّ، والإمامُ بعدلِهِ وزاد عليه الحافظ رحمه الله تعالى: وزدْ سبعةَ أظلالٍ، غازٍ، وعَوْنُه ... وإنظارُ ذي عُسْرٍ، وتخفيفُ حِمْلِهِ وإرفادُ ذي غُرْمٍ، وعَوْنُ مُكَاتَبٍ ... وتاجرُ صِدْقٍ في المقال وفِعْلِهِ ثم نَظَمَ الحافظ رحمه الله تعالى مرة أخرى، فقال: وتحسينُ خُلُقٍ، مع إعانة غَارِمٍ ... خفيفِ يدٍ حتى مُكَاتَب أهْلِهِ ثم زَادَ عليه رحمه الله تعالى: وزِدْ سبعةً: حُزْنٌ، ومشيٌ لمسجدٍ ... وكُرْهُ وضوءٍ، ثم مُطْعِمُ فَضْلِهِ وآخذُ حقٍّ باذلٌ، ثم كافلٌ ... وتاجر صِدْقٍ في المقال وفعلِهِ

38 - باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

662 - (نُزُله)، والنُّزُل: أول ما يُهَيَّأ للضيف، ومحصَّل الحديث: أن المساجدَ تُدْعَى بيوت الله، فمن أتاها ينبغي أن يُعَدَّ له فيها نُزُلٌ. 38 - باب إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلاَ صَلاَةَ إِلاَّ الْمَكْتُوبَةَ 663 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ قَالَ مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِرَجُلٍ. تحفة 9155 - 169/ 1 قَالَ وَحَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلاً مِنَ الأَزْدِ يُقَالُ لَهُ مَالِكٌ ابْنُ بُحَيْنَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَثَ بِهِ النَّاسُ، وَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الصُّبْحَ أَرْبَعًا، الصُّبْحَ أَرْبَعًا». تَابَعَهُ غُنْدَرٌ وَمُعَاذٌ عَنْ شُعْبَةَ فِى مَالِكٍ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ سَعْدٍ عَنْ حَفْصٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ. وَقَالَ حَمَّادٌ أَخْبَرَنَا سَعْدٌ عَنْ حَفْصٍ عَنْ مَالِكٍ. تحفة 11181، 9155 ذهب طائفةٌ من أهل الظواهر إلى ظاهر الحديث، وقالوا: إن أُقِيمَتِ الصلاةُ وهو في خلال الصلاة بَطَلَتِ صلاته، ولم يَذْهَب إليه أحدٌ من الأئمة غيرها. وقال الجمهور: بل يُتِمُّها ولا يقطعها. وراجع كُتُب الفِقْه. وأمَّا تفصيل المذاهب في الفجر، فقال الشافعيُّ رحمه الله تعالى في الجديد: إذا أُقِيمَتِ صلاةُ الفجر، فلا صلاةَ مطلقًا، فلا يَرْكَع ركعتي الفجر أصلا، لا في داخل المسجد، ولا في خارجه وقال في القديم مثل الحنفية، وبه قال مالك رحمه الله تعالى غير أنه فرَّق بين الدَّاخل والخارج، فقال: يَرْكعهما خارج المسجد إذا رَجَا أن يُدْرِكَ الركعتين كلتيهما، وإلاّ فلا وقال ابن العربي في «الاقتراب»: يَدْخُلُ فيهما إن رجا القعدة الأخيرة، وهذا مُخَالِفٌ لِمَا في عامة كُتُبهم. وقال الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى على ما تقرَّر عندي من مذهبه: إنه يَرْكَعُهُمَا خارجه بشرط إدراك ركعة. ولعلَّ التخصيص بالركعة من الاجتهاد ناظرًا إلى مثل حديث: «من أَدْرَكَ ركعة، فقد أدرك الصلاة». ولا رواية عنه في داخل المسجد. وهذا هو المذهب عندي، كما في «الجامع الصغير» و «البدائع»، واختار صاحب «الهداية»، وصرَّحوا به في باب إدراك الفريضة. وصرَّح به علماء المذاهب الأخرى أيضًا كالقَسْطَلاني من الشافعية، وابن رُشْد والباجي من المالكية، ثم وسَّع محمد رحمه الله تعالى في إدراك ركعة، وأجاز بهما عند إدراك القعدة أيضًا. ثم مشايخنا رحمهم الله تعالى وسَّعوا بهما في المسجد أيضًا، وأظنُّ أنَّ أول من وسَّع بهما في المسجد هو الطحاويُّ، فذهب إلى جوازهما في ناحية المسجد بشرط الفَصْل بينهما وبين المكتوبة، حتَّى لا يُعَدَّ واصلا بينهما وبين المكتوبة، وهو مثار النهي عنده ولعلَّك عَلِمْتَ أن القَيْدَين الَّذَيْن كان صاحب المذهب ذكرهما ارتفع أحدهما بتوسيع محمد رحمه الله تعالى، والآخر بتوسيع الطحاويِّ رحمه الله تعالى.

أمَّا أنا فأعمل بمذهب الإمام أبي حنيفة، وقد أفتى به الناس، غير أني لا أُنَازِعُ من صلاهما في المسجد، وأقول: لعلَّه أَخَذَ بقول محمد رحمه الله تعالى والطحاويِّ رحمه الله تعالى. هذا هو تحريرٌ لمذهب الإمام الأَعْظَم عندي. وأمَّا مذهب الشافعيِّ رحمه الله تعالى، فقد عَلِمْتَه. وتمسُّكه من حديث الباب، فإنه يَدُلُّ على النهيِّ عن الصلاة بعد الإقامة مُطْلقًا، سواء كان في المسجد أو خارجه. فكأن مَنَاط النهيِ عندهم: الدخول في سنة الفجر بعد الإقامة للفرض، ولمَّا لم يكن فيه فرقٌ بين داخل المسجد وخارجه عَمَّ النهيُ أيضًا بعموم المناط، ولم تَجُزْ ركعتا الفجر في الخارج والداخل مطلقًا. فأجاب عنه الطحاويُّ: أمَّا أولا: فبأن الحديثَ موقوفٌ وليس بمرفوع، كما يُعْلَمُ من صنيع البخاري في «صحيحه»، حيث لم يُعَبِّرْهُ بقول النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وإن مال في «جزء رفع اليدين» إلى رفعه، ولكن العِبْرَة بما في «الصحيح» لأن دَأْبه في الخارج أوسع، وفي «الصحيح» أحكم. فإنه قد يَلْتَزِمُ في الخارج بعض ما يكون بديهي البُّطْلان، كدعواه في عدم ثبوت ترك الرفع عن أحدٍ من الصحابة رضي الله عنهم، ومنه قوله بعدم أدراك الركعة بإدراك الركوع عندهم، وكل ذلك مما لا يُقْبَلُ، كما فصَّلْته في «نيل الفرقدين»، و «فصل الخطاب». وكذا الشافعيُّ رحمه الله تعالى عَبَّره في «الأم» بقول أبي هريرة، مع اختياره في الجديد مسألة الحديث. وكذا ترجمة ابن أبي شَيْبَة على الحديث المذكور تَدُلُّ على أنه موقوفٌ عنده، وهذا القدر يُوجِبُ التوقُّف في رفعه إن لم يُجْزَم به. وظنِّي أنه جاء بالنحوين: موقوفًا ومرفوعًا، وأجد في الصحابة كثيرًا: أنهم كانوا يستعملون عنوان الحديث المرفوع فيما بينهم على شاكلة الأمثلة السائرة، والمقدمات الدائرة، والمسائل المسلَّمة، وحينئذٍ لا يذكرون (¬1) له إسنادًا ولا يهتمُّون به لعدم احتياجه إليه واستغنائه عنه عندهم. وقد وقع مثله في حديث: «من كان له إمام ..... » الخ، وحديث النهي عن البُتَيْرَاء فزيدُ بن ثابتٍ أَفْتَى في سجدة التلاوة عند مسلم، وابن عمر رضي الله عنه في «الموطأ» بعين هذه الألفاظ: «من كان له إمام .... » الخ فتبيَّن لي: أن هذا الحديث قد اشتهر فيما بينهم حتى استعملوه كالمسلَّمات، وإن ذَكَر له ابن الهُمَام إسنادًا صحيحًا على شرط الشيخين أيضًا، وراجع ¬

_ (¬1) قلت: ويَقْرُب منه ما ذكره السيوطي في "التدريب": قال بعضهم: يُحْكَمُ للحديث بالصحة إذا تلقَّاه الناسُ بالقَبُول، وإن لم يكن إسناده صحيحًا - قلت: ومن هذا الباب حكم الترمذي على أحاديث مُنْقَطِعة بالتحسين، كحديث عُبَيد الله، عن عبد الله في باب: الاستنجاء بالحجرين، فإِنه مُنْقَطِع، وكذلك حديث فاطمة بنت الحسين، عن جدتها في باب: ما يقول عند دخول المسجد، فإِنه أيضًا مُنْقَطِع، مع أنه حسَّنهما، فاحفظه. ثم إنك تجد في موضع من تقريرنا هذا أن البحثَ عن الأسانيد لم يكن بين السلف، وإنما احتاج إليه الخَلَف، وذلك كما ذَكَرَه الترمذيُّ في "العلل" عن ابن سيرين قال: كانوا في الزمن الأول لا يسألون عن الإسناد، فلمَّا وقعت الفتنة، سألوا عن الإسناد ... إلخ. وهذا أصلٌ عظيمٌ يَظهَرُ منه السر في فقدان الأسانيد لبعض الأحاديث الصحيحة، فاحفظه واغتنمه. ثم هذا إنما ينفع لمن رُزِقَ فَهْمًا صحيحًا، وقلبًا سليمًا.

رسالتي، فإذا لم يتعرَّضُوا لإسناده في الصدر الأول، وتَدَاوَلُوه فيما بينهم كالمسلَّمات، خَفِي إسناده فيما بعد لا محالة. فجعل بعضهم يَزْعُمُ أنه موقوفٌ لصحة طُرُقه واستقامة إسناده، بخلاف إسناد المرفوع، ومنهم من يجعله مرفوعًا لاكتفائه بالثبوت في الجملة، وعدم تنقيره فيه، والأمرُ في مثله ما نبَّهناك آنفًا، فانظر فيه بعين الإنصاف، وإياك وخُطَّة الاعتساف (¬1). وأمَّا ثانيًا، فكما عَلِمْتَ أن المناط عنده ليس ما نقَّحُوه، بل هو وَصْلُه بين نافلة العبد، وفريضة الله مكانًا، وذلك لأن المناطَ لو كان ما ذكروه لاقتصر النهيُ على ما بعد الإقامة فقط، مع أنه ثَبَتَ النهيُ عنها قُبَيْل الإقامة وبعدها، وبعد الفراغ عن الصلاة أيضًا: فدلَّ على أنه لا دَخْل فيه للإقامة، فحديث مالك بن بُحَيْنَة في «الصحيحين»: أن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلّم رأى رجلا وقد أُقِيمَت الصلاة يُصَلِّي ركعتين ... فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلّم آلصبح (¬2) أربعًا» وعند مسلم: «أَتُصَلِّي الصبح أربعًا»؟ اهـ. وَرَدَ فيما بعد الإقامة، وكذا حديث عبد الله بن سَرْجِسَ عنده، وفيه قال: «دَخَلَ رجلٌ المسجدَ ورسول الله صلى الله عليه وسلّم في صلاة الغداة، فصلَّى ركعتين في جانب المسجد، ثم دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: يا فلان، بأي الصلاتين اعْتَدَدْتَ: بصلاتك وَحْدَكَ، أم بصلاتك معنا». وعند أبي داود قال: «يا فلان، أيتهما صلاتك: التي صلَّيت وَحْدَكَ، أو التي صلَّيتها معنا»، فهذان أيضًا فيما بعد الإقامة. وأما النهيُ عنها بعد الفراغ عن الصلاة، فكما في حديث قَيْس بن عمرو عند أبي داود، قال: «رأى رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم رجلا يُصَلِّي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم صلاة الصبح ركعتان، فقال الرجل: إني لم أكن صلَّيت الركعتين اللتين قبلهما، فصلَّيتهما الآن، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلّم. وعند الترمذي: «مهلا يا قَيْس، أصلاتان معًا؟ قلتُ يا رسول الله، إني لم أكن رَكَعْتُ ركعتي الفجر، قال: فلا إذن». اهـ. أما قوله: «مهلا يا قَيْس»، فهو على وزَان قوله: «مهلا يا عائشة» حين سمعت اليهود يسلِّمون عليه بالسَّام عليك، أي: رِفْقًا، وعلى هذا يَلِيقُ أن يكونَ الخطابُ به قبل الشروع، مع ¬

_ (¬1) وفي تقرير الفاضل عبد العزيز من كلام الشيخ: أن أبا حاتم أيضًا صوَّب وَقْفَه في "علله"، وهو مُعَاصِرٌ للبخاري رضي الله تعالى عنه، وكنتُ مترددًا في أنه حكم على إسنادٍ واحدٍ، أو على جميع أسانيده، فلمَّا رأيت أنه أخرجه في ثلاث مواضع، وحكم على كلِّه بالوقف، ظَهَرَ أنه حكم على الإِطلاق. (¬2) قلتُ: وراجع لفظ ابن عمر رضي الله عنه، من باب: الصلاة بعد الجمعة عند أبي داود: "لما رأى رجلًا يُصَلِّي ركعتين يوم الجمعة في مقامه، فدفعه وقال: أتُصَلِّي الجمعة أربعًا ... " إلخ. وفيه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه، عن عطاء: "أنه رأى ابن عمر رضي الله تعالى عنه يُصَلِّي بعد الجمعة، فَيَنْحَاز عن مصلَّاه الذي صلَّى فيه الجمعة قليلًا غير كثيرٍ، قال: فيرْكَعُ ركعتين. قال: ثم يَمْشِي أنفس -أي أبعد- من ذلك، فيركع أربع ركعات ... " إلخ. وفي الفصل الثالث من باب: الذكر بعد الصلاة من "المشكاة": "أنه قام الرجل الذي أَدْرَك معه -أي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التكبيرة الأولى من الصلاة يَشْفَعُ، فَوَثَبَ عمر رضي الله تعالى عنه فأخذ بمَنْكِبيه، فهزَّه، ثم قال: اجلس، فإنه لن يُهْلك أهل الكتاب إلَّا أنه لم يكن بين صلاتهم فَصْلٌ، فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - بصره، فقال: "أصاب الله بك يا ابن الخطاب"- رواه أبو داود.

أنه لا يُلائم سائر طُرُقه، فإِنه يَدُلُّ على أنه خاطبه بعدما فَرَغَ عنها. وكذلك لا يُلائِمُ قوله: «لم أكن» بالنفي في الماضي. ولعلَّ قَيْسًا لمَّا أراد أن يَرْجِعَ إلى بيته بعد الفراغ عنها، استوقفه ليعلِّمه المسألة، فقال: «مهلا». ثم إن هذا اللفظ أخرجه مالك رحمه الله تعالى في صلاتهم قبل الفجر، والترمذي فيما بعدها، ويُتَوَهَّمُ منه أنه اضْطِرَابٌ. فعند مالك عن أبي سَلَمَة بن عبد الرحمن قال: «سَمِعَ قومٌ الإِقامةَ فقاموا يُصَلُّون، فخرج إليهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم فقال: أصلاتان معًا أصلاتان معًا» وذلك في صلاة الصبح في الركعتين اللتين قبل الصبح اهـ. ولعلَّك عَلِمْتَ من هذه الأحاديث: أن النهيَ لا يختصُّ بما بعد الإقامة، بل يَعُمُّه وما بعد الصلاة أيضًا، وإذن لا يكون المثار ما قالوه، بل يجوز أن يكونَ المناط ما علَّل به الطحاويُّ: وأراد النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بهذا النهيِ أن يُصَلِّي غير الفريضة في الموطن الذي صُلِّيَتْ فيه الفريضة، فيكون مصلِّيها قد وَصَلَها بتطوُّعٍ، فيكون النهيُ من أجل ذلك، لا لمن يُصَلِّي في آخر المسجد، ثم يَتَنَحَّى من ذلك المكان، فَيُخَالط الصفوف ويَدْخُل في الفريضة، ويَدُلُّ عليه ما رواه الطحاويُّ عن محمد بن عبد الرحمن: «أن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلّم مرَّ بعبد الله بن مالك بن بُحَيْنَة وهو مُنْتَصِبٌ يُصَلِّي ثَمَّةَ بين يدي نداء الصبح، فقال: لا تجعلوا هذه الصلاة، كصلاة قبل الظهر وبعدها، واجعلوا بينها فصْلا». اهـ. ولعلَّ الطحاويَّ حَمَلَه على عدم الفصل مكانًا، إلا أنه يَرِدُ عليه: أن لا يكون الفصلُ مطلوبًا في الظهر، ولا يقول به أحدٌ، وتفسيرُه عندي: أن سنةَ الظهر قد تُؤدَّى فى المسجد بخلاف سنة الفجر، كما يَظْهَرُ من حديث البخاري. ولعلَّه تعليمٌ لأمرين: جواز سنة الفجر، فإنه ليس بعدها، والأمر الثاني: الفصل. قال الطحاويُّ: فبيَّن هذا الحديثُ أن الذي كَرِهَهُ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلّم لابن بُحَيْنَة: هو وَصْلُه إياها بالفريضة في مكانٍ واحدٍ لم يَفْصِلْ بينهما بشيءٍ، فتحصَّل أن المناطَ هو الفصلُ، لا ما قالوه. ثم يُعْلَمُ من الأحاديث: أن الفصلَ مطلوبٌ في المَكْتُوبات كلِّها وإن كان في سنة الفجر آكَدَ وأبلغَ، فعنده عن أبي هُرَيْرة رضي الله تعالى عنه مرفوعًا قال: «لا تكاثروا الصلاة المكتوبة بمثلها من التسبيح في مقامٍ واحدٍ». وعند مسلم في الجمعة، عن عمر بن عطاء، في قصة السائب مع معاوية. «فقال معاوية رضي الله تعالى عنه: لا تَعُدْ لِمَا فَعَلْتَ، إذا صلَّيت الجمعة، فلا تَصِلْها بصلاةً حتى تتكلَّمَ أو تَخْرُجَ، فإن رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم أمرنا بذلك أن لا نُوصِلَ بصلاةٍ حتى نتكلَّمَ أو نَخْرُجَ». اهـ. ولذا أقول: إن الفصلَ عندي عامٌّ سواء كان بالمكان أو بالقول، وإن كان عند الطحاويِّ بالمكان فقط، وأنتَ تَعْلَمُ أن العبرةَ بعموم اللفظ لا لخصوص المَوْرِد، فالحديث وإن وَرَدَ في الجمعة، لكنه يَعُمُّ في سنة الفجر أيضًا. وعند النَّسائي: «عليكم بهذه الصلاة في البيوت»، ولم يَثْبُت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أداء السنن في المسجد إلا مرةً أو مرتين. فإن قلتَ: إن تصديره بقوله: «إذا أُقِيَمت الصلاة» يَدُلُّ على أن المناط: هو كونه مُصَلِّيًا بعد الإقامة، كما زَعَمَه الشافعية. قلتُ: نعم، وله أيضًا دَخْلٌ، إلا أنا لمَّا رأينا الإنكار قُبَيْل الإقامة وبعدها وبعد الفراغ، عَلِمْنَا أن الدعامةَ هو عدم الفصل.

ثم أخرج الطحاويُّ آثارًا عديدة تَدُلُّ على جواز السنة في ناحية المسجد، منها عمل العَبَادِلة الثلاثة: ابن عمر رضي الله عنه مع كونه راوي الحديث، وابن عباس، وابن مسعود رضي الله عنهما. وأخرج ابن أبي شَيْبَة (¬1) نحو تسع من الآثار تَدُلُّ على جوازها خارج المسجد، وفي البعض إيهامٌ بكونها خارج المسجد أو داخله. ثم إنه وقع عند البيهقيِّ في الحديث المذكور استثناءُ ركعتي الفجر. وهو مُدْرَجٌ عندي، وليس بموضوع، ومن حَكَمَ عليه بالوضع، فكأنه أراد به الإدراج. ونقيضه في «كامل ابن عدي»، وهو أيضًا لا يَصِحُّ. وعندي: من روى الاستثناء أو النفي، كان هو في الحقيقة مذهبه، فاختلط بالمرفوع (¬2). ثم أقولُ: والمناط على ما حقَّقت من مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه، وهو الجواز في الخارج دون الداخل، كونه مُصَلِّيًا في المسجد غير الصلاة المكتوبة بعد إقامتها. وحينئذٍ يكون الحكم مقصورًا على المسجد فقط، لكون المسجد داخلا في المثار. وإن كان للإقامه أيضًا بعض دَخْلٍ فيه عندي، لكن العُمْدَة فيه: هو كونه مُصَلِّيًا في المسجد (¬3) وهو مدار الحكم بالجواز وعدمه. وهو الذي فَهِمَه ابن عمر رضي الله عنه، كما قال البهكلي في «شرح النَّسائي»، ¬

_ (¬1) وقد ذكرها الزبِيدِي في "الإِتحاف" قال: أخرج أبو بكر بن أبي شَيْبَة في "المصنف"، عن الشَّعْبِي، عن مَسْرُوق: "أنه دَخَلَ المسجدَ والقوم في صلاة الغداة، ولم يكن صلى الركعتين، فصلاهما في ناحيةٍ، ثم دَخَلَ مع القوم في صلاتهم"، وعن سعيد بن جُبَيْر: "أنه جاء إلى المسجد والإمام في صلاة الفجر، فصلَّى الركعتين قبل أن يَلِجَ المسجد عند باب المسجد"، وعن أبي عثمان النَّهْدِي قال: "رأيت الرجلَ يَجيء وعمر بن الخطاب رضي الله عنه في صلاة الفجر، فيصلي الركعتين في باب المسجد، ثم يَدْخُلُ مع القوم في صلاتهم"، وعن مجاهد قال: "إذا دخلت المسجد والناس في صلاة الصبح، ولم تركع ركعتي الفجر، فاركعهما وإن ظننتَ أن الركعة الأولى تَفُوتُك". وعن وَبَرَةَ قال: "رأيتُ ابن عمر رضي الله عنه يفعله". وعن إبراهيم: "أنه كَرِه إذا جاء والإمام يُصَلِّي: أن يصلِّيهما فى باب المسجد أو في ناحيته" وعن أبي الدَّرْدَاء. قال: إني لأجيء إلى القوم وهم صفوف في صلاة الفجر، فأُصَلِّي الركعتين، ثم أنْضَمُّ إليهم". اهـ. (¬2) قلت: وقد نبَّهتك فيما مرَّ: أن مثله يَقَعُ كثيرًا، كما في الركعتين قبل المغرب، فروى واحدٌ: "صلُّوا قبل المغرب ... ". إلخ. وجاء آخر، فقال: "بين كل أذانين صلاة، إلَّا المغرب". ولا يلتقيان إلَّا حين يلتقي السُّهَيْل مع السُّهَا، أو لا يلتقي إذ ذاك أيضًا. فراعِ الاستثناء مع النفي ههنا أيضًا، وقد بَسَطَ الشيخُ الكلامَ على إسنادهما في دراسة "جامع الترمذي". (¬3) وُيؤَيِّده ما أخرجه الهيثمي رحمه الله تعالى في "مجمع الزوائد"، عن عبد الله قال: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا صلاةَ لمن دخل المسجد والإمام قائم يُصَلي، فلا يَنفَرِدُ وحده بصلاة، ولكن يَدْخُل مع الإمام في الصلاة". اهـ. وفيه: يحيى بن عبد الله البَابْلُتي، وهو ضعيف. قال الشيخُ رحمه الله تعالى في درس الترمذي: إن البَابْلُتِّي هذا ربيب الأوزاعي، وكان يَرْوِي من كتابه، وقد أخذ عنه البخاري مُعَلَّقًا في كتاب الحج وهو عندي من رواة الحِسَان، ونُقِلَ أن ابن معين لما بَلَغَ إلى الشام، أهدى إليه البَابْلُتي من النقد وغيره شيئًا، وكان ثَمَّة، فأخذ ابن معين غير النقد وردَّ الدراهم، ثم سأله رجل عن البَابْلُتي كيف هو؟ فقال: والله إن هديته لطيبة، ولكن ما سَمِعَ عن الأوزاعي شيئًا - ويؤيِّده أن الحديثَ يرويه ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما. أَمَّا ابن عمر رضي الله عنه، ففتواه عند مالك رحمه الله تعالى في "موطئه". وأمَّا ابن عباس رضي الله عنه، ففتواه عند الطحاويِّ في "معاني الآثار": أن تُصَلي الركعتان خارج المسجد، وإن دَخَلَ الإمام في الصلاة".

وقد فَهِمَ ابن عمر رضي الله تعالى عنه هذا المعنى، وأنه مُخْتَصٌّ بالمسجد، لا خارجًا عنه. وهو كذلك في «الفتح». بقي الفرق بين داخل المسجد وخارجه هل اعتبره الشرع أو لا؟ ففيه أحاديث: منها حديث أبي هُرَيْرَة رضي الله تعالى عنه: «أمَّا هذا، فقد عَصَى أبا القاسم صلى الله عليه وسلّم وزاد أحمد: «أمرنا رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم إذا كنتم في المسجد فُنُودِي بالصلاة، فلا يَخْرُجْ أحدُكم حتى يُصَلِّيَ»، إسناده صحيح. وحديث: «إذا صلَّيتما في رِحَالكما، ثم أَتَيْتُمَا مسجد جماعةٍ ... » الخ. وحديث «لا يَخْرُج أحدٌ من المسجد بعد النداء إلا منافقٌ إِلا رجلٌ يَخْرُجُ لحاجته، وهو يريد الرَّجْعَة إلى المسجد» (عب ق). وقد رُوِيَ: «لا صلاة لمن دَخَلَ المسجد والإمام قائمٌ يُصَلِّي، فلا يَنْفَرِدُ وحده بصلاةٍ، ولكن يَدْخُل مع الإمام في الصلاة». (طب عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه). والحاصل: أن المناطَ عند الطحاويِّ: هو عدم الفصل، مكانًا، دون الملام بعدم الاشتراك في الجماعة، أو بعد الإقامة، كيف وقد قال لقيس بعد الفراغ عن الجماعة: «أصلاتان معًا»؟ (¬1)، فهولعدم الفصل، قبل الإقامة كان، أو عندها، أو بعدها. قلتُ: والفصلُ عندي عامٌّ سواء كان مكانًا أو زمانًا وإن أخذه الطحاويُّ في المكان خاصةً، كما يُسْتَفَادُ من لفظ مسلم: «حتى نتكلَّم أو نَخْرُج» وقد مرَّ. وأمَّا عند الشافعية، فهو كونه مُصَلِّيًا بعد الإقامة، سواء كان خارج المسجد أو داخله. وعندي كونه مُصَلِّيًا في المسجد بعد الإقامة، فللمسجد دَخْلٌ بل هو المناط وقد عَلِمْتَ تغايرُ الحكمين في داخل المسجد وخارجه. وإذ قد راعاه الشرع في غير بابٍ واحدٍ، اعتبرناه في هذا الباب أيضًا. ثم ههنا حديث نقله العَيْنِي عن «صحيح ابن خُزَيْمَة»، ولو صحَّ لكان فاصلا في الباب: عن أنسٍ قال: «خَرَجَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلّم حين أُقِيمَتِ الصلاةُ، فرأى ناسًا يُصلُّون ركعتين بالعَجَلة، فقال أصلاتان معًا؟ فَنَهى أن تُصَلَّيا في المسجد إذا أُقِيمَتِ الصلاةُ». اهـ. وفيه تصريحٌ: أن النهيَ مُقْتَصِرٌ على المسجد، وهو المناط على ما حقَّقت سابقًا، وهذا الحديثُ أَصْرَحُ فيه، لكونه واردًا في خصوص سنة الفجر، بخلاف الأحاديث المارَّة، فإنها وإن دَلَّت على الفرق بين الداخل والخارج، لكنها لم تُرْوَ في خصوص سنة الفجر. ¬

_ (¬1) قلت: وفي مذكرة الشيخ عندي بعض نظائر الفاء في مورد الإنكار، وقوله: "فلا إذن" في محله فأحببت ذكرها. فعند مسلم: أنَّ النُّعْمَان بن بشير نَحَلَ ابنه قُطعةً من ماله، فأراد أن يُشْهِدَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فجاء إليه فقال: "هل نَحَلْتَ أبناءك مثله"؟ فقال: لا. قال: "فلا إذن". أي: فلا أشهد إذن -بالمعنى- وفي "المشكاة": أن رجلًا استقطع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَعْدِنًا فأقطعه، فقيل له: إن قطعت له الماء المعد، قال: "فلا إذن" كنز. وعند مسلم: "إذًا لا نرجمها وندع ولدها صغيرًا ليس له من يرضعه". وعند البخاري: "إذا يحلف من الشرب" وعند النَّسائي: "فقال عمر رضي الله عنه: فَسَيْفان إذًا في غَمْدٍ لا يَصْلُحَان". من "الفتح" ومثله في موضع ردِّ العذر في "الصحيح" فلمَّا صلَّى قال: ما شأنكم؟ قالوا: استعجلنا إلى الصلاة، قال: "فلا تفعلوا"، وغيره من مواضع الفاء في القراءة خلف الإمام، وإتيان مسجد جماعةٍ بعد الصلاة في الرحال، وعند النَّسائي في المتوفَّى عنها زوجها، وبَسَطَ الحافظ الكلام في تلك الكلمة، فراجعه. اهـ.

فلقائلٍ أن يقولَ: إن هذا الفرق اسْتُفِيدَ مع الأحاديث العامة، وقد عَلِمْنَا عدمه في سنة الفجر بحديثٍ وَرَدَ فيها خاصةً، والترجيحُ عندك للخصوص دون العموم. فالذي هو حُجَّةٌ قاطعةٌ هو الحديث الصحيح على شرط ابن خُزَيْمَة، وأخرجه العيني، إلا أني أتردَّد فيه، لما في النُّقُول أن العَيْنِي كان سريعَ القلم جدًا، حتى نقل القُدُورِي بتمامه في يومٍ واحدٍ، وكانَ يَتَعَسَّرُ على الناس قراءة كُتُبه من أجل سرعة قلمه، فَيُمْكِنُ أن يكونَ فيه سهوٌ ثم أخرجه مالك أيضًا، لكن بحذف الجملة الأخيرة. وأخرجه الحافظ في «مسند البزَّار» بحذف: «في المسجد». ولنا أن نحمله على رواية وجوب سنة الفجر أيضًا، وحينئذٍ فهي داخلةٌ في الاستثناء، ولا سؤال ولا جواب. وبعد هذا الإطناب والإسهاب، أريد أن أُلْقي عليك فرقًا بين ما وَرَدَ في صِيَغ الإنكار، فقال تارةً: «أصلاتان معًا» وتارةً: «الصبح أربعًا»؟ وأخرى: «بأي الصلاتين اعْتَدَدْتَ؟» فاعلم أن كلَّ ذلك إنكارٌ بأوصاف، ولا تعرُّض فيها لوقوعها بعد الإِقامة، ولا لكون الوقت وقت كراهة، وذلك لأنه من باب تلقِّي المُخَاطب بما لا يُتَرَقَّب، ولا يتأتَّى في ذكر السبب الواقعي، فحاصل الأول: أتجعل الصلاتين الموقَّتتين بوقتين في وقتٍ واحدٍ؟ وحينئذ يكون الإِنكار على عدم فَصْلِه زمانًا، ومحطُّه كراهة الجمع بين الصلاتين في وقتٍ واحدٍ. ويَصْلُحُ لعدم الفصل مكانًا أيضًا، فإِن «مع» كما في «القاموس»: تكون بمعنى «عند» أيضًا، فَيصِيرُ معناه: أتُصَلِّي صلاتين مكانهما على حِدَةٍ في مكانٍ واحدٍ؟ وحينئذٍ يفيد الطحاويّ. وحمله ابن رُشْد على الاختلاف على الإمام، ولا يَظْهَرُ إلا إذا خالط الصفوف. وفي لفظ: «أَتُصَلِّي صلاةً واحدةً مرتين»؟ يعني لكون هذا الوقت وقت الفرض، فإذا وصل غيره، فكأنه صلَّى فرضين، ومحطُّه كراهة تكرار الفريضة في نظر صاحب الشرع. ولمّا كان الشروع في حديث ابن بُحَيْنَة بعد الإقامة ألزمه بقوله: «آلصبح أربعًا؟ ومحطُّه كراهة جعل الثنائية أربعًا. وتلك مسائل من غير هذا الباب تُلْمَحُ من عرض الكلام، تأتي كلُّها على فقه الحنفية. وسوق التعبير يَدُلُّ عليها كأنها مفروغٌ عنها في نظر الشارع، فبنى عليها التعبير كأنه مسلَّمٌ ومعلومٌ، وبها يتأتَّى الإِنكار. فإِن فَرَضْنَا أن لا كراهة في: الجمع بين الصلاتين، أو تكرار الفريضة مرتين، أو جعل الثنائية أربعًا، لا يكون في هذه العبارات رَدْعٌ وتوبيخٌ. بقي قوله: (فلا إذن) قال الشافعي: معناه: فلا بأسَ إِذن، فدلَّ على جواز قضاء ركعتي الفجر إن لم يصلِّها قبل فرضه، وقال الحنفية رحمهم الله تعالى: معناه: فلا جوازَ إذن، إلا أنه لا يَظْهَرُ فيه منى الفاء، بخلاف ما اختاره الشافعية رحمهم الله تعالى، فإنها تكون فصيحةً. فتردَّدت لنظيره حتى وَجَدْتُ في «الكشاف» قُدِّرَ بمثله في قوله تعالى: {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ} [الطور: 15] دخلت الفاء فيها في موضع الإنكار. قال الزمخشري: معناه أمّا معجزاتُ الأنبياء عليهم السلام فكنتم تَزْعُمُونها سِحْرًا، فما تَنْظُرُون الآن من أهوال المحشر، فهي سِحْر أيضًا. وترجمته عندي (نهر بهى نهين). كما في الحديث: إنا كنا قد صلَّينا في

39 - باب حد المريض أن يشهد الجماعة

رِحَالنا، قال: فلا تَفْعَلا، إذ أتيتما مسجد جماعةٍ .... الخ. (يعنى بهر بهى نهين) يعني: لا تفعلوا وإن كنتم صلَّيتم في بيوتكم، فالفاء في هذه المواضع كلِّها في محل الإِنكار. والجواب الصواب عندي: أنه لا تمسُّكَ للشافعية في هذه الأحاديث، لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم إذا سَبَقَ منه الإنكار مرةً دَلَّ على أنه لم يَرْضَ به. نعم لم يَتَعاقَبْ عليه فيما بعد، وأي حاجةٍ إلى التعاقُب إذا أنكر عليه مرةً، وهذا كما رُوِيَ عن عائشةَ رضي الله عنها عند النَّسائي، في قصة حجة الوداع: «إني صُمْتُ يا رسول الله، وأفطرتُ، وأتممتُ فَقَصَرْتُ، فقال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم أحسنتِ يا عائشة» رضي الله عنها، مع أنه لم يَثْبُت الإتمام عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وخلفائه في السفر ولو مرةً، حتَّى تأوَّل فيه عثمان رضي الله عنه وأتمَّ، فهذا نحو مسامحةٍ وإغماضٍ عمَّا صَدَرَ منها، وهي لا تعلم المسألة، لا أنه استحسانٌ منه وإباحةٌ لِمَا فَعَلَتْهُ. وأصرح حُجَّةً لنا في عدم قضاء سنة الفجر بعد الفرض ما أخرجه أبو داود في باب المسح على الخفين، وفيه: «فلما سلَّم - عبد الرحمن بن عَوْف - قام النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فصلَّى الركعة التي سُبِقَ بها، ولم يَزِدْ عليها شيئًا. اهـ. والظاهر أنه أراد نفي السنة، لا نفي سجدة السهو وإن بوَّب به أبو داود. وحينئذٍ تأيَّد شرح قوله: «فلا إذن» من جهة صاحب الشرع نفسه. 663 - قوله: (يُقَال له مالك بن بُحَيْنَة) وهو خطأٌ قطعًا، لأن بُحَيْنَة ليست أم مالك، بل هي زوجته، وليس مالكٌ صدابيًا، فإنه لم يُسْلِم، ومات في الجاهلية، نعم ابنه عبد الله صحابي، وبُحَيْنَة أمه، فينبغي أن يُرْسَم الابن بالألف، ويُقْرأ مالك بالتنوين هكذا: عبد الله بن مالكِ ابن بُحَيْنَة، ليكون مالك أبوه، وبُحَيْنَة أمه، وهذا هو الصواب، وكان المناسب للبخاري أن يُنَبِّهَ عليه. 39 - باب حَدِّ الْمَرِيضِ أَنْ يَشْهَدَ الْجَمَاعَةَ 664 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ الأَسْوَدُ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَذَكَرْنَا الْمُوَاظَبَةَ عَلَى الصَّلاَةِ وَالتَّعْظِيمَ لَهَا، قَالَتْ لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرَضَهُ الَّذِى مَاتَ فِيهِ، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَأُذِّنَ، فَقَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ». فَقِيلَ لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، إِذَا قَامَ فِى مَقَامِكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّىَ بِالنَّاسِ، وَأَعَادَ فَأَعَادُوا لَهُ، فَأَعَادَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ «إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ». فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ فَصَلَّى، فَوَجَدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَأَنِّى أَنْظُرُ رِجْلَيْهِ تَخُطَّانِ مِنَ الْوَجَعِ، فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَتَأَخَّرَ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ مَكَانَكَ، ثُمَّ أُتِىَ بِهِ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ. قِيلَ لِلأَعْمَشِ وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّى بِصَلاَتِهِ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ بِرَأْسِهِ نَعَمْ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الأَعْمَشِ بَعْضَهُ. وَزَادَ أَبُو مُعَاوِيَةَ جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِى بَكْرٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّى قَائِمًا. أطرافه 198، 665، 679، 683، 687، 712، 713، 716، 2588، 3099، 3384، 4442، 4445، 5714، 7303 - تحفة 15945

665 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ لَمَّا ثَقُلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَاشْتَدَّ وَجَعُهُ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِى بَيْتِى فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلاَهُ الأَرْضَ، وَكَانَ بَيْنَ الْعَبَّاسِ وَرَجُلٍ آخَرَ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَالَ لِى وَهَلْ تَدْرِى مَنِ الرَّجُلُ الَّذِى لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ قُلْتُ لاَ. قَالَ هُوَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ. أطرافه 198، 664، 679، 683، 687، 712، 713، 716، 2588، 3099، 3384، 4442، 4445، 5714، 7303 - تحفة 16309 - 170/ 1 يريد به تحديد المرض المرخِّص لترك الجماعة، ويمكن أن يُرَاد به الإيماء إلى تحديد المسافة أيضًا، أي بكم مسافة يأتي المريض، والظاهر هو الأول. واعلم أنه قد مرَّ الكلام في شركة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في الصلوات بعدما ثَقُلَ عليه، فقال البيهقيُّ: إنه لم يشهد سبع عشر صلاة إحداها عشاء يوم الخميس، وأخرى فجر يوم الاثنين، والتزم أنه صلى الله عليه وسلّم كان لاحقًا في فجر الاثنين (¬1) وقد دَخَلَ في ظهرٍ من تلك الأيام أيضًا. وتَبِعَهُ الزيلعيُّ في ذلك. واختار الحافظ غيبته خمسة أيام، كما يَلُوح من حديث مسلم، وقد مرَّ الجمع بينهما، ولم يُسَلِّم الشركة إلا في ظهرٍ من تلك الأيام. وعندي ثبتت شركته في أربع صلوات، ولا أدَّعي أنها كانت متواليات. 664 - ([أَسِيفٌ] نرم دل جو مغموم رهتاهو). قوله: (صواحب يوسف) ولمَّا كانت عائشةُ رضي الله عنها تُضْمِرُ في نفسها أن لا يَتَشَاءَمَ الناس بأبيها، ولم تكن تُظْهِرُه بلسانها، شَبَّهها بصواحب يوسف، حيث كُنَّ يَكْتُمْنَ ما في قلوبهن أيضًا، ويُبْدِينَ غيره، فَيَلُمْنَ زَلِيخَا على حبِّها يوسف عليه السلام. 664 - قوله: (فخرج يُهَادَى) ... الخ. يقول الحافظ رحمه الله تعالى إنه لم يَخْرُج في تلك الصلاة، بل خَرَجَ في ظُهْرٍ من تلك الأيام، ويَلْزَمُه نقض السلسلة. قلتُ: بل خَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في هذه العشاء، كما هو ظاهر السياق ولا حاجةَ إلى النقض. قوله: (حتى جَلَسَ إلى جَنْبِهِ ... وزاد أبو معاوية: عن يَسَار أبي بكر رضي الله عنه) وهذا هو الصحيح، لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان إمامًا في تلك الصلاة، وهذا هو موقف الإمام إذا كان خلفه، رجلٌ وكان أبو بكر عن يمين النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وهو موقف الفرد من الإمام. وعند ابن ماجه: «جلس إلى يمينه»، وهو غلطٌ، وهذا الحديث عندي من اثني عشر كتابًا، ويلزم عليه: إمَّا مخالفة موقف الإمام، أو كونه صلى الله عليه وسلّم مأمومًا، وكلاهما خلاف الواقع. وفي حديث ابن ماجه: «أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أخذ القراءة من حيث تركها أبو بكرٍ رضي الله عنه»، فلا أقل من أن تَفُوت عنه بعض الفاتحة، فتمسَّكْتُ منه على مسألة الحنفية، وبيَّنته مُفَصَّلا في رسالتي بالفارسية. بقيت مسألة الاستخلاف، فهي محمولةٌ عندي على خصوصيته صلى الله عليه وسلّم على ما مرَّ: أنه لا ¬

_ (¬1) قلت: ولي فيه تردد منذ زمان، وما فهمته إلى الآن، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا.

40 - باب الرخصة فى المطر والعلة أن يصلى فى رحله

يجوز لأحدٍ أن يَؤُمَّ النبيَّ إلا بتقريره، مع أنه جائزٌ إذا حُصِرَ الإمام وعند ابن ماجه: «إن أبا بكر رجلٌ حَصِرٌ»، فاسترحنا على هذا التقدير أيضًا. ثم إن بعضهم تمسَّك من هذه الواقعة على تسلسل الاقتداء إلى آخر الصفوف، كما يأتي في متن الصحيح: «والناس مقتدون بصلاة أبي بكر رضي الله عنه» والجواب أنه اقتداءٌ لغويٌّ، فإِن المتأخِّر يُقَال له المقتدي بالنسبة إلى المتقدِّم. ولم يذهب إليه من السلف أحدٌ غير الشعبي، وابن جرير، وبعضٌ آخر (¬1). 40 - باب الرُّخْصَةِ فِى الْمَطَرِ وَالْعِلَّةِ أَنْ يُصَلِّىَ فِى رَحْلِهِ 666 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَذَّنَ بِالصَّلاَةِ فِى لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ ثُمَّ قَالَ أَلاَ صَلُّوا فِى الرِّحَالِ. ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ ذَاتُ بَرْدٍ وَمَطَرٍ يَقُولُ أَلاَ صَلُّوا فِى الرِّحَالِ. طرفه 632 - تحفة 8342 667 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِىِّ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ وَهْوَ أَعْمَى، وَأَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا تَكُونُ الظُّلْمَةُ وَالسَّيْلُ وَأَنَا رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ، فَصَلِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِى بَيْتِى مَكَانًا أَتَّخِذُهُ مُصَلًّى، فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّىَ». فَأَشَارَ إِلَى مَكَانٍ مِنَ الْبَيْتِ، فَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 424، 425، 686، 838، 840، 1186، 4009، 4010، 5401، 6423، 6938 - تحفة 9750 وهو عذرٌ للجمعة عند فقهائنا أيضًا. ولكن استفتِ قلبكَ أولا، فإِنه خيرُ مُفْتٍ، وإن للإِنسان على نفسه بصيرةٍ، ولو أَلْقَى معاذيره. 666 - (قوله): (أَلا صَلُّوا في الرِّحال)، ولعلّه نُودِي به عند تمام الأذان ثم إن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم رخَّص لعِتْبَان الأعمى في ترك الجماعة، ولم يُرَخِّص لابن أمِّ مكتومٍ، لأنه أحبَّ لابن أمِّ مكتومٍ أن يعمل بالعزيمة، ورخَّص لعِتْبَان أن يَعْمَل بالرُّخصة، هكذا قال الشاه ولي الله في «حجة الله». ¬

_ (¬1) واعلم أن محمد بن جرير، ومحمد بن خُزَيْمة، ومحمد بن نَصْر، ومحمد بن المُنْذر يُقَال لهم: المحمدون الأربعة، كانوا في عصرٍ واحدٍ، وكتب السيوطي: أن ابن جرير أوْصَى أن يُؤَدَّى عنه قيمة ألف رَطْل من المِدَادِ التي كانت عليه، وكان صنَّف تفسيرًا في ثمانية آلاف ورقة. ولم يكن أَعْلَمَ أحدًا، حتى إذا أتمَّه أَخْبَرَ أصحابه، فأطْرَقُوا رؤوسهم كأنهم تفكَّروا في من يكون قادرًا على مطالعة تلك المجلدات الضخمة، فتأسَّف عليه ابن جرير لما رأى من تكاسُل الطبائع وقلة رغباتهم في العلم، فلخَّصها في سبعة آلاف ورقة، وهي التي تداولها العلماء إلى زماننا هذا، كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز من كلام الشيخ رحمه الله تعالى. هذا وما بعده: سبعة آلاف ورقة، خطأ في الضبط، أو اشتبه الصوت على السامع، فإن الذي حكاه الشيخ تاج الدين السُّبْكي في "الطبقات"، وعنه صاحب "كشف الظنون": أنه صنَّف أولًا تفسيرًا في ثلاثين ألف ورقةً، ثم اختصره في ثلاثة آلاف ورقة، وهو الموجود المطبوع بأيدينا اليوم في ثلاثين مجلدًا، وليراجع ما ذكرته في "يتيمة البيان لمشكلات القرآن". (البنوري عُفِيَ عنه).

41 - باب هل يصلى الإمام بمن حضر وهل يخطب يوم الجمعة فى المطر؟

قلتُ: ويمكن أن يُفَرَّق بينهما: بأن أحدهما كان يَسْمَعُ التأذين دون الآخر، فأكَّد الحضورَ لمن سَمِعَ النداء. فإن كان هذا، فهو منصوصٌ في الحديث. وحاصلُه: أن في الأعذار مراتب، فلعلَّ عُذْر ابن أمِّ مكتومٍ كان دون عُذْر عِتْبَان، فرخَّص لواحدٍ دون الآخر (¬1). 41 - باب هَلْ يُصَلِّى الإِمَامُ بِمَنْ حَضَرَ وَهَلْ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِى الْمَطَرِ؟ 668 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ صَاحِبُ الزِّيَادِىِّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ قَالَ خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِى يَوْمٍ ذِى رَدْغٍ، فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ لَمَّا بَلَغَ حَىَّ عَلَى الصَّلاَةِ. قَالَ قُلِ الصَّلاَةُ فِى الرِّحَالِ، فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَكَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا فَقَالَ كَأَنَّكُمْ أَنْكَرْتُمْ هَذَا إِنَّ هَذَا فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّى - يَعْنِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّهَا عَزْمَةٌ، وَإِنِّى كَرِهْتُ أَنْ أُحْرِجَكُمْ. وَعَنْ حَمَّادٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ كَرِهْتُ أَنْ أُؤَثِّمَكُمْ، فَتَجِيئُونَ تَدُوسُونَ الطِّينَ إِلَى رُكَبِكُمْ. طرفاه 616، 901 - تحفة 5783 - 171/ 1 669 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ فَقَالَ جَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ حَتَّى سَالَ السَّقْفُ، وَكَانَ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ، فَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْجُدُ فِى الْمَاءِ وَالطِّينِ، حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِى جَبْهَتِهِ. أطرافه 813، 836، 2016، 2018، 2027، 2036، 2040 - تحفة 4419 670 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِنِّى لاَ أَسْتَطِيعُ الصَّلاَةَ مَعَكَ. وَكَانَ رَجُلاً ضَخْمًا، فَصَنَعَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - طَعَامًا فَدَعَاهُ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَبَسَطَ لَهُ حَصِيرًا وَنَضَحَ طَرَفَ الْحَصِيرِ، صَلَّى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ آلِ الْجَارُودِ لأَنَسٍ أَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الضُّحَى قَالَ مَا رَأَيْتُهُ صَلاَّهَا إِلاَّ يَوْمَئِذٍ. طرفاه 1179، 6080 - تحفة 234 يعني هل يجوز له أن يُصَلِّي بمن حَضَرَ، ولا يترقَّب لسائرهم فالجواب: أنه يجوز، لا سيَّما بعد ندائه بالصلاة في الرِّحال. ثم قوله: «ونَضَحَ طرف الحصير» في قصة عِتْبَان الآتية، أمكن أن يكون وَهْمًا من الراوي، فإِنه أكثر ما يُرْوَى في قصة أم سُلَيْم. والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) قلتُ: وُيؤَيِّدُه ما عند البخاري في هذا الباب، عن أنس قال: "قال رجلٌ من الأنصار: إني لا أستطيع الصلاة معك، وكان رجلًا ضخمًا ... " إلخ. قال الحافظ: وهو عِتْبان بن مالكَ. قلت: وحينئذٍ تبيَّن أن عُذْره كان فوق عُذْر ابن أم مكتوم، لأنه صرَّح أنه لا يستطيع أن يُصَلِّي معه لضخامته، ولم يكن كذلك ابن أم مكتوم، فأمره أن يَحْضُرَ الجماعة، فافهم.

42 - باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة

42 - باب إِذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَبْدَأُ بِالْعَشَاءِ. وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مِنْ فِقْهِ الْمَرْءِ إِقْبَالُهُ عَلَى حَاجَتِهِ حَتَّى يُقْبِلَ عَلَى صَلاَتِهِ وَقَلْبُهُ فَارِغٌ. 671 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ». طرفه 5465 - تحفة 17318 672 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قُدِّمَ الْعَشَاءُ فَابْدَءُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ تُصَلُّوا صَلاَةَ الْمَغْرِبِ، وَلاَ تَعْجَلُوا عَنْ عَشَائِكُمْ». طرفه 5463 - تحفة 1517 673 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا وُضِعَ عَشَاءُ أَحَدِكُمْ وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ، وَلاَ يَعْجَلْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ». وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُوضَعُ لَهُ الطَّعَامُ وَتُقَامُ الصَّلاَةُ فَلاَ يَأْتِيهَا حَتَّى يَفْرُغَ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قِرَاءَةَ الإِمَامِ. أطرافه 674، 5464 - تحفة 7825 674 - وَقَالَ زُهَيْرٌ وَوَهْبُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ عَلَى الطَّعَامِ فَلاَ يَعْجَلْ حَتَّى يَقْضِىَ حَاجَتَهُ مِنْهُ، وَإِنْ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ». رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ وَهْبِ بْنِ عُثْمَانَ، وَوَهْبٌ مَدِينِىٌّ. طرفاه 673، 5464 - تحفة 8468 - 172/ 1 671 - قوله: (إذا وُضِعَ العَشَاءُ وأُقِيمَتِ الصلاةُ، فابدَؤوا بالعَشَاء) هكذا في فقهنا وينبغي أن لا يُتَوَسَّعَ في مثل هذه المسائل، ولينظر الإِنسان لدينه أنه ما يقدِّم لغدٍ. وكيف يُسْتَدَلُّ بهذا مطلقًا، وفي «مشكل الآثار» (¬1): أنه في حقِّ الصائم، وفي صلاة المغرب خاصةً. وكان يَعْمَلُ به ابن عمر رضي الله عنه، لكونه كثيرَ الصيام، قليلَ الإفطار. وما أظرف ما رُويَ عن إمامنا رحمه الله تعالى: لأن يكون أكلي كلُّه صلاةً، أحبّ إليّ من أن تكون صلاتي كلُّها أكلا. 672 - قوله: (ولا تَعْجَلُوا عن عَشَائكم) (بي مزه نهو جاق). 43 - باب إِذَا دُعِىَ الإِمَامُ إِلَى الصَّلاَةِ وَبِيَدِهِ مَا يَأْكُلُ 675 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ ¬

_ (¬1) أخرج الطحاويُّ في "مشكله": حدَّثنا محمد بن عليّ بن داود: حدثنا أحمد بن عبد الملك بن وَاقِد الحَرَّاني: حدَّثنا موسى بن أعْيَن: حدثنا عمرو بن الحارث، عن ابن شهاب: "أنه سَمِعَ أنس بن مالك يُحَدِّثُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أُقِيمَتِ الصلاةُ وأحدُكم صائمٌ، فليبدأ بالعَشَاء قبل صلاة المغرب، ولا تَعْجَلُوا عن عَشَائكم". اهـ.

44 - باب من كان فى حاجة أهله فأقيمت الصلاة فخرج

شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ ذِرَاعًا يَحْتَزُّ مِنْهَا، فَدُعِىَ إِلَى الصَّلاَةِ فَقَامَ فَطَرَحَ السِّكِّينَ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. أطرافه 208، 2923، 5408، 5422، 5462 - تحفة 10700 أي جاز له أن يَفْرُغَ عنه. والنبيُّ صلى الله عليه وسلّم إنما طَرَح السِّكِّينَ، ودَخَلَ في الصلاة، لأن الطعامَ كان ممَّا لا يَفْسُد بالتأخير، مع أنه يمكن أن لا يكون له حاجةٌ فيه. 44 - باب مَنْ كَانَ فِى حَاجَةِ أَهْلِهِ فَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَخَرَجَ 676 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُ فِى بَيْتِهِ قَالَتْ كَانَ يَكُونُ فِى مِهْنَةِ أَهْلِهِ - تَعْنِى خِدْمَةَ أَهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ. طرفاه 5363، 6039 - تحفة 15929 وكان زُرَارَة بن أبي أوفى - أحدٌ من التابعين إذا رَفَع مِطْرَقَتَه وسَمِعَ الأذانَ، وضعها كذلك، وكان حدادًا. وفي إسناده الأسود، وهو من أخصِّ تلامذة ابن مسعود رضي الله عنه، وكان يسألُ عائشةَ رضي الله عنها عن أمورٍ مهمةٍ، وابن أخي عَلْقعمة. لم يَتْحرُك عامًا إلا وحَجَّ فيه، وكان يهدي إلى عائشة رضي الله عنها الصدِّيقة. ثم هو من رواة الكوفة، ومذهبه تَرْكُ رفع اليدين. فانظر إلى جلالة قدره، وجلالة أساتذته، وملازمته معهم. ثم اقدر قدر مختاراته. 45 - باب مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهْوَ لاَ يُرِيدُ إِلاَّ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ صَلاَةَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَسُنَّتَهُ 677 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ جَاءَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ فِى مَسْجِدِنَا هَذَا فَقَالَ إِنِّى لأُصَلِّى بِكُمْ، وَمَا أُرِيدُ الصَّلاَةَ، أُصَلِّى كَيْفَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى. فَقُلْتُ لأَبِى قِلاَبَةَ كَيْفَ كَانَ يُصَلِّى قَالَ مِثْلَ شَيْخِنَا هَذَا. قَالَ وَكَانَ شَيْخًا يَجْلِسُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَنْهَضَ فِى الرَّكْعَةِ الأُولَى. أطرافه 802، 818، 824 - تحفة 11185 يعني به: أن تلك صلاته لمَّا كانت لتعلُّمهم فقط، فهل بقيت فيها جهة لله، أو صارت لغير الله تعالى؟ فقال: إن الصلاةَ بمثل هذه النية لا تكون لغير الله. وهكذا تردَّدوا في تحية المسجد، فإن التحية ينبغي أن تكون لله تعالى، لا للمسجد. 677 - قوله: (شيخنا هذا): وهو عمرو بن سَلَمَة الذي كانت أسْتُهُ تَنْكَشِف عند السجود، كما عند أبي داود وكان إمامَ الحيِّ. قوله: (وكان شيخًا يَجْلِس) ... الخ، يعني به جلسة الاستراحة. وفي «البحر» عن

46 - باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة

الحلواني رحمه الله تعالى: أن الخلافَ فيه خلافُ الأفضلية، وهو المختار عندي. فما في الكبيري: إيجابُ سجدة السهو على من جلسها محمولٌ عندي على ما أطالها فزادت على قَدْر السُّنة. وما أجابَ به الطحاويُّ رحمه الله أنه كان للعُذْرِ ليس بسديدٍ عندي. بل الجواب أنها كانت، ثم خَمَلَت خُمُولا أفضى إلى إنكارهم عليها كما في البخاري في باب المُكْث بين السجدتين، عن أيوب: «كان يَفْعَلُ شيئًا لم أرهم يفعلونه: كان يَقْعُدُ في الثالثة أو الرابعة»، وهذا يَدُلُّ على غاية خُمُوله. ونظيره الركعتان قبل المغرب، فإِنها أيضًا صارت خَامِلة، حتى قال فيها ابن عمر رضي الله عنه ما قال. وفي «منتقى الأخبار» عن أحمد رحمه الله تعالى: إن أكثر الأحاديث تبني على ترك الجلسة، وهو من تصانيف الشيخ مجد الدين أبو البركات ابن تيمية الكبير - جد ابن تيمية المعروف - «ونيل الأوطار» للشوكاني: شرح «المنتقى». هذا وبالجملة كفانا لمفضوليته قول أحمد وما رُوي في البخاري، وللجواز: تصريحُ الحلواني. وهذا الذي أقول في مواضع عديدة، ولا أحب لفظ النسخ إلا حين يُسْفِرُ إسفارَ الصبح. 46 - باب أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ 678 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ مَرِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ فَقَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ». قَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّهُ رَجُلٌ رَقِيقٌ، إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّىَ بِالنَّاسِ. قَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» فَعَادَتْ فَقَالَ «مُرِى أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ». فَأَتَاهُ الرَّسُولُ فَصَلَّى بِالنَّاسِ فِى حَيَاةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3385 - تحفة 9112 - 173/ 1 679 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِى مَرَضِهِ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّى بِالنَّاسِ». قَالَتْ عَائِشَةُ قُلْتُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِى مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ قُولِى لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِى مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ. فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَهْ، إِنَّكُنَّ لأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ». فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ مَا كُنْتُ لأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا. أطرافه 198، 664، 665، 683، 687، 712، 713، 716، 2588، 3099، 3384، 4442، 4445، 5714، 7303 - تحفة 17153 680 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِىُّ - وَكَانَ تَبِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَخَدَمَهُ وَصَحِبَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلِّى لَهُمْ فِى وَجَعِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الاِثْنَيْنِ وَهُمْ صُفُوفٌ فِى الصَّلاَةِ، فَكَشَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سِتْرَ الْحُجْرَةِ يَنْظُرُ إِلَيْنَا، وَهْوَ قَائِمٌ كَأَنَّ وَجْهَهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ، ثُمَّ تَبَسَّمَ

يَضْحَكُ، فَهَمَمْنَا أَنْ نَفْتَتِنَ مِنَ الْفَرَحِ بِرُؤْيَةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَارِجٌ إِلَى الصَّلاَةِ، فَأَشَارَ إِلَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أَتِمُّوا صَلاَتَكُمْ، وَأَرْخَى السِّتْرَ، فَتُوُفِّىَ مِنْ يَوْمِهِ. أطرافه 681، 754، 1205، 4448 - تحفة 1496 اختار مذهب الحنفية، وقدَّم الأعلم على الأقرأ، وهو روايةٌ عن الشافعيِّ رحمه الله تعالى أيضًا. وفي المشهور عنه: تقديم الأقرأ، وهو روايةٌ عن أبي يوسف رحمه الله تعالى منا. واستدلَّ عليه المصنِّف رحمه الله تعالى بإمامة أبي بكر رضي الله عنه، فإِنه كان أعلمهم. ولو كان المقدَّم هو الأقرأُ، لكان أُبَيُّ أَوْلى بها، فإِنه كان أقرؤهم بنصِّ الحديث. ومن ههنا تبيَّن أن تقديمَه عند البخاريِّ كان من جهة علمه، لا لكونه إمامًا عامةً وإلا لا يَصِحُّ منه الاستدلال. ثم إن حديث تقديم الأقرأ عند مسلم، وتركه المصنِّف رحمه الله تعالى. وكذا التفريع عليه، وهو متمسَّك الشافعية. قلتُ: الحديث وَرَدَ على عُرْفهم، لا على العُرْف الحادث. والأقرأُ عندهم كان أحفظهم قرآنًا، أي من كان القرآن عنده أَزْيَد، لأنهم كانوا أهل اللسان غير مُفْتَقِرين إلى تصحيح الحروف، ولمَّا فَشَا الإسلام إلى الأطراف، وقرأه العجمُ أيضًا، افْتَقَرُوا إلى تصحيح الحروف. فالمراد من الأقرأ في الفِقْه: هو المجوِّد دون الأحفظ وحينئذٍ خَرَجَ الحديث عن مَوْرِد النزاع، فإِن الخلاف في الفِقْه في تقديم المجوِّد أو الأعلم، لا من كان أكثر حِفْظًا للقرآن. ثم أَدَّعى صاحب الهداية رحمه الله تعالى: أن أقرأهم كان أعلمهم، وأَصَابَ، فإِن الصحابةَ رضي الله عنهم لم يكونوا يَأْخُذُون القرآن بدون الإمعان في معانيه ومبانيه، وإنما كانوا يَحْفَظُونه مع معانيه، فكان أقرأهم أعلمهم. ولا يَلْزَمُ من ذلك أن لا يكون بينهم فضلٌ في العلم، فإِن العلمَ أيضًا مُتَفاوت، كابن عباس رضي الله عنه، فإن سائرَ الصحابة رضي الله عنهم وإن أخذوا القرآن وتعلَّموه أيضًا، إلا أنهم لم يكونوا مثل ابن عباس رضي الله عنه. ولا رَيْبَ أن الحديثَ، وإن قدَّم الأقرأ في اللفظ، إلا أنه لم يَعْتَبِر جهة الترجيح إلا العلم، ولذا قال: «فإِن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسُّنة»، فَعُلِمَ: أن العلم هو جهة الترجيح عنده، دون الزيادة في حِفْظ القرآن. وحينئذٍ حاصلُ الحديث: تقديم الأقرأ الأعلم، فإِن كانوا في قراءة القرآن وعِلْمِه سواء، فالترجيحُ بينهما من جهة العلم لا غير. ويُمْكِنُ أن يكونَ القارىء العالم أيضًا مُتَفَاوِتًا في العلم، فإِن المراتبَ لا نهايةَ لها، وكذا العلم. ولعلَّك عَلِمْتَ منه: أن فقهاءنا وإن لم يَعْمَلُوا باللفظ، وهو تقديم الأقرأ إلا أنهم قد عَمِلوا بالغرض، وهو الذي ينبغي. حيث عَلِمُوا أن غرضَ الشارع تقديمُ الأعلم، وإنما قدَّم الأقرأ في اللفظ نظرًا إلى أقرأ زمانه، وهو كان أعلم أيضًا. ومن ههنا سَقَطَ ما أَوْرَدَ عليه الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى. نعم في صنيع الهداية قصور، وهو أنه صار مُسْتَدِلا بهذا الحديث، مع أنه ينبغي له أن يكون مُجِيبًا عنه. ولو أجاب عنه بما قال، ولم يَسْتَدِلَّ به لمذهبه، لَمَا وَرَدَ عليه ما أورده. ثم

47 - باب من قام إلى جنب الإمام لعلة

المراد من السنة في الحديث: هي المسائل التي عُلِمَتْ بمشاهدة هَدْي النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وهداه. والمراد في الفِقْه من الأعلم بالسنة: أن يُحْسِنَ من القراءة - أي التجويد - قدر ما يُحْسِن بها الصلاة مع كونه أكثر حِفْظًا لمسائل الصلاة. ثم إن با بكرٍ رضي الله عنه كان أعلمهم، بمعنى أكثرهم فَهْمًا، ثم تعلُّقًا بالله وأخشاهم، وإنما يَخْشَى اللَّه من عباده العلماءُ وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «إني أتقاكم لله وأخشاكم»، وإلا، فأبوا هُرَيْرَة رضي الله عنه كان أحفظهم للحديث منه. 680 - قوله: (فَنَكَصَ أبو بكرٍ) ... إلخ. وظاهره: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يَدْخُل في تلك الصلاة، ولو دَخَلَ فيها لتعرَّض إليها الرَّاوي البتَّة. ومع ذلك قد أصَرَّ البيهقيُّ على شركته في تلك الصلاة، واستدلَّ عليه بروايتين. قلتُ: وقد اجتمعت لديَّ هنا عشرةُ وجوهٍ فصاعدًا تَدُلُّ على شركته في الفجر، فلعلَّه اقتدى فيها من حُجْرَته الشريفة، ولم يَخْرُج إليها في المسجد، كما كانت النساء يَفْعَلْنَ يوم الجمعة، كما في «المدونة»، ولا نَقْلَ عندي على ذلك. ويُخَالِفُه ما عند النَّسائي، فإنه يَدُلُّ على أنه كان وصل الصف، والشافعيُّ أيضًا قائلٌ بشركته في الفجر، ولعلَّها لا تكون عنده إلا فجر يوم الاثنين. والحافظ اتَّبَعَهُ في الوَحْدَة، وخالفه في كونها فجرًا، وذهب إلى أن الصلاةَ التي دَخَلَ فيها هي الظهر. وتمام البحث فيه قد مرَّ من قبل. 681 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمْ يَخْرُجِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثًا، فَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَقَدَّمُ فَقَالَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْحِجَابِ فَرَفَعَهُ، فَلَمَّا وَضَحَ وَجْهُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا نَظَرْنَا مَنْظَرًا كَانَ أَعْجَبَ إِلَيْنَا مِنْ وَجْهِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ وَضَحَ لَنَا، فَأَوْمَأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ إِلَى أَبِى بَكْرٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ، وَأَرْخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْحِجَابَ، فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ. أطرافه 680، 754، 1205، 4448 - تحفة 1038 682 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَعُهُ قِيلَ لَهُ فِى الصَّلاَةِ فَقَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ». قَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ، إِذَا قَرَأَ غَلَبَهُ الْبُكَاءُ. قَالَ «مُرُوهُ فَيُصَلِّى» فَعَاوَدَتْهُ. قَالَ «مُرُوهُ فَيُصَلِّى، إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ». تَابَعَهُ الزُّبَيْدِىُّ وَابْنُ أَخِى الزُّهْرِىِّ وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى الْكَلْبِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ عُقَيْلٌ وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حَمْزَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 6705 - 174/ 1 681 - قوله: (فذَهَبَ أبو بكر يَتَقَدَّم)، وهذا يَدُلُّ على أنه لم يَدْخُل بعدُ في التحريمة، والروايةُ المارَّةُ تَدُلُّ على سبقها، فهذا من تصرُّفات الرواة، فلا قلقَ فيه، فَسَلِ المجرِّب، ولا تسأل الحكيم. 47 - باب مَنْ قَامَ إِلَى جَنْبِ الإِمَامِ لِعِلَّةٍ 683 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ

عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّىَ بِالنَّاسِ فِى مَرَضِهِ، فَكَانَ يُصَلِّى بِهِمْ. قَالَ عُرْوَةُ فَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى نَفْسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ يَؤُمُّ النَّاسَ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ اسْتَأْخَرَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ كَمَا أَنْتَ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِذَاءَ أَبِى بَكْرٍ إِلَى جَنْبِهِ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّى بِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ أَبِى بَكْرٍ. أطرافه 198، 664، 665، 679، 687، 712، 713، 716، 2588، 3099، 3384، 4442، 4445، 5714، 7303 - تحفة 16979 فإن كان واحدًا، يتأخَّرُ عن إمامه بقليلٍ عند محمد رحمه الله تعالى، خشية أن يتقدَّمه فَتَضِيعُ صلاته. ثم إن كان اثنان، فمقامهما خلف الإمام، فإن قاما عن يمين الإمام ويساره، لا يُكْرَهُ عند أبي يوسف رحمه الله تعالى. وإن كان المقام ضيقًا، لم يُكْرَه عندنا أيضًا. وحينئذٍ لا قلقَ فيما يُنْقَلُ من مذهب ابن مسعود رضي الله عنه على أعذاره التي ذكرناها في الترمذي. قوله: (لِعِلَّة). قال أهلُ اللُّغة: العِلَّة معناها: المرض لغةً، لا السبب والوجه، وإن كان مُسْتَعْمَلا فيه. يقول الشاعر: *تَعَالَلْتِ كي أَشْجَى وما بكِ عِلَّةٌ ... تُرِيدِين قَتْلي قد ظَفَرْتِ بذلك وصنَّف صاحبُ «القاموس» رسالةً في أن العلل ليست بمعنى بيان السبب والوجه والإثبات بالدليل. 683 - قوله: (فَوَجَدَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلّم في نفسه خِفَّةً). وحَمَلَه الحافظُ على الظُّهْر. ولا أَتْرُك (¬1) تبادُر العبارة، فالتزمتُ أنه قد دَخَلَ في العشاء التي أُهْرِيق عليه سبع قِرَبٍ من ليلته وقد مرَّ في البخاري من أواخر أبواب الوضوء، أنه قال لَهُنَّ: «قد فَعَلْتُنَّ، ثم خَرَجَ إلى الناس». وأَصْرَحُ منه ما عنده في بال الرجل يأتمُّ بالإمام: «فلمَّا دَخَل - أي أبو بكر في الصلاة، وَجَدَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلّم في نفسه خِفَّة، فقام يُهَادَى بين رجلين، ورجلاه تَخُطَّان على الأرض، حتى دَخَلَ المسجد»، وفي البخاري: «ثم خَرَجَ إلى الناس، فصلَّى بهم وخَطَبُهم». قوله: (فكان أبو بكر يُصَلِّي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلّم والناس يُصَلُّون بصلاة أبي بكرٍ رضي الله عنه). يريد به الراوي: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان إمامًا، وأبا بكر مُبَلِّغًا، ونَسَبَ العَيْني إلى البخاري أن القُدْوَة عنده مُسَلْسَلة، كما ذَهَبَ إليه الشَّعْبِي من السَّلف، وابن جرير. وأنكره الجمهور، فإِن الكلَّ كانوا مقتدين بالإِمام بدون توسُّط، لا أن الصفَّ الأوَّل مقتدٍ للإِمام، والصفَّ الثاني مقتدٍ للصف الأوَّل، وهكذا ثمَّ وثمَّ. وثمرةُ الخلاف تَظْهَرُ فيما إذا رفع الإِمام رأسه عن الركوع والمقتدون، وبقي منهم واحدٌ في الركوع في أواخر الصفوف مثلا، ثم اقتدى به رجلٌ وأدركه في ¬

_ (¬1) قلتُ: وفي النفس منه قلقٌ لِمَا عند مسلم في باب: استخلاف الإمام إذا عرض له عذر ... إلخ: "ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجد في نفسه خِفَّة، فخرج بين رجلين -أحدهما العباس- لصلاة الظهر ... " إلخ، فإنه صريحٌ في أن خروجه هذا لم يكن في تلك العشاء. ولا أرى الشيخَ رحمه الله تعالى غافلًا عن هذا اللفظ، ولكنه لم يتَّفِقْ لي السؤال عنه، فتفكَّرْ.

48 - باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول فتأخر الأول أو لم يتأخر جازت صلاته

الركوع، فإِنه يُعَدُّ مُدْرِكًا للركعة، عند من اعتبر التَّسَلْسُلِ في القُدْوَة، وأمَّا عند الجمهور، فلا يُعْبَأُ به، ولا يُعَدُّ مُدْرِكًا للركعة بذلك الركوع إلا أن يُدْرِكَ الإِمام فيه. قلتُ: وإن سُلِّم أن ما نسبَ إليه الشيخ صحيحٌ، مع أن الحافظَ رحمه الله تعالى يُنْكِرُهُ، فلعلَّه نشأ من مثل هذا التعبير، وقد عَلِمْتَ ما أراد منه الرَّاوي. 48 - باب مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ النَّاسَ فَجَاءَ الإِمَامُ الأَوَّلُ فَتَأَخَّرَ الأَوَّلُ أَوْ لَمْ يَتَأَخَّرْ جَازَتْ صَلاَتُهُ فِيهِ عَائِشَةُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 684 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَهَبَ إِلَى بَنِى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ فَحَانَتِ الصَّلاَةُ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ إِلَى أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ أَتُصَلِّى لِلنَّاسِ فَأُقِيمَ قَالَ نَعَمْ. فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسُ فِى الصَّلاَةِ، فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِى الصَّفِّ، فَصَفَّقَ النَّاسُ - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لاَ يَلْتَفِتُ فِى صَلاَتِهِ - فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ التَّصْفِيقَ الْتَفَتَ فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِ امْكُثْ مَكَانَكَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - يَدَيْهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى اسْتَوَى فِى الصَّفِّ، وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا كَانَ لاِبْنِ أَبِى قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّىَ بَيْنَ يَدَىْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا لِى رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرْتُمُ التَّصْفِيقَ مَنْ رَابَهُ شَىْءٌ فِى صَلاَتِهِ فَلْيُسَبِّحْ، فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ». أطرافه 1201، 1204، 1218، 1234، 2690، 2693، 7190 - تحفة 4743 - 175/ 1 49 - باب إِذَا اسْتَوَوْا فِى الْقِرَاءَةِ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ 685 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ قَدِمْنَا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ شَبَبَةٌ، فَلَبِثْنَا عِنْدَهُ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَحِيمًا فَقَالَ «لَوْ رَجَعْتُمْ إِلَى بِلاَدِكُمْ فَعَلَّمْتُمُوهُمْ، مُرُوهُمْ فَلْيُصَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِى حِينِ كَذَا، وَصَلاَةَ كَذَا فِى حِينِ كَذَا، وَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ». أطرافه 628، 630، 631، 658، 819، 2848، 6008، 7246 - تحفة 11182 50 - باب إِذَا زَارَ الإِمَامُ قَومًا فَأَمَّهُمْ 686 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ سَمِعْتُ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصَارِىَّ قَالَ اسْتَأْذَنَ

النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَذِنْتُ لَهُ فَقَالَ «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّىَ مِنْ بَيْتِكَ». فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِى أُحِبُّ، فَقَامَ وَصَفَفْنَا خَلْفَهُ ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمْنَا. أطرافه 424، 425، 667، 838، 840، 1186، 4009، 4010، 5401، 6423، 6938 تحفة 9750 هذه ترجمته، وسيذكُر لها حديثًا فيما بعد. أمَّا قوله: (أو لم يتأخَّر)، فمن باب التكميل، ولدفع توهُّم الاختصاص. قوله: (فيه عائشةُ) واللفظ هذا يريد به: فيه عن عائشة رضي الله عنها. 684 - قوله: (فصلَّى أبو بكرٍ): أي دخل في الصلاة. وظفِرْتُ برواية من «مصنَّف عبد الرزَّاق» تَدُلُّ على أنها واقعةٌ السنة الثالثة، وصرَّح فيها الراوي أنها واقعةٌ متقدِّمةٌ جدًا، كما يُعْلَمُ من تصفيقهم، فإنه كان في الأوائلِ ثم نُسِخَ إلى التسبيح، فَلْيَقْصُرها على مَوْرِدِها، ولا تُؤْخَذُ منها المسائل كالتخلُّص إلى الصف الأول. إلا إذا كانت فُرْجة. وقول الحمد، ورفع الأيدي، فإنها - كلَّ ذلك - مخصوصٌ بزمن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وقد صرَّح ابن الجوزيّ: أن رفع أبي بكرٍ يديه محمولٌ على الخصوصية، ولا ينبغي أن يُعْمَل بمثله. وهكذا يفعل الفقيه فيما يَفْقد فيه توارثُ العمل، فلا يجعله سنة. وقد استشهد به الطحاويُّ رحمه الله تعالى على أن الكلامَ في واقعة ذي اليدين كان قبل النسخ، وكان في زمنٍ لم يُشْرَعْ فيه التسبيحُ للرجال، والتصفيقُ للنساء، لأنه لو كان متأخِّرًا، لَوَجَب عليهم أن يُسَبِّحُوا أو يُكَبِّرُوا، وهو الذي قد عَلِمُوه من تلقائه صلى الله عليه وسلّم حين تَنُوبُهم نائبةٌ في الصلاة. ولمَّا لم يُسَبِّحُوا وصفَّقوا عُلِمَ أنه واقعةٌ متقدِّمةٌ جدًا لا كما ادَّعى الشافعيةُ أنها متأخِّرةٌ، لأن أبا هُرَيْرَة رضي الله عنه كان شريكًا في تلك القصة، وهو متأخِّر الإسلام أيضًا، فَثَبَتَ تأخُّرها عن نسخ الكلام. قوله: (فَرَفَعَ أبو بكرٍ يَدَيْهِ) وهل يُسْتَحْسَنُ رفع الأيدي للأدعية في خلال الصلاة؟ فاستمع نُعْطِك ضابطةً كليةً في هذا الباب، لعلَّ الله يَنْفَعُك به في كثيرٍ من المواضع، وهي: أن التقريرَ من جهة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم قد يكون على الفعل، وقد يكون على النية الناصحة، وادرِ الفرقَ بينهما، وتنبَّه له، ولا تختلط. فإن الفِعْلَ لا يكون سنةً بمجرد التقرير ما دام لم يتبيَّن أنه تقريرٌ عليه، أو تقريرٌ على النية. فإن الفعلَ ربما يكون مَرْجُوحًا، وإنما يَمْدَحُ عليه من أجل النية. نعم إن نُقِلَ إلينا تعامُلُ السلف به، يكون دليلا على أن التقريرَ كان على الفعل، وهذا كما في الصحيح: «أن كلثوم بن هِدْم كان يقرأ بسورة الإِخلاص في كل ركعة مع قراءته بسورةٍ أخرى، فَشَكَا إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أحدٌ من أصحابه، فسأله عنه، فقال: فيها صفة الرحمن وإني أحبُّها، فقال له: حُبُّك إياها أَدْخَلَكَ الجنة». - بالمعنى. فهل ترى مع هذا الثناء البالغ أن المسألةَ هي التكرار بسورة الإخلاص في كل ركعة، ولكنه رحمك الله ثناءٌ على نيته مع الإغماض عن فعله، وهو الذي فَهِمَه الصحابةُ رضي الله عنهم. كيف وهم أذكياء الأمة، فلم يَعْمَل به أحدٌ منهم، وحَسَبُوه بشارةً في حقِّه خاصةً، ولو

ظَنُّوه مسألةً، لَعَمِلُوا به واحدًا بعد واحدٍ حتى يتسلسل به العمل. ثم لمَّا نُقِلَ عنه السؤال عليه، عُلِمَ عدم الرِّضا به. ولو كان عند مَرْضِيًّا، لَمَا سَأَلَ عنه. وكذلك كل موضع لا يَرْضَى به الشارع يَنْقُلُ فيه أولا سؤاله عليه، ثم قد يتعقَّب عليه إغماضًا عنه عنده كما مرَّ آنفًا فيمن صَلَّى بعد الإقامة وحين الصلاة، أو بعد الفراغ عنها، فأظهر الكراهية من قبله، وقال: «آلصبح أربعًا». أو نحوه، ثم لم يُعَاقِبْهُ. وهكذا عند النَّسائي: «أن رجلا قام بعد التحريمة، وقال: الله أكبر كبيرًا ... إلخ من رأيه، فأثنى عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فقال: لقد ابْتَدَرَهَا اثنا عشر ملَكَا». وكذلك في رجلٍ آخر عَطَسَ، ثم حَمِدَ الله بكلماتٍ سَنَحَت له إذ ذاك. فكلُّ ذلك ثناءٌ على النيات الحسنة، لا تقريرَا على سنيةِ هذه الأذكار. إذا عَلِمْتَ هذا، فاعلم أن رَفْعَ أبي بكرٍ رضي الله عنه، وحمده لله جلَّ ذكره أيضًا من هذا القبيل، لا سِيَّما إذا جاء تحت الإنكار. فقد نَقَلَ الحافظُ رحمه الله تعالى عن «مسند أحمد»: «لِمَ رَفَعْتَ يَدَيْك؟» فجاء الرفع تحت السؤال أيضًا. فَعُلِمَ أن الرفعَ كان في غير موضعه، لِمَا قَدْ عَلِمْتَ أن سؤاله يكفي دليلا لعدم رضائه، ولا يجب التعاقبُ عليه لا سِيَّما عند الأعذار والأحوال الجزئية. ثم إن الأذكارَ محمودةٌ في الأحوال كلِّها، وعبادةٌ في الأزمان أجمعها، بخلاف الرفع، فإنه ليس عبادةً مقصودةً، فإذا وَرَدَ في غير محله، جاء السؤال. فالرفعُ إن كان عبادةً، ففي موضعٍ مخصوصٍ، وهيئةٍ مخصوصةٍ. أمَّا إذا كان في غير محله، فهو قابلٌ للإنكار. وليس للرجل أن يَرْفَعَ متى شاء، وكم شاء؟ ولس مجردُ تَكثِيْرِهِ أمرٌ مطلوب، وإنما عُرِفَ عبادةً في موضعٍ مخصوصٍ فقط. فاعلمه، ولا تَرْفَعْ رأسك إلى كلِّ رفع اليدين، فإن بعضَه قد دَخَلَ تحت السؤال أيضًا، ولم يَرْضَ به الشارع. قوله: (ما كان لابن أبي قُحَافَة). هذا ما قلتُ لك في الدروس المارَّة: إنه لا يَلِيْقُ برجلٍ من الأمة أن يَؤُمَّ نبيًا، ولا يَؤُمُّ المهدي (¬1) أيضًا عيسى عليه السلام إلا في صلاةٍ واحدةٍ، وهي أيضًا لكونها أُقِيْمَتْ له، وإنما نَاسَبَ أن يَقَعَ مثله مرةً أو مرتين، لِمَا عند أحمد رحمه الله تعالى في «مسنده»: «لَمْ يَمُتْ نبيٌّ حتى أَمَّهُ رجلٌ من أمته» - بالمعنى. ثم إنه قد ثَبَتَ اقتداء النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في عِدَّة مواضع: الأول: عند قُفُوله من غزوة تَبُوك، وكان الإمامُ فيه: عبد الرحمن بن عَوْف، كما هو عند أبي داود، ومسلم في باب المسح على ¬

_ (¬1) هكذا حقَّقه الشيخ عليّ المتقيّ البرهانفوري في رسالته في إثبات المهدي، وإنما اضْطُر إلى هذا التصنيف، لأن رجلًا ادَّعى المَهْدَوِيَّة في عصره، وأسَّس فرقةً سمَّاها المهدوية، فصنَّف على رغمهم رسالة تُنبىءُ عن المهدِي الصدق، ولكنه لم يزل أمره في شهرة ورفعة، حتى اضْطَرَّ الشيخُ إلى الهجرة، فناضله بعده تلميذه الشيخ محمد طاهر حتى اسْتُشْهِدَ، والشيخ علي المتقي: حنفي من علماء القرن العاشر، وهو شيخ الشيخ عبد الحق الدِّهلوي، والشيخ محمد طاهر أيضًا حنفي، كما هو مصرَّح في رسالته الخطية "برايدير"، ولم يتحقّق الأمر لمولانا عبد الحي رحمه الله تعالى، فقال: إنه شافعي، وهو خلاف التحقيق، كما عَلِمْتَ. هكذا أفاده الشيخ رحمه الله تعالى.

51 - باب إنما جعل الإمام ليؤتم به

الخفين. والثاني: عند ذهابه إلى قُبَاء للصُّلح. والثالث: في مرض موته، وكان الإمام فيه: أبا بكر رضي الله عنه. ثم إن أبا بكر فَهِمَ أن ذلك الأمر لم يكن على وجه اللزوم، وأن أمره بالاستمرار من باب الإكرام والتسوية بقدره، فَسَلَكَ هو طريق الأدب والتواضع، كذا ذكره الحافظ (¬1). قوله: (وإنما التصفيقُ للنساء)، وحمله مالك رحمه الله تعالى على أنه تقبيحٌ لا تقسيم، يعني: أنه من فِعْل النساء، فلا يُصَفِّق أحدٌ. 51 - باب إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ وَصَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَرَضِهِ الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ بِالنَّاسِ وَهْوَ جَالِسٌ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ إِذَا رَفَعَ قَبْلَ الإِمَامِ يَعُودُ فَيَمْكُثُ بِقَدْرِ مَا رَفَعَ ثُمَّ يَتْبَعُ الإِمَامَ. وَقَالَ الْحَسَنُ فِيمَنْ يَرْكَعُ مَعَ الإِمَامِ رَكْعَتَيْنِ وَلاَ يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ يَسْجُدُ لِلرَّكْعَةِ الآخِرَةِ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَقْضِى الرَّكْعَةَ الأُولَى بِسُجُودِهَا. وَفِيمَنْ نَسِىَ سَجْدَةً حَتَّى قَامَ يَسْجُدُ. ولمَّا صلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في مرضه الذي تُوُفِّيَ فيه بالناس وهو جالسٌ يعني مع قيام القوم دَلَّ على أن الجَلوسَ خلف الإِمام الجالس ليس من لوازم الائتمام عنده، وهو مذهبُ الإِمام رحمه الله تعالى، وصرَّح في موضعين من كتابه بنسخ ما جاء في واقعة السُّقُوط عن الفرس، كما سيجيء. قوله: (وقال ابن مسعود رضي الله عنه: إذا رَفَعَ قبل الإِمام) ... الخ، يعني: سُئِلَ ابن مسعود رضي الله عنه عن رجلٍ من المقتدين سها فرفع رأسَه قبل الإِمام، فماذا يفعل؟ فما أجاب به ابن مسعود رضي الله عنه هو الجواب عندنا. قوله: (وقال الحسن) .. إلخ، وهو المختار عندنا. ويُقَال لها مسائل السجدات، وقد ذكرها ابن الهُمَام رحمه الله تعالى في فصل مستقلٍ من «الفتح» والقاضي ثناء الله رحمه الله تعالى في «ما لا بُدَّ منه» - رسالة بالفارسية. 687 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِى عَائِشَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ أَلاَ تُحَدِّثِينِى عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ بَلَى، ثَقُلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَصَلَّى النَّاسُ». قُلْنَا لاَ، هُمْ ¬

_ (¬1) وقد تعرَّض له الحافظ في باب من دخل ليَؤُمَّ الناس، وذكر الفرق بين ما وقع من أبي بكر رضي الله عنه ههنا، وبين ما وقع في مرض موته - صلى الله عليه وسلم -، وهذا نَصُّه: وبهذا يُجَاب عن الفرق بين المقامين، حيث امتنع أبو بكر رضي الله عنه ههنا أن يستمرَّ إِمامًا، وحيث استمرَّ في مرض موته - صلى الله عليه وسلم - حين صلَّى خلفه الركعة الثانية من الصبح، كما صرَّح به موسى بن عُقْبَة في المغازي، فكأنه لمَّا أن مضى معظم الصلاة، حَسُن الاستمرار، ولمَّا لم يمض منها إلَّا اليسير لم يستمرَّ. وكذا وقع لعبد الرحمن بن عَوْف، حيث صلَّى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - خلفه الركعة الثانيةَ من الصبح، فإِنه استمرَّ في صلاته إمامًا لهذا المعنى. اهـ.

يَنْتَظِرُونَكَ. قَالَ «ضَعُوا لِى مَاءً فِى الْمِخْضَبِ». قَالَتْ فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ فَذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِىَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - «أَصَلَّى النَّاسُ». قُلْنَا لاَ، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «ضَعُوا لِى مَاءً فِى الْمِخْضَبِ». قَالَتْ فَقَعَدَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِىَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ «أَصَلَّى النَّاسُ». قُلْنَا لاَ، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ «ضَعُوا لِى مَاءً فِى الْمِخْضَبِ»، فَقَعَدَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِىَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ «أَصَلَّى النَّاسُ». فَقُلْنَا لاَ، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ - وَالنَّاسُ عُكُوفٌ فِى الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُونَ النَّبِىَّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِصَلاَةِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ - فَأَرْسَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أَبِى بَكْرٍ بِأَنْ يُصَلِّىَ بِالنَّاسِ، فَأَتَاهُ الرَّسُولُ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُكَ أَنْ تُصَلِّىَ بِالنَّاسِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - وَكَانَ رَجُلاً رَقِيقًا - يَا عُمَرُ صَلِّ بِالنَّاسِ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ. فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ تِلْكَ الأَيَّامَ، ثُمَّ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا الْعَبَّاسُ لِصَلاَةِ الظُّهْرِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّى بِالنَّاسِ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِأَنْ لاَ يَتَأَخَّرَ. قَالَ «أَجْلِسَانِى إِلَى جَنْبِهِ». فَأَجْلَسَاهُ إِلَى جَنْبِ أَبِى بَكْرٍ. قَالَ فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّى وَهْوَ يَأْتَمُّ بِصَلاَةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسُ بِصَلاَةِ أَبِى بَكْرٍ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَاعِدٌ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَدَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ لَهُ أَلاَ أَعْرِضُ عَلَيْكَ مَا حَدَّثَتْنِى عَائِشَةُ عَنْ مَرَضِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ هَاتِ. فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَدِيثَهَا، فَمَا أَنْكَرَ مِنْهُ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ أَسَمَّتْ لَكَ الرَّجُلَ الَّذِى كَانَ مَعَ الْعَبَّاسِ قُلْتُ لاَ. قَالَ هُوَ عَلِىٌّ. أطرافه 198، 664، 665، 679، 683، 712، 713، 716، 2588، 3099، 3384، 4442، 4445، 5714، 7303 - تحفة 16317، 5861 - 176/ 1 688 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَيْتِهِ وَهْوَ شَاكٍ، فَصَلَّى جَالِسًا وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا». أطرافه 1113، 1236، 5658 - تحفة 17156 - 177/ 1 687 - قوله: (فأَرْسَل النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إلى أبي بكرٍ بأن يُصَلِّي بالناس، فأتاه الرسول فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم يَأْمُرُك أن تُصَلِّي بالناس ... فصلَّى أبو بكرٍ تلك الأيام. ثم إن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم وَجَدَ في نفسه خِفَّة، فخرج بين رجلين) ... إلخ. حمل الحافظ قوله: «فصلَّى أبو بكرٍ رضي الله عنه» على السلسلة الواحدة، وادَّعى أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أراد أن يَخْرُج في العشاء، فلم يَقْدِر عليه، حتى أمر أبا بكر رضي الله عنه أن يُصَلِّي بهم، فكان أبو بكر رضي الله عنه يُصَلِّي في تلك الأيام. ثم إن قوله: «إن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم وَجَدَ من نفسه خِفَّةً» حمله الحافظُ على صلاة الظُّهْر. قلتُ: لمَّا كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أمر أبا بكر رضي الله عنه أن يُصَلِّي بالناس، انتقل الراوي إلى

بيان إمامته في تلك الأيام، ثم بَدَأَ في ذكرِ ما كان تركه، فقال: «إن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم .... الخ، أي: وأنه وإن كان أمره بالصلاة في أوَّل أمره، إلا أنه وَجَدَ بعد ذلك من نفسه خِفَّة، فَخَرَجَ إليهم وخَطَبَهم، أمَّا خروجه إليهم، فكما مرَّ في البخاريِّ: «أن أزواجه إذا صَبَبْنَ عليه القِرَب، أشار إليهن: أن قد فَعَلْتُنَّ، ثم خرج إلى الناس». ويُتَبَادَرُ منه أيّ تبادُرٍ أنه خرج في تلك الصلاة، لا خروجه في صلاة ظُهْرٍ من السبت أو الأحد. وأمَّا خطبته إياهم، فكما أخرجه البخاري قُبَيْل باب قول الله تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءهُمْ} [البقرة: 146] الخ: عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم في مرضه الذي مات فيه بِمِلْحَفَة، وقد عَصَّبَ رأسه بعِصَابة دَسْمَاء، حتى جَلَسَ على المنبر، فَحَمِدَ اللَّه وأَثْنَى عليه، ثم قال: أمَّا بعدُ - إلى أن قال - فكان آخر مَجْلِس جَلَسَ فيه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم. 689 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكِبَ فَرَسًا فَصُرِعَ عَنْهُ، فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ، فَصَلَّى صَلاَةً مِنَ الصَّلَوَاتِ وَهْوَ قَاعِدٌ، فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ الْحُمَيْدِىُّ قَوْلُهُ «إِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا». هُوَ فِى مَرَضِهِ الْقَدِيمِ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسًا وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامًا، لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْقُعُودِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالآخِرِ فَالآخِرِ مِنْ فِعْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 378، 732، 733، 805، 1114، 1911، 2469، 5201، 5289، 6684 تحفة 1529 689 - قوله: (إن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلّم رَكِبَ فَرَسًا، فَصُرِعَ عنه فَجُحِشَ شِقُّه الأيمنُ). وأعلم أن واقعةَ الجُحُوش في السنة الخامسة، كما نُقِلَ عن ابن حِبَّان وسَهَا الحافظُ حيث زَعَم أنها في التاسعة، وإنما حَمَلَه على ذلك تعبيرُ بعض الرواة فقط، حيث يَذْكُرُون قصة الجُحُوش وقصة الإيلاء في سياقٍ واحدٍ. وقصة الإيلاء عندهم في التاسعة، فجَعَلَ الحافظُ تلك أيضًا فيها، مع أن الراوي إنما جمعها مع الإيلاء لجلوسه فيهما في المَشْرُبَةِ، وقد تنبَّه له الزيلعي. ويقضي العجب من مثل الحافظ، كيف حَكَمَ به بمجرد هذا الاشتراك، مع أن الرُّوَاة يُصَرِّحُون أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يُصَلِّي في مَشْرُبَتِهِ في قصة الجُحُوش، وأين كان له أن ينزل منها، فإِنه كان شَاكِيًا فيها، بخلافه في قصة الإيلاء. ثم اعلم أنهم تكلَّموا في زيادة: «وإذا قرأ فأَنْصِتُوا»، فأراد بعضُهم أن يتردَّد فيه، مع أن مسلمًا صحَّحه. وصحَّحه جمهور المالكية والحنابلة، ولم يتأخَّر عن تصحيحه إلا من اختار القراءة خلف الإِمام، فأتى فِقْهه على الحديث، لا الحديث على فِقْهه. والذي يَرِيبُهم فيه: أن بعضَ الرُّوَاة لا يذكرونه في أحاديث الائتمام، فظنُّوه غير محفوظٍ، وكَشَفْتُ عن هذه المغلطة بِعَوْن الله سبحانه ومَنِّه عليَّ بأن حديث الائتمام قد صدرت عن هذه الرسالة مرتين: مرَّةً في تلك الواقعة، ومرَّةً أخرى في غير تلك القصة بعدها بكثير.

فإذن هما حديثان مستقلان في هذا الباب، لا أنهما حديثٌ واحدٌ اخْتُلِفَ في ألفاظه، فما يَرْوِيه أنسٌ، وعائشةُ وجابر رضي الله تعالى عنهم من حديث الجُحُوش سِيقَ لبيان: إذا صلَّى قائمًا، فصَلُّوا قِيَامًا، وإذا صلَّى قاعدًا، فَصَلُّوا قَعُودًا أجمعون، وما يرويه أبو موسى، وأبو هُرَيْرَة رضي الله تعالى عنه، فهو حديثٌ آخر سِيقَ لبيان الائتمام لا غير، وفيهما: «فإِذا قرأ فأَنْصِتُوا»، وقد مَشَى فيها على أكثر صفة الصلاة للمتقدي، فلم يكن لَيَذَرَ حكمَ القراءة، وقد مَضَى على صفة الصلاة نسقًا، بخلاف حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وأبي موسى. ولذا لم يأتِ فيه الأمر بالإنصات، ولعلَّهما لم يُدْرِكَا واقعة السُّقُوط، فإِنها في السنة الخامسة كما مرَّ، وأبو هُرَيْرَة رضي الله تعالى عنه أَسْلَم بعده بكثير. ثم اشْتَرَكَ الحديثان في بعض الأمور، فلمَّا رأوا أحاديث واقعة السُّقُوط خاليةً عن أمر الإنصات، سَرَى إلى الوهم أن حديثي أبي موسى وأبي هُرْيَرَة رضي الله تعالى عنهما في الائتمام أيضًا ينبغي أن يَكُونا خاليين عنه، وهذا كما قيل: إن الوَهْمَ خلافٌ. مع أنك قد عَلِمْتَ أنهما حديثان، فلا يجوز حَمْلُ أحدهما على الآخر، وليسا من باب السَّاكت والنَّاطق، ولا من باب الزيادة. ولعلَّه لم يَذْكُر قوله: «وإذا قرأ فأنْصِتُوا» في قصة السُّقُوط لعدم الاحتياج إليه إذ ذاك، بخلافه في حديثي أبي هُرَيْرَة وأبي موسى رضي الله تعالى عنهما، فإِنهما لمَّا كانا من باب أحكام الاقتداء، وَجَبَ التعرُّض إليه، لكونه دِعَامة في هذا الباب، وربَّما يَحْكُم الذهن بالاتحاد نظرًا إلى اشتراك بعض الألفاظ. وبعبارةٍ أخرى: إن حديثَ الائتمام يَرْوِيه خمسٌ من الصحابة رضي الله تعالى عنهم؛ أنس، وجابر وعائشة، وأبو هريرة، وأبو موسى رضي الله تعالى عنهم، مع الاشتراك والاختلاف في بعض الألفاظ، فظنَّه المحدِّثون حديثًا واحدًا. ولمَّا لم يَجِدُوا عند أكثرهم جملة: «إذا قرأ»، حَكَمُوا بكونه غير محفوظٍ، وقرَّرتُ أنهما حديثين اشتركا في بعض المادة. (والدليلُ على ذلك). أمَّا أولا: فإن أبا هريرة، وأبا موسى رضي الله تعالى عنهما لم يُدْرِكَا قصة السُّقُوط، فحديثهما ليس حديثَ السُّقُوط الذي يرويه أنسٌ رضي الله تعالى عنه وغيره. وأمَّا ثانيًا: فلأن حديثهما لم يُسَقْ لإِصلاح مفسدةٍ، بل هو حديثٌ ابتدائي سِيقَ لتعليم أحكام الائتمام، كما استشعره أبو موسى رضي الله تعالى عنه. فعند مسلم في باب التشهُّد: «فقال أبو موسى رضي الله تعالى عنه: أَمَا تَعْلَمُون كيف تقولون في صلاتكم؛ إن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلّم خَطَبَنا فبيَّن لنا سُنَّتنا، وعلَّمنا صلاتنا»، ثم ساق حديث الائتمام. فدَلَّ على أن ما عند أبي موسى رضي الله تعالى عنه هو حديثٌ في سياق التعليم، بخلاف ما عند أنسٍ رضي الله تعالى عنه، وجابر رضي الله عنه، وعائشة رضي الله عنها، فإنه وإن اشتمل على ذكر الائتمام، لكنه سِيقَ عندما قاموا خلفه حال قعوده، فعلَّمهم سنة الاقتداء. فليس حديثهم ابتدائيًا، ولس فيه ذكر الإنصات مع قراءة الإِمام، والذي سِيقَ لتعليم ذلك، ففيه ذلك ولا بدَّ، والله هو الموفِّق. وهذا مهمٌّ لا يهتدي إليه إلا من يَهْدِي الله، وقد ذكرته في رسالتي «فصل الخطاب». بقيت مسألةُ اقتداء القائم خلف القاعد، فسنعود إليها قُبَيْل كتاب التهجُّد إن شاء الله تعالى، وقد ذكرنا نَبْذَةً منها فيما مرَّ. قوله: (فصَلَّيْنا وَرَاءَه قُعُودًا). وفي الحديث المارِّ: «أنهم صلُّوا خلفه قيامًا، ثم أمرهم

52 - باب متى يسجد من خلف الإمام

بالقيام»، وتصدَّى الحافظُ رحمه الله تعالى إلى التوفيق بينهما. واختار الشيخُ العَيْني رحمه الله تعالى أنهما واقعتان قاموا في واقعةِ، ثم أُمِرُوا بالقُعُود، واتَّفَقَ بعدها أن سَلُّوا خلفه أيضًا، وقَعَدُوا فيه من أول الأمر، وهو الأرجح عندي. قوله: (وإذا قال: سَمِعَ اللَّه لمن حَمِدَه، فقولوا: رَبَّنَا ولك الحمدُ) واعلم أن الشَّرْعَ لم يقسم في الصلاة إلا في موضعين: الأول: في القراءة، فَجَعَلَ للإِمام القراءةَ، وللمقتدي التأمينَ. والثاني: في التسميع والتحميد. فالإِمامُ يقضي وظيفته أولا، وهو قوله: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّآلّينَ}، وهذا هو وظيفةٌ من جهة الإمامة، ثم يَلْحَقُ بسائر المصلِّين، ويُؤَمِّنُ معهم إحرازًا لفضيلة التأمين، والموافقة معهم ومع الملائكة. ولذا يُؤَمِّن خُفْيَةً كأنه من فعله، مع أنه قرأ جهرًا. فالقراءةُ جهرًا من وظيفته، فأراد إسماعها وأمَّا التأمينُ، فليس من وظيفته، فأدَّاه سِرًّا لنفسه، كما أن المقتدين أمَّنوا لأنفسهم. وذلك لأن الأذكارَ كلٌّ فيها أمير نفسه، ولم يُرَاع فيها شاكلة الجماعة، فيستقلُّ بها كلُّهم. والموضع الثاني: هو التسميع، فالتحميدُ للمقتدين، والتسميعُ للإِمام، وهو المذهب عندنا في المشهور، وهو في عامة الروايات، وهو مذهب مالك رحمه الله تعالى. وعنه في روايةٍ: الجمعُ وهو مذهب الصاحبين، واختاره شمس الأئمة الحلواني، ومحمد بن الفضلِ، والنَّسَفِي وغيرهم وهو أيضًا جائزٌ عندي، وتَشْهَدُ له الروايات على سبيل القِلَّة والعجبُ أن الروايةَ المشهورةَ عن الإمام في الروايات المشهورة، والروايةَ النادرةَ عنه في نادرةٍ من الروايات. فكأن القولَ المشهورَ نشأ نظرًا إلى عامة الروايات، ولمَّا جاء الجمعُ أيضًا في بعض الروايات جاءت روايةٌ عنه أيضًا كذلك. قوله: (إنما يُؤْخَذُ بالآخِرِ فالآخِرِ)، وهذا تصريحٌ من المصنِّف رحمه الله بالنَّسْخ، وقد صرَّح به في موضعٍ آخر، وصرَّح هناك الحافظ رحمه الله: أن مقتضى الأدلة استحباب القُعُود خلف القاعد، ولا دليلَ على الوجوب. قلتُ: وإذا انتفى الوُجُوب على تصريح الحافظ رحمه الله، فلا ريبَ أن الأحوطَ هو القيام، لأنه ذَهَبَ إليه الإمامان الجليلان. وعندنا: العملُ بما عَمِلَ به الأئمة والأُمَّة أَوْلى. 52 - باب مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإِمَامِ قَالَ أَنَسٌ فَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا. 690 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنِى الْبَرَاءُ - وَهْوَ غَيْرُ كَذُوبٍ - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَاجِدًا، ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ. طرفاه 747، 811 - تحفة 1772 حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ نَحْوَهُ بِهَذَا. تحفة 1772

53 - باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام

تعرَّض إلى ما ينبغي للمقتدي مع إمامه من المُعاقبة، أو المُقَارنة. فاعلم أنه اتَّفق كلُّهم على أن المُبَادرة من الإمام مكروهٌ تحريمًا، مع صحة صلاته عندهم، وهذا يَدُلُّ على اجتماع الصحة مع الكراهية، خلافًا لابن تَيْمِيَة رحمه الله. واختلفوا في التعقيب والمقارنة. فذهب الشافعيُّ رحمه الله إلى الأول، وإمامُنا إلى الثاني. قلتُ: والتعقيبُ بقَدْرِ ما يعلمه المقتدي من حال إمامه مستثنى عقلا، والفاء لا تَدُلُّ على التعقيب الزائد على ذلك، فدلَّ على أن نزاعهم في الفاء غير محرَّر، فإنها وإن كانت للتعقيب، لكنه يتحقَّق بالشروع بعد الشروع. ولا يَلْزَمُ لتحُّقق التعقيب أن يَشْرَعَ بعد فراغ الإمام، فنزاع الإمام إنما يكون ممن يدَّعِي الشروع بعد الفراغ، لا ممن يدَّعي الشروع بعد الشروع. فإن شروع المقتدي لا يكون إلا بعد شروع الإِمام. فهذا القَدْرُ من التعقيب يكفي للفاء، ولا يُنْكِرُه الإِمام أيضًا وأمَّا بعد ذلك، فيقول بالمقارنة، ولا حُجَّة في الحديث على التعقيب أزيد من هذا. 690 - بقي قوله: (لم يَحْنِ أحدٌ منا ظَهْرَه) فقد كَشَفَه ما عند مسلم: «أنه أمرهم بذلك حين بَدُنَ، فخشي أن يتقدَّموا عليه»، وقد عَلِمْتَ أنه مكروهٌ تحريمًا. 53 - باب إِثْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ 691 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ - أَوْ لاَ يَخْشَى أَحَدُكُمْ - إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ». تحفة 14380 ولعلّ الحكمةَ في تحويل رأسه حمارًا: أنه فَعَلَ فِعْلَ الحمار، ولم يَدْرِ أنه إمامٌ أو مأمومٌ، فرفع رأسه قبل الإِمام، ونَصَبَ نفسه مَنْصِب الإِمام مع كونه مأمومًا. ثم المذكور في الحديث هو الخَشْيَة أن يفعل به ذلك، لا أنه إخبارٌ به، ومع ذلك وقع مثله مرةً كما كتبه القاري، والعياذ بالله العلي العظيم. ثم أقول: إنه محمولٌ على التهديد في الدنيا، ولا يَبْعُد أن يكون ما في الحديث حكمه في الآخرة، فَيْمسَخُ رأسه رأس حمار، والعياذ بالله تعالى. 54 - باب إِمَامَةِ الْعَبْدِ وَالْمَوْلَى وَكَانَتْ عَائِشَةُ يَؤُمُّهَا عَبْدُهَا ذَكْوَانُ مِنَ الْمُصْحَفِ. وَوَلَدِ الْبَغِىِّ وَالأَعْرَابِىِّ وَالْغُلاَمِ الَّذِى لَمْ يَحْتَلِمْ، لِقَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «يَؤُمُّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ». ولا يُمنَعُ العبدُ مِنَ الجماعةِ بغير علةٍ. 692 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الأَوَّلُونَ الْعُصْبَةَ - مَوْضِعٌ بِقُبَاءٍ - قَبْلَ مَقْدَمِ

رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِى حُذَيْفَةَ، وَكَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا. طرفه 7175 - تحفة 7800 وصرَّح الحنفية أن الكراهة فيها تنزيهية. قوله: (والمولى)، قالوا: إنه مصدرٌ ميمي، وأورد عليهم أنه يذكَّر ويؤنَّث، فيُقَال: مولاة، والمصدر لا يذكَّر ولا يؤنَّث. وعندي أنه اسم مفعول أصله مولية، فحذف فيه كما حذف في لفظ المعنى، فهو لفظ آخر وليس مؤنَّث المولى. قوله: (من المُصْحَفِ)، والقراءة من المُصْحَفِ مُفْسِدَةٌ عندنا، فتأوَّله بعضُهم أنه كان يَحْفَظُ من المُصْحَف في النهار، ويقرؤه في الليل عن ظَهْرِ قلب. قلتُ: إن كان ذَكْوَان يقرأُ من المُصْحَفِ، فلنا ما رواه العَيْنِي رحمه الله: أن عمر رضي الله عنه كان ينهى عنه، ورأيتُ في الخارج: أنه كان من دَأْب أهل الكتاب، فإِنهم لا يتمكَّنون أن يقرأوا كُتُبهم عن ظَهْر قلبٍ، على أنه مخالفٌ للتوارث قطعًا. قوله: (وولد البَغِيِّ)، والكراهةُ فيه تنزيهيةٌ إذا كان صالحًا، وكذا في الأعرابيِّ، والغلام الذي لم يَحْتَلِم، وهو مذهب الشافعية، وتمسَّك له البخاريُّ بقولهصلى الله عليه وسلّم «يَؤُمُّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ»، فأطلق فيه ولم يَفْصِل بين أن يكون أعرابيًّا أو غلامًا، ولا يُمْنَعُ الغلام عن الجماعة، فإِذا لم يكن له مانعٌ، فأيُّ قصورٍ في إمامته؟ ثم أخرج حديثًا وَرَدَ في باب الولاية، فتمسَّك منه على الإِمامة الصغرى، لكونهما من بابٍ واحدٍ. وهذا على نحو ما حرَّره الأصوليون من اعتبار عين العلِّة في عين حكم الحكم، والجنس في الجنس، والعين في الجنس، والجنس في العين، والمتحقِّق ههنا هو الثاني. فالحديث مَسُوقٌ في الإِمامة العامة، وكذا المراد من الإطاعة هو عدم البغاوة، دون الإطاعة في أفعال الصلاة، وتمسَّك منه المصنِّف رحمه الله على الإمامة في الصلاة. وإذن تمسُّكه منه على الإمامة الصغرى والإِطاعة فيها من باب اعتبار جنس الوصف - أي الإِمامة الصغرى - في جنس الحكم - أي الإِطاعة في أمر الصلاة - وأنت قد عَرَفْتَ أن التمسُّكَ بالعمومات ضعيفٌ عندي؛ ألا ترى أنّ كون الإمام قُرَشِيًّا من شرائط الإمامة العامة، بخلاف إمامة الصلاة؟ فإن تَمَسَّكَ أحدٌ من قوله: (اسْتُعْمِل) فسيأتي شرحه عن قريبٍ بما لا يَرِدُ علينا. وتمسَّك الشافعية بإمامة عمرو بن سَلَمة (¬1) عند أبي داود. ¬

_ (¬1) قال الخطَّابي: وكَرِه الصلاةَ خلف الغلام قبل أن يَحْتَلِم عطاءُ والشَّعْبِيُّ ومالكُ والثَّوْرِي والأوزاعيُّ، وإليه ذَهَبَ أصحابُ الرأي، وكان أحمدُ بن حنبل رحمه الله تعالى يُضَعِّفُ أمرَ عمرو بن سَلَمَة، وقال مرةً: دَعْهُ ليس بشيء بيِّن، وقال الزهريُّ: إذا اضْطَرُّوا إليه أمَّهُم .. إلخ. ويوضِّحه ما في "البناية": قال أبو داود: قيل لأحمد حديث عمرو قال: لا أدري ما هذا، فلعلَّه لم يتحقَّق بلوغ أمر النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وتكلَّم عليه الزيْلَعِي في "شرح الكنز". وحاصله: أنهم قدَّموه باجتهادٍ منهم لِمَا كان يتلقَّى من الرُّكبَان. فما بالهم يأخذون بقول صبي يقول هو: إنه كانت عليه بُرْدَة تَتَقَلَّص عنه إذا سَجَدَ، ولا يأخذون بقول عبد الله بن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما، فإنهما قالا: إنه لا يَؤُمُّ الغلام ما لم يَحْتَلِمْ -مختصرًا بتصرف-. =

55 - باب إذا لم يتم الإمام وأتم من خلفه

قلتُ: وجوابه على ما في حديثه من تَطَرُّق الاحتمالات: أنَّ البخاريَّ لم يخرِّجه ههنا، مع اختياره تلك المسألة، وأَخْرَجَهُ في النكاح، لأنه لا يَقُوم عنده حُجَّة على هذا المعنى أصلا، ولا أقل من أنه رأى فيه قصورًا. والجواب عندي: أن في القصة تقديمًا وتأخيرًا، فما ذكره من عُمْره هو عُمْر تعلُّمه القرآن دون عُمْر إمامته، كما يُعْلَمُ من مراجعة كتب الرجال، فإن كنتَ من رجال هذا الفن. فبارِزْ، وإلا فالزَمْ زاوية بيتكَ ولا تُنَازِعْ. 693 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَإِنِ اسْتُعْمِلَ حَبَشِىٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ». طرفاه 696، 7142 - تحفة 1699 693 - قوله: (وإن اسْتُعْمِلَ حَبَشِيٌّ) أي وإن جعله الإِمام الأكبر عاملا، كما هو مصرَّحٌ في بعض الطُّرُق، وإلا فالإمام الأكبر ينبغي أن يكون قُرَشِيًّا. ونقل الطرابلسي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى: أنه ليس بشرطٍ، وظاهر العبارة أنه شرطٌ إجماعًا. 55 - باب إِذَا لَمْ يُتِمَّ الإِمَامُ وَأَتَمَّ مَنْ خَلْفَهُ 694 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُصَلُّونَ لَكُمْ، فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ، وَإِنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ». تحفة 14218 أشار إلى مسائل القدوة، وهي ضعيفة عند الشافعية جدًا (¬1)، حتى قالوا بصحة صلاة ¬

_ = والحاصل: أنهم جعلوه إمامًا، لأن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كان أمرهم أن يجعلوا الإمام أكثرهم قرآنًا، ولم يجدوا بهذا الوصف إلَّا عمرو بن سَلَمَة، فأيُّ حُجَّة فيمن كانوا حديثو عهدٍ بجاهلية لم يتعلموا كثيرًا من الحلال والحرام، ثم اجتهدوا من رأيهم، والله تعالى أعلم بالصواب. (¬1) وهذا بابٌ واسعٌ، وجزئياته كثيرة عند الشافعية، حتى أنهم عَدُّوا التقصير في الأركان والشرائط أيضًا منها، فكيف بالسنن والمستحبات، فلو نَسِيَ الإمام أنه كان مُحْدِثًا أو جُنُبًا، فأمَّ القومَ على أنه طاهرٌ، ثم تذكر بعد الصلاة أنه كان على غير طُهْر، فصلاةُ من اقتدى به من المتؤضئين تامة عندهم، وكذا إن أخرها الإمام حتى أدخلها في الوقت المكروه، فعلى من حَضَرَها أن يشهدها، وإن كان قد صلَّاها في وقتها المستحب، فإنما إثمه يكون على من أخرها لا على من أتمَّ خلفه. أما الحنفية: فقد خالفوهم في تلك الجزئيات كلها، وأخذوا الحديث في الجزئيات التي لا ترجع إلى بُنْيَة الصلاة، فإن تمامية صلاة المقتدي مع نُقْصَان صلاة الإمام لا يتأتَّى على مسائلنا، وإنما يتأتى ذلك في السنن والمستحبات، فالإمام لو لم يقرأ، أو قَصَرَ فيها، فإن المقتدي لا يمكن منه تداركها بحال، فكيف يَصحُّ إتمام مَن خلفه في تلك الصورة ليبني عليها جواز صلاته مع عدم جواز صلاة إمامه، وهكذا في الركوع والسجود والتعديل أيضًا. نعم، إنما يأتي ذلك فيما إذا رَكعَ الإمام أو سَجَدَ قدر ما يكفي، ثم لم يسبّح فيه، وأتى به المقتدي، فإنه يَصْدُقُ فيه أن إمامه لم يُتمَّ، مع أنه قد أتمَّه. =

القوم، وإن كان إمامهم مُحْدِثًا كما في الفتح، فكأن حقيقة الائتمام ارتفعت عندهم رأسًا، ولم ¬

_ = وبالجملة فَرَّعَ عليه الشافعية رحمهم الله تعالى في مسائل فساد صلاة الإمام مع صحة صلاة المقتدي، وهذا مما لا يُسَوَّغُ عندنا بحالٍ، وإنما يأتي الحديث فيما كان الإمام فاسقًا مثلًا بخلاف المقتدي، ولكن الأوْلَى أن يُؤخَذَ الحديث في مسألة الأوقات، لأنه قد وَرَدَ مُصَرَّحًا في غير واحدٍ من الأحاديث المضاهية له كما عند أبي داود: "ستكون عليكم أمراء من بعدي يؤخِّرُون الصلاة، فهي لكم، وهي عليهم ... " إلخ. ويُقَارِبُه ما عند البخاري: "يصلُّون لكم، فإن أَصَابُوا فلكم وإن أخطؤوا وعليهم"، ولفظ البخاري، وإن كان مُبهَمًا، إلَّا أنه قد ثَبَتَ في غير واحدٍ من الأحاديث عند أبي داود أن الدَّخيل فيه هو التقصير في الوقت، فحملنا المُبْهَم على المُفَصَّل. وإذن تعيَّن مِصْداق حديث البخاري عندنا، وهو عدم المراعاة للوقت المسنون، لا ما زَعَمه الشافعية رحمهم الله تعالى. والدخول في الأوقات المكروهة، وإن لم يذكرها الفقهاء إلَّا في الظهر والعشاء، إلَّا أني فَهِمتُ من قوانين الشرع الإجازة مطلقا، فمن خاف على نفسه في زمن الأمراء الجَوْر له أن يدخلها معهم في الصلوات كلها، فإن الحَجَّاج كان يُمِيتُ الصلوات حتى كان وقت العصر يَدخل في خلال الجمعة. وكان بعض الصحابة رضي الله عنهم يصلون العصرَ بالإيماء. ثم أقولُ: والذي وَضَحَ لدي بعد تتبُّع طُرُق هذا الحديث: أن الشارع لم يُخَاطب المقتدين بإتمام صلاتهم عند تقصير أئمتهم في أحد من الأحاديث عندي، وإنما أضافه البخاري رحمه الله تعالى من عند نفسه، فللحنفية رحمهم الله تعالى أن يتركوه. ومقصود الأحاديث عندنا: أن وَبَال تأخير الأئمة إنما يكون عليهم، ولا يَرْجع وَبَالُهم إلى المقتدين أصلًا، فهذا الحديث يتعلَّق بالحكم الذهني ولا تعلق له بما في الخارج من العمل أصلًا، فإن تمسَّك به أحدٌ على الأعمال الخارجية أيضًا، فهو عندي تمسك من عموم غير مقصود، وليس بقوي عندي، وقد استعمله المالكية رحمهم الله تعالى كثيرًا. وإنما يُؤخَذُ بالعموم إذا تبين أنه قد أراده المتكلم أيضًا، وإلَّا فهو غير مُعتَبرٍ، ولا مُؤَثر عندي. فالحديث عندي لا يُحمَل على جزئيات الشافعية رحمهم الله تعالى، ولا ريب أنه موضع مُشكِل، لأن تعيين الجزئيات المطلوبة عند عموم اللفظ وتجريدها من غيرها مُتَعَسر جدًا كما ترى فيما نحن فيه، فإن خطأ الأئمة عام، ثم قَصرُه على بعض الجزئيات قد يَتَعَسر على من لم يَقتَحِم تلك الموارد. وتفصيل المقام: أن الأحاديث قلما تحتوي على حكم شخصي، وإنما تَرِد على حكم في النوع أو الصنف، فإذا وَرَدَت في الجنس أو جنس الأجناس تَعَسرَ منه إخراج المَحَامِل لا محَالَة. مسألة: إن أخَّر الإمام في الصلاة، فجاء رجل وصلَّى في الوقت منفردًا، ثم انصرف هل له فيه رخصة؟ قلت: نعم، ولا أرى على المُتَخَلِّف من تلك الجماعة إثمًا، بقي تأخير النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حتى ناداه عمر رضي الله عنه: نام النساء والصبيان، فلم يَكُن من هذا الباب، فإنه كان لبيان التشريع، أمَّا غير النبي، فإنْ أخر بمثله، لهم إن صلُّوا فُرَادى، والله تعالى أعلم. مسألة: في "الدر المختار": أن الصلاةَ خلف الفاسق مكروهة كراهية تنزيه، وفي "الكبيري شرح المنية": كراهية تحريم، وهو المختار عندي، لأنه يُوَافِق الحديث، وهو مختار المالكية، بل المالكية ذَهبوا إلى عدم الجواز. وأما عندنا، فهذا وإن كان جائزًا عند فَقْد الإمام العدل، كما في "البحر"، لكن في اختيار التحريم موافقة معهم في الجملة، ولذا اغتنمت هذه المُقَاربة، وأَفْتَيتُ به على ما علمت من دأبي. فائدة: المبتدع هو المتقرِّب بأمر لا يكون ثابتًا من الأدلة الأربعة، وكان بحيث يلتبس بالشروع، يَختَلِطُ معه، فإن لم ينوِ به التقرُّب إلى الله تعالى، فليس بمبتدع كما يفعله الجهلاء في أيام النكاح بعضَ الرسوم القبيحة، فإنهم يَرَوْنَها لهوًا، لا أنها مسائل وعباداتٍ، بخلافها في الموت، فإنهم يفعلون ما يفعلون كأنه مسألة من الدين، وقد صنَّف الشاطبي في رد البِدَع كتابًا، وكذلك الشاه إسماعيل رحمه الله تعالى أيضًا. وزَعَمَ بعض الناس أن =

تَبْقَ إلاّ عبارة عن الاجتماع في المكان، والاتباع صورةً وحسًّا، فهي ضعيفةٌ عندهم جدًا، وأضعف منه عند البخاري رحمه الله تعالى. وحينئذٍ لا بأس لو قَصَرَ الإِمام في التعديل وغيره وأتمَّهُ المقتدي وتَدَارَكه لنفسه. بقي تمسُّك الإمام، فهو تمسُّكٌ في غاية الضَّعْفِ، لأن الحديث إنما وَرَدَ فيما قَصَرَ الأئمة في الأمور الخارجية، كصلاتهم في الوقت المكروه، لا في الواجبات والأركان التي هي أجزاءٌ للصلاة، كما قال به القاضي عِيَاض رحمه الله تعالى، وهو المُصَرَّحُ في غير واحدٍ من الأحاديث، فَحَمْلُه على الدواخل بعيدٌ جدًا. 694 - قوله: (فإِن أصابوا فلكم)، وفي كُتُب عديدة: «فلكم ولهم»، كما يقتضيه مقابلة: «فلكم وعليهم». وتمسَّك المصنِّف رحمه الله تعالى من عموم قوله: «فلكم وعليهم»، وهو في غاية الضَّعْف، فإِنه أمرٌ مُبْهَمٌ لا يدرى في أي قدرٍ يجري عمومه، وأين يُكَفُّ، فالطرد عليه والعكس غير سديدٍ. وتفصيله: أن الشافعية ومن نَحَا نحوهم لمَّا رأوا أن خطأ الإِمام لا يُؤَثِّر في صلوات المقتدين بنصِّ الحديث، عمَّمُوه في باب الحَدَث أيضًا، وقالوا: إذا أخطأ الإِمام فصلَّى بهم مُحْدِثًا، صحَّت صلاتهم أيضًا، ولا يُؤَثِّر خطؤه في صلاتهم أصلا، بل يكون لهم ما لهم وعليه ما عليه. قلتُ: وهذا باطلٌ، لأنه صلّى بهم صلاةً سُلِبَ عنها اسم الصلاة، لأنه لا صلاة إلا بطُهُورٍ وتعميم قوله: «لكم وعليهم» إنما يجري فيما بَقِيَ عليه اسم الصلاة، كما وَرَدَ في مسلم: «لا ما سلُّوا»، يعني أن إطاعتهم تكون ما بقي اسم الصلاة، وإذا ارتفع عنها اسم الصلاة أيضًا، فلا طاعة لهم. ثم إن هذا التعبير لم يَرِدْ إلا في الانتقاص، لا في الارتفاع، فعند أبي داود، في باب جُمَّاع الإمامة وفضلها: «من أمَّ النَاس، فأصاب الوقت، فله ولهم، ومن انتقص من ذلك شيئًا، فعليه ولا عليهم». اهـ. فهذا كما ترى فيما انتقص منها، لا فيما ارتفع عنها اسم الصلاة، لتندرج تحته مسألة الإمام المُحْدِث. وفي «البحر»: أن الجماعة أفضل من الانفراد، ولو كان الإمام فاسقًا، وعليه ما عليه. فهذه المسألة من فروع قوله صلى الله عليه وسلّم «وعليهم ما عليهم». ثم أقول: إنهم يَتَمَسَّكون من هذه المبهمات، ولا يَرَوْن إلى أحاديث الائتمام مع وضوحها، ومع كونها في الأشياء الوجودية، فإِنها للمتابعة في الأفعال، بخلاف هذه الأحاديث، فإنها في التروك، ولم يتَّضِح فيها أن أي قَدْرٍ من الاختلاف يُتَحَمَّل بين الإمام والمقتدي، وإنما فيه الإبهام لا غير. ¬

_ = رسالةَ الشاه إسماعيل رحمه الله تعالى مأخوذة من رسالة عبد الوهاب النجدي، فَرَاجَعتُ رسالته، فعَلِمتُ أنه باطل، فإن رسالته لا تحتوي إلَّا على أمور واضحة سهلة مطروقة، بخلاف رسالة الشاه إسماعيل رحمه الله تعالى. نعم، فيها مشاركة مع رسالة الشاطبي كثيرًا. انتهى تعريب ما في تقرير الفاضل عبد العزيز، وإنما ذكرته لبعض الفوائد مع بعض الإيضاح الذي لم أجده عندي، فارجع البصر إليه كرتين، يُؤْتِكَ الله أجرَك مرتين.

56 - باب إمامة المفتون والمبتدع

بقي أنه هل يجب علينا أن نُعَيِّن مِصْدَاقه بحَسَبِ مسائلنا أو لا؟ فأقول: إن الحديث لم يُسَقْ لِمَا فَهِمُوه؛ بل سِيقَ لتَسْلِيَة المقتدين في اقتدائهم بالأئمة الفُسَّاق، كما في الحديث الآتي: «ويصلِّي لنا إمام فتنة ونتحرَّج»، فهذا التحرُّجُ بحَسَب معتقداتهم الذهنية، أو الفِسْق الخارجي، كما يُسْتَفْتَى اليوم: إن إمامنا زوجته تَخْرُج بدون الحجاب، أو ليس بمتدِيِّن، أو يأكل الرِّبا، أو يصلِّي لغير الوقت مثلا. فهذه كلها نقائص من الخارج، لا أنهم تحرَّجُوا عن الاقتداء خلفهم لأن إمامهم كان يصلِّي بهم بدون طهارة، أو مع تَرْك التعديل، أو كان يُنْقِص في أجزائها، وحنيئذٍ لم يبقَ لنا حاجةٌ إلى تعيين مِصْدَاقه، لأنه لم يُسَقْ في أفعال الصلاة؛ بل سِيقَ لإزالة التحرُّج الذي حَدَث في أذهانهم بحَسَبِ الاعتقاد السوء للإمام، وهو ذهني، وهذا الذي أَرَدْنَاه بالدواخل والخوارج فيما مرَّ فأزاحه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وعلَّمهم أن نياتكم معكم، وعاقبتهم معهم. ومع هذا لو تبرَّعنا ببيان مِصْدَاقه كان أحسن فاعلم أن ما يُسْتَفَاد من كُتُب الحنفية في الاقتداء بالأئمة الذين يُميِتُون الصلوات أن يصلُّوها منفردين في أوقاتها، فإِن أدركوها معهم لا يُعِيدُون غير الظهر والعشاء. وأَقول من عند نفسي: لهم أن يُعِيدُوا سائرها إن خافوا الإيذاء منهم (¬1) لقوله صلى الله عليه وسلّم «إن وَبَاله يكون عليهم». - بالمعنى - وقد مرَّ عن «البحر»: أن الإمام لو كان مُبْتَدِعًا، فإن لم تبلغ بدعته إلى حدِّ الكُفْرِ يَصِحُّ الاقتداء به، وهو أفضل من الانفراد، وكَتَبَ فيه هذا اللفظ، أعني: وعليه ما عليه. والابتداع قد يكون في أفعال الصلاة، وقد يكون في خارجها أيضًا. قوله: (فإن أصابوا فلكم)، واتفق (¬2) الشارحان أن هذه الأحاديث في الأوقات، فالمراد منها إصابة الوقت والخطأ فيه. وأما مسائل الشافعية فمن باب التَّفقُّه، وقد نَبَّهناك أنها لا تأتي تحت هذه الأحاديث، ولا يُنَاسِب استنباطها منها، ومع ذلك أدرجها الحافظ رحمه الله ههنا. وجملة الكلام: أن اللفظ وإن كان عامًا، لكن عمومه ليس بِمْنَوِيَ ولا مقصودٍ، والحديثُ أضيقُ ما حَمَلَ عليه الشافعية، فافهم. 56 - باب إِمَامَةِ الْمَفْتُونِ وَالْمُبْتَدِعِ وَقَالَ الْحَسَنُ صَلِّ وَعَلَيْهِ بِدْعَتُهُ. 695 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِىِّ بْنِ خِيَارٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى ¬

_ (¬1) قلتُ: وأخرج الطحاوي عن إبراهيم: أنه كان يَكْرَه أن يُعاد المغرب إلَّا أن يَخْشَى الرجل سلطانا، فيصليها ثم يشفعُ بركعة، وهذا يؤيد ما قاله الشيخ رحمه الله تعالى. (¬2) قال الطحاوي في "مشكله" ما حاصله: إن الحديث سِيقَ في خطأ الإمام في إصابته وقت الصلاة، فدل على أنه أيضًا حمله على الوقت، لا على الانتقاص في أجزاء الصلاة. قلت: وقد كرَّرت في البيان ليتقرَّر منه شيء في الأذهان، ويَخْرُج من الغياب إلى العيان.

عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رضى الله عنه - وَهْوَ مَحْصُورٌ فَقَالَ إِنَّكَ إِمَامُ عَامَّةٍ، وَنَزَلَ بِكَ مَا تَرَى وَيُصَلِّى لَنَا إِمَامُ فِتْنَةٍ وَنَتَحَرَّجُ. فَقَالَ الصَّلاَةُ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ، فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ، وَإِذَا أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ إِسَاءَتَهُمْ. وَقَالَ الزُّبَيْدِىُّ قَالَ الزُّهْرِىُّ لاَ نَرَى أَنْ يُصَلَّى خَلْفَ الْمُخَنَّثِ إِلاَّ مِنْ ضَرُورَةٍ لاَ بُدَّ مِنْهَا. تحفة 9827، 19372 أ 696 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى ذَرٍّ «اسْمَعْ وَأَطِعْ، وَلَوْ لِحَبَشِىٍّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ». طرفاه 693، 7142 - تحفة 1699 قيل: الأحسن أن يقول: المُفْتَتَن، وقيل: الفَاتِن، ثم قيل: إن المفتون يُطْلَق على الفاتِن أيضًا. والمراد منه: من لا يَحْتَاط في دينه، ولا يَتَقَيَّدُ بالشرع في آدابه وعقائده حتى تذهب به نفسه كل مَذْهَبِ، لا من لم يكن يُحْسِنُ يصلِّي، أو يَقْصُر فيها، ليصِحَّ استدلال المصنِّف رحمه الله. 695 - قوله: (ويُصَلِّي لنا إمام فِتْنَة، ونَتَحَرَّجُ)، وهذا الذي نَّبْهتُك عليه آنفًا: أن الحديثَ لم يُسَقْ لبيان المَخْرَج، ولم يعلِّمهم الاقتداء بهم، ولم يرغِّبهم في تطلُّب الجماعة خلفهم. وإنما وَرَدَ في تسليتهم، وتفريج تحرُّجهم، وتبريد صدرهم، وإذهاب حرِّهم، وإطفاء لوعتهم عندما اضْطَروا إلى الاقتداء بهم، فشقَّ عليهم الاقتداء لِمَا يَرَوْنَه مفتونًا مبتدعًا. وحمله الشافعية رحمهم الله تعالى على أنه وَرَدَ في صورة العمل، وهدى إلى المخلِّص في تلك الأيام، ونبَّه على ضعف رابطة القدوة جدًا فيمكن لهم أن يتداركوا لأنفسهم ما قَصَرَ فيه إمامهم، حتى يكون تكميله لهم وتقصيره عليه لا عليهم. وإذ قد عَلِمْت أنه لم يَرد في تقصيرهم في نفس أركان الصلاة؛ بل وَرَدَ في الأمور الخارجية التي أوجبت عليهم التشويش والتحرُّج في الاقتداء بهم، فكيف يمكن التكميل منهم فيما قَصَرَ فيه الإِمام في الخارج؟ وإنما يأتي التكميل من المقتدي فيما فَرَضْنَا أن الإمام قَصَرَ في أجزاء الصلاة، وإذا كان مَبْنَى التحرُّج عمَّا يفعله في الخارج لا يمكن تكميله في المقتدي في الصلاة؛ بل لا يُتَصَوَّر أيضًا. ثم إن سبب تهُّيج هذه الفتن: أن أمر المؤمنين عثمان رضي الله تعالى عنه كان يَسْتَعْمِلُ أقاربه، وكان بعضهم لا يُحْسِنُون العمل، فَقَدَحَ الناس فيهم، وبلَّغُوا أمرهم إلى عثمان رضي الله تعالى عنه، فلم يصدِّقهم وظنَّ أنهم يَغُرُّون بأقاربه بلا سببٍ، ولعلَّلهم لا يَطِيب بأنفسهم تولية أقاربه، فُيشُون بهم. ومرَّ على ذلك بُرْهةٌ من الزمان حتى جاءه محمد بن أبي بكر يَسْتَعْمِلُه، فأمر مروان - وكان كاتبًا له - أن يَكْتُب إذا جاءكم محمد بن أبي بكر فاقبلوه، فكَتَبَ مروان: فاقتلوه، مكان فاقبلوه، واتَّفق أن محمد بن أبي بكر فَعَلَ فِعْل المُتَلَمِّس، فَفَتَحَ المكتوب، فإِذا فيه أمر القتل، فرجع على أعقابه وقصَّه على عليّ رضي الله عنه، فطلب عليّ رضي الله عنه مروان، فلم يفعله عثمان رضي الله عنه، وعند ذلك أثارت تلك الفِتَن وهاجت حتى مضى عليه

57 - باب يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواء إذا كانا اثنين

قَدَرُ الله، ثم إن عثمان رضي الله عنه وإن لم يَعْزِل أقاربه من أجل شكايات الناس، لكنه لم يَحْمِهم أيضًا. وفي كُتُب التاريخ: أن عليًّا والزُّبَيْر وطلحة رضي الله عنهم لمَّا رأوا أن الحال بَلَغَ هذا المَبْلَغ أرسلوا إليه أولادهم أن يَحْرُسُوه، وكانوا يَزْعُمُون قبله أن البغاة لعلهم يستغيثون إليه، فيقضى بمأمولهم ويُنْجِحُ حاجاتهم، ولم يكن يَخْطُر ببالهم ما انتهى إليه الأمر. وبينما هم في ذلك إذ بَلَغَ عليًّا رضي الله عنه نبأ شهادته، ففرَّ ييَعْدُو ولَطَمَ حُسَيْنًا رضي الله عنه، وقال: أنت ههنا؟ واستشهد عثمان رضي الله عنه، فقال: ليس عندنا به علم، لأن البغاة نزلوا من فوق الجدار، ولم يَدْخُلوا من الباب. ثم رأيت: أن الناس أرادوا أن يُدَافِعُوا عنه فأبى عثمان رضي الله عنه، وقال: لا أحب أن تُسْفَكَ قطرةُ دَمِ امرىءٍ مسلمٍ من أجلي، حتى سألوه عُبَيْدة فأجاب: أن كل من يَغْمُدُ السيف منكم فهو حرٌّ. وهكذا منذ بَدْء الزمان: أن من لا يَنْتَصِر لنفسه، لا يُنْصَر له، ويَتَنَحَّى عنه الناس. قوله: (فقال: الصلاة أحسن) ... الخ، وعُلِمَ منه أن المُسِيء لو فَعَلَ فِعْلا حَسَنًا، فهو حَسَنٌ، ولا يصير قبيحًا. 57 - باب يَقُومُ عَنْ يَمِينِ الإِمَامِ بِحِذَائِهِ سَوَاءً إِذَا كَانَا اثْنَيْنِ 697 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بِتُّ فِى بَيْتِ خَالَتِى مَيْمُونَةَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْعِشَاءَ، ثُمَّ جَاءَ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ فَجِئْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَجَعَلَنِى عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ نَامَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ - أَوْ قَالَ خَطِيطَهُ - ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ. أطرافه 117، 138، 183، 698، 699، 726، 728، 859، 992، 1198، 4569، 4570، 4571، 4572، 5919، 6215، 6316، 7452 - تحفة 5496 - 179/ 1 وهو المسألة عندنا. نعم إذا كان اثنان، فالأحسن أن يتأخَّرا عنه. 697 - قوله: (فَصَلَّى أربع ركعاتٍ) وهي السنة بعد العشاء. قوله: (ثم قام .. فَصَلَّى خمسَ ركعاتٍ)، وهذا القيام لصلاة الليل، وقد عَلِمْتَ الاختلاف في عدد صلاته صلى الله عليه وسلّم في تلك الليلة، وأن الرَّاوي قد اقتصر فيه على ذكر قطعة من صلاته، وترك باقيها. 58 - باب إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، فَحَوَّلَهُ الإِمَامُ إِلَى يَمِينِهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلاَتُهُمَا 698 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ نِمْتُ عِنْدَ مَيْمُونَةَ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى، فَقُمْتُ

59 - باب إذا لم ينو الإمام أن يؤم ثم جاء قوم فأمهم

عَلَى يَسَارِهِ، فَأَخَذَنِى فَجَعَلَنِى عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ - وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ - ثُمَّ أَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ، فَخَرَجَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. قَالَ عَمْرٌو فَحَدَّثْتُ بِهِ بُكَيْرًا فَقَالَ حَدَّثَنِى كُرَيْبٌ بِذَلِكَ. أطرافه 117، 138، 183، 697، 699، 726، 728، 859، 992، 1198، 4569، 4570، 4571، 4572، 5919، 6215، 6316، 7452 تحفة 6362، 6341 أ وهكذا فَعَلَه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم مع ابن عبَّاس رضي الله عنه في مبيته في بيت خالته. واسْتَفَدْتُ أن الكراهة إذا طرأت في الصلاة، ينبغي أن تُرْفَع في خلال الصلاة. ولا توجد تلك المسألة في الفقه، وإنما اسْتَنْبَطْتُها من هذا الحديث. 698 - قوله: (فصلَّى ثلاثَ عشرةَ ركعةً) هذه ركعات النبيّ صلى الله عليه وسلّم في تلك الليلة. وقد اختصر فيه الرَّاوي في الرواية المارَّة. وفي إسناده مَخْرَمة وعند الطَّحَاوي قَيْس بدله، والصواب مَخْرَمة كما في هذا الكتاب. ثم عن مَخْرَمة هذا أن تلك الخمسة هي ركعتان من صلاة الليل وثلاث الوتر، كما قرَّرناه سابقًا. والاضطجاع في تلك الواقعة قبل سنة الفجر بعد صلاة الليل. 59 - باب إِذَا لَمْ يَنْوِ الإِمَامُ أَنْ يَؤُمَّ ثُمَّ جَاءَ قَوْمٌ فَأَمَّهُمْ 699 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بِتُّ عِنْدَ خَالَتِى فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ، فَقُمْتُ أُصَلِّى مَعَهُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِرَأْسِى فَأَقَامَنِى عَنْ يَمِينِهِ. أطرافه 117، 138، 183، 697، 698، 726، 728، 859، 992، 1198، 4569، 4570، 4571، 4572، 5919، 6215، 6316، 7452 - تحفة 5529 ونية الإمامة ليست بشرطٍ عندنا أيضًا إلا في مسألة المحاذاة، فإِن مسائلها لا تأتي إلا عند نية الإمام إمامتها. 60 - باب إِذَا طَوَّلَ الإِمَامُ، وَكَانَ لِلرَّجُلِ حَاجَةٌ، فَخَرَجَ فَصَلَّى 700 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ كَانَ يُصَلِّى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ. أطرافه فى 701، 705، 711، 6106 - تحفة 2552 701 - وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يُصَلِّى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ، فَصَلَّى الْعِشَاءَ فَقَرَأَ بِالْبَقَرَةِ، فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ، فَكَأَنَّ مُعَاذًا تَنَاوَلَ مِنْهُ، فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «فَتَّانٌ فَتَّانٌ فَتَّانٌ» ثَلاَثَ مِرَارٍ أَوْ قَالَ «فَاتِنًا فَاتِنًا فَاتِنٌ» وَأَمَرَهُ بِسُورَتَيْنِ مِنْ أَوْسَطِ الْمُفَصَّلِ. قَالَ عَمْرٌو لاَ أَحْفَظُهُمَا. أطرافه 700، 705، 711، 6106 - تحفة 2552 - 180/ 1

وهذا أيضًا من فروع القدوة، فجوز عند الشافعية أن يتحوَّل المقتدي إلى الاقتداء. وحملوا هذه الواقعة على أنه لم يَخْرُج عن صلاته، بل تحوَّل إلى الانفراد من خلال صلاته. قلتُ: وعند مسلم صراحةً: «أنه سلَّم ثم صلَّى لنفسه في ناحية المسجد»، وعلَّل النووي هذا اللفظ. وعندنا لا سبيلَ للخروج عنها إلا بعملٍ مُفْسِدٍ، ولا أثر للنيات، فإن نَوَى المقتدي أن يَخْرُجَ عن الاقتداء، أو نَوىَ المُنْفَرِد أن يتحوَّل إلى الاقتداء، ليس له ذلك، وهما على حالهما كما كان. وإنما السبيل أن يسلِّم، أو يَعْمَلَ عملا يَخْرُج به عن صلاته، ثم يَدْخُل في صلاة أخرى. 701 - قوله: (قال: كان مُعَاذ يُصَلِّي مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم) وعلم أن الكلامَ في صلاة مُعَاذ رضي الله تعالى عنه مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وصلاته بقومه طويلٌ يحتاج إلى تَعَمُّل فِكْرٍ، وإمعان نَظَرٍ، وعليه تُبْتَنَى مسألة اقتداء المُفْتَرِض خلف المتنفِّل، واختاره الشافعية. فإن ثَبَتَ أن مُعَاذًا كان يصلِّي مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فريضته، ثم كان يصلِّي بقومه أيضًا ثَبَتَ اقتداء المُفْتَرِض خلف المتنفِّل وإلا فلا. ولا يجوز عندنا للتضمُّنِ المُعْتَبرِ بين صلاة الإمام وصلاة المقتدي، وكذا عند أحمد رحمه الله تعالى، وعند مالك رحمه الله تعالى في روايته. وعند الترمذي: أن الإِمام ضامنٌ، فلا بُدَّ أن يكون التضمُّن مُرَاعى. ثم إن الطَّحَاويَّ ذكر في «شرح معاني الآثار»: أن الفريضة تحتوي على أمرين: ذات الصلاة، ووصف الفرضية، بخلاف النافلة، فليست فيها إلا ذات الصلاة. فإن قلتَ: قد اعْتُبِرَ فيها وصف النفليَّة، فاشتملت على الأمرين أيضًا كالفريضة. قلنا: كلا، فإن النفل وإن كان وصفًا، لكنَّ ذات الصلاة لا تنفك عنه عند الإطلاق بخلاف الفرضية، ولذا يُحْتَاجُ فيها إلى النية الزائدة على نفس الصلاة. فلا تَقَعُ فريضة إلاّ بعد نيتها بخلاف النفل، لأنه أدنى مرتبة الجنس، فَتَقَعُ عليه عند انعدام النية أيضًا. إذا عَلِمْتَ هذا، فاعلم: أنَّ الإمام إن كان متنفلا فصلاته نصف صلاة المقتدي المُفْتَرِض على الفرض المذكور، والشيء لا يتضمَّن إلا ما هو دونه أو يساويه، ولا يتضمَّن ما فوقه؛ بل يستحيل أن يتضمَّنه، ثم إن ههنا دقيقة أخرى غَفَلَ عنها الناس وغَلِطُوا فيها، حتى وقع فيه بعض من علماء المذاهب الأخرى أيضًا، فيَزْعُمُون أن المذهب عندنا هو التنفُّل دون الإعادة، فيعيدها ويَنْوِي النفل، وإعادة الصلاة بنية النفل هو الذي عَنَوْه بالتنفُّل والمذاهب الأخرى قائلةٌ بالإعادة، أي يصلِّي تلك الصلاة بعينها ولا ينوي النفل، حتى أنهم اختلفوا في أن أيًّا من صلاتيه تقع عن الفريضة: فقال بعضهم: إن الفريضة تَسْقُطُ بأُولى صلاتيه. وقال آخرون: بل تَسْقُطُ بأكمل منهما، ولا يُحْكَم على إحداهما بتًا، كما في «الموطَّأ» عن ابن عمر رضي الله عنه لمَّا سُئل عن ذلك فوَّضه إلى الله. الحاصل: أن الحنفية عامتهم يُعَبِّرُون في صلاة مُعَاذ رضي الله عنه أنها كانت نافلة خلف

رسول الله صلى الله عليه وسلّم وفريضة في قومه، وتخالفه ألفاظ الأحاديث جملة. فإن الرواة كافة يُصَرِّحُون بأن مُعَاذًا كان يصلِّي بهم عينَ ما كان يصلِّي خلف النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ولا يقول واحدٌ منهم: إنه كان يُصَلِّي خلف النبيِّ صلى الله عليه وسلّم نافلةً؛ بل كلهم يقول: إنه كان يصلِّي العشاء خلف النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ويُصَلِّي بهم أيضًا تلك. وهذا القصور في عبارات المتأخِّرين. والقدماء منا لم يقولوا إلا بالإعادة، ولم يفهم واحدٌ منهم أنه كان ينوي النفل، بل في الكُتُب الأربعة لمحمد رحمه الله تعالى لفظ الإعادة، وهي اسم لتكرار عين الصلاة، فيُصَلِّي العشاء ثم يصلِّيها ثانيًا بذلك الاسم، ولا ينوي النفل. وبه صَرَّح الطحاويُّ في موضعين، فنصُّ الطحاويِّ في واحدٍ منهما: فلا بأس أن يفعل فيها ما ذُكِرَ، ثم من صلاته إياها مع الإمام على أنها نافلة له غير المغرب ... الخ. وفي موضعٍ آخر وممن قال بأنه لا يُعَاد من الصلاة إلا الظهر والعشاء الآخرة: أبو حنيفة وأبو يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى اهـ. فصَرَّح أن الإعادة مُعْتَبَرَةٌ عندنا أيضًا، كما هو عند سائر الأئمة، إلا أنه في الصلاتين فقط. ومعنى قوله على أنها نافلة: أي أنه لا ينوي النفل، ولكنه تَقَعُ عنه نافلة إذ سَقَطَ فرضه عن ذمته بأُولى صلاتيه إن كان نَوَى بها إسقاط الفريضة، وحينئذٍ اتَّضَحَ أن المذهب أنه يصلِّي صلاةً واحدةً مرتين، بمعنى أنها إن كانت عشاءً يُعِيدُها عشاءً، ولا ينوي غير العشاء، وإن ظهرًا فظهرًا، وهكذا. نعم إن نَوَى إسقاط الفريضة بأُولى صلاتيه لا تقع الأخرى إلا نافلةً، وذلك لأن ذمته قد فَرَغَت بالأُولى، فلا تقع الثانية إلاّ نفلا، ولعلك فَهِمْتَ الآن الفرق بين قولنا: تنقَّل بكذا أو صلّى نافلةً، وبين قولنا: صلَّى على أنها نافلة. فإن الأول يَدُلُّ على نية النفل، والثاني على أنه لم ينو إلاّ عينَ تلك الصلاة، ثم وقعت نفلا بدون نيةٍ منه. فإن قلتَ: إنك إذا نَوَيْتَ العشاء في الموضعين، فكيف تقع الثانية نافلة؟ قلتُ: كصلاة الصبيان، فإنهم لا يَنْوُون صلواتهم إلاّ بأسمائها كالفجر والظهر وغيرهما، ثم لا تقع عنهم إلاّ نافلةً، لا أنهم يَنْوُون نفلا ويُصَلُّون متنفِّلين من أول الأمر. فهكذا حال من أسقط الفريضة عن ذمته مرةً، فإنه أيضًا ينوي تلك الصلاة، ولا تقع عنه إلاّ نافلةً (¬1)، وهو الذي عَنَاه الطحاويُّ بقوله: على أنها نافلة. ثم إن الطحاويَّ لم يَذْكُر بين الأئمة خلافًا في نفس الإعادة، فعُلِمَ أن الإعادة متفقٌ عليها إجماعًا. وإنما الخلافُ في إعادة الكلِّ أو البعض منها، فذَهَبَ الشافعيةُ إلى أنه يُعِيدُ الصلوات الخمس، وذهب الحنفية رحمهم الله تعالى إلى أنه لا يُعِيدُ إِلاّ الظهر والعشاء. فلا ينبغي إقامة الخلاف في نفس الإعادة بعد هذا الصَّدْع والإعلان. ومن ههنا تبيَّن أن من قال: إنه كان يُصَلِّي ¬

_ (¬1) قلت: سمعت من شيخي جزئية تنفعك ههنا أيضًا وهي: أن الأمير لو أمر بالصيام في أيام الوباء، يجب عليهم الصيام، كذا ذكره الحموي في "الأشباه"، وليس معناها إلا أن فعله واجبٌ، ثم يقع نفلًا لا غير، فافهم.

في قومه تَطَوُّعًا، فقد أخذ بالثمرة، ثم وقع الناس في المغالطة من تعبيره. مع أن الحق ما حقَّقناه، وخلافه خلاف الصواب. وإذا تقرَّر هذا، لم يبقَ بيننا وبين الشافعية خلاف في صلاة مُعَاذ رضي الله عنه، إلا أنهم قالوا: إن أُولى صلاتيه كانت فريضةً والأخرى نافلةً، وقلنا بعكسه. وحينئذٍ اعْتَدَلْنَا ككفتي الميزان، لا مَزِيَّة لهم علينا، لأن ما ادَّعُوه من باب الرجم بالغيب، فمن أين عَلِمُوا أن صلاة مُعَاذ رضي الله عنه خلف النبيّ صلى الله عليه وسلّم كانت هي الفريضة ولا يُعْلَمُ حال النية إلاّ من قِبَلِهِ، وما لم يبيِّن هو بنفسه، فجَعَلَ أُولى صلاتيه فريضة تحكم (¬1)، لِمَ لا يجوز أن تكون تلك نافلة، والأخرى بعكس ما قلتم؟ فإن قلتَ: إن مُعَاذًا رضي الله إذا نَوَى العشاء أول مرة على ما قلتم، وقع عن فريضة لا مَحَالة. قلتُ: كلاّ، فإنك قد عَلِمْتَ في مُفْتَتَحِ الكلامِ أن الفريضةَ تَحْتَاجُ إلى نيةٍ زائدةٍ على أصل الصلاة، وهي نيةُ وصف الفرضية، فإنه يتضمَّن أمرين: الصلاةَ، وذلك الوصف. فإذا أَطْلَق في النية ولم ينوِ هذا الوصف، لا تقع إلاّ نافلةً، ولعلّ صلاة مُعَاذ رضي الله عنه مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كانت لإحراز فضيلة جماعة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وصلاته في قومه كانت لإسقاطها عن ذمته، بل هو الظاهر على أصلنا. فإنه كان إمام قومه، فلا بُدَّ أن ينوي صلاةً يَصِحُّ اقتداؤهم به، وذلك على ما قلنا. ولسنا ندَّعي أنه كان يَفْعَلُ كذلك؛ بل نقول: إنا نتوازن في الفِعَال حذو المثقال، ولا نرضى بِخطَّة عَسْفٍ. على أنك قد عَلِمْتَ فيما سَلَفَ؛ أن الصلاةَ حقيقةٌ واحدةٌ تَشْتَرِكُ بين الفريضة والتطوُّع، وإنما تختلف من جهة لُحُوق الأمر وعدمه، فإذا لَحِقَ بها الأمر صارت فريضةً، وإلاّ بقيت نافلةً، فلا فرق بينهما إلاّ بلُحُوق الأمر وعدم لُحُوقه، وهو من الخارج لا من نفس حقيقتها، وعلى هذا، ففي الموضعين هي العشاء لا غير، وإنما الفرق بينهما بكون إحدى العشاءين مأمورًا بها، والآخرى غير مأمورٍ بها، وذلك لا يوجب سَلْب اسم العشاء عمَّا لم يُؤْمَر بها. أَلا ترى أن صلاة الصبيان لا تُسَمَّى إلاّ باسم العشاء مع عدم كونهم مأمورين بها؟ فَعُلِمَ أنه لا فرق في إطلاق الاسم على ما هو مأمورٌ بها، وعلى ما ليس بمأمورٍ بها، فهي العشاء في كلا الموضعين، نعم التي نَوَى بها براءة ذمته هي الفريضة لكونها مأمورًا بها بخلاف الأخرى، وذلك إليه، أسقط فريضته من أي صلاتيه شاء، وإنما يَصْعُب فَهْمُهُ على الذهن الذي ارْتَاضَ بإطلاق العشاء على الفريضة فقط، ولم يتَّفِقْ له أن يُعِيدَ العشاء على أنها نافلة كما في هذا الزمان. وأصْرَحُ ما احتجَّ به الشافعيةُ رحمهم الله تعالى ما رواه الشافعيُّ عن جابر في هذا الحديث ¬

_ (¬1) ونعم ما قال ابن العربي في "شرح الترمذي": إنه ليس في حديث مُعَاذ رضي الله عنه كيفية نية مُعَاذ رضي الله عنه، وقولُ جابر رضي الله عنه: "هي له تطوع ولهم فريضة"، إخبارُ غائب عن غير شيء، ومَنْ لجابر رضي الله عنه بما كان ينويه مُعَاذ رضي الله عنه. اهـ. وسيجيء ما فيه عن الطحاوي إن شاء الله تعالى.

زيادة: «هي لهم فريضةٌ وله تطوُّعٌ»، أي يقع له تطوُّع، وهو في «المشكاة» أيضًا. قلتُ: وعلَّله الطحاويُّ (¬1)، وكذا علَّله أحمد رحمه الله تعالى وقال: أخشى أن لا يكون محفوظًا، ونقله ابن الجوزي، وأبو البركات الحافظ مجد الدين ابن تيمية الحرَّاني أيضًا، وأراد الحافظ رحمه الله تعالى أن يقوِّيه شيئًا، فأخرج له طُرُقًا عديدةً، لكنه أَلانَ في الكلام، لأن مَقَالة أحمد رحمه الله تعالى بين عينيه. قلتُ: والوجدان يحكم بأنه مُدْرَجٌ، لأن في إسناده ابن جُرَيْج، ومذهبه جواز اقتداء المُفْتَرِض خلف المُتَنَفِّل، ولعلّ الإدراج جاء من قِبَله، وإنما يتأخَّر في مثل هذه الأمور مَنْ لا يجرِّب الأمور، فلا يمكن أن يَثْبُت على قدميه، أمَّا مَنْ رزقه الله علمًا ووفَّقه، فهو على نور من ربه، يَحْكُمُ بحسب ذوقه: صدَّقه أحدٌ أو لا. والجواب الثاني له: أنا لو سلَّمنا أن مُعَاذًا رضي الله عنه كان يُصَلِّي بهم مُتَنَفِّلا، فأي دليلٍ عندكم على أنه صلى الله عليه وسلّم كان يَعْلَمُه أيضًا؟ فَرُبَّ أشياءَ قد فُعِلُت بمحضرٍ منه صلى الله عليه وسلّم ثم إذا اطَّلَعَ عليها نهى عنها، كالتيمم إلى الآباط والمناكب، والتمعُّك في التراب، وله نظائر غير محصورة، لا سِيَّما إذا كان عندنا ما يَدُلُّ على أنه إذا عَلمَه نَهَى عنه، فقد أخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لمَّا بَلَغَه خبرَه نَهَى عنه، وقال: «إمَّا أن تصلِّي معي، وإمَّا أن تخفِّف عن قومك»، وهو في «المسند» لأحمد والبزَّار، وحَكَمَ عليه ابن حَزْم بالإرسال واختلفوا في شرحه على ثلاثة أقوال. الأول: ما شَرَحَ به الطَّحَاوِيُّ، وهو الأرجح، أي إمَّا أن تصلِّي معي فقط، فلا تُصَلِّ مع قومك، وإمَّا أن تُصَلِّ مع قومك، أي فلا تُصَلِّ معي، فَنَهَى على هذا التقدير عن الإعادة رأسًا، لأن الصلاة مرتين كانت تُوجِبُ التثقيل عليهم، لتأخُّره عَنهم بالصلاة مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وهذا الشّرْحُ يُبْنَى على أنه لم يكن عند النبيِّ صلى الله عليه وسلّم عِلْمٌ من صلاته مرتين، فإذَا عَلِمَه نَهَى عنه، وعلَّمَه أن لا يُصَلِّي إلا مرَّة إمَّا معه، أو مع قومه، وذلك لأنه قال: «إمَّا أن تُصَلِّي معي»، فَعُلِمَ أنه لم يكن عن خبره من أنه يصلِّيها معه أيضًا. ولو كان له عِلْمٌ أنه يصلِّيها معه أيضًا، لم يَقُل له: «إمَّا أن تُصَلِّي معي». والشرح الثاني للحافظ ابن حَجَر رحمه الله تعالى حيث قال: معناه إمَّا أن تصلِّي معي فقط، أو تُصَلِّي معي وتخفِّف عن قومك. وحاصله: أن المعادلة في الحقيقة بين الشيء ¬

_ (¬1) قال الطحاويُّ في "معاني الآثار": أن ابن عُيَيْنَة قد روى هذا الحديث عن عمرو بن دِينَار كما رواه ابن جُرَيْج، وجاء به تامًّا، وساقه أحسن من سِيَاق ابن جُرَيْج، غير أنه لم يَقُل فيه هذا الذي قاله ابن جُرَيج: "هي له تطوُّع، ولهم فريضة"، فيجوز أن يكون ذلك من كلام ابن جُرَيْج، ويجوز أن يكون من قول عمرو بن دينار، ويجوز أن يكون من قول جابر، فمن أي هؤلاء الثلاثة كان القول، فليس فيه دليل على حقيقة فِعْل مُعَاذ رضي الله عنه أنه كذلك أم لا، لأنهم لم يَحْكُوا ذلك عن مُعَاذ رضي الله عنه، إنما قالوا قولًا على أن عندهم كذلك، وقد يجوز أن يكون في الحقيقة بخلاف ذلك، ولو ثَبَتَ ذلك أيضًا، لم يكن في ذلك دليل أنه كان بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو أخبره به لأقرَّه عليه أو غيره. اهـ.

والشيئين، فأمره بالصلاة معه فقط، فإِن أبى إلا أن يصلِّي مع قومه أيضًا، فعليه أن يخفِّف، وذلك لأن «إمَّا» و «أو» يقتضيان التَّقَابُل، ولا يستقيم التَّقَابُل بين الصلاة معه، والتخفيف عن قومه، بل الصحيح منه بين التخفيف والتطويل، أو الصلاة معه والصلاة معهم. وإنما اضْطَر الحافظ رحمه الله تعالى إلى هذا الشرح، لأنه أراد أن تكون إعادته في عِلْم النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لأنه نافعٌ له، وتعسَّر عليه قوله «إمَّا أن تصلِّي معي»، فجعل المقابلة بين الأمر والأمرين. فبناء هذا الشرح على أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يَعْلَمُ إعادته، فعلَّمه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إمَّا أن يصلِّي معه فقط، أو يصلِّي على عادته في الموضعين، فحينئذٍ، يخفِّف عنهم. قلتُ: وحمل الأحاديث على المذهب بحذفٍ وتقديرٍ ممَّا لا يَعْجَزُ عنه الفحول، وهذا يمكن من كل أحدٍ، ولكن الأَرْجَحَ ما تَبَادر إلى الذهن بدون تَسَاهُلٍ وتَمَحُّلٍ، ولذا رجَّح ابن تَيْمَيِة شرح الطَّحَاوِيِّ. والشرح الثالث لأبي البركات ابن تَيْمَية وهذا نصُّه من «المنتقى» قال: لأنه يَدُلُّ على أنه متى صلّى معه امْتَنَعَتْ إمامته، وبالإجماع لا تَمْتَنِعُ بصلاة النفل معه، فعُلِمَ أنه أراد بهذا القول صلاة الفرض، وأن الذي كان يصلِّي معه كان ينويه نفلا اهـ. وحاصل هذا الشرح: أن مُعَاذًا كان يُصَلِّي مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وهو ظاهرٌ، فلا معنى لقوله: «إمَّا أن تُصَلِّي معي» فلا بُدَّ أن يُقَال إن صلاته في ذهن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لم تكن أصلية، بل كانت نافلة، فأمره أن يُصَلِّي معه، أي الصلاة الأصلية، وهي التي أُرِيدَ بها إسقاط الفريضة، أو يخفِّف عن قومه. وبناء هذا الشرح على أن تكراره كان في علم النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ولكن ما قدَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلّم من حاله هو أنه يُصَلِّي خلفه نافلةً، ومع قومه فريضةً، فعلَّمه أن لا يفعل كذلك فيما يأتي، بل إمّا أن يصلِّي معه الصلاة الأصلية وينوي بها إسقاط الفريضة، فلا يُصَلِّي مع قومه، وإمَّا أن يصلِّي معه كما كان يُصَلِّي بدون نية إسقاط الفريضة، وحينئذٍ فعليه أن يخفِّف عن قومه. قلتُ: ولا أراكَ تريبُ في أن أُرَجِّحَ من الشروح ما اختاره الطَّحاوي. بقي نظير الحافظ بعدم صحة المقابل على هذا التقدير، فأقول في جوابه إن المعادلةَ قائمةٌ ولطيفةٌ، وهي عندي على حدِّ قوله تعالى: {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ} [سبأ: 8] فقابل بين الافتراء والجِنَّة، والذي يقتضيه سَوْقُ الكلام أن يكون هذا افترى على الله كَذِبًا أم لم يَفْتَرِ لأن المعادل صراحةً هو عدم الافتراء، ولكنه حذفه وأقام مقامه لازمه وهو الجنون، لأن الجنونَ لا افتراءَ له فهكذا نقول: إن أصل الكلام إمَّا أن تصلِّي معه، فاقتصر عليها، ولا تُصَلِّ بهم ثقيلةً أو خفيفةً، وإمَّا أن تُصَلِّي معهم، فعليك أن تخفِّف. وإنما حَذَفَ أن تصلِّي من المعطوف لأن المقصود من الصلاة معهم كان التخفيف، لا نفس الصلاة. فذكر الجزء المقصود ههنا، وحذف الصلاة معهم اختصارًا واعتمادًا على المعادل الآخر. فأصل المعادلة بين الأربعة، حَذَفَ الاثنين منها، كما حَذْفَ من قوله تعالى: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] فإذا تَطَهَّرْنَ على ما قررنا، فإن ما بعد الغاية لا يَلْتَئِمُ فيه ممَّا قبلها، والجواب كما مرَّ: أن أصل الكلام حتى يَطْهُرْنَ وَيَتَطَهَّرْنَ .. الخ. فإذا طهرن وتطهرن فَحَذَفَ أحد المعادلين

للقرينة الظاهرة، أما الكلام في إسناد رواية الطَّحَاوِيِّ، فقد ذكرناه في الترمذي. والجواب الثالث للطَّحَاوِي: أنا لو سلَّمنا أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يَعْلَمُ صنيعه ذلك، ومع ذلك لم يُنْكِرْ عليه، فأيُّ دليلٍ عندكم على أنه لم يكن في زمنٍ كان يصلِّي فيه الفرائض مرتين، ومرَّ عليه ابن دقيق العيد في «شرح عمدة الأحكام»، وقال: إن الطَّحاويَّ وإن حَمَلَه على زمان تكرار الفرائض، ولكن لم يبيِّن مُسْتَنَده في ذلك. قال الحافظ رحمه الله: وكأنه لم يَقِفْ على كتاب الطَّحَاويِّ، فإن الطَّحَاوِيَّ قد ذكره في باب صلاة الخوف، وذكر نسخه من قوله: «لا تُصَلُّوا صلاةً في يومٍ مرتين»، قلتُ: ورجاله كلُّهم ثقاتٌ إلاّ خالد، وقد ذَكَرْتُ تحقيقه في درس الترمذي. فهذه ثلاثة أجوبة للطَّحَاويِّ، وذلك تقريرها، والذي كُشِفَ لي بفضل المفضل المنعام: أنه لا تكرار ههنا أصلا إلا في واقعة، فإن ما يذكره الرواة في عادته هو صلاته مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وصلاته في قومه فقط، أمَّا أنه كان يُصَلِّي بهم عينَ ما صلَّى خلف النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فلم يتكلَّم به أحدٌ منهم ولا حرفٍ، وإنما هو من بداهة الوهم (¬1)، أَلا ترى إلى لفظ البخاريِّ: «كان مُعَاذ بن جبل يُصَلِّي مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ثم يَرْجِعُ فَيَؤُمُّ قومه ... » الخ، فأين فيه أنه كان يكرِّر صلاةً واحدةً بعينها، وإنما فيه أن عادته كانت بصلاته معه صلى الله عليه وسلّم ثم الصلاة بهم بعد رجوعه عنه، وليس فيه أنها كانت عينَ تلك الصلاة. ¬

_ (¬1) قلتُ: وما في بعض الروايات: "أنه كان يُصَلي بهم تلك الصلاة ... " إلخ. فقد أجاب عنه الشيخ في درس الترمذي. وحاصله: أن الناس حَمَلُوا قوله: "تلك الصلاة" على ذات الصلاة التي صلَّاها مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، مع أنه يمكن أن يكون المراد منه التشبيه في صفتها في التطويل، والمعنى: أن معاذًا رضي الله عنه كان يُصَلي بقومه على شاكلة صلاة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في التطويل، وهذا كما عند الترمذي في الاستسقاء: "ولم يَخْطُب خطبتكم هذه ... ". إلخ. أي في الإطالة، وإنما يَتَبَادر منه الذهن إلى تكرار الصلاة بعينها لممارسته ذلك، وإلَّا فلا حَجر في حمل اللفظ على ما قلنا، والإنسان يتلكَّأ عن قَبُول كل شيءٍ جديدٍ لم تسمعه أذناه، وقد أبداه ابن العربي احتمالًا، ولا ريب أنه أيضًا احتمالٌ صحيحٌ، فليجعله رابعًا مع الثلاثة التي أبداها الطَّحاويُّ، أَمَّا حقيقة الحال فالله أعلم به. يقول العبد الضعيف: وقد كان الشيخ رحمه الله تعالى يُنْكِرُ الإعادة مطلقًا، حتى في الواقعة المذكورة عند أبي داود أيضًا، وقد ذكره ابن العربي احتمالًا، فإِن شِئتَ قلتَ بنفي التكرار مطلقًا، وإِن شِئتَ أثبته في واقعةٍ واحدةٍ، كما عند أبي داود، وذكرناها في الصلب، فإن اخترت النفي رأسًا، فمعنى قوله عند أبي داود: "ثم جاء يَؤُمُّ قومه، فقرأ البقرة ... " إلخ. ثم جاء يَؤمُّهم بشاكلة الصلاة التي صلَّاها خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أخَّرَ فيها، فتعلَّم منه التأخير، فذهب ينقلها ويصلي بها في قومه أيضًا، ثم إن في البخاري واقعةً أخرى في تطويل الصلاة عن أبي مسعود رضي الله عنه، وهي في الفجر، وقد اختُلِفَ فيها أنها واقعةُ مُعَاذ رضي الله عنه، أو أُبيّ بن كعب رضي الله عنه، واختار الحافظ رحمه الله تعالى أنها واقعة أُبيّ رضي الله عنه، فإن الواقعة المذكورة واقعة قُبَاء. والإمام فيها كان أُبَيًا. قلتُ: وما تمسَّك به الحافظ رحمه الله تعالى فيه: عيسى ابن جارية، وهو ضعيفٌ عند أكثر المحدِّثين، وعندي رواية صريحة أن مُعَاذًا رضي الله عنه أيضًا كان إمامًا لهم في زمنٍ ما، ولكنه لم يَثْبُت في روايته أنه صلَّى الفجر خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم أمَّ قومه في بني سَلَمة، ولا مرةً واحدةً، فلم يكن التكرار من طريقه أصلًا، فاعلمه.

والذي يتبَّين من الروايات أن ما كان يصلِّيها مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم هي صلاة المغرب، ثم يَرْجِعُ إلى قومه فَيؤُمُّهم في العشاء. ثم إن مُعَاذًا رضي الله تعالى عنه لم يكن متفرِّدًا في ذلك، بل كان هذا دَأْبُ قومه، فكانوا يُصَلُّون المغرب مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ثم يَرْجِعُون ويصلُّون العشاء في ظلمةٍ من الليل. فقد أخرج الطَّحَاوِيُّ في باب القراءة في صلاة المغرب، عن الزُّهْرِيِّ، عن بعض بني سَلَمة: «أنهم كانوا يُصَلُّون مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم المغرب، ثم يَنْصَرِفُون إلى أهلهم وهم يُبْصِرُون موقع النَّبْلِ على قدر ثلثي ميل». اهـ وعن جابر بن عبد الله قال: «كنا نُصَلِّي مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم المغربَ، ثم نأتي بني سَلَمة وإنَّا لَنُبْصِر مواقع النَّبْل». اهـ. وعن عليِّ بن بلال قال: «صلَّيت مع نفرٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم من الأنصار، فحدَّثوني أنهم كانوا يُصَلُّون مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم المغرب ثم يَنْطَلِقُونَ يَرْتَمُونَ لا يَخْفَى عليهم موقع سهامهم، حتى يأتوا ديارهم، وهم في أقصى المدينة في بني سَلَمة». اهـ. وبنو سَلَمة هؤلاء هم قوم مُعَاذ رضي الله تعالى عنه، وقد عَلِمْتَ من عادته ما كانت ثم إن قصة مُعَاذ رضي الله تعالى عنه يرويها جابر رضي الله تعالى عنه، وهو نفسه يروي ما كانت عادة قومه، فلا تكون عادة مُعَاذ رضي الله تعالى عنه خاصةً مع قطع النظر عن عادة قومه كائنةً ما كانت، فقد أخرج الترمذي عن جابر بن عبد الله: «أن مُعَاذ بن جبل كان يُصَلِّي مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم المغرب، ثم يَرْجِعُ إلى قومه فَيَؤُمُّهم». اهـ. قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. فدلَّ صراحةً على أن مُعَاذًا رضي الله تعالى عنه لم يكن يُصَلِّي العشاء مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بل التي كان يصلِّيها معه صلى الله عليه وسلّم هي المغرب، ثم كان يَرْجِعُ إلى قومه وهم بنو سلمة - فكان يَؤُمُّهم في العشاء، ومرَّ عليه البيهقي، ولمَّا لم يَتَنَبَّه على ما قلنا، علَّل ذكر المغرب زعمًا منه أن الصلاة التي كان يصلِّيها مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم هي العشاء، قلتُ: كلا، بل هو صحيحٌ، ولا مرد له ولا وجه لإعلاله بعد ما علمنا من عادة قومه أيضًا. وإذا تبيَّنت وتيقَّنت أن أي صلاتي مُعَاذ كانت مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وأيها كانت مع قومه، عَلِمْتَ أنه لا تكرار ههنا، نعم اتَّفَقَ ذلك مرةً واحدةً فقط، حيث صلَّى مُعَاذ المغرب مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ثم لم يَزَلْ جالسًا معه صلى الله عليه وسلّم حتى صلَّى العشاء، فأبطأ عليهم، ثم أمَّهم بنحو سورة البقرة، وبلغ خبره إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فنهى عنه. فهنا أمران: الأول صلاته مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في المغرب ومع قومه في العشاء، وهذه كانت عادته المستمرة. والثاني تكرار العشاء، ولم يكن ذلك عادة له، وإنما وقع مرةً فقط، ثم أنكر عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم واختلط على عامتهم هذان الأمران، فكلما يذكر الرَّاوي الأمر الأول يحملونه على الثاني وهو الذي حَمَلَ البيهقيُّ على إعلال لفظ المغرب مع أنه صحيحٌ، وأنكر القاضي (¬1) أبو بكر بن العربي التكرار أيضًا كما مَّهدت القول فيه. ¬

_ (¬1) ونصُّ القاضي هكذا: الثاني أن من المحتمل أن يكون النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يصلي معه مُعَاذ رضي الله عنه صلاة النهار، وتفوته صلاة الليل، لأنهم كانوا أهل خدمة لا يَحْضُرُون صلاة النهار في منازلهم وقائلتهم، فأخبر الرَّاوي بحال مُعَاذ رضي الله عنه معًا في وقتين، لا في وقتٍ واحدٍ، وعن صلاتين لا عن صلاةٍ واحدةٍ. انتهى.

ثم إن الدليلَ على أن التكرارَ في العشاء لم يكن عادةً له وإن كانت واقعة جزئية، ما ساقه أبو داود في باب تخفيف الصلاة، عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: «كان مُعَاذ رضي الله تعالى يُصَلِّي مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ثم يَرْجعُ فَيَؤُمُّنَا». قال مرة: «ثم يَرْجِعُ فيصلِّي بقومه». وهذا هو عادته وعادة قومه، وليس فيه أنه كان يُصَلِّي بهم عينَ ما كان يصلِّيها مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وبعد ذلك انتقل الراوي إلى بيان تلك الواقعة، فقال: «فأخَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلّم الصلاةَ - وقال مرةً: العشاء - فصلَّى مُعَاذ رضي الله عنه مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم الصلاةَ، ثم جاء يَؤُمُّ قومه، فقرأ البقرة» اهـ. وسياقه في المتفق عليه قال: «كان مُعَاذ بن جبل يُصَلِّي مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ثم يأتي فَيَؤُمُّ قومه. فصلَّى ليلةً مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم العشاءَ، ثم أتى قومه فأمَّهم». اهـ. فانظر هل أدَّاه بطريق الواقعة، أو على شاكلة العادة، ثم انظر إلى ألفاظ الرجل الذي انحرف عن صلاته هل جعله عادةً، أو واقعةً؟ قالا: «وإن مُعَاذًا صلَّى معك العشاء، ثم أتى قومه فافتتح بسورة البقرة». فهذا كان من أمر معاذ رضي الله عنه، إلا أنه لمَّا ذُكِرَت واقعة العشاء فيما بعد، سَرَى إليَّ الوَهَمُ أن ما ذُكّرَ قبله من عادته هو أيضًا في العشاء، مع أنه ذَكَرَ أولا عادته، ثم انتقل إلى بيان الواقعة. والوَهَم يَعْمَلُ العجائب، وقد قيل: إن الوَهَم خلاق. فإِذا تحقَّقت أنه لم تكن هناك إلا واقعة، وعليها غَضِبَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم غضبًا لم يَغْضَبْ مثله، تحقَّقت أن لا دليل فيها للشافعية، وللحنفية مَسَاغٌ لأن يجعلوا مورد الغضب الأمرين أعني: إطالته، وإعادته. ثم إني تتبعت هذه الواقعة أنها متى كانت، فتبيَّن لي أنها كانت قُبَيْل بدر، وقد ذكرناها في تقرير الترمذي. هذا وبقي بعدُ خبايا في زوايا الكلام، والعلم عند الله العلام. 701 - قوله: (وأمره بسورتين) فليحفظ هذا اللفظ، لأن فيه أنه أمره بهما فَيَدُلُّ على الوجوب كما قال الحنفية؛ والشافعية لم يختاروا وجوب السورة، وإليه يُشِيرُ قوله: «فلولا ¬

_ = قلتُ: لا بأس أن نأتيك باحتمالين آخرين ذكرهما القاضي قال: الثالث: أن هذا الحديث حكاية حالٍ، ولم يُعْلَم كيفيتها، فلا عمل عليها، والرابع: أنه يعارضه قوله: "إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤْتَمَّ به" أي لِيُقْتَدَى به، وإذا قال هذا صلاة الظهر، وقال هذا صلاة العصر، فأيُّ اقتداءٍ ههنا وائتمام. والنية ركنٌ وهي الأصل ألا ترى أنه لا يَحِلُّ له مخالفته في الزمان، لا يركع قبله؛ ولا يرفع قبله، وليس الزمان من أوصاف الصلاة، وإنما هو من مقتضياتها، والنيةُ التي هي ركنُ العبادة، ونفسُها أَوْلَى وأحبُّ، فتَصِيرُ مخالفته في النية نظير مخالفته في الفِعْل الذي هو ركنٌ، فيقوم مع القاعد وَيسْجُدُ مع الراكع، وذلك لا يَجُوزُ، وهذا نفيسٌ جدًا. ثم ذكر القاضي وجهًا خامسًا تمسَّك فيه بحديث أبي داود: "الإمام ضامنٌ"، وقال: قال علماؤنا: معلومٌ أن الإمام لا يَضمَن صلاة المأموم إذا كان المأمومُ لا بدَّ له من فِعْلِها وإنما معنى تضمُّنها صحة وفسادًا: أن تُبْنَى صلاته على صلاته، وذلك لا يَصِحُّ إلَّا بشرط الاتفاق في أصل الفرض ... إلخ. "العارضة". قلتُ: وإنما ذكرتُ عبارة القاضي، لأن فيها بعض منفعة للحنفية رحمهم الله تعالى، ثم إنها تُشيرُ إلى أن التضمّن ليس في الفاتحة، ولذا قيَّده بقوله: إذا كان المأموم ... إلخ، ولذا لم يجعله الشيخ رحمه الله تعالى دَليلًا على نفي الفاتحة، فإنه من مراتب التضمُّن، وذلك إلى المجتهد إن شاء أخذ بكلها أو بعضها.

61 - باب تخفيف الإمام فى القيام وإتمام الركوع والسجود

صلَّيت بسبح اسم ربك الأعلى ... » الخ أمَّا أنا، فلا أرى فرقًا بين الفاتحة والسورة في سِيَاق الأحاديث، غير أن الفاتحة واجبةٌ عينًا، والسورة واجبةٌ بدلا إلا أن من صَرَفَ جميع همته في إثبات الركنية للفاتحة فَتَرَ في إثبات الوجوب للسورة، ولم يَسَعْ له غير السنية، فإن لكل شِرَةٍ فَتْرَة. 61 - باب تَخْفِيفِ الإِمَامِ فِى الْقِيَامِ وَإِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ 702 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ سَمِعْتُ قَيْسًا قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلاً قَالَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى لأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلاَةِ الْغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلاَنٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا. فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ قَالَ «إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ». أطرافه 90، 704، 6110، 7159 - تحفة 10004 62 - باب إِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ 703 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ مِنْهُمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ». تحفة 13815 أراد أن ينبِّه على محل التخفيف، وهو القيام، فيطوِّلُ فيه ويَقْصُرُ بِحَسَبِ التارات والحالات. أمَّا الرُّكوع والسجود، فَيُتِمُّهُمَا في كل حال. قلتُ: ويُعْلَمُ من سنة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وهديه أنه كان لركوعه وسجوده مقدارًا محدودًا، بخلاف القيام فإنه كان يَخْتَلِفُ باختلاف الأحوال. ثم إن هذا في الفرائض، بقيت صلاة الليل، فكان ركوعها وسجودها وقيامها كلها غير منتظمةٍ، لأنها كانت صلاته لنفسه، والرجل مخيَّرٌ فيها. مسألة: تردَّد في «البحر» فيمن يَقْدِرُ أن يصلِّي قائمًا منفردًا وبالجماعة قاعدًا، أيُّهما أفضل له؟ قلتُ: وعندي الأفضل هو الثاني لما عند أبي داود «أن المرضى في عهده صلى الله عليه وسلّم كان يُؤْتَى بهم إلى المساجد». 702 - قوله: (من أجل فلانٍ مِمَّا يُطِيلُ بنا) قيل هو مُعَاذ رضي الله عنه، وقيل هو أُبَيّ رضي الله عنه، لأنها واقعة الفجر، وتطويل مُعَاذ رضي الله عنه كان في العشاء، ومن يراهما متحدين يلتزم أن مُعَاذًا رضي الله عنه طوَّل فيهما. ومن جعلها قصة أُبَيّ رضي الله عنه، ثم رأى جملة: «فإن منكم مُنَفِّرين ... » الخ في حديث مُعَاذ رضي الله عنه، حكم بكونها وَهْمًا في حديثه. وصنيع البخاري يَدُلُّ على أنها ثابتة فيهما عنده، وخالفه الحافظ رحمه الله تعالى، وقال: إنها وَهْمٌ في قصة مُعَاذ رضي الله عنه.

63 - باب من شكا إمامه إذا طول

63 - باب مَنْ شَكَا إِمَامَهُ إِذَا طَوَّلَ وَقَالَ أَبُو أُسَيْدٍ طَوَّلْتَ بِنَا يَا بُنَىَّ. 704 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى لأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلاَةِ فِى الْفَجْرِ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فُلاَنٌ فِيهَا. فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ فِى مَوْضِعٍ كَانَ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ قَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَمَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ». أطرافه 90، 702، 6110، 7159 - تحفة 10004 أراد أن ينبِّه على جواز الشِّكَاية في أمر الخير المحض إذا احتاج إليه، فإن الصلاةَ خيرُ موضوعٍ، ثم شَكَى فيها رجلٌ، فهل يَجُوزُ ذلك؟ ولولا أن المصنِّف رحمه الله تعالى نبَّه عليه لربما تحيَّرنا فيه، فهو مهمٌ إذن. ومثله فِعْلُ المصنِّف رحمه الله تعالى في منع القارىء. عند قراءة القرآن، هل يَجُوزُ أن يمنعه عن قراءة القرآن؟ واستدلَّ على جوازه بقول النبيِّ صلى الله عليه وسلّم «حَسْبُكَ حين بَلَغَ القارىء إلى قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ} [النساء: 41] إلخ كما سيجيء. والحاصل: أن الأمرَ إذا كان خيرًا محضًا في طرفٍ يشتدُّ على النفس النهي عنه من طرفٍ آخر، فهدى المصنِّف لمثله: أنه يجوز إذا كان لمعنى صحيحٍ، وفي إسناده قَيْس بن حازم، وقال أحمد رحمه الله تعالى فيه: إنه أفضل التابعين عندي، وقال آخرون: ليس في التابعين أحدٌ رأى العشرة المبشَّرة غيره، ثم مذهبه تَرْك رفع اليدين، كما في «المصنَّف» لابن أبي شَيْبَة، فلو كان الترك معدومًا محضًا، أو حاملا كما قالوا، لَمَا اختاره من كان رَأَى الأجِلَّة من الصحابة رضي الله عنهم. والحق أن التركَ لا يمكن إعدامه إلى يوم القيامة، وإن جَلَبَوا عليه بخيلهم ورجِلِهم، فإنه من سنة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم تحيى إلى يوم الدين إن شاء الله تعالى، ولا ندَّعي أن الرفعَ ليس بسنةٍ أو خاملٍ، ولكن نُبيِّن حَمْلَةَ الخصوم علينا، حيث يريدون أن لا يبقى في الجنة للحنفية موضع. 705 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىَّ قَالَ أَقْبَلَ رَجُلٌ بِنَاضِحَيْنِ وَقَدْ جَنَحَ اللَّيْلُ، فَوَافَقَ مُعَاذًا يُصَلِّى، فَتَرَكَ نَاضِحَهُ وَأَقْبَلَ إِلَى مُعَاذٍ، فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ أَوِ النِّسَاءِ، فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ، وَبَلَغَهُ أَنَّ مُعَاذًا نَالَ مِنْهُ، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَشَكَا إِلَيْهِ مُعَاذًا، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ أَنْتَ - أَوْ فَاتِنٌ ثَلاَثَ مِرَارٍ - فَلَوْلاَ صَلَّيْتَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، فَإِنَّهُ يُصَلِّى وَرَاءَكَ الْكَبِيرُ وَالضَّعِيفُ وَذُو الْحَاجَةِ». أَحْسِبُ هَذَا فِى الْحَدِيثِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَتَابَعَهُ سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ وَمِسْعَرٌ وَالشَّيْبَانِىُّ. قَالَ

64 - باب الإيجاز فى الصلاة وإكمالها

عَمْرٌو وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مِقْسَمٍ وَأَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَرَأَ مُعَاذٌ فِى الْعِشَاءِ بِالْبَقَرَةِ. وَتَابَعَهُ الأَعْمَشُ عَنْ مُحَارِبٍ. أطرافه 700، 701، 711، 6106 - تحفة 2582، 2388، 3004، 2552 - 181/ 1 705 - قوله: (أَحْسِبُ هذا) أي تلك الجملة، فإنها محفوظة في حديث مُعَاذ رضي الله عنه، وليست وَهْمًا كما قيل، ولذا أخرج له المتابعة. 64 - باب الإِيجَازِ فِى الصَّلاَةِ وَإِكْمَالِهَا 706 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُوجِزُ الصَّلاَةَ وَيُكْمِلُهَا. تحفة 1057 يريد أن الإيجاز والإكمال يمكن اجتماعهما في صلاةٍ واحدةٍ. 65 - باب مَنْ أَخَفَّ الصَّلاَةَ عِنْدَ بُكَاءِ الصَّبِىِّ 707 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَبِى قَتَادَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنِّى لأَقُومُ فِى الصَّلاَةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِىِّ، فَأَتَجَوَّزُ فِى صَلاَتِى كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ». تَابَعَهُ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَبَقِيَّةُ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ. طرفه 868 - تحفة 12110 708 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ إِمَامٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلاَةً وَلاَ أَتَمَّ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَإِنْ كَانَ لَيَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِىِّ فَيُخَفِّفُ مَخَافَةَ أَنْ تُفْتَنَ أُمُّهُ. تحفة 908 709 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنِّى لأَدْخُلُ فِى الصَّلاَةِ وَأَنَا أُرِيدُ إِطَالَتَهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِىِّ، فَأَتَجَوَّزُ فِى صَلاَتِى مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ». طرفه 710 - تحفة 1178 710 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنِّى لأَدْخُلُ فِى الصَّلاَةِ فَأُرِيدُ إِطَالَتَهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِىِّ، فَأَتَجَوَّزُ مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ». طرفه 709 - تحفة 1178 وَقَالَ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. تحفة 1133 66 - باب إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَمَّ قَوْمًا 711 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو النُّعْمَانِ قَالاَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ

67 - باب من أسمع الناس تكبير الإمام

أَيُّوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ مُعَاذٌ يُصَلِّى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ يَأْتِى قَوْمَهُ فَيُصَلِّى بِهِمْ. أطرافه 700، 701، 705، 6106 - تحفة 2504 - 182/ 1 أي كان يريد التطويل، ثم أَخَفَّها في خلال الصلاة، أو أَخَفَّها من أول الأمر، وصلاها ناويًا التخفيف من قبل، فأجاز بهما. وأعلم أن الشافعية أجازوا بالاختصار والإطالة معًا لقياس العكس، وقالوا: إذا جَازَ التخفيف في الصلاة لمكان الحاجة جَازَ التطويل أيضًا، وفَرَّق الحنفية بينهما، وقالوا: إن الاختصارَ تركُ ما كان لله، والتطويلَ زيادةٌ لغير الله. قوله: (وعن محمد أخشى عليه عظيمًا)، أي الكفر. واتفقوا على أن المراد منه كفر النعمة. قلتُ: والذي يَعْلَق بقلبي أن ينهى عنهما: أمَّا الطويل، فلسدِّ باب رعاية ذوي الهيئة، دون ذوي الحاجات. وأمَّا الاختصار، فلأن الفقهاء مَنَعُوا النساء عن حضورهنَّ الجماعات منفردات أو مع صبيانهن، فارْتَفَعَ باب الاختصار، واختار صاحب «الفَتَاوى»: جواز الإطالة في الركوع لإدراك الناس إذا لم يكونوا من رفقائه وممَّن يَعْرفُهُ، وإلا لا (¬1). 707 - قوله: (أُرِيدُ أن أطوِّلَ فيها)، وهذا صريحٌ في التخفيف بعد إرادة التطويل، ورأيت في الخارج: «أنه قرأ فيها بالمُعَوِّذَتَيْنِ أو سُورَتَيْنِ مثلهما، فقال أصحابه: تجوَّزت يا رسول الله، فقال: أَمَا رأيت إلى الصبيِّ يَبْكِي، فَخِفْتُ أَن تُفْتَتَنَ به أمه». - بالمعنى. قوله: (فأسْمَعُ بكاء الصبيِّ)، يمكن أن يكون الصبيان في بيوتهنَّ ويَسْمَعْنَ بكاءهم من المسجد، أو يكونوا في المسجد مع أمهاتهم. 709 - قوله: (مِن شِدَّةَ وَجْدِ أُمِّهِ) الوجد: (دل بهرآنا). 67 - باب مَنْ أَسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإِمَامِ 712 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمَّا مَرِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَضَهُ الَّذِى مَاتَ فِيهِ أَتَاهُ بِلاَلٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاَةِ فَقَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ». قُلْتُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، إِنْ يَقُمْ مَقَامَكَ يَبْكِى فَلاَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِرَاءَةِ. قَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ». فَقُلْتُ مِثْلَهُ فَقَالَ فِى الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ «إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ». فَصَلَّى وَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَخُطُّ بِرِجْلَيْهِ الأَرْضَ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ صَلِّ، فَتَأَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - وَقَعَدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) قلتُ: وفي تذكرة للشيخ عندي: أن لا فرق بين الإطالة والتخفيف، فإن الإطالة إن كانت تُشبِهُ التشريع، فالتخفيف يشبه النَّسْخ، وكلاهما لا يجوز، فَسَقَطَ ما فرَّق به الحنفية بينهما، ولعل الشيخ رحمه الله تعالى عَدَلَ عنه لهذا، واختار التطويل والاختصار كما مرَّ.

68 - باب الرجل يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم

إِلَى جَنْبِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ التَّكْبِيرَ. تَابَعَهُ مُحَاضِرٌ عَنِ الأَعْمَشِ. أطرافه 198، 664، 665، 679، 683، 687، 713، 716، 2588، 3099، 3384، 4442، 4445، 5714، 7303 - تحفة 15945 وهو جائزٌ بالاتفاق، وأفتى ابن الهُمَام رحمه الله تعالى بفساد الصلاة إذا جَهَرَ بالتكبير أَزْيَد من الحاجة، ورَدَّ عليه الحموي، وقرَّر عدم الفساد وإن زَادَ على قدر الحاجة. 712 - قوله: (فلا يَقْدِرُ على القراءة)، ولذا قلتُ فيما مرَّ: إن الاستخلاف في هذه الواقعة يمكن أن يُحْمَل على عذر الحَصْر، فإنه جائزٌ عندنا أيضًا، ولكنه عندي ضعيفٌ ههنا، فالأَوْلى أن يُحْمَل على الخصوصية، كما قال محمد رحمه لله تعالى. 68 - باب الرَّجُلُ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ وَيَأْتَمُّ النَّاسُ بِالْمَأْمُومِ وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «ائْتَمُّوا بِى وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ». 713 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ بِلاَلٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاَةِ فَقَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّىَ بِالنَّاسِ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، وَإِنَّهُ مَتَى مَا يَقُمْ مَقَامَكَ لاَ يُسْمِعُ النَّاسَ، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ. فَقَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّى بِالنَّاسِ». فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ قُولِى لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، وَإِنَّهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ لاَ يُسْمِعِ النَّاسَ، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ. قَالَ «إِنَّكُنَّ لأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّىَ بِالنَّاسِ». فَلَمَّا دَخَلَ فِى الصَّلاَةِ وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى نَفْسِهِ خِفَّةً، فَقَامَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، وَرِجْلاَهُ يَخُطَّانِ فِى الأَرْضِ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ ذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَأَخَّرُ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِى بَكْرٍ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّى قَائِمًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى قَاعِدًا، يَقْتَدِى أَبُو بَكْرٍ بِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسُ مُقْتَدُونَ بِصَلاَةِ أَبِى بَكْرٍ رضى الله عنه. أطرافه 198، 664، 665، 679، 683، 687، 712، 716، 2588، 3099، 3384، 4442، 4445، 5714، 7303 - تحفة 15945 - 183/ 1 69 - باب هَلْ يَأْخُذُ الإِمَامُ إِذَا شَكَّ بِقَوْلِ النَّاسِ؟ 714 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِى تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - انْصَرَفَ مِنَ اثْنَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ أَقَصُرَتِ الصَّلاَةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ». فَقَالَ النَّاسُ نَعَمْ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ. أطرافه 482، 715، 1227، 1228، 1229، 6051، 7250 - تحفة 14449 715 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، فَقِيلَ صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ. فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ. أطرافه 482، 714، 1227، 1228، 1229، 6051، 7250 - تحفة 14952

70 - باب إذا بكى الإمام فى الصلاة

وهذا الذي تَلَوْنا عليك من مذهب المصنِّف رحمه الله تعالى، هو عند الشيخ بدر الدين العَيْني رحمه الله تعالى، فاختار أن الاقتداءَ عنده مُسَلْسَلٌ، يقتدي الصف الثاني بالأول، ثم وثم. ونُسِبَ إلى الشَّعْبِي وابن جَرِير أيضًا. وصرَّح البخاري في «جزء القراءة». أن الركعة لا تُدْرَك بإدراك الركوع. وعلى هذا، فلو اقتدى رجلٌ برجلٍ بركوعه يَصِحُّ اقتداؤه به، ولا يُعَدُّ مُدْركًا للركعة. قلتُ: وما نَسَبَه إليه العَيْنيُّ رحمه الله من تَسَلْسُل الاقتداء، لا يجب أن يكونَ مختارًا له، ولعلَّه اتَّبَعَ في وضع الترجمة لفظ الراوي، ولم يُرِدْ التنبيه على التَّسَلْسُل. قوله: (ائْتَمُّوا بي ولْيَأْتَمَّ بكم مَنْ بَعْدَكم). أخذه البخاري في الإمامة والاقتداء في الصلاة، فمعناه عنده. ولْيَأْتَمَّ بكم من بَعْدَكم من الصفوف. وقال الجمهور: إن الائتمام في تعليم الدين، فاقتدوا أيُّها الصحابة أنتم بي، وليقتدِ الذين بَعْدَكم فيما يأتي من الزمان بكم، وهكذا كل خَلَفٍ يقتدي بسَلَفِهِ، وليس المراد به إمامة الصلاة والاقتداء فيها خاصة. 713 - قوله: (فلَّما دَخَلَ في الصلاة، وَجَدَ رسول الله صلى الله عليه وسلّم في نفسه خِفَّةً، فقام ... ) الخ، وهذا أَصْرَح في أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم خَرَجَ إليهم في العشاء. 70 - باب إِذَا بَكَى الإِمَامُ فِى الصَّلاَةِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ سَمِعْتُ نَشِيجَ عُمَرَ وَأَنَا فِى آخِرِ الصُّفُوفِ يَقْرَأُ {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86]. 716 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِى مَرَضِهِ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّى بِالنَّاسِ». قَالَتْ عَائِشَةُ قُلْتُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِى مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ. فَقَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ». قَالَتْ عَائِشَةُ لِحَفْصَةَ قُولِى لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِى مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ. فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَهْ، إِنَّكُنَّ لأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ». قَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ مَا كُنْتُ لأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا. أطرافه 198، 664، 665، 679، 683، 687، 712، 713، 2588، 3099، 3384، 4442، 4445، 5714، 7303 - تحفة 17153 - 184/ 1 والبكاء إذا كان من وَجَعٍ أو مصيبةٍ يُفْسِدُ، وإن كان من ذِكْرِ الجنة أو النار فهو مطلوبٌ. وقد ثَبَتَ البكاء في الصلاة مرفوعًا، وإنما أخرج المصنِّف رحمه الله تعالى أثر عمر رضي الله عنه، لأن المرفوعَ لم يكن على شرطه. قوله: (وقال عبد الله بن شَدَّاد) وهذا هو صحابي صغير السن، نَكَحَ حَمْزةُ رضي الله عنه أمَّه، وهو الذي يروي حديث: «من كان له إمام، فقراءة الإمام له قراءة»، فلا أقل من أن يكون حديثه مرسل صحابي، مع أنه قد ثَبَتَ مرفوعًا أيضًا، وحقَّقناه في رسالتنا «فصل الخطاب».

71 - باب تسوية الصفوف عند الإقامة وبعدها

71 - باب تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ عِنْدَ الإِقَامَةِ وَبَعْدَهَا 717 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ أَبِى الْجَعْدِ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ». تحفة 11619 ويسويه بالنحوين عند الضرورة، والمراد من قوله: «بعدها»: بعد الإقامة قبل التحريمة، وإن جَازَ بعد التحريمة أيضًا. وكان في زمن عمر رضي الله تعالى عنه رجلٌ مُوَكَّلٌ على التسوية، كان يمشي بين الصفوف ويسوِّيهم، وهو واجبٌ عندنا تُكْرَه الصلاة بتركه تحريمًا، وسنةٌ عند الشافعية لانتفاء مرتبة الواجب عندهم، وذهب ابن حَزْم إلى أنه فرضٌ. ثم اختلفوا في تضعيف الأجر عند اختلاف الصفوف واختلالها، ونَقَل السيُوطي قولين عن الشافعية: الأول: أنه يحصل التضعيف مع وزر النقصان. والثاني: أنه يَحْبَطُ ثواب التضعيف. وعندنا في الصيام أن الثواب يَحْبَطُ في الصوم المكروه، وقيل: يَحْصُل مع النقصان، وعندي يَحْبَطُ في صوم يوم النحر والفطر، فإنه حرامٌ إجماعًا، وفي سائر أيام التشريق يَحْصَل شيءٌ منه. وأمَّا في الصلاة، فَيحْصُلُ أصل التضعيف، ويَنْقُصُ منه ما نَقَصَ فيه من الكراهة، بَقِيَ أن حَبْطَ الثواب لمن خالف فقط، أو للكل؟ قلتُ من عند نفسي: إنه لمن اختلف فقط، ومن سوَّى منهم فقد أَحْرَزَ الأجرَ (¬1). 717 - قوله: (عمرو بن مُرَّة): هذا كوفي، ومذهبه تَرْكُ رفع اليدين، وراجع فيه مع النَّخَعِي، فقال له: إن كان أبوه رآه يرفع مرةً، فقد رآه ابن مسعود وأصحابه يتركه خمسين مرةً. وهو عند الطَّحَاويِّ أيضًا، وإسناده جيدٌ. ومعنى قول ابن مسعود رضي الله عنه وأصحابه رَاجِعْهُ من رسالتي «نيل الفرقدين». قوله: (لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُم): يعني أن الظاهر يُؤَثِّرُ في الباطن، فإذا اختلف في الظاهر، يختلف عليه الباطل أيضًا، ويوجب الخلاف والشقاق فيما بينهم. 718 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَقِيمُوا الصُّفُوفَ فَإِنِّى أَرَاكُمْ خَلْفَ ظَهْرِى». طرفاه 719، 725 - تحفة 1039 ¬

_ (¬1) واعلم أنهم إن عدَّلوا الصف الأول واختلفوا في سائر الصفوف، فهل تُكْرَهُ الصلاة أو لا؟ قلتُ: وَيلزَمُ من قواعد الحنفية أن تكونَ مكروهةً، فإن صلاةَ الجماعة عندهم واحدة بالشخص، فيسري القُبْحُ من جزئها إلى كلَّها. نعم، يمكن على نظر الشافعية أن لا تُكرَهَ صلاتهم، لأن الجماعةَ عندهم عبارةٌ عن الاجتماع في المكان فقط. ثم أظن أن الكراهة لا تكونُ إلَّا في الصف الذي لم يسوّوه. ومن أجل هذه المؤكِّدات ذهب ابن حَزْم رحمه الله تعالى إلى أن التسويةَ من شرائط الصحة، وله كتاب في الأصول المسمَّى بـ: "الإحكام في أصول الأحكام"، وفي الفقه: "المحلى" و"المجلّى"، وقد انتقد عليه قطب الدين الحلبي، غير أنه لم يُطْبَع، وفي تسوية الصف رسالة للسيوطي رحمه الله تعالى سمَّاها: "بسط الكف في تعديل الصف"، كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز معرَّبًا من كلام الشيخ رحمه الله تعالى.

72 - باب إقبال الإمام على الناس عند تسوية الصفوف

718 - قوله: (فإني أَرَاكُمْ) يعني أنكم إن لا تَسْتَحْيُون من الله فاسْتَحْيُوا مني، فإِني أراكم. وعن أحمد رحمه الله تعالى: أنه كان معجزةً من النبيِّ صلى الله عليه وسلّم 72 - باب إِقْبَالِ الإِمَامِ عَلَى النَّاسِ عِنْدَ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ 719 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ قَالَ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِوَجْهِهِ فَقَالَ «أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ وَتَرَاصُّوا، فَإِنِّى أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِى». طرفاه 718، 725 - تحفة 658 719 - قوله: (فأقبل علينا)، وعند أبي داود: «أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يأمرهم بالتسوية مُتَّكِئًا على خشبةٍ منصوبةٍ في المحراب، فإذا رآهم سَوَّوْا صفوفهم كَبَّرَ». قوله: (أقيموا صُفُوفَكُم، وتَرَاصُّوا). وأعلم أن صفوفَ المصلِّين لمَّا كانت على صفوف الملائكة عند ربهم، كما هو عند أبي داود، بولِغَ في الأمر بالتسوية والتَّرَاصِّ لتكون الحكاية على شاكلة المَحْكِيِّ عنه، ولكونها أكمل طريق لأداء العبادة، ولذا امتازت به الأمةُ المرحومةُ، حتى قيل: إن عبادةَ بني إسرائيل كانت على طريق الحَلَقَة، ولم يكن الصف فيهم. 73 - باب الصَّفِّ الأَوَّلِ 720 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الشُّهَدَاءُ الْغَرِقُ وَالْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْهَدْمُ». أطرافه 653، 2829، 5733 - تحفة 12577 721 - وَقَالَ «وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِى التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا {إِلَيْهِ} وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِى الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِى الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ لاَسْتَهَمُوا». أطرافه 615، 654، 2689 - تحفة 12570 في كتاب أبي الشيخ أبي حيَّان: أن الصفَّ الأوَّل أمنعُ من الشيطان من سائر الصفوف، وهو عندي من الشمال إلى الجنوب، لا من دخلوا مع الإمام في مَقْصُورَته. وقيل: بل هو الذي خلف الإمام في مقصورته. وهناك قولٌ ثالثٌ، وهو مهجورٌ: أنهم مَنْ دَخَلُوا في المسجد أولا أينما كانوا. 74 - باب إِقَامَةِ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاَةِ 722 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ. وَإِذَا

75 - باب إثم من لم يتم الصفوف

سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ، وَأَقِيمُوا الصَّفَّ فِى الصَّلاَةِ، فَإِنَّ إِقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلاَةِ». طرفه 734 - تحفة 14705 723 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاَةِ». تحفة 1243 - 185/ 1 وهذا لفظ الحديث تَرْجَمَ به، وقد فرَّق الراغب بين التمام والكمال: بأن التمام في الأجزاء، والكمال في الأوصاف. وحينئذٍ ظَهَرَ منه تمسُّك ابن حَزْم. قلتُ: إن الأوصاف إذا كانت مهمةً تُنَزَّل منزلة الأجزاء، لأنَّا قد عَلِمنا أن المختلِف في الصف لم يُؤْمَر بالإِعادة، ولم يُعَامَل بصلاته معاملة البطلان، ثم إن الحديثَ دلَّ على أن إقامة الصلاة أَمْرٌ وراء الصلاة، ففرَّق بين صلُّوا، وبين أقيموا الصلاة. وأوضحه البَيْضَاوِي وغيره. 75 - باب إِثْمِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ الصُّفُوفَ 724 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّائِىُّ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ الأَنْصَارِىِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَقِيلَ لَهُ مَا أَنْكَرْتَ مِنَّا مُنْذُ يَوْمِ عَهِدْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مَا أَنْكَرْتُ شَيْئًا إِلاَّ أَنَّكُمْ لاَ تُقِيمُونَ الصُّفُوفَ. وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ قَدِمَ عَلَيْنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْمَدِينَةَ بِهَذَا. تحفة 249 قال: ما أَنْكَرْتُ شيئًا (¬1)، إلاّ أنكم لا تُقِيمُون الصلاة، وقد مرَّ عنه في باب تضييع الصلاة: «لا أعرف شيئًا ممّا كان على عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم إلا الصلاة، وقد ضُيِّعَتْ». فإنه كان هذا بالشام، والأوَّل في المدينة. وهذا يَدُلُّ على أن أهل المدينة كانوا في ذلك الزمان أمثلَ من غيرهم في التمسُّك بالسنن. 76 - باب إِلْزَاقِ الْمَنْكِبِ بِالْمَنْكِبِ وَالْقَدَمِ بِالْقَدَمِ فِى الصَّفِّ وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ رَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنَّا يُلْزِقُ كَعْبَهُ بِكَعْبِ صَاحِبِهِ. 725 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ فَإِنِّى أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِى». وَكَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ. طرفاه 718، 719 - تحفة 666 ¬

_ (¬1) قوله: ما أنكرت شيئًا، إنما كان منه عند القُفول من البَصْرَة، وقوله: وهذه الصلاة قد ضُيِّعت، كان عند القُفُول من الشام إلى المدينة، فَعُلِمَ أن قصة رجوعه من البَصْرَة متقدِّمة، فإنه لم ير حينئذٍ تهاوُن الناس إلَّا في التَّسْوِية، فلمَّا رَجَعَ من الشام انقلب الحال، وانمحى الآثار، فبكى وقال: لا أعرف شيئًا ... إلخ. كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز. انتهى مُعَرَّبًا.

قال الحافظ: المراد بذلك المبالغة في تعديل الصفِّ وسدِّ خلله. قلتُ: وهو مراده عند الفقهاء الأربعة، أي أن لا يَتْرُكَ في البين فرجةً تَسَعُ فيها ثالثًا. بقي الفصل بين الرجلين: ففي «شرح الوقاية» أنه يَفْصِلُ بينهما بقدر أربع أصابع، وهو قول عند الشافعية، وفي قولٍ آخر: قدر شبر. قلتُ: ولم أجد عند السَّلَفِ فرقًا بين حال الجماعة والانفراد في حقِّ الفصل، بأن كانوا يَفْصِلُون بين قدميهم في الجماعة أزيد من حال الانفراد، وهذه المسألة أوجدها غير المقلِّدين فقط، وليس عندهم إلا لفظ الإِلزاق. وليت شعري، ماذا يَفْهَمُون من قولهم الباء للإِلصاق، ثم يمثِّلُونه: مررت بزيدٍ، فهل كان مروره به متَّصِلا بعضه ببعض، أم كيف معناه؟ ثم إن الأمر لا يَنْفَصِلُ قطُّ إلا بالتعامل، وفي مسائل التعامل لا يُؤْخَذُ بالألفاظ، كلفظ: «فوق الصدر» عند ابن خُزَيْمَة، فإنه من توسُّع الرواة قطعًا، لأنه لم يَعْمَل به أحدٌ من الأئمة، ولا يُوجَدُ الرفع بهذا النوع في كُتُبٍ من الشافعية، إلا في «الحاوي» للماوردي، وهو أيضًا مسامحةٌ عندي. فإِن الرَّاوي أضاف لفظ: «على الصَّدْر» بعد مرور القرون، ثم لم يُرِدْ به إلا قريبًا من الصدر، ولس الطريق أن يُبْنَى الدين على كل لفظٍ جديدٍ بدون النظر إلى التعامل، ومن يَفْعَلُ ذلك لا يَثْبُت قدمه في موضعٍ، ويَخْتَرِعُ كل يومٍ مسألةً، فإن توسُّع الرواة معلومٌ، واختلاف العبارات والتعبيرات غير خَفِيِّ فاعلمه. فاللفظ وإن كان يَصْلُح للوضع فوق الصدر، لكن لمَّا فَقَدْنا العملَ به عَلِمنا أنه من توسُّع الرواة، فهو بدعةٌ عندي. وسأل عنه أبو داود الإمامَ أحمد رحمه الله تعالى، فقال: ليس بشيءٍ، كذا في كتاب «المسائل». وهذا الذي عُرِضَ للمحدِّثين، فإنهم يَنْظُرُون إلى حال الإسناد فقط، ولا يُرَاعُون التعامل. فكثيرًا ما يَصِحُّ الحديث على طورهم، ثم يَفْقِدُون به العمل، فيتحيَّرون حتَّى أن الترمذي أخرج في «جامعه» حديثين صالحين للعمل، ثم قال: إنه لم يَعْمَل بهما أحدٌ، وذلك لفقدان العمل لا غير، وإلا فإسنادهما صحيحٌ. وكذلك قد يُضَعِّفُون حديثًا من حيث الإسناد، مع أنه يكون دائرًا سائرًا فيما بينهم، ويكون معمولا به فيتضرَّر هناك من جهة أخرى. فلا بُدَّ أن يُرَاعى مع الإسناد التعامل أيضًا، فإن الشرع يَدُور على التعامل والتوارث. والحاصل: أنا لمَّا لم نَجِد الصحابة والتابعين يفرِّقون في قيامهم بين الجماعة والانفراد، عَلِمْنَا أنه لم يُرِدْ بقوله إلزاق المِنْكَب إلا التَّرَاصّ وترك الفرجة، ثم فَكِّر في نفسك ولا تَعْجَل: أنه هل يمكن إلزاق المِنْكَب مع إلزاق القدم إلا بعد ممارسة شاقة، ولا يمكن بعده أيضًا؟ فهو إذن من مخترعاتهم، لا أثر له في السلف. وعند أبي داود في باب وضع اليُمْنَى على اليُسْرى في الصلاة: «صفُّ القدم، ووضع اليد على اليد من السنة». قلتُ: ومراده استواء القدمين مع التَّجَافِي، فلا يبحثون عن إلزاق الكعبين أصلا، ولا يذكرون فيه إلا الصفّ ثم في النَّسائي في باب الصف بين القدمين: «أن رجلا صفَّ بين القدمين، فقال له ابن مسعود رضي الله عنه: خالف السنة، لو راوح كان سنةً». ومراده بعكس ما هناك، أي يَضُمُّ بين قدميه، ولا يَتْرُك فرجةً بينهما. وأراد بالمرواحة: التفريج بين القدمين. فالصف عند أبي داود بعكس ما في النَّسائي فتنبَّه، فإنه ليس من المصطلحات ليَلْزَم بالمخالفة. ولا تتوهَّم أن بين اللفظين تَنَاقُضًا، فإنه يبني

77 - باب إذا قام الرجل عن يسار الإمام، وحوله الإمام خلفه إلى يمينه، تمت صلاته

على تعدُّد المعنيين، فالصفُّ بمعنى التفريج والاستواء سنةٌ، وهو بمعنى الضم بينهما مخالفٌ للسنة، فافهم وتشكَّر وما في «القنية»: إلزاق الكعبين في الركوع كما هو في «رد المحتار»، فلا أصل له كما في «السعاية» (¬1). وتلخَّصَ أن الصفَّ بين القدمين سنةٌ لا غير، لأنهم لا يذكرون. ولا يتعرَّضُون إلى غيره، فحَسْبُهم قدوة. 77 - باب إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، وَحَوَّلَهُ الإِمَامُ خَلْفَهُ إِلَى يَمِينِهِ، تَمَّتْ صَلاَتُهُ 726 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِرَأْسِى مِنْ وَرَائِى، فَجَعَلَنِى عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى وَرَقَدَ فَجَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ، فَقَامَ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. أطرافه 117، 138، 183، 697، 698، 699، 728، 859، 992، 1198، 4569، 4570، 4571، 4572، 5919، 6215، 6316، 7452 - تحفة 6356 يُرِيدُ أن هذا القَدْر ليس بعملٍ كثيرٍ ولا مُفْسِدٍ، وصورته كما عند مسلم، وقد مرَّ ثم أن هذه الترجمة قد مرّت مرةً مع تغييرٍ يسيرٍ، وهو أنه كان في الأُولَى «لم تَفْسُد صلاته»، وههنا: «تمَّت صلاته». والوجه فيه: أن المقصودَ أولا كان بيان موضع الإمام والمأموم فقط، وذكر مسألة التحويل إنجازًا، وههنا هي المقصودة. أو يُقَال: إن المقصود في الأول: بيان عمل القليل والكثير، وههنا: بيان تمامية الصلاة، مع أن بعضها صُلِّيت على خلاف ترتيب موضع المأموم حتى قوله عنه. 78 - باب الْمَرْأَةُ وَحْدَهَا تَكُونُ صَفًّا 727 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ صَلَّيْتُ أَنَا وَيَتِيمٌ فِى بَيْتِنَا خَلْفَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأُمِّى أُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا. أطرافه 380، 860، 871، 874، 1164 - تحفة 172 وفي الفقه: أن الصبيَّ إن كان واحدًا يقوم مع البالغين، وإلا فخلف الصفِّ، وكُرِهَ إن قام مع الصفِّ. وأمَّا المرأة، فليس موضعها إلا خلف الصفِّ واحدةً كانت أو جماعةً، ومن مثل هذا ذَهَبَ نظرُ إمامنا إلى أن مُحَاذَاتها مفسدةٌ أنه لم يتحمَّل صفها مع الرجال مطلقًا. ويَحْدُثُ في مثل هذه المواضع أذواقٌ، ومَنْ لم يَذُق لم يَدْرِ. 79 - باب مَيْمَنَةِ الْمَسْجِدِ وَالإِمَامِ 728 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قُمْتُ لَيْلَةً أُصَلِّى عَنْ يَسَارِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخَذَ بِيَدِى أَوْ بِعَضُدِى حَتَّى أَقَامَنِى عَنْ يَمِينِهِ، وَقَالَ بِيَدِهِ مِنْ وَرَائِى. أطرافه 117، 138، 183، 697، 698، 699، 726، 859، 992، 1198، 4569، 4570، 4571، 4572، 5919، 6215، 6316، 7452 - تحفة 5769 ¬

_ (¬1) وذكره صاحب "السعاية" وأطال الكلام فيه. من شاء فليراجع، وهو مهم جدًا.

80 - باب إذا كان بين الإمام وبين القوم حائط أو سترة

عيَّنه المصنِّف رحمه الله تعالى باعتبار الإمام، وعندي لا مَيْمَنَة له ولا مَيْسَرَة، لكونه اعتبارية في المسجد. أمَّا في الإمام، فيكون باعتبار استقباله إلى القبلة، وهذه المسألة لم يتعرَّض لها الفقهاء. نعم يُحْتَاج إليها في الحديث لِمَا فيه: «أن الرَّحمة تَنْزِلُ أولا على الإمام، ثم على يمينه، ثم على يساره». 80 - باب إِذَا كَانَ بَيْنَ الإِمَامِ وَبَيْنَ الْقَوْمِ حَائِطٌ أَوْ سُتْرَةٌ وَقَالَ الْحَسَنُ لاَ بَأْسَ أَنْ تُصَلِّىَ وَبَيْنَكَ وَبَيْنَهُ نَهْرٌ. وَقَالَ أَبُو مِجْلَزٍ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ أَوْ جِدَارٌ إِذَا سَمِعَ تَكْبِيرَ الإِمَامِ. 186/ 1 أشار إلى مسألة اتحاد المكان بين الإمام والمأموم. قال الحنفية: إن المسجد كلَّه مكانٌ واحدٌ، فإن حالت الجدران، فهل يُشْتَرَط المنفذ، أو كفى علم انتقالات الإمام فقط، ولو بمجرد صوته؟ فالثاني هو المُفْتَى به، ولا حاجةَ إلى المنافذ أو غيرها، واعتبروا في الصحراء تباعُدَه قدر ثلاث صفوف إذا لم تتصل الصفوف، فإن كان بينهما طريقٌ أو نَهْرٌ تجري فيه السفينة مُنِعَ مطلقًا، ويُعَدُّ كأنه مكانٌ مختلفٌ، ويَشْهَدُ له أثر عمر رضي الله عنه، كما في «الحاشية»، ولعلَّه في «المصنَّف» لعبد الرَّزَّاق. 729 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِىِّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ فِى حُجْرَتِهِ، وَجِدَارُ الْحُجْرَةِ قَصِيرٌ، فَرَأَى النَّاسُ شَخْصَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ، فَأَصْبَحُوا فَتَحَدَّثُوا بِذَلِكَ، فَقَامَ لَيْلَةَ الثَّانِيَةِ، فَقَامَ مَعَهُ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ، صَنَعُوا ذَلِكَ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً، حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَخْرُجْ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَكَرَ ذَلِكَ النَّاسُ فَقَالَ «إِنِّى خَشِيتُ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْكُمْ صَلاَةُ اللَّيْلِ». أطرافه 730، 924، 1129، 2011، 2012، 5861 - تحفة 17937 729 - قوله: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يُصَلِّي من الليل في حُجْرَتِهِ ... ) الخ. اختلف الشارحون في تفسير الحُجْرَة، ما كانت؟ وحملها الطَّحَاوِيُّ رحمه الله تعالى على بيت عائشة رضي الله عنها، وحينئذٍ الفاصل هو الجدار. وحملها الشارحون على حُجْرَتِهِ التي كانت تُتَّخَذُ من الحصر لمُعْتَكَفِهِ في رمضان (¬1). قلتُ: والأرجح عندي أن يُحْمَلَ على التعدُّد، فإن حَمْلَ الجدار على الحصير مجازٌ بعيدٌ. قوله: (يُصَلُّون بصلاته). أَمْعِن النظر فيه، حيث لم يَقُل: صلاتهم، مع أنه الظاهر، وجعلهم مُصَلِّين بصلاة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وهل يُصَلِّي أحدٌ صلاةَ أحدٍ؟ وهل يأتي هذا التعبير على ¬

_ (¬1) وفي تذكرةٍ عندي من الشيخ ذكر السَّمْهُودي: أنه كانت أمام بيت عائشة حُجْرة مَبْنِيةٌ، وحينئذٍ يمكن أن تكون هذه هي المراد، وهو ظاهر لفظ الجدار، ولكن وقع التصريحُ في بعض الطُّرُق بكونه في رمضان. وحينئذٍ، فالظاهر من حُجْرَتِه هي التي كانت تُعَدُّ للاعتكاف، وكانت من حصيرٍ فأتردَّدُ أنه كان من حصير، وغَلِط الراوي في تعبيره بالجدار. والصواب كونها من الجدران، كما يذكره هو، والله تعالى أعلم.

81 - باب صلاة الليل

مسائل الحنفية أو الشافعية؟ فقد تكلَّمنا عليه وعلى مثله مِرَارًا، وسنعود إليه في باب الوتر شيئًا إن شاء الله تعالى. قوله: (فلم يَخْرُجْ ... ) الخ، ومعناه على مختار الشارحين: أي لم يَخْرُج من مُعْتَكَفِهِ إلى حيث كان يُصَلِّي صلاة الليل. قوله: (إني خَشِيتُ أن تُكْتَبَ عليكم)، وههنا إشكالٌ: وهو أنه كيف خَشِيَ الكتابة، مع أنه قد أَعْلَن بأنَّ الفرائضَ خمسٌ لا تزيد ولا تَنْقُص؟ وأُجِيبَ بأن انحصار فريضة العمر في الخمس لا يُنَافي زيادة فريضةٍ في رمضان خاصةً، فمعناه: خَشِيتُ أن تُكْتَبَ عليكم صلاتكم هذه في رمضان، فلا يُنَافي ما افْتُرِضَ في خارجه. ثم ذَكَرَ له الحافظ رحمه الله تعالى جوابين من عند نفسه. والأرجحُ عندي أن الخَشْيَةَ خَشَيَةُ الجماعة، أي تُكْتَبَ عليكم الجماعةُ فيها، وللجماعة تأثيرٌ في الإِيجاب، ولذا أمرهم أن يُصَلُّوها في بيوتهم، ولا يجتمِعُوا بها. ولمَّا كان للوجوب اختصاصٌ بالجماعة، وَجَبَت صلاة الاستسقاء عندنا في قولٍ لكونها بالجماعة. وهل للمواظبة والاعتناء دَخْلٌ في إيجاب شيءٍ أو تحريمه؟ فالجواب كما ذكره الشاه وليُّ الله في «حُجَّة الله»: أن الشيءَ قد يَجِبُ ويَحْرُم بالمواظبة أيضًا إذا كان الزمانُ زمانَ نزول الوحيِ، كنذر يعقوب عليه السلام بترك أحب الأشياء إليه، وكان أحب الأشياء إليه لحم الإبل، فلم يأكله لنذره واستمرَّ على تَرْكِه ذُرِّيَّتُه تبعًا لأبيهم، فلمَّا تمادى الأمر على ذلك حُرِّم على بني إسرائيل في التوراة. قلتُ: ويُسْتَفَاد منه: أن حقيقة صلاة الليل مما تَصْلُح أن تكونَ فرضًا وإن لم يَحْكُم به عليها، لا يُقَال خَشْيَة الكِتَابة تَدُلُّ على عدم الكتابة في الحالة الرَّاهِنَةِ، وهذا يُخَالِفُ ما اخْتَرْتَ من وجوب قطعة من الليل، وهي الوتر. قلتُ: كلا، لأني حَمَلْتُ الخَشْيَة على الجماعة، والوتر وإن كانت مكتوبةً عندنا، لكنها ليست بالجماعة. 81 - باب صَلاَةِ اللَّيْلِ 730 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى فُدَيْكٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لَهُ حَصِيرٌ يَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ، وَيَحْتَجِرُهُ بِاللَّيْلِ، فَثَابَ إِلَيْهِ نَاسٌ، فَصَلَّوْا وَرَاءَهُ. أطرافه 729، 924، 1129، 2011، 2012، 5861 - تحفة 17720 قيل هذه الترجمة أجنبية في تضاعيف تراجمه من هذا الباب، فإن أبوابَ صلاة الليل بعيدةٌ، ولم يَدْخُل المصنِّف رحمه الله تعالى في صفة الصلاة بَعْدُ. قلتُ: وهو إنجازٌ، لأنه لمَّا أخرج حديث: «صلاة الليل» أحبَّ أن يَضَعَ عليه ترجمةً الآن، وإن كانت قبل أوانها على دَأْبِهِ بالإنجاز، ويمكن أن يكون أراد تعيين القصة الماضية وفيه: «كان له حصير»، ومنه فَهِمَ الشارحون أن حُجْرَته كانت من حصيرٍ. 731 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ

82 - باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة

عَنْ سَالِمٍ أَبِى النَّضْرِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اتَّخَذَ حُجْرَةً - قَالَ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ - مِنْ حَصِيرٍ فِى رَمَضَانَ فَصَلَّى فِيهَا لَيَالِىَ، فَصَلَّى بِصَلاَتِهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا عَلِمَ بِهِمْ جَعَلَ يَقْعُدُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ «قَدْ عَرَفْتُ الَّذِى رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ، فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِى بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلاَةِ صَلاَةُ الْمَرْءِ فِى بَيْتِهِ إِلاَّ الْمَكْتُوبَةَ». قَالَ عَفَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا مُوسَى سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ عَنْ بُسْرٍ عَنْ زَيْدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 3698 731 - قوله: (فإِن أفضلَ صلاة المَرْءِ في بيته إلا المكتوبةَ). والحاصل: أن الشريعةَ لا تُحِبُّ التطوعَ في المساجد، والمكتوبات في البيوت. وأعلم أن مختار الطَّحَاوِيِّ في التراويح: أن الرجل إن كان حافظًا، فالأفضل له أن يُصَلِّي في البيت، وإلا ففي المسجد، وفي «الهداية»: أن السننَ عامةٌ في البيت، ولا أرى سنةَ الفجر ثابتةً عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في المسجد. وأتى الحافظ زين الدين العراقي شيخ ابن حَجَر والعَيْنِي رحمهما الله تعالى - برواية تَدُلُّ على أن نسبة أجر الفَضْل في البيت والمسجد لنِسْبَة صلاة الجماعة والفرد - بالمعنى - وإسناده جيدٌ. 82 - باب إِيجَابِ التَّكْبِيرِ وَافْتِتَاحِ (¬1) الصَّلاَةِ 732 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ ¬

_ (¬1) واعلم أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم"، وفي لفظ: "إحرامها التكبير، يُنَادي بأعلى نداءٍ: أن الصلاة شَبَهًا بالحجِّ، حتى أنه جعل لها إحرامًا كالحج، وتحليلًا نحوه، وقد أدرك الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى سرَّ التشبيه فيه بما لا يُدْرِكُهُ الآخرون، فَعَرَف أن للحج بداية، وهي بصُنْع الحاجِّ، أي الإِحرام. وكذلك له نهاية، وهي أيضًا بصنعه، أي الذبح والحلق مثلًا المحظورين في خلال الإحرام، فصار طرفا الدُّخُول والخُرُوج بصنع الحاجِّ، فلمَّا عُلِمَ أن المقصودَ في الحجِّ ذلك، طَرَدَهُ في الصلاة كذلك. وتفصيله: أن العبدَ إذا دَخَلَ في حَريم بيت ربه الكريم، فالمقصود منه أن تكونَ أوقاته كلُّها مُسْتَغرَقَة في عبادته ويتوجَّه إليه بشراشِرِه مُعْرِضًا عن غيره، صَارخًا بقوله: لبيك اللهم لبيك، ولذا مَنَعَه عمَّا يملأ قلبَه شُغلًا، وخاطرَه تَشَتُّتًا. غير أن الخروجَ عن تلك العُهْدةِ عسيرٌ، فجعله بيد العبد ليَقْدِرَ قدره ويعلم أمره، ولئلا تَخْتَل عليه مقاصده، ثم لمَّا رآه ضعيفا خُلِقَ من ضَعْفٍ، لا يمكن له البقاء على هذا الحال، والدوام على ذلك المنوال، أَخرَجَ له مَخرجًا، وشرع له الإتيان بتلك المحظورات بعينها، ولم يَرَها عند الخروج جناية، مع كونها قبل ذلك محظورة، بل جعلها مَنْسَكًا. ثم تلك الجنايات أيضًا بصُنعِه، فصار بداية الحج ونهايته كلتاهما من صُنعِه ليَخرُج منه بفعله وخِيَرَتِه كما كان دَخَل فيه كذلك. ولمَّا كانت الصلاة شبيهة بالحج، جَعَلَ حكمها أيضًا كحكمه، وجعل الدُّخُولَ فيها والخروجَ عنها اختياريين حسبهما في الحج، وأمره أن يؤدِّي ذلك الفعل الاختياري في ضمن التكبير، وكذلك أمره أن يَخرُجَ عنها أيضًا بفعله الاختياري، ويؤديه في ضمن التسليم، ومعلومٌ أن هذا التسليم كان من كلام الناس مفسدًا لصلاته، غير أنه لمَّا مكنه بالخروج، شَرَعَ له هذا المحظور بعينه، كما في الحج، وإنما علَّمه التسليم دون سائر الأفعال الاختيارية، ليكون خروجه عنها على أحسن هيئةٍ، وأحسن قول يلِيق بشأنه كما أمره: أولًا أن يأتي بتكبير الله تعالى، وتعظيمه المناسب عند ذهابه إلى حضرة كبريائه.

مَالِكٍ الأَنْصَارِىُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكِبَ فَرَسًا، فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ، قَالَ أَنَسٌ - رضى الله عنه - فَصَلَّى لَنَا يَوْمَئِذٍ صَلاَةً مِنَ الصَّلَوَاتِ وَهْوَ قَاعِدٌ، فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا، ثُمَّ قَالَ لَمَّا سَلَّمَ «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ». أطرافه 378، 689، 733، 805، 1114، 1911، 2469، 5201، 5289، 6684 تحفة 1497 - 187/ 1 733 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ خَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ فَرَسٍ فَجُحِشَ فَصَلَّى لَنَا قَاعِدًا فَصَلَّيْنَا مَعَهُ قُعُودًا، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ «إِنَّمَا الإِمَامُ - أَوْ إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ - لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ. وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا». أطرافه 378، 689، 732، 805، 1114، 1911، 2469، 5201، 5289، 6684 تحفة 1523 734 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ». أطرافه 722 - تحفة 13743 فاختار أنه فرضٌ واعلم أن التكبير بمعنى الذكر المُشْعِر بالتعظيم فرضٌ عندنا أيضًا أمَّا صيغة: الله أكبر بخصوصها، فقال بعضُ أصحابنا إنها سنةٌ، وذَهَب الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى إلى أنها واجبٌ، وقوَّاه بدلائل، وإليه ذهب صاحب «البحر» و «النهر» وصاحب «تنوير الأبصار»، وهو متن «الدر المختار»، وهو الذي اختاره ابن أمير الحاج في «شرح المنية». واعلم أن ابن نُجَيْم أفقه عندي من الشَّامي لِمَا أرى فيه أن أمارات التفقُّه تَلُوح، والشَّامي مُعَاصِرٌ للشاه عبد العزيز رحمه الله تعالى، وهو أفقه أيضًا عندي من الشَّامي رحمه الله تعالى، وكذا شيخ مشايخنا رشيد أحمد الكَنْكُوهِي - قُدَّسَ سرُّه - أفقه عندي من الشَّامي. أمَّا السلام: فقالوا إن أولَ التسليمتين واجبٌ، والأخرى سنةٌ، وهو الراجحُ عندي، لكونه ¬

_ = ولمَّا عَلِمْتَ أن السرَّ في الحجِّ والصلاة كلاهما كان هو الدُّخول بصُنْعه، والخروج كذلك، جعل إمامنا الأعظم مُطلَق الذكر المُشعِر بالتعظيم فرضًا، وكذا الخروج بصُنع المُصَلِّي. وجَعَلَ الخصوص واجبا في الموضعين، فإن الخاصَّ مُتَضمِّنٌ، والمُطلَقَ مُتَضَمَّنٌ -بالفتح- فالنظر في الطرفين إلى الخروج بصُنعِه في العبادتين: الحج والصلاة، وذلك لأن المُطلَق لا بد لتحقُّقه من فِعل مخصوص ليتحقق في ضمنه، فعين له ما كان أحرى وأحسن له عند قيامه إلى الصلاة وخروجه عنها، وهو: التكبير في الأول، والتسليم في الآخر، كالإحرام في ابتداء الحج، والحَلقِ والذبح في الآخر، فإن الحلق يُؤذِن بأنه أزال تَفَثَه، وأراد أن يَنصَرِف إلى دنياه، كالتسليم في الصلاة ولذا قال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10] ... إلخ. فهذا هو السر في كون الخروج بصنع المصَلي فرضا لو كان عنده، وقد أدركه الكل في البداية، وذَهلوا عنه في النهاية، وسبق إليه إمامنا الأعظم، والله تعالى أعلم. هكذا فَهِمّت من كلام الشيخ في مواعِظه.

أقرب إلى الحديث، لِمَا ثَبَتَ عندي الاكتفاء بالتسليم الواحد. وقيل: كلاهما واجبان، فيُشْكِلُ عليه الحديث، وقد اسْتَرَحْتُ باختيار القول الأول، فلا تأويل عندي. ثم اختلف الشارحان في قوله: «وافتتاح الصلاة»، ولم يُدْرِكَا مراده بعد البحث والفحص أيضًا، واختار الحافظ: أن الواو بمعنى مع، لأنه رَأَى أن افتتاح الصلاة في الخارج لا يكون إلا بالتكبير، وما كُشِفَ لي في بيان مراده هو أن المصنِّف يُرِيدُ تَعْيين ما به افتتاح الصلاة، هل هو التكبير أو رفع اليدين؟ فقال إن الصلاة تُفْتَتَحُ بالتكبير، فلو رَفَعَ إحدى يديه، ولم يكبِّر لا يكون شارعًا في الصلاة، وهذا كاختلافهم فيما يَدْخُل به في الحج، وهو إحرام الحجِّ. فعندنا لا يَدْخُلُ في إحرام الحجِّ إلا بالتلبية مع النية، وهذا إحرامٌ قَوْليٌّ، أو بفعلٍ مخصوصٍ بالحجِّ، وهذا إحرامٌ فِعْلِيٌّ. وأما عند الشافعية: فلم يَتَنَقَّح بَعْدُ، وعليه قوله صلى الله عليه وسلّم «تحريمها التكبير - وفي لفظ - إحرامها التكبير»، يعني كما أن للحجِّ إحرامًا وإحلالا، وهو معروفٌ، كذلك للصلاة تحريمًا وتحليلا: فتحريمها بالتكبير، وتحليها بالتسليم. فَعُلِمَ أن ما يَدْخُلُ به الرجلُ في صلاته هو التكبير لا رفع اليد فقط، وإنما أَدْرَكْتُ مراده بعدما رأيت حكايةً: أن أبا حنيفة رحمه الله تعالى ذَهَبَ لعيادة أبي يوسف رحمه الله تعالى، وكان مريضًا فقال: إني كُنْتُ ظَنَنْتُ أنه يَبْقَى مِنْ بعدي، فحدَّثت نفسُ أبي يوسف رحمه الله تعالى. بأنه يُشِيرُ إلى إجازته بالقعود للدرس. فلمَّا صَحَّ أرسل أبو حنيفة رحمه الله تعالى إليه رجلا يسأله عن ثلاث مسائل: أولاها أن تحريمة الصلاة ما هي؟ فلم يُحْسِن في جوابه، فَعَلِمَ أنه لا يَلِيقُ أن يَجْلِسَ إليه الناسُ، فنقض حلقته، ودخل في حلقة أبي حنيفة. وفي «مجموع زيد بن عليّ» - وهو زيدي من مُعَاصِري أبي حنيفة رحمه الله تعالى، وإمام فِرْقة الزيدية، وهو ثِقَةٌ يروي الأحاديث الصِّحَاح، وهي أقرب المذاهب إلى أهل السنة من سائرهم. وسَبُّ الصحابة حرامٌ عندهم. إلا أن الآفة في كتابه من حيث جهالة ناقليه: أنه لمَّا وَرَدَ الكوفة، قَعَدَ أبو حنيفة رحمه الله تعالى بين يديه إكرامًا له وإجلالا، لكونه من أهل البيت، وفيه: أن أبا جَعْفَر رضي الله عنه سَأَلَ الإمامَ أبا حنيفة رحمه الله تعالى عن تحريمة الصلاة، أهو بالتكبير، أم برفع اليد؟ فقال: بالتكبير. ولمَّا ذَهَبَ الإمام قال: نَعْمَ فقيهٌ. فَفَهِمْتُ أن البخاريَّ رحمه الله تعالى يُشِيرُ إلى هذه المسألة، واختار أن تحريمة الصلاة بالتكبير. ثم اعلم أن الأصوليين قَسَّمُوا الخِطَاب على نحوين؛ وَضْعِي وتكليفي. فأما التكليفي، فكالوجوب وغيره، وأمَّا الوَضْعِي، فكالسببية والمسببية وعلائق الأشياء فيما بينها، وذلك لأنهم أرادوا تقسيم الأحكام إجمالا، فجعلوا بعضها وَضْعِيَّة، وبعضها تكليفيَّة، وهو حسنٌ ومهمٌ جدًا. فالتكبير والتسليم من الأحكام الوَضْعِيَّة، لأن التكبيرَ سببٌ للدخول، والتسليم سببٌ للخروج، وليس في الصلاة حكمًا وضعيًا غيرهما، ومنه ظَهَرَ وجه تخصُّص هذين في الحديث. ثم إن الخروج في باب الحجِّ يكون بالحَلْق، وهو جناية في غير أوانه، وكذلك السلام، وهو الخروج بصُنْعِه فاعلمه. 732 - قوله: (إنما جُعِلَ الإمامُ لِيُؤْتَمَّ) الخ.

يقول العبد الضعيف: والحديث وإن مرَّ مِرَارًا، ويأتي كذلك، إلاّ أنه ظَهَرَ لي الآن أن أتكلَّم على بعض مسائله، وهي مسألة اقتداء القائم بالقاعد، وإن تكلَّمت عليه فيما سَلَفَ أيضًا. فأقول إن الحديثَ بظاهره يُخَالِفُ كل من اختار وجوب القيام خَلْفَ القاعد من أئمة الحنفية والشافعية. واشتهر عنهم في الجواب عنه أنهم قالوا بالنسخ، وهو الذي اختاره البخاريُّ رحمه الله تعالى، ولا يَعْلَقُ بالقلب، لأن الحديثَ مُشْتَمِلٌ على أجزاءَ كثيرةٍ من تشريع عامَ، وضابطةٍ كلِّيَّةٍ على نحو بيان سنة، وسردِ معاملةٍ بين الإمام والمأموم. فالقول بنسخ جزء من الأجزاء من البيِّن، وإبقاء المجموع على ما كان ثَمَّ بواقعةٍ جزئيةٍ تَحتُمَلُ محامل، مما يُفْضِي إلى الاضْطِراب، ولا يشفي. ولعَمْري، إنا لو لَمْ نعلم هذه المسألة، لَمَا انتقل ذِهْنُ أحدنا إلى أن صلاةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم تلك قاعدًا كانت لبيان النَّسْخِ، وإنما حملناها عليه حِفْظًا للمذهب فقط، وإلا فالجمع بين الأحاديث يَحْصُلُ على مذهب أحمد ومحمد بن الحسن رحمه الله تعالى منا، ولا يُحْتَاج إلى النَّسْخِ. أَلا تَرَى أن ساداتنا لمَّا تَرَكُوا مسألة جواز الاستقبال والاستدبار، لم يُبَالُوا بوقائع تُنْقَلُ في هذا، وقالوا: إنها وقائع غير مُنْكَشِفة الحال. وحديث أبي أيوب تشريعٌ عامٌّ، فلا أَدْرِي، ولَسْتُ إخال أدري أنه ما الفرق بين هذين؟ فَذَهَبُوا إلى النَّسْح ههنا دون هناك. ولقد تفرَّد الشيخ رحمه الله تعالى بحلِّه، فجمعته من تقاريرٍ له شتى عندي بَعْدَ جِدَ واجتهادٍ تامٍ، وفكرٍ بالغٍ، وتعمُّقِ نَظَرٍ، وإعمالِ درايةٍ، وإتعاب نفسٍ، فاجتمعت عندي عِدَّة أجوبة من كلامه، وها أنا أسردها على ما هذَّبتها، فهل من حرَ يَنْظُرُ بعين الإنصاف، ولا يَسْلُكُ مَسْلَكَ الاعتساف، وإنما وَضَعْتُ هذه في صدر الصحيفة، لأن كلها من الشيخ رحمه الله تعالى، ما خَرَمْتُ منها حرفًا، ولا زِدْتُ عليها حرفًا غير البيان والإِيضاح، وأرجو من الله سبحانه أن يكون هذا هو مراده إن شاء الله تعالى. تحرير المذاهب: وأعلم أن الشافعيةَ والجمهورَ مع الحنفية رحمهم الله تعالى في وُجُوب القيام خَلْفَ الإِمام القاعد، وعدم جواز القعود خلفه. وذهب أحمد رحمه الله تعالى إلى وُجُوب القُعُود خلف القاعد ولو كان القومُ أصحَّاء ثم ذَكَرُوا له شروطًا: من كون الإمام إمام الحيِّ، ومرضه ممَّا يُرْجَى زواله. ثم فرَّقُوا بين القُعُود الطارىء. والأصلي، فتحمَّلوا قيام القوم في الأوَّل دون الثاني، ووجه الفرق ما نُقِلَ عن أحمد رحمه الله تعالى. وحاصله: أن وُجُوبَ القُعُود، وكراهة القيام خلف القاعد، إنما هو لأجل الشَبُّه بالأعاجم في إفراط التعظيم لعظمائهم، كما يتَّضِحُ من سِيَاق أبي داود. وذاك إنما يُتَصَوَّرُ إذا كان الإمام قاعدًا من أول الأمر، لأن قيامهم حينئذٍ يُعَدُّ من قيام الأعاجم، حيث إنهم أيضًا يَقُومُون بين يدي أمرائهم الجالسين. وأمَّا إذا أمَّهم الإمام قائمًا، واقتدى به القوم كذلك، ثم طَرَأَ على الإِمام عُذْرٌ فَقَعَدَ فلا يُعَدُّ قيامهم للتعظيم، فإنهم كانوا قائمين من قبل، وإنما أَوْرَث صورةَ التعظيم قعودُ الإمامِ. وبعبارةٍ أوضح: إن التعظيمَ إنما هو في القيام للقاعد، دون القُعُود للقائم، فههنا قَعَدَ

الإِمام مع كون القوم قائمين، ففيه قُعُودٌ للقائم، دون القيام للقاعد، وبينهما بَوْنٌ بعيدٌ، واسْتَفْتِ قلبَك إن شِئْتَ، فهذا هو الذي دَعَى الإِمامُ إلى الفرق بينهما. وأمَّا مالك رحمه الله تعالى، فالمشهور عنه أنه لا يَجُوز اقتداء القادر بالقاعد مطلقًا، لا قائمًا ولا قاعدًا. وروى وليد بن مسلم عنه جَوَازَه عند قيام القوم، وحَمَلَها الناسُ على اختلاف الروايتين. وعندي ليس كذلك، بل مذهبهُ هو مجموعُ الروايتين، وقد نَبَّهْتُكَ فيما سَلَفَ أن روايةً قد تَرِدُ عن إمام، ثم تَرِدُ أخرى، وتكون كلتاهما كاشفتين عن وجهة وجهة، ولا يتمُّ المراد إلا بهما، ثم يحملهما الناس على الروايتين. وما الفرق بين الروايتين عن إمامٍ، وبين الحديثين عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلّم حيق يَطْلُبُون جهة التوفيق والقدر المشترك بين المرفوعين، ولا يَطْلُبُونها بين الروايتين، ولو سلك الناس هذا المسلك، لاسترحنا كثيرًا. وحاصل مذهبه على هذا التقدير: تجويزُ القيام خلفَ القاعدِ مع تقبيح ابتغاء اقتداء القائمين بالقاعد مع تمكُّن الاقتداء بالقائم القادر. ولا بحثَ فيها عن الجواز وعدمه، فالروايةُ الأولى عندي لبيان عدم الابتغاء، وأنه ينبغي أن لا يَقْتَدِي القادرُ بالمعذور مهما أمكن الاقتداء بالقادر. والروايةُ الثانيةُ لبيان جوازه في الجملة، فهي تَكْشِفُ الروايةَ الأولى، وتوضِّحُ أن نفي الاقتداء في الرواية الأولى محمولٌ على عدم الانبغاء، لا على النفي رأسًا، فهذه كاشفةٌ عن وِجْهة، وهذه عن وجْهة، والمراد بتمامه في المجموع. إذا عَلِمْتَ هذا، فاعلم أن ههنا أمرين: الأولُ: قول النبيِّ صلى الله عليه وسلّم «إذا صلَّى قاعدًا، فصلُّوا قُعُودًا»، والثاني: إشارتُه إليهم بالقعود حين اقتدوا به قائمين. ويجب علينا لتفصِّي عنهما، فنقولُ في الجواب عن القول على ما أَجَابَ به ابن دقيق العيد: إن في قوله: «إذا صلَّى قاعدًا» ... الخ إحالةً على موضع القعود، وليس المراد القعود بدل القيام، أي إذا قَعَدَ الإمامُ في قَعْدَتِهِ فاقعدوا أنتم أيضًا، ولا تختلفوا عليه. ولا بُعْدَ فيه، لأن حديث أنس رضي الله عنه يَشْتَمِلُ على سلسلة في أفعال الصلاة، من القيام إلى الركُوع، ومن الركُوع إلى القيام، ومن القيام إلى السُّجُود، ومن السُّجُود إلى القُعُود، فأي بُعْدٍ في إرادة هذا القيام، وهذا القُعُود. وأوْرَدَ عليه هو بنفسه أن الألطف في هذا المراد: إذا قَعَدَ فاقعدوا، ليُوَافِق قرائنه: إذا كبِّر فكبَّروا ... الخ، مع أنه غَايَرَ بين السياق، وقال: «إذا صلَّى قاعدًا ... الخ، فدَلَّ على أنه لم يُرِدْ به ذلك. قلتُ: وجوابُه عندي: أن أفعالَ الصلاة على نحوين: بعضُها عبادةٌ كالرُّكُوع والسُّجُود، وبعضُها يُشْبِهُ العادة أيضًا كالقُعُود والقيام، فإِنهما من الأحوال العامة أيضًا ولا يتعيَّنان في العبادة، فأَدْخَل عليها لفظ الصلاة للفرق بين العبادة والعادة والتمحُّض للعبادة، وهكذا فَعَلَه القرآن، فإذا ذَكَرَ الركوعَ والسجودَ أطلقهما، وقال: {ارْكَعُواْ وَاسْجُدُواْ} [الحج: 77] وإذا ذَكَرَ القيامَ أَتْبَعَهُ بلفظٍ يُشِيرُ إلى كونه عبادة، فقال: {وَقُومُواْ لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، ولم يَأْمُر في موضع بالقيام مطلقًا كما أَمَرَ بالركُوع والسجُود، وذلك لأن: {وَقُومُواْ} لا يتعيَّن للعبادة، بخلاف الركوع والسجود.

والجواب الثاني: أن الحديثَ ليس ابتدائيًا ليدُلَّ على مطلوبية القُعُود أو وَجُوبه من جهة الشارع، بل وَرَدَ في سِيَاق التعليم حين تَعَنَّتُوا باقتدائه قاعدًا، فهو إذن لذمِّ التعنُّت في اقتداء القائم بالقاعد، وتفويت المشاكلة المطلوبة بينه وبين إمامه، وكراهية الإِفراط في التعظيم والتشبُّه بالعَجَمِ. وفَرْقٌ بين الأمر بالشيء ابتداءً، وبين الأمر به في نحو سِيَاق الإِصلاح. فإِن الأولَ أقربُ إلى الوُجُوب، والثاني يَنْزِلُ على الإِباحة أيضًا. أَلا تَرَى إلى قوله: «صلُّوا في مَرَابِض الغنم»، ليس الأمر فيه للوُجُوب، لأنه ليس ابتدائيًا كما مرَّ، فكذلك ههنا، وإنما وَرَدَ في سِيَاق الإِصلاح. وحينئذٍ لم يَخْرُج منه تحريم القيام خَلْفَ القاعد، بل إباحته القُعُود خَلْفَ القاعد أو تحسينه، كما يُسْتَفَادُ من إشارته بالقُعُود، ويَدُلُّ عليه ما عند مسلم في حديث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه: «إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤْتَمَّ به، فلا تَخْتَلِفُوا عليه». وعند الترمذي كما سيجيء: «فليصنع كما يصنع الإمام»، كل ذلك طلبًا للمشاكلة. ويتَّضِحُ ذلك مما عند أبي داود، في باب الإمام يصلِّي من قُعُود، عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: «رَكِبَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلّم فَرَسًا بالمدينة، فَصَرَعه على جِذْم نخلةٍ، فانفكت قدمه، فأتيناه نَعُودُه فوجدناه في مَشْرُبة لعائشة رضي الله تعالى يُسَبِّح جالسًا، قال: فقمنا خلفه، فَسَكَتَ عنّا، ثم أتيناه مرةً أخرى نَعُودُه فصلَّى المكتوبةَ جالسًا فقُمْنَا خلفه فأشار إلينا فَقَعَدْنا، قال: فلما قضى الصلاة قال: إذا صلَّى الإمامُ جالسًا، فصلُّوا جلوسًا. وإذا صلَّى الإمامُ قائمًا فصلُّوا قيامًا ولا تفعلوا كما يَفْعَلُ أهلُ فارس بعظمائها» اهـ. فسكوتُه في اليوم الأول دليلٌ صريحٌ على عدم وُجُوب القُعُود خَلْفَ القاعد، وعدم حُرْمة القيام خلفه، ولذا لم يُشِرْ إليهم بالقُعُود، ولا علَّمهم شيئًا في هذا الباب، حتى إذا أحسَّ منهم التعنُّت فيه، حيث جاؤا في اليوم الثاني أيضًا واقتدوا به، فحينئذٍ عَنَّفَهم على تعنُّتهم ذلك وابتغائهم الإِمام القاعد. مع أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان سوَّى لهم إمامًا قادرًا في المسجد النبوي ليصلِّي بهم، ثم صلَّى في المَشْرُبَة مُتَنَحِّيًا عنهم، ومع ذلك لم يَتْرُكُوه حتى اقتدوا به في صلاته قاعدًا، ولمَّا فَعَلُوا ذلك في اليوم الثاني عَلِمَ أنه لم يكن ذلك منهم اتفاقًا، بل كان قَصْدًا فمنعهم عن ذلك. ولو رَاعَيْتَ معه قوله عند مسلم: «إن كِدْتُم آنفًا تَفْعَلُون فِعْلَ فارس والروم. يَقُومُون على ملوكهم وهم قُعُود، فلا تَفْعَلُوا ائْتَمُّوا بأئمتكم ... » إلخ، لعَلِمْتَ أن النهيَ عن القيام خَلْفَ القاعد إنما هو للإفراط في التعظيم، إلا أنه يُخَالِفُ منصب الائتمام فمعنى الكراهة: هو الإفراط في التعظيم والتشبيه بالتمثُّل للأمراء، ولذا أَغْمَضَ عنهم في مرض الموت، لأنهم لم يَقُومُوا له، وإنما كانوا قائمين من قبل، ثم خَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم هو وأمَّهم قاعدًا، فلم يُوجد منهم التعنُّت في الاقتداء، ولا الإفراط في التعظيم. وإنما اسْتَشْعَرَ ذلك منهم في واقعة الجحوش، فنهاهم. والقول بنسخ الأول من الثاني لا يَقْبَلُه الذَّوْقُ، فإن الراوي لا يذكرهما كالناسخ

والمنسوخ، بل يَذْكُرُ واقعتين في سلسلةٍ واحدةٍ وقعت مرةً كذا، ومرةً كذا، على أنَّا لو حَمْلَنَاهُ عليه يَلْزَم النسخُ مرتين: الأول نسخُ القيام بالقعود، ثم نسخُ القُعُود بالقيام في مرض الموت، على ما اختاره البخاريُّ والجمهور، وكذا لا دليلَ فيه على ما ذَكَرَهُ ابن حِبَّان أنها كانت نافلةً في اليوم الأول، ومكتوبةً في الثاني فسكوتُه في اليوم الأول إنما كان لكون صلاته نافلةً تَجُوزُ فيها الصُّوَرُ كلُّها بخلاف اليوم الثاني، فإنها كانت فريضة، ولا يتحمَّل فيها هذا التوسُّع. وفيها الخلاف، وذلك لأن كونها مكتوبةً أو نافلةً تعرَّض إليه الراوي من قبله في ذَيْل القصة، لكونه مناطًا لجواز القيام أو حرمته، وليس في الحديث إيماءٌ إليه، ولا بناءٌ عليه، حيث قال: «وإذا صلى قاعدًا، فصلُّوا قُعُودًا»، ولم يُومِىء إلى هذا التفصيل، بل صرَّح أنه كَرِهَ القيام لأجل الإفراط في التعظيم. ويُقِرُّ به ما رامه مالك رحمه الله على ما قرَّرناه فنهى عن اقتداء القاعد مطلقًا وإن اقتداه قاعدًا، لأنه فهِمَ أنه تعنَّت في ذلك لِمَ لا يقتدي بإمامٍ قادرٍ مثله؟ وإن كان لا بُدَّ فاعلا فعليه أن يقومَ، فإنه فرضٌ، والكلُّ فيه أميرُ نفسه، فلا يَسْقُطُ عن ذمته، وهو الذي تُظْهِرُه رواية وليد بن مسلم عنه. ويَحُومُ حوله ما اختاره أحمد رحمه الله تعالى، فإِنه فرَّق بين القعود الطارىء والأصلي، بناءً على أن الإِفراطَ في التعظيم، والتشبُّهَ بالأعاجم، إنما هو في الثاني دون الأول. وعُلِمَ من هذا التقرير: أنه لم يَعَمَلْ بإطلاق الحديث أحدٌ منهم، ثم لو سلَّمنا، فهذا الفرق إنما ذَكَرَه الرَّاوي في صلاة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وما الدليل على أن الصحابةَ رضي الله عنهم أيضًا كانوا مُفْتَرِضِين في اليوم الثاني؟ فجاز أن تكون صلاتُهم على أنها نافلةٌ، بل هو الظاهر، لأن المسجدَ لم يَخْلُ عن الجماعة في هذه الأيام، وهؤلاء لم يَكُونُوا ليتركوا صلاة الجماعة في المسجد، وإنما جاؤوا للعِيَادة، واتَّفَقَ أن وَجَدُوه يَصَلِّي سُبْحَةً أو مكتوبةً، فاقتدوا به على أنها نافلةٌ لهم، والقُعُود في مثلها مطلوبٌ تحصيلا للمشاكلة، وإنما الكلام فيما إذا صلُّوْها فريضةً، وليس في الحديث. والجواب الثالث: أن الحديثَ لو دَلَّ على وُجُوب القُعُود، وحُرْمة القيام خَلْفَ القاعد لقوله صلى الله عليه وسلّم «إذا صلَّى قاعدًا» ... الخ، لدَّل على وُجُوب القيام، وحُرْمة القُعُود خَلْفَ الإِمام القائم لقرينةٍ، وهي قوله صلى الله عليه وسلّم «إذا صلَّى قائمًا ... » الخ، مع أنه لم يَذْهَبْ إليه أحدٌ. والأصل: أنّ حال المُنْفَرِد مُنْحَصِرٌ في صورتين، وهما: العقودُ والقيام؛ بخلاف حال المصلِّي مع الإِمام، فإنها أربعةٌ ذَكَرَ منها في الحديث اثنان وبقي اثنان وهما: القعود خلف القائم، والقيامُ خلف القاعد فمن تمسَّك به غَفَلَ عن هذين، وقاس حاله مع إمامه على حاله في الانفراد. وهذا يَدُلُّك ثانيًا على أن الحديث لم يَرِدْ إلاّ في طلب المشاكلة، وهو بالقيام خَلْفَ القائم، والقُعُود خَلْفَ القاعد. بقيت صورة الاختلاف، فلم يتعرَّض لها في الحديث، فليَكِلْهُمَا إلى اجتهاد الأئمة، أو إلى حديثٍ آخر، وإلاّ لَزِمَ عدم جواز القُعُود خَلْفَ القائم أيضًا بعين هذا الحديث.

والجواب الرابع: أن الحديث ينبني على فرضٍ ذهني وحكمٍ معهودٍ عند الشارع، وهو: أن القاعد لا يُصَلِّي بالناس في المسجد، والمفترِض القادر لا يُصَلِّي في البيت، وحينئذٍ لا يكون قوله: «وإذا صلَّى قائمًا ... » الخ إلاّ في حقِّ الفرائض. فإِن قوله هذا، وإن كان عامًا في الظاهر، إلا أنه مقصورٌ على المكتوبات بالنظر إلى هذا الفرض، لأن صلاة الإِمام قائمًا في المسجد لا تكون إلا فريضةً. وكذا قوله: «وإذا صلَّى قاعدًا» الخ، وإن وَرَدَ عامًّا، لكنه على الفرض المذكور لم يَرِدْ إلا في النافلة، لأنه إذا فَرَضْنَاه قاعدًا، فلا يكون في المسجد، بل في البيت، ولا يكون فيه إلا النَافلة، أو فريضة المنفرِد. فهاتان القضيتان وإن كانتا كُلِّيَّتَيْنِ لفظًا لكنهما مَخصُوصَتَان معنى، وكثيرًا ما يَرِدُ الكلامُ على فرضٍ ذهني، ثم إذا عُرِّيَ عن تلك القرائن المُحْتَفَّة والمعهودة بين المخاطَب والمتكلِّم أورث مثل هذه قلقًا، أَلا تَرَى إلى شاكلة أحاديث تنصيف الأجر وَرَدَت بدون تفصيلٍ بين الفرض والنفل، ففي الصِّحَاح عن عِمْرَان بن حُصَيْن مرفوعًا قال: «من صلَّى قائمًا فهو أفضل ومن صلاها قاعدًا، فله نصف أجر القائم. ومن صلاها نائمًا فله نصف أجر القاعد». اهـ. وكذلك ليس في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 191] الخ ... ولا في قوله: {فَاذْكُرُواْ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} [النساء: 103] تفصيلٌ بين الفرض والنفل. فلو تعرَّض في واقعة السقوط إلى هذا التفصيل لفَاتَ ذلك الوضع. فإِذا مَشَى في أحاديث تنصيف الأجر على شاكلة الإِبهام مَشَى عليها في أحاديث السُّقُوط أيضًا، ولم يتعرَّض فيها إلى القيام: أنه متى يَجِبُ ومتى لا يَجِبُ؟ وكذا إلى القُعُود أنه متى يُجُوزُ ومتى لا يَجُوزُ؟ بل تركهما على ما عُهِد من شأنهما في الخارج نعم إذا وَقَعَ التميُّزُ في الخارج، وخرجت الأقسام، فصار بعضُها فريضةً وبعضٌ آخر نافلةً، خَرَجَ بنفسه: أن القيام في الفرض لا يَسْقُطُ بخلافه في النافلة. ثم إنك لو نَظَرْت إلى عادتهم في الخارج، ما كانت؟ لعَلِمْتَ أن الحديثَ مقصورٌ بجزأَيه على (¬1) النافلة، لأنهم كانوا مَشْغُوفِين بالاقتداء خلفه صلى الله عليه وسلّم أينما وجدوه يُصَلِّي، وإنما كانوا يَفْعَلُون ذلك من أنفسهم بدون ترغيب منه، كما فعلوه في صلاة الليل، فاقتدوا به، حتى قال لهم النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «خَشِيتُ أن تُكْتَبَ عليكم» فصلاتُهم هذه ما كانت لإِسقاط الفريضة، ولم تكن تُدْعَى لها، ولكنهم كانوا يَدْخُلُون فيها تحصيلا للبركة، وإحرازًا للأجر، وتوفيرًا للثواب، ونَيْلا لشرف ¬

_ (¬1) فإن قلت قوله في القصة: "حَضَرَت الصلاةُ" يأبى أن تكون تلك الصلاة نافلةٍ، فإن هذا التعبير يَلِيقُ الفرائض. فأجاب عنه الشيخ رحمه الله تعالى: بأن ذلك يأتي في النافلة أيضًا. قلتُ: وقد وَجَدْته بحمد الله تعالى في البخاري، أخرج في باب الكُنْيَة للصبيِّ في حديث أنس رضي الله تعالى عنه في قصة أبي عُمَيْر: "فربما حَضَرَتِ الصلاةُ، وهو في بيتنا، فَيَأمُر بالبِسَاط الذي تحته فيُكْنَسُ ويُنْضَحُ، ثم يقوم ونقوم خلفه، فيصلِّي بنا" اهـ. وليست تلك إلَّا نافلة.

الاقتداء بخاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام وهو الذي فَعَلُوه في واقعة السقوط. وحينئذٍ مخاطبة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم إياهم بهذا الحديث لا يتتناول إلا الصلوات النافلة التي عَلِمَ الدخول فيها من أحوالهم، فهو إذن في حقِّ الصلاة التي لا يُدْعَى لها الناس، وهي النافلة، ولا رَيْبَ أنه يتحمَّل فيها القُعُود من القدرة على القيام. وفي فِقْهِنَا أيضًا: أن الإمام إن صلَّى التراويح قاعدًا، فللقوم أن يَقْعُدُوا أيضًا تحصيلا للمشاكلة. فمعنى قوله: «وإذا صلَّى جالسًا، فصلُّوا جلوسًا»، أي: في الصلاة التي عَرِفْتُ من عادتكم الاقتداء فيها. نعم، إذا غَفَلَ عن عادتهم تلك في الخارج، سَرَى إلى الوهم أنه عامٌّ في أنواع الصلوات كلِّها. وأمَّا وَجْهُ التفصِّي عن إشارته، فَيَنْكَشِفُ بعد المراجعة إلى ما أَخْرَجَه أبو داود في الأذان، في حديثٍ طويلٍ من أحوال الصلاة، وفيه قال ابن أبي ليلى: وحدَّثنا أصحابنا قال: «كان الرجل إذا جاء يسأل، فيُخْبِرُ بما سَبَقَ من صلاته، وأنهم قَامُوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم من بين قائمٍ وراكعٍ وقاعدٍ ومصل مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم ... حتى جاء مُعاذ رضي الله عنه، قال: فقال معاذ: لا أراه على حالٍ إلا كُنْتُ عليه، قال: فقال: إن مُعَاذًا قد سَنَّ لكم سنةً، كذلك فافعلوا». اهـ. مختصرًا بدون تغيير في اللفظ. وله مُتَابِعٌ عند الطبراني، وفي إسناده عُبَيْدُ الله بن زَحْر، ورأيُ البخاري رحمه الله تعالى حسنٌ في حقِّه. ثم وَجَدْتُ له مُتَابِعَيْن آخرين أيضًا، وظاهره: أن الناس كانوا يَدْخُلُون في الجماعات، فَيُصَلُّون أولا لأنفسهم ما فَاتَهم من صلاة إمامهم، حتى إذا قَضَوْه اتبعوه فيما بقي، واشتركوا معه في الأفعال حتى جاء مُعَاذ رضي الله عنه، فدخل أولا فيما كان الإِمامُ يصلِّيه، ثم اشتغل بأداء ما فاته من صلاته كما هو شاكلة القضاء اليوم. وأنت تَعْلَمُ أنهم لا بُدَّ لهم في هذه الصورة أن يَخْتَلِفُوا على إمامهم، فيكون أحدهم قاعدًا مع قيام إمامه، وقائمًا مع قعود إمامه، وهو الذي يقوله الراوي «من بين قائمٍ وراكعٍ وقاعدٍ» ... الخ، فيُشِيرُ إلى هذه الاختلافات على إمامهم. فلعلَّ هؤلاء الذين دَخَلُوا في صلاة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في مَشْرُبَتِه، واقتدوا به عَمِلُوا بهذه السنة، وقد كانت نُسِخَت، فدلَّهم على أنه يجب مع الإِمام ائتمامه، لا الاختلاف عليه، فعليكم أن تَعْمَلُوا بسنة مُعَاذ رضي الله عنه، وهو: القضاء فيما بَعْدُ لئلا يُوجب الاختلاف على الإِمام، فأشار إليهم بالجلوس لذلك. وعليه فليُحْمَل قوله: «وإذا صلَّى جالسًا فصلُّوا جلوسًا»، أي لا تُشْغِلُوا أنفسكم بقضاء ما فات أولا، ليلزم عليكم القيام عند جلوسه، والجلوس عند قيامه، ولكن صَلُّوا أولا بصلاة الإِمام فصَلُّوا جلوسًا إذا صلَّى جالسًا، وكذا في القيام. وإليه يشير ما عند الترمذي في باب ما يذكر في الرجل يُدْرِكُ الإِمامَ ساجدًا، كيف يصنع عن مُعَاذ رضي الله عنه مرفوعًا: «إذا أتى أحدُكم الصلاةَ والإِمامُ على حالٍ، فليَصْنَعْ كما يَصْنَعُ الإِمامُ». اهـ. يريد أن المسبوقَ ينبغي له أن يَتْبَع إمامَه في الأول، ولا يَشْتَغِلَ بقضاء أول صلاته، وليَصْنَعْ كما يَصْنَعُ إمامَه. وكذلك ما عند أبي داود، في باب الرجل يُدْرِكُ الإِمامَ

ساجدًا ... الخ، عن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه مرفوعًا: «إذا جِئْتُم إلى الصلاة ونحن سجودٌ فاسجدوا ولا تَعُدُّوها شيئًا ... » الخ (¬1). ثم ليمعن النظر أنه ما الفرق بين القُعُود عن القيام، وبين القُعُود للتشهُّد؟ فإن قلتُ: إنه بوضع اليدين على السُّرَّة في الأول، وعلى الفخذين في الثاني. قلتُ: هو مسألةٌ اجتهاديةٌ اختارها أبو حنيفة رحمه الله تعالى، ولا تصريحَ لها في الحديث مع أنه يترشَّح من بعض عبارات فقهائنا أنه لا فَرْق بينهما، وحينئذٍ يَلْتَبِسُ الأول والثاني، ولا يتميَّز أحدهما عن الآخر أصلا. وعلى هذا يُمْكِن أن يكونَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في القَعْدَة للتشهُّد. وهم فَهِمُوا أنه في القَعْدَة بدل القيام، فَقَامُوا. وأنت تعلم أنه لا سبيلَ حينئذٍ إلى علمه إلا بالتعليم، فأشار إليهم أن اجلسوا، ليَعْلَمُوا أنه في القَعْدَة للتشهُّد، لا لأن فرض القيام سَقَطَ عنهم بالاقتداء. ولا يُقَال يمكن أن يكون سقوطُ القيام عن ذمَّة المقتدي كسقوط فرض القراءة عندكم، لأنا نقول: كلا، فإن القراءةَ خلف القارىء مُنَازَعةٌ، والقيامَ خلف القائم مُوَافَقةٌ. والوجه: أن القراءةَ يتحمَّلها الإمام عن المقتدي، وتُحْتَسَبُ قراءتُه عن قراءتِه، بخلاف الأفعال من القيام والقعود وسائر الأذكار فإن الإمام لا يتحمَّلها عن المقتدي، وكلٌّ فيها أميرُ نفسه، فلا تتأدّى إلا بفعله ومن ههنا تبيَّن وجه التفصِّي عن إشارته بالقُعُود أيضًا (¬2). ¬

_ (¬1) يقول العبدُ الضعيفُ: وكلا الحديثين حَمَلَهما المحدِّثُون على غير ما حَمَلَهما عليه الشيخ رحمه الله تعالى، ولا بأس. فإن العِبْرَة بصُلُوح اللفظ، فيمكن أن يجري فيه الشرحان لا سِيَّما إذا اعْتَضَد شرحُ الشيخ رحمه الله تعالى بما عند أبي داود من سنة مُعَاذ رضي الله عنه. فلعلَّ ما في الترمذي عن مُعَاذ أيضًا ناظر إليه، ويمكن أن يكون ما عند أبي داود والترمذي إشارة إلى ما أخرجه عبد الرزاق في مصنَّفه مرسلًا، ولعلَّه عن عطاء: "أن الناس كانوا يَأْتَمُّون بالإمام وهو في السجود مثلًا، فلم يكونوا يَسْجُدُون، لأنه إذا فَاتَه الركوع لا يجزئهم السجود عن الركعة، فكانوا يستمرُّون على القيام، حتى كان الإمام يُدْرِكهم في القيام. فلعل هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم لمَّا دَخَلُوا المَشرُبة، ووجدوا النبي - صلى الله عليه وسلم - قاعدًا اقتدوا به ولم يَقْعُدُوا معه، بل قاموا كذلك منتظرين أن يُدْرِكَهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في القعود بدل القيام، يعني يقعد قَعْدَة القيام، فعلَّمهم أنه ليس من سنة الصلاة، بل إذا صلى الإمامُ قاعدًا، فليصل معه كذلك، وليُدْرِكْهُ معه، ويصنع كما يَصْنَعُ الإِمامُ، حتى إذا أدركه في القعود فليَقعد، وإذا أدركه في القيام فَليَقُم ولا يختلف عليه، ولذا أشار إليهم: أن اجلسوا ولا تنتظروا قائمين. ثم إن ههنا أثرًا عن عطاء مُرْسلًا نَقَلَه الحافظ رحمه الله تعالى: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت، ما صَليتم إلَّا قعودًا" -أو كما قال- وقد كان الشيخ أجاب عنه أيضًا، غير أني لم أنْتَهِز فرصةً لتفصيله. (¬2) واعلم أن ابن حَزْم مرَّ على تلك المسألة، وبَالَغ فيها حتَّى جَعَل يدَّعي الإجماع، وشَدَّد في الكلام على من خالَفَه، وزَعَم أن المُغِيرَةَ بن مِقْسَم صاحبَ النَّخَعِيّ هو أول من أَبْطَل تلك المسألة من هذه الأمة، وأخَذَ عنه حمَّاد، ثم تعلَّمه أبو حنيفة رحمه الله تعالى فلما رأيته يَرْفَعُ عَقِيرَتَه بالإجماع ارتعدت من الفَرَق، وما كنتُ أجدُ منه مَلْجَأً أَلْجَأُ إليه حتَّى تَذَكَّرْتُ لفظًا من شيخي، ولكن ما ألقيت له بالًا حتى رَزَقَنِي اللهُ بعض الممارسة، فَوَجَدْتُ إن كان والله لعلمًا. =

قوله: (ربَّنَا ولك الحمدُ) وقد وَرَدَت صيغة التحميد بأربعة أنحاءٍ. بذكر اللهم وعدمه، ¬

_ = فأنا آتيكَ أولًا بنص ابن حَزْم: قال ابن حَزْم بعد نقل أسماء الصحابة الذين أفتوا بالقعود خلف القاعد: أنه عندي ضَرْبٌ من الإجماع الذي أجمَعوا على إجازته، لأن من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعةً أفتوا به، والإجماع عندنا إجماع الصحابة، ولم يُرْوَ عن أحدٍ من الصحابة خلاف لهؤلاء الأربعة، لا بإسنادٍ متصل ولا منقطع، فكأن الصحابة أَجْمَعُوا على أن الإمام إذا صلى قاعدًا، كان على المأمومين أن يُصَلوا قُعُودًا ... إلخ ثم ادَّعى مثله في التابعين حتى جَعَلَ المُغِيرَة أول من خالفها. قال الشيخ رحمه الله: والذي ذَكره ابن حَزم يَدُلُّ على خلاف ما رامه، وتفصيله على ما فَهِمت: أن الأذهان إنما تتوجه إلى بيان القُدوَة من السلف في أمر يَشتَدُّ فيه الخلاف، فيذكرون له أحاديثَ وأسانيدَ على نحو استدلالٍ، ومر اختلافهم، وبحثهم، وردِّ بعضهم على بعضٍ، واستدلالهم لأنفسهم، وذكر جماعات ممن وَافَقَهم، يَظهَرُ مذاهب الصحابة رضي الله عنهم لمن بَعدهم، أما الذي لم يَفْشُ فيه خلافٌ بين السلف، وكان أمره عدهم كالمسلمات، فلا يكون لهم فيه عنايةٌ بذكر استدلال ورَد استدلال، فإنه لا يحتاج عندهم إلى البحث والفَحْص، فَيَسكتون عنه، لأن من حُسن إسلام المرء تَركه ما لا يعنيه، وفيه يتغير النقل عند الخلف من الكاتب، لا يقوم إلى الصَّلاة إِلَّا اسْتَن ثم رد على موضعه. فلو كان هناك أحد مثل ابن حزم وادّعى أنّ السنة أن يكون السواك موضع القلم. فمطالبة النقول في أمثال ذلك ظلم، بل قلة الأسماء في خلافه يَدُل على تفرُّد هؤلاء، وَيعُود هذا النقل وَبَالًا على من يُنَوِّه بذكر أسمائهم، ويُطَالب من خالفه بذكر من كان خالفهم - ألاَ تَرَى أن الخلافَ إذا لم يتفاقم عندهم، فأي داعية لهم بالبحث والفحص والإثبات والرد؟ وأنا أوضح لك بمثالِ: فقد رَوَى زيد بن خالد الجُهَني بإسنادٍ صحيحٍ عند الترمذي مرفوعًا: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواكِ عند كل صلاة" ... الحديث، ثم كان زيد بن خالد يشهدُ الصلوات في المسجد وسواكه على أذنه موضع القلم، وتمسك بأن زيدًا يروي الحديث، ثم عَمِلَ به كما سَمِعتَ فدل على سنية وضع السوَاك على الأذن، ثم يُبَالِغ فيه، ويقول: لم نجد في ذلك خلافا عن أحدٍ من الصحابة، فكان ذلك نوعًا من الإجماع. وحينئذٍ لو أراد أحدٌ أن يَرُد عليه، ويَصْرفَ أوقاته في أن يخرج أسماء الصحابة رضي الله عنهم الذين خَالَفوه ولم يضعوا مساوكهم على آذانهم، فلا أراه إلَّا أنه يُضِيع وقته ويُتْعِبُ نفسه، ثم يَرْجِع كليلًا، وذلك لأن نفس نقل الفعل عن زيد خاصة دليل على تفرُّده في ذلك وخلافه إياهم، فالنقل فيه إنما يَهُم ممن خالفه، ومطالبة النقل ممن كان عملهم بخلاف ذلك ليس إلَّا تحامُلًا وجَورًا، وهذا الذي قد فَهِمَه الإمام الترمذي، فقال بعد سَرْد الحديث المذكور: وقد ذهب بعضُ أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هذا الحديث منهم: جابر بن عبد الله، وأُسَيد بن حُضَير، وأبو هريرة وغيرهم. فانظر الفرق بين الإمام وبين ابن حَزْم حيث جَعَلَ الإمام النقلَ عن أربع من الصحابة رضي الله عنهم دليلًا على غاية القلة، فإن النقلَ فيما تَعُم به البَلْوَى ينبغي أن يكونَ من أكثر كثير، وإذ ليس إلَّا عن هؤلاء الأربع، فدل على شذوذهم وتفرُّدهم عن الجماهير. وأما ابن حَزم، فقد جَعَلَه دليلًا على الإجماع. قلتُ: إن كان الإجماع يَثْبُتُ من سورة التعبير، والغِلْظَة في الكلام، والتضييق على الأنام، فلنا أن نقول: إنه لم يُثْبِت ذلك إلا أربعة من الصحابة رضي الله عنهم، فدَلَّ على من اختار القُعُودَ خلف القاعد، فقد خَالَف عمل الجمهور. ومن ادعى، فليأتنا باسمٍ خامسٍ أو سادسٍ، فإن كنتَ ذُقْتَ وأَدْرَكْتَ هذه الدقيقة، فهذا الذي عراهم في مسألة ترك رفع اليدين، وأن ابن عمر رضي الله عنه إنما أَرَادَ في حديثه بإثبات الرفع في الموضعين: الردَّ على من كان تركوه. فإن الإثباتَ والاحتجاجَ واللِّزَامَ واللَّجَاجَ لا يكون إلَّا من مُجَاحِدٍ هناك، فدلَّ على كثرة الجاحدين والمنازعين معه. وإنما قلَّ النقل عن السلف لكون الأمر عندهم على السواء، فلما دار البحثُ وظهر الخلافُ، احتاجوا إلى إحياء ما كان عندهم من السنة. =

83 - باب رفع اليدين فى التكبيرة الأولى مع الافتتاح سواء

وكذا بذكر الواو وحذفها. ولطف الصيغة التي فيها الواو أنها تدلُّ على أن لربنا شيءٌ آخر أيضًا، كما أن له الحمد، وإنما حَذَفَه لِيَذْهَبَ ذهنُ السامع كل مَذْهَبٍ ممكنٍ. وراجع لنكتة الحمد في القَوْمة ما عند مسلم في باب الشفاعة من سجود النبيِّ صلى الله عليه وسلّم والاستئذان لها، وفيه ثلاثةَ ألفاظ: في لفظٍ: «أنه يَحْمَدُه أولا، ثم يَقَعُ ساجدًا». وفي لفظٍ «أنه يَحْمَدُه ساجدًا». وفي لفظٍ «أنه يَسْجُدُ له ثم يَحْمَدُه». وقد وَرَدَت كلُّها في المقام المحمود. وظَهَرَ لي أن الوجهَ هو الأول، والباقي من تصرُّفات الرواة، فإِنه يَحْمَدُه أولا، ثم يَخِرُّ ساجدًا، وهذه الحقيقة من تقديم الحمد على السجود سَرَت في الصلاة، فقدَّم الحمد في القَوْمة على السجود لهذا. ولفظ مسلم يقتضي أن السجودَ من خصائص الحَضَرَة الربانية، فحيثما تحقَّقت الرؤية ثَبَتَ السجود هناك، كما في ليلة المِعْرَاج إذا تجلَّى له ربُّه خَرَّ ساجدًا هناك كالثوب البالي. والله أعلى وأجلَّ ولعله بَدَأ بمثله في الشفاعة، فافتتح باب الشفاعة بالتحميد، ثم سَجَدَ ولعلَّ الحمد في القَوْمة ليتدارك المسبوقُ ما فاته من الحمد، كما ذكره في «الفتح» للقنوت، ثم رأيته في البجيرمي عن البرماوي. فهو لإِدراك الذكر فقط، ولو كان أُنْمُوذَجًا من القيام لأدرك الركعة بإِدراكه، وليس كذلك. ثم المشهور عن إمامنا رحمه الله تعالى التقسيم في التسميع والتحميد بين الإِمام والمقتدي، وهو المذكور في عامة الروايات وعنه: الجمع للإِمام، وهو عند البخاري. وعند الشافعيِّ رحمه الله تعالى: التسميع للمقتدي أيضًا، ولم يذهب إليه أحدٌ من غير ابن سيرين على ما أعلم، والله تعالى أعلم. 83 - باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِى التَّكْبِيرَةِ الأُولَى مَعَ الاِفْتِتَاحِ سَوَاءً 735 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ، وَإِذَا ¬

_ = وأما مُرْسَل عطاء عند عبد الرزاق في قصة صلاته في مرض الموت: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت، ما صليتم إلَّا قُعُودًا ... إلخ، فالجواب عنه على ما أذكر عن الشيخ رحمه الله تعالى: أنه كان في قصة الجُحُوش، فَوَهِم بعضهم، وَرَوَاه في قصة مرض الوفاة، ولا أدري ماذا كانت قرائنه عند الشيخ رحمه الله تعالى، وقد كَتَبَ الشيخ رحمه الله تعالى في ذلك تذكرة مستقلة، إلَّا أني لم أفُزْ بها، والله تعالى أعلم بالصواب. ثم وجَدت في بعض النقول عندي عن الشيخ رقم صفحة "الكنز" فراجعت إليه فوجدت فيه بعد قوله: "لو استقبلت" إلخ: "إن صلى قائمًا فصَلوا قيَاما، وإن صلى قاعدًا، فصَلوا قُعُودًا". (عب). هذا ما اجتمع لدي من تقاريره في تلك المسألة، كنت أسمعها في السنوات المتفرِّقة، ولا أَثق بنفسي أن أكونَ أتيت بها على وجهها، فإن لكل تقرير سلسلة ولكل سلسلة أصلًا، فالجمع بينها ربما يمكن أن يكون كالجمع بين الضب والنون، بيدَ أني بَذَلْت فيه جهدي، ولا يكلف الله نفسًا إلَّا وُسعَها، وما أردت به إلَّا أن تفيدَ للطلبة بصيرة تامةً، فإن عَثَرْتَ فيه على نقص -وهو نقصٌ كله- فاعذرني، وإلَّا فأجزني ولو بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاةَ لمن لم يقرأ بها.

كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا وَقَالَ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ». وَكَانَ لاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِى السُّجُودِ. أطرافه 736، 738، 739 - تحفة 6915 قال الحافظ رضي الله عنه: قد وَرَدَ الرفعُ في الأحاديث قبل التكبير وبعده ومعه، واختار الأول صاحب (¬1) «الهداية» منا فَيَرْفَعُ يديه أولا، ثم يكبِّر. أمَّا الثاني، أي التكبير، ثم الرفع فلم يَذْهَبْ إليه أحدٌ من السلف وإن وَرَدَ في الحديث. قلتُ: إن الصور عندي اثنتان فقط: قبله ومعه. أما الثاني، فهو من تصرُّف الرواة، وليس من السنة في شيءٍ، فإنه قد تبيَّن لي بعد السَّبْر أن الرفعَ بعد انقضاء التكبير لغوٌ، فلو كَبَّرَ حتى فَرَغَ عنه لا يأتي بالرفع أصلا، كذا في الزَّيْلَعِي «شرح الكنز»، وصرَّح به الشافعيُّ رحمه الله تعالى في «الأم» وكذا في «المغني» فَلَزِمَ منه أن الرفعَ للتكبير، فإذا خَتَمَ الكبير، فَاتَ محل الرفع. وذلك لأني سَبَرْت الشرعَ، فرأيتُ أن لا رفعَ عند القيام إلى الثانية والثالثة، مع أن الأظهرَ أن يكونَ الرفعُ فيهما أيضًا، كما كان في الأولى، ولكنه لم يُنْقَل عنه الرفع في هاتين، وذلك لانقضاء التكبير فيهما في الارتفاع، وتمامه إلى القيام، وحينئذٍ لو رَفَعَ لكان بعد التكبير، فلو كان الرفعُ عند الشارع بعده أيضًا لوضعه في قيام الثانية والثالثة البتَّة، كما كان وضعه في قيام الأولى. فَعلِمْتُ منه أن مَرْضِيَّ الشارع تركُ الرفع بعد التكبير، فَقَصَرْتُ على الصورتين فقط، وإن كانت الألفاظ تحتمل الثالثة أيضًا. 735 - قوله: (كان يَرْفع يديه) ... الخ (¬2) والشافعية يَزْعُمُون أنه أصرحُ حُجَّةً لهم قلتُ بل هو يَضُرُّهم من طَرَفٍ آخر، ويترشَّح منه ما يخالفهم، فإِن كنتَ فَطِنًا تَعْرفُ مظانَّ الكلام، ففكِّر أن ابن عمر رضي الله عنه، لِمَ خَصَّصَ الرفع من بين سائر صفات الصلاة؟ وَلِمَ نَّوه بذكره واهتمَّ بأمره؟ يدُلُّك على خمُولِه في زمنه. ولذا لم يتوجَّه إلا إلى الرفع خاصةً، ولعلَّه رأى فيه تركًا فأراد إحياء الرفع، ورمي التاركين بالحصى، ولو لم يكن هناك تاركون، فمَنْ ذا الذي كان يَرْمِيهم؟ نعم، لو كان في طريق من طُرُق روايته ذكرٌ لصفاتٍ أخرى أيضًا لحَمَلْنَاه على الاختصاص فقط، إلا أنه لمَّا لم يتعرَّض إلا إلى هذا الجزء خاصةً، عَلِمْنَا فيه خُمُولا في زمانه، بحيث ¬

_ (¬1) قوله: ويرفع يديه مع التكبير، وهو سنةٌ، قال صاحب "الهداية": وهذا اللفظ يُشِيرُ إلى اشتراط المقارنة، وهو المرويُّ عن أبي يوسف، والمُحْكَى عن الطَّحَاويِّ، والأصَحُّ: أنه يرفع يديه أولًا، ثم يكبِّر. (¬2) وهناك رواية عن ابن عمر رضي الله عنه في "خلافيات البيهقي" تَدُلُّ على نقيض ما في البخاري، وكان الشيخ رحمه الله يتردَّد فيها، لأن رفعَ ابن عمر رضي الله عنه قد اشتهر اشتهار الشمس، حتى أنه عُدَّ من رافعي لوائه، ولم يَثْبُت عنه ما عند البيهقي بهذه المثابة، فلذا كان يُغْمِضُ عنه. وقد عَلِمْتُ من دَأْبه أنه لم يكن ممن يأخذون بالحشيش، وهذا صورة إسنادها: مالك، عن الزُّهري، عن سالم، عن ابن عمر رضي الله عنه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، ثم لا يعود". اهـ. قلتُ: وتعجَّب منه البيهقي، ثم لم يستطع أن يتكلَّم في رواته، فالله تعالى أعلم بحقيقة الحال.

احتاج إلى الاستدلال والتفصيل. ولو كان الرفع فاشيًا ولم يكن هناك تاركٌ كما زَعَمُوه فأيُّ حاجةٍ دَعَتْهُ إلى اهتمامه أي اهتمام؟ قوله: (وإذا كبَّر للرُّكوع). قال الشافعية: يبدأ الرفع مع التكبير، ثم يمُدّه حتى يملأَ به الانحناء. قلتُ: وفيه عُسْرٌ لا يخفى، ثم رأيت في «شرح الإحياء». من التنبيه ذكر أن الرفع مع الانحناء مُتَعَسِّرٌ أو مُتَعَذِّرٌ فإِن كان لا بُدَّ له من الرفع عند الركوع، فالأولى أن يَرْفَعَ أولا، ثم يُكبِّرَ وينحني، ولا ينبغي أن يمشي على ظاهر شاكلة الألفاظ، فإِنها تَدُلُّ على أنه كان يرفع بعد انقضاء التكبير، وهكذا ما اختاره الشافعية رحمهم الله تعالى في الرفع من الركوع من أنه يرفعهما حين الارتفاع أيضًا غَلَطٌ، بل يرفعهما حين يَنْتَصِبُ قائمًا. وفي كتاب «المسائل» لأبي داود عن أحمد رحمهما الله تعالى: أنه رآه يرفع يديه حين انتصبَ قائمًا. والسِّرُّ في ذلك أنهم فَهِمُوا هذا الرفع للانتصاب، فوضعوه في الارتفاع ليكونَ قبله، مع أنه للذهاب إلى السُّجُود، وحينئذٍ نَاسَبَ أن يكونَ في الانتصاب. وبالجملة إن الرفعَ إن كان في نظر الشارع، فهو في الابتداء: إما في ابتداء الركعة الأولى للافتتاح، أو ابتداء الركوع، أو عند ابتداء السجدة، أو بين السجدتين، والأخيرُ قليلٌ جدًا مع ثبوت ترك الأَوَّلَيْن أيضًا، وكان به اعتناءٌ للصغار دون الكبار، فإِنَّهم كانوا يتركونه أيضًا. أمَّا كَثْرَةُ العمل، فلم تتبيَّن بعدُ، وإن صَرَّح ابن رُشْدٍ في «بداية المجتهد»: أن مالكًا في رواية ابن القاسم اختار الترك من أجل التعامل. قوله: (وكان لا يفعلُ ذلك في السُّجُود)، والشافعية جَعَلُوه دليلا على ترك الرفع في السُّجُود. قلتُ: بل تعرُّضه إلى النفي في السُّجُود دليلٌ على أنه كان هناك الرافعون في السُّجُود أيضًا، فأراد إخماله بذكر نحو من الاستدلال. والآن كيف ترى الحال في حديث ابن عمر رضي الله عنه، فإِنه يريد نفي الرفع في السُّجُود، ويترشَّحُ منه الإيجاب، ويريد إيجابه في الموضعين ويترشَّحُ منه النفي فيهما، وهذا كما قيل: إن في مِضَ لَمَطْمَعًا (¬1). ثم إن حديث ¬

_ (¬1) قلتُ: وإن كنتَ أدركتَ هذه المدارك وذُقْتَها فهنيئًا لك، وإلَّا فاسمع مني كلمةً أخرى، وهي أن التخصيصَ بالذكر ممَّا يَحْتَاج إلى نكتة ألَا تَرَى أن بعضَ الأمراء لمَّا تَرَكوا التكبيرات حالة الخفض، احتاج الصحابة رضي الله عنهم إلى التعرُّض لحالها خاصة، فمن ذلك ما رواه أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عند مسلم كما في "المشكاة". وأَصْرَحُ منه ما عند البخاري عن سعيد بن الحارث بن المُعَلَّى قال: "صلَّى لنا أبو سعيد الخُدْرِيّ، فجَهَر بالتكبير حين رفعَ رأسه من السُّجُود، وحين سَجَدَ، وحين رَفَعَ من الركعتين". وعن عكرمة عند مالك قال: "صلَّيت خلف شيخ بمكة، فكبَّر ثنتين وعشرين تكبيرة" ... إلِخ. وأيضًا عنده عن عليِّ بن الحُسَيْن مُرْسلًا، قال: "كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يكبِّر في الصلاة كلَّما خَفَضَ ورَفَع، فلم نزَلْ تلك صلاته - صلى الله عليه وسلم - حتى لقي الله". اهـ. فما تَرَى في أمثال ذلك؟ كيف خصَّصُوا التكبيرات بالذكر من بين سائر الصلاة؟ حتى أن أئمة الحديث أيضًا أقاموا لذلك بابًا مُسْتَقِلًا، كما بوَّب الترمذي: باب ما جاء في التكبير عند الركوع والخفض، فكما أن اعتناءهم ببيان التكبير دَلَّ عندهم على فقدان العمل في زمنهم، كذلك اعتناء ابن عمر رضي الله عنه بالرفع، يَدُلُّ على فُشُوِّ العمل بالترك في الموضعين وإثباته بين السجدتين، فاحتاج إلى إثباته أو نفيه، فهذا الذي أراده الشيخ رحمه الله، فاعلمه واشكر له. =

مالك بن الحُوَيْرِث عند النَّسائي: «أنه رَأَى النبيَّ صلى الله عليه وسلّم رَفَعَ يديه في صلاته، وإذا رَكَعَ، وإذا رَفَعَ رأسَه من الركوع، وإذا سَجَدَ، وإذا رَفَعَ رأسَه من السجود، حتى يحاذي بهما فروع أذنيه»، اهـ. لم أر أحدًا شَرَحَه، وقد مرَّ عليه ابن القيم في «الهدي»، والحافظ في «الفتح» والعجبُ أنهم يستدلُّون منه ولا يَشْرَحُونه أصلا، فإن ظاهره تعدُّد الرفع في القَوْمة، ففيه الرفع أربع مراتٍ: عند الركوع، وعند الرفع منه وهو في الانتصاب على ما مرَّ، وعند السجود وهو أيضًا في الانتصاب، وعند الرفع منه والذي يَظْهَرُ أنه أراد به ما بين الأمور الأربعة، فهي ثلاث: عند الركوع، وعند الرفع منه، وبين السجدتين، وإنما أَرادَ أنَّ الرفعَ في القَوْمة للمعنيين، فهو رفعٌ واحدٌ للرفع من الركوع وللسجود معًا. فَأَوْهَمَت عبارته بتعدُّد الرفع، ولم يكن مُرَادًا أصلا، ولذا لم يذكره في الرواية الثانية من النَّسائي، فانكشف أنه إيهامٌ لفظي فقط. ولم يَثْبُت تعدُّد الرفع في القَوْمة عن أحدٍ من السلف، وكل لفظٍ لم يُوجَد مِصْدَاقه مع وفور العمل في الخارج، فهو إيهامٌ تعبيريٌّ لا غير. وبعكسه، إن العمل إذا ثَبَتَ بأمر في الخارج، وتبيَّن مِصْدَاقه، فهو سنةٌ ثابتةٌ لا يمكن رفعها ونفيها من أحدٍ، ولو أَجْلَبَ عليه بَرِجِلِهِ وَخَيْلِهِ، فلا يتمكَّن أحدٌ على نفي الترك رأسًا، كما لا يتمكَّن على إثبات تعدُّد الرفع في القَوْمة نظرًا إلى الألفاظ فقط ما لم يتبيَّن العمل به في الخارج. فالتوارثُ والتعاملُ هو معظم الدين، وقد أرى كثيرًا منهم يتَّبِعُون الأسانيدَ ويتغافلون عن التعامل، ولولا ذلك لَمَا وَجَدْتُ أحدًا منهم يُنْكِرُ ترك الرفع، ولكن الله يفعل ما يشاء. ¬

_ = وهاك نظائر أخرى بعضها ألصق من بعض، فقد أخرج مسلم عن جابر بن سَمُرَة قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يَخطُبُ قائمًا، ثم يَجلِسُ، ثم يقوم فيخْطب قائمًا، فمن نبَّأك أنه كان يَخطُبُ جالسًا فقد كَذَبَ" ... إلخ. وإنما احتاج إلى تأكيد القيام من بين سنن الجمعة، لأن بعضَهم كعبد الرحمن ابن أم الحكم كان يَخْطبُ قاعدًا. وأخرج الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما: "كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- يُصَلُّون العيدين قبل الخطبَة". وهكذا رُوي عن جابر رضي الله عنه، والبراء، وغيرهم. وذلك لأن بعضَ الأمراء كمروان بن الحكم كان قدَّم الخطبَة، فقد عَلِمتَ ممَّا ذكرنا أن الصحابةَ رضي الله عنهم ماذا كانوا يُرِيدون من التخصيص بالذكر، وعليه فَليُقَس حديث ابن عمر رضي الله عنه في رفع اليدين. وبالجملة حديث ابن عمر رضي الله عنه لا يُوَافقهم بتمامه كما زَعَمُوه. أما أولًا، فلدلالته على الترك كما سَمِعْتَ آنفا. وأما ثانيًا، فلما رَوَى الطَّحَاوِي عن مُجَاهد قال: "صلَّيت خلف ابن عمر رضي الله عنه، فلم يكن يرفع يديه إلَّا في التكببرة الأولى من الصلاة". وأمَّا ثالثا، فللرواية التي نقلناها عن "خلافيات البيهقي" عن قريب. وأمَّا رابعًا، فلما عند البخاري في حديثه: "إذا قام من الركعتين رَفَعَ يديه" ففيه إثباتٌ للرفع عند النهوض من الركعتين أيضًا. ولا يقول به الشافعي رحمه الله أيضًا، فهذا حال حديث ابن عمر رضي الله عنه في الرفع، فإذا لم يستطيعوا العمل بكله، جَعَلوا يَحْتَالُون بتضعيف ما خالفهم مرةً، وبالإعلال أخرى. ولعلَّك عَلِمْتَ حينئذٍ أن حديث ابن عمر رضي الله عنه لا يخلص لهم كما زَعَمُوه، بل فيه تأييدٌ للحنفية، فإن الرفع إذا ثبت عنده في موضعٍ آخر مع ترك العمل به بالاتفاق، ثَبَتَ الترك في الجنس من نفس حديثه، حتى ثَبَتَ من رواية البيهقي والطحاوي الترك مطلقًا في المواضع كلِّها. وإذن لم نَفْتَقر في إثبات الترك إلى حديث من الخارج، بل كفانا لذلك ابن عمر رضي الله عنه، ولله الحمد.

84 - باب رفع اليدين إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع

ويَتَبَادَرُ من كلام الشارحين أن في ذهنهم تعدُّد الرفع في القَوْمة في هذا الحديث، وحنيئذٍ لا بُدَّ للعمل به من بيان صورة، ولكنه لم يتوجَّه أحدٌ منهم إلى أنه ماذا تكون صورة العمل به في الخارج أمَّا أنا فقد أن الرفعَ فيها واحدٌ بالعدد، فهل ثَمَّ داعٍ أو مجيبٍ إذن. وكذلك في الباب حديث عند ابن ماجة (¬1) «أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان يرفعُ يديه عند كل تكبيرة» ... الخ، وأعلَّه كلُّهم، وما ذلك إلا لأنهم فَقَدُوا به العمل، ولم يستطيعوا أن يَعْمَلُوا بكلِّه، فاضْطَرُّوا إلى الإعلال. وتبيَّن لي شرحُه بعد مرور الأزمان وتقليب الأجفان: أن المراد من الرفع هو انتقال اليدين من مكانٍ إلى مكان، أي كانت يداه تنتقل من مكانٍ إلى مكانٍ عند كل تكبيرةٍ. فإن قلتَ: إن الرفع بهذا المعنى لا حاجة إلى ذكره، قلتُ: كلا بل أراد به الرَّاوي أن يفهرس الرفع، ومَنْ جنسه الرفع المختلف فيه وإن تغيَّرت شاكلته، واستفدتُ منه مهمةً أخرى وهي: أن شعارَ التكبير هو الرفعُ، فإذا كبَّر رَفَعَ، وحينئذٍ صار تعرُّضه إليه مهمًا جدًا، وراجع له «نيل الفرقدين» وفي التوراة لمَّا وَقَعَ الحَرْبُ بين موسى عليه الصلاة والسَّلام وبين العَمَالِقَة، لم يَزَلْ موسى عليه الصلاة والسَّلام داعيًا رافعًا يديه حتى كادت الشمس تَسْقُطُ، فَثَقُلَت يداه وسَقَطَت، فجاءه هارون عليه الصلاة والسَّلام، فأمسكها أن تسقط قبل الفتح. وبالجملة هذا الفهرس كفهرس عدد التكبيرات في بعض الأحاديث، وليس من البديهي المُسْتَغْنَى عنه. 84 - باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ إِذَا كَبَّرَ وَإِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ 736 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ فِى الصَّلاَةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يُكَبِّرُ لِلرُّكُوعِ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَيَقُولُ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ». وَلاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِى السُّجُودِ. أطرافه 735، 738، 739 - تحفة 6979 - 188/ 1 والحديث وإن مرَّ من قبل أيضًا، لكنّ المصنِّف رحمه الله تعالى دَخَل الآن في المسألة المشهورة (¬2). وأعلم أن الأحاديثَ الصِّحاح في الرفع تَبْلُغُ إلى خمسة عشر، وإن سَلَكْنَا مَسْلَك ¬

_ (¬1) قلت أخرج البخاري في كتابه في رفع اليدين عن الهزيل بن سليمان قال سألت الأوزاعي قلت: يا أبا عمرو ما تقول في رفع الأيدي مع كل تكبيرة وهو قائم في الصلاة قال ذلك الأمر الأول اهـ. (¬2) يقول العبدُ الضعيفُ: ولقد أَجَلْتُ الأفكارَ في هذا المِضْمَار، ورُضْتُ الخيولَ، وخُضْتُ السيولَ وحَدَّقْتُ الأحداقَ، وقلَّبْتُ الأوراق، فلم أجد إلَّا أن كلًّا منهم يريد أن يَعْدِم الآخر، ويجعله كالأمس الدابر، وليس بفاعل. فيأتي شافعي ويُرِيكَ كأنَّ التركَ شريعةٌ مستحدثةٌ لا أثرَ لها ولا خبر، ويأتي حنفي فيُوهِمُكَ كأنَّ الرفعَ شريعةٌ منسوخةٌ، والكلام فيه جِدَالٌ بلا ثمر، ولعَمْرِي إنه لطمعٌ في غير مطمعٍ، وتصوتٌ في غير مسمعٍ. =

الإغماض، فإلى ثلاثة وعشرين. ولنا: حديثُ ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا، ومرسلٌ آخر ¬

_ = وها أنا أريدُ الآن أن ألقي عليك شيئًا تاريخيًا ينبِّهك على ما وَقَعَ فيه من الإفراط والتفريط، لخَّصْتُه من رسالة الشيخ المسماة بـ: "نيل الفرقدين لرفع اليدين". ومن الإحساسات اللطيفة للشيخ ما تَقِر عينكَ، وترِيح نفسك وتُثلِجُ صدركَ، وتضيء بدركَ. واصفَحْ عن الكلام في الأسانيد، فإنه قليل الجدوى في هذا المقام، فقد بلوتهم أنهم يُسَامِحُون عند الوِفَاق، ويُمَاكِسُون عند الخلاف، وهذا كما تَرَى لا يكفي ولا يشفي، فإنْ كان بكَ شغفٌ به فارجع إلى رسالة الشيخ تغنيك بالإصْبَاح عن المِصْباح. واعلم أن الرفع متواترٌ إسنادًا وعملًا، ولم يُنْسَخ منه ولا حرفٌ، وإنما بقي الكلامُ في الأفضلية كما صرَّح به أبو بكر الجَصَّاص في "أحكام القرآن"، والحافظ ابن تيمية في "فتاواه" وفي "منهاج السنة" وابن القيم في "الهدي" وأبو عمر في "التمهيد" على ما فَهِمه صاحب "مباني الأخبار"، وكانت قِطعة منه عند الشيخ. وأمَّا الترك، فإن لم يكن متواترًا إسنادًا لكنه متواترٌ عملًا، ولا ريب فقد كان أهل الكوفة كافة على الترك، كما قال ابن نصر. ولفظه كما في تعليق "الموطأ" نقلًا عن "الاستذكار": "لا نعلمُ مِصْرًا من الأمصار تَرَكوا بإجماعهم رفعَ اليدين عند الخفض والرفع إلَّا أهل الكوفة". اهـ. وهذه العبارة كما تَرَى اسْتَوعَبت كل أهل الكوفة، فكُفينا عُهْدَة استقرائهم، ويُفْهِمُ أن غير الكوفة تاركون أيضًا، وهكذا نَقَلَه في شرح "الإحياء". وهو أصل عبارته. ونقله الحافظ رحمه الله في "الفتح" هكذا: قال محمد بن نَصْر المَرْوَزِي: أجمع علماء الأمصار على مشروعية ذلك أي رفع اليدين - إلَّا أهل الكوفة. اهـ. وهكذا نَقَلَه الشَّوكَاني في "الدراري المضيئة"، فتحرَّفت العبارة وانْخَرَمَ المراد. ثم إن أهل الكوفة تعلموه من ابن مسعود وعليِّ رضي الله عنهما، وكانت الكوفة معسكرًا في زمن عمر رضي الله عنه، فلعله وَرَدَ فيها ألوفٌ من الصحابة رضي الله عنهم. وفي "فتح القدير" في باب المياه: إن القَرْقِيسَة نَزَل فيها ستمائة من الصحابة رضي الله عنهم، وهي قرية من الكوفة، فإذا وَرَدُوا القرية الصغيرة مثله، فاقدر حال الكوفة. وعند الدُّولاَبي في "الأسماء والكنى": أنه نَزَلَ في الكوفة ألف وخمسمائة من الصحابة رضي الله عنه، وهو محمول على نحو من الاعتبار، وإلَّا فقد وَرَدوا فيها أضعاف ذلك لِمَا عَلِمْت أنها كانت دارًا للعسكر في زمن عمر، فليس عملهم بهيِّن، وكذا كثير من التاركين كانوا في المدينة في عهد مالك، وعليه بَنَى مختاره. وأمَّا أهل مكة، فكان أكثرهم يرفعون وتعلَّموه من ابن الزُّبَير، وكان يرفع وعليه بَنَى الشافعي مذهبه. والذي يَظهَرُ أن الأمرَ في الرفع والترك في عهد الخلفاء كان على الإرسال والإطلاق، فمَن شَاءَ رَفَعَ، ومَن شَاء تَرَكَ، ولم يُعَنِّف منهم التارك على الرافع، ولا الرافعُ على التارك. ولو جَرَى البحثُ فيه، وظَهَرَ الخلاف في زمن الخلفاء لا نفصل. وهل يَلْصَقُ بالقلب أنه وَقَع فيه البحث في زمن أبي بكر رضي الله عنه، ثم لم ينفصل شيء، ولم يَثبُت قدمٌ في نحو الصلاة حتى فَصَله ابن الزُّبَير رضي الله عنه، وهو ابن اثنتي عشرة سنة، عند وفاة أبي بكر رضي الله عنه، فحقّقه، وحينئذٍ حَصْحِصِ الحق، وتخلَّص الأمر عند الخلاف. بل الأمرُ أنهم كانوا في خِيَرة منه حتى اعْتَنَى به بعضٌ من الصغار، وتنوَّهوا به كابن الزبير في مكة، وابن عمر في المدينة. وذلك في سَجِيَّةِ الصغار أنهم يَعْتَنُون بأمورٍ يسيرة ولا يعتني بها الكبار. أَلا ترى أن ابن الزبَير كان يَجْهَرُ بالتسمية، ومنه تعلَّمه أهل مكة، فاستمرُّوا عليه إلى زمن الشافعي، مع أنه لم يكن في عهد الكبار. وكذا جَهْرُ آمين أخذوه منه، مع أن أكثر الصحابة والتابعين كانوا على الإسرار، كما ذكره "الجوهر النقي" عن ابن جرير. وكذا كان ابن الزُّبَير يؤذِّن ويُقِيم للعيدين، كما ذكره الحافظ رحمه الله تعالى في "الفتح"، وكان يُرسِلُ يديه كما في "المغني"، فذقه. =

في «التخريج» للزَّيْلَعي فقد ثَبَتَ الأمران عندي ثُبُوتًا لا مردَّ له ولا خلاف إلا في الاختيار، ¬

_ = وكذلك ابن عمر رضي الله عنه كان يتحرَّى بالاتفاقيات أيضًا، وكان يرمي بالحَصَى مَنْ لم يرفع في صلاته، فهل تراه أمره النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أو خلفاؤه بذلك، ولكنه كما قُلْنا من الاعتناء بأمور ثم التزامها بالجد والشدة، فهوَّن عليك الشأن، واعرف أن الصغار إنما يتعلَّمون الدينَ بالمشاهدة، كما هو دَأبُهم في التعلُّم إلى يومنا هذا، وكذلك كل أهل البلاد يتعلَّمونه من علمائها مشاهدةً وتوارثًا طبقة بعد طبقة، لا أنهم يكون عندهم خصوصُ سؤالٍ فيه، ثم الإنسان فُطرَ على أنه إذا بَلَغَه أمرٌ أول مرة فاختاره، واعتاد به، لا يتحمَّل خلافه. ثم الناس على أنحاء بين حديدٍ وليِّن، وشديد وهيِّن، فَتَحدُث تلك المبالغات. ومن هذا الباب: رمي ابن عمر رضي الله عنه بالحصى، ثم ماذا كان يريد به، فإن أراد به التنبيه عليه، فإنهم لم يطيعوه على ذلك ولم يذوقوه كذوقه، بل بقي عندهم على الإباحة لا غير. ومن هنا ظَهَر وجهُ ما رُوِي عن ابن الزبَير، عن أبي بكر بإسناد إلى رب العالمين: "أنه كان يرفع يديه"، فإن أصله: هو تعلُّم ابن الزُّبَير من أبي بكر نفس الصلاة، لا خصوص رفع اليدين. وإنما رَفَعَها من علَّمه، ثم جاء بعده ممن اختار الرفع، فألحق رفعه أيضًا بهذا الإسناد زعمًا منه أنه صلى خلف أبي بكر رضي الله عنه. فلعلَّه حقَّق منه الرفع أيضًا، مع أنا نجد في غير واحدٍ من الأحاديث أنه يكون عندهم من صفات الصلاة، أو من وضوئه - صلى الله عليه وسلم - شيء، ثم يريدون تعليمها، فيقولون: أَلاَ أريكم صلاةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو وضوءَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يكون عندهم إلَّا جزءٌ منه. وهكذا فليعتبره ههنا، فإن ابن الزُّبَيْر رضي الله عنه لمَّا تعلَّم الصلاةَ من أبي بكر رضي الله عنه -ومعلومٌ أن أبا بكر رضي الله عنه تعلَّمها من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك هو من جبريل، وهو من خالق السماوات والأرضين- أَسْنَدَ من جاء بعده رفعه أيضًا بهذا الإسناد، وإن كان رفعه من علمه فقط، وليس هذا تلبيسًا وتخليطًا، وإنما يكون الأمر عندهم كذلك في الواقع، وإنما حققته أنا من القرائن. فانصف من نفسك: أن هذا الإسناد -أعني أبا بكر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن جبريل، عن الله جل مجده- هو إسناد الدين جملة أو إسناد رفع اليدين، خاصة، فكأن الرواة أرادوا بذلك الإسناد أن ما عند ابن الزُّبَير لا يكون إلَّا سنة من النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأنه تعلَّم الصلاةَ من أبي بكر، وحاله معلومٌ، وهل يحتاج مثل أبي بكر أن يقول: صليت خلف النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ وأين كان يُصَلِّي دونه، وإنما يَحتَاجُ مَن يُسْتَبعَدُ صلاتَه خلفه - صلى الله عليه وسلم -، أو تكون قد وقد، نعم لو قَالَ أبو بكر: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفعُ، واقتصر عليه لكان له بعض اتجاهٍ، ولكن وَصْله إلى رب العالمين مما لا يُعْقَل عنه، فإذن هو إسناد الدين المحمدي، ألْحَقَه بالرفع أيضًا ممن اختاره بعدُ اهتمامًا به. يقول العبدُ الضعيفُ: وهذا نحو ما رواه الترمذي في مناقب أنس رضي الله عنه: حدَّثنا ثابت البُنَاني قال: "قال لي أنس بن مالك: يا ثابت، خُذْ عني فإنك لن تأخذَ عن أحدٍ أوثق مني، إني أخذته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن جبريل، وأَخَذَه جبريل عن الله عز وجل" - فلا رَيْبَ أن ذلك هو إسناد الدين كلِّه دون إسناد الرفع بخصوصه. ثم إنك قد عَلِمْتَ أن التساؤلَ عن الرفع والترك لم يجر في زمانه، وإنما توَّجهت الأذهان إلى الخلاف فيه في زمن الصغار، فلا يكون ذكرُ هذا الإسناد من أبي بكر، ولا من ابن الزبير، وإنما هو ممَّن نَقَلَ رفع ابن الزُّبَيْر، ثم أراد تقويته، وقد عَلِم تعلُّم صلاته من أبي بكر، فذَكر هذا الإسناد اكتفاءً بإسناد الدين، فدَعْ عنك التسلسل في العَنعَنَة، وخُذ بما يَقَعُ في الشاهد في أخذ أهل، البلاد من علمائها طبقة بعد طبقة، صغارهم من كبارهم، لا سؤالًا جزئيًا، لا سِيَّما فيما لم يقَعْ فيه الاختلاف بعد. والحاصلُ: أن الإسناد من أبي بكر ... إلخ، هو إسنادُ الدين عندي لا خصوص الرفع، ثم إنا لا نُنْكِرُ أن يكون قد رَفَعَ ولو مئات من المرات، وإنما الكلامُ في النقل عنه بالطريق المذكور، وينبغي أن يلخص أنه ليس عند الكوفيين عن أبي بكر رضي الله عنه شيءٌ، ولعلَّه ليس عند غيرهم أيضًا ما يكون ثابتًا عندهم، وعندهم عن عمر أثبت مما عند خصومهم. وقد وَافَقَنَا على ذلك ابن بَطَّال أن عمله كان على الترك، ولم يَثْبُت عنه الرفع، وهو أبلغ ممَّا قاله الطَّحاويُّ: ثَبَتَ ذلك أي الترك عن عمر. =

وليس في الجواز. فما في «الكبير» شرح «المنية»، و «البدائع»: أنه مكروهٌ تحريمًا، متروكٌ ¬

_ = ومن القرائن التاريخية الدَّالة على ذلك: أن الأسودَ قد صَحِبَه سنتين، هو وعلقمة قد ذهبا إليه لتعلُّم الصلاة منه، ثم استمرَّا على الترك كما في "الإتحاف". وبمثل هذه القرائن قال الطحاويُّ: ثَبَتَ ذلك عن عمر، وكذا عندهم عن عليّ أثبت ممَّا عند خصومهم، وعليه دَرَجَ أصحابه، ولا حقَّ لأحدٍ في الكلام فيما نَقَلُوه عنه أهل الكوفة، لأنه كان بين أظهرهم. يقول العبدُ الضعيف: ولذا لم يذكرهما الترمذي من الرافعين فإن عمر وعليًّا رضي الله تعالى عنهما، لو ثَبَتَ عنهم الرفع لصرَّح بأسمائهما. نعم، وهما أحق بذلك لو ثَبَتَ عنهما كذلك. وأمَّا علم ابن مسعود رضي الله عنه فهم فيه منفردون لا يشاركهم فيه أحدٌ، وفي تعليق "الموطأ" نقلًا عن "الاستذكار": "لم يُرْوَ عن أحدٍ من الصحابة تَرْكُ الرفع ممن لم يختلف عنه فيه إلَّا ابن مسعود رضي الله عنه وحده اهـ. فإنه لم يُرْوَ عنه إلَّا الترك وجملة الأمر: أن أهل الكوفة فَاتَهم التحقيق عن أبي بكرٍ، ثم حقَّقوه من عهد عمر رضي الله عنه إلى عهد عليّ رضي الله عنه، ثم استقرُّوا واستمرُّوا عليه ولم يبالوا بغيرهم، وهو الذي يجيبونه عند التساؤُل، فخذ هذا ملخصًا، فقد وقع في المبحث بخسٌ كثيرٌ، يُهَوِّلون بسرْد أسماء من علَّلوه، لأنه لم يخترْه فقط. وليس من الإنصاف أن يُقتَصَرَ في الباب على نُقُول الشافعية رضي الله عنهم، فإن للمالكية أيضًا شَطرًا من العلم والنقل به. هذا ما سَمَحَتْ به إلى الآن حال السلف، وما هم فيه وبعدُ، فإِن كلَّهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأعلام الهدى لم يَقْصُدُوا بتلك المبالغات إلَّا التمسُّك بسنة نبيهم، والعضَّ عليها بالنواجذ، فبأيهم اقتديتم اهتديتم. وإنما أردنا بذلك بيان تحامُل الخصوم علينا، فإن ابن عمر رضي الله عنه وأمثاله أراد إحياءَ سنةٍ، وهؤلاء همُّهم في إعدام الحنفية عن صفحة الواقع، وليس بدَأبٍ صحيحٍ، فإن الصحابة رضي الله عنهم إذا اختلفوا في أمرٍ، فالجانبان حقٌّ وصوابٌ، وإخمالُ جانبٍ أو إعدامه بنحو لحن في الحُجَّة رقمٌ على الماء لا غير، فمن رَفَع فهو على حقٍ وسنةٍ، وكذلك من تَرَك ولا لومَ عليه، ولا عنفَ، ولا شيءَ إذا كان لهم أيضًا في السلف قدوةٌ، ونسأل الله التوفيق وسبيل السداد، فإن بعضَ من لا فقه لهم في الدين لمَّا رأوا ابن مسعود رضي الله عنه يَترُك الرفع، جعلوا يَطعَنُون عليه، ويَقْدَحُون فيه، ولا يدرون أنهم بصنيعهم هذا يَهْدِمُون بنيان الدين، فإن نحو ابن مسعود رضي الله عنه لمَّا صار مطعونًا عندهم، والعياذ بالله، فممَّن يأخذون الدين من بعده اللهم أحينا على حبِّك، وحبِّ رسولك وحب آله وأصحابه والمسلمين أجمعين، وأمتنا عليه، ولا تجعل في قلوبنا غِلًّا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوفٌ رحيمٌ. وبعد ذلك، فانظر إلى المحدِّثين وما صَنَعُوا فيه فلا تَجِدهم أيضًا خَلَصُوا من المبالغات، حتى لم يتركوا فيه تاريخًا صحيحًا ونقلًا واضحًا غير مخايل وقرائن. ففي "الأم": قلتُ للشافعي: خالفكَ في هذا غيرُنا، قال: نعم بعض المشرقيين، ثم قال: وجُل أهل المشرق يذهبون مذهبنا في رفع الأيدي ثلاث مرات في الصلاة، فخالفتم مع خِلافكم السنة أمر العامة من أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وقال: قلت: هل رووا فيه شيئًا؟ قال: نعم ما لا نُثبِتُ نحن ولا أنتم ولا أهل الحديث منهم مثله، وأهل الحديث من أهل المشرق يذهبون مذهبنا. ففي العبارة الأولى: أن جُلَّ أهل المشرق يذهبون مذهبه، وفي هذه العبارة: أن أهل الحديث منهم هم الذين يذهبون مذهبه، لا كلَّهم ولا جلَّهم. وكذا في "الفتح" عن "جزء البخاري": أنه لم يَثبُت عن أحدٍ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يَرفَع يديه اهـ. ولا يتم له ذلك، فقد نَقَلَ خليفته الإمام الترمذي العملَ بكلا النحوين، فقال بعدما أخرج حديث ابن مسعود في تركه: وبه يقول غير واحدٍ من أهل العلم من أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - والتابعين، وهو قول سُفْيَان الثوري، وأهل الكوفة. اهـ. =

عندي. نعم، إن كان عندهما نقلٌ من صاحب المذهب، فهما معذوران، وإلا فالقولُ بالكراهة ¬

_ = وكذا بَالَغَ فيه ابن المُنْذِر، وقال: لم يختلف أهل العلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه. ومن هذا الباب ما قال الفَيْرُوز آبادي في "سفر السعادة" بعدما سَاقَ الكلام على إثبات الرفع في المواضع الثلاثة: ورُوِي عن العشرة المبشَّرة أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يَزَل على هذه الكيفية حتَّى رَحَلَ عن العالم. فردَّه العلامة السِّنْدِهي في رسالته "كشف الرين": بأن ما نقله الفَيرُوز آبادِي عن العشرة المبشرة في دوام فعله - صلى الله عليه وسلم - الرفع إلى وقت وفاته، فلم يصحَّ فيه حديثٌ فضلًا عن رواية العشرة. نعم، وَقَعَ ذلك في روايهٍ واحدةٍ عن ابن عمر مذكورةٍ في "سنن البيهقي" لكن سندها غير صحيح، ومن ادَّعى صحته وصحة غيره، فعليه البيان. اهـ. وقد أصلَحَ الشيخ رحمه الله تعالى عبارته شيئًا، وما قال في "سفر السعادة" بعده: وقد صحَّ في هذا الباب أربعمائة خبرٍ وأثرٍ. اهـ. فباطلٌ لا أصلَ له أصلًا، فقد رأيت حالهم في المبالغات، وما فعلوا من تكثير القليل، وتقليل الكثير. ثم ذَهَبُوا يعدِّدون أسماء الرَّافعين، فعدَّهم في "الفتح" خمسين نفرًا من الصحابة، وتَتَبَّعتهم، فوجدت أن فيهم من كانوا يَرْفَعُون عند الافتتاح فقط أيضًا. وفي عبارة "الاستذكار" أنهم ثلاثة وعشرون، ونحوه في كلام الشوكاني، فقد سَقَطَ منه نحو النصف، ونقل في "التخريج" من كلام البيهقي نحو خمسة عشر بأسانيد صحيحة يُحتَجُّ بها، وفي بعضها أيضًا كلامٌ، فبقي نحو اثني عشر، فذهب في المبالغات نحو ثلاثة أرباع، وبقي نحو الربع، وحَصَلنا من الخمسين على نحو اثني عشر. وإن أخذنا بلفظ: كل خَفْض ورَفْع"، فعدد الرفع أزيد منهم، هذا في أسماء الصحابة. أمَّا الأحاديث، فَخَلَصَ منها نحو خمسة أو ستة: حديث علي رضي الله عنه، مع اختلاف في ذكر الرفع والساكتون أثبت. وحديث ابن عمر رضي الله عنه، ومالك بن الحُوَيرث رضي الله تعالى عنه على وجوههما. وحديث وائل رضي الله عنه على اختلاف في ألفاظه. وحديث أبي حُمَيْد رضي الله تعالى عنه على اختلاف في الذكر وعدمه. وحديث جابر رضي الله عنه. ونحو هذا العدد من الجانب الآخر أيضًا، هذا حال المحدِّثين وما هم فيه، وراجع لتفصيله الرسالة. ولعلَّك قدَّرْتَ من هذه الجملة: أن غاية أُمنِية الخصوم أن لا تبقى للحنفية مُسْكة في الدين، ويأبى الله ورسوله إلَّا أن يكون الناسُ كلُّهم في فُسْحَة ووُسْعَة من الدين. قال الشيخ رحمه الله تعالى: بلى قد ثَبَتَ عندنا تركه عن عمرٍ، وعليّ، وابن مسعود، وأبي هريرة، وابن عمر، والبراء بن عازب، وكعب بن عُجْرة رضي الله عنهم، عملًا أو تصديقًا منه، وعن آخرين ممَّن لم يذكر أسماءهم ولم يُعَيَّنُوا، ومن التابعين عن جُلِّ أصحاب عليّ وابن مسعود رضي الله عنهما، وجماهير أهل الكوفة وكثير من أهل المدينة في عهد مالك رحمه الله واعترف به ابن القيم في "أعلام الموقعين"، وإن لم يجعله حُجَّة، وناهيكَ بهم قدوة. وفي سائر البلاد أيضًا تاركون لم يُسَمَّوْا كما يقع كثيرًا فيما يجري التعامل والتوارث، فيستغنى عن ذكر الإسناد فيه، لكونه غير مهم عنده أو أعْوَزَه، ثم يأتون الخلف فيطالبون الأسانيد، وإذا لم يجدوا أنكروا التواترَ العلميَّ، وكثيرًا ما يَقْتَحِمُه ابن حَزْم في "محلّاه" كأنه لم تَقَعْ عنده في الدنيا وقائع ما لم يكن هناك إسنادٌ، وهذا قطعي البطلان، فَيُنْكِرُ كثيرًا من الإجماعيات المنقولة بالآحاد، ويخرِّبُ أكثر مما يعمِّر، وهو ضررٌ عظيمٌ. أَلا تَرَى أن هذا القرآن كيف تواتر على وجه البسيطة عند المسلمين طبقة بعد طبقة، بحيث لا يوجد أحدٌ منهم لا يعلم أنه كتاب سماوي نزل على نبينا - صلى الله عليه وسلم -، وأن ما بأيدينا هو ذاك، ومع هذا لو طلبنا تواتر إسناد في كل آية منه لأعْوَزَنا ذلك وعجزنا، وهكذا فعل ابن القيم في "أعلام الموقعين" في بعض نظائر مسألة الزيادة بخبر الواحد على القاطع، فلا يعلم كيف خفي هذا على الناس، ومن تمرُّ عليه الدنيا أَلاَ يعلمون أن هذا الصنيع يعُودُ عليهم وَبَالًا، ويَلْزَم منه أن الدين قد اختلط من الأول، ولم يبقَ إلى معرفته سبيل يُوثَقُ به، وماذا يَحْصُل ويعود بالتشكيك في الضروريات. =

في مسألةٍ متواترةٍ بين الصحابة رضي الله عنهم شديدٌ عندي. ¬

_ = على أن كَثْرة النقل ليست دليلًا على كَثرة فعله - صلى الله عليه وسلم -، لأن الفعل الوجودي يَكثُرُ تناقله بخلاف العدمي، فإنه لا يُنْقَلُ إلَّا بداعية، فالنقل في ترك الرفع إنما قلَّ بالنسبة إلى الفعل لكونه من التروك مع كونه كثيرًا في نفسه، كما قرَّره الحافظ ابن تَيمِيَّة رحمه الله في ذكرهم جَهْر التسمية، فأَوْهَم كثرة وقوعه، وليس كذلك، وإنما تردَّد فيه من اختار الرفع مذهبًا أو كان من عادته ترجيح جانب من الاختلاف المباح أيضًا، فذهب يَهْدِرَ الجانب الآخر، كالبخاري على خلاف عادة الآخرين، كالنسائي وأبي داود والترمذي، ولذا تراهم يُبَوِّبُون للطرفين بخلاف البخاري، فإنه إذا اختار جانبًا بتَّ به، ثم لا يخرج لخلافه شيئا، وإن كان صحيحًا، وهذه أذواق. ثم لو عدَّدنا من دلائلنا رواية كل من استَقصَى صفة الصلاة ولم يذكر الرفع، لازداد عددنا على عددهم، وينبغي أن تَعُدَّ منها، لأن الرفعَ والتركَ كلاهما ثابتان في الخارج لاتصال العمل بهما من لدن عصر النبوة إلى يومنا هذا، فلا حاجةَ لنا أن نحمل المُطلَقَات على المقيَّد. نعم لو لم يَثْبُت به العمل لحملناها عليه، وقلنا: إن الراوي اختصر فيه، أو تركه. وإذن إيرادُ تلك الأحاديث منَّا في مسألة الترك إيرادٌ في محله، لثبوت الترك ثبوتًا لا مرد له، كحديث مسيء الصلاة، مع كونه قوليًا، وفي سِيَاق التعليم، فقد علم فيه صلاته كلَّها، ولم يعلمه الرفعَ، ولا بنى عليه. وكحديث أبي مسعود عن أبي داود، وكيف السلام على اليمين من النسائي. ومن حديث محمد بن جابر في "الزوائد"، وحديث عبد الرحمن بن زهري فيه، وحديث أبي هريرة: "إني لأقربكم شبهًا بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" عند البخاري. وقد كان أبو هريرة قد لا يرفع، ذكره في "الاستذكار"، وذكره أبو جعفر القاري عنه أي ترك الرفع كما في "الاستذكار"، وجعل قوله: "إني لأشبهكم بعده"، وليس في "الموطأ" كذلك، وحديث أبي مالك الأشعري عند أحمد، وحديث أنس في "الكنز" مع "فتح القدير"، وحديث الثقفي، وقول علي رضي الله عنه، وأذكاره، وحديث ربيعة الكلَّ من "الكنز"، وحديث أنس في "المسند" و"السنن". وفي "البداية" لابن رُشد: أن السبب لرواية الترك عن مالك هو عمل المدينة إذ ذاك، فهذا العدد العظيم لعلَّه مبني على الترك. وبالجملة لا يحكم الوجدان ههنا بحمل المطلق على المقيد، وإنما ينبغي ذلك إذا لم يكن للمطلق في المسألة عددٌ كثيرٌ في نفسه، ولم يكن للإطلاق مناسبةٌ للحكم في نفسه، وهذا كما في "العمدة" عن أحمد في ترك جلسة الاستراحة، قال أحمد: وأكثر الأحاديث على هذا أي على الترك فَحَمَلَ الساكت على الترك. وكذلك أحاديث وضع اليمين على الشمال القولية منها، عند الشيخ رحمه الله: مطلقةٌ تُحْمَلُ على المعروف، ولا يقيَّد بالصدر، ولا بكونه تحت السُّرَّة. والفعلي المذكور فيه الصدر؛ يُحْمَلُ على عند الصدر لا غير، والمراد بلفظ: عند الصدر، وعلى الصدر، وفوق الصدر، واحدٌ. ثم هو واقعةٌ حالٍ لا عمومَ لها ولا يأتي على المُطْلَقَات كلِّها. وعَقْدُ اليدين مأخوذٌ من الاحتزام وشدِّ الأوساط كالخدم والحشم للخدمة وخفض الجناح ومنه حديث: "ارْبِطُوا أوساطَكم بآزاركم" اهـ. عن "المستدرك" من المناسك، وفي وصف هذه الأمة: "يَشُدُّونَ أوساطهم" من "شرح المواهب". ثم إنه جاء في التحريمة حديثٌ قوليٌّ وفعليٌّ، وفي الاستفتاح قولي عند البزار، كما في "العمدة" وعند الطبري في "الكنز"، وفي الوضع: قوليٌّ وفعليٌّ، وفي التسمية: فعليٌّ وقوليٌّ في فضائله، وفي التأمين، قوليٌّ وفعليٌّ، وفي القنوت: فعليٌّ، وفي قنوت الوتر: قوليٌّ، وفي تكبيرات الانتقالات: فعليٌّ وقوليٌّ، عند محمد في "الموطأ"، وفي التسبيحات: قوليٌّ وفعليٌّ. وكذلك في التسميع والتحميد، وفي التشهد والدعاء: قوليٌّ وفعليٌّ، وفي الإشارة: قوليٌّ عند البيهقي من باب تحليل الصلاة بالتسليم، وفعليٌّ إن لم يكن إشارة إلى التحويل يَمْنَةً ويَسْرَةٌ، وهو عند أبي داود، وكذلك في التسليم في جلسة الاستراحة: قوليٌّ في بعضٍ من طُرُق حديث المسيء صلاته، وفعليٌّ كذلك في نفس القعدة. وأمَّا في الفاتحة وضم السورة، فكثيرٌ. وفي تعديل الأركان، وإتمام الركوع والسجود وسرقة الصلاة، فعددٌ عظيمٌ، وذلك لأن سَرْعَان الناس يُنْقِصُون فيها طبعًا لعدم انضباط القومة والجلسة، ولم =

ثم تَتَبَّعْتُ الكُتُبَ للتصريح بالجواز فوجدتُ أبا بكرٍ الجَصَّاص قد صَرَّحَ في «أحكام القرآن» ¬

_ = يجىء قوليٌّ في الرفع غير الافتتاح أصلًا، وكثيرٌ ممن استقصى صفة الصلاة لم يَذكُره، ولا أومأ إليه في أدعية عليّ في أجزاء الصلاة، فهل يَدُلُّ ذلك أنه ليس مقصودًا أصليًا؟ النظر فيه دائر. ثم اعلم أنه ذَهَبَ الأوْزَاعيُّ وآخرون إلى وُجُوب الرفع عند الإحرام، وسنيته فيما عداه، حتى أنه عند ابن حَزْم أيضًا كذلك كما في "التلخيص". ولا فرقَ فيهما عندي إلَّا أنه ثَبَتَ التركُ عندهم في سائر المواضع، فلم يَسَعْ لهم القول بالوجوب فيها، فَلَزَم الحافظُ رحمه الله في "الفتح" تصحيحَ حديث ابن مسعود من حيث لم يَشَأ. فأجاب عنه: أنه دليلٌ على عدم الوُجُوب لا عدم الاستحباب، فلهم في الحديث بهجتان: جهرٌ بالإعلال في مقابلة التاركين، وإخفاءٌ بالتصحيح في مقابلة المُوجبين، وفي الذكر في النفس تضرُّع وخيفة، وقد وَعَدَ في "الفتح"، في الباب الأول الإيرادَ على الوُجُوب، ثم لم يَأتِ في الباب التالي إلَّا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه. ولعلَّك عَلِمْتَ الآن أن العملَ في هذا الباب بالنحوين، ونفيَ الترك باطلٌ، بَقِي أن الرفعَ أكثرُ أو التركَ؟ فلم يَجزِم الشيخ رحمه الله فيه بشيءٍ، ولو تبيَّن لم يحكم به لسِرَاية الاجتهاد في هذا الباب، فيمكن أن تكون كثرة الرفع، لأنه وجوديٌّ، والترك عدميٌّ، فترجَّح عندهم الرفعُ لكونه عبادة بخلاف الترك، فإنه تركُ عبادةٍ. وأجاب عنه الشيخ رحمه الله تعالى: أن التركَ أيضًا قد تكون عبادةً كترك الترجيع، وهذا حيث يكون التركُ قَصْدِيًا لا على طور العدم الأصلي، وقد ثَبَتَ الترك قصدًا أيضًا، فلم يكن على طريق العدم الأصليّ، وحينئذٍ جاز أن يكون التركُ أرجح، لأن مبني الصلاة على السكون. نعم يَنْفَصِل ذلك أن ثَبَتَت الكثرة في جانبٍ عن صاحب الشريعة نفسه، ولم يَثبُت بعدُ، وإذا اختلف في نقل العمل، ولم يتبيَّن كثرته إلى جانب عَدَلْنَا عنه، وأخذنا طريقًا آخر، وهو استغرابُ الرواة الرفع، وتردُّدهم فيه، وتساؤلهم عنه، فعند أبي داود عن ميمون المكيّ: "أنه رَأَى عبد الله بن الزُّبَيْر، وصلَّى بهم يُشِيرُ كفيه حين يَقُومُ وحين يَرْكَعُ، إلى أن قال: فانطلقت إلى ابن عباس رضي الله عنه فقلت: إني رأيت ابنَ الزُّبَيْرِ صلى صلاة لم أرَ أحدًا يصلِّيها، فوصفت له هذه الإشارة، فقال: إن أحْبَبْتَ أن تَنْظُرَ إلى صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاقتدِ بصلاة عبد الله بن الزبير رحمه الله تعالى". اهـ. وعنده عن النَّضْر بن كثير قال: "صلى إلى جنبي عبد الله بن طاوس في مسجد الخَيْف، فكان إذا سَجَدَ السجدة الأولى، فرفع رأسه منها، رفع يديه تِلْقَاء وجهه، فأنكرت ذلك، فقلت لوُهَيب بن خالد، فقال له وُهَيب بن خالد: تصنعُ شيئا لم أر أحدًا يصنعه، فقال ابن طاوس: رأيت أبي يصنعه، وقال أبي: رأيت ابن عباس يصنعه، ولا أعلم إلَّا أنه قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنعه". اهـ. ونحوه في "المسند": استغراب الحَكَم إياه عن طاوس، حتى أسنده بعضُ أصحابه إلى ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو عند البيهقي بزيادة عمر في الإسناد، وهو وَهْمٌ أعلَّه أحمد كما في "الجوهر النقي". وأصل الرواية كما عند أحمد، ولذا أعلَّ زيادة عمر. واستغرابُ مُحَارب بن دِثَار عن ابن عمر في "المسند"، قال: رأيت ابن عمر يَرْفَعُ يديه، كلما رَكَعَ، وكلما رَفَعَ رَأسَه من الركوع، قال: فقلت له: ما هذا؟ قال: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الركعتين كبَّر ورَفَعَ يديه" ... إلخ، وابن عمر رضي الله عنه هو الذي كان يُبَالغ فيه، ومُحَارب قاضي الكوفة كما عند البخاري من اللباس، فلم يعلمه مَنْ ببلدته، فَدَلَّ على عمل بلدته، ونحوه في "المسند" عن سالم بن عبد الله: "أنه رَأَى أباه يَرْفَعُ يديه إذا كبَّر، وإذا رَفَعَ رأسَه من الركوع، فسألته عن ذلك، فَزَعَم أنه رَأَى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنعه". اهـ. هذا الذي أردنا أن نُتْحِفك به من قطعة تاريخية التقطناها من رسالة الشيخ رحمه الله تعالى فَخُذها راضيًا مرضيًا؛ والآن سنح لنا أن نتكلَّم على حديث ابن عمر رضي الله عنه شيئا ملتقطا من كلامه، فإنه العمود في هذا الباب. =

تحت قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ} [البقرة: 183] أن المسألة إذا وَرَدَت فيها الأحاديثُ ¬

_ = فاعلم أن حديث ابن عمر رضي الله عنه قد رُويَ على وجوه: أحدها بذكر الرفع عند الافتتاح فقط، وهو عن مُجَاهد من طريق أبي بكر بن عيَّاش، عن حُصَين، وعند الطَّحاوِي بإسناد صحيح، عن أبي بكر بن عيَّاش قال: ما رأيت فقيهًا قطُّ يفعله: يَرْفَعُ يديه في غير التكبيرة الأولى، وإنما أراد بالفقيه ما نبَّه عليه الشيخ رحمه الله تعالى من عدم اعتناء الكبار، وإنما هو من فِعْل الصغار، كعادة اعتنائهم في أمثال ذلك وأما الكبار فهَمُّهم في تكميل الفرائض والواجبات أكثر من تكميل المباحات والمستحبات على خلاف دَأْب الصغار. ولو رأيتَ في الخارج لوجدتهم كذلك إلى اليوم، وهكذا عن حُصَيْن. وهذا يَدُلُّ على أن أثرَ ابن عمر ثابتٌ. وتَابَعَ مجاهدًا عبدُ العزيز بن حكيم، عن محمد بن الحسن في "موطئه"، وفيه: وإن كان محمد بن أَبَان، لكنه يصلحُ للاعتضاد، مع أن الجمعَ بين ما رواه مُجَاهد وما رواه غيره ممكنٌ، بأنه رَفَعَ يديه مرةً وتركه أخرى، فلا ضيق، وإنما يَضطَرُّ إلى الإعلال من اختار الرفعَ ثم استَصْعَبَ عليه التركُ، فلم يتركه حتى أعلَّه. وثانيها: بذكر الرفع عند الركوع فقط، وهو عن مالك أيضًا في "الموطأ"، وبذكره عند الركوع والرفع منه، وهو عن مالك خارج "الموطأ"، وبالاختلاف بين سالم ونافع فيه في الرفع والوقف. وبذكره بعد الركعتين أو عدمه. وبذكره للسجود، فيه مرفوعًا عند البخاري في "جزئه"، ومن عَمَل ابن عمر موقوفًا عند ابن حَزْم: وكُنَّا نَحْمِلُ ذكره في الموضع الأول فقط، أي عند الرُّكُوع على الاختصار، ولم نكن نَعُدُّ هذا انتشارًا. ولكن ثَبَتَ التنوُّع في هذه المسألة فلا نحمله إلَّا على التنوُّع، فإنَّ التعاملَ أكبرُ شاهدٍ للصحة فوق الإسناد عند من له بَصَرٌ وبصيرةٌ، فليكن ذلك أيضًا وجهًا، وإنما يتعسَّر ذلك على من تَمَذْهَبَ بصورةٍ مخصوصةٍ، ثم لم يستطع العملَ بكل ما وَرَدَ، فَجَعَلَ يتعلَّل بالإعلال. وأما من رآه واسعًا، فلا ضيقَ عليه. عَقَدَ الخلائقُ في المقام عقائدًا ... وأنا اعتقدت بكلِّ ما اعتقدوه ثم إن الوجهَ في كثرة طُرُق حديث ابن عمر كثرة "الموطآت"، وإن رواية مالك والزُّهري، وأصحابهما مفرَّقون على البلاد، لإقامة الزهريِّ في الحجاز والشام، وأكثر أحاديثهما تَكبُرُ طُرُقه لذلك، فيُوهِمُ كثرة العمل، بخلاف أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه وذويه، فإِنهم لم يَدُورُوا كذلك. وبعدُ: فكل هذا حَدْسٌ منا ومنهم، فكما يمشون يُمَاشون، وكما يجرون يُجَارون، وليس العلم إلَّا عند الله، وكان الصواب أن لا يتعلَّل في رواية الاثبات إذا سَاعَدَه العمل، وكان الأمر من الاختلاف المباح، ولا يرمي بالغيب، وأن لا يتعلَّل في خلاف ما اختاره المرء من كل وجهٍ، ولا يُبْدِي فيه كل عذرٍ، فإنه يَدُلُّ على عدم إرادة العمل به من الأول والسلوك فيه سبيلُ الجدل، ولكنَّ اللهَ يفعلُ ما يريدُ. هذا كلَّه ملخَّصٌ من رسالة الشيخ رحمه الله تعالى تلخيصًا، فإن رسالته بسيطة جدًا، وإنما التقطت منها جُمَلًا مختصرةً، أردت إلقاءها عليك، لتتقدَّر قدرَ الشيخ رحمه الله تعالى وغايةَ عدله في باب المسائل. ثم من الناس من زَعَم أن الرفعَ منسوخٌ، ولهم في ذلك طُرُقٌ: فمنهم من استدلَّ بحديث جابر عند مسلم: "ما لي أراكم رافعي أيديكم". وفي طريقه الآخر عنده تصريحٌ بكونه في تسليم التشهُّد، فالشافعيةُ حَمَلُوا الأول على الآخر. وذكر الزَّيْلَعِي الفرق بينهما بثلاثة وجوهٍ، من شاء فليراجع. ومنهم من زَعَمَ أن ثبوتَ الترك في الجنس دليلٌ على نسخ الأصل، كما قرَّرُوا في حديث التسبيع في سُؤْرِ الكلب: أنه كان في زمن التشديد في أمر الكلاب، وهو النظرُ عندنا في مسألة الرَّضَاعة: تدرَّج النسخ فيها من عشر رضعات حتى نُسِخَ رأسًا. ومنهم من لم يَتَشَبَّثْ بأصلٍ، وقال: إن العِلْمَينِ خيرٌ من عِلْمٍ، فمن قال بالترك عنده عِلْمَان: أي الرفعُ والتركُ، بخلاف من قال بالرفع، ثم ذكروا فيه حكاية الإمام أبي حنيفة مع الأوزَاعي رحمهما الله تعالى، وأن علم الصحابة =

والصِّحَاحُ من الجانبين، فالخلاف فيها لا يكون إلا في الاختيار لا سِيَّما إذا كانت كثيرةَ الوقوع، وعدَّ منها: الترجيعَ في الأذان، وإفرادَ الإِقامة، والجَهْرَ بالتسمية، ورَفْعَ اليدين، وحينئذٍ فاسْتَرَحْتُ حيث تخلَّصت رقبتي من الأحاديث الثابتة في الرفع. والجَصَّاص من القرن الرابع، حتى إن الكَرْخِي الذي هو من مُعَاصِري الطَّحَاوي من تلامذته، فرُتْبَتُهُ أعلى من الكبيري و «البدائع»، وصاحب «البدائع» أرفع رُتْبَةً من الكبيري. وقد اشتهر في مُتَأَخِّري الحنفية القول بالنسخ، وإنما تعلَّمُوه من الشيخ ابن الهُمَام، والشيخ اختاره تَبَعًا للطَّحَاوِيِّ. وقد عَلِمْتَ أن نسخَ الطَّحَاوِيِّ أعمُّ ممَّا في الكُتُب، فإِن المفضولَ بالنسبة إلى الفاضل، والأضعفَ دليلا بالنسبة إلى أقواه، كلُّه منسوخٌ عنده، كما يتضح ذلك لمن يُطَالِعُ كتابَه، كيفما كان إذا ثَبَتَ عندي القول بالجواز ممَّن هو أقدم في الحنفية، وسَاعَدَتْهُ الأحاديث أيضًا، فلا محيد إلا بالقول به، وخلافه لا يُسْمَع، فمن شاء فلْيَسْمَعْ. 736 - قوله: (إذا رَفَع رأسه من الركوع)، وفي «الفتح»: «أنه حين الرفع»، وقد مرَّ مني أنه في الانتصاب دون الانتقال، وهو الصواب، وخلافُه خلاف الحديث وخلاف إمامهم، وعليه فرَّع الشافعيُّ رحمه الله تعالى مذهبه، فاختاره في الموضعين وتَرَكَهُ بين السجدتين، وإن اختار محدِّثوهم بعد القعدة الأولى أيضًا. قوله: (ويقول: سَمِعَ اللَّهُ لمن حَمِدَه) وقد مرَّ أنه يَرْفَعُ بعد التحميد، ولا يَرْفَعُ مع التحميد. واعلم أنه تكلَّم السلفُ في معنى رفع اليدين وما قُصِدَ به. ففي «المجموع» شرح «المهذب»: أن الشافعيَّ صلَّى عند محمد بن الحسن رحمه الله تعالى فَرَفَعَ، فسأله عنه، فقال: تعظيمًا لله. وعن ابن عمر رضي الله عنه: إنه زينةُ الصلاة. وعلى هذا تكرُّره في الصلاة مُوجِبٌ لإحراز الثواب، وازدياد الزينة. وفي «فتح القدير» من الجنائز، عن أبي يوسف رحمه الله تعالى: إنه للافتتاح لكونه هيئةَ الدخول في الصلاة، فلا يكون إلا مرةً. ومن ههنا تبيَّن أنه لا يُسْتَبْعَدُ أن يكونَ الاجتهادُ سَرَى في اختيار الرفع، فمن جعله تعظيمًا لله أو زينةً للصلاة أحبَّ تكثيره، ومن رآه للافتتاح قَصَرَه ¬

_ = رضي الله عنهم ينتهي إلى عليّ وابن مسعود رضي الله عنهما، وقد ثَبَتَ عنهما التركُ، فتلك أطرافٌ وأنظارٌ فَصَّلُوها بعباراتٍ مُطْنَبَةٍ، وموجَزَةٍ لم نشتغل بإعادتها والكلام فيها مخافةَ التطويل، ولأن كلامَ الشيخ رحمه الله تعالى قد أغنانا عن سائر الكلمات. نعم إذا جاء [[نهر]] الله بطل [[نهر]] معقل. فدَعْ عنك حديثَ النسخ إذ قد شَهِدَ العمل بالجانبين، فإنه أقوى دليل على عدم النسخ. أما ذِكْرُ الفضائل فماذا يُغنِي عنهم؟ فإنهم قد تركوا العملَ بمختاراته في غير واحدٍ من المواضع مع بقائه على فضله هذا، ومَنْ يُنْكِرُ فضلَ من فضَّله الله عز وجل؟ ولكن الكلام في أن ذلك هل يكفي لفصل المقام؟ نعم هو شىءٌ ينبغي أن يُبَاهِي به الحنفيةُ لأنفسهم، ولا حُجَّةَ فيه على الخصم. والله تعالى وليُّ الأمور.

عليه. ولعلَّ مِلْحَظ الحنفية أن رفعَ اليدين للتحريم فعلا كتحويل الوجه عند التسليم للتحليل فعلا، فينبغي أن يكونَ مرةً فقط كالتسليم. أو للاستقبال والإِقبال على الله والتوجيه إليه، وحينئذٍ نَاسَبَ أن يكونَ في الابتداء فقط، فإِن الآدابَ عند اللقاء لا تتكرر. ثم حرَّرتُ أنه يقوم مقام المصافحة، كما في حديث الحجر الأسود وهو يمينُ الله، واستلامُه يقومُ مقام المصافحة. أمَّا السلامُ في الصلاة، فهو تحيَّةُ الوَدَاع. وكان يُسَلَّم أولا: «السلامُ على من قِبَل عباده» فعلَّمهم النبيُّ صلى الله عليه وسلّم مكانه: «السلامُ عليكم ورحمةُ الله». ثم إن قوله صلى الله عليه وسلّم تحريمها التكبير ... الخ معناه أن التكبيرَ شيءٌ يَحْصُل به الدخول في الصلاة، والتسليمُ شيءٌ يَخْرُج به عن الصلاة، فوضع في التسليم هيئةً تَصْلُح للانصراف، فناسب في وِزَانِهِ أن تكونَ عند الدخول أيضًا هيئةٌ تُؤْذِنُ بالإِقبال على الله، فوضع رفعَ الأيدي مستقبلا إياه. وحينئذٍ تحصَّل أنه للإِقبال دون التعظيم، وإن كان الإِقبالُ أيضًا تعظيمًا، فهو ضمنيٌّ. بل كل فعلٍ في الصلاة، ففيه نوعُ تعظيمٍ، وإنما الكلامُ فيما قُصِدَ به، لا ما تضمَّنه سواء قُصِدَ به أو لا. ثم تبيَّن لي في حكمته أنه من سنة إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين قال: {هَذَآ أَكْبَرُ} [الأنعام: 78] ولعلَّه يكون رفع إذ ذاك أيضًا، فأصلح الشريعة. قوله: (وأقام الله أكبر مقامه)، ثم سَبَرْتُ الشريعةَ، فوجدت أنه يُقَال عند رؤية الهلال: الله أكبر، وفي الحديث: «أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان إذا رأى الهلال قال: الله أكبر، وصَرَفَ وجهه عنه»، والصرفُ لئلا يتوهم أن التكبيرَ للهلال. وفي «تاريخ الخميس» - ومصنِّفه شافعي المذهب - عند ذكر إبراهيم عليه السلام: إن الرفعَ في المواضع الثلاثة كان من ملَّته، ثم تتبعتُه حتى وجدتُ في «تفسير الشاه عبد العزيز» أن رفعَ اليدين من ملَّة إبراهيم عليه الصلاة والسلام. والذي يَظْهَرُ أن ما هو من دِينِهِ هو الرفعُ فقط، أمَّا حَمْلُه على المواضع الثلاثة فمشى على مذهبه، أو تمشيةً له، فالتكبيرُ عندي للإقبال على الله وقوله: «إني وَجَّهْتُ وجهي للذي .. » الخ للإِخلاص، ولذا اختار أبو يوسف رحمه الله تعالى دعاءَ التوجيه في الصلاة. والتكبيرُ: أيضًا يَعْمَلُ عملَ التوجيه، فهو لجعل الشيء لله فإِن المشركين كانوا يُهِلُّون بأسماء طواغيتهم لذلك ولذا يكبِّر عند الذبح. ولعلَّه في أذان المولود، وعند صلاة الجِنَازة أيضًا لهذا. فصار على نَقَاضَةِ الإِهلال لغير الله فهذه أنظارٌ ومعانٍ لا يُنَاقِضُ بعضُها بعضًا، فراعها تُعينك في العمل برفع اليدين وتركه والله تعالى أعلم. 737 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ أَنَّهُ رَأَى مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ إِذَا صَلَّى كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَنَعَ هَكَذَا. تحفة 11187 737 - قوله: (إذا صلّى كبَّر ورَفَعَ يَدَيْه) وفي «صحيح مسلم» «ثم رفع يديه»، وحَمَلَه الحافظُ على صورتين مُتَغَايِرَتَيْن وقد مرَّ مني أنه لا ينبغي أخذ الصور من تعبيرات الرُّوَاة فقط، بل الأمر كما حقَّقه الشافعيُّ رحمه الله تعالى. ثم هذا حديث مالك بن الحُوَيْرِث بالبَصْرَة،

85 - باب إلى أين يرفع يديه؟

وحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنه بالمدينة. أمَّا في مكة، فلم يُنْقَلِ الرفع إلا عن صغارهم، وأمَّا أهل الكوفة، فحديثُهم الترك (¬1). 85 - باب إِلَى أَيْنَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ؟ وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ فِى أَصْحَابِهِ رَفَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ. 738 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - افْتَتَحَ التَّكْبِيرَ فِى الصَّلاَةِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ يُكَبِّرُ حَتَّى يَجْعَلَهُمَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَهُ، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَعَلَ مِثْلَهُ وَقَالَ «رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ». وَلاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يَسْجُدُ وَلاَ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ. أطرافه 735، 736، 739 - تحفة 6841 فعندنا يَرْفَعُ حِذَاء أُذُنيه، والمشهور عند الشافعية رحمهم الله تعالى حِذَاء مَنْكِبيه. ووردت الأحاديث بالأنواع كلِّها، ورُوي عن الشافعيِّ نفسه رحمه الله تعالى أنه وفَّق بينها: أن يرفَعَ يديه، بأن تكون الكفان حِذَاء المَنْكِبين، والإِبهامان والأصابع حِذَاء شحمتي الأُذُنين وفروع الأُذُنين. وهذا يَدُلُّ على أنه لا خِلافَ فيه بيننا وبين الشافعيِّ رحمه الله تعالى، ومع ذلك لم يَزَلِ الخلافُ يُنْقَلُ فيه. أقول: إنها صورٌ مختلفةٌ، فتارةً كذا وتارةً كذا، وكلُّ واسعٌ، والخلاف في الأولوية. 738 - قوله: (وقال: رَبَّنَا ولك الحمدُ)، وهذه الرواية تَدُلُّ على الجمع بين التسميع والتحميد للإِمام، وعامةُ الروايات على التقسيم، وقد مرَّ. ثم أقول: إن تحميدَ المقتدي في جواب تسميع الإِمام عندي، فلا يقوله إلا في حال الانتصاب، ولا يقوله في الحركة الانتقالية. وعند الشافعية يجمع المقتدي بين التسميع والتحميد أيضًا. قلتُ: وليس له أثرٌ في الأحاديث، ولا عَمِلَ به أحدٌ من السلف غير ابن سيريِن (¬2). 86 - باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ إِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ 739 - حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا دَخَلَ فِى الصَّلاَةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ ¬

_ (¬1) هذا الذي سمعناه في آخر درس "صحيح البخاري". (¬2) قال الترمذي: قال ابن سيرين وغيره: يقول مَنْ خلف الإمام: سَمِعَ اللهُ لمن حمده، ربنا ولك الحمد، مثلما يقول الإمام، وبه يقول الشافعي وأحمدُ رحمهما الله تعالى. اهـ. قلتُ: وقد كنتُ متردِّدًا فيما دَعَى الإمامُ إلى هذا التفرُّد، فرأيت في تقرير الشيخ رحمه الله تعالى عندي: إن حالَ المقتدي عند الإمام الشافعيِّ رحمه الله تعالى لمَّا كان كحال إمامه لضعف ربط القدوة عنده، صارحًا له في حقِّ التسميع أيضًا كحاله، فإنه لا فرقَ عنده بين وظيفتي الإمام والمقتدي مطل، فيجمع بينهما كما يجمع الإمامُ.

87 - باب وضع اليمنى على اليسرى

اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ. وَرَفَعَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَرَوَاهُ ابْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مُخْتَصَرًا. أطرافه 735، 736، 738 - تحفة 7564، 8487، 8017 اختار الرفعَ بعد القَعْدة الأولى عند الانتصاب أيضًا، وهو أحدُ الوُجُوه عند الشافعية رحمهم الله تعالى، ونفاه الشافعيُّ رحمه الله تعالى. 739 - قوله: (رواه حمَّاد بن سَلَمَة) ... الخ، واعلم أنه اخْتُلِفَ في وقفه ورفعه، فأشار المصنِّف رحمه الله تعالى إلى رفعه، وذهب أبو داود إلى وقفه، حيث قال: الصحيحُ قول ابن عمر رضي الله عنه، وليس بمرفوعٍ. 87 - باب وَضْعِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى 740 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ الْيَدَ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى فِى الصَّلاَةِ. قَالَ أَبُو حَازِمٍ لاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ يَنْمِى ذَلِكَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ إِسْمَاعِيلُ يُنْمَى ذَلِكَ. وَلَمْ يَقُلْ يَنْمِى. تحفة 4747 والمختارُ عندنا أن يضعهما تحت السُّرَّة. والمشهورُ عن الشافعيِّ رحمه الله تعالى فوق السُّرَّة وتحت الصدر. وفي «الحاوي» رواية فوق الصدر أيضًا، وهو مؤوَّلٌ عندي كما سيجيء. وعن أحمد رحمه الله تعالى: إن الكلَّ واسعٌ. وذهب مالك إلى الإِرسال في المكتوبات، والوضع في النوافل في رواية القاسم عنه. ثم الوضع عنده تحت السُّرَّة كما نقله الوزير ابن هُبَيْرة في «الأشراف»، بل جعلها الرواية المشهورة عن مالك رحمه الله تعالى، ولم يَرِدْ للإِرسال عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم شيءٌ. نعم رُوِيَ ذلك عن بعض التابعين، كما في «المصنَّف» لابن أبي شَيْبَة. وأمَّا كيفية الوضع، فلم تَثْبُت فيها الأحاديث من الطرفين، ولا نصَّ فيه، والذي يُظَنُّ أنه كان عندهم على التخيير، وصرَّح ابن المنذر: إن الشرعَ لم يتعرَّض لهيئة الوضع، ولذا لم يَرِدْ في هذا الباب كثيرُ شيءٍ لا عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ولا عن الصحابة، غير أنَّ بعضَهم عَمِلَ كذا، وبعضَهم كذا، ولذا خيَّر فيه أحمد رحمه الله تعالى واختاره ابنُ جرير، وصرَّح الترمذيُّ أن كلَّ ذلك واسعٌ عندهم اهـ. وحاصله: أنه لا نصَّ فيه لأحدٍ، وإنما عُنيَ بالوضع عدم الإِرسال لا غير تحصيلا لهيئة الحِزَام بين يدي الملك. والوضعُ فوقها وتحتها كلُّها صورٌ غير مقصودةٍ على التعيين، وكان الشرعُ أرسله إلى طبائع الناس (¬1) ليفعلوا فيه ما شاؤوا. ثم إنه وَقَعَ عند ابن خُزَيمَة في حديث ¬

_ (¬1) قلت: وهذا كوضع اليدين على الفخذين في القَعْدَة، يُرْوَى فيه تارةً أنه بسطهما عليهما، وتارةً: أَلْقَمَ ركبته، فلم يختلف أحدٌ في موضعهما من الفخذين في القَعْدَة، وذلك لأنهم فَهِموا أنَّ المقصودَ هو البسط، فحدثت صورة الإلقام اتفاقًا، لا أنها قَصْدِيَّة. وقد يَخْطُر بالبال أن الأمر في رفعهما عند تكبير الافتتاح وحال السجود أيضًا كذلك، فالرجل كان مخيَّرًا فيه، وكان المطلوب هو الرفع فقط، فأمرهما عند الافتتاح، وحين القيام والقَعْدَة، وحال السجود كله كان على الإرسال ثم شدَّد فيه فيما بَعْدُ. واللهُ تعالى أعلم.

وائل لفظ: «على الصدر» أيضًا، وهو معلولٌ (¬1) عندي قطعًا، لأنه لم يَعْمَلْ به أحدٌ من السلف، ولا ذهب إليه أحدٌ من الأئمة، إلا ما وقع في كتاب «الأنوار» للأَرْدَبِيلي. وفي عامة كُتُب الشافعية: فوق السرة وتحت الصدر، قال ابن حَجَر المكي في «شرح المشكاة» إن معناه قريبٌ من الصدر، ولعلَّ هذا هو مَحْمَل كلام «الحاوي» أيضًا. ومرّ عليه ابن القيم في «إعلام الموقِّعين» - وقال: إن الحديثَ رواه ابن خُزَيْمة وجماعةٌ، مع أنه لم يروه غير ابن خُزَيْمة، اللهم إلا أن يكون مراده منه أصل الحديث بدون هذا اللفظ. ثم عند البزَّار في هذه الرواية: عند الصدر، وفي «المصنَّف» لابن أبي شيبة: تحت السُّرَّة، فاضْطَربت الروايةُ جدًا. وأول من نبَّه على تلك الزيادة الأخيرة العلامة القاسم بن قُطْلُوبُغَا. ثم إن لفظ: «تحت السُّرَّة» (¬2) لم يوجد في بعض نسخه، فظنَّ المُلاّ حياة السِّنْدِهي أنه وَقَعَ فيه سقطٌ وحذفٌ، ثم صار متن الأثر مرفوعًا. قلتُ: ولا عجبَ أن يكون كذلك، فإِني راجعت ثلاث نَسُخ «للمصنف»، فما وجدته في واحدةٍ منها. والحاصل أن رواية وائل رواها غيرُ واحدٍ، ولم يَرْوِها أحدٌ على لفظ ابن خُزَيْمَة، وإنما زادها راوٍ بعد مرور الزمان، فهو ساقطٌ قطعًا، فلا يجمد عليها مع فقدان العمل به. ثم إن الشيءَ قد يكون مسمَّى، ولا يكون مدارًا للعمل. قال تعالى: {إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى} [سبأ: 46] ومعلوم أنه لم يذهب أحدٌ إلى أن المأمورَ به هو القيام كذلك، بل معناه منفردًا أو جماعةً. وحينئذٍ لو سلَّمنا تلك الزيادة لم يَلْزَم كون المراد به الوضع على الصدر، بل المراد ما ذكرنا أي الوضع على خلاف الإِرسال. ¬

_ (¬1) قلتُ: ولذا لم يذكره الترمذيُّ مذهبًا لأحدٍ من الصحابة، بل قال: والعملُ على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - والتابعين ومن بعدهم: يَرَوْن أن يضعَ الرجل يمينه على شماله في الصلاة، ورأى بعضُهم أن يضعهما فوق السُّرَّة، ورأى بعضُهم تحت السُّرَّة، اهـ. ولم يذكر منهم أحدًا ممن كان يضعُ على الصدر. ثم العجب أنه لم يَعْقِد لهذه المسألة بابًا لا للحجازيين ولا للعراقيين، وذلك لأنه عَلِمَ أن الأمرَ فيه سهلٌ، وإنما عَنَى به الوضع على خلاف الإرسال لا غير، ولذا بوَّب لوضع اليمين على الشمال فقط، فصنيعه هذا يحقِّق ما ذكره الشيخُ رحمه الله تعالى. (¬2) قلتُ: قال مولانا العلَّامة ظهير أحسن رحمه الله تعالى في رسالته بالهندية: "الدرة الغرة في وضع اليدين تحت السُّرَّة": قال العلَّامة حياة السندهي في رسالته "فتح الغفور": إن لفظ: "تحت السُّرَّة" ليس فيما رأيتُ من نسخة ابن أبي شَيْبَة، ولا بُعْدَ أن يكون أثرُ النَّخَعِي الذي بعده قد اختلط على الكاتب فكتبه مع المرفوع، وجوابه أن تلك الزيادة قد وُجِدَت من نَسْخِهِ، كما قال تلميذه الملا قائم السندهي في "فوز الكرام": أن هذه الزيادة في أكثر النُّسخ صحيحةٌ، ثم كتب ورأيته بعيني في نسخةٍ صحيحةٍ: قال العلَّامة ظهير احسن رحمه الله تعالى: إن تلك الزيادة ثابتةٌ في النسخة الموجودة في القبة المحمودية بالمدينة الطيبة، ثم نقل عن العلَّامة القاسم: أن سنده جيدٌ كما في "تخريج أحاديث الاختيار"، والعلَّامةُ القاسم رحمه الله تعالى شيخٌ للسَّخَاوي، والقَسْطَلَاني. وكذا نَقَلَ عن العلَّامة عابد السندهي: أن رجاله ثقات كما في "طوابع الأنوار". وهكذا قال العلامة محمد أبو الطيب المدني: إنه حديثٌ قويٌّ، ثم بعد نَقْل هذا التوثيق لم يَرْتَضِ به العلَّامة ظهير أحسن رحمه الله تعالى، وذَهبَ إلى أن تلك الزيادة معلولةٌ، وقرَّره فراجعه.

88 - باب الخشوع فى الصلاة

88 - باب الْخُشُوعِ فِى الصَّلاَةِ 741 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «هَلْ تَرَوْنَ قِبْلَتِى هَا هُنَا وَاللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَىَّ رُكُوعُكُمْ وَلاَ خُشُوعُكُمْ، وَإِنِّى لأَرَاكُمْ وَرَاءَ ظَهْرِى». طرفه 418 - تحفة 13821 - 189/ 1 742 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَقِيمُوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، فَوَاللَّهِ إِنِّى لأَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِى - وَرُبَّمَا قَالَ مِنْ بَعْدِ ظَهْرِى - إِذَا رَكَعْتُمْ وَسَجَدْتُمْ». طرفاه 419، 6644 - تحفة 1263 هو مستحبٌّ مع أنه لا بدَّ منه، بل هو الروح، فدلَّ على أن الشيءَ قد يكون مما لا بدَّ منه، ثم لا يكون واجبًا، وذهب الغزالي رحمه الله تعالى إلى أنه فرضٌ. قلتُ: وذلك يُنَاسِبُ منصبه لا منصب الفقهاء؛ لأنه يُوجِب أن لا تَصِحَّ صلوات المسلمين عامة. 742 - قوله: (وإِني لأَرَاكُمْ) ... إلخ، وكانت رؤيته من وراء الظهر معجزةً منه، كذا نُقِلَ عن أحمد رحمه الله تعالى، وَثَبَتَ الآن في الفلسفة الجديدة: أن القوة الباصرة في الأعضاء كلِّها. قوله: (قال: أقيموا الركوع) ... إلخ، وهذه قطعة من حديث مسيء الصلاة، وتدلُّ على أنه كان قَصَر فِي الركوع والسجود شيئًا، وقد وَقَعَ فيه لفظ الانتقاص عند الترمذيِّ، أي: «وما انْتَقَصْتَ انْتَقَصْتَ من صلاتك، فدلَّ على أن ترك التعديل لا يُوجِب البطلان بِلْ يُورِث النقصان، فلا يكون إلا واجبًا كما قلنا. ولا بِدَعَ في أن يكون الواجب عندنا، والفرض، والذي لا يكون شرطًا لصحة الصلاة عند الشافعية سواء، وحينئذٍ لا يبقى نِزَاعٌ في مرتبة الواجب، فإن الخلاف آل إلى التسمية. قوله: (أَقِيمُوا الركوعَ)، وقد مرَّ الفرقُ بين اركعوا، وأقيموا الركوع. فالثاني أبلغ، لأنه يُسْتَعْمَلُ في موضعٍ لولاه لانعدم الشيءُ، فترجمة قوله: يقيمون الصلاة (بربا ركهتي هين نمازكوحتى كه اكرا به بربانه ركهتي تواو سكي هستي دهي جاتي). 89 - باب مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ 743 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلاَةَ بِپ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). تحفة 1257 المختارُ عندنا وعند الحنابلة: سبحانك اللهم وبحمدك ... إلخ. وعبد مسلم: أن عمر رضي الله عنه جَهَرَ به مرةً في صلاته للتعليم. واختار الشافعيُّ ما عند البخاريِّ رحمهما الله تعالى: «اللهم باعد» ... إلخ، وهو أولى بالنظر إلى قوة الإِسناد. وما اخترناه أحرى بالنظر إلى العمل. وسُئِلَ أحمد رحمه الله تعالى عنه، فقال: أَخْتَارُ ما اختاره عمر رضي الله عنه. واعلم أنه وقع الضررُ الكثيرُ بالاغترار بقوة الأسانيد والإغماض عن التعامل، مع أن الإسناد إنما كان

90 - باب

لصيانة الدين فقط، لئلا يَدْخُل فيه ما ليس منه، فما درَسُوا به وما رَسُوا، حتى خفَّ التعامُلُ في نظرهم، مع أنه الفاصل في الباب عندي. ولا استفتاح عند مالك رحمه الله تعالى، ونقل عنه أبو بكر ابن العربي: أنه كان يَسْتَفْتِحُ بنفسه، ولا يأمر به الناس. قلت: وحينئذٍ صار حاصله الاستحباب عنده. واستدلَّ بقوله صلى الله عليه وسلّم «كانوا يَفْتَتِحُون الصلاةَ بالحمد لله رب العالمين». واستدلَّ منه الحنفيةُ على الإسرار بالتسمية، فأجاب عنه الشافعيةُ: أن الحمدَ لله اسم لتلك السورة، فمعناه أنهم كانوا يَفْتَتِحُون الصلاةَ بتلك السورة، والتسميةُ جزءٌ منها فلم يَثْبُت إسرارها. وأجاب عنه الحافظ الزَّيْلعِي: أن الآيةَ بتمامها ليست اسمًا للسورة، وإنما اسمها «الحمد» فقط. ثم إن التسميةَ سنةٌ عندنا في ظاهر الرواية، وواجبٌ في روايةٍ، ورجَّح الشيخ السيد محمود الآلُوسي وجوبها. 744 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ إِسْكَاتَةً - قَالَ أَحْسِبُهُ قَالَ هُنَيَّةً - فَقُلْتُ بِأَبِى وَأُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِسْكَاتُكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ قَالَ «أَقُولُ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِى وَبَيْنَ خَطَايَاىَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِى مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَاىَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ». تحفة 14896 744 - قوله: (يَسْكُتُ بين التكبير وبين القراءة إسْكَاتَةً)، واتفق الثلاثةُ على أن السكوتَ كان للاستفتاح، فجاء البيهقيُّ وتمسَّك منه على أن السكوتَ يُطْلَقُ على القراءة سِرًّا أيضًا. وحينئذٍ يجوز أن يكونَ الأمرُ بالإنصات محمولا على القراءة سِرًّا. قُلْتُ: لَمْ يُطْلَقْ السكوتُ ههنا على القراءة سِرًّا كما فُهِمَ، بلْ مراده من السكوت: هو سكوته عن التكبير، فهو باعتبار ما قبله لا ما بعده. وهذا على نحوِ ما يقوله أهل العُرْف: قال فلان كذا، ونقل فلان كذا، وسَكَتَ عليه، أي لم يُرِدْه وإن تكلّم بعده، فلم يَصِحَّ النظير. قوله: (اغسل خطايايَ بالماء والثلج والبَرَد). قال ابن دقيق العيد: معناه أن الناس يَعُدُّون الثلجِ والبَرَد باطلا، فاصرفه يا ألله في غسل خطاياي، وقال آخرون: إن هذه الأشياء فيها قَرٌّ، فَأُحِبُّ أن يُطْفِأَ بها حرّ خطاياه، وحاصله: أن اطفِ حرَّ خطاياي بقَرِّ هذه الأشياء. 90 - باب 745 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى صَلاَةَ الْكُسُوفِ، فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ،

ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ «قَدْ دَنَتْ مِنِّى الْجَنَّةُ حَتَّى لَوِ اجْتَرَأْتُ عَلَيْهَا لَجِئْتُكُمْ بِقِطَافٍ مِنْ قِطَافِهَا، وَدَنَتْ مِنِّى النَّارُ حَتَّى قُلْتُ أَىْ رَبِّ وَأَنَا مَعَهُمْ فَإِذَا امْرَأَةٌ - حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ - تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ قُلْتُ مَا شَأْنُ هَذِهِ قَالُوا حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، لاَ أَطْعَمَتْهَا، وَلاَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ». قَالَ نَافِعٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ «مِنْ خَشِيشِ أَوْ خُشَاشِ الأَرْضِ». طرفه 2364 - تحفة 15717 - 190/ 1 لم يُتَرْجِم فيه بشيءٍ، ثم أخرج حديث الكسوف وتعدُّد الركوع فيه، ولعلَّه قَطَعَ النظر عن الاستفتاح إشارةً إلى مذهب مالك رحمه الله تعالى، ولذا تصدَّى إلى بيان الأذكار، وحَذَفَ دعاء الاستفتاح من الترجمة. ثم أخرج حديثًا فيه: أنه قام طويلا، وركع طويلا، وسجد طويلا، فاندرجت فيه الأدعية، وقد جاءت مفسَّرة في الخارج في عين هذا الحديث. بقيت مسألة تعدُّد الركوعات، فاعلم أنه صَحَّ عنه ركوعان في «صحيح البخاري» و «الموطأ» لمالك، والروايات قد بَلَغَت فيه إلى خمس ركوعات، كما عند أبي داود، ورواية الثلاث عند مسلم، فذهب النوويُّ إلى حَمْلِها على تعدُّد الوقائع، وهو باطلٌ قطعًا، فإن الكسوفَ لم يقع في عهدِ صلى الله عليه وسلّم إِلا مرةً يوم مات إبراهيم عليه السلام، كما حقَّقه المحمود شاه الفرنساوي في رسالته. وقد نقل فيها الحساب القمري إلى الحساب الشمسي، وفي ضمنها عيَّن أعداد الكسوف في زمنه صلى الله عليه وسلّم وعيَّن وقته، فلم يحقِّق فيه إِلاّ كُسُوفًا واحدًا. أما خسوف القمر، فهذا الفاضل يكتب فيه شيئًا، وهو في السنة السادسة، كما في «صحيح ابن حِبَّان». ثم إنه غَلِطَ في موضعٍ، حيث أنكر النَّسِيءَ عند العرب، مع أنه ثابتٌ عنهم، فيكون في السنة عندهم ذو الحجة اثنين، هو شائِعٌ في مشركي أهل الهند أيضًا، وهكذا كان عند العرب، وقد أنكره هذا الفاضل وليس بصحيح، فاعلمه. والحاصل: أن المحقَّق أنها واقعةٌ واحدةٌ فقط، وركع النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فيها ركوعين. أمَّا روايات الثلاث والخمس فكلُّها معلولٌ، كما قاله ابن دقيق العيد، فإنها عند التحقيق آثار الْتَبَسَتْ بالمرفوع. ووجهُ الاجتهاد في تعدُّد الركوع عندهم أنهم لمَّا رأوا النبيَّ صلى الله عليه وسلّم زَادَ على ركوعٍ واحدٍ، ثَبَتَ عندهم جنسُ الزيادة، فحملوه على الجواز بقدر الحاجة. ولنا ما عند أبي داود: «فإذا رأيتموه، فصلُّوا كأحدث صلاةٍ صلَّيتموها» - بالمعنى - وأقرَّ بصحته أبو عمر. ووجه التمسُّك منه: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لمَّا صلَّى بهم صلاةَ الكسوف وركع فيها ركوعين، ثم لم يقل: صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي، أو: مثل صلاتي هذه، بل أَحَالَها على أحدثِ صلاةٍ وهي الفجر، فَعُلِمَ أنه وإن كان ركع فيها بنفسه ركوعين، لكن الذي عَلِمْنَاه هو أن نصلِّي بها على شاكلة صلاة الفجر في عدد الركعات والركوع، لأنه لو أراد كذلك لم يكن ليتركَ الأقربَ عند التشبيه واختار الأبعدَ، فإنه كما قيل: جعل البديهي نظريًا. ولكان الأحسن والأسهل حينئذٍ أن يُقَال: صلُّوا كصلاتي هذه. كذا كان يقرِّره شيخي المحمود، ثم جاء «البدائع» مطبوعًا، فرأيت فيه نحوه عن أبي عبد الله البَلْخِيّ، وهو من كِبَار الحنفية. 745 - قوله: (هِرَّةٌ)، والتاء فيه للوَحْدَة دون التأنيث. ثم إن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم رآها في جهنم، وإن

91 - باب رفع البصر إلى الإمام فى الصلاة

كان دخولها في المستقبل، فإن حديدَ النظر يرى ما في المستقبل في زمن الحال بنحوٍ من الوجود، كرؤية الشجرة في البَذْر. 91 - باب رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى الإِمَامِ فِى الصَّلاَةِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى صَلاَةِ الْكُسُوفِ «فَرَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا حِينَ رَأَيْتُمُونِى تَأَخَّرْتُ». 746 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ قَالَ قُلْنَا لِخَبَّابٍ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِى الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَالَ نَعَمْ. قُلْنَا بِمَ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ ذَاكَ قَالَ بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ. أطرافه 760، 761، 777 - تحفة 3517 يريد به أن النظرَ إلى إمامه جائزٌ، وإن كان النظرُ إلى السماءِ ممَّا يُخَافُ عليه خطفُ البصر، فترجمته هذه ناظرة إلى الوعيد الوارد في رفع البصر إلى السماء، واستدلَّ عليه بلفظ: «حين رَأَيْتُمُوني» فدلَّ على جوازه رؤية الإمام. 747 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ يَخْطُبُ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ وَكَانَ غَيْرَ كَذُوبٍ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا صَلَّوْا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَامُوا قِيَامًا حَتَّى يَرَوْنَهُ قَدْ سَجَدَ. طرفاه 690، 811 - تحفة 1772 747 - قوله: (حتى يَرَوْنَه قد سَجَدَ): محمولٌ على كِبَرِ سِنّهِ. 748 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلُ شَيْئًا فِى مَقَامِكَ، ثُمَّ رَأَيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ. قَالَ «إِنِّى أُرِيتُ الْجَنَّةَ، فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا، وَلَوْ أَخَذْتُهُ لأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا». أطرافه 29، 431، 1052، 3202، 5197 - تحفة 5977 749 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا هِلاَلُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ صَلَّى لَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ رَقَا الْمِنْبَرَ، فَأَشَارَ بِيَدَيْهِ قِبَلَ قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ قَالَ «لَقَدْ رَأَيْتُ الآنَ مُنْذُ صَلَّيْتُ لَكُمُ الصَّلاَةَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ مُمَثَّلَتَيْنِ فِى قِبْلَةِ هَذَا الْجِدَارِ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ» ثَلاَثًا. أطرافه 93، 540، 4621، 6362، 6468، 6486، 7089، 7090، 7091، 7294، 7295 - تحفة 1647 748 - (قوله): (تَنَاوَلَ شيئًا)، وفي لَفْظٍ: «أردتُ»، وقد عَلِمْتَ أن عالم الغيب كالمَبْدَأَ لعالم المثال، وعالم المثال كالمَبْدَأَ لعالم الأجسام، وكل مَبْدَأَ تُلْمَحُ فيه التطورات البعدية ولو بنحوٍ من الوجود. قوله: (الجنةَ والنارَ مُمَثَّلَتَيْنِ) ... إلخ، وهذا أعلى ما يمكن أن يُسْتَدَلَّ به على ثبوت عالم

92 - باب رفع البصر إلى السماء فى الصلاة

المثال، ثم إن هذا التمثيل في واقعةٍ أخرى غير واقعة الكسوف. وسقراط وأفلاطون أيضًا أقرَّا بثبوت عالم المثال. وهكذا أرسطو في اثولوجيا. وقد حقَّق فيه أن أفعال الباري لا تُعَلَّل بالأغراض، وقرَّره وأوضحه كما هو حق. وقد قرَّر السيد الجُرْجَانِي في «حاشية حكمة العين»: مسألة وَحْدَة الوجود ببيانٍ أوضح وأَوْفى، فراجعه. 92 - باب رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ فِى الصَّلاَةِ 750 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَرُوبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِى صَلاَتِهِمْ». فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِى ذَلِكَ حَتَّى قَالَ «لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ». تحفة 1173 - 191/ 1 وفيه الوعيد، ثم إنه دار البحثُ فيهم في رفع البصر عند الدعاء خارج الصلاة، فأجازه الشيخ عابد السِّنْدهِي في سالته في هذا الموضوع. وكذلك قال الدَّوَّاني: إنه لا غائلةَ في كون السماء قِبْلة للدعاء. والشيخ عابد السِّنْدِهي من شيوخي بواسطتين، لأن الشيخَ محمود الحسن رحمه الله تعالى وقَدَّس سرَّه، قد استجاز من الشاه عبد الغني قُدِّس سره، وهو من تلامذة السِّنْدِهي، ثم الشيخ فخر الدين العراقي ذكر في رسالته «التبيان في حقيقة الزمان والمكان» أن المكانَ أَثرٌ لصفةٍ من صفاته، وهذا هو حال الزمان، فإِن الدهرَ أثرٌ لصفة من صفاته، الفعلية، وإليه أُشير في قوله: «وأنا الدهر». والتحقيقُ عندي: أن ما من شيءٍ في العالم بقضِّه وقضيضه إِلا ينتهي إلى صفةٍ من صفات الله تعالى، وليس فيه شيءٌ مستقلٌّ. فالزمانُ أثرٌ والدهرُ مَبْدأُ له، نعم ذلك الدهر مرجعه إلى صفةٍ من صفاته تعالى، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال، وراجع لتذكرة العراقي «نفحات الأنس» للجامي رحمه الله تعالى. 93 - باب الاِلْتِفَاتِ فِى الصَّلاَةِ 751 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الاِلْتِفَاتِ فِى الصَّلاَةِ فَقَالَ «هُوَ اخْتِلاَسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاَةِ الْعَبْدِ». طرفه 3291 - تحفة 17661 752 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى فِى خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلاَمٌ فَقَالَ «شَغَلَتْنِى أَعْلاَمُ هَذِهِ، اذْهَبُوا بِهَا إِلَى أَبِى جَهْمٍ وَأْتُونِى بِأَنْبِجَانِيَّةٍ». طرفاه 373، 5817 - تحفة 16434 751 - قوله: (يَخْتَلِسُهُ الشيطانُ)، فَمَثَلُ الشيطان كَمَثَلِ الكلب بعينه، حيث يشتركُ معه في كثيرٍ من أوصافه وخواصِّه، فَيَلَغُ في الأواني ويَشَمُّهَا، فَيُفْسِدُ الطعام والشراب كالكلب. وكذلك يَسْطُو على الإِنسان إذا غَفَلَ شيئًا، ثم إذا ذكر الله تَلكَّأ عنه: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا

94 - باب هل يلتفت لأمر ينزل به أو يرى شيئا أو بصاقا فى القبلة؟

مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 201]، وهذا مَثَلٌ للكلبِ بعينه، فإِنه يَسْطُو عليك كلما يجدك غافلا، فإذا رفعت عصاك فرَّ مُسْتَثْفِرًا ذنبه. وهذا هو معنى الخَنَّاس، فحالُ الشيطان مع الذكر كحال الكلب مع العصى. وأشياءُ عالم الغيب كلُّها عندي على الحقيقة بدون تأويلٍ ولا استعارةٍ حتى إن صلاةَ المُلْتَفِت لو مُثِّلَت له، لرأى فيها موضع الالتفات مَجْرُوحَةً مُخْتَلَسَةً. 94 - باب هَلْ يَلْتَفِتُ لأَمْرٍ يَنْزِلُ بِهِ أَوْ يَرَى شَيْئًا أَوْ بُصَاقًا فِى الْقِبْلَةِ؟ وَقَالَ سَهْلٌ الْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَرَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. 753 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ رَأَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نُخَامَةً فِى قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ، وَهْوَ يُصَلِّى بَيْنَ يَدَىِ النَّاسِ، فَحَتَّهَا ثُمَّ قَالَ حِينَ انْصَرَفَ «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ فِى الصَّلاَةِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَلاَ يَتَنَخَّمَنَّ أَحَدٌ قِبَلَ وَجْهِهِ فِى الصَّلاَةِ». رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَابْنُ أَبِى رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ. أطرافه 406، 1213، 6111 - تحفة 8271، 8469، 7764 754 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسٌ قَالَ بَيْنَمَا الْمُسْلِمُونَ فِى صَلاَةِ الْفَجْرِ لَمْ يَفْجَأْهُمْ إِلاَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ صُفُوفٌ، فَتَبَسَّمَ يَضْحَكُ، وَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ رضى الله عنه عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ لَهُ الصَّفَّ فَظَنَّ أَنَّهُ يُرِيدُ الْخُرُوجَ، وَهَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِى صَلاَتِهِمْ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَتِمُّوا صَلاَتَكُمْ، فَأَرْخَى السِّتْرَ، وَتُوُفِّىَ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ. أطرافه 680، 681، 1205، 4448 - تحفة 1518 عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: «رَأَى رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم نُخَامةً في قِبْلَةِ المسجد ... » إلخ والمصنِّف رحمه الله تعالى حَمَله على داخل الصلاة، وفي عامة طُرُقه: «إنه رآه خارج الصلاة»، ولعلَّه نَظَرَ إلى قوله: «وهو يُصَلِّي». ثم إن المناجاة والإقبال على الله المواجهة، كلها حكايات عن شيءٍ واحدٍ. 95 - باب وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ لِلإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِى الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا فِى الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ وَمَا يُجْهَرُ فِيهَا وَمَا يُخَافَتُ 755 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ شَكَا أَهْلُ الْكُوفَةِ سَعْدًا إِلَى عُمَرَ - رضى الله عنه - فَعَزَلَهُ وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَمَّارًا، فَشَكَوْا حَتَّى ذَكَرُوا أَنَّهُ لاَ يُحْسِنُ يُصَلِّى، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ إِنَّ هَؤُلاَءِ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ لاَ تُحْسِنُ تُصَلِّى قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ أَمَّا أَنَا وَاللَّهِ فَإِنِّى

كُنْتُ أُصَلِّى بِهِمْ صَلاَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أَخْرِمُ عَنْهَا، أُصَلِّى صَلاَةَ الْعِشَاءِ فَأَرْكُدُ فِى الأُولَيَيْنِ وَأُخِفُّ فِى الأُخْرَيَيْنِ. قَالَ ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ. فَأَرْسَلَ مَعَهُ رَجُلاً أَوْ رِجَالاً إِلَى الْكُوفَةِ، فَسَأَلَ عَنْهُ أَهْلَ الْكُوفَةِ، وَلَمْ يَدَعْ مَسْجِدًا إِلاَّ سَأَلَ عَنْهُ، وَيُثْنُونَ مَعْرُوفًا، حَتَّى دَخَلَ مَسْجِدًا لِبَنِى عَبْسٍ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ أُسَامَةُ بْنُ قَتَادَةَ يُكْنَى أَبَا سَعْدَةَ قَالَ أَمَّا إِذْ نَشَدْتَنَا فَإِنَّ سَعْدًا كَانَ لاَ يَسِيرُ بِالسَّرِيَّةِ، وَلاَ يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ، وَلاَ يَعْدِلُ فِى الْقَضِيَّةِ. قَالَ سَعْدٌ أَمَا وَاللَّهِ لأَدْعُوَنَّ بِثَلاَثٍ، اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عَبْدُكَ هَذَا كَاذِبًا، قَامَ رِيَاءً وَسُمْعَةً فَأَطِلْ عُمْرَهُ، وَأَطِلْ فَقْرَهُ، وَعَرِّضْهُ بِالْفِتَنِ، وَكَانَ بَعْدُ إِذَا سُئِلَ يَقُولُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَفْتُونٌ، أَصَابَتْنِى دَعْوَةُ سَعْدٍ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَأَنَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ الْكِبَرِ، وَإِنَّهُ لَيَتَعَرَّضُ لِلْجَوَارِى فِى الطُّرُقِ يَغْمِزُهُنَّ. طرفاه 758، 770 - تحفة 3847 - 192/ 1 756 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ». تحفة 5110 757 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَدَّ وَقَالَ «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ». فَرَجَعَ يُصَلِّى كَمَا صَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» ثَلاَثًا. فَقَالَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِى. فَقَالَ «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وَافْعَلْ ذَلِكَ فِى صَلاَتِكَ كُلِّهَا». أطرافه 793، 6251، 6252، 6667 - تحفة 14304 - 193/ 1 فعمَّم فيها بالأنواع كلِّها، وَجَهَر به، ولم يتكلَّم في حقِّ المقتدي بحرفٍ وأخفاه، مع أن جملة الخبر ومحطَّ النظر هو ذلك لا غير. وهذا يَدُلُّ على أن في النفس منه شيءٌ: ولو كان هناك مُنْصِفٌ، لكفى له صنيع المصنِّف رحمه الله تعالى، وشفاه في هذا الباب. فإِنه مع شَغَفِهِ بإِيجاب الفاتحة على المقتدي، لم يَجِدْ إلى إثباته سبيلا، وذلك لأن قولَه صلى الله عليه وسلّم «لا صلاةَ لمن لم يَقْرَأ بفاتحة الكتاب» لم يَقُمْ عنده دليلا على الإيجاب، وإِلا لجَهَر به على عادته، فإِنه إذا وَجَبَت عنده على المقتدي، فكيف بها إذا كان إمامًا عادلا. نعم وجد لها مساغًا في رسالته، فعمل فيها بما قيل. *لقد وَجَدْتُ مكان القول ذا سَعَةٍ ... فإن وَجَدْتَ لسانًا قائلا فَقُلْ وكذلك لم يَقْدِر أن يفرِّق بين الفاتحة والسورة، لفقدان الاستدلال على الفرق بينهما.

وأقضي التعجُّب من هؤلاء الذين يَجْعَلُون المصَنِّف رحمه الله تعالى إمامهم في ذلك، ثم لا يَرَوْنَ إلى فَتْرَتِهِ وشِرَتِهم. وإذا فَتَرَ إمامُهم، فما تُغْنِي عنه شِرَتهم، وأين تقع منه. فلْيُغْمِضُو أعينَهم، فإن الصبحَ قد انْبَلَجَ لكلِّ ذي عينين. فاعلم أن ههنا مسألتين ينبغي التمييزَ بينهما. الأولى: رُكْنِيَة الفاتحة، ولا بحثَ فيها عن المقتدي، فهي ركنٌ عند من ذهب إليه سواء كان في حقِّ الإِمام، أو المنفرد، أو المقتدي أيضًا، والجمهور فيها مع الشافعية. والثانية: مسألة قراءة المقتدي، فذهب أبو حنيفة وأحمد ومالك رحمهم الله تعالى إلى عدم وجوبها في الجهرية، وهو قول القديم للشافعيِّ، ثم اختار القراءة فيهما حين وَرَدَ بمصر قبل وفاته بسنتين. ثم لا أدري هل اختار في الجهرية الوجوب أيضًا، كما يقول به الشافعية، أو الاستحباب فقط. وكان ينبغي للشافعية رحمهم الله تعالى أن يُفْتُوا بقوله القديم، فإن الشافعيَّ رحمه الله تعالى بقي عليه إلى خمسين سنةً من عمره، ولم يَقُلْ بالقراءة في الجهرية إِلا في سنتين من عمره. أمَّا في السرية، فقال مالك رحمه الله تعالى باستحبابها فيها، ومنع عنها في الجهرية. وبه قال أحمد رحمه الله تعالى، إِلا أنه أجاز بها في الجهرية إذا لم يَبْلُغْه صوتُ الإمام، ولم يذهب أحدٌ إلى وجوبها إلا الشافعيّ رحمه الله، تعالى. ففي الزَّيْلَعِي و «البناية»، قال أحمد رحمه الله تعالى: ما سمعنا أحدًا من أهل الإسلام يقول: إن الإِمامَ إِذا جَهَرَ بالقراءة، لا تُجْزِىءُ صلاة من لم يقرأ. اهـ. وهو في «المغني» لابن قُدَامة أيضًا: وقد كان عالمٌ حنبليٌّ قد اتْحَفَنِي بجزءٍ منه، وقد جاء اليوم مطبوعًا، إِلا أنه مملوءٌ من أغلاط الناسخين. وهذا الكتاب من الكُتُب الأربعة التي قال فيها عز الدين بن عبد السلام: أنها من كانت عنده كَفَتْهُ: «السنن الكبرى» للبيهقي، و «المُحَلَّى» لابن حَزْم، و «شرح السنة» للبغوي، و «المغني» لابن قُدَامة. وفي فتاوى الحافظ ابن تَيْمِيَة: بخلاف وجوبها في حال الجهر، فإنه شاذٌّ، حتى نَقَل أحمد رحمه الله تعالى: الإجماع على خلافه. اهـ. وكفاك كلام أحمد رحمه الله تعالى بهذا الإشباع، ونَقْلُ ابن تَيْمِيَة الإجماع عنه يَدُلُّ على أن وجوبَ القراءة في الجهرية خلاف الإجماع، أو لم يذهب إليه أحدٌ من أهل الإسلام. وأمَّا الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى فالمحقَّق عندي من مذهبه: أنه حَجَرَ عن القراءة في الجهرية، وأجاز بها في السِّرية، كما نَقَله صاحب «الهداية» عن محمد بن الحسن رحمه الله تعالى، وإن أنكره الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى، حيث قال: لم أجده في «الموطأ» وكتاب «الآثار». قلت: والصواب ما ذكره صاحب «الهداية» فإن تَنَاقُل المشايخ بروايةٍ يكفي لثبوتها، ولا يُشْتَرط أن تكون مكتوبةً في الأوراق أيضًا، فقد تكون روايته عن إمامٍ، وتُنْقَلُ على الألسنة، ولا توجد في الكُتُب (¬1). واختار ابن الهُمَام رحمه الله الكراهةَ تحريمًا مطلقًا. وإنما تَنَحَّيْتُ عنه ¬

_ (¬1) قلتُ: ونظيره ما ذكروه في الفرق بين التحديث، والمُقَاولة، والمُذَاكرة. فإن ما يُؤْخَذُ عن المشايخ بالمُذَاكرة ربما لا يُوجَد عند أكثر تلامذته، بخلاف ما كان في مجلس التحديث، أو الإخبار. ومع ذلك يُعَبِّرُ به في الجملة، مع أن حال روايات الحديث ليس كالرواية عن الأئمة، أو المشايخ. فاعلمه.

لمكان الاختلاف في نقل مذهبنا. وراجع له رسالتي «فصل الخطاب في مسألة أمِّ الكتاب». هذا ما سمعتَ حالَ الأئمة، أمَّا حال الصحابة رضي الله عنهم، فالذي يَظْهَرُ بالمراجعة إلى الآثار خصوصًا، لا بإجمال من اختار جانبًا، ثم ذهب يَسْتَرْسِلُ في نقل العمل: أنه ذهب بعضُ السلف إلى تركها رأسًا، وبعضُهم إلى تركها في الجهرية، وبعضُهم إلى إجازتها في الجهرية مرةً، وتركها مرةً كعمر، وأبي هريرة رضي الله عنهما، وبعضُهم إلى استحبابها فيها مؤكدًا كعُبَادة، وبعضُهم إلى قراءتها في السَّكَتَات، وأقلُ قليل إلى إيجابها، أو تأكُّدِها في الجهرية على كل حالٍ، كمكحول عند أبي داود. والحاصل: أن من كان يقرأ في الجهرية: أَقلُ قليلٍ، والذي كان يقرأ في سَكَتَاتها: أكثرُ منه، والذي كان يقرأ في السرية دون الجهرية: أكثرُ كثيرٍ، وبعضُهم كان يقرأ في السرية حينًا، ويترك حينًا. أما حالُ الأحاديث المرفوعة، فليس فيها ما يَدُلُّ على وجوبها على المقتدي، لا في الجهرية، ولا في السرية. وليس فيه عن الصحابة إلا ترجيح أحد جانبيها، ولم يبتدىء الشارعُ في تشريع القراءة للمقتدي بشيءٍ، لا بالفاتحة، ولا بالسورة، لا في السرية، ولا في الجهرية. وإنما ابتدأ بها بعضُهم فكَرِهَها، بل كان خالي الذهن عن قراءتهم، حتى خالَجه بعضٌ منهم، فُعُلِمَ الآن أن فيهم قارئًا أيضًا. وكذلك لا يُعْلَمُ من حال المقتدين أنهم كانوا يهتمُّون بالفاتحة أَزْيَد من سائر السور، ولكن من كان يقرأ منهم يقرأ ما بدا له، حتى جاء رجلٌ فقرأ بـ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبّكَ الاَعْلَى}، وبعضهم قرأ التشُّهد أيضًا، فلا يُعْلَمُ اعتناؤهم بالفاتحة، كما راه الشافعية. وإنما كان من يَقْرَأُ منهم يما يقرأ من عند نفسه بدون أمر من النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ولولا هناك مُنَازَعٌ لَخَفِيَتْ عِنْد قراءةُ من قرأ إلى ما بعده أيضًا، ولكن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لَمَّا سألهم، فقال بعضُهم: لا، وقال بعضُهم: نعم، واعتذر بعضُهم عن قراءته، فقال هذا يا رسول الله، كما عند أبي داود. كأنه يَعْتَذِر أنه إن لم يَفُتْهُ الاستماع، أباح لهم إباحةً مَرْجُوحَةً، فقال: «إن كنتم لا بُدَّ فاعلين، فلا تفعلوا إِلا بأمِّ القرآن». فعلى الشافعية أن يَشْكُرُوا لهذا المُنَازع حيث أخرج لهم الإباحةَ المَرْجُوحَةَ من أجله. أمَّا الوجوب، فأين هو؟ وهل تكون شاكلةُ الوجوب أن لا يكون الشارعُ نفسه بخِبْرَةٍ منه، حتى إذا عَلِمَه جعل يسأل عنه ويفتِّشه، بل السؤال عمَّا لا يَعْلَمُ استنكارٌ له قطعًا، فلم يَأْمُرْ بها صراحةً، ولكنه استثناها عن النهيِّ. وهل يُفِيدُ هذا النوع من الاستثناء غير الإباحة. فإن راعيت صحة قوله: «إن كنتم لا بد فاعلين ... » إلخ لا تَخْرُجُ منه الإباحةُ أيضًا إِلا إباحةً مَرْجُوحَةً، وتِلك الإباحة أيضًا ارتفعت كما يُعْلَمُ مما في «السنن»، فانتهى الناس عن القراءة فيما جَهَرَ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلّم فَتَرَكَ القراءةَ فقهاؤُهم، وبقي بعضُهم يقرؤون بعد أيضًا. ولذا قلتُ: إن القارئين في الجهرية كانوا أقل قليلٍ. ثم ههنا سِرٌّ، وهو: أن النهيَّ عمَّا يكون خيرًا مَحْضًا لا يمكن إِلا من صاحب الوحي، فعن علي رضي الله تعالى عنه: «أن رجلا صلَّى بالمُصَلَّى تطوُّعًا، فقال له الناس: أَلا تَمْنَعُ هَذا يُصَلِّي؟ قال: ما رأيت النبيَّ صلى الله عليه وسلّم يُصَلِّي، ولكن لا أمنعه مخافةَ أن الْحَقَ بمن نَعَى عليه القرآن،

فقال: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10)} [العلق: 9 - 10] الآية. ومن هذا الباب: اختلافهم في الأوقات المكروهة، فمنهم من نَهَى عن الصلوات فيها، نظرًا إلى كراهة تلك الأوقات، ومنهم من تَلَكَّأ عن النهيِّ، فأجاز بها فإنها خيرُ موضوعٍ أينما كانت، ومتى كانت، فلم يتقدَّموا إلى الحَجْر عنها. وكذلك القرآن خيرٌ كلُّه والحَجْر عنه موضع تَأْمُّل، فلمَّا قرؤوا به من عند أنفسهم بدون سابقية عهدٍ منه، لم يَرْضَ به، وأَظْهَرَ الكراهة أيضًا. ومع ذلك لم يَنْهَ عنه ما دام أمكن تحمُّله، كحضور النساء في الجماعات، لم يُرَغِّبْهُنَّ فيها أصلا، ولكن مع هذا لم يَنْهَ عنها أيضًا. وهذا الذي راعاه عمر رضي الله تعالى عنه، حيث كانت زوجته تختلف إلى المساجد في أوقات الصلوات، وكان يُعْجِبُه أن لا تفعل ذلك، فأبت إِلا أَن تَفْعَلَه، ولم يَقْدِر عمر أن ينهاها صراحةً، فجاء يومًا مُتَنَكِّرًا هيئته، ووضع القدم على ذيل مِرْطها، وكانت تذهب لصلاة الصبح بَغَلَسٍ، فاسترجعت وانكفأت، وقالت: ما قال عمر - رضي الله تعالى عنه - حقٌ، فإنَّه فَسَدَ الزمان اليوم. فالقراءة في الجهرية عندي كحُضُورِهِنَّ الجماعات، والإباحة فيهما بمنزلةٍ واحدةٍ، فمن شاء فليتركها على حالها، ومن شاء بالغ فيها. ويَقْرُبه ما نُقِلَ عن الحلواني من فتواه: أنه لا ينبغي أن يُنْهَى العوام عن الصلوات وأن صلُّوها في الأوقات المكروهة، فإنها وإن كُرِهَت على مذهبنا، لكنها تكون جائزةً على مذهب الشافعية، ولو مُنِعُوا عنها أمكن أن يَمْتَنِعُوا عن أصلها، ويتركوها رأسًا. قلتُ: وهذا التهاونُ لم يكن في زمن الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى، فكان المناسب له أن يَنْهَى عنها كما قد نهى. ثم لمّا ظهرت المذاهب، وفشا التكاسُل في الدين، وتُرِكَ العمل به على المذهب، ناسب للمتأخِّرِين أن لا يمنعوهم عنها لأجل المخافة المذكورة. والحاصل: أن النهيَّ عن الخير المحض لا يكون إلا إذا لم يتحمَّله المقام أصلا، وذلك أيضًا من جهة الشارع لا غير، كما نهى عن القراءة في الركوع والسجود، لأنه مناجاةٌ، وهذه الهيئة لا تَصْلُح لها أصلا. ومع ذلك جوَّزه البخاريُّ فيهما، وترك حديث مسلم. فإن شئتَ قلتَ: إنه أجاز بها للمقتدي إجازةً مَرْجُوحَةً، ولم يرض بها. وإن شئتَ قلتَ: إنها رخصةٌ لا عزيمةٌ، وهذا أَيْسَرَ على الموجبين. وأجاب القائلون بالوجوب: إن سؤاله صلى الله عليه وسلّم «لعلَّكم تَقْرَؤُن خلف إمامكم». كما في «السُّنن»، ليس عن نفس القراءة، بل عن الجهر بها، فمعناه: لعلَّكم تَجْهَرُون بها خلف إمامكم. قلتُ: وهو تأويلٌ لا مُسْكَةَ له في ذخيرة النقل، فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم سألهم عن نفس القراءة، وهم يَحْمِلُونه على الجهر بالقراءة، وهل يَلْصَقُ بالقلب أن يكون هناك أحدٌ يَجْهَرُ بها، مع رؤيته أن الصحابةَ رضي الله عنهم كلَّهم ساكتون، ولا يَجْهَرُونَ بشيءٍ. ثم لو سلَّمنا أنه كان جَهَرَ بها، فلم يَرِدْ السؤالُ عنه ولا عليه، بل هو عن القراءة، وإنما الجهرُ وسيلةٌ لعلمه صلى الله عليه وسلّم أنه قرأ شيئًا. واحتال فيه آخرون: إن السؤالَ إنما هو بما زاد على الفاتحة دون الفاتحة نفسها، فمعناه: لعلَّكم تَقْرَؤُن خلف إمامكم ما زاد على الفاتحة أيضًا. قلت: وهذا أيضًا باطلٌ. ففي الدَّارَقُطْنِي: «هل منكم من أحدٍ يقرأ شيئًا من القرآن»،

وحسَّنه. فدلَّ على أن الفاتحةَ وغيرها عنده سواء، وإن السؤالَ كان عن شيءٍ من القرآن دون السورة، وإنه لا وجوبَ عنده على المقتدي. فقال: «هل منكم من أحد»، فلو كانت واجبةً على الكلِّ لسألهم أجمعين، هكذا: هل تقرؤون أنتم؟ لا: «منكم من أحدٍ»، فإنه يَدُلُّ على أنه ليس عنده هناك قارئًا إِلا أحدٌ منهم، وليست هذا شاكلة الواجب. وفيه أن القراءةَ خلفه تُنَاقِضُ منصب الائتمام، ولذا قال: «خلف إمامكم»، مع أن الظاهر خلفي، فَعَدَل عنه، وانتقل إلى بيان منصب الائتمام لتَعُمَّ الفائدة. وحينئذٍ محطُّها: أن خلف الإمام ليس موضع القراءة. وقد يَحْتَالُون بأن قوله: «فانتهى الناس عن القراءة ... » إلخ من قول الزُّهْرِيِّ ... قلتُ: ويقضي العجب من قولهم ما حملهم على ذلك، فإننا لو سلَّمناه، فالزُّهْرِيُّ تابعيٌّ، ولا يذكر إلا من حال الصحابةِ ثم إن من جعله من قول الزُّهْرِيِّ غَرَضُه أن الزهريَّ قاله نقلا عن أبي هُرَيْرَة، وأخفى به صوته، فثبَّتهم مَعْمَرٌ فيه، فكان إسناد القول إلى مَعْمَر أو الزهريِّ لهذا، فَزَعَمُوا أنه من تلقاء أنفسهم. فعند أبي داود في حديث ابن أُكَيْمَة الليثي عند بيان الاختلاف، وقال ابن السَّرْح في حديثه: قال مَعْمَر، عن الزُّهْرِيِّ، قال أبو هريرة: «فانتهى الناس». وقال عبد الله بن محمد: الزُّهْرِيُّ من بينهم، قال سُفْيَان: وتكلّم الزهريُّ بكلمةٍ لم أسمعها، فقال مَعْمَر: إنه قال: «فانتهى الناس ... » الخ. نعم بقي شيءٌ، وهو أن قوله صلى الله عليه وسلّم «لا تفعلوا إلا بأمِّ القرآن»، وإن لم يَدُلَّ على الوجوب، لكن تعليله بقوله: «فإنه لا صلاةَ إلا بها» يَدُلُّ على الوجوب قطعًا، وبه يَتُمُّ الاستدلال. قلتُ: كلا، فإن قوله قبل التعليل لمَّا دلَّ على الإباحةِ المرجوحةِ ولا بُدَّ، لم يَصْلُح التعليل أن يَدُلَّ على الوجوب في حقِّه. كيف؟ وإنه طفرةٌ من الإباحة إلى الوجوب، وليس بسديدٍ. وهل يناسب عندك أن من كان بصدد إيجاب شيءٍ في آخر كلامه أن يسأل عنه أولا، ويقرِّر إباحته في ابتدائه، ثم يُوجِبه في آخره كأنه سَنَحَ له الآن وجوبُه وإيجابُه، إلا أن يُفْرَضَ أنه تكلَّم خالي الذهن عن الوجوب، فإذا كان عند ختم كلامه سَنَحَ له كسنوح السوانح أن يُوجِبَه، فعلَّله بالوجوب. وهو كما ترى، ليست شاكلة كلام العوام، فضلا عن كلام خير الأنام. وحينئذٍ وَجَبَ علينا وعليهم أن نَشْرَحَ الحديثَ، فإن ظاهره غير مستقيمٍ. ثم استفتِ نفسك - فإنَّ بين جَنْبَيْك مُفْتٍ - إنه إذا خَاطَبَ المقتدين بذلك الكلام، وسألهم عن القراءة، فهل يُنَاسِبُ الإِيجاب في حقِّهم، أو في حقِّ غيرهم كالمنفرد والإمام؟ فإن كنتَ تستطيعُ أن تسمعَ كلامَ الخصم وتَفْهَمَه، فاعلم أنه إيجابٌ على المنفرد دون المقتدي. اسْتُدِلَّ بإِيجابها في الجنس (¬1) على إباحتها للمقتدي، ولو لم نأخذه في الجنس، وحملناه في حقّ المقتدي، لنَاقَضَ ¬

_ (¬1) وهذا كما عند الترمذي ضالة المسلم حرق النار، وأنت تعلم أنه وصف باعتبار تحققه في الجنس وإلا يلزم ألا يلتقط ضالته. وأصرح منه ما أخرجه أيضًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج ذات يوم وهو محتضن أحد ابني ابنته، وهو يقول: إنكم لتبخلون وتجنبون وتجهلون وأنكم لمن ريحان الله. اهـ. ص 13 ج 2. فإن التعليل ههنا كالتعليل في قوله: فإنه لا صلاة الخ بعينه لا أراك شاكا في أن هذه أوصاف باعتبار الجنس أما في الحديث المذكور فلا محل لهما. وهكذا فليقسه في حديث الفاتحة

آخِرُ الكلام أولَه. فإن أوَّله يَدُلُّ على إباحتها في حقِّ المقتدي إباحةً مَرْجُوحَةً، وتعليل الإباحة بالواجب لا يَصِحُّ إلا باعتبار كون الوجوب وصفًا لها في جنس الصلاة. وبعبارةٍ أخرى: إنهم حَمَلُوا التعليلَ على أنه حكمٌ بالإيجاب في حقِّ المقتدي، ونحن حَمَلْنَاه على كونه وصفًا للفاتحة، وإن لم يتحقَّق هذا الوصف في حقِّ المقتدي. والتعليل بالوصف شائعٌ عندهم، بل هو لطيفٌ جدًا، بل لا عبارةَ - كترجيح الفاتحة من بين السُّوَر مع كونها مباحةً في حقِّ المقتدي - أَدَلُّ وأَوْفَقُ من هذه. وحاصل الحلّ عندي: أني أَبَحْتُ لكم الفاتحة من بين السُّوَر لمعنى الترجيح فيها، وهو امتيازها بوصفٍ من بين سائر السُّوَر، وهو: وجوبها على المنفرد والإمام عينًا. وليس هذا الوصف في أحدٍ من السُّوَر، فإنها واجبةٌ بدلا، وليست فيها واحدةٌ منها واجبةً عينًا لا على الإِمام ولا على المنفرد. وحينئذٍ صَلَحَت الفاتحةُ أن تتحمَّل قراءته. ونظيره قولك لابن سبع سنين: صلِّ، فإنه لا دينَ لمن لا صلاةَ له. ونظائرُه كثيرةٌ، وإذن هو من باب استدلال الجنس على الجنس الآخر. وحاصله: أنه على وِزَان قولهم: أكرم زيدًا، فإنه أهلٌ لذلك. أعني: إن إباحةَ الفاتحة في حقِّ المقتدي دون غيرها من السُّوَر، لكونها أصلا لذلك، لأنه لا صلاةَ إلا بها، وإن تحقَّق هذا الوصف في حقِّ غير المقتدي من المنفرد والإمام. وإنما صَلَحَ هذا الوصف مُخَصِّصًا إياها من بين السُّوَر لخلو سائر السُّوَر عنه مطلقًا، فلا يتحقَّق هذا الوصف في شيءٍ منها، لا في حقِّ المنفرد، ولا في حقِّ الإمام، وحينئذٍ لو تحقَّق في الفاتحة في الجنس صَلَحَ مُرَجِّحًا أيضًا. وممن صَرَّح بأن قوله: «لا صلاةَ لمن لم يَقْرَأ ... » الخ، في المنفرد دون المقتدي: الإمام أحمد رحمه الله تعالى عند الترمذي، وسُفْيَان عند أبي داود. ومما يَدُلُّك على أنه في حقِّ المنفرد دون المقتدي: أن صلاة غير المقتدي تُعْتَبرُ أنها فعله، كالمفعول المطلق عند النُّحَاة. فإِنَّ الضربَ في نحو: ضربت ضربًا، فعلُ المتكلِّم. بخلاف المفعول به، فإنه لا يكون من فِعْلِه، بل فِعْلُه يقع عليه، فهو محل فِعْله، كزيد في نحو: ضربت زيدًا. فإِن زيدًا ليس من فِعْل المتكلِّم، بل فعله - وَقَعَ عليه. والفرق الآخر: أن المفعولَ المطلق إذا كان من فِعْله، يكون قائمًا به لا محالة، فإِن الضربَ قائمٌ بالضارب بخلاف المفعول به، فإِنه إذا لم يكن من فِعْله يكون مُنْفَصِلا عنه، نحو: زيد في المثال المذكور، فإِنه مُنْفَصِلٌ عن الضارب قطعًا. فصلاة غير المقتدي اعْتُبِرَت عند الشرع كالمفعول المطلق، فتكون قائمةً بالمصلِّي، وتُعَدُّ كأنها من فَعْلِهِ، ويَجْرِي عليها ما يَجْرِي على هذا التقدير، ويكون بناء الكلام عليه. أمَّا صلاة المقتدي فإنها اعتباران في العرف بحَسَب المقامين: مقام بَسْطٍ واستيفاءٍ لتمام الحال، ومقام اكتفاءٍ واختصارٍ، حيث لا تكون داعية لاستيفاء الحال. فيقولون في المقام الأول: إنه صلَّى مع الإِمام، فيَحْكُون عنها كأنها كالمفعول المطلق للإِمام، والمفعول به للمقتدي، فيُضِيفُون الصلاةَ إلى الأمام كأنها من فِعْله، وإلى المقتدي كأنها ليست من فِعْله، فلا تُنْسَبُ إليه إلا كنسبة

المفعول به المنفصِل إلى الفاعل، ويُطْلَقُ عليه أنه يُصَلِّي مقيَّدًا، كالصلاة خلف الإِمام، والصلاة بصلاته. ويقولون في مقام الاختصار: إنه يُصَلِّي، فَيَحْكُمُون بالنظر إلى حكمه المُنْسَحِب عليه، ولا يَذْكُرُون كونه خلف الإِمام حسب داعية المقام، فيُحَلِّلون صلاة الجماعة التي كانت صلاةً واحدةً بالعدد إلى صلواتٍ بحَسَبِ عدد من كان فيها، ويَحْكُون أن فلانًا صلَّى كأنها فِعْله. وبعبارةٍ أخرى: إن صلاةَ الجماعة صلاةٌ واحدةٌ بالعدد في العُرْف والعبارة، وهو عند أبي داود من إحالة الصلاة ثلاثة أحوال قال: وحدَّثنا أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم قال: «لقد أَعْجَبَنِي أن تكونَ صلاةُ المسلمين أو المؤمنين واحدةً». اهـ. لا صلوات بعدد من فيها، وإنما ذلك عند التحليل حتى يَتْرُكُون بيانَ الحال بتمامه، ونَقْلَ صورته بتمامها. وبالجملة كانت صلاةُ الجماعة مُفْرَدَةً لا تثنيةً ولا جمعًا، فحلَّلوها إليهما، حيث يريدون نَقْلَ حاله بالنظر إلى حكم نفسه المُنْسَحِب عليه، وكلا الاعتبارين وَارِدَان في ألفاظ الحديث بحَسَبِ المقامات. فالأول نحو حديث: «إذا أُقِيمَتِ الصلاة، فلا تَأَتُوها تَسْعَون، وأتوها تَمْشُون وعليكم السَّكِينة». اهـ. جعل الصلاةَ كأنها ليست من فِعْله، بل هي مُنْفَصِلةٌ عنه: أتاها، فهي مَأْتِيةٌ، يَرِدُ عليها، ويَصْدُرُ عنها. وجعلها مفردةً في العبارة لا تثنيةً ولا جمعًا. وكقوله تعالى: {إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9]. وقوله: {وَإِذَا نَدَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 58]. وعن عبد الرحمن ابن عبد القاري في قيام رمضان: يُصَلِّي الرجل لنفسه، ويُصَلِّي الرجل، فَيُصَلِّي بصلاته الرَّهْطُ، والناس يُصَلُّون بصلاة قارئهم. وحديث عائشة فيه: «فصلَّى في المسجد، وصلَّى رجالٌ بصلاته». وفي صلاةٍ في مرض موته: فجعل أبو بكرٍ رضي الله عنه يُصَلِّي، وهو قائمٌ، بصلاة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وفي «الفتح»: عن عِتْبان بن مالك، عن أحمد: «فقاموا وراءه، فصلُّوا بصلاته». وعند النَّسائي من حديث عبد الله بن سَرْجِس، قال: «يا فلان، أيهما صلاتك التي صلَّيت معنا، أو التي صلَّيت لنفسك» اهـ. ففي هذه الأحاديث كلِّها اعْتُبِرَت صلاة الجماعة كأنها ليست من فِعْله، بل من فِعْل الإِمام، ثم المقتدي يأخذ منها حظَّه بنوع ربطٍ مع إمامه. وأمَّا الاعتبارُ الثاني، فنحو حديث البَيَاضي عند مالك في العمل في القراءة: «أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم خَرَجَ على الناسِ وهم يُصَلُّون، وقد عَلَتْ أصواتهم، فقال: إن المُصَلِّي يُنَاجِي ربَّه، فلْيَنْظُرْ بما يُنَاجِيه به، ولا يَجْهَرْ بعضُكم على بعضٍ بالقرآن». اهـ. وكان ذلك في رمضان. وعند ابن عبد البَر: «والناس يُصَلُّون عُصَبًا عُصَبًا»، وهو مَسُوقٌ لغير المقتدي. ومثله حديث السُّتْرَة عند أبي داود: «إذا صلَّى أحدُكم، فلْيُصَلِّ إلى سُتْرته، وليَدْنُ منها». وكذا: «إذا كان أحدُكم يُصَلِّي، فلا يَبْصُق قِبَل وجهه، فإن اللَّهَ قِبَل وجهه إذا صلّى». ساق الكلامَ فيه بالنظر إلى حال المصلِّي في نفسه، ولذا لم يَذْهَبْ أحدٌ إلى إيجاب السُّتْرَة لكلَ في صلاة الجماعة، لأنهم حَمَلُوا الحديثَ المذكورَ في المنفرد، وقد مرَّ تقريره. وإذا سَمَحَت نفسُك بقَبُول هذا ولم تُمَاكِس، فحديث: «لا صلاةَ لمن لم يقرأ بأمِّ القرآن» يَنْسَحِبُ على كل صلاةٍ مفردةٍ من عدد الصلوات في حقَ من يُوصَف بأنها فِعْلُه. ولذا لم يَصِفْهم في هذا السياق بكونهم خلف الإمام، فإذن هو في صلاة المنفرد أو الإِمام

دون المقتدي. فالحديثِ وَرَدَ في صلاة المنفرد، كما أقرَّ به أحمد وسُفْيَان رحمهما الله تعالى، وهم نَقَلُوه إلى صلاة الجماعة، وأنه جاء بالنظر إلى حاله في نفسه، وهم نقلوه في حاله مع غيره، فسبحان من لا يَسْهُو ولا يَنْسَى. ثم اعلم أنه ليس اعتبارُ الشريعة في قراءة المقتدي أنها ليست عليه، بل اعتبارُها أن قراءةَ الإمام له قراءة. وقد أَخْرَج له الشيخُ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى إسنادًا على شرط الشيخين من «المسند» لأحمد بن منيع، وهو مفقودٌ اليوم، فَرَاجَعْتُ له «المطالب العالية في زوائد الحديث الثمانية» للحافظ بن حَجَر رحمه الله تعالى، لأن الحافظَ رحمه الله تعالى قد جَمَعَه من ثمانية «مسانيد»، إلا أني لم أجده فيه، فَحَدَثَ في نفسي اضطرابٌ حتى عَلِمْتُ أن نسخةَ «المسند» المذكور لم تكن عند الحافظ رحمه الله تعالى بتمامها، فحينئذٍ زال القلق، وظَنَنتُ أنه يكون في الحصة التي لم تَبْلُغ الحافظُ رحمه الله تعالى. ثم في حاشية الشيخ أبي الحسن السِّنْدِهي على «فتح القدير» المسماة «بالبدر المنير» - وهي إلى النكاح فقط: أن العلامة القاسم بن قُطْلُوبغا سأَلَ شَيْخَه ابنَ الهُمَام عن إسناد هذا الحديث. فكتب أنه أخذه من "إتحاف الخيرة بزوائد المسانيد العشرة" للبُوَصَيْري، وقد جمع فيه البوصيري عشرة مسانيد. ثُمَّ كتب الشيخ أن البُوصَيْري ذكر فيه أنه لما سرد هذا الإسناد عند الحافظ رحمه الله تعالى فلم يُتِمَّه. حتى أن الحافظ رحمه الله تعالى تَبَسَّم وقال: وفيه رائحة حديث "مَنْ كان له إمام" ... إلخ فتعجب مِنْ فَرْط ذكائه. ثم قال البُوصيري: فعلمت من تبسُّمه أنه ليس براضٍ عنه غير أنه لم يردَّه صراحةً أيضًا. وليس هذا تخصيصًا بل بابٌ مستقلٌّ ومسألة زائدةٌ في حقِّ المقتدي، كحديث: "البِكْر تُسْتأذنُ في نفسها وإِذْنُها صِمَاتُهَا". فليس قوله: وإِذْنُها صِمَاتُها" تخصيصًا بل وضعًا مستقلا. وعلى هذا فإيجابُ القراءةِ على المقتدي من العمومات، كاشتراط الإِذْن باللسان على البِكْر. ومعلوم أن الشريعةَ إذا أقامت لها بابًا مستقلا وأَفرزتها من الحُكْم العام، فليس لأحد أن يُجْرِها تحت العموم ويجري علهيا أحكامَها. فهكذا لَمَّا علمنا أن الشريعةَ نصبت لأحكام الائتمام بابًا مستقلا، ولغير الائتمام بابًا أيضًا. فَنَقْلُ أحاديثِ أحدِ البابين إلى الآخر إلغاءٌ لِغَرَضِها. فراجع أحاديث الائتمام: لم يأمر في واحدٍ منها المقتدي أن يقرأ مع إمامه، ولم يقل: وإذا قرأ فاقرؤوا، مع أنه مرَّ فيها على جملةِ أفعالِ الصلاة تقريبًا، فترك هذا الرُّكْن الذي قد سبق على سائر الأركان، وصار مدارًا لصحة الصلاة، وسِمَّةً لأهل الحديث مستعبدٌ جدًا، بل صحَّ فيها جملة: "إذا قرأ فأَنْصِتُوا" صحَّحه مسلم، وجمهور المالكية، والحنابلة. ولم يتأخَّر عن تصحيحه إلا مَنِ اختار القراءة خلفَ الإمام، فسرى فِقْهُه إلى الحديث. ثم اعرف الفرق بينَ سياقِ الاستثناء عن صريح النهي كما في قوله: "فلا تفعلوا إلا بأم القرآن"، وبينَ استثناءِ الفاتحة عن أمر الإنصات، أي أَنصتوا إلا بالفاتحة، ولم يَرِد في طريق. فجاء الشافعية وحملوا السياق الأوَّل على الثاني، مع أنه وَرَد في الحديث: "إذا قرأ فأنصتوا" ثم لم يَرِد فيه الاستثناء بالفاتحة. فدلَّ على أن الفاتحة وغيرَها في أَمْر الإنصات سواءٌ. والحاصل: أن لنا في هذه المسألةِ دلالاتٍ من الأحاديث، ونصَّا من القرآن: {إذا قُرىء القرآنُ فاسْتَمِعُوا له وأَنْصِتُوا} وليس عندهم لإيجابِ القراءة في الجهرية والسرية على المقتدي شيءٌ، إلا جَهْرهم بالمبالغات. ثم إنه صحت في هذا الحديثِ زيادة "فصاعدًا" أو ما قام مقامَها نحو: ما تيسر، وما زاد، وحينئذٍ يكون معناه انتفاءَ الصلاة بانتفاء الفاتحة مع عناية

"فصاعدًا" وحاصِلُهُ انتفاءُ الصلاة بانتفاءِ القراءةِ مطلقًا. فلا يصلُح هذا الحديثُ أن يقومَ حجةً على مسألة الرُّكْنِيةِ أَصْلا، لدلالتها على انتفاءِ الصلاةِ بانتفاء القراءة، وقد قلنا به أيضًا. وإنما الكلامُ في انتفاء الصلاةِ بانتفاء الفاتحة خاصة، ولم يدلَّ عليه أصلا، بل متى ما تنظر في الأحاديث ترى أنَّها جعلتِ الصلاةَ عند انتفاءِ القراءةِ بالفاتحة خِدَاجًا لا منفية عن أصلها، كحديث أبي هريرة عند مسلم "مَنْ صَلَّى صلاةً ولم يقرأ فيها بأمِّ القرآنِ فهي خِدَاجٌ". ومتى نُفَتِ الصلاة، فهو باعتبار انتفاء الفاتحة فما فوقها. وأرى أن هذا يُطْرَد فيما هو على اسم الصحيح أو الحسن، وكفى بهما عن الضِّعَاف. وأرى أن هذا ليس اتفاقًا أو جِزَافًا، بل حكايةٌ عن الواقع وعن الحقيقة. فالصلاةُ بترك الفاتحة خِدَاجٌ، وبترك الفاتحة فما فوقها مَنْفِيَّةٌ، على أن في نفس قوله: «لا صلاةَ لمن لم يقرأ بأمِّ القرآن» بدون قوله: «فصاعدًا»، إشارةً إلى السورة، وبناءً للكلام عليه، وذلك للفرق بين قولهم: قرأها، وقرأ بها. وأَوْضَحَه الحافظُ بن القَيِّم في «بدائع الفوائد». وحاصلُه: أن الفعل إذا عُدِّي بنفسه، فقلتَ: قرأتُ سورةَ كذا، اقتضى اقتصارُك عليها لتخصيصها بالذكر. وأمَّا إذا عُدِّي بالباء، فمعناه: لا صلاةَ لمن لم يأتِ بهذه السورة في قراءته، أو في صلاته، أو في جملة ما يقرأ به، وهذا لا يقتضي الاقتصارُ عليها، بل يُشْعِرُ بقراءة غيرها معها. اهـ. ثم أَطَالَ الكلامَ في نظائره وتقريره. وعلى هذا، فالفاتحةُ في الحديث تكون من جملة قراءته، فَيُدلُّ على القراءة بغيرها. هذا، وبالجملة لا حُجَّةَ لهم في الحديث على مسألة الرُّكنية كما عَلِمْتَ، والله تعالى أعلم. ثم أقول: إن المسألةَ إذا كانت مما يَكْثُرُ وقوعها، ثم لا تَجِدُ للعمل بها صورةً ونظمًا عند الشارع، كان ذلك دليلا على عدم اعتبارها في نظره، فنقول: إن أحدًا لو أَدْرَكَ إمامه بعد قراءة الفاتحة، فلا يَخْلُو: إما أن يَقْرَأَ بالفاتحة، ويَشْتِغِلَ بها، لأنه لا صلاةَ لمن لم يقرأ بها. أو يُوَافِقَ إمامه بالتأمين، ثم يقرأ بها. فعلى الأول: يَرْزَمُ ترك الأمر بالموافقة، وعلى الثاني: تَنْقَلِبُ الوظيفة، فإن التأمين شُرِعَ عَقِيبَ الفاتحة لا قبلها (¬1). فانتفاهُ التأصيل والتفريع، واختلالُ النظم، دليلٌ على أن المقتدي لم يُوَسَّع له في حلقة القراءة، ولذا تراهم اختلفوا، فقال قائلٌ: إن المقتدي يتبع سكتات الإِمام، ولا ينازِعُ معه. وإذن لا بدَّ للإمام أن يَسْكُت سكتةً تَسَعُ قراءته، وذلك أيضًا غير معهودٍ عنه صلى الله عليه وسلّم فإنه لم يَثْبُتْ عنه إِلا سكتةً للاستفتاح، والثانية للتأمين، أو ليترادَّ إليه نفسه. أمَّا السكتةُ الطويلة بحيث تَسَعُ الفاتحة، ¬

_ (¬1) يقول العبدُ الضعيفُ: وكذا من أدْرَك إمامه في الرُّكوع، فإمَّا أن يقرأ بها في الركوع أو لا، فإن قرأ بها فقد خَالَفَ النصَّ، فإنه نهى عن القراءة في الركوع كما عَلِمْتَ، وإن لم يَقْرَأ بها، فكيف باحتساب تلك الركعة عنه بدون الفاتحة، مع أنه لا صلاةَ إلا بها، ولذا اضْطَرَّ البخاريُّ رحمه الله تعالى إلى الإنكار بإدراك تلك الركعة، لأنه فاتته الفاتحة، فلا يكون مُدْرِكًا لها، وإن أدْرَك ركوعها. وذلك خلاف تواترهم بإدراكها عند إدراك الركوع هكذا أحفظ عنه في الخارج، أو نحوه.

فتلك قد عرفها الموجِبُون لا غير، كيف وإنه يَسْتَلْزِمُ قلب موضوع الإمامة؟ نعم لا بأس به عندهم، فإنهم يَلْتَزِمُون فوق ذلك من اختلاف نية الإمام والمأموم، وصحة صلاته مع فساد صلاة الإمام، إلى غير ذلك من التوسُّعات في مسائل القُدْوَة كما قد عَلِمْت. وقال قائلٌ: يقرأها بعد الثناء، وقال آخر: بعد قراءة الإمام. وكل ذلك التشويش، لأن الشريعةَ لم توسِّع له في الحلقة، ولذلك يَطْلُب هذا موضعًا لها، ولا يجده، ثم تَشْمِئزُّ إليه نفسه، لأنه لا صلاةَ إِلا بها، فيضْطَرُّ تارةً بوضعها ههنا، وتارةً ههنا. وهل هذا هو شاكلة الواجب الذي يتكَّرر في كل صلاةٍ أربع مرات؟ ثم لم يَثْبُت له نظمٌ ولا يَسْتَقِرُّ فيه رأيٌ؛ فذقه. وهذا الذي كنتُ أقول فيما مرَّ: إِنَّا لو سلَّمنا الرفعَ عند الرفع من الركوع، فما تكون له صورة العمل؟ فإن الرفعَ عند الرفع من الرُّكُوعُ مُتَعِسِّرٌ أو مُتَعَذِّرٌ، ولذا قلتُ: إن بناء الشرع ليس على الفاتحة، ولا على رفع اليدين. وهذا الذي كنتُ أَقْصِدُ من الاختلال، وعدم التأصيل والتفريع. وقد فَرَغْتُ من مسألة القراءة خلف الإِمام بقدر ما قَصَدْتُ إلقاءه في هذا الكتاب. ومن شاء الاطلاع على تفاصيلها، فليرجع إلى رسالتنا «فصل الخطاب» (¬1). ¬

_ (¬1) يقول العبدُ الضعيفُ: وقد بَسَطَ الشيخُ رحمه الله تعالى هذه المسألة في رسالته "فصل الخطاب"، وقد أطال الكلامَ في تحقيق لفظ: "فصاعدًا"، وأسهب. فأردت أن أُلَخصَ لك شيئا منه، لعلَّ الله ينفع به أحدًا. ثم لا أَثِقُ بنفسي أن أكونَ فهمته تمامًا، إلا أني أردتُ به تمشية للمقام، فإن ما لا يُدْرَكُ كلَّه لا يُتْرَكُ كلَّه، فعليك بالأصل ليظهَرَ لك الجدُّ من الهزل. فاعلم أن لفظ: "فصاعدًا" يختلف معناه في الإثبات والنفي، وكذا في الخبر والإنشاء. أَمَّا إذا كان في الإثبات، فهو لانسحاب حكم ما قبله على ما بعده: إن وجوبًا فوجوبًا، وإن غيره فغيره. وليس لإيجاب ما قبله، وللتخيير فيما بعده، كما فُهِمَ أنه على شاكلة: "تقطع اليد في ربع دينار فصاعدًا"، بمعنى وجوب القطع على الربع، سواء تحقَّق فصاعدًا أولًا، فإن أئمة العربية قاطبة لا يَعْرِفون ذلك، بل أتْفَقوا كلهم على أن الحكمَ فيما قبله وفيما بعده على السواء. وليست الفاء في المثال المذكور لإفادة أن المدارَ هو الربع، بل كما أن الربعَ مُؤَثر، كذلك الثلث والنصف أيضًا مُؤَثر، نعم، قد يُفِيدُ التقسيم على أبعاض الشيء، كقوله: بعه بدرهم فصاعدًا على معنى أن أمرَ البيع مُتَنَاوِلٌ لِمَا قبله ولِمَا بعده على السواء، ولكن يكون فيه التقسيم على الأبعاض: أي بع بعضَه بدرهم وبعضَه بأزيد من درهم. ومن ههنا يُتَوَهم فيه التخيير مع أن الحكمَ عليهما على السواء، ولكن الزيادة في البعض لما كانت مُخَيرة، توِهمَ التخيير في نفس الحكم. هذا في الإثبات، أما إن كان في النفي، فهو للانتفاء رأسًا، وحينئذٍ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، فصاعدًا" يَدُل على وجوب السورة أيضًا، فإن الحكمَ على ما قبله لما كان بالإيجاب، وَجَبَ أن يَنْسَحِبَ على ما بعده أيضًا، فَيَدُلَّ على وجوب السورة والفاتحة جميعًا، ولذا لم يَقْدِر البخاريُّ رحمه الله تعالى على التفرقة بينهما في "صحيحه"، فبوَّب على نفس القراءة تَترَى، ولم يتكلم بالفاتحة، وذلك لعدم عدَّة الاستدلال عنده. وتصدَّى في الخارج على تضعيف تلك الزيادة، فإنه أحسَّ أنه يَدل على خلاف مرامه. واستشعره الطِيبيُّ، وهو أقعد بالعربية، فصرَّح في "شرح المشكاة" بعكس ما قُلْنا. وقال: إذا لم نَقل بوجوب الزائد: أي السورة، كيف نَقُول بوجوب الفاتحة من هذا الحديث بعينه؟ لأنه عَلِمَ أن الحكمَ فيما بعده وما قبله على السواء، فلا يصحُّ التفريق فيه: بجعل الفاتحة ركنًا، والسورة سنة. وكان من صرف جُهْدَه في إثبات ركنية الفاتحة، لم تَبقَ له هِمَّة وجُهدٌ في السورة إلَّا بالسنية، نعم، لكل شِرَة فَترَة. أمَّا أنا، فلا أجد فرقًا بينهما إلَّا أن الفاتحة واجبة عينًا، والسورةَ بدلًا، وما عداه فشطط. =

فائدة

755 - قوله: (شَكَا أهل الكُوفَة) يعني من جُهَلائِهِمْ الذين كانوا لا يُحْسِنُون الصلاة. قوله: (وأُخِفُّ): من التخفيف، وفي نسخةٍ: «وأَحْذِف». واستدلَّ منه الشيخُ العَيْنِي رحمه الله تعالى على عدم فرضية القراءة في الأُخْرَيَيْن، وسكت عليه الحافظ رحمه الله تعالى. قلتُ: والدلائلُ على وجوبها كثيرةٌ، ولم أَرَ لعدم الوجوب إِلا أَثَرَيْن: أحدهما عن ابن مسعود، والآخر عن عليّ رضي الله عنهما، غير أن الفصلَ إنما يكون بالتعامُل، فلينظره. بقي تمسُّك العَيْني رحمه الله تعالى من نسخة: «أحذف»، فالإِنصافُ أن المرادَ منه التخفيف. فائدة واعلم أن الشيخَ العَيْنِي كان أسنَّ من الحافظ رحمهما الله تعالى، وقد بقي بعده ثلاث سنين، وكان عمره تسعين، وكان يُؤَلِّفُ: «شرح الهداية في نور المصباح»، وألَّف: «شرح الكنز» في ثلاثة أشهر. قوله: (أَمَّا إذا نَشَدْتَنَا ... ) إلخ، يعني إذا تُنْشِدُنا بالله، فاعلم أن ما ذكرناه كان حيلَة للشِّكاية، أمَّا حقيقةُ الأمر، فهو هذا ... إلخ. قوله: (ارجع فَصَلِّ). هذا الحديث: حديثُ مُسِيء الصلاة. قال الشيخُ تقي الدين ابن دقيق العيد: إنه يجب على المُحَدِّث أن يَجْمَعَ طُرُقه، فإِنه تعليمٌ لشرائع الصلاة من قِبَل صاحب النبوة. قال الحافظ ابن حَجَر رحمه الله تعالى: أني امْتَثَلْتُ أمره، فأخذت عنه ثمانين مسألةً، ¬

_ = والحاصل: أنه خَالَ بعضْهم أنه لجواز الاقتصار على ما قبله دائمًا، بعضُهم أنه للجمع دائمًا، وليس كذلك، بل يأتي فيما يأتي فيه الاقتصار في بعضه، والجمع في بعض. ومتى كان الجمع، ففي حكم ما قبله، وهذا الذي عَنَيْنَاه بقولنا: إنه للتقسيم على الأبعاض، فحيث شُرِعَت السورةُ كالأولَيين فواجبةٌ كالفاتحة، وحيث لم تكن كما في الأُخْرَيَيْن فليست، لا أنها سنةٌ في الأوَلَييْن مع كونها مشروعةً فيها، والفاتحة ركنٌ، ليفرِّق الحكم بين ما قبله وما بعده. على أن قوله: "لا صلاة ... ". إلخ ليست صيغة إنشاء على نحو: بِعْه بدرهمٍ فصاعدًا، فإنه لا يدري فيه بَعْدُ ماذا يقع به البيع. بل صيغة خبرٍ على نحو: بِعْهُ بدرهمٍ فصاعدًا بعد ما انكشف الحال. كيف! وهم صرَّحوا أن لفظة: "أو" في الخبر لا تكون للتخيير مع أنها موضوعةٌ له، فما لغيره نحو: صاعد؟ فهو في الخبر على ما قد وقع، وفي الإنشاء على ما سيقع من تحقق الأقل فقط، أو مع ما فوقه. هذا باعتبار الوجود. وأمَّا باعتبار الاندراج تحت صيغة الأمر مثلًا، فإنه لا بدَّ أن يكونَ الزائدُ أيضًا مأمورًا به، كما عند أبي داود، عن زهير أحسبه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "هاتوا ربع العشر: من كل أربعين درهمًا: درهمٌ، وليس عليكم شيء حتى تُتِمَّ مائتي درهمٍ، فإذا كانت مائتي درهمٍ، ففيها خمسة دراهم، فما زاد فعلى حساب ذلك". اهـ. فقد يكون عند المالك ما زاد، وقد لا يكون. وإذا كان، فالحكم الوجوب، لا غير. وهذا كله على تقدير أن تكون الفاتحة واجبة في الأُخرَيَين على روايته عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى. اختارها الشيخ ابن الهُمَام. واعلم أني كنتُ أردتُ أن أشرحَ هذا المقام إلى آخر الكلام، لكن دِقَّة المرام مَنَعتني عن إمضاء عزيمتي، فاكتَفَيت بهذا القدر، وسيكفي لحلِّ مسألتنا إن شاء الله تعالى.

فائدة

ويُعْلَمُ من طُرُقه كما هو عند الترمذي: أن الرجل كان قَصَر في التعديل. وبالجملة، فالإِمام البخاري رحمه الله تعالى أَخْرَج في هذا الباب عِدَّة أحاديث، غير أنه لم يَجدْ حديثًا صريحًا يَدُلُّ على تعيين الفاتحة، ولذا لم يُتِرْجِمْ بها عينًا، نعم في رسالته ذهب كل مذهب. فائدة واعلم أن المصنِّف رحمه الله تعالى قد شدَّد الكلامَ على مسائل أبي حنيفة رحمه الله تعالى في رسائله، ولم يكن ذلك يَلِيق برِفْعَة شأنه. وقد سَمِعْتُ من بعض الفضلاء قصةً في وجه نَكَارته من الحنفية، وهي: أن ملك بُخَارا أمر المصنِّف رحمه الله تعالى أن يُعَلِّمَ أبناءه في بيته، فأجاب المصنِّف رحمه الله تعالى: من شاء فليأتنا، ولا حاجةَ لنا إلى الذهاب إلى بيت أحدٍ، فَغَضِبَ عليه الملك وأَجْلاه. فخرج البخاري رحمه الله تعالى إِلى خَرْتَنْك - موضع بَسَمَرْقَنْدِ - وألقى بها عصاه، ودعا ربه: أنه لم يَبْقَ له بعد ذلك في الحياة حاجة، فتُوُفِّيَ في يوم العيد. قيل: إن الذي ساعد الملك على إخراجه أبو حفصٍ الصغير، وهو تلميذ أبي حفصٍ الكبير - تلميذ الإِمام محمد رحمه الله تعالى - وهذا هو سبب نَكَارة البخاري رحمه الله تعالى من الحنفية. قلتُ: ولي فيه تردُّد لِمَا ذَكَرَ الحافظُ رحمه الله تعالى فى مقدمة «الفتح»: أن أبا حفصٍ الصغير كان رفيقًا للبخاري في أسفاره، حتى أنهما كانا يَتَهَادَان أحدهما إلى الآخر، فما دام لا يتحقَّق للتغاضُب بينهما سببٌ، لا أَثِقُ بتلك الحكاية. والله تعالى أعلم بالصواب. 96 - باب الْقِرَاءَةِ فِى الظُّهْرِ 758 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ سَعْدٌ كُنْتُ أُصَلِّى بِهِمْ صَلاَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَتَىِ الْعَشِىِّ لاَ أَخْرِمُ عَنْهَا، أَرْكُدُ فِى الأُولَيَيْنِ وَأَحْذِفُ فِى الأُخْرَيَيْنِ. فَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - ذَلِكَ الظَّنُّ بِكَ. طرفاه 755، 770 - تحفة 3847 759 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِى الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنْ صَلاَةِ الظُّهْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ، يُطَوِّلُ فِى الأُولَى، وَيُقَصِّرُ فِى الثَّانِيَةِ، وَيُسْمِعُ الآيَةَ أَحْيَانًا، وَكَانَ يَقْرَأُ فِى الْعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ، وَكَانَ يُطَوِّلُ فِى الأُولَى، وَكَانَ يُطَوِّلُ فِى الرَّكْعَةِ الأُولَى مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ، وَيُقَصِّرُ فِى الثَّانِيَةِ. أطرافه 762، 776، 778، 779 - تحفة 12108 760 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنِى عُمَارَةُ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ قَالَ سَأَلْنَا خَبَّابًا أَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِى الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَالَ نَعَمْ. قُلْنَا بِأَىِّ شَىْءٍ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ قَالَ بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ. أطرافه 746، 761، 777 - تحفة 3517

97 - باب القراءة فى العصر

97 - باب الْقِرَاءَةِ فِى الْعَصْرِ 761 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ قَالَ قُلْتُ لِخَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ أَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِى الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَالَ نَعَمْ. قَالَ قُلْتُ بِأَىِّ شَىْءٍ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ قِرَاءَتَهُ قَالَ بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ. أطرافه 746، 760، 777 - تحفة 3517 واعلم أن المصنِّفَ رحمه الله تعالى لمَّا لم يَجِدْ دليلا للفرق بين الفاتحة والسورة كما عَلِمْتَ، ترجم على نفس القراءة: الفاتحة وغيرها سواء. ومن العجائب ما نُسِبَ إلى ابن عباس رضي الله عنه من عدم القراءة في العصرين، وما ينقله بعض الرواة: «إن كنا نعرف قراءته من اضْطِرَاب لحيته، فهو إمارةٌ مَحْضَةٌ، قلتُ: فأين ذَهَبَت الفاتحةُ، لو كانت رُكْنًا عنده، فالقراءة فيهما إنما تُبْنَى على التعامُل والتوارُث، ولمَّا لم يكن هناك اختلافٌ لم ينازع أحدٌ منهم في لفظ الاضْطِرَاب أنه ما يفيد، ولو كان لوَقَعَ الجَلَب والشَّغْبُ؛ وهذا يَدُلُّ على أن المسائل لا تُبْنَى على ألفاظ الرواة فقط بل الفاصلُ هو التعامُل لا غير. 759 - قوله: (يُطَوِّل في الأُولى)، وحُمِلَ من جانب الشيخين: على أن الطولَ من أجل الاستفتاح، لا من تِلْقَاءِ القراءة. قلتُ: والظاهرُ مذهب محمد رحمه الله تعالى لِمَا عند أبي داود: «كان يُطَوِّل حتى ينقطع خسخسة الأقدام». أقولُ: والأحسنُ أن يستوي بينهما إِلا إذا رَجَا إدراكَ الناس، فيطوِّل على ما هو في الحديث. 762 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِى الرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَسُورَةٍ سُورَةٍ، وَيُسْمِعُنَا الآيَةَ أَحْيَانًا. أطرافه 759، 776، 778، 779 - تحفة 12108 762 - قوله: (ويُسْمِعُنا الآية أحيانًا). واختلف مشايخنا في وجوب سَجْدة السهو إذا جَهَرَ في السِّرِّيَّةَ. فقيل: تَجِبُ ولو بكلمةٍ. وقيل: بآيةٍ تامةٍ. وقيل: بأكثر من الآية، وأَخْتَار الثاني، وإن جَازَ حمله على الثالث أيضًا، فإِن الجهرَ بالآية لا يَسْتَلْزِمُ الجهر بتمامها، فإِنك تقول: ضربتُ زيدًا، مع أنك لا تَضْرِبُ إِلا بعضه، فكذلك الفعل إذا وَقَعَ على محلٍ لا يوجب استيعابه لغةً، وحينئذٍ جَازَ أن يعبِّر بجهر الآية فيما إذا جَهَرَ ببعضها، إِلا عند ابن جَنِّي، فإنه يقول: إن قولهم: ضَرَبْتُ زيدًا، مجازٌ فيما إذا ضرب بعضه، وخَالَفَهُ الجمهورُ في ذلك. ثم إن الجهرَ بها كان للتعليم، أعني به تعليمَ ما يَقْرَأُ، لا تعليم الجهر نفسه، وهكذا كان الجهرُ بالتسمية، فلم تكن سنة بل تعليمًا لما يقرأه، واسْتُحْسِنَ الجهرُ بها في السِّرِّيَّة لدفع المارِّ. 98 - باب الْقِرَاءَةِ فِى الْمَغْرِبِ 763 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ إِنَّ أُمَّ الْفَضْلِ سَمِعَتْهُ

99 - باب الجهر فى المغرب

وَهُوَ يَقْرَأُ {وَالْمُرْسَلاَتِ عُرْفًا} فَقَالَتْ يَا بُنَىَّ وَاللَّهِ لَقَدْ ذَكَّرْتَنِى بِقِرَاءَتِكَ هَذِهِ السُّورَةَ، إِنَّهَا لآخِرُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ بِهَا فِى الْمَغْرِبِ. طرفه 4429 - تحفة 18052 - 194/ 1 764 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ قَالَ لِى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مَا لَكَ تَقْرَأُ فِى الْمَغْرِبِ بِقِصَارٍ، وَقَدْ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ بِطُولِ الطُّولَيَيْنِ تحفة 3738 763 - قوله: ({وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (1)} ... إنها لآخِرُ ما سَمِعْتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلّم يَقْرَأُ بِها في المغرب). واعلم أن الاختصار في القراءة مستحبٌّ في المغرب، فحمله الطحَاويُّ على أنه قَرَأَ ببعضها ولم يقرأ بتمامها. ثم لو سُلِّم أنه قرأ بتمامها، فلا بأس أيضًا، فإن التطويلَ أيضًا جائزٌ بشرط عدم التثقيل على القوم، واشتباك النجوم، وقد مرَّ مني: «أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم خَرَج في مرضه في المغرب أيضًا»، وهو صريحٌ عند النَّسائي. وأوَّله الحافظُ رحمه الله تعالى: أنه خرج من ناحية بيته إلى ناحيةٍ أخرى. ثم إن أبا داود قال: إن تطويلَ القراءة في المغرب منسوخٌ، مع أنك قد عَلِمْتَ أن قِراءته ب: «المرسلات» كان في مرض الموت، فكيف يمكن القولُ بالنسخ إن لم يُحْمَل نسخه على ما قاله الطَّحَاويُّ، وإذا قال الطحاويُّ: إن رفعَ اليدين منسوخٌ، جَلَبُوا عليه من كل جانبٍ، مع أنه يتكلَّم ممن اختار الوُجُوبَ، ونسخُ الوُجُوب لا يُوجِبُ نسخَ الجواز، على أن النسخَ عنده ليس بمعنى رفع المشروعية، بل إذا جاء أمرٌ، ثم ثَبَتَ عنه بخلافه، يُطْلِقُ عليه النسخَ كما عَلِمْت منَّا مرارًا. واعلم أن في إسناد هذا الحديث: مروان، وفي نفسي منه شيء، فإنه صار سببًا لإثارة فتنة شهادة عثمان وطَلْحَة رضي الله عنهما، وهو الذي كَتَبَ لمحمد بن أبي بكر: أقتلوه مكان فاقبلوه، كما مرَّ. ومع هذا كان صادق اللهجة غير كذوبٍ، فتُعْتَبَرُ روايته. قال المُقْبَلي - وهو زيدي - إن البخاري لفرط تعصُّبه من الحنفية يأخذ الروايات من الرجال المجهولين، ولا يأخذها من نحو محمد رحمه الله تعالى، وهذا الزيديّ لمّا اشتغل بالحديث فَتَر في زيديته. 99 - باب الْجَهْرِ فِى الْمَغْرِبِ 765 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَرَأَ فِى الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ. أطرافه 3050، 4023، 4854 - تحفة 3189 765 - (قوله): (عن محمد بن جُبَيْر بن مُطْعِم عن أبيه ... ) إلخ، وكان جاء لافتكاك أُسَراء بدر، وسَمِعَ هذا الحديث، ثم أَسْلَم بَعْدُ، كما في «معاني الآثار» مفصَّلا (¬1)، وللمحدِّثين نزاعٌ في أنه هل يُعْتَبَرُ بسماع الكافر أو لا؟ ¬

_ (¬1) أخرج الطَّحاويُّ في باب القراءة في صلاة المغرب، عن جُبير بن مُطْعِم: "أنه أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في بدر قال: فانتهيت إليه وهو يُصَلِّي المغربَ، فقرأ بالطور، فكأنما صَدَع قلبي حين سَمعْتُ القرآن -وذلك قبل أن يُسْلِم-. اهـ.

100 - باب الجهر فى العشاء

100 - باب الْجَهْرِ فِى الْعِشَاءِ 766 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بَكْرٍ عَنْ أَبِى رَافِعٍ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ أَبِى هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ فَقَرَأَ (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) فَسَجَدَ فَقُلْتُ لَهُ قَالَ سَجَدْتُ خَلْفَ أَبِى الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ. أطرافه 768، 1074، 1078 - تحفة 14649 767 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىٍّ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ فِى سَفَرٍ فَقَرَأَ فِى الْعِشَاءِ فِى إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ. أطرافه 769، 4952، 7546 - تحفة 1791 101 - باب الْقِرَاءَةِ فِى الْعِشَاءِ بِالسَّجْدَةِ 768 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنِى التَّيْمِىُّ عَنْ بَكْرٍ عَنْ أَبِى رَافِعٍ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ أَبِى هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ فَقَرَأَ (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) فَسَجَدَ فَقُلْتُ مَا هَذِهِ قَالَ سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِى الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ. أطرافه 766، 1074، 1078 - تحفة 14649 وهو سنةٌ عند الجمهور، وواجبٌ عندنا، ولا دليلَ له عندي. 766 - (قوله): (فَسَجَدَ)، قد تَفْسُد بها الصلاة عندنا في السِّرِّيَّة، وهو مُشْكِلٌ، فإِن السجدة من جنس أفعال الصلاة، فينبغي أن لا تَفْسُد بها الصلاة كالأذكار في غير موضعها، مع كونها غير مشروعةٍ. 767 - قوله: (فَقَرَأ في العِشَاء في إحدى الرَّكْعَتَيْنِ)، وقال الحافظُ رحمه الله تعالى: وَقَرَأَ في الثانية: {إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ} [القدر: 1]. 102 - باب الْقِرَاءَةِ فِى الْعِشَاءِ 769 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ سَمِعَ الْبَرَاءَ رضى الله عنه قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} فِى الْعِشَاءِ، وَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ صَوْتًا مِنْهُ أَوْ قِرَاءَةً. أطرافه 767، 4952، 7546 - تحفة 1791 103 - باب يُطَوِّلُ فِى الأُولَيَيْنِ وَيَحْذِفُ فِى الأُخْرَيَيْنِ 770 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى عَوْنٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ عُمَرُ لِسَعْدٍ لَقَدْ شَكَوْكَ فِى كُلِّ شَىْءٍ حَتَّى الصَّلاَةِ. قَالَ أَمَّا أَنَا فَأَمُدُّ فِى الأُولَيَيْنِ، وَأَحْذِفُ فِى الأُخْرَيَيْنِ، وَلاَ آلُو مَا اقْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ صَدَقْتَ، ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ، أَوْ ظَنِّى بِكَ. طرفاه 755، 758 - تحفة 3847 - 195/ 1

104 - باب القراءة فى الفجر

104 - باب الْقِرَاءَةِ فِى الْفَجْرِ وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ قَرَأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالطُّورِ. 771 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ سَلاَمَةَ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِى عَلَى أَبِى بَرْزَةَ الأَسْلَمِىِّ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَوَاتِ فَقَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الظُّهْرَ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ، وَالْعَصْرَ وَيَرْجِعُ الرَّجُلُ إِلَى أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِى الْمَغْرِبِ، وَلاَ يُبَالِى بِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَلاَ يُحِبُّ النَّوْمَ قَبْلَهَا، وَلاَ الْحَدِيثَ بَعْدَهَا، وَيُصَلِّى الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ الرَّجُلُ فَيَعْرِفُ جَلِيسَهُ، وَكَانَ يَقْرَأُ فِى الرَّكْعَتَيْنِ أَوْ إِحْدَاهُمَا مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ. أطرافه 541، 547، 568، 599 - تحفة 11605 772 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ فِى كُلِّ صَلاَةٍ يُقْرَأُ، فَمَا أَسْمَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَسْمَعْنَاكُمْ، وَمَا أَخْفَى عَنَّا أَخْفَيْنَا عَنْكُمْ، وَإِنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ أَجْزَأَتْ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ. تحفة 14190 قوله: (قالت أُمَّ سَلَمَة) إلخ، وهذا في حُجَّة الوداع. 772 - قوله: (في كلِّ صلاةٍ يُقْرَأُ) أتردَّدُ في رفعه (¬1) ووقفه، وأمَّا قوله: (وإن لم تَزِدْ على أُمِّ القرآن)، فمن قول أبي هُرَيْرة رضي الله عنه، وهذا يَدُلُّ على استحباب السورة عنده، ثم تبيَّن لي أن أبا هريرة رضي الله عنه إنما قاله في حقِّ المسبوق، لِمَا عند مالك: «من فاتته الفاتحة، فقد فاته خيرٌ كثيرٌ» (¬2). 105 - باب الْجَهْرِ بِقِرَاءَةِ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ طُفْتُ وَرَاءَ النَّاسِ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى وَيَقْرَأُ بِالطُّورِ. قوله: (وقالت أَمُّ سَلَمَة رضي الله عنها: طُفْتُ وراءَ النَّاس ... ) إلخ، وقد مرَّ أنه كان في حَجَّة الوداع، وكانت أُمُّ سَلَمة رضي الله عنها شاكيةً، فَطَافَتْ من وراء الناس والنبيُّ صلى الله عليه وسلّم يُصَلِّي صلاة الفجر يَقْرَأ بالطور يَجْهَرُ بها. 773 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ انْطَلَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ، ¬

_ (¬1) وفي تذكرة عندي: الجزم برفعه. (¬2) يقول العبد الضعيف: هكذا وجدته في تذكرتي عن الشيخ إلا أني فهمت مراده وظاهره لا يعلق بالقلب ولعله سقط منه شيء، فانخزم المراد.

فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ. فَقَالُوا مَا لَكُمْ فَقَالُوا حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ. قَالُوا مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلاَّ شَىْءٌ حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِى حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ بِنَخْلَةَ، عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَهْوَ يُصَلِّى بِأَصْحَابِهِ صَلاَةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ فَقَالُوا هَذَا وَاللَّهِ الَّذِى حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ. فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ وَقَالُوا يَا قَوْمَنَا {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2)} [الجن: 1 - 2] فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ} [الجن: 1] وَإِنَّمَا أُوحِىَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ. طرفه 4921 - تحفة 5452 - 196/ 1 773 - قوله: (عَامِدين إلى سُوق عُكَاظٍ)، واتفقوا على أنه قبل الإسراء حين كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يَذْهَبُ إليهم لتبليغ الإِسلامِ. قوله: (وأُرْسِلَتْ عليهم الشُّهُب)، واستشكل الحديث، فإنه يَدُلُّ على أن الحَيْلُولة وإرسال الشهب بَدَأَ من زمن نبوته صلى الله عليه وسلّم مع أن إرسال الشُّهُبِ من بَدْءِ الزمان، والجواب كما في الهامش عن الكِرْمَاني إنها وإن كانت من قبل أيضًا، إلا أَنه غَلُظَ أمرها في زمنه صلى الله عليه وسلّم وههنا إشكالٌ آخر: وهو أنه يُعْلَمُ من سِيَاق القصة أن إرسال الشُّهُب وضربهم في مشارق الأرض، كانا في زمانٍ واحدٍ، مع أن ضَرْبهم في الأرض حالُهم في أوائل نبوته، وإرسال الشُّهُب فيما بعدها بكثير (¬1). بقي أن هذه الشُّهُب هي النجوم بعينها، أو شيءٌ آخر؟ فالتحقيق أنها هي النجوم بعينها، لا كما في هيئة بطليموس، فإنه ثَبَتَ اليوم الخرق والالتئام في الأجسام الأثيرية، وشُوهِدَت في الشمس مشاعيل وغُبْشَات، ثم الشياطين: أُطْلِقَ عامةً على الجن. وفي كُتُب السير: إن هؤلاء الجن كانوا من نَصِيبِين، وهو قريبٌ من الموصل، وبقربه بابل. قيل: إن قصة هاروت وماروت كانت في زمن إدريس عليه السلام، وهناك بُعِثَ نوح، وبعده إبراهيم عليهما الصلاة والسلام، ولعلَّ جِنَّ نَصِيبينِ جاؤا لهذه السلسلة. قوله: (توجَّهُوا ... ) إلخ، ولعلَّهم لمَّا رأوا الشُّهُب تَطَلَّبوا أمرها، فإذا لم يتحقَّق عندهم أمرٌ قَعَدُوا قانطين؛ ثم اتفق أنهم رَأْوْه يُصَلِّي فيما بعده بكثير. قوله: (بنخلة) موضع عند الطائف، وهي غير بطن النَّخْلة. ¬

_ (¬1) يقول العبدُ الضعيفُ: والذي يَحْضُرُني الآن في جوابه عن الشيخ رحمه الله: إن في لفظ الحديث تقديمًا وتأخرًا، ولم أجد له في تذكرتي جوابًا، وما كان فيه لم أفهم مراده لعدم تمكُّن الضبط التام، وبالجملة كانت التذكرة مشكوكةً من هذا الموضع جدًا.

106 - باب الجمع بين السورتين فى الركعة، والقراءة بالخواتيم، وبسورة قبل سورة، وبأول سورة

قوله: (وهو يُصَلِّي بأصحابه صلاةَ الفجر) وثَبَتَ فيها الجهرُ والجماعةُ والقراءةُ، وهي شاكلةُ الفريضة، فلا دليل على كونها نفلا قبل الإسراء. قوله: (وإنما أُوحِي إليه قولُ الجِنِّ)، قال ابن عباس رضي الله عنه: إن شهودَ الجِنِّ واستماعهم لقراءته، كلُّه كان بخبر الوحي، ولم يَطَّلِع عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم حين قالوا ذلك. وعند مسلم، في باب سجدة التلاوة، عن ابن مسعود رضي الله عنه: «أنه آذنته الشجرة بتلك القصة». وهو في البخاري أيضًا في التفسير. واعتمد المفسِّرون على قول ابن مسعود رضي الله عنه، لأنه أكبرُ سنًا منه، ولعلَّ ابن عباس رضي الله عنه لم يكن وُلِدَ بَعْدُ. ثم في إسناد مسلم: مَعْن، وهو ابن أخٍ لابن مَسعود رضي الله عنه، وكان ابنه القاسم كثيرُ الملازمة لأبي حنيفة رحمه الله تعالى، فاقْدِر قَدْرَ الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى، حيث يتعلَّمُ منه الدينَ ذريةُ ابن مسعود رضي الله عنه. 774 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَرَأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا أُمِرَ، وَسَكَتَ فِيمَا أُمِرَ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] و {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]. تحفة 6004 774 - قوله: (وسَكَت فيما أُمِرَ ... ) الخ، أي من السورة، ويَحْمِلُه البخاري على السِّرِّيَّة، إلا أنه يُرْوَى عنه عند الطحاويِّ بأَسنادٍ جيدٍ: إني قد عَلِمْتُ الدينَ كلَّه، إلا أني لم أتحقَّق القراءةَ في السرية، ولا أدري ماذا مراده، فإِنه يُرْوَى عنه القراءة أيضًا. واضْطَرَب الحافظُ رحمه الله تعالى هناك، واستشعر أنه تَنْهَدِمُ منه ركنية الفاتحة. قلت: ولا تمسُّك فيه للحنفي، فإنه يُخَالف الوجوبَ أيضًا. قوله: (وما كَان ربُّك نَسِيًّا)، وشرحه في القاموس بما لا يوجد في شروح الحديث، فراجعه. قوله: (أُسْوَةٌ): صفةٌ مُشَبَّهةٌ كالقدوة، وجِيئَت بصلة «في» للتجريد، ولو كان مصدرًا لما كان مناسبًا. 106 - باب الْجَمْعِ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فِى الرَّكْعَةِ، وَالْقِرَاءَةِ بِالْخَوَاتِيمِ، وَبِسُورَةٍ قَبْلَ سُورَةٍ، وَبِأَوَّلِ سُورَةٍ وَيُذْكَرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَرَأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُؤْمِنُونَ فِى الصُّبْحِ حَتَّى إِذَا جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى وَهَارُونَ أَوْ ذِكْرُ عِيسَى، أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ. وَقَرَأَ عُمَرُ فِى الرَّكْعَةِ الأُولَى بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ آيَةً مِنَ الْبَقَرَةِ، وَفِى الثَّانِيَةِ بِسُورَةٍ مِنَ الْمَثَانِى. وَقَرَأَ الأَحْنَفُ بِالْكَهْفِ فِى الأُولَى، وَفِى الثَّانِيَةِ بِيُوسُفَ أَوْ يُونُسَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ عُمَرَ - رضى الله عنه - الصُّبْحَ بِهِمَا. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِأَرْبَعِينَ آيَةً مِنَ الأَنْفَالِ، وَفِى الثَّانِيَةِ بِسُورَةٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ. وَقَالَ

قَتَادَةُ فِيمَنْ يَقْرَأُ سُورَةً وَاحِدَةً فِى رَكْعَتَيْنِ أَوْ يُرَدِّدُ سُورَةً وَاحِدَةً فِى رَكْعَتَيْنِ كُلٌّ كِتَابُ اللَّهِ. وهو جائزٌ عند الطَّحَاويِّ، وكَرِهَه في «الكبيري» في بعض الصور. قوله: (القراءة بالخَوَاتِيم)، والمستحبُّ عندنا: أن يقرأ في ركعة بسورة بتمامها. قوله: (وبسُورَةٍ قبل سُورَةٍ)، كَرِهَها ابن نُجَيْم، وقال: إن رعايةَ الترتيب من واجبات القراءة دون الصلاة، فلا تَلْزَم سجدة السهو بتركها، وذلك لأن الترتيبَ حادِثٌ بعد جمع القرآن، والرواياتُ التي تَدُلُّ على خلافه كلُّها قبل جمع القرآن، فلا تكون حُجَّةً علينا. ثم جاء الملا نظام الدين وحسَّن كلامه. ثم استدلّ صاحب «البحر» على الفرق بين التطوُّع والفريضة، حيث لا يكره اختلال الترتيب في النافلة: بأنَّ كلَّ ركعةٍ من النفل صلاةٌ برأسها. أقولُ: إن المشهورَ أن ترتيبَ الآيات توفيقيٌّ، وإِمَّا ترتيبَ السور فاجتهاديٌّ، وقيل: توفيقيٌّ أيضًا، غير الأنفال والتوبة، وهو المختار عندي، ولكنه لمَّا لم يَبْلُغ عند الصحابة رضي الله عنهم إلى حدِّ الوجوب، وبقي من باب المحسَّنات، ظنَّ أنه كان عندهم اجتهاديٌّ. 774 م - وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِى مَسْجِدِ قُبَاءٍ، وَكَانَ كُلَّمَا افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ بِهَا لَهُمْ فِى الصَّلاَةِ مِمَّا يَقْرَأُ بِهِ افْتَتَحَ بِـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا، ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةً أُخْرَى مَعَهَا، وَكَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِى كُلِّ رَكْعَةٍ، فَكَلَّمَهُ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا إِنَّكَ تَفْتَتِحُ بِهَذِهِ السُّورَةِ، ثُمَّ لاَ تَرَى أَنَّهَا تُجْزِئُكَ حَتَّى تَقْرَأَ بِأُخْرَى، فَإِمَّا أَنْ تَقْرَأَ بِهَا وَإِمَّا أَنْ تَدَعَهَا وَتَقْرَأَ بِأُخْرَى. فَقَالَ مَا أَنَا بِتَارِكِهَا، إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ أَؤُمَّكُمْ بِذَلِكَ فَعَلْتُ، وَإِنْ كَرِهْتُمْ تَرَكْتُكُمْ. وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْ أَفْضَلِهِمْ، وَكَرِهُوا أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ، فَلَمَّا أَتَاهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ فَقَالَ «يَا فُلاَنُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَفْعَلَ مَا يَأْمُرُكَ بِهِ أَصْحَابُكَ وَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ السُّورَةِ فِى كُلِّ رَكْعَةٍ». فَقَالَ إِنِّى أُحِبُّهَا. فَقَالَ «حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ». تحفة 457 - 197/ 1 774 م - قوله: (وقال عُبَيْد الله)، وقد وصله الترمذيُّ. قوله: (رجلٌ من الأنصار)، وهو اسمه: كلثوم بن هِدْم، متقدِّم الإِسلام، وكان إمامُ قومه. قوله: (كلما افتتح ... ) إلخ، وظاهره تركُ الفاتحة أيضًا، وتمسَّك منه العَيْني رحمه الله تعالى لمذهب الحنفية. قلتُ: والذي يُظَنُّ به: أنه كان يَقْرَأُ الفاتحةَ وسورةَ الإخلاص على التعيين، وسورةً أخرى أيضًا لا على التعيين، وإلا فالحديثُ لا يَسْتَقِيمُ على مذهب الحنفية، فإنه يَلْزَمُ عليهم أيضًا تركُ الواجب. بقي لفظ: «الافتتاح»، ففيه وَسْعَة، خُذْه بأي اعتبارٍ شِئْتَ. قوله: (لا تَرَى أنها تُجْزِئُك)، يُشِيرُ إلى وجوب ضمِّ السورة.

تحقيق لفظ الإجزاء والصحة

تحقيقُ لفظِ الإجزاءِ والصِّحَّة (¬1) واعلم أن هذين اللفظين ممَّا يَكْثُر وقوعهما في كثيرٍ من عبارات فقهائنا مع اشتمال المقام على الكراهة، فيقولون: صَحَّت الصلاة وأجزأت، مع أنها تكون مكروهةً عندهم. وهذان اللفظان يُشِيرَان إلى انتفاء الكراهة، فَيَزْعُمُ الخصومُ أنها غير مكروهةٍ عندنا، ثم يُورِدُون علينا ويردُّون علينا. ولو وَضَعَ الفقهاءُ مقامهما لفظًا آخر، لم تَرِدْ علينا تلك الإيرادات، ولم يَسْتَوْحِشْ منه الخصوم. والآن أريدُ أن أُلقيَ عليك حقيقة هذين اللفظين. فاعلم أن قولَ الفقهاء: «صحَّ» ليس مأخذوًا من قولهم: «صحَّ المريض» ليدُلَّ على الصحة باعتبار الأوصاف، بل بحَسَب الأجزاء فقط. قالوا: «إنها صَحَّت»: أرادوا بها تَمَامِيَة الأجزاء، وإن اشتملت على نقصان في أوصافها. واللفظ يكون موضوعًا لمعنىً في اللغة، ثم يَنْسَلِخُ عنه في العُرْف، والبُلَغَاء يستعملونه بالنظر إلى الاستعمال الأول، فيضْطَرِبُ فيه العوام لذهولهم عن استعماله الأول، وشيوعه في غيره عندهم. ولا يُقَالُ له: تعدُّد المعاني، بل: تعدُّد موارد الاستعمال، كما مرَّ منا في لفظ المسح والنَّضْح. فالمسحُ في حق الأَرْجُل: بالإِسالة، وفي الرأس: بإِمرار اليد المبتلَّة. وكذلك نَضْحُ البحر يكون بالأمواج، ونَضْحُ النواضح بحملها ماءً كثيرًا، ونَضْحُ الإنسان بالرشِّ. فهل تَرَاه أنه اختلفت معانيه؟ كلا، بل هو لفظٌ واحدٌ لمعنىً واحدٍ، وإنما اختلف بحَسَبِ اختلاف الموارد. أَلا تَرَى أن الرشَّ في البحر لا يكون إلا بقدر عِظَمِهِ، وهو بالأمواج، وكذلك في النواضح. فهو في جميع المواضع بمعنى الرَّشِّ، إلا أن الرشَّ والرشَّ مختلفٌ، ومن هذا التحقيق اندفعت اعتراضات الخصوم بأسرها، ومع ذلك ول تَرَكَها الفقهاءُ لكان أحسن، فإِنه وإن صَحَّ باعتبار الأصل، إلا أنه يُوقِعُ الناس في الغلط وترجمته صحَّ عندي بالفارسية (شد) لا (درست شد) وكذلك ترجمة أجزاء (روان شد) وبالأردوية (كجهـ هو كيايا جل كيا). قوله: (حُبُّك إيَّاها ... ) إلخ، وقد مرَّ أنه تصويبٌ للنية دون العمل، مع أنه سَبَقَ منه الاعتراض عليه أيضًا، حيث قال: «ما يَمْنَعُك أن تفعلَ ما يأمرك به أصحابُك»، وفيه: أن الأحسنَ أن لا يُعَيِّن سورةً من القرآن لشيءٍ من الصلوات، كما في «الكنز». واستثنى منه ابن نُجَيْم التقيد بالسور التي ثَبَتَت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فالتعيينُ بقدره يجُوزُ. ¬

_ (¬1) وقد عاد الشيخُ إلى تحقيق هذين اللفظين في موضعٍ آخر أحسن منه وأبسط، فراجع الفهرس - وقد حقَّق: أن قولَهم صَحَّ مأخوذٌ من الدرهم الصحيح، فإن الدراهم في القديم كانت صحيحةً ومكسورةً وحينئذٍ فالصِّحَّةُ تَرْجِعُ إلى نفس الذات، ولا تتعرَّض إلى الأوصاف. ثم وَجَدْتُ عند الخَطَّابي بعض ما قاله. قال في "معالمه" من باب كسر الدراهم: وبلغني عن أبي العباس بن شُرَيْح أنه قال: كانوا يُقْرِضُون الدراهم ويأخذون أطرافها، فنَهُوا عنه. ونُقِلَ عن أبي داود: أنه سأل أحمد بن حنبل أو سأل حضري سائل ومعي درهم صحيح، فقلت: اكْسِرْه له؟ قال: لا وزَعَمَ بعضُ أهل العلم أنه كرِهَ قطعها وكسرها من أجل التدنيق. وقال الحسن: لعن الله الدَّانِق وأول من أحدث الدانق. اهـ.

107 - باب يقرأ فى الأخريين بفاتحة الكتاب

775 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ قَرَأْتُ الْمُفَصَّلَ اللَّيْلَةَ فِى رَكْعَةٍ. فَقَالَ هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ لَقَدْ عَرَفْتُ النَّظَائِرَ الَّتِى كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرِنُ بَيْنَهُنَّ فَذَكَرَ عِشْرِينَ سُورَةً مِنَ الْمُفَصَّلِ سُورَتَيْنِ فِى كُلِّ رَكْعَةٍ. طرفاه 4996، 5043 - تحفة 9288 قوله: (شُعْبَة): وهو واسطي، وعلمه من أهل الكوفة، وكذلك شيخه عمرو بن مُرَّة، وهكذا إسناد ابن مسعود رضي الله عنه كلُّه من أهل الكوفة. قوله: (هذًّا كَهَذِّ الشَّعْر)، ولعلَّهم إذا لم يَتَغَنُّوا هذُّوا به، والمراد منه القراءة بالسرعة. ولعلَّ التشبيه بهذِّ الشَّعْر باعتبار هَذِّهم عند الحفظ، وإلا فهم كانوا يَنْشِدُون الأشعار بتمطيطٍ وتطويلٍ، لا بالسرعة. قوله: (النظائر)، وفي بعض النُّسُخ: «القرائن»، وكنت أراه بمعنى المتناسبة فقط. ثم رأيتُ في القاموس أن القَرينين يقال للبَعِيريْن كانوا يَشُدُّونهما في حبلٍ بشجرةٍ: واحدًا في هذا الطرف، والآخر في ذلك الطرف. ولعلَّهم كانوا يَشُدُّونهما لمناسبةٍ في طبعهما ليستأنسا بهذا الطريق، فلا يفترقا. ويُقَال لهما: القرينان، ويُقَال لهذا الحبل الذي يُقْرَنُ به البعير القَرْن، فحينئذ ذُقْتُ حلاوة هذا اللفظ، فإنه يَدُلُّ على التناسُبِ الشديدِ بين هاتين السورتين، لا على المناسبة في الجملة، فكانت هَاتِيكَ النظائر متناسبة بحيث لا يمكن افتراقها كالقرينين من البعير. قوله: (فَذَكَرَ عِشْرِين سُورَةً)، واستدلَّ منه الكِرْمَاني الشافعي على أن الوترَ ركعةٌ، لأن المعروفَ في عدد ركعاته صلى الله عليه وسلّم إحدى عشرة، فإِذا صارت عشرون سورةً لعشر ركعاتٍ، سورتان في كل ركعةٍ، لَزِمَ أن يكون الوترُ ركعةً، تمامًا لإحدى عشرة. قلتُ: لِمَ لا يجوز أن تكونَ صلاتُه ثلاث عشرة ركعة؟ فصارت عشرون سورةً لعشر ركعاتٍ، وبقيت الثلاث للوتر. كيف، وقد عدَّ أُبَيُّ بن كعب رضي الله عنه تلك السور مفصَّلة، كما هو عند أبي داود (¬1). 107 - باب يَقْرَأُ فِى الأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ 776 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقْرَأُ فِى الظُّهْرِ فِى الأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ، وَفِى الرَّكْعَتَيْنِ الأُخْرَيَيْنِ بِأُمِّ الْكِتَابِ، وَيُسْمِعُنَا الآيَةَ، وَيُطَوِّلُ فِى الرَّكْعَةِ الأُولَى مَا لاَ يُطَوِّلُ فِى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَهَكَذَا فِى الْعَصْرِ وَهَكَذَا فِى الصُّبْحِ. أطرافه 759، 762، 778، 779 - تحفة 12108 ¬

_ (¬1) أخرج أبو داود في باب: ما يقرأ في الوتر عن أُبَيِّ بن كعب قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُوتِرُ بـ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)}، و: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)}، و {اللَّهُ الصَّمَدُ} - المراد منه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وقد وَرَدَ في غير واحدٍ من الروايات: "أنها كانت في ثلاث ركعات"، فدلَّ على أن الوترَ عند أُبيِّ بن كعب ثلاث ركعات، وإذن لا تكون صلاة الليل إلا ثلات عشرة ركعةً، وذلك ما أردناه.

108 - باب من خافت القراءة فى الظهر والعصر

وفيه ثلاثةُ أقوالٍ عندنا: قيل: إن ضَمَّ لسورة يُوجِبُ سجدة السهو، وقيل: لا يُوجِب بل يُكْرَه، وقيل: لا يُسَنُّ ولا يُكْرَه، وهو قول فخر الإسلام، هو المختار عندي. 108 - باب مَنْ خَافَتَ الْقِرَاءَةَ فِى الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ 777 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ قُلْتُ لِخَبَّابٍ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِى الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَالَ نَعَمْ. قُلْنَا مِنْ أَيْنَ عَلِمْتَ قَالَ بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ. أطرافه 746، 760، 761 - تحفة 3517 109 - باب إِذَا أَسْمَعَ الإِمَامُ الآيَةَ 778 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ مَعَهَا فِى الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنْ صَلاَةِ الظُّهْرِ وَصَلاَةِ الْعَصْرِ، وَيُسْمِعُنَا الآيَةَ أَحْيَانًا، وَكَانَ يُطِيلُ فِى الرَّكْعَةِ الأُولَى. أطرافه 759، 762، 776، 779 - تحفة 12108 - 198/ 1 110 - باب يُطَوِّلُ فِى الرَّكْعَةِ الأُولَى 779 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُطَوِّلُ فِى الرَّكْعَةِ الأُولَى مِنْ صَلاَةِ الظُّهْرِ، وَيُقَصِّرُ فِى الثَّانِيَةِ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِى صَلاَةِ الصُّبْحِ. أطرافه 759، 762، 776، 778 - تحفة 12108 وفي إسناده أبو نُعَيْم: وهو ابن دُكَيْن، وله قصة: وهي أن أحمد بن حنبل وابن معين رحلا إلى عبد الرزَّاق في اليمن ليأخذا منه الأحاديث، فتبعهما رجلٌ كان أدون منهما، فلمَّا رَجَعَا عنه، قال ابن معين: أريد أن أَحْضُرَ أبا نُعَيْمٍ فأجرِّب حفظه، هل تغيَّر أو لا؟ وقد كانا أخذا منه أحاديث قبل ذلك، فجمع ابن معين ثلاثين حديثًا من أحاديثه، وأَدْخَلَ بعد كل عشرٍ منها حديثًا من غيره لم يُحَدِّث به أبو نُعَيْم، لينظر أنه هل يعرف حديثه من غيره أو لا؟ فقال له أحمد ابن حنبل رحمه الله تعالى لا تَخْتَبِرْه، فإنه على حفظه، فأبى ابن معين إلا أن يفعله، حتى جعل يُلْقِي عليه حديثًا حديثًا، فكلما يَبْلُغُ إلى العاشرة، يقول أبو نُعَيْم: ليس هذا من حديثي. فلمَّا بَلَغَ الموضع الثالث، عرف أبو نُعَيْم أنه اختبره، فقال لأحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: أما هذا فأورع من ذلك، وللذي تبعهما: أمَّا هذا فأصبر من ذلك، ولا أراك إلا أنت يا ابن معين، وضرب صدره برجله. فقال له أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى:: ألم أقل لك إنه على حفظه كما كان. ثم ابن معين كان حنفيًا كما مرَّ، ومن مقالته: إنا نتكلَّم في رجالٍ قد ضربوا الأخبية في الجنة قبلنا بمئتين، ولمَّا بَلَغَتْ أبا حاتم مقولتُه هذه، أطبق الكتاب، وما زال يبكي في مجلسه، ثم قال: وما بنا في الكلام عليهم من حاجة إلا دَعَتْنَا ضرورةٌ، فنتكلَّم عليهم لهذه.

111 - باب جهر الإمام بالتأمين

111 - باب جَهْرِ الإِمَامِ بِالتَّأْمِينِ وَقَالَ عَطَاءٌ آمِينَ دُعَاءٌ. أَمَّنَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَمَنْ وَرَاءَهُ حَتَّى إِنَّ لِلْمَسْجِدِ لَلَجَّةً. وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُنَادِى الإِمَامَ لاَ تَفُتْنِى بِآمِينَ. وَقَالَ نَافِعٌ كَانَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يَدَعُهُ وَيَحُضُّهُمْ، وَسَمِعْتُ مِنْهُ فِى ذَلِكَ خَيْرًا. 780 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «آمِينَ». طرفه 6402 - تحفة 13230، 15242 112 - باب فَضْلِ التَّأْمِينِ 781 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ آمِينَ. وَقَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ فِى السَّمَاءِ آمِينَ. فَوَافَقَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». تحفة 13826 113 - باب جَهْرِ الْمَأْمُومِ بِالتَّأْمِينِ 782 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قَالَ الإِمَامُ (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) فَقُولُوا آمِينَ. فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَنُعَيْمٌ الْمُجْمِرُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه. طرفه 4475 تحفة 12576، 15125، 14644 اختار المصنِّف رحمه الله تعالى القولَ القديمَ للشافعيِّ رحمه الله تعالى، مع أن الأقربَ إلى الحديث هو الجديدُ. قوله: (قال عطاءٌ: آمِينَ دُعَاءٌ). بقي أن سنةَ الدعاء هي الجهر والإخفاء، فالذي يَظْهَرُ أن الأصلَ الإخفاءُ، وثَبَتَ الجهرُ. بالعوارض أيضًا، ولا يَصِحُّ التمسُّك من النص على خلاف الجهر إلا بعد ثبوت سنة الإسرار من الحديث، كما سيجيء منا الإِشارةُ إليه. قوله: (وأَمَّنَ ابن الزُّبَيْر)، ولعلَّه حين كان يَقْنُتُ في الفجر على عبد الملك، وكان هو يَقْنُتُ على ابن الزُّبَيْر رضي الله عنه، وفي مثل هذه الأيام تجري المبالغات أيضًا. قوله: (وكان أبو هُرَيْرَة رضي الله عنه ... ) إلخ. وهذا حين كان مؤذِّنًا في البحرين، فانظر أن أبا هُرَيْرَة رضي الله عنه يَهْتَمُّ بالتأمين ما لا يَهْتَمُّ بالفاتحة، فأين ذهبت الفاتحة؟ وهو الذي يقوله عند مالك في «موطأ»: «لا تسبقني بآمين»، فهمُّه بالتأمين أكثر منه بالفاتحة، مع أنه لا تعلُّقَ له بالجهر.

قوله: (وقال نافع ... ) إلخ. وهذا عامٌّ لخارج الصلاة وداخلها، وقد ثَبَتَ عندنا أنه كان يقول: آمين خارج الصلاة أيضًا. واعلم أن مذهب الإمام: إخفاء التأمين للإِمام والمأموم، وهو روايةٌ عن مالك رحمه الله تعالى، ومذهبه: إخفاؤه للمأموم، وتركه للإِمام رأسًا، وهو أيضًا روايةٌ عن إمامنا. وذهب الشافعيُّ رحمه الله تعالى في القديم: إلى الجهر لهما، وفي الجديد: إلى الجهر للإِمام دون القوم. وعن أحمد رحمه الله تعالى: الجهر بالتأمين. ولكن لا أعلم ماذا تفصيله عنده. قلت: وما ظَهَرَ لي هو أنه ثَبَتَ الجهر عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم قطعًا، لكن لا على طريق السُّنية، بل للتعليم أحيانًا، أي لتعليم أنه ما يقرأ. نبَّه عليه الجُرُجَاني في «حاشية الكَشَّاف»، ومحمد البِرْكِلي في «تفسيره»، وهو من علماء الروم، متقدِّم عن ابن الهُمَام رحمه الله تعالى. وصرَّح في «البرهان» بجوازه، وهو الذي قال به صاحب «الهداية» في التسمية: إن الجهرَ بها كان تعليمًا، فلو أجاب بمثله في التأمين لاسترحنا. وعندي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى نصًّا أنه يجوز الجهرُ به في قنوت النازلة، فسلَّمْتُ الجواز في الصلاة أيضًا. وأكثر السلف كانوا يُسرُّون به كما في «الجوهر النقي» (¬1) عن ابن جرير الطبري (¬2) فتحصَّل: إن الجهرَ جائزٌ، والإِسرارَ به سنةٌ، وهو المختارِ عندي. ومن قال بكراهة الجهر، فقد قَصَرَ. ثم ههنا ثلاثة أحاديث: الأول: «إذا أَمَّنَ الإِمامُ، فأَمِّنُوا». والثاني: «إذا قال الإِمامُ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّآلّينَ}، فقولوا: آمين». والثالث: «إذا أمَّنَ القارىءُ، فأمِّنُوا». وتمسَّك الشافعيةُ بالأول، فإِنه صريحٌ في جهر المأموم والإِمام، فإنه أَمَرَ المأمومَ أن يُؤَمِّنَ عند تأمين الإِمام، فأوجب أن يكونَ تأمينُ الإِمام جهرًا، ليتمكَّن المقتدي أن يُؤَمِّنَ على تأمين إمامه، وإذا كان تأمينه جهرًا لهذا الحديث، فعلى شاكلته تأمين المأموم. وأجابوا عن قوله: «إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} ... » إلخ: أنه على حذف المعطوف، أي: فأَمَّنَ، وأُقِيمَ ¬

_ (¬1) قال الطبري: ورُوِيَ ذلك عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النَّخَعِيِّ والشَّعْبِيِّ، وابراهيم التَّيْمِي: كانوا يخفون بآمين. والصواب أن الخبرين بالجهر بها والمخافتة صحيحان، وعَمِلَ بكل من فِعْلَيْهِ جماعةٌ من العلماء. وإن كنتُ مختارًا خَفْض الصوت بها إذ كان أكثرُ الصحابة والتابعين على ذلك. اهـ. "الجوهر النقي" وفيه: قال الطبري في "تهذيب الآثار": أخبرنا أبو كُرَيْب: حدَّثنا أبو بكر بن عيَّاش، عن أبي سعيد، عن أبي وائل قال: "لم يكن عمر وعلي رضي الله عنهما يَجْهَرَان بـ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)}، ولا بآمين". اهـ. (¬2) واعلم أن أولَ من صنَّف في اختلاف العلماء الطحاويُّ، فذكر فيه مسائل الصحابة رضي الله عنهم والتابعين والمجتهدين، واختلافهم فيما بينهم، قال ابن نديم صاحب "كتاب الفهرس": إني وَجَدْتُ من تصنيفه هذا ثمانين جزءًا ثم صنَّف فيه ابن نَصْر، وابن مُنْذِر، ثم ابن جرير الطبري مجلدًا ضخمًا، وجزءٌ منه يوجد بأوروبا. ثم ابن عبد البَرِّ، وسبقهم الترمذي، فإنه توجَّه إليه في مواضع من "جامعه". كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز من كلام الشيخ رحمه الله تعالى -معربًا-.

المعطوف عليه مقامه، لكونه دالاًّ عليه وسببًا لعلمه، وليس بناء على الترك، بل لأن المطلوبَ في التأمين هو الموافقةُ مع الإمام. وحينئذٍ لا بُدَّ أن يُحَال تأمين المأموم على قراءة الإِمام بقوله: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} إلخ، ليصيرَ المقتدي بعد سماعه على أُهْبَةٍ من تأمينه، فيُؤَمِّنُ إذا فَرَغَ الإِمامُ من قراءته ويُؤَمِّنُ، وتتحصَّل الموافقةُ المطلوبةُ، ولو علَّق تأمينَه على تأمين الإِمام لفاتت الموافقة، فإِن تأمِينَ القوم حينئذٍ يقع بعد تأمين الإِمام لا محالة، ولا تَحْصُلُ الموافقة. فإِذن قوله: «إذا أَمَّنَ الإِمامُ فَأَمِّنُوا»: لبيان موضع الالتقاء، ولبيان الجهر بهما. وقوله: «وإذا قال الإمام {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} إلخ، لبيان موضع التأمين ولزوم الموافقة. وأما المالكية فتمسكوا من قوله: وإذا قال الإمام {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} إلخ؛ بأنه يَدُلُّ على التقسيم كقوله: «إذا قال الإِمامُّ: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد»، على ما قرَّرنا، فقلنا بالتسميع للإِمام، والتحميد للمقتدي. كذلك قال المالكية ههنا: إن الإِمام يقرأ فقط، فلا يُؤَمِّنُ، ويُؤَمِّنُ المقتدي فقط ولا يقرأ، فهو على التقسيم. قلتُ: ولعلَّهم قاسُوا التأمين في الصلاة على التأمين في الخارج، وليس في الخارج إِلا المقاسمة بين الدعاء والتأمين، فيدعو واحدٌ ويُؤَمِّنُ آخرون. فهكذا جعلوا الإِمام داعيًا، والمأمومين مُجِيبين، فلو أمَّنَ الإِمامُ أيضًا لا نقلب الموضوع، وصار الداعي مُجِيبًا، فَيَقْتَصِرُ على قوله فقط، ولا يَبْسُطُ يده إلى حقِّ غيره. وأجابوا عن الحديث: بأن معناه: إذا حملكم الإِمامُ على التأمين، بأن يقرأ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّآلّينَ}، أو: إذا بَلَغَ الإِمامُ موضِعَ التأمين، فأمِّنُوا. وليس معناه: إذا قال الإِمام: آمين، ليكون دليلا على تأمينه. وجعلوه من باب أَنْجَدَ وأَعْرَقَ أي: دخل في النجد والعراق، ولا أرى التأمين ثابتًا في اللغة بهذا المعنى، فإِن التَّعْدِية بهذا الطريق لو ثَبَتَت عندهم، لكان نادرًا جدًا، كما سيأتي في الجنائز. والحاصل: أنهم حملوا هذين الحديثين على معنين متغايرين، بحيث صار كلٌّ منهم مُسْتَدِلاًّ من أحدهما، ومُجِيبًا عن الآخر، وذلك لأنهم أشكل عندهم جمع أحد اللفظين مع الآخر، لأن اللفظَ الأول ينادي بتأمين الإِمام، واللفظ الثاني يُشِيرُ إلى تركه، فبنى كلٌّ منهم مذهبه على واحدٍ منهما، وتأوَّلَ في الآخر حسبما أدَّى إليه اجتهاده وذوقه، وللناس فيما يَعْشَقُون مذاهب. وما كَشَفَ اللَّهُ عليَّ سبحانه: أن أحد الحديثين لا يلتقي مع الآخر، وهما وَرَدَا في مَطْلَبَيْنِ. فالحديث الأول، أي: «إذا قال الإِمام {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} إلخ وَرَدَ لبيان وظيفة القوم عند فراغ الإِمام عن قراءته، وذِكْرُ فضيلة التأمين فيه استطرادٌ، وإنما أُحِيلَ فيه على قراءة الإِمام دون تأمينه لنكتة ذكرها الشافعية، وهي: تحصيل التوافق بين التأمينين، والحديث الثاني، أي: «إذا أمَّن الإِمامُ ... » إلخ سِيقَ لبيان فضيلة التأمين فقط، وتأمين الإِمام فيه تمهيدٌ لذكر تأمين المأموم، وبيانٌ لموضع تأمينه.

والدليل على ذلك: أني قد تتبعت لذلك نحوًا من مئة طريقٍ، فلم أجد حديث: «إذا أمَّنَ الإِمام ... » الخ إلا هذا القدر فقط، ولم أجده قطعةً من حديث الائتمام في شيءٍ من طُرُقه، بخلاف حديث: «إذا قال الإِمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} ... إلخ، فإِنه قطعةٌ من حديثٍ طويلٍ في الائتمام، وفيه: «وإذا قرأ، فأنصتوا» سرده الراوي تارةً بتمامه، واقتصر على قطعة منه أخرى. فهذا الحديث هو الذي يَلِيقُ أن تُنَاط به مسألة التأمين، لأنه سِيقَ لبيان صفة الصلاة بتمامها، ووظيفة الاقتداء وما عليه من جهة ائتمامه بإمامه. ومع هذا لم يَذْكُر فيه تأمين الإِمام، بل ذَكَرَ من قوله القراءةَ ب: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} فقط. فعُلِمَ أن الإِمامَ يُخْفِي به، بخلاف الحديث الثاني، فإِنه لم يجيء لهذا المعنى، والمقصود منه: بيان فضل التأمين فقط، وأَمَّا ذكر تأمين الإمام، فهو تمهيدٌ لبيان تأمين المأموم وموافقته إياه، وإذا كان الإحالة فيه على تأمين الإمام لهذا، لم تَبْقَ فيه دلالة على الجهر أصلا، وطاح ما كان يُتَبَادَرُ من قوله: «إذا أمَّنَ»: أن الإمامَ يَجْهَرُ به أيضًا، لأنه تبيَّنَ أن الإحالة على تأمينه لبيان موضع الالتقاء والتوافُق فقط، لا ليسمعه المقتدي، فَيُؤَمِّنُ عليه. نعم لو وردت الإحالةُ عليه في أحاديث الائتمام، لكان فيه بناء على الجهر، كما في قوله: «إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}» بناء على جَهْرِه بذلك، لأنه في سياق التعليم ممَّا يقوله الإِمامُ والمأمومُ، ولا يمكن امتثاله للمأموم إِلا أن يَجْهَرَ به الإِمامُ، وإِلا فكيف يَعْلَمُ موضع تأمينه، وأنه متى يُؤَمِّنُ فلو كان فيه: «وإذا أَمَّن ... » إلخ، لدلَّ على جهر التأمين، كما دلَّ على جهر القول: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} ... إلخ. وإذن ما يَصِحُّ: أن ذكر تأمين الإمام لمجرَّدِ الارتباط تأمينٌ للمقتدي - وَتَعَذُّرِ الابتداء من قوله: «فَأَمِّنُوا»، فليس المقصودُ فيه تأمين الإمام. وبعبارة أخرى: أن «إذا» في قوله: «إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} ظرفية، والترتيب لبيان جزء فجزء، أي: إن تأمين المأموم مترتِّبٌ ومسبَّبٌ عن قوله: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}، وليس تأمينهم مترتِّبًا على تأمينه، بل هما معًا. وأمَّا في قوله: «إذا أمَّنَ الإِمامُ، فأَمِّنُوا»، فإن شِئْتَ جعلتها شرطية أو ظرفية فيها تحت قوله تعالى: {إِذَا جَآء نَصْرُ اللَّهِ} وابن دقيق العيد في قوله صلى الله عليه وسلّم «إذا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا»: بأن الفاء فيه للتعقيب أو المقارنة، ونقل فيهما الخلاف بالعكس، كما نقله أبو حيَّان. وعندي أنها لا تَنْسَلِخُ عن معنى التعقيب مطلقًا، إلا أن التعقيبَ عندي أعمُّ من الذاتي والزماني، واعتبر اللُّغَوِيُّون الذاتي أيضًا، فتدخلُ بين الشرط والجزاء، والعِلَّة والمَعْلُول، والفرق بين الشرطية والظرفية قد مرَّ، فتذكَّره. فإن كان الأمر كما قرَّرت من تغايرُ، الحديثين، فالأسبقُ في الباب هم الحنفية رحمهم الله، لأنهم بنوا مذهبهم على الحديث الذي سِيقَ لذلك نصًّا، وهذا يَدُلُّ على أن الإمام لا يَجْهَرُ بالتأمين، بل وظيفته القراءة ب: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} ... إلخ. ثم يُؤَمِّنُ أيضًا، لكن لا من حيث إمامته، بل لكونه مصليًا، فَيُؤَمِّنُ لنفسه سِرًّا، كما يُؤْمِّنُونَ لأنفسهم سِرًّا. ومن ههنا تبيَّن أن تأمينه لمَّا لم يكن من جهة الإمامة، بل من جهة لُحُوقه معهم وانفراده في نفسه، لم يَنْقَلِبْ

الموضوع. فللإمام وظيفتان: وظيفةٌ من جهة إمامته، ووظيفةٌ من تلقاء كونه مصليًا. ويؤيِّدُ ذلك ما أخرجه النَّسائي في هذا الحديث: «فإِن الإمام يقولها»، فنبَّه على ثبوت تأمين الإمام على خلاف ما قال به المالكيةُ. ودلَّ على إسراره على خلاف ما قاله الشافعيةُ، لأن الإمامَ لو كان يَجْهَرُ بها، لَمَا كان للتنبيه على تأمينه معنىً، فإنه يسمعه كلُّ واحدٍ. ففي قوله: «فإن الإمامَ يقولها» تنبيهٌ على أن تأمينَه يكون سِرًّا، بحيث لو لم ينبِّه عليه لَمَا عَلِمَه المقتدون. ثم إنه ليس في ذخيرة الحديث ما يَدُلُّ على أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أمر المأمومين أن يَجْهَرُوا بها، بل من جَهَرَ منهم جَهَرَ برأيه. نعم في حديث وائل: أنهم جَهَرُوا بها، مع اختلاف فيه بين سُفْيَان وشُعْبَة. وأمَّا ما أعَلَّ به البخاريُّ حديث شُعْبَة، فقد أجابوا عنه بالنقولِ الصريحةِ، ويَظْهَرُ من «مسند أحمد» أنه توقَّف فيه، وهو الاعتدال. ومن العجائب أن هذه السنة مما تَعُمُّ به البَلْوَى، ثم لم تَصِلْ مرفوعةً إلى الحجازيين إلا من طريق وائل وعِدَادِه من أهل الكوفة. قال الدَّارقُطْني: قال أبو بكر: هذه سنةٌ تفرّد به أهلُ الكوفة. اهـ. ثم إن سلَّمنا أن اللفظ كما قال به شُعْبَة، فلا يزيدُ على كونه واقعةٌ وليس ضابطةً كُلِّيةً، ولا نُنْكِر ثبوت نفس الجهر بها ولو مرارًا، وهو جائزٌ عندنا أيضًا بدون كراهة. وإنما الكلام في السنية، ولا تَثْبُت إلا بالأمر من جهة الشارع واستمراره عليه، وليس بثابتٍ، ولن يَثْبُت إن شاء الله تعالى. وبالجملة إذا لم يأتِ فيه شيءٌ من المرفوع، وهدى القرآن إلى سُنَّة الدعاء، فوضعناها على الرأس والعين، وَعَمِلْنَا بها. قال تعالى: {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55] وقال تعالى: {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً} [الأعراف: 205]، فهذه سنة الدعاء، عَلِمْنَاها من القرآن، وتعلَّمناها منه، فلو عَلِمْنَا من حديثٍ مرفوع أنه أمر المقتدين بالجهر، أو استمرَّ عليه، لاتَّخَذْنَاه سنةً، ولرجَّحنا الخصوصَ على العموم، ولكن لَمَّا لم يُنْقَلْ فيه إلينا شيءٌ من المرفوع، إلا ما نُقِلَ عن أهل الكوفة، وهو واقعةٌ، عَملْنا بالعموم الواردة فيه. فإن قلتَ: إن قوله: «إِذا أَمَّنَ الإمامُ أفاد الجهرَ إفادة قوله: «فأمِّنُوا» أيضًا، لكونه على شاكلةٍ واحدةٍ. قلتُ: كلا، وإلا لَزِمَ الجهرُ في جواب الأذان، والجهر بالتكبير والتحميد للمأموم في حديث الائتمام، لاتحاد الشاكلة هناك أيضًا. أَلا تَرَى إلى قوله: «إِذا كَبَّرَ، فَكَبِّرُوا ... » إلخ، لم يذهب هناك أحدٌ إلى أن القومَ أيضًا تَجْهَرُ به مع الإمام، فَقِسْ عليه قوله: «إِذا أمَّن، فأَمِّنُوا»، لا تجد بينهما فارقًا إن شاء الله تعالى، فلم يَخْلُصْ لهم في المرفوع لجهر القوم شيءٌ. نعم، لهم لجهر الإمام. قوله: «إذا أمّن الإمام ... » إلخ، وفيه أيضًا نظرٌ، لأنه يمكن أن يكون تعليقًا بأمرٍ معلومِ الوجود، لأن موضعَ تأمينه معلومٌ، فلا حاجةَ إلى أن يَجْهَرَ الإمامُ بها أيضًا. وفي التعليم كفايةٌ بل في قوله: «فإن الإمام يقولها» بناء على الإخفاء، فقوله: «إذا أمَّن» يستدعي وجوده فقط، لا جهره. ثم إن ابن الهُمَام رحمه الله قال في «الفتح»: إن الحديثَ عبارةٌ في تأمين القوم، وإشارةٌ في تأمين الإمام. قلتُ: وهذا إنما يَصِحُّ على رأي صدر الشريعة، فإنه قال: إن المنطوقَ إن كان مقصودًا أصليًا، فهو عبارةٌ، وإلا فهو إشارةٌ، بخلاف الشيخ رحمه الله، فإنه صرَّح في

«التحرير»: أن المنطوقَ مطلقًا عبارةُ النص فلعلّه ذَهَلَ عَمَّا حَقَّق في «التحرير». ولعلَّك عَلِمْتَ منه: أن تمسُّك البخاري على جهر الإمام والمأموم لا يَصِحُّ من هذا الحديث. والذي يَخْطُر بالبال: أن المصنِّف رحمه الله حَمَلَ التأمين في الصلاة من باب تشميت العاطس وردّ السلام، ويشترط فيهما أن يكونَ بصوتٍ، يَبْلُع الحامد أو المُسَلِّم، فلا يمكن إحياء هذا الحق إلا بالجهر. فهكذا تأمينُ القوم إذا كان جوابًا لدعاء الإمام، وَجَبَ أن يكونَ بالجهر كردِّ السلام، وتشميت العاطس، فأُخِذَ منه جهر القوم بهذا الطريق، وللمانع فيه مجالٌ وسيع. بقي الحديث الثالث، فأخرجه المصنِّف رحمه الله في الدعوات، لأنه فَهِمَ أن القاريء لا يَقْتَصِرُ في الصلاة، فيجوز أن يكون في الخارج وفي الصلاة، بخلاف الإمام، فإنه لا يكون إلا في الصلاة، فأخرجه في كتاب الصلاة، وأخرج لفظ القاريء في الدعوات. ومثل هذه الغوامض غير نادرةٍ في كتاب المصِّنف. ثم إنه لم يَتَنَقَّحْ عندي أنهما حديثان عند البخاريِّ، أو من باب الاختلاف في الألفاظ فقط، وهذا من دَأْبه: أنه إذا لم يتبيَّن عنده اختلاف الحديث من اختلاف الألفاظ، يُتَرْجِمُ عليهما تَبعًا للألفاظ. وعندي: هو حديث واحدٌ سِيْقَ لأحكام الصلاة دون الخارج. ثم لا أدري ماذا كان لفظ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم والحاكم في هذا الباب: هو الوِجْدَان لا غير (¬1). بقي اختلاف سُفْيَان وَشُعْبَة في حديث وائل، فوجهُهُ عندي: أنه من باب حِفْظ كل ما لم يَحْفَظْهُ الآخر. والحديث يَسْقُطُ على مذهب الشافعية: «وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم جَهَرَ فيها بالتأمين دون جهر الفاتحة»، وهو مذهب الإمام الشافعيّ رحمه الله، فكان في تأمينه جَهْرٌ وَخَفْضٌ معًا؛ الجهرُ في نفسه، والخفضُ بالنسبة إلى الفاتحة. فما يرويه شُعْبَةُ أيضًا صحيحٌ، وما يُؤَدِّيه سُفْيَان أيضًا صحيحٌ، إلا أن كلاهما يُؤدِّيَان حصةً من المراد، فجهرُه أدَّاه سُفْيَان، وخفضُه بالنسبة إلى الفاتحة ذكره شُعْبَة، والأمران صحيحان، هذا هو الرأي عندي. والناس حَمَلُوه على الاختلاف، فاضْطَرَّ كلٌّ إلى إعلال ما عند الآخر، ولا حاجةً إليه عندي. ومن العجائب: أن شُعْبَةَ قائلٌ بجهر آمين وسُفْيَان بإخفائه، كما ذكره ابن حَزْم. وحينئذٍ ماذا تَنْفَعُك رؤيته بالجهر إذا كان عَمَلَه بالإخفاء. والراوي إذا رَأَى بخلاف ما رَوَى، فانظر فيه ماذا تَرَى. وقد بَسَطْتُ الكلامَ فيه مع شواهده فيما ألقيت في درس الترمذي. وذكرت نبذةً منه في «كشف الستر»، فليراجعه من أواخره. وبالجملة، قد تبيَّن لي بعد السَّبْر: أن بناء الشريعة ليس على الفاتحة خلف الإمام، ولا ¬

_ (¬1) قلتُ: ولو كان لفظ القاري واقعًا في الصلاة، لدلَّ على أن القاري في نظر الشارع هو الإمام فقط، وليس كل منهم قارئًا على حياله، ففيه بناء على ترك الفاتحة ولا بُدَّ، نعم، لو كان الحديثُ محمولًا على الخارج، فليس فيه ذلك، ولكن الأظهر -والله تعالى أعلم- كما قال الشيخ رحمه الله تعالى، فإنه قال مرةً: إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} ... إلخ، فأَثْبَتَ له القراءة، ثم سمَّاه قارئًا في اللفظ الثاني، فلا فرق في المُعَنْوَن والمعنى، وإذن بناؤهما على ترك الفاتحة إن شاء الله تعالى. هكذا نبَّه عليه الشيخ رحمه الله تعالى فيما أتذكر عنه.

114 - باب إذا ركع دون الصف

على رفع اليدين، ولا على الجهر بالتأمين. فإنه ليس في «الذخيرة» حديثٌ قوليٌّ في رفع اليدين، ولا في إيجاب الفاتحة على المقتدين ابتداءً في الصلاة كلها، ولا في الجهر بالتأمين مطلقًا، والمراد من البناء: هو التأصيل والتفريع. نعم هناك حديثٌ قوليٌّ في التأمين بناؤه على الجهر، وهو عند أحمد رحمه الله: «إن اليهود ما حَسَدُوا عليكم كما حَسَدُوا على التأمين، فأَكْثِرُوا من قول: آمين»، أو كما قال: وقد وجَّهناه في رسالتنا «كشف الستر». 114 - باب إِذَا رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ يعني هل يُعْتَبَرُ ويُعْتَدُّ بتلك الركعة أو لا؟ فمذهب المصنف أن مدرك الركوع ليس بمدرك للركعة وهو من تفريعات الأخذ بقراءة الفاتحة فإِنه إذا لم يُدْرِك الفاتحةَ لم يُدْرِك الركعة أيضًا، لأنه لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب، وهو أخذٌ شديدٌ يُخَالِفُه تواتر السلف. بقيت الصلاة خلف الصفِّ كيف هي؟ فهي مكروهةٌ عندنا، خلافًا لأحمد، فعنده: باطلةٌ إن كان في الصفِّ فرجةٌ، فصلاها متخلِّفًا عنه. ونَسَبَه الحافظُ رحمه الله تعالى إلى البخاريِّ رحمه الله تعالى أيضًا، مع أن الحديثَ يَدُلُّ على صحة صلاته، حيث لم يأمره بالإِعادة. ثم وجهه أن صلاته هذه وإن عُدَّت صحيحةً، إِلا أن المسألةَ في المستقبل بُطْلان صلاة المصلِّي خلف الصفِّ وحده، لقوله: «ولا تَعُدْ»، فإذا نهاه فيما يأتي أن يعودَ إليه، لم يَجُزْ لأحدٍ أن يفعل مثله. وحَمَله الجمهور على ظاهره وتمسَّكُوا به على الصحة، والأولى له أن يُشِيرَ إلى رجلٍ ليتأخَّر عن الصفِّ، فَلْيَصُفَّ معه، ويَشْهَدُ له مُرْسَلٌ في «مراسيل أبي داود». والفتوى: على أن لا يفعله اليوم لقلة العلم وكثرة الجهل، فلعلَّه لا يتأخَّر ويقاتله، فَيُفْسِدُ عليه صلاته. وفيه دليلٌ على أن مُدْرِكَ الركوع مُدْرِكٌ للركعة، فإن هذا الرجل أدرك إمامه في الركوع، وركع دون الصفِّ، ثم دَبَّ إلى الصفِّ، وعُدَّ مُدْرِكًا للركعة عندهم. 783 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنِ الأَعْلَمِ - وَهْوَ زِيَادٌ - عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ رَاكِعٌ، فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلاَ تَعُدْ». تحفة 11659 - 199/ 1 783 - قوله: (ولا تَعُدْ)، وفيه تصويبٌ للنية، وتخطيةٌ للعمل. وقد مرَّ تفصيله من قبل، فإِنه بابٌ مستقلٌ. وقُرِىء على ثلاثة أوجه: من العود، والإِعادة، والعدو. 115 - باب إِتْمَامِ التَّكْبِيرِ فِى الرُّكُوعِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. فِيهِ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ. 784 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنِ الْجُرَيْرِىِّ عَنْ أَبِى الْعَلاَءِ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ صَلَّى مَعَ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - بِالْبَصْرَةِ فَقَالَ ذَكَّرَنَا هَذَا الرَّجُلُ صَلاَةً كُنَّا نُصَلِّيهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَفَعَ وَكُلَّمَا وَضَعَ. طرفاه 786، 826 - تحفة 10857

116 - باب إتمام التكبير فى السجود

785 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّى بِهِمْ، فَيُكَبِّرُ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ، فَإِذَا انْصَرَفَ قَالَ إِنِّى لأَشْبَهُكُمْ صَلاَةً بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 789، 795، 803 - تحفة 15247 واللفظُ يَحْتَمِلُ شرحين: الأول أن يَبْسُطَ التكبير ويَمُدَّه على الحركة الانتقالية بحيث يَعْمَرُ به الانحطاطُ كلُّه. والثاني: أن يُتِمَّ عدده. واللفظُ وإن كان أقرب إلى الأول، لكن مراد البخاريِّ هو الثاني، لأنه اشتهر عن بني أُمَيَّة أنهم لا يُتمُّون التكبير ويُنْقِصُون عدده، فلم يكونوا يَأْتُون به في الخفض، وكان يُقَال لمن كانوا يُتِمُّونهُّ: مُتِمُّ التكبير. فهذا اللفظ قد كان شاع عندهم في إتمام العدد. بقي أن بني أُمَيَّة لِمَ كانوا يتركونه في الخفض؟ فبعد ما عُلِمَ فسقهم، لا حاجةَ لنا إلى بيان منشأ أفعالهم. نعم، عن عثمان أيضًا مثله، وهذا الذي ينبغي أن يُطْلَبَ له تأويلٌ. 784 - قوله: (صلَّى مع عَليَ رضي الله تعالى عنه) أي بالبصرة. ودلَّ الحديثُ على جريان التهاونُ في أعداد التكبير في زمن الراوي، ولذا يتعرَّض إلى أعداده وإتمامه، ومن ههنا تبيَّن شرح ما رُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم «أنه كان يُكَبِّرُ في كل رَفْعٍ وخَفْضٍ»، مع أنه ليس في القَوْمَةِ إِلا التسميع والتحميد، فإنه عمومٌ غير مقصود أراد به الرَّدَّ على من ترك التكبير عند الخفض، لا نفي التسميع، ومن غَفَل عنه اضْطرب لحلِّه، ونُقِلَ هذا عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه أيضًا. وظني أنه إذا لم يكن يُكَبِّرُ، لم يكن يَرْفَعُ يديه أيضًا، فإِن التكبيرَ والرفعَ قرينان، فإِذا تُرِكَ أحدهما تُرِكَ الآخر. ولعلَّ منشأ فِعْلَه ما عند أبي داود، في الجهاد: «وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وجيوشُه إذا عَلَوا شَرَفَا كبَّروا، وإذا هَبَطُوا واديًا سبَّحوا». ثم يقول الراوي: «وعليه وُضِعَت الصلاة»، أو كما قال. قلتُ: وهذا اجتهادٌ من الراوي، مع مخالفته لجماهير من الصحابة رضي الله تعالى عنهم. وإن سلَّمناه، فلنا أن نقول: إن التكبيرَ عند الانحطاط وإن كان في الخفض حَسَنًا، لكنه مُعْتَبَرٌ في القَوْمة شرعًا، لأن ابتداءه منها، فأصله في القومة وإن كان بَسَطه في الانحدار أيضًا، وهذا إبقاءُ التكبير دون ابتدائه، وحينئذٍ صارت شاكلته في الثنايا والصلوات واحدة. ولعلّ ابن عمر رضي الله تعالى عنه تَرَك الرفعَ بين السجدتين لمثل هذا، وإلا فهو ثابتٌ ثبوتًا لا مردَّ له، كما عَلِمْت سابقًا. ولما عَلِمْنَا أنه اجتهد في أمر التكبير، فتركه في بعض المواضع من اجتهاده، واختاره في البعض، خَفَّ رفعه أيضًا، وأمكن أن يكونَ ذلك أيضًا بنوعٍ من اجتهاده. لا أقول بالاجتهاد في نفس الرفع، حاشا وكلا، بل في اختياره وترجيحه على الترك، وإصراره عليه، وتَنْوِيهه بشأنه. 116 - باب إِتْمَامِ التَّكْبِيرِ فِى السُّجُودِ 786 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ غَيْلاَنَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ

117 - باب التكبير إذا قام من السجود

عَبْدِ اللَّهِ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - أَنَا وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، فَكَانَ إِذَا سَجَدَ كَبَّرَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ كَبَّرَ، وَإِذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاَةَ أَخَذَ بِيَدِى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فَقَالَ قَدْ ذَكَّرَنِى هَذَا صَلاَةَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. أَوْ قَالَ لَقَدْ صَلَّى بِنَا صَلاَةَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 784، 826 - تحفة 10281، 10848 787 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ رَأَيْتُ رَجُلاً عِنْدَ الْمَقَامِ يُكَبِّرُ فِى كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ وَإِذَا قَامَ وَإِذَا وَضَعَ، فَأَخْبَرْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَوَلَيْسَ تِلْكَ صَلاَةَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ أُمَّ لَكَ. طرفه 788 - تحفة 6018 والمراد من الإتمام ههنا: ما كان المراد منه في الباب السابق، وقد مرّ: أن اللفظ وإن احتمل غيره أيضًا، ولكن عيَّناه لِمَا علمناه من التاريخ: أنه قد جرى عندهم البحث في الإتمام والتقصير بحَسَب عدد التكبير، فَحَمَلْنَاهُ عليه. قوله: (أَوَلَيْسَ تِلْكَ صلاة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم، فانظر كيف حمل التكبير، حتَّى ظنَّ المُنْكَر سنةً والسنة مُنْكرًا، واحْتِيجَ إلى بيان أن التكبيرَ عند كلِّ خَفْضِ ورفعٍ سنةُ أبي القاسم صلى الله عليه وسلّم وتَرَاجِمُ البخاري هذه ناظرةٌ إلى ما عند أبي داود في حديث ابن أَبْزَى، وكان لا يُتِمُّ التكبير. وكان المختار هو الإتمام، فترجم به إيماءً إلى ما قلنا. 117 - باب التَّكْبِيرِ إِذَا قَامَ مِنَ السُّجُودِ 788 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ شَيْخٍ بِمَكَّةَ فَكَبَّرَ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً، فَقُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ إِنَّهُ أَحْمَقُ. فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، سُنَّةُ أَبِى الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ. طرفه 787 - تحفة 6194 - 200/ 1 788 - قوله: (إنه أحمق). أقول، وههنا واقعتان، وأبو هريرة في إحداها، ولا يجب أن يكونَ في الأخرى أيضًا، فلا يَلْزَمُ أن يكونَ هذا اللفظ في حقِّه. 789 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لَمِنْ حَمِدَهُ. حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ {بْنُ صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ} وَلَكَ الْحَمْدُ - ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِى، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِى الصَّلاَةِ كُلِّهَا حَتَّى يَقْضِيَهَا، وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنَ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ الْجُلُوسِ. أطرافه 785، 795، 803 - تحفة 14862

118 - باب وضع الأكف على الركب فى الركوع

789 - قوله: (حين يقومُ من الثِّنْتَيْنِ): يمكن أن يكونَ الراوي أراد به إتمام التكبير، ويمكن أن يكونَ إشارةً إلى ما اختاره مالك: إلى أن التكبيرَ في الثالثة ليس عند النهوض، بل إذا بَلَغَ في القيام، كما كان عند التحريمة أيضًا في القيام، واعلم أن هناك سؤالا من جانب الحنفية على الشافعية، وهو: إن التكبيرات إذا كانت ثِنْتَيْنِ وعشرين، فإِنْ قُلْنَا بجلسة الاستراحة يَلْزَم: إما الزيادة عليها إن قُلْنَا بالتكبير عند الرفع منها، أو يَلْزَم ترك التكبير عند الرفع، مع أن المعهودَ من صلاته صلى الله عليه وسلّم هو التكبير عند كل خفضٍ ورفعٍ. وقال الشافعيةُ رحمهم الله تعالى: إنه يطوِّل التكبيرَ الواحدَ، ويَبْسُطُه على الجلسة، ويرفع بذلك التكبير، وهو كما ترى. واعلم أن الشاميَّ نَسَبَ إلى الطَّحَاويِّ التكبيرَ في القَوْمَةِ، أو يُكَبِّرُ ثم التسميع بعده. قلتُ: وهذا ليس بجيد، فإنه خلاف التعامُل، ولا ينبغي بناء المسائل على الألفاظ. والذي أرى أنه نُسِبَ إليه، لما في «معاني الآثارُ» قوله: وذلك أنا رأَينا الدُّخُول في الصلاة يكون بالتكبير، ثم الخروج من الرجوع والسجود يكونان أيضًا بتكبيرٍ. وكذا للبرماوي الشافعي كتابٌ في الفِقْهِ، وذكر فيه: أنه كان أولا التكبير عند الرفع من الركوع أيضًا، حتَّى اتفق مرةً أن أبا بكرٍ رضي الله تعالى عنه تخلَّف عن ركعةٍ، وأدرك الإِمامَ في الركوع، فقال: «الله أكبر، الحمد لله، الله أكبر»، فكان التكبير الأول للافتتاح، والتحميد خُلاصةً للفاتحة، والتكبير الثالث للركوع، فنزل جبريل عليه الصلاة والسلام وقال: «إن ربَّه رضي بتلك الكلمات، وشرع لكم التسميع». ومن هنا شُرِعَ التسميع، غير أني لم أر تلك القصة إلا في كتابه. 118 - باب وَضْعِ الأَكُفِّ عَلَى الرُّكَبِ فِى الرُّكُوعِ وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ فِى أَصْحَابِهِ أَمْكَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ. 790 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى يَعْفُورٍ قَالَ سَمِعْتُ مُصْعَبَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ أَبِى فَطَبَّقْتُ بَيْنَ كَفَّىَّ ثُمَّ وَضَعْتُهُمَا بَيْنَ فَخِذَىَّ، فَنَهَانِى أَبِى وَقَالَ كُنَّا نَفْعَلُهُ فَنُهِينَا عَنْهُ، وَأُمِرْنَا أَنْ نَضَعَ أَيْدِيَنَا عَلَى الرُّكَبِ. تحفة 3929 والتطبيق عندي بضم اليدين بدون تشبيك. وبَالَغَ في بيان الضم من ذكر التشبيك، كما عند مسلم، وهو هيئة القيام بين يدي الملك، وكانت فيه مَشَقَّة، ثم رخَّص بالاعتماد على اليدين. وكان ابن مسعود رضي الله تعالى عنه يراه عزيمةً، فإن العطايا على قدر البلايا، ولم يكن يراه مَنْسُوخًا عن أصله. ومن طَعَن عليه، فقد أفرط في التعصب، فإنه ثَبَتَ عن عليّ رضي الله تعالى عنه أيضًا. ولكن الجمهور لما تَرَكُوه وَجَبَ العملُ بما فعلوه. وقد بَسَطْنَا الكلامَ فيه في رسالتنا: «نيل الفرقدين»، فراجعه من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه في ترك الرفع. 119 - باب إِذَا لَمْ يُتِمَّ الرُّكُوعَ 791 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ

120 - باب استواء الظهر فى الركوع

وَهْبٍ قَالَ رَأَى حُذَيْفَةُ رَجُلاً لاَ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ قَالَ مَا صَلَّيْتَ، وَلَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِى فَطَرَ اللَّهُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - عليها. طرفاه 389، 808 - تحفة 3329 دخل في مسألة التعديل وبدأها من الركوع على هيئته في الصلاة وهو عبارة عن تبدل الحركة بالسكون وعود كل عضو إلى مكانه. 120 - باب اسْتِوَاءِ الظَّهْرِ فِى الرُّكُوعِ وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ فِى أَصْحَابِهِ رَكَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ. 121 - باب حَدِّ إِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالاِعْتِدَالِ فِيهِ وَالاِطْمَأْنِينَةِ 792 - حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى الْحَكَمُ عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ كَانَ رُكُوعُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَسُجُودُهُ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَإِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ، مَا خَلاَ الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ، قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ. طرفاه 801، 820 - تحفة 1781 قوله: (والاطمأنينه)، والصحيح كما في الهامش: والطمأنينة. وحدُّ الإِتمام غير مُنْضَبِطٍ. 792 - قوله: (ما خلا القيامَ والقعودَ قريبًا من السَّوَاء)، فجعل الراوي ههنا التسوية بين المواضع الأربعة: الركوع، والسجود، والقومة، والجلسة. واستثنى القيام والقعود، لأنه ثَبَتَ التنوُّع في قيامه جدًا، فتارةً جَعَلَه أطول من أطول، وأخرى قَصَرَه حسبما دَعَتْهُ الحاجةُ، بخلاف تلك المواضع الأربعة، فإنها كانت على شاكلةٍ واحدةٍ غالبًا. وعند مسلم ما يَدُلَّ على التسوية بين القيام والقعود، وبين هؤلاء الأربعة بدون استثناء، والظاهر أنه مسامحةٌ. والتسويةُ راجعةٌ إلى الأربعة فقط، ولا حاجةَ إلى تأويل ألفاظ الرواة عند ظهور المراد جُمُودًا على لفظهم فقط، ومن تأوَّل فيه أراد منه التناسُب، أي: إن كان قيامه طويلا، فسائرُ الأفعال أيضًا كانت طويلةً بحَسَبِهِ، وإن كان قصيرًا، فسائرُها أيضًا كذلك. والأرجح عندي كما في «صحيح البخاري». 122 - باب أَمْرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الَّذِى لاَ يُتِمُّ رُكُوعَهُ بِالإِعَادَةِ 793 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَدَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِ السَّلاَمَ فَقَالَ «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ». ثَلاَثًا. فَقَالَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ فَمَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِى. قَالَ «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِى صَلاَتِكَ كُلِّهَا». أطرافه 757، 6251، 6252، 6667 - تحفة 14304 - 201/ 1

793 - قوله: (ارْجِعْ فَصَلِّ) وعُلِمَ منه: أن الصلاةَ إذا اشتملت على كراهة التحريم وَجَبَت إعادتها، ومقتضاه أن تجب الإِعادةُ على من ترك الجماعةَ، وصلَّى في بيته مُنْفَرِدًا، فإِن الجماعةَ واجبةٌ، فإذا تَرَكَهَا وَجَبت إعادتُها. وتردَّد فيه ابن عابدين الشامي، لأنه إن قُلْنَا بوجوب الإِعادة، فلا فائدةَ فيه لأنه إن يُعِدْها يُعِدْها مُنْفَرِدًا. وإن قُلْنَا بعدم وجوبها، يَلْزَمُ نقض الكلية. قلتُ: ولي جَزْمٌ بأنه لا يعيدها، والكلية فيما كانت في الإِعادة فائدة. ولا تمسُّك فيه على فرضية التعديل، لأن الأمر بالإِعادة ليس مبنيًّا على فرضيته، كما زَعَم، بل أمكن أن يكون ضربًا من التعزير، وهو الظاهر من الأمر بإِعادة عمل عمل عمله مرةً. وحينئذٍ لم يَبْقَ فيه دليلٌ على ما راموه. فأمعن النظر فيه، فإِن المعاني تختلف باختلاف الاعتبارات، وذلك عند أهل العرف كثيرٌ. ثم اعلم أن حديثَ مُسِيء الصلاة لا يرويه إلا أبو هريرة ورِفَاعة بن رافع. وفي جملة طُرُق حديث أبي هُرَيُرَة رضي الله عنه: «ثم اقرأ ما يتسَّر معك من القرآن». وتمسَّك منه الحنفية على عدم ركنية الفاتحة. قلتُ: وهذا ليس بصحيحٍ، لأن الفاتحةَ وإن لم تكن رُكْنًا، لكنها واجبةٌ عندنا أيضًا. والسياقُ سياقُ التعليم، فلو فرضنا أنه لم يعلِّمه الفاتحة يَلْزَم درج كراهة التحريم في سياق التعليم، ولا يجوز أصلا، مع أنها مذكورةٌ في حديث رِفَاعة صراحةً، وإن كانت مجملةً في حديث أبي هُرَيْرَة، على أن التيسيرَ مُعْتَبَرٌ في الطول، لا في العرض، كما مرَّ تقريره في المقدمة. وحاصله: إن الله تعالى لمّا عَلِمَ الاستثقالَ عليهم في القيام بالليل، رخَّص لهم أن لا يطوِّلوه كما كانوا يفعلونه في الليل كلِّه، أو أكثره، بل لهم أن يقوموه حسبما تيسَّر لهم. فهذا تيسير في حصص الليل، لا في الفاتحة كما فَهمُوه، ثم أقول: إن قوله: «ثم اقرأ ما يتسر معك من القرآن»، ليس بناء على ركنية الفاتحة، بل لكون الرجل بدويًا أعرابيًا لا يدري أنه كان عنده شيءٌ من القرآن، أم لا. وحينئذٍ ينبغي أن يكون التعبيرُ هكذا، ولذا قال: «وإلاّ فاحمد الله، وكَبِّرْهُ»، فدَلَّ على أنه كان ممن لا يُسْتَبْعَدُ منه أن لا يكون عنده قرآنٌ أصلا، وإذن لا يُلائِمُه أن يأمره بالفاتحة والسورة تفصيلا، وإنما الأَلْيَقُ بحاله الإِجمالُ، فيقرأ بما يَقْدِرُ، ولذا ورد عند الترمذيِّ: «فإن كان معك قرآن» ... إلخ. وتُرَاك فَهِمْت الآن حسن التعبير. قوله: (حتى تَطْمَئِنَّ راكعًا)، وفي حديث أبي حُمَيْد الساعدي حتى جعلنكا فقار مكانه، ومنه يَعْلَمُ قدر التعديل، وقدَّره فقهاؤنا بتسبيحةٍ، وما وراءها فسنةٌ. قوله: (ثم افعل ذلك في صلاتك كلِّها) تمسَّك به الشيخ ابن الهُمَام على وجوب الفاتحة في الأُخْرَيَيْن أيضًا، واختاره (¬1) العيني رحمه الله تعالى. والمشهور أنها مستحبةٌ لِمَا ثَبَتَ عن عليّ وابن مسعود رضي الله عنهما: «أنهما كانا يُسَبِّحان في الأُخْرَيَيْن». وقوَّى ابن أَمير الحاج ¬

_ (¬1) قلت: قال الشيخ رحمه الله تعالى: إن العيني رحمه الله تعالى إنما اختار الوجوب في شرح البقخاري بحثًا فقط، وإلا فهو قائل بالاستحباب. هكذا أتذكر عنه، والله تعالى أعلم بالصواب.

في «شرح المنية» الاستحباب. وعن الحسن بن زياد بالوجوب، نحو ما اختاره الشيخ. ويمكن الجواب عن استدلاله بأن قوله: «ثم افعل ... » إلخ لا يَرْجِعُ إلى القراءة وإن جعله الشيخ محطًّا، بل المحطُّ عندنا هو التعديل، لأنك قد علمت فيما مرَّ أن هذا الرجل قد كان خفَّف في صلاته وترك التعديل، كما في لفظ الترمذي: «فأَخفَّ في صلاته». وإذن التَّبَادُرُ أن أمره يَنْصَرِفُ إلى ما قَصَرَ فيه، لا إلى القراءة. ثم ذكر له بعض الأشياء تكميلا وتتميمًا، وجعل الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى محطِّه الفاتحة وسورة. ثم إن كنت سَمْحًا تَقْدِرُ أن لا تُنَازِعَ المُخَاطب قبل أن تفهم كلامه، فاعلم أن الأمرَ لمطلق الطلب عندي، فيندرجُ تحته الوجوب والاستحباب معًا، لا على طريق القول بعموم المجاز، ولا الجمع بين معاني المُشْتَرك، بل على ما هو رأي المَاتُرِيدِي. فإِن الأمرَ - مثلا - اضرب حكايةٌ من قوله: افعل فعل الضرب، ونحو: صلِّ حكايةٌ من قوله: افعل فعل الصلاة. وحقيقةُ الصلاة لا تختلف بين الفريضة والنافلة، فتتناول كِلْتيهما، وهكذا الصومُ والحجُّ كلُّه يتنوَّع وينقسم إلى الفريضة، والواجب، والمندوب مع اتحاد الحقيقة في كلِّها. فإذا وُسِّع التفصيل في المحكي عنه مع اتحاد العبارة، فليكن في الأمر أيضًا. كيف، وهو حكايةٌ عنه فكما أن الفريضةَ، والواجبَ، والمستحبَ كلَّها تدخُلُ في لفظ الصلاة بدون تكلُّف، كذلك فلتدخل كلُّها في الأمر، ويكون الأمر لطلب تلك الحقيقة فقط على صفتها التي في الخارج. وليس هذا من الجمع بين معاني المُشْتَرَك في شيءٍ، بل هو طلبٌ للحقيقة المختلفة بحَسَب الأنواع. فالتنوُّع في الأمر ليس من قِبَل نفسه ومدلوله، بل من جهة اختلاف تلك الحقيقة، فإِن كانت واجبةً يكون طلبها أيضًا واجبًا، وإن غيره فغيره. وهل يَلْصَق بالقلب أن مِصْدَاق قوله تعالى: {صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] هو الصلاة التي صلَّى عليه مرةً في عمره، والباقية خارجة عن مِصْدَاقه، بل الأمر فيه لطلب مطلق الصلاة على النبيِّ: إن كانت واجبةً فوجوبًا، وإن كانت غيره فغيره. وليس هذا الاختلاف من جهة الأمر، بل لاختلاف تلك الحقيقة بعينها. وإذا فَهِمْتَ أن اللفظَ الواحدَ يُطْلَقُ على الأنواع المختلفة في زمانٍ واحدٍ، ولا يكون ذلك عندهم مجازًا، ولا جمعًا بين معاني المُشْتَرَك، فكذلك الأمر لطلب هذه الحقيقة، وإن اختلفت بحَسَب العَوَارِض. فاعلم أن قوله: «افعل في صلاتك كلِّها» أيضًا يتناول الوجوبَ والاستحبابَ، فمعناه: أن اقرأ القرآن في كلِّ الصلاة، فمتى كان واجبًا فوجوبًا، ومتى كان مستحبًا فاستحبابًا. وحينئذٍ جاز أن تكون القراءةُ واجبةً في الأُوَلَيَيْنِ، ومستحبةً في الأُخْرَيَيْن مع دخولها تحت أمرٍ واحدٍ، ولا يَثْبُت ما رامه الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله. أمَّا دخول الأنواع المختلفة تحت لفظٍ واحدٍ، فالاتحاد حقيقة الفرض والنفل، وإنما الفرقُ من حيثُ لُحُوق الأمر وعدمه، وذلك من العَوَارِض، فلا تختلف بها الحقيقةُ. وأَبْعَدَ من ذهب إلى تبايُن تَيْنِكَ الحقيقتين، وقد قرَّرناه من قبل، والتفصيل في «فصل الخِطَاب». وبعد، فلي بعض تردُّد في استحباب القراءة في الأُخْرَيَيْن

123 - باب الدعاء فى الركوع

لمكان الاختلاف، وتجاذُب الأدلة، لأنه ليس في المرفوع كثيرُ شيءٍ يَدُلُّ على الفرق بين الأُولَيَيْن والأُخْرَيَيْن. فإِن قلتَ به، لَزِمَ على ترك ما رُوِي عن علي رضي الله عنه في العَيْنِيِّ، وابن مسعود رضي الله عنه في «المصنَّف» لابن أبي شَيْبَة. وإن اتَّبَعْتَ أثرهما، يَلْزَمُ على خلاف تبادُر الحديث، فلذا أتوقَّف فيه. وإنما لم نَقُلُ بوجوب السورة في الأُخْرَيَيْن لِمَا عن قَتَادة في البخاري مرفوعًا: «أنه كان يقرأ في الظهر في الأُولَيَيْنِ بأمِّ الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأُخْرَيَيْن بأَمِّ الكتاب ... » إلخ، فقام الدليل على التخصيص. قلتُ: ومع ذلك ثَبَتَ القراءةُ بالسورة أيضًا، فلا مناص إلا بالقول بالجواز، وهو قول فخر الإِسلام منا، وهو الأصوب عندي. ولعلَّ الأكثر من فِعْل النبيِّ صلى الله عليه وسلّم تركها، وهو السنة. وقد ذكرت بعض الكلام فيه في رسالتي «فصل الخطاب»، من شاء فليرجع إليها. 123 - باب الدُّعَاءِ فِى الرُّكُوعِ 794 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِى رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى». أطرافه 817، 4293، 4967، 4968 - تحفة 17635 124 - باب مَا يَقُولُ الإِمَامُ وَمَنْ خَلْفَهُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ 795 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَالَ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ». قَالَ «اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ». وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ يُكَبِّرُ، وَإِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ قَالَ «اللَّهُ أَكْبَرُ». أطرافه 785، 789، 803 - تحفة 13027 ولعلَّه نظر إلى ما أخرجه مسلم: «أمَّا الركوع، فعظِّمُوا فيه الرَّبَّ. وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجدٌ، فادعوا فيه، فَقَمِنٌ أن يُسْتَجَابَ لكم». بالمعنى. وهذا يَدُلُّ على أن الدعاء ينبغي في السجود، أمَّا الركوع، ففيه تعظيم الرب جلَّ مجده. قلتُ: وتعظيم الرب لا يُنَافي الدعاء، فله أن يُعَظِّم ربه ويدعو بدعاءٍ مُخْتَصَرٍ أيضًا. فإن كان البخاري أراد به إسقاط ما عند مسلم، فليس بصحيحٍ، وإن كان أراد دفع الإيهام فقط، فهو ناهضٌ. ثم العمل عندي ينبغي أن يكون على حديث مسلم لأن الحديث جعل التعظيمَ في الركوع، والدعاءَ في السجود، فدلَّ التقابُل على أن المراد من التعظيم غير الدعاء، وإن كان الدعاء أيضًا جائزًا. والله تعالى أعلم. بقي شيءٌ، وهو أن التعظيمَ أزيدُ في السجود من الرجوع، فينبغي أن يكونَ أمر التعظيم في السجود، مع أن الحديث جعله في الركوع. فكان للشارحين أن يَكشِفُوا عن معنى التعظيم لِيَظْهَرَ وجهُ اختصاصه بالركوع، وقد كَشَفُتهُ بحمد الله في «رسالتي»، فليراجع.

125 - باب فضل اللهم ربنا لك الحمد

ثم إن ابن أمير الحاج صرَّح بجواز الأدعية كلِّها، حتى في الجماعات بشرط عدم التثقيل على القوم. وراجع «المواهب اللدنية» لمواضع الأدعية من الصلاة، فإِنه بَسَطَها جدًا. وما في «المبسوط» لشمس الأئمة من عدم جواز الأذكار في الفرائض، فهو متروكٌ عندي، والمختار ما قرَّره ابن أمير الحاج. 125 - باب فَضْلِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ 796 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قَالَ الإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ. فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». طرفه 3228 - تحفة 12568 وقد مرَّ: أن المشهورَ التوزيعُ، وفي روايةٍ: الجمع للإِمام، وبه أفتى بعضَ الكبار مِنَّا كالحلواني، والفضل بن محمد، وأبو عليّ النسفي. 126 - بابٌ 797 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ لأُقَرِّبَنَّ صَلاَةَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقْنُتُ فِى الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنْ صَلاَةِ الظُّهْرِ وَصَلاَةِ الْعِشَاءِ، وَصَلاَةِ الصُّبْحِ، بَعْدَ مَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَلْعَنُ الْكُفَّارَ. أطرافه 804، 1006، 2932، 3386، 4560، 4598، 6200، 6393، 6940 تحفة 15429، 15421 - 202/ 1 أشار إلى مذهب الشافعيِّ رحمه الله تعالى: أن القنوت الراتبة في الفجر في السنة كلِّها، وفي الوتر في النصف من رمضان فقط. وإنما لم يُتَرْجِم به، لأنه لم يُرِدْ تنويره. 797 - قوله: (يَقْنُتُ في الركعة الأخرى). وهذه قنوت النازلة، وهي قنوت النازلة، وهي عندهم في الصلوات الخمس، ويَجْهَرُ بها، ولو في السِّرية. قلتُ: والجهرُ في السِّرية غريبٌ جدًا، واستدلَّوا بما عند أبي داود، وهو ضعيفٌ عندنا. وتكلَّم الطحاويُّ في قنوت النازلة، ويُتَوَهَّمُ النسخ من عبارته، فليتركه. فإِن الشيخ العَيْني رحمه الله تعالى نَقَلَ عن الطحاويِّ ما يَدُلُّ على أنها ثابتةٌ عندنا أيضًا. وقنوت النازلة عندنا في الجهرية، كما في «شرح الهداية» للأمير الإتقاني، وفي شرح شمس الدين النووي: جوازها في الصلوات مطلقًا. قوله: (يَلْعَنُ الكُفَّار). ذِكْرُ الأسماء في الصلاة مُفْسِدٌ عندنا، غير أن في الدعاء قولين: الأول إن كان ذكرها في سِيَاق الدعاء عليهم لم يُفْسِد، وإن كان في سِيَاق الدعاء لهم أَفْسَد. وفي قول: أَفْسَدَ مطلقًا، والمختار هو الأول، فلا حاجةَ إلى الجواب. 798 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ

127 - باب الاطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع

أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ الْقُنُوتُ فِى الْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ. طرفه 1004 - تحفة 954 799 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ عَنْ عَلِىِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلاَّدٍ الزُّرَقِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِىِّ قَالَ كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّى وَرَاءَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ». قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «مَنِ الْمُتَكَلِّمُ». قَالَ أَنَا. قَالَ «رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ». تحفة 3605 799 - قوله: (مَنِ المُتَكَلِّمُ)، اخْتَلَفَ في جوابه التفتازاني والجُرْجَاني، فقال التفتازاني: إن الجواب لمن قال: من التائب؟ التائب زيد. وقال الجُرْجَاني في «حاشية الكشاف»: إن حقَّ الجواب: زيد التائب. قال الكَافِيَجِي: إن الجُرْجَاني محرومٌ من المعاني، إِلا أن عندي له وجوهًا ذكرتها. قوله: (رأيت بِضْعَةً وثلاثين)، وفي روايةٍ: «اثني عشر ملكًا». وهما عندي في واقعتين. قوله: (أَيُّهم يَكْتُبُهَا)، وعند مسلم «أيهم يَصْعَدُ بها أول». وقد ثَبَتَ عندي تجسُّد المعاني وتَجَوْهُر الأعراض بالعقل والنقل، فلا بُعْدَ عندي في صُعُودها. واعلم أن حديث عرض الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لا يقوم دليلا على نفي علم الغيب، وإن كانت المسألة فيه: أن نسبة علمه صلى الله عليه وسلّم وعلمه تعالى كنسبة المُتَنَاهي بغير المُتَنَاهي، لأن المقصودَ بعرض الملائكة: هو عرض تلك الكلمات بعينها في حَضْرَتِه العالية، عَلِمَها من قبل أو لم يَعْلَمْ، كَعَرْضِها عند رب العزة، ورَفْع الأعمال إليه. فإن تلك الكلمات مما يحيا به وجهُ الرحمن، فلا بنفي العرضُ العلمَ، فالعرضُ قد يكون للعلم، وأخرى لمعانٍ أُخَر. فاعرف الفرق. 127 - باب الاِطْمَأْنِينَةِ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ رَفَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتَوَى جَالِسًا حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ. والمراد به تكامُل الهيئة باستقرار كل عضوٍ مكانه، وقد مرّ منا: أنه لا اعتناءَ للشرع بطول القيام، فإنه ورد بالأنحاء كلِّها حسب الحاجات، أمَّا التعديلُ في المواضع الأربعة، فله اعتناءٌ به، وراجع له «كشف الستر». 800 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ كَانَ أَنَسٌ يَنْعَتُ لَنَا صَلاَةَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَكَانَ يُصَلِّى وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَامَ حَتَّى نَقُولَ قَدْ نَسِىَ. طرفه 821 - تحفة 446 800 - قوله: (حتَّى نقولَ: قد نَسِيَ): يعني من طول قَوْمَتِه. ولفظ «قد نَسِيَ»، وإن دَلَّ على الطول، لكنه من طرفٍ آخر دَلَّ على أنه لم يكن من عادته.

128 - باب يهوى بالتكبير حين يسجد

801 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رُكُوعُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَسُجُودُهُ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ. طرفاه 792، 820 - تحفة 1781 802 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ كَانَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ يُرِينَا كَيْفَ كَانَ صَلاَةُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَذَاكَ فِى غَيْرِ وَقْتِ صَلاَةٍ، فَقَامَ فَأَمْكَنَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَمْكَنَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَنْصَتَ هُنَيَّةً، قَالَ فَصَلَّى بِنَا صَلاَةَ شَيْخِنَا هَذَا أَبِى بُرَيْدٍ. وَكَانَ أَبُو بُرَيْدٍ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الآخِرَةِ اسْتَوَى قَاعِدًا ثُمَّ نَهَضَ. أطرافه 677، 818، 824 - تحفة 11185 802 - قوله: (فَأَنْصَبَ هُنَيَّةً) (به كئي تهوري ديركي لئي): أي بقي هُنَيَّةً ساكنةً أطرافُه. وفي «الهامش» «فأَنْصَت» بالتاء مكان الباء، واستعمله الراوي ههنا في السكون على الأطراف، مع أنه للإصغاء والتهيُّؤ للاستماع. 802 - قوله: (أبو يزيد): وهو عمرو بن سَلَمة، وفيه جلسة الاستراحة، وقد مرَّ مني جوابه، وحملها الطحاويُّ على الضرورة. 128 - باب يَهْوِى بِالتَّكْبِيرِ حِينَ يَسْجُدُ وَقَالَ نَافِعٌ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَضَعُ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ. وقد مرَّ: أن المرادَ به بَسْطُه على الأنحناء. قوله: (وقال نافع: كان ابن عمر يَضَعُ يَدَيْه قبل رُكْبَتَيْهِ). قال الحافظ؟ وإنه مُتَرْجَمٌ به، لا له. وقد وَرَدَ فيه الحديث بكلا النحوين، وقد تكلمنا عليه في درس الترمذي. قال النووي: لا يَظْهَرُ ترجيح أحد المذهبين على الآخر من حيث السُّنَّة. اهـ. 803 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُكَبِّرُ فِى كُلِّ صَلاَةٍ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ وَغَيْرِهَا فِى رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ، فَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. ثُمَّ يَقُولُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ. حِينَ يَهْوِى سَاجِدًا، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنَ الْجُلُوسِ فِى الاِثْنَتَيْنِ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِى كُلِّ رَكْعَةٍ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الصَّلاَةِ، ثُمَّ يَقُولُ حِينَ يَنْصَرِفُ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنِّى لأَقْرَبُكُمْ شَبَهًا بِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنْ كَانَتْ هَذِهِ لَصَلاَتَهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا. أطرافه 785، 789، 795 - تحفة 14864، 15159 - 203/ 1

129 - باب فضل السجود

803 - قوله: (كان يُكَبِّرُ ... في رمضانَ وغيرِه). وإنما تعرَّض الراوي إلى رمضان لمكان بعض الزيادات في هذا الشهر، فنبَّه على أنه لم تكن فيه زيادةٌ في باب التكبيرات. 804 - قَالاَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. يَدْعُو لِرِجَالٍ فَيُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَيَقُولُ «اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِى رَبِيعَةَ، وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ». وَأَهْلُ الْمَشْرِقِ يَوْمَئِذٍ مِنْ مُضَرَ مُخَالِفُونَ لَهُ. أطرافه 797، 1006، 2932، 3386، 4560، 4598، 6200، 6393، 6940 تحفة 14864، 15159 804 - قوله: (يَدْعُو لِرِجَالٍ)، وفي «البحر»: إنه لو دعا على معيَّن لم تَفْسُدْ صلاته. وهذا من الأُحْجِيَّة: أن التلفُّظ بزيدٍ فقط مُفْسِدٌ، والدعاء عليه غير مُفْسِدٍ. فالجزء مُفْسِدٌ، والكلُّ ليس بمفسدٍ. وهذا كما أن دِيَة الأطراف قد تزيد على دِيَة النفس. وتعرَّض إليه صدر الشريعة في «شرح الوقاية»، فراجعه. قوله: (وأهلُ المَشْرِق يومئذٍ من مُضَرَ): أراد به شرق العرب، فإِن الإِسلام لم يَخْرُج من جزيرة العرب بَعْدُ. 805 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ غَيْرَ مَرَّةٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ سَقَطَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ فَرَسٍ - وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ مِنْ فَرَسٍ - فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نَعُودُهُ، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ، فَصَلَّى بِنَا قَاعِدًا وَقَعَدْنَا - وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً صَلَّيْنَا قُعُودًا - فَلَمَّا قَضَى الصَّلاَةَ قَالَ «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا». قَالَ سُفْيَانُ كَذَا جَاءَ بِهِ مَعْمَرٌ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ لَقَدْ حَفِظَ، كَذَا قَالَ الزُّهْرِىُّ وَلَكَ الْحَمْدُ. حَفِظْتُ مِنْ شِقِّهِ الأَيْمَنِ. فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ الزُّهْرِىِّ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ - وَأَنَا عِنْدَهُ - فَجُحِشَ سَاقُهُ الأَيْمَنُ. أطرافه 378، 689، 732، 733، 1114، 1911، 2469، 5201، 5289، 6684 تحفة 1485 - 204/ 1 805 - قوله: (كَذَا جاء بِه مَعْمَرٌ)، هذه نغمةُ الاستفهام. سأله سُفْيَان عن عليّ رضي الله عنه. قوله: (قال: لقد حَفِظ)، وقد كان في المجلس مَعْمَر، وسُفْيَان، وابن جُرَيْج، والزُّهْرِي. ثم قال ابن جُرَيْج: إني أحفظ لفظ الساق مكان الشِقِّ. 129 - باب فَضْلِ السُّجُودِ 806 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِىُّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُمَا أَنَّ النَّاسَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ «هَلْ تُمَارُونَ فِى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ».

قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَهَلْ تُمَارُونَ فِى الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ». قَالُوا لاَ. قَالَ «فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ، يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْ. فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الشَّمْسَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الْقَمَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ. فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا. فَيَدْعُوهُمْ فَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَىْ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنَ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ، وَلاَ يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلاَّ الرُّسُلُ، وَكَلاَمُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ. وَفِى جَهَنَّمَ كَلاَلِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، هَلْ رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ «فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلاَّ اللَّهُ، تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُوبَقُ بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ رَحْمَةَ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَمَرَ اللَّهُ الْمَلاَئِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ، فَيُخْرِجُونَهُمْ وَيَعْرِفُونَهُمْ بِآثَارِ السُّجُودِ، وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ، فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ النَّارُ إِلاَّ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ قَدِ امْتَحَشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِى حَمِيلِ السَّيْلِ، ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَيَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَهْوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولاً الْجَنَّةَ، مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ قِبَلَ النَّارِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِى عَنِ النَّارِ، قَدْ قَشَبَنِى رِيحُهَا، وَأَحْرَقَنِى ذَكَاؤُهَا. فَيَقُولُ هَلْ عَسَيْتَ إِنْ فُعِلَ ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَ ذَلِكَ فَيَقُولُ لاَ وَعِزَّتِكَ. فَيُعْطِى اللَّهَ مَا يَشَاءُ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، فَيَصْرِفُ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، فَإِذَا أَقْبَلَ بِهِ عَلَى الْجَنَّةِ رَأَى بَهْجَتَهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ قَالَ يَا رَبِّ قَدِّمْنِى عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ أَنْ لاَ تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِى كُنْتَ سَأَلْتَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ لاَ أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ. فَيَقُولُ فَمَا عَسَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ أَنْ لاَ تَسْأَلَ غَيْرَهُ فَيَقُولُ لاَ وَعِزَّتِكَ لاَ أَسْأَلُ غَيْرَ ذَلِكَ. فَيُعْطِى رَبَّهُ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا بَلَغَ بَابَهَا، فَرَأَى زَهْرَتَهَا وَمَا فِيهَا مِنَ النَّضْرَةِ وَالسُّرُورِ، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، فَيَقُولُ يَا رَبِّ أَدْخِلْنِى الْجَنَّةَ. فَيَقُولُ اللَّهُ وَيْحَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ، أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ أَنْ لاَ تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِى أُعْطِيتَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ لاَ تَجْعَلْنِى أَشْقَى خَلْقِكَ. فَيَضْحَكُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْهُ، ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُ فِى دُخُولِ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ تَمَنَّ. فَيَتَمَنَّى حَتَّى إِذَا انْقَطَعَتْ أُمْنِيَّتُهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَمَنَّ كَذَا وَكَذَا. أَقْبَلَ يُذَكِّرُهُ رَبُّهُ، حَتَّى إِذَا انْتَهَتْ بِهِ الأَمَانِىُّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ لأَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنهما - إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَمْ أَحْفَظْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ قَوْلَهُ «لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ إِنِّى

130 - باب يبدى ضبعيه ويجافى فى السجود

سَمِعْتُهُ يَقُولُ «ذَلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ». طرفاه 6573، 7437 - تحفة 13151، 14213، 4045، 4156 - 205/ 1 قيل: إنه يَحْرُم على النار أن تَأْكُلَ أعضاءَ السجود. وقيل: الرأس، والجبهة فقط. وفيه خلافٌ بين النووي في «شرح مسلم»، والحافظ رحمه الله تعالى، فليحرَّر كلام الحافظ، فإن كلامه مُؤَثِّرٌ هنا. ولا بُعْدَ أن يكون فيه غلطٌ من الناسخ، فإن نسخته الجديدة مملوءةٌ من الأغلاط وصححتها، فبلغت أغلاطها إلى خمس مئة. والعلم عند الله سبحانه وتعالى. 806 - قوله: (يُحْشرُ الناس)، هذا كلامٌ مُسْتَأْنَفٌ. قوله: (فيأتيهم الله)، وقد مرَّ مني: أن الأفعال اللازمة المُسْتَعْمَلة في الحضرة الإلهية يُرَاد بها: تَعَلُّق تلك الصفة بالمحل، والمتعدية منها يُرَاد بها: إحداث هذا المحل وإيجاده. فالإتيان والنزول والاستواء كلها أفعال لازمة، فَيُرَاد بها: تَعَلُّق هذه الصفات بالمحل، وهذه كلُّها تجلِّيات للرب جلَّ مجده. قوله: (كلاليب): هي علائق النفس تَتَجَسَّدُ هناك. قوله: (بآثار السجود). وعند مسلم ما يَدُلُّ على استثناء دَارة الوجه فقط. قلتُ: ولعلَّ الحال يكون مختلفًا، فتأكل النارُ بعضَهم غير دَارة وجههم، وبعضَهم أعضاءَ سجودهم كلَّها. واسْتُفِيدَ منه: أن العبادات أيضًا تَذْهَبُ إلى جهنم، إِلا أن النار لا تُؤَثِّرُ فيها أصلا. قوله: (حَمِيل السيل) (روكا ملغوبا). قوله: (ثم يفرغ الله من القضاء) إطلاق الفراغ مشاكلة فقط فإنه إذا لم يكن له شغل لم يكن له فراغ. قوله: (لك ذلك ومِثْلُهُ معه. قال أبو سعيد: إني سمعته يقول: ذلك لك وعشرة وأمثاله). قيل: ولعلَّهما حديثان، فحَفِظَ كلٌّ ما لم يحفظه الآخر. وقيل: المثل جنس يَصْدُق على الكثير أيضًا، فيقع على الأمثال. وما تبيَّن لي أن لفظَ الحديث كان: «ومثله عشر مراتٍ» بالتعاطف هكذا: مثله، ومثله، ومثله، ... إلخ. فاستوفى أبو سعيد كلَّه في لفظٍ، واقْتَصَرَ آخرُ على مرةٍ منها. 130 - باب يُبْدِى ضَبْعَيْهِ وَيُجَافِى فِى السُّجُودِ 807 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ هُرْمُزَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ نَحْوَهُ. طرفاه 390، 3564 - تحفة 9157 - 206/ 1 131 - باب يَسْتَقْبِلُ بِأَطْرَافِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ قَالَهُ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِىُّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -.

132 - باب إذا لم يتم السجود

132 - باب إِذَا لَمْ يُتِمَّ السُّجُودَ 808 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَهْدِىٌّ عَنْ وَاصِلٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ رَأَى رَجُلاً لاَ يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلاَ سُجُودَهُ، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ مَا صَلَّيْتَ - قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ - وَلَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ سُنَّةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 389، 791 - تحفة 3344 قال الحافظ رحمه الله تعالى: إن حديث ابن بُحَيْنَة المُعَلَّق ههنا ظاهره وجوب التفريج المذكور، لكن أخرج أبو داود ما يَدُلُّ على أنه للاستحباب، وهو حديث أبي هُرَيْرَة رضي الله تعالى عنه: «شكا أصحابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم له مَشَقَّةَ السجود عليهم إذا انْفَرَجُوا، فقال: اسْتَعِينُوا بالرُّكَب». وترجم له بالرخصة في ذلك، أي: في تركِ التفريج. قال ابن عَجْلانِ - أحد رواتهِ: وذلك أن يَضَعَ مِرْفَقَيْهِ على رُكْبَتَيْه إذا طال السجود وأعْيَا. وقد أخرج الترمذيُّ الحديثَ المذكورَ، ولم يقع في روايته: «إذا انفرجوا»، فترجم له: ما جاء في الاعتماد إذا قام من السجود، فجعل محل الاستعانة بالرُّكَب لمن يَرْفَعُ من السجود طالبًا للقيام. واللفط مُحْتَمِلٌ لِمَا قَال، لكن الزيادة التي أخرجها أبو داود تُعَيِّنُ المراد. اهـ. قلتُ: شرح أبي داود مرجوحٌ عندي، أمَّا شرح الترمذي فله وجهٌ. وحاصله على ما نقله الحافظ: أن المرادَ من الاستعانة بالرُّكَب: الاستعانةُ عند النهوض من السجود، دون الاستعانة بالمِرْفَقَيْن حال السجود، لكن لفظه عندنا هكذا: باب الاعتماد في السجود. وظاهرُه رَاجِعٌ إلى شرح أبي داود، لكن لمَّا نقل عنه الحافظ ما يَدُلُّ على الاعتماد حين القيام، نَاسَبَ أن يُؤَوَّل في النسخة التي بأيدينا أيضًا، بأن يُقَالَ: معنى الاعتماد في السجود: الاعتماد في القيام من السجود. ثم هذا التأويلُ لا يجري فيما أخرجه الترمذيُّ من متن الحديث عندنا، لأن فيه: «أن أصحابه اشتكوا مَشَقَّةَ السجود عليهم إذا تَفَرَّجُوا، فقال: استعينوا بالرُّكَب». وهذا يَدُلُّ على أن الشِّكَاية كانت في حال السجود، لا في حال القيام من السجود (¬1). وأخرجه الطَّحَاوِيُّ في باب التطبيق في الركوع، وليس فيه لفظة: «إذا تفرَّجُوا». ولذا وَسِعَه أن يَحْمِلَهُ على الاستعانة بالرُّكَب في الركوع على خلاف التطبيق. فتحصَّل من المجموع ثلاثة شروح: الأول للترمذيِّ، وحاصلُه على لفظ الحافظ: اسْتَعِينُوا بالرُّكَب عند القيام من السجود لئلا يَشُقُّ عليكم التفريج. والثاني للطَّحَاوِيِّ: أي اسْتَعِينُوا بالرُّكبِ في الركوع بالقبض عليها - على خلاف التطبيق - مخافةَ أن تَسْقُطُوا. والثالث لأبي داود: أي اسْتَعِينُوا بالمرافق في حال السجود خَشْيَةَ أن تَتْبَعُوا ولا يحتمل لفظ أبي داود غير هذا الشرح، بخلاف لفظ الترمذيِّ، ¬

_ (¬1) قلتُ: إن ترجمة الترمذي لا تُوجَدُ عندنا على ما نقله الحافظ رحمه الله تعالى. كذلك متن الحديث أيضًا ليس عندنا على اللفظ الذي نقله، لأنه قال: إن لفظ: "إذا انْفَرَجُوا" لم يقع في روايته مع أنه واقعٌ عندنا كما عَلِمْتَ والفرق بالانفعال والتفعُّل لا يُجْدِي، فالحديث على ما نقله يُطَابِقُ ترجمته عند الحافظ رحمه الله تعالى بدون تأويلٍ. وأمَّا إذا كان لفظُ الحديث كما هو عندنا، فلا يُطَابِقُ إلَّا الترجمة التي في نسختنا، إلَّا أن يُؤَوَّل في الحديث والترجمة كليهما، وحينئذٍ، يكون مآله إلى النسخة التي عند الحافظ رحمه الله تعالى.

فإنه وإن كان على اللفظ الذي عندنا، لكنه يحتمل أن يُرَادَ فيه من الاستعانة: الاستعانةُ عند القيام، كما مرَّ منا تأويله. قلتُ: وقد تكلَّم عليه الطَّحَاوِيُّ عند بيان التفقُّه فيه بما يَدُلُّ على أنه أدرك سرَّ الصلاة. فقال ما حاصله: إن بُنْيَة الصلاة تُبْنَى على المُرَاوَحة، والتفريق بين الأعضاء، والمجافاة والتفرُّج بينها، وعدم استعانة بعضها من بعض، وعدم اعتماد أحدها على الآخر، فإنه أَمَرَ في القيام بصف القدمين وهو تفريقُهما. وكذلك في السجود بأن يُؤَدِّيه على سبعة آراب، ومآلُه هو التفريقُ بينها، وعدمُ استعانة بعضها ببعض، وهو محطُّ التفريج. فإذا كان الحال في القيام والسجود كذلك، فينبغي أن يكونَ في الركوع أيضًا مثله، فَيُفَرِّقُ بين الأيدي ولا يُطْبِقُ، لأنه أيضًا نوعُ استعانةٍ ولعَمْرِي هو كلامٌ في غاية المتانة. فإذا كان الأمر كما حرَّره الطَّحَاوِيُّ، فلعلَّهم ما كانوا يَسْتَعِينُون في صلواتهم بالرُّكَب عند الخرور إلى السجود، والرفع منه، كما نقل عن ابن عمر رضي الله عنه فإنه لم يكن يستعين بالركب عند الذهاب إلى السجود ولا عند القيام منه، وكان يذهب إلى السجود ويرفع عنه كذلك بدون استعانة من الركب وحينئذٍ فالظاهر أن شكايتهم كانت في العسر في الخرور والرفع كذلك فرخَّص لهم في ذلك: أن يَسْتَعِينُوا بالرُّكَب. فالصوابُ عندي أن الحديثَ محمولٌ على الاستعانة بالرُّكَب عند النهوض، وعند الخُرُور إلى السجود، ولا يأباه إلا لفظ التفرُّج عند الترمذيِّ. ويمكن شرحه: أن المراد من التفرُّج في السجود: هو عدم الاعتماد، وعدم الاستعانة عند القيام منه، والذهاب إليه كذلك. مع أنه ليس عند الطَّحَاوِيِّ، وهو الذي رَامَهُ عمر رضي الله عنه من قوله، كما عنده: «أَمِسُّوا» فقد سُنَّت لكم الرُّكب»، فإن لفظَ الإمساس ناظرٌ إلى ما قلنا. وعند الترمذيِّ عنه: إن الرُّكَب سُنَّت لكم، فخذوا بالرُّكَب». ورواه البيهقي بلفظ: «كنا إذا رَكَعْنَا جعلنا أيدينا بين أفخاذنا، فقال عمر: إن من السُّنَّة الأخذ بالرُّكَب». ولفظ عمر رضي الله عنه هذا، ولفظ المرفوع: «استعينوا بالرُّكَب» بمعنى، فليس هذا الاستعانة في السجود أصلا كما ضرح أبو داود. ثم يُسْتَفَادُ من الحديث أن تلك الاستعانة رُخْصَةٌ، ومعنى الرَّخْصَةِ فيه ظاهرٌ. ولذا كان ابن مسعود رضي الله عنه يُطْبِقُ بين يديه عملا بالعزيمة، ونحوه عن عليّ رضي الله عنه أيضًا. فالطعنُ عليه تَعَسُّفٌ، على أن الأُسْوَةَ عنده صلاة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وكان طَبَّق فيها. وقد عَلِمْنَا من عادات الصحابة رضي الله عنهم: أنه إذا اتفق لهم أمرٌ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم دَاوَمُوا عليه، وذلك غيرُ قليلٍ منهم. والحاصلُ: أن الطَّحَاوِيَّ أخذ الاستعانةَ بالرُّكَب عند الذهاب إلى الركوع، وأخذها الترمذيُّ عند النهوض من السجود، وأخذتهما عند الذهاب، وعند النهوض كليهما، فإن العُسْرَ فيهما على السواء. وإنما حَمَلَني على ذلك الشرح تفقُّه الطَّحَاويِّ، وترجمة الترمذيِّ على ما نقلها الحافظُ رحمه الله، فهو الشرح للحديث عندي، ولا بحثَ لنا عن ترجمة الترمذيِّ. فليكن

133 - باب السجود على سبعة أعظم

على لفظ الحافظ رحمه الله، أو على ما في أيدينا، فلا تُسْرِعْ في الرَّدِّ والقَبُول، فرُبَّ عَجَلَةٍ تُفْضِي إلى عَثْرَةٍ (¬1). 133 - باب السُّجُودِ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ 809 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أُمِرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ، وَلاَ يَكُفَّ شَعَرًا وَلاَ ثَوْبًا الْجَبْهَةِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ. أطرافه 810، 812، 815، 816 - تحفة 5734 810 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أُمِرْنَا أَنْ نَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ وَلاَ نَكُفَّ ثَوْبًا وَلاَ شَعَرًا». أطرافه 809، 812، 815، 816 - تحفة 5734 811 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِىِّ حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ - وَهْوَ غَيْرُ كَذُوبٍ - قَالَ كُنَّا نُصَلِّى خَلْفَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَضَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - جَبْهَتَهُ عَلَى الأَرْضِ. طرفاه 690، 747 - تحفة 1772 وحاصلُه: أن يَسْجُدَ بحيث يكونُ الساجدُ سبعًا، لا أن يَسْجُدَ هو ويكون السبعُ آلاتٍ له فقط. ¬

_ (¬1) قلتُ: وتلخيصُ الكلام: أن قولَه: "اسْتَعِينُوا بالرُّكب ... " إلخ في حال السجود عند أبي داود، وهو مرجوحٌ عند الشيخ، وعند الترمذي: في الاستعانة في القيام من السجود على لفظ الحافظ، وعند الطَّحاويِّ: في الاستعانة في الذهاب إلى السجود على عكس الترمذي. وذلك للفظ السجود عند الترمذيِّ، فأخذه فيه، وعدمه عند الطَّحاويِّ، فأمكن حمله على الاستعانة في الذهاب: وجمع الشيخُ رحمه الله تعالى بينهما، وجعله من باب حفظ كل ما لم يحفظه الآخر، فكان اللفظان عند أبي هريرة رضي الله عنه، واقتصر أحدُ رواته على واحدٍ منهما عند الترمذيِّ، وعلى الآخر عند الطَّحاوي. والتامُّ هو المجموع، فليس هذا الحديث في السجود فقط، ولا في الركوع فقط، بل فيهما. ومعنى شِكَاية التفرُّج في السجود عند الترمذي: أي الذهاب إلى السجود، والرفع منه متفرّجًا بدون استعانة، هذا ما حَصَلَ لي. قلتُ: والذي فَهِمْتُه من كلام الطَّحَاوِي: أن الحديثَ عنده محمولٌ على الأخذ بالرُّكَب، على خلاف التطبيق، دون الاستعانة بالرُّكَب للخُرُور إلى السجود، وَيظْهَرُ من تقرير الشيخ على ما هو عندي أنه أخذه في الاستعانة عند الانتقال من القَوْمة إلى السجود، ولا يَظْهرُ من كتابه، ويمكن أن يكونَ عَزَاه إليه على طريق اللازم، فإن المعنى في نسخ التطبيق عنده: عدمُ الاستعانة، ولا فرق في ذلك في الأخذ بالرُّكَبِ، والاستعانة عند الانتقال إلى السجود، فإنهما استعانةٌ في الصلاة، فاستَوَيَا في كونهما رُخْصةً، وصَحَّ أن يُقَال: إن أخذَ الحديث في الاستعانة بالرُّكب عند الانتقال أيضًا لاتحاد المعنى. والله تعالى أعلم بمراد عباده، فليحرِّره. وكنت أنظر في كلام الشيخ رحمه الله تعالى هذا إلى زمانٍ طويل، ولم أكن أَفقَهُهُ، ولا كنت آمَلُ منه، فتركته حتى منَّ اللهُ عليَّ بتسويد هذه الأوراق، وحينئذٍ أَوْغَلْتُ في طلبه ثانيًا، حتى كُشِفَ لي مراده. وفي النفس منه بعضُ شيءٍ بَعْدُ، وإنما أوضحناه حَسَب ما يسَّر لنا الحالُ، والأمر بعدُ بيد الله المتعال.

134 - باب السجود على الأنف

وفي الخارج: أن الأشعارَ أيضًا تَسْجُدُ، ولذا نهى أن يُصَلِّي مقصوصًا. وفي الآثار: أن الثيابَ تَسْجُدُ أيضًا، فنهى عن كفِّها. فإذا كان حال الثياب والأشعار هذا، فما بال الأعضاء. وادَّعَيْتُ منه: أن اليدين أيضًا تركعان، كما أنهم تَسْجُدَان، وليستا بمُعَطَّلَتَيْن. واختار ابن الهُمَام: أن وضُعَ السبعة واجبٌ. وفي المشهور: وجوب وضع الجبهة وإحدى الرجلين فقط، ووضعُ البواقي سنةٌ. قلتُ: ولعلَّ للجبهة مَزِيَّةً على سائر الأعضاء، اختصاصًا بحقيقة السجود ما ليس لسائرها، كما يُعْلَمُ ذلك من الأدعية الواردة في السجود، فأمكن أن يكونَ القولُ المشهور كاشفًا لهذا المعنى. وحينئذٍ ينبغي أن يبقى في النظر فقط دون العمل. وبعبارةٍ أخرى: إن القول المشهور ليس لبيان ما ينبغي في العمل، بل لبيان اختصاص الجبهة بحقيقة السجدة. قوله: (لم يَحْنِ). وقد مرَّ أنه كان حين بَدُن النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وكانوا خِفَافًا، فلو قَارَنُوا معه في الأفعال، ربما أمكن أن يتقدَّمُوا عليه، وقد نُهُوا عنه. فلذا أُمِرُوا بالتعقيب، لأن التعقيبَ سنةٌ وأصلٌ. ولذا قلتُ: إن من صلَّى مع الإِمام، وليس معه غيره، يتأخَّرُ عنه بيسيرٍ، كما هو عن محمد رحمه الله تعالى، لئلا يتقدَّم، فَتَفْسُدُ صلاته. 134 - باب السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ 812 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ - وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ، وَلاَ نَكْفِتَ الثِّيَابَ وَالشَّعَرَ». أطرافه 809، 810، 815، 816 - تحفة 5708 وهو روايةٌ عن إمامنا رحمه الله تعالى، ونقل الشاميُّ الرجوعَ عنها، فلا يُجْزِىءُ الاقتصار عليه إلا من عُذْرٍ. قلتُ: ولعلَّ الإِمامَ لم يَرْجِعْ عنه ثم اعلم أن الجبهةَ واحدٌ، والجبين: اثنان، وهما قرنا الرأس. 812 - قوله: (وأَشَارَ)، فسمَّى الجبهةَ، وأَشَارَ إلى الأنف. ويجري فيه ما ذَكَرَهُ صاحب «الهداية» في باب المهر: أن التسميةَ إذا تَعَارَضَتْ بالإِشارة، فهل تُعْتَبَرُ بالإِشارة أو بالتَّسْمِيَةِ. ثم حرَّر أن العبرةَ عندنا بالإِشارة، فإنها أبلغ بالتعيين. وحينئذٍ لمَّا كانت الإِشارةُ إلى الأنف، دَلَّت على أن الاقتصارَ عليه كافٍ. واعْتَرَضَ عليه ابن دقيق العيد أن قوله إلى الأنف تعبيرٌ من الراوي، لاتحاد جهة الأنف والجبهة، فكيف تعيَّن كونها إلى الأنف؟ لِمَ لا يجوز أن يكونَ أشار إلى الجبهة، ولمَّا كانت جبهته جهة الأنف، عبَّر عنه الراوي بما ترى؟ قوله: (ولا يَكْفِت الثياب)، دلَّ النهيَّ على سجود الثياب أيضًا، وَسَيُبَوِّبُ المصنِّفُ رحمه الله تعالى بباب عقد الثياب لِمَا يُتَوَهَّمُ من النهي الإطلاق، مع أنه ثَبَتَ إذا خاف الانكشاف، كما في التوشُّح، والمخالفة بين الطرفين والعقد. 135 - باب السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ في الطِّينِ 813 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ انْطَلَقْتُ إِلَى

136 - باب عقد الثياب وشدها ومن ضم إليه ثوبه إذا خاف أن تنكشف عورته

أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ فَقُلْتُ أَلاَ تَخْرُجُ بِنَا إِلَى النَّخْلِ نَتَحَدَّثْ فَخَرَجَ. فَقَالَ قُلْتُ حَدِّثْنِى مَا سَمِعْتَ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ. قَالَ اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ الأُوَلِ مِنْ رَمَضَانَ، وَاعْتَكَفْنَا مَعَهُ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ إِنَّ الَّذِى تَطْلُبُ أَمَامَكَ. فَاعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ، فَاعْتَكَفْنَا مَعَهُ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ إِنَّ الَّذِى تَطْلُبُ أَمَامَكَ. فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَطِيبًا صَبِيحَةَ عِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ فَقَالَ «مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلْيَرْجِعْ، فَإِنِّى أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَإِنِّى نُسِّيتُهَا، وَإِنَّهَا فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فِى وِتْرٍ، وَإِنِّى رَأَيْتُ كَأَنِّى أَسْجُدُ فِى طِينٍ وَمَاءٍ». وَكَانَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ جَرِيدَ النَّخْلِ وَمَا نَرَى فِى السَّمَاءِ شَيْئًا، فَجَاءَتْ قَزْعَةٌ فَأُمْطِرْنَا، فَصَلَّى بِنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ وَالْمَاءِ عَلَى جَبْهَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَرْنَبَتِهِ تَصْدِيقَ رُؤْيَاهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ الحُمَيِديُّ يَحْتَجُّ بِهَذا الحَدِيثِ يَقُول: لَا يَمْسَحُ. أطرافه 669، 836، 2016، 2018، 2027، 2036، 2040 - تحفة 4419 - 207/ 1 قال الفقهاء إذا كان وَحْلا لا يمكن السجود عليه حيث يَدُسُّ الوجهَ فيه، يُؤَخِّرُ الصلاة. 136 - باب عَقْدِ الثِّيَابِ وَشَدِّهَا وَمَنْ ضَمَّ إِلَيْهِ ثَوْبَهُ إِذَا خَافَ أَنْ تَنْكَشِفَ عَوْرَتُهُ 814 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ كَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُمْ عَاقِدُو أُزْرِهِمْ مِنَ الصِّغَرِ عَلَى رِقَابِهِمْ فَقِيلَ لِلنِّسَاءِ لاَ تَرْفَعْنَ رُءُوسَكُنَّ حَتَّى يَسْتَوِىَ الرِّجَالُ جُلُوسًا. طرفاه 362، 1215 - تحفة 4681 يريدُ أن العقدَ عند خَوْف الانكشاف ليس من الكفِّ الممنوع. قوله: "فقيل للنساء: لا تَرْفَعْنَ رُؤُوسَكُنَّ" إلخ. دلَّ على أن المعتبر في السَّتْرِ: هو السَّتْرُ في نفسه، فلو تعمَّق أحدٌ في النظر ورآها لم يمنع، ثم هذا كله عند سَعَةِ الثياب. أمَّا في الحديث، فكان لقلّة الثياب إذ ذاك، كما صَرَّح به الراوي عند مسلم. 137 - باب لاَ يَكُفُّ شَعَرًا 815 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - وَهْوَ ابْنُ زَيْدٍ - عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أُمِرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ، وَلاَ يَكُفَّ ثَوْبَهُ وَلاَ شَعَرَهُ. أطرافه 809، 810، 812، 816 - تحفة 5734 (لا يكف شهرًا) وذلك لِما مَرَّ: «أنها تَسْجُدُ أيضًا»، إِلا أن الحديثَ فيه لَمَّا لم يكن على شرطه، أخرج له حديثَ السجود على سبعة أَعْظُم ... إلخ، وإنما أراد بذلك التنبيه على سجود تلك الأعضاء، وأنها تَسْجُدُ أيضًا، بمعنى: «إنَّ لها سجودًا برأسه، إِنَّ الإنسَانَ ساجدٌ وتلك آلاتها فقط. 138 - باب لاَ يَكُفُّ ثَوْبَهُ فِى الصَّلاَةِ 816 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ

139 - باب التسبيح والدعاء فى السجود

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةٍ، لاَ أَكُفُّ شَعَرًا وَلاَ ثَوْبًا». أطرافه 809، 810، 812، 815 - تحفة 5734 والسَّدْلُ (¬1) والكفُّ ممنوعان عندنا أيضًا، فالمطلوبُ هو الاعتدالُ في الصلاة. أمَّا تفسيرُ السَّدْل فراجعه من «المغرب» للطبري، فإنه لخصَّ فيه «المعجم» وذكر فيه لغات فقه الحنفية. وأمَّا لُغَاتُ فقه الشافعية، فمذكورةٌ في «التهذيب». 139 - باب التَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ فِى السُّجُودِ 817 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى مَنْصُورٌ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِى رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى» يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ. أطرافه 794، 4293، 4967، 4968 - تحفة 17635 وجملةُ الأحاديث أن الأدعيةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ثَبَتَ في عِدَّة مواضع: بعد التحريمةِ قبل القراءةِ، وبعد القراءةِ قبل الرُّكُوعِ، وفي الرُّكُوعِ، وفي القَوْمةِ، وفي السَّجْدَةِ، وبين السجدتين، وبعد التشُّهد قبل التسليم. ولو عدَّدنا ما عند الطبراني لازداد موضعٌ آخر، وهو: «أنه قال بعد الفاتحة: آمين ثلاث مراتٍ». وفي لفظٍ: «أنه قال: آمين، ثم قال: اللهم اغفر لي». ثم إذا دَعَا ¬

_ (¬1) قال الحافظ التُّورِبشتي في "شرح المصابيح": إني تفكَّرْتُ في معناه بعد التدبُّر لسياق لفظه، فرأيت غير ذلك المعنى -ما ذكره آخرون- أمثل من طريق المُطَابقة، وذلك لأن إرسالَ الثوب حتى يصيبَ الأرضَ منهيُّ عنه على الإطلاق، وفي الحديث خصَّ النهي بالسَّدْل في الصلاة، فلا بدَّ له من فائدة، ثم رَدَّ على مَنْ ذكر فائدته التأكيد في حقِّ المُصَلي، ثم ذكر شرحه من عند نفسه، فقال: إنما خصَّ بالمصلي، لأن العرب من عادتهم أن يَشُدُّوا الإزار على أوساطهم فوق القميص كل الشدِّ في حال المشي، فإذا انتهوا إلى مجالسهم حلُّوا العُقْدَة، وأَسْبَلُوا الإزار حتى يُصِيبَ الأرض، ثم رَبَطُوه بعضِ الربط، لأن ذلك أروحُ لهم، وأسمحُ لقيامهم وقعودهم. وكانوا يَصْنَعُون وذلك في الصلاة، فَنَهُوا عنه، لأن المُصَلِّي لم يكن لِيَأمَنَ أن تَنْحَلَّ العقدَةُ، أو تَتَشَبَّثَ فيه عند النهوض رِجْله، فَيَنْفَصِلُ عنه، فيكون مصليًا في ثوبٍ واحدٍ، وهو منهيٌّ عنه، أو يتشاغل بإمساكه عن نفسه، فيجدُ الشيطان به سبيلًا إلى تخبُّطه في الصلاة. وربما يَضُمُّ إليه جوانب ثوبه، فَتَصْدُرُ عنه الحركات المتداركة، فلهذه المعاني نهى عنه. ولم أُقْدِم على استنباط معنى هذا الحديث إلَّا بعد أن كنت شاهدت تلك الهيئة من أُناسِ أهل مكة يعتادونها، ويأتون بها في مجالسهم -والله تعالى أعلم. انتهى ملخَّصًا-. ويقول العبدُ الضعيف: لا شكَّ في متانة كلامه، غير أنه يُبْنَى على أن معنى السَّدْل: إرسال الثوب حتى يُصِيب الأرضَ، كما صرَّح هو به. وهذا تفسيرُ الإسبال عند فقهائنا، أمَّا تفسيرُ السَّدْل عندهم فهو: أن يجعلَ الثوبَ على رأسه وكتفيه، ويُرْسِلَ أطرافَه من جوانبه. وفي "المستخلص": أن جعل القَبَاء على الكتف، ولم يُدْخِل يديه في الكُمَّينِ، فهو مكروهٌ أيضًا، سواء كان تحته قميص أو لا - وفسَّره الترمذيُّ باشتمال الصماء عند اليهود. ثم السَّدْلُ بهذا التفسير يُكرَهُ في الصلاة دون الخارج، بخلاف الإسبال، فإنه ممنوعٌ مطلقًا. ولعله حمل السَّدْلَ على اللغة دون ما هو مصطلح الفقهاء. ولا ريب أن حمل الأحاديث على المعاني اللُّغوية، أَوْلَى من حملها على المعاني الفقهية، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال.

140 - باب المكث بين السجدتين

أحدٌ في غير المواضع المشهورة أحيانًا، حسَّنه الشارع أيضًا، ولم يُعَنِّفْهُ عليه. وقد قدَّمنا عن المحقِّق ابن أمير الحاج: أن الأدعيةَ والأذكارَ كلَّها تجوز في الصلوات كلِّها، وفي الفرائض أيضًا بشرط عدم التثقيل على القوم، غير أن المكتوباتِ لما كان مبناها على التخفيف، كما تَدُلَّ عليه قصة مُعَاذ رضي الله عنه وغيرها، لم يَجْرِ العملُ بها عندنا في المكتوباتِ، حتى تَرَكُوا ذكرها في الكُتُب أيضًا، بخلاف النوافل، فإِنَّها على رأيه فإِن شاء طوَّلها أطول من أطول، فوضعوها فيها. وفي «المبسوط» (¬1) ما يَدُلُّ على عدم جوازها في المكتوبات. 817 - قوله: (يتأوَّل القرآن): أي هذه كانت صورة العمل بالاستغفار المأمور به في سورة الفتح. وعن عائشةَ رضي الله عنها: «أنه صلى الله عليه وسلّم جعلها وظيفةً له بعد نزولها، قاعدًا وقائمًا، آيبًا وذاهبًا»، لأنه كان فيها خبرُ وفاته، فكان الإِكثار في آخره. وحينئذٍ لو ادَّعى أحدٌ أن هذا الدعاء ينبغي أن يَقْتَصِرَ عليه صلى الله عليه وسلّم ولا يكون سنةٌ في حقِّنا، كان له وجهٌ. 140 - باب الْمُكْثِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ 818 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ أَنَّ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ قَالَ لأَصْحَابِهِ أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ صَلاَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَذَاكَ فِى غَيْرِ حِينِ صَلاَةٍ، فَقَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَكَبَّرَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَامَ هُنَيَّةً، ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ هُنَيَّةً، فَصَلَّى صَلاَةَ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ شَيْخِنَا هَذَا. قَالَ أَيُّوبُ كَانَ يَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ أَرَهُمْ يَفْعَلُونَهُ، كَانَ يَقْعُدُ فِى الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ. أطرافه 677، 802، 824 - تحفة 11185 - 208/ 1 819 - قَالَ فَأَتَيْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ فَقَالَ «لَوْ رَجَعْتُمْ إِلَى أَهْلِيكُمْ صَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِى حِينِ كَذَا، صَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِى حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» أطرافه 628، 630، 631، 658، 685، 2848، 6008، 7246 - تحفة 11185 820 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ كَانَ سُجُودُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَرُكُوعُهُ، وَقُعُودُهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ. طرفاه 792، 801 - تحفة 1781 821 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ إِنِّى لاَ آلُو أَنْ أُصَلِّىَ بِكُمْ كَمَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى بِنَا. قَالَ ثَابِتٌ كَانَ أَنَسٌ يَصْنَعُ شَيْئًا لَمْ أَرَكُمْ تَصْنَعُونَهُ، كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَامَ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ قَدْ نَسِىَ. وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ قَدْ نَسِىَ. طرفه 800 - تحفة 298 واعلم أن التَّعْدِيلَ في المواضع الأربعة سنةٌ في تخريج الجُرْجَاني، وعند الكَرْخِي: واجبٌ في الركوع والسجود، وسنةٌ في القَوْمَةِ والجِلْسَة، واختار الشيخُ ابن الهُمَام الوجوبَ في ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: هكذا في مذكرتي من كلام الشيخ وما راجعته فإن لم يكن في الأصل كذلك فهو مني ومن سبق قلمي.

141 - باب لا يفترش ذراعيه فى السجود

المواضع كلِّها. ثم في كُتُب الحنفية: إنه فرضٌ عند أبي يوسف رحمه الله تعالى، وواجبٌ عندهما. وهذا يَدُلُّ على ثبوت الخلاف بين أئمة الحنفية، ولم يتحقَّق عندي بينهم خلافٌ، لأن الطحَاويَّ لم يَذْكُر فيه خلافًا، بين أئمتنا، مع كونه أعلم بمذهبنا. وفي «البدائع» عن أبي حنيفة لمن تَرَكَهُ: أخشى عليه أن لا تَجُوزَ صلاته، فدَلَّ على عناية الإمام بالتعديل جدًا. فمن نَسَبَ إلينا أن معاشرَ الحنفية لا يُبَالُون به، فقد أتى ببهتانٍ عظيمٍ. والذي ظَهَرَ لي: أن لا خلافَ في المسألة أصلا، فإن التعديلَ بقدر انقطاع الحركة الانتقالية فرضٌ عندنا أيضًا، وهذا هو الذي يعني الشافعية بركنيته، وقدر تسبيحةٍ واجبٌ، وبعد ذلك فهو سنةٌ، وإذن لم يَبْقَ بيننا وبينهم خلافٌ. ثم اعلم أن الأدعيةَ في القَوْمة وردت في «الصحيحين». وأمَّا في الجِلْسَة، فمذكورةٌ في «السنن» مع مناقشته فيها، فدَلَّ على خِفَّة أمرها في الجلْسَة بالنسبة إلى القَوْمة. وهي فريضةٌ عند أحمد في الجِلْسَة، وأقلُّها أن يقولَ: اللهم اغفر لي. قلتُ: وينبغي الاعتناء بها للحنفي أيضًا، لأن الركوعَ والسجودَ لا يأتي فيهما التقصير، لمكان تلك الأذكار الموضوعة فيها، بخلاف القَوْمة والجِلْسَة، فإن التقصيرَ يأتي فيهما كثيرًا. ولذا أقول باعتناء الأذكار فيهما أيضًا. 818 - قوله: (قال أيُّوبُ: كان يَفْعلُ شيئًا لم أَرَهُم يَفْعَلُونَه: كان يَقْعُدُ في الثالثة أو الرابعة) فيه دليلٌ على خُمُول جَلْسَة الاستراحة وقلَّتها جدًا. ومع ذلك ثَبَتَت في الروايات، وصرَّح الحلواني بجوازها، ومن صرَّح منها بالكراهة، فلْيَحْمِلْها على تطويلها على القَدْر المُعْتَاد، وإلا فهو مخالفٌ للحديث. قوله: (لَمْ أَرَهُمْ)، وفيه دليلٌ على شِدَّة خمول جِلْسَة الاستراحة، فإن القائلَ تابعي لا يَنْقُلُ إلا من عمل الصحابة رضي الله تعالى عنهم والتابعين. وهو حُجَّةٌ قاطعةٌ عندي لنفي جِلْسَة الاستراحة، لأن أقوى الحُجَجِ عندي: هو التوارث والتعامُل، لا سِيَّما إذا كان فيما يَكْثُرُ وقوعه، كَجِلْسَة الاستراحة. 141 - باب لاَ يَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهِ فِى السُّجُودِ وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ سَجَدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَوَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلاَ قَابِضِهِمَا. 822 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اعْتَدِلُوا فِى السُّجُودِ، وَلاَ يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ». أطرافه 241، 405، 412، 413، 417، 531، 532، 1214 - تحفة 1237 وعند أبي داود وعن ابن عمر: «أن اليدين تَسْجُدَانِ أيضًا». وسجودهما: بأن تكون صاعدةً من الأعلى وخافضةً من الأسفل. وبالافتراش تَنْعَدِمُ تلك الهيئة، فَيَنْعَدِمُ سجودها، وقد مرَّ أن الشرعَ أراد حِفْظَ الصلاة عن الهيئة القبيحة والتشبُّه بالحيوانات، وفي الافتراش ذلك، فإِن الكلبَ يَفْتَرِشُ ويُقْعِي، ولو فعله أحدٌ في التراويح إذا تَعِبَ وَسِعَه ذلك. واعلم أن المطلوبَ عند الشارع أن يكونَ المصلِّي في صلاته على أعدل حالٍ وأحسن هيئةٍ قال تعالى: {خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] من ههنا حذَّرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أن يختار

142 - باب من استوى قاعدا فى وتر من صلاته ثم نهض

أقبح الهيئة في صلاته، كانبساط الكلب، والتفات الثعلب، ونَقْرَة الدِّيك، أو الغُرَاب، وعُقْبَة الشيطان، وبروك الجمل، وتوطين البعير، وتذبيح الحمار (¬1). فمن كان خُلِقَ على أحسن تقويمٍ، لا ينبغي له أن يَحْضُرَ بين يدي خالقه على هيئة الأنعام. 142 - باب مَنِ اسْتَوَى قَاعِدًا فِى وِتْرٍ مِنْ صَلاَتِهِ ثُمَّ نَهَضَ 823 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ اللَّيْثِىُّ أَنَّهُ رَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى، فَإِذَا كَانَ فِى وِتْرٍ مِنْ صَلاَتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِىَ قَاعِدًا. تحفة 11183 - 209/ 1 الآن تَرْجَم المصنِّفُ رحمه الله تعالى على جَلْسَة الاستراحة، وَفَهِمَ منها الحافظُ رحمه الله تعالى: أنه اختارها، وأنها سنةٌ عنده. قلتُ: أمَّا كونها سنةً، فقد عَلِمْتَ حاله ممَّا قاله أيُّوبُ رضي الله عنه آنفًا، نقل عن أحمد رحمه الله تعالى من عدم ثبوتها في الأحاديث إِلا قليلا، ومن اختياره الترك بنفسه، وإن ثَبَت عنه في الآخر، فهو الكِبَر لا للرُّجُوع عنه كما فُهِمَ، وأمَّا كون المصنِّف رحمه الله تعالى اختاره، فلا دليلَ فيه أيضًا، لأنه لم يُفْصِح به، بل وضع لَفظ: «مِنْ إشارةً إلى خِفَّة أمرها، كأنه أشار إلى مُسْكة من اختار الرفعَ، والنظرُ إذا دار في مسألةٍ فَعَلَ فيها المصنِّفُ رحمه الله تعالى كذلك، ولا يتولَّى به بنفسه. وقد مرَّ مِنَّا أن من جَلَس جَلْسة الاستراحة، فلا يَخْلُو إمّا أن يُكبِّرَ للنهوض تكبيرةً أخرى، أو يطوِّلَ تكبيرةَ الرفع من السجود، أو يقطعها. فعلى الأول يَلْزَمُ الزيادة على أعداد التكبير، وعلى الثاني يَلْزَمُ العُسْر، وعلى الثالث يَلْزَمُ خلاف المعهود من التكبير عند كل خفضٍ ورفعٍ. وليس هذا إِلا لِمَا عَلِمْتَ من خُمُولها، فإِن الشيءَ إذا خَمَلَ ونَدَرَ، قلَّ عنه البحثُ، والفحصُ والتأصيلُ، والتفريعُ كما مرَّ آنفًا في قراءة الفاتحة ورفع اليدين. 143 - باب كَيْفَ يَعْتَمِدُ عَلَى الأَرْضِ إِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَةِ واعلم أن الاعتمادَ على الأرض في القِعْدَة مكروهٌ بلا خلافٍ، وإنما الخلاف في الاعتماد عند النهوض. واختاره الشافعيةُ، وكان ابن عمر رضي الله عنه يفعله. وبوَّب أبو داود: بكراهية الاعتماد على اليد في الصلاة، وأخرج فيه عن ابن عمر حديثًا اخْتُلِفَ في ألفاظه، ولفظ عبد الملك: «نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم أن يَعْتَمِدَ الرجلُ على يديه إذا نَهَضَ في الصلاة ... » إلخ. وهذا عينُ نقيض ما ذَهَبَ إليه الشافعيةُ، إلا أنهم لمَّا اختاروه التزمتُ جوابه، لكن أنكرتُ كونه سنةً - أعني كونه مطلوبًا عند الشرع - فأمرُه عندي أخفُّ من جِلْسَة الاستراحة أيضًا. والذي يَظْهَرُ عندي أن ابن عمر رضي الله عنه كان يَفْعَلُه من اجتهاده، لأنه لم يكن يتسعينُ بالرُّكَب عند الخُرُور إلى السجود والرفع منه. فإِذا رفع رفع كذلك، زعمًا منه أو وضعَهما على الرُّكْبَتَيْن انقطاعٌ لسجودهما، ونقصٌ فيه، فإِنهما إذا ارتفعتا للسجود، فتمامية سجودهما: أن ¬

_ (¬1) وكل ذلك إشارة إلى الأحاديث الواردة فيها.

144 - باب يكبر وهو ينهض من السجدتين

تَذْهَبَا إليه كذلك بدون وقوف في البين، فإِذا لم يضعهما على الرُّكْبَتَيْن عند السجود لذلك، لم يضعهما عند الرفع منه أيضًا، لتبقى شاكلتهما في الصورتين واحدةً. ونحوه قرَّرنا فيما قبل من كلام الطَّحَاوِيِّ رحمه الله تعالى: إن بُنْيَةِ الصلاة تُبْنَى على التفريج، وعدم اعتماد بعض الأعضاء على البعض. فإِذا كان الأمرُ عنده كذلك، فلعلَّه لمَّا كبَّر وثَقُل جهدْ في القيام بدون اعتمادٍ على الرُّكب، فاضْطَرَّ إلى وضعهما على الأرض، وهكذا يكون في الفروع. فإِن الإِنسانَ إذا اختار جانبًا، ثم تظهر له فروع، يُكَمِّلُها ويُرَتِّبُهَا على الأصل الذي اختاره، وهو معنى الاجتهاد. وعندي فإن الجزئيَّ الواحدَ قد يَصْدُقُ عليه ألف كُلِّيَّات. كذلك الصورةُ الواحدةُ قد تَدْخُلُ في عِدَّة ضوابط، فالنظر في أنها إلى أيِّ الضوابط أقرب لِيَنْسَحِبَ عليها حكمها، هو الاجتهاد، ولا يهتدي إليه غير المجتهد. فصورةُ الاعتماد إنما حَدَثَت من نحو هذا، ولا أراها ثابتةً من السُّنية. والله تعالى أعلم. 824 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ جَاءَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ فَصَلَّى بِنَا فِى مَسْجِدِنَا هَذَا فَقَالَ إِنِّى لأُصَلِّى بِكُمْ، وَمَا أُرِيدُ الصَّلاَةَ، وَلَكِنْ أُرِيدُ أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى. قَالَ أَيُّوبُ فَقُلْتُ لأَبِى قِلاَبَةَ وَكَيْفَ كَانَتْ صَلاَتُهُ قَالَ مِثْلَ صَلاَةِ شَيْخِنَا هَذَا - يَعْنِى عَمْرَو بْنَ سَلِمَةَ - قَالَ أَيُّوبُ وَكَانَ ذَلِكَ الشَّيْخُ يُتِمُّ التَّكْبِيرَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ عَنِ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ جَلَسَ وَاعْتَمَدَ عَلَى الأَرْضِ، ثُمَّ قَامَ. أطرافه 677، 802، 818 - تحفة 11185 824 - قوله: (وكان ذلك الشيخُ يُتِمُّ التكبيرَ): أي يَسْتَوْفي عددها، ويأتي بتمامها، ولا يُنْقِصُ منها شيئًا. وذلك لأنا قد عَلِمْنَا من الخارج: أنه كان وقع فيها حذفٌ من بني أُميَّة. قوله: (واعْتَمَدَ على الأرض). ولا أحفظُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم شيئًا في ذخيرة الحديث إلا قوله: «استعينوا بالرُّكَب»، أو «أمِسُّوا بالرُّكَب»، وبوَّب عليه الترمذيُّ بالاعتماد في السجود، فزاد فيه لفظ السجود من عنده، مع أنه ليس في نسخة الحافظ. وعنده ما يَدُلُّ على أن الترمذيَّ حمل الاستعانةَ على الاستعانة عند الرفع. وقد مرَّ الكلامُ فيه مبسوطًا عن قريبٍ. 144 - باب يُكَبِّرُ وَهْوَ يَنْهَضُ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُكَبِّرُ فِى نَهْضَتِهِ. 825 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ صَلَّى لَنَا أَبُو سَعِيدٍ فَجَهَرَ بِالتَّكْبِيرِ حِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ، وَحِينَ سَجَدَ، وَحِينَ رَفَعَ، وَحِينَ قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَقَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 4038 826 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا غَيْلاَنُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ صَلَّيْتُ أَنَا وَعِمْرَانُ صَلاَةً خَلْفَ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - فَكَانَ إِذَا سَجَدَ كَبَّرَ، وَإِذَا رَفَعَ كَبَّرَ، وَإِذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَخَذَ

145 - باب سنة الجلوس فى التشهد

عِمْرَانُ بِيَدِى فَقَالَ لَقَدْ صَلَّى بِنَا هَذَا صَلاَةَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. أَوْ قَالَ لَقَدْ ذَكَّرَنِى هَذَا صَلاَةَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 784، 786 - تحفة 10281، 10848 وقد مرَّ أن السُّنة: أن يجعلَ الانتقالَ مَعْمُورًا بالذكر. واختصر المصنِّفُ رحمه الله تعالى حديث أبي سعيد في إمامته، وهو عند النَّسائي مُفَصلا. وإنما تَقَرَّضَ فيه الراوي إلى جهره بالتكبير، لِمَا عَلِمْتَ من حذف بني أُمَيَّة بعدها. أمَّا المصنِّفُ، فلعلَّه يريد به التعريض إلى حيث يُنْكِرُون بالتكبير عند النهوض من القِعْدَة. وقالوا به عند المالكية عند بلوغه في القيام، لتكونَ شاكلتُها وشاكلةُ الركعة الأولى واحدةً. قلتُ: وإن حصل به التناسُب، لكن الأمرَ في مثله على النقل عن السلف، لا على التناسُب فقط. 826 - قوله: (لقد ذَكَّرني): فيه تعريضٌ إلى عثمان رضي الله عنه. 145 - باب سُنَّةِ الْجُلُوسِ فِى التَّشَهُّدِ وَكَانَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ تَجْلِسُ فِى صَلاَتِهَا جِلْسَةَ الرَّجُلِ، وَكَانَتْ فَقِيهَةً. 827 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ يَرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَتَرَبَّعُ فِى الصَّلاَةِ إِذَا جَلَسَ، فَفَعَلْتُهُ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ، فَنَهَانِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَقَالَ إِنَّمَا سُنَّةُ الصَّلاَةِ أَنْ تَنْصِبَ رِجْلَكَ الْيُمْنَى وَتَثْنِىَ الْيُسْرَى. فَقُلْتُ إِنَّكَ تَفْعَلُ ذَلِكَ. فَقَالَ إِنَّ رِجْلَىَّ لاَ تَحْمِلاَنِى. تحفة 7269 828 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ. وَحَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ وَيَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْنَا صَلاَةَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِىُّ أَنَا كُنْتُ أَحْفَظَكُمْ لِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَيْتُهُ إِذَا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلاَ قَابِضِهِمَا، وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ، فَإِذَا جَلَسَ فِى الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْيُمْنَى، وَإِذَا جَلَسَ فِى الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الأُخْرَى وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ. وَسَمِعَ اللَّيْثُ يَزِيدَ بْنَ أَبِى حَبِيبٍ وَيَزِيدُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَلْحَلَةَ وَابْنُ حَلْحَلَةَ مِنَ ابْنِ عَطَاءٍ. قَالَ أَبُو صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ كُلُّ

فَقَارٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ أَبِى حَبِيبٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو حَدَّثَهُ كُلُّ فَقَارٍ. تحفة 11897 - 210/ 1 والمسألةُ رباعيةٌ: فعندنا: الافتراش فيها. وعند مالك رحمه الله تعالى: التَّوَرُّك فيها. وعند الشافعية: الافتراشُ في الأولى والتَّوَرُّك في الثانية، وفي الثنائية التَّوَرُّك فقط. وعند أحمد رحمه الله تعالى: كلُّ تشهُّدٍ بعده سلام، فقيه تَوَرُّك، وإلا فافتراش. والصواب ما ذكره ابن جرير في «اختلاف الفقهاء»: أن الصُّوَرَ كلَّها ثابتةٌ، فالترجيحُ في الاختيار. وراجع أدلتنا من الطَّحَاوِيِّ، و «الجوهر النقي». والمصنِّفُ رحمه الله تعالى ذَهَبَ مذهب الشافعية. قوله: (جِلْسَة الرَّجُلِ) وعندنا فرقٌ بين جِلْسَة الرجل والمرأة، فإِنها تَتَوَرَّكُ لكونه أستر لها، ولنا في ذلك مرسلٌ في «مراسيل أبي داود». وممَّا يَدُلُّك على الفرق بين الهيئة في صلاتهما: ما قال أحمدُ رحمه الله تعالى: إنها لا تَرْفَعُ يديها عند الركوع والسجود، فليتنبَّه. ثم اعلم أن الافتراشَ والتَّوَرُّكَ في اللغة قريبٌ من السواء، فإن في التَّوَرُّك افتراشًا، وفي الافتراش جلوسًا على الوِرْك أيضًا، فلا فصلَ في هذين اللفظين، فإِنهما صالحان للنظرين، إِلا أن الراوي إذا قابل بينهما، دَلَّ على أنه قَصَدَ الفرق بينهما. 827 - قوله: (يَتَرَبَّعُ)، وكنا نَحْمِلُهُ على التَّربُّع المشهور، ثم عَلِمْنا من كُتُب غريب الحديث: أن التَّربُّعَ يُطْلَقُ على جلوس المتشِّهد أيضًا، كتورُّك الشافعية. ونقله الحافظ رحمه الله تعالى، وغرضُه منه أن يَجْعَلَ فِعْلَ ابن عمر رضي الله عنه مُؤيِّدًا لمذهبه. قوله: (إنما سُنَّةُ الصلاة تَنْصِبَ رِجْلَكَ الْيُمْنَى)، وهذا صريحٌ في مذهب الحنفية رحمهم الله تعالى. وادَّعَى الحافظُ رحمه الله تعالى (¬1) أنه صادقٌ على مذهبه أيضًا، فإِن نَصْبَ اليُمْنَى يُسْتَحَبُّ في التورُّك عندهم أيضًا. وأقول: ويقضي العجب من الحافظ كيف حَمَلَهُ على مذهبه، مع التصريح عند النَّسائي بافتراش الرجل اليُسْرَى، والجلوس عليها، فكيف سَاغَ له حَمْلُهُ على مذهبه؟ بَقِيَ أن ما ذكره ابن عمر رحمه الله من سنة الافتراش، هل هي في قِعْدَة الأولى أو الثانية؟ فقال الحافظُ رحمه الله تعالى: إنها في الأولى. قلتُ: بل هي في الأخيرة، لِمَا أخرجه مالك رحمه الله تعالى عن عبدِ الله بنِ دِينَار: «أنه ¬

_ (¬1) قال الحافظُ رحمه الله تعالى: لم يُتَبَيَّن هذه الرواية ما يصنع بعد ثَنْيِهَا: هل يَجْلِسُ فوقها، أو يَتَوَرَّكُ؟ ووقع في "الموطأ" عن يحيى بن سعيد أن القاسم بن محمد أراهم الجلوس في التشهد فنصب رجله اليمنى وثنى اليسرى وجلس على وِرْكِهِ اليُسْرَى، ولم يَجْلِس على قدمه، ثم قال: أَرَاني هذا عبد الله بن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، وحدَّثني: أن أباه كان يَفْعَلُ ذلك" فتبيَّن من رواية القاسم ما أَجْمَلَ في رواية ابنه ... إلخ - "فتح الباري". قلتُ: ولفظ رواية النَّسائي، من باب الاستقبال بأطراف أصابع القدم عند القعود: عن يحيى: أن القاسم حدَّثه عن عبد الله وهو ابن عبد الله بن عمر رضي الله عنه عن أبيه، أنه قال: "من سُنَّة الصلاة أن تَنْصِبَ القدمَ اليُمْنَى، واستقباله بأصابعها القبلة، والجلوس على اليُسْرَى". ففيه تصريحٌ بالافتراش على ما هو مذهب الحنفية، والله تعالى أعلم.

146 - باب من لم ير التشهد الأول واجبا لأن النبى - صلى الله عليه وسلم - قام من الركعتين ولم يرجع

سَمِعَ عبد الله بن عمر رضي الله عنه، وصلَّى إلى جَنْبِهِ رجلٌ، فلمَّا جَلَسَ الرجلُ في أَرْبَعٍ تربَّع، وثَنَى رِجْلَيْهِ، فلمَّا انصرف عبدُ الله، عاب ذلك عليه. فقال الرجل: فإِنك تَفْعَلُ ذلك فقال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: إني أَشْتَكِي». وهذا صريحٌ في أن الإِصلاح وَقَعَ في القِعْدَةِ الأخيرةِ، دون الأولى، كما قاله الحافظُ. قوله: (إن رِجْلَيَّ لا تَحْمِلاني). وتمسَّك منه الطحاويُّ أنه يَدُلُّ على أن الرِجْلَيْنِ ممَّا يُسْتَعْمَلانِ في القِعْدَة، وهذا أصدقُ على مذهبنا للجلوس فيه على اليُسْرَى، ونَصْبِ اليُمْنَى بخلاف في التَّوَرُّك، فإِن اليُسْرَى أو اليُمْنَى لا تُسْتَعْمَلانِ فيه، بل هُمَا مهملتان. فلو كانت رِجْلاه تَحْمِلانِهِ لاستعملهما في قِعْدَته، وهو بالافتراش. قوله: (فَقَالَ أَبو حُمَيْدٍ ... ) إلخ، وفي حديثه عند الترمذيِّ: رفع اليدين أيضًا وحَكَم عليه الطَّحَاوِيُّ رحمه الله تعالى بالانقطاع، وعلَّله ابن القطَّان المغربي، وابن دقيق العيد أيضًا. قال الطَّحَاوِيُّ رحمه الله تعالى: محمد بن عمرو بن عَطَاء لم يُدْرِك صلاة أبي حُمَيْدٍ، وإنما يرويها عن رجلٍ، كما ذكره عَطَّاف بن خالد، والرجلُ الآخر هو: عباس بن سَهْل. وراجع له رسالتي «نيل الفرقدين»، فقد بَسَطْتُ فيها الكلامَ. 146 - باب مَنْ لَمْ يَرَ التَّشَهُّدَ الأَوَّلَ وَاجِبًا لأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَرْجِعْ 829 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ مَوْلَى بَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - وَقَالَ مَرَّةً مَوْلَى رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ - أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ بُحَيْنَةَ - وَهْوَ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِى عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ فَقَامَ فِى الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ لَمْ يَجْلِسْ، فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا قَضَى الصَّلاَةَ، وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ، كَبَّرَ وَهْوَ جَالِسٌ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ سَلَّمَ. أطرافه 830، 1224، 1225، 1230، 6670 - تحفة 9154 147 - باب التَّشَهُّدِ فِى الأُولَى 830 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ فَقَامَ وَعَلَيْهِ جُلُوسٌ، فَلَمَّا كَانَ فِى آخِرِ صَلاَتِهِ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهْوَ جَالِسٌ. أطرافه 829، 1224، 1225، 1230، 6670 - تحفة 9154 - 211/ 1 ولمَّا لم تَكُنْ مرتبةُ الواجب عند المصنِّف رحمه الله تعالى، فالمراد منه عنده الفرضُ، أي من لم يَرَ التشهُّد فرضًا. وذلك لأنه رأى أن تركه يَنْجَبِرُ بالسجود، ولو كان فرضًا لَبَطَلَتِ الصلاةُ أصلا، وذاك بعينه دليلُ الوجوب عند الحنفية رحمهم الله تعالى. فإِنهم قالوا: إن تَرْكَهُ إذا انْجَبَرَ بالسجدة، عُلِمَ أنه ليس بفرضٍ، كما قاله البخاريُّ. وإذا احتاج إلى جابرٍ، عَلِمْنَا أنه مهمٌ،

فائدة

وليس كالسُّنة التي لا يَجِبُ بتركها شيءٌ فإذا هو بين بين، وهو الذي نعني بالوجوب. ولما لم تكن تلك المرتبة عند الآخرين، تُوجَدُ في كُتُبِهِم مسائلَ عجيبةً. ففي كُتُب الحنابلة: أن الفرضَ على ضربين: الأول ما يكون فرضًا، وشرطًا لصحة الصلاة مثلا. والثاني ما لا يكون شرطًا لها. قلتُ: والثاني هو بعينه الواجب عندنا. وكذا في كُتُب المالكية: أن الوجوبَ على نوعين: وجوبُ سُنَّةٍ، ووجوبُ افتراضٍ. وقد اضْطَرَّ الشافعيةُ إلى القول بالواجب في باب الحَجِّ، لأنهم رأوا هناك جِنَايات، ثم تلا فيها بالأجزئية، فقالوا بوجوبها. فائدة واعلم أن الشيءَ الواجبَ، وواجبَ الشيءِ أمران. والثاني قليلٌ، فإِنه في الصلاة والحجِّ. وهو ما يُوجِبُ تركه النقصان، بخلاف الأوَّل. والفرقُ بينهما: أن الشيءَ الواجبَ يُطْلَقُ على مجموع ما يتركَّبُ من أجزاء: بعضُها أركانٌ، وبعضُها واجباتٌ ومستحباتٌ، كالوتر والأُضْحِيَة وصدقة الفطر مثلا. فإِنه واجبٌ عندنا، مع أنه يشتمل على الأركان وغيرها أيضًا. بخلاف الثاني، فإنه يُطْلَقُ على جزءٍ خاصَ منه دون المركَّب كالتعديل، أو الفاتحة، وضَمِّ السورة في الأُوَلَيْنِ، فأُسمِّيها واجبَ الشيءِ دون الشيء الواجب، وهذا الإِصطلاح أخذته من كلام صاحب «الهداية». ثم لمَّا رَأَى الحنفيةُ في الصلاة والحجِّ أمورًا يُورِثُ تركها نقيصة، ولا يُوجِبُ فسادًا، سمُّوها باسمٍ مستقلٍ، وهو الواجبُ، أي واجبُ الشيء. وكان أولا في هاتين العبادتين فقط، ثم اسْتُعْمِلَ لفظ الواجب في مواضع أخرى أيضًا. وفي الحديث لطيفةٌ، فعند أبي داود: «ومنا المتشهِّد في قيامه» (يعني همين تشهد قيام بين بر هنا برا). وهذا يَدُلُّ على أنه لم تكن في أذهانهم الفاتحة، وإنما كانوا يَفْعَلُون أمورًا في اجتهادهم، فإذا كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يَعْلَمُها ربَّما يُقِرُّهم عليها، وطالما يَنْهَى عنها. 148 - باب التَّشَهُّدِ فِى الآخِرَةِ 831 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قُلْنَا السَّلاَمُ عَلَى جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ، السَّلاَمُ عَلَى فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ. فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ، فَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِىُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمُوهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِى السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ». أطرافه 835، 1202، 6230، 6265، 6328، 7381 - تحفة 9245 لم يُتَرْجِمْ بالآخرة فَرْقًا بين الأولى والآخرة، بل لأجل كون الحديث في الأخيرة. 831 - قوله: (قُلْنَا السَّلامُ ... ) إلخ. ولعلَّه كان عندهم في السلام تعليمٌ إجماليٌّ، ولم

149 - باب الدعاء قبل السلام

يُفَصَّل لهم بَعْدُ. ثم إن السُّهَيْلِي ذكر فَرْقًا بين السالم والسلام، فقال: إن السالَم من سَلِمَ من العيوب، والسلامَ من سلَّم غيره من العيوب. وعامَّتُهم يُفَسِّرُون السلام بمن سَلِمَ من العيوب، مع أنه يُطْلَقُ في هذا المعنى السليم، دون السلام. والصواب: ما ذكره السُّهَيْلي. قوله: (على جِبْرِيلَ) والجبر القوة، وإيل هو الله، فمعناه العبد القوي لله تعالى، وكذلك: مِيخَا بمعنى الصديق والحميم، وإسْرَاف بمعنى المصطفى، وعزرا بمعنى الناصر. قوله: (التَّحِيَّات ... ) إلخ. قيل: التحيَّةُ في اللغة بمعنى دعاء الحياة، ثم انْسَلَخَ عنه، وأُطْلِقَ في الدعاء مطلقًا. والمراد بها الآن: العباداتُ القوليةُ، ومن الصلوات: العبادات الفعليَّة، ومن الطِّيِّبَات: العبادات المالية. ثم كان هذا تحيَّةٌ من النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لربه في ليلة المِعْرَاج. فردَّ عليه ربُّه: السلامَ عليك أيها النبيُّ ورحمة الله وبركاته. 831 - قوله: (السلام علينا) إلخ: تكميلٌ من جانب النبيِّ الكريم عليه الصلاة والتسليم. وعند البيهقيِّ ومالك في «موطئه»: أن ابن عمر رضي الله تعالى عنه كان يراه تحليلا للصلاة، ولذا كان يأتي بتلك الجملة في آخرها. وعند الجمهور: المُحَلِّل هو: السُّلامُ عليكم ورحمة الله، دون السلام الذي في التشهُّد. وتمسَّك منه الشاه إسماعيل رحمه الله تعالى في «الإيضاح» على أن الجمعَ المُعَرَّفَ باللام يُفِيدُ الاستغراق. قلت: وهو عندي في باب الأدعية، والنذر، والأيمان مسلَّمٌ، لأن مبناها على الألفاظ فقط. أمَّا في غيرها، فلا أُسَلِّم فيها قطعية العموم. 149 - باب الدُّعَاءِ قَبْلَ السَّلاَمِ 832 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَدْعُو فِى الصَّلاَةِ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ». فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ فَقَالَ «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ». أطرافه 833، 2397، 6368، 6375، 6376، 6377، 7129 - تحفة 16463، 16464 833 - وَعَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَعِيذُ فِى صَلاَتِهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ. أطرافه 832، 2397، 6368، 6375، 6376، 6377، 7129 - تحفة 16463 834 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رضى الله عنه -. أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِّمْنِى دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِى صَلاَتِى. قَالَ «قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى ظُلْمًا كَثِيرًا وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِى مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِى إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ». طرفاه 6326، 7388 - تحفة 6606 - 212/ 1

150 - باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب

والأدعيةُ على أنواعٍ: منها ما ثَبَتَتْ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فهي جائزةٌ كلُّها، كما صرَّح به في «البحر». وأمَّا التي كانت من تأليفه، ففيها تفصيلٌ من كونها تُشْبهُ كلام الناس، أو لا. وراجع تفصيله من الفقه. ثم إني أتعجَّبُ من المصنِّف أنه كيف تَرَكَ الصلاةَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ولم يُبَوِّبْ عليها، وبَلَغَ إلى الأدعية مع كون حديثها عنده في الأدعية، وهي سنةٌ عند الجمهور. وقال الطحاويُّ رحمه الله تعالى: تفرَّد الشافعيُّ رحمه الله تعالى في القول بافتراضها. فإِن قلتَ: إنه أشار به إلى خلاف الشافعيِّ رحمه الله تعالى، فإنها لا تَنْزِلُ عن السُّنية عند أحدٍ، فلا يُنَاسِبُ ترك ذكرها رأسًا. وبالجملة لم يتبيَّن لي وَجْهُهُ إلى الآن، ولعل الله يُحْدِثُ بعد ذلك أمرًا. 832 - قوله: (يَدْعُو في الصَّلاةِ): أي في مواضع الأدعية المأثورة. قوله: (من فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ)، ولم يكن يتبيَّن لي في التعوُّذ منها وجهٌ، فإنها في الحياة، حتى رأيت في «البدور السافرة» رواية: «أن من كان في قلبه بغضٌ من عثمان رضي الله تعالى عنه، فإنه لا يَأْمَنُ في قبره من فتنة الدَّجَّال»، فتبيَّن أن أثر تلك الفتنة تَسْرِي إلى القبور أيضًا، وحينئذٍ تبيَّن لي وَجْهُهُ ومن ههنا ظهر وَجْهُ القِرَان بين التعوُّذ من عذاب القبر، والتعوُّذ من تلك الفتنة. والمراد من فتنة المحيا: المعاصي، ومن الممات: سؤال النَّكِيرَيْن. 150 - باب مَا يُتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ 835 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ الأَعْمَشِ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا إِذَا كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الصَّلاَةِ قُلْنَا السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ عِبَادِهِ، السَّلاَمُ عَلَى فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُولُوا السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ. فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ، وَلَكِنْ قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِىُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمْ أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ فِى السَّمَاءِ أَوْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَيَدْعُو». أطرافه 831، 1202، 6230، 6265، 6328، 7381 - تحفة 9245 ويختارُ منها ما يكون أوفق لحاجته، والأحبُّ أن يختارَ الجوامع من الأدعية. 835 - قوله: (السَّلامُ عليك أَيُّهَا النَّبِيُّ). واعلم أن النِّدَاءَ والخِطَابَ لاستحضار المنادي في ذهنه، سواء كان حاضرًا في الخارج، أو لا. ولذا غَايَرَ ابن الحاجب بين النداء والنُّدْبَة، وعرَّفها على حِدَةٍ. 151 - باب مَنْ لَمْ يَمْسَحْ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ حَتَّى صَلَّى قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: رَأَيتُ الحُمَيدِيَّ يَحْتَجُّ بِهذا الحَدِيثِ، أَنْ لَا يَمْسَحَ الجَبْهَةَ فِي الصَّلَاةِ. 836 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ

152 - باب التسليم

سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ فَقَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْجُدُ فِى الْمَاءِ وَالطِّينِ حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِى جَبْهَتِهِ. أطرافه 669، 813، 2016، 2018، 2027، 2036، 2040 - تحفة 4419 هكذا عند الحنفية، ويَمْسَحُمُهَا بعد الفراغ من الصلاة. 152 - باب التَّسْلِيمِ 837 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِى تَسْلِيمَهُ، وَمَكَثَ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأُرَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ مُكْثَهُ لِكَىْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنِ انْصَرَفَ مِنَ الْقَوْمِ. طرفاه 849، 850 - تحفة 18289 وهي عند الجمهور: تسليمتان، والمختارُ عندنا: أنهما واجبتان. وفي «فتح القدير»: أن الأولى واجبةٌ، والثانية سنةٌ في روايةٍ. وعند مالك رحمه الله تعالى: هي تسليمةٌ فقط، ويَشْهَدُ له حديثان: أحدهما عند أبي داود، في باب الوتر، والثاني عند النَّسائي، في باب الجمع بين الصلاتين. فإِذا نُقِلَ العمل بهما في الخارج، وصَحَّ فيها الحديثان، فكأنها دخلت عندي في فهرس أحكام الدين، ولا يَصِحُّ إنكارها. ولذا اخترتُ الروايةَ الغير المشهورة. ثم عند مالك رحمه الله تعالى: هي تسليمةٌ واحدةٌ للمنفرد، وتسليمتان للإِمام والمقتدي إن كان خلف الإِمام، أي لم يكن في جانب المَيْمَنَةِ والمَيْسَرةِ. فله ثلاثُ تسليماتٍ: تسليمتان لمن عن يمينه ويَسَاره، وتسليمةٌ لإِمامه. فكأنه جَعَلَ سلامَ التحليل كسلام التحية، وراعى فيه ما يُرَاعَى من المصالح عند اللقاء. 153 - باب يُسَلِّمُ حِينَ يُسَلِّمُ الإِمَامُ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَسْتَحِبُّ إِذَا سَلَّمَ الإِمَامُ أَنْ يُسَلِّمَ مَنْ خَلْفَهُ. 838 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عِتْبَانَ قَالَ صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ. أطرافه 424، 425، 667، 686، 840، 1186، 4009، 4010، 5401، 6423، 6938 - تحفة 9750 يُشِيرُ إلى المقارنة، كما هو مذهب الحنفية دون التعقيب. 154 - باب مَنْ لَمْ يَرَ رَدَّ السَّلاَمِ عَلَى الإِمَامِ وَاكْتَفَى بِتَسْلِيمِ الصَّلاَةِ 839 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ عَقَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَقَلَ مَجَّةً مَجَّهَا مِنْ دَلْوٍ كَانَ فِى دَارِهِمْ. أطرافه 77، 189، 1185، 6354، 6422 - تحفة 11235 - 213/ 1 840 - قَالَ سَمِعْتُ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصَارِىَّ ثُمَّ أَحَدَ بَنِى سَالِمٍ قَالَ كُنْتُ

155 - باب الذكر بعد الصلاة

أُصَلِّى لِقَوْمِى بَنِى سَالِمٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ إِنِّى أَنْكَرْتُ بَصَرِى، وَإِنَّ السُّيُولَ تَحُولُ بَيْنِى وَبَيْنَ مَسْجِدِ قَوْمِى، فَلَوَدِدْتُ أَنَّكَ جِئْتَ فَصَلَّيْتَ فِى بَيْتِى مَكَانًا، حَتَّى أَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا فَقَالَ «أَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». فَغَدَا عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ بَعْدَ مَا اشْتَدَّ النَّهَارُ، فَاسْتَأْذَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَذِنْتُ لَهُ، فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّىَ مِنْ بَيْتِكَ». فَأَشَارَ إِلَيْهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِى أَحَبَّ أَنْ يُصَلِّىَ فِيهِ، فَقَامَ فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ ثُمَّ سَلَّمَ، وَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ. أطرافه 424، 425، 667، 686، 838، 1186، 4009، 4010، 5401، 6423، 6938 - تحفة 9750 فيه تعريضٌ إلى مالك رحمه الله تعالى، فإنه يقول بردِّ السلام على الإِمام أيضًا، كما عَلِمْتَ آنفًا. وعند الجمهور: سلامُ الإمام في النية فقط، فإن كان في جهته يَنْوِيه فيها، وإِلا ففيهما. وراجع الفقه. 155 - باب الذِّكْرِ بَعْدَ الصَّلاَةِ 841 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّ أَبَا مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كُنْتُ أَعْلَمُ إِذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إِذَا سَمِعْتُهُ. طرفه 842 - تحفة 6513 بوَّبَ الآن على الأذكار بعد الصلاة، كما كان بوَّب أولا على الأدعية في خلال الصلاة. واعلم أن الأدعيةَ على نحوين: نحو ثَبَتَ دُبُر الصلوات قُبَيْل السُّنة، ونحو آخر ثَبَتَ في الأوقات المُنْتَشِرَة. والمصنِّفُ رحمه الله تعالى بصدد بيان النحو الأول. وصورةُ العمل بها: أن يأتي بها بدلا، ومن أراد الجمعَ، فقد خَالَف السُّنة. ومع هذا، لو فعله أحدٌ لا يَمْنَعُ لِمَا مرَّ أن العبادات ممَّا يتعسَّرُ عنها، فكيف بالذكر فإنه أفضلها. ولذا لا يتقيَّدُ بوقتٍ دون وقتٍ، بخلاف سائر العبادات، فإن لها وقتًا. فيقول تارةً: «اللهم أنت السلام ... » إلخ، كما عند الترمذيِّ. وتارةً: «اللهم أعنِّي على ذكرك ... » إلخ، كما عند أبي داود. وأخرى كلمة التوحيد، كما عند البخاري. وهذا هو مَرَضِيُّ الشارع: أن يُؤْتَى بها حينًا كذا، وحينًا كذا لا أن يَجْمَعَ بينها. ولذا أقول: إن السُّنة في جواب الحَيْعَلَة: أمَّا الحَيْعَلة، أو الحَوْقَلة، دون الجمع. وقد مرَّ مِنَّا التنبيه عليه في باب الأذان. نعم الأدعية التي وردت في الأوقات المنتشرة، الأمر فيها إليكَ، أتيتَ بها كيف شِئْتَ. ثم إن هذا الموضوع قد صار مُفْرَزًا بالتصنيف، فصنَّف النوويُّ رحمه الله تعالى كتاب «الأذكار»، وابن السُّنِّي «عمل اليوم والليلة»، «والأمالي للحافظ بن حَجَر رحمه الله تعالى. فإنه عَقَد أربعةً وثمانين مَجْلِسًا لإملائه بمصر، ثم انْدَرَسَتْ تلك المجالس بعده حتى جاء السيوطي رحمه الله تعالى، وشرع الإملاء، ثم انْقَطَعَتْ بعده بالكليِّة. وكذا صنَّف الجَزَرِي فيها «الحصن الحصين».

رفع الصوت بالذكر

رفع الصوت بالذكر 841 - قوله: «إن ابن عبَّاسٍ أَخْبَرَه: أنَّ رفع الصوت بالذِّكْرِ حين يَنْصَرِفُ الناسُ من المكتوبة، كان على عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وقال ابن عبَّاس رضي الله عنه: كُنْتُ أَعْلَمُ إِذا انْصَرَفُوا بذلك إذا سَمِعْتُهُ». اهـ. 842 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ {عَنْ عَمْرٍو} قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنْتُ أَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلاَةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالتَّكْبِيرِ. طرفه 841 - تحفة 6512 قال عليٌّ: حَدَّثَنَا سفيانُ عن عمرو قال: كان أَبو مَعبدٍ أصدقُ موالي ابن عباس قال عليٌّ واسمه نافِذٌ. 842 - وفي الحديث الثاني، عن ابن عباس رضي الله عنه: (كُنْتُ أَعْرِفُ انْقِضَاءَ صلاة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بالتنكير). تَمسَّك بظاهره ابن حَزْم، وذَهَبَ إلى سُنِّيَة الجهر بالتكبير دُبُر الصلوات، وأنكرها الجمهور. واخْتُلِفَ في توجيهه: فقيل: إن المراد بالتكبير تكبيرات الانتقالات في خلال الصلوات، أي كنتُ أَعْرِفُ انقضاءَ الصلاة بانقطاع تلك التكبيرات. وقيل: المراد به تسبيح فاطمة رضي الله عنها، أي إذا كان الناس يُسَبِّحُون بها، كنتُ أعرفُ أنها قد انْقَضَتْ. وقيل: المراد به: القول بالله أكبر، وكان الأمراءُ يفعلونه في الجيوش أَوَانَ الحرب. والذي تبيَّن لي في بيان مراده: أن هذا الحديث والحديث الأول متحدٌ سندًا ومتنًا، فالمراد من التكبير: هو الذكر مطلقًا، كما في الحديث الأول، لا خصوصَ التكبير، كما سيقت إليه الأذهان. وهذا موضعٌ مُشْكِلٌ، فإنك إن رَاعَيْتَ لفظ التكبير، دَلَّ على سُنيته لا مَحَالة. وإن رَاعيت لفظ الذكر، فهو يُنَاقِضُهَا. ويُشْكِلُ في مثل هذه المواضع تعيين اللفظ على مثل البخاريِّ أيضًا، وهذا الذي عَرَاه في حديث: «إذا أمَّنَ الإِمَامُ ... » إلخ. ففي لفظٍ: «إذا أمَّنَ القارىءُ»، وفي لفظ: «إذا قال الإمامُ: غير المغضوب عليهم ... » إلخ. ولمَّا لم يَنْفَصِلْ عنده شيءٌ، بَوَّبَ على كلَ ما ناسب له. فينبغي الغَوْر عند تغايرُ اللَّفْظَيْنِ من حديثٍ: إنهما متبادلان، أو متصادقان، أو مجامعان لتبيين صورة العمل. وقد ظَهَرَ لي: أن اللفظَ في الحديث: هو الذكر، وقَصْرُه على التكبير مسامحةٌ للراوي. ثم إن الشافعيَّ رحمه الله تعالى حَمَلَ الجهرَ بالتكبير على التعليم، وبمثله قال صاحب «الهداية» في التسمية، والبِرْكِلي، والجُرْجَاني في التأمين. فالأصلُ في جملة الأذكار هو الإخفاء. نعم وَرَدَ الجهر بها أحيانًا، لفائدة وداعية، ولا تَثْبُتُ به السُّنية، وإنما تَثْبُتُ أن أكثر عمله صلى الله عليه وسلّم كان بالجهر. وقد ثَبَتَ عندي جَهْرُ الأذكار والأدعية كلِّها تقريبًا غير التشُّهد والتسبيحات، حتى جهر الآية في السِّرِّية أيضًا، فدَلَّ على أن معاملة الجهر والإخفاء هيِّنٌ عند الشرع، لا أن الجَاهِرَ بالتأمين مُتَّبِعٌ للسُّنة، والمُسِرَّ بهِ مُخَالِفٌ لها، وإنما بَالَغ فيه المبالغون فقط.

ثم إن تسبيحَ فاطمة رضي الله تعالى عنها علَّمها إياه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عند النوم، لا دُبُرَ الصلوات. وإنما سُمِّيَت بتسبيح فاطمة رضي الله تعالى عنها، لكونها على الصِّفة التي علَّمها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عَقِيب الصلوات أيضًا. وقد وَرَدَتْ فيها ثلاث صفاتٍ: تقسيم المئة على التسبيح، والتحميد، والتكبير ثلاثًا، مع زيادة التكبير لواحدة تكملةً للمئة. وكذلك مع زيادة كلمة التوحيد تكلمة للمئة. والثالث: ما رآه رجلٌ في النون من تقسيمها أرباعًا، والرابع: لا إله إلا الله. وما عند مسلم من الصفة الرابعة، فهي وَهْمٌ نشأ من تقسيم ثلاث وثلاثين على الثلاث، ولَيْسَتْ صفةً مستقلةً. فتلك مئة على جميع الصفات، وكلُّها عندي على سبيل التبادل، فحينًا كذا، وحينًا كذا. والأحسنُ فيها ما عليه اليوم عمل الأمة، وهو ترتيبٌ حسنٌ عندي. ولو خَالَفَ الترتيبَ، لا بأس لِمَا في الحديث: «بأيهن بدأت أجزأ عنك». ولو جمع بينها لا يكون آثمًا، كما لا يكون سنةً، فإنها خيرٌ محضٌ. والأذكار إذا أتى بها في غير محلِّها في الصلوات، لم يَمْنَعْ عنها الشارع، بل ربما أَثْنَى على صاحبها، فكيف بما كانت خارج الصلاة. وإليه تَرْجِعُ مسألةَ الفاتحة عندي، فإن أحدًا إذا قرأها بدون عهدٍ منه، ولا سابقيَّة أمرٍ وعنايةٍ، لم يَمْنَعْ عنها صراحةً لكونها من القرآن، وأباحها إباحةً مرجوحةً، وتحمَّلها لكونها قرآنًا وخيرًا محضًا. 843 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ الْفُقَرَاءُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنَ الأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلاَ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّى، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا، وَيَعْتَمِرُونَ، وَيُجَاهِدُونَ، وَيَتَصَدَّقُونَ قَالَ «أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ بِأَمْرٍ إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ، إِلاَّ مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُ تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ، وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ». فَاخْتَلَفْنَا بَيْنَنَا فَقَالَ بَعْضُنَا نُسَبِّحُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَنَحْمَدُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَنُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ. فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ «تَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، حَتَّى يَكُونَ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ». طرفه 6329 - تحفة 12563 - 214/ 1 843 - قوله: (ذَهَبَ أهلُ الدُّثُور): أي المال الكثير، وأصله في المال الذي يكون بعضه فوق بعض. (يعني وه مال ته به ته هو). قوله: (أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُم). وقد مرَّ الكلامُ في لفظ الإدراك، ماذا حقيقته؟ وأن حديث: «من أَدْرَكَ ... » إلخ وَرَدَ في المسبوق، ولم يَرِدْ في مسألة المواقيت. وأن الإدراك فيه كالإدراك ههنا. سَبَقَهُم ناسٌ، فأدركوهم بعدهم. وليس هذا في الأوقات أصلا، بحيث جلس يَرْقُبُ الشمسَ حتى إذا لم يَبْقَ إِلا قدر ركعةٍ، قام ودَخَلَ في الصلاة، وعُدَّ بذلك مُدْرِكًا لها. كيف، وبناءُ الكلام على مثل هذا الرجل بعيدٌ من الشارع، فمن أخلَّ فيه، المتعمِّدُ فقد خَالَفَ الحديثَ. والشافعيةُ أدخلوا تحته النائم، والناسي. والتحقيقُ فيه مرَّ سابقًا.

156 - باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم

844 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ أَمْلَى عَلَىَّ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فِى كِتَابٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ فِى دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِىَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ». وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بِهَذَا، وَعَنِ الْحَكَمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ وَرَّادٍ بِهَذَا. وَقَالَ الْحَسَنُ الْجَدُّ غِنًى. أطرافه 1477، 2408، 5975، 6330، 6473، 6615، 7292 - تحفة 11535 844 - قوله: (وعن الحَكَم، عن القاسم بن مُخَيْمِرَة). القاسم هذا من تلامذة عَلْقَمَة من أهل الكوفة. 156 - باب يَسْتَقْبِلُ الإِمَامُ النَّاسَ إِذَا سَلَّمَ 845 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا صَلَّى صَلاَةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ. أطرافه 1143، 1386، 2085، 2791، 3236، 3354، 4674، 6096، 7047 تحفة 4630 اعلم أن الإمامَ إن أراد الانصرافَ إلى بيته، سلَّم وانْصَرَفَ. وإن أراد القعودَ، فالسُّنة له أن يَسْتَقْبِلَ القومَ، وبه جَزَمَ المصنِّفُ رحمه الله تعالى، وصرَّح به الجُوْزَجَاني في «مبسوطه». وأمَّا التيامُنُ أو التياسُرُ المعمولُ بهما في زماننا، فليسا من السُّنة في شيءٍ، وإنما هما عند إرادة الانصراف إلى البيت، لا عند الجلوس بعد الصلاة. فعن عليّ عند الترمذي أنه قال: «إن كانت حاجتُه عن يمينه أخذ عن يمينه، وإن كانت حاجتُه عن يَسَارِهِ أخذ عن يساره»، فهما عند الانصراف لحاجته. وما عن البَرَاء بن عَازِب عند أبي داود: «من حبِّهم بكونهم في مَيْمَنَة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فهو لأن يقع بصرُه عليهم عند التسليم أولا، لا عند الجلوس بعد الصلاة دائمًا». وغَلِطَ فيه الناسُ من عبارات بعض المتأخِّرين، مع أنهم أرادوا بيان الجواز الفِقْهِي، فحملوه على بيان السنة. فإن كنتَ تريد السُّنة، فالسَّنةُ في الاستقبال. وإن كنتَ تريد الجواز، فافعل ما شِئْتَ. 846 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ «هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِى مُؤْمِنٌ بِى وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِى وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِى وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ». أطرافه 1038، 4147، 7503 - تحفة 3757

847 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ سَمِعَ يَزِيدَ قَالَ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلاَةَ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَلَمَّا صَلَّى أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ «إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا وَرَقَدُوا، وَإِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا فِى صَلاَةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلاَةَ». أطرافه 572، 600، 661، 5869 - تحفة 810، 804 - 215/ 1 846 - قوله: (صَلاةَ الصُّبْحِ)، هي واقعةُ صُلْح الحُدَيْبِيَة في السنة السادسة، حين رَجَعَ بعد ذبح دم الإحصار. قوله: (نَوْء) وقد ذُكِرَ في «غياث اللغات» تحت لفظ التاريخ، فراجع تحقيقها منه. ثم اعلم أنه قد مرَّ مني في أوائل الكتاب: أنه لا تأثير للنجوم في الكون أصلا إلا في الحرارة والبرودة، فهي من الآثار الطبيعية. أمَّا السعادةُ والنُّجُوسةُ، فلا تأثير لها فيها، ولا يقتضيها العقلُ، ولا تَشْهَدُ بها التجربة. ثم لو سلَّمنا أن للنجوم تأثيرًا في المطر، فهو كحال المواسم. ومما ينبغي أن يُعْلَمَ أنه ذهب الشيخ الأشعريُّ أن لا خَوَاصَ في الأشياء، فمن قال: إن النارَ مُحْرِقةٌ، بمعنى كون الإحراق فيها، فهو كافرٌ. كذا نقله الأَلُوسي في «روح المعاني». ونسب إلى المَاتُرِيدِيَّة: أن في الأشياء خواص، إلا أنها بإذن الله تعالى. قلتُ: ولا يَكْفُرُ بمجرد هذا القول، ولكن يُنْظَرُ إلى حال نيته، فإن عدَّها من الأسباب العادية، فلا كفر، وإن ادَّعى لها الإِحراق لذاتها، كفر. والمؤاخذةُ اللفظيةُ لم تَرِد في الشريعة في باب الكفر. فإن الألفاظَ المُوهِمَة قد وردت في القرآن والحديث أيضًا، فالفصلُ بالنية لا غير. وأصلُ هذا الاختلاف في سلسلة العِلَّل. فقيل: إن المُؤَثِّرة منها هي القريبةُ والبواقي شرائط. وقيل: المُؤَثِّرة هي الأولى. وقيل: المُؤَثِّرُ المجموع. وقال بحر العلوم في «شرح المَثْنَوي». إن المُؤَثِّرة عند أهل السُّنة والجماعة هي الأولى فقط، وعند المُعْتَزِلة هي القريبة، والفلاسفةُ على قولين: قيل: المجموع، وقيل: الأولى. أقول بل المُؤَثِّر عندهم هو مجموع السلسلة، فإذا تحقَّقت تلك السلسلة بأسرها، أَوْجَبَتْ تحقُّق المعلول، وهو الإيجاب. وليست الأولى فقط مُؤَثِّرة عندهم. فإذا كانت المُؤَثِّرة عند أهل السُّنة والجماعة هي الأولى فقط، فالمُؤَثِّرُ في الأكوان كلِّها هو الله سبحانه، والبواقي شرائط، كما قال به المَاتُرِيدِيَّة. ونِعْمَ ما قالوا، فإن كان الشيخُ الأشعريُّ قال بما نقله الأَلُوسي رحمه الله تعالى، فظاهرُه فاسدٌ. ثم إنهم تكلَّموا في مسألة توحيد الأفعال، فقيل: إن اللَّهَ سبحانه خالقٌ، والعبدَ كاسبٌ. وقال الدَّوَّاني في شرح «العقائد الجلالي»: إنه من مجموع القدرتين، وهو باطلٌ عندي. فإنه لا تقوُّم لقدرة العبد بدون قدرة الحقِّ جَلَّ مجده، فمن أين يَحْصُلُ المجموع. فإنه يستدعي جزءين مستقلَّين برأسهما ليَحْصُلَ بهما الثالث، وههنا لا حقيقةَ لقدرة العبد، ولا تقوُّم لها إلا بقدرة الله تعالى. قلتُ: ولا نظيرَ في الكون لنسبة فعل العبد إليه تعالى، فإن هذا الربط قد أحاط بالمخلوقات بأسرها، فمن أين يجيء النظير. وقيل: إن أصلَ الفعل من الخالق، ووصفَه من

157 - باب مكث الإمام فى مصلاه بعد السلام

العبد. وبالجملة أُبْهِمَت عليهم تلك المسألة، وقد تعرَّضْتُ إليه في الرسالة، أي «ضرب الخاتم ومرقاة الطارم» شيئًا. 157 - باب مُكْثِ الإِمَامِ فِى مُصَلاَّهُ بَعْدَ السَّلاَمِ واعلم أن السُّنة الأكثرية بعد الصلوات: الانصراف إلى البيوت بدون مَكْثٍ إلا بقدر خروج النساء. وكان في الأذكار والأدعية كلٌّ أميرَ نفسه، ولم تَثْبُت شاكلة الجماعة فيها، كما هو المعروف الآن، إلا في نزرٍ من المواضع، وقد مرَّ الكلامُ فيها. وكنا نظنُّ أن المصنِّفَ رحمه الله تعالى يُرِيدُ بيان جواز هذه الشاكلة، إلا أنه نَقَلَ أثر ابن عمر، فتبيَّن منه أنه دخل في مسألةٍ أخرى، وهي: جواز النافلة في مكان الفريضة. واستحبَّ الحنفيةُ أن يتحوَّلَ عن ذلك المكان، فيتقدَّمُ أو يتأخَّرُ، ولهم في ذلك مادةٌ كبيرةٌ. فعند مسلم، عن معاوية، وفيه: «فإِن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أمرنا أن لا نوصل صلاةً بصلاةٍ حتى نتكلَّمَ أو نَخْرُجَ». وعن أنس رضي الله عنه عنده في خطبة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم «أيُّها الناس إني إمامكم، فلا تَسْبِقُوني بالركوع، ولا بالسجود، ولا بالقيامِ، ولا بالانصراف». اهـ. والمراد من الانصراف عندي: هو انصرافُه عن القِبْلَة بعد السلام، ولا شكَّ أن انصرافَ المأمومين بعد انصراف إمامهم لا يَخْلُو عن استحبابٍ، وإن كان جائزًا قبله أيضًا. ويمكن أن يُرَادَ من للانصراف: التسليم، أي انصرافه عن الصلاة. فالسُّنة هو أن يَفْصِلَ بين الفريضة والنافلة إمَّا بالمكان، أو بالكلام، كمامرَّ منا تحقيقه. وبه صرَّح صاحب الهداية، إلا أن الناس يَمْكُثُون في زماننا بعد الفرائض، ويُصَلُّون السُّنن في ذلك المكان بعينه. وينبغي أن لا يُحَرَّض الآن على أداء السُّنن في البيوت، لظهور التَّوَاني في أمور الدين، فإِنهم إِن يَرْجِعُوا إلى بيوتهم بدون أداء السُّنن في المساجد، ربَّما يَتَكَاسَلُون في أدائها، فيتركونها رأسًا. وراجع ما عند أبي داود، عن ابن عمر رضي الله عنه (¬1). 848 - وَقَالَ لَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّى فِى مَكَانِهِ الَّذِى صَلَّى فِيهِ الْفَرِيضَةَ. وَفَعَلَهُ الْقَاسِمُ. وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ لاَ يَتَطَوَّعُ الإِمَامُ فِى مَكَانِهِ. وَلَمْ يَصِحَّ. تحفة 7563، 12179 848 - قوله: (وقال لنا آدمُ) ولعلَّه تأوَّل فيه، لأنه أخذه مذاكرةً. قوله: (ويُذْكَرُ عن أبي هُرَيْرَةَ رَفَعَه: لا يتطوَّع الإمامُ في مكانه»، ولم يَصِحَّ). وهو عند أبي داود، ولا بأسَ إذ صحَّ عند مسلم من طريقٍ آخر. فعدنا يُصَلِّي التطوُّعَ في غير مكان الفريضة، وذلك آَكَدٌ في حقِّ الإِمام. 849 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ هِنْدٍ ¬

_ (¬1) أخرج أبو داود في باب: الصلاة بعد الجمعة: "أن ابن عمر رضي الله عنه رأى رَجُلًا يُصَلِّي ركعتين يوم الجمعة في مقامه، فدفعه وقال: أَتُصَلي الجمعة أربعًا ... ". إلخ.

158 - باب من صلى بالناس فذكر حاجة فتخطاهم

بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا سَلَّمَ يَمْكُثُ فِى مَكَانِهِ يَسِيرًا. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَنُرَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لِكَىْ يَنْفُذَ مَنْ يَنْصَرِفُ مِنَ النِّسَاءِ. طرفاه 837، 850 - تحفة 18289 850 - وَقَالَ ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ أَخْبَرَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَتَبَ إِلَيْهِ قَالَ حَدَّثَتْنِى هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْفِرَاسِيَّةُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَتْ مِنْ صَوَاحِبَاتِهَا قَالَتْ كَانَ يُسَلِّمُ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ، فَيَدْخُلْنَ بُيُوتَهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْصَرِفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَتْنِى هِنْدُ الْفِرَاسِيَّةُ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَتْنِى هِنْدُ الْفِرَاسِيَّةُ. وَقَالَ الزُّبَيْدِىُّ أَخْبَرَنِى الزُّهْرِىُّ أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ الْحَارِثِ الْقُرَشِيَّةَ أَخْبَرَتْهُ، وَكَانَتْ تَحْتَ مَعْبَدِ بْنِ الْمِقْدَادِ - وَهْوَ حَلِيفُ بَنِى زُهْرَةَ - وَكَانَتْ تَدْخُلُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَتْنِى هِنْدُ الْقُرَشِيَّةُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ هِنْدٍ الْفِرَاسِيَّةِ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ حَدَّثَتْهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 837، 849 - تحفة 18289 849 - قوله: «هِنْد الفِرَاسِيَّة» وقد أَطَالَ الحافظُ رحمه الله تعالى الكلامَ في اختلاف الفِرَاسِيَّة والقُرَشِيَّة. قلتُ: ويمكن أن تكونَ فِرَاسِيَّة صُلْبِيَّة، وقُرَشِيَّة موالاة أو بالعكس. 158 - باب مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَذَكَرَ حَاجَةً فَتَخَطَّاهُمْ 851 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ قَالَ صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ الْعَصْرَ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا، فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَرَأَى أَنَّهُمْ عَجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ فَقَالَ «ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِى، فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ». أطرافه 1221، 1430، 6275 - تحفة 9906 - 216/ 1 فَثَبَتَ التَّخَطِّي، مع أنه قد نهى عن التَّخَطِّي في الخارج، فهذا جائزٌ إذا لم يَتَأَذَّ به الناسُ، لكونه ممن يَتَبَرَّكُ به الناسُ من النبيِّ صلى الله عليه وسلّم. 851 - قوله: (فَكَرِهْتُ أن يَحْبِسَنِي)، أي يْشْغِلُني التفكُّرْ فيه عن الإقبال على الله (يعني خيال بي أوردل لكارهي). 159 - باب الاِنْفِتَالِ وَالاِنْصِرَافِ عَنِ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ وَكَانَ أَنَسٌ يَنْفَتِلُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ، وَيَعِيبُ عَلَى مَنْ يَتَوَخَّى، أَوْ مَنْ يَعْمِدُ الاِنْفِتَالَ عَنْ يَمِينِهِ. 852 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنِ

تنبيه

الأَسْوَدِ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لاَ يَجْعَلْ أَحَدُكُمْ لِلشَّيْطَانِ شَيْئًا مِنْ صَلاَتِهِ، يَرَى أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَنْصَرِفَ إِلاَّ عَنْ يَمِينِهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَثِيرًا يَنْصَرِفُ عَنْ يَسَارِهِ. تحفة 9177 وظاهرٌ من هذه الترجمة أن المرادَ من الانصراف في الأحاديث: هو الانصرافُ إلى البيت، سواء كان من جانب اليمين، أو اليَسَار، دون الجلوس بعد الفراغ متوجِّهًا إلى جهة اليمين أو اليَسَار، كما وُهِمَ. وقد مرَّ التصريحُ به عن عليِّ رضي الله عنه عند الترمذيِّ. قوله: (ويَعِيبُ على مَنْ يَتَوخَّى، أو من يعْمِدُ الانتفالَ عن يمينه) حاصلُه أنه مختارٌ في الانصراف من أيِّ الجانبين شاء انصرف، وقد أجاز الشرعُ بتأديب الزوج زوجته، والأب ابنه. وكذا كلُّ من كان له حقٌّ على تأديب أحدٍ أن يُؤَدِّبه على ترك المستحبِّ أيضًا، ولا ينبغي التأديبُ عليه لغيرهم، وإنما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أكثر ما يَنْصَرِفُ إلى اليَسَارِ، لكون الحُجُرَات في تلك الجهة. تنبيه واعلم أن القيامَ عند ذكر ميلاد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بِدْعةٌ لا أصلَ له في الشرع وأحدثه ملك الإرْبِل كما في «تاريخ ابن خَلِّكَان»: أنه كان يَعْقِدُ له مجالس، ويَصْرِفُ عليها أموالا. وقد ألَّف ابن دِحْية المغربي كتابًا في الميلاد. وأجازه (¬1) السيوطي وابن حَجَر رحمهم الله تعالى قياسًا على قوله: «قوموا لسيِّدِكم لسعد بن مُعَاذ رضي الله عنه» حين دعاه أن يقضي في بني قُرَيْظَة. قلتُ: وهو قياسٌ مع الفارق، فإنه قياسُ أحكام عَالَم الأرواح على عَالَم الأجسام، وقياسُ الموهوم على المُحَقِّق مع مُغَايَرَةِ الأحكام بين العَالَمَيْنِ، فهو قياسٌ مُهْمَلٌ. إلاّ أن البِدْعَةَ ¬

_ (¬1) يقول العبدُ الضعيفُ: ولا ينبغي أن يُشَد أن الميلادَ المروجَ بين أظهرنا حرام قطعًا، فإنه يَشْتَمِل على المحرمات الكثيرة، والمعاصي الظاهرة والباطنة: من إضاعة المال وقراءة الروَايات الموضوعة التي لا أصل لها في الدين، وظنهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عالم للغيب، بحيث لا يَغِيبُ عن عِلْمِهِ شيء في السماوات والأرضين، فَيَحْضُرُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - تلك المجالس، ويَقُومُون عند ذلك، لأنهم يَرَوْنَه حاضرًا وناظرًا إلى غير ذلك من تسويلاتهم الباطلة. وهو الغلو في الدين، وقد نعى الله سبحانه على أهل الكتاب، فقال: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [النساء: 171]، ويظُنون أن تعظيمَ النبي في التسوية بين الله ورسوله، تعالى الله عن ذلك عُلُوًا كبيرًا، وما قَدَرُوا اللهَ حق قَدره، مع أنه تعالى يقول: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} [آل عمران: 144] وأين هم من تعظيم الرسول. فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لا ريبَ أنه أفضلُ الخَلق وأحبه وأكرمه على الله، آدم وذريته تحت لوائه، وهو الشافعُ المشفع، وهو صاحب الحوض، وصاحب المقام، وصاحبُ مفتاح الجنة، وهو أولُ من يقَعقِع حلقة الجنة، وهو خطيبهم إذا صَمَتوا وشفيعُهم إذا يئسوا، ولكنه مع ذلك بشر من البشر، مخلوق لله سبحانه، وعبد من عباده، ورسول من رسُله: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79) وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (80)} [آل عمران: 79 - 80] فتلك المجالس كلها مجالس البدع، فاحذروها وعليكم بسنة نبيكم، فإنها العروة الوثقى لا انفصام لها. اللهم أَحيِنَا على حبكَ وحُب نبيك، وأَمِتنا على حبكَ، وحب نبيك، واحشرْنَا فيمن يحِبكَ ويحب رسولَك، آمين، ثم آمين.

160 - باب ما جاء فى الثوم النى والبصل والكراث

قد تكون مكروهةٌ تنزيهًا، وقد تكون مكروهةً تحريمًا، كالنهيِّ، فإنه قد يُفيدُ التحريم، وقد يُفِيدُ التنزيه، فيجري هذا التقسيم في البِدْعَةِ أيضًا. ولذا اعترضَ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى على صاحب «الهداية» حيث قال: إن تحليقَ ربع الرأس يكفي للتحليل عن إحرام الحجِّ، قياسًا على ربع الرأس في باب الوضوء، فقال ابنُ الهُمَام رحمه تعالى: إنه من قياس الشَّبَه، لا من قياس المعنى، فإنه يكون باشتراك العِلَّة المقتضية للحكم. وقياسُ الشَّبَهِ يكون كتشبيه أهل المعاني، فَجَزَم أن تحليقَ الربع لا يكفي. وكذا في «الهداية»: إن الاستقبالَ إلى الحجر الأسود، كالاستقبال عند التحريمة، فاعترض عليه: إنه قياسٌ صوريٌّ. وقد أَجَبْتُ عنهما. 160 - باب مَا جَاءَ فِى الثُّومِ النَّىِّ وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ وَقَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَكَلَ الثُّومَ أَوِ الْبَصَلَ مِنَ الْجُوعِ أَوْ غَيْرِهِ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا». 853 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِى غَزْوَةِ خَيْبَرَ «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ - يَعْنِى الثُّومَ - فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا». أطرافه 4215، 4217، 4218، 5521، 5522 - تحفة 8143 854 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ - يُرِيدُ الثُّومَ - فَلاَ يَغْشَانَا فِى مَسَاجِدِنَا». قُلْتُ مَا يَعْنِى بِهِ قَالَ مَا أُرَاهُ يَعْنِى إِلاَّ نِيئَهُ. وَقَالَ مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ إِلاَّ نَتْنَهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ أُتِىَ بِبَدْرٍ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ يَعْنِى طَبَقًا فِيهِ خُضَرَاتٌ. وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّيْثُ وَأَبُو صَفْوَانَ عَنْ يُونُسَ قِصَّةَ الْقِدْرِ، فَلاَ أَدْرِى هُوَ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِىِّ أَوْ فِى الْحَدِيثِ. أطرافه 855، 5452، 7359 - تحفة 2447، 2485 855 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ زَعَمَ عَطَاءٌ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلاً فَلْيَعْتَزِلْنَا - أَوْ قَالَ - فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فِى بَيْتِهِ». وَأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِقِدْرٍ فِيهِ خَضِرَاتٌ مِنْ بُقُولٍ، فَوَجَدَ لَهَا رِيحًا فَسَأَلَ فَأُخْبِرَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْبُقُولِ فَقَالَ «قَرِّبُوهَا» إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ كَانَ مَعَهُ، فَلَمَّا رَآهُ كَرِهَ أَكْلَهَا قَالَ «كُلْ فَإِنِّى أُنَاجِى مَنْ لاَ تُنَاجِى». وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ بَعْدَ حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَهْوَ يُثْبِتُ قَوْلَ يُونُسَ. أطرافه 854، 5452، 7359 - تحفة 2485 - 217/ 1 856 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ

فائدة

أَنَسًا مَا سَمِعْتَ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الثُّومِ فَقَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلاَ يَقْرَبْنَا، أَوْ لاَ يُصَلِّيَنَّ مَعَنَا». طرفه 5451 - تحفة 1040 ويُسْتَبْعَدُ من المصنِّف رحمه الله تعالى أنه صَدَرَ أولا بقول النبي صلى الله عليه وسلّم ثم رواه بالمعنى. ولم يَفْعَل كذلك في موضعٍ من كتابه غير هذا. واعلم أن كلَّ شيءٍ له رائحةٌ كريهةٌ يُكْرَهُ أن يَذْهَبَ به إلى المسجد. وكذا يُكْرَه له أن يَدْخُلَ في المسجد، وريحُه في فمه. ولعلَّ تلك الكراهة فوق التنزيه لِمَا في الفِقْهِ: أن السَّمَّاك لو كان القومُ يتأذَّى منه، يجوز إخراجه من المسجد. وكذا الجذامي، والمبروص. وفي «الموطأ» لمالك: «أنهم كانوا يَطْرُدُونَ نحو هؤلاء من المسجد إلى البقيع». وهي المسألةُ في قراءتهم الأذكار في هذا الحال، فينبغي أن لا يُجِيبَ المؤذنَ وهو يأكل النتن، ولا يَدْخُلُ المسجدَ إلا بعد إزالة رائحته. وفي الحديث: «إنكم إذا استيقظتم من الليل فنظِّفُوا فَمَكم، فإنكم ما تكلَّمُون بكلمةٍ من الذكر إلا يَضَعُها المَلَكُ في بطنه - بالمعنى. وتفرَّد ابن حَزْم حيث ذَهَبَ إلى حُرْمَة هذه الأشياء، لأنها مانعةٌ عن الجماعة، وهي فرضُ عينٍ عنده. وقال الجمهور: إنها حلالٌ كلُّها، إلا أنها ممنوعةٌ في الأوقاتِ المخصوصةِ لأجل العوارض، فليست فيها كراهةُ الأكل، بل كراهةُ الذكر، أو الإتيان إلى المسجد بعد الأكل. والعجبُ على تَهَوُّرِ هؤلاء الذين يَحْكُمُون بالحُرْمَةِ على الأشياء التي أُكِلَت في عصر النبوة وحضرتها. فإذن هي حلالٌ إِلا ماوقع في بعض الكُتُب من حُرْمة النتن أو التمباك، فالوجهُ فيه أنهم صَرَّحُوا أن المباحَ في نفسه قد يَصِيرُ حرامًا من حكم الأمير من جهة أن الله أمر بطاعتهم، فقال: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} فحينئذٍ لو رَأَى الأميرُ أن يَمْنَعَ الناسَ عن أكل شيءٍ لمصلحةٍ بَدَتْ له، يجب عليهم أن لا يَأْكُلُوه، ويَحْرُم عليهم. إِلا أن تلك الحُرْمة تَقْتَصِرُ على مدَّة إمارته فقط، ولا يتجاوزها، فهي حرمةٌ مؤقَّتةٌ. ومن هذا الباب تحريم التمباك، فإنه قد نهى عنه بعض السلاطين، فاحفظه. قوله: (فلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا)، مع أنه لم يكن في خَيْبَر مسجدٌ، فإذن هو مسجدٌ عارضيٌّ كان يُعَدُّ للصلاة ما دام القيام هناك، كما مرَّ منا من قبل. فائدة واعلم أن الزَّيْلَعِيَّ إذا يُخَرِّجُ حديثًا غريبًا، يُنَبِّهُ أولا على غرابته، ثم يُخَرِّجُ ما يكون في معناه. بخلاف الحافظ، فإنه يُخَرِّجُ أحاديث الشافعية، ولا يُنَبِّهُ على غرابتها. 161 - باب وُضُوءِ الصِّبْيَانِ، وَمَتَى يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْغَسْلُ وَالطُّهُورُ وَحُضُورِهِمِ الْجَمَاعَةَ وَالْعِيدَيْنِ وَالْجَنَائِزَ، وَصُفُوفِهِمْ 857 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِىَّ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ قَالَ أَخْبَرَنِى مَنْ مَرَّ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ، فَأَمَّهُمْ

وَصَفُّوا عَلَيْهِ. فَقُلْتُ يَا أَبَا عَمْرٍو مَنْ حَدَّثَكَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. أطرافه 1247، 1319، 1321، 1322، 1326، 1336، 1340 - تحفة 5766 وهو صحيحٌ عندنا أيضًا، وسَهَا من نَسَبَ إلينا خلافه. قوله: (ومتى يَجِبُ عليهم الغَسْلُ والطَّهُور)، ولم يَجِبْ عنه، لأن وُجُوبَهُمَا عند وُجُوبِ سائر الأحكام وهو عند الاحتلام، إلا أنه يُؤَمَرُ قَبْلَه للاعتِياد. وقال أحمد رحمه الله تعالى: ويُفْتَرَضُ عليه إذا بَلَغَ عَشْر سنين. قوله: (وحُضُورِهم الجَمَاعَةَ) وصلاتهم تقع عندنا نَفْلا وإن صَلُّوها فريضةً. ولا بِدْع عندي ولا بُعْد في أن تَقَع عنهم فرضًا مع كونهم غيرَ مكلَّفِين، كالإسلام فإِنَّهم قالوا: إن الصبيَّ إذا أسلمَ يقعُ عن فَرْضِه وإن لم يكن فَرْضًا عليه. فهكذا الصلاة، فإِنه لم يُصَرِّح أحَدٌ بخلافِهِ، وإن لم يصرّح به أيضًا. ونَسَب إلينا النوويُّ أَنَّ حجَّ الصبيِّ لا يُعتبرُ عندنا، وهو باطِلٌ. نعم يقعُ نَفْلا ولا يُعتبرُ عن حَجَّةِ الإِسلام. قوله: (وصُفُوفِهم) ويَصُفُّ الصِّبيانُ مع الرِّجَالِ في صلاةِ الجنازة عندنا، وكذا في المكتوبةِ في بعض الصُّور. وراجع تفصيله في كُتُب الفقه. 858 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ». أطرافه 879، 880، 895، 2665 - تحفة 4161 858 - قوله: (الغُسْلُ يومَ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ على كُلِّ مُحتَلِم) وهو من الحُلْم - بالضم - لا مِن الحِلْم - بالكسر. والغُسْل واجب عند مالك رحمه الله تعالى، لكنهم يَقْسِمُون الوُجُوبَ إلى: وُجوبِ سُنَّة، ووجوبِ افتراض. وعندي هو واجِبُ في بعض الصور عندنا أيضًا، وإن لم يصرِّحُوا به لكنه تقتضيه قواعدهم، وهو عند تأذِّي القوم، كما حققه ابن عباس رضي الله عنه - عند أبي داود - حين سُئِل عن وُجوبِ الغُسْل. فقال: «إنَّ الناسَ كانوا في قلة الثياب في أول أمْرِهم فيعرقون وينتشر عنهم النتن. فإِذا وَسَّع اللَّهُ عليهم زال الوجوبُ»، لانتفاء العلة. وعُلِم منه أن الوجوب فيه يَدُورُ مع عِلَّة التأذي، فلو تحقق الآن يعود الوجوب أيضًا. ثُم إنَّه يجوزُ عندي أن يَدْخُل الوجوبُ والاستحبابُ تَحْتَ أمرٍ واحدٍ، كقوله تعالى: {صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]. أطلق على الفَرْض والنَّفْل جميعًا، وبَعيدٌ عندي كل البُعْد أن يكونَ مصداقُه هو صلاتَه مرةً في عمره فقط، وأما الباقيةُ فتبقى خارجةً عنه. فالحقُّ أن الأمر كما في اللغة للطلبِ فقط، وصِفَةُ الوجوب والتطوع من الخارج. نعم إذا ورد مُؤقتًا يُحْمَل على الوجوبِ. وقد بسطتُ الكلامَ عليه في رسالتي «فصل الخطاب»، وكشف الستر» شيئًا. 859 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ أَخْبَرَنِى كُرَيْبٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بِتُّ عِنْدَ خَالَتِى مَيْمُونَةَ لَيْلَةً، فَنَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا كَانَ فِى بَعْضِ اللَّيْلِ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَوَضَّأَ مِنْ شَنٍّ مُعَلَّقٍ وُضُوءًا خَفِيفًا - يُخَفِّفُهُ

عَمْرٌو وَيُقَلِّلُهُ جِدًّا - ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى، فَقُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ نَحْوًا مِمَّا تَوَضَّأَ، ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَحَوَّلَنِى فَجَعَلَنِى عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ صَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ، فَأَتَاهُ الْمُنَادِى يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاَةِ فَقَامَ مَعَهُ إِلَى الصَّلاَةِ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. قُلْنَا لِعَمْرٍو إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَنَامُ عَيْنُهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ. قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ إِنَّ رُؤْيَا الأَنْبِيَاءِ وَحْىٌ ثُمَّ قَرَأَ (إِنِّى أَرَى فِى الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ). أطرافه 117، 138، 183، 697، 698، 699، 726، 728، 992، 1198، 4569، 4570، 4571، 4572، 5919، 6215، 6316، 7452 - تحفة 6356 860 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ فَقَالَ «قُومُوا فَلأُصَلِّىَ بِكُمْ». فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ، فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْيَتِيمُ مَعِى، وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا، فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ. أطرافه 380، 727، 871، 874، 1164 - تحفة 197 - 218/ 1 861 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاِحْتِلاَمَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى بِالنَّاسِ بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَىْ بَعْضِ الصَّفِّ، فَنَزَلْتُ وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ وَدَخَلْتُ فِى الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَىَّ أَحَدٌ. أطرافه 76، 493، 1857، 4412 - تحفة 5834 862 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ أَعْتَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ عَيَّاشٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْعِشَاءِ حَتَّى نَادَاهُ عُمَرُ قَدْ نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ يُصَلِّى هَذِهِ الصَّلاَةَ غَيْرُكُمْ». وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَوْمَئِذٍ يُصَلِّى غَيْرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. أطرافه 566، 569، 864 - تحفة 16469، 16642 863 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَهُ رَجُلٌ شَهِدْتَ الْخُرُوجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ نَعَمْ، وَلَوْلاَ مَكَانِى مِنْهُ مَا شَهِدْتُهُ - يَعْنِى مِنْ صِغَرِهِ - أَتَى الْعَلَمَ الَّذِى عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ، ثُمَّ خَطَبَ ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَتَصَدَّقْنَ فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُهْوِى بِيَدِهَا إِلَى حَلْقِهَا تُلْقِى فِى ثَوْبِ بِلاَلٍ، ثُمَّ أَتَى هُوَ وَبِلاَلٌ الْبَيْتَ. أطرافه 98، 962، 964، 975، 977، 979، 989، 1431، 1449، 4895، 5249، 5880، 5881، 5883، 7325 - تحفة 5816 863 - قوله: (ولولا مَكَانِي مِنْه ما شَهِدتُه - يَعْني من صِغَرِهِ) وله شَرْحانِ فراجع الحاشية.

162 - باب خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس

قوله: (أَتَى العَلَمَ الذي كان عِنْد دارِ كَثِير بنِ الصَّلْت) ولَعلَّه كان هناك موضِعٌ مُرْتَفِعٌ، وهو تعريفٌ له بشيءٍ حَدَث بعد عَصْر النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فإِن تلك الدارَ لم تكن في زَمَنِه صلى الله عليه وسلّم. 162 - باب خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِاللَّيْلِ وَالْغَلَسِ 864 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعَتَمَةِ حَتَّى نَادَاهُ عُمَرُ نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ. فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا يَنْتَظِرُهَا أَحَدٌ غَيْرُكُمْ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ». وَلاَ يُصَلَّى يَوْمَئِذٍ إِلاَّ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانُوا يُصَلُّونَ الْعَتَمَةَ فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الأَوَّلِ. أطرافه 566، 569، 862 - تحفة 16469 - 219/ 1 865 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ حَنْظَلَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا اسْتَأْذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ بِاللَّيْلِ إِلَى الْمَسْجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ». تَابَعَهُ شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 873، 899، 900، 5238 - تحفة 6751، 7385 163 - باب انْتِظَارِ النَّاسِ قِيَامَ الإِمَامِ الْعَالِمِ 866 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَتْنِى هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهَا أَنَّ النِّسَاءَ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كُنَّ إِذَا سَلَّمْنَ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ قُمْنَ، وَثَبَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ صَلَّى مِنَ الرِّجَالِ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَإِذَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ الرِّجَالُ. تحفة 18289 867 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيُصَلِّى الصُّبْحَ، فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ. أطرافه 372، 578، 872 - تحفة 17931 868 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ الأَنْصَارِىِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى لأَقُومُ إِلَى الصَّلاَةِ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِىِّ، فَأَتَجَوَّزُ فِى صَلاَتِى كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ». طرفه 707 - تحفة 12110 869 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَوْ أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِى إِسْرَائِيلَ. قُلْتُ لِعَمْرَةَ أَوَ مُنِعْنَ قَالَتْ نَعَمْ. تحفة 17934 - 220/ 1

164 - باب صلاة النساء خلف الرجال

164 - باب صَلاَةِ النِّسَاءِ خَلْفَ الرِّجَالِ 870 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِى تَسْلِيمَهُ، وَيَمْكُثُ هُوَ فِى مَقَامِهِ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ. قَالَ نَرَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِكَىْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ. تحفة 18289 871 و 872 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ، فَقُمْتُ وَيَتِيمٌ خَلْفَهُ، وَأُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا. أطرافه 380، 727، 860، 874، 1164 - تحفة 172 ويستفاد من الأحاديث أن النِّسَاءَ كُنَّ يَحْضُرْنَ الجماعات في المكتوباتِ والعيدين مطلقًا. وكذا في هذا الكتاب: «لا تمنعوا إماءَ اللَّهِ عن المساجدِ». فهذا عَمَلٌ وذاك قَوْلٌ. ومع ذلك ذهبَ الفقهاءُ إلى التضييق. ومَنَعَهُنَّ المتأخرونَ مِن الخروج مطلقًا. ويؤيد ما عند أبي داود عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: «لو أَدْرَكَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم ما أحدثَ النِّساءُ لَمَنَعُهنَّ المساجدَ كما مُنِعَتْ نساءُ بني إسرائيلَ». وهو عندي عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا. وقِصَّةُ عمرَ رضي الله عنه مع زوجَتِه حيثُ كانت تَذْهَبُ إلى المسجد. وهي في البخاري ومَرَّت من قِبَلْ. ورَاجِع كَرَاهةَ خُرُوجِهنَّ عن ابن المُبَارك عن الترمذي. واعلم أن ههنا سِرًّا (¬1) وهو أَني لم أَرَ في الشريعة تَرغيبًا لهن في حضورهن الجماعة، بل عند أبي داود ما يخالِفُه، فعن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا قال: «صلاةُ المرأةِ في بيتِها أَفْضَلُ مِن صلاتها في حُجْرَتِها، وصلاتُها في مَخْدَعِها أَفْضَلُ مِن صلاتِها في بيتها». اهـ. وهذا يدلُّ على أنَّ مَرْضَى الشَّرْع أن لا يَخْرُجن إلى المساجدِ. وفي حديث آخر: «إنْ كان لا بُدَّ لَهُنَّ مِن الخروجِ فليخرجن تَفِلاتٍ بدونِ زينةٍ، فلا يَتَعَطَّرْنَ، فإِن فَعَلْن فهنَّ كذا وكذا». يعني زوانٍ. فهذه إباحةٌ لا عن رضاءٍ منه، كإباحة الفاتحة للمُقْتَدين. فلم يرغِبْهُنَّ في الخروج، ونهى الأزواجَ عن مَنْعِهنَّ عن الخروج أيضًا. ¬

_ (¬1) وهذا هو السِّرُ في حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا عند الترمذي: "خيرُ صفوفِ الرجال أَولُها، وشرُّها آخِرُها وخيرُ صفوف النساء آخِرُها، وشَرُّها اْوَّلُها" اهـ. فإن المرءَ يتعجبُ منه في أول نظرةِ، لكون الصلاة خير موضوع، فلا يكون في صفوفها شَرّ. ولكن إنما جاء الشَّرّ فيها من جهةِ قُرْب النساء من الرجال. فكُلُّ صف كان أقربَ منهن. أو كان أقرب منه كان شرًا، لا بمعنى أن فيه شرًا الآن، بل بمعنى أنه على شفا جُرُف هارٍ. فالشرُّ في حواليه ليس بينه وبين حاجِب، فهذا نحوُ تَلميح للنساء أنْ لا يَحْضُرْنَ الجماعاتِ من عرض الكلام، لا بصريح القول، فإِن الحضور إلى الجماعاتِ خير لا ينبغي لصاحب النبوةِ أن ينهى عنه في زمانه، ولكنه يُفْهم من أطراف الكلام أن رضاءه في عدم الحضور وهو الشاكلةُ في سماعه غناءَ الجاريتين، فإِنَّه لم يكن يستمع لغنائهما وكان متغشِّيًا بالثوب، ومع ذلك لم يَنْه عنه أيضًا، وستقرره في موضعه إن شاء الله تعالى. وبالجملة هذا الحديثُ أيضًا يُبنى على ترغيبهن بعدم حضورِهن الجماعاتِ، هكذا فهمت من كلام الشيخ رحمه الله تعالى في درس الترمذي، والله تعالى أَعلم بالصواب.

165 - باب سرعة انصراف النساء من الصبح، وقلة مقامهن فى المسجد

وهكذا فَعَل في باب الصدقة، فأمر المتصدِّقين بإِرضائهم. قالوا: «وإن ظلمونا قال: وإن ظلموكم». ثُم هَدَّد العاملين أيضًا. ونحوه سَلك في طاعةِ السلطان فأوجبها ما لم يكن كُفْرًا بَواحًا، ثم أوعد السلاطين الجائرين أيضًا. وهكذا صَنيعه في النكاح فقال: «لا نكاح إِلا بوليَ». ثم أثبت لها حَقَّا فقال: «الأيم أحقُّ بِنَفْسها من وَليِّها». فهذه كلُّها أبوابٌ من قَبيل واحدٍ. وسنقرره في النكاح إن شاء الله تعالى. 866 - قوله: (كُنَّ إذا سَلَّمْنَ مِنْ المَكْتوبةِ قُمْنَ، وَثَبت رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم وَمَنْ صَلَّى مِن الرِّجَالِ) وذلك لئلا يلزمَ الاختلاطُ في الطريق. 165 - باب سُرْعَةِ انْصِرَافِ النِّسَاءِ مِنَ الصُّبْحِ، وَقِلَّةِ مَقَامِهِنَّ فِى الْمَسْجِدِ 873 و 874 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى الصُّبْحَ بِغَلَسٍ فَيَنْصَرِفْنَ نِسَاءُ الْمُؤْمِنِينَ، لاَ يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ، أَوْ لاَ يَعْرِفُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا. أطرافه 372، 578، 867 - تحفة 17511 166 - باب اسْتِئْذَانِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا بِالْخُرُوجِ إِلَى الْمَسْجِدِ 875 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. «إِذَا اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةُ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَمْنَعْهَا». أطرافه 865، 899، 900، 5238 - تحفة 6943 يقول: على الرجال أن لا يبادِرُوا بالخروج، وعليهن أن يَتَسارَعْنَ إلى الخروجِ، ولا يكثرون في مقامهن في المسجد، لئلا يتحرَّجَ الرجالُ، فعليهم انتظارُ خروجِهنَّ، وعليهن السرعةُ إلى القيام. 872 - قوله: (ولا يَعْرِفُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا) وهذا صريحٌ في عدم معرفةِ الشَّخْص دونَ معرفةِ الذَّكَر من الأُنثى، كما أوَّل به النوويّ. قوله: (لا يُعْرَفْنَ مِن الغَلَس) أي لا يُعْرَفُ الرجالُ من النساءِ. ***

11 - كتاب الجمعة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 11 - كتاب الجُمُعَة 1 - باب فَرْضِ الْجُمُعَةِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9]. واعلم أنَّ الجُمعةَ امتازت عن سائر الصّلوات بشروطٍ إجماعًا. فلم يذهب أحدٌ منهم إلى التسوية بين الجُمعة وسائر الصّلوات. نعم اختلفوا في شرائطها: فشرَط إمامُنا لها المِصْرَ، والآخرون شرطوا العدد. فقال الشافعيّ رحمه الله تعالى: أربعين رجلا، وهو عند أحمد رحمه الله تعالى، وفي رواية عنه: خمسون. وعند مالك رحمه الله تعالى: ثلاثونَ، وفي رواية: عشرون. وراجع «نيل الأوطار». فلو كان في قرية أقلُّ من عشرين رجلا لا جمعةَ عليهم إجماعًا بين الأئمة. أما عند الإمام فلفقدان المِصْر، وأما عندهم فلفُقْدان العدد، فَمَنْ أوجب الجمعةَ مطلقًا فقد خَرَق الإِجماع. وعن الشافعيّ رحمه الله تعالى أنّها فرضٌ على الكفاية. نقله الخَطَّابيّ رحمه الله تعالى - وهو أوّلُ شارح على أبي داود. وادَّعى النّاس أنّها فَرْضُ عينٍ بالإجماع. قلت: ولعلّ تلك الروايةَ ثابتةٌ عنه، فإنّك إن راعيت شرائطَها ثُم أردت أن تحكم عليها لا يَسُوغ لك إلا الحُكْم بالفَرْضِ المعيَّن. وإن قطعت النظر عنها جاز لك أن تقول: إنّها فرض كفاية، بمعنى أنّها واجبةٌ على البعض دون البعض لفقدان الشرائط في حقهم. وهذا كأَمرِ الجماعة، فإنّك إن نظرت إلى الوعيد الوارد على تاركها تحكمُ بالوجوب بتًا. وإن لاحظت معه المعاذير الواردة فيها لا يَسُوغ لك إلا الحكمُ بالسنيِّة فاعلمه. وقال الشيخ ابن الهمام: إنّ الجمعة آكَدُ الفرائض وقد مرّ. ثم اعلم أنَّ الجمعة فُرِضَتْ بمكة ولم يتمكن النبيُّ صلى الله عليه وسلّم من إقامتها فيها حتى ورد المدينة، فنزل في قُباء أربعةَ عشرَ يومًا ولم يُقِم الجمعة، وأوّل جمعة أقامها في بني سالم مَحَلَّةٌ من المدينة. ونقل الحافظ رحمه الله تعالى في «التلخيص» أنَّ الجمعة فُرضَت بمكة، ولم يَنْقُل إسناده وهو موجود عندي، إلاّ أنّ فيه راويًا ساقطًا. قوله: (إذا نُودي) وفي ألفاظ النِّداء تفتيشٌ أنها كانت بالكلمات المعروفة أو غيرها. قوله: (فاسعَوْا)، وفرَّق اللّغويون بين قوله: سعى له، وسعى إليه. ومعناه ههنا فامضوا كما في قراءة عمرَ رضي الله عنه.

فائدة

قوله: (ذلكم خيرٌ لكم) ومرَّ عليه ابنُ تيمية وقال: إنَّ السَّعي إليها فرضٌ بالإجماع، ومع ذلك أطلق عليه لفظ الخير (¬1). وفيه دليل أنَّ الخيرَ يطلق على الفَرْض كما قلت في حديث «أمراء الجَوْر»: «فإنّها لك نافلة»، أطلق لفظ النّافلة على المكتوبة. وفي أحاديث فضل الوضوء أنه يتوضأ فتنحَطّ عنه سيئاته، حتى تبقى له الصّلاة نافلة. 876 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ الأَعْرَجَ مَوْلَى رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، ثُمَّ هَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِى فُرِضَ عَلَيْهِمْ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللَّهُ، فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ، الْيَهُودُ غَدًا وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ». أطرافه 238، 896، 2956، 3486، 6624، 6887، 7036، 7495 - تحفة 13744 876 - قوله: (ثُم هذا يومُهُم الذي فُرِض عليهم) واختَلف فيه الشّارحون، فقيل: إنّه افترِض عليهم عينًا، ثم اختلفوا فيه، وقيل: بل فُوِّض إلى اجتهادهم فلم يُصيبوا وأخطأوا في تعيينه. فائدة واعلم أن السبت هو التّعطيل في اللُّغة العِبْرانية. وقد ثبت عندي من التوراة أن السبت كان اسمًا للجمعة ولا أدرى متى وقع فيه التحريف، وكُتِبَتْ شروح التوراة في بيت المقدس وبابلٍ ويقال لها «كمارى»، وفيها أنَّ موسى عليه الصّلاة والسّلام كان يَعِظُهم يوم الجمعة ويبشِّرُهم بنبأ النَّبيِّ السّبتيّ، وفي الرِّوايات أنّه لما حارب مع العمالقةِ وكادت الشّمس أن تغرُبَ قبل أن يُفتَح له، دعا اللَّهَ سبحانه أن يُؤخِّر غروب الشّمس وكان غدًا الجمعة. وفي الإنجيل أنّهم صلبوا رجلا يوم الخميس، فبادروا فيه لئلا يأتي عليهم السَّبت، فدلَّ ذلك كلُّه على أن السَّبت في التّوراة هو يوم الجمعة. ثمّ اعلم أن تكوين العالم بدأ من يوم السّبت المعروف الآن. وتمَّ يومُ الخميس ولم يَخْلُق ¬

_ (¬1) قلت: ونظيره ما أخرجه الترمذي في باب التيمم للجنب عن أبي ذر رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته، فإن ذلك خير" اهـ وبمثله يُجاب في قوله تعالى: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [الزمر: 55] وترجمه الشاه عبد القادر رحمه الله تعالى: "اجهى اجهى باتين". ومن هذا الباب قوله: "إذا جاء أحدُكم الجمعة فليغتسل" لا يريد بذلك أن الإتيان إلى الجمعة في خيرته جاء أو لم يجىء، ولكنه حتم يجب عليه، فلا يغتر من هذه الألفاظ، فإنها تستعمل في الفرائض أيضًا، فظهر الجواب عما ورد في باب الحج: "من أراد منكم العمرة أو الحج فليهلل" أو كما قال، فاستدل منه الشافعية أن الإحرام موقوف على إرادة العمرة والحج لا مطلقا، فمن لم يرِدهما أو أحدَهما له أن يدخلها بدون إحرام، قلنا: يجب لمن أراد دخول مكة أن يحرم بأحدهما، ولا يخالفه لفظ الإرادة كما علمت أنه يستعمل في الفرائض، فالإحرام واجب عليه أراد أو لم يرِد وسيجيء تفصيله في بدء الحج إن شاء الله تعالى.

2 - باب فضل الغسل يوم الجمعة، وهل على الصبى شهود يوم الجمعة، أو على النساء

في يوم الجمعة هذه شيءٌ واستوى الرّحمن على العرش كما يليق بشأنه المقدَّس، وبعد مرور أزمانٍ - يعلم اللَّهُ قدرها - خلق آدم في آخِر ساعة من يومِ الجمعة. فتبادر إلى الأوهام أنه خُلق في يوم الجمعة من هذا الأسبوع. والصّواب عندي ما قرّرت. ولذا ترى في الآيات أنّ الله سبحانه وتعالى كلما ذكر خَلْقَه العالَمَ ذكر بعده الاستواء على العرش لأنّه كان في الخارج كذلك، فإنّه لما فرغ من تكوين العالم استوى على عرشه ولم يخلق شيئًا، حتى إذا كان في جمعةٍ أخرى بعدها بكيثر خلق آدم. ثمّ اعلم أن الجمعة تذكرةٌ لحفلةٍ تقوم في الآخرة على قدر تلك الأيام، فيجتمع فيها المؤمنون والأنبياء والصّديقون على منازلهم، وتحصل لهم الرؤية كما في الأحاديث. قوله: (اليهُودُ غدًا والنَّصَارَى بَعْدَ غدٍ) عندي: تنقلب الأيام والجهات في المحشر، فأوّل أيام الدنيا هو السّبت وآخرها الجمعة، فتكون الجمعة في المحشر أوّل أيامه، فنحاسَب أولا، ويكون الآخَرون سابقين كما في الحديث. وقد مرَّ معنا التنبيه على أنَّ عند المصنّف صحيفةً فيها نحو مئةُ حديث وأوَّلُها: «نحن الآخرون السّابقون»، فإذا أراد المصنف رحمه الله تعالى أن يُخرِج حديثًا منها أخرج أولا هذا الحديث، ثم أخرج الحديث الذي يريده إشارةً إلى أنّ هذا الحديث من تلك الصحيفة، كما عند مسلم أيضًا صحيفةٌ وهو يشير إليها أيضًا بنحوٍ آخر، وقد قرّرناه من قبل والغافل يذهَل عنه، ويُتعِب نفسه، ويُضيَّع وقته في إيجاد المناسبات ولا يستطيعه، فتشمَئِزُّ نفسه ففرِّج عنك الكرب فإنه لا تكون له مناسبةٌ غير أنه يكون إشارةً إلى الصحيفة فقط. 2 - باب فَضْلِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهَلْ عَلَى الصَّبِىِّ شُهُودُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، أَوْ عَلَى النِّسَاءِ 877 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ». طرفاه 894، 919 - تحفة 8381 878 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ أَخْبَرَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَيْنَمَا هُوَ قَائِمٌ فِى الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَادَاهُ عُمَرُ أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ قَالَ إِنِّى شُغِلْتُ فَلَمْ أَنْقَلِبْ إِلَى أَهْلِى حَتَّى سَمِعْتُ التَّأْذِينَ، فَلَمْ أَزِدْ أَنْ تَوَضَّأْتُ. فَقَالَ وَالْوُضُوءُ أَيْضًا وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ. طرفه 882 - تحفة 10519 - 3/ 2 عبرُ بالفضل فلعلّه إشارةٌ إلى عدم وجوبه. قوله: (وهل على الصّبيِّ شهودُ يوم الجمعةِ، أو على النِّساء) ولم يُجِبّ عنه لأنَّه لم يكن عنده لذلك دليلٌ من الحديث الذي أخرجه. وذهب الجمهور إلى عدم وجوب الجمعة على

3 - باب الطيب للجمعة

هؤلاء، ومع ذلك اتّفقوا على أنّهم لو شهدوا الجمعة تقع عن فَرْض الوقت، واستثناؤهم موجودٌ في صريح الرواية عند أبي داود وغيره. 877 - قوله: (إذا جاء أَحَدُكُمْ الجمعةَ فليغتَسِل) ولفظ أحدِكم يدل على أن الآتي ليس كلا منهم بل فيه استثناء في نظر الشارع، وفي رواية تالية: «غسل يوم الجمعة واجب»، وهو عندي: محمول على الجنس أو على المبالغة، ولا يصح تأويل الواجب بمعنى الثابت وقد مرَّ الكلام فيه آنفًا. وفيهِ دليلٌ على أن حال الجمعة ليس كسائر الجماعات، بل لها شرائطُ ليست لغيرِها كما قرَّرنا. قوله: (فناداهُ عُمَرُ رضي الله تعالى عنه وكان يخطُب). وفي «فتح القدير»: أنّ الأمر والنّهي في الخُطبة يجوز للإمام دون القوم، والرجل الجائي هو عثمان ذو النورين رضي الله عنه، كما هو عند التّرمذي. ولم يأمره بالرجوع والغُسْل، فدل على عدم الوجوب. 879 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ». أطرافه 858، 880، 895، 2665 - تحفة 4161 879 - قوله: (كلِّ مُحْتَلِم) ودلّ مفهوم النّعت أن لا وجوبَ على الصِّبيان والنِّسوان، وبه وافق الترجمة. 3 - باب الطِّيبِ لِلْجُمُعَةِ 880 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ قَالَ حَدَّثَنَا حَرَمِىُّ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ الأَنْصَارِىُّ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِى سَعِيدٍ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَأَنْ يَسْتَنَّ وَأَنْ يَمَسَّ طِيبًا إِنْ وَجَدَ». قَالَ عَمْرٌو أَمَّا الْغُسْلُ فَأَشْهَدُ أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَأَمَّا الاِسْتِنَانُ وَالطِّيبُ فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَوَاجِبٌ هُوَ أَمْ لاَ، وَلَكِنْ هَكَذَا فِى الْحَدِيثِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هُوَ أَخُو مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَلَمْ يُسَمَّ أَبُو بَكْرٍ هَذَا. رَوَاهُ عَنْهُ بُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِى هِلاَلٍ وَعِدَّةٌ. وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ يُكْنَى بِأَبِى بَكْرٍ وَأَبِى عَبْدِ اللَّهِ. أطرافه 858، 879، 895، 2665 - تحفة 4267 880 - قوله: (الغُسلُ يومَ الجمعة واجبٌ على كل محتلِم وأن يَسْتَنَّ) قيل: إن الاستنان إذا لم يكن واجبًا فكيف يجب الغسل، فإنّ السياق واحد؟ وأجيب: بأن قوله: «وأن يستن» مدرَج. قوله: (أما الغُسْل فأشهد أنّه واجِبٌ، وأما الاستِنان فالله تعالى أعلم) وهذا يدلُّ على أن الراوي فَهِم الكلَّ مرفوعًا. 4 - باب فَضْلِ الْجُمُعَةِ 881 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرِ بْنِ

5 - باب

عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِى السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِى السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِى السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِى السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ». تحفة 12569 - 4/ 2 5 - باب 882 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ عُمَرَ - رضى الله عنه - بَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَقَالَ عُمَرُ لِمَ تَحْتَبِسُونَ عَنِ الصَّلاَةِ فَقَالَ الرَّجُلُ مَا هُوَ إِلاَّ سَمِعْتُ النِّدَاءَ تَوَضَّأْتُ. فَقَالَ أَلَمْ تَسْمَعُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا رَاحَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ». طرفه 878 - تحفة 10667 881 - قوله: (غُسْلَ الجنابة) مفعول مطلق للتشبيه. قوله: (ثُمَّ راح فكأنّما قرَّب بَدَنَةً) الخ. وفيه مراتب الفضل في حضور الجماعة. وتلك الساعاتُ تبتدِىء من الصّبح عند الجمهور. ومن الزَّوال عند المالكية. فتكون تلك لحظاتٍ خفيفة تمسكًا باللفظ (¬1). فإِنه في اللّغة يُستعمَل فيما بعد الزَّوال. وتمسّك الجمهور بتعامل السّلف وكانوا يروحون من غداة الجمعة ثم يَرجِعون إلى بيوتهم بعد قضائها ويَتغذّون ويَقيلون. والمسائل لا تُبنَى على اللّفظ الواحد بل لا بد من النّظر إلى التعامل كما مر منا التنبيه عليه. ثم عند النّسائِّيّ مرتبةٌ سادسةٌ أيضًا: وهي مرتبة البَطّ والعصفور. والبَدَنة عندنا تطلق على البعير والبقر. وعندهم على الأوّل فقط. ووافقهم على كلِّ ذلك اللغويون كلُّهم. قوله: (شاة) والتاء في الحيوانات تكون للوِحْدة دون التأنيث، وهي تَعمُّ المَعِزَ والضّأن. قوله: (قرَّب دجاجةً) واعلم أنه لم يُرِد بهذا السياق تعليم مسألة الأضحية، بل أراد التنبيه على مراتب الحاضرين في الجمعة الأول فالأول، وذِكْرُ هذه الحيوانات على نحو التشبيه وتَنزيلُه مَنزلة الأضحية لا يُؤخَذُ عنه جوازُ أضحيةِ الدّجاجة كما قاله بعضُ الجاهلين، ولذا لم ¬

_ (¬1) قال الخطابي في "معالم السنن" ص (109): راح إلى الجمعة معناه: قصدها وتوجه إليها مبكرًا قبل الزوال، وإنما تأولناه على هذا المعنى لأنه لا يجوز أن يبقى عليه بعد الزوال من وقت الجمعة خمس ساعات، وهذا جائز في الكلام أن يقال، راح لكذا ولأن يفعل كذا بمعنى أنه قصد إيقاع فعله وقت الرَّواح، كما يقال للقاصدين إلى الحج حُجاج ولَمَا يحجوا بعد، وللخارجين إلى الغزو غُزاة، ونحو ذلك من الكلام. فأما حقيقة الرواح، فإنما هي بعد الزوال، يقال: غدا الرجل في حاجته إذا خرج فيها صدر النهار، وراح لها إذا كان ذلك في عجز النهار أو في الشطر الآخر منه. وأخبرني الحسن بن يحيى عن أبي بكر بن المنذر، قال: كان مالك بن أنس يقول: لا يكون الرواح إلا بعد الزوال وهذه الأوقات كلها في ساعة واحدة، قلت: كأنه قسَّم الساعة التي يحين فيها الرَّواح للجمعة أقسامًا خمسة فسماها ساعات على معنى التشبيه والتقريب، كما يقول القائل: قعدت ساعة وتحدثت ساعة ونحوه يريد جزءًا من الزمان غير معلوم وهذا على سعة مجاز الكلام وعادة الناس في الاستعمال اهـ.

6 - باب الدهن للجمعة

يَجْرِ بِهِ تعامُلُ السَّلَف ولا عَمِل به واحدٌ منهم، وإلاّ وجب أن تَصِحَّ أضحية البيضة أيضًا، فإِنّها ثَبَتَت عند مسلم في رواية أيضًا. قوله: (فإِذا خرج الإِمام) إلى المسجد إن لم يكن فيه، أو إلى المِنْبَر إن كان فيه. قوله: (حضرت الملائكة يَستمِعون الذّكر) تَمَسَّك به الشيخ العينيّ رحمه الله تعالى على وجوب الاستماع. قلت: وهو استنباطٌ لطيفٌ لكن كَونُه حجةً قاطعةً على الوجوب فيه خَفَاء. وقد مرّ معنا في جواب الأذان عند الخطبة ثلاثةُ أقوال للحنفية. والأرجح عندي أن يُجيبَه إن لم يكن أجاب الأذان الأوّل. 6 - باب الدُّهْنِ لِلْجُمُعَةِ 883 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنِ ابْنِ وَدِيعَةَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِىِّ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ، فَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّى مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإِمَامُ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى». طرفه 910 - تحفة 4493 884 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ طَاوُسٌ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ ذَكَرُوا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اغْتَسِلُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْسِلُوا رُءُوسَكُمْ وَإِنْ لَمْ تَكُونُوا جُنُبًا، وَأَصِيبُوا مِنَ الطِّيبِ». قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَّا الْغُسْلُ فَنَعَمْ، وَأَمَّا الطِّيبُ فَلاَ أَدْرِى. طرفه 885 - تحفة 5757 885 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ ذَكَرَ قَوْلَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ أَيَمَسُّ طِيبًا أَوْ دُهْنًا إِنْ كَانَ عِنْدَ أَهْلِهِ فَقَالَ لاَ أَعْلَمُهُ. طرفه 884 - تحفة 5692 883 - قوله: (إلا غُفِر له ما بينَهُ وبينَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى) وعند مسلم: وزيادة ثلاثة أيام، بحساب الحسنة بعشرة أمثالها، ولا يَستقيم الحسابُ (¬1) إلاّ إذا عُدَّت الأيامُ من صلاة الجمعة ¬

_ (¬1) قال الخطابي في "معالم السنن" (1/ 102) قوله كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة التي قبلها -يريد بذلك ما بين الساعة التي تصلى فيها الجمعة إلى مثلها من الجمعة الأخرى لأنه لو كان المراد ما بين الجمعتين على أن يكون الطرفان وهما يوما الجمعة غير داخلين في العدد لكان لا يحصل من عدد المحسوب له أكثر من ستة أيام ولو أراد ما بينهما على معنى إدخال الطرفين فيه بلغ العدد ثمانية فإذا ضممت إليها الثلاثة الأيام المزيدة التي ذكرها أبو هريرة صارت جملتها إما إحدى عشر يومًا على أحد الوجهين وإما تسعة أيام على الوجه الآخر فدل أن المراد به ما قلنا على سبيل التكسير لليوم ليستقيم الأمر في تكميل عدد العشرة اهـ.

7 - باب يلبس أحسن ما يجد

إلى صلاة الجمعة فإنّها سبعة، وإن عَدَدْتَها من اليوم إلى اليوم حَصَلَت الثمانية، ومع زيادةِ ثلاثةِ أيام يَحْصَل أحدَ عَشَر. 884 - قوله: (أمّا الطّيبُ فلا أَدري) هذا مع أنّ ابن عباسٍ رضي الله عنه يرويه بنفسه عند أبي داود (¬1) ولعله نفي عِلْمه بِلِحاظِ قَيْدٍ في نفسه كالوجوب مثلا. 885 - قوله: (إنْ كانَ عِنْدَ أَهْلِهِ) ولمّا كان عندهم طِيبُ الرّجال ما خَفِي لونَه وظَهَر ريحُه على عكس طِيبِ النّساء سَئَلَ أنّه إذا لم يكن عنده من طيب الرّجال، فهل له أن يَتطيَّب بطيبٍ عند أهله؟ فأجابه ابن عباس رضي الله عنه أنّه لا يَعْلَمُه. 7 - باب يَلْبَسُ أَحْسَنَ مَا يَجِدُ 886 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى حُلَّةَ سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوِ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ فِى الآخِرَةِ». ثُمَّ جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهَا حُلَلٌ، فَأَعْطَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - مِنْهَا حُلَّةً فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَوْتَنِيهَا وَقَدْ قُلْتَ فِى حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا». فَكَسَاهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - أَخًا لَهُ بِمَكَّةَ مُشْرِكًا. أطرافه 948، 2104، 2612، 2619، 3054، 5841، 5981، 6081 تحفة 8335 - 5/ 2 886 - قوله: (حُلَّةَ سِيرَاءَ) قال سيبويه: إنه يجوز بالإِضافة والنَّعت كِلَيْهما، وكانت من حريرٍ. والسِّيَراء المُخَطّط. قوله: (وللوَفْد إذا قَدِموا عليك) وكانت له عِمامةٌ يَلْبَسها للوفود. قوله: (مَنْ لا خَلاق له في الآخِرة) وذهب بعض العلماء إلى أنّ لابسَ الحرير وشاربَ الخمر يُحرَم منهما في الجنّة أيضًا. لأنّه تَتَشَوَّف إليهما نفسُه (¬2) ثم لا يُعْطَى، ولكن لا تَشْتهي. قوله: (كَسَوْتَنِيها) كأنّ عمر رضي الله عنه فَهِم أنَّ ما يكون حرامًا يَحْرُم به الانتفاعُ مطلقًا، ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: ولم أجده عند أبي داود في أبواب الجمعة، ولعله يكون في كتاب آخر، وأخطأ عنه بصري أو قلمي عند الأخذ عنه، نعم أخرج الحافظ عن ابن ماجه وفيه عن ابن عباس رضي الله عنه وفيه وإن كان له طيب فليمس منه ثم لم يُجِب عن هذا الاختلاف. (¬2) أخرج الترمذي في الآداب: "من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة" وفي قوت المعتدي زاد ابن حبان: "وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه". قال: فرأى أنه يُحرمه إذا دخل الجنة إذا لم يتُب فإن كانت هذه الجملة من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو غايته في البيان، وإن كان من قول راويه على ما ذَكَر أنه موقوف فهو أعلم بالمَقَال وأَقْعَدُ بالحال ومثله لا يُقال رأيا، ثم ذَكَر فيه قولًا آخرَ ثم رَدَ عليه وقال: والحديث يَردُّ هذا القول بل لا يَشتهي ذلك أصلًا كما لا يَشتهي منزلة مَنْ فَوْقه فلا عُقوبة.

تنبيه

فأجاب عنه أنّ هذا الطّرْدَ غَلَطٌ، ولكنَّه حرامٌ لُبْسُه فقط، فقال: إنّي لم أَكْسُكَها، ويَسْتَفيد منه الفَقيه أنّ البيعَ يَعتمِد المُلكَ دون الاسْتِعْمال. ثمّ أقول: إنّ الحرام إذا لم يُنْتَفع منه بجْزءٍ من جُزْئِيِّاته فَجُمْلَتُه أيضًا حرامٌ، وإلا لا كالحرير، فإِنه وإن كان حرامًا لكن جاز للنِّساء، ولو كان حرامًا بجميع جُزْئياته لما جاز بيعُه وشراؤُه وحَرُمَت التّصرّفاتُ كلُّها. وفِي «الهداية»: أنّ الكِسْوة قد تكون من ألفاظِ العارية، وأُخْرَى من ألفاظ الهِبَة، وتُبنَى على القَرائِن. قوله: (فكَسَاه عمرُ بنُ الخطَّاب أخًا له بمكّة مُشْرِكًا) قد عَلِمْتَ أنّ المُلك يَثْبُت فيه للمُسْلِم أيضًا فكيف بِمَن كان كافرًا. ويُمْكِن أن تُجْرَى فيه مَسألةُ كونِ الكفَّارِ مُخاطِبين بالفروع، وفيها ثلاثةُ أقوالٍ للحنفية: قيل: إنّهم مُخَاطِبون أداءً واعتقادًا، وقيل: لا أداءً ولا اعتقادًا، وقيل: اعتقادًا لا أداءً، كذا في المنار. وهذا البحث كلِّه في عذابِ الآخِرة، فيُعَذَّب عند الأَوّلين على تَرْكِهما، وعند الثّاني لا يُعَذَّب إلا على ترك الإِيمان، وعند الثَّالث على تَرك الاعتقاد فقط، ولم يَذْهَبُ أحدٌ منهم إلى إيجاب قَضَاء الصّلوات أو الصّيام بعد الإِسلام، والمختار عندي هو الأول، واختاره صاحب البحر في شرح المنار ولم يُطْبَع، وهكذا عند الشّافعيّةِ والمالكيّة والحنابلة. واعلم أنّ ما يَظْهَر بعد سَبْر فِقْه الحنفيّة أنّهم يُغايرون بين أحكام المسلم والكافر في كثيرٍ من الأحكام؛ بخلاف الآخرين فَهُم فَهِموا أنّ الدّين إذا نزل من السّماء وجب على العباد قَبوله كائنًا ما كان، فإِذا ترافعوا إلينا نَحْكُم بينهم بشريعتنا ونُخْبِرُهم على قَبولِه فإِنّ الدّار دارنا، نَعَمْ إذا كانوا في دار الحرب فالجَبْر غيرُ ممكنٍ لانقطاع الولاية. وفَهِم الحنفيّة أنّا إذا تركناهم وما يَدينون ذِّمةً لنا فَحُكْمُهم في دارنا كحكمهم في دار الحرب فَتَرْكُهم وما يَدينون. وراجعْ الهداية من نكاح الكافر، ومن العِدَّة من نكاحِ أهلِ الشِّرك فإنّه أهمُّ ويَحتاج إلى تحريرِ المقام. تنبيه واعلم أنّ الصِّحة والفساد من أحكام الدنيا، والحِلَّ والحُرْمة من أحكام الآخرة، فالأقوال الثّلاثة في الحلّ والحرمة. 8 - باب السِّوَاكِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - "يَسْتَنُّ". 887 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى - أَوْ عَلَى النَّاسِ - لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ». طرفه 7240 - تحفة 13842 888 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ حَدَّثَنَا أَنَسٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَكْثَرْتُ عَلَيْكُمْ فِى السِّوَاكِ». تحفة 914 889 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ وَحُصَيْنٍ عَنْ أَبِى

9 - باب من تسوك بسواك غيره

وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ. طرفاه 245، 1136 - تحفة 3336 وهذا الحديثُ لمّا كان على شَرْطه فكان المناسب له أن يُخَرِّجه في أبواب الوضوء لأنَّه من سُنَن الصَّلاة والوضوء على اختلاف الأصلين. ومع هذا لم يُخَرِّجه فيه وراجع الكلام في أبواب الوُضوء، ومُرادُ الحديث أنّي مأمورٌ بالسّواك ولولا مَخافةُ المشقّةِ لأَمَرْتُكُم به أيضًا كما قد أُمِرْت. 9 - باب مَنْ تَسَوَّكَ بِسِوَاكِ غَيْرِهِ 890 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ، وَمَعَهُ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لَهُ أَعْطِنِى هَذَا السِّوَاكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ. فَأَعْطَانِيهِ فَقَصَمْتُهُ ثُمَّ مَضَغْتُهُ، فَأَعْطَيْتُهُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَنَّ بِهِ وَهْوَ مُسْتَسْنِدٌ إِلَى صَدْرِى. أطرافه 1389، 3100، 3774، 4438، 4446، 4449، 4450، 4451، 5217، 6510 تحفة 16945 ولو بَوَّب به في أبواب الوضوء لكان أَحْسَن، فإنّ هذا البابَ ليس له كثيرُ تَعَلّقٍ مع أبواب الجمعة، وهو جائزٌ عندنا أيضًا إذا لم يُوجِب كراهةً، سِيَّما إذا كان القصدُ تحصيلَ التبرّك وكان المحلّ صالحًا. 10 - باب مَا يُقْرَأُ فِى صَلاَةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 891 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - هُوَ ابْنُ هُرْمُزَ - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِى الْجُمُعَةِ فِى صَلاَةِ الْفَجْرِ (الم (1) تَنْزِيلُ) السَّجْدَةَ، وَ {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ} طرفه 1068 - تحفة 13647 وفي «البحر» أنّه يَنْبَغي المُراعاة في القراءة للسُّوَر المسنونة. 11 - باب الْجُمُعَةِ فِى الْقُرَى وَالْمُدْنِ 892 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ الضُّبَعِىِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ أَوَّلَ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ بَعْدَ جُمُعَةٍ فِى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَسْجِدِ عَبْدِ الْقَيْسِ بِجُوَاثَى مِنَ الْبَحْرَيْنِ. طرفه 4371 - تحفة 6529 - 6/ 2 893 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قال سمعتُ

رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «كُلُّكُمْ رَاعٍ». وَزَادَ اللَّيْثُ قَالَ يُونُسُ كَتَبَ رُزَيْقُ بْنُ حُكَيْمٍ إِلَى ابْنِ شِهَابٍ - وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَئِذٍ بِوَادِى الْقُرَى - هَلْ تَرَى أَنْ أُجَمِّعَ. وَرُزَيْقٌ عَامِلٌ عَلَى أَرْضٍ يَعْمَلُهَا، وَفِيهَا جَمَاعَةٌ مِنَ السُّودَانِ وَغَيْرِهِمْ، وَرُزَيْقٌ يَوْمَئِذٍ عَلَى أَيْلَةَ، فَكَتَبَ ابْنُ شِهَابٍ - وَأَنَا أَسْمَعُ - يَأْمُرُهُ أَنْ يُجَمِّعَ، يُخْبِرُهُ أَنَّ سَالِمًا حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِى أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِى بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِى مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ - قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ - وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِى مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». أطرافه 2409، 2554، 2558، 2751، 5188، 5200، 7138 - تحفة 6989 ولم يُترجم لهذه المسألة إلا البخاريّ وأبو داود. واعلم أنّ القرية والمِصْر من الأشياء العُرْفِية التي لا تكاد تَنْضَبِط بحالٍ وإن نُصَّ، ولذا ترك الفقهاء تَعريفَ المِصْر على العُرْف كما ذكره في «البدائع» (¬1)، وإنما تَوَجّهوا إلى تحديد المِصْر الجامع، فهذه الحدود كلُّها بعد كونها مِصْرًا. فإِنَّ المِصْر الجامع أخصُّ من مُطْلق المِصْر، فقد يَتَحَقَّق المِصْرُ ولا يكون جامعًا. ورأيتُ في عبارة المتقدّمين أنّهم إذا ذَكروا الاخْتلاف في حدود المِصْر يَجعلونه في الجامع، ويقولون: اختلفوا في المِصْر الجامع الخَ، فَتنبّت منه أنّهم لا يَعْنُون به تَعريفَ مُطْلق المِصْر، والنّاس لما لم يُدْرِكوا أمرَهم طَعنوا في تلك الحدود. فمنها ما قال ابن شجاع: إذا كان أهلُها بحيث لو اجتمعوا في أَكبر مساجدهم لم يَسَعْهم ذلك. فقالوا: إنّه يَصْدُق على أكثر القرى ولا يصدق على المسجد الحرام - أعزّه الله وأدام حُرْمَته - فنقضوا عليه طَرْدًا وعَكْسًا ولم يَتفقّهوا مُراده أيضًا، فإِنَّ هذا التعريفَ ليس للمِصْر بل للمِصْر الجامع. وحاصله أنّ المِصْر الجامع هو الذي يَكْثُر أهله بحيث لا تَسَعُهم مساجدهم فَيَحتاجون إلى بناء مسجدٍ يَسَعُهم، وهو الذي بناه صاحب «العناية» فقال: قال ابن شجاع: أَحْسَنُ ما قيل فيه إذا كان أهلها بحيث لو اجتمعوا في أكبر مساجدهم لم يَسَعْهم ذلك حتى احتاجوا إلى بناء مسجدٍ آخر للجمعة، وهذا الاحْتِياج غالبٌ عند اجتماع من عليه الجمعة اهـ. فَفَكِّر في لفظ حتى احتاجوا الخ فإِنَّه ليس عند عامّتهم مع أنّه لا يحتاج إليه إلاّ أنّه يُفيدُك في تحصيل المراد. ويُستفاد منه ما قلنا من أنّ الحدّ المذكور فيمن وجبت عليهم الجمعة فاحتاجوا إلى بناء مسجد، لا فيمن لم تجِب عليه الجمعة بعدُوهم بِصَدَد إقامتها فجعلوا يُقدِّرون مساجدهم هل تسعُهم أو ¬

_ (¬1) عن سفيان الثوري: المصْرُ الجامع ما يَعُدُّه النّاس مِصْرا عند ذِكْر الأمْصار المطلقة، كذا في البدائع. وبالجملة الحدود كلُّها رُسومٌ على اصطلاح أهل العقول فهي إذن بالعَوارِض، وتلك تَتَبَدَّل بحسب الأدوار والأعصار، فَلَزِم أن يختلِف تعريفُ المِصْر أيضًا، وليس من قَبيل الحدود المَنْطِقِية لِتَطرِد وتَنعكِس في الأزمان كلها، والله تعالى أعلم بالصّواب.

لا؟ وهذا أيضًا باعتبارِ الأغلب، فإِنَّه وَسِعهم أو لم يَسَعْهم ثمّ لم يَبْنوا مسجدًا آخر فإِنّه لا يَخْرُج عن كونه مِصْرًا، بشرطٍ إن كان مِصْرًا من قبلُ وكانت الجمعة واجبةً عليهم. ولعلك قَطعتَ النّظر عمّا يَقعُ في الخارج ونزلتَ إلى العبارات فقط ولذا وقعتَ في الخَبْط ولو رَاعَيْتَ الحال في الخارج لما تَردّدتَ فيه فإنّهم يفعلون في الخارج كذلك، فإِذا كَثُر أهلُ قريةٍ لم تَسَعْهم مساجدهم فإنهم يحتاجون إلى بناء مسجدٍ يَجْمعون فيه. وأَوْلى الحدودِ ما رُوي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى: كُلّ بلدةٍ فيها سِكَكٌ وأسواقٌ ولها رَساتيق «وترجمته باندى»، ووالٍ يُنصِف المظلوم من ظالمه، وعالم يُرجَع إليه في الحوادث. وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى وذَكَرَه أصحابُ المتون: أنَّه كلَّ مَوضعٍ له أميرٌ وقاضٍ يُنفِّذ الأحكام ويُقيم الحدود، وهذا الحدّ ناظرٌ إلى ما في «الدُرّ المختار» من كتاب القضاء أنّ المِصْر شرطٌ لِنَفاذ القضاء في ظاهر الرِّواية، فالقضاة لا يُنصَبون إلاّ في المِصْر عندنا، ولذا عَرّف به أصحابُ المتون. فإِن قُلتَ: وعلى هذا يَنبغي أن لا تَجِب الجُمُعات على أهل المِصْر أيضًا في هذا العَصْر لِعَدم صِدْقِ الحدِّ المذكور، فأين القضاة، وأين إقامة الحدود؟ قُلتُ: وقد صَرّح أصحابُنا أن المُلك إذا صار دارَ الحرب يَجْمَع بهم مَنِ اتّفق عليه القومُ، هكذا في المبسوط والشامي. 892 - قوله: (بِجُواثَي من البحرين) وعند أبي داود قريةٌ من قُرى البحرين، واحْتَجّ به القائلون بإِقامة الجمعة في القرى. قلت: كيف وجُوَاثَي لم تكن قريةً أصلا بل كانت مِصْرًا. وفي الصّحاح: أنّ جُواثًا حِصْنٌ بالبحرين، وهو الذي يُعْلم من أشعار الجاهليّة فيقول امْرُؤُ القَيْسَ: *وَرُحْنا كأنّا من جَوَاثَي عَشِيّةً ... نُعاني النِّعاج بين عِدْلٍ ومِحْقَبِ فإِنَّه يُشَبِّهه حال رُجوعه من الاصْطِياد بحال التّجار عائدين من جُواثَي مَلآنَةٌ أَخْرَاجُهُمْ من أنواع الأمتعة فَعُلم أنّها كانت مَتْجَرًا لهم وكان أَسْلَمَ أهلُها، ثمّ إذا ظهر الارْتِدَاد في قبائل العرب بعد النَّبيّ صلى الله عليه وسلّم حاصَرَهم الكفّار، فقال قائلٌ منهم وكان مَحْصورًا من عَساكِرِ الرِّدة يُخاطِب أبا بكرٍ رضي الله تعالى عنه: *ألا أبْلِغ أبا بكرٍ سلامًا ... وفتيانَ المدينةِ أَجْمَعينا *فهل لكم إلى قومٍ ضِعافٍ ... قُعودٍ في جُوَاثَي مُحْصَرينا *كأنّ دِماءَهم في كلّ فَجٍ ... دماءُ البُدْنِ تَغْشَى النّاظِرينا ويقول آخر: *والمسجِدُ الثّالث الشّرْقيُّ كان لنا ... والمِنْبَرانِ وفَصْلُ القولِ بالخُطَبِ *أيّامَ لا مِنْبَرَ في الناس نَعْرِفُه ... إلا بِطِيبَةَ والمَحْجُوجِ ذي الحُجُبِ يشير إلى المنبر بِجُوائي، أما كونها قرية فهو كما في القرآن: {لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: 31] فأطلقت على مكة أيضًا شرَّفها الله تعالى ثُمّ إن أهل السِّيرَ صرَّحوا بأن هذا الوَفْدَ قد حضر المدينةَ مرتين: مرةً في السنة السادسة، ولعلها واقعةٌ تلك السنة،

وأُخرى في الثامنة، وقَدِّر في نفسك أنه كم تكون البلادُ التي دخل إِليها الإِسلام في تلك المدة. ثم يقول الراوي: «إنَّ الجُمعَة فيهم كانت أولَ جُمعةٍ بعد جُمعةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلّم فلو كانت الجُمُعاتُ تُقام في القُرى الصغيرة، وفي العشرين والأربعين من الرجال كما قالوا. كيف جعلها أولَ جُمعةٍ؟ ألم تكن في تلك المدةِ قريةٌ أسلم من أهلِها عشرون نفسًا؟ فهذا من القرائن الدالة على أن لا جمعةَ في القُرى. ولنا أيضًا ما في البُخاري: «مَنْ أحبَّ أن ينتظرَ الجمعةَ من أهل العوالي فَلْيَنْتَظِر، ومَنْ أَحب أن يرجِع فقد أَذِنْتُ له». قوله: (وزاد الليث: قال يونسُ: وكتَب رُزَيْقُ بنُ حُكَيم إلى ابن شِهاب - وأنا معه يومئذٍ بوَادِي القُرَى: هل ترى أن أُجَمِّع؟ ورُزَيقٌ عامِلٌ على أرض يَعْمَلُها وفيهاجماعةٌ من السودان وغيرهم، ورُزَيقٌ يومئذٍ على أيْلَةَ، فكتب ابن شهاب - وأنا أسمعُ - يأْمُرُهُ أن يُجَمِّع) ووادي القُرى في الجانب الغربي من العرب، وهناك قريةُ شُعَيب عليه الصلاة والسلام. ويونس من سكان أَيْلَة. قوله: (ورُزَيقُ عَامِلٌ ... إلخ). يعني كان واليًا على أَيْلَةَ، ولم يكن إذ ذاك فيها، بل كان في أطرافها ونواحيها يحييها، فكتب إلى ابن شِهاب من نواحي أيْلَة إلخ. قلت: أولا: يمكن أن يكون ذلك الموضعُ من فِنَاءِ المِصْر، ولا تحديد فيه عندنا، بل يُصغَّر الفِناء ويكبر بحسب صِغَر المِصْر وكِبَرِه. فقد يكون الفِناء إلى أميال. وقد ألف فيه صاحب «مراقي الفلاح» رسالة ولم تطبع. ثم إنَّ هذا السائل لعلَّه لم يسأله عن مسألة القرية والمصر، بل عن مسألة أخرى: وهي اشتراط الإِذْن من الأمِير لإِقامة الجمعة. وكام مذهبُ عمر بن عبد العزيز اشتراط الإِذن لها. ولما كان رُزَيقٌ عاملا له على أَيْلَة، زعم أن إذْنه بإقامةِ الجمعة يمكن أن يكون مقصورًا عليها، ولا يتجاوز إلى ما حواليها، فحقِّقها، أَنَّه هل له إذنٌ في إقامة الجُمُعات في حوالي تلك المدينة أَم لا؟ فأجابه أن وِلايَتَك كما انسحبت على أَيْلَة كذلك على ما حواليها أيضًا، فيجب عليك أنْ تتعهد فرائِضَهم وتراعي رعايَتهم، لأنَّ كُلَّكُم راعٍ وكلَّكُم مسئولٌ عن رعيتِه. فتمسَّك بهذا الحديثِ العام. وحاصل الحديث عندي: أن الإِنسان لا يخلو مِن نحو رعاية، فلو لم يكن له أحدٌ تجِب عليه رعايةُ ويُسأل عنها. ولعلك فهمت منه أن الحديث المذكور لما كان في مسألة الإِذْن، لم يناسب إخراجه في تلك الترجمة، فإِنها في مسألة أخرى، بل هو أقربُ إلى مسألة الاستئذان، لأنه ورد في باب الوِلاية والرعاية لا للفَرْق بين القُرى والأمصار. وهذا يَدُلّك ثانيًا: أن رُزَيقًا أراد الاستئذان للجُمعة دون إقامة الجُمعة في القرى، كيف وقد ثبت عن عليَ رضي الله تعالى عنه - بإِسنادٍ على شرط الشيخين - عند عبد الرزاق أنه: «لا جُمُعةَ ولا تشريقَ إلا في مِصْر جامع». والنووي أخرجه بإِسنادٍ ضعيفٍ وحَكَم عليه بالضَّعْف مع أن له إسنادًا يَشْرُقُ كشروق شمس الضحى. وبه يقولُ حُذيفةُ اليماني رضي الله تعالى عنه. وأما أَثَرُ عمر رضي الله تعالى عنه: «جَمِّعُوا حيثُ ما كنتم» فخطابٌ للوُلاة، وكانوا يكونون في الأمصار دون القرى.

12 - باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان وغيرهم

ومن ههنا فأدرك السِّر في اختلافهم في إقامة الجُمعات في القرى مع كونها من متواترات الدين. وذلك لأنَّ الأمراء إذ ذاك كانوا في الأمصار وكان الناس مجتهدين في العمل فكانوا يصلونها مع الأمراء ولا يتخلفون عنها، فلما ظهر التواني في الأحكام ولم يرغب الناس في أدائها في الأمصار وجلسوا في قراهم ظهر الخلاف: فذهب ذاهبٌ إلى أن عدمَ أداءِ السَّلف في القرى كان مبينًا على نفيها في القرى، وذهب آخرون إلى أن ذَهابهم إلى الأمصار كان لحوائجهم على عادة أهل البوادي وإن كانت الجمعةُ جائزةً بقراهم أيضًا، وهما نظران للأئمة رحمهم الله تعالى. وأما ما رُوي عن أنس رضي الله تعالى عنه: «إنه كان يُجمِّع وقد لا يُجَمِّع فمعناه أنه كان يُجمِّع حين ورد البصرة، وإذا أقام بقريةٍ لا يُجمِّع، وهذا عين ما قلنا لا أنه كان يُجمِّع، وهو في قرية. وأما ما يأتي من أثر عطاء عند البخاري رحمه الله تعالى قال: «إذا كنتَ في قريةٍ جامعةٍ ونُودي بالصلاة من يوم الجُمعةِ، فَحقٌّ عليك أَن تَشْهَدَها سمعتَ النِّداء أو لم تَسْمَعْه». فهو صريحٌ لمذهبنا لأنَّه نُقِلَ فيه الحافظ رحمه الله تعالى زيادةً عن عبد الرَّزَّاق، وفيه: قلت لعطاء: «ما القريةُ الجامِعة؟ قال: ذاتُ الجماعة، والأمير، والقاضي والدُّور المجتمعة، الآخذُ بَعْضُها ببعضٍ مِثْل جدة (¬1). اهـ. وهذا يدل أن اصطلاح الجامعة قد كان فشا فيهم، ولذا قلت: إنهم بصددِ حَدِّ المِصْر الجامع (¬2). 12 - باب هَلْ عَلَى مَنْ لَمْ يَشْهَدِ الْجُمُعَةَ غُسْلٌ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ إِنَّمَا الْغُسْلُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ. 894 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ جَاءَ مِنْكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ». طرفاه 877، 919 - تحفة 6848 895 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ». أطرافه 858، 879، 880، 2665 - تحفة 4161 ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وما أقربَ هذا إلى ما نُقِل عن إِمامنا رحمه الله تعالى اهـ. (¬2) يقول العبد الضعيف: قال الشيخ ابن الهمام رحمه الله تعالى: والقاطع للشغب أن قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] ليس على إِطلاقه اتفاقًا بين الأُمَّة، إِذ لا يجوز إقامتها في البراري إجماعًا، ولا في كل قرية عنده، بل بِشرط أن لا يَظْعن أهلُها عنها صيفًا ولا شتاء، فكان خصوص المكان مرادًا فيها إجماعًا، فَقَدَّر القرية الخاصَّة، وقدَّرنا المِصْر، وهو أَولى لحديث عليِّ رضي الله عنه، ولهذا لم يُنقل عن الصحابة رضي الله عنهم حين فتحوا البلاد أنهم اشتغلوا بِنَصْب المنابر والجمع إلا في الأمصار دون القرى، ولو كان لنُقِل ولو آحادًا. اهـ.

13 - باب

896 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ، فَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِى اخْتَلَفُوا فِيهِ فَهَدَانَا اللَّهُ، فَغَدًا لِلْيَهُودِ وَبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى». فَسَكَتَ. أطرافه 238، 876، 2956، 3486، 6624، 6887، 7036، 7495 تحفة 13522 - 7/ 2 897 - ثُمَّ قَالَ «حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ فِى كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا يَغْسِلُ فِيهِ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ». طرفاه 898، 3487 - تحفة 13522 898 - رَوَاهُ أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حَقٌّ أَنْ يَغْتَسِلَ فِى كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا». طرفاه 897، 3487 - تحفة 13534 13 - باب 899 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «ائْذَنُوا لِلنِّسَاءِ بِاللَّيْلِ إِلَى الْمَسَاجِدِ». أطرافه 865، 873، 900، 5238 - تحفة 7385 900 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَتِ امْرَأَةٌ لِعُمَرَ تَشْهَدُ صَلاَةَ الصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ فِى الْجَمَاعَةِ فِى الْمَسْجِدِ، فَقِيلَ لَهَا لِمَ تَخْرُجِينَ وَقَدْ تَعْلَمِينَ أَنَّ عُمَرَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَغَارُ قَالَتْ وَمَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْهَانِى قَالَ يَمْنَعُهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ». أطرافه 865، 873، 899، 5238 - تحفة 7839 يشير إلى أن الغُسْل مسنونٌ ليوم الجمعة أو لصلاتها، والمشهور أنه للصلاة. ومع ذلك أقول: إنه لو اغتسل أحدٌ للصلاة ثم سبقه الحدث فتوضأ، حصل له الثواب وأَحْرَز الأَجْرَ إن شاء الله تعالى. 894 - قوله: (مَنْ جاءَ مِنْكُم الجُمعةَ فَليغْتَسِل) فدَّل الحديث على تفصيل في وجوب الغُسْل يوم الجمعة، وأن الجائي ليس كلاًّ منهم، ولذا قال: «من جاء». قلت: إذا لم يكن «من» ههنا للتعميم عند المصنف رحمه الله فكيف أفاده في قوله: «لا صلاةَ لِمَنْ لم يقرأ بفاتحةِ الكتابِ» فإِن يأخذِ المصنفُ رحمه الله عمومَه في الأحوال كلِّها من الانفرادِ والاقتداء، ساغ لنا أن نأخذَ عمومَه في الأشخاص، أي: من كان من المنفرد أو الإمام فلا صلاةَ له إلا بالفاتحة، ولا بِدْع في أن يكون الخطابُ عامًّا والمخاطبُ خاصًّا، فجاز إرادةُ الخصوص مع وُرُود صيغة العموم كما في قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232]، فالخطاب وإن كان عامًّا في الظاهر، لكنه خاصُّ بالأولياء بالنظر إلى أن المخاطبين هؤلاء. وكذلك الخطابُ في حديث: «ائذنوا للنساءِ إلى المسجد - بالمعنى - عامٌّ. والمرادُ منه الأزواج فقط. ولعلك عَلِمت أن الخطاب وإن عَمَّ لكن التكليف قد يكون بالخاصِّ. وحينئذٍ ساغ لك أن تُريدَ بالموصولِ في الحديثِ هُم الذين جازتْ في حَقِّهم القراءةُ.

14 - باب الرخصة إن لم يحضر الجمعة فى المطر

14 - باب الرُّخْصَةِ إِنْ لَمْ يَحْضُرِ الْجُمُعَةَ فِى الْمَطَرِ 901 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْحَمِيدِ صَاحِبُ الزِّيَادِىِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ ابْنُ عَمِّ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِمُؤَذِّنِهِ فِى يَوْمٍ مَطِيرٍ إِذَا قُلْتَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَلاَ تَقُلْ حَىَّ عَلَى الصَّلاَةِ. قُلْ صَلُّوا فِى بُيُوتِكُمْ. فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا، قَالَ فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّى، إِنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ، وَإِنِّى كَرِهْتُ أَنْ أُخْرِجَكُمْ، فَتَمْشُونَ فِى الطِّينِ وَالدَّحْضِ. طرفاه 616، 668 - تحفة 5783 وهو المسألة عندنا، غيرَ أنك مأمورٌ بالاستفتاءِ عن قلبك. 15 - باب مِنْ أَيْنَ تُؤْتَى الْجُمُعَةُ وَعَلَى مَنْ تَجِبُ لِقَوْلِ اللَّهِ - تعالى - {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9]. وَقَالَ عَطَاءٌ إِذَا كُنْتَ فِى قَرْيَةٍ جَامِعَةٍ، فَنُودِىَ بِالصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَحَقٌّ عَلَيْكَ أَنْ تَشْهَدَهَا، سَمِعْتَ النِّدَاءَ أَوْ لَمْ تَسْمَعْهُ. وَكَانَ أَنَسٌ - رضى الله عنه - فِى قَصْرِهِ أَحْيَانًا يُجَمِّعُ وَأَحْيَانًا لاَ يُجَمِّعُ، وَهْوَ بِالزَّاوِيَةِ عَلَى فَرْسَخَيْنِ. 8/ 2 وهذه مسألة أخرى غير مسألة القرية والمِصْر، وهي أن الجمعة إذا وجبت في مصر بشرائطها فعلى مَن يجبُ شهودُها؟ ومَن كان في حواليها؟ وفيها عدة أقوال للحنفية بسطها الشُرُنْبلالي في رسالته «تحفة أعيان الغِنى في أحكام الفِنا» منها: أنها تَجِب على أهل هذا البلد فقطِ ولا تجب على مَنْ حوله من القرى قريبةً أو بعيدةً. والمختار عندي أنها واجبة على مدى صوت الأذان، وهذا في خارج المصر. أما في المِصْر فلا يشترط سماع الأذان أصلا. وعن أبي يوسف أن الجمعة على مَنْ آواه الليل إلى أهله، وهي المسافة الغدوية. قلت: وهو أَعْسَرُ في العمل. قوله: (قال عطاء ... ) إلخ. وقد مَرَّ أن عطاء يقول بعين مذهب الحنفية، والعجب من المصنف رحمه الله أنه حذف تلك القطعة. قوله: (سَمِعْت النِّدَاءَ أو لم تَسْمَعْه) وهذا لداخلِ البلد. وما قلت من وجوب الجمعة على مَنْ سمع النداء فهو للخارج عن البلد، وإليه يشير إلى قوله تعالَى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ} [الجمعة: 9]، ثُم قد مَرَّ معنا التنبيهُ على أنَّ عطاء تابعيٌّ، وقد قَيَّدَ القرية بالجامعة. فدل على أن اصطلاح الجامعة قد كان ساريًا (¬1) في زمنهم أيضًا. ¬

_ (¬1) وقد ذكره الترمذي في موضعين من كتابه الأول في باب: المعتكف يَخْرُج لحاجته أم لا؟ قال: ورأوا للمعتكف إذا كان في مصر يُجمَّعُ فيه أن لا يعتكف إلَّا في المسجد الجامع. والثاني في باب: الذبح بعد الصلاة من الأضاحي. قال: والعملُ على هذا عند أهل العلم أن لا يضحي بالمِصْر حتى يصلي الإِمام، وقد رَخَّص قومٌ من أهل العلم لأهل القُرى في الذبح إذا طلع الفَجْر. اهـ. قلتُ: وذلك لأنه لا صلاةَ عليهم. فهذه العبارة تدل على الفرق بين القرية والمِصْر.

16 - باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس

قوله: (وكان أنسُ رضي الله عنه) وقد مَرَّ أنه موافق للحنفية وليس تَجْمِيعُه في قَصْرِه. قلت: وقد أخرج الحافظ عن ابن أبي شيبة أنه كان يشهد الجمعة من الزاوية، وهي على فَرْسَخَيْن من البصرة. وهكذا في «مصنف» عبد الرزاق كما أخرجه الحافظ رحمه الله تعالى أيضًا. 902 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى جَعْفَرٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ كَانَ النَّاسُ يَنْتَابُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَالْعَوَالِى، فَيَأْتُونَ فِى الْغُبَارِ، يُصِيبُهُمُ الْغُبَارُ وَالْعَرَقُ، فَيَخْرُجُ مِنْهُمُ الْعَرَقُ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنْسَانٌ مِنْهُمْ وَهْوَ عِنْدِى، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا». تحفة 16383 902 - قوله: (كان الناسُ يَنْتَابُونَ). وقد مرَّ التنبيه على لفظ الانتياب وأنه لا يفيد المجيءَ متواليًا. وغَلِط صاحبُ «الصراح» في ترجمته (بيابي آمدن) فإِنه قَطَع النظر عن الأفعال المتخللة في البين، ووصل الفعل من الفعل، وجعل الكُلَّ في سلسلة واحدة، فترجم بِلَفْظٍ دَلَّ على التوالي. ومعناه عند، التحقيق الحضورُ نوبةً بعد نوبة، فإِن شهدوا الجمعة فذاك، وإِلا صَلُّوا في بيوتهم الظهر. ولو كانت الجمعةُ عزيمةً على أهل القُرى لشهدوها البتة. وقد أقرَّ القرطبي شارح مسلم بكونه حجةً للحنفية. 16 - باب وَقْتُ الْجُمُعَةِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَكَذَلِكَ يُرْوَى عَنْ عُمَرَ وَعَلِىٍّ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَعَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ رضى الله عنهم. 903 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَمْرَةَ عَنِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَتْ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - كَانَ النَّاسُ مَهَنَةَ أَنْفُسِهِمْ، وَكَانُوا إِذَا رَاحُوا إِلَى الْجُمُعَةِ رَاحُوا فِى هَيْئَتِهِمْ فَقِيلَ لَهُمْ لَوِ اغْتَسَلْتُمْ. طرفه 2071 - تحفة 17935 904 - حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى الْجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ. تحفة 1089 905 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنَّا نُبَكِّرُ بِالْجُمُعَةِ، وَنَقِيلُ بَعْدَ الْجُمُعَةِ. طرفه 940 - تحفة 707 ووقتُها عند الجمهور وقتُ الظهر، وعند أحمد رحمه الله تجوز في وقت العيدين أيضًا، لأنها أيضًا من أعياد المسلمين فتصح في الضحوة، ونُسِب إلى ابن الزُّبير رضي الله عنه أيضًا، قال ابن تيمية: إنه كان كثيرَ التفردات. ونحوه نُسِب إلى ابن مسعود رضي الله عنه. قلت: وهذه

17 - باب إذا اشتد الحر يوم الجمعة

النسبة لا تصح إليهما وقد كشفتُ عنه، ولا تَمَسُّك في لفظ الرواح، لما مَرَّ أن المسائل لا تُبنى على اللغة ما لم يشهد بها العملُ. وأما قوله: «ونَقِيل بعد الجُمُعَةِ» فلا دليل فيه، والتمسَّكُ به سحابةُ صيفٍ، ومعناه عند الجمهور أنهم بعد أداء الفجر لا يرجعون إلى بيوتهم ويجلسون في انتظار الجُمعة، فإِذا قَضَوها ورجعوا إلى بيوتهم طَعِموا وقالوا، أي القيلولة الفائتة، فهو كقولهم: أتزرتُ السَّراويل. 17 - باب إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 906 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَرَمِىُّ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ - هُوَ خَالِدُ بْنُ دِينَارٍ - قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اشْتَدَّ الْبَرْدُ بَكَّرَ بِالصَّلاَةِ، وَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلاَةِ، يَعْنِى الْجُمُعَةَ. قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلْدَةَ فَقَالَ بِالصَّلاَةِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْجُمُعَةَ. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ ثَابِتٍ حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ قَالَ صَلَّى بِنَا أَمِيرٌ الْجُمُعَةَ ثُمَّ قَالَ لأَنَسٍ - رضى الله عنه - كَيْفَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الظُّهْرَ تحفة 823 - 9/ 2 وفي العيني: أنه لا إبراد في الجُمعةِ. وفي «البحر»: أن فيها ذلك. والأرجح عندي ما اختاره العيني رحمه الله. قوله: (وإذا اشتَدَّ الحَرُّ أَبْرَدَ بالصلاةِ، يعني الجُمُعَة). قلت: والحديث عندي وَرَدَ في الظهر، وأجراه الراوي في الجُمعة من عند نفسه، لأنه ورد في الجمعة من جهة صاحب الشرع، والله تعالى أَعلم، فهو إذن إلحاقٌ بالقياس. 18 - باب الْمَشْىِ إِلَى الْجُمُعَةِ وَقَوْلِ اللَّهِ - جَلَّ ذِكْرُهُ - {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9]. وَمَنْ قَالَ السَّعْىُ الْعَمَلُ وَالذَّهَابُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} [الإسراء: 19]. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَحْرُمُ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ. وَقَالَ عَطَاءٌ تَحْرُمُ الصِّنَاعَاتُ كُلُّهَا. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهْوَ مُسَافِرٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ. 907 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ قَالَ أَدْرَكَنِى أَبُو عَبْسٍ وَأَنَا أَذْهَبُ إِلَى الْجُمُعَةِ فَقَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ». طرفه 2811 - تحفة 9692 908 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ قَالَ الزُّهْرِىُّ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَحَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلاَ تَأْتُوهَا

19 - باب لا يفرق بين اثنين يوم الجمعة

تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا تَمْشُونَ عَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا». طرفه 636 - تحفة 13251، 15165، 15259 909 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ - لاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ عَنْ أَبِيهِ - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِى، وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ». طرفاه 637، 638 - تحفة 12106 جزم أنَّ العَدْوَ ليس بواجبٍ فَعَبَّر بالسَّعْي عن المشي وإنْ كان السَّعْيُ في اللغة بمعنى العَدْو، وإذا كانت صلتُهُ «إلى». وإنما عَبَّر عنه بالسَّعْي على معنى عدمِ الاشتغال بأَمْرٍ سواها. قلت: واختلاف المعاني باختلاف الصِّلات ليس بِمُطَّردٍ عندي، فلا تُبْنى عليها المسائلُ. قوله: (وقال ابن عباس رضي الله عنه: «ويَحْرُمُ البيعُ حِينَئذٍ) وفي «الهداية» في باب الجمعة: أن الصناعاتِ كلَّها حرامٌ في هذا الوقت. وفي: مكروهات البيع: أنها مكروهةٌ تحريمًا. فلا أدري أهو من اختلاف النظر، أَم نشأ مما نُقِلَ عن محمد رحمه الله أَنَّ كُلَّ مكروهٍ تحريمًا حرامٌ؟ وقال الشيخ ابن الهُمام رحمه الله: إنَّ كلَّ نهي لغيره فهو لكراهةِ التحريم وإن كان قطعيًا. قلت: وهذا لا يمشي في الخُلْع، أما المصنف رحمة الله فاختار الحرمة. 907 - قوله: (مَن اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ) قد استقرَّ أئمةُ الحديث على أنه متى ورد لفظ «في سبيل الله» فهو في الجهاد. ولذا ترجم به الترمذي في الجهاد، وحَمَل الصيامَ في سبيل الله على الجهاد. وترجمة البخاري تشيرُ إلى تعميمهِ شيئًا. واختُلِف في تفسيره بين الحنفهية، فقيل: هو مُنْقَطِع الغزاة. وقيل: مُنْقَطِع الحاجِّ. قلت: بل هو أعمُّ منهما نظرًا إلى صَلوح اللغة. نعم، كَثُر استعمالُه فيهما، فساغ أن يكون عامًّا في الحديث (¬1) أيضًا كما أراده المصنف رحمه الله. وإِن أخذنا رأي الترمذي وغيرِه، فلعل المصنِّفَ أَلْحَقَ الجمعةَ بالجهاد، فتمسك لها بما ورد في الجهاد. 19 - باب لاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 910 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ وَدِيعَةَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَتَطَهَّرَ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، ثُمَّ ادَّهَنَ أَوْ مَسَّ مِنْ طِيبٍ، ثُمَّ رَاحَ فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَصَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ إِذَا خَرَجَ الإِمَامُ أَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى». طرفه 883 - تحفة 4493 لأن الجمعة جامعةٌ للجماعات، فلا يُفَرِّقُها بالتَّخَطّي لأَنَّ فيه معنى التأذِّي. ¬

_ (¬1) قلتُ: أخرج الترمذي في الجهاد في باب: مَن اغْبَرَّت قدماه في سبيل الله، عن يزيد بن أبي مريم قال: "لَحِقَنِي غبايةُ رِفَاعة بن رافع وأنا ماشٍ إلى الجمعةِ، فقال: أَبشر فإِن خُطاك هذه في سبيل اللهِ، سمعتُ أبا عياش يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "مَن اغْبَرت قَدَماه في سبيلِ اللهِ فهما حرامٌ على النارِ". اهـ. ففيه دليل على ما رامه البخاريُّ من التعميم.

20 - باب لا يقيم الرجل أخاه يوم الجمعة ويقعد فى مكانه

910 - قوله: (فَصَلَّى ما كُتِبَ لَهُ) وتَمَسَّك به الحافظ ابن تيمية على نَفْي السُّنَنِ القبلية يوم الجمعة، وأنه لا تحديدَ فيها، بل هي في خِيرَةِ الرَّجُل كم أَدْرَكَ صَلَّى. قلت: ولنا ما في قِصَّة سُلَيْك: «أركعت الركعتين قبل أن تجيءَ» - بالمعنى - كما عند ابن ماجه وسنذكره. فهو مَحْمُولٌ على السُّنةِ القَبْلية دونَ تحيةِ المسجد. 20 - باب لاَ يُقِيمُ الرَّجُلُ أَخَاهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَقْعُدُ فِى مَكَانِهِ 911 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ نَافِعًا يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُقِيمَ الرَّجُلُ أَخَاهُ مِنْ مَقْعَدِهِ وَيَجْلِسَ فِيهِ. قُلْتُ لِنَافِعٍ الْجُمُعَةَ قَالَ الْجُمُعَةَ وَغَيْرَهَا. طرفاه 6269، 6270 - تحفة 7777 - 10/ 2 ويَقْعُدَ بالنصب أولى ليفيدَ النَّهيَ عن المجموع. 21 - باب الأَذَانِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 912 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كَانَ النِّدَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوَّلُهُ إِذَا جَلَسَ الإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ - رضى الله عنهما - فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ - رضى الله عنه - وَكَثُرَ النَّاسُ زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى الزَّوْرَاءِ. أطرافه 913، 915، 916 - تحفة 3799 كان الأذانُ في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وصاحبيه واحدًا، ولَعلَّه كان خارجَ المسجد كما عند أبي داود، فإِذا كَثُر الناسُ زاد عثمانُ أذانًا آخر على الزَّوْرَاء خارجَ المسجد، ليمتنعَ الناسُ عن البيع والشراء. والظاهر أن الأذان الثاني وهو الأول انتقل إلى داخلِ المسجد، ثم الأُمة أخذت بِفِعْله وتعاملوا به واحدًا بعد واحدٍ، إِلا ما نَقَلَ أَبو بكر بن العربي رحمه الله تعالى عن بعض أَهل المغرب: أَنه لا تَأَذينَ عندهم غير مرة واحدة. ثم إذا تَسَلَّط بنو أمية نقلوا الثالث على المنارة، والذي كان على عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم جعلوه في المسجد -أمام الإِمام- (¬1) ولم أجد على كون هذا ¬

_ (¬1) قال القاضي أبو بكر بن العربي: كان على عهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَذانان، فلما كَثُر النَّاسُ زمنَ عثمانَ زاد النداء الثالثَ لِيُشْعِرَ الناسَ بالوقت فيأخذوا في الإقبال إلى الجُمعةِ، ثم يخرجُ عثمانُ رضي اللهُ عنه، فإذا جلس على المنبر أَذَّن الثاني الذي كان أولًا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم يخطب فيؤذن الثالث لإِقامة الصلاة -فأما في المشرق فيؤذن كأذان قرطبة، وأما بالمغرب فيؤذن ثلاثة من المؤذنين لِجَهْل المفتين، فإِنَهم لما سمعوا أنها ثلاثةُ لم يفهموا أن الإِقامة هي النداء الثالث، فجمعوها وجعلوها ثلاثةً غفلةً وجهلًا بالسنة. انتهى مختصرًا، وحينئذٍ فما في الصُّلْب من كلام الشيخ لعَلَّه سهوٌ من قلمي.

22 - باب المؤذن الواحد يوم الجمعة

الأذان داخلَ المسجد دليلا عند المذاهب الأربعة إِلا ما قال صاحب «الهداية» إنه جَرَى به التوارث، ثُم نَقَله الآخرون أيضًا. ففهمت منه أنهم ليس عندهم دليلٌ غير ما قاله صاحب «الهداية»، ولذا يلجأون إلى التَّوارث، أما الإِقامة فكانت مِن قبلُ في المسجد. بقي أذانُ الجَوْق: ففي «الدر المختار» أنه مُحْدَثٌ. قلت: وعلى مَنْ يَدَّعِي الإِحداثَ أن يُجيب عما في «الموطأ» لمالك -ص 36 - : أنهم كانوا في زمن عمر بن الخطاب يُصلُّون يومَ الجُمعة حتى يخرجَ عمرُ بن الخطاب، فإِذا خرج عمر وجلس على المنبر وأَذَّن المؤذنون. وقال ثعلبة: «جلسنا نتحدثُ فإِذا سَكَت المؤذنونَ وقام عمرُ يخطبُ أَنْصَتْنا فلم يتكلمْ مِنَّا أَحَدٌ». اهـ فإن قوله: سكت المؤذنون، وأذن المؤذنون، بصيغة الجَمْع يدلُّ على تَعَدُّدِ الأذانين في عهده رضي الله تعالى عنه. 22 - باب الْمُؤَذِّنِ الْوَاحِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 913 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ الَّذِى زَادَ التَّأْذِينَ الثَّالِثَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رضى الله عنه - حِينَ كَثُرَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مُؤَذِّنٌ غَيْرَ وَاحِدٍ، وَكَانَ التَّأْذِينُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ يَجْلِسُ الإِمَامُ، يَعْنِى عَلَى الْمِنْبَرِ. أطرافه 912، 915، 916 - تحفة 3799 أي الأذان الواحد. وقد مَرَّ معنا وجه تعبير الأذان بالمؤذن. وهو في ذهن الراوي أن الواحد لا يُؤذِّنُ إلا أذانًا واحدًا. قوله: (إِذا جَلِّس على المنبر) وعند أبي داود: أن هذا الأذان كان في عهده صلى الله عليه وسلّم عند باب المسجد، وفي لفظ: على المنارة. 913 - قوله: (زادَ التأذينَ الثالثَ) أي باعتبار التشريع، وإلا فهو أول باعتبار التأذين به. والثاني ما كان في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم والثالث هو الإقامة. وقد مرَّ معنا التنبيه على أن مَنْصِب الخلفاء بين الاجتهاد والتشريع، فالمجتهدون يمشون على المصالح المُعتبرة، والخلفاء على المصالح المرسلة أيضًا. 23 - باب يُؤَذِّنُ الإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ 914 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِى سُفْيَانَ، وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى الْمِنْبَرِ، أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. قَالَ مُعَاوِيَةُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ وَأَنَا. فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ وَأَنَا. فَلَمَّا أَنْ قَضَى التَّأْذِينَ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى هَذَا الْمَجْلِسِ حِينَ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ يَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ مِنِّى مِنْ مَقَالَتِى. طرفاه 612، 613 - تحفة 11400 ومرَّ معنا الأقوال في جواب الأذان عند ذلك مرارًا.

24 - باب الجلوس على المنبر عند التأذين

24 - باب الْجُلُوسِ عَلَى الْمِنْبَرِ عِنْدَ التَّأْذِينِ 915 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ أَخْبَرَهُ أَنَّ التَّأْذِينَ الثَّانِىَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَمَرَ بِهِ عُثْمَانُ حِينَ كَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ التَّأْذِينُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ يَجْلِسُ الإِمَامُ. أطرافه 912، 913، 916 - تحفة 3799 - 11/ 2 كان التأذينُ يومَ الجمعة حين يجلس الإِمام، يعني به أن أذان يوم الجمعة كان على خلافِ دأب سائر الأيام، ففي سائر الأيام كان يُقدم شيئًا، وفي الجمعة كان مُتَّصِلا بالخطبة بدون مُكْثٍ طويل بعده، وكان خارجَ المسجد على سقف بيت أنصاريّ، وكان للصلاة ولم يكن للخطبة أذان. 25 - باب التَّأْذِينِ عِنْدَ الْخُطْبَةِ 916 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ إِنَّ الأَذَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَانَ أَوَّلُهُ حِينَ يَجْلِسُ الإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ - رضى الله عنهما - فَلَمَّا كَانَ فِى خِلاَفَةِ عُثْمَانَ - رضى الله عنه - وَكَثُرُوا، أَمَرَ عُثْمَانُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالأَذَانِ الثَّالِثِ، فَأُذِّنَ بِهِ عَلَى الزَّوْرَاءِ، فَثَبَتَ الأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ. أطرافه 912، 913، 915 - تحفة 3799 وفي «الفتح» عن الطبري: أن هذا الأذانَ كان في زمن عَمرِ رضي الله تعالى عنه أيضًا، إلا أنه لم يكن مُشْتهِرًا اشْتِهَارَه في زمن عثمان رضي الله تعالى عنه. إِلا أنه حَكم عليه بالانقطاع، ولعل زيادةَ عثمان رضي الله تعالى عنه الأذان الثالث كزيادة أذان بلال رضي الله عنه في الفجر. واعلم إن مفعول القول لا يكون إلا جملة فيلزمه «إن» - بالكسر - إلا في لغة بني سُلَيم إذا كان مُصَدَّرًا بحرف الاستفهام، فحينئذٍ يصح أن يكون مفعولُه مُفْردًا. 26 - باب الْخُطْبَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَقَالَ أَنَسٌ - رضى الله عنه - خَطَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ. 917 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِىُّ الْقُرَشِىُّ الإِسْكَنْدَرَانِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمِ بْنُ دِينَارٍ أَنَّ رِجَالاً أَتَوْا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِىَّ، وَقَدِ امْتَرَوْا فِى الْمِنْبَرِ مِمَّ عُودُهُ فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ وَاللَّهِ إِنِّى لأَعْرِفُ مِمَّا هُوَ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ أَوَّلَ يَوْمٍ وُضِعَ، وَأَوَّلَ يَوْمٍ جَلَسَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى فُلاَنَةَ - امْرَأَةٍ قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ - «مُرِى غُلاَمَكِ النَّجَّارَ أَنْ يَعْمَلَ لِى أَعْوَادًا أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ». فَأَمَرَتْهُ فَعَمِلَهَا مِنْ طَرْفَاءِ الْغَابَةِ ثُمَّ جَاءَ بِهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ هَا هُنَا، ثُمَّ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى عَلَيْهَا، وَكَبَّرَ وَهْوَ عَلَيْهَا، ثُمَّ رَكَعَ وَهْوَ عَلَيْهَا، ثُمَّ نَزَلَ الْقَهْقَرَى فَسَجَدَ فِى أَصْلِ

27 - باب الخطبة قائما

الْمِنْبَرِ ثُمَّ عَادَ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا وَلِتَعَلَّمُوا صَلاَتِى». أطرافه 377، 448، 2094، 2569 - تحفة 4775 917 - قوله: (ولتعملوا صَلاتي) وأخطأ ابن حَزْم خطأ فاحشًا حيث ذهب إلى أن تلك الصلاةَ كانت نافلةً، مع أنها كانت صلاةَ الجمعة كما هو منصوصٌ عند البخاري. 918 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَنَسٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ جِذْعٌ يَقُومُ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا وُضِعَ لَهُ الْمِنْبَرُ سَمِعْنَا لِلْجِذْعِ مِثْلَ أَصْوَاتِ الْعِشَارِ حَتَّى نَزَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ. قَالَ سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى أَخْبَرَنِى حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا. أطرافه 449، 2095، 3584، 3585 - تحفة 2232 ل - 12/ 2 919 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «مَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ». طرفاه 877، 894 - تحفة 6924 وفي «الفتح»: أن المِنْبر وُضِع له في التاسعة. وثبت عندي في الخامسة. قوله: (كان جِذْعٌ يقومُ عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أي يتكىءُ عليه. وتسامَحَ الرَّاوي في اللفظ. وظاهر كلام السَّمْهُودِي أن تلك الجِذْعَ كانت عَمودًا من عُمُدِ الحصة المُسْقَفة يتكىء عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وحينئذٍ يكون اتكاؤه بطريق الاستناد لا بطريق التأبط. وعند الدارمي روايةٌ تدلُّ على أنه كان يتكىء بذلك العَمود على الإبط. وقد ثَبت أنَّ الحنَّانَة دُفِنت يوم وُضِع المنبر. وأَقَرَّ المُحَدِّثون أن الخشبة التي قام عليها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في قصة ذي اليدين كانت هي الحَنَّانة. فثبت أنَّ قصة ذي اليدين قِبلِ بناء المِنْبر. وَوَضْعُ المِنْبر ثَبَت عندي في الخامسة فَثَبت تَقَدُّمُ قصة ذي اليدين، وإذن لا بد أن تكونَ قبل نَسْخ الكلام. 27 - باب الْخُطْبَةِ قَائِمًا وَقَالَ أَنَسٌ بَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ قَائِمًا 920 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ قَائِمًا ثُمَّ يَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ، كَمَا تَفْعَلُونَ الآنَ. طرفه 928 - تحفة 7879 والقيام واجبٌ عند الشافعية، وسنةٌ عندنا. 28 - باب يَسْتَقْبِلُ الإِمَامُ الْقَوْمَ وَاسْتِقْبَالِ النَّاسِ الإِمَامَ إِذَا خَطَبَ وَاسْتَقْبَلَ ابْنُ عُمَرَ وَأَنَسٌ رضى الله عنهم الإِمَامَ.

29 - باب من قال فى الخطبة بعد الثناء أما بعد

921 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ هِلاَلِ بْنِ أَبِى مَيْمُونَةَ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ قَالَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - جَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ. أطرافه 1465، 2842، 6427 - تحفة 4166 وكان طريق الاستماع عند السلف أنهم كانوا يجلسون للخُطبة كما يجلسون اليوم في مجالس الوعظ، بدون اصطفاف. وهو الذي عناه الراوي بالاستقبال. ثُمَّ جرى الاصطفاف فيما بعد. وفي «المبسوطِ»: أَن الإِمام أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يستقبل الإِمام ويَصْرِف وَجْهه إليه. وهو في الصفِّ، فالسُّنَّة هي الاستقبال. أما الاصطفاف فلا يُحكم عليه بِكَوْنه بدعةً، لأَنه ثبت أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يذهب إلى النِّساء لأَخْذ الصدقة يوم العيدين وهُنَّ في صفوفٍ بعد. فدلَّ على ثبوت الصفِّ أيضًا. 29 - باب مَنْ قَالَ فِى الْخُطْبَةِ بَعْدَ الثَّنَاءِ أَمَّا بَعْدُ رَوَاهُ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 922 - وَقَالَ مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَتْنِى فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ قَالَتْ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ قُلْتُ مَا شَأْنُ النَّاسِ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى السَّمَاءِ. فَقُلْتُ آيَةٌ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَىْ نَعَمْ. قَالَتْ فَأَطَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جِدًّا حَتَّى تَجَلاَّنِى الْغَشْىُ وَإِلَى جَنْبِى قِرْبَةٌ فِيهَا مَاءٌ فَفَتَحْتُهَا فَجَعَلْتُ أَصُبُّ مِنْهَا عَلَى رَأْسِى، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، وَحَمِدَ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ». قَالَتْ وَلَغِطَ نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَانْكَفَأْتُ إِلَيْهِنَّ لأُسَكِّتَهُنَّ فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ قَالَتْ قَالَ «مَا مِنْ شَىْءٍ لَمْ أَكُنْ أُرِيتُهُ إِلاَّ قَدْ رَأَيْتُهُ فِى مَقَامِى هَذَا حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَإِنَّهُ قَدْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِى الْقُبُورِ مِثْلَ - أَوْ قَرِيبَ مِنْ - فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، يُؤْتَى أَحَدُكُمْ، فَيُقَالُ لَهُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ - أَوْ قَالَ الْمُوقِنُ شَكَّ هِشَامٌ - فَيَقُولُ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ، هُوَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى فَآمَنَّا وَأَجَبْنَا وَاتَّبَعْنَا وَصَدَّقْنَا. فَيُقَالُ لَهُ نَمْ صَالِحًا، قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ إِنْ كُنْتَ لَتُؤْمِنُ بِهِ. وَأَمَّا الْمُنَافِقُ - أَوْ قَالَ الْمُرْتَابُ شَكَّ هِشَامٌ - فَيُقَالُ لَهُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولُ لاَ أَدْرِى، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ». قَالَ هِشَامٌ فَلَقَدْ قَالَتْ لِى فَاطِمَةُ فَأَوْعَيْتُهُ، غَيْرَ أَنَّهَا ذَكَرَتْ مَا يُغَلِّظُ عَلَيْهِ. أطرافه 86، 184، 1053، 1054، 1061، 1235، 1373، 2519، 2520، 7287 تحفة 15750 - 13/ 2 923 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِمَالٍ أَوْ سَبْىٍ فَقَسَمَهُ، فَأَعْطَى رِجَالاً وَتَرَكَ رِجَالاً فَبَلَغَهُ أَنَّ الَّذِينَ تَرَكَ عَتَبُوا، فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ أَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، فَوَاللَّهِ إِنِّى لأُعْطِى الرَّجُلَ، وَأَدَعُ الرَّجُلَ، وَالَّذِى أَدَعُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنَ

الَّذِى أُعْطِى وَلَكِنْ أُعْطِى أَقْوَامًا لِمَا أَرَى فِى قُلُوبِهِمْ مِنَ الْجَزَعِ وَالْهَلَعِ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِى قُلُوبِهِمْ مِنَ الْغِنَى وَالْخَيْرِ، فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ». فَوَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِى بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حُمْرَ النَّعَمِ. تَابَعَهُ يُونُسُ. طرفاه 3145، 7535 - تحفة 10711 924 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، فَصَلَّى فِى الْمَسْجِدِ، فَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلاَتِهِ فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فَصَلَّوْا مَعَهُ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا فَكَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّوْا بِصَلاَتِهِ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ حَتَّى خَرَجَ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الْفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَىَّ مَكَانُكُمْ، لَكِنِّى خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا». تَابَعَهُ يُونُسُ. أطرافه 729، 730، 1129، 2011، 2012، 5861 - تحفة 16553، 16713 - 14/ 2 925 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ عَشِيَّةً بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَتَشَهَّدَ وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ». تَابَعَهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَمَّا بَعْدُ». تَابَعَهُ الْعَدَنِىُّ عَنْ سُفْيَانَ فِى أَمَّا بَعْدُ. أطرافه 1500، 2597، 6636، 6979، 7174، 7197 - تحفة 11895 926 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عَلِىُّ بْنُ حُسَيْنٍ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ «أَمَّا بَعْدُ». تَابَعَهُ الزُّبَيْدِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ. أطرافه 3110، 3714، 3729، 3767، 5230، 5278 - تحفة 11278 927 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْغَسِيلِ قَالَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ صَعِدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمِنْبَرَ وَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَهُ مُتَعَطِّفًا مِلْحَفَةً عَلَى مَنْكِبَيْهِ، قَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ بِعِصَابَةٍ دَسِمَةٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «أَيُّهَا النَّاسُ إِلَىَّ». فَثَابُوا إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ هَذَا الْحَىَّ مِنَ الأَنْصَارِ يَقِلُّونَ، وَيَكْثُرُ النَّاسُ، فَمَنْ وَلِىَ شَيْئًا مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَطَاعَ أَنْ يَضُرَّ فِيهِ أَحَدًا أَوْ يَنْفَعَ فِيهِ أَحَدًا، فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيِّهِمْ». طرفاه 3628، 3800 - تحفة 6146 قيل: إن أول مَنْ سُبِقَت عنه تلك الكلمةُ داودُ عليه السلام، وهي التي عُنيت بقوله تعالى: {وَفَصْلَ الْخِطَابِ} [ص: 20]. قال سيبويه: إن أصله مهما يكن من شيءٍ بعد من الغايات مَبْني على الضَّم. وللنُّجَاة في «إذ» الشرطية قولان، قيل: إن العامل فيه فِعْلُ الشرط، وقيل: فعلُ الجزاء. واتفقوا في الظرفية أنَّ العامل فيها فِعْلُ الجزاء.

30 - باب القعدة بين الخطبتين يوم الجمعة

924 - قوله: (لكنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ) أي جماعةً ومن خصائص الجماعة أنها تجلِبُ الوجوب، ولذا أمرهم أن يصلوا بها في البيوت. وحينئذٍ لم يخالف ذلك ما مرَّ معنا من وجوب صلاة الليل، وأنَّ النَّسْخ لم يرد فيها، وإنما ورد التخفيف من التطويل. وأنه تأكد بها الوتْرُ مع تغيير الشاكلة يسيرًا، لأنه لو كانت تلك الصلاة نُسِخت كما فهموه، لم يكن لخشية افتراض صلاةٍ نُسِخت معنىً. وفي «الصحيح» لابن حِبان: «خَشيتُ أن تُفْرَضَ عليكم الوِتْرُ». قلت: الوِتْر فيه بالمعنى العامِّ الشاملِ لصلاة الليل أيضًا، فتنبَّه. 30 - باب الْقَعْدَةِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 928 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَقْعُدُ بَيْنَهُمَا. طرفه 920 - تحفة 7812 وهي سنةٌ عندنا. وفَرَّق اللغويون بين الجلوس والقعود ولم يستقروا على شيءٍ. ولو ثبت أن القعودَ يكون من القيام بخلاف الجلوس فإِنَّه من الاضطجاع، لكان مُعتبَرًا ههنا أيضًا. 31 - باب الاِسْتِمَاعِ إِلَى الْخُطْبَةِ 929 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَقَفَتِ الْمَلاَئِكَةُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ، وَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِى يُهْدِى بَدَنَةً، ثُمَّ كَالَّذِى يُهْدِى بَقَرَةً، ثُمَّ كَبْشًا، ثُمَّ دَجَاجَةً، ثُمَّ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ طَوَوْا صُحُفَهُمْ، وَيَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ». طرفه 3211 - تحفة 13465 وهو واجبٌ على القوم. ويجوز للإِمام أن يأمُرَ ويَنْهَى عند الحاجة خلالَ الخُطبة. وللقوم أن يمنعوا بالإِشارة مَنْ كان يَلْغط. وذهب أحمد ومالك أيضًا إلى الوجوب. وهو القول القديم للشافعي رحمه الله تعالى. وفي الجديد: أنه مُستَحبُّ. ومِن تفاريعه وجوبُ الفاتحة على المقتدي، فقد كان يختار أولا وجوب الاستماع، ثم رجع إلى وجوب القراءة. ثم أنه لم يأت للقول الجديد إلا بوقائع في عهده صلى الله عليه وسلّم لا تخالِفُنا أصلا. وصرَّح الشيخ ابن الهمام رحمه الله تعالى - مِنَّا - بجواز الكلام للإِمام عند الحاجة. 929 - قوله: (مَثَلُ المُهَجِّر) والهَاجِرة في أصل اللغةِ لِنِصْف النهار، ثُم أُطلق في التكبير تَوَسُّعًا، وهو من الصبح عند الجمهور، ومن الزوال عند مالك رحمه الله تعالى. وعند أبي داود - ص 150 - في: باب فضل الجمعة في حديث طويل: «فإِذا جَلَس الرجل مَجْلِسًا يَسْتَمْكِنُ فيه من الاستماع والنظر - إلى الإمام - فأَنْصَتَ ولم يَلْغُ، كان له كِفْلان من أَجْر، فإن نأى وجلس حيثُ لا يسمعُ فأَنصَتَ ولم يَلْغُ كان له كِفَّلُ من الأَجْر، وإن جَلَس مَجْلِسًا يستمكن فيه من الاستماع

32 - باب إذا رأى الإمام رجلا جاء وهو يخطب، أمره أن يصلى ركعتين

والنظر فَلَغا ولم يَنْصِت كان عليه كِفْلان من وِزْر - إِلخ (¬1) وكِفْلان مِن وِزْر مع اتحاد الشَّرْط في الصورتين. 32 - باب إِذَا رَأَى الإِمَامُ رَجُلاً جَاءَ وَهْوَ يَخْطُبُ، أَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّىَ رَكْعَتَيْنِ 930 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ «أَصَلَّيْتَ يَا فُلاَنُ». قَالَ لاَ. قَالَ «قُمْ فَارْكَعْ». طرفاه 931، 1166 - تحفة 2511 - 15/ 2 33 - باب مَنْ جَاءَ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ 931 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرًا قَالَ دَخَلَ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ فَقَالَ «أَصَلَّيْتَ». قَالَ لاَ. قَالَ «فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ». طرفاه 930، 1166 - تحفة 2532 وهو مذهب الشافعي، وأحمد، ومذهب مالك وأبي حنيفة أنه يَقْعُد كما هو ولا يصلي، ولا يترك فريضةَ الاستماع والإنصات. ويقضي العَجَب من الشيخ النووي كلّ العجب حيث نَقَلَ عن القاضي عياض أنه هو مذهبُ (¬2) الجمهور من الصحابة والخلفاء الراشدين، ثم قال: إن ما أَوَّل به الخصومُ قصة سُلَيك تأويلٌ باطل يَرُدُّه صريحُ الحديث. ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: هكذا هو في النسخة الموجودة عندنا وُيشكل عليها قوله: "كِفْل من وِزر". ثُم تبين بعد الرجوع إلى النسخة التي في "البَذل" للشيخ الأجَلِّ الأمجد مولانا الشاه خليل أحمد رحمه الله تعالى وأدخل الفردوس الأعلى أنه من اختلاف النسخ فكان في نسخة: "كِفْل من وِزْر"، وفي نسخة أخرى: "كِفْلان أوكِفْل" من وِزر فجمع الكاتب بين النسختين في الصلب فأوجب خلطًا وظهر من شرحه أنهما بالترديد عند البيهقي هكذا: كفلان أو كفل. ويظهر لهذا العبد الضعيف من سياق الحديث أن الأرجح كِفْلان، لأنه إذا تمكَّنَ من الاستماع والنظر ثُمَّ لَغَا ولم يَنْصِت استحق الوزرين كما لو كان أَنصت ولم يَلغُ لاستحق الأجرين. وحاصل الحديث حينئذ استحقاقُ الأجرين بالإِنصات وعدم اللغو عند تَمَكن الاستماع والنظر، واستحقاقُ الأَجْر عند عدمِهِما وهو بالإِنصات، وعلى وِزَانه استحقاق الوِزرَين بِتَرك واجب الإِنصات واللغو عند التمكن منهما. وفيه دليل على وجوب الإِنصات كما ذهب إليه الجمهور، والله تعالى أعلم. (¬2) واعلم أن أعظم شيء في فَصْل المسائل وأبنيَة تَعَامُلُ الصحابة رضي الله عنهم كما عَلِمْته مرارًا، فحينئذٍ إذا كان تَعَامُل جمهورِ الصحابة مع عمل الخلفاء الأربعة على تَرْك هاتين الركعتين، فلا ريب في كون مذهبنا أرجحَ المذاهب، بقي الحديث، فالأمرُ فيه بعد نَقْل التعَامُل المذكور سَهْل، فإِن شئت حَمَلْته على النسْخ كما هو رأي العيني رحمه الله تعالى، وإن شئت أبديتَ له تاويلًا كما ذكره هو أيضًا، أما تقريرُ الأول فعلى ما أقول: إن أمر الخطبة كان مُوَسعًا في أوائل الإِسلام وذلك مما لا نزاعَ فيه، ثُم تَدَرَّج أَمْرُها إلى التضييق حتى عُدَّ الآمِرُ =

وجملةُ المقال في هذا الباب أن هناك أمرين: واقعة سُلَيك، وقول النبيِّ صلى الله عليه وسلّم. أما واقعة سُلَيك فكما في الأحاديث: أنه دخل ورسولُ الله صلى الله عليه وسلّم يَخْطُبُ يومَ الجمعة، فقال: «أصليتَ»؟ قال: لا، قال: «قُمْ فَصَلِّ الركعتين» -مسلم-. وأما القول فكما في «الصحيحين» بعده: «إذا جاء أحدُكُم يومَ الجمعة والإِمامُ يخطُبُ ¬

_ = بالمعروف لاغيًا فيها، وذلك معلوم بالتواتر، وإذن نسألُك أن سنة سلَيك رضي الله عنه وما وقع في قِصْته من إمساك الخطبة ونزع الناس ثيابهم وصلاته بالركعتين كله يليق بزَمن التوسيع أو بزمن التضييق؟ ولا أراك شاكا في أنها أقرب بزمن التوسيع، فإِن نَزع الناس ثيابَهُم ونَبْذَهم إليه لا يليق بمجلس الاستماع. وأوْضَحُ منه ما عند مسلم: قال أبو رفاعة: "انتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب قال: فقلت: يا رسول الله رجلٌ غريبٌ جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينُه! قال: فأقبل عليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتَرَك خطبَتَهُ حتى انتهى إلي فأتى بكرسيٍّ حَسِبت قوائمه حديدًا. قال: فقعد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعلَ يعلمني مما علمه الله ثم أتى خطبتَهُ فأتم آخِرَها". اهـ. فقوله: "فأتم آخرها" يدل على البِنَاءِ دون الاستئناف. والظاهر من سياق "مسلم" أنه قِصَّة يومِ الجمعة، فإِنه أخرجها في تضاعيف أحاديث خطبة الجمعة فالذي يظن أنها أيضًا قصة في الأَوائل، كقِصَّة سلَيك رضي الله عنه. وبالجملة إذا عَلِمنا توسيعًا وتضييقًا في أَمرٍ واحدٍ بحسب زمانين، فما يروى فيه مِن التوسيعات كلها تحمَل على زمن التوسيع، وذلك معقول وإن عارَضَه مجادل. وهذا السبيل سلكناه في مواضعَ: منها في أَمر التسبيع مِن سؤر الكلب. ومنها: في رَفْع اليدين. ومنها: في الركعتين قبل المَغْرِب. ومنها: في الكلام في حديث ذي اليدين كل ذلك يليق بزمن التوسيع سواء سميته نسخًا، كما هو المشهور، أو قلتَ: إنه كان ثم اختتم، ولم تتكلم بلفظ النسخ كما هو ذوق شيخنا قدس سره إلا في حديث "ذي اليدين" ألا ترى ما أخرجه مالك في "موطئه" عن ثَعْلَبة بن أبي مالك القُرَظي أنه أخبرهم أنهم كانوا في زمن عمرَ بن الخطاب يصلُّون يومَ الجمعة حتى يخرج عمرُ بن الخطاب. فإذا خرج عمرُ رضي الله عنه وجلس على المنبر، وقام يخطُب أنصتنا فلم يتكلم منا أحَدٌ -قال ابن شِهاب: فخروج الإِمام يقطع الصلاةَ، وكلامُه يقطعُ الكلامَ. اهـ. مختصرًا فهذا نحوٌ من الإِجماع على أن مِن سُنَّة الخُطبة قَطْعَ الصلاة مطلقًا. ولا فرق فيها بين مَنْ كان داخلَ المسجدِ، أو دَخَله حين الخُطبة. والفرق بين الداخل والآتي إنما وجدَه مَنْ أراد أن يعملَ بهذا الإِجماع على أن مع العمل بسنَّة سُلَيك رضي الله عنه، فلما تعذَّر عليه الجَمْعُ بينهما قَصَر أحاديثَ الإِنصات على مَنْ كان داخِل المسجد، وجعل حديثَ سُلَيك فيمَن دخل بعد شروعِ الخطبة. قلت: وهذا تطبيق بين الحدييثين من جانبه وحَسَب معتقَدِه في المسألة، فإِن كان يسع له أن يَحْمِله على ذكر فلخصمه أيضًا أن يحمله على ما وَجْه لا ينافي التواتر. والظاهر أن التأويل في قضية جزئية أيسرٌ من التأويل في أحاديث متواترة، وهَدم سُنة من السُّنن المختصةِ بالجمعةِ أَمْر من تَرْك سنةِ جزئية، لم يظهر لها مناسبة بالجمعةِ. وبعد ذلك نقول: إنَّ الفرق بين الداخلِ والآتي إنما يليق إذا كان فيه معنى، وإذ ليس فليس لأنا، قد عَلِمنا أن الدعامة في تلك الأحاديث هي الإنصاتِ والاستماع. ولا شك أنَّ من اشتغل بالركعتين فقد أخلَّ في فريضة الاستماع سواء كان داخلًا في المسجدِ مِنْ قَبْلَ أو أتى فيه بعد شروعِها، فإن جاز للآتي أن يركَعَ ركعتين وإمامُهُ يَخْطُب، فللداخل القاعدِ أيضًا أن يركعهما، ولئن فرضنا اشتغالَ الطائفتين بالركعتين لا يكون مثل مَنْ خاطبهما إلا كَمَثَلِ مَنْ يخاطب مَنْ لا يلزمه الاستماع لحدِيثه. وبالجملة إن كان الإخلال بالاستماع ممنوعًا، فذلك يستوي فيه الداخل والخارج، وإن لم يكن ممنوعًا فقد جاز للداخل أيضًا أن يركع ركعتين، وإذن لا يبقى لحديثِ الإنصات مصداقٌ، فإنه إذا جازَ تَرْك الإِنصات للداخل ومَنْ أتى الخطبة أيضًا، فكأنه ارتفع حُكم هذه الأحاديثِ رأسًا فتفكر وأما تقرير الثاني فكما ستعرِفه في صلب الكتاب.

فليركع ركعتين وليتجوَّز فيهما». والتفضِّي عن القول مُشْكِل فإِنه تشريع، أما الواقعة فيمكنُ حَمْلُها على الأعذار، فمنها ما عند النِّسائي في «كبراه»: أنَّ هذا الرجلَ دخَل بِهيئةٍ رَثَّةٍ ولم تكن عليه ثيابٌ، فأراد النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أن يتصدَّقَ عليه الناسُ فَرَعَّبهم فيه، فَأَمَرَه بالصلاة ليرى الناسُ هيأَته البذة فتصدقوا عليه. هكذا في «المسند»، و «صحيح ابن حِبَّان»، والطحاوي. وبَوَّب عليه النسائيُّ بالحَثِّ على الصدقة، إشارة إلى ما هو الأَهم في قِصَّته. فإِن قلت (¬1): لو كان كما قلتم لَمَا أمره بالركعتين في الجمعة الأخرى، وفي التي بعدَها أَيضًا، فهل كان يريد الإِراءة كلَّ مرة؟ وإِذن لا يكون المقصودُ إلا تَحْرِيضَه على تحية المسجد، والتصدُّق عليه يكون تَبَعًا. قلتُ: وفي الجمعة الثالثة تَرَدَّدَ الراوي. ولا بُعْد في الجُمُعتين أن يكون أَمْرُه لذلك، وعند ابن حِبَّان فيه زيادة وهي: «لا تَعُودن لِمِثْل هذا». اهـ. فحملوها على النَّهي عن تَرْك هاتين الركعتين. قلتُ: بل نَهْيُّ عن الإِبطاءِ عن الجمعة وحُضُوره في وقت الخطبة حنى لزِمه إمساكُها، فهو كقوله لأبي بَكْرة رضي الله عنه حين بادر إلى إِدْرَاك الرُّكوع: «زادك اللَّهُ حِرْصًا ولا تَعُد». وقد اختلفوا في شَرْحه أيضًا كما مرّ. ثم عند مسلم - ص 287 - أَنه جاء ورسولُ الله صلى الله عليه وسلّم قاعِدٌ على المِنْبر، فدلَّ على أنه لم يكن دَخَل في الخُطبة بَعْدُ، بل كان يريدْ الخطبة سيما على مذهب الشافعية، فإِن القِيام من شرائط الخطبة عندهم. فلزِمهم أن يقولوا إِنَّه لم يكن دَخَل في الخطبة. وتمسك الشيخ العيني رحمه الله تعالى برواية النسائي، وليس فيه ما رامه فلا يتم التقريب، ¬

_ (¬1) قال الشيخ رحمه الله تعالى: والوَجْه أن التحريضَ على الصَّدقة وقَعَ في الجمعتين إلا أنه كان التحريضُ في الجُمعة الأُولى لأجله خاصَّة، وفي الجمعة الأُخرى كان لرجلٍ آخر. فلما حَرض النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على الصَّدقة، نَبَذ هذا الرجلُ أيضًا أحدَ ثَوْبيه اللذين كان أعطيهما في الجُمعةِ الماضية. فردَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ثوبَه ولامه على تَصَدُّقِه. فإِن خيرَ الصدقة ما كانت عن ظَهْرِ غَنِي هذا ما سمعناه منه في درس الترمذي. قلتُ: يَرد على الشافعية أن هذا الرَّجُل لما جاء في الجمعة الأولى قعد، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قُم فاركع". هكذا عند "مُسلم". فأجابوا عنه أنه كان جاهلًا عن المسألةِ، والجهل عندهم عُذْرٌ، فصحَّت له تحيةُ المسجد بعد الجلوس أيضًا. ثُم ورد عليهم تكرُّر القصة، فإِنَّه إن كان جاهلًا في أول مرةٍ فقد عَلِمهما بعد تعليمه وحينئذٍ كيف جلس في الجمعة الثانية أو الثالثة أيضًا؟، فأجابوا أنه نسي والناسي عندهم كالجاهل، والغرضُ منه أن قِصة التكرُّر ترِدُ علينا وعليهم لا أنَّا منفردون فيه. ثم جوابُنَا في تأويلها أَوْجَهُ من جوابهم، فإنك تعلمُ أن عُذر النسيان مما يحتاج إلى دليل، وهلا يقال: إنها كانت سنةً قَبلِية للجمعة، فإِن السؤال والجواب إنما يناسِبُ عنها، فإنها آكَدُ من تحية المسجد التي لا تزيد على الاستحباب مع أنها لا تفوتُ بالجلوس مع تأييده بِلَفظ قبل أن تجيء، بل أقول: إنَّ سؤاله - صلى الله عليه وسلم - بعدما جاء الرجلُ وقَعَد بين يديه لا يكون إلا عن صَلاتِهِ قبل المجيء، ولا يناسب عن الصلاة قبل القعود، فإِنه كان بمرأى عينيه، وقد شاهده أنه لم يَزِد على أنه قد جاء وقَعَد. وحينئذٍ لا يلائمهُ السؤالُ بأنك ركعتَ ركعتين قبل أن تَجْلِس، بل سؤاله إنما يليقُ به: أنك هل صليت قبل أن تجيء إلى المسجد؟ ففيه تأييدٌ للفظ ابن ماجه. لأن صلاتَه كانت سُنَّة قَبليَّة لا تحية المسجد إلا أن يقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يَرَه حتى جاء الرَّجُل وقعد، فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ما قال. قلت: كيف ولم يكن المسجدُ مُتَسِعًا كذلك ولم يكن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - دَخل في الخطبة على لَفْظ "مسلم".

ولذا عَدَلْت عنه إلى حديث مسلم. وبه يَتم مقصوده إن كان غرضُه أنه صلى الله عليه وسلّم لم يكن دخَل في الخطبة، وإن كان مقصودُه أنه كان بدأَ الخطبةَ إلا أنه أمسك عنها (¬1). فله ما عند الدَّارقطني: أنه كان أمسك عن خطبته. وهو مرسَلٌ جيد، وهو صَرِيح في أنه كان دخل في الخطبة، إلا أنه أمسكها ريثما صلى الرجل صلاته وحَثَّ فيه على التصدق عليه، ولا يُدْرَى أنه استأنفَ خطبته بعده، أو بَنَى عليها، والظاهر الأول. بقي أنه هل يجوز للإِمام أن يتكلم في الخطبة؟ فالأحسن عندي أن لا يوسع فيه. وينبغي أن يُقْتَصر على النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وإن صَرَّح الشيخ ابنُ الهُمام رحمه الله تعالى بجوازه عند الحاجة (¬2). ثم إنه ما الدليل على كونها تحيةَ المسجدِ كما فهموه؟ لمَ لا يجوز أن تكون سنةً قَبْلِيةً للمجمعة؟ فعند ابن ماجه بِسَندٍ قويَ: «أصليتَ الركعتين قَبْل أن تجيءَ»؟ ومعلومٌ أن تحية المسجدِ لا تكون إلا بعد المجيءَ. ولذا أخرجه الزَّيلَعي في السُّنة القَبْلِيَّة، وحَكَم عليه أبو الحجاج ¬

_ (¬1) قلتُ: فإن شئت أن تجمع بين الألفاظ المختلفة في ذلك فقل: إنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قاعِدًا على المِنْبَر ويريدُ أن يخطُب. إذ جاء الرَّجُلُ فرآه في هيئةٍ، بذةٍ فأمسك عن الخطبة وجعل يُحَرِّضُ الناسَ. وبذلك يَحْصُل الجمعُ بين الأحاديث. فإِن ما عند مسلم بيانٌ لأول حاله، والإِمساك عند الدارقطني عبارةٌ عن إمساكه عن الشروع في الخطبة، ومعنى قوله وهو يَخْطُب، أي أنَّه يريد أن يخطب. وهذا مجازٌ واسِعٌ. هكذا جَمَعَ الشيخُ رحمه الله تعالى في درس الترمذي. (¬2) قلتُ: وقد نُوقش أن الصلاةَ بعد خروج الإِمام مكروهة عند أئمتنا. فالتأويلُ المذكورُ لا يجدي نَفْعًا. والجواب عندي والله تعالى أعلم بالصواب: أن وَضْع مسألتنا فيما يوجِبُ الاشتغالَ بالصلاة إِخلالٌ في فرْض الاستماع كما يُشعِر به تَعْلِيلُهم. قال الزيْلَعِي في "شرح الكنز" في تعليل مذهب الصاحبين: لهما أن الكراهيةَ للإِخلال بفَرْضِ الاستماع ولا استماع ههنا -أي في الكلام-، بخلاف الصلاة، لأنها تمتد ثُم قال من جانب الحنفية في عَدَم الفَرْق بين الكلام والصلاة، إن الكلامَ قد يمتدُّ فأشْبه الصلاة. اهـ. فدل على أن وَضْع المسألة فيما أخرج الكلام أو الصلاة في فَرْض الاستماع، وحيث لا إِخلالَ لا منع أيضًا. وليس في قصة الحديث شيءٌ من ذلك فإِن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قاعدًا للخُطبة ولم يَخْطب بعد على لفظ "مسلم" أو أمْسَكَها -على لَفْظ الدارقطني- ثُم أمَه بالركعتين، وأيًّا ما كان، فلم يوجد منه الإِخلال ولا كان خشيةً لكونه أمْسَكَ خُطبته لأجْل ذلك. وأَوْضَحُ منه لفظ أحمدَ رحمه الله تعالى كما في العيني قال: "قُم فَصَلِّ، ثم انتظره حتى صلَّى"، فَفَرْقٌ بين مَنْ امسك له الإمام خطبتَهُ، ثم أمَرَهُ بالركعتين بنفسه، وحرَّضَ الناسَ ليتصدقوا عليه، وبين مَنْ جاء والإمامُ يَخْطُب. فلم يُلْق لقوله بالًا. وجعل يُقَدِّمُ وظيفتَه، واشتغل بالركعتين، فأين هذا مِن ذاك ولعل هذا هو الذي أراده القاضي أبو بكر بن العربي في "شَرْح الترمذي" حيث قال ما معناه: أنه لما تشاغل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بمخاطبة سُلَيك سقط عنه فَرْضه الاستماع، إذ لم يكن منه حينئذٍ خطبةٌ لأجلِ تلك المخاطبة. وزعم أنه أقوى الأجوبة. وإنما وضعوا المسألةَ في الصلاة والكلام عند خروج الإِمام، لأنه لا يليق اليوم لأحد أن يُمسِك خطبته. والشيخ ابو الهُمام رحمه الله تعالى وإن صَّرح بجواز الكلام عند الحاجة إلا أني لا أرى أن يجيز بمجموع ما ورد في قصة سُلَيك رضي الله عنه. والشيخ قدس سره قد ضيَّق في الكلام أيضًا وقصره على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ولم يناسب التوسيع وبالجملة لما أمن الرَّجُل من الإِخلال بالاستماع فقد انتفى عنه سببُ الكراهة وجازت له الركعتان مع قعود الإمام على المِنبر أما اليوم فإِنْ الإِمام يخرج للخطبة ولا يمهِل أحدًا أن يصلِّي شيئًا ولا ينتظر له، فتحقق الإِخلال، فظهر الجواب عن الشبهة إن شاء الله تعالى ولم يخالِف شيئًا مما في كُتُبنا ولله الحمد.

المِزّي الشافعي وابن تيمية بكونه تَصْحِيفًا من الكاتب. والصواب: «قبل أن تَجْلِس». قلتُ: كيف يُحْكم عليه بالتَّصْحِيف مع أن الإِمام الأَوْزاعي، إِسحاق بن رَاهُويه رحمهما الله تعالى بَنَيا عليه مذهبهما، فذهبا إلى أَنه يصليهما في البيت وإلا ففي المسجد، وإن دخَل الإِمام في الخطبة. وقد مرَّ معنا أن الحديث إذا ظهر به العملُ انقطع عنه الجدل. ثم رواية جابر رضي الله عنه ومَذْهبُه كما في جزء القراءة أنه كان يصلِّي بهما في المسجد وإنْ خطب الخطيب، وإن كان قَدْ صلَّى في البيت. وهذا يدل على صِحَّة لفقظ: «قبل أن تجيءَ»، لأن قوله ذلك ناظر إلى لفظ: «قبل أن تجيء»، يعني به أَنه لا يقتصر عليهما في البيت، بل يصلِّيهما في المسجد أيضًا على سُنَّة سليك، وإن لم يكن مذهبه كمذهبنا. ثمَّ سؤالُه عن الركعتين إنما يتأَتَّى إذا كان عن السُّنةِ القَبْلية، أما عن تحية المسجد فإِنه حَضَر بمرأَى عينيه ولم يُصَلِّ فما معنى السؤال؟ اللهم إلا أن يقال إِنه لم يقع بصرُه عليه ابتداءً، فإِذا رآه سئل عنها. وأَوَّله الحافظ بأن المرادَ منه قَبْل أن تجيءَ من ذلك المكان إلى هذا المكان، فإِذن السؤالُ عن الصلاة في المسجد دون البيت. قلتُ: وهو غَنيُّ عن الردِّ. بقي القول: فجوابه أن الدَّارقطني (¬1) تَتَبَّعَ على «الصحيحين» في عدة مواضعَ، وتتبَّع على البخاري في ¬

_ (¬1) قلت: وقد أخرج له الحافِظُ رحمه الله تعالى متابِعًا فانتفى التفرُّدُ وارتفع الشذوذُ، ولكن مَعَ ذلك لا يبلغ ما هو المشهور فيه، أعني كونه قصة سليك رضي الله عنه. ثُمَّ جاء بعض الرواة فذكر معها الحديثَ القولي أيضًا في سلسلة واحدة. أعني أنه كان عنده قِصَّةُ سُلَيك رضي الله عنه، وكان قد بلغته تلك الروايةُ بالمعنى أيضًا، فحمله على أنه حديث فألحقه بها على نحو استدلال، لا أنهما حديثان مستقلان ونظيرُه أيضًا في الأحاديث: فإِن الرواةَ يكون عندهم حديث ثم يستشهدون عليه من آيته في سنن واحدٍ، وُيتوهم منه أنه مرفوعٌ مع أنه لا يكون غيرُ خَفي على الممارس. وكذلك قد يكون عندهم حديثان من باب واحد أو من بابين ثم يروونه في سلسلة واحدة ويتوهم منه كونه حديثًا واحدًا ويُفْضِي إلى الاضطراب. ونظيرُه حديثُ عُبادة، فإِنه روى قصة المنازعة، ثُم ذكر معها حديث: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحةِ الكتاب"، مع أنه كان حديثًا مستقلًا، وتقريرُه وتحقيقُه في مَوْضِعه معلوم، وهكذا حديث أَبي هريرة رضي الله عنه في سؤال تلميذه إني أكونُ وراء الإِمام فقرأ عليه: "قسمتُ الصلاةَ بيني وبين عبدي نِصْفين فإِنهم اتفقوا على أَنهما حديثان". وبالجملةَ مَنْ يجَرب تصرفات الرواة لا يستبعد ما قلنا، وبعدُ فليس في مِثل تلك الأمور إلا حكم الوُجدان، وهو القول الفَصل عند الاختلاف، ويؤيده ما ذكره أبو الوليد بن رشد أن قوله - صلى الله عليه وسلم - "إذا جاء أَحدكم والإِمام يَخْطب" ... إلخ. أخرجه "مسلم" في بعض رواياته. وأكثر رواياتِه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَر الرجلَ الدَاخِلَ أَن يَركع، ولم يقل: إذا جاء أحدكم" الحديث. فينظر إلى هذا الخلاف في أنه هل تقبل زيادة الراوي الواحد إذا خالفه أصحابهُ عن الشيخِ الأوَّل الذي اجتمعوا في الرواية عنه أم لا؟ اهـ. "بداية المجتهد". ثم القرينة عليه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لو كان قاله في تلك القصة فَلِم أمسك الخطبة إِذن؟ فإِن سُنة التحية حينئذ أن تؤدَّى خلال الخطبة أيضًا، فلا حاجة إلى الإِمساك مع ثبوتِه قطعًا. فاتضح بِفِعل النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه وأَمرِه بالإِنصات أَن حال الإِمام مع المستمعين على أَحَد هذين الوَجهَين: إِما أن يَقطع المستَمِع صلاتَه اْو يُمسِك الإِمامُ خطبتَه، ولذا لما أَمر النبي - صلى الله عليه وسلم - سُلَيكا رضي الله عنه أن يصلِّي الركعتين أَمسَك خطبتَه. ولما كان مِن سُنَّة الإِمام يومَ الجمعة أن يَخطب، =

نحو مئة موضع ونَيِّف، وكلها في الأسانيد إلا هذا الحديث فإِنه تَكلم فيه في المتن. وقال: إن أَصْلَه «واقعة» جعَلَه الراوي «ضابطة». فالصواب أنه مُدْرَج من الرَّاوي. قلتُ: ويؤُيده صنيعُ البخاريّ، فإِنه أخرج هذا القول مِرارًا ثُمَّ يُترجِم عليه بهذه المسألةِ مع أنه اختارها، فلو كان القول هو الأصل عنده لأَخرجه البتة لكونه صريحًا فيما ذهب إليه، لكنه لم يُخَرِّجه في أبواب الجمعة، وتمسك به في مسألة أخرى، وهي مثنوية الصلاة مع أن لها أحاديثَ أخرى أصرَحُ منه عنده، والذي سيق له الحديث هو الركعتان عند الخطبة. فَتَرْك التمسك منه على مسألةٍ مذكورة صراحةً والتمسُّك على مسألةٍ ضمنيةٍ دليلٌ واضحٌ على أنه لم يثبت عنده القولُ، ولكنه واقعةٌ كما قال الدارقطني. وقد تحقق عندي أَن من عادة البخاري أن الحديث إذا كان صحيحًا عنده في نفسه، وتكون فيه مسألة لا يقوم هذا الحديثُ حجَةً عليه لأَمرٍ سَنَح له، لا يترجم على هذا الجزء وعلى هذه المسألة. ثم أقول: إن السُّنَّة لو كانت جَرَت بهذا القول وإن الداخل في المسجد يصلِّي تحية المسجد، وإن خطب الإِمام، فلم أمسك النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عن خطبته كما مرَّ عن الدارقطني، فإِذا نظرنا إلى فِعْله صلى الله عليه وسلّم أنه لم يكن دَخَل في الخطبة على لفظ مُسلم، أو دخلها ثُمّ أمسك عنها على ما عند الدارقطني عَلِمنا شَرْحَ قولِهِ من فِعْله صلى الله عليه وسلّم وهو أَنَّ المراد من قوله: «والإِمام يخطُبُ» أي كاد ¬

_ = أَمَرَ الناسَ أن يقطعوا كلامَهم وصَلاتَهم لئلا يكونَ الإِمام خطيبًا لمن لا يستمعون لكلامِه. وهذا ظاهر وليس يدخل فيما قلنا إن الإِمساك كان للتحريض. فإن ذلكَ أيضا سببٌ، بل هو السبب. ولكنِّي أقول: إنَّ في إباحتِه للصلاة نظرا إلى سكوته عن الخطبة أيضا. فافهم ولا تُسرع في الرد والقبول. وقد سمعتُ بعضه من شيخي. بقي القول، أي الحديث القولي فقط، فلم يخلص عن اضطراب، فإِن ألفاظَه تشعِر بأنه مأخوذٌ من أَلفاظ القصة لتقاربها من ألفاظ القصة جدًا. فإِذا كان نحو الدارقطني عَلله، ونحو البخاري أشار إليه، فلا أَقَل من أنه يورث شبهة في كونِه مَرويا بالمعنى. والحافظ رحمه الله تعالى وإنْ أخرج له متابِعًا فذلك وإن رَفَعَ التفردَ لكن احتمال الرواية بالمعنى قائم بَعد، ثم الشيخ رحمه الله تعالى عَدَل عن هذا الجواب لذلك، وذهب إلى أنه يروى بالشك: والإِمام يخطبُ تارة، أو قد خرج أخرى. وظاهرٌ أن الإِمام إذا كان في إِبانِ الخروج يسع له أن يأتي بالركعتين، ويتجوز فيهما. ثم إنك تعلم أن مسائلَ الأئمة تكون ملائمة ومتناسبة فيما بينهما، ولا تكون من باب الجَمْعِ بين الضب والنون فالشافعي رحمه الله تعالى لما خَفَّف أَمر الإِنصات في الخطبة، خفف الاستماع في الصلاة أيضا. وحينئذٍ ساغ يوسع بهاتين الركعتين أيضا، بخلاف الحنفية. فإِنهم ضَيَّقوا في تلك المواضع كلها، فلا يليق لهم التوسيعُ بهما ولا يأتي هذا على مسائلهم، وهو الملحَظ في اختيار صفة صلاة الخوف، فإِن الأحاديثَ صحَّت فيها على الوجوه كلها، لكن الحنفية اختاروا منها ما لا يخالفُ مَوضِعَ الإِمامة وإن احتاج إلى الحركات الكثيرة والشافعية لم يبالي بذلك فجوزوا تَقَدمَ فراغ المقتدي عن إمامه. فاختاروا صفة ناسبت مسائلهم. وهكذا صنيعُنا وصنيعُهم في مِثل هذه الأبواب. فليس هذا أول قارورةِ كسرت ليتعجب منه. ومن هذا الباب الفاتحة، ورَفْع اليدين في صلاة الجنازة فمن اختارهما في الصلاة المطلَقة اختارهما في صلاة الجنازة أيضًا كالشافعية ومَن تركهما في المُطلقَة تركهما في صلاة الجنازة أيضًا. فتلك سلسلة المسائل فتدبر وأمعن النظر فيه، والله تعالى أَعلم.

34 - باب رفع اليدين فى الخطبة

أن يخطب، ولا بِدْع في إِطلاق «خطب» إذا كان بصدد الخُطبة ولم يبق منه غيرُها، على أن عند مسلم - ص 217: «إذا جاء أحدُكم وقد خَرَج الإمامُ» إلخ فدل على أن الأمر فيما لم يخطب بَعْدُ وهو بصدد أن يخطُب. وهذا يدلك ثانيًا على أن المرادَ من قوله: «خطب» أي قارب الخُطبة وبلغ مَوْضِع الخُطْبة. وفي بعض اللفظ عند البخاري ص 156: «والإِمام يخطُبُ، أو قد خَرَج»، وليس فيه «أو» عندي للتنويع بل للشك من الراوي، فما دام لم ينفصل لفظُ النبيّ صلى الله عليه وسلّم لا تُبنَى عليه المسألة. وهو كذلك بالشك عند أبي داود أيضًا. وقد سَلَك الطحاوي في جوابه مَسْلَكًا آخر وهو إقامة المعارضة بنحو ما رُوي في «الصحيح»: «أن رجلا شَكَا إِليه القَحْط وهو يَخْطِب، فاستسقى له ولم يأمُرْه بأَداء تحية المسجد». وكذلك جاء عنده رجل آخر يسألهُ عن حاجته، فأمره أن يَقْعُد ولم يأمُرْه بالركعتين (¬1). 34 - باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِى الْخُطْبَةِ 932 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ. وَعَنْ يُونُسَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ بَيْنَمَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَ الْكُرَاعُ، وَهَلَكَ الشَّاءُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا. فَمَدَّ يَدَيْهِ وَدَعَا. أطرافه 933، 1013، 1014، 1015، 1016، 1017، 1018، 1019، 1021، 1029، 1033، 3582، 6093، 6342 - تحفة 1014، 493 واعلم أنه ثبت كراهةُ رَفْع الأيدي في الخطبة. وحَمَله العامة على أن هذا الرَّفْع كان للتفهيم، كما شاع الآن في الخطباء والواعظين، أنهم يحرِّكُون أيديهم للتفهيم. فلعلَّه فَعَله بِشْرٌ وكرهه الناس. وقالوا: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يكن يزيد على الإشارة بالأصابع. قلتُ: والأرجح عندي أن تلك الإشارة كانت للدعاء للمؤمنين، فإنه مسلوكٌ في الخُطبة فأنكروا عليه، لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يكن يَرْفَعُ له إلا أصبُعُه المباركة. هكذا شَرحه البيهقي، ونقله شارح الإحياء في «الإتحاف». ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد تكلم عليها القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله تعالى في "شرح الترمذي" وتمسك للمذهب بثلاثة وجوه: الأول: قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}. الثاني: بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قلتَ لصاحبك يومَ الجمعة والإِمامُ يخطُب أنْصِت فقد لَغَوْت. الثالث: بوجه فِقْهي. ثم أجاب عن قصة سُلَيك من أربعة أَوجه الأول: بإِقامة المعارضة. والثاني: بكونه يحتمل أن يكون في وقتٍ كان الكلام مباحًا فيه في الصلاة، فيكون مباحًا في الخطبة. الثالث: وهو أقوى الوجوه عنده -أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كلم سُلَيكا وقال له: صلِّ، فلمَّا كلَّمه وأمَره سقط عنه فَرْضُ الاستماع. الرابع: أن سُلَيكا كان ذا بذاذة فأراد أن يرى الناس حاله. هذا ملخص ما قال في "العارضة" ص (302) ج 2 - ولم نشتغل بتفصيل هذه الأجوبة وذِكر ما فيها مخافةَ الإِطناب، وقد كان الشيخ رحمه الله تعالى يَرُدّ على بعضها، ولا أتذكرها بالتفصيل.

35 - باب الاستسقاء فى الخطبة يوم الجمعة

قلتُ: ويؤيده ما عند مسلم - لقد رأيت بِشْرَ بن مروان يومَ الجمعة يرفعُ يديه - أي للدعاء - وأصْرَحُ منه ما عند الترمذي ففيه: وبِشْرُ بن مروانَ يخطُبُ، فرفع يديه في الدعاء. وإنما حَمَله النَّاسُ على تحريك الأيدي، لخمول هذا النوع. والطريق المعروف في الدعاء الآن رَفْع الأيدي كلتيهما. ثُمَّ تَتَبَّعْتُ ذلك أنَّ الدعاء هل يكون بِرَفْع الأصبع؟ ففي «الدُّر المختار» عن «القُنية» في باب صفة الصلاة: والإشارة لِعُذْرٍ كَبْرد يكفي فجوِّز بالإشارة عند العذر، كأنه اختصار من رَفح الأيدي. وفي «البحر»: أن الدعاء على أربعة أنحاء: دعاء رَغْبة، ودعاء رَهْبة، ودعاء تَضَرّع، ودعاء الخفية، وجعل الدعاء برفع الأصبع من الضَّرْب الأول. «وفي البحر» في باب الوتر عن مولى أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه كان يرفَعُ يديه في القنوت للدعاء، وتارة يكتفي بالأصبع أيضًا. ونُسِب ذلك إلى إمامنا أيضًا. ثم إنهم لا يكتُبون أن تلك الإشارة تكون بِظَهْر الأصبع أو ببطنها. قلتُ: إن كانت اختصارًا من الدعاء، فالأَظْهر أنها تكونُ ببطنها. وإن كانت للتفهيم وغيره فهو مُخيَّرٌ فيه إن شاء فَعَل بالظَّهر أو بالبَطْن. قوله: (فَمَدَّ يَدَيْه ودَعَا) وهذا كان كهيئةِ الدعاء المعروف. 35 - باب الاِسْتِسْقَاءِ فِى الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 933 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ فِى يَوْمِ جُمُعَةٍ قَامَ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَ الْمَالُ وَجَاعَ الْعِيَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا. فَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَمَا نَرَى فِى السَّمَاءِ قَزَعَةً، فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا وَضَعَهَا حَتَّى ثَارَ السَّحَابُ أَمْثَالَ الْجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ، وَمِنَ الْغَدِ، وَبَعْدَ الْغَدِ وَالَّذِى يَلِيهِ، حَتَّى الْجُمُعَةِ الأُخْرَى، وَقَامَ ذَلِكَ الأَعْرَابِىُّ - أَوْ قَالَ غَيْرُهُ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ وَغَرِقَ الْمَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا. فَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا، وَلاَ عَلَيْنَا». فَمَا يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّحَابِ إِلاَّ انْفَرَجَتْ، وَصَارَتِ الْمَدِينَةُ مِثْلَ الْجَوْبَةِ، وَسَالَ الْوَادِى قَنَاةُ شَهْرًا، وَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلاَّ حَدَّثَ بِالْجَوْدِ. أطرافه 932، 1013، 1014، 1015، 1016، 1017، 1018، 1019، 1021، 1029، 1033، 3582، 6093، 6342 - تحفة 174 وهو ثلاثة أقسام: الدعاءُ له بعمد الصلواتِ الخَمْس، وفي الأوقات سوى الخَمْس، والصلاة له. واختلفوا في النوع الأخير. قوله: (الكُرَاع) يُطلق على كلِّ ذات قوائم أربع ولا سيما الخيول. 933 - قوله: (جَوْد) هو المطر الذي تكون قطراتُه كبيرة. وفي «فتح الباري» أنه قال بعد ما مطرت السحاب: «لو كان أبو طالب حيًا لقرَّت عيناه، فإنه كان يُستسقى بوجهه في زمن صِبَاهُ. وفيه قال:

36 - باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب

*وأَبيضُ يُسْتَسْقَى الغمامُ بِوَجْههِ ... ثمال اليتامى عِصْمَةٌ للأَرَامِل فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «مَنْ ينشدنا قصيدته هذه؟ فقام عليٌّ رضي الله عنه من ساعته، لأن أبا طالب كان أباه فجعل ينشد له بيتًا فبيتًا». فَلما عَلِمْت من إعجاب النبي صلى الله عليه وسلّم قصيدتُهُ ونَعْتُه بالاستسقاء. نظمت فيه قصيدةٌ أيضًا بالفارسية وَوَصَفَته فيها بذلك، وأوَّلُهَا: *اي آنكه همه رحمت مهداة قديري ... باران صفت وبحر سمت ابر مطيري ... إلخ الأبيات. قوله: (اللهم حَوَالَيَنَا وَلا عَلَيْنَا) قال الطِّيبي: إنَّ الواو ههنا للتعليل كما في قولهم: تجوعُ الحُرَّةُ ولا تَأْكُلُ بثدييها. 36 - باب الإِنْصَاتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ وَإِذَا قَالَ لِصَاحِبِهِ أَنْصِتْ. فَقَدْ لَغَا. وَقَالَ سَلْمَانُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - "يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإِمَامُ". 934 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ. وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ». تحفة 13206 قوله: (فَقَدْ لَغَا) وهو على اللغة، أي اشتغل بما لا يعنيه، فإنه كان تكفيه الإشارة. وقد مرَّ عن الشيخ ابن الهمام رحمه الله تعالى أنه يجوز للإمام عند الحاجة دون القوم. وفيه حكاية عن المثنوي: «صلى ثلاثةُ رجالٍ وكانوا حمقاءَ، فَتَكَلَّم أحدُهم في الصلاة. فقال له الآخَرُ وهو يصلِّي: إنَّ الكلامَ في الصلاةِ مُفْسِدٌ». فقال الثالث: فَشُكرًا لله حيثُ لم أتكلم». 37 - باب السَّاعَةِ الَّتِى فِى يَوْمِ الْجُمُعَةِ 935 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ «فِيهِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهْوَ قَائِمٌ يُصَلِّى، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ». وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا. طرفاه 5294، 6400 - تحفة 13808 واختلفوا في تعيينِها، وبقائها، ورَفْعها على عدة أقوال ذكرها الحافظ رحمه الله في «الفتح»، ولا نطوّل الكلام بذكرها: فذهب أحمد وأبو حنيفة رحمهما الله تعالى إلى أنها بَعْد العصر. قال أحمد: وأكثرُ الأحاديث إلى أنها بعد العصر. وقال الشافعي رحمه الله تعالى: إنَّها من الخُطبة إلى الصلاة. واحتج بحديث أبي موسى الأشعري. وعَلَّلَهُ أحمد رحمه الله تعالى وأشار إليه البخاري أيضًا. وعَدَّها الشاه وَلِيُّ الله رحمه الله تعالى من ساعات الإجابة في هذا اليوم، وإن كانت الموعودة هي ما بعد العصر، وهو جَمْع حَسَنٌ.

38 - باب إذا نفر الناس عن الإمام فى صلاة الجمعة فصلاة الإمام ومن بقى جائزة

قلتُ: والظاهر أنها بعد العصر والموعودة هي هي، وفيها خُلِق آدم عليه السلام. وفي الأحاديث في فَضْل الجمعة أنه خُلِق فيها آدمُ. ولما كان الفَضْلُ فيها من جهة خَلْق آدم عليه السلام، ناسب أن تكون تلك الساعةُ هي ساعةَ خَلْقِهِ فإن قيل: لما كانت تلك الساعةُ لأجل يوم الجمعة، والبركةُ فيها من جهة الصلاة، فينبغي أن تكون متقدمةً عليها أو معها، لا بعدها. فإن المقصود مُتأخِّر. قلتُ: بل هي كالوقوفِ تُقَدَّم على طواف الزيارة، مع أن المقصود هو هذا الطواف. وعند أبي داود: «أن ابتغوا تلك الساعةَ في آخِر ساعاتِ العصر». وحَسَّنه المُنْذري، وعلَّله الحافظ رحمه الله تعالى. وَقَدْ أَجَبْتُ عنه. وفيها مذاكرة بين عبد الله بن سَلام وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما ذكَرَها الترمذي وابن ماجه. وفيها قال عبد الله بن سَلام: هي بعد العصر إلى أن تَغْرُبَ الشَّمْسُ. فقال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه: «فكيف تكون بعد العَصْرِ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم لا يوافِقُها عبدٌ مُسلم وهو يصلِّي، وتلك الساعةُ لا يُصلَّى فيها؟ فقال عبدُ الله بن سلام: «أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «مَنْ جَلَس مجلِسًا ينتظرُ الصلاةَ فهو في الصلاة». قال: بلى. قال: «فهو ذاك» (¬1). وعُلم منه أن عبدَ الله بن سلام أجابه بنوع تأويل، وحَمَل قوله: «وهو يُصَلِّي» على انتظار الصلاة، فإنه الصلاةُ حُكْمًا. ويُتَوهَّم من ابن ماجه أن هذا التفسير مرفوعٌ، والصواب أنَّه مُدْرج، فلا تَغْفُل وقد تنحَّيت عنه. وعندي معنى قوله: «وهو قائم يُصلِّي» وهو ثابتُ القدم في صلاته حيث يداومُ ويحافظ عليها. فذلك الوَعْدُ لِمَنْ كان يصلِّي الصلاة والجُمُعات، ويقومُ بِحَقِّها لا لِمَنْ تغافَل عنها وجعلها وراءَ ظهره، حتى إذا حضرتِ الجمعةُ وأدركَ تلك الساعةَ طَمِع في أن يَحْصُل له ذلك الأَجْرُ. ثُمَّ رأيتُ نحوه عن كَعْب الأحبار عند «شارح الإحياء» وفي التوراة أن تلك الساعةَ بعد العَصْر. وهو الصَّواب عندي. 935 - قوله: (وأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا). ولذا قلتُ: إن حديثَ أبي داود يَدُلُّ على التأخير الشديد في صلاةِ العَصْر. 38 - باب إِذَا نَفَرَ النَّاسُ عَنِ الإِمَامِ فِى صَلاَةِ الْجُمُعَةِ فَصَلاَةُ الإِمَامِ وَمَنْ بَقِىَ جَائِزَةٌ 936 - حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ قَالَ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ أَقْبَلَتْ عِيرٌ تَحْمِلُ طَعَامًا، فَالْتَفَتُوا إِلَيْهَا حَتَّى مَا بَقِىَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا). أطرافه 2058، 2064، 4899 - تحفة 2239 ¬

_ (¬1) قلتُ: وهذا يفيدُنا في الأوقاتِ المكروهة حيث قال أبو هريرة رضي الله عنه: وتلك الساعةُ لا يُصلَّى فيها.

فائدة

ولا تَصِح الجمعةُ عند الشافعي رحمه الله تعالى إلا إذا كان القومُ أربعين رجلا. وعندنا تَنْعَقِدُ بأربعةٍ مع الإِمام. وفي رواية: بثلاثة، فإن نفروا بعد التحريمة فهل يتم ظهرًا أو جمعة؟ راجِعْهُ في الفقه. قوله: ({وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}) [الجمعة: 11] فإن قلت: كيف وهم أتقى الناسِ في الأَرَضِين وأزهدُهم بعد الأنبياء والمرسلين؟ قلتُ: والجواب كما في «التوشيح» للسيوطي (¬1): أن الخُطبة في الجمعة كانت على شاكلة العيدين بعد الصلاة، ثم قدِّمت عليها. فلعلهم حَمَلوا استماعَها على الاستحباب، وظَنُّوه كسائر الخُطَبِ، ولم يَرَوْهُ عزيمةً عليهم، ولا سيما إذا كان عند النَّسائي: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان ينادي بعد العيدين أَنْ: «مَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَمْكُثَ فَلْيَمْكُث، وَمَنْ شاء أن يذهبَ فليذهب». وتَرَدَّد فيه الحفاظُ فَدَلَّ على التوسيع في خطبة العيدين. وفي «الدرُّ المختار». أن استماع جميع الخطب واجب. قلتُ: ولا يناسِبُ هذا التوسيع، بل ينبغي أن يُفَصَّل في الأمر. أما قوله في البخاري: «ونحن نصلِّي»، فهو على نحو تجوُّز من تعبيرِ سِلسلةِ الشيء بالشيء نفسه، فأطلق الصلاة على ما بقي من متعَلَّقات الصلاة. وهذا كما أنك تقول: اذهب للصلاة، مع أن الإمام لَمَّا يَخْطُب بعد. وذلك لأنك تَعُد الخُطْبَةَ والصلاةَ والدعاءَ كلَّها صلاةً لكونِها في سلسلةِ تسميةٍ للمجموع باسم العُمدة فيه. فلما كانت الصلاةُ هي المقصودةَ، والخطبةُ قبلها والدعاءُ بعدها من متعَلَّقاتِهَا، عَبَّروا عن المجموع بالصلاة. ولا يقولُ من أَهْل العُرْف واحدٌ منهم إنه يذهبُ للخُطبة. ثم للصلاة. ثم الدعاء مَثَلا، ولكنهم يعبِّرُون بالصلاة. فهذا هو الوجه في تصحيح ذلك المقال، فدع عنك القيل والقال. قوله: ({وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا}) [الجمعة: 11] وإنما سُمِّي لهوًا عتابًا. قالوا: ومِنْ هؤلاء الاثني عَشَر العشرةُ المُبشَّرَةُ. فائدة: قال شيخنا مولانا شيخ الهند: إنَّ الكلام كُلَّما صدَر من عظيم ازداد تَطَرّقَا للمجاز. قلتُ: بل كلامُ كلِّ عظيمٍ يحتوي على علومٍ كثيرة، ولذا تجِدُ الفَرْق بين القرآن والحديث. فكلامُ العظيم أَشْمَلُ، وكلامُ الأوساط أَصْرَح، لأن كلامَهم يكون منسلِخًا من علومٍ عديدة. فينزل إلى الصَّراحة لا محالة. ولذا ترى الناس يتناولون تصانيف الأَقْرَبَ فالأَقْرب بزمانهم، لأنه يكون أَشْبَهَ بذوقهم. ولذا أقول: إن مرادَ اللفظ لا يتعيَّنُ إلا بالتعامل، فإنه يَخْلُص به المرادُ، ويتميز ¬

_ (¬1) قلت: ولعل الصواب تفسيرُ "الاتقان"، ولكن الكتابين لم يكونا عندي حين تسويد هذه الأوراق فدونك نَقْله من تفسير "الجواهر الحسان" حيث قال: وفي "مراسيل" أبي داود ذكَر السبب الذي من أجله ترخصوا، فقال: إنَّ الخطبةَ يومَ الجمعة كانت بعد الصلاة، فتأولوا رضي الله تعالى عنهم أَنهم قد قضوا ما عليهم فَحُوِّلت الخطبة بعد ذلك قبل الصلاة. فهذا الحديث وإِن كان مُرْسلًا فالظن الجميلُ بأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يوجِب أن يكون صحيحًا، والله تعالى أَعلم اهـ.

39 - باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها

المقصودُ عن غيره، بخلاف اللفظ، فإنَّه وإن صُرِّح لكنه لا تنقطع عنه احتمالاتُ المجاز وغيره. وقد بلوتهم أنهم يسَوُّون القواعد للنقيضين، فأي رجاءٍ منها بعده، فإذا رأى أحدُهم حديثًا ضعيفًا وافق مذهبهُ يُسَوِّي له ضابطةً، ويقول: إن الضعيف يَنْجَبِر بِتَعدُّد الطرق. وإن رأى حديثًا صحيحًا خالف مذهبه يُسوِّي له ضابطةً أيضًا، ويقول: إنه شاذُّ، وهكذا جَرَّبْتُهم في مواضعَ يفعلون كذلك، فيجعلون القواعد حَسَب مرادهم من الطرفين. لا أريدُ به هَدْر هذا الباب، بل إن الطرد لا يليقُ به إذا اتضح ثورٌ من حِراء، وأين البيان بعد العيان؟ 39 - باب الصَّلاَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَقَبْلَهَا 937 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ فِى بَيْتِهِ، وَبَعْدَ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ وَكَانَ لاَ يُصَلِّى بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ فَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ. أطرافه 1165، 1172، 1180 - تحفة 8343 قيل: إنه يشيرُ أنه ليس فيه حديثٌ عنده، ولذا أخرج حديث الظهر. وقيل: بل يشيرُ إلى القياس على الظهر، فالسُّنن قبل الجمعة مِثْلُها قبل الظهر. أما السُّنن البَعْدية فقد ثَبَت الحديثُ فيها عند مسلم. وأما القبلية فقال ابن تيمية: إنه لم تثبت فيه سُنَّةٌ مستقلة، بل كان الأمر فيها عندهم على الإِطلاق بِحسَب سعة الوقت، فكم شاؤوا صَلُّوا. قلتُ: ولو صَحَّ لفظ ابن ماجه: «قبل أن تجيء» المار آنفًا لَصَلَح حجةً للقبلية أيضًا. واحتج به الحافظ الزَّيلعي رحمه الله تعالى للقَبْلية كما مَرَّ، ولها رواية عند الزَّبِيدي في «شَرْح الإحياء» أيضًا. ثم الأَرجح عندي في البَعْدية أن يقدم الشَّفْع على الأربع كما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه. وثبت في أحاديث الأَرْبع والركعتان أيضًا. 40 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10] 938 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ كَانَتْ فِينَا امْرَأَةٌ تَجْعَلُ عَلَى أَرْبِعَاءَ فِى مَزْرَعَةٍ لَهَا سِلْقًا، فَكَانَتْ إِذَا كَانَ يَوْمُ جُمُعَةٍ تَنْزِعُ أُصُولَ السِّلْقِ فَتَجْعَلُهُ فِى قِدْرٍ، ثُمَّ تَجْعَلُ عَلَيْهِ قَبْضَةً مِنْ شَعِيرٍ تَطْحَنُهَا، فَتَكُونُ أُصُولُ السِّلْقِ عَرْقَهُ، وَكُنَّا نَنْصَرِفُ مِنْ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ فَنُسَلِّمُ عَلَيْهَا، فَتُقَرِّبُ ذَلِكَ الطَّعَامَ إِلَيْنَا فَنَلْعَقُهُ، وَكُنَّا نَتَمَنَّى يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِطَعَامِهَا ذَلِكَ. أطرافه 939، 941، 2349، 5403، 6248، 6279 - تحفة 4756 - 17/ 2 939 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ بِهَذَا وَقَالَ مَا كُنَّا نَقِيلُ وَلاَ نَتَغَدَّى إِلاَّ بَعْدَ الْجُمُعَةِ. أطرافه 938، 941، 2349، 5403، 6248، 6279 - تحفة 4706

41 - باب القائلة بعد الجمعة

41 - باب الْقَائِلَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ 940 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ الشَّيْبَانِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِىُّ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ كُنَّا نُبَكِّرُ إِلَى الْجُمُعَةِ ثُمَّ نَقِيلُ. طرفه 905 - تحفة 559 941 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الْجُمُعَةَ ثُمَّ تَكُونُ الْقَائِلَةُ. أطرافه 938، 941، 2349، 5403، 6248، 6279 - تحفة 4757 أَمْرٌ بعد الحَظْر فلا يفيد إلا الإِباحة. وهكذا فليقس عليه قوله: «لا تَفْعَلوا إلا بِأُمِّ القرآنِ» فلا يفيد الاستثناء غير الإباحة. 938 - قوله: (على أَرْبِعَاءَ في مَزْرَعَةٍ) وكانت تلك المزرعةُ تُسْقى من بئئر بُضَاعة كما عند البخاري في: باب تسليم الرجال على النساءِ والنساء على الرِّجال، عن سَهْل قال: «كنا نَفْرَحُ بيوم الجمعة. قلتُ: ولِمَ قال: كانت عجوز لنا تُرْسِل إلى بُضَاعة ... إلخ، وليس التصريحُ به إلاّ في هذا الموضع. نَبَّه عليه الياقوتُ الحَمَوي في «مُعْجَم البلدان» ولم ينبه عليه غيره. وهذا هو مراد الطحاوي بكونه جاريًا في البساتين، أي كانت المزارِعُ تُسقى منها فلم يكن الماءُ يستقر فيها، وكان الماء ينبع فيها من التحت، ويخرج من الفَوْق وهو أيضًا نوعٌ من الجريان. والناس لَمَّا لَمْ يُدْرِكُوا مرادَه طَعَنوا فيه. ***

12 - كتاب الخوف

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 12 - كتاب الخَوْف 1 - باب صَلاَةِ الْخَوْفِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (101) وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102)} [النساء: 101 - 102] 942 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ سَأَلْتُهُ هَلْ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعْنِى صَلاَةَ الْخَوْفِ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ نَجْدٍ، فَوَازَيْنَا الْعَدُوَّ فَصَافَفْنَا لَهُمْ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى لَنَا فَقَامَتْ طَائِفَةٌ مَعَهُ تُصَلِّى، وَأَقْبَلَتْ طَائِفَةٌ عَلَى الْعَدُوِّ وَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَنْ مَعَهُ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفُوا مَكَانَ الطَّائِفَةِ الَّتِى لَمْ تُصَلِّ، فَجَاءُوا، فَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِهِمْ رَكْعَةً، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَرَكَعَ لِنَفْسِهِ رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ. أطرافه 943، 4132، 4133، 4535 - تحفة 6842 - 18/ 2 فيها فوائد: الفائدة الأولى: في تحقيق صفات تلك الصلاة، وتَنْقيحها، وترجِيح بعضِها على بعضٍ من حيثُ التَّفَقُّه: فاعلم أنه قد ثبت فيها صفاتٌ عديدة سردَها أبو داود والنَّسائي، وكلها تؤول إلى ستةٍ كما نقحها ابن القيم في «زاد المعاد» وقال: إنَّ النَّاس حمَلوا الأحاديث فيها على صفاتٍ مستقلة مع كون أكثرِها من اختلاف الرواةِ. ونَقَل عن أحمد رحمه الله تعالى أن تلك الأحاديثَ الستةَ كُلُّهَا صِحاح. قلتُ: إن الصفاتِ كُلَّها جائزةٌ عند الكلّ، كما صرَّح به القُدوري في «التجريد» (¬1)، وعلي ¬

_ (¬1) و"التجريد" في ستة مجلدات صفَّها القُدُوري وهو من القرن الرابع من مُعَاصري أبي حامد، وقد أقَرَّ بجلالةِ قَدْرِه =

القاري، وصاحب «الكنز» في المُسْتَصفى، وكذلك في عبارة الكَرْخي، و «مراقي الفلاح». فلا يُؤخذ بما في «فتح القدير»، ففيه إيهامٌ شديدٌ بعدَم جواز الصِّفات غير ما اختارها أصحابُ المتون، وكذا إيهامٌ في «فتح الباري» في «المغازي». والصَّواب أنها جائزةٌ كلُّها عند الكلِّ. كيف وقد صَحَّت الأَحاديثُ في كلها، فلا سبيل إلا بالتزام الجواز. نعم يجري الكلام في الترجيح. فالصِّفَةُ المشهورة في متون الحنفية: أنَّ الإمامُ يُصلِّي بالطائفة الأُولى ركعةً، وتذهبُ تلك وِجَاه العَدُو، وتجيء الطائفةُ التي لم تصلِّ بعدُ وتصلِّي خَلْفَه ركعةً. ثُمَّ يُسلِّم الإمامُ وتمضي هذه وِجاه العَدُو، وترجِعُ الأُولى وتركع ركعةً أُخرى، كالمسبوق وتُسَلّم، وتذهب إلى مكانِ الطائفة الثانية. وتجيءُ تلك وتُتِمُّ صلاتَها كاللاحق، وتركع ركعةً ثُمَّ تُسَلِّم. هذه صفتُها في عامّة متوننا، وهي أحسن الصفات باعتبار بقاء ترتيبِ الصلاة. ففيها فراغُ الإِمام قبل المُقْتدي دون العكس، وفيها فراغُ الطائفة الأولى أولا والثانيةِ ثانيًا كما يقتضيه الترتيب، إلا أنَّ فيها قُصورًا أيضًا، وهو كَثْرةُ الإياب والذهاب، وهذا مَشْيٌ في الصلاة دونَ الصلاةِ مَاشِيًا، فإن الصلاة ماشيًا لا تجوز عندنا. ولنا صفةٌ أخرى في الشروح، وليس فيها ذلك المحذور، وهي: أن الطائفة الثانية بعدما صلَّت ركعةً مع الإمام تُتِمَّ صلاتَها في مكانها وتُسَلِّمُ، ثُمَّ ترجِع الأُوْلى وتُتِم صلاتَها، فَقَلَّ فيها المشيُ أيضًا وإن لزِم فراغُ الثانية قبل الأولى. أما الشافعية فاختاروا أن الإمام يصلِّي بطائفةٍ ركعةً، ثم يقوم الإِمام ويُتِمُّون هؤلاء لأنفسِهم ويذهبون إلى العدو، وينتظرُ الإمام الطائفةَ الأخرى حتى إذا جاءت صلَّى بهم ركعةً، ويسلِّم. وتقومُ تلك الطائفةُ وتُتِم لأنفسِهم. وقال المالكية: إن الإمام بعد الركعةِ الأخرى ينتظرُ القومَ في القعدة، حتى إذا أدركوه في القَعدة يُسَلِّم بهم. وهذه الصفة وإن كانت أحسنَ بحسبِ قِلَّة المشي لكن فيها قَلْبُ موضوع الإمامة، فإنَّ الطائفةَ الأُولى فَرَغت قبل الإِمام، وفيها أنا لإمام ينتظرُ للطائفة الثانية، وللتسليم أيضًا عند المالكية، وإذا أشدُّ على الحنفية من كَثْرة المشي، ولعلَّ الشافعية رحمهم الله تعالى رَجَّحوها لضعف رابطة القدوة عندهم، فلم يَرَوا في ذلك الاختلال بأسًا، وهي قويةٌ عندنا فرأنيا كَثْرَةَ المشي أهونَ. الفائدة الثانية: في النظر في الآية، وما يترشح منها من صفة الصلاة، وذِكْر بعض الاعتبارات المناسبة: قد تكلموا في الآية، هل تثبت منها صفةُ صلاتِنا أم صفةُ صلاتِهم؟ فتكلم من الشافعية البيضاويُّ، ومن الحنفية صاحبُ «المدارك»، والشيخُ الآلوسي، وهذا الشيخ قابل «مقامات الحريري» بكتاب سمَّاه «المقامات الخيالية» لكنه لم يُطبع. والذي عندي أن الآية لا ¬

_ = المحدِّثون، حتى إِن الحافظ ابنَ تيمية رحمه الله تعالى أيضًا يعتمد على نقله. وقد ذكر في شأنِ أبي محمد الإسفِراييني الشافعي أنه من الكبار، ولولا ذلك لما أثنى عليه القُدوري، فدل على كونِ القدوري أَكبرَ في عينيه أيضًا، كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز.

توافِقُ واحدًا منهما بتمامه، بل سَلَكَت مسلك الإِجمال في موضع التفصيل. وأكبر ظني أن القرآن أَجْمَل فيه قصدًا ليتوسَّعَ الأَمْرُ، ولو صرَّح لَتَعَيَّنَتْ تلك الصِّفَةُ، فقال: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} [النساء: 102] نُسِبَ إلى أبي يوسف رحمه الله تعالى أن صلاةَ الخوف كانت مخصوصةً بِعَهْد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لأنها شُرِعت حال كونه فيهم. وأما بعدَه فلا حاجةَ إليها فَتُصَلِّي هذه الطائفة خَلْفَ إمام، وتلك الطائفة خلفَ إمامٍ آخرَ على الصفة المعهودة، بخلافه صلى الله عليه وسلّم فإنَّ كلا منهم كان يتنافس أن يصلِّي خلفه، فاحتيج إلى صلاةِ الخوف. ولا دليلَ عليه عندي. فلعلَّهُ مسامحةٌ في النقل عنه، وذكر فيه صفة الركعةِ الواحدة وسكتَ عن حال الركعة الثانية، وكانت هي مَوْضِع الانفصال. ثم إنَّه عَبَّر عن صلاةِ الطائفةِ الأولى بالسجدة فقال: {فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ} [النساء: 102] ... إلخ فتبادر منه أنهم بَعْد الركعة تَحَوَّلُوا إلى وِجَاه العدو ولم يُتِموا لأَنْفُسِهم بَعْدُ. ول أتموها لأَطلق عليها الصلاة، فإطلاقُ السجدةِ على صلاتِهم يؤيدُ الحنفيةَ، لأنه يَدُلُّ على عدم تمامية صلاتهم بعد، بخلافها على مذهب الشافعية، فإنهم يقولون: ثُمَّ إذا بدأ ذِكْر الطائفة الثانية قال: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا} [النساء: 102] أي لم يدخلوا معك في التحريمة: {فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} [النساء: 102] فَعَبَّر عن ركعتها بالصلاة. فتبادَر منه أنهم أتمُّوا صلاتَهم في ذلك المكان. وهذا أقرب إلى الشافعية، فإنَّ الطائفة الثانية عندهم لا تَرْجع حتى تُتِمَّ صلاتها، ومِنْ ههنا قام البحث: فقال الحنفية: إن المراد من قوله: {فَلْيُصَلُّواْ} فليسجدوا بقرينةِ: {فَإِذَا سَجَدُواْ}. وقال الشافعية: المراد مِنْ قوله: {فَإِذَا سَجَدُواْ} فإذا صلوا بقرينة قوله: {فليصَلُّوا}. والحاصل: أن لفظ السجدة في الطائفة الأولى أَقْرَبُ إلى الحنفية، ولفظ الصلاة في الطائفة الثانية أقربُ إليهم. نعم لو ذهبنا إلى الصِّفة التي في الشروح لانطبقت الآية على مذهبنا بجزئيها. فإنَّ الطائفة الأُولى ترجع بعد ركعة، وتجيء الطائفةُ الأخرى وتُتِمُّ صلاتَها أولا، ثم ترجع وهذه الصفة بعينها في الآية. ثم أقول من جانب الحنفية على صفة المتون: نكتةَ التعبيرِ لركعة الطائفة الثانية بالصلاة مع أن المرادَ منها هي الركعة، تُرِكَ، فإذا تركه على السجدة فلو أخذ في السجدة ولم يغير التعبير لدل على اتحاد السلسلة، وأن الطائفة الثانية تأخذ من حيث أنه لو قال: «ولتأتِ طائفةٌ أُخْرَى لم يُصَلّوا فليسجُدُوا معك» لتُوُهِّم منه شروعُ الطائفةِ الثانية من حيثُ تَرْكُها الأُولى، وهي السجدة، وإن لها هي تلك الركعة فقط، فعبَّر بالصلاةِ تنبيهًا على أن عليهم الصلاةَ تامةً، كالمسبوق. وذلك لما قاله سيبويه: إن الفاء للسَّرْد، والواو للجمع. ومعنى السَّرْد أنها تجعلُ الشيءَ في سلسلةٍ واحدةٍ. فالمجيءُ في قولك: جاءني زيدٌ فعمرٌو مجيءٌ واحدٌ، تَعَلَّق أولا بزيد، ثم بعمرو، لدلالة الفاء على عدم نقضِ سلسلة المجيء. بخلافه في قولك: جاءني زيدٌ وعَمْروٌ فإنهما مجيئانِ مجيءُ زيدٍ ومجيءُ عمرو. ولا دِلالة لها على كَوْن المجيء في سلسلةٍ أو في سلسلتين وحينئذٍ لو قال: {فليسجُدُوا} لدلت الفاء على اتحاد سلسلةِ سجدة الطائفة الأولى بسجدة الطائفة الثانية، لأن الكلام المليح أن يُفْتح من حيثُ ترك فإذا تركه

على السجدة فلو أخذ من السجدة ولم يغير التعبير لدل على اتحاد السلسلة وأن الطائفة الثانية تأخذ من حيث تَرْكُها الأُولى، مع أن المقصود صلاتُها برأسِها مستقلِةٌ. فإذا عُلِم أن الصلاة على الطائفة الثانية تامّةٌ، يُعلم حالُ الأولى بالمقايسة، وإن عَبَّر عن صلاتها بالجسدة (¬1). على أن تعبيرَ ركعتهم بالصلاة ليس نظرًا إلى حالهم، بل إلى حال إمَامِهِمْ، وصلاتُهُ قد تمت عَلى ذلك، وهؤلاء قد صلُّوا بصلاته، فعبَّر عن ركعتهم بالصلاة لذلك، ولا سيما على نظر الحنفية فإن صلاة الجماعة عندهم صلاةٌ واحدة بالعدد، وهي صلاة الإمام، وهي في حَقُّه فعله، وفي حق المأمومين مفعول به كما علمت تحقيقه. وتلك اعتبارات متناسبة تجري في كلام البلغاء، يذوقها من كانت قريحتُهُ ارتاضت بمثلها. قوله: ({وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ}) [النساء: 102] قلتُ: وزِيْدَ لَفْظُ «الجِذْر» عند ذِكْر الطائفة الثانية، لأنهم آئبون من وِجاه العدو مُدْبِرين، فخِبف عليه أن يَهْجُمُوا عليهم، بخلاف الطائفة الأُولى (¬2). قوله: ({وَلا جُنَاحَ عليكم إنْ كان بكم أذىً مِنْ مطرٍ أو كُنْتُمْ مَرْضَي}) [النساء: 102]- يثقل عليكم حمله. قوله: ({أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ}) [النساء: 102] ولكن {خُذُواْ حِذْرَكُمْ} [النساء: 102] ولَمَّا أَخَذَ القرآنُ المطرَ والمرضَ عذرًا في مواضعَ، اعتبره الشافعي رحمه الله تعالى عذرًا في مواضعَ، كالجَمْع بين الصلاة عندهم. الفائدة الثالثة: فيما يُستفاد منها في ركعات الصلاة. والظاهر من القرآن أن للإِمام ركعتين، وللقوم ركعةً ركعةً، كما ذهب إليه بعضُ السلف أيضًا وإن لم يذهب إليه من الفقهاءِ الأربعةِ أَحَدٌ. وهو مذهبُ جمور السَّلَف. وقال الجمهور: إنَّه اكتفَى بِذِكْر ركعةٍ للقوم، لأن الأُخْرى ليست لهم مع الإِمام، وإنما يصلُّونها لأَنفسهم، والقرآن بصدَدِ ذِكْر صلاة الإِمام والمأموم كيف صفتها، وقد ذهب بعضُ السلف إلا الاجتزاء بالتكبير فقط إِنْ تعذرت الصلاة. وأخذت منه أن التكبيرَ والأذكار رُوْحُ العبادة، فإذا تَعَذَّرت عادت إلى الأصل، ويمكن أن يكون التكبيرُ عندهم كالتَّشَبُّهِ بالمصلين عندنا حرمةً للوقت، ولا صلاةَ عندنا في حال المُسَايفة، فإذا تَعَذَّرَتْ تَأَخَّرَتْ. الفائدة الرابعة: في التنبيه على أنَّ القرآنَ لم يتعرضْ إلى بيانِ صفةِ الصلاة في غيرها: ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: ولو قال: {فليسجدوا} لم يناسب قرينةَ {لَمْ يُصَلُّوا} وكان حَقّ الكلام حينئذٍ و"لتأتِ طائفةٌ أُخرى لم يَسْجُدوا فليسجدوا" ولكنه قال: {لَمْ يُصَلُّوا} فناسب أن يقول: {فَلْيُصَلُّوا}. (¬2) يقول العبد الضعيف: قال المَهَائمي حِذْرهم، أي تيقظهم، إنما زيد لفظُ الحِذْر، لأن العدو يتوهمون في الأولى كونَ المسلمين قائمين في نحورهم، فإذا قاموا إلى الثانية ظهَر لهم أنهم في الصلاة، فاحتاج المسلمون إلى أَخْذِ الحِذْر لئلا يَهْجُمُوا عليهم.

واعلم أن القرآن لم يتعرض إلى بيان صفةِ صلاةٍ من الصلوات إلا صلاةَ الخوف، فقد تعرَّضَ إلى بيان صفتها شيئًا. وأما سائر الصلوات فاكتفى بِذِكْر أجزائها فقال: {وَقُومُواْ لِلَّهِ قَنِتِينَ} [البقرة: 238]، وقال: {واركَعُوا واسْجُدُوا} [الحج: 77] وقال: {فَسَبِّح بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْل طُلُوعِ الشَّمْسِ} [طه: 130] وقال: {ورتِّل القآرن ترتيلا} [المزمّل: 4] وقال: {إِنَّ قُرْءانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]. فذكرَ القيامَ والركوعَ، والسجودَ، والقراءة، والتسبيح، ولم يذكرِ لها صفةً. ولَعلَّك عَلِمت أني لا أقول بالمجاز في تلك الآيات: من إطلاق الجُزْء على الكلّ، ولا أقولُ إن المرادَ من الركوع هو الصلاة مثلا، بل المرادُ من الركوع هو الركوعُ نَفْسُه. لكن ما يتحققُ منه في ضِمن الصلاة، فالمأمورُ به هو هذه الأجزاءُ في ضمن الصلاة. وفائدة ذِكْرِهَا كذلك التنبيهُ على أهمِّ أَجزاء الصلاة. الفائدة الخامسة: في بيان أنها نزلت في قَصْر العدد أو في الصفة: واعلم أنهم أطالوا الكلام في تحقيق أنها نزلت في قَصْر العدد أو الصفة؟ أعني بِقَصْر العدد قَصْرَ الركعات، وهو في السَّفَر، وبِقَصْر الصفة قَصْرَ الجماعة، وهو في صلاة الخوف. وذلك لِعدم إدراكِ كلِّ طائفةٍ الجماعة بتمامها، فلهذه ركعةٌ ولهذه ركعة. وسمَّاه ابنُ القيِّم قَصْر الهيئة. وإنما اختلفوا فيه لأن قوله بَعْد: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ} [النساء: 101] يشيرُ إلى أن القَصْر رخصةُ تَرْفيه لا رُخْصَةُ إِسقاط، حيثُ نَفَى الجُناح عن القَصْر فيجوز القَصْرُ وتَرْكُه، وحينئذٍ لو قلنا: إن الآية في قَصْر العدد قَوِي مذهبُ الشافعية، وإن قلنا إنها في قَصْر الصِّفة أو قَصْر الهيئة خرج عَمَّا نحن فيه، قيل: وهو الأرجح لاتِّسَاقِ النَّظْم حينئذٍ، ولو حملناه على الأول لا يكونُ لقوله: {إِنْ خِفْتُمْ} مفهومٌ، فإنَّ القَصْر في السفر جائزٌ بدون الخوف إجماعًا. والحاصل أنَّ الصُّوَر أربعٌ: الإِقامةُ مع الأَمْن وفيها الإِتمام إجماعًا. والسَّفَرُ مع الخوف وفيها القَصْر إجماعًا عددًا وصفةً. والسَّفَر مع الأَمْن ففيها الخلاف: قال الحنفية: إن القَصْر فيها حَتْمٌ. وقال الشافعية رحمهم الله تعالى: بل هو جائزٌ، والإِقامة مع الخوف ففيها قَصْر الصِّفة إجماعًا. والذي عندي أنها نَزَلت في قَصْر الهيئة واستتبعت قَصْر العددِ أيضًا، لأن صلاة الخوف لا تكون إلا في حال السفر عادةً، فإذا كان المخاطبون في حال السَّفر وواجهَهُم العَدُوُّ نزلَتْ صلاةُ الخوف، فالمقصودُ منها بيانُ قَصْر الصِّفة، إلا أنه ذكَر فيها قَصْر العددِ لكونهم مسافرين إذ ذاك. وقد مرَّ معنا في أوائل الكتاب في تحقيق كون الحدود كفارةً أو زواجِرَ أَنَّ القرآنَ ربما يَنْزِلُ بشيءٍ ثم يُومىءُ إلى مورد نزوله أيضًا، فيتضمن الكلامُ بَعْضَ ما في المورد مع عُموم الحُكْم. وحينئذٍ اندفع عنه السؤالُ المشهور كما عند مسلم عن عمرَ رضي الله تعالى عنه: «أن الله تعالى شَرَعَ القَصْر في السَّفَر عند الخوف، ونحن آمِنون الآن». - بالمعنى. وحاصل الدَّفْع أن الخوف ليس قيدًا لِقَصْر العدد، بل لأنَّ الآية نزلتْ في قصر الصِّفة، وهو مقيد بالخوف. أما القَصْر

2 - باب صلاة الخوف رجالا وركبانا

للمسافر قَصْرُ العدد، فجاء ذِكْرهُ لكونهم مسافرين إذ ذاك، ولا تَعَلُّقَ لهذا القيد بِقَصْر المُسَافر (¬1). الفائدة السادسة: فيما اختاره البخاري من تلك الصفات: والظاهر أن البخاري اختار منها صِفَةَ الحنفية وكأَنَّ أقربَ الصفاتِ عنده بِنَظْم النص هي تلك. ولذا تلا الآية ثم ذَكر تلك الصفةَ عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه، وحديثُهُ أصحُّ ما في الباب. ثم إنه لم يخرِّج صفة الشافعية في هذا الباب، وأخرجها في المغازي، وهذا أوْضَحُ القرائن على أنه اختار صفةَ الحنفية إن شاء اللَّهُ تعالى. الفائدة السابعة: في شَرْح حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنه: فاعلم أنَّ حديثَ ابن عمرَ رضي الله تعالى عنه يدلُّ على أن الطائفة الأُولى بعد الركعة انصرفت وِجَاهَ العَدُو. ثُمَّ جاءت الطائفةُ الثانيةُ ورَكعتْ مع الإِمام ركعةً ثم سَلَّم الإِمام. وهذا القَدْر موافِقٌ لمذهب الإمام، ولا يتأتى الحديثُ على مذهب الشافعية أصلا. نعم فيه قوله: «فقام كلُّ واحدٍ منهم فَرَكعَ لِنَفْسِه»، ففيه إبهامٌ أنهما كيف أَتَمَّا الركعة الثانية؟ والظاهر منه صِفَةُ الشروح على ما مَرَّت. 2 - باب صَلاَةِ الْخَوْفِ رِجَالًا وَرُكْبَانًا رَاجِلٌ: قَائِمٌ. 943 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقُرَشِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوًا مِنْ قَوْلِ مُجَاهِدٍ إِذَا اخْتَلَطُوا قِيَامًا. وَزَادَ ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُصَلُّوا قِيَامًا وَرُكْبَانًا». أطرافه 942، 4132، 4133، 4535 - تحفة 8456 ولا صلاة عندنا ماشيًا ولا في حال المُسَايفة. والصلاةُ ماشيًا غيرُ المَشْي في الصلاة، فلا تَخْلِط بينهما. وكان الظاهرُ من قوله: «راجلا» أن تكون صلاةُ الخوفِ جائزةً ماشيًا، لكنه لما فَسَّرَهُ بالقائم دَلَّ أنه اختار مذهب الحنفية، ولم يجوِّز الصلاةَ ماشيًا. وكذا لا تجوزُ عندنا راكِبًا إذا كانت تسيرُ دابَّتُهُ، إلا إذا كان مطلوبًا. 943 - قوله: (عن ابن عمرَ رضي الله تعالى عنه نحوًا مِنْ قولِ مجاهد) وفيه إشكالٌ شديدٌ وإيهام نضيد. أما أولا: فلأنه لم ينقل قول ابن عمرَ رضي الله تعالى عنه ما هو. وأما ثانيًا: فلأنه عَكَس في العبارة، والظاهر «عن مجاهدَ نحوًا من قول ابن عمرَ رضي الله تعالى عنه» فإنَّ مجاهدًا ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وهذا جوابٌ على طَور أصحاب الفنون الذين يحصلُ لهم العلمُ بالتعليم والتعلم، وطريقُ النبوة غيرُ طريقِهم فلم يتوجه إليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. وإنما ذَكَر لهم أنه نعمة الله عليكم، نزلت في حال الخوف فاقبلوا لا أنها نَزلَتْ على الخوف فقط، يعني أن الخوف ظرف له لا شرطٌ، فهو وقتُ نزولها لا أنه شرطٌ لها ينتفي القَصْرُ بانتفائه، والله تعالى أعلم.

تابعي، وابنَ عمرَ رضي الله تعالى عنه صحابيٌّ، فينبغي إحالةُ التابعي على قولِ الصحابي. وأما ثالثًا: فلأن ما نَقَلَهُ لا يُفَهم له معنىً، ولذا اختلف الشارحان في تحصيل مرادِه، لأنه ذَكَر الشَّرْط ولم يذكر جزاءه، فقال: عن ابنِ عمرَ رضي الله تعالى عنه نحوًا من قول مجاهِدَ. قوله: (إِذَا اخْتَلَطُوا قِيامًا) ... إلخ وهذا كما ترى لا يظهَرُ له معنىً، فقال (¬1) الحافظ رحمه الله تعالى: إن «قيامًا» تصحيفُ «إنما». وحاصل مقال ابن عمر رضي الله تعالى عنه: أنهم إذا اختلطوا - يعني في القتال - فإنَّما هو الإشارة بالرأس. وأما قولُ مجاهد إذا اختلطوا فإنما هو إشارةُ الرأس. ولما كان بين قول ابن عمر رضي الله عنه وقول مجاهد مغايرةٌ يسيرةٌ زاد لفظ: «نَحْوًا» من قول مجاهد، لأنه ليس لفظ الذِّكر في قول مجاهد، وإنما هو في قول ابن عمر رضي الله عنه. وحاصله: أن الإشارةُ بالرأس تكفي عند القتال إذا تعذبت الصلاة، وتجوز الإشارة عندنا أيضًا للراكب. وجوَّز محمد رحمه الله تعالى جماعةَ الراكبين خلافًا للشيخين. وراجع التفصيل في الفقه: قلتُ: وأخرج مالك رحمه الله تعالى صفتها عن ابن عمر رضي الله عنه في «موطئه» وليس فيه ذِكْرُ مجاهد، ولا ذِكْر الإشارة بالرأس، فليحرره. ¬

_ (¬1) قال الحافظ رحمه الله تعالى في "الفتح" ص (295) ج 2: وهكذا أورده البخاري مختَصرًا وأحال على قول مجاهد، ولم يذكره ههنا ولا في موضع آخَرَ من كتابه فأشكلَ الأمرُ فيه، فقال الكرماني: معناه أَنَّ نافعًا روى عن ابن عمر نحوًا مما روى مجاهد عن ابن عمر، والمروي المُشترَك بينهما هو ما إِذا اختلطوا قيامًا" وزيادة نافع على مجاهد قوله: "وإن كانوا أكثر من ذلك" ... إلخ - قال: ومفهوم كلام ابن بطال أَن ابن عمر رضي الله عنه قال مثل قول مجاهد، وإن قولهما مثلان في الصورتين، أي في الاختلاط، وفي الأكثرية وإن الذي زاد هو ابن عمر لا نافع. اهـ وما نَسَبَه لابنِ بطَّال بَيِّنٌ في كلامه إلا المثليةُ في الأكثرية، فهي مختصةٌ بابن عمر رضي الله عنه، وكلامُ ابن بطَّال هو الصواب، وإنْ كان لم يذكر دليله. والحاصل: أنهما حديثان: مرفوعٌ وموقوفٌ، فالمرفوع من روايةِ ابن عمر وقد يُرْوَى كُلُّه أو بَعْضه موقوفًا عليه أيضًا والموقوفُ من قول مجاهد لم يروه عن ابن عمر رضي الله عنه ولا غيره، ولم أعرف من أين وقع للكرماني أن مجاهدًا روى هذا الحديثَ عن ابن عمر رضي الله عنه، فإنه لا وجودَ لذلك في شيء من الطرق. وقد رواه الطبري عن سعيد بن يحيى -شيخ البخاري- فيه بإِسناده المذكور عن ابن عمر قال: "إِذا اختلطوا" -يعني في القتال- فإِنما هو الذكْر وإشارة الرؤوس. قال ابن عمر رضي الله عنه: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فإن كانوا أكثرَ من ذلك فيصلون قيامًا وركبانًا". وهكذا اقتصر على حديث ابن عمر رضي الله عنه. وأخرجه الإِسماعيلي عن الهيثم بن خَلَف عن سعيد المذكور مِثْل ما ساقه البخاري سواء، وزاد بعد قوله: اختلطوا، فإِنما هو الذِّكْرُ وإشارةُ الرؤوس. اهـ. وتبين من هذا أن قوله في البخاري: "قيامًا" الأولى تصحيفٌ من قوله: فإِنَّما وقد ساقه الإِسماعيلي من طريق آخَرَ بَينَ لفظ مجاهد وتَبَيَّن فيها الواسطةَ بين ابن جُرَيج وبينه، فأخرجه من رواية حَجَّاج بن محمد عن ابن جُرَيْج: حدثني موسى بن عُقْبة، عن نافع، عن ابن عمر بمِثْل قول مجاهد: "إذا اختلطوا فإِنَّما هو الذِّكر وإشارةُ الرؤوس". وزاد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فإِن كثُروا فليصلوا ركْبانا أو قيامًا على أقدامهم". فتبيَّن من هذا سببُ التعبير بقوله نحو قول مجاهد، لأن بين لفظه وبين لفظ ابن عمر مغايرة. وتبيَّن أيضًا أن مجاهدًا إنما قاله برأيه لا من روايته عن ابن عمر رضي الله عنه، والله أعلم. اهـ. قلتُ: هكذا في النسخة الموجودة عندي، وهي ليست بجيدة، الظاهر أنَّ في عِبَارتِها سقطا فليصحح.

3 - باب يحرس بعضهم بعضا فى صلاة الخوف

3 - باب يَحْرُسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِى صَلاَةِ الْخَوْفِ 944 - حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ عَنِ الزُّبَيْدِىِّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، فَكَبَّرَ وَكَبَّرُوا مَعَهُ، وَرَكَعَ وَرَكَعَ نَاسٌ مِنْهُمْ، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدُوا مَعَهُ، ثُمَّ قَامَ لِلثَّانِيَةِ فَقَامَ الَّذِينَ سَجَدُوا وَحَرَسُوا إِخْوَانَهُمْ، وَأَتَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا مَعَهُ، وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ فِى صَلاَةٍ، وَلَكِنْ يَحْرُسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. تحفة 5847 ولم أتحصَّل هذه الترجمةَ، فإن الحراسة مرعية في الصفات كلها، ولا اختصاص لها بصفة دونَ صفة. ولقائل أن يقول: إنه تَرْجَم به لِذِكْر الحراسة في متن الحديث. فهذه الترجمةُ نظرًا إلى لفظِ الحديث لا إشارةً إلى مسألةٍ أو دَفْعَا لمغلطة. ثم إن الصورةَ المذكورة في الحديث أنفعُ فيما لو كان العَدُوُّ قِبَلَ القِبْلَةِ. 944 - قوله: (فَكَبَّر وَكَبَّرُوا مَعَه) فاشتركوا كلّهم في التحريمة إلى الركوع، ثُمَّ اختلفوا في الركوع وتناوبوا فيه، وكذلك في السجود لاحتياجهم إلى الحراسة فيهما. قوله: (وَأَتَتِ الطائفةُ الأُخْرَى) يعني أن الطائفة الأُولى تَسْتَأَخِرُ بعد ركعةٍ وتتقدم الطائفةُ الأُخْرَى إلى مكانِ الأُوْلى، لا أنها كانَتْ ذهبتَ لَوَجْهٍ، ثم أتت ههنا، ولا أدري لِتَقَدُّم هؤلاء وتأخُّر هؤلاء وجهًا غير أنه أُرِيد به استيفاءُ أَجْر الصفِّ الأول للطائفةِ الثانية أيضًا. فإن قلتَ: إذا لم يَعْتَن بالصفِّ الأول في الصلوات الخمس بهذه المناسبةِ، فَمَنْ سَبَق إليه سَبَق، فأيّ اعتناء به ههنا حيث يتقدَّمُ هذا ويتأخَّرُ هذا. قلتُ: والوَجْه أن التأخُّر في الصلوات الخمس كان مِنْ جهته، بخلافه ههنا، فإنَّ الإِمامَ جَعَلَهُمْ صَفَّين فتقدَّم بعضٌ وتأَخَّر بعضٌ بِأَمْرِه، فتدارَكَهُ بهذا الطريق. 4 - باب الصَّلاَةِ عِنْدَ مُنَاهَضَةِ الْحُصُونِ وَلِقَاءِ الْعَدُوِّ وَقَالَ الأَوْزَاعِىُّ إِنْ كَانَ تَهَيَّأَ الْفَتْحُ، وَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الصَّلاَةِ صَلَّوْا إِيمَاءً كُلُّ امْرِئٍ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الإِيمَاءِ أَخَّرُوا الصَّلاَةَ، حَتَّى يَنْكَشِفَ الْقِتَالُ أَوْ يَأْمَنُوا، فَيُصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا صَلَّوْا رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، لاَ يُجْزِئُهُمُ التَّكْبِيرُ وَيُؤَخِّرُوهَا حَتَّى يَأْمَنُوا وَبِهِ قَالَ مَكْحُولٌ. وَقَالَ أَنَسٌ حَضَرْتُ عِنْدَ مُنَاهَضَةِ حِصْنِ تُسْتَرَ عِنْدَ إِضَاءَةِ الْفَجْرِ، وَاشْتَدَّ اشْتِعَالُ الْقِتَالِ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الصَّلاَةِ، فَلَمْ نُصَلِّ إِلاَّ بَعْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ، فَصَلَّيْنَاهَا وَنَحْنُ مَعَ أَبِى مُوسَى، فَفُتِحَ لَنَا. وَقَالَ أَنَسٌ وَمَا يَسُرُّنِى بِتِلْكَ الصَّلاَةِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. 945 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَلِىِّ بْنِ مُبَارَكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَاءَ عُمَرُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ وَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَلَّيْتُ الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغِيبَ. فَقَالَ

5 - باب صلاة الطالب والمطلوب، راكبا وإيماء

النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَأَنَا وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا بَعْدُ». قَالَ فَنَزَلَ إِلَى بُطْحَانَ فَتَوَضَّأَ، وَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَابَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ بَعْدَهَا. أطرافه 596، 598، 641، 4112 - تحفة 3150 - 19/ 2 يعني إذا نهض كلُّ فريقٍ إلى صاحبِهِ ودخل في الحرب، وقد علمتَ أنه لا صلاةَ عندنا في حال المُسَايفة، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يُصَلِّها يومَ الأَحزاب. قوله: (تُسْتَر) مُعَرَّب «شوستر». و «ما يَسُرُّني بِتلك الصلاةِ الدُّنْيا وما فيها». قيل: يعني بها الفائتةَ، قاله تَأَسُّفًا على فواتها. أقول: ولعلَّ المراد بها الصلاةُ التي أَدَّاهَا، فإنها فَاتَتْ عنه لأَجْل شَغْل الجهاد. 5 - باب صَلاَةِ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ، رَاكِبًا وَإِيمَاءً وَقَالَ الْوَلِيدُ ذَكَرْتُ لِلأَوْزَاعِىِّ صَلاَةَ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ وَأَصْحَابِهِ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ فَقَالَ كَذَلِكَ الأَمْرُ عِنْدَنَا إِذَا تُخُوِّفَ الْفَوْتُ، وَاحْتَجَّ الْوَلِيدُ بِقَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلاَّ فِى بَنِى قُرَيْظَةَ». 946 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الأَحْزَابِ «لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلاَّ فِى بَنِى قُرَيْظَةَ». فَأَدْرَكَ بَعْضُهُمُ الْعَصْرَ فِى الطَّرِيقِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ نُصَلِّى حَتَّى نَأْتِيَهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ نُصَلِّى لَمْ يُرَدْ مِنَّا ذَلِكَ. فَذُكِرَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ. طرفه 4119 - تحفة 7615 وهذا عامٌّ في الخوف وغيره. وقد مرَّ أن صلاةَ الطَّالِب لا تصح عندنا بالإِيماء، بخلاف المطلوب على ظَهْرِ الدابة. ولا تمسُّك فيه، لأنهم كانوا مطلوبين. قوله: (لا يُصَلِّيْنَّ أَحَدٌ العَصْر إلا فِي بني قُرَيْظَة) وكان هؤلاء طالبين، والظاهر أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم إذا كان أَمَرَهُم بالتعجيل فَلَعَلَّهم لم ينزلوا عن ظهور دَوَابِّهِمْ وَصَلُّوا عليها. قلتُ: وتَمَسُّكُ المصنِّف رحمه الله تعالى به في غاية الضَّعْف، فإنَّه تَمَسَّكَ بالسكوتِ وليس فيه أنهم صلوا رُكْبَانَا أَوْ قائمين. ثُمَّ إِنَّ أَمْرَ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم إياهم بهذا التعجيل على نظير تعجيل موسى عليه السلام، حين أُمِر أَنْ يذهب إلى فرعونَ، وتَرَك زوجتَهُ وهي في المَخَاضِ، وكتعجيلِ إِبراهيم عليه الصلاة والسلام حيثُ تَرَكع زوجتَهُ وهي في العَرْصَةِ الخالية، حيث لا ماء ولا كلأَ. فهذا نحو تَأَسَ بالأنبياء عليهم السلام في التبادر بالامتثال. 6 - باب التَّبْكِيرِ وَالْغَلَسِ بِالصُّبْحِ وَالصَّلاَةِ عِنْدَ الإِغَارَةِ وَالْحَرْبِ 947 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ وَثَابِتٍ الْبُنَانِىِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى الصُّبْحَ بِغَلَسٍ ثُمَّ رَكِبَ فَقَالَ «اللَّهُ أَكْبَرُ

خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ». فَخَرَجُوا يَسْعَوْنَ فِى السِّكَكِ وَيَقُولُونَ مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ - قَالَ وَالْخَمِيسُ الْجَيْشُ - فَظَهَرَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَتَلَ الْمُقَاتِلَةَ وَسَبَى الذَّرَارِىَّ، فَصَارَتْ صَفِيَّةُ لِدِحْيَةَ الْكَلْبِىِّ، وَصَارَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَهَا. فَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ لِثَابِتٍ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَنْتَ سَأَلْتَ أَنَسًا مَا أَمْهَرَهَا قَالَ أَمْهَرَهَا نَفْسَهَا. فَتَبَسَّمَ. أطرافه 371، 610، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 تحفة 301، 291، 1017، 1015 وهذا هو التكبير الذي كان في الجيوش، وعند الحروب. وفي نسخة: التكبير. 947 - قوله: (وصَلَّى الصُّبْحَ بِغَلَس) يعني في غزوة خَيْبر، لا أنه كان سُنَّةً مستمرةً ليُسْتَدلَّ به في مسألةِ المواقيت. ***

13 - كتاب العيدين

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 13 - كتاب العِيدَين 1 - باب فِى الْعِيدَيْنِ وَالتَّجَمُّلِ فِيهِ 948 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِى السُّوقِ، فَأَخَذَهَا فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ». فَلَبِثَ عُمَرُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ، فَأَقْبَلَ بِهَا عُمَرُ، فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ قُلْتَ «إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ». وَأَرْسَلْتَ إِلَىَّ بِهَذِهِ الْجُبَّةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تَبِيعُهَا أَوْ تُصِيبُ بِهَا حَاجَتَكَ». أطرافه 886، 2104، 2612، 2619، 3054، 5841، 5981، 6081 تحفة 6845 - 20/ 2 وعندنا شرائِطُهما شرائِطُ الجُمعة، وكذا تكبيراتُ التشريق عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى، خلافًا لصاحبيه، فإِنه يكبِّرُ في القُرى أيضًا. 948 - قوله: (من إِسْتَبْرَقٍ) وهو الحريرُ الغليظ، ويقال للرقيق السُّنْدُس. وقد علمت أن المِلْك يعتمد على الاستمتاع في الجملة، والحريرُ جائزٌ للنِّسَاءِ فلا بَأْسَ بِبَيْعه وشرائِهِ. 2 - باب الْحِرَابِ وَالدَّرَقِ يَوْمَ الْعِيدِ 949 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَسَدِىَّ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدِى جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ، وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِى وَقَالَ مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَقَالَ «دَعْهُمَا» فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا. أطرافه 952، 987، 2907، 3530، 3931 - تحفة 16391 949 - قوله: (جَارِيَتَانِ تَغَنِّيَانِ) وقد مرَّ معنا أن النَّظر إلى الأجنبية: وجهها وكَفَّيها يجوزُ في المذهب عند الأمن من الفتنة، ويُمْنَع عنه في الفتوى سدًّا للباب. وفي «الخارج»: أنهما كانتا تدففان أيضًا. 949 - قوله: (فَاضْطَجَع على الفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ) وفي رواية: أنهما اتَّقَتَا الدُّفَّ لما دخل عمرُ

رضي الله تعالى عنه. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «إن الشيطانَ لا يدخُلُ فَجَا دَخَلَ فيه عمر (¬1) رضي الله تعالى عنه»، أو كما قال. واستُشْكِل أنه إذا أباح غناءهن أولا، فكيف عدَّه من الأمور المُنْكَرة التي تَحْضُرُها الشياطين آخِرًا. قلتُ: وليعلم أن المُغَنِّي يُسمَّى مَنْ يَنْشُد بتمطيطٍ، وتكسير وتهييج، وتشويق بما فيه تعريضٌ بالفواحش، أو تصريحٌ بها. وفي الحديث الآتي عند البخاري عن عائشة رضي الله تعالى عنها: «وَلَيْسَتَا بِمُغْنِّيَتَيْنِ». قال القُرْطُبِي في «شرحه»: لَيْسَتَا مِمَّنْ يعرفُ الغِنَاء كما تعرِفْه المغنياتُ المعروفات بذلك. ولا أرى المُحَدِّثين يبيحون الغناءَ. أما المعازف فَنَقَل قومٌ الإِجماع على تحريمها. ونَقَل العيني رحمه الله تعالى في «شرح الكنز» عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في: باب ردّ الشهادة حُرْمَةُ التغني مطلقًا، ولي جَزْمٌ بأنه ليس نَفْيًا للأصل، بل بِحَسَب الأحوال. وأَبَاحَهُ ابنُ حَزْم، وإليه مال الغزالي في «الإِحْيَاء». ثم حُرِّر أن بعضَ المباحات تصِيْرُ صغيرةٍ بالإِصرار على نحو ما قالوا: إن الصغيرةَ تصيرُ بالإِصرار كبيرة. قلتُ: وهو تحقيقٌ جيدٌ أَحْرى بالقَبول. وأيُّ بُعْدٍ في صيرورةِ المباح صغيرةً إذا كان بعضُ المباحات أَبغضَ عند الله تعالى، كما عند ابن ماجه: «أن أبغض المباحاتِ عند الله الطلاقُ»، فوَصَفَ الطلاقَ المباح بكونه مبغوضًا، وحينئذٍ لا بُعْد في بلوغه مرتبةَ الصغيرة بالإِصرار. ومن هذا الباب ما عند أببي داود: «مَنْ سَرَّه أَنْ يَتَمَثَّل له الناسُ قيامًا فليتبوأ مقعدَهُ من ¬

_ (¬1) قلتُ: وهكذا في قِصة لَعِب السودان، وتَزَفنِ الحبشية، ونَظَرِ عائشةَ رضي الله عنها إليهم، فإِن قلت: ما الفرقُ بين قصَّةِ عائشة رضي الله عنها حيثُ أُذِن لها أَن تَنْظُر إلى لعب الحبشية وبين قوله: "أَفَعَمْياوَانِ أَنْتُما" حينَ دَخَل ابنُ أمِّ مكتوم في بيت أم سَلَمة رضي الله عنها وأَمَرَها بالحِجاب؟ فقالت: "يا رسول اللهِ إِنه أعمى" قلتُ: أما الاعتذار بكون عائشةَ رضي الله عنها صغيرةً، أو كان ذلك قبل نزولِ الحجاب فقد ردَّهُ الحافظ رحمه الله تعالى فالوجْهُ على ما يخطر بالبالِ أن الطبائعَ السليمةَ تحكم بالفرق بين كونِ امرأة في البيت ووقوعِ نَظَرِها على الخارج، وبين كونِ رجل أَجنبي في البيت مع كونها فيه، فقِصَّةُ عائشةَ رضي الله عنها كانت فيما كانت هي في البيت، والحبشيةُ خارِجَة، وقِصَّةُ أم سَلَمة رضي الله عنها كانت فيما دخل ابنْ أم مكتوم في بيتها، ثم كان ينبغي لها أن تبتدر إلى الحجاب حين كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَرَها بذلك، ولكنها لما اعتذرت عنه شَدَّد لها في الكلام بعد المعارضة وإن كانت صورةً فإِنها فهمت أن الحجاب من الرجال حين أمكن النظر منهم إلى النساء، وبَين لها النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه في الصورتين سواء، ولذا قال: "أفعمياوان أنتما، ألستُما تُبْصِرانِه". ويُعلم من كلام النووي أنه فَرَّقَ بَيْن النظر إلى الرجال قَصْدًا وبين النظر إلى الرجال تَبَعًا، وإلى اللَّعب قَصدًا، ففي الصورة الثانية يمكن صَرْف النظر عنه إن وقع بلا قَصْد. قلت: وفَرْقُ أيضًا بين إباحةِ النَّظر إلى اللَّعِب من جهةِ حُسْن المعاشرة لحداثة السن، ففيها معنى صحيحٌ، وبين النظر إلى الأجنبي أو عدم المبالاة به بعد كِبَر السن، وبالجملة القصتان تفترقان من وجوه، مع الأمْن عن الفِتنة في الموضعين، والله تعالى أعلم، وقد مر عليه الطحاوي في "مُشْكِله" -ص (116) ج (1) - فقال ما حاصله: إن حديثَ أُم سَلَمة كان بعدما ضُرِبَ الحِجاب كما هو مُصَرَّح في قصتها بخلاف قِصَّة عائشة رضي الله عنها، فإنه لا ذِكر فيه لمقدم نزول الحجاب في نِساء رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عن الناس وحجاب الناس عنهن، وان أمكن أن يكون بعد نزولِ نوع من الحجاب، فإنه لم ينْزِل إِلا تدريجًا حتى آل الأمرُ إلى حجابِ الأشخاص، وكذا يَحْتَمِل أن عائشة رضي الله عنها لم تَبْلغ حينئذٍ مَبْلَغ النساء فلم تلحقها العبادات.

النار». ومع ذلك ثبت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في باب ذَهاب النساءِ والصِّبيان إلى العرس عند البخاري «أنه قام لهم مُمتنًا». وفي نسخة: «مثيلا». وفي لفظ: «ممثلا». اهـ. وذلك لاختلاف الأحوال فيه. فالشيء قد يكون مِنْ آخِر مراتب الإِباحة بحيث لا تبقى بعدها إلا مرتبةُ المنع. وفيها تتجاذبُ الإباحة والنهي فيبَاحُ لكونها كذلك في نَفْس الأمر. ويُنْهَى عنه لكونِهِ يُخشى أن تَنْجَرَّ فتقع في الحرام. وأحسنُ الطُّرق وأعدلُهَا ما اختاره النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فَحَوَّل وجهه عنه. وفي رواية: «غط»، دلالةٌ على أنه وإن أغمضَ وسامح عنه، لكنه ليس راضيًا ولا مُتَلَذِّذًا به. فلو نهى عنه صراحةً لَفُقِدت الإباحة، ولو لم يَغْمُض عنه وَحَظِي به لارتفعت الكراهة أصلا. وهذا هو حالُ الإِباحة المرجوحة. ولعلك عَلِمْت منه الفَرْقَ بين طريق النبي صلى الله عليه وسلّم وبين أبي بكر رضي الله عنه حيثُ كان طريقُه الإِغْماض، وطريقُ أبي بكر السَّخَطَ والاغتياظ، فلو سلك النبيُّ صلى الله عليه وسلّم طريقَ أبي بكر رضي الله عنه لَحَرَّمَ الغناء، ولم تَبْقَ منه مرتبةٌ في حدِّ الجواز. ولو فَعَل أبو بكر رضي الله عنه مِثْلَ ما فعله النبي صلى الله عليه وسلّم لم يُسْتَحْسن منه، لأنه لا يُحرَّم ولا يَحِل بإِنكاره شيءٌ، فالأليق بشأنهِ ما يَنْسَدُّ به الباب. وقال الشاه إسماعيل: إنه كان فِعْل الشيطان، لكن ليس كُلُّ فِعْلِه حرامًا وإن كان قبيحًا. وهو أيضًا يؤوَّلُ إلى ما قلنا آنِفًا. وحينئذٍ فالحاصل أنه فرّق بين قليل الغناء وكثيرهِ، والاعتيادِ به وعدِمه. فالقليل منه مباحٌ والإِصْرار يَبْلُغُ حَدَّ الْمُنْع، وبِمْثله الفَرْقُ في الدُّفِّ. وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لو كان بطريق الإِلهام فممنوعٌ. ثم إن الفَرْق بالقلة والكثرة شَائِعٌ: ففي فِقْهنا أنالأشربة من غير الأربعة يجوزُ القليلُ منها دون الكثير، وكذا الحرير يجوزُ بِقَدْر الأصابع الأربعة دون الكثير، وهكذا في القرآن: {إلا مَنْ اغْتَرَفَ غُرْفةً مِنْهُ} (البقرة: 249) فأباح الغَرْفة ومنع عمَّا زاد. ومن هذا الباب حديث الائتمام: «إنما جُعِل الإِمَامُ لِيؤتَمَّ به»، وفيه: «إِذَا صلى قاعِدًا فصلوا قعودًا». ليس فيه إلا أَحَبِّيةُ القعودِ وجوازُ القيام كما استقرَّ عليه الحافظ رحمه الله تعالى. وراجع مسألة القيام من «المدخل» لابن الحاج المالكي. قوله: (مِزْمَارةُ الشَّيْطَانِ) (بانسرى)، وذكرها بطريق الإِلزام وإلاّ فلم تكن هناك مِزْمَارة. 950 - وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَإِمَّا قَالَ «تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ». فَقُلْتُ نَعَمْ. فَأَقَامَنِى وَرَاءَهُ خَدِّى عَلَى خَدِّهِ، وَهُوَ يَقُولُ «دُونَكُمْ يَا بَنِى أَرْفِدَةَ». حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ قَالَ «حَسْبُكِ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «فَاذْهَبِى». أطرافه 454، 455، 988، 2906، 3529، 5190، 5236 - تحفة 16391 950 - قوله: (بَنُو أَرْفِدَة) لَقَبٌ للحبشَةِ، ثم قيل: إنها واقِعَةٌ قبل نزولِ الحِجَاب (¬1). ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: قال الحافظ رحمه الله تعالى: واستُدل به على جواز سماع صوتِ الجارية بالغناء ولو لم تكن مملوكةٌ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُنْكِر على أبي بكر رضي الله عنه سماعه، بل أنْكَر إِنْكَارَه، ولا يَخْفى أن محل الجواز ما إذا أمِن الفتنة بذلك. اهـ. قلتُ: وهذا هو صَنِيعه - صلى الله عليه وسلم - مع الجائزات المبغوضة، أي الإِغماض عنها مع عدم الشركة فيه.

3 - باب سنة العيدين لأهل الإسلام

3 - باب سُنَّةِ الْعِيدَيْنِ لأَهْلِ الإِسْلاَمِ 951 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى زُبَيْدٌ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ فَقَالَ «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ مِنْ يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّىَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا». أطرافه 955، 965، 968، 976، 983، 5545، 5556، 5557، 5560، 5563، 6673 - تحفة 1769 - 21/ 2 952 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِى جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِى الأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ - قَالَتْ وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِى بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَذَلِكَ فِى يَوْمِ عِيدٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَهَذَا عِيدُنَا». أطرافه 949، 987، 2907، 3530، 3931 - تحفة 16801 951 - قوله: (يخطُب) وهذه خطبةُ العيد بعد الصلاة. ويُتوهَّم منتعبير الراوي كَوْنُهَا قُبَيْلَها: «فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا». وفيه الترجمة. 4 - باب الأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْخُرُوجِ 953 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ. وَقَالَ مُرَجَّى بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسٌ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا. تحفة 1082 5 - باب الأَكْلِ يَوْمَ النَّحْرِ 954 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَلْيُعِدْ». فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ هَذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْمُ. وَذَكَرَ مِنْ جِيرَانِهِ فَكَأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَدَّقَهُ، قَالَ وَعِنْدِى جَذَعَةٌ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ شَاتَىْ لَحْمٍ، فَرَخَّصَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ أَدْرِى أَبَلَغَتِ الرُّخْصَةُ مَنْ سِوَاهُ أَمْ لاَ. أطرافه 984، 5546، 5549، 5561 - تحفة 1455 والمستحبُ في ذلك اليوم أن يأكلَ من أُضحيته. وعلم أن الأُضحيةَ تجوز في القرى قبيل الصلاة بعد الطلوع، بخلافها في المِصْر. قال الترمذي: بعد سَرْدِ الحديث: «والعملُ على هذا عند أهل العِلم أَنْ لا يضحِّي بالمِصْر حتى يصلِّي الإِمامُ. وقد رخَّص قومٌ من أهل العلم لأهل القُرى في الذَّبْح إذا طلع الفَجْرُ». اهـ. وهذه

6 - باب الخروج إلى المصلى بغير منبر

العبارةُ تشيرُ إلى أنه لا جُمعةَ في القرى (¬1). 954 - قوله: (جَذَعة) وهو في اللغة: ما تَمَّتْ له أربعةُ أشهر. وفي الحديث أنه كان له خاصّةً لقوله: «ولَنْ تُجْزىءَ لأَحَدٍ بَعْدَك» (¬2). 955 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَطَبَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الأَضْحَى بَعْدَ الصَّلاَةِ فَقَالَ «مَنْ صَلَّى صَلاَتَنَا وَنَسَكَ نُسُكَنَا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّهُ قَبْلَ الصَّلاَةِ، وَلاَ نُسُكَ لَهُ». فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ خَالُ الْبَرَاءِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنِّى نَسَكْتُ شَاتِى قَبْلَ الصَّلاَةِ، وَعَرَفْتُ أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ شَاتِى أَوَّلَ مَا يُذْبَحُ فِى بَيْتِى، فَذَبَحْتُ شَاتِى وَتَغَدَّيْتُ قَبْلَ أَنْ آتِىَ الصَّلاَةَ. قَالَ «شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ عِنْدَنَا عَنَاقًا لَنَا جَذَعَةً هِىَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ شَاتَيْنِ، أَفَتَجْزِى عَنِّى قَالَ «نَعَمْ، وَلَنْ تَجْزِىَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». أطرافه 951، 965، 968، 976، 983، 5545، 5556، 5557، 5560، 5563، 6673 - تحفة 1769 - 22/ 2 955 - قوله: (أَحَبُّ إليَّ مِنْ شَاتَيْنِ) أي إحداهما التي ذبحتها ولم تُعتبر، والثانية هذه. كانت تلك أحبَّ شَاتيه لا أنَّ تلك كانت أسمنَ وأحبَّ من الشاتين. 6 - باب الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى بِغَيْرِ مِنْبَرٍ 956 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زَيْدٌ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى سَرْحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى، فَأَوَّلُ شَىْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاَةُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ، وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ، فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ، أَوْ يَأْمُرَ بِشَىْءٍ أَمَرَ بِهِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ وَهْوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فِى أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ، فَلَمَّا أَتَيْنَا ¬

_ (¬1) قلتُ: وفي "جامع الترمذي" عبارة أخرى في باب الاعتكاف تدل على هذا المعنى. قال الترمذي في باب: المعِتكف يخرجُ لحاجته: وقال بعضهم: ليس له أَن يَفْعَل شيئًا من هذا. ورأوا للمعتكف إذا كان في مِصْر يُجمَّع فيه أن لا يعتكف إِلا في المسجد الحرام، لأنهم كرهوا له الخروج من مُعْتكَفِه إلى الجمعة الخ. ففي تقييده المِصْر بقيد: "يجَمَّع فيه دليل" على التقسيم فيه عند السلف، فافهم. (¬2) يقول العبد الضعيف: وهذا أصلٌ عظيم ينبغي أن يُعتنى به، فإنه يدلُ أن للشارع أن يَخُصَّ رجلًا من حُكْم عام كما خَصَّ هذا الرجلَ ههنا. وعند الترمذي: أنه أباح لامرأةٍ النياحةَ لمَّا استأذَنته فيها، وأصرَّت عليه أن يَأذَنَ لها في النياحة مرة قضاءً عمَّا كانت عليها لأَحَدٍ في زمن الجاهلية. وقوله لرجل جاءه يستخبرُه عما يجب عليه وجوابه إِيَّاه: "والله لا أزيدُ على هذا ولا أنقُصُ"، فقال له: "أفلَحَ الرجلُ وأبيه إِنْ صَدَقَ" على ما مرَّ تقريرُه وقوله لرجل ظاهر من امرأته ثُمَّ واقعها في رمضان لم يستطع أداءَ الكفَّارة على وَجْهٍ، وقوله لرجلٍ لم يَبْقَ عنده إِلَّا عَتُود في الأضحية: "ضحِّ به أنتَ ولا تُجزىءُ لأحدٍ بعدَك".

7 - باب المشى والركوب إلى العيد والصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة

الْمُصَلَّى إِذَا مِنْبَرٌ بَنَاهُ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ، فَإِذَا مَرْوَانُ يُرِيدُ أَنْ يَرْتَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّىَ، فَجَبَذْتُ بِثَوْبِهِ فَجَبَذَنِى فَارْتَفَعَ، فَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلاَةِ، فَقُلْتُ لَهُ غَيَّرْتُمْ وَاللَّهِ. فَقَالَ أَبَا سَعِيدٍ، قَدْ ذَهَبَ مَا تَعْلَمُ. فَقُلْتُ مَا أَعْلَمُ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا لاَ أَعْلَمُ. فَقَالَ إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلاَةِ فَجَعَلْتُهَا قَبْلَ الصَّلاَةِ. تحفة 4271 واعلم أن السُّنة أن يخرجَ الإِمام بدون مِنْبر. فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم هكذا كان يخرج ولم يكن مِنْبرٌ بالمُصلَّى أيضًا. نعم يُعْلم من الروايات أنه كان هناك موضعٌ مرتَفع يخطُب عليه، لما في البخاري «ثُمَّ نَزَل»، ثم بَنَاهُ كَثِير بن الصَّلْت في عهد الخلفاء من لَبِن وطِين. ثم إن من السُّنة تقديمَ الصلاةِ على الخُطبة. وإنما قَدَّمها مراونُ على الصلاةِ لأنه كان يَسُبُّ عليًا رضي الله عنه وكان الناس يقومون عنها، فقدَّمها على الصلاةِ لهذا. وأما تقديمُ عثمانَ رضي الله عنه فكان لِمَصْلَحةٍ أُخرى (¬1). 7 - باب الْمَشْىِ وَالرُّكُوبِ إِلَى الْعِيدِ والصلاة قبل الخطبة بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلاَ إِقَامَةٍ 957 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى فِى الأَضْحَى وَالْفِطْرِ، ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلاَةِ. طرفه 963 - تحفة 7805 958 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ، فَبَدَأَ بِالصَّلاَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ. طرفاه 961، 978 - تحفة 2449 959 - قَالَ وَأَخْبَرَنِى عَطَاءٌ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِى أَوَّلِ مَا بُويِعَ لَهُ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ بِالصَّلاَةِ يَوْمَ الْفِطْرِ، إِنَّمَا الْخُطْبَةُ بَعْدَ الصَّلاَةِ. تحفة 5920 960 - وَأَخْبَرَنِى عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالاَ لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَلاَ يَوْمَ الأَضْحَى. تحفة 5920، 2456 - 23/ 2 961 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ فَبَدَأَ بِالصَّلاَةِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ بَعْدُ، فَلَّمَا فَرَغَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ، فَذَكَّرَهُنَّ وَهْوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلاَلٍ، وَبِلاَلٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ، يُلْقِى فِيهِ النِّسَاءُ صَدَقَةً. قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَتَرَى حَقًّا عَلَى ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: قال الحافظ رحمه الله تعالى: إِن عثمانَ راعى مصلحةَ الجماعة في إدراكهم الصلاةَ، ورُوِي مِثْله عن عمر وضَعَّفُوه، ونظر فيه الحافظ رحمه الله تعالى، وجمِع: بوقوعه عنه نادرًا، أو الترجيح بما رُوِي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه في "الصحيحين"، وسيأتي عند البخاري بعد حديث.

8 - باب الخطبة بعد العيد

الإِمَامِ الآنَ أَنْ يَأْتِىَ النِّسَاءَ فَيُذَكِّرَهُنَّ حِينَ يَفْرُغُ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ عَلَيْهِمْ، وَمَا لَهُمْ أَنْ لاَ يَفْعَلُوا طرفاه 958، 978 - تحفة 2456 واعلم أنه لم يَثْبُ الأذانُ والإِقامةُ للعيدين في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وإنما تفرَّد به ابنُ الزُّبير رضي الله عنه. وكم له مِثْلُ هذه التفردات كما مرَّ من قبل. نعم كان بلالٌ ينادي بالصلاة جامعةً، ولذا أُجيز بنحوه في الكُسوف أيضًا. ونعم ما قال أحمد رحمه الله تعالى: الأصلُ في العبادات أن لا يُشْرِع منها إلا ما شرعه اللَّهُ، والأَصل في المعاملات أن لا يُحْذَر منها إلا ما حَذَّرَ اللَّهُ منه. 8 - باب الْخُطْبَةِ بَعْدَ الْعِيدِ 962 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ - رضى الله عنهم - فَكُلُّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ. أطرافه 98، 863، 964، 975، 977، 979، 989، 1431، 1449، 4895، 5249، 5880، 5881، 5883، 7325 - تحفة 5698 963 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رضى الله عنهما - يُصَلُّونَ الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ. طرفه 957 - تحفة 7823 964 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى يَوْمَ الْفِطْرِ رَكْعَتَيْنِ، لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلاَلٌ، فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ، تُلْقِى الْمَرْأَةُ خُرْصَهَا وَسِخَابَهَا. أطرافه 98، 863، 962، 975، 977، 979، 989، 1431، 1449، 4895، 5249، 5880، 5881، 5883، 7325 - تحفة 5558 965 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا زُبَيْدٌ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ فِى يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّىَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ نَحَرَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسْكِ فِى شَىْءٍ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَبَحْتُ وَعِنْدِى جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ. فَقَالَ «اجْعَلْهُ مَكَانَهُ، وَلَنْ تُوفِىَ أَوْ تَجْزِىَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». أطرافه 951، 955، 968، 976، 983، 5545، 5556، 5557، 5560، 5563، 6673 - تحفة 1769 حدثنا أبو عاصم: أخبرنا ابن جُرَيج قال: أخبرني حسن بن مسلم، عن طاوس. واعلم أن الحسن هذا من أَخصِّ تلامذة طَاوُس وهو يسأل عن رَفْع اليدين ويحقِّقُه عن طَاوُس. فعلم أن رَفْعَ اليدين ليس شيئًا بديهيًا كما فَهِمه الخُصومُ. ثم الحسنُ هذا من رواة البخاري. 964 - قوله: (لم يُصَلِّ قَبْلَها ولا بَعْدَهَا). وفي «البحر»: لا يُصلِّي فيه صلاةَ الضُّحَى أيضًا وإن اعتاد عليها. وعن عليَ رضي الله عنه أنه رأى رجلا يُصلِّي بالمُصَلَّى، فقال له الناس: «ألا

9 - باب ما يكره من حمل السلاح فى العيد والحرم

تَنْهَى عنها؟ قال: لم أَرَ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم يصليها في ذلك اليوم، إلا أني لا أمنُعه خشيةَ أن أدخل في قوله: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10)} [العلق: 9، 10]. وقال مولانا عبد الحيِّ رحمه الله تعالى: إن عدَمَ ثبوتِ الصلاة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بالمُصَلَّى، لا يدل على كراهة الصلاة فيه في ذلك اليوم. قلتُ: بل يَصْلُحُ حجةً عند المجتهد، فله أن يَحْمِل هذا العدمَ لكون الصلاةِ في ذلك مكروهةً بالمصلى، كما قررت في مسألة المحاذاة. ومطالبةُ النصوص في مواضع الاجتهاد وليس دأبًا صحيحًا. 9 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ حَمْلِ السِّلاَحِ فِى الْعِيدِ وَالْحَرَمِ وَقَالَ الْحَسَنُ نُهُوا أَنْ يَحْمِلُوا السِّلاَحَ يَوْمَ عِيدٍ إِلاَّ أَنْ يَخَافُوا عَدُوًّا. 966 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى أَبُو السُّكَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ حِينَ أَصَابَهُ سِنَانُ الرُّمْحِ فِى أَخْمَصِ قَدَمِهِ، فَلَزِقَتْ قَدَمُهُ بِالرِّكَابِ، فَنَزَلْتُ فَنَزَعْتُهَا وَذَلِكَ بِمِنًى، فَبَلَغَ الْحَجَّاجَ فَجَعَلَ يَعُودُهُ فَقَالَ الْحَجَّاجُ لَوْ نَعْلَمُ مَنْ أَصَابَكَ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ أَنْتَ أَصَبْتَنِى. قَالَ وَكَيْفَ قَالَ حَمَلْتَ السِّلاَحَ فِى يَوْمٍ لَمْ يَكُنْ يُحْمَلُ فِيهِ، وَأَدْخَلْتَ السِّلاَحَ الْحَرَمَ وَلَمْ يَكُنِ السِّلاَحُ يُدْخَلُ الْحَرَمَ. طرفه 967 - تحفة 7063 - 24/ 2 967 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دَخَلَ الْحَجَّاجُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَأَنَا عِنْدَهُ فَقَالَ كَيْفَ هُوَ فَقَالَ صَالِحٌ. فَقَالَ مَنْ أَصَابَكَ قَالَ أَصَابَنِى مَنْ أَمَرَ بِحَمْلِ السِّلاَحِ فِى يَوْمٍ لاَ يَحِلُّ فِيهِ حَمْلُهُ، يَعْنِى الْحَجَّاجَ. طرفه 966 - تحفة 7078 ولم يُتعرَّض إلى هذه المسألة في كُتُبنا لا نَفْيًا ولا إثباتًا. وأتى المصنف رحمه الله تعالى بلفظ «من» - وهي للتبعيض عندي - في جميع كتابه، فتكون إشارةً إلى التقسيم فيه. 966 - قوله: (أَنْتَ أَصَبْتَنِي) معناه أَنك صِرْتَ سببًا لذلك، لأنك إذا أجَزْتَ حَمْلَ السلاح في ذلك اليوم، فأصابتني جِراحةٌ من حَرْبة، فكأَنك أصبتني بها. ولولا أنت أجزت حَمْلَ السلاح لما كان كذلك. أو يقال: إن الحجَّاج حَسَد على ابن عمر رضي الله عنه، وأراد أن لا يرجِع إليه الناسُ في فتاواهم. فأشارَ إلى رجلٍ أن يُصِيبَهُ بحربة مسمومةٍ ففعل، ومات ابنُ عمرَ رضي الله عنه من أثر هذه الجراحةِ، فَعَرَّض إلى ذلك. 10 - باب التَّبْكِيرِ إِلَى الْعِيدِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ إِنْ كُنَّا فَرَغْنَا فِى هَذِهِ السَّاعَةِ، وَذَلِكَ حِينَ التَّسْبِيحِ. 968 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ زُبَيْدٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ خَطَبَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِى يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّىَ

11 - باب فضل العمل فى أيام التشريق

ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّىَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ عَجَّلَهُ لأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِى شَىْءٍ». فَقَامَ خَالِى أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أُصَلِّىَ وَعِنْدِى جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ. قَالَ «اجْعَلْهَا مَكَانَهَا - أَوْ قَالَ اذْبَحْهَا - وَلَنْ تَجْزِىَ جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». أطرافه 951، 955، 965، 976، 983، 5545، 5556، 5557، 5560، 5563، 6673 تحفة 1769 واعلم أن السُّنة في العيد أن تُصَلَّى عَقِيْبَ خروجِ وَقْت الكراهة، فإنْ قضيَتْ في أول يوم فلا قضاء لها عند الإِمام رحمه الله تعالى، إلا عِنْد صاحبيه رحمهما لله تعالى، فإنها تجوز في اليوم الثاني أيضًا. وراجع التفصيل في الفقه. وفي نسخة: «التكبير» بدل «التبكير». والتكبير سنةٌ جهرًا للأضحى، وللفِطْر سِرًّا عند ابن الهمام رحمه الله تعالى. ومنع منه «صاحبُ البحر» أصلا. قال الشيخ ابنُ الهُمَام رحمه الله تعالى: إن التكبيرَ ذِكْرُ الله، كيف يُنْهى عنه فهو في الأحوال كلِّها. وقال ابن نُجَيم رحمه الله تعالى: إنَّ حقيقة البدعة هي - هو يعني - جَعْلُ أَمْرٍ لم يثبت عن السلف رحمهم الله تعالى معمولا به. قلتُ: والقويُّ ما ذهب إليه ابنُ الهُمام، فقد أخرج الطحاوي رحمه الله تعالى رواياتٍ تَدُلُّ على ثبوتِ التكبير عند السَّلف، بل على الجَهْر أيضًا، فالمختار عندي أن يأتي به في الفِطْر أيضًا. 11 - باب فَضْلِ الْعَمَلِ فِى أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِى أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ أَيَّامُ الْعَشْرِ، وَالأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِى أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا. وَكَبَّرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِىٍّ خَلْفَ النَّافِلَةِ. واعلم أن العبادة في تلك العشرة أفضلُ منها في سائر السَّنَة، حتى قيل: إن أفضلَ النُّهُرِ نُهُر عشرةٍ ذي الحِجَّة، وأفضلَ الليالي ليالي رمضانَ، ثُمَّ عَمَلُ السَّلَف في تلك العشرة ماذاكان؟ فلم يظهَر لي غيرُ الصيام والتكبير. فالعبادةُ الخاصَّة في هذه الأيام هي هاتان فقط. وثبت فيها التكبيرُ من غُرَّة ذي الحِجة، كأنه شِعَارٌ لهذه الأيام، بل شعاريتُهُ أَزْيدُ من التلبية. فما في المتونِ فهو بيانٌ للواجب لا لوظيفةِ هذه الأيام. وعليه فَلْيُحْمَل ما رُوي عن الإِمام رحمه الله تعالى أَن شرائطَ التكبير شرائطُ الجمعة. فإنه يجوزُ لأصحاب القرى أيضًا. وذِكْرُ اللَّهِ لا حَجْر عنه بحال، واستدل عليه بما روي عن عليَ رضي الله تعالى عنه: «ولا جُمْعَةَ ولا تَشْرِيق» ... إلخ. وتتبَّعْتُ أنه هل أرادَ أَحَدٌ من التشريقِ أيضًا؟ فرأيت في «غريب الحديث» لأبي عبيد أنه لم يَبْلُغْه عن أحدٍ منهم غيرُ الإمام رحمه الله تعالى. وأبو عبيد هذا تلميذُ الإمام أحمد رحمه الله تعالى، ومستفيدٌ من مُحمدٍ، ومدوِّن لِعِلْم غريب الحديث، ويُعَدَّ في الفِقْه مِثْل محمد.

وعن بَعْض السَّلف رَحِمهم الله تعالى أنهم حملوا قوله تعالى: {وَلِتُكَبّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] على تلك التكبيرات الفاضلة في الخارج أيضًا. قوله: ({أَيَّامٍ مَّعْلُومَتٍ}) أيَّام العَشْر، والأَيَامُ المعدوداتُ أيامُ التشريق. إنما فَسَّر ابنُ عباس رضي الله تعالى عنه المعدودات بِأَيَّامِ التشريق لكونِ لَفْظِ المعدوداتِ مُشْعِرًا بالقلة، أيَّامِ التشريق ثلاثة، فَفَسَّرها بها. قوله: (وكان ابنُ عمرَ رضي الله تعالى عنه وأبو هريرةَ يَخْرُجَانِ إلى السُّوْقِ في الأيامِ العَشْر يكبران) وقد مر معنا أن التكبير من وظائف هذه الأيام. وهو مَحْمَلُ تكبير محمد بن علي الباقر بعد النافلة. وأما ما في الفِقْه من إتيانِهِ دُبُرَ الصلواتِ المكتوبات فقط، فهو بيانٌ للواجب. فعند الإمام رحمه الله تعالى من صبيحة عرفةَ إلى عَصْر يوم النَّحْر، وعند صاحبيه إلى عَصْر اليوم الرابع. قوله: (ويكبر الناس بتكبيرهما) ويُستفاد منه ومما أخرجه البخاريُّ من الآثار في الترجمة التالية: أنَّ المطلوبَ في التكبير الموافقةُ فيه مِمَّن في حواليه (¬1). وعليه ما عند الترمذي: «أن الله أكبر يملأ الميزان» ولم يَحْكُمْ عليه الترمذي. وعند مسلم: «أن سبحانَ الله نِصْفُ المِيْزان»، وكذلك «الحمد لله». فلو صَحَّ ما عند الترمذي فَوَجْه الفَرْق بين كون «الله أكبر» الميزانَ كلَّه وسائر الأذكارُ «نِصْفُ الميزان»: أن التكبير يطلب الموافقة وذلك بالجَهْر، وعند ذلك يملأُ الجوَّ بما فيه فيكون الميزان كله. لأن كِفَّةَ ميزانِ الآخرة كما بين السماءِ والأرض كما يُسْتفاد من الأحاديث وسنقرِّرُه. وليست هذه الخصوصيةُ في الأذكار غيرَه. ثم اعلم أنهم يُطْلِقون الأيَامَ العَشْر - والعاشر منها يومُ النَّحْر والصومُ فيه حَرامٌ - فيذكرون العَشْر ويريدون به التِّسْع. وقد يَخْطُر بالبال أنَّ الإمساك في نصف يوم النحر كأنه نِصْفُ صَوْمٍ في نَظر الشارع، فإنَّ المستحبَّ في هذا اليوم الأكلُ من أُضحيته، ولا تكون إلا بعد الصلاةِ فلزِم الإِمساكُ، وعليه ما في «المُسْتَطْرَف» من حكاية العجوز. 969 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «مَا الْعَمَلُ فِى أَيَّامِ الْعَشْرِ أَفْضَلَ مِنَ الْعَمَلِ فِى هَذِهِ». قَالُوا وَلاَ الْجِهَادُ قَالَ «وَلاَ الْجِهَادُ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَىْءٍ». تحفة 5614 - 25/ 2 969 - قوله: (ما الْعَمَلَ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا في هذه) وفي نسخة: «ما العَمَلُ فِي أَيَّامِ العَشْرِ أَفْضَلَ من العملِ في هذه». وهذا يقتضي نَفْيَ أَفضليةِ العمل في أيامِ العَشْر على العمل في هذه الأيام. قلتُ: وهو تَصْحِيْفٌ عِنْدي. والصواب كما في الصُّلب، لأن هذا الحديث كثيرُ ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وهذا كالتلبية "إذا لَبَّى أَحَدٌ يوافِقُه مَنْ عن يمينه وعن شمالِه حتى تنقطع الأرضُ من ههنا، وههنا" -بالمعنى- أخرجه الترمذي ونحوه ما في القرآن {يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ} [الأنبياء: 79].

12 - باب التكبير أيام منى وإذا غدا إلى عرفة

الطُّرُق، وفي سائرها ذُكر فَضْلُ العمل في الأيام العَشْر، وقد أطال الحافظ رحمه الله تعالى الكلام فيه. قوله: (قال: ولا الجِهَادُ في سبيلِ اللَّهِ) وحاصلُ الحديث على ما قالوا أَنَّ العملَ في هذه الأيام أفضل من ذلك العملِ إذا كان في غير هذه الأيام. فليس فيه تفضيلُ الشيء على نَفْسه باعتبار زمان واحدٍ ليلزم المُحال، بل باعتبار الأزمنة المختلفة. ثم قالوا: إنه ماذا يكون حينئذٍ معنى قوله: «ولا الجهادُ في سبيل الله»؟ فقالوا: إنَّ كونَهُ مَفْضُوْلا أيضًا معقولٌ، لأن الاشتغال بالجهاد فيها يوجِب فواتَ الحج. أقول: والصوابُ عندي أنْ تفضل الأَعمال المختَصَّة بهذه الأيام على جميع الأعمال في سائر السَّنة. وقد علمت أنها بعد التتبع ليست إلا الصيام والتكبير. وإذَن معناه أَنَّ التكبير والصيام في هذه الأيام أَفضَلُ من سائر الأعمال فيما سواها. فالعملُ وإن كان عامًّا في اللفظ لكنه خَصَّصْناه بهذين نظرًا إلى الخارج. ولا ريب أن الفَضْل في تقديم الوظيفةِ الوقتية. وهذا الشرح أخذتُهُ مِنْ الزَّيْلعي. ثم هذا كلُّه إذا لم يكن الجِهَادُ فرضًا، فإن الكلام في الفضائل دون الفرائض. 12 - باب التَّكْبِيرِ أَيَّامَ مِنًى وَإِذَا غَدَا إِلَى عَرَفَةَ وَكَانَ عُمَرُ - رضى الله عنه - يُكَبِّرُ فِى قُبَّتِهِ بِمِنًى فَيَسْمَعُهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، فَيُكَبِّرُونَ وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الأَسْوَاقِ، حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ بِمِنًى تِلْكَ الأَيَّامَ وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ، وَعَلَى فِرَاشِهِ وَفِى فُسْطَاطِهِ، وَمَجْلِسِهِ وَمَمْشَاهُ تِلْكَ الأَيَّامَ جَمِيعًا. وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ تُكَبِّرُ يَوْمَ النَّحْرِ. وَكُنَّ النِّسَاءُ يُكَبِّرْنَ خَلْفَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزَ لَيَالِىَ التَّشْرِيقِ مَعَ الرِّجَالِ فِى الْمَسْجِدِ. وهو يومان إنْ تَعَجَّل، فإن تأخَّر فالثالثة أيضًا. قوله: (وإذا غَدَا إلى عَرَفَة) هذا هو التاسعة. قوله: (وكان عُمَرُ رضي الله عنه يُكَبِّرُ في قُبَّةٍ بمنَى) وهذا ما قلت: إنَّ التكبير من سُنَّة هذه الأيام، وأما بعد الصلوات فواجِبٌ. قوله: (وكُنَّ النِّسَاءُ يُكَبِّرْنَ) ولا دليلَ فيه على جَهْرِهنَّ بها كما يدلُّ عليه حديثُ الترمذي. 970 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الثَّقَفِىُّ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا وَنَحْنُ غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ عَنِ التَّلْبِيَةِ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ كَانَ يُلَبِّى الْمُلَبِّى لاَ يُنْكَرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ الْمُكَبِّرُ فَلاَ يُنْكَرُ عَلَيْهِ. طرفه 1659 - تحفة 1452 971 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ عَاصِمٍ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نَخْرُجَ يَوْمَ الْعِيدِ، حَتَّى نُخْرِجَ الْبِكْرَ مِنْ

13 - باب الصلاة إلى الحربة يوم العيد

خِدْرِهَا، حَتَّى نُخْرِجَ الْحُيَّضَ فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ، وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَطُهْرَتَهُ. أطرافه 324، 351، 974، 980، 981، 1652 - تحفة 18128 970 - قوله: (ويُكَبِّرُ المُكَبِّرُ فلا يُنْكَرُ عَلَيْهِ) وشعارية التكبير في هذه الأيامِ أَزْيَدُ من شعارية التلبيةِ. حدثنا محمد - وهو البخاري نفسه - حتى تَخْرُجَ الْحَيْضُ، وليس لهن غيرُ التكبير ويدعون بدعائهم، أي بدعائهم للمؤمنين في خلال الخُطبة، لأنه لم يَثْبُت عنه صلى الله عليه وسلّم بعد صلاةِ العيدين دعاءٌ، فالسُّنة الخاصَّة في ذلك قاضيةٌ على عموم الأحاديث في الأذكار بعد الصلوات. وفي «المدخل» لابن الحاج المالكي: أن السَّلف الصالحين كانوا يجلِسُون بعد الصبح والعصر في المسجد، لهم زَمْزَمةٌ وَدَوِيُّ كَدَوِيِّ النَّحْل، فهذه أحوالهم لأنفسِهم دونَ حالِ الجماعة. 13 - باب الصَّلاَةِ إِلَى الْحَرْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ 972 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ تُرْكَزُ الْحَرْبَةُ قُدَّامَهُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ ثُمَّ يُصَلِّى. أطرافه 494، 498، 973 - تحفة 8035 14 - باب حَمْلِ الْعَنَزَةِ أَوِ الْحَرْبَةِ بَيْنَ يَدَىِ الإِمَامِ يَوْمَ الْعِيدِ 973 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَغْدُو إِلَى الْمُصَلَّى، وَالْعَنَزَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ، تُحْمَلُ وَتُنْصَبُ بِالْمُصَلَّى بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّى إِلَيْهَا. أطرافه 494، 498، 972 - تحفة 7757 - 26/ 2 قد كان ترجم أولا: بأن لا يُحْمل السلاح يومَ العيد، وترجم ههنا بجواز الخروج مع الحربة ليجعلها سُتْرةً. 15 - باب خُرُوجِ النِّسَاءِ وَالْحُيَّضِ إِلَى الْمُصَلَّى 974 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ. وَعَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ بِنَحْوِهِ. وَزَادَ فِى حَدِيثِ حَفْصَةَ قَالَ أَوْ قَالَتِ الْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، وَيَعْتَزِلْنَ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى. أطرافه 324، 351، 971، 980، 981، 1652 - تحفة 18095، 18118 16 - باب خُرُوجِ الصِّبْيَانِ إِلَى الْمُصَلَّى 975 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ، وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ. أطرافه 98، 863، 962، 964، 977، 979، 989، 1431، 1449، 4895، 5249، 5880، 5881، 5883، 7325 - تحفة 5816

17 - باب استقبال الإمام الناس فى خطبة العيد

17 - باب اسْتِقْبَالِ الإِمَامِ النَّاسَ فِى خُطْبَةِ الْعِيدِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُقَابِلَ النَّاسِ. 976 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ زُبَيْدٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أَضْحًى إِلَى الْبَقِيعِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ وَقَالَ «إِنَّ أَوَّلَ نُسُكِنَا فِى يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نَبْدَأَ بِالصَّلاَةِ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ وَافَقَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ شَىْءٌ عَجَّلَهُ لأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِى شَىْءٍ». فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى ذَبَحْتُ وَعِنْدِى جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ. قَالَ «اذْبَحْهَا، وَلاَ تَفِى عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». أطرافه 951، 955، 965، 968، 983، 5545، 5556، 5557، 5560، 5563، 6673 - تحفة 1769 976 - قوله: (قد خرج النَّبيُّ صلى الله عليه وسلّم يومَ أصحىً إلى البَقيع) وهو بَقِيْعُ المُصَلَّى لا بقيعُ الغَرْقَد كما فهمه العَيْنيُّ رحمه الله تعالى وفيه يقول الشاعر: *أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ تَغَيَّر بعدنا ... بقيعُ المُصلَّى أم كَعَهْد القرائن 18 - باب الْعَلَمِ الَّذِى بِالْمُصَلَّى 977 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قِيلَ لَهُ أَشَهِدْتَ الْعِيدَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ نَعَمْ، وَلَوْلاَ مَكَانِى مِنَ الصِّغَرِ مَا شَهِدْتُهُ، حَتَّى أَتَى الْعَلَمَ الَّذِى عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ، وَمَعَهُ بِلاَلٌ، فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ، وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَرَأَيْتُهُنَّ يُهْوِينَ بِأَيْدِيهِنَّ يَقْذِفْنَهُ فِى ثَوْبِ بِلاَلٍ، ثُمَّ انْطَلَقَ هُوَ وَبِلاَلٌ إِلَى بَيْتِهِ. أطرافه 98، 863، 962، 964، 975، 979، 989، 1431، 1449، 4895، 5249، 5880، 5881، 5883، 7325 - تحفة 5816 19 - باب مَوْعِظَةِ الإِمَامِ النِّسَاءَ يَوْمَ الْعِيدِ 978 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْفِطْرِ، فَصَلَّى فَبَدَأَ بِالصَّلاَةِ ثُمَّ خَطَبَ، فَلَمَّا فَرَغَ نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ، فَذَكَّرَهُنَّ وَهْوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلاَلٍ وَبِلاَلٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ، يُلْقِى فِيهِ النِّسَاءُ الصَّدَقَةَ. قُلْتُ لِعَطَاءٍ زَكَاةَ يَوْمِ الْفِطْرِ قَالَ لاَ وَلَكِنْ صَدَقَةً يَتَصَدَّقْنَ حِينَئِذٍ، تُلْقِى فَتَخَهَا وَيُلْقِينَ. قُلْتُ أَتُرَى حَقًّا عَلَى الإِمَامِ ذَلِكَ وَيُذَكِّرُهُنَّ قَالَ إِنَّهُ لَحَقٌّ عَلَيْهِمْ، وَمَا لَهُمْ لاَ يَفْعَلُونَهُ طرفاه 958، 961 - تحفة 2449 - 27/ 2 978 - قوله: (فَلمَّا فَرغَ نزل) وهذا يدلُّ على أنه كان هناك موضعٌ، مرتِفعٌ خطب عليه وإن لم يكن مِنْبرٌ في عهده صلى الله عليه وسلّم على ما مرَّ. قوله: (قلت لعطاء: زكاةَ يومِ الفِطْر؟ قال: لا) وجزم هذا الراوي بكونها صدقةً عامّلا ولم تكن صدقة الفطر وإنِّي متردِّدٌ فيه.

20 - باب إذا لم يكن لها جلباب فى العيد

979 - قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأَخْبَرَنِى الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ شَهِدْتُ الْفِطْرَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ - رضى الله عنهم - يُصَلُّونَهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ يُخْطَبُ بَعْدُ، خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ حِينَ يُجْلِسُ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَشُقُّهُمْ حَتَّى جَاءَ النِّسَاءَ مَعَهُ بِلاَلٌ فَقَالَ (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ) الآيَةَ ثُمَّ قَالَ حِينَ فَرَغَ مِنْهَا «آنْتُنَّ عَلَى ذَلِكَ». قَالَتِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لَمْ يُجِبْهُ غَيْرُهَا نَعَمْ. لاَ يَدْرِى حَسَنٌ مَنْ هِىَ. قَالَ «فَتَصَدَّقْنَ» فَبَسَطَ بِلاَلٌ ثَوْبَهُ ثُمَّ قَالَ هَلُمَّ لَكُنَّ فِدَاءٌ أَبِى وَأُمِّى، فَيُلْقِينَ الْفَتَخَ وَالْخَوَاتِيمَ فِى ثَوْبِ بِلاَلٍ. قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ الْفَتَخُ الْخَوَاتِيمُ الْعِظَامُ كَانَتْ فِى الْجَاهِلِيَّةِ. أطرافه 98، 863، 962، 964، 975، 977، 989، 1431، 1449، 4895، 5249، 5880، 5881، 5883، 7325 - تحفة 5698 979 - قوله: (الفَتْخُ) خَاتِمٌ كبير ويُلْقِين للاستمرار التَّجَدُّدِي (دالتي كئين) قوله: (فَقَالتِ امرأةٌ واحدةٌ مِنْهنَّ) وهي أسماءُ بِنْتُ يَزِيد التي عُرِفت بخطيبة النِّسَاءِ. قوله: (قال عبدُ الرَّزَّاقِ): وهو صاحبُ المصنِّف - بالفتح - واعلم أن التصانيفَ إلى زَمَنِ أحمدَ رحمه الله تعالى كانت فيها الآثارُ والمرفوعاتُ مختلِطةً، ثم فَصَل أحمدُ رحمه الله تعالى بين المرفوعات والآثار ودَوَّن المرفوعات فقط. وأول مَنْ جَرَّدَ الفِقْه عن الحديث محمدُ بنُ الحسن، وهو السرُّ فِي عَدَمِ رضاءِ المُحدِّثين عن الحنفية. 20 - باب إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ فِى الْعِيدِ 980 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ قَالَتْ كُنَّا نَمْنَعُ جَوَارِيَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ يَوْمَ الْعِيدِ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِى خَلَفٍ فَأَتَيْتُهَا فَحَدَّثَتْ أَنَّ زَوْجَ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثِنْتَىْ عَشْرَةَ غَزْوَةً فَكَانَتْ أُخْتُهَا مَعَهُ فِى سِتِّ غَزَوَاتٍ. فَقَالَتْ فَكُنَّا نَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى وَنُدَاوِى الْكَلْمَى، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ لاَ تَخْرُجَ فَقَالَ «لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا فَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ». قَالَتْ حَفْصَةُ فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ أَتَيْتُهَا، فَسَأَلْتُهَا أَسَمِعْتِ فِى كَذَا وَكَذَا قَالَتْ نَعَمْ، بِأَبِى - وَقَلَّمَا ذَكَرَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ قَالَتْ بِأَبِى - قَالَ «لِيَخْرُجِ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ - أَوْ قَالَ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ شَكَّ أَيُّوبُ - وَالْحُيَّضُ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى، وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ». قَالَتْ فَقُلْتُ لَهَا آلْحُيَّضُ قَالَتْ نَعَمْ، أَلَيْسَ الْحَائِضُ تَشْهَدُ عَرَفَاتٍ وَتَشْهَدُ كَذَا وَتَشْهَدُ كَذَا أطرافه 324، 351، 971، 974، 981، 1652 - تحفة 18118، 18389 أ - 28/ 2 21 - باب اعْتِزَالِ الْحُيَّضِ الْمُصَلَّى 981 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ أُمِرْنَا أَنْ نَخْرُجَ فَنُخْرِجَ الْحُيَّضَ وَالْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ.

22 - باب النحر والذبح يوم النحر بالمصلى

قَالَ ابْنُ عَوْنٍ أَوِ الْعَوَاتِقَ ذَوَاتِ الْخُدُورِ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَدَعْوَتَهُمْ، وَيَعْتَزِلْنَ مُصَلاَّهُمْ. أطرافه 324، 351، 971، 974، 980، 1652 - تحفة 18105 فائدة مهمة في: بيانِ ما وقعَ منهم في الْجَرْح والتعديل يَنْبَغي الاعتناءُ بها واعلم أن ما جَرَّبناه في هذا الباب وَسَيُجَرِّبُهُ مَنْ كان لم يجرِّبْه: أنهم في غير مَوْضع الخلاف لا يَرَوْن ألا حال الرَّاوي بحسب الظاهر. فإن كان عندهم قائمًا صائمًا لا يخالِفُ ظاهرَ الشَّرْع ويتعاطى العلم يوثِّقُونه بلا نكير، حتى رأيتُ أنه وَثَّقُوا بَعْضَ مَنْ رُمُوا بالكُفْر ولم يجرِّحُوه بإِكْفَارٍ أحدٍ عند ثبوت صلاحه عندهم، نعم إذا دخلوا في موضع الخلاف فليست لهمِ ضابطةٌ فيه ولا سيما في حقِّ الحنفية. فإنَّ المحدِّثين لم يزالوا منهم في سَخَط، حتى إن بَعْضَهُم تأخَّر عن أَخْذِ حديثهم أيضًا. فانْظُر إلى تَحَامُلِ القوم إنهم يأخذون من نحو عبد الرَّزَّاقِ مع كونه شِيعيًا وإن لم يكن سابًا للصحابة رضي الله عنهم وهم مع ذلك عن أحاديث الحنفية لمعرِضُون. فالذي ينبغي الاعتماد عليه في هذا الباب أن يُنْظَر إلى حال الرَّجُل نَفْسِه، فإنْ تحقَّقَ عندنا بعد السَّبْرِ صلاحُهُ وحِفْظُهُ فإِذَن لا نعمل فيه بقوْلهم، إن رضا الناس غايةٌ لا تُدْرِك، ونعملُ بما جَرَّبنا فيه وعَلِمنا من حاله، فإن البيان ليس كالعيان. نعم إذا لم تُعْلم حالهُ فإذن ليس لنا فيه سبيلٌ إلاّ بالاعتماد على ما قالوا. لا أريد به رَفْعَ الأمانِ عن ما قالوه، بل أريدُ بيانَ مرتبة الأَخْذِ بما قالوه. فعليك أن تتأمل فيه لتنجلي لك حقيقةُ الحال. 22 - باب النَّحْرِ وَالذَّبْحِ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْمُصَلَّى 982 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنْحَرُ أَوْ يَذْبَحُ بِالْمُصَلَّى. أطرافه 1710، 1711، 5551، 5552 - تحفة 8261 النحِر مُخْتَصُّ بالإِبِل، والذَّبْح فيما سواه، ثُمَّ الْفَرْق بينهما مستحب، وكذلك الأضحية مُسْتَحَبَّة في المُصَلَّى. 23 - باب كَلاَمِ الإِمَامِ وَالنَّاسِ فِى خُطْبَةِ الْعِيدِ، وَإِذَا سُئِلَ الإِمَامُ عَنْ شَىْءٍ وَهْوَ يَخْطُبُ 983 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الصَّلاَةِ فَقَالَ «مَنْ صَلَّى صَلاَتَنَا وَنَسَكَ نُسْكَنَا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَتِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ». فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ نَسَكْتُ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ إِلَى الصَّلاَةِ، وَعَرَفْتُ أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ فَتَعَجَّلْتُ وَأَكَلْتُ وَأَطْعَمْتُ أَهْلِى وَجِيرَانِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ». قَالَ فَإِنَّ عِنْدِى عَنَاقَ جَذَعَةٍ، هِىَ خَيْرٌ مِنْ شَاتَىْ

24 - باب من خالف الطريق إذا رجع يوم العيد

لَحْمٍ، فَهَلْ تَجْزِى عَنِّى قَالَ «نَعَمْ، وَلَنْ تَجْزِىَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». أطرافه 951، 955، 965، 968، 976، 5545، 5556، 5557، 5560، 5563، 6673 تحفة 1769 983 - قوله: (فهل تُجزىءُ عني) ومن استعمالاته: أجزأ الإِبِل بالرُّطْب عن الماء، وأجزأ اللبن عن الطعام والشراب، وأما لفظ صح فمقابل للكسر، وقد مَرَّ تحقيقُ هذين اللفظين. وقد مر منا تحقيق المسألة، والتَّصْريح عن ابن الهُمَام بأن مسألة الاستماع مقتصِرة على ما سوى الإمام. ولعل المُصنِّف رحمه الله تعالى يُشِير إلى أنَّ في خُطبة العيدين سعةً بالنسبة إلى خُطبة الجمعة. وهو المختار عندي وإن كان في كُتُبنا أنهما سواء. 984 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ خَطَبَ فَأَمَرَ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ أَنْ يُعِيدَ ذَبْحَهُ فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِيرَانٌ لِى - إِمَّا قَالَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ، وَإِمَّا قَالَ بِهِمْ فَقْرٌ - وَإِنِّى ذَبَحْتُ قَبْلَ الصَّلاَةِ وَعِنْدِى عَنَاقٌ لِى أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ شَاتَىْ لَحْمٍ. فَرَخَّصَ لَهُ فِيهَا. أطرافه 954، 5546، 5549، 5561 - تحفة 1455 - 29/ 2 985 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ جُنْدَبٍ قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ ذَبَحَ فَقَالَ «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّىَ فَلْيَذْبَحْ أُخْرَى مَكَانَهَا، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ». أطرافه 5500، 5562، 6674، 7400 - تحفة 3251 985 - قوله: (فَلْيَذْبَحِ بِاسْمِ اللَّه) وصيغة «بسم الله والله أكبر» بالواو وبدونها، وهكذا على الطعام مجملة، ولفظُهُ قبل الوضوء كما في «معجم الطبراني»: «بسم الله والحمد لله». وحَسَّن العَيْنيُّ إسناده، ورأيتُ فيه عِلَّة. ثُمَّ إنَّه لم يجيء للإِهلال غيرُ التكبير، ولذا ورد قُبَيل الصلاة، وقُبَيل الذبح، بخلاف التسبيح وغيره، فإنه لم يرد لهذا. وأعني بالإهلال جَعْلَ شيئًا خالِصًا لله تعالى. 24 - باب مَنْ خَالَفَ الطَّرِيقَ إِذَا رَجَعَ يَوْمَ الْعِيدِ 986 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ. تَابَعَهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ فُلَيْحٍ. وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ. تحفة 2254، 12937 قيل: للتفاؤل، لأن العَوْد من طريقٍ بدأ منه يُشْبِ نَقْضَ العمل. وقيل: إظهارًا لشوكة المسلمين. 986 - قوله: (تَابَعَهُ) وإطلاقُ المتابعةِ فيه خلافُ مُصْطَلَحِهِم لِتَغَايُر الصحابي رضي الله تعالى عنه، فهو إذن شاهد، نعم يُعْلم من بَعْض النُّسخ أنها متابعةٌ على اصطلاحهم أيضًا.

25 - باب إذا فاته العيد يصلى ركعتين، وكذلك النساء، ومن كان فى البيوت والقرى

25 - باب إِذَا فَاتَهُ الْعِيدُ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ النِّسَاءُ، وَمَنْ كَانَ فِى الْبُيُوتِ وَالْقُرَى لِقَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «هَذَا عِيدُنَا أَهْلَ الإِسْلاَمِ». وَأَمَرَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ مَوْلاَهُمُ ابْنَ أَبِى عُتْبَةَ بِالزَّاوِيَةِ، فَجَمَعَ أَهْلَهُ وَبَنِيهِ، وَصَلَّى كَصَلاَةِ أَهْلِ الْمِصْرِ وَتَكْبِيرِهِمْ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ أَهْلُ السَّوَادِ يَجْتَمِعُونَ فِى الْعِيدِ يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ كَمَا يَصْنَعُ الإِمَامُ. وَقَالَ عَطَاءٌ إِذَا فَاتَهُ الْعِيدُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. 987 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِى أَيَّامِ مِنًى تُدَفِّفَانِ وَتَضْرِبَانِ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ «دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ». وَتِلْكَ الأَيَّامُ أَيَّامُ مِنًى. أطرافه 949، 952، 2907، 3530، 3931 - تحفة 16562 988 - وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتُرُنِى، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِى الْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «دَعْهُمْ، أَمْنًا بَنِى أَرْفِدَةَ». يَعْنِى مِنَ الأَمْنِ. أطرافه 454، 455، 950، 2906، 3529، 5190، 5236 - تحفة 16562 - 30/ 2 واعلم أن قضاءَ ركعتي العيد بعد الفوات مسألةٌ أُخرى، ويتأتَّى على مذهب مَنْ لا يقول بالجُمعة في القُرى أيضًا. ففي مبسوطات فِقْهنا: مَنْ فاتتهه سئخنَّةُ العيد. فإنه يصلِّي ركعتين أو أربعًا في بيته. ولم يكتب أحَدُهم ماذا يفعلُ مع التكبيرات. ثم إن هذا القضاءَ ليس كقضاءِ المكتوبات، فإنه يَبْقَى واجِبًا بعد الفوات أيضًا، بل هو كقضاء السُّنة. وفي «العناية»: أن للسُّنة أيضًا قضاءً، ولكنها تَنْحَطُّ عن السُّنية إلى الاستحباب. والسرُّ فيه أن السُّنة تثبت باستمرار فِعْله صلى الله عليه وسلّم وتكون محفوفةً بالخصوصية الوقتية، فلا يبقى له طالبٌ بعد الفوات، بخلاف الواجب والفَرْض، فإنه يَثْبُبُ بالأمر، فإذا فات عن وقته بقي الأَمْرُ طالبًا له. وهذا معنى ما كتبه الأصوليون أن الموجِب في الوقت هو الأَمْرُ، فإذا لم يؤده في الوقت استمر طلب الأَمْرِ منه، وليس هكذا حال السنة فإنها تكون محفوفة بالخصوصية، فإذا فاتتا عن وقتها لا يبقى لها طالب بعده. ومن العجائب ما في «مختصر خليل» أن قضاءَ السنن حرامٌ. قوله: (قال عِطاءٌ: إذا فَاتَهُ العِيْدُ صَلَّى رَكْعَتَيْن) فعطاء يقول بالقضاءِ، مع أنه قد مَرَّ عنه في باب الجمعة ما أَصْرَحُ منه في موافقته للحنفية: أن لا جُمْعَة في القُرَى. ولذا ينبغي التمييز بين مسألة الجمعة في القُرى وقضاءَ العيدين. ثم إن مسألته في العيد في الفائتة دون المؤداة ولا نزاع فيها، والمصنف جمع بينهما، ولا دليلَ في كلام المصنف رحمه الله تعالى أنه أجاز العيد في القُرى أو لا، لأنه بَوَّب بالفائتة دون المؤادة. فيجوزُ أن تكون الإعادةُ من جهة الفوات لا لكونِ العيد في القرى. ثُمَّ إنهم لم يقولوا

26 - باب الصلاة قبل العيد وبعدها

بالقضاء عن الجُمْعةِ، بل يُصلِّي الظهر، لأن الجمعة بَدَلٌ عنها فلا تقام بها إلا عند استجماع شرائِطِهَا، والاستيقان بتحقيقها. قوله: (وَصَلَّى كَصَلاةِ أَهْلِ المِصْرِ) وقد ثبت عندي أنه فاتَتْهُ العيدُ فَصَلَّى كذلك، وحينئذٍ خرج أَثَرُ أَنَس رضي الله تعالى عنه عن مَوْضِع النِّزَاع، فإنَّ القضاء لا يُنْكَرُ هنا أيضًا. نعم، أَثَرُ عِكْرِمَةَ صريحٌ في إقامة العيد في القُرى (¬1). 26 - باب الصَّلاَةِ قَبْلَ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا وَقَالَ أَبُو الْمُعَلَّى سَمِعْتُ سَعِيدًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَرِهَ الصَّلاَةَ قَبْلَ الْعِيدِ. تحفة 5654 989 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِى عَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا وَمَعَهُ بِلاَلٌ. أطرافه 98، 863، 962، 964، 975، 977، 979، 1431، 1449، 4895، 5249، 5880، 5881، 5883، 7325 - تحفة 5558 الصلاةُ قَبْلها مكروهةٌ حتى الإِشراق أيضًا، وأما بعدها فجازت في البيتِ دون المُصَلَّى. ... ¬

_ (¬1) قلت وفي تذكرة عندي عن الشيخ: أَن أَنسًا رضي الله عنه وإنْ كان يخالِفُنا في العيد لكنه لا يخالفنا في الجمعة على ما مرَّ تقريره في الجمعة، وههنا أنَّه ليس بمخالف في مسألة العيد أيضًا فَليُحَرَّر.

14 - كتاب الوتر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 14 - كتاب الوِتْر 1 - باب مَا جَاءَ فِى الْوِتْرِ واعلم أن الكلام في أبواب الوِتْر في مواضع: في الفَرْق بينها وبين صلاةِ الليل، وفي صفتها أواجبة هي أم سنة؟ وفي ركعات الوتر، وأنها بتسليمةٍ أو بتسليمتين. فنقول: والذي يتَّضِح من صَنِيْع المحدِّثين كافةً أنهما صلاتانِ متغايرتان عندهم. فإنهم يُبَوِّبُون لكلَ منهما بابًا بابًا، ثم يذكرون صلاةَ الليل في أبواب الوِتربوالعكس، لارتباطٍ بينهما. وهو نَظَرُ الحنفية، فإنهم قالوا: إن الوِتْرِ قِطْعةٌ من صلاةِ الليل صارت صلاةً برأسِعا مستقلةً بقراءتها، وصفتِها، وركعاتها. وأما الشافعية رحمهم الله تعالى فلا فرق عندهم بينهم، إلا أنَّ أَقلَّ الوِتْر عندهم ركعةٌ، واتفقوا على أَنَّ أكثَرَهَا إحدى عشرة ركعةً، واختلفوا في ثلاثَ عشرةَ، وأما من حيثُ كونُها صلاةَ الليل فتجوز عندهم ألفَ ركعةٍ بسلامٍ واحدةٍ، وسنوضِّحُه في صلاة الليل. ومِنْ ثَمَّة اختلفوا في صفتها: فَمَنْ لم يفرِّق بينها وبين صلاةِ الليل لم يَسُغ له القولُ بوجوبها. ومَنْ فَرَّقَ بينهما ساغ له أن يفرِّق بين صِفَتَيْهِمعا فيقول بوجوب الوِتْر وسُنِّيةِ صلاةِ الليل أو استحبابها. وقد مرَّ أن في إيقاظ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أَهْلَهُ للوِتْر دون صلاة الليل، والأَمْرَ بأدائها في أوَّل الليل لِمَنْ لا يَثِقُ بالانتباه في آخر الليل، وإيجاب القضاء على مَنْ فاتته، وإفرازها بالقراءة، وتعيين وقتها وركعاتِهَا لآياتٌ دالَّةٌ على الوجوب (¬1). واتفقوا على عدم جواز تَرْكها أيضًا. فحينئذٍ ¬

_ (¬1) قلت: وعندي تذكرةُ للشيخ رحمه الله تعالى عنه تتعلق بوجوب الوتر نمقها في الهندية لحاجة دعت له فأنا أُعَربُها لك قال: إِن نِزاعَهم في وجوب الوتر وسُنِّيته ليس بذاك، لأنه لم يذهب أحدُ منهم إلى جواز تَرْك الوِتْر، بل صرَّح مالك رحمه الله تعالى أن شهادةَ تاركِ الوِتْرِ لا تُقْبل، ونحوه عن الشافعية رحمهم الله تعالى، فلم يبق النزاع إلا في التسمية. ولنا ما صحَّحه ابن السَّكَن: "إن الله تعالى أمدَّكم بصلاة" الخ، والزيادةُ لا تكون إلا مِن جنس المَزيِد عليه، وهو ههنا الفرائض، لأن النوافل غيرُ محصورةٍ فتعين أن يكون المزيدُ عليه الفرائض. ومقتضاه أن يكون الوِتْرُ واجبًا. ولكن لما كان الحديثُ ظنيًا نَزَّلنا من الفَرْضية إلى الوجوب، وقلنا به. والذي تحقق عندي أن الوِتْر مُتَقدِّمٌ على الصلوات الخمس أيضًا، ولعله كان حين لم تكن الفرائضُ إِلَّا الفَجْر والعَصْر، ولذا قُرِن ذِكْرُ بهما في غيرِ واحد من الآيات. نعم صِفَةُ الوِترية وبعضُ التغير حدثَتْ فيه من بَعْد. ولا يلزم منه نَفْي أصْله من قبل، ونظيرُه ما عند مسلم: "إن الصلاةَ كانت مَثْنى مَثنى، ثُم زيدَت عليهما فصارت أربعًا أربعًا غير الفَجر والمَغْرب -بالمعنى- ولا أراك تقولُ إن الصلاةَ لم تكن فريضًة قبل ذلك، بل ثبتت فَرْضِيتُها من قبل، وحدَث فيها بعضُ الأَوصاف، وهكذا صلاةُ الليل لم تُنْسخ بأسْرِها قطعًا، ولا حَرْفَ في المُزَّمِّل يدلُّ على نَسْخِها، نعم فيها التيسيرُ من التَطْويل وهي باقية إلى الآن أيضًا، وأدناها عند إمامنا الوِتْرُ. أعجبني قولهم كيف ذهبوا إلى نَسْخها =

لم يَبْقَ نِزَاعٌ إلا في إطلاق لَفْظ الوجوب، وهذا كما ترى مما لا ينبغي فيه النزاع. ثم الأفضل عندهم أَنَّ الوِتْر ثلاثٌ بتسليمتين، فإنْ كانت بتسليمةٍ فالأفضلُ أن تكون بقعدةٍ على الأخيرة. فإن صلاها بقعدتين على الثانية والثالة مع تسليمةٍ واحدةٍ، فقيل إنه مَفْضولٌ، وقيل: غير صحيح. ثم قالوا: إنه إن صلاها خمسًا فطريقُها أن يصليها بقعدةٍ على الأخيرة، أو بقعدتين على الرابعةِ والخامسةِ، ثم إن شاءَ سَلَّم على الرابعة والخامسة فقط، وقِسّ عليها حالَها إلى إحدى عشرةَ. وإن أَرَدْتَ أن تكتفي بواحدةِ الوِتْر فذا عندهم جائزٌ أيضًا. أما عند مالك فظاهرُ موطئة إن الوِتْر ثلاثٌ بتسليمتين وجوبًا ولا تصح بواحدةٍ. وتأوَّله الشارحون وقالوا معناه نَفْيُ الكمال، وذهبوا إلى استحباب الثلاثِ مع صحَّة الواحدة. وقريبٌ منه مذهبُ أَحمد رحمه الله تعالى. قلتُ: لم يَثْبتُ عن النبيّ لله الاكتفاءُ بركعةٍ واحدةٍ قط بحيث لا يكون قَبْلَها شيءٌ ولا بَعْدَها شيءٌ، كما أقرَّ به الشيخُ عمرو بنُ الصَّلاح. وكذا ليس عندهم للفَصْل بينَ ركعاتِ الوتر شيءٌ غير المُبْهَمَاتِ. ولنا في كونها ثلاثَ ركعاتٍ وأن لا تسليمَ بينها صرائح ضوامَر من النصوص. وأما المصنِّف رَحِمه الله تعالى فقد وَافَقَنَا في تَغَايُرِ الصلاتين. ولعلَّه وافقنا في الوجوب أيضًا، كما سيجيء تقريره، وكذا في أنه ثلاثُ ركعات ولذا لم يُخرِّج في الباب الأَحاديثَ التي تَدُلُّ على كونِ الوِتْر خَمْسَا إلى ثلاثةَ عشرَ، نعم خالفنا في كونها بتسليمةٍ وجَزَم بكونها بتسليمتين. ثُمَّ لم يستطع أن يستدلَّ عليه إلا بأثرٍ عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه. فلنا أيضًا آثارٌ عن عمر، وعليَ، وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم. ¬

_ = مع أن النصوص تدل على بقائها في نظر الشارع بعد؟ ألا ترى كيف ردَّدت الأحاديث في وقت العشاء فجعل لها نصفًا، وثُلثًا، وأكثر منه، وأقل على التوزيع في المُزّمل بصلاة الليل، فكأن وقتَ العشاء ينقسم بحَسَب صلاة الليل إلى نصف، وثلث، وغيرهما، وعليه التردِيد في نزول الربِّ تبارك وتعالى ففي حديث النصف، وفي آخَرَ الثلث، وتصدى فيه الناسُ إلى الترجيح، والصواب عندي أن الترديد فيه لمكان الترديد في صلاة الليل، فالنزول على أنحاء نحو منه على النصف ونحو آخر على الثلث، وهكذا والله تعالى أعلم بحقيقة الحال. وبالجملة لَمَّا لم تُنْسخ صلاة الليل قلنا: إن أدناها الوِتر، ولما كان طريقُه، ظنيًا قلنا بوجوبه. وأورد عليه أن لفظ "أَمَد" لو دل على كونِ الوتر واجبًا لوجب أن تكونُ سنةُ الفجر أيضًا واجبة، لأنه وَرَد فيها ذلك اللفظ بعينه. قلت: وهي كذلك عندنا في رواية الحسن بن زياد. ثم رأيت فيه من ذلك السَّند بعينه لَفْظَ الوِتْر أيضًا مكانَ سُنة الفجر، فحكمت أنَّ هذا المضمون إنما كان ورد في الوتر، فَتَوهَّم فيه بعضُهم ونَقَل سُنةَ الفَجْرِ مكانَ الوتر. وكتب الشيخُ عَلَمُ الدين السخاوي رسالة مستقلة على فرضية الوتر، وعدَّة أسطرٍ منها منقولةُ على حاشية البحر وفيها إني نبأ الأمة أن الوتر فرض. ولنا ما أخرجه أبو داود: "الوِتْرُ حَق فَمَن لم يُوتِر فليس منا". أما قوله - صلى الله عليه وسلم - "فأوتروا يا أهلَ القرآنِ"، فالمراد منهم مَنْ كان يَحْفَظُ القرآنَ دون المؤمنين، وإنما خُصُّوا بالخطاب لأن مشروعيةَ صلاةِ الليل لتلاوةِ القرآن، فهي آكَدُ في حَقهم. ومَنْ فسَّرَهُ بالمؤمنين إنما حَمَله على ذلك أَنه ظَنَّ أنه يُخالِفُ وجوب الوِتْر شيئًا، لأنه يدل على أَن الوِتْر ليس على عامتهم مع أن المرادَ من الوتر صلاةُ الليل كما يُرشد إليه عبارةُ إِسحاق عند الترمذي فافهم منه.

وفي «المُدَونة» من قِيام رمضان: أَنَّ آخِرَ ما صلَّى بها الوِتْر بعد التراويح ثلاثُ ركعاتٍ، وعند الطحاوي: أنَّ عمرَ بن عبد العزيز أَثْبَتَ الوِتْر بالمدينة بقولِ الفقهاءِ ثلاثًا لا يُسلِّم إلا في آخِرِهنَّ. وعنده عن أبي الزِّنَادِ عن السبعة: سعيد بن المسيَّب، وعروةَ بن الزُّبير، والقاسم بن محمد، وأبي بكر بن عبد الرحمن، وخارجةً بنِ زيد، وعبيد الله بن عبد الله، وسُلَيمان بن يَسَار، في مشيخةٍ سواهم أَهلَ فِقْهٍ وصلاحٍ وفضلٍ، وربمااختلفوا في الشيء، فأخذ بقول أَكثرِهم وأفضلِهم رأيًا، فكان مِمَّا وَعَيْت عنهم على هذه الصفة: أن الوِتْر ثلاثٌ لا يُسلَم في آخَرِهنَّ ... إلخ. وفيه عبدُ الرحمن بن أبي الزِّناد، وفيه لَيِّن. قلتُ: وعَلَّق عنه البخاري في الاستسقاء. 990 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِىَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً، تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى». أطرافه 472، 473، 993، 995، 1137 - تحفة 8346، 7225 990 - قوله: (صلاةُ الليلِ مَثْنَى مَثْنَى). واعلم أنه قد تكلَّمنا عليه مرةً في: بابِ الحِلَق في المساجد، والآن سُنِح لنا أن نعود إليه ثانيًا مع إفادات جديدةٍ تركناها مِنْ قبل. فاعلم أَنَّ أَخْذَ المَثْنى في التعبير ليس لنكتةٍ فيها، بل التدرُّج من الأقل - إذا لَمْ يُدْر أنه كم يُصلَّى - طريقٌ فطري أو هو لِدَفْع مضرةٍ في ذِكْر غيره من العدد. فإنه لو قال: صلاةُ الليل أربعٌ، لانحصرت صلاةُ الليل فيه، لكونِ هذا العددِ أقلَّ من الأكثر، وأكثرَ من الأقلّ، فلا بد للتخصيص من نكتةٍ، وحينئذٍ تبادر إلى الذِّهن اختصاصُ صلاةِ الليل به، ولانحصر الوِتْر في الخَمْس، وقد مرَّ تقريره. فإن قلت: إنَّ المثنويةَ إذا قامت بالسلام ثَبَتَ أنها ثلاثُ ركعاتٍ بتسليمتين. فترجَّح ما ذهبوا إليه ولا سيما إذا كان هذا الحديثُ قوليًا، وخلافُهُ إِنْ ثَبَتَ فإنه فِعْلِيُّ، والقولي مقدَّم. قلتُ: إما ترجيحُ القولِ على الفعل فلكون القولِ تشريعًا عامًا والفعل واقعةً جزئيةً غيرَ معلومةِ الحال على الأَغْلَب، والأَمرُ ههنا بِالعْكْس. فإن فِعْلَه صلى الله عليه وسلّم ههنا مدّةَ عُمره على الوَصْل كما يرويه مَنْ رأَى وِتْرَه الدهر كلَّه. وهي عائشة رضي الله عنها، ومَنْ كَان ذهب لرؤية وِتره وهو ابن عباس رضي الله عنه، لا يحكي إلا أنها ثلاث بسلامٍ واحدٍ في آخِرِهنَّ. وأمَّا القول فَهو مُبْهَم يحتمل الوّجُوهَ ولا يقولُ عاقلٌ بترجيح هذا النحو من الفِعْل على مِثْل هذا القول. ثم اعلم أَنَّ كلَّ أَمْرٍ حُمِل على خصوصيته صلى الله عليه وسلّم لا بد أن يكونَ أفضلَ وأَحْرَى في باب العبادات، فإنَّ اختصاصَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لا يكون إلا بما هو أَفْضَلُ، كالوصالِ وغيرهِ، بخلاف نحوِ الاستقبالِ والاستدبارِ. فإِنَّا لو حملناه على الخصوصيةِ لا يكون دليلا على أفضليتِهِ، بل يجوزُ أن يكون استقبالُهُ صلى الله عليه وسلّم لكونِهِ أَشرفَ في نفسه من الكعبة، فانتفَتْ عِلَّة الكراهة وهي الاستهانة. على أنه قد مر معنا أَنَّ مسألةَ صلاة الليل فيه تمهيدي. والمَسُوق له بيانُ نَضَد الوِتْر بصلاة الليل، وأنه كيف يجعلُهَا آخِرًا؟ فهداه أنه يَجْعَلُهَا آخِرًا بأن يَضُمَّ معها واحدةً في الآخِر، فيصيرُ

ما قد صَلَّى مِنْ مَثْنَاه قبلَه، أو مجموع صلاة الليل وِتْرًا إن اعتبرناه على طريقِ صِفَةِ الشيء بحال متعلقة، فبناؤه على أَنَّ الوِتْر ثلاثٌ، أما كونُهَا مفصولةً بسَلام، فهو أَمْرٌ آخَرُ لم يتعرض إليه في هذا الحديث، ولا أُريد تَعْلِيمُهُ منه، وإنما عَلَّمه منه نَضْدَ الوِتْر بصلاةِ الليل، كما مر عن صحيح مسلم - ص 298: إنَّ سائلا سأله: كيف أوتر صلاة الليل؟ وإذا لم يبين له عددًا لأنه في إبان الصبح لا يدرى كم يدرك من الركعات، بدأ من مثنى لأنها أقل، ولعله يكتفي بها فقط. فالتسليم على كلِّ مَثْنى ليس مقصودًا، بل هو لِفَرْض أن صلاتَه هذا القدر فقط إن لم يدرك وقتًا بعدها، أو يزيد عليها مَثْنَى أُخْرَى إن أدرك وقتًا، ثم إذا خَشِي الصبح يُبادر إلى الوِتْر. ولما كان الوِتْر مُركَّبَا من مَثْنَى وركعة، فَصل الراوي مثناها في الذِّكْر فقط، ونَبَّه على أن حقيقة الإتسان قامت بواحدةٍ، فهي في النظر فقط بيانٌ للإيتار لا للفَصْل في العمل أيضًا. وبالجملة أنَّ المَثْنَويَّة عندنا قامت بالقعدة، وعند الشافعية بالسلام، فلزِمهم أن يقولوا بالتسليم على مَثْنَى الوتر أيضًا. فثبتَ التسليمُ بين الركعتين، والركعة من الوتر بخلافِهَا عندنا، فإنها باعتبار القعدة سواءٌ كان فيها التسليم أو لا، وهذا القَدْر قد بَيَّناه مِنْ قبل. والآن نريد الخوض في لَفْظ: «تُوْتِرُ له مَا قَدْ صَلَّى» أنه ما يفيد؟ وأنه ما الفَرْقُ بينه وبين قوله: «فاوتر بواحدة». وقد وعدناك بيانَه مرارًا وأَوفيناه أيضًا، ولكنا نفيدك الآن فائدةً لم تكن على خبرةٍ منها بعد. فاعلم أنا قد مَهدنا مِنْ قبل أن الفِعْل المتعدي إذا اعتبرت فيه المعهودية يصيرُ لازِمَا، وحيئنذٍ يتعدى بحرف الجر، كقوله: قرأ الفاتحة، وقرأ بالفاتحة، ومسح رأسه، ومسح برأسه. ومِنْ هذا الباب أَوْتَره وأوتر به. وحينئذٍ معنى قوله: أَوْتِر به أَن الواحدة هي الوِتْر المعهود عند الشرع. ومعنى الأَيثار بها أن يفعل بها فِعْل الوتر، وحينئذٍ يكون الحديثُ دليلا على أن الوِتْر ركعةً كما ذهب إليه الشافعية رحمهم الله تعالى. قلتُ: وإن كان حقُّ اللفظ هو هذا، إلا أنَّه لما تبين لنا انتفاءُ كونِ الركعة صلاةً مُعتبرة من جهة صاحب الشرع، وتَرَكْنا تبادُرَه. فإن مِثْل تلك النِّكَات إنما يجري في القرآن للتيقُّنِ بِحِفْظ. أما في الأحاديث فَلِفُشُوِّ الرواية بالمعنى، لا يُؤْمَنُ بِهَا أنه من لَفْظ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أو لا. ولنا أن نعارِض بما في البخاري في عين هذا الحديث: «تُوْتِرُ لَهُ ما قد صَلَّى» مكان «أَوْتِر بواحدةٍ»، وهذا أَقْعَدُ على نَظَرِ الحنفية. فإنَّ الإيتار فيه على صرافة اللغة فلا بد أَنْ يكون هناك مُوْتِرًا - بالفتح - يُؤتَر بتلك الواحدةِ، وهو مَثْنَى بِنَصِّ الحديث، فخرج أَنَّ الوِتْر ثلاثٌ. فإن قلت: إنَّ قوله: «أَوْتِر بواحدةٍ» كقولهم: أَنتِ واحدةٌ فهي للبينونة. وحينئذٍ تكونُ تلك الواحدةُ منفصلةً من المَثْنَى الأخيرة أيضًا، كانفصالها عن سائر المَثْنَوياتِ وذلك بالتسليم، فيثْبُتُ التَّسْلِيْمُ بين الرَّكْعتين والركعة. قلتُ: أولا في تفتيش لفظ الواحدِ: إنه يستعملُ بمعنيين: الأول لمفتتح العدد، ويقابله الاثنانِ والثلاثُ، وترجمته «إيك». والثاني بمعنى المنفرد. قال التِّبْرِيزي في شرح قول الحماسي:

طاروا إليه زَرَافَاتٍ وَوُحْدَانا وترجمته "أكيلا"، فهذا يدل على الفصل: أَنَّ الوُحْدَانَ جَمْعُ الواحد بمعنى المنفرد، دون الواحد بمعنى أوَّل العدد، وذلك لأنه فَهِم أن الواحد في سلسلة الأعداد لا يكون إلا واحدًا، أو غيرُه إِمَّا يكون اثنين أو ثلاثًا إلى غيرِ ذلك، وهو سَهْوٌ عندي، لأن الاثنين يتركَّبُ من واحدٍ وواحدٍ آخَر، وهكذا في الثلاث ثلاثُ وُحْدان، وعلى هذا القياس. ففي المائة مائة واحدة، لا أن الواحد في سلسلة العدد هو الأول فقط. وحينئذٍ لا بأس لو كان الوحدان جَمْعًا للواحد الذي في سلسلة الأَعداد أيضًا. وحينئذٍ فالفَرْقُ أن الواحِد بمعنى المنفرد يعتبر فيه الانفراد عن الغير، بخلاف ما في سلسلة الأعداد، فإنه لا يعتبر فيه ذلك. بل أقول: إن الواحدَ الذي لِمفتَتَح العدد يقتضي تَحَقُّقَ ما سواه أيضًا، نعم الواحد بمعنى المنفرد ينافي ذلك. فتقول: أنا وحدي فعلت كذا إذا فعلته بحيث لا يكون معك غيرُك، وحينئذٍ لا يجبُ أن يكون قولهُ: "أوْتِر بواحدة" دالًا على أن تلك الركعة ليس معها غَيْرُها، بل يجوزُ أن تكونَ الواحدةُ فيه ما هو في مفتَتَح العدد، بمعنى أنه أوتر بواحدةٍ من تلك الثلاث، وترجمته حينئذٍ "إيك" لا "أكيلا". فإن قلتُ: إنَّ الواحدة مقابلة للمَثْنَى فتكون منفصلة بسلامٍ كانفصالها. قلت: إن الواحدةَ لو كانت مقابلة للمَثْنَى لكان الكلامُ هكذا: صلاةُ الليل مَثْنَى مَثْنَى، فإذا خَشِيت الصُّبْحُ فواحدة. وحينئذٍ استقامت المقابلةُ بين المَثْنَى والواحدةِ، وانساق إلى الذِّهن أن الأَمْرَ الذي قامت به المَثْنَويةُ قامت به الوحدة أيضًا، وهو السلام، ولكن الشارع عَدَل عنه، وقابل بين المَثْنَى والإِيتار بالواحدة لإفادة التفصِّي شيئًا فشيئًا، وحينئذٍ لا يتم ما راموه. ثُمَّ إنَّ مما يَدُلُّك على أن الواحدةَ في مِثْله تتعلَّقُ بالأخيرة، ولا يجِبُ أن يكون حالُهَا مع الأخير كحالها مع ما قَبْلِها ما قال الفرَّاءُ: معي عشرةٌ فَأَحِّدْهُنَّ، أي اجعلهن أحدَ عشرَ، أي بزيادةِ واحدةٍ بعد العشرة. فدلَّ على تَعَلُّقِهِ بالأخير، وإنْ كان أثَرُهُ على ما قَبْلَه أيضًا. ونُقِل أن ثالثَ ثلاثةٍ معناه جَاعِلُ الاثنين ثلاثًا بعد كونه معدودًا فيها. وحُكِي عن سيبويه في ثَالِث ثلاثةٍ عشرةَ وجهان: بتنوين ثالث، وبدونها، أي مع الإضافة، ولذا ذكر له الرَّضِيُّ معنيين: الأول الثالثةَ عشرةَ من ثلاثةَ عشرةَ، والثاني الثالثَ من ثلاثَ عشرةَ ودلَّ الأوّلُ على تعَلُّقِهِ بالأخير - يعني تيره مير سي تيره تير هوان ياتيره مير سي تيسرا - ثُم قال الشافعية: معنى قوله: «أوْتِر بواحدةٍ» أي مجموع ما صَلَّيْت قَبْلَه، فيكون حالُهَا مع المَثْنى الأخيرة كحالِهَا مع سائر المثنويات، فهي منفصلةٌ بسلام. وقلنا: بل معناه: أَوْتِر بها الشَّفْعَ الأخيرةَ حقيقةً وإن انسحب الحُكْم على ما قَبْلَهِا أيضًا حُكْمَا، على طريق صفة الشيء بحالِ مُتعلَّقِة. والحديث يدل مَنْ حاقه على أن الواحدة متعلقة بالمَثْنَى الأخيرة فقط، فالمعنى: أوتر بها الشفعَ الأخيرة، فإنَّ قوله صلى الله عليه وسلّم «واجعل آخِرَ صلاتِكَ وترًا» صريحٌ في أنه أُريد بالإيتار المَثْنَى الأخيرة فقط، وهي آخِرَ صلاته. وحينئذٍ تكون تلك وترًا حقيقةً، وسائرُ الصلاةِ وترًا على طور وَصْفِ الشيء بحال مُتَعلِّقِه، كيف وأنَّه نَفْسَه قد وصف أوَّل صلاتِهِ بالمَثْنَوية فقال: «صلاةُ الليل مَثْنَى مَثْنَى» فهي مَثْنَى حقيقةً فلا تكون وِتْرًا. كذلك وإنَّما تَصِحُّ وِتْرِيتُهُ على طريق ما قلنا، فهي شَفْعٌ حقيقةً ووِتْرٌ مجازًا. وإذا علمت أن حالَ المَثْنَى الأخيرةَ غيرُ حالِ سائر المثنويات، لم يجب أن يكون حالُهَا في الفصل

عَمَّا قبلها كحالِ سائر المثنويات، وجاز أن تكون المثنوياتُ كُلُّهَا مفصولةً بسلام، وتلك موصولة بواحدة. وهذا معنى ما رواه ابن أبي شَيْبة - وصححه العِراقي - «صلاةُ المغربِ وِتْرِ صلاةِ النهار، فأوتروا صلاةَ الليل» لم يذهب فيه أحدٌ إلى أن صلاةَ المَغْرب أوترت النهايات كُلَّها. بل المعنى أنها خرجت من بينها وِتْرًا بنفسها، وإن اتصفت النارياتُ بالوِتْرية، فعلى طور صِفة الشَّيء بحال متعلَّقِه فليُقَس عليها حالُ الإيتار وظيفة الليل أيضًا. فليس معناه أن الواحدة جعلت مجموعَ صلاةِ الليل وِتْرًا. فحالها مع المَثْنَى الأخيرة والتي قبلها سواء، بل معناه أنها مع المَثْنَى الأخيرة خرجت وِتْرًا من بين سائر صلاة الليل. والحاصل: أن النهاريات كما اختتمت بصلاةِ وِتْرٍ كذلك اختموا صلاةَ الليلِ بالوتر، وعلى الوتر - وبعبارةٍ أخرى - إن وِتْر النهار كما لم يكن مقومًا لسائر النهاريات، كذلك وتر الليل ليس مقومًا لسائر ركعات الليل ليكون تَعَلُّقُه بالجميع سواء، بل معناه أن آخِرَ النهاريات صلاةً وِتْرٌ كذلك فلتكن صلاةُ الليل وترًا، لتصير الوظيفتان - أي وظيفة الليل والنهار - على شاكلةٍ واحدة. وتتصف الوظيفتان بصفة الوترية فتجلبان معنى الأَحِبَّية، «إن اللَّهَ وِتْرُ يحِبُّ الوِتْر» فكان الإيتار لمعنىً والناسُ حملوه على معنىً. فافهم ولا تعجل لتنجلي لك حقيقةُ الحال. وإنما تكلمنا عليه الآن بحسَبَ أذواق العربية وإن كان الأَمُرُ يبتني على ما ثبت عنه في الخارج ولا يبنى ولا ينهدم من الألفاظ شيء. وقد بقي بَعْدُ خبايا في زوايا الكلام، وفيه كلام أطول من هذا، وليراجع له رسالتي «كَشْف السِّتر في مسألة الوِتْر» (¬1). ¬

_ (¬1) واعلم أن الشيخ رحمه الله تعالى في عنفوان شبابه سئل عن قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في باب الوتر: "لا تُوتِروا بثلاث، أوتروا بخمسٍ" الحديث، بأنه دال على خلاف مذهب الحنفية صراحةٌ، فأجاب عنه بداهةً، ولما كان الاستفتاء بلسان الهند أجابه أيضًا كذلك، وكنت أخذْتُ نقله على دأبي القديم بما أُظْفَر من كلامه، فرجعت إليه عند ترتيب باب الوِتْر أيضًا فعجبت من فخامة معانيه، ودقَّة مبانيه مع وجازة الألفاظ، فأردتُ أن أزُفَّه إليك، وعندي رسالة أُخرى أيضًا من الشيخ رحمه الله تعالى تتعلق بمسألةِ الوِتر، لكنها طويلةٌ لا تناسب موضوع الكتاب، فأعَرِّبُ لك ما كتبه على الحديثِ المذكور فقط. واعلم أن الحديث "لا توتروا بثلاث، أوتروا بخمس" الحديثَ، لعلَّه أخذ في الاستفتاء من "فتح الباري". و"تلخيص الجسر"، و"نيل الأوطار"، وحَمَل على ما حَمَل عليه الحافظ حيث قال: والجمع بين هذا وبين ما تقدم من النهي عن التَّشَبُّه بصلاةِ المَغرب أن يُحْمَل النهيُ على صلاة الثلاث بتشهدين الخ. ولذا فهم أن جوابه على الحنفية فقط، مع أن ما ذكره الحافظ رحمه الله تعالى من محمله بعيدٌ عن الصواب، لأن الحديث لم يَرِد في مسألة التشهد أصلًا بل في بيان العدد وليس فيه إلا النهي عن الاقتصار على الثلاث أنه لا بد أن تضم معها ركعتان فصاعدًا، وإذَن يكون مَحْمولًا على الأفضليةِ بالإِجماع. فإِن ضَمَّ الرِكعتين فما زاد على الوِتر ليس من الواجبات، وإِنما هو أَمْر استحبَّه الشرْع ويؤيدُه حديث: "لا توتروا بثلاث، أوتِروا بخمس، أو سَبْع، ولا تشبهوا بصلاةِ المغرب" اهـ. فإِن الحُكم في قوله: "لا تشبهوا" لا يزيد على الحُكم بقوله: "لا توتروا بثلاث"، بل الجملتانِ بمعنى واحدٍ، لا أن الجملةَ الأُولى في مسألة التشهد، والثانية في بيان العدد. فالثانية حَلت مَحَل العدد للأولى ومجموعُهما في بيانِ العدد لا غيرُ. والمعنى لا توتروا بثلاث، لأنه يستلزم التشبُّه بصلاةِ المغرب ويتعيْن هذا المرادُ صراحة مما رُوي: "لا توتروا بثلاث تشبهوا بصلاة المغرب، ولكن أوتروا بخمس" الحديث. فإنه صريحٌ في أنَّ الحديثَ في بيان العدد دون التشهد. وهذا الحديثُ محمول على الأفضلية بالإجماع كما قلنا. والمرادُ من الإِجماع =

........................... ¬

_ = إجماع الأئمةِ المبتدعِين. قال الحافظ رحمه الله تعالى ذيل شرح حديث: "صلاةُ الليل مَثْنى مَثنى" الخ. واستدل به على تعيينِ الشفع قبل الوِتْر وهو عن المالكية بِناء على أن قوله: "ما قد صلى أي من النفل. وحَمَله مَن لا يشترط سبق الشفع على ما هو أعم من النفل والفَرض، وقالوا: إن سَبق الشفع شَرطْ في الكمال لا في الصحة. انتهى. أما أن الثلاثَ أَفضَل من الواحدة فقد صرح به الشافعية بأنفسهم أيضًا. نعم الاختلاف إنما هو في التشهد، وليس بمذكور في الحديث المذكور. ولو سَلمنا أن فيه تلك، أي مسألة التشهد، فللمعارضِ أن يعارِضَه بحديثٍ آخر: مالك عن عبد الله بن دِينار أن عبد الله بنَ عمرَ كان يقول: "صلاة المغرب وتْرُ صلاةِ النهار. قال الزرقاني: وهذا رواه ابن أبي شَيبَة مرفوعًا عن ابن عمرَ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاة المغربِ وترُ النهار، فأوتروا صلاة الليل". ولأحمد رحمه الله تعالى عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاة المغربِ أوترت النهارَ، فأوتروا صلاةَ الليل". قال الحافظ العراقي. والحديث سنده صحيح اهـ. ورواه الدارقطني عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا أيضًا ولكن سنده ضعيف، وقال البيهقي: الصحيح وَقْفه على ابن مسعود رضي الله عنه. اهـ. ولكن الإِنصاف أن المرادَ منه أيضًا ليس هو التشبيه في التشهد، بل وَجْه الشبه هو الايتار المجردُ لا غير، والله أعلم. وبعد اللتيا والتي لما علمت أن الحديثَ إنما ورد في بيان العددِ دون التشهد، علمت أنَ جوابه ليس على الحنفية فقط، بل هم وغيرهم فيه سواء. على أن الحديثَ المذكور يخالف ما رُوي في هذا الباب من الأحاديثِ القوليةِ والفعلية، ولا أتذكر في الباب حديثًا مرفوعًا قوليًا أو فعليًا يدل على كَون الوِتر ركعة منفرِدة مفصولة بسلام بعد ثنتين إلا ما جاء من الإِجمال. ولا تَمَسك لهم في حديثِ عائشةَ وابن عباس رضي الله تعالى عنهما، لما في حديث عائشةَ رضي الله عنها على اختلاف ألفاظه: "يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنِهن وطولهن. ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثًا اهـ. وكذا في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه أيضًا على اختلافِ ألفاظه عن حبيب بن أبي ثابت، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما: أنه رقد عند رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أن قال: ثُم فَعَل ذلك ثلاثَ مرات بست ركعات، كل ذلك يَستاك ويتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم أوْتَر بثلاث. رواه مسلم، والنسائي في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالليل. وأما التَكلم في حبيب بن أبي ثابت فغير مَسْموع. وأما حديث سَعْد بن هشام عن عائشةَ رضي الله تعالى عنها فإِن ورد فيه: أنَّه كان يُصلِّي تسعَ ركعات لا يَجْلِسُ بينها إلَّا في الثامنةِ، فيذكُر الله ويَحْمَدُه ويَدْعُوه، ثُم يَنْهَضُ ولا يسلم. ثُم يقوم فيصلِّي التاسعةَ، ثُم يَقْعُد فيذكر الله فيحمده ويدعوه، ثُم يسلِّم تسليمًا يُسْمِعُنا. اهـ فقد ورد فيه غيرُ ذلك أيضًا كما عند النسائي وغيره عن سَعْد بن هشام أن عائشة رضي الله عنها حدثته: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يُسَلّم في ركعتي الوِتْرِ، فإِنْ كان الأَوَّلُ مع إجمالِه أقربَ إِليهم. فالثاني متعين لنا مع صراحته بنفي السلام بين الركعتين والركعة من الوِتْر. ولما كان مَخْرَجُ الحديثين واحدًا لا بد أن يكون هذا التفصيلُ قاضيًا على ما في الحديث الآخر من الإِجمالَ، ويبقى الوِتْر فيهما ثلاثًا لا غيرُ. أما حديث أم سَلَمة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُوتِر بسبع، أو خمس لا يَفْصِل بينهن بتسليم. اهـ. ففيه بيان عدد صلاة الليل أولًا. ومَرْجِع الضمير ليس إلا ركعات الوِتر منهن، سواء سميتَه استخدامًا أو شيئًا آخَر. ويشهدُ له طريقٌ آخرُ لتلك الروايةِ عند النسائي عنها قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُوتِر بخمس وسبع لا يَفْصِل بينهن بسلام ولا كلام. اهـ. وحديث عائشةَ رضي الله عنها المارُّ آنفًا في نفي السلام أيضًا قرينةْ عليه. أَما حديث أبي أيوب: "مَنْ أحب أن يوتِر بخمس فليفعل، ومَن أحبَّ أن يوتِرَ بثلاثٍ فليفعل. ومَن أحبَّ أن يوتِر بواحدة فليفعل"، فلا يقومُ حجة أيضًا لما في "التلخيص"؛ وصَحَّح أبو حاتم، والذهبي، والدارقطني في "العلل"، والبيهقي وغيرُ واحدٍ وَقْفَه، وهو الصواب اهـ. وَوَجهه ظاهِرٌ، لأنه لم تقع الركعة الواحدة مفصولة بسلام مرفوعًا إلا في تلك الروايةِ، والله تعالى أعلم. =

........................... ¬

_ = وأما نحو حديث: "صلاة الليل مَثنَى مَثنى، فإذا خشي أحَدُكم الصبح صلى ركعة واحدة توتِر له ما قد صلى" فلا حجةَ فيه أصلا، لأن مَبنَى الروايةِ المذكورةِ وأمثالِها على تحليل ركعاتِ الوِتر الثلاثِ إلى المَثَنى والواحدةِ. فعد مثناها في طرف، وواحدتها في طرف آخر لمعانٍ واعتبارات سخت له. فهذا مَلحَظ تعبير لا غير. وقد وَرَد نحو هذا التعبير في كلام الفصحاء والبلغاء أيضًا فقيل: وكان مجني دونَ من كنتُ أتَقي ... ثلاثَ شُخُوص كاعبان ومعصر فانظر كيف فَصَل الثلاثَ، وحَلله إلى الاثنين والواحد، أي الكاعبين والمعصر. وهكذا فليضمه في صلاةِ الوِتر، فإن الراوي فصَله إلى الركعتين والركعة، لأن السياقَ كان في عدد المثنويات، فلما نزل الراوي إلى بيانِ الوِترِ فَصلَ مثناه أيضًا لبيانِ أن الإيتار في الوتر قام بالركعةِ الواحدةِ. ويؤيدُه ما وقع عند أحمد وأبي داود من روايةِ عبد الله بن أبي قيس عن عائشةَ رضي الله تعالى عنها بلفظ "كان يوتِر بأربع وثلاثٍ، وست، وثلاث، وثمانٍ وثلاث، وعَشر، وثلاث، ولم يكن يوتِر بأكثرَ مِن ثلاثَ عشرةَ ولا أنقَص مِن سَبع". قال الحافظ في "الفَتح". وهذا أصحُّ ما وَقَفت عليه من ذلك، وبه يجمع بين ما اختلف عن عائشة رضي الله تعالى عنها مِن ذلك والله اعلم. وعند أبي داود عن عروة عن عائشةَ رضي الله تعالى عنها: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي ما بين أَن يَفرُغَ من العشاءِ إلى الفَجْرِ إحدى عشرةَ ركعة، يسلم من كل ركعتين". وجعله الحافِظ رحمه الله تعالى فَاصِلًا في الفصل بين ركعاتِ الوِترِ مع أنه محمول على غير الشفع الأخيرة لما مر في رواية أبي داود عنها. ولما في رواية ابن هشام عن عروةَ عنها: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي من الليل إحدى عشرةَ ركعة يوتِر فيها بواحدةٍ". الخ ففيها استثناء للشفع الأخيرةِ مع أنه قد مَر آنِفًا أن الرواةَ قد فَصلوا الركعاتِ في تلك الروايات إلى الركعتين والركعة. كتحليل العقلاء بسيطًا مَحضًا تحليلًا عقليًا، ولا يكون ذلك قادِحًا في بساطته مغيْرًا لحقيقته، وإنما يكون ملحظ تعبيرٍ فقط. وعلى هذا لا يَضر الفَرق بين قوله: "يُوتِره"، و"يوتر به" أيضًا. وظاهرٌ أن الوِترية إنما قامت في الحِس من الركعةِ الأخيرة لا غير وإِن كان مجموعُ الثلاثِ صلاة مستقلة عندنا، لكن لا حَجر في التعبير إن بناه الراوي على الحِسِّ والإحساس. وأما رواية هشام عن أبيه عنها: أنَّه كان يوتِر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء من الخمس ركعات إلا في آخِرِهن. رواه حمَّاد بن سَلَمة، وأبو عوانة، وَوهَيْب وغيرهم. فَقَد قَدَح فيه الزرقَاني نقلا عن ابن عبد البر حيث قال: وأكثر الحُفاظَ رَوَوه عن ابن هشام كما رواه مالك والرواية المخالفة له إنما حَدَّث بها عن هشام أَهلُ العراق. وما حَدَّث به هشامٌ قبل خروجه إلى العراق أَصحُّ عندهم اهـ. وإذا كان الأمر كذلك فقد كفينا عن عهدة الجواب على طريقِ ضابطةِ المحَدِّثين، وإلا فيمكن جوابه أيضًا من غيرِ تكلف، بأن المرادَ من الجلوس هو جلوس الفَراغ لا جلوس التشهدِ. وحاصله: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي صلاتَه من الليل في سلسلة واحدةٍ حتى إذا بقيت خمسٌ مع الوِتْر مَكَث هنيةً، ئُم إذا أراد أن يُصلي ركعاتِ الوِتْر قام وصلى ثلاثَ الوتر وركعتي التطوع بعدها بدون مُكْث بينهما، فإِذن المقصودُ منه بيانُ نفي الجلوس بين الوِتْر ورَكْعَتَيه كما كان في السابق لا نَفْيُ السلام كما زعم. ففيه بيانٌ لحال الوِتْر وركعتي التطوع لا حالِ صلاةِ الليل والوِتْر ومن ههنا عَلِمنا سُنة النبي - صلى الله عليه وسلم - في هاتين الركعتين. فَمَن أرادَ أن يركَعَهما استُحب له أنْ لا يفصل بين وِتْره وبين هاتين بِمُكْث، بل يصليها في سلسلة واحدة. والحاصل: أَنَّ النفي فيه لجلوسِ الفراغ دون الجلوسِ مُطلقًا، لمَا مرَّ في الروايات المصدرة عنها. بقي أن المتبادر من الجلوس إلى جلوس في خلال الصلاةِ لا إلى جلوس الفراغ، فيكون حَمله عليه حَملًا على خلافِ المتبادر. فنقول: إن هذا التبادُر إنَّما هو بَعْدَ تَقَررِ العُرْف واشتهارُه عند الفقهاء. أما الحديث فإِنه يحمل على صرافة اللغة دون العُرف الحادث. فإِنَّ الحديثَ لا يقتصر على بيانِ الفِقْه، بل في غيرِ هذا الباب أيضًا كالسَّير وغيرِه. =

991 - وَعَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُسَلِّمُ بَيْنَ الرَّكْعَةِ وَالرَّكْعَتَيْنِ فِى الْوِتْرِ، حَتَّى يَأْمُرَ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ. تحفة 8385 992 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ، وَهْىَ خَالَتُهُ، فَاضْطَجَعْتُ فِى عَرْضِ وِسَادَةٍ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَهْلُهُ فِى طُولِهَا، فَنَامَ حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ، فَاسْتَيْقَظَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ، فَتَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى فَصَنَعْتُ مِثْلَهُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِى، وَأَخَذَ بِأُذُنِى يَفْتِلُهَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ، خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ. أطرافه 117، 138، 183، 697، 698، 699، 726، 728، 1198، 4569، 4570، 4571، 4572، 5919، 6215، 6316، 7452 - تحفة 6362 993 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَنْصَرِفَ فَارْكَعْ رَكْعَةً تُوتِرُ لَكَ مَا صَلَّيْتَ». قَالَ الْقَاسِمُ وَرَأَيْنَا أُنَاسًا مُنْذُ أَدْرَكْنَا يُوتِرُونَ بِثَلاَثٍ، وَإِنَّ كُلاًّ لَوَاسِعٌ أَرْجُو أَنْ لاَ يَكُونَ بِشَىْءٍ مِنْهُ بَأْسٌ. أطرافه 472، 473، 990، 995، 1137 - تحفة 7374 - 31/ 2 994 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، كَانَتْ تِلْكَ صَلاَتَهُ - تَعْنِى بِاللَّيْلِ - فَيَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ لِلصَّلاَةِ. أطرافه 626، 1123، 1160، 1170، 6310 - تحفة 16472 991 - قوله: (وعن نَافِع: أن عبد الله بنَ عمر كان يُسَلِّم بين الركعةِ والركعتين في الوِتْرِ، حتى يَأْمُرَ بِبَعْضِ حاجَتِهِ) قيل: إن «حتى» ههنا بمعنى «كي»، وحينئذٍ لا يَدُلُّ على كَوْنِ التسليم عادةً له، وإنَّما معناه أَنه كان يُسَلِّم عند سُنُوح الحاجة. وقيل: بل هي للترقي. فمعناه أن التسليم ¬

_ = أما ما عند الطحاوي عن سالم، عن ابن عمرَ؛ أَنه كان يَفصل بين شَفعه ووِتْره بتسليمةٍ وأَخبر أَن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل. قال الحافظ: واسنادهُ قوي. فليس نَصًّا في المسألة المتنازع فيها، ولا يدرَى أنه على أَي شيء استشهد بفعلِ النبي - صلى الله عليه وسلم - فالعمل بهذا الإِبهامِ مع وجود الصرائحِ في المقام جمودٌ جامد، وعدولٌ عن سواءِ الصراط. يقول العبد الضعيف: وإنَّما تَكلم الشيخ رحمه الله تعالى على هذه الأحاديث على طَوْرهم، لأنه أراد الإِجمال، والجواب في الجملة، وإلا فتحقيقُه في بعض تلك الأحاديث يغايرُ ما ذكره. وقد ذكره مُفصَّلا فيما ألقى علينا في درس الترمذي. وقد ذكرناه في موضعه. وإنما أردنا الآن تعريبَ هذا المختصر لكونه جامعًا للأحاديث العزيزة في الباب مع الجواب عنها بأخصرَ وألطف وَجْهٍ فافهم.

كان من عادته، حتى إنه كان يتكلم بين الركعة والركعتين أيضًا، فهو لكمالِ الانفصال. وقد استدلَّ صاحبُ «الْمُغْني» على كونها للترقيِّ من قول الشاعر: *وكان امرؤٌ من جُنْدِ إبليس فارتقى ... به الحالُ حتى صار إبليسُ من جُنْدِهِ قلتُ: ولعل «حتى للتَرَقِّي» هي «حتى العاطفة» للغاية كما في قولهم: مرض فلانٌ حتى لا يرجونه، ومات الناسُ حتى الأنبياءُ، ومن جزئياته حتى للتَرَّقي فاخترعوا لها اسمًا على حِدة، وشرطوا لها شرائِطَ، ولذا احتاجوا إلى إثباتها. ولو قالوا: إنها هي العاطفة، وقد تفيد الترَّقي أيضًا لما احتاجوا إلى تَجَشُّمِ الاستدلال، ولا وجه لإنكارها، وكيفما كان ثبتَ السَّلامُ عن ابن عمر رضي الله عنه في الوسط. قلتُ: ويَرْوي هذا الحديثَ آخَرُون أيضًا، ومذهبهم أن الوِتْر ثلاثٌ بسلام واحدٍ، فعلم أن الحديثِ ليسَ نصًّا في الفصل، إنما هو اجتهادُهُ ثم إن مذهبَهُ نَقَضَ الوِتْر أيضًا، فهلاّ اختاروه أيضًا مع أنه لم يذهب إليه من الفقهاءِ الأربعةِ أحدٌ. وفي قيام الليل ما يدل على أنه كان يفعلُ ذلك من رَأَيه، وليس فيه عنده عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم شيءٌ. وهكذا لم يثبت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم الكلامُ أيضًا قط، فهو أيضًا من اجتهاده، ثم إِنَّ ظاهر هذا التعبيرِ الكلامُ بعد الركعة قبل الركعتين، ولم يختره الشافعيةُ رحمهم الله تعالى أيضًا. وقد يذهبُ وَهْلي إلى أنه يمكن أن يكون كلامُهُ هذا بين الركعة الأخيرة من الوِتْر وركعتي الفَجْر. وقد ثبت نَحْوُه عن عائشةَ رضي الله عنها وإن كان الظاهرُ منه ما اختاره الشافعية. وليُعْلَم أن الحافظ رحمه الله بعد خَتْم باب التشهد نَبَّه على فائدة، وهي أنهم لم يختلفوا في ألفاظ التشهد الأول إلا ما رُوي في «مصنَّف» عبد الرزاق عن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان يرى قولَهُ «السلام عليك أيها النبي» ... إلخ نَسْخًا للصلاة، ولفظه: «وكان ابن عمر رضي الله عنه يرى التسليمَ في التشهد نَسْخَا في الصلاة». وصرَّح نافعٌ أن المرادَ به السلامُ عليك أيّها النبيُّ ... إلخ. قلتُ: ورأيت هذه الروايةَ بعينها عن سالم، عن ابن عمرَ رضي الله عنه في «مصنِّف» ابن أبي شيبة أيضًا، ثم قال سالم: «أما أنا فَأُسلِّم». قلتُ: ومن ههنا عُلِم وَجْهُ اجتهادِ ابن عمرَ رضي الله عنه في الكلام بين الركعة والركعتين من الوِتْر. فإنَّه إذا كان يرى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلّم يسلم في تَشَهّدِه وكان عنده نَسْخَا للصلاة، حَمَله على الفصل وأنه فَرَغ من صلاته. ثُمَّ عند مالك في «موطئه» عن ابن عمر رضي الله عنه: «أنه كان يقرأ بالسلام في تَشَهُّدهِ في صلاته»، وهذا يُوجِب أن لا تصح صلاتُهُ على الفَرْض المذكور. فإنَّه إذا كان التسليمُ عنده نَسْخًا فليزَم أنه كان ينسخُ صلاتَه بالتسليم في التشهد، مع أن اختلافَه لو كان، لكان في ركعات الوِتْر دون سائر الصلوات، فإنَّها متواترةٌ، فما لم يُفَصِّل مَاذَا كَانَ مَذْهَبُه؟ لا ينبغي التَّمَسُّك بحديثه. على أنه قد تبيَّن عندنا مَنْشَؤُه، وهو أن الرواية في النوافل ليست عنده إلا بالمَثْنَى، فَجَعَل الوِتْر أيضًا مَثْنَى وركعةً طردًا للباب، ولا يصِحُّ على طريقنا. وقد أوضحناه في تقرير الترمذي أبْسَط من هذا.

فائدة

ثم ههنا حديث في «مستدرَك» الحاكم عن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا: أنه كان يتكلم بين الركعتين والركعة من الوِتْر، وهو صَعْبٌ جدًا، وقد كشف اللَّهُ علي سبحانه مرادَه بعد عشر سنين ونَيِّف. وصورة الجواب: أَن الركعة هي واحدةُ الوِتر، أما الركعتان فهي سُنَّةُ الفَجْر، والمقصودُ منه إثباتُ الكلام بين الوِتْر وسُنَّة الفجر. ولما كانت الواحدةُ ثالثةَ الوِتر وذكرتها بالواحدة تَبَادَرَ إلى الذِّهْن أنها ثالثةٌ الوِتْر، والركعتان هما مثناه، مع أن الأمر ما قلنا، والدليلُ عليه ما في «الصحيحين» عنها: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يحدِّثُها بعد الوتر إن كانت مستيقظَةً، ثم يُصلِّي سُنَّةَ الفَجْر وسندُه وسَنَدُ حديث «المستدرَك» واحدٌ، وتمامه في رسالتي «كَشْف السِّتْر». فائدة واعلم أن محمد بن نَصْر، ومحمد بن مُنذر، ومحمد بن خْزَيمة، ومحمد بن جَرِير يقال لهم: المحمدون الأربعة. قيل: إنهم كانوا في أوَّلِ أَمْرِهم على مذهب الشافعية رحمهم الله تعالى، ثُمَّ صاروا مُستقلِّين بالاجتهاد. قوله: (قال القاسِمُ: ورأينا أُنَاسَا مُنْذُ أَدْرَكْنَا يُوْتِرُون بثلاثٍ، وإنَّ كُلاًّ لَوَاسِعْ، وأرجو أن لا يكونَ بشيءٍ منه بأسٌ) وكلام قاسم هذا صريحٌ في علم العامة أنه كان بالثلاثِ، وهو تابعيٌ فقيه. وأما رأيه فعلى رأي الحافظ جوازُها بالركعة أيضًا، لأنه حَمَلُهُ على كونِها واحدةً أو ثلاثًا. قلتُ: ولِمَ لا يجوزْ أن يكون مرادُهُ التعميمَ في الثلاثِ والخَمْس وغيره، بأن تكونَ الركعتان أو أزيد قُبَيل الثلاث، ولا سيما مامر معنا عن الطحاوي من مذهبه في هذا البابَ، فإن كان مذهبُهُ هوالثلاثَ - كما هو ظَاهِرُ لَفْظِ الطحاوي - تَعَيَّن أن التخييرَ منه في الثلاثِ، وفي ما فوقه لا فيما دونَ الثلاثِ، كما فَهِمه الحافظ رحمه الله تعالى. قوله: (فَيَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذلك قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحدُكُمْ خمسينَ آية) ... إلخ فهذه السجدةُ في داخل الركعات لا أنها خارج الصلاة بعد الوتر، كما شاع في بعض البلاد. وفي «المنية»: أنها بِدْعَةٌ. وترجم عليها النَّسائي. قلتُ: وكان المناسبُ أن لا يترجم عليها، لأنها لم يَظْهَر بها العملُ. وكذلك فَعَل النسائي في حديث: «فأذِّنا فأقَيما» فترجم بتعدد الأذان في السفرِ، ولم يذهب إليه أحدٌ. وقد مرَّ الكلام فيه. 2 - باب سَاعَاتِ الْوِتْرِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَوْصَانِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ. 995 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ أَرَأَيْتَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْغَدَاةِ أُطِيلُ فِيهِمَا الْقِرَاءَةَ فَقَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، وَيُوتِرُ بِرَكْعَةٍ وَيُصَلِّى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْغَدَاةِ وَكَأَنَّ الأَذَانَ بِأُذُنَيْهِ. قَالَ حَمَّادٌ أَىْ سُرْعَةً. أطرافه 472، 473، 990، 993، 1137 - تحفة 6652 996 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى

3 - باب إيقاظ النبى - صلى الله عليه وسلم - أهله بالوتر

مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُلَّ اللَّيْلِ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ. تحفة 17639 والكلُّ ثابت، واستقرت عادتُهُ على الآخِر وكان أبو بكر رضي الله تعالى عنه يوتر أول الليل لعدّم اعتماده على نفسه وعمر رضي الله تعالى عنه في آخر الليل. وعند أبي داود حذر هذا، وقوَّى هذا. 3 - باب إِيقَاظِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَهْلَهُ بِالْوِتْرِ 997 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى، وَأَنَا رَاقِدَةٌ مُعْتَرِضَةً عَلَى فِرَاشِهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ أَيْقَظَنِى فَأَوْتَرْتُ. أطرافه 382، 383، 384، 508، 511، 512، 513، 514، 515، 519، 1209، 6276 - تحفة 17312 دلَّ على تَغَايُرِ الصلاتين قطعًا. 4 - باب لِيَجْعَلْ آخِرَ صَلاَتِهِ وِتْرًا 998 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا». تحفة 8145 998 - قوله: (اجْعَلُوا آخِرَ صلاتِكُمْ بالليل وِتْرًا) وهذا دليلٌ على أن الوِتْر ثلاثٌ إنْ جعلت «الآخِر» مفعولَه الأول، «والوِتْر» مفعوله الثاني. ولو جعلت «الآخِر» ظرفًا «والوِتْر» مفعولَه الأول لم يحصل منه هذا المُرَادُ. 5 - باب الْوِتْرِ عَلَى الدَّابَّةِ (¬1) 999 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ¬

_ (¬1) قلت: وتكلم عليه ابن العربي لكن أغلاط الكاتب منعتني من الانتفاع به، فأذكر لك شيئًا نسبت ذكره في أول أبواب الوتر، قال ابن العربي في "العارضة" ص (241) ج (2) اختلف الناسُ فيما شرع فقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: شرع أربعة أنواع فرض ستة واجبة، وستة غير واجبة، وقال الشافعي رحمه الله تعالى: شرع ثلاثة: فرض، وسنة، ونافلة ... وقال علماؤنا: شرع أربعة: فرضًا، وسنة واجبة، ورغيبة، ونَفْلًا، وهذه اصطلاحاتٌ لم يجىء على لسانِ الشرع إلا بعضُها فلا يُبنى عليه حُكْم. قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: الفرضُ ما ثبتَ بكتاب الله، والسُّنة ما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جماعةٍ كالوِتْر، والنفْل ما وعد بالثواب على فِعْله، والرغائب ما أكَّد الثناءَ عليها وخَصَّها بالذكر من بين أقرانها، كركعتي الفجر عندنا. قلت: وفي العبارة قلق مع ما فيه من التقسيم، وإنما نقلت العبارة المذكورة لتعلم أن اختلافَ الأئمةِ في الواجبات مع الحنفية يجري في مواضع، وذلك في بعض المواضع يرجع إلى اختلاف الاصطلاح فقط، كالوتر كما أومأ إليه الشيخ رحمه الله تعالى في مواضع، فليعلمه ولا يجعله من باب الاختلاف في المسألة.

6 - باب الوتر فى السفر

بِطَرِيقِ مَكَّةَ فَقَالَ سَعِيدٌ فَلَمَّا خَشِيتُ الصُّبْحَ نَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ، ثُمَّ لَحِقْتُهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَيْنَ كُنْتَ فَقُلْتُ خَشِيتُ الصُّبْحَ، فَنَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَلَيْسَ لَكَ فِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فَقُلْتُ بَلَى وَاللَّهِ. قَالَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُوتِرُ عَلَى الْبَعِيرِ. أطرافه 1000، 1095، 1096، 1098، 1105 - تحفة 7085 - 32/ 2 قال الحافظ: ولولا أنَّ البخاري ترجم بهذه لدلَّ على اختيارِه وجوبَ الوِتْر، لأن صنيعَ تراجِمِه يشيرُ إلى الوجوبِ، ولكنه لما جَوَّزَ الوِتْر على الدَّابة عُلِم أنه لم يذهب إليه. قلتُ: بل هذا الاحتمال قائمٌ بعد، لجواز أن يكون البخاريُّ يختارُ جواز أداءِ الواجب على الدَّابة. فإنه لا نصَّ فيه، وهو مختارٌ في مسائله، ولا يلزم من عدمِ اختيار الحنفية والشافعية رحمهم الله تعالى تلك المسألةَ أن لا يختارها البخاريُّ أيضًا. أما ابن عمر رضي اللَّهُ عنه فالجوابُ عنه عندي أنه مِمَّنْ لَمْ يكن يُفَرِّق بين الوِتْر وصلاةِ الليل، وكان يُطْلِقُ الوِتْر على المجموع. فيمكن أن يكونَ ما ذكره مِنْ وِتْره على الدَّابة هي صلاةَ الليل، وما ذكره عند الطحاوي أنه كان ينزل لها هي وِتْر الحنفية، وبه يَحْصُلُ الْجَمْعُ بين الروايتين. وعن ابن عمر رضي الله عنه آثارٌ عديدةٌ في «النزول» عند محمد في «مُوطَّئه»، وفي إسناده محمدُ بنُ أَبَان بن صالح وهو مُتَكلَّم فيه، وباقي الإسناد صحيحٌ. وقد ثبت له النزولُ عن غيرِ واحدٍ منهم مع عمرَ رضي الله عنه أيضًا، وهو في «المصنَّف» لابن أبي شَيبة. ولفظه: «كانوا يَنْزِلُون على الأرْضِ للوِتْر». 6 - باب الْوِتْرِ فِى السَّفَرِ 1000 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِى السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ، حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ، يُومِئُ إِيمَاءً، صَلاَةَ اللَّيْلِ إِلاَّ الْفَرَائِضَ، وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ. أطرافه 999، 1095، 1096، 1098، 1105 - تحفة 7619 ولم يكن عنده حديثٌ في قنوت الوِتْر، فأخرج قنوتَ النازلةِ إشارةً إلى قنوتِ الوِتْر، وهو عندنا في جميع السَّنة، ولا قنوتَ في الفجر. أما عند الشافعي رحمه الله تعالى فهو في الفَجْر في السَّنَة كلِّها، وفي الوتر في آخِر رمضان. ثم القُنوتُ الراتبةُ قبل الركوع عندنا. وأما قنوتُ النازلة فيجوز قَبْلَه وبعدَه، والظاهر أن الأوْلَى بعده. 7 - باب الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ 1001 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ سُئِلَ أَنَسٌ أَقَنَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الصُّبْحِ قَالَ نَعَمْ. فَقِيلَ لَهُ أَوَقَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ قَالَ بَعْدَ الرُّكُوعِ يَسِيرًا. أطرافه 1002، 1003، 1300، 2801، 2814، 3064، 3170، 4088، 4089، 4090، 4091، 4092، 4094، 4095، 4096، 6394، 7341 - تحفة 1453 1001 - قوله: (قَنَت بعدَ الرُّكوعِ يسيرًا) وهو في قِصة أصحاب بئر مَعُونة حين بعث سبعين نَفَرَا واسْتُشْهد منهم تسعةٌ وستّون، فقنت فيها أربعينَ يومًا، أو شهرًا: هكذا شَكَّ فيه الراوي.

1002 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ الْقُنُوتِ. فَقَالَ قَدْ كَانَ الْقُنُوتُ. قُلْتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ قَبْلَهُ. قَالَ فَإِنَّ فُلاَنًا أَخْبَرَنِى عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ. فَقَالَ كَذَبَ، إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا - أُرَاهُ - كَانَ بَعَثَ قَوْمًا يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ زُهَاءَ سَبْعِينَ رَجُلاً إِلَى قَوْمٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ دُونَ أُولَئِكَ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَهْدٌ فَقَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ. أطرافه 1001، 1003، 1300، 2801، 2814، 3064، 3170، 4088، 4089، 4090، 4091، 4092، 4094، 4095، 4096، 6394، 7341 - تحفة 931 1002 - قوله: (قلت: قَبْل الرُّكوعِ أو بَعْدَه) ولعل هذا قنوتُ الراتبة وهو في الوتر عندنا، وفي الفجر عند الشافعية رحمهم الله تعالى. قوله: (فقال: كَذَبَ) ... إلخ. وهذا قُنوت النازلة. وحاصله: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يَقْنُت للنازلةِ إلا شَهْرًا بعد الركوع - قال الحافظ: معناه لم يقنت متواليًا - أما الرَّاتِبة فَقَنَتها قبل الركوع. وقال النيموي في «آثار السنن»: إنها في الوِتْر. قلتُ: وليس في لفظ الحديث أنها في الوتر، فتكون عندنا في الوِتْر، وعند الشافعية رحمهم الله تعالى في الفجر. قوله: (إلى قومٍ مُشْرِكينَ دونَ أُولئك) يعني أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يكن بَعَثَ هؤلاء إلى أولئك الذين عَدُروا، لأنه كان بينهم وبينه صلى الله عليه وسلّم معاهدةٌ، وإنما كان بَعَثَهم إلى قومٍ مشركين، ولكنْ غَدَرَ أولئك. 1003 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنِ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِى مِجْلَزٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَنَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ. أطرافه 1001، 1002، 1300، 2801، 2814، 3064، 3170، 4088، 4089، 4090، 4091، 4092، 4094، 4095، 4096، 6394، 7341 - تحفة 1650 1004 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ الْقُنُوتُ فِى الْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ. طرفه 798 - تحفة 954 1004 - قوله: (عن أنسٍ قال: كان القُنوت في المَغْرِب والفَجْر) قال أحمد: إن القنوتَ في الْمَغْرِب نادرٌ. قلتُ: وذلك لكون الركعة الأخيرة فيها سرًا، فإن يَقْنُت فيها يقنت جهرًا، والجهر في السرية غيرُ معروفٍ، وإنْ أسرَّ به يبقى القوم غافلين لا يدرون ما يفعلُ إمامُهُم. ثم لم يَكْتُب أحدٌ منهم أنه كيف قَنَت في السِّريَّة. ولعلَّه قرأه حهرًا. وأما في رمضان في الوِتْر فلما كان بعد الجهر يَعْلَمُ القومُ أَنه قانتٌ فيقنتون لأنفُسِهم أيضًا. ***

15 - كتاب الاستسقاء

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 15 - كتاب الاسْتِسْقَاء 1 - باب الاِسْتِسْقَاءِ وَخُرُوجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الاِسْتِسْقَاءِ 1005 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَسْقِى وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ. أطرافه 1011، 1012، 1023، 1024، 1025، 1026، 1027، 1028، 6343 تحفة 5297 - 33/ 2 قال صاحب «الهداية»: الاستسقاءُ عندنا دعاءٌ واستغفار. فتوهمَّ منه بعضٌ نَفْيَ الصلاةِ رأسًا، مع أنه قال بُعَيْده: «قلنا: إنه فَعَله مرةً وترَكه أخرى فلم يكن سنةً»، فخرج أنه أنكر السُّنية دونَ الجواز. وقد حققه المحقق ابنُ أمير الحاج وبسطه جدًا. قلتُ: والسرُّ فيه أن الاستسقاء على أنحاء: بِرَفْع الأَيدي في عامَّة الأحوال، ودُبُر الصلوات، وفي المُصَلَّى، وفيه التفاصيل والخلاف. ويُشترط له الإمامُ الأكبر فَحُكْمِ الإمام على المجموع، فلم يَسَع له الحُكْمُ بالسُّنية. وأفرز الشافعي رحمه الله تعالى الثالث فقط، فوَسِعِ ذلك، ونظيره الوِتْر على ما مَرَّ. فمن حَكَم على المجموعِ حَكَم عليه بالسُّنية، ومن أفرز القِطعةَ الأخيرةَ منه حَكَم بالوجوب، ونحوه الجماعة فَمَنْ حَكَمْ على مجموع ما وردَ فيها من الأَوامر وأَعْذَار الترك حَكَم بالسُّنية، ومن نظر إلى الأَوامر فقط حَكَم بالوجوب. وقد مرَّ تقريره. ويقرأ فيها سرًا، ولا تُسنُّ الخطبة، ولصاحبيه خلافٌ فيهما، والعمل على مَذْهب الصاحبين. ويستحبُ تحويلُ الرِّدَاء للإمام عندنا دون القوم كما في «فتح القدير». والنفي في المتون محمولٌ على نَفْي الوجوب. راجع تفصيله في شَرْحِ «المِنية» لابن أمير الحاج. ونقل الشيخ شمس الدين السَّرُوجي في "شرح الهداية" رواية وجوب العيدين والكسوف، ووجوب الاستسقاء بأمر الإمام. وقد صرَّح الحموي في «حاشية الأشباه»: أن الصوم يجب بأمر القاضي، وحينئذٍ لو أَمَرَ بالاستسقاء يَجِبُ أيضًا. وبه أَفْتَى النووي، أي بالوجوب بأمر الإمام، كما في شرح «الجامع الصغير». وكان العلماء خَالَفُوه في زمنه. وقد تحقَّق عندي أن فتاوى الحموي تكون أكثرها مأخوذةً من النووي. وقد مرَّ مني عن قريبٍ: أن الوجوبَ من جهة أمر الإمام عارضي يَقْتَصِرُ على زمانِ إمارته، فهو وجوبٌ وَقْتِيٌّ. ومن هذا الباب: حرمة الدخان كما قاله المُنَاوي. فإذا مات الأميرُ، انتهت الحرمة، وعادت الحِلَّةُ على الأصل، وهذا كلُّه في الأمور الانتظامية، أمَّا في الأمور الشرعية، فلا دَخْل لأمر الإمام فيها. ثم إن أمرَ الخلفاء الأربعة فوق أمر الأمير وتحت التشريع، فَيُتَّبَعُ بهم في بعض الأمور الانتظامية كالتشريع، كالجماعة في التراويح. وأَرَى كثيرًا من

2 - باب دعاء النبى - صلى الله عليه وسلم - «اجعلها عليهم سنين كسنى يوسف»

الأمور الانتظامية فَعَلَها عمرُ رضي الله عنه في زمنه، ثم الحنفية جَعَلُوها مذهبًا وعَامَلُوا معها ما يُعَامَلُ مع الشرعيات. ونظائرُها تُوجَدُ في المذاهب الأربعة، وهكذا ينبغي لقوله صلى الله عليه وسلّم «اقتدوا بالَّذَيْن من بعدي: أبي بكر، وعمر رضي الله عنهما». ولعلَّ منصبهم بين بين. ومرَّ الرازي على تفسير آية الإطاعة: {أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ} [النور: 54] ثم أُولي الأمر: بالإجماع. وفسَّره في الآية الثانية: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] أنه أبو بكرٍ رضي الله عنه، مع أنه لم يكن خليفةً في حياته، ولا حاكمًا. 2 - باب دُعَاءِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ» 1006 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ يَقُولُ «اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِى رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ». وَأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ». قَالَ ابْنُ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ هَذَا كُلُّهُ فِى الصُّبْحِ. أطرافه 797، 804، 2932، 3386، 4560، 4598، 6200، 6393، 6940 تحفة 13886، 13886 أ، 13787 1006 - قوله: (اجعلها سِنينَ كَسِنِي يوسفَ عليه السَّلام). وهذا ضدُّ الاستسقاء، وهو دعاءُ القَحْط، فظهرت المناسبة. وفي إسناد عبد الرحمن بن أبي الزِّنَاد. وهذا هو الراوي في إسناد الطَّحَاويِّ في فَتْوى الفقهاء السبعة: على كونِ الوتر ثلاثًا لا يُسَلِّم إلا في آخِرِهِنَّ. قوله: (هذا كلُّه في الصُّبْح) أي مع الجهر، كما سيجيءُ في التفسيرِ. 1007 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا رَأَى مِنَ النَّاسِ إِدْبَارًا قَالَ «اللَّهُمَّ سَبْعٌ كَسَبْعِ يُوسُفَ». فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَصَّتْ كُلَّ شَىْءٍ حَتَّى أَكَلُوا الْجُلُودَ وَالْمَيْتَةَ وَالْجِيَفَ، وَيَنْظُرَ أَحَدُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى الدُّخَانَ مِنَ الْجُوعِ، فَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ تَأْمُرُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَبِصِلَةِ الرَّحِمِ وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا، فَادْعُ اللَّهَ لَهُمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِى السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ) إِلَى قَوْلِهِ (عَائِدُونَ * يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى) فَالْبَطْشَةُ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَدْ مَضَتِ الدُّخَانُ وَالْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ وَآيَةُ الرُّومِ. أطرافه 1020، 4693، 4767، 4774، 4809، 4820، 4821، 4822، 4823، 4824، 4825 - تحفة 9574 1007 - قوله: (إدبارًا) (روكردانى). قوله: (الدُّخان) (ذهند). قوله: (فقال: يا محمَّدُ) ... إلخ لأنه كان مُسْتَجَابَ الدعوات فيما بينهم أيضًا. قوله: (فقد مضت الدخان) ... إلخ والمرادُ من الدُّخَان عند الجمهور ما هو من أشراط الساعة، وبعدها الساعة بمئة سَنة فخرج الجوابُ عن الآية التي أوردها ابنُ مسعود رضي الله

فائدة

عنه. وهي: {إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} [الدخان: 15]. نعم لو قامت الساعة بعد الدُّخَان بدون فاصلة لَوَرَدَتْ الآيةُ على الجمهورِ. فائدة: واعلم أنه إذا تَعَارَض العمومان القطعيَّان في جزئي ولا يُدْرَى أنه يَدْخُل في أيِّ العمومين، يتردَّد فيه النظر. ومن ههنا اندفع ما عُرِضَ للمعتزلةِ في القول: بالمنزلةِ بين المنزلتين. فإنهم جَعَلُوا ارتكابَ المعصية نَقْصًا في إذعانه، وقد مرَّ تفصيله في كتاب الإيمان. 3 - باب سُؤَالِ النَّاسِ الإِمَامَ الاِسْتِسْقَاءَ إِذَا قَحَطُوا 1008 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَتَمَثَّلُ بِشِعْرِ أَبِى طَالِبٍ وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلأَرَامِلِ طرفه 1009 - تحفة 7203 * وَأَبْيضُ يُسْتَسْقَى الغَمامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالُ اليَتَامى عِصْمَةٌ لِلأَرَامِلِ 1009 - وَقَالَ عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ رُبَّمَا ذَكَرْتُ قَوْلَ الشَّاعِرِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَسْقِى، فَمَا يَنْزِلُ حَتَّى يَجِيشَ كُلُّ مِيزَابٍ. وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ثِمَالَ الْيَتَامَى عِصْمَةً لِلأَرَامِلِ وَهْوَ قَوْلُ أَبِى طَالِبٍ. طرفه 1008 - تحفة 6775 - 34/ 2 * وَأَبْيضُ يُسْتَسْقَى الغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالُ اليَتَامى عِصْمَةٌ لِلأَرَامِلِ وَهُوَ قَوْلُ أبِي طَالِبٍ. 1010 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا. قَالَ فَيُسْقَوْنَ. طرفه 3710 - تحفة 10411 1010 - قوله: (اللهُمَّ أَنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إليك بِنَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلّم ليس فيه التوصُّلُ المعهودُ الذي يكون بالغائب حتى قد لايكون به شعورٌ أصلا، بل فيه توسُّلُ السَّلف، وهو أن يُقَدِّم رجلا وذا وجاهةٍ عند الله تعالى ويأمرَه أن يدعو لهم، ثم يحيل عليه في دعائه، كما فُعل بالعبَّاس رضي الله عنه عَمِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ولو كان فيه توسُّلُ المتأخرين لما احتاجوا إلى إِذْهَاب العبّاس رضي الله عنه معهم، ولكفى لهم التوسُّل بنبيهم بعد وفاتِه أيضًا، أو بالعباس رضي الله عنه مع عدمِ شهوده معهم. وهذا النحو جائزٌ عند المتأخرين وَمَنَع منه الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى وإني متردِّدُ فيه، لأنه أَتى بعبارةٍ عن الإِمام من «تجريد القُدوري» أن الإقسام على اللهِ بغير أسمائه لا يجوزُ، فتمسَّك بنفي الإِقسام على نفي التوسل. فإن كان التوسُّل إقْسَامًا فالمسألة فيه كما ذهب إليها ابن

4 - باب تحويل الرداء فى الاستسقاء

تيمية رحمه الله تعالى، وإن لم يكن إقْسامًا يبقى جائزًا. وأما التمسُّك بقوله صلى الله عليه وسلّم «إنَّما تُرْزَقُون بِضُعفائِكم»، فليس بناهضٍ، لأنه ليس على التوسل، بل معناه أن الله تعالى يرزُقُكم برعايةِ الضعفاءِ، والرعاية لكونهم فيكم لا للتوسل اللساني فقط: اللهم ارزقنا بوسيلةِ فلان. وصِفَةُ استسقاءِ العباس، ما أخرجه الحافظ رحمه الله تعالى: «اللهم لم يَنْزل بلاءٌ إلا بذنبٍ، ولم يُكْشف إلا بتوبةٍ، وقد توجَّه القومُ بي إليك لمكاني من نَبِيِّك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب، ونواصينا إليك بالتوبة، فاسقنا الغَيْثَ» اهـ. 4 - باب تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ فِى الاِسْتِسْقَاءِ 1011 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبٌ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَسْقَى فَقَلَبَ رِدَاءَهُ. أطرافه 1005، 1012، 1023، 1024، 1025، 1026، 1027، 1028، 6343 تحفة 5297 1012 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ يُحَدِّثُ أَبَاهُ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى فَاسْتَسْقَى، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ هُوَ صَاحِبُ الأَذَانِ، وَلَكِنَّهُ وَهْمٌ، لأَنَّ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِىُّ، مَازِنُ الأَنْصَارِ. أطرافه 1005، 1011، 1023، 1024، 1025، 1026، 1027، 1028، 6343 تحفة 5297 5 - باب الاِسْتِسْقَاءِ فِى الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ 1013 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى نَمِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَذْكُرُ أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ بَابٍ كَانَ وُجَاهَ الْمِنْبَرِ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ يَخْطُبُ فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمًا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الْمَوَاشِى وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا. قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا». قَالَ أَنَسٌ وَلاَ وَاللَّهِ مَا نَرَى فِى السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلاَ قَزَعَةً وَلاَ شَيْئًا، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلاَ دَارٍ، قَالَ فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ. قَالَ وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا، ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِى الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا، قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالْجِبَالِ وَالآجَامِ وَالظِّرَابِ وَالأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ». قَالَ فَانْقَطَعَتْ وَخَرَجْنَا نَمْشِى فِى الشَّمْسِ. قَالَ شَرِيكٌ فَسَأَلْتُ أَنَسًا أَهُوَ الرَّجُلُ الأَوَّلُ قَالَ لاَ أَدْرِى. أطرافه 932، 933، 1014، 1015، 1016، 1017، 1018، 1019، 1021، 1029، 1033، 3582، 6093، 6342 - تحفة 906 - 35/ 2

6 - باب الاستسقاء فى خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة

قوله: (والانتهاك) من النَّهْك وهو التذليل. وفي التصريف: أَنَّ كلَّ كلمةٍ تكون فاؤها نونًا لا يأتي منها الافتعال. 1013 - قوله: (وانقطعتِ السُّبُلُ) لأن المواشي إذا هَلَكَتْ انقطع السَّفَر. قوله: (آكَام) (هيله) ظِراب (وه هيله جولمبا جلا كيا هو) أودية (جو كهرى جكه هو). 6 - باب الاِسْتِسْقَاءِ فِى خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةِ 1014 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ مِنْ بَابٍ كَانَ نَحْوَ دَارِ الْقَضَاءِ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمًا ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا». قَالَ أَنَسٌ وَلاَ وَاللَّهِ مَا نَرَى فِى السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ، وَلاَ قَزَعَةً، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلاَ دَارٍ. قَالَ فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ، فَلاَ وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا، ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِى الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا عَنَّا. قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ». قَالَ فَأَقْلَعَتْ وَخَرَجْنَا نَمْشِى فِى الشَّمْسِ. قَالَ شَرِيكٌ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَهُوَ الرَّجُلُ الأَوَّلُ فَقَالَ مَا أَدْرِى. أطرافه 932، 933، 1013، 1015، 1016، 1017، 1018، 1019، 1021، 1029، 1033، 3582، 6093، 6342 - تحفة 906 - 36/ 2 7 - باب الاِسْتِسْقَاءِ عَلَى الْمِنْبَرِ 1015 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَحَطَ الْمَطَرُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا. فَدَعَا فَمُطِرْنَا، فَمَا كِدْنَا أَنْ نَصِلَ إِلَى مَنَازِلِنَا فَمَا زِلْنَا نُمْطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ. قَالَ فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنَّا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا». قَالَ فَلَقَدْ رَأَيْتُ السَّحَابَ يَتَقَطَّعُ يَمِينًا وَشِمَالاً يُمْطَرُونَ وَلاَ يُمْطَرُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ. أطرافه 932، 933، 1013، 1014، 1016، 1017، 1018، 1019، 1021، 1029، 1033، 3582، 6093، 6342 - تحفة 1438 8 - باب مَنِ اكْتَفَى بِصَلاَةِ الْجُمُعَةِ فِى الاِسْتِسْقَاءِ 1016 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ هَلَكَتِ الْمَوَاشِى وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ. فَدَعَا، فَمُطِرْنَا مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ، وَهَلَكَتِ

9 - باب الدعاء إذا تقطعت السبل من كثرة المطر

الْمَوَاشِى فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا. فَقَامَ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ وَالأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ». فَانْجَابَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ. أطرافه 932، 933، 1013، 1014، 1015، 1017، 1018، 1019، 1021، 1029، 1033، 3582، 6093، 6342 - تحفة 906 1014 - قوله: (مِنْ بابٍ كان نحوَ دارِ القَضَاءِ) وهذا تعريف بأمرٍ في زمنِ الرَّاوي، وإنما سُمِّي دار القضاء، لأن عمر رضي الله عنه كان أَوْصَى ابنه أن يؤدى دَيْنه بِبَيْع مالِه، فكانت تلك الدارُ بيعت لقضاءِ دَيْنه، ومنه سُمِّيت دارَ القضاءَ، لا مِنْ قضاء القاضي. 9 - باب الدُّعَاءِ إِذَا تَقَطَّعَتِ السُّبُلُ مِنْ كَثْرَةِ الْمَطَرِ 1017 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى نَمِرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الْمَوَاشِى وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمُطِرُوا مِنْ جُمُعَةٍ إِلَى جُمُعَةٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ وَهَلَكَتِ الْمَوَاشِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ وَالآكَامِ وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ». فَانْجَابَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ. أطرافه 932، 933، 1013، 1014، 1015، 1016، 1018، 1019، 1021، 1029، 1033، 3582، 6093، 6342 - تحفة 906 يعني أن المطرَ رَحْمةٌ، فهل يدعو لإِمْساكِه؟ 10 - باب مَا قِيلَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يُحَوِّلْ رِدَاءَهُ فِى الاِسْتِسْقَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 1018 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلاً شَكَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - هَلاَكَ الْمَالِ وَجَهْدَ الْعِيَالِ، فَدَعَا اللَّهَ يَسْتَسْقِى، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ حَوَّلَ رِدَاءَهُ وَلاَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ. أطرافه 932، 933، 1013، 1014، 1015، 1016، 1017، 1019، 1021، 1029، 1033، 3582، 6093، 6342 - تحفة 174 - 37/ 2 يعني أن التحويل يكون بالمُصَلَّى وهو الاستسقاء الكامل، أما ههنا فإنه كان في الخطبة فلم يستقبل القِبلة أيضًا، فأين يكون للتحويل؟ 11 - باب إِذَا اسْتَشْفَعُوا إِلَى الإِمَامِ لِيَسْتَسْقِىَ لَهُمْ لَمْ يَرُدُّهُمْ 1019 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى نَمِرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الْمَوَاشِى، وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ. فَدَعَا اللَّهَ، فَمُطِرْنَا مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ وَهَلَكَتِ الْمَوَاشِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ عَلَى ظُهُورِ الْجِبَالِ وَالآكَامِ وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ». فَانْجَابَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ. أطرافه 932، 933، 1013، 1014، 1015، 1016، 1017، 1018، 1021، 1029، 1033، 3582، 6093، 6342 - تحفة 906

12 - باب إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط

12 - باب إِذَا اسْتَشْفَعَ الْمُشْرِكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ عِنْدَ الْقَحْطِ 1020 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ وَالأَعْمَشُ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ أَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ إِنَّ قُرَيْشًا أَبْطَئُوا عَنِ الإِسْلاَمِ، فَدَعَا عَلَيْهِمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى هَلَكُوا فِيهَا وَأَكَلُوا الْمَيْتَةَ وَالْعِظَامَ، فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ، جِئْتَ تَأْمُرُ بِصِلَةِ الرَّحِمِ، وَإِنَّ قَوْمَكَ هَلَكُوا، فَادْعُ اللَّهَ. فَقَرَأَ {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10)} [الدخان: 10] ثُمَّ عَادُوا إِلَى كُفْرِهِمْ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} [الدخان: 16] يَوْمَ بَدْرٍ. قَالَ وَزَادَ أَسْبَاطٌ عَنْ مَنْصُورٍ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَسُقُوا الْغَيْثَ، فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ سَبْعًا، وَشَكَا النَّاسُ كَثْرَةَ الْمَطَرِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا». فَانْحَدَرَتِ السَّحَابَةُ عَنْ رَأْسِهِ، فَسُقُوا النَّاسُ حَوْلَهُمْ. أطرافه 1007، 4693، 4767، 4774، 4809، 4820، 4821، 4822، 4823، 4824، 4825 - تحفة 9574 واعلم أن الحديث يَتَضَمَّن قِطْعتين: فَقِصَّة قريش في مكة، وأما ما يذكُرُه بعد قوله: «وَزَادَ أَسْبَاطٌ» فقصَّتُه بالمدينة. قال الدِّمياطي: إن هذا الخلط من جانب المصنِّف رحمه الله تعالى، فإنه لو كان في متن حديث واحدٌ لحملناه على أنه من أحَدِ رواته، ولكنَّ المصنف رحمه الله تعالى زاد ههنا قطعةً من عندِ نَفْسه، مع أنه لا حاجةَ إليها، وهي قوله: «وزاد أَسْبَاطٌ» ... إلخ، فإذن هو من جانب المصنِّفِ رحمه الله تعالى. وتَصَدَّى الحافظ رحمه الله تعالى لجوابه، وحَمَلَه على تعدد الواقعة. قوله: (فانحدرت السحابة) (بادل أتركيا). 13 - باب الدُّعَاءِ إِذَا كَثُرَ الْمَطَرُ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا 1021 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ يَوْمَ جُمُعَةٍ، فَقَامَ النَّاسُ فَصَاحُوا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَحَطَ الْمَطَرُ وَاحْمَرَّتِ الشَّجَرُ وَهَلَكَتِ الْبَهَائِمُ، فَادْعُ اللَّهَ يَسْقِينَا. فَقَالَ «اللَّهُمَّ اسْقِنَا». مَرَّتَيْنِ، وَايْمُ اللَّهِ مَا نَرَى فِى السَّمَاءِ قَزَعَةً مِنْ سَحَابٍ، فَنَشَأَتْ سَحَابَةٌ وَأَمْطَرَتْ، وَنَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ فَصَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ لَمْ تَزَلْ تُمْطِرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الَّتِى تَلِيهَا، فَلَمَّا قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ صَاحُوا إِلَيْهِ تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يَحْبِسُهَا عَنَّا. فَتَبَسَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا». فَكُشِطَتِ الْمَدِينَةُ، فَجَعَلَتْ تُمْطِرُ حَوْلَهَا وَلاَ تَمْطُرُ بِالْمَدِينَةِ قَطْرَةً، فَنَظَرْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَإِنَّهَا لَفِى مِثْلِ الإِكْلِيلِ. أطرافه 932، 933، 1013، 1014، 1015، 1016، 1017، 1018، 1019، 1029، 1033، 3582، 6093، 6342 - تحفة 456 - 38/ 2 14 - باب الدُّعَاءِ فِى الاِسْتِسْقَاءِ قَائِمًا 1022 - وَقَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ زُهَيْرٍ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ

15 - باب الجهر بالقراءة فى الاستسقاء

الأَنْصَارِىُّ وَخَرَجَ مَعَهُ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ رضى الله عنهم فَاسْتَسْقَى، فَقَامَ بِهِمْ عَلَى رِجْلَيْهِ عَلَى غَيْرِ مِنْبَرٍ فَاسْتَغْفَرَ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ وَلَمْ يُؤَذِّنْ، وَلَمْ يُقِمْ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَرَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 9672 هكذا ينبغي مع قعودِ القوم، وقد رأيتُ قيامَ بَعْضِ الصالحين منهم أيضًا. 1022 - فَقَامَ بهم على رِجْلَيه على غَيْرِ مِنْبَرِ وعند أبي داود: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أَمَرَ مرةً بإخراج المِنْبَر أيضًا. ثم اعلم أن التحويلَ في الوسط، وقد ذكره بعضُ الرواةِ مؤخَّرًا. فتنبَّه فإنّه مِنْ تصرفاتِ الرواة. 1023 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ أَنَّ عَمَّهُ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ بِالنَّاسِ يَسْتَسْقِى لَهُمْ، فَقَامَ فَدَعَا اللَّهَ قَائِمًا، ثُمَّ تَوَجَّهَ قِبَلَ الْقِبْلَةِ، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ فَأُسْقُوا. أطرافه 1005، 1011، 1012، 1024، 1025، 1026، 1027، 1028، 6343 تحفة 5297 15 - باب الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِى الاِسْتِسْقَاءِ 1024 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَسْقِى فَتَوَجَّهَ إِلَى الْقِبْلَةِ يَدْعُو، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ. أطرافه 1005، 1011، 1012، 1023، 1025، 1026، 1027، 1028، 6343 تحفة 5297 16 - باب كَيْفَ حَوَّلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ظَهْرَهُ إِلَى النَّاسِ 1025 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ خَرَجَ يَسْتَسْقِى قَالَ فَحَوَّلَ إِلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ يَدْعُو، ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ. أطرافه 1005، 1011، 1012، 1023، 1024، 1026، 1027، 1028، 6343 تحفة 5297 - 39/ 2 17 - باب صَلاَةِ الاِسْتِسْقَاءِ رَكْعَتَيْنِ 1026 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَسْقَى فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ. أطرافه 1005، 1011، 1012، 1023، 1024، 1025، 1027، 1028، 6343 تحفة 5297 18 - باب الاِسْتِسْقَاءِ فِى الْمُصَلَّى 1027 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْمُصَلَّى يَسْتَسْقِى، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ. قَالَ سُفْيَانُ فَأَخْبَرَنِى الْمَسْعُودِىُّ عَنْ أَبِى بَكْرٍ قَالَ جَعَلَ الْيَمِينَ عَلَى الشِّمَالِ. أطرافه 1005، 1011، 1012، 1023، 1024، 1025، 1026، 1028، 6343 تحفة 5297

19 - باب استقبال القبلة فى الاستسقاء

19 - باب اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِى الاِسْتِسْقَاءِ 1028 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ الأَنْصَارِىَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى يُصَلِّى، وَأَنَّهُ لَمَّا دَعَا - أَوْ أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ - اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ زَيْدٍ هَذَا مَازِنِىٌّ، وَالأَوَّلُ كُوفِىٌّ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ. أطرافه 1005، 1011، 1012، 1023، 1024، 1025، 1026، 1027، 6343 تحفة 5297 20 - باب رَفْعِ النَّاسِ أَيْدِيَهُمْ مَعَ الإِمَامِ فِى الاِسْتِسْقَاءِ 1029 - قَالَ أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ أَتَى رَجُلٌ أَعْرَابِىٌّ مِنْ أَهْلِ الْبَدْوِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الْمَاشِيَةُ هَلَكَ الْعِيَالُ هَلَكَ النَّاسُ. فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ يَدْعُو، وَرَفَعَ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ مَعَهُ يَدْعُونَ، قَالَ فَمَا خَرَجْنَا مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى مُطِرْنَا، فَمَا زِلْنَا نُمْطَرُ حَتَّى كَانَتِ الْجُمُعَةُ الأُخْرَى، فَأَتَى الرَّجُلُ إِلَى نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَشِقَ الْمُسَافِرُ، وَمُنِعَ الطَّرِيقُ. أطرافه 932، 933، 1013، 1014، 1015، 1016، 1017، 1018، 1019، 1021، 1033، 3582، 6093، 6342 - تحفة 1661 1030 - وَقَالَ الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَشَرِيكٍ سَمِعَا أَنَسًا عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ. تحفة 1660، 910 1029 - قوله: (بِشَقَ المُسَافِرُ) وذكره في «القاموس» من إحالة البخاري. وقيل هو من البَاشِقُ، قِسْمٌ من البازي. ومعناه مَشَى كالبَاشِق، أي لم يستطع أن يقطع السبيل. فإنَّ الباشِقَ لاعوجاج مَخَالِبِهِ لا يستطيعُ المَشْي. 21 - باب رَفْعِ الإِمَامِ يَدَهُ فِى الاِسْتِسْقَاءِ 1031 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى وَابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِى شَىْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلاَّ فِى الاِسْتِسْقَاءِ، وَإِنَّهُ يَرْفَعُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ. طرفاه 3565، 6341 - تحفة 1168 - 40/ 2 كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم لا يَرْفَعُ يَدَيْه في شيءٍ من دعائه إلا في الاستسقاء. وفي «مراسيل» أبي داود: أنه كان لا يَرْفَعُهُما كلَّ الرفع إلا في الاستسقاء، فَعُلِم أنَّ المرادَ منه المبالغةُ في الرَّفْع البليغ. وَمَنْ تَوهمَّ منه على نَفْي رَفعْ الأيدي في غيره فقد أَبْعَدَ عن الصواب. وقد أخرج الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله تعالى نحوًا من ثلاثينَ حديثًا على ثبوت الرَّفْع عند الدعاء. فهذا التوهم غَلَطٌ قطعًا. ثُمَّ هذا الرَّفْع البليغ في الاستسقاء على نظير ما عند أبي داود عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه من تقسيم الأدعية، وفيه دعاءُ ابتهال، ويبالغ فيه بالرَّفْع.

22 - باب ما يقال إذا أمطرت

22 - باب مَا يُقَالُ إِذَا أَمْطَرَتْ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {كَصَيِّبٍ} [البقرة: 19]: الْمَطَرُ. وَقَالَ غَيْرُهُ صَابَ وَأَصَابَ يَصُوبُ. 1032 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ - هُوَ ابْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ الْمَرْوَزِىُّ - قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ قَالَ «صَيِّبًا نَافِعًا». تَابَعَهُ الْقَاسِمُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. وَرَوَاهُ الأَوْزَاعِىُّ وَعُقَيْلٌ عَنْ نَافِعٍ. تحفة 17558 وعند مسلم أنه كان يقول: حديث عهدٍ بربِّه. يعني به أنه لم يتلوَّث بعد بالأدناس البشرية. وفي «الأدب المُفْرَد» للبخاري أنه كان يضع أوَّل الثمرة على عينيه ... إلخ. وذلك أيضًا لهذا المعنى. وعند الترمذي أنه كان يُعْطيه أصغرَ ولد عنده. 23 - باب مَنْ تَمَطَّرَ فِى الْمَطَرِ حَتَّى يَتَحَادَرَ عَلَى لِحْيَتِهِ 1033 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَامَ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَ الْمَالُ وَجَاعَ الْعِيَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا أَنْ يَسْقِيَنَا. قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ، وَمَا فِى السَّمَاءِ قَزَعَةٌ، قَالَ فَثَارَ سَحَابٌ أَمْثَالُ الْجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ، قَالَ فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ، وَفِى الْغَدِ وَمِنْ بَعْدِ الْغَدِ وَالَّذِى يَلِيهِ إِلَى الْجُمُعَةِ الأُخْرَى، فَقَامَ ذَلِكَ الأَعْرَابِىُّ أَوْ رَجُلٌ غَيْرُهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ وَغَرِقَ الْمَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا. فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ وَقَالَ «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا». قَالَ فَمَا جَعَلَ يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلاَّ تَفَرَّجَتْ حَتَّى صَارَتِ الْمَدِينَةُ فِى مِثْلِ الْجَوْبَةِ، حَتَّى سَالَ الْوَادِى - وَادِى قَنَاةَ - شَهْرًا. قَالَ فَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلاَّ حَدَّثَ بِالْجَوْدِ. أطرافه 932، 933، 1013، 1014، 1015، 1016، 1017، 1018، 1019، 1021، 1029، 3582، 6093، 6342 - تحفة 174 24 - باب إِذَا هَبَّتِ الرِّيحُ 1034 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى حُمَيْدٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ كَانَتِ الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ إِذَا هَبَّتْ عُرِفَ ذَلِكَ فِى وَجْهِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 743 هكذا فعل الفقهاء فذكروا الصلواتِ عند الفزع في الملحقات. 1034 - قوله: (عُرِف ذلك في وَجه النبيِّ) ولا تدخل فيه مسألة خُلْف الوعيد، بل هو باب

25 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «نصرت بالصبا»

آخَر. فإن وَعْد الله لآتٍ البتة، لا يُدْرى التفاصيل فيه، والشرائط له، والموانع عنه، فيحدث التردد للمتذلل الخاشع. ومَنْ لا نظر له إلى جَناب الكبرياء فإن لا يزال جالسًا مطمئنًا على أريكته، ولا يَحْسَبُ العذَابَ إلا عارِضًا ممطرًا. 25 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «نُصِرْتُ بِالصَّبَا» 1035 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ». أطرافه 3205، 3343، 4105 - تحفة 6386 - 41/ 2 لما ذكر الرِّيح دخل في تَقْسِيمها أيضًا. 1035 - قوله: (الصِّبَا) (بروا) دَبُور (بجهوا)، والنُّصْرَةُ بالصِّبَا إشارةٌ إلى غزوة الأَحزاب. 26 - باب مَا قِيلَ فِى الزَّلاَزِلِ وَالآيَاتِ 1036 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ - وَهْوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ - حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضُ». أطرافه 85، 1412، 3608، 3609، 4635، 4636، 6037، 6506، 6935، 7061، 7115، 7121 - تحفة 13748 1037 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِى شَامِنَا وَفِى يَمَنِنَا. قَالَ قَالُوا وَفِى نَجْدِنَا قَالَ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِى شَامِنَا وَفِى يَمَنِنَا. قَالَ قَالُوا وَفِى نَجْدِنَا قَالَ قَالَ هُنَاكَ الزَّلاَزِلُ وَالْفِتَنُ، وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ. طرفه 7094 - تحفة 7745 1036 - قوله: (ويتقارَبُ الزَّمانُ) قيل: المرادُ به عدمُ البركة في الأيام. وقيل: قُرْب القيامة وزمان الساعةِ. قوله: (الْهَرْج) (كربر) (نَجْد) وهي العمرانات في شَرْق الحجاز، وكان فيه الكُفَّارُ الغِلاظ. ثُمَّ إنَّ ربيعةَ ومُضَر أَخَوَان. وكان في ربيعة ناسٌ هيِّنون ليِّنون، وكان وَفْد عبد القيس منهم بخلاف مُضَر، فإنهم كانوا أشداءَ ومنهم قُرَيش. 27 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)} [الواقعة: 82] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ شُكْرَكُمْ 1038 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قال: حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُبَيْدِ

28 - باب لا يدرى متى يجىء المطر إلا الله

اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ «هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِى مُؤْمِنٌ بِى وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ. فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِى كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا. فَذَلِكَ كَافِرٌ بِى مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ». أطرافه 846، 4147، 7503 - تحفة 3757 28 - باب لاَ يَدْرِى مَتَى يَجِىءُ الْمَطَرُ إِلاَّ اللَّهُ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «خَمْسٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ». 1039 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مِفْتَاحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ اللَّهُ لاَ يَعْلَمُ أَحَدٌ مَا يَكُونُ فِى غَدٍ، وَلاَ يَعْلَمُ أَحَدٌ مَا يَكُونُ فِى الأَرْحَامِ، وَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا، وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، وَمَا يَدْرِى أَحَدٌ مَتَى يَجِىءُ الْمَطَرُ». أطرافه 4627، 4697، 4778، 7379 - تحفة 7158 - 42/ 2 وقد مرَّ تحقيقُ الجَعْل مرارًا، أي تجعلون نصيبَكُم الكذاب أنتم. ***

16 - كتاب الكسوف

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 16 - كتاب الكُسُوف 1 - باب الصَّلاَةِ فِى كُسُوفِ الشَّمْسِ واعلم أنه لم تنكسفِ الشَّمْس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلا مرةً، كما حققه المحمود شاه الفرنساوي في كتابه «إفادة الإفهام في تقويم الزمان». والروايات في تَعَدُّدِ الرَّكعاتِ بلغت إلى سِتة ركوعاتِ في ركعتين، كما في «تهذيب الآثار» للطبري. والأرجح عندي أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم ركع ركوعين في بكعةٍ، والباقي أَوهام. كانت فتاوى الصحابة فاختلطت بالمرفوع، وإذن لا أتمسك من رواياتٍ وَرَد فيها ركوعٌ واحِدٌ بل أحمِلُهَا على الاختصار، نعم ثَبَت عن الحصابة رضي الله تعالى عنهم أَزْيَدُ من الركوعين أيضًا، لأنهم حملوا الزيادةَ على ركوعٍ على التخيير، فجوَّزُوها إلى ثلاثةٍ وأربعةٍ حتى تنجلي الشمس. ولنا حديث قولي عند أبي داود وقد مَرَّ تقريرُهُ ولنا أيضًا ما أخرجه الطحاوي عن المغيرةَ ابن شُعْبة: أن الشمسَ انكَسَفَت في عهده، فلم يُصَلِّ لها إلا برُكُوْعٍ واحدٍ. مع أنه قد أَدْرَكَ صلاتَه صلى الله عليه وسلّم في الكسوف وراواها. والذي يظهَرُ أن تلك الصلاةَ من جزئياتِ ما عند الحاكم: «إذا حَزَبه أمرٌ بادر إلى الصلاة». والكسوف أيضًا أمرٌ عظيم، فينبغي فيه أيضًا المبادرة إليها، فتكون السُّنة فيها على الشاكلة المعهودة. أما النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فإنه وإنْ ركع ركوعين لكنَّه لم يعلمنا إلا أن نأتي بها كأَحْدَثِ صلاةٍ صلاها، وفيها ركوعٌ واحد، فتعَدُّدُ الرُّكوعِ مخصوصٌ به صلى الله عليه وسلّم. بقي نُكْتةُ تعدُّد ركوعهِ صلى الله عليه وسلّم فنقول أولا: إنه ليس بلازمٍ علينا وإن كان لا بدَّ منها، فقد ذكر مولانا شيخُ الهند رحمه الله تعالى أن تعدُّدَه كتعدُّدِ السجود في الصلاة عند تلاوة آيةِ سجدة، فكما تعدَّدت السجدةُ لداعية كذلك يجوزُ أن يكون النبيُّ صلى الله عليه وسلّم ركع رُكوعين، لأنه شاهَد فيها ما لم يكن يشاهدُ في عامَّة الصلوات، والسجودُ عند ظهور آيةٍ معروفٌ عند الشَّرْع، ثُمَّ رَأَيْتُ مِثْله عن عبد الله البَلْخي في «البدائع» (¬1). وذكرته لشيخي فَسُرَّ به جدًا. ¬

_ (¬1) وروى الشيخ أبو منصور رحمه الله تعالى عن أبي عبد الله البلخي أنه قال: إن الزيادةَ تَثْبُت في صلاة الكسوف لا للكُسُوف، بل الأحوال اعترضت، حتى رُوي أنه - صلى الله عليه وسلم - تَقَدَّم في الركوع، حتى كان كَمَن يأخُذ شيئًا ثم تأخر كَمَن ينفِرُ عن شيء، فيجوز أن تكون الزيادةُ منه باعتراض تلك الأحوال. الخ، كذا في "بدائع الصنائع".

ثم لهذا الركوع نظائرُ منها عند الترمذي (2269) من سجود ابن عباس رضي الله تعالى عنه عِنْدَ سَمَاع خَبَرِ وفاةِ ميمونةَ رضي الله تعالى عنها، ومنها ما في السِّيَر من هيئة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم شبه الرَّاكع حين دَخَل مَكَّة، ومنها هيئتُهُ حينَ مَرَّ من ديار ثمود، ومنها ما في أثر أبي بكر رضي الله تعالى عنه حين رأى نُغَاشيًا فركع عند رؤيته، كل ذلك سجودٌ أو ركوعٌ عند الآيات. وما قالوا إن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان ركع فيه ركوعًا طويلا، وكان الصحابةُ يرفعون رؤوسَهُم يرون أنه هل قام منه أم لا؟ فتوهمَّ المتأخرون منهم تَعدُّدَ الركوع، فإنه ركيكٌ عندي وإن كان أصلُهُ في «المبسوط» للسَّرَخْسِي. 1040 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَانْكَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَدَخَلْنَا فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى انْجَلَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا، وَادْعُوا، حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ». أطرافه 1048، 1062، 1063، 5785 - تحفة 11661 1041 - حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَقُومُوا فَصَلُّوا». طرفاه 1057، 3204 - تحفة 10003 1042 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ كَانَ يُخْبِرُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَصَلُّوا». طرفه 3201 - تحفة 7373 1043 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاَقَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ النَّاسُ كَسَفَتِ الشَّمْسُ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ فَصَلُّوا وَادْعُوا اللَّهَ». طرفاه 1060، 6199 - تحفة 11499 1040 - قوله: (فَصلَّى بِنَا رَكْعتَيْن) فلم يُخرِّج البخاري أول إلا ما لم يكن فيه تعدُّدُ الركوع. وأَقرَّ الحافظ رحمه الله تعالى أنه أشار إلى جوازِ الاكتفاء بركوعٍ واحدٍ وإن كان الكمالُ في الرُّكوعَيْن. وَوَجْه الاستدلال منه أنه حَمَل الصلاةَ على الصلاة المُطْلقة وليس فيها إلا ركوعٌ واحدٌ. وحيئنذٍ قَوِي تَمَسُّكُ الحنفيةِ بِما عند أبي داود، فإنه على نَحْو تَمَسُّك الإمام، لأنا نَحْمِل قوله: «فَصَلُّوها كأَحدثِ صلاةٍ صَلَّيْتُمُوها» ... إلخ أي صلاةِ الفَجْر وفيها ركوعٌ واحد. ولو كان

2 - باب الصدقة فى الكسوف

التَّشبيه في العدد (¬1) فقط، لناسب أن يُحِيل على صلاةٍ صَلاها في الكُسوف، فَتَرْكُ الأَقْرَبِ والإِحالةُ على الأَبعد دليلٌ على أنه أَرادَ به وَحْدَة الرُّكوع أيضًا. أما الخُطبة فإنها ليست من السُّنَّةِ عندنا، وهي من سُنَّة الصلاةِ عند أبي يوسف رحمه الله تعالى وأما خُطبة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم عندنا فكانت لأجْلِ الحاجة. وراجع لأدلة الحنفية «شَرْحَ العيني»، والطحاوي و «الجَوْهر النَّقِي». 2 - باب الصَّدَقَةِ فِى الْكُسُوفِ 1044 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالنَّاسِ، فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ فَعَلَ فِى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِى الأُولَى، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدِ انْجَلَتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا، وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا». ثُمَّ قَالَ «يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَزْنِىَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِىَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا». أطرافه 1046، 1047، 1050، 1056، 1058، 1064، 1065، 1066، 1212، 3203، 4624، 5221، 6631 - تحفة 17148 - 43/ 2 وأخرج فيه أحاديث تدل على تَعَدُّدِ الركوع. وأما قبل ذلك فقد أخرج أربعةَ أحاديثَ ولم يخرِّج في واحدٍ منها تَعَدُّدَ الركوع كما هو نَظَر الحنفية (¬2). ثم إن الشافعيةَ رحمهم الله تعالى إذْ ذهبوا إلى تعدُّدِ الركوع اختلفوا اختلافًا شديدًا في أنه: هل يأتي بالفاتحةِ في القيام الثاني أم لا؟ وما ذلك إلا لِحُبِّهِم بإيجابها على كل مُصَلِّ في كل حالٍ مع أن الوَجْه فيه عندي أنه تُجْزِئه للقيامِ الواحد، لا أنهما قِيامان. فلا أرى ما يُثْبِت في الأحاديث أنه قرأ بالفاتحة والسوة في القيام الثاني أيضًا، كما قاله الشافعية رحمهم الله تعالى. ¬

_ (¬1) قلت: ولما علمتُ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ركع في صلاتِه رُكُوعَيْن، علمتُ وَجْه الإِحالة على صلاةِ الصُّبْح، فكانه أراد أن لا تُصَلوا أنتم كما رأيتم من تعدُّد الرُّكوع، لكونِ الزيادة فيها من العوارض، ولكن صَلُّوا كصلاة الصبح، فإذا تعدُّدُ الركوعِ كتحويلِ الرداء في الاستسقاء عند الحنفية. قلت: ولولا سأله سائل عن تَنَاوُله شيئا، ثُم تَكَعْكعه في تلك الصلاةِ لأمكن أن يعُدَّه عاد من سُنة الصلاةِ أيضًا، ولكنه أخبره - صلى الله عليه وسلم - عن سببهما، فتبين أنهما كانتا لعارضٍ وهكذا يمكن أن سائلًا لو سأله عن تَعدد الرُّكوع لأجابه أيضًا بِمِثْله. وبالجملة قَلَّما يعملُ الحنفيةُ بشيء لا ينكشفُ معناه، كالاضطجاع بعد الوتر، أو بعد ركعتي الفجر. (¬2) قلت: وحينئذٍ لا بأسَ أن يقال: إن البخاريَّ رحمه الله تعالى وافق فيه أبا حنيفة رحمه الله تعالى وهو صنيع البخاري في صلاةِ الخَوْف كما علمته، وكُنْتُ ذكرتُه لشيخي رحمه الله تعالى فاسْتَحْسَنَهُ.

3 - باب النداء بـ «بالصلاة جامعة» فى الكسوف

والله أعلم بالصواب. ويدلُّ عليه ما قالوا كما عند الترمذي أنه إذا يَرْفَعُ عن الركوعِ الأوَّلِ يرفعُ بتكبيرٍ، حتى إذا كان في آخِر ركوعٍ من تلك الركعة يَرْفَعُ بالتسميع، فدلَّ على أن الركوع الأصلي هو هذا، والباقي كان عارضًا، ولذا لم يكن فيه إلا التَّكْبيرُ مع أنَّ المعهودَ فيه التسميعُ. 3 - باب النِّدَاءِ بـ «بِالصَّلاَةُ جَامِعَةٌ» فِى الْكُسُوفِ 1045 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلاَّمِ بْنِ أَبِى سَلاَّمٍ الْحَبَشِىُّ الدِّمَشْقِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِىُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نُودِىَ إِنَّ الصَّلاَةَ جَامِعَةٌ. طرفه 1051 - تحفة 8963 ذهب الشافعي رحمه الله تعالى إلى أَنْ يُنَادَى بِمْثلهِ في العيدين أيضًا. ثم أن الصلاةَ بالنصب منصوبٌ على الإغراء، وجامعةً حال، ومعناه أنه لا يكون فيها جماعاتٌ، بل تكون جماعةً جامِعةً للجَمَاعاتِ، (نمازايني ايني مسجد مين مت يئر هو بلكه ايك جماعت هوكى) وهو مأخوذٌ من قوله تعالى: {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ} [النور: 62]، ومنه أُخِذ المِصْر الجامع، ثم تلقتْهُ الأُمةُ وقالوا المسجد الجامع. 4 - باب خُطْبَةِ الإِمَامِ فِى الْكُسُوفِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ وَأَسْمَاءُ خَطَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. 1046 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ح وَحَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِى حَيَاةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ، فَكَبَّرَ فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، ثُمَّ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقَامَ وَلَمْ يَسْجُدْ، وَقَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، هِىَ أَدْنَى مِنَ الْقِرَاءَةِ الأُولَى، ثُمَّ كَبَّرَ وَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، وَهْوَ أَدْنَى مِنَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَالَ فِى الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَاسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِى أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ، وَانْجَلَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ، ثُمَّ قَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ «هُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلاَةِ». وَكَانَ يُحَدِّثُ كَثِيرُ بْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - كَانَ يُحَدِّثُ يَوْمَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ بِمِثْلِ حَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ. فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ إِنَّ أَخَاكَ يَوْمَ خَسَفَتْ بِالْمَدِينَةِ لَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ الصُّبْحِ. قَالَ أَجَلْ لأَنَّهُ أَخْطَأَ السُّنَّةَ. أطرافه 1044، 1047، 1050، 1056، 1058، 1064، 1065، 1066، 1212، 3203، 4624، 5221، 6631 تحفة 16549، 16692، 6335، 5285 أ، 19015 أ - 44/ 2

5 - باب هل يقول كسفت الشمس أو خسفت

1046 - قوله: (فاقْتَرَأَ) الافتعالُ للمبالغة، يعني قَرَأَ قراءةً طويلةً. قوله: (فَقَامَ وَلَمْ يَسْجُد) والمتبادَر أنه قطعةٌ من القيام الأوَّل فلا تكونُ القراءةُ فيه. قوله: (فقلتُ لِعُرْوَة: إنَّ أخاكَ يومَ خَسَفَت بالمدينةِ، لَمْ يَزِد على رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ الصُّبْحِ؟ 1 قال: أَجَل، لأنه أخطأ السُّنَّة) يعني قلتُ لعروةَ بن الزبير: إن أخاكَ الكبيرَ عبدَ الله بنَ الزُّبير صَلَّى بالناسِ في المدينة صلاةَ الكُسُوف كالصُّبح بركوعٍ واحدٍ ولم يزد عليه، فقال له عروةُ: إنَّه أخطأ السّنة. قال العَيْنِي: كيف وعبد الله بن الزبير كان خليفةً إذ ذاك، وقد صَلَّى خَلْفَه كثيرٌ من الصحابة رضي الله تعالى عنهم؟ فإن كان أخطأ السُّنة هو فهل أخطؤا كُلُّهم وصلُّوا خِلاف السُّنة ولم يتكلم أحدٌ منهم بِحَرْف؟ أقول: ولعل لفظ: «مِثْلَ الصُّبْح» مأخوذٌ مِنْ لَفْظ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم عند أبي داود: «كَأَحدثِ صلاةٍ صَلَّيْتُمُوها». وحينئذٍ ثَبَتَ وحدةُ الرُّكوع من رواية البخاري أيضًا، وَحَصَل تفسيرُ ما عند أبي داود من التشبيه، أَنَّه في وَحْدةِ الرُّكوع لا في تعدُّد الركعتين. فإنه لم يَثْبُت عنه في لفظٍ: أنْ صَلُّوا كصلاتي هذه، بل أتى فيه إما بالأمر بالصلاةِ المُطْلَقَةِ، أو بالتشبيه بصلاة الصبح. وفيه إيماءٌ إلى ما قلنا وتَشْييدُ ما ذهبنا. 5 - باب هَلْ يَقُولُ كَسَفَتِ الشَّمْسُ أَوْ خَسَفَتْ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8)} [القيامة: 8]. 1047 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى يَوْمَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ فَكَبَّرَ، فَقَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. وَقَامَ كَمَا هُوَ، ثُمَّ قَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، وَهْىَ أَدْنَى مِنَ الْقِرَاءَةِ الأُولَى، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، وَهْىَ أَدْنَى مِنَ الرَّكْعَةِ الأُولَى، ثُمَّ سَجَدَ سُجُودًا طَوِيلاً، ثُمَّ فَعَلَ فِى الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ سَلَّمَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ فِى كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ «إِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلاَةِ». أطرافه 1044، 1046، 1050، 1056، 1058، 1064، 1065، 1066، 1212، 3203، 4624، 5221، 6631 - تحفة 16549 6 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «يُخَوِّفُ اللَّهُ عِبَادَهُ بِالْكُسُوفِ» قَالَهُ أَبُو مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1048 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ

يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ». وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ الْوَارِثِ وَشُعْبَةُ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يُونُسَ «يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ». وَتَابَعَهُ مُوسَى عَنْ مُبَارَكٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو بَكْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهِمَا عِبَادَهُ». وَتَابَعَهُ أَشْعَثُ عَنِ الْحَسَنِ. أطرافه 1040، 1062، 1063، 5785 - تحفة 11661 - 45/ 2 1048 - قوله: (إيتانِ مِنْ آياتِ اللَّهِ) فإن قلت: إنَّ الكُسوفَ والخُسوفَ من أسبابٍ معلومةٍ، وحسابٍ معلوم لا تخويفَ فيهما أصلا، فما معنى كونهما آيتينِ؟ قلتُ: هو في غاية الجهل، فإنَّ الأشياءِ كلَّها بالأسباب. وحينئذٍ حاصلُهُ أن لا يتعلق التخويفُ بشيءٍ، ولكن ينبغي للمُعْتَبرِ المُتَبَصِّرِ أن يَعْتَبِرَ بتصرُّف الرياح، وتَقَلُّبِ الليل والنهار، وجريان الفُلْك في البحار، وقيامِ السماء بدونِ عَمَدٍ تَرَوْنَها، بلى إنَّ في ذلك لآياتٍ لأُولي الأبصار وينبغي للخائف الخاشع أن يخشى عند كلِّ حادثةٍ تَحْدُث على خلاف الأصول العامّة، ولا يبحث عن قاعدتِهِ وإن كانت داخلةً تحت أصلٍ في نَفْس الأمر لا محالة، وذلك لأنَّ اللَّهَ فَعَّالٌ لما يريد، فسلسلةُ الأسبابِ كلّها مقهورةٌ تحت الإرادة، فهو اللَّهُ سبحانه إن شاء جعل عليكم الليل سَرْمدًا إلي يوم القيامة، مَنْ إلهٌ غيرُ الله يأتيم بضياءٍ أفلا تَسْمَعون، بل فاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تخشاه. ثم اعلم (¬1) أنَّ القرآنَ ربما لا يتعرضُ إلى أسباب الأشياء في نفس الأمر ما هي؟ وكيف هي؟ ويمشي على الظاهر فقط، لأنها تحتاجُ إلى ممارسةِ علم ومزوالةِ فنونٍ، ثُم فكر بعد فكر، وبعد ذلك أيضًا يجري فيها اختلافُ الآراء وفَحْصُ العلماء، فلَوْ بَحَث القرآنُ عنها لربما اختل طريقُ الهداية، ولم يَبْق فيه حَظُّ للعَوام، فإنَّ الإنسان فُطِر على الاعتماد على تحقيقه فيما أمكن التحقُّق منه. بل فيما لا يمكن أيضًا، فلو بنى القرآنُ كلامَه على حركةِ الأرض مَثلا لكذَّبته فِرَقٌ من الناس الذين يعتقدون بِحرَكَةِ الفُلْك. وقد وقع مِثْله حيثُ جَرَت عليه المناهضةُ إلى مئتي سنة ونَيِّف حين حقق علماء أوروبا ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: ولذا قال تعالى: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: 85] ولم يذكر لها حقيقة. وعليه أجوبةُ القرآن التي لا تُطابِقُ الأسئلةَ في الظاهر. فإِنه صفح عن الجواب المطابِقِ لِمِثْلِ هذه المصالح، وانتقل إلى بيانِ ما يناسِبُ لهم سؤالُهُ كما حَرَّرَهُ المفسرون. ثم يظهرَ أن القرآن أرَاد استئصالَ الأسبابِ دون تأسيسها، وعَلَّم الناسَ أن لا يعتمدوا عليها وأن يكونوا عبادًا لله، مخلصين له الدِّين، ومَنْ يَقْصُر نظرُه على الأسباب يقِلّ اعتمادُه بمسَبِّب الأسباب، ومَنْ توكَل على رَبه تَفْتُر رَغْبتُه في مزاولةِ الأسباب لا محالة، وعند ذلك تَغْلِب فئةٌ قليلةٌ على فئةٍ كثيرة بإذْن الله لا بقوةٍ من عندهم، نعم قد تكونُ لهم قوة وشَوْكةٌ ومن آلاتِ الحرب كلِّها والإِعجاب بها تأتيهم الهزيمةُ مِن كلِّ مكان، وهو قوله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} [التوبة: 25] ... الخ، لا أريدُ بذلك هَدْر الأسباب رأسًا، بل أريدُ عدمَ الاعتماد عليها بحيث ينقطع النظر عن خالقِهِا، ولذا نهى عن الكي، فلو تَوَجه القرآنُ إلى بيانِ أسباب الأشياء لدلَّ على اعتنائه بها، مع أن الأصْل عدمُ الاعتماد عليها. وإنما هي لتمشيةِ نظامِ العالم فقط، فهي كلُّها تحت الارادةِ تُؤثِّر عند إرادةِ التأثير، وتتعطلُ عند إرادةِ التعطيل، والله تعالى أعلم بالصَّواب.

7 - باب التعوذ من عذاب القبر فى الكسوف

حركة الأرض، وَزَعَم الإنجيليون أنه اتِّباعُ غيرِ سبيل الإنجيل، وتكذيبٌ به، فلو فَعَل مِثْله القرآنُ لانْسَدَّ أو تَعَسَّر طريقُ الهداية على الناس، ولبقي الناس يكذبونه إلى آلاف السِّنِين، فإن التحقيق عند اليونانيين أن المتحرِّك هو الفَرَك. وهكذا في جملة المواضع لو تَصَدَّى القرآنُ إلى أسبابها على ما هي في نفس الأمر، ولم يُدْركها النَّاسُ لِقُصور عِلْمهم ووُفورِ جِهْلِهِم، لاستمروا على ما أُوتوا من العِلْم، {وَمَآ أُوتِيتُم مّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلًا} [الإسراء: 85] ولكذبوا بالقرآن وما اتخذوه سبيلا واعلم أن المتابعةَ تكونُ بين الأقران، لا بين المتقدِّم والمتأخِّر، مع أنه قد جعلها ههنا بني المتقدِّم والمتأخر. وقد تعرَّض الحافظ رحمه الله تعالى إلى جوابه في موضع آخَرَ: أن المتابعةَ ههنا وإن كانت في اللفظ بين المتقدِّم والمتأخِّر، ولكن مَحَطَّها بين الأقران، أعني يكون مآلُها ومَرْجِعُها إلى المتابعةِ بين الأقران. 7 - باب التَّعَوُّذِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فِى الْكُسُوفِ 1049 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ يَهُودِيَّةً جَاءَتْ تَسْأَلُهَا فَقَالَتْ لَهَا أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَيُعَذَّبُ النَّاسُ فِى قُبُورِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ. أطرافه 1055، 1372، 6366 - تحفة 17936 1049 - قوله: (أن يهوديةً جاءت تسألُها فقالت لها: أعاذَكِ اللَّهُ مِنْ عذابِ القَبْر) وفي الأحاديث أنه كَذَّبها وقال: «إنه سيكونُ لليهودِ دونَ المُسْلِمين». 1050 - ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ غَدَاةٍ مَرْكَبًا، فَخَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَرَجَعَ ضُحًى، فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ ظَهْرَانَىِ الْحُجَرِ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى، وَقَامَ النَّاسُ وَرَاءَهُ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ، ثُمَّ قَامَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ وَانْصَرَفَ، فَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَعَوَّذُوا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. أطرافه 1044، 1046، 1047، 1056، 1058، 1064، 1065، 1066، 1212، 3203، 4624، 5221، 6631 - تحفة 17936 1050 - قوله: (ثُمَّ أَمَرَهم أن يتعوَّذُوا من عَذَابِ القَبْر) وهذا في خُطبة صلاةِ الكسوف في السَّنة التاسعة. فحمله الناسُ على أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يطلِع عليها قبلها، فقال ما قال. أقول: ولا ينبغي التزامُ عدم علمه صلى الله عليه وسلّم على مِثْل هذا الأمر الأَهَم إلى تلك المدةِ الطويلة -

8 - باب طول السجود فى الكسوف

جمودًا على ظاهر هذا اللفظ - حتى عَلِمه قبل وفاته بسَنة، ولكنَّ الأمرَ أنه كان يَعْلَمُه، وإنما اطَّلع إذ ذاك على بَعْضِ التفاصيل (¬1). 8 - باب طُولِ السُّجُودِ فِى الْكُسُوفِ 1051 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ لَمَّا كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نُودِىَ إِنَّ الصَّلاَةَ جَامِعَةٌ فَرَكَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ فِى سَجْدَةٍ ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِى سَجْدَةٍ، ثُمَّ جَلَسَ، ثُمَّ جُلِّىَ عَنِ الشَّمْسِ. قَالَ وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - مَا سَجَدْتُ سُجُودًا قَطُّ كَانَ أَطْوَلَ مِنْهَا. طرفه 1045 - تحفة 8963 9 - باب صَلاَةِ الْكُسُوفِ جَمَاعَةً وَصَلَّى ابْنُ عَبَّاسٍ لَهُمْ فِى صُفَّةِ زَمْزَمَ. وَجَمَعَ عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. وَصَلَّى ابْنُ عُمَرَ. 1052 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ انْخَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوًا مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شَيْئًا فِى مَقَامِكَ، ثُمَّ رَأَيْنَاكَ كَعْكَعْتَ. قَالَ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى رَأَيْتُ الْجَنَّةَ، فَتَنَاوَلْتُ عُنْقُودًا، وَلَوْ أَصَبْتُهُ لأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا، وَأُرِيتُ النَّارَ، فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ، وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ». قَالُوا بِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «بِكُفْرِهِنَّ». قِيلَ يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ قَالَ «يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ». أطرافه 29، 431، 748، 3202، 5197 - تحفة 5977 - 46/ 2 ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: ولعله أمر بالتعوذ عن عذاب القبر، لأنه كُشِف له عذابُ جهنم ومثلت له الجنة والنار، ومن هذا النوع عذابُ القبر بل هو مقدمة لِعذابِ الآخرة، ومَنْ نجا منه فما بعده أيسر، أو كُشف له بعضُ ما في القبر أيضًا فأمر بالتعوُّذ منه، إلا أنه لم أَرَه في طريق اهـ.

10 - باب صلاة النساء مع الرجال فى الكسوف

وفي «البدائع» أنَّ أقلَّها اثنان، ويختار في الأكثر ويشترط الإمام عندنا لكل جماعةٍ جامعةٍ للجَمَاعات، أو مأمورة وإن كانوا في اقرى يُصَلُّونَ فُرَادَى. وعند أبي داود في هذا الحديث أنه قال في هذه الصلاة: «أُفٍ أُفٍ». وعن أبي يوسف أنه إن تكلَّم في الصلاة بحرفين لا تَفْسُد صلاته، فإن زاد فسدت. ومرَّ عليه الخطابي رحمه الله تعالى ولم يأت بشيءٍ. والجواب عندي أن كُتُب اللغة والنحو مشحونةٌ بأن «أف» حكايةٌ عن صوت مخصوصة، فما الدليل على أنه كان تكلَّم بهذه الكلمةِ، لم لا يجوزُ أن الرَّاوي أراد به حكايةَ صوتِه، وحينئذٍ يجوزُ أن لا يكون تكلَّم بها. 10 - باب صَلاَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ فِى الْكُسُوفِ 1053 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنِ امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهَا قَالَتْ أَتَيْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ يُصَلُّونَ، وَإِذَا هِىَ قَائِمَةٌ تُصَلِّى فَقُلْتُ مَا لِلنَّاسِ فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا إِلَى السَّمَاءِ، وَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ. فَقُلْتُ آيَةٌ فَأَشَارَتْ أَىْ نَعَمْ. قَالَتْ فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلاَّنِى الْغَشْىُ، فَجَعَلْتُ أَصُبُّ فَوْقَ رَأْسِى الْمَاءَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «مَا مِنْ شَىْءٍ كُنْتُ لَمْ أَرَهُ إِلاَّ قَدْ رَأَيْتُهُ فِى مَقَامِى هَذَا حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَلَقَدْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِى الْقُبُورِ مِثْلَ - أَوْ قَرِيبًا مِنْ - فِتْنَةِ الدَّجَّالِ - لاَ أَدْرِى أَيَّتَهُمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ - يُؤْتَى أَحَدُكُمْ فَيُقَالُ لَهُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ - أَوِ الْمُوقِنُ لاَ أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى، فَأَجَبْنَا وَآمَنَّا وَاتَّبَعْنَا. فَيُقَالُ لَهُ نَمْ صَالِحًا، فَقَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُوقِنًا. وَأَمَّا الْمُنَافِقُ - أَوِ الْمُرْتَابُ لاَ أَدْرِى أَيَّتَهُمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ لاَ أَدْرِى، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ». أطرافه 86، 184، 922، 1054، 1061، 1235، 1373، 2519، 2520، 7287 تحفة 15750 - 47/ 2 11 - باب مَنْ أَحَبَّ الْعَتَاقَةَ فِى كُسُوفِ الشَّمْسِ 1054 - حَدَّثَنَا رَبِيعُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ لَقَدْ أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعَتَاقَةِ فِى كُسُوفِ الشَّمْسِ. أطرافه 86، 184، 922، 1053، 1061، 1235، 1373، 2519، 2520، 7287 تحفة 15751 12 - باب صَلاَةِ الْكُسُوفِ فِى الْمَسْجِدِ 1055 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ يَهُودِيَّةً جَاءَتْ تَسْأَلُهَا فَقَالَتْ أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَيُعَذَّبُ النَّاسُ فِى قُبُورِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ. أطرافه 1049، 1372، 6366 - تحفة 17936

13 - باب لا تنكسف الشمس لموت أحد ولا لحياته

1056 - ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ غَدَاةٍ مَرْكَبًا، فَكَسَفَتِ الشَّمْسُ فَرَجَعَ ضُحًى، فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ ظَهْرَانَىِ الْحُجَرِ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، وَقَامَ النَّاسُ وَرَاءَهُ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ سُجُودًا طَوِيلاً ثُمَّ قَامَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ وَهْوَ دُونَ السُّجُودِ الأَوَّلِ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَعَوَّذُوا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ أطرافه 1044، 1046، 1047، 1050، 1058، 1064، 1065، 1066، 1212، 3203، 4624، 5221، 6631 - تحفة 17936 - 48/ 2 13 - باب لاَ تَنْكَسِفُ الشَّمْسُ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ رَوَاهُ أَبُو بَكْرَةَ وَالْمُغِيرَةُ وَأَبُو مُوسَى وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهم. 1057 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسٌ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا». طرفاه 1041، 3204 - تحفة 10003 1058 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ، وَهْىَ دُونَ قِرَاءَتِهِ الأُولَى، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ دُونَ رُكُوعِهِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَصَنَعَ فِى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُرِيهِمَا عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلاَةِ». أطرافه 1044، 1046، 1047، 1050، 1056، 1064، 1065، 1066، 1212، 3203، 4624، 5221، 6631 - تحفة 16639، 17246 14 - باب الذِّكْرِ فِى الْكُسُوفِ رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما -. 1059 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَزِعًا، يَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ، فَأَتَى الْمَسْجِدَ، فَصَلَّى بِأَطْوَلِ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ رَأَيْتُهُ قَطُّ يَفْعَلُهُ وَقَالَ «هَذِهِ الآيَاتُ الَّتِى يُرْسِلُ اللَّهُ لاَ تَكُونُ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنْ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ». تحفة 9045

15 - باب الدعاء فى الخسوف

15 - باب الدُّعَاءِ فِى الْخُسُوفِ قَالَهُ أَبُو مُوسَى وَعَائِشَةُ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1060 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ قَالَ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عِلاَقَةَ قَالَ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يَقُولُ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ النَّاسُ انْكَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِىَ». طرفاه 1043، 6199 - تحفة 11499 - 49/ 2 1059 - قوله: (يَخْشَى أَنْ تَكُونَ الساعةُ) واستُشْكِل أنه كيف خَشِي الساعةَ مع أنه لم تجيء بَعْدُ مُقَدِّمَاتُها؟ والجواب بحذف حَرْف التشبيه، أي قام فَزَعًا كالخاشي للساعة، وهو عندي محمولٌ على ما مرَّ في اضطرابه صلى الله عليه وسلّم عند رؤية الريح والسَّحاب، وهو حالُ الخاشع الخاضع، وهو معنى ما قاله عمر: «لو تخلصت رأسًا برأسٍ أرضيت» مع كونه مُبَشِّرًا بالجنة. وذلك عند تزاحمُ الأسباب، فإن الله تعالى وإن وَعَدَه بالأمن في طرف، لكن يعارِضُه الكسوفُ من طرفٍ آخر حتى لم يبق منها إلا قَدْرُ تسعة أصابع، ولا تتوجه الأذهان عند طُرُوّ المخاوف والمهالك إلى التطبيق، وإنما يستحضرُهُ مَنْ سَكَنَ قلبُهُ واطمأن فؤادُهُ. وأما مَنْ كان هالِكَا في هَيْبة الجلال، ذائبًا من خيفة النكال فيذهل عن القواعد كلِّها على عكس حال الرحمة، حيث خَشي جبريلُ عليه السلام أَنْ تُدْرِك الرحمةُ فرعونَ حين تكلم بكلمة التوحيد، فَدَسَّ في فيه الترابَ ولم يمكنه أن يتكلمَ بها، فهذا باب يعرِفُه أصحابُهُ. 1059 - قوله: (فإذا رأيتُم شيئًا مِنْ ذلك فافزَعُوا إلى ذِكْر الله) .. إلخ وانظر إلى كمالِ المُصنِّف رحمه الله تعالى، إذ أخرج هذا الحديثَ غيرَ مرةٍ، ولم يخرج هذا اللفظ إلا تحت ترجمة الذِّكْر. وقد يفعلُ بالعكس أيضًا، فيترجم بِلَفْظ ولا يخرِّجه في الحديث المترجَم له مع أنه يكون فيه عنده في طريق منه فيبدي عجائبَ في صَنيعيه. 16 - باب قَوْلِ الإِمَامِ فِى خُطْبَةِ الْكُسُوفِ: أَمَّا بَعْدُ 1061 - وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ أَخْبَرَتْنِى فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ فَخَطَبَ، فَحَمِدَ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ». أطرافه 86، 184، 922، 1053، 1054، 1235، 1373، 2519، 2520، 7287 تحفة 15753 وقد مَرَّ أنه لا خُطْبةَ فيه عندنا، وإنما كانت خُطبتُهُ صلى الله عليه وسلّم من الخُطَبِ العامة لا من متعلَّقَاتِ الصلاة كما يُعْلم من سياق البخاري. وعن مالك رحمه الله تعالى أن كلَّ صلاةٍ فيها الخُطبة ففيها الجَهْرُ، وما لا خُطبةَ فيها لا جَهْرَ فيها أيضًا. ولما لم تكن فيها الجَهْرُ عندنا لم تكن الخُطبة أيضًا. وعن سَمُرَةَ بن جُنْدُب أنه لم يَسْمَع فيها قراءةً. وعن عائشةَ أنه قَرَأ فيها سورةَ كذا وكذا

17 - باب الصلاة فى كسوف القمر

قلتُ: ويمكنُ أن يُحْمَلَ ما رَوَتْهُ عائشةُ رضي الله تعالى عنها على الحَذَر منها فقط، مع كونها امرأةً لا يبلُغُها صوتُ الإمام إلا بعد صفوفِ الرِّجال. 17 - باب الصَّلاَةِ فِى كُسُوفِ الْقَمَرِ 1062 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ. أطرافه 1040، 1048، 1063، 5785 - تحفة 11661 1063 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ قَالَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمَسْجِدِ، وَثَابَ النَّاسُ إِلَيْهِ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، فَانْجَلَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، وَإِنَّهُمَا لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَإِذَا كَانَ ذَاكَ فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ». وَذَاكَ أَنَّ ابْنًا لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَاتَ، يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ النَّاسُ فِى ذَاكَ. أطرافه 1040، 1048، 1062، 5785 - تحفة 11661 وذكر ابن حِبَّان في سيرته صلاتَه صلى الله عليه وسلّم بالجماعة في خُسوف القمر السنة الخامسة. قال الحنفيةُ رحمهم الله تعالى: يُلَّى فيه فُرَادَى. وقال الآخرون: بل مِثْلُ كُسوف الشمس. وقال صاحب «الهَدْي»: لم يُنْقل أنَّه صلَّى في كُسوف القمر في جماعةٍ إلا ما ذكره ابنُ حِبَّان. قلتُ: وأَكْبَر ظَنِّي أن في بعض كُتُب الحنفية: أَنَّ الجماعة في الخُسوف محتملةٌ وإن لم تكن سُنّةً. 18 - باب الرَّكْعَةُ الأُولَى فِى الْكُسُوفِ أَطْوَلُ 1064 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بِهِمْ فِى كُسُوفِ الشَّمْسِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِى سَجْدَتَيْنِ، الأَوَّلُ الأَوَّلُ أَطْوَلُ. أطرافه 1044، 1046، 1047، 1050، 1056، 1058، 1065، 1066، 1212، 3203، 4624، 5221، 6631 - تحفة 17939 19 - باب الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِى الْكُسُوفِ 1065 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَمِرٍ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - جَهَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى صَلاَةِ الْخُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِهِ كَبَّرَ فَرَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. ثُمَّ يُعَاوِدُ الْقِرَاءَةَ فِى صَلاَةِ الْكُسُوفِ، أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِى رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ. أطرافه 1044، 1046، 1047، 1050، 1056، 1058، 1064، 1066، 1212، 3203، 4624، 5221، 6631 - تحفة 16528 - 50/ 2 1066 - وَقَالَ الأَوْزَاعِىُّ وَغَيْرُهُ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله

عنها - أَنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَبَعَثَ مُنَادِيًا بِالصَّلاَةُ جَامِعَةٌ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِى رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ. وَأَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَمِرٍ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ مِثْلَهُ. قَالَ الزُّهْرِىُّ فَقُلْتُ مَا صَنَعَ أَخُوكَ ذَلِكَ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مَا صَلَّى إِلاَّ رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ الصُّبْحِ إِذْ صَلَّى بِالْمَدِينَةِ. قَالَ أَجَلْ، إِنَّهُ أَخْطَأَ السُّنَّةَ. تَابَعَهُ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ فِى الْجَهْرِ. أطرافه 1044، 1046، 1047، 1050، 1056، 1058، 1064، 1065، 1212، 3203، 4624، 5221، 6631 - تحفة 16511، 16428، 16459، 5285 فذهب أبو حنيفة والشافعي رحمهما الله تعالى إلى الإسرار بها. وذهب صاحباه ومالك رحمهم الله تعالى إلى الجَهْر لِثبوت الخطبة فيها. وكلّ صلاةٍ ثبتت فيها الخُطبة ففيها الجَهْر. وقد عَلِمْت أن الخُطبة لم تكن من معلِّقَاتِ الصلاة عندنا، فلزِم الإِسرار. ***

17 - كتاب سجود القرآن

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 17 - كتاب سُجُودِ القُرْآن 1 - باب مَا جَاءَ فِى سُجُودِ الْقُرْآنِ وَسُنَّتِهَا 1067 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الأَسْوَدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَرَأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - النَّجْمَ بِمَكَّةَ فَسَجَدَ فِيهَا، وَسَجَدَ مَنْ مَعَهُ، غَيْرَ شَيْخٍ أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًى أَوْ تُرَابٍ فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ وَقَالَ يَكْفِينِى هَذَا. فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا. أطرافه 1070، 3853، 3972، 4863 - تحفة 9180 2 - باب سَجْدَةِ {تَنْزِيلٌ} السَّجْدَةُ 1068 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِى الْجُمُعَةِ فِى صَلاَةِ الْفَجْرِ {الم (1) تَنْزِيلُ} السَّجْدَةَ وَ {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} طرفه 891 - تحفة 13647 وهي واجبةٌ عندنا، وعند الجمهور سنةٌ، وَوَجْهُه أنه ليس عندهم مَرْتَبةِ الواجب. وجَزَم المصنِّفُ رحِمه الله تعالى بسُنِّيتِها، ورأيتُ نَقْلا عن أحمد رحمه الله تعالى أنها مُؤكَّدةٌ في الصلاة، وغيرُ مؤكدةٍ في الخارج. ولنا استقراءُ القرآن العزيز، فإنه إما أَمَر بها، كقوله تعالى: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب} [العلق: 19] أو حَكَى استنكاف المنكرين عنها، لقوله: {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ (21)} [الانشقاق: 21] أو أَثْنَى على مَنْ سجدها عند سماعها (¬1)، كقوله تعالى: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58)} [مريم: 58] أو حَكَى فِعْل الأنبياء في السجود، وكلّها تدلُّ على الوجوب. أما الأول فظاهرٌ، لأنه أمَرَ بِهَا، وأَمْرُهُ تعالى مُفْتَرضُ الطاعةِ. وأما الثاني: فأيضًا كذلك، لأنه لا يستحقُّ الذمَّ إلا بِتَرْك الواجب. وأما الثالث: فقد أمرنا باقتداء الأنبياءِ السابقين فيما لم نمنع عنه. ولنا أيضًا ما عند مسلم: «إذا تلا ابنُ آدم آيةَ السجدةِ فسجد اعتزل الشيطانُ يبكي ويقول: ¬

_ (¬1) قال الحافظ ابن القيم في كتاب "الصلاة": ولذلك أثنى اللهُ سبحانه على الذين يَخِرُّون سُجَّدًا عند سَمَاعِ كلامه، وذَمَّ مَنْ لا يقع ساجدًا عنده، ولذلك كان قولُ مَنْ أوجبه قويًا في الدليل اهـ.

أمِر ابنُ آدم بالسجود فَسَجَد فله الجنة، وأُمِرْتُ بالسجودِ فلم أَسجُد فلي النار». قال النووي: إنَّه مقولةُ إبليس. قلتُ: وهو في سياقِ التسليم دون الترديد. وللشافعية أن يقولوا: إنَّ الوعيد معقولٌ على تَرْك المُسْتَحب إذا قَارَن تَركه تَرْك الواجباتِ أيضًا، ألا تَرَى أنه يُنْكَرُ على المعصيةِ مِنْ طَالِحٍ ما لا يُنْكَر على تلك المعصيةِ إذا كانت مِنْ صالحٍ. فتلك المعصيةُ وإنْ تُذْكر في السياق لكن تُرَاعى عند الوعيدِ أفعالُهُ الأُخَر أيضًا. وحينئذٍ يمكن أن يكونَ الوعيدُ على تَرْكِهم سجودَ التلاوة في الذِّكْر فقط، ويكونُ مَحَطُّه تَركَهُم السجودَ الصلوية أيضًا. والحاصل: أن الوعيدَ وإن كان على تَرْك سُجودِ التلاوة، لكنه نظرًا إلى تركهم السجود الصلوية أيضًا. وقد مرَّ نَحْوُه في كتاب الإيمان: عند تحقيق كونِ الحدودِ كفاراتٍ أو زواجرَ، وكذا في بَحْثِ وجوب الجماعة. 1067 - قوله: (قرأ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم النَّجْمَ بمكَّةَ فسجَد فيها وسجَد مَنْ مَعُه غيرَ شيخٍ) ... إلخ. وفي الروايات أنه سجدَ معهم المشركون أيضًا. قال المفسرون: وذلك لإجراء الشيطانِ تلك الكلماتِ على لسانهِ صلى الله عليه وسلّم تلك الغرانيق العُلَى وإنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لتُرْتَجَى فزعموا أنه يَمْدَحُ طواغِتَهُمْ فسجدوا لها. ولما استصعب العلماءُ تَمَكُّنَ الشيطانِ مِنْ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بهذه المَثَابَةِ، قالوا: إنَّ الشيطَانَ أهونُ على اللَّهِ مِنْ أنْ يُسَلِّطَه على رسوله بشيءٍ وقد سَبَق منه الوَعْدُ: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42] وإنما لَبَّس هو عليهم فقرَأَها بلهجةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بحيث لم تَتَميَّز عندهم قراءتُهُ من قراءةِ النبي صلى الله عليه وسلّم وكلُّ ذلك عندي خلافُ الواقع، ويُوجِب رَفح الأمانِ عن الشَّرْع، فإنه إذا لم يَقْدِر على تَمَثُّلِهِ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلّم في الرؤيا. فأَنْ لا يَقْدِر على إجراء كلمةٍ على لسانِه في اليقظة أَحْرى. فأقول: أما أولا: فأيّ داعيةٍ إلى التزام التباسِ اللهجةِ باللهجةِ، ألا ترى أن الأغلاطَ قد تَقَعُ في المجامع بدونه أيضًا. وأما ثانيًا: فيمكن أن يكون سجودُهم حين أَسْلموا كلُّهم في أوائل حالهم. فقد أخرج الحافظ رحمه الله تعالى عن الطبراني: «أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لما أَظْهَرَ الإسلامَ أَسْلَم أَهْلُ مكةَ، حتى إنه كان يقرأُ السجدةَ فيسجُدون، فلا يَقْدِر بعضُهم أن يسجدَ من الزِّحَام، حتى قَدِم رؤساءُ قريش: الوليدُ بنُ المغيرة، وأبو جَهْل وغَيْرُهُما، وكانوا بالطائف، فرجعوا وقالوا: تَدَعُون دينَ آبائِكُم» اهـ. فهذا وإنْ نظر فيه الحافِظُ لكنه يدلُّ على أنهم أسلموا في أوَّل أَمْرِهم، ثُم ارتدُّوا بعد رجوعِ صناديد الكفار إليهم، وحينئذٍ لا بأسَ بِحَمْل سجودِهم إذ ذاك. فإنْ قلت فَلِمَ وَصَفَهم في الرواياتِ بالشِّرْك، كما في الروايات: «وَسَجَد معه المُشْرِكُون». قلتُ: لأنهم وإن كانوا مُسلمين عند السجودِ إلا أنَّهم لما صاروا مُرتدِّين - حين الحكاية - صحَّ وَصْفُهم به باعتبار الحالةِ الراهنة، وإنما العبرةُ للخَواتيم. وقد أخرجه الطحاوي رحمه الله تعالى أيضًا في باب: فَتْح مكةَ عُنوةً

3 - باب سجدة ص

وإسنادُهُ ضعيفٌ. ثم رأيت هذه الحكايةَ في «تاريخ ابنَ معِين»، فإنه ذكرها في أوله وبدأ كتابَه بها. وأما ثالثًا: فلم لا يجوز أن يكون المرادُ من الغَرَانِيقِ الملائكةَ، ولا سيما إذا وَصَفَهم اللَّهُ تعالى بالأجنحةِ. وكذلك الغُرْنُوق طائرٌ، وحينئذٍ فالملائكة أَشْبَهُ منها بالنسبةِ إلى الأصنام، فأولى أن يكونوا هم المرادين بها، فلما تلاها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وصفًا لهم، حملوه على أنها صِفَةٌ لأَصْنَامِهم. ثم رأيتُ حكايةً في «معجم البلدان» لياقوت الحَمَوي تحت لفظ: اللاّتِ والعُزَّى والمناة، ولم أرَها في غيره، أن وظيفةَ قريش في الجاهلية كانت: والّلاتِ والعُزَّى تلك الغرانيقُ العُلَى ... إلخ. ومن هنا انكشف مدلول آخَر في قوله: {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)} [النجم: 20] أيضًا فإنهم تكلَّمُوا فيه حتى كاتب فيه ابنُ المُنَيِّر وابنُ الحاجب، وصَنَّف محمدُ بنُ إسحاق رسالةٌ في ترديد تلك القصَّة التي عند المفسرين. ومحمد بن إسحاق هذا معاصرٌ، للإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى، وضَعَّفَهُ الناسُ، والعجبُ منهم أنَّه إنْ أتَى بالضِّعَاف في باب المغازي جعلوا يُجَرِّحُونه، والدَّارقطني يأتي بالمختلَطات في بابِ الأحكام ثُم يبقى إمامًا، وقد طالع أحمدُ رحمه الله تعالى كُتُبَهُ ومع ذلك لا يرضى عنه. والحاصل: أنه لا بُعْد في أن يكونَ أحدٌ منهم قرأ تلك على طَوْر وظيفتِهِ عند تلاوة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم سورةُ النجم، ثُم وقع النَّاسُ في الغلط، ولا حاجة إلى التزامِ ما التزموه. أما تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} [الحج: 52] فسيجيءُ تَحْقِيْقُه على وَجْه ألطف إن شاء الله تعالى (¬1). 3 - باب سَجْدَةِ ص 1069 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو النُّعْمَانِ قَالاَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وهذه القصةُ تدل على وجوب السجود في النجم، لأن الراوي يقول في هذا الشيخ: فرأيتهُ بعد ذلك قُتِل كافرًا، ولو كانت سنة لما بلغ شُؤمه هذا المَبْلغ. وبلغني عن مولانا شيخِ الهند رحمه الله تعالى كلامٌ في سياق تغليطِ القصةِ المذكورة -ما ألطفه- وهو: أن سجودهم لو كان للاتِ والعُزى لاستحقوا بها النكالَ، مع أنها عُدَّت بركةٌ لهم، حتى أنَّ مَنْ لم يسجد لها قُتِل كافرًا عند مسلم. فَدَلَّ على أن تلك السجدةَ لم تكن منهم تعظيمًا لأصنامهم، بل كان اتبَاعًا للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقد حَققَ الشاه ولي الله رحمه الله تعالى أنهم طاوعوه لكونهم مقهورين فيها لسجودِ النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلتُ: وهو على حَدِّ قوله تعالى: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا} [طه: 70] أي كأنهم دهشوا من معجزته، وغلِبوا من شوكَتها حتى خرجوا عن طوعهم ولم يبق لهم سبيل إلا إلى السجود، فسجدوا خارين على جباههم قائلين: {آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى} [طه: 70] ويؤيدُهُ ما روى "البزار" بإسنادٍ صحيح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتِبت عنده سورة النجم، فلما بلغَ السجدةَ سجد وسجدنا معه، وسجَدتِ الدوَاةُ والقلمُ". وعند الدَّارقطني: "الجن والإنس والشجَر"، فإن التعَرُّضَ إلى سجدةِ الجمادات يَدُل على ندرَةِ نَفيها، فإن سجودها غريبٌ جِدا فذكره لغرابته، وإذن صَرفه إلى السجودِ المعهودِ بَعِيدٌ جدا.

4 - باب سجدة النجم

عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ (ص) لَيْسَ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، وَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْجُدُ فِيهَا. طرفه 3422 - تحفة 5988 4 - باب سَجْدَةِ النَّجْمِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1070 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَرَأَ سُورَةَ النَّجْمِ فَسَجَدَ بِهَا، فَمَا بَقِىَ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ إِلاَّ سَجَدَ، فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ كَفًّا مِنْ حَصًى أَوْ تُرَابٍ، فَرَفَعَهُ إِلَى وَجْهِهِ وَقَالَ يَكْفِينِى هَذَا، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا. أطرافه 1067، 3853، 3972، 4863 - تحفة 9180 - 51/ 2 عن ابن عباس رضي اللَّهُ عنه قال: «ليس من عزائمِ السجود، وقد رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم يَسْجُدُهَا». وأخرجه النَّسائي: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم سَجَد ص فقال: «سَجَدَها داودُ توبةً، ونحنُ نَسْجُدُهَا شُكْرَا». وروى البخاريُّ عن العَوَّام قال: «سألتُ مجاهِدًا عن السجدة في ص. قال: سئل ابنُ عباس فقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90]، وكان ابن عَبَّاس يَسْجُدُ فيها» اهـ (¬1). قال الزَّيْلَعي: إنَّ حديثَ ابن عباس بَعْدَ النَّظَرِ إلى طُرُقه أولى أن يكونَ لنا، فإنه ذُكِرَ فيه سجودُ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لها، ثُمَّ تَلا الآيةَ المشيرةَ إلى الإتيان بها، وأَمَر بالسجودِ بتلاوتها، وسجدها بنفسه. فدلَّ على أنه ذهب إلى السجود فيها. ومعنى قوله: «ليست من عزائمِ السُّجُودِ» أي نسجُدُها شُكْرًا فقط لا توبةً كما سجدها داود. ومعنى: «سَجَدَهَا تَوْبَةً» أنه سجدها لتقرُّرِ سَبَبِهَا في حقِّه عليه الصلاة والسلام، بخلافها في حَقِّنا، فنحن نسجدُهَا شُكرًا لما أنعم اللَّهُ على داودَ عليه الصلاة والسلام بالغفران. فإذن هو بيانٌ لحقِيْقَتها لا لِحُكْمِها. وأما حُكْمُهَا فكما وَصَفَه مِنْ فِعْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم (¬2) إياها. وأيضًا يمكنُ أن ¬

_ (¬1) وأصْرَحُ منه سياقُهُ عند الطحاوي: أخبرنا العَوَّام بنُ حَوْشَب قال: "سألت مُجاهدًا عن السجود في ص، فقال: سألت عنها ابنَ عباس رضي الله تعالى عنه فقال: اسجُد في ص، فَتَلا على هؤلاءِ الآياتِ من الأنعام: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} إلى قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 84 - 90] فكان داودُ ممن أمِر نَبِيُكُمْ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يُقْتَدَى به اهـ. (¬2) يقول العبد الضعيف: وبلغني عن مولانا شيخ الهند رحمه الله تعالى أن قول ابنِ عباس رضي الله عنه يَدُل من حيثُ المفهوم أن سائرَ السجودِ من عزائمها. قلتُ: وعند الطحاوي عن علي رضي الله عنه: عزائم السجود: "ألم تنزيل، وحم، والنجم، واقرأ باسم رَبك" ... إلخ. فدل هذا على تقسيم السجود في أَذهانهم. وثانيًا: أن ما ذَكرَهُ شيخُ الهند رحمه الله تعالى من مفهومِ حديث ابن عباس رضي الله عنه هو بعينِهِ منطوق حديثِ عليٍّ رضي الله عنه. =

يكونَ مرادُهُ عدم لزوم السجود خاصة، بل تتأدَّى بالرُّكوع أيضًا، لما في الآيةِ مِنْ ذِكْر الرُّكوع فقال: {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24]. وفي «الفتاوى الظهيرية»: أنَّ سجدةَ التلاوةِ تتأدَّى عندنا بالركوع، سواءٌ، تليت في الصلاة أو خارجِهَا. وهو المختار عندي، وعليه عملُ السَّلف وإن لم يكن في عامَّة كُتُبِنَا. ففي «المُصنَّفِ» لابن أبي شَيْبَةَ: أن السَّلَف إذا كان أحدُهم يقرأُ القرآنَ ويَمُرُّ على آيةِ سجدةٍ، يركعُ في الطريق». فدلَّ على ما قلنا. وقد تمسَّك الحنفيةُ على تلكِ المسألةِ بتلك الآية، حيث ذُكِر فيها الرُّكوعُ بَدَل السجود. وأَقرَّ به بعضُ المفسرِّين وإن ردَّ عليه الشيخ ابنُ الهُمَام. وهذا الاستدلالُ ناهضٌ عندي، واعتراض الشيخ ابنِ الهُمَام رحمه الله تعالى ساقط كما سنقرره. ثم إنَّه لا سجدَة في «ص» عند الشافعية، وعندهم في «الحجِّ» سجدتان (¬1)، وعندنا في ¬

_ = ثُمَّ إنَّ مَن لم يَسجدها لا يدل على كونها سنة عنده، لما روى الطحاوي: أن ابنَ الزُّبير رضي الله عنه قرأ السجدةَ فلم يسجد، فقيل له: "ما مَنَعَك أن تَسجدَ؟ فقال: إذا كنت في صلاةٍ سجدت، وإذا لم أكن في الصلاةِ فإني لا أَسجد" -بالمعنى-. فهذا أيضًا نظرٌ، يعني الفَرق في تلاوتها وخارجها كما اختاره أَحمد رحمه الله تعالى، ثم يعلَم مِن بعض الرواياتِ الفَرقُ بِقَصدِها وعدمِه وإن لم يكن معتبرًا عندنا، فعند الطحاوي رحمه الله تعالى: أن سلمانَ مرَّ بقوم قد قرأوا بالسجدةِ، فقيل: "ألا تسجد؟ " فقال: "إنَّا لَم نَقْصِد لها"، ويمكن أن يكون هو مَرجِع قول عمر رضي الله عنه: "إن اللهَ لم يكتُبهَا علينا إلا أنْ نشاء". فلتراع هذه الأمور، ولا ينبغي أن يحكم بالسنية نظرًا إلى مَن لم يأت بها إجمالًا مع بقاءِ احتمالِ وجوبها على الفَور عنده، أو على التراخي، فإنه مرحلة أخرى. وعند أبي داود في سجدتي الحج مرفوعًا: "ومَن لم يسجدهما فلا يقرأهما"، فدل على التأكد، هذا في الوجوب والسنية، أما مسألةُ أعدادِ آياتِ السجودِ فمسألة أخْرَى. (¬1) قال صاحب "الهداية": والسجدةُ الثانيةُ في الحج للصلاة عندنا. وفي "الكفاية": ومذْهَبُنَا روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه، وابن عمر رضي الله تعالى عنه، قالا: "سجدةُ التلاوة في الحج هي الأُولى، والثانية سجدةُ الصلاة، حيث قرن به، وقال: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] والسجدةُ المقرونةُ بالركوع سجدةُ الصلاة. قلتُ: وقد تعقب عليه ابنُ القيم من وجوه: منها أن السجدةَ المقرونةَ بالعبادةِ لما لم يدل على كونِهَا سجدة الصلاةِ فكذلك المقرونةُ بالرُّكوع أيضًا. قلتُ: ولقائل أن يقول بالفرق: إن السجدةَ المقرونةَ بالرُّكوع لا تكونُ إلا في الصلاةِ، بخلاف المذكورة مع العبادة. كقوله تعالى في النَّجم: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)} [النجم: 62] فإن العبادة أوسعُ من السجودِ وغيره فلا تستلزم السجدةَ. ومنها أن أكثر السجدات المذكورة في القرآن متناوِلة لسجودِ الصلاة، فإن قوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [الرعد: 15] يدخل فيه سجود المصلين قَطعًا ... إلخ. وجوابُه أنه فَرق بين كونِه متعددا وبين كونه داخِلًا في عموم السجود، فالمقرونة بالركوعِ هي التي في الصلاةِ فتختص بهما، بخلاف غير المقرونة فلا تختص كذلك. وبالجملة الإيرادات كلهَا من باب التضييق في محل الاستدلال، مع أن أكثرَ الاستدلالات من القرآن تكون على نحو إيماء ومناسبات، وقلما يكون أَن يَردِ النص متعينًا لواحدٍ، وإنما شأنه أرفع وأرفع، فيَرِدُ محتمَلًا للمَحَامِل، غير أن بعضَها أَقْرَبُ من بعض، فمن كان في يديه ظاهر النص فهو الأَسْعد به. =

5 - باب سجود المسلمين مع المشركين والمشرك نجس ليس له وضوء

«الحجِّ» سجدةٌ واحدةٌ. وعند أحمد رحمه الله تعالى فيها سجدتان وفي «ص» أيضًا سجدةٌ، فازداد عددُ السجدات عنده. وأنكر مالكٌ رحمه الله تعالى أن يكونَ في المُفَصل. قلتُ: تَعَدُّدُ السجودِ في الحج محمولٌ عندي على تعدُّدِ القراءة، فإنهم لما اختلفوا في مَوْضِع السجود في سورةٍ باعتبار اختلافِ القراءةِ، كما عند الطحاوي، فأيُّ بُعْد لو التزمنا تَعَدُّدَ آياتها باختلاف القراءة أيضًا. فيمكن أن تكونَ سجدةً واحدةً باعتبار قراءةٍ وسجدتين باعتبار قراءةٍ أخرى. 5 - باب سُجُودِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكُ نَجَسٌ لَيْسَ لَهُ وُضُوءٌ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَسْجُدُ عَلَى وُضُوءٍ. 1071 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سَجَدَ بِالنَّجْمِ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ. وَرَوَاهُ ابْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ. طرفه 4862 - تحفة 5996 ولعله اختارَ أداءَ السجود بدون طهارة. وذهب إليه الشَّعْبِيُّ من السَّلَفِ، واستدل بسجود المُشْرِكين، فإنهم نَجَس وليس لهم وضوءٌ، ثُمَّ سَجَدُوا على سجودِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم والمسلمين. قلتُ: والجواب عنه سَهْلَ، فإنه لا دليلَ على عبرةِ سجودِهم أيضًا، بل الراوي لما لَمْ يجد لَفْظًا عَبَّرَ عن خُرورهم على جباههم بالسجود وإن لم يكن سجدةً فِقْهًا. وفي قول البخاري رحمه الله تعالى دليلٌ على ما مر معنا أن النجاسةَ في المُشْرِكِ فوقَ نجاسةِ الاعتقاد. أما الجواب عن أثر ابن عمرَ رضي الله عنه: فأولا: إنه أثرٌ لم يَتَّبِعْه الصحابةُ رضي الله عنهم. وثانيًا: في الهامش: «على وضوء» بحذف «غير»، فتردَّد النَّظرُ في مذهبه. ثُمَّ التفقه له لو كان اختارَ أداءَ السجودِ على غير وضوءٍ أنها عبادةٌ على اللِّسَان لا على الجَسَد، والعبادةُ على اللِّسَانِ أذكارٌ ولا وضوءَ فيها، ولخفاءِ معنى الصلاةِ فيها. وراجع الهامش. 6 - باب مَنْ قَرَأَ السَّجْدَةَ وَلَمْ يَسْجُدْ 1072 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - فَزَعَمَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - {وَالنَّجْمِ} فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا. طرفه 1073 - تحفة 3733 ¬

_ = وبالجملة ليس الاستدلالُ منه من باب الانحصار فيما قلنا، بل من باب كونِنَا أسعدَ بالقرآنِ، وهذا يطرِدُ في جميع المواضع. ومن العجائب ما ذكره ابن حَزْم قال: إن ثانيةَ الحج لا نقولُ بها أصلًا في الصلاة، وتَبطل الصلاة بها، يعني إذا سجدت، قال: لأنها لم تصحْ بها سُنةْ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أُجْمِع عليها، وإنما جاء فيها أثَرٌ مرسَلٌ، والله تعالى أعلم بالصواب.

7 - باب سجدة {إذا السماء انشقت (1)}

1073 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - (وَالنَّجْمِ) فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا. طرفه 1072 - تحفة 3733 ظاهرُ الروايةِ أنها تَجِب على التراخي، وفي الرواية الشاذَّة كما في «التاتارخانية» أنها على الفور. وعندي كلاهما صحيحٌ، فإن اعتمد على نَفْسه فكما في ظاهر الرواية، وإلا فكما في «التاتارخانية». ولا رَيْب في أن عظمةَ كلامِه تعالى تَقْتَضي أن تُسجد على الفور، فإنه كآدابِ المَلِك عند الحضور في مجلسه، وتلك الآدابُ تجب عند الحضور بدون تراخٍ، فكذلك ينبغي أن يسجُدَ عَقِيْبَ التلاوةِ أو السَّمَاع بلا تَوَقُّف. ولعلَّ تَعَدُّدَ الرُّكوع في صلاة الكسوف أيضًا من باب أداءِ آدابِ الحضرةِ الآلهِيَة المتجلية إذ ذاك، فهذا هو الأصل، نعم لو تَرَاخى فيها لا تفوتُ عنه. 1072 - قوله: (أَنَّه قَرَأَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلّم {وَالنَّجْمِ} فلم يَسْجُدْ فِيها). قلت: عدمُ سجودِه على الفورِ لا يوجِبُ عدمَ السجودِ فيها رأسًا. ثُم إنَّ زَيْدَ بنَ ثابتٍ لما كان فيه بمنزلةِ الإمام ولم يَسْجُد هو لِعُذْرٍ لم يَسْجُد النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أيضًا. وقال الشيخ ابنُ الهُمَام رحمه الله تعالى: إنَّ رَجُلا لو قَرَأَ سجدةً على قومٍ، يستحبُّ لهم أن يجعلوا فيها صورةً للصف ويجعلوا التَّالي إمامًا إلا أنه لا يتقدمهم، لعدم كَوْنِ الجماعةِ حقيقةً. وخرج منه أن التالي لو سجدَها يتأكَّدُ الوجوبُ في حقِّ السامعين أيضًا. وإن أخَّرها هو تتأخَّر عن القومِ أيضًا (¬1). 7 - باب سَجْدَةِ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} 1074 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ وَمُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالاَ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَرَأَ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} [الانشقاق: 1] فَسَجَدَ بِهَا فَقُلْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَلَمْ أَرَكَ تَسْجُدُ قَالَ لَوْ لَمْ أَرَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْجُدُ لَمْ أَسْجُدْ. أطرافه 766، 768، 1078 - تحفة 15426 تَعْرِيضٌ (¬2) بالماليكة، لأَنَّه ليس عندهم في المُفَصَّلات سَجْدَةٌ. ¬

_ (¬1) يقولُ العبدُ الضعيف: ويَشْهَدُ له ما عند البخاريّ رحمه الله تعالى بعد عدة أحاديثَ، عن ابن مسعود: أن غلامًا قرأ عليه سجدة. فقال له: "اسجد فإنك إمَامُنَا". فأمَرَه بالسجودِ أولًا وأطْلَق عليه الإمام. وكذا يُبْنَي عليه ما عن ابن عمرَ رضي الله تعالى عنه بعده مرفوعًا: "كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرأُ علينا السورةَ فيها السجدة، فيسجدُ ونَسْجُد". اهـ. فجعله إمَامًا من حيث كونهم ساجدين بسجوده - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) قال الشاه وليُّ الله رحمه الله تعالى في "تراجم البخاري": إن السجود عند مالك رحمه الله تعالى أرْبَعَ عشرةَ سجدةً، والثلاث في المُفَصَّل غيرُ مؤكَّدةٍ عنده، والبواقي مؤكَّدة، وهذا اشتهر عند الناصر أن السَّجدات عنده إحدى عشرةَ سجدةً اهـ. قلتُ: وهو في الموطأ حيث قال (ص 72)، قال مالك: الأمْرُ عندنا أن عزائمَ سجودِ القرآن إحدى عشرةَ سجدةً ... إلخ. قال الباجي: إن مالِكًا رحمه الله تعالى لم يمنع السجودَ في المُفَصَّل، وإنما يمنعُ أن يكونَ من العزائمِ. اهـ.

8 - باب من سجد لسجود القارئ

8 - باب مَنْ سَجَدَ لِسُجُودِ الْقَارِئِ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لِتَمِيمِ بْنِ حَذْلَمٍ - وَهْوَ غُلاَمٌ - فَقَرَأَ عَلَيْهِ سَجْدَةً، فَقَالَ اسْجُدْ فَإِنَّكَ إِمَامُنَا فِيهَا. 1075 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ عَلَيْنَا السُّورَةَ فِيهَا السَّجْدَةُ، فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ، حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُنَا مَوْضِعَ جَبْهَتِهِ. طرفاه 1076، 1079 - تحفة 8144 أي يُستحبُّ أن يجعلوا الصف عند أداء السجود، كما مرَّ عن ابن الهُمام رحمه الله تعالى ويشيرُ إليه قوله: «إنَّك إمامُنا». 9 - باب ازْدِحَامِ النَّاسِ إِذَا قَرَأَ الإِمَامُ السَّجْدَةَ 1076 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ السَّجْدَةَ وَنَحْنُ عِنْدَهُ فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ مَعَهُ فَنَزْدَحِمُ حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُنَا لِجَبْهَتِهِ مَوْضِعًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ. طرفاه 1075، 1079 - تحفة 8068 - 52/ 2 10 - باب مَنْ رَأَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُوجِبِ السُّجُودَ وَقِيلَ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ الرَّجُلُ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ وَلَمْ يَجْلِسْ لَهَا قَالَ أَرَأَيْتَ لَوْ قَعَدَ لَهَا كَأَنَّهُ لاَ يُوجِبُهُ عَلَيْهِ. وَقَالَ سَلْمَانُ مَا لِهَذَا غَدَوْنَا. وَقَالَ عُثْمَانُ - رضى الله عنه - إِنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنِ اسْتَمَعَهَا. وَقَالَ الزُّهْرِىُّ لاَ يَسْجُدُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا، فَإِذَا سَجَدْتَ وَأَنْتَ فِى حَضَرٍ فَاسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، فَإِنْ كُنْتَ رَاكِبًا فَلاَ عَلَيْكَ حَيْثُ كَانَ وَجْهُكَ. وَكَانَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ لاَ يَسْجُدُ لِسُجُودِ الْقَاصِّ. اختار مذهبُ الجُمهور أنها سُنةٌ. وقيل لِعْمَران ابن حُصَين: «الرَّجُلُ يَسْمَعُ السجدةَ ولم يجلس لها، قال: أرأيت لو قعد لها»، وجوابُ «لو» محذوفٌ، أي لا يجبُ عليه شيءٌ: فإذا لم يجب على المستمَع القاعدِ لها، فَعَدَمُهُ على السَّامِع غير القاعد لها بالأَوْلى. قوله: (كأَنَّه لا يُوْجِبه) هذا فَهْمٌ مِنْ البخاري. ويمكن أن يقال: إن لفظه مُبْهَم، فاحتمل أن يكون معنى قوله: «ولم يَجْلِس لها» أي سمِع آيةَ السجدة فذهب مارًّا ولم يجلس لها، ففيه نَفْي الجلوس، وهو ليس بواجبٍ عندنا أيضًا. نعم تجِب على ذِمَّته ويؤديها متى وَجَد فُرصةً. والصريحُ فيما أراده البخاري رحمه الله تعالى ولم يكن لها جَالِسًا، ثُم الأَقْرَبُ أَنَّ الأَخْذَ بهذه الشِّدَّةِ في باب العربية إنما يُنَاسِبُ في القرآنِ العزيز، أو الأَحاديث التي تُعَيَّنُ كونُها مرويةً باللفظ لا غَيْرِ. قوله: (وقال سَلْمَان: ما لهذا غَدَوْنَا) كان سلمانُ رضي الله عنه خَرَج من صلاةِ الصُّبْح، فجعل قاصُّ يَقُصُّ، فحدَّثَتِ به نَفْسُهُ أنه لا يجلس له. فتلا آيةَ السجدة ليجب عليه المُكْثُ لها،

فقال سَلْمانُ: «ما لهذا غدونا». أي إنَّما غَدَوْنِا لأَجْل الصلاةِ. وقال عثمان: إنما السجدةُ على مَنْ اسْتَمَعها. وظاهرُهُ أنه ذَهَب إلى السنية. أما فَرْقُ السماعِ والاستماع فغيرُ متأتٍ عندي، لكونه من الأمور القلبية، كقوله تعالى: {فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ} [الأَعْراف: 204] مع أَنَّه لا يستمِعُ إلا مَنْ شاء الله. قوله: (لا يَسْجُدُ لِسُجُودِ القَاصِّ) وفي الفِقه: لو ذكر اسمَ اللَّهِ على عادتِهِم عند السؤال، لا يُنْدَبُ للسامع أن يقول: جَلَّ ذِكْرُهُ أو نحوُهُ، بخلافِ ما لو سمعه من غيرهِ فأَنَّه يُنْدبُ له أن يقول كلمة مشعرة بالتعظيم، كما يُنْدَبُ الصلاةُ عند سماعِ اسمِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم قلتُ: بل يُنْدبُ عند السماع من سائلٍ أيضًا. 1077 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِىِّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ التَّيْمِىِّ - قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ رَبِيعَةُ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ عَمَّا حَضَرَ رَبِيعَةُ مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - قَرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِسُورَةِ النَّحْلِ حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ الْجُمُعَةُ الْقَابِلَةُ قَرَأَ بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ. وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ - رضى الله عنه. وَزَادَ نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضِ السُّجُودَ إِلاَّ أَنْ نَشَاءَ. تحفة 10438، 10564 1077 - قوله: (عَمَّا حَضَرَ) قال الحافظ رحمه الله تعالى: متعلِّقٌ بقوله: أخبرني، أي أخبرني راوٍ عن عثمانَ، عن رَبِيْعَةَ عن قِصَّةِ حُضُورِه مَجْلِسَ عمرَ رضي الله تعالى عنه. قوله: (وَزَاد نافِعٌ عن ابنِ عمرَ رضي اللَّهُ تعالى عنه: إنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضِ السُّجُودَ إلا أَنْ نَشَاءَ) قال الحافظ رحمه الله تعالى: أي زاد نافعٌ في مَقُولةِ عمرَ رضي الله تعالى عنه. وقال العَيْني رحمه الله تعالى: في مقولةِ ابن عمرَ رضي اللَّهُ تعالى عنه. قلتُ: وقِصَّةُ عمرَ رضي الله عنه هذه أقوى ما يُمكنُ أن يُحتجَّ به على سُنِّيةِ السجودِ، فإنه تلا سورةَ النَّمل يومَ الجمعة فسجد لها مرةً، ثُمَّ لم يَسْجُد لها في الجمعة التالية، ثُمَّ قال: «إنَّما نَمُرُّ بالسجودِ فَمَنْ سجد فقد أصاب، وَمَنْ لم يسجد فلا إِثْم عليه». وذلك بِمَحْضَرٍ من الصحابة رضي الله عنهم، ولم أَرَ عنه جوابًا شَافيًا بعدُ، وما فتح الله عليّ أنه تبين لي أن الأُسوةَ لعمرَ رضي الله عنه في صنيعه في السجود - في جُمعةٍ دون جمعة - ما عند أبي داود عن أبي سعيد الخُدْري أنه قال: «قرأ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم وهو على المنبر «ص»، فلما بَلَغ السجدةَ نعزَل فَسَجَد وسجد الناسُ معه، فلما كان يومٌ آخَر قرأها، فلما بلغَ السجدةَ تَشَزَّنَ الناسُ للسجود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «إنما هي تَوْبَةُ نَبِيَ، ولكني رأيتُكُمْ تَشَزَّنْتُم للسجودِ، فنزل فَسَجَدَ وسَجَدُوا» اهـ. فخرج منه وَجْهُ اجتهاد عمرَ رضي الله عنه في ذلك. قوله: (وإنْ كان سجودُهُ في «النَّمل»، وسجودُهُ صلى الله عليه وسلّم في «ص») فهذا هو الذي دعا عمرَ

11 - باب من قرأ السجدة فى الصلاة فسجد بها

رضي الله عنه إلى سجودِهِ في جُمْعةٍ دون أخرى، فإنَّه اتَّبع فيه ما كان عنده من أُسْوَةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وقد ثبت عندنا أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان التزمَ السجودَ فيها بعده، وكان يسجدُها. وإذن لم يَبْقَ قلقٌ فيما فَعَلَه عمرُ رضي الله عنه، فإنه حكايةٌ لِفِعْله حين كان لا يرى السجودَ فيها عزيمةً، كما أخرج أحمدُ رحمه الله تعالى في «مسنده»، والحاكم في «مُسْتدركِه»، والمُنْذرِي في «الترغيب» وقَوَّاه عن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه فهذا أنه قال: «رأيتُ رؤيا: إنِّي أَكْتُبُ سورةَ «ص»، فلما بَلَغْتُ السجدةَ رأيتُ الدَّوَاةَ والقلمَ وكُلَّ شيءٍ يَحْضُرُني انقلبَ ساجِدًا. قال: فَقَصَصْتُهَا على رسولِ الله صلى الله عليه وسلّم فلم يَزَل يَسْجُدُ بِهَا» اهـ. ونحوه عند ابنِ كثير في «تفسيره». وعند البيهقي «فَغَدَوْتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلّم فَأَخْبَرْتُهُ، فَأَمَر بالسجودِ فيها». اهـ. ففيه دليلٌ على أنه كان في أوَّل أَمْرِه يرى فيها رُخْصَة، لما رأى أبو سعيد رضي الله عنه رؤياه أَمَر بالسجودِ فيها. والحاصل: أنه قد تبين عندنا عُمر رضي الله عنه، وانكشفَ وَجْهُه، وهو أنه كان فيما كان السجودُ رخصةَ، فإِذَا عَزَمَ الأَمْر تَحتمَّ بالسجود (¬1). ويمكنُ أن يقال: إن النفي راجِعٌ إلى القيد، والمعنى أَنَّ السجدةَ ليست واجبةً بِعَيْنهَا، فمن لم يسجد فلا أثم عليه، لأن الرُّكوعَ أيضًا ينوب عنها، وهو روايةٌ عندنا في خارج الصلاة أيضًا، كما في «الفتاوى الظهيرية». وذكر الإمام الرازي في تفسيره: أنَّ أبا حنيفة رحمه الله تعالى استدل عليه من قوله تعالى: {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24]. وفي «فتح الباري»: أنَّ بعضَ السَّلَف أنكروا سجدة «ص»، لعدم كونِ لَفْظِ السجود في آيتها. قلتُ: وإذن ذَهَب بعضُ السَّلف إلى نَفْي السجود رأسًا نظرًا إلى لَفظ الركوع، فإثبات السجودِ فيها مع التزامِ أدائها بالركوع أَهْوَنُ. وحينئذٍ معنى مارواه ابن عمر رضي الله عنه: أنَّ اللَّهَ لم يَفْرِض السجودَ إلا أنْ نشاءَ، أي لم يَفْرِض علينا السجودَ بِخُصُوصه، بل كفى عنه الرُّكوعُ أيضًا، إلا أن نشاءَ السجدةَ فنأتي بها. 11 - باب مَنْ قَرَأَ السَّجْدَةَ فِى الصَّلاَةِ فَسَجَدَ بِهَا 1078 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى بَكْرٌ عَنْ ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: فإن قلت: فهل كل الصحابةُ رضي الله تعالى عنهم الحاضرون كُلُّهم لا يَدْرُون أنه أوجبها من بعد فاتبعوه في ذلك؟ قلتُ: والذي عُلِم من حالِ الصحابة رضي الله تعالى عنهم أنهم لم يكونوا ينازعون أحدًا في المسائل الاجتهادية، وكان يعملُ كلٌّ منهم على تحقيقه في بيته. نعم مَنْ لم يكن عنده من جهة صاحب الشرع قدوةٌ كان يَرْجعُ إلى واحدٍ منهم ويتبعه فيه. فلو كان عمرُ رضي الله تعالى عنه ذهب إلى عدم وجوب السجود، فله فيه مأخذ من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن اتَّبعه فله فيه أسوةٌ، وأي أسوة تأسَّى بها. وكذا مَنْ ذهب إلى وجوبِ السجود فله في ذلك قدوة من القرآنِ، والنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وسَلَفٍ من أصحابه رضي الله تعالى عنهم. فإنْ شِئت فاجعله جوابًا مستقلًا لسائر الاجتهاديات عند الخلاف. ومن نظائره جواب ابن عباس رضي الله تعالى عنه لإيتار معاويةَ رضي الله تعالى عنه بركعةٍ: دعْه فإنَّه قد صَحِب النبي - صلى الله عليه وسلم -".

12 - باب من لم يجد موضعا للسجود من الزحام

أَبِى رَافِعٍ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ أَبِى هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ فَقَرَأَ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} فَسَجَدَ فَقُلْتُ مَا هَذِهِ قَالَ سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِى الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ أَزَالُ أَسْجُدُ فِيهَا حَتَّى أَلْقَاهُ. أطرافه 766، 768، 1074 - تحفة 14649 12 - باب مَنْ لَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا لِلسُّجُودِ مِنَ الزِّحَامِ 1079 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ السُّورَةَ الَّتِى فِيهَا السَّجْدَةُ فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُنَا مَكَانًا لِمَوْضِعِ جَبْهَتِهِ. طرفاه 1075، 1076 - تحفة 8144 - 53/ 2 لو قرأ الإمامُ آيةَ السجدة، ثُمَّ ركع واجتزأ بركوعِهِ عن الجسود، فَسَدت صلاةُ القوم في بعض الصُّور، كما في «القِنية». وقال المخدوم الهاشم رحمه الله تعالى: إنَّ تفرداتِه غيرُ مقبولةٍ، لأنه معتزليُّ الاعتقاد وإن كان حنفيَّ المذهب. وقد استمدَّ كتابه من نحو خمسةَ عشرَ كتابًا من كُتُب المعتزلة. ***

18 - كتاب تقصير الصلاة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 18 - كتاب تقْصيرِ الصَّلاة 1 - باب مَا جَاءَ فِى التَّقْصِيرِ وَكَمْ يُقِيمُ حَتَّى يَقْصُرَ 1080 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمٍ وَحُصَيْنٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ، فَنَحْنُ إِذَا سَافَرْنَا تِسْعَةَ عَشَرَ قَصَرْنَا، وَإِنْ زِدْنَا أَتْمَمْنَا. طرفاه 4298، 4299 - تحفة 6134، 6033 1081 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَكَانَ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ. قُلْتُ أَقَمْتُمْ بِمَكَّةَ شَيْئًا قَالَ أَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا. طرفه 4297 تحفة 1652 قال الحافظ رحمه الله تعالى في هذه الترجمةِ أَشْكَالٌ، لأن الإقامةَ ليست سببًا للقَصْر، ولا القَصْرَ غايةُ الإِقامة. فقيل: إنه انقلب اللَّفْظُ. والمعنى: كم يَقْصُر حتى يقيمَ؟ وقيل: كم مدة يقيم حتى يَقْصُر، وعددُ الأيام المذكورة سببٌ لمعرفةِ جوازِ القَصْر فيها. واعلم أنه لم يبلغ حديثٌ مرفوعٌ في تجديد مدةِ القَصْر إلى مَرْتبةِ الصحة، وحديث ابن عباس رضي الله عنه في فَتْح مكةَ ومدة الإِقامة فيه تسعةَ عشرةَ (¬1)، على اختلافٍ فيه، وحديث ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وقد اختلفت الرواياتُ في قيامه - صلى الله عليه وسلم - في فتح مكة: ففي رواية كما في البخاري. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنه عند أبي داود: "تِسْعَ عشرةَ"، ففي رواياته اختلافٌ. وعند أبي داود من حديثِ عِمران بنِ حُصَين: "ثماني عشرة ليلةً"، وله من طريق: "خَمْسَ عشرةَ". قال الحافظ رحمه الله تعالى: وجمع البيهقي بين هذا الاختلاف بأنَّ مَنْ قال: "تِسْعَ عشرةَ" عدَّ يَوْمَي الدخول والخروج، ومن قال: سبع عشرة حذفهما ومَنْ قال: "ثماني عشرة" عَدَّ أحدهما وأما رواية: "خمْسَةَ عَشَرَ" فضعَّفها النووي في "الخُلاصة" وليس بجيد، لأن رواتها ثِقَاتٌ لم ينفرد بها ابن إسحاق، فقد أخرجها النَّووي من رواية عِرَاك بن مالك عن عبيد الله كذلك. وإذا ثَبَت أنها صحيحةٌ، فليحمل على أن الراوي ظَنَ أن الروايةَ: "سَبْعَ عشرةَ" فحذف منها يومَي الدخول والخروج، فذكر أنها خَمْس عشرةَ اهـ. قلتُ: وحالُهم في فتح مكة كان بين أن يُفْتَحَ لهم فيقروا، وبين أن يكونَ غيرَ ذلك فيضروا، وكذلك لم يكن لهم نيةٌ بعد الفتح أيضًا، لأنه لم يكن لهم بعد الفَتْح في المقام بها غَرَضٌ، إلا أنهم أقاموا بها قَدْر ما يَفْرُغُون عن حوائجهم، بخلاف حالهم في حجة الوداع، فإنهم كانوا جازمين بتلك المدة، لأنهم وَرَدُوا بها للحج وسافروا له، فقد عزموا لها مِنْ قبل. وقد سمعت بعضه من الشيخ رحمه الله في درس الترمذي.

2 - باب الصلاة بمنى

أنس رضي الله عنه في حَجَّة الوَداع ومدة الإقامة فيها. 2 - باب الصَّلاَةِ بِمِنًى 1082 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَمَعَ عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ ثُمَّ أَتَمَّهَا. طرفه 1655 - تحفة 8151 1083 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ قَالَ صَلَّى بِنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - آمَنَ مَا كَانَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ. طرفه 1656 - تحفة 3284 1084 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ صَلَّى بِنَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رضى الله عنه - بِمِنًى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَقِيلَ ذَلِكَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - فَاسْتَرْجَعَ ثُمَّ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ مَعَ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، فَلَيْتَ حَظِّى مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ. طرفه 1657 - تحفة 9383، 9824 - 54/ 2 3 - باب كَمْ أَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّتِهِ 1085 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ الْبَرَّاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ لِصُبْحِ رَابِعَةٍ يُلَبُّونَ بِالْحَجِّ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً إِلاَّ مَنْ مَعَهُ الْهَدْىُ. تَابَعَهُ عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ. أطرافه 1564، 2505، 3832 - تحفة 6565، 2448 قال: «صليتُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ركعتين بمنى، وأبي بكر وعمرَ، وعثمانَ رضي الله عنهم صدرًا من إمارته. ثُمَّ أَتَّمَهَا. واعلم أن القَصْر رخصةٌ عند الشافعية، وعزيمةٌ عندنا. قال الحافظُ ابنُ تيميةَ رحمه الله تعالى: والذي عَلِمْنَاه مِنْ سُنة رسولِ الله صلى الله عليه وسلّم هو القَصْرُ لا غير، وهو مذهبُ أبي بكر وعمرَ رضي الله عنهما، وكذلك مذهب عثمانَ رضي الله عنه فوافقنا في المسألة. وأما إتمامُه فليس بناءً على جوازِ الإِتمام، بل بناء على التأويل. وقد نُقِلَ على وجوهٍ عند الطحاوي وأبي داود، وتكلَّلم فيها الحافظُ رحمه الله تعالى فَذَكَر أنها لا تُوْجِبُ الإِتمام. قلتُ: وسها الحنفيةُ حيث أضاعوا وقتَهم في الجواب عن تلك التأويلات. فإنه لو كان فيها قَلَقٌ لكان في تأويل عثمانَ رضي الله عنه. أما مسأل القَصْر والإِتمام فلا أثر لها فيها، فإنه لم يَتِم إل بالتأويل، فَمَن كَانَ لا يرتضى بها فلينازع مَنْ كان أَتَمَّ بتلك التأويلاتِ إن كان له هِمَّةٌ

لمقاومته، وليس لهم حَقٌّ علنيا، فإنَّا لم نَقُل بجواز الإِتمام بتلك التأويلات. وقد غالط فيه بعضٌ من الشافعية، وغَلِظ فيه بتعضٌ من الحنفية، فجعل يتكلمُ في الجواب عما أوردَهُ، ولم يَدْرِ أن مسألةَ وجوبِ القَصْر غيرُ سألةِ جواز الإِتمام بتأويل دون تأويل. وليس للشافعيةِ في جواز التقصير إلا ما عند الدارقطني عن عائشةَ رضي الله عنها أنها قَصَرَتْ في فتح مكةِ وأَتَمَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فلما أَخْبرَتْهُ قال: أَحْسَنْتِ. قال ابن تيمية: وهو موضوع. قلتُ: كلا لا أَزْيَدَ من أن يكون معلولا، كما قال به ابنُ كثير، لأنها لم تكن في هذا السَّفَر مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كما قال به محمد بن إسحاق في سيرته. ونَقَل تلك العلةَ عند المِزِّي في رواية النسائي فاستحسنها. وأيضًا فيه: «كان يَقْصُر ويتِمُّ، ويُفْظرُ ويَصُوْمُ». وإسنادُهُ مستقيمٌ. والجواب عندي أن هذا التحسينَ من باب عدم التعاقب على أمرٍ ماضٍ سبق عنها قبل الاستفسار مِنْ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فإنها لو كانت في هذا السَّفَر لكانت تابعةً، فلعلَّها نَوَت الإِقامةَ فَأَتمَّت ولم تدر أن نيةَ الإِقامةِ إنما تعتبرُ من المتبوع دون التابع، فإذا رَدَّت الأَمْرَ (¬1) إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لم يعاقِبْها عليه، وكأنه أَغْمَضَ عَمَّا فعلَتْه وهي غيرُ عالِمة. وأُجيب عن الثانية أنَّ فيها تَصْحيفًا، والصحيح أن الضمائرَ فيها للمؤنث. أي تَقْصُر وتُتِمم ... إلخ فهو حكايةٌ عن فِعْل عائشةَ رضي الله عنها. وقيل: يَقْصُر أي في السفر. ويتِمُّ أي في الحَضَر، أو يَقْصُر في السفر إذا لم يَنْو الإِقامة ويتِمُّ إذا نواها. وبالجملة لما لم يَثْبُتِ الإِتمامُ في السَّفَر إلا عن عثمانَ وعائشةَ رضي الله عنهما، وهو أيضًا بالتأويل، ثبت أن المَذْهَبَ مَذْهَبُ الحنفية رحمهم الله تعالى، وإليه ذهب الجمهور. ولذلك لما بلغ إتمامُ عثمانَ رضي الله عنه عَبْد الله بن مسعود رضي الله عنه استرجع، كما في الحديث الآتي. فإن قلت: لَمَّا كان مذهبُ ابن مسعود رضي الله عنه كما وصفت، فَلِمَ ائتم به وصَلَّى خَلْفَه أربعَ ركعاتٍ؟ على أنه يثبتُ عنه جوازُ اقتداءِ المفترضِ خَلْفَ المتنفل. فإنَّ عثمان رضي الله عنه حينئذٍ متنفِّلٌ في الشَّفْع الأخير عنده، وهو باطِلٌ عندكم. قلتُ: هذه المسألةُ مُجْتَهَدٌ فيها، والاقتداء في جِنْسِ هذه المسائلِ بجوزُ من واحدٍ لآخَر، كما في «الدر المختار» عند تعديد الواجبات، فَصَرَّح في ضِمْنه: أنَّ المتابعةَ تَصِحُّ عندنا في الاجتهادات كلها. وأَوْضَحَهُ الشَّافعيُّ رحمه الله تعالى، ونقله الحافظ ابن تيمية عن الأئمة الأربعة. قلتُ: فهذا بابٌ عندنا وسيعٌ، فيتَّبع الإمام في رَفْع اليدين والتأمين أيضًا لو اتفق الاقتداء ¬

_ (¬1) قلتُ: ولو كان الإتمام مُسْتَحْسَنا كما يُشْعِرُ به اللفظُ لأتَمَّ بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل لو كان جائزًا لم يَتْرُكه إلا أَنْ يَفْعَلَه ولو مرة مع أنه لم يَثْبُت عنه أصلًا. ثم أقول: إن في نَفْس قولها: "أتممت وقصرت" استغرابٌ منها، كأَنَّها لم تكن عَالِمة من قبل، فإذا عَلِمْت أَخْبرتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لِتَعْلم نوعَ خلافِ لما قَصَرت فيه، على حَدِّ قَوْل الصِّديق الأكبر رضي الله تعالى عنه: واللهِ إنَّا لنجدُ مِثْله، حين قال له حَنْظَلَة: نَافَقَ حَنظَلَةُ، فذهبَا إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلى آخِر القصة. ولذا حَسَّنَها النبي - صلى الله عليه وسلم - كي يسكن فؤادُه، كقوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53] ... إلخ. ليس فيه تَشْجِيعٌ على المعاصي، بل فيه تسكين لِمَن بَلَغ حاله القنوط بعد الإِسراف، فافهم.

4 - باب فى كم يقصر الصلاة وسمى النبى - صلى الله عليه وسلم - يوما وليلة سفرا

الشافعي رحمه الله تعالى. وقد قدمنا الكلام فيه مبسوطًا. ويَدُلُّ عليه أن الخليفةَ هارونَ الرشيد اقتصد مرةً فقام إلى الصلاةِ ولم يتوضأ، فاقتدى به أبو يوسف رحمه الله تعالى وما ذلك إلا لكون الاقتداء جائزًا، ولولا ذلك لما كان أبو يوسف رحمه الله تعالى ليقتدي به فإنه أَوْرَعُ من ذلك، كما في «البحر الرائق»: أنه كان يبكي عند نَزْعه، فسأله الحاضرون عن بكائِه، فقال: إنما أبكي من أجل ما قَصرتِ في قضائي عن هارون الرشيد، فإنه وذميًا ترافعا إليّ مرةً في أَمْرٍ فلم أعبأ بالأميرِ لكونه أميرًا، ورَكَنْتُ إلى الذِّمي. فَمَنْ كان بكاؤه لهذا، كيف يُظنُّ به أن يكون اقتدى بالخليفة مع عدم جوازه عنده؟ فإنه إذا لم يعبأ به في القضاء، فما في الاقتداء. ثُمَّ لو تكلَّم إمامٌ شافعي لا يجوز الاقتداء به عندي، وذلك لأن نَقْض الطهارة من خارج غير السبيلين مختلفٌ فيه اختلافًا فاشيًا بين الصحابة رضي الله عنهم، بخلاف مسألة الكلام، فإنه لا دليلَ له عندهم غيرُ واقعة مُبْهَمة لا يُدْرَى مُسْتقرُّها ومستودَعُها فافترقا. قوله: (آمَنَ ما كَانَ) وصيغةُ التفضيل بينهما مضافٌ إلى المصدر، فتكون مَصْدرًا على ضَابطَتهم لكونها جزءًا من المضاف إليه فلا يصح حَمْلُهَا. قلت: ولكنَّ السيد الجُرْجَاني صَرَّح في «حاشية المتوسط»: أَنَّ الفِعْل بعد دخول حروفِ المَصْدر لا يَنْسلخ عن معناه بالكلية، ولا يأخذ جميعَ أحكام المصدر. وقر مر معنا الفرق في قوله: أعجبني أن يقوم زيدٌ، وقوله: «قيامُ زيدٍ. ثم إنَّه إشارةٌ إلى آية القرآن وهي: {إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ} [النساء: 101]، وأنها في قَصْر الهيئة لا فِي قَصْر العدد، وقد مَرَّ البحثُ فيه. 4 - باب فِى كَمْ يَقْصُرُ الصَّلاَةَ وَسَمَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا وَلَيْلَةً سَفَرًا وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - يَقْصُرَانِ وَيُفْطِرَانِ فِى أَرْبَعَةِ بُرُدٍ وَهْىَ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا. 1086 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِىُّ قَالَ قُلْتُ لأَبِى أُسَامَةَ حَدَّثَكُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ مَعَ ذِى مَحْرَمٍ». طرفه 1087 - تحفة 7829 1087 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ ثَلاَثًا إِلاَّ مَعَ ذِى مَحْرَمٍ». تَابَعَهُ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1086 - تحفة 8147، 7934 1088 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَيْسَ مَعَهَا حُرْمَةٌ». تَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ وَسُهَيْلٌ وَمَالِكٌ عَنِ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه. تحفة 14323، 13078، 12960، 13010

5 - باب يقصر إذا خرج من موضعه

ومسافةُ القَصْر في المذهب مسيرةُ ثلاثةِ أيام ولياليها. ثُمَّ حَوَّلُوها إلى التقدير بالمنازل، فاختلفوا فيه على أقوال: منها ستةَ عشرَ فَرْسخًا. كل فَرْسخ ثلاثةُ أميال، فتلك ثمانيةٌ وأربعونَ مِيْلا، كمافي الحديث. وبه أُفتي لكونه مذهبَ الآخَرِين. وهي عند الظاهري على اللغةِ، فكلُّ ما يطلقُ عليه السَّفَر لغةً تكون مسافةُ القَصْرِ عنده. قوله: (وسَمَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يومًا وليلةً سفرًا) يعني جَعَله من جزئيات السَّفَر لا أنه قصره عليه. ولعل المصنف رحمه الله تعالى أرادَ الإِطلاق في السَّفَر كمذهب داود الظاهري. قال الحافظ رحمه الله تعالى: وفيه ما يدلُّ على اختياره أن أقلَّ مسافةِ القَصْر يومٌ وليلةٌ ولما لم يكن عند المصنف رحمه الله تعالى في القَصْر والإِتمام حديث، أخرج له حديثَ الحجِّ والسفر للحاجات العامة، كقوله: «لا تُسَافِر المرأةُ ثلاثًا»، فإنه لم يقع في مسألةِ الإِتمام والقَصْر، بل وَرَدَ في سَفَر الحاجات، واختلفت فيه الروايات. وفي بعضها: مَسيرةُ يومٍ ولَيْلَة، وهو عندي مُخْتَلِفٌ باختلاف الأحوال، والأحاديث في هذا الباب صُدِّرَت عن حضرةِ الرسالة تارةً كذا، وتارةً كذا، وليست محمولةً على اختلافِ الرواة. وفي كُتب الحنفية عَامَّةً عَدَمُ جوازِ السَّفَر إلا مع مَحْرَم. قلتُ: ويجوزُ عندي مع غير مَحْرم أيضًا بِشَرْط الاعتماد والأَمْن من الفتنة. وقد وَجَدْتُ له مادةً كثيرةً في الأحاديث (¬1) أما في الفِقْه فهو من مسائل الفِتن. 5 - باب يَقْصُرُ إِذَا خَرَجَ مِنْ مَوْضِعِهِ وَخَرَجَ عَلِىٌّ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَقَصَرَ وَهْوَ يَرَى الْبُيُوتَ فَلَمَّا رَجَعَ قِيلَ لَهُ هَذِهِ الْكُوفَةُ. قَالَ لاَ حَتَّى نَدْخُلَهَا. 1089 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّيْتُ الظُّهْرَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَبِذِى الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ. أطرافه 1546، 1547، 1548، 1551، 1712، 1714، 1715، 2951، 2986 تحفة 166، 1573 1090 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ الصَّلاَةُ أَوَّلُ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ فَأُقِرَّتْ صَلاَةُ السَّفَرِ، وَأُتِمَّتْ صَلاَةُ الْحَضَرِ. قَالَ الزُّهْرِىُّ فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ مَا بَالُ عَائِشَةَ تُتِمُّ قَالَ تَأَوَّلَتْ مَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ. طرفاه 350، 3935 - تحفة 16439 - 55/ 2 وهو المسألة عندنا. ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: منها أَمْرُ النبي - صلى الله عليه وسلم - أبَا العاص أنْ يُرْسِل زينب رضي الله عنها مع رَجُلٍ لم يكن لها مَحْرمًا، ومجيء عائشةَ رضي الله عنها في قِصَّة الإفْك.

6 - باب يصلى المغرب ثلاثا فى السفر

1089 - قوله: (وبِذِي الحُلَيْفَةَ رَكْعَتَيْن) أي قَصَر فيها وقد خَرَج للحجِّ، لا أنه قَصَد ذا الحُلَيفة وقَصَر فيها. 6 - باب يُصَلِّى الْمَغْرِبَ ثَلاَثًا فِى السَّفَرِ 1091 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ فِى السَّفَرِ يُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ. قَالَ سَالِمٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَفْعَلُهُ إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ. أطرافه 1092، 1106، 1109، 1668، 1673، 1805، 3000 - تحفة 6844 1092 - وَزَادَ اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ سَالِمٌ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ. قَالَ سَالِمٌ وَأَخَّرَ ابْنُ عُمَرَ الْمَغْرِبَ، وَكَانَ اسْتُصْرِخَ عَلَى امْرَأَتِهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِى عُبَيْدٍ فَقُلْتُ لَهُ الصَّلاَةُ. فَقَالَ سِرْ. فَقُلْتُ الصَّلاَةُ. فَقَالَ سِرْ. حَتَّى سَارَ مِيلَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ يُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ، فَيُصَلِّيهَا ثَلاَثًا ثُمَّ يُسَلِّمُ، ثُمَّ قَلَّمَا يَلْبَثُ حَتَّى يُقِيمَ الْعِشَاءَ فَيُصَلِّيَهَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُسَلِّمُ، وَلاَ يُسَبِّحُ بَعْدَ الْعِشَاءِ حَتَّى يَقُومَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ. أطرافه 1091، 1106، 1109، 1668، 1673، 1805، 3000 - تحفة 6995 ونقل العَيْنِي أَنَّ ابن دِحْية المغربي - وهو مِنْ حُفَّاظ الحديث - أفتى بِقَصْرِ المَغْرِب أيضًا ولم يذهب إليه أَحَدٌ. وقد كَشَفَت عن مَنْشَأَ غَلَطه في رسالتي «كشف الستر» من أَواخرها، وخلاصته: أن منشأه ما رُوي عن أبي موسى الأشعري - كما في الهامش - أنه سَلَّم في الْمَغْرِب بين شَفْع المغرب وركعتها. فأخرجه الهَيْثَمي في سجود السهو، وأشار إلى أنه سَبَق منه التسليمُ سهوًا، لا أنه كان بناءً على القَصْر في الْمَغْرِب. وهذا هو منشأ غَلَط ابن دِحْية، وهو كثيرُ الغرائب فاعلمه. 1092 - قوله: (وأَخَّر ابنُ عُمَر الْمَغْرِب، وكان استُصْرِخَ على امرأَتِهِ) ... إلخ. واختلف الرواة في بيان تأخيره تلك الليلة: ففي بعض الروايات أنه نزل بعد غيبوبة الشَّفق. وجمع بين المغرب والعشاء. وفي بَعْضٍ أَنَّه أَخَّرَ الْمَغْرِب إلى رُبُع الليل. والصواب عندي أنه واقعةٌ واحدة، وهي على وجهها عند أبي داود وفيه: «حتى إذا كان قبل غيوب الشفق نَزَل فَصلَّى المغربَ، ثم انتظر حتى غاب الشَّفَقُ فَصَلَّى العشاءَ، ثم قال: إنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم كان إذا عَجِل به أَمْرٌ صَنَع مِثْلَ الَّذِي صَنَعْتُ». اهـ. وحَمَله الحافظ رحمه الله تعالى على تَعَدُّد الواقعة، وهو بعيدٌ عندي، بل هو واقعةٌ واحدةٌ اختلف فيها الرواةُ من حيث المبالغةُ في بيانِ التأخيرِ والجمع فيها على عين مذهب الحنفية رحمهم الله تعالى. وفيها تفسيرٌ لِجَمْع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أيضًا أنه كيف كان. وما يدلُّك على أنها واقعةٌ واحدةٌ ما عند أبي داود، ولم يُرَ ابنُ عمرَ رضي الله تعالى عنه جَمَع بينهما إلا تلك الليلة، يعني ليلة اسْتُصْرِخَ على صفيةَ رضي الله

7 - باب صلاة التطوع على الدواب وحيثما توجهت به

تعالى عنها. وعن مكحول عن نافع أَنَّ ابنَ عمرَ رضي الله تعالى عنه فَعَل ذلك مرةً أو مرتين -بالشَّكِ-. وقد ذَكَرَ القاضي أبو الوليد الباجي: أن في لفظ الجَمْع إيماءً إلى أن الجَمْع كان صُوْرِيًا. وإلا فالأَظْهرُ أن يقال: صَلَّى الْمَغْرِبَ في وقت العشاء، ولكنه عدل عنه إلى لَفْظ الْجَمْع إفادةً لتأخير الصلاة الأُوْلى، وتعجيل الثاني، والجَمْع في وَقْتِيْهِما. 7 - باب صَلاَةِ التَّطَوُّعِ عَلَى الدَّوَابِّ وَحَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ 1093 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ. طرفاه 1097، 1104 - تحفة 5033 1094 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى التَّطَوُّعَ وَهْوَ رَاكِبٌ فِى غَيْرِ الْقِبْلَةِ. أطرافه 400، 1099، 4140 - تحفة 2588 1095 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يُصَلِّى عَلَى رَاحِلَتِهِ وَيُوتِرُ عَلَيْهَا، وَيُخْبِرُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَفْعَلُهُ. أطرافه 999، 1000، 1096، 1098، 1105 - تحفة 8477 - 56/ 2 والاستقبالُ شَرْطٌ عند التحريمة عند الشافعي رحمه الله تعالى، ومُستحبٌ عندنا. وعند أبي داود (ص 173) باب التطوع على الراحلة: «أنَّ سولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم كان إذا سَافرَ فأراد أن يتطوَّعَ، استقبل بناقَتِهِ القِبْلة فَكَبَّر، ثُم صَلَّى حيث وَجَّهَهُ رِكَابُه». اهـ. وَحَمَلَهُ ابنُ أميرِ الحاجِّ على الاستحباب. 8 - باب الإِيمَاءِ عَلَى الدَّابَّةِ 1096 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يُصَلِّى فِى السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ، أَيْنَمَا تَوَجَّهَتْ يُومِئُ. وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَفْعَلُهُ. أطرافه 999، 1000، 1095، 1098، 1105 - تحفة 7213 وهو المسألة عندنا، فإنه لا يَقْدِرُ عليها إلا على الإيماء. ووسع أزيد منه، فراجع مسائل طهارة السَّرْج ونجاسته في الفِقْه. 9 - باب يَنْزِلُ لِلْمَكْتُوبَةِ 1097 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّ عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ أَخْبَرَهُ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ عَلَى

10 - باب صلاة التطوع على الحمار

الرَّاحِلَةِ يُسَبِّحُ، يُومِئُ بِرَأْسِهِ قِبَلَ أَىِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُ ذَلِكَ فِى الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ. أطرافه 1093، 1104 - تحفة 5033 1098 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ سَالِمٌ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّى عَلَى دَابَّتِهِ مِنَ اللَّيْلِ وَهْوَ مُسَافِرٌ، مَا يُبَالِى حَيْثُ مَا كَانَ وَجْهُهُ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُسَبِّحُ عَلَى الرَّاحِلَةِ قِبَلَ أَىِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَ، وَيُوتِرُ عَلَيْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يُصَلِّى عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ. أطرافه 999، 1000، 1095، 1096، 1105 - تحفة 6978 1099 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ قَالَ حَدَّثَنِى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى عَلَى رَاحِلَتِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّىَ الْمَكْتُوبَةَ نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ. أطرافه 400، 1094، 4140 - تحفة 2588 وهو المسألة عندنا وعندهم إلا إذا كان وَحَلٌ لا يمكن السجود على الأرض، فإنَّه يصليها في دابته، أو كان مطلوبُهُ «نحو المشرق» ولم تكن قِبْلته في تلك الجهة. 10 - باب صَلاَةِ التَّطَوُّعِ عَلَى الْحِمَارِ 1100 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَبَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ اسْتَقْبَلْنَا أَنَسًا حِينَ قَدِمَ مِنَ الشَّأْمِ، فَلَقِينَاهُ بِعَيْنِ التَّمْرِ، فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّى عَلَى حِمَارٍ وَوَجْهُهُ مِنْ ذَا الْجَانِبِ، يَعْنِى عَنْ يَسَارِ الْقِبْلَةِ. فَقُلْتُ رَأَيْتُكَ تُصَلِّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ. فَقَالَ لَوْلاَ أَنِّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَهُ لَمْ أَفْعَلْهُ. رَوَاهُ ابْنُ طَهْمَانَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 232 ترجم أولا بالصلاة على الدابة مطلقًا، ثم توجَّه إلى الحمار خصوصًا لكونه حرامًا. واختلف العلماءُ في ثبوتِ الصلاة على الحمارِ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم مع اتفاقهم على جوازِ الصلاة عليه. وأما ترجمةُ المصنِّف رحمه الله تعالى فبناؤها على أَثر أَنس رضي الله تعالى عنه. وإنما كان أنسُ ذهب إلى الشام ليشكوَ لِعبدِ المَلِك مما يلقاه من الحَجّاج. 11 - باب مَنْ لَمْ يَتَطَوَّعْ فِى السَّفَرِ دُبُرَ الصَّلاَةِ وَقَبْلَهَا 1101 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ حَدَّثَهُ قَالَ سَافَرَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - فَقَالَ صَحِبْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ أَرَهُ يُسَبِّحُ فِى السَّفَرِ، وَقَالَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ). طرفه 1102 - تحفة 6693 - 57/ 2 1102 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عِيسَى بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَانَ لاَ يَزِيدُ فِى السَّفَرِ

12 - باب من تطوع فى السفر فى غير دبر الصلوات وقبلها وركع النبى - صلى الله عليه وسلم - ركعتى الفجر فى السفر

عَلَى رَكْعَتَيْنِ، وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَذَلِكَ - رضى الله عنهم. طرفه 1101 - تحفة 6693 وفي نسخة: وقبلها، واختلفوا فيه، فقيل: لا يتطوع أصلا لا قبل المكتوبة ولا بَعْدَها، لأَنَّ المكتوبة إذا قُصِرت في السفر، فَتَرْك التطوع أَوْلى. وقيل: يُصلِّي البعدية دون القَبْلية. وذلك لأنَّ القَبْلة كانت تُؤدَّى في البيت، بخلاف البعدية فكانوا يَرَوْنه يصليها فلم يَسَع منهم نَفْيُها (¬1)، بخلاف القَبْلية فإنهم إذا يَرَوْه يصلِّيها حملوها على التَرْك. وقيل: بالفرق بين النهارية والليلية، فيصلِّي التهجُّد فقط. وقال محمد بن الحسن رحمه الله تعالى: يَتْرُكُهَا إن كان سائرًا، ويصلِّيها إن كان نازلا. وَمَنْ ذهب إلى إتيانِ الرواتب في السَّفَر قال: إن الرواتِبَ كانت من أَصْلِها منحطة عن المكتوبات، ولا تضاهيها، فلا يلزم بالقَصْر في المكتوبات تَرْك التطوع. فلو قلنا بإتيانها مع القَصْر في المكتوبات لم يلزم الخُلْف. قلتُ: وقد روى ابنُ أَبي ليلى عند الترمذي مرفوعًا: «أن ابنَ عَمرَ رضي الله تعالى عنه صلَّى مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم الظُّهر في السفر ركعتين، وبعدها ركعتين». قال أبو عيسى. وسَمِعْت محمدًا يقول: ما روى ابنُ أبي ليلى حديثًا أعجبُ إليَّ من هذا، فلا ينبغي إنكارُها مطلقًا، نعم لم يثبت عنه السُّننُ في الصِّحاح. والعمل عندي على ما قاله محمدُ بن الحسن رحمه الله تعالى. قوله: ({أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}) [الأحزاب: 21] أي فِعْلا وتركًا. والأُسْوة صفةٌ مشبَّهة، وترجمته (بيشوا). فهو من باب التجريد على حَدِّ قوله: لقيت من فلانٍ بحرًا. فالبحر مأخوذ منه، والاثنيين ههنا تخييلية بأَخْذ الشيءِ من ذلك الشيء بعينه. 1102 - قوله: (صَحِبْتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم فكان لا يزيدُ في السَّفَر على ركعتين وأبا بكر وعمرَ وعُثْمَانَ كذلك) وإنما لم يذكر عليًا لأنه بعد البَيْعة ذهب إلى الكوفة، فأين كان يَصْحبه ثُم الظاهر أنَّ قول ابن عمر رضي الله تعالى عنه هذا في بيان القَصْر لا في بيان تَرْك السُّنَن. 12 - باب مَنْ تَطَوَّعَ فِى السَّفَرِ فِى غَيْرِ دُبُرِ الصَّلَوَاتِ وَقَبْلَهَا وَرَكَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ فِى السَّفَرِ 1103 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى قَالَ مَا أَنْبَأَ أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى الضُّحَى غَيْرُ أُمِّ هَانِئٍ ذَكَرَتْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ اغْتَسَلَ فِى بَيْتِهَا، فَصَلَّى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، فَمَا رَأَيْتُهُ صَلَّى صَلاَةً أَخَفَّ مِنْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ. طرفاه 1176، 4292 - تحفة 18007 1104 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى السُّبْحَةَ بِاللَّيْلِ فِى السَّفَرِ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ. طرفاه 1093، 1097 - تحفة 5033 ¬

_ (¬1) هكذا وَجَدْت في تذكرتي، وفي النفس منه بعض حزازة.

13 - باب الجمع فى السفر بين المغرب والعشاء

1105 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُسَبِّحُ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ، يُومِئُ بِرَأْسِهِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ. أطرافه 999، 1000، 1095، 1096، 1098 - تحفة 6847 وهذه النسخةُ هي الأرجح، وتُشْعر بأن نَفْي التطوع في السفر عنده محمولٌ على ما بعد الصلاة خاصَّةً، فلا يتناولُ ما قبلها وما لا تعلق له بها من النوافل المطلقة، كالتهجد والوِتْر، والضحى. والفَرْق بين ما قَبْلها وما بَعْدَها أن التطوعَ قَبْلَها لا يُظنّ أنه منها، لأنه يَنْفَصِل عنها بالإِقامة وانتظار الإِمام غالبًا ونَحْوٍ ذلك، بخلاف ما بعدها فإنَّه في الغالب يتصل بها، فقد يظنُ أنه منها: كذا قال الحافظ رحمه الله تعالى. وفي بعض النُّسخ: في غير دُبُر الصلاةِ وقبلها وهو مرجوح (¬1)، فصلَّى ثماني ركعات. وعند أبي داود تصريحٌ بالسلام فيها على كل ركعتين. واختلفوا «أنها كانت شُكْرًا» للفتح وصادفت وَقْت الضحى، أو كانت صلاةَ الضُّحَى المعروفة. 1104 - قوله: (صلَّى السُّبْحَةَ باللَّيْل) هذه هي الليلية، وهي ثابتةٌ كثيرًا. 13 - باب الْجَمْعِ فِى السَّفَرِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ 1106 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ. أطرافه 1091، 1092، 1109، 1668، 1673، 1805، 3000 - تحفة 6822 1107 - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنِ الْحُسَيْنِ الْمُعَلِّمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَجْمَعُ بَيْنَ صَلاَةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إِذَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. تحفة 6244 1108 - وَعَنْ حُسَيْنٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَجْمَعُ بَيْنَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِى السَّفَرِ. وَتَابَعَهُ عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ وَحَرْبٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ حَفْصٍ عَنْ أَنَسٍ جَمَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1110 - تحفة 545 - 58/ 2 واعلم أن المصنف رحمه الله إمَّا جنَح إلى الجمع صورةً أو الجمع فِعْلا على اصطلاحنا، أو لم يَحْكُمْ فيه بجانب، لأنه إمَّا ترجم بعينِ لَفْظِ الحديث، وهذا يُشْعِر أَنَّه لايريدُ فيه فَصْلا وإلا لزاد لفظًا يتعينُ به مرادُهُ في موضع الخلافِ، أو ترجم بالتأخير. وقد مَرَّ أن عُنوانَ تأخير صلاةٍ إلى صلاة أقربُ بِنَظَر الحنفية. ثُمَّ إنَّ البخاري صوَّبَ جَمْع التأخير وعلَّل جَمْعَ التقديم، فبوَّب ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وفي تذكرة عن الشيخ رحمه الله تعالى عندي وهو الراجح، فتردد النظر في ذلك ولم يحصل لي جزم بجانبٍ، لأن قول البخاري رحمه الله تعالى في الترجمة: "وركع النبي - صلى الله عليه وسلم - في السفر ركعتي الفجر يومئذٍ "النسخة الأولى، والحديث المترجم له يدل على النسخة الثانية، أي على ثبوت التطوع وغيرهما، ثم الترجمة الأولى سلبية وهذه إيجابية، وفيهما نسختان بزيادة: وقبلها فيهما، فلتحرر النسختان ومآلهما.

14 - باب هل يؤذن أو يقيم إذا جمع بين المغرب والعشاء

بتأخير الظهر إلى العصر، ولم يبوِّب بتقديم صلاةٍ إلى صلاة. وقد صرَّح المالكيةُ أن الْجَمْعَ في التأخير فِعْليُّ فقط، وفي التقديم وقتي، فثَبت نَفْيُ جمع التقديم وقتًا من كلام البخاري رحمه الله تعالى، ونَفْيُ جمع التأخير وقتًا من تصريحِ المالكية، وهو مذهب الحنفية أن الجَمْعَ عندهم فِعْلٌ فقط، كما عرفت. وقد مر معنا أن الجَمْع عندي محمولٌ على اشتراك الوقت فإنَّ المِثْل الأول للظهر خاصَّة، والثالث للعصر كذلك، والثاي مشترَكٌ يصلح لهما، إلا أن المطلوبَ هو الفَصْل، ويرتَفِع ذلك في السَّفر والمرض. وقد ذكر الطحاوي رحمه الله تعالى جماعةً من السَّلَف ذهبوا إلى اشتراك الوقت. قلتُ: ولاأحسبُهم إلا أنهم يكونون قائلين بالفَصْل بين الصلاتين في غير السَّفَر والمرض وإنْ ذهبوا إلى اشتراك الوقت، وهو معنى الموقوف كما مَرَّ. ثم ما هذا التأخير في التزام اشتراك الوقت، ألا ترى أنهم يكتبون وقتًا في صَدْر الباب، ثُمَّ يَقْسِمُونه إلى مستحبٍ وغيره، وقَسَمه الشافعيةُ إلى خمسةٍ، كما مرَّ. فإذا قالوا في صدر الباب: إنَّ وقت العصر إلى غروب الشمس، ثُمَّ صرحوا أن آخِر وقتها مكرُوهٌ تحريمًا، فأيُّ بُعْدٍ في تقسيم المِثْل الثاني بأنه وَقْتُ الظهر والعَصْر معًا، فهو وَقْتُ الظهر ويصِحُّ فيه العَصْرُ أيضًا، فإنَّه أيضًا قِسْم. وبه يَنْحَلُّ حديثُ حَمنة رضي الله عنها في باب الحيض، وفيه أنه أَمَرَها أن تَجْمَع الصلاتين في غُسْل، فإنَّه ينبني على اشتراك الوقت عندي كما مر، ولا سيما إذا رواه الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى في «مسند» أبي عَروبة الحَرَّانِي - تلميذ الطحاوي: فلا يقالُ: إنه اختار نَقْضَ طهارة المعذور بخروج الوقت، وهو لا يَدْري هذا الحديثَ، بل قالها وهو يعلم أن حَمنة رضي الله عنها قد أُمِرَت أن تَجْمَع بين الصلاتينِ في غُسْل، وإذن وَجَب أن يكونَ اختار اشتراك الوقت، وجوَّز الوَصْلِ للمعذور مع مطلوبيةِ الفَصْل لغيره. واعلم أنَّ أوَّل مَنْ دَوَّن مذاهبَ الصحابة رضي الله عنهم الطحاوي رحمه الله تعالى فَصَنَّف كتابه «اختلاف العلماء»، ثُمَّ محمد بن نصر، وابن جرير، وابن امُنْذر بعده، ثم أو عمرو خامس خمسة. والناسُ بعدَهم تَبَع لهم في هذا الباب، ولذا يُعتمد على الطحاوي رحمه الله تعالى في هذا الباب ما لا يُعَتَمدُ على غيرهِ. 14 - باب هَلْ يُؤَذِّنُ أَوْ يُقِيمُ إِذَا جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ 1109 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ فِى السَّفَرِ يُؤَخِّرُ صَلاَةَ الْمَغْرِبِ، حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ. قَالَ سَالِمٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَفْعَلُهُ إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ، وَيُقِيمُ الْمَغْرِبَ فَيُصَلِّيهَا ثَلاَثًا، ثُمَّ يُسَلِّمُ، ثُمَّ قَلَّمَا يَلْبَثُ حَتَّى يُقِيمَ الْعِشَاءَ، فَيُصَلِّيهَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ وَلاَ يُسَبِّحُ بَيْنَهَا بِرَكْعَةٍ، وَلاَ بَعْدَ الْعِشَاءِ بِسَجْدَةٍ حَتَّى يَقُومَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ. أطرافه 1091، 1092، 1106، 1668، 1673، 1805، 3000 - تحفة 6844

15 - باب يؤخر الظهر إلى العصر إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس

1110 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا حَرْبٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِى حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ أَنَسًا - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصَّلاَتَيْنِ فِى السَّفَرِ. يَعْنِى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ. طرفه 1108 - تحفة 545 وقد مَرَّ أنه يُؤذن في السفر ويقيم لهما، فإن اكتُفِي بأذَانٍ مع تَعَدُّد الإقامة جاز. 1109 - قوله: (ولا يُسَبِّحُ) ... إلخ وعندي يُستفاد من الحديث حَذْف الرواتب لِمَنْ جمع بين الصلاتين. ولذا يقولُ الراوي عند ذِكر الجَمْع: سبعًا جميعًا وثمانيًا جميعًا في العصرين والعشاءين. وقد صَرَّح العارف الجامي رحمه الله تعالى في مناسكهِ بِحَذْفِ الرواتب عند الجَمْع بالمُزْدَلِفة. باب يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ إِلَى العَصْر إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزيغَ الشَّمْس 15 - باب يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ إِلَى الْعَصْرِ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ فِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1111 - حَدَّثَنَا حَسَّانُ الْوَاسِطِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا زَاغَتْ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ. طرفه 1112 - تحفة 1515 16 - باب إِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ مَا زَاغَتِ الشَّمْسُ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ 1112 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ. طرفه 1111 - تحفة 1515 فترجم بتعبيرِ الحديث بعينه ولم يُفْصِح بشيء، وقد مَرَّ أنه أَصْدَقُ على مذهب الحنفية. 1112 - قوله: (كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إذا ارْتَحَل قَبْلَ أَنْ تَزِيْغَ الشَّمْسُ) ... إلخ. والمذكور فيه جَمْع التأخير فقط وعند الترمذي وغيره جَمْع التقديم أيضًا. ولفظه عند الترمذي عن معاذ رضي الله عنه: «وإذا ارْتَحَل بعد زَيْغ الشمس عَجَّل العصرَ إلى الظهر، وصلى الظُّهْر والعَصْر جميعًا ثُمَّ سَاروا» اهـ. وهذا صَرِيْحٌ في جَمْع التقديم وحَمْله على الجمع الصُّوري أو الجمع فعلا لعبد. فإنه إن قلنا أنه كان الجمع فعلا، لزم أن يقال: إنه كان يجلِسُ معطِّلا حتى إذا جاء آخِرُ وَقْتِ الظهر قام فصلَّى. ثُمَّ عجل العَصْر فصلاها مع الظُّهْر، وهذا يوجِب الإخلال بمقاصدِ السفر، لأن أكثرَ وقته يضيعُ في انتظارِ آخِر وقت الظهر، والمقصودُ قَطْعُ السفر لا تَطْوِيْلُه بالجُلُوس. قلتُ: والجواب أنه معلولٌ وقد ذَكَرْتُ وَجْهَه في الترمذي، ولئن سلمت فالجواب: أن

17 - باب صلاة القاعد

الحالاتِ في السفر على أنحاء، قد يكونُ النَّفْع في السير عقيبَ الزوال: بأن يَرْتَحِل حتى إذَا كان آخِرُ وقت الظهر يَنْزل ويَجْمع بين العصرين، وقد يكون النَّفعُ في المُكْث حتى يمكنَه الْجَمْعُ بينهما فيجمع بينهما، ثُمَّ يَرْكَبُ مَطِيَّته ويتتابعُ في السير حتى ينزل للجَمْع بين العشاءين، ولا يحتاجُ إلى نزولهِ للعَصْر القَطْع لسَفَره. فالتمادي في الصورة الأُولى في الأول، وفي هذه في الآخِر. ويَشْهَد له ما في «الفتح» عن البيهقي: «أنه كان إذا نَزَل مَنْزلا في السفر فأعجبه أقام فيه، حتى يَجْمَع بين الظهر والعَصْر ثم يَرْتَحِل، فإذا لم يتهيأ له المَنْزل مَدَّ في السَّير فسار، حتى ينزلَ فيجمع بين الظُّهر والعَصْرِ» اهـ. فدلَّ على أنه قد كان يقيمُ بالمنزل إذا أعجبه، ويَبْقى هناك حتى يَجْمَع بين العصرين ثم يرتحل، ويُتابع في السَّفر حتى يمكن له الجَمْعُ بين العشاءين، وإنْ لم يتهيأ له لم يكن يَنْزِل له. وفي «الجامع» للترمذي: «أنه قد كان يُؤخِّر الظُّهر في السَّفر حتى يُساوي الفيءُ التُّلول». فدل على شِدَّة تأخيره وطول إقامته، ويحصل في مِثْله الجَمْعُ بدون تكلُّف. ولعلك علمتَ منه أن ما رواه الترمذي من حديث معاذ رضي الله عنه أيضًا صحيحٌ، ولا حاجة إلى إعلاله كما فَعَله الجمهور. والاختلاف يُبنى على اختلاف صُوَر السفر، والجَمْعُ فيه جَمْعُ فِعلا في كل حالٍ، وما يتبادر فيه مِنْ جواز جَمْع التقديم فَفَرْطٌ من الوَهْم. 17 - باب صَلاَةِ الْقَاعِدِ واعلم أن المصنِّفَ رحمه الله تعالى لم يترجم للفَرْق في جوازِ القعود وعدمه بين التطوّعِ والفريضة، ولا أَوْمأ إليه في مَوْضع، مع اتفاق أهل الإجماع على عَدَم جوازه في المكتوبات إن قَدِر على القيام، لأنه عَلِم أن لا تفصيلَ فيه في الأحاديثِ القوليةِ، ففوَّضه إلى الخارج، فمتى ما أجازت له الشريعةُ بالقعودِ جاز له القعودُ، وأينما نَهَت عنه لم يَجُز له. ألا ترى إلى حديث عِمْرَان عند البخاريّ رحمه الله تعالى - كما سيأتي بعد عدة أحاديث: أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن صلاةِ الرَّجُل قاعدًا فقال: «إنْ صلَّى قائمًا فهو أَفْضَلُ، ومَنْ صلَّى قاعِدًا فله نِصْفُ أَجْر القائم، ومَنْ صَلَّى نائمًا فله نِصْفُ أَجْرِ القاعد «اهـ. فلم يتعرَّضِ فيه إلى تفصيلٍ (¬1) بين القيام والقعود، متى يجوزُ ومتى لا يجوز، لأن الحديث سِيق لبيانِ التَّنْصِبف. وأما مسائلُ القيام والقعود فكما قد عَلَّمته الشريعةُ مِنْ قَبْل، فيكون بَني ما في الحديث وبين تفاصيل القيام والقعود عمومٌ وخصوصٌ من وجه. ومِن ههنا تَبيَّن جوابُ ما قيل إنَّ حديثَ ¬

_ (¬1) قلتُ: ونحوه ما قال العلامة السِّندي على النَّسائي: الوَجْه عندي أن يقال: ليس الحديثُ بمسوق لبيانِ صِحة الصلاة وفسادِهَا، وإنَّما هو لبيان إحْدَى الصلاتين الصحيحتين على الأُخْرى، وصِحَتهَا تُعْرَف من قواعد الصحة من خارج في أصل الحديث، أنه إذا صَحَّتِ الصلاةُ قاعدًا، فهي على نِصْفِ صلاة القائم، فرضًا كانت أو نفلًا، وكذا إذا صَحَّتِ الصلاةُ نائمًا. فهي على نِصْف الصلاةِ قاعِدًا في الآخِر ... إلى آخِر ما قال من "حاشية السِّندي" على النَّسائي. وقد بسط المقام فراجِعْه بتمامهِ، فإنه يشتمل على الفوائد.

عمران لا يَصْدُق على الفريضةِ ولا على التطوع. فإنَّا إنْ حملناه على الفريضةِ لَمْ يَصِحَّ أَوَّلُ الحديثِ: «إنْ صلّى قائمًا فهو أَفْضَلُ»، لأنَّ القيامَ فَرْضٌ فيها، وإنْ حَمَلناه على التطوع لَم يَصِحَّ آخِرهُ، لأنَّ التطوُّعَ لا يجوز نائمًا عند أحدٍ إلا ما في «الغاية» عن الشيخ شمس الدين: أَنَّها تجوزُ مُضْطَّجِعَا أيضًا في قول، وقال ابن الهُمام رحمه الله تعالى: لا أعرف قولا بجواز النافلة مضطجعًا عن أحد من أصحابنا، وكذا قوله: «وَمَنْ صلَّى قاعدًا» ... إلخ، لا يأتي على المكتوبةِ ولا على التطوُّع، فإنه إنْ أخذناه بلا عُذْرٍ لم يصدق في حَقِّ المكتوبة لأن المكتوبة قاعدًا بدون لاعُذر لا تصح مطلقًا فلا أحر فيها أصلا وإن أخذناه مع العُذْر لا يستقيمُ عليه تَنْصِيفُ الأَجْر. فالجواب أن الحديثَ وَرَد في مسألة التنْصِيف فقط. وأَما مسائلُ جوازِ القعود والقيام فتبقى على ما مَهدها الشَّرْعُ، ويبقى معها عُمومٌ وخصوصٌ من وَجْه. ثُمَّ اعلم أن التنْصِيف في الحديث ليس باعتبار قيام الأَصِحَّاء، بل باعتبارِ قيام المَعْذُورين وقعودِهم. وقد صَرَّح ابنُ الهُمَام (¬1) رحمه الله تعالى: أن العَجْز على نَحْوين: حقيقي، وحُكْمي. والأول أن يَتَعَذَّر عليه القِيَامُ ولا يُمكَّنُ منه أصلا، والحُكْمِي أن يُرَخِّص له الشَّرْعُ بالقعود، مع أنه لو تَكَلَّفَ على نَفْسِهِ أُمْكِن له القيامُ أيضًا، فهذا القاعدُ المعذورُ إن صلَّى قاعدًا فله نِصْفُ أَجْرِ قيامه لو تكلَّفَ وصلَّى قائمًا، لا نِصْف أَجْرِ الصحيح، فإنَّ قعودَه إذا كان بالعُذْر فهو كقيامِ الصحيح. 1113 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَيْتِهِ وَهْوَ شَاكٍ، فَصَلَّى جَالِسًا وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا». أطرافه 688، 1236، 5658 - تحفة 17156 - 59/ 2 1114 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَقَطَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ فَرَسٍ فَخُدِشَ - أَوْ فَجُحِشَ - شِقُّهُ الأَيْمَنُ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نَعُودُهُ، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى قَاعِدًا فَصَلَّيْنَا قُعُودًا وَقَالَ «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، ¬

_ (¬1) قال الطحاوي رحمه الله تعالى في "مُشْكِله" (2/ 282): إن الحديثَ محمول على المُصَلِّي تطوّعًا قاعدًا وهو يُطيق أن يصلي قائمًا، فيكون له بذلك نِصْفُ ما يكونُ له لو صَلَّى قائمًا، وليس هو على صلاتِه قاعدًا وهو لا يُطِيقُ القيامَ، وذلك صلاتُهُ قاعدًا فيما يُكْتَب له من الثوابِ بها كصلاتِه إيَّاها قائمًا، لأنه ههنا قد قصد إلى القيام وقَصَّر به عنه، فاستحق من الثوابِ ما يستحقُّه لو صلَّاهَا قائمًا، فكان إذا كان يطيقُ القيامَ فصلى قاعدًا قد ترك القيام اختيارًا، فلم يكتب له ثوابُ المصلِّي قائمًا، وكُتِب له ثوابُ المصلِّي قاعدًا على صلاتِهِ لذلك. اهـ. ويؤيدُهُ ما أخرج مالك في "موطئه" (ص 48) عن عبد الله بن عَمْرو بن العاص أنه قال: "لما قَدِمنا المدينة نَالَنَا وباءٌ من وَعْكِهَا شديدٌ، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الناسِ وهم يُصلُّون في سُبْحَتِهم قُعودا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاةُ القاعدِ مِثْلُ نِصْفِ صلاةِ القائم". ونحوه عند أحمد في "مسنده" كما أخرجه الحافظ رحمه الله تعالى في "الفتح".

فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ». أطرافه 378، 689، 732، 733، 805، 1911، 2469، 5201، 5289، 6684 تحفة 1485 1113 - قوله: (إنما جُعِلَ الإمامُ ليُؤتَّمَ بِهِ) أي جُعِلَ الإمامُ ليُقْتدى به في أقواله، فيسمع المؤتمُّ ما يَقُوْلُهُ، ويتبع فيه، ولا يكون الإِمامُ مَنْ لا يُسْمع لِقَوله، ولا يُبَالي بِأَمْرِه، فالتقدُّمُ والتأخُّرُ في الأفعال ليس من الائتمام في شيءٍ، وحينئذٍ صَلُح الحديثُ أن يُسْتدَّل به على تَرْك الفاتحةِ خَلْف الإمام، فإنَّ الإمام يجهرُ بِهَا كي يسمعَها المقتدي، وهذا يَقْرأُ ولا يُصْغِي لقراءته، فهل تعدُّ مُتَّبِعًا أم مُشَاغِبَا (¬1). ثُم لا بأس أن نعودَ إلى مسألةِ وجوبِ القعود خَلْفَ الإمام القاعد أو عدَمِه وإن فَصَّلناها مِنْ قبل، لأَنَّا قد دخلنا الآنَ في حديث الجُحُوش، فبانَ لنا أن نُعِيد أشياءَ، لعلَّ اللَّهَ ينفعك بها. فاعلم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كما لم يفصل بين التطوُّع والفريضةِ في حديثِ عمران كما علمت، كذلك لم يفصل بينهما في حديث الجحوش. والجمهور على أنه في الفريضةِ إلا ابنَ القاسم، فإنه ذَهب إلى أنَّه في النافلة. أما قوله في البخاري: «فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ» فليس صريحًا في كونهِ في الفريضة، لأنه وَقَع هذا اللَّفْظِ في النافلة أيضًا عند البخاري رحمه الله تعالى، ولستُ أَدَّعِي أنه في حَقِّ النافلة، ولكن أقولُ: إنَّ له وجهًا أيضًا. 1115 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ أَخْبَرَنَا حُسَيْنٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَأَلَ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ - وَكَانَ مَبْسُورًا - قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَلاَةِ الرَّجُلِ قَاعِدًا فَقَالَ «إِنْ صَلَّى قَائِمًا فَهْوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ». طرفاه 1116، 1117 - تحفة 10831 1115 - قوله: (إن صلَّى قائمًا) ... إلخ. وحاصِلهُ عندي أن الإمام إن اضطر إلى القعودِ لِعُذْر وصلَّى في بيته قاعدًا، فلم لا تصلون أنتم خَلْفَه لِيناسِب لكم القعودُ أيضًا من حيث رعايةُ الإمامة والاقتداء؟ بل عليكم أن تبتغوا إمَامًا آخَر صحيحًا يصلِّي بكم قائمًا لتتمكنوا مِنْ القيام خَلْفَه. فالحاصل: أنَّ الحديث سِيق لِذمِّ التعنُّت في الاقتداء بالإِمام المعذور، لا لإِيجاب القعودِ على المقتدي، وإنْ كان قادِرًا على القايم فليس فيه إلا تحسينُ القعودِ عند قعود الإمام. ولا يخرجُ منه تحريمُ القيامِ خَلْف القاعد ولا حَرْف، مع أنَّ الواجِب عند أحمد رحمه الله تعالى هو القعودُ ويَحْرُم القيام. ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد ضرَب له الحافظُ ابنُ تيميةَ رحمه الله تعالى في "فتاواه"، مَثَل سَوْء فقال: رُوي في الحديث: "مَثل الذي يتكلَّمُ والإِمامُ يَخْطُب كَمَثَلِ الحمارِ يحمل أسفارًا". فهكذا إذا كان يَقْرأُ والإمامُ يقرأ عليه.

18 - باب صلاة القاعد بالإيماء

وما قاله المالكية رحمهم الله تعالى: إنَّ الجالِس ليس له أن يؤمَّ القائمين ولا الجالسين، فمرادُهم أيضًا أنه لا ينبغي له ذلك، وأيُّ حاجةٍ إلى إِمامتِهِ إذا تيسَّر له الإمامُ الصحيح. لأن الوليد بنَ مسلم روى عن مالك رحمه الله تعالى أن الجالسَ لو قام خَلْفَ القاعِدِ فهو جائزٌ. فانكشف منه أَنَّ نهيه عن إمامةِ المعذور كان على طريقِ الأنبياء. وأما أحمدُ رحمه الله تعالى فإنَّه فَرَّق بين القعودِ الأَصلي والطارىء. وذلك لأنه فَهِم أن تقبيحَ القيامِ خَلْفَ القاعد لمشابهةِ الأعاجم في قيامهم لعظمائهم، فإذا كان القعودُ طارئًا ارْتَفَعَ مناطُ التقبيح، لأن قعودَ الإمام مِنْ عُذْر سماوي ولا ذَنْب فيه للمُقْتَدِين فلا لَوْم عليهم في قيامهم، لأنه لا يكون حينئذٍ من قيامِ الأعاجم كما هو ظاهر. ولذا عَنَّفهم في واقعة الجحوش، لكونه مُصَلِّيَا في بيته، وتعنَّت هؤلاءِ في الاقتداء به في اليوم الثاني أيضًا. وإنما أغمض عنهم في قِصة مَرَضِ الموت لأنه هو الذي خرج إليهم فأمَّهُم، فلم يكونوا مْتَعَنِّتِين أصلا. وما فَصَّله ابن حِبان من كون الصلاةِ في تلك الواقعة فريضةً أو نافلةً فلا دخل له أصلا، ولا إيماءً إليه في لفظه صلى الله عليه وسلّم والله تعالى أعلم. 18 - باب صَلاَةِ الْقَاعِدِ بِالإِيمَاءِ 1116 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ - وَكَانَ رَجُلاً مَبْسُورًا - وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ مَرَّةً عَنْ عِمْرَانَ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَلاَةِ الرَّجُلِ وَهْوَ قَاعِدٌ فَقَالَ «مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهْوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ نَائِمًا عِنْدِى مُضْطَجِعًا هَا هُنَا. طرفاه 1115، 1117 - تحفة 10831 قيل: إن الحديثَ لا ذِكْر فيه للإِيماء، فكيف ترجم به؟ وأجيب أنه يمكن أن يكونَ في نسخة المصنف «بإيماء» مكان نائمًا، وقيل: إن نظره إلى لفظ النَّسائي وفيه «بإيماء». ثم اتفق المحدِّثون على أنه تصحيفٌ، والصواب «نائمًا»، فلا يمكن بناءُ الترجمة عليها أيضًا. فإن قلت: إن النائِمَ فَسَّره المُحشِّي بالمضطجع، والمضطجع لا يصلِّي إلا بالإيماء فَثَبَتْ ترجَمَتُهُ. قلتُ: هَبَّ، لكنَّ المصنف رحمه الله تعالى ترجم بإيماء القاعد دون المضطجع. ويمكن أن تُحمل ترجمتُهُ على رأي الذين يُجوِّزون الإيماءَ حالَ القعود أيضًا، كما في «الفتح»، فتصِحُّ ترجمته على مذهبِ هذا البعض. وعندي نَظَرُهُ إلى أَنَّ القاعِدَ له نِصْفُ الأجر كما نطق به الحديثُ، مع أنه لم يترك إلا القيامَ، فلا وَجْه له إلا أنه بالقعود نَقَص في ركوعه وسجوده أيضًا، كما في الحِسّ أنَّ الرُّكوعَ من القيام أتمُّ منه من القعود، وكذلك السجود، فإنَّ الانخفاضَ في سجدةِ القائم يَحْصُل ما لا يَحْصُل في سجدة القاعد، فإذا أدخل النقيصةَ في أركان الصلاة، وكانت تلك الثلاثةُ أركانَها، حَسُن تنصيفُ الأَجر، ثم إنه لا بُعْد أن يُعبِّر عن هذين الركوع والسجود الناقِصَين بالإِيماء وإن عَبَّر عنهما الفقهاءُ بالركوع والسجود. ولا يجب على المصنف رحمه الله تعالى أن يَتَّبِعهم في التعبير أيضًا، ألا ترى أنَّ الحديثَ سَمَّى سجودَ تارك التعديل

19 - باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب

نَقْرًا. فهذه تعبيراتٌ وملاحظاتٌ لا حَجْر فيها، فعبَّر كيف شئت ولا حرج. 19 - باب إِذَا لَمْ يُطِقْ قَاعِدًا صَلَّى عَلَى جَنْبٍ وَقَالَ عَطَاءٌ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَتَحَوَّلَ إِلَى الْقِبْلَةِ صَلَّى حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ. 1117 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى الْحُسَيْنُ الْمُكْتِبُ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَتْ بِى بَوَاسِيرُ فَسَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الصَّلاَةِ فَقَالَ «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ». طرفاه 1115، 1116 - تحفة 10831 - 60/ 2 بوَّب بالاضطجاع وتَرَك الاستلقاء، وهو المختار عند الشافعية. ويجوز عندنا الاستلقاء أيضًا. واستدل له الزَّيْلَعِي بما أخرجه النَّسائي، وليس في «صغراه»، فالظاهر أنه يكون في «الكبرى»، وفيه الاستلقاء أيضًا. وتمسَّك الشافعيةُ بقوله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 191] حيث اقتصر على الصُّور الثلاثِ ولم يتعرَّض إلى الاستلقاء (¬1). قوله: (وقال عَطَاء) ... إلخ سقط عنه الاستقبال. ثُمَّ في القدرةِ بالغير كلامٌ في كُتُبِنَا، وليراجع له «شَرْحُ الوِقاية». 1117 - قوله: (فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْب) ... إلخ. واعلم أن الصحابي في هذا الحديث، وفي حديث تنصيفِ الأجر - المار آنفًا - واحدٌ، ولكنَّ الظاهر أنهما حديثانِ مختلفانِ لاختلاف مَتْنِ الحديثين. ثم لا يخفى عليك أنَّ الحديث لم يفصل فيه بين مُتنفلٍ ومُفْتَرِض مع أنه لا يأتي إلا على النافلةِ، وعليه فليعتبر قوله: «إذا صلى قاعدًا فصلوا قعودًا» ... إلخ. لم يَسُقْه في الفريضة أو النافلة خاصَّةً، بل أطلقه، فيحملُ على ما لا يخالِفُ قواعِدَ الشَّرْع. فشاكلةُ حديثِ الجحوش، والسقوط عن الفرس كشاكلةِ أحاديثِ تنصيفِ الأجر، والتخيير بين الصلاة قائمًا وقاعدًا وعلى جَنْب، وشاكلةُ أحاديثِ الائتمام: «إنَّما جُعِل الإمامُ ليؤتمَّ به». فيبقى بين هذه الأحاديثِ ومسائل جواز القعود وعدمِه عمومٌ وخصوصٌ من وَجْهٍ، قد تجتمعُ في مادة وقد لا تجتمع في أخرى، فعليك أن تَحْمِلها على مَحَالِّهَا، وتأتي البيوتَ من أبوابها. ثم معنى قوله في الحديث: «فإنْ لم تستطع» أي فإن لم ترغب، والمرادُ منه في الفِقْه عدمُ القدرة لا عدمُ الرغبة. 20 - باب إِذَا صَلَّى قَاعِدًا ثُمَّ صَحَّ أَوْ وَجَدَ خِفَّةً تَمَّمَ مَا بَقِىَ وَقَالَ الْحَسَنُ إِنْ شَاءَ الْمَرِيضُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَائِمًا وَرَكْعَتَيْنِ قَاعِدًا. 1118 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: والجوابُ عنه سَهْل، فإن التمسُّك به ليس من فروع مفهوم المخالف، بل بالسكوت في غير مَعْرِض البيان.

أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا لَمْ تَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى صَلاَةَ اللَّيْلِ قَاعِدًا قَطُّ حَتَّى أَسَنَّ، فَكَانَ يَقْرَأُ قَاعِدًا حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ، فَقَرَأَ نَحْوًا مِنْ ثَلاَثِينَ آيَةً أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً، ثُمَّ رَكَعَ. أطرافه 1119، 1148، 1161، 1168، 4837 - تحفة 17167 وهو مذهبُ الإماام رحمه الله تعالى، خلافًا لمحمد رحمه الله تعالى بناءً على خلافية أُخْرى، وهي اقتداءُ القائم بالقاعد، فإذا لم يَجُز عنده هناك عَدَل عنه في هذه أيضًا. ودلَّ ذلك على شِدَّةِ مراعاتِهِ بين شاكلةِ الإِمام والمقتدي، حتى لم يتحمَّل الاختلاف بينهما في القعود والقيام أيضًا. ومن فروعه عَدَمُ جوازِ اقتداء المتوضىء خَلْفَ المتيمم عنده، ثُمَّ هذا من مراحل الاجتهاد، ويعتبرُهُ المجتهد إلى أيِّ مرتبة شاء. وأما صلاةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فتنقل على الأَنحاء كلها، وقد صلَّى قائمًا وركع وسجد وهو قائم، وقد صلَّى قاعدًا وركع وسجد كذلك، وقد صلَّى قاعدًا، فإذا بلغ قبيل الركوع قام وركع وسجد وهو قائم. وهذا يُشْعِر بأنَّ الأحبَّ عند الشارع أن يكونَ الركوعُ والسجودُ عقيبَ الكلام، وهذا الذي كنتُ نَبَّهتك عليه: أَنَّ ركوعَ القائم وسجوده أَتمَّ ولذا عَبَّر البخاري رحمه الله تعالى عن رُكوعِ القاعد وسجوده بالإِيماء. ثُم إنَّ ابنَ شاهين أخرج حديثًا في «كتاب الناسخ والمنسوخ» يدُلُّ على عدم جواز اقتداء المتوضىء بالمتيمم، وادَّعى أنه منسوخٌ. والذي تبين أنَّه من باب الاقتداء بالقاعد، أعني أن الشارع رَغَّب في كونِ حالِ الإمام أقوى من المقتدي، فعليه أن لا يتحرَّى الاقتداء بالمعذور، كالقاعد والمتيمم مثلا، بل ينبغي له أن يكون إمامُهُ على حال قويَ مِثْله. فإذا كان يَقْدر على القيام نَاسَب له أن يكون إمامُهُ أيضًا مِثْلَه، وكذلك إِنْ كان متوضئًا حَسُن أن يكون إمامُهُ أيضًا كذلك. فالنهي عنه مَحْمولٌ على نَهْي التحري عنه والتَطُّلبِ له، وليس فيه مسألةُ الجواز وعدمه، والله تعالى أعلم. 1119 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَأَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى جَالِسًا فَيَقْرَأُ وَهْوَ جَالِسٌ، فَإِذَا بَقِىَ مِنْ قِرَاءَتِهِ نَحْوٌ مِنْ ثَلاَثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً قَامَ فَقَرَأَهَا وَهْوَ قَائِمٌ، ثُمَّ يَرْكَعُ ثُمَّ يَسْجُدُ، يَفْعَلُ فِى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَإِذَا قَضَى صَلاَتَهُ نَظَرَ، فَإِنْ كُنْتُ يَقْظَى تَحَدَّثَ مَعِى، وَإِنْ كُنْتُ نَائِمَةً اضْطَجَعَ. أطرافه 1118، 1148، 1161، 1168، 4837 - تحفة 17732، 17709 1119 - قوله: (فإنْ كُنْتَ يَقْظي تَحَدَّثَ مَعِي) واعلم أنَّ في الكلام بعد سُنة الفجر ضَيِّقٌ عند الحنفية. وثبت عن السلف أنهم كانوا يكرهونه أيضًا، وفيهم أسوةٌ للحنفية، ومَنْ أَراد الاطلاعَ على آثارهم فلييراجع «مصنف» ابن أبي شيبة، نعم ثَبَت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم الكلامَ بعدها، ولا

يُقاس كلامُ أَحَدٍ على كلامِهِ. 1119 - قوله: (وإنْ كُنْتُ نائمةً اضْطَجَعَ). قال النَخَعي: إن الاضجطاع بِدْعَةٌ .. ثُمَّ نُسِبَ ذلك إلى الحنفية، مع أنه لم يَقُلْهُ مِنَّا أَحَدٌ. والصواب أنَّ الكلَّ ثابتٌ، ولكنه لم يكن من العبادات، بل كان عادةً له صلى الله عليه وسلّم فمَنْ أرادَ تحصيلَ الأَجْر في اتباع عاداتِهِ صلى الله عليه وسلّم فله في ذلك سلفٌ، فَلْيُحْرِزِ الأَجْر ولا حَرَج. ومَنْ قصد أن يَتَّبع في عباداتِهِ فليفعل، ولْيَحْظَى بما قدر له. ***

19 - كتاب التهجد

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 19 - كتاب التَّهَجُّد 1 - باب التَّهَجُّدِ بِاللَّيْلِ وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79]. 1120 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِى مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ، لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ - أَوْ لاَ إِلَهَ غَيْرُكَ -». قَالَ سُفْيَانُ وَزَادَ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ «وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ». قَالَ سُفْيَانُ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِى مُسْلِمٍ سَمِعَهُ مِنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 6317، 7385، 7442، 7499 - تحفة 5702 - 61/ 2 واعلم أن التفعُّل ههنا للتجنُّب، بمعنى إزالة الهُجُود. وقال العلماء: إنَّ اسم التَّهَجُّد لا يَصْدُق إلا بعد الهُجُود، فلا يطلق على صلاة الليل قبل الهُجُود. وفي «المِشْكَاة»: «أن هذا السفر جهد وثقل، فَمَنْ صلَّى ركعتين بعد العشاء في أوليهما: «إذا زُلْزلت»، وفي الثانية: «قل يا أيُّهَا الكافرون» كَفَتاه عن التَّهَجُّد». فهذا تهجُّدُهُ قبل النوم، ولكنه لا يخالفُ ما قاله العلماءُ، فإنه تَهَجُّدٌ حُكْمِي. وباب آخَر: ألا ترى أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أَمَر النَّاسَ أن يجعلوا الوِتْر في آخِر صلاةِ الليل، ثُمَّ أَوْصَى للبعض أن يُصَلُّوه قبل النوم. فهذا كلُّه تقسيمٌ على الأَحوال. ثم إنَّ التَّهَجُّد - وهي صلاة الليل - مُغَايرٌ للوِتْر عندنا ذاتًا، وهما مُتَّحِدَان عند الشافعية، فإنْ صلاهَا قبل النوم سُمِّيت صلاةَ الليل، وإنْ صلاها بعدما استيقظ من نومه سُمِّيت تَهجُّدًا. فالفرق بينهما وصفي، وكذا الوِتْر عندهم. فالوِتْر والتهجُّد وصلاةُ الليل كلُّها عندهم متحدةٌ ماصَدُقًا، ومتباينةٌ مفهومًا واعتبارًا، وهي إحدى عشرةَ ركعةً، ثم قالوا: إنَّ ههنا صلاةً أخرى، وهي النَّفْل مطلقًا والرجل مخير فيها إن شاء صلاها مئة فصاعدًا، بخلاف الوِتْر فإِنَّها لم تثبت فوق إحدى

عشرةَ في أَصَحِّ الروايات، فلها رَكَعَاتٌ معدودة. وقلنا: أما الفَرْقُ بين صلاة الليل والتهجُّد فكما ذكرتم، لكنَّ الوِتْرَ صلاةٌ مستقلة، مغايرة ذاتية، متميزة بوقتها، وقضائها، وركعاتها، وتعيين قراءتها. وإنَّما التبست في بادىء النَّظر لارتباطِهَا بصلاة الليل شَيْئَا. فَإِذَا تَقدَّمت وصُلِّيت بعد العشاء قبل النوم، كما كان أبو هريرة وبعضٌ آخَرون يَفعَلُه امتازت عن شاكلةِ صلاة الليل. وقد مرَّ أنها ليست للإيتار فقط، بل صارت صلاةً برأسها، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلّم «إن الله أمدكم بصلاة» ... إلخ فدلَّ على أن الوِتْر صلاةٌ مستقلة لا أنه للإيتار فقط. وأما الأحاديث فلا ريبَ أنها وردت بالنَّحْوين: فحديثُ عائشة رضي الله عنها عند أبي داود وغيرِهِ: «كَان يُوْتِر بأربعٍ، وثلاثٍ» ... إلخ، يُبنى على نظر الحنفية، وفصل الوتر عن صلاة الليل. وحديث ابنِ عمرَ رضي الله عنه يُبنى على إطلاقِ صلاةِ الليل على المجموع. فعن ابن عمَر رضي الله عنه: أنَّ النبيَ صلى الله عليه وسلّم كان يُوْتِر على الدابة. أطلق فيه الوِتْر على صلاةِ الليل، ولا حَرَج، فإنَّ الوِتْر منها في الحِسِّ. وفي بعض الملاحظات. وروى الطحاوي عنه مرفوعًا: «أنه صلى الله عليه وسلّم كان يَنْزلُ له». فلعلَّه أرادَ به الوِتْر من صلاةِ الليل. فروايته الأولى تُبْنَى على إطلاقِ الوِتْر على مجموع صلاة الليل. والثانية على فَصْله منها فلا تعارض. وقد أشكل عليهم الْجَمْعُ بينهما، فحمله الشافعيةُ على مذهبهم، وحمله الطحاويُّ على أنَّ الوِتْر على الدابة كان فيما كان فيه توسيعًا، فإذا عزم الأَمْر وتحتم الوِتْر نزل لها صلى الله عليه وسلّم والمختار عندي ما سمعتَ آنفًا. ثُم إنَّ هذه من أنظار الرواة واعتباراتهم لا يُعقد منها شيءٌ ولا ينقض، ولا يصاغ منها أمرٌ ولا يكسر. والقومُ قد بَثُّوا مسائلهم على تعبيراتِهم فقط، فوقعوا في حيرة. والأمر ما حَقَّقْناه في مَوْضعه فتذكره. وما يُعْلَم من صنيع الأئمة أَنَّهما صلاتانِ متغايرتان عندهم كالبخاري. فإنَّه بَوَّبَ للوِتْر، ثُمَّ بَوَّب للتهجد وصلاة الليل. فهذا يدلُّ على أنهما صلاتان عنده. وهكذا صنيعُ غيرهِ. ثم إنَّ الشافعية إذا دخلوا في باب الوتر قالوا: إن الوِتْر ثلاثٌ بالتسليمتين، وكتبوا في آخِر بابه أنه يجوزُ بركعةٍ أيضًا. فاختاروا للعَمل الصورةَ الأُولى فقط، وإذا نزلوا على الجائزات وَسَّعوا بركعةٍ وغيرها. فَعُلِم أن الخلافَ بِحَسَب العمل قليلٌ، وإنما يظهَرُ الجدلُ عند بيانِ الصور الجائزة. قوله: ({وَمِنَ الَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ}) [الإسراء: 79] واختُلِفَ في تفسيرِ النافلة، فقيل: فريضة زائدة لك، خُصِّصْتَ بها من بين أمتك. ثُمَّ ادَّعى النوويُّ رحمه الله تعالى أنه نُسِخ عنه أيضًا. وقيل: عبادة زائدة في فرائضك، وقيل: زائدة لك خاصَّة وليست كفَّارةً بخلافِ أُمَّتِك، لكونك لا ذَنْبَ عليك. أقول: إنَّ النَّفْل ههنا على صرافة اللغة، لا ما في الفِقْه بالمعنى المقابل للفَرْض، فإنَّه وُضِع له لَفْظُ التطوُّع الدال على كونه من طَوَع العبد بدون إيجابٍ من الله تعالى، أو إعطاء من عنده، بخلاف النَّفْل فإنه يكون من جهةِ النافل بمعنى إعطاءِ الزيادة من جانبه، ومنه نَفَّل الغنيمةَ. فالسَّهم هو الحِصةُ المعيَّنةُ، وما يزيدُهُ الإمام من جانبه لأحد يقال له النَّفْل، لأنه إعطاءٌ منه زائدًا على حِصته، وفَضْلُ منه، فالنَّفل صِفةُ النافل، والتطوع من جانب العبد، فقال: {نَافِلَةً لَّكَ}

[الأنبياء: 72] أي مِنْ الله تعالى، لا نافلةً مِنك لله تعالى. وعليه قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} [الأنبياء: 72] (بخشش) فَنَسب النَّفْل إلى نَفْسه، أي أعطيناك إسحاقَ ويعقوبَ عطية من عندنا. فإِذَن هو بمعنى بلا شيءٍ واستحقاق منك، وترجمته (مفت) أيمجانًا، أو هو فَضْلٌ لك وترجمتُه (بحت). لكن علي طَور ما قلنا، والنَّفْل بهذا المعنى لا يَضَادُّ الْفَرْض كما في «المشكاة» في أحاديث فَضْل الوضوءِ: «إنَّ الوضوءَ يُكفِّر من الخطايا حتى تكونَ صلاتُهُ نافلة»، أو كما في أحاديث أمراءِ الجَوْر: «فإن صَلَّيت لِوَقْتِهَا كانت لك نافلةً» على شَرْح الحنفية، فإنَّ النافلة أطلقت على الصلاة المتكوبة في الموضعين، كيف وقد مر أنَّ بِنِيَّة النافلةِ والفريضةِ واحدةٌ، وإنَّما الفَرْق من حيثُ لحوقُ الأوامر بواحدةٍ دون أخرى، وذلك من الطوارىء، فالصلاة اسمٌ للهيئةِ المشاهدة المخصوصةِ فقط، ولا تَعَلُّقَ لمسمَّاها بكونِها نافلةً أو مكتوبةً. وأخطأ الرازيّ حيثُ زعم أن الصلاةَ لَفْظٌ مشتَرَكٌ بين النافلة والمكتوبة، فجعلهما حقيقتَيْنِ مختلفتين مع أنَّ الصوابَ ما قلنا، لأن اختلافَ النَّفْلية والفَرْضية حَدَث من قبلِ الخارج، وذلك لا يُوْجِب اختلافَ الحقيقة. ولعلك عَلِمت منه أنَّ الآية لا تدلُّ على كونِ التهجُّد تَطَوُّعَا في حقِّه صلى الله عليه وسلّم ومَنْ استدل عليه فكأَنَّه لم يُمْعِن النَّظر. وقد بَيَّنا أنَّ صلاةَ الليل كانت واجبةً أولا، ثُم لم يُنْسخ حرفٌ منها، غيرَ أنه نَزَل الأَمْرُ إلى التيسير، فَحَملُوه على نَسْخ الأَصْلِ. نَعم غُيرت في صفةٍ منها شيئًا، فأُكِّدت منها قطعةٌ سُمِّيْت بِاسمٍ على حِدَة، وهو الوِتْر، وجُعِل له وَقْتٌ وهو آخِرُ الليل لِمَنْ يَعْتَمِد الانتباه وإلا فأوَّلُ الليل، وأَمَرَ بقضائه. ورُدِّد في وقتِ العِشاء مراعاةً لِوَقْت الوِتْر، ففي بعض الروايات وَقْت العشاءِ إلى النِّصف، وفي البعض إلى الثُّلُث، وإلى جميع الليل. والنَّاسُ زَعَمُوه اختلافًا فتصدُّوا إلى وَجْه التوفيق. وعندي: هذا الترديدُ مَبنِيٌّ على ترديد القرآن في صلاة الليل، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)}. وحاصله: أن الليل كلَّه مَقْسومٌ بين العشاءِ وصلاةِ الليل، فإن صلَّى العشاءَ في النصف الأول يُصلِّي التهجُّد في النصفِ الآخر، وهكذا في جانب القِلَّة والزيادة. ومِنْ ههنا جاء الترديدُ في نزولِ الربِّ تبارَك وتعالى، فإنَّه على النِّصْفِ، والثلث، حَسَب الترديد في صلاةِ الليل. فَرَاع هذه الترديدات كلَّها كيف تَنْحَطُّ على مَحَطَ واحدٍ واعتبره، ولا تَزْعُمْها شكَّا من الرواة. وإذا دريت أن الوِتْر قطعةٌ من صلاةِ الليل، هان عليك أن تَدَّعِي وجوبه، ولولا طريقُهُ. طنيًّا لَقُلْنَا بافتراضه، إلا أنَّ كونَ هذا المقطوعِ والمُؤكَّد وِترًا وعُلِم من أخبارِ الآحاد فاكتفينا بالقَوْل بوجوبهِ. والبسط في رسالتنا «فَصْل الخِطَاب في مسألة أمِّ الكِتَاب». 1120 - قوله: (قال: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ) ... إلخ. ولَعَلَّه كان يَدْعُو بهذا الدعاء عقيبَ اليقظة قُبَيْلَ الوضوءِ. قوله: (أَنْتَ قَيِّمُ السمواتِ) وهي علاقة الَقيُّومِيّة التي اعتبرها الشَّرْع، وهي أَقْرَبُ من عَلاقَةِ الخالقية، وليست تلك عِنْدَ الفلاسفةِ، وعندهم عَلاقَة العِلِّية والمبدئية. فاللَّهُ عندنا حَاكِمٌ على

الإطلاق، يفعلُ ما يشاءُ ويَحْكُمْ ما يريدُ، وعِلَّةٌ عند الفلاسفة، فإنه لا قدرةَ عندهم له إلا على جانبِ واحد، تعالى اللَّهِ عن ذلك عُلُوًّا كبيرًا، كذا نقله الحافِظ ابنُ تيمية رحمه الله تعالى. قلتُ: وهوالصوابُ من مذهبهم، فإنَّ ابن رشد لَخصَّ «مقالات أرسطو» وذكر فيه: أنَّ المُمْكِنَ عنده مايوجَدُ تارةً وينعدِمُ أخرى، والممتَنِعُ ما لا يوجَدُ أبدًا، والضصروريُّ ما يوجَدُ أبدًا. وصرَّحوا أن الفَلَك ضروريُّ. وعلى هذا لا يُقال في البسيط أن فيه حَيْثِّيثن: حيثية الإمكان بِحَسَب ذاته، والامتناع باعتبارِ الغير. نعم يمكن أن يُقال إنه واجِبٌ باعتبار ذاتِه، ومُمْكِنٌ باعتبارِ حركتِه. فحيثيةُ الإمكان ليست بالنَّظَر إلى الذاتِ، بل باعتبار الحركة. أما كونُ ذاتِهِ ممكنًا باعتبار، وواجبًا باعتبار، فهذا مما لا يُسَوَّغُ عنده. ثم قال: إنَّ أوَّلَ مَنْ أوجده ابنُ سينا، فهو يَنْظُر إلى طبيعةِ الشيء ودوام وجودِهِ، فيحْكُمْ عليه بِحُكْم النَّظر إلى طبيعتهِ، وبِحُكْمٍ آخَر بالنظر إلى وجودِهِ، بخلاف الفلاسفة، فإنَّهم عدلوا عن إخراج الاعتبارين في الأشياء الدائمة. وحيئنذٍ لم يَبْقَ لاسمِ واجبِ الوجود مَزَّيَتُهُ، فإن الفَلَكِ عندهم أيضًا واجِبُ الوجودِ. ومِنْ ههنَا تَبَيَّنَ أن ما استدل به ابنُ سينا على إثباتِ الواجب لا يتأتَّى على قواعدِهِمْ. فإنَّه قال: إنَّ من الأشياءِ ما هي ممكنةٌ بحسبِ ذواتها، دائمةٌ باعتبارِ وجودها، فلا بد أن تنتهي إلى عِلة واجبةٍ، فإن الدوام لا يَخْلو عن سببٍ، فثبت الواجب. وهذا كما ترى يُبنى على القولِ باعتبارين في شيءٍ واحدٍ وقد أنكروه. نعم للفلاسفة على هذا المطلب دَلِيلٌ آخَر على طورهم، وهو أنَّ التسلسلَ في العلل مُحال، فلا بد أن تنتهي إلى واجب وهو المراد. وراجع التفصيل في مواضعه. قوله: (أَنْتَ نُوْرُ السَّموَاتِ) ... إلخ. وفي «المِشْكَاةِ»: «إنَّ اللَّهَ تعالى خَلَقَ الأَشياءَ في الظلمة، فَرَشَّ عليها مِنْ نُورِهِ، فمن أصابَه اهتدى، ومَنْ أخطأه ضَلَّ» أو كما قال. قوله: (أَنْتَ مِلْكُ السَّموَاتِ) .. إلخ. وذكر عَلاقَة المِلْكية. قوله: (أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ ولقاؤَكَ حَقُّ) ففي الأَوَّلِيْنَ قَصَر، وأما اللقاء فلم يكن من أشياءِ القَصْر فَنَكَّرَه. قوله: (وَبِكَ خَاصَمْتَ) أي في الدَّيْن، (وإليك حَاكَمْتِ) أي فيه. قوله: (وَزَادَ عَبْدُ الْكَرِيْم) ... إلخ. وهو ابن أبي الْمُخَارِق. ضَعَّفَه الترمذي في جميع المواضع، وليس الجَزَري وهو ثقة. وعَدَّه المُنْذِرِي في الترغيب والترهيب من رجال البخاري وإن كان في المتابعات، وردَّ عليه الحافظ رحمه الله تعالى وقال: ذكره في سَرْد القصة لا في الإسناد، وهذا كَذِكْر الشيطانِ وأمثالِهِ في قَصَص القرآن ولا يَلْزِم مِنْ الذِّكْر في ذيل القِصَّة ثِقَتُهُ أصلا. قلت: والصواب ما قاله الحافِظُ رحمه الله تعالى. ثم أقولُ إنَّ «عبد الكريم» هذا وإن لم يكن مِنْ رِجال البخاري، إلا أنَّه يمكنُ أن يكونَ البخاريُ أخرج عنه قِطعةً ههنا لِما شَهِد بِصِدْقِه قَلْبُهُ في خصوصِ هذا المقام.

2 - باب فضل قيام الليل

2 - باب فَضْلِ قِيَامِ اللَّيْلِ 1121 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. وَحَدَّثَنِى مَحْمُودٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ الرَّجُلُ فِى حَيَاةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا فَأَقُصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكُنْتُ غُلاَمًا شَابًّا، وَكُنْتُ أَنَامُ فِى الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَأَيْتُ فِى النَّوْمِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِى فَذَهَبَا بِى إِلَى النَّارِ فَإِذَا هِىَ مَطْوِيَّةٌ كَطَىِّ الْبِئْرِ، وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ، وَإِذَا فِيهَا أُنَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ فَجَعَلْتُ أَقُولُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ - قَالَ - فَلَقِيَنَا مَلَكٌ آخَرُ فَقَالَ لِى لَمْ تُرَعْ. أطرافه 440، 1156، 3738، 3740، 7015، 7028، 7030 - تحفة 6936 1122 - فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ، لَوْ كَانَ يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ». فَكَانَ بَعْدُ لاَ يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلاَّ قَلِيلاً. أطرافه 1157، 3739، 3741، 7016، 7029، 7031 - تحفة 15805 1121 - قوله: (وكُنْتُ أَنَامُ في المسجد) وقد عَلِمْت أَنَّ ابنَ عمرَ رضي الله عنه كان مِمَّنْ أرادَ أن يبني بيتًا من مَدَر، فلم يُعِنْه النَّاسُ عليه، فلا بأس لِمِثْلِهِ أن ينامَ في المسجدِ. قوله: (كَطَيِّ البِئْر) كنوئين كي من. قوله: (لم تُرَع) وهو وإنْ كان جَحْدًا لكنَّ ترجمتَه النهيُّ، أي لا تُرَاعُوا، ويمكن حَمْلُهُ على الجَحْد أيضًا. 3 - باب طُولِ السُّجُودِ فِى قِيَامِ اللَّيْلِ 1123 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، كَانَتْ تِلْكَ صَلاَتَهُ، يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُنَادِى لِلصَّلاَةِ. أطرافه 626، 994، 1160، 1170، 6310 - تحفة 16472 - 62/ 2 1123 - قوله: (يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ ما يقرأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِيْنَ آيةً) واعلم أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان نهاهم عن الاقتداءِ به في صلاةِ الليل، لأنَّه لم يكن يُرَاعي فيه حال الضفعاء، والمَرْضَى. ودل هذا أَنَّ بناءَها كان على الانفراد، وإليه أشار القرآنُ بقوله: {نَافِلَةً لَّكَ} [الإسراء: 79] فَفَصَلَهُ عن الخمسة وقال: {أَقِمْ الصلاةَ لِدُلُوك الشَّمْسِ إلى غَسَقِ الليل وقرآنَ الفَجْرِ} فهذه خَمْسُ صلوات أَمَرَ بِإِقَامتِهَا، وإقامتُهَا أَنْ يُؤَدِّيَهَا مع الجماعاتِ في مساجدَ يُنَادَى بِهَا، ثُم ذَكَر التهجُّدِ فقال: {وَمِنَ الَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ} فعبَّر عنها بالنافلة لعدم شَركة الجماعةِ فيها، فإنَّ الصلواتِ الخَمْسَ فيها شركاءُ معك، كالسَّهْم يشترِكُ فيه الغانمون كلُّهم.

4 - باب ترك القيام للمريض

وأما النَّفْل فلا يكون فيه للجماعةِ حَقٌّ، كذلك هذه الصلاة نافلةً لك، فلا تدخل الجماعةُ معك فيها، فهي حالُكِ الأحاديُّ وَوِظِيْفتُكَ الانفرادية، ولذا قال إمامنا رحمه الله تعالى: إن التداعِي في صلاةِ الليل مكروهةٌ. وَحَدُّ التداعي عندي - كما في العُرْف - بِأَنْ يُدْعَى لها الناسُ. وما ذَكَرَه المُفْتُون فهو تحديدٌ للعَمَل لا أنه مَنْقُولٌ عن صاحبِ المذهب. ثُمَّ إنَّ النَّسائي بَوَّب عليه بأن تلك السجدةَ الطويلةَ كانت على حِدَة لا في ضمن الصلاة. قلتُ: وهو بعيدٌ عن الصواب، بل كانت ممن أركانِ الصلاة. أمَّا السجدةُ المفردة فاستحبَّها الشافعيةُ في أوقاتٍ مختلفة: بِأَنْ يسجدَ بها متى شاءَ، وهذا في غَيْر مَوْضع الشُّكْر أيضًا. قلتُ: ولا أَصْلَ لها عندنا، نعم في الكتب في سجدة الشكر قولان، ولا بُدَّ من القول بالجواز. وأمَّا ما اعتاد بها الناسُ بعد الوِتْر والتراويح فمنع منها في «الكبيري شَرْح المنية». 4 - باب تَرْكِ الْقِيَامِ لِلْمَرِيضِ 1124 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ سَمِعْتُ جُنْدَبًا يَقُولُ اشْتَكَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ. أطرافه 1125، 4950، 4951، 4983 - تحفة 3249 1125 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ احْتَبَسَ جِبْرِيلُ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَبْطَأَ عَلَيْهِ شَيْطَانُهُ. فَنَزَلَتْ {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} [الضحى: 1 - 3]. أطرافه 1124، 4950، 4951، 4983 - تحفة 3249 واعلم أن المصنف رحمه الله تعالى أخرج ههنا متنًا واحدًا له سَنَدَانِ وَحَوَّل بينهما، وجعل في كتاب التفسير في تفسير سورة «والضحى» (ج 2/ 2738) متنَين بِسَنَدَيْن، هكذا قال: سَمِعت جُنْدُب بن سفيان قال: اشتكى رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم فلم يَقُم ليلةً، أو ليلتين، أو ثلاثًا، فجاءت امرأةٌ فقالت: يا محمد، إني لأرجو أن يكونَ شيطانُك قد تَرَكَكَ» ... إلخ. والمرأةُ هذه امرأةُ أبي لَهَب كما يَنْطِقُ به خُبْثُ تعبيرِهَا. وعنه قالت امرأةٌ: «يا رسولَ الله مَا أَرَى صَاحِبَك إلا أَبْطَأَك» ... إلخ. والمرأةُ هذه هي أُمُّ المؤمنين خديجةُ رضي الله تعالى عنها كما يُشْعِرُ به مخاطَبَتُهَا إيَّاهُ صلى الله عليه وسلّم وإنَّما ذَكَرَتْهَا تَحَسُّرًا، ثم ذَكَر فيهما نُزولَ الآيةِ، ولا يُتَوهَّم الاضطرابُ بينهما. والجواب: أنَّ الآيةَ نَزَلَتْ بعدهما، إلا أنه ليس مَوْضِع التحويل، فإنَّه يدل على كونهما قصةً واحدةً، ومتنًا واحدًا من إسنادين مع أنهما متنانِ مختلفان بإسنادين كذلك، كما يتضِحُ من كتاب التفسير، وفي مِثْله لا يناسب التحويلُ، إلا أنَّ المصنِّفَ رحمه الله تعالى لما أخرجهما في كتاب التفسير لم يبالِ بهذاالإيهام. ولعلَّ غَرَضَه ههنا التنبيه على كَوْنِ هاتين القطعتين في واقعةٍ

5 - باب تحريض النبى - صلى الله عليه وسلم - على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب

واحدةٍ وإن كان الحديثانِ مُخْتَلَفِين: الأول في امرأةِ أبي لهب، والثاني في أُمِّ المؤمنين (¬1). 5 - باب تَحْرِيضِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى صَلاَةِ اللَّيْلِ وَالنَّوَافِلِ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ وَطَرَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاطِمَةَ وَعَلِيًّا - عليهما السلام - لَيْلَةً لِلصَّلاَةِ. 1126 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَيْقَظَ لَيْلَةً فَقَالَ «سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الْفِتْنَةِ، مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْخَزَائِنِ مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ، يَا رُبَّ كَاسِيَةٍ فِى الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِى الآخِرَةِ». أطرافه 115، 3599، 5844، 6218، 7069 - تحفة 18290 1127 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَلِىُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِىٍّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِىِّ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - لَيْلَةً فَقَالَ «أَلاَ تُصَلِّيَانِ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا. فَانْصَرَفَ حِينَ قُلْنَا ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَىَّ شَيْئًا. ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهْوَ مُوَلٍّ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَهْوَ يَقُولُ {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54]. أطرافه 4724، 7347، 7465 - تحفة 10070 1128 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيَدَعُ الْعَمَلَ وَهْوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ، وَمَا سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ، وَإِنِّى لأُسَبِّحُهَا. طرفه 1177 - تحفة 16590 ويستفادُ من كلام البخاريِّ أنَّ صلاةَ الليلِ لم تُنْسخ عنده بتمامِها، وهو المختارُ عندي على خلاف ما يُعْلَم من مسلمٍ وأبي داود. 1126 - قوله: (يا رُبَّ كاسيةٍ) وربَّ، ومُذْ، ومُنْذ، لا تحتاج إلى مُتَعَلَّق، ومجرُورُهَا يكونُ في الأكثر مبتدأ. قال النحاة: إنَّ المنادى ههنا مَحْذُوفٌ. ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: ويُعلم من تذكرة أخرى أن القطعتان كانتا عند صحابيٍّ في واقعةٍ واحدة، أي نزول الآية ورواهما التابعي أيضًا كذلك، ثُم لم يُدْرِكْهما الرواةُ من الأسفل، فأَدْرَك بعضٌ قطعة، وبعضٌ آخَرُ قطعة أُخرى، فروى كلُّ ما أدرك على حِدَة. وهذا يدلُّ على كونِهما حديثًا واحدًا في الأَصْل، وإنما تَعَدَّدت الروايةُ من حيثُ حِفْظ الرواةِ بَعْضَها ونسيانُ بعضِها. والذي قَبْله يدلُّ على أنهما حديثانِ خَلَط المصنِّفُ رحمه الله تعالى بينهما، ولذا لم يناسِب التحويل. فحقيقةُ الأمر على التقريرِ الأول كما في التفسير، وعلى التقرير الثاني كما في كتاب التهجُّد، والله تعالى أعلم بالصواب. وكثيرًا ما لا أُحصِّل مرادَه، فيوجد تعارضٌ مِثْلُه، ولا سيما إذا كانت التذكرةُ مشكوكة. أيضًا.

6 - باب قيام النبى - صلى الله عليه وسلم - حتى ترم قدماه

قلتُ: بل إذا أُريد به اللفظُ يصبر عَلَمًا لِنَفْسِهِ، وحينئذٍ تكون هي المُنَادى. واعلم أن محمدَ بنَ مقاتل هذا تمليذ عبد الله بنِ المبارك، وهو تلميذُ الإمام أبي حنيفةَ رحمه الله تعالى، فإذَن هو حنفيُ يُرْوى عنه في الفقه. قوله: {وكانَ الإنسانُ أكْثَرَ شيءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54] فَتَرْكُ العملِ والاعتمادُ على القَدَر سَمَّاه القرآنُ جدلا. وحَاصِله أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يَرْضَ مِنْ تَمَسُّكِهِ بِالقَدَر، فإنَّ المرءَ إذا لم يستطع القيامَ على شيء فهو عُذْرٌ صحيح، ويغمض عنه عند الكرام. أمَّا إذا لم يهيىء نَفْسَه واحتال بالقَدَر ولاذَ به فهو مُجَادِلٌ لا معذورٌ، ولذا لم يَرْضَ به النبيُّ صلى الله عليه وسلّم. 1129 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِى الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلاَتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ الْقَابِلَةِ فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ «قَدْ رَأَيْتُ الَّذِى صَنَعْتُمْ وَلَمْ يَمْنَعْنِى مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلاَّ أَنِّى خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ»، وَذَلِكَ فِى رَمَضَانَ. أطرافه 729، 730، 924، 2011، 2012، 5861 - تحفة 16594 - 63/ 2 1129 - قوله: (إنِّي خَشِيْتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ) وهل من السُّنَن الإلهية إيجابٌ شيءٍ بالتزام الناسِ أمرًا كالتزام الفريضة في زمن نُزولِ الوحي؟ فما يُعْلَم من سُنَن الدين أنه قد يُوْجَبُ لكونِهِ محبوبًا عند الله سبحانه وتعالى. كالتراويح، فإنهم إذا التزموه خَشِي النبيُّ صلى الله عليه وسلّم افتراضَه، وقد يُشَدَّد من جهةِ الله سبحانه معاتبةً أيضًا، وهذا إذا شدَّد المرءُ على نَفْسه مضادةً كما في قصة البقرة. ثُمَّ في «البدائع» عن القاضي عياض: أنَّ الشُّروعَ في النَّفْل نَذْر فِعْلِيّ، فيجبُ كالنذر القولي، وهذا يفيد الحنفية. قلتُ: ويُسْتأَنسُ له من هذا الحديث أيضًا، فإنَّه يُشْعِر بأن الشيءَ قد يَجِب بالالتزام أيضًا. 6 - باب قِيَامِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - حَتَّى تَفَطَّرَ قَدَمَاهُ. وَالْفُطُورُ الشُّقُوقُ، {انْفَطَرَتْ} انْشَقَّتْ. كان يَفْعَلُ ذلك عند نزول أوائل المُزَّمِّل صيانةً للقَدْر المفروض، فإنه أَمْرٌ بقيامِ الليل كلِّه إلا قليلا. وفي الروايات: أنَّ اللَّهَ سبحانه كان خَيَّره في قيام الليل فأحيا كله إلى سَنَةٍ من عند نَفْسِه حتى تورَّمت قدماه، ونزل التيسير. وقد مَرَّ معنا التردُّد في كتاب الإيمان، أنَّ المأمورَ به كان هو القيامَ بالليل كلِّه أو بَعْضِه، كما يُشْعِر به أوَّلُهَا، أو القرآن كما يُشْعِر به قوله: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 4] والقيامُ يتأدَّى بِتَرْك الهُجُود فقط. فالنظرُ يَدُور في أن الأصلَ هو القيامُ والترتيل تكميلٌ له، أو الأصلَ هو الترتيلُ والقيامُ لأجْل الترتيل والذي ظهر لي أنَّ المأمورَ به هو

7 - باب من نام عند السحر

القيامُ، والترتيلُ تكميلٌ له، ولذا أشار إليه الحافظُ رحمه الله تعالى أن قيامَ الليل يتأدَّى في ضِمْن الأذكارِ وغيرِهَا أيضًا (¬1). 1130 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ إِنْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَيَقُومُ لِيُصَلِّىَ حَتَّى تَرِمُ قَدَمَاهُ أَوْ سَاقَاهُ، فَيُقَالُ لَهُ فَيَقُولُ «أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا». طرفاه 4836، 6471 - تحفة 11498 1130 - قوله: (أفلا أَكُوْنُ عَبْدًا شَكُورًا) قيل: إنَّ الهمزةَ تقتضي الصَّدْر، والفاء تقتضي الدَّرْج، فكيف التوفيقُ بين مقتضاهما؟ فَقَدَّرَ له الزمخشريُّ فِعْلا وقال: أصله أأتركُ قيامَ الليلِ فلا أكونُ عبدًا شكورًا، فيكونُ الفِعْلُ الأول سببًا، والثاني مُسبَّبًا. وحاصِلَهُ أنه لو تَرَك الصلاةَ لم يكن عبدًا شكورًا، وخاصله جمهورُ النحاةِ وقالوا بترجيح حَقِّ الاستفهام على حَقِّ الفاء، فبقي الاستفهام على صَدَارَتِهِ، والعطف وإن اقْتَضَى الدرج لكنه تُرِكَ مقتضاه ههنا. وحينئذٍ حاصله أن المغفرةَ لا تقتضي تَرْكَ الاجتهادِ والعبادة، فإن الاجتهادَ قد يكونُ لتكفيرٍ، وقد يكون لأداء الشُّكْر، وهذا هو الأَصوب عندي، وإليه يشيرُ قوله تعالى: {نَافِلَةً لَّكَ} [الإسراء: 79]. وفي قوله: {عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ} [الإسراء: 79] ... إلخ إشارةٌ بليغةٌ إلى أنَّ للتهجُّدِ دخلا في وصولِ المقام المحمود. ثُمَّ إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يَقْسِمُ لَيْلَه أسداسًا: السدسان الأَوَّلان - وهما الثلث - للعَشَاء، ثم السُّدس للاستراحة، ثُم السدسُ الرابع والخامس في العبادة، ثُمَّ للاستراحةِ، وهذا في الأَغلب. 7 - باب مَنْ نَامَ عِنْدَ السَّحَرِ 1131 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ «أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا». أطرافه 1152، 1153، 1974، 1975، 1976، 1977، 1978، 1979، 1980، 3418، 3419، 3420، 5052، 5053، 5054، 5199، 6134، 6277 - تحفة 8897 ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وهو الذي يُعْهد مِن سُنةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فإِنَّه كان يُصلِّي ثم يَفْصِلُ بينهما بالأدعية، والأذكار، وأخرى بالنوم على ما أعلم، فدلَّ على أن المقصودَ بالقيام هو إِحياءُ الليل. سواءٌ كانَ بالقرآنِ أو الأذكار. قال الشيخ رحمه الله تعالى: إنَّ المأمورَ به هو القيامُ والقرآنُ، ولا ذِكْر فيها للصلاةِ. وحاصل السورة عندي أن القيامَ منسوخٌ، والقرآن باقٍ، نعم نزل فيه التيسير، ولذا قال: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: 20] فنزل التيسير فيه ولم يذكر القيام، وكذلك الصلاة باقيةٌ على حالها، فصلاةُ الليل منسوخة لحال القيام وباقية لحال القراءة، وهي ثلاثُ ركعاتِ، الوِتْر التي قام بها الإِمام، لا يُقال: قوله: "خشيت أَن تُفْرض عليكم" يناقِضُه على قول مَنْ ذهب إلى اتحادِ التراويح وصلاة الليل، كما هو المختار عندي، فدل على عَدَمِ افتراضها قطعًا، مع أَنك قائلٌ بإيجاب حِصَّة منها بعد. قلت: معناه خشيتُ أن تُفْرَض عليكم بهذه الصفة المخصوصة لا أصل الصلاة، ولا بُدَّ من هذا التأويل، وإلا فما الخشيةُ بعد افتراضِ الخَمْس وسَبْقِ القول: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} [ق: 29] فاعلمه.

8 - باب من تسحر فلم ينم حتى صلى الصبح

1132 - حَدَّثَنِى عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَشْعَثَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ سَمِعْتُ مَسْرُوقًا قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَىُّ الْعَمَلِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتِ الدَّائِمُ. قُلْتُ مَتَى كَانَ يَقُومُ قَالَتْ يَقُومُ إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنِ الأَشْعَثِ قَالَ إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ قَامَ فَصَلَّى. طرفاه 6461، 6462 - تحفة 17659 1133 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ ذَكَرَ أَبِى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا أَلْفَاهُ السَّحَرُ عِنْدِى إِلاَّ نَائِمًا. تَعْنِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 17715 والسَّحَر سُدُسُ اللَّيل الآخِر. 1132 - قوله: (الصَّارِخ) وفي «سيرة العراقي» أنه كان عندَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم دِيكٌ أَبْيض. *وكان عند النبيِّ الديك أبيض له ... كذا المُحِبُّ الطبريُّ نَقَلَه 8 - باب مَنْ تَسَحَّرَ فَلَمْ يَنَمْ حَتَّى صَلَّى الصُّبْحَ 1134 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - تَسَحَّرَا، فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ سَحُورِهِمَا قَامَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الصَّلاَةِ فَصَلَّى. قُلْنَا لأَنَسٍ كَمْ كَانَ بَيْنَ فَرَاغِهِمَا مِنْ سَحُورِهِمَا وَدُخُولِهِمَا فِى الصَّلاَةِ قَالَ كَقَدْرِ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَمْسِينَ آيَةً. طرفه 576 - تحفة 1187 - 64/ 2 يعني ثبت عنه النَّوْمُ عند السَّحَر بعد قيامِ اللَّيل، كما في الباب السابق. وثَبَت عنه أنه تَسَحَّر فلم ينم حتى صَلَّى الصُّبْح، وذلك في رمضانَ غالبًا. قوله: (خمسين آية) وتعجَّب الحافِظُ رحمه الله تعالى على قِلَّة تلك الفاصِلة. قلتُ: ولا عجب فيه من صاحبِ الوحي، فإنه تنامُ عيناه ولا يَنَامُ قَلْبُهُ. 9 - باب طُولِ الْقِيَامِ فِى صَلاَةِ اللَّيْلِ 1135 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً، فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ. قُلْنَا وَمَا هَمَمْتَ قَالَ هَمَمْتَ أَنْ أَقْعُدَ وَأَذَرَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 9249 1136 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِى

10 - باب كيف كانت صلاة النبى - صلى الله عليه وسلم -، وكم كان النبى - صلى الله عليه وسلم - يصلى من الليل

وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا قَامَ لِلتَّهَجُّدِ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ. طرفاه 245، 889 - تحفة 3336 10 - باب كَيْفَ كَانَت صَلاَةُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَمْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ 1137 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ إِنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ صَلاَةُ اللَّيْلِ قَالَ «مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ». أطرافه 472، 473، 990، 993، 995 - تحفة 6843 1138 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو جَمْرَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ صَلاَةُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً. يَعْنِى بِاللَّيْلِ. تحفة 6525 1139 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنْ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِاللَّيْلِ. فَقَالَتْ سَبْعٌ وَتِسْعٌ وَإِحْدَى عَشْرَةَ سِوَى رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ. تحفة 17654 1140 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْهَا الْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ. تحفة 17448 وقد مر معنا أن الحافظ رحمه الله تعالى جعَل سُؤاله راجعًا إلى العدد، كأنه لم يكن عالِمَا بِعَدد صلاةِ اللَّيل فَعَلِمه أنها مَثْنَى مثنى. وسؤاله عندي عن نَضْد الوِتْر مع صلاةِ الليل، أي أين يضَعُهُ، بعدَها أَم قَبْلَها؟ فكأَنَّه كان عالِمَا بصلاةِ الليل والوِتْر من قَبْل، فأرادَ أن يتحقَّقَ عن تَرِتِيبهِمَا، فأجابه أن يجعلَ الوِتْر في آخِر صلاتِهِ، فيجعلها وِتْرًا. وهذا هو المُصرَّح في سياق «مسلم». ونكتةُ قوله: «مَثْنَى مَثْنَى» قد قَدَّمناها مِنْ قَبْل مشروحةً ومُفَصّلة. ثم إنَّ صلاةَ لَيْلِهِ صلى الله عليه وسلّم ثبتت إحدى عشرةَ، وثلث عشرة ركعة، وإن وهم بعض الرواة في بعض الروايات فذكر الأول مكان الآخر فذاك وَهَمٌ في الرواية فقط، أمَّا عادتُهُ صلى الله عليه وسلّم فقد ثَبَتتَ بالنَّحْوَين. 1140 - قوله: (مِنْهَا الوِتْر وَرَكْعَتَا الفَجْر) وإنما يَذْكُرُهما الراوي مع الوِتْر لاتحاد مَوْضِعِهِما. فإنَّه كان يُصلِّيهما حيث كان يصلِّي الوِتْر. وهما في الحقيقةِ صلاتانِ مختلفتانِ. وكأن لهاتين شَبَهًا بصلاةِ الليل وشَبَهًا بصلاةِ النَّهار، فيعدهما الراوي تارةً في الليليةِ، وأُخْرى في النهاريةِ، رعايةً للشَّبَهَيْن، فإنَّهما في آخِر جزءٍ من الليل، وأوَّل جزءٍ من النهار. ثُم اعلم أنَّ روايةَ القاسِم بن محمد عن عائشةَ رضي الله عنها هذه أخرجها الدارقطنيُّ أيضًا، وفيها: أن وِتْره كان بواحدةٍ، وليس فيها ذِكْر سائر صلاةَ لَيْلهِ صلى الله عليه وسلّم فظنَّه الشيخُ النِّيمَوِي

11 - باب قيام النبى - صلى الله عليه وسلم - بالليل ونومه، وما نسخ من قيام الليل

رحمه الله تعالى دليلا على كونِ الوِتْر بواحدةٍ. قلتُ: وتلك الروايةُ هي هذه الرواية بعينها متنًا وسندًا، واختُصِرت عند الدارقطنيِّ رحمه الله تعالى. وأخرجها البخاريُّ رحمه الله تعالى مُفَصلةً، وفيها وِتْرُهُ بثلاثَ عشرةَ ركعةً كما رأيت، فليُتَنَبَّه. ومِثْل هذا قد وقع من الرواةِ كثيرًا، ومَنْ لا ينظرُ إلى طُرُق الروايات يقع له مِثْلُهُ كثيرًا. وقد كَشَفْنَا عن وُجوهِ التعبير وما رامه الرواة شيئًا من قبل فتذكره. والتفصيل في «كَشْف السِّتر عن مسألة الوِتْر». 11 - باب قِيَامِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِاللَّيْلِ وَنَوْمِهِ، وَمَا نُسِخَ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7)} [المزمل: 1 - 7] وَقَوْلِهِ {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} [المزمل: 20]. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - نَشَأَ قَامَ بِالْحَبَشِيَّةِ، {وِطَاءً} قَالَ مُوَاطَأَةَ الْقُرْآنِ أَشَدُّ مُوَافَقَةً لِسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَقَلْبِهِ {لِيُوَاطِئُوا} [التوبة: 37] لِيُوَافِقُوا. وهذا الذي نَبَّهْتُكَ عليه: إنَّ المصنِّف رحمه الله تعالى ذَهَب إلى شرعيةِ بَعْضِ صلاةِ الليل، ونَسْخ البَعْض، ولذا أتى بِحَرْف التَّبْعِيْض. ثُمَّ هذه الإشارةُ على ما حَرَّرْتُ من قبل، أَنَّ «مِنْ» في سائر كتابه للتبعيض. والشارحون قد يجعلونَها بيانيةً، وقد يجعلونها تَبْعِيْضيَّةً. وإنَّما اخترت ما اخترت ليكونَ النَّسق في جميع كتابه واحدًا. وراجع كلامَ الرَّضِيِّ للفَرْق بين البيانيةِ والتبعيضية. ومِمَّنْ صَرَّح بِعَدِم نَسْخِهَا القاضي أبو بكر العربي (¬1) وهو المختار عندي. وَلَعلَّهَا كانت مشروعةً من الابتداء حين كانت الصلاتان فقط، ولذا نَجِدُ ذِكْرَها مع الصلاتين في غيرِ واحدٍ من الآياتِ. قال تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ} [ق: 39، 40] ... إلخ، ثُمَّ بقيت حِصَّةٌ منها إلى زَمن افتراضَه الخَمْسِ وإن تَغَيَّرت شَاكِلَتُهَا شيئًا. ¬

_ (¬1) قال القاضي في "العارضة" ص (246) ج (2): وقد اختلف الناسُ في صلاة الليل، فمال البخاري إلى وجوبها، وتَعلَّق بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يَعقدُ الشيطانُ على قافِيةِ رَأسِ أحَدِكم إذا هو نام ثلاثَ عُقَدٍ ... " الحديثَ. وهذه العُقْدَةُ تَنْحَلُّ بصلاةِ الصُّبح، ويكون في ذِمَّةِ اللهِ كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقد بَيَّنَت عائشةُ رضي الله عنها الأَمْرَ غايةَ البيان فقالت -في "صحيح مسلم"-: "إن قيامَ اللَّيل مَنْسُوخٌ".اهـ. مختصرًا. قلت: فهذا يَدُلُّ على أن القاضي اختار النسْخَ على خِلافِ البخاري، وعلى خلافِ ما حكاه الشيخ رحمه الله تعالى. فيمكِنُ أن يكونَ ما نسبه إليه في "أحكامه" أو يكون من سبقة قَلَمي. والله تعالى أعلم بالصواب.

تحقيق ما يستفاد من ترديد القرآن في صلاة الليل في سورة الزمل

تحقيق ما يستفاد من ترديد القرآن في صلاة الليل في سورة الزمل واعلم أن هذه الآيةَ جَعَلت الثُّلُثَ الأوَّل للعشاء خاصةً، والثُّلُبَ الآخِر لصلاةِ الليل خاصةً. ثُمَّ جعَلَت السُّدُسَ الأَوْسَطَ صالحًا لهما (¬1). فإن صَلَّى فيه العشاء صار النِّصفُ لها، وإن صَلَّى فيه صلاةَ الليل صار الثُّلُثَانِ لها. ثُمَّ جَعَلَتْ النِّصْفَ دعامةً في هذا التقسيم، أي ينبغي لك يا محمدُ أن يكونَ النِّصْفُ بِمَرأَى عَيْنَيك حتى تَقْسِمَ ليلَك بين العِشَاءِ وصلاةِ الليل بِحَسَبه. ولذا قال الفقهاء: إنَّ تأخيرَ العِشَاء بعد النِّصْف مَكْروهٌ تنزيهًا أو تحريمًا على القولين. والمختارُ عندي الأوَّل، كما هو عند الطَّحَاوي. فإن زِدْت عليه شيئًا فلك فيه خيرٌ، وإن انتقَصْت منه فلا بأسَ عليك. فأنت في الصُّوَرَ كُلِّها على خِيَرة بعد أن يكون النِّصْفُ ملحوظًا في ذِهْنِك، ولذا جاء التعبيرُ في النَّصِّ كما رأيتَ مردِّدًا (¬2). ¬

_ (¬1) قلت: وهذا هو تحقيقُ الشيخ رحمه الله تعالى في مسألة المواقيت: فإن المِثل الأوَّل مُخْتصٌّ بالظُّهر، والثالث بالعَصْر، والثاني صالِحٌ لهما. وقد تقدَّم بيانُه. (¬2) يقول العبدُ الضعيف: وتفصيله على ما أتذكر وأفهم والله تعالى أعلم أن المأمورَ به في صَدْر المُزمل هو القيامُ مطلقًا، لم تُذْكر له صورةٌ وتفصيل، وهو قوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)} [المزمل: 2]، ثم فَصَّله إلى النِّصفِ وغيرِه، وهو مُؤدَّى البَدَل. فإِن قلت: إن المتبادر مِن قوله: {قُمِ اللَّيْلَ} استيعابه. قلت: معناه عندي: قُم في الليل، فَعَدَّى الفِعْل بواسطة حَرْفِ الجَرِّ فلا يقتضي الاستيعابَ، كما ذَكر الفقهاءُ الفَرْق بين قوله: أنتِ طالقٌ في غدٍ، وأَنْتِ طالقٌ غدًا، من حيثُ إِن الأوَّل لا يقتضي الاستيعابَ فيكون الغَدُ ظرفًا، والثاني يقتضي ذلك، فيكونُ مِعْيارًا. فتصح نيةُ آخر النهار في الصورة الأولى دون الثانية. وهذا هو المختار عندي وإن ذهب النحاةُ إلى عَدَمِ الفَرْق بين الصُّورتين. فإِن قلت: إذا استثنى القليل من الليل بقي أكثرُه مأمورًا بالقيامِ به على كلِ حال، سواءٌ ذهبْتَ مذهبَ النحاة أو الفقهاء، ولم تظهر لتقدير "في" قلت: بل استثناءُ القليل على معنى: أنك أيها المزمِّل إن اجتهدت في القيام، فذهبت به إلى الليلِ أَكْثَرِه، فحِصَّةٌ قليلةٌ منه لا بد عليك أن تَتْرُكها. فالمقصود هو المستثنى. ولا تُصغ إلى ما قيل: إن الاستثناءَ لا يكون مقصودًا، فإِن الواقع أولى بالاتباع. وإِذَن المطلوبُ استثناءُ القليلِ والتخييرُ فيما بقي. فإِن شِئتَ أن تقومَ به قُمت، وإنْ أرَدْت أن تَتْركَ بَعْضَه تَرَكْت. والحاصل: أن المأمورَ به في أوَّل المُزمِّل شيءٌ يصِحُّ أن يَنْقَسِم إلى ثلاثِ صور - وهو بعض الليل: فإما أَنْ تجعلَه نِصْفًا فتصلِّي فيه صلاةَ الليل وحينئذٍ يَبْقَى النِّصْفُ الآخَرُ للعشاء، أو تَنْقُصَ منه قليلًا، وتتدرج فيه حتى تجعلَ صلاةَ ليلِكَ فى الثلثِ الآخِر، أو تزيدَ على النصْفِ فتجعلَ الثُّلُثين لصلاةِ الليلِ على هذا النَّحْو فأَنْتَ على خِيرَةٍ من ذلك كُله. وليس المراد من قوله: {أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} [المزمل: 3] الثلث، ومن قوله: {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} الثلثان ضربة واحدة بل القِلَّة تتدرجُ شيئًا فشيئًا، حتى يكونَ المَحَط الثلثَ، أو الثلثين، فيستقِر الأوَّل على الثلث والثاني على الثلثين ولذا لم يعبر بالثلث فيها أو الثلثين من أول الأمر فإن الأوساط من النصف إلى الثلث والثلثين كثيرة يتدرجُ إليها المصَلِّي حَسَب إرادته، ويجعل صلاةَ ليلة في أيها شاء. وكذلك المرادُ من قوله: {إِلَّا قَلِيلًا} هو الثلث على هذا الطريق، وهو وَقتُ العشاء. ومِن ههنا يَجعَله الرواةُ وقتا للعشاء، فيذكرون لها الثلث في أكثر الرواياتِ، لكونه متعينًا من النص وَقتا للعِشاءِ. وهو وَقتها المستحبُّ. ثم لَزم من التقسيم أَن يبقى لها مِن الثلثِ الأوسطِ سدسًا أَيضًا، فيصير لها النصف. وإذ قد علمت أَن المقصودَ من صدر المزمل استثناء القليل على كل حال، علمتَ أن حَق العِشاء في نَظَر الشارع هو الثلث، ولذا استثناه مِن الليل ولم يَرض أن تكونَ صلاة لَيلِه فيه. وإن أراد الاجتهادَ فإِن وقتها بعد وقتِ العشاء، واستثنى القليل من اللَّيل =

12 - باب عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم يصل بالليل

قوله: (وَطَاءً مُواطأة). قلتُ: والتفسيرُ في غَيْرِ مَوْضِعه. والذي يلائِمُهُ هو تفسيرُ الوطأ به. فإنَّ الوِطَاء - بالكسر - معناه المواطأة والموافقة، أي ما يخرجُ من اللسانِ يوافِقُه القَلْبُ. أما الوَطَأ - بالفتح - فمعناه وَطأ الشيء أي دَاسه. ومن العجائب أنَّ المشهورَ في كُتب التجويدِ من قراءة حَفْص هو الوِطَاء - بالكسر - مع أن قراءةَ أهلِ الهند هو الوَطَاء - بالفتح: وهُم يقرؤون قِراءَةَ حَفْص، فلا أدري من أين اشتهر هذا. ولَعَلَّك عَلِمْت أنَّ ابنَ عباس رضي الله تعالى عنه إنَّمَا فَسَّر قراءةَ الكسر دون الفتح. 1141 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لاَ يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لاَ يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ لاَ تَشَاءُ أَنْ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلاَّ رَأَيْتَهُ وَلاَ نَائِمًا إِلاَّ رَأَيْتَهُ. تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ عَنْ حُمَيْدٍ. أطرافه 1972، 1973، 3561 - تحفة 742، 682، 680 1141 - قوله: (يُفْطِرُ مِنْ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لا يَصُومَ مِنْهُ). ولَمَّا لم يُوَاظِب النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في باب الصيامِ والصلواتِ على عادةٍ كلية، لا باعتبارِ حِصَص الليل، ولا باعتبارِ المِقْدَار، بقي تعبيرُ الرواةِ عن وظائِفِه كما ترى، فاعلمه. 12 - باب عَقْدِ الشَّيْطَانِ عَلَى قَافِيَةِ الرَّأْسِ إِذَا لَمْ يُصَلِّ بِاللَّيْلِ 1142 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا ¬

_ = لأَجْلِها. وإنما عبر عن الثلُث بالقليلِ لكونه قليلًا بالنسبةِ إلى الثلثين، ولأن استثناءَ القليلِ يبدأ من القِلة في أجزاء الثلث، وينتهي بالثلث، فأَرادَ أن يتدرَّج فيه المصَلِّي ويجعلَ عشاءه في أيِّ جزء منه شاء. فإِن أَراد الفَضل أَخرَها إلى الثلث كما بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - في غير حديث: "لولا أن أَشق على أمتي لأَمَرتهم بالسواك عند كل وضوء ولأَخرت العِشاءَ إلى ثلثِ الليل". نعم بعد ذلك له فُسحةٌ إلى النصف. وبالجملة جعَلَت المزمِّل الثلثَ للعشاء، والثلثَ والثلثين لصلاةِ الليل، والسدسَ التُحِق بالعشاء مَرَّةً وبصلاةِ الليل أخرى. ومِن ههنا انحَلَّت عقدَة لم تَحُلَّها أَنامِلُ الأَنظارِ، وكلَّت عن دركِها الأَفكارُ، وهي أن المأمورَ به في صَدر المزمِّل إذا كان قيامُ الليلِ كله تقريبًا، كيف صَحَّ وقوعُ الصُّوَر الثلاث بدلًا عنه؟ وهذا جذرٌ أصم لا يَنطِقُ بالجواب، ولا يسمع. وقد اضطرب له المفسرون، والحلَّ ما عرفت. يقول العبد الضعيف: وكل ذلك حَكَيته على لسانِ الشيخ رحمه الله تعالى. وقد كان الشيخُ رحمه الله تعالى تكلم في حَلِّه في مواضع، إلا أني لم يَحضر لي الآن إلا موضعٌ واحدٌ، فأتيت به على ما فهمتَه بعد تَفَكْر بالغ مني، وسأعود إليه إن شاء الله تعالى إِن وجدتُ تفصيلَه في موضعٍ آخَر. وأرجو مِن اللهِ تعالى أن يكونَ العودُ أَحمدَ، والله تعالى أعلم.

طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلاَّ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ». طرفه 3269 - تحفة 13825 وفي «الفتح»: أَنَّ الشيطانَ يأتي بِحَبْلٍ طَوِيْلٍ، ثُمَّ يَنْفِثُ فيه يقول: عليك لَيْلٌ طَوِيْلٌ ... إلخ، ويَعْقِد عُقدة. قلتُ: وَلَعَلَّ حَبْلَه هذا من عالم المِثَال. وَتَفَطَّن الحافِظُ رحمه الله تعالى من هذا العَقْد أنه مُشيرٌ إلى وجوبِ صلاةِ الليل شيئًا، فإنَّ حقيقةَ النَّفْلية لا يليق بها العَقْدُ، فاحتال لِدَرء الوجوب وقال: إنَّ هذا العَقْدَ فِيْمَن نام عن صلاةِ العِشَاء. وسيجيء ما فيه عندي. 1142 - قوله: (فَذَكَرَ الله) ... إلخ. وهذه الأذكارُ مما جاء قَبْل الوضوءِ عقيبَ النوم، كالحمد الذي مَرَّ في أَوَّل التَّهَجُّد. قوله: (نَشِيْطَا) (سبك جان - هلكى طبيعت). 1143 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الرُّؤْيَا قَالَ «أَمَّا الَّذِى يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفِضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ». أطرافه 845، 1386، 2085، 2791، 3236، 3354، 4674، 6096، 7047 تحفة 4630 - 66/ 2 1143 - قوله: (أَمَّا الذي يُثْلَغُ رَأْسُهُ) ... إلخ. واعلم أنَّ الذي نام عن صلاتِهِ في الليلِ وَرَد فيه ثلاثةُ ألفاظ: العَقْدُ على القَفَا، وثَلْغُ الرأس، والبَوْل في الأُذن. والدليل على الوجوب هو الثاني فقط، بخلاف الأَوَّل والثالث، فإنَّهما مَضَرَّتَان كَوْنِيَّتَان. وذلك لأنَّ ثَلْغَ الرأسِ عذابٌ من جهةِ اللَّهِ سبحانه وتعالى. فَصَلَحَ حُجَّةً على الوجوبِ، بخلاف العَقْد والبول فإنَّهما ضَرَرانِ من جهة الشيطان كَوْنًا، أي يسقط هو عليه، فلا يثبت منه الوجوبُ. فإن الشيطانَ في سجيته عداوةُ الإنسان، فيراقبه في الأحوال كلِّها حتى يُفْسِد عليه طعامَه، وشرابَه ونومَه، وأَمْرَه كُلَّه، فإذا وَجَد موضِعَا يمكنُ أن يُفْسِده، لم يُفلِته حتى يُفْسِدَه، فلم يكن من نوع العذاب. ألا ترى أنَّ الجُنُب لو نام على حالِهِ، ولم يَغْتَسل ومات على جنابته لا تحضُرُه الملائكة. فهذا ضَررٌ عظيم له، إلا أنه لا يثبتُ به الوجوبُ حتى جاز له أن ينامَ على جنابته وإنْ كُرِه. وقد علمت فيما مَرَّ أَنَّ الحِلَّ والحُرمة والإيجاب والنهي إنما تَثْبُت بِتَوجُّهِ الخطابِ من صاحبِ الشرع ولا دَخْل فيها للأنظار المعنوية، بمعنى أنها لا تدورُ عليها، وإن كان المأمورُ به مما ينبغي أن يكونَ حَسنًا، وكذلك المنهي عنه قَبِيْحًا، ولكن ليس كلُّ قبيحٍ منهيًا عنه، ولا كُلُّ حسن مأمورًا به. والتفصيل قد سبق غير مرة. ثم قوله في حديث سَمُرَةَ - مرفوعًا - الآتي «وينامُ عن الصلاة المكتوبةِ» ودليلٌ على أنَّ ثَلْغَ الرأس جزاءٌ لِتَرْك المكتوبة دون صلاةِ الليل. وهذا الذي حَمَل الحافِظَ رحمه الله تعالى على تأويل السابق. فلا يقومُ حجةً على وجوبِ صلاةِ الليل، فيخالفُ ما قَرَّرتُ سابقًا. قلتُ: بل الثَّلْغُ جزاءٌ لِتَرْكِهِ صلاةَ الليل. وإنَّما جاء ذِكْر تَرْكِهِ المكتوبة في السياق لكونه تَرَكَها أيضًا، وذلك لأن هذه الرواية تأتي في الجنائز أيضًا في صَدْر الجزء السادس ممن الصحيح (ج 1/ 185) والراوي اقتصر فيها على تَرْك القرآنِ فقط، ولم يذكر تَرْك المكتوبةِ. فظهر به

13 - باب إذا نام ولم يصل بال الشيطان فى أذنه

المناط. وإنَّ ذِكْر المكتوبة كان في ذيل تقبيحه. ففيها: «والذي رأيتُهُ يَشْدَخُ رأسَه فرجلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ القرآن، فنام عنه بالليل، ولم يَعْمَل فيه بالنهار، يفعل به إلى يوم القيامة» ... إلخ فَتَرْكُ المكتوبةِ جريرةٌ عظيمةٌ، إلا أن هذا الجزاءَ المخصوص لِرَفْض القرآن، وله المدخل فيه خاصَّةً. ولذا ترى يذكُر معه تَرْكَ المكتوبةِ تارةً، ولا يذكُر أخرى. وهناك أتى الحافظ (¬1) رحمه الله تعالى برواية: «إنَّ الشيطانَ يأتي بحبل في سبعينَ ذراعًا. فَيَنْفُثُ فيه: عليك ليلٌ طويل». فيفوتُ عنه وِتْرُهُ - بالمعنى. وفيها لفظُ الوِتْر، فهذا يفيدُ الحنفية رحمهم الله تعالى. فإن قلتُ: الذي نام بعد ما صلَّى العشاءَ فذلك رجلٌ نام على خير، فَلِم مَكَّنَ اللَّهُ تعالى منه الشيطانَ؟ قلتُ: ومِثْلُه يَرِد على طَعَامِ مَنْ ترَك التسميةَ أيضًا. والوجه أنَّ في مِثْلِه وَرَدَالتقبيحُ من الشارِع فَحَسْب، أما بابُ الإِيجابِ فَأَمْرُ آخَر. ثم إنَّ البخاري أخرجه في باب تعبير الرؤيا (ج 2/ 1043) وفيه في ذلك الرجل: «إنا أَتينا على رجلٍ مُضْطَجِعٍ، وإذا آخَرُ قائمً عليه بصخرةٍ» ... إلخ. وفي صدر الجزء السادس: «مضطجعٌ على قَفَاه». وإنما عُذِّب مُضْطَجِعًا على قَفَاه، لأنه كان نامَ عن قرآنه كذلك. ولَمَّا كان القرآنُ في الرأسِ، ثَلَغ رأسَه جزاءً من جِنْسٍ عَمِلَه. فَذِكْر النَّوْمِ عنه بالليل، وتَرْك العملِ به في النهار يؤيده أيضًا، فإنَّ الصلواتِ سواءٌ كانت ليليةً أو نهاريةً تَرْكُهَا سواء، فَلا دَخْلَ لليلتها في ثَلْغ الرأس، فالعذابُ بِتَرك المكتوباتِ على تَرْك الليلةِ والنهاريةِ سواء، فلا تَظَهر لِذِكْر الليل فائدة. على أن ثَلْغَ الرأسِ لا يناسِبُ جزاءً لِتَرْكِ الصلاةِ بخلاف تَرْك القرآن. فهو جزاءٌ لِتَرْك القرآنِ قطعًا، ولأجله شُرِعَت صلاةُ الليلِ، وهو الذي يَتَرشَّح من قوله: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 4] فالمأمورُ به هو القرآنُ والصلاة لأَجْلِ ترتيلِ القرآنِ فيها. ولذا خَصَّصَ أَهْلَ القرآنِ بمزيدِ التأكيدِ بها وقال: «فأوتُرُوا يا أهلَ القرآنِ». والحاصل: أنَّ المقصودَ أولا هو حِفَاظةُ القرآنِ وهي أَوْكَدُ على الحِفَاظ. ثُمَّ عمَّت الوظيفةُ لسائر الناسِ، ووجب الوتر في صلاة الليل على مَنْ حَفِظَ القرآن ومَنْ لم يَحْفَظه. 13 - باب إِذَا نَامَ وَلَمْ يُصَلِّ بَالَ الشَّيْطَانُ فِى أُذُنِهِ 1144 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ فَقِيلَ مَا زَالَ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ مَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ. فَقَالَ «بَالَ الشَّيْطَانُ فِى أُذُنِهِ». طرفه 3270 - تحفة 9297 وبوله أَخَفُّ من الوعيد وأَرْفع من التقبيح. فأشدُّهَا الثَّلْغُ، ثُمَّ البول، والعقد أخفُّهَا. وبالجملة هو ضررٌ كونيٌّ لا يقومُ حجَّةً على الوجوب وإن استشعر الحافظ رحمه الله تعالى منه الوجوبَ، ثُمَّ رام عنه التفضيِّ بوَجْهٍ مَرَّ ذِكْرُهُ. ¬

_ (¬1) أخرج الحافظ رحمه الله تعالى عن سنن سعيد بن منصور بسند جيد عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه: "ما أصبح رجلٌ على غيرِ وتْر إِلَّا أصبح على رأسِه جُريرٌ قَدْرَ سبعينَ ذراعَا". اهـ. -ص 17 ج 3 - .

14 - باب الدعاء والصلاة من آخر الليل

1144 - قوله: (ذُكِرَ عند النبيِّ صلى الله عليه وسلّم رجلٌ) ... إلخ. قال الحافظ رحمه الله تعالى: وهو ابنُ مسعود رضي الله تعالى عنه. قلت: بل هو رجلٌ آخَرُ، ولو كان هو لما أخفى اسمه، كما صرح به في رواية أُخْرى، وقال: وبال الشيطانُ مرةً في أُذُنِ صاحبِكم، يعني نَفْسه بالمعنى. 14 - باب الدُّعَاءِ وَالصَّلاَةِ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ وَقَالَ الله عز وجل: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17)}: أَىْ مَا يَنَامُونَ {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)} [الذاريات: 17 - 18]. 1145 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَأَبِى عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِى فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ». طرفاه 6321، 7494 - تحفة 13463، 15241 15 - باب مَنْ نَامَ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَأَحْيَا آخِرَهُ وَقَالَ سَلْمَانُ لأَبِى الدَّرْدَاءِ - رضى الله عنهما - نَمْ. فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ قُمْ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَدَقَ سَلْمَانُ». 1146 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. وَحَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - كَيْفَ صَلاَةُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِاللَّيْلِ قَالَتْ كَانَ يَنَامُ أَوَّلَهُ وَيَقُومُ آخِرَهُ، فَيُصَلِّى ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى فِرَاشِهِ، فَإِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ وَثَبَ، فَإِنْ كَانَ بِهِ حَاجَةٌ اغْتَسَلَ، وَإِلاَّ تَوَضَّأَ وَخَرَجَ. تحفة 16029 قوله: (مَنْ يَدْعُوْنيِ) ... إلخ. وهذا النِّدَاءُ عندما يَنْزِلُ الربُّ تبارك وتعالى. وفي «الفتح» - في المجلد الأخير - نَقْلا عن البيهقي: أن الأئمةَ الأربعةَ اتفقوا على أنَّ النزولَ لا يَكْتَنِهُ معناه، ونؤمنُ به كما هو، ولا نَبْحَثُ عن كيف. فراجعه فإنَّه مهم، لأنَّ البخاريَّ رَمَى محمدًا رحمه الله بالجَهْمِيَّة وقال: إنَّه جَهْمِي. مع أن محمدًا صرَّح بنفسه: أنَّ الاستواءَ على العرش وَنَحْوَهُ مَعْلومٌ وكَيْفَهُ مَجْهولٌ. ثُمَّ إنَّ الرواةَ اختلفوا في وقت النزول، ومال الحافظ رحمه الله إلى الترجيح. قلتُ: بل الكلُّ صحيحٌ، ولعل النزولاتِ متعددةٌ، وتنوُّعُهُ بِحَسَب ترديدِ القرآن (¬1) في وقتِ صلاةِ الليل من النِّصْف وغيرِهِ، وإنما خُصَّ الليلُ بالنزولِ لكونه فَارِغَا من الشُّغْل بغيرِ الله تعالى. ¬

_ (¬1) قلت: وفي تقرير الفاضل عبد العزيز شيء حَسَن غير أَني ما دريتُ حقيقَتُهُ وإنْ فهمْتُ بعضَه. قال ما تعريبه: إن الترديدَ في النزول، وكذا الاختلافَ في ليلة القدر يُبنى على اختلافِ البلاد. فكما أَنَّ النصفَ في بلدةِ يكون ثلُثًا باعتبارِ بلدةٍ أُخْرى، كذلك اختلاف التاريخ. فلا ينبغي التأويلُ في واحدِ منها وليتْرُكْها على ظواهِرِها فلينظر فيه فيمكنُ أَن تختلفَ ليلةُ القَدْر باختلاف التاريخ في البلدان، كاختلاف حِصَص اللَيل باعتبارها.

ثم إنَّ النزولَ في لسان الصوفية رحمهم الله تعالى عبارةٌ عن نَحْو تَجَلَ من الله سبحانه وتعالى. وسيمُرّ عليك كلماتٌ في تفسسير التجلِّي، وهو أَشْكلُ المسائلِ عند الصوفية. وهو مخلوقٌ عندهم وصورةٌ من صُورِ الأفعال الإلهية، تُنْصَبُ بين العبدِ ورَبِّه لمعرفتِهِ تعالى، ويُنْسب إليها ما يُنْسَب إليه تعالى مع كونه مُنْفَصِلا عنها. واعلم أنَّ المتكلمينَ على طائفتين: طائفةٌ تُسَمَّى بالأشعرية، وهم المنسوبون إلى الشيخ أبي الحسن الأشعري. وتَبِعَه أكثرُ الشافعية والمالكية رحمهم الله. وطائفة ثانية تُسَمى بالماتُرِيدية، وهم المنسوبون إلى الشيخ أبي منصور الماتُرِيدي. وكان الشيخانِ معاصرين، وأبو منصور كان أصغرَهما وتبعه أكثرُ الحنفية. وليس الخلافُ بينهما إلا في نزر مِنْ مسائلَ ذكرَها العلماءُ. فذهَبَتِ الأشاعرةُ إلى أَنَّ الله تعالى قديمٌ وكذا صِفَاتِهِ السَّبْع. وأما نحو الترزيق والإحياء والإماتة فَسَمَّوها صفاتِ أفعال، وهي عندهم اعبتاراتٌ وإضافاتٌ لا أنها صفاتٌ حقيقيةٌ زائدةٌ على الذَّات. فالخلق باعتبارِ إضافته إلى الرِّزْق يُسمَّى ترزيقًا وهكذا، وتلك الإضافةُ حادثةٌ ليست قائمةً بالباري تعالى. قلتُ: ولا دليلَ عندهم على ذلك، فإنَّ للقدرةِ والإرادة أيضًا تعلّقَا بالحوادثِ ولم يذهب أحدٌ إلى حْدُوثها. وأما الماتُرِيدية فقسموا الصفات إلى صفات ذاتية: وهي ما يُوْصَفُ بها تعالى ولا يوصف بضِدِّهَا كالعلم والقدرة، وإلى صفاتٍ فعليةٍ: وهي ما يوصَفُ بها تعالى وبأَصْدادها كالإحياء والإماتة، فإنَّ اللَّهَ تعالى يُوْصَف بالإحياءِ والإماتة معًا. فصفاتُ الفِعْل عندهم أيضًا قديمةٌ، كالصفات الذاتية. ولم أجد هذا التعريفَ في كُتُب الكلام، نعم هو في «الدر المختار» من كتابِ الأيمان. ثُمَّ نحو الإحياء وغيرهِ عند هؤلاء راجع إلى صِفةٍ حقيقة سَمَّوها بالتكوين، واختارها البخاريُّ أيضًا. فصفةُ التكوِين اسمٌ لصفةِ كليةٍ تحتها جزئياتٌ، كالترزيق، والتصوير، والإحياء، والإماتة، وهي قديمةٌ. أقول: إنَّ ههنا أمورًا غير هذه تُنْسَبُ إلى الباري تعالى، كالنزول إلى السماءِ وغيره أُسمِّيةِ أَفْعَالا وليس نوعُهُ قديمًا، بل كُلُّهَا حوادثُ. وهي عند الماتُرِيدية حادثةٌ مخلوقةٌ للباري تعالى. وأما على مَشربِ الحافظ ابن تيميةَ رضي الله عنه فالصفاتُ الحادثةُ قائمةٌ بالباري وليست بمخلوقةٌ. فإنه لا يرى بقيامِ الحوادث بالقديم بأسًا. ويدَّعِي أنَّ ذلك هو مذهبُ السَّلَف، ويُنكر استحالةَ قيامِ الحوادثِ بالقديم. وفَرَّقَ بينَ الحادثِ والمخلوق: بأنَّ المخلوقَ يُطْلَقُ على المنفصل، فسائِرُ العالمَ حادثٌ ومخلوقٌ، بخلافِ الصفات فإنَّها حادثةٌ وليست بمخلوقةٍ لقيامها بالباري تعالى. قلتُ: وتساعِدُهُ اللغةُ. فإنَّه يُقالُ: إنَّ زيدًا مُتَّصِفٌ بالقيام، ولا يقالُ إنَّه خالقٌ له، فكذلك يقالُ: إنَّ اللَّهَ تعالى مُتَّصِفٌ بالنزول ولا يقال: إنه خَالقٌ له. وإليه جَنَح البخاريُّ رضي الله تعالى عنه وصرَّح أنَّ الله تعالى مُتَّصِفٌ بصفاتٍ حادثةٍ، غير أنَّ الشارحين أوَّلُوا كلامه.

16 - باب قيام النبى - صلى الله عليه وسلم - بالليل فى رمضان وغيره

قلتُ: ورُوي عن الأئمةِ الثلاثة بسندٍ صحيح في كتاب «الأسماءِ والصفات»؛ مَنْ قال: إنَّ القرآن مخلوقٌ فهو كافرٌ، ففيه دليل على أنهم قالوا بحُدُوث الكلامِ اللفظيّ، وأنكروا كونَه مخلوقًا. فإنَّ الكلامَ النفسيَّ قَدِيْمٌ، واللفظيَّ حادثٌ عندنا، وسيأتي تفصيله في آخر الكتاب. 16 - باب قِيَامِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِاللَّيْلِ فِى رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ قال عامَّة العلماء: إنَّ التراويحَ وصلاةَ اليل نوعانِ مختلفان. والمختار عندي أنهما واحدٌ وإن اختلفت صفتاهما، كعدم المواظبة على التراويح، وأدائها بالجماعة، وأدائها في أول اللَّيل تارةً وإيصالها إلى السَّحَر أُخرى. بخلاف التهجُّد فإنه كان في آخِر الليل ولم تكن فيه الجماعة. وجَعْلُ اختلافِ الصفات دليلا على اختلاف نوعيهما ليس بجيِّدٍ عندي، بل كانت تلك صلاةً واحدةً، إذا تقدَّمت سُمِّيت باسم التراويح، وإذا تأخَّرت سُمِّيت باسم التهجُّد، ولا بِدْعَ في تسميتها باسمين عند تغايُرِ الوَصْفَين، فإنَّه لا حَجْر في التغاير الاسمي إذا اجتمعت عليه الأُمةُ. وإنَّما يثبُتُ تغايُرُ النَّوْعَيْن إذا ثَبَت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أنه صلى التهجُّدَ مع إقامَتِهِ بالتراويحِ. ثُمَّ إنَّ محمدَ بن نَصْر وَضَعَ عدَّة تراجِمَ في قيام الليل، وكتب أنَّ بعض السَّلَف ذهبوا إلى مَنْع التهجُّد لِمَن صلَّى التروايح. وبعضُهم قال بإباحة النَّفْل المطلق فلَّ اختلافُهُم هذا على اتحادِ الصلاتين عندهم. ويؤيده فِعْل عمرَ رضي الله تعالى عنه، فإنَّه كان يصلِّي التراويحَ في بيته في آخِر الليل، مع أنه كان أَمَرَهم أن يؤدُّوهَا بالجماعةِ في المسجد، ومع ذلك لم يكن يدخُل فيها. وذلك لأنه كان يَعْلم أَنَّ عملَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كان بأدائها في آخِر الليل، ثُمَّ نَبَّهَهُم عليه قال: «إنَّ الصلاةَ التي تقومون بها في أول الليل مفضولةٌ عمَّا لو كُنتم تقيمونَها في آخِر اللَّيل». فجعلَ الصلاةَ واحدةً، وفَضَّل فيامَها في آخِر الليلِ على القيامِ بِهَا في أوَّلِ اللَّيل. وعامَّتُهُم لما لم يُدْرِكوا مُرَادَه جَعَلُوه دليلا على تَغَايُرِ الصَّلاتَيْن وزعموا أنهما كانتا صَلاتَيْن. ثُمَّ إنَّ التراويحَ لم يَثْبُت مرفوعًا أَزْيَدُ من ثلاثَ عشرةَ ركعةً إلا بطريقٍ ضَعِيْفٍ. لا أقول: إنَّها لم تكن في نفس الأمْر، بل إنَّما أنكِر النَّقْل عنه بطريق صحيحٍ، فبقي الحالُ مستورًا فيما زاد. فجاز أن يكونَ صلاها بالعددِ المشهور، وجاز أن يكونَ اقتصرَ على هذا القَدْر فقط، إلا أن الثابتَ عَنه هو ثلاثَ عشرةَ. نعم اتفقوا على ثُبوتها عشرينَ ركعةً عن عمر رضي الله عنه، وخَفَّف في القراءة، وكافأها بازدياد الركعاتِ فجعلها عشرينَ مكانَ العَشَرةِ. وهو الذي أراده الراوي عند مالك رحمه الله تعالى في «مُوطَّئه» (ص40) وكان القارىء يقرأُ بسورةِ البقرةِ في ثماني ركعات، فإذا قام بها في اثنتي عشرةَ ركعةً رأى الناسُ أنه قد خَفَّف اهـ. وفي «التاتاراخانية» (¬1): سأل أبو يُوْسُف أبا حنيفةَ رحمهما الله تعالى: هل كان لعمرَ رضي ¬

_ (¬1) وفي "البحر الرائق" نقلًا عن "الاختيار": أَن أَبا يُوسف سأل أبا حنيفةَ عنها. وما فعله عمر رضي الله عنه فقال: التراويحُ سُنَّةٌ مؤكدةٌ، ولم يخرجه عمرُ رضي الله عنه من تلقاءِ نَفْسه ولم يكن فيه مُبتدِعًا. اهـ. وفي "تاريخ الخلفاء" "أن عمرَ رضي الله عنه كَتَب في السَّنة الخامسةَ عشرةَ أَنْ تقامَ التراويحُ عشرينَ ركعة. وفي "فتح القدير": أَن الثمانية منها سُنَّةٌ مؤكدة وما بقي فمستحبٌ، ونحوه في "المِرْقاة" و"البحر".

اللَّهُ عنه عَهْدٌ من النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في عشرينَ ركعةً؟ فقال له أبو حنيفة رحمه الله تعالى: لم يكن عمرُ رضي الله عنه مُبْتَدِعًا. وبقي الوِتْرُ ثلاثَ ركعاتٍ كما كان. ثُمَّ إنَّ أئمةَ المذاهبِ الأربعة قَلَّدُوه على كونِ التراويح عشرينَ ركعةً. وَمَنْ زاد عليها جعلها نَفْلا مُطلقًا وحالا انفراديًا يصلِّيها الرَّجُلُ لنفسِه. أمَّا العِشرون فوضَعُوا لها الجماعةَ. 1147 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى رَمَضَانَ فَقَالَتْ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَزِيدُ فِى رَمَضَانَ وَلاَ فِى غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّى أَرْبَعًا فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّى أَرْبَعًا فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّى ثَلاَثًا، قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ. فَقَالَ «يَا عَائِشَةُ، إِنَّ عَيْنَىَّ تَنَامَانِ وَلاَ يَنَامُ قَلْبِى». طرفاه 2013، 3569 - تحفة 17719 - 67/ 2 1147 - قوله: (يُصلِّي أربعًا) ولا دليلَ فيه للحنفيةِ في مسألةِ أفضليةِ الأَرْبع، فإنَّ الإِنْصافَ خيرُ الأَوْصاف. وذلك لأنَّ الأَرْبع هذه لم تكن بسلامٍ واحدٍ، بل جمع الراوي بين الشفعين لِتَنَاسبٍ بينهما، نحو كونِهما في سلسلةٍ واحدةٍ بدون جلسة في البين، كالترويحة في التراويح، فإنَّها تكونُ بعد أرْبع ركعات. هكذا شرحه أبو عُمر في «التمهيد». وتشهدُ له رواثةٌ صريحةُ في «السنن الكبرى» (¬1) للبيهقي: «يصلِّي أربعًا ثُمَّ يتروح» ... إلخ. والحافظ رضي الله تعالى عنه مَرَّ عليه في موضعين ورآه كالجائزاتِ، وأخفى بهع صوتَه لأنه عَرَف أنه يفيدُ الحنفيةَ شيئًا، وقد عَلِمْتَ أنَّ عَمَله صلى الله عليه وسلّم إذا ثَبَت في الخارج بالتسليم بَيْنَهما، فلا تُمسُّك في هذا الإِجمال. قوله: (ثُمَّ يصلِّي ثلاثًا) ولفظ «ثُمَّ» للتراخِي، وكانت هذه الثلاثُ بسلامٍ واحدٍ عندي. ولو ثَبَت عندي سلامُهُ صلى الله عليه وسلّم بعد ركعتي الوِتْر لَحَملْتُ هذه الثلاثَ على التسليمتين أيضًا كما قلتُ في الأَرْبع ولكنَّه صلى الله عليه وسلّم لم يَرْكع بركعةٍ واحدةٍ قط، فلم تحتملِ التسليمَ في البين. والله يعلم أني لا أتبع الهوى. ولكني حكمت بما أراني ربيّ وهو العلمي الخبير. قوله: (تَنَامُ) إلخ .. ولعلها لم تعلم بعادتها في الوتر، فسألت عن نَوْمه قبل الوِتْر، فإنه ¬

_ (¬1) قلت: وهذا صورة إسنادها: أنبأ أبو علي الرُّوذَبَاري بطُوس: أنبأ أبو طاهر المحمد آباذي: حدثنا السري بن خزيمة: حدثنا الحسن بن بِشْر الكوفي: حدثنا المعافى بن عمران، عن المغيرة بن زياد المَوْصلي، عن عطاء، عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: "كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي أربعَ ركعاتٍ في الليل، ثُم يتروح، فأطال حتى رحمته. فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله قد غفر اللهُ لك ما تَقَدَّم من ذنبك وما تأَخر، قال: أفلا أكونُ عبدًا شكورًا؟ ". قال البيهقي تفرد به المغيرةُ بن زياد، وليس بالقويّ. وقوله: "ثُم يتروَّح"، إن ثَبَت فهو أَصْلٌ في تَروُّح الإِمام في صلاة التراويح. والله أعلم -ص (497) ج 2 - . قلتُ: لا بأس بضعف الرواية، فإنها تَكْفي لتعيين أَحَدِ المحتملات.

17 - باب فضل الطهور بالليل والنهار وفضل الصلاة بعد الوضوء بالليل والنهار

يخاف منه الفوات. فأجاب أنه تنام عيناهُ ولا ينامُ قَلْبُه، فلا يخافُ الفواتَ منه إن شاء الله تعالى. ثُم إنَّ صلاتَه صلى الله عليه وسلّم في الليل أيضًا كانت بعد النَوْم، إلا أن مَحَطَّ سؤالِها هو الوِتْرُ فقط. 1148 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِى شَىْءٍ مِنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ جَالِسًا، حَتَّى إِذَا كَبِرَ قَرَأَ جَالِسًا، فَإِذَا بَقِىَ عَلَيْهِ مِنَ السُّورَةِ ثَلاَثُونَ أَوْ أَرْبَعُونَ آيَةً قَامَ فَقَرَأَهُنَّ ثُمَّ رَكَعَ. أطرافه 1118، 1119، 1161، 1168، 4837 - تحفة 17308 1148 - قوله: (وإنَّ عينيَّ تَنَامَانِ) إلخ. وعندي هذه حكايةٌ عن حالته في اليقظة (¬1) وإن كان الناسُ حَمَلُوها على النوم. أعني أنَّ للأنبياءَ عليهم السلام عند التفاتهم إلى عالم القدس حالةً في اليقظة لا تعبر إلا به كما في «تنوير الحوالك» للسّيوطي رحمه الله في قصة الأَذان عن عبد الله بن زيد: أنه رأى المَلَكَ يؤذِّن بين النوم واليقظة. وسمَّاه نحوًا مِنْ الكشف. وذكر الشيخُ الأكبرُ رحمه الله تعالى أَنَّ ما يراه العوامُ في المنام يراه الأولياء في اليقظة فإذن هو أَمْرُ معنويُّ فهو في حالَي اليقظة والنوم سواء. 17 - باب فَضْلِ الطُّهُورِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَفَضْلِ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْوُضُوءِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ 1149 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ أَبِى حَيَّانَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِبِلاَلٍ عِنْدَ صَلاَةِ الْفَجْرِ «يَا بِلاَلُ حَدِّثْنِى بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِى الإِسْلاَمِ، فَإِنِّى سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَىَّ فِى الْجَنَّةِ». قَالَ مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِى أَنِّى لَمْ أَتَطَهَّرْ طُهُورًا فِى سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلاَّ صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِى أَنْ أُصَلِّىَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ دَفَّ نَعْلَيْكَ يَعْنِى تَحْرِيكَ. تحفة 14928، 2049 أ وهذه الترجمة أليقُ بأبوابِ الطهارة، إلا أنَّ المصنِّفَ وَضعها في الصلاة لكونه بصدَدِ إثبات تحية الوضوء. ثم إنَّ إدامة الطهور سميت بسلاح المؤمن، لأن الشيطانَ يأنس من النجاسات والألواث، ويَنْقِرُ من الطهارة. ولأنَّ المرءَ يأمن بَعْدَها عن فواتِ الصلاة: باللَّيل والنَّهار. ووَسَّع الشافعيةُ رحمهم الله تعالى فيها حتى أَجازوها في الأوقاتِ المكروهةِ أيضًا. ¬

_ (¬1) قال ابن العربي في "العارضة" ص (229) ج 2: (وهذا) بيانٌ لخروجِه - صلى الله عليه وسلم - من جملةِ الآدميين في أن نومَهُ ويقظَتَهُ سواءٌ في حِفْظ حاله، وصيانةِ عبادته. وذلك أن النومَ آفَةٌ يُسَلِّطُهَا اللهُ على العبد يخلعُ فيها السلطنةَ التي للنَّفْس على البدن، فيستريح من خدمتها في أغراضِها ويقطعُ تلك العَلاقة التي بينهما، فيبقى البدن مستريحًا، حتى إذا شاء اللهُ ربط العَلاقة باليقظة، ورَدَّ الاستشعارَ كما كان. فأخْبَر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن النومَ إنَّما يَحُل عينه لا قلبه، فإِن أحوالَه محفوظةٌ عنده، لا خصيصةَ خُصَّ بها كما بيناه. اهـ. قلت: لا ريبَ أن القاضي أوْضَحَه على أبْدَعَ وَجْهٍ غير أن ما ذكره الشيخ رحمه الله تعالى أحْسَن منه عندي، فإنه على تقريرِه تندفِعُ عنه الإيراداتُ بأسْرِها من نومه في ليلة التعريس، ونحوه والله أعلم.

18 - باب ما يكره من التشديد فى العبادة

وأما المصنِّفُ رحمه الله تعالى فلم يوسِّع هذا التوسيعَ، حيث حجر عن مطلقِ الصلاة عند طلوعِ الشمس، وألان الكلامَ فيما بعد العَصْر وبعد الصُّبْحِ. وقد علمتَ التفاصِيْلَ فيما مَرَّ. 18 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّشْدِيدِ فِى الْعِبَادَةِ 1150 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ فَقَالَ «مَا هَذَا الْحَبْلُ». قَالُوا هَذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ، حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ». تحفة 1033 1151 - قَالَ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَتْ عِنْدِى امْرَأَةٌ مِنْ بَنِى أَسَدٍ فَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَنْ هَذِهِ». قُلْتُ فُلاَنَةُ لاَ تَنَامُ بِاللَّيْلِ. فَذُكِرَ مِنْ صَلاَتِهَا فَقَالَ «مَهْ عَلَيْكُمْ مَا تُطِيقُونَ مِنَ الأَعْمَالِ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا». طرفه 43 - تحفة 17171 - 68/ 2 قالت طائفةٌ مِمَّن أدعوا العملَ بالحديثِ مِمْ غيرِ عِلْمٍ وعمل: إنَّ الاجتهادَ في العبادة بِدعَةٌ. قلت: فأين هم من قوله تعالى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17)} [الذاريات: 17]. كيف وَصَفَهم بالاجتهاد. ومِثْلَهُ غيرُ قليلٍ في القرآن، ودَعْوَى النَّسخ جَهْلٌ. وقد ورد في فَضْل إكثارِ العبادةِ والاجتهاد في العمل غَيْرُ واحدٍ من الأحاديث، مع الترغيبِ في القَصْد فِي العمل. وهذا الباب إينا يُشْكِلُ جَمْعُهُ على مَنْ لا يُرْزَقُ فَهْمَا سليمًا. واعلم أن وراء ذلك سرًا، وهو أنَّ الله تعالى خَلَق الناسَ على طبائعَ مختلفةٍ: فمنهم: مَنْ يكون قويَّ الهِمَّة قَوِيَّ العَمَل، فيعملُ بِأَخْذِ العزائم ويُعْرِضُ عن الرُّخَصْ، يُحِبُّ أن يستغرق أوقاتِهِ كلَّها في طاعة الله عز وجل، ويُنْفِقُ ماله حى يقومَ وما عنده شيءٌ ويُغازي في سبيله حتى يَفْقِد نَفْسه ومالَه. لكنَّ هؤلاء قليلون لو شِئت لعددتُهم على الأصابع. ومنهم مَنْ هو دون ذلك، فلا يستطيعُ أن يسيرَ سَيْرَه فيطلب في الدِّيْن فسحةً ورخصةً، وعلى قَدْر كل منهم جاءت الأحكامُ. غيرَ أنَّ عامةَ الناسِ كما قد سُيِّرت يَضْعُفونَ عن الأحكامِ الصعبةِ، فجاءت عامةُ أحكامِ الشرع أيضًا تُبنى على اليُسْر. ففرَضَ عليهم في اليوم والليلة خَمْسَ صلواتٍ فحسب. وأُبيح لهم جَمْعُ قِنطار من الأموال بعد أداءِ الزكاةِ، وجُعِلَ لأنفسِهم وأعينِهم وزوَّارهم حَقٌّ، فلم يَرغَبوا إلا بصوم داودَ. ولما كان خيرُ الأعمالِ ما ديم عليه نُهوا عن الإِكثارِ في العبادةِ والاجتهاد في العمل فوقَ ما يُطِيْقُون، لئلا يَفْتُروا، فإنَّ إثْرَ كلِّ شرة فترة. كيف وقد كان مُعَلِّمَا للأجلافِ والأَعرابِ، فشرَع لهم من الدِّين ما تَيسَّر لهم، ولم يكلِّفْهم إلا بما يُطِيقون، ولم يرغِّبْهم إلا بما تُرجى الإدامةُ منهم عليه، فقال: «لن يشادَّ الدِّيْنَ أَحدٌ إلا غَلَبَه». أو كما قال - أي كأنَّ في الدِّين أحكامًا لو شاء

الرَّجلُ أن يأخذَ بِكُلِّها عَجَز، فسدِّدُوا وقارِبُوا، فكان هذا ضربًا من التعليم، ونحوًا من البيان، ولا يريدُ به الذَّمَّ على مَنْ جعل نَفْسه لله وجعل دُنْياه وراءَ ظهره. فدع العباراتِ وخُذْ بالمرادِ، فإنَّ ذلك سبيلٌ السداد. ومَنْ لا يراعِي أساليبَ الكلامِ يختبِطُ بكلِّ وادٍ. مِنْ أجلِ ذلك خَبَطُوا فِي مراد غير واحدٍ من الأحاديث: منها ما في «المشكاة»: «إذا سلط عليكم أمراءُ ظلمةٌ فلا تدعوا عليهم وأَصلحوا أنفُسَكم، فاإنَّكم كما تكونون كذلك يُؤمَّرُ عليكم». - بالمعنى - فسبق إلى بعضِ الأوهام أَنَّ في الحديثِ نهيًا عن الدعاء على الأمراء ولو كانوا ظالمين، ولم يفقهوا أنه ضَرْبٌ من البيان، ونَوْعُ من العُنوان فقط. والغَرَضُ منه توجِيهُ الناسِ إلى أَمْرٍ أَهمَّ منه. فإنَّ الإنسانَ في سجيته أَنه إذا ابْتُلِي بِأَمْثَالِ تلك المظالمِ يذهل عن أحوالِ نَفْسه، ويجعلُ الدعاءَ على الظالم وظيفتَهُ. فَوَجَّههِ الشَّرْعُ إلي أَمْرٍ قد يكونُ غَافِلا عنه في هذا المَوْضِع مع كونه أَهَمَّ، وهو إصلاحُ أحوالِ نَفْسهِ أيضًا. وعلَّمهم أنَّ الاشتغالَ بإِصلاحِ أعمالهم أَقْدَمُ وأَهَمُّ من الدعوة عليهم فقط. فإنَّها ماذا تُغني عنهم إذا كانوامشغوفين بالأَهواء واللذائذ، فأَوْلى لهم بهذا العذاب، ثُمَّ أولى لهم. فالأصلُ النافع لهم أَنْ يقدِّمُوا ما ذهلوا عنه رَأَسًا إلى إصلاحِ النَّفْس، وأن يُؤخِّرُوا ما جعلوه بمرأى أعينُهم، أي الدُّعاء عليهم. فالحديث لم يَرِد في ذمِّ الدعاءِ عليهم، بل في ذَمِّ ذهولِهم عما كان أنفعَ لهم وأهمَّ، وكان ذلك نَحْوَ تعبيرٍ لهم لهذا المَقْصد في غاية الفصاحة والبلاغة فلم يدرِكوه، وعَضُّوا بالألفاظ فلم يُوَفَّقوا لإِدراك المراد. وذلك لأنَّ فيه تنزيلَ شيءٍ ليس له عبارةٌ في نَظَر الشَّارع مَنْزِلَةَ العدم. وإنَّما احتاجَ إلى هذه العنايةِ ولعبادتِهم بتلك الجهةِ، وذهولِهم عن الأهمَّ الأَقْدَم. ومن هذا الباب ما روي فِيْمَن صلَّى التهجُّدَ ثُمَّ تَرَكَه أَنَّه لو لم يُصلِّه لكان أَحْسَنَ بالمعنى جَعَلَه الناسُ أيضًا معركةً لِبَحْثِهم في فَضْل مَنْ تهجَّدَ ثُمَّ تَرَكه، ومَنْ لم يتهجَّد رأسًا، وما ذلك إلا لعدم عنايتِهم بأنحاء الكلام، وفَهْم المَرَام. ولو تَفَحَّصُوا فيه لعلموا أن في الحديثِ تأكيدًا أكيدًا للتهجُّد، وليس فيه المفاضلة بين هذين، ولا حرف. فهو كقول الأستاذ لتلميذه عند تأديبه: لو أنك ما تعلمت كان خيرًا لك، فكما أن كلَّ أحَدٍ يعلم أنه ليس فيه تحريضٌ على عدمِ تَعَلُّمِه، بل فيه تأكيدٌ لِتَعَلُّمِ حَقَّ التعلم. كذلك في قَوْل النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ليس فيه بيانُ المفضوليةَ مَنْ تهجَّد ثم تركه، بل فيه ترغِيبٌ وتحريضٌ لِمَن أَدَامَ عليه، وتعنِيفُ وتعبيرٌ على مَنْ صَلاهُ ثُمَّ تَرَكَه. ومِنْ هذا القبيل قولهُ صلى الله عليه وسلّم «مَثَلُ أُمْتِي كَمَثَلِ الْمَطَر، لا يُدْرى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَم آخِرُهُ». فحمله بَعْضٌ مِنْ الكبار على ظاهره، وجَوَّز فَضْلَ بَعْضٍ مَنْ يأتي من أمته على بعضِ الصحابة رضي الله عنهم، مع أَنَّه ضَرْبُ مَثَلٍ لِبيانِ الخيريةِ في جميع أُمَّتِهِ على حَدِّ قوله: *تَشَابه يومًا بأسُهُ ونوالُهُ ... فما نحن ندرِي أيّ يوميه أَفْضَلُ *أيوم نداه الغُمْر أم يوم بأسِه ... وما منهما إلا أَغَرٌّ مَحَجَّلُ وبالجملة كثيرًا ما يُساق الحديثُ على مجرى محاوراتِ الناس ومخاطباتهم. ومَنْ يذهلُ عن أساليب الكلام وأنواع الخطابات يَعَضُّ بالألفاظ، فيقع في الأغلاط. فإنَّما عَنَى من النَّهي

19 - باب ما يكره من ترك قيام الليل لمن كان يقومه

عن الإِكثار في العبادةِ والاقتصادَ في العَمَل، لئلا يكونَ من بابِ طَلَبِ الكُلِّ فَوْت الكُلِّ، وأَمْعِن النظر في قوله: «إنَّ اللَّهَ لا يَمَلُّ حتى تَملُّوا» تجد المعنى فيه ما ذكرنا، فافهم واستقم (¬1). ثُمَّ في الحديث: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان له خشبٌ يتكىءُ عليه في الصلاة إذا عَيي». فثبت منه جوازُ الاتكاء في النافلة، وبه قلنا. وفيه ما يدُلُّ على طولِ قيامِه أيضًا. 19 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ تَرْكِ قِيَامِ اللَّيْلِ لِمَنْ كَانَ يَقُومُهُ 1152 - حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا مُبَشِّرٌ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا عَبْدَ اللَّهِ، لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلاَنٍ، كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ». أطرافه 1131، 1153، 1974، 1975، 1976، 1977، 1978، 1979، 1980، 3418، 3419، 3420، 5052، 5053، 5054، 5199، 6134، 6277 - تحفة 8961 وَقَالَ هِشَامٌ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى الْعِشْرِينَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى عَنْ ¬

_ (¬1) يقول: العبد الضعيف: والذي فَهمته من تقريره هذا أنه كم من أشياءَ يحبُّها اللهُ تعالى ثم لا يأمرُ بها بل ينهى عنها لمصلحةٍ، كما أن كثيرًا من الأشياء تكونُ مبغوضة عند الله تعالى ثُم لا يَنْهى عنها. أما الثاني فكالطلاق، فإِنه أبغضُ المباحاتِ عند الله تعالى ومع ذلك أباحَه تعالى ولم يحرِّمه على الناس لمصلحةٍ، فإِن الرجل قد يحتاج بل قد يضطرُ إلى التفريقِ فجعل له سبيلًا، وهو الطلاق، وكالغناء حيث كانت جاريتان تغنيان بين يَدَي النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو متغش وَجْهه بثوبه. ففي تغشيه أيضًا بيانا لعدم رضائه، وفي عدم نَهْيه صراحة تقريرٌ لإباحته في الجملة، وتقريره في موضعه مشهورٌ وسيرد عليك بَعْضُه في هذا الكتاب أيضًا إن شاء الله تعالى. وأما الأَوَّلُ فَكَصَوْم الدَّهر وختم القرآن في ليلة مثلًا، فإِنه لا ريب في كونهما عبادتَين، غير أن الشرع لم يحرض عليهما بل نهى عنهما، وفي هذا الباب صوم الوصال وإحياء الليالي فإنه مما تضعف عن حَمْلِه بُنيةُ البشر، فإِنَّ الإِنسانَ خُلِق ضعيفًا. ولذا كان بناء الدِّين على اليُسْر، نعم يُعلم من عَرْض كلامه كونُ تلك الأشياءِ واقعةً في أقصى مراتب الرضاء، ولذا كان بعضُ الصحابة رضي الله عنهم يواصلُ، كعبد الله بن الزبير، وأبي بكر رضي الله عنهما. وجَعَل صوم الدَّهر مجعل المشبه به في الفَضْل فقال. "صُم مِن كل شَهْر ثلاثةً، فإِذا أنت قد صُمْتَ الدَّهْر". أو كما قال: ألا ترى أن الله تعالى لم يجعل الوضوءَ فَرْضًا عند كل صلاة، لكن ابن عمر رضي الله عنه كان يرى أن به قوة فكان يتوضأ لكل صلاة. وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لولا أن أشُقَّ على أمتي لأمرتهم بالسِّواك". وكذلك غَضِب النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على الأَقْرع بن حابِس حين قال في الحج: "أفي كل عام يا رسولَ الله؟ ثم قال: لو قلت نعم لافترض عليكم ثُم لم تستطيعوا". أو كما قال ثُمَّ حَرض على ذلك أيضًا في غيرِ واحدٍ من الأحاديث، فقال: "تابعوا بين الحج والعُمْرةِ". فلا ريبَ أن الحجَّ في كل سنةِ عبادةٌ عظيمة. وكذلك صومُ الدَّهر وأخواته إلا أنَّه نهى عنها لأن الزمان زمانُ نزول الوحي، والناس في شَغَف بالعبادة غير مفترين. فلو أقرَّهم على ذلك لأمكن أن يُفْتَرض عليهم فيضعفوا عن حَمْله. كما أنه لم يخرج إليهم بعد الليلة الثالثة في قصة صلاتِه في رمضان خشيةَ أن تُكتَب عليهم، وهذا الذي عناه عمرُ رضي الله عنه -والله تعالى أعلم-: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُحِب الجماعةَ فيها، ثُم تركها لمصلحةٍ. ولما ارتفعت خشيةُ الافتراض بعده - صلى الله عليه وسلم - أعادها إلى هيئتها التي عَلِم من حُبِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إيَّاها كما فعلته الأمة في صوم التاسع والعاشر. وكما فعله عبدُ الله بن الزبير رضي الله عنه في جَعْل البابين للكَعْبة المشرَّفة. والله تعالى أعلم بالصواب.

20 - باب

عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ مِثْلَهُ. وَتَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ أَبِى سَلَمَةَ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ. تحفة 8961 20 - بابٌ 1153 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى الْعَبَّاسِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ» قُلْتُ إِنِّى أَفْعَلُ ذَلِكَ. قَالَ «فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ عَيْنُكَ وَنَفِهَتْ نَفْسُكَ، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ حَقٌّ، وَلأَهْلِكَ حَقٌّ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ». أطرافه 1131، 1152، 1974، 1975، 1976، 1977، 1978، 1979، 1980، 3418، 3419، 3420، 5052، 5053، 5054، 5199، 6134، 6277 - تحفة 8635 وفيه محمد بن مقاتِل، وهو تمليذُ ابن المبارَك من الحنفيةِ، كذا قاله الحافظ ابنُ تيميةَ رحمه الله تعالى. 1153 - قوله: (هَجَمَتْ عَيْنُكِ) أن كهين دهنس جائينكى. قوله: (نَفِهَتْ نَفْسُك) نفس جور هوجا ويكا. وحاصل الكلام: أنَّ الكمال ليس في الاجتهاد فقط، بل في رعاية الحقوقِ ومراعاةِ الجوانب. فعَلَّمه أن يعملَ بما هو الأعلى والأَوْلى. ومن الطبائع النازلة مَنْ يَعُدُّ الكمالَ في سهر الليالي وصيامِ الدَّهْر فقط وإن فاتَت عنه الحقوقُ. 21 - باب فَضْلِ مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى 1154 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ قَالَ حَدَّثَنِى جُنَادَةُ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ حَدَّثَنِى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ. الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى. أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاَتُهُ». تحفة 5074 1155 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى الْهَيْثَمُ بْنُ أَبِى سِنَانٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - وَهُوَ يَقْصُصُ فِى قَصَصِهِ وَهُوَ يَذْكُرُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ أَخًا لَكُمْ لاَ يَقُولُ الرَّفَثَ. يَعْنِى بِذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ: *وَفِينَا رَسُول اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ ... إِذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنَ الفَجْرِ سَاطِعُ *أرَانَا الهُدَى بَعْدَ العَمى فَقُلُوبُنَا ... بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ ما قالَ وَاقِعُ *يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ ... إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالمُشْرِكِينَ المَضَاجِعُ

تَابَعَهُ عُقَيْلٌ. وَقَالَ الزُّبَيْدِىُّ أَخْبَرَنِى الزُّهْرِىُّ عَنْ سَعِيدٍ وَالأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه. طرفه 6151 - تحفة 14804، 13257، 13960 - 69/ 2 1156 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما قَالَ رَأَيْتُ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - كَأَنَّ بِيَدِى قِطْعَةَ إِسْتَبْرَقٍ، فَكَأَنِّى لاَ أُرِيدُ مَكَانًا مِنَ الْجَنَّةِ إِلاَّ طَارَتْ إِلَيْهِ، وَرَأَيْتُ كَأَنَّ اثْنَيْنِ أَتَيَانِى أَرَادَا أَنْ يَذْهَبَا بِى إِلَى النَّارِ فَتَلَقَّاهُمَا مَلَكٌ فَقَالَ لَمْ تُرَعْ خَلِّيَا عَنْهُ. أطرافه 440، 1121، 3738، 3740، 7015، 7028، 7030 - تحفة 7514 1157 - فَقَصَّتْ حَفْصَةُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِحْدَى رُؤْيَاىَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ». فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ - رضى الله عنه - يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ. أطرافه 1122، 3739، 3741، 7016، 7029، 7031 - تحفة 15803 1155 - قوله: (وفِيْنَا رَسولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابِهُ) ... إلخ. وتفصيلُ الواقعة أن عبد الله بِنَ رَوَاحةَ جامع مرةً أَملا مِنْ إمائه، فغارت عليه زوجتُهُ وأرادات أن تقتُلَه، فأنكر عبدُ الله أن يكونَ جامعها. وقال: إنِّي أقرأُ القرآنَ. فأنشأ هذه الأبياتِ بداهةً. ولم تكن تعلمتِ القرآنَ فحسِبْتهُ قرآنًا. فقالت: صَدَّقْت كلامَ اللَّهِ وكذَّبْتُ عيني. ولما بلغَ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قِصَّتهُ ضَحِك. أخرجها الدارقطني مفصلة (¬1). قلتُ: وفيها حُجَّةٌ على شهرةِ أَمْر الجُنُب عندهم بأنه لا يقرأُ القرآنَ، حتى كان يعرِفُه مَنْ قرأ القرآنَ، ومَنْ لم يقرأ، وقد مر معنا الاستدلالُ بها على خلاف البخاري رحمه الله تعالى. 1156 - قوله: (كأَنَّ بِيَدِي قِطْعَةَ إِسْتَبْرَقٍ) إلخ. أي مكان الجناحين. قوله: (أَنْ يَذْهَبا بي إلى النار) أي لاراءة شأْنِها. ¬

_ (¬1) أخرج الدارقطني ص (44) ج 1 - عن سلمة بن وَهْرام، عن عِكْرمة قال: كان ابنُ رواحةَ مُضطجِعًا إلى جنب امرأتِه. فقام إلى جاريةٍ له في ناحيةِ الحُجْرة فوقع عليها. وفَزعَت امرأتُه فلم تجدْهُ في مضجعه. فقامت وخرجت فرأتْهُ على جاريتِهِ، فرجعت إلى البيت فأخذت الشفرة، ثم خرجت. وفَرَغ فقام، فلقيها تَحْمِل الشفرةَ فقال: مَهْيَم، فقالت: مهيم، لو أدركتُك حيث رأيتُك لوجأتُ بين كتفيك بهذه الشفرةِ. قال: وأين رأيتِني؟ قالت: رأيتُكَ على الجاريةِ فقال: ما رأيتِني، وقد نهى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يقرأ أحدُنا القرآنَ وهو جُنُب. قالت: فاقرأ فقال: * أتانا رسولُ اللهِ يَتلُو كتابَه ... إذا انشق معروفٌ من الفجْر ساطع * أرانا الهُدَى بعد العَمى فقلوبُنا ... به موقناتٌ أنَّ ما قال وَاقعُ * يَبيتُ يجافي جَنْبَهُ عن فراشِه ... إذا استثقلتْ بالمشركين المَضَاجِعُ فقالت: آمنت بالله وكذبْت البَصَر. ثم غَدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَأَخبَرَه، فَضَحِك حتى بدت نواجِذُه - صلى الله عليه وسلم - ... إلخ. قلت: وسَلَمة بن وَهرام وَثقه ابن مَعين، وأبو زرْعة. وضَعَّفه أبو داود كما في هامشه.

22 - باب المداومة على ركعتى الفجر

1158 - وَكَانُوا لاَ يَزَالُونَ يَقُصُّونَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الرُّؤْيَا أَنَّهَا فِى اللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَتْ فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيْهَا فَلْيَتَحَرَّهَا مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ». طرفاه 2015، 6991 - تحفة 7563 أ والرَّجُل إذا تعارَّ مِن الليل يسبقُ منه اللَّغَطُ والسُّخْط فأَصْلَه الشَّرْع وجَعَل مكانَه هذا الذِّكْر. 1158 - قوله: (قد تَواطَتْ في العَشْر الأواخِرِ) أي في كونِ ليلةِ القَدْر فيها. واعلم أَنَّ الشَّارِحين جُمْلَتهم ذهبوا إلى أنَّ القيامَ المشروعَ لحال ليلة القَدْر إنَّما هو في أَوْتارِ العَشْر الأواخِر فقط. وقد تبينَ لي كَوْنُهُ في جميع العَشْر وإن كانت ليلةُ القَدْر في الأَوتار فقط. ولذا سُنَّ الاعتكافُ في العَشْر كُلِّها، وهو مرادُ الأحاديث عندي إن شاء الله تعالى وإن لم يذهبْ إليه أحدٌ ثُم لا يخفى عليك أني لا أخالفهم في باب المسائل بحيث يُوجِب اختلافًا في عملٍ أو اعتقادٍ، وإنما أَذكرُ التوجهياتِ والمحامِل للأحاديثِ على نحو ما يُفْهِمني رَبِّي. فلا ترم بي أني أخالِفُ السَّلفَ أو أساميهم في شيء. فإِنَّ المُعْتَقَد ما اعتقدوه، والسبيلَ ما سَلَكُوه، والأحكامَ ما أسَّسوها، والفروعُ ما فروعها. بيد أنَّ الرجلَ إِذ يَسْنَح له أَمْرٌ مما لا يجب فيه تقليدُهم يبوح به. وبعد فما أُريدُ منه إلا الإصلاح ما استطعت وإنما المَقْبُوح مَنْ خالفهم في مسائلهم، أو اخترع سُنَّة غَيْرَ سُنَّتهم، أو نهج غَيْرَ منهجهم. فذلك أَمْرٌ مما نستعيذُ منه بربِّنا الكريم. 22 - باب الْمُدَاوَمَةِ عَلَى رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ 1159 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ - هُوَ ابْنُ أَبِى أَيُّوبَ - قَالَ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْعِشَاءَ ثُمَّ صَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ وَرَكْعَتَيْنِ جَالِسًا وَرَكْعَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءَيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ يَدَعُهُمَا أَبَدًا. طرفه 619 - تحفة 17735 ومَنْ ههنا ذهب الحَسَن البصري رحمه الله تعالى إلى وجوبها، وهو رواية عن أبي حنيفةَ رحمه الله تعالى أيضًا. قوله: (ثمان ركعات) والعجب من الراوي حيث ترك فيه ذِكْرَ الوِتْر مع كونِه دعامةً في أحاديث صلاة الليل. وهو مذكورٌ عند أبي داود في هذه الرواية بعينها: «وركعتين جالسًا». وهاتان الركعتان ليستا عند البخاريّ رحمه الله تعالى في غير هذا الموضع. ولكنَّه لم يترجم عليهما لأنه لم يذهب إليهما. وتردَّد فيها مالك رحمه الله تعالى أيضًا كما مرّ، مع أن الأحاديثَ قد صحَّت فيهما. بقي أن الجلوسَ فيهما اتفاقي أو قصدي؟ فاختار النووي رحمه الله تعالى الأول. وعندي المختار هو الثاني لأنهما لم تَثْبُتا عنه قائمًا قط. فَحَمْلُ فِعْله في جميع عُمُرِه على الاتفاق مما يصادِمُ البداهةَ، وإذن هو قَصْدي، وقد مَرَّت نكتتُه مِن قبل.

23 - باب الضجعة على الشق الأيمن بعد ركعتى الفجر

1159 - وقوله: (ولم يَكُنْ يَدَعْهُما) ولم يَثْبُت (¬1) عند ركعتي الفَجْر في غزوة تبوك حِين أَمَّهُ عبدُ الرحمن بنُ عوف. قلت: وهو يفيدُنا، فنحن نقول: لعلَّه صَلاهُما بعد الطلوع. 23 - باب الضِّجْعَةِ عَلَى الشِّقِّ الأَيْمَنِ بَعْدَ رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ 1160 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا صَلَّى رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ. أطرافه 626، 994، 1123، 1170، 6310 - تحفة 16396 - 70/ 2 نسب إلى إبراهيم النَّخَعِي أنه ذهب إلى كونِها بدعةً، قلت: مرادُه التوغلُ والمبالغةُ فيها كالاضطجاع (¬2) في المسجد، فإِنَّه صلى الله عليه وسلّم كان يضطجِعُ في بيته، قال الشافعي رحمه الله تعالى: إنَّه كان للفَصْل، فلو جاء أَحدٌ إلى المسجدِ حصل الفَصْلُ أيضًا. وبالجملةِ هو جائزٌ وليس مطلوبًا إلا أن يفعلَها اتِّباعًا له صلى الله عليه وسلّم. 24 - باب مَنْ تَحَدَّثَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَضْطَجِعْ 1161 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا صَلَّى {سُنَّةَ الْفَجْرِ} فَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِى وَإِلاَّ اضْطَجَعَ حَتَّى يُؤْذَنَ بِالصَّلاَةِ. أطرافه 1118، 1119، 1148، 1168، 4837 - تحفة 17711 وكَرِهَهُ الحنفيةُ رحمهم الله أيضًا. حتى قال بعضهم: إنه لو تكلم بعد سُنَّة الفجر يعيدُها. ورأيت في «المدونة» أن مالِكًا رحمه الله تعالى بعد سُنَّةِ الفَجْر لم يكن يَنْحَرف عن القِبْلةِ حتى يصلِّي الفَرْض، ولم يكن يتكلم بينهما. وقد مر معنا أنه أَمْرٌ مطلوبٌ بلا مرية، إلا أنه لا وَجه لعدم الجواز فتذكره. نعم لا قياسَ على كلامِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فإِنَّ أفعالَه كلَّها كانت عِبادةً. 25 - باب مَا جَاءَ فِى التَّطَوُّعِ مَثْنَى مَثْنَى وَيُذْكَرُ ذَلِكَ عَنْ عَمَّارٍ وَأَبِى ذَرٍّ وَأَنَسٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعِكْرِمَةَ وَالزُّهْرِىِّ - رضى الله عنهم -. ¬

_ (¬1) قلت: روى أَبو داود ص (21) في باب المسح على الخفين في قصة إمَامَتِه: فلما سَلَّم قام النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى الركعةَ التي سبق بها ولم يزد عليها شيئًا، وحَمَله أبو داود على نفي سجدتي السَّهْو. وحينئذٍ ليس فيه ما ذكره الشيخ. وحَمَله الشيخُ رحمه الله تعالى على نفي سُنة الفجر. وحينئذٍ فيه دليل على أنها لا تُقْضى بعد صلاةِ الفَجْر قبل الطلوع، لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يَقْضِهِما. (¬2) قال ابن المَلَك: هذا أمرُ استحباب في حَق مَن تهجَّد بالليل. وفي "المِرقاة": فينبغي إِخفاؤه وفِعْلُه في البيت لا في المسجد على مَرأى الناس. ونقل ابن العربي في "العارضة" ص (230) ج 2: إِنَّ أَحمد بنَ حنبل رحمه الله تعالى مع مواظبتِه على قيام الليل كان لا يَفْعَله ولا يمنعُ مَنْ يفعلهُ. وكان يكرهُها ابنُ عمر رضي الله عنه وجماعةٌ من الفقهاء، وبلغني عن قومٍ لا معرفةَ عندهم أنَّهم يوجبونَها. وليس له وَجْهٌ، لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنما رأتْهُ عائشةُ رضي اللهُ عنها يَفعَلْهُ ولم يرَهُ غَيْرُها. ولو رآه عشرَةٌ في عشرةِ مواطنٍ ما اقتضى ذلك أن يكونَ واجبًا في كل موطن اهـ.

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِىُّ مَا أَدْرَكْتُ فُقَهَاءَ أَرْضِنَا إِلاَّ يُسَلِّمُونَ فِى كُلِّ اثْنَتَيْنِ مِنَ النَّهَارِ. اختار مذهب الشافعي رحمه الله تعالى. واختار الطحاوي رحمه الله تعالى مَذْهب الصاحبين، وهو الأَقْوى دليلا عندي. ثم اعلم أن اختلافَ أفضليةِ الأربع والمَثْنَى فيمَن أراد أَنْ يصلِّي الأربعَ فما فَوْقها أنه بسلامٍ واحدٍ أو بسلامين. أَمَّا مَنْ أراد مِن أول الأمر أن لا يأتي إلا بِشَفْع فقط فلا اختلاف فيه. وحينئذٍ فَتَمَسُّك المصنِّف رحمه الله تعالى بنحو تحيةِ الوضوءِ، وصلاةِ الاستخارة وغيرِها في غيرِ مَوضعه، فإِنَّه مِمَّا لا نِزَاع فيه لأَحد. قوله: (وقال يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ): وهو تابعي صغير قاضي المدينة. قلت: وعن يحيى بنِ سعيدٍ هذا ما يعارضُه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه بسندٍ صحيح: «أنه رآه يصلِّي أربعًا قبل الظهر بسلام واحدٍ». وعن عائشةَ رضي الله تعالى عنها - في البخاري - في باب الركعتين - ص 157 ج 1 - قبل الظهر: «أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان لا يَدَعُ أَرْبعًا قبل الظُّهْر». وهو عندي بسلام واحد. وأقرَّ ابنُ جرير أنَّ أكثرَ عملِهِ صلى الله عليه وسلّم كان على الأربع. قلت: وقد ثَبَت عنه صلى الله عليه وسلّم الركعتان قبلها أيضًا، فإِنكارُه شطط. وقولها: «كان لا يدع» إلخ لا ينفي ما قلنا، لأن هذا التعبيرَ يُستعمل فيما يغلِبُ وجودُه أيضًا، فالاستمرارُ فيه عُرْفِي. ومِنَ النَّاسِ مَنْ جعلَهُ دليلا على نَفْي الركعتين، فاضطر إلى حَمْل أحاديثِ الركعتينِ على صلاةٍ أُخْرى غير سُنةِ الظهر. والأقربُ عندي أنه ثَبت عنه كِلا الأَمْرين، وأنه كان الأَكثرُ هو الأَرْبعَ، كما أقَرَّ به ابنُ جَرِير رحمه الله تعالى. 1162 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى الْمَوَالِى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمُنَا الاِسْتِخَارَةَ فِى الأُمُورِ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ «إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِى فِى دِينِى وَمَعَاشِى وَعَاقِبَةِ أَمْرِى - أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِى وَآجِلِهِ - فَاقْدُرْهُ لِى وَيَسِّرْهُ لِى ثُمَّ بَارِكْ لِى فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِى فِى دِينِى وَمَعَاشِى وَعَاقِبَةِ أَمْرِى - أَوْ قَالَ فِى عَاجِلِ أَمْرِى وَآجِلِهِ - فَاصْرِفْهُ عَنِّى وَاصْرِفْنِى عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِى الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أَرْضِنِى - قَالَ - وَيُسَمِّى حَاجَتَهُ». طرفاه 6382، 7390 - تحفة 3055 1163 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِىِّ سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ بْنَ رِبْعِىٍّ الأَنْصَارِىَّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّىَ رَكْعَتَيْنِ». طرفه 444 - تحفة 12123

1164 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ. أطرافه 380، 727، 860، 871، 874 - تحفة 209 - 71/ 2 1165 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ. أطرافه 937، 1172، 1180 - تحفة 6883 1166 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَخْطُبُ «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ - أَوْ قَدْ خَرَجَ - فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ». طرفاه 930، 931 - تحفة 2549 1167 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَكِّىُّ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ أُتِىَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - فِى مَنْزِلِهِ فَقِيلَ لَهُ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ دَخَلَ الْكَعْبَةَ قَالَ فَأَقْبَلْتُ فَأَجِدُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ خَرَجَ، وَأَجِدُ بِلاَلًا عِنْدَ الْبَابِ قَائِمًا فَقُلْتُ يَا بِلاَلُ، صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْكَعْبَةِ قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ فَأَيْنَ قَالَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الأُسْطُوَانَتَيْنِ. ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِى وَجْهِ الْكَعْبَةِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَوْصَانِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِرَكْعَتَىِ الضُّحَى. وَقَالَ عِتْبَانُ غَدَا عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - بَعْدَ مَا امْتَدَّ النَّهَارُ وَصَفَفْنَا وَرَاءَهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ. أطرافه 397، 468، 504، 505، 506، 1598، 1599، 2988، 4289، 4400 تحفة 2037، 7400 1162 - قوله: (فَلْيَرْكَع رَكْتَين مِن غَيْرِ الفَرِيضَةِ) وهي صلاة الاستخارة، وقد عَلِمت أنها لا تقومُ حُجةً على الحنفية رحمهم الله تعالى أصلا، وكذا الأبواب بعده كلّها، فإِنَّه فيما أُريدَ فيه الركعتانِ مِن بدء الأمر إِلا في بعضِ المواضع، وسيجيء. 1162 - قوله: (عَاجِل أَمْري وآجِلِه) إلخ. والمشهور الآن أن يجمع بين الألفاظِ الخمسة. «ويُسَمِّي حَاجَتَه «. وهذا أصلُ ما يكتبون الأسماء في العُوَذَة. ثُمَّ إنَّ الموعودَ (¬1) بعدها أنَّ اللَّهَ تعالى يَقْدِرُ ¬

_ (¬1) واعلم أنه قد نَبَّه العلماءُ قديمًا وحديثًا على أنه لا يُشترط في الاستخارةِ أنْ يرى المستخيرُ رُؤيا أَو يكلِّمه مُكلم، أو يُلْقي في رَوعه شيءٌ. ولكن اللهَ تعالى يُحدثُ في قلبه جنوحًا وميلًا إلى جانب، يَنشَرِحُ بعده صَدْرُه، ويستقر عليه رأيُه فيختارُ الجانِبَ الذي إليه عَطْفُه ومَيْلُه. ثم إنَّ المرَء ربما لا يجدُ في نَفْسه جنوحًا ولا انشراحًا إلى جانبٍ بَعْدَ الاستخارات أيضًا، وحينئذٍ ماذا يفعل؟ فهذه عُقدةٌ لم يَحُلّها العلماءُ، ولم يتعرض لها الفضلاءُ، وبعبارةٍ أُخرى أَنه قد يُتوهَّم من كلماتِ القَوْم أنَّ في حديثِ الاستخارة وَعْدًا بِجُنوح القَلْب وميلانِه إلى جانِب، مع أن المستخيرَ قد يفقِدُه أيضًا ولا يجد فيه مَيلًا إلى جانب أصلًا، فإِذَن ماذا يكون مرادُ الحديث؟ ولعُمْري كانت تلك داءَ ما كنت أجد له رُقيا، إذ كنت جالسًا يومَ الجمعة إلى حضرةِ الشيخِ المُفَسِّر المحدِّث علامة العصر =

له الخَيْرَ، وذلك كان دعاءه. لا أَنَّه يرى رُؤيا، أو يُكلِّمه مُكلِّم وإن أمْكِن ذلك أيضًا. ¬

_ = مولانا الهمام شِبير أحمد متعنا الله بطولِ بقائه على مرور الليالي ومضي الأيام. فرأيته يَفِيضُ العلومَ على مَن حضر من العلماء على دأبه بعد الجُمعات، فكان من حديثه يومئذٍ تلك المسألةُ فخاضَ فيها وأطال الكلامَ وأسهب، فوجدت منه لعطشي ريًّا، ولدائي دواءً، ولصدري شفاء، فأردت أَن أبلغ مِن كلماتِه تلك إلى مَن لم يحضروه، فإن للغائبِ على الشاهد حقا، فَربَّ مبلغ أوعى من سامع. ولعله يكون من المئين واحدٌ قد عني بتلك المعضلة وقاساها، فينظر إلى تلك الكلمات ويقدر قدرها ويصلني ولو بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاةَ لمن لم يقرأ بها. فها أنا ذا أقولُ على ما فهمت مِن كلامه وَوَعَيت عنه، أنه لا وَعد في الحديث بجنوح القلب ولا بالانشراح، ولو كان كذلك لَعَلمه فيه أن يدعو رَبَّه بأن يصرِفَ الله قلبه إلى الأَصلحِ وليس فيه ذلك. والذي فيه دعاؤه أن يَصرِفَ عنه السوء هو، وَيقدِرُ له الخيرَ هو حيث كان. ومعنى قوله: واصرفني عنه، أي فيما كان له جنوح إليه وطمع فيه. ومعنى قوله: واصرفه عني، أي إذا لم يكن له ذلك. فالصرف والتقدير كلاهما من فِعل الجَبَّار يفعل هو كيف يشاء، أمَّا فِعْل العَبد فليس إِلا الدعاء. ثم التقدُّم إلى أيِّ جانب شاء، فاِن فيه يكون خيرُهُ بمعنى أنه لا يوفق ولا ييسر له إِلا جانب الخير. فكأن دعاءَ الاستخارة عَمَلٌ يُوجب له الخير تكوينًا. وبالجملة أَن المستخير لما أَسلَم نَفسَه للهِ. وفوَّض أَمرَه إليه، واستقدر بقُدرَتهِ، ورضي بخيرَتِه، ودعاه أن يُتقِذه من الشر واستوكفه الخير، قَبِل الله عز وجل ذلك مِنه فَقَدَّرَ له الخَير وأعاذَه من الشر وستَره في كنفه، وحينئذٍ ما يُفعَلُ بعده لا يكون إِلا خيرًا وإن تقدَّم إليه عن كره في باطنه. ولما كان ذلك قولًا يستغرِبُه العلماء أتى بمأخذه أيضًا. ففي "طبقات الشافعية" من خاتمة المجلد الخامس ص (258) ج 5 عن الشيخ كمال الدين أَنه كان يقول إِذا صلى الإنسان ركعتي الاستخارة لأَمر فليفعل بعدها ما بدا له سواء انشرحَت نَفسُه له أم لا، فإن فيه الخيرَ وإن لم تَنشَرح له نَفسُهُ، وليس في الحديث اشتراط انشراحِ النفس. اهـ. وإليه إِشارة في كلام عز الدين بن عبد السلام. فراجع الجزء الثالث عشر من "الفتح" من الدعوات. ثم انتقل الشيخ دام ظِلُّه إلى بيان أسرار هذا الدعاء مع وَجَازته. فذكر فيه كلامًا عن الحافظ ابن تيمية، نقلَه تلميذه في الجزء الثاني من "مدارج السالكين" في فصل: "درجة الرضاء" -ص (68) - ثم شَرَحه أحسنَ شَرْح، قال: كان شيخنا رضي الله تعالى عنه يقول: المقدورُ يكتنفه أمران: التوكل قبله، والرضاء بعده، فمن توكَل على اللهِ قبل الفعل، ورضي بالمقتضى له بعد الفِعل فقد قام بالعبوديةِ اهـ. وهذا معنى قولِ النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعاء الاستخارة: "اللهم إني أستخيرك بعِلمِك، وأستقدرك بِقدرَتِك وأسألك من فَضلِك" فهذا تَوكل وتفوِيضٌ. ثم قال: "فإنك تَعلَم ولا أعلم، وتَقدِر ولاَ أَقدِرُ، وأَنتَ عَلام الغيوب" فهذا تبرؤٌ إلى اللهِ مِن العِلم، والحَول، والقوة، وتَوسُّل إليه سبحانه بصفاتِهِ التي هي أحَبُّ ما توَسل إليه بها المتوسلون. ثُم سأل ربه أن يقضي له ذلك الأمرَ إن كان فيه مصلحته عاجِلًا أو آجلًا. وأن يَصرفه عنه إِن كانَ فيه مضرته ثم رضني به". فقد اشتمل هذا الدعاء على هذه المعارف الإلهية والحقائق الإِيمانية، التي من جملتها التوكل والتفويض قبل وقوع المقدور والرضاء بعده. وهو ثمرة التوكل إلخ. قلت: ولما عَلِمت مِن كلام الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى أن في دعاء الاستخارة تعليمًا لأصل التوكل، وترغيبًا لتحصيل أعلى مدارِجه عَلِمت أن مَنْ دعا بهذا الدعاء، فقد توكَل {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3] وحينئذٍ ظهر لك السر في تقدير الخير للمستخير تكوينًا فإن التكلم بتلك الكلمات وإن كان هينًا، لكن القيامَ بحقِّها لا يتيسر إلا لِمَن يَسره الله، نعم عظم الجزء بعظم البلاء. لكن الله سبحانه بِمَنْه وفَضله قد قَبِل مِنا التكلمَ بها فقط، ونرجو منه أن يعاملنا بعده بما يعامِل به مَن يقومون بحقها، وللأَرض مِن كَأسِ الكرامِ

26 - باب الحديث، يعنى بعد ركعتى الفجر

ثُمَّ البخاريّ رحمه الله تعالى خَرَّجَ لِمُدَّعَاه حديثَ تحيةِ المسجدِ. وقد عَلِمت أنها خارِجةٌ عن مَوْضع النِّزاع. وكذا الركعتانِ قبل الظهر أو بعدها فكلُّها مما لا يصلُح حجةً على الحنفية. نعم أخرج البخاري في ذلك حديثًا قَوْليًا أيضًا من أبواب الجمعة، وفيه: «إذا جاءَ أَحَدُكم والإِمامُ يَخْطُب، أو قد خرج، فليصلِّ رَكْعَتين». وقد أشبعنا الكلام فيه مِن قَبْل، مع التنبيه على أنَّ الدارقطني لم يتكلم في مَوْضِعٍ من متون البخاري إلا في هذا المَوْضِع، وقال: إنَّه كانَ في الأَصل قِصَّةُ سُلَيك، فأخذ منها الراوي المسألةَ ورواها بالمعنى، وجعلَها حديثًا قوليًا. قلت: ولم يَتَنبَّه الدارقطني إلى أنَّ الإِمامَ الهُمام البخاري أيضًا مُطَّلِعٌ على هذه العلة، ولذا لم يُخرِّجْه في أبواب الجمعة مع اختيارِه مسألة الحديث، وأتى به غير بابه، وتمسك به على مسألة أخرى. وما ذلك إلا أنه تَفَطَّن لِعِلَّته. وهو صنيعُه في غير واحدٍ من المواضع فإِنَّه بَوَّبَ فيما مرَّ، وأخرج له حديثَ الركعتين بعد الوِتْر جالسًا، ولم يُترجم عليه بالمسألة الصريحة، وهي الركعتان بعد الوِتر جالِسًا. وذلك لأَنِّي قد جَرَّبت مِن عادات البخاري أنَّه إذ يَظهَرُ له التردُّدُ في لفظٍ من ألفاظ الحديث لا يترجم عليه خاصَّةً ويترجم على سائرِ ألفاظهِ. وكأنَّه بهذا الطريق يشيرُ إلى تردُّدِه في ذلك اللفظ. هذا وإنْ لم يتنبَّه له أَحَدٌ، لكنه هو التحقيقُ إن شاء اللَّهُ تعالى فاحْفَظْه. 26 - باب الْحَدِيثِ، يَعْنِى بَعْدَ رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ 1168 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ أَبُو النَّضْرِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ فَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِى وَإِلاَّ اضْطَجَعَ. قُلْتُ لِسُفْيَانَ فَإِنَّ بَعْضَهُمْ يَرْوِيهِ رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ. قَالَ سُفْيَانُ هُوَ ذَاكَ. أطرافه 1118، 1119، 1148، 1161، 4837 - تحفة 17711 1168 - قوله: (فإِنْ كُنْتُ مستيقِظَةً حَدَّثَني) إلخ. وقد مَرَّ معنا أنه ثَبت الكلامُ بعدها ولا وَجْه لِعَدَم الجوازِ مع أنَّ المطلوبَ التحرُّزُ عنه. ولنا آثارٌ في «المصنَّف» لابن أبي شيبةَ رحمه الله تعالى. قوله: (فإِنَّ بَعْضَهُم يَرْوِيه: رَكْعَتَي الفَجْر؟) وحاصله أنه سُئِل عن لَفْظ عائشةَ رضي اللَّه تعالى عنها أَنَّه بدون الإضافة أو مع الإِضافة؟ فأَجاب سفيانُ أَنه بالإضافة، ويُستفاد من بعض الألفاظ أَنَّ فيه اضطرابًا آخَر: وهو أن المتبادَر من ركعتي الفجر فَرْضُهَا، وقد، أردتُ مِنْ سُنَّتها فاستعصوا به التلامذةُ شُيوخِهم. 27 - باب تَعَاهُدِ رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ وَمَنْ سَمَّاهُمَا تَطَوُّعًا 1169 - حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ

28 - باب ما يقرأ فى ركعتى الفجر

عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمْ يَكُنِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى شَىْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مِنْهُ تَعَاهُدًا عَلَى رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ. تحفة 16321 - 72/ 2 لم يذهب إلى وجوبِهَا لشُهرة إطلاق التطوع عليها. وهي واجبةٌ عندنا في رواية شاذة. فما في الفِقْه: أن التراويحَ وسُنةَ الفجر لا تَصِح قاعدًا بدون عُذْر يُبنى على تلك الرواية. 28 - باب مَا يُقْرَأُ فِى رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ 1170 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى بِاللَّيْلِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ يُصَلِّى إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ. أطرافه 626، 994، 1123، 1160، 6310 - تحفة 17150 1171 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمَّتِهِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ح. وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى - هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُخَفِّفُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحِ حَتَّى إِنِّى لأَقُولُ هَلْ قَرَأَ بِأُمِّ الْكِتَابِ تحفة 17913 وعن مالك رحمه الله تعالى أنه يُقْتَصَرُ فيها على الفاتحةِ فقط، والجمهور على أنه يَضُمُّ سورةً مختصَرةً أيضًا. وفي «معاني الآثار»: أن الإمام أبا حنيفةَ رحمه الله تعالى قرأ فيها بالجزء مرةً في ركعةٍ. ورأيتُ نحوه عن عائشة رضي الله تعالى عنها وذلك حين فاتت عنه وظيفة الليل فاستدرَكها فيها. وفي «رد المختار» عن «القنية»: أنَّ الإمام إنْ كان دَخَل في الفريضة صحَّ له أَنْ يقْتَصِر على الفاتحة، كما هو مذهبُ مالك رحمه الله تعالى. ورأيتُ في بياض المخدوم الهاشم السِّنْدِهي: أَنَّ صاحب «القنية» يأخذُ النقول عن كتب المعتزلة. فلينظره النَّاظِرُ، وقد مرَّ معنا أنه معتزلي في الاعتقاد، وحنفيٌّ في الفِقْه إلا أنَّ الآفَةَ قد تَدْخُل مِنْ جهة اعتقاده. 1171 - قوله: (هَلْ قَرأَ بِأُمِّ القرآنِ) وهو كنايةٌ عن التخفيف في القراءة في غايتها، إلا أنه ارتيابٌ في قراءة الفاتحة. ويُستفاد منه أن الفاتحةَ في الدِّين المحمدي في كلِّ ركعةٍ، وهو الذي نَعْني بكونِهَا واجبةً عَيْنَا. 29 - باب التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ 1172 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ، فَأَمَّا الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ فَفِى بَيْتِهِ. قَالَ ابْنُ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ بَعْدَ

30 - باب من لم يتطوع بعد المكتوبة

الْعِشَاءِ فِى أَهْلِهِ. تَابَعَهُ كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ وَأَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ. أطرافه 937، 1165، 1180 - تحفة 8164، 8488، 8263، 7534 1172 - قوله: (فأَمَّا الْمَغْرِبُ والْعِشَاءُ ففي بَيْتِهِ) وظاهِرُه أن السُّنن في النهاريات كلِّها كانت في المسجد، مع أنها لم تَثْبت في المسجد إلا نادرًا. واالحل أنَّ ابنَ عمر رضي الله عنه كان يَدْخُل عليه في النَّهَار، فَأُمكن له أن يرى سُنَنها في النهار. أما المَغْرِب والعشاء فكانت تلك ساعةً لا يدخل عليه، فأَخْبِر بها بعد سؤاله عن حَفْصَةَ رضي الله عنها، فالتخصيص لهذا. والله تعالى أعلم. 1173 - وَحَدَّثَتْنِى أُخْتِى حَفْصَةُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى سَجْدَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بَعْدَ مَا يَطْلُعُ الْفَجْرُ، وَكَانَتْ سَاعَةً لاَ أَدْخُلُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا. تَابَعَهُ كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ وَأَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ فِى أَهْلِهِ. طرفاه 618، 1181 - تحفة 15801، 8488، 7534، 8263، 8164 30 - باب مَنْ لَمْ يَتَطَوَّعْ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ 1174 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الشَّعْثَاءِ جَابِرًا قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَمَانِيًا جَمِيعًا وَسَبْعًا جَمِيعًا. قُلْتُ يَا أَبَا الشَّعْثَاءِ أَظُنُّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ وَعَجَّلَ الْعَصْرَ وَعَجَّلَ الْعِشَاءَ وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ. قَالَ وَأَنَا أَظُنُّهُ. طرفاه 543، 562 - تحفة 5377 - 73/ 2 31 - باب صَلاَةِ الضُّحَى فِى السَّفَرِ 1175 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ تَوْبَةَ عَنْ مُوَرِّقٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَتُصَلِّى الضُّحَى قَالَ لاَ. قُلْتُ فَعُمَرُ. قَالَ لاَ. قُلْتُ فَأَبُو بَكْرٍ. قَالَ لاَ. قُلْتُ فَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لاَ إِخَالُهُ. تحفة 7465 1176 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى لَيْلَى يَقُولُ مَا حَدَّثَنَا أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الضُّحَى غَيْرَ أُمِّ هَانِئٍ فَإِنَّهَا قَالَتْ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ بَيْتَهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَاغْتَسَلَ وَصَلَّى ثَمَانِىَ رَكَعَاتٍ فَلَمْ أَرَ صَلاَةً قَطُّ أَخَفَّ مِنْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ. طرفاه 1103، 4292 - تحفة 18007 32 - باب مَنْ لَمْ يُصَلِّ الضُّحَى وَرَآهُ وَاسِعًا 1177 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَبَّحَ سُبْحَةَ الضُّحَى، وَإِنِّى لأُسَبِّحُهَا. طرفه 1128 - تحفة 16621

33 - باب صلاة الضحى فى الحضر قاله عتبان بن مالك عن النبى - صلى الله عليه وسلم -

33 - باب صَلاَةِ الضُّحَى فِى الْحَضَرِ قَالَهُ عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - 1178 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْجُرَيْرِىُّ - هُوَ ابْنُ فَرُّوخَ - عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ أَوْصَانِى خَلِيلِى بِثَلاَثٍ لاَ أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ صَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ. طرفه 1981 - تحفة 13618 1179 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصَارِىَّ قَالَ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ - وَكَانَ ضَخْمًا - لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنِّى لاَ أَسْتَطِيعُ الصَّلاَةَ مَعَكَ. فَصَنَعَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - طَعَامًا، فَدَعَاهُ إِلَى بَيْتِهِ، وَنَضَحَ لَهُ طَرَفَ حَصِيرٍ بِمَاءٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ فُلاَنُ بْنُ فُلاَنِ بْنِ جَارُودٍ لأَنَسٍ - رضى الله عنه - أَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الضُّحَى فَقَالَ مَا رَأَيْتُهُ صَلَّى غَيْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ. طرفاه 670، 6080 - تحفة 234 - 74/ 2 «ثَماني رَكَعَات» نعم هذه تَصْلُح حجةً للبخاري، لما فيها من التَّصريح بالسلام على كل ركعتين عند أبي داود - ص 190 - وإن اختلف في كونِها صلاةَ الضُّحى، أو صلاة الشُّكْر. وسماها الراوي الضُّحى عند أبي داود، فلا أدري هل أراد به تسميَتَها بذلك الاسم، أو لكونِها في وَقْت الضحى؟ وقد كَثُرت الأحاديثُ القولية في ثبوتها. وقَلّ ثبوتها فِعلا، حتى ظن ابنُ عمرَ رضي الله عنه أنها بِدْعة. وحَرَّر ابن تيمية رحمه الله تعالى أنها صلاةٌ بعد الرجوعِ من السفر سواءٌ سميتها تحيةَ المسجد، أو صلاةَ الضحى. وقد يتخايلُ كونُها بدعةً، لعدم ثبوتِها فِعْلا. فإِنَّها لو كانت مُستحَبةً لورد الفعل بها ولو مرة. فاعلم أنَّ الفضائِلَ والرغائبَ لا تَنْحَصِرُ فيما ثبت فيه فِعْلُه صلى الله عليه وسلّم فقط. فإِنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يَخُصُّ لِنَفْسِه أمورًا تكون أليقَ بشأنِه، وأَحْرى لمنصبه. وإذ لم يستوعِبِ الفضائلَ كلَّها عَملا وجْب أن يُرِغِّبَ فيها قولا لِتَعْمل بها الأمةُ، فمنها صلاةُ الضحى، فإِنه إذا لم يعمل بها بمعنى أنه لم يَجْعلْها وظيفةً له دلَّ على فَضْلها قولا لتعمل بها أُمَّتُه وتُحْرِزَ الأَجْر. ألا ترى أنهم تكلموا في ثبوتِ الأَذان من النبي صلى الله عليه وسلّم فعلا مع كونِه من أفضل الأعمال. فالفضل لا يَنْحَصِرُ فيما ثَبَتَ فِعْله منه، فإِن كلاًّ يختار لِنَفْسه ما ناسب شَأَنَه، ومن هذا الباب رَفْعُ اليدين بعد الصلواتِ للدُّعاءَ قَلَّ ثبوتُه فِعْلا، وكَثُر فَضْله قولا، فلا يكون بِدْعةً أصلا. فَمَنْ ظَنَّ أَنَّ الفَضْل فيما ثبت عَمَلُه صلى الله عليه وسلّم به فقط، فقد حادَ عنِ طريق الصَّواب، وبنى أصلا فاسدًا يخبرك عن البناء، مع أنَّ أدعيةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم قد أَخَذت مَأخذ الأَذكار وليس في الأَذكار رَفْعُ الأيدي. ونحن في جَلْجتنا (¬1) إذا لم نَفَزُ بالأَذكارِ فينبغي لنا أن لا نُحَرم من الأدعيةِ ونَرْفَع لها الأيدي، لثبوتِه عنه عقيبَ النافِلةِ وإِنْ لم يَثْبت بعد المكتوبة فإِذا ثَبَت جِنْسه لم تكن بِدعةً أصلا ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل وليس له معنى يناسب المقام ويمكن أن يكون تصحيف جلبتنا.، والله أعلم (المصحح).

34 - باب الركعتين قبل الظهر

مع وُرُود القوليةِ في فَضْله، بخلاف المصافحة في العيدين فإِنها لم تَثبت في الجنس أيضًا، نعم ثبتت عند اللفاء فقط. وتلك فروقُ أَدَقُّ من الشَّعر، يراعيها المتطلِّبُ لسُنة نَبيَّه أَمَّا مَن اتَّبع الهَوى ولم يُوفَّق للفَرْق بين الضَّلالةِ والهُدَى فقد غوى. ومن ههنا انحل حديثٌ آخَرُ وهو: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يقولُ بعد صلاة الفجر: «اللهم أَنْتَ السلامُ» ... الخ. مع ثبوتِ الفَضْل الكبير لِكلمةِ التوحيد بعد الصبح قولا، فَلَعَلَّه يَكونُ هناك أحمقٌ يَزْعُم التناقضَ بين فِعْله وقوله. والأمر أنَّ الفَضْل لكلمةِ التوحيد ولا ريب، والفَضْل في دعائه اللهم أنت السلام أيضًا، إلا أنه اصطفى لنفسه ما كان أحسنَ لِشأنهِ عند ربِّه. وأخبرنا بكلمة التوحيدِ ليأتي بها مَنْ كان آتيًا ولا يُحْرم مِن الأَجْر (¬1). 34 - باب الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ 1180 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ حَفِظْتُ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِى بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ فِى بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحِ، وَكَانَتْ سَاعَةً لاَ يُدْخَلُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا. أطرافه 937، 1165، 1172 - تحفة 7534 1181 - حَدَّثَتْنِى حَفْصَةُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ وَطَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. طرفاه 618، 1173 - تحفة 15801 1182 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لاَ يَدَعُ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْغَدَاةِ. تَابَعَهُ ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ وَعَمْرٌو عَنْ شُعْبَةَ. تحفة 17599 فائدة: اعلم أنَّ تقديمَ الوِتْر إلى أوَّل الليل كما هو المعمول به اليوم ثَبَت عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه. وضَمَّ الركعتين مع الوِتْر ثبت عن أبي هريرةَ رضي الله تعالى عنه، وبه يحصل العَمَلُ لقوله: «لا تُوتروا بثلاث ... » إلخ. ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: ومن هذا الباب الأذان، فإني لا أراه ثابتًا عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِعلًا مع التواتر في فَضْله. وقد كنتُ أتفكرُ فيه دهرًا ما سببه حتى راجعت فيه عالِمًا ألقى عليه ربُّه مِن نورِه فأخبرني أن الله سبحانه وتعالى كان قد اصطفى له مَنْصِبَ الإِمامةِ فلم يَصلُح لأحدٍ أن يؤمه. وهو الذي أرادَهُ أبو بكر رضي الله عنه مِن قوله: "ما كان لابنِ أبي قُحَافة أن يتقدّمَ بين يدي رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فإِذا اصطفى له مَنْصِب الإِمامة ترك التأذينَ لِمَن دونَه مع التنبيه على الفضل الكبير فيه، لئلا يظنَ أحَدٌ أنه إذا لم يَثْبُت به فِعْلُه - صلى الله عليه وسلم -، فلعَلَّه لا يكونُ مرغوبًا. فالتأذينُ محبوبٌ ومرغوبٌ إلا أنَّ ربَّه اصطفى له مَنصِب الإِمامة للآخرَ أيضًا. فرضي به. ثم جرى العملُ في الأُمة بالتقسيم بكون الإِمام واحدًا، والمؤذن آخرَ، وإن صَلَح أحَدُهما.

35 - باب الصلاة قبل المغرب

35 - باب الصَّلاَةِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ 1183 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنِ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ الْمُزَنِىُّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «صَلُّوا قَبْلَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ». - قَالَ فِى الثَّالِثَةِ - لِمَنْ شَاءَ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً. طرفه 7368 - تحفة 9660 1184 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ أَبِى حَبِيبٍ قَالَ سَمِعْتُ مَرْثَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِىَّ قَالَ أَتَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِىَّ فَقُلْتُ أَلاَ أُعْجِبُكَ مِنْ أَبِى تَمِيمٍ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ. فَقَالَ عُقْبَةُ إِنَّا كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قُلْتُ فَمَا يَمْنَعُكَ الآنَ قَالَ الشُّغْلُ. تحفة 9961 وقد أخرجه في الأَذان أيضًا بلفظ عام: «بين كُلِّ أَذَانَينِ صلاةٌ». وأخرج ههنا بلفظ «المَغْرِب» خَاصةً وحصل لي الجَزْمُ بأنها روايةُ المعنى، لا روايةٌ بالمعنى. فإِنَّ الراوي استنبَطَ المسألةَ من الحديث العام: «بَيْنَ كُلِّ أذانينِ صلاةٌ». ثم أَجْرَى عُمومَه في المَغْرب وتَرك الصلواتِ الأَرْبَعَ ثُمَّ عَبَّر عنها بقوله: «صَلُّوا قبل المغرِب» وما حاشى به، لأنه قد تعلَّمها من الحديث العام، وفيه تلك، وهذا وإن لم يَقْرَع سَمْعَك لكنَّه أَقْرَبُ إلى الصواب إِن شاء الله تعالى، وإياك وأن تَظُنَّ أني تقوَّلْتُ قولا لم أُسْبق به هزوًا ولَعِبًا، بل أُشْهِدَ اللَّهَ أَني لم أزل أَتفكَّر فيه سنين، واستفتيت قلبي حتى إذا أفتاني وشفاني تقدمت إلى مثله، وعمدتي فيه أبو بَكْر الأَثْرم فإِنه قال: إنه معلولٌ، كما في كتابه «الناسخ والمنسوخ». 1183 - قوله: (كَرَاهيةَ أَنْ يَتَّخِذَها النَّاسُ سُنةً) قلنا إنَّ الجوازَ باقٍ بَعْدُ، كما أقر به الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى. وجملة الكلام فيه أنَّ خمولَها وانقطاع التعامِل عنها أَوْجَب لنا أن لا نقولَ باستحبابها. وهو المختار عند مالك رحمه الله تعالى. ألا ترى إلى ما أخرجه البخاري ص 158 ج 1 - من قَوْل مَرْثَد بن عبد الله يتعجَّبُ من أبي تميم على أنه كان يأتي بهاتين الرَّكْعَتَيْنِ. وكذا عند أبي داود - ص 189 - عن ابن عمر رضي الله عنه يقول: ما رأيتُ أَحَدًا في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم يُصَلِّيهما. فَإِنَّه دليلٌ واضِح على خمولهما في عهد صاحب النبوة، حتى أفضى إلى التعجُّبِ مِمَّن صَلاهما. والله تعالى أَعْلم. 36 - باب صَلاَةِ النَّوَافِلِ جَمَاعَةً ذَكَرَهُ أَنَسٌ وَعَائِشَةُ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - 1185 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِىُّ أَنَّهُ عَقَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَعَقَلَ مَجَّةً مَجَّهَا فِى وَجْهِهِ مِنْ بِئْرٍ كَانَتْ فِى دَارِهِمْ. أطرافه 77، 189، 839، 6354، 6422 - تحفة 11235 ولا جماعةَ فيه عندنا، وكُرِه له التداعي. وهو على اللغة عندي، فإِنَّ اللَّه سبحانه لما

فائدة

جعلنا في مُكْنةٍ مِن تَرْكها وفِعْلها رأسًا، فأين ينبغي أن نتداعى له الناس. فالنِّداء مِن خصائص المكتوبة. وفَسَّر الحلواني بما فوق الثلاث. قلت: وإنَّما أراد الحلواني ضَبْطَه ليتمشى عليه العوم لا تفسيرَه. فإِنَّ اللَّفْظَ مُنْكشِفٌ في معناه، بَيِّنٌ في مرادِه لا يحتاجُ إلى تفسيرِ، فما ذَكَره أَنْسَبُ للفَتْوى. ثُمَّ تَتَبَّعْت النوافِلَ الداخلةَ في بنية الصلاةِ فوجدتُها كذلك، لا جماعةَ فيها أيضًا، وكلٌّ فيها أميرُ نَفْسِه. وهو الشاكِلةُ في جملة الأَذكار الداخلةِ في صُلْب الصلاةِ، فتجِدُ كُلَّها على المقتدي أيضًا. وذلك لأن كُلاًّ منهم منفرِدٌ فيها، يَفْعَلُها لِنَفْسِه. فالتضمن إنَّما رُوعي حيثُ كان الشيءُ فَرْضًا. وليعلم أن النيابةَ تجري في الأقوال دون الأفعال، فهي على الكلِّ ثُمَّ النيابةُ في الأقوال، إنما اعتُبرت حيثُ كان القولُ مما لا بُدَّ منه كالقراءة. أما الأقوال التي لو تركت رأسًا لم تكن عليه تِبعة، فإِنَّها لا تحتاج إلى عِبرة النيابةِ. فإِن قلت: إنَّ صلاةَ الكسوفِ والاستسقاء والتراويح سُنَّة، فلزِم أَن لا تكون جماعةً. قلت: كأن تلك مستثناةٌ من ذلك. على أن صَرَّح في «الغاية» بوجوبِ صلاةِ الكُسوف. فائدة: قال الفقهاء: إنَّ الجماعةَ في النوافل مكروهةٌ إِلا في رمضانَ. ولم يَفْهمُ مُرادَهم بعضُ الأغبياء، فَحَمله على جوازِ الجماعةِ في النَّفْل المطلق في رمضان، مع أنَّ مرادَهم التراويحُ لا غيرٌ فافهمه، فإِنَّ العِلْمَ لا يتحصَّلَ إِلا بعد السَّبْر. 1186 - فَزَعَمَ مَحْمُودٌ أَنَّهُ سَمِعَ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصَارِىَّ - رضى الله عنه - وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ كُنْتُ أُصَلِّى لِقَوْمِى بِبَنِى سَالِمٍ، وَكَانَ يَحُولُ بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ وَادٍ إِذَا جَاءَتِ الأَمْطَارُ فَيَشُقُّ عَلَىَّ اجْتِيَازُهُ قِبَلَ مَسْجِدِهِمْ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لَهُ إِنِّى أَنْكَرْتُ بَصَرِى، وَإِنَّ الْوَادِىَ الَّذِى بَيْنِى وَبَيْنَ قَوْمِى يَسِيلُ إِذَا جَاءَتِ الأَمْطَارُ فَيَشُقُّ عَلَىَّ اجْتِيَازُهُ، فَوَدِدْتُ أَنَّكَ تَأْتِى فَتُصَلِّى مِنْ بَيْتِى مَكَانًا أَتَّخِذُهُ مُصَلًّى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «سَأَفْعَلُ». فَغَدَا عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - بَعْدَ مَا اشْتَدَّ النَّهَارُ فَاسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَذِنْتُ لَهُ فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّىَ مِنْ بَيْتِكَ». فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِى أُحِبُّ أَنْ أُصَلِّىَ فِيهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَبَّرَ وَصَفَفْنَا وَرَاءَهُ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ، فَحَبَسْتُهُ عَلَى خَزِيرٍ يُصْنَعُ لَهُ فَسَمِعَ أَهْلُ الدَّارِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَيْتِى فَثَابَ رِجَالٌ مِنْهُمْ حَتَّى كَثُرَ الرِّجَالُ فِى الْبَيْتِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مَا فَعَلَ مَالِكٌ لاَ أَرَاهُ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ ذَاكَ مُنَافِقٌ لاَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُلْ ذَاكَ أَلاَ تَرَاهُ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. يَبْتَغِى بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ». فَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. أَمَّا نَحْنُ فَوَاللَّهِ لاَ نَرَى وُدَّهُ وَلاَ حَدِيثَهُ إِلاَّ إِلَى الْمُنَافِقِينَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. يَبْتَغِى بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ». قَالَ مَحْمُودٌ فَحَدَّثْتُهَا قَوْمًا فِيهِمْ أَبُو

37 - باب التطوع فى البيت

أَيُّوبَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَتِهِ الَّتِى تُوُفِّىَ فِيهَا وَيَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَلَيْهِمْ بِأَرْضِ الرُّومِ، فَأَنْكَرَهَا عَلَىَّ أَبُو أَيُّوبَ قَالَ وَاللَّهِ مَا أَظُنُّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مَا قُلْتَ قَطُّ. فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَىَّ فَجَعَلْتُ لِلَّهِ عَلَىَّ إِنْ سَلَّمَنِى حَتَّى أَقْفُلَ مِنْ غَزْوَتِى أَنْ أَسْأَلَ عَنْهَا عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - إِنْ وَجَدْتُهُ حَيًّا فِى مَسْجِدِ قَوْمِهِ، فَقَفَلْتُ فَأَهْلَلْتُ بِحَجَّةٍ أَوْ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ سِرْتُ حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَأَتَيْتُ بَنِى سَالِمٍ، فَإِذَا عِتْبَانُ شَيْخٌ أَعْمَى يُصَلِّى لِقَوْمِهِ فَلَمَّا سَلَّمَ مِنَ الصَّلاَةِ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَأَخْبَرْتُهُ مَنْ أَنَا، ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ فَحَدَّثَنِيهِ كَمَا حَدَّثَنِيهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ. أطرافه 424، 425، 667، 686، 838، 840، 4009، 4010، 5401، 6423، 6938 - تحفة 9750 - 75/ 2 - 76/ 2 1186 - قوله: (وَيزيدُ بنُ مُعَاويةَ عَلَيْهِم ... ) إلخ. وكان على العَسْكَر في زمن معاويةَ رضي الله عنه. وكان فيهم من الصحابة رضي الله عنهم أبو أيوب فَتُوفِّي في الروم. ثُم جَرَتِ السُّنة في السَّلْطنةِ العثمانيةِ أنَّهم إذا نَصَبُوا خليفةً ناطوا به العِمامة على روضَتِه. 37 - باب التَّطَوُّعِ فِى الْبَيْتِ 1187 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اجْعَلُوا فى بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلاَتِكُمْ وَلاَ تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا». تَابَعَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ. طرفه 432 - تحفة 7527، 8130 1187 - قوله: (اجعَلُوا في بُيُوتِكم مِن صَلاتِكُم). قلت: وفي «المصنَّف» لابن أبي شيبة بإِسناد قوي إن النافلة في البيت بخمسٍ وعشرينَ ضعفًا بالعلانية، فالنسبةُ بينهما كالنسبةِ بين المكتوبة بالجماعة والبيت. فمن تَوهَّم مِن قوله: «اجعَلُوا في بيوتِكم ... » إلخ جوازَ المكتوبة في البيتِ فقد غَفَل، فإِنَّه في النوافلِ فَحَسْب. ***

20 - كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 20 - كتاب فَضْلِ الصَّلاةِ في مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالمدِينَة 1 - باب فَضْلِ الصَّلاَةِ فِى مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ 1188 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ قَزَعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ - رضى الله عنه - أَرْبَعًا قَالَ سَمِعْتُ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ غَزَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثِنْتَىْ عَشْرَةَ غَزْوَةً ح. أطرافه 586، 1197، 1864، 1992، 1995 - تحفة 4279 1189 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَسْجِدِ الأَقْصَى». تحفة 13130 1189 - قوله: (لا تُشَدُّ الرِّحالُ ... ) إلخ. وقد افتتن الحافظُ ابنُ تيميةَ رحمه الله تعالى لأجل هذا الحديث في الشام مَرَّتين. فَحُبِس مرةً مع تلميذِه ابنِ القيِّم رحمه الله تعالى، وأخرى وَحدَه حتى تُوَفِّي فيه. وكانَ مِنْ مذهِبه أنَّ السفرَ إلى المدينةِ لا يجوز بِنِيَّة زيارةِ قَبْره صلى الله عليه وسلّم لأجل هذا الحديث. نعم يُستحَب له بنيةِ زيارةِ المسجد النبويّ، وهي من أعظمِ القُرُبات، ثُم إذا بلغ المدينةَ يُستحب له زيارةُ قَبْرِه صلى الله عليه وسلّم أيضًا، لأنه يصيرُ حينئذٍ من حوالي البلدة، وزيارةُ قبورها مُستحبةٌ عنده. وناظرَهُ في تلك المسألةِ سراجُ الدين الهندي الحنفي، وكان حسن التقرير، فلما شَرَع في المناظرةِ جَعَل الحافظ ابن تيميةَ رحمه الله تعالى يَقْطَعُ كلامَ الهندي، فقال له: ما أنت يا ابنَ تيميةَ إِلا كالعُصْفور ... إلخ. وقال الشيخ ابن الهُمام رحمه الله تعالى: إنَّ زيارةَ قبرِه صلى الله عليه وسلّم مستحبةٌ، وقريبٌ من الواجب. ولَعلَّهِ قال قريبًا من الواجبِ نظرًا إلى هذا النِّزاع. وهو الحقُّ عندي، فإِنَّ آلافَ الأُلوف مِن السَّلَف كانوا يَشُدُّون رِحالَهم لزيارةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ويزعُمُونها مِن أعظم القُرُبَاتِ، وتجريدُ نِيَّاتِهِم أنها كانت للمسجدِ دونَ الروضةِ المباركةِ باطل، بل كانوا يَنوُون زيارةَ قبرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم قطعًا. وأَحْسَن الأجوبةِ عندي أن الحديثَ لم يَرِدِ في مسألةِ القبور، لما في «المسند» (¬1) لأحمدَ رحمه الله تعالى: «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلى مسجدٍ لِيُصَلَّى فيه إلا إلى ثلاثةِ مَساجِدَ». فدلَّ على أنَّ نَهْي شَدِّ الرِّحال يقتصِرُ على المساجد فقط، ولا تعلُّقَ له بمسألةِ زيارةِ القُبور. فَجَرُّهُ إلى المقابرِ ¬

_ (¬1) وعند مالك في موطئه ص 38 لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد إلى المسجد الحرام والى مسجدي هذا وإلى مسجد إيليا. أو بيت المقدس اهـ.

2 - باب مسجد قباء

مع كونِهِ في المساجدِ ليس بسديدٍ. قال الشافعي رحمه الله تعالى: بلغني أنَّ الحافظ ابنَ تيميةَ رحمه الله تعالى كان يَنْهى عن شَدِّ الرحال لها، أما لو ذَهَب بدون الشَّدِّ جاز. قلت: مَذْهَبُه النَّهْي عن السَّفَر مُطلقًا، سواء كان بِشدِّ الرِّحال أو بدونه. 1190 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ رَبَاحٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ عَنْ أَبِى عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «صَلاَةٌ فِى مَسْجِدِى هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ». تحفة 13464 1190 - قوله: (إِلا المَسْجِدَ الحَرَامَ) وفي المفاضَلَة بين المسجدِ الحرامِ والمسجد النبوِيّ كلامٌ. وحقّق في الحاشيةِ أن الاستثناءَ لزيادةِ الأجْرِ في المسجد الحرام. ثم ادعى العلماءُ بتضعيفِ أجْر المَسْجِد النبوي بعده، إلا أنَّ ما استدلوا به لا يُوازي روايةَ الصحيح. بقي أَنَّ الفَضْل يَقْتَصِر على المسجدِ الذي كان في عَهْدِ صاحبِ النُّبوة خاصَّةً أو يَشْمَل كُلَّ بناءٍ بعدَهُ أيضًا؟ فالمختار عند العَيْني رحمه الله تعالى أنه يَشْمَل الكُلَّ، وذلك لأنَّ الحديثَ وَرَدَ بِلَفْظِ: مسجدي هذا». فاجتمع فيه الإِشارةُ والتسميةُ. وفي مِثْله يُعْتبر بالتسميةِ، كما يظهَرُ من الضابطةِ التي ذكرها صاحِبُ «الهداية». تنبيه: قال الطحاوي رحمه الله تعالى: إنَّ الفضيلة في الحَرَمين تَخْتَصُّ بالفرائضِ، أما النوافل فالفَضْلُ فيها في البيت. قلت: وهو الصواب، فإِنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يؤدِّها إِلا في البيت مع كونِه بِجَنْب المَسْجِد. 2 - باب مَسْجِدِ قُبَاءٍ 1191 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - هُوَ الدَّوْرَقِىُّ - حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ لاَ يُصَلِّى مِنَ الضُّحَى إِلاَّ فِى يَوْمَيْنِ يَوْمَ يَقْدَمُ بِمَكَّةَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَقْدَمُهَا ضُحًى، فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ، وَيَوْمَ يَأْتِى مَسْجِدَ قُبَاءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَرِهَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ حَتَّى يُصَلِّىَ فِيهِ. قَالَ وَكَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَزُورُهُ رَاكِبًا وَمَاشِيًا. أطرافه 1193، 1194، 7326 - تحفة 7532 1192 - قَالَ وَكَانَ يَقُولُ إِنَّمَا أَصْنَعُ كَمَا رَأَيْتُ أَصْحَابِى يَصْنَعُونَ، وَلاَ أَمْنَعُ أَحَدًا أَنْ يُصَلِّىَ فِى أَىِّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَتَحَرَّوْا طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلاَ غُرُوبَهَا. أطرافه 582، 585، 589، 1629، 3273 - تحفة 7532 - 77/ 2 1191 - قوله: (وكانَ لا يُصَلِّي مِنَ الضُّحَى) وغَرَضُ الراوي بيانُ صلاتِ التي وقعت في وَقْت الضُّحى، وليس مرادُه الصلاةَ لمشهورة بذلك الاسم. ثُم إِنَّ الصالحينَ فَرّقُوا بينِ صلاةِ الإِشراق والضُّحَى، وهما واحدٌ عند الفقهاءِ، وإِنَّما الفَرْق بالتعجيلِ والتأخير.

3 - باب من أتى مسجد قباء كل سبت

3 - باب مَنْ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءٍ كُلَّ سَبْتٍ 1193 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْتِى مَسْجِدَ قُبَاءٍ كُلَّ سَبْتٍ مَاشِيًا وَرَاكِبًا. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَفْعَلُهُ. أطرافه 1191، 1194، 7326 - تحفة 7220 وإنما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يذهَبْ إِليهم يومَ السَّبْت، لأنَّ أهلَها كانوا يَشْهَدُون المدينةَ للجُمُعة، فإِن بقي أَحَدُ منهم فَلَعَلَّه كان يريدُ لقاءه. وهذا يُبنى على عدمِ إقامةِ الجُمعةِ في قُباء. ثم إِنَّ هذه من اتفاقياتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وقال الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى: إِنَّ اقتفاءَ الاتفاقياتِ على طريق الاتِّفاق سُنةٌ، بخلافه على طريق الاستمرار. ولا أرى العلماءَ يَسْتحسِنُونَ رَأيَه. 4 - باب إِتْيَانِ مَسْجِدِ قُبَاءٍ مَاشِيًا وَرَاكِبًا 1194 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْتِى قُبَاءً رَاكِبًا وَمَاشِيًا. زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ فَيُصَلِّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ. أطرافه 1191، 1193، 7326 - تحفة 7941، 8148 5 - باب فَضْلِ مَا بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ 1195 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَازِنِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا بَيْنَ بَيْتِى وَمِنْبَرِى رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ». تحفة 5300 قيل: إنه ترجم «بالقبر» مع أَنَّه أخرج في الحديث لفظ: «البيت. قلت: وأخرج الحافظ رحمه الله تعالى فيه لفظ «القبر» أيضًا، على أن بيتَه كان هو قبرَهُ في عالَم التقدير، فصح كونه بيتًا وقبرًا، وحينئذٍ فيه إخبارٌ بالغيب، وأصحُّ الشروحِ عندي أن تلك القطعة من الجنةِ، ثُم تُرْفع إلى الجَنَّة كذلك. فهي روضةٌ مِن رياض الجَنَّة حقيقةً بلا تأويل، لا على نَحْو قوله: «إذا مَرَرْتُم برياضِ الجنةِ فارْتَعُوا». 1196 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا بَيْنَ بَيْتِى وَمِنْبَرِى رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِى عَلَى حَوْضِى». أطرافه 1888، 6588، 7335 - تحفة 12267 1196 - قوله: (ومِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي) وفَهِم الشارحون أَنه يُعاد المِنْبرُ ثُم يوضَعُ على الحَوْضِ. والمرادُ عندي أن المِنبر يبقى على مَوْضِعه، ويبسط الحَوْض من ههنا إلى الشام، فهو الآن على الحَوْض. بقي الكلام في أَنَّ الحَوْضَ دونَ الصراط أو بعدَه. فمال ابنُ القيِّم رحمه الله تعالى إلى أنه بَعْدَه، وأتى عليه بروايتِه. وإليه مال الحافِظُ، وهو الأَوْجه عندي كما في رسالتي

6 - باب مسجد بيت المقدس

«عقيدة الإِسلام». ونقل السُّيوطي رحمه الله تعالى في «البدور السافرة» قولين ولم يَحْكُم بجانب. 6 - باب مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ 1197 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ سَمِعْتُ قَزَعَةَ مَوْلَى زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - يُحَدِّثُ بِأَرْبَعٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْجَبْنَنِى وَآنَقْنَنِى قَالَ «لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ إِلاَّ مَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ. وَلاَ صَوْمَ فِى يَوْمَيْنِ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى، وَلاَ صَلاَةَ بَعْدَ صَلاَتَيْنِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ، وَلاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الأَقْصَى وَمَسْجِدِى». أطرافه 586، 1188، 1864، 1992، 1995 - تحفة 4279 1197 - قوله: (لا تُسَافِرِ المرأةُ يَوْمَين) الخ، وهذا يختلف عندي باختلاف الأحوال، فلا تعيين فيها. وقد مرَّ الكلامُ فيه. ***

21 - كتاب العمل في الصلاة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 21 - كتاب العَمَلِ فِي الصَّلاة 1 - باب اسْتِعَانَةِ الْيَدِ فِى الصَّلاَةِ إِذَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الصَّلاَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَسْتَعِينُ الرَّجُلُ فِى صَلاَتِهِ مِنْ جَسَدِهِ بِمَا شَاءَ. وَوَضَعَ أَبُو إِسْحَاقَ قَلَنْسُوَتَهُ فِى الصَّلاَةِ وَرَفَعَهَا. وَوَضَعَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه - كَفَّهُ عَلَى رُصْغِهِ الأَيْسَرِ، إِلاَّ أَنْ يَحُكَّ جِلْدًا أَوْ يُصْلِحَ ثَوْبًا. 78/ 2 1198 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - وَهْىَ خَالَتُهُ - قَالَ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى عَرْضِ الْوِسَادَةِ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَهْلُهُ فِى طُولِهَا، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَلَسَ، فَمَسَحَ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ آيَاتٍ خَوَاتِيمَ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِى، وَأَخَذَ بِأُذُنِى الْيُمْنَى يَفْتِلُهَا بِيَدِهِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ. أطرافه 117، 138، 183، 697، 698، 699، 726، 728، 859، 992، 4569، 4570، 4571، 4572، 5919، 6215، 6316، 7452 - تحفة 6362 أجاز المصنِّف رحمه الله تعالى بالعَمَلِ القليلِ عند الحاجةِ. قوله: (وقال ابنُ عباس رضِي الله عنه ... ) إلخ. وحاصِلُه التوسيعُ فيه. قوله: (ووَضَع أبو إِسحاق قَلَنْسُوةً ... إلخ). وأجازَهُ فقهاؤُنا أيضًا. قوله: (ووَضَع عليٌّ كفّه ... ) إلخ. وفي العبارة رِكَّة، وهي أنه أخرج المستَثْنى منه كالواقعة، والمستثنى كالعادة، فاختلَّ المرادُ. وَوَجْهه أن المصنِّف رحمه الله تعالى روى القِطعةَ الأُولى بالمعنى، والقطعة الثانية باللفظ. وحاصله: أن عليًّا رضي الله عنه لم يكن يَرْفَعُ كَفَّه بعد عقد اليدين إلا لِحَاجَةٍ، كالحَكَّة أو إِصلاح الثوب، وللحنفيةِ في تحديد العمل الكثيرِ خَمْسةُ أقوال. والأَصل ما ذكره السَّرَخْسي رحمه الله تعالى أنه مُفوَّضٌ إلى رأي المبتَلَى به.

2 - باب ما ينهى عنه من الكلام فى الصلاة

والأرجح عندي أن تُتَتَبَّع أفعالُه صلى الله عليه وسلّم فَيُحْكَم بالجوازِ بِقَدْر مَا ثَبَت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ويُمْنَع عَمَّا زاد عليها. وهذا فيما لم يَقُم فيه دليلُ التخصيص، وحيث قام دليلُ التخصيص فإِنه يُقْتصرُ عليه، ولا يجوزُ للأمة، ويكون مفسِدًا لصلاتهم. لكن لا ريبَ أن التفويضَ إلى رَأي المُبتلَى به مُشْكِل في العمل. فإِنَّ كلَّ عملٍ اعتاد عليه الإِنسان يراه قليلا، وما لم يَعْتَد عليه يراه كثيرًا. كما وقع للأميرِ الكاتب الإِتْقَاني لما جلس للتدَّريس بالشام، أفتى بفسادِ الصلاةِ بِرَفْع اليدين، وزَعَم أنه عَمَلٌ كثيرٌ يُفْسِد الصلاةَ. فردَّ عليه الشيخُ تقيُّ الدين السَّبْكي وقال: إنَّ الخلافَ فيه في الأفضليةِ دونَ الجوازِ، وقَرَّره فلم يَقْدِر على جوابه. 2 - باب مَا يُنْهَى عَنْهُ مِنَ الْكَلاَمِ فِى الصَّلاَةِ 1199 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِى الصَّلاَةِ فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِىِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا وَقَالَ «إِنَّ فِى الصَّلاَةِ شُغْلاً». طرفاه 1216، 3875 - تحفة 9418 حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا هُرَيْمُ بْنُ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ. تحفة 9418 1200 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى - هُوَ ابْنُ يُونُسَ - عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ عَنْ أَبِى عَمْرٍو الشَّيْبَانِىِّ قَالَ قَالَ لِى زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ إِنْ كُنَّا لَنَتَكَلَّمُ فِى الصَّلاَةِ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، يُكَلِّمُ أَحَدُنَا صَاحِبَهُ بِحَاجَتِهِ حَتَّى نَزَلَتْ (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ) الآيَةَ، فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ. طرفه 4534 - تحفة 3661 - 79/ 2 وهي تبعيضيةٌ عندي على ما عَلِمت من عادتي. ولعلَّه ذهب إلى مَذْهَبِ مالك رحمه الله تعالى ولم يَخْتَر مذهبَ الشافعيِّ رحمه الله تعالى، وإلا ترجم بعدم فسادِ الصلاة من الكلام ناسيًا، مع أنه قد أخرج حديثَ ذي اليدين غير مرةٍ، والمسألة فيه تلك. 1199 - قوله: (فَلمّا رَجَعْنَا مِن عِنْد النَّجاشي ... ) إلخ. قال الحجازيون: إِنَّ هذا رجوعُهم إلى مكة، وقد نُسِخ الكلام. وحديثُ ذي اليدين بَعْدَه بالمدينة، فثبت جوازُ الكلام ناسِيًا. وقال الحنفية: إن رجوعَهم كان مرَّتين، كما في السِّيرة لمحمد بن إسحاق: الأول لما سَمِعوا أنَّ كُفَّار مكةَ أسلموا جميعًا، فلما دخلوها عَلِموا أَنَّهم قد أُرْجِف بهم، فرجعوا على آثارِهم إلا قومًا: منهم ابنُ مسعود رضي الله عنه، فإِنَّهم نزلوا لزيارتِه صلى الله عليه وسلّم ثُم ارجِعُوا إلى الحبشةِ. والثاني: لما سَمِعُوا هجرةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وأصحابه، فوجدوا النبيَّ صلى الله عليه وسلّم يصلِّي الحديث بطوله. وذلك بعد قِصة ذي اليدين، وحينئذٍ نُسِخ الكلامُ وأُمِر بالكسوتِ، فتكون قِصَّةُ ذي اليدين منسوخةً. وقد أطال الطحاوي في البحث عنه فراجِعْه.

3 - باب ما يجوز من التسبيح والحمد فى الصلاة للرجال

وما يدلُّكَ على أن الكلامَ نُسِخ بالمدينةِ (¬1) حديثُ زَيْدِ بنِ أَرْقَمِ الذي أخرجه المُصنِّف رحمه الله تعالى. فإِنَّه مِمَّن لم يدخل مكةَ قط، مع أنه يروى أنه وُجِدَ زمانَ جوازِ الكلام ونَسْخِه كليهما، فدلَّ على أن الكلام كان جائزًا في المدينة أيضًا إلى زمنٍ أَدْرَكَه زيدُ بنُ أرقم، ثم إنَّه نُسِخ كما رواه. فلو كان نَسْخُ الكلامِ بمكةَ كما زَعَموا لم يكن لزيدٍ بنِ أَرقم أَنْ يُدْرِكه ويرويه، ويروي نَسْخه أيضًا، مع أن الآية مَدنيةٌ باتفاقٍ بيننا وبينهم فادِّعاءُ النَّسْخ بمكةَ بعيدٌ جدًا. ومعنى قوله تعالى: {وَقُومُواْ لِلَّهِ قَنِتِينَ} [البقرة: 238] أي متأدِّبين، فالسكوتُ من لوازِمه لا مِن مَدلولِه هذا هو المرادُ عندي. ولما اختار الشافعيُّ رحمه الله تعالى القُنوت في الفجر، أراد من الصلاةِ الوسطى الفَجْرَ لِيَرْتَبِطَ بها القنوتُ. فالقُنوت عندَه على الدعاءِ المعروف. 3 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالْحَمْدِ فِى الصَّلاَةِ لِلرِّجَالِ 1201 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصْلِحُ بَيْنَ بَنِى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَحَانَتِ الصَّلاَةُ، فَجَاءَ بِلاَلٌ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنهما - فَقَالَ حُبِسَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَؤُمُّ النَّاسَ قَالَ نَعَمْ إِنْ شِئْتُمْ. فَأَقَامَ بِلاَلٌ الصَّلاَةَ، فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَصَلَّى، فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْشِى فِى الصُّفُوفِ يَشُقُّهَا شَقًّا حَتَّى قَامَ فِى الصَّفِّ الأَوَّلِ، فَأَخَذَ النَّاسُ بِالتَّصْفِيحِ. قَالَ سَهْلٌ هَلْ تَدْرُونَ مَا التَّصْفِيحُ هُوَ التَّصْفِيقُ. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - لاَ يَلْتَفِتُ فِى صَلاَتِهِ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا الْتَفَتَ فَإِذَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الصَّفِّ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ مَكَانَكَ. فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى وَرَاءَهُ وَتَقَدَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى. أطرافه 684، 1204، 1218، 1234، 2690، 2693، 7190 - تحفة 4717 4 - باب مَنْ سَمَّى قَوْمًا أَوْ سَلَّمَ فِى الصَّلاَةِ عَلَى غَيْرِهِ مُوَاجَهَةً وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ 1202 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نَقُولُ التَّحِيَّةُ فِى الصَّلاَةِ وَنُسَمِّى، وَيُسَلِّمُ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ، فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِىُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ ¬

_ (¬1) واعلم أن الكلام في حديث ذي اليدين أطولُ من أطول. ثُمَّ البحثُ في كون ذي اليدين وذي الشمالين رجلًا واحدًا أو متعددًا أطولُ منه. لم يتعرَّض إليه الشيخُ رحمه الله تعالى ههنا، لأنه كان قد فَرَغ منه في درس الترمذي. وقد ذَكَرْتُ نبذةً منه مِن قبل. وإنَّما كان جُلُّ هَمِّ الشيخ رحمه الله تعالى في البخاري إلى بيانِ أغراضِ المصنف رحمه الله تعالى، أو بَعْضِ مقاصدَ عاليةٍ أخرى فاعلمه.

5 - باب التصفيق للنساء

مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَإِنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَقَدْ سَلَّمْتُمْ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِى السَّمَاءِ وَالأَرْضِ». أطرافه 831، 835، 6230، 6265، 6328، 7381 - تحفة 9240 وإنَّما قَيَّدَه بكونِه على غير مواجهةٍ، لينسلِخ مِن كلامِ النَّاس. فإِنَّه إذا كان على مُواجَهتِه بحيث كان المُسَلَّم عليه بين يديهِ يصيرُ من جِنْس كلام النَّاس. ثُم إنَّك قد عَلِمت سابقًا أنه إن سَمَّى أحدًا فإِنْ كان في ضمن الدعاء ففيه قولان، وإِلا فَسَدَ قولا واحدًا. قوله: (وهُو لا يَعْلَم) قيل أي لا يَعْلَمُ المُسلَّم عليه، فيكون تأكيدًا لقوله: على غَيْره مواجهةً. وحاصله أنَّ المُسَلَّم عليه لم يكن حاضِرًا. وقيل: وهو أي المُصَلِّي المُسلِّم - على صيغة اسم الفاعل - لا يَعْلَم أن الصلاةَ تَفْسُد بالتسليم والتسمية أو لا. وحينئذٍ يُرْجع إلى مسألةِ عبرةِ الجَهْل والنِّسيان. وقد عدَّها المصنِّفُ رحمه الله تعالى عُذرًا في مواضع، واعتبره فقهاؤنا قليلا. وقد مرَّ البحثُ في العلم ذيل قوله: «افعل ولا حَرَج». والمناسبةُ أنَّهم كانوا أولا يُسلِّمون على جبريل وميكائيل، مع كونِ المُسلَّم عليهم غيبًا، وكانوا يسمونه أيضًا، فَثَبت السَّلام والتسميةُ، ولما لم يعلموا طريقَ التسليم حتى عَلَّمَهم النبيُّ صلى الله عليه وسلّم ثَبَت جَهْلُهم بالمسألةِ أيضًا. 5 - باب التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ 1203 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ». تحفة 15141 - 80/ 2 1204 - حَدَّثَنَا يَحْيَى أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ». أطرافه 684، 1201، 1218، 1234، 2690، 2693، 7190 - تحفة 4686 وطريقته أن تَضْرِب بَاطِنَ أُصْبَعَيك على ظَهْر يَدِك اليُسْرى لا الكَفَّ على الكَفِّ، فإِنَّه يُشْبِهُ اللَّعِب. وأَنْكَره مالكٌ رحمه اللَّهُ تعالى وقال: إنَّ لهنَّ أيضًا التسبيحَ. وشَرْحُ الحديثِ عنده: أنَّ التصفيقَ من أفعالِ النِّساء، فلا ينبغي أن يُؤتِي به. فكأنَّه حَمَله على التقبيحِ دونَ التشريع والأَمر عند الثلاثة على التوزيع كما في الحديث. ثم إنَّه يجوزُ أن يمنع المارّ بالتسبيح، أو بِجَهْر آيةٍ في السِّرية، فيستغني عن التسبيح أيضًا، كذا في «الدار المختار». 6 - باب مَنْ رَجَعَ الْقَهْقَرَى فِى صَلاَتِهِ، أَوْ تَقَدَّمَ بِأَمْرٍ يَنْزِلُ بِهِ رَوَاهُ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1205 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ يُونُسُ قَالَ الزُّهْرِىُّ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَا هُمْ فِى الْفَجْرِ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ، وَأَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - يُصَلِّى بِهِمْ فَفَجَأَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ، وَهُمْ صُفُوفٌ، فَتَبَسَّمَ يَضْحَكُ، فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - عَلَى عَقِبَيْهِ، وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ

7 - باب إذا دعت الأم ولدها فى الصلاة

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّلاَةِ، وَهَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِى صَلاَتِهِمْ فَرَحًا بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ رَأَوْهُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ أَتِمُّوا، ثُمَّ دَخَلَ الْحُجْرَةَ وَأَرْخَى السِّتْرَ، وَتُوُفِّىَ ذَلِكَ الْيَوْمَ. أطرافه 680، 681، 754، 4448 - تحفة 1565 والمشي الكثير مُفْسِدٌ عندنا إذا كان بثلاثِ خطواتٍ متوالياتٍ، أما إذا كانت متفاصلات فلا. كذا صرَّح به محمد بنُ الحسن رحمه الله تعالى في «السير الكبير» عند رواية حديث: «انفلات الدابة» الذي أخرجه البخاري رحمه الله تعالى في الصفحة التالية. 7 - باب إِذَا دَعَتِ الأُمُّ وَلَدَهَا فِى الصَّلاَةِ 1206 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «نَادَتِ امْرَأَةٌ ابْنَهَا، وَهْوَ فِى صَوْمَعَةٍ قَالَتْ يَا جُرَيْجُ. قَالَ اللَّهُمَّ أُمِّى وَصَلاَتِى. قَالَتْ يَا جُرَيْجُ. قَالَ اللَّهُمَّ أُمِّى وَصَلاَتِى. قَالَتْ يَا جُرَيْجُ. قَالَ اللَّهُمَّ أُمِّى وَصَلاَتِى. قَالَتِ اللَّهُمَّ لاَ يَمُوتُ جُرَيْجٌ حَتَّى يَنْظُرَ فِى وَجْهِ الْمَيَامِيسِ. وَكَانَتْ تَأْوِى إِلَى صَوْمَعَتِهِ رَاعِيَةٌ تَرْعَى الْغَنَمَ فَوَلَدَتْ فَقِيلَ لَهَا مِمَّنْ هَذَا الْوَلَدُ قَالَتْ مِنْ جُرَيْجٍ نَزَلَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ. قَالَ جُرَيْجٌ أَيْنَ هَذِهِ الَّتِى تَزْعُمُ أَنَّ وَلَدَهَا لِى قَالَ يَا بَابُوسُ مَنْ أَبُوكَ قَالَ رَاعِى الْغَنَمِ». أطرافه 2482، 3436، 3466 - تحفة 13637 قال الفقهاء: إنَّ الجوابَ مُفْسِدٌ مطلقًا. ثُم إنه هل يجوزُ له ذلك أم لا؟ فإِنَّهم فَصَّلُوا فيه: فقالوا: يجوزُ في النافلة دون الفريضة. يعني أنه إنْ كان في النافلةِ يقطعُ صلاتَه ويجيب، وإن كان في الفريضة يَمْضِي فِيها. لا يقال: إنَّ الحديثَ يدلُّ على وجوبِ القَطْعِ مطلقًا بدون تفصيل بين الفريضةِ والنافلة، لدلالَتِه على استجابةِ دعاءِ أُمِّه عليه. قلت: قد عَلِمت فيما مرَّ أن بابَ الدعاءِ غيرُ بابِ التشريع، فيمكنُ استجابةُ الدعاء مع كونِ المسألة عدَمَ الإِجابة أيضًا. كما في «المسند» أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم خرج مِن عند عائشةَ رضي الله عنها مرةً وقد قال لها: «قَطَع اللَّهُ يَدَيْكِ». ثُم رَجَع فرآها قد اعوجَّت يداها، فدعا لها فبرئت. وذلك لأنَّ السُّنَّة في الدعاء إجراؤه على الألفاظ، ولا يُرَاعي فيه الأَغراض. وفي كتاب «التعليم والمتعلم»: أنَّ شمسَ الأئمة الحَلْوَاني مَرِض مرةً، فحضر تلاميذُه لعيادَتِه ولم يحضر واحدٌ منهم. فلما جاء سُئِل عن سَببِ تَخَلُّفِه، قال: كانت أمي مريضةً ولم يكن هناك أحَدٌ يقومُ بها. فقال له: يُبارَكُ لك في عُمُرك، ولا يُبارَك لك في عِلْمِك، فهذا التلميذُ وإن اعتذر عذرًا صحيحًا، لكنه حُرِم من بركة في عِلْمه. ثم إنَّ الحَلْواني لم يقل له ذلك سَخطةً عنه، ولكنَّه بَيَّن له حقيقةَ الأمر، لما في الحديث: «أن خادِمَ الوالِدَين يُزادُ في عُمُره، وخادِمَ الأستاذ يُزاد في عِلْمِه». وهذا التلميذُ لَمَّا رجَّح جانِبَ عُمُرِه ذَكَّره الحلواني بالحديث. فجُرَيجٌ هذا أيضًا لم يكن عاصِيًا وإلا لم يُبَرِّئه صبيّ. ولكنه استُجِيب فيه دعاءُ أُمِّه على السُّنة التي في الدعاء.

8 - باب مسح الحصى فى الصلاة

1206 - قوله: (اللَّهُمَّ أُمِّي وصَلاتي) قال مولانا شيخ الهند رحمه الله تعالى: «وفي الأَدب المفرد»: أنه قاله في نفسه، لا أنه تكلم بلسانِه. فاندفع الاضْطِرَاب. قوله: (وَمَنْ أَبُوك؟) وفيه أن حُرْمة المصاهرةِ تَثْبُت من الزنا. وهو مذهب مالك رحمه الله تعالى، والحنابلة في أقوى القولين، والحنفية. فَمَنْ قال إنَّ الجمهورَ فيها مع الشافعية؟! 8 - باب مَسْحِ الْحَصَى فِى الصَّلاَةِ 1207 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِى مُعَيْقِيبٌ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِى الرَّجُلِ يُسَوِّى التُّرَابَ حَيْثُ يَسْجُدُ قَالَ «إِنْ كُنْتَ فَاعِلاً فَوَاحِدَةً». تحفة 11485 9 - باب بَسْطِ الثَّوْبِ فِى الصَّلاَةِ لِلسُّجُودِ 1208 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرٌ حَدَّثَنَا غَالِبٌ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نُصَلِّى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى شِدَّةِ الْحَرِّ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ وَجْهَهُ مِنَ الأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ. طرفاه 385، 542 - تحفة 250 - 81/ 2 وافق الحنفية لِدلالَتِه على جوازِ السُّجُودِ على ثوبِ اللابس. 10 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ الْعَمَلِ فِى الصَّلاَةِ 1209 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى النَّضْرِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كُنْتُ أَمُدُّ رِجْلِى فِى قِبْلَةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يُصَلِّى، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِى فَرَفَعْتُهَا، فَإِذَا قَامَ مَدَدْتُهَا. أطرافه 382، 383، 384، 508، 511، 512، 513، 514، 515، 519، 997، 6276 - تحفة 17712 1210 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ صَلَّى صَلاَةً قَالَ «إِنَّ الشَّيْطَانَ عَرَضَ لِى، فَشَدَّ عَلَىَّ لِيَقْطَعَ الصَّلاَةَ عَلَىَّ، فَأَمْكَنَنِى اللَّهُ مِنْهُ، فَذَعَتُّهُ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُوثِقَهُ إِلَى سَارِيَةٍ حَتَّى تُصْبِحُوا فَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ فَذَكَرْتُ قَوْلَ سُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - رَبِّ هَبْ لِى مُلْكًا لاَ يَنْبَغِى لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى. فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاسِيًا». ثُمَّ قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ فَذَعَتُّهُ بِالذَّالِ أَىْ خَنَقْتُهُ وَفَدَعَّتُّهُ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ (يَوْمَ يُدَعُّونَ) أَىْ يُدْفَعُونَ وَالصَّوَابُ، فَدَعَتُّهُ إِلاَّ أَنَّهُ كَذَا قَالَ بِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ وَالتَّاءِ. أطرافه 461، 3284، 3423، 4808 - تحفة 14384 ولما عَلِم المصنِّف رحمه الله تعالى أَن ليس كُلُّ عملٍ جائزًا، ولا كُلُّ عَملٍ مُفْسِدًا أتى بِحَرْف التبعِيض. 1210 - قوله: (لِيَقْطَعَ الصلاةَ عليَّ) أي إِمَّا بالمُرُورِ في قبلتي، أو بأن يُلجأني إلى العملِ الكثير. واختار الأَوَّل في «أحكام الجانّ». وفي «مصنف عبد الرزاق» أَنَّه عَرَض له في صورة

11 - باب إذا انفلتت الدابة فى الصلاة

الهِرَّة -وفي تذكرةٍ عندي ابن أبي شَيْبة-. 11 - باب إِذَا انْفَلَتَتِ الدَّابَّةُ فِى الصَّلاَةِ وَقَالَ قَتَادَةُ: إِنْ أُخِذَ ثَوْبُهُ يَتْبَعُ السَّارِقَ وَيَدَعُ الصَّلاَةَ. 1211 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الأَزْرَقُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ كُنَّا بِالأَهْوَازِ نُقَاتِلُ الْحَرُورِيَّةَ، فَبَيْنَا أَنَا عَلَى جُرُفِ نَهَرٍ إِذَا رَجُلٌ يُصَلِّى، وَإِذَا لِجَامُ دَابَّتِهِ بِيَدِهِ فَجَعَلَتِ الدَّابَّةُ تُنَازِعُهُ، وَجَعَلَ يَتْبَعُهَا - قَالَ شُعْبَةُ - هُوَ أَبُو بَرْزَةَ الأَسْلَمِىُّ - فَجَعَلَ رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ يَقُولُ اللَّهُمَّ افْعَلْ بِهَذَا الشَّيْخِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ الشَّيْخُ قَالَ إِنِّى سَمِعْتُ قَوْلَكُمْ، وَإِنِّى غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سِتَّ غَزَوَاتٍ أَوْ سَبْعَ غَزَوَاتٍ وَثَمَانِيًا، وَشَهِدْتُ تَيْسِيرَهُ، وَإِنِّى أَنْ كُنْتُ أَنْ أُرَاجِعَ مَعَ دَابَّتِى أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَدَعَهَا تَرْجِعُ إِلَى مَأْلَفِهَا فَيَشُقَّ عَلَىَّ. طرفه 6127 - تحفة 11593 - 82/ 2 1212 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَ سُورَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ بِسُورَةٍ أُخْرَى، ثُمَّ رَكَعَ حَتَّى قَضَاهَا وَسَجَدَ، ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ فِى الثَّانِيَةِ، ثُمَّ قَالَ «إِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا حَتَّى يُفْرَجَ عَنْكُمْ، لَقَدْ رَأَيْتُ فِى مَقَامِى هَذَا كُلَّ شَىْءٍ وُعِدْتُهُ، حَتَّى لَقَدْ رَأَيْتُنِى أُرِيدُ أَنْ آخُذَ قِطْفًا مِنَ الْجَنَّةِ حِينَ رَأَيْتُمُونِى جَعَلْتُ أَتَقَدَّمُ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا حِينَ رَأَيْتُمُونِى تَأَخَّرْتُ، وَرَأَيْتُ فِيهَا عَمْرَو بْنَ لُحَىٍّ وَهُوَ الَّذِى سَيَّبَ السَّوَائِبَ». أطرافه 1044، 1046، 1047، 1050، 1056، 1058، 1064، 1065، 1066، 3203، 4624، 5221، 6631 - تحفة 16692 1212 - قوله: (ثُمَّ اسْتفْتَح بسورةٍ أَخرى ثُمَّ رَكَع) وفيه تصريحٌ بأن الاستفتاحَ وقع بالسُّورة. والشافعيةِ قالوا بالفاتحة أيضًا. والسِّر أنَّ الحديثَ جَعَله قِطعاتٍ من قيام، وهم جعلوها قيامًا على حِدَة. وما ذلك إلا لِشَغَفِهم بقوله: «لا صلاة ... » إلخ، فبالغوا بِمثْلِه. 12 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ الْبُصَاقِ وَالنَّفْخِ فِى الصَّلاَةِ وَيُذْكَرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو نَفَخَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سُجُودِهِ فِى كُسُوفٍ. 1213 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى نُخَامَةً فِى قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ، فَتَغَيَّظَ عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ وَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ قِبَلَ أَحَدِكُمْ، فَإِذَا كَانَ فِى صَلاَتِهِ، فَلاَ يَبْزُقَنَّ - أَوْ قَالَ - لاَ يَتَنَخَّمَنَّ». ثُمَّ نَزَلَ فَحَتَّهَا بِيَدِهِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - إِذَا بَزَقَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْزُقْ عَلَى يَسَارِهِ. أطرافه 406، 753، 6111 - تحفة 7518 1214 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ

13 - باب من صفق جاهلا من الرجال فى صلاته لم تفسد صلاته

- رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا كَانَ فِى الصَّلاَةِ فَإِنَّهُ يُنَاجِى رَبَّهُ، فَلاَ يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ شِمَالِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى». أطرافه 241، 405، 412، 413، 417، 531، 532، 822 - تحفة 1261 وفي «البحر» قولان. قيل: إنْ كان النَّفْخُ مُهجًا أَفسد الصلاةَ وإلا لا. وقيل: إن كان مَسْمُوعًا أَفْسَدها وإِلا لا. قوله: (ويُذْكَر عن ابنِ عَمْرو) وإِنَّما مَرَّضَه لأنه لم يكن على شَرْطِهِ، مع أَنَّه أخرجه أبو داود. 13 - باب مَنْ صَفَّقَ جَاهِلاً مِنَ الرِّجَالِ فِى صَلاَتِهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلاَتُهُ فِيهِ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 14 - باب إِذَا قِيلَ لِلْمُصَلِّى تَقَدَّمْ أَوِ انْتَظِرْ فَانْتَظَرَ فَلاَ بَأْسَ 1215 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُمْ عَاقِدُو أُزْرِهِمْ مِنَ الصِّغَرِ عَلَى رِقَابِهِمْ، فَقِيلَ لِلنِّسَاءِ «لاَ تَرْفَعْنَ رُءُوسَكُنَّ حَتَّى يَسْتَوِىَ الرِّجَالُ جُلُوسًا». طرفاه 362، 814 - تحفة 4681 - 83/ 2 يعني أن تعليمَ مَنْ لم يكن في الصلاة لمن في الصلاة يفسد صلاته أو لا؟ ففي «القنية»: أن رجلا لو سهى عن عدد ركعاته مَثَلا، فعلَّمه رجلٌ بِجَنْبه، فعمل به على فَوْرِه أفسدَ صلاتَه. وإن مكث حتى تحرى في نفسه، ثم قام لم تَفْسد - وفي تذكرةٍ عندي أنه ليس مُختارًا عند الشيخ رحمه الله تعالى. 1215 - قوله: (لا تَرْفَعْنَ رُؤُوسَكُنَّ). واعلم أن الحديثَ في تعليم المسألةِ خارجَ الصلاةِ، والترجمةَ في الإِصلاحِ في خلالِ الصلاة، فأين هذا من ذاك؟ إلا أن يُقال: إنه أخذَ ترجمَتَه منه بِنَوْع استنباط. 15 - باب لاَ يَرُدُّ السَّلاَمَ فِى الصَّلاَةِ 1216 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنْتُ أُسَلِّمُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِى الصَّلاَةِ فَيَرُدُّ عَلَىَّ، فَلَمَّا رَجَعْنَا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَىَّ وَقَالَ «إِنَّ فِى الصَّلاَةِ شُغْلاً». طرفاه 1199، 3875 - تحفة 9418 1217 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ شِنْظِيرٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَاجَةٍ لَهُ فَانْطَلَقْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ وَقَدْ قَضَيْتُهَا، فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ

16 - باب رفع الأيدى فى الصلاة لأمر ينزل به

عَلَىَّ، فَوَقَعَ فِى قَلْبِى مَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ فَقُلْتُ فِى نَفْسِى لَعَلَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَدَ عَلَىَّ أَنِّى أَبْطَأْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَىَّ، فَوَقَعَ فِى قَلْبِى أَشَدُّ مِنَ الْمَرَّةِ الأُولَى، ثُمَّ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَىَّ فَقَالَ «إِنَّمَا مَنَعَنِى أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ أَنِّى كُنْتُ أُصَلِّى». وَكَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ مُتَوَجِّهًا إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ. تحفة 2477 وجَوزه «خواهر زاده» بالإِشارة كما في «فتح القدير» نَقْلا عنه. ومَنْع عنه الطحاوي رحمه الله تعالى. وقال: يشيرُ لإِخبارِ أنه في الصلاةِ، ولا يُردُّ عليه السلام. وَوَرَد الحديثُ بالنَّحْوين، وكيفما كان الإِشارةُ للرَدِّ غير مُفْسِدة. 1217 - قوله: (فردَّ عليه) وأخرج الطحاوي رحمه الله تعالى أنه كان بَعْدَ الفراغِ من الصلاةِ. 16 - باب رَفْعِ الأَيْدِى فِى الصَّلاَةِ لأَمْرٍ يَنْزِلُ بِهِ 1218 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ بَنِى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِقُبَاءٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَىْءٌ، فَخَرَجَ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ فِى أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَحُبِسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَحَانَتِ الصَّلاَةُ، فَجَاءَ بِلاَلٌ إِلَى أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ حُبِسَ وَقَدْ حَانَتِ الصَّلاَةُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ قَالَ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ. فَأَقَامَ بِلاَلٌ الصَّلاَةَ، وَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَكَبَّرَ لِلنَّاسِ، وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمْشِى فِى الصُّفُوفِ يَشُقُّهَا شَقًّا، حَتَّى قَامَ فِى الصَّفِّ، فَأَخَذَ النَّاسُ فِى التَّصْفِيحِ. قَالَ سَهْلٌ التَّصْفِيحُ هُوَ التَّصْفِيقُ. قَالَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - لاَ يَلْتَفِتُ فِى صَلاَتِهِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ الْتَفَتَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَشَارَ إِلَيْهِ، يَأْمُرُهُ أَنْ يُصَلِّىَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - يَدَهُ، فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى وَرَاءَهُ حَتَّى قَامَ فِى الصَّفِّ، وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا لَكُمْ حِينَ نَابَكُمْ شَىْءٌ فِى الصَّلاَةِ أَخَذْتُمْ بِالتَّصْفِيحِ إِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ، مَنْ نَابَهُ شَىْءٌ فِى صَلاَتِهِ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ». ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَقَالَ «يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّىَ لِلنَّاسِ حِينَ أَشَرْتُ إِلَيْكَ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا كَانَ يَنْبَغِى لاِبْنِ أَبِى قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّىَ بَيْنَ يَدَىْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 684، 1201، 1204، 1234، 2690، 2693، 7190 - تحفة 4717 - 84/ 2 وقد مر معنا أنَّ ما فعله أبو بكر رضي الله عنه ينبغي أن يقتصر عليه، ولا سيما إذا جاء رَفْعُه تحت السؤالِ من صاحبِ النبوة. 17 - باب الْخَصْرِ فِى الصَّلاَةِ 1219 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نُهِىَ عَنِ الْخَصْرِ فِى الصَّلاَةِ. وَقَالَ هِشَامٌ وَأَبُو هِلاَلٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1220 - تحفة 14418، 14503، 14576

18 - باب تفكر الرجل الشىء فى الصلاة

1220 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ نُهِىَ أَنْ يُصَلِّىَ الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا. طرفه 1219 - تحفة 14551 وقد اختلفوا في علة النهي على أقوال مذكورة في الشروح والحواشي. 18 - باب تَفَكُّرِ الرَّجُلِ الشَّىْءَ فِى الصَّلاَةِ وَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - إِنِّى لأُجَهِّزُ جَيْشِى وَأَنَا فِى الصَّلاَةِ. 1221 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا عُمَرُ - هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ - قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الْعَصْرَ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ سَرِيعًا دَخَلَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ، ثُمَّ خَرَجَ وَرَأَى مَا فِى وُجُوهِ الْقَوْمِ مِنْ تَعَجُّبِهِمْ لِسُرْعَتِهِ فَقَالَ «ذَكَرْتُ وَأَنَا فِى الصَّلاَةِ تِبْرًا عِنْدَنَا، فَكَرِهْتُ أَنْ يُمْسِىَ أَوْ يَبِيتَ عِنْدَنَا فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ». أطرافه 851، 1430، 6275 - تحفة 9906 1222 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرٍ عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أُذِّنَ بِالصَّلاَةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ لَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ التَّأْذِينَ، فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ أَقْبَلَ، فَإِذَا ثُوِّبَ أَدْبَرَ فَإِذَا سَكَتَ أَقْبَلَ، فَلاَ يَزَالُ بِالْمَرْءِ يَقُولُ لَهُ اذْكُرْ مَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى لاَ يَدْرِى كَمْ صَلَّى». قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِذَا فَعَلَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِدٌ. وَسَمِعَهُ أَبُو سَلَمَةَ مِنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه. أطرافه 608، 1231، 1232، 3285 - تحفة 13633، 15423 - 85/ 2 1223 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ النَّاسُ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَلَقِيتُ رَجُلًا فَقُلْتُ بِمَ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْبَارِحَةَ فِى الْعَتَمَةِ فَقَالَ لاَ أَدْرِى. فَقُلْتُ لَمْ تَشْهَدْهَا قَالَ بَلَى. قُلْتُ لَكِنْ أَنَا أَدْرِى، قَرَأَ سُورَةَ كَذَا وَكَذَا. تحفة 13022 يعني إذا فاته الخشوعُ لأَجْل التَّفكُّر في شيء فماذا يكونُ منه؟ أو إذا سها عن ركعاتِه فاشتغل في تَعْيِينِها فماذا عليه من التَّبِعة؟ ففي الفقه: أنه إنْ تَفَكَّر وهو يؤدِّي أفعالَ الصلاةِ لا شيءَ عليه (¬1)، وإنْ قام يتفَكَّر فيها فعليه السهو. ولعل ترجمةَ المصنِّف رحمه اللَّهُ تعالى ليست ¬

_ (¬1) ويتعلق به ما ذكره مولانا عبدُ الحيّ رحمه الله تعالى في "السعاية": رأيتُ في سجودِ السهو من "الحِلْية" عن "الذخيرة" و"التتمة" نقلًا عن "غريب الرواية" أنه ذكر البلخي في "نوادره" عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى: أنَّ مَنْ شكَّ في صلاته فأطالَ تفكُّرَه في قيامه، أو ركوعه، أو قومته، أو سجوده، أو قعدته لا سَهْو عليه، وإنْ فِي جلوسِه بين السجدتين فَعَلَيه السهو، لأن له أنْ يطيلَ اللبث في جميع ما وصَفْنا إلَّا في ما بين السجْدَتَيْن، وفي القعود في وسط الصلاة. وقوله: لا سَهْو عليه مخالِف للمشهور في كتب المذهب، ولكن هذه روايةٌ غريبة نادرة. اهـ.

ناظرةً إلى هذه المسألة. والله تعالى أعلم بالصواب. قال عمرُ رضي الله عنه: إنِّي لأجهز جيشي وأنا في الصلاة. وفي «معاني الآثار». ونحوه ما حَكى المستغفري من قول عمرَ رضي الله عنه في خطبةِ الجمعةِ بالمدينة: «يا رسارية الجبل». وهو إذا ذاك كان على نَحْو خمس مئةِ مثلٍ قريبًا من إيران. ***

22 - كتاب السهو

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 22 - كتاب السَّهْو 1 - باب مَا جَاءَ فِى السَّهْوِ إِذَا قَامَ مِنْ رَكْعَتَىِ الْفَرِيضَةِ 1224 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ مِنْ بَعْضِ الصَّلَوَاتِ ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يَجْلِسْ، فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ وَنَظَرْنَا تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ ثُمَّ سَلَّمَ. أطرافه 829، 830، 1225، 1230، 6670 - تحفة 9154 1225 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ مِنِ اثْنَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ لَمْ يَجْلِسْ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ. أطرافه 829، 830، 1224، 1230، 6670 - تحفة 9154 1224 - قوله: (ثُمَّ قَام يَجْلِس فقامَ النَّاسُ مَعَه ... ) إلخ. وعند أبي داود من باب: مَنْ قام من ثنتين ولم يتشهد، وكان مِنَّا المتشهدُ في قيامه. قلت: فليسأل المشغوفينَ بالفاتحة: ما قولُهم في هذا الرجل؟ فإِنَّ الظاهرَ أَنه تَرَكَ الفاتحةَ، ثُمَّ ماذا يستفادُ منه هل كانت الفاتحةُ عندهم ركنًا على المقتدِي، أو كانت تلك وغيرها سواء؟ فالذي يظهرَ أنها كانت واقعةً من أوائل الإِسلام حين لم يَتَعَلَّمُوا كثيرًا مِن المسائل. فذهب اجتهادُ بعضِهم أن تَشَهُّدَه إذا فاتَ عنه في القعودِ فليأتِ به في القيامِ، فتشهَّد به لذلك، والله تعالى أعلم. قوله: (كَبَّرَ قَبْلَ التسليمِ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْن) والخلاف في كون سجدتي السهو قَبْلَ التسليم أو بعده في الأفضلية، كما في «الهداية». وقد وَضَعه القُدُوري كما في «التجريد» في الجواز. قلت: وهو مَبْنيٌّ على الرواية الشاذَّةِ. وحَمْل الأحاديثِ على تلك الرواية عَسِيرٌ. 2 - باب إِذَا صَلَّى خَمْسًا 1226 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا فَقِيلَ لَهُ أَزِيدَ فِى الصَّلاَةِ فَقَالَ «وَمَا ذَاكَ». قَالَ صَلَّيْتَ خَمْسًا. فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ. أطرافه 401، 404، 6671، 7249 - تحفة 9411

3 - باب إذا سلم فى ركعتين أو ثلاث فسجد سجدتين مثل سجود الصلاة أو أطول

وإنما لم يتمسك به الشافعية رحمهم الله تعالى في مسألةِ كلامِ النَّاسِ، لكَوْنِهِ قبل نَسْخِ الكلام بالاتفاق. ثُم إنه تلزمُ على مسائل الحنفية في تلك الصورة القَعْدَةُ على الرابعة لئلا ينقلبَ فَرْضُه نَفْلا. وقد مر معنا التَّفَقُّه في ذلك، وهو أنَّ الصلاةَ في شريعتِنا إما ثنائيةٌ، أو ثلاثيةٌ، أو رُباعيةٌ، وليس تقومها إلا بالقعدةِ، فلزم بالقعدة على الرابعة. وإلا لا تكون رباعيةً بل تكون شيئًا آخَرَ، وحينئذٍ ثبت كونُ القعدةِ من ضرورياتِ الشَّرْع فلا بد أن يكونَ قعد فيها. وفي «المعجم» للطبراني نَفي القعدةِ على الرابعةِ صراحةً، فأشكل الأَمْرُ علينا، ولا بدَّ له مِن جواب. قلت: ولم أسمع منه جوابَه، ولا أتَّفَق لي السؤالُ عنه. والله تعالى يدري ما كان جوابُه عنده، ولا رَيْبَ أن الأَمْر أمرُّ. 3 - باب إِذَا سَلَّمَ فِى رَكْعَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثٍ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ مِثْلَ سُجُودِ الصَّلاَةِ أَوْ أَطْوَلَ 1227 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى بِنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرَ فَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ الصَّلاَةُ يَا رَسُولَ اللَّهَ أَنَقَصَتْ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِهِ «أَحَقٌّ مَا يَقُولُ». قَالُوا نَعَمْ. فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ. قَالَ سَعْدٌ وَرَأَيْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ صَلَّى مِنَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ فَسَلَّمَ وَتَكَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى مَا بَقِىَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَقَالَ هَكَذَا فَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 482، 714، 715، 1228، 1229، 6051، 7250 تحفة 14952، 19008 أ - 86/ 2 4 - باب مَنْ لَمْ يَتَشَهَّدْ فِى سَجْدَتَىِ السَّهْوِ وَسَلَّمَ أَنَسٌ وَالْحَسَنُ وَلَمْ يَتَشَهَّدَا. وَقَالَ قَتَادَةُ لاَ يَتَشَهَّدُ. 1228 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِى تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه -. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - انْصَرَفَ مِنِ اثْنَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ أَقُصِرَتِ الصَّلاَةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ». فَقَالَ النَّاسُ نَعَمْ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ. أطرافه 482، 714، 715، 1227، 1229، 6051، 7250 - تحفة 14449 حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ قَالَ قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ فِى سَجْدَتَىِ السَّهْوِ تَشَهُّدٌ قَالَ لَيْسَ فِى حَدِيثِ أَبِى هُرَيْرَةَ. تحفة 14468 ذهب المصنف رحمه الله تعالى إلى نَفْي التشهد. ولنا ما أخرجه الطحاوي في «معاني الآثار» مرفوعًا - وإسنادُه قويّ عن عبدِ الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «إذا صلَّى أحدُكم فلم يَدْر

5 - باب من يكبر فى سجدتى السهو

أثلاثًا صلى أم أربعًا؟ فلينظُر أَحْرى ذلك إلى الصواب فليتمه، ثم يسلِّم ثم يسجِد سجدتِي السَّهْو ويتشهد ويسلِّم» (¬1). وأخرج الترمذي عن عِمرانَ بنِ حُصَين - بإِسناد فيه أَشْعَثَ وحسَّنه الترمذي: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم بهم فَسَها، فسجَد سجدتَينِ، ثُم تشهَّد ثُمَّ صلَّى». 1228 - قوله: (قلت: لمحمد - بن سيرين - في سجدتي السَّهْو تَشَهُّدُ؟ فقال: ليس في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه). قلت: وهذا يُشعِر باتحاد القِصَّتين في حديث أبي هريرةَ رضي الله تعالى عنه وعِمرانَ بن حُصَين رضي الله عنه. وهي قِصة ذي اليدين. وعْمَلها النوويُّ رحمِه الله تعالى على التعدُّد. ثُم عند أبي داود في باب سجدتي السهو عن محمد بن سيرين قال سَلَمة بن علقمة لابن سيرين: قلت: فالتشهد؟ قال: لم أسمع في التشهد، وأحبَّ إلى أن يتشهَّد. ثُم إنَّ المصنِّف رحمه الله تعالى أفرز سؤالَ علقمةَ من ابن سيرين، وجوابه إيَّاه من الحديث المرفوع، لكونه رأى ابنَ سيرين، فرواه على حِدَة. 5 - باب مَنْ يُكَبِّرُ فِى سَجْدَتَىِ السَّهْوِ 1229 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِحْدَى صَلاَتَىِ الْعَشِىِّ - قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَكْثَرُ ظَنِّى الْعَصْرَ - رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ فِى مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رضى الله عنهما - فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ وَخَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ فَقَالُوا أَقَصُرَتِ الصَّلاَةُ وَرَجُلٌ يَدْعُوهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتْ فَقَالَ «لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ». قَالَ بَلَى قَدْ نَسِيتَ. فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَكَبَّرَ، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فَكَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ. أطرافه 482، 714، 715، 1227، 1228، 6051، 7250 - تحفة 14580 - 87/ 2 1230 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ الأَسْدِىِّ حَلِيفِ بَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ فِى صَلاَةِ الظُّهْرِ وَعَلَيْهِ جُلُوسٌ، فَلَمَّا أَتَمَّ صَلاَتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ فَكَبَّرَ فِى كُلِّ سَجْدَةٍ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، وَسَجَدَهُمَا النَّاسُ مَعَهُ مَكَانَ مَا نَسِىَ مِنَ الْجُلُوسِ. تَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِى التَّكْبِيرِ. أطرافه 829، 830، 1224، 1225، 6670 - تحفة 9154 ولا يكبر لهما عند الجمهور تكبيرًا جديدًا. وعند مالك رحمه الله تعالى لهما تكبيرٌ جديد على شاكِلة الصلاة، فكأنهما الصلاةُ الصغرى. ¬

_ (¬1) قلت: وذكره وُهَيب عن منصور. أما رَوْح بن القاسم فلم يذكر عن مَنْصور لفظ التشهُّد كما نَبَّه عليه الطحاوي. وأنت تعلم أنه لا بأسَ به إذا ذَكَره وُهَيب. اهـ.

6 - باب إذا لم يدر كم صلى ثلاثا أو أربعا، سجد سجدتين وهو جالس

6 - باب إِذَا لَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلاَثًا أَوْ أَرْبَعًا، سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهْوَ جَالِسٌ 1231 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِى عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتَوَائِىُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا نُودِىَ بِالصَّلاَةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ الأَذَانَ، فَإِذَا قُضِىَ الأَذَانُ أَقْبَلَ، فَإِذَا ثُوِّبَ بِهَا أَدْبَرَ فَإِذَا قُضِىَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ يَقُولُ اذْكُرْ كَذَا وَكَذَا مَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إِنْ يَدْرِى كَمْ صَلَّى، فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَّى ثَلاَثًا أَوْ أَرْبَعًا فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهْوَ جَالِسٌ». أطرافه 608، 1222، 1232، 3285 - تحفة 15423 وقد مرَّ الكلام فيه، والخلافُ بين «الجوهرةِ» و «فتح القدير» في وجوب سجدتي السهو عند العمل بالتحرِّي. وأنَّ الأقربَ عندي ما في «الجوهرة»، وأن الحنفيةَ أَسْعَدُ بالأَحاديث في هذا الباب. 1231 - قوله: (فَلْيَسْجُد سَجْدَتين) وعَمِل به بعضٌ من السلف تَبَعًا لظاهر الحديث ولم يوجبوا على الساهي شيئًا غيرَ السجدتين، إلا أن الأحاديثَ لما بلغت فيه مرتبةَ الصِّحة لا بد وأن تُراعى تلك التفاصيلُ من التحرِّي وغيرِه. 7 - باب السَّهْوِ فِى الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ وَسَجَدَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ وِتْرِهِ. 1232 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّى جَاءَ الشَّيْطَانُ فَلَبَسَ عَلَيْهِ حَتَّى لاَ يَدْرِىَ كَمْ صَلَّى، فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ». أطرافه 608، 1222، 1231، 3285 - تحفة 15244 وهو مذهبُ الجُمهور أن التطوُّع والفَرْض في أحكام السهو سواء. وذهبت جماعةٌ إلى الفَرْق بينهما لكونِ التطوع بِطَوْعه بخلاف الفَرْض. قوله: (وسجد ابن عباس سجدتين بعد وتره ... ) إلخ. لا يقال: إن البخاري رحمه الله تعالى أدخل الوِتْرَ في التطوعِ فلا يكون واجبًا عنده. لأنا نقول: إنَّ المكتوبةَ إنما أُطْلقت في العُرْف على الصلواتِ الخمس فقط. فإِن لم يجعلْه البخاري من المكتوبة وعَدَّه من التطوع لم يخالف مذهبَ الحنفيةِ أيضًا. 8 - باب إِذَا كُلِّمَ وَهُوَ يُصَلِّى فَأَشَارَ بِيَدِهِ وَاسْتَمَعَ 1233 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو عَنْ

9 - باب الإشارة فى الصلاة

بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَزْهَرَ - رضى الله عنهم - أَرْسَلُوهُ إِلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقَالُوا اقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنَّا جَمِيعًا وَسَلْهَا عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ وَقُلْ لَهَا إِنَّا أُخْبِرْنَا أَنَّكِ تُصَلِّينَهُمَا وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَكُنْتُ أَضْرِبُ النَّاسَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْهُمَا. فَقَالَ كُرَيْبٌ فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَبَلَّغْتُهَا مَا أَرْسَلُونِى. فَقَالَتْ سَلْ أُمَّ سَلَمَةَ. فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ فَأَخْبَرْتُهُمْ بِقَوْلِهَا فَرَدُّونِى إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثْلِ مَا أَرْسَلُونِى بِهِ إِلَى عَائِشَةَ. فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَى عَنْهَا ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا حِينَ صَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَىَّ وَعِنْدِى نِسْوَةٌ مِنْ بَنِى حَرَامٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الْجَارِيَةَ فَقُلْتُ قُومِى بِجَنْبِهِ قُولِى لَهُ تَقُولُ لَكَ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْتُكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ وَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا. فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخِرِى عَنْهُ. فَفَعَلَتِ الْجَارِيَةُ فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «يَا بِنْتَ أَبِى أُمَيَّةَ سَأَلْتِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَإِنَّهُ أَتَانِى نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَشَغَلُونِى عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ». طرفه 4370 - تحفة 17571، 9685 أ، 18207، 11279 ل - 88/ 2 9 - باب الإِشَارَةِ فِى الصَّلاَةِ قَالَهُ كُرَيْبٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 18207 1234 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَلَغَهُ أَنَّ بَنِى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَىْءٌ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ فِى أُنَاسٍ مَعَهُ، فَحُبِسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَحَانَتِ الصَّلاَةُ فَجَاءَ بِلاَلٌ إِلَى أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ حُبِسَ وَقَدْ حَانَتِ الصَّلاَةُ فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ قَالَ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ. فَأَقَامَ بِلاَلٌ وَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَكَبَّرَ لِلنَّاسِ وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمْشِى فِى الصُّفُوفِ حَتَّى قَامَ فِى الصَّفِّ، فَأَخَذَ النَّاسُ فِى التَّصْفِيقِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - لاَ يَلْتَفِتُ فِى صَلاَتِهِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ الْتَفَتَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُهُ أَنْ يُصَلِّىَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَرَجَعَ الْقَهْقَرَى وَرَاءَهُ حَتَّى قَامَ فِى الصَّفِّ، فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى لِلنَّاسِ فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا لَكُمْ حِينَ نَابَكُمْ شَىْءٌ فِى الصَّلاَةِ أَخَذْتُمْ فِى التَّصْفِيقِ، إِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ، مَنْ نَابَهُ شَىْءٌ فِى صَلاَتِهِ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ. فَإِنَّهُ لاَ يَسْمَعُهُ أَحَدٌ حِينَ يَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ إِلاَّ الْتَفَتَ، يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّىَ لِلنَّاسِ حِينَ أَشَرْتُ إِلَيْكَ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - مَا كَانَ يَنْبَغِى لاِبْنِ أَبِى قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّىَ بَيْنَ يَدَىْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 684، 1201، 1204، 1218، 2690، 2693، 7190 - تحفة 4776 - 89/ 2

1235 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا الثَّوْرِىُّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - وَهِىَ تُصَلِّى قَائِمَةً وَالنَّاسُ قِيَامٌ فَقُلْتُ مَا شَأْنُ النَّاسِ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى السَّمَاءِ. فَقُلْتُ آيَةٌ. فَقَالَتْ بِرَأْسِهَا أَىْ نَعَمْ. أطرافه 86، 184، 922، 1053، 1054، 1061، 1373، 2519، 2520، 7287 تحفة 15750 1236 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قَالَتْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٍ جَالِسًا، وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا». أطرافه 688، 1113، 5658 - تحفة 17156 وقد علمتَ أن الإشارةَ ليست بِمُفْسِدة عندنا وإن كرهها الحنفية، ووَسَّع فيها الشافعية. ونُسِب إلى الطرفين أن الأذكار إذا استُعْمِلَت في حاجاتِ الدنيا وأخرجت مُخْرج الكلام، انسلخت عن كونها ذِكْرًا. ونُسِب إلى أبي يوسف رحمه الله تعالى أنها لا تخرجِ عن كونها ذِكْرًا بمجرَّد النية. وفي «تذكرة الدارقطني» أنه كان يتهجَّدُ مرةً، وكان تلامِذَتُه مشغولين في أَخْذِ النقول، إذ اختلفوا في اسم راوٍ: هل وهو نصيرٌ أَم بشيرٌ - أي بالنون أو الباء؟ فلما قام الدَّارقطني من سجدته جعل يقرأ سورة {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} كأنه أشار إلى أن «نصير» بالنون. والمختار عندي ما قاله أبو يوسف رحمه الله تعالى، فإِنَّه أسهلُ لنا ونرجُو من الله سبحانه أن نعمل به وندخلَ جنته أيضًا (¬1). ¬

_ (¬1) "حاشية" في بعضِ أسرارِ الصلاةِ على ذَوق أرباب الشَرْع والأحكام، جمعتُها على نَحو ما كنتُ أسمع من شيخي رحمه الله تعالى في مجالس الوعظ والتذكير. واعلم أن الصلاة عبادة جامعةٌ كاملة تَقصُر عن إدراك أسرارِها الأفكارُ، وتَعجِز عن نيل حقائقها الأبرارُ، ولا سيما الصلاةُ المحمدية، فإنها كانت خبيثة آثر بها الله تعالى تلك الأمة المرحومة بطفيل سيدِ المرسلين. والأمم السابقة وإن فازوا بتلك الحقيقةِ لكن لصلاتِنا فَضلٌ عَرَفه أولو الأبصار، وأما جهلاء الفلاسفة فأَين هم من تلك النعمة، فجدُّوا واجتهدوا، وصرفوا الأعمار واقتحموا الغمار، فلم يدركوا إلا ما أدرك الكُسَعِي لَمْا استبانَ النهارُ، أو الفرزدقُ حين أبان النوار، فها أنا أذكر لك من أسرارها بعضَ ما سمعتُ من شيخي رحمه الله تعالى. فاعلم أن الإيمانَ أَوَّلُ الواجبات، ثم سترُ العورة، ثم الصلاة، فهي الفريضة الثالثة جعلها الله تعالى فريضة على الأمة المحمدية ليعبُدُوه بعبادة يَغْبِط بها الأولون والآخرون، فإن طرق التعظيم في الأقوام كلها انحصرت في أربع: إما بالمثول بين يديه، أو بانحناء الرأس لديه، أَو بِوَضْع الجبهة، أو بالقعود على ركبتيه، فجعلها اللهُ تعالى كلها ماد للصلاة، وأركانًا. ولما كان السجود من أقصى مراتب التذلل، خَصَّ الله تعالى بها نَفسه وحَرَّمه على غيره كائنًا مَن كان من الأنبياء والأولياء في الحياة وبعد الممات. وأما الرُّكوعُ فكان دونَه فلم يحرِّمه، ولكنه جعله مكروهًا تحريمًا، كما في "العَالمَكِيرية": أن الانحناء عند الملاقاة مكروهٌ تحريمًا. فهذان من الأربع جعلهما الله تعالى لنفسه بقي اثنان، أي القيام والقعود، فتركها بين العبادِ ليلعبوا بهما كيف شاؤوا. ولما كانت الأذكار أَعلاها التسبيحُ والتكبيرُ والتحميدُ جعلها عند الانتقالاتِ لينطق اللسانُ بما تفعله الجوارحُ، فكانت هذه لُحمةَ الصلاة وتلك سَدَاها، وفي "تاريخ ابن عساكر": أن موسى عليه السلام كُشف له قومٌ يُكَبِّرون اللهَ عند كل شَرَف، ويسبحونه عند كُل =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = خفص، فقال: أي رب! مَن هؤلاء؟ فقال: هم أُمةُ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -. هنالك دعا: أي رب لو جعلتني منهم. ثم إن لأنبياء اللهِ تعالى أفعالًا وسُننًا أَحَبَّهَا اللهُ تعالى منهم، فجعلها شعائرَ وشريعةٌ لِمَنْ بعدهم فكان خليل اللهِ إِبراهيم عليه السلام قال عند رؤية الشمس: هذا ربي هذا أكبر، فجعل تلكَ الكلمة تحريمة لصلاتِنا مع إِصلاحها، لتبقى تذكارًا للحُّجَّة التي كان خليل اللهِ تعالى أوتيها، فوضع مكان اسم الإشارة لفظ: الله جلَّ جلاله. والظَّنُّ أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ربي وربُك اللهُ في الدعاء عند رؤيته الهلال إصلاحٌ لإِشارته. ورُوي أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام -أو أبو بكر رضي الله تعالى عنه جاء مرة للصلاة وقد ركع الإِمام، فقال: اللهُ أكبر، الحمد لله، الله أكبر، كأنه جعل الحمدَ الذي هو خلاصة الفاتحة في الوسط. فنزل مَلَكٌ من السماء وقال: سمِعَ الله لمن حمده. فَجُعِلت تلك أيضًا جزء من صلاتنا، وكذلك رأى الشمسَ آفلة لا تليق بها الربوبية، قال: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} إلخ. فجعل التوجِيهَ أيضًا في مُفْتَتح الصلاة. وذكر الحكيم الترمذي وهو حنفي- أن التسبيحَ تطهيرُ الأعمال، والتقديس يمحَقُ الأثقال والتكبير يرفعُ الأعمال، والتحميدَ والصلاةَ استجابةُ الدعاء. فأُدخلت كُلُّها في الصلاة، أما التسمية فهي كما قال النظامي: هست كليددر كنج حكيم بسم الله الرحمن الرحيم. وقال الأمير خسرو في "مطلع الأنوار": مطلع أنوار حذائي كريم بسم الله الرحمن الرحيم وقال العارف الجامي في "تحفة الأحرار": هست صلائي سر خوان كريم بسم الله الرحمن الرحيم. قلت: والكلُّ حسنٌ، غيرَ أن النظامي قد سبَقهم كما يذوقه صاحب الذوق، ثُم التحياتُ تَذْكرةٌ لما جرى بين الله عز وجل وحبيبه ليلةَ المعراج فكانت في القعدة بقي القرآنُ فهو أسنى المقاصد وأَعَز المطالب. فإنَّه مناجاةٌ مع الربِّ جلَّ ذِكْره، بقي وَضْع اليمينِ على الشمال فهو لتحصيل هيئة الحِزَام، ولأنَّ لبدن الإنسانِ حصَّتان العليا والسُّفْلى والقوة الملكوتية في الأولى، والشهوانية في السفلى، وكانت السُّرة بينهما كالثغر (سرحد) فالقوةُ الملكوتية تَجذِبُه إِلى الفوق وحضرة القدس، والأخرى إلى التحت والدَّنس، فعلِّم الشَّرْع أن يَضَعَ يَدَيْه تَحْت السُّرة لتكون له سترةً من القوة الشهوانية فلا تطغى فتمنعه عن العُروج إلى الملكوت والجبروت. وقد صنف أبو طالب المَكي كتابًا سماه: "التحيات"، وذكر فيها طُرُقَ السلام في جميع الأقوام. فذكر فيه أن السلامَ في ملوك الحبشة كان بِوَضْعِ اليُمْنَى على اليُسرى فلا بُعْد أن يكون الوَضْع ناظرا إليه أيضًا، وكتب أن السلام في ملوك حِمْيَر -وهم الذين بعد تُبَّع- كان بِرَفع الإِصْبع كَرَفْع السَّبَّابة في التشهد في صلاتنا ثم تبَيَّنَ لي أن اليدين يفعلانِ ما يفعلُه البدنُ. فكما أن البدنَ يقومُ عند الاستقبال، كذلك اليدان أيضًا غيرَ أن قيامَهُما الرفْعُ واستقبالَهما أن تكون الكفان قِبَلَ القِبْلة لا كما يفعله بعضُ مَنْ لا درايةَ له من تَحْويل الكَفَّين إلى جهة الوَجْه، وبعضٌ آخرَ مِن مَسَّ الإِبهامَين شَحْمتي الأُذنين. فَإِنَّ السُّنة ما قلنا كما هو عند الطحاوي مصرَّحًا، ثُمَّ يَحْصُل الوقوفُ للبدن فكذلك اليدان أيضًا تقفان، غيرَ أن وقُوفهما القبضُ. ثُم البدنُ يركعُ فتركعُ يَدَاهُ، وركوعُهُما الاعتمادُ على الركبتين. وكان أولا التطبيقُ، ثُم نسخ وآلَ الأمْر إلى الاعتماد، ثُمَّ التطبيقُ عندي ليس على صورة التشبيك، بل بضَمِّ الكَفَّين بدون تَدَاخُل الأصابع، ومَنْ ذَكَر التشبيكَ أراد المبالغةَ في الضمِّ، وإلا فالتشبيكُ ممنوعٌ حتى في الإتيان إلى الصلاة أيضًا. ثم البدنُ كما ينتقلُ من الوقوف إلى الركوع بدون فِعْل، كذلك النظر يحكم أن يكون حكم اليدين، فينبغي أن لا يكونَ لهما فِعْلٌ عند الذهاب إلى الركوع، وكذلك في القيام من الركوع حيث لا تكبير فيه ليلزم الرفع، ولا فِعْلَ جديد بل هو عَوْدٌ إلى القيام السابق، فدلَّ على نَفْي الرَّفع عند القيام أيضًا. ثُمَّ البدنُ يخرّ ساجدًا فاليدان أيضًا تسجدان. وفي الحديث ما يدلُّ على أنه ينبغي أن يكونَ السجودُ على سبعةِ آرابِ. ثُمَّ البَدنُ يدخلُ في القعدة، واليدان أيضًا تتبعه، وقُعودهما بَوضْعِهما على الفَخذين ثُمَّ البدنُ يلتفتُ يمينًا وشمالا فتتحرك معه اليدان أيضًا، لأن السلام أيضًا في القديم كان بالإِثارة وإِنْ نُسخ فيما بعد واكتُفي بالتسليم فبهذا النظرُ يؤيدُ نَفْي الرَّفْعَ عند الذَّهاب إِلى الركوع والقيام منه كليهما. ومِن ههنا تبيَّن أن لليدين أيضًا شُغلًا في الصلاة، وليس =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . انتهى بحسن توفيق الله تعالى الجزء الثاني من كتاب "فيض الباري على صحيح البخاري" من أمالي إمام العصر المُحدِّث الشيخ أنور الحنفي الدُّيُوبندي رحمه الله ويليه الجزء الثالث وأوله: كتاب الجنائز * * * ¬

_ = سكونهما بناءً على العدم الأصلي بل تلك وظيفتُهما عند ذلك، بخلاف تكبيرةِ الافتتاح، فإنَّهما تُرفعان عنده، لأنَّ البدنَ إذا دخل في طاعةٍ وجبَ رَفْعهُما ليشتغِلا في عملٍ يُناسِبُهُما. ثم اعلم أن للصلاة بداية ونهاية ومَركزًا، فالبداية من التحريمة، فالذين أدركوا التحريمةَ هم السابقون السابقون، أولئك المقربون. وأما المركز الأصلي فالتأمين، فمن أدركه دَخَل في المغفرة، ومن فاته التأمين فغايتُه أن يُدرِك الركوع، فإن أَدركه فقد أَدرك الركعة بما فيها، غير أنه على نحو اغماض. ويُشترط أن يُحْرِم قائمًا ليحصل له نُبذةٌ من القيام وإِلَّا تَفْسُد صلاته. ففيه دليلٌ على أن قراءةَ الإِمام تُحْسَب عن قراءة المقتدي. فإنَّ أَمْر القراءةِ لو كان كالقيام لوجبت عليه القراءةُ في نفسه كما لزمه القيامُ بنفسه. ولم يُحسب قيامُ الإِمام له قيامًا بخلاف القراءة فإن مُدرك الركوع عُدَّ مِعْراج المؤمنين، مدركا للركعة بما فيها. وبالجملة لما اشتملت الصلاة على أسرار ودقائق يضيق عنها نطاق البيان قيل لها معراج المؤمنين فمعراجُ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان بجسده المبارك، ومعراج الأولياء يكون بالروح، ومعراج عامّة المؤمنين الصلاة ولذا آخِرُ ما تكلَّم به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "الصلاة وما ملكت آيمانكم". وهذا على لفظ أحمد، وأما عند البخاري فآخر ما تكلم به: "اللهم بالرفيق الأعلى". والتوفيق ممكنٌ بأَن يكون كلاهما آخرًا عُرْفًا. هذا آخِرُ الكلام ولله الحمد اللهم أمطر علينا شآبيب النعم واجعلنا مقيمي الصلاةِ ومن ذريتنا اللهم اجعلنا نعبُدك كأنا نراك أبدًا، وأَشْرب قلوبَنا حلاوةِ الإيمان، ولذاذة الإيقان وأمتنا على مِلتك وملة رسولِك، واحشرنا مع عبادك النبيين والصديقين والشهداء والصالحين آمين برحمتك يا أرحم الراحمين.

23 - كتاب الجنائز

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 23 - كتاب الجَنَائِز 1 - باب فِى الْجَنَائِزِ، وَمَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَقِيلَ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَلَيْسَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ قَالَ بَلَى، وَلَكِنْ لَيْسَ مِفْتَاحٌ إِلاَّ لَهُ أَسْنَانٌ، فَإِنْ جِئْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ فُتِحَ لَكَ، وَإِلاَّ لَمْ يُفْتَحْ لَكَ. 1237 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مَهْدِىُّ بْنُ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الأَحْدَبُ عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَتَانِى آتٍ مِنْ رَبِّى فَأَخْبَرَنِى - أَوْ قَالَ بَشَّرَنِى - أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِى لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ». قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ». أطرافه 1408، 2388، 3222، 5827، 6268، 6443، 6444، 7487 تحفة 11982 - 90/ 2 1238 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ». وَقُلْتُ أَنَا مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ. طرفاه 4497، 6683 - تحفة 9255 قوله: (من كان آخِرُ كلامِهِ لا إلهَ إِلا اللَّهُ ... ) إلخ. واعلم أن هذه الكلمةَ كلمةٌ إيمانٍ وكلمةُ أَذكارٍ فإِذا قالها الكافرُ ليدخل بها في الايمان فهي كلمة إيمانٍ، وإذا ذَكَر بها المسلم فهي ذِكْرٌ كسائر الأذكار. وعليه قوله صلى الله عليه وسلّم «أَفَضْلُ الذِّكْر لا إلهَ إِلا اللَّهُ». والموزونُ في حديثِ البِطَاقة عندي هو كلمةُ الذِّكْر دون الإِيمان (¬1). فإِنَّ الإِيمانَ لو وُزِن بالكفر فإِنَّه يقابِلُه، فلا يوزنُ بالأعمال. ولعلَّ اسمَ اللَّهِ يخرج من كَفَّة الأعمال عند الوزن، فإِن اسمَ اللَّهِ لا يُوزَن معه شيءٌ، وإِنه يَرْجُحُ الدنيا بما فيها. وإنما وُزِن لهذا المُسْرِف على نفسه ليرى أَهْلُ المَحْشَرِ وَزْنَه مرةً. ولعل هذا الرجل قاله بنهايةِ الإِخلاص فنالَ حَظَّه منه كاملا، فإِنَّ الناس وإِن كانوا سواءَ في أَصْل الإِيمان إِلا أنهم يختلفون في التلبيس بتلك الكلمة على مراتب لا تُحصى. فإِنَّ التَّلبُّسَ بتلك الكلمة شيءٌ وراء الإيمان، وهذا التَّلبُّسُ كالتَّلَبُّس بالصلاة، كما عند أبي داود - ص 115: «أَنَّ الرجلَ لينصرفُ وما كُتِبَ له إِلا عُشْرُ صلاتِه، تُسْعُها، ثُمنُهها، سبعُها، سدسُها، خمسُها، رِبعُها، ثلُثُها، نصفُها»، وأظنُّ أن يكون مِن الناسِ مَنْ لا يكون له حظٌّ منها والعياذ بالله. ¬

_ (¬1) قلت وأتذكر أنه قال مرةً: إن الموزون كلمةُ إيمان، والإيمانُ وإن لم يكن موزونًا لكنه وزن لهذا الرجل خاصَّة ليعلم أن اسم الله تعالى ماذا وزنه، فغفر اللهُ لهذا الرجلِ، ويظهَر مِثل هذه العجائبِ كثيرًا في المَحْشَر.

2 - باب الأمر باتباع الجنائز

فالحاصل: أن الفَضْلَ لِلمذكور ههنا لهذا الذِّكْر. ولذا قال الفقَهاء: إنها ليست ضرورية عند الاحتضار، نعم لو ذَكَرِها تَحْصُل له هذه الفضيلةُ الموعدةُ إن شاء اللَّهُ تعالى. وفيه قِصة أبي زُرْعَة وأبي حاتم. بل قالوا: «إنَّ المحتضَرَ لو جَرَت على لسانِهِ كلمةُ كُفْرٍ لا يُحْكَم به، فإِنَّ الوقتَ وقتُ الشدة، لا يشعرُ الإِنسانُ بما يقول، ولا يدري بما يجري على لسانه. فلا يُحْكم عليه بشيءٍ في مِثْلِ هذا الأوَانِ. ثم العبرةُ في كونها آخِرًا أن يتكلم بها ثُمَّ لا يتكلمُ بعدها بشيء (¬1) وإن بقي حيًا، فإِنَّه يَعُدُّ أنها من آخِر كلامه. نعم إذا قالها ثُم تكلَّم بكلمةٍ أخرى انتهت آخِرِيَّتُه فليُعِدْهَا وليقلها ثانيًا. والتلقينُ أيضًا لهذا المعنى، أي ليتنبَّه المحتضرَ ويتكلم بها ويصيرُ آخِرُ كلامه لا إله إلا الله. ولا يُشترطُ فيه قولُه: محمدٌ رسول الله، فإِنه ليس بِذِكْر وإن كان رُكْنَ الإِيمان، وقد فَصَّلناه في كتاب الإِيمان. 1237 - قوله: (وإنْ زَنَى وإِنْ سَرَقَ) ليس المرادُ منه المؤمنَ العاصي، بل مَنْ كان زَنَى في زمنِ الجاهلية ثُمَّ أَسْلَم، فإِنهُ يغفر له ما قدَّم ويدخل جنَّة ربِّه إن شاء اللَّهُ تعالى. 2 - باب الأَمْرِ بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ 1239 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَشْعَثِ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ أَمَرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِى، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ، وَرَدِّ السَّلاَمِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ. وَنَهَانَا عَنْ آنِيَةِ الْفِضَّةِ، وَخَاتَمِ الذَّهَبِ، وَالْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالْقَسِّىِّ، وَالإِسْتَبْرَقِ. أطرافه 2445، 5175، 5635، 5650، 5838، 5849، 5863، 6222، 6235، 6654 - تحفة 1916 1240 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِى سَلَمَةَ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ رَدُّ السَّلاَمِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ». تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. وَرَوَاهُ سَلاَمَةُ عَنْ عُقَيْلٍ. تحفة 13190، 13268، 13218 وقد علمت ما حقُّ لَفْظِ الاتباع، وأنه أَقْرَبُ بمادَّتِه إلى نظر الحنفية، وأن الخلاف في المشي أمام الجنازة وخلْفَها في الأفضلية دون الجواز. 1239 - قوله: (وإِبرارِ المُقْسِم) وهو إما أن يحلِف بِفِعْلِ الغير فإِذَن يكونُ بنفسِه حالِفًا ¬

_ (¬1) رُوِي عن ابن المبارك أنه لما حضرَتْهُ الوفاة جعل رجل يلقنُه لا إله إلا الله وأَكثَر عليه، فقال له عبد الله: إِذا قلت مرةَ فأنا على ذلك ما لم أتكلم بكلام. اهـ. كذا في "جامع الترمذي" -ص (112) ج 1 - .

3 - باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج فى كفنه

ويستحب للآخرِ أن يأتي بما حلَف عليه، لئلا يكونَ حانِثًا، وإما يحلِف غيرُه وحينئذٍ لا يكون واحدٌ منهما حالِفًا. قوله: (وَرَدِّ السَّلام) واتفق الكُلُّ على أن الجواب يكفي من واحدٍ من بين الجماعة مع ورود صيغ العموم، وهذا هو شاكِلَةُ الصَّيَغ في الفروض على الكفاية، فإِنَّ الخطاب فيها يكون مع الكل، ويكون المقصودُ الإتيانَ بها من المجموع من حيثُ المجموعُ. وهذا هو صنيعُ أحاديثِ إيجاب الفاتحة، فإنها مطلوبةٌ من المجموع على طريقِ الفَرْض على الكفاية، فأخذوها واجبةً على الكل كَفَرْض العين، ونحوه صنيعُ أحاديثِ السُّتْرة، فإِنَّ الخطاب فيها عامٌ، كأن وَضْعَ السترة على كلَ مع أنها إذا كانت للإِمام خرج الكلُّ عن العُهْدة. وإنما تردُ تلك الأحاديثُ بهذا العمومِ لأنَّ المأمور به فيها قد يكون مطلوبًا مِن كلِّ واحدٍ أيضًا باعتبار أحوالِ الإِنسان، فإِنَّه إذا صلى مُنفرِدًا وجب له أن يَغْرِز السُّترةَ لنفسه، فإِذا كان مع الجماعةِ فإِمامُهُ قد كفى عن فريضة، وكذلك الفاتحة تجِب عليه عَينًا إذا صلَّى لنفسه، وإذا صَلَّى مع الجماعة صارت مطلوبةً من المجموع، ويتحملُها الإِمام عنه، فصارت قراءتُه له قراءةً. وهذه اعتباراتٌ يفهمهما المُنْصِفُ دون المتعسِّف، والله يهدي مَن يشاء إلى صراطٍ مستقيم. قوله: (وتَشْمِيتِ العَاطِس) قيل: واجب، وقيل: مستحب. قوله: (نهانا عن آنية الفضة) والنَّهْي عن الأواني عامٌّ للنِّساء أيضًا وإِنْ جازلَهُنَّ الحُلِيّ. 3 - باب الدُّخُولِ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ الْمَوْتِ إِذَا أُدْرِجَ فِى كَفَنِهِ 1241 و 1242 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى مَعْمَرٌ وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - عَلَى فَرَسِهِ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ حَتَّى نَزَلَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ، حَتَّى نَزَلَ فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَتَيَمَّمَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُسَجًّى بِبُرْدِ حِبَرَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ بِأَبِى أَنْتَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ، لاَ يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ، أَمَّا الْمَوْتَةُ الَّتِى كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ فَأَخْبَرَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - خَرَجَ وَعُمَرُ - رضى الله عنه - يُكَلِّمُ النَّاسَ. فَقَالَ اجْلِسْ. فَأَبَى. فَقَالَ اجْلِسْ. فَأَبَى، فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَمَالَ إِلَيْهِ النَّاسُ، وَتَرَكُوا عُمَرَ فَقَالَ أَمَّا بَعْدُ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَىٌّ لاَ يَمُوتُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ) إِلَى (الشَّاكِرِينَ) وَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الآيَةَ حَتَّى تَلاَهَا أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ، فَمَا يُسْمَعُ بَشَرٌ إِلاَّ يَتْلُوهَا. أطرافه 3668، 3670، 4453، 4454، 4457، 5711 - تحفة 6601 - 91/ 2

1241، 1242 - قوله: (لا يَجْمَعُ اللَّهُ عَليك مَوْتَتَيْنِ) تعريضٌ بِعُمَر رضي الله عنه، فإِنه كان يُنْكِر موتَه، وقد مرَّ معنا تحقيق مسألة حياةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بِقَدْر الإِمكان فتذكره. قوله: ({قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ})، ولا تَمَسُّك فيه للشقي القادياني: أمَّا أولا: فبأَنَّ «الخُلُو» ليس بمعنى الموت، كما قال تعالى: {أَفإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ} [آل عمران: 144]. وأما ثانيًا: فبالمعارَضَةِ من قوله تعالى: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ ... } [المائدة: 75] إلخ. فإِنَّ الآيتين نَزَلتا على النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وشاكِلَتُهما واحدٌ، فكما أن الاستثناء في الآيةِ الأولى أوجَب حياةَ نبيِّنا صلى الله عليه وسلّم كذلك الاستثناءَ في الثانية أيضًا أوجَب حياةَ المسيحِ عليه الصلاة والسلام بدون فَارِق. وأما ثالثًا: فبقراءةِ ابنِ عباس رضي الله عنه وفيها: «مِنْ قَبْلِهِ رسلْ» فلم يَثْبت الاستغراقُ. أما رابعًا: فبأُنَّ اللام فيه ليس للاستغراق بل للجِنْس، فإِنه على الأوَّل غيرُ مفيدٍ، لكونِه استدلالا من الكليِّ على الجزئيِّ، وإذا تحصلت عِلمًا كليًا فقد استغنيت عن الجزئي، ألا ترى أنك إذا تيقنت بخُلُو جميع الرسل لم تشك في خُلُو رسول دون رسول، بخلاف ما إذا كانت اللام فيه للجنس فإِنَّه يكون مفيدًا جدًا، كالتمثيل والاستقراء. وحينئذٍ يكونُ حاصِلُه الاستدلالَ بِخُلُو جنس الرسل على خُلُو هذا الرسل مثلا، وهو مفيد كما ترى، مع أن الزَّمَخْشري قد صرَّح بأن اللام للجنَس أو العهد. ثم الاستغراق يُستفاد من القرائن ولا قرينةَ ههنا. وأما التفتازاني فذهب في «التلويح» إلى أنَّ مدلولَ اللام هو تعيينُ المدخولِ بين المتكلِّمِ والمخاطَب فقط، والأقسامُ الأربعةُ توجَدُ من القرائن، ثُم الموصولُ والإِضافة أيضًا تنقسِمُ إلى تلك الأقسام، فانظر الشرح «مئة عامل» المنظوم. 1243 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ أُمَّ الْعَلاَءِ - امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ - بَايَعَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ اقْتُسِمَ الْمُهَاجِرُونَ قُرْعَةً فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، فَأَنْزَلْنَاهُ فِى أَبْيَاتِنَا، فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ، فَلَمَّا تُوُفِّىَ وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ فِى أَثْوَابِهِ، دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِى عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْرَمَهُ». فَقُلْتُ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنْ يُكْرِمُهُ اللَّهُ فَقَالَ «أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ، وَاللَّهِ إِنِّى لأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِى - وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ - مَا يُفْعَلُ بِى». قَالَتْ فَوَاللَّهِ لاَ أُزَكِّى أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا. أطرافه 2687، 3929، 7003، 7004، 7018 - تحفة 18338 حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ مِثْلَهُ. وَقَالَ نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عُقَيْلٍ مَا يُفْعَلُ بِهِ وَتَابَعَهُ شُعَيْبٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَمَعْمَرٌ. تحفة 18338 1244 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا قُتِلَ أَبِى

4 - باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه

جَعَلْتُ أَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ أَبْكِى، وَيَنْهَوْنِى عَنْهُ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَنْهَانِى، فَجَعَلَتْ عَمَّتِى فَاطِمَةُ تَبْكِى، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَبْكِينَ أَوْ لاَ تَبْكِينَ، مَا زَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ». تَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى ابْنُ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ جَابِرًا - رضى الله عنه -. أطرافه 1293، 2816، 4080 - تحفة 3044، 3061 1243 - قوله: (ما يُفْعَلُ بي) دَلَّ على أن المخاطَب إذا لم يكن عنده عِلْمٌ مِثْلُ ما عند المتكلم يجبُ عليه التردد، ولا ينبغي له أن يقعُدَ مطمئنًا مستريحًا، فإنَّ العلم الجملي لا يُغني ولا يكفي فإِنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم وإن كان يعلمُ ما يُفعلُ به، ولكن لم يكن عنده منه إلا عِلْمٌ جمليٌّ ولم يُحِط علمه بما في عِلْم الله كما أخبر به اللَّهُ سبحانه: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة: 255] فإذا لم تَحْضُر عنده تفاصيلُ ذلك لم يسكن جأشُه، ولم يبرح مُضطرِبًا مهمومًا مُتفكِّرًا في الآخِرة دائمَ الأحزان لها. وإنما أراد النبيُّ صلى الله عليه وسلّم من قوله: «وما يُدريك أنَّ اللَّه أكرمه» الزَّجْرَ على تجاسُرِه بين يدي صاحبِ النُّبوة، والجزمِ بما لا يعلمُ نهايةَ أَمْرَه دونَ الرَّدِّ على إكرامه، فإِنه رجا له الخيرَ. ومِن هذا الباب قولُ عائشة رضي الله عنها: «عصفورٌ من عصافيرِ الجّنَّةِ، وقد مرَّ في العلم ما يتعلق به». 4 - باب الرَّجُلِ يَنْعَى إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ بِنَفْسِهِ 1245 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَعَى النَّجَاشِىَّ فِى الْيَوْمِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ، خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا. أطرافه 1318، 1327، 1328، 1333، 3880، 3881 - تحفة 13232 - 92/ 2 1246 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ - وَإِنَّ عَيْنَىْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَتَذْرِفَانِ - ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ فَفُتِحَ لَهُ» أطرافه 2798، 3063، 3630، 3757، 4262 - تحفة 820 أي لا بأسٌ بأخبارِ الميتِ بنفسه. 1245 - قوله: (نَعَى النَّجَاشيَّ) واللغويون فَرَّقُوا بين نعاه، ونَعَى إليه، وبه، ولكن مراعاةَ الصِّلاتِ لا يُؤاخَذُ بها في العبارات، أو يقال: هناك النَّعْي بالمعنيين. 5 - باب الإِذْنِ بِالْجَنَازَةِ وَقَالَ أَبُو رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ آذَنْتُمُونِى؟».

6 - باب فضل من مات له ولد فاحتسب

1247 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِىِّ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ مَاتَ إِنْسَانٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُهُ فَمَاتَ بِاللَّيْلِ فَدَفَنُوهُ لَيْلاً، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَخْبَرُوهُ فَقَالَ «مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُعْلِمُونِى». قَالُوا كَانَ اللَّيْلُ فَكَرِهْنَا - وَكَانَتْ ظُلْمَةٌ - أَنْ نَشُقَّ عَلَيْكَ. فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ. أطرافه 857، 1319، 1321، 1322، 1326، 1336، 1340 - تحفة 5766 وفي «الهداية»: أَنْ لا بأس بالإِذْن بالجِنازة، فلا بأسَ بالإِعلام إذا كان المطلوبُ تكثيرَ الجماعة، وأما إذا كانَ فخرًا ورياءً فهو ممنوعٌ. ثُمَّ إِنَّ الشارحين حملوا الإِذن في قول صاحب «الهداية» على الإِذْن للمُكْث والذَّهاب إلى بيته، ولا رَيْب أَنَّ مِثْله أيضًا عُلِم من السَّلف، فإِنَّهم كانوا يُرَخِّصون للناس إذا صَلُّوا. وأخرج المصنِّف رحمه الله في هذين البابين عن أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهما، ومال الحافظ إلى تَعَدُّد حَدِيثهما، وأنهما واقِعتانِ. 6 - باب فَضْلِ مَنْ مَاتَ لَهُ وَلَدٌ فَاحْتَسَبَ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 155]. 1248 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنَ النَّاسِ مِنْ مُسْلِمٍ يُتَوَفَّى لَهُ ثَلاَثٌ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ، إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ». طرفه 1381 - تحفة 1036 1248 - قوله: (لم يَبْلُغُوا الحِنْث) وتخصيصُ عَدَمِ الحِنْث لشفاعَتِهِ وإن كان الحُزنُ على الكبير أزيدَ. وثبتت الرواياتُ في فضل مَنْ مات لها ولدٌ واحدٌ أيضًا. 1249 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَصْبَهَانِىِّ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ رضى الله عنه أَنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - اجْعَلْ لَنَا يَوْمًا. فَوَعَظَهُنَّ، وَقَالَ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَ لَهَا ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ كَانُوا حِجَابًا مِنَ النَّارِ». قَالَتِ امْرَأَةٌ وَاثْنَانِ. قَالَ «وَاثْنَانِ». طرفاه 101، 7310 - تحفة 4028 1250 - وَقَالَ شَرِيكٌ عَنِ ابْنِ الأَصْبَهَانِىِّ حَدَّثَنِى أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ وَأَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ «لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ». طرفه 102 - تحفة 4028، 13409، 12826 أ - 93/ 2 1251 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَمُوتُ لِمُسْلِمٍ ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ، فَيَلِجَ النَّارَ إِلاَّ تَحِلَّةَ الْقَسَمِ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا). طرفه 6656 - تحفة 13133

7 - باب قول الرجل للمرأة عند القبر: اصبري

7 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ الْقَبْرِ: اصْبِرِي 1252 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِامْرَأَةٍ عِنْدَ قَبْرٍ وَهِىَ تَبْكِى فَقَالَ «اتَّقِى اللَّهَ وَاصْبِرِى». أطرافه 1283، 1302، 7154 - تحفة 439 8 - باب غُسْلِ الْمَيِّتِ وَوُضُوئِهِ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ وَحَنَّطَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - ابْنًا لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَحَمَلَهُ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - الْمُسْلِمُ لاَ يَنْجُسُ حَيًّا وَلاَ مَيِّتًا. وَقَالَ سَعْدٌ لَوْ كَانَ نَجِسًا مَا مَسِسْتُهُ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْمُؤْمِنُ لاَ يَنْجُسُ». وحَنَّطَ ابنُ عَمرَ رضي الله عنه ابْنًا لسعيدٍ بن زيد، وحله وصلَّى ولميتوضأ ... إلخ. فيه رَدٌّ على مَنْ زَعم وجوبَ الغُسْل والوضوءِ مِنْ غِسْل الميت أو حَمْله. قوله: (وقال ابنُ عباس: إنَّ المُسْلِمَ لا يُنْجُسُ وقد مَرَّ أن المُشرِكَ نَجِسٌ عنده. واتفق الحنفيةُ على نجاسةِ الميت المُشْرِك. ولهم في غُسالة الميتِ المُسْلم قولان: قيل: نجس، وقيل: حُكْمُها حُكْم الماءِ المستعمل، وحملوا رواية النجاسةِ على مَنْ كانت على بدنِه نجاسةٌ، والأقربُ هو الثاني. 1253 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةِ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ تُوُفِّيَتِ ابْنَتُهُ فَقَالَ «اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مَنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِى الآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِى». فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ فَقَالَ «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ». تَعْنِى إِزَارَهُ. أطرافه 167، 1254، 1255، 1256، 1257، 1258، 1259، 1260، 1261، 1262، 1263 - تحفة 18094 9 - باب مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُغْسَلَ وِتْرًا 1254 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِىُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نَغْسِلُ ابْنَتَهُ فَقَالَ «اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِى الآخِرَةِ كَافُورًا، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِى». فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ فَقَالَ «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ». فَقَالَ أَيُّوبُ وَحَدَّثَتْنِى حَفْصَةُ بِمِثْلِ حَدِيثِ مُحَمَّدٍ وَكَانَ فِى حَدِيثِ حَفْصَةَ «اغْسِلْنَهَا وِتْرًا». وَكَانَ فِيهِ: «ثَلاَثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا». وَكَانَ فِيهِ أَنَّهُ قَالَ «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا». وَكَانَ فِيهِ أَنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ قَالَتْ وَمَشَطْنَاهَا ثَلاَثَةَ قُرُونٍ. أطرافه 167، 1253، 1255، 1256، 1257، 1258، 1259، 1260، 1261، 1262، 1263 - تحفة 18094، 18115، 18116، 18119 - 94/ 2

10 - باب يبدأ بميامن الميت

1254 - قوله: (ومَشَطْناهَا) ولا يجوزُ الامتشاطُ عندنا لما رُوي عن عائشةَ رضي الله عنها: «على ما تَنْصُون مَوْتَاكُم» مِن قولها، وذِكْرُ الامتشاط ليس بمرفوع، واستبعده الحافِظُ رحمه الله تعالى. قلت: وللحنفيةِ أن يحمِلوا الامتشاطَ على تسويةِ الأَشعارِ بالأيدي، لحصولِ غَرَض الامتشاط من التسويةِ، وهذا وإن كان حَمْلا على المجاز، لكنه ليس ببعيدٍ كلّ البعد. قوله: (ثَلاثَة قُرون) والخلاف في جَعْلها قَرْنين أو ثلاثًا في الأفضلية، وكذا في القميص. 10 - باب يُبْدَأُ بِمَيَامِنِ الْمَيِّتِ 1255 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَسْلِ ابْنَتِهِ «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا». أطرافه 167، 1253، 1254، 1256، 1257، 1258، 1259، 1260، 1261، 1262، 1263 - تحفة 18124 1255 - قوله: (ومواضِعِ الوضوءِ منها) وثبت مه الوضوء أيضًا، إلا أنَّ المشايخ تَرَدُّدْوا في المضمضة والاستنشاق لِتعسُّرهما في الميت، ثم أخرجوا لهما سبيلا أيضًا. واعلم أنه لا توقيتَ في غَسْل الميت عند مالك رحمه الله، وإنمَا هو التطهيرُ فقط بما حصل، وما رُوي فيه محمولٌ عنده على الاتفاق. وأعجب منه ما نقله ابنُ العربي عن مالك رحمه الله (¬1) أَن التثليث في وضوء الحي أيضًا ليس بِسُنةٍ كما في الميت، مع إقراره بِثُبوت ¬

_ (¬1) قال أبو بكر بن العربي في "العارضة" ص (62) ج 1 - : وقال مالك في المروية: تجوزُ الواحدةُ، وقال: لا أحبُ الواحدةَ إلَّا من العالم، وقال في "سماع أشهب": الوضوءُ مرتان وثلاث، وقيل له: فالواحدة؟ قال: لا. وقال في "مختصر ابن عبد الحكم": لا أحبُّ أن ينقص من اثنتين إذا عمتا. ثم قال: رُوي عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه توضأ مرة، ومرتين وثلاثًا. وذلك قولهم لا يخلو إما أن يُعَيِّرونه عن الغُرَفات، أو عن استيعاب العضو كل مرة، ولا يجوز أن يكون إِخبارًا عن استيعاب العضو، فإن ذلك أمرٌ مغيب لا يصح لأحد أن يعلمه، فعاد القول إلى أعداد الغرفات، فلأَجل ذلك قال ابن القاسم: لم يكن مالكٌ يوقت في الوضوء مرة، ولا مرتين، ولا ثلاثًا إلا ما أسبغ. وقد اختلفت الآثارُ في التوقيت إشارةٌ إلى أن التعويل على الاسباغ، وذلك يختلفُ بحسب اختلاف قَدْر المعرفة، وحال البدن في الشَّعَث والسَّلامة، وحال العُضْو في الاعتدال أو الاختلاف، ولذلك رُوي في حديث عبد الله بن زيد: "أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - غَسَل وَجهَه ثلاثًا ويديه ورجليهِ مرتين، لأن الوَجْه ذو غضون لا يمر الماء عليه مسترسِلًا مستحطًا، فافتقر إلى زيادة غرفة، فيحقق الاسباغ بها، بخلاف اليد والرجل، فإنها معتدلةٌ مستحطةٌ، فيجري الماء عليه سمحًا فيمكن إيحابها بقليل الماء.- وقال في الجنائز من حديث أُمّ عطية: "أغسلنها وِتْرًا ثلاثًا، أو خَمْسًا، أو أكثر من ذلك"، أن المشروعَ هو الوِتْر، لأنَّه نَقَلَهن من الثلاث إلى الخمس، وسكت عن الأربع، وكذلك معي وظائف الشرع وَتْرٌ وخاصَّة في الطهارة، وليس في الشريعة غَسْلٌ محددٌ إلا أن يكون وضوءًا -ص (209) ج 2 - .

11 - باب مواضع الوضوء من الميت

الاستمرار على التَّثْلِيث، وقال: إن المقصودَ هو الاسباغُ فقط، ونحوه اشتراطُ المِصْر (¬1) لإِقامة الجمعة عندنا. 11 - باب مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنَ الْمَيِّتِ 1256 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمَّا غَسَّلْنَا بِنْتَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَنَا وَنَحْنُ نَغْسِلُهَا «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ». أطرافه 167، 1253، 1254، 1255، 1257، 1258، 1259، 1260، 1261، 1262، 1263 - تحفة 18124 12 - باب هَلْ تُكَفَّنُ الْمَرْأَةُ فِى إِزَارِ الرَّجُلِ 1257 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ تُوُفِّيَتْ بِنْتُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَنَا «اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِى». فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَنَزَعَ مِنْ حِقْوِهِ إِزَارَهُ وَقَالَ «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ». أطرافه 167، 1253، 1254، 1255، 1256، 1258، 1259، 1260، 1261، 1262، 1263 - تحفة 18104 والحديث فيه وإن لم يكن صريحًا في تقديم الوضوء، إلا أَنه يُمْكِنُ الاستئناس به. ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وقد كان الشيخ رحمه الله تعالى هَمَّ بتصنيف رسالة مستقلة على هذا الموضوع، فإِنه مهمٌ جدًا، فإن الجمعةَ من شعائر الدين لا يتحمل الاختلاف فيها، لأنها إِن أقمت في الأمصار فقط فمن يقيمُها في القُرى، وإن أقيمت في القُرَى أيضًا فمن شرط لها المصر، وبالجملة الاختلاف فيه مما يُفْضي إلى التعجب. وكان رحمه الله قد جمع مادتها كلَّها، وأَذاع اسمها أيضًا وهو "اللمعة في الجمعة". إلا أنه اختطفتهُ المنايا قبلها، فبقيت كذلك في الأوراق كأنها لم تكن شيئًا مذكورًا، ومزيد الأسف على عدم وجدان مسودتها أيضًا، لاندري أهي موجودةٌ أم اغتالتها أيدي الضياع؟ ولم أسمع منه فيه شيئًا ولا وجدت حرفًا إلا قطعات منتشرة سنذكرها. وقد ذكرت بعضها أيضًا، فهي ضالة الحكيم مَن استطاع أن يبني عليها بناء فلينظرها بعين الإنصاف. وحاصله: على ما أرى: أن الجُمعاتِ وإن أقيمت في الأمصار فقط في عهد صاحب النبوة إلا أن الأنظار دارت فيها، أن إقامتها في الأمصار كانت على طريق الاتفاق، أي لم يتفق لهم إقامتُها في القرى، ومَنْ أراد منهم الجمعةَ أتى المِصْر فصلَّاها مع أهل المصر، أو على معنى شرطيتها، فذهب اجتهاد الإِمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنها كانت على طريق الشرطية دون الاتفاق، ومَنْ رآها واسعةً في المِصْر والقُرَى حَمَلها على الاتفاق فقط. ولا بُعْد فيه، فكم من أشياءَ يستمرُّ بها العملُ، ثم يسري الاجتهاد فيها، كالتثليث في الوضوء، كيف استمر به العملُ خَمْسَ مراتٍ في كل يوم، ومع ذلك سرى فيه الاجتهاد أنه لمعنىً في هذا العدد بعينه. أو للإسباغ فقط: فذهب إِمام من الأئمة أنه للإسباغ فقط، فهذا مما يمكن فليقس عليه حالُ الجمعة أيضًا، فإِنها إذا أقيمت في الأمصار عامة ولم يشتهر إقامتها في القرى في عهد النبوةِ، إِمَّا لأداء الناس إياها خَلْف الأئمة في الأمصار كما مرَّ من قبل، أو لمعاني كانت هناك سرى فيها الاجتهاد فيما بعد، فمنهم مَنْ لم يجوِّزها في القرى ورأى المِصْر شَرْطًا، ومنهم مَنْ رآها واسعًا وحمل إقامتها في الأمصار على الاتفاق فقط، ثم توجهت الأذهان إلى إثباتها في القرى في عهد النبوة أيضًا، وهذا مما فُطر عليه الإنسان، أنه إذا رسخ شيءٌ في بواطنه أولًا طَلَب له دليلًا من عهد النبوة، وليمعن النظر فيه هل يكفي ويشفي ولعل اللهَ يُحْدِث بعد ذلك أمرًا. اهـ.

13 - باب يجعل الكافور فى آخره

13 - باب يَجْعَلُ الْكَافُورَ فِى آخِرِهِ 1258 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ تُوُفِّيَتْ إِحْدَى بَنَاتِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ، فَقَالَ «اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِى الآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِى». قَالَتْ فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ فَقَالَ «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ». أطرافه 167، 1253، 1254، 1255، 1256، 1257، 1259، 1260، 1261، 1262، 1263 - تحفة 18094 1259 - وَعَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنهما - بِنَحْوِهِ وَقَالَتْ إِنَّهُ قَالَ «اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ». قَالَتْ حَفْصَةُ قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - وَجَعَلْنَا رَأْسَهَا ثَلاَثَةَ قُرُونٍ. أطرافه 167، 1253، 1254، 1255، 1256، 1257، 1258، 1260، 1261، 1262، 1263 - تحفة 18115، 18116 وفيه دليلٌ على أن الماء لا يكون مقيَّدًا مِن خَلْط الكافور، خلافًا للشافعي. 14 - باب نَقْضِ شَعَرِ الْمَرْأَةِ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: لاَ بَأْسَ أَنْ يُنْقَضَ شَعَرُ الْمَيِّتِ. 1260 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَيُّوبُ وَسَمِعْتُ حَفْصَةَ بِنْتَ سِيرِينَ قَالَتْ حَدَّثَتْنَا أُمُّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - أَنَّهُنَّ جَعَلْنَ رَأْسَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَةَ قُرُونٍ نَقَضْنَهُ ثُمَّ غَسَلْنَهُ ثُمَّ جَعَلْنَهُ ثَلاَثَةَ قُرُونٍ. أطرافه 167، 1253، 1254، 1255، 1256، 1257، 1258، 1259، 1261، 1262، 1263 - تحفة 18116 - 95/ 2 15 - باب كَيْفَ الإِشْعَارُ لِلْمَيِّتِ وَقَالَ الْحَسَنُ الْخِرْقَةُ الْخَامِسَةُ تَشُدُّ بِهَا الْفَخِذَيْنِ وَالْوَرِكَيْنِ تَحْتَ الدِّرْعِ. 1261 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَّ أَيُّوبَ أَخْبَرَهُ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ سِيرِينَ يَقُولُ جَاءَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ مِنَ اللاَّتِى بَايَعْنَ، قَدِمَتِ الْبِصْرَةَ، تُبَادِرُ ابْنًا لَهَا فَلَمْ تُدْرِكْهُ - فَحَدَّثَتْنَا قَالَتْ دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نَغْسِلُ ابْنَتَهُ فَقَالَ «اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِى الآخِرَةِ كَافُورًا، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِى». قَالَتْ فَلَمَّا فَرَغْنَا أَلْقَى إِلَيْنَا حَقْوَهُ فَقَالَ «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ». وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، وَلاَ أَدْرِى أَىُّ بَنَاتِهِ. وَزَعَمَ أَنَّ الإِشْعَارَ الْفُفْنَهَا فِيهِ، وَكَذَلِكَ كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَأْمُرُ بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُشْعَرَ وَلاَ تُؤْزَرَ. أطرافه 167، 1253، 1254، 1255، 1256، 1257، 1258، 1259، 1260، 1262، 1263 - تحفة 18094 والشِّعَار ثوبٌ يلي الجسد، وهو عندنا قميصٌ للرجل والمرأة، ويُعَبِّرُ عنه الفقهاءُ في النساء بالدِّرْع (¬1). وما كان يظهَرُ لإِطلاق القميص في الرجال والدِّرع في النساء وَجْهٌ وجيه، حتى رأيتُ ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وعُلِم منه أَنَّ الدِّرْع كانت لِبْسة مخصوصة بالنِّساء، فهل يجوزُ للرجال أن يشقوا على المنكبين؟ وما أتذكر فيه عن شيخي رحمه الله تعالى إِلَّا أن يكون فرق بحسب العرف، فإِن شاع الدِّرع في النساء يكره للرجال أن يشقوا قميصهم من المنكبين وإلا لا. اهـ.

أن الشيخ ابنَ الهُمام مرَّ في باب النفقة على لَفْظ الدِّرْع. وفَسَّرَهُ بما يكون الشِّقُّ فيه على المَنْكِبين، والقميص بما كان شِقُّه على الصَّدْر، حينئذٍ تَبيَّن لي وَجْه اختلاف التسمية في النوعين. وعند الشافعية الكَفَنُ عبارةٌ عن ثلاثِ أرديةٍ سابغةٍ مِن القَرْن إلى القدم ولا فَرْق بينهما إِلا بالتسمية. فإِذن الشِّعارُ عندهم رداءٌ يلي الجسد، وعندنا هو قميصٌ من العنق إلى القدم كما عرفت. ثم لا يُخْفَى عليك أن القميص المعروف في بلادنا لا تكون فيها خِياطةٌ ولا تسمها إبرةٌ، إنما هو رداءٌ مشقوقٌ فقط، نعم يلبس به الميتُ كالقميص. وفي كتب الفقه: أن قميص الميت كقميص الحي، إلا أنه لا يكون فيه دِخْرِيص، لأن الميتَ لا يحتاجُ إلى المَشي وغيره. ولم يصرح واحدٌ منهم أنه لا يخاط أيضًا، وظاهر كلماتهم أنه يُخاط، مع أن التعاملَ بخلافه، فلا أدري أنهم تسامحوا في التعامل فلم يخيطوه، أو تُسُومح في عباراتهم، فإن ظاهِرَها الخياطة. ومن ههنا علمت أن إطلاقَ القميصِ عليه لكون يُلْبس كالقميص، وإلا فهو رداءٌ مشقوق، وحينئذٍ لا تَرِد عليك الرواياتُ التي فيها نَفْي القيمص، لأنه يصح لك أن تقول: إنه رداء وليس بقميص، نظرًا إلى عدم الخياطة، وعدم الدِّخرِيص، ويصح لك أن تقول: إنه قيمص نظرًا إلى الشِّق واللِّبْسَة. فهذا تأويلُ هذه الروايات وإن كنتُ لا أرضى به. والصواب عندي أن تُحمل على ظواهرِها، فإِنَّ الخلاف في الأفضلية دون الجواز، وللفقيه أن يُرجِّح واحدًا منهما، وسيجيءٌ الكلامُ فيه. ثم ههنا بَحْثٌ للشيخ ابن الهُمَام وهو: أَن الإِزار إذا كان اسمًا شرعيًا - وقد علم أنه للحيِّ ما يسترُ النِّصْفَ السافل، والرداء ما يسترُ النصف العالي - فمن أين أَخَذَ الفقهاءُ كونَها في الميت رداءين سابغين مِن القَرْن إلى القدم؟ أقول: وحاصِلُه التشديدُ في التسمية فقط، وليس بشيء، فإِنَّ العمل إذا فَشى بالرداءين من غير نكيرٍ فهو المراد، سواء سميتها بالرداء والإزار أو غير ذلك. والاتحاد في التسمية فقط لا يوجب أن يكون إزارُ الميت ورداؤه أيضًا كالحيّ، فإِنَّ اختلافَ اللِّبسة بينهما أَمْرٌ معروفٌ، والفاصل هو التعاملُ دون التسمية. فالذي لا بد للميت هو: الإِزار والرداء المعروفان فيه دون ما هو المعروف في الحيِّ، وغايته الكلام في التسمية، أي ينبغي أن لا يُسمَّى هذان الثوبان إزارًا ورداءً، لا أنه ينبغي أن يكون ثيابُ الميت كثيابِ الحيِّ الواحد في الأعلى، والآخر في الأسفل، فإِنه لم يعهد من ثياب الميت، كذلك ولم يَجْرِ عليه التعاملُ بذلك. ولو نظر الشيخ رحمه الله تعالى إلى قوله: «وزَعَمَ أَنَّ الإِشُعَارَ الْفُفُنَهَا» لم يبحث هذا البحث، فإِنَّ المرادَ منه اللَّفُّ فقط. وكذا ما ذكره ابنُ سيرين رحمه الله تعالى من قوله: «أَنْ تُشْعَرَ ولا تُؤزَرَ» أي لا يُجْعَل مِثْلُ الإِزار بل يُلَفُّ به، فهم لا يريدون بالقيمصِ والإِزار أن يؤتى بتلك الثياب المهيأة مِن قَبْلُ ليلبس بها، ولكنهم أرادوا أن تؤتى بثياب يلبس الميت بها كما يلبس القميص والإِزار، ففيه هيأةُ الإِلباس لا عينُ هذا اللِّباس. ثم أنه ليس في الحديث إلا قوله: «أَشْعِرْنَها» أي اجعلنها شِعَارًا. أما إنه ما كيفيتها مِن كونها ساترةً للنِّصْفِ أو سائِرِ البَدَنِ فليس فيه أصلا.

16 - باب هل يجعل شعر المرأة ثلاثة قرون

قوله: (وقال الحَسَنُ الخِرْقَة ... ) إلخ. واختلف في موضعها في الفقه: وراجع له الكبيرى. ويعلم من قوله الحسن إنها مِن الحْقو إلى الركبتين، وهو مذهبُ زفر رحمه الله تعالى، وهو الذي اختاره البخاري. وهذا أحد الموضعين الذين وافقه البخاري فيه. والثاني في الحيل، وفيه تردُّد. وهذا القول هو الأقرب، فإِنَّ المقصود منها سَتْرُ العَجيزَة. 16 - باب هَلْ يُجْعَلُ شَعَرُ الْمَرْأَةِ ثَلاَثَةَ قُرُونٍ 1262 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أُمِّ الْهُذَيْلِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ ضَفَرْنَا شَعَرَ بِنْتِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تَعْنِى ثَلاَثَةَ قُرُونٍ. وَقَالَ وَكِيعٌ قَالَ سُفْيَانُ نَاصِيَتَهَا وَقَرْنَيْهَا. أطرافه 167، 1253، 1254، 1255، 1256، 1257، 1258، 1259، 1260، 1261، 1263 - تحفة 18138 17 - باب يُلْقَى شَعَرُ الْمَرْأَةِ خَلْفَهَا 1263 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَتْنَا حَفْصَةُ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ تُوُفِّيَتْ إِحْدَى بَنَاتِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَانَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اغْسِلْنَهَا بِالسِّدْرِ وِتْرًا ثَلاَثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، وَاجْعَلْنَ فِى الآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِى». فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ، فَضَفَرْنَا شَعَرَهَا ثَلاَثَةَ قُرُونٍ وَأَلْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا. أطرافه 167، 1253، 1254، 1255، 1256، 1257، 1258، 1259، 1260، 1261، 1262 - تحفة 18135 واعلم أن الاختلافَ على ثلاثة أنحاء اختلاف جواز - وهو أشدها - واختلاف أفضلية، واختلاف اختياره. والاختلاف في هذه المسألة من النوع الثاني، وقد وَرَد الأَمْرُ بالنَّحْوين ثُم رجَّح الفقهاءُ مختاراتِهم من الوجوه الفقهية فلينظر فيه الناظر: أنَّ الأحاديثَ إذا وردت بالأمرين فهل للفقهاءِ أن يرجِّحوا واحدًا منهما من اجتهادهم، أو لا بدَّ لهم فيه من حديث مُرجِّح؟ والذي يظهَر من صَنِيعهم أنهم يجوِّزون الترجيحَ من الاجتهاد أيضًا. ويمكن أن يكون الخلافُ فيه من النوع الثالث أيضًا، أي العمل بما راج ببلدته مع قَطْع النَّظر عن تَتَبِّع الأَفضل، فإِن الإنسانَ فُطِر على الحب بما عَمِل به عُلماءُ بلدته، وعليه اختياراتُ المذاهب. ألا ترى إلى ملك رحمه الله تعالى فإنه إذا كان بالمدينة - شَرَّفها الله - يُراعي عَمَلَ بلدته أكثرَ مما يراعي بما سواه، ويَزْعُمه فاصلا في الباب. وكذلك الشافعي رحمه الله تعالى يَعْمل بما عَمِل به أهلُ الحجاز، ونحوه أبو حنيفة رحمه الله تعالى يعض على ما عَمِل به الصحابةُ رضي الله عنهم في بلدته. ولعل رَفْعَ اليدين وتَرْكه أيضًا من هذا الوادي. جَرى كُلُّ بما رأى أهلُ بلدته يفعلُه مِن رَفْعٍ أو تَرْك، وقد حققنا سابقًا. ومن ههنا علمت أن اختلافَ الاختيار غيرُ اختلاف الأفضلية. وقد تحقق عندي أن التلامذةَ في السلف كانوا يأخذون بعمل شيوخهم، وهكذا عُلِم مِن حالِ بعض الصحابة رضي الله عنهم أيضًا.

فائدة

فائدة واعلم أن ابن إدريس من أوداء مالك رحمه الله تعالى، وهو مِن أهل الكوفة، وما يقوله مالك من قوله: «بلغنا» فإنه يأخذ منه، وكذلك ما ينقله عن عمل عليِّ رضي الله عنه فإِنما يأخذه عن ابن إدريس هذا. 18 - باب الثِّيَابِ الْبِيضِ لِلْكَفَنِ 1264 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كُفِّنَ فِى ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَةٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ، لَيْسَ فِيهِنَّ قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ. أطرافه 1271، 1272، 1273، 1387 - تحفة 16973 - 96/ 2 والأَحْسن بِحَسَب الألوان هو البياضُ. 1264 - قوله: (سَحُولية) قريةُ في اليمن. 19 - باب الْكَفَنِ فِى ثَوْبَيْنِ 1265 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَوَقَصَتْهُ - أَوْ قَالَ فَأَوْقَصَتْهُ - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِى ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تُحَنِّطُوهُ وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا». أطرافه 1266، 1267، 1268، 1839، 1849، 1850، 1851 - تحفة 5437 وقَسَمُه الحنفيةُ على ثلاثةِ أنحاء: كَفن سُنَّة، وكِفاية، وضرورة، والثَّوبان هو الثاني، والتفصيل في الفِقْه. 1265 - قوله: (ولا تُخَمِّرُوا رَأْسَه). واعلم أنهم اختلفوا فيمن مات مُحْرِمًا (¬1). فقال الشافعيّ رحمه الله تعالى: إنه لا يُخمَّر رَأسُه لأنه من محذورات إِحرامِه، فيراعي فيه سبيلُ الأَحْياء، وتمسك بهذا الحديث. ¬

_ (¬1) ونعم ما قال القاضي أبو بكر بن العربي في "العارضة" -ص (125) ج 4 - : ولو عَلِمنا أَنَّ إِحرامَ كُلِّ ميتٍ باقٍ، وأنهُ يُبعث يُلبي، لقلنا بمذهب الشافعيِّ رحمه الله تعالى في بقاء حُكم الإِحرام على كُل ميتٍ مُحْرم. والنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما عَلَّلَ إِبقاء حُكْم الإِحرام عليه بما عَلِم: أنه يُبْعث وهو يلبي. وهو أمر مُغَيب، فلم يصحَّ لنا أن نَرْبط به حُكْمًا ظاهِرًا. اهـ. ومن العجائب ما ذكره ابنُ العربي في قصة حمزة رضي الله عنه فقال: إنها تدلُّ على أن الأصل في الشهداء. عدمُ الدَّفن، وإنما دفن النبي - صلى الله عليه وسلم - لأجل المصالح، وستأتي عبارته. قلت: ولو حَمَلها على ما حملها الشيخ رحمه الله تعالى لما احتاج إلى التزام هذه المسألة.

20 - باب الحنوط للميت

وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: إذا مات الإِنسانُ انقطع عنه عَمَلُه، فيكون كسائر الأمواتِ فيُخَمَّر رأسُه أيضًا. والحديث حَمَلُوه على التخصيص، فإِنه ليس لكل أَحَدٍ أن يُقْطَع فيه بأَنه يُبعث أيضًا يوم القيامة على ما مات عليه من العمل. وإنما فاز رجلٌ بهذه البشارة لمكان النبيِّ صلى الله عليه وسلّم والبشاراتُ لا تكون ضوابطَ لِيَعْمل بها كُلُّ عامل، ثُمَ يَرْجُو بها، ولكنَّها من حقائقِ الغيب تكونُ مودَعةِ لواحدٍ غَيْرِ مُعَيَّن في الظاهر، ومُعَيَّن عند الله العظيم، فإِذا وقعت لواحدٍ لا يبقى فيها حَظُّ للآخرَ. أَلا ترى إلى قوله: «سَبَقَكَ بها عُكَّاشَةُ». فإِن البِشارة بتلك المنزلةِ قد كانت سَبَقَت لواحدٍ ذي نصيبٍ، فبادَر إليها عُكّاشة ففاز بها، فإِذا أَرادها آخَرُ منهم، أجيب أنها كانت لواحدٍ في عِلْم اللَّهِ وقد صارت له. وكقوله: اقبلوا البُشْرَى بني تميم. فقالوا: إِذا بَشَّرْتَنا فأَعْطِناه»، فجاءه أَهْلُ اليمن فقال لهم: «اقبلوها أنتم إذ لم يَقْبَلْها بَنُو تميم». فَقَبِلُوها فصارَتْ لهم. وأظنُّ أن قوله صلى الله عليه وسلّم في حمزةَ رضي الله عنه: «لولا صفيةُ لَتَركْتُه تأكُلُه السِّباع حتى يُحْشَرَ يومَ القيامةِ من بطونِها» من هذا الباب، فإِنه لو تَرَكه لكانَ مُختصَّا به ولم يكن مسألةً وشريعةً مستمرَّةً في الشهداء. ومن هذا الباب ما في بعض «التذكرة»: أن رجلا رأى سيبويه في المنام فسأله عن مغفرَتِه، فقال: غُفِر لي، فسأله عن سَبَبِها، فأجابه أَنَّه اختار أَنَّ اسمَ اللَّهِ مُرْتَجِل. فلو حاكاه أَحدٌ الآن، وجعل يكتبُ عليه رسالةً ثُم يَدَّعِي المغفرةَ لنفسه لأنه غُفِر لفلانَ بِمثْله، فإِنه أَحْمَق، أَلا يَدْري أنها كانت بِشارةً فاز بها سِيبويه، وليست ضابطةً للمغفرةِ. ونحوه ما في «التذكرة» أيضًا: أن رجلا رأى باسم الله مكتوبًا مطروحًا فعظَّمه ورَفَه، فَغُفِر له. فلو فَعَله أحدٌ لا يجِب له أن يستحق به الجنةَ، فإِنها أَفعالٌ إِلهيةٌ، وأسرارٌ ربَّانيةٌ جرت مع آحَادِ النَّاس، فلا يُحْكَم بها، فإِنها لا تكون بمادتها بتلك المنزلةِ، وإِنما يريدُ اللَّهُ أن يَمُنُّ بها على أحدٍ فيفعلُ ما يشاء، ويحكم ما يريد. ومن هذا الباب ما يظهَرُ من رحمته على بعض المسرفين يومَ القيامة. إذا علمت هذا فاعلم أن الوُجْدان يشهد بكونِ عدمِ التخمير من خصائصه، فيختصُّ به فقط، لا أَنه يُخَمَّر رأسُ سائر المُحْرِمين أيضًا. ومن هذا الباب مَنْ جاءه يسألُ عن شرائع الإسلام، فأخبر ببعضها وبَشَّر عليها بقوله: «أَفْلَح وأبيه إِنْ صَدَق». ومرَّ تقريرُه في الإِيمان. ثم عند مسلم زيادةُ لفظٍ وهي: «لا تُخَمِّرُوا رأسَهُ ولا وَجْهَه»، مع أنَّ أَثَرَ الإِحرام في الرأس فقط دون الوَجْه، على خلاف المرأة. واعتذر عنه النووي في شَرْحه. وكذا يَرِد عليهم قَوْلُه «اغسِلوه بماءٍ وسِدْرٌ، فإِنه إزالة التَّفَث مع كونه طيبًا أيضًا فاعتذر عنه. 20 - باب الْحَنُوطِ لِلْمَيِّتِ 1266 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَفَةَ إِذْ وَقَعَ مِنْ رَاحِلَتِهِ

21 - باب كيف يكفن المحرم

فَأَقْصَعَتْهُ - أَوْ قَالَ فَأَقْعَصَتْهُ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِى ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تُحَنِّطُوهُ وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا». أطرافه 1265، 1267، 1268، 1839، 1849، 1850، 1851 - تحفة 5437 وأخرج فيه قوله: «ولا تُحَنِّطُواه». قلتُ: ولم يُحْسِن المُصَنِّف رحمه الله تعالى بهذه الترجمة، فإنَّ عدمَ التحنيط مُختصُّ بهذا المُحَرِم فقط، لا أنه حُكْم سَائِر الأَموات. 21 - باب كَيْفَ يُكَفَّنُ الْمُحْرِمُ 1267 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - أَنَّ رَجُلاً وَقَصَهُ بَعِيرُهُ، وَنَحْنُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِى ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تُمِسُّوهُ طِيبًا، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّدًا». أطرافه 1265، 1266، 1268، 1839، 1849، 1850، 1851 - تحفة 5453 1268 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو وَأَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - قَالَ كَانَ رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَفَةَ فَوَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ - قَالَ أَيُّوبُ فَوَقَصَتْهُ، وَقَالَ عَمْرٌو فَأَقْصَعَتْهُ - فَمَاتَ فَقَالَ «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِى ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تُحَنِّطُوهُ وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ - قَالَ أَيُّوبُ يُلَبِّى، وَقَالَ عَمْرٌو - مُلَبِّيًا». أطرافه 1265، 1266، 1267، 1839، 1849، 1850، 1851 - تحفة 5582، 5437 22 - باب الْكَفَنِ فِى الْقَمِيصِ الَّذِى يُكَفُّ أَوْ لاَ يُكَفُّ 1269 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ لَمَّا تُوُفِّىَ جَاءَ ابْنُهُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِى قَمِيصَكَ أُكَفِّنْهُ فِيهِ، وَصَلِّ عَلَيْهِ وَاسْتَغْفِرْ لَهُ، فَأَعْطَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَمِيصَهُ فَقَالَ «آذِنِّى أُصَلِّى عَلَيْهِ». فَآذَنَهُ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّىَ عَلَيْهِ جَذَبَهُ عُمَرُ - رضى الله عنه - فَقَالَ أَلَيْسَ اللَّهُ نَهَاكَ أَنْ تُصَلِّىَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ «أَنَا بَيْنَ خِيرَتَيْنِ قَالَ (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ)». فَصَلَّى عَلَيْهِ فَنَزَلَتْ (وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا). أطرافه 4670، 4672، 5796 - تحفة 8139 - 97/ 2 1270 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرًا - رضى الله عنه - قَالَ أَتَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ بَعْدَ مَا دُفِنَ فَأَخْرَجَهُ، فَنَفَثَ فِيهِ مِنْ رِيقِهِ وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ. أطرافه 1350، 3008، 5795 - تحفة 2531 وقوله: يُكَفُّ مضعّف وفي نسخة ناقص، وهي محرفةٌ عندي، ثُمَّ الأُولى عندي مجهولا.

وحاصله: أن قميصَ الميت لا يجب أن يكون مِثْل الحيّ، بل يجوزُ مكفوفًا أو غيرَ مكفوف، بخلاف قميص الحيّ، فإنه يكونُ مكفوفًا (ترباهوا). وهذا يُشْعِر بأن القميصَ في ذِهْنه يكون مَخِيطًا، وهو ظَاهِرُ فِقْهِ الحنفية، وإنْ كان العملُ بخلافِهِ، كما مرَّ معنا البحث فيه. 1269 - قوله: (أَعْطِني قَمِيْصَك) ... إلخ. قلتُ: ولا بأسَ بإعطاءِ القميص مُرُوءَةً. وقيل (¬1): أَرَادَ به أن يُكَافىء قميصه الذي كان كَسَاه عباسًا يوم بدر، فإنَّه إذ جاءَ أسيرًا في أُسراءِ بَدْر لم تكن عليه ثيابٌ، وكان طويلَ القامةِ فلم يَصْلُح له غيرُ قميصِ عبدِ اللَّه - فإنه كان طويلا - فكان أعطاه إيَّاه، فأراد النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أن يكافئه في الدنيا. وقيل: أَسَلم يومئذٍ أَلْفٌ من المنافقين لأَجْلِ هذا الإحسان. ثم في «الفتح»: أَنَّ عبدَ الله كان أَوْصَى ابنه - واسمه أيضًا عبد الله - أن يَسْأَل النبيَّ صلى الله عليه وسلّم عن قَميصه ليُكفَّنَ فيه. ولا بُعْد في أن يكون حصل له تصديقٌ اضطراري، ثُم استمرَّ به حتى رَسَخِ ببواطنِهِ قبل وفاته، إلا أنَّ الأُمةَ كافةً لَقَّبته برأس المنافقين. وقد كان حَسَد النبيَّ صلى الله عليه وسلّم في أول أَمْرِهِ، لأن أَهْلَ المدينةِ قبل مَقْدَمِه صلى الله عليه وسلّم كانوا أرادوا أن يجعلُوه رئيسَهم، فَلَمَّا قَدِم النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وهاجر إليهم، صار هو الأمير. كيف لا وقد كان أميرًا في الأرواح، وفي مسجد بيت المَقْدِس عند مُجْتَمع النَّبيين وسوف يكون أميرًا في المَحْشَر أيضًا، فلم يزل هذا المنافقُ يغتمُّ له، ثُم اللَّهُ يَدْري إلى ما آل إليه أَمْرُه. 1269 - قوله: (أَنَا بَيْنَ خِيْرَتَيْنِ). وفي الروايات: إني لا أزيدُ على السبعين. ومَرَّ عليه الغزالي رحمه الله تعالى في «المُسْتَصْفَى» ولم يبلغ حَقِيْقَتَهُ وقال: إنَّ الآية لا يُفْهَمُ منها التخييرُ أصلا، فكيف يمكن أن يكون النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فَهِمه؟ ثم حكم عليه بالوَضْع. قلتُ: سبحانَ الله، كيف وهو حديثٌ في صحيحِ البخاري؟ والحَلُّ أنه من بابِ البلاغة (¬2)، وهو تلقي المخاطَب بما لا يترقَّب. فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لما لم يُنْه عن الصلاةِ عليه صراحةً مَشَى على مُحْتَمل اللفظ، وليس فيه ¬

_ (¬1) قال الخطّابي في "معالم السنن" قلت: كان أبو سعيد بن الأعرابي يتأوَّلُ ما كان من تَكفِين النبي - صلى الله عليه وسلم - عبدَ اللهِ بن أُبَي بقميصه على وجهين: أحدهما: أن يكون أرادَ به تَألفَ ابنهِ وإِكرامَه فقد كان مُسْلمًا بريئًا من النفاق، والوجه الآخر: أن عبدَ اللهِ بن أُبيّ كان قد كسَى العَبَّاس بنَ عبد المطلب قميصًا، فأَرادَ - صلى الله عليه وسلم - أن يكافِئه على ذلك لئلا يكونَ لمنافقِ عنده يَدٌ لم يجازِه عليها. ثم أَخرج عن عَمْرو بن دينار سمع جابر بن عبد الله يقول: كان العباسُ بنُ عبد المطلب بالمدينة، فطلبتِ الأنصارُ له ثوبًا يكسونَه، فلم يجدُوا قميصًا يصلح عليه إِلا قميصَ عبد الله بن أبي فَكَسوْه إياه. ثم أَخرج عن عمرِو، سمع جابرَ بنَ عبد الله قال: أَتى رسولُ - صلى الله عليه وسلم - قَبرَ عبد الله بن أبي بعدما أدخِل حُفرَتَه، فأَمر به فأخرج، فوضعه على ركبتيه أو فَخِذيه فَنَفَسَ فيه من رِيقه، وأَلبَسَهُ قَمِيصَهُ. قال الخطابي: احتمل أن يكونَ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّما فعل ذلك قَبل أن يَنْزل قَوْلُه تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84]، واحتمل أن يكون معناه ما ذهب إليه ابن الأَعرابي من التأويل. اهـ مختَصَرًا. ص (298) ج 1. (¬2) فلا يَبْعُد أن يكون على حد قوله: مِثل الأمير يُحْمَل على الأدْهم والأشْهب، في جواب قوله: لأحملنَّك على الأَدْهم. اهـ.

23 - باب الكفن بغير قميص

إلا: أنَّ استغفارَكَ غيرُ مفيدٍ له، فلم يبحث عن النَّفْعِ الأخروي، فإنه لما أراد أن يُصلِّي عليه اكتفى بِسَعَة الألفاظ فقط، ولم يكن فيها إلا عَدَمُ نَفْع صلاته. فَصَلَّى عليه شفقةً وحِرْصًا حتى نزل صريحُ النَّهْي. قوله: ({وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ}) [التوبة: 84] ... إلخ. وحينئذٍ صار أَبْعَدَ الناس عن الصلاةِ عليهم. وأين عمرُ رضي الله عنه من النبيّ صلى الله عليه وسلّم فإنه كان نَبيَّهُم وأَوْلَى بأَنفُسِهِم، فأراد أنْ ينتفعَ بالمحتَمِلات، فإنه آخِرُ الحِيَل، لعلَّ اللَّهَ ينفعُهُ بها. ونظيرُهُ قوله صلى الله عليه وسلّم «مَثَلُ أُمتي كَمَثَلِ المَطَرِ، لا يُدْرَى أوَّلُهَا خيرٌ أم آخِرُهَا». لم يُدْرِك مرادَه نحو أبو عمرو، والتزم أَنَّ غيرَ الصحابي مما يمكن أنْ يكونَ مِثْلَ الصحابي، مع أنه باطلٌ قطعًا، ولم يَحْمِله عليه إلا مُحْتَمل اللفظ، والمَشْي على المُحْتَمَل إنما يليقُ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلّم دونَ غيره. والطِّيبيّ لما كان حاذِقًا في العربية أدرك حقيقةَ المرادِ، وقال إنه نحوُ قوله: *تَشَابَهَ يومًا بأسُهُ وَنَوَالُهُ ... فما نحن ندري أيُّ يومَيه أَفْضلُ *أيوم نداه الغُمْر أم يوم بأسه ... وما منهما إلا أَغَرُّ مُحَجّلُ فهو مِنْ باب تَجَاهُل العارف من صنائع البدائع، لا من باب العقائد والمسائل. والحاصل: أَنَّ أُمَّتِي خَيْرٌ كُلُّهَا. 23 - باب الْكَفَنِ بِغَيْرِ قَمِيصٍ 1271 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كُفِّنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى ثَلاَثَةِ أَثْوَابِ سَحُولَ كُرْسُفٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ. أطرافه 1264، 1272، 1273، 1387 - تحفة 16911 1272 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كُفِّنَ فِى ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ. أطرافه 1264، 1271، 1273، 1387 - تحفة 17309 1271 - قوله: («كُفِّنَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم» إلى قوله: «لَيْسَ فيها قَمِيْصٌ ولا عِمَامَةٌ») وهو حُجَّةٌ للشافعية رحمهم الله. قلتُ: وروى أبو داود (¬1) - بِسَندٍ فيه يزيدُ بنُ زياد - عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «كُفِّنَ رسول الله صلى الله عليه وسلّم في ثلاثة أثوابٍ نَجْرَانِيَّة: ثوبانِ وقميصُهُ الذي مات فيه» اهـ. (393) - باب: الكفن - ويزيد بن زياد هذا عالمٌ جليلٌ القَدْر، كما أقَرَّ به الذَّهْبِيّ. وقد حَسَّن الترمذيُّ حَدِيْثَه في باب: الذي ¬

_ (¬1) قلت: وكذا عند مالك في "الموطأ" في باب ما جاء في دَفْن الميت في حديثِ طويل، فلما كان عِنْد غَسْله أرادوا نَزْع قمِيصه فسمعوا صوتًا يقول: لا تنزعوا القميصَ فلم ينزع القميص وغُسِّل وهو عليه - صلى الله عليه وسلم -. ونحوه عند أبي داود أيضًا. قلت: إن ثبت بعد ذلك نَزْعه فذلك، وإلا فثبت كونُ القميص في كَفنه - صلى الله عليه وسلم - من هذا الطريق أَيضًا. ولا بُعْد في كونه أَصابه الماء، لأنه دُفن ليلةَ الأربعاء، فاليبس في تلك المدة ظاهرٌ. ثم وجدت أنه رُوي فيه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه. فللهِ الحمد، كما في الهامش الآتي عن ابن العربي وسيأتي.

فائدة

يُصِيْبُ الثَّوْبَ. وأخرج عنه مسلمٌ مقرونًا مع الغير، واختلط في آخر عمرهِ. وقالوا: إنَّ من قدماءِ تلامذتِهِ سفيانَ، وقُتَيْةَ، وهُشَيْم، وكونُ هشيم من القدماء مذكورٌ في التخريج (ج 1/ 210). ولنا أن نقول: إنَّه صَحَّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أنَّه أعطى قميصَه ابنَ أبي. وعند النَّسائي: أنه أعطَى قميصَه رجلًا من الشهداء. وحينئذٍ ساغ لنا أَنْ نقولَ: إنَّ نَفْي القيص مَحْمولٌ على عَدَمِ كونِهِ مخيطًا، وإنما عَبَّر الفقهاءُ عن هذا الرداء بالقميص لأنه يُقَمَّص. وقد عَلِمْت من قبل أن القَمِيْصَ عندنا في الحقيقةِ رداءٌ يُقَمَّصُ به فقط، لا يكونُ فيها الكُمَّان ولا الدَّخَارِيص ولا الخياطة، فلم تَبْقَ حقيقتُهُ إلا رداءً يُلْبَس كما يُلْبَسُ القَمِيْصُ. هكذا يُعلم من الموطأ - لمحمد رحمه الله تعالى، وأصله في الموطأ لمالك أيضًا إلا أن في إسناده سهو، ففيه عبد الرحمن بنُ عمرو بن العاص، مع أنه عبدُ الله بن عمرو بن العاص: «أن الميتَ يُقَمَّصُ، ويُؤزُ، ويُلَّفُّ بالثوبِ الثالثِ» يعني به أن الميتَ وإن لم تكن في كَفَنِهِ هذه الثياب، لأن الكَفَن عبارةٌ عن ثلاثة أَرْدِية، ولكنه يُلْبَسُ الثوبَ الأول كالقميص، والثاني مكانَ الإزار، وكذلك الثالثُ يُلَفُّ به. فهذا الذي عناه عبدُ الله بن عمرو - على أن نَفْي القميص يدل على شيوعِهِ في زمن الراوي كما مر معنا التنبيه في حديث ابن عمر رضي الله عنه في رَفْع اليدين، فإنَّ النَّفْي قد يترشَّح منه الإيجابُ أيضًا، كما قيل: إنَّ في مض لمطمعا. فلو أَوَّل به حنفيٌّ وادَّعَى ثبوت القميص في كفنه صلى الله عليه وسلّم مع حَمْل النَّفِي على ما ذكرنا لساغ له ذلك، ولكن لَسْتُ أَرْضَى بهذا التأويل. والأَصْوبُ عندي أنْ يُلتزم ويُقَرّ بما قاله الخُصوم، لأن الخِلاف معهم ليس في الجواز وعدمه. ثم إنَّ المالكيةَ اعتذروا عنه بوجهٍ آخَرَ وقالوا: إنَّ القَمِيْصَ وإن ككان في كَفَنِهِ صلى الله عليه وسلّم ولكنَّه لم يكن معدودًا في ثيابه الثلاث، بل كان زائدًا عليها. وإنَّما اضطُّروا إلى هذا التأويل لأن الكَفَنَ عندهم خَمْسَةُ أبواب. فائدة: بقي الكلام في العمامة: ففي كُتُب الحنفية أنها تجوزُ للأَشراف، والأشراف عندهم يُطلق على السِّيد، لا كما في عُرْفنا اليوم. فإنَّ الأشرافَ في عُرْفنا يقابل الأَراذل والسقاط من الناس. والذي يظهَرُ لي أن تَرْكَهَا أَوْلى، فإنها إذا لم تكن في كَفَنِهِ صلى الله عليه وسلّم ففي غيره أَوْلَى. ومع هذا لو عَمَّمُوا أحدًا مِنْ ذوي الفَضْل لا تكون بِدعة، لأن ابنَ عمرَ رضي الله تعالى عنه قد عَمَّم ابنه. وفي «الكنز»: أنه كُفِّن في سبعة أثواب (¬1). والعَجَبُ من السُّيوطي رحمه الله تعالى حيث رمز ¬

_ (¬1) قال القاضي في "العارضة" -ص (215) ج 4 - : روى البزار عن علي رضي الله عنه: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كُفنَ في سبعةِ أثواب -يعني ثلاثة- سُحُولية، وقميصًا، وعِمامة، والسَّراويل، والقَطِيفة التي جُعِلت تحته. الثانية: روي عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كفنَ في ثَوبين بُرد حِبَر. الثالثة: عن ابن عباس رضي الله عنه، كفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثِ أَثواب نجرانية: الحلة ثوبان، وقميصه الذي مات فيه. الرابعة: قال فيه: وحلة حمراء، وأَصحُّها ما ثبت في ثلاثة أثوابٍ بِيض سَحُولية، ليس فيها قميصٌ ولا عِمامة، =

فائدة

عليه بالصحة، ولم يَرَ أنها تخالِفُ صحيح البخاري، ومحملها أن الراوي تسامح فيها، فَعَدَّ مجموعَ الثياب التي أُتِي بها لِكَفَنِهِ صلى الله عليه وسلّم وإنْ كان كُفِّن في بعضها. ففي الروايات (¬1): أنهم أتوا بِحُلَّة ليُكَفَّنَ فيها، فلم يناسِبْها الصحابة. وكذا في الرواية: أَنَّ مولاه شقران قد كان ألقى قطيفته تحته صلى الله عليه وسلّم على غفلة من الصحابة رضي الله عنه، فلما استشعروا بها أمروا بها فأُخْرِجت، وقيل: بَقيت تحته صلى الله عليه وسلّم: *وأُلقِيتْ في قبره قَطِيْفةٌ ... وقيل: أُخْرِجت وهذا أَثْبَتُ وكذلك يمكن أَنْ يكونوا أَتَوا بقميصٍ فلم يناسبوه أيضًا. ومن ههنا اختلف في التعبير، فمن نظر إلى الأثواب التي جيء بها للكفن عَدَّها سبعًا، كما في «الكنز». ومَنْ نظر إلى الأثوابِ التي كُفِّن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فيها عَدَّها ثلاثًا، كما في البخاري، وتلك أنظارٌ تَصِحُّ كلُّهَا. فائدة: واعلم أنَّ الرافضي عند علماء الجرح والتعديل، مَنْ سَبَّ الصحابةَ رضي الله عنهم، ومَنْ كان حُبُّه مع أهل البيت أَزْيَدَ كان يُسمُّوْنَه شِيعيًّا، ولم يكن العرف عندهم كما شاع الآن، فإنَّ الشيعيّ والرافضي عندنا واحد. فإذا ظهر عندهم من حال أحد أن وجهته إلى أهل البيت رموه بالشَّيعية وغيرها، وليس بشيءٍ فإِنَّا إذا فتشنا عن حاله لا نجده إلا نَاصِحَا لله ولرسوله، فليتنبه. ولا ينبغي أن يتأثر من جرحهم إذا ثبت عنده حال رجل بخصوصه من عِلْمه ودِينه، كأبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى، فإنه قد بلغ عندنا عِلْمُه وحالُهُ على ضوء الشمس في رابعةِ النهار، واختبرناه بكل ما يمكن، فما وجدناه إلا تِبْرًا أحمر، فلا نتأثر فيه بما قيل. وقال: نعم مَنْ لم يبلغ عندنا حالُهُ وَفَضْله إلا جمليًا، فلا سبيل لنا إليه إلا بالاعتماد على ما قالوا: ولا يحسبن جاهلٌ أو متجاهل أبي أُهْدِر علمَ الجرح والتعديل، أو استخفُّ به، فإنه هو المحك. ولكن أُنبِّه الممارِسَ المزوالَ للفن، فإنه يَمُرُّ مِثْلُ ذلك كثيرًا، فيرى من رجالِ البخاري مِنْ لم يخلصوا من الجرح. ثُمَّ يقلق في مكانه، وتضطرب نَفْسُهُ. أليس قد أقرَّ الحافظ رحمه الله تعالى أن التعصُّب بالمذاهب أيضًا دخل في هذا الباب؟ ثُمَّ الناس أيضًا على أنحاء: بين شديدٍ ولين، فلا سبيلَ إلى الفصل إلا التجربة والممارسة والتفطن لما قالوا، والتنبه على ما فعلوا، وذكل كله للمشتَغِل العاني دون المستريح المجاني، فإنه ليس له إلا الاتباع، ولا عبرة برأيه في هذا الباب، بل لا حَقَّ له أصلا فاحفظه. ¬

_ = وسائرُ الروايات مضطرب. وقد صَح عن عائشة رضي الله عنها أنه بعد ما حول تكفينه في الحِبَرة، نزعت، وفي "الصحيح": أَنَّ الأَثوابَ كانت من كرسُف. اهـ. قلت: ولعلك عَلِمت منه أن كَوْنَ القميصِ الذي مات فيه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من كفَنِه ليس ببعيد، فإِنَّ له رواية أيضًا وإنْ لم تكن قوية. (¬1) فعند ابن ماجه في حديث فقيل لعائشة رضي الله عنها: أنهم كانوا يَزعَمُون أنه قد كان كُفِّن في حِبَرَة، فقالت عائشةُ رضي الله عنها: قد جاؤوا بِبُرْد حِبَرة فلم يكفنوه. اهـ وهو عند الترمذي أيضًا.

24 - باب الكفن ولا عمامة

24 - باب الْكَفَنِ وَلاَ عِمَامَةٌ 1273 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كُفِّنَ فِى ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ. أطرافه 1264، 1271، 1272، 1387 - تحفة 17160 خالف فيه مالكًا رحمه الله ونَفَى العِمَامة. 25 - باب الْكَفَنِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَالزُّهْرِىُّ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَقَتَادَةُ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ الْحَنُوطُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ يُبْدَأُ بِالْكَفَنِ ثُمَّ بِالدَّيْنِ ثُمَّ بِالْوَصِيَّةِ. وَقَالَ سُفْيَانُ أَجْرُ الْقَبْرِ وَالْغَسْلِ هُوَ مِنَ الْكَفَنِ. 1274 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّىُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أُتِىَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ - رضى الله عنه - يَوْمًا بِطَعَامِهِ فَقَالَ قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ - وَكَانَ خَيْرًا مِنِّى - فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ إِلاَّ بُرْدَةٌ، وَقُتِلَ حَمْزَةُ أَوْ رَجُلٌ آخَرُ خَيْرٌ مِنِّى فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ إِلاَّ بُرْدَةٌ، لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ قَدْ عُجِّلَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنَا فِى حَيَاتِنَا الدُّنْيَا، ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِى. طرفاه 1275، 4045 - تحفة 9712 - 98/ 2 26 - باب إِذَا لَمْ يُوجَدْ إِلاَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ 1275 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ - رضى الله عنه - أُتِىَ بِطَعَامٍ وَكَانَ صَائِمًا فَقَالَ قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّى، كُفِّنَ فِى بُرْدَةٍ، إِنْ غُطِّىَ رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلاَهُ، وَإِنْ غُطِّىَ رِجْلاَهُ بَدَا رَأْسُهُ - وَأُرَاهُ قَالَ - وَقُتِلَ حَمْزَةُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّى، ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ - أَوْ قَالَ أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا - وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا، ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِى حَتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ. طرفاه 1274، 4045 - تحفة 9712 وهو كَفَنُ ضرورة، وهو بما قدر، فإن لم يوجد إلا رِدَاء، إن غطى به الرأس انكشفت الأقدام، وإن غُطّيت الأقدام انكشفت الرأس، ينبغي أن يُعطى الرأسُ ويجعل على قدميه الإِذْخِر، كما في الباب الآتي. 27 - باب إِذَا لَمْ يَجِدْ كَفَنًا إِلاَّ مَا يُوَارِى رَأْسَهُ أَوْ قَدَمَيْهِ غَطَّى رَأْسَهُ 1276 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ حَدَّثَنَا خَبَّابٌ - رضى الله عنه - قَالَ هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نَلْتَمِسُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ

28 - باب من استعد الكفن فى زمن النبى - صلى الله عليه وسلم - فلم ينكر عليه

أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَاتَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا. قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ نَجِدْ مَا نُكَفِّنُهُ إِلاَّ بُرْدَةً إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلاَهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نُغَطِّىَ رَأْسَهُ، وَأَنْ نَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذْخِرِ. أطرافه 3897، 3913، 3914، 4047، 4082، 6432، 6448 - تحفة 3514 28 - باب مَنِ اسْتَعَدَّ الْكَفَنَ فِى زَمَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ 1277 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ - رضى الله عنه - أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ فِيهَا حَاشِيَتُهَا - أَتَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ قَالُوا الشَّمْلَةُ. قَالَ نَعَمْ. قَالَتْ نَسَجْتُهَا بِيَدِى، فَجِئْتُ لأَكْسُوَكَهَا. فَأَخَذَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ، فَحَسَّنَهَا فُلاَنٌ فَقَالَ اكْسُنِيهَا، مَا أَحْسَنَهَا. قَالَ الْقَوْمُ مَا أَحْسَنْتَ، لَبِسَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لاَ يَرُدُّ. قَالَ إِنِّى وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ لأَلْبَسَهَا إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَنِى. قَالَ سَهْلٌ فَكَانَتْ كَفَنَهُ. أطرافه 2093، 5810، 6036 - تحفة 4721 - 99/ 2 29 - باب اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الْجَنَائِزَ 1278 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أُمِّ الْهُذَيْلِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا. أطرافه 313، 1279، 5340، 5341، 5342، 5343 - تحفة 18126 1278 - قوله: (نُهِيْنَا عن اتِّباع الجنائز، ولم يُعْزَم علينا) ... إلخ. كيف أشارت إلى المراتب في النهي، فدلت على أنه ليس بنهي عَزْم وإن كان مطلوبًا، وتلك المراتب لا يُدْرِكُهَا العلماء، ومنهم مَنْ لا يكاد يفهمه، فسبحانَ اللَّهِ ما أعلم وأَزكى نساء زمانه صلى الله عليه وسلّم حيث سبقوا على أُولي العِلْم ببركة صُحبة نبيِّنّا صلى الله عليه وسلّم. تنبيه: قد سبق معنا فيما مرَّ أنَّ لَفْظَ الاتباع بمادتِه أَقْرَبُ إلى الحنفية، وأَعْدَلُ الأقوال عندي أن لا يُؤخذ بالألفاظ بتلك الشدة. فإنَّ رعايةَ الحقيقة والأَخْذَ بها بهذه المثابةِ، إنما يليقُ بِشَأَنِ القرآن العزيز، فلا ينبغي الجمودُ عليه في باب الأحاديث، ولا تُبنى عليه المسائل فإن الاتباع في العُرف يُستعمل في الأمور الحِسيَّة والمعنوية كليهما. ويطلق على المشي مع أحدٍ مطلقًا، تقدم أو تأخر. وحينئذٍ لا يكون لفظُ الاتِّباع دليلا لنا وإن صَلَح لغةً. قوله: ((ألا فَزُورُوهَا)) وفيها روايتانِ عن إمَامِنا نقلهما الشَّامي: الأُولى إجازتُهَا للرِّجَال فقط، والأخرى الإجازةُ مطلقًا. والمختار عندي الجَمْع بينهما على أنهما ليستا روايتين عن الإمام رحمه الله، بل هما وجهتين لروايةٍ واحدةٍ في الحقيقة، فظنَّ أنهما روايتان مستقلتان. ولذا تصدَّى الشامي إلى الترجيح. والأمر عندي أن تقسم على التارات والحالات، فإن كانت صابرةً لا يُخْشى

30 - باب حد المرأة على غير زوجها

منها الجزع وهَتْك الحدود جاز لها أن تَخْرُج، وإلا لا. بقي السَّفَر إلى المزارات والمقابر كيف هو؟ أقول: يجوزُ للمقابر المُلْحَقة بالإجماع. وتُستحب زيارةُ النبي صلى الله عليه وسلّم بالتواتر. وأمَّا ما سواها من المقابر فلا نَقْل لَهَا عندي من الأئمة، نعم نُقولُ من المشايخ، فلذا أَكُفُّ عن اللِّسَانَ. 30 - باب حَدِّ الْمَرْأَةِ عَلَى غَيْرِ زَوْجِهَا 1279 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ تُوُفِّىَ ابْنٌ لأُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ دَعَتْ بِصُفْرَةٍ، فَتَمَسَّحَتْ بِهِ وَقَالَتْ نُهِينَا أَنْ نُحِدَّ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثٍ إِلاَّ بِزَوْجٍ. أطرافه 313، 1278، 5340، 5341، 5342، 5343 - تحفة 18103 1280 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِى سَلَمَةَ قَالَتْ لَمَّا جَاءَ نَعْىُ أَبِى سُفْيَانَ مِنَ الشَّأْمِ دَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ - رضى الله عنها - بِصُفْرَةٍ فِى الْيَوْمِ الثَّالِثِ، فَمَسَحَتْ عَارِضَيْهَا وَذِرَاعَيْهَا وَقَالَتْ إِنِّى كُنْتُ عَنْ هَذَا لَغَنِيَّةً، لَوْلاَ أَنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا». أطرافه 1281، 5334، 5339، 5345 - تحفة 15874 1281 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا». أطرافه 1280، 5334، 5339، 5345 - تحفة 15874 1282 - ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حِينَ تُوُفِّىَ أَخُوهَا، فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ ثُمَّ قَالَتْ مَا لِى بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، غَيْرَ أَنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا». طرفه 5335 - تحفة 15879 واعلم أن الإحداد بالموتِ متفقٌ عليه عند جميع الأئمة، أما في الطَّلاق فهو عند الحنفيةِ فقط، وهو مختار النَّخَعِي أيضًا. وهذا النَّخَعي من أساتذةِ إمَامِنَا رحمهما الله. ثُمَّ إنَّه يحِب لَحقِّ الزَّوْج، ويجوز لغيره أيضًا ثلاثة أيامٍ عند محمد رحمه الله وعليه الاعتماد عندي، وإن كان في الكُتُب عدمُ الجواز. واعلم أن هناك فائدة ينبغي أن تحفظَها ولا تَنْسَها، وهي أن الفقيه الغَيْرَ المُحَدِّث إذا رأى في الفِقْه سكوتًا عن أَمرٍ ربما يَحْمِله على النَّفي فيصرِّح به، فيجيء المتأخِّرُ ويظن أنه منقولٌ عن أئمتنا فيتضرر به، فإنه يد يخالِفُ صريحَ القرآن. فيجب على الفقيه أن يشتغل بالحديث والقرآنِ

31 - باب زيارة القبور

أيضًا لتبقى مراعاتُهُما بمرأى عينيه. ومَنْ لا يشتغلُ بالحديث فإنه لا يحصلُ له علم بكثيرٍ من المسائل التي تتعرض لها الأحاديث ولم يتعرض لها فقهاؤنا، وذلك لعدم كونها من موضوع فَنِّهِم. وقد مرَّ معنا التنبيه في الأوائل أن التقليدَ لا يحكم إلا بعد النظر إلى الأحاديث. وكذا الأحاديث لا يستقِرُّ مرادُهَا عندنا إلا بعد النَّطر إلى أقوال السَّلَفِ، فمن أراد أن يحصلَ له عِلْمُ السَّلَف فليَجْمَع بين الأَمْرَين. 1270 - قوله: (جَاء نَعْيُ أبي سُفْيَانَ) وهو والدُ أُمِّ حبيبة. قوله: (حينَ تُوفِي أَخُوها) قال الحافظ رحمه الله: إنَّ الذي مات بالحبشةِ مات على النصرانية فلا معنى للإِحداد عليه، والآخَرُ بقي بعدها حَيًّا، فعلى مَنْ كانت تحد. ثُم أجاب مِنْ عنده: أن الذي أرادَتْ عليه الإِحْدادِ هو الذي مات على النَّصْرَانية، ولا بأس به فإنَّه أَمْرٌ فِطْريّ. أقول: ولا تَعَرُّضَ إليه لعدم بناءِ مسألة عليها، نعم مَنْ أَراد أن يضعَ شَرْحًا على البخاري فعليه أن يدخلَ في تلك المباحث. 31 - باب زِيَارَةِ الْقُبُورِ 1283 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِامْرَأَةٍ تَبْكِى عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ «اتَّقِى اللَّهَ وَاصْبِرِى». قَالَتْ إِلَيْكَ عَنِّى، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِى، وَلَمْ تَعْرِفْهُ. فَقِيلَ لَهَا إِنَّهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَتَتْ بَابَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ فَقَالَتْ لَمْ أَعْرِفْكَ. فَقَالَ «إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى». أطرافه 1252، 1302، 7154 - تحفة 439 - 100/ 2 32 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» إِذَا كَانَ النَّوْحُ مِنْ سُنَّتِهِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6] وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَّتِهِ، فَهُوَ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]. وَهُوَ كَقَوْلِهِ {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ} ذُنُوبًا {إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ} [فاطر: 18] وَمَا يُرَخَّصُ مِنَ الْبُكَاءِ فِى غَيْرِ نَوْحٍ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلاَّ كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا». وَذَلِكَ لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ. 1284 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ وَمُحَمَّدٌ قَالاَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَرْسَلَتِ ابْنَةُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِ إِنَّ ابْنًا لِى قُبِضَ فَائْتِنَا. فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلاَمَ وَيَقُولُ «إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ». فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا،

فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرِجَالٌ، فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الصَّبِىُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ - قَالَ حَسِبْتُهُ أَنَّهُ قَالَ - كَأَنَّهَا شَنٌّ. فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ. فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا فَقَالَ «هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِى قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ». أطرافه 5655، 6602، 6655، 7377، 7448 - تحفة 98 1285 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ شَهِدْنَا بِنْتًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ عَلَى الْقَبْرِ - قَالَ فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ قَالَ - فَقَالَ «هَلْ مِنْكُمْ رَجُلٌ لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ». فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَنَا. قَالَ «فَانْزِلْ». قَالَ فَنَزَلَ فِى قَبْرِهَا. طرفه 1342 - تحفة 1645 - 101/ 2 1286 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ تُوُفِّيَتِ ابْنَةٌ لِعُثْمَانَ - رضى الله عنه - بِمَكَّةَ وَجِئْنَا لِنَشْهَدَهَا، وَحَضَرَهَا ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - وَإِنِّى لَجَالِسٌ بَيْنَهُمَا - أَوْ قَالَ جَلَسْتُ إِلَى أَحَدِهِمَا. ثُمَّ جَاءَ الآخَرُ، فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِى فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمَرَ - رضى الله عنهما - لِعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ أَلاَ تَنْهَى عَنِ الْبُكَاءِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ». تحفة 7276 1287 - فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَدْ كَانَ عُمَرُ - رضى الله عنه - يَقُولُ بَعْضَ ذَلِكَ، ثُمَّ حَدَّثَ قَالَ صَدَرْتُ مَعَ عُمَرَ - رضى الله عنه - مِنْ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ، إِذَا هُوَ بِرَكْبٍ تَحْتَ ظِلِّ سَمُرَةٍ فَقَالَ اذْهَبْ، فَانْظُرْ مَنْ هَؤُلاَءِ الرَّكْبُ قَالَ فَنَظَرْتُ فَإِذَا صُهَيْبٌ، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ادْعُهُ لِى. فَرَجَعْتُ إِلَى صُهَيْبٍ فَقُلْتُ ارْتَحِلْ فَالْحَقْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَلَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ دَخَلَ صُهَيْبٌ يَبْكِى يَقُولُ وَاأَخَاهُ، وَاصَاحِبَاهُ. فَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - يَا صُهَيْبُ أَتَبْكِى عَلَىَّ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ». طرفاه 1290، 1292 - تحفة 10505 1288 - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ - رضى الله عنه - ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقَالَتْ رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ، وَاللَّهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ اللَّهَ لَيُعَذِّبُ الْمُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ. وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ لَيَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ». وَقَالَتْ حَسْبُكُمُ الْقُرْآنُ {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عِنْدَ ذَلِكَ وَاللَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى. قَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ وَاللَّهِ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - شَيْئًا. طرفاه 1289، 3978 - تحفة 16227، 5803

1289 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى يَهُودِيَّةٍ يَبْكِى عَلَيْهَا أَهْلُهَا فَقَالَ «إِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيْهَا، وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِى قَبْرِهَا». طرفاه 1288، 3978 - تحفة 17948 - 102/ 2 1290 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ - وَهْوَ الشَّيْبَانِىُّ - عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ - رضى الله عنه - جَعَلَ صُهَيْبٌ يَقُولُ وَاأَخَاهُ. فَقَالَ عُمَرُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَىِّ». طرفاه 1287، 1292 - تحفة 10585، 9094 أ واعلم أنَّ في مسألة البابِ خلافًا بين عائشةَ وابنِ عمر رضي الله عنهما. فقالت عائشةُ رضي الله عنها إنالكيت لا يعذب ببكاء الأهل، فإنه من فعلهم فلا تزره نفس الميت وابن عمر رضي الله عنه يثبته. وجات عائشة رضي الله عنها. عَمَّا رواه ابنُ عمرَ رضي الله عنه، بأنه سها فيه، فإنَّها كانت واقعة جزئيةً لا مرأة يهوديةٍ وكانت تُعذَّب، فجعلها ابنُ عمرَ رضي الله عنه ضابطةً كليةً للمسلمين وغيرهم. قال العلماء: إن تخطئتَها ليس بذاك، فإنَّه رواه غيرُهُ أيضًا لا يمكن الوَهْم كم كُلِّهم. وقد ذكر العلماءُ للحديث سبعةَ وجوه سَرَدَها الحافظ رحمه الله واختار منها البخاريُّ رحمه الله: أن العذابَ فيما كان النَّوْحُ من سُنَّتِه، وأَمَّا إذا لم يكن مِنْ سُنَّته فإنَّه لا يُعذَّبُ. وحاصِلُهُ: أنه قسم على الحالات، فجعل بَعْضَه حرامًا، وبعضَه جائزًا، والذي هو حرامٌ هو أن يَرْضَى به الميتُ فيكون رضاؤه بالبكاءِ سببًا لعذَابِهِ. ولفظ «البَعْض» في الحديث أيضًا يَدُلُّ على أن بَعْضَه جائزٌ كما سيجيء، واستدل عليه بآيةٍ وحديث. وحاصله: أنَّ الإنسانَ مأمورٌ بإصلاح نَفْسه ورعيته، فيُؤاخَذُ بتركِ إصلاح نَفْسِهِ ورعيتِهِ معًا. وأما إذا نهاهم عن البكاءِ ثُمَّ فعلوه بعد موته فله ضابطةٌ أُخْرَى، وهي كما ذكرت عائشةُ رضي الله عنها. وهذا الذي عُني بالتقسيم على الأحوالِ. وتفصيلُهُ أَنَّ الشَّرْعَ كما يُؤاخِذ المباشِرَ كذلك قد يؤاخذ المُسَبِّب أيضًا، وقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] لا يُخَالِف أَخْذَ المسبِّب فإنَّ التسبيبَ أيضًا مِنْ فِعْلِهِ كالمباشَرَة، فلم يكن مِنْ وِزْرِ الآخَر بل وِزْر نَفْسِهِ والمرءُ يُؤاخَذُ به لا محالة إلا أنَّ المُؤاخَذَةَ في المباشِر مطلقٌ، وفي مؤاخذة المسبِّب تفصيلٌ، وهو الذي رُوعي في قوله صلى الله عليه وسلّم «لا تُقْتَلُ نَفْسٌ» ... إلخ. ففيه المؤاخذةُ مِنْ المُسبِّب. فإذا عَلِمت أَنَّ الشَرْع وَرَد بِأَخْذِ المباشِر والمُسَبِّب كِلَيْهِمَا فالطَّرْد على واحدٍ منها وتَرْك الآخَر حَمَقٌ قَطْعَا. ولكن يجري في مِثْله التَّقْسِيْم على الحالات. ولذا قلت فيما مَرَّ: إِنَّ الشَّرْعَ نَصَب القواعِدَ، وقد يَصْدُق على جزىءَ واحدٍ قواعدُ شَتَّى وحينئذٍ يتعسَّر إدخالُهُ في واحدٍ منها وَتَرْك التجاذب، فيحتاجُ إلى النَّظر في أَنَّ هذا الجزئي بأيِّ القواعِد أَقْرَب فيلحق بها، ويقسم بينها. وهذا التقسيمُ الصحيحُ هو وظيفةُ المُجْتَهِد، وهو على نحو ما قال الدَّوَّاني: إنَّ أُلوفًا من

الكلياتِ تَصْدُق في مَحَلَ فيصيرُ مجموعُهَا جزئيًا. والجواب الثاني: أن التعذيب عبارةٌ عن تعبيرِهِ بما أَثْنُوا عليه بعدَهُ، كقول الملائكة لأبي موسى الأشعري عند الترمذي: «أهكذا كنت؟» حين غُشِي عليه وناحَت عليه زَوْجَتُهُ. وأَرْجَحُ الأجوبةِ عندي ما ذكره ابنُ حَزْم رحمه الله: إنَّ أهلَ الجاهليةِ كانوا يَذْكُرونَ في النياحةِ أفعالَ الميت التي تكونُ مِنْ أَعْظَمِ الكبائرِ وموجِبات النار، نحو قولهم: إنَّك قاتَلْتَ فُلانًا فلم تَتْرُك منهم أحدًا، وأَغَرْتَ على فلانٍ إلى غير ذلك من الشنائع. وكانوا يذكرونها افتخارًا وَمَدْحَا للمَيِّت على ظَنِّهم الفاسدِ. وكانت تلك الأشياءُ كُلُّها من أفعالِ الميت، فكان العذابُ من أَجْل أفعالِهَا لا من أجل البكاء. ويوضِّحُهُ ما عند المُصَنِّف رحمه الله في الصفحة الأخرى: إنَّ الميتَ يُعذَّب في قَبْره بما نِيح عليه، وما نِيح هو معاصِيه بِعَيْنَها التي اقترفها وليست مِنْ فِعْل غيره. وهذا أَعْجَب الشُّروح إليَّ. 1284 - قوله: (فَلْتَصْبِر) وفي بعضِ الروايات: «فلتصبري» وفيه دليلٌ على أنَّ «اللام» قد تَدْخُل على الأَمْر الحاضِر أيضًا، كما قاله الكُوفيون خلافًا للبَصْريِّين. قوله: (تُقْسِمُ عَلَيْهِ) وهو من باب إبرار المُقْسِم فلو كان من لفظها: أَنَّها تُقْسِم عليك أَنَّك لتأتِيَنَّهَا، لا يكونُ واحِدٌ منهما حالِفَا. وإنْ كان: أني أحلِفُ أَنَّك لتأتيني، ويصيرُ المتكلِّم به حالِفَا، ويُستحب إبراره للآخَر. وترجمته في الهندية تقسم عليه آي (واسطه ديتي هين) قال الحافظ رحمه الله تعالى: ثُمَّ بقي هذا الولد حيًّا إلى زمنٍ مع التصريح بدخولِهِ في النَّزْع. قلتُ: وينبغي أن يُعدَّ هذا من مُعجزاتِهِ صلى الله عليه وسلّم والعَجَب من السُّيوطي رحمه الله تعالى أنه تَمسَّك فيه بروايةٍ تكاد تكونُ موضوعةً، ولو أتى بهذه لكان أحسن، نعم ينبغي للطبيبِ أن يَبْحَث في أنه هل يمكنُ عَوْدُ الروحِ بعد الدخول في النَّزْع أم لا؟ فإن أُمكن فلا يخلو إما أن يَطَّرد ذلك أو لا. وعلى الثاني تكونُ معجزةً، وعلى الأول لا تكون معجزةً لدخوله تحتَ الضابطةِ الطبية. وأما إذا كان لا يمكنُ العَوْدُ أصلا فهو معجزةٌ مُطْلقًا. والذي يظهر من كُتب الطبِّ أن الطَّبْع إذا صار مغلوبًا في البحران يرجِعُ إلى القلبِ كليلا، فإذا رجع إليه قَوِي لكونِ القَلْب مَعْدَن الحياة فيكتسب منه قوةً وجعل يدافِعُ المرضَ حتى يدفَعَه. فهذا يدلُّ على أن العوْدَ بعد النَّزْع ممكنٌ وإن لم يكن مُطَّرِدًا فيكونُ معجزةً في هذه المادة. وقد قال لي بعضُ أقاربي: أني دخلت في النَّزْع مرةً، فرأيتُ أن شيئًا ينزع من قدمي، فإذا بلَغ إلى السُّرّةِ تَفَلَّت وبلغ إلى مَوْضِعه كالبرق، ولم أزل أُحُسُّ كذلك حتى بَقِيْتُ حيًّا. 1285 - قوله: (لَمْ يُقَارِف) والمقارفة الإتيان بما لا ينبغي (ناشايان كام). قال الشارحون رحِمهم الله تعالى: إنَّ عثمانَ رضي الله عنه كان قد جامع بَعْضَ جوارِيه في تلك الليلة وله العُذْر أيضًا، فإنَّ مَرَضَها لما طال وتمادَى ولم يكن يخطر بِبَالِهِ أنها تُتوفَّى في هذه الليلة اشتغل بِمِثْلِهِ، ولكنَّه لما كان مُشْعِرًا بِغَفْلَتِهِ في عدم إقامته بحقِّ التمريض أظهر عنه المَلالَ. ونقل الحافظ رحمه الله تعالى في تفسيره عن الطحاوي: لم يُقاول الليلةَ ثُمَّ رَدَّ عليه. قلتُ: ليس مَا ذَكَره الطحاوي روايتَه ولا بَدلا عن اللفظ، بل أراد الطحاويُّ رحمه الله

تعالى بيانِ المراد. وحاصله: أن تلك الواقعةَ لما لم تَثْبُت بالروايةِ فلا حاجةَ إلى التزامها. ويمكن أن يكونَ اشتغل بالتحديث والمقاولةِ مع كونه لا ينبغي له في مِثْل هذا الأوان، فَكَرِهَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم نعم لو ثَبت في رواية أنه كان جَامع لكان لالتزامِه وَجْه. أمَّا إذا لم يَثْبُت فلا حاجةَ لنا إلى تقديرِهَا مِنْ أجل لَفْظ المَقَارَفة هكذا يعلم بالمراجعة إلى مُشْكِلة (¬1). ¬

_ (¬1) قلت: قال علي القاري في "شرح الشمائل" في "جامع الأصول": لم يقارف أي لم يُذْنب ذنبًا. ويجوز أن يراد الجِماع فكنَّى عنه. وقيل: هو المعني في الحديث. ويؤيدُه ما في "النهاية": قَارَف الذنب إذا داناه، وقارف امرأته إذا جامعها. ومنه الحديث في دَفْن أُم كُلثوم: "منْ كان مِنْكم لم يقارف أهلَه الليلةَ فليدخل قبرَها". والحاصل: أن قوله: "لم يقارف" بالقاف والراء والفاء من المقارَفة على صيغة المَبْنِي للفاعل، وأن المفعول هنا محذوفٌ وهو الذنب، أو امرأته وأهله، وقد زاد ابنُ المبارك عن فُلَيح: أراه يعني الذنب. ذكره البخاريُّ تعليقًا. ووصله الإِسماعيلي. وحُكي عن الطحاوي أنه قال: لم يقارِف تصحيفٌ، والصواب لم يقاول، أي لم ينازع غيرَه في الكلام لأنهم يكرهون الكلامَ بعد العشاء. كذا ذكره العسقلاني. انتهى ما ذكره القاري. ثم في شَرْحها للمحدِّث عبد الرؤوف المُنَاوي: وزَعْمُ الطحاوي: أن يقارف معناه لم ينازع غيرَه في الكلام لكراهة الكلام بعد العشاء بعيدٌ متكلف. وما تقرر مِنْ أن معنى يقارف يجامع هو ما في "النهاية"، وتبعوه، لكن في "جامع الأصول" أن معناه يُذْنب. وهو ما رواه البخاري عن ابن المبارك عن فلَيح تعليقًا، ووصله الإسماعيلي. ورواه أحمدُ عن شرَيح بن النعمان عن فُلَيح أيضًا. ويرجّح الأَول رواية البخاري أيضًا فى "تاريخه الأَوسط"، والحاكم: "لا يدخل القبرَ أحدٌ قارَف أهلَه البارحة". فتنحى عثمان، على أن دَعْوى أن معْناه لم يقارف ذنبًا فى غاية البعد إذ لا وَجْه لتخصيصه بالليلة، وقد قال ابن حَزم: معاذ الله أن يتبجح أبو طلحة عند المصطفى بأنه لم يذنب، نعم ما عُزي لعثمان ظاهر إن صحَّ ذلك عنه، وإلَّا فَوَجْه المنع أن الحديث العهد بالجِماع قد يتذكر ذلك فيذهل عما يُطلب من الإِلحاد وأحكامه. انتهى. وفي "عمدة القاري": "حُكي عن الطحاوي أنه قال: لم يقارِف تصحيف، والصواب لم يقاول، أي لم ينازع غيرَه الكلام، لأنهم كانوا يكرهون الحديثَ بعد العشاء. اهـ. قلت: وقد راجعت "مُشْكِل الآثار" للطحاوي فلم أجد فيه دَعْوى التصحيف كما يُحكى عنه. غير أني ما تفقهت كلامه فأنا آتيك أولًا بعبارته من مُشكِله لتفكر فيها، ثُم من عبارة "المعتصر" للقاضي أبي المحاسن يوسف بن موسى الحنفي لتستعين بها على فَهْم كلام الطحاوي، ثُم أذكر لك بعض ما فهمت من كلامه، قال الطحاوي فوجدنا المقارَفة قد تكون من المقاولة، وقد تكون من غيرها من الإِصابة، واستحال عندنا أن يكون أراد بذلك الإِصابة، لأنها مَنْ يصيبها مِنْ أهله غيرُ مذمومة. وقد تكون مِن المقاولة مذمومة، وكان الذين كان إليهم مرمة قَبْرها وإدخالها فيه من ذوي أرحامِها المحرمات، ولا نعلم كان منهم حينئذِ حاضرُ غير رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، لأنه أبوها، وغير عمه العباس بن عبد المطلب، وغير مَنْ كان يمسها منه رحم محرم من قِبَل أمها وهو أخوها لأمها هند بن أبي هالة التميمي، ومَنْ عسى أن يكون بينهما وبينه حُرْمةٌ برضاع. فكان هؤلاء أولى الناسِ بإِدخالها قبرَها، واحتمل أن يكون فيهم سوى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مَنْ كان بينه وبين أهله مقارَفة لم يحمدها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يحب لذلك أن يتولى من ابنته إلا مَنْ لم يكن ذلك منه إلخ. وفي "المعتصر" في إلحاد المرأة في باب الجنانز. قال: والمقارَفة قد تكون من المقاولة المذمومة، وقد تكون من غيرها من الإصابة، واستحال الثاني لأن إصابة الرجل أهلَه غير مذمومة، فيحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - عَلِم ممن كان يصحُّ له دخول قبرها مِن ذوي محارِمها أنه جرى بينه وبين زوجته في تلك الليلة مقارفَة من القول مذمومة فكره أن يتولى إدخالَ ابنته في قبرها، وأما ما فيه مِن قول الراوي فلم يدخل زوجها. يعني قبرها، فإن ذلك حَمَله قومٌ على أنه يحتمل أنه كان بينه وبينها قبل وفاتها في تلك الليلة هذه المقارفة. وهم الذين يذهبون إلى أن للزوج غَسلَ زوجته بعد وفاتها وإِدخالها قبرها، ومذهبُنا أنه لا يغسلها =

مسألة

مسألة يجوزُ للأجانب إنزالُ الميتِ في القبر عند الحاجة، وإن كان الأَوْلَى هو الزَّوْج والأَقارب. قوله: (قد كان عُمرُ رضيا للَّهُ عنه يقولُ بَعْضَ ذلك) وكأنَّ ابنَ عباس رضي الله عنه لم يُسَلِّم عذابَ الميتِ بِبُكَاءِ الحيِّ. قوله: (صَدَرْتُ مَعَ عمرَ رضي اللَّهُ عنه) وهذا آخِرُ حجة، ثم استُشْهِد بَعْدَهُ. قوله: (إنَّ اللَّهَ لَيزيدُ الكافِرَ عذابًا) ... إلخ. وهذا مضمونٌ آخَرُ غير ما مرَّ. وفيه: أنَّ العذابَ عليه من معاصيه، ولكنَّ اللَّهَ يزيدُهُ عذابًا من نياحَتِهم وقد آخَذَهُ القرآنُ أيضًا في واضعَ. ونَبَّه ابنُ المنير على أنَّ مِنْ سُنَّة اللَّهِ تعالى أن العبدَ إذا ازداد في الكفر يزادُ عليه بعضُ الكفر نكالا. ومنه قوله تعالى: {فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} [البقرة: 10] فاقترفوا الكُفْرَ هؤلاء من عِنْد أَنْفُسِهم فعُوقِبُوا بِكُفْرٍ آخَرَ من عنده تعالى. 33 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - دَعْهُنَّ يَبْكِينَ عَلَى أَبِى سُلَيْمَانَ مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعٌ أَوْ لَقْلَقَةٌ. وَالنَّقْعُ التُّرَابُ عَلَى الرَّأْسِ، وَاللَّقْلَقَةُ الصَّوْتُ. 1291 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ كَذِبًا عَلَىَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ ¬

_ = لانقطاع ما كان بينهما في حياتها بوفاتها، ثم ذكر الجواب عما رُوي في أبي طلحةَ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن ينزل في قبرها فقال: "هذا مما يبعد، لأن أبا طلحة لم يكن من محارمها، اللهم إلا أن يكون لم يحضر قبرها حينئذٍ من ذوي محارمها غيرُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاحتاج إلى معونته". فاتسع له ما يتسع للأجنبي انتهى بتلخيص. قلت: ولعله قسم المقاولةَ باعتبار الجنس، فإِنها إذا اشتملت على ما لا ينبغي تكون مذمومةً، بخلاف مقارَفة الأهل فإِنها غيرُ مذمومة مطلقًا، وإِذَن حاصِله على مذهب الطحاوي رحمه الله تعالى أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر أحدًا مِمن حضر من ذوي محارِمها، لأنه عَلِم من حالهم تلك المقارَفة، وأما زوجها فلم يكن له أن يدخل قبرها لانقطاع الزوجية عنده فصار كالأجنبي وأما حاصله على مذهب غيره ممن لا يرون ذلك، فلعله عَلِم مِنْ حاله أيضًا تلك المقاولة المذمومة فنهاه لذلك، وإِن جاز له إِدخالُها، لكنه أحبَّ لابنته أن يدخلها مَن يكون أبعدَ من تلك المقارفة أيضًا. قلت: وسيجيء عن الشيخ رحمه الله تعالى في باب الدفن بالليل أن الشيخ رحمه الله تعالى رَدَّ على مَنْ ظن انقطاع الزوجية بعد الوفاة، وها هو ذا قد صرَّح به الطحاوي رحمه الله تعالى. وكونه مذهبًا فلا أدري ماذا أراد الشيخ رحمه الله تعالى. هل خالف الطحاوي رحمه الله تعالى في المسألة أم غَلِطت أنا في النقل عنه، والله تعالى أعلم. واعلم أن كلام الطحاوي المذكور ليس في معنى المقارفَة قصدًا، وإنما مرَّ عليه الطحاوي في ذيل الكلام، وإنما مقصوده ههنا البحثُ عن إدخال الميت في القبر إذا كان امرأة: مَنْ يقدَّم فيه، ومَنْ يجوز له، ومَنْ لا يجوز؟ وذكر العيني رحمه الله تعالى عن بعضهم أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما عيّن أبا طلحة لأن ينزل في القبر، لأن ذلك كان صنعتَه. وفي "الاستيعاب" في ترجمة أُمِّ كلثوم: استأذَن أبو طلحة أن يَنْزل في قبرها فأذن له. اهـ مختصرًا.

34 - باب

كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ». تحفة 11520 1292 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ فِى قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ». تَابَعَهُ عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ. وَقَالَ آدَمُ عَنْ شُعْبَةَ «الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَىِّ عَلَيْهِ». طرفاه 1287، 1290 - تحفة 10536 «مِنْ» ههنا أيضًا تبعيضيةٌ عندي، وذلك لأنه لا بد كون بَعْض مراتبِ النياحة تحت الجواز وإن لم نَقْدِر على تحديدها، لما قد ثَبَت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم الإغماضُ عن بَعْضِهَا كنياحةِ أُمِّ الأَخِ لجابر رضي اللَّهُ عنه حين استُشِهِد. وفي البخاري: أنَّ امرأةً بايعت النبيَّ صلى الله عليه وسلّم وترخَّصَت في النياحة مرةً قضاءً عَمَّا كان علهيا من نياحةٍ في الجاهليةِ. فأجاز لها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم واضطَّرَبَ فيه الشارحون، والصواب ما ذكره القرطبيُّ رحمه الله تعالى أنه لا بُدَّ مِنْ إقامةِ المراتب، والتحديد يَتَعَسَّر في مسألة. ولذا صَرَّح السَّرَخْسِي رحمه الله تعالى: أنَّ المسألةَ فيه عندنا أن يُفوَّضَ إلى رأي المُبْتَلَى به. لا أريدُ به فَتْحَ بابِ النياحة، ولكن أريدُ فيه المستثنياتِ. ثم لا بدَّ مِنْ الفَرْق بين الإغماضِ الرضاء. فالذي أقول هو الإغماضُ في بعض الأحيان مع إظهار عدم الرضاء منها، وهو الذي أرادَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في الباب الآتي فلم تبكي، أو لا تبكي، فما زالت الملائكةُ تُظِلُّه، ففيه عَدَمُ الرضاء مع الإِغْماض. 34 - بابٌ 1293 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ جِىءَ بِأَبِى يَوْمَ أُحُدٍ، قَدْ مُثِّلَ بِهِ حَتَّى وُضِعَ بَيْنَ يَدَىْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ سُجِّىَ ثَوْبًا فَذَهَبْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكْشِفَ عَنْهُ فَنَهَانِى قَوْمِى، ثُمَّ ذَهَبْتُ أَكْشِفُ عَنْهُ فَنَهَانِى قَوْمِى، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرُفِعَ فَسَمِعَ صَوْتَ صَائِحَةٍ فَقَالَ «مَنْ هَذِهِ». فَقَالُوا ابْنَةُ عَمْرٍو أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو. قَالَ «فَلِمَ تَبْكِى أَوْ لاَ تَبْكِى فَمَا زَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رُفِعَ». أطرافه 1244، 2816، 4080 - تحفة 3032 وظنيِّ أنَّ المصنِّف رحمه الله تعالى يريدُ أن يشيرَ إلى المُسْتثنياتِ، إلا أنَّه لم يتكلَّم بها لكونها غيرَ مُنضبطةٍ، فدلَّ على أن تَرْك الترجمةِ قد يكونُ لهذا المعنى أيضًا. 35 - باب لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الْجُيُوبَ 1294 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا زُبَيْدٌ الْيَامِىُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ». أطرافه 1297، 1298، 3519 - تحفة 9559 - 103/ 2

36 - باب رثى النبى - صلى الله عليه وسلم - سعد ابن خولة

ومعناه على المَشْهُور ليس على طريقتِنَا وسُنَّتِنَا. وكان سُفيانُ (¬1) الثوريُّ يمنع عن تأويلهِ ويقول: إنَّ مِثْلَ هذا الحديث ينبغي أن يترك على ظاهرِهِ ولا يُؤوَّل، فإنَّه يخف منه الوعيد. والمقصودُ زَجْرُ الناسِ عنه والتخفيفُ يُخُلُّ به. 36 - باب رِثَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - سَعْدَ ابْنَ خَوْلَةَ 1295 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِى عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِى فَقُلْتُ إِنِّى قَدْ بَلَغَ بِى مِنَ الْوَجَعِ وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلاَ يَرِثُنِى إِلاَّ ابْنَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَىْ مَالِى قَالَ «لاَ». فَقُلْتُ بِالشَّطْرِ فَقَالَ «لاَ» ثُمَّ قَالَ «الثُّلُثُ وَالثُّلْثُ كَبِيرٌ - أَوْ كَثِيرٌ - إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِى فِى امْرَأَتِكَ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِى قَالَ «إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلًا صَالِحًا إِلاَّ ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، ثُمَّ لَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِى هِجْرَتَهُمْ، وَلاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ، يَرْثِى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ». أطرافه 56، 2742، 2744، 3936، 4409، 5354، 5659، 5668، 6373، 6733 تحفة 3890 1295 - قوله: (عَام حَجَّةِ الوَدَاع) ويقول بعضُهُم عامَ الفَتْح، فهو مِنْ اختلافِ الرواة. قوله: (يَتَكَفَّفُوْنَ) (اته يسارين). قوله: (إلا أُجِرْتَ بِهَا) وترشَّحَ منه أنه لَعله تَطُوْلُ حياتُهُ ولا يموتُ في هذا المَرَضِ. ولذا سأل عنه فقال: «يا رسولَ الله أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟» كأنه يسخبرُهُ عن حياته وموته، ولكنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يجبه صراحةً. والمرادُ من التخليف على هذا التقدير بقاؤه حياتُهُ. ويمكنُ أن يكونَ مرادُهُ: أنَّك تذهبُ إلى المدينةِ وأصحابُكَ معك ذاهبون، أفأَتخلَّفُ عنهم فلا أَقْدِرُ على الذَّهَابِ معك؟ فالتخليفُ إذن بمعنى بقائه يمكةَ وعدم ذهابه معه. وكأنه يستخبرُه عن هجرتِهِ هل تَتِمُّ أو لا؟ فإنَّ الصحابةَ رضي الله تعالى عنهم كانوا يَعُدُّون الموتَ في غيرِ دَارِ هِجْرَتِهِم نَقْصَا. ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلّم «إنك لن تُخَلَّف» ... إلخ يعني إنك إن بقيتَ ههنا ولم تَبْلُغ إلى المدينةِ فلا بأس، فإنَّك أن تعمل عملا صالحًا فَنَفْعُهَا نائلٌ إياكَ لا محالة، فهذا القَدْرُ من المنفعةِ حَاصِلٌ لك بمكةَ أيضًا. قوله: (لَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ) (¬2) أي تَطُول بك الحياةُ. أشار فيه إلى بقائِهِ وحياتِهِ وانتفاعِ ¬

_ (¬1) قلت: ذكره الترمذي رحمه الله تعالى في أبواب البرِّ والصلة. اهـ. (¬2) قال القاضي أبو المحاسن في "المختصر" في وصية سعد ص (272): الأصح أن ذلك كان عامَ الفتح لا عام حجة الوداع، خلافًا لمالك رحمه الله تعالى. ومعنى قوله: لَعَلَّك أَنْ تُخلَّفَ هو ما روى عن بُكَيْر بن الأَشَجّ =

37 - باب ما ينهى من الحلق عند المصيبة

المؤمنين وَتَضَرُّرِ الأعداء، فوقَع كما أَخْبر فكان فَاتْحًا. فإن قلت: إنَّ التخلُّفَ في الأول كان بمعنى التخلف عن الذَّهَاب معه دون الحياةِ. وههنا بمعنى الحياةِ، فهو فَكُّ في النِّظَام. قلتُ:: وهذا البحثُ يناسِبُ مرتبةَ القرآن، أمَّا الحديثُ فلا يُشددُ فيه بذلك. قوله: (اللهم أَمْضِ لأصحابي) ... إلخ. وفيه دليلٌ على أن الوفاةَ في غير دار الهجرة كانت تُعَد نَقْصَا ولو كان بِأَمْرٍ سماوي. قلتُ: ولكنَّ هذا النقصَ يكون تكوينيًا. أعني به أن شاكلةَ حَشْرِ أهل المدينة لَعلَهَا تغايرُ شاكلَةَ حَشْرِ أهل مكة، فالله تعالى يَدْري ما الفرق بين الْحَشْرَين. وبالجملةِ مَنْ مات بمكَةَ لا يُحْشَر كَحَشْر أهلِ المدينة، وهذا الذي عنيت بالنقصِ التكويني. قوله: (يَرْثي) أي يرق له. وفي اللغة فَرْق بين قولِهِ رَثَاهُ ورَثَى لَهُ. 37 - باب مَا يُنْهَى مِنَ الْحَلْقِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ 1296 - وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُخَيْمِرَةَ حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ وَجِعَ أَبُو مُوسَى وَجَعًا فَغُشِىَ عَلَيْهِ، وَرَأْسُهُ فِى حَجْرِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شَيْئًا، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ أَنَا بَرِىءٌ مِمَّنْ بَرِئَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ وَالْحَالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ. تحفة 9125 و «من» ههنا تعبيضةٌ أيضًا. فلو احتاج عند المصيبةِ إلى الحَلْق جاز، والحلقُ عند المصيبةِ رائجٌ في كُفَّار أهل الهند إلى يومنا هذا. 38 - باب لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ 1297 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ». أطرافه 1294، 1298، 3519 - تحفة 9569 - 104/ 2 1297 - قوله: (ودعا بِدَعْوَى الجَاهِلِيةِ) أي يقولُ بِقَوْلٍ عُرِفَ في أهل الجاهلية في مِثْل هذا الموضع. 39 - باب مَا يُنْهَى مِنَ الْوَيْلِ وَدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ 1298 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ ¬

_ = قال: سألت عامِرَ بنَ سعد عن معناه فقال عامر: أمِّر سعدٌ على العراق، فقتل أقوامًا على الردَّة فضربهم، واستتاب قومًا كانوا يسجعون بسجع مسَيلمة الكذَّاب فانتفعوا به.

40 - باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن

الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ». أطرافه 1294، 1297، 3519 - تحفة 9569 ولا ريبَ في جوازِ الويل في بعض المواضع، فإنَّه قد وَقَع في التنزيل أيضًا. نعم يمنع عنه عند بَعْضَ الاحتفافات فاستقام التبعيضُ، واعتبرَ المصنِّفُ رحمه الله تعالى في مِثْلَ هذه التراجم أولا ما ينهى عامًّا. ثم بَيَّن ما كان منه ممنوعًا بمن التبعيضية. وهو الذي أجابه الجاربردى في الفَرْق بين قوله تعالى: {فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ} [البقرة: 23]، وقوله: فأتوا من مثله بسورة، فإن المطلوبَ فيه هو الإتيان بهذا القدر من أوَّل الأَمْر، لا تخصيص بعد تعميم. وهذه فروق يعتبرُهَا البليغُ ويشمئز منها البليدُ. 40 - باب مَنْ جَلَسَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ 1299 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَتْنِى عَمْرَةُ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمَّا جَاءَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَتْلُ ابْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَابْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ، وَأَنَا أَنْظُرُ مِنْ صَائِرِ الْبَابِ - شَقِّ الْبَابِ - فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ، وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، لَمْ يُطِعْنَهُ فَقَالَ انْهَهُنَّ. فَأَتَاهُ الثَّالِثَةَ قَالَ وَاللَّهِ غَلَبْنَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَزَعَمَتْ أَنَّهُ قَالَ «فَاحْثُ فِى أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ». فَقُلْتُ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، لَمْ تَفْعَلْ مَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ تَتْرُكْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْعَنَاءِ. طرفاه 1305، 4263 - تحفة 17932 1300 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَهْرًا حِينَ قُتِلَ الْقُرَّاءُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَزِنَ حُزْنًا قَطُّ أَشَدَّ مِنْهُ. أطرافه 1001، 1002، 1003، 2801، 2814، 3064، 3170، 4088، 4089، 4090، 4091، 4092، 4094، 4095، 4096، 6394، 7341 - تحفة 931 يعني يجوزُ للمُصَابِ أن يجلِسَ في ناحيةِ البيتِ ولا يُعَدّ ذلك مِنْ الجاهلية. 1299 - قوله: (لما جَاءَ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قَتْلُ ابنِ حارِثَةَ) .. إلخ أي لما جاء القاصِدُ بِنْعِيْهِ، فهذا محاورة. قوله: (فَاحْثُ في أَفُوَاهِهِنَّ التُّرَابَ) لم يُرِد به الحقيقة، ولكنَّها كلمةٌ جرت في العُرْف عند الكراهةِ لشيءٍ. وقد مر معنا التنبيه على أنه يُستفاد من هذا الحديث إباحةُ بعضِ مراتبِ النِّياحة مع بقاء الكراهة، وهي التي أشار إليها بقوله: «فاحْثُ في أفواههن» ... إلخ. فذقه ولا تعجل ولله درِ عائشة رضي الله عنها أنها قد فهمت حقيقة الكلام حيث قالت: فقلت: - أي في نفسي - أَرْغَم اللَّهُ أَنْفَك لم تفعل ما أَمرَك رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم ولم تترك رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم من العناءِ، أي لو كنتَ قعدت في بيتك ولم تُواجِه رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم بما يكرُهُه كان أحسنَ لك، فلا أَنَّك تفعلُ ما يَطِيب بنفسه، ولا تمتنِعُ عما يكرهُه. فهذا كله يأتي في محل الكراهةِ مع إمكانِ الإِغماض عنها. وهذا الذي أرادَتْ مِنْ قولها: «ولم تترك رسول الله صلى الله عليه وسلّم ... إلخ. أي إذا كان بكاؤهُنَّ في حدِّ الإغماض، فلك أَنْ لا تُخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلّم فتدعهن وبكاءهن. ولكنَّك لا تَقْدِر أن تفعلَ ما أُمِرت به، ولا تَرْجِعُ عن أخبَارِه أيضًا. ولو كان بكاؤهن حَرامًا ونياحةً ممنوعةً لما جاء مِثْل هذا التعبيرِ. فافهمه وفكِّر فيه

ساعةً تجد المعنى ما قلنا إن شاء اللَّهُ تعالى. وقيل: إنَّ المرادَ منه حقيقتُهُ كما كان عمر رضي الله عنه يفعله. وهو عند البخاري رَحِمه الله تعالى في باب البكاء عند المريض (¬1). ثم إنَّ مسألةَ العلماءِ في مَنْع الصلاة على غيرِ الأنبياء إنَّما هي عِنْد ذِكْر اسمِهم عُرْفًا وشعارًا. والأحاديثُ إنَّما جاءت في حاجاتٍ خاصَّة. وفي هذه الصِّيغة فيها نِكات خاصَّة: ففي الأموات أنهم مِنْ أهل الصلاة، أي أداء صلاةِ الجنازة عليهم، فإذا فاتت تُدُورِكت بالدعاء بِلَفْظِ الصلاة، مع أنه في أكثر الألفاظِ من لَفْظ الراوي في الحديث الفعلي، ومِنْ فِعْل الملائكة فلا يُقَاس عليه. وفي مُنْتَظِر الصلاةِ أنه في الصلاةِ حُكْمَا، والجزاء من جنس العمل. راجع «العمدة» (ج2/ 701). وفي الزكاةِ أنها قرينةُ الصلاةِ فإذا أَتَى بها أُثِيب بالصلاة، وهي له زكاةٌ ورحمةٌ. وكذا في الصوم، مع أنَّ المُفْطِر للصَّائم في حُكْمه، وراجع المناسبة بينها وبين العيادة. وفي قصة امرأة جابر التي حكاها الحافظ كانت اقترحت بهذا اللفظ فدعا لها به. وهكذا في الصفِّ الأول صَلَّت عليهم الملائكةُ، فَصَلَّى عليهم النبيُّ صلى الله عليه وسلّم كما عند «ابن أبي شيبة» (ص 253). وكذا في آيةٍ تلاها عُمرُ عند البخاري في الصَّبْر عند الصدمةِ الأُولى. وراجع ما في «النهاية» عن الخطَّابي في مادة الصلاة والتي ظهر من روايات «الدر المنثور» تحت: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] أنَّ الصلاةَ في كُلِّها بمعنى «نمار»، ثُمَّ هي أقسامٌ، وعليه ما في «الكنز» وعليه ما في «الزرُّقاني على المواهب» من صلاةِ الجنازةِ عليه صلى الله عليه وسلّم عَنْ عَليّ. «والقول البديع» (ص 8) وراجع ما في: «نُزُل الأبرار» (ص 123) عن الحافظ بن القيم. وقال في «عروس الأفراح» (ص139): وقال سيبويه في باب ما ينتصِبُ على المدح: إنَّ الحمدَ لا يُطْلَقُ تعظيمًا لغير اللَّهِ تعالى. وذكر في باب آخر: أنه يُقال: حمدتُهُ إذا جزيتُهُ على حَقِّه. وهذا الكلام هو التحقيق اهـ. وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} [النور: 41] اهـ. من سورة النور وكلام ابن القيم في «القول البديع» (ص43) هذا وقد صار شِعارًا للأنبياء فَيُترك لِغَيْرِهم مُطلقًا. ويحتمل أن يكونَ لَفْظُ الصلاةِ لا يخلو عن معنى الثناء والشكر بمعنى «درود» إن لم يكن في كلِّها بمعنى نماز. وما ذكرناه من وَجْه الترك هو في «القول البديع» (ص 42) عن البيهقي. ولما كان فيه معنى الثناء والتعظيم لا مطلقُ الدعاء اقتصر على مَوْرد النَّص ومَنْ يستحِقُّه به. وهو في «القول البديع» (41) عن الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى وهذه اللعنة والعياذُ بالله العليِّ العظيم وهذا أَوْجَهُ وراجغ سياق «مسلم» (ج2/ 129). واعلم أنَّ الملائكةَ تساعِدُ بني آدم فيما يحتاجُ إليها من جوابٍ، أو تأمين على دُعائه، أو إذا احتاجوا إلى ثالثٍ، وهو في كتاب الأيمان (ص 106) وتُسلِّم على بني آدم إذا لَقِيتهم، فإن رَدُّوا عليك رَدَّت عليك وعليهم الملائكة. وراجع «الروض» (ج1/ 169). وعند الترمذي (ج1/ ¬

_ (¬1) قلت: وفكرت فيه حتى فهمته وذُقْته فلا تمترن به. وبَذَلْت الجُهْدَ في تفهيمه وإن لم أتمكن من الإِفصاح عنه كما أريد لقصور عربيتي، فعليكم أن تمعنوا أنظارَكم فإِنه لِعِلْمٍ عندي، ولذا نَبَّهْتُ عليه، والله الموفق. اهـ.

41 - باب من لم يظهر حزنه عند المصيبة

93): لَيُصلُّون على مُعَلِّم الناسِ الخيرَ. وذلك لأنَّ صلاتَهم هي كذلك. وفي «العلو» للذهبي (120) وهو في «الحصن» عند ابن ماجه لا الصحيح: «أكل طعامَكُم الأبرارُ، وأفطرَ عندكم الصائمون، وصلَّت عليكم الملائكةُ وذَكَرَكُمْ اللَّهُ فِيْمَنْ عنده». ولم أجد اللفظ الأخير في ذوق «ونزل الأبرار» إلا في لفظ «مسلم»: «لا يَقْعُدُ قَوْمٌ يذكرون اللَّهَ إلاّ حَفَّتْهُمْ الملائكة». اهـ. 41 - باب مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حُزْنَهُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِىُّ الْجَزَعُ الْقَوْلُ السَّيِّئُ وَالظَّنُّ السَّيِّئُ. وَقَالَ يَعْقُوبُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86]. 1301 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ اشْتَكَى ابْنٌ لأَبِى طَلْحَةَ - قَالَ - فَمَاتَ وَأَبُو طَلْحَةَ خَارِجٌ، فَلَمَّا رَأَتِ امْرَأَتُهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ هَيَّأَتْ شَيْئًا وَنَحَّتْهُ فِى جَانِبِ الْبَيْتِ، فَلَمَّا جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ كَيْفَ الْغُلاَمُ قَالَتْ قَدْ هَدَأَتْ نَفْسُهُ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدِ اسْتَرَاحَ. وَظَنَّ أَبُو طَلْحَةَ أَنَّهَا صَادِقَةٌ، قَالَ فَبَاتَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ اغْتَسَلَ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، أَعْلَمَتْهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَصَلَّى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ أَخْبَرَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَا كَانَ مِنْهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لَكُمَا فِى لَيْلَتِكُمَا». قَالَ سُفْيَانُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَرَأَيْتُ لَهُمَا تِسْعَةَ أَوْلاَدٍ كُلُّهُمْ قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ. طرفه 5470 - تحفة 173 - 105/ 2 أي وبَثَّه إلى اللَّهِ كما في الآية. قوله: (الجَزَع: القَوْلُ السَّيِّيءُ) أراد به تحديدَ الجَزَع الممنوع، ولكنه أين يحصل، ولا ينفع فيه غيرُ الوجدانِ الصحيح. فإنه هو الفَارِقُ بين جَزَعٍ وَجَزَع. 1301 - قوله: (أخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بما كان منهما) أي سَخِطَ أبو طلحةَ على امرأتِهِ حيث لم تخبرْهُ بوفاةِ ابنه حتى جامعها في الليل. فقصَّ القِصَّة على النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فدعا النبي صلى الله عليه وسلّم لهما بما صَبَرت ولم تَجْزَع. 42 - باب الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى وَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - نِعْمَ الْعِدْلاَنِ، وَنِعْمَ الْعِلاَوَةُ {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} [البقرة: 156 - 157]. وَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45)} [البقرة: 45]. 1302 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى». أطرافه 1252، 1283، 7154 - تحفة 439 وقد مَرَّ في حديث: «الأعمالُ بالنياتِ» عن الشافعيّ رحمه الله تعالى أن المصائب

43 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «إنا بك لمحزونون»

مُكفِّراتٌ مطلقًا، صبر عليها أو لم يَصْبِر، لكونها تعذيبًا، ولا فرق فيه بين الصَّبر وعَدَمِهِ، نعم يُحْرَمُ من تضاعُفِ الأُجور. قوله: (أولئِكَ عليهم صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهم ورحمةٌ) وفيه دليلٌ على جوازِ لَفْظِ الصلاةِ على غير الأنبياء عليهم السلام أيضًا، ونُقِل عن الفقهاءِ الأربعةِ قَصْرُها على الأنبياءِ عليهم السلام إلا بوساطَتِهم. أقول: وهو الذي ينبغي عليه العملُ، وإلا فيتساهلُ الناسُ فيه فيستعملونَها في كلِّ مَوْضع. نعم لا بد للتَّفَصِّي في الآية من حيلة. وما قيل إنَّ الصلاةَ فيها بمعنى الرحمةِ فليس بشيءٍ، فإنَّ الكلامَ في لَفْظ الصلاةِ بأيِّ معنىً (¬1) كان. 43 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ» وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ». ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: والذي تَحَصَّل لي في هذا الباب مِمَّا فَهِمته من كلام العلماء وتقرير شيخنا رحمه الله تعالى: أن لَفْظَ الصلاةِ له معنيان: الأول: بمعنى الرحمةِ، وذا لا يختص بأحد، والثاني: الصلاةَ التي تختصّ بالأنبياء وصارَت شعارًا فيهم، وذا لا يجوز إطلاقُها على أحدِ غيرِهم إلا تبعًا، قال الخطَّابي: وفيه دليلٌ على أنَّ الصلاةَ التي هي بمعنى الدعاء والتبريك يجوز أن يُصلَّى بها على غيرِ النبي - صلى الله عليه وسلم - فأما الصلاة التي هي تحيةٌ لِذِكْر رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فإنَّها بمعنى التعظيم والتكريم، وهي خِصِّيصًا له لا يشاركه فيها إِلَّا آلِهٍ. اهـ. "معالم السنن". ولما كان لفظُ الصلاةِ يَشْمُلُهما، جاز للقرآن والنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَن يستعمِلها. قال - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم صل على آل أبي أَوْفى" نعم للأُمة حَظٌ من كمالات أنبيائهم فصلَّى عليهم بما يليق بشأنهم، وصلَّى اللهُ تعالى عليهم أيضًا فقال: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 157]. فإِن قلت: أَنَّ تقابلَ الصلاةِ بالرحمة يقتضي أن تكونَ الصلاةُ غيرَ الرحمة وألا يفوتُ التقابلُ. قلت: ولعل اللهَ تعالى أرادَ أن يَمُنَّ عليهم بحظٍ مِنْ هذا اللفظِ أيضًا فجعلَها شِعارًا للأنبياءِ، ووَصفًا للأمم. وهي عندي كالإِسلام. فإِنَّه لَقَبٌ لنا مع إطلاقهِ في سائر الأمم، وكم مِن فرقٍ بينهما. وهذا كلَفْظِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فإِنَّه يصِح إطلاقُه لغة على الكفارِ أيضًا، لأنه من النَّبأ. وُيحجَر عليهم وعلى سائر الناسِ من حيثُ كونه لقبًا. ثُمَّ لما اشتهر ذلك اللقبُ في الأنبياء خاصَّة أَوْهم إطلاقُه على الغير نبوتَه، فحُجِر حَسْمًا للمادة. وكذلك لَفْظ: "الصلاة" لما اختصَّ من حيثُ الشعاريةُ بالأنبياء عليهم السلام وإنْ عَمَّ من حيثُ المعنى، ناسبَ أن يُحْجَر عنه لأَنَّا لو استعملناه فيما بيننا لانعدمَتْ شعاريتُه، وإنَّما صحَّ من جهةِ صاحب النبوةِ، لِعِلْمه بمكان إطلاقه مع قِلّة ورودِه عنه أيضًا، فاللفظ إذا دار بين النبي والأمة، فإطلاقه مِن صاحب النبوة صحيحٌ لكونِهِ مراعيًا للحدود. وأما الأُمة فيليقُ الحَجْرُ عليهم لتجاوز عامتهم عن الحدود وعدَم معرفتِهم المَحَل من غير المُحَلّ فيفضي إلى التحميم مطلقًا، وينعدم الاختصاصُ، والذي يتلخص منه أمران: الأول: أن الصلاةَ لما عُرفت لقبًا في الأنبياء عليهم السلام، وعرفت فيها الشِّعارية حُجِر إطلاقها ننْ غير صاحب النبوة، لتوهُّم بطلانَ الاختصاص مع جوازها في حدِّ نفسها. فيرد إطلاقُها من صاحب النبوة من حيث الجواز، ويُحجر من الأمة من حيث إفضائه إلى انتفاء الشعارية. والثاني: أن اللفظَ مختصٌ بالأنبياء عليهم السلام بمعنى، ويعم بمعنى. وهذا التمييز إنَّما يحصل من صاحب النبوة وغيره لا يفرق بينهما، فيقضي إطلاق مطلق اللَّفظ على الغيرِ مع انتفاءِ التميز بين المَعنَيين وقد مرَّ عن الَشيخ رحمه الله تعالى: أن الصلاةَ تقَابل اللعنة، وهما مَحجورٌ إطلاقهما على أحدٍ بخصوصِهِما لكونهما في طرفي نقيض من الخير والشر، فيختص بصاحب النبوةِ لدرايته المَحَل من غيرِ المُحَل، دون الأُمة. والله تعالى أعلم بالصواب.

فائدة

1303 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا قُرَيْشٌ - هُوَ ابْنُ حَيَّانَ - عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أَبِى سَيْفٍ الْقَيْنِ - وَكَانَ ظِئْرًا لإِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَذْرِفَانِ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ - رضى الله عنه - وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ «يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ». ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلاَ نَقُولُ إِلاَّ مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ». رَوَاهُ مُوسَى عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 462، 405 1303 - قوله: (إنَّا بِفِرَاقِكَ يا إبراهيمُ لمحزُنونَ) اعلم أنَّ حَرْفَ النِّدَاء في لغةِ العربِ ليس للخِطَاب كما فهم، ولذا سَمَّى علماء المعاني قولهم: «أيها العصابة» اختصاصًا. وفَصَّل ابنُ الحاجب أيضًا بين حَرْف النَّدْب وحَرْف النِّدَاء إن جَعَلَهُمَا صاحبُ «المُفصَّل» واحدًا. وقد ثَبَت عن الصحابةِ رضي الله عنهم قولهم: «السلامُ عليك أيها النبيُّ» بلا نكير. ومن هذا الباب قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم «يا إبراهيم» لابنهِ الميِّت، فلا بأس به، ويقول حسان رضي الله عنه في قصيدته: وجاهك يا رسولَ الله جاه فائدة: واعلم أن الوظيفة المعهودة "يا شيخ عبد القادر يا جيلاني شيئًا لله" إن حملناها على الجواز فلا رَيْب أنه لا أجر فيها أصلًا. فإنَ الأَجْر ينحصِرُ في ذِكْر الله تعالى والصلاةِ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. أما ذِكْرُ سائر الأسماءِ فلا أجْرَ فيه وإنْ نَفَع شيئًا كالرُّقَى. قوله: (ظِئْر) يقال لِزَوْج المُرْضِعة أيضًا. والمشهور أن عُمرَه إذ ذاك كان ثمانيةَ عشرةَ شَهْرَا. وقيل: سنتين. فلو صحَّ لدلَّ على مذهب أبي حنيفةَ رحمه الله تعالى في الرَّضاعةِ، فإنَّ مدتَها عنده سنتان وستةِ أشهر، فتكون المرضعة له لأَجْل تكميلِ مدةِ رِضاعَتِهِ. 44 - باب الْبُكَاءِ عِنْدَ الْمَرِيضِ 1304 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ الأَنْصَارِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ شَكْوَى لَهُ فَأَتَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُهُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنهم - فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ فِى غَاشِيَةِ أَهْلِهِ فَقَالَ «قَدْ قَضَى». قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَبَكَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ بُكَاءَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بَكَوْا فَقَالَ «أَلاَ تَسْمَعُونَ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ، وَلاَ بِحُزْنِ الْقَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا - وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ - أَوْ يَرْحَمُ وَإِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ». وَكَانَ عُمَرُ - رضى الله عنه - يَضْرِبُ فِيهِ بِالْعَصَا، وَيَرْمِى بِالْحِجَارَةِ وَيَحْثِى بِالتُّرَابِ. تحفة 7070 - 106/ 2

45 - باب ما ينهى عن النوح والبكاء والزجر عن ذلك

45 - باب مَا يُنْهَى عَنِ النَّوْحِ وَالْبُكَاءِ وَالزَّجْرِ عَنْ ذَلِكَ 1305 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَتْنِى عَمْرَةُ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَقُولُ لَمَّا جَاءَ قَتْلُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، جَلَسَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ، وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ شَقِّ الْبَابِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ فَأَمَرَهُ بِأَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَتَى فَقَالَ قَدْ نَهَيْتُهُنَّ، وَذَكَرَ أَنَّهُنَّ لَمْ يُطِعْنَهُ، فَأَمَرَهُ الثَّانِيَةَ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ، ثُمَّ أَتَى، فَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ غَلَبْنَنِى أَوْ غَلَبْنَنَا الشَّكُّ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَوْشَبٍ - فَزَعَمَتْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فَاحْثُ فِى أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ». فَقُلْتُ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ وَمَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْعَنَاءِ. طرفاه 1299، 4263 - تحفة 17932 1306 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَخَذَ عَلَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ الْبَيْعَةِ أَنْ لاَ نَنُوحَ، فَمَا وَفَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ غَيْرَ خَمْسِ نِسْوَةٍ أُمِّ سُلَيْمٍ وَأُمِّ الْعَلاَءِ وَابْنَةِ أَبِى سَبْرَةَ امْرَأَةِ مُعَاذٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوِ ابْنَةِ أَبِى سَبْرَةَ وَامْرَأَةِ مُعَاذٍ وَامْرَأَةٍ أُخْرَى. طرفاه 4892، 7215 - تحفة 18097 1306 - قوله: (فما وَفَتْ مِنَّا امرأةٌ) أي ما وَفَت حَقَّ الوفاء، وإلا فالتعميمُ لا يستقيمُ في حَقِّ الصحابياتِ رضي الله عَنْهن. 46 - باب الْقِيَامِ لِلْجَنَازَةِ 1307 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ». قَالَ سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِىُّ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. زَادَ الْحُمَيْدِىُّ «حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ أَوْ تُوضَعَ». طرفه 1308 - تحفة 5041 - 107/ 2 كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يقومُ لها في أول أَمْرِهِ، ثُمَّ تَرَك (¬1) واختلف الصحابةُ رضي الله عنهم في علّة قِيَامِهِ. فقيل: إنَّها كانت جنازَةَ يهودي، فَكَرِه أن تَعْلُو رأسَه. وقيل كان تعظِيمًا للملائكةِ. وقيل: تعظيمًا لأَمْر المَوْت كما يَظْهَر مِنْ لَفْظِهِ: «أليست نَفْسَا». وادَّعَى الطحاوي النَّسْخ بما عند أبي داود، وفيه: «أنَّ حَبْرًا من اليهودِ جاءه وقال: ونَحْن نقومُ لها أيضًا. فَتَرَك النبيُّ صلى الله عليه وسلّم القيامَ لَهَا». وأقل: إنَّه كانَ ثُمَّ تُرك، وأكفَّ اللِّسَانَ عن لَفْظِ النَّسْخ. وَتَرْكُهُ هو المَرْوِيّ عن محمدٍ رَحِمَه الله ¬

_ (¬1) وعن علي رضي الله تعالى عنه أنه كان يعمل بالتوراةِ على عادتِه فيما لم يَنْزِل فيه شريعته، ثُم نسخ كذا يعلم من الطحاوي -ص (283) ج 1 - .

47 - باب متى يقعد إذا قام للجنازة

تعالى. ثُمَّ إنَّ الظاهِرَ أن قيامَه كان حُرمةً للميت. والله تعالى أعلم. 47 - باب مَتَى يَقْعُدُ إِذَا قَامَ لِلْجَنَازَةِ 1308 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ جَنَازَةً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاشِيًا مَعَهَا فَلْيَقُمْ حَتَّى يُخَلِّفَهَا، أَوْ تُخَلِّفَهُ أَوْ تُوضَعَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُخَلِّفَهُ». طرفه 1307 - تحفة 5041 1309 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا فِى جَنَازَةٍ فَأَخَذَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - بِيَدِ مَرْوَانَ فَجَلَسَا قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ، فَجَاءَ أَبُو سَعِيدٍ - رضى الله عنه - فَأَخَذَ بِيَدِ مَرْوَانَ فَقَالَ قُمْ فَوَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ هَذَا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَانَا عَنْ ذَلِكَ. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ صَدَقَ. طرفه 1310 - تحفة 4288، 14327 وقد عَلِمت أن الأَمْر بالقيام كان في زمنٍ، فلمَّا تُرِك القيامُ تُرك الأَمْر به أيضًا. ونُقِل عن بعضِ الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يَأَمُرُون فيما بعد أيضًا. ولعلَّه لم يَبْلُغْهُمْ خَبَرُ التَّرْكِ فَجَرُوا على أَمْرِهِم الأَوَّلِ. 1309 - قوله: (لقد عَلِم هذا) ... الخ، وكان قد نَسِي ثُم تَذَكَّر. ثُم إنَّ القِيام للميتِ يدلُّ على أنَّ اتِّباعَ الجنازةِ لأَجْل التعظيمِ لا للاستشفاع. فإِنْ كان كذلك فالمشيّ خَلْفَها أَفْضلٌ، وإنْ كان للاستِشْفاع فأمامَها، لكونِه مَحلَّ الشافِع. 48 - باب مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَلاَ يَقْعُدُ حَتَّى تُوضَعَ عَنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ، فَإِنْ قَعَدَ أُمِرَ بِالْقِيَامِ 1310 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ - يَعْنِى ابْنَ إِبْرَاهِيمَ - حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا، فَمَنْ تَبِعَهَا فَلاَ يَقْعُدْ حَتَّى تُوضَعَ». طرفه 1309 - تحفة 4420 49 - باب مَنْ قَامَ لِجَنَازَةِ يَهُودِىٍّ 1311 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ مَرَّ بِنَا جَنَازَةٌ فَقَامَ لَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقُمْنَا بِهِ. فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا جَنَازَةُ يَهُودِىٍّ. قَالَ «إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا». تحفة 2386 1312 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى لَيْلَى قَالَ كَانَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ قَاعِدَيْنِ بِالْقَادِسِيَّةِ، فَمَرُّوا عَلَيْهِمَا بِجَنَازَةٍ فَقَامَا. فَقِيلَ لَهُمَا إِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، أَىْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ

50 - باب حمل الرجال الجنازة دون النساء

فَقَالاَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّتْ بِهِ جَنَازَةٌ فَقَامَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهَا جَنَازَةُ يَهُودِىٍّ. فَقَالَ «أَلَيْسَتْ نَفْسًا». تحفة 4662، 11092 - 108/ 2 1313 - وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى قَالَ كُنْتُ مَعَ قَيْسٍ وَسَهْلٍ - رضى الله عنهما - فَقَالاَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ زَكَرِيَّاءُ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى كَانَ أَبُو مَسْعُودٍ وَقَيْسٌ يَقُومَانِ لِلْجِنَازَةِ. تحفة 4662، 11092، 9373 50 - باب حَمْلِ الرِّجَالِ الْجِنَازَةَ دُونَ النِّسَاءِ 1314 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا وُضِعَتِ الْجِنَازَةُ وَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ قَدِّمُونِى. وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ يَا وَيْلَهَا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَىْءٍ إِلاَّ الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَهُ صَعِقَ». طرفاه 1316، 1380 - تحفة 4287 وما ذكرهُ صاحِبُ «الكنز» من الترتيب، فهو على ما قيل خطابُ الإِمام لأبي يوسف رحمهما الله تعالى. ثُم هذا الترتيب لمن أرادَ الحَمْل من المتبعين، لا لمن حَمَلوه أولا، بقي الأَرْبع الأُوَل لا حاجة إلى دورهم، نعم لو تناول كل في الحمل فعليهم الترتيب المذكور. 1314 - قوله: (فَإِن كانت صالحةً قالت: قَدِّمُوني) ... الخ، وهذا كلامه على السرير عند الغُسْل. 51 - باب السُّرْعَةِ بِالْجِنَازَةِ وَقَالَ أَنَسٌ - رضى الله عنه - أَنْتُمْ مُشَيِّعُونَ، وَامْشِ بَيْنَ يَدَيْهَا، وَخَلْفَهَا وَعَنْ يَمِينِهَا، وَعَنْ شِمَالِهَا. وَقَالَ غَيْرُهُ قَرِيبًا مِنْهَا. 1315 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا {إِلَيْهِ}، وَإِنْ يَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ». تحفة 13124 أي مِنْ غير تزعزع. 52 - باب قَوْلِ الْمَيِّتِ وَهُوَ عَلَى الْجِنَازَةِ: قَدِّمُونِي 1316 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا وُضِعَتِ الْجِنَازَةُ فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ قَدِّمُونِى. وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ لأَهْلِهَا يَا وَيْلَهَا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَىْءٍ إِلاَّ الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَ الإِنْسَانُ لَصَعِقَ». طرفاه 1314، 1380 - تحفة 4287

واعلم أنَّ مسألة كلام المَيِّت وسماعِهَ واحدةٌ وأنكرها حنفيةُ العَصْر. وفي رسالةٍ فير مطبوعة. لعليِّ القاري: أنَّ أحدًا من أئمتنا لم يَذْهَب إلى إنكارِها، وإنما استنبطوها مِن مسألةٍ في باب الاييمان، وهي: حلف رجلٌ أن لا يكلِّم فلانًا فكلَّمه بَعْدَما دُفِن لا يَحنَث، قال القاري: ولا دليلَ فيها على ما قالوا، فإِنَّ مَبْنَى الأَيْمان على العُرْف وهم لا يُسمُّونه كلامًا، وأنكره الشيخ ابنُ الهمام رحمه الله تعالى أيضًا في «الفتح»، ثم أَوْرَد على نَفْسه: أنَّ السَّماع إذا لم يَثْبت فما معنى السَّلام على القبر؟ وأجاب عنه: أنهم يسمعون في هذا الوقت فقط، ولا دليلَ فيه على العُموم. ثُم عاد قائلا: أنه ثَبَت منهم سَماعُ قَرْع النِّعال أيضًا: فأجابَ عنه بِمثْله. أقول: والأحاديثُ في سماع الأمواتِ قد بلغت مَبْلغَ التواتر. وفي حديثٍ صحَّحه أبو عمرو: أن أحدًا إذا سَّلَّم على الميتِ فإِنه يَرُدُّ عليه، ويعرِفُه إن كان يَعْرِفُه في الدَّنيا - بالمعنى - وأخرجه ابن كثير أيضًا وتردَّد فيه. فالإِنكار في غير مَحَلِّه، ولا سيما إذا لم يُنقل عن أحدٍ من أئمتنا رحمهم الله تعالى، فلا بد من التزام السماع في الجملة، وأما الشيخ ابن الهمام رحمه الله تعالى فجعلَ الأَصْل هو النَّفّي، وكلَّ مَوْضِع ثبت فيه السَّماعُ جَعَله مستثنًى ومقتصِرًا على المَوْرد. قلت: إذن ما الفائدة في عُنوان النَّفي؟ وما الفَرحق بين نفي السَّماع، ثُم الاستثناء في مواضِعَ كثيرةٍ، وادعاء التَّخصِيص، وبين إثبات السَّماع في الجملة مَعَ الإِقرار بأنا لا ندري ضوابِطَ أسماعِهم، فإِنَّ الأحياءَ إذا لم يَسْمعُوا في بَعْضِ الصُّوَرِ فمن ادَّعى الطَّرْد في الأموات، ولذا قلتُ بالسماع في الجملة، بقي القرآنُ فأَمْرُه صَعْبُ، قال تعالى: {إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 8]، وقال: {وما أَنْتَ بِمُسمِعٍ مَنْ في القُبُورِ} [فاطر: 22]، وهو بظاهِرِه يدلُّ على النَّفْي مُطلقًا، فقبل بالفرق بين السَّماع، والإِسماع، والمَنْفي هو الثاني دون الأَول، والمطلوبُ هو الأوَّل دونَ الثاني، وأجاب عنه السّيوطي: *سماعُ مَوْتى كلام الخُلْقِ قَاطبةً ... قد صَحَّ فيها لنا الآثارُ بالكُتُبِ *وآيةُ النفي معناها سَمَاعُ هدىً ... لا يَسْمَعُون ولا يُصْغون للأَدَبِ قلت: نَزَل الشيخُ رحمه الله تعالى فيها على الغَرض. وحاصل الآية على طَوْره: أنَّ هؤلاء الكفارَ كالمَوْتَى، فلا تَنْفع هدايتُك فيهم، لأن نَفْعها إنَّما كان في حياتِهم وقد مَضَى وَقْتُها، كذلك، هؤلاء وإنْ كانوا أحياء إلاّ أنَّ هدايتَك غيرُ نافعةً لهم، لكونِهم مِثْلَ الأمواتِ في عدم الانتفاع، فليس الغرضُ منه نفيَ السماع بل نفي الانتِفاع. قلت: عدمُ السَّماع والسَّمْع والاستِماعِ كُلّها بمعنى عَدَم، العمل، لأنَّ السَّمْع يكونُ للعمل، فإِذا لم يَعْمَل به فكأنَّه لم يَسْمَعْه، تَقولُ، قلتُ له مرارًا أن لا يتركَ الصلاةَ، لكنْه لا يَسْمَعُ كلامي، أي لا يعمل به، يُقال في الفارسية نشنود، يعني عمل نمى كند، فلو قال الشيخ رحمه الله تعالى: إنَّ مَن في القبور لا يعملُون لدُخعل الكلامُ في اللغة، ولم يبق تأويلا، بل الأحسنُ أن يُقال: مانتى نهين، فإِن قلت. إِنَّ الأمواتَ إذا ثَبَت لهم السَّماعُ، فعل لهم الانتفاعَ به أيضًا أو مجردُ سماعِ الصوتِ فقط.

53 - باب من صف صفين أو ثلاثة على الجنازة خلف الإمام

قلت: الصوت، مَنْ مات على الخيرِ فإِنَّه ينتفعُ به أيضًا. وأما مَنح مات على الشرِّ والعياذ بالله فأَنى أَنْ ينتفِعَ إذا لم يَنْتفِعَ إذا لم يَنْتَفِع به فِي الدنيا، وليس له إلا سماعُ الصَّوتِ، والوزجه الثاني: في التَّفَضِّي عن الآية أنَّ هذا السماعَ الذي نحن بصددِ إثباتِه مِن عالَم البَرْزَخ، أخبرنا به المُخْبر الصادقخ فآمَنَّا به، أما في عالِمنَا فهو معدومٌ ولا يَلْزمُ للقرآنِ أن يعبر بما يأتي على العالمين، فجاز أن يكونَ نَفْيُ السماع بحسب عالَمنا، فإِنَّ التشبيهاتِ تكونُ للتوضيح فقط، ولَمَّا كان مَنْ القبور كالعدَم في عالَمنا، ليس لهم سَماعٌ، ولا عِلْمٌ، ولا شيءٌ، جاز له أن ينفيَ عنهم السَّماعَ أيضًا، والقولُ: بأنَّ الأمواتَ إذا ثبت لهم السَّماعَ عند القرآنِ لم يستقم له التشبيهُ بالأموات جَهْلٌ وسَفَهُ، فَإِنَّ التشبيهِهَ إنماوَرَد بِحَسَب عِلْمنا وعالمنا وإنْ ثبت السماعُ عنده وإذ كانوا معدومين في عالمنا لطف التشبيه لا محالة، أما قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلم: «نَم كَنَوْمَةِ العَرُوس»، فقد مرَّ الكلام عليه فلا نعيده. 53 - باب مَنْ صَفَّ صَفَّيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً عَلَى الْجِنَازَةِ خَلْفَ الإِمَامِ 1317 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ أَبِى عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى عَلَى النَّجَاشِىِّ، فَكُنْتُ فِى الصَّفِّ الثَّانِى أَوِ الثَّالِثِ. أطرافه 1320، 1334، 3877، 3878، 3879 - تحفة 2471 - 109/ 2 واستَحبَّ فقهاؤنا أن يكون الناسُ ثلاثَ صفوفٍ وإن قَلُّوا، فإِنْ كانوا سبعةْ يَصُفُّ الواحِدُ في الثالث وإن كُره ذلك في المكتوبةِ. 54 - باب الصُّفُوفِ عَلَى الْجِنَازَةِ 1318 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نَعَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أَصْحَابِهِ النَّجَاشِىَّ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَصَفُّوا خَلْفَهُ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا. أطرافه 1245، 1327، 1328، 1333، 3880، 3881 - تحفة 13267 1319 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ عَنِ الشَّعْبِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى مَنْ شَهِدَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ أَتَى عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ فَصَفَّهُمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا. قُلْتُ مَنْ حَدَّثَكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما. أطرافه 857، 1247، 1321، 1322، 1326، 1336، 1340 - تحفة 15601 ب، 5766 1320 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ تُوُفِّىَ الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنَ الْحَبَشِ فَهَلُمَّ فَصَلُّوا عَلَيْهِ». قَالَ فَصَفَفْنَا فَصَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِ وَنَحْنُ صُفُوفٌ. قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ كُنْتُ فِى الصَّفِّ الثَّانِى. أطرافه 1317، 1334، 3877، 3878، 3879 - تحفة 2450، 2774، 3003

55 - باب صفوف الصبيان مع الرجال على الجنائز

55 - باب صُفُوفِ الصِّبْيَانِ مَعَ الرِّجَالِ عَلَى الْجَنَائِزِ 1321 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ عَنْ عَامِرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بِقَبْرٍ قَدْ دُفِنَ لَيْلًا فَقَالَ «مَتَى دُفِنَ هَذَا». قَالُوا الْبَارِحَةَ. قَالَ «أَفَلاَ آذَنْتُمُونِى». قَالُوا دَفَنَّاهُ فِى ظُلْمَةِ اللَّيْلِ فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَكَ. فَقَامَ فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنَا فِيهِمْ فَصَلَّى عَلَيْهِ. أطرافه 857، 1247، 1319، 1322، 1326، 1336، 1340 - تحفة 5766 قالوا في المكتوبة: إنَّ الصبيَّ إن كان واحدًا يَقُومُ معهم ويجوزُ في الجنازةِ مُطْلقًا، لأنَّ الترتيبَ فيها غيرُ مُرَاعَى. 1321 - قوله: (أَفَلا آذَنْتُمُونِي، قالوا: دَفَنَّاه في ظُلْمةِ اللَّيل) ... الخ، قال أحمدُ رَحِمه الله تعالى: ثَبَت سنةُ أحاديثَ في الصلاةِ على القَبْر (¬1). ثم هل هي وقائعٌ متعددةٌ أم واقعة واحدة؟ فلينظر فيه، ومذهبُه الصلاةَ على القبرِ تجوزُ إلى شَهْرٍ لِمَنْ كان له يُصلِّي عليه من أَهْلها وإن كان صلَّى عليه مرةً، وهو مذهبُ الشافعي، وقال أبو حنيفَة ومالكٌ رحمهما الله تعالى: لا يُصَلَّى على القَبْر إنْ صلَّى عليه مرةً، وإلا يُصَلَّى عليه ما لم يَتَفَسَّخ. أما الصلاةُ على الغائبِ فلم تَثْبُت إلا واقعةٌ النَّجاشي. أما واقعة ابن معاوية الليثي فاختلفوا فيها، والظاهر أنه مُنْكر. فإذا لم تَثْبُت تلك الصلاةُ في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم مع أنَّ كثيرًا مِنْ المسلمينَ ماتوا في دراِ غربةٍ في عهدِه صلى الله عليه وسلّم نَاسَبَ أن تُخْتَمَ بِعَهْدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ولا سيما إذا لم يَجْرِ عليها توارثُ الأُمة أيضًا. بخلافِ الصلاةِ على القَبْر فإن بعضَهم عَمِلوا بها فيما بعد أيضًا. فلو شئت أدعيت الخُصوصية وتمسَّكْت بما عند مسلم (¬2) (ص 309). «أنَّ هذه القبورَ مملوءةٌ ظُلْمَةً على أَهْلِهَا، وإنَّ اللَّهَ يُنوِّرُهَا لهم بِصَلاتِي عليهم» - بالمعنى. وهذه الخاصِّية لم تكن إلا لصلاتِهِ صلى الله عليه وسلّم فلا تَقاس عليها صلواتُ الآخَرِين مع أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان نهاهم أن يدفنوه بدونه فإذا دفنوه ولم يؤذنوه صلى عليه ثانيًا. وهذا معقولٌ فإنَّه لم يكن أن يصلُّوا عليه مع كونِ النبي صلى الله عليه وسلّم فيهم ولا سيما إذا كان نهاهم أيضًا. وقد شَهِدَ التوارثُ إلى يومنا هذا أنه لا يُصلِّي على الجنازةِ إلا الإمامُ وفي «الوفاء» للسُّمْهُودي: أن الأئمة كانوا يُنَصَبون بأَمْر النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وأَظُنُّ أنه صلى الله عليه وسلّم لم ¬

_ (¬1) وهاك روايةً إثر رواية تفيدُك المَذهب. ففي "العارضة": وزاد النسائي: "لا يموتُن فيكم ميتٌ - ما دمتُ بين أظهُرِكُم إلا أذَنْتُموني به". وفي حديث جابر عند النسائي: نهى أن يُقْبرَ أحدٌ ليلًا. (¬2) ومرَّ الحافظ رحمه الله تعالى على حديث مُسلم في موضع، ونَقل عن أحمدَ رحمه الله تعالى أن هذه القطعةَ مُدْرجةٌ من الرَّاوي. وطريق الإِدراج أنها قطعةُ حديثِ ثابت عن أنس رضي الله عنه، لا في حديث أبي هريرةَ رضي الله عنه فأخذ الراوي قطعةَ حديث أنس رضي الله عنه وأدْرجها في حديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه. أقول: رأيتُ في حديثِ أبي هريرةَ بغير هذا الطريق أيضًا. والزيادة التي عند "مسلم" في "مُشكِل الآثار" فتكون القطعةُ في حديث أبي هريرة أيضًا. ومنها ما ذكره السيوطي رحمه الله تعالى في خصائصه عليه الصلاة والسلام في أنموذج اللَّبيب أن الحنفيةَ يقولون إن جنازَة ما لا تتأدَّى في المدينة ما لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة عليها. أقول: لو كانت النسبةُ إلينا صحيحة فالوجه يساعِدُه. انتهى ما في "العَرف الشذي" بتصرف.

يكن يَخْرج عن المدينةِ إلا بعد ما يَنْصِبُ لهم إمامًا يصلِّي بهم وفي «الطبقات» لابن سعد: «أنه نَصَبَ ابنَ أُمِّ مكتوم أمامَ المدينةِ مرةً. فكان يؤذِّنُ ويؤمُّ بهم». ولا أرى أذانَه بالليلِ إلا في تلك الأيامِ. وقد مرَّ البحثُ في أذانه: أنه كان دائمًا أوفي زمنٍ معيَّنٍ؟ والظاهر هو الثاني. فإن بيتَه كان بعيدًا، وقد كان استَرْخَص النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أيضًا في عدم حضورِ الجماعة. فقال له: هل تسمع التأذين؟ قال: نعم. فلمْ يُرَخِّص له. فَدلَّ على أَنَّ المؤذِّنَ كان غيرَه. وبالجملةِ قد يَسْبِقُ إلى الذِّهْنِ أنا لو سلَّمنا أنَّ أذانَه كان بالمجسد النبويِّ، وكان قَبْل الفَجْر فلعلَّه كان في زمنِ إمامَتِه بالمدينةِ. فإذا دريتَ أن نَصْبَ الأئمةِ كان داخلا في ولايةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم عَلِمْت أنه لم يكن لأَحَدٍ أن يُصلِّي بها إلا بعد نَصْبه من جهةٍ، فإذا صلَّوا عليها فقد غَلِطُوا. ولذا أعادها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم على قَبْرِهَا، لأنه كان وَليًّا. وفي عامة كُتُب الحنفيةِ: أنَّ الصلاة على القبر إنَّما تَصِحُ للوَلِيِّ فقط إذا لم يكن صلّى عليه وفي «المبسوط» جوازُ الإعادةِ مطلقًا لغير الولي أيضًا إذا أعادها الولي. قلتُ: وهذا أَيْسَرُ في الأحاديثِ. فظهر منه أنَّ إعادةَ صلاتِهِ صلى الله عليه وسلّم كانت من باب الولايةِ، لا مِنْ بابِ الصلاةِ على القبر ثُمَّ. أَمْعِن النظرَ في قوله: «ولا يَجْلِسِ الرَّجُلُ على تَكْرِمَتِهِ في بيته، ولا يَؤُمَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سُلْطَانِهِ إلا بإِذْنِه». يفيدك أنَّ هؤلاءِ الذين صلُّوا عليه بدونِ إذنهم من النبيِّ صلى الله عليه وسلّم قد جاؤا بأَمْرٍ عظيم. فإنَّ الجلوسَ على التَّكْرِمة في البيتِ والصلاة بدون الإذن في ولايته من باب واحدةٍ على أنهم لم يُوْقِظُوه صلى الله عليه وسلّم لِخِفَّةِ أمره في أذهانِهم. فقويَتْ داعيةُ الصلاةِ لذلك أيضًا (¬1). فإنَّه رُبَّ أَشْعَثَ أَغْبَر لو أَقْسَمَ على الله لأبرَّه. فإذا احتفت هذه الصلاةُ بِمثل هذهِ القرائن قَصَرْنَاهَا على مَوْردها، ولم نجعلها سخنةً قائمةً وشريعةً مستمِرَّةً (¬2). أما الصلاةُ على الغائب ففيه على ما مرَّ أنه لم يكن بالحبشةِ أحدٌ يُصلِّي عليه (¬3) فصلى عليه لذلك. مع ما عند ابنِ حِبان في «صحيحه» عن عِمران بن حُصَين أن الصحابةَ رضي اللَّهُ تعالى عنه كانوا لا يَظُنُّون إلا أَنَّ جنازَتَه بين يديه، فقد كانت جنازتُهُ كُشِفت له صلى الله عليه وسلّم وحينئذٍ لم تبق من باب الصلاةِ على الغائب، وبالجملةِ لا تُترك سنةٌ فاشيةٌ مستمرةٌ لأَجْل الوقائعِ الجزئيةِ ¬

_ (¬1) ويؤيده السياق عند مالك في "موطئه": أن مسكينة مَرضت فاُخبر رسولُ اللهِ بمرضها. قال: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودُ المساكين ويسأل عنهم. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا ماتت فأذنوني بها فخرج بجنازتها ليلًا فكرِهوا أن يُوقظوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -. فلما أصبحَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أُخبر بالذي كان من شأنها. فقال: ألم آمُرُكم أن تؤذنوني بها" إلخ. (¬2) قال الشيخ بدر الدين العيني: ووقع في كلام ابن بَطَّال تَخْصِيصٌ، ذلك بالنجاشي فقال: بدليل إطباقِ الأمة على تَرْك العمل بهذا الحديث. قال: ولم أجد لأحدٍ من العلماء إجازةَ الصلاةِ على الغائب إلا ما ذكره ابنُ زيد عن عبد العزيز بن أبي سَلَمة فإنه قال: إذا استؤذن أنه غرق أو قتل أو أكله السباع ولم يوجد منه شيء صلى عليه كما فعل بالنجاشي. وبه قال ابن حبيب. وقال ابن عبد البر: أكثر أهْل العلم يقولون إن ذلك مخصوصٌ به. وأجازه بعضهم إذا كان في يوم الموت أو قريب منه. وفي "المصنف" عن الحسن: إنما دعا له ولم يُصل عليه. (¬3) قال ابن العربي: قال أَبو داود، وإنما صَلى عليه النبي لأنه كان مُسلمًا وليه أَهْل الشرْك في بلدٍ آخر فلم يكن لهم مَنْ يقوم بسنة فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بها اهـ "العارضة".

56 - باب سنة الصلاة على الجنائز وقال النبى - صلى الله عليه وسلم - «من صلى على الجنازة»

التي لم تَنْكَشِف وجوهُها ولم تُدْرَ أسبابها. 56 - باب سُنَّةِ الصَّلاَةِ عَلَى الْجَنَائِزِ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ صَلَّى عَلَى الْجَنَازَةِ» وَقَالَ «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ». وَقَالَ «صَلُّوا عَلَى النَّجَاشِىِّ». سَمَّاهَا صَلاَةً، لَيْسَ فِيهَا رُكُوعٌ وَلاَ سُجُودٌ، وَلاَ يُتَكَلَّمُ فِيهَا، وَفِيهَا تَكْبِيرٌ وَتَسْلِيمٌ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يُصَلِّى إِلاَّ طَاهِرًا. وَلاَ يُصَلِّى عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلاَ غُرُوبِهَا، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، وَقَالَ الْحَسَنُ أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَأَحَقُّهُمْ عَلَى جَنَائِزِهِمْ مَنْ رَضُوهُمْ لِفَرَائِضِهِمْ. وَإِذَا أَحْدَثَ يَوْمَ الْعِيدِ أَوْ عِنْدَ الْجَنَازَةِ يَطْلُبُ الْمَاءَ وَلاَ يَتَيَمَّمُ، وَإِذَا انْتَهَى إِلَى الْجَنَازَةِ وَهُمْ يُصَلُّونَ يَدْخُلُ مَعَهُمْ بِتَكْبِيرَةٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ يُكَبِّرُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالسَّفَرِ وَالْحَضَرِ أَرْبَعًا. وَقَالَ أَنَسٌ - رضى الله عنه - التَّكْبِيرَةُ الْوَاحِدَةُ اسْتِفْتَاحُ الصَّلاَةِ. وَقَالَ {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84] وَفِيهِ صُفُوفٌ وَإِمَامٌ. 110/ 2 1322 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنِ الشَّعْبِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى مَنْ مَرَّ مَعَ نَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ فَأَمَّنَا فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ. فَقُلْنَا يَا أَبَا عَمْرٍو مَنْ حَدَّثَكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما. أطرافه 857، 1247، 1319، 1321، 1326، 1336، 1340 - تحفة 15601 أ، 5766 وحاصل هذه الترجمةِ أنَّ صلاةَ الجنازةِ تشتركُ مع سائر الصلوات في الشرائط كما هو مذهب الجمهور. واستدل عليها بقطعاتٍ وَرَدَ فيها إطلاقُ الصلاةِ عليها. أما سجدةُ التلاوةِ فلم يَنْكشف الحالُ فيها لاضطراب النُّسَخ. وقد علمته مرارًا مع بيانِ وَجْه اختلاف السَّلف في هاتين وهو خَفاءُ لَفْظ الصلاة فيهما. ومَنْ فَرَّق بين صلاةِ الجنازة وسجدةِ التلاوة فلعلَّ وَجْهه أن لصلاةِ الجنازة تحريمًا وتحليلا فكانت صلاةً، بخلاف سجدةِ التلاوة فإِنَّها لا تحريمَ لها ولا تحليلَ إلا ما رُوي عن مالك رحمه الله تعالى أنه يُكبَّر لها. وبالجملة شاكلةُ السجدةِ صارت كالأَذكار وقد مرَّ أنه لا تُشترط لها الطهارةُ. قوله: (وإذا أَحْدَثَ يَوْمَ العيدِ أو عِنْدَ الجنازةِ يَطْلُبُ الماءَ ولا يَتَيَمَّمُ) خالف فيه الحنفيةُ، فإِنه يصِحُّ لها التيممُ عندنا، بالتفصيل المذكور في الكتب. قوله: (وإذا انتَهَى إلى الجنازة ... ) إلخ. هكذا عندنا. قوله: (قال ابن المسيَّب ... ) إلخ. يعني به أن لا قَصْر في صلاة الجنازة وهو المذهب عندنا. وقال أَنَس رضي الله عنه: التكبيرةُ الواحدةُ استفتاحُ الصلاة. وهذا نَظَرٌ في معنى التكبير. وحاصل هذه الترجمة أن صلاةَ الجنازةِ لما كان لها تحريمٌ وتحليلٌ، ومراعاةُ الأوقاتِ والصفوف والإِمام ورَفْع اليدين، والنهي عن التَّكَلم مع إطلاقِ لَفْظ الصلاةِ عليها مِن لسان صاحبِ النُّبوةِ، ووُرُودِ القرآن به، ظهر أنها يُشترط لها ما يشترطُ لسائر الصلوات من الطهارة وغيرِها. ثم إنَّ رَفْع اليدَيْن فيها إنْ كان مع كلِّ تكبيرٍ كما هو مَرْوي عن مشايخ بَلْخ، فهو مُستقىً

57 - باب فضل اتباع الجنائز

من الصلاة المطلقة وإِلا فلا دليلَ عليه من لَفْظ الحديث. 57 - باب فَضْلِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - إِذَا صَلَّيْتَ فَقَدْ قَضَيْتَ الَّذِى عَلَيْكَ. وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ هِلاَلٍ مَا عَلِمْنَا عَلَى الْجَنَازَةِ إِذْنًا، وَلَكِنْ مَنْ صَلَّى ثُمَّ رَجَعَ فَلَهُ قِيرَاطٌ. 1323 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ نَافِعًا يَقُولُ حُدِّثَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنهم - يَقُولُ مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَلَهُ قِيرَاطٌ. فَقَالَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَيْنَا. طرفاه 47، 1325 - تحفة 14639 1324 - فَصَدَّقَتْ - يَعْنِى عَائِشَةَ - أَبَا هُرَيْرَةَ وَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُهُ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - لَقَدْ فَرَّطْنَا فِى قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ. (فَرَّطْتُ) ضَيَّعْتُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ. تحفة 17672 وقال زيدُ بن ثابت: إذا صليتَ فقد قَضَيت الَّذي عليك. يعني أن الاتِّباع إلى المَقْبرة ليس من الواجباتِ، فإِنْ فَعَل فله في ذلك أَجْر. قوله: (وقال حُمَيْد بنُ هِلال: ما عَلِمنا على الجنازةِ إِذْنًا) وهو ما في «الهداية»: أن الإِذْن لا يجبُ على الوَلي. قوله: (قيراط بخمس شعيرات) رابعة عشر من درهم. وقِيراطُ الشافعيةِ أقلُّ منه. وأمّا قيراطُ الآخِرَةِ فكالجبل. 58 - باب مَنِ انْتَظَرَ حَتَّى تُدْفَنَ 1325 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - فَقَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 47، 1323 تحفة 14326 وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَحَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّىَ عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَ حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ». قِيلَ وَمَا الْقِيرَاطَانِ قَالَ «مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ». تحفة 13958 59 - باب صَلاَةِ الصِّبْيَانِ مَعَ النَّاسِ عَلَى الْجَنَائِزِ 1326 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِىُّ عَنْ عَامِرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -

60 - باب الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد

قَبْرًا، فَقَالُوا هَذَا دُفِنَ، أَوْ دُفِنَتِ الْبَارِحَةَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فَصَفَّنَا خَلْفَهُ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا. أطرافه 857، 1247، 1319، 1321، 1322، 1336، 1340 - تحفة 5766 - 111/ 2 60 - باب الصَّلاَةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بِالْمُصَلَّى وَالْمَسْجِدِ 1327 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نَعَى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - النَّجَاشِىَّ صَاحِبَ الْحَبَشَةِ، يَوْمَ الَّذِى مَاتَ فِيهِ فَقَالَ «اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ». أطرافه 1245، 1318، 1328، 1333، 3880، 3881 - تحفة 13211، 15221 1328 - وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَفَّ بِهِمْ بِالْمُصَلَّى فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا. أطرافه 1245، 1318، 1327، 1333، 3880، 3881 - تحفة 13211 1329 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا، فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا قَرِيبًا مِنْ مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ عِنْدَ الْمَسْجِدِ. أطرافه 3635، 4556، 6819، 6841، 7332، 7543 - تحفة 8458 ولا يُصلَّى على الجنازةِ في المسجد عندنا، وعند مالك رحمه الله تعالى. والأفضلُ عند الشافعي رحمه الله تعالى أن يصلَّى خارجَ المسجد، وجاز في المسجد أيضًا. ثم قال العلامة القاسم: إِنَّها مكروهةٌ تحريمًا. واختار الشيخ ابن الهُمَام رحمه اللَّهُ تعالى التنزيه. قلت: بل هي إساءةٌ على ما سماها صَدْرُ الإسلام أبو اليسر، وهو مَرْتَبةٌ بين التحريمِ والتنزيه، وكذلك لا يناسِبُ وَضْع الجنازة في المسجد، ويُعلم من صَنيع البخاري رحمه الله تعالى أنه متردِّدُ في ذلك. ولنا ما عند أبي داود: «مَنْ صَلَّى على جنازةٍ فلا شيءَ له»، وعند ابن ماجه مَنْ صلَّى على جنازةٍ في المسجدِ فليس له شيءٌ». قال النووي رحمه الله تعالى. وفي النُّسخة الصحيحة: «فلا شيء عليه». وصحَّح الزَّيْلَعي الأول. وقال: إنَّ في النُّسخ الصحيحة «فلا شيءَ له». قلت: ويؤيدُ لفْظَ ابن ماجه: «فليس له شيء» وهو لا يحتملُ التصحيفَ ليُقَال إنه تقريرٌ عليه. واعتمد على الزيلعي أزيد من النووي. وكذا صحَّحه الخطيب البغدادي، وهو صاحب النسخة وهو مذهب ابن أبي ذئب، وهو راوي الحديث كما ذكره النووي. إلا أنَّ في إسناده مَوْلى التَوْأَمةِ وفيه مقال (¬1). لأنه كان اختلط بآخِرِه إِلا أَنَّ العلماءَ صرَّحوا بأنَ سماع ابن أبي ¬

_ (¬1) قال العلامة المارديني: ذكر صاحب "الكمال" عن ابن مَعين أنه قال: صالح ثقة حُجَّة. قيل: إن مالِكا ترَك السماعَ منه. قال: إِنَما أدركه مالك بعدما كبر وخرف، والثوري إنما أدركه بعدما خرف فسمع منه أحاديثَ =

ذئب عنه قبل الاختلاط. وعلى هذا فالإِسنادُ حَسَن، ولو قلت: صحيحٌ، فأيضًا سائغ. وعند ابن أبي شيبة أيضًا: «فلا صلاةَ له». وقد استدلَّ محمد رحمه الله تعالى في «مُوطئه» أن مُصَلَّى الجنائز (¬1) في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كان بِجَنْب المسجدِ. فهذا دليلٌ قويٌّ على أن صلاةَ الجنازةِ ينبغي أن تكون خارجَ المسجد، حتى أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لما بلغه نَعْيُ النَّجاشيّ خَرَج إلى خارج المسجد ولم يصلِّ فيه. ولم يَثْبُت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أنه صلَّى في المسجدِ إِلا مرةً أو مرتين. وللشافعيةِ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم صلى على ابني بيضاءَ في المسجدِ. هكذا عند مسلم. وهو وَهْم فإِنَّ سَهْلا عاش بعد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وإنما هو سَهْلُ بن بيضاءِ. قال السَّرَخْسي في «المبسوط»: وفيه مِن تَطَرُّقِ الأَعذار ما لا يخفى نحو كونه معتكِفًا، أو لِعِلَّة المطر. بقِيت واقعةُ سعد بعد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فما تحصَّل لي فيها بعد التنقيح: أنَّ أمهاتِ المؤمنين إنما أَرَدْنَ الدعاءَ عليها فقط، فمرَّ بها مَنْ في المسجد وصلَّى عليه خارِجَ المسجد، فتسامح فيه بعضُ الرواةِ وعبَّروا عن دعائهنَّ في المسجد بما أَوْهم صلاتَه في المسجد، مع ثبوت الإِنكار من الصحابة، رضي الله تعالى عنهم عليها. هكذا يُستفاد من «الطبقات» لابن سعد (¬2). ثُم إنَّ البخاريَّ رحمه الله تعالى لم يخرِّج حديثَ ابني بيضاء، بل أخرج حديثَ النجاشي وهو حُجةٌ للحنفيةِ. وحينئذٍ وَسِع لي أن أقول: إنَّ البخاريَّ ذهب إلى مَذْهب الحنفيةِ. ولا تمسُّك في صلاتِهم على عمرَ وأبي بكر رضي الله عنهما في (¬3) المسجد، فإِنَّهما قد دُفِنا في روضته الشريفة، ولم يكن الطريقُ إليها إِلا من المسجد، فلما رأوه أنه لا بد مِن إدخالهما في ¬

_ = مُنكرات. ولكن ابنَ أبي ذئب سمع منه قبل أن يخرف. وقال العِجلي: صالح ثقة. وقال ابنَ عَدِي: لا بأس به إذا سمعوا منه قديمًا مثل ابن أبي ذئب، وابن جُرَيج، وزياد بن سعد، وغيره. ولا أعرف له قبل الاختلاط حديثا منكرا إذا روى عنه ثِقة. وقال ابن حنبل رحمه الله تعالى: ما أعلم بأسًا ممن سمِع منه قديمًا، اهـ. "الجوهر النقي". (¬1) قلت: ومما يدُلك على أن للجنائز مكانًا مستقلا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ما في "المشكاة" في باب الإفلاس والإِنظار في الفصل الثالث بروايةِ أحمد عن محمد بن عبد الله بن جحش قال: "كنَّا جلوسًا بِفَناءِ المسجد حيث توضَعُ الجنانزُ، ورسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جالسٌ بين ظهرانَيْنا" إلخ. (¬2) قلت: وراجعت "الطبقات" لابن سَعْد فإذا فيه: عن عائشةَ رضي الله عنها أنها أمرت بجنازة سعد بن أبي وقاص أن يمر بها عليها قال فمر بها في المسجد فبلغها أن الناس أكثروا في ذلك فقالت: ما أسرع الناس إلى القول، والله ما صلَّى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على سهيل بن بيضاء إلا في المسجد. من تذكرة سهيل بن بيضاء فلينظر فيه فإِني لم أجد فيه غيرَ هذا وإن كان هذا هو مراد الشيخ فتلك الرواية موجودة عند مالك في "موطئه" أيضًا عن عائشة أَنها أمرت أن يمرَّ عليها بسعد بن أبي وَقاص في المسجد حين مات لتدعو له إلخ. قلت: ففيه تصريحٌ بما رامه الشيخ رحمه الله تعالى، أمَّا ما أخرجه ابنُ سعد فليس فيه ذلك. فيمكن أن يكونَ أراد الشيخُ رحمه الله تعالى موضِعًا غيرَ هذا فلينظره. (¬3) وحديثُ الصلاة عليهما في المسجد أَخرجه ابن أبي شيبةَ في "مصنفه" كما في "شَرْح الأحياء" للزبيدي. أَما الصلاةُ على عمرَ رضي الله عنه فهي عند مالك أيضًا في "موطئه".

فائدة

المسجد للدَّفن توسَّعوا في الصلاة عليهما أيضًا. فائدة: واعلم أنَّ الفرق بين الأحاديثِ القوليةِ والوقائع الجزئية: أنَّ تقديرَ المقدَّرات يُستبعدُ في النَّحو الأَوَّل. لأنَّ الكلام إذا تَمَّ في مراده فالتقدير زيادةٌ مستغنىً عنها، نعم يَسْهُل تأويلُها أعني به تغييرَ مرادِها بنحوِ اعتبارٍ دون الاحتمالات الخارجية. وأما النحو الثاني فإِنه لا عُسْر في حَمْلها على المحامل فلا يُستبعد فيه إِخراجُ الاحتمالات كما علمت آنفًا في الصلاةِ على سَعْد رضي الله عنه. وكما مرَّ أنَّه صلَّى خمسًا الحديثَ. فإِنَّه يحتمِلُ أن يكونَ جلَس على الرابعة، ويحتمل أن لا يكون جلس. فلمَّا استوى الاحتمالانِ فلو حملناه على الجلوس لم يَبْعُد، كيف وإِنَّه محتمِلٌ أيضًا، بخلاف الأحاديثِ القوليةِ، فإِن إبداءَ الاحتمالاتِ فيها قد يعودُ زيادةً على معناها. 1329 - قوله: (جاؤا إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم برجلٍ منهم وامرأةٍ زَنَيا) وسيجيء الكلامُ في أنَّ رَجْمهما كان على شريعتِه، أو على شريعةِ موسى عليه السلام. وادَّعى الطحاوي رحمه الله تعالى أنه كان بِحُكْم التوراة. وربما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يَحْكُم بالتوراةِ فيما لم يَنْزل فيه شَرْعُه، فإِذا نزلت ترك العملَ بها. ولا يُسمَّى هذا نسخًا. 61 - باب مَا يُكْرَهُ مِنِ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ وَلَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ - رضى الله عنهم - ضَرَبَتِ امْرَأَتُهُ الْقُبَّةَ عَلَى قَبْرِهِ سَنَةً، ثُمَّ رُفِعَتْ، فَسَمِعُوا صَائِحًا يَقُولُ أَلاَ هَلْ وَجَدُوا مَا فَقَدُوا. فَأَجَابَهُ الآخَرُ بَلْ يَئِسُوا فَانْقَلَبُوا. 1330 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ عَنْ هِلاَلٍ - هُوَ الْوَزَّانُ - عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِى مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسْجِدًا». قَالَتْ وَلَوْلاَ ذَلِكَ لأَبْرَزُوا قَبْرَهُ غَيْرَ أَنِّى أَخْشَى أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا. أطرافه 435، 1390، 3453، 4441، 4443، 5815 - تحفة 17346 1330 - قوله: (لَعَن اللَّهُ اليهودَ والنَّصارَى ... ) إلخ. وقد قدَّمنا شَرْحه فيما مَرّ مع بيانِ سَهْو بعض الشارحين سهوًا بينًا. وتمسك به اللعين القادياني دجَّالُ هذه الأمة على وفاةِ عيسى عليه الصلاة السلام. ولم يَدْر أنَّ الأنبياءَ الذين آمَن بهم اليهودُ قد آمَن بهم النَّصارى أيضًا، بل آمنَّا بهم أيضًا، إلا عيسى عليه الصلاة والسلام حيث أنكره اليهودُ والنَّصارَى كلاهما. والباقون كلُّهم مشترِكون فلا دليلَ فيه على كُفْرِه لعنه اللَّهُ وملأَ حضرتَه نارًا. ثُم لو سلَّمنا ما يتفوَّه به هذا الشقيُّ لوَجَب أن يكونَ على قبرِه مَسْجِدٌ كما يقتضيه الحديثُ ولا يجدهُ ولو رجع إلى بطن أُمِّه، فهو حيُّ على رغمه كما قد أخبره الله سبحانه، وتواتر به رسولُه الكريم. ثُم هذا الآخَرُ الزَّنِيمُ له أقاويلُ في تحقيق قَبْرِه عليه الصلاة والسلام يناقضُ

62 - باب الصلاة على النفساء إذا ماتت فى نفاسها

بعضها بَعْضًا. فيزعُم تارةً أنه في كشمير المشهور بقبر «يوز آسف». ويدَّعِي أنه مُحَرَّفٌ من لَفْظ المسيح، ولا يستحيي. ونِعم ما قال رجلٌ من أهلِ كَشْمير: إنه لو كان قبرَ عيسى عليه السلام لكان إلى بيتِ المَقْدسِ، مع أنه إلى بيتِ الله. وقد رَدَّ عليه العلماءُ وكتبوا الرسائلَ لردِّ مقالَتِه، فأَلقموه حجرًا فجزاهم اللَّهُ تعالَى خيرًا. 62 - باب الصَّلاَةِ عَلَى النُّفَسَاءِ إِذَا مَاتَتْ فِى نِفَاسِهَا 1331 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ سَمُرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِى نِفَاسِهَا، فَقَامَ عَلَيْهَا وَسَطَهَا. طرفاه 332، 1332 - تحفة 4625 يعني أنها وإن كانت لا تصلِّي في حياتها، لكنها إذا ماتت فقد انتهت أحكامُ النِّفاس ويصلَّى عليها كما يصلَّى على غيرها. 1331 - قوله: (قَامَ عليها وَسَطَها) وعندنا يقومُ مِن الرجلِ والمرأة حِذاءَ الصَّدْر. وعند الشافعي يقومُ مِن الرجلِ حِذَاءَ الرأسِ، ومن المرأةِ حِذاءَ العَجيزة. وهو روايةٌ شاذةٌ عن إمامِنا أيضًا كما في «الهداية». وظنِّي أن مسألةَ الحنفيةِ قويةٌ، فإِنَّ قيامَ الإِمام مقام عقد اليدين، ولهم حدث أبي داود. ولا دليل في لفظ «الوسط» فإِنَّه قد قيل فيه أَنَّ المتحركَ منه ساكنٌ، والساكِنَ متحركٌ ولم يتعين واحدٌ منها. 63 - باب أَيْنَ يَقُومُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ 1332 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِى نِفَاسِهَا فَقَامَ عَلَيْهَا وَسَطَهَا. طرفاه 332، 1331 - تحفة 4625 - 112/ 2 64 - باب التَّكْبِيرِ عَلَى الْجَنَازَةِ أَرْبَعًا وَقَالَ حُمَيْدٌ صَلَّى بِنَا أَنَسٌ - رضى الله عنه - فَكَبَّرَ ثَلاَثًا ثُمَّ سَلَّمَ، فَقِيلَ لَهُ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ كَبَّرَ الرَّابِعَةَ ثُمَّ سَلَّمَ. 1333 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَعَى النَّجَاشِىَّ فِى الْيَوْمِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ، وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى فَصَفَّ بِهِمْ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ. أطرافه 1245، 1318، 1327، 1328، 3880، 3881 - تحفة 13232 1334 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى عَلَى أَصْحَمَةَ النَّجَاشِىِّ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ سَلِيمٍ أَصْحَمَةَ. وَتَابَعَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ. أطرافه 1317، 1320، 3877، 3878، 3879 - تحفة 2262

65 - باب قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة

ورُوي عن أبي يوسف خَمْسُ تكبيراتٍ أيضًا. ولنا ما مرَّ آنِفًا. 1333 - قوله: (خَرَجَ بهم إلى المصَلَّى) أشار الراوي إِلى أنه لم يُصَلِّ عليه في المسجد. 65 - باب قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى الْجَنَازَةِ وَقَالَ الْحَسَنُ يَقْرَأُ عَلَى الطِّفْلِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا وَسَلَفًا وَأَجْرًا. 1335 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ طَلْحَةَ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما -. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَلَى جَنَازَةٍ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَالَ لِيَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ. تحفة 5764 وهي جائزة عندنا أيضًا (¬1) كما في «التجريد» للقدُوري، وصرح يحيى بن منقاري زاده أستاذ الشُّرُنْبلالي في رسالته: «الاتباع في مسألة الاستماع «بالاستحباب، إلا أنها تكونُ كالثناء عندنا (¬2) لا كالقراءة. واستحبَّها أحمدُ رحمه الله. وقال الشافعية: أَنْ لا صلاةَ إِلا بفاتحةِ الكتاب. ولا ريبَ في أَنَّ أكثرَ عملهِ صلى الله عليه وسلّم كان على التَّرْك. وصرَّح ابنُ تيميةَ رحِمه اللَّهُ أن جُمهورَ السَّلف كانوا يكتفون بالدعاء ولا يقرؤون الفاتحةَ، نعم، ثبت عن بعضهم. ثم هي عند الشافعية بعدَ التكبيرةِ الأُولى ففات عنهم الاستفتاح. فقلت لهم أن اقرؤوا بها أربعَ مرات لأن كلَّ تكبيرة في صلاةِ الجنازة تقوم مقامَ ركعةٍ. فأَوْلى لكم أن تقرؤا بها أربع مرّات، فإِنَّه لا صلاةَ لمن يقرأُ بها. 1335 - قوله: (وقال: لتعْلَمُوا أنَّها سُنَّة (¬3)). ¬

_ (¬1) قال السندهي: ينبغي أن تكونَ الفاتحةُ أولى وأحْسنَ من غيرها من الأدعية، ولا وَجْه للمَنْع عنها. وعلى هذا كثيرٌ من محققي علمائنا إِلا أنهم قالوا: يقرأ بنِيَّة الدعاء والثناء لا بنِيَّةِ القراءة. والله أعلم كذا في "حاشية على النَّسائي". (¬2) قال الشيخ بَدْر الدين العَيْني رحمه الله تعالى: قال ابن بَطَّال: وممَّن كان لا يقرأُ في الصلاة على الجنائز وينكر عمرُ بن الخطاب وعليُّ بن أبي طالبِ، وابن عمرو، وأبو هريرة، ومن التابعين عطاء وطَاوس، وسعيد بن المسيب، وابن سيرين، وسعيد بن جُبَير والشَّعبي والحَكم رضي الله تعالى عنهم أجمعين، وقال الطحاوي ولعل قراءة الفاتحة من الصحابةِ كان على وَجْه الدعاء لا على وَجْه التلاوةِ. (¬3) أخرج مالك عن نَافع أنَ عبد الله بنَ عمرَ رضي الله عنه: كان لا يقرأ في الصلاةِ على الجنازة، -"موطأ"- وهكذا خلافُه مع ابنِ عباس رضي الله عنه في مسألة الإقعاء أيضًا. وهذا هو مُختارُ ابنِ عمرَ رضي الله عنه في الفاتحة خَلْفَ الإِمام فإِنه كان لا يقرؤها. وإنما نَقلتُ أثر خاصَّة لأن الشافعيةَ يرفعون عقيدتهم حين يُروى عنه رَفْع اليدين وأَنا أريد أن أنْظرُ ما حالُهم حين يروى عنه تَرْكُ الفاتحة في الصلاة مطلقًا، مع أنَّ مسألةَ الرَّفْع ليست كمسألةِ الفاتحةِ، فإنَّ الخلافَ في الأولى في الاختيار، وفي الثانية في الجواز. والله تعالى أعلم بالصواب. =

66 - باب الصلاة على القبر بعد ما يدفن

قلت: وهذا مِن دأب ابنِ عباس رضي الله عنه أنه يُطلق على بعضِ مختاراتِه لَفْظَ السُّنَّة، كما فَعَله في الإِقعاء مع أنَّ ابن عمرَ صرَّح بنقِيضه وقال: «إن الأقعاءَ ليس بسُنَّة. على أن في «النسائي» «أنه قرأ بفاتحةِ الكتابِ وسورةٍ، وجَهَرَ بِها». وفي «المنتقى» لابن الجاردو وكله صحيح: أنه ضَمَّ سورةً أيضًا. فعلى الشافعيةِ أن يقولوا بالجَهْر وضمِّ السورةِ أيضًا إذ قالوا بِبَعْضِها. ثُمَّ في «تاريخ مكة» للأزرقي - وهو إِمَامُ الحديث متقدِّم على البخاري - عن ابن عباس رضي الله عنه: أَنَّه سُئل عَمَّا يفعل داخلَ البيت. قال: يكبِّر عند الأَركانِ كالتكبيراتِ على الجنائز». مع أنه ينفي الصلاةَ في داخل البيت، فعلم أنْ لا فاتحةَ عنده في الجنازة. وتلك مبالغاتٌ فقط تأخذُ الرَّجُلَ عند الأحوال. 66 - باب الصَّلاَةِ عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ مَا يُدْفَنُ 1336 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِىُّ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ قَالَ أَخْبَرَنِى مَنْ مَرَّ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ فَأَمَّهُمْ وَصَلَّوْا خَلْفَهُ. قُلْتُ مَنْ حَدَّثَكَ هَذَا يَا أَبَا عَمْرٍو قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما -. أطرافه 857، 1247، 1319، 1321، 1322، 1326، 1340 تحفة 15601 أ، 5766 1337 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ أَسْوَدَ - رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً - كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ فَمَاتَ، وَلَمْ يَعْلَمِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَوْتِهِ فَذَكَرَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ «مَا فَعَلَ ذَلِكَ الإِنْسَانُ». قَالُوا مَاتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «أَفَلاَ آذَنْتُمُونِى». فَقَالُوا إِنَّهُ كَانَ كَذَا وَكَذَا قِصَّتَهُ. قَالَ فَحَقَرُوا شَأْنَهُ. قَالَ «فَدُلُّونِى عَلَى قَبْرِهِ». فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ. طرفاه 458، 460 - تحفة 14650 - 113/ 2 ¬

_ = وقال ابن العربي في "العارضة" صلاة الجنازة عند أَكثرِ العلماءِ دعاءٌ لا يفتقرُ إلى قراءةِ الفاتحة. واختارَه الشافعي. وأَخرجه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه: أَن السنةَ قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة واتفقوا على الطهارة لها ما خلا الطبري والشافعي فإِنه قال: إِنَّه دعاءٌ فلا يَفتَقِرُ إلى طهارة. والصَّحيحُ قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاةَ إِلا بطهورٍ". وهذه صلاة بالإِجماع فوجَب فيها الوضوءُ فأَما القراءةُ فلا تَرد في روايته وأَخاف أَن يكونَ قول ابن عباس رضي الله عنه: "من السنة" يقتضي من مقتضاها لقوله: "لا صلاةَ إلا بطهور" ثم أخرج برواية الدارقطني عن أَبي أمامة سهل بن حنيف عن عبيد بن السبان وقال: "صلى بنا سَهل بن حنيف على جنازة، فلما كَبر التكبيرةَ الأولى قرأ بأم القرآنِ حتى اسمع مَن خَلفَه قال: ثم تابع بتكبيرةٍ حتى أيقنت بتكبيرةٍ واحدةٍ تَشَهدَ تَشَهُّدَ الصلاةِ، ثم كبر وانصرف". صوابه سَلَّم. قال الإِمام ابن العربي: وهذا لم يتابع عليه ولا رواه غيرُه، ولعله فَعَله بالاجتهاد والأشباه. اهـ. وإِنما اعتنيتُ به لِيعلم المشغوفونَ بالفاتحةِ من الشافعية أَنْ في الصحابة رضي اللهُ عنهم مَنْ كان يأتي بالتشهد أيضًا - فليسروا بالقول ولا يجهروا به-، وفي النسخة سهوٌ في عدة مواضعَ فليصحح، فإنا لم نشتغل به لوضوحِ المرادِ بدونه أَيضًا.

67 - باب الميت يسمع خفق النعال

67 - باب الْمَيِّتُ يَسْمَعُ خَفْقَ النِّعَالِ 1338 - حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْعَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِى قَبْرِهِ، وَتُوُلِّىَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ فَيَقُولاَنِ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِى هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ. فَيُقَالُ انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ، أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الْجَنَّةِ - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا - وَأَمَّا الْكَافِرُ - أَوِ الْمُنَافِقُ - فَيَقُولُ لاَ أَدْرِى، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ. فَيُقَالُ لاَ دَرَيْتَ وَلاَ تَلَيْتَ. ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلاَّ الثَّقَلَيْنِ». طرفه 1374 - تحفة 1170 1338 - قوله: (هذا الرَّجُلِ) وفي «تنوير الحوالك» أنه إشارةٌ إلى المعهودِ في الذِّهن. قوله: (وأمَّا الكافِرُ أو المُنَافِقُ) وقد مرَّ في الأَيْمان أنَّ السؤال في القبر عند بَعْضِهم يكون من المسلمِ والمنافقِ دون الكافرِ، وفيه نَظَر كما مرَّ. قوله: (تَلَيْتَ) وهو في الأَصْل تَلَوْتَ، فصار تَلَيْت رعايةً لقرينة دَرَيْت، كما قيل في الغدايا والعشايا. وترجمته (ترني بيروي زكي). قوله: (إِلا الثَّقَلَين) والعذاب فيه مِن أشياء عالم آخَرَ، كسعة القَبْر وتضييقه. فإِنَّها كلَّها مِن عالَم الغيب على أنَّ أوزانَ الأشياءِ ومقاديرَها ليست بأَمرٍ متعيَّن، فإِنَّ الشيءَ الواحِد يُرى صغيرًا وكبيرًا باعتبار آلاتِ النَّظر. وكذا يختلفُ وزنُ الشيء الواحدِ عند وَزْنِه بخط الاستواء، ثم وَزْنِه عند القُطْبين. وقد ذكر «نيوتن» أن الشيءَ الواحدَيختلفُ ثِقَلا وخِفّةً بحسبِ تَجَاذُبِ الأَرض. فإِذَا وَزَنْتَ شيئًا على الأَرْض ثُمَّ وَزَنْته في الهواء تجدُه أَثْقَلَ فإِذَا عَلِمت أَنَّ الشيءَ الواحِدَ يمكنُ أن يكونَ صغيرًا وكبيرًا بحسب المَرْأَى، وكذلك اختلف وَزْنُه بحسب اختلافِ المواضع لم تبق للبَصَر حقيقة. فربَّ شيءٍ تَرَاه صغيرًا يمكنُ أن يكونَ كبيرًا في الواقع وبالعكس، فطاحت المقاديرُ رأسًا. بقي حالُ الأصوات، فقد تَسْمَعُ من بُعُد بعيدٍ، وقد لا تسمع مِمَّن هو في البيتِ. فأيُّ بُعْد في رؤيةِ الميتِ قبرَه القصيرَ مبسوطًا في ستين أو سبعين ذِرَاعًا مثلا، فقد شاهدنا اختلافَ المقاديرِ لشيءٍ واحدٍ في هذا العالم فما البعدُ فيه عند اختلافِ العالَمين. على أنه يمكنُ أن يكونَ في الأرضِ شيءُ يقبض ويبسط، كالجسم التعليمي عند الفلاسفة، فيصيرُ ممدودًا عند الثواب، ومقبوضًا عند العذاب. وأيضًا يمكنُ أن تترفعَ عنه الحُجُب إلى مسافةٍ متعينةٍ مع بقاء في نَفْسه، كما ترى في بعض الآلاتِ الجديدة: يُرى منها باطنُ الإِنسان من فَوْق جِلْده. ثُم لا حاجةَ في إثبات عذابِ القبر إلى ما قاله الصوفية: أن العذاب على البدنِ المثالي دون المادي. وحينئذٍ لا بعد أن لم نشاهدا أحدًا يعذب في قبره، فإِنَّ الأسهل أن يقال: إنه مِن عالَم الغيب وإقامةُ

68 - باب من أحب الدفن فى الأرض المقدسة أو نحوها

الدلائل العقليةِ عليه جَهْلٌ، وَمَنْ يُطِيقُ ذلك. وإنَّما يشتغلُ به مَنْ لا يَعْرِفُ الفَرْقَ بين الخَطَابة والبُرْهَانِ. 68 - باب مَنْ أَحَبَّ الدَّفْنَ فِى الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ أَوْ نَحْوِهَا 1339 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ «أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ أَرْسَلْتَنِى إِلَى عَبْدٍ لاَ يُرِيدُ الْمَوْتَ. فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ ارْجِعْ فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَلَهُ بِكُلِّ مَا غَطَّتْ بِهِ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ. قَالَ أَىْ رَبِّ، ثُمَّ مَاذَا قَالَ ثُمَّ الْمَوْتُ. قَالَ فَالآنَ. فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ». قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ عِنْدَ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ». طرفه 3407 - تحفة 13519 ثبت منه جوازُ تمنِّي جوار الصالحين. قوله: «ففقأ عينه» وإنما فقأت عينه فقط لأَنه كان مَلَكَ الموتِ وإِلا لاندقَّتْ السمواتُ (¬1) السَّبْعُ مِن لَطْمَةِ غَضَبِه. وإِنَّما غَضِب عليه لأَن مِن سُنَّة مَلَكِ الموتِ بالأَنبياء أن يكلِّمهم بالتخيير، فلمَّا تَرَكها وأخبَرهُ بالوفاةِ أخذْتهُ الغَضْبةُ فلَطَمه. 1339 - قوله: (بكُلِّ شَعْرةٍ ... ) إلخ. فاللَّهُ تعالى يدري ماذا صار عُمُرِه لو وَضَع يدَه على مَتْن الثَّوْر. واللَّعِين القادياني يتعجَّب من عُمُر المسيحِ عليه السلامَ، مع عِلْم اللَّعين أنَّ نوحًا عليه السلام عاش ما عاش. وفي البخاري: أنَّ كلَّ نبيِّ يخيّرُ بين البقاءِ والفناء قبل وفاتِه، فلو أرادَ أن يعيشَ لعاش بما أراد. وقد يَسْخَرُ اللعينُ أنَّ عيسى عليه السلام إذا لَمْ يَنزِل بَعْدُ، مع أنَّ الزمانَ قد انقلب ظهرًا لبطن، فماذا يفعلُ إِنْ ينزل بعده سَخِر اللَّهُ منه أَلا يدري أنه لو جاز إنكارُ المتواتراتِ بِمِثْل هُزْئه لصحَّ إنكارُ القيامةِ أيضًا. فإِنَّا قد انتظرنَاها ولم تأتِ بَعْدُ فلعلَّها لا تقومُ والعياذ باللَّه. وقد حُكي في القرآنِ مِثْلُه عن بعضِ الملاحدةِ فأَحْي سُنَّتَهم: {وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا} [الإسراء: 51]. قوله: (عند الكَثِيب الأَحْمرِ) ولم يتحقق لي قبره بعد، إِلا أَني أسمع الآن أن السلطان عبد الحميد قد بَنَى على قبره قُبةً، فلا أدري من أين حصل له العِلْم بذلك. ولعله اعتمد فيه على خَبر اليهود. ¬

_ (¬1) وفي العيني أنه كان في طبع موسى عليه الصلاة والسلام حدة روى أنه كان اذا غضب اشتعلت قلنسوته نارًا. وقد بسط الكلام في سر لطمته فراجعه ص 165 ج 4.

69 - باب الدفن بالليل

69 - باب الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ وَدُفِنَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - لَيْلًا. 1340 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَجُلٍ بَعْدَ مَا دُفِنَ بِلَيْلَةٍ قَامَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَكَانَ سَأَلَ عَنْهُ فَقَالَ «مَنْ هَذَا». فَقَالُوا فُلاَنٌ، دُفِنَ الْبَارِحَةَ. فَصَلَّوْا عَلَيْهِ. أطرافه 857، 1247، 1319، 1321، 1322، 1326، 1336 - تحفة 5766 - 114/ 2 وقد ورد فيه النهيُّ عند الطحاوي في «معاني الآثار» بأسناد ضعيفٍ. ولكنَّه لئلا تقلَّ الجماعةُ مع أن المطلوبَ تكثيرُها إذا لم تُقصد الشهوةُ والرياء ولذا بَوَّب البخاري بالدَّفْن بالليل ليشيرَ إليه. 70 - باب بِنَاءِ الْمَسْجِدِ عَلَى الْقَبْرِ 1341 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمَّا اشْتَكَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَتْ بَعْضُ نِسَائِهِ كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، يُقَالُ لَهَا مَارِيَةُ، وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَأُمُّ حَبِيبَةَ - رضى الله عنهما - أَتَتَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ، فَذَكَرَتَا مِنْ حُسْنِهَا وَتَصَاوِيرَ فِيهَا، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ «أُولَئِكَ إِذَا مَاتَ مِنْهُمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، ثُمَّ صَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّورَةَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ». أطرافه 427، 434، 3873 - تحفة 17166 71 - باب مَنْ يَدْخُلُ قَبْرَ الْمَرْأَةِ 1342 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا هِلاَلُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ شَهِدْنَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ عَلَى الْقَبْرِ، فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ فَقَالَ «هَلْ فِيكُمْ مِنْ أَحَدٍ لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ». فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَنَا. قَالَ «فَانْزِلْ فِى قَبْرِهَا». فَنَزَلَ فِى قَبْرِهَا فَقَبَرَهَا. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ فُلَيْحٌ أُرَاهُ يَعْنِى الذَّنْبَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (لِيَقْتَرِفُوا) أَىْ لِيَكْتَسِبُوا. طرفه 1285 - تحفة 1645 وأقاربُ الميت أَوْلى. ويجوز للأَجنبي أَيضًا عند الضرورة، ويجوزُ للزَّوْج أيضًا. وما اشتُهر من أنَّ الزوجَ بعد الوفاةِ يصيرُ كالأجانب فليس بشيءٍ (¬1). ¬

_ (¬1) قلت: وقد مر معنا عن قريب من كلام الطحاوي في تفسير المقاولة تصريحٌ بانقطاعِ تلك العلاقة عنده، فلا أدري ماذا وقع في النقل، فليحرره.

72 - باب الصلاة على الشهيد

72 - باب الصَّلاَةِ عَلَى الشَّهِيدِ 1343 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ «أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ». فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِى اللَّحْدِ وَقَالَ «أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاَءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِى دِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ. أطرافه 1345، 1346، 1347، 1348، 1353، 4079 - تحفة 2382 1344 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاَتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «إِنِّى فَرَطٌ لَكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّى وَاللَّهِ لأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِى الآنَ، وَإِنِّى أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ - أَوْ مَفَاتِيحَ الأَرْضِ - وَإِنِّى وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِى، وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا». أطرافه 3596، 4042، 4085، 6426، 6590 - تحفة 9956 - 115/ 2 قال الشافعي رحمه الله تعالى: لا يُصلَّي على الشهيدِ. وفي عباراتِ بعضهم أنها حرامٌ. قلت: وما أشبه هذا التشديد بما في حواشي «مختصر خليل» أنَّ قضاءَ السُّنة حرام مع أن في كتبِ المالكيةُ: عامةً نَفْي القضاء فقط. وقال المالكيةُ: إن المسلمينَ إن نهضوا إليهم واستُشْهِدوا لا يصلَّى عليهم، وإن نهضَ الكفارُ إلينا يصلَّى عليهم. فكأنَّهم قَسَموا على الأَحوال، وفهموا أن في معنى شهداء أُحُدهم الذين هجم عليهم الكفّارُ، وبه يتمُّ أَثَرُ الظُّلْم. بخلاف ما إذا هجمنا عليهم فإِنَّه يخِفُّ به أَثَرُ الظُّلْم ولا يكون في معنى شهداء أُحُد، فإِنَّ الكفار فيه كانوا هجموا علينا. وقال أحمد رحمه الله تعالى: إِنَّها مستحَبةٌ، وإن ترَكَها جاز، وهي واجبةٌ عندنا على كلِّ حالٍ بقي المصنِّف رحمه الله تعالى فلم يُفْصِح بشيءٍ، وأحال الفَصْل إلى الناظرين. 1343 - قوله: (يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَين مِن قَتْلَى أُحُد في ثوبٍ واحدٍ) ولا يجوز الجَمْعُ بين الاثنين إلا بالفَصْل بينهما بنحو إِذْخِر أو غيره. وعليه حَمَله عامّةُ الناس (¬1). وما ألطف شَرْحَ الحافظ ابنِ تيميةَ رحمه الله إن معنى الجمع في ثوب شَقُّه لهما، ليُلَفَّ واحِدٌ في نِصْفِه، والآخَر ¬

_ (¬1) وقال ابن العربي في "العارضة": فيه دليل على أن التكليفَ قد ارتفع بالموتِ، وإلا فلا يجوزُ أَن يُلْصقَ الرَّجُل بالآخَر إِلَّا لضرورة، أو عند انقطاع التكليفِ بالموت. اهـ. قلت: وليتَ شعْري ما حَمَله على التَّوْجِيه المذكور، مع أن مِن سُنة الشُّهداءِ الدَّفنَ في ثيابهم ودمائهم فلا يلزم أن يكونوا عريانًا فثيابُهم تكفي للفَصْل والله تعالى أعلم بالصواب، إلا أن يُقال إِنَّ الفصل بالثوب لا يكفي، كمكامعة الرجلين في ثوبِ واحدٍ، وإن كان عليهما ثِيابُهما في المضاجع إِذا عَرَفوا ما يعرِفُه الرِّجال.

في نِصْفِه الآخَر. وهذا معنى الجَمْع بين الاثنين في ثَوْبٍ، وهو واسِعٌ باعتبار العربية. قوله: (أَكْثَرُوا أَخذًا للقرآنِ؟) والنَّظَرُ دائرٌ في أَنَّ تقديمه للتعظيم فقط، أو لكونِه أَوْلى بالإِمامة كما في قوله: «يَؤم القومَ أقرؤهم»، وللنظر فيه مجالٌ وسيع. قوله: (ولَم يُصَلَّ عَلَيْهم) وهو دليلٌ للشافعيِّ رحمه الله تعالى أَو لأَحْمدَ رحمه الله تعالى. وقال المحدِّثون: إنَّ مذهبَ أحمدَ أقربُ إلى الحديث. فالحديث واردٌ علينا. ولنا في جوابه سبيلان. الأول ما سَلَكه الطَّحاوي رحمه الله تعالى، ثُم تَبِعه الزَّيْلَعي، ثم تَبِعه ابن الهُمام. والآخَرُ ما اختاره العَيْني رحمه الله تعالى. والأَرْجح عندي ما قاله الزيلعي رحمه الله تعالى. وحاصل ما ذهب إليه العَيْنيُّ رحمه اللَّهُ تعالى أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يُصَلِّ عليهم إذ ذاك، ثُم صلَّى عليهم قُبيلَ وفاتِه كما تَشْهَدُ به الرواية التالية. وفيها: فصلَّى على أَهْلِ أَحُد صلاتَه على الميتِ». وفَهِم الشيخُ العَينيُّ رحمه الله تعالى أنه بهذا الصنيعِ يفوزُ باستدلال من حديثِ البخاري، وأنت تَعْلم أنَّ علماءَ المذاهب كلَّهم يتفاخرون بموافقةِ حديث البخاري إيَّاهم لكونِه أصحَّ عندهم. وأَوَّله النوويُّ رحمه الله تعالى وقال: إنَّ المرادَ مِن الصلاة هو الدعاءُ. وردَّ عليه الشيخُ رحمه الله تعالى وقال: إنه ليس بتأويلٍ بل تحريفٌ. فإِنَّ المفعولَ المطلقَ للتشبيه، فقوله: «صلاته على الميت» صريحٌ في أنه صلَّى عليهم كما يُصَلَّى على الجنائز. أقول: والصوابُ كما قاله النوويُّ رحمه الله تعالى. فإِنَّي تَتَبَّعْتُ الرواياتِ فتبيَّن أَنَّ صلاتَه تلك كانت في السَّنة التي مات فيها وكانت في المَسْجد النبويِّ، وإليه يشيرُ لَفْظ البِخاريُّ؛ ثم انصرفَ إلى المِنْبر»، وأين كان المِنْبر في أُحُد. فَخُرُوجُه صلى الله عليه وسلّم في تلك الواقعةِ إنَّما هو في المَسْجِد لا إلى أُحُد. وإنما أراد بذلك أن يَدْعُو لهم قُبيلَ خروجِه من الدنيا أيضًا لمزيدِ فَضْلهم. وحينئذٍ ظهر ما عند أبي داود أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم صلَّى على قَتْلَى أُحُد بعد ثماني سنينَ، كالموَدِّع للأَحياء والأمواتِ. انتهى. فإِنَّه بعد تلك السَّنةِ لم يبق في الدنيا إلا قليلا، فأَرادَ أن يُوَدِّعَ الأمواتَ أيضًا كما ودَّعَ الأحياءَ فدعا لهم. وسها مَنْ زَعَم أن خُروجَه كان إلى أُحُد، فإِنَّه على ثلاثة أميالٍ من المدينةِ. ولكنَّ البخاريَّ لما بوَّب على هذا الحديثِ بالصلاةِ على الشهيد، صاغ للعينيِّ أن يَحْمِله على الصلاة المعهودة. ومُحَصَّلُ مختارِ الزيلعي: أن النفيَ محمولٌ على نَفْي الصلاة مُنفرِدًا، ولكنه كان يصلِّي على العشرةِ والعشرةِ وحمزةُ رضي اللَّهُ معهم (¬1). ويشهد له ما أخرجه الطحاويُّ عن أبي مالك ¬

_ (¬1) وفي قصةِ حمزةَ رضي الله عنه: "لولا أن تجدَ صفيةُ لتركته حتى تأكلَه العافيةُ فيحْشَرُ من بطونِها". ومن العجائب ما ذكر فيه ابنُ العربي فقال: فيه دليلٌ على أن الأفضل للشهيدِ عدمُ الدفن ولكن يُحتملُ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَفَنهم إما سترًا لهم لأنهم كانوا في عمارة أو قريب منها، وإما لئَلا يتمكنَ الأَعداء منهم، وإما لئلا يجدَ الأولياء الحزن العظيم في أنفسهم، فأراد أن يغيب آثارَهم "العارضة". قلت: وفيه من التكليف ما لا يَخْفَى، بل الأمرُ كما حققه إن شاء الله تعالى: أنه لو فَعَله لكان خاصَّة له ولم يكن تشريعًا أصلًا، وكان من بابِ محْرم مات في إحرامه. فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تخمِّرُوا رأسَة فإنه يُبْعث يومَ القيامةِ يُلَبي"، فإنه أيضًا بِشارة في حَقه خاصَّة له، وليس =

73 - باب دفن الرجلين والثلاثة فى قبر

الغِفَاري قال: كان قَتْلَى أُحُد يُؤتَى بِستعة وعاشرُهم حمزةُ رضي اللَّهُ عنه. فيصلِّى عليهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم ثُمَّ يُحملون. ثُم يُؤتَى بتسعةٍ فَيُصلِّي عليهم وحمزةُ مكانَه، حتى صلَّى عليهم رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم ولخَّص الذهبيُّ كتاب البيهقي - ولم يُطبع - ومرَّ فيه البيهقي على رواياتِ الطحاوي تلك، وظن أسانيدَه مستقيمةً ولم يَرَ فيها بأسًا. قلت: ولعلَّه تَرك حمزةَ رضي اللَّهُ عنه مكانَه في كلِّ مرةٍ لمزيدِ البركة، فإِنَّه يُبعث يومَ القيامةِ سيدَ الشهداءِ وإن كفت الصلاة مرةً أيضًا. ثُم عند أبي داود في باب الشهيد يُغَسَّل عن أنس: «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم مرَّ بحمزةَ رضي الله عنه وقد مُثِّل به، ولم يُصَلِّ على أَحَدٍ من الشهداء غيرِه». ومرادُه أنه لم يُصلِّ مستقِلا إِلا على حمزةَ رضي الله عنه كما علمت. فإِنَّه لما كان موجودًا في كلِّ مرةٍ، وكان الآخَرُون يحملونَ واحدًا بَعْد واحدٍ، فكأنَّه صلَّى عليه مستَقِلاّ ولم يُصَلِّ على غيره. كذلك وسأل ابنُ الماجِشُون مالِكًا رحمه الله عن الصلاةِ على النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فأجاب: أنَّه صلَّى عليه كما صلَّى على حمزة رضي الله عنه. وفي السِّير: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم صلَّى عليه عِدَّةَ صلواتٍ. فسأله ابنُ الماجِشون مِن أين تقول هذا؟ فسرَد مالك رحمه الله تعالى إسنادَه. وقد استوفينا دلائلُه فيما ألقيناه في درس الترمذي. أما وَجْه الخلافِ في الصلاةِ عليهم مع كونِ المسألةِ مما يَكْثُر بها البلوى: أنَّ الأَصْلَ في هذا البابِ هو غزوةُ أُحُد، وقد جُمِعَ فيها رجالٌ في صلاةٍ، فعدها بَعْضِهم صلاةً، ولم يعتبرْها بعضُهم لعدم كونها على الشاكلة المعروفةِ، فإِنَّها لم تكن عليهم فُرَادَى فُرَادَى، على أنَّ الشهداءَ يفقدون من المعركة كثيرًا كما يكون اليوم أيضًا، فلا يُصلَّى عليهم. فإِذا صُلِّي على البَعْضِ دون البَعْضِ سرى الخلافْ أَلا ترى أن مالكًا رحمه الله تعالى بنى تفصيلَه في الصلاة كلَّه على شهداءِ أُحُدٍ فندخل في ضمان الله تعالى كما دخلوا، ونستغني عن الصلاةِ كما استغنوا. وإنْ خرجنا إليهم انتفت تلك المظلوميةُ ولا نكون في معنى شهداء أُحُدٍ، وحينئذٍ يُصلَّى على قتلانا. 73 - باب دَفْنِ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلاَثَةِ فِى قَبْرٍ 1345 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ. أطرافه 1343، 1346، 1347، 1348، 1353، 4079 - تحفة 2382 وإنما احتاجوا إليه لكثرة القَتْلى، وإِلا فالجَمْع لا يجوزُ. ¬

_ = بتشريع كما في "العارضة". وقد نَقَلْنا عبارته فيما مَرَّ فهكذا حمزَة رضي الله عنه، لو تركه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كذلك لم يكن ذلك تشريعًا وسُنَّةً عامة، بل كان حُكمًا مخصوصًا خُصَّ به سيدُ الشهداءِ، وحينئذٍ لا حاجةَ إلى التأويل في دفن سائر الشهداء، بل هم على الأصل. نعم لو ترِك حمزة رضي الله عنه لكان خلافَ سُنةِ الشهداءِ، واحتاج إلى نكتة.

74 - باب من لم ير غسل الشهداء

1346 - قوله: (ولم يُغَسِّلْهُم) وترجمته (غسل نه دلوايا) واعلم أن التعديةَ في اللغة الفارسية تحصل بزيادة حَرْفٍ على الفعل اللازم، كقولهم: (خوردن وخورانيدن). فليُبْحث في الصَّرف أنَّ مِثْل هذه التعديةِ توجدُ في لغة العرب أيضًا أم لا؟ ولا أراها ثابتةً فيها ولكن ترجمت التفعيل ههنا على طريق التعدية في اللغة الفارسية، يقال: «غسله ««أوسكو غسل دايا وغسَّله» «أوسكو غسل دلوايا». والغَرَض مِن هذا التفتيشُ أنه لو ثَبت في الصَّرْف هذا النوعِ من التعدية لكان للمالكيةِ وَجْهٌ في تأويلهم حديثَ التأمين. فإِنَّهم يقولون: معنى قوله: «إذا أَمَّن الإِمام» «وجب أمام آمين كهلوائي». وقد مرَّ تفصِيلُه وليس فعْلٌ في لغةِ العرب عندي يدل على تسخير أحدٍ بهذا الفِعْلِ بِعَيْنه. 74 - باب مَنْ لَمْ يَرَ غَسْلَ الشُّهَدَاءِ 1346 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ادْفِنُوهُمْ فِى دِمَائِهِمْ». - يَعْنِى يَوْمَ أُحُدٍ - وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ. أطرافه 1343، 1345، 1347، 1348، 1353، 4079 - تحفة 2382 75 - باب مَنْ يُقَدَّمُ فِى اللَّحْدِ وَسُمِّىَ اللَّحْدَ لأَنَّهُ فِى نَاحِيَةٍ، وَكُلُّ جَائِرٍ مُلْحِدٌ. (مُلْتَحَدًا) مَعْدِلاً، وَلَوْ كَانَ مُسْتَقِيمًا كَانَ ضَرِيحًا. 1347 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ «أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ». فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِى اللَّحْدِ وَقَالَ «أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاَءِ». وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ. أطرافه 1343، 1345، 1346، 1348، 1353، 4079 - تحفة 2382 1348 - وَأَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لِقَتْلَى أُحُدٍ «أَىُّ هَؤُلاَءِ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ». فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى رَجُلٍ قَدَّمَهُ فِى اللَّحْدِ قَبْلَ صَاحِبِهِ. وَقَالَ جَابِرٌ فَكُفِّنَ أَبِى وَعَمِّى فِى نَمِرَةٍ وَاحِدَةٍ. أطرافه 1343، 1345، 1346، 1347، 1353، 4079 - تحفة 3005 ب وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ حَدَّثَنَا مَنْ سَمِعَ جَابِرًا - رضى الله عنه. تحفة 2382 76 - باب الإِذْخِرِ وَالْحَشِيشِ فِى الْقَبْرِ 1349 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «حَرَّمَ اللَّهُ مَكَّةَ، فَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِى وَلاَ لأَحَدٍ بَعْدِى، أُحِلَّتْ لِى سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لاَ يُخْتَلَى

77 - باب هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة؟

خَلاَهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلاَّ لِمُعَرِّفٍ». فَقَالَ الْعَبَّاسُ - رضى الله عنه - إِلاَّ الإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا. فَقَالَ «إِلاَّ الإِذْخِرَ». وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا». أطرافه 1587، 1833، 1834، 2090، 2433، 2783، 2825، 3077، 3189، 4313 - تحفة 6061 - 116/ 2 وَقَالَ أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ. تحفة 15908، 5748 وقد عرفت أن أحكام لقطة الحل والحرم عندنا سواء وإنما زيد الاستثناء لمزيد الاعتناء به. 77 - باب هَلْ يُخْرَجُ الْمَيِّتُ مِنَ الْقَبْرِ وَاللَّحْدِ لِعِلَّةٍ؟ 1350 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، فَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ، وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَكَانَ كَسَا عَبَّاسًا قَمِيصًا. قَالَ سُفْيَانُ وَقَالَ أَبُو هَارُونَ وَكَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَمِيصَانِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلْبِسْ أَبِى قَمِيصَكَ الَّذِى يَلِى جِلْدَكَ. قَالَ سُفْيَانُ فَيُرَوْنَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَلْبَسَ عَبْدَ اللَّهِ قَمِيصَهُ مُكَافَأَةً لِمَا صَنَعَ. أطرافه 1270، 3008، 5795 - تحفة 2531، 19602 1351 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا حَضَرَ أُحُدٌ دَعَانِى أَبِى مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ مَا أُرَانِى إِلاَّ مَقْتُولاً فِى أَوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَإِنِّى لاَ أَتْرُكُ بَعْدِى أَعَزَّ عَلَىَّ مِنْكَ، غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَإِنَّ عَلَىَّ دَيْنًا فَاقْضِ، وَاسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْرًا. فَأَصْبَحْنَا فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ، وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِى قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِى أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ. طرفه 1352 - تحفة 2409 1352 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ دُفِنَ مَعَ أَبِى رَجُلٌ فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِى حَتَّى أَخْرَجْتُهُ فَجَعَلْتُهُ فِى قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ. طرفه 1351 - تحفة 2422 - 117/ 2 وَكرِه الحنفيةُ إخراجَه إِلا لحاجةٍ شديدةٍ، حتى قالوا إنَّه لا يُخْرَجُ وإن سقط القَبْرُ. 1351 - قوله: (لَمَّا حَضَرَ أُحُدٌ دعاني أبي) وكان جابرُ رضي الله عنه حينئذٍ لم يَبْلغِ الحِنْثَ فلم يدخل في الحَرْب. قوله: (فإِذا هو كيومَ وَضَعْتُه) وراجع ما عند مالك في «موطئه» (¬1). ¬

_ (¬1) أخرج مالك في الدَّفْن في قبر واحدٍ من ضرورة: أن عَمرو بنَ الجَمُوح وعبد الله بن عمرو الأنْصاريين ثُم =

78 - باب اللحد والشق فى القبر

قوله: (هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ) والصحيحُ «غير هُنَيَّةِ من أُذْنِه». 78 - باب اللَّحْدِ وَالشَّقِّ فِى الْقَبْرِ 1353 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَجْمَعُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ ثُمَّ يَقُولُ «أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ». فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِى اللَّحْدِ فَقَالَ «أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاَءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». فَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ. أطرافه 1343، 1345، 1346، 1347، 1348، 4079 - تحفة 2382 إن كان المرادُ من الغيرِ بني إسرائيل فالحديثُ يدلُّ على مزيدِ تأكيد اللحد، وإن كان المرادُ أَهْلَ مكةَ فَيَخِفُّ الأَمْرُ. 79 - باب إِذَا أَسْلَمَ الصَّبِىُّ فَمَاتَ هَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَهَلْ يُعْرَضُ عَلَى الصَّبِىِّ الإِسْلاَمُ؟ وَقَالَ الْحَسَنُ وَشُرَيْحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَقَتَادَةُ إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَالْوَلَدُ مَعَ الْمُسْلِمِ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - مَعَ أُمِّهِ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَ أَبِيهِ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ. وَقَالَ الإِسْلاَمُ يَعْلُو وَلاَ يُعْلَى. يعتبر عندنا بإسلام الصبيِّ المُميِّز ولا يُعتبرنا بارتداده، وعند الشافعيةِ رحمهم اللَّهُ تعالى لا يُعتبر بإِسلامه أيضًا. وكنتُ أَتحيرُّ أنَّهم ماذا يقولونَ في إسلام عليَ رضي الله عنه، فإِنَّه أسلم صبيًّا يدلُّ عليه قولُه: لقد سَبَقْتُكُم على الإِسلام طُرَّا ثم رأيت في "السنن الصُّغْرى" للبيهقي: وفيه أن الأحكام قبل الخَنْدَق كانت منوطةً بالتمييز وبعدَه نِيطَتْ بالبلوغ. وعليٌّ رضي اللهُ عنه في مَنْ دَخل في الإِسلام قَبْل الخندقِ، فظهر الجوابُ عنه. ثُم إنَّ المسألةَ فيمَنْ كان أبواه كافرَيْنِ. أَما إذا كان أبواه مُسلِمَيْن فلا اختلاف فيه. وشَنَّع بعضُهم على الحافظ ابن تيميةَ رحمه الله تعالى بأنه لا يعتبِرُ إسلامَ عليٍّ رضي الله عنه. قلت: لم أجِدْه في تصانِيفه. ثُم رأيتُ الشِّبلي نسبَ إلى الحافظِ ابن تيمِيةَ رحمه الله تعالى ¬

_ = السلميين كانا قد حَفَر السَّيل في قَبرَيهما، وكان قبراهما مما يلي السيل، وكانا في قبرٍ واحدٍ وهما ممن استشهِد يومَ أحد فحفر عنهما ليغيَّرا مِن مكانهما فوجِدا لم يتغيرا كأنهما ماتا بالأَمس. وكان أَحَدُهما قد جرح فوضعَ يَده على جُرحِه فدفن وهو كذلك، فأميطت عن جُرحه ثم أرْسِلت فَرَجعت كما كانت. وكان بين أُحُدِ ويوم حَضرهما ستٌّ وأربعونَ سنة، وأجاب ابن عبد البر رحمه الله تعالى بتعدُّد القِصَّة، كذا في "المحَلَّى". اهـ.

أنه قائلِ بإِسلام مَن صَدَّق النبيَّ والقرآنَ وإن بقي على اليهودية. ولم أجِدْه أيضًا في تصانيف ابن تيميةُ رحمه الله تعالى، ولعلَّه أيضًا افتراءٌ عليه. قوله: (وكانَ ابنُ عباسٍ رضي الله عنه مع أُمِّهِ مِنَ المُسْتَضْعَفِينَ) لأَنَّ أُمِّه أسلمت مِن قبل، حتى قيل: إنها أسلمت بعدَ خديجةَ رضي الله عنها، ولم يكنِ العباسُ أظهرَ إسلامَه بَعْدُ. فكان ابنُ عباس رضي الله عنهما مع أُمِّه وكانت خيرَ الأَبوينِ دِينًا. قوله: (الإِسلامُ يَعْلُو ولا يُعْلَى) هذا باعتبار التشريع ظاهرٌ، وأما باعتبارِ التكوين ففيه تفصيلٌ. 1354 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى رَهْطٍ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ، حَتَّى وَجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِى مَغَالَةَ، وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيَّادٍ الْحُلُمَ فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لاِبْنِ صَيَّادٍ «تَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ». فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ. فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ فَرَفَضَهُ وَقَالَ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ. فَقَالَ لَهُ «مَاذَا تَرَى». قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ يَأْتِينِى صَادِقٌ وَكَاذِبٌ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ» ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا». فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ هُوَ الدُّخُّ. فَقَالَ «اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ». فَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - دَعْنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلاَ خَيْرَ لَكَ فِى قَتْلِهِ». أطرافه 3055، 6173، 6618 تحفة 6990 1354 - قوله: (أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسولُ اللَّهِ) وغ» رَضُ المصنِّف رحمه الله تعالى أن ابنَ صَيَّاد لو شَهِدَ برسالَتِه، لحَكَم عليه بالإِيمان، مع كونه صبيًّا إذ ذاك. قوله: (فقال عُمرُو رضي اللَّهُ عنه دَعْنى يا رسولَ اللَّهِ أَضرِبْ عُنْقَه ... ) إلخ. وإنَّما لم يذره النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فيقتله، لأنه كان حينئذٍ صبيًّا كما في الحديث. والوَجْه الثاني ما بيَّنه بنفْسِه الشريفة: وهو أنَّه: «إنْ يكن هو فلن تُسلَّط عليه «. وفيه سرٌ عظيم ينبغي الاطلاع عليه: فاعلم أنَّ التكوينَ قد يناقِضُ التشريعَ، لأن التكوِينَ ليس تحتَ التكليفِ. فلو انكشفَ التكوينُ على أَحَدٍ لا يتغيَّرُ به التشريعُ أصلا، فلو كُشِف لأَحَدٍ أنَّ فلانًا يُخْتم له على الكفر - والعياذ باللَّهِ لا يجوزُ له أن يُعامل معه معاملةَ الكفار في الحالة الراهنة. وهو الذي عَرَض لعليَ رضي اللَّهُ عنه حين سأله ابنُ الكواء: أنه يُفتح له أو لا؟ قال: لا. قال: فَلِمَ تُحارِب إذَن؟ قال: إِني مأمورٌ. يعني به أنَّ التكوينَ وإن كان جرى بالهزيمة أَلا أَنَّ التشريعَ على مكانه لا يتغيرُ به، كما لو لم يُكْشَف عليه. فلا ينبغي لأَحَدٍ أن يعملَ بالتكوينِ إِلا للنبيُّ خاصَّةً، فإِنَّه قد يأخذُ جِهةَ التكوينِ أيضًا كما أخذ في قَتْل الدجَّال. وهو الذي راعاه في قِصَّة رَجُلٍ اعترضَ على تقسيمِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلّم فقال:

هذه قسمةُ لم يُرَد بها وَجْهُ اللَّهِ - والعياذ باللَّه - ولما قال عمرُ رضي الله عنه: دَعْني أَضْرِبْ عُنُقَ هذا المنافق. قال: «لَعلَّه يخرجُ من ضِئضِىءِ هذا رجالٌ يقرأونَ القرآن لا يجاوِزُ حناجِرَهم». فلم يقتله، والسِّرُّ فيه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم إذ يخبرهم بأمر بنفسه يناسِب له أن يراعيه، فإِنه إِذا أخبرَ أن عيسى عليه السلام يَقْتُلُ الدجَّال (¬1) يناسِب له أَن لا يتولى قَتْلَه بنفسه، وإِذا أخبر أنه يخرج منه قومٌ كذا، ناسب له أن لا يستبيحَ بَيْضَتَهُم. فهذا عملٌ بالتكوين وذا لا يناسبِ إِلا للنبيِّ خاصَّةً. قوله: (آمَنْتُ باللَّهِ ... ) إلخ. وإِنَّما لم يتوجه لجوابه صراحةً تصغيرًا لأَمْرِه، وتَوجَّه إلى ما يليقُ بِشَأنِه على حَدِّ قوله تعالى: {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22)} [يس: 22]. قوله: (يَأتيني صَادِقٌ وَكَاذِبٌ ... ) إلخ. وهذا هو شَأنُ الكُهان. ¬

_ (¬1) وهناك خبرٌ غريبٌ أخرجه الحافظ العيني في "شَرْح البخاري" قال في ذَيْل كلامه على وحدة الدجَّال المعهود وابن صَيَّاد: والثاني: مما يستنبط منه ومن غيره من الأَحاديث الواردة في هذا الباب هو: أَن ابن صَياد إذا كان هو الدجال كيف كان حاله حتى بقي إلى وقت خروجه في آخر الزمان؟ قال صاحب "زهرة الرياض": رأيت في "أمالي" القاضي الإمام أبي بكر محمد بن علي بن الفَضل الورنجري بإِسناده عن أبي هريرة قال: "بينا رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يصَلي صلاةَ الدَاةِ -هكذا في الأصل، ولعل الصواب: الغداة- فلمَّا سَلم استقبَل أَصحابَه بِوَجهِه يحدِّثُهم إذ أقبلَت صيحةٌ شديدةٌ بناحيةِ اليهود، وما سمِعنا صيحة أشد منها، فأرسل رجلًا ليأتينا بالخبر. قال: فما مكث حتى رجع وقد تغير لونه، فقال: يا رسول الله أَما عَلِمت أن البارحةَ ولِد ولدٌ في اليهود، وأنه غَضِب وتَزَبد حتى امتلأ البيت منه. وقد ضَم أمه مع سريرها إلى زاوية البيت، ورَفَع السقف على حيطانها، وهم يخافونه. فاسترجع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: "أخاف أنه دجالٌ"، فلما مضت سبعة أيام قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصَحابه: أَلا تمضون بنا إلى هذا المولود. فإذا الدجال على رأسِ نخلةٍ يلتقط رُطبا ويأكله، وله همهمةٌ شديدةٌ وأمه جالسةٌ في أَصل النخلة، فلما رأتِ النبي - صلى الله عليه وسلم - نادته: يا ابن الصائد، هذا محمدٌ قد أقبل. قال: فسكَت وترك الهمهمة. قال: فرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - ونزل الدجَّال من النخلة، واتبع النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأَصحابه: اسمعوا إلى مقالته وأنا أَسأله. ثم قال: "أَتشهد أني نبيٌّ"؟ وقال له الدجال: آَتشهد أَني نبي؟ ثم رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أَصحابه. قال: فقامَ عمر رضي الله عنه فضرب بالسيفِ على هامتِه، فنبا السيف كأنه قد ضُرب على حَجَر. ثم رجع السيف فشج رأس عمر. قال: فوقع عمر صريعًا جريحًا يسيل الدم من رأسه. قال: وقام الدجال على رأسه يسخر به ويستهزىء به حتى ورد الخبر إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقامَ النبي - صلى الله عليه وسلم - مسرعًا حزينًا حتى أَتى إلى عمرَ رضي الله عنه. فقال: "ما الذي دعاك إلى هذا"؟ فأخبره بما جرى فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا عمرُ إِنك لن تستطيع أن ترد قضاء الله تعالى. قال: فوضع النبي - صلى الله عليه وسلم - يدَه المباركةَ على رأسِ عمرَ رضي الله عنه فدعا اللهَ فالتحمَ الجُرْحُ بإذن الله تعالى. وقال عمر: يا رسولَ الله وَددت أن يرفعه الله تعالى فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أتحِب ذلك"؟ قال: نعم. قال: "اللهم افعل" فنزل جبريلُ عليه الصلاة والسلام في قطعة مِن الغمام كشِبه التُّرس، فنزل على رأس الدجال وهو جالِسٌ في وسط اليهود فأخذ بناصيتِه وجَذَبه عن ظهر الأَرض وأُمه وأَبوه وقومه ينظرون إليه ويبكون عليه، فرفعه جبرائيلُ عليه الصلاة والسلام فألقاه إلى جزيرة في البحر إلى قومِ تميم الدَّاري إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخبره بخبرِهِ. وأخرج مسلمٌ حديثا طويلًا عن فاطمةَ بنتِ قَيس وكانت من المهاجرات الأول، وَفيه: أن تميمًا الداري كان رجلًا نصرانيًا فبايع وأسلم. وحدثني حديثًا وافق الذي كنت أحدثكم عن المسيح الدجَّال: حدثني أنه ركِب في سفينةٍ بحريةٍ مع ثلاثين رَجلًا من لَخم وجُذَام، فلَعِب بهم الموج شهرًا في البحر، ثُم ارموا إلى جزيرةٍ في البحر الحديث. وفيه خبرُ الدجال ودابة الجساسة. وقال البيهقي: مَنْ ذهب إلى أن ابن الصيَّاد غير الدجال احتج بحديثِ تميمٍ الدَّاري في قصة الجاسّة، "عمدة القاري".

قوله: (خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ) وهذا أصلٌ عظيمٌ أن لا تَخْلُيطَ في أنباءِ المرسلين، بخلاف الدجاجِلَةِ والكهانِ، فإِنَّهم يَخْلِظون بين الحقِّ والباطل. قوله: (هو الدُّخُّ) واتفق الشارِحون على أنه كان خبأ له الآية: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10]. ثُمَّ قيل: إنه اطلع عليه لاستراقها إبليس، وإلقائها عليه. قلت: لا حاجةَ إلى هذا العُذْر، بل الكَهَانَة قد تكون فِطْريةً كما ذكره ابن خَلْدُون. ثم ذَكَرَ العلومَ التي لها دَخْلٌ في اكتساب المغيبات. فالأنبياءُ عليهم السلام يُوحَى إليهم، والكُهان أيضًا تلقى في نفوسهم أشياءُ ناقصةٌ غير أنه لا يوثَقُ بها لبناءِ أَكْثَرِها على الكذب، بخلاف أنباء المرسلين، فإِنَّهم يَحْكُونِ عن الأَصْلِ، فلا تحتمل الكَذِبَ أصلا. ومرَّ عليه الشيخ الأكبر رحمه الله تعالى وقال: المرادُ به أَني أرى شيئًا كالدخان، وفي الحديث: «أن عَرْشَ إبليسَ على الماء، فلعلَّه رأى شيئًا عليه عَرْشُ إبليس. قلت: وتجلَّى الربُّ مَجْدُه لما كان في الضبابة جعل يَحْكي عنه وجلس في الدُّخِّ فإِنه أيضًا كالضبابة. قوله: (إنْ يكن هو ... ) إلخ. وفي «الفتح» روايةٌ أنَّ قَتْله قَدَرٌ على يَدِ المسيح عليه السلام. وهذا الآخر الزنيم لعين القاديان يَزْعُم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم تُكْشف عليه حقيقةُ الدَّجَّال كما هي - والعياذ بالله، ولا يَدْري أن قولُهُ: إن يكن هو ليس للشك بل هو على حد قوله: {إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [الزخرف: 81]، وإنما يخرجُ التعبيرُ هكذا حيثُ يقصد إبرازُ الجزء الواحد على طريق الضابطة الكلية، فتأتي فيه العبارةُ كما ترى. أو كقوله في المُحَدَّث: «إنْ يكن من أمتي أَحَدٌ فَعُمَر» - أو كما قال، ويجيءُ تحقيقُه إن شاء الله تعالى. وفي البخاري تَصريحٌ بأنه كان يَعْلم أنَّ ابن صَيَّاد لم يكن الدجَّالَ الأكبرَ، كما في الجهاد. وفي «مصنف عبد الرزاق»: «أيُّها الناسُ إنَّ ابنِ صَيَّاد ليس الدجَّال الأكبر» - وفيه قال: أكثرَ الناسُ في مُسَيْلمةَ قبل أن يقولَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم فيه شيئًا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم إنَّه كَذّابٌ بين ثلاثينَ دجالا، يخرجون بين يَدَي المسيح». فالثلاثون مقيَّدُون بهذا القيد، ويمكن أن يكونَ بعده عليه الصلاةُ والسلام أيضًا دجَّالون آخَرُون. وحينئذٍ لا تعارُض بين الأحاديثِ المتعارضة في عدد الدَّجَاجِلَة. فإِنَّ بعضَها فيمَن يظهَرُون قَبْله عليه الصلاة والسلام. قوله: وآخرون فيمن يخرجون بعده والأمر عند الله تعالى «يختل» داؤ كرنا. 1355 - وَقَالَ سَالِمٌ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ انْطَلَقَ بَعْدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ إِلَى النَّخْلِ الَّتِى فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ وَهُوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنِ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ ابْنُ صَيَّادٍ فَرَآهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُضْطَجِعٌ، يَعْنِى فِى قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْزَةٌ أَوْ زَمْرَةٌ، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَتَّقِى بِجُذُوعِ النَّخْلِ فَقَالَتْ لاِبْنِ صَيَّادٍ يَا صَافِ - وَهْوَ اسْمُ ابْنِ صَيَّادٍ - هَذَا مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -. فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ». وَقَالَ شُعَيْبٌ فِى حَدِيثِهِ فَرَفَصَهُ رَمْرَمَةٌ، أَوْ زَمْزَمَةٌ. وَقَالَ إِسْحَاقُ الْكَلْبِىُّ وَعُقَيْلٌ رَمْرَمَةٌ. وَقَالَ مَعْمَرٌ رَمْزَةٌ. أطرافه 2638، 3033، 3056، 6174 - تحفة 6990، 6807، 6932، 6849، 6889 - 118/ 2

حديث أبي هريرة في أن: «كل مولود يولد على الفطرة»

1355 - قوله: (لبيَّن) ليس معناه أنه بَيَّن بلسانه، بل غَرضُه أَن لو تَرَكْته لانكشف أَمْرُه. 1356 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - وَهْوَ ابْنُ زَيْدٍ - عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ غُلاَمٌ يَهُودِىٌّ يَخْدُمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ «أَسْلِمْ». فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهْوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَقُولُ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ». طرفه 5657 - تحفة 295 1356 - قوله: (فقال: أَطِع أبا القَاسِم، فأَسْلَم) ولعلَّه لم يبلغ الحُلْم إذ ذاك. ولما أَسْلَم قبل أن يُغَرْغِر اعتُبر إسلامُه. 1357 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ كُنْتُ أَنَا وَأُمِّى مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ أَنَا مِنَ الْوِلْدَانِ، وَأُمِّى مِنَ النِّسَاءِ. أطرافه 4587، 4588، 4597 - تحفة 5864 1358 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ يُصَلَّى عَلَى كُلِّ مَوْلُودٍ مُتَوَفًّى وَإِنْ كَانَ لِغَيَّةٍ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِطْرَةِ الإِسْلاَمِ، يَدَّعِى أَبَوَاهُ الإِسْلاَمَ أَوْ أَبُوهُ خَاصَّةً، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ عَلَى غَيْرِ الإِسْلاَمِ، إِذَا اسْتَهَلَّ صَارِخًا صُلِّىَ عَلَيْهِ، وَلاَ يُصَلَّى عَلَى مَنْ لاَ يَسْتَهِلُّ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سِقْطٌ، فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - كَانَ يُحَدِّثُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) الآيَةَ. أطرافه 1359، 1385، 4775، 6599 - تحفة 14601 أ، 19345 ب 1359 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ). أطرافه 1358، 1385، 4775، 6599 - تحفة 15317 - 119/ 2 حديث أبي هريرة في أن: «كلُّ مولودٍ يُولَدُ على الفِطْرِة» واعلم أنَّ الحديثَ المذكورَ لم يَزْل معركةً من زمنِ الأئمة، حتى سُئل عنه عبدُ الله بنُ المبارك، ومحمدُ بن الحسن. ونَقل أبو عبيد (¬1) - وهو تلميذ محمد - كلماتٍ عن شيخه في شرح ¬

_ (¬1) قلت: وقد نَقَله الطحاوي في "مُشْكِله" بعد سرد عدة روايات في هذا الباب. فانا أُلخِّصُ لك أولًا من رواياته، ثُم =

هذا الحديث ينبغي أن يراعيها الباحِثُ أيضًا. وبحث عليها الحافِظُ ابن القيم رحمه الله تعالى في «شفاء العليل» على نحو ثماني وريقاتٍ، وجزم بأن المرادَ مِن الفطرة الإِسلامُ. وادَّعَى أنه ¬

_ = أتيك بكلامه بدون زيادةٍ ولا نقصان. قال عن ابن شهاب: أَنَّ أبا سَلَمة بن عبد الرحمن أخبره أن أبا هريرة قال: "ما مِن مولودٍ يولَدُ على الفطرة"، ثم يقول: اقرؤوا {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [الروم: 30]. ثم أخرج عن الحسن قال: أنبأ الأسودُ بن سَريع قال: كنَّا في غزاة لنا، فأصَبنا وقَتَلنا من المشركين حتى بلغ بهم القَتل إلى أن قتلوا الذرِّيةَ. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا لا يقتلن ذرية ألا لا يقتلن ذرية". قيل: لم يا رسولَ الله؟ أليسوا أولادَ المشركين. قال: "أوليس خياركم أولاد المشركين"؟. ثم أَخرج عن الحسن عن الأسود عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل نسمةٍ تُولَدُ على الفطرة حتى يعرب عنها لسانها، فأبواها يهودانها وينصِّرانها". قال أبو جعفر: فتأمَّلنا ما قيل في تأويل هذا الحديث فوجدنا عليَّ بن عبد العزيز قد أجاز لنا عن أبي عبيد القاسم بن سلَّام، قال: سألت محمدَ بن الحسن عن تَفسِيره يعني حديث أبي هريرة الذي ذكرناه في أول هذا الباب - فقالَ: كان ذلك في أوَّلَ الإِسلام قبل أن تَنزل الفرائض. وقبل أن يُؤمر المسلمون بالجهاد. قال أبو عبيد: كأنَّه يذهبُ إلى أنه لو كان يولَدُ على الفِطْرة، ثُم مات قبل أن يُهَوِّداه أَبواه وينصِّراه ما ورثاه، لأنَّه مسلمٌ وهما كافران. ولما جاز مع ذلك أن يسبي، فلما نزلت آيات الفرائضِ وجرت السنن بخلافِ ذلك، دل على أنَّه مولودٌ على دِينِهما. قال أبو عبيد: وأما عبدُ الله بن المبارك فبلغني أنه سُئل عن تأويله. فقال: تأويله الحديثُ الآخَر: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سُئِل عن أطفال المشركينَ، فقال: "الله أَعلم بما كانوا عاملين". يذهبُ إلى أنهم يولدون إلى ما يصيرون إليه من إِسلام أو كفر فَمن كان في عِلم الله عز وجل أنه يصير مسلمًا فإِنَّه يُولد على الفِطرة. ومَن كان عِلْمُه فيه أنه يصير كافرًا يموت كافرًا. قال أبو عبيد: فأحدُ التفسيرين قريبٌ من الآخَر. قال أبو جعفر: فتأملنا ما ذكرناه عن محمد بن الحسن رحمه الله تعالى مما جنح إليه أبو عبيد، فوجدنا في حديث الأسود أنه كان في غزواتِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي هي الجهاد. ثم لما اختلفوا في معنى هذا الحديث على قد ما ذكرنا، وقالوا في تأويله ما قد وصفنا بعد أَن جعلنا كله حديثًا واحدًا، وأثبتنا فيه قوله - صلى الله عليه وسلم -، فما يزال عليها حتى يُعرِب عنه لِسَانه، اعتبرنا ما جاء في ذِكر الفِطرة فِي كتاب الله عز وجل، فوجدنا اللهَ عز وجل قد قال في كتابه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [فاطر: 1]. أي خالق السموات والأرض. قال: وكذلك حدثنا ولاد النحوي عن المصادري، عن أبي عبيد وقال عز وجل: فيه {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي} [يس: 22] أي خلقني وقال عز وجل: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30] أي ملة اللهِ التي خلق الناس عليها قال: وكذلك أيضًا: حدثنا ولاد النحوي عن المصادري، عن أبي عبيد في أشياء. من هذا المَعنى. وكانت الفِطْرَة فِطرَتَين: فطرة يرادُ بها الخِلقة التي لا تعبد معها التعبد المستحَق بِفِعله الثواب. والمستوجَبِ بِتَركِه العقابَ. فكان قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل مولود يُولد على الفِطْرة"، يريدُ الفِطرة المتعبد أهلها المثابون والمعاقبون. فكان أهلها الذين هم كذلك ما كانوا غير بالغين مما خُلِق للعبادة كما قال عز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} [الذاريات: 56]، وإن كانوا قبل بلوغهم مرفوعًا عنهم الثواب والعقاب، غير أنهم إذا عبرت عنهم ألسنتهم بشيء من إِيمان أو من كُفْر كانوا من أهله، وإِن كانوا غيرَ مثابين على محموده وغيرَ معاقبين على مذمومه، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "فما تزال عليها حتى يُعرِبَ عنها لسانُها" ولذلك قَبِل - صلى الله عليه وسلم - إسلامَ مَنْ لم يبلغ وأَدخله في جملة المسلمين. وفي ذلك ما يُوجب خروجَ مَن كان من المسلمين بالردَّة في تلك الحال من الإِسلام حتى يستحق بذلك المَنع من أبويه المسلمين. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "فأَبواه يهودانِه، أو ينصِّرانِه، اْو يشركانه". أي بتهويدهما أو تنصيرهما، أو تشريكهما، فيكون سببًا إن كان أبواه حُرَّين، ومأخوذًا بعد بلوغه عاقلًا بالجزية إِن كان أبواه ذمِّيين. فهذا عندنا تأويل ما قد ذكرنا. والله سبحانه وتعالى نسأله التوفيق. اهـ.

هو عُرْف القرآنِ والحديث. وحينئذٍ حاصل الحديث: أن كلَّ مولودٍ ولو كانت في بيت كافر فهو محكومٌ عليه بالإِسلام عنده حتى يتكلمَ، أو يبلغَ الحِنْث، كذا يُستفاد من حديث «مسلم». فإِن قلتَ: فما بال صِبيان المشركين الذين ماتوا في صِباهم لا يصلَّى عليهم، فإِنَّهم حينئذٍ مُسلمون. قلتُ: لأنَّ هذا الحديث وَرَد في النجاة وعدمِها، فهو من باب الآخرة دون أحكام الدنيا، فلا يصلَّى عليهم في الدنيا، ويُحْكَم عليهم بالإسلام باعتبار الآخرة، وينجون من عذابِ الله. واستدل عليه بقوله تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [الروم: 30] حيث جعل فيه الفطرة دينًا. قلتُ: ليس فيه ادَّعاه لقوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} [التوبة: 36] ذلك الدِّين القيِّم. فجعل فيه الأمْرَ التكويني وهو كونُ عِدّة الشهور إثنا عشرَ شهرًا دَيْنًا، وحكم بأن النسئة خلافُ الدَّين. فالصوابُ عندي أنَّ الفِطرة من مقدِّمات الإسلام لا عَيْنه. فهي جِبِلَّة متهيئةٌ لقبولِ الإسلام (¬1) وبعبارةٍ أُخْرى هي استعدادُ في الولد له بُعْد من الكفر وقُرْب من الإسلام. وبعبارةٍ أُخْرَى هي عبارةٌ عن خلوٍ بُنيتهِ عَمَّا يَحُثُّهُ على الكُفْر. وحينئذٍ حاصلُ الحديث: أنَّ الوَلَد المولودَ مِنْ بطن كافرٍ ليس في بُنْيتِهِ جزءٌ من الكُفْر. ولولا القوادِحُ ولاموانِعُ لبقي أَقْرَبَ إلى الإيمان، وأَقْبَل له، وليس فيه حُكْم بالإسلام، وأي فائدة في الحُكْم بالإسلام، ثُمَّ الحُكْم باليهوديةِ والنَّصرانية بعد بُرْهة. وهذا الاستعدادُ القريبُ هو الذي سمَّاهُ اللَّهُ دِينًا في قوله: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} إلخ وفي الحديث (¬2) أيضًا ما يدلُّ على هذا المعنى، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم سَمِعَ في سَفَر صوتَ راعٍ يقولُ: اللَّهُ أكبرُ اللَّهُ أكبرُ فقال: على الفطرةِ، فإنَّها كلمةٌ يعتقِدُ بها العرب أيضًا. ولما شَهِد بالتوحيد والرسالةِ قال خرج من النار. فتبيَّن أنَّ الفِطْرةَ غيرُ الإيمان. فإنَّه لم يَحْكُم عليه بالنجاةِ اللازمة للإيمان ما لم يَسْمع منه الشهادتينِ مع حُكْمه عليه بكونِهِ على الفِطْرة. فالفطرةُ شيءٌ لا يوجِب النجاةَ، بخلافِ الشهادتين فهي مقدِّمةٌ للإيمان، كالأمانة فإنها ليست بإيمانٍ أيضًا، بل مقدمةٌ له وهي عبارةٌ عن عَدَم خداع أحدٍ، ومنه اشتقَّ الإيمانُ وهو معنى قوله: «لا إيمانَ لِمَنْ لا أمانةَ له». وهو المرادُ بقوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] ... إلخ وقد قررناه فيما سِبق. فإن قلت: إن الفطرة إذا كانت عبارة عن الجبلة المذكورة وجب أن يكون أعداد المسلمين أزيد من أعداد الكفار مع أن الأمر بالعكس. قلت: أما سمعت منا فيه قيد انتفاء الموانع والقوادح فكثرة إعدادهم لكثرة الموانع فإذا كثرت الموانع تخلف عنه ترتب النتائج. ¬

_ (¬1) ففي "المُحَلَّى": أن المرادَ بالفِطْرَة الحالة والهيأة المهيأة لِمعرفةِ الخالق وقَبول الحقِّ واختيارِ دينِ الإِسلام، لما رُكِّب فيهم من العقول التي يتمكنون بها مِن الهُدَى لو نظروا إِليها نظرًا صحيحًا لاستمروا على لزومِها. (¬2) أخرج "مسلم" عن أنس في حديث أنه سمِع رجلًا يقول: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "على الفِطْرة"، ثُم قال: أشهد أن لا إِله إلا اللهُ. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "خَرَجْت من النار. فنظروا إليه فإذا هو راعِي مِعْزى". اهـ.

فسبب الإسلام وإن وجد إلا أن المسبب لم يوجد لأجل المانع لا أن الفطرة لم تكن سببا إلا ترى في الأدوية كيف يتخلف عنها فوائدها لأجل هذه الموانع، فإن قلت: إنَّ الفطْرةَ إذا لم تكن عينَ الإسلام لم يكن في الحديث مَدْحُ الإسلام، مع أنَّ المسوقَ له ذلك. قلت: كيف لا؟ مع دلالته على أنه ليس في فِطرةِ الإِنسان شيءٌ يخالِفُ الإِسلام، أو يَجُرُّه إلى الكُفْر: بل فيها ما يُبْقى به أَقْرَبَ إلى الإِسلام وأَقبلَ له، لولا العوائقُ فهو مَدْحٌ عَظِيم. وهو معنى قولهم: إنَّ الإِسلام دينٌ فِطْري، فإِنْ قلت: إنَّ الفِطْرة إذا كانت عبارةً عن الاستعداد فهو الطَّرفان فما بقي مَدْحُ الإِسلام. قلت: بلى ولكنَّ استعدادَ الإِسلام قريبٌ، واستعدادَ الكُفْر بعيدٌ لكونِه من جهة الموانِع. فهو مَدْحٌ للإِسلام أي مدح، ولا سيما إذا اسُتدل عليه بِتَمْثيل البهيمة، فإِنْ قلت: فما معنى قولهه صلَّى صلى الله عليه وسلّم «إِنَّ الشقاوةَ والسعادةَ في بَطْن الأم» - بالمعنى، وقول الخَضِر عليه السلام: «طبع يوم طبع كافرًا». قلت: إن الشقاوةَ والسعادةَ أقربُ إلى التقدير، وهو نحوٌ من عِلْمه تعالى، فيُقَدِّر باعتبارِ ما يؤولُ إليه الحالُ من الكَفحر والإِيمان، والفِطرةُ أقربُ إلى الحسِّ على ما عرفت: أنها عبارةٌ عن خُلُوِّها عما يحضُّه على الكُفْر وعدم اشتمالِها على جُزءه من الكُفْر والإِيمان حِسًّا، فليس في بُنيتِه ومادتِه ما يوجِبُ الكُفْر، وبعبارةٍ أُخْرى أنَّ الْفهطرة تلبس بهيئةٍ لو استُبقي عليها لم يَعْدِل إلى الكُفْر فَخُلُوّه عن الكُفْر مُطْلقًا هو المسمَّى بالفِطْرة، وهو المقدمةُ للإِسلام، وهذا أَمْرُ غير التقدير، بخلاف الشقاوةِ والسعادةِ، فإنَّها عبارةٌ عمَّا عَلِمه اللهُ مما يأتيه بعد البلوغ من حسنة أو سيئة، فإِن أحسنَ إِسلامه يُقَدَّرُ له السعادةُ، وإن أساء تُقَدَّرُ له الشقاوةُ، فيهما يحتمعان مع الفِطْرةِ على حَدِّ قولهم: إنَّ في الهَيُولَى استعدادًا لجميع صُوَر النوعيةِ، مع أنها لا تتناوبُ عليه إلا صورةً بعد صورة، وتكونُ كلُّ منها معدةً للأُخْرى، ولا يمكنُ اجتماعُهَا لتضادها، فإنَّها جواهرُ عندهم. والجواهر عنده متضادةٌ فلا يمكن تواردها إلا بالتناوب، كالماء فإنه يتكون من هواء، فما دام اتصفَ بالصورةِ المائية لم يمكن أن يتصَفَ بالصورةِ الهوائية، إلا أن فيه استعدادً بعيدًا لتلك الصورةِ أيضًا. فإذا سخن الماءُ ازدادَ فيه استعدا الصورةِ الهوائية شيئًا فشيئًا، فإذا تمَّ استعدادُهَا الصورةَ الأُولى وتلبَّس بالأُخْرى. ولي فيه نَظْم: *ولادَ الوليد على فِطْرةٍ ... كتكريرِ لَفْظٍ بلا فائدة *فأبدوا قيودًا وأبديتُهُ ... عرا عن الكُفْرِ أو زائدِهِ يعني به أن الفطرةَ بمعنى الخِلْقة لغةً، فلا فائدة في ذِكْرِهَا بدون قَيْد، فإنَّه على وزان قولهم: «كلُّ مولودٍ يُخلق على الخِلْقة» ولا معنى له، فلذا أبديتُ فيه قَيْدًا ليكونَ مُفِيْدًا، وهو الخِلْقَةُ المتهيأةُ للإِسلام والخاليةُ عن الكُفْر. *كجرةٍ تُكْسَرُ من صدمة ... وإلا فتبقى مدى زاهده

فالفِطْرة كالقارورة إن حَفِظتها من التصادم تبقى في يدكِ سالمةً أبدَ الدهر، وإن تغافلت عنها تَتَكَسّر بأدنى صَدْمة تُصِيْبُهَا. ثم ذكر الشيخُ الفَرْقَ بين الفطرةِ ولاشقاوة. فقال: *فكان الشقيُّ على فِطْرةٍ ... وأمَّا الشقاءُ ففي عائده فالشَّقْيّ أيضًا كان على الفِطْرة في بدءِ أمره، لكنَّه لما لم يَحْفَظهَا وغيرها صار مآلُهُ إلى الشقاوةِ، فالفِطْرة لا تناقِضُ الشقاوةَ، ألا ترى أن الحديثَ بنفسه حَكَم على كلِّ مولودٍ بالفِطْرة، ثُمَّ ذَكَرَ شقاوتهم وهو اليهودية والنصارنية، فدل على أنَّ الشقاوةَ لا تصادِم كونَه على الفِطْرة فافهم. وقد نبهناك فيما مرَّ أن التعدية في العربية هل تثبتت على طريق الفارسية أيضًا أم لا؟ بأن تدل على تسخيرِ أحدٍ بذلك الفعلِ واستعمالِهِ به، كما إذا أَمَّن عند المالكيةِ (جب آمام آمين كهلواوى). قال أبو حَيّان: إنَّ تعديةَ الأفعالِ مطردٌ والتفعيل سماعي. وقال بعضهم: إنهما مُطردان. وقال آخرون: إنهما سماعيان، ولكن ينبغي أن يُنْظر في معنى التعدية ماذا أرادوا به والذي أرى أنَّ التعديةَ بهذا المعنى ليس عندهم إلا ما مرَّ في قوله: «لم يغسلهم» من التفعيل، وكذا في قوله: «يَهوَّدانه وينصَّرانِه» فلينظر فيه. وحينئذٍ فحاصل الحديث: أنَّ كلَّ مولودٍ يولَدُ على الفطرة باعتبار الأَصْل. وأمَّا يهوديتُهُ ونصرانيتُهُ فباعتبار جَعْل الوالدَين وتغييرِهم خَلْقَ الله وَمَسْخهم فِطْرَتَه لا باعتبار الأصل، فإنْ قُدِّر ذلك حتى آلَ إليه الحالُ سُمِي بالشقاوةِ. فإن قلت: إنَّ الفطرةَ إذا كانت مقدِّمة للإيمان دون الإيمان بعينه، لم يتناسب مقابلَتُهُ بالأديان كالهيوديةِ والنصرانيةِ، فدلَّ على أنها عينُ الإِسلام، لأنَّه أيضًا دِيْنٌ فَصَحَّ التقابل. قلت: بل التقابل صحيحٌ على ما قلت أيضًا، لأن المعنى أن الولد كان قريبًا من الإسلام، فَضَيَّع والداه فِطْرَته فأضاعوه، وأيّ شيءٍ أضاعوا. فإن قلت: إن الحديث يقتصر حينئذٍ على أحكام الدين عبدت فطرتهم. وأما من استمروا على فِطْرتهم كَذَرَاري المسلمين فلا يكونُ لهم فِيْهِ حُكْم. قلتُ: بلى، ولكنَّ الحديثَ لم يُسق لهم، وإنما سِيق لِمَنْ صاروا إلى الكُفْر بعد التبديل كما ترى في المُشَبَّه به، ففيه أيضًا بيانُ المُغَيِّراتِ. وحينئذٍ تَبيَّن لك أنه لا ينبغي فيه ذِكْر الإسلام، فإنَّه ليس من المُغَيِّرات. قوله: ({لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}) [الروم: 30] نهى في صورة الخَبَر. والمعنى أنَّ عَدَم التبديلِ كان الدِّيْنَ القَيِّم ولكن الناس يشاقونه ويخالفَونه، وإلا فالتبديل مُشَاهد. فإن قلت: يلزمُ على ما اخترتَ مِنْ تفسير الفطرةِ نحاةُ أولاد المشركين كافَّةً، فإنَّهم ماتوا على الفِطْرة قبل طُرُو التبديل. قلتُ: النجاةِ تدورُ على الشقاوةِ والسعادةِ وهي في عِلْم الله لا على الفِطْرة فقط، وإن كانت الفطرةُ دخيلةً أيضًا إلا أنَّ المدار على الشقاوةِ والسعادة السابقتين على الفطرة لما قد علمت أنهما من التقدير، وهو نَحْوٌ من العِلْم السابق على الكل. ولذا ذكر في الحديث إنتاج

80 - باب إذا قال المشرك عند الموت لا إله إلا الله

الحيوان، وكونه سليمًا وهذا كلَّه في الْخِلْقة ولم يذكر القَدَر فاعلمه. ومنهم مَنْ قال: إن الفطرةَ هي قولهم: قالوا: بلى. قلتُ: إنْ أرادوا به القَصْر عليه فليس بجيدٍ، وإن أرادوا أنه أيضًا من جزئياتٍ الفطرةِ فصحيحٌ. فإنَّ الإسنانَ مفطورٌ على الإقرار بالربوبية، وفيه أقوالٌ أُخَرُ ذكرها الشارحون فراجعها. وسيجيء البحثُ على نجاتهم وعدمِها فيما يأتي والله تعالى أعلم. 80 - باب إِذَا قَالَ الْمُشْرِكُ عِنْدَ الْمَوْتِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ 1360 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى طَالِبٍ «يَا عَمِّ، قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ». فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ يَا أَبَا طَالِبٍ، أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَا وَاللَّهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ، مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ {مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ} الآيَةَ. أطرافه 3884، 4675، 4772، 6681 - تحفة 11281 ويعتبر فيه إذا قالها قبل النَّزْع، فإن دَخل في الغرغرة فهو إيمانٌ اليأس، وهو غير معتبر عند الجمهور. ونُسِب إلى الشيخ الأكبر رحمه الله تعالى أنَّه اعتبر إيمانَ فِرَعون. قال الشَّعْرَاني: وهذا مدسوسٌ والشيخُ رحمه الله تعالى بريءٌ منه. قلتُ: بل هو مختارُ الشيخِ رحمه اللَّهُ تعالى وليس بمدسوسٍ، وقد نَقَل بحرُ العلوم في «شرح المثنوي» عباراتٍ عديدةً للشيخ رحمه الله تعالى تدلُّ على هذا المعنى. ومرادُ الشيخ رحمه الله تعالى عندي أن قوله بتلك الكلمةِ اعتبر من حيثُ كونُهُ إيمانًا، لا من حيث كونُ توبةً. وليُعلم أنَّ في قِصَّة فرعونَ إشْكَالا وهو: أنَّ في الحديث: أن فرعونَ لما أرادَ أنْ يقول: لا إله إلا الله، دسَّ جبرائيلُ عليه السلام في فِيه الطِّيْنَ كي لا تدرِكَه الرحمةُ. وهو في الظاهر رضاءٌ بالكُفْر نعوذُ باللَّهِ من ذلك. وأجاب عنه الشيخ الآلوسي رحمه الله تعالى في «تفسيره» وحاصله: أنَّه يجوزُ التمني بموتِ كافرٍ شديدٍ في الكُفْر إذا كان المسلمون يتأذون منه. ونقله عن «مبسوط» خَواهِرَ زَادَه روايةً عن أبي حنيفةَ رحمه الله تعالى. قلتُ: بل المسألةُ موجودةٌ في نَفْس القرآنِ. قال تعالى حكايةً عن موسى عليه الصلاة والسلام: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: 88]. ثُمَّ إنَّ ظاهرَ القرآن أنَّه تكَلَّم بتلك الكلمةِ وإنَّما لم تُعتبر منه لكونِهِ إيمانَ اليائس، وإنَّما خشي

81 - باب الجريد على القبر

جبرائيلُ عليه السلام نظرًا إلى سِعَة رَحْمَتِهِ تعالى، فإنه أُمكن أن يُغْفَر له خَرْقًا للعادة. ثُم أقول: إن الكلمة التي قالها فِرعون وهي: {آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: 90] لا تتعينُ إيمانًا في حال الاختيار أيضًا إلاّ أن ينوي بها ذلك. فإنَّه أحاله على بني إسرائيل، فإنْ أراد بتلك الجملةِ إيمانَه فذاك، وإلا فتحتَمِل معانٍ أُخْرى أيضًا. وكتب السُّيوطي رحمه الله تعالى رسالةً في تأييد الشيخ الأكبر رحمه الله تعالى. وَرَدَّ عليه القاري رحمه الله تعالى وسمَّاهَا: «فِرّ العَوْن من مُدَّعي إيمانِ فرعونَ»، وقد شدَّد في اسمه جدًا. فإن قلت: وعلى هذا ينبغي أن يُعتبر إيمانُ قوم يونس عليه السلام أيضًا، فإنَّه كان عند مشاهدةِ العذاب. قلتُ: أمَّا أولا: فلأنَّهم قد استثناهم القرآنُ بِنَفْسه فلا يقاس عليهم. وأما ثانيًا: فبالفَرْق بينهم وبين فرعونَ، فإنَّه آمن حينَ أحاط به عذابُ الاستئصال، وهؤلاء آمنوا بمجردِ الرؤية قَبْلَ أن يدخلوا في العذابِ. وسيجيءُ تحقيقُ الكلام في التفسير أبسطَ منه. 81 - باب الْجَرِيدِ عَلَى الْقَبْرِ وَأَوْصَى بُرَيْدَةُ الأَسْلَمِىُّ أَنْ يُجْعَلَ فِى قَبْرِهِ جَرِيدَانِ. وَرَأَى ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - فُسْطَاطًا عَلَى قَبْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ انْزِعْهُ يَا غُلاَمُ، فَإِنَّمَا يُظِلُّهُ عَمَلُهُ. وَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ رَأَيْتُنِى وَنَحْنُ شُبَّانٌ فِى زَمَنِ عُثْمَانَ - رضى الله عنه - وَإِنَّ أَشَدَّنَا وَثْبَةً الَّذِى يَثِبُ قَبْرَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ حَتَّى يُجَاوِزَهُ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ أَخَذَ بِيَدِى خَارِجَةُ فَأَجْلَسَنِى عَلَى قَبْرٍ، وَأَخْبَرَنِى عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ إِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِمَنْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ. وَقَالَ نَافِعٌ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَجْلِسُ عَلَى الْقُبُورِ. 1361 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ مَرَّ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ فَقَالَ «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِى كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِى بِالنَّمِيمَةِ». ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقَّهَا بِنِصْفَيْنِ، ثُمَّ غَرَزَ فِى كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً. فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ صَنَعْتَ هَذَا فَقَالَ «لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا». أطرافه 216، 218، 1378، 6052، 6055 - تحفة 5747 - 120/ 2 والجريد هو الغُصْن التي جردت عنها أورَاقُهَا. وفي «الدر المختار»: إنَّ إنباتَ الشجرةِ مُسْتحبٌّ. وقال العيني رحمه الله تعالى: إن إلقاءَ الرياحين ليس بشيءٍ، ولم يَمْنع عن إنباتِ الشجرةِ. وفي «العالْمكِيرية»: أنَّ إلقاءَ الرياحين أيضًا مُفِيد: قلتُ: والاعتماد على ما ذكره العيني (¬1). ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وهذا كلُّه إذا لم يبالغ فيه الناسُ، فإذا بالغوا فيه وتجاوزوا حدودَ اللهِ ينبغي للعالم أن يَمْنعَ عنه. فإِنَّ مادة البِدْعة لا تكون إلا أمثالَ هذه الأمور. ويتعلق به ما في العيني: أنَّ ضَرْبَ الفُسطاط إن كان لغرضٍ صحيح كالتستر من الشَّمْسِ مثلًا للأحياء لا لإِظلال الميت فقط جاز. اهـ.

82 - باب موعظة المحدث عند القبر، وقعود أصحابه حوله

قوله: (أَشَدَّنا وَثْبَةً الَّذِي يَثْبِ قَبْرَ عثمانَ بن مَظْعون رضي الله تعالى عنه). قيل: يُفْهم منه أَنَّ قَبْرَ عثمانَ رضي الله عنه كان مرفوعًا ولم يكن لاصِقَا بالأرض. قلتُ: لم لا يجوز أن يكونوا يثِبون في الطُّوْلِ لا في العرض؟ ولو فَرَضْنا أنَّ هؤلاء الصبيانَ كانوا صغارًا فيتعذَّرُ عليهم الوُثوبُ عرضًا أيضًا. قال الشيخ ابن الهُمام رحمه الله تعالى: كُره أَنْ يُرْفَع القَبْرُ فَوْقَ شِبْر. قوله: (فَأَجْلَسَنِي على قَبْر) والجلوسُ على القَبْر مكروهٌ تحريمًا عند ابن الهُمَام رحمه الله تعالى كما في «الفتح»، وتنزيهًا كما في «الطحاوي»، واختار الطحاوي أن النهيَّ عنه فيما إذا جلَس للبَوْل والغائط، وإلا فلا. قلتُ: بل النهيُ مطلقٌ، فالجلوس عليه خلافُ الأَوْلى. قوله: (وكان ابنُ عمرَ رضي اللَّهُ تعالى عنهما يَجْلِسُ) إلخ ... المرادُ الاتكاءُ دونَ الجلوسِ عليه. 82 - باب مَوْعِظَةِ الْمُحَدِّثِ عِنْدَ الْقَبْرِ، وَقُعُودِ أَصْحَابِهِ حَوْلَهُ {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ} [المعارج: 43] الأَجْدَاثُ: الْقُبُورُ. {بُعْثِرَتْ} [الانفطار: 4]: أُثِيرَتْ، بَعْثَرْتُ حَوْضِي أَيْ جَعَلْتُ أَسْفَلَهُ أَعْلاَهُ، الإِيفَاضُ: الإِسْرَاعُ. وَقَرَأَ الأَعْمَشُ: {إِلَى نُصُبٍ}: [المعارج: 43] إِلَى شَىْءٍ مَنْصُوبٍ يَسْتَبِقُونَ إِلَيْهِ، وَالنُّصْبُ وَاحِدٌ، وَالنَّصْبُ مَصْدَرٌ. {يَوْمُ الْخُرُوجِ} [ق: 42] مِنَ الْقُبُورِ. {يَنْسِلُونَ} [يس: 51] يَخْرُجُونَ. 1362 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِى جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا فِى جَنَازَةٍ فِى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، فَأَتَانَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ، وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ فَنَكَّسَ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ ثُمَّ قَالَ «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلاَّ كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَإِلاَّ قَدْ كُتِبَ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ، فَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ قَالَ «أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ الشَّقَاوَةِ»، ثُمَّ قَرَأَ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} [الليل: 5] الآيَةَ. أطرافه 4945، 4946، 4947، 4948، 4949، 6217، 6605، 7552 - تحفة 10167 يعني أنَّ الموعظةَ ليست من الأذكار والأشغال المكروهة عند القبر. 1362 - قوله: (بَقِيْع الغَرْقَد) أي مَقْبرة أَهْلِ المدينة، وهو غيرُ بَقِيع المُصَلَّى. قوله: (مِخْصَرَة) من الخاصرة. قوله: (مَنْفُوسَةٍ) ولا يدرى أن روح طبي أَوْ غيره ولا ريب في كونِ الروح الطبية منفوخةً، أما الروحُ المجردةُ فليت بمنفوخةٍ، بقي البَدَنُ المِثالي فلينظر فيه.

83 - باب ما جاء فى قاتل النفس

«كلُّ مُيسَّرٌ لِما خُلِق له» (¬1) وهذه الجملةُ جزيلةٌ المعنى فليُمْعَن النَّظرُ فيها. وحاصل الجواب: أن الإنسان مختارٌ في عالم الشهادة، ومجبورٌ بالنَّظر إلى عالم الغيبِ الذي تحقَّق بالأدلةِ المسعية، وإلا فنحن مختارون في العالم المشهور قطعًا، ولا خبرَ لنا بعالمٍ غيرِهِ. فافعلوا الخير وامتنعوا عن الشرِّ في موطن الاختيار. فإن المسبوقَ بالخير لا يأتي منه الشرُّ والمسبوقُ بالشر لا يأتي منه الخيرُ أصلا، ولا يُيسر للسعيدِ إلا الأعمالُ الصالحةُ، وللشقيِّ إلا الأعمالُ الطالحةُ. فقولُكُم: «أفلا ندع العمل في غير محلِّهِ، فإنكم إن سَبَق لكم الخيرُ لا يُيسر لكم إلا هو، فإيَّاه تعملون. وكذا إن قُدِّر لكم الشرُّ لا ييسر لكم إلا هو، ففيه تقتحمون. فليس الخيرُ والشرُّ من عندِ أنفسكم وإنما استُعملتم به فعملتُم. وهذه الجملُ بهذه السذاجةِ لا يمكنُ أن تخرج إلا من صاحبِ النُّبوةِ. 83 - باب مَا جَاءَ فِى قَاتِلِ النَّفْسِ 1363 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلاَمِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ عُذِّبَ بِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ». أطرافه 4171، 4843، 6047، 6105، 6652 - تحفة 2062 1364 - وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنِ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا جُنْدَبٌ - رضى الله عنه - فِى هَذَا الْمَسْجِدِ فَمَا نَسِينَا، وَمَا نَخَافُ أَنْ يَكْذِبَ جُنْدَبٌ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَانَ بِرَجُلٍ جِرَاحٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَقَالَ اللَّهُ بَدَرَنِى عَبْدِى بِنَفْسِهِ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ ¬

_ (¬1) قال العيني رحمه الله تعالى: فإن قلت: إذا كان القضاءُ الأَزلي يقتضي ذلك، فلم المدحُ والذمُّ والثواب والعقاب؟ أجيب: بأَنَّ المدحَ والذمَّ باعتبار المحلية لا باعتبار الفاعلية. وهذا هو المرادُ بالكسب المشهور عن الأشاعرة، وذلك كما يمدح الشيءُ ويذم بحسنه وقُبحه وسلامتِه وعاهتِه، وأما الثواب والعقاب فكسائر العادِيَّات، فكما لا يصح عندنا أن يقال لم خلق الله تعالى الاحتراقَ عقيبَ مماسته النارَ ولم يَحصُلِ ابتداءً، فكذا ههنا. وقال الطِّيبي: الجواب من الأُسلوب الحكيم، منعهم - صلى الله عليه وسلم - عن الاتكالِ وتَرك العمل، وأَمَرَهم بالتزام ما يجبُ على العبد من العبودية وإياكم والتصرفَ في الأُمور الإلهية، فلا تجعلوا العبادةَ وتَرْكَها سببًا مستقِلًا لدخول الجنة والنار، بل إنها علاماتٌ فقط. وقال الخطابي: لما أخبر - صلى الله عليه وسلم - عن سَبق الكتاب بالسعادةِ، رام القومُ أن يتخذوه حُجَّةً في تَرك العمل، فأعلمهم أن ههنا أمرين لا يبطل أحدُهما الآخرَ. باطن: هو العلة الموجبة في حُكم الرُّبُوبيَّة. وظاهر: هو التتمةُ اللازمةُ في حقِّ العبودية، وإنما هو أَمارةٌ مخيلة في مطالعة عِلم العواقب غيرُ مفيدةٍ حقيقةً. وبيَّنَ لهم أن كلَّا ميسَّرٌ لما خُلق له، وأن عَمَله في العاجل دليل مصيرِه في الآجلِ، ولذلك مَثَّل بقوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5)} الآيةَ [الليل: 5]. ونظيرُه الرزقُ المقسومُ مع الأَمر بالكَسب، والأَجلُ المضروبُ مع التعالج بالطبِّ، فإنَّك تجدُ الباطنَ منهما على موجبه، والظاهر سببًا مخُيلًا. وقد اصطلحوا على أنَّ الظاهِرَ منها لا يُترك للباطن. اهـ.

84 - باب ما يكره من الصلاة على المنافقين والاستغفار للمشركين

الْجَنَّةَ». طرفه 3463 - تحفة 3254 - 121/ 2 1365 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الَّذِى يَخْنُقُ نَفْسَهُ يَخْنُقُهَا فِى النَّارِ، وَالَّذِى يَطْعُنُهَا يَطْعُنُهَا فِى النَّارِ». طرفه 5778 - تحفة 13745 وفي فِقْه الحنفية لا يُصلِّي عليه العلماء، ومَنْ صار مُقْتَدىً للناس - بالفتح - وهكذا قاتل الوالدين والباغي، لأنه لم يبق من تعزيرِهم عندنا شيءٌ غير الصلاة، فليس عليهم تعزير. 1363 - قوله: (ومَنْ حَلَف بملةٍ غيرِ الإسلام) .. إلخ. وصورته أن يقول: إنْ فعل كذا فهو يهوديٌّ، أو نصراني، وهو عندنا يمينٌ منعقِدٌ، فإن حَنِث كفَّر. وقد صرَّح سيبويهٍ أن الشرط والجزاء أيضًا يُسمَّيانِ حَلِفًا. فإن فَعَله وهو يدري أنه يصيرُ به يهوديًا صار كافرًا، وإلا فلا، إلا أنه تَبْقَى الشَّناعةُ على حالِهَا. والصورة الثانية: أن يجعلها محلوفًا به، فيقول باليهودية والنصرانية: لأفعلن كذا، وحينئذٍ معنى قوله: «كاذبًا» أنه ليس قلبِهِ تعظيمُها، إلا أنه تكلَّم بما دلَّ على التعظيمِ. 1364 - قوله: (بَدَرَني عبدي): أي صورةً، وإلا فهو مَيِّتٌ على أَجَلِه. قوله: (وعُذِّب بها في نارِ جَهنَّمِ). وفيه زيادة أيضًا وهي: خالدًا مُخَلَّدًا فيها». وعلَّل الترمذي هذا اللفظَ في «جامعه» ولا وَجْه له. إِلاّ أنَّ قاتلَ النَّفْس ليس له الخُلودُ إجماعًا، فاضْطُر إلى التأويل. قلت: وليس مرادُ الحديثِ تخليدَه بعد الحَشْر كما فُهِم، بل معناه أنه يُعَذّب به إلى الحَشْر، كذلك فالتخليد راجِعٌ إلى القيد، أي التوجاء والخنق والطعن مثلا، أي لا يزال يَفْعلُ هذه الأفعالَ ما دام يكونُ في جهنَّم، وليس راجِعًا إلى المُكْث في النَّار ليلزم خلودُه في النَّار، إنَّما هو خلودُ الفِعْل ما دام في النَّار، فافهمه. وقد شيَّدْناه بنظائره كما سيجيء. 84 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلاَةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَالاِسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1366 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنهم - أَنَّهُ قَالَ لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ دُعِىَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيُصَلِّىَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَثَبْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُصَلِّى عَلَى ابْنِ أُبَىٍّ وَقَدْ قَالَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا - أُعَدِّدُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ - فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ «أَخِّرْ عَنِّى يَا عُمَرُ». فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ قَالَ «إِنِّى خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ، لَوْ أَعْلَمُ أَنِّى إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ فَغُفِرَ لَهُ لَزِدْتُ عَلَيْهَا». قَالَ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمْ يَمْكُثْ إِلاَّ يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتِ الآيَتَانِ مِنْ بَرَاءَةٌ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} إِلَى {وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 84]

85 - باب ثناء الناس على الميت

قَالَ فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأَتِى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. طرفه 4671 - تحفة 10509 1366 - قوله: (خُيِّرْتُ). وقد علمت أنه مِن باب تَلَقّي المخاطَب بما لا يَترقَّب. قوله: ({وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ}) [التوبة: 84] واستنبط منه الحافظ ابن تيميَّة رحمه الله تعالى أنَّ القِيام على القَبْر جائِزٌ في نَظَر القرآن، ولذا نهى عنه، فثبتت زيارةُ القُبور في حوالي بلده. 85 - باب ثَنَاءِ النَّاسِ عَلَى الْمَيِّتِ 1367 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ مَرُّوا بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَجَبَتْ». ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ «وَجَبَتْ». فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - مَا وَجَبَتْ قَالَ «هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِى الأَرْضِ». طرفه 2642 - تحفة 1027 1368 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِى الْفُرَاتِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - فَمَرَّتْ بِهِمْ جَنَازَةٌ فَأُثْنِىَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا فَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - وَجَبَتْ. ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِىَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - وَجَبَتْ. ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ، فَأُثْنِىَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرًّا فَقَالَ وَجَبَتْ. فَقَالَ أَبُو الأَسْوَدِ فَقُلْتُ وَمَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ قُلْتُ كَمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ». فَقُلْنَا وَثَلاَثَةٌ قَالَ «وَثَلاَثَةٌ». فَقُلْنَا وَاثْنَانِ قَالَ «وَاثْنَانِ». ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ. طرفه 2643 - تحفة 10472 - 122/ 2 وفائدة الثَّناء على الميتِ لو كانت لكانت أنا. ويعلم من «الفتح» (¬1) أنَّ فيه سببيَّة أيضًا. ¬

_ (¬1) أخرج الحافظ برواية أحمد، وابن حِبَّان، والحاكم رحمهم الله تعالى عن أنس رضي الله تعالى عنه مرفوعًا: ما من مسلمٍ يموتُ فيشهد له أربعةٌ من جيرانه الأَدنين أنهم لا يعلمون منه إلا خيرًا قال الله تعالى: "قد قَبِلْتُ قَوْلكم وغفرت له ما لا تعلمون". قلت: ففيه دليلٌ على أنه سبحانه وهو أحكمُ الحاكمين قد يعامِل عبادَه حسب ما تقوم عليهم الشهادةُ عنده. فعلى المرء أن يُجامل الناسَ في حياته ليشهدوا له بعدَه بالخير. وقد نقل الحافِظ رحمه الله تعالى زيادةً في رواية أَنس رضي الله تعالى عنه وهي: "إِنَّ لله ملائكة تَنْطِقُ على ألسنة بني آدم بما في المرءِ من الخير والشَرِّ فدلَّ على أن تلك الشهادةَ تكون على نحو إلهام من الملائكة. وهذا الذي أراده أَهْلُ العُرْف من قولهم: ع: "زبان خلق كونقاره خدا سمجهو" ولعل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أنْتُم شهداء اللهِ في الأرْض مُقْتَبسٌ من قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143] فإِذا اعتُبرت شهادتُهم في غيرهم فكيف لا في أنفسهم. ولذا نهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن ذِكْر مساوىءَ الموتى. بالجملة ليس الحديثُ من باب التشريع، =

86 - باب ما جاء فى عذاب القبر

ففيه روايةٌ أنهم إذا أثنوا على عَبْدٍ يقول لهم اللَّهُ تعالى: «إنكم أثنيتُم مَبْلَغ عِلْمِكم، فاذهبوا فقد فَعَلْتُ حَسَب ثنائِكم، وتجاوزتُ عَمَّا جَهِلتم - بالمعنى. وهو الذي يترشَّحُ مِن قوله في الحديث الآتي: «وَجَبَتْ». وكيف ما كان لا ريبَ في كونِ ثناءِ الناسِ أمارةً حسنةً للمِّيت كما يُعلم مِن قوله: «أنتم شُهَدَاءُ اللَّهِ في الأَرض». فإِنَّ الشهادةَ تكونُ على أَمْرٍ ماضٍ، فكأنَّ الخيريةَ تقدَّمت، وهؤلاء شهدوا بها فقط، وليس فيها لشهادَتِهم فقط دَخْلٌ. 86 - باب مَا جَاءَ فِى عَذَابِ الْقَبْرِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى {إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} [الأنعام: 93]. الْهُونِ: هُوَ الْهَوَانُ، وَالْهَوْنُ الرِّفْقُ، وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} [التوبة: 101]. وَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)} [غافر: 45 - 46]. 1369 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أُقْعِدَ الْمُؤْمِنُ فِى قَبْرِهِ أُتِىَ، ثُمَّ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ}» [إبراهيم: 27]. طرفه 4699 - تحفة 1762 1369 م- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بِهَذَا وَزَادَ {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} نَزَلَتْ فِى عَذَابِ الْقَبْرِ. 1370 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحٍ حَدَّثَنِى نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ قَالَ اطَّلَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أَهْلِ الْقَلِيبِ فَقَالَ «وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا». فَقِيلَ لَهُ تَدْعُو أَمْوَاتًا فَقَالَ «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لاَ يُجِيبُونَ». طرفاه 3980، 4026 - تحفة 7685 1371 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ إِنَّمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ الآنَ أَنَّ مَا كُنْتُ أَقُولُ حَقٌّ». وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80]. طرفاه 3979، 3981 - تحفة 16930 - 123/ 2 ¬

_ = بل من باب التكوين. فالله سبحانه لا يَنْطِقُ لسانًا ولا يُلهِم قلبًا إلا بما جرى فيه من الشقاوة والسعادة. وهذا إذا لم تختلف فيه فإذا اختلف، فلعلَّ العبرةَ للأعدل والأَزكى كما كان في الدنيا، والله تعالى أعلم: وهذه جُملٌ ذكرتها على نحو ما حدثت بها نفسي عند تسويدِ هذه الأوراق، فإن كانت صوابًا فمِن اللهِ، وإلا فمني ومن الشيطان.

1372 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ سَمِعْتُ الأَشْعَثَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا، فَذَكَرَتْ عَذَابَ الْقَبْرِ، فَقَالَتْ لَهَا أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فَقَالَ «نَعَمْ عَذَابُ الْقَبْرِ». قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدُ صَلَّى صَلاَةً إِلاَّ تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. زَادَ غُنْدَرٌ «عَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌّ». أطرافه 1049، 1055، 6366 - تحفة 17660 1373 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - تَقُولُ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَطِيبًا فَذَكَرَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ الَّتِى يَفْتَتِنُ فِيهَا الْمَرْءُ، فَلَمَّا ذَكَرَ ذَلِكَ ضَجَّ الْمُسْلِمُونَ ضَجَّةً. أطرافه 86، 184، 922، 1053، 1054، 1061، 1235، 2519، 2520، 7287 تحفة 15728 1374 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِى قَبْرِهِ، وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولاَنِ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِى الرَّجُلِ لِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ. فَيُقَالُ لَهُ انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الْجَنَّةِ، فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا». قَالَ قَتَادَةُ وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُفْسَحُ فِى قَبْرِهِ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ «وَأَمَّا الْمُنَافِقُ وَالْكَافِرُ فَيُقَالُ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِى هَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولُ لاَ أَدْرِى، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ. فَيُقَالُ لاَ دَرَيْتَ وَلاَ تَلَيْتَ. وَيُضْرَبُ بِمَطَارِقَ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ، غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ». طرفه 1338 - تحفة 1170 وهو ثابتٌ عند أهل السنَّة والجماعة كافةً بالتواتر. وما نُسِب إلى المعتزلةِ أنهم يُنْكِرون عذابَ القَبْر فلم يثبت عندي إلا عن بِشْر المَرِيسي وضِرار بنِ عمروِ. وبِشْرٌ كان يختلف إلى دَرْس أبي يوسف رحمه الله تعالى، فلما بلغه من شأَن بِشْر قال: إني لأَصْلِبنَّك - وكَان قاضيًا - فَفَرَّ المَرِيسي خائفًا، ثُم رَجَعَ بعد وفاته. أما ضِرارًا فلا أَعْرف مَنْ هو. والحاصل: إِنه لم يثبتُ عندي ما نسبُوه إلى المعتزلةِ. أما أهلُ السُّنة والجماعةِ فلهم فيه قولان: قيل: العذاب بالرُّوح فقط. وقيل: بالروح والجسدِ مِعًا. ومال إلى الأَوَّل الحافظ ابنُ القيِّم رحمه الله تعالى. والأقرب عندي هو الثاني وذهب الصوفيةُ إلى أَنَّه على الجسد المثالي، وهو أكثف من عالم الأرواح، وألطفُ من عالم الأجساد. فالحاصل: أن شيئًا من العذاب يَبْدأ من القبر، ثم يَتِم العذابُ عند دخوله في جهنَّم، كما قال تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 46]. قال الشيخ الأكبر رحمه الله تعالى: إنَّ آلَ فرعونَ غيرُ فرعونَ. والأَمْرُ بإِدخال النارِ للآلِ دونَ فِرْعونَ. قلت: صنيعُ

87 - باب التعوذ من عذاب القبر

القرآن أنه يَذْكُر الآلَ ويريد مع ما أُضِيف إليه اختصارًا. وكان في الأَصل هكذا. ادخلوا فرعونَ وآلَه أشدَّ العذاب، فلفَّهما في لفظ واحدٍ وقال: «آل فرعون»، فافهم. قوله: «غدوًا وعشيًا» وهذا في القبر. 87 - باب التَّعَوُّذِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ 1375 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِى عَوْنُ بْنُ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ - رضى الله عنهم - قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ وَجَبَتِ الشَّمْسُ، فَسَمِعَ صَوْتًا فَقَالَ «يَهُودُ تُعَذَّبُ فِى قُبُورِهَا». وَقَالَ النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَوْنٌ سَمِعْتُ أَبِى سَمِعْتُ الْبَرَاءَ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 3454 1376 - حَدَّثَنَا مُعَلًّى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَتْنِى ابْنَةُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. طرفه 6364 - تحفة 15780 1377 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُو «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ». تحفة 15427 قوله: (ومن فِتْنةِ المَسِيحِ الدَّجَّال) وفي «البدور السافرةِ» مرفوعًا أَنَّ مَنْ كان دَخَل في قَتْل عثمانَ فإِنَّه يؤمنُ بالدجال في قبره. ولو صحَّ عند المحدِثين لدلَّ على أنَّ أَثرَ فتنةِ الدجال يَبْلغ إلى القبور أيضًا. وحينئذٍ تَظْهَرُ للتعوُّذِ منه نكتةٌ أخرى. ثُمَّ إنَّ هذا الابتلأَ إنما يكونُ من آثارِ معاصيه التي اقترفها في الدنيا. 88 - باب عَذَابِ الْقَبْرِ مِنَ الْغِيبَةِ وَالْبَوْلِ 1378 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ مِنْ كَبِيرٍ - ثُمَّ قَالَ - بَلَى أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَسْعَى بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ». قَالَ ثُمَّ أَخَذَ عُودًا رَطْبًا فَكَسَرَهُ بِاثْنَتَيْنِ ثُمَّ غَرَزَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَبْرٍ، ثُمَّ قَالَ «لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا». أطرافه 216، 218، 1361، 6052، 6055 - تحفة 5747 89 - باب الْمَيِّتِ يُعْرَضُ عَلَيْهِ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِىِّ 1379 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ

90 - باب كلام الميت على الجنازة

وَالْعَشِىِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيُقَالُ هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفاه 3240، 6515 - تحفة 8361 90 - باب كَلاَمِ الْمَيِّتِ عَلَى الْجَنَازَةِ 1380 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا وُضِعَتِ الْجَنَازَةُ فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ قَدِّمُونِى قَدِّمُونِى. وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ يَا وَيْلَهَا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا. يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَىْءٍ إِلاَّ الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَهَا الإِنْسَانُ لَصَعِقَ». طرفاه 1314، 1316 - تحفة 4287 - 125/ 2 أي التابوتِ. 91 - باب مَا قِيلَ فِى أَوْلاَدِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ كَانَ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ، أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ». 1381 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنَ النَّاسِ مُسْلِمٌ يَمُوتُ لَهُ ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ». طرفه 1248 - تحفة 1005 1382 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا تُوُفِّىَ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِى الْجَنَّةِ». طرفاه 3255، 6195 - تحفة 1796 وانعقد الإِجماع على نجاةِ أولادِ المسلمين. وقال مولانا النانو توي رحمه الله تعالى: أن مُقتعضَى الأدلةِ التوقُّفُ فيهم أيضًا. أَمَّا أولادُ المشركين فتوقَّف فيهم أبو حنيفةَ رحمه الله تعالى. وصرَّح النَّسفيُّ في «الكافي»: أن المرادَ منه نجاةُ بَعْضِهم وهلاكُ بَعْضِهم لا عدمُ العِلْم. وهو مذهبُ مالِك كما صرَّح به أبو عمرو في «التمهيد». وهو مذهب الشافعي رحمه الله تعالى كما صرح به الحافظ. وعن أَحمد رحمه الله تعالى فيه روايتان: إحداهما بالتوقف على وَفْق الآخرين، والأُخرى بالنجاةِ. واختار الثانيةَ ابنُ القيِّم رحمه الله تعالى في «شفاء العليل». وسيجيء تفصيلُ المذاهب في الباب التالي. 92 - باب مَا قِيلَ فِى أَوْلاَدِ الْمُشْرِكِينَ 1383 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ

جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَوْلاَدِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ «اللَّهُ إِذْ خَلَقَهُمْ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ». طرفه 6597 - تحفة 5449 1384 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَرَارِىِّ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ». طرفاه 6598، 6600 - تحفة 14212 1385 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَثَلِ الْبَهِيمَةِ تُنْتَجُ الْبَهِيمَةَ، هَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ». أطرافه 1358، 1359، 4775، 6599 - تحفة 15258 واعلم أنهم اختلفوا في أولاد المشركين: فَنُقِل عن أبي حنيفة رحمه الله التوقَّفُ. وصَرَّح النسفيُّ في «الكافي»: أن المرادَ بالتوقف في الحُكْم الكلي، فبعضُهم ناجٍ وبعضُهم هالكٌ، لا بمعنَى عدمِ العِلْم أو عدم الحُكْمِ بشيءٍ. وهو مذهب مالك، صرَّح به أبو عمرو في «التمهيد». وإليه ذهب الشافعي كما صرَّح به الحافظ. وعن أَحمد روايتان. واختار الحافظ ابنُ القيِّم النجاةَ كما في «شفاء العليل»، وهو الذي نَسَبه إلى ابن تيميةَ. ولكنَّ المنقولَ عنه عندنا هو التوقُّفْ كما في «فتاواه». فلا أدري أتعددت الرواياتُ عنه، أو وقع منه في النَّقْل سَهْوٌ؟ وذَهَب الحمَّادانِ، والسُّفّيانانِ، وعبدُ اللَّهِ بن المُبارك، والأَوْزَاعيُّ، إسحاق بن رَاهُويه كلّهُم إلى التوقُّف. ثم جاء الأشعريُّ واختار النجاةَ. ثُم جاء الشافعية واختاروا قول الأشعريِّ وشهروه، ونوَّهُوا بِذِكْره، حتى إِنَّ النوويَّ لم يَنْقل فيه مذهبَ الشافعيِّ وتَرَك ذِكْره رأسًا، واختار النجاةَ تَبَعًا للأَشعريِّ. وإليه ذهب الحافظ وعزاه إلى البخاريِّ رحمهما الله تعالى أيضًا. والذي عندي أنه وَافق المتوقِّفين كما يُعلم من كتاب القَدَر. وعند ابنِ كثير في سورة «بني إسرائيل»: أَنَّ مذهبَ الأشعريِّ أيضًا هو التوقُّفُ. وإذن لا أَدري كيف نُقِل عنه قولُ النجاة. ولا أَقَلَّ مِن أنه تعارُضُ النَّقْل عنه. هذا في ذَرَارِي المُشْرِكين. أما ذَرَاري المسلمِين فَمُقْتَضَى الدليلِ أَن يُتوقَّفَ فيهم أيضًا إلا أن الإِجماع قد قام بنجاتِهم. وحسنئذٍ معنى قوله: «الله أَعلمُ بما كانوا عاملين» في حَقِّهم أنه قد شاءَ عَمَلَ الخيرِ منهم وسبق ذلك منهم. فهو إبهامٌ في اللَّفْظ مع التَّعْيين في الخارج. 1384 - قوله: (اللَّهُ أَعْلَمُ بما كانوا عَامِلين). قلت وهذا نَصٌّ في الباب الذي لا مَهْرب عنه ولا مَعْدِلَ. فإِنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم سُئِلَ عنهم، ثُم أجابهم بالتوقُّف فيهم. فالمسئلة هي التوقُّف، وما يُخالِفُه من المُبهَمات ينبغي تأويلُه قطعًا. وأَوَّله مَنِ اختار النجاةَ بتأويلٍ رَكِيكٍ لا يُعبأ به، فقال: إنَّ الحديثَ أَحالهم على العمل، وإذ لم يوجدُ منهم عملُ الشَّرِّ فينجون لا محالةَ. قلت: كلا، بل الحديثُ أحالَ على العِلْم بالعمل دونَ العَمَلِ نَفْسِه. فهذا الحديثُ يقطع عِرْقَ العمل. فإِنْ قلت: إِنَّ المُمهّدَ في الشَّرْع أنَّ الهلاكَ والنجاةَ يدوران على العمل. قلت: فَمَنْ قال

93 - باب

لك هذا؟ بل كما أنَّ النجَاةَ بالعملِ ضابِطةٌ في العاملين، كذلك النجاةَ أو الهلاكَ بالاستعدادِ ضابِطةٌ أُخْرى. وهذا فِيمَن لم يُدْرِكوا زَمَنَ العملِ. وأيُّ بُعْدٍ في تَرتُّب الثمرةِ على الاستعداد، فَمَن يكون فيه استعدادُ الخيرِ ينجو، ومَنْ يكون فيه استعدادُ خلافِه يَهْلِك، فالفَضْلُ كما يكونُ بالعمل كذلك يكونُ بما سَبَق في علم الله. وكذلك ينبغي أن يكونَ، فإِن العمل إنما يكون مِمَّن أدركوا زمانَه. وأما مَنْ لم يدرِكوا زمانَه فليس فيهم إِلا الاستعدادُ، وما علمه الله منهم فعليه الفَصْلُ فافهم، ولا تعجل فإِنَّ على أَثَرِ عَجَلةٍ كَبْوةً. على أنَّه ذكر في «الفتح» امتحانُ أهلِ الفَتْرة والمجانين، فيقال لهم: أن ألقوا أَنْفُسَكم في النار، فمن يَفْعل ينجُوا، ومنْ يأَتي يَهْلِك. فكذلك يمكنُ أن يكونَ للصبيان أيضًا عملٌ في المَحْشَر يُناط به هلاكُهُم ونجاتُهم، والله أعلم. 93 - باب 1386 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا صَلَّى صَلاَةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ «مَنْ رَأَى مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا». قَالَ فَإِنْ رَأَى أَحَدٌ قَصَّهَا، فَيَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَسَأَلَنَا يَوْمًا، فَقَالَ «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا». قُلْنَا لاَ. قَالَ «لَكِنِّى رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِى فَأَخَذَا بِيَدِى، فَأَخْرَجَانِى إِلَى الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ بِيَدِهِ كَلُّوبٌ مِنْ حَدِيدٍ - قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مُوسَى إِنَّهُ - يُدْخِلُ ذَلِكَ الْكَلُّوبَ فِى شِدْقِهِ، حَتَّى يَبْلُغَ قَفَاهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِدْقِهِ الآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَيَلْتَئِمُ شِدْقُهُ هَذَا، فَيَعُودُ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ. قُلْتُ مَا هَذَا قَالاَ انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ عَلَى قَفَاهُ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ بِفِهْرٍ أَوْ صَخْرَةٍ، فَيَشْدَخُ بِهِ رَأْسَهُ، فَإِذَا ضَرَبَهُ تَدَهْدَهَ الْحَجَرُ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ، فَلاَ يَرْجِعُ إِلَى هَذَا حَتَّى يَلْتَئِمَ رَأْسُهُ، وَعَادَ رَأْسُهُ كَمَا هُوَ، فَعَادَ إِلَيْهِ فَضَرَبَهُ، قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالاَ انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا إِلَى ثَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ، أَعْلاَهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ، يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا، فَإِذَا اقْتَرَبَ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجُوا، فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا، وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ. فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالاَ انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ، فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِى فِى النَّهَرِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِى فِيهِ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِى فِيهِ بِحَجَرٍ، فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ. فَقُلْتُ مَا هَذَا قَالاَ انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ، فِيهَا شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ، وَفِى أَصْلِهَا شَيْخٌ وَصِبْيَانٌ، وَإِذَا رَجُلٌ قَرِيبٌ مِنَ الشَّجَرَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ نَارٌ يُوقِدُهَا، فَصَعِدَا بِى فِى الشَّجَرَةِ، وَأَدْخَلاَنِى دَارًا لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا، فِيهَا رِجَالٌ شُيُوخٌ وَشَبَابٌ، وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ، ثُمَّ أَخْرَجَانِى مِنْهَا فَصَعِدَا بِى الشَّجَرَةَ فَأَدْخَلاَنِى دَارًا هِىَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ، فِيهَا شُيُوخٌ وَشَبَابٌ. قُلْتُ طَوَّفْتُمَانِى اللَّيْلَةَ، فَأَخْبِرَانِى عَمَّا

فائدة

رَأَيْتُ. قَالاَ نَعَمْ، أَمَّا الَّذِى رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يُحَدِّثُ بِالْكَذْبَةِ، فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ، فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالَّذِى رَأَيْتَهُ يُشْدَخُ رَأْسُهُ فَرَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ، فَنَامَ عَنْهُ بِاللَّيْلِ، وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ بِالنَّهَارِ، يُفْعَلُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَالَّذِى رَأَيْتَهُ فِى الثَّقْبِ فَهُمُ الزُّنَاةُ. وَالَّذِى رَأَيْتَهُ فِى النَّهَرِ آكِلُو الرِّبَا. وَالشَّيْخُ فِى أَصْلِ الشَّجَرَةِ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهُ فَأَوْلاَدُ النَّاسِ، وَالَّذِى يُوقِدُ النَّارَ مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ. وَالدَّارُ الأُولَى الَّتِى دَخَلْتَ دَارُ عَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ، وَأَنَا جِبْرِيلُ، وَهَذَا مِيكَائِيلُ، فَارْفَعْ رَأْسَكَ، فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَإِذَا فَوْقِى مِثْلُ السَّحَابِ. قَالاَ ذَاكَ مَنْزِلُكَ. قُلْتُ دَعَانِى أَدْخُلْ مَنْزِلِى. قَالاَ إِنَّهُ بَقِىَ لَكَ عُمْرٌ لَمْ تَسْتَكْمِلْهُ، فَلَوِ اسْتَكْمَلْتَ أَتَيْتَ مَنْزِلَكَ». أطرافه 845، 1143، 2085، 2791، 3236، 3354، 4674، 6096، 7047 تحفة 4630 - 127/ 2 أحال الفَصْل إلى الناظرين ولم يترجم بشيءٍ، وذَكَر مادته فقط. 1386 - قوله: (والصِّبْيانُ حَوْلَه فأولادُ النَّاس) ومِن هنا فَهِم الحافظُ أَنَّ البخاريَّ رحمه الله تعالى اختارَ النجاة، لأَنَّ أولادَ الناس الذين حَوْلَه لا يكونون إِلا مَنْ هو ناج. أقول: وفي لفظٍ آخَر من هذه الرواية: أنَّ هؤلاء الصبيانَ كانوا بعضَهم لا كُلَّهم. فلم تثبتِ النجاةُ مطلقًا، ولا كلام في نجاةِ البعض، وإنَّما الكلامُ في نجاة الكَلِّ. وذا يْثبُتُ لو ثَبَت كونُ مَنْ حوله كلَّهم، ولم يثبت. 1386 - قوله: (ويَلْتَئِم شِدْقُهُ) وهكذا يَصْنع به إلى القيامة. وهو معنى قوله: «خالدًا مخلدًا» على ما مر معنا تحقِيقه ولم يدركِ الناسُّ مرادَه فاضطروا إلى إِعلالٍ وتأويلٍ. فائدة: واعلم أَنَّ أَقْربَ نظيرٍ لِعذابِ القَبْر عندي ما يحُسُّه المرء في رؤياه. والعذاب اسمٌ لنَوْعٍ مِن الإِدراك والإِحساس، ولا يكون إِلا حِسِّيًا في العالم الّذي يكون فيه. فإِنَّ ما يراه صاحبُ الرؤيا فهو حسيٌّ في حقه وإن لم يكن في حقِّنا. كذلك العذابُ أيضًا حسيٌّ في حقِّ مَنْ يعذِّب وإنْ لم يكن في حَقِّ مَنْ هو ليس في عالِمه. لا أريد به أن العذابَ خياليٌّ فقط، فإِنَّه زندقةٌ وإِلحاد، ونعوذُ بالله العظيم من الزَّيْغ وسوءِ الفَهْم. 1386 - قوله: (شَيْخٌ وصِبْيانٌ). قلت: ولا دليلَ فيه على الاستغراقِ مع التصريح بلفظ: «أَكَثْرَ الصِّبْيان» في هذه الرواية بعينها. وهل أَدْرَكْت مرادَه؟ فأسمع: إنّ معناه أَني رأيتُ عنده من الصِّبيان ما لم أَرَ مِثْلَهم في موضِعٍ من تَطْوافي هذا. وقد فَهِمه الطِّيبيُّ ولم يُدْرِكه الحافظ رحمه الله تعالى، وإنَّما كان هؤلاء عندَه لكونهم على الفِطْرَةِ. ولإِبراهيمَ عليه الصلاة والسلام مزيدُ اختصاصٍ بها، حتى يقال للحنفية دينُ الفِطْرة، أَلا ترى أنه كيف أجاب أباه «آزَرَ» مِن فطرتِه مع كونِه صبيًا إذ ذاك. فلما ظهرَ له مزيدُ اختصاص بالفِطْرة ناسبَ أن يكونَ مَنْ ماتوا على الفطرةِ عنده.

94 - باب موت يوم الاثنين

94 - باب مَوْتِ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ 1387 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلْتُ عَلَى أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَقَالَ فِى كَمْ كَفَّنْتُمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ فِى ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ. وَقَالَ لَهَا فِى أَىِّ يَوْمٍ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ. قَالَ فَأَىُّ يَوْمٍ هَذَا قَالَتْ يَوْمُ الاِثْنَيْنِ. قَالَ أَرْجُو فِيمَا بَيْنِى وَبَيْنَ اللَّيْلِ. فَنَظَرَ إِلَى ثَوْبٍ عَلَيْهِ كَانَ يُمَرَّضُ فِيهِ، بِهِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ فَقَالَ اغْسِلُوا ثَوْبِى هَذَا، وَزِيدُوا عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ فَكَفِّنُونِى فِيهَا. قُلْتُ إِنَّ هَذَا خَلَقٌ. قَالَ إِنَّ الْحَىَّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ، إِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ. فَلَمْ يُتَوَفَّ حَتَّى أَمْسَى مِنْ لَيْلَةِ الثُّلاَثَاءِ وَدُفِنَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ. أطرافه 1264، 1271، 1272، 1273 - تحفة 17289 قال السيوطي رحمه الله تعالى: إنه أفضلُ الأيام للموت، لأَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم تُوُفِّي فيه وإن كان أفضلُ الأيام مطلقًا هو الجمعةَ. 95 - باب مَوْتِ الْفَجْأَةِ؛ الْبَغْتَةِ 1388 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها -. أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ أُمِّى افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا قَالَ «نَعَمْ». طرفه 2760 - تحفة 17193 واعلم أن موتَ الفَجْأةِ مما وَقَع منه الاستعاذةُ في الأحاديث، ومع ذلك هو موتُ الشهادةِ. فهو مما يليقُ منه الاستعاذةُ من جهة أنَّ المرءَ لا يَقْدِر فيه على الوصية وغيرها مما لا بُدَّ له منه. وإذا أصيبَ بها بسببٍ سماويَ فإِنَّه موجب للشهادة كرامةً من اللَّهِ. ولا يحسبنَّ رجلٌ أَنَّ كل ما يوجِبُ الشهادةَ يكونُ مطلوبًا لا محالةَ. فإِنَّ ما لا يكونُ مطلوبًا قد يوجِب الشهادةَ كموت الفجأة (¬1). ¬

_ (¬1) قلت: وذلك لأنَّ مِن حُسْن فَهْم المرءِ أن لا يسألَ التعرضَ للبلايا، فإِنه حَمَقٌ، ومَنْ يستطيع أن يصبرَ عليها، فإِنْ يصاب بها على ضَعْفِه، عليه أن يرضى بقضاءِ ربِّه ليُجَازى بالشهادةِ أو نحوها وذلك تَفَضُّلٌ منه تعالى. فعلى الإنسان أن يسألَ الفَضْلَ دون البلايا، ولذا وَرَد في الحديث أن: "لا تسألوا اللهَ الصَّبر، فإِنه سؤالٌ بالبلايا، ولكن اسألوا اللهَ العافيةَ". وبالجملة الشهادةُ مقصودةٌ، والموت وسيلةٌ. والسؤال إنما يليقُ بالمقاصِد دون الوسائل، فإِنَّها لا تَنْحَصِر في سببٍ معيَّن، فالمناسِبُ لحالِ ضَعْف البشر لا يُعرِّضَ نفسَه للشدائد، ويسألَ اللهَ العفو والعافية. ونظيره ما أخرجه الترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا: "من قَدَّم ثلاثةً لم يبلغوا الحِنْث كانوا له حِصْنًا حصينًا" ... إلخ. فهل يتمنى بموت أولادِهِ إِحرازًا لهذا الفضل أَحدٌ إِلَّا مصابٌ أو مجنون. فموتُ الأولاد موجِبٌ للآجر البتة، موتُ الفَجأة، ولكنه ليس يُتَمَنَّى به، وبالجملة تلك مصائبُ لذاتِها وإنما يترتب عليها الأجْر بعد الصبر. فهي حسن لغيرِه لا لنفسه، فينبغي أن يتعوذ منها قبل الابتلاء بها، ويسألَ =

96 - باب ما جاء فى قبر النبى - صلى الله عليه وسلم - وأبى بكر وعمر - رضى الله عنهما

96 - باب مَا جَاءَ فِى قَبْرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ - رضى الله عنهما {فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21] أَقْبَرْتُ الرَّجُلَ إِذَا جَعَلْتَ لَهُ قَبْرًا، وَقَبَرْتُهُ: دَفَنْتُهُ. {كِفَاتًا} [المرسلات: 25]: يَكُونُونَ فِيهَا أَحْيَاءً، وَيُدْفَنُونَ فِيهَا أَمْوَاتًا. 1389 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ هِشَامٍ وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ يَحْيَى بْنُ أَبِى زَكَرِيَّاءَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيَتَعَذَّرُ فِى مَرَضِهِ «أَيْنَ أَنَا الْيَوْمَ أَيْنَ أَنَا غَدًا» اسْتِبْطَاءً لِيَوْمِ عَائِشَةَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمِى قَبَضَهُ اللَّهُ بَيْنَ سَحْرِى وَنَحْرِى، وَدُفِنَ فِى بَيْتِى. أطرافه 890، 3100، 3774، 4438، 4446، 4449، 4450، 4451، 5217، 6510 - تحفة 16946، 17301 1390 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ هِلاَلٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَرَضِهِ الَّذِى لَمْ يَقُمْ مِنْهُ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». لَوْلاَ ذَلِكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ خَشِىَ أَوْ خُشِىَ أَنَّ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا. وَعَنْ هِلاَلٍ قَالَ كَنَّانِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَلَمْ يُولَدْ لِى. أطرافه 435، 1330، 3453، 4441، 4443، 5815 - تحفة 17346، 19042 أ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مُسَنَّمًا. تحفة 18761 حَدَّثَنَا فَرْوَةُ حَدَّثَنَا عَلِىٌّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ لَمَّا سَقَطَ عَلَيْهِمُ الْحَائِطُ فِى زَمَانِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَخَذُوا فِى بِنَائِهِ، فَبَدَتْ لَهُمْ قَدَمٌ فَفَزِعُوا، وَظَنُّوا أَنَّهَا قَدَمُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَا وَجَدُوا أَحَدًا يَعْلَمُ ذَلِكَ حَتَّى قَالَ لَهُمْ عُرْوَةُ لاَ وَاللَّهِ مَا هِىَ قَدَمُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا هِىَ إِلاَّ قَدَمُ عُمَرَ - رضى الله عنه -. تحفة 19023 1391 - وَعَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا أَوْصَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ - رضى الله عنهما - لاَ تَدْفِنِّى مَعَهُمْ وَادْفِنِّى مَعَ صَوَاحِبِى بِالْبَقِيعِ، لاَ أُزَكَّى بِهِ أَبَدًا. طرفه 7327 - تحفة 19023، 17110 1392 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِىِّ قَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - قَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، اذْهَبْ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقُلْ يَقْرَأُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَيْكِ السَّلاَمَ، ثُمَّ سَلْهَا أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَىَّ. قَالَتْ كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِى، فَلأُوثِرَنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِى. فَلَمَّا أَقْبَلَ قَالَ لَهُ مَا لَدَيْكَ قَالَ أَذِنَتْ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ مَا ¬

_ = الصبرَ بعده على سنة المصائب. والسؤال بالعافية هو الذي يليق بِضعف بُنيَةِ البَشَر. نَبَّه عليه الشاه عبدُ القادر قدس سره في فوائده، فراجعه عند قوله تعالى في سورة يوسف: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} [يوسف: 33] فإِنَّه لطيفٌ جدًا.

97 - باب ما ينهى من سب الأموات

كَانَ شَىْءٌ أَهَمَّ إِلَىَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَضْجَعِ، فَإِذَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِى ثُمَّ سَلِّمُوا ثُمَّ قُلْ يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَإِنْ أَذِنَتْ لِى فَادْفِنُونِى، وَإِلاَّ فَرُدُّونِى إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، إِنِّى لاَ أَعْلَمُ أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ هَؤُلاَءِ النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، فَمَنِ اسْتَخْلَفُوا بَعْدِى فَهُوَ الْخَلِيفَةُ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا. فَسَمَّى عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَسَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ، وَوَلَجَ عَلَيْهِ شَابٌّ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللَّهِ، كَانَ لَكَ مِنَ الْقَدَمِ فِى الإِسْلاَمِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتَ فَعَدَلْتَ، ثُمَّ الشَّهَادَةُ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ. فَقَالَ لَيْتَنِى يَا ابْنَ أَخِى وَذَلِكَ كَفَافًا لاَ عَلَىَّ وَلاَ لِى أُوصِى الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِى بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ خَيْرًا، أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَأَنْ يَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالأَنْصَارِ خَيْرًا الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ أَنْ يُقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيُعْفَى عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَأَنْ لاَ يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ. أطرافه 3052، 3162، 3700، 4888، 7207 - تحفة 10618 - 129/ 2 وهو مسلم كما هو مذهبُ الحنفية. 1391 - قوله: (لا تَدْفِنِّي) لأَنَّه قُدِّرَ أن يُدْفَنَ فيه عليه الصلاة والسلام. 1392 - قوله: (فإذا قُبِضْتُ فاحْمِلُوني) - وذلك لأنه يمكنُ أن تكونَ أجازتُها في حياته رعايةً له، ولا تكون عن صميم قلبٍ، فإِذا مات لم يَبْق هذا الاحتمالُ، فأمر أن يستأذنوا مرةً أُخرى. قوله: (تبوءوا الدَّارَ والإِيمان) يعني إيمانَ بين هكاناليا، أي صار مكانُهم ومستقرُّهم الإِيمانَ. هذا هو المرادُ، لا استعارةَ فيه كما زعموا. 97 - باب مَا يُنْهَى مِنْ سَبِّ الأَمْوَاتِ (¬1) 1393 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا». وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ عَنِ الأَعْمَشِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ الأَعْمَشِ. تَابَعَهُ عَلِىُّ بْنُ ¬

_ (¬1) قلت: وقد يَخْطُر بالبالِ أن النهي عن سَبِّ الأموات من باب تهذيب الأخلاق. وقد كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بُعث ليُتَمِّم مكارم الأخلاق وليس السبُّ بعد الموتِ من الأخلاق الحسنة في شيء. وإِذَن يشتركُ فيه المؤمنُ والكافرُ فإِنَّ الرَّجُلَ إِذا أَفْضَى إلى ما قَدَّم ولم تَبْقَ له معاملةٌ معنا فحينئذ لا يناسِب لنا أن نقعَ فيه، وحينئذٍ لا يكون في ذِكر مساوئهم بأسٌ إذا دعت إليه حاجةٌ. فالتعميم فيه ليس مقصودًا ليُشْكِل التخصيصُ، وإنما هو من الأمورِ التي لا يُقْصَد تعميمُها في ذِهن المتكلِّمِ من بدء الأمْر، والله تعالى أعلم بالصواب.

98 - باب ذكر شرار الموتى

الْجَعْدِ وَابْنُ عَرْعَرَةَ وَابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ. طرفه 6516 - تحفة 17576 لا بأسَ بِسَبِّها إِنْ كان مِن أَشْقَى الخَلْق، كأَبي لَهَب. ولذا بَوَّب بعده: باب شِرَار الموتى. والله تعالى أعلم بالصواب. 98 - باب ذِكْرِ شِرَارِ الْمَوْتَى 1394 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ أَبُو لَهَبٍ - عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ - لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ. فَنَزَلَتْ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)} أطرافه 3525، 3526، 4770، 4801، 4971، 4972، 4973 - تحفة 5594 ***

24 - كتاب الزكاة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 24 - كِتَابُ الزَّكَاة 1 - باب وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43]. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما -: حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ - رضى الله عنه - فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالْعَفَافِ. تحفة 4850 1395 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِىٍّ عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ مُعَاذًا - رضى الله عنه - إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ «ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِى كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِى أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ». أطرافه 1458، 1496، 2448، 4347، 7371، 7372 - تحفة 6511 - 130/ 2 1396 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ ابْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ رضى الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبِرْنِى بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِى الْجَنَّةَ. قَالَ مَا لَهُ مَا لَهُ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَرَبٌ مَالَهُ، تَعْبُدُ اللَّهَ، وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِى الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ». وَقَالَ بَهْزٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ وَأَبُوهُ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمَا سَمِعَا مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ بِهَذَا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَخْشَى أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ غَيْرَ مَحْفُوظٍ إِنَّمَا هُوَ عَمْرٌو. تحفة 3491 طرفاه 5982، 5983 - تحفة 3491 1395 - قوله: (ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله) واختلف في أنَّ الكفار مخاطبون بالفروع، أم لا، مع الاتفاق على أن ثمرته لا تظهر إلا في الآخرة، فلا قضاء عليهم للصلوات والصيام الماضية عند المثبتين أيضًا، وتمسك النافون بهذا الحديث، فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أمر معاذًا أن يدْعُوهم إلى الفروع، بعد أداء الشهادة والإِيمان. وليس بصحيحٍ، فإنَّ ترتيبَ التعليم عند الفريقين كذلك، فيكون تعليمُ الإِيمانِ أولا، ثم الأعمال ثانيًا. وقد مرّ أن المختار عندي أنهم مخاطبون بالفروع، اعتقادًا وأداءً، وتظهر ثمرته في الآخرة.

قوله: (تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم)، تمسَّك به ابن الهُمَام على أن الفقراءَ مصارفُ الزكاة، لا مستحقوها، ولذا لم يُفصِّل بين صِنفٍ وصنف. وراجع «شرح الوقاية». وهو وإن كان أصوليًا، لكنه ليس كابن الهُمَام، فإنه أحذقُ منه، لكنَّ كلامَه هنا صواب، فراجعه. الصواب: أنها فُرضت بمكة، إلا أن نَصْبَ النُّصُب والمقادير كان بالمدينة، ونحوها صدقة الفطر، والجمعة، فكلها فُرِضتْ بمكة. ثم فُصِّلت بالمدينة، لا كما في «الدر المختار»: أنها فُرضت بعد الهجرة بالمدينة. قوله: (قال ابن عباس). وكان المصنفُ أخرَجَه نحوه في أوائل الصلاة أيضًا. وغرضُه أن الصلاة والزكاة كانتا في جميع الأديان السماوية، نعم اختلفت طُرُقها وتفاصيلها. 1397 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ دُلَّنِى عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ. قَالَ «تَعْبُدُ اللَّهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدِّى الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ». قَالَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ أَزِيدُ عَلَى هَذَا. فَلَمَّا وَلَّى قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا». تحفة 14930 - 131/ 2 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى حَيَّانَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو زُرْعَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا. 1397 - قوله: (لا أزيد على هذا)، وفي بعض الألفاظ: «لا أتطوع»، كما أخرجه المصنفُ في الصوم، وفي «المستدرك»: «هل قبلهنَّ شيء أو بعدهنّ»؟، قال: «افترض الله صلاة خمسًا» - بالمعنى، وقد مرّ محملُه عندي، أنه محمولٌ على خصوصيته. 1398 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا الْحَىَّ مِنْ رَبِيعَةَ قَدْ حَالَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، وَلَسْنَا نَخْلُصُ إِلَيْكَ إِلاَّ فِى الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَمُرْنَا بِشَىْءٍ نَأْخُذُهُ عَنْكَ، وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا. قَالَ «آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ الإِيمَانِ بِاللَّهِ وَشَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ - وَعَقَدَ بِيَدِهِ هَكَذَا - وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ». وَقَالَ سُلَيْمَانُ وَأَبُو النُّعْمَانِ عَنْ حَمَّادٍ «الإِيمَانِ بِاللَّهِ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ». أطرافه 53، 87، 523، 3095، 3510، 4368، 4369، 6176، 7266، 7556 تحفة 6524 1398 - قوله: (شهادة أن لا إله إلا الله) وعقد بيده، والعقدُ دلَّ على أن ذكرَ الشهادة ليس للاستئناف، بل معدودٌ من الأربعِ الموعودة. وقد مرّ تفصيله في كتاب الإِيمان. 1399 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ

الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ فَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّى مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ». أطرافه 1457، 6924، 7284 - تحفة 10666، 14118 1400 - فَقَالَ وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِى عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا. قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ. أطرافه 1456، 6925، 7285 - تحفة 6623 1399 - قوله: (كفر من كفر) ... إلخ، نقل النَّووي عن الخَطَّابي (¬1) أن الارتدادَ قد كان ¬

_ (¬1) واعلم أني كنت أردت أن أعلِّق تلك الحاشية فيما مر، وقد كانت مهمةً لأن الخَطَّابي وبعضًا آخرين قد ذكروا: أن الارتداد بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - قد كان عم بلاد العرب كلها، وكان في ذلك مضرةً للدين لا تخفى. وكان الشيخ رحمه الله تعالى نبَّهنا على ذلك أيضًا، غير أني لم أنتهز فرصةً لمراجعة الكتب، فلم يتفق لي تعليقها على محلها، فخطر ببالي الآن أن أضعها في بدء الزكاة، فأنا آتيك أولًا بما ذكره الخَطَّابي في "معالم السنن"، ثم نذكر لك ما حققه ابن حزم في "الملل والنحل"، ليتبينَ لك الغلطُ من الصواب، وينفصل القِشرُ من اللباب. قال الخَطَّابي: ومما يجب تقديمه في هذا أن يعلم أن أهلَ الرِّدة كانوا صِنفين: صِنفٌ منهم ارتدوا عن الدين، ونابذوا الملة، وعادوا إلى الكفر، وهم الذين عناهم أبو هريرة بقوله: "وكفر من كفر من العرب" وهذه الفرقة طائفتان: إحداهما: أصحاب مُسيلمة، من بني حَنِيفة، وغيرهم الذين صدَّقوه على دعواه في النبوة، وأصحابُ الأسود العَنسي، ومن كان من مستجيبيه من أهل اليمن وغيرهم، وهذه الفرقة بأسرها منكرة لنبوةِ محمد - صلى الله عليه وسلم -، مدعيةٌ النبوةَ لغيره. فقاتلهم أبو بكر رضي الله عنه حتى قتل الله مُسيلمة باليمامة، والعنسي بصنعاء، وانقضت جموعُهم، وهلك أكثرهم. والطائفة الأخرى: ارتدوا عن الدين، وأنكروا الشرائع، وتركوا الصلاة والزكاة وغيرهما من جماع أمر الدين، وعادوا إلى ما كانوا عليه في الجاهلية، فلم يكن يُسجَدُ لله سبحانه على بسيط الأرض إلا في ثلاثة مساجد: مسجد مكة، ومسجد المدينة، ومسجد عبد القيس بالبحرين، في قرية يقال لها: جواثًا، ففي ذلك يقول الأعور الثريني، يفتخر بذلك: والمسجدُ الثالثُ الشرقي كان لنا ... والمنبرانِ، وفصلُ القول في الخُطُب أيامٌ لا منبر في الناس نعرفُه ... إلا بطيبةَ والمحجوم ذي الحُجُب وكان هؤلاء المتمسكون بدينهم من الأزد محصورين -بجُواثا- إلى أن فتح الله على المسلمين اليمامة. فقال بعضهم، وهو رجل من بني بكر بن كلاب، يستنجدُ أبا بكر رضي الله عنه: ألا أبلغ أبا بكر رسولا ... وفتيان المدينة أجمعينا فهل لكمُ إلى قوم كرام، ... قعود في -جواثا- محصرينا كأن دماءهم في كل فج، ... وماء البدن، يغشى الناظرينا توكلناعلى الرحمن، إنا ... وجدنا النصر للمتوكلينا =

عمَّ بلادَ العربِ كُلَّها. وهذا النقلُ فضلا عن كونه مضرًا، خلافُ الواقع. وقد مر مني عن ابن حَزْم: أنه لم يرتدَّ إلا شِرْذِمةٌ قليلةٌ منهم، نعم قالوا: لا نؤدي الزكاة إلى أبي بكرٍ رضي الله عنه، فقال بعضهم: إن أمر الدعاء كان مختصًا بالنبيِّ صلى الله عليه وسلّم كما في قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103]، وليس ذلك لأحدٍ بعدَه، ومن تكونُ صلاتُه سكنًا لهم بعدَه؟. والحاصل: أنهم أبَوْا أن يؤدوا زكاة أموالهم إليه، وأن يجعلوه أميرًا، بل قالوا: منا أمير، ¬

_ = والصِنف الآخر هم الذين فَرَّقوا بين الصلاة والزكاة، فأقروا بالصلاة وأنكروا فرضَ الزكاة، ووجوب أدائها إلى الإِمام، وهؤلاء على الحقيقة أهلُ بغي، وإنما لم يدعوا بهذا الاسم في ذلك الزمان، خصوصًا لدخولهم في غِمار أهل الرِّدة، فأُضيفَ الاسمُ في الجملةِ إلى الردة إلى آخره. قال الخطَّابي: وفي أمر هؤلاء عَرَضَ الخلافُ، ووقعت الشبهة لعمر رضي الله عنه، ثم ذكر من خلافهم ما كان، وهذا كما ترى. فالصواب أن الارتدادَ لا يظهرُ إلا في طوائف، كما حققه ابن حَزم في "الملل والنحل" وهذا الذي يعلقُ بالقلب، ثم إني قلَّبتُ الأوراقَ لهذا النقل، وحدَّقتُ الأحدَاقَ فلم أجده إلا بعد مكابدةٍ شديدةٍ فخذه راضيًا مرضيًا، وأشركني في الدعوات: قال أبو محمد علي بن حزم في -الكلام في بعض اعتراضات للنصارى- من الجزء الثاني، من كتابه "الملل والنحل" ص 66: ومن انقسام العرب، ومَنْ باليمن من غيرهم أربعةُ أقسام إثرَ موته عليه الصلاة والسلام: فطائفةٌ ثبتت على ما كانت عليه من الإِسلام، لم تبدل شيئًا، ولزمت طاعةَ أبي بكر رضي الله تعالى عنه، وهم الجمهور والأكثر. وطائفة بقيت على الإِسلام أيضًا، إلا أنهم قالوا: نقيم الصلاة، وشرائع الإِسلام، إلا أنَّا لا نؤدي الزكاة إلى أبي بكر رضي الله عنه، ولا نعطي طاعة لأحد بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان هؤلاء كثير، إلا أنهم دون من ثبت على الطاعة. وبين هذا قول الحُطَيئة العَبسي: أطعنا رسول الله إذ كان بيننا ... فيا لهفنا ما بال دين أبي بكر؟! أيورثها بكرًا -إذا مات- بعده؟ ... فتلك لعمر الله قاصمة الظهر، وأن التي طالبتم، فمنعتُم ... لكالتمر، أو أحلى لديَّ من التمر يعني الزكاة، ثم ذكر القبائل الثابتة على الطاعة، فقال: فبإِست بني سعد، وأستاه طيىء ... وبإِست بني رودان حاشا بني الحضر قال أبو محمد: لكن والله بأستَاهِ بني النَّضر، وبأستِ الحُطَيئة، حلت الدائرة، والحمد لله رب العالمين. وطائفة ثالثة أعلنت بالكفر والرِّدة، كأصحابُ طُليحة، وسجاح، وسائر من أرتد، وهم قليل بالإِضافة إلى مَن ذكرنا، إلا أن في كل قبيلة من المؤمنين مَنْ يقاومُ المرتدين، فقد كان باليمامة ثُمَامة بن أُثال الحنفي في طوائف من المسلمين، محاربين لمُسيلمة. وفي قوم الأسود أيضًا كذلك. وفي بني تميم، وبني أسد الجمهورُ من المسلمين. وطائفة رابعة توقفت، فلم تدخل في أحد من الطوائف المذكورة، وبقوا يتربصون لمن تكون الغَلَبة، كمالك بن نُوَيْرة وغيره، فأخرج إليهم أبو بكرٍ البُعوث، فقُتِلَ مُسيلمة، وقد كان فيروز، وذا ذوية الفارسيان الفاضلان رضي الله تعالى عنهما قتلا الأسود العَنسي، فلم يمض عام واحدٌ حتى راجع الجميعُ الإِسلام، أولهم عن آخرهم، وأسلمت سجاح، وطليحة، وغيرهم. وإنما كانت نزغةٌ من الشيطان كنار اشتعلت فأطفاها الله للوقت.

2 - باب البيعة على إيتاء الزكاة

ومنكم أمير، فيكون لكل قبيلة أمير، وتؤدي الزكاة إليه، وهذه بغاوة لا ارتداد. فالصواب أنه لم يرتدَّ منهم إلا بعضُ من لحق بمُسيلِمة، وإنما أجمل فيه الراوي، لأن محطَّ كلامِهِ، بيان ما جرى بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، لا بيان تفاصيلهم، فلفَّه في قوله: «كفر من كفر». ثم حاصل مناظرتهم على ما نصحَّحها القوم أن عمر رضي الله عنه حمل قوله صلى الله عليه وسلّم «حتى يقولوا لا إله إلا الله على العموم، فلا يجوزُ قتال من قال ذلك كائنًا من كان، وفهمَ أبو بكر رضي الله عنه أن الامتناعَ عن أداءِ الزكاة أيضًا يُحلُّ القتلَ، لقياس جامعٍ بين الامتناع عن الزكاة، والامتناعِ عن الشهادة. وملحظهما عندي أرفعُ من مصطلحات الفِقه، وقد مرّ منه شيء، والتفصيل في رسالتي «إكفار الملحدين في شيء من ضروريات الدين». ثم إن تأخُّرَ عمر رضي الله عنه لم يكن لعدم تنقيحِ مناط التكفير عنده، كيف وقوله: «من فرق بين الصلاة والزكَاة» يدل صراحةً على أن تركَ الصلاة كان من مُوجبات القَتْل عندهما بالاتفاق، فإن إكفارَ مَنْ أنكر ضروريات الدين من ضروريات الدين، وليس معنى قول عمر رضي الله عنه: «حتى يقولوا: لا إله إلا الله»: إن السيف يرفعُ عنهم بعد تلك الكلمة، وإن أنكروا شيئًا من ضروريات الدِّين، وهل يقوله إلا مصاب، فكيف بعمر رضي الله عنه! ولكنه كان لمَا أشرنا إليه من قبل، فتذكره: «لو منعوني عَنَاقًا» قيل: إنه لا يؤخذُ في باب الزكاة إلا الثَّنيّ، فما معنى قوله: «عناقًا»؟ فإنه اسم لما أتى عليه أربعة أشهر، نعم يضم عند تكميل النصاب، فقيل في جوابه: إن «لو» ههنا للفرض. وقيل: إن الكبار إذا ماتت قبل حَوَلان الحول، وبقيت الصغار، ففيها ثلاث روايات عن إمامنا: الأولى: سقوط الزكاة عنها، والثانية: الأخذ بواحد منها، وحينئذٍ صح أخذ العَنَاق أيضًا، والثالثة: أنه يجب عليه الثَّنِيّ، ويؤديه بعد الشراء. ثم في بعض الألفاظ: «لو منعوني عقَالا». بدل: «العَنَاق». فقيل: هو على المبالغة. وقيل: كان من عاداتهم أنهم إذا أَعطُوا السِّنَّ الواجب أعطوا معه حَبَلَه أيضًا. فإِعطاء العِقَال، وإن لم يذكر في الفقه، إلا أن عُرْفَهم كان كذلك. وقيل: العِقَال: اسم لزكاة السَّنَة. وقيل: يُطلق العِقَالُ على العُرُوض أيضًا، فهو مقابل للنقد: *أَتانا أبو الخَطَّابِ يضرِبُ طَبْلَه ... وَرُدّ ولم يأخذ عِقَالا ولا نَقْدًا 2 - باب الْبَيْعَةِ عَلَى إِيتَاءِ الزَّكَاةِ {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11]. 1401 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ قَالَ قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بَايَعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. أطرافه 57، 524، 2157، 2714، 2715، 7204 - تحفة 3226 - 132/ 2 3 - باب إِثْمِ مَانِعِ الزَّكَاةِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ

فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35)} [التوبة: 34 - 35]. واعلم أن الزكاة في الفقه: في السوائم، ومال التجارة، والنقديْن، فحسب. فاعتبروا النمو بنحويه: أعني حقيقة، أو تقديرًا. فالنقد هو النَّماء كله، بخلاف العُروض، فليس النماء فيه إلا بنية التجارة، وهو النماء الحكمي. ويُعلم من الأحاديث أنَّ في المال حقوقًا واجبةً أخرى، إلا أنها منتشرة، كما يدل عليه قوله: «ومن حقها أن تُحلبَ على الماء»، وبوّب عليه الطحاوي أيضًا. والعلماء بحثوا في وجوب حقِّ غير الزكاة، فأنكره الأكثرون، وهو عندي ثابت، إلا أنه غير متعيّن، فهو إما من ملحقات الزكاة، أو يجبُ عند الحوائج، ولو ادَّعيت أن إطلاقَ الزكاة إنما كان على مجموع ما عليهم من الزكاة، وتلك الحقوق، فلا بعد أيضًا. ثم إنهم ماذا يقولون في الآيات التي نزلت في الزكاة بمكة، مع اتفاقهم على أن الزكاة فرضت بالمدينة؟ وهل المخرَجُ عنها إلا بأنها كانت منتشرةً بمكة، وأُطلق عليه لفظ الزكاة، ثم ماذا يقولون في الآيات التي وردت في ذم البخل؟، وهل البخلُ يقتصرُ على عدم أداء الزكاة، فإن كانت الزكاة واجبة بمكة، وأُطلقتْ على الحقوق المنتشرةِ أيضًا، وكان البخلُ على عرْفهم لا على منعِ الزكاة فقط، ثبت أنَّ في المالِ لحقوقًا سوى الزكاة أيضًا، أي الزكاة المصطلحة، وأن الامتناع عن تلك الحقوق أيضًا بخل، وجالبٌ للوعيد، وحيئذٍ يَخرُجُ غير واحدٍ من الآيات عن التأويل، ولم تبق حاجةٌ إلى حملها وقصْرِها على منعِ الزكاة فقط (¬1). 1402 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَأْتِى الإِبِلُ عَلَى صَاحِبِهَا، عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، إِذَا هُوَ لَمْ يُعْطِ فِيهَا حَقَّهَا، تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا، وَتَأْتِى الْغَنَمُ عَلَى صَاحِبِهَا عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، إِذَا لَمْ يُعْطِ فِيهَا حَقَّهَا، تَطَؤُهُ بِأَظْلاَفِهَا، وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا». وَقَالَ «وَمِنْ حَقِّهَا أَنْ تُحْلَبَ عَلَى الْمَاءِ». قَالَ «وَلاَ يَأْتِى أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِشَاةٍ يَحْمِلُهَا عَلَى رَقَبَتِهِ لَهَا يُعَارٌ، فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ. فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُ. وَلاَ يَأْتِى بِبَعِيرٍ، يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ لَهُ رُغَاءٌ، فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ. فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُ». أطرافه 2378، 3073، 6958 - تحفة 13736، 13776 1402 قوله: (شاة يحملها على رقبته)، وهو السنة في السارق في بلدتنا، فإنه يُجاء به ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وهكذا فعلوا في لفظ الإِنفاق، فقصروه على الزكاة فقط، مع أنَّ اللفظ عامٌ لجميع سُبُلِ الخير، وليس مدح المؤمنين في قوله: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} على أداءِ الزكاة فقط. وهل كان فيهم من وجبتْ عليه الزكاة إلا قليل؟، بل على الإِنفاق في سُبُل الخير كلها. ويقابله الإِمساك، وهو المسمى بالبُخل، فالإِنفاق والإِمساك على طرفي نقيضٍ من الذمِ والمدح، لا اختصاص لهما بمنع الزكاة وأدائها.

4 - باب ما أدى زكاته فليس بكنز

يحملُ على رأسه مالُه الذي سرقَه. ويُحتملُ أنْ تكونَ تلك الشاةُ والإِبل مما لم تؤد زكاته، أو من الخيانة والسَّرقة. والمصنفُ أخرج بعده حديثَ النقديْن، وهذا في السوائم. وظني أن المعاصي تركبُ العاصي يوم القيامة، كما أنها ركبتْه في الدنيا، تذهب به إلى أين شاءت، وكذلك الطاعات، تنقلبُ له مراكبَ يركَبُها، كما أنها ركبت عليه في الدنيا، فساقته حيث شاءت، وهو تأويل قوله تعالى: {وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ} [الأنعام: 31]. 1403 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ، لَهُ زَبِيبَتَانِ، يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ - يَعْنِى شِدْقَيْهِ - ثُمَّ يَقُولُ أَنَا مَالُكَ، أَنَا كَنْزُكَ» ثُمَّ تَلاَ {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} [آل عمران: 180] الآيَةَ. أطرافه 4565، 4659، 6957 - تحفة 12820 1403 - قوله: (مُثِّل له يوم القيامة ماله شُجاعًا)، لعل بين المال والشجاع مناسبةٌ، فإنَّ الحياة توجد كثيرًا على الكنوز المدفونة، واشتهر ذلك عند أهل العرف أيضًا اشتهارًا لا يسع إنكاره. ولعل المال لهذه المناسبة ينقلبُ حيةً في المحشر له زَبِيْبتَان. وسمعت عن ثقةٍ أنَّ في العرب حيةً تكون على رأسها قرنان، ويمكن أن تكون الزَّبِيْبتَان هما هذان القرنان (أنا مالك) هذا هو التمثيل: كقوله تعالى: {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [مريم: 17] ففيه تمثَّل الملك (¬1). 4 - باب مَا أُدِّىَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ لِقَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ». 1404 - وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - فَقَالَ أَعْرَابِىٌّ أَخْبِرْنِى قَوْلَ اللَّهِ (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ) قَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - مَنْ كَنَزَهَا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا فَوَيْلٌ لَهُ، إِنَّمَا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تُنْزَلَ الزَّكَاةُ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ جَعَلَهَا اللَّهُ طُهْرًا لِلأَمْوَالِ. طرفه 4661 - تحفة 6711 - 133/ 2 1405 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ الأَوْزَاعِىُّ أَخْبَرَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ بْنِ أَبِى الْحَسَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ». أطرافه 1447، 1459، 1484 - تحفة 4402 ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وتبين منه أنَّ في التمثُّل تتغيرُ الصورة مع بقاءِ الذات بعينِها.

1406 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ سَمِعَ هُشَيْمًا أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ مَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ فَإِذَا أَنَا بِأَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - فَقُلْتُ لَهُ مَا أَنْزَلَكَ مَنْزِلَكَ هَذَا قَالَ كُنْتُ بِالشَّأْمِ، فَاخْتَلَفْتُ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ فِى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34]، قَالَ مُعَاوِيَةُ نَزَلَتْ فِى أَهْلِ الْكِتَابِ. فَقُلْتُ نَزَلَتْ فِينَا وَفِيهِمْ. فَكَانَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ فِى ذَاكَ، وَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ - رضى الله عنه - يَشْكُونِى، فَكَتَبَ إِلَىَّ عُثْمَانُ أَنِ اقْدَمِ الْمَدِينَةَ. فَقَدِمْتُهَا فَكَثُرَ عَلَىَّ النَّاسُ حَتَّى كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِى قَبْلَ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُ ذَاكَ لِعُثْمَانَ فَقَالَ لِى إِنْ شِئْتَ تَنَحَّيْتَ فَكُنْتَ قَرِيبًا. فَذَاكَ الَّذِى أَنْزَلَنِى هَذَا الْمَنْزِلَ، وَلَوْ أَمَّرُوا عَلَىَّ حَبَشِيًّا لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ. طرفه 4660 - تحفة 11916 1407 - حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِىُّ عَنْ أَبِى الْعَلاَءِ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ جَلَسْتُ. وَحَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَلاَءِ بْنُ الشِّخِّيرِ أَنَّ الأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ جَلَسْتُ إِلَى مَلإٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ خَشِنُ الشَّعَرِ وَالثِّيَابِ وَالْهَيْئَةِ حَتَّى قَامَ عَلَيْهِمْ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ بَشِّرِ الْكَانِزِينَ بِرَضْفٍ يُحْمَى عَلَيْهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ، ثُمَّ يُوضَعُ عَلَى حَلَمَةِ ثَدْىِ أَحَدِهِمْ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ نُغْضِ كَتِفِهِ، وَيُوضَعُ عَلَى نُغْضِ كَتِفِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَلَمَةِ ثَدْيِهِ يَتَزَلْزَلُ، ثُمَّ وَلَّى فَجَلَسَ إِلَى سَارِيَةٍ، وَتَبِعْتُهُ وَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، وَأَنَا لاَ أَدْرِى مَنْ هُوَ فَقُلْتُ لَهُ لاَ أُرَى الْقَوْمَ إِلاَّ قَدْ كَرِهُوا الَّذِى قُلْتَ. قَالَ إِنَّهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا. تحفة 11900 - 134/ 2 1408 - قَالَ لِى خَلِيلِى - قَالَ قُلْتُ مَنْ خَلِيلُكَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَبَا ذَرٍّ أَتُبْصِرُ أُحُدًا». قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَى الشَّمْسِ مَا بَقِىَ مِنَ النَّهَارِ وَأَنَا أُرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرْسِلُنِى فِى حَاجَةٍ لَهُ، قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «مَا أُحِبُّ أَنَّ لِى مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ كُلَّهُ إِلاَّ ثَلاَثَةَ دَنَانِيرَ». وَإِنَّ هَؤُلاَءِ لاَ يَعْقِلُونَ، إِنَّمَا يَجْمَعُونَ الدُّنْيَا. لاَ وَاللَّهِ لاَ أَسْأَلُهُمْ دُنْيَا، وَلاَ أَسْتَفْتِيهِمْ عَنْ دِينٍ حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ. أطرافه 1237، 2388، 3222، 5827، 6268، 6443، 6444، 7487 تحفة 11900 قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم قبل نزولِ النُّصُب والمقادير، كان يوظف عليهم قِطعة من المال حسب الحاجة، وكانت تصرفُ في مهمات الإِسلام، فلما جاء الله بتفاصيل الزكاة، وافترضت عليهم، وَسَّع لهم في هذه الأموال، هكذا يُعلم من كلامِ ابن عمر رضي الله عنه. ثم الناسُ في تفسير الكنز على أنحاء، فقال معاوية رضي الله عنه: إن الكنز هو المال الذي لم تؤد زكاته. وقال أبو ذر رضي الله عنه: إن المال الفاضل عن حاجته كنزٌ مطلقًا، سواء أدَّى زكاته، أو لا. وأقول اتباعًا لبعض السلف: إنه اسم للمال الذي لم تؤد زكاته، ولا الحقوق المنتشرة فيه. والأقرب عندي أن يفوضَ تفسيرهُ إلى العرف، ويترك إلى رأي المبتلى به. وترجمته: خزانة.

5 - باب إنفاق المال فى حقه

ولا يمكنُ تحديدُه أصلا، كلفظ التبذير، والإِسراف، والتوكل، كلها مما يعلمها أهل العرف، ويتعسرُ حدودها، ولا أعرف زمانًا من عهد النبوة افترض عليهم صرْفَ جميعِ المال، إلا أنه إذا لم يكن يبق في بيت المال شيءٌ، ودعت الحاجة، فحينئذٍ يجبُ عليهم أن ينفقوا بكل ما يمكن، وهذه المسألة إلى الآن، فالوعيد في النص عندي منصرفٌ إلى كل ما يُطلقون عليه كنزًا في العرف، ولعله هو مذهب أبي ذر رضي الله عنه. وأتردَّدُ فيما يُنقل عنه. والله تعالى أعلم بحقيقة الحال. ويُحكى أن أبا ذر رضي الله عنه لما احتُضِرَ، جعلت امرأتُه تبكي، فسأل عن بكائها، فقالت: إني أبكي لأنك ممن صحب رسول الله صلى الله عليه وسلّم وتموت الآن، ولا أجد ما أكفِّنُك فيه، فقال: إذا متُّ، فاطلُعي على تلول، ونادي بذلك، يعينُك أحدٌ فطلعت، فإذا هي بقافلةٍ فيها ابنُ مسعود رضي الله عنه، فلما أخبرَ الخبرَ بكى، وأعطى عِمَامته، فكانت كفنه رضي الله تعالى عنه. 5 - باب إِنْفَاقِ الْمَالِ فِى حَقِّهِ 1409 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِى اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِى الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً فَهْوَ يَقْضِى بِهَا وَيُعَلِّمُهَا». أطرافه 73، 7141، 7316 - تحفة 9537 1409 - قوله: (لا حسد) ... إلخ. وتأويله مشهورٌ قلتُ: ولا أجد شيئًا أربى وأنمى من العِلم، فإنه يحملُ إلى الآفاق في زمنٍ يسيرٍ. 6 - باب الرِّيَاءِ فِى الصَّدَقَةِ لِقَوْلِهِ تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} إِلَى قَوْلِهِ {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 264]. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما -: {صَلْدًا} [البقرة: 264] لَيْسَ عَلَيْهِ شَىْءٌ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ {وَابِلٌ} [البقرة: 264] مَطَرٌ شَدِيدٌ، وَالطَّلُّ النَّدَى. قوله تعالى: ({لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى})، ولما كانت الصدقات تحبط بهذين نبَّه عليهما القرآن. 7 - باب لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ، وَلاَ يَقْبَلُ إِلاَّ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ لِقَوْلِهِ {* قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263)} [البقرة: 263].

8 - باب الصدقة من كسب طيب

فإنَّ الله طيبٌ يحبُّ الطيِّبَ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} [البقرة: 267] نعم، سبيل المال الخبيث، وإن كان هو التصدق، لكنه لا يُؤجَرُ عليه، وإن أُجر على الفعل - أي امتثال أمر الشارع -. 8 - باب الصَّدَقَةِ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ لِقَوْلِهِ: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 276 - 277] ... 1410 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ - هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ - عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ - وَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إِلاَّ الطَّيِّبَ - وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّى أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ». تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ عَنِ ابْنِ دِينَارٍ. وَقَالَ وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَرَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَسُهَيْلٌ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 13379، 12880، 12318، 12641، 12803 - 135/ 2 باب فضل الصدقة من كسب 9 - باب الصَّدَقَةِ قَبْلَ الرَّدِّ 1411 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «تَصَدَّقُوا فَإِنَّهُ يَأْتِى عَلَيْكُمْ زَمَانٌ يَمْشِى الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ، فَلاَ يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا يَقُولُ الرَّجُلُ لَوْ جِئْتَ بِهَا بِالأَمْسِ لَقَبِلْتُهَا، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلاَ حَاجَةَ لِى بِهَا». طرفاه 1424، 7120 - تحفة 3286 1412 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضَ، حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، وَحَتَّى يَعْرِضَهُ فَيَقُولَ الَّذِى يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ لاَ أَرَبَ لِى». أطرافه 85، 1036، 3608، 3609، 4635، 4636، 6037، 6506، 6935، 7061، 7115، 7121 - تحفة 13750 1413 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ أَخْبَرَنَا سَعْدَانُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُجَاهِدٍ حَدَّثَنَا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ الطَّائِىُّ قَالَ سَمِعْتُ عَدِىَّ بْنَ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَهُ رَجُلاَنِ أَحَدُهُمَا يَشْكُو الْعَيْلَةَ، وَالآخَرُ يَشْكُو قَطْعَ السَّبِيلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَّا قَطْعُ السَّبِيلِ فَإِنَّهُ لاَ يَأْتِى عَلَيْكَ إِلاَّ قَلِيلٌ،

حَتَّى تَخْرُجَ الْعِيرُ إِلَى مَكَّةَ بِغَيْرِ خَفِيرٍ، وَأَمَّا الْعَيْلَةُ فَإِنَّ السَّاعَةَ لاَ تَقُومُ حَتَّى يَطُوفَ أَحَدُكُمْ بِصَدَقَتِهِ لاَ يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا مِنْهُ، ثُمَّ لَيَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَىِ اللَّهِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ وَلاَ تُرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ، ثُمَّ لَيَقُولَنَّ لَهُ أَلَمْ أُوتِكَ مَالًا فَلَيَقُولَنَّ بَلَى. ثُمَّ لَيَقُولَنَّ أَلَمْ أُرْسِلْ إِلَيْكَ رَسُولًا فَلَيَقُولَنَّ بَلَى. فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ النَّارَ، ثُمَّ يَنْظُرُ عَنْ شِمَالِهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ النَّارَ، فَلْيَتَّقِيَنَّ أَحَدُكُمُ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ». أطرافه 1417، 3595، 6023، 6539، 6540، 6563، 7443، 7512 - تحفة 98742 1414 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَطُوفُ الرَّجُلُ فِيهِ بِالصَّدَقَةِ مِنَ الذَّهَبِ ثُمَّ لاَ يَجِدُ أَحَدًا يَأْخُذُهَا مِنْهُ، وَيُرَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً، يَلُذْنَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ». تحفة 9067 - 136/ 2 قوله تعالى: (ويربى الصدقات)، يعني أن الله يمحقُ رِبَاكم، ويعطي الرِّبا من جانبه على صدقاتكم، وهو إلى سبع مئة ضِعف، إلى ما شاء الله تعالى، فإن كنتم تحبون الربا، فخذوه عني، وتصدقوا في سبيلي وفسره العامةُ: أن الله تعالى لا يُبارِكُ فيما أخذتموه من الربا، وإنما يبارِكُ لكم فيما أنفقتم في سبيل الله. وليس بجيد عندي، بل مخُّ الآية هو النهي عن الربا المعروف، والحثُّ على أخذ الربا من عنده تعالى، فمن أخذه من الله فسيأكله رَغيدًا، ومن أخذه من الناس يقع في نهر الدم، ثم لا يقدرُ أن يخرج منه إلى قيام الساعة. ومما ينبغي أن لا يُذْهلَ عنه أن نَظْم القرآنِ لا يؤدي المرادَ فقط، بل ينبِّهُ على الحقائق، ويرمُزُ إليها، فعلى المترجِمِ له بلغةٍ أخرى أن يراعي ذلك النظم، ثم ينظرُ إلى لغة أخرى، أنها هل تؤدي مُؤدَّاه أو لا، ومن لا يبالي بذلك ربَّما يُغيرُ المراد، حتى يوجبُ تغييرَ تلك الحقائقِ المرموزِ إليها؛ وإنما تُحس مضرَّتَه عند إلحاد ملحد. كما وقع في لفظ: التوفي والخلو، فإن الناس تسامحوا في بيان معناهما، فانبعث أشقاهم، وجعل يدَّعي أنه المسيح الموعود، بئست أمٌّ ولدته، ويا ليتها لم تلدْه. قوله: (والله لا يحبُّ كلَّ كفارٍ أَثيم) ودَلالته على رفع الإِيجاب الكلي، مع أن المرادَ منه السَّلبُ الكلي. وتعرَّض إليه التَّفْتَازاني في «المُطَوَّل» فلم يؤد حقه (¬1). 1410 - قوله: (كما يُربي أحدكم فلوه)، ذكر فيه صورة التَّضعيف، يعني أنك إذا أنفقت في سبيل الله درهمًا، فالله تعالى يُربِّيْه لك حتى يكون رَبَّاه أضغافًا مضاعفة، فيضعفه شيئًا فشيئًا حتى يبلغَ يوم الحشر إلى هذا القدر، فهو كتربية الفَلُو، لا أنه يُضعَّف لك دُفعة واحدة، فافهمه، ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: ولا أذكر عن الشيخ رحمه الله تعالى فيه شيئًا، فلعلي نسبتُه أنا، أو لم يذكره هو، ومضى. والله تعالى أعلم.

10 - باب اتقوا النار ولو بشق تمرة والقليل من الصدقة

فإن تشبيهات الأنبياء عليهم السلام ليست بهينة، بل تبني على الحقائق، فهذه هي الحقيقةُ التي أُريدت أن تكشفَ بها، ولعلك تفهم الآن ما لطف قوله تعالى: {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} [البقرة: 261] فكما تتدرج الحبة الواحدة إلى هذه الحَبَّات، كذلك صدقتُك تربَّى من عند الله، وتكون أضعافًا مضاعفةً، حتى تبلغَ نهايته بقدر الإِخلاص، إلى ما شاء الله أن تبلغ. 10 - باب اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ وَالْقَلِيلِ مِنَ الصَّدَقَةِ {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} الآيَةَ، وَإِلَى قَوْلِهِ {مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [البقرة: 265 - 266] 1415 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ الْحَكَمُ - هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِىُّ - حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الصَّدَقَةِ كُنَّا نُحَامِلُ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِشَىْءٍ كَثِيرٍ فَقَالُوا مُرَائِى. وَجَاءَ رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِصَاعٍ فَقَالُوا إِنَّ اللَّهَ لَغَنِىٌّ عَنْ صَاعِ هَذَا. فَنَزَلَتِ {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} [التوبة: 79] الآيَةَ. أطرافه 1416، 2273، 4668، 4669 - تحفة 9991 1416 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ انْطَلَقَ أَحَدُنَا إِلَى السُّوقِ فَتَحَامَلَ فَيُصِيبُ الْمُدَّ، وَإِنَّ لِبَعْضِهِمُ الْيَوْمَ لَمِائَةَ أَلْفٍ. أطرافه 1415، 2273، 4668، 4669 - تحفة 9991 1417 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلٍ قَالَ سَمِعْتُ عَدِىَّ بْنَ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ». أطرافه 1413، 3595، 6023، 6539، 6540، 6563، 7443، 7512 - تحفة 9872 1418 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِى شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْنَا، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ «مَنِ ابْتُلِىَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَىْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ». طرفه 5995 - تحفة 16350 قال بعضهم: معناه أن اتقوا النار، وإن بقي عليكم شِقُّ تمرة لأحد من ذوي الحقوق، فأدوه أيضًا، فإن هذا القدرَ من الحقوق أيضًا يوجب النار، فاتقوها بأدائه. وقيل: إن النار إنما وجبت لأجل المعاصي، فخلصوا أنفسَكُم منها، ولو بشق تمرة، فإن التَّصدقَ بمثلِهِ أيضًا

11 - باب أى الصدقة أفضل، وصدقة الشحيح الصحيح

ينفعكم. فالموجبُ للنارِ في الصورة الأولى إمساكُ شقِّ التمرة، والنجاة بأدائها. والموجب لها في الصورة الثانية معاصيه التي اقترفها. وشقُّ التمرة لتخليص نفسه عنها. فالحاصل أن فيه أن التصدق بمثل هذه مفيدٌ لدفع النار، وليس فيه أن عدمَ التصدق به يُوجب النار، وبينهما بَوْن بعيد (¬1) فبكلمة طيبة (شرافت كا كلمه)، يعني: كلمة الشرافة. قوله: (وتثبيتًا من أنفسهم) (ثابت قدمى - جى كى حوصله وإلا أندرسي دكماكاتا نهين) تحامل: حمل الوِقر بالمشقة. 11 - باب أَىُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ، وَصَدَقَةُ الشَّحِيحِ الصَّحِيحِ لِقَوْلِهِ تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المنافقون: 10] الآيَةَ. وَقَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ} [البقرة: 254] الآيَةَ. 1419 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا قَالَ «أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى، وَلاَ تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ لِفُلاَنٍ كَذَا، وَلِفُلاَنٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلاَنٍ». طرفه 2748 - تحفة 14900 - 137/ 2 أي الحريص على المال. واعلم أن القياسَ يقتضي أن لا تعتبرَ الوصيةُ أصلا، لأنه لمّا أشرَف على الموت خَرَجَ المالُ عن مِلْكِهِ، وتحوَّل إلى مِلك الورثة، لكن الشرعَ منَّ علينا، فاعتبرها في الثلث، فهي من المَبَرَّات لا غير. 12 - بابٌ 1420 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ فِرَاسٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّ بَعْضَ أَزْوَاجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قُلْنَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَيُّنَا أَسْرَعُ بِكَ لُحُوقًا قَالَ «أَطْوَلُكُنَّ يَدًا». فَأَخَذُوا قَصَبَةً يَذْرَعُونَهَا، فَكَانَتْ سَوْدَةُ أَطْوَلَهُنَّ يَدًا، فَعَلِمْنَا بَعْدُ أَنَّمَا كَانَتْ طُولَ يَدِهَا الصَّدَقَةُ، وَكَانَتْ أَسْرَعَنَا لُحُوقًا بِهِ وَكَانَتْ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ. تحفة 17619 1420 - قوله: (أينا أسرعُ بك لحوقًا)، كأنهنَّ كنَّ على طمعٍ من أن يلحقْنَه أولًا. ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وبمثله أجيبَ في حديث تخليل الأصابع: "خللوا أصابعكم، كي لا تخللها نار جهنم" فإنه يُشعر بالوجوبِ. والجواب: أن فيه أن التخليل يدفعُ النار، لا أن عدم التخليل يوجب النار. ليفيد الوعيد، ولا يلزم من كونِ التخليل دافعًا للنار كونه واجبًا، فإن المستَحَبات أيضًا تدفع النار، فشِقُّ التمرة لا يجبُ إنفاقه، فإن أنفقته يدفع النار عنك إن شاء الله تعالى. هكذا ذكره الشيخ ابن الهُمام رحمه الله على ما أذكر.

13 - باب صدقة العلانية

قوله: (فأخذوا قصبة يذرعونها) ... إلخ، وذلك بعد ما خرج من عندهن (¬1)، ولو كان بين يديه لما كان فيه قلق أيضًا، فإنَّ المقصودَ كان هو الإِخفاء، والإِبهام على السنة في مثل تلك الأبواب، فطاح ما كفر به هذا اللعين، فإنَّ من أصوله أن الأنبياء عليهم السلام قد لا يفهمون ما يُوحى إليهم أيضًا والعياذ بالله. نعم، هذا من دَجَلِهِ، والذي ينبغي عليه الاعتقاد أن أنباءهم لا يشوبها كذب، فلا يغلَطُون فيها، ولا يُغالَطُون، وإنما هو طريق من لا يخبر إلا بالدَّخ، فيخلِطُ معه ألف كذبة من عند نفسه، فإنْ وجدتَ في موضعٍ نقصًا أو زيادةً من أخبار الرسل، فإنما هو من جهة الرواة، ولكونها منقولة بطريق خبر الآحاد، فلا يُؤْمَنُ بكونها من لفظ النبي صلى الله عليه وسلّم لا أن أخبار الأنبياء عليهم السلام قد تشتمل على الغلط، ونعوذُ بالله من الزَّيغ، وأن عدمَ القطعيات بالظنيات ليس من دأب الإِنسان. وأما قصة الحُدَيْبِيَة فهي أيضًا مما تمسك بها على كفره، مع أنه لم يرد فيها توقيت، ولا أنه سافر لذلك. وأما الرجاء والقصد، فليس من الأخبار في شيء، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أخبر أبا بكر رضي الله عنه بغلبة الروم، فرجى أبو بكر رضي الله عنه أن يكون هذا في المدة التي مادَّها، ثم لم تُغلب الروم فيها. ولذا قال له عمر رضي الله عنه: ومتى قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إنها تكون في تلك السنة؟، فالأخبارُ عن الأنبياء عليهم السلام لا يحملُ الغلط أصلا، نعم، الرجاء والقصد أمر آخر، فإنَّ بناءهما يكونُ على الأسباب الظاهرة. والحاصل: أن الأمة إذا أجمعتْ على صِدق أخبار الأنبياء عليهم السلام، فخلافُه بنوعٍ من الحيل، والتمسك بالمحتَمَلات كفرٌ بحتٌ. 13 - باب صَدَقَةِ الْعَلاَنِيَةِ وَقَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً} إِلَى قَوْلِهِ {وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 274]. ¬

_ (¬1) قلت: فقد أخرج الطحاوي رحمه الله في "مشكله": حدثنا يحيى بن إسماعيل البغدادي أبو زكريا بن حلزبة: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأزواجه: "يتبعني أطولكن يدًا" قالت عائشة: وكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - نمد أيدينا في الجدار نتطاول، فلا نزالُ نفعلُ ذلك حتى تُوفيت زينب ابنة جحش ابن رباب، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانت امرأة قصيرةً رضي الله عنها، ولم تكن أطولنا يدًا، فعرفنا حينئذٍ إنما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم -: الصدقة. قالت: وكانت زينبُ امرأةً صناعة اليد، تذيع الخيرَ، وتجوز، وتتصدق به في سبيل الله، ففي تلك الرواية دليلٌ على أنَّ قِصة تطاولِ الأيدي لم تكن بحضرته - صلى الله عليه وسلم -، بل ولا في حياته أيضًا، فاعلمه. وفي نفس تلك الرواية دليلٌ على أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أعرفُ بمعنى ما يخبر به، حيث قالت عائشة رضي الله عنها: فعرفنا حينئذ إنما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - ... إلخ، ولم تقل: وحينئذ تبين المراد منه، على خلاف ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفهمه والعياذ بالله، فانظر الفرق بين من يُؤتى فهمًا سليمًا، وبين من يُطبع على الكفر، نعم، كانت تلك المقالة أولى بشأن الدَّجال، فتفوه بها، فإنَّ الإِناء يترشَّح بما فيه، لعنه الله، وملأ حفرتَه نارًا.

14 - باب صدقة السر

14 - باب صَدَقَةِ السِّرِّ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ». وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 271]. بحث العلماءُ في المفاضلة بين صدقةِ العلانية والسر، وكذا في الجهر بالقرآن والإِسرار به. وفي الفقه أن الأفضل في الزكاة والفرائض أن يجهرَ بها، وفي النافلة أن يسر بها. قلتُ: ليس لها ضابط كليُّ، والأقرب أن يقسم على الحالات، فتارة كذا، وتارة كذا، «حتى لا تعلم شماله»، وعند مسلم: «حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله»، وهو قلبٌ من الراوي قطعًا. 15 - باب إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى غَنِىٍّ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ وهو معتبر عندنا أيضًا بشرطِ التَّحري. وتمسك له البخاري رحمه الله بقصة رجلٍ من بني إسرائيل، وهذا طريقه فيما قصها الله علينا من أمورهم، كما في «الحسامى»، أن شرائعَ مَنْ قبلنا حجةٌ، بشرط عدم النَّسخ، بل طريقة تمسُّكه أوسع منه، فيتمسك بالعمومات والإِطلاقات كثيرًا، بل لا بأس عنده من التمسك بالوجوه الفاسد المذكورة في كتب الأصول. ثم إن مسألة الحنفية في الزكاة، ولا يعلم ههنا أنها كانت زكاةً أو صدقةً نافلة، والمصنف رحمه الله لرفعه محله لا يُبالي بهذه الأمور، فيتمسك بالنافلةِ للفرض، وبالعكس، لما علمت أن طريق الاستدلال عنده أوسعُ من الكل. 1421 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ رَجُلٌ لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ. فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِى يَدِ سَارِقٍ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ. فَقَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ. فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِى يَدَىْ زَانِيَةٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ. فَقَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ، لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ. فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِى يَدَىْ غَنِىٍّ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ عَلَى غَنِىٍّ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، عَلَى سَارِقٍ وَعَلَى زَانِيَةٍ وَعَلَى غَنِىٍّ. فَأُتِىَ فَقِيلَ لَهُ أَمَّا صَدَقَتُكَ عَلَى سَارِقٍ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعِفَّ عَنْ سَرِقَتِهِ، وَأَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ عَنْ زِنَاهَا، وَأَمَّا الْغَنِىُّ فَلَعَلَّهُ يَعْتَبِرُ فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ». تحفة 13735 - 138/ 2 1421 - قوله: (أما صدقتك على سارق، فلعله أن يستعف عن سرقته)، وحاصله أنه كَفى للصدقةِ وِجْهنُه من الخير، ولا يشترط أن يكون خيرًا من كل جهة. 16 - باب إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ وَهُوَ لاَ يَشْعُرُ 1422 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ حَدَّثَنَا أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ أَنَّ مَعْنَ بْنَ

17 - باب الصدقة باليمين

يَزِيدَ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ قَالَ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَأَبِى وَجَدِّى وَخَطَبَ عَلَىَّ فَأَنْكَحَنِى وَخَاصَمْتُ إِلَيْهِ، - وَ- كَانَ أَبِى يَزِيدُ أَخْرَجَ دَنَانِيرَ يَتَصَدَّقُ بِهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ فِى الْمَسْجِدِ، فَجِئْتُ فَأَخَذْتُهَا فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ وَاللَّهِ مَا إِيَّاكَ أَرَدْتُ. فَخَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لَكَ مَا نَوَيْتَ يَا يَزِيدُ، وَلَكَ مَا أَخَذْتَ يَا مَعْنُ». تحفة 11483 وفي «الهداية»: أن التصدق على ابنه لا يُعتبر، وراجع كلامَه للفرق بين الغنى، والابن. والفرقُ عندي أنهم أداروا الفقر والغنى، على العلم فقط، دون الواقع بخلاف تحقيق الأصول والفروع، فإنهم فهموا أنه لا تعسُّر في معرفتهم، فينبغي أنْ يُدار على الواقع، وإنما يُقطعُ النظرُ عن الواقع، ويُدار على العلم فيما تعسر الاطلاع على حقيقته. ولما كان المتصدَّقُ عليه ابن الرجل، أو أباه لم يتعسر له تحقيق الواقع؛ فأديرَ الأمرُ عليه، ولذا لم يعتبروه إذا ظهر أنه ابنه. أما المصنف رحمه الله فذهب إلى الاطلاق، فلعله لا فرقَ عنده في الصورتين. أما الحديث فلا يردُ على الحنفية، لأنه لا دليلَ فيه على أن صدقته كان فريضة، أو نافلة، فإن كان الثاني فلا تُنكره أيضًا، كما عرفت آنفًا. ثم لا بد له أن يعتبرَ التَّحري، وإن لم يذكره في اللفظ، فإن إضاعَته تُوجب إلفاءَ قيد الفقر المنصوص، فإنَّه إن كان التصدقُ جائزًا على الغني تحرى بكونه فقيرًا، وإلا لزمَ أن لا يكون الفقرُ شرطًا، وتصح الزكاة للفقير وغيره سواء، وهذا بالطلٌ قطعًا، فقيدُ التَّحري وإن لم يكن مذكورًا في عبارة المصنف رحمه الله، لكنه لا بدَّ منه. والحاصل: أن المصنف رحمه الله ذهب إلى التوسيع، ولم يفرق بين الغني، وبين الأصول والفروع، ثم ينبغي للأصوليين أن يُمعِنُوا أنظارهم في هذا الحديث، أنه هل يفيدُ جواز المشي على التَّحري عند إبهام الحال أم لا؟ واختلفوا في القبلة عند عدم التَّبيُّن، أنها جهة التَّحري، أو الكعبة شرفها الله تعالى. وثمرتُه تظهرُ فيما إذا ظهر الخطأَ بعد الصلاة، فذهب جماعة ممن قال: إنها الكعبة شرفها الله تعالى، إلى أنه يُعيدها، ومن قال: إنها جهة التَّحري، ذهب إلى أنه لا يعيدها، والأول منسوب إلى المالكية. 1422 - قوله: (لك ما نويت) فيه تقسيمه على الجهات، كما فعل في التصدق على القريب، حيث اعتبر فيه الجهتان، فجعل فيه أجران: أجرُ التصدق، وأجرُ صِلة الرَّحم، وهذا من علوم النُّبوة. 17 - باب الصَّدَقَةِ بِالْيَمِينِ 1423 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِى ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ إِمَامٌ عَدْلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِى عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِى الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِى اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ». أطرافه 660، 6479، 6806 - تحفة 12264

18 - باب من أمر خادمه بالصدقة ولم يناول بنفسه

1424 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ الْخُزَاعِىَّ - رضى الله عنه - يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «تَصَدَّقُوا، فَسَيَأْتِى عَلَيْكُمْ زَمَانٌ يَمْشِى الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ فَيَقُولُ الرَّجُلُ لَوْ جِئْتَ بِهَا بِالأَمْسِ لَقَبِلْتُهَا مِنْكَ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلاَ حَاجَةَ لِى فِيهَا». طرفاه 1411، 7120 - تحفة 3286 18 - باب مَنْ أَمَرَ خَادِمَهُ بِالصَّدَقَةِ وَلَمْ يُنَاوِلْ بِنَفْسِهِ وَقَالَ أَبُو مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقِينَ». دخل في آداب الصدقة. قوله: (أحد المتصدقين) وهذا اللفظُ لا يُوجب مساواةَ الأجر بينهما، وإن أمكن التساوي أيضًا في بعض المحال، بحسبِ تفاوت النيات والإِخلاص. 1425 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا بِمَا أَنْفَقَتْ وَلِزَوْجِهَا أَجْرُهُ بِمَا كَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، لاَ يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ شَيْئًا». أطرافه 1437، 1439، 1440، 1441، 2065 - تحفة 17608 - 139/ 2 1425 - قوله: (غير مفسدة)، أي لا تريدُ إفسادَ مال الزوج. قوله: (لا ينقص بعضهم أجر بعض)، وهذا أيضًا لا يستلزمُ المساواةَ، بل معناه أنه يوفر لكلٍ مقتضى عمله. 19 - باب لاَ صَدَقَةَ إِلاَّ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَمَنْ تَصَدَّقَ وَهْوَ مُحْتَاجٌ، أَوْ أَهْلُهُ مُحْتَاجٌ، أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَالدَّيْنُ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى مِنَ الصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ، وَهْوَ رَدٌّ عَلَيْهِ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يُتْلِفَ أَمْوَالَ النَّاسِ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ». إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالصَّبْرِ فَيُؤْثِرَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ بِهِ خَصَاصَةٌ كَفِعْلِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - حِينَ تَصَدَّقَ بِمَالِهِ، وَكَذَلِكَ آثَرَ الأَنْصَارُ الْمُهَاجِرِينَ، وَنَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَيِّعَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِعِلَّةِ الصَّدَقَةِ. وَقَالَ كَعْبٌ - رضى الله عنه - قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِى صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ «أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ، فَهْوَ خَيْرٌ لَكَ». قُلْتُ فَإِنِّى أُمْسِكُ سَهْمِى الَّذِى بِخَيْبَرَ. 1426 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا

كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ». أطرافه 1427، 1428، 5355، 5356 - تحفة 13340 أي ينبغي له أن يتصدَّق، ويتركَ الغنى خلفه، وليس له أن يتصدقَ بكله، هكذا فهمه الشارحون. أقول: وله معنى آخر أيضًا، وهو أن للرجل استظهارًا بالمال وإعانةً منه، فينبغي أن يتصدقَ بحيث لا يفوتُ عنه هذا الاستظهار (¬1). قوله: (وهو رد عليه)، فالمصنف رحمه الله ردَّ جميعَ تصرفاتِ المديونِ من العتق، والهبة، والصدقة إذا لم يقض دينه. قلتُ: إن كان مرادُه بالردِّ عدم القَبُول، فهو من باب الآخرة، فلا يكونُ في كلام المصنف دليلا على بطلان تلك التصرفات، فيجوز كون بعضها صحيحًا في الدنيا، مع كونه مردودًا في الآخرة، نعم إن كان مراده الردَّ باعتبار عدم الصحة، ففيه دليلٌ على بطلانها عنده لأن الصحةَ والبطلانَ من أحكام الدنيا، وفصَّل فيها إمامنا رحمه الله أيضًا، فراجعه من الفقه. قوله: (يريد إتلافها)، يعني إنَّ السخاوةَ مع ركوب الديون ليس من النية الصحيحة في شيء، وإنما السبيل أن يقضي دَيْنه أولا، ثم ينفقُ ما شاء. قلتُ: وهذا أيضًا ليس بمطَّردٍ، فإنَّ التصدقَ بجميع المال قد يعد محبوبًا، كما تصدق أبو بكر رضي الله عنه بجميع ماله، وإن كانت الضابطةُ العامةُ هي التصدق عن ظهر غنىً. قوله: (إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله)، ولعله استشارةٌ لا نذر. 1427 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ». أطرافه 1426، 1428، 5355، 5356 - تحفة 3433 1428 - وَعَنْ وُهَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - بِهَذَا. أطرافه 1426، 1427، 5355، 5356 - تحفة 14161 ¬

_ (¬1) وقد فسره الخَطَّابي، فقال: أي عن غنىً يُعتمد عليه، ويستظهرُ به على النوائب التي تنوبه، بقوله في حديث آخر: "خير الصدقة ما أبقت غنىً"!. قال التُّورِبِشتي: إنه عبارة عن تمكنِ المتصدقِ عن غنىً. وذلك مثل قولهم: هو على ظهرِ سير، وراكبٌ متنَ السلامة، وغير ذلك من الألفاظ التي يُعبر بها عن التمكن من الشيء. وإنما قلنا: عن غنىً إما لمجيئه منكَّرًا، وإنما لم يأت به معرَّفًا ليفيدَ أحد المعنيين في إحدى الصورتين، إما استغناؤه عما بُذل بسخاوة النفس، وقوة العزيمة ثقة بالله سبحانه، كما كان من أبي بكر رضي الله عنه، وإما استغناءً بالعَرَض الحاصل في يده، فبيَّن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقوله هذا: إنه لا بد للمتصدق من أحد الأمرين: إما أن يستغني عنه بماله، أو يستغني عنه بحاله، وهذا أفضل اليسارين، وإنما الغنى غنى النفس. انتهى مختصرًا.

20 - باب المنان بما أعطى

1429 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ح. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَذَكَرَ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ وَالْمَسْأَلَةَ «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، فَالْيَدُ الْعُلْيَا هِىَ الْمُنْفِقَةُ، وَالسُّفْلَى هِىَ السَّائِلَةُ». تحفة 7555، 8337 - 140/ 2 1427 - قوله: (اليد العليا خير من اليد السفلى). وفي شرحهما أقوال: فقيل: المتعففة والسائلة. وقيل: المعطية والآخذة. وقيل: الأُوْلى يد الله، والثانية يد المخلوق. والأحاديث وردت بكل منها، إلا أنَّ الرواةَ قد وقع منهم الخلطُ في بعض المواضع، فذكروا أحدهما موضع الآخر، كما في الرواية الآتية، فجعل اليد العليا المعطية، والسفلى السائلة، مع أنه رُوعي فيه الطباق، والمنفقة تقابلُها الآخذة، كما أن السائلَة تقابلُها المتعففة. ثم الذي يخطرُ بالبال أن الثالثَ ليس شرحًا للحديث، بل هو مضمون مستقل، أدرجه الشارحون في جملة الشروح، نظرًا إلى مجردِ لفظ اليد. والله تعالى أعلم بالصواب. قوله: (ومن يستعفف يعفه الله) أي من يتكلف العِفَّة، جعلها الله له مَلَكَة. وههنا بحث للعقلاء: أن الأخلاق والمَلَكات هل تكون فطريةً، أو مكسوبةً؟ وبحث عليه الدَّوَّاني أيضًا. والذي يظهر أنها فطريةٌ، كما يدل حديث وفد عبد القيس، لما تسارع شُبَانهم إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وتركوا رَوَاحِلَهم غير معقولة، وتخلف عنهم رئيسهم الأشَج، فعقل رِكابهم، واغتسل، ثم حضرَ مجلس النبي صلى الله عليه وسلّم فبشَّرَه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بالخصلتين: الحلم. والأناة، وأخبر أنهما فطريتان فيه. قلتُ: ونقلُ الجبل عندي أهون من تغير الجِبِلَّة، اللهم إلا أن يكون من الألوف واحدٌ ذو حظٍ، ممن أكرمه الله فتغيرت جِبِلتُه برياضات ومجاهدات، وقليلٌ ما هم. 20 - باب الْمَنَّانِ بِمَا أَعْطَى لِقَوْلِهِ: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى} [البقرة: 262] الآيَةَ. ولما كان من دأب المُعطِي أنَّه قد يَمن بما أعطى على مَنْ أعطى، وذلك يُحبِطُ أجره. فأصلحه الشرع، ونبه عليه لئلا ينقُضَ غَزْلَه. 21 - باب مَنْ أَحَبَّ تَعْجِيلَ الصَّدَقَةِ مِنْ يَوْمِهَا 1430 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ قَالَ صَلَّى بِنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْعَصْرَ، فَأَسْرَعَ ثُمَّ دَخَلَ الْبَيْتَ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ، فَقُلْتُ أَوْ قِيلَ لَهُ فَقَالَ «كُنْتُ خَلَّفْتُ فِى الْبَيْتِ تِبْرًا مِنَ الصَّدَقَةِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُبَيِّتَهُ فَقَسَمْتُهُ». أطرافه 851، 1221، 6275 - تحفة 9906

22 - باب التحريض على الصدقة والشفاعة فيها

1430 - قوله: (كنت خلفت في البيت تبرًا من الصدقة) وإنما تسارع إلى إنفاقه، مع أنه لم يكن من مال نفسه، لئلا يمضي عليه اليوم، فيكون عنده من الدنيا شيء. والنهار الشرعي ينتهي بالعصر. ولذا تتعاقبُ فيه الملائكة، والتفصيل مر من قبل. 22 - باب التَّحْرِيضِ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالشَّفَاعَةِ فِيهَا 1431 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَدِىٌّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ عِيدٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلُ وَلاَ بَعْدُ، ثُمَّ مَالَ عَلَى النِّسَاءِ وَمَعَهُ بِلاَلٌ، فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَتَصَدَّقْنَ، فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِى الْقُلْبَ وَالْخُرْصَ. أطرافه 98، 863، 962، 964، 975، 977، 979، 989، 1449، 4895، 5249، 5880، 5881، 5883، 7325 - تحفة 5558 وهذا أيضًا بابٌ يختلفُ باختلاف الأزمان، فالأولى في بعضها عدم التحريض. 1431 - قوله: (فصلى ركعتين لم يصل قبلُ ولا بعدُ) وهو المذهب عندنا، واعتَرضَ عليه مولانا عبد الحي رحمه الله أنه لا دليل فيه للحنفية، لأنه يدل على نفي الصلاة لا على نفي جوازها. قلتُ: كيف! ولما احتمل عدم صلاته نفيَها اتفافًا، ونفيها على أنها ليست بجائزة، جاز للمجتهد أن يحملَه على أحدهما، ولا محذورَ في ترجيح المجتهد لأحد الاحتمالين في النص، ولا يجبُ إقامةُ الدليل على ترجيح المحتملات، فإنه يكفي له اجتهاده أيضًا، ولا يعد هذا خلافًا للنص قطعًا. كيف والنص قد احتَمَله فحمَلَه عليه، وإنما يتردد فيه من لا يفرق بين المنصوص والاجتهاديات. 1432 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِى مُوسَى عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا جَاءَهُ السَّائِلُ، أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ قَالَ «اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِى اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ». أطرافه 6027، 6028، 7476 - تحفة 9036 1432 - قوله: (اشفعوا) ... إلخ، وأصوب الشروح: أن اشفعوا أنتم، ولا تترقبوا أن أقضي على وَفْق شفاعتكم، فإنَّ الله يقضي على لساني ما شاء، فقد أخالفكم أيضًا، ولكن لكم أجرُ الشفاعة في الصورتين، فلا تضيعوه، وقد جعل بعضهم قوله: (ويقضي الله) ... إلخ، جملة مستأنفَة، بمعنى أن ما يُجري الله على لساني يكون صوابًا كله، وهذا مرجوح. 1433 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُوكِى فَيُوكَى عَلَيْكِ». أطرافه 1434، 2590، 2591 - تحفة 15748 حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ عَنْ عَبْدَةَ وَقَالَ «لاَ تُحْصِى فَيُحْصِىَ اللَّهُ عَلَيْكِ». تحفة 15748 1433 - قوله: (لا توكي فيوكى عليك)، ولا بد فيه من لِحاظ الشرائط والموانع، إلا أن

23 - باب الصدقة فيما استطاع

استيفاء الشرائط، واستقصاء الموانع ليس من سُنة أبوابِ الترغيب والترهيب. 23 - باب الصَّدَقَةِ فِيمَا اسْتَطَاعَ 1434 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لاَ تُوعِى فَيُوعِىَ اللَّهُ عَلَيْكِ، ارْضَخِى مَا اسْتَطَعْتِ». أطرافه 2590، 2591، 1433 - تحفة 15714 - 141/ 2 24 - باب الصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ 1435 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْفِتْنَةِ قَالَ قُلْتُ أَنَا أَحْفَظُهُ كَمَا قَالَ. قَالَ إِنَّكَ عَلَيْهِ لَجَرِىءٌ فَكَيْفَ قَالَ قُلْتُ فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِى أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْمَعْرُوفُ. قَالَ سُلَيْمَانُ قَدْ كَانَ يَقُولُ «الصَّلاَةُ وَالصَّدَقَةُ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ». قَالَ لَيْسَ هَذِهِ أُرِيدُ، وَلَكِنِّى أُرِيدُ الَّتِى تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ. قَالَ قُلْتُ لَيْسَ عَلَيْكَ بِهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَأْسٌ، بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابٌ مُغْلَقٌ. قَالَ فَيُكْسَرُ الْبَابُ أَوْ يُفْتَحُ. قَالَ قُلْتُ لاَ. بَلْ يُكْسَرُ. قَالَ فَإِنَّهُ إِذَا كُسِرَ لَمْ يُغْلَقْ أَبَدًا. قَالَ قُلْتُ أَجَلْ. فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ مَنِ الْبَابُ فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ سَلْهُ. قَالَ فَسَأَلَهُ. فَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه -. قَالَ قُلْنَا فَعَلِمَ عُمَرُ مَنْ تَعْنِى قَالَ نَعَمْ، كَمَا أَنَّ دُونَ غَدٍ لَيْلَةً، وَذَلِكَ أَنِّى حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ. أطرافه 525، 1895، 3586، 7096 - تحفة 3337 1435 - قوله: (فتنة الرجل في أهله وماله) أي بسبب أهله وماله، كقوله صلى الله عليه وسلّم «دخلت امرأة النار في هرةٍ ربطتها» ... الحديث - بالمعنى، أي دخلتها بسبب هرة. 25 - باب مَنْ تَصَدَّقَ فِى الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ 1436 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِى الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عَتَاقَةٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَجْرٍ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ». أطرافه 2220، 2538، 5992 - تحفة 3432 وقد مرّ مني الالتزام بعبرة طاعات الكفار وقُرُبَاتِهم، وإن لم تكن مُنْجيةً لهم، أما عباداتهم فلا عبرةَ بها أصلا، والأحاديث كلها وردت في القُرُبَات.

26 - باب أجر الخادم إذا تصدق بأمر صاحبه غير مفسد

1436 - قوله: (أسلمت على ما سلف من خير) أي إنما تشرَّفتَ بالإِسلام، لمَلَكاتٍ كانت في نفسك من قبل، فلتلك الملكات مدخلٌ في إسلامك. وراجع أبا داود كتاب الجهاد من حديث صخر. (والمعروف) ... إلخ، واعلم أن المعروفَ والمنكَر لم يحددهما الشارع، وتركهُمَا على العُرْف، فالمعروف [بهلا ما نسى]، والمنكر [إيذادهي]. 26 - باب أَجْرِ الْخَادِمِ إِذَا تَصَدَّقَ بِأَمْرِ صَاحِبِهِ غَيْرَ مُفْسِدٍ 1437 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا تَصَدَّقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا، وَلِزَوْجِهَا بِمَا كَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ». أطرافه 1425، 1439، 1440، 1441، 2065 - تحفة 17608 - 142/ 2 1438 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَازِنُ الْمُسْلِمُ الأَمِينُ الَّذِى يُنْفِذُ - وَرُبَّمَا قَالَ يُعْطِى - مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلاً مُوَفَّرًا طَيِّبٌ بِهِ نَفْسُهُ، فَيَدْفَعُهُ إِلَى الَّذِى أُمِرَ لَهُ بِهِ، أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ». طرفاه 2260، 2319 - تحفة 9038 27 - باب أَجْرِ الْمَرْأَةِ إِذَا تَصَدَّقَتْ أَوْ أَطْعَمَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ 1439 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ وَالأَعْمَشُ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - تَعْنِى إِذَا تَصَدَّقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا. أطرافه 1425، 1437، 1440، 1441، 2065 - تحفة 17608 1440 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَطْعَمَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، لَهَا أَجْرُهَا، وَلَهُ مِثْلُهُ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، لَهُ بِمَا اكْتَسَبَ، وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ». أطرافه 1425، 1437، 1439، 1441، 2065 - تحفة 17608 1441 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ فَلَهَا أَجْرُهَا، وَلِلزَّوْجِ بِمَا اكْتَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ». أطرافه 1425، 1437، 1439، 1440، 2065 - تحفة 17608 ولا يذهب أحدٌ من لفظ المثْلِ إلى المساواة فإن أجر كل منهم بحسَبِ عملِهِ، ولما كان الفعلُ من جنسِ واحدٍ جُوزيَ كلُّ منهم من أجرِ ذلك الجنس. ولكنه على قدر عملِهِ. وقد سبرتُ

إنصات المقتدي خلف الإمام

الشرعَ فعلمتُ أن الفعلَ الواحدَ إذا تقوّم من متعدد، فإِنه يُطلق على كلِّهم اسمًا واحدًا، كما مر في الحديث السابق. «فهو أحد المتصدقين». فجعل الخازن أيضًا متصدقًا. إنصات المقتدي خلف الإمام وهو معنى قول صاحب «الهداية»: إن حظ المقتدي من القراءة هو الإِنصات - يعني أن القراءةَ فعلٌ واحدٌ يتقوَّمُ من الجماعة - بمعنى أنه لا بد له لتكميله شيءٌ من الإِمام، وشيء من المقتدين. ثم يتم هذا الفعل من المجموع، فالقراءة تكونُ من الإِمام. ولكنها لا تتم ما دام يقرأ المقتدي، فعليه أن ينصتَ ليتمكن الإِمامُ من قراءته، بدون مُنازعة، فالقراءة فعلٌ واحدٌ يتحصَّلُ من المجموع، فهذا قارىءٌ، وهذا منصت لقراءته، فكأن إنصاتَه استظهارٌ لها. فحظُّ المقتدي منها هو الإِنصات، فالقراءة على ما هي عليه، إنما تتحصَّلُ من المجموع من حيث المجموع، وهي من هذه الحيثية فعلٌ واحد، وإن تركَّبَ من الفعلين عند التحليل، أعني قراءةَ الإِمام، وإنصاتَ المفتدي، إلا أنها عند التركيب فعلٌ واحد، وعلى هذا النظر، لو شئتَ سميتَ المفتدي أيضًا قارئًا، إلا أن حظَّهُ منها هو الإِنصاتُ، فافهم، ولا تعجل في الردّ والقَبُول. 28 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)} [الليل: 5 - 10] «اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقَ مَالٍ خَلَفًا». 1442 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِى مُزَرِّدٍ عَنْ أَبِى الْحُبَابِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا». تحفة 13381 قوله: ({فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}) ... إلخ، واعلم أنك قد عرفتَ منا فيما سبقَ أنَّ الكفرَ قد يُزاد على الكفر المكتسب نِقمةً وعذابًا، فكذلك الحسناتُ أيضًا، يمكن أن تُزاد عليها جزاءً ورحمة، فإنَّ العبد إذا أحسنَ طاعة ربه، فالله يزيدُ له حسنًا على حُسْنِهِ، ويوفقه لليسرى والحسنات الأخرى. ولا بُعد أن تكونَ في تلك الآية إشارةٌ إليه. ثم يدخل فيها مسألة التقدير، وأجاد فيه الشاه عبد القادر رحمه الله في «الفوائد»، فراجعها من الكهف، من قوله تعالى: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: 49]. والذي نلقي عليك شطرًا مما سَنَحَ لنا، أن الأسبابَ والمُسبِّبَات كلها إنما هي باعتبار حسّنا وحِسْبَتِنا في ذلك العالم، فهذا مؤثرٌ، وهذا متأثرٌ، أما بالنظر إلى عالَم الغيبْ - فلا مؤثِّر هو، إلا أن مشاهدتنا لمّا اقتصرت على هذا العالم فقط، ولم تتجاوز إلى عالم الغيب وإنما عرَّفَناه من

29 - باب مثل المتصدق والبخيل

جهة الشرع فقط. نزل التكليف أيضًا بحسب ذلك العالم، فالعالم الذي فيه التكليف فيه التأثير، والتأثر أيضًا، وما ليس فيه تأثيرٌ إلا للَّه الواحد القهار، ليس فيه تكليفٌ، فمن أتى بأحكام أحد العالَمين على الآخر، فقد ضلّ وغوى. ومن أظلم ممن خَرَقَ العالمَ المشهودَ، وجعل يبحثُ فيه عن أحكام الرب الودود. فالإِيرادات التي تعرِض على مسألة التقدير، كلُّها نقضٌ لمشاهدة نفسه عند التحقيق. ألا ترى أن الرجلَ لا يتعطَّلُ عن الأسباب لدُنياه، فإذا عرضت له الآخرة تمسَّك بالتقدير، وخَرَق ما شاهده من تأثير الأسباب، ودخل في عالمٍ آخر، وإلى بما فيه، وتعلَّل منه، مع كونه في هذا العالم، وصدق الله العلي العظيم: {وَكَانَ الإِنْسَنُ أَكْثَرَ شَىء جَدَلًا} (الكهف: 54)، فلو فعل مثلَه في دُنياه، فلم يأكل، ولم يشرب، ولم يكتسب مالا، ولم يرفع إلى الأسباب رأسًا، لكان لنا محل صبر، ولكنه لمَّا تظهر له الدنيا، يرى أن الأسباب هي المؤثرة الحقيقية، وإذا لاح له من أمر الآخرة شيءٌ زَعَمها معطلةً لا تأثيرَ فيها، فيا لجَوْرِه: *أصمْ عن الشيءِ لا أُريدُه ... وأسمعُ خلقَ اللهِ حينَ أُريدُ فيرى الأسبابَ أكسدُ شيءٍ لعُقباه، وأنفق شيءٍ لدنياه، فيا ويلاه ويا ويلاه. قوله: (اللهم اعط منفق مالٍ خلفًا) أي بدلا عنه. 1442 - قوله: (اللهم اعط ممسكًا تلفًا) أي اجعل التَّلفَ في ماله، فلا يحصل له غير النقصان. 29 - باب مَثَلِ الْمُتَصَدِّقِ وَالْبَخِيلِ 1443 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدِّقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ، عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ». وَحَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُنْفِقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ، عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ، مِنْ ثُدِيِّهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا، فَأَمَّا الْمُنْفِقُ فَلاَ يُنْفِقُ إِلاَّ سَبَغَتْ - أَوْ وَفَرَتْ - عَلَى جِلْدِهِ حَتَّى تُخْفِىَ بَنَانَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ، وَأَمَّا الْبَخِيلُ فَلاَ يُرِيدُ أَنْ يُنْفِقَ شَيْئًا إِلاَّ لَزِقَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَكَانَهَا، فَهُوَ يُوَسِّعُهَا وَلاَ تَتَّسِعُ». تَابَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ فِى الْجُبَّتَيْنِ. أطرافه 1444، 2917، 5299، 5797 - تحفة 13520، 13751، 13517 - 143/ 2 1444 - وَقَالَ حَنْظَلَةُ عَنْ طَاوُسٍ «جُنَّتَانِ». وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرٌ عَنِ ابْنِ هُرْمُزٍ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «جُنَّتَانِ». أطرافه 1443، 2917، 5299، 5797 - تحفة 13638، 13517 ل 30 - باب صَدَقَةِ الْكَسْبِ وَالتِّجَارَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} إِلَى قَوْلِهِ: {أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة: 267].

قوله: (وتعفو أثره)، أي تمحو آثار أقدامه، قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} والظاهر أنها التجارة، {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267] كالعُشْر وغيره. ثم إن القرآن عمّم مما خرج من الأرض، ولم يُشر إلى نصابٍ فيه، فدل على مسألةِ الحنفيةِ من وجوبِ العُشر في كل ما خرج، قليلا كان أو كثيرًا. ولذا صرح ابن العربي أن الأسعدَ بالآية في هذا الباب هم الحنفية (¬1). ¬

_ (¬1) واعلم أن الشيخ رحمه الله أجملَ الكلامَ في هذا الموضع، وتجدُه مفصلًا في موضع آخر من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى. وكنت أريدُ أن أعلق تلك الحاشية هناك، غير أني لا أذكرُ ذلك الموضع، فأردتُ أن أُلحقها ههنا. فاعلم أن توضيحَ كلامِهِ، وتنقيح مرامه على وجه التفصيل لا يتحصَّلُ إلا بعد تمهيدِ مقدمة، وهي أن ههنا مسألتين نبه صاحب "الهداية" على الفرق بينهما: الأولى: في وجوب العُشر في كل ما يخرج من الأرض: الخضراوات وغيرها سواء. والثانية: في اشتراط النِّصاب؛ فالحاصل أن الخلاف في موضعين: الأول: فيما يجبُ فيه العُشر. والثاني: في قَدْرٍ يجبُ فيه العُشر، فذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى العموم فيهما، واختار العمومَ في الأجناس، والعمومَ في المقدارِ كليهما، فيجب العُشر عنده في الأجناس كلها، في قليلها وكثيرها، بدون اشتراط نصاب، إلا ما استثناه أصحابنا، بدليل لاح لهم، وقد بَسَطَه صاحب "الهداية" فراجعه. إذا عرفت هذا، فاعلم أن الحنفيةَ استدلوا من القرآن، وقالوا: إن قوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] يُشعر بالعمومِ في الطرفين، فإنَّ النص لم يفرق في وجوب العُشر بين ما يخرج من الأرض، ولا أشار إلى اشتراطِ نصابٍ فيه. وزعموا أن القاضي أبا بكر بن العربي مع كونه مالكيًا قد وافقهم أيضًا، والشيخ رحمه الله لم يُنَازع في تمسكهم بالنص، وإنما خالفَ فيما فهموه من مراد القاضي، نعم، تلك أذواقٌ، فبعضُ الناس يغمض عن الظفَرِ بالمقصود، والآخر يحقِّق المقام، ولا يُبَالي بموافقة أحدٍ، ولا بمخالفتِهِ، فإنه قد يعودُ من باب توجيه القائل بما لا يَرضى به قائلُه. فها أنا آتيك أولًا بعبارتِهِ التي ذكرها في "شرحه للترمذي"، وهي التي فهمها الحنفية أنها لهم، والثانية: ما ذكرها في تفسيره المعروف بـ: "أحكام القرآن" وهي التي دعا الشيخ رحمه الله إلى تحقيق المَقَام على خلاف ما زعموه. فأقول: إن القاضي رحمه الله ذكرها في موضعين: الأولى، وهي الأصرح عندهم: في باب زكاة الخَضراوات ... إلخ، وهذا نصه: قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ}، إلى قوله: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] فامتنَّ الله على خلقه في إنبات الأرض، ثم قال لهم: كلوا مما أنعمت به عليكم، وآتوا حقَّهُ إذا جمعتموه بأيديكم، وآويتُموه إلى رِحَالِكم، فكما خَلَقه نعمةَ، ومكَّن منه نِعمةَ، أوجب فيه الحق. قال مالك: الحق ههنا الزكاة، وصَدَقَ. ومن قال غير هذا فقد وَهِمَ، وتعينَ حمل هذا على عمومه، إلا ما خصَّهُ دليلٌ يصحُّ تخصيصُه هنالك، حسب ما ذكرناه وحققناه هناك. فأما مَن حمله على عمومه، فاستثنى الحطب، والقصب، والحشيش، فلا يقال: إنه تخصيص، لأنه قال: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ}، فإنَّما أوجبَ إيتاءُ الحق فيما يؤكل، وإلى هذا النحو أشار حمَّاد، وعليه دار من قال: مالُه ثمرةُ باقية، ولكنه خصه بالمُقتَات، بإشارة قوله: {يَوْمَ حَصَادِهِ} وكأنه أشار بيوم الحصاد إلى يوم يرفع إلى الجَرِين. =

........................... ¬

_ = يقول العبد الضعيف: وهذه العبارة كلها -كما ترى- في العموم في الخارج من الأرض، لا في حق العموم في المقدار، فإنه لم يتعرض فيها إلى العموم الثاني، ولو بحرف، ألا ترى أنه يذكره في باب زكاة الخَضراوات وغيرها، وهو العموم الأول دون الثاني، وكذلك استثناؤه للحطب والقصب، يُعيِّنُ مراده في المستثنى منه، وهو العموم في الأجناس والأنواع دون المقدار. ثم صرح بعد ذلك بتقويته مذهبَ الحنفية، فأخذتهم عجلةً، كما تأخذ المرء عند الظَّفَرِ بالمقصود، فحملوها على العموم في المقدار، وزعموا أنه يُؤيدُهم في مسألة اشتراط النصاب أيضًا، مع أنه لم يتكلم في تلك المسألة بحرف. وأقوى المذاهب في المسألة مذهب أبي حنيفة رحمه الله دليلًا. وأحوطها للمساكين. وأولاها قيامًا بشكر النعمة، وعليه يدل عموم الآية، والحديث، أي "فيما سقت السماء والعيون العُشر" ... إلخ. وقد رَام الجُويني على تحقيقه أن يُخرِجَ عمومَ الحديث من بين يدي أبي حنيفة رحمه الله، بأن قال: إن هذا الحديث لم يأت للعموم، وإنما جاء بتفصيل الفرق بين ما تقل مُؤنَتُه وتكثُر، وبدأ في ذلك وأعاد، وليس يمتنعُ أن يقتضي الحديثُ الوجهين: العموم، والتفصيل، اهـ. وعبارته من الموضع الثاني ذكرها في باب صدقة الزرع والتمر والحبوب وهذا نصه: إن في قوله: "فيما دون خمسة أوسق" دليلٌ على أن وجوبَ الصدقة في كل شيءٍ يجري فيه الوَسق والصاع، قال الله تعالى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ}، وقال: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} وقال عليه الصلاة والسلام: "ليس فيما دون خمسة أوسق صَدَقة" فخرج ما دون النصاب من الآية ... إلخ، وهذا لأن كان فيه نحو تعرض إلى مسألة النصاب، إلا أن الآية فيه ليست التي ذكرها في باب زكاة الخَضْراوات، والبحث إنما هو في عمومِها، هل هو في حق الأنواع والنصاب كليهما، أو في حق الأنواع فقط؟ ثم لا يذهب عليك أنه ذكر العمومَ في الآية، والحديث كليهما. ثم رد على الجُوَيني في إخراجِهِ عمومَ الحديث فقط من يد أبي حنيفة رحمه الله، ولم يتعرض فيه إلى عموم القرآن أصلًا، كما يظهر من تقريره، فاحفظه، فإنَّه قد يسري إلى الوهم أن رده على من أراد أن يخرح من يده عموم الآية، وليس فيه ذلك، ولا لوم فيه، فإنه من سجية الإِنسان أنه إذا ظَفِرَ بمقصوده تأخذه عجلةٌ تمنعُه عن الفحص والإمعان، فهذه عبارته من "شرحه للترمذي". أما عبارته في "تفسيره"، فمن تفسير تلك الآية، وقد أفادت هذه الآية: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ} [الأنعام: 141] إلخ وجوبَ الزكاة فيما سمَّى الله سبحانه، وأفادت بيانُ ما يجب فيه من مُخرَجَات الأرض التي أجملها في قوله: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267] وفسرها ههنا، فكانت آية البقرة عامة في المخرج كله، مجملةٌ في القَدر، وهذه خاصة في مُخرَجَات من الأرض مجملةٌ في القدر، فبينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الذي أمر بأن يُبينَ للناس ما نُزِّل إليهم، فقال: "فيما سقت السماء العُشْر، وما سقي بنَضحٍ أو دالية نِصفُ العُشر" فكان هذا بيانًا لمقدار الحق المجمل في هذه الآية، وقال أيضًا - صلى الله عليه وسلم -: "ليس فيما دون خمسةِ أوسقٍ من حَبٍّ أو تمرٍ صدقة" خرجه مسلم وغيره، فكان هذا بيانًا للمقدار الذي يؤخذ منه الحق، وهو الذي يُسمَّى في ألسنةِ العلماء نصابًا. اهـ. فهذه العبارة كما ترى تنادي بأعلى نداءٍ: أنه لم يعتبر العموم في قوله: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} في حق النصاب، وإنما أجراه في مُخرَجاتٍ من الأرض. فتلك من مُبدِعَات الشيخ رحمه الله، حيث كان الناسُ يفرحونَ ويفتخرون بتأييد القاضي لهم، فلما أبرزه الله على وجه الأرض، جاء وكشف عن حقيقة الحال من غير مرية، ولا دعوةِ نزال، فإن كنتَ ربَّ هذه الضالة فخذها مِن مُنشِدٍ غير ممتنٍ، وإلا فسوف يأخذها ربَّها إن شاء الله تعالى.

31 - باب على كل مسلم صدقة، فمن لم يجد فليعمل بالمعروف

31 - باب عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ 1445 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ». فَقَالُوا يَا نَبِىَّ اللَّهِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ «يَعْمَلُ بِيَدِهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ». قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ «يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ». قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ. قَالَ «فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ، وَلْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّهَا لَهُ صَدَقَةٌ». طرفه 6022 - تحفة 9087 1445 - قوله: (ليمسك عن الشر) يعني إن عَجَزَ أن يأتي بصدقة وُجُودية، فلا يعجِزُ عن سلبية، وفيه تنزيل من فن البديع، كما في قوله: *وخيل قد دلفت لهم بخيل ... تحية بينهم ضربٌ وجيعُ ليس فيه تشبيه الضرب الوجيع بالسلام، بل فيه تنزيله مكان السلام، وعليه قوله صلى الله عليه وسلّم «منْ لم يتغن بالقرآنِ فليس مِنَّا»، يعني مَنْ لم يجعل القرآنَ مكان غنائه، فهو كذا، فينبغي للإِنسان أن يريحَ قلبَهُ بالقرآن، مكان الغناء، فإنَّ من سجية الإِنسان أنه إذا ضَجِر يُسلي همومَه بنحو الغناء، فعلَّمَه الشرعُ أن الذي يَليقُ به أن يطلبَ سكون قلبِهِ وراحته من القرآن، مكان الغناء، وسمَّاه بعضهم ادّعاءً، وليس بجيد، ولو سَمَّاه قيام الشيء مَقَام غيره لكان أدلّ على مُرَاده. 32 - بابٌ قَدْرُ كَمْ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ، وَمَنْ أَعْطَى شَاةً 1446 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ بُعِثَ إِلَى نُسَيْبَةَ الأَنْصَارِيَّةِ بِشَاةٍ فَأَرْسَلَتْ إِلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - مِنْهَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عِنْدَكُمْ شَىْءٌ». فَقُلْتُ لاَ إِلاَّ مَا أَرْسَلَتْ بِهِ نُسَيْبَةُ مِنْ تِلْكَ الشَّاةِ فَقَالَ «هَاتِ فَقَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا». طرفاه 1494، 2579 - تحفة 18125 قوله: (ومن أعطى شاة) ... إلخ، إنما ذكرها تبعًا للحديث على عادة المصنف رحمه الله، في تراجمه. وكَرِه الحنفية أن يعطيَ أحدًا قَدْر النِّصاب، وراجع تفصيله من الفقه، فقد بلغت مَحِلَّها، فهو على وزان قوله تعالى: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] يعني أن تلك الشاة قد قطعت المسافة التي وجبتْ لها. وحاصله: أنك أديتَ زكاتَه، وما جاء قبلنا فهو هدية. وفيه دليلٌ على أنَّ تبدلَ المِلك يُوجبُ تبدل العين، ولكنه ليس بمطَّردٍ، وفيه استثناء. ففي «البداية» من البيوع الفاسدة: أن المشتري لو ربح بالمبيع في البيع الفاسد لا يَطيبُ له نفعه، بخلافِ البائع فيما ربح في الثمن، فإِنه يطيب له، ثم ذكر الفرق بينهما. وراجع ترجمة الشاه ولي الله «للموطأ» من البيوع، فإنه حرَّر

33 - باب زكاة الورق

هناك أصولا لعلها تنفعك في مواضع. وأما أنا فلا أدخل في هذا الباب، ولا أتعرضُ إلى بيانِ الضوابط من قبلي. واعلم أنه ما من فنٍ إلا ولي فيه رأيٌ غير الفقه، فإني فيه مقلدٌ صِرْفٌ، ولا أرى فيه حقًا، إلا لمن حصل له الاجتهاد. 33 - باب زَكَاةِ الْوَرِقِ 1447 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِىِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ مِنَ الإِبِلِ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ». أطرافه 1405، 1459، 1484 - تحفة 4402 - 144/ 2 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو سَمِعَ أَبَاهُ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا. تحفة 4402 34 - باب الْعَرْضِ فِى الزَّكَاةِ وَقَالَ طَاوُسٌ قَالَ مُعَاذٌ - رضى الله عنه - لأَهْلِ الْيَمَنِ ائْتُونِى بِعَرْضٍ ثِيَابٍ خَمِيصٍ أَوْ لَبِيسٍ فِى الصَّدَقَةِ، مَكَانَ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ، وَخَيْرٌ لأَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَأَمَّا خَالِدٌ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتُدَهُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ». وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ». فَلَمْ يَسْتَثْنِ صَدَقَةَ الْفَرْضِ مِنْ غَيْرِهَا، فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِى خُرْصَهَا وَسِخَابَهَا، وَلَمْ يَخُصَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ مِنَ الْعُرُوضِ. 1448 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى ثُمَامَةُ أَنَّ أَنَسًا - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - كَتَبَ لَهُ الَّتِى أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - «وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ، وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا، وَعِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَيْسَ مَعَهُ شَىْءٌ». أطرافه 1450، 1451، 1453، 1454، 1455، 2487، 3106، 5878، 6955 تحفة 6582 1449 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ، فَرَأَى أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعِ النِّسَاءَ، فَأَتَاهُنَّ وَمَعَهُ بِلاَلٌ نَاشِرَ ثَوْبِهِ فَوَعَظَهُنَّ، وَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَتَصَدَّقْنَ، فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِى، وَأَشَارَ أَيُّوبُ إِلَى أُذُنِهِ وَإِلَى حَلْقِهِ. أطرافه 98، 863، 962، 964، 975، 977، 979، 989، 1431، 4895، 5249، 5880، 5881، 5883، 7325 - تحفة 5883

35 - باب لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع

واعلم أن أداءَ السِّنِّ المُسمَّى في الشرع صحيح بالإِجماع، وإنما الخلافُ في دفع القِيَم، فجاز عندنا الاستبدال بالقيمة، إلا في الهدايا والضحايا، كما في «الكنز»، وذلك لأن المقصودَ ههنا الإِراقة، وذا لا يحصل بالقيمة. وإليه مال البخاري كما صرح به ابن رشيد في تراجمه، والشيخ ناصر الدين بن المُنَيِّر، والحافظ في «الفتح». قوله: (قال معاذ لأهل اليمن: ائتوني بعرض ثياب: خميص، أو لبيس هناوا في الصدقة مكان الشعير والذرة) قال الحافظ: إنه لم يكنْ زكاة: بل كان جِزْية. قلتُ: بل ذِكرُ الشعير والذرة تُشعِرُ بكونها مسألة العُشْر دون الجِزْية، ومسألة العُشْر والزكاة عندنا واحدة. والظاهرُ أنها كانت صدقةُ الفِطْر، ولا بأس بها عند المصنف رحمه الله على ما علمتَ من توسُّعِهِ في الاستدلال، فساغ له أن يتمسك من الاستبدال في صدقة الفِطْر على جَوَازِ الاستبدال في الزكاة أيضًا. قوله: (وأما خالد فقد احتبس أدراعه) وهذه القِصة طويلة، وفيها وقْفُ المنقولِ، فيُحمل على ما اختارَه محمدٌ: أنه صحيح بشرائطه في الفقه. أو يقال: إنه إرصاد، وهو غير الوقف، ثم الإِرصاد وإن لم يبوِّبوا له، لكنه مذكورٌ في ذيل المسائل، ومعناه حبسُ شيءٍ لمصالح، كالخيل وغيره. ثم ليس فيه ما يدلُ على أنَّ الوقفَ عدَّ من زكاته أولا، بل فيه أن خالدًا ليس عنده شيء تجبُ عليه الزكاة، فلم تطلبون منه الزكاة؟ لا أنه كان وَقَفَ مالَه فاعتد عن زكاته، فإِنها مسألة أخرى، لم يبحث عنها ههنا. (ولم يستثن) ... إلخ، أي لم يفصل، وجعلها كلها سواءً. ثم إن المصنف أخرج حديثًا يدلُ على الاستبدال صراحةً، ولكنه لا يردُ على الشافعية: فإِنَّهم قالوا: إن هذا الاستبدال جائز لورودِ النص به، وإنما أنكروا في غير ما ورد به النص، فأوجبوا فيه العَين خاصَّةً، ولم يجيزوا بالاستبدال، إلا أن المصنف تمسك به على العموم. ثم إن حديث محمد بن عبد الله هذا عن أبيه، أخْرَجَه المصنفُ، ولم يخرجه مسلم، لأن عبد الله بن المثنى الأنصاري منسوبٌ إلى سوء حِفْظِه، وهو من أخصِّ تلامذة زُفَر، فيمكنُ أن يكونَ قويًا عنده، أو يكون اعتمد على فقاهتِهِ. 1448 - قوله: (عشرين درهمًا أو شاتين)، وثبت من تلك المُعادلة أنَّ الحسابَ فيه تقريبي. 35 - باب لاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَيُذْكَرُ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلُهُ. 1450 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى ثُمَامَةُ أَنَّ أَنَسًا - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - كَتَبَ لَهُ الَّتِى فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَلاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ». أطرافه 1448، 1451، 1453، 1454، 1455، 2487، 3106، 5878، 6955 تحفة 6582 - 145/ 2

36 - باب ما كان من خليطين، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية

36 - بابٌ مَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَقَالَ طَاوُسٌ وَعَطَاءٌ: إِذَا عَلِمَ الْخَلِيطَانِ أَمْوَالَهُمَا فَلاَ يُجْمَعُ مَالُهُمَا. وَقَالَ سُفْيَانُ لاَ يَجِبُ حَتَّى يَتِمَّ لِهَذَا أَرْبَعُونَ شَاةً، وَلِهَذَا أَرْبَعُونَ شَاةً. 1451 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى ثُمَامَةُ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - كَتَبَ لَهُ الَّتِى فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ». أطرافه 1448، 1450، 1453، 1454، 1455، 2487، 3106، 5878، 6955 تحفة 6582 قال الجمهور (¬1): إن المرادَ من المتفرقِ والمجتمعِ بحَسَب المكان، أي ما كان متفرقًا في ¬

_ (¬1) قلت: ولم أر أحدًا بسط الكلام في شرح هاتين الجملتين، كما بسطه أبو عبيد، فألحقتُه، إيضاحًا للبيان، ولم أخش من التطويل والإِسهاب، وأتيت بغُرر النقولِ من غيره أيضًا، فإن المقامَ مَزَالُّ الأقدام، ولا تجدها في غير هذا التعليق إن شاء الله تعالى. قال أبو عبيد: وقد تكلمت العلماء في تفسير الجمعِ بين المتفرق، والتفريقِ بين المجتمِعِ قديمًا، فمنهم الأوزاعي، وسفيان، ومالك بن أنس، والليث بن سعد. قال: فحدثني هشام بن إسماعيلِ الدمشقي، عن محمد بن شعيب، عن الأوزاعي، قال: قوله: "لا يفرق بين مجتمع، يقول: لا ينبغي للمُصّدِقَ إذا كان نفرٌ ثلاثة، لكل واحدٍ منهم أربعونَ وشاةً، وهم خُلطاءَ أن يأخذَ منهم أكثر من شاةٍ واحدةٍ، ولا يفرق بينها ثم يأخذ من كل أربعين واحدةً. ثم قال: وقوله: "ولا يُجمع بين متفرق" يقول: إذا كان لكلِ رجلٍ أربعون شاة على حدة، فلا ينبغي لهم أن يجمعوها، فيجِدُها المُصَّدِق مجتمعة، فلا يأخذُ منها إلا شاةً، والواجب عليهم فيها ثلاث. هذا قول الأوزاعي. قال: وأخبرني ابنُ بكير عن مالك بن أنس، في قوله: "لا يجمع بين متفرق" مثل قول الأوزاعي سواء، وخالفه في الوجه الآخر. قال: وقوله: "لا يفرق بين مجتمع" هو أن يكونَ الخليطان لهما مائتا شاةٍ وشاة، فيجبُ عليهم في ذلك ثلاثُ شياه، فيفرقان غنمهما حتى لا يجبُ على كل واحد منهما إلا شاة، فهذا قول مالك. وأما سفيان بن سعيد، فالذي يروي عنه أصحابنا -وهو المعروف من قوله- أنه قال في قوله: "لا يجمع بين متفرق" مثل قول الأوزاعي، ومالك سواء، لم يختلفوا في هذه الخَلَّة. قال: وأما قوله: "لا يفرق بين مجتمع" فإنه أن يكون عشرون مائة شاة لرجل واحدة، فلا ينبغي للمُصَّدِق أن يُفرِّقها ثلاث فِرق، ثم يأخذ من كل أربعين شاة؛ ولكن يأخذ منها جميعًا شاةً واحدة، لأنها مِلك لإِنسانٍ واحد؛ فهذا قول سفيان -وعليه أهل العراق-. قال: حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، قال: قوله: "لا يفرق بين مجتمع" هي أن تكون أربعون شاة بين خليطين، فلا يُفرَّقُ بينهما في الصدقة؛ ولكن تؤخذ منهما شاة، لأنهما خليطان. قال أبو عبيد: وأحسَبُه قال في قوله "لا يجمع بين متفرق" كقول الآخرين، فاجتمعوا أربعتهم: الأوزاعي، وسفيان، ومالك، والليث، في تأويل الجمع بين المتفرق؛ واختلفوا في التفريق بين المجتمع. فذهب مالكٌ وحدَه إلى أن النهي في الخلتين جميعًا، إنما وقع على أرباب المال، وتأولهما الآخرون. إن إحداهما لرب المال، والأخرى للمصدق. قال أبو عبيد: والوجه عندي في ذلكَ ما اجتمع عليه هؤلاء، لأن العُدوان لا يُؤمَنُ من المُصَّدِق، كما أنَّ الفِرَار من الصدقة لا يُؤمَنُ من رب المال، فأوعز النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهما جميعًا؛ وهو بَين في الحديث الذي ذكرناه عن سويد بن غَفَلَة حين حدث عن مُصدق النبي - صلى الله عليه وسلم - إنه قال: "إن في عهدي أن لا أفرقَ بين مجتمعٍ ولا أجمعَ بين متفرِق"، فقد أوضح لك هذا: بأن النهي للمصَّدِق. =

المكان، لا ينبغي له أن يُجمعَ في مكان واحد، وكذلك ما كان مجتمعًا في مكان لا ينبغي له أن ¬

_ = وقوله: حذار الصدقة: يبين لك أن النهي لأربابِ المال، فإذا كانت الماشية بين خليطين، فإن فيها بين أهل الحجاز، وأهل العراق، والشام اختلافًا في التأويل، وفي الفُتيَا، مع آثار جاءت بتفسيرها. قال: حدثنا أبو الأسود عن ابن لِهيعة، قال: كتب إليَّ يحيى بن سعيد: أنه سمع السَّائبَ بن يزيد يُحدثُ عن سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "الخليطان ما اجتمع على الفحل والمرعَى والحوض". قال أبو عبيد: قال أبو الأسود: وكل شيء حدَّث به ابن لَهيعة عن يحيى، فإنَّما هو كتابٌ كَتَبَ به إليه. قال: حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث، عن يحيى بن سعيد، قال: "الخليطان ما اجتمع على المرعى والحوض والفحل"، ولم يُسنده الليث. قال: وحدثنا هشام بن إسماعيل، عن محمد بن شُعيب، قال: سمعت الأوزاعي يقول: إذا جمعهما الراعي، والفحل، والمُرَاح فذلك الخليطان. قال: وحدثنا يحيى بن بُكير، عن مالك بن أنس، قال: "الخليطان أن يكونَ الراعي واحدًا، والفحلُ واحدًا، والمراح واحدًا"؛ قال: والخليطان في الإِبل مثل ذلك. قال أبو عبيد: وهذا كله قول أهل الحجاز. وأهل الشام: إن الخليطين يُجمع ما لهما في الصدقة. وتفسير ذلك: أن تكون ثمانون شاة بين نفسين أو خليطين، أو يكون عشرون ومائة شاة بين ثلاثة نفر، وهم خلطاء في المرعى، والفحل، والمورد، فليس يكون فيها كلها عندهم إلا شاةٌ واحدةٌ، يَلزمُ كل واحدٍ منهم سهمٌ من قيمةِ تلك الشاة، على قدر حصته من عدد الغنم، فهذا عندهم هو تأويل قوله: "لا يفرق بين مجتمع"، وتأويل قوله: "وما كان من خليطين فإنَّهما يتراجعان بينهما بالسَّوية". وخالفهم سفيان، وأهل العراق في التفسير، فقالوا: إنما التفريقُ بين المجتمع، والجمعُ بين المتفرق على المِلك، لا على المخالطة، فقالوا: في ثمانين شاة -بين خليطين- شاتان؛ وفي عشرين ومائة -بين ثلاثة خلطاء- ثلاث شياه. قال أبو عُبيد: والذي عندي في ذلك ما تأوله أولئك للحديث الذي ذكرناه عن ابن لَهِيعة مرفوعًا، مفسرًا، في المرعى، والحوض، والفحل، مع ما فسره يحيى بن سعيد، والأوزاعي، ومالك والليث؛ ويصدِّق ذلك كله الحديث الذي يحدثه معاوية بن حَيدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال: حدثنا ابن أبي زَائدة، عن بَهز بن حكيم بن معاوية، عن أبيه، عن جده: أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: "في كل إبل سائمة، في كل أربعين منها ابنة لَبُون، لا تفرق عن حِسابها". قال أبو عُبيد: فإذا كانت هذه الأربعون من الإِبل بين خلطاء ثمانية، لكل واحد منهم خمس، فإنَّ الذي يجبُ عليها -في قول من نظر إلى المِلك- ثمانٍ من الغَنَم عن كل رجلٍ شاة. وقد قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "في كل أربعين بنت لَبُون، لا تفرق عن حِسابها" فأيُّ تفريقٍ أشدُ من نقلها من أسنان الإِبل إلى الغنم؟ وهو - صلى الله عليه وسلم - لم يشترط في حديثه: إذا كانت مِلك واحدٍ، ولا أكثر منه، إنما ذكرَ عددها مجتمعةً؛ وإنما ذهب من نظر في المِلك تشبها بصدقةِ الذهب، والوَرِقِ، والحب، والثمارِ، وقد جاءت السنة في الماشية بخصوصية لها دونَ غيرها. ألا تَرَاه - صلى الله عليه وسلم - لم يشترط النهي عن الجمع بين المتفرق، والتفريق بين المجتمع، ولم يأمر بتراجُع الخليطين إلا في المواشي خاصة، فإذا صيرت سننها كسنة غيرها بطل شرطه فيها. ولما كان لما سَنَّ من ذلك معنى؛ وليس لأحدٍ إبطالُ هذا القول من سنته، ولا تقاسُ السننُ بعضها ببعض؛ ولكن تمضي كل سنة على جهتها. قال أبو عُبيد: وكل هذا الذي حكينا عنهم في أمر الخلطاء، فإنَّما ذلك أن يكونَ كلُ واحدٍ من الخليطين مالكًا لأربعين شاة فصاعدًا، فأما إذا كان أحد الخليطين لا يبلُغ مِلكه أربعين، فإنَّ الأَوزاعي، وسفيان، ومالك بن أنس اجتمعوا على أنه لا صدقة عليه. قالوا: وتكون الصدقة على الآخر المالكِ للأربعين، فما زادت، ولا مرجِعَ له على الآخرِ بشيء في قولهم. وخالفهم الليثُ بن سعيد؛ فقال: إذا كَمُلت الأربعون بين خليطين، ففيها شاة عليهما؛ =

يُفرِّقه في أمكنته. وذلك لأن الجمعَ والتفريقَ بحسَبَ الأمكنة مؤثرٌ عندهم في زيادة الواجب ونقصانه. ¬

_ = قال: وهو تأويلُ قولِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يفرق بين مجتمع"، وتكون هذه الشاة بينهما على قدر حصصهما من الغنم. قال أبو عُبيد: وتفسير ذلك أن يكونَ لأحدهما ثلاثون شاة - وللآخر عشر، فتجبُ عليهما شاةٌ، ثم يتراجعان، وهو أن يَرجِعَ صاحب العُشر على رب الثلاثين بِرُبع قيمة الشاة، حتى يكونَ إنما يلزمه رُبعها، ويلزِمُ الآخر ثلاثةُ أرباعِهَا، على قَدر أموالهما؛ فإن كانت الشاةِ المآخوذةُ في الصدقة من مال صاحب العُشر رَجَعَ على صاحب الثلاثين بثلاثة أرباعِ قيمتها، وإن كانت من مال صاحب الثلاثين رجع على صاحب العُشر برُبع قيمتها في مذهب الليث وتفسيره. فهذا وما أشبهه تأويل قولِهِ: "وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية" في مذهب قول الليث. وأما الأَوزاعي، ومالك فذهبا إلى أنَّ معنى هذا: إنما هو إذا بلغ مِلك كل واحدٍ منهما أربعين فزائدًا؛ وذلك كخليطين بينهما مائة شاة، لأحدهما ستون، وللآخر أربعون، ففيها على قولهما شاة واحدة، يكون على صاحب الأربعين خمساها، وعلى رب الستين ثلاثة أخماسها؛ وقال سفيان: وأهلَ العراق سوى ذلك كله في المسألتين جميعًا، قالوا في الأربعين -بين خليطين-: لا شيء على واحدٍ منهما، فخالفوا الليث في هذا الموضع، وقالوا في المائة -بين الخليطين-: فيها شاتان، على صاحب الأربعين واحدةٌ، وعلى صاحب الستين أخرى؛ وتركوا التراجع بينهما، فخالفوا الأوزاعي، ومالكًا ههنا. قال أبو عُبيد: وأنا مبين مذهبَ كل واحدٍ منهما إن شاء الله: أما قول الأوزاعي، ومالك، فإنهما نظرا في الأربعين، فما دونها. إلى الملك، ولم يعتدَّا بالمُخالطة، ونظرًا في الزيادة على الأربعين إلى المُخالطة، ولم يعتدا بالملك؛ وفي هذا القول ما فيه. وأما أهل العراق، فقولهم يشبه أولُه آخره في نظرهم إلى المِلك، وتركهم الاعتداد بالمُخالطة، إلا أن في ذلك إسقاطُ سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقول عمر بن الخطاب في التراجع بين الخليطين، وليس لأحدٍ تركُ السنة. وأما قول الليث، فإنه عندي متَّبعٌ للحديث في مراجعة الخليطين؛ وهو مع هذا يُوَافق قوله بعضه بعضًا، ولا يتناقصُ بتركه النظر إلى المِلك في قليل ذلك وكثيره، واعتماده على المخالطة والاجتماع في الأربعين، فصاعدًا. ومما يُحسِّنُ قوله: ما ذكرنا عن عمر في صدقة الغنم. حين أَمَرَ أن يعتدَّ عليهم بالبَهمَة، لما يدع لهم من الماخض، والربى، والفحل، وشاة اللحم؛ فرأى أنه يلزمهم التغليظ، كما كانت لهم الرخصة. يقول الليث، أو من احتج له: فكذلك الخليطان، إذا كانت بينهما أربعون، لزمها التغليظ، فكانت عليهما الصدقة، كما تكون لهما الرخصة في ثمانين شاة بينهما. ثم لا يكون عليها فيها إلا واحدة، وكذلك عشرون ومائة بين ثلاثة خُلطاء، لا يكون عليهم فيها إلا شاة، على كل واحد منهم ثلثها، فيكون هذا بذاك. وقد رَوي عن طاوس وعطاء قولٌ سِوَى ذلك كلَّه. قال: حدثني حَجَّاج، عن ابن جُرَيج، قال: أخبرني عمرو بن دينار، عن طاوس. قال: "إذا كان الخليطان يعلمان أموالَهما، لم يُجمع مالُهما في الصدقة" قال: فذكرته لعطاء فقال: ما أرَاه إلا حقًا. قال أبو عُبيد: وتأويل ذلك: في أربعين شاة تكون بين اثنين، يقولون: فإن كانا شريكين، وكانت الغنمُ بينهما شائعةً غير مقسومةٍ فعليهما الصدقة، لأن مالَ كل واحدٍ منهما ليس بمعلومٍ من مال شريكه، فإذا كان المالان معلومين، وهما مع هذا خليطان، فلا صدقةَ عليهما، ففرَّقَا الحكم فيما بين الشركاءِ والخلطاء. ولا أعلم أحدًا يقول اليومَ بهذا. =

وتفصيله: أن أربعينَ شاةً لو كانت بين رجلين مناصفةً تجبُ عليها شاةٌ واحدةٌ عند ¬

_ = قال أبو عُبيد: وقد قال بعض أهل العراق بسوى ما اقتصصنا. قال الخليطان: هما الشريكان بأعيانهما اللذان لا يُعرف هذا ماله من مال صاحبه، وذلك كعشرين ومائة شاة بين نفسين لأحدهما ثلثاها، وللآخر ثلثها، وهي مُشَاعةٌ بينهما غير مقسومَةٍ، فإنَّ المُصَّدِقَ يأخذ منها شاتين، فيرجع صاحب الثلثين -لأنه مالك لثمانين شاة- على صاحب الثلث، لأن مِلكه إنما يكون أربعين شاة، فيأخذ منه ثلاث شِيَاه، وذلك أنه يقول: قد أخذ من مالي شاةٌ وثلث، وأخذ منك ثُلثا شاة، فالواجب عليكَ مثل الذي يجب عليَّ سواء، إنما هو شاة عليَّ، وشاة عليك، فلهذا يرجِعُ عليه بالثلث [من ص 393 إلى ص 400 "كتاب الأموال"]. قال الخَطَّابي: وقد اختُلف في تأويله، فقال مالك: هو أن يكون لكلِ رجلٍ أربعون شاة، فإذا أظلهم المُصَّدِقَ جمعوها لئلا يكون فيها إلا شاة واحدة "ولا يفرَّقُ بين مجتمع" أن الخليطين إذا كان لكلِ واحد منهما مائة شاة وشاة، فيكون عليهما فيه ثلاثُ شياه، فإذا أظلهما المُصَّدِق فرَّقا غنمهما، فلم يكن على كل واحد منهما إلا شاة. وقال الشافعي: الخطاب في هذا خطاب للمُصَّدِّق ولرب المال معًا. وقال: الخشيةُّ خشيتان: خشيةُ الساعي أنْ تَقِلَّ الصدقة، وخشيةُ رب المال أن تكثر الصدقة، فأمر كلَّ واحد منهما أن لا يُحدث في المال شيئًا من الجمع والتفريق، خشية الصدقة. قوله: "وما كان من خليطين فإنَّهما يتراجعان بينهما بالسوية فمعناه أن يكونا شريكين في إبلٍ يجبُ فيها الغنم، فوجد الإِبلَ في يدي أحدهما، فتؤخذُ منه صدقتها، فإنَّه يرجع على شريكه بحصته على السوية. وفيه دَلالة على أن الساعي إذا ظلمه فأخذَ منه زيادة على فرضه، فإنَّه لا يرجعَ بها على شريكه، وإنما يَغرمُ له قيمةُ ما يخُصُّه من الواجب دون الزيادةِ التي هي ظلمٌ، وذلك معنى قوله: "بالسوية". وقد يكون تراجعهما أيضًا من وجه آخر، وهو أن يكون بين رجلين أربعونَ شاة لكله واحدٍ منهما عشرون، وقد عَرَف كلَّ واحدٍ منهما عينَ ماله، فيأخذ المُصَّدِّق من نصيب أحدهما شاة، فيرجعُ المأخوذُ من مالِهِ على شريكه بقيمةِ نِصفِ شاة؛ وفيه دليل على أن الخُلطة تصح مع تميُّز أعيان الأموال. وقد رُوي عن عطاء وطاوس أنهما قالا: إذا عرفَ الخليطان كلَّ واحدٍ منهما أموالهما فليسا بخليطين. وقد اختلف مالك، والشافعي في شرط الخُلطة، فقال مالك: إذا كان الراعي والفحل والمراح واحدًا فهما خليطان، وكذلك قال الأَوزاعي. وقال مالك: فإنَّ فرَّقَهُما المبيت، هذه في قريةٍ وهذه في قرية، فهما خليطان. وقال الشافعي: إن فرَّق بينهما في المراح فليسا بخلطين، واشترطَ في الخلطة المُرَاحَ والمسرحَ والسقيَ، واختلاط الفحولة. قال: إذا افترقا في شيء من هذه الخِصال فليسا بخليطين، إلا أن مالكًا قال: لا يكونان خليطين حتى يكونَ لكلِ واحدٍ منهما تمام النِّصاب. وعند الشافعي إذا تمَّ بماليهما نصاب، فهما خليطان، وإن كان لأحدهما شاة واحدة. انتهى: (ص 28 - ج 2 "معالم السنن"). قال ابن الهُمَام: وقد اشتمل كتابُ الصِّدِّيق، وكتاب عمر على هذه الألفاظ. وهي: ما كان من خليطين فإنَّهما يتراجعان بالسوية، ولا يُجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع مخافة الصدقة، ولا بأس ببيان المراد، إذا كان مبنى بعض الخلاف، وذلك إذا كان النصاب بين شركاء، وصحت الخُلطة بينهم باتحاد المسرحِ، والمَرعى، والمُرَاح، والراعي، والفحل، والمحلب، تجب الزكاة فيه عنده، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُجمع بين متفرق" ... الحديث. وفي عدم الوجوبِ تفريقُ المجتمع. وعندنا لا تجب، وإلا لو وجبت على كل واحدٍ فيما دون النصاب لنا هذا الحديث، ففي الوجوب الجمع بين الأملاك المتفرقة، إذ المراد الجمعُ والتفريق في الأملاك، لا الأمكنة، ألا ترى أن النِّصاب المفرَّقُ في أمكنة مع وحدة المِلك تجب فيه؟. =

الجمهور، بشرط الاتحاد في الأشياء التِّسع المذكورة في كتبهم. من الراعي والمَرْعى والمحلب ¬

_ = ومَن مَلك ثمانين شاةً ليس للساعي أن يجعلَها نصابين، بأن يفرقها في مكانين، فمعنى: "لا يفرق بين مجتمع" أنه لا يفرق الساعي بين الثمانين مثلًا أو المائة والعشرين ليجعلها نصابين، وثلاثة. "ولا يُجمع بين متفرق"، لا يجمع مثلًا بين الأربعين المتفرقة بالملك، بأن تكون مشتركة ليجعلها نصابًا، والحال أن لكل عشرين. قال: "وما كان بين خليطين" ... إلخ، قالوا: أراد به إذا كان بين رجلين -إحدى وستون- مثلًا من الإِبل، لأحدهما ست وثلاثون، وللآخر خمس وعشرون، فأخذ المُصَّدِّق منهما بنتَ لَبون وبنت مخاض، فإنَّ كلَّ واحدٍ يرجعُ على شريكه بحصة ما أخذه الساعي من ملكه زكاةَ شريكه، والله أعلم. انتهى. (ص 496 - ج 1 "فتح القدير"). وفي "المعتصر" ص 85 - ح 1: تنازعَ أهلُ العلم في المراد بهذا الحديث تنازعًا شديدًا. حكى المُزَني عن الشافعي أن الشريكين اللذين لم يَقسِما الماشية خليطان، وقد يكونان خليطين بتخالط ماشيتهما، من غير شركة، لكن لا يكونان خليطين حتى يريحا ويسرحا ويحلبا ويسقيا معًا، وتكون فحولهما مختلطة، فإذا كانا هكذا صُدِّقا صدقةَ الواحدِ في كل حال، ولا يكونان خليطين حتى يحولَ الحولُ عليهما من يوم اختلطا، ويكونان مسلمين. وإن تفرقا في شيء مما ذكرنا، قبل أن يحولَ الحولُ، فليسا بخليطين، ويُصدَقان صدقة الاثنين. ومعنى قوله: "لا يفرق" إلى آخره، لا يفرق بين ثلاثة خلطاء في عشرين ومائة، وإنما عليهم شاةٌ، لأنها إذا فُرقت كان فيها ثلاث. "ولا يُجمع بين مفترق"، رجل له مائة وشاة، ورجل له مائة شاة، فإذا زُكِّيَا مفترقتين ففيهما شاتان، وإذا جُمعتا ففيهما ثلاث شياه، فالخشية خشية الساعي، أن تقلَّ الصدقة، وخشية ربِّ المالِ أن تكثُرَ الصدقة. قال الشافعي: ولم أعلم مخالفًا فيما إذا كان ثلاثة خلطاء، لو كانت لهم مائة وعشرون شاة، أخذت منهم واحدة، وصُدِّقُوا صدقةَ الواحِدِ، فنقَصُوا المساكينَ شاتين من مالِ الخُلطاء الثلاثة، الذين لو يُفرَّق مالهم، كان فيه ثلاث شياه. لم يجز. إلا أن يقولوا: لو كانت أربعون بين ثلاثة كانت عليهم شاة، لأنهم صُدِّقوا الخُلطاء صدقةَ الواحد، وهكذا القول في الماضية كلها والزرع والحائط. وأبو حنيفة وأصحابه يقولون في قوله: "لا يُفرَّق بين مجتمع": هو أن يكون للرجل مائة وعشرون شاة، فيكون فيها شاة واحدة، فإن فرَّقها المُصَّدِّق فجعلها أربعين أربعين، كان فيها ثلاث شياه، "ولا يُجمعُ بين مُفترِق"، هو رجلان يكون بينهما أربعون شاة، فإن جمعها كان فيها شاة، وإن فرقها عشرين عشرين، لم يكن فيها شيء. قلت: فلو كانا متفاوضين لم يجمع بين أغنامهما؟ قال: نعم، لا يجمع بينهما، وهو قول سفيان الثوري. فالذي ذُكِرَ عن أبي حنيفة والثوري دلَّ على أنهما لم يُرَاعِيا الاختلاط، ولكنهما يراعيان الأملاك، فدل هذا على أن ما ذكره الشافعي من أنه لا يعلَمُ مخالفًا إذا كان ثلاثةٌ خُلطاء، إلى آخره، قد كان فيه من المخالفين لذلك القول مَنْ ذكرناه، فاندفع ما احتج به لمذهبه. ثم إن الله تعالى ذَكَرَ الزكاة مثل ما ذكر الصلاة، والصيام، والحج، فقال: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [النور: 56] {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] و {عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97]، وكل ما افترض من هذه الأشياء تبيَّن به كلُّ مكلف عمن سواه، من غير اختلاط، فكذا الزكاة. ودل على أن الحُكم للمِلك قولُه تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [التوبة: 103] ... الآية. فإن أحدًا لا يَطهرُ بمال غيره، بل بمال نفسه، فإن قيل: فما معنى قوله عليه الصلاة والسلام: "وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان"؟. قلنا: يكون رجلان لهما مائة وعشرون شاة، لأحدهما ثلثاها، وللآخر ثلثها، فيحضر المُصَّدِّق فيطالبهما بصدقتها، ولا يكون عليه انتظار قِسمتها بينهما، فيأخذ منها شاتين، فيُعلم أنه قد أخذ من حصة صاحب الثمانين شاة وثلث شاة -وهو الذي كانت عليه شاة واحدة -وأخذ من حصة صاحب الأربعين ثلثي شاة -وهو الذي كان عليه من الصدقة شاة واحدة- فالباقي من حصة صاحبِ الثمانين ثمان وسبعون شاة وثلثا شاة، والباقي من حصة صاحب الأربعين إذا كان الراعي واحدًا، والمراح واحدًا، والدلو واحدًا، فالرجلان خليطان، ولا تجب الصدقة على الخليطين إلى تسعٍ وثلاثين، وهذا أولى من التأويل الذي ذكرناه قبل. =

وغيرها، حتى لو كانت أربعون شاة لأربعين رجلا، وكانت متحدة في الأشياء التِّسع تجبُ فيه شاة واحدة أيضًا. ثم اختلفَ هؤلاءِ في اشتراط النِّصاب لكلَ وعدمهِ، فَنَفاهُ الشافعي، كما عرفت من المثال المذكور. واعتبره مالك، فلا يجب عنده في الصورة المذكورة شيء ما لم يكن عند كل منهما نصاب تامٌّ. وأما عند الحنفية، فلا عبرة بالاتحاد في هذه الأشياء، ولا تأثيرَ له، وإنما الاعتبارُ بالمِلك. ويُسمَّى الأول بخُلطَةِ الجِوار، فإِنها ليست بخُلطة في الحقيقة، وإنما اعتبرت من جهة المكان، فنسبت إليه، وإنما تصح هذه الخُلطة عندهم عند الاتحاد في الأشياء المذكورة، ويُسمَّى الثاني بخُلطة الشُّيوع، وهي الخُلطة بحَسَبِ المِلك، فإذا كانت لرجلين ثمانون شاة، وليست بمُتَميزة في الأَملاك، تجبُ فيها شاتان عندنا. ونقَّح بعضهم الخلاف المذكور بأنَّ الزكاةَ عند الجمهور على القطائع، وعند الحنفية على الملاك. وتمسك الجمهور بالحديث المذكور، فإنَّه يدُل على أنَّ الجمعَ والتفريقَ بحَسَبِ المكان مؤثرٌ، ولذا نهى عنهما. فأجاب عنه الحنفية، وقالوا: معناه عندنا: «لا يجمع بين متفرق»، أي ¬

_ = وأما مالك فمذهبه في ذلك أنَّ تفسير قول عمر: "لا يُفرق بين مجتمع"، أن الخليطين يكون لكل واحد منهما مائة شاة وشاة، فيكون عليهما في ذلك ثلاث شياه، فإذا أظلهما المُصَّدِّق فرَّقا غنمهما، فلم يكن على كل واحد منهما إلا شاة واحدة. فنهى عن ذلك. قال مالك في الخليطين: إذا كان الراعي واحدًا والمراح واحدًا، والدلو واحدًا، فالرجلان خليطان، ولا تجبُ الصدقة على الخليطين حتى يكونُ لكل واحدٍ منهما ما تجب فيه الصدقة. تفسير ذلك: أنه إذا كان لأحدِ الخليطين أربعون شاة، وللآخر أقل من أربعين شاة، لم يكن على الذي له أقل من أربعين شاة صدقة، وكانت الصدقة على الذي له أربعون. وإن كان لكل واحد منهما من الغنم ما تجب فيه الصدقة جميعًا، فكان لأحدهما ألف شاة أو أكثر، أو أقل، فما تجب فيه الصدقة، وللآخر أربعون شاة أو أكثر فهما خليطان يترادَّان بينهما بالسوية على الألف بحصتها، وعلى الأربعين بحصتها -يعني من الزكاة- التي تجب فيها لو كانت لواحد. وهذا مما لا إشكال فيه، لأنه لا يخلو من أحد وجهين: إما أن تكون الخلطة لها معنى، ويرجع الخليطان فيها إلى أن يكونا كالرجل الواحد، فيكون القول في ذلك ما ذهب إليه الشافعي فيه، أو تكون الخلطة لا معنى لها، ويكون الخليطان بعدها، كما كانا قبلها، فيكون على كل واحد منهما في غنمِهِ ما يكون عليه فيها، لو لم يكن بينه وبين غيره فيها خُلطة، فيكون الأمر في ذلك كما قاله أبو حنيفة، والثوري فيه. ثم يرجع إلى ما قد ذكره الشافعي في الخليطين، أنهما وإن عَرَف كل واحدٍ منهما ما له بعينه أن تكون فحولهما واحدة، ومسرحهما واحدًا، وسقيُهما واحدًا، أنهما يكونان بذلك خليطين، فكان هذا مما لا نعقله، وكيف يكونان خليطين، وكل واحد منهما بائن بمالِهِ من مال صاحبه؟! فإن قيل: فالخلطة في الفحول، وفي المراح، وفي الأشياء التي ذكرناها، قيل له: وهل الزكاة في تلك الأشياء؟ إنما الزكاة في المواشي أنفسها، وليسا خليطين فيها، وقد تقدَّمَك وتقدَّمَنَا من أهل العلمِ مَنْ خالف ما ذهبتُ إليه فيه من ذلك، ما روي عن طاوس، قال: إذا كان الخليطان يعرفان أموالهما فلا يجمع بينهما في الصدقة، فأخبر بذلك عطاء، فقال: ما أراه إلا حقًا، فلم يُراعيا في ذلك حلبًا، ولا فحلًا، ولا سقيًا، ولا مُرَاحًا، ولا دلوًا؛ ولا يقال: ينبغي إذا لم يَعرِفا مالَهما أن يُجمع بينهما في الصدقة، لأنه يحتمل أن يُجمع بينهما حتى يؤخذ أخذًا واحدًا، لم يتراجعا بينهما في المأخوذ منهما، وبه نقول. وراجع كلام ابن رشد من "البداية" من: ص 225 إلى: ص 226، فإنه أيضًا يحتوي على فوائد.

باعتبار المِلك، فإذا كان المِلكُ متفرِّقًا لا يُجمع، كخمسٍ من الإِبل لرجلين، وحال عليها الحول، فلا يجعلها المُصَّدِق كملك رجلٍ واحدٍ، لتجبَ عليه الصدقة، فحملوه على خُلطة الشُّيوع. 1450 - قوله: (خشية الصدقة)، والخشيةُ خَشْيتان: خشيةُ السَّاعي، وخشية المالك. وكذلك النهيُ نهيان: النهي عن جمعِ المتفرِّق، والنهيُ عن تفريق المجتمع، فحصل من ضربِ الاثنين في الاثنين أربعة أقسام: النهيُ عن جمع المتفرقِ للساعي والمالك، وكذلك النهيُ عن تفريق المجتمع لهما. مثال الأول: كخمس من الإِبل بين اثنين، وحال عليها الحولُ، وأراد الساعي أن يأخذ منها الصدقة، فجمع بين المِلكين، وعدَّهما كملكِ رجلٍ واحدٍ، ليس له ذلك. ومثال الثاني: كثمانين من الغنم بين رجلين، فأراد أن لا تجب عليهما إلا شاة واحدة، فجعل مِلكاهما كمِلك رجلٍ واحدٍ، لتتغيَّرَ الفريضةُ من شاتين إلى شاة واحدةٍ، ليس لهما ذلك. ومثال الثالث: كان لرجلٍ واحدٍ ثمانون شاة، - أي مجتمعة - في مِلكِ رجلٍ واحد، وأراد السَّاعي أنْ يأخذ منها شاتان، فجعلها كأنها في مِلكِ رجلين ليس له ذلك. ومثال الرابع: كان لرجل أربعونَ شاةً، فأراد أنْ لا تجبَ عليه الصدقةُ، فجعلها كأنها في مِلك رجلين ليس له ذلك. ولعلك علمتَ منه النهي في الحديث، يصلح أن يكونَ للساعي، أو للمَالك، أو لكليهما، على مختارِ الحنفية (¬1). قوله: (وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية) أي إذا حضر الساعي بعد تمام الحول، فإِنه يأخذُ الواجبَ من المجموع، ولا ينتظرُ تقسيمَهما، ولكن على الخليطين أنْ يتراجعا بينهما بحَسَبِ الحساب. مثلا: لو كان بين رجلين إحدى وستون إبلا: ست وثلاثون سهمًا منها لواحد، والباقي للآخر، فجاء السَّاعي وأخذ بنتُ لَبُون ممن كان له ستٌّ وثلاثون سهمًا، وبنت مَخَاض ممن كان له خمس وعشرون سهمًا، فإنَّهما يتراجعان بينهما، فإن كلَّ ما يأخذُه الساعي يكون مشتركًا بينهما بهذه النِّسبة، فيجب على مَنْ له ستٌ وثلاثون سهمًا أنْ يردَّ خمسًا وعشرين من بنتِ اللَّبُون إلى صاحبه، وكذلك يجبُ على صاحبه أن يردَّ ستًا وثلاثين سهمًا من بنت المَخَاض إلى صاحبه. ولعلك فهمت منه أن التراجُعَ يستقيمُ على مذهبنا أيضًا. وابن حزمٍ لما لم يُدرك حقيقةَ مذهب أبي حنيفة رحمه الله زعم أن التراجعَ لا يَستقيمُ على مذهبنا. بل أقول: إنه أصدقُ على مذهبنا، فإنَّ الزكاة عند الجمهور على القطائع، فالنصابُ في ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وتفصيلي الأمثلة أخذته من "البدائع". قال القاضي أبو بكر بن العربي: عندي أن المخاطبَ الطائفتان جميعًا، فلا يحل لرب المال أن يُفرِّق غَنَمه من خليطِهِ لثقل الصدقة، أو يجمعها لذلك، ولا للساعي أن يُفرِّق جملةَ الغنم المجتمعة لتكثُرَ له الصدقة. يُبيِّنُ ذلك قوله في الحديث: "مخافة الصدقة". وقال أبو حنيفة وأصحابه: المخاطَبُ الساعي، لأن الخُلطة عنده لا تؤثر. اهـ. قلت: وقد علمتَ أن الأمرَ خلافُ ما نسبَه القاضي إلى إمامنا الأعظم.

الصورة المذكورة عندهم واحدٌ، والواجبُ فيه عندهم الجَذَع، فيأخذه الساعي، ويرجع صاحب الجَذَع على الآخر بقدر حصة، فإِن الجَذَعَ على هذا التقدير ليس مشتركًا بينهما لعدم الشركة ملكًا، بل ذهبَ من واحدٍ منهما، فيرجع مالكه على صاحبه بقدر ما أدى عنه لا محالة، وحينئذ لم يصدق التفاعل، فإِنه يقتضي الشركة في الفعل، ولا رجوعَ ههنا. إلا من جانبٍ واحد، وهو مالك الجَذَع. أما على مذهبنا فالتفاعل على ظاهرها، كما علمت، فيلزمُ عليهم أن يأخذوا التفاعلَ باعتبار اختلاف الأزمان، أي قد يرجع هذا على هذا، وقد يرجع ذلك على هذا، فإنَّ الواجبَ الذي أخذه مالكٌ قد يكون مِلكًا لهذا، وقد يكون مِلكًا لذلك، وكل من يكون له الملك يرجع على صاحبه، فاستقام التراجع على مذهبهم أيضًا. إلا أنه بنوع من التأويل، وهو صادق على مذهبنا بدون كُلفة. وراجع الأمثلة من قاضي خان. وأما ما في الحواشي فهو مثال على مذهب الشافعية. والحاصل: أن الجمهور أخذوا القِطعتين في خُلطة الجِوَار (¬1). والحنفيةَ حملوها على خُلطة الشُّيُوع، فوقعوا في بُعدٍ من ألفاظ الحديث. فإنَّ الجمعَ والتفريقَ لا يتبادرُ منه إلا ما كا بحسَبِ المكان، ولا يأتي هذا التعبير في الجمع والتفريق مِلكًا، فأقول: إن الجملة الأولى في خُلطة الجوار، كما قالها الشافعية. والثاني: في خُلطة الشيوع، فَوَافقتُهم في التعبير، وخالفتهم في المسألة، بأن النهيَ عن خُلطة الجِوَار عندهم لكونها مؤثرًا. وقلتُ: بل لكونها مفضيًا إلى التخليط والتلبيس في الحساب، فإنَّ الشياه إذا كانت ترعى في مراعي مختلفة، فجمعها في مرعىً واحد لا يُوجب ذلك تغييرًا في الفريضة أصلا لكنه فعلُ لغوٍ لا فائدةَ فيه. نعم، ربما أمكن أن يفضي إلى التخليط في الحساب، فنُهي عنه. وأما عند الجمهور فالنهيُ عنهما لكونهما مؤثرين في تغيير الفريضة، على ما علمت تفصيلَه. وأما الجملة الثانية فقد أخذتُها في خُلطة الشُّيُوع، وإنما حملني على هذا الفك تغاير شاكلتي الجملتين، فإنَّ الظاهر أنه موضعُ الإِضمار، لمضي ذكر الخليطين قبل ذلك، فينبغي أن يكون: وهما يتراجعان بالسوية، ولكنه وضع المُظْهَرَ موضع المُضْمَرَ، وعبَّر عنهما بالخليطين، فاستبان لي أن الأولى في خُلطة الجِوَار، والثانية في خُلطة الشُّيُوع. قوله: (قال طاوس وعطاء: إذا علم الخليطان أموالهما فلا يجمع مالهما) أراد به نفيَ خُلطة الجِوَار، واعتبار الخُلطة باعتبار المِلك. ¬

_ (¬1) قلت: ما كنتُ أفقه في العبرة بخلطة الجوار معنى، حتى رأيتُ القاضي أبا بكر بن العربي قرره في "شرح الترمذي" فحينئذ أدركتُ ما فيه من التفقه. قال: وقال أبو حنيفة: الخليط هو الشريك. وأما اجتماع الأموال مع انفصالِ الأملاك في الأعيان فلا تُراعى، وهي مسألة عسيرة لا يفهمها إلا مَنْ لَحَظَ الأحوال، وراعى الألفاظ. وذلك أن العادة جاريةٌ بين الناس بالاشتراك في الأملاك. وجارية في الاشتراك في المسارح والمساقي والمبارك، ثم اتفقوا بالإجماع على الراعي والدلو وفي الفحل ... إلخ. وحينئذ ظهر أن عبرةَ هذه الخُلطة باعتبار جَرَيان العُرف بينهم، وإلا فلا يظهر فيه معنى الخُلطة أصلًا.

قوله: (وقال سفيان: لا تجب حتى يتم لهذا أربعون، ولهذا أربعون) وهو وإن كان يحتملُ الشرحين، فإنَّ بعض القائلين بخُلطة الجِوَار أيضًا شرطوا النِّصاب، فإنْ كان الواجبُ عنده في الصورة المذكورة شاةً واحدةً، فهو مذهب الآخرين، وإن كان شاتين ففيه مُوَافقةٌ للحنفية، لكن ما يظهر بعد التعمُّقِ فيما قاله الطحاوي في «مشكله» من مذهب سفيان: أن سفيانَ موافقٌ للحنفية، فعليه ينبغي أن يُحمل كلامُه. وإليه ذهب البخاري وابن حزم، كما يظهر من كلام ابن رشد في «قواعده» ونقل العيني أيضًا عبارةَ ابن حزم، إلا أنها غير مفصِحة (¬1). ¬

_ (¬1) قِطعة من مذكرة الشيخ في نصاب الزكاة الإِبل، وبيان معاني الأحاديث للروية في هذا الباب؛ وتشييدُ مذهب الحنفية، بحيث يزولُ عنه الارتياب، أتينا بها إتحافًا للعلماء المهرة، فليُراجعوا المظانَّ المذكور فيها، أما أنا فلم أنتهز فرصةٌ لتفصيلها. قال الشيخ رحمه الله تعالى: وعندي أن حديث علي عند أبي داود، وغيره مرفوعًا: "فإذا زادت واحدة -يعني واحدة وتسعين- ففيها حِقتان طروقتا الفحل، إلى عشرين ومائة، فإن كانت الإِبل أكثر من ذلك، ففي كل خمسين حِقة"، صححه ابن القطان كما في "نصب الراية" ص 390 - ج 1، راجع "الهداية" ص 238 - ج 1 (طبع الهند)، راجع كلام البخاري في "باب زكاة الذهب والورق" عند الترمذي، وراجع ما في "الفتح" ص 36 - ج 12 من رواية البخاري في: ص 438 - ج 1؛ وتخريج البخاري لرواية عبد الله بن المثنى معارَضٌ بترك مسلمٍ إياها لهذا الوجه، وليس الأمر كما ذكر في "الفتح" ص 150 - ج 6، وإنما كان في الكتاب نصب الصدقات، وراجع "الكنز" ص 305 - ج 3، وص 1084 - ج 2 (خ)، و "مقدمة التعليق الممجد" ص 13، و"معاني الآثار" من لا يقتل مسلم بكافر، و"الفتح" ص 514 - ج 9، وكلام ابن حزم في "الجوهر" ص 290 - ج 1، وصححه ابن جرير، كما في "الكنز" ص 307 - ج 3؛ وهذا الذي أراده: ص 100 مسند ابن معين فيما يظهر، كما نقله المتقي: ص 187 - ج 3 حجة للحنفية في نصاب الإبل، ولذا إنما اكتفى بخمسين، لأنه يستأنف عليه، والأربعون واقع في الطريق، والمعروف في الحساب هو الاستئناف في الزائد، لا العودُ على ما قبله بالتغيير، كما قال به من أدارَ به على الأربعين مرة والخمسين أخرى انتقالًا. وفيما قلنا انتهاء الحساب على خمسين كل مرة. ويقعُ أربعون في الطريق، وسكت عن ذكر الشياه، أو بنت مخاض، إحالة على القياس بما تقدَّم في صدر الحديث. ووجه الكلام إلى الانتهاء إلى الحِقة، ونفي الجَذَعة، وأنه بعد ما دخل الواجبُ في التكرار، وهو بنتا اللَّبون والحِقتان، أي في إحدى وتسعين إلا عشرين ومائة، يستمر التكرر، ويدور عليهما، بخلاف بنت المخاض، فلم تتكرر أولًا أيضًا. فلا يقال: إنه دار عليها أيضًا، وإن وجبت في الاستئناف، فليس هذا إدارةٌ عليها، ويكون وجوبها في الاستئناف لنُكتةِ أنْ يعودَ كلُّ واجب كان في الأول، حتى الشياه بخلاف طريقتهم؛ وهذه نُكتةٌ زائدة لنا عليهم. وكأن الحِقتين وظيفة المائة في الأصل، ثم الاستئناف -ثم، وثم- والإِدارة، فلما وصل إلى مائة عاد إلى الخمسين دائمًا، ولذا أسقطَ بنتَ اللبون بعد مائة وعشرين، وليس في البقر إلا تَبِيعٌ، أو مُسِنٌ من أول الأمر، فلذا أدير بعده عليهما، بخلاف الإِبل، فتأمله حسنًا، وراجع المعارضة. وإذن ساوى شرحنا وشرحهم، ويراجع "البرهان". وصرح به فيما وقف عليه ابن أبي شيبة، من طريق سُفيان، قال: إذا زادت الإِبل على عشرين ومائة يستقبل بها الفريضة، ونحوه في "الكنز" ص 306 - ج 3 عن ابن جرير (ق). وظاهر كلام الحازمي على ما نقله الزيلعي، ص 386: أنه جعل اللفظَ الأول المرفوع أنه من رواية سفيان، أي موقوفًا بهذا اللفظ، وليس عند ابن أبي شيبة كذلك، فليراجع. وراجع حديث بَهز بن حكيم عن أبيه عن جده، عند النسائي، وأبي داود، قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "في كل إبل سائمة في كل أربعين بنت لبون"، فإنه يدل على أن المرعى في نصاب الإِبل أيضًا رُبع العشر تقريبًا، ويؤيدنا. =

........................... ¬

_ = وراجع أيضًا مرسلَ الزهري من "نصب الراية - في زكاة البقر" ص 387، ومن "منتخب الكنز" ص 503 - ج 3، ومن أصله: ص 307 - ج 3، وص 302 - ج 3، يدل على تعدد الصفات. ثم إن تصحيح ابن القطَّان على قاعدته في توثيق عاصم بن ضمرة، وعدم الإِعلال بالاختلاف في الوقف والرفع، ذكره في "عقود الجواهر"، فراجع التلخيص عليه، ومن باب ما يجب به القصاص، وراجع على رواية عمرو بن حزم بما يوافقهم كلام الشيخ علاء الدين المَاردِيني في سليمان بن داود الخَولاني، وسليمان بن داود الخولاني الذي يروي عن عمر بن عبد العزيز آخر ثبت، ذكره الطحاوي على خلاف مَن جعلهما واحدًا -وليس هو على رأي الطحاوي ههنا راويًا- وراجع "الميزان"، و "التهذيب". ورواية محمد بن عبد الرحمن الأنصاري أبي الرِّجَال كتاب عَمرو بن حزم اضطربت. فعند أبي عُبيد القاسم بن سلَّام على ما ذكره الزيلعي: ص 395. وعند الطحاوي يوافق مذهب مالك. وعند الدارقطني ما يوافق مذهب الشافعي، ويبعدُ كلَّ البُعد أن يَهَمُ حماد بن سلمة في رواية كتاب عمرو بن حزم. فقد أخرج الطحاوي بعين هذا الإِسناد رواية كتاب أبي بكر الصديق، ويحتمل إن كان بين كتاب عمر الفاروق، وكتاب عمرو بن حزم تفاوت لم ينقل فقد انتسخ عمر بن عبد العزيز كتاب عمرو مع كتاب عمر، لما استخلف وانتسخ كتاب عمر لما أُمر على المدينة، وراجع .. الصغير، ص 105. و "التلخيص" ص 345. ورواية الدارقطني: "فإذا بلغت إحدى وعشرين ومائة، ففي كل أربعين بنت لبُون، وفي كل خمسين حِقة"، يُحمل على ما حمل عليه؛ فإذا بلغت إحدى وعشرين ومائة، ففيها شاتان إلى مائتين: فإذا زادت واحدة إلى ثلاث مائة، ففي كل مائة شاة، فقد ذكر نهاية بدون تغيير. وما أحسن قول ابن جرير: يتخير بين الاستئناف وعدمه، لورود الأخبار بهما، نقله الخَطَّابي. وغيره: وزيادة يونس في -كتاب عمر- عند أبي داود، وغيره. قال الترمذي: وقد روى يونس بن يزيد، وغير واحد عن الزهري عن سالم هذا الحديث، ولم يرفعوه، وإنما رفعه سفيان بن حسين رواية بالمعنى، ولا بد، فعند الدارقطني: وهذا كتاب تفسيرها ... إلخ. وكيف لا! وسفيان بن حسين أحاله على كتاب أبي بكر، وليس فيه أثر من ذلك، وكذا زيادة أبي الرِّجَال في كتاب عمرو بن حزم، فاعلم ذلك والله أعلم ثم إن عبد الله بن أبي بكر ضَعَّفه الطحاوي، ولعله عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزم، وهو من رجال الصحيحين، فلذا تعجَّبَ منه الحافظُ فى بحث نِصَاب السَّرقة من "الفتح"، ولكن الطحاوي قاله ناقلًا عن ابن عُيَينة في الزكاة، وفي أحاديث مسِّ الفرج. وراجع "التاريخ الصغير" ص 35. وفي "الفتح"، من باب دية الأصابع، قال سعيد بن المسيب: حتى وَجَدَ عمر في كتاب الدِّيات لعمرو بن حَزم: في كل إصبع عشر، فرجع إليه. اهـ. فدل على تأخُّر علمه عما في هذا الكتاب، فراجعه مع ما عنده عن ابن بَطَّال: ص 416 - ج 2، وص 124 - ج 1، وص 315 - ج 11. وقد وقع في عدة روايات في "الكنز" وغيره تقديمُ حكم الخمسين على الأربعين، فيدورُ مع الخمسين كلما استقام، مُنضمًا ومستأنفًا، بخلاف الأربعين، إذ ليس نهايةً إذا أُدير الحسابُ على الخمسين، بل سياقُه سياقُ حديث بَهز، عن أبيه، عن جده، وقد نَقَل في "عمدة القاري" تضعيف حديثهم عن ابن مَعين. وراجع تصحيحَ حديث عمرو بن حَزْم من "شرح المنتقى" ص 200 - ج 1. وما في "التهذيب" عن أحمد من تصحيحه يعارِضُه ما في "الميزان" عن أبي زُرْعة الدُمشقي عنه، فتعارَض النقل عنه. وراجع "التلخيص" ص 337، والإتحاف، والحفاظ: ص 183 - ج 1، وما حكم به ابن الجوزي من "التخريج": ص 383 - ج 1. ولا تُؤخذُ صَدَقاتُهم إلا في دورهم (د) تؤخذ صدقات المسلمين على مياههم (حم 5) "كنز" ص 257 - ج 3، ص 398، وراجع "التخريج" ص 103، وص 104. ولفظ النِّسائي عن سُويد بن غَفَلَة، قال: أتانا مُصَدِّق النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتيتهُ فجلست إليه، فسمعته يقول: "إن في عهدي =

........................... ¬

_ = أن لا نأخذَ راضِعَ لبن، ولا نجمعُ بين متفرِّقُ ولا نفرقُ بين مجتمع"؛ وعند أبي داود: "أن لا تأخذَ من راضعِ لبنٍ، ولا تجمعَ بين متفرِّقٍ، ولا تفرِّقَ بين مجتمع، وكان إنما يأتي المياه حين ترد الغنم، فيقول: أدُّوا صدقاتِ أموالكم". اهـ. وهذا عند ابن ماجه باللفظ المعروف، يُعَيَّنُ أنه مصروف إلى الساعي. وأن المراد أن يرادَ الموارد، ويأمر بالأداء إياهم، ولا يفعل جمعًا ولا تفريقًا من عنده، خشيةَ أن يفوتَه أخذُ الزكاة، لا خشيةَ القلة أو الكثرة. ويراجع أيضًا حديث بَهْز بن حكيم عن جده عند النسائي وأبي داود: "لا يفرق إبل عن حسابها" و"شرح القاموس" من -الشناق- ثم إن لفظ مالك في "الموطأ" وعند أبي داود في تفسيره يدلُ على أنه جعلَ كتابَ عمر موقوفًا عليه. والحاصل: أنه لا يُجعلُ جمعًا ولا تفريقًا لحال الصدقة، كيلا يتضررُ المُلَّاك، وتبقى المواشي كما كانت، ويثِقُون بقول المُلَّاك، ولا يكلِّفُونهم إفرازَ أموالهم. ثم رواية الطحاوي عن عبد الله بن المبارك، عن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حَزم الذي يظهرُ من "التهذيب" و "الفتح" ص 414 - ج 1 أنه محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حَزم، فيكون مرسلًا أيضًا. وقوله: ص 418 - ج 2: وجده محمد بن أبي بكر، لعله غلطٌ من الناسخ، والصواب كما ذكره مَنْ بَعدَ محمد بن عمرو بن حَزْم. وسياقُ رواية معمر عن عبد الله بن أبي بكر سقط من نُسخة الطحاوي، وقد أحالها في "التخريج" على "مصنف عبد الرزاق"، وعنه الدارقطني، أي في "الدِّيات" ص 376، ولكن ليس فيه للنَّصاب ذكرٌ. والله أعلم. ثم ظهر من "التلخيص" ص 336 أنَّ الصواب في عبارة الطحاوي عن عبد الله بن المبارك هكذا عنه عن معمر، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم. وقد وصله ابن إسحاق، كما في "الكنز" ص 186 - ج 3، ولكنْ لا ذكرَ للمسألة الخلافية فيه. وقال في "الميزان": من سليمان بن داود الخَولاني عن أبي حاتم، مع خلافه عنه في "التهذيب" من رأيه. وأنَّ ما ههنا قد يقال: قد كان يحيى بن حمزة قَدم العراقَ، فيرونَ أن الأرقم نعتٌ، وأن الاسم داود. اهـ. وفي "التهذيب" من سليمان بن أرقم عن ابن حبان أنه سكن اليمامة، ومولده البصرة، اهـ. فإذن يلتبس بسليمان بن داود اليمامي صاحب يحيى بن أبي كثير. وهو في "الميزان" إذ أنَّ ابن الأرقم أيضًا يَروي عنه، كما في "التهذيب". ولا يبقى الفرقُ إلا بالكُنية، وسليمان بن داود الحرَّاني الذي ذكره الطحاوي، وفي كتاب "الديات" لأبي بكر الضَّحاك: ص 34، كذلك في "اللسان" ص 90 - ج 3، والتخريج: ص 9 - ج 1 لقبه: بومة وسليمان بن داود الرقي الجَزَري آخر، كما أوضحه في "اللسان" لا الذي في حديث الصدقات، كما نقله في "الميزان" في الخولاني عن أحمد، وخلافُه عن ابن عَدِي-. ووقع في نُسخة "الميزان" سليمان بن أبي داود، ولعله من الناسخ كما يظهر مما أحال به على "سنن الدارقطني"، فيكون في النُسخة بحذف: "أبي" أولًا، وإثباته ثانيًا. وقال الدارمي: إنه من كتاب عمر بن عبد العزيز: ص 293. وراجع ترجمةَ ابنه من محمد بن سليمان بن أبي داود من "التهذيب" وترجمة حفيده: سليمان بن عبد الله بن محمد منه، فقد ذكر أن لقبه أيضًا بومة، وأيضًا "سنن الدارقطني": ص 166، وص 167. والذي يظهرُ أن الراويَ في الصدقات هو الخَوْلاَني، وهو صدوق، ولا يبقى الكلامُ إلا في أنه كان سليمان بن أرقم في الأصل، وأما الحرَّاني فهو ضعيف، ويُحتمل أن يكونَ عند يحيى بن حمزة، عن سليمان بن داود الخَولاني، وابن أرقم كليهما. وأما الحرَّاني فلا دَخل له ههنا. وعلى ما ذكره الطحاوي ليس ههنا الخولاني، بل هو آخر ليس من أصحاب عمر بن عبد العزيز. وينبغي أن يراجع "الجواهر" ص 69، ولا بد. وراجع مسألة العشرِ في القليل والكثير من "الأتحاف". ورواية أبي حنيفة فيه عن أنس، وأنه مذهب مُجَاهد، وإبراهيم والزُّهري، وعمر بن عبد العزيز، ولكن روايةَ أبي حنيفة عن أنس إنما هي من طريق أبَان بن أبي عيَّاش، كما في "العقود" وهو متروك. =

........................... ¬

_ = لكن في "الكنز" ص 307 - ج 3 أن ابن جرير صححه من طريق قتادة عن أنس {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة: 220]، وقوله تعالى {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ} [ص: 24] كأنه تذييل، وأيضًا لا يخلُوان عن الخلطة في بعض الأمور، وإن لم يكونا شركاء-. والذي يظهر أن طاوسًا، وعطاء موافقان لأبي حنيفة في عدم اعتبار خُلطة الجِوَار. وما ذكره في "الفتح" عن ابن جُرَيج: قلت لعطاء: ناس خُلطاء لهم أربعون شاة، قال: عليهم شاة. اهـ. فإنما يريد به قبل القِسمة، نعم، لا يُشترط تمامُ النِّصاب لكلِ كما اشترطه سفيان. وما في "العُمدة" عن أبي محمد نقلًا عنهما، فمن سَقَم النُّسخة. وسفيان مع أبي حنيفة، كما فيها، وفي "المعتصر"، وما عند الزُّرقاني فقاصر، وعلى هذا، فالبخاري مع أبي حنيفة، والله أعلم. والظاهر أنه باعتبار الأمكنة، ولا أثرَ له؛ وأشبه نظيرٍ له حديث: "لا جَلَبَ ولا جَنَب". ثم جُملة الخليطين في خُلطة الشيوع، ولذا غاير في العبارة، وإلا لأرجع الضمير. وبالجملة هي عنده على المُلَّاك، وعندهم على القَطَائع. وإنما قلنا: إن عطاءً يريدُ خُلطة الشيوع لقوله: ناس خلطاء، فجعلهم هم الخُلطاء، لا أنهم خلطوا أموالَهم؛ وكذلك في الحديث. والتراجعُ عندهم يكون من أحد الشريكين، وإنما التفاعل باعتبار الحالات. وعند أبي حنيفة في حالةٍ بالحساب، فهذا أصدقُ على مذهبه، لا كما زعَمه ابنُ جرير. ووافق ابنُ حزم أبا حنيفة رحمه الله، كما في "بداية المجتهد" موضحًا، وليس الأمرُ كما ذكره الشيخ ابن الهُمَام: أن الجملةَ الأولى أيضًا باعتبار الأَملاك، بل هو باعتبار الأمكنة، كان الساعي يَقدُم إلى المُلَّاك أن يفعلوا هذا، كي يرى القطائع عينًا، ولا يثق بقولهم عند الاجتماع في عدم النِّصاب، أو المُلاك يفعلونه، ثم يُظهرون عدمه، وهو الأظهر. ثم إن الإدارة على الأربعينيات والخمسينيات عند الشافعية نظيره الإدراك على الثلاثينيات والأربعينيات في البقر عندنا، بالعود على ما قبله، واستقامة الحساب كذلك يشعر أنه المراد، وفيه أيضًا مداريتهما بخلاف قولنا: فإن فيه المدار على الخمسينيات، والأربعين، كما أنه بيَّن خمس وثلاثين، وخمس وأربعين، فكان واقعًا في الطريق كذلك، وهو في الطريق إلى الخمسين، وإذا جعل الخمسون مدارًا لا يصلح أن يجعل أربعون كذلك، فإنه في الطريق بالنظر إلى كلا الأمرين، فكان هذا هو العذر في عدم كونه مدارًا. ولعلهم يقولون: إن ذكر بنت اللَّبون -وترك بنت المَخَاض والشياه في حديثهم عندنا لإِفادة أن الواجبَ ربع العشر تقريبًا-. ثم إن لفظَ كتاب أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم، عند الطحاوي فيه ذكرُ الخمسين قبل ذكرِ الإِعادة إلى أول فريضة الإِبل، وهو الاستئناف، فكان حقُّ هذا السياق أن الخمسينَ بالعوْدِ على ما قَبله، وأن الاستئنافَ، وهو لا بالنظر إلى ما قَبْله، بل بالنظرِ إلى نفسه زائدٌ على الأحاديث، فكان على هذا أنَّ هذا الحديث مع غيره زائدٌ وناقص. ولما كان الخمسون مع ما قَبله سقط مدارية الأربعين، ونظيره الشياه، إذا زاد على مائتين إلى ثلاث مائة ثلاث شياه، ثم في كل مائة شاة. فهذا مستقبل لا بالعود على ما قبله، ولكن الظاهرَ أن التعامل كان على كلا الوجهين. ونظيرُ ترك بنت اللَّبُون من البينِ في الخمسين بعد المائة، كترك مائة وثمان وتسعين في الشياه إذا زادت على مائتين إلى ثلاث مائة إلى أربع مائة. ثم إن الظاهر من مثل: فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حِقَّة، كأن يريد به مستقبلًا، وكذا في حديثنا، وإنما عادوا على ما قبله لعلهم أنه أراد به جعلَ الحساب واحدًا في المجموع، وإفادَة كلية بعده، وتوزيعَه على الأربعينيات والخمسينيات، كلا عندهم، أو على الخمسينيات عندنا. وكان يَشكل على المالك حفظُ الحسابين بعد ما كثرت؛ وإعطاء سلهم (*) في كل محفوظًا ومُشَاعًا. وعندنا إنما أوصل إلى مائة وعشرين لأضعف الستين الذي فيه الحِقَّة، ولم يستقم ذلك في بنت اللَّبُون، من خمسة وسبعين في البداية، وإن استقام في تسعين، وهو النهاية. ثم بعد مائة وعشرين إلى خمسين، أنه لا يستقيم توزيع المجموع إلا بذاكُ منضمًا لا مُستأنفًا، والمنظور بعد العشرين ليس إلا خمسون انضمامًا. وليس بعد العشرين قصد الاستئناف، بل حال =

37 - باب زكاة الإبل

37 - باب زَكَاةِ الإِبِلِ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو ذَرٍّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنهم - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1452 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْهِجْرَةِ فَقَالَ «وَيْحَكَ، إِنَّ شَأْنَهَا شَدِيدٌ، فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ تُؤَدِّى صَدَقَتَهَا». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا». أطرافه 2633، 3923، 6165 - تحفة 4153 1452 - قوله: (ويحك! إن شأنها - الهجرة - شديد) قال سِيْبَوَيْه: إن الويلَ لمن يَستحِقُّه، وويحك لمن لا يَستحِقُّه. ¬

_ = كسور. فهذا هو التخريج، ويؤخذ حكم الخمسين من رأس المائة بعد ما تم، لا من عشرين، وراجع "المنتقى على الموطأ". ثم عندهم ذكر مائة وعشرين نهاية، وإن كان ذهب بعضهم إلى أن الفرضَ هو الحِقَّتان، بلا تغيير إلى ثلاثين لغرض أن الطَّردَ إنما يستقيمُ بعده، ويصيرُ كلية، كما في الغنم من مائتين إلى ثلاث مائة شاتان، ثم في كل مائة شاة ذكر الثلاث مائة لهذا. وعندنا ذُكر مائة وعشرين، لبيان أن بعده التوزيع على الخمسينيات، وأن الحِقَّة الثالثة ليست في الثلاثين بعده، بل من مائة، ونهايته إلى خمسين بعده. فالعشرون بعد ما زادت على مائة وعشرين معتبر في الحِقَّة الثالثة لا الحِقَّتين الأوليين. وتلخص أنه عندهم أيضًا بتوزيع المجموع. وعندنا كذلك، ثم عندنا لما وصل إلى تكرار الحقة، وانتهى إليها في مائة وعشرين، أدار عليها بعده. وعندهم على فرضين تكرر ابنة اللبون الحقة. وفي الثلاثين بعد مائة وعشرين نظران عندنا: نظر في نفسه، فيثبت فيه الفرض إلى بنت مَخَاض، لا بنت اللبون، وحال الكسور فيه كالحال فيما بعده من الكسور، فيندرِجُ في الجملة الثانية من رواية الطحاوي، وليس منويًا في الأولى. ونظر من رأس المائة فَيثبت الحِقَّة بعد تمامه، وإنما بدا لي مائة وعشرين من تسعين، لأنه ضِعفُ ستين وخمس وأربعين وكان منه الحِقَّة مفردًا، فأوصل إلى تكرارها في الضِّعف، بخلاف خمس وثلاثين، فإنَّ ضِعفه سبعون؛ ولعل عدم ذكر بنت المَخَاض في الاستئناف في حديث علي في "الكنز" ص 306 - ج 3، لأنه ليس عنده في خمس وعشرين، وليس فيه بنتا اللَّبُون إنما هما بعد خمسٍ وسبعين إلى تسعين. وهذا هو الوجه في التوزيع. والإِدارة بعده عندنا. ولم يحصل نُكتة ذكر بنت اللَّبُون في حديثهم على تأويلنا، فهما وجهان في زكاة الإِبل، وإذا وزع المالك بعد الكثرة المجموعَ على الخمسين، فلو بقي كسَر في الآخر سهلُ حسابُه. ثم ظهر أنَّ بنتَ اللَّبُون قد دخلت في حد التكرار أولًا أيضًا، بخلاف بنتِ المَخَاض، فذكرها دون بنتِ المخاض، وإن لزمت في الاستئناف، فليس ذلك دُخُولًا في التكرار. (*) السَّلْهم: الضامِرُ والناقة من المرض: ثم إن هذه القطعة كانت على الهامش بحذاء هذه العبارة من غير تعيين، فأدرجتُها في محل تناسبه على ما فهمت. وهكذا قطعتان غيرها في محل آخر. ووقت أخطاء في الاستنساخ فأصلحتها على ما ظهر لي من الصواب، بتفكر طويل. ويا ليت الأستاذ الجامع أتعب نفسه قليلًا في تصحيح ما استنسخه، ومقابلته بالأصل. فإنها مذكرة قيمة جدًا، تحتج إلى عناية بالغة. (البنوري).

38 - باب من بلغت عنده صدقة بنت مخاض وليست عنده

واعلم أنَّ الحديثَ صريحٌ في أنَّ الهجرة من دار الحرب إلى دار الإِسلام لا تجبُ مطلقًا، وإن كانت عزيمةً إذا وُجِدَ دارُ الإِسلام على وجهه. أما القرآنُ فإِنَّه استمر بالذمِّ على تاركها، وذلك لأن من دأب القرآن أنه إذا استحبَّ أمرًا استمر بمدحه، وكذا بالذم على تاركه. نعم، يُوميءُ إلى الجوازِ من عَرْض كلامه، كالهجرة، فإنَّه كرِه تركَهَا، فاستمر بالذم على مَنْ تَرَكَها، ومع ذلك أشار إلى الجوازِ في قوله: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92] فترشَّح منه أن المؤمنَ له أن يَمكُثَ في دار الحرب، فإنْ قُتِلَ، ففيه الحكم المذكور، فالمقصودُ منه ذكر الكفارة، والمرموزُ جَوَازُ المُكْثِ في دار الحرب، وهذا بخلاف دأب الحديث، فإنَّه قد يصرحُ بالجائزات أيضًا، وإن لم تكن مرغوبةً عنده. قوله: (من وراء البحار) وهذا كقولنا في العُرف: (سات سمندريار). 38 - باب مَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ بِنْتِ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ 1453 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى ثُمَامَةُ أَنَّ أَنَسًا - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِى أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ مِنَ الإِبِلِ صَدَقَةُ الْجَذَعَةِ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْحِقَّةُ وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ الْحِقَّةُ وَعِنْدَهُ الْجَذَعَةُ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْجَذَعَةُ، وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلاَّ بِنْتُ لَبُونٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ بِنْتُ لَبُونٍ، وَيُعْطِى شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْحِقَّةُ وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ لَبُونٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ بِنْتُ مَخَاضٍ وَيُعْطِى مَعَهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ». أطرافه 1448، 1450، 1451، 1454، 1455، 2487، 3106، 5878، 6955 تحفة 6582 - 146/ 2 وقد مر أن المصنفَ جَوَّز الاستبدال بالقيمة، وأنه أخرجَ فيه عن الأنصاري، وهو عبد الله بن المُثَنَّى - حنفيُ المذهب - ونُسِبَ إلى سوءِ الحفظ، وكان عنده حديث طويل في باب الزكاة، فَبسَطَ المصنفُ رحمه الله قِطعاته في هذا الباب. ثم قيل: إنه لِمَ ذكر - بنتَ المَخَاض - في حديثه؟ والجواب: أن المصنف قاسَهُ على بنتِ اللَّبُون، وإنما لم يُخرِّج حديث بنتِ المَخَاض مع كونه عنده، كما في صدر الصحيفة، ليدل على أنَّ المسألةَ أعمُّ منه. 39 - باب زَكَاةِ الْغَنَمِ 1454 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ:

40 - باب لا تؤخذ فى الصدقة هرمة، ولا ذات عوار، ولا تيس، إلا ما شاء المصدق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ «هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِى فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَالَّتِى أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلاَ يُعْطِ فِى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ فَمَا دُونَهَا مِنَ الْغَنَمِ مِنْ كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ، إِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاَثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ أُنْثَى، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلاَثِينَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ أُنْثَى، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ إِلَى سِتِّينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْجَمَلِ، فَإِذَا بَلَغَتْ وَاحِدَةً وَسِتِّينَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ - يَعْنِى - سِتًّا وَسَبْعِينَ إِلَى تِسْعِينَ فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْجَمَلِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِى كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِى كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلاَّ أَرْبَعٌ مِنَ الإِبِلِ فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ، إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا مِنَ الإِبِلِ فَفِيهَا شَاةٌ، وَفِى صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِى سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى مِائَتَيْنِ شَاتَانِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ إِلَى ثَلاَثِمِائَةٍ فَفِيهَا ثَلاَثٌ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلاَثِمِائَةٍ فَفِى كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ، فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ، إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا، وَفِى الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ إِلاَّ تِسْعِينَ وَمِائَةً فَلَيْسَ فِيهَا شَىْءٌ، إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا». أطرافه 1448، 1450، 1451، 1453، 1455، 2487، 3106، 5878، 6955 تحفة 6582 - 147/ 2 40 - باب لاَ تُؤْخَذُ فِى الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ، وَلاَ ذَاتُ عَوَارٍ، وَلاَ تَيْسٌ، إِلاَّ مَا شَاءَ الْمُصَدِّقُ 1455 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى ثُمَامَةُ أَنَّ أَنَسًا - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - كَتَبَ لَهُ {الصَّدَقَةَ} الَّتِى أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - «وَلاَ يُخْرَجُ فِى الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ، وَلاَ ذَاتُ عَوَارٍ، وَلاَ تَيْسٌ، إِلاَّ مَا شَاءَ الْمُصَدِّقُ». أطرافه 1448، 1450، 1451، 1453، 1454، 2487، 3106، 5878، 6955 تحفة 6582 41 - باب أَخْذِ الْعَنَاقِ فِى الصَّدَقَةِ 1456 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ ح وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِى عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا. أطرافه 1400، 6925، 7285 - تحفة 6623 1457 - قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - فَمَا هُوَ إِلاَّ أَنْ رَأَيْتُ أَنَّ اللَّهَ شَرَحَ صَدْرَ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - بِالْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ. أطرافه 1399، 6924، 7284 - تحفة 10666

42 - باب لا تؤخذ كرائم أموال الناس فى الصدقة

42 - باب لاَ تُؤْخَذُ كَرَائِمُ أَمْوَالِ النَّاسِ فِى الصَّدَقَةِ 1458 - حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِىٍّ عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا - رضى الله عنه - عَلَى الْيَمَنِ قَالَ «إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ، فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِى يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإِذَا فَعَلُوا، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهُمْ زَكَاةً {تُؤْخَذُ} مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِذَا أَطَاعُوا بِهَا فَخُذْ مِنْهُمْ، وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ». أطرافه 1395، 1496، 2448، 4347، 7371، 7372 - تحفة 6511 43 - باب لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ 1459 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ الْمَازِنِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الإِبِلِ صَدَقَةٌ». أطرافه 1405، 1447، 1484 - تحفة 4106 - 148/ 2 1454 - قوله: (فإذا زادت على العشرين ومئة ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة). واعلم أن الفريضة في مئة وعشرين، حِقتان بالإِجماع. ثم اختلفوا: فعندنا تُستأنَفُ الفريضةُ - كما في الأول - إلى مئة وخمسين، إلا أنه لا تجبُ فيه بنتُ لَبُون وجَذَعة، ففي كل خمسٍ شاة إلى مئة وخمس وأربعين مع الحِقتين؛ فإذا صارت خمسًا وأربعين بعد المئة تجب فيها حِقتان، وبنتُ مخَاض. وفي مئة وخمسين ثلاث حِقَاق، هذا هو الاستئنافُ الأول، ثم تُستأنَفُ الفريضة، وتجبُ فيها بنتُ لَبُون أيضًا، على خلافِ الاستئناف الأول. ففي مئة وخمس وسبعين ثلاث حِقَاق وبنت مَخَاض. وفي مئة وستٍ وثمانين ثلاث حِقَاق وبنتُ لَبُونَ. وفي مئة وست وتسعين أربع حِقَاق إلى مئتين، ثم تُستأنَفُ الفريضة، كما بعد مئة وخمسين، فتجبُ في كلِّ خمسٍ شاةٌ، فإذا صارت مئتين وخمسًا وعشرين، ففيها أربعُ حِقَاق وبنتُ مَخَاض، وكذلك في ستٍ وثلاثين بنتُ لَبُون إلى ستٍ وأربعين، ثم إلى خمسين حِقَة، ففي مئتين وخمسين خمس حِقَاق، وهكذا إلى ما لا نهاية له، فيدورُ الحسابُ على الخمسينيات، وتجبُ في كل خمسين حِقَّة، وكذلك في كل أربعين بنت لَبُون، إلا أنها تجبُ على ستٍ وثلاثين، وتبقى إلى ست وأربعين، فلا يدورُ الحسابُ عليه. إذا علمتَ هذا، فاعلم أنَّه لا ريبَ في أن الحديثَ أقربُ إلى مذهب الأئمة الثلاثة، فإنَّ الفريضة عندهم بعد مئة وعشرين تتغيرُ على كل أربعين إلى بنتِ لَبُون، وعلى كل خمسين إلى حِقَّه، فإذا صارت مئة وثلاثين تجبُ بنتا لَبُون وحِقَّة، لاشتمالها على أربعينتين وخَمْسِينة، ثم إذا صارت مئة وأربعين تجبُ حِقَّتان وبنت لَبُون، لاشتمالها على أرْبعينَةٍ وخَمْسينتين، فإذا دار الحسابُ بعد

مئة وعشرين على الأربعينيات والخمسينيات إلى الأبد، تَبَادر منه أن يكون هو مراد الشارع. نعم لو انقطع في موضع لكان محل رِيْبة، فإذا استمرّ، ولم ينقطع في موضع، علمنا صحتَه. وأما على مذهبنا فالحديث - وإن كان صادقًا أيضًا - لكنه على مذهبهم أصدق، والحقُّ أحقُّ أن يُتبع. وتفصيله: أن قوله: «في كل خمسين حِقَة»، مطَّردٌ على مذهبنا أيضًا، إلا أن قوله: «في كل أربعين بنت لَبُون» ينتقضُ في موضع - وهو الاستئناف الأول - لما عرفت أنها ليست عندنا في الاستئناف الأول بنت لَبُون أصلا، ثم إنها وإن كانت في الاستئناف الثاني لكنَّ الفريضةَ لا تدورُ على الأربعين عندنا، فتجبُ بنت لَبُون من ستٍ وثلاثين إلى ست وأربعين، والأربعون واقع في البَيْن، فقوله: «في كل أربعين بنت لبون»، وإن صدق على مذهبنا أيضًا لكنه ليس بلطيف، لأنه لا يظهرُ لتخصيص هذا العدد معنىً، لكونها واجبةً فيما دونه، وفيما فوقه أيضًا؛ ويمكن أن يُجاب عنه أن بيانَ النُّكتة ليس بضروري، وكفى له الصدق مطلقًا. ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلّم في نِصَاب الشِّيَاه: «فإذا زادت، فثلاث شياه إلى ثلاث مئة»، مع أن ثلاث مئة ليس بمدارٍ، لأن الواجبَ إلى تسعٍ وتسعين، وثلاث مئة هو الثلاثُ بعينِها، فكذلك نقول في الأربعين، فإنَّ بنتَ اللَّبُون تذهب إلى ست وأربعين، فهذا صادقٌ، وإن لم تكن فيه نُكتةٌ. فإن قلت: إن الحِقَّة عندنا تجبُ من ستٍ وأربعين إلى خمسين، فلم يبق في قوله: «في كل خمسين حِقَّة» أيضًا لطفٌ على مذهبنا، فلا بد له من نُكتةٍ. قلتُ: إن الأمرَ كما زعمت، فإن الحِقَّة تجبُ من ستٍ وأربعين، وتذهب إلى خمسين، إلا أن الفريضةَ لما كانت تعودُ من الخمسين، أحال عليه، لُيعلم محلُّ الاستئناف، فلطف على مذهبنا أيضًا. نعم بقي شيءٌ في قوله: «في كل أربعين بنتُ لَبُون»، فإنه وإن كان صادقًا على مذهبنا - كما عرفتَه - لكنه لا لطفَ فيه، فقيل في جوابه: إنه ليس من الضروريات أن تذكرَ له نُكتةٌ، وصِدْقُه على مذهبنا يكفي للخروج عن عُهْدَةِ قولِه صلى الله عليه وسلّم كما علمت آنفًا، على أنه لا دليل في قوله صلى الله عليه وسلّم على كونه مدارًا، ولذا تَرَكَ ذكرَه في بعض الروايات، واكتفى بالخمسين. فأخرج الطحاوي في «معاني الآثار» وهذه صورة إسناده: حدثنا سليمان بن شُعيب - تلميذُ الإِمام محمد، ثقة - حدثنا الخَصِيْبُ بن ناصح - فيه لِيْنٌ - حدثنا حمَّاد بن سَلمَة، قال: قلت لقيس بن سعد - قاضي مكة: أكتب لي كتاب أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم - قاضي المدينة - فكتبه لي في ورقة، ثم جاء بها وأخبرني أنه أخذه من كتاب أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم (¬1)، وأخبرني أن النبي صلى الله عليه وسلّم كتَبه لجده عمرو بن حزم في ذكر ما يخرج من فرائض ¬

_ (¬1) وقال أبو الفرج: قال أحمد بن حنبل: حديث ابن حَزْم في الصَدَقات صحيحٌ. ومذهبُنا منقولٌ عن ابن مسعود وعلي. وكفى بهما قُدوةً. وهما أفقهُ الصحابة، وعليٌ كان عاملًا، فكان أعلمَ بحال الزكاة. وما رواه الشافعي قد عملنا بموجبه، فإنَّا أوجبنَا في أربعين بنت لَبُون، وفي خمسين حِقَّة. فإنَّ الواجبَ في الأربعين ما هو الواجب في ستٍ وثلاثين، والواجب في الخمسين ما هو الواجب في ست وأربعين. ولا يتعرَّضُ هذا الحديثُ لنفي الواجب عما دُونه، فنوجِّههُ بما روينا. اهـ ... تبيين الحقائق. ص 261 - ج 1. قلت: ولكن بين الصدق واللطف فرقٌ، وقد أوضحه الشيخُ رحمه الله تعالى.

الإِبل، فكان فيه: «أنها إذا بلغت تسعين ففيها حِقَّتان، إلى أن تبلغ عشرين ومئة؛ فإذا كانت أكثر من ذلك ففي كل خمسين حِقَّة، فما فَضَلَ فإنَّه يُعاد إلى أول فريضة الإِبل، فما كانت أقل من خمس وعشرين ففيه الغَنَمُ في كل خمس ذود شاة». اهـ. ثم ساق إسنادًا آخر: حدثنا أبو بكرة: حدثنا أبو عمر الضرير: حدثنا حماد بن سلمة، ثم ذكر مثله، فارتفع بهذا الإِسناد ما في الخَصِيْب من الضَّعف، وكذلك عند أبي داود عن علي في حديث صَدَقات الإِبل، فإن كانت أكثرَ من ذلك ففي كل خمسين حِقَّة، اهـ. وذكر فيه للأربعين، كما في حديث الطحاوي؛ ثم أخرجَ أبو داود هذا الحديثَ بعينِهِ عن حارث الأعور، وعاصم بن ضَمْرة .... إلخ. فصار عاصم مُتَابعًا للحارث، فارتفع الضَّعف المذكور، لكون عاصم ثقةً. والبيهقي - وإن تصدى إلى الكلام في حَمَّاد بن سَلَمة - لكنه مدفوعٌ بما ذَكَرنَاه، فيما أملينا على الترمذي، مع أنه أخرجه إسحاق بن راهويه في «مسنده»، وأبو داود في «مراسيله»، كما في «مشكل الآثار». وبالجملة فقد عُلم من هذين الحديثين أن العمود في الصدقة بعد عشرين ومئة، هو الإِدارة بالخمسينيات، أما الأربعينيات فذَكَرَه في ذيل الحساب، لا لكونها مدارات. ولذا قد تُذْكر، وقد تحذف. ونظيرُه قوله صلى الله عليه وسلّم في صدقة الغنم: «إذا زادت على مئتين ففيها ثلاث شياه إلى ثلاث مئة»، ويُتوهم منه أن الوظيفة الواجبةَ لعلها تنتهي إلى ثلاث مئة، مع أنها تبلغُ إلى تسعٍ وتسعين وثلاث مئة. فذكرُ ثلاث مئة ليس لكونها مدارًا، بل هو واقع في البين. إلا أنه لما كان عددًا مُعتدَّا به ذكرها لذلك، ولأن طريقَ الحساب بالعشرات والمئات، وحذفِ الكسور. ولأنك قد علمت فيما مرّ أن الفريضةَ تجبُ على عدد. ثم تذهب إلى عدد، لكنَّ العَمُود فيه يكون عددًا معينًا. وينكشف ذلك في بعض الملاحظ، كما علمت في نُصُب الشياه، فإنه انكشف آخرًا أن المدارَ والعددَ الأصلَ كان هو المئة، وإن تغيرت الفريضةُ في بعضِ المواضع قَبْلها وبَعْدها أيضًا. وهكذا نقول في نصاب بنت اللَّبُون، فإنه في الحقيقة وظيفةُ الأربعين، وإن ابتدأت من ستٍ وثلاثين، وانجرت إلى خمس وأربعين على ما علمته سابقًا. وهكذا الحِقَّة، فإنها وظيفةُ الخمسين حقيقةً، ألا ترى أن الواجبَ في مئة وخمسين ثلاث حِقَاق بالاتفاق، وفي مئتين أربع حِقَاق، وإن اختلفوا في التفاصيل. والحنفية وإن خالفوا في الاستئناف، لكنه خَرَجَ من حسابِهم أيضًا أن المنظورَ في وجوب الحِقَّة هو الخمسون، ولذا أوجبوا على مئة وخمسين ثلاثُ حِقَاق، لاشتماله على ثلاث خمسينيات، وكذلك في المئتين أربع خمسينات، فانكشف منه أن الحق، وإن وجبت من ستٍ وأربعين، لكن العدد الاصلي هو الخمسون؛ وحينئذٍ لَطُف ذكرُ الخمسين على مذهبنا أيضًا، وذلك لثلاثة وجوه: الأول: لكون الخمسين موضعُ الاستئناف. والثاني: كون دأب الحساب العدُّ بالعشرات، وترك الكسور.

والثالث: فلكونه مدارًا، باعتبار كون الحِقَّة من وظيفة الخمسين في نظر الشارع، كالشاة للمئة. إلا أن هذا النظر انكشف بعد المئتين. كما انكشف في الشياه بعد ثلاث مئة، وإن كان هو المقصود من أول الأمر. وبعد اللُّتَيَّا والتي أن الحديثين حُجتان لنا، أما حديث علي عند أبي داود فَزَعَمه الشافعية أنه حجة لهم، لإِدارته على الخمسينيات، فعدم ذكرِ الأربعينيات فيه عندهم محمول على الاختصار. قلتُ: بل هو حجةٌ لنا، وتَركُ ذكرِ الأربعينيات قصدي، لا لأنه مختصر من المطول، كما فهموه. وذلك لأن التفصيل الذي رواه ابن أبي شيبة عن علي موافقٌ للحنفية قطعًا. فإذا علمنا مذهبَه من الخارج، وجبَ علينا أن نحملَ مرفوعه أيضًا على ما اختاره في الخارج. نعم، لو لم يثبت لنا مذهبه لكان للتأويل في مرفُوعِهِ مَسَاغٍ، وهو مذهب ابن مسعود، وإبراهيم النَّخعي - كما في الطحاوي، وسفيان الثوري - كما في كتاب «الآثار» - بسندٍ قوي. ثم في حديث على شيءٌ يخالفنا، وهو أنَّ في خمس وعشرين خمسةً من الغنم؛ مع أن الواجبَ فيه بنتُ مَخَاض، فإن كان بالتقويم فلا بأس بها عندنا أيضًا، مع أنَّه تكلم فيه سفيان الثوري (¬1)، وقال: إنه غَلَطٌ وَقَعَ من بعض الرواة، فإن عليًا أفقه من أن يقول هكذا. وحديث أبي داود هذا وإن ترددَ بعض الرواة في وَقْفِهِ ورفعه، إلا أنه صحَّحَ رفعَه ابن القطان في كتاب «الوهم والإِيهام». وليعلم أنه يُعلم من البخاري أن عليًا كان عنده كتابٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلّم في أحكام الزكاة. فإذا علمنا من الخارج مذهبَه على وَفْقِ مذهب الحنفية، حكمنا برفعِهِ قطعًا، وأن مذهب الحنفية على وَفْقِ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم عنده. وإن استدلال الحنفية مذكور في البخاري، ويقضى العجب من مثل الحافظ أنه نقل جميع قطعات هذا الكتاب، ولم يذكر ما كان فيه من أحكام الزكاة. وقد يدورُ بالبال أنه أهمَلَه قصدًا، فإنَّ الصدقات فيه كانت موافقةً لمذهب الحنفية. وهذا من دأبي أَني إذا لم أجد شيئًا في البخاري. ثم أجدُ تفصيلَه في الخارج بطريقٍ صحيح، أعزوه كُلَّه إلى البخاري. ولذا قلت: إن استدلال الحنفية من كتاب البخاري. واحتج الشافعية بما عند أبي داود (¬2) ¬

_ (¬1) قال أبو عُبيد: وقد حُكي عن سفيان بن سعيد أنه كان يُنكرُ أن يكون هذا من كلام علي، ويقول: كان أفقَه من أن يقول ذلك. وحَكى بعضهم أنه قال: أبى الناسُ ذلك على عليّ. ص 363 "كتاب الأموال". (¬2) فإن قلت: فماذا تصنعُ بما أخرجه أبو داود من التفصيل، ففيه: "فإذا كان إحدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لَبُون، حتى تبلغ تسعًا وعشرين ومائة، فإذا كانت ثلاثين ومائة ففيها بنتا لبون وحِقَّة"؟ فإنه يأبى جميعُ ما ذكرت. وينحصرُ فيما رامه الشافعية. فالجواب عنه كما ذكره الشيخ: أن هذا التفصيل مخالفٌ لجميع الروايات في هذا الباب، فهو مدرجٌ: والدليل عليه أنه أخرجه الدارقطني أيضًا ص 209، وفيه: "هذا كتاب تفسيره" قلت: ونحوه في كتاب "الأموال" ص 360، وفيه: قال ابن شهاب: أقرأنيها سالمٌ بن عبد الله بن عمر: "وهذا كتاب تفسيرها"، =

44 - باب زكاة البقر

من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم عند آل عمر، وفيه عينُ ما اختارَه الشافعية من التفصيل (¬1). وكان شيخُنَا مولانا محمود حسن يقول: إنه مُدْرجٌ من الراوي، ثم وجدتُ عند الدارقطني ما أحْكَمَ رَأيَه ودلَّ صراحةً على أنه مدرجٌ. والفصل عندي في هذا الباب أن زكاةَ الإِبل قد أخذت بالنحوين. ومن المُحال أن يكون علي وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما قد أخذا الزكاة على مختارِ الشافعية وغيرهم بالكوفة. ثم يكون أبو حنيفة اختارَ خلافَه، وهو بالكوفة أيضًا، فلا بد أن تكون الزكاةُ أُخِذت بالكوفة، كما اختاره الحنفية، وبالمدينة كما اختاره مالك، وآخرون، فهما متواتران قطعًا، والرجل مخيرٌ بينهما بأي نحو شاء أدَّاها. وإنما الخلافُ في الاختيار لا غير، هكذا صَرَّح به ابن جرير (¬2) في «تهذيب الآثار»: هذا باب أخذ العَنَاق ... إلخ وقد علمت تفصيلَه فيما مر، وأنه جائز عندنا أيضًا في بعض الصور، وهو فيما إذا ماتت الكبار، وبقيت الصغار فقط. 44 - باب زَكَاةِ الْبَقَرِ وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لأَعْرِفَنَّ مَا جَاءَ اللَّهَ رَجُلٌ بِبَقَرَةٍ لَهَا خُوَارٌ». ¬

_ = ثم ذكر بعدَه هذا التفصيل، فدل على أنه ليس بمرفوع، بل فصَّلَه الراوي على ما فهم، مما يأتي في عامة الروايات: "في كل أربعين بنت لَبُون، وفي كل خمسين حِقَّة"؛ وليس عنده في ذلك غير هذا القول. وقد علمت حاله، مع ما سيجيء فيه عن أبي عبيد في "الحاشية" فانتظره، فإنه مهمٌ. (¬1) قال أبو عبيد: فهذه ثلاثةُ أقوال: أما القول الأول الذي ذكرنَاه عن علي أنه يستأنفُ بها الفريضة. فإنه قول يقول به أهل العراق، وبه كان يأخذ سفيان. ثم فسره بعين التفسير الذي جاء في كُتُبنا، ثم قال: فهذا مذهب قول علي، وما يعمل به أهل العراق. ثم قال: وأما حديث ابن شهاب: إنها إذا زادت على عشرين ومائة كانت فيها ثلاث بنات لَبُون، فإِنا لم نجد هذا الحرف في شيء من الحديث سوى هذا. ولا أعرف له وجهًا. وأخاف أن يكونَ غير محفوظ، لأنه لم يجعله على حساب أولِ الفرائض ولا على آخرها. ألا ترى أنها في الابتداء إذا كانت خمسًا وعشرين كانت فيها ابنة مَخَاض، إلى خمس وثلاثين، فإذا زادت واحدةً انتقلت الفريضة بتلك الواحدة إلى السِّنِّ التي فوقها، فصار فيها ابنة لَبُون، ثم أسنان الفرائض كلها على هذا؟. فذاك حساب أول الفريضة، فلو جعله عليه لكان يلزمه أن يكونَ في إحدى وعشرين ومائة بنتا لَبُون وحِقَّة إلى ثلاثين ومائة، فهذا حساب أولها، وأما آخرها فإن في كل أربعين ابنة لَبُون، وفي كل خمسين حِقَّة، فلو جعلها على هذا لكانت ثلاثُ بناتٍ لَبُون، إنما تجب في عشرين ومائة، لأن في كل أربعين واحدة، وهذه قد زادت على العشرين والمائة، ثم لا أرى نقلها إلى السِّن التي فوقها، فليس هذا القولُ على حساب أدنى الفرائض، ولا أقصاها. وأما القول الثالث الذي في حديث حبيب أن الزيادة على عشرين ومئة لا شيء فيها حتى تبلغ ثلاثين ومائة، ثم يكون فيها حينئذ بنتا لبون وحِقَّة. فهذا هو القول المعمولُ به. إلى أن قال: هذا قول مالك. وأهل الحجاز. انتهى ملخصًا. ص 365 "كتاب الأموال". (¬2) قال الخَطَّابي في "معالم السنن" ص 21 - ج 2: وقال محمد بن جرير الطبري: وهو مخيرٌ، إن شاء استأنف الفريضة إذا زادت الإِبل على مائة وعشرين، وإن شاء أخرج الفرائض، لأن الخبرين جميعًا قد رويا. اهـ. ثم رد عليه الخطابي. قلت: وهذا الأمرُ يُبنى على الأذواق والمختارات.

45 - باب الزكاة على الأقارب

وَيُقَالَ جُؤَارٌ. {تَجْأَرُونَ} [النحل: 53]: أي تَرْفَعُونَ أَصْوَاتَكُمْ كَمَا تَجْأَرُ الْبَقَرَةُ. 1460 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ - أَوْ وَالَّذِى لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ، أَوْ كَمَا حَلَفَ - مَا مِنْ رَجُلٍ تَكُونُ لَهُ إِبِلٌ أَوْ بَقَرٌ أَوْ غَنَمٌ لاَ يُؤَدِّى حَقَّهَا إِلاَّ أُتِىَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمَ مَا تَكُونُ وَأَسْمَنَهُ، تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا، وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا، كُلَّمَا جَازَتْ أُخْرَاهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ أُولاَهَا، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ». رَوَاهُ بُكَيْرٌ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6638 - تحفة 11981، 12310 ولم يكن عند المصنف في هذا الباب حديثٌ على شرطه، فأراد أن لا يخلو كتابَه من تلك المسألة المهمة أيضًا، لأنه قد بَسَط فيه الفِقه أيضًا، فأشار إليها فقط، ومضى، ولله درُّه ما أدقَّ نَظَرَه. 45 - باب الزَّكَاةِ عَلَى الأَقَارِبِ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَهُ أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَالصَّدَقَةِ». 1461 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالاً مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِى إِلَىَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ. قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَخْ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ وَإِنِّى أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِى الأَقْرَبِينَ». فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِى أَقَارِبِهِ وَبَنِى عَمِّهِ. تَابَعَهُ رَوْحٌ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَإِسْمَاعِيلُ عَنْ مَالِكٍ رَايِحٌ. أطرافه 2318، 2752، 2758، 2769، 4554، 4555، 5611 - تحفة 204 - 149/ 2 اختار التعميم، ولم يُفَصِّل بين الأصول والفروع، وغيرهم. وعندنا لا تجوزُ على الأصولِ والفروع. ولما لم يكن الحديث في الزكاة لم نحتجْ إلى جوابه. أما المصنفُ فطريقُه أوسعُ في الاستدلال، كما علمت. 1461 - قوله: (فقسمها) ... إلخ، دل على أنها كانت صدقةً، ولو كانت وقْفَا لم يقسمها.

46 - باب ليس على المسلم فى فرسه صدقة

1462 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زَيْدٌ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ فَوَعَظَ النَّاسَ وَأَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ فَقَالَ «أَيُّهَا النَّاسُ تَصَدَّقُوا». فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ، فَإِنِّى رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ». فَقُلْنَ وَبِمَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ». ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَنْزِلِهِ جَاءَتْ زَيْنَبُ امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ تَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ زَيْنَبُ فَقَالَ «أَىُّ الزَّيَانِبِ». فَقِيلَ امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ. قَالَ «نَعَمِ ائْذَنُوا لَهَا». فَأُذِنَ لَهَا قَالَتْ يَا نَبِىَّ اللَّهِ إِنَّكَ أَمَرْتَ الْيَوْمَ بِالصَّدَقَةِ، وَكَانَ عِنْدِى حُلِىٌّ لِى، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ، فَزَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ وَوَلَدَهُ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ، زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ». أطرافه 304، 1951، 2658 - تحفة 4271 1462 - قوله: (زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم)، ولا بد للحنفية أن يحملوه على التطوعِ، فإن الزكاةَ لا تصرفُ عندنا على مَنْ وَجَبت نفقتُه عليه. 46 - باب لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِى فَرَسِهِ صَدَقَةٌ 1463 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِى فَرَسِهِ وَغُلاَمِهِ صَدَقَةٌ». طرفه 1464 - تحفة 14153 47 - باب لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِى عَبْدِهِ صَدَقَةٌ 1464 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ خُثَيْمِ بْنِ عِرَاكٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا خُثَيْمُ بْنُ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ صَدَقَةٌ فِى عَبْدِهِ وَلاَ فَرَسِهِ». طرفه 1463 - تحفة 14153 واعلم أن الخيلَ إذا كانت تُعلفُ للركوب أو الحمل أو الجهاد، فلا زكاةَ فيها إجماعًا، وإن كانت للتجارة ففيها زكاة إجماعًا. وأما إذا كانت تُسامُ للدَّرِ والنَّسل - وهي ذكورٌ وإناث - تجب فيها الزكاة، كذا في «البدائع». ثم العبيد إذا كانوا للتجارة تجبُ فيهم الزكاة إجماعًا، فلا بد أن يرادَ من العبيد عبيدُ الخِدْمة عندهم أيضًا. قلتُ: فكما أنهم حملوا العبيد على الخدمة، كذلك حَمَلنا الفرسَ عليها

48 - باب الصدقة على اليتامى

أيضًا. وأخذ عمرُ زكاتَها، كما بينه الزَّيْلَعي (¬1). ووجه خفاءِ المسألة فيها أن الخيلَ كانت في عهده صلى الله عليه وسلّم في غاية القِلَّة، حتى لم تكن في بدرٍ إلا ثلاثةُ أفراس، فأين كان لهم ما يَسُومونها للنَّسل حتى تجبَ فيها الزكاة. مع أنَّ المأخوذَ منها ليس في حكم الزكاة عندنا من كل وجه، فله أن يؤدي عن كل فرس دينارًا، أو يقومها، ثم يؤدي عنها زكاتَها بحسبها، بخلاف زكاةِ السوائم، فإن المأخوذَ منها معينٌ من جهة الشرع. وكذا لا يُجبَرُ صاحبُها أن يدفعَ زكاتَها إلى بيت المال، بخلاف زكاة السوائم، فإِنها حقُّه فقط، وليس له أن يدفعها بنفسه. وبالجملة صارت المسألة فيها كالاجتهاديات، فمتى يردُ لفظُ الصدقة فيها نحملهُ على الزكاة، ويحملونه على التطوع، وهذا هو صنيعنا وصنيعهم في أمثال هذه الأحاديث، وما ذلك إلا لعدم انكشاف الحال. 48 - باب الصَّدَقَةِ عَلَى الْيَتَامَى 1465 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ هِلاَلِ بْنِ أَبِى مَيْمُونَةَ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - جَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ فَقَالَ «إِنِّى مِمَّا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِى مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَيَأْتِى الْخَيْرُ بِالشَّرِّ فَسَكَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقِيلَ لَهُ مَا شَأْنُكَ تُكَلِّمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ يُكَلِّمُكَ فَرَأَيْنَا أَنَّهُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ. قَالَ - فَمَسَحَ عَنْهُ الرُّحَضَاءَ فَقَالَ «أَيْنَ السَّائِلُ» وَكَأَنَّهُ حَمِدَهُ. فَقَالَ «إِنَّهُ لاَ يَأْتِى الْخَيْرُ بِالشَّرِّ، وَإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أَوْ يُلِمُّ إِلاَّ آكِلَةَ الْخَضْرَاءِ، أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ، فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ وَرَتَعَتْ، وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ مَا أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ - أَوْ كَمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَإِنَّهُ مَنْ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَالَّذِى يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ، وَيَكُونُ شَهِيدًا عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». أطرافه 921، 2842، 6427 - تحفة 4166 - 150/ 2 وحاصلُ الحديثِ أن الخيرَ لا يترتبُ عليه الشر إذا استعمله بالمعروف، نعم، إن استعمله لا على وجهه أنتجَ الشَّرَّ. 1465 - قوله: (ما أعطى منه المسكين) أي ما دام يعطي المساكين من ماله. ¬

_ (¬1) وقال أبو عمر بن عبد البر: الخبر في صَدَقة الخيل صحيح عن عمر. ومروان شَاوَرَ الصحابة فروى أبو هريرة قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس على الرجل في عبدِهِ، ولا في فرسِهِ صدقةٌ" فقال مروان لزيد بن ثابت: يا أبا سعيد، ما تقول؟ فقال أبو هريرة: عجبًا من مروان، أحدِّثه بحديث رسول لله - صلى الله عليه وسلم -، وهو يقول: يا أبا سعيد، فقال زيد: صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما أراد به فرس الغازي. اهـ. ثم قال الزَّيلَعي: ولا يؤخذ من عينِها إلا برضاها، بخلاف سائر المواشي "التبيين".

49 - باب الزكاة على الزوج والأيتام فى الحجر

49 - باب الزَّكَاةِ عَلَى الزَّوْجِ وَالأَيْتَامِ فِى الْحَجْرِ قَالَهُ أَبُو سَعِيدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1466 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ فَذَكَرْتُهُ لإِبْرَاهِيمَ فَحَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِى عُبَيْدَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بِمِثْلِهِ سَوَاءً، قَالَتْ كُنْتُ فِى الْمَسْجِدِ فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ». وَكَانَتْ زَيْنَبُ تُنْفِقُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَأَيْتَامٍ فِى حَجْرِهَا، قَالَ فَقَالَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ سَلْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَيَجْزِى عَنِّى أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْكَ وَعَلَى أَيْتَامِى فِى حَجْرِى مِنَ الصَّدَقَةِ فَقَالَ سَلِى أَنْتِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. فَوَجَدْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى الْبَابِ، حَاجَتُهَا مِثْلُ حَاجَتِى، فَمَرَّ عَلَيْنَا بِلاَلٌ فَقُلْنَا سَلِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَيَجْزِى عَنِّى أَنْ أُنْفِقَ عَلَى زَوْجِى وَأَيْتَامٍ لِى فِى حَجْرِى وَقُلْنَا لاَ تُخْبِرْ بِنَا. فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ «مَنْ هُمَا». قَالَ زَيْنَبُ قَالَ «أَىُّ الزَّيَانِبِ». قَالَ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ «نَعَمْ لَهَا أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ». تحفة 15887 - 151/ 2 1467 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ {عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ} قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِىَ أَجْرٌ أَنْ أُنْفِقَ عَلَى بَنِى أَبِى سَلَمَةَ إِنَّمَا هُمْ بَنِىَّ. فَقَالَ «أَنْفِقِى عَلَيْهِمْ، فَلَكِ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ». طرفه 5369 - تحفة 18265 50 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 60] وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يُعْتِقُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ وَيُعْطِى فِى الْحَجِّ. وَقَالَ الْحَسَنُ إِنِ اشْتَرَى أَبَاهُ مِنَ الزَّكَاةِ جَازَ وَيُعْطِى فِى الْمُجَاهِدِينَ وَالَّذِى لَمْ يَحُجَّ. ثُمَّ تَلاَ {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} الآيَةَ فِى أَيِّهَا أَعْطَيْتَ أَجْزَأَتْ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ خَالِدًا احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ». وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى لاَسٍ حَمَلَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ لِلْحَجِّ. 1468 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالصَّدَقَةِ فَقِيلَ مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ فَقِيرًا فَأَغْنَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، قَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتُدَهُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَمَّا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَعَمُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَهْىَ عَلَيْهِ

صَدَقَةٌ وَمِثْلُهَا مَعَهَا». تَابَعَهُ ابْنُ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ هِىَ عَلَيْهِ وَمِثْلُهَا مَعَهَا. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ حُدِّثْتُ عَنِ الأَعْرَجِ بِمِثْلِهِ. تحفة 13752، 13786، 13864، 13973 أ أي فكذلك الرِّقاب، بأن يؤدي عنه بدَل الكتابة، أو يعينَ عليه. والغارم: المديون، بشرط أن لا يكون عنده نِصاب. وعند الشافعي هو الذي تحمَّلَ غَرَامةً، وإن كان له مال. ويُعلم من كلام «البدائع»: أن تفصيل الشافعية محتملٌ عندنا أيضًا، فلتراجع عبارته. واختلف أئمتنا في تفسير (في سبيل الله)، فقيل: مُنْقَطَع الغُزَاة؛ وقيل: مُنقَطَع الحجاج. والمراد منه عند البخاري جميع أبواب الخير، ولا يشترط فيهم الفقرُ عندنا أيضًا، ولا يُشترط عنده التمليك في الزكاة أيضًا. ولذا جوز الإِعتاق عن مال الزكاة، وعندنا يشترط التمليك. وفي «البحر» إن المراد من الإِطعام في القرآن هو الإِباحة، ومن التصدُّقِ التمليكُ. وراجع الفرقَ بين الإِباحة والتمليك من «شرح الوقاية» - من باب التيمم والعارية. قوله: (في أيها أعطيت) ... إلخ، وهو مذهب الحنفية، فلا يُشترطُ عندنا صرفُها إلى جميع الأصناف. قوله: (عن أبي لاس، حملنا النبي صلى الله عليه وسلّم على إبل الصدقة للحج)، قلنا: إن كان أُعطي لهم للركوب فقط، فذا جائز عندنا أيضًا، وإن كان ملَّكَهم، فراجعْ له الفِقه، فإِنه صحيحٌ أيضًا على مذهب أحد صاحبيه. والظاهرُ أنَّ فيه تمليك المنفعة دون العين. 1468 - قوله: (ما ينقم ابن جميل) أي ما يُكْره أو (سكوابرانهين معلوم هوتا). وقصته أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان دعا لسَعةِ ذات يده، - وكان في بؤسٍ وشدَّةٍ - فأغنَاه اللهُ تعالى ببركة دعائه صلى الله عليه وسلّم فكان يَحضُر الجماعةَ ما دامت سارحته وَسِعتها المدينة، فلما كثرتْ من ذلك جعل يسكُن البادية، وترك الجماعةَ، وكان يحضُر الجمعة فقط، فلما صارت أكثرَ من ذلك تركَ الجمعة أيضًا، حتى إذا جاءه ساعي رسول الله صلى الله عليه وسلّم يطلبُ زكاةَ ماله، قال: إني لأراها جِزْيةٌ، فمنع النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أن تؤخذَ منه الزكاة، فلم تؤخذ منه حتى لم يأخذ منه الخلفاء أيضًا رضوان الله تعالى عليهم أجمعين. قلتُ: وكان ينبغي لابن جميل أن يؤديَ زكاتَه بنفسه، وإن كان الخلفاء لم يأخذوها منه، رجاءً من الله أن يتوب عليه. فإِن عدم قَبُوله صلى الله عليه وسلّم زكاتَه إنما كان لأمر تكويني، ولا يرتفع عنه التشريع. وقد قدَّمنا التنبيهَ على أن التشريعَ لا يرتفعُ بحال، وإن انكشف التكوين. وأجد أن بعضهم (¬1) لُعن من لسان ¬

_ (¬1) ولم أتحقق عن الشيخ شيئًا في هذا البعض من هو، غير أني وجدتُ رجلًا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في حقه: "بئس ابن العشيرة، وأخو العشيرة"، أخرجه الترمذي في "الشمائل" وغيره. وفي "المواهب اللدنية" أن الرجل هو عُيَيْنة بن حصن الفَزَاري، وكان يقال له: الأحمقُ المُطَاع، كذا فسَّره به القاضي عياض، والقرطبي، والنووي. وفي "التنبيه من شرح مُلا عبد الرؤوف المُنَاوي على الشمائل" قال القرطبي: في هذا الحديث إشارة إلى أن عُيينة خُتِمَ له بسوء، لأن المصطفى ذمه وأخبر بأن من كان كذلك كان شر الناس. ورده الحافظُ ابن حجر بأن الحديث ورد بلفظِ العمومِ، وشرطُ من اتصف بالصفةِ المذكورةِ أنْ يموتَ على ذلك. وقد ارتدَّ عُيينة، ثم أسلم، كما مر. وهذا أيضًا يكفي لإِيضاح ما قاله الشيخ إن شاء الله تعالى "جمع الوسائل".

صاحب الوحي، ثم آلَ أمرُهم إلى الخير آخرًا، فلعله يتوبُ فيتوبُ الله عليه. قوله: (فأغناه الله ورسوله)، ونسبة الإِغناء إلى الرسول ههنا على طريق المجاورة فقط، فإِن المباشر حقيقةً هو الله تعالى، ورسولُه مسبِّبٌ فقط. إلا أنه يُسامَحُ في العرف، فيسندُ الفعل إلى المسبِّب، كالمُبَاشر، فهذه دقيقةٌ ينبغي أن لا يُغْفَل عنها. وقد نَبَّه عليها القرآن أيضًا، وهو قوله تعالى {لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا} [البقرة: 104] حيث لم ينه عنه ابتداءً، حتى إذا رأى في إطلاق هذا اللفظ مضرةً، من حيث إن اليهود كانوا يلوون ألسنتَهم فيه، نهى عنه. فالمسألة في إطلاق الألفاظ التي يكون لها وِجْهةٌ من الجَوَاز أن يُغمضَ عنها ما لم تقع منه مضرةٌ. وهذا كما ترى في نسبة الإِغناء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فإِنه إن أوْهَمَ نسبتُه إليه على طريق الحقيقة فهو ممنوعٌ قطعًا، وإن لم يبالغ فيه الجهلاء، وأطلقوه على وجهِهِ فهو جائزٌ ولا ريب، كيف وقد وقع في الحديث ونحوه لفظ: يا رسول الله. قوله: (وأما العباس) قيل: إن العباس إنما أنْكَرَ الزكاة لأنه أحسَّ ترفعًا في كلام عمر. أما عمر فإنه كان عمر، لكنَّ العباسَ كان عمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم وإنما عم الرجل صِنْو أبيه، فَكَرِه منه الكلام. وحينئذٍ معنى قوله: (ومثلها معها) (¬1) إنكم تزعُمون أنه ينكرُ الزكاةَ، وأنا ضامنٌ له أنه يُعطي لكم زكاته مرَّتين. وقيل: إنه لم يُنكر الزكاةَ، ولكنه صلى الله عليه وسلّم كان يستوفي منه الزكاة لسنتين، فأنكرها، ¬

_ (¬1) قلت: أخرج أبو عُبيد في "كتاب الأموال" ص 589، فقال -أي ابن عباس-: "قد عَجَّلتُ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدقَة سنتين"، فرفعه عمر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "صدق عمي، قد تَعَجَّلنا منه صدقة سنتين". ثم أخرج هذا اللفظ، أي: "فأما العباس فصدقتُه عليه، ومِثْلُها مَعَها". قال أبو عُبيد: فهذا يبيِّنُ لك أنه قد كان أخرها عنه، ثم جعلها دَيْنًا عليه يأخذُه منه. فهو في الحديث الأول قد تَعجَّل زكاتَه منه، وفي هذا أنَّه أخرها عنه. ولعل الأمرين جميعًا قد كانا. انتهى ملخصًا. ص 593. وفي "التعليق الصبيح" قال أبو عُبيد: تأويلُه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخر زكاةَ تلك السنةِ لعباسٍ، والسنة الثانية، لأن ما يؤدَّى في السنة الثانية زكاةُ السنتين الماضيتين. لما رأى احتياجَ العباس، وضيق يده. وقوله: "عليَّ"، يعني أنا ضامنٌ بوصولِ هذه الزكاة من العباس إلى المستحقين. وقيل: تأويله أنه عليه الصلاة والسلام أخذ زكاة سنتين من العباس قبل وُجُوبها، فلما طلب الساعي الزكاةَ من العباس، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد وصلت إليَّ زكاتُه". اهـ. ثم نقل عن التُّورِبِشْتِي احتمالًا آخر، وهو أنه يحتمل أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - استسلف منه مالًا ينفقه في سبيل الله، ثم يحتسب له من الصدقة عند حلولها. وقوله: "مثلها"، أي في كونها فريضة عام آخر. ولم يرد به المثلية في الأسنان والمقادير، فإن ذلك يتغيَّرُ بزيادةِ المال ونُقصانه، ولا يعرف ذلك إلا بعد دخول عام آخر ... إلخ. أما قوله - صلى الله عليه وسلم - في خالد" "فقد احتبس أدرَاعه وأعبُدَه في سبيل الله" فقال أبو عُبيد: إن فيه ثلاث سُنن: إحداهن: أنها مثل قِصة العباس في تقديم الزكاة. والثانية: أنَّه قَبِلَ الأدراع، والأعبُدَ عِوَضًا من الزكاة، لأن العبيدَ والدروعَ لا زكاة فيها. فقد عُلم أنه أخذَهَا مكان صدقةِ المواشي أو غيرها، كأخذ المالِ مكانَ غيره من الصدقة، إذا كان ذلك أوفقُ بالمأخوذ منه، وأصلحُ للمأخوذ له. والثالثة: أنه جعل صدقَتَه كلَّها في السبيل وحده، ولم يفرِّقْها في الأصنافِ الثمانية، فرضي بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحسَّنه. انتهى ملخصًا: ص 593، وص 594.

51 - باب الاستعفاف عن المسألة

لأن زكاتَه كانت دينًا على بيت المال، ثم طلب عمر منه الزكاة. ثم إنهم قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يستقرضُ منه زكاتَه، ويصرِفها في المصارف الأخرى التي كانت على بيت المال. فإِذا جاء فيه مالٌ كان يؤدي منه عما صرَفَه من الزكاة. ولذا أفتيتُ لأصحاب المدارسِ أنْ يصرفوا مالَ الزكاة الذي عندهم في غير مصارفها دَيْنًا عليهم، فإِذا جاء عندهم مالٌ في ذلك المصرفِ يؤدُّوه عما صَرَفُوه من مال الزكاة. 51 - باب الاِسْتِعْفَافِ عَنِ الْمَسْأَلَةِ 1469 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ «مَا يَكُونُ عِنْدِى مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِىَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ». طرفه 6470 - تحفة 4152 - 152/ 2 1470 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِىَ رَجُلاً، فَيَسْأَلَهُ، أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ». أطرافه 1480، 2074، 2374 - تحفة 13830 1471 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَأْتِىَ بِحُزْمَةِ الْحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ». طرفاه 2075، 2373 - تحفة 3633 1472 - وَحَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْطَانِى، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى ثُمَّ قَالَ «يَا حَكِيمُ إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ كَالَّذِى يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ، الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى». قَالَ حَكِيمٌ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - يَدْعُو حَكِيمًا إِلَى الْعَطَاءِ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ - رضى الله عنه - دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا. فَقَالَ عُمَرُ إِنِّى أُشْهِدُكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى حَكِيمٍ، أَنِّى أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ هَذَا الْفَىْءِ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ. فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا

52 - باب من أعطاه الله شيئا من غير مسألة ولا إشراف نفس {وفي أموالهم حق للسائل والمحروم (19)} [الذاريات: 19]

مِنَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى تُوُفِّىَ. أطرافه 2750، 3143، 6441 - تحفة 3431، 3426 52 - باب مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلاَ إِشْرَافِ نَفْسٍ {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)} [الذاريات: 19] 1473 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِينِى الْعَطَاءَ فَأَقُولُ أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّى فَقَالَ «خُذْهُ، إِذَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ شَىْءٌ، وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلاَ سَائِلٍ، فَخُذْهُ، وَمَا لاَ فَلاَ تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ». طرفاه 7163، 7164 - تحفة 10520 - 153/ 2 53 - باب مَنْ سَأَلَ النَّاسَ تَكَثُّرًا 1474 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى جَعْفَرٍ قَالَ سَمِعْتُ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِىَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِى وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ». تحفة 6702 1475 - وَقَالَ إِنَّ الشَّمْسَ تَدْنُو يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَبْلُغَ الْعَرَقُ نِصْفَ الأُذُنِ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ اسْتَغَاثُوا بِآدَمَ، ثُمَّ بِمُوسَى، ثُمَّ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -». وَزَادَ عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى جَعْفَرٍ «فَيَشْفَعُ لِيُقْضَى بَيْنَ الْخَلْقِ، فَيَمْشِى حَتَّى يَأْخُذَ بِحَلْقَةِ الْبَابِ، فَيَوْمَئِذٍ يَبْعَثُهُ اللَّهُ مَقَامًا مَحْمُودًا، يَحْمَدُهُ أَهْلُ الْجَمْعِ كُلُّهُمْ». وَقَالَ مُعَلًّى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ أَخِى الزُّهْرِىِّ عَنْ حَمْزَةَ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمَسْأَلَةِ. طرفه 4718 - تحفة 6702، 6706 تحفة 6702 54 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273] وَكَمِ الْغِنَى وَقَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «وَلاَ يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ». {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ} إِلَى قَوُلِهِ: {فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273)} [البقرة: 273]. 1476 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِى تَرُدُّهُ الأُكْلَةُ وَالأُكْلَتَانِ، وَلَكِنِ الْمِسْكِينُ الَّذِى لَيْسَ لَهُ غِنًى وَيَسْتَحْيِى أَوْ لاَ يَسْأَلُ النَّاسَ إِلْحَافًا». طرفاه 1479، 4539 - تحفة 14391

1477 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنِ ابْنِ أَشْوَعَ عَنِ الشَّعْبِىِّ حَدَّثَنِى كَاتِبُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنِ اكْتُبْ إِلَىَّ بِشَىْءٍ سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. فَكَتَبَ إِلَيْهِ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثًا قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ». أطرافه 844، 2408، 5975، 6330، 6473، 6615، 7292 - تحفة 11536 1478 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ الزُّهْرِىُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَهْطًا وَأَنَا جَالِسٌ فِيهِمْ قَالَ فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُمْ رَجُلاً لَمْ يُعْطِهِ، وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَىَّ، فَقُمْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَارَرْتُهُ فَقُلْتُ مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ وَاللَّهِ إِنِّى لأُرَاهُ مُؤْمِنًا. قَالَ «أَوْ مُسْلِمًا» قَالَ فَسَكَتُّ قَلِيلاً ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَعْلَمُ فِيهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ وَاللَّهِ إِنِّى لأُرَاهُ مُؤْمِنًا. قَالَ «أَوْ مُسْلِمًا». قَالَ فَسَكَتُّ قَلِيلاً ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَعْلَمُ فِيهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ وَاللَّهِ إِنِّى لأُرَاهُ مُؤْمِنًا. قَالَ «أَوْ مُسْلِمًا - يَعْنِى فَقَالَ - إِنِّى لأُعْطِى الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْهُ، خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِى النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ». وَعَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى يُحَدِّثُ هَذَا فَقَالَ فِى حَدِيثِهِ فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ فَجَمَعَ بَيْنَ عُنُقِى وَكَتِفِى ثُمَّ قَالَ «أَقْبِلْ أَىْ سَعْدُ إِنِّى لأُعْطِى الرَّجُلَ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ {فَكُبْكِبُوا} [الشعراء: 94] قُلِبُوا {مُكِبًّا} [الملك: 22] أَكَبَّ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ فِعْلُهُ غَيْرَ وَاقِعٍ عَلَى أَحَدٍ، فَإِذَا وَقَعَ الْفِعْلُ قُلْتَ كَبَّهُ اللَّهُ لِوَجْهِهِ، وَكَبَبْتُهُ أَنَا. طرفه 27 - تحفة 3891، 3921 - 154/ 2 1479 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِى يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلَكِنِ الْمِسْكِينُ الَّذِى لاَ يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ، وَلاَ يُفْطَنُ بِهِ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ، وَلاَ يَقُومُ فَيَسْأَلُ النَّاسَ». طرفاه 1476، 4539 - تحفة 13829 1480 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، ثُمَّ يَغْدُوَ - أَحْسِبُهُ قَالَ - إِلَى الْجَبَلِ فَيَحْتَطِبَ، فَيَبِيعَ فَيَأْكُلَ وَيَتَصَدَّقَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ أَكْبَرُ مِنَ الزُّهْرِىِّ، وَهُوَ قَدْ أَدْرَكَ ابْنَ عُمَرَ. أطرافه 1470، 2074، 2374 - تحفة 12370 قال السيوطي: معناه لا يسألونَ الناسَ فيُلحِفُوا إلحافًا، يعني به أن المدحَ ليس على عدمِ سؤالهم المقيد بالإِلحاف. فإِن السؤالَ منفيُّ عنهم رأسًا، ولكن من عادة الإِنسان أنَّه إذا سأل وسأل، فإنَّ سؤاله ينتهي إلى الإِلحاف لا محالة. وقال الشيخ ناصر الدين بن المُنَيِّر: إن القيدَ لمزيد التقبيح على نحو قوله: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النور: 33] وقوله: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: 130].

55 - باب خرص التمر

وفي «الكنز» أن السؤالَ حرامٌ على مَنْ كان عنده قوتُ يومٍ وليلة. وراجع أقسامَ الغني من «البحر». وقد اختلفت الروايات فيه عند الطحاوي. والفصلُ عندي أنه يختلِفُ باختلافِ الأحوال والأشخاص، وليست فيه ضابطةٌ كُليةُ، وبهذا يحصلُ الجمع في جملة الروايات في ذلك. قوله: (يحسبُهم الجاهلُ أغنياءَ من التَّعفُّف) والتفعُّلُ للتكلف، وليس على معنى أنَّهم يتكلفونَ فيه، فإنه مذمومٌ، بل على معنى أنهم ليسوا بأغنياء في الحقيقة، ولكنهم يتكلّفُون ويَظهرُون كأنهم أغنياء تَعفُّفًا عن السؤال. 1478 - قوله: (والله إني لأراه مؤمنًا) ... إلخ، وهو على حدِّ قولِ عائشة لولدٍ ماتَ من الأنصارَ: «عصفورٌ من عصافير الجنة»، وقد قررناه في مواضع. 55 - باب خَرْصِ التَّمْرِ 1481 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبَّاسٍ السَّاعِدِىِّ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - غَزْوَةَ تَبُوكَ فَلَمَّا جَاءَ وَادِىَ الْقُرَى إِذَا امْرَأَةٌ فِى حَدِيقَةٍ لَهَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِهِ «اخْرُصُوا». وَخَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشَرَةَ أَوْسُقٍ فَقَالَ لَهَا «أَحْصِى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا». فَلَمَّا أَتَيْنَا تَبُوكَ قَالَ «أَمَا إِنَّهَا سَتَهُبُّ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَلاَ يَقُومَنَّ أَحَدٌ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ بَعِيرٌ فَلْيَعْقِلْهُ». فَعَقَلْنَاهَا وَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَقَامَ رَجُلٌ فَأَلْقَتْهُ بِجَبَلِ طَيِّئٍ - وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَسَاهُ بُرْدًا وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ - فَلَمَّا أَتَى وَادِىَ الْقُرَى قَالَ لِلْمَرْأَةِ «كَمْ جَاءَ حَدِيقَتُكِ». قَالَتْ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ خَرْصَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى مُتَعَجِّلٌ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِى فَلْيَتَعَجَّلْ». فَلَمَّا - قَالَ ابْنُ بَكَّارٍ كَلِمَةً مَعْنَاهَا - أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ «هَذِهِ طَابَةُ». فَلَمَّا رَأَى أُحُدًا قَالَ «هَذَا جُبَيْلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الأَنْصَارِ». قَالُوا بَلَى. قَالَ «دُورُ بَنِى النَّجَّارِ، ثُمَّ دُورُ بَنِى عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ دُورُ بَنِى سَاعِدَةَ، أَوْ دُورُ بَنِى الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَفِى كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ - يَعْنِى - خَيْرًا». أطرافه 1872، 3161، 3791، 4422 - تحفة 11891 - 155/ 2 1482 - وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ حَدَّثَنِى عَمْرٌو «ثُمَّ دَارُ بَنِى الْحَارِثِ، ثُمَّ بَنِى سَاعِدَةَ». وَقَالَ سُلَيْمَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كُلُّ بُسْتَانٍ عَلَيْهِ حَائِطٌ فَهْوَ حَدِيقَةٌ، وَمَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَائِطٌ لَمْ يَقُلْ حَدِيقَةٌ. تحفة 4795، 11891 واعلم أن السَّلاطين كانوا يَبعثُون أمينًا لهم - يُسمَّى الخَارِصُ - إلى أصحابِ النخيلِ، لِيَحْزِرَ ثمارهم، ثم يُخلِّي بينهم وبين ثمارهم، فإذا بلغ وقت الجُذَاذ، يستوفي منه بحساب ما خَرَصَ. والنفعُ فيه أن لا يخونَ فيها أصحابَ المال، فيتضرَّر منه بيت المال، وأن يبقى المالكون في فُسحة من الإِنفاق كيف شاؤوا، فكان ذلك أيسرُ لبيت المال والمالكين جميعًا. واعتبره

الحنفية أيضًا (¬1)، إلا أنهم لم يجعلوه حجةً ملزمةً، وإليه ذهب مالك. فإنْ وقع الاختلافُ بين الخارِصِ والمالك لا يُقضى عليه بقولِ الخارصِ فقط. فإن قلت: فأيُّ فائدةٍ في الخَرْص؟ قلتُ: الفائدةُ ما قد علمتَه آنفًا من اليُسر للجانبين. ومن سوءِ بعض عباراتِ أصحابِنا، نُسبَ إلينا عدمُ اعتباره مطلقًا، وليس بصواب، فإن الأحاديثَ قد وردت به صراحةً. وجعل الشافعيُّ قولَ الخارص حجةً إن ظهرَ خلافُه بعد الكيل. ولهم في التَّضمِين قولان: التضمين، وعدمه، والأظهرُ هو الأول. قلتُ: وعلى الثاني لم يبق بينَنَا وبينهم كثيرُ فرقٍ. والحاصل: أن الخَرْصَ ليس أمرًا فاصلا عندنا. والنفعُ فيه أن يبقى للمالكين تذكارًا للخرص، فلا يرزأوا حق الفقراء. والذي يدل على أن الخرصَ تخمينٌ فقط، قوله صلى الله عليه وسلّم للخارصين: «دعوا الثُّلُثَ، فإن لم تدعوا الثلث، فدعوا الربع»، فدل على أنه أمرٌ تقريبيُّ فقط. وليس من اللازم أن يكون ما خَرَصه صحيحًا، فإن الإِنسانَ قد يغلطَ في الحزْرِ، فأمرهم أن ينقِصُوا منه الثلث أو الربع، لئلا يتضرَّرَ به المالكون. ولو كان أمرًا فاصلا لما ردد بالثلث أو الربع، فإن الثلث قد يزيد على الربع بمقدارٍ كثير، فالاستثناء بالترديد مع التفاوتِ الفاحش بين الثلث والربع، يدلُّ على أنه أمر تخمينيٌّ لا غير. وقد اختلف الناسُ في شرح الجملة المذكورة على أقوال، وجرَّها كلٌّ منهم إلى مذهبه. وقد ذكرناها ما لها وما عليها في أمالي «جامع الترمذي». 1481 - قوله: (فألقته بجبل طيء)، وفي الشروح: إنه لم يمت، ولقي النبيَّ صلى الله عليه وسلّم بعد ما رجع. قوله: (إني مُتعجل إلى المدينة)، لا يريد به السرعة في السير، بل الذهابَ من أقرب الطريقين. قوله: (هذا جبل يحبنا) ... إلخ، فيه دليلٌ على أنَّ في الجمادات أيضًا شعورًا. ثم إن أُحدًا من الجنة، وأن عَيْرًا من جهنم. وظني أنه إذنْ لا يكونُ يسبِّحُ، وقد رأيت في رواية أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم مرّ على الجندان - جبل بناحية مكة - فقال: «سبق المفردون» وكنت أتفكَّرُ في معناه، وأنه لم قال هذا عند هذا الجبل؟ حتى رأيت في «الوفا» للسَّمْهُودي، أنه كان يشير إلى قولِ شاعر: ¬

_ (¬1) قال الخَطَّابي: رُوي عن الشَّعبي أنه قال: الخَرُصُ بدعةٌ. وأنكرَ أصحابُ الرأي الخَرْصَ ص 44 - ج 2. وقال القاضي أبو بكر بن العربي: اتفق أبو حنيفة وأصحابه على أن الخرصَ بدعةٌ، وأُعجِبُوا لمساعدة الثوري لهم على ذلك، مع معرفته بالسنن، وتمكُّنِهِ في بحبوحةِ الأخبار. قلت: ولم أر كونِه بدعةً مرويًا عن أبي حنيفة في كُتُبِ أصحابِنا. نعم، في العيني: أنه مكروهٌ عند أئمتنا، وكذا في بعض الكتب أنه باطلٌ، ومنشأه عبارةُ الطحاوي. ولله درُّ الشيخ حيث نقَّح مذهب أبي حنيفة على طور لم يبق فيه مخالفةٌ للأحاديث، ولا لكلامِ نَقَلَةِ المذهب. وإنما تعرِفُ قدرَه بعدما ترجعُ إلى كتب أصحابنا فترى فيها اختلافًا، مع مخالفتِها لظاهر الأحاديث، وحينئذ فتشكُرَه شكرًا جزيلًا.

56 - باب العشر فيما يسقى من ماء السماء وبالماء الجارى

وقبلنا سَبَّحَ الجُودِيُّ، والجند ثم إن التسبيحَ أفضلُ من كلمة التوحيد، من جهة أنَّ الله تعالى يسبح أيضًا. وفي "الكنى" للدُّولابي عن عطاء: أن الله تعالى يصلي، وصلاته: سُبُّوحٌ قدوسٌ، سَبَقتْ رحمتي غضبي. 56 - باب الْعُشْرِ فِيمَا يُسْقَى مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ وَبِالْمَاءِ الْجَارِى وَلَمْ يَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِى الْعَسَلِ شَيْئًا. قوله: (ولم ير عمر بن عبد العزيز في العسل شيئًا) ولنا في وجوب العشر مرسلٌ جيدٌ، أخرجه الزَّيلعي. وما عند أبي داود: «في كلِّ عَشْرة أَزُقَ زِقٌّ» ... إلخ - بالمعنى -. 1483 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ، وَمَا سُقِىَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا تَفْسِيرُ الأَوَّلِ لأَنَّهُ لَمْ يُوَقِّتْ فِى الأَوَّلِ - يَعْنِى حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ - وَفِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ وَبَيَّنَ فِى هَذَا وَوَقَّتَ، وَالزِّيَادَةُ مَقْبُولَةٌ، وَالْمُفَسَّرُ يَقْضِى عَلَى الْمُبْهَمِ إِذَا رَوَاهُ أَهْلُ الثَّبَتِ، كَمَا رَوَى الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يُصَلِّ فِى الْكَعْبَةِ. وَقَالَ بِلاَلٌ قَدْ صَلَّى. فَأُخِذَ بِقَوْلِ بِلاَلٍ وَتُرِكَ قَوْلُ الْفَضْلِ. تحفة 6977 - 156/ 2 1483 - قوله: (وكان عثريا)، وهو من العثور، وهو الشجر الذي لا يحتاج إلى سَقْىٍ، بل يشربُ الماءَ بعروقِهِ، كالشجر على شطِّ الأنهار. 1483 - قوله: (قال أبو عبد الله: هذا تفسير الأول) ... إلخ. وحاصل ما ذكرْ المصنفُ أنَّ حديث ابن عمر مبهمٌ، ليس فيه بيانٌ للنِّصاب، وحديث أبي سعيد الآتي حديث مفسرٌ لما فيه من بيان النصاب. وأرادَ من الحديثِ المبهمِ الحديثَ العام، ومن المفسر الحديثَ الخاص. فإِذا تعَارض الخاصُّ والعام، والمبهم والمفسر، يحملُ المبهمُ على المفسر، والعامُّ على الخاص، لما في المفسرِ والخاص زيادة ليست في المبهم والعام. والأخذ بالزائد فالزائد أولى (تعارض العام والخاص). وقلنا في المسألة الأصولية: إن العام والخاص إذا تعارضا، فإن كان الخاص مؤخرًا متراخيًا يُجعل ناسخًا للعام بقدر ما تناوله الخاص، ويبقى العامُّ محكمًا في الباقي، وإن لم يُدر التراخي، أو التاريخ يعطى له حكم التعارض، ويصار إلى الترجيح. وأقول في مقابلة تعبيرهم: إنَّا نُعطي كلَّ ذي حقٍ حقَّهُ، كما أنهم يأخذون بالزائد فالزائد. قال الشوكاني: لما تعارض الأمر بالإِنصات والقراءة أخرجنا الفاتحة عن حكم الإِنصات، وأبقينا حكمه فيما بقي. قلتُ: لما تعارض الأمران أخرجنا المقتدي عن حكم القراءة، فأخذناه بحَسَب الأشخاص، كما أخذه الشوكاني باعتبار القراءة.

57 - باب ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة

57 - باب لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ 1484 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا مَالِكٌ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ فِيمَا أَقَلُّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ، وَلاَ فِى أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ مِنَ الإِبِلِ الذَّوْدِ صَدَقَةٌ، وَلاَ فِى أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا تَفْسِيرُ الأَوَّلِ إِذَا قَالَ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ». وَيُؤْخَذُ أَبَدًا فِى الْعِلْمِ بِمَا زَادَ أَهْلُ الثَّبَتِ أَوْ بَيَّنُوا. أطرافه 1405، 1447، 1459 - تحفة 4106 واعلم أنَّ النِّصاب في السوائم والنقدين إجماعًا. أما الزرعُ والثمارُ ففيهما أيضًا نصابٌ عند الثلاثة، وأما عند الإِمام أبي حنيفة ففي قليلها وكثيرها العُشر، وهو ظاهر القرآن. كما علمته من قبل، وأقر به ابن العربي. وبذلك عملَ الخليفة العَدْل عمر بن عبد العزير، فكتب إلى عُمَّاله أن يأخذوا العشر من كل قليل وكثير، كما أخرجه الزيلعي، فدل على أنه جرى به التعامل. وهو مذهب مجاهد، والزهري، وإبراهيم النَّخَعي، كما في «فتح القدير» أيضًا. وأما قوله صلى الله عليه وسلّم «ما أخرجته الأرض ففيه العشر» فهو للإِمام أبي حنيفة خاصة، لا يشاركه فيه أحد. فإذا شهدَ لنا ظاهر القرآن، والحديثُ الصريح، وتعامل السلف، لم يبق ريبٌ في ترجيح مذهبنا. أما وجه قوله صلى الله عليه وسلّم في حديث أبي سعيد: «ليس فيما دون خمسةِ أوسقٍ صدقة» فهو عندي محمولٌ على العَرِيّة، كما سنفصله. قال ابن الهمام: تعارض فيه العام والخاص في مِقْدَار خمسة أوْسق، ولا ريب أن الاحتياط بالإِيجاب، فقلنا به. وقال صاحب «الهداية»: إن الحديث ورد في زكاة التجارة دون العشر، وذلك لأنهم كانوا يتبايعون بالأوْسَاق، وقيمةُ الوَسْق يومئذ كانت أربعين درهمًا، فيكون قيمة خمسة أوسق مئتي درهم، وهو نصاب الزكاة. وحاصله أنهم نقلوا حديثَ التجارة إلى باب آخر، فَحدَثَ التعارض، مع أن الحديث العام كان في العشر، وذلك في زكاة التجارة، فلا تعارض أصلا. وقال الشيخ بدر الدين العيني في «شرح البخاري»: إن المراد من الصدقة، الصدقاتُ المتفرقة، وهي من الحقوق المنتشرة التي قد تجبُ في الأموال سوى الزكاة، فالحديث عنده ليس من باب العُشر. كما حمل عليه الجمهور، ولا من باب الزكاة، كما قال به صاحب «الهداية»، بل من باب الحقوقِ المنتشرة. وحاصله أن تلك الحقوق لا تؤخذُ ممن كان عنده هذا المقدار. قلتُ: ويرد على هذه الأجوبة كُلِّها ما عند الطحاوي ص 215 - ج1: «ما سقت السماء، أو كان سَيْحًا، أو بَعْلا ففيه العُشر إذا بلغ خمسة أوْسق» ... الحديث؛ وإسناده قوي. وفيه سليمان بن داود، وليس بابن أرقم الذي هو ضعيف، بل هو رجل آخر صَرَّح به أبو بكر بن

عاصم الظاهري في «كتاب الديات». فإِنه يدلُّ على أن الحديثَ في العشر لا في الصدقات المتفرِّقة، كما ذهب إليه العيني. ولا من باب التجارة، كما اختاره صاحب «الهداية». والذي وضح لدَيّ في هذا المطلب أنه محمولٌ على العَرِيَّة، وتفصيلُه ينبني على مقدمةٍ، وهي أن زكاةَ السَّوائم، والخارج من الأرض من حقوق بيت المال، فيأخُذَها الساعي ويرفعها إليه، وليس لأصحاب الأموالِ أن يدفَعُوها إلى المساكين بأنفسهم. أما زكاةُ الثمارِ الرَّطْبة فيلزم من كُتُب الحنفيةِ أنَّه يجوزُ دفعُها للمالكين أيضًا، ولا يجب دفعُها إلى بيت المال، وإن لم يكتُبُوه، بشكل المسألة، فإِنها مما يَتَسَارعُ إليه الفساد، فيتعسَّر حملُها إلى بيت المال، أو يتعذر، فيصرفها المالك في مصارفها بنفسه. كما قال الشيخ ابن الهمام في قوله صلى الله عليه وسلّم «ليس في الحضْراوات صدقة». إنَّ النفي فيه محمول على صدقةٍ تُرفع إلى بيت المال، فلا دليلَ فيه على نفي الصدقة رأسًا. فخرجَ منه أن المسألةَ فيما يتسارعُ إليه الفساد، أن لا ترفعَ زكاتُه إلى بيت المال، بل يؤديها صاحبها بنفسه. وفيه إشارة إلى أن إطلاقَ الصدقة في عُرفهم كان على صدقة تُرفع إلى بيت المال. وأما ما كان يصرِفه الرجل بنفسه فلم تكن تُسمَّى صدقة، وهذا عرف معقول. فإِن بيتَ المال إذا لم يأخُذْها وتركها إلى المالكين لينفقوها في سُبُل الخير كيف شاءوا، صارت في نظره كأن لم تكن، لم يبق له عنها بحث. فهي عفو بمعنى عدم أخذها منهم، لا بمعنى عدم الوجوب رأسًا. كيف! والله سبحانه قد أوجب فيه العُشرَ عندنا. وبعبارة أخرى أنه إذا لم تظهر، لوجوبها ثمرةٌ لبيت المال صارَ كأنه لم يجب في نظره، فصحَّ التعبيرُ بالعفو مرة، ونفي الصدقة أخرى. ومن ههنا ظهر لك شرح آخر لقوله صلى الله عليه وسلّم «عَفَوت عن صدقةِ الخيل»، فلعله لم يرد بذلك نفيَ الزكاة رأسًا، بل عدم وجوب أدائها إلى بيت المال على شاكلة الأموال الباطنة، فصار عفوًا بهذا المعنى. إذا علمت هذا، فاعلم أن العربَ قد جرت عادتهم بأنهم كانوا يُعيرون أشجارًا للفقراء ليأكلوا من رطبها، فأباح لهم الشرع أن يفعَلُوها في خمسة أوسق، ثم أمر عامِليه أن لا يأخذوا منها شيئًا، لأنه يُؤدي إلى تثنية الزكاة في سنة. أو امتناعِ الناس عن الإِنفاق بأنفسهم، وكان مما لا بُد لهم بحَسَب عاداتهم، فعفى عنهم لهذا. وحينئذٍ صارت شاكلتُه شاكلة قوله صلى الله عليه وسلّم «عفوت عن صدقة الخيل»، وقوله صلى الله عليه وسلّم «وليس في الخضراوات صدقة» على شرحنا. فإنَّ الزكاةَ في كلها منفية باعتبار رفعِها إلى بيت المال، لا لعدم وجوبها. بقي مطالبة البرهان، على أن تلك الخمسة هي التي في باب العَرِيَّة، أو غيرها، وأنَّ عدمَ أخذ الزكاة من هذه الخمسة لكونها عَرِيَّة، أو لعدم وجوب الزكاة فيها. فأقول وبالله التوفيق: أما إن خمسة أوْسُق هذه هي التي فيها العَرِيَّة، فلما أخرجه الطحاوي: ص 212 عن أبي هريرة مرفوعًا «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم رخص في بيع العَرَايا في خمسة أوْسُق، أو فيما دون خمسة أوسق» ... إلخ، فلما رأيتُ أنه رخص فيه بالعَرِيَّة في هذه الأوسق، ثم رأيت في باب الزكاة

تلك بعينِها لم توجب فيها صدقة، قلتُ: ما بالُ هذه اعتبرت في الموضعين: خمسة ههنا، وخمسة هنالك؟ وحينئذ تَحدَّس لي أنَّ بينهما ربطًا لا محالة، أَوْجَب الرُّخصةَ فيها في الموضعين. ولم أزلْ أتفكَّر فيه حتى ظهر لي أنَّ الشرعَ لما رخصه بالعَرِيَّة في تلك المِقْدَار بنفسه نظرًا إلى أنه يتصدق فيها بنفسه، وجب له أنْ يُخففَ الصدقة عنها، كي لا يؤدي إلى تثنية الزكاة في سنة واحدة. وحينئذٍ حكم ذِهني أن خمسةَ أوْسُق في باب الزكاة هي التي رخصَ فيها في البيوع. ومن ههنا ظهر وجهُ اختلافهم في وجوب العشرِ في خمسةِ أوسقٍ، وذلك أنَّ صدقَتَها لمّا لم تكن ترفعُ إلى بيت المال حمله بعضهم على نفيها في هذا المقدار مطلقًا، وحمل بعضهم على أنَّ صدقَتَها وإن لم تُرفعْ إلى بيت المال، لكنها لم تخل عن إيجاب حق، قالوا بالعشر، كالحلب يوم ورود المواشي، تركه الشارع إلى حسبة المالكين، ولم يدخل فيه. فكذلك الصدقة في خمسة أوْسُق. ثم لم أزل أطلب له نقلا، فوجدت في «كتاب الأموال» لأبي عبيد (¬1) أن الخمسة في باب الزكاة هي خمس العَرَايا، فلله الحمد على التَّوَاردِ. وأبو عُبيد هذا تلميذُ محمد، ومعاصرٌ لأحمد، وابن مَعِيْن. ثم إنهم إن اختلفوا في تفسير العَرِيَّة، فذلك بحثٌ آخر يجيءُ في موضعه. فثبت الأمر الأول. وأما إن التخفيف فيها نظرًا إلى كونها عَرِيَّة لا لنفي الزكاة رأسًا، فقد كشفه ما عند الطحاوي: ص 315 عن مكحول بإِسناد جيد مرسلا: «خففوا في الصدقات، فإنَّ في المال العَرِيَّة، والوصية»، وهو في «مراسيل أبي داود»، و «التمهيد» لأبي عمر، إلا أنَّ لفظ أبي داود: «الواطئة»، وأبي عمر و «الوطية»، بدل «الوصية»، وهي ما تَطَأُه الأرجل، ولعل الصواب، كما في «المراسيل». فدل على أنَّ أمرَ التخفيف في الصدقات لم يكن، لأنه لا زكاةَ فيها، بل لكونها العَرِيَّة فيها، وبه أمر الخلفاء أيضًا، كما أخرجه البيهقي (¬2) أن أبا بكر، وعمر رضي الله عنهما ¬

_ (¬1) قال أبو عبيد: ذيل تشييد تفسير الشافعية أن له شاهدين، فذكر أحدهما أن توقيته - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وتركه الرخصة في خمسةِ أوسق يبين لك أنَّه إنما أذِنَ في قدرِ ما لا يلزمه الصدقة، لأن سنته أن لا صدقة في أقل من خمسة أوسق، وأن لا صدقة في العَرَايا، فهذه تلك بأعينها، والحديث يصدق بعضه بعضًا، إلخ. ص 489 "كتاب الأموال". (¬2) قلت: وأخرج الطحاوي في باب الخرص عن سعيد بن المسيب، قال: بعث عمر بن الخطاب سهلَ بن أبي خيثمة يَخرصُ على الناس، فأمره إذا وجدَ القوم في نخلهم أن لا يَخرصْ عليهم ما يأكلون، فدلَّ على أنَّه لا زكاة في هذا المقدار، بمعنى كونِهِ مشغولًا بحاجتهم، ومن حاجاتهم العَرِيَّة، فرفعت عنها الصدقة أيضًا، بمعنى أنها لا تؤخذ منهم وفي "كتاب الأموال" ص 487 عن مكحول، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا بَعَثَ الخَرَّاص، قال: "خففوا، فإنَّ في المال العَرِيَّة والوطية"، وعن الأوزاعي، قال: بلغنا عن عمر بن الخطاب، قال: "خففوا على الناس في الخرص، فإن في المال العَرِيَّة والواطئة، والأكلة" قال أبو عُبيد: وفي بعض الحديث الوَطأة، وبعضهم يقول: الوطئة، فأما الوطئة فليس بشيء، وأما الواطئة والوطأة فهما جميعًا السَّابلة، سموا بذلك لوطئهم بلاد الثمار مجتازين. وقوله: والأكلة: هم أرباب الثمار، وأهلوهم من لصق بهم، فكان معهم.

كانا يأمران سُعاتهما، أن لا يخرُصُوا خُمس العَرَايا. وبمثله شرحوا ما عند أبي داود: ص 226: «إذا خَرَصتُم فجُزوا ودعوا الثُّلث، فإنْ لم تدعوا الثلث فدعوا الربع». ونقل الخَطَّابي أنه قال في «شرحه»: إن معناه أن اتركوا لهم ذلك ليتصدقوا منه على جيرانهم، ومن يطلب منهم، لا أنه لا زكاة عليهم في ذلك. اهـ. فلما جاز لهم أن يحملوا رفعَ الصدقةِ عن الثلث والربع، رعاية لهم ليتصدقوا على الجيران، لا لانتفاء الزكاة فيها، جاز لنا أيضًا أن نحملَ نفي الصدقة في خمسةِ أوْسُق لمعنى العَرِيَّة، لا لعدم الزكاة فيها. والعَرِيَّة عندنا أيضًا تصدقٌ على الققراء، فإِن هم جوَّزوا التخفيف في الثلث الذي أمكن أن يزيد على خمسة أوسُقٍ بمرّات، فقد جوّزناه في أقل منه، فلم جلبوا علينا؟ وحينئذٍ خرج جزءُ الجواب من نفس الحديث، أعني كونَ تلك الخمسة من العَرِيَّة، وأن نفَي الصدقة عنها نظرًا إلى العَرِيَّة، وهذا ما كنا نريده. ومحصل الجواب أن النفي في حديث أبي سعيد ليس لثبوت النِّصاب في الثمار، وأن خمسة أوسق تبقى في ناحية بيته، لا تجبُ عليه فريضة الله، بل لأنه يتصدَّقُ فيها بنفسه، فلا تُؤخذ منه صدقة ترفعُ إلى بيت المال. وأما حديث ابن عمر فبيانٌ للواجبِ في نفس الأمر، سواء رُفع إلى بيت المال، أو أمر بأدائه بنفسه، فلا تعارض أصلا. ثم إني تمسكتُ للمذهب بما عند الطحاوي: ص 213 بإِسناد قوي، ولم أر أحدًا منهم تمسك به عن جابر بن عبد الله: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم رخص في العَرِيَّة في الوَسْق، والوَسْقين، والثلاثة، والأربعة؛ وقال: في كل عشرة أقناء قنو، يُوضع في المسجد للمساكين». اهـ. والقِنَوْ: العِذْق بما فيه من الرطب. ومرادُه عندي أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم إنما أجاز بالعَرِيَّة إلى أربعة أوْسُق. وأما المسألة فيما زاد فهي كما ذكرها فيما بعد، أعني إيجاب العُشر، حتى أوجب في عشرة أَقْنَاء قِنوًا. وحينئذ صار الحديثُ صريحًا فيما رامه الحنفية. وإنما لم يتمسك به الطحاوي، ولم يخرجه في باب الزكاة لأنه يمكن أن يكون الأمرُ بوضع الأَقْنَاء من تلك الأَوْسُق التي أجاز فيها بالعَرِيَّة، وحينئذ لا يكون القِنْو زكاةً، وعشر إبل من العرية. وأما ما قررت من المراد، فالاستدلال منه قائم. ثم إن الحديث أخرجه ابن أبي شيبة متنًا وسندًا في «مصنفه»، ومر عليه الحافظ في موضعين، ولم ينقله بتمامِهِ، بل قال بعد قطعة منه ... الحديث. وأنا أعلمُ ما يريدُ، ولعله تفطَّنَ أن الجملة الأخيرةَ تنفعُ الحنفية، فأراد أن يتركَهم في غَفْلة. وقد جربتهُ مِرارًا في مثل هذه المواضع. وهذا الحديث أخرجه أبو داود: أيضًا في باب حقوق المال إلا أن لفظه: «أمر من كل جادّ عشرةِ أوسقٍ من التمر بقِنْوٍ يعلق في المسجد للمساكين». اهـ. فانقلب منه مرادُه، ولم تبق

58 - باب أخذ صدقة التمر عند صرام النخل وهل يترك الصبى فيمس تمر الصدقة

لنا منه حجة، وغَلِطَ المحشون في شرحه. قلتُ: وينبغي الاعتماد على لفظ الطحاوي، والمصنف (¬1). 58 - باب أَخْذِ صَدَقَةِ التَّمْرِ عِنْدَ صِرَامِ النَّخْلِ وَهَلْ يُتْرَكُ الصَّبِىُّ فَيَمَسُّ تَمْرَ الصَّدَقَةِ 1485 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الأَسَدِىُّ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُؤْتَى بِالتَّمْرِ عِنْدَ صِرَامِ النَّخْلِ فَيَجِىءُ هَذَا بِتَمْرِهِ وَهَذَا مِنْ تَمْرِهِ حَتَّى يَصِيرَ عِنْدَهُ كَوْمًا مِنْ تَمْرٍ، فَجَعَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ - رضى الله عنهما - يَلْعَبَانِ بِذَلِكَ التَّمْرِ، فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا تَمْرَةً، فَجَعَلَهَا فِى فِيهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْرَجَهَا مِنْ فِيهِ فَقَالَ «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَأْكُلُونَ الصَّدَقَةَ». طرفاه 1491، 3072 - تحفة 14358 نُقِلَ عن أبي حنيفة أنَّ حق الفقراء يتعلقُ عند بُدُو الصلاح (¬2). وعن أبي يوسف: أوان الحصاد. وعن محمد: بعد الحصاد، وهو ظاهر القرآن، قال تعالى: {وَءاتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (الأنعام: 141)، ولعل المصنفَ مال إلى مذهب الإِمام، حيث جعل الاستيفاءَ عند الحصادِ وصِرَام النخل، وذكر الوجوبَ في تراجم أخرى. وليس مراده أن الوجوبَ أيضًا حين صِرَام النخل، بل الوجوبُ قَبْله، نعم، الاستيفاء عند الحصاد. قوله: (وهل يترك الصبي) ... إلخ، وهذا إنجاز على ما مرّ من اصطلاحنا. ¬

_ (¬1) قلت: وحاصل المَقَام أنَّ الشرعَ لما عَفى عن الخيل لكونها قليلةٌ إذ ذاك، أو ترك زكاتَها إلى المالكين لمعنى يعلمه، وعن الخَضْراوات لأنها مما يَتَسارعُ إليه الفساد، فيتعذر حملُها إلى بيت المال، عفى عن خمسةِ أوْسُق أيضًا، لأنه لا بد لأصحاب النخيل أن يتصدقوا في الموسم. فإنهم يردُ عليهم الصادرُ والوارد، ويزورهم الأحباء، ويأتيهم الفقراء، فمكَّنَ لهم في تلك المقدار أن يصرفوها في نحو هذه المصارف، ولا يكونوا في ضِيق من الإِنفاق، فإن الدينَ يُسرٌ. وإنَّما خصَّص لهم خمسةَ أوْسُقِ لكونها محل العَرِيَّة، فرخص في البيوع والزكاة معًا، أما إن العَرِيَّة ماذا هي؟ فسيأتي، والله أعلم. (¬2) قال القاضي أبو بكر بن العربي في "تفسيره": اختلف العلماء في وجوب الزكاة في هذه الأموال النباتية على ثلاثة أقوال: الأول: أنها تجب وقت الجُذَاذ، قاله محمد بن سلمة. الثاني: أنها تجبُ يوم الطيب، لأن ما قبل الطيب يكون علفًا، لا قوتًا ولا طعامًا، فإذا طابت، وكان الأكل الذي أنعم الله به، وجبَ الحقُّ الذي أمر الله به. الثالث: أن يكون بعد تمام الخَرص، قاله المُغيرة، لأنه حينئذ يتحقَّقُ الواجبُ فيه من الزكاة، فيكون شرطًا لوجوبها. أصلُه مجيء الساعي في الغنم. ولكل قول وَجه، كما ترون. لكن الصحيح وجوبُ الزكاة بالطيب، لما بينا من الدليل، وإنما خَرَصَ عليهم ليعلم قدر الواجِبِ في ثمارهم.

59 - باب من باع ثماره أو نخله أو أرضه أو زرعه، وقد وجب فيه العشر أو الصدقة، فأدى الزكاة من غيره، أو باع ثماره ولم تجب فيه الصدقة

59 - باب مَنْ بَاعَ ثِمَارَهُ أَوْ نَخْلَهُ أَوْ أَرْضَهُ أَوْ زَرْعَهُ، وَقَدْ وَجَبَ فِيهِ الْعُشْرُ أَوِ الصَّدَقَةُ، فَأَدَّى الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ بَاعَ ثِمَارَهُ وَلَمْ تَجِبْ فِيهِ الصَّدَقَةُ وَقَوْلُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَبِيعُوا الثَّمَرَةَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا». فَلَمْ يَحْظُرِ الْبَيْعَ بَعْدَ الصَّلاَحِ عَلَى أَحَدٍ وَلَمْ يَخُصَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ مِمَّنْ لَمْ تَجِبْ. 1486 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا. وَكَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ صَلاَحِهَا قَالَ حَتَّى تَذْهَبَ عَاهَتُهُ. أطرافه 2183، 2194، 2199، 2247، 2249 - تحفة 7190 - 157/ 2 1487 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ حَدَّثَنِى خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما -. نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا. أطرافه 2189، 2196، 2381 - تحفة 2411 1488 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِىَ، قَالَ حَتَّى تَحْمَارَّ. أطرافه 2195، 2197، 2198، 2208 - تحفة 733 واعلم أن هذه الترجمةَ مشكلةٌ. والمرادُ من النخل هي التي عليها الثمار، ومن الأرض هي التي عليها الزرع، لأن الصدقةَ لا تجبُ في نفس النخل والأرض. وقوله: «أو باع ثماره، ولم تجب فيه الصدقة» تعميم بعد تخصيص. والحاصل: أن المالكَ إن باع ثمارَه، أو زرعَه. فقط، أو مع النَّخيل والأرض معًا، فهو جائز مطلقًا. سواء باعها بعد ما وجب فيه العُشر أو قبله، لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يمنع أحدًا عن بيع ثماره، أو زرعه بعد بدوِّ الصلاح، ولم يفرق بين مَنْ وَجَبتْ عليه الصدقة، وبين من لم تجب، فدل على أنه جائزٌ مطلقًا. نعم، إذا باع بعد ما وجب فيه العُشر يؤدي العشرَ من غيره لا محالة، فإِنَّها قد بِيْعت، وقد تعلقت الزكاة بذمتِهِ، فيُعطي قيمَتَها قدر العُشر من عنده. وقد علمتَ أن الاستبدال بالقيمة جائزٌ عنده. ولعلك علمتَ أنَّ هذه الترجمةَ أليقُ بالبيوع، وإن أمكن دَرْجُها في الزكاة أيضًا. ثم الإِشكالُ فيها أنه لا يَدري ماذا أراده المصنف من قوله: وقد وجب»؟ هل أراد الوجوب باعتبار النصاب، أو باعتبار الوقت؟ وعلى الأول معناه: أن الثمارَ أو الزرع كانت أزيدَ من خمسة أوْسُق، فوجب فيها العُشر، لوجود نصابه، لأنه لا زكاة عنده فيما دونها. وعلى الثاني معناه: حان وقت أداء الصدقة. ويتردد مثله في قوله: «أو باع ثِمَارَه، ولم تجبْ فيه الصدقة»، أي عدم وجوب الصدقة، لكونها لم تبلغ مِقْدَار النصاب، أو لعدمِ حُلول أجل الصدقة.

60 - باب هل يشترى صدقته

وكذا لا يَدري ماذا أراد من لفظ الصدقة بعد العشر؟ هل هو تفنُّنٌ في العبارة فقط، أو المراد منه الصدقة المتفرقة؟ والذي يظهر أن الواجبَ في المسألة المذكورة، وإن كان هو العُشر، لكنه أراد إدراجَ الصدقةِ المتفرِّقةِ في الثمار أيضًا، فلفها في لفظ الصدقة. قوله: (ولم يخصّ) ... إلخ، هذا اللفظُ قد يُستعمل فيما يكون مختارًا ومطلوبًا، وقد يُستعمل فيما يكون متروكًا، ولا يصحُّ هذان المعنيان ههنا. وقد استعملَهُ المصنفُ فيما مر. وفيه: لم يخصَّ المذهب ... إلخ، وكذا في موضعٍ من الصيام، والخُمس والوقف، فأردت أن تبقى شاكلتُه في جميع المواضع سواء. فأخذته بمعنى «لم يفرق»، فإنَّه يمشي في سائر المواضع. 1486 - قوله: (نهى النبي صلى الله عليه وسلّم عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها) ... إلخ، واعلم أن البيعَ على رؤوس الأشجار إما يكون بشرط القطع، وهو جائزٌ بلا خلاف، بَدَا صلاحُها، أو لم يَبْد، وعلى الثاني وإن لم يَصْلُح لأكله، لكنه يكون عَلَفًا لدوابه. أو يكون بشرط التَّرك، وذا لا يجوز عندنا مطلقًا. وأما الشافعي فجوَّزه بعد بُدُو الصلاح لا قَبْله (¬1)، فَعمِلَ بمنطوقِ الحديث، ومفهومُه يكونُ بشرط الإِطلاق، فهو جائزٌ عندنا مطلقًا. لكن يجبُ القطعُ على المشتري إذا طالَبَه البائع. ولعلك علمتَ منه أنَّ الحنفية لم يعتبروا قيدَ - قبل البدو وبعده - مع كونه في أكثر الأحاديث. فإن قلتَ: إنَّ الشافعية أيضًا لم يعتبروه فيما باعَه بشرط القطع، فلزمَ عليهم ما يلزمُ علينا. قلتُ: كلا، لأن هذه الصورةَ خارجةٌ عن قضية الحديثِ، لكونها مُستثناةً عقلا. والاستثناءُ العقلي لا يورثُ الظنية في الباقي. ألا ترى أنه إذا باعَ بشرطِ القطع لم يبق فيه محلٌ للنزاع، أما إذا باعه بشرط الإِطلاق فهذا راجع إلى الأول. فإنه وإن سكت عن ذكر القطع، لكنه إذا أمَرَه يجبُ عليه القطعُ في الحال، فصار في حكمه. وفي «الهداية» أنه جائزٌ بعد البدو، وعند مشايخ بلخ، لا قبله، وعليه يُحمل الحديث. بقي البيعُ بشرطِ التَّرك، ففيه ربا، مع أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قد نهى عن بيعٍ وشرط. والحاصلُ أنَّ البيعَ بشرط القطع مستثنىً عقلا. وبشرط التركِ ممنوع، للنهي عنه، فلم يبق إلا بالإِطلاق. واعتُبر فيه تفصيلُ البُدُو وعدمه عند مشايخنا ببلخ أيضًا، فهو محملُ الحديث. لأن البيعَ بالشرطين الأولين نادرٌ، فلا يُحملُ الحديث إلا على ما يكثُر وقوعُه، وهو بشرط الإِطلاق. وقد تكلم فيه ابن الهُمَام في «الفتح» فراجعه، فإنَّه جيّد جدًا. وسنعود إلى تقريره في موضع آخر أيضًا إن شاء الله تعالى. 60 - باب هَلْ يَشْتَرِى صَدَقَتَهُ وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِىَ صَدَقَتَهُ غَيْرُهُ لأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّمَا نَهَى الْمُتَصَدِّقَ خَاصَّةً عَنِ الشِّرَاءِ وَلَمْ يَنْهَ غَيْرَهُ. ¬

_ (¬1) قال ابن بَطَّال: غرضُ البخاري الرد على الشافعي، حيث قال: يُمنع البيعُ بعد الصلاح، حتى يؤدي الزكاة منها. فخالف إباحة النبي - صلى الله عليه وسلم -. اهـ. "عمدة القاري".

61 - باب ما يذكر فى الصدقة للنبى - صلى الله عليه وسلم -

1489 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ تَصَدَّقَ بِفَرَسٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَوَجَدَهُ يُبَاعُ، فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ، ثُمَّ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَأْمَرَهُ فَقَالَ «لاَ تَعُدْ فِى صَدَقَتِكَ» فَبِذَلِكَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - لاَ يَتْرُكُ أَنْ يَبْتَاعَ شَيْئًا تَصَدَّقَ بِهِ إِلاَّ جَعَلَهُ صَدَقَةً. أطرافه 2775، 2971، 3002 - تحفة 6882 1490 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ - رضى الله عنه - يَقُولُ حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَضَاعَهُ الَّذِى كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَبِيعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لاَ تَشْتَرِ وَلاَ تَعُدْ فِى صَدَقَتِكَ، وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ، فَإِنَّ الْعَائِدَ فِى صَدَقَتِهِ كَالْعَائِدِ فِى قَيْئِهِ». أطرافه 2623، 2636، 2970، 3003 - تحفة 10385 وهو جائزٌ في الفقه، وإنما نَهى عنه الحديث، لأنه لا يخلو عن نحو مُرَاعاة من الموهوب له، فيصيرُ له المَثَلُ السَّوْء، وهو - العَودُ في القيء -. والحاصل أن الشرعَ لا يحملُ المراعاةَ فيما وهبَهُ بنفسه، بنحو قوله: «لا تَعُدْ في صدقتك» .... إلخ، وإنما نهاه النبي صلى الله عليه وسلّم عن شراء فرسه الذي كان تصدق به، لأنه ظن أنه يبيعه برُخْصٍ، فاستُحِبَّ له أنْ يعملَ بما هو أولى وأحرى. وإن جاز شراؤه. أما شراء الثالث، فلا ريبَ في جَوَازه. ثم اعلم أن الرجوعَ عند عدم الموانع السبعة، وإن جاز قضاءً، لكنه مكروهٌ تحريمًا، أو تنزيهًا دِيَانة، ولا بدَّ لجوازِهِ: إما القضاء، أو رضا الموهوب له، فإذا لم يرض به الموهوبُ له، ولم يكن القضاءُ. لم يجز الرجوع مع انتفاء الموانع السبعة أيضًا، كما في «الكنز». والمفتون غافلون عنه، فيفتون بحكم القضاء، ولا يدرون أنه لا يجوز لهم إلا الإِفتاء بالديانات، كما علمتَه في كتاب العلم مفصلًا. 61 - باب مَا يُذْكَرُ فِى الصَّدَقَةِ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - 1491 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَخَذَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ - رضى الله عنهما - تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا فِى فِيهِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كِخٍ كِخٍ - لِيَطْرَحَهَا ثُمَّ قَالَ - أَمَا شَعَرْتَ أَنَّا لاَ نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ». طرفاه 1485، 3072 - تحفة 14383 واعلم أنَّ الصدقاتِ النافلة يجوزُ دفعُها إلى آل النبي صلى الله عليه وسلّم وإن تردد ابن الهُمَام، والزَّيْلعي في النافلة أيضًا. ثم آل النبي صلى الله عليه وسلّم عندنا: آل عباس، وحَمْزة، والحَارث، وآل جعفر، وعلي. وحمزةُ وإن لم يكن له ولدٌ ذَكَرٌ، لكن لفظ الآل ليس عندهم منضبطٌ كل الانضباط، فيطلقُ عليه

62 - باب الصدقة على موالى أزواج النبى - صلى الله عليه وسلم -

أيضًا. فأخذوا من الأعمام ثلاثةً، واثنان من أبناء العمِّ. وأما عند الشافعية: فهم كل بني هاشم، وبني عبد المطلب (¬1). ونقل الطحاوي عن «أمالي أبي يوسف»: أنه جاز دفعُ الزكاة إلى آل النبيِّ صلى الله عليه وسلّم عند فُقدان الخُمُس، فإنَّ في الخُمُس حقَّهم، فإذا لم يوجد، صح صرفُها إليهم. وفي «البحر» عن محمد بن شجاع الثَّلْجي عن أبي حنيفة أيضًا جوازه. وفي «عقد الجيد» أن الرازي أيضًا أفتى بجوازِه. قلتُ: وأخذُ الزكاةِ عندي أسهلُ من السؤال، فأفتي به أيضًا (¬2). 62 - بابُ الصَّدَقَةِ عَلَى مَوَالِى أَزْوَاجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - 1492 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبِّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ وَجَدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - شَاةً مَيِّتَةً أُعْطِيَتْهَا مَوْلاَةٌ لِمَيْمُونَةَ مِنَ الصَّدَقَةِ، قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هَلاَّ انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا». قَالُوا إِنَّهَا مَيْتَةٌ. قَالَ «إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا». أطرافه 2221، 5531، 5532 - تحفة 5839 - 158/ 2 1493 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِىَ بَرِيرَةَ لِلْعِتْقِ، وَأَرَادَ مَوَالِيهَا أَنْ يَشْتَرِطُوا وَلاَءَهَا، فَذَكَرَتْ عَائِشَةُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اشْتَرِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». قَالَتْ وَأُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِلَحْمٍ فَقُلْتُ هَذَا مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ فَقَالَ «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ». أطرافه 456، 2155، 2168، 2536، 2560، 2561، 2563، 2564، 2565، 2578، 2717، 2726، 2729، 2735، 5097، 5279، 5284، 5430، 6717، 6751، 6754، 6758، 6760 - تحفة 15930 ذهب جماعةٌ إلى أنه لا يجوزُ التصدُّق على جميع أزواج النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وقال الآخرون: بل من كانت من بني هاشم فقط، وهي زينبُ بنت جَحْش. وحينئذٍ لا إشكال في قوله: «أعطيتها مولاةً لميمونَةَ من الصدقة»، فإنها لم تكن هاشميةً، فتجوز الصدقة على مولاتها. ثم إن النِّسبة قد تكون ولاءً، وقد تكون نَسَبًا. واشتهرَ الوَلاءُ فيما بينهم، حتى لا يكاد يتميَّزُ بين الولاء والنسب. ¬

_ (¬1) قال الحافظ العيني: إن آل النبي - صلى الله عليه وسلم - بنو هاشم خاصة. عند أبي حنيفة، ومالك. وعند الشافعي: هم بنو هاشم. وبنو المطلب؛ وبه قال بعض المالكية. اهـ. (¬2) نقل العيني عن الأصْطَخْري أيضًا: أنهم إن مُنِعُوا الخُمُس جاز صرفُ الزكاةِ إليهم. وروى ابن سَمَاعة عن أبي يوسف: أن الزكاةَ من بني هاشمٍ تحلُّ لبني هاشم ولا تحلُّ لهم من غيرهم. وفي "الينابيع": يجوزُ للهاشمي أنْ يدفعَ زكاتَه للهاشمي عند أبي حنيفة، ولا يجوز عند أبي يوسف. وفي "جوامع الفقه" يُكره للهاشمي عند أبي يوسف خلافًا لمحمد. وروى أبو عصمة عن أبي حنيفة جوازَ دفعِها إلى الهاشمي في زمانِهِ. قال الطحاوي: هذه الرواية عن أبي حنيفة ليست بالمشهورة. وفي "المبسوط": يجوزُ دفع صدقة التطوُّعِ والأوقاف إلى بني هاشم، مرويٌ عن أبي يوسف، ومحمد فى "النوادر". وفي "شرح مختصر الكرخي -والأسبيجابي-، والمفيد": إذا سموا في الوقف. وفي "الكرخي" إذا أُطلِقَ الوقَفُ لا يجوزُ، لأن حكمُهُم حكم الأغنياء. وفي "شرح القُدُوري": الصدقةُ الواجبة: كالزكاةِ، والعُشرِ، والنذور، والكفارات لا يجوز لهم، وأما الصدقةُ على وجه الصِّلَةِ والتطوُّع فلا بأس ... إلخ: "عمدة القاري".

63 - باب إذا تحولت الصدقة

فيقال: فلان هاشميٌّ، مع كونِهِ هاشميًا ولاء. وكذا يقال في النسب أيضًا: هاشميٌّ، فتشْتَبِهُ الأنساب كثيرًا. 1492 - قوله: (هلا انتفعتم) ... إلخ، يدل على أنَّ الجِلدَ يطْهُر بعد الدبغ، خلافًا لمالك. 63 - باب إِذَا تَحَوَّلَتِ الصَّدَقَةُ 1494 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةِ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقَالَ «هَلْ عِنْدَكُمْ شَىْءٌ». فَقَالَتْ لاَ. إِلاَّ شَىْءٌ بَعَثَتْ بِهِ إِلَيْنَا نُسَيْبَةُ مِنَ الشَّاةِ الَّتِى بَعَثْتَ بِهَا مِنَ الصَّدَقَةِ. فَقَالَ «إِنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا». طرفاه 1446، 2579 - تحفة 18125 1495 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِلَحْمٍ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ فَقَالَ «هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَهُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ». وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعَ أَنَسًا عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2577 - تحفة 1242 وقد مر أن تبدُّلَ المِلك لا يوجبُ تبدلا في العين دائمًا، فللفقيه أن ينظرَ فيه، ويضعَ له ضَابطَةً. 64 - باب أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنَ الأَغْنِيَاءِ وَتُرَدَّ فِى الْفُقَرَاءِ حَيْثُ كَانُوا 1496 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِىٍّ عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ «إِنَّكَ سَتَأْتِى قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِى كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ». أطرافه 1395، 1458، 2448، 4347، 7371، 7372 - تحفة 6511 - 159/ 2 واعلم أن نقل الزكاةِ عندنا إنما هو عند كون أقاربه خارِجَ بلدِه، وإلا فالصرفُ على أحوجِ بلدِهِ أولى. أقول: مسألة الحنفية هذه إنما تمشي في الأموال الباطنة، أما الأموال الظاهرة فيأخذُ زكاتَها الساعي، ولكن السُّعاة كانوا قد يصرفونها أيضًا إلى فقراء البلد. ثم لا يدرى أن المسألة عندهم كانت كذلك، أي جوازُ صرفِ زكاة تلك الأموال أيضًا على أهل البلد، أو كان الوُلاة يُرَخصُونَهم خاصة.

65 - باب صلاة الإمام، ودعائه لصاحب الصدقة

واعلم أنَّ المصنفَ موافِقٌ لنا في مصارف الصدقات، وحُجَج الخصوم فيها ضعيفةٌ جدًا، وليس عندهم إلا المشي على القواعد فقط. 65 - باب صَلاَةِ الإِمَامِ، وَدُعَائِهِ لِصَاحِبِ الصَّدَقَةِ وَقَوْلِهِ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103]. 1497 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ فُلاَنٍ». فَأَتَاهُ أَبِى بِصَدَقَتِهِ، فَقَالَ «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِى أَوْفَى». أطرافه 4166، 6332، 6359 - تحفة 5176 قوله: (وصل عليهم)، وفيه الصلاة على غير الأنبياء عليهم السلام أيضًا. وضيَّقُوا في إطلاقها حملَة المذاهب الأربعة، وإليه ذهب ابن العربي، والقاضي عياض، مع أنهما يأخذان بظاهر القرآن. ومثله في «الفتح» عن ابن عباس، أي ينبغي أن لا تستعملَ الصلاةُ فيما سوى الأنبياء عليهم السلام. قال المُفْتُون: ويُمنع عن إطلاقها، لأن الصلاةَ صارت شعارًا للروافض، فإنهم يصلون على آل النبيِّ صلى الله عليه وسلّم. قلتُ: بل لأن الصلاةَ فيها معنى التعظيمِ والتوقير بغايته، على عكس اللعنة، فإنَّ فيها معنى التحقيرِ والإِبعادِ عن رحمة الله. ولا نعلمُ مَنْ يستحقُّ التوقيرَ بهذا اللفظ ممن لا يستحقه، فهو وإن كان سائغًا من حيث كونه دعاء، لكنه لا يجوزُ من هذه الحيثية. بخلاف صاحب الوحي، فهم جَعَلُوه من باب اختلاف عصر وزمان، وجعلتُه من باب اختلاف دليلٍ وبُرْهان. وذلك لأن القرآنَ إذا أُورِدَ بإِطلاقها، لم يناسب بشأنه أن يحملَ على اختلاف عصر وزمان. وقد مرّ الكلامُ فيه مرةً فراجعه. 66 - بابُ مَا يُسْتَخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - لَيْسَ الْعَنْبَرُ بِرِكَازٍ هُوَ شَىْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ. وَقَالَ الْحَسَنُ فِى الْعَنْبَرِ وَاللُّؤْلُؤِ الْخُمُسُ، فَإِنَّمَا جَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الرِّكَازِ الْخُمُسَ، لَيْسَ فِى الَّذِى يُصَابُ فِى الْمَاءِ. 1498 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّ رَجُلاً مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِى إِسْرَائِيلَ بِأَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، فَخَرَجَ فِى الْبَحْرِ، فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا، فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ، فَرَمَى بِهَا فِى الْبَحْرِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِى كَانَ أَسْلَفَهُ، فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ فَأَخَذَهَا لأَهْلِهِ حَطَبًا - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ». أطرافه 2063، 2291، 2404، 2430، 2734، 6261 - تحفة 13630

67 - باب فى الركاز الخمس

ولا خُمُس فيه عندنا أيضًا، ونقلَ فيه المصنفُ آثارًا متعارضةً، لعدم الفصل عنده. ثم قيل: إن العنبرَ روثُ الثور البحري. وقيل: إن الشمع تأكله دابته، فلا ينهضم، ويخرج كما هو. وإنما أتى المصنفُ بقصة بني إسرائيل في هذا الباب، لذكر معاملة البحر فيه لا غير. 67 - بابٌ فِى الرِّكَازِ الْخُمُسُ وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ إِدْرِيسَ الرِّكَازُ دِفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ، فِى قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ الْخُمُسُ. وَلَيْسَ الْمَعْدِنُ بِرِكَازٍ، وَقَدْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمَعْدِنِ «جُبَارٌ، وَفِى الرِّكَازِ الْخُمُسُ». وَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنَ الْمَعَادِنِ مِنْ كُلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةً. وَقَالَ الْحَسَنُ مَا كَانَ مِنْ رِكَازٍ فِى أَرْضِ الْحَرْبِ فَفِيهِ الْخُمُسُ، وَمَا كَانَ مِنْ أَرْضِ السِّلْمِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ وَجَدْتَ اللُّقَطَةَ فِى أَرْضِ الْعَدُوِّ فَعَرِّفْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْعَدُوِّ فَفِيهَا الْخُمُسُ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ الْمَعْدِنُ رِكَازٌ مِثْلُ دِفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ لأَنَّهُ يُقَالُ أَرْكَزَ الْمَعْدِنُ. إِذَا خَرَجَ مِنْهُ شَىْءٌ. قِيلَ لَهُ قَدْ يُقَالُ لِمَنْ وُهِبَ لَهُ شَىْءٌ، أَوْ رَبِحَ رِبْحًا كَثِيرًا، أَوْ كَثُرَ ثَمَرُهُ أَرْكَزْتَ. ثُمَّ نَاقَضَ وَقَالَ لاَ بَأْسَ أَنْ يَكْتُمَهُ فَلاَ يُؤَدِّىَ الْخُمُسَ. 1499 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِى الرِّكَازِ الْخُمُسُ». أطرافه 2355، 6912، 6913 - تحفة 15246، 13236 والركاز عندنا يُطلق على الدَّفين، والمخلوق في الأرض سواء. نعم، المَعْدِن والكنز متقابلان، فالمَعْدِن ما خُلِق في الأرض، والكنز ما دُفن فيها. والخُمُس عندنا فيهما، إلا في دفائن أهل الإِسلام، فإنَّ حكمَها حكم اللقطة. وقال الشافعي: الركاز هو الدفين. ولا خُمُس عنده في المَعْدِن. واحتج بقوله صلى الله عليه وسلّم «المَعْدِنُ جُبَار، وفي الرِّكَاز الخمس» فإنَّه صريحٌ في كون المعدن غير الركاز، فهما شيئان. والوجه عندنا أنَّه إذا حَكَمَ على المعدن بكونه جُبَارًا، تُوُهِّم منه كون المالِ الخارج منه أيضًا جُبَارًا، لا شيء فيه، فقال: «وفي الرِّكاز الخمس»، ففي الأول بيانٌ لحكم المحلِّ، أي إن حَفَرَه أحدٌ فمات فيه لا شيء له. وفي الثاني بيانٌ للحالِّ، أي ما خرج منه. وإنَّما لم يكتف بالضمير تعميمًا للمسألة، فإن الركاز عامٌ، كما علمته. قلت: ولمّا كان مناط الخمس في دفائن الجاهلية، كونها في حكم الغنيمة (¬1)، وذلك متحقِّقٌ في المَعْدِن أيضًا. فإنَّ أراضي الكفار إذا ¬

_ (¬1) قال أبو عُبيد: وكذلك هو عندي في النظر أن يكون بالمغنم أشبهُ منه بالزرع، لأنه وإن كان يتكلَّفُ فيه الإِنفاق، والتغرير بالنفس، فكذلك مجاهدةُ العدو. بل الجهاد أشدُّ وأَعظمُ خطرًا. وقد جعل الله في الغنيمة منهم الخُمُس، فأدنى ما يجب في المَعْدِن أن يكون مثل ما ينال من العدو ... إلخ، "كتاب الأموال" ص 341.

حَوَتْها أيدينا، وَوَجبَ فيها الخُمُس، لزمَ أن يجبَ الخُمُس فيما خلق فيها أيضًا، لأنها غنيمةٌ بما فيها، فالمناط مشتركٌ. هذا هو نظرُ الحنفية. أما الشافعية فقرَّقُوا بينهما مع تسليم المناط، بأن الدَّفينَة تكونُ من جِهتهم، فيكونُ حكمُها حكم سائر أموالهم من وجوب الخُمُس فيها، بخلاف المَعْدِن، فإنَّه ليس من جهتهم، بل مخلوقٌ من الله تعالى، فكأن المناطَ لم يتحقق فيه عندهم. وعندنا تحقق في الموضعين، فوجب الخُمُس مطلقًا، فلا فرق في تحقيق المناط، بل في تحقُّقِه. قوله: (وأخذ عمر بن عبد العزيز) ... إلخ؛ وهذا مُوَافقٌ للشافعية، فإنَّه لم يأخذ منه الخُمُس. قوله: (وقال الحسن) ... إلخ، وهذا أقربُ إلى الحنفية، لأنه أوجبَ الخُمُس في الرِّكَاز مطلقًا، وما فرق به يوجب الخمسَ في مَعْدِن دار الإِسلام أيضًا. فإنَّ الأراضي لتقادُمِ العهد بالكفر كانت للكافرين، ثم تحولت إلى مِلك المسلمين، فحكمُها يكون كحكم الغنيمةِ، وإنْ وُجدَ فيها المَعْدِن في دار الإِسلام. قوله: (فعرفها سنة) ... إلخ، أي إن ظن أن مالكَه مؤمنٌ. والحاصل أن الحسنَ لم يفرِّق بين ما يوجد في ظاهر الأرض، وما يوجد في باطنه، كما هو المذهب عندنا. قوله: (وقال بعض الناس) ... إلخ، واعلم أن هذا أول موضع استعمل المصنف فيه هذا اللفظ، ولم يردْ به أبا حنيفة في جميع المواضع، كما زعم، وإن كان المراد ههنا هو الإِمام الهُمَام، بل المراد في بعضها: عيسى بن أبان، وفي بعضٍ آخر الشافعي نفسه، وفي آخر محمد. ثم لا يستعمله المصنف للرد دائمًا، بل رأيته قد يقول: بعض الناس، ثم يختاره، وقد يتردد فيه. وذكر المصنف في «كتابه» مالكًا باسمه، وكذا الشافعي، فإن المراد بابن إدريس ههنا هو الشافعي. ولم يسمّ أحمد إلا في موضعين، وابن مَعِين في موضع. وحاصل إيراده أن أبا حنيفة استدل على مذهبه بالاستعمال اللغوي، فإنَّه يقال: أركَزَ المعدن فثبت منه إطلاق الرِّكَاز على المَعْدِن لغةً. وإذا ثبت كون المعدن ركازًا باللغة ثبت وجوبُ الخُمُس فيه بالنص، لقوله صلى الله عليه وسلّم «وفي الركاز الخمس». قال البخاري: ولو سلمناه لزمَ أن يجبَ الخُمُس في المالِ الموهوب والثمار والربح أيضًا بعين هذا البيان، فإنَّ الرجلَ إذا وهب مالا أو ربح فيه أو كثرت ثماره، يقال له: أرْكَزت، فأُطلق فيه الرِّكَاز على المال المذكور أيضًا، ولم يذهب أحد إلى وجوب الخُمُس في المال المذكور. وأما تقرير المناقضة، فبأنه قال هذا البعض أولا: إن الخُمُس واجبٌ في المَعْدِن، لأنه رِكاز، وفي الرِّكَاز الخُمُس، ثم قال: لا يؤدي الخُمُس من الرِّكَاز، ولا بأس بكتمانه. والرِّكَاز عنده متناوِلٌ للمعدن، فصار مآله، إلا أنه لا يؤدي الخمس من المعدن.

قلتُ: وقد أجاب عنه العيني، فراجعه (¬1)؛ وأجاب ابن بَطَّال عن المناقضة: إن الذي أجازه أبو حنيفة كتمانه فيما إذا كان محتاجًا إليه، وتأوَّل أنَّ له حقًا في بيت المال، ونصيبًا في الفيء، فأجاز له أن يأخذ الخُمُس لنفسه عِوضًا عن ذلك، لا أنه أسقط الخمس عن المعدن بعد ما أوجبه. وقال الطحاوي (¬2): إن الواحد إن زعم أنه من مُستحقِّي الخُمُس، وإن رَفَعَه إلى بيت المال لا يُعطى منه، وَسِعَ له أن يصرفه إلى نفسه، وكذا في فقه الحنفية: إن المال الذي يُرفع إلى بيت المال إذا تعين له المصرفُ، وقد علم أنه لا يُصرفُ إليه، وَسِع له كِتمانه، وصرفُه إليه بنفسه، فليس هذا مناقضة. بل نقل جزء من باب إلى باب آخر. وقد مر مني أنه يجوزُ للمجتهد، فإِن الجزءَ الواحدَ قد يندرجُ تحت أبوابٍ شتى، فيدرِجُه المجتهد تحتَ باب منها باجتهاده. ولنا حديث أخرجه أبو يوسف في «كتاب الخَرَاج» إلا أن في سندِه عبد الله بن سعيد المقْبُري، وهو ينسب إلى الضَّعْف. وأيضًا أخرج محمد في «الموطأ» وفيه: فتلك المعادن إلى اليوم لا تؤخذ منها إلا الزكاة. قال محمد: ... قال صلى الله عليه وسلّم «وفي الركاز الخمس، قيل: يا رسول الله، وما الرِّكَاز؟ قال: المال الذي خلق الله يوم خلقها» ... إلخ. ففسر فيه الركاز بالمعدن، «وفي الركاز الخمس» بالنص، فثبت الخمس في المعدن أيضًا. ولنا أيضًا ما عند أبي داود: كتاب اللقطة عن عبد الله بن عمرو بن العاص في حديث: «وما كان في الخَرَاب، يعني ففيها وفي الرِّكَاز الخُمُس». انتهى. حيث أوجب فيه الخمس في ظاهرها وباطنها، والمسألة عندي من باب التفقُّه، والنص المذكور فيها ليس نصًا لأحد من الطرفين (¬3). ¬

_ (¬1) ومُلخَّصُه أنه لم يستدل أبو حنيفة، ولا أحدٌ من أصحابه بالاستدلال المذكور، فهو إذن من باب بناءِ الفاسد على الفاسد، ولو سلمناه فلم نجد أحدًا من أصحاب اللغة قالوا: أركزت، في الصور المذكورة. ولكنهم قالوا: أَرْكَز الرجُلُ، أي صار ذا رِكاز من قِطع الذهب، ولا يقال إلا بهذا القيد، أعني من قطع الذهب، ولا يقال: أَرْكَز الرجلُ مطلقًا، كما نقله. وبالجملة لم ينقل عنهم: أَرْكَز المَعْدِن، وإنما قالوا: أركز الرجل، ثم لم يريدوا منه إلا كونه صار له ركاز من قطع الذهب، وقطع الذهب يعم المعدن، فلا إيراد علينا. وراجع التفصيل من "العيني" ص 454 - ج 4. (¬2) ولفظه على ما نقله الحافظ عن ابن بَطَّال: وإنما أجاز له أبو حنيفة أن يكتُمَه إذا كان محتاجًا، بمعنى أن يتأول أن له حقًا في بيت المال، ونصيبًا في الفيء، فأجاز له أن يأخذَ الخُمُس لنفسه عِوضًا عن ذلك، لا أنه أسقط الخمس عن المَعْدِن. اهـ. وتعقب عليه الحافظ. وأراد الانتصار للبخاري. فراجعه من "فتح الباري" ص 234 - ج 3، وأجاب عنه "العيني" ص 454 - ج 4. (¬3) قلت: قال أبو عُبيد القاسم بن سلام في "كتاب الأموال" ص 340 بعد ما أطال الكلام في المسألة: إن قول الحنفية هو الأشبه بالصواب، وهذا نصه: وأما الآخرون فيرون المَعْدِن رِكَازًا ويجعلون فيه الخُمُس بمنزلة المغْنَم. قال أبو عُبيد: وهذا القولُ أشبهُ عندي بتأويل الحديثِ المرفوعِ الذي ذكرناه عن عبد الله بن عمرو: "أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سئل عن المال الذي يُوجد في الخراب العادي. فقال: فيه وفي الركاز الخمس". وقال أبو عبيد: فقد تبين لنا الآن أنَّ الرِّكاز سِوى المالِ المدفون، لقوله: "فيه وفي الرِّكَاز"، فجعل الرِكَازَ غير المال، فَعُلم بهذا أنه المَعدِن. وقد رُوي عن علي بن أبي طالب: أنه جَعَلَ المعدن رِكازًا في حديث يُروى =

68 - باب قول الله تعالى {والعاملين عليها} [التوبة: 60] ومحاسبة المصدقين مع الإمام

68 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة: 60] وَمُحَاسَبَةِ الْمُصَدِّقِينَ مَعَ الإِمَامِ 1500 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا مِنَ الأَسْدِ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِى سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ. أطرافه 925، 2597، 6636، 6979، 7174، 7197 - تحفة 11895 وهم من مصارِفِ الزكاة أيضًا، ثم هل يُشترط كونهم مفلسين أو لا؟ اختُلف فيه. قوله: (محاسبة)، وهو موضع الترجمة، والذي يظهرُ أنْ تكونَ ترجمتهُ هكذا: ومحاسبة الإِمام مع المصدقين. لأن لفظ «مع» يُستعمل في التابع دون المتبوع، والمصنف عكس فيها، فاستعمل «مع» للمتبوع، وقال: محاسبة المصدقين مع الإِمام. 69 - باب اسْتِعْمَالِ إِبِلِ الصَّدَقَةِ وَأَلْبَانِهَا لأَبْنَاءِ السَّبِيلِ 1501 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ اجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ، فَرَخَّصَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَأْتُوا إِبِلَ الصَّدَقَةِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَقَتَلُوا الرَّاعِىَ وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأُتِىَ بِهِمْ، فَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، وَتَرَكَهُمْ بِالْحَرَّةِ يَعَضُّونَ الْحِجَارَةَ. تَابَعَهُ أَبُو قِلاَبَةَ وَحُمَيْدٌ وَثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ. أطرافه 233، 3018، 4192، 4193، 4610، 5685، 5686، 5727، 6802، 6803، 6804، 6805، 6899 - تحفة 1277، 437 ل، 782 ل، 945 يعني هل يجوز أن يسقَي أبناءَ السبيل من ألبان إبل الصدقة، وأن يعطيهم ظَهْرَها؟ ولعل الحنفية لا يمنعون عنها أيضًا. أما إذا وهبها لهم فلا نزاع في جواز هذه الأشياء، ولم يتوجه إلى هذه المسألة أحدٌ غير الإِمام المصنف. ¬

_ = عنه مفسرًا. ثم أخرجَ عنه بعد سردِ القِصة فيه، وفيها: فأتى عليًا -يعني علي بن أبي طالب- فقال: إن أبا الحارث أصاب مَعدِنًا فأتاه علي، فقال: أين الرِّكَاز الذي أصبت؟ فقال: ما أصبتُ رِكَازًا، إنما أصابه هذا، فاشتريت منه بمائة شاة متبع، فقال له علي: ما أرى الخمس إلا عليك، قال: فخمس مائة شاة. قال أبو عُبيد: هكذا هو في الحديث، وإنما هو المائة شاة. قال أبو عبيد: أفلا ترى عليًا قد سمَّى المعدنَ رِكازًا، وحكم عليه بحكمه، وأخذ منه الخمس؟، وكذلك كان رأي الزَّهري، وهو يُحدِّث عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بحديث الرِّكَاز: "أن فيه الخمس". ثم أجاب أبو عُبيد عن حديث ربيعة الذي رواه في القبيلة أنه ليس له إسنادًا، ومع هذا لم يذكر فيه أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمر بذلك، إنما قال: فهي تؤخذ منها الصدقة إلى اليوم. ولو ثبت هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان حجةً لا يجوز دفعها. انتهى بحذف. قال الزَّيلعي في "شرح الكنز" ص 288 - ج 1: عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "في الركاز الخمس؛ قيل: وما الرِّكاز يا رسول الله؟ قال الذهب الذي خلقه الله تعالى في الأرض يوم خُلِقت" رواه البيهقي، وذكره في "الإِمام"، ولم يتكلم عليه، فدل على صحته. وفي "الإِمام" أنه عليه الصلاة والسلام، قال: "وفي السيوف الخُمُس، والسيوف عروق الذهب، والفضة التي تحت الأرض". اهـ.

70 - باب وسم الإمام إبل الصدقة بيده

70 - بابُ وَسْمِ الإِمَامِ إِبِلَ الصَّدَقَةِ بِيَدِهِ 1502 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ غَدَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ لِيُحَنِّكَهُ، فَوَافَيْتُهُ فِى يَدِهِ الْمِيسَمُ يَسِمُ إِبِلَ الصَّدَقَةِ. طرفاه 5542، 5824 - تحفة 176 وكان وسْمُ عمر: «الوقف لله» كما في «الفتح». فدل على جواز الكتابة بنحو هذا على الدواب. وفي «شرح الجامع الصغير» للعزيزي الشافعي أن الكتابة على الثبور (¬1)، لا تجوز عند أبي حنيفة، وما في كتبنا فهو خلافُه. والله تعالى أعلم بالصواب. 71 - باب فَرْضِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَرَأَى أَبُو الْعَالِيَةِ وَعَطَاءٌ، وَابْنُ سِيرِينَ: صَدَقَةَ الْفِطْرِ فَرِيضَةً. 1503 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ. أطرافه 1504، 1507، 1509، 1511، 1512 - تحفة 8244 - 161/ 2 ويقال لها بالفارسية: سرسايه، فانكشف منه حقيقة قولهم: رأسٌ يَمُونُه ويلي عليه. واختُلِف في فرضيتها ووجوبها، والمصنف جزم بالأول، ولم يشترط لها نصابًا، وهو مذهب الشافعي، خلافًا لأبي حنيفة فيهما، فهي واجبة عنده، وكذا يشترط لها النِّصاب عنده (¬2). غير أن بين نصابها ونصابِ الزكاة فرقًا، فإنَّ النماء ليس بشرط في نِصَاب صدقة الفِطر، بخلاف الزكاة. قلتُ: لا ريب أن الظاهر ما ذهب إليه الشافعي، لأن الأحاديثَ عامةٌ، لا تعرُّضَ فيها إلى نِصَابٍ. نعم، لنا استنباطاتٌ، كإِطلاق الزكاة على صدقة الفطر في غير واحد من الأحاديث، ¬

_ (¬1) الثبور: هكذا في الأصل، ولم أفهمه (المصحح). (¬2) قلت: وقد يخطرُ بالبال أن حديثَ أبي داود عن عبد الله بن ثعلبة عن أبيه في صدقة الفطر يُشير إليه، وفيه في آخره: "أما غنيكم فيزكيه الله، وأما فقيركم فيرد عليه، أكثر ما أعطاه"، ففرَّقَ بين الغني والفقير، ثم جعل الصدقةَ تزكيةً للغني، وأما الفقير فلما لم تجب عليه الصدقةُ لم يذكُر فيه التزكية، ووعده بالأجر. ثم المعتبر في الغناء هو الشرعي، وهو النِّصاب. والله تعالى أعلم.

72 - باب صدقة الفطر على العبد وغيره من المسلمين

ويتبادَرُ من إطلاق الزكاة عليها، أن يشترطَ لها أيضًا ما يشترطُ للزكاة، فيثبت لها النِّصَابُ من هذا الطريق. لكن لما كان باب صدقة الفطر بابًا مستقلا، ناسب أنْ تتعرضَ الأحاديثُ إلى نِصَابها أيضًا كذلك. والتمسكُ لها من الإِطلاقات والعُمُومَات لا يكفي، وجرُّ أحكام بابٍ إلى باب لا يشفي. فالأولى عندي أن يكون المختارُ في العمل مذهب الشافعي، فإنَّه لا بأس بأداء الصدقة عند أحد، وهو الذي ينبغي في الأضحية. 72 - بابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ 1504 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، مِنَ الْمُسْلِمِينَ. أطرافه 1503، 1507، 1509، 1511، 1512 - تحفة 8321 واختلف فيها العلماء على ثلاثة أقوال: الأول: أنها تجبُ على الموْلى عن عبده. والثاني: أنها تجب على العبد، إلا أنَّ مَوْلاه مأمورٌ أن يُمكِّنَ عبده على أدائها، وهو مذهب أهل الظاهر. والثالث: أنها واجبة على العبد، لكنَّ مَوْلاه يؤديها عنه. ثم إن المولى هل يخرِجُها عن عبيده المسلمين فقط، أو الكافرين أيضًا؟ فقال الشافعي بالأول، واحتج بحديث الباب. والجواب عنه: أما أولا: فبأن مالكًا تفرَّدَ فيه بقيد «من المسلمين» كما ذكره الترمذي. قلتُ: ولكن الشيخَ أخرجَ له متابعات في «الإِمام» (¬1). وأما ثانيًا: فبأن القيدَ المذكورَ راجعٌ إلى المَوَالي (¬2). وأما ثالثًا: فبأن رواية ابن عمر ومذهبه، إخراج الصدقةِ عن العبيد مطلقًا. وأما البخاري فزعم بعضهم أنه اختار مذهب الشافعية نظرًا إلى هذه الترجمة. قلتُ: لا دليلَ فيها على ما راموه، بل هو متردد فيه، أو هو موافق للحنفية، ولذا حذف القيدَ المذكور من الترجمة الآتية، وإنما ذكره في الترجمة الأُولى نظرًا إلى لفظ الحديث، للإِشارة إلى عبرته، ولذا حذفه من الترجمة الثانية، كأنه أشار بذلك إلى أنه ينبغي أن يُمعِنَ النظرَ في أن هذا القيدَ اتفاقي، ¬

_ (¬1) قال الطحاوي في "مشكله" ص 348 - ج 4: أو تابع مالكًا على هذا الحرف -يعني "من المسلمين"- أحدٌ ممن رواه عن نافع، فكان جوابُنَا له في ذلك بتوفيق الله تعالى وعونه، أنه تابعه على ذلك عبيد الله بن عمر، وعمر بن نافع، ويونس بن يزيد، ثم سردها بأسانيدها. (¬2) قال الطحاوي في "مشكله" ص 349 - ج 4: فقد بان بما ذكرنا، فكان جوابُنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه أن العبدَ لا فرضَ عليه في نفسه، إذ لا مال له، وإنما الفرضُ على مَوْلاه فيه، وإذا كان ذلك كذلك، رجع قوله عليه الصلاة والسلام "من المسلمين" إلى الموالي لا إلى العبيد. ثم أخرج عن أبي هريرة، وعطاء، وعمر بن عبد العزيز، أنهم اختاروا أداءها عن العبيد مطلقًا، وساق أسانيدها.

73 - باب صدقة الفطر صاع من شعير

أو مدارٌ للحكم. وإنما قلنا: إن الظاهر أنه وافقَ الحنفية لا لكونه تلميذ إسحاق ابن رَاهُويَه، ومذهبُه كمذهب الحنفية، وهو مذهب ابن عمر، وهو راوي الحديث، كما في «الفتح» وقد أقر به الحافظ أيضًا، ولمّا علمنَا مذهبَ شيخه ناسبَ أن نحمل ترجمته أيضًا على مذهب شيخه، ومن ههنا اندفع التكرارُ، وظهر الوجهُ، لوضع الترجمة الثانية. وقال ابن المُنَيِّر: إن المصنف توجَّه في الترجمة الثانية إلى مسألةِ أنها تجبُ عليه أو عنه؛ وقد علمت الاختلافَ فيها، والفرقَ بينها. قلتُ: وليس الأمرُ كما زعمه، فإنَّه ترجم بصدقةِ الفطرِ على الصغير والحر والمملوك، فدلَّ على أنه لم يتعرَّض إلى بيان هذا الفرق. فالظاهرُ أنه ذهب إلى وجوبها عن العبد مطلقًا، مسلمًا كان، أو كافرًا. والله تعالى أعلم بالصواب. 73 - بابٌ صَدَقَةُ الفِطْرِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ 1505 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نُطْعِمُ الصَّدَقَةَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ. أطرافه 1506، 1508، 1510 - تحفة 4269 74 - باب صَدَقَةِ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ (¬1) 1506 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى سَرْحٍ الْعَامِرِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - يَقُولُ كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ. أطرافه 1505، 1508، 1510 - تحفة 4269 قال الشافعي: إن المراد من الطعام هو البرُ، فيُخرج منه صاعًا كالشعير. قلتُ: كيف وأن أبا سعيد قد صرح أن طعامَنا يومئذ لم يكن غير الشعير، والزبيب، والأقط، والتمر، كما يأتي في البخاري في هذه الصفحة من باب الصدقة قبل العيد. وأين كان البرُ في زمنه صلى الله عليه وسلّم ليكون طعامَهم؟ وإنما كثُرَ في زمن معاوية، كما في البخاري من الباب الذي بعده: فلما جاء معاوية وجاءت السمراءُ؛ قال: أرى مُدا من هذا يعدِلُ مدين. اهـ. ومن ههنا ظهر السر، لاختلافهم في البُر أنَّ الواجبَ منه صاعٌ أو نصفُ صاعٍ، وذلك لأنه كان قليلا في زمن النبي صلى الله عليه وسلّم فلم يخرج أمرُه من الخاصة إلى العامة. ومن هذا الباب اختلافهم في زكاة الحُلِي والخيل، فإنَّهما أيضًا كانا قليلين، فلم يشتهر أمرُهما على وجهه. فقال قائل ¬

_ (¬1) قلت: ومن أراد الاطلاع على تمام البحث في تلك المسألة، فليراجع "مشكل الآثار" من ص 337، إلى: ص 348 من المجلد الرابع، فإنه بَسَطَ المقامَ بما لا مزيد عليه، وأتى على جوانب المسألة، ولم أقدر على تلخيصه، وإنما رقَّمت لك الصفحة، لعدم كونه على ترتيب الأبواب الفقهية، فيتعسرُ إخراج الباب أيضًا.

75 - باب صدقة الفطر صاعا من تمر

بوجوب الزكاة فيهما، وأنكرها آخرون. ولنا عمل الخلفاء الأربعة، كما في «العيني»، وكفى به قُدوة. 75 - باب صَدَقَةِ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ 1507 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِزَكَاةِ الْفِطْرِ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ - رضى الله عنه - فَجَعَلَ النَّاسُ عِدْلَهُ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ. أطرافه 1503، 1504، 1509، 1511، 1512 - تحفة 8270 76 - باب صَاعٍ مِنْ زَبِيبٍ 1508 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ يَزِيدَ الْعَدَنِىَّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ حَدَّثَنِى عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى سَرْحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نُعْطِيهَا فِى زَمَانِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ، فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُ وَجَاءَتِ السَّمْرَاءُ قَالَ أُرَى مُدًّا مِنْ هَذَا يَعْدِلُ مُدَّيْنِ. أطرافه 1505، 1506، 1510 - تحفة 4269 - 162/ 2 والمشهور عندنا أنه كالبر، فيُخرج منه نصفُ صاعٍ، وفي رواية غير مشهورة أنه كالشعير، فيخرج منه صاعًا. قلتُ: وهو المختار عندي. أما الجواب عن حديث أبي سعيد الخدري، قال: «كنا نعطيها في زمان النبيِّ صلى الله عليه وسلّم صاعًا من طعام ... وزبيب». اهـ. فبأنه لا دليل فيه على أن إخراجَهم القدرَ المذكورَ كان لكون القدر الواجب ذلك فإنَّه قد يجوز أن يكون تحريًا للفضل، فإنَّهم لما أخرجُوا من سائرِ الحبوب صاعًا، أخرجوا من الزبيب أيضًا نحوه. وعند الطحاوي. وأبي داود ما يشير إليه أيضًا. قال أبو سعيد: «أما أنا فلا أزال أُخرجُ كما كنت أخرج»؛ ولفظ أبي داود: «لا أُخرج أبدًا إلا صاعًا». اهـ. وكأن هذا من دأب الصحابة، أنهم إذا عَمِلوا بأمر في زمن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ثابروا عليه. قلنا: أما أبو سعيد، فله أن يُنفقَ مالَه كله في سبيل الله، فما بالصاع، ولكن الفاصل أنَّ الصاعَ المذكورَ كان واجبًا عليهم أولا، ولا يثبتُ ذلك من القول المذكور. 77 - بابُ الصَّدَقَةِ قَبْلَ الْعِيدِ 1509 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ. أطرافه 1503، 1504، 1507، 1511، 1512 - تحفة 8452 1510 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ عَنْ زَيْدٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نُخْرِجُ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -

78 - باب صدقة الفطر على الحر والمملوك

يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالأَقِطُ وَالتَّمْرُ. أطرافه 1505، 1506، 1508 - تحفة 4269 78 - باب صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى الْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ وَقَالَ الزُّهْرِىُّ فِى الْمَمْلُوكِينَ لِلتِّجَارَةِ يُزَكَّى فِى التِّجَارَةِ، وَيُزَكَّى فِى الْفِطْرِ. 1511 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ فَرَضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صَدَقَةَ الْفِطْرِ - أَوْ قَالَ رَمَضَانَ - عَلَى الذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، فَعَدَلَ النَّاسُ بِهِ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ. فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يُعْطِى التَّمْرَ، فَأَعْوَزَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنَ التَّمْرِ فَأَعْطَى شَعِيرًا، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْطِى عَنِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، حَتَّى إِنْ كَانَ يُعْطِى عَنْ بَنِىَّ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يُعْطِيهَا الَّذِينَ يَقْبَلُونَهَا، وَكَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ. أطرافه 1503، 1504، 1507، 1509، 1512 - تحفة 7510 1511 - قوله: (وكانوا يعطون) ... إلخ، واعلم أن تقسيمَ صدقة الفِطر كان إلى الأمراء. وقد ثبت في زمن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أنَّ الناس كانوا يبعثُونَ بصدقاتِهم إلى النبي صلى الله عليه وسلّم ثم إنه كان يقسِمُها حسَبَ ما يراه الله عز وجل. وهو معنى قوله: ليجمع، أي ليجمع للإِمام ليصرفها في مصارفها من تعارفه، كالزكاة، فلما علمنا من عمل السلفِ هذا، ناسبَ أن نحملَ عملَ ابن عمر أيضًا على ذلك. 79 - باب صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ 1512 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنه - قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَدَقَةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ. أطرافه 1503، 1504، 1507، 1509، 1511 - تحفة 8171 قوله: (قال أبو عمرو) ... إلخ، وليست هذه القطعة في الشرحين. وهو مذهب الشافعي. وأما عندنا فلا زكاة في مال اليتيم، وهو مذهب ابن مسعود. وليراجع ألفاظ هذه الآثار أيضًا، لينجلي لك الحال (¬1). ... ¬

_ (¬1) قلت: وفي "العيني" ورُوي مذهبُنا عن عمر، وابن مسعود، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وبه قال سعيد بن المسيب، وسعيد بن جُبير، وعطاء، ومحمد بن سيرين، وجابر بن زيد، ومجاهد، والزُّهري، وطاوس، وميمون بن مِهْرَان، وعمر بن عبد العزيز. ثم عدَّد أسماء غيرهم، وبَسَطَ الكلام في المسألة، فليراجع.

25 - كتاب الحج

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 25 - كتاب الحَجِّ 1 - باب وُجُوبِ الْحَجِّ وَفَضْلِهِ وقول الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97]. ولنقدم قبل الخوضِ في المقصود جُمَلا: الأولى: أن العلماءَ اختلفوا في السنة التي فرض فيها الحج على أقوال: فقيل: سنة خمسٍ، حكاه الوَاقِدي. وقيل: سنة ست. وقيل: ثمان. وقيل: سنة تسع، ولكل منهم مُسْكة تمسكوا بها، فليطالعها في مواضعها من شاء. الثانية: اختَلف الناسُ في وجوب الحج، هل هو على الفور أو على التراخي؟ وكيف ما كان، التسارع إليه مطلوبٌ، وحينئذٍ يُشكل حجُ النبي صلى الله عليه وسلّم في العاشرة مع فرضيته في الأعوام الماضية على اختلافها. فقيل في الجواب: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يترقَّبُ أن تعوَدَ الأيامُ على هيئتها، وقد كانت العربُ خلطتها لمكان النسيئة (¬1) عندهم، فلم تكن أشهر الحج في محلها، فإذا عادت ذو الحجة في موضعها عَزَمَ على الحج (¬2)، ونادى بين الناس. ¬

_ (¬1) قلت: قال الزمخشري في "تفسيره": النسيء: تأخيرُ حرمةِ الشهرِ إلى شهرٍ آخر، وذلك أنهم كانوا أصحابَ حروبٍ وغارات، فإذا جاء الشهر الحرام، وهم محارَبون شق عليهم تركُ المحاربة، فيُحلُّونه ويحرمون مكانه شهرًا آخر، حتى رفضوا تخصيصَ الأشهرِ الحرم بالتحريم، فكانوا يحرمون من شق شهور العام أربعة أشهر، وذلك قوله تعالى: {لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ} [التوبة: 37] أي ليوافقوا العِدَّة التي هي الأربعة، ولا يخالفوها، وقد خالفوا التخصيصَ الذي هو أحد الواجبين، وربما زادوا في عدد الشهور، فيجعلونَها ثلاثة عشرًا، وأربعة عشرًا، ليتسع لهم الوقت. ولذلك قال الله عز وجل: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا}، يعني من غير زيادة زادوها. اهـ. قلت: ولعل تحريفهم كان بالنوعين. (¬2) واعلم أن هذا التأويلَ قد ذكره غيرُ واحدٍ من العلماء، لكنهم استشكلوا أمر النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر بالحج في السنة التاسعة، لأن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لم يكن ليأمرَ بالحج في غير وقته، فوجب أن يقال: إن ذا الحجة كانت في تلك السنة على الحساب القويم، كما ذكره بعض العلماء، وحينئذٍ يعودُ الإِشكال في تأخير النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في حجه. فأجاب عنه الحافظُ فضل الله التُّورِبِشْتي في "شرح المصابيح"، وهذا نصه: وأما وجه استينائه بالحج إلى السنة العاشرة -والله أعلم- أنه لم ير أن يحضرَ الموسم، وأهل الشرك حضورٌ هناك، لأنه لو تركهم على ما يتديَّنُون به من هديهم المخالفُ لدين الحق، لكان ذلك وهْنًا في الدين، ولو منعهم لأفضى ذلك إلى التشاغُلِ، إلى ما أرادُوه من النُّسُك بالقتال، ثم إلى استحلال حُرمةِ الحرم. وكان قد أخبر يوم الفتح أن حرمتها عادت إلى ما كانت عليه، وأنه لم =

قوله: (ومن كفر) ... إلخ، أي لم يحج، وإنما عبَّرَ عنه بالكفر تهويلا، وعلى تعبير القرآن جاء حديث ابن ماجه: «فليس على الله أن يموتَ يهوديًا أو نصرانيًا». 1513 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَجَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِى الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِى شَيْخًا كَبِيرًا، لاَ يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ قَالَ «نَعَمْ». وَذَلِكَ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ. أطرافه 1854، 1855، 4399، 6228 - تحفة 5670 - 163/ 2 1513 - قوله: (فجعل الفضل ينظر إليها)، واعلم أن الحجابَ عندنا داخلُ الصلاة وخارِجُها سواءً فجاز كشفُ الوجه والكفين عند أجنبي، بشرط الأمن من الفتنة. واختُلف في الرِّجلين، والفتوى على الحجاب مطلقًا، وذلك لانقلابِ الزمان، وظهورِ الفتن. وإنَّما صرفَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وجه الفضل احتياطًا، كما هو المذكور في الحديث. قوله: (إن فريضة الله على عباده في الحج قد أدركت شيخًا كبيرًا)، واعلم أنهم اختلفوا في وجوب الحج على المعْضُوب. فقيل: يجبُ عليه إذا مَلك الزادَ والراحلَة، ومُؤنَة من يرفعُه ويضعُه ويقودُه إلى المناسك. وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة. وهو قول الشافعي. وقيل: لا يجبُ وهو المشهور عن إمامنا. فقيل (¬1): معنى الحديث: أن الحج فرضٌ على الناس، فأدرك أبي أيضًا زَمَنَ افتراض الحج. وراجع التفصيل من «فتح القدير». ¬

_ = يحلَّ له إلا ساعة من النهار، فرأى أن يبعث الناسَ إلى الحج. وينادي في أهل الموسم أن لا يَحُجَّ بعد العام مشرك، ليكون حجُّه خاليًا عن العوارض التي ذكرناها. وقد ذكرنا لذلك وجوهًا غيرها في "كتاب المناسك"، واكتفينا ههنا بالقول الوجيز ايثارًا للاختصار "من باب قصة حجة الوداع". قلت: لعل التخليطَ إذا بلغَ مبلغًا، لا يمكن رفعُه، وعمت به البلوى، فالمرجو من الله تعالى أن يعتبره أيضًا نحوًا من الواقع، فإنَّ فقهاءنا قد اعتبروا بالشهادة على الوقوف، قبل يوم عرفة. وأما إذا شهدوا بالوقوف بعد يوم عرفة فلم يعتبروها، وذلك لأن التلافي ممكن في الصورة الأولى، دون الثانية. ومن هذا الباب قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وجبت وجبت" في الجنازتين، مرتا عليه واحدة بعد أخرى، فكأن شهادةَ الصحابة اعتُبرت فيهما على أي وجه كان الميتان، وقد مر تقريره. وحينئذ لو التزمنا أن ذا الحجة لم تكن في التاسعة على محلها، ثم أمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر أن يَحُجَّ بالناس لم يلزم عليه محذورٌ، فإنَّ ذا الحجة من تلك السنة وإن كانت على زعمهم، فإنَّ الشرعَ فد أقام لهم الواقع -بحسب زعمهم- مُقَام الواقع في نفس الأمر. وإنما أراد النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لنفسه ما كان أحرى له، فانتظر إلى أن يُستدار الزمان إلى هيئته بالأمس، وعليه نبه في خُطبته. والله تعالى أعلم. (¬1) قال الخَطَّابي: وقد يتأول بعضهم قولها: إن فريضة الله أدركت أبي شيخًا، فقال: معناه أنه أسلم، وهو شيخ كبير ... إلخ: ص 171 - ج 2.

2 - باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق (27) ليشهدوا منافع لهم} [الحج: 27 - 28] {فجاجا} [نوح: 20]: الطرق الواسعة.

2 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحج: 27 - 28] {فِجَاجًا} [نوح: 20]: الطُّرُقُ الْوَاسِعَةُ. 1514 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَرْكَبُ رَاحِلَتَهُ بِذِى الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ يُهِلُّ حَتَّى تَسْتَوِىَ بِهِ قَائِمَةً. أطرافه 166، 1552، 1609، 2865، 5851 - تحفة 6980 1515 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ سَمِعَ عَطَاءً يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ إِهْلاَلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ ذِى الْحُلَيْفَةِ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ. رَوَاهُ أَنَسٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ رضى الله عنهم. تحفة 2427 1514 - قوله: (يركب راحلته)، والخلافُ فيه في الأفضلية، ووافقنا ابن عباس، كما عند أبي داود. 3 - باب الْحَجِّ عَلَى الرَّحْلِ وهو شرطٌ عندنا إن كانت المسافةُ مسافةَ الرَّحل، وأما الشغدف والهودج فلا. 1516 - وَقَالَ أَبَانُ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ مَعَهَا أَخَاهَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَأَعْمَرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ، وَحَمَلَهَا عَلَى قَتَبٍ. وَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - شُدُّوا الرِّحَالَ فِى الْحَجِّ، فَإِنَّهُ أَحَدُ الْجِهَادَيْنِ. طرفه 294 1516 - قوله: (قال عمر)، أراد به الإِعداد للحج والاهتمام به. 1517 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ حَجَّ أَنَسٌ عَلَى رَحْلٍ، وَلَمْ يَكُنْ شَحِيحًا، وَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَجَّ عَلَى رَحْلٍ وَكَانَتْ زَامِلَتَهُ. تحفة 509 - 164/ 2 1517 - قوله: (زاملته)، وهي الراحلة التي عليها الزاد. وفي «الفتح» عن ذي النورين أنه كان يحجُّ على البعير، وكان يحمل عليها الحبوب، ثم يقعد عليها، فدل على جواز القُعود على الحبوب. 1518 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، اعْتَمَرْتُمْ وَلَمْ أَعْتَمِرْ. فَقَالَ «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ اذْهَبْ بِأُخْتِكَ فَأَعْمِرْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ». فَأَحْقَبَهَا عَلَى نَاقَةٍ فَاعْتَمَرَتْ. طرفه 294

4 - باب فضل الحج المبرور

1518 - قوله: (ولم أعتمر)، واعلم أن الحنفية والشافعية اختلفوا في أمر عائشة، فقال: إنها كانت معتمرةً، فلما دنت أيام الحج، ولم تخرج عن حيضها أَمرَها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أن تخرجَ عن عمرتها، وتفسخها إلى الحج، ثم تقضيها. وأنكره الشافعية. وهذا اللفظُ ظاهرٌ للحنفية، وسيجيءُ تفصيله. قوله: (فأعمرها من التنعيم)، ومن ههنا قلنا: إن الحاج يُهلّ من الحَرَم، والمعتمر من الحِلِّ ولا فرق بينهما عند المصنف. والحديثُ حجةٌ عليه، لأنه لو جاز للمعتمر أن يُهلَّ من الحرم لما بعثها إلى التنعيم. 4 - باب فَضْلِ الْحَجِّ الْمَبْرُورِ 1519 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ». قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ «جِهَادٌ فِى سَبِيلِ اللَّهِ». قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ «حَجٌّ مَبْرُورٌ». طرفه 26 - تحفة 13101 1520 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ أَخْبَرَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ، أَفَلاَ نُجَاهِدُ قَالَ «لاَ، لَكِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ». أطرافه 1861، 2784، 2875، 2876 - تحفة 17871 1521 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ». طرفاه 1819، 1820 - تحفة 13408 وهو ما لا جِنَاية فيه. أما الحجّ الأكبرُ المشهور بين الناسِ. وهو الحج الذي يكون يومَ الجمعة، فلا أصلَ له في الشرع، وهو في القرآن بمعنى آخر. ثم إنه مكفرٌ للصغائر والكبائر جميعًا، أو للأولى فقط، فرجَّح ابن نُجيم الثاني، ومال الأكثرون إلى الأول (¬1). 5 - باب فَرْضِ مَوَاقِيتِ (¬2) الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ 1522 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنِى زَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَنَّهُ أَتَى ¬

_ (¬1) مع اتفاقهم في عدم تكفيره المظالم، وحقوق العباد، هكذا أفاده العلماء. وكذا الشيخ رحمه الله نفسه. ثم في "العرف الشذي - من أمالي الشيخ على جامع الترمذي" عكس ما نسب إلى ابن نُجيم صاحب "البحر" نعم، بالقطع في تكفير الصغائر، وبالظن في تكفير الكبائر، فليرجع إليه (المصحح البنوري). (¬2) قال الخَطَّابي: معنى التحديد في هذه المواقيت: أن لا تتعدى ولا تتجاوزَ إلا باستصحاب الإِحرام. وقد أجمعُوا أنه لو أحرم دونها حتى يوافيَ الميقات مُحرِمًا أجزأه. وليس هذا كتحديد مواقيت الصلاة، فإنها إنما ضُرِبت حدًا، لئلا تُقدَّمَ الصلاةُ عليها ... إلخ "معالم" ص 147 - ج 2. قلت: وهذه النُّكتة أوفق بنظرِ الحنفية في لزوم الإِحرام على من مر عليها مطلقًا، أراد الحج والعمرة، أو لم يُرد.

6 - باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى} [البقرة: 197]

عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - فِى مَنْزِلِهِ وَلَهُ فُسْطَاطٌ وَسُرَادِقٌ، فَسَأَلْتُهُ مِنْ أَيْنَ يَجُوزُ أَنْ أَعْتَمِرَ قَالَ فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَلأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ. أطرافه 133، 1525، 1527، 1528، 7344 - تحفة 6741 وادَّعى الشافعيةُ أنَّ فرضيةَ المواقيتِ كانت قُبيل حَجة الوداع. وادَّعى الحنفيةُ أنها كانت قَبْلها بكثير، لما سيجيء. ثم إن تلك المواقيت كلها وقَّتَها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أولا؟ فقيل: نعم؛ وقيل: غير ذات عِرْق، فإنَّها وقّتها عمر (¬1). والصوابُ هو الأول. نعم، اشتهرت بعضها في زمن عمر، فنُسبت إليه. 6 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197] 1523 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ عَنْ وَرْقَاءَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَحُجُّونَ وَلاَ يَتَزَوَّدُونَ وَيَقُولُونَ نَحْنُ الْمُتَوَكِّلُونَ، فَإِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ سَأَلُوا النَّاسَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}. رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا. تحفة 6166 - 165/ 2 1523 - قوله: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}، وفسره السيوطي بما يُتقى به من السؤال، وهو المال. وليس بمرادٍ عندي، بل التقوى على معناه المعروف (¬2). والمراد أنه الزاد الحِسِّي، فقد علمتم أنه لا بد لكم، فسوف تأخذونه، ولكن ههنا زاد آخر أقومُ وأهم منه، وهو التقوى، فهو زادٌ معنوي فلا تَنْسَوه، واجعلوه أيضًا من زادكم، فإنَّه خيرُ زادٍ لمن تزوَّدَه. ويؤيِّدُه ما عند أبي داود، أنَّ رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلّم الزاد، فقال: «زوّدك الله التقوى». وإنما أوَّل به السيوطي، لأن تعليل قوله: {وَتَزَوَّدُوا} بقوله: ({وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}) بظاهره غيرُ مستقيمٍ. قلتُ: حرف «إن» في كلامهم لا يجيءُ بمعنى العلة المنطقية، بل لمجردِ التناسُبِ بين ¬

_ (¬1) وفي "التمهيد" قال قائلون: عمر رضي الله عنه هو الذي وقت العقيق لأهل العراق، لأنها فتحت في زمانه، قال آخرون: هذه غَفْلةٌ من قائل هذا القول، لأنه عليه الصلاة والسلام هو الذي وقَّت لأهلِ العراق ذات عِرْق والعقيق، كما وقَّت لأهل الشام الجُحْفَةَ، وكلها يومئذٍ دارُ كفر، كالعراق. فوقت المواقيت لأهل النواحي، لأنه علم أنَّ الله سيفتح على أمته الشام والعراق وغيرهما، ولم يفتح الشام والعراق إلا على عهد عمر رضي الله عنه، بلا خلاف. وقد قال عليه الصلاة والسلام: "منعت العراق درهمها، ودرهمها" ... الحديث، معناه عند أهل العلم: ستمنع ... إلخ: ص 332 "الجوهر النقي". قلت: وهكذا في "عمدة القاري" ص 499 - ج 4، وله حديث عند أبي داود عن الحارث بن عمرو، وفيه تصريح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي وقَّته لأهل العراق. (¬2) قلت: ويؤيده ما أخرجه الحافظ عن ابن أبي حاتم، قال مقاتل بن حيان: لما نزلت قام رجلٌ فقال: يا رسول الله ما نجد زادًا، فقال: "تزود ما تُكِفُّ به وجهك عن الناس، وخير ما تزودتم التقوى" ... إلخ. ص 246 - ج 3.

7 - باب مهل أهل مكة للحج والعمرة

الأمرين. والتناسُب بين الزَّادين ظاهرٌ، فالمقصود منه الأمر بهذا وهذا. أي تزوّدوا للحج واتقوه أيضًا، فأبرَزَه في شاكلةِ التعليل، لا أنه تعليل منطقي، فإنَّ المقصودَ فيه لا يكون إلا أمرًا واحدًا، والتعليل يكون لتقريره فقط. وههنا المقصود أمران، وقد فصلنا الفرقَ بينهما في رسالتنا «فصل الخطاب»، فإنهم حَمَلوا قوله صلى الله عليه وسلّم «فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ» ... إلخ، على التعليل المنطقي، فناقض أوَّلَ الحديث آخره، وكان محل «إن» لمجرد التناسب، ولكنهم لم يحملوه عليه. ثم قيل: إن الظاهر: التقوى خير الزاد، مكان ({خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى})، فراجع للفرق بينهما كلامَ الزَّمَخْشَري. 7 - بابُ مُهَلِّ أَهْلِ مَكَّةَ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ 1524 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَّتَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ، مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ. أطرافه 1526، 1529، 1530، 1845 - تحفة 5711 قد علمت أنَّ المصنفَ لم يفرق بين ميقات الحج وميقات العمرة، ولا شيءَ عنده غير العمومات، وقد علمت المسألة عندنا. 1524 - قوله: (ممن أراد الحج والعمرة) تمسك به الشافعية على أن الإِحرام إنما يجبُ على مَنْ دخل مكة معتمرًا أو حاجًا، أما مَنْ لم يردهما، بل أرادَ التجارةَ أو غيرها، فليس عليه إحرام. ويجبُ عليه الإِحرام عندنا مطلقًا، لأنه لتعظيم البقعة المباركة، فيستوي فيه الحاجُّ وغيره، فكأن الإِحرام عندنا لازمٌ لمن دَخَلها. وأما عند الشافعية فموقوفٌ على إرادته إحدى العبادتين. وقوله: «فمن أراد الحج والعمرة» نص لهم. قلنا: إن التمسك به يتوقف على مقدمةٍ أخرى، وهي كون تلك الإِرادة غير لازمةٍ عليه، فإن قلنا: إن إرادة إحدى العبادتين واجبةٌ عليه، فلا تمسُّك لهم فيه. وقد علمت أن وِزانَه وِزانُ لفظ الخير، وهذا يستعمل في الفرائض أيضًا، ولا دليل في لفظ الإِرادة فإِنها كما تكون في المُستحبَّات تكون في الفرائض. فإنَّها مما لا بد منه في جميع الأفعال الاختيارية. وبعبارة أخرى نقول: إن مَنْ مرّ بالمواقيت يجبُ عليه أن يريدَ إحدى العبادتين عندنا، وعند الشافعية هو مخيّر، إن أراد أن يفعل فعل، وإلا لا. وفهموا أنَّ الحجَ والعمرة إذا توقف على إرادته لا يكون واجبًا أصلا. قلنا: إنما يتم ذلك لو ثبت أن الإِرادة لا تُستعملُ إلا في الجائزات، وليس بثابتٍ، فإنَّها تُستعمل في الواجبات، كلفظ الخير (¬1). وليس مرادُنا من الأفعال الاختيارية ¬

_ (¬1) قلت: ومن نظائره قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أراد الحج فليعجل". وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أراد فليغتسل". وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإذا دخل العشر وأراد بعضكم أن يضحى فلا يمس من شعره" على مذهب الحنفية. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أراد منكم الصوم فلا =

8 - باب ميقات أهل المدينة، ولا يهلون قبل ذي الحليفة

ما هي في اختيارنا من جهة الشرع، فإنَّ الواجبات تجبُ علينا، ولكن المرادَ منا الاختيارية لغةً ولا شك أن الواجبَ الشرعي أيضًا اختياري بحَسَب اللغة، بمعنى أن الوجوبَ لا يَسلُبُ الاختيار عن المكلف. ثم إنَّ المسألةَ عندنا في الآفاقي، أما من كان يسكن داخل الميقات، فله أن يدخُلَها بدون إحرام لرفع الحرج عنه، وهذه هي الحيلةُ لمن أراد أن يدخلَ مكة بدون إحرام، أن ينوي عند مروره بالميقاتِ موضِعًا (¬1) في داخل الميقات، ولا ينوي البيت، وحينئذٍ لا يجبُ عليه الإِحرام، لأنه لم ينو الموضعَ الذي يجبُ عليه الإِحرام لأجله، فإذا دخله يلحقُ بأهله، فيكونُ له حكم داخلِ المواقيت، ويسقط عنه الإِحرام. ثم المسألةُ فيمن يقعُ في طريقه الميقاتان، أن يحرم من أولاهما، فإن أحرم من الثانية له ذلك، ولا يجبُ عليه شيءٌ بمرورِ أوْلى الميقاتين بدون إحرام، ولم أجد تلك المسألة إلا عند محمد في «موطئه» فليحفظ. 8 - باب مِيقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَلاَ يُهِلُّونَ قَبْلَ ذِي الْحُلَيْفَةِ 1525 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ¬

_ = يمنعه أذان بلال" -أو كما قال- على خلاف فيه من الشيخ. ونظائره في القرآن أيضًا، قال تعالى: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} [الإسراء: 19] وقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} [الكهف: 110] وقال أيضًا في "سورة الفرقان": {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: 62] فليست الإِرادة في تلك المواضع بخيرته. أما الإِرادة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أراد منكم الصوم" فلأن أذانَ بلال كان في رمضان خاصة، كما مر تقريره. وحينئذ لا تكون إرادة الصوم إلا في رمضان، وإذن لا يكونُ إلا واجبًا، وإنما يبرز في التعبير هكذا، لكونه في اختياره حِسًا لا شرعًا، فالواجبات جملة في خيرته بحسب اللغة والحس، وعليه دار العرف. ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ} ... إلخ، فجعلها تحت إرادته، بمعنى أن الله تعالى لما جعله مختارًا في أفعاله، خاطبه بما لا يناقض ذلك، فهو نحو إرخاء للعِنان فقط، لا أن إرادة الآخرة موكولة إلى المرء، بمعنى كون الجانبين جائزين له، بل عليه أن يريدَ الآخرة، ولكن تلك لما كانت في اختياره، ومن اختياره، خاطبه كذلك. يقول العبد الضعيف: وقد يخطر بالبال أنَّ الإِرادةَ في الحديث المتنازَع فيه على معنى منع الخلو، فعلى المرءِ أن يريدَ، إما الحج، أو العمرة، فحملُوه على الاختيار في نفس الإِرادة، فكان الاختيارُ بين العبارتين، فجعلوه بين نفسِ العبادة وعدمها، فتلك اعتباراتٌ وملاحظُ تتأتى على المذهبين. أعني أنَّ الجملةَ المذكورة ليست نصًا لهم، كما زعموه، بل تأتي على المذهبين باعتبار المَلْحظين، فصارت المسألة اجتهادية، كلٌّ فيها على خيرٍ وسَعة، بلا ضرب ولا طرد. ويمكن أن يقال: إن القيد اتفاقي، لأن دخولَ الآفاقي عامة لا يكون إلا للحج، أو للعمرة. وسيجيء جواب آخر في: باب دخول الحرم، ومكة بغير إحرام" ألطف من هذا. والله أعلم. (¬1) قال ابن قُدَامة: أما المجاوزُ للميقاتِ ممن لا يريدُ النّسك، فعلى قسمين: أحدهما: لا يريد دخول مكة، بل يريدُ حاجةً فيما سواها، فهذا لا يلزمه الإِحرام، بلا خلاف. الثاني: من يدخلُ دخولَ الحرم، إما إلى مكة أو غيرها، فهم على ثلاثة أضرب: أحدها: من يدخلها لقتالٍ مباحٍ، أو من خوفٍ، أو لحاجة متكررةٍ، كالحشَّاش، والحطاب، وغيرهما، فهؤلاء لا إحرام عليهم "عيني" ص 499 - ج 4 بغاية تلخيص. قلت: ولم يحسن الكلام في التقسيم، فإنَّ مكة صارت حرامًا إلى الأبد، فلا يحل فيها القتال لأحد.

9 - باب مهل أهل الشأم

- رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِى الْحُلَيْفَةِ، وَأَهْلُ الشَّأْمِ مِنَ الْجُحْفَةِ، وَأَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَبَلَغَنِى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ». أطرافه 133، 1522، 1527، 1528، 7344 - تحفة 8326 واعلم أن المواقيتَ عند فقهائنا على نحوين: ميقاتٌ زماني، وميقاتٌ مكاني. أما الأول: فهو أشهر الحج. وأما الثاني: فما فصَّلُوه من البُقَع. وقالوا: لا يُقدَّمُ الإِحرام على الأول، ويستحب له أن يُقدِّمه على الثاني. فيستحب أن يُهل أهل المدينة قَبْلَ ذي الحُلَيْفة، فإنها ميقاتهم، وأنكره البخاري، ولذا قال: لا يهلوا قَبْلَ ذي الحُلَيْفة، وإنما خصَّصَ أهلَ المدينة بالذكر مع كون المسألة عامةً، لكون ميقاتهم أقربَ المواقيت، فإذا وجبَ عليهم أن يخرجوا إلى ميقاتهم ويُهلوا منها، فغيرهم ممن كانت مواقيتهم على بعد، أولى أن يُحرموا منها. قلتُ: أما المسألة في أهل المدينة خاصة، فينبغي أن تكون كذلك عند الحنفية أيضًا، وأرجو أن لا تكون خلافًا لمسائلهم، فإنَّ أهلَ المدينة لما كان ميقاتُهم أمامَهم، فلا حاجة لهم إلى تقديم الإِحرام، مع أن في إحرامِهم بميقاتهم تأسي بالنبيِّ صلى الله عليه وسلّم بخلاف غيرهم، فإنَّ لهم في التقديم عملا بالعزيمة، وتماديًا في الإِحرام، مع أنه لا يلزمُ عليهم مخالفةً للسنة أيضًا، فافترقا. 9 - باب مُهَلِّ أَهْلِ الشَّأْمِ 1526 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ، لِمَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَكَذَاكَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا. أطرافه 1524، 1529، 1530، 1845 - تحفة 5738 10 - باب مُهَلِّ أَهْلِ نَجْدٍ 1527 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَفِظْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَقَّتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -.ح. أطرافه 133، 1522، 1525، 1528، 7344 - تحفة 6824 1528 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ذُو الْحُلَيْفَةِ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الشَّأْمِ مَهْيَعَةُ وَهِىَ الْجُحْفَةُ، وَأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنٌ». قَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - زَعَمُوا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَلَمْ أَسْمَعْهُ «وَمُهَلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ». أطرافه 133، 1522، 1525، 1527، 7344 - تحفة 6991 - 166/ 2

11 - باب مهل من كان دون المواقيت

11 - باب مُهَلِّ مَنْ كَانَ دُونَ الْمَوَاقِيتِ 1529 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَّتَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ، مِمَّنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمِنْ أَهْلِهِ حَتَّى إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا. أطرافه 1524، 1526، 1530، 1845 - تحفة 5738 وقد مر أنَّ إطلاقَ الحديثِ يقتضي التسويةَ بين مُهَلِّ الحج والعمرة، وإنما قلنا بالفرق بينهما لما قام عندنا من الدليل عليه من الخارج. 12 - باب مُهَلِّ أَهْلِ الْيَمَنِ 1530 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَّتَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لأَهْلِهِنَّ وَلِكُلِّ آتٍ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ، فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ. أطرافه 1524، 1526، 1529، 1845 - تحفة 5711 قد علمتَ من عادة المصنفِ، أنَّ الحديث إذا كان عنده بطرقٍ عديدة، يُخرجْه مرةً بتراجمَ عديدةٍ وفوائدَ جديدة. 13 - باب ذَاتُ عِرْقٍ لأَهْلِ الْعِرَاقِ 1531 - حَدَّثَنِى عَلِىُّ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ أَتَوْا عُمَرَ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّ لأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا، وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا. قَالَ فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ. فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ. تحفة 7959، 10560 قوله: (فانظروا حذوها من طريقكم)، دلّ على جوازِ الإِحرام إذا مرّ بحذائِها، ولا يشترط المرورُ عليها خاصة. 14 - بابٌ 1532 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ بِذِى الْحُلَيْفَةِ فَصَلَّى بِهَا. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَفْعَلُ ذَلِكَ. أطرافه 484، 1533، 1799 - تحفة 8338

15 - باب خروج النبى - صلى الله عليه وسلم - على طريق الشجرة

15 - باب خُرُوجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى طَرِيقِ الشَّجَرَةِ 1533 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَخْرُجُ مِنْ طَرِيقِ الشَّجَرَةِ، وَيَدْخُلُ مِنْ طَرِيقِ الْمُعَرَّسِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ يُصَلِّى فِى مَسْجِدِ الشَّجَرَةِ، وَإِذَا رَجَعَ صَلَّى بِذِى الْحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ الْوَادِى، وَبَاتَ حَتَّى يُصْبِحَ. أطرافه 484، 1532، 1799 - تحفة 7801، 7803 - 167/ 2 واعلم أنَّ الشجرةَ صارت اسمًا بالغلبةِ لذي الحُلَيْفة. ويقال لها الآن: بئر على. وهذا غير علي بن أبي طالب. ولفظ الراوي يُشعرُ بالتغاير بين الشجرة، وذي الحُليفة. ثم المُعَرَّسُ موضعٌ قريب منها، ولكن لا تتميزان لاندِراس الرسوم والمعالم. والذي يُظن أن أولها ذو الحُلَيْفة، ثم المُعَرَّس، ثم العقيق - وادي -. وتلك المواضعُ كلها متقاربةٌ، كما ذكره السَّمْهُودي في «الوفا». ثم اعلم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم خرج من المدينة يوم السبت بعد الظهر (¬1)، لخمسٍ بَقَيْنَ من ذي القعدة، وكان الشهر تِسعًا وعشرين، ودخلَ مكةَ يوم الأحد، لأربع ليالٍ خَلَونَ من ذي الحجة، فتلك تسعة أيام. وبعد حذفِ يومي الدخولِ والخروج، تبقى سبعة أيام، لسفره صلى الله عليه وسلّم. 16 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «الْعَقِيقُ وَادٍ مُبَارَكٌ» 1534 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ وَبِشْرُ بْنُ بَكْرٍ التِّنِّيسِىُّ قَالاَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِى عِكْرِمَةُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ إِنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ - رضى الله عنه - يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِوَادِى الْعَقِيقِ يَقُولُ «أَتَانِى اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّى فَقَالَ صَلِّ فِى هَذَا الْوَادِى الْمُبَارَكِ وَقُلْ عُمْرَةً فِى حَجَّةٍ». طرفاه 2337، 7343 - تحفة 10513 ¬

_ (¬1) قال الحافظ في شرح حديث ابن عباس من باب ما يَلبَس المحرم من الثياب والأردية الأزر، الآتي بعد عدة أبواب. قوله: "وذلك لخمسٍ بَقَينَ من ذي القعدة، فقدِمَ مكةَ لأربع ليالٍ خَلَوْنَ من ذي الحجَّة"، أخرج مسلم مثله من حديث عائشة رضي الله عنها. احتج به ابن حَزم في "كتاب حَجَّة الوداع" له على أن خروجه - صلى الله عليه وسلم - من المدينة كان يوم الخميس، قال: لأن أول ذي الحجة كان يوم الخميس بلا شك، لأن الوَقفةَ كانت يوم الجمعة، بلا خلاف، وظاهر قول ابن عباس: لخمس، يقتضي أن يكون خروجه من المدينة يوم الجمعة، بناءً على ترك عدِّ يوم الخروج. وقد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - الظهر بالمدينة أربعًا، كما سيأتي قريبًا من حديث أنس، فتبيَّنَ أنه لم يكن يومُ الجمعة، فتعيَّن أنه يوم الخميس. وتعقَّبهُ ابن القيم بأن المتعيَّنَ أن يكونَ يومُ السبت، بناءً على عدِّ يوم الخروج، أو على ترك عده، ويكون ذو القعدة تسعًا وعشرين يومًا. اهـ. ويؤيده ما رواه ابن سعد، والحاكم في "الإِكليل": أن خروجَه - صلى الله عليه وسلم - من المدينة كان يوم السبت، لخمس بَقَيْنَ من ذي القعدة. وفيه ردٌ على منعِ إطلاق القول في التاريخ، لئلا يكون الشهر ناقصًا، فلا يصح الكلام، فيقول مثلًا: "خمس إن بقين، بزيادة أداةَ الشرط. وحجةُ المُجيز أن الإطلاقَ يكون على الغالبِ، ومقتضى قوله: إنه دخل مكة لأربع خلون من ذي الحجة، أن يكون دخلها صُبْحُ يوم الأحد، وبه صرح الواقدي. اهـ: ص 262 - ج 3 "فتح الباري".

1535 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ رُئِىَ وَهُوَ فِى مُعَرَّسٍ بِذِى الْحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ الْوَادِى قِيلَ لَهُ إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ. وَقَدْ أَنَاخَ بِنَا سَالِمٌ، يَتَوَخَّى بِالْمُنَاخِ الَّذِى كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُنِيخُ، يَتَحَرَّى مُعَرَّسَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ أَسْفَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ الَّذِى بِبَطْنِ الْوَادِى، بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ وَسَطٌ مِنْ ذَلِكَ. أطرافه 483، 2336، 7345 - تحفة 7025 1534 - (وقل: عمرة في حَجّة)، وهذا نصٌ للحنفية أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان قارنًا من أول إحرامه، فإنَّ وادي العقيق عند ذي الحليفة، وهي ميقات أهل المدينة. وبالجملة قد ثبت قِرَانُه صلى الله عليه وسلّم ثبوتًا لا مردَّ له، وإنما اختلف الصحابة في نقل حجه صلى الله عليه وسلّم (¬1)، ¬

_ (¬1) قلت: وقد ذكر القوم في سر اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في إحرام النبي - صلى الله عليه وسلم - وجوهًا، نذكر منها ثلاثة: أحراها عندي ما ذكره الشاه ولي الله قُدِّس سِرُّه، قال الشيخ ولي الله المحدث الدِّهلوي في "المسوى شرح الموطأ": التحقيق في هذه المسألة أنَّ الصحابة لم يختلفوا في حكاية ما شاهدوه من أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم -، من أنه أحرم من ذي الحليفة، وطاف أولَ ما قَدِم، وسعى بين الصفا والمروة، ثم خرج يومَ التروية إلى مِنَىً، ثم وقف بعرفات، ثم بات بمزدلفة، ووقف بالمشعر الحرام، ثم رجع إلى منى، ورمى، ونحر، وحلق، ثم طاف طواف الزّيارة، ثم رمى الجمار في الأيام الثلاثة، وإنما اختلفوا في التعبير عما فعل باجتهادِهم وآرائهم. فقال بعضهم: كان ذلك حَجًا مفردًا، وكان الطوافُ الأول للعمرة، كأنهم سَمَّوا طوافَ القدومِ والسعيَ بعده عمرةً، وإن كان للحج. وقال بعضهم: كان ذلك قِرَانًا، والقِرَانُ لا يحتاجُ إلى طَوَافين وسعيين، وهذا الاختلاف في الاجتهاديات، أما إنَّه سعى تارةً أخرى، بعد طواف الزيارة، فإنَّه لم يثبت في الروايات المشهورة، بل ثبت عن جابرٍ أنه لم يَسْع بعده. انتهى. والثاني: ما ذكره ابن العربي في الجزء الرابع من شرحه، المسمى بـ: "العارضة" قال: وأكثر مَنْ روى الإفراد في الإِحرام، يرجعُ حديثُه في آخر الأمر إلى أنه كان قارنًا، أو متمتعًا. ودارت الروايات على عَشَرة من أَصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهم: عمر، وابن عمر، وعلي، وعائشة، وحفصة، وأنس، وجابر، وابن عباس، وأبو موسى، وأسماء. وقد رُوي أيضًا في "الصحيح" عن عمر. وفي الأحاديث اختلافٌ عظيم في "الصحيح" لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم، جَعَلنا الله منهم برحمته. قال الطبري: جملة الحال أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يكن مُحِلًا، لأنه قال: "لو استقبلت من أمري ما استَدبرتُ ما سُقتُ الهدى، ولا جعلتها عمرة"، ولو كان مفردًا كان معه واجبًا، كما قال (*) وذلك لا يكون إلا للقارن، ولأن الروايات الصحيحة قد تكاثرت، فإن لبى بهما جميعًا، فكان من زاد أولى. ووجه الاختلاف أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لما عقد الإِحرام، جعل يُلبي تارةً بالحج، وتارةً بالعمرة، وتارةً بهما جميعًا، لعله أن يَبينُ له واحدةً منهما، وهو في ذلك كله يقصدُ الحج ويطلب كيفية العمل، حتى نزل عليه جبريل في وادي العقيق، وقال له: قل: عمرة في حجة؛ فانكشف الغطاء، وتبين المطلوب: ص 36، و 37 - ج 4. قلت: جواب القاضي أيضًا لطيفٌ، فإنَّه جعله من باب قوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة: 144] فكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يترقَّبُ ويتحرى في أمر حجه أن يُعينَ له إحرامًا من قبل الوحي. حتى قيل له: قل: حجة في عمرة، فحينئذ قرن به، على ما هو نظر الحنفية، كثرهم الله تعالى. كما أنه انتظرَ أن تحوَّلَ قِبلتُه إلى البيت، فنزل الوحي به "التنبيه". قوله: "ولا جعلتها عمرة" هكذا وجدناه في الأصل، ولكن الصواب "لجعلتها عمرة"، وفي عبارته بعض سهو من الناسخ بعد. =

17 - باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب

لأنه كان معاملةَ ألوف من الصحابة، فنقل كلٌّ منهم حَسَبَ ما سمع من تلبية النبي صلى الله عليه وسلّم وأنت تعلَمُ أن القارن له أن يُلبي كيف شاء. فمن سمع منه: لبيك بحجة زَعَمَ أنه مفرد، وأصاب حَسَب زعمه، وكذلك من سمع: لبيك بعمرة، ظنَّ أنه متمتِّع، والأمر ما قررنا. وإنما لم نبسط في إثبات قِرَانه صلى الله عليه وسلّم لأنَّ علماءَ المذاهب الأربع، كادوا أن يتفقوا على ذلك، بل قد اتفقوا مع اختلافٍ بينهم، في أنه كان معتمرًا في أول أمره، ثم قَرَن، أو كان قارنًا من أول الأمر. وراجع «الطحاوي» فإنَّه قد بَسَطَ الكلامَ في المسألة بما لا مزيد عليه. ونقل القاضي عِيَاض أنَّه صنف في إثبات قِرَانه صلى الله عليه وسلّم ألفَ ورقةٍ. وأرى أنَّ للمالكيّة اعتناءً بتصانيف الطحاوي أزيدَ من الحنفية. 17 - باب غَسْلِ الْخَلُوقِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِنَ الثِّيَابِ واعلم أنَّ الخَلُوق اسم لنوع من الطيب، يُجعل فيه الزعفران، والزعفرانُ مباحٌ أكلا، ومحرم تطيُّبًا لأجل اللون، لا أريد للمحرم، بل للرجل في سائر أحواله. ثم إنَّ من تطيَّبَ قَبْل الإِحرام (¬1)، وبقي أثره، أو عينُه بعده جاز عندنا، وإنما محذورُ إحرامه أن يتطيَّبَ بعد الإِحرام بخلاف اللباس، فإنَّ المحظورَ منه محظورٌ ابتداءً وبقاءً. وقالت المالكية: إن الباقي إن كان أثرًا للطيب، فجائزٌ، وإن كان عليه فلا. 1536 - قَالَ أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى أَخْبَرَهُ أَنَّ يَعْلَى قَالَ لِعُمَرَ - رضى الله عنه - أَرِنِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ يُوحَى إِلَيْهِ قَالَ فَبَيْنَمَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْجِعْرَانَةِ، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِى رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ، وَهْوَ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ فَسَكَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَاعَةً فَجَاءَهُ الْوَحْىُ، فَأَشَارَ عُمَرُ - رضى الله عنه - إِلَى يَعْلَى، فَجَاءَ يَعْلَى، وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَوْبٌ قَدْ أُظِلَّ بِهِ ¬

_ = والثالث: ما ذكره الخَطَّابي، قال: إن الشافعي قد أنعم بيان هذا المعنى، أن المعلومَ في لغة العرب جواز إضافةِ الفعل إلى الآمر به، كجواز إضافته إلى الفاعل له. وكان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. منهم المفرد، والقارن، والمتمتع، فجاز أن تضاف كلها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويحتملُ وجهًا آخر، وهو أن يكونَ بعضُهم سمعه يقول: لبيك بحج، فحكى أنه أفرَدَها، وخَفي عليه قوله: وعمرة، فلم يحك إلا ما سمع، ووعى غيره الزيادة، فرواها، ولا تنكرُ الزيادات في الأخبار، كما لا تنكر في الشهادات. وقد يحتمل أيضًا أن يكونَ الراوي سمع ذلك، يقوله على سبيل التعليم لغيره. وهذه الروايات على اختلافها في الظاهر، ليس فيها تكاذبٌ. ولا تهاترٌ، والتوفيق بينهما ممكن. انتهى "معالم" ص 162 ج - 2. مختصر. (*) قوله: "كان معه واجبًا" كذا في الأصل المنقول، والمنقول عنه، ولينظر فيه (المصحح). (¬1) قلت: ولعل هذا الطيب كان هو الخَلُوق، وهو ممنوعٌ مطلقًا، سواء كان قبل الإِحرام، أو بعده كما يظهرُ من تبويب البخاري. وحينئذٍ يخرج الكلامُ عما نحن فيه، فإنَّه لا تكون فيه مسألة الطيب في الإِحرام، بل ترجع إلى استعمال الخلوق، هكذا يُستفاد من بعض ما كُتِب عن الشيخ. ويدل عليه ما قال الخَطَّابي: ص 175 - ج 2: وقد يَتَوهم من لا ينعم النظر أن أمرَهُ إياه بغسلِ أثرِ الخلوق والصفرة، إنما كان من أجل الإحرام، لا يجوز له أن يتطيَّبَ قبل الإِحرام. بما يبقى أثره بعد الإِحرام، وليس هذا من أجل ذلك، ولكن من التَضمُّخ بالزعفرانِ حرامٌ على الرجل، في حَرَمه وحلِّه. اهـ.

فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُحْمَرُّ الْوَجْهِ، وَهُوَ يَغِطُّ ثُمَّ سُرِّىَ عَنْهُ فَقَالَ «أَيْنَ الَّذِى سَأَلَ عَنِ الْعُمْرَةِ» فَأُتِىَ بِرَجُلٍ فَقَالَ «اغْسِلِ الطِّيبَ الَّذِى بِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَانْزِعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ، وَاصْنَعْ فِى عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِى حَجَّتِكَ». قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَرَادَ الإِنْقَاءَ حِينَ أَمَرَهُ أَنْ يَغْسِلَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ قَالَ نَعَمْ. أطرافه 1789، 1847، 4329، 4985 - تحفة 11836 - 168/ 2 1536 - قوله: (وهو متضمخ بطيب)، وهو محمولٌ على طيب الإِحرام، فإنه لا بأس بالتضمخ بطيبٍ قبل الإِحرام على ما علمت. وقد كان يختلجُ في صدري أن العربَ كانوا يحجون من زمن الجاهلية، ولم يُعلم من حالهم التفريطُ في أمر الحج، نعم، كان فيهم بعض تعمق وإفراط، حيث كانوا يطوفون بالبيت عُراةً، زعمًا منهم أن الطوافَ إنما يليق في ثياب لم تتلوث بمعاصيهم، فإذا كان حالهم هذا، فكيف فَرَّط هذا الرجل، وتطيِّبَ في الإِحرام؟ ثم رأيتُ في كلام القاضي أبي بكر بن العربي (¬1): أنهم كانوا يُفرِّطون أيضًا، لكنه كان في العمرة دون الحج. وذلك لكونها من أفجر الفجورِ في زمنِ الحج عندهم. والله تعالى أعلم بالصواب. قوله: (وهو يغط) - لمبى لمبى سانس لى رهى تهى. ¬

_ (¬1) قال القاضي أبو بكر بن العربي: هذه المسألة جرت بالجعرانة بقسم غنائم خيبر عام الفتح في شوال سنة ثمانٍ. وقد قال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ما كنت صانعًا في حجَّتِها فاصنعْه في عمرتها". فقال: كنت أغسل هذا، وأخلع هذا. وهو دليلٌ على أنَّ خلعَ الثياب ونبذ الطيب، كان أصلًا عندهم في الجاهلية للحاج، وكانوا يستسهلون ذلك في العمرة، فأخبرهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ مجراهما في ذلك واحد. اهـ. ص 60 - ج 4، هكذا في "عمدة القاري" ص 510 - ج 4. قلت: ويوضُحُه سياقُ حديث يَعلى بن أمية قال: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجعرانة. إذ جاءه رجل أعرابيٌ عليه جُبة. وهو مُتضمِّخٌ بالخلوق، فقال: يا رسول الله، إني أحرمتُ بالعمرة، وهذه عليٌّ، فقال: "أما الطيب الذي بك فاغسِله ثلاثَ مرات، وأما الجُبة فانزِعها، ثم اصنع في عمرتك كما تصنعُ في حجك" -متفق عليه-. قال الشيخ في "اللمعات": قيل: كان الرجل عالمًا بأحكام الحج، ولم يكن عالمًا بأن العمرة كالحج، والمرادُ التشبيه في أحكام الإِحرام، وما يجتنب فيه، كما يدل عليه السياق، لا أنَّ العمرة كالحج في جميع الأحكام والأركان، لأنه ليس في العمرة الوقوف بعرفة إلا الطواف والسعي. انتهى. ولعلك علمتَ أنَّ التقصيرَ منه إنما كان لكونه معتمرًا؛ وكان هذا التقصير عندهم معروفًا، ولذا جاء مُحرِمًا بالعمرة والجُبة عليه، ففي هذا السياق لفظ الخَلُوق، وأنه كان في المعتمر، وأن القِصة في الجعرانة. أما شمُّ الرَّياحين، فكما ذكره العيني، أن الأصحَّ تحريمُ شمَّها. وأبو حنيفة، ومالك، يقولان: يحرُم، ولا فدية، كذا يُعلم من "عمدة القاري" ص 515 - ج 4. أما أكلُ الطيِّب، فذكر الخَطَّابي في "المعالم" أن المُحرِم مَنهيٌ عن استعمال الطيب في بدنه، وفي معناه الطيبُ في طعامه، لأن بغيةَ الناس في تطيب الطعام، كبغيتهم في تطييب اللباس. هـ: ص 176 - ج 7 ثم قال الخَطَّابي في لُبس المرأة القفازين: إن بعضهم ذهبوا إلى أنه لا شيء عليها، وعلل حديث ابن عمر، فإنه من قول ابن عمر. وعلق الشافعي القولَ في ذلك. انتهى.

18 - باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن

قوله: (وانزع عنك الجبة) (¬1)، وقد علمتَ أن الثوبَ المخيطَ من محظوراتِ الإِحرام، ابتداءً وبقاءً. 18 - بابُ الطِّيبِ عِنْدَ الإِحْرَامِ وَمَا يَلْبَسُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ وَيَتَرَجَّلَ وَيَدَّهِنَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَشَمُّ الْمُحْرِمُ الرَّيْحَانَ وَيَنْظُرُ فِى الْمِرْآةِ، وَيَتَدَاوَى بِمَا يَأْكُلُ الزَّيْتَ وَالسَّمْنَ. وَقَالَ عَطَاءٌ يَتَخَتَّمُ وَيَلْبَسُ الْهِمْيَانَ. وَطَافَ ابْنُ عُمَرَ ¬

_ (¬1) قال الخَطَّابي في "معالم السنن": وفيه من الفقه: إنْ أحرم وعليه ثيابٌ مخيطَةٌ من قميص وجُبة ونحوهما لم يكن عليه تمزيقُه، وأنَّه إذا نَزَعه من رأسه لم يلزمه. وقد رُوي عن إبراهيم النَّخَعي أنه قال: يَشُقُّه. وعن الشَّعبي قال: يمزق ثيابه، وهذا خلاص السنة، لأن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أمره بخلع الجُبة، وخَلَعَها الرجلُ من رأسه، فلم يوجب عليه غرامةٌ. قلت: وكأنه يُشير إلى ما رواه أبو داود في قِصته بلفظ: "اخلع عنك الجُبة"، فخلعها من قِبَلِ رأسه. وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال. اهـ. ص 175 - ج 2. قلت: وملخص ما ذكره "العيني": ص 510 - ج 4 أن أبا صالح، وسالمًا ذهبا إلى أنه يخلعه من قبل رجليه، وعن جعفر بن محمد بن علي رضي الله عنه إذا أحرم، وعليه قميص لا ينزعه من رأسه، بل يَشُقُّه، ثم يخرُجُ منه، كما في "مصنف ابن أبي شيبة" وذكر علي: 522 - ج 4 أنه لا يجبُ قطع القميص والجُبة على المحرم إذا أراد نزعها، بل أن ينزع ذلك من رأسه، وإن أدى إلى الإِحاطة برأسه، خلافًا لمن قال: "يَشُقُّه، وهو قول الشَّعبي: والنَّخَعي. ويُروى ذلك عن الحسن، وسعيد بن جُبير. وذهب الجمهورُ إلى جوازِ نزعِ ذلك من الرأس. وبه قال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي؛ والحديث حجةٌ لهم، ولو ارتدى القميص لا يضرُّه. اهـ. فأخرج الطحاوي في باب: الرجل يحرم وعليه قميص، من "معاني الآثار" عن جابر بن عبد الله، قال: كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - جالسًا في المسجد، فقدّ قميصه من جَيبِه، حتى أخرجه من رجليه، فنظر القومُ إلى النبي، فقال: "إني أمرتُ بِبُدني التي بعثتُ بها أن تَقَلَّد اليوم وتشعر على كذا وكذا، فلبستُ قميصي، ونسيتُ، فلم أكن لأخرج قميصي من رأسي"، وكان بعث ببُدْنه، وأقام بالمدينة. قال أبو جعفر: فذهب قوم إلى هذا، فقالوا: لا ينبغي للمحرم أن يخلعه، كما يخلع الحلال قميصه، لأنه إذا فعل ذلك غطى رأسه، وذلك عليه حرام، فأمر بشقه لذلك. وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: بل ينزعه نزعًا، ثم ذكر الحديث الوارد فيه. ثم توجه إلى بيان النظر فيه، فقال: رأينا المحرم نُهِي عن لُبس القَلاَنِس، والعمائم، والبرانس، فنُهي أن يُلبِسَ رأسُه شيئًا، كما نُهي أن يلبس بدنه القميص. ورأينا المحرم لو حمل على رأسه شيئًا، ثيابًا، أو غيرها لم يكن بذلك بأسًا، ولم يدخل ذلك فيما قد نُهي عن تغطية الرأس بالقلانس وما أشبهها، لأنه غير لابس، فكأن النهي إنما وقع من ذلك على تغطية ما يلبسُه الرأس، لا على غير ذلك مما يغطى به. وكذلك الأبدان نُهي عن إلباسِها القميص، ولم ينه عن تجليها بالأزر -ولعله تجللها-، فلما كان ما وقع عليه النهي من هذا في الرأس إنما هو الإِلباس لا التغطية التي ليست بإِلباس، وكان إذا نزع قميصه، فلاقى ذلك رأسه، فليس ذلك بإِلباس منه رأسه شيئًا، إنما ذلك تغطية منه لرأسه. وقد ثبت بما ذكرنا أن النهي عن لُبس القلانس لم يقع على تغطية الرأس، وإنما وقع على إلباس الرأس في حال الإِحرام، ما يلبس في حال الإِحلال، فلما خرج بذلك ما أصاب الرأسَ من القميص المنزوع من حال تغطية الرأس المنهي عنها، ثبت أنه لا بأس بذلك قياسًا، ونظرًا على ما ذكرنا. وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى اهـ.

19 - باب من أهل ملبدا

- رضى الله عنهما - وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَقَدْ حَزَمَ عَلَى بَطْنِهِ بِثَوْبٍ. وَلَمْ تَرَ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - بِالتُّبَّانِ بَأْسًا لِلَّذِينَ يَرْحَلُونَ هَوْدَجَهَا. لعله أشارَ إلى مُوَافقةِ الحنفية والشافعية في مسألة التَّطيُّبِ قبل الإِحرام. أما الشَّمُّ فهو مكروهٌ عندنا، ويُجاز للتداوي. وكذا يجوزُ شدُّ الهِمْيَان، ولبس المخيط على غير هيئتِهِ، كما إذا ارتدى بالقميص. ولا يجوزُ عندنا التطيب بالزيت، لكونه أصلَ الطيب، وإن جاز أكله. 1537 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَدَّهِنُ بِالزَّيْتِ فَذَكَرْتُهُ لإِبْرَاهِيمَ قَالَ مَا تَصْنَعُ بِقَوْلِهِ: 1537 - قوله: (وكان ابن عمر) ... إلخ، فلم يكن يستعمل الطيب قبل الإِحرام، ولا بعدَه. فمذهبُه أضيقُ من مالك أيضًا، ومذهب إبراهيم كمذهبنا. قوله: (كأني أنظر إلى وبيص الطيب) ... إلخ، دل على جواز بقاءِ جِرْم الطيب بعد الإِحرام. 1538 - حَدَّثَنِى الأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِى مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُحْرِمٌ. أطرافه 271، 5918، 5923 - تحفة 15988 1538 - قوله: (كنت أطيب) ... إلخ، استدل منه النووي على أن «كان» لا تستدعي الاستمرارَ، لكونها واقعةً واحدةً ههنا. وقال الشيخ ابن الهُمَام: إنه كذلك سيما إذا كان خبرُه مضارعًا. قلتُ: وهو صحيح لغةً، غير أنه في العرفِ للاستمرار، وهو مستقيمٌ ههنا أيضًا بحذف فعلِ الاتصاف، ولا ريب أنَّ اتصافها بذلك دائمٌ. قوله: (ولحله قبل أن يطوف) ... إلخ، قيل: إن المحلل عندنا هو الحلق. وإنِّما يظهرُ تحليله في حق الجِماع بعد طواف الزيارة. وقيل: بل المحلل اثنان: الحلق، والطواف؛ فالأول: محللٌ لجميع المحظورات غير الجماع؛ والثاني: محللٌ للجماع. وكيفما كان يَحِلُّ له بعد الحلق كل شيء، إلا الجماع. وقيل: إلا الجماع، والطيب، وهو رواية شاذة. 1539 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ. أطرافه 1754، 5922، 5928، 5930 - تحفة 17518 19 - باب مَنْ أَهَلَّ مُلَبِّدًا 1540 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُهِلُّ مُلَبِّدًا. أطرافه 1549، 5914، 5915 - تحفة 6976

20 - باب الإهلال عند مسجد ذى الحليفة

20 - باب الإِهْلاَلِ عِنْدَ مَسْجِدِ ذِى الْحُلَيْفَةِ 1541 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما -. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ يَعْنِى مَسْجِدَ ذِى الْحُلَيْفَةِ. تحفة 7020 21 - بابُ (¬1) مَا لاَ يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ 1542 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَلْبَسُ الْقُمُصَ وَلاَ الْعَمَائِمَ وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ وَلاَ الْبَرَانِسَ وَلاَ الْخِفَافَ، إِلاَّ أَحَدٌ لاَ يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، وَلاَ تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ أَوْ وَرْسٌ». أطرافه 134، 366، 1838، 1842، 5794، 5803، 5805، 5806، 5847، 5852 تحفة 8325، 7247 - 169/ 2 وذكر ضابطةً في «كتاب المناسك» أنَّ كل ثوبٍ مخيطٍ مُستَمسِكٍ على الجسد إذا لُبس بطريقه المعروف، كانت جنايةً عندنا. 1542 - قوله: (ليقطعهما أسفل من الكعبين)، وهو واجبٌ عند الثلاثة، ومستحبٌ عند ¬

_ (¬1) واعلم أن القاضي أبا بكر بن العربي قد تكلم على المسألة كلامًا مليحًا، قال في باب ما لا يلبس المحرم من "العارضة". وفي الحديث فوائد: الأولى: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل عما يلبس المحرم؟ فأجاب بما لا يلبس، وذلك لما كان أقل وأحقر، ما نقول له أخصر، وذلك غاية البيان ونهاية الفصاحة. والثانية: قوله: "من الثياب" يريد من أنواع الثياب، كما يقال: ما يأكل الإنسان من الطعام، يريد من أصنافه وأنواعه. الثالثة: قوله: "لا تلبسوا القميص، ولا السراويل، ولا البَرَانِس"، فنهاه عن أصولِ أنواع المخيط، فللمطلوب أصلٌ فيما يعمُّ البدن من المخيط وستره، والسراويل أصلٌ فيما يعمُّ العورةَ من المخيط، والبرنس أصلٌ فيما يحل على المنكبين مخيطًا. الرابعة: قوله: "ولا العمائم". وذلك أصلٌ في كشف الرأس عن كل نوع يستره. الخامسة: قوله: "ولا الخفاف" وذلك أصلٌ فيما يستُرُ الرِّجلين عن الغسل. السادسة: قوله: "ولا تلبسوا من الثياب ثوبًا فيه زعفران، أو ورس"، كان ذلك أصلًا في اجتناب الثياب المصبغة بالطيب. وما يُشمُّ فهو الطيب، فإنَّ الزعفران أطيب. والوَرس -وإن لم يكن طيبًا- فله رائحة طيبة، فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبين الطيب المحظور، وما يُشبِهُ الطيب في ملاذ الشم واستحسانه يكون الحج شَعِثًا تَفِلًا لساعة الإِحرام، وتفله لشيء من ذلك، كان قبل الإِحرام، كما يدفنُ الشهيد بدمه، من جرح القتل، ويُغسَلَ دمٌ، وبولٌ، وعَذِرَةٌ كانت قبل الإِحرام، أو من غير ذلك الدم. ثم ذكر في قوله: "وليقطعه أسفل من الكعبين"، حتى يكشف رجليه، فإنَّ الله يبعثُ الخلق حفاةً عراةً ... إلخ.

22 - باب الركوب والارتداف فى الحج

الحنابلة، لأن بعض الرواة لم يذكروه. قلنا: إنه ساكت، فيحمل الساكت على الناطق. ثم الكعبَ في الحج هو العظمُ النابتُ في وَسَط القدم، وخَلَطَ من نقله في الوضوء. قوله: (مسه الزعفران)، قال الحنفية: إن المحظور في الإِحرام هو الطيب، وفي الإِحدادِ اللون، وإنما يُكره الطيبُ فيه لأجلِ الزِّينة (¬1). قوله: (لا يحك جسده)، وهو جائز عندنا. قوله: (ويلقي القمل)، وهكذا عندنا، ويتصدَّق فيه دون البَقِّ، لكون القملِ متولدةً من جسد، دون البق. ثم اعلم أنه يجوزُ له لُبس السراويل بعد فتقِهِ، وإلا تكون جنايةٌ، فإِن لبسه عند الحاجة وجب عليه الدم، ولا يأثم، وهذا من خصائص الحج، أن المعذورَ يرخصهُ الشرعُ بأشياء، ثم يوجِبُ عليه الدم، كحلق الرأس عند التأذِّي، هكذا ذكره الطحاوي. 22 - بابُ الرُّكُوبِ وَالاِرْتِدَافِ فِى الْحَجِّ 1543 و1544 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ يُونُسَ الأَيْلِىِّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ أُسَامَةَ - رضى الله عنه - كَانَ رِدْفَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى. قَالَ فَكِلاَهُمَا قَالَ لَمْ يَزَلِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُلَبِّى، حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ. حديث 1543 طرفه 1686 - تحفة 5852 أحديث 1544 أطرافه 1670، 1685، 1687 - تحفة 95، 11049 23 - باب مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ وَالأَرْدِيَةِ وَالأُزُرِ وَلَبِسَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - الثِّيَابَ الْمُعَصْفَرَةَ وَهْىَ مُحْرِمَةٌ وَقَالَتْ لاَ تَلَثَّمْ وَلاَ تَتَبَرْقَعْ وَلاَ تَلْبَسْ ثَوْبًا بِوَرْسٍ وَلاَ زَعْفَرَانٍ. وَقَالَ جَابِرٌ لاَ أَرَى الْمُعَصْفَرَ طِيبًا. وَلَمْ تَرَ عَائِشَةُ بَأْسًا بِالْحُلِىِّ وَالثَّوْبِ الأَسْوَدِ وَالْمُوَرَّدِ وَالْخُفِّ لِلْمَرْأَةِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لاَ بَأْسَ أَنْ يُبْدِلَ ثِيَابَهُ. 1545 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى كُرَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ انْطَلَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْمَدِينَةِ، بَعْدَ مَا تَرَجَّلَ وَادَّهَنَ وَلَبِسَ إِزَارَهُ وَرِدَاءَهُ، هُوَ وَأَصْحَابُهُ، فَلَمْ يَنْهَ عَنْ شَىْءٍ مِنَ الأَرْدِيَةِ وَالأُزْرِ تُلْبَسُ إِلاَّ الْمُزَعْفَرَةَ الَّتِى تَرْدَعُ عَلَى الْجِلْدِ، فَأَصْبَحَ بِذِى ¬

_ (¬1) قال العلامة المارديني: وروى أبو داود بسند صحيح عن أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المتوفى عنها زوجها لا تَلْبَس المُعَصْفر من الثياب" ... الحديث؛ وقد ذكره البيهقي، فيما بعد في باب الأعواد، وفيه دليلٌ على أن العُصْفُر طيبٌ، ولذلك نهيت عن المعصفر، إذ لو كان النهي لكونه زينةً، لنُهيت عن ثوب العَصْب، لأنه في الزينة فوق المعصفر، كذا قال الطحاوي. والعَصْب: برودُ اليمنِ تُعصبُ غَزْلُها، أي تطوي، نم تصنع مصبوغًا، ثم تُنسج. وفي "الصحيحين" أنه عليه الصلاة والسلام استثنى من المنع ثوب العصب ... إلخ: "الجوهر النقي".

الْحُلَيْفَةِ، رَكِبَ رَاحِلَتَهُ حَتَّى اسْتَوَى عَلَى الْبَيْدَاءِ، أَهَلَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَقَلَّدَ بَدَنَتَهُ، وَذَلِكَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِى الْقَعْدَةِ، فَقَدِمَ مَكَّةَ لأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِى الْحَجَّةِ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَمْ يَحِلَّ مِنْ أَجْلِ بُدْنِهِ لأَنَّهُ قَلَّدَهَا، ثُمَّ نَزَلَ بِأَعْلَى مَكَّةَ عِنْدَ الْحَجُونِ، وَهْوَ مُهِلٌّ بِالْحَجِّ، وَلَمْ يَقْرَبِ الْكَعْبَةَ بَعْدَ طَوَافِهِ بِهَا حَتَّى رَجَعَ مِنْ عَرَفَةَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ يُقَصِّرُوا مِنْ رُءُوسِهِمْ ثُمَّ يَحِلُّوا، وَذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَدَنَةٌ قَلَّدَهَا، وَمَنْ كَانَتْ مَعَهُ امْرَأَتُهُ فَهِىَ لَهُ حَلاَلٌ، وَالطِّيبُ وَالثِّيَابُ. طرفاه 1625، 1731 - تحفة 6366 - 170/ 2 قوله: (الثياب المعصفرة)، ونهى عنها الحنفية أيضًا. قوله: (ولا تتبرقع) إذا مس وجهها، أما إذا كان مُجَافيًا لا يمسُّ وجهها، فلا بأس به. قوله: (بالحليِّ)، وهي مكروهةٌ تنزيهًا عندنا، كما في «البدائع»، ويشهد له حديث أبي داود، غير أنه اختُلف في وقفه ورفعه، وجنح المصنف إلى وقفه. وعمل به الحنفية، فحملوه على الكراهة تنزيهًا. 1545 - قوله: (انطلق النبي صلى الله عليه وسلّم من المدينة بعدما ترجّل، وادّهن، ولبس إزاره، ورداءه) ... إلخ، هذا بيان لإِعداده للإِحرام، ولم يكن أحرم بَعدُ، لأنه جامَعَ بعدَه. ولبس الإِزارِ، والرداء لم يكن لكونه مُحرِمًا، بل لكون ذلك لباس العرب. وإنما يتبادَرُ منه الإِحرام، لكونه لُبْسة المحرم في عرفنا. قوله: (إلا المزعفرة)، قال الطحاوي: إن المزعفرة إذا لم ينفض اللونَ جاز، واستدلَ بروايةٍ فيها يحيى بن حميد الحماني، وهو الأزدي، من علماء الكوفة، وكان يحيى بن مَعِين يوثقه حتى الموت، وتردد فيه بعضهم، ولعله لا ذَنْب له: غير أنه حنفيٌ، وإن من الذنوب ما لا يغفَرُ عند بعضهم. واعلم أن الراوي لم يتعرض إلى طَوَافه صلى الله عليه وسلّم النَّفل، مع ثبوته في الخارج، لأنه كان بالليل. وإنما لم يَطُف النبي صلى الله عليه وسلّم بالنهار، مع كونه أفضل العبادات في تلك البقعة الشريفة، مخافةَ أن يقعَ الناسُ في مَغْلَطة. مسألة: قال الحنفية: إن الحاج يقطعُ التلبيةَ عند رمي الجمار (¬1). والظاهر أنَّ التلبيةَ لما كانت للبيت، ينبغي أن تنقطعَ عند البيت. قلتُ: والسِّر في ذلك أن التلبيةَ إعلانٌ بالإِجابة ¬

_ (¬1) قال الخَطَّابي: ذهب عامةُ أهل العلم في هذا إلى حديث الفضل بن عباس رضي الله عنه، دون حديث ابن عمر، وقالوا: لا يزال يُلبي حتى يرمي جمرة العَقَبة، إلا أنهم اختلفوا. فقال بعضهم: يقطعُها مع أول حِصاة، وهو قول سُفيان الثوري، وأصحاب الرأي، وكذلك قال الشافعي. وقال أحمد، وإسحاق: يُلبي حتى يرمَى الجمرة، ثم يقطعها. وقال مالك: يُلبي حتى تزولَ الشمس يوم عرفة، فإذا راح إلى المسجد قَطَعها. وقال الحسن: يُلبي حتى يُصلي الغَدَاة من يوم عرفة، فإذا صلى الغَدَاة أمسك عنها. وكره مالكٌ التلبيةَ لغير المحرم، ولم يكرهها غيره. اهـ.

24 - باب من بات بذى الحليفة حتى أصبح

والحضور. وذا لا يناسبُ له، وهو قائمٌ بين يدي الجِمار، فناسب قَطْعَها عندها، فإذا انقطعت عندها لهذا المعنى انقطعت بعدها رأسًا، على أن معاملة المحرم إلى الجمار كانت مع الجماعة، ثم صارت أحاديًا وانفراديًا، فيأتي بها الحاجُّ متى شاء، مع الجماعة أو قبلها، أو بعدها، فانقطعت تلبيتُه أيضًا. 24 - باب مَنْ بَاتَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ حَتَّى أَصْبَحَ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1546 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَبِذِى الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ بَاتَ حَتَّى أَصْبَحَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ، فَلَمَّا رَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَاسْتَوَتْ بِهِ أَهَلَّ. أطرافه 1089، 1547، 1548، 1551، 1712، 1714، 1715، 2951، 2986 تحفة 1573 1547 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَصَلَّى الْعَصْرَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ وَأَحْسِبُهُ بَاتَ بِهَا حَتَّى أَصْبَحَ. أطرافه 1089، 1546، 1548، 1551، 1712، 1714، 1715، 2951، 2986 - تحفة 947 فكأنه من المُستَحَبَّات، ولم يعدها الحنفية مُستحبًا. 25 - باب رَفْعِ الصَّوْتِ بِالإِهْلاَلِ 1548 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَسَمِعْتُهُمْ يَصْرُخُونَ بِهِمَا جَمِيعًا. أطرافه 1089، 1546، 1547، 1551، 1712، 1714، 1715، 2951، 2986 تحفة 947 والرفعُ مطلوبٌ بشرطِ التحرُّزِ عن الإِفراط. 1548 - قوله: (سمعتهم يصرخون بهما جميعًا)، وهذا حالُ بعض الصحابة، وفيه حجةٌ للحنفية على ما لا يخفى. 26 - باب التَّلْبِيَةِ 1549 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ. أطرافه 1540، 5914، 5915 - تحفة 8344 1550 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى عَطِيَّةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ إِنِّى لأَعْلَمُ كَيْفَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُلَبِّى لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ. تَابَعَهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ

27 - باب التحميد والتسبيح والتكبير، قبل الإهلال، عند الركوب على الدابة

الأَعْمَشِ. وَقَالَ شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ سَمِعْتُ خَيْثَمَةَ عَنْ أَبِى عَطِيَّةَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها -. تحفة 17800 واعلم أن الإِحرامَ عندنا قوليٌّ وفعليٌّ. ونعني بالقوليَّ التلبية، فإِذا لبىَّ ناويًا. فقد أحرم، وبالفعلي أن يسوقَ الهدْي ناويًا، فعلم أن المرء لا يصير مُحرمًا بمجرد النية، ما لم يقترن معها قولٌ، أو فعل مخصوص بالحج. ثم لا يُشترط ذكر النسك أو النسكين في التلبية، بل كفى له النية. وصرَّح علي القاري أنّه يُستحب الوقوفُ في كلمات التلبية في أربعة مواضع: لبيك اللهم لبيك، لبّيك لا شريكَ لك لبيك، إن الحمدَ والنعمةَ لك والملك، لا شريكَ لك. والأفصحُ فيها: «إن» بالكسر (¬1)، كما هو مروي عن محمد، ورُوِي عن أبي حنيفة الفتح. وهو مخالفٌ للذوق، فاغتممتُ لها حتى رأيت في «الكشاف» أن فيه روايتين عنه - الفتح، والكسر - فعلمتُ أن الفتحَ محمولٌ على الجوازِ، والكسرَ على الاختيار؛ وحينئذ زال الاضطراب. والأولى أن لا يزيدَ على تلك الكلمات، وإن أبى إلا أن يفعَلَها، ففي آخرها، كما رُوِي عن ابن عمر. 27 - باب التَّحْمِيدِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ، قَبْلَ الإِهْلاَلِ، عِنْدَ الرُّكُوبِ عَلَى الدَّابَّةِ 1551 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ بَاتَ بِهَا حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ، حَمِدَ اللَّهَ وَسَبَّحَ وَكَبَّرَ، ثُمَّ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهِمَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَ النَّاسَ فَحَلُّوا، حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ قَالَ وَنَحَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَدَنَاتٍ بِيَدِهِ قِيَامًا، وَذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا عَنْ أَيُّوبَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَنَسٍ. أطرافه 1089، 1546، 1547، 1548، 1712، 1714، 1715، 2951، 2986 تحفة 947 - 171/ 2 ولا يمنعُ الحاجُّ عن الأذكار كلها، وإن كان الفضلُ في الوظيفةِ الوقتية، وهي التَّلبية. 1551 - قوله: (ثم أهل بحج وعمرة)، وفيه حجةٌ صريحة للحنفية. 1551 - قوله: (وأهل الناس بهما)، وفيه توسع. والمعنى أنَّهم أهلُّوا بهما، ولو بتخلُّلِ حِلَ. ¬

_ (¬1) قال الخَطَّابي: فيه وجهان: كسر "إن"، وفتحها، وأجودهما الكسر. أخبرني أبو عمر، قال: قال أبو العباس أحمد بن يحيى: من قال: "إن" -بكسر الألف- فقد عَمَّ، ومن قال: "أن" - بفتحها فقد خص. اهـ، وقال ابن العربي: فإذا كُسِرت كانت ابتداءَ كلامٍ، لمَّا قال: لبيك، استأنف كلامًا آخر، توحيدًا، فقال: إن الحمد والنعمة لك. ووجْهُ الفتح، فإنه يقول: أجبتُك، لأن الحمد والنعمة لك في كل شيء، وفيما دعوت إليه، وألزمت ... إلخ "العارضة".

28 - باب من أهل حين استوت به راحلته قائمة

قوله: (ونحر النبي صلى الله عليه وسلّم، واعلم أن بَدَنات النبي صلى الله عليه وسلّم التي كان أهداها ثلاثٌ وستون؛ وجاء عليٌّ بسبعٍ وثلاثين، فتلك مئة. والنُّكْتة (¬1) في العدد المذكور أنَّ ذلك كان عُمُر النبي صلى الله عليه وسلّم فأهدى من كل سنة بَدَنة، ولعل عليٌّ نحر منها ثنتين وثلاثين، وأظن أن ذلك عُمُره، بقيت منها خمس، فنحرها النبي صلى الله عليه وسلّم في وقت آخر، وهي التي ذكرها الراوي ههنا. وحينئذٍ لا حاجةَ إلى إعلال رواية أبي داود: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم نحر خمسًا منها، فإِنها كانت من بَقَايا هَدَايا عليَ، نحرها في مجلس آخر. قوله: (وذبح رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالمدينة كبشين)، وهذه قِطعة من حديث آخر في الأُضحية، ولا تعلقَ لها بحديثِ الحج. 28 - بابُ مَنْ أَهَلَّ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً 1552 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَهَلَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً. أطرافه 166، 1514، 1609، 2865، 5851 - تحفة 7680 29 - باب الإِهْلاَلِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ 1553 - وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - إِذَا صَلَّى بِالْغَدَاةِ بِذِى الْحُلَيْفَةِ أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَرُحِلَتْ ثُمَّ رَكِبَ، فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ قَائِمًا، ثُمَّ يُلَبِّى حَتَّى يَبْلُغَ الْمَحْرَمَ، ثُمَّ يُمْسِكُ حَتَّى إِذَا جَاءَ ذَا طُوًى بَاتَ بِهِ حَتَّى يُصْبِحَ، فَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ اغْتَسَلَ، وَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَ ذَلِكَ. تَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ فِى الْغَسْلِ. أطرافه 1554، 1573، 1574 - تحفة 7513 1554 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - إِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى مَكَّةَ ادَّهَنَ بِدُهْنٍ لَيْسَ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، ثُمَّ يَأْتِى مَسْجِدَ الْحُلَيْفَةِ فَيُصَلِّى ثُمَّ يَرْكَبُ، وَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً أَحْرَمَ، ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُ. أطرافه 1553، 1573، 1574 - تحفة 8256 30 - باب التَّلْبِيَةِ إِذَا انْحَدَرَ فِى الْوَادِى 1555 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ ¬

_ (¬1) قال القاضي أبو بكر بن العربي في "العارضة" ص 144 - ج 4: وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحر ثلاثًا وستين بدنة، ساقها بعضهم أنه قصد بها سني عمره، وهي ثلاث وستون، والله أعلم، وما أظنه كذلك، والله أعلم، اهـ. قلت: وهكذا ذكره علي القاري في "المرقاة"، بل ذكر نحوه في نحر علي أيضًا، فراجعه من قصة حجة الوداع، من حديث جابر الطويل.

31 - باب كيف تهل الحائض والنفساء

مُجَاهِدٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فَذَكَرُوا الدَّجَّالَ أَنَّهُ قَالَ «مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ». فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ أَسْمَعْهُ وَلَكِنَّهُ قَالَ «أَمَّا مُوسَى كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ إِذِ انْحَدَرَ فِى الْوَادِى يُلَبِّى». طرفاه 3355، 5913 - تحفة 6400 - 172/ 2 1555 - قوله: (مكتوب بين عينيه: كافر)، تردد الشيخُ الأكبر في صورة ما يكون بين عيني الدَّجَال، هل هي بصيغة الماضي أو بصيغة اسم الفاعل؟ قلتُ: وفي تلك الرواية دليل الثاني. قوله: (وأما موسى) ... إلخ، والسرُّ فيه أنه عليه الصلاة والسلام لعله لم يحجّ في حياته، وكذا عيسى عليه السلام، ولذا يحجُّ بعد نزوله. وقد ثبت حج أكثر الأنبياء عليهم السلام. ثم تلك الوادي هي: الأزرق. واعلم أنهم اختلفوا في تحقيقِ نسبة الدنيا مع الآخرة، فقيل: كنسبة الروح مع البدن، وليست كنسبة الدرة بالحقة، ولا كنسبة أحد المنفصل بالمنفصل الآخر. وقيل: كنسبة الشجرةِ بالبَذْر، فتنشقُّ الدنيا عن الآخرة، كما ينشقُّ البَذرُ عن الشجرة. وعندي نسبتُها كنسبة الظاهر بالباطن، والغيب إلى الشهادة، فإِذن لا فرق بحسَب العالم والحيِّز، بل باعتبار النظرِ والبصر. فلو قوي البصرُ الآن لرأى الآخرة والنار والجنة، ولكن الأبصارَ عامةٌ ضعيفة، فلا ترى ما يراه حديد البصر. فالأنبياءُ عليهم الصلاة والسلام يرون الجنة والنار في حياتهم أيضًا. أما العوام فسيرونَها بعد الحشر حتى يصير البصرُ حديدًا، قال تعالى: {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق: 22]. 31 - باب كَيْفَ تُهِلُّ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ أَهَلَّ تَكَلَّمَ بِهِ، وَاسْتَهْلَلْنَا وَأَهْلَلْنَا الْهِلاَلَ كُلُّهُ مِنَ الظُّهُورِ، وَاسْتَهَلَّ الْمَطَرُ خَرَجَ مِنَ السَّحَابِ. {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: 3] وَهْوَ مِنِ اسْتِهْلاَلِ الصَّبِىِّ. 1556 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْىٌ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ لاَ يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا» فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلاَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «انْقُضِى رَأْسَكِ وَامْتَشِطِى، وَأَهِلِّى بِالْحَجِّ، وَدَعِى الْعُمْرَةَ». فَفَعَلْتُ فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ فَقَالَ «هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ». قَالَتْ فَطَافَ الَّذِينَ كَانُوا أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا. أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 16591 واعلم أنَّ الحُيَّضَ والنُّفَسَاء لسنَ بمحجوراتٍ عن شيء من مناسك الحج غيرَ الطواف،

32 - باب من أهل فى زمن النبى - صلى الله عليه وسلم - كإهلال النبى - صلى الله عليه وسلم -

والسعي. أما الطوافُ، فلكونه في المسجد (¬1)؛ وأما السعيُ فلكونه مترتبًا عليه، فعليهن أن يغتسلنَ لدفعِ الأذى، وتحصيلِ النظافة، وتخفيف النجاسة، ثم يفعلن كما يفعل الحاج، غير أنهنَّ لا يَطُفنَ بالبيت. ومن ههنا تبين نوع آخر من الغُسل، وهو ما لا يفيدُ الطهارةَ غير النظافة، فلا يُباح لهنَّ بهذا الغُسل مسُّ المصحف وغيره. قوله: (وما أهل لغير الله به)، وراجع الفرق بينه وبين قوله: وأهلّ به لغير الله من «تفسير ابن كثير». 1556 - قوله: (فأهللنا بعمرة)، هذا حال المتمتعين فقط، لا حالُ الجميع. قوله: (انقضي رأسك، وامتشطي، وأهلي بالحج، ودعي العمرة)، قال الشافعية: إن أم المؤمنين عائشة كانت قارنةً، فَوَرَدَ عليهم الامتشاط. فقالوا: إنه محمولٌ على الامتشاط بالتخفيف، بحيث لا يؤدي إلى نقض الأشعار، وكذا أوّلوا قوله: «ودعي العمرة»، وقالوا: معناه: اتركي أفعال العمرة لا إحرامها. وقال الحنفية: إنها كانت معتمرة، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلّم حين حاضت أن تخرجَ من عمرتها، وتفعل ما يفعلُه الحلال، فأمرها بالامتشاط، فهو صريح في نقض الإِحرام. ومما يدلُّك على أن الامتشاطَ عندهم كان معهودًا للإِحلال، ما أخرجه البخاري عن أبي موسى في الباب التالي، قال: «فأحللتُ، فأتيت امرأةً من قومي فَمَشَطَتْني» ... إلخ، فإن كان امتشاطُه للإِحلال، فكذلك امتشاطُ عائشة، وحملُه على غير ذلك تكلُّفٌ بارد. ومما يدل على رفضِ عمرتِها، أمرُ النبي صلى الله عليه وسلّم إياها بعد الفراغ عن الحج، أن تعتمرَ عمرةً أخرى مكان المفروضة. وحملَه الشافعية على أن أمره كان لتطييب خاطرها، وسيجىء الكلام. قوله: (وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة)، وسيجىء ما لَه وما عليه عن قريب. 32 - باب مَنْ أَهَلَّ فِى زَمَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - كَإِهْلاَلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1557 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ عَطَاءٌ قَالَ جَابِرٌ - رضى الله عنه - أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلِيًّا - رضى الله عنه - أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ، وَذَكَرَ قَوْلَ سُرَاقَةَ. أطرافه 1568، 1570، 1651، 1785، 2506، 4352، 7230، 7367 تحفة 2457، 2462 قيدُ (¬2) «في زمن النبي صلى الله عليه وسلّم اتفاقيٌّ وليس مَحَطًا للحكم. ومُحصَّلُ كلامه تحقيقُ التعليق في ¬

_ (¬1) قلت: وهذا على المشهور، وإلا فالمختار عند الشيخ أنَّ المنعَ لفُقدان الطهارة، وهي من واجبات الطواف عندنا. فلو فرضنا جوازَ الطوافِ من خارج المسجد، فالمنعُ لهؤلاء بحالِهِ، فانكشف أن المَنَاطَ هذا لا ذاك. (¬2) قال الحافظ: فجاز الإِحرامُ على الإِبهام، لكن لا يلزمُ منه جوازُ تعليقه، إلا على فعلِ مَنْ يتحقق أن يعرفَه، كما وَقَعَ في حديثي الباب. وأما مطلقُ الإِحرام على الإِبهام فهو جائزٌ، ثم يصرِفُه المحرم كما شاء، لكونه - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عن ذلك، وهذا قول الجمهور. وعن المالكية: لا يصح الإِحرام على الإِبهام، وهو قول الكوفيين. قال ابن المُنَيِّر: وكأنه مذهب البخاري، لأنه أشار بالترجمة إلى أن ذلك خاصٌّ بذلك الزمن، لأن عليًا، وأبا موسى لم =

الإِحرام، أي إذا أهلَّ كإِهلال فلان هل يصيرُ بذلك مُحرمًا أو لا؟ فنسب النووي إلينا: أنه لا يكون محرمًا عندنا، وهو سهوٌ، فإنَّه يصح عندنا (¬1)، غيرَ أنه يجبُ عليه أن يعين إحدى العبادتين: الحج، أو العمرة، قبل الدخول في الأفعال. والنووي لم يحقق مذهبَ الحنفية، حتى أظن أنه غَلِطَ في نقل مذهبنا في نحو مئة مسألة. بخلاف الحافظ ابن حجر، فإِني لا أذكر خطأه في ذلك إلا في مسألة - من باب الزكاة - وعند الشافعية يصيرُ محرمًا بعين ذلك الإِحرام. فالفرق بيننا وبينهم أنه يصيرُ بالتعليق محرِمًا بأصل الإِحرام عندنا، فله أنْ يُعيِّن قبل الدخول ما شاء، وعندهم يصيرُ محرمًا بعين ذلك الإِحرام. وتمسكوا بإِحرام علي، قلنا: فماذا تقولون في إحرام أبي موسى، فإِنه كان أهلَّ كما أهلَّ به علي، ثم أمره النبي صلى الله عليه وسلّم أن يُحل؟ وأما عليٌّ فإنَّما لم يأمُرْه النبي صلى الله عليه وسلّم به لمكان الهَدْي عنده. 1558 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ الْخَلاَّلُ الْهُذَلِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ سَمِعْتُ مَرْوَانَ الأَصْفَرَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه - عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْيَمَنِ فَقَالَ «بِمَا أَهْلَلْتَ». قَالَ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ «لَوْلاَ أَنَّ مَعِى الْهَدْىَ لأَحْلَلْتُ». وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بِمَا أَهْلَلْتَ يَا عَلِىُّ». قَالَ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فَأَهْدِ وَامْكُثْ حَرَامًا كَمَا أَنْتَ». تحفة 1585، 2457 - 173/ 2 1559 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى قَوْمٍ بِالْيَمَنِ فَجِئْتُ وَهْوَ بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ «بِمَا أَهْلَلْتَ». قُلْتُ أَهْلَلْتُ كَإِهْلاَلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «هَلْ مَعَكَ مِنْ هَدْىٍ». قُلْتُ لاَ. فَأَمَرَنِى فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ أَمَرَنِى فَأَحْلَلْتُ فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِى فَمَشَطَتْنِى، أَوْ غَسَلَتْ رَأْسِى، فَقَدِمَ عُمَرُ - رضى الله عنه - فَقَالَ إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ قَالَ اللَّهُ (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ) وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْىَ. أطرافه 1565، 1724، 1795، 4346، 4397 - تحفة 9008، 10469، 10583 ¬

_ = يكن عندهما أصلٌ يرجعان إليه في كيفية الإِحرام، فأحالاه على النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأما الآن فقد استقرت الأحكام، وعُرِفت مراتبُ الإِحرام، فلا يصح ذلك. والله أعلم. وكأنه أخذ الإِشارة عن تقييده بزمن النبي - صلى الله عليه وسلم -. اهـ. قلت: ففي عبارة الحافظ تصريح بأن مذهبَ الكوفيين عدمُ صحة الإِحرام على الإِبهام، فإن كان المراد منهم أبو حنيفة، ومن تبعه، فهو خلاف الواقع، وإن كان غير هؤلاء، فهو أعلم به. (¬1) قال الخَطَّابي: وفيه -أي إحرام علي- دليلٌ على أنَّ الإِحرامَ مُبهمًا من غير تعيين، جائزٌ، وأن صاحِبَهُ بالخيار، إن شاء صَرَفه إلى الحج والعمرة معًا، وإن شاء صَرَفه إلى أحدهما دون الآخر. وأنه ليس كالصلاة التي لا تُجزىء إلا بأن يُعيِّن مع العقد والإِحرام. اهـ.

1558 - قوله: (لولا أن معي الهدي لأحللت) فيه دَلالة على أن المانعَ من إحلاله صلى الله عليه وسلّم لم يكن إحرامه للقِرَان، كما قلنا، بل كان وجودَ الهَدْي، وهو المنقولُ في عذرِ عدم إحلاله صلى الله عليه وسلّم عامة. والمناسبُ على نظر الحنفية أن يقول: لولا أني جمعت بين الحج والعمرة لأحللت، فإنَّ المؤثّرَ حقيقةً عندنا هو إحرامُه للقِرَان، فإنَّه لو لم يكن ساق الهَدْي لما أحلَّ أيضًا. والجواب: أنه اعتذرَ بالسَوْق، ليتَّضحَ عذرُه لمن لم يكن أهدَى، ليعلموا أنه منَعَه عن الإِحلال الهَدْي، ولا شك أنَّ له مدخلا أيضًا، وأنه لولاه لوافَقَهم في الحِلِّ (¬1). ومن ههنا ظهر الجواب عما تمسك به الحنابلة، حيث قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلّم وإن كان قَارِنًا، لكنه تمنى أنْ لو كان متمتعًا، ولا ريبَ أنَّ الفضلَ يكونُ فيما تمناه، وذلك أنه تمنى التمتعَ ليكون موافِقًا لهم في الإِحرام، فلا يَعسُرُ عليهم الحِلُّ في البيْنِ، لا لكونه أفضلَ عنده، فقم بالفرقِ بين المقامين، ولا تعجل (¬2). قوله: (قال عمر: أن نأخذ بكتاب الله، فإنه يأمرنا بالتمام، قال تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}) تفرَّق الناسُ في بيان مرادِ عمر. وتقرير كلامِهِ على آراء. فقال قائل: إنه كان ينهى عن فسخ الحج إلى العمرة، كما هو مذهب الجمهور، فإنَّه كان مخصوصًا بتلك السنة، كما يدل عليه ما رُوي عن أبي ذر، عند مسلم: «أنه كان خاصًا بذلك العام، ولم يكن للأبد». وأجاز أحمد لمن بعدَه أيضًا. وشدد فيه الحافظ ابن تيمية وتلميذه، فاختارا الوجوب، حتى ذَكَر أن الحجَّ ينفسخُ إلى العمرة بمجرد رؤية البيت، أراد أو لم يرد. وهذا كما قال ابن تيمية في شرح قوله صلى الله عليه وسلّم «إذا أقبل الليل من ههنا، وأدبر النهار من ههنا، فقد أفطر الصائم»، أي حُكمًا من جهة الشرع، سواء أفطرَ أو لم يُفطر، فكذلك الحاجُّ إذا دخل مكة شرَّفَها الله تعالى، ووقع بصرُه على البيت، فقد انفسخَ حجُّه وصار عمرةً. وحينئذٍ فتقريرُ كلامه أن الله تعالى يأمرنا بالتمام، أي بعدم فسخ الحج، على خلاف مذهب أحمد. وهذا هو الذي فهمه أكثر الشارحين وذهب جماعةٌ: منهم النووي، أنه كان يَنهى عن القِرَان والتمتع، ¬

_ (¬1) قلت: أي مَنَعَه عن الحِلِّ أمران: وأظهرهما السَّوْق، فإنَّه محسوسٌ مُبْصَرٌ. والثاني: إحرامُه للقِرَان، وهو أمر باطني، يعلُمه المُحرم نفسُه لا غيره، فكَرِه أن يحل، وهو يسوق الهَدْي أيضًا، فإنَّه هيئةُ المناقِض فعلَه، فلم يكن يليقُ بشأنه العظيم. (¬2) قلت: قال الخَطَّابي: ويحتمل أن يكون معنى قوله: "لأهللت بعمرة"، أي لتفردت بعمرة، أكون بها متمتعًا، يُطيِّبُ بذلك نفوسَ أصحابه الذين تمتعوا بالعمرة إلى الحج، فتكون دَلالته على معنى الجواز، لا على معنى الاختيار: "معالم السنن"، وقال في شرح قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت" ... إلخ: إنما أراد بهذا القول -والله أعلم- استطابَة نفوسهم، وذلك أنه كان يشقُّ عليهم أن يُحِلُّوا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - محرمٌ، ولم يعجبهم أنْ يرغبوا بأنفسهم عن نفسه، ويتركوا الائتساءَ به، والكونَ معه، على كل حال من أحواله، فقال عند ذلك هذا القول، لئلا يجدوا في أنفسهم من ذلك، وليعلموا أن الأفضلَ لهم ما دَعاهم إليه، وأمرَهم به، وأنه لولا أن السنةَ مَنْ ساقَ الهَدْي أن لا يَحلّ حتى يبلغَ الهَدْي مَحِلَّه، لكان أسوتهم في الإِحلال يُطيِّبُ بذلك نفوسهم، ويحمدُ به صنيعُهم وفعلُهم. اهـ.

وكان يأمرُهم بالإِفراد، وحينئذٍ فمحطُّ الإِتمام النهيُ عن هذين، كأنه رآهما خلافَ الإِتمام. قلتُ: والذي ظَهَر لي أن الأمر ليس كما فهمه الشارحون، ولا كما زعمه النووي، بل أراد عمرُ أنْ لا يصيرَ البيتُ مهجورًا، فإِن في القِرَان والتمتُّع أداءً للنُّسُكين في سفرٍ، سواء تحلل في البين أو لا. وذلك يوجبُ أن لا يتردد الناسُ إليه بخلافهم في الإِفراد، فإنَّه يجبُ عليهم العوْدُ إليه ثانيًا للعمرة، فأحبَّ أن يزارَ البيتُ مرةً بعد أخرى. وحينئذ فتقرير كلامه، حسَبَ مُرَامه، ما ذكره عبد الله ابن عمر، عند الطحاوي، قال: «إتمام العمرة أن تُفْرِدُوها من أشهر الحج، والحج أشهرٌ معلومات، فأخلِصُوا فيهنَّ الحجَّ، واعتمروا فيما سواهُنَّ من الشهور»، فأراد عمر بذلك تمامَ العمرة، لقول الله عز وجل: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} اهـ. وعلى هذا، معنى الإِتمامُ أنْ لا يعتمرَ في أشهر الحج، وأن يفصِل بينهما، كما عند الطحاوي عن عمر: «أُفْصلُوا بين حجكم وعمرتكم. فإنَّه أتمُّ لحجكم، وأتمُّ لعمرته أن يعتمرَ في غير أشهر الحج». اهـ. ثم اعلم أن الإِفراد على نوعين: الأول ما هو المشهور. والثاني: ما ذكره محمد في «موطئه»: وهو الإِفراد في السفرين. ولا ريب أنَّ الثاني أفضلُ من القِرَان، صرح به محمد، ولم يَنْقل فيه خلافًا عن الشيخين، فهو المذهب عندي. أما الخلاف في المفاضلة بين الإِفراد والقِرَان والتمتع، فهو بمعناه المشهور، أما في المعنى الذي ذكرناه، فلا خلاف فيه، وهذا الذي أحبَّهُ عمر، وأراده من إفراد الحج، ولا خلافَ فيه لأحدٍ، كما علمت هذا في نهيه عن القران. بقي نهيُه عن التمتع، فلعله كان مفضولا عنده، لأنه يوجبُ التحلُّل في البين، مع أن المطلوبَ تمادي الإِحرام. وهذا هو الذي كرهه الصحابة حين أمرهم النبي صلى الله عليه وسلّم أن يتحلَّلوا ويفسخوا حجَّهم إلى العمرة، كما يدل عليه قولهم عند مسلم: «ومَذَاكِيرُنا تقطر المنيَّ» أي كيف نتحللُ، ونجامعُ نساءَنا، ونحن على شرف الحج، فأيُّ حلَ هذا؟ فالكراهة لهذا، لا كما ذكره الشارحون، كما يدل عليه ما عند مسلم، والنسائي فقال عمر: قد علمت أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قد فعله، ولكن كرهتُ أن يظلوا معرِّسين بهنَّ في الأرَاك، ثم يَرُوحوا بالحج تقطُرُ رؤوسهم. وبالجملة: نهيُه عن التمتع كان لكراهةِ الحِلِّ، وانقطاع الإِحرام، وحينئذٍ فتقريرُ كلامه {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ} ... إلخ، أي لا تُحِلوا في البين، فعبَّر عن الحل في التمتع بعدم الإِتمام. وصار الحاصل: أن لا تمتعوا، لأنه يوجبُ انقطاعَ الإِحرام المستلزِمِ لعدم الإِتمام. وتحصل من مجموع الكلام: أن القِرَان والتمتعَ يوجبان تركَ الإِتمام. أما القِرَانُ فلأن الإِتمامَ عبارةٌ عن إفراد الحج في أشهر الحج، والقرانُ يخالفه. وأما التمتعُ، فلكونه موجِبًا للحل في البين. فإن قلتَ: فلم أمر النبي صلى الله عليه وسلّم آلافًا من الصحابة رضي الله تعالى عنهم بالتحلل مع كونه مكروهًا؟ قلتُ: ردًا لأمر الجاهلية، وتشريعُه عَمَلا، وتوكيدُه فعلا وقولا، فإنَّه كان أواخِرَ أوانِهِ في الدنيا، فأراد أنْ يجعلَ شعائرَ الجاهليةِ كلَّها تحت قدميه، ويَرى الناسُ عِيَانًا أنَّ التمتعَ جائزٌ

في أشهر الحج، وليس كما تزعُم العرب: أن العمرةَ فيها من أفجرِ الفجور. ثم استقر اجتهاد عمر رَضي الله تعالى عنه على فضل الإِفراد، كما مر تقريره (¬1). والذي يفيدُ ثلجَ الصدر في هذا المقام، أن عمر لم يكن ينهى عن القِرَان. وما رواه الطحاوي عن ابن عباس، قال: يقولون: إن عمر رضي الله تعالى عنه نَهى عن المُتعة، قال عمر: لو اعتمرتُ في عام مرتين، ثم حججتُ لجعلتها مع حجَّتي. اهـ. أي لو وقع في نفسي أنْ أعتمرَ عُمرتين، لجعلت إحدَاها مع حجتي، فأحرمت بالقِرَان، وهذا صريح في كون القِرَان أحبُّ عنده من الإِفراد في سفر. ثم الظاهرُ أن نهي عثمان أيضًا كان من هذا القبيل. ولا نرى به أن يكونَ نهيٌ عن أمرٍ قد فعله النبي صلى الله عليه وسلّم كيف وأن عليًا لم يتَّبِعْه في ذلك، وأبى إلا أنْ يفعلَ ما رآه النبي صلى الله عليه وسلّم يفعله (¬2). ¬

_ (¬1) قلت: هذا غايةُ ما فهمتُ بعد تفكيرٍ بالغٍ، ثم لا أثقُ بنفسي، على أني أدركتُ حقيقةَ المراد، فإنِّي أخذتُ ما أخذت من مضبطي، وكان فيها سقطات، ومحوٌ وإثبات، فعليك أنْ تحررَ الكلام. والله أعلم. (¬2) قلت: وملخص ما دار بينهما من الكلام: أن عثمانَ كان يراهما جائزين، وإنما نَهى عنهما ليُعمل بالأفضل، لكن خشي على أن يَحمِلَ غيره النهيَ على التحريم، فأشاع جوازَ ذلك، وكل منهما مجتهدٌ، مأجورٌ. انتهى ما قاله الحافظ ملخصًا. قلتُ: نعم، ذلك هو الظن بعثمان، غير أني لم أر أحدًا منهم أتى عليه برواية، كما أتوا به في قصة عمر، فجلَّ الخطْبُ لذلك. وجزى الله تعالى عنا علامة العصر الشيخ شَبيِّر أحمد دام ظله، وقد جزى، حيث أبرزَ لنا روايةً واضحةً في ذلك، فلم يترك موضعَ رَيبٍ لمرتابٍ، ووضح الأمرَ بعدها على جليته. قال الحافظ ابن القيم في "إعلام الموقعين": والصواب -إعلام الموفقين- المطبوع مع كتاب "حادي الأرواح": قال محمد بن إسحاق: حدثني يحيى بن عبَّاد عن عبيد الله بن الزبير، قال: إنا والله مع عثمان بن عفان بالجُحْفة إذ قال عثمان -وذُكِرَ له التمتع بالعمرةِ إلى الحج-: "أتموا الحج، وأخلصوه في أشهر الحج، فلو أخرتُم هذه العمرة حتى تزوروا هذا البيت زورتين، كان أفضل، فإنَّ الله قد أوسع في الخير"، فقال له علي: "عمدتَ إلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورخصةٍ رخّص اللهُ بها في كتابه تضيِّقُ عليهم فيها، وتنهى عنها"، وكانت لذي الحاجة، والنائي الدار، ثم أهل عليٌّ بعمرة وحج معًا، فأقبل عثمان بن عفان على الناس، فقال: أَنهيتَ عنها؟ إني لم أنه عنها، إنما كان رأيًا أشرتُ به، فمن شاء أخذه، ومن شاء تركه. قلت: الآن انبلج الفجرُ لكلِ ذي عينين، وتحقق أنه لم يُرد في ذلك غير ما أراده عمر، بل تبعه فيه. وقد ذكر الحافظ في باب من لبى بالحج وسماه: أن عمرَ هو أول من نَهَى عنه، وكان مَنْ بعدَه كان تابعًا له في ذلك. ففي مسلم أيضًا أنَّ ابن الزبير كان ينهى عنها، وابن عباس يأمر بها، فسألوا جابرًا، فأشار إلى أنَّ أولَ من نهى عنها عمر. قلت: ورواية "الإِعلام" فيه عبيد الله بن الزبير، والظاهرُ أنه عبد الله بن الزبير، ولعله تعلم النهيَ عن عثمان، كما مر قصته معه. وهكذا وجدنَاه في نُسخة الشيخ العلامة المذكور مصححًا عبد الله بن الزبير، ولمّا علمتَ من مداركِ الخلفاءِ، فانظر إلى مقالة محمد، حيث استحب الإِفراد في سفرين، وجعله أفضلَ المناسك، وحينئذ لا تملك نفسكَ إلا أنْ تُجريَ لسانكَ بأنه كان رجلًا يملأ العينَ والقلب، قاله الشافعي فيه. ويؤيد ما ذكره ابن القيم في "الإعلام" ما أخرجه الحافظ عن النسائي عن سعيد بن المُسيَّب بلفظ: "نهى عثمان عن التمتع"، وزاد فيه: "فلبَّى عليٌّ وأصحابهُ بالعمرة، فلم ينههم عثمان"، فقال له علي: "ألم تسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تمتع"؟ قال: "بلى"، ففيه دليل على أنَّ نهيَه لم يكن تحريمًا، بل كان مشورةً لهم. وحمله السِّنْدِي على الرجوع، وليس بجيدٍ. =

33 - باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} [البقرة: 197]

ثم اعلم أنَّ العمرةَ عندنا سنةٌ في المشهور (¬1)، وفي قول: واجبةٌ. ويردُ على الأول أنَّ النصَّ لم يفرق بين الحج والعمرة، وأمر بإِتمامهما. وأجيبَ أنَّ المأمورَ به الإِتمامُ بعد الشروع، ولا خلاف فيه، فإنَّها تجبُ عندنا بعد الشروع مطلقًا، وهو حكم سائر التطوعات. 33 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189]. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَشْهُرُ الْحَجِّ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِى الْحَجَّةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لاَ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ إِلاَّ فِى أَشْهُرِ الْحَجِّ. وَكَرِهَ عُثْمَانُ - رضى الله عنه - أَنْ يُحْرِمَ مِنْ خُرَاسَانَ أَوْ كَرْمَانَ. ¬

_ = ثم وجدت مثله عند الخَطَّابي في "معالمه"، قال: قد رُوي عن عمر أنه قال: "أُفصُلوا بين الحج والعمرة، فإنه أتمُّ لحجكم وعمرتكم"، ويُشبه أن يكون ذلك على معنى الإِرشاد، وتحرِّي الأجر، ليكثرَ السعيُ والعمل، ويتكررَ القصدُ إلى البيت. كما رُوي عن عثمان أنه سُئل عن التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال: "إنَّ أتم الحج والعمرة أن لا يكونا في أشهر الحج، فلو أفردتم هذه العمرة حتى تزوروا هذا البيت زورتين، كان أفضل". قلت: ومن ههنا فليعتبر المُعتَبِر أن دَرْك مذاهب الصحابة ليس بهينِ، وذلك لكون أكثرِها تنقلُ مجملةُ، فيبقى الأمرُ فيها على الإِبهام، نعم، من اتصلَ به العملُ، وتناوله الناسُ، وتَدَاوَلوه، وفَحَصُوه، ونقَّحوه، يظهرُ حال مذهبِهِ لهذه المُمَارسة، ألا ترى أن ابن عباس نُسب إليه جوازُ متعة النكاح، حتى صار في الأشعار، والأمثال! فإذا فُتِّشَ عنه ظهرَ خلافُه، وإن كان بقي فيه بعضُ تفردٍ بعدُ، فإنَّه قال: إنه كالميتة للمضطر، ولا اضطرارَ فيه عند غيره، فإِنَّ له أن يصومَ والصومُ له وِجَاءٌ. وكنسبة عدمِ جوازِ التيمم للجُنُب إلى ابن مسعود، وعمر كشفه مناظرته مع أبي موسى، ولا يُبعدُ أن يكونَ من هذا الباب نِسبة التطبيق إليه. وكذا ما نُسب إليه في الموقف مع الإِمام، ولا غَرْو أن يكونَ ما نُسب إلى أبي ذرٍ في تعريف الكنز من هذا القبيل. وبالجملة رأينا عمرَ، وعثمان قد تفردا في النهي عن التمتع، ثم إذا حققنا الحال، علمنا أنهما لم يتفردا في شيء، غير أنهما أشارا بالناس ما رأيا فيه نصحًا لهم، وفي ذلك عبرةٌ لأولي الأبصار، فينبغي لمن كان فيه خير أن لا يتبادرَ في الطعن على الصحابة بنسبتهم إلى التفرُّدِ، والشذوذ بمجرد ظنه، وخَرصِه، ولو لم يظهر له أمرٌ لوجَبَ عليه أن يتوقَّفَ فيه، حتى يظهرَ حالُه. إنما أريدَ به الردَّ على من جعلوا يعدِّدون تفردات ابن مسعود، لأنهم رأوه لم يوافقهم فيما اختاروه، هيهات هيهات، فعليهم إما أن يقلدوه، أو يتركوه على أُسوَتِهِ من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ليتبعه مَن شاء الله أن يتبعه، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وإنما أطنبتُ فيه الكلام، لتحفظه كالضابِطَةِ، ولتكون على ذكرٍ منه، عند نقل مذهب السلف. والله تعالى أعلم. (¬1) قال العلامة المارديني: إتمامُ الشيءِ إنما يكونُ بعد الدخول فيه. وعند خصومهِ إذا دخل فيهما، وجبا. وفي "الاستذكار" ورُوي عن ابن مسعود قال: "الحجُّ فريضةٌ، والعمرةُ تطوعٌ". وهو قول الشَّعْبي، وأبي حنيفة، وأصحابه، وأبي ثور، وداود. ومعنى الآية عندهم وجوب إتمامهما على مَنْ دخلَ فيهما، ولا يقال: أتم إلا لمن دخل في العمل. ويدل على صحة هذا التأويل، الإِجماعُ على أنَّ مَنْ دخل في حجةٍ أو عمرةٍ مفترضًا أو متطوعًا، ثم أفسد، أنه يجبُ عليه إتمامهما، ثم القضاء. وهذا الإِجماعُ أولى بتأويل الآية، ممن ذهب إلى إيجاب العمرة. اهـ. "الجوهر النقي".

هذا الباب في الميقاتِ الزماني، كما أن الباب السابق كان في الميقات المكاني. وهي عند فقهائنا: شوال، وذو القَعدة، وعشرُ ليالٍ من ذي الحجة. فمن وقفَ ليلةَ النحرِ بعرفة، فقد أدرك الحجّ ومن فات عنه الوقوف من تلك الليلة أيضًا، فقد فات عنه الحج، ولذا قال تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ}، ولم يقل: فمن حج فيهن، فإنَّ افتراضَ الحجِّ يتلعقُ بهنَّ فقط، وإن كان بعضُ المناسكِ، كالرمي وغيره، بعد تلك العشر أيضًا. والمراد من العشرةِ عند الشافعية عشرةُ أيامٍ. وقد مر أنَّ المرادَ عندنا الليالي. وأما عند مالك، فذو الحِجة بتمامها، وهو ظاهر قوله تعالى: {أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} فإنه أقلُّ الجمع، ولعله أخَذَها بتمامِهَا لكون الأضحية تصحُّ عندَه، إلى آخر الشهر. فلمّا بقيَ بعضُ أحكامِهِ إلى آخر الشهر، اعتبر كلَّ الشهر من أشهر الحج. قيل في توجيه الجمع على مذهب الجمهور: إن معناه الحج في أشهرٍ معلوماتٍ، فلم يقتض الاستيعابَ فرقًا بين حذف «في»، وذكرها، كما ذكروه في قوله: أنت طالقٌ غدًا، وفي غدٍ. ثم إن قول ابن عمر: عشر من ذي الحِجة، بدون التاء، يوافقنا. ولو كان المراد به الأيام لأتى بالتاء، قال تعالى: {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ} [الحاقة: 7] ثم إن الرَّفَثَ والفسوقَ، وإن كان ممنوعًا في سائر الأيام، غير أنه في تلك الأيام أشد، كذا في «المدارك». قوله: (وقال ابن عباس) من السنة أن لا يُحرِم بالحج إلا في أشهر الحج، وهي مسألة كراهيةِ تقديمِ الإِحرام على الميقات الزماني. قوله: (وكره عثمان أن يحرم من خراسان أو كرمان) ... إلخ، وقِصَّتُه أنَّ عامِلَه كان نذر لئنْ فتحَ اللهُ عليه كَرْمان ليحجنَّ إلى بيت الله محرِمًا، ففتح اللهُ تعالى له فأوفى بنذره، وأحرم من كرمان، فَعَاب ذلك عثمان، وقال: «إنك جاهدت في سبيل الله وغزوت، ثم صَغَّرْت أمر الحج»، ومراده أنك أحرمتَ من بُعدٍ بعيد، وما خشيت الجنايات في الحج. وحينئذٍ تبين لي أن نهيَه إنما كان من أجل مخافة الجنايات، وراجع «الأسماء والكنى» للدُّوْلابي (¬1). وحرر ابن أمير حاج أنَّ التمتعَ قد يفضُلُ القِرَان بالعوارضِ، كما في هذه القِصة، فإنَّ المتمتعَ يُحِلُّ بعد العمرة، فيأمنَ عن الجِنَايات، بخلاف القارن، فإنَّه التمادي إحرامه لا يأمنُ عنها. والاحترازُ من الجناياتِ أحبُّ من لتمادي في الإِحرام. ¬

_ (¬1) قلت: أما قصته فقد أخرَجها الحافظ من "تاريخ مرو"، قال: لما فتحَ عبدُ الله بن عامر خُراسان، قال: لأجعلن شكري لله أنْ أخرجَ من موضعي هذا محرمًا، فأحرم من نيسابور، فلما قَدِمَ على عثمان لامه على ما صَنعَ. وأخرجها عن عبد الرزاق، قال: أحرم عبد الله بن عامر من خُرَاسان، فقدِمَ على عثمان فلامَهُ، وقال: "غزوتَ وهانَ عليك نُسُكك". وقد كشفَ الشيخ ما المرادُ من هَوانِ الحج. وأما مناسبةُ هذا الأثر، فقال الحافظ: إنَّ بين خُرَاسان ومكة أكثرُ من مسافة أشهُرِ الحج، فيستلزمُ أن يكونَ أحرمَ في غير أشهر الحج، فكرِه ذلك عثمان، وإلا فظاهره يتعلَّقُ بكراهة الإِحرام قبل الميقات، فيكونُ من متعلّق الميقات المكاني لا الزماني. هذا ما عند الحافظ، أما عند الشيخ فقد علمت أنه لا يتعلق بمسألة الميقات مطلقًا، وإن كان فباعتبارِ لزومِ الجِنَايَات.

1560 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِىُّ حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَلَيَالِى الْحَجِّ وَحُرُمِ الْحَجِّ، فَنَزَلْنَا بِسَرِفَ قَالَتْ فَخَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ «مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ مَعَهُ هَدْىٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْىُ فَلاَ». قَالَتْ فَالآخِذُ بِهَا وَالتَّارِكُ لَهَا مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَتْ فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَكَانُوا أَهْلَ قُوَّةٍ، وَكَانَ مَعَهُمُ الْهَدْىُ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْعُمْرَةِ قَالَتْ فَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أَبْكِى فَقَالَ «مَا يُبْكِيكِ يَا هَنْتَاهْ». قُلْتُ سَمِعْتُ قَوْلَكَ لأَصْحَابِكَ فَمُنِعْتُ الْعُمْرَةَ. قَالَ «وَمَا شَأْنُكِ». قُلْتُ لاَ أُصَلِّى. قَالَ «فَلاَ يَضِيرُكِ، إِنَّمَا أَنْتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكِ مَا كَتَبَ عَلَيْهِنَّ، فَكُونِى فِى حَجَّتِكِ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَكِيهَا». قَالَتْ فَخَرَجْنَا فِى حَجَّتِهِ حَتَّى قَدِمْنَا مِنًى فَطَهَرْتُ، ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْ مِنًى فَأَفَضْتُ بِالْبَيْتِ قَالَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ مَعَهُ فِى النَّفْرِ الآخِرِ حَتَّى نَزَلَ الْمُحَصَّبَ، وَنَزَلْنَا مَعَهُ فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ «اخْرُجْ بِأُخْتِكَ مِنَ الْحَرَمِ، فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ افْرُغَا، ثُمَّ ائْتِيَا هَا هُنَا، فَإِنِّى أَنْظُرُكُمَا حَتَّى تَأْتِيَانِى». - قَالَتْ - فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ، وَفَرَغْتُ مِنَ الطَّوَافِ ثُمَّ جِئْتُهُ بِسَحَرَ فَقَالَ «هَلْ فَرَغْتُمْ». فَقُلْتُ نَعَمْ. فَآذَنَ بِالرَّحِيلِ فِى أَصْحَابِهِ، فَارْتَحَلَ النَّاسُ فَمَرَّ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْمَدِينَةِ. ضَيْرُ مِنْ ضَارَ يَضِيرُ ضَيْرًا، وَيُقَالُ ضَارَ يَضُورُ ضَوْرًا وَضَرَّ يَضُرُّ ضَرًّا. أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 170، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 17434 - 174/ 2 1560 - قوله: (فنزلنا بسرف، قالت: فخرج إلى أصحابه، فقال: «من لم يكن منكم معه هدي فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل») ... إلخ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلّم خيَّرهم في أول أمرِهم، ثم أمرَهم ثانيًا قبل شروعهم في الأفعال حين بلغَ مكةَ شرَّفها الله تعالى، فلم يعمل به أحدٌ منهم، فلما رآهم امتنعوا عنه غَضِبَ عليهم، وعزمَ عليهم حين صعد المروةَ. وإنما غضبَ عليهم لأنهم أَبَوا أنْ يأتوا بما كان أمرَهم به، وتنزَّهُوا عن رخصتِهِ. وفي مثله وردَ الغضبُ. كما وقع في بعض من أرادوا أن يمتنِعُوا عن النكاح، ويخرجوا إلى الصُّعُدات، فقال لهم: «أنا أخشاكم لله وأتقاكم»، وكما غضب على من صام في السفر، فقال: «ليس من البر الصيام في السفر»، وكما غَضبَ على أمهاتِ المؤمنين في الاعتكاف، حين رأى خيمتين في المسجد، فقال: «آلبِرَّ تُرِدْنَ؟». فقد يحل الغضب على ترك الرخصةِ أيضًا، فإنْ قلتُ: كيف يلتئم قوله في هذه الرواية: «فالآخذ بها والتارك لها»، مع ما ورد في بعض الروايات: «لم يعمل به أحد»؟ قلتَ: كانت تلك معاملة ألوفٍ من الصحابة، وفي مثلها تأتي الاعتبارات كلها. قوله: (فلم يقدروا على العمرة) أراد بها العمرةَ المنفصلةَ عن الحج، بحيث يتخلل الحِلُّ بينهما، وإلا فلا ريبَ أنَّ القارنين كلهم قد أتوا بأفعال العمرة. وتوضيحه: أنَّ الرواة إنما يعتدون بالعمرة التي يعقُبُها الحل، وما لا حلَّ بعدها لا يعبرونَ عنها بالعمرة، لكونها غير معتدَّةٍ عندهم، وذلك لأن العمرة إذا صادَفها الحلُّ تميزت عن الحج

حِسًا، بخلاف ما إذا لم يصادفها حِلٌّ، فإنَّها لا تتميزُ عنه كذلك، وإن كانت معتبرةً عند الفقهاء، فإنها إذا تميزت عن الحج بحلَ، لم يسع لهم إخمالها، وإذا لم تتميز جاز لهم أن يغمِضُوا عنها في العبارة، وهو الملحَظُ في قولهم: «إنهم طافوا طوافًا واحدًا»، لأن طوافَهم للعمرة إذا لم يتميز عن طوافِهم للحج بحلَ في البيْنِ، لفُّهوهما في عبارة واحد، وعبَّرُوا عنهما بطوافٍ واحدةٍ. وقد مر غير مرة أن الرواةَ يعتبرون بالحِسِّ، ولا بحثَ لهم عن الأنظار المعنوية، على عكس أنظارِ الفقهاء، فإنَّ موضوعَهم كشفُ الملاحظ. قوله: (فمنعت العمرة)، قد علمتَ الخلافَ بيننا وبين الشافعي في إحرام عائشة، فإنَّها كانت معتمرةً عندنا، وقارنةً عندهم، وأنها كانت رفضتْ عمرتُها عندنا، ولم ترفض عندهم. ويؤيدنا اللفظ المذكور، وكذا قوله صلى الله عليه وسلّم لها: «كوني في حجتك» ... إلخ، وقوله صلى الله عليه وسلّم «عسى الله أن يرزقكيها»، وقوله: «هذه مكان عمرتك»، وقوله: «وهي عمرتك وانقضي رأسك، وامتشطي»، وكذلك قول عائشة: «لم أطف بين الصفا والمروة»، تشكو حُزنها وبثَّها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وكذلك قولها: «يرجع الناسُ بحجةٍ وعمرةٍ، وأرجع بعمرة فقط» ففي كلها آياتٍ بيناتٌ، على أنها لم تأت بأفعال العمرةِ، ولكنها أفردتْ بالحج، ثم أتت بالعمرة قضاءً مما كانت رفضتها، وأنَّ طوافها للحج لم يُحسَبْ عن طوافها للعمرة. فإن قلنا: إنها كانت قارنةً، وأن طوافها للحجِّ حُسِبَ عن طوافِها للعمرة، كما يقول الشافعي بتداخل العمرة في الحج، لما كان لهذه الأقوال معنىً صحيح (¬1). فالعجبُ أنَّها تبكي، وتشكو بثَّها، وتُظهِرُ جَزَعها لعدم عمرتِها، وتضطربُ لفواتها، ثم لا يقول لها النبي صلى الله عليه وسلّم ما هذا الاضطراب، وما هذه الشكوى، فإنَّ عمرتَك قد أديت في الحج، مع أنها ألحت عليه ثلاث مرار في سَرِفٍ، وفي مكة قبل الطواف، وفيها بعد الحجِّ عند العزمِ بالرجوع، ومع ذلك لم يُعْلمها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أنَّ القارنَ لا يحتاج إلى الاعتمار مستقلا. ثم العجب من مثلِ عائشة رضي الله عنها، أنها اضطربت لأمرٍ لم يفعلْه النبي صلى الله عليه وسلّم أيضًا، وإنما كان هذا محلُّ افتخارٍ وابتهاج، أنها وافقت النبيَّ صلى الله عليه وسلّم في الأفعال، فإنْ لم يكن النبي صلى الله عليه وسلّم طاف لهما طوافين، ولم يسع سعيين، فعلى أي أمرٍ كانت تتحسَّر؟ أعلى أمرٍ لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلّم فدل على أنَّها كانت ترى الناس فائزين بالطوافين، كما نطقت به أيضًا، حيث قالت: «يرجع الناس بحجةٍ وعمرة» ... إلخ، ونفسها خائبةً عن إدراك طواف العمرة، فتحسرت لذلك. ¬

_ (¬1) قال العلامة المارديني: وقول عائشة: "ترجع صواحبي بحج وعمرة، وأرجع أنا بالحج"، صريح في رفضِ العمرة، إذ لو أدخلت الحجَّ على العمرة لكانت هي وغيرها في ذلك سوَاء، ولما احتاجت إلى عُمرة أخرى بعد العمرة والحج اللذين فعلتهما. وقوله - صلى الله عليه وسلم - عن عمرتها الأخيرة: "هذه مكان عمرتك، صريح في أنها خرجت من عُمرتها الأولى، ورفضتْها، إذ لا تكون الثانية مكان الأولى إلا والأولى مفقودة. وفي بعض الروايات: "هذه قضاء عن عمرتك". وسيأتي في باب العمرة قبل الحج ما يقوي ذلك. وقال القُدُوري في "التجريد": ما ملخصه: قال الشافعي: لا يعرفُ في الشرع رفضُ العمرة بالحيض. قلنا: ما رفضتها بالحيض، ولكن تعذرت أفعالها، وكانت ترفضها بالوقوف، فأمرها بتعجيل الرفضِ. اهـ. "الجوهر النقي".

34 - باب التمتع والإقران والإفراد بالحج، وفسخ الحج لمن لم يكن معه هدى

ولأجلِ ذلك أمرَها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بعد الحج أن تعتمرَ من التَّنْعِيم، تلافيًا لما فاتها، وجبرًا لانكسارها، ولو كان المقصودُ منه تطييبُ خَاطِرِها فقط، لما احتاج إلى هذا التطويل، واكتفى بتعليمِ المسألة إياها فقط، أو بإِخبارها عن نفسه أنه لم يؤد أفعالها مستقلة أيضًا. ولو أخبَرَها أنه لم يَطف للعمرة أيضًا، كما أنها لم تطف لها لطابتْ نفسًا، ولآثرت موافقتها إيَّاه في الأفعال على ألف عمرة، ولم يرفع إليها رأسًا أصلا، فهذه قرائن أو دلائل على أنها كانت مفردةً قطعًا، ولم تكن قارنةً إن شاء الله تعالى. 34 - باب التَّمَتُّعِ وَالإِقْرَانِ وَالإِفْرَادِ بِالْحَجِّ، وَفَسْخِ الْحَجِّ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْىٌ 1561 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ نُرَى إِلاَّ أَنَّهُ الْحَجُّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا تَطَوَّفْنَا بِالْبَيْتِ، فَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْىَ أَنْ يَحِلَّ، فَحَلَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْىَ، وَنِسَاؤُهُ لَمْ يَسُقْنَ فَأَحْلَلْنَ، قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - فَحِضْتُ فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَرْجِعُ النَّاسُ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ وَأَرْجِعُ أَنَا بِحَجَّةٍ قَالَ «وَمَا طُفْتِ لَيَالِىَ قَدِمْنَا مَكَّةَ». قُلْتُ لاَ. قَالَ «فَاذْهَبِى مَعَ أَخِيكِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهِلِّى بِعُمْرَةٍ ثُمَّ مَوْعِدُكِ كَذَا وَكَذَا». قَالَتْ صَفِيَّةُ مَا أُرَانِى إِلاَّ حَابِسَتَهُمْ. قَالَ «عَقْرَى حَلْقَى، أَوَمَا طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ». قَالَتْ قُلْتُ بَلَى. قَالَ «لاَ بَأْسَ، انْفِرِى». قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - فَلَقِيَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُصْعِدٌ مِنْ مَكَّةَ، وَأَنَا مُنْهَبِطَةٌ عَلَيْهَا، أَوْ أَنَا مُصْعِدَةٌ وَهْوَ مُنْهَبِطٌ مِنْهَا. أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 15984 أحال الفصل على الناظرين. 1561 - قوله: (لا نرى إلا الحج)، مع أنها قالت من قبل: «خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلّم حَجَّة الوداع، فأهللنا بعمرة، كما مر في: باب كيف تهل الحائض، وكلاهما صحيحان. فإنها كانت تريدُ الحجَّ بعد العمرة، أو قولُها: «لا نرى إلا الحج»، بيانٌ لحالهم إلى ذي الحُلَيفة، فإذا بلغوا ذا الحُلَيفة افترقوا على أحوال. على أنَّ الحصر فيه بالنسبة إلى الأفعال الأخر، لا بالنسبة إلى التمتع والقِرَان، أي ما كنا نريد الدنيا وزينَتَها، إنَّما كنا نريدُ الحج، لأنَ الموسم كان له، وهذا عرفٌ جيد (¬1)، وهو العرفُ في الهند، فإنَّ الناس إذا خرجوا لزيارة البيت لا يقولون إلا: إنا نريد الحج، وإن كانت من نيتهم العمرة، أو القِرَان، أو الإِفراد، فكأن الحج عندهم في مرتبة المقْسَم، والتمتع وغيره من أقسامه. أو لكونه متبُوعًا، والعمرة تابعة له. ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وشهد له ما أخرجه أبو داود في: باب إفراد الحج من حديث جابر: "فأهللنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج خالصًا لا يخالِطُه شيء".

قوله: (فلما قدمنا تطوفنا بالبيت) ... إلخ، بيانٌ لحال سائر الصحابة رضي الله عنهم، لا لحال نفسها، فإنَّها كانت حائضةً، لم تَطُف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة. وهو كحديث أبي هريرة في قِصة ذي اليدين: «صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وإنما أراد به صلينا نحن معاشرَ المسلمين، ولم يرد نفسه، فإنه أسلمَ السنةَ السابعة، وقِصة ذي اليدين متقدِّمة، كما ذكرها الطحاوي. ثم إن في قوله: «فلما قدمنا» ... إلخ، دليلٌ على أن هذا الطوافَ كان طوافُ العمرة، لا طوافَ الحج، وكذا في قوله: «وما طفت ليالي قدمنا مكة» ... إلخ، أيضًا دليلٌ على أنها لو أتت به في تلك الليالي لكان لها عمرةٌ كما كانت لسائر الناس، ولَمَا احتاجت إلى قضائها بعد الحج، وهذا استنباطٌ مني، واستحسنه مولانا وشيخنا، شيخ الهند. قوله: (أو ما طفت يوم النحر) ... إلخ، يدل على أن طوافَ الصَّدَرِ سقط بالعذر. واعلم أنَّ الحنفية قالوا: إنه لا فرق بين الواجب والفرض عملا، وليس بصواب عندي، لتطرُّقِ الأعذار إلى الواجبات دون الأركان، كما رأيت في طواف الصَّدر، فإنه يسقطُ لعلة الطَمْث، ولا تكون جناية، ولو كان ركنًا لما سقط، ولوجَبَ عليها أن تنتظرَه حتى تطهُرَ، فتأتي به، فظهر الفرقُ بينهما عملا أيضًا. وهكذا قال أرباب الفتاوى: إنه لو سها في العيدين، أو صلاة الخوف تسقطُ عنه سجدة السهو. وتردد صاحب «الدر المختار» فيما إذا وجب عليه السهو وطلعت الشمس قَبْله. وعندي يسقطُ عنه، فالواجباتُ تسقطُ عند الأعذار، بخلاف الأركان (مصعد) أي ذاهبٌ إلى خارج البلد، والهبوط ضده، أي الدخول في البلد. 1562 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَجِّ، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ. أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 16389 - 175/ 2 1562 - قوله: (فمنا من أهلّ بعمرة) ... إلخ، أراد به من حَلُّوا بعد عمرتهم، لأنه ذكرهم في مقابلة القارنين، وأنهم لم يحلوا. قوله: (ومنا من أهل بالحج) ... إلخ، صريح في أنه كان منهم مفرِدُون أيضًا. وأنكر ابن تيمية أن يكون في تلك السنة مفردٌ، فحكم عليه بالوَهَم من رأيه فقط. قوله: (وأهلّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالحج) ... إلخ، واعلم أنَّ المدارَ فيه على النية فقط، ولا يجب التلفظ بما نوى في التلبية أيضًا، فيصح للقارِنِ أن يكتفيَ في تلبيتِهِ بالحج، والنية لا تُعلم إلا بالبيان من قِبَلِه. وحينئذٍ لا إشكال في بيان الأحوال المختلفة. وقوله فيما يأتي: «ولم تحلل أنت من عمرتك»، صريح في كونه قارنًا، ودلَّ أيضًا دَلالة لطيفة على أنَّه كان أتى بأفعال العمرة، إلا أنَّه لم يكن تحلل بعدها، وإلا لكان المناسب أن يقول: ولم تحلل أنت من عمرة، بدون الإِضافة، والإِضافة تدلُّ على أنها كانت، ثم لم يكن بعدها حِلٌّ. وفي مثله وصيةٌ عن عبد القاهر في «دلائل الإِعجاز» يأخذ على شعر المتنبي:

*عجبًا له حفظ العنان بأنمُلٍ! ... ما كفها الأشياء من عاداتها فإنَّ المقام مقام النفي رأسًا، فينبغي أنْ تُحذف الإِضافة، لدلالتها على أن كف الأشياء، وإن لم تكن لها عادة، إلا أنها قد تفعله، فلا يناسبُ التعرُّض إلى المتعلقات في مقام النفي. وهكذا في قوله: «من عمرتك»، فإنَّ العمرةَ إذا كانت منفيةً رأسًا، ناسبَ أن يقول: ولم تحلل أنت من عمرة، بقطعها عن الإِضافة. واستشعره الإِمام الشافعي، فقال: إن معناه إن الناس حَلُّوا، فلو اعتمرتَ لتحللت أيضًا. كأنها تتمناه. ونقل الحافظُ جوابَ الإِمام، ثم لم يفهمه، لأنَّ الإِمامَ في الذُّرْوَة العُليا من الفصاحة، ودَرْكُ مرادِه عسيرٌ، وبمثله قرروا في قوله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ} [النساء: 157]، ففيه دليلٌ على أنه كان هناك مقتولا، أو مصلوبًا غيره، وذلك لانصباب النفي إلى القيد. وإلا فالأظهر أن يقال: وما قتل وما صلب، فإنَّه يكفي لبيان نفي القتل عنه، فاعلمه. 1563 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ شَهِدْتُ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا - رضى الله عنهما - وَعُثْمَانُ يَنْهَى عَنِ الْمُتْعَةِ وَأَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا. فَلَمَّا رَأَى عَلِىٌّ، أَهَلَّ بِهِمَا لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ قَالَ مَا كُنْتُ لأَدَعَ سُنَّةَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لِقَوْلِ أَحَدٍ. طرفه 1569 - تحفة 10274 1564 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِى أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فِى الأَرْضِ، وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا وَيَقُولُونَ إِذَا بَرَأَ الدَّبَرْ، وَعَفَا الأَثَرْ، وَانْسَلَخَ صَفَرْ، حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ. قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الْحِلِّ قَالَ «حِلٌّ كُلُّهُ». أطرافه 1085، 2505، 3832 - تحفة 5714 1565 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمْتُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَمَرَهُ بِالْحِلِّ. أطرافه 1559، 1724، 1795، 4346، 4397 - تحفة 9008، 9010 1566 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ - رضى الله عنهم - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا بِعُمْرَةٍ وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ قَالَ «إِنِّى لَبَّدْتُ رَأْسِى، وَقَلَّدْتُ هَدْيِى فَلاَ أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ». أطرافه 1697، 1725، 4398، 5916 - تحفة 15800 1567 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا أَبُو جَمْرَةَ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ الضُّبَعِىُّ قَالَ تَمَتَّعْتُ فَنَهَانِى نَاسٌ، فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فَأَمَرَنِى، فَرَأَيْتُ فِى الْمَنَامِ كَأَنَّ

رَجُلًا يَقُولُ لِى حَجٌّ مَبْرُورٌ وَعُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ، فَأَخْبَرْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ سُنَّةَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِى أَقِمْ عِنْدِى، فَأَجْعَلَ لَكَ سَهْمًا مِنْ مَالِى. قَالَ شُعْبَةُ فَقُلْتُ لِمَ فَقَالَ لِلرُّؤْيَا الَّتِى رَأَيْتُ. طرفه 1688 - تحفة 6527 - 176/ 2 1568 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ قَالَ قَدِمْتُ مُتَمَتِّعًا مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ فَدَخَلْنَا قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، فَقَالَ لِى أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ تَصِيرُ الآنَ حَجَّتُكَ مَكِّيَّةً. فَدَخَلْتُ عَلَى عَطَاءٍ أَسْتَفْتِيهِ فَقَالَ حَدَّثَنِى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ حَجَّ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ سَاقَ الْبُدْنَ مَعَهُ، وَقَدْ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ مُفْرَدًا، فَقَالَ لَهُمْ «أَحِلُّوا مِنْ إِحْرَامِكُمْ بِطَوَافِ الْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَقَصِّرُوا ثُمَّ أَقِيمُوا حَلاَلًا، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَأَهِلُّوا بِالْحَجِّ، وَاجْعَلُوا الَّتِى قَدِمْتُمْ بِهَا مُتْعَةً». فَقَالُوا كَيْفَ نَجْعَلُهَا مُتْعَةً وَقَدْ سَمَّيْنَا الْحَجَّ فَقَالَ «افْعَلُوا مَا أَمَرْتُكُمْ، فَلَوْلاَ أَنِّى سُقْتُ الْهَدْىَ لَفَعَلْتُ مِثْلَ الَّذِى أَمَرْتُكُمْ، وَلَكِنْ لاَ يَحِلُّ مِنِّى حَرَامٌ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ». فَفَعَلُوا. أطرافه 1557، 1570، 1651، 1785، 2506، 4352، 7230، 7367 - تحفة 2490 1569 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَعْوَرُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ اخْتَلَفَ عَلِىٌّ وَعُثْمَانُ - رضى الله عنهما - وَهُمَا بِعُسْفَانَ فِى الْمُتْعَةِ، فَقَالَ عَلِىٌّ مَا تُرِيدُ إِلاَّ أَنْ تَنْهَى عَنْ أَمْرٍ فَعَلَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَلِىٌّ أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا. طرفه 1563 - تحفة 10114، 9806 1568 - قوله: (واجعلوا التي قدمتم بها متعة) ... إلخ، فأمَرَهم النبي صلى الله عليه وسلّم أن يفسخوا حجَّهم، ويُحرموا لعمرة، ثم يحرِمُوا بالحج يوم التَّروية (¬1). ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وأيضًا، وجدتُ فيما ضبطت عن الشيخ رحمه الله أنَّ فسخَ الحج إلى العمرة، لم يكن لردِّ زعم الجاهلية، كما فهموا، بل الأمرُ أنَّهم لم يكونوا يعرفون ما التمتُّع بغير سَوْق الهدي، فأراد أن يُعلِّمهم هذا النوع أيضًا، فأمرهم بفسخ حجِّهم لذلك. وتفصيله أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يردُ في حجَّة الوداع فسخ الحج إلى العمرة، وإنما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - استيفاءَ أقسامِ الحج، وتعليمَ أحكامها. ولما لم يكن فيهم المتمتعون بغير سَوق الهدي، أحب أن يكون هذا النوع أيضًا، ولذا أمرهم بالحِلِّ، فلما لم يفعلوا للاستنكات عن الحل في أيام الحج، عزم عليهم، فكان أول أمرهم رخصةً، ثم صار عزيمةً عليهم، من حيث إنَّهم لم يمتثلوا أمرَه - صلى الله عليه وسلم -، فهذا الذي سموه بالفسخ. لا أقولُ: إنهم لم يفسخوا حجهم، فإنه باطلٌ، بل أقول: إنهم لم يؤمروا بالفسخ، لكونه مقصودًا في هذه السنة، كما ذهب إليه الجمهور، أو مشروعًا للأبد، كما فهِمَه أحمد، بل المقصودُ كان استيفاءُ أقسام الحج، فاحتاج الناسُ إلى الفسخ بهذا، وكم من فَرق بين النظرين، وشتان بين مشرق ومغرب. ثم إنهم ما ذكروا من حكمة الفسخ ليس بسديدٍ عندي، فإنَّهم قالوا: إن العمرة في أشهر الحج كانت من أفجر الفجور عندهم، فأمرهم بالفسخ لرد هذا الزعم. قلت: ويا للعجب كيف! وقد كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - اعتمرَ قبله عدة عُمرات، وكلُّها كانت في أشهرَ الحج، ولم يُنقل عن أحدٍ منهم أن يكون كبُرَ ذلك عليهم، بل الوجهُ أنهم استعظموا الحل، وهم على شَرَفِ الحج.

35 - باب من لبى بالحج وسماه

35 - باب مَنْ لَبَّى بِالْحَجِّ وَسَمَّاهُ 1570 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نَقُولُ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ بِالْحَجِّ. فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً. أطرافه 1557، 1568، 1651، 1785، 2506، 4352، 7230، 7367 - تحفة 2575 وقد علمت فيما مر أن الواجبَ عندنا هو النية والتلبية، أما التسميةُ فهي جائزةٌ أيضًا. ثم القَدْرُ الواجبُ من التلبية هو قوله: لبيك بحجة، أو عمرة. أما التلبية المأثورة فهي سُنةٌ. 36 - باب التَّمَتُّعِ 1571 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَنِى مُطَرِّفٌ عَنْ عِمْرَانَ - رضى الله عنه - قَالَ تَمَتَّعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَنَزَلَ الْقُرْآنُ قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ. طرفه 4518 - تحفة 10850 1571 - قوله: (فنزل القرآن) أي نزلَ القرآنُ بجوازِهِ. أو معناه لم يزلْ القرآن يتنزَّلُ بَعْدَه، ولم يتنزَّل فيه النهيُ عن التمتع. 37 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] وغَلِطَ الكاتب ههنا - في النُّسخة المطبوعة بالهند - في الكتابة، فكتب: «قال» بالخط الخفي، «وحدثنا» بالجلي، مع أنَّ المناسبَ أن يكتبَ «قال» بالجلي، لأنه مبدأ السَندِ، دون «حدثنا»، فتنَبَّه. قال الحنفية: إن {ذَلِكَ} إشارةٌ إلى القِرَان، والتمتع، فلا قِرَان للمكي، ولا تمتُّع. فإنْ قَرَنَ: أو تمتع، اختُلِف فيه، فقيل: يبطلُ قِرَانه، وكذا تمتعه. وقال (¬1) ابن الهُمام: بل يُكره ¬

_ (¬1) قوله: [وليس لأهل مكة تمتع ولا قران]، قال الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى: يَحتملُ نفيَ الوجود، أي لا يوجدُ لهم، حتى لو أحرمَ مكيٌّ بعمرة أو بهما، وطاف للعمرة في أشهر الحج، ثم حج من عامه لا يكونُ متمتعًا، ولا قارنًا. ويوافقه ما سيأتي في الكتاب من قوله: وإذا عادَ المتمتعُ إلى بلده بعد فَرَاغه من العمرة، ولم يكن ساق الهدْيَ بَطَلَ تمتعه، لأنه ألمَّ بأهله فيما بين النُّسُكين إلمامًا صحيحًا، وذلك يُبطل التمتع، فأفاد أن عدم الإِلمام شرطٌ لصحة التمتع، فينتفي لانتفائه. وعن ذلك أيضًا خصَّ القِرَان في قوله: بخلاف المكي إذا خَرَج إلى الكوفة، وقَرَن، حيث يصح، لأنَّ عمرتَه، وحجتَه مِيقاتيِّتان. قالوا: خصَّ القِرَان، لأنَّ التمتعَ منه لا يصح، لانه مُلمُّ بأهله بعد العمرة. ويحتملُ نفي الحِل، كما يقال: ليس لك أن تصوم يوم النحر، ولا أن تتنفل بالصلاة عند الطلوع والغروب، حتى لو أن مكيًا اعتمر في أشهر الحج، وحج من عامه، أو جمع بينهما، كان متمتعًا أو قارنًا، آثمًا بفعله إياهما على وجه منهي عنه. وهذا هو المراد بحمل ما قدَّمناه من اشتراط عدم الإِلمام للصحة. على اشتراطه لوجود التمتع الذي لم يتعلق به نهيٌ شرعًا، المنتهض سببًا للشكر. =

تحريمًا. وقال الشامي: يُكره القِرَان، ويبطُلُ التمتع. ¬

_ = ويوافقه ما في "غاية البيان": ليس لأهل مكة تمتعٌ ولا قران، ومن تمتع منهم أو قرن، كان عليه دمٌ، وهو دمُ جناية، لا يأكلُ منه. وصح عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "ليس لأهل مكة تمتعٌ ولا قران". وقال في "التحفة": مع هذا لو تمتعوا جاز، وأساؤوا وعليهم دم الجبر، وسنذكر من كلام الحاكم صريحًا. اهـ. ومن حكم هذا الدم أن لا يقومَ الصومُ مَقَامه حالة العُسرة، فإذا كان الحكم في الواقع لزومَ دم الجبر، لَزِمَ ثبوت الصحة، لأنه لا جبرَ إلا لما وُجد بوصف النقصان، لا لِمَا يوجد شرعًا. فإن قيل: يمكنُ كون الدم للاعتمار في أشهر الحج من المكي، لا للمتمتع منه. وهذا فاشٍ بين حنفية العصر، من أهل مكة، ونازعهم في ذلك بعض الآفاقيين من الحنفية، من قريب، وجرت بينهم شؤون ومعتمد أهل مكة ما وقع في "البدائع" من قوله: ولأن دخولَ المرة في أشهر الحج وقع رخصة لقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] قيل في بعض وجوه التأويل: أي للحج أشهر معلومات، واللام للاختصاص، فاختصت هذه الأشهر بالحج، وذلك بأن لا يدخلَ فيها غيره، إلا أنَّ العمرةَ دخلت فيها رخصة للآفاقي، ضرورةَ تعذر إنشاء سفرٍ للعمرة، نظرًا له. وهذا المعنى لا يوجد في حق أهل مكة، ومن بمعناهم، فلم تكن العمرة مشروعة في أشهر الحج في حقهم، فبقيت العمرة في أشهر الحج في حقهم معصية. اهـ. وفيه بعض اختصار. والذي ذكره غير واحدٍ خلافه. وقد صرحوا في جواب الشافعي لمَّا أجازَ التمتعَ للمكي، وقال في بعض الأوجه: نسخُ منع العمرة في أشهر الحج عامٌّ، فيتأول المكي كغيره. فقالوا: أما النسخ فثابتٌ عندنا في حق المكي أيضًا، حتى يعتمر في أشهر الحج، ولا يُكره له ذلك، ولكن لا يُدرك فضيلَة التمتع، إلى آخر ما سنذكره إن شاء الله تعالى. فإنكار أهل مكة على هذا اعتمار المكي في أشهر الحج إن كان لمجرد العمرة، فخطأ بلا شك، وإن كان لعلمهم بأنَّ هذا الذي اعتمر منهم ليس بحيث يتخلفُ عن الحج -إذا خرج الناس للحج- بل يحج من عامه، فصحيحٌ بناءً على أنه حينئذٍ إنكارٌ لمتعة المكي، لا لمجرد عمرته، فإذا ظهر لك صريح هذا الخلاف منه في إجازةِ العمرة من حيث هي مجردُ عمرة في أشهر الحج، ومنعها، وَجَبَ أَن يتفرع عليه ما لو كرر المكي العمرةَ في أشهر الحج، وحج من عامه، هل يتكررُ الدم عليه. فعلى مَن صرح بحلِّها له -وأن المنعَ ليس إلا لتمتعه- لا يتكرر عليه، لأن تكرُّرَه لا أثر له في ثبوت تكررِ تمتعه، فإِنما عليه دمٌ واحد، لأنه تمتعَ مرةً واحدةً. وعلى مَن منعَ نفس العمرة منه، وأثبت أن نسخَ حرمَتِها إنما هو للآفاقي فقط، ينبغي أن يتكررَ الدم بتكررها، والله أعلم. وإنما النظر بعد ذلك في أَوْلَى القولين، ونظرُ هؤلاء إلى العمومات، مثل: "دخلت العمرة في الحج"، وصريحُ منعِ المكي شرعًا لم يثبت إلا بقوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] وهو خاصٌّ بالجمع تمتعًا، فيبقى فيما وراءه على الإباحة. غير أنَّ للآخر أن يقول: دليلُ التخصيص مما يصح تعليله، ويخرج به معه، وتعليل منعِ الجمعِ المتبادر منه أنه يحصلُ الرفق، ورفعُ المشقة الآتية من قِبل تعدد السفر، أو إطالة الإِقامة، وذلك، فيبقى المنعُ السابقُ على ما كان، ويختص النسخ بالآفاقي، وللنظر بعد ذلك مجالٌ، والله سبحانه الموفق. ثم ظهر لي بعد نحوِ ثلاثين عامًا من كتابة هذا الكتاب، أنَّ الوجه منعُ العمرةِ للمكي في أشهر الحج، سواءٌ حج من عامه أو لا، لأن النسخَ خاصٌّ لم يثبت، إذ المنقولُ من قولهم: العمرة في أشهر الحج من أفجرِ الفجور، ولا يُعرف إلا من كلام الجاهلية، دون أنه كان في شريعة إبراهيم، أو غيره. ولم يبق إلا النظرُ في النظرِ في الآية. وحاصله عامٌّ مخصوص، فإن قولَه: {ذَلِكَ} ... إلخ، تخصيصُ مَن تمتع بالعمرة إلى الحج، لأنه مستقل مقارِن. واتفقوا في تعليله، بأن تجويزه للآفاقي، لدفع الحرج، كما عُرف، ومنعه من المكي لعدمه. ولا شك أن عدمَ الحرج في عدم الجمع لا يصلُح علة لمنعِ الجمع، لأنه إذا لم يخرج بعدمِ الجمع لا يقتضي أن يتعيَّنَ عليه عدمه، بل إنما يصلُح عدم الحرج في عدم الجمعَ، أن يجوزَ له كل من عدم الجمع والجمع، لأنه كما لم يحرج في عدم =

قلتُ: وهو الأوجه، كأن الإِلمام يتحققُ في التمتع، فيبطل، بخلاف القِرَان، فلا يبطل. ثم اعلم أن الشيخ ابن الهُمَام قام دهرًا على أن المكيَّ لا عمرةَ له في أشهر الحج، سواءٌ أراد الحجَّ أو لا. واتفقَ له في ذلك مناظرةً مع علماء مكة، ثم تبيَّنَ له بعد ثلاثين سنة أن الصواب مع الجمهور، أنَّ الكراهةَ للمكي فيما إذا أراد الحج من عامه ذلك، وإلا فلا بأس في العمرة في أشهر الحج (¬1)، وكتبه على الهامش، ثم أدخله بعضُهم في الصُّلْب، ولعله من تلميذه العلامة قاسم. وعند الشافعي قوله: ذلك إشارة إلى الدم المذكور، واعترض عليه الحنفية أنَّ المناسبٍ حينئذٍ أنْ تكون «على» أي ذلك على من لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام، وقد أجابوا عنه أيضًا. ثم قال الحنفية: إن المرادَ من الحاضرين هم الذين في داخلِ الميْقَات. وقيل: ساكني المسجد الحرام خاصة. 1572 - وَقَالَ أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْبَصْرِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ فَقَالَ أَهَلَّ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ وَأَزْوَاجُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَهْلَلْنَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اجْعَلُوا إِهْلاَلَكُمْ بِالْحَجِّ عُمْرَةً إِلاَّ مَنْ قَلَّدَ الْهَدْىَ». فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَتَيْنَا النِّسَاءَ، وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ وَقَالَ «مَنْ قَلَّدَ الْهَدْىَ فَإِنَّهُ لاَ ¬

_ = الجمع، لا يحرجُ في الجمع، فحين وجب عدمُ الجمع لم يكن إلا لأمرٍ زائدٍ، وليس هنا سوى كونه في الجمع موقعًا العمرة في أشهر الحج. ثم لا شك أن منعَ العمرة في أشهر الحج للمكيِّ متعينٌ على الاحتمال الأول، الذي أبديناه في قوله: وليس لأهل مكة تمتع ولا قِرَان ... إلخ. وهو أنَّ العمرةَ لا تتحققُ منه أصلًا، لأنه إذا لم يتحقق منه حقيقةُ التمتع الشرعية، لا يكونُ منعُه من التمتعِ إلا للعمرة، فكان حاصلُ منعِ صورةِ التَّمتع إما لمنع العمرةِ، أو الحج، والحجُّ غير ممنوع منه، فتعينت العمرة. غير أني رجحتُ أنها تتحقق، ويكون مستأنسًا بقول صاحب "التحفة"، لكن الأوجه خلافُه، لتصريح أهل المذهب من أبي حنيفة، وصاحبيه في الآفاقي الذي يعتمر، ثم يعود إلى أهله، ولم يكن سَاق الهَدْي، ثم حج من عامه بقولهم: بطل تمتعه. وتصريحهم بأن من شرطِ التمتعِ مطلقًا أن لا يُلمَّ بأهله بينهما إلمامًا صحيحًا، ولا وجودَ للمشروطِ قبل وجودِ شرطه. ولا شك أنهم قالوا بوجود القاصد مع الإِثم، ولم يقولوا بوجود الباطل شرعًا مع ارتكاب النهي، كبيع الحج ليس ببيع شرعي. ومقتضى كلام أئمة المذهب أولى بالاعتبار من كلام بعض المشايخ. وإنما لم نسلك في منع العمرةِ في أشهرِ الحج مسلَكَ صاحب "البدائع"، لأنه بناه على أمرٍ لم يلزم ثبوتُه على الخصم، وهو قوله: جاء في بعض الأوجه أن المرادَ: للحج أشهر، واللام للاختصاص، وهذا مما للخصم منعه، ويقول: بل جازَ كونُ المرادِ أنَّ الحج في أشهر معلومات، فيفيدُ أنهُ يفعلُ فيها لا في غيرها، وهو لا يَستلزمُ أن لا يُفعل فيها غيره. والله أعلم. (¬1) هذا عكس ما في "فتح القدير" كما نقله فضيلة الجامع، فراجع ما في "الحاشية" قوله: حتى لو أنَّ مكيًا اعتمر ... إلخ؛ وراجع أيضًا قوله: إن الوجهَ منعُ العمرة للمكي في أشهر الحج، سواء حج من عامه، أو لا ... إلخ. فالذي رجع إليه ابن الهمام آخرًا، هو عدم جوازِ العمرة في أشهر الحج للمكي مطلقًا. نعم، استدل له بخلاف ما استدل به. فعلى هذا وقع الخطأ في ضبط كلام إمام العمر صاحب "فيض الباري" ولعله قاله على عكس ما هنا مطابقًا "للفتح" فتنَبَّه. (مصححه البِنَّوري).

38 - باب الاغتسال عند دخول مكة

يَحِلُّ لَهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ». ثُمَّ أَمَرَنَا عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ أَنْ نُهِلَّ بِالْحَجِّ، فَإِذَا فَرَغْنَا مِنَ الْمَنَاسِكِ جِئْنَا فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَدْ تَمَّ حَجُّنَا، وَعَلَيْنَا الْهَدْىُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] إِلَى أَمْصَارِكُمْ. الشَّاةُ تَجْزِى، فَجَمَعُوا نُسُكَيْنِ فِى عَامٍ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَهُ فِى كِتَابِهِ وَسَنَّهُ نَبِيُّهُ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَاحَهُ لِلنَّاسِ غَيْرَ أَهْلِ مَكَّةَ، قَالَ اللَّهُ {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} وَأَشْهُرُ الْحَجِّ الَّتِى ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحَجَّةِ، فَمَنْ تَمَتَّعَ فِى هَذِهِ الأَشْهُرِ فَعَلَيْهِ دَمٌ أَوْ صَوْمٌ، وَالرَّفَثُ الْجِمَاعُ، وَالْفُسُوقُ الْمَعَاصِى، وَالْجِدَالُ الْمِرَاءُ. تحفة 6154 - 177/ 2 1572 - قوله: (فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة) ... إلخ. واعلم أنه ادَّعى الحافظ ابن القيم أنه لم يكن في حجة الوداع إلا سعيٌ واحد، ولم يثبت عن أحدٍ منهم أنه سعى سعيين، حتى المتمتعين أيضًا. قلتُ: وفي هذه الرواية حجةٌ صريحةٌ لتعدد السعي للمتمتعين، وهو مذهبُ الجمهور. ولابن القيم رواية عند أبي داود في باب إفراد الحج وفيه: «فلما كان يوم التَّروية أَهلُّوا بالحج، فلما كان يوم النحر قدِمُوا فطافوا بالبيت، ولم يطوفوا بين الصفا والمروة» ... إلخ. وهو عند الطحاوي أيضًا متنًا وسندًا. وهو عند مسلم أيضًا مختصرًا، وفيه: «لم يطف النبي صلى الله عليه وسلّم ولا أصحابه إلا طوافًا واحدًا بين الصفا والمروة»، وحمله النووي على القارنين، وليس عليهم عند الشافعية إلا سعيٌ واحد. قلتُ: كيف حملَه عليهم مع التصريح بكونهم متمتعين؟ فالجواب: إما بالترجيح، وهو لحديث البخاري قطعًا، وتركُ ما عند أبي داود، أو يقال: إن الراويَ أرادَ من النفي في أبي داود نفيَ السعي جماعةً. وهكذا يُستفاد من الأحاديث، فإنَّ معاملَتهم إلى جمرة العقبة كانت جماعة، ثم صارت إرسالا، فأدَّى كلٌّ منهم مناسِكَه، متى تيسر له. وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم «أني نحرتُ ههنا. ومِنى كلها منحر، فلينحر كلكم أين شئتم». أو يُقال: إنهم طافوا متنفلين بعد إحرام الحج، وسَعوا بعده، وإذن لا يجبُ عليهم السعي ثانيًا بعد طواف الإِفاضة، ويُحتمل أنْ يكونَ الطوافُ المذكور فيه طوافَ الصدر بعد طواف الزيارة، ولا سعي في طوافِ الصدر. قوله: (وأباحه للناس غير أهل مكة) ... إلخ، فهذا ابن عباس يؤيدُ الحنفيةَ أنْ لا قِرَان للمكي ولا تمتع، وأن ذلك إشارةٌ إلى التمتع والقران كما قلنا، لا إلى الدم، كما اختاره الشافعي. 38 - باب الاِغْتِسَالِ عِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ 1573 - حَدَّثَنِى يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - إِذَا دَخَلَ أَدْنَى الْحَرَمِ أَمْسَكَ عَنِ التَّلْبِيَةِ، ثُمَّ يَبِيتُ بِذِى طُوًى، ثُمَّ يُصَلِّى بِهِ الصُّبْحَ وَيَغْتَسِلُ، وَيُحَدِّثُ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ. أطرافه 1553، 1554، 1574 - تحفة 7513

39 - باب دخول مكة نهارا أو ليلا

39 - باب دُخُولِ مَكَّةَ نَهَارًا أَوْ لَيْلاً بَاتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِذِى طُوًى حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنه - يَفْعَلُهُ. 1574 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ بَاتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِذِى طُوًى حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَفْعَلُهُ. أطرافه 1553، 1554، 1573 - تحفة 8165 40 - باب مِنْ أَيْنَ يَدْخُلُ مَكَّةَ 1575 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنِى مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُ مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا، وَيَخْرُجُ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى. طرفه 1576 - تحفة 8380 - 178/ 2 واعلم أنَّ باب مكة في الشرق، فكأنه فرضَ وجهها إلى جانب الشرق، وظهرها إلى الغرب. والأدب في السلاطين أنْ يُدخل عليهم من جانب الوجه. فاستحبُّوا للزائر أيضًا أنْ يَدخلَ مكة وهو يُواجهها، وهذا فيمن دخلها من كداء - ممدودة - لكونها في جانب الشرق، ويخرج من كُدي لكونها ظهرَ البيت، وهو في الغرب. ثم الكَداء - ممدودة - أعلى مكة، وكُدي - مقصورة - أسفلَها. والراوي قد يعكِسُ بينهما، ويقول: وخرج من كُدي من أعلى مكة، مع كونها أسفلها، إلا أن يقال: إن قوله: من أعلى مكة، يتعلق بقوله: من كَداء. 41 - باب مِنْ أَيْنَ يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ 1576 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ الْبَصْرِىُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا الَّتِى بِالْبَطْحَاءِ، وَيَخْرُجُ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كَانَ يُقَالُ هُوَ مُسَدَّدٌ كَاسْمِهِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ لَوْ أَنَّ مُسَدَّدًا أَتَيْتُهُ فِى بَيْتِهِ فَحَدَّثْتُهُ لاَسْتَحَقَّ ذَلِكَ، وَمَا أُبَالِى كُتُبِى كَانَتْ عِنْدِى أَوْ عِنْدَ مُسَدَّدٍ. طرفه 1575 - تحفة 8140 1577 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالاَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا جَاءَ إِلَى مَكَّةَ دَخَلَ مِنْ أَعْلاَهَا وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا. أطرافه 1578، 1579، 1580، 1581، 4290، 4291 - تحفة 16923 1578 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ الْمَرْوَزِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ

42 - باب فضل مكة وبنيانها

عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ، وَخَرَجَ مِنْ كُدًا مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ. أطرافه 1577، 1579، 1580، 1581، 4290، 4291 - تحفة 16797 1579 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ أَعْلَى مَكَّةَ. قَالَ هِشَامٌ وَكَانَ عُرْوَةُ يَدْخُلُ عَلَى كِلْتَيْهِمَا مِنْ كَدَاءٍ وَكُدًا، وَأَكْثَرُ مَا يَدْخُلُ مِنْ كَدَاءٍ، وَكَانَتْ أَقْرَبَهُمَا إِلَى مَنْزِلِهِ. أطرافه 1577، 1578، 1580، 1581، 4290، 4291 - تحفة 17131 1580 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ. وَكَانَ عُرْوَةُ أَكْثَرَ مَا يَدْخُلُ مِنْ كَدَاءٍ وَكَانَ أَقْرَبَهُمَا إِلَى مَنْزِلِهِ. أطرافه 1577، 1578، 1579، 1581، 4290، 4291 - تحفة 19022 1581 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ. وَكَانَ عُرْوَةُ يَدْخُلُ مِنْهُمَا كِلَيْهِمَا وَأَكْثَرُ مَا يَدْخُلُ مِنْ كَدَاءٍ أَقْرَبِهِمَا إِلَى مَنْزِلِهِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كَدَاءٌ وَكُدًا مَوْضِعَانِ. أطرافه 1577، 1578، 1579، 1580، 4290، 4291 - تحفة 19022 - 179/ 2 42 - بابُ فَضْلِ مَكَّةَ وَبُنْيَانِهَا وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)} [البقرة: 125 - 128]. 1582 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا بُنِيَتِ الْكَعْبَةُ ذَهَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَبَّاسٌ يَنْقُلاَنِ الْحِجَارَةَ فَقَالَ الْعَبَّاسُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - اجْعَلْ إِزَارَكَ عَلَى رَقَبَتِكَ. فَخَرَّ إِلَى الأَرْضِ، وَطَمَحَتْ عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ «أَرِنِى إِزَارِى». فَشَدَّهُ عَلَيْهِ. طرفاه 364، 3829 - تحفة 2555 1583 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنهم - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهَا «أَلَمْ تَرَىْ أَنَّ قَوْمَكِ لَمَّا بَنَوُا الْكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ «لَوْلاَ حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَفَعَلْتُ». فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ - رضى الله عنه - لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ - رضى الله

عنها - سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أُرَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَرَكَ اسْتِلاَمَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ، إِلاَّ أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ. أطرافه 126، 1584، 1585، 1586، 3368، 4484، 7243 - تحفة 16287، 6912 1584 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْجَدْرِ أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ قَالَ «نَعَمْ». قُلْتُ فَمَا لَهُمْ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِى الْبَيْتِ قَالَ «إِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ». قُلْتُ فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا قَالَ «فَعَلَ ذَلِكِ قَوْمُكِ لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاءُوا، وَلَوْلاَ أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِالْجَاهِلِيَّةِ فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ أَنْ أُدْخِلَ الْجَدْرَ فِى الْبَيْتِ وَأَنْ أُلْصِقَ بَابَهُ بِالأَرْضِ». أطرافه 126، 1583، 1585، 1586، 3368، 4484، 7243 - تحفة 16005 - 180/ 2 1585 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْلاَ حَدَاثَةُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَنَقَضْتُ الْبَيْتَ ثُمَّ لَبَنَيْتُهُ عَلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَإِنَّ قُرَيْشًا اسْتَقْصَرَتْ بِنَاءَهُ - وَجَعَلْتُ لَهُ خَلْفًا». قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ خَلْفًا يَعْنِى بَابًا. أطرافه 126، 1583، 1584، 1586، 3368، 4484، 7243 - تحفة 16831، 17197 1586 - حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهَا «يَا عَائِشَةُ لَوْلاَ أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ لأَمَرْتُ بِالْبَيْتِ فَهُدِمَ، فَأَدْخَلْتُ فِيهِ مَا أُخْرِجَ مِنْهُ وَأَلْزَقْتُهُ بِالأَرْضِ، وَجَعَلْتُ لَهُ بَابَيْنِ بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا، فَبَلَغْتُ بِهِ أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ». فَذَلِكَ الَّذِى حَمَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ - رضى الله عنهما - عَلَى هَدْمِهِ. قَالَ يَزِيدُ وَشَهِدْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ حِينَ هَدَمَهُ وَبَنَاهُ وَأَدْخَلَ فِيهِ مِنَ الْحِجْرِ، وَقَدْ رَأَيْتُ أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ حِجَارَةً كَأَسْنِمَةِ الإِبِلِ. قَالَ جَرِيرٌ فَقُلْتُ لَهُ أَيْنَ مَوْضِعُهُ قَالَ أُرِيكَهُ الآنَ. فَدَخَلْتُ مَعَهُ الْحِجْرَ فَأَشَارَ إِلَى مَكَانٍ فَقَالَ هَا هُنَا. قَالَ جَرِيرٌ فَحَزَرْتُ مِنَ الْحِجْرِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا. أطرافه 126، 1583، 1584، 1585، 3368، 4484، 7243 - تحفة 17353 قوله: {وَإِذْ جَعَلْنَا} ... إلخ، قال السيوطي: إن الظرف مفعول فيه، والأصلُ: واذكر الحادث {إِذْ} ... إلخ. وعندي تصلح {إِذْ} أنْ تقعَ مفعولا به أيضًا، أعني واذكر {إِذْ} ... إلخ. وراجع لتفصيله «عقيدة الإِسلام في حياة عيسى عليه السلام»، فقد بسطته فيها حين تكلمت على قوله: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} ... إلخ [آل عمران: 55] {وَأَمْنًا}. وفي «الجامع الصغير» للسيوطي: «إن مكة تبقى أمنًا وعزيزًا إلى أن يذلها أهلها» بالمعنى {وَاتَّخِذُواْ} ... إلخ بيان لركعتي الطواف {وَالْعَاكِفِينَ} أي معتكفين، ولذا قلنا: إن الاعتكافَ مختصٌّ بالمسجد. قوله: {وَمَن كَفَرَ} عطفُ تلقينٍ {وَإِسْمَاعِيلَ}، وإنما فَصَلَه من إبراهيم، ولم يقل: وإذ يرفع إبراهيم وإسماعيل، لكونه مُعِيْنًا له، وإنما كان يرفَعُ بنيانها إبراهين فقط؛ {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} أي قائلين. قال الأَشْمُوْني: لما أراد الله

43 - باب فضل الحرم

سبحانه حكاية الحال، نقله بعين اللفظ، ولم يقل: قائلين {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ} [البقرة: 128]، صريحٌ في إطلاق الإِسلام على من قبلنا أيضًا، وادّعى السيوطي اختصاصَه بهذه الأمة، {وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا} إنما جاء بحرف التبعيض، لعلمِهِ أنَّ كلَّهم لا يكون مسلمًا. قوله: (فخر إلى الأرض)، وقد مر البحث فيه. واعلم أنَّ عبد الله بن الزبير لما استخلِفَ أراد أنْ يعيدَ بناءَ البيت إلى ما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أرادَه، فنقَضَ البُنيانَ، وأرخى الثيابَ حول البيت ليعرِفَ الناسُ قبلتهم في الصلوات، فدل على أنَّ القِبلة هي الهواء، كما قال به الحنفية. 43 - باب فَضْلِ الْحَرَمِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91)} [النمل: 91]. وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57)} [القصص: 57]. 1587 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ «إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ، لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا». أطرافه 1349، 1833، 1834، 2090، 2433، 2783، 2825، 3077، 3189، 4313 - تحفة 5748 - 181/ 2 44 - باب تَوْرِيثِ دُورِ مَكَّةَ وَبَيْعِهَا وَشِرَائِهَا وَأَنَّ النَّاسَ فِى مَسْجِدِ الْحَرَامِ سَوَاءٌ خَاصَّةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25)} [الحج: 25]. الْبَادِى الطَّارِى. {مَعْكُوفًا} [الفتح: 25] مَحْبُوسًا. اختلف الحنفية والشافعية في أنَّ أراضي مكة موقوفةٌ أو مملوكة؟ فعندهم هي مملوكةٌ. وقال الحنفية: هي موقوفة من لدن إبراهيم عليه الصلاة والسلام. وأصلُ النزاعِ في أنَّ مكة فُتِحت عَنْوةً أو صلحًا، فإن كان عَنْوة، تعين كونُ أراضيها موقوفةً لكونها لم تُقسمْ بين الغانمين، وإن كان صُلحًا كانت مملوكةً لأهليها على الأصل، فيجوز فيها سائر التصرفات. فقال الحنفية: إنها فُتحت عَنْوة، واختار الشافعي أنها فُتحت صُلحًا. وكنت أقضي العجبَ من مثلِ الشافعي كيف قال بالفتح صُلحًا، مع أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم غزا عليها، مع ألوف من الصحابة رضي الله عنهم، وقاتل أيضًا، وإن كان يسيرًا، فهل يُسمَّى مثلُه صُلحًا؟ ثم تبين لي أن الحال لما انتهى إلى الصُّلح - وإن كان بعد القِتَال - اعتبَرَه صُلحًا. والحاصل: أن الإِمام الهُمَام نظر إلى أول الحال، والإِمام الشافعي نظر إلى آخره، فلينظُر

العلماء أنَّ العبرةَ في مثله بالحال الأول، أو الآخر. ثم إن العلماء صرَّحوا أن السلاطين قد وَقَفُوها مِرارًا. وإذًا لا يجوز بيعُها عند الشافعية أيضًا، فهي عندنا موقوفةٌ بوقفِ إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وعندهم بوقف السَّلاطين. هذا في الأراضي، بقيت الدُّور، فالمذهب عندنا أنَّ البناءَ على الأرض الموقوفة مِلكٌ للمالك، نعم، يجري الخلافُ في الدور التي كانت في زمن النبي صلى الله عليه وسلّم وفي «الدر المختار» من باب الحظر والإِباحة: أنه يجوزُ بيعُ دورِها وأراضيها. قلتُ: أما بيع الدور فكما قال، وأما بيع الأراضي فلا يجوز عندنا، على ما علمت من المذهب. وراجع له «الجامع الصغير» لمحمد، فإنها موقوفةٌ عندنا. وما رُوي عن أبي حنيفة أنه كان يَكْره إجارةَ البيوت في الموسم، فهي مسألةٌ أخرى، لا تدخل في هذا الباب، ولا تدل على وقْفِ الدور عنده، فإنها لرعاية الحاج، لأنه إذا كان عندك فضلُ بيتٍ، فالذي تقتضيه الفِطرة أنْ لا تؤجِرَها للحجاج، بل يُباح لهم فيها السكنى، وتُضِيْفُ زوَّار بيت الله. وفي «الدر المختار» أنه كان يكره الإِجارة لقوله تعالى {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} وفيه في باب الشفعة: فصح بيعُ دورِ مكة، قلتُ: فالإِجارة بالأولى، وراجع كلام الطحاوي (¬1) من باب بيعِ دُور مكة، وإجارتها. فقال: لا يجوزُ بيعُها، وإجارتها. ¬

_ (¬1) قلت: ولم أجد في "معاني الآثار" لبيع دور مكة بابًا، ولكن فيه باب بيع أرض مكة وإجارتها، نعم، أخرج فيه أحاديث الدور: منها عن علقمة بن نفلة، قال: كانت الدور على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر، وعمر، وعثمان ما تباع، ولا تُكْرَى، ولا تدعى إلا السوائب، من احتاج سَكَن، ومن استغنى أسْكن. قال أبو جعفر: فذهب قومٌ إلى هذه الآثار، فقالوا: لا يجوز بيعُ أرض مكة، ولا إجارتها، وممن قال بهذا القول أبو حنيفة، ومحمد، وسفيان الثوري، وقد رُوي ذلك أيضًا عن عطاء. ومجاهد، وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لا بأس ببيعٍ أرضها، وإجارتها، وجعلوها في ذلك كسائر البلدان، وممن ذهب إلى هذا القول أبو يوسف. واحتجوا في ذلك بما رُوي عن أمامة بن زيد أنه قال: "يا رسول الله أتنزل في دار مكة؟ فقال: وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور؟ ... إلخ. قال أبو جعفر: ففي هذا الحديث ما يدل أن أرضَ مكة تُملك وتورَثُ، لأنه قد ذكر فيها ميراثَ عقيل، وطالب لما تركه أبو طالب فيها من رباع ودور، فهذا خلاف الحديث الأول. ثم اختارَ الطحاوي مذهب أبي يوسف، وترك مذهب الإِمام أبي حنيفة؛ وقال في باب مكة: فأما أرضَ مكة فإِن الناسَ قد اختلفوا في ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - التعرضَ لها، فمن يذهبُ إلى أنَّه افتتحها عَنوة، فقال: تركها منةٌ عليهم، كمنته عليهم في دمائهم، وفي سائر أموالهم، وممن ذهب إلى ذلك أبو يوسف، لأنه كان يذهبُ أنَّ أرضَ مكة تجري عليها الأملاك، كما تجري على سائر الأرضين. وقال بعضهم: لم تكن أرض مكة مما وقعت عليه الغنائم، لأن أرضَ مكة لا يجري عليها الإِملاك، وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة، وسفيان الثوري، وقد ذكرنا في هذا الباب الآثار التي رواها كل فريق ممن ذهب إلى ما ذهب إليه أبو حنيفة، وأبو يوسف في كتاب البيوع. اهـ: ص 189 - ج 2؛ قلت: وقد نقلت أولًا ما ذكره فيه، وهذا يدلك ثانيًا أن الطحاوي لم يتعرض إلى تغاير المسألتين. وبالجملة: لم نجد في كلامه ما يدل على أنَ مسألةَ بيعِ الدور غيرُ مسألة بيعِ الأراضي، بل تبويبه ببيع أرض مكة، ثم إخراج أحاديث الدُّور تحتها يدل على اتحاد المسألتين، وكذا إحالته في باب فتح مكة عند ذكر بيع الأراضي =

قلتُ: لم يقل الإِمام بالبطلان بل بالكراهة. أما حال أراضيها فقد ذكره الطحاوي في باب فتح مكة، فقال: فأما أراضي مكة ... إلخ، وذلك لأنه علم أنَّ مسألةَ الأراضي غير مسألة الدور، والإِجارة، فذكرها في باب آخر. والحاصل: أنَّ بيعَ دُورها وتوريثها جائزٌ عندنا أيضًا. 1588 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ تَنْزِلُ فِى دَارِكَ بِمَكَّةَ. فَقَالَ «وَهَلْ تَرَكَ عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ». وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ هُوَ وَطَالِبٌ وَلَمْ يَرِثْهُ جَعْفَرٌ وَلاَ عَلِىٌّ - رضى الله عنهما - شَيْئًا لأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ، وَكَانَ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ كَافِرَيْنِ، فَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يَقُولُ لاَ يَرِثُ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَكَانُوا يَتَأَوَّلُونَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 72] الآيَةَ. أطرافه 3058، 4282، 6764 - تحفة 114 1588 - قوله: (إن الذين كفروا) ... إلخ، قلنا: هذا في المسجد الحرام، فلا يتم حجةً علينا. ولعل أبا يوسف يقول بجواز بيع الأراضي أيضًا. أما المصنِّف فذكر الدّور، ولم يتعرض إلى الأراضي، فلعله اختار التفصيل الذي ذكرناه. قوله: (وهل ترك عقيل) ... إلخ، واعلم أنه كان لأبي طالب أربعةُ بنين، فأسلم منهم علي وجعفر من قبلُ، وعقيل بعدهما، أما طالب فمات على الكفر. فلما هاجَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم هاجر معه عليٌّ، وجعفر، وبقي عقيلٌ بمكة، فباع جميع دُور بني هاشم. واستدل منه المصنف على جواز بيع دور مكة، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لم ينقض بيعه. ¬

_ = على باب البيوع. يؤكد اتحادهما عنده، فلا أدري ماذا وقع مني من المحو، والإِثبات، فلينظر "معاني الآثار" (*). أما أنا فقد أتيك ما وجدت فيه، ولكني لا أثقُ بنفسي. قال القاضي أبو المحاسن في "المعتصر": رُوي أن أسامةَ بن زيد قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتنزل في دارك؟ فقال: وهل ترك لنا عقيل من رباع، أو دور؟. وكان عقيل ورثَ أبا طالب هو وطالب، ولم يرثه جَعْفر، ولا علي لأنهما كانا مسلمين، وكانا عقيل، وطالب كافرين. وكان عمر يقول: "لا يرثُ المؤمن الكافر". قوله: وكان عقيل ... إلخ، ليس من الحديث، إنما هو كلام الزُّهري، ولهذا قال له موسى بن عُقبة: أفصُل كلامك من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -. احتج المحتجُّ بهذا على أن أراضيَ مكة مملوكةٌ، ولا حجة فيه، لأن إضافةَ الدارِ من أسامة إليه، وإضافته إياها إلى نفسه، قد تكون بسكناها لا على أنها مِلكٌ له، كإِضافته تعالى بيتَ العنكبوت إلى العنكبوت، ومساكنَ النمل إلى النمل، وكما يقال: باب الدار، وجُل الفرس، يؤيده أن إرث أبي طالب لا يرجعُ إلا إلى أولاده، وكذا مال عبد المطلب لا يرجعُ إليه - صلى الله عليه وسلم -، لأن أباه عبد الله مات قبل المطلب. اهـ. (*) قلت: يُحتمل أن يكونَ أراد إمام العصر من الحوالة، التَّنبِيهَ على الفرق بين الدَّور وبين الأراضي، عند الإمام أبي حنيفة، ونوعَ تعقيب على ظاهرِ ما يُفهم من كلام الطحاوي. ثم تحقيقُ المذهب بالفرقِ بين بيع الدور وبين بيع الأراضي، وجواز الأول دون الثاني، فتأمله. وإذا لم يُفرق الطحاوي بينهما، فعدم جوازِ بيع الدور عند الإمام ظاهرٌ من كلامه، فالشيخ سلَّمه في الدور، ولم يُسلِّمه في الأراضي. (المصحح).

45 - باب نزول النبى - صلى الله عليه وسلم - مكة

قلتُ: وفيه نظرٌ، لأن بيعَ تلك وإن جاز في نفسه، إلا أنه لا يجوز غصبًا عند أحد. وهذا عقيل قد بَاعه كذلك، فإنه باع في حياتهم، فلا يكون توريثًا بل غصبًا، وعدمُ تعرض النبي صلى الله عليه وسلّم يمكنُ أن يكون مروءةً (¬1). ثم إن الشافعية كتبوا: أن المهاجرين إذا كانوا يهاجرون من مكة لم يأخذوا من أموالهم شيئًا، وذلك لأنهم إذا تركوا الدار، تركوا ما اكتسبوا فيها من الأموال، فكأنهم رأوا أنَّ من تمامِ هجرتهم أن لا ينتفِعُوا من أموالهم أيضًا (¬2)، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ... إلخ. قلتُ: ويعلم من قِصة حاطب بن أبي بَلْتَعة أنَّ الصحابَة رضي الله تعالى عنهم كانوا يحبون حماية أموالهم بمكة، ولذا أراد حاطِبُ أن تكون له يدٌ عليهم، إذ فاتته قرابته منهم، فكان من أمره كما في الحديث. فهذا دليلٌ على بقاءِ قبضتهم على تلك الأموال، وحينئذٍ بيعُ عقيل ليس بصحيح، فالاستدلال في حَيِّز الخفاء. 45 - باب نُزُولِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ 1589 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَرَادَ قُدُومَ مَكَّةَ «مَنْزِلُنَا غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِى كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ». أطرافه 1590، 3882، 4284، 4285، 7479 - تحفة 15172 1589 - قوله: (بخيف بني كنانة)، أخذ المسألة من الإِضافة. 1590 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْغَدِ يَوْمَ النَّحْرِ وَهُوَ بِمِنًى «نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ بَنِى كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ». يَعْنِى ذَلِكَ الْمُحَصَّبَ، وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا وَكِنَانَةَ تَحَالَفَتْ عَلَى بَنِى هَاشِمٍ وَبَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَوْ بَنِى الْمُطَّلِبِ أَنْ لاَ يُنَاكِحُوهُمْ، وَلاَ يُبَايِعُوهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا إِلَيْهِمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ ¬

_ (¬1) قيل: لما كان أبو طالب أكبرُ ولد عبد المطلب احتوى على أملاكه، وحازها وحدَه على عادة الجاهلية، من تقديم الأسن، فتسلط عقيل أيضًا بعد هجرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال الداودي: باع عقيلٌ ما كان للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولمن هَاجر من بني عبد المطلب، كما كانوا يفعلون بدور من هاجر من المؤمنين، وإنما أمضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تصرفاتِ عقيل إما كرمًا وجُودًا، وإما استمالةً لعقيل، وإما تصحيحًا بتصرفات الجاهلية، كما أنه يصحح أنكحة الكفار. وكان علي بن الحسين يقول: من أجل ذلك تركنا نصيبنا من الشعب، أي حصة جدهم علي من أبيه أبي طالب. اهـ. مختصرًا "عمدة القاري". (¬2) قلت: وإليه إشارة في كلام الخَطَّابي، نقله العيني قال الخَطَّابي: وعندي أن تلك الدُّور وإن كانت قائمةً على مِلكِ عقيلٍ، لم ينزلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لأنَّها دورٌ هجروها لله تعالى. اهـ.

46 - باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام

سَلاَمَةُ عَنْ عُقَيْلٍ وَيَحْيَى بْنُ الضَّحَّاكِ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ وَقَالاَ بَنِى هَاشِمٍ وَبَنِى الْمُطَّلِبِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بَنِى الْمُطَّلِبِ أَشْبَهُ. أطرافه 1589، 3882، 4284، 4285، 7479 - تحفة 15199، 15226 - 182/ 2 1590 - قوله: (وبني عبد المطلب) ... إلخ، والصحيح بني المُطَّلب، والعبد سهوٌ. قوله: (يحيى بن الضحاك) ... إلخ، قال ابن مَعِين: إن ابن الضحاك لم يسمع من الأوْزَاعي شيئًا، وإنما يروي من كِتَابه. 46 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36) رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: 35 - 37] الآيَةَ. 47 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (97)} [المائدة: 97]. 1591 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ». طرفه 1596 - تحفة 13116 1592 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها -. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ - هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ - قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى حَفْصَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانُوا يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ، وَكَانَ يَوْمًا تُسْتَرُ فِيهِ الْكَعْبَةُ، فَلَمَّا فَرَضَ اللَّهُ رَمَضَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ فَلْيَتْرُكْهُ». أطرافه 1893، 2001، 2002، 3831، 4502، 4504 - تحفة 16556، 16613 1593 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ حَجَّاجٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى عُتْبَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيُحَجَّنَّ الْبَيْتُ وَلَيُعْتَمَرَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ». تَابَعَهُ أَبَانُ وَعِمْرَانُ عَنْ قَتَادَةَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لاَ يُحَجَّ الْبَيْتُ». وَالأَوَّلُ أَكْثَرُ، سَمِعَ قَتَادَةُ عَبْدَ اللَّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ أَبَا سَعِيدٍ. تحفة 4108 - 183/ 2

48 - باب كسوة الكعبة

وتفسير القيام عند البخاري أنَّ البيتَ سببٌ لبقاء العالم، وقيامُه بمنزلةِ خيمةِ السلطان، تكون أولها نصبًا ونقضًا، فكذلك البيتُ ظهر أوَّلا، ثمّ يُنقض كذلك، وبنقضة تندكُّ الأرض، وتنفطِرُ السموات، فإنَّ رفعَ الخيمة يكونُ أَمارة للرحيل. ومن ههنا ظهرت مناسبة حديث السُّوَيْقَتَيْن من الترجمة. وذكر السيوطي: أنَّ بين تخريب البيت والساعة مئة وعشرين سنة. 48 - باب كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ (¬1) 1594 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الأَحْدَبُ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ جِئْتُ إِلَى شَيْبَةَ. وَحَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ وَاصِلٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ جَلَسْتُ مَعَ شَيْبَةَ عَلَى الْكُرْسِىِّ فِى الْكَعْبَةِ فَقَالَ لَقَدْ جَلَسَ هَذَا الْمَجْلِسَ عُمَرُ - رضى الله عنه - فَقَالَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لاَ أَدَعَ فِيهَا صَفْرَاءَ وَلاَ بَيْضَاءَ إِلاَّ قَسَمْتُهُ. قُلْتُ إِنَّ صَاحِبَيْكَ لَمْ يَفْعَلاَ. قَالَ هُمَا الْمَرْآنِ أَقْتَدِى بِهِمَا. طرفه 7275 - تحفة 4849، 10465 ويُعلم من الروايات أنَّ مَلِكًا كساها بثوبٍ كان نسيجُه من ذهب (¬2)، وقد رآه بعض من التابعين أيضًا، ثم لا يُدرى أين ذهب. 49 - باب هَدْمِ الْكَعْبَةِ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ، فَيُخْسَفُ بِهِمْ». 1595 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الأَخْنَسِ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَأَنِّى بِهِ أَسْوَدَ أَفْحَجَ، يَقْلَعُهَا حَجَرًا حَجَرًا». تحفة 5796 1596 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ¬

_ (¬1) أخرج الحافظ عن عائشة، قالت: دخل عليَّ شيبة الحجبي، فقال: يا أم المؤمنين، إن ثيابَ الكعبة تجتمع عندنا فتكثر، فننزِعُها، ونحفر آبارًا فنُعْمِقُها، وندفنها، لكي لا تلبَسُها الحائض والجنب، قلت: بئسَ ما صنعت، ولكن بعها، فاجعل ثمنها في سبيل الله وفي المساكين، فإِنها إذا نُزعت عنها لم يضر من لَبسها من حائض أو جنب ... إلخ واثبت بهذه الرواية، لتعلم مسألة التبركات. ثم ذكر الحافظ فصلًا في أول من كساها ... إلخ، فليراجع. (¬2) قال الحافظ، بعد ما أطال الكلام في تعليق قناديل الذهب في الكعبة، والمساجد: قد صح النهي عن استعمال الحرير والذهب، فلما استعمل السلفَ الحرير في الكعبة دون الذهب مع عنايتهم بها، وتعظيمها، دل على أنَّه بقي عندهم على عموم النهي. وقد نقل الشيخ الموفق الاِجماعَ على تحريم استعمال أواني الذهب، والقناديل من الأواني. بلا شك. واستعمالُ كل شيء بحَسَبه "فتح الباري" (*). (*) قلت: لا تعارُضَ بين هذا وبين ما قاله إمام العصر شيخنا، فتأمله (المصحح).

50 - باب ما ذكر فى الحجر الأسود

سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ». طرفه 1591 - تحفة 13330 واعلم أن وقعةَ الخسفِ متقدِّمةٌ، ثم واقعة ذي السُّوَيْقَتَيْن بعدها، فلا قلق. 50 - باب مَا ذُكِرَ فِى الْحَجَرِ الأَسْوَدِ 1597 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ جَاءَ إِلَى الْحَجَرِ الأَسْوَدِ فَقَبَّلَهُ، فَقَالَ إِنِّى أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ، وَلَوْلاَ أَنِّى رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ. طرفاه 1605، 1610 - تحفة 10473 وفي الروايات أنه يمينُ الله في الأرض (¬1)، ووضعُ اليدين عليه يقوم مقامَ المُصَافحة، فلا بأس أن يكون أصلا للمصافحة باليدين، ثم إن تقبيله ثابت شرعًا، فيكن أصلا لتقبيل تبركات الصالحين. وقَبَّلَ عمر بن عبد العزيز المصحف، وأباح أحمد تقبيلَ الرّوضة المُطَهرة، وتحير منه الحافظ ابن تيمية، فإنه لا يجوزُ عنده. ثم إن الرفعَ عند الحجر الأسودِ على هيئته في الصلاة باستقبالهما القبلة، إما على الصفا والمروة، فإن شاء رفعهما، كما في الدعاء، أو كما في الصلاة، وإما في الجمرتين الأولى والوسطى، فيرفعهما كما في الدعاء، وهو عن أبي يوسف، عند الطحاوي. 51 - باب إِغْلاَقِ الْبَيْتِ، وَيُصَلِّى فِى أَىِّ نَوَاحِى الْبَيْتِ شَاءَ 1598 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْبَيْتَ هُوَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَبِلاَلٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ فَلَمَّا فَتَحُوا، كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ وَلَجَ، فَلَقِيتُ بِلاَلًا فَسَأَلْتُهُ هَلْ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ نَعَمْ، بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ. أطرافه 397، 468، 504، 505، 506، 1167، 1599، 2988، 4289، 4400 تحفة 6908، 2037 - 184/ 2 وهو جائزٌ عندنا أيضًا، فإنَّه ليس مسْجدًا. وقد علمنا أنَّ القِبلة عندنا هو الهواء، خلافًا للشافعي، فتجوز الصلاةُ عندنا أمامَ الباب، وهو مفتوحٌ. 52 - باب الصَّلاَةِ فِى الْكَعْبَةِ 1599 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ ¬

_ (¬1) قال الخَطَّابي: وقد رُوي في بعض الحديث أن الحُججَ يمينُ الله في الأرض، والمعنى أنه مَنْ صافحه في الأرض كان له عند الله عهدًا، فكان كالعهد تعقِدُه الملوكُ بالمصافحة لمن يريدُ موالاتَه، والاختصاص به. وكما يصفق على أيدي الملوك للبَيْعة، وكذلك تقبيلُ اليد من الخدم للسادة والكبراء، فهذا كالتمثيل بذلك، والتشبيه به، والله تعالى أعلم "معالم السنن". ونقل الحافظُ عن المحب الطبري معناه: أن كلَّ ملكِ إذا قَدِمَ عليه الوافدُ قَبَّل يمينَه، فلما كان الحج أول ما يقدَم يُسن له تقبيلهُ نُزِّلَ منزلةَ يمين المِلك، ولله المثل الأعلى "فتح الباري".

53 - باب من لم يدخل الكعبة

نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْكَعْبَةَ مَشَى قِبَلَ الْوَجْهِ حِينَ يَدْخُلُ، وَيَجْعَلُ الْبَابَ قِبَلَ الظَّهْرِ، يَمْشِى حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ الَّذِى قِبَلَ وَجْهِهِ قَرِيبًا مِنْ ثَلاَثِ أَذْرُعٍ، فَيُصَلِّى يَتَوَخَّى الْمَكَانَ الَّذِى أَخْبَرَهُ بِلاَلٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى فِيهِ، وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ بَأْسٌ أَنْ يُصَلِّىَ فِى أَىِّ نَوَاحِى الْبَيْتِ شَاءَ. أطرافه 397، 468، 504، 505، 506، 1167، 1598، 2988، 4289، 4400 تحفة 2037، 8476 وقد مرّ الكلام فيه مبسوطًا. 53 - باب مَنْ لَمْ يَدْخُلِ الْكَعْبَةَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَحُجُّ كَثِيرًا وَلاَ يَدْخُلُ. 1600 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى قَالَ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَهُ مَنْ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْكَعْبَةَ قَالَ لاَ. أطرافه 1791، 4188، 4255 - تحفة 5155، 5156 واعلم أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يدخل مكة في صلح الحُدَيْبِية، ثم لم يدخل البيتَ في عُمرة القضاء، وعمرة الجِعْرَانة لمكان الأصنام فيها. ودخل فيها في فتح مكة وطهرها من الأصنام، ولم يدخل فيها في حجة الوداع. ويُستحبُّ الدخولُ فيها إن تيسر بدون الرِّشوة، وإلا لا. 54 - باب مَنْ كَبَّرَ فِى نَوَاحِى الْكَعْبَةِ 1601 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا قَدِمَ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ وَفِيهِ الآلِهَةُ فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ فَأَخْرَجُوا صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ فِى أَيْدِيهِمَا الأَزْلاَمُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَمَا وَاللَّهِ قَدْ عَلِمُوا أَنَّهُمَا لَمْ يَسْتَقْسِمَا بِهَا قَطُّ». فَدَخَلَ الْبَيْتَ، فَكَبَّرَ فِى نَوَاحِيهِ، وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ. أطرافه 398، 3351، 3352، 4288 - تحفة 5995 55 - باب كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الرَّمَلِ 1602 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - هُوَ ابْنُ زَيْدٍ - عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ، وَقَدْ وَهَنَهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ. فَأَمَرَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ الثَّلاَثَةَ، وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلاَّ الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ. طرفه 4256 - تحفة 5438 - 185/ 2

56 - باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف، ويرمل ثلاثا

56 - باب اسْتِلاَمِ الْحَجَرِ الأَسْوَدِ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ أَوَّلَ مَا يَطُوفُ، وَيَرْمُلُ ثَلاَثًا 1603 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ، إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الأَسْوَدَ أَوَّلَ مَا يَطُوفُ يَخُبُّ ثَلاَثَةَ أَطْوَافٍ مِنَ السَّبْعِ. أطرافه 1604، 1616، 1617، 1644 - تحفة 6981 57 - باب الرَّمَلِ فِى الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ 1604 - حَدَّثَنا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَعَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَةَ أَشْوَاطٍ وَمَشَى أَرْبَعَةً فِى الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. تَابَعَهُ اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1603، 1616، 1617، 1644 - تحفة 8258 1605 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - قَالَ لِلرُّكْنِ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّى لأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ، وَلَوْلاَ أَنِّى رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَلَمَكَ مَا اسْتَلَمْتُكَ. فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ قَالَ فَمَا لَنَا وَلِلرَّمَلِ إِنَّمَا كُنَّا رَاءَيْنَا بِهِ الْمُشْرِكِينَ، وَقَدْ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ. ثُمَّ قَالَ شَىْءٌ صَنَعَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ. طرفاه 1597، 1610 - تحفة 10386 1606 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ مَا تَرَكْتُ اسْتِلاَمَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ فِى شِدَّةٍ وَلاَ رَخَاءٍ، مُنْذُ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَلِمُهُمَا. قُلْتُ لِنَافِعٍ أَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمْشِى بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ قَالَ إِنَّمَا كَانَ يَمْشِى لِيَكُونَ أَيْسَرَ لاِسْتِلاَمِهِ. طرفه 1611 - تحفة 8152 وعن ابن عباس أنه كان مصلحةٌ، وليس بسنة. وعند الجمهور سنةٌ في الجوانب الأربعة، كما ثبت في حجة الوداع، فكان تشريعًا لا مصلحةً فقط، وإن كان في عُمرة القضاء مصلحة، فاعلمه. وقال الحنفية: كل طواف بعده سَعيٌ، ففيه رَمَلٌ. وإلا لا، فإنْ سعى القَارِنُ سعيَ الحج بعد طواف القدوم، لا يَرْمُل في الزيارة، وإن سعاه بعد الزيارة يرمل فيها. وأما المتمتِّعُ، فلمَّا لم يكن له طواف القدوم يَسعى بعد الزيارة لحجه، ويَرْمُل فيه، وإنْ أرادَ أنْ يقدِّم السعي، فله أنْ يطوفَ نفلا، ثم يطوفُ بين الصفا والمروة، ثم يطوف للزيارة، وحينئذٍ لا يسعى بعدها لأدَائه بعد طوافِ النفل. 58 - باب اسْتِلاَمِ الرُّكْنِ بِالْمِحْجَنِ 1607 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالاَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله

59 - باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين

عنهما - قَالَ طَافَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ، يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ. تَابَعَهُ الدَّرَاوَرْدِىُّ عَنِ ابْنِ أَخِى الزُّهْرِىِّ عَنْ عَمِّهِ. أطرافه 1612، 1613، 1632، 5293 - تحفة 5837 والطوافُ المذكور فيه هو طوافُه للزيارة، لا للقُدُوم، لأنَّه لم يَرْمُل فيه. 59 - بابُ مَنْ لَمْ يَسْتَلِمْ إِلاَّ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ 1608 - وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِى الشَّعْثَاءِ أَنَّهُ قَالَ وَمَنْ يَتَّقِى شَيْئًا مِنَ الْبَيْتِ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَلِمُ الأَرْكَانَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - إِنَّهُ لاَ يُسْتَلَمُ هَذَانِ الرُّكْنَانِ. فَقَالَ لَيْسَ شَىْءٌ مِنَ الْبَيْتِ مَهْجُورًا، وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ - رضى الله عنهما - يَسْتَلِمُهُنَّ كُلَّهُنَّ. تحفة 11401، 5384، 5258 - 186/ 2 1609 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمْ أَرَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَلِمُ مِنَ الْبَيْتِ إِلاَّ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ. أطرافه 166، 1514، 1552، 2865، 5851 - تحفة 6906 هكذا مذهبُ محمد رحمه الله تعالى. 60 - باب تَقْبِيلِ الْحَجَرِ 1610 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا وَرْقَاءُ أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - قَبَّلَ الْحَجَرَ وَقَالَ لَوْلاَ أَنِّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبَّلَكَ مَا قَبَّلْتُكَ. طرفاه 1597، 1605 - تحفة 10386 1611 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَرَبِىٍّ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ اسْتِلاَمِ الْحَجَرِ. فَقَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ. قَالَ قُلْتُ أَرَأَيْتَ إِنْ زُحِمْتُ أَرَأَيْتَ إِنْ غُلِبْتُ قَالَ اجْعَلْ أَرَأَيْتَ بِالْيَمَنِ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ. طرفه 1606 - تحفة 6719 61 - باب مَنْ أَشَارَ إِلَى الرُّكْنِ إِذَا أَتَى عَلَيْهِ 1612 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ طَافَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْبَيْتِ عَلَى بَعِيرٍ، كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ. أطرافه 1607، 1613، 1632، 5293 تحفة 6050 62 - باب التَّكْبِيرِ عِنْدَ الرُّكْنِ 1613 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ

63 - باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته، ثم صلى ركعتين، ثم خرج إلى الصفا

عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ طَافَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْبَيْتِ عَلَى بَعِيرٍ، كُلَّمَا أَتَى الرُّكْنَ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَىْءٍ كَانَ عِنْدَهُ وَكَبَّرَ. تَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ. أطرافه 1607، 1612، 1632، 5293 - تحفة 6050 63 - باب مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا 1614 و 1615 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ذَكَرْتُ لِعُرْوَةَ، قَالَ فَأَخْبَرَتْنِى عَائِشَةُ - رضى الله عنها - أَنَّ أَوَّلَ شَىْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رضى الله عنهما - مِثْلَهُ، ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِى الزُّبَيْرِ - رضى الله عنه - فَأَوَّلُ شَىْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ، ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ يَفْعَلُونَهُ، وَقَدْ أَخْبَرَتْنِى أُمِّى أَنَّهَا أَهَلَّتْ هِىَ وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ وَفُلاَنٌ وَفُلاَنٌ بِعُمْرَةٍ، فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا. حديث 1614 طرفه 1641 - تحفة 16390 حديث 1615 طرفاه 1642، 1796 1616 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسٌ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا طَافَ فِى الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ سَعَى ثَلاَثَةَ أَطْوَافٍ، وَمَشَى أَرْبَعَةً، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. أطرافه 1603، 1604، 1617، 1644 - تحفة 8453 1617 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الأَوَّلَ يَخُبُّ ثَلاَثَةَ أَطْوَافٍ، وَيَمْشِى أَرْبَعَةً، وَأَنَّهُ كَانَ يَسْعَى بَطْنَ الْمَسِيلِ إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. أطرافه 1603، 1604، 1616، 1644 - تحفة 7804 1614 - قوله: (ذكرت لعروة) ... إلخ، وفي لفظ الحديث اختصارٌ مخِلٌ، توجه إليه الشارحون. وحاصله: التعريضُ بمذهب ابن عباس، وكان مذهبُه أنَّ الحاج إذا وقعَ بصرُه على البيت انفسخ إحرامُه للحج من غير اختيارٍ منه، فإنْ بَدَا له أن يحجَّ فقط، فعليه أن لا يشاهدَ البيت، ويذهبُ كما هو إلى عرفاتٍ، فيقِفُ بها (¬1). ¬

_ (¬1) قلت: وفيما ضبطه صديقنا مولانا عبد العزيز الكاملفوري من كلام إمام العصر رحمه الله هكذا: قال ابن عباس: من كان أحرم بالحج، ولم يَسُق الهَدْي، فإذا طافَ بالبيت انفسخَ حجُّه إلى العمرة، وتمتْ عمرتُه قبل أنْ يَسعى لها ويحلق. وأما الجمهور فلا بد عندهم لإِتمام العمرة من أربعة أمور: الإِحرامُ، والطواف، والسعي، والحلق. اهـ. فبينَ هذا وبينَ ذاك فرقٌ، فليرجع إلى الشروح، وليُحرر مذهب ابن عباس. (من المصحح البنوري).

64 - باب طواف النساء مع الرجال

قوله: (فأخبرتني عائشة)، قلتُ: وهذا لا يردُ عليه، لأنَّ كلامَه في المفرد، وهذا للقَارِن. فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان قارنًا، ولكن السَّلفَ لم يكونوا يتعمقون هذا التعمق. وكان من دأْبهم أنهم إذا وجدوا فعلا في الباب عن النبي صلى الله عليه وسلّم أتوا به، وإن غاير يسيرًا. قوله: (ثم لم تكن عمرة) أي مُتميِّزة عن الحج. وقد مرّ مني التنبيهُ على أنَّ الرواة يعتبرونها عند تميُّزِها من الحج، والحِل بعدها. قوله: (فلما مسحوا الركن حلوا) ... إلخ، ولا دَخْل لهذه القطعة في رد ابن عباس، إنما ذكرها استطرادًا. ثم ههنا إشكالٌ، بأن الحِلَّ لا يكون بعد المسح، بل بعد السعي. وأجاب عنه الجمهور أنَّ المعطوفَ محذوفٌ، أي مسحوا الركن وسعوا. قلتُ: مسحُ الركنِ كنايةٌ عن الفَرَاغ، كما يدل عليه قوله: *ولما قضينا من منى كل حاجة ... ومسح بالأركان من هو ماسح *وشدت على دهم المهارى رحالنا ... ولم ينظر الغادي الذي هو رائح *أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا ... وسالت بأعناق المطي الأباطح 64 - باب طَوَافِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ 1618 - وَقَالَ لِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنَا قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ إِذْ مَنَعَ ابْنُ هِشَامٍ النِّسَاءَ الطَّوَافَ مَعَ الرِّجَالِ قَالَ كَيْفَ يَمْنَعُهُنَّ، وَقَدْ طَافَ نِسَاءُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ الرِّجَالِ قُلْتُ أَبَعْدَ الْحِجَابِ أَوْ قَبْلُ قَالَ إِى لَعَمْرِى لَقَدْ أَدْرَكْتُهُ بَعْدَ الْحِجَابِ. قُلْتُ كَيْفَ يُخَالِطْنَ الرِّجَالَ قَالَ لَمْ يَكُنَّ يُخَالِطْنَ كَانَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - تَطُوفُ حَجْرَةً مِنَ الرِّجَالِ لاَ تُخَالِطُهُمْ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ انْطَلِقِى نَسْتَلِمْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَتْ {انْطَلِقِى} عَنْكِ. وَأَبَتْ. {وَكُنَّ} يَخْرُجْنَ مُتَنَكِّرَاتٍ بِاللَّيْلِ، فَيَطُفْنَ مَعَ الرِّجَالِ، وَلَكِنَّهُنَّ كُنَّ إِذَا دَخَلْنَ الْبَيْتَ قُمْنَ حَتَّى يَدْخُلْنَ وَأُخْرِجَ الرِّجَالُ، وَكُنْتُ آتِى عَائِشَةَ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهِىَ مُجَاوِرَةٌ فِى جَوْفِ ثَبِيرٍ. قُلْتُ وَمَا حِجَابُهَا قَالَ هِىَ فِى قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ لَهَا غِشَاءٌ، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَرَأَيْتُ عَلَيْهَا دِرْعًا مُوَرَّدًا. تحفة 17388 - 188/ 2 1619 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى أَشْتَكِى. فَقَالَ «طُوفِى مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ، وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ». فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَئِذٍ يُصَلِّى إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ، وَهْوَ يَقْرَأُ {وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2)} [الطور: 1 - 2]. أطرافه 464، 1626، 1633، 4853 - تحفة 18262 يعني لم يكن بين طوافِ الرجال والنساء امتيازٌ باعتبار الوقت، بل كان باعتبار المكان، فكان الرجال يطوفونَ بالبيت قريبًا منه، وكانت النساء يطفن مِنْ حولهم. وإذن دائرتُهنَّ تكون أوسع.

65 - باب الكلام فى الطواف

1618 - قوله: (رأيت عليها درعًا موردًا) أي وقعَ بصري عليها اتفاقًا، فرأيتها كذلك. وفي كتب الطحاوي أنَّ حجابَ أمهاتِ المؤمنين بعد نزول الآية كان بالشخص، بخلاف العامة، فإنَّ النظرَ إلى الوجه والكفين يجوزُ فيهن بشرطِ الأمن. 65 - باب الْكَلاَمِ فِى الطَّوَافِ 1620 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى سُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ أَنَّ طَاوُسًا أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ بِإِنْسَانٍ رَبَطَ يَدَهُ إِلَى إِنْسَانٍ بِسَيْرٍ، أَوْ بِخَيْطٍ، أَوْ بِشَىْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ، فَقَطَعَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ «قُدْهُ بِيَدِهِ». أطرافه 1621، 6702، 6703 - تحفة 5704 أشار إلى حديث الترمذي: أن الطواف بالبيت، وإنْ كان صلاةً، إلا أنَّ الكلامَ في خلاله جائز، وكذا الأفعالِ الأخر، كما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قطعَ خيطًا رَبَطَه إنسانٌ، وهو يطوف. 66 - باب إِذَا رَأَى سَيْرًا أَوْ شَيْئًا يُكْرَهُ فِى الطَّوَافِ قَطَعَهُ 1621 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلًا يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ بِزِمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَطَعَهُ. أطرافه 1620، 6702، 6703 - تحفة 5704 67 - بابٌ لاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَلاَ يَحُجُّ مُشْرِكٌ 1622 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ يُونُسُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رضى الله عنه - بَعَثَهُ فِى الْحَجَّةِ الَّتِى أَمَّرَهُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ يَوْمَ النَّحْرِ فِى رَهْطٍ يُؤَذِّنُ فِى النَّاسِ «أَلاَ لاَ يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ». أطرافه 369، 3177، 4363، 4655، 4656، 4657 - تحفة 6624، 12278 وسترُ العورة، وإنْ كان فرضًا في الخارج، إلا أنَّه في الحج من الوَاجبات، فهو من واجب الشيءِ مع كونه الشيءَ الواجب (¬1). 68 - بابٌ إِذَا وَقَفَ فِى الطَّوَافِ وَقَالَ عَطَاءٌ فِيمَنْ يَطُوفُ فَتُقَامُ الصَّلاَةُ، أَوْ يُدْفَعُ عَنْ مَكَانِهِ إِذَا سَلَّمَ يَرْجِعُ إِلَى حَيْثُ قُطِعَ عَلَيْهِ. وَيُذْكَرُ نَحْوُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ رضى الله عنهم. ¬

_ (¬1) لعل المراد أنه من واجبات الشيء مع كونه واجبًا من قَبْلُ في نفسه، فاتصف بالوجوبِ من جهتين. (المصحح البنوري).

69 - باب صلى النبى - صلى الله عليه وسلم - لسبوعه ركعتين

وهو مذهب أبي حنيفة، فلو أقيمت الصلاة خلالَ الطواف يتركه، ثم يَبْني، ويُتمُّ ما بقي (¬1)، لأنَّ الصلاة ليست بأجنبية. وكذا يجوزُ مرور الطائف أمام المصلي. 69 - باب صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِسُبُوعِهِ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ نَافِعٌ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يُصَلِّى لِكُلِّ سُبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ قُلْتُ لِلزُّهْرِىِّ إِنَّ عَطَاءً يَقُولُ تُجْزِئُهُ الْمَكْتُوبَةُ مِنْ رَكْعَتَىِ الطَّوَافِ. فَقَالَ السُّنَّةُ أَفْضَلُ، لَمْ يَطُفِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سُبُوعًا قَطُّ إِلاَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. 1623 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَيَقَعُ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ فِى الْعُمْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، ثُمَّ صَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَقَالَ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]. أطرافه 395، 1627، 1645، 1647، 1793 - تحفة 7352 - 189/ 2 1624 - قَالَ وَسَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - فَقَالَ لاَ يَقْرَبِ امْرَأَتَهُ حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. أطرافه 396، 1646، 1794 - تحفة 2544 وقال نافع: كان ابن عمر يُصلي لكل سُبُوع ركعتين - يعني لم يكن يجمعُ بين الأطْوِفَة، ثم بركعتيها - ولكن كان يطوف، ثم يُصلي له، وكذلك يطوفُ آخر. ويصلي له، فلم يكنْ يجمعُ بين ركعتيها مرةً واحدة. 1623 - قوله: (سألنا ابن عمر) ... إلخ. يُشير إلى مذهب ابن عباس، وصرح به جابر. 70 - باب مَنْ لَمْ يَقْرَبِ الْكَعْبَةَ، وَلَمْ يَطُفْ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَى عَرَفَةَ وَيَرْجِعَ بَعْدَ الطَّوَافِ الأَوَّلِ 1625 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ قال: حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَخْبَرَنِى كُرَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ: قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ، فَطَافَ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَمْ يَقْرَبِ الْكَعْبَةَ بَعْدَ طَوَافِهِ بِهَا حَتَّى رَجَعَ مِنْ عَرَفَةَ. طرفاه 1545، 1731 - تحفة 6367 وفيه تصريح أنَّه صلى الله عليه وسلّم طاف طوافين: الأول عند القدوم، وهو عندنا للعمرة. والثاني بعد عرفة. ولم يثبت في تلك الأيام طوافُه للنفلِ إلا بالليل، كما عند البيهقي، وذلك لئلا تتشوَّشَ على الناس مناسِكُهم، فيختبطُوا فيها. ¬

_ (¬1) هذا إذا طاف أكثر الأشواط. وإن طاف أقلَّ وبقي أكثر، فيستأنف الطوافَ بعد الصلاة، راجع "شرح المناسك" للقاري (المصحح البنوري).

71 - باب من صلى ركعتى الطواف خارجا من المسجد

71 - باب مَنْ صَلَّى رَكْعَتَىِ الطَّوَافِ خَارِجًا مِنَ الْمَسْجِدِ وَصَلَّى عُمَرُ - رضى الله عنه - خَارِجًا مِنَ الْحَرَمِ. 1626 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ يَحْيَى بْنُ أَبِى زَكَرِيَّاءَ الْغَسَّانِىُّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَهْوَ بِمَكَّةَ، وَأَرَادَ الْخُرُوجَ، وَلَمْ تَكُنْ أُمُّ سَلَمَةَ طَافَتْ بِالْبَيْتِ وَأَرَادَتِ الْخُرُوجَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أُقِيمَتْ صَلاَةُ الصُّبْحِ فَطُوفِى عَلَى بَعِيرِكِ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ». فَفَعَلَتْ ذَلِكَ، فَلَمْ تُصَلِّ حَتَّى خَرَجَتْ. أطرافه 464، 1619، 1633، 4853 - تحفة 18262 قال الحنفية: إن الأفضلَ أنْ يُصليها عند المقام إن تيسر، وإلا ففي المسجد الحرام حيث شاء، وإلا ففي الحرم، فإنْ صلاها خارج المسجد أجزأه أيضًا. قوله: (وصلى عمر خارجًا من الحرم) أي بذي طُوى. وإنَّما فعلَ ذلك لأنَّه طافَ بعد الصبح وكان لا يرى النفلَ بعده مُطلقًا حتى تطلعَ الشمس، كما قلنا. وقد بوّب عليه الطحاوي أيضًا. 1626 - قوله: (فطوفي على بعيرك) ... إلخ، أي من وراء الناس. قوله: (فلم تصل حتى خرجت) ... إلخ، لا أدري ماذا أراد به، خروجَها من الحرم، أو مكة، أو المسجد الحرام، ولو تعيَّنَ لنفعنا في مسألة الأوقات المكروهة، لكونها بين يدي النبيِّ صلى الله عليه وسلّم. [[72 - باب مَنْ صَلَّى رَكْعَتَىِ الطَّوَافِ خَلْفَ الْمَقَامِ 1627 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ). أطرافه 395، 1623، 1645، 1647، 1793 - تحفة 7352 - 190/ 2]] (*) 73 - باب الطَّوَافِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يُصَلِّى رَكْعَتَىِ الطَّوَافِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ. وَطَافَ عُمَرُ بَعْدَ الصُّبْحِ، فَرَكِبَ حَتَّى صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ بِذِى طُوًى. 1628 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ الْبَصْرِىُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ نَاسًا طَافُوا بِالْبَيْتِ بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ، ثُمَّ قَعَدُوا إِلَى الْمُذَكِّرِ، حَتَّى إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامُوا يُصَلُّونَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - قَعَدُوا حَتَّى إِذَا كَانَتِ السَّاعَةُ الَّتِى تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلاَةُ قَامُوا يُصَلُّونَ. تحفة 16376 1629 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَى عَنِ الصَّلاَةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا. أطرافه 582، 585، 589، 1192، 3273 - تحفة 8484 1630 - حَدَّثَنِى الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ - هُوَ الزَّعْفَرَانِىُّ - قال: حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ قال: ¬

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين معكوفات مزدوجة سقط من المطبوع، ولم يُشرح

74 - باب المريض يطوف راكبا

حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ قَالَ رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ - رضى الله عنهما - يَطُوفُ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ. تحفة 16191 1631 - قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَرَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَيُخْبِرُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - حَدَّثَتْهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَدْخُلْ بَيْتَهَا إِلاَّ صَلاَّهُمَا. أطرافه 590، 591، 592، 593 - تحفة 16191 ونَقَل فيه آثارًا متعارضةً، ولعل المرجَّح عنده ما ذهب إليه عمر على ما أظن. ثم إنه لم يزد لفظ «نحوه» ههنا، وزاد بعد العصر في باب المواقيت، لأنه لما ثَبَتَ عنده الركعتان بعد العصر عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وإن اختلف الناس في تخريجها، أراد أن يُدرجَها في هذا اللفظ، بخلاف الصبح، فإنَّه لم يَعْبأ بما في السنن، وذهب إلى المنع مطلقًا، ولعل عائشة كانت تجوزها مع كراهتها إيَّاها. ولا بُعْد أنْ يكون البخاري وافقنا في المسألة. أما عُمر فأثَرُه موافقٌ لنا قطعًا، بخلاف أثر ابن عمر. أما حديث عائشة، فلا حجةَ لنا فيه، فإنه راجعٌ إلى التشفيعِ على الصلاة في نفسِ الطلوع والغروب، وهذا مما لا نِزَاع فيه لأحد. 74 - بابُ الْمَرِيضِ يَطُوفُ رَاكِبًا 1632 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ الْوَاسِطِىُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَافَ بِالْبَيْتِ، وَهْوَ عَلَى بَعِيرٍ، كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَىْءٍ فِى يَدِهِ وَكَبَّرَ. أطرافه 1607، 1612، 1613، 5293 - تحفة 6050 1633 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى أَشْتَكِى. فَقَالَ «طُوفِى مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ». فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ، وَهْوَ يَقْرَأُ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ. أطرافه 464، 1619، 1626، 4853 - تحفة 18262 - 191/ 2 واعلم أن المشي في الطواف واجبٌ عندنا، ولا جَزَاء إن تركه من عذر، غير أني أتردَّدُ في المسألة، كما قال صاحب «الهداية» - عند شرح قول القُدُوري: ويلزمُه السهو إذا زاد في صلاته فعلا من جِنْسها، ليس منها: إن هذا يدل على أنَّ سجدةَ السهو واحبةٌ، وهو الصحيح، لأنَّها تجبُ لجبر نقصانٍ ممكنٍ في العبادة، فتكون واجبةً كالدِّماء في الحج، وإذا كان واجبًا لا يجبُ إلا ترك الواجب ... إلخ. ففيه إيماءٌ إلى أنَّ النقصانَ يعتري في الحج بترك الواجب، ثم يجبَرُ بالدم، ولا تفصيل فيه بين عذر وعدمه، فعُلم أنه يجبُ الدم بترك واجبٍ من الحج مطلقًا. هكذا يُستفاد من بعض الكتب، وعدَّد في «البدائع» ستةَ واجبات، ثم قال: لا يلزم بتركها جِنَاية، فتردَّدت أنَّ حكمَ سائرِ الواجبات ذلك، أو هو مقصورٌ على تلك الستة، ولا ورودَ على

75 - باب سقاية الحاج

الركوب في الطواف، فإنَّه من الستة التي صرح «البدائع» أنْ لا جِنَاية بتركها. إما المصنف فحمله على المَرَضِ. أما ترجمة المصنف، والحديث الذي أخرج لها ففيه كلامٌ، وهو أن حديثه في حَجَّة الوداع كما جاء مصرحًا عند أبي داود عن ابن عباس: «أنه طاف في حجة الوداعِ على بعيرٍ يَستلمُ الركنَ بمِحْجَن»، وركوبه في تلك الحجة، لم يكن من أجل المرض، بل كان لأن يَرَاه الناس، وليسألوه عما هم سائلون، كما هو عند مسلم وحينئذٍ لا يُطابق الحديثُ الترجمة، فإنَّها في الركوب من أجل المرض، والحديث في الركوب لرؤية الناس، فاضطر الحافظ ههنا إلى الاستعانة من حديث أبي داود عن ابن عباس، بلفظ: «قدم النبيُّ صلى الله عليه وسلّم مكة، وهو يشتكي، فطافَ على راحلته» ... إلخ. قلتُ: وفي إسناده يزيد بن أبي زياد، وفيه لِيْنٌ، ولذا لم يخرج عنه البخاري. وهذا هو الراوي لحديث البراء في ترك رفع اليدين، وحديث القميص في كفنه صلى الله عليه وسلّم عند أبي داود، فلمَّا رأيتُ أنَّ ترجمة البخاري تتوقف على حديثه في الطواف راكبًا، قلتُ: إنه لا يليقٌ بشأن المصنف، وحينئذٍ وَسِع لي أن أتمسك بحديثه في الترك أيضًا. بالجملة: لمّا اضطر الحافظ إلى إثبات ترجمتِهِ تمسَّك من حديثه، وهذا هو الذي - لما رَوى الترك - تكلم عليه الحافظ، وجهر بضَعْفِه، حتى سمعه من قُربٍ ومن بُعدٍ، فهذا خبرهُم عند الوِفاق، وذلم مخْبِرهُم عند الخلاف (¬1). 75 - باب سِقَايَةِ الْحَاجِّ 1634 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ اسْتَأْذَنَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - رضى الله عنه - رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِىَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ، فَأَذِنَ لَهُ. أطرافه 1743، 1744، 1745 - تحفة 7802 1635 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ إِلَى السِّقَايَةِ، فَاسْتَسْقَى، فَقَالَ الْعَبَّاسُ يَا فَضْلُ اذْهَبْ إِلَى أُمِّكَ، فَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِشَرَابٍ مِنْ عِنْدِهَا. فَقَالَ «اسْقِنِى». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ أَيْدِيَهُمْ فِيهِ. قَالَ «اسْقِنِى». فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ أَتَى ¬

_ (¬1) قلت: وأيضًا وجدتُ فيما كتبتُ عن الشيخ أن طوافَه مشتكيًا كان في فتح مكة، أو عمرة القضاء. قلت: وحينئذٍ فترجمتُه تكون ناظرةً إلى هذا الحديث، ولما لم يكن هذا الحديثُ على شرطِهِ لم يخرِّجْه، واكتفى بحديثٍ في حجة الوداع، وإن لم يكن فيه الركوب من أجل المرض. ومثله ربما يفعله المصنف، فيترجِمُ ناظرًا إلى حديث في الخارج، ثم يُخرِجُ حديثًا آخرًا مناسبًا على شرطه، وإن لم يكن صريحًا فيه. أما الحافظ فيظهرُ من كلامه أنه أيضًا في حجة الوداع، لأنه قال: إنه يحتمل أن يكون فعل ذلك -أي الطواف راكبًا- للأمرين، أي للاشتكاء، ولأن يراه الناس. والله تعالى أعلم بالصواب.

76 - باب ما جاء فى زمزم

زَمْزَمَ، وَهُمْ يَسْقُونَ وَيَعْمَلُونَ فِيهَا، فَقَالَ «اعْمَلُوا، فَإِنَّكُمْ عَلَى عَمَلٍ صَالِحٍ - ثُمَّ قَالَ - لَوْلاَ أَنْ تُغْلَبُوا لَنَزَلْتُ حَتَّى أَضَعَ الْحَبْلَ عَلَى هَذِهِ». - يَعْنِى عَاتِقَهُ - وَأَشَارَ إِلَى عَاتِقِهِ. تحفة 6057 واعلم أنَّ خدمات الحج كانت موزعةً عليهم في الجاهلية (¬1)، فكان مِفتاحُ البيت في بني شَيْبَة، وهو إلى اليوم كذلك، وكانت السِّقايَة في بني عبد المطلب، فلما ظهرَ الإِسلامَ وانطمست رسوم الجاهلية، تكفَّل بها العباس، وإن كانت حقًا لبني عبد المطلب في الجاهلية، فقام بها مدةَ عُمُرِه، ولذا كان يتعجَّلُ في أيام منى، فكان كذلك إلى زمن عليَ، فلما استُخلِفَ عليٌّ ادّعى السِّقَاية، وكان أحقَّ بها لكونه مُطَّلِبِيَّا، غير أن ابن عباس لما شهد بأنها كانت انتقلت إلى أبيه العباس، تركها في أيديهم، ولم ينازعهم. ثم إن بني أميةَ بَنوا في زمنهم حوضًا آخر، وكانوا يجعلونَ فيه لبنًا وعسلا، طمعًا في أن يردَ الناسُ حوضهم، وتكون السِّقَاية لهم، غير أن الناس لزموا حوض ابن عباس، وآثرُوه على اللبن والعسل. 76 - باب مَا جَاءَ فِى زَمْزَمَ 1636 - وَقَالَ عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ كَانَ أَبُو ذَرٍّ - رضى الله عنه - يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فُرِجَ سَقْفِى وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَفَرَجَ صَدْرِى، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ¬

_ (¬1) أخرج أبو عبيد في "كتاب الأموال" من لفظ خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألا إن كل دم ومال، ومأثرةٍ كانت في الجاهلية، فهي تحت قدمي، إلا سَدَانة البيت، وسِقَاية الحاج". قال أبو عبيد: السَدَانة خدمة البيت. قال المحشي على كتاب "الأموال": قال ابن هشام: كان قُصي -أول كعب بن لُؤي- أصاب مِلكًا أطاع له به قومُه، فكانت إليه حِجَابة البيت، والسِّقَاية، والرِّفَادة، والندوة، واللواء، فلما كبر ودقَّ عظمُه، وكان عبد الدار يكرهه، وكان عبد مناف قد شَرُفَ في زمان أبيه، وذهب كل مذهب، وعبد العزى، وعبد، فقال قُصي لعبد الدار: أما والله لأُلحِقنَّكَ بالقوم، وإن كانوا قد شَرُفُوا عليك، لا يدخل رجل منهم الكعبةَ حتى تكون أنت تفتحُها له، ولا يَعقِدَ لقريش لواءٌ لحرسها إلا أنت بيدك، ولا يَشْربُ أحدٌ بمكة إلا من سِقَايتك، ولا يأكلُ أحدٌ من أهل الموسم طعامًا إلا من طعامك، ولا تَقطعُ قريشٌ أمرًا من أمرها إلّا في دارك، فأعطاه دارَ الندوة، والحِجَابة، واللواء، والسِّقَاية، والرِّفَادة. وكانت الرِّفادة خَرْجًا تُخرِجُه قريش في كل موسم من أموالها إلى قُصي، فيصنَع به طعامًا للحج، فيأكله من لم يكن له سَعة ولا زاد. ثم هلكَ قُصي، ثم إن بني عبد مناف أجمعوا وحلفاؤهم أن يأخذوا ما بأيدي بني عبد الدار مما كان قُصي جعل إلى أبيهم، فبينا الناسُ قد أجمعوا للحرب إذ تَدَاعَوا إلى الصلح، على أن يُعطوا بني عبد مَنَاف السِّقَاية والرِّفَادة، وأن تكون الحِجَابة، واللواء، والندوة لبني عبد الدار، كما كانت، ففعلوا، ورضي كل واحد من الفريقين بذلك. فلم يزالوا على ذلك حتى جاء الله بالإِسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما كان من حِلف في الجاهلية، فإنَّ الإِسلام لم يَزِده إلا شدةً" اهـ. باختصار ثم كانت السِّقاية يوم الفتح بيد العباس بن عبد المطلب، والسِّدَانة بيد عثمان بن طلحة، فتطاول رجال من بني هاشم لأخذ المفتاح، فردَّهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عثمان بن طلحة، وقال: "خذوها خالدةً تالدةً، لا ينزِعُها منكم إلا ظالمٌ". انتهى.

77 - باب طواف القارن

ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهَا فِى صَدْرِى، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِى فَعَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا. قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا افْتَحْ. قَالَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ». طرفاه 349، 3342 - تحفة 11901 1637 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ - هُوَ ابْنُ سَلاَمٍ - أَخْبَرَنَا الْفَزَارِىُّ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - حَدَّثَهُ قَالَ سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ زَمْزَمَ فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ. قَالَ عَاصِمٌ فَحَلَفَ عِكْرِمَةُ مَا كَانَ يَوْمَئِذٍ إِلاَّ عَلَى بَعِيرٍ. طرفه 5617 - تحفة 5767 واعلم أنه قد علم العلماء وعلمت الأمة: أنَّ ماءَ زمزم لما شُرِبَ له، فحفِظَه كلٌّ في زمن حجِّة، ودعا بما بلغت إليه أمنيَّتُه، فذكر الحافظ أنه دعا أنْ يُرزَق حفظَ الذهبي، فلما تَشرَّفَ من زيارة البيت ثانيًا، رأى أنَّ حفظَه قد فاق عليه. وكذلك دعا السيوطي أنْ يرزقَ الحَذَاقَةَ في ستة فنون. قلتُ: وتلك الفنون تكون من فنون الدين، وإلا فالفنون العقلية، فإنَّه كان قائلا بعدم جوازها. وهكذا الشيخ ابن الهُمَام، لمَّا بلَغَه دعا بأن يُرزقَ الاستقامة على الدين، والوفاة على السنة البيضاء، ويا له من دعاءٍ سبقَ الأدعية كلها. أقول: ولعل مراد الحافظ من زيادة الحفظِ على الذهبي في حق المتون، والعلل، أما في حقِّ الرجال، فلا أراه فَاق عليه. ثم إن الشيخ ابن الهُمَام كما اقتفى الحافظَ في دعائه، كذلك اقتفاه في التصنيف أيضًا، حيث صنَّفَ في سفر الحج رسالةً في أحكام الصلاة سَمَّاها «زاد الفقير، وهي رسالة جيدة في أحكام الصلاة. ولعله قد كان بلغه أنَّ الحافظ أيضًا صنف رسالة في سفره، سماها «نُخْبَة الفِكَر». ولعل الشيخ استجَازَ من الحافظ كتابته، ولا أراه أنْ يكونَ لقيه، وذلك لأنه نقلَ روايَتَه في «الفتح» عن الحافظ، وذكره: عن لفظ شيخنا، فهذا يدل على تلمذةٍ، ولا أقلَّ من أنْ تكونَ كتابته، والله أعلم. 1636 - قوله: (جبرائيل) «إيل» بالعبريّة: الله، و «الجبرة»: القوّة، و «الميكاء»: الماء، و «الإسراف»: الصّوْر. ذكر الشيخ الأكبر أن لله تعالى أسماءً إيلية، وإلهيّة: والإبلية تُستعمل في الملائكة كجبرائيل، وغيره، والإلهية تُستعمل في سائر خلقه. قوله: (ممتلىء حكمة وإيمانًا) ... إلخ، وتلك كانت حقيقةُ الإِيمان على ما مر تحقيقها. ولا ريب أنَّ تلك الحقيقة لا تذهبُ ذرةً منها، إلى جهنم. والله تعالى أعلم بالصواب. 77 - باب طَوَافِ الْقَارِنِ 1638 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ قَالَ «مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْىٌ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ثُمَّ لاَ يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا». فَقَدِمْتُ مَكَّةَ، وَأَنَا حَائِضٌ، فَلَمَّا قَضَيْنَا حَجَّنَا أَرْسَلَنِى مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرْتُ،

فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - «هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ». فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ، بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا. أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 16591 - 192/ 2 1639 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - دَخَلَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَظَهْرُهُ فِى الدَّارِ، فَقَالَ إِنِّى لاَ آمَنُ أَنْ يَكُونَ الْعَامَ بَيْنَ النَّاسِ قِتَالٌ، فَيَصُدُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ، فَلَوْ أَقَمْتَ. فَقَالَ قَدْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَإِنْ حِيلَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ أَفْعَلُ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] ثُمَّ قَالَ أُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَوْجَبْتُ مَعَ عُمْرَتِى حَجًّا. قَالَ ثُمَّ قَدِمَ فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا. أطرافه 1640، 1693، 1708، 1729، 1806، 1807، 1808، 1810، 1812، 1813، 4183، 4184، 4185 - تحفة 7523 1640 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَرَادَ الْحَجَّ عَامَ نَزَلَ الْحَجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ. فَقِيلَ لَهُ إِنَّ النَّاسَ كَائِنٌ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، وَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يَصُدُّوكَ. فَقَالَ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} إِذًا أَصْنَعَ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، إِنِّى أُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَوْجَبْتُ عُمْرَةً. ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِظَاهِرِ الْبَيْدَاءِ قَالَ مَا شَأْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلاَّ وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَوْجَبْتُ حَجًّا مَعَ عُمْرَتِى. وَأَهْدَى هَدْيًا اشْتَرَاهُ بِقُدَيْدٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمْ يَنْحَرْ، وَلَمْ يَحِلَّ مِنْ شَىْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، وَلَمْ يَحْلِقْ وَلَمْ يُقَصِّرْ حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ، فَنَحَرَ وَحَلَقَ، وَرَأَى أَنْ قَدْ قَضَى طَوَافَ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ بِطَوَافِهِ الأَوَّلِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1639، 1693، 1708، 1729، 1806، 1807، 1808، 1810، 1812، 1813، 4183، 4184، 4185 - تحفة 8279 واعلم أنَّ القارن عندنا يطوفُ طوافين ويسعى سعيين، فإنَّه قد أحرم بإِحرامين، فيطوف لحجه، ويسعى له، وكذلك يطوف لعمرَتِهِ ويسعى لها. غير أنَّ المعتمرَ يتحلَّلُ بعد الفراغ عن أفعال العمرة، وهذا يبقى حرامًا إلى يوم النحر لمكان إحرام الحج، وإن كان فرغ من أفعال العمرة. ولا فرق بعدها بينه وبين المفرد عندنا أيضًا، فيطوف للزيارة طوافًا واحدًا، وللصَّدَر طوافًا واحدًا، ويحلق حلقًا واحدًا، ثم يخرجُ من إحراميه معًا. وإنَّما الكلامُ في تعدُّد الطوافِ والسعي عند دخوله مكة، فحسب، فقلنا: إن عليه طوافين وسعيين. وقال الإِمام الشافعي: إنه يطوف طوافًا واحدًا وسعيًا واحدًا للقُدُوم، ثم يطوف يوم النحر عن حجه وعمرتِهِ طوافًا واحدًا. وبعبارة أخرى إنه لا فرقَ بين القَارِن والمفرِدِ عنده إلا بحَسَب الإِحرام، فإن القارن يُحرم بهما، والمفرد يُحرم بالحج فقط. أما بحسب المناسك فقال: إن العمرة دخلت في الحج إلى يوم القيامة، يعني به أنَّ أفعالها دخلتْ في أفعال الحج، فطوافُه عن واحدٍ ينوبُ عن آخر. وقلنا: إن دخولَها إنَّما هو في زمان الحج، لا في أفعاله، فيأتي بها منفردًا، وبالحج منفردًا، ولا تتداخل العبادتان من غير الجِنس.

وبعبارة أخرى إن العمرةَ أربعة أفعال: الإِحرام، والإِحلال، والطواف، والسعي. وقد قلنا بتداخل اثنين منها، فإِحرام القارن وإحلاله واحدٌ عندنا أيضًا، ولا تداخُلَ في الطواف والسعي، لأنهُما مقصودان، وقال الشافعية بالتداخل فيهما أيضًا، فلم تبق العمرةُ عندهم إلا كالعنقاء (¬1). إذا علمتَ هذا، فاعلم أنَّ الشافعي تمسك من قوله: «أما الذين جمعوا بين الحج والعمرة، فإنَّما طافوا طوافًا واحدًا» فإنه يدل على أنَّ القاَرنين طافوا طوافًا واحدًا، وحُسِبَ ذلك عن نُسُكَيْهم الحج والعمرة. قلتُ: وظاهِرُه يخالفُ الأئمة كلهم، بل يخالف الشافعية أيضًا، فإنَّه لا نِزَاع في أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم طاف ثلاثة أطوفة في الحج: طوافًا حين قدِمَ، وطوافًا آخر يوم النحر، ثم طوافًا للصَّدَر، فعلى الشافعية أيضًا أنْ يطلُبُوا له سبيلا. فقالوا: معناه طوافٌ واحد للحج والعمرة. وقلنا: بل للحِلِّ منهما، وسيأتي تقريره، فإذا ثبت أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم ومن كانوا على إحرامه، لم يكتَفُوا بالطواف الواحد، بل طافوا ثلاثة أطوفة، لم يبق النصُّ حجةً لهم، ونزل الأمر إلى تخاريج المشايخ. فخرَّجَ الشافعية طوافه الأول كان للقُدُوم. وقلنا: إنه كان للعمرة، وإنما لم يطف النبي صلى الله عليه وسلّم للقدوم، لئلا يزيد عدد أطوفَتِهِ صلى الله عليه وسلّم على أطوفة سائر الناس الحاجين معه عامئذٍ، فإنَّه كان فيهم مفردُون ومتمتعون، وليس لهم إلا ثلاثة أطوفة، فلو زاد النبي صلى الله عليه وسلّم رابعًا لاختل عليهم مناسكهم، فاستحبَّ أنْ تبقى شاكلَتَه، كشاكلة سائر الناس، ولذا لم يطف للنفل إلا في الليل على ما مر من البيهقي، وإن نفاه البخاري، لأنه ليس في النفل استتباع، وإنما هو حاله الانفرادي. ولما كان طواف القدوم سنة لم تجب بتركه جِنَاية عندنا، وأقرَّ به الطحاوي أيضًا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم لم يطف للقدوم عامئذ. وإن حملناه على التداخل بين طواف القدوم والعمرة، فله أيضًا وجه، وإذن لا نحتاج إلى أن ندعي أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يطف للقدوم، بل لنا أن نقول بالتداخل. ولكني لم أجد أحدًا من الفقهاء كتب التداخل، نعم، صرَّحُوا أن تركَ القدوم لا يوجب الدم لكونه سنة، ولا دم بتركها، أما الثاني فهو للزيارة، وعندهم للحج والعمرة، فلا فرقَ إلا في التخريج. فنقول في الجواب: إن الطواف بهذه الصفة بأن يقعَ الواحدُ عن الحج والعمرة معًا ليس إلا واحدًا، لا أريد به النيابة، أو البدلية، بل المرادُ أنَّ المحلَّ كانَ محل طوافين، ثم طاف فيه طوافًا واحدًا، على حد قوله: *وخيل قد دلفت لهم بخيل ... تحية بينهم ضرب وجيع ¬

_ (¬1) قلت: ومن ههنا تبيَّنَ لك السرَ في أفضلية القِرَان عندنا، وأفضلية الإِفراد عنده، فإنَّ القِرَان عندنا تَرَفُّقٌ بالنُّسُكين، وإتيانٌ بالعبادتين. أما الإفرادُ، فهو عبادة واحدةٌ، فكيف تفضُلُ على عبادة تضمَّنَت عبادتين؟ فإنَّ العَطَايا على متن البلايا. وأما الشافعي، فلما لم يكن عنده بينهما فرقٌ إلا في الإِحرام، لم تبق مزيةٌ للقِرَان على الإِفراد عنده. فساغ له أن يذهب إلى أفضلية الإِفراد، فاعلمه.

لا يريد به بدليةَ الضربِ الوجيع، ولا نيابته مكانَ التحية، بل كونه حلَّ محل التحية. وهكذا أقولُ في عدد الأطوفة: إنه كان محل طوافين للحج والعمرة، ولكنه طاف في المحل الذي اقتضى طوافين، طوافًا واحدًا فقط، دون التعرض إلى البدلية والنيابة. وههنا لفظ آخر لابن عمر، وهو قوله: «طاف لهما طوافًا واحدًا»، وهو أصرحُ لهم، وأدلُّ على مرادهم، بخلاف حديث عائشة، فإنَّه لم يكن في حديثهما لفظ: «لهما»، وهو يُشير إلى تخريجهم أنَّ الطوافَ الواحد كان للحج والعمرة، وإن كان لغيرهما طواف آخر أيضًا. وجوابه أنه لم لا يجوز أن يكون المرادُ من طواف الحج طوافُه للقدوم، دون الزيارة، كما فهمه الشافعية، وحينئذٍ معناه أنه طاف للقدوم والعمرة طوافًا واحدًا، وذلك صحيحٌ عندنا أيضًا. وفي بعض الروايات عن ابن عمر ما يدل على ذلك، أن التداخل إنما كان بين طوافه للعمرة والقدوم، دون الزيارة، كما في قوله في الحديث الآخر من ذلك الباب، ورأى أنْ قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول، فإنه صريحٌ في أنه جعل طواف القدوم طوافه للحج والعمرة، ونحن نلتزم التداخل بينهما أيضًا. ولنا أن نقول: إن هذا التخريج اجتهادٌ منه فقط، ولا نص عنده، وإنما يقومُ ذلك حجة علينا، إذا ثبت بيانًا من جهة النبي صلى الله عليه وسلّم وإلا فكله من مقاييس الرواة. ولا يمكن الاطلاع على نية أحد إلا من جهته، فمن أخبرك أن طوافَه يوم النحر كان لحجته وعمرته، ولم يكن لحجته فقط، فهذا تخريج منه لا غير. نعم، لو أتيت بنص من صاحب الحج أنه كان كذلك لكان لك حجة، ثم إنك إنْ تمسكت من اجتهاد هؤلاء الرواة، فلنا أيضًا أن نحتجَّ باجتهادِ عليَ، أعلم الناس بمناسِك رسول الله صلى الله عليه وسلّم وكفانا سلفًا وقدوة. ثم إن قوله: ورأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول، لا يستقيم على مذهب الشافعية، فإنَّ الطوافَ الأول عندهم للقدوم، ولا دخل للعمرة عندهم فيه، فما هذا التعرُّض إليه، إلا أن يقال: إن طوافَ العمرة يصح أن يدخل عندهم في القدوم أيضًا، كما يصح أنْ يدخل في الزيارة، كما في «مختصر المُزَني»، وهو - خال الطحاوي - وإن كان في عامة كتبهم أنه لا يدخل إلا في الزيارة. وجملة الكلام: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أول ما دخلَ مكة بدأ بالطواف، وهذا القدر متفقٌ عليه، ثم هو طوافٌ للقدوم عند الشافعية، وطواف للعمرة عندنا سَوَاء. قلتُ: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم ترك طواف القدوم ليكون شأنُه وشأن الناس في المناسك سَوَاء، أو التزمت تداخله في العمرة، أو قلت: إن الطوافَ الواحدَ حلَّ محل الطوافين، فذلك كله إليك، فإنَّ المعنى واحدٌ، والاختلافُ في الأنظار لا غير. وأحسن الأجوبة ما أجاب به شيخنا ومولانا محمود الحسن: أن عائشة إنما أرادت من قولها: «الطواف الواحد»، طافوا طوافًا واحدًا الطواف للحل منهما، ولا ريبَ أنه واحدٌ عندنا أيضًا، لأنَّ إحرامَهُما لمّا كان واحدًا، وجب أن يكون الإِحلال عنهما أيضًا واحدًا، وهو بطواف الزيارة. فالقارن إذا طاف طواف الزيارة، حل من إحراميه، والذي يدلك على هذا المعنى ما

روته عائشة في البخاري ومسلم: «فطاف الذين أهلُّوا بالعمرة بالبيت وبالصفا، والمروة، ثم حلُّوا، ثم طافُوا، طوافًا آخر، بعد أن رَجَعُوا من مِنىً لحجهم، وأما الذين كانوا جَمَعوا الحجَّ والعمرةَ، فإنما طافوا طوافًا واحدًا». انتهى. وهذا صريح في أنَّ محطَّ كلامها الفرقُ بين القَارِنين، وغيرهم في حق الحِل. تعني به أنَّ المتمتعين حلوا من عمرتهم بطوافِها، ثم حلُّوا من إحرام الحج بطوافه، واحتاجوا إلى طوافين: طواف للحِلِّ عن عمرتهم، وطواف آخر للحل عن حجهم. وأما الذين كانوا جَمَعُوا الحج والعمرة، فلم يحلوا منهما إلا بطواف واحدًا، ولم يطوفوا للحل طوافين، كالمتمتعين. وأصرح منه ما عند مسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلّم «من كان معه هَدْيٌ، فليهل بالحج مع عمرتِهِ، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعًا». وكذا ما عند البخاري في باب ركوب البدن، «ثم لم يَحْلِل من شيءٍ حَرُم منه حتى قضى حجه»، وفيه: «فطاف لهما طوافًا واحدًا، فلم يحلّ حتى حلَّ منهما جميعًا»، كل ذلك دليلٌ على أنَّ المقصودَ الأصلي بيان الحِلِّ دونَ وحدة الطواف أو تعدده، كما فهمه الشافعية. ثم العجب أنهم شرحوا قول ابن عمر: «ما شأنُ الحجِّ والعمرة إلا واحدًا» أيضًا بمثله، فقالوا: معناه إذا كان التحلل للحصر جائزًا في العمرة - مع أنها غير محدودةٍ بوقتٍ - فهو في الحج أولى بالجواز، - كذا قاله القَسْطلاني - فإذا كان عندهم شأن الحج والعمرة واحدًا - يعني في الحِلِ - فكذلك عندنا معنى طوافهما، فإنَّه أيضًا واحدًا - يعني لأجل الحِل منهما - لكنهم نسوه ههنا، أو تناسوه: *أصمٌ عن الشيء الذي لا أريدهُ ... وأسمعُ خلقِ الله حينَ أُريدُ وعندنا قول ابن عمر في حق المانع، أي ما يمنعُ عن العمرة، فهو يمنعُ عن الحج أيضًا، كما يؤيده السياق. ولنا أنّه ثبت عن علي، وابن مسعود، ومجاهد بأسانيد قوية عند الطحاوي (¬1): أن القَارِن ¬

_ (¬1) قال الدارقطني في "سننه" حدثنا أبو محمد بن صاعد: حدثنا محمد بن يحيى الأزدي: حدثنا عبد الله بن داود عن شُعبة، عن حميد بن هلال، عن مطرف عن عِمران بن حصين أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - طاف طوافين وسعى سعيين، ثم قال الدارقطني: يقال: إن محمد بن يحيى حدث بهذا الحديث من حفظِهِ، فَوهِمَ في متنه. والصواب بهذا الإِسناد أنه عليه الصلاة والسلام قَرَنَ الحج والعمرة، وليس فيه ذكر للطواف، ولا للسعي. وقد حدث به محمد بن يحيى على الصواب مرارًا، ويقال: إنه رجع عن ذكر الطواف والسعي. قلت: قوله: حدث به من حفظه، فوهم لم يَنْسِبْه إلى أحد ممن يُعتمد عليه، وكذا قوله: إنه رجع عنه؛ والظاهر أنَّ المرادَ أنه سكت عنه، وإذا ذكر هذه الزيادةَ مرةً وسكت عنها مرة لعذر لا تُترك الزيادة، ولو كان في الحديثِ علةٌ أُخرى غير هذا لذكره الدارقطني ظاهرًا. وفي "المحلى" لابن حزم: روينا من طريق حماد بن سلمة، عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النَّخَعي أن الصبي بن معبد قَرَنَ بين الحج والعمرة، فطاف لهما طوافين، وسعى سعيين، ولم يحل بينهما، وأهدَى، وأخبر بذلك عمر بن الخطاب، فقال: "هديت لسنة نبيك - صلى الله عليه وسلم -". انتهى كلامه. والنَّخَعي وإن لم يُدرك عمر، ولا الصبي، فقد قال أبو عمر في أوائل "التمهيد": وكل من عُرِفَ، فإنَّه لا يأخذُ إلا عن ثقةٍ، فتدليسُه وترسيلُه مقبولٌ، فمراسيل سعيد بن المسيب، ومحمد بن سيرين، وإبراهيم النَخَعي عندهم صحاح ... إلخ "الجوهر النقي". =

يطوفُ طوافين، ويسعى سعيين، وهل تعرف عليًا من هو؟!: ¬

_ = قلت: فثبت من كلام العلامة تعدد الطواف والسعي للقارن كلاهما، ولله الحمد، وإنما اكتفينا بهذا القدر لأن لنا في اقتداء علي، وابن مسعود، كفاية، وأثرهما قد رُوي من غير وجه، بعضه ضعيف، وبعضه قوي، وقد أتى العلامة بأسانيدهما ما لا شك في ثبوتها، فليراجع "الجوهر النقي". وعندي مذكرة للشيخ رحمه الله في طواف القارن، وكنت قد نقلتُها من قبل، ووقع في النقل سقط أيضًا، ومع هذا اغتنمت ذكرها هنا بلفظه فليُغتنم، وليستدرك السقط من أمكن له ذلك (*). قال: حديث ابن عمر، "ثم قدم، فطاف لهما طوافًا واحدًا"، أكثر ألفاظِهِ وطرقِهِ تدل على أنه الطواف عند القدوم، وكان واحدًا لهما، وهو من باب قوله: "ما شأن الحج والعمرة إلا واحدًا، فكذا إحرامهما، وإحلالهما لا غيرهما، سواء كان للعمرة، واندَرَج فيه القدوم، كما عند الحنفية، أو عكسه كما هو مذهب الشافعية، على ما حُكي عن "مختصر المُزَني"، وكذلك هو في "الأم"، وإنما تركه ليكونَ أمرُ الناس واحدًا في ثلاثة أطواقه. ونظرنا نظير ترجمة البخاري: باب المعتمر إذا طاف طواف العمرة، ثم خرج، هل يجزئه من طواف الوداع، وما عند البخاري: عن ابن عمر أنه طاف طوافًا واحدًا، ثم يقبل، ثم يأتي مِنىً -يعني يوم النحر- ودفعه عبد الرزاق، قال: حدثنا عبيد الله (**)، وما عنده: 243، وكان يقول: لا يحل حتى يطوف طوافًا واحدًا يوم يدخل مكة، ظاهر في أنَّه طواف يوم النحر، وعليه مشى في "الفتح" "والإِرشاد"، فعندهم هذا الطواف لهما، وعندنا للحِل منهما، وراجع ما نقله في "الفتح" من طواف القارن عن مالك، وفي "الأم" من باب الاضطباع أنه للحل فتوى ابن عباس في خلاف الترتيب من "الفتح" تكلم في إسناده هناك، وسكت. وأرجعه محمد في "الموطأ" على قول أبي حنيفة، إلى خَصلة، وهي سُوءُ الترتيب في الحلق، وراجع "الجوهر النقي" (وفي كلام الطحاوي أن طواف الزيارة إنما هو في حال الإِحرام)، وعند مسلم في رواية القطان، "ثم طاف لهما طوافًا واحدًا بالبيت، وبين الصفا والمروة، ثم لم يحل منهما حتى أحل منهما بحجة يوم النحر"، وفي رواية: وكان يقول: "من جمع بين الحج والعمرة كفاه طواف واحد، ولم يحل حتى يحل منهما جميعًا"، فهذه على المحمل الأول. والحاصل: أن أكثرَ الروايات على هذا المحمل، ولذا استشكله في "الفتح"، وما عند البخاري، فلعله على المحمل الثاني. فقد جاءت الروايات على كلا المحملين، ولا يضر الحنفية. ورواية الدَّرَاوَرْدِي عند الترمذي إن كانت كلمة "حتى" فيها للغاية، فعلى المحمل الأول، وإن كانت بمعنى "كي" فعلى المعنى الثاني، ولا يلومُ أنْ تحمل الروايات كلها على معنى. وهذا إنما كان ابن عمر يفعله إذا كان قادمًا، وإذا كان مقيمًا بمكة، فكان يفعل ما في "الموطأ" من باب إهلال أهل مكة، ومن بها من غيرهم، وفعل ذلك عبد الله بن عمر، فكان يُهل لهلال ذي الحَجة من مكة، ويؤخر الطوافَ بالبيت، والسعيَ بين الصفا والمروة، حتى يرجع من مِنىً. اهـ. فإن قلت: إذا كان الإجزاء بالطواف الواحد ثبتَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فما اعتناءُ الرواة بفعل ابن عمر؟ قلت شاهدوا فعلَه، ومنه أخذوا أنَه قال: "هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله". اهـ. وقال مالك قبله: وقد فعل ذلك أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين أهلوا بالحج، فأخَّرُوا الطواف بالبيت، والسعيَ بين الصفا والمروة، حتى رجعوا من مِنىً. اهـ. وهذا ردٌّ على صاحب "الهدي" في زعمه أن المتمتعين في ذلك العام لم يسعَوا ثانيًا، وذلك يجوز في رواية عن أحمد. ويرد عليه أيضًا ما عند البخاري عن ابن عباس، وما عند أبي داود، وكذا ما عند الطَّيَالسي من حديث جابر في الطواف الواحد، والسعي الواحد، ولو متمتعًا على رواية أبي داود، فمحمولٌ على معنىً أنه لم يسع كلهم على طريق سلب العموم لا عمومه، أي مع الأمير جماعة، بل كل على حِيَاله ارسالًا بعد قطع التلبية، فإنها لا تليقُ عند الجمرة. وكأن القطع عندهما للإِشارة إلى الإِرسال. =

*هذا الذي تعرِفُ البطحاءُ وطأَتَه، ... والبيتُ يعرِفِهُ والحِلُّ والحَرَمُ! ¬

_ = ثم إن كل من حَمَلَ حديث جابر عند مسلم: "لم يطف النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه بين الصفا والمروة، إلا طوافًا واحدًا"، طوافَه الأول على السعي، ولم يفرق بين مَنْ كان قارنًا، أو مفردًا، وبين من كان متمتعًا، فكأنه أراد كون السعي لنُسُك واحد واحدًا، أي لا يتكرر السعي لنسك واحد. (وراجع حديث: "الاستجمارتو، والسعي من النهاية، وتكراره لنسك واحد، غير مشروع عند الحنفية أيضًا، كما في "الدر المختار"، وكذا تكرار الرَّمَل. وراجع "فتاوى ابن تيمية"، أو يريدُ أنَّ السعيَ كان للحج، فجعله النبي - صلى الله عليه وسلم - للعمرةِ بعد ختم الأشوَاط على المروة، إذ ذاك سعيًا. وكان القياس أن يستأنِفَ، ولم يرو نفيُ السعي الثاني في يوم النحر، فما فُعِلَ للحج احتُسِبَ للعمرة، وهو نادر فحكوه، وأرادُوا هذا)، فإذا كان هناك نُسُكان لزم سعيان، كالمتمتع، وبهذه الإِرادة يَصدُقُ حديث جابر على كل محرمٍ، ويتعينُ أن يكونَ مرادُهم ذلك، فإنَّ بعضهم، كالبيهقي، على ما في "الجوهر النقي" يَحمِلُ الطواف في بعض الروايات على السعي، ويزعم أن هذا كاف في رفع الإِشكال، مع إنَّ عندهم يلزمُ السعي الثاني للمتمتع. وهذا قد قاله البيهقي، كابن القيم. في حديث عائشة، "وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحدًا". اهـ. وراجع ما في "الفتح" وما عند مالك في دخول الحائض مكة، وإفراد الحج أيضًا، من البخاري و"المسند"، وما عند الطحاوي في طواف القارن عن ابن عمر، وإذا لبى من مكة بها، لم يرمل بالبيت، وأخَّرَ الطواف بين الصفا والمروة إلى يوم النحر، وكان لا يرمل يوم النحر. اهـ. وكأنه أخذه من تركه - صلى الله عليه وسلم - الرَّمَل إذ ذاك، وإنما كان تركه لكونه طاف راكبًا. وفي "رد المختار" عن "غاية السروجي" أن القارن لا يَرمُل ثانيًا، وهو خلاف ما عليه الأكثر أنه في كل طوافٍ بعده سعيٌ، وطوافه راكبًا للاشتكاء، كما في "التخريج"، وخلافه ص 749 ج 2 على خلاف ظاهر هشيم عن يزيد بن أبي زياد في "المسند" ص 214 - ج 1، وحجامته محرمًا بلحى الجمل، إنما كان في إحدى عمره، كما في "الهدي" لا في حجة الوداع، كما في "الفتح"، وراجعه ص 155 - ج 4، [كما في "الأم - والهدي"، وعبد الرحمن بن أذينة عند الطحاوي، ذكره البخاري، وزياد بن مالك في "الكسائي"، وأبا الفراء السلمي في "الطبقات" والمنفعة، ومالك بن الحارث بها، وفي "التهذيب" وفي "اللسان" من عبد الرحمن، وأبيه أبي نصر بن عمرو)، وما في "الفتح" حَلَفَ طاوسٌ ما طاف أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحجه وعمرته، إلا طوافًا واحدًا. اهـ. فطاوس ممن يروي أن طوافه - صلى الله عليه وسلم - للزيارة إنما كان بالليل، ومع هذا يوجه بما مر. وفي "الجوهر النقي" عن "مسند الشافعي" عن عطاء أنه عليه الصلاة والسلام سعى في عُمَرِه كلهن الأربع بالبيت والصفا والمروة. اهـ. ومثله في "الفتح" من حديث أبي سعيد عند الحاكم، بإسقاط عمرة الحُدَيبِية، ولعل عطاء أرادَ بالعمرة الرابعة حجَته تغليبًا. ورأيته في "الأم" ونسخة -الهند، ومصر- من "المسند" بزيادة: إلا أنهم رووه في الأولى والرابعة من الحديبية، ولعله أراد بالأولى والرابعة عُمرة الحديبية، صعودًا وهبوطًا في التعداد. وراجع الروايات، طواف الراكب في "الأم"، فهي شافية في تعدد سعيه - صلى الله عليه وسلم -، وص 214 من "التلخيص"، وأبو الطفيل وُلد عام أُحد، ورآه النبي - صلى الله عليه وسلم - يطوف على راحلته، وهو غلامٌ شابٌ، كما في "المسند" وأبي داود. واعلم أنَّه كان القياس أن يطوفَ القارِنُ طوافين عند القدوم للعمرة والحج، ولم يقع هناك إلا واحد فحكوه، لا يحتاج إلى اعتبار التداخل أيضًا، بل حَكوا ما وقع. وأما المتمتع فانفَصَل فيه أحدهما عن الآخر، وتميَّز، فقوله: "كفاه طواف واحد"، أي لم يقع إلا واحدٌ، سواء اعتُبر عنهما، أو عن العمرة فقط. وقولها: "وأما الذين جمعوا بين الحج، فإنَّما طافوا طوافًا واحدًا"، أي عنهما وعنهما، لا بالإِفراد على حدة، كما يقال: لا بد من اثنين واثنين. فقيل: كفى واحد، أي في الموضعين، لا أريد التكرارَ في واحد، إنما أريد تَنَاولَه للاثنين من الطواف ضربة، فالواحدُ مرتين، وفي كل مرة عنهما، ولا تريد الوحدة عددًا. وراجع في عدم الفسخ خلافَه، و"الفتح" نظيرًا، وراجع "الفتح"، وفي أطوفته ماشيًا: من "الصحيح". =

78 - باب الطواف على وضوء

هو العمدةُ والأُسوةُ في هذا الباب، فإنه أحرَمَ بإِحرام النبي صلى الله عليه وسلّم وصاحبه، ورافقه في حَجِّه، فلم يكنْ ليتركَ ما فعَلَه النبي صلى الله عليه وسلّم أو يفعلَ ما لم يفعله صلى الله عليه وسلّم ثم لما كان من مذهبه ما قد علمت، علم أنه لا بُدَّ أن يكون عنده أُسوة من النبي صلى الله عليه وسلّم أو عهد به، فإنَّه إنما تعلَّمَ ما تعلَّم منه، وطاف على طوافه. والحافظ أيضًا أقرَّ بكون أسانيدها صالحة للاحتجاج. ولإِثبات تعدّدِ السعي طريقٌ آخر سَلَكَه العلامة القاضي. ثناء الله الفاني فتى في «تفسيره»، وقد ذكرناه في درس الترمذي (¬1). 78 - باب الطَّوَافِ عَلَى وُضُوءٍ 1641 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ الْقُرَشِىِّ أَنَّهُ سَأَلَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ قَدْ حَجَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَتْنِى عَائِشَةُ - رضى الله عنها - أَنَّهُ أَوَّلُ شَىْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَكَانَ أَوَّلَ شَىْءٍ بَدَأَ بِهِ ¬

_ = (*) ثلاث قطعات من عبارة حضرة الشيخ إمام العصر، كانت مكتوبةٌ على هامش الأصل من غير تعيينٍ لمواضعها فأدرجتها في الأصل بما سنح لي من المواضع الملائمة لها. وتعيينُ مواضعها باليقين، كان منوطًا بالمراجعةِ إلى ما أحالَ عليه الشيخ، وأنى يتحملُ وقتنا ذلك، وجعلت هذه العبارة المدرجة كل منها بين الخطين -أي حاصرتين-. ويا ليت لو أغنانا فضيلة الجامع عن ذلك؟! (المصحح). (**) هكذا في الأصل المنقول من مذكرة الشيخ رحمه الله، وههنا سقط، كما لا يخفى. (المصحح). (¬1) قلت: وقد ذكر الشيخ ما يتعلق به، ويُوضِحُه زيادة توضيح في باب الزيارة يوم النحر، فأنا آتيك به، ليكون الكلام عندك في موضع واحد. قال: إن الرواة اختلفوا في تعيين مصداق لفظ ابن عمر، فجعله بعضهم طواف القدوم -كما مر- وبعضهم طواف الزيارة، ولا حجة لهم فيه، ما لم يترجح أحدهما، ولنا أن نقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن طاف لهما طوافين، إلا أنهما لم يكونا متميزين، أن أيهما للحج، وأيهما للعمرة، وذلك لعدم تخللِ الحِلِّ بينهما، فعبَّر عنه الراوي هكذا، كأنه طاف لهما طوافًا واحدًا، أي لكل واحد منهما طوافًا طوافًا، ولكنه جعل الواحدَ عن الاثنين في العبارة، لعدم تمييزهما عنده في الحِسِّ. وبعبارة أخرى: إن طوافَه الواحدَ كان عن الحج والعمرة، لعدم التمييز لا لعدم التعدد، فإن شئتَ اعتبرتَه عن الحج اعتبرت، وإن شئت أن تجعلَه عن العمرة جعلت. والحاصل: أنه طاف لهما ضربةٌ واحدة طوافًا. ونُوضِحُ لك مزيد الإِيضاح: أن الذين أهلوا بالعمرة، ثم بالحج، وأحلوا في الوسط كان طوافُهم للعمرة متميزًا عن طوافهم للحج، لتخلل الحِلِّ في البين، فصح أن تقول: إن هذا للعمرة، وهذا للحج، ولا يصحُّ فيهم أن تقول: طافوا طوافًا واحدًا، كيف! وقد طافوا طوافين حِسًّا، بخلاف القَارِنين، فإنهم أهلوا للحج والعمرة معًا، ثم دخلوا في الأفعال، ولم يُحلوا حتى طافوا طواف الزيارة، فلم يتميز طوافُهم للحج عن طوافهم للعمرة، وإذا لم يتميز أحدهما عن الآخر في الحِس، عبَّر عنه الراوي بالطواف الواحد، فهم فهموا أنه طاف لهما طوافًا واحدًا حقيقة، ونحن فهمنا أنه طاف لكل منهما طوافًا، إلا أنه عبَّر الراوي عنه كذلك، لعدم التمييز حِسًّا، وبعبارة أخرى هم جعلوا الطواف الواحدَ مسألةً، ونحن جعلناه تعبيرًا، لما ثبتَ عندنا تعدُّد الأطوفة من الخارج عن القارنين. وبالجملة: إن الواحدَ عندنا في مقابلة الثاني، والمعنى أنه طاف للحج طوافًا واحدًا، ولم يطف له ثانيًا. وكذلك للعمرة فطاف لها واحدًا، ولم يطف لها ثانيًا، فثبت أنه طاف لهما طوافًا واحدًا بهذا المعنى أيضًا.

79 - باب وجوب الصفا والمروة، وجعل من شعائر الله

الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً. ثُمَّ عُمَرُ - رضى الله عنه - مِثْلُ ذَلِكَ. ثُمَّ حَجَّ عُثْمَانُ - رضى الله عنه - فَرَأَيْتُهُ أَوَّلُ شَىْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةٌ، ثُمَّ مُعَاوِيَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، فَكَانَ أَوَّلَ شَىْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةٌ، ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةٌ، ثُمَّ آخِرُ مَنْ رَأَيْتُ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُضْهَا عُمْرَةً، وَهَذَا ابْنُ عُمَرَ عِنْدَهُمْ فَلاَ يَسْأَلُونَهُ، وَلاَ أَحَدٌ مِمَّنْ مَضَى، مَا كَانُوا يَبْدَءُونَ بِشَىْءٍ حَتَّى يَضَعُوا أَقْدَامَهُمْ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لاَ يَحِلُّونَ، وَقَدْ رَأَيْتُ أُمِّى وَخَالَتِى، حِينَ تَقْدَمَانِ لاَ تَبْتَدِئَانِ بِشَىْءٍ أَوَّلَ مِنَ الْبَيْتِ، تَطُوفَانِ بِهِ، ثُمَّ لاَ تَحِلاَّنِ. طرفه 1614 - تحفة 16390 - 193/ 2 1642 - وَقَدْ أَخْبَرَتْنِى أُمِّى أَنَّهَا أَهَلَّتْ هِىَ وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ وَفُلاَنٌ وَفُلاَنٌ بِعُمْرَةٍ، فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا. طرفاه 1615، 1796 79 - باب وُجُوبِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَجُعِلَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ 1643 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ عُرْوَةُ سَأَلْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقُلْتُ لَهَا أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] فَوَاللَّهِ مَا عَلَى أَحَدٍ جُنَاحٌ أَنْ لاَ يَطُوفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. قَالَتْ بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا ابْنَ أُخْتِى إِنَّ هَذِهِ لَوْ كَانَتْ كَمَا أَوَّلْتَهَا عَلَيْهِ كَانَتْ لاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَتَطَوَّفَ بِهِمَا، وَلَكِنَّهَا أُنْزِلَتْ فِى الأَنْصَارِ، كَانُوا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ الَّتِى كَانُوا يَعْبُدُونَهَا عِنْدَ الْمُشَلَّلِ، فَكَانَ مَنْ أَهَلَّ يَتَحَرَّجُ أَنْ يَطُوفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا أَسْلَمُوا سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآيَةَ. قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - وَقَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا، فَلَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا. ثُمَّ أَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ إِنَّ هَذَا لَعِلْمٌ مَا كُنْتُ سَمِعْتُهُ، وَلَقَدْ سَمِعْتُ رِجَالاً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، يَذْكُرُونَ أَنَّ النَّاسَ إِلاَّ مَنْ ذَكَرَتْ عَائِشَةُ مِمَّنْ كَانَ يُهِلُّ بِمَنَاةَ، كَانُوا يَطُوفُونَ كُلُّهُمْ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ فِى الْقُرْآنِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنَّا نَطُوفُ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ، فَلَمْ يَذْكُرِ الصَّفَا فَهَلْ عَلَيْنَا مِنْ حَرَجٍ أَنْ نَطَّوَّفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآيَةَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَأَسْمَعُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِى الْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا فِى الَّذِينَ كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بِالْجَاهِلِيَّةِ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَالَّذِينَ يَطُوفُونَ ثُمَّ تَحَرَّجُوا أَنْ يَطُوفُوا بِهِمَا فِى الإِسْلاَمِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَلَمْ

80 - باب ما جاء فى السعى بين الصفا والمروة

يَذْكُرِ الصَّفَا حَتَّى ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا ذَكَرَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ. أطرافه 1790، 4495، 4861 - تحفة 16471 - 194/ 2 والسعي بينهما واجبٌ عندنا، وركنٌ عند آخرين. 1643 - قوله: (نزلت في الفريقين كليهما) ... إلخ، وهي ثلاث فرق في سياق مسلم، فيقال إنها نزلت فيهم أجمعين (¬1). وحاصل الحديث أن عُروة تمسَّك على عدم وجوبه بقوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ}، وإجابته عائشة ببيانها نُكتة بلاغية فيه، وساقت قِصتَه لإِيضاحها فقط. قوله: (إلا من ذكرت عائشة) ... إلخ، جملة معترضة بين اسم «إن» وخبرها. وهذا الاستثناء بعد ما سمعها تقول: «إن الآية نزلت في رجال من الأنصار خاصة». 80 - باب مَا جَاءَ فِى السَّعْىِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - السَّعْىُ مِنْ دَارِ بَنِى عَبَّادٍ إِلَى زُقَاقِ بَنِى أَبِى حُسَيْنِ. 1644 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا طَافَ الطَّوَافَ الأَوَّلَ خَبَّ ثَلاَثًا وَمَشَى أَرْبَعًا، وَكَانَ يَسْعَى بَطْنَ الْمَسِيلِ إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. فَقُلْتُ لِنَافِعٍ أَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَمْشِى إِذَا بَلَغَ الرُّكْنَ الْيَمَانِىَ قَالَ لاَ. إِلاَّ أَنْ يُزَاحَمَ عَلَى الرُّكْنِ فَإِنَّهُ كَانَ لاَ يَدَعُهُ حَتَّى يَسْتَلِمَهُ. أطرافه 1603، 1604، 1616، 1617 - تحفة 8082 1645 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنه - عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ فِى عُمْرَةٍ، وَلَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَيَأْتِى امْرَأَتَهُ فَقَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، فَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعًا {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]. أطرافه 395، 1623، 1627، 1647، 1793 - تحفة 7352 - 195/ 2 1646 - وَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - فَقَالَ لاَ يَقْرَبَنَّهَا حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. أطرافه 396، 1624، 1794 - تحفة 2544 1647 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ¬

_ (¬1) تكلم عليه الحافظ مبسوطًا، وقال في آخره: ويحتمل أن الأنصار في الجاهلية كانوا فريقين، واشتركا الفريقان في الإِسلام على التوقف عن الطواف بينهما، لكونه كان عندهم جميعًا من أفعال الجاهلية، فيجمع بين الروايتين لهذا، وقد أشار إلى نحو هذا الجمع البيهقي. انتهى ملخصًا. "فتح الباري".

81 - باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت وإذا سعى على غير وضوء بين الصفا والمروة

قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ تَلاَ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]. أطرافه 395، 1623، 1627، 1645، 1793 - تحفة 7352 1648 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ قَالَ قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ السَّعْىَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَ نَعَمْ. لأَنَّهَا كَانَتْ مِنْ شَعَائِرِ الْجَاهِلِيَّةِ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158]. طرفه 4496 - تحفة 929 1649 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ إِنَّمَا سَعَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِيُرِىَ الْمُشْرِكِينَ قُوَّتَهُ. زَادَ الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو سَمِعْتُ عَطَاءً عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ طرفه 4257 - تحفة 5943 بوّب المصنِّفُ على كيفيته. فالرَّمَل هو العَدْو، مع هذّ الكتفين. والسعي هو الإِسراع بين المِيْلين الأخضرين. وقد تعرض الشارحان إلى سدهما. 81 - باب تَقْضِي الْحَائِضُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلاَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَإِذَا سَعَى عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ 1650 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ قَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَلاَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالَتْ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «افْعَلِى كَمَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِى بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِى». طرفه 294. 1651 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ. قَالَ وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ أَهَلَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِالْحَجِّ، وَلَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ هَدْىٌ، غَيْرَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَطَلْحَةَ، وَقَدِمَ عَلِىٌّ مِنَ الْيَمَنِ، وَمَعَهُ هَدْىٌ فَقَالَ أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَصْحَابَهُ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، وَيَطُوفُوا، ثُمَّ يُقَصِّرُوا وَيَحِلُّوا، إِلاَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْىُ، فَقَالُوا نَنْطَلِقُ إِلَى مِنًى، وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ، فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلاَ أَنَّ مَعِى الْهَدْىَ لأَحْلَلْتُ». وَحَاضَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - فَنَسَكَتِ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا، غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تَطُفْ بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا طَهُرَتْ طَافَتْ بِالْبَيْتِ. قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَنْطَلِقُونَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، وَأَنْطَلِقُ بِحَجٍّ فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرٍ

82 - باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج إلى منى

أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرَتْ بَعْدَ الْحَجِّ. أطرافه 1557، 1568، 1570، 1785، 2506، 4352، 7230، 7367 تحفة 2405 - 196/ 2 1652 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ كُنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ، فَقَدِمَتِ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِى خَلَفٍ، فَحَدَّثَتْ أَنْ أُخْتَهَا كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثِنْتَىْ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَكَانَتْ أُخْتِى مَعَهُ فِى سِتِّ غَزَوَاتٍ، قَالَتْ كُنَّا نُدَاوِى الْكَلْمَى وَنَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى. فَسَأَلَتْ أُخْتِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ هَلْ عَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ لاَ تَخْرُجَ قَالَ «لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا، وَلْتَشْهَدِ الْخَيْرَ، وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ». فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - سَأَلْنَهَا - أَوْ قَالَتْ سَأَلْنَاهَا - فَقَالَتْ وَكَانَتْ لاَ تَذْكُرُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ قَالَتْ بِأَبِى. فَقُلْنَا أَسَمِعْتِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ كَذَا وَكَذَا قَالَتْ نَعَمْ بِأَبِى. فَقَالَ «لِتَخْرُجِ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ - أَوِ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ - وَالْحُيَّضُ، فَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ، وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى». فَقُلْتُ الْحَائِضُ. فَقَالَتْ أَوَ لَيْسَ تَشْهَدُ عَرَفَةَ، وَتَشْهَدُ كَذَا وَتَشْهَدُ كَذَا أطرافه 324، 351، 971، 974، 980، 981 - تحفة 18118، 18389 أ واعلم أن السعي إنَّما شُرِع عَقِبَ الطواف، فإذا حُجِرن هؤلاء عن الطواف للعذر، حُجِرن عن السعي أيضًا، فإنَّ السعي بدون الطواف غير معهود. ولذا نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عائشة أنْ تسعى بين الصفا والمروة، فإنَّها كانت حائضةً، وهي لا تطوف بالبيت، فحُجِرت عن السعي أيضًا. 1651 - قوله: (وليس مع أحدٍ منهم هديٌ غير النبي صلى الله عليه وسلّم وطلحة) ... إلخ، قلتُ: وقد ثبتَ خمسةٌ أو ستةُ نفرٍ غيره صلى الله عليه وسلّم أيضًا الذين كان معهم هَدْي. قوله: (فقالوا: ننطلق إلى منى، وذكر أحدنا يقطر منيًا) ... إلخ، وهذا هو وجه الكراهية التي كنت نبَّهتُ عليه، لا لأنهم كانوا يعدون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور. قوله: (لو استقبلت من أمري) ... إلخ، استدل به الحنابلة على أنَّ التمتعَ أفضلُ، وقد مرّ مني وجه التمني. 82 - باب الإِهْلاَلِ مِنَ الْبَطْحَاءِ وَغَيْرِهَا لِلْمَكِّيِّ وَلِلْحَاجِّ إِذَا خَرَجَ إِلَى مِنًى وَسُئِلَ عَطَاءٌ عَنِ الْمُجَاوِرِ يُلَبِّى بِالْحَجِّ؟ قَالَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يُلَبِّى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ إِذَا صَلَّى الظُّهْرَ، وَاسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه: - قَدِمْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَحْلَلْنَا حَتَّى يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، وَجَعَلْنَا مَكَّةَ بِظَهْرٍ، لَبَّيْنَا بِالْحَجِّ. وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ: أَهْلَلْنَا مِنَ الْبَطْحَاءِ. وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ جُرَيْجٍ لاِبْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما -: رَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْهِلاَلَ وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ! فَقَالَ: لَمْ أَرَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ.

83 - باب أين يصلى الظهر يوم التروية

وهي المُحصَّبُ، ويقال لها: خَيف بني كِنانة، علم بالغلبة. وقد مر من مذهب المصنف أنه لا يجبُ عنده لمن أهلَّ بالعمرة أن يخرجَ إلى الحِلِّ. قوله: (حتى تنبعث به راحلته)، واعلم أنَّ ابن عمر كان يُهلُّ يومَ التَّرويه، ولا يجوزُ تأخيرُ الإِحرامِ بعده، وإنما كان يُهل بهذا التأخير علمًا منه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يُحرم إلا إذا دخل في السير، وانبعثت به راحلته. والمكي لمّا كانت بداية سيره لحجته يوم الترويه، وجب له أنْ يُحرِم في ذلك اليوم. والحاصل: أنه فَهِم أنَّ الأفضلَ الإِهلالُ عند بداية السير، وهي للمكي من يوم التروية. والأفضل عندنا أن يقدِّم إحرامَه. وقد علمتَ أنَّ قياسَه على إهلاله صلى الله عليه وسلّم قياس مع الفارق عندنا، كما مر في كتاب الوضوء. 83 - باب أَيْنَ يُصَلِّى الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ 1653 - حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قُلْتُ أَخْبِرْنِى بِشَىْءٍ عَقَلْتَهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَيْنَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ قَالَ بِمِنًى. قُلْتُ فَأَيْنَ صَلَّى الْعَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ قَالَ بِالأَبْطَحِ. ثُمَّ قَالَ افْعَلْ كَمَا يَفْعَلُ أُمَرَاؤُكَ. طرفاه 1654، 1763 - تحفة 988 - 197/ 2 1654 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ لَقِيتُ أَنَسًا. وَحَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ خَرَجْتُ إِلَى مِنًى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ فَلَقِيتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - ذَاهِبًا عَلَى حِمَارٍ فَقُلْتُ أَيْنَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - هَذَا الْيَوْمَ الظُّهْرَ فَقَالَ انْظُرْ حَيْثُ يُصَلِّى أُمَرَاؤُكَ فَصَلِّ. طرفاه 1653، 1763 - تحفة 988 84 - باب الصَّلاَةِ بِمِنًى 1655 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ صَدْرًا مِنْ خِلاَفَتِهِ. طرفه 1082 - تحفة 7307 1656 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِىِّ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الْخُزَاعِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى بِنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ أَكْثَرُ مَا كُنَّا قَطُّ وَآمَنُهُ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ. طرفه 1083 - تحفة 3284 ولما كان ذو النورين يتم صلاته في مِنىً في آخر خلافته، وإن كان يقصرها أولا، بوّب عليها المحدثون، وإلا ليست إليه حاجة، لظهور أمرها، فإنَّه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم ولا عن الشيخين غيرُ القصر. وما ثبتَ عن عثمان آخرًا فبالتأويلات التي بسطها أبو داود، والطحاوي،

85 - باب صوم يوم عرفة

وليس علينا تصحيحها، وهذا يَدل على أنَّ القصرَ عنده أيضًا كان رخصةَ إسقاطٍ لا ترفيه، كما زعمه الشافعية. ولما استشعَرُوا بأن تأويلَه في القصر يخالفُهم، جعلوا يناقضونها، وينقضون عليها. قلنا: لا نبحثُ في تلك التأويلات كيف هي؟ ولكن ثبت منها أنَّ عثمانَ لم يكن يترخَّصُ بالإِتمام، إلا بعد التأويل، وذلك يخالف مذهبَهم. ومن الحنفية من اشتَغَلَ بالأجوبة عن تلك الإِيرادات، مع أنها لو وردت لوردت على عثمان، فلينظر الشافعية، أنهم على مَنْ يورِدُون. 1656 - قوله: (ونحن أكثر ما كنا قط وآمَنُه) ... إلخ، أي آمن ما كنا، فالضمير راجع إلى «ما كنا»، لكونه في تأويل المصدر، وإلا فالضمير لا يرجعُ إلى الحروف، وإن لم يكتُبوه، وإنما يتعرضون إلى الأمن ليُعلم أنَّ الخوفَ المذكورَ في النص ليس شرطًا للقصر، وإن جاء ذِكرُه في السياق. 1657 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ عُمَرَ - رضى الله عنه - رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُّرُقُ، فَيَا لَيْتَ حَظِّى مِنْ أَرْبَعٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ. طرفه 1084 - تحفة 9383 - 198/ 2 1657 - قوله: (فيا ليت حظي من أربع، ركعتان متقبلتان)، واعلم أن ابن مسعود كان يُصلي خلفَ عثمان أربعًا، لصحة الاقتداء في المسائل المجتهد فيها، كما مر مبحثه في الطهارة. ونقل الحافظ ابن تيمية الإِجماعَ على صحة اقتداء حنفيَ بشافعي، وكذلك كل صاحب مذهب بصاحبِ مذهب آخر، وصرح أن هذا هو مذهب الإِمام أبي حنيفة. ومع ذلك نجدُ في «الدر المختار» خلافَه، فذهب إلى أنه لا يصح. قلتُ: كيف مع أن الدينَ واحد، والنبيَّ واحدٌ، والقبلة واحدةٌ، فبعيدٌ كل البعدِ أنْ لا يصح اقتداءُ حنفيَ بشافعي في أمر الصلاة التي هي من أهم مُهمات الدين. وراجع «فتح القدير» من كتاب القضاء، والوتر، وقد مر الكلام فيه مبسوطًا، وراجع «الهداية». 85 - باب صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ 1658 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنَا سَالِمٌ قَالَ سَمِعْتُ عُمَيْرًا مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ شَكَّ النَّاسُ يَوْمَ عَرَفَةَ فِى صَوْمِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَعَثْتُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِشَرَابٍ فَشَرِبَهُ. أطرافه 1661، 1988، 5604، 5618، 5636 - تحفة 18054 86 - باب التَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ إِذَا غَدَا مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ 1659 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ:

87 - باب التهجير بالرواح يوم عرفة

أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَهُمَا غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ فِى هَذَا الْيَوْمِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ كَانَ يُهِلُّ مِنَّا الْمُهِلُّ فَلاَ يُنْكِرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ مِنَّا الْمُكَبِّرُ فَلاَ يُنْكِرُ عَلَيْهِ. طرفه 970 - تحفة 1452 87 - بابُ التَّهْجِيرِ بِالرَّوَاحِ يَوْمَ عَرَفَةَ 1660 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ قَالَ كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنْ لاَ يُخَالِفَ ابْنَ عُمَرَ فِى الْحَجِّ، فَجَاءَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنه - وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، فَصَاحَ عِنْدَ سُرَادِقِ الْحَجَّاجِ، فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُعَصْفَرَةٌ فَقَالَ مَا لَكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ الرَّوَاحَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ. قَالَ هَذِهِ السَّاعَةَ قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَأَنْظِرْنِى حَتَّى أُفِيضَ عَلَى رَأْسِى ثُمَّ أَخْرُجَ. فَنَزَلَ حَتَّى خَرَجَ الْحَجَّاجُ، فَسَارَ بَيْنِى وَبَيْنَ أَبِى، فَقُلْتُ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فَاقْصُرِ الْخُطْبَةَ وَعَجِّلِ الْوُقُوفَ. فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ صَدَقَ. طرفاه 1662، 1663 - تحفة 6916 88 - بابُ الْوُقُوفِ عَلَى الدَّابَّةِ بِعَرَفَةَ 1661 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى النَّضْرِ عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنَّ نَاسًا اخْتَلَفُوا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِى صَوْمِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ صَائِمٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ بِصَائِمٍ. فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهْوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ فَشَرِبَهُ. أطرافه 1658، 1988، 5604، 5618، 5636 - تحفة 18054 - 199/ 2 وهو أفضل، وجاز الوقوف على الأرجل أيضًا. 89 - باب الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ بِعَرَفَةَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلاَةُ مَعَ الإِمَامِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا. 1662 - وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ عَامَ نَزَلَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ - رضى الله عنهما - سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ - رضى الله عنه - كَيْفَ تَصْنَعُ فِى الْمَوْقِفِ يَوْمَ عَرَفَةَ فَقَالَ سَالِمٌ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فَهَجِّرْ بِالصَّلاَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ صَدَقَ. إِنَّهُمْ كَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِى السُّنَّةِ. فَقُلْتُ لِسَالِمٍ أَفَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ سَالِمٌ وَهَلْ تَتَّبِعُونَ فِى ذَلِكَ إِلاَّ سُنَّتَهُ طرفاه 1660، 1663 - تحفة 6916، 6890 وهو من النُّسك عندنا، فيشمَلُ المقيم، والمسافر. وعند بعضهم للسفر، فيختصُّ بالمسافرين. قلتُ: ولم يثبت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ولا عن الصحابة أنهم أتموا بعرفة، أو أمروا أحدًا

90 - باب قصر الخطبة بعرفة

ممن اقتدى بالإِتمام، على سُنة الإِمام المسافر للمقيم، فإنْ كان هؤلاء مسافرين، أفكان أهلُ مكةَ وأمثالهم مسافرين؟، ولم نجد نقلا في ذخيرة الحديث أنْ يكونَ أعلنَ بعرفة لأهل مكة، بأن أتموا صلاتكم، مع أن عمر لما صلى في مكة بأهلها، نادى بعد الصلاة أن أتموا صلاتَكم. فإِنا قوم سَفْرٌ. فلو كان الجمعُ هنا لأجل السفر لنادى به أيضًا، ليتم أهل مكة صلواتهم، فدل على أنه كان من النُّسك، فلذا استوى فيه أهل مكة وغيرهم، ولم يحتج إلى نداء بينهم. وقد ذكرنا فيما مر الفرقَ بين أحكام الجمع بعرفة، والجمع بالمزدلفة، حيث يُشترطُ الإِمامُ للأول دون الثاني. وكذلك في شرائط أخرى. والوجه في الأمر بإِعادةِ المغرب إنْ صلاها قبل العشاء إلى الفجر خاصة، وأنها لماذا تنقلبُ بعده صحيحةً مع الكراهة؟. 90 - باب قَصْرِ الْخُطْبَةِ بِعَرَفَةَ 1663 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ كَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنْ يَأْتَمَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِى الْحَجِّ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ جَاءَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - وَأَنَا مَعَهُ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ أَوْ زَالَتْ، فَصَاحَ عِنْدَ فُسْطَاطِهِ أَيْنَ هَذَا فَخَرَحَ إِلَيْهِ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ الرَّوَاحَ. فَقَالَ الآنَ قَالَ نَعَمْ. قَالَ أَنْظِرْنِى أُفِيضُ عَلَىَّ مَاءً. فَنَزَلَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - حَتَّى خَرَجَ، فَسَارَ بَيْنِى وَبَيْنَ أَبِى. فَقُلْتُ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُصِيبَ السُّنَّةَ الْيَوْمَ فَاقْصُرِ الْخُطْبَةَ وَعَجِّلِ الْوُقُوفَ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ صَدَقَ. طرفاه 1660، 1662 - تحفة 6916 ولو ترك المصنف لفظ «بعرفة» كان أحسن، فإنَّ تلك الخُطبة إنما هي خارج عَرَفة (¬1). 91 - باب التَّعْجِيلِ إِلَى الْمَوْقِفِ 92 - باب الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ 1664 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ كُنْتُ أَطْلُبُ بَعِيرًا لِى. وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ أَضْلَلْتُ بَعِيرًا لِى، فَذَهَبْتُ أَطْلُبُهُ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَاقِفًا بِعَرَفَةَ، فَقُلْتُ هَذَا وَاللَّهِ مِنَ الْحُمْسِ فَمَا شَأْنُهُ هَا هُنَا تحفة 3193 قال أبو عبد الله: يُزاد في هذا الباب: هم، هذا الحديث، ولفظ (هم) فارسي. وكان ¬

_ (¬1) قال الحافظ: قيد المصنِّفُ قصرَ الخطبة بعرفة اتباعًا للفظ الحديث. اهـ. فلا أدري ماذا وقع فيه من السهو مني، ولعله قاله في حديث آخر، ونقلته إلى حديث. والله تعالى أعلم.

93 - باب السير إذا دفع من عرفة

المصنف فارسيًا، وجرى على لسانه نحوه في مواضع من كتابه، كذلك أكثر المحدثين، كانوا يَعلَمون الفارسية، كأبي داود السَّجِسْتَاني، وهو معرب سبستان. وما كتبه ابن خلِّكَان فغلطٌ. والترمذي وإن كان مما وراء النهر، لكن كان يعرف الفارسية، كذلك ابن ماجه، وعبد الله بن المبارك، وكان الشيخ العيني يعلمُ التركي أيضًا، ولم يكن الحافظ يعلمها (ف). واعلم أن مَنْ وقف ببطنِ عَرَفة أجزأه، لكونها جزءٌ من عرفة، مع أن النهي ورد عن الوقوف فيها، وهذا يرجع إلى خِلافية أخرى، وهي النهيُّ عن الأفعال الشرعية، وبسْطُه في الأصول. 1665 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِى الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ عُرْوَةُ كَانَ النَّاسُ يَطُوفُونَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ عُرَاةً إِلاَّ الْحُمْسَ، وَالْحُمْسُ قُرَيْشٌ وَمَا وَلَدَتْ، وَكَانَتِ الْحُمْسُ يَحْتَسِبُونَ عَلَى النَّاسِ يُعْطِى الرَّجُلُ الرَّجُلَ الثِّيَابَ يَطُوفُ فِيهَا، وَتُعْطِى الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ الثِّيَابَ تَطُوفُ فِيهَا، فَمَنْ لَمْ يُعْطِهِ الْحُمْسُ طَافَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانًا، وَكَانَ يُفِيضُ جَمَاعَةُ النَّاسِ مِنْ عَرَفَاتٍ، وَيُفِيضُ الْحُمْسُ مِنْ جَمْعٍ. قَالَ وَأَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِى الْحُمْسِ {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: 199] قَالَ كَانُوا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ فَدُفِعُوا إِلَى عَرَفَاتٍ. طرفه 4520 - تحفة 19020، 19024، 17111 - 200/ 2 1665 - قوله: (ثم أفيضوا) ... إلخ، قالوا: إن «ثم» ههنا للتراخي ذكرًا. قلتُ: وليس كذلك، بل هي لقطعِهِ عن الأول، والتنبيه على أنَّه محطُّ الفائدة، فالمعنى أنكم أيها الحُمْس تؤدُّون مناسِككم على وجهها، إلا طواف الإِفاضة، فإنَّكم لستم فيه على صوابٍ وسنةٍ، فتوجَّهوا إليه أيضًا، وأفيضوا من حيث أفاض الناس. واعلم أنَّ من دأب إبليس أنه إذا أضل أحدًا عن سبيل الله يُحدِثُ في نفسه شبهات ووساوسَ، لتزل قدمٌ بعد ثُبُوتها، وإذا أرادَ تمكينَ باطل في صدره أوجدَ له مناسباتٍ ركيكة، فيستقر عليه لأجل تلك المناسبات، ويثلِجَ بها صدرُه. وهذا الذي عَرَضَ لعين القاديان - المرزا غلام أحمد القادياني - حيث جعل جهنَّم مأواه ومثوَاه وادّعى النبوةَ، فأوجد له شيطانه مناسباتٍ رَكيكة بين ختم النبوة، وادِّعاء نبوتِهِ وعيسويته، فألقَمَه علماء الإِسلام حجرًا، فخاب وخسر خسرانًا مبينًا. 93 - باب السَّيْرِ إِذَا دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ 1666 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ سُئِلَ أُسَامَةُ وَأَنَا جَالِسٌ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسِيرُ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ حِينَ دَفَعَ قَالَ كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ. قَالَ هِشَامٌ وَالنَّصُّ فَوْقَ الْعَنَقِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فَجْوَةٌ مُتَّسَعٌ، وَالْجَمِيعُ فَجَوَاتٌ وَفِجَاءٌ، وَكَذَلِكَ رَكْوَةٌ وَرِكَاءٌ. {مَنَاصٍ} [ص: 3] لَيْسَ حِينَ فِرَارٍ. طرفاه 2999، 4413 - تحفة 104

94 - باب النزول بين عرفة وجمع

هذا من باب الآداب، والإِصلاح، والتعليم بالسَّكِينة عند الزحام. ثم النص مضاعفٌ، والمناصُ أجوف، وبينهما اشتقاقٌ كبير، والمصنِّف ينتقلُ في مثلِ هذه المواضع من أحدهما إلى الآخر. 94 - باب النُّزُولِ بَيْنَ عَرَفَةَ وَجَمْعٍ 1667 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حَيْثُ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ مَالَ إِلَى الشِّعْبِ فَقَضَى حَاجَتَهُ فَتَوَضَّأَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُصَلِّى فَقَالَ «الصَّلاَةُ أَمَامَكَ». أطرافه 139، 181، 1669، 1672 - تحفة 115 1668 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ، غَيْرَ أَنَّهُ يَمُرُّ بِالشِّعْبِ الَّذِى أَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَدْخُلُ فَيَنْتَفِضُ وَيَتَوَضَّأُ، وَلاَ يُصَلِّى حَتَّى يُصَلِّىَ بِجَمْعٍ. أطرافه 1091، 1092، 1106، 1109، 1673، 1805، 3000 - تحفة 7621 1669 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى حَرْمَلَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ رَدِفْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ عَرَفَاتٍ فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الشِّعْبَ الأَيْسَرَ الَّذِى دُونَ الْمُزْدَلِفَةِ أَنَاخَ، فَبَالَ ثُمَّ جَاءَ فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ الْوَضُوءَ، فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا خَفِيفًا. فَقُلْتُ الصَّلاَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «الصَّلاَةُ أَمَامَكَ». فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى ثُمَّ رَدِفَ الْفَضْلُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَدَاةَ جَمْعٍ. أطرافه 139، 181، 1667، 1672 - تحفة 115 - 201/ 2 1670 - قَالَ كُرَيْبٌ فَأَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ الْفَضْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَزَلْ يُلَبِّى حَتَّى بَلَغَ الْجَمْرَةَ. أطرافه 1544، 1685، 1687 - تحفة 11055 وإنما نزل النبيُّ صلى الله عليه وسلّم لقضاء حاجته، وتوضأ وضوءًا، ثم توضأ بعده وضوءً كاملا، كما يأتي في باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة، من حديث أسامة بن زيد. 95 - باب أَمْرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالسَّكِينَةِ عِنْدَ الإِفَاضَةِ، وَإِشَارَتِهِ إِلَيْهِمْ بِالسَّوْطِ 1671 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ أَبِى عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ مَوْلَى وَالِبَةَ الْكُوفِىُّ حَدَّثَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ دَفَعَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ عَرَفَةَ فَسَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَرَاءَهُ زَجْرًا شَدِيدًا وَضَرْبًا وَصَوْتًا لِلإِبِلِ فَأَشَارَ بِسَوْطِهِ إِلَيْهِمْ وَقَالَ «أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَإِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِالإِيضَاعِ». {وَلَأَوْضَعُوا} [التوبة: 47]: أَسْرَعُوا. {خِلَالَكُمْ} [التوبة: 47]: مِنَ التَّخَلُّلِ بَيْنَكُمْ، {وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا} [الكهف: 33]: بَيْنَهُمَا. تحفة 5593

96 - باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة

96 - باب الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ بِالْمُزْدَلِفَةِ 1672 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ عَرَفَةَ، فَنَزَلَ الشِّعْبَ، فَبَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَلَمْ يُسْبِغِ الْوُضُوءَ. فَقُلْتُ لَهُ الصَّلاَةُ. فَقَالَ «الصَّلاَةُ أَمَامَكَ». فَجَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ، فَتَوَضَّأَ، فَأَسْبَغَ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِى مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا. أطرافه 139، 181، 1667، 1669 - تحفة 115 قوله: (الصلاة أمامك)، وبه يظهر السِّرُ في تأخيره المغرب إلى المزدلفة، مع غروب الشمس بعرفة، ولا وجه له، غير أنَّ وقتَها في هذا اليوم هو وقت العشاء، فلا حاجة إلى تعدد الإِعلام، بخلاف الجمعِ بعرفة، فإنَّ معنى التعجيل ههنا أظهر، وهو إطالة الوقوف، بحيث لا تتخلَّلُ بينه عبادة أخرى. وجملة الكلام أنَّ الروايات إذا اضطربت في قِصةٍ واحدةٍ، نزل الأمرُ إلى باب التفقه والترجيح، والكلام فيه - الأسئلة والأجوبة - في مَقَامِهِ مشهورٌ. 97 - باب مَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَتَطَوَّعْ 1673 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ جَمَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِإِقَامَةٍ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا وَلاَ عَلَى إِثْرِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. أطرافه 1091، 1092، 1106، 1109، 1668، 1805، 3000 - تحفة 6923 1674 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخَطْمِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِىُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَمَعَ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ. طرفه 4414 - تحفة 3465 - 202/ 2 98 - باب مَنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا 1675 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ حَجَّ عَبْدُ اللَّهِ - رضى الله عنه - فَأَتَيْنَا الْمُزْدَلِفَةَ حِينَ الأَذَانِ بِالْعَتَمَةِ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَ رَجُلاً فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ، وَصَلَّى بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ دَعَا بِعَشَائِهِ فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَمَرَ - أُرَى رَجُلاً - فَأَذَّنَ وَأَقَامَ - قَالَ عَمْرٌو لاَ أَعْلَمُ الشَّكَّ إِلاَّ مِنْ زُهَيْرٍ - ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ قَالَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لاَ يُصَلِّى هَذِهِ السَّاعَةَ إِلاَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ، فِى هَذَا الْمَكَانِ، مِنْ هَذَا الْيَوْمِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ هُمَا صَلاَتَانِ تُحَوَّلاَنِ عَنْ وَقْتِهِمَا صَلاَةُ الْمَغْرِبِ بَعْدَ مَا يَأْتِى النَّاسُ الْمُزْدَلِفَةَ، وَالْفَجْرُ حِينَ يَبْزُغُ الْفَجْرُ. قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُهُ. طرفاه 1682، 1683 - تحفة 9390 واعلم أنَّ الخِلافَ في تعدد الإِقامة ووَحْدَتها، ليس في الجوازِ وعدمه، بل في السُّنِّية. فالجمع عندنا بعرفة بأذان وإقامتين، وبالمزدلفة بأذان وإقامة. وعند الشافعي بأذان وإقامتين

99 - باب من قدم ضعفة أهله بليل، فيقفون بالمزدلفة ويدعون، ويقدم إذا غاب القمر

فيهما. واختلف فيه العلماء على ستة أقوال، ذكرها المحشي. وذلك لاضطراب الروايات في هذا الباب، فلم يتنقَّح الأمر، ولذا أتى المصنف بلفظ «مَنْ» في الترجمة. والسر في ذلك تعدُّدِ الجماعات فيها فاشتَبَه الحالُ، واختلفت الآراء. واختار الطحاوي تعدد الإِقامة، كما في حديث جابر عند مسلم، وإليه ذهب ابن الهُمَام، وزُفَر، والشافعي. قلتُ: وعن ابن عمر وَحْدة الإِقامة أيضًا، كما هو عند مسلم أيضًا. وحديث الباب لا يرد علينا، لأن فيه ذكر التَّعشي بعد صلاة المغرب، ومسألةُ وَحْدة الإِقامة عندنا إنَّما هي فيما جَمَع بين الصلاتين، بدون فاصلة بينهما، وإلا فتعاد الإِقامة عندنا أيضًا، كما في الحديث. وقد مرّ من قبل أنَّ مدرك إمامنا فيه هو أنَّ صلاة المغرب في هذا اليوم تُحوَّلُ عن وقتها إلى وقت العشاء، كما في الحديث نصًا. 1675 - قوله: (هما صلاتان تحولان) ... إلخ، فيه حجةٌ لنا على مسألة الإسْفَار، فإنَّ الصلاة بالتغليس عُدّت متحولةً عن وقتها المعروف، ومعلوم أنَّها لم تكن إلا بعد طلوع الفجر، فعُلِم أن صلاة الفجر عند تبيُّن الفجر لم تكن في وقتها المعروف عندهم، وهو مخالفٌ لما أنَّ وقتَها المستحبَّ عند الشافعية هو ذلك. وما اعترضَ به النووي مدفوعٌ مما عند النسائي، وقد ذكرناه في المواقيت. 99 - باب مَنْ قَدَّمَ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ بِلَيْلٍ، فَيَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَيَدْعُونَ، وَيُقَدِّمُ إِذَا غَابَ الْقَمَرُ 1676 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ سَالِمٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ، فَيَقِفُونَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِلَيْلٍ، فَيَذْكُرُونَ اللَّهَ مَا بَدَا لَهُمْ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ الإِمَامُ، وَقَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ مِنًى لِصَلاَةِ الْفَجْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِذَا قَدِمُوا رَمَوُا الْجَمْرَةَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ أَرْخَصَ فِى أُولَئِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 6992 1677 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ. طرفاه 1678، 1856 - تحفة 5997 1678 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى يَزِيدَ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِى ضَعَفَةِ أَهْلِهِ. طرفاه 1677، 1856 - تحفة 5864 1679 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْعٍ عِنْدَ الْمُزْدَلِفَةِ، فَقَامَتْ تُصَلِّى، فَصَلَّتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ يَا بُنَىَّ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ قُلْتُ لاَ. فَصَلَّتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟

100 - باب من يصلى الفجر بجمع

قُلْتُ نَعَمْ. قَالَتْ فَارْتَحِلُوا. فَارْتَحَلْنَا، وَمَضَيْنَا حَتَّى رَمَتِ الْجَمْرَةَ، ثُمَّ رَجَعَتْ فَصَلَّتِ الصُّبْحَ فِى مَنْزِلِهَا. فَقُلْتُ لَهَا يَا هَنْتَاهْ مَا أُرَانَا إِلاَّ قَدْ غَلَّسْنَا. قَالَتْ يَا بُنَىَّ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَذِنَ لِلظُّعُنِ. تحفة 15722 - 203/ 2 1680 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ - هُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ - عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ جَمْعٍ وَكَانَتْ ثَقِيلَةً ثَبْطَةً فَأَذِنَ لَهَا. طرفه 1681 - تحفة 17479 1681 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ نَزَلْنَا الْمُزْدَلِفَةَ فَاسْتَأْذَنَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سَوْدَةُ أَنْ تَدْفَعَ قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ، وَكَانَتِ امْرَأَةً بَطِيئَةً، فَأَذِنَ لَهَا، فَدَفَعَتْ قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ، وَأَقَمْنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا نَحْنُ، ثُمَّ دَفَعْنَا بِدَفْعِهِ، فَلأَنْ أَكُونَ اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ مَفْرُوحٍ بِهِ. طرفه 1680 - تحفة 17436 الوقوفُ بالمزدلفة من الواجبات الستة التي إنْ تركه تاركٌ بالعذرِ لم يجب عليه الدم. ثم إنَّ المسألةَ التي في كُتبنا هي في ترك هذا الوقوف رأسًا، وأما مسألة المصنف ففيها الوقوف بالليل، أي قبل أوَانه، ولا أراه أن يثبتَ له في المرفوع شيءٌ. وما ذكره ابن عمر، فهو اجتهادٌ منه، ثم إنه إذا قدَّم أهله إلى مِنىً، فهل لهم أن يرموا وهم في الليل؟ فقال الشافعي: يجوزُ من نصف الليل. وعندنا لا رميَ إلا بعد الطلوع، وبه أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلّم ابن عباس أنْ لا يرمي ليلا. ولنا فيه آثارٌ كثيرة، أخرجها الطحاوي. 1679 - قوله: (ما أُرانا إلا قد غَلَّسنا) ... إلخ، فيه دليل على خمولِ التَّغْليس. 100 - باب مَنْ يُصَلِّى الْفَجْرَ بِجَمْعٍ 1682 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَارَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ مَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى صَلاَةً بِغَيْرِ مِيقَاتِهَا إِلاَّ صَلاَتَيْنِ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَصَلَّى الْفَجْرَ قَبْلَ مِيقَاتِهَا. طرفاه 1675، 1683 - تحفة 9384 1683 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - إِلَى مَكَّةَ، ثُمَّ قَدِمْنَا جَمْعًا، فَصَلَّى الصَّلاَتَيْنِ، كُلَّ صَلاَةٍ وَحْدَهَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَالْعَشَاءُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، قَائِلٌ يَقُولُ طَلَعَ الْفَجْرُ. وَقَائِلٌ يَقُولُ لَمْ يَطْلُعِ الْفَجْرُ. ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلاَتَيْنِ حُوِّلَتَا عَنْ وَقْتِهِمَا فِى هَذَا الْمَكَانِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، فَلاَ يَقْدَمُ النَّاسُ جَمْعًا حَتَّى يُعْتِمُوا، وَصَلاَةَ الْفَجْرِ هَذِهِ السَّاعَةَ». ثُمَّ وَقَفَ حَتَّى أَسْفَرَ، ثُمَّ

101 - باب متى يدفع من جمع

قَالَ لَوْ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَفَاضَ الآنَ أَصَابَ السُّنَّةَ. فَمَا أَدْرِى أَقَوْلُهُ كَانَ أَسْرَعَ أَمْ دَفْعُ عُثْمَانَ - رضى الله عنه - فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ. طرفاه 1675، 1682 - تحفة 9390 - 204/ 2 قد علمت أنَّ تعجيلَ الظهر بعرفة، وتأخيرَ المغرب، وتغليسَ الفجر بالمزدلفة، كله لأجل الوقوف. 101 - باب مَتَى يُدْفَعُ مِنْ جَمْعٍ 1684 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ يَقُولُ شَهِدْتُ عُمَرَ - رضى الله عنه - صَلَّى بِجَمْعٍ الصُّبْحَ، ثُمَّ وَقَفَ فَقَالَ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لاَ يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَيَقُولُونَ أَشْرِقْ ثَبِيرُ. وَأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَالَفَهُمْ، ثُمَّ أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ. طرفه 3838 - تحفة 10616 102 - باب التَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ غَدَاةَ النَّحْرِ حِينَ يَرْمِى الْجَمْرَةَ، وَالاِرْتِدَافِ فِى السَّيْرِ 1685 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْدَفَ الْفَضْلَ، فَأَخْبَرَ الْفَضْلُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يُلَبِّى حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ. أطرافه 1544، 1670، 1687 - تحفة 5919، 11050 1686 و 1687 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ يُونُسَ الأَيْلِىِّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - كَانَ رِدْفَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى - قَالَ - فَكِلاَهُمَا قَالاَ لَمْ يَزَلِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُلَبِّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ. حديث 1686 طرفه 1543 - تحفة 5852 أحديث 1687 أطرافه 1544، 1670، 1685 - تحفة 11049، 95 وقوله: (والارتداف بالسير) فيه إنجاز عندي. 103 - بابٌ {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196]. 1688 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ الْمُتْعَةِ فَأَمَرَنِى بِهَا، وَسَأَلْتُهُ عَنِ الْهَدْىِ فَقَالَ فِيهَا جَزُورٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ شَاةٌ أَوْ شِرْكٌ فِى دَمٍ قَالَ وَكَأَنَّ نَاسًا كَرِهُوهَا، فَنِمْتُ فَرَأَيْتُ فِى الْمَنَامِ كَأَنَّ إِنْسَانًا يُنَادِى حَجٌّ مَبْرُورٌ، وَمُتْعَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ. فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ سُنَّةُ أَبِى الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَقَالَ آدَمُ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ وَغُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ، وَحَجٌّ مَبْرُورٌ. طرفه 1567 - تحفة 6527 - 205/ 2

104 - باب ركوب البدن

كاد الناس يتفقون على أنَّ المرادَ من التمتع في النص هو التمتع اللغوي، فيطلق على القِرَان أيضًا. قلتُ: والأظهرُ عندي أنَّ المرادَ في الآية هو التمتع الشرعي، وفيه تقديم العمرة على الحج. أما في الحديث فقد ورد بالنحوين، فتارةً إطلاقهُ على اللغوي، وأخرى على الشرعي. أما ذكر القِرَان في القرآن، فهو عندي في قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]. قوله: ({فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}) ... إلخ، وهي دمُ شُكرٍ عندنا، فيؤكل. ودم جبرٍ عند الشافعية فلا يؤكل. وقد ثبتَ عندنا أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان قارنًا، ثم اهتم بالأكل من هداياه، حتى أخذَ من كلها قِطعة، ثم جعلها في قدر، ثم شرب من مرقها. 104 - باب رُكُوبِ الْبُدْنِ لِقَوْلِهِ: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37)} [الحج: 36 - 37]. قَالَ مُجَاهِدٌ سُمِّيَتِ الْبُدْنَ لِبُدْنِهَا. وَالْقَانِعُ السَّائِلُ، وَالْمُعْتَرُّ الَّذِى يَعْتَرُّ بِالْبُدْنِ مِنْ غَنِىٍّ أَوْ فَقِيرٍ، وَشَعَائِرُ اسْتِعْظَامُ الْبُدْنِ وَاسْتِحْسَانُهَا، وَالْعَتِيقُ عِتْقُهُ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، وَيُقَالُ وَجَبَتْ سَقَطَتْ إِلَى الأَرْضِ وَمِنْهُ وَجَبَتِ الشَّمْسُ. 1689 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ «ارْكَبْهَا». فَقَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. فَقَالَ «ارْكَبْهَا». قَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ «ارْكَبْهَا، وَيْلَكَ». فِى الثَّالِثَةِ أَوْ فِى الثَّانِيَةِ. أطرافه 1706، 2755، 6160 - تحفة 13801 1690 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ وَشُعْبَةُ قَالاَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ «ارْكَبْهَا». قَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ «ارْكَبْهَا». قَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ «ارْكَبْهَا». ثَلاَثًا. طرفاه 2754، 6159 - تحفة 1276، 1366 والبَدَنَةُ في باب الجِنَايات عامٌّ عندنا للبقر والبعير كليهما، كما صرح به الخليل في «كتاب العين». وقال الشافعي: إنه للبعير خاصة، ثم إنه لا يجوزُ عندنا الركوب عليها إلا عند الاضطرار، فإِنها إذا صارت هَدْيًا في سبيل الله لم يجز له الانتفاعُ بها قبل البلوغ إلى محلها. وقال الشافعي: يجوزُ عند الحاجة، فلا فَرق، غير أنَّا أخذْنَا الرخصةَ عند الإِلجاء، وأخذها الشافعي عند الحاجة. ولنا ما عند مسلم لفظ: «إذا ألجئت إليها» نصًا. قلتُ: وأني ينفصلُ الأمر من مِثل هذه الألفاظ، فإِن تعيينَ المراتبِ الذِّهنية خارجٌ عن طوق البشر، فللشافعية أن يحملوه على الحاجة، نعم، لا ريب أنَّ ظاهره للحنفية.

105 - باب من ساق البدن معه

قوله: ({صَوَافَّ}) أي قائمات، وذلك في الإِبل، دون البقر. ({الْقَانِعَ}) وهو من القُنُوع دون القَنَاعة. قلتُ: ولعل القانِعَ من يسألُك بلسانه. ({وَالْمُعْتَرَّ}) من اعترضك، ولم يسألك باللسان، ولا أدري ما وجه تفسير المصنِّف. 105 - باب مَنْ سَاقَ الْبُدْنَ مَعَهُ 1691 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَأَهْدَى فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْىَ مِنْ ذِى الْحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَكَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى فَسَاقَ الْهَدْىَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ، قَالَ لِلنَّاسِ «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لِشَىْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِىَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلْيُقَصِّرْ، وَلْيَحْلِلْ، ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فِى الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ». فَطَافَ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ، وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَىْءٍ، ثُمَّ خَبَّ ثَلاَثَةَ أَطْوَافٍ، وَمَشَى أَرْبَعًا، فَرَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَانْصَرَفَ فَأَتَى الصَّفَا فَطَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ، ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَىْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَفَاضَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ أَهْدَى وَسَاقَ الْهَدْىَ مِنَ النَّاسِ. تحفة 6878 - 206/ 2 1692 - وَعَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى تَمَتُّعِهِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ بِمِثْلِ الَّذِى أَخْبَرَنِى سَالِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 16545 والسوق مستحبٌّ عندنا، حتى يُستحب له أن يذهبَ بها معه إلى عَرَفة، مع أنها تُذبح بمنىً، فالهَدْي اسمٌ لما يُهدى إلى البيت بعد شرائه من خارج. 1691 - قوله: (بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأهل بعمرة) ... إلخ، هذا بالنظر إلى تلبيته صلى الله عليه وسلّم فمن سمعه يقول: لبيك بعمرة وحجة غرَّ عنه كما ترى، وإلا فإِنه كان قارنًا، والقارن يُهلُّ بهما من الميقات. 106 - باب مَنِ اشْتَرَى الْهَدْىَ مِنَ الطَّرِيقِ 1693 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهم - لأَبِيهِ أَقِمْ، فَإِنِّى لاَ آمَنُهَا أَنْ سَتُصَدُّ عَنِ الْبَيْتِ. قَالَ إِذًا أَفْعَلَ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ قَالَ اللَّهُ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ

107 - باب من أشعر وقلد بذى الحليفة ثم أحرم

حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] فَأَنَا أُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَوْجَبْتُ عَلَى نَفْسِى الْعُمْرَةَ. فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، قَالَ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَقَالَ مَا شَأْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلاَّ وَاحِدٌ. ثُمَّ اشْتَرَى الْهَدْىَ مِنْ قُدَيْدٍ، ثُمَّ قَدِمَ فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا، فَلَمْ يَحِلَّ حَتَّى حَلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا. أطرافه 1639، 1640، 1708، 1729، 1806، 1807، 1808، 1810، 1812، 1813، 4183، 4184، 4185 - تحفة 7523 قوله: (فطاف حين قدم مكة) ... إلخ، وفي الحديث تصريحٌ بأنَّه طاف أطوفةً، فدل على أنَّ من حكى عن طوافه أنَّه لم يكن إلا واحدًا، فقد اعتبر في ذِهنه اعتبارًا. قوله: (ثم حل) ... إلخ، هذا هو محطُّ الفائدة. كما علمتَ أنَّ المقصودَ بيانُ الفرقِ بين القَارِنين وغيرهم في حق الحلّ. ثم إن ابن عمر، وإن أطلق لفظ التمتع في حقِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم إلا أنه صرَّحَ بعدم الحلِّ في البين. 107 - باب مَنْ أَشْعَرَ وَقَلَّدَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ أَحْرَمَ وَقَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - إِذَا أَهْدَى مِنَ الْمَدِينَةِ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ بِذِى الْحُلَيْفَةِ، يَطْعُنُ فِى شِقِّ سَنَامِهِ الأَيْمَنِ بِالشَّفْرَةِ، وَوَجْهُهَا قِبَلَ الْقِبْلَةِ بَارِكَةً. تحفة 8549 1694 و 1695 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ قَالاَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْمَدِينَةِ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِى بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِى الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْهَدْىَ وَأَشْعَرَ وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ. حديث 1694 أطرافه 1811، 2712، 2731، 4158، 4178، 4181 تحفة 11250، 11270 - 207/ 2 حديث 1695 أطرافه 2711، 2732، 4157، 4179، 4180 - تحفة 11270، 11250 1696 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَفْلَحُ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ فَتَلْتُ قَلاَئِدَ بُدْنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدَىَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا وَأَشْعَرَهَا وَأَهْدَاهَا، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَىْءٌ كَانَ أُحِلَّ لَهُ. أطرافه 1698، 1699، 1700، 1701، 1702، 1703، 1704، 1705، 2317، 5566 - تحفة 17433 واعلم أنَّ أبا حنيفة (¬1) لم يُنكر أصلَ الإِشعار، بل إشعارُ زمانه، كما ذكره الطحاوي. ¬

_ (¬1) قال القاضي أبو بكر بن العربي في "العارضة": وأنكره أبو حنيفة، وقال: إنه مُثْلَة. ويُروى ذلك عن إبراهيم النَّخعي، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما أشعر بها، لئلا تنالُها يد المشركين، وقد كانوا يعظمونها ويجتنبونها، فلما استقر الإِسلام سقط ذلك. وقد رُوي عن ابن عباس التخييرُ فيه، والرخصة، وعن عائشة تركه، فرجَّح أبو حنيفة التركَ، لأنه جهة المُثْلة، وهي حرام. وتركُ الندبِ أولى من اقتحامِ التحريم. ثم أجابَ عنه القاضي، فراجعه. ثم ههنا كلام عن الحافظ فضل الله التُّورِبِشتي، جديرٌ أن يعتني به، قال: كان هذا الصنيعُ معمولًا به قبل الإِسلام، وذلك لأن القوم كانوا أصحاب غارات، لا يتناهون عن الغصب والنهب، وكانوا مع ذلك يعظمون البيت، وما أهدِي إليه، وكانوا يَعلَمون الهدايا بالإِشعار، والتقليد، فلما جاء الله بالإِسلام، أقر ذلك، لغير المعنى الذي ذكرناه، بل لتكون مُشعرًا بخروج ما أشعَر عن ملك ما يتقرب إلى الله تعالى، وليعلم أنه هَدي. =

ورُوي عن عمر بن عبد العزيز أن الإِشعار مستحبٌّ، ويجيء زمان يجعله الناس نَكالا، وهو بالإِفراط فيه. وأخرج الترمذي عن وكيع حين روى حديث ابن عباس في الإِشعار، قال: لا تنظروا إلى قولِ أهل الرأي في هذا، فإِن الإِشعارَ سنةٌ، وقولَهم: بدعةٌ. وحمَلَه القاصرون على أنَّ وكيعًا لم يكن في بردِ صدرٍ من الإِمام الهُمَام. قلتُ: وليس كذلك، فإِن قوله لا يُبنى على مخالفته أصلا، بل من سجيةِ النقي التُّقى، أنه إذا عَرَضَ عليه شيء مما خالف الحديث، يأخذه غضبٌ وسخطٌ في الله، من غير نظر إلى القائل، وهذا الذي اعتراه ههنا، لا أنه تعصُّبٌ، كيف وأنه كان يفتي بمذهب أبي حنيفة، كما في «كتاب الضُّعفاء» لأبي الفتح الأَزدي، و «التهذيب» في ترجمته. قوله: (وقلد بذي الحليفة) ... إلخ، يدل على أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أحرمَ من ذي الحُلَيفة، وهذا في الحُدَيْبِيَة، كما في الحديث. فدلَّ على تعينِ المواقيت قبلها، وأنكرها الشافعية ليفيدهم في نكاح المحرم، كما سيجيء تفصيله. ¬

_ = وقد صادفت بعض علماء الحديث تشدد في النكير على من يأباه، حتى أفضتْ به مقالته إلى الطعن فيه، والادِّعاء بأنه عاندَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قَبُول سُنَنه، ويغفر الله لهذا الفرح بما عنده، أو لم يدر أنَّ سبيل المجتهد غير سبيل الناقل، وأن ليس للمجتهد أن يتسارَع إلى قَبُول النقل، والعمل به إلا بعد السَّبكِ والإِتقان، وتصفُّحِ العلل والأسباب. وأقصى ما يرى به المجتهد في قضيةٍ يوجدُ فيها حديث فخالفه أن يقال: لم يبلغه الحديث. أو بلغه من طريق لم ير قَبُوله، مع أَّنَّ الطاعن لو قُيِّضَ له دو فَهمِ، فألقى إليه القولَ من مَعدِنه. وفي نصابه، وقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - جميع هداياه إما ست وثلاثون، أو سبع وثلاثون بَدَنة، والإِشعار لم يُذكر إلا في واحدةٍ منا، أفلا يحتمِلُ أن يتأملَ المجتهدُ في فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فيرى أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أقام الإِشعار في واحدة، ثم تركه في البقية، حيث رأى التركَ أولى، لا سيما والتركُ آخر الأمرين، أو اكتفى عن الإِشعار بالتقليد، لأنه يسُدُّ مسدُّه في المعنى المطلوب منه. والإِشعارُ يُجهد البَدَنة، وفيه ما لا يخفى من أذية الحيوان، وقد نَهى عن ذلك قولًا. ثم استغنى عنه بالتقليد. ولعله مع هذه الاحتمالات رأى القولَ بذلك، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - حج، وقد حضرَه الجمُّ الغفير، ولم يرو حديثَ الإِشعار إلا شِرذِمة قليلون. رواه ابن عباس، ولفظ حديثه على ما ذكرناه رواه المِسوَر بن مَخرَمة، وفي حديثه ذكرَ الإِشعارَ من غير تعرضِ للصبغة، ثم إن المِسوَر، وإن لم يُنكر فضلُه وفقهه، فإنَّه ولد بعد الهجرة بسنين. وروته عائشة، وحديثها ذلك أورده المؤلف في هذا الباب، ولفظ حديثها: "فتلتُ قلائد بُدن النبي - صلى الله عليه وسلم - بيَدَي. ثم قَلَّدها وأشعَرَها وأهداها، فما حَرُمَ عليه شيء كان أُحل له"، ولم يتعلق هذا الحديث بحجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما كان ذلك عام حَجَّ أبو بكر، والمشركون يومئذٍ كانوا يحَضُرون الموسم، ثم نُهوا. وروى عن ابن عمر أنه أشعر الهدي، ولم يرفعه، فنظر المجتهد إلى تلك العلل والأسباب، ورأى على كراهة الإِشعار جمعًا من التابعين، فذهب إلى ما ذهب. لسارع في العذر قبل مسارعتِه في اللوم وإلا أسمع نفسه: ليس بعشك فادرجي والله يغفر لنا ولهم، ويجيرنا من الهوى، فإنه شريك العمى. انتهى مختصرًا. قلت: ونظيرُه ما وقع للصحابة في نزول الأبطح، فإنَّه ثابت قطعًا، ومع ذلك لم يره بعضهم من المناسك، وقالوا: إنه كان لأنه كان أسمح لخروجه، واستحبَّه بعضهم، وكذا القصر بمنى. ذهب الجمهور أنه كان لأجل السفر، واختار مالك أنه من النُّسك، وهكذا فليُقَس في الإِشعار.

108 - باب فتل القلائد للبدن والبقر

108 - باب فَتْلِ الْقَلاَئِدِ لِلْبُدْنِ وَالْبَقَرِ 1697 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ رضى الله عنهم قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ قَالَ «إِنِّى لَبَّدْتُ رَأْسِى، وَقَلَّدْتُ هَدْيِى، فَلاَ أَحِلُّ حَتَّى أَحِلَّ مِنَ الْحَجِّ». أطرافه 1566، 1725، 4398، 5916 - تحفة 15800 1698 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَعَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُهْدِى مِنَ الْمَدِينَةِ، فَأَفْتِلُ قَلاَئِدَ هَدْيِهِ، ثُمَّ لاَ يَجْتَنِبُ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ. أطرافه 1696، 1699، 1700، 1701، 1702، 1703، 1704، 1705، 2317، 5566 - تحفة 16582، 17923 1697 - قوله: (قال: إني لبدت رأسي) ... إلخ، فيه دليل على عدم التداخل بين أفعال الحج والعمرة، وينبغي أن يكونَ التلبيدُ بحيث لا يؤدي إلى تغطية الرأس. ثم النُّكْتة فيه أنْ لا تنتشرَ الأشعار. 109 - باب إِشْعَارِ الْبُدْنِ وَقَالَ عُرْوَةُ عَنِ الْمِسْوَرِ - رضى الله عنه - قَلَّدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْهَدْىَ وَأَشْعَرَهُ وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ. تحفة 11270 1699 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ فَتَلْتُ قَلاَئِدَ هَدْىِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا - أَوْ قَلَّدْتُهَا - ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إِلَى الْبَيْتِ، وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَىْءٌ كَانَ لَهُ حِلٌّ. أطرافه 1696، 1698، 1700، 1701، 1702، 1703، 1704، 1705، 2317، 5566 تحفة 17433 110 - بابُ مَنْ قَلَّدَ الْقَلاَئِدَ بِيَدِهِ 1700 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ زِيَادَ بْنَ أَبِى سُفْيَانَ كَتَبَ إِلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ مَنْ أَهْدَى هَدْيًا حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَاجِّ حَتَّى يُنْحَرَ هَدْيُهُ. قَالَتْ عَمْرَةُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - لَيْسَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَا فَتَلْتُ قَلاَئِدَ هَدْىِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدَىَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِى فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَىْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ حَتَّى نُحِرَ الْهَدْىُ. أطرافه 1696، 1698، 1699، 1701، 1702، 1703، 1704، 1705، 2317، 5566 - تحفة 17899 - 208/ 2 111 - باب تَقْلِيدِ الْغَنَمِ 1701 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ

112 - باب القلائد من العهن

- رضى الله عنها - قَالَتْ أَهْدَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّةً غَنَمًا. أطرافه 1696، 1698، 1699، 1700، 1702، 1703، 1704، 1705، 2317، 5566 - تحفة 15944 1702 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كُنْتُ أَفْتِلُ الْقَلاَئِدَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيُقَلِّدُ الْغَنَمَ، وَيُقِيمُ فِى أَهْلِهِ حَلاَلًا. أطرافه 1696، 1698، 1699، 1700، 1701، 1703، 1704، 1705، 2317، 5566 - تحفة 15947 1703 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كُنْتُ أَفْتِلُ قَلاَئِدَ الْغَنَمِ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَبْعَثُ بِهَا، ثُمَّ يَمْكُثُ حَلاَلًا. أطرافه 1696، 1698، 1699، 1700، 1701، 1702، 1704، 1705، 2317، 5566 - تحفة 15985 1704 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ فَتَلْتُ لِهَدْىِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - تَعْنِى الْقَلاَئِدَ - قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ. أطرافه 1696، 1698، 1699، 1700، 1701، 1702، 1703، 1705، 2317، 5566 - تحفة 17616 واعلم أن تقليد (¬1) الغنم لما كان بشيء خفيف، كالعِهن ونحوه، ترك فقهاؤُنا ذكرَه في الكتب، لا أنه منفيٌّ عندهم، بخلاف تقليد الإِبل، فإِنه يكون بشيء ثقيل، كالمزادة، وغيرها، فكأنه التقليد حقيقة. أما تقليد الغنم فتركوه إلى الفطرة السليمة، لظهورِهِ وعدم خفائه، لا لنفيه رأسًا، ثم إنه لا يُعطي الجلد في الجزارة، بل يتصدَّقُ به. 112 - باب الْقَلاَئِدِ مِنَ الْعِهْنِ 1705 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - قَالَتْ فَتَلْتُ قَلاَئِدَهَا مِنْ عِهْنٍ كَانَ عِنْدِى. أطرافه 1696، 1698، 1699، 1700، 1701، 1702، 1703، 1704، 2317، 5566 - تحفة 17466 ¬

_ (¬1) قال القاضي أبو بكر بن العربي في "العارضة": قال مالك: لا تُقلَّد الغنم، ورواه أبو حنيفة. وقال الشافعي: تقلد، وبه قال أحمد، وإسحاق وغيرهما. وهذه سنةٌ تفرَّدَ بها الأسود عن عائشة، رواها أبو عيسى، ولم يروها غيره عنها. ولم يظهر فيها تقليدٌ عن الصحابة. والمعنى فيه أنَّ الشاة إنْ فارقَها صاحبُها لم تلبث أن تكون فريسةً، فالقِلادة فيها قلادة الجَدْوى -هكذا في الأصل، ولعل الصواب: قليلة الجدوى- والبعير لا يفترس، إنما يخاف عليه من الخارب، والقلائد حمايةً له. ورأيت كثيرًا من أصحاب الشافعي ينزع بنُكتة حسنةٍ، وهو قوله: {وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ} [المائدة: 2] معناه: ولا الهَدي ولا القلائد لأنَّ القلائد بلا هَدي ليست بشعيرة، فحقيقتها أن تكون على الهدي، وتقديرها: ولا هدي مقلدًا، وهو حقيقة. واعتضد مذهبنا بفعل ابن عمر، وكان أعظمُ الناس اقتداءً بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان يعرفُ من أخباره الظاهرة أكثر مما تعرفُ عائشة. فذلك من تقليد الغنم عند عائشة، خبرًا وظنًا، حين أهدي غنمًا وإبلًا، أن الكل قلدوا، أما الآية فمحمولةٌ على البُدن، وهي تختص بما يعظم في القلوب موقعه من البَدنة دون الشاة، كالإِشعار، وهذا المعنى أولى بالاعتبار. اهـ. قلت: وقد تكلم على المسألة الحافظ العيني أيضًا، ونقل أشياء مفيدة، فراجعه من "العمدة".

113 - باب تقليد النعل

113 - باب تَقْلِيدِ النَّعْلِ 1706 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً، قَالَ «ارْكَبْهَا». قَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ «ارْكَبْهَا». قَالَ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ رَاكِبَهَا يُسَايِرُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّعْلُ فِى عُنُقِهَا. تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1689، 2755، 6160 - تحفة 14257 114 - باب الْجِلاَلِ لِلْبُدْنِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - لاَ يَشُقُّ مِنَ الْجِلاَلِ إِلاَّ مَوْضِعَ السَّنَامِ، وَإِذَا نَحَرَهَا نَزَعَ جِلاَلَهَا، مَخَافَةَ أَنْ يُفْسِدَهَا الدَّمُ، ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِهَا. 1707 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ أَمَرَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أَتَصَدَّقَ بِجِلاَلِ الْبُدْنِ الَّتِى نَحَرْتُ وَبِجُلُودِهَا. أطرافه 1716، 1716 م، 1717، 1718، 2299 - تحفة 10219 - 209/ 2 115 - باب مَنِ اشْتَرَى هَدْيَهُ مِنَ الطَّرِيقِ وَقَلَّدَهَا 1708 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ أَرَادَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - الْحَجَّ عَامَ حَجَّةِ الْحَرُورِيَّةِ فِى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ - رضى الله عنهما - فَقِيلَ لَهُ إِنَّ النَّاسَ كَائِنٌ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، وَنَخَافُ أَنْ يَصُدُّوكَ. فَقَالَ (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) إِذًا أَصْنَعَ كَمَا صَنَعَ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّى أَوْجَبْتُ عُمْرَةً. حَتَّى كَانَ بِظَاهِرِ الْبَيْدَاءِ قَالَ مَا شَأْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلاَّ وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّى جَمَعْتُ حَجَّةً مَعَ عُمْرَةٍ. وَأَهْدَى هَدْيًا مُقَلَّدًا اشْتَرَاهُ حَتَّى قَدِمَ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَىْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَوْمِ النَّحْرِ، فَحَلَقَ وَنَحَرَ وَرَأَى أَنْ قَدْ قَضَى طَوَافَهُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ بِطَوَافِهِ الأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ كَذَلِكَ صَنَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1639، 1640، 1693، 1729، 1806، 1807، 1808، 1810، 1812، 1813، 4183، 4184، 4185 - تحفة 8483 1708 - قوله: (عام حجة الحرورية)، والمراد به عام نزل الحَجَّاج، ولم يكن الحَجَّاج من الخوارج، إلا أنَّه كُني عنه هجوًا له. 116 - باب ذَبْحِ الرَّجُلِ الْبَقَرَ عَنْ نِسَائِهِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِنَّ 1709 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ

117 - باب النحر فى منحر النبى - صلى الله عليه وسلم - بمنى

بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَقُولُ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِى الْقَعْدَةِ، لاَ نُرَى إِلاَّ الْحَجَّ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْىٌ، إِذَا طَافَ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ، قَالَتْ فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ. فَقُلْتُ مَا هَذَا قَالَ نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَزْوَاجِهِ. قَالَ يَحْيَى فَذَكَرْتُهُ لِلْقَاسِمِ، فَقَالَ أَتَتْكَ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ. طرفه 294 1709 - قوله: (لا نرى إلا الحج)، وقد مرّ معناه، فلا تَجمُد على الألفاظ، وتعبيرات الرواة، فإِنها أتت في هذا الباب على كل نحو. قوله: (بلحم بقر)، وعند النسائي: «بلحم بقرة»، بتاء الواحدة، فيشكل كون بقرة واحدة عن سائر نسائه، ومرّ جوابه. وحاصله: أن غرضَ الراوي بيانُ كون البقرة الواحدة عن متعددٍ فقط، أما إنها عن تِسعة أو سبعة، فليس من مقصودِهِ في شيء. فمحطُّ الوحدة كونها عن متعدد فقط، لا عن تِسعة أو سبعة، على أنَّ البقرة (¬1) بالتاء ليست في أحد من روايات البخاري. نعم، هي عند النسائي، وقد أجَبْنا عنها. قوله: (فقلت: ما هذا؟) هذا هو موضع الترجمة، فإِنه يدلُّ على أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يكن استأمرَ عائشة، ولذا لم تَعرِف، وسَألت عنها. ولا بد منه عند الفقهاء. قلتُ: لما ثبت عندنا ضرورةُ الاستئمار شرعًا، وجب علينا أنْ نحمِلَه على معنىً لا يُخالِفُ ما ثبت عنه ضرورةً، وحينئذٍ المعنى أنها سئلت عنه، أنها هي التي أمرت بذبحها أو غيرها. 117 - باب النَّحْرِ فِى مَنْحَرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِنًى 1710 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ خَالِدَ بْنَ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ - رضى الله عنه - كَانَ يَنْحَرُ فِى الْمَنْحَرِ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ مَنْحَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 982، 1711، 5551، 5552 - تحفة 7882 - 210/ 2 1711 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ يَبْعَثُ بِهَدْيِهِ مِنْ جَمْعٍ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، حَتَّى يُدْخَلَ بِهِ مَنْحَرُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ حُجَّاجٍ فِيهِمُ الْحُرُّ وَالْمَمْلُوكُ. أطرافه 982، 1710، 5551، 5552 - تحفة 8485 118 - بابُ مَنْ نَحَرَ هَدْيَهُ بِيَدِهِ 1712 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ: ¬

_ (¬1) قلت: وفي رواية يونس، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: "أنه - صلى الله عليه وسلم - نحرَ عن أزواجه بقرة واحدة"، وأجاب عنها القاضي إسماعيل -كما في العيني-: أن يونُسَ انفرد به وحده، وخالفه مالك فأرسله. ورواه القاسم، وعمرة عن عائشة: "نحر عن أزواجه البقر". اهـ. "عمدة القاري".

119 - باب نحر الإبل مقيدة

- وَذَكَرَ الْحَدِيثَ - قَالَ وَنَحَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْنٍ قِيَامًا، وَضَحَّى بِالْمَدِينَةِ كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ. مُخْتَصَرًا. أطرافه 1089، 1546، 1547، 1548، 1551، 1714، 1715، 2951، 2986 تحفة 947 119 - بابُ نَحْرِ الإِبِلِ مُقَيَّدَةً 1713 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَتَى عَلَى رَجُلٍ، قَدْ أَنَاخَ بَدَنَتَهُ يَنْحَرُهَا، قَالَ ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً، سُنَّةَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ يُونُسَ أَخْبَرَنِى زِيَادٌ. تحفة 6722 120 - بابُ نَحْرِ الْبُدْنِ قَائِمَةً وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - سُنَّةَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما {صَوَافَّ} [الحج: 36] قِيَامًا. 1714 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، فَبَاتَ بِهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فَجَعَلَ يُهَلِّلُ وَيُسَبِّحُ، فَلَمَّا عَلاَ عَلَى الْبَيْدَاءِ لَبَّى بِهِمَا جَمِيعًا، فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا. وَنَحَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْنٍ قِيَامًا، وَضَحَّى بِالْمَدِينَةِ كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ. أطرافه 1089، 1546، 1547، 1548، 1551، 1712، 1715، 2951، 2986 تحفة 947 1715 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ. وَعَنْ أَيُّوبَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - ثُمَّ بَاتَ حَتَّى أَصْبَحَ، فَصَلَّى الصُّبْحَ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ الْبَيْدَاءَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ. أطرافه 1089، 1546، 1547، 1548، 1551، 1712، 1714، 2951، 2986 تحفة 947، 1726 ل 121 - بابٌ لاَ يُعْطَى الْجَزَّارُ مِنَ الْهَدْىِ شَيْئًا 1716 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُمْتُ عَلَى الْبُدْنِ، فَأَمَرَنِى فَقَسَمْتُ لُحُومَهَا، ثُمَّ أَمَرَنِى فَقَسَمْتُ جِلاَلَهَا وَجُلُودَهَا. أطرافه 1707، 1716 م، 1717، 1718، 2299 - تحفة 10219 1716 م - قَالَ سُفْيَانُ وَحَدَّثَنِى عَبْدُ الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ أَمَرَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أَقُومَ عَلَى الْبُدْنِ، وَلاَ أُعْطِىَ عَلَيْهَا شَيْئًا فِى جِزَارَتِهَا. أطرافه 1707، 1716، 1717، 1718، 2299 - تحفة 10219 - 211/ 2

122 - باب يتصدق بجلود الهدى

122 - بابٌ يُتَصَدَّقُ بِجُلُودِ الْهَدْىِ 1717 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِىُّ أَنَّ مُجَاهِدًا أَخْبَرَهُمَا أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى لَيْلَى أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا - رضى الله عنه - أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَهُ أَنْ يَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ يَقْسِمَ بُدْنَهُ كُلَّهَا، لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجِلاَلَهَا، وَلاَ يُعْطِىَ فِى جِزَارَتِهَا شَيْئًا. أطرافه 1707، 1716، 1716 م، 2299 - تحفة 10219 123 - باب يُتَصَدَّقُ بِجِلاَلِ الْبُدْنِ 1718 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ أَبِى سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى لَيْلَى أَنَّ عَلِيًّا - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ قَالَ أَهْدَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِائَةَ بَدَنَةٍ، فَأَمَرَنِى بِلُحُومِهَا فَقَسَمْتُهَا، ثُمَّ أَمَرَنِى بِجِلاَلِهَا فَقَسَمْتُهَا، ثُمَّ بِجُلُودِهَا فَقَسَمْتُهَا. أطرافه 1707، 1716، 1716 م، 1717، 2299 - تحفة 10219 124 - باب {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30)} [الحج: 26 - 30]. واعلم أن حرف {إِذْ} تستعمل عندهم للفصل بين الكلامين، وتحقيقه في رسالتنا «عقيدة الإِسلام». 125 - باب مَا يَأْكُلُ مِنَ الْبُدْنِ وَمَا يُتَصَدَّقُ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - لاَ يُؤْكَلُ مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَالنَّذْرِ، وَيُؤْكَلُ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ. تحفة 8228 وَقَالَ عَطَاءٌ يَأْكُلُ وَيُطْعِمُ مِنَ الْمُتْعَةِ. 1719 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ كُنَّا لاَ نَأْكُلُ مِنْ لُحُومِ بُدْنِنَا فَوْقَ ثَلاَثِ مِنًى، فَرَخَّصَ لَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «كُلُوا وَتَزَوَّدُوا». فَأَكَلْنَا وَتَزَوَّدْنَا. قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَقَالَ حَتَّى جِئْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ لاَ. أطرافه 2980، 5424، 5567 - تحفة 2453 1720 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ: حَدَّثَنِى يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَتْنِى

126 - باب الذبح قبل الحلق

عَمْرَةُ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَقُولُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِى الْقَعْدَةِ، وَلاَ نَرَى إِلاَّ الْحَجَّ، حَتَّى إِذَا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْىٌ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ يَحِلُّ. قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ فَقُلْتُ مَا هَذَا فَقِيلَ ذَبَحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَزْوَاجِهِ. قَالَ يَحْيَى فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِلْقَاسِمِ. فَقَالَ أَتَتْكَ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ. أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 17933، 17559 أ - 212/ 2 قوله: (ما يأكل من البدن؟) ... إلخ، ويؤكل عندنا من هدي التطوع والقِرَان لكونهما دم شُكرٍ، ولا يؤكلُ من دمِ الجَبْر والجزاء، فلا يؤكل من جزاء الصيد. فأثر ابن عمر بعمومه موافقٌ لنا. وقال الشافعي: إن دم القِرَان لا يؤكل، وذلك لأنَّ القِرَان عندهم مفضولٌ من الإِفراد، فجعلوا هدْيَه دمَ جبر، فلا يُؤكل. وقد مر منا أنه ثبت أكله عن النبي صلى الله عليه وسلّم فلا يكون إلا دمَ شُكرٍ. 126 - باب الذَّبْحِ قَبْلَ الْحَلْقِ 1721 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَمَّنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ وَنَحْوِهِ. فَقَالَ «لاَ حَرَجَ، لاَ حَرَجَ». أطرافه 84، 1722، 1723، 1734، 1735، 6666 - تحفة 5963 1722 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - زُرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ. قَالَ «لاَ حَرَجَ». قَالَ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ. قَالَ «لاَ حَرَجَ». قَالَ ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ. قَالَ «لاَ حَرَجَ». وَقَالَ عَبْدُ الرَّحِيمِ الرَّازِىُّ عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنِى ابْنُ خُثَيْمٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ عَفَّانُ أُرَاهُ عَنْ وُهَيْبٍ حَدَّثَنَا ابْنُ خُثَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ حَمَّادٌ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ وَعَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - .. أطرافه 84، 1721، 1723، 1734، 1735، 6666 - تحفة 5906، 5899 1723 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ. فَقَالَ «لاَ حَرَجَ». قَالَ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ. قَالَ «لاَ حَرَجَ». أطرافه 84، 1721، 1722، 1734، 1735، 6666 - تحفة 6047 1724 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ. فَقَالَ «أَحَجَجْتَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «بِمَا أَهْلَلْتَ». قُلْتُ لَبَّيْكَ بِإِهْلاَلٍ

كَإِهْلاَلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ «أَحْسَنْتَ، انْطَلِقْ فَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ». ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ بَنِى قَيْسٍ، فَفَلَتْ رَأْسِى، ثُمَّ أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ، فَكُنْتُ أُفْتِى بِهِ النَّاسَ، حَتَّى خِلاَفَةِ عُمَرَ - رضى الله عنه - فَذَكَرْتُهُ لَهُ. فَقَالَ إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ، وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَحِلَّ حَتَّى بَلَغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ. أطرافه 1559، 1565، 1795، 4346، 4397 تحفة 9008، 10469، 10583 - 213/ 2 واعلم أنَّ الأفعالَ في يوم النحر أربعة: الرمي، والنحر، والحلق، والطواف. ويلزمُ الترتيب بينها للقارِن دون المُفرد، فإنَّ الدم لا يجب عليه رأسًا. ثم الطواف عبادةٌ لا جناية في تقديمه. بقي الرميُ، والحلق في حق المُفرد، والثلاثة الأوَل للقارن، فيجب الترتيبُ في حقِّهما، والأسئلة في سوء الترتيب نحو ستة، وجوابُه في كلها: «افعل ولا حَرَج». ثم الجوابُ عندنا في المسائل كلها نحو ما في الحديث، إلا في مسألة، ففيها الحرجُ عندنا، وكذلك يجبُ الجزاءُ في بعض الصور عند مالك، وعند أحمد. نعم، لا جزاءَ عند الصاحبين، والشافعي مطلقًا. وعموم قولِهِ صلى الله عليه وسلّم «لا حرج» حجةٌ لهم، وقد مر جوابه عن الطحاوي في كتاب العلم أن نفيَ الحرجِ محمولٌ على نفي الإِثم، لا نفي الجزاء، وذلك من خصائص الحج أنَّ الشرعَ يُبيح له ارتكابَ محظورٍ لعذر، ثم يوجب عليه الجَزَاءَ، ككفارة الأذى في القران، فلا تنافيَ في هذا الباب بين إيجاب الجزاء، ونفي الجُنَاح، وقد بَسَطه في كتابه جدًا. ولا بعد عندي أنْ يُحمل قوله: على نفي الجزاء أيضًا. نعم، يقتصر على عهده صلى الله عليه وسلّم للجهل بالمسائل في ذلك الزمان، وإنما يُعدُّ ذلك عذرًا عند انعقاد الشرع، لا بعد تقرره واشتهارِه على البسيطة كلها. ثم هل الجهلُ عُذْرٌ في مسائل العبادات والديانات أو لا؟ فقد تكلمنا عليه في العلم، فراجعه (¬1). ¬

_ (¬1) وفي "شرح العمدة" سقوط الدم عن الجاهل والناسي، دون العامد قويٌ، من جهة أنَّ الدليلَ دلَّ على وجوبِ اتباع أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحج، بقوله: "خذوا عني مناسككم"، وهذه الأحاديث المرخَّصة بالتقديم لما وقع السؤالُ عنها، إنما قُرنت بقول القائل: "لم أشْعُر"، فيخصص الحكم بهذه الحالة، وتبقى حالة العمدِ على أصل وجوبِ اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحج. وهذا مني أيضًا على حكم القاعدة، في أن الحكمَ إذا رُتِّب على وصف يُمكن أنْ يكون معتبرًا لم يجز إطراحه، وإلحاقُ غيره مما لا يساويه به. ولا شك أن عدم الشعور وصفٌ مناسبٌ لعدم التكليف، والمؤاخذة، والحكم عُلِّق به، فلا يمكن إطراحه بإلحاق العمد، إذ لا يساويه، فاِن تمسك بقول الراوي: "فما سُئل عن شيء قُدِّم ولا أُخِّر، إلا قال: افعل ولا حرج"، فإنَّه قد يُشعر بأنَّ الترتيب مطلقًا غير مراعى في الوجوب. فجوابه أنَّ الراويَ لم يحك لفظًا عامًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقتضي جوازَ التقديم والتأخير مطلقًا، وإنما أخبر عن قوله عليه الصلاة والسلام: "لا حرج"، بالنسبة إلى كل ما سُئل عنه من التقديم والتأخير. وهذا الإخبار من الراوي، إنما تعلق بما وقعَ السؤالُ عنه، وذلك مطلقٌ بالنسبة إلى حال السؤال، وكونه وقع عن العمد أو عدمه. والمطلق لا يدل على أحدِ الحالين بعينهِ، فلا تبقى حجةٌ في حالة العمد. اهـ. =

127 - باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق

1724 - قوله: (فقال عمر: إن نأخذ بكتاب الله، فإنه يأمرنا بالتمام) ... إلخ، وللمعارض أنْ يقول: إن القرآن وإن كان يأمر بالتمام لكنه يأمر بالتمتع أيضًا، وكذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وإن لم يُحلل بنفسه، لكنه أمر ألوفًا من الناس أن يتحلَّلوا. فائدة: واعلم أنَّ البخاري أخرج عن قيس بن سعد في تعليقه عن حماد من هذا الباب، وبهذا الذي في زكاة الإِبل، عند الطحاوي، فتصدى له البيهقي هناك، فاعلمه. 127 - باب مَنْ لَبَّدَ رَأْسَهُ عِنْدَ الإِحْرَامِ وَحَلَقَ 1725 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ - رضى الله عنهم - أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا بِعُمْرَةٍ وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ قَالَ «إِنِّى لَبَّدْتُ رَأْسِى، وَقَلَّدْتُ هَدْيِى، فَلاَ أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ». أطرافه 1566، 1697، 4398، 5916 - تحفة 15800 128 - باب الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ عِنْدَ الإِحْلاَلِ 1726 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِى حَمْزَةَ قَالَ نَافِعٌ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ حَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّتِهِ. طرفاه 4410، 4411 - تحفة 7677 1727 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ». قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ». قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «وَالْمُقَصِّرِينَ». وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى نَافِعٌ «رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ» مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ. قَالَ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى نَافِعٌ وَقَالَ فِى الرَّابِعَةِ «وَالْمُقَصِّرِينَ». تحفة 8226، 8269، 8354 1728 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ اغْفِرْ ¬

_ = ثم في التمسك بهذه الأحاديث مخالفةٌ لقوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196]، وقد ترك أكثر الفقهاء العملَ بعموم هذه الأحاديث، فقالوا: إن السعي بين الصفا والمروة قبل الطواف بالبيت لا يُجزىء الساعي: وأنه كمن لم يسمع. قال الطحاوي: وهذا قولُ عامة فقهاء الأمصار من أهل الحجاز والعراق، ولا نعلَم له مخالِفًا، غير عطاء والأوزاعي. وذكر الخَطَّابي في السعي قبل الطواف نحو ما ذكره الطحاوي. وقال مالك: من حلق قبل أن يرمي فعليه دمٌ، ثم نقل المارديني آثارًا في وجوب الدم أو الفدية، عند مخالفة الترتيب عن ابن عباس بسندٍ على شرط مسلم، وكذلك عن سعيد بن جبير، وعن جابر بن زيد، وعن إبراهيم، وساقها بأسانيدها. وفي "التهذيب" للطبري، وقال أبو مرة عن الحسن: من قُدَّم من نُسُكه شيئًا قبل شيء، فليهرق دمًا. انتهى. ملخصًا. "الجوهر النقي".

لِلْمُحَلِّقِينَ». قَالُوا وَلِلْمُقَصِّرِينَ. قَالَ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ». قَالُوا وَلِلْمُقَصِّرِينَ. قَالَهَا ثَلاَثًا. قَالَ «وَلِلْمُقَصِّرِينَ». تحفة 14904 1729 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ حَلَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ. أطرافه 1639، 1640، 1693، 1708، 1806، 1807، 1808، 1810، 1812، 1813، 4183، 4184، 4185 - تحفة 7638 1730 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ - رضى الله عنهم - قَالَ قَصَّرْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمِشْقَصٍ. تحفة 11423 - 214/ 2 والربُع عندنا يحكي عن الكل، فيكفي له حلقُ الربع. وقاسه صاحب «الهداية» على مسح الرأس، فاعترض عليه الشيخ ابن الهُمَام، وتفرد في هذه المسألة، فراجعه من كتابه «فتح القدير». والجواب أنه ليس من باب القياس، بل من باب آخر، وهو أنَّ الأمر بإِيقاعِ فعلٍ على محل، هل يوجبُ استيعابَ ذلك المحل أو بعضَه؟ فذهب نظرُ إمامنا إلى أن الربُع يحكي عن الكل، فيحُلُّ محله، خلافًا لمالك، والشافعي. ولو تنبه الشيخ على هذا الباب لما تفرد فيه. 1727 - قوله: (اللهم ارحم المحلقين) ... إلخ، وإنما خص المحلقين بمزيدِ الدعاءِ لأنهم بَادَروا بالامتثال. وفي الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم لما سُئل عن دُعائه للمحلقين، قال: «لأنهم لم يشكوا». فائدة: واعلم أن ما في كتب السير أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يحلق رأسه إلا مرتين، فلا أصل له. وإنما ظن هذا القائل أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم اعتمر عمرتين، وحج حجة، فجعل القصرَ في واحد منها، فبقي الحلقُ في الاثنين، ثم ظن أنه كان من سيرتهِ العامة الشعر، فلم يثبت عنده الحلق إلا مرتين. ولا دليل عليه. وكذلك ما اشتُهر من أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يثبت عنه أكلُ لحم البقر، ففاسد أيضًا، فإنَّه ثبت عنه أكله في قِصة بَرِيْرة، وكذلك في قصة أخرى. 1730 - قوله: (عن معاوية، قال: قصرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بمشقص)، واستشكله الشارحون، لأنه لا يصح في الحُدَيْبِيَة أصلا، ولا في عمرة القضاء، فإنَّ معاوية لم يُسلم يومئذٍ، ولا في عُمرة الجِعْرانة لكونه في الليل، ولا في حَجَّة الوداع للتصريح بالحلق فيه. وادَّعى ابن حزم أنه كان في حجة الوداع، لاحتمال أنْ يكون بقي من الحلق بعضه، فقصَّرَه بعده، وهو كما ترى. ثم في بعض الروايات: أنه قَصَّر على المروة، وتمسك به بعضهم على كونه متمتعًا بغير سوق الهَدْي، مع تضافر الروايات بخلافه. ثم قيل: يمكن أنْ يكونَ في عمرة القضاء، ولا نسلِّمُ أنه لم يكن أسلم يومئذٍ، بل يمكن أن يكون أسلم، ولم يكن أظهَرَ إسلامه، ولو سلَّمنَا، فلا بِدْعَ في خدمة الكافر للمسلم. ويردُّ كله ما عند النسائي: «قصرت رأسه في عشرة ذي الحجة»، فإنَّ عُمَرَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كلها لم تكن في هذا التاريخ. وعلل ابن كثير رواية النسائي. بقيت الروايات التي فيها ذكر العشرة فقط، فلا حاجة إلى إعلاله، لأن العشرةَ تحتملُ أنْ تكونَ من ذي القَعْدة أو شوال، فإنَّهما أيضًا من أشهر الحج.

129 - باب تقصير المتمتع بعد العمرة

ثم إن حديث معاوية هذا لما نُقل عند ابن عباس، قال: لا أراه إلا حجةً عليه، فإِنه إذا رَوى أنه قصَّر النبي صلى الله عليه وسلّم على المروة ثَبَتَ أنَّه كان متمتعًا، فَلَم ينه عن التمتع. ثم هناك قطعة أخرى عند مسلم، أشكل شرحها على الشارحين، وهي أنَّ سعدَ بن وقاص كان يرى التمتعَ جائزًا، فقيل له: إن معاوية ينهى عنه، فقال سعد: «قد فعلناه مع النبي صلى الله عليه وسلّم وكان هذا الرجل - معاوية - كافرًا يومئذ في عريش مكة. ولا يصحُّ أنْ تكون هذه إشارة إل قِصة حجة الوداع، فإنَّه أسلم قبل ذلك بسنتين. وكذا ليست قبلها واقعةٌ يكون النبيُّ صلى الله عليه وسلّم تمتع فيها، فأي قِصة هي؟. قلتُ: المراد منه قِصة الحُدَيْبِيَة، وإنما عبَّر عنها بالتمتعِ بجامع الحِل قبل الأوان بينهما، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم حل في الحديبية قبل أوانه، وكذا المتمتع يحل قبل أوان الحج، ولذا كان الناسُ يتأخرون عن الحِل حين أمرهم النبي صلى الله عليه وسلّم به. فحاصل مقالةِ سعدٍ أنَّ معاوية إنما ينهى عن التمتع، لأنه يوجِبُ الحِلَّ قبل أوانه، مع أنا قد حللنا في الحُدَيْبِيَة مع الني صلى الله عليه وسلّم قبل أوانه. والجوابُ عندي عن أصلِ الإِشكال أنَّه يمكنُ أنْ تكونَ هذه قِصة قبل الهجرة. وفي السير أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم كان يحج قبل الهجرة، ثم تتبَّعْتُ عُمْرَ معاوية يومئذ، فظهر أنه كان ابن ستة عشر، أو اثنين وعشرين، وهذا صالح للقصر، وحينئذ لا حاجة إلى إعلال رواية النسائي، نعم يرد عليه، أنه لا يتم حينئذٍ ردّ ابن عباس عليه، فإنه لما جعل قصرَه على المروة حجةً عليه في منعِهِ عن التمتع، عُلِمَ أنه حَمَلَه على القصر في عمرة. هذا ما قصدنا إلقاءَه عليك بالاقتصار. والكلام فيه أطول من هذا، ذكره الحافظ في «الفتح»، فراجعه إن شئت. 129 - باب تَقْصِيرِ الْمُتَمَتِّعِ بَعْدَ الْعُمْرَةِ 1731 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَخْبَرَنِى كُرَيْبٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ يَحِلُّوا، وَيَحْلِقُوا أَوْ يُقَصِّرُوا. طرفاه 1545، 1625 - تحفة 6368 130 - باب الزِّيَارَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - أَخَّرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الزِّيَارَةَ إِلَى اللَّيْلِ. تحفة 6452، 17594 وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى حَسَّانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَزُورُ الْبَيْتَ أَيَّامَ مِنًى. تحفة 6461 1732 - وَقَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ طَافَ طَوَافًا وَاحِدًا، ثُمَّ يَقِيلُ ثُمَّ يَأْتِى مِنًى - يَعْنِى يَوْمَ النَّحْرِ -. وَرَفَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ. تحفة 7899، 8026

1733 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ حَجَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَفَضْنَا يَوْمَ النَّحْرِ، فَحَاضَتْ صَفِيَّةُ، فَأَرَادَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهَا مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ. فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا حَائِضٌ. قَالَ «حَابِسَتُنَا هِىَ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ. قَالَ «اخْرُجُوا». وَيُذْكَرُ عَنِ الْقَاسِمِ وَعُرْوَةَ وَالأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَفَاضَتْ صَفِيَّةُ يَوْمَ النَّحْرِ. أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 17733، 17521، 15927 ل، 15946 ل، 15984 ل واختلفت الروايات في طوافه صلى الله عليه وسلّم يوم النحر، ولا سبيل في بعضها إلا إلى الترجيح، والأظهرُ أنَّه طافَه بعد الظهر، فأدَّاه بعضهم أنه أخره إلى الليل، كما عند الترمذي. ومن مارَس توسُّعات الرواةِ في التعبيراتِ لا يَستبْعِدُ منهم ذلك. قوله: (كان يزور البيت أيام منى)، وهذا طوافه للنفل بعد يوم النحر. إما أنه طاف بين القدوم والإِفاضة أم لا؟ فنفاه البخاري، وأثبته البيهقي. قوله: (وقال لنا) يعني أنه سمعه منه بلا واسطة، إلا أنه تأوَّل لضعفِ عنده. قوله: (طوافًا واحدًا)، وأراد به ههنا طوافَ الإِفاضة، وهو الطّوافُ الثاني، فاختلف الرواة في مِصْدَاق هذا اللفظ عن ابن عمر، فجعل بعضهم مِصْدَاقه الطواف الأول، أي القدوم، وبعضهم طوافُ الزيارة. وحينئذٍ لم تبق فيه حجة للشافعية، فإنَّ الطوافَ الواحدَ عن الحج والعمرة هو الزيارة عندهم، ولم يتعين بعد أن أيهما المراد ههنا. ولنا أن نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلّم وإن طافَ لهما طوافين. إلا أنهما لم يكونا متميزين، أيهما عن الحج، وأيهما عن العمرة، لعدم تخلل الحِل بينهما، فعبَّرَ عنه الراوي هكذا، كأنه طاف لهما طوافًا واحدًا، أي لكل واحدٍ منهما طوافًا طوافًا. ولكنه جعل الواحد عن اثنين في العبارة، لعدم تميزهما في الحِسِّ. وبعبارة أخرى إن طوافَه الواحدَ كان عن الحج والعمرة، لعدم التميز، لا لعدم التعدد، فلو شئت اعتبرتَه عن الحج، فعلت، وإن أردتَ جعلتَه عن العمرة، فذاك أيضًا إليك. والحاصل: أنه طاف لهما دَفْعة واحدة طوافًا. ونُوضح لك مزيد الإِيضاح: أن الذين أهلوا بالعمرة، ثم بالحج، وأحلوا في الوسط، كان طوافُهم للعمرة متميِّزًا عن طوافهم للحج، لتخلُّل الحِل في البين، فصح أن تقول: إن هذا للعمرة، وهذا للحج، ولا يصح أن تقول فيهم: إنهم طافوا لهما طوافًا واحدًا، بخلاف القارنين، فإِنهم أهلوا بالحج والعمرة معًا، ثم يُحِلوا في الوسط حتى طافوا طواف الزيارة، فلم يتميز طوافهم للحج عن طوافِهم للعمرة. وإذا لم يتميز في الحسّ أحد الطوافين عن الآخر، عبَّر عنه الراوي بالطواف الواحد، فهم فهموا أنه طاف لهما طوافًا واحدًا حقيقة، ونحن فهمنا أنه طاف طوافًا لكلٍ منهما، ولكنه لم يتميَّز في الحِسِّ، فعبر عنه الراوي كذلك. وبعبارة أخرى هم جعلوا الطواف الواحدَ مسألة،

131 - باب إذا رمى بعد ما أمسى، أو حلق قبل أن يذبح، ناسيا أو جاهلا

ونحن جعلناه تعبيرًا فقط، لما ثبت عندنا في الخارج تعدد الأطوفة، عمن كان إحرامُه مع إحرامه صلى الله عليه وسلّم ورافَقَه وصاحَبَه، ورأى حَجَّهُ ومناسكه من الأول إلى الآخر. والحاصل: أن الواحدَ في مقابلة الثاني. والمعنى أنه طاف للحج واحدًا، ولم يطف له ثانيًا، وكذلك للعمرة، فطاف لها واحدًا، ولم يطف لها ثانيًا، وحينئذٍ ثبتَ أنه طافَ لهما واحدًا، وليس فيه نفيٌ لطواف العمرة، فإنَّه كان وكان، ولكنه لما لم يتخلل الحِل في البين، لم يتميز أحد الطوافين عن الآخر، وبقي لكل منهما طوافًا طوافًا غير متعيِّن، أيهما لحجه، وأيهما لعمرته، فاحفظه، فإنَّه تليدك مع طارفك. 131 - باب إِذَا رَمَى بَعْدَ مَا أَمْسَى، أَوْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ، نَاسِيًا أَوْ جَاهِلاً 1734 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قِيلَ لَهُ فِى الذَّبْحِ وَالْحَلْقِ وَالرَّمْىِ وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فَقَالَ «لاَ حَرَجَ». أطرافه 84، 1721، 1722، 1723، 1735، 6666 - تحفة 5713 1735 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُسْأَلُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى، فَيَقُولُ «لاَ حَرَجَ». فَسَأَلَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ. قَالَ «اذْبَحْ، وَلاَ حَرَجَ». وَقَالَ رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ. فَقَالَ «لاَ حَرَجَ». أطرافه 84، 1721، 1722، 1723، 1734، 6666 - تحفة 6047 - 215/ 2 وحاصله: أنه أخلّ في الترتيب. وقيَّده بالنسيان والجهل، فدل على أنه لو تعمده وجب عليه الجزاء، فوافق أبا حنيفة في بعض الصور. وقد مر أن المصنِّف يعتبرُ النسيان والجهلَ عذرًا في كثير من المواضع. ثم إنَّ ابن عباس - راوي الحديث - وفتواه موافقٌ لنا، كما أخرجه الطحاوي. 132 - باب الْفُتْيَا عَلَى الدَّابَّةِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ 1736 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَفَ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ، فَقَالَ رَجُلٌ لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ. قَالَ «اذْبَحْ وَلاَ حَرَجَ». فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ. قَالَ «ارْمِ وَلاَ حَرَجَ». فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَىْءٍ قُدِّمَ وَلاَ أُخِّرَ إِلاَّ قَالَ افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ. أطرافه 83، 124، 1737، 1738، 6665 - تحفة 8906 1737 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا. ثُمَّ

133 - باب الخطبة أيام منى

قَامَ آخَرُ فَقَالَ كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ، نَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ. وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ». لَهُنَّ كُلِّهِنَّ، فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ قَالَ افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ. أطرافه 83، 124، 1736، 1738، 6665 - تحفة 8906 1738 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضى الله عنهما - قَالَ وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى نَاقَتِهِ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. تَابَعَهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. أطرافه 83، 124، 1736، 1737، 6665 - تحفة 8906 133 - باب الْخُطْبَةِ أَيَّامَ مِنًى واعلم أنَّ في الحج ثلاث خُطبات: في السابعة، والتاسعة، والحادية عشرة. وأما ما سواها، فحمَلَها الحنفيةُ على الحوائج العامة، لا من المناسك. 1739 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ. أَىُّ يَوْمٍ هَذَا». قَالُوا يَوْمٌ حَرَامٌ. قَالَ «فَأَىُّ بَلَدٍ هَذَا». قَالُوا بَلَدٌ حَرَامٌ. قَالَ «فَأَىُّ شَهْرٍ هَذَا». قَالُوا شَهْرٌ حَرَامٌ. قَالَ «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِى بَلَدِكُمْ هَذَا فِى شَهْرِكُمْ هَذَا». فَأَعَادَهَا مِرَارًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ «اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ». قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ - «فَلْيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». طرفه 7079 - تحفة 6185 - 216/ 2 1740 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ. تَابَعَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو. أطرافه 1841، 1843، 5804، 5853 - تحفة 5375 1739 - قوله: (قال: فأي شهر هذا؟ قالوا: شهر حرام) ... إلخ، وأمعن النظرَ في آخر خُطبة خَطَبها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في حَجِّة الوداع، كيف تدل على بقاءِ حُرمة الأشهر الحرم، حتى سمَّوه بالشهر الحرام، مع أنَّ الجمهور ذهبوا إلى نَسخِهِ، وأنكره ابن تيمية، وادّعى أن البداية بالقتال فيها حَرَامٌ إلى الآن أيضًا. قلتُ: وكان ينبغي للجمهور أن لا يتركوا تسميتَها بالأشهر الحرم. ونازعوا في الأحكام على نحو ما قلت في حَرَمِ المدينة: إن لها حَرَمًا أيضًا، إلا أنَّ أحكامَه ليست كأحكام حرم مكة

134 - باب هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالى منى؟

كذلك. فليقل: إنَّ لتلك الأشهر حرمةٌ باقيةً عندنا أيضًا، إلا أن حرمَتَها ليست على ما كانت قبل النَّسخ، وحينئذٍ لمّا لم ترد عليهم ألفاظُ الأحاديث التي ورد فيها إطلاقُ الأشهر الحرم عليها، فإنَّه يدُل على بقاء حرمتها بعدُ. 1741 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا قُرَّةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ، وَرَجُلٌ أَفْضَلُ فِى نَفْسِى مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ خَطَبَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ النَّحْرِ، قَالَ «أَتَدْرُونَ أَىُّ يَوْمٍ هَذَا». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قَالَ «أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «أَىُّ شَهْرٍ هَذَا». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. فَقَالَ «أَلَيْسَ ذُو الْحَجَّةِ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «أَىُّ بَلَدٍ هَذَا». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قَالَ «أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الْحَرَامِ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِى شَهْرِكُمْ هَذَا، فِى بَلَدِكُمْ هَذَا، إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ. أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ «اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ، فَلاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». أطرافه 67، 105، 3197، 4406، 4662، 5550، 7078، 7447 تحفة 11682، 11671 1742 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِنًى «أَتَدْرُونَ أَىُّ يَوْمٍ هَذَا». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَقَالَ «فَإِنَّ هَذَا يَوْمٌ حَرَامٌ، أَفَتَدْرُونَ أَىُّ بَلَدٍ هَذَا». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «بَلَدٌ حَرَامٌ، أَفَتَدْرُونَ أَىُّ شَهْرٍ هَذَا». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «شَهْرٌ حَرَامٌ - قَالَ - فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِى شَهْرِكُمْ هَذَا، فِى بَلَدِكُمْ هَذَا». وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْغَازِ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - وَقَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ فِى الْحَجَّةِ الَّتِى حَجَّ بِهَذَا، وَقَالَ «هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ»، فَطَفِقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اللَّهُمَّ اشْهَدْ». وَوَدَّعَ النَّاسَ. فَقَالُوا هَذِهِ حَجَّةُ الْوَدَاعِ. أطرافه 4403، 6043، 6166، 6785، 6868، 7077 - تحفة 7418، 8514 - 217/ 2 1741 - قوله: (اللهم اشهد) ... إلخ، وإنما جعله شاهدًا، لأنَّ الأممَ يُسألون عن أنبيائهم يوم القيامة، أنهم هل بلغوا أم لا؟ فيكذِّبون بعضهم، ويقولون: إنهم لم يبلغْهم شيئًا، وحينئذ يحتاج الأنبياء عليهم السلام إلى الشهادة. 134 - باب هَلْ يَبِيتُ أَصْحَابُ السِّقَايَةِ أَوْ غَيْرُهُمْ بِمَكَّةَ لَيَالِىَ مِنًى؟ 1743 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - رَخَّصَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1634، 1744، 1745 - تحفة 8080

135 - باب رمى الجمار

1744 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَذِنَ. أطرافه 1634، 1743، 1745 - تحفة 8033 1745 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ الْعَبَّاسَ - رضى الله عنه - اسْتَأْذَنَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لِيَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِىَ مِنًى، مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ، فَأَذِنَ لَهُ. تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَعُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ وَأَبُو ضَمْرَةَ. أطرافه 1634، 1743، 1744 - تحفة 7824، 8061، 7939، 7802 واعلم أنَّ رميَ الجِمَار واجبٌ عندنا، والبَيْتُوتَةُ سنةٌ. 135 - باب رَمْىِ الْجِمَارِ وَقَالَ جَابِرٌ رَمَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى، وَرَمَى بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ الزَّوَالِ. 1746 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ وَبَرَةَ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - مَتَى أَرْمِى الْجِمَارَ قَالَ إِذَا رَمَى إِمَامُكَ فَارْمِهْ. فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ، قَالَ كُنَّا نَتَحَيَّنُ، فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ رَمَيْنَا. تحفة 8554 136 - باب رَمْىِ الْجِمَارِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي 1747 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ رَمَى عَبْدُ اللَّهِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِى، فَقُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّ نَاسًا يَرْمُونَهَا مِنْ فَوْقِهَا، فَقَالَ وَالَّذِى لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ هَذَا مَقَامُ الَّذِى أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ بِهَذَا. أطرافه 1748، 1749، 1750 - تحفة 9382 - 218/ 2 137 - باب رَمْىِ الْجِمَارِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ ذَكَرَهُ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1748 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى جَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ، وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ، وَرَمَى بِسَبْعٍ، وَقَالَ هَكَذَا رَمَى الَّذِى أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1747، 1749، 1750 - تحفة 9382 138 - باب مَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ 1749 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ حَجَّ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - فَرَآهُ يَرْمِى الْجَمْرَةَ الْكُبْرَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ،

139 - باب يكبر مع كل حصاة

فَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ، وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ هَذَا مَقَامُ الَّذِى أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ. أطرافه 1747، 1748، 1750 - تحفة 9382 وعند الترمذي: «حِذَاءه»، مكان اليسار، وينبغي الاعتمادُ على لفظِ البخاري. 139 - بابٌ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1750 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ السُّورَةُ الَّتِى يُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ، وَالسُّورَةُ الَّتِى يُذْكَرُ فِيهَا آلُ عِمْرَانَ، وَالسُّورَةُ الَّتِى يُذْكَرُ فِيهَا النِّسَاءُ. قَالَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - حِينَ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، فَاسْتَبْطَنَ الْوَادِىَ، حَتَّى إِذَا حَاذَى بِالشَّجَرَةِ اعْتَرَضَهَا، فَرَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ قَالَ مِنْ هَا هُنَا وَالَّذِى لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ قَامَ الَّذِى أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1747، 1748، 1749 - تحفة 9382 140 - باب مَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَلَمْ يَقِفْ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 141 - باب إِذَا رَمَى الْجَمْرَتَيْنِ، يَقُومُ وَيُسْهِلُ، مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ 1751 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ كَانَ يَرْمِى الْجَمْرَةَ الدُّنْيَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ عَلَى إِثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ حَتَّى يُسْهِلَ فَيَقُومَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَيَقُومُ طَوِيلاً، وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِى الْوُسْطَى، ثُمَّ يَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فَيَسْتَهِلُ وَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَيَقُومُ طَوِيلاً وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، وَيَقُومُ طَوِيلاً، ثُمَّ يَرْمِى جَمْرَةَ ذَاتِ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِى، وَلاَ يَقِفُ عِنْدَهَا ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُولُ هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُهُ. طرفاه 1752، 1753 - تحفة 6986 - 219/ 2 قوله: (ثم يدعو) ... إلخ، وفي الروايات أنه كان يُطَوِّل في الدعاء قدر سورة البقرة. 142 - باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الجَمْرَتَيْنِ الدُّنْيَا وَالْوُسْطَى 1752 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ يَرْمِى الْجَمْرَةَ الدُّنْيَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ثُمَّ يُكَبِّرُ عَلَى إِثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيُسْهِلُ، فَيَقُومُ

143 - باب الدعاء عند الجمرتين

مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلاً، فَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِى الْجَمْرَةَ الْوُسْطَى كَذَلِكَ، فَيَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فَيُسْهِلُ، وَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلاً، فَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِى الْجَمْرَةَ ذَاتَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِى، وَلاَ يَقِفُ عِنْدَهَا، وَيَقُولُ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُ. طرفاه 1751، 1753 - تحفة 6986 143 - باب الدُّعَاءِ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ 1753 - وَقَالَ مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ الَّتِى تَلِى مَسْجِدَ مِنًى يَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ، ثُمَّ تَقَدَّمَ أَمَامَهَا فَوَقَفَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو، وَكَانَ يُطِيلُ الْوُقُوفَ، ثُمَّ يَأْتِى الْجَمْرَةَ الثَّانِيَةَ، فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ، ثُمَّ يَنْحَدِرُ ذَاتَ الْيَسَارِ مِمَّا يَلِى الْوَادِىَ، فَيَقِفُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو، ثُمَّ يَأْتِى الْجَمْرَةَ الَّتِى عِنْدَ الْعَقَبَةِ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ عِنْدَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَلاَ يَقِفُ عِنْدَهَا. قَالَ الزُّهْرِىُّ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ مِثْلَ هَذَا عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ. طرفاه 1751، 1752 - تحفة 6986 144 - باب الطِّيبِ بَعْدَ رَمْىِ الْجِمَارِ وَالْحَلْقِ قَبْلَ الإِفَاضَةِ 1754 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ - وَكَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ - يَقُولُ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَقُولُ طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدَىَّ هَاتَيْنِ حِينَ أَحْرَمَ، وَلِحِلِّهِ حِينَ أَحَلَّ، قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ. وَبَسَطَتْ يَدَيْهَا. أطرافه 1539، 5922، 5928، 5930 - تحفة 17485 - 220/ 2 واعلم أنَّ المُحرمَ له جميعُ محظورات إحرامِهِ بعد الحلق، إلا النساء، وفي رواية شاذة: إلا الطيب أيضًا، وتؤيدها رواية عن ابن ماجه، وأوَّلها الناس. قلتُ: بل الصواب أن تلتزمَ ذلك، ويُقال: إن الروايات العامة حجةٌ للروايةِ المشهورة عن الإِمام، والشاذة للشاذة، ولا حاجة إلى التأويل. فإن قلتَ: إن قولَ المصنِّف: «بعد رمي الجِمار» في غير محله، لأنه لا دَخْل له في الحِلِّ، وإنما الدخل فيه الحلق. قلتُ: لأنَّ بعضَ الأفعال الأربعة يوم النحر مما ليس بجناية في وقتٍ من الأوقات. 145 - باب طَوَافِ الْوَدَاعِ 1755 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إِلاَّ أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الْحَائِضِ. طرفاه 329، 1760 - تحفة 5710، 7100

146 - باب إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت

1756 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، ثُمَّ رَقَدَ رَقْدَةً بِالْمُحَصَّبِ، ثُمَّ رَكِبَ إِلَى الْبَيْتِ فَطَافَ بِهِ. تَابَعَهُ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى خَالِدٌ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1764 - تحفة 1318 وهو واجبٌ عندنا. وفي قولٍ: سنة. كما أن القدومَ سنة في المشهور، وفي قولٍ: واجبٌ، كما في «خزانة المفتين»، وهو معتبر. أما خزانة الروايات، فلا أعتمدُ عليه، وهو من تصانيف عالم من كجرات. ويسقط الوداع عن الحائض والنُّفَساء. وكان ابن عمر يقول: بأن الحائض والنفساء تنتظر له حتى تطهُرَ، فتطوف له، فلما بلغه الحديث: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم رخص لهنَّ، رجع عنه، كما في الباب الآتي. أما طواف الزيارة، فإنَّها تنتظر له عند جميعهم. 146 - باب إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ مَا أَفَاضَتْ 1757 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حَاضَتْ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَحَابِسَتُنَا هِىَ». قَالُوا إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ. قَالَ «فَلاَ إِذًا». طرفه 294 تحفة 17521 1758 و 1759 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ سَأَلُوا ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ امْرَأَةٍ طَافَتْ ثُمَّ حَاضَتْ، قَالَ لَهُمْ تَنْفِرُ. قَالُوا لاَ نَأْخُذُ بِقَوْلِكَ وَنَدَعَ قَوْلَ زَيْدٍ. قَالَ إِذَا قَدِمْتُمُ الْمَدِينَةَ فَسَلُوا. فَقَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَسَأَلُوا، فَكَانَ فِيمَنْ سَأَلُوا أُمُّ سُلَيْمٍ، فَذَكَرَتْ حَدِيثَ صَفِيَّةَ. رَوَاهُ خَالِدٌ وَقَتَادَةُ عَنْ عِكْرِمَةَ. تحفة 18323، 6003، 3733 أ، 6064، 6195 1760 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ رُخِّصَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَنْفِرَ إِذَا أَفَاضَتْ. طرفاه 329، 1755 - تحفة 5710 1761 - قَالَ وَسَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ إِنَّهَا لاَ تَنْفِرُ. ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ بَعْدُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ لَهُنَّ. طرفه 330 - تحفة 7100 1762 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ نُرَى إِلاَّ الْحَجَّ، فَقَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَمْ يَحِلَّ وَكَانَ مَعَهُ الْهَدْىُ، فَطَافَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ نِسَائِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَحَلَّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْهَدْىُ، فَحَاضَتْ هِىَ، فَنَسَكْنَا

147 - باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح

مَنَاسِكَنَا مِنْ حَجِّنَا، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ لَيْلَةُ النَّفْرِ، قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّ أَصْحَابِكَ يَرْجِعُ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ غَيْرِى. قَالَ «مَا كُنْتِ تَطُوفِى بِالْبَيْتِ لَيَالِىَ قَدِمْنَا». قُلْتُ لاَ. قَالَ «فَاخْرُجِى مَعَ أَخِيكِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهِلِّى بِعُمْرَةٍ، وَمَوْعِدُكِ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا». فَخَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ، وَحَاضَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَىٍّ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عَقْرَى حَلْقَى، إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا، أَمَا كُنْتِ طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ». قَالَتْ بَلَى. قَالَ «فَلاَ بَأْسَ. انْفِرِى». فَلَقِيتُهُ مُصْعِدًا عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ، وَأَنَا مُنْهَبِطَةٌ، أَوْ أَنَا مُصْعِدَةٌ، وَهُوَ مُنْهَبِطٌ. وَقَالَ مُسَدَّدٌ قُلْتُ لاَ. تَابَعَهُ جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ فِى قَوْلِهِ لاَ. أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 15984 - 221/ 2 147 - باب مَنْ صَلَّى الْعَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ بِالأَبْطَحِ 1763 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِىُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَخْبِرْنِى بِشَىْءٍ عَقَلْتَهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَيْنَ صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ قَالَ بِمِنًى. قُلْتُ فَأَيْنَ صَلَّى الْعَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ قَالَ بِالأَبْطَحِ. افْعَلْ كَمَا يَفْعَلُ أُمَرَاؤُكَ. طرفاه 1653، 1654 - تحفة 988 1764 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُتَعَالِ بْنُ طَالِبٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ قَتَادَةَ حَدَّثَهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، وَرَقَدَ رَقْدَةً بِالْمُحَصَّبِ، ثُمَّ رَكِبَ إِلَى الْبَيْتِ فَطَافَ بِهِ. طرفه 1756 - تحفة 1318 وهو المستحبُّ عندنا، ثم الأبْطَحُ، والمُحَصَّبُ، والبَطْحَاءُ، وخَيْفُ بني كِنَانة كلها اسمٌ لمكان واحدٍ، وهي من مِنىً. واستدل عليه الشافعي من قول الشاعر: *يا راكبًا قِفْ بالمحصَّبِ من مِنى ... واهتف بقَاطنِ خيفِهَا والنَّاهِضِ ثم إن البطحاءَ عند مكة، وعند المدينة أيضًا بطحاء. 148 - باب الْمُحَصَّبِ 1765 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ إِنَّمَا كَانَ مَنْزِلٌ يَنْزِلُهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِيَكُونَ أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ. يَعْنِى بِالأَبْطَحِ. تحفة 16912 1766 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - لَيْسَ التَّحْصِيبُ بِشَىْءٍ، إِنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 5941 - 222/ 2 149 - باب النُّزُولِ بِذِى طُوًى قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ، وَالنُّزُولِ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِى بِذِى الْحُلَيْفَةِ إِذَا رَجَعَ مِنْ مَكَّةَ 1767 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ

150 - باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة

نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ يَبِيتُ بِذِى طُوًى بَيْنَ الثَّنِيَّتَيْنِ، ثُمَّ يَدْخُلُ مِنَ الثَّنِيَّةِ الَّتِى بِأَعْلَى مَكَّةَ، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا لَمْ يُنِخْ نَاقَتَهُ إِلاَّ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيَأْتِى الرُّكْنَ الأَسْوَدَ فَيَبْدَأُ بِهِ، ثُمَّ يَطُوفُ سَبْعًا ثَلاَثًا سَعْيًا، وَأَرْبَعًا مَشْيًا، ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيُصَلِّى سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَنْطَلِقُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَيَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَكَانَ إِذَا صَدَرَ عَنِ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِى بِذِى الْحُلَيْفَةِ الَّتِى كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُنِيخُ بِهَا. طرفاه 491، 1769 - تحفة 8463 1768 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ سُئِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنِ الْمُحَصَّبِ فَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ، قَالَ نَزَلَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ. وَعَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ يُصَلِّى بِهَا - يَعْنِى الْمُحَصَّبَ - الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ - أَحْسِبُهُ قَالَ وَالْمَغْرِبَ. قَالَ خَالِدٌ لاَ أَشُكُّ فِى الْعِشَاءِ، وَيَهْجَعُ هَجْعَةً، وَيَذْكُرُ ذَلِكَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 7883 ونزول البطحاء التي بذي الحُلَيفة إذا رجع من مكة. فإن قلت: لم جمع المصنِّفُ بين نزوله بذي طُوَىً، وبين نزوله بذي الحُلَيفة، فإن الأولَ كان حين دخوله مكة، فإنَّ ذي طُوَى على ثلاثة أميال من مكة؛ والثاني عند قُفُولِهِ من مكة إلى المدينة؟ قلتُ: أشار إلى أنَّ نزول النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بالموضعين كان قصدِيَّا، فينزل بذي طُوَىً عند ذهابه إلى مكة، وذي الحُلَيفة عند إيابه من مكة. 150 - باب مَنْ نَزَلَ بِذِى طُوًى إِذَا رَجَعَ مِنْ مَكَّةَ 1769 - وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَقْبَلَ بَاتَ بِذِى طُوًى، حَتَّى إِذَا أَصْبَحَ دَخَلَ، وَإِذَا نَفَرَ مَرَّ بِذِى طُوًى وَبَاتَ بِهَا حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ يَذْكُرُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ. طرفاه 491، 1767 - تحفة 7513 151 - باب التِّجَارَةِ أَيَّامَ الْمَوْسِمِ، وَالْبَيْعِ فِى أَسْوَاقِ الْجَاهِلِيَّةِ 1770 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - كَانَ ذُو الْمَجَازِ وَعُكَاظٌ مَتْجَرَ النَّاسِ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ كَأَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ حَتَّى نَزَلَتْ {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] فِى مَوَاسِمِ الْحَجِّ. أطرافه 2050، 2098، 4519 - تحفة 6304 - 223/ 2 ترجم بها نظرًا إلى لفظ القرآن {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}، وإنما يجوزُ البيعُ في أسواق الجاهلية، إن لم يكن سببًا لشوكتهم وإلا يُمنع عنه.

152 - باب الإدلاج من المحصب

152 - باب الإِدْلاَجِ مِنَ الْمُحَصَّبِ 1771 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ حَاضَتْ صَفِيَّةُ لَيْلَةَ النَّفْرِ، فَقَالَتْ مَا أُرَانِى إِلاَّ حَابِسَتَكُمْ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عَقْرَى حَلْقَى أَطَافَتْ يَوْمَ النَّحْرِ». قِيلَ نَعَمْ. قَالَ «فَانْفِرِى». طرفه 294 تحفة 15946 1772 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَزَادَنِى مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا مُحَاضِرٌ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ نَذْكُرُ إِلاَّ الْحَجَّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَنَا أَنْ نَحِلَّ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ النَّفْرِ حَاضَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَىٍّ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «حَلْقَى عَقْرَى، مَا أُرَاهَا إِلاَّ حَابِسَتَكُمْ». ثُمَّ قَالَ «كُنْتِ طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ». قَالَتْ نَعَمْ. قَالَ «فَانْفِرِى». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِنِّى لَمْ أَكُنْ حَلَلْتُ. قَالَ «فَاعْتَمِرِى مِنَ التَّنْعِيمِ». فَخَرَجَ مَعَهَا أَخُوهَا، فَلَقِينَاهُ مُدَّلِجًا. فَقَالَ «مَوْعِدُكِ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا». أطرافه 294 - تحفة 15946 والإِدِّلاج - بتشديد الدال - أسير في آخر الليل، وبسكونها: اسم للسير في أول الليل. ***

26 - كتاب العمرة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 26 - كتاب العُمْرَة 1 - باب وُجُوبِ الْعُمْرَةِ وَفَضْلِهَا وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - لَيْسَ أَحَدٌ إِلاَّ وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - إِنَّهَا لَقَرِينَتُهَا فِى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وجلَّ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]. 1773 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ». تحفة 12573 - 2/ 3 أبواب العمرة قيل: إنَّ العمرةَ مُشتقٌ من العُمْر، وذلك وقتُها، وليس بصحيح، بل العمرةُ بمعنى الزيارة، جزمَ المصنفُ بوجوبها. والواجبُ والفرضُ عنده سواء. والمشهور عندنا أنها سنة، وقوَّاه ابن الهُمَام، واستدل عليه بحديثٍ فيه حجاج بن أرْطأة. وواجبٌ في قولٍ، كما في «الجوهرة» وهو المختار عندي. وقد ورد إطلاق الحجِّ على العمرة أيضًا، فإنَّ الحجَّ الأكبر عندهم هو الوقوفُ بعرفة، والحج الأصغر العمرة، ولقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] أي أدوه بوصفِ التمام، فالمطلوب هو العمرة، مع تلك الصفة، لا أنَّ المأمورَ به هو الإِتمام عند الشروع، دون العمرة نفسِها، فإنَّه تأويلٌ عندي. وعن أبي يوسف: أنَّ الناس كانوا يُقصِّرُون في العمرة في زمن الجاهلية من كل وجه، وفي الحج شيئًا، فلم يكونوا يذهبون إلى عرفات، فأمَرَهم الله سبحانه أنْ يُطهِّروا الحج والعمرة من تلك النقائص، ويأتوا بهما تامَّين، كما أمر الله سبحانه. فَثَبَتَ أنَّ العمرةَ أيضًا مأمورٌ بها، فتكون واجبًا كما جزم به المصنف، وصاحب «الجوهرة» منا. 2 - باب مَنِ اعْتَمَرَ قَبْلَ الْحَجِّ 1774 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ خَالِدٍ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْحَجِّ فَقَالَ لاَ بَأْسَ. قَالَ عِكْرِمَةُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ اعْتَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِى عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ مِثْلَهُ. تحفة 7345

3 - باب كم اعتمر النبى - صلى الله عليه وسلم -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنه - مِثْلَهُ. تحفة 7345 - 3/ 3 يَحتملُ لفظُه أن يكونَ المرادُ الإِتيانَ بالعمرة قبل أفعال الحج، ويَحتملُ أن يكون المراد أداء العمرة فقط، وهذا الثاني هو المراد ههنا، كما يُعلم من حديث الباب. 3 - بابٌ كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - واعلم أن النبي صلى الله عليه وسلّم اعتمر أربع عُمْرات. واختلف الرواة في تعديدها، فبعضُهم لم يعدُّوا عمرةَ الحُدَيْبِيَة، لعدم تماميتها، والحِلُّ قبل أوانها، وبعضٌ لم يَعُدُّوا عمرة الجِعْرَانة، لكونها في سواد الليل، ومنهم من لم يَعُدَّ العمرة مع حجته، لعدم تميُّزها من حجته، فهذه اعتباراتُ أن ذلك اختلاف. 1775 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - جَالِسٌ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ، وَإِذَا نَاسٌ يُصَلُّونَ فِى الْمَسْجِدِ صَلاَةَ الضُّحَى. قَالَ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ صَلاَتِهِمْ. فَقَالَ بِدْعَةٌ. ثُمَّ قَالَ لَهُ كَمِ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَرْبَعً إِحْدَاهُنَّ فِى رَجَبٍ، فَكَرِهْنَا أَنْ نَرُدَّ عَلَيْهِ. طرفه 4253 - تحفة 7384 1775 - قوله: (إحداهن في رجب)، وهو ههنا نَكِرَةٌ قطعًا لزوال العَلَمية، نحو جاء عمر، وعمر آخر. ثم إن الشارحين اتفقوا على كونِهِ غلطًا من ابن عمر. وتبيَّنَ لي مَنْشأ غلطه، وهو أن العمرة في الملة الإِبراهيمية، كانت في رجب، وكان الحج في ذي الحجة، فجعل ابن عمر عمرتَه أيضًا في رجب، بناءً على المِلة الإِبراهيمية. ثم إن صلاة الضحى في المسجد ليست بدعةً على الإِطلاق، وإنَّما حكم عليها ابن عمر بكونِها بدعةً لبعض أمور عَرَضتْ هناك. 1776 - قَالَ وَسَمِعْنَا اسْتِنَانَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فِى الْحُجْرَةِ، فَقَالَ عُرْوَةُ يَا أُمَّاهُ، يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ. أَلاَ تَسْمَعِينَ مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَتْ مَا يَقُولُ قَالَ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرَاتٍ إِحْدَاهُنَّ فِى رَجَبٍ. قَالَتْ يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا اعْتَمَرَ عُمْرَةً إِلاَّ وَهُوَ شَاهِدُهُ، وَمَا اعْتَمَرَ فِى رَجَبٍ قَطُّ. طرفاه 1777، 4254 - تحفة 17574 1777 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى رَجَبٍ. طرفاه 1776، 4254 - تحفة 16374 1778 - حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ حَسَّانٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ سَأَلْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَرْبَعٌ عُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ فِى ذِى الْقَعْدَةِ، حَيْثُ صَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ، وَعُمْرَةٌ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فِى ذِى الْقَعْدَةِ، حَيْثُ صَالَحَهُمْ، وَعُمْرَةُ الْجِعْرَانَةِ إِذْ

4 - باب عمرة فى رمضان

قَسَمَ غَنِيمَةَ أُرَاهُ حُنَيْنٍ. قُلْتُ كَمْ حَجَّ قَالَ وَاحِدَةً. أطرافه 1779، 1780، 3066، 4148 - تحفة 1393 1779 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - فَقَالَ اعْتَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَيْثُ رَدُّوهُ، وَمِنَ الْقَابِلِ عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَعُمْرَةً فِى ذِى الْقَعْدَةِ وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ. أطرافه 1778، 1780، 3066، 4148 - تحفة 1393 1779 - قوله: (ومن القابل عمرة الحديبية)، وهو سهوٌ من الراوي، فإِن عمرة النبي صلى الله عليه وسلّم من العام القابل كانت عمرة القضاء. ويُحتمل أن يكونَ قوله: «عمرة الحديبية» متعلِّقًا بقوله: «حيث ردوه»، لا بيانًا لما في العام القابل، كما تدل عليه الرواية التي تليها، ففيها: «عمرته من الحديبية، ومن العام المقبل» هذا الترتيب هو الصحيح. 1780 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ وَقَالَ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ فِى ذِى الْقَعْدَةِ إِلاَّ الَّتِى اعْتَمَرَ مَعَ حَجَّتِهِ عُمْرَتَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَمِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، وَمِنَ الْجِعْرَانَةِ، حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ. أطرافه 1778، 1779، 3066، 4148 - تحفة 1393 1781 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَأَلْتُ مَسْرُوقًا وَعَطَاءً وَمُجَاهِدًا. فَقَالُوا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى ذِى الْقَعْدَةِ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ. وَقَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى ذِى الْقَعْدَةِ، قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ مَرَّتَيْنِ. أطرافه 1844، 2698، 2699، 2700، 3184، 4251 تحفة 19078، 19274، 1895، 19430 - 4/ 3 وقد علمتَ فيما ألقينا عليك أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يعتمر قبل حجته إلا في أشهر الحج، فلا تكون العمرة في حَجة الوداع، لرد زعم الجاهلية، فإِنَّه رده قبله مرارًا. 4 - باب عُمْرَةٍ فِى رَمَضَانَ 1782 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يُخْبِرُنَا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاِمْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ سَمَّاهَا ابْنُ عَبَّاسٍ، فَنَسِيتُ اسْمَهَا «مَا مَنَعَكِ أَنْ تَحُجِّى مَعَنَا». قَالَتْ كَانَ لَنَا نَاضِحٌ فَرَكِبَهُ أَبُو فُلاَنٍ وَابْنُهُ - لِزَوْجِهَا وَابْنِهَا - وَتَرَكَ نَاضِحًا نَنْضَحُ عَلَيْهِ قَالَ «فَإِذَا كَانَ رَمَضَانُ اعْتَمِرِى فِيهِ فَإِنَّ عُمْرَةً فِى رَمَضَانَ حَجَّةٌ». أَوْ نَحْوًا مِمَّا قَالَ. طرفه 1863 - تحفة 5913 5 - باب الْعُمْرَةِ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ وَغَيْرِهَا 1783 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُوَافِينَ لِهِلاَلِ ذِى الْحَجَّةِ فَقَالَ لَنَا:

6 - باب عمرة التنعيم

«مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ فَلْيُهِلَّ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، فَلَوْلاَ أَنِّى أَهْدَيْتُ لأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ». قَالَتْ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، وَكُنْتُ مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَأَظَلَّنِى يَوْمُ عَرَفَةَ، وَأَنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ارْفُضِى عُمْرَتَكِ، وَانْقُضِى رَأْسَكِ وَامْتَشِطِى، وَأَهِلِّى بِالْحَجِّ». فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ أَرْسَلَ مَعِى عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِى. أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 17207 واعلم أنَّ العمرةَ عندنا جائز في السنة كلها، إلا في الخمسة من ذي الحجة، من يوم عرفة إلى آخر النَّفْر. نعم، له أن يقضيها في تلك الأيام أيضًا إن كان رَفَضَها، وإلا كُره. 6 - باب عُمْرَةِ التَّنْعِيمِ 1784 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَهُ أَنْ يُرْدِفَ عَائِشَةَ، وَيُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ. قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً سَمِعْتُ عَمْرًا، كَمْ سَمِعْتُهُ مِنْ عَمْرٍو. طرفه 2985 - تحفة 9687 قد سمعتَ مرارًا أنَّ المكيَّ يُهلُّ عندنا لعمرتِهِ من الحِل، والأفضل أنْ يحرمَ من التنعيم، لأن عائشة أهلَّت منها. وقال آخرون: إنَّ بَعْثَها إليها كان اتفاقًا، لا لأن إحرامَ المكي لعمرتِهِ لا يكون إلا من الحِلِّ. 1785 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَطَاءٍ حَدَّثَنِى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَهَلَّ وَأَصْحَابُهُ بِالْحَجِّ وَلَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ هَدْىٌ، غَيْرَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَطَلْحَةَ، وَكَانَ عَلِىٌّ قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ، وَمَعَهُ الْهَدْىُ فَقَالَ أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَذِنَ لأَصْحَابِهِ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ، ثُمَّ يُقَصِّرُوا وَيَحِلُّوا، إِلاَّ مَنْ مَعَهُ الْهَدْىُ، فَقَالُوا نَنْطَلِقُ إِلَى مِنًى وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلاَ أَنَّ مَعِى الْهَدْىَ لأَحْلَلْتُ». وَأَنَّ عَائِشَةَ حَاضَتْ فَنَسَكَتِ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا، غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تَطُفْ بِالْبَيْتِ قَالَ فَلَمَّا طَهُرَتْ وَطَافَتْ، قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنْطَلِقُونَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ، وَأَنْطَلِقُ بِالْحَجِّ فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرٍ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرَتْ بَعْدَ الْحَجِّ فِى ذِى الْحَجَّةِ، وَأَنَّ سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ لَقِىَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ بِالْعَقَبَةِ، وَهُوَ يَرْمِيهَا، فَقَالَ أَلَكُمْ هَذِهِ خَاصَّةً، يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «لاَ، بَلْ لِلأَبَدِ». أطرافه 1557، 1568، 1570، 1651، 2506، 4352، 7230، 7367 تحفة 2405 - 5/ 3 1785 - قوله: (ألكم هذه خاصة يا رسول الله)، والإِشارة عندنا إلى الحِل. وجعلها أحمد إلى فسخِ الحج إلى العمرة. ولنا ما عند مسلم عن أبي ذر.

7 - باب الاعتمار بعد الحج بغير هدى

7 - باب الاِعْتِمَارِ بَعْدَ الْحَجِّ بِغَيْرِ هَدْىٍ 1786 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى قَالَ أَخْبَرَتْنِى عَائِشَةُ - رضى الله عنها - قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُوَافِينَ لِهِلاَلِ ذِى الْحَجَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِحَجَّةِ فَلْيُهِلَّ، وَلَوْلاَ أَنِّى أَهْدَيْتُ لأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ». فَمِنْهُمْ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنْهُمْ مِنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ، وَكُنْتُ مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَحِضْتُ قَبْلَ أَنْ أَدْخُلَ مَكَّةَ، فَأَدْرَكَنِى يَوْمُ عَرَفَةَ، وَأَنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «دَعِى عُمْرَتَكِ، وَانْقُضِى رَأْسَكِ وَامْتَشِطِى، وَأَهِلِّى بِالْحَجِّ». فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ أَرْسَلَ مَعِى عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَرْدَفَهَا، فَأَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِهَا، فَقَضَى اللَّهُ حَجَّهَا وَعُمْرَتَهَا، وَلَمْ يَكُنْ فِى شَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْىٌ، وَلاَ صَدَقَةٌ، وَلاَ صَوْمٌ. أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 17324 قوله: (ولم يكن في شيء من ذلك هدي ولا صدقة ولا صوم) وقد مر مني أنه لا منَاص من الهدْي، إما للقِرَان كما قاله الشافعية، أو لرفضِ عمرتِها كما قلنا. فقيل: المراد به نفي دم الجِنَاية. والجوابُ عندي أنَّ الهَدْي رَسْمٌ لِمَا يُهدى إلى البيت من بيته، فالسوقُ داخلٌ في مفهومه، ولم تكن عائشةُ ساقت هَدْيَها، وإنما اشترى لها من الطريق، فصحَّ نفيُ الهدي بهذا المعنى، وإلا فالهدي واجب على المذهبين، وإنما تعرض الراوي إلى نفي الصوم والصدقة لكونهما قد يجبان في باب الحج، وإن لم يكونا واجبين في الصورة الموجودة. تنبيه قد سبق منا فيما أسْلَفْنا أنَّ ألفاظَ الأحاديث كلها تدل على رفض عمرتها، وأنَّ عمرتَها، بعد حجها كانت قضاءً للمرفوضة، إلا أنَّه لا يتبينُ حينئذٍ ما وجه إصرارها، لأنها لو كانت العمرةُ واجبةً عليها قضاءً عن عمرتها المرفوضة، لأَمَرَها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بقضائها ابتداءً، ولم تحتج إلى هذا الإِصرار، ولم أر أحدًا توجَّه إلى جوابه، وقد أجبت عنه في برنامجتي. 8 - باب أَجْرِ الْعُمْرَةِ عَلَى قَدْرِ النَّصَبِ لا يريد به بيانَ مسألة، ولكن كان عنده حديث في ذلك (فأراد) أن يترجمَ عليه ترجمته. 1787 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالاَ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - يَا رَسُولَ اللَّهِ يَصْدُرُ النَّاسُ بِنُسُكَيْنِ وَأَصْدُرُ بِنُسُكٍ فَقِيلَ لَهَا «انْتَظِرِى، فَإِذَا طَهُرْتِ فَاخْرُجِى إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهِلِّى ثُمَّ ائْتِينَا بِمَكَانِ كَذَا، وَلَكِنَّهَا عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِكِ، أَوْ نَصَبِكِ». أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 17467، 15971 - 6/ 3 1787 - قوله: (ولكنها على قدر نفقتك، أو نصبك)، قال مولانا شيخ الهند: معناه أنَّ

9 - باب المعتمر إذا طاف طواف العمرة ثم خرج، هل يجزئه من طواف الوداع

عمرتَك أفضلُ من عُمَر سائر الأصحاب، وإن كانت مؤخرة بحسَب الظاهر، لأنك قاسيت مرارةَ الانتظار. وهذا يُفيد الحنفيةَ، لأنه مبنيٌّ على رفض عمرتِها. قال الحافظ: بل هو دالٌّ على قِلة أجرها من عمراتهم، لكون عمرتهم آفاقية بخلافها، فإنَّها كانت مكيةً. 9 - باب الْمُعْتَمِرِ إِذَا طَافَ طَوَافَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ خَرَجَ، هَلْ يُجْزِئُهُ مِنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ 1788 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ خَرَجْنَا مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فِى أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَحُرُمِ الْحَجِّ، فَنَزَلْنَا سَرِفَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِهِ «مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْىٌ، فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً، فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْىٌ فَلاَ». وَكَانَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَرِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ذَوِى قُوَّةٍ الْهَدْىُ، فَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ عُمْرَةً، فَدَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أَبْكِى فَقَالَ «مَا يُبْكِيكِ». قُلْتُ سَمِعْتُكَ تَقُولُ لأَصْحَابِكَ مَا قُلْتَ فَمُنِعْتُ الْعُمْرَةَ. قَالَ «وَمَا شَأْنُكِ». قُلْتُ لاَ أُصَلِّى. قَالَ «فَلاَ يَضُرَّكِ أَنْتِ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ، كُتِبَ عَلَيْكِ مَا كُتِبَ عَلَيْهِنَّ، فَكُونِى فِى حَجَّتِكِ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَكِهَا». قَالَتْ فَكُنْتُ حَتَّى نَفَرْنَا مِنْ مِنًى، فَنَزَلْنَا الْمُحَصَّبَ فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ «اخْرُجْ بِأُخْتِكَ الْحَرَمَ، فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ افْرُغَا مِنْ طَوَافِكُمَا، أَنْتَظِرْكُمَا هَا هُنَا». فَأَتَيْنَا فِى جَوْفِ اللَّيْلِ. فَقَالَ «فَرَغْتُمَا». قُلْتُ نَعَمْ. فَنَادَى بِالرَّحِيلِ فِى أَصْحَابِهِ، فَارْتَحَلَ النَّاسُ، وَمَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ، قَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحِ، ثُمَّ خَرَجَ مُوَجِّهًا إِلَى الْمَدِينَةِ. أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 17434 وهكذا المسألة عندنا، فإنَّه كتحية المسجد. 10 - باب يَفْعَلُ فِى الْعُمْرَةِ مَا يَفْعَلُ فِى الْحَجِّ 1789 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ قَالَ حَدَّثَنِى صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ يَعْنِى عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ وَعَلَيْهِ أَثَرُ الْخَلُوقِ أَوْ قَالَ صُفْرَةٍ فَقَالَ كَيْفَ تَأْمُرُنِى أَنْ أَصْنَعَ فِى عُمْرَتِى فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَسُتِرَ بِثَوْبٍ وَوَدِدْتُ أَنِّى قَدْ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْىُ. فَقَالَ عُمَرُ تَعَالَ أَيَسُرُّكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ الْوَحْىَ قُلْتُ نَعَمْ. فَرَفَعَ طَرَفَ الثَّوْبِ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ لَهُ غَطِيطٌ وَأَحْسِبُهُ قَالَ كَغَطِيطِ الْبَكْرِ. فَلَمَّا سُرِّىَ عَنْهُ قَالَ «أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْعُمْرَةِ اخْلَعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ وَاغْسِلْ أَثَرَ الْخَلُوقِ عَنْكَ، وَأَنْقِ الصُّفْرَةَ، وَاصْنَعْ فِى عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِى حَجِّكِ». أطرافه 1536، 1847، 4329، 4985 - تحفة 11836 - 7/ 3 1790 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ أَرَأَيْتِ

11 - باب متى يحل المعتمر

قَوْلَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) فَلاَ أُرَى عَلَى أَحَدٍ شَيْئًا أَنْ لاَ يَطَّوَّفَ بِهِمَا. فَقَالَتْ عَائِشَةُ كَلاَّ، لَوْ كَانَتْ كَمَا تَقُولُ كَانَتْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَطَّوَّفَ بِهِمَا. إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِى الأَنْصَارِ كَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ، وَكَانَتْ مَنَاةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ، وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158]. زَادَ سُفْيَانُ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ مَا أَتَمَّ اللَّهُ حَجَّ امْرِئٍ وَلاَ عُمْرَتَهُ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. أطرافه 1643، 4495، 4861 - تحفة 17151، 16931 أ، 17195 11 - باب مَتَى يَحِلُّ الْمُعْتَمِرُ وَقَالَ عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَصْحَابَهُ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً وَيَطُوفُوا ثُمَّ يُقَصِّرُوا وَيَحِلُّوا. تحفة 2495 أ 1791 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى قَالَ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاعْتَمَرْنَا مَعَهُ فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ طَافَ وَطُفْنَا مَعَهُ، وَأَتَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ وَأَتَيْنَاهَا مَعَهُ، وَكُنَّا نَسْتُرُهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يَرْمِيَهُ أَحَدٌ. فَقَالَ لَهُ صَاحِبٌ لِى أَكَانَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ؟ قَالَ لاَ. أطرافه 1600، 4188، 4255 - تحفة 5155، 5156 1792 - قَالَ فَحَدِّثْنَا مَا قَالَ لِخَدِيجَةَ؟ قَالَ «بَشِّرُوا خَدِيجَةَ بِبَيْتٍ فِى الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَبَ». طرفه 3819 - تحفة 5157 - 8/ 3 1793 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ فِى عُمْرَةٍ، وَلَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، أَيَأْتِى امْرَأَتَهُ فَقَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعًا، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]. أطرافه 395، 1623، 1627، 1645، 1647 - تحفة 7352 1794 - قَالَ وَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - فَقَالَ لاَ يَقْرَبَنَّهَا حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. أطرافه 396، 1624، 1646 - تحفة 2544 لعله تعريضٌ إلى ابن عباس، فإنَّه يقول: إن المعتمرَ يحلُّ بالطواف، ويسعى فيما بعده. 1792 - قوله: (لا صخب فيه ولا نصب)، ومر عليه الشيخ الأكبر، وقال: إنها جُوزيت ببيت في الجنة كذلك لكونها ربة البيت. وقوله: لا «صخب» لأنه يُهيأ للعروس منزلٌ خالٍ. وقوله: لا «نصب» لأنها كانت تُتْعِبُ نفسَها في الدنيا، حين كانت تذهب بطعام النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في أيام تحنُّثِه بِحِرَاء. 1795 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمْتُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -

12 - باب ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو الغزو

بِالْبَطْحَاءِ وَهُوَ مُنِيخٌ فَقَالَ «أَحَجَجْتَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «بِمَا أَهْلَلْتَ». قُلْتُ لَبَّيْكَ بِإِهْلاَلٍ كَإِهْلاَلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَحْسَنْتَ. طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ أَحِلَّ». فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَيْسٍ، فَفَلَتْ رَأْسِى، ثُمَّ أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ. فَكُنْتُ أُفْتِى بِهِ، حَتَّى كَانَ فِى خِلاَفَةِ عُمَرَ فَقَالَ إِنْ أَخَذْنَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ، وَإِنْ أَخَذْنَا بِقَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ. أطرافه 1559، 1565، 1724، 4346، 4397 - تحفة 9008، 10469، 10583 1796 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ أَسْمَاءَ تَقُولُ كُلَّمَا مَرَّتْ بِالْحَجُونِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ لَقَدْ نَزَلْنَا مَعَهُ هَا هُنَا، وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ خِفَافٌ، قَلِيلٌ ظَهْرُنَا، قَلِيلَةٌ أَزْوَادُنَا، فَاعْتَمَرْتُ أَنَا وَأُخْتِى عَائِشَةُ وَالزُّبَيْرُ وَفُلاَنٌ وَفُلاَنٌ، فَلَمَّا مَسَحْنَا الْبَيْتَ أَحْلَلْنَا، ثُمَّ أَهْلَلْنَا مِنَ الْعَشِىِّ بِالْحَجِّ. طرفاه 1615، 1642 - تحفة 15723 1795 - قوله: (فكنت أفتي به، حتى كان في خلافة عمر، فقال: إن أخذنا بكتاب الله، فإنه يأمرنا بالتمام) ... إلخ، فإنْ قلتَ: إن عمر كان ينهى عن التمتعِ، فما محملُ الآية عندَه، فإنَّها صريحةٌ في التمتع، {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} ... إلخ؟ قلتُ: ولعله يحملها على أنَّ التمتعَ لا حلّ فيه، كما صرح به خَوَاهر زاده في «مبسوطة»: إن الذي لم يسق الهَدْي، يجوز له الحِلُّ، ولا يجب عليه. وأما عند صاحب «الكنز» وصاحب «الهداية» فيجب عليه أنْ يَحِل. 12 - باب مَا يَقُولُ إِذَا رَجَعَ مِنَ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ أَوِ الْغَزْوِ 1797 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الأَرْضِ ثَلاَثَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ». أطرافه 2995، 3084، 4116، 6385 - تحفة 8332 - 9/ 3 1797 - قوله: (يكبر على كل شرف) ... إلخ، وعند الدارمي في «مسنده»: «أن التكبيرَ على شَرَفٍ، والتسبيحَ في الخفضِ من صفات هذه الأمة المكتوبة في التوراة»، وعند أبي داود في الجهاد في باب ما يقول الرجل إذا سافر: «وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وجيوشُه إذا علوا الثَنَايا كبَّروا، وإذا هبطوا سبَّحُوا، فوضعت الصلاة على ذلك». اهـ. ولعل هذا هو منشأ ما نُسب إلى بعض السلف من ترك التكبير عند الخفض في الصلوات أيضًا. وعندنا أيضًا في قول: أن يأتي بالتكبير في القومة، ويُخلي الانحناءَ عن الذكر. وقال الطحاوي: إن السنة أن يبسطَ التكبير على الانخفاضِ، ويملأَ من الذكر، وهو الأصوب. ومن ذهب من السلف إلى ترك التكبير في الانخافض، فلعلَّه لأجل حديث أبي داود هذا لا غير، وكثيرًا ما يكون، أن شيئًا إذا تمكن في الذهن، جعله الإِنسان مدارًا، ومَطْرَدًا، ومُنعَكسًا.

فائدة

فائدة واعلم أنَّ أبا بكر المُقْرِي، وأبا عَرُوبة الحراني، وابن مُظَفَّر البغدادي، كلهم من تلامذة الطحاوي. أما أبو بكر، فهو من أئمة الحديث، وقد جمع «مسند أبي حنيفة»، ولا يوجد، وكذلك أبو عروبة من الأئمة، وجمع «مسند أبي يوسف»، وابن مظفر، وهو حافظ أيضًا، جمع «مسند أبي حنيفة» ولا أريدُ أنَّ هؤلاء كلهم حنفيون، بل أريدُ أنَّ شغَفَهم بجمع «مسند الإِمام الهُمَام» من آثار تلمذتهم على الحنفي، فأدوا حق تلمذتهم، وراعوه حتى بقي ذلك من آثاره. 13 - بابُ اسْتِقْبَالِ الْحَاجِّ الْقَادِمِينَ وَالثَّلاَثَةِ عَلَى الدَّابَّةِ 1798 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ اسْتَقْبَلَتْهُ أُغَيْلِمَةُ بَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَحَمَلَ وَاحِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَآخَرَ خَلْفَهُ. طرفاه 5965، 5966 - تحفة 6053 14 - باب الْقُدُومِ بِالْغَدَاةِ 1799 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ يُصَلِّى فِى مَسْجِدِ الشَّجَرَةِ، وَإِذَا رَجَعَ صَلَّى بِذِى الْحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ الْوَادِى وَبَاتَ حَتَّى يُصْبِحَ. أطرافه 484، 1532، 1533 - تحفة 7801 15 - باب الدُّخُولِ بِالْعَشِىِّ 1800 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَطْرُقُ أَهْلَهُ، كَانَ لاَ يَدْخُلُ إِلاَّ غُدْوَةً أَوْ عَشِيَّةً. تحفة 211 16 - باب لاَ يَطْرُقُ أَهْلَهُ إِذَا بَلَغَ الْمَدِينَةَ 1801 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَارِبٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَطْرُقَ أَهْلَهُ لَيْلاً. طرفه 443 - تحفة 2577 17 - باب مَنْ أَسْرَعَ نَاقَتَهُ إِذَا بَلَغَ الْمَدِينَةَ 1802 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى حُمَيْدٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَأَبْصَرَ دَرَجَاتِ الْمَدِينَةِ أَوْضَعَ نَاقَتَهُ، وَإِنْ كَانَتْ دَابَّةً حَرَّكَهَا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ زَادَ الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ حُمَيْدٍ حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا. طرفه 1886 - تحفة 744، 609

18 - باب قول الله تعالى {وأتوا البيوت من أبوابها} [البقرة: 189]

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ جُدُرَاتٍ. تَابَعَهُ الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ. تحفة 609، 574 18 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة: 189] 1803 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - يَقُولُ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِينَا، كَانَتِ الأَنْصَارُ إِذَا حَجُّوا فَجَاءُوا لَمْ يَدْخُلُوا مِنْ قِبَلِ أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ، وَلَكِنْ مِنْ ظُهُورِهَا، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَدَخَلَ مِنْ قِبَلِ بَابِهِ، فَكَأَنَّهُ عُيِّرَ بِذَلِكَ، فَنَزَلَتْ {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة: 189]. طرفه 4512 - تحفة 1874 - 10/ 3 واعلم أنَّ أهل الجاهلية يعدون الدخول من الأبواب من محظورات الإِحرام، ويزعُمون ظِل الباب على الرأس كتغطيته، فكانوا يحترزون عنه. وفي «الفتح» أن العرب لم يكونوا يدخلون البيوت من الأبواب إلا الحمس. ودخل النبيُّ صلى الله عليه وسلّم مرةً بيتَه من الباب، وهو محرمٌ، فدخل معه رجلٌ آخر أيضًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلّم «كيف دخلت من الباب؟ فأجاب لأنك دخلتَ منه، قال له: إني من الحُمْس، ولست منهم، فقال: ولكني على دينك»، فدل على أنَّ هذا لم يكن باطلا محضًا، فليفتش إسناده، فإنْ كان قويًا حدث إشكالٌ يحتاج إلى جوابه. 19 - باب السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ 1804 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ». طرفاه 3001، 5429 - تحفة 12572 20 - باب الْمُسَافِرِ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ يُعَجِّلُ إِلَى أَهْلِهِ 1805 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَبَلَغَهُ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِى عُبَيْدٍ شِدَّةُ وَجَعٍ فَأَسْرَعَ السَّيْرَ، حَتَّى كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّفَقِ نَزَلَ، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعَتَمَةَ، جَمَعَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ إِنِّى رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا. أطرافه 1091، 1092، 1106، 1109، 1668، 1673، 3000 - تحفة 6645 واعلم أنَّ واقعة ابن عمر هذه واحدةٌ قطعًا، وهي على نظر الحنفية، وليس فيها الجمع حقيقة، كما هو مصرَّحٌ عند أبي داود. ويقضي العجبُ من مثل الحافظ حيث ادَّعى أنهما واقعتان، مع اتحاد مادة القِصتين.

27 - كتاب المحصر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 27 - كِتَابُ المُحْصَر 1 - باب الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196]. وَقَالَ عَطَاءٌ الإِحْصَارُ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ يَحْبِسُهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: {وَحَصُورًا} [آل عمران: 39] لا يَأُتِي النِّسَاءَ. واعلم أن الإِحصار عندنا (¬1)، وعند جماعة من السلف، وأهل اللغة عامٌ للمرض والعدو، كما نُقل عن الفَرَّاء أيضًا. وعند الشافعية يختص بالعدو. وادَّعى بعضٌ من الحنفية أنَّ المحصرَ لا يقال إلا في المرض، أما في العدو فيقال له: محصورٌ، لا محصر. قلتُ: وليس بجيد، فإنَّ الآية حينئذٍ تقتصر على المرض، مع أنها نزلت في العدو بالاتفاق، فإنَّها نزلت في قصة الحُدَيْبِيَة، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلّم فيها مريضًا. وههنا دقيقةٌ، وهي أنَّ اللفظَ قد يُشتهر في نوع من الجنس، ثم يرد استعماله في نوع آخر من ذلك الجنس، أو في الجنس بعينه، فيجعله الناس مقابِلا كالإِحصار، فإنَّه عامٌ للمرض والعدو، إلا أنه اشتُهر الإِحصار في المرض، والحصر في العدو، حتى تذهب أوهام العامة، أنهما متقابلان، فجعلوا الإِحصارَ مختصًا بالمرض، والحصرَ بالعدو ليس كذلك. وإنما أخذ القرآن في النظم، واللفظ العام، لئلا يختصَ الحكمُ بالعدو، ويعم للمرض، والعدو كلاهما، ونظيره لفظ: «كل» بالكاف الفارسية في اللغة الفارسية، فإنَّه عامٌ، ثم اشتهر في بعض أنواعه. وهذا الذي عَرَضَ لهم في لفظ: «الخمر» فاختلفوا فيه، كما رأيت. والسر فيه ما قلنا. ¬

_ (¬1) قال المارديني: ذهب ابن مسعود، وعطاء، وجمهور أهل العراق، وأبو ثوْر في رواية: أن الإِحصارَ يكون بالمرض، كذا في "الاستذكار". وأكثر أهل اللغة على أنَّ الإِحصار بالمرض، والحصر بالعدو. وعدل عن لفظِ الحصر المختص بالعدو إلى الإِحصار المختص بالمرض، دل على أنه أريد باللفظِ ظاهرُه، وهو المرض. ولما حل عليه الصلاة والسلام، وأمر به أصحابَه، دل على أنَّ الحصرَ من حيث المعنى كذلك، وأيضًا لما جاز الإِحلال بالعدو لتعذُّر الوصول إلى البيت، وذلك المعنى موجودٌ في المرض ساواه في حكمِهِ. ولهذا لو حُبس في دين أو غيره، فتعذر وصوله، كان كالمحصر. ولو منَعَها من حج التطوع بعد الإِحرام جاز لها الإِحلال. اهـ. "الجوهر النقي"، قلت. وأخرج أبو داود مرفوعًا: "من كسِرَ أو عَرِجَ فقد حَلَّ، وعليه الحج من قابلٍ، قال عكرمة: فسألت ابن عباس، وأبا هريرة عن ذلك، فقالا: صدق". قال الخَطَّابي: فيه حجةٌ لمن رأى الإِحصار بالمرض، والعذرَ يعرِضُ للمحرم من غير حبس العذر.

2 - باب إذا أحصر المعتمر

قوله: (قال أبو عبد الله: {وَحَصُورًا}: لا يأتي النساء) ومر عليه الشيخ الأكبر، وقال: إن زكريا عليه السلام لما رأى مريم عليها السلام، وما بها من نعمة الله، ظاهرًا وباطنًا، حيث كان يأتيها رزقها بُكرة وعشيًا، وكانت عفيفةً راغبةً عن النكاح، تعجب منها، وعند ذلك دعا أنْ يُرزَق ابنًا، فكان من أثر دعائه أنه أُعطي ولدًا حصورًا متجنبًا عن النكاح، كتجنبها عنه. ثم اعلم أن الحكم في الإِحصار عندنا أنْ يبعثَ دمًا يُذبحُ بالحَرَم، ويُوَاعِده أنْ يذبحه يوم كذا، فإذا جاء ذلك يَحِل في مقام الحصر، ويقضي من قابل. ودمُ الإِحصار لا يتقيد عندنا بالزمان فيجوز ذبحُه قبل يوم النحر، وإن تقيَّدَ بالمكان فلا يذبحه إلا في الحَرَم. وقال الشافعية: إن الإِحصار مختصٌّ بالعدو، ولا يتقيَّدُ دمُ الإِحصار عندهم بالمكان أيضًا، ولا يجب عليه القضاء. وأصل النزاع في عُمرة الحُدَيْبِيَة: فقال الحنفية: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قَضَاها من قابلٍ، ولذا سميت عُمرة القضاء، على أنَّ في السِّير أنه نادى في الناس عند خروجه لعمرة القضاء: أن يذهبَ معه كلُّ من كان رافقه في عمرة الحديبية. وقال الحجازيون: القضاءُ فيه بمعنى الصلح، سميت به لأنَّه صالَحهم عليها من قابلٍ، وليس مقابلا للأداء. ثم إنَّ الشافعية لما لم يكن عندهم الإِحصار بالمرض، اضطروا إلى إقامة باب آخر، وهو الاشتراط في الحج، كما في قِصة ضباعة بنت الزبير، فالمريض عندهم يُهِلُّ ويشترط: اللهم مَحِلِّي حيث حبستني. والحنفية لما عمموا الإِحصار استغنوا عن هذا الباب. ووافقنا البخاري على ذلك أيضًا، فلم يخرجْ حديثَ الاشتراط في كتاب الحج، وأخرجه في كتاب النكاح. وسيأتي الجوابُ عن الحديث في محله إن شاء الله تعالى. 2 - باب إِذَا أُحْصِرَ الْمُعْتَمِرُ 1806 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - حِينَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فِى الْفِتْنَةِ قَالَ إِنْ صُدِدْتُ عَنِ الْبَيْتِ صَنَعْتُ كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ. أطرافه 1639، 1640، 1693، 1708، 1729، 1807، 1808، 1810، 1812، 1813، 4183، 4184، 4185 - تحفة 8374 1807 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا كَلَّمَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - لَيَالِىَ نَزَلَ الْجَيْشُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالاَ لاَ يَضُرُّكَ أَنْ لاَ تَحُجَّ الْعَامَ، وَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يُحَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْبَيْتِ. فَقَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ دُونَ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - هَدْيَهُ، وَحَلَقَ رَأْسَهُ، وَأُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَوْجَبْتُ الْعُمْرَةَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْطَلِقُ،

3 - باب الإحصار فى الحج

فَإِنْ خُلِّىَ بَيْنِى وَبَيْنَ الْبَيْتِ طُفْتُ، وَإِنْ حِيلَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ فَعَلْتُ كَمَا فَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا مَعَهُ. فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ مِنْ ذِى الْحُلَيْفَةِ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ «إِنَّمَا شَأْنُهُمَا وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَوْجَبْتُ حَجَّةً مَعَ عُمْرَتِى». فَلَمْ يَحِلَّ مِنْهُمَا حَتَّى حَلَّ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَهْدَى، وَكَانَ يَقُولُ لاَ يَحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ طَوَافًا وَاحِدًا يَوْمَ يَدْخُلُ مَكَّةَ. أطرافه 1639، 1640، 1693، 1708، 1729، 1806، 1808، 1810، 1812، 1813، 4183، 4184، 4185 - تحفة 7310، 7032 - 11/ 3 1808 - حَدَّثَنِى مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ بَعْضَ بَنِى عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَهُ لَوْ أَقَمْتَ. بِهَذَا. أطرافه 1639، 1640، 1693، 1708، 1729، 1806، 1807، 1810، 1812، 1813، 4183، 4184، 4185 - تحفة 7640 1809 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلاَّمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَدْ أُحْصِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَحَلَقَ رَأْسَهُ وَجَامَعَ نِسَاءَهُ، وَنَحَرَ هَدْيَهُ، حَتَّى اعْتَمَرَ عَامًا قَابِلاً. تحفة 6243 3 - باب الإِحْصَارِ فِى الْحَجِّ 1810 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ أَلَيْسَ حَسْبُكُمْ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، إِنْ حُبِسَ أَحَدُكُمْ عَنِ الْحَجِّ طَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ، حَتَّى يَحُجَّ عَامًا قَابِلاً، فَيُهْدِى أَوْ يَصُومُ، إِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ. طرفه 1639 - تحفة 6997 4 - باب النَّحْرِ قَبْلَ الْحَلْقِ فِى الْحَصْرِ 1811 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ. أطرافه 1694، 2712، 2731، 4158، 4178، 4181 - تحفة 11274 1812 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا أَبُو بَدْرٍ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِىِّ قَالَ وَحَدَّثَ نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ وَسَالِمًا كَلَّمَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - فَقَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مُعْتَمِرِينَ، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ دُونَ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بُدْنَهُ، وَحَلَقَ رَأْسَهُ. أطرافه 1639، 1640، 1693، 1708، 1729، 1806، 1807، 1808، 1810، 1813، 4183، 4184، 4185 - تحفة 8237 - 12/ 3 5 - باب مَنْ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْمُحْصَرِ بَدَلٌ وَقَالَ رَوْحٌ عَنْ شِبْلٍ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - إِنَّمَا الْبَدَلُ عَلَى مَنْ نَقَضَ حَجَّهُ بِالتَّلَذُّذِ، فَأَمَّا مَنْ حَبَسَهُ عُذْرٌ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحِلُّ وَلاَ يَرْجِعُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْىٌ وَهُوَ مُحْصَرٌ نَحَرَهُ، إِنْ كَانَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبْعَثَ بِهِ، وَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَبْعَثَ بِهِ لَمْ يَحِلَّ، حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ. وَقَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ يَنْحَرُ هَدْيَهُ،

وَيَحْلِقُ فِى أَىِّ مَوْضِعٍ كَانَ، وَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ، لأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ نَحَرُوا وَحَلَقُوا وَحَلُّوا مِنْ كُلِّ شَىْءٍ، قَبْلَ الطَّوَافِ، وَقَبْلَ أَنْ يَصِلَ الْهَدْىُ إِلَى الْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ يُذْكَرْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ أَحَدًا أَنْ يَقْضُوا شَيْئًا، وَلاَ يَعُودُوا لَهُ، وَالْحُدَيْبِيَةُ خَارِجٌ مِنَ الْحَرَمِ. تحفة 6405 1813 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ حِينَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فِى الْفِتْنَةِ إِنْ صُدِدْتُ عَنِ الْبَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ نَظَرَ فِى أَمْرِهِ فَقَالَ مَا أَمْرُهُمَا إِلاَّ وَاحِدٌ. فَالْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ مَا أَمْرُهُمَا إِلاَّ وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَوْجَبْتُ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ طَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا، وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِيًا عَنْهُ، وَأَهْدَى. أطرافه 1639، 1640، 1693، 1708، 1729، 1806، 1807، 1808، 1810، 1812، 4183، 4184، 4185 - تحفة 8374 خالف الإِمام الهُمَام أبا حنيفة، فإنَّ القضاء يجبُ عندنا مطلقًا، معتمرًا كان أو حاجًا، ولا قضاء عند الحجازيين للعمرة. وأما على المحصر عن الحج فعليه قضاء اتفاقًا. ويُستفاد من كلام ابن عباس أن القضاء عنده في حال الاختيار، فإن كان من عذرٍ سماويٍ، لا قضاء عليه. قوله: (وقال مالك وغيره: ينحر هديه، ويحلق بأي موضع كان)، وعندنا يُشترط أنْ يبلغَ الهَدْي مَحِلَّه (¬1)، فلا يذبحُ خارج الحرَمَ. وعندهم يذبحُ حيث تيسَّر، بل حيث أُحْصِر. قوله: (والحديبية خارج الحرم)، وعارضه الطحاوي عما روى عن محمد بن إسحاق: أنَّ الحُدَيْبِيَةَ بعضها من الحرم، وأنه كان يُصلي بالحرم، وإن كانت خيمتُه مضروبةً في الحِل. أقول: وما ذكره الطحاوي صوابٌ بلا مِرْية، وحقٌّ بلا فِرْية، لما أخرجه البخاري في حديث طويل في تلك القِصة: أن ناقتَه لما بلغت حدود الحرم خلأت ولم تدخلها، وعند ذلك قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «حَبَسَها حابس الفيل» فدل على قُرْبه من الحرم جدًا. وفي السِّير أنَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم حلق رأسَه فهبت ريحٌ، فطارت بأشعاره إلى الحرم، فدَلَّ هذا كله أنه كان من الحَرَمِ بمكان، لو أراد أنْ يذبحَ بالحرم لذبح فيه. وإذن لا بد عند الكل أن يذبح (¬2) بالحرم دون الحل، فإنَّه كان على مَكِنةٍ من ذبحه فيه، فأيُّ حاجةٍ إلى الذبح في الحِلِّ مع القدرة في الحرم؟. ¬

_ (¬1) قال الخَطَّابي: مَنْ أوجبه -يعني القضاء- على المحصر، فإِنه يُلزِمَه بدل الهَدْي، لقولَه عز وجل: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] ومن نحر الهَدْي في الموضع الذي أحصر فيه، وكان خارجًا من الحرم، فإِن هَدْيه لم يبلغ الكعبة، فيلزمُه إبداله، أو إبلاغه الكعبة. وفي الحديث حجةٌ لهذا القول. اهـ. "الجوهر النقي". (¬2) وفي النسائي بسند صحيح عن ناجية بن كعب الأسلمي أنه قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - حين صَدَّ الهَدْي؛ فقال: "يا رسول الله ابعث به معي فأنا أنحر، قال: وكيف؟ قال: آخذ به في أوديته لا يقدر عليه، قال: فدفعه إليه، فانطلق به حتى نحره في الحرم". وفي "مصنف ابن أبي شيبة" عن عطاء، قال: "كان منزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الحُدَيْبِيَة في الحرم". وفي "الاستذكار"، قال عطاء، وابن إسحاق: "لم ينحر عليه الصلاة والسلام هَدْيَه يوم الحديبية، إلا في الحرم". انتهى ملخصًا. "الجوهر النقي".

6 - باب قول الله تعالى: {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} [البقرة: 196].

6 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196]. وَهُوَ مُخَيَّرٌ، فَأَمَّا الصَّوْمُ فَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ. 1814 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «لَعَلَّكَ آذَاكَ هَوَامُّكَ». قَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «احْلِقْ رَأْسَكَ وَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوِ انْسُكْ بِشَاةٍ». أطرافه 1815، 1816، 1817، 1818، 4159، 4190، 4191، 4517، 5665، 5703، 6708 - تحفة 11114 - 13/ 3 7 - بابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَوْ صَدَقَةٍ} وَهْىَ إِطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ 1815 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سَيْفٌ قَالَ حَدَّثَنِى مُجَاهِدٌ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى لَيْلَى أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ حَدَّثَهُ قَالَ وَقَفَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَرَأْسِى يَتَهَافَتُ قَمْلاً فَقَالَ «يُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «فَاحْلِقْ رَأْسَكَ - أَوْ قَالَ - احْلِقْ». قَالَ فِىَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: 196] إِلَى آخِرِهَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ تَصَدَّقْ بِفَرَقٍ بَيْنَ سِتَّةٍ، أَوِ انْسُكْ بِمَا تَيَسَّرَ». أطرافه 1814، 1816، 1817، 1818، 4159، 4190، 4191، 4517، 5665، 5703، 6708 - تحفة 11114 8 - باب الإِطْعَامُ فِى الْفِدْيَةِ نِصْفُ صَاعٍ 1816 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبِهَانِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ جَلَسْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ - رضى الله عنه - فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْفِدْيَةِ فَقَالَ نَزَلَتْ فِىَّ خَاصَّةً، وَهْىَ لَكُمْ عَامَّةً، حُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِى فَقَالَ «مَا كُنْتُ أُرَى الْوَجَعَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى أَوْ مَا كُنْتُ أُرَى الْجَهْدَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى، تَجِدُ شَاةً». فَقُلْتُ لاَ. فَقَالَ «فَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ». أطرافه 1814، 1815، 1817، 1818، 4159، 4190، 4191، 4517، 5665، 5703، 6708 - تحفة 11112 واعلم أنَّ العبرةَ عندنا بالجنس، فإنْ كان بُرَّا فنصف صاع، وإن كان شعيرًا ونحوه فصاعٌ. واعتبر المصنف الوزنَ، فَطَرَد بالنصف في الجميع. 9 - بابٌ النُّسُكُ شَاةٌ 1817 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا شِبْلٌ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ

10 - باب قول الله تعالى {فلا رفث} [البقرة: 197].

قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَآهُ وَأَنَّهُ يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ فَقَالَ «أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ». قَالَ نَعَمْ. فَأَمَرَهُ أَنْ يَحْلِقَ وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُمْ أَنَّهُمْ يَحِلُّونَ بِهَا، وَهُمْ عَلَى طَمَعٍ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْفِدْيَةَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُطْعِمَ فَرَقًا بَيْنَ سِتَّةٍ، أَوْ يُهْدِىَ شَاةً، أَوْ يَصُومَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ. أطرافه 1814، 1815، 1816، 1818، 4159، 4190، 4191، 4517، 5665، 5703، 6708 - تحفة 11114 1818 - وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَآهُ، وَقَمْلُهُ يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ. مِثْلَهُ. أطرافه 1814، 1815، 1816، 1817، 4159، 4190، 4191، 4517، 5665، 5703، 6708 - تحفة 11114 - 14/ 3 10 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَلَا رَفَثَ} [البقرة: 197]. 1819 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ». طرفاه 1521، 1820 - تحفة 13431 11 - باب قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] 1820 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ». طرفاه 1521، 1819 - تحفة 13431 وترجمة الفسوق: "ابنى حوصله سى باهر هو جانا" ومنه الفِسقُ. ***

28 - كتاب جزاء الصيد

{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} [الفاتحة: 1] 28 - كتاب جَزَاءِ الصَّيد 1 - باب ُ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَنَحْوِهِ، وقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95) أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96)} [المائدة: 95 - 96] قوله: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} ... إلخ. أجمعوا أنَّه لا فرقَ بين التعمُّد والنسيان في وجوب الجزاء، فإنَّه للمَحَل دون الفعل، فيستوي فيه الأمران، والتقييدُ به لمزيد التقبيح. قوله: ({فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}) ... إلخ، والخلاف فيه مشهور. فقال الشيخان: إن المأمور به أداء القيمة، وقوله: ({مِنَ النَّعَمِ}) ليس بيانًا للجزاء، بل لما قتل، والمعنى أنَّ من قتل منكم من النَّعم فعليه جزاءٌ يماثله ويساويه في القيمة. وقال محمد، وآخرون: إن الأصلَ هو المِثْل الصُّوْري من الحيوانات، وحينئذٍ ({مِنَ النَّعَمِ}) بيانٌ للجزاء، وعند فقده يُعدل إلى المِثْل المعنوي، وهو القيمة. وقوله تعالى: ({يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}) يؤيدنا، فإنَّ القيمة هي التي تحتاج إلى حكومة ذوي عدل، وأما المِثْل صورة، فليس لهما فيه كثير دخل، ويمكن تقديره بالنظر حِسًا. فإذا كان المِثْل عندنا على المثل المعنوي، فحينئذٍ يَشتري منه هديًا إلى الكعبة إن بلغت قيمتُه، وإلا فيتصدق به. وعند محمد يرسلُ ذلك الحيوان الذي وجب عليه، وما ماثَلَه صورةً. قوله تعالى: ({أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ}) ... إلخ، ولما كان السياق في ذكر الإِحرام ومحظوراتِهِ، تبادر منه أن الحِلَّة فيه لفعل الاصطياد دون المصيد، فلا يكون دليلا للشافعية على حِلِّ جميع حيوانات البحر، كيف والله سبحانه لم يجعل كله طعامًا، بل جعل منه طعامًا، فقال: {وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ}، فأحل الصيد، أي الاصطياد مطلقًا، ثم تَعَرض إلى ما يحل له أكله، فعبَّره عن الطعام، فدل على أن الأولى لم تكن فيها صفة الطعامية. وبعبارة أخرى: إن الله سبحانه لما ذكر حل الاصطياد أردَفه بذكر ما يحلُ منه أكله، فجعله لنا طعامًا. وبعبارة أخرى: أنه إذا أحلَّ لهم اصطيادَ ما في البحر مطلقًا أدَّاهم ذلك إلى حِلِّ المصيد أيضًا، فأشار إلى دفع هذا التوهم، بأن ليس جميعَه حلالٌ لكم، ولكن الحلال منه ما هو

2 - باب إذا صاد الحلال فأهدى للمحرم الصيد أكله

طعامٌ لكم، فالاصطياد حلال مطلقًا، والحلال للأكلِ ما هو طعامُه فقط. ألا ترى أنَّ الله حرم علينا الخبائث مطلقًا، قال تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}، وكذا كلّ ذي ناب، وذي مَخْلب، ولم يفصِّل بينهما بكونه بحريًا أو بريًا، مع أنَّ العلة توجبُ العمومَ، وكذا لم يتوارث إلا أكل السمك، وهو الطعام في الأمم السالفة، فقال تعالى: {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ} [الأعراف: 163] إلخ، فلم يذكر غير الحوت، وهي التي كانت في غداء موسى عليه السلام حين سافر إلى حيث لقي الخضر عليه السلام. ولم يُعرف من الصحابة أكلُ شيءٍ من الحيوانات غير السمك. والعنبر كان حوتًا، كما في البخاري، وحينئذ كفانا ما أحل الله سبحانه لنا من حيوانات البر، وليست لنا حاجةٌ أنْ نأكل سباعَ البحرِ وخبائثه. وقد ذكرنا الكلام فيه في تقريرنا على الترمذي مبسوطًا. 2 - باب إِذَا صَادَ الْحَلاَلُ فَأَهْدَى لِلْمُحْرِمِ الصَّيْدَ أَكَلَهُ وَلَمْ يَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنَسٌ بِالذَّبْحِ بَأْسًا وَهُوَ غَيْرُ الصَّيْدِ نَحْوُ الإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالدَّجَاجِ وَالْخَيْلِ، يُقَالُ عَدْلُ ذَلِكَ مِثْلُ، فَإِذَا كُسِرَتْ عِدْلٌ فَهُوَ زِنَةُ ذَلِكَ. {قِيَامًا} [المائدة: 97] قِوَامًا. {يَعْدِلُونَ} [الأنعام: 1] يَجْعَلُونَ عَدْلاً. 1821 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ قَالَ انْطَلَقَ أَبِى عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ، وَلَمْ يُحْرِمْ، وَحُدِّثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ عَدُوًّا يَغْزُوهُ، فَانْطَلَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَبَيْنَمَا أَنَا مَعَ أَصْحَابِهِ يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ، فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ، فَطَعَنْتُهُ، فَأَثْبَتُّهُ، وَاسْتَعَنْتُ بِهِمْ، فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِى، فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهِ، وَخَشِينَا أَنْ نُقْتَطَعَ، فَطَلَبْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْفَعُ فَرَسِى شَأْوًا، وَأَسِيرُ شَأْوًا، فَلَقِيتُ رَجُلاً مِنْ بَنِى غِفَارٍ فِى جَوْفِ اللَّيْلِ قُلْتُ أَيْنَ تَرَكْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ تَرَكْتُهُ بِتَعْهِنَ، وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا. فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَهْلَكَ يَقْرَءُونَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ قَدْ خَشُوا أَنْ يُقْتَطَعُوا دُونَكَ، فَانْتَظِرْهُمْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَبْتُ حِمَارَ وَحْشٍ، وَعِنْدِى مِنْهُ فَاضِلَةٌ. فَقَالَ لِلْقَوْمِ «كُلُوا» وَهُمْ مُحْرِمُونَ. أطرافه 1822، 1823، 1824، 2570، 2854، 2914، 4149، 5406، 5407، 5490، 5491، 5492 - تحفة 12109 - 15/ 3 ذهب جماعة من السلف إلى أنه لا يحلُ لحم الصيد للمحرِمِ مطلقًا سواء صاده أو صِيْد له، أو لم يصد له. وقال الحجازيون بجوازه، بشرط ما لم يصدْ له. ويجوز عندنا ما لم يُشِرْ، أو يُعن عليه، سواء صِيْد له أو لا. والبخاري وَافقنا في المسألة، ولذا لم يخرج حديثَ الحجازيين، وأخرج حديثَ أبي قتادة، وهو حجةٌ للحنفية. وليس في طريق منه أنَّه سأله أنه صَاده بنيَّتِهم أو لا. مع أن المدارَ عند الشافعية، والظاهرَ من عادات الناس أنهم ينوون في مثله لرفقائهم أيضًا، سيما إذا كان الصيدُ كالحمار الوحشي، جسيمًا، يُشبِعُ جماعةً. ومع أنه سأله عن دلالته وإشارته، فهذا وإن كان سُكوتًا، لكنه سكوتٌ في موضع البيان، فهو بيانٌ حكمًا. أيّ بيان، ولو

3 - باب إذا رأى المحرمون صيدا فضحكوا ففطن الحلال

بسطته علمت أنَّه فوقَ البيان، فإنَّه يوجبُ السكوتَ من صاحب الشرع في موضع النطق، والعياذ بالله. 1821 - قوله: (قايل السقيا)، وهو بالإِضافة، لأن الواقعةَ عند الرواية ماضيةٌ، وإن كانت عند إخبار الصحابي مستقبلا، إلا أن الكِسَائي لا يرى الإِضافَة ضروريًا في الماضي، تمسكًا من قوله تعالى: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} [الكهف: 18]. 3 - باب إِذَا رَأَى الْمُحْرِمُونَ صَيْدًا فَضَحِكُوا فَفَطِنَ الْحَلاَلُ 1822 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ انْطَلَقْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ، وَلَمْ أُحْرِمْ، فَأُنْبِئْنَا بِعَدُوٍّ بِغَيْقَةَ فَتَوَجَّهْنَا نَحْوَهُمْ، فَبَصُرَ أَصْحَابِى بِحِمَارِ وَحْشٍ، فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ، فَنَظَرْتُ فَرَأَيْتُهُ فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ الْفَرَسَ، فَطَعَنْتُهُ، فَأَثْبَتُّهُ، فَاسْتَعَنْتُهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِى، فَأَكَلْنَا مِنْهُ، ثُمَّ لَحِقْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَخَشِينَا أَنْ نُقْتَطَعَ، أَرْفَعُ فَرَسِى شَأْوًا، وَأَسِيرُ عَلَيْهِ شَأْوًا، فَلَقِيتُ رَجُلاً مِنْ بَنِى غِفَارٍ فِى جَوْفِ اللَّيْلِ فَقُلْتُ أَيْنَ تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ تَرَكْتُهُ بِتَعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا. فَلَحِقْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَتَيْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَصْحَابَكَ أَرْسَلُوا يَقْرَءُونَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ وَبَرَكَاتِهِ، وَإِنَّهُمْ قَدْ خَشُوا أَنْ يَقْتَطِعَهُمُ الْعُدُوُّ دُونَكَ، فَانْظُرْهُمْ، فَفَعَلَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا اصَّدْنَا حِمَارَ وَحْشٍ، وَإِنَّ عِنْدَنَا فَاضِلَةً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِهِ «كُلُوا». وَهُمْ مُحْرِمُونَ. أطرافه 1821، 1823، 1824، 2570، 2854، 2914، 4149، 5406، 5407، 5490، 5491، 5492 - تحفة 12109 1822 - قوله: (فجعل بعضهم يضحك إلى بعض) ... إلخ. وعند مسلم: «يضحك إليّ»، وهو يُشعر بدلالتهم، ولم يخرجه البخاري، ولا توجدُ مسألة الضحك في كتبنا، هل هو من الدلالة عندهم أو لا؟. قوله: (تركته بتعهن)، وهو قائل السقيا. ويُستفاد منه أن «تعهن» مقدَّمٌ على السُّقْيَا. وتَعْهُن موضع يَقْرُب من المدينة، والسقيا قريب من مكة. والسَّمْهُودي صرح بعكسه، وهو المعتمد في هذا الباب. فالمعنى على ما ذهب إليه السَّمْهُودي: أن أبا قَتَادة لقي رجلا من بني غِفار في جوف الليل، وكان يجيءُ من مكة، وكان في طريقه تعهن، فرأى النبي صلى الله عليه وسلّم في ذلك الموضع، وسار إلى المدينة حتى لقي أبا قتادة في السُّقيا، فأخبره، وقال له: خبر النبي صلى الله عليه وسلّم هناك. فالقائل من القول، لا من القَيْلُولة. 4 - باب لاَ يُعِينُ الْمُحْرِمُ الْحَلاَلَ فِى قَتْلِ الصَّيْدِ 1823 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ أَبِى مُحَمَّدٍ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْقَاحَةِ

5 - باب لا يشير المحرم إلى الصيد لكى يصطاده الحلال

مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى ثَلاَثٍ ح. وَحَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ أَبِى مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْقَاحَةِ، وَمِنَّا الْمُحْرِمُ، وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ، فَرَأَيْتُ أَصْحَابِى يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا فَنَظَرْتُ، فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ - يَعْنِى وَقَعَ سَوْطُهُ - فَقَالُوا لاَ نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَىْءٍ، إِنَّا مُحْرِمُونَ. فَتَنَاوَلْتُهُ فَأَخَذْتُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ الْحِمَارَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ، فَعَقَرْتُهُ، فَأَتَيْتُ بِهِ أَصْحَابِى، فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ تَأْكُلُوا. فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ أَمَامَنَا، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ «كُلُوهُ حَلاَلٌ». قَالَ لَنَا عَمْرٌو اذْهَبُوا إِلَى صَالِحٍ فَسَلُوهُ عَنْ هَذَا وَغَيْرِهِ، وَقَدِمَ عَلَيْنَا هَا هُنَا. أطرافه 1821، 1822، 1824، 2570، 2854، 2914، 4149، 5406، 5407، 5490، 5491، 5492 - تحفة 12131 - 16/ 3 5 - باب لاَ يُشِيرُ الْمُحْرِمُ إِلَى الصَّيْدِ لِكَىْ يَصْطَادَهُ الْحَلاَلُ 1824 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ - هُوَ ابْنُ مَوْهَبٍ - قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى قَتَادَةَ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ حَاجًّا، فَخَرَجُوا مَعَهُ فَصَرَفَ طَائِفَةً مِنْهُمْ، فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ فَقَالَ خُذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ حَتَّى نَلْتَقِىَ. فَأَخَذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا أَحْرَمُوا كُلُّهُمْ إِلاَّ أَبُو قَتَادَةَ لَمْ يُحْرِمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ، فَحَمَلَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَى الْحُمُرِ، فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا، فَنَزَلُوا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا، وَقَالُوا أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ فَحَمَلْنَا مَا بَقِىَ مِنْ لَحْمِ الأَتَانِ، فَلَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا أَحْرَمْنَا وَقَدْ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ لَمْ يُحْرِمْ، فَرَأَيْنَا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ، فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا، فَنَزَلْنَا فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهَا ثُمَّ قُلْنَا أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ فَحَمَلْنَا مَا بَقِىَ مِنْ لَحْمِهَا. قَالَ «مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا، أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا». قَالُوا لاَ. قَالَ «فَكُلُوا مَا بَقِىَ مِنْ لَحْمِهَا». أطرافه 1821، 1822، 1823، 2570، 2854، 2914، 4149، 5406، 5407، 5490، 5491، 5492 - تحفة 12102 والإِشارة في الحاضر، والدلالة في الغائب. قال اللغويون: الدِّلالة - بالكسر - في المعاني، والدَّلالة - بالفتح - في المحسوسات. 6 - باب إِذَا أَهْدَى لِلْمُحْرِمِ حِمَارًا وَحْشِيًّا حَيًّا لَمْ يَقْبَلْ 1825 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِىِّ أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَهْوَ بِالأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى مَا فِى وَجْهِهِ قَالَ «إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلاَّ أَنَّا حُرُمٌ». طرفاه 2573، 2596 - تحفة 4940 فزاد لفظ «الحي» إشارة إلى أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم ردَّه لكونه حيًا، لا لأنه علم أنه صاده له صلى الله عليه وسلّم فترك مذهب الشافعية، واختار مذهب الحنفية، ولم يُفَصِّل في النية أصلا. قلتُ: أولا إن حديث صَعْب بن جَثَّامَة فيه اختلاف، واضطرابٌ، فعند مسلمٍ أنَّه أهدِي قطعة منه، ولم يُبال به

7 - باب ما يقتل المحرم من الدواب

المصنف، وحمله على أنه كان حيًا. ثم لا حجةَ لهم في قوله: «إلا أنَّا حُرُمٌ»، لأنه لو كانت فيه حجة، لكان لبعض السلف الذين ذهبوا إلى حُرمة الأكل للمحرم مطلقًا بدون تفصيل في النية. ويجوز لنا أن نحمله على الكراهة تنزيهًا، أو على سد الذرائع، لئلا يجعلَه الناسُ حِيْلة للأكل. 7 - باب مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ 1826 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِى قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ». وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ. طرفه 3315 - تحفة 8365، 7247 - 17/ 3 1827 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ حَدَّثَتْنِى إِحْدَى نِسْوَةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ». طرفه 1828 - تحفة 18373 قال الشافعية في قتل غير مأكول اللحم من الحيوانات، وهو المَنَاط عندهم، في خمس. وقال مالك: بل المَنَاط العدو. وهو أقوى من مناط الشافعية، لأنه أخذ في النطق المؤذيات، فمعنى الإِيذاءُ فيها ظاهر، بخلاف الأكل، فلا شيء في قتل السَّبُع العادي. واقتصر الحنفية على المنصوص (¬1)، ويقتل غيرُه من السِّبَاع عند العدو، وإلا لا، وسها مولانا فيض الحسن؛ فأباح قتل السَّبُعِ العادي مطلقًا، سواء عدا بالفعل أو لا. وليس هذا مذهبنا، والصواب ما قررنا. واعلم أنه قال صاحب «الهداية» مجيبًا عن قياس الشافعية: إن القياس على الفواسق ممتَنِعٌ، لما فيه من إبطالِ العدد، فزعم بعضهم أنه اعتُبر بمفهوم العدد. قلتُ: مراده عبرة العدد في خصوص هذا الموضع لدَلالة الدلائل الخارجية، لا على طريق الضابِطَة الكلية. 1828 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَتْ حَفْصَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لاَ حَرَجَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْفَأْرَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ». طرفه 1827 - تحفة 15804 1828 - قوله: (الكلب العقور)، الكلب أهلي ووحشي، وهما سواءٌ في الحكم، إلا أنَّ المرادَ منه في الحديث الوحشي، عند ابن الهمام، لأنه من الصُّيُود. وعندي المراد منه الأهلي ¬

_ (¬1) وفي تقرير الفاضل عبد العزيز أن الحنفية لم يُنقحوا المناط في الأشياء الثلاثة: الغراب، والحِدَأة، والفأرة، وفعلوا ذلك في العقرب، والكلب، فألحقوا المؤذيات من الحشرات كلها بالعقرب، حتى البُرغُوث، فإنه لا جنايةَ بقتله. نعم في القَمل صدقة يسيرةٌ، وفي الكلب تفصيل. ثم إنهم جوزوا قتلَ كل سَبُعٍ إذا عدا. انتهى تعريبه. فانظر فيه.

الذي اعتاد بالعقر، وهو المعروف، لأن ملابسةَ المحرمِ إنما هي منه دون الوحشي، وإن كان الحكم فيهما سواء. وفي «الهداية»: لا شيء بقتل الذئب أيضًا عند أبي يوسف. قلتُ: وليس هذا تنقيحًا للمناط، بل هو إلحاقٌ له بالكلب، لأنه لا فرقَ بينهما إلا بكون الكلب أهليًا، والذئب وحشيًا، وإلا فيتشابهان صورة. وقال زُفَر: لا شيء بقتل الأسد. قلتُ: وهذا أيضًا ليس بتنقيحٍ للمناط، فإنَّ الكلبَ أُطلق على الأسد أيضًا، كما في قوله صلى الله عليه وسلّم «اللهم سلط عليه كلبًا» فسلط عليه أسدًا. (¬1). والحاصل: أنَّا لم نعملْ بتنقيح المناطِ، واقتصرنا على عدد المنصوص. 1829 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ، يَقْتُلُهُنَّ فِى الْحَرَمِ الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ». طرفه 3314 - تحفة 16699 1829 - قوله: (الغراب) وعند مسلم: «الأبقع»، كما في «شرح الوقاية». وهو عندي قيد اتفاقيٌّ، فإن الغراب من المؤذيات شرعًا، كيفما كان. 1830 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَارٍ بِمِنًى، إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِ (وَالْمُرْسَلاَتِ) وَإِنَّهُ لَيَتْلُوهَا، وَإِنِّى لأَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ، وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا، إِذْ وَثَبَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اقْتُلُوهَا». فَابْتَدَرْنَاهَا، فَذَهَبَتْ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا». أطرافه 3317، 4930، 4931، 4934 - تحفة 9163 1830 - قوله: (في غار بمنى - إلى أن قال -: إذ وثبت علينا حية) ... إلخ، وعند النسائي: «أن النبي صلى الله عليه وسلّم أمر بحرقِ جُحْرِها عليها»، ولذا ذهب أحمد إلى أنَّ إحراق الأشياء المؤذية جائز، وبه أفتى بجواز إحراق الزنابير وغيرها من المؤذيات. 1831 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِلْوَزَغِ «فُوَيْسِقٌ». وَلَمْ أَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ. طرفه 3306 - تحفة 16598 1831 - (قال أبو عبد الله) ... إلخ، وفي الفقه أن المحرمَ إذا جنى في الحرم هل تعدَّدُ تلك الجناية أو لا؟ إلا أن البخاري انتقل من مسألة الإِحرام إلى الحرم، كما تُشعر به عبارتُه. ¬

_ (¬1) وكان سفيان بن عُيينة يقول: الكلب العقور هو كل سَبُع يعقر، وقد دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عقبة بن أبي لهب: "اللهم سلط عليه كلبًا من كلابك"، فافترسه الأسد. اهـ. "معالم السنن".

8 - باب لا يعضد شجر الحرم

8 - باب لاَ يُعْضَدُ شَجَرُ الْحَرَمِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ». 1832 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى شُرَيْحٍ الْعَدَوِىِّ أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، وَهُوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ ائْذَنْ لِى أَيُّهَا الأَمِيرُ أُحَدِّثْكَ قَوْلاً قَامَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِلْغَدِ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ، فَسَمِعَتْهُ أُذُنَاىَ، وَوَعَاهُ قَلْبِى، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَاىَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ، إِنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ «إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلاَ يَحِلُّ لاِمْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا وَلاَ يَعْضُدَ بِهَا شَجَرَةً، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُولُوا لَهُ إِنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لِى سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ». فَقِيلَ لأَبِى شُرَيْحٍ مَا قَالَ لَكَ عَمْرٌو قَالَ أَنَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ، إِنَّ الْحَرَمَ لاَ يُعِيذُ عَاصِيًا، وَلاَ فَارًّا بِدَمٍ، وَلاَ فَارًّا بِخَرْبَةٍ. خَرْبَةٌ بَلِيَّةٌ. طرفاه 104، 4295 - تحفة 12057 - 18/ 3 وراجع «البحر» لشرائطه. 1832 - قوله: (إن الحرم لا يعيذ) ... إلخ، وقد مر أن قول أبي شُرَيح الصحابي حجة للحنفية. وقول عمرو بن سعيد الظالم حجةٌ للشافعية. 9 - باب لاَ يُنَفَّرُ صَيْدُ الْحَرَمِ 1833 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ، فَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِى، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِى، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِى سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلاَّ لِمُعَرِّفٍ». وَقَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِلاَّ الإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا. فَقَالَ «إِلاَّ الإِذْخِرَ». وَعَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ هَلْ تَدْرِى مَا لاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا هُوَ أَنْ يُنَحِّيَهُ مِنَ الظِّلِّ، يَنْزِلُ مَكَانَهُ. أطرافه 1349، 1587، 1834، 2090، 2433، 2783، 2825، 3077، 3189، 4313 - تحفة 6061 10 - باب لاَ يَحِلُّ الْقِتَالُ بِمَكَّةَ وَقَالَ أَبُو شُرَيْحٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَسْفِكُ بِهَا دَمًا». 1834 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ افْتَتَحَ مَكَّةَ «لاَ هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا، فَإِنَّ هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ

11 - باب الحجامة للمحرم

وَالأَرْضَ، وَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لأَحَدٍ قَبْلِى، وَلَمْ يَحِلَّ لِى إِلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا». قَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِلاَّ الإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ. قَالَ قَالَ «إِلاَّ الإِذْخِرَ». أطرافه 1349، 1587، 1833، 2090، 2433، 2783، 2825، 3077، 3189، 4313 - تحفة 5748 - 19/ 3 قوله: (ولكن جهاد ونية) أي إن مكة صارت دارَ الإِسلام، فلا هجرة منها بعد اليوم، لكن الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة، فإِذا دُعيتم إليه فاخرجوا بالنية الحسنة. 11 - باب الْحِجَامَةِ لِلْمُحْرِمِ وَكَوَى ابْنُ عُمَرَ ابْنَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ. وَيَتَدَاوَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ طِيبٌ. 1835 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قَالَ عَمْرٌو أَوَّلُ شَىْءٍ سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُحْرِمٌ. ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ حَدَّثَنِى طَاوُسٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ لَعَلَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُمَا. أطرافه 1938، 1939، 2103، 2278، 2279، 5691، 5694، 5695، 5699، 5700، 5701 - تحفة 5739 1836 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِى عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنِ ابْنِ بُحَيْنَةَ - رضى الله عنه - قَالَ احْتَجَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُحْرِمٌ بِلَحْىِ جَمَلٍ فِى وَسَطِ رَأْسِهِ. طرفه 5698 - تحفة 9156 فإِن حَلَق الشعر تصدَّقَ، وإلا لا. 12 - باب تَزْوِيجِ الْمُحْرِمِ 1837 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنِى عَطَاءُ بْنُ أَبِى رَبَاحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ. أطرافه 4258، 4259، 5114 - تحفة 5903 ذهب الأئمة الثلاثة إلى عدم جوازِ نكاح المحرم. وذهب أبو حنيفة إلى جوازِهِ، غير أنه قال: إنه لا يدخل بها ما لم يَحل. وللجمهور حديث النبي صلى الله عليه وسلّم مرفوعًا، أخرجه مسلم، وغيره: «لا يَنْكِح المحرم، ولا يُنكَح». قلنا: إن النكاحِ كالخِطبة، فإذا لم تكن الخِطبة عندكم على معنى البطلان، فكذلك النكاح، وإنما النهيُ عنه، لأنَّ الأليقَ بشأن المحرم، أن لا يشتغِلَ بمثل هذه الأمور، ولا يقصِدُ بسفره إلا الحج. وأنت تعلَم أن النكاح لم يُشرع إلا لمقاصِدِه من الجماع وغيره، فإذا نُهي عن الجماع نُهي عن النكاح، لا لمعنى النهي فيه، بل لأنه إذا تزوج ربما أمكن أن تطمعَ نفسُه فيما نَهى الله عنه أيضًا. والمقصودُ في هذا السفر أن ينقطعَ إلى الله بشراشره، ولا تتحدثَ نفسُه بشيءٍ

سوى ذكرُه، فيكون له جِوار إلى الله، وصُراخ بالتلبية لا غير، وحداثَةُ عهده بالنكاح يخالِفُ هذا التبتل. هذا هو معنى النهي عندنا، ألا ترى أنه نُهي أن يخطِب، وأنت لا تقوله: إنه حرام، بل تحمِلُه على معنَى ما حملنا عليه الجملَة الثانية، فالقولُ بصحة الخِطبة، وبطلان النكاح فكٌّ في النظام، ونقضٌ للاتساق. ثم نقول: إن أصلَ النزاع في تزوجه صلى الله عليه وسلّم ميمونة، واختلفت فيه الروايات، ففي بعضها: «أنه تزوجها وهو حلال»، كما يرويه أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وكان هو الرسولُ بينهما، ويزيد بن الأصم، وهو ابن أخت ميمونة. وترويه هي أيضًا. مع أنَّها صاحبةُ الواقعة. وفي بعض الروايات: «أنه تزوجها وهو محرم»، كما يرويه ابن عباس، واحتج الخصوم بالأولى، والحنفية بالثانية. والجواب أنَّا نُسلِّمُ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم أرسلَ أبا رافع للخِطبة، ولكنَّ ميمونةَ كانت وكَّلت بأمر نكاحها عباسًا، فكان هو العاقد، وأنت تعلمُ أنَّ الرسول سفيرٌ محضٌ، بخلاف الوكيل، فإنَّه يتولَّى أمر النكاح، وبلسانه يجري العقد والفسخ، فالعبرةُ به أولى. ومن ههنا تبين أن قولَ ميمونة أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم تزوَّجَها وهو حلالٌ، لا يوازي قول ابن العاقد، فإنَّها إذا فوضت أمرها إلى غيرها، لم تعلم بأمر النكاح إلا عند البناء، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلّم إذ ذاك حلالا. أما ابن عباس فكان ابن العاقد، فعنده زيادةُ خبرٍ، ووثاقةٌ على ما فعله أبوه. ويروى هو أنه تزوجها وهو محرمٌ، مع أنه خِلاف أمر الحج، فلا يقول إلا أن يكون عنده علمٌ كالعيان، ولذا رجح البخاري حديثَه، ولم يخرج حديثَ الخصوم، وإن أخرجه مسلم، فالبخاري وافَقَنَا في المسألة. وهذا من دأبه القديم، أنه إذا اختارَ جانبًا ذهب يهدِر الجانب الآخر، ويجعله كأنه لم يكنْ شيئًا مذكورًا، فلا يخرجُ له حديثًا، كأنه أمرٌ لم تَرِدْ به الشريعة. وكذا يزيد بن الأصم لا يعارضُ حديثه حديث ابن عباس، حتى قال عمرو بن دِينار حين روى ابن شهابٍ حديثَ يزيد: أتجعلُ أعرابيًا بوالا على عقبيه، إلى ابن عباس؟، وهي خالة ابن عباس أيضًا، كذا في «الدارقطني». وههنا دقيقةٌ أخرى قلّ من تنبه لها، وهي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم لم يباشر العقدَ بنفسه الشريفة، بل وكل به عباسًا، احترازًا عن صورة العقد بنفسه، وهو محرم، فأحبَّ أن يعقِدَ غيره، لئلا يكون ناكحًا صورةً، فاحترز عنها بقدر الإِمكان، فسبحان الله هذه مدارك الأنبياء عليهم السلام، ولا ينكشفُ الغِطاء عن وجه المقصود ما لم يتبين أنَّ تزوُّجه كان ذاهبًا إلى مكة أو آيبًا منها، فإن كان الأول، تعيَّن كونه في الإِحرام، وإن كان الثاني فلا يكون إلا وهو حلال. وقد ذكر الطحاوي في «مشكلة» في تحرير القِصة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم أرسل أبا رافع إلى ميمونة للخِطبة، وكانت بمكة، فوكلت

أمرها إلى عباس (¬1)، فخرج النبيُّ صلى الله عليه وسلّم من المدينة، وخرج عباس من مكة ليستقبلَ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم فتلاقيا بسَرِفٍ، فنكحها إياه في سرف، كما هو عند أبي داود. وإن كان يخالفه مع عند مالك في «موطئه»، ففيه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بعث أبا رافع مولاه، ورجلا من الأنصار، فزوَّجاه ميمونةَ بنت الحارث، ورسول الله صلى الله عليه وسلّم بالمدينة، قبل أنْ يخرج». اهـ. أي إلى مكة لعمرة القضاء، إلا أن الأكثر والأشهر كما عند أبي داود. وسَرِف موضع بعشرة أميال من مكة. وكان ذلك في عمرة القضاء، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم قاضاهم في عمرة الحُدَيْبِيَة أنه يعتمرُ من قابل، ويقيمُ بها ثلاثًا، فما يدل على أنَّ أمر تزوُّجِها بسَرِفٍ إنما ¬

_ (¬1) قال العلامة المارديني: وفي "الاستذكار": قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محرمٌ. وفي "التمهيد" ذكر الأثرم عن أبي عبيدة قال: لما فرغ - صلى الله عليه وسلم - من خيبر توجه إلى مكة معتمرًا، سنة سبع، وقدم عليه جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة، وخطب عليه ميمونة بنت الحارث، وكانت أختها لأمها أسماء بنت عميس عنده، وأختها لأبيها، وأمها أم الفضل تحت العباس، فأجابت جعفرًا، وجعلت أمرها إلى العباس، فأنكحها النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فلما رجع بنى بها بسَرف حلالًا، وجعْلُها أمرَها إلى العباس مشهور، ذكره موسى بن عقبة أيضًا. وذكره ابن إسحاق، قال: وقيل: جعلت أمرَها إلى أم الفضل، فجعلت أمَّ الفضل أمرها إلى العباس. وفي "الاستيعاب" لأبي عمر، ذكر سنيد عن زيد بن الحباب عن أبي معشر عن شرحبيل بن سعد، قال: لقي العباس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجُحْفة حين اعتمر عمرةَ العقبة، فقال: يا رسول الله تأيَّمتْ ميمونة، هل لك أن تتزوجها؟ فتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو محرم، فلما أن قدم مكة أقام ثلاثًا ... الحديث. وفي آخره: فخرج فبنى بسَرِف بها، فلما جعلت أمرها إلى غيرها، يُحتملُ أن يخفى عليها الوقت. الذي عقد فيه العباس، فلم تعلم به إلا في الوقت الذي بنى بها، وعلِمَ ابن عباس أنه كان قبل ذلك، فالرجوع إليه أولى، كيف! وقد تأيد برواية أبي هريرة، وعائشة؛ وذكر ابن إسحاق في "مغازيه"، والطحاوي عن ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام تزوجها وهو محرمٌ، فأقام بمكة ثلاثًا، فأتاه حويطب في نفر من قريش في اليوم الثالث، فقالوا: قد انقضى أجلك، فاخرج عنا، فقال: وما عليكم لو تركتموني. فعرَّستُ بين أظهركم، فصنعنا لكم طعامًا، فحضرتموه، فقالوا: لا حاجة لنا في طعامك، فاخرج عنا. فخَرج وخرجَ بميمونة، حتى عرَّس بها بسَرِف. وقال الطحاوي: "رُوي عن عائشة ما يوافق ابن عباس. رَوى ذلك عنها من لا يَطعنُ أحدٌ فيه، ثم ذكر هذا السند، ثم قال: "وكل هؤلاء أئمة يحتج برواياتهم"، وقال في "مشكل الحديث": لم يختلف في ذلك عن عائشة. قال الطحاوي: في "كتاب مشكل الحديث": حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني: حدثنا خالد بن عبد الرحمن الخراساني: حدثنا كامل أبو العلاء، عن أبي صالح، عن أبي هريرة: تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم" قال الطحاوي: وهذا مما لا نعلم أيضًا عن أبي هريرة فيه خلافًا. انتهى كلامه. والكيساني وثقه أبو سعيدٍ السَّمعَاني، وخالد وثقوه، كذا في "التهذيب" للمِزِّي، وكامل وثقه ابن مَعِين، والعِجلي، وذكره ابن شاهين في "الثقات". وأخرج له الحكم في "المستدرك". وقال الطحاوي أيضًا: حدثنا روح بن الفرج: حدثنا أحمد بن صالح: حدثنا ابن أبي فديك: حدثني عبد الله بن محمد بن أبي بكر، سألت أنس بن مالك عن نكاح المحرم. فقال: وما بأس به، هل هو إلا كالبيع. وروح وثقه الخطيب، وأخرج له صاحبُ "المستدرك". وإجازةُ نكاح المحرم يُروى عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر، وعن أبيه، وعن جده. وقال ابن حزم: أجازَه طائفةٌ: صح ذلك عن ابن عباس، وروي عن ابن مسعود، ومعاذ، وبه قال عطاء، والقاسم بن محمد، وعِكرمة، والنَّخَعي. وأبو حنيفة. وسفيان. اهـ. "الجوهر النقي".

كان حين قدومِهِ إلى مكة، ما أخرجه الطحاوي عن ابن عباس: «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم تزوج ميمونةَ بنت الحارث، وهو حرام، فأقام بمكة ثلاثًا»، فأتاه حويطب بن عبد العزى في نفر من قريش في اليوم الثالث، فقالوا: إنه قد انقضى أجلك، فاخرج عنا، فقال: «فما عليكم لو تركتموني فعرَّستُ بين أظهركم، فصنعنا لكم طعامًا، فحضرتموه»، فقالوا: لا حاجة لنا في طعامك، فاخرج عنا، فخرج نبي الله صلى الله عليه وسلّم وخرج بميمونة حتى عرس بسَرِف سرف. اهـ. ففيه دليل على أنَّه قد كان تزوجها من قبلُ حين دخل مكة، ولذا دَعاهم إلى الوليمة، ولما لم يتركوه إلا أن يخرج، نزل بسَرِف، وأولم بها، وكذا يدل عليه ما عند الترمذي: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم تزوجها وهو حلالٌ، وبنى بها حلالا. وماتت بسَرِف، ودفناها في الظلة التي بنى بها فيها» اهـ. وتعجب الراوي على كون الأمور الثلاثة في موضع واحد. قال مولانا شيخ الهند: وإنَّما يصحُّ التعجب إذا كانت تلك الوقائعُ في أسفارٍ كذلك، فالمعنى أنه تزوجها وهو ذاهب إلى مكة، وبنى بها وهو راجع إلى المدينة، ثم ماتت بها في سَفْرةٍ أخرى، وهذا مما يتعجب منه لا محالة، فإِذا ثبت أنَّه تزوجها في سفره إلى مكة، ثبتَ أنه تزوجها وهو محرمٌ، لأنك قد علمت أن سَرِفَ قريبٌ من مكة، وميقاتُ أهل المدينة ذو الحليفة، فلا بد أن يكون محرمًا عند سَرِف، وإلا يلزمُ مجاوزةُ الميقات بدون إحرام. فإِن قلت: فكيف بأمر أبي قتادة (¬1)؟ فإنه اصطاد حِمارًا وحشيًا، وقد كان دَخَلَ الميقاتَ، ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وفي قصة أبي قتادة إشكالٌ من وجوه: الأول في مجاوزةِ أبي قَتَادة عن الميقاتِ بدون إحرام. ويتضِحُ جوابه مما ذكره الحافظ في سياق القِصة، قال: وحاصل القصة أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لما خرج في عمرة الحديبية، فبلغ الرَّوحَاء، وهي من ذي الحُلَيفة على أربعة وثلاثين ميلًا، أخبروه بأن عدوًا من المشركين بوادي غيقة، يُخشى منهم أن يقصدوا غرته، فجهز طائفةً من أصحابه. فيهم أبو قَتَادة إلى جهتهم ليأمن شرُّهم، فلما أمنوا ذلك، لحقَ أبو قتادة وأصحابه بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فأحرموا، إلا هو، فاستمر حلالًا، لأنه إما لم يجاوز الميقات، وإما لم يقصد العمرة. قلت: والثاني جواب على طور الشافعية، فإنَّ نية العمرة أو الحج شرطٌ عندهم لوجوب الإِحرام، وبهذا يرتفعُ الإِشكال الذي نَكره أبو بكر الأثرم. قال: كنتُ أسمعُ أصحابنا يتعجبون من هذا الحديث، ويقولون: كيف جاز لأبي قتادة أن يجاوز الميقات، وهو غير محرمٍ، ولا يدرون ما وجهه، قال: حتى وجدته في رواية من حديث أبي سعيد، فيها: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأحرمنا، فلما كنا بمكان كذا إذا نحن بأبي قتادة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه في وجه" ... الحديث. قال: فإذا أبو قتادة إنما جاز له ذلك، لأنه لم يخرج يريدُ مكة. قلت: وهذه الرواية التي أشار إليها تقتضي أن أبا قتادة لم يخرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة، وليس كذلك لما بيناه. ثم وجدتُ في "صحيح ابن حبان"، والبزار، من طريق عياض بن عبد الله عن أبي سعيد، قال: "بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا قتادةَ على الصدقة، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه، وهم محرمون حتى نزلوا بعُسفَان"، فهذا سببٌ آخر، ويُحتمل جمعهما؛ والذي يظهرُ أن أبا قتادة إنما أخر الإِحرام لأنه لم يتحقق أنه يدخل مكة، فسَاغ له التأخير. وقد استُدِل بقصة أبي قَتَادة على جواز دخول الحرم بغير إحرام لمن لم يرد حجًا ولا عمرة. وقيل: كانت هذه القصة قبل أن يُوَقِّت النبي - صلى الله عليه وسلم - المواقيت. وأما قول عياض ومن تبعه: إن أبا قتادة لم يكن خرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة، وإنما بعثه أهل المدينة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلِمُونه أن بعضَ العربِ قصدوا الإِغارة على المدينة، فهو ضعيفٌ =

ولذا كان أصحابه محرمين؟ قلنا: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم بعثه لحاجة، فذهب إلى طريقٍ غير طريقهم، ولم يتفق له المرور بميقاتهم، فلذا كان هو حلالا، وأصحابه محرمين. وما قالوا: إن المواقيتَ لم تكن تعينت بعد، فلا يلزمُ مرورُه منها بدون إحرام، فذاك مردودٌ بحديث البخاري، فإِنه يدل على أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم لما خرج لعمرة الحُدَيْبِيَة السنة السادسة، أحرمَ من ذي الحُلَيْفة، فدل على تَعيُّنِ الميقات. وإذا ثبت أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم تزوجها وهو محرم، ثبت أنه لا بأس بتزوج المحرم، وهذا ما أردنا. وتأوَّل ابن حِبان حديثَ ابن عباس، فقال: إن المحرم بمعنى الداخل في الحَرَمِ، كقولهم: أعرق وأنجد، وكقول الشاعر: *قتلوا ابنَ عفانَ الخليفةَ مُحرِمًا ... فدعا، فلم أرَ مِثْلَهُ مخْذَولا ومعلوم أنه لم يكن إذ ذاك محرِمًا من الإِحرام، كيف وأنه كان بالمدينة، فمعناه أنه كان داخل الحرم. قلتُ: وردَّه الأَصمعي، وهو عند الرشيد، كما حكاه الخطيب في «تاريخه»، وقال: أين أنت من مرادِ الشاعر، ليس فيه المحرمُ على ما أردت، بل معناه ذي حُرمة، على حد قوله: *قتلوا كِسْرى بليلٍ مُحْرِمًا، ... فتولَّى، ولم يمتع بالكَفَنِ والأَصمعي هو عند الملك اللغوي، من رواة مسلم. ومما يدلك على أنَّ المحرمَ ليس بمعنى الداخل في الحرم ما عند مسلم، قال يزيد بن الأصم: «نكحها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وهو حلال». وقال ابن عباس: «إنه نكحها وهو محرم»، فدل التقابل على أن المرادَ من الإِحرام ضد الحلال، كيف وقد صح عن عائشة أنَّه نكحها وهو محرم، ونحوه رُوي عن أبي هريرة، فكيف يمكنُ أنْ يتفقَ هؤلاء كلهم على اللغة العربية؟ نعم، للمجادِل مجال وسيعٌ. ¬

_ = مخالف لما ثبت في هذه الطريق الصحيحة، طريق عثمان بن موهب الآتية بعد بابين، كما أشرت إليها قبل، اهـ. من باب إذا صار الحلال ... إلخ. والثاني ما توجه إليه شيخ الشريعة والطريقة، الحبر العلامة خليل أحمد قُدِّس سِرُّه في شرحه على أبي داود، الشهير بـ "بذل المجهود"، ومنشأه ما في بعض سياق البخاري في قِصة أبي قَتَادة، هكذا "فخرجوا معه، فصرف طائفة منهم فيهم أبو قتادة، فقال: خُذوا ساحلَ البحر حتى نلتقي، فأخذوا ساحلَ البحر، فلما انصرفوا أحرمُوا كلهم، إلا أبا قتادة لم يحرم". قال الشيخ -شارح أبي داود- قُدِّس سِرُّه: سياق حديث البخاري هذا مشكلٌ، لأنه يخالف جميعَ السياقات التي أخرجها البخاري، وغيره، فإنه يدل على أن أبا قتادة، ومن معه خرجوا إلى ساحل البحر، وكلهم لم يُحرموا، فلما انصرفوا من ساحل البحر أحرموا كلهم، إلا أبا قتادة، فإنَّه لم يحرم: وجميع السياقات تدلُّ على أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن معه من أصحابه كلهم أحرموا من الميقات. إلا أبا قتادة فإنَّه لم يحرم. وتأوَّلَه القسطلَّاني بأن قوله: "فلما انصرفوا". شرط ليس جَزَاؤه قوله: "أحرموا كلهم إلا أبو قتادة"، بل جزاؤه قوله: "فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمار وحش". وتقديرُ العبارة: فأخذوا ساحل البحر، فلما انصرفوا، وكانوا قد أحرموا كلهم من الميقات، إلا أبو قتادة، فإنَّه لم يُحرم من ذي الحُلَيفة. قال الشارح قُدِّس سِرُّه: ولم أر أحدًا منهم تعرض إلى دفع الإِشكال المذكور غيره، فجزاه الله تعالى خيرًا. انتهى ملخصًا.

13 - باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة

13 - باب مَا يُنْهَى مِنَ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ وَالْمُحْرِمَةِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - لاَ تَلْبَسُ الْمُحْرِمَةُ ثَوْبًا بِوَرْسٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ. 1838 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ مِنَ الثِّيَابِ فِى الإِحْرَامِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَلْبَسُوا الْقَمِيصَ وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ وَلاَ الْعَمَائِمَ، وَلاَ الْبَرَانِسَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ لَيْسَتْ لَهُ نَعْلاَنِ، فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْ أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، وَلاَ تَلْبَسُوا شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ، وَلاَ الْوَرْسُ، وَلاَ تَنْتَقِبِ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ وَلاَ تَلْبَسِ الْقُفَّازَيْنِ». تَابَعَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ وَجُوَيْرِيَةُ وَابْنُ إِسْحَاقَ فِى النِّقَابِ وَالْقُفَّازَيْنِ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَلاَ وَرْسٌ وَكَانَ يَقُولُ لاَ تَتَنَقَّبِ الْمُحْرِمَةُ، وَلاَ تَلْبَسِ الْقُفَّازَيْنِ. وَقَالَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ لاَ تَتَنَقَّبِ الْمُحْرِمَةُ. وَتَابَعَهُ لَيْثُ بْنُ أَبِى سُلَيْمٍ. أطرافه 134، 366، 1542، 1842، 5794، 5803، 5805، 5806، 5847، 5852 - تحفة 8275، 8470، 7495، 7642، 8405، 8392 أ، 8317 - 20/ 3 1839 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ وَقَصَتْ بِرَجُلٍ مُحْرِمٍ نَاقَتُهُ، فَقَتَلَتْهُ، فَأُتِىَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اغْسِلُوهُ، وَكَفِّنُوهُ، وَلاَ تُغَطُّوا رَأْسَهُ، وَلاَ تُقَرِّبُوهُ طِيبًا، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يُهِلُّ». أطرافه 1265، 1266، 1267، 1268، 1849، 1850، 1851 - تحفة 5497 وقد علمت أنَّ الطيبَ قبل الإِحرام جائزٌ عندنا، وإن بقي ريحُه وجِرمُه، وكذا للتداوي بعد الإِحرام، فاستقام التبعيض على طريقتي أيضًا. 1838 - قوله: (ولا تنتقب المرأة) ... إلخ، اختُلف في رفع هذه الجملة ووقْفِها، ولم يقض المصنفُ فيه بشيء. ويمكن أن يكون مال إلى الوقف. ولنا أن نقول: إن النِّقَاب إذا كان مجافيًا عن الوجه، فلا بأس به عندنا أيضًا. 14 - باب الاِغْتِسَالِ لِلْمُحْرِمِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَدْخُلُ الْمُحْرِمُ الْحَمَّامَ. وَلَمْ يَرَ ابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ بِالْحَكِّ بَأْسًا. 1840 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ اخْتَلَفَا بِالأَبْوَاءِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ. وَقَالَ الْمِسْوَرُ لاَ يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ. فَأَرْسَلَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ إِلَى أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ، وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقُلْتُ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ، أَرْسَلَنِى إِلَيْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ، أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَغْسِلُ رَأْسَهُ، وَهُوَ

15 - باب لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين

مُحْرِمٌ؟ فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ، فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِى رَأْسُهُ ثُمَّ قَالَ لإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ اصْبُبْ. فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ وَقَالَ هَكَذَا رَأَيْتُهُ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُ. تحفة 3463 15 - باب لُبْسِ الْخُفَّيْنِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ 1841 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ «مَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ». لِلْمُحْرِمِ. أطرافه 1740، 1843، 5804، 5853 - تحفة 5375 1842 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ فَقَالَ «لاَ يَلْبَسِ الْقَمِيصَ، وَلاَ الْعَمَائِمَ، وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ، وَلاَ الْبُرْنُسَ، وَلاَ ثَوْبًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلاَ وَرْسٌ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ». أطرافه 134، 366، 1542، 1838، 5794، 5803، 5805، 5806، 5847، 5852 - تحفة 6800 - 21/ 3 وفي بعض الروايات: «وليقلعهما أسفل من الكعبين»، فهو عندنا على الوجوب، وعند أحمد على الاستحباب. 16 - بابٌ إِذَا لَمْ يَجِدِ الإِزَارَ فَلْيَلْبَسِ السَّرَاوِيلَ 1843 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَطَبَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَفَاتٍ فَقَالَ «مَنْ لَمْ يَجِدِ الإِزَارَ فَلْيَلْبَسِ السَّرَاوِيلَ، وَمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ». أطرافه 1740، 1841، 5804، 5853 - تحفة 5375 1843 - قوله: (ومن لم يجد الإزار فليلبس السراويل) ... إلخ، قال الطحاوي: ويلبَسُه بعد الفتق، ولا جزاء، وإلا فعليه الجزاء. 17 - باب لُبْسِ السِّلاَحِ لِلْمُحْرِمِ وَقَالَ عِكْرِمَةُ إِذَا خَشِىَ الْعَدُوَّ لَبِسَ السِّلاَحَ وَافْتَدَى. وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ فِى الْفِدْيَةِ. 1844 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - اعْتَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى ذِى الْقَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، حَتَّى قَاضَاهُمْ لاَ يُدْخِلُ مَكَّةَ سِلاَحًا إِلاَّ فِى الْقِرَابِ. أطرافه 1781، 2698، 2699، 2700، 3184، 4251 - تحفة 1803 ولم يذكر له حكمٌ في كتبنا، وجوزه المصنِّفُ مطلقًا. قلتُ: وينبغي فيه التفصيل بين ما غطَّى الرأس، وبين ما لم يغطه، كما في اللباس.

18 - باب دخول الحرم ومكة بغير إحرام

1844 - قوله: (حتى قاضاهم)، به استدل الشافعية على أنَّ عمرةَ القضاءِ بمعنى الصلح، لا بالمعنى المقابل للأداء. 18 - باب دُخُولِ الْحَرَمِ وَمَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَدَخَلَ ابْنُ عُمَرَ. وَإِنَّمَا أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالإِهْلاَلِ لِمَنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ لِلْحَطَّابِينَ وَغَيْرِهِمْ. 1845 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَّتَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لَهُنَّ وَلِكُلِّ آتٍ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ. أطرافه 1524، 1526، 1529، 1530 - تحفة 5711 1846 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ، وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ. فَقَالَ «اقْتُلُوهُ». أطرافه 3044، 4286، 5808 - تحفة 1527 قد علمت ما فيه من المذاهب، وكذا الجواب عن استدلال الخصوم. ولعل المصنفَ اختار مذهب الشافعية. ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلّم في فتح مكة: «ولا يحل لأحدٍ بعدي» (¬1) ... إلخ، فهو عندي في القتالِ والدخولِ بلا إحرام كليهما، فإنَّه دخلها، وعلى رأسه المغفر لأنه لم يكن محرمًا يومئذٍ، ولذا أعلن أنه من خصائصه في ذلك اليوم، ولا يحل لأحد بعده أن يقاتل بها. ويدخلُ فيه دخوله بدون إحرام عندي، فكان الأمران خاصةً له في ذلك اليوم. 1845 - قوله: (من أراد الحج والعمرة) ... إلخ، قلتُ: ولما كان الحجُّ والعمرةُ واجبين في العُمْر مرةً، ولم يكن لهما وقتٌ معينٌ في هذه السنة، أو هذه السنة، ناسبَ لفظ الإِرادة، فلا يدل على عدم وجوب الحج والعمرة، بل الإِرادةُ بحَسَب الانتشار في زمن أدائهما. فمن أراد أن يحج في هذا العام حجَّ، ومن أراد أن يحج من قابلٍ، فله في ذلك أيضًا سَعة. وحينئذ لَطُف فيه لفظ الإِرادة جدًا. ¬

_ (¬1) قال ابن العربي في "العارضة": إن قوله: من أراد الحج والعمرة يقتضي أن من دَخَلها لحاجة، لا يريد الحجَّ والعمرة، لا يحرم. ولمالك في ذلك روايتان. وللشافعي قولان. وأبو حنيفة صرَّح أنه لا يدخلها إلا حَرَامًا، ولو كان من أهلها، ولو كان الكل من الخلق سواء، لما خصَّ مريدَ الحج والعمرة بالبيان في وقت الحاجة. وعمدتهم قوله: "لم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحدٍ بعدي، وإنما أُحِلت لي ساعة من نهار" ... إلخ، لم يرد به حل القِتَال، لأنه حلالٌ له أبدًا، بل واجب، وكذلك غيره، فدل على أنه أراد بما اختص به من ذلك حلّ الإِحرام. ولتعارض الأدلة اختلفَ قول العلماء، والاحتياط للإحرام. إلا من كَبُرَ دخولُه، فيرتفع للمشقة. والله تعالى أعلم بالصواب.

19 - باب إذا أحرم جاهلا وعليه قميص

19 - باب إِذَا أَحْرَمَ جَاهِلاً وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ وَقَالَ عَطَاءٌ إِذَا تَطَيَّبَ أَوْ لَبِسَ جَاهِلاً أَوْ نَاسِيًا فَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. 1847 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ قَالَ حَدَّثَنِى صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَاهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ جُبَّةٌ فِيهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ أَوْ نَحْوُهُ، وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِى تُحِبُّ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْىُ أَنْ تَرَاهُ فَنَزَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ سُرِّىَ عَنْهُ فَقَالَ «اصْنَعْ فِى عُمْرَتِكَ مَا تَصْنَعُ فِى حَجِّكَ». أطرافه 1536، 1789، 4329، 4985 - تحفة 11836 - 22/ 3 1848 - وَعَضَّ رَجُلٌ يَدَ رَجُلٍ - يَعْنِى فَانْتَزَعَ ثَنِيَّتَهُ - فَأَبْطَلَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2265، 2973، 4417، 6893 - تحفة 11837 ل والمصنف أباح نَزْعَها ولو بالتغطية، واعتبرَ الجهلَ عُذرًا في مواضع عديدة. وعندنا يَنزِعُها بالشق. قلتُ: وإن اعتبرَ المصنِّفُ الجهلَ والنِسيان عذرًا في تلك المسألة، فما يقول في قتلِ الصيد؟ فإنَّ الجمهور اتفقوا فيه على وجوب الجزاء مطلقًا، والكلام فيه مر منا مبسوطًا في العلم، فراجعه. 20 - باب الْمُحْرِمِ يَمُوتُ بِعَرَفَةَ، وَلَمْ يَأْمُرِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُؤَدَّى عَنْهُ بَقِيَّةُ الْحَجِّ 1849 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بَيْنَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَفَةَ إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَوَقَصَتْهُ - أَوْ قَالَ فَأَقْعَصَتْهُ - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِى ثَوْبَيْنِ - أَوْ قَالَ ثَوْبَيْهِ - وَلاَ تُحَنِّطُوهُ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُلَبِّى». أطرافه 1265، 1266، 1267، 1268، 1839، 1850، 1851 - تحفة 5582 1850 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بَيْنَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَفَةَ إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَوَقَصَتْهُ - أَوْ قَالَ فَأَوْقَصَتْهُ - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِى ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تَمَسُّوهُ طِيبًا، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، وَلاَ تُحَنِّطُوهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا». أطرافه 1265، 1266، 1267، 1268، 1839، 1849، 1851 - تحفة 5437 وعندنا تفصيلٌ بالوصية وعدمها، فإنْ أوصى يجبُ على الورثة أنْ يحجُّوا عنه من ثُلُثِ ماله، وإلا لا. 21 - باب سُنَّةِ الْمُحْرِمِ إِذَا مَاتَ 1851 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَجُلاً كَانَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ، وَهُوَ

22 - باب الحج والنذور عن الميت، والرجل يحج عن المرأة

مُحْرِمٌ، فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِى ثَوْبَيْهِ، وَلاَ تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا». أطرافه 1265، 1266، 1267، 1268، 1839، 1849، 1850 - تحفة 5453 22 - باب الْحَجِّ وَالنُّذُورِ عَنِ الْمَيِّتِ، وَالرَّجُلُ يَحُجُّ عَنِ الْمَرْأَةِ 1852 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ جَاءَتْ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ إِنَّ أُمِّى نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ، فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا قَالَ «نَعَمْ. حُجِّى عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَةً اقْضُوا اللَّهَ، فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ». طرفاه 6699، 7315 - تحفة 5457 - 23/ 3 فيحج عنه الورثة فيما إذا أوصى وترك مالا. ومعنى النذر فيما إذا نذر به الميت في حياته، فلم يقدِر على أدائه حتى مات، فقضى عنه آخر. قوله: (والرجل يحج عن المرأة) ... إلخ، يعني أن الرجل يحج عن المرأة وبالعكس. ولا يُشترط أنْ يحجَّ عن الرجل الرجل، وعن المرأة المرأة، مع ثبوت الفرق بين محظورات إحراميه. 1852 - قوله: (حجي عنها) ... إلخ، واعلم أنَّ العبادات إما بدنيةٌ مَحضة، أو مالية صِرفة، أو ذو حظ من الطرفين: فالأول: كالصلاة والصوم، ولا تجري فيها النيابةُ مطلقًا، لأن المقصود منها إتعابُ النفس، وذا لا يحصل إلا بفعله. والثاني: كالزكاة، وتحري فيها النيابة مطلقًا، لحصول المقصودِ، وهو أداء الحق إلى مستحقِّه. والثالث: كالحج، وتجري فيها النيابة عند العذر فقط. 23 - باب الْحَجِّ عَمَّنْ لاَ يَسْتَطِيعُ الثُّبُوتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ 1853 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - أَنَّ امْرَأَةً ح. تحفة 11048 1854 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ، عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِى الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِى شَيْخًا كَبِيرًا، لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِىَ عَلَى الرَّاحِلَةِ فَهَلْ يَقْضِى عَنْهُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ قَالَ «نَعَمْ». أطرافه 1513، 1855، 4399، 6228 - تحفة 5670 وهذه مسألة أخرى، ويُقال لها: مسألة المعضوب. قيل: إن المعضوب إذا لم يقدر على ركوبِ الراحلة، فمن أين جاء الوجوب؟ فقيل: ليس عليه نفس الوجوب. وقيل: بل وجوب الأداء ساقطٌ عنه. والمسألة دائرةٌ بين الإِمام وصاحبيه وتعرض إليه الشيخ ابن الهمام في «الفتح».

24 - باب حج المرأة عن الرجل

24 - باب حَجِّ الْمَرْأَةِ عَنِ الرَّجُلِ 1855 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمٍ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ فَجَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ، فَقَالَتْ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ أَدْرَكَتْ أَبِى شَيْخًا كَبِيرًا، لاَ يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ قَالَ «نَعَمْ». وَذَلِكَ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ. أطرافه 1513، 1854، 4399، 6282 - تحفة 5670 وإنما تعرَّض إليه البخاري بخصوصِهِ لمكان النقصان في حج المرأة من حيث عدم جهرها بالتلبية، وعدم الرَّمَل في الطواف، والسعي على هيئتها فهل تنوبُ عن الرجل مع هذا النقصان؟. 25 - باب حَجِّ الصِّبْيَانِ 1856 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ بَعَثَنِى - أَوْ قَدَّمَنِى - النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الثَّقَلِ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ. طرفاه 1677، 1678 - تحفة 5864 1857 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَقْبَلْتُ وَقَدْ نَاهَزْتُ الْحُلُمَ، أَسِيرُ عَلَى أَتَانٍ لِى، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ يُصَلِّى بِمِنًى، حَتَّى سِرْتُ بَيْنَ يَدَىْ بَعْضِ الصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ نَزَلْتُ عَنْهَا فَرَتَعَتْ، فَصَفَفْتُ مَعَ النَّاسِ وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِمِنًى فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ. أطرافه 76، 493، 861، 4412 - تحفة 5834 - 24/ 3 1858 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حُجَّ بِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ. تحفة 3803 1859 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ الْجُعَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ لِلسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، وَكَانَ قَدْ حُجَّ بِهِ فِى ثَقَلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 6712، 7330 - تحفة 3795 واعلم أنَّ عبادات الصبيان كلها معتبرةٌ عندنا، نعم تقع نفلا عنه وعليه حجَّةٌ ثانية بعد البلوغ، ولا ينوب حجُّه في صِباهُ عن حَجَّةِ الإِسلام. وسها فيه النووي حيث نسب إلينا بطلانَ حجه. 26 - باب حَجِّ النِّسَاءِ 1860 - وَقَالَ لِى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَذِنَ عُمَرُ

- رضى الله عنه - لأَزْوَاجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا، فَبَعَثَ مَعَهُنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ. تحفة 10381 1861 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِى عَمْرَةَ قَالَ حَدَّثَتْنَا عَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ نَغْزُوا وَنُجَاهِدُ مَعَكُمْ فَقَالَ «لَكُنَّ أَحْسَنُ الْجِهَادِ وَأَجْمَلُهُ الْحَجُّ، حَجٌّ مَبْرُورٌ». فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَلاَ أَدَعُ الْحَجَّ بَعْدَ إِذْ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1520، 2784، 2875، 2876 - تحفة 17871 1862 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِى مَحْرَمٍ، وَلاَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلاَّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِى جَيْشِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأَتِى تُرِيدُ الْحَجَّ. فَقَالَ «اخْرُجْ مَعَهَا». أطرافه 3006، 3061، 5233 - تحفة 6514 1863 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ أَخْبَرَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا رَجَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ حَجَّتِهِ قَالَ لأُمِّ سِنَانٍ الأَنْصَارِيَّةِ «مَا مَنَعَكِ مِنَ الْحَجِّ». قَالَتْ أَبُو فُلاَنٍ - تَعْنِى زَوْجَهَا - كَانَ لَهُ نَاضِحَانِ، حَجَّ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَالآخَرُ يَسْقِى أَرْضًا لَنَا. قَالَ «فَإِنَّ عُمْرَةً فِى رَمَضَانَ تَقْضِى حَجَّةً مَعِى». رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1782 - تحفة 5887، 5913 1864 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ قَزَعَةَ مَوْلَى زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ - وَقَدْ غَزَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثِنْتَىْ عَشْرَةَ - غَزْوَةً - قَالَ أَرْبَعٌ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ قَالَ يُحَدِّثُهُنَّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْجَبْنَنِى وَآنَقْنَنِى «أَنْ لاَ تُسَافِرَ امْرَأَةٌ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ لَيْسَ مَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ، وَلاَ صَوْمَ يَوْمَيْنِ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى، وَلاَ صَلاَةَ بَعْدَ صَلاَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِى، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى». أطرافه 586، 1188، 1197، 1992، 1995 - تحفة 4279 ولم يأذن عمر لأمهات المؤمنين أن يحججنَ بعد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ويخرجن من البيوت، لكون حِجَابهنَّ حجابَ الشخص، مع أنهنَّ قد فرغن عنه في حياة النبي صلى الله عليه وسلّم ثم لما أسنَّ وقعَ رأيُه أن يُجيزهنَّ بالحج، فأذِن لهنَّ، وبعث معهن عبد الرحمن، وعثمان ليكون أحدهما قُدَّامهن، والآخر خلفهن كرامة لهنَّ، وإظهارًا لشوكة حَرَمِ رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقد استفدت من بعض الحكايات أنَّ الصحابة لم يكونوا يعملون بالاجتهاد في مقابلة خليفة الإِسلام، فهذه عائشة التي ردت على كثير

27 - باب من نذر المشى إلى الكعبة

من الصحابة رضي الله عنهم، لم تقل لعمر شيئًا. وفي النقول أنها كانت تأمرُ السائل أنْ يذهبَ إلى عثمان، فيستفسره عما جاء به إليها. 1862 - قوله: (لا تسافر المرأة)، وقد مر مني أنَّ الحديث ورد في الأسفار العامة، والمحدثون يخرجُونه في سفر الحج. 27 - باب مَنْ نَذَرَ الْمَشْىَ إِلَى الْكَعْبَةِ 1865 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا الْفَزَارِىُّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ قَالَ حَدَّثَنِى ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ قَالَ «مَا بَالُ هَذَا». قَالُوا نَذَرَ أَنْ يَمْشِىَ. قَالَ «إِنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِىٌّ». وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ. طرفه 6701 - تحفة 392 1866 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ أَبِى أَيُّوبَ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِى حَبِيبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ حَدَّثَهُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ نَذَرَتْ أُخْتِى أَنْ تَمْشِىَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، وَأَمَرَتْنِى أَنْ أَسْتَفْتِىَ لَهَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَفْتَيْتُهُ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ «لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ». قَالَ وَكَانَ أَبُو الْخَيْرِ لاَ يُفَارِقُ عُقْبَةَ. تحفة 9957 حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. تحفة 9957 قال الحنفية: إن من نذر المشي إلى الكعبة يلزمُه حجٌ أو عمرة، لاشتهاره في العرف لأحدهما، فإنَّ المشي ليس عبادةً مقصودةً، فإن ركبَ فيه يلزمه الجزاءُ لإِدخال النقيصَة في حجه. وذكر الطحاوي أنَّ عليه الهَدْي لتركِ المشي، والكفارة للحنثِ، واستدل عليه بالرواية، ولم يذكره غيره. ***

29 - كتاب فضائل المدينة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 29 - كتاب فَضَائِلِ المَدِينَة 1 - باب حَرَمِ الْمَدِينَةِ 1867 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَحْوَلُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمَدِينَةُ حَرَمٌ، مِنْ كَذَا إِلَى كَذَا، لاَ يُقْطَعُ شَجَرُهَا، وَلاَ يُحْدَثُ فِيهَا حَدَثٌ، مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ». طرفه 7306 - تحفة 932 1868 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ فَأَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ «يَا بَنِى النَّجَّارِ ثَامِنُونِى». فَقَالُوا لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلاَّ إِلَى اللَّهِ. فَأَمَرَ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ، فَنُبِشَتْ، ثُمَّ بِالْخِرَبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ. أطرافه 234، 428، 429، 2106، 2771، 2774، 2779، 3932 تحفة 1691 - 26/ 3 1869 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «حُرِّمَ مَا بَيْنَ لاَبَتَىِ الْمَدِينَةِ عَلَى لِسَانِى». قَالَ وَأَتَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَنِى حَارِثَةَ فَقَالَ «أَرَاكُمْ يَا بَنِى حَارِثَةَ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنَ الْحَرَمِ». ثُمَّ الْتَفَتَ، فَقَالَ «بَلْ أَنْتُمْ فِيهِ». طرفه 1873 - تحفة 12991 وفي كتب الحنفية، كما في «الدر المختار»: أن لا حَرَمَ للمدينة، مع ثبوته في الحديث ثبوتًا لا مردَّ له. وعندي هو قصورٌ في التعبير فقط، والأولى أن يقال: إن لها حرمًا، ولكن لا كحرم مكة، فإنَّ له أحكامًا ليست لحرم المدينة. ومن ادّعى اتحاد الأحكام بين الحرمين يحتجُ عليه بالتعامل، فيا أسفي على تعبيراتهم تلك، ولو أصلحوها لم يرد عليهم ما أوردَ عليهم الخصوم، فإنَّ الحق قد يعتريه سُوءُ تعبير، فإنَّ التعاملَ لم يُجر إيجابَ الجزاء على من قطع أشجار الحرم. كيف! وقد أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بقطعِ الأشجار عند بناء مسجده المبارك بنفسه، وإنما نهى عن قطعِ الأشجار التي منها بهاء الحرم وخضرته وزهرته. وما عند مسلم: أن سعد بن أبي وقاص أخذ ثياب غلامٍ رآه يقطعُ شجر الحرم، وأبى أنْ يردَّها على مولاه، وقال: إنها طعمةٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلّم فليس من باب إيجاب قيمته أصلا، بل هو تعزيزٌ مالي فقط، ألا ترى أنه لم يذهب أحد في حرم مكة إلى أنَّ من قطعَ شجرةً تُسلب عنه ثيابه، فكيف بحرمِ المدينة؟ وإنما الواجبُ عليه قيمته لا غير، فهذا باب آخر.

2 - باب فضل المدينة، وأنها تنفى الناس

ولعل المصنِّفَ أشار إلى الفرق بين الحرمين، كما قلنا، ولذا أخرج قطعَ النَّخْل بعد النهي عن قطع الشجر، ليدل على أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم إنما أمر بقطعِ النخل لمكان الضرورة، فهو جائزٌ إذا دَعَته حاجةٌ ولا جزاء. وإذن لا يكون معنى النهي إلا أن يذهبَ القطعُ بزينة الحرم. ولو كان النهي لمعنى الحرمِ لاستوى الأمر في الحاجة وغيرها. ألا ترى أنه لا يجوزُ قطع شجر الحرم لأجل الضرورة أيضًا، ومن قطعه وجبَ عليه الجزاءُ، ولا كذلك حرمُ المدينة، فالنهي فيه لمعنى الزينة إن شاء الله تعالى. 1870 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ مَا عِنْدَنَا شَىْءٌ إِلاَّ كِتَابُ اللَّهِ، وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «الْمَدِينَةُ حَرَمٌ، مَا بَيْنَ عَائِرٍ إِلَى كَذَا، مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ». وَقَالَ «ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ، وَمَنْ تَوَلَّى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ». أطرافه 111، 3047، 3172، 3179، 6755، 6903، 6915، 7300 تحفة 10317 1870 - قوله: (ما بين عائر إلى كذا)، وفي لفظ: «عير، وإلى كذا» أي إلى ثَوْر. قال صاحب «القاموس»: إن ثور جبلٌ بمكة، فكنت متحيرًا فيه، إذ دلني أعرابي أنه جبلٌ خلف أحد بالمدينة أيضًا. قوله: (من أحدث فيها حدثًا) ... إلخ، أي الجبايات التي تجبي إلى الإِمام، وهي المحاصيل، على نحو قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ} ... الآية، وفسر الإِلحاد بالظلم. وأما قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا}، فالمراد من الإِلحاد في الأسماء، إبقاءُ الألفاظ بحالها مع التحريف في معانيها، وحقائقها، كما يفعله القادياني الشقي اللعين. قوله: (لا يقبل منه صرف ولا عدل) قيل في تفسيره: فريضةٌ ولا نافلةٌ. وقيل: نقدٌ ولا عَرَضٌ، والأول أشهر. وعندي هو محاورةٌ لا تنكشِفُ حقيقتُها ما لم يراجع إلى كلام الجاهلية. 2 - باب فَضْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَنَّهَا تَنْفِى النَّاسَ 1871 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحُبَابِ سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. «أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى يَقُولُونَ يَثْرِبُ. وَهْىَ الْمَدِينَةُ، تَنْفِى النَّاسَ كَمَا يَنْفِى الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ». تحفة 13380

3 - باب المدينة طابة

فيه عموم غير مقصود (¬1)، فلا يردُ أنَّ بعضَ الفُساق كانوا فيها إلى وفاتهم. 1871 - قوله: (يقولون: يثرب)، وقد مر الكلام فيه. وأما قوله تعالى: {يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ} فهو حكاية عن قولهم، لا إطلاقٌ من جهتِهِ. 3 - بابٌ الْمَدِينَةُ طَابَةُ 1872 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ - رضى الله عنه - أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ تَبُوكَ حَتَّى أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ «هَذِهِ طَابَةُ». أطرافه 1481، 3161، 3791، 4422 - تحفة 11891 4 - باب لاَبَتَىِ الْمَدِينَةِ 1873 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَوْ رَأَيْتُ الظِّبَاءَ بِالْمَدِينَةِ تَرْتَعُ مَا ذَعَرْتُهَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا حَرَامٌ». طرفه 1869 - تحفة 13235 - 27/ 3 5 - باب مَنْ رَغِبَ عَنِ الْمَدِينَةِ 1874 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَتْرُكُونَ الْمَدِينَةَ عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، لاَ يَغْشَاهَا إِلاَّ الْعَوَافِ - يُرِيدُ عَوَافِىَ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ - وَآخِرُ مَنْ يُحْشَرُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ، يُرِيدَانِ الْمَدِينَةَ يَنْعِقَانِ بِغَنَمِهِمَا، فَيَجِدَانِهَا وَحْشًا، حَتَّى إِذَا بَلَغَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ خَرَّا عَلَى وُجُوهِهِمَا». تحفة 13164 1875 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِى زُهَيْرٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «تُفْتَحُ الْيَمَنُ فَيَأْتِى قَوْمٌ يُبِسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، وَتُفْتَحُ الشَّأْمُ، فَيَأْتِى قَوْمٌ يُبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، وَتُفْتَحُ الْعِرَاقُ، فَيَأْتِى قَوْمٌ يُبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ. وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ». تحفة 4477 قوله: (العواف) هي الحيوانات التي تنزل إلى البلد تطلب الرزق. ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وفي حديث عند البخاري: "أن المدينةَ ترجُف ثلاث رجفات، فيُخرِجُ الله كل منافقٍ وكافرٍ". قلت: وعند ذلك يظهرُ الأمرُ على جَلِيَّتِه. ويتضحُ أنها كانت كالكير ألبتة، فاندفع الاعتراضَ. وإنما أردنا الإِشارة فقط. وإن قَصَرت عن فهمها. فقل لا أبالك ما بدا لك.

6 - باب الإيمان يأرز إلى المدينة

1874 - قوله: (فيجد أنها وحوش)، وكنا نفهمُ أولا أن المرادَ منه خرابُ المدينة حتى تسكُنَ بها الوحوش، ثم بدا أنَّ المعنى أنَّ الغنم تصيرُ وحُوشًا، كوحوش الحيوانات، فلا تستأنِسُ بأهلها. واعلم أني أجد كثيرًا من الصحابة انتشروا في الأرض، ولما حضر أجلهم رجعوا إلى المدينة وماتوا بها. 6 - باب الإِيمَانُ يَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ 1876 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا». تحفة 12266 ولم أزل أتفكر ما وجْهُ الشَّبَه بين الدين والحية حتى شبه بها، فرأيت في «حياة الحيوان» أنَّ من خصائص الحيةِ الرجوعَ إلى جُحْرِها، ولو قطعت الصحاري والبراري، وهذا هو حال الدين، يأرز إلى المدينة، مع انتشاره بين خوافق السماء والأرض. 7 - باب إِثْمِ مَنْ كَادَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ 1877 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ عَنْ جُعَيْدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ سَعْدًا - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَكِيدُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَحَدٌ إِلاَّ انْمَاعَ كَمَا يَنْمَاعُ الْمِلْحُ فِى الْمَاءِ». تحفة 3955 8 - باب آطَامِ الْمَدِينَةِ 1878 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ سَمِعْتُ أُسَامَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَشْرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ «هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى إِنِّى لأَرَى مَوَاقِعَ الْفِتَنِ خِلاَلَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ». تَابَعَهُ مَعْمَرٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ. أطرافه 2467، 3597، 7060 - تحفة 106 - 28/ 3 9 - باب لاَ يَدْخُلُ الدَّجَّالُ الْمَدِينَةَ 1879 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ رُعْبُ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، لَهَا يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ، عَلَى كُلِّ بَابٍ مَلَكَانِ». طرفاه 7125، 7126 - تحفة 11654 1879 - قوله: (لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال) ... إلخ. واعلم أنَّ في بعض الروايات: «ولا الطاعون إن شاء الله تعالى»، فكلمة الاستثناء تتعلق بالطاعون فقط، لا بالدجال، فإنَّ الشقي الدجال لم يدخلها، ولن يدخلَ حتى يلجَ الجملُ في سَمِّ الخِيَاط، فإن اطلعتَ في لفظ على كلمة الاستثناء مع عدم دخول الدَّجال أيضًا، فاعددْه من تقديم الرواة، وتأخيرهم، وهي بالحقيقة بالطاعون.

10 - باب المدينة تنفى الخبث

قوله: (لها يومئذ سبعة أبواب)، والمدينة لم يكن لها سورٌ في زمن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم حتى بناه السلاطين، وهي يومئذٍ لها سبعة أبواب، كما أخبر بها الصادقُ المصدوق صلى الله عليه وسلّم. 1880 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. «عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلاَئِكَةٌ، لاَ يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلاَ الدَّجَّالُ». طرفاه 5731، 7133 - تحفة 14642 1881 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلاَّ سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ، إِلاَّ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ، لَيْسَ لَهُ مِنْ نِقَابِهَا نَقْبٌ إِلاَّ عَلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ صَافِّينَ، يَحْرُسُونَهَا، ثُمَّ تَرْجُفُ الْمَدِينَةُ بِأَهْلِهَا ثَلاَثَ رَجَفَاتٍ، فَيُخْرِجُ اللَّهُ كُلَّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ». أطرافه 7124، 7134، 7473 - تحفة 175 1882 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثًا طَوِيلاً عَنِ الدَّجَّالِ، فَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا بِهِ أَنْ قَالَ «يَأْتِى الدَّجَّالُ - وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَةِ - بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتِى بِالْمَدِينَةِ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ، هُوَ خَيْرُ النَّاسِ - أَوْ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ - فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ، الَّذِى حَدَّثَنَا عَنْكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثَهُ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ، هَلْ تَشُكُّونَ فِى الأَمْرِ فَيَقُولُونَ لاَ. فَيَقْتُلُهُ، ثُمَّ يُحْيِيهِ فَيَقُولُ حِينَ يُحْيِيهِ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّى الْيَوْمَ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ أَقْتُلُهُ فَلاَ أُسَلَّطُ عَلَيْهِ». طرفه 7132 - تحفة 4139 1882 - قوله: (رجل هو خير الناس) قال المحدثون: إنه الخَضِرُ عليه السلام. وعندي هو رجل آخر من الصالحين، ولي عليه قرائن. 10 - باب الْمَدِينَةُ تَنْفِى الْخَبَثَ 1883 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - جَاءَ أَعْرَابِىٌّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَايَعَهُ عَلَى الإِسْلاَمِ، فَجَاءَ مِنَ الْغَدِ مَحْمُومًا، فَقَالَ أَقِلْنِى، فَأَبَى ثَلاَثَ مِرَارٍ، فَقَالَ «الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ، تَنْفِى خَبَثَهَا، وَيَنْصَعُ طَيِّبُهَا». أطرافه 7209، 7211، 7216، 7322 - تحفة 3025 - 29/ 3 1884 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ لَمَّا خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أُحُدٍ رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَتْ فِرْقَةٌ نَقْتُلُهُمْ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ لاَ نَقْتُلُهُمْ. فَنَزَلَتْ (فَمَا لَكُمْ فِى الْمُنَافِقِينِ فِئَتَيْنِ) وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّهَا تَنْفِى الرِّجَالَ كَمَا تَنْفِى النَّارُ خَبَثَ الْحَدِيدِ». طرفاه 4050، 4589 - تحفة 3727

11 - باب

1884 - قوله: (فنزلت {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ}) ... إلخ، واعلم أن قِصة نزول الآية قِصةٌ على حِدَة، ليس فيها قول النبي صلى الله عليه وسلّم «إنها تنفي الدجال» ... إلخ؛ والراوي جَمَعَ بينهما، فأوهم نفي هؤلاء المنافقين عنها، مع أن كثيرًا منهم ماتوا بالمدينة. والتفصيلُ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لما خرج لغزوة أحدٍ رجعَ أناس ممن صاحبوه، وكانوا منافقين، فاختَلَف الصحابة فيهم، فقال بعضهم: نقتلهم، وقال آخرون: لا نقتلهم، فنزلت الآية: {فَمَا لَكُمْ فِى الْمُنَفِقِينَ} ... إلخ، فالقِصة كانت هذه، ولم يقل النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فيها: «المدينة تنفي» ... إلخ، مع أن الراوي ذكره فيها، فأوهم أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أراد منه أنَّ المدينة لا تترك هؤلاء أن يسكنوا بالمدينة، بل تنفيهم، مع أن كثيرًا منهم ماتوا بها. وحاصل الجواب: أن هذا القول لم يصدر منه في تلك القِصة، وفي هؤلاء المنافقين، وإنما جمع الراوي بينهما من تِلقَائه، فاعلمه. 11 - بابٌ 1885 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِى سَمِعْتُ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَىْ مَا جَعَلْتَ بِمَكَّةَ مِنَ الْبَرَكَةِ». تَابَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنْ يُونُسَ. تحفة 1559 1886 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَنَظَرَ إِلَى جُدُرَاتِ الْمَدِينَةِ أَوْضَعَ رَاحِلَتَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دَابَّةٍ، حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا. طرفه 1802 - تحفة 574 12 - باب كَرَاهِيَةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُعْرَى الْمَدِينَةُ 1887 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا الْفَزَارِىُّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَتَحَوَّلُوا إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُعْرَى الْمَدِينَةُ، وَقَالَ «يَا بَنِى سَلِمَةَ. أَلاَ تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ». فَأَقَامُوا. طرفاه 655، 656 - تحفة 765 13 - بابٌ 1888 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِى خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا بَيْنَ بَيْتِى وَمِنْبَرِى رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِى عَلَى حَوْضِى». أطرافه 1196، 6588، 7335 - تحفة 12267 1889 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلاَلٌ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى * يَقُولُ كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِى أَهْلِهِ ... وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ

وَكَانَ بِلاَلٌ إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ الْحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ يَقُولُ: * أَلا لَيتَ شِعْرِي هَل أَبِيتَنَّ لَيلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ * وَهَل أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ ... وَهَل يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ قَالَ اللَّهُمَّ الْعَنْ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، كَمَا أَخْرَجُونَا مِنْ أَرْضِنَا إِلَى أَرْضِ الْوَبَاءِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِى صَاعِنَا، وَفِى مُدِّنَا، وَصَحِّحْهَا لَنَا وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ». قَالَتْ وَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، وَهْىَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللَّهِ. قَالَتْ فَكَانَ بُطْحَانُ يَجْرِى نَجْلًا. تَعْنِى مَاءً آجِنًا. أطرافه 3926، 5654، 5677، 6372 - تحفة 16816، 2049 ب - 30/ 3 1890 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنه - قَالَ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِى شَهَادَةً فِى سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ مَوْتِى فِى بَلَدِ رَسُولِكَ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ ابْنُ زُرَيْعٍ عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَتْ سَمِعْتُ عُمَرَ نَحْوَهُ. وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَفْصَةَ سَمِعْتُ عُمَرَ رضى الله عنه. 1889 - قوله: (يرفع عقيرته) ... إلخ، وهي في الأصل صوت الجرح، ثم استعمل في صوت الجريح، ثم في الصوت مطلقًا. قوله: (شامة، وطفيل)، وفي كتب «غريب الحديث» إنَّا كُنَّا نراهما جَبَلين، ثم تبين أنهما عينان، قاله الخَطَّابي (¬1). قوله: (ماء آجنا) أي ماء متغيرًا متعفنًا، فدل على أنهم أيضًا كانوا عارفين بأصول الصحة. قوله: (عن عمر قال: اللهم ارزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك صلى الله عليه وسلّم) (¬2). هذا آخر كتاب الحج، والحمد لله على ما أنعم ¬

_ (¬1) قلت: وفي تذكرة عندي عن الشيخ بعكسه، وهكذا يقع التقديمُ والتأخير في الكتابة، ومن جُبِلَ على الطعن لا يُراعيه، فيرمي به الشيخ، مع أنَّه يكون من الكاتب، ثم يظن أنه من المحققين مع أنَّه حُرِم عن التمييز بين خطأ الشيخ، والكاتب، فهداه الله، ولكن يا أخي عليك أنْ تأخُذَ بما صفا، ودع ما كدر، ولا تَعْجل بأخذ زلات الناس، فإنَّه غرورٌ لا غير. (¬2) وأقول: اللهم هذه دعوة مستجابةٌ من خليفة خليفة حبيبك النبيِّ الأمي، فأنا أيضًا أدعوك بها، فاستَجب لي، ولا تجعلني أشقى خلقك، اللهم اجعل حُبَّك أحبُّ الأشياء إليَّ، واجعل بلدة رسول أحبُّ البلاد إليَّ، ولا تُمني حتى أكون بها، فإِنها بلدة يحبها رسولك، وتحبها لرسولك، وأنا أحبُّها لحبِّك إياها لرسولك، وحب رسولك إياها، فتوفَّني وأنا بها، فقد أممتك برجائي فلا تخيبني، اللهم هذه دعوة راج، دعاك بها، فاقبلها فإنك قديرٌ، وتيسيرُ كل عسيرٍ عليكَ يسيرٌ، بحرمة سيد الأنبياء البشير النذير، وآله الأزكى والأطهر من الماء النمير، استجب لي يا خبير يا بصير، آمين آمين آمين.

30 - كتاب الصوم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 30 - كتاب الصَّوْم 1 - باب وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]. 1891 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِى سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَائِرَ الرَّأْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِى مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنَ الصَّلاَةِ فَقَالَ «الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا». فَقَالَ أَخْبِرْنِى مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنَ الصِّيَامِ فَقَالَ «شَهْرَ رَمَضَانَ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا». فَقَالَ أَخْبِرْنِى بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنَ الزَّكَاةِ فَقَالَ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَرَائِعَ الإِسْلاَمِ. قَالَ وَالَّذِى أَكْرَمَكَ لاَ أَتَطَوَّعُ شَيْئًا، وَلاَ أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ شَيْئًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ، أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ إِنْ صَدَقَ». أطرافه 46، 2678، 6956 - تحفة 5009 - 31/ 3 1892 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ صَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَاشُورَاءَ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تُرِكَ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لاَ يَصُومُهُ، إِلاَّ أَنْ يُوَافِقَ صَوْمَهُ. طرفاه 2000، 4501 - تحفة 7559 1893 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ أَنَّ عِرَاكَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ عُرْوَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِصِيَامِهِ حَتَّى فُرِضَ رَمَضَانُ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ». أطرافه 1592، 2001، 2002، 3831، 4502، 4504 - تحفة 16368 ذهب عامةُ المفسِّرين إلى أن تلك الآيات نزلت في شهر رمضان، وعندي لا مِسَاسَ لها برمضان، وإنما هي في الأيام البِيض وعَاشُورَاء، وكانت فريضةً قبل رَمَضَان. ولذا قال: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} فتعبيرُه بالأيام أدَلُّ وأصْدَقُ على تلك الأيام من رمضان، كما يَشْهَدُ به الذَّوْقُ الصائبُ. {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] أي من لم يَصُمْ تلك الأيام لمرضٍ أو سَفَر، فعليه أن يَقْضِيها من غير تلك الأيام. {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184]، وفي قراءة «يُطوّقُونَه» وهذا الحكم أيضًا يتعلَّق بالأيام البِيض، ولا تعلُّق له برمضان.

يدُلُّ عليه ما أخرجه أبو داود في حديث أحوال الصلاة والصيام عن مُعَاذ، قال: «فإن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان يَصُومُ ثلاثةَ أيامٍ من كل شهرٍ، ويَصُومُ يوم عَاشُورَاء، فَأنْزَل الله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}، فكان من شَاءَ أن يَصُوم صام، ومن شاء أن يُفْطِرَ ويُطْعِمَ كل يومٍ مسكينًا أَجْزَأَهُ ذلك، فهذا حول، فأنزل الله: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185] فَثَبَتَ الصيامُ على من ثَبَتَ الشهر، وعلى المسافر أن يقضي، وثَبَتَ الطعامُ للشيخ الكبير والعجوز اللذين لا يستطيعان الصوم». اهـ. فهذا نصٌّ في أن تلك الآيات في حقِّ الأيام البيض، وإنما افْتُرِضَ صيامُ رمضان من قوله: {شَهْرُ رَمَضَانَ} .. إلخ. ومن ههنا ظَهَرَ وجهُ قوله: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} فإن ذلك الصيام كان في الأمم السالفة أيضًا. بخلاف رمضان. وحينئذٍ لا حاجةَ إلى التأويل في آية الفِدَا، كما قال قائلٌ، بحذف حرف النفي. أي معناه: لا يُطِيقُونَه. قلتُ: وهو سفسطةٌ، فإنه يُوجِبَ رفع الأمان عن الكلام، حيث يتعذَّر الفرق بين المُثْبَت والمنفي، أو يتعسَّر، فإنَّا لا ندري أَمُثْبَتٌ هو أم مَنْفي؟ فإذا حَكَمْنا بكونه مُثْبَتَا ربما أمكن أن يكون مَنْفِيَّا بتقدير «لا» فإذن لا يمكن الجزم بكونه مُثْبَتَا أو مَنْفِيَّا، وهو كما ترى. وحاشا النحاة أن يتكلَّموا بمثله، وإنما ذَكَرُوا تقدير حرف النفي فيما إذا كان جواب القَسَم فعلا مضارعًا مُثْبَتَا، ولا يكون هناك من طلائع القَسَم، كما في قوله تعالى: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} [يوسف: 85] أي لا تَفْتَأُ، وليس ههنا شيءٌ منهما. ثم هذا أيضًا ليس بمرضيَ عندي، وإنما يُوخَذُ النفيُ في الصورة المذكورة من صورة الإِكفار، لا أنها محذوفةٌ، فيَذْكُرُون الفِعْلَ مُثْبَتًا، ويُؤْخَذُ منه النفيُ بصورة الإِكفار، فإن المرادَ منه النفيُ. ولو تنبَّه النحاةُ على محاورة اللُّغات الأخرى لتركوه على أصله، ولم يَذْهَبُوا إلى التقدير. فإن التقديرَ بمثله يَمْحَقُ بهاء الكلام ورَوَاءَه لا سِيَّما في قوله: {يُطِيقُونَهُ} فإنه مُسْتَبْشَعٌ جدًا. ثم إنهم تعلَّموا هذا الجواب من «الكشاف»، ولم يُدْرِكُوا مراده، فحرَّفوه إلى يا ترى. قال الزَّمَخْشَرِيُّ ما حاصله: إن فِعْلَ الإِطاقة بمادته لا يُسْتَعْمَلُ إلا فيما يُتَعَذَّرُ أو يُتَعَسَّرُ، فإنك تقول: إني أُطِيقُ أن أَحْمِلَ هذا الحجر الثقيل، أو أن أَسْرُدَ في الصيام، أو أن أُصَلِّي الليلة كلَّها مثلا. ولا تقول أبدًا إنك تُطِيقَ أن ترفعَ اللُّقمةَ إلى فِيكَ، أو هذا القلم إلى أُذُنِكَ، أو نحو ذلك مما لا عُسْرَ فيه. إذا عَلِمْتَ هذا، فاعلم أن الله تعالى لمّا ذكر الذين يُطِيقُون الصيامَ، عَلِمْنَا أنهم هم المعذورون الذين تعذَّر عليهم الصيام (¬1)، أو تعسَّر إلا بشِقِّ الأَنْفُس، وكأنهم سُلِبَتْ عنهم الطاقة. ¬

_ (¬1) فقد روى الطحاويُّ عن ابن عباس في قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ}: قال الذي يَتَجَشَّمُونَهُ، ولا يُطِيقُونَهِ -يعني إلَّا بالجهد- الحُبْلَى، والكبير، والمريض، وصاحب العُطَاس. اهـ. "مشكل الآثار". وعن سعيد بن جُبَيْر: "أن ابن عباس كانت له جاريةٌ تُرْضِعُ، فَجَهَدَت، فقال لها: أفْطِري، فإنك بمنزلة الذين يُطِيقُونَه". اهـ، قلت: والعُطَاس -بالسين المهملة- وهو داءٌ يكون في الصبيان.

فنفي الطاقة مرادٌ بهذا الطريق، لا أنه ذهب إلى تقدير حرف النفي، فإنه لا يقوله عاقلٌ، فكيف بمن كان فردًا في البلاغة. وإذن، حاصل الآية: أن الفِدْية أيضًا كانت مشروعةً يومئذٍ، بشرط أن يَشُقَّ عليهم صيامها، فكانت الفِدْيةُ في تلك الأيام، فنقلُوها إلى رمضان، ثم تأوَّلُوا بكلِّ نحوٍ. نعم يُخَالِفُهُ ما عند البخاريِّ عن سَلَمَة بن الأكوع، فإنه يَدُلُّ على أن الفِدْيَة كانت في رمضان في أول الإِسلام، ثم نُسِخَت. قلتُ: إن وقع التعارُض بين مُعَاذ، وسَلَمَة، ولم يرتفع، فاتباعُ مُعَاذ أولى، فإنه كان أعلم بالحلال والحرام بنصِّ الحديث. ولا نُبَالي في كون حديثه في أبي داود بعد صحته، وكون حديث سَلَمَة عند البخاريِّ، وإنما يَنْحَصِرُ الترجيح باعتبار الأسانيد فقط عند من لا يُرَاعي الوجوه الأُخر. وقد نبَّهناك فيما أسلفنا أن الأسانيدَ طرقٌ لتمييز كلام النبيِّ صلى الله عليه وسلّم من غيره فقط، ولولا ذلك لَمَا عَبِأْنَا بها، فالطريقُ أن لا يَعَضَّ بها حتى تُفْضِي إلى ترك كثيرٍ من الأحكام. فإذا صَحَّ الحديث، فَلْيَضَعْهُ على الرأس والعين، ولْيَعْمَلْ به على أنه يمكن تأويله أيضًا، بأن يُقَال: إنه كان ذلك حكم رمضان قبل الهجرة وبعدها بنحو سنة ونصف، فلمَّا فُرِضَ رمضان في الثانية، ونزل قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ} ... إلخ، نُسِخَ ذلك. لا يُقَال: ينبغي التناسُب بين العِلَّة والحكم، مع أن الفِدْيَة لا تَرْتَبِطُ بوصف الطاقة، لأنا نقولُ: معناه {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} ولم يَصُومُوا {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}، وإنما حذف المعطوف لكونه غير مرضيَ عند الله، فإن المطلوبَ هو الصيام، فإذا كِرِهَهُ صَفَحَ عن ذكره أيضًا. قوله: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} [البقرة: 184]، أي فمن زَادَ في الطعام على قدر الواجب، فله في ذلك فضلٌ. إلا أن الفضلَ كلَّ الفضل في الصوم، وإن جازت الفِدْيَةُ أيضًا، ولذا قال: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} إلى قوله: {فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 184 - 185]. ومن ههنا بُدِيء ذِكرُ رمضان وافتراضه، كما علمت {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185] كرَّره لئلا يُتَوَهَّم نسخ الحكم بالقضاء بنسخ الأيام البِيضَ، فصرَّحَ بأن المريضَ والمسافرَ على رخصتهما كما كانا قبل افتراض رمضان. ولم يَذْكُر الافتداءَ في رمضانَ، لأنه كان حين كانت الفريضةُ الأيامَ البِيضِ، وبهذا اندفع التكرارُ المُسْتَبْشَعُ في نظامٍ واحدٍ. واعلم أن النَّسْخَ عند السلف أكثرُ كثيرٍ، وذلك لأنهم أَطْلَقُوه على تقييد المُطْلَقِ، وتخصيص العامِّ أيضًا، فَكثر النسخُ عندهم لا مَحَالة. ثم جاء المتأخِّرون من الأصوليين فنقَّحُوه، وقالوا: إن النَّسْخَ عبارةٌ عن رفع المشروعية. فَقَلَّ عندهم بالنسبة إلى السلف، حتى إن السيوطي صرَّحَ في «الإِتقان» بنسخ إحدى وعشرين آية فقط، ثم جاء قدوة المُحَقِّقِينَ الشاه ولي الله، فحقَّقه في ستة أياتٍ فقط، وفسَّر سائر الآيات بحيث صارت مُحْكَمَة، ولم تَفْتَقِرْ إلى القول بالنسخ. ومن ههنا فَلْيُفْهَم معنى التفسير بالرأي. أَما رأيتَ أنهم كيف فسَّرُوها من آرائهم، حتى إن بعضَهم جَعَلُوها منسوخةً، وآخرون مُحْكَمَةً، ثم لا يكون هذا عندهم تفسيرًا بالرأي. فالذي يُمْكِنُ في بيان مراده - وإن لم يَكُنْ وافيًا - هو أن تحريفَ الكَلِم عن مواضعها. وبيانَ مرادها حتى

2 - باب فضل الصوم

يُوجِبَ تغييرًا لعقيدة السلف، هو الذي يُعَبَّر عنه بالتفسير بالرأي. وإلا فإن كُنْتَ عَارِفًا باللغة. وبالأدوات التي لا بُدَّ منها لبيان مراد القرآن، فَلَكَ أن تفسِّره بما رَأَيْتَ، ما لم يُؤَدِّ إلى تغييرٍ في عقيدةٍ، أو تبديلٍ في مسألةٍ مُسَلَّمةٍ. هذا، فإذا رأيتَ أنهم سَلَكوا هذا المسلك أنكرتَ النَّسْخَ رأسًا. وادَّعَيْتَ أن النَّسْخَ لم يَرِدْ في القرآن رأسًا - أعني بالنسخ: كون الآيةُ منسوخةً في جميع ما حَوَتْهُ بحيث لا تَبْقَى معمولةً في جزئيَ من جزئياتها - فذلك عندي غير واقعٍ. وما من أيةٍ مَنْسُوخَة إلا وهي معمولةٌ بوجهٍ من الوجوه، وجهةٍ من الجهات، وإليه أشار مُعَاذ (¬1) في آخر حديثه المارِّ بقوله: «وثَبَتَ الطعامُ في الشيخ الكبير ... إلخ، أي إن حكم الفِدْيَة في حقِّ هؤلاء إنما هو تحت هذه الآية. قلتُ: والفِدْيَةُ عندنا باقيةٌ في ست مسائل، ذكرها الفقهاءُ. وبالجملة إن جنسَ الفِدْيَة لم يُنْسَخْ بالكُلِّية، فهي باقيةٌ إلى الآن في عِدَّة مسائل. وليس لها مَأْخَذٌ عندي غير تلك الآية، فدَلَّ على أنها لم تُنْسَخْ، بمعنى عدم بقاء حكمها في محلَ ونحوه. وقد فسَّرْنَا بقيةَ الآيات أيضًا: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] إلخ، إشارة إلى تكبيرات العيدين. ونقل الطحاويُّ عن السلف: أنهم كانوا يَجْهَرُون بالتكبير في عيد الفِطْرِ أيضًا، وإن لم يكن في كُتُب الفِقْه. فاحْتَوَتِ الآيةُ على ما فسَّرْنَاها: على الحكم في الأيام المعدودات، وبيان الرُّخْصَةِ فيها بالفِدْيَةِ، ومسألةِ المريض والمسافر، وافتراضِ رمضان، وبقاءِ الرُّخْصَةِ للمريض والمسافر، مع عدم بقاء الفِدْيَةِ للمُطِيقِ، وسُنَّةِ التكبير عند الذهاب إلى المُصلَّى، أو مطلقًا، فاحفظه. فإن المُفَسِّرين أطالوا الكلامَ فيها، فإنه أَشْكَلَ عليهم حكمُ الفِدَاء للمُطِيقِ، وتكرار الآية، فاضْطَرُّوا إلى التوجيهات. وفيما قرَّرنا لك غُنْيَةٌ عنها. 1891 - قوله: (فأَخْبَرَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلّم شرائعَ الإِسْلامِ)، قد مرَّ الكلامُ فيه في «كتاب الإِيمان» مبسوطًا، فراجعه. 2 - بابُ فَضْلِ الصَّوْمِ 1894 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّى صَائِمٌ. مَرَّتَيْنِ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِى، الصِّيَامُ لِى، وَأَنَا أَجْزِى بِهِ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا». أطرافه 1904، 5927، 7492، 7538 - تحفة 13817 ¬

_ (¬1) وعند الطحاويِّ في "مشكله" عن ابن عباس يقول: " {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} ليست بمنسوخةٍ، وهو الشيخُ الكبيرُ، والمرأةُ الكبيرةُ، لا يستطيعان أن يَصُوما، فَيُطْعِمَان مكان كل يومِ مسكينًا". اهـ. وهكذا قال ابن العربي في "العارضة".

1894 - قوله: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ)، ويتَّضِحُ مراده مما رواه ابن حِبَّان في «صحيحه»، وأحمد في «مسنده»: «أن الميتَ إذا أُقْبِرَ في حُفْرَته، تأتيه الصلاةُ عن يمينه، والصيامُ عن شماله، والقرآنُ من قِبَل رأسه، والصدقةُ من رِجْلَيْهِ ... » إلخ - بالمعنى. وحينئذٍ تبيَّن أن كونه جُنَّةً ليس بمعنى المحافظ فقط، فإن الصلاة أيضًا تَحْفَظه، فلم تظهَرْ فيه خاصةً. بل بمعنى أنه يكون وِقايةً له من العذاب، ويكون في شماله، كما أن الجُنَّةَ تكون فيها، فكأنه يتمثَّل جُنَّةً له. وجعله عند مسلم: «ضياء»، فلم تَنْكَشِفْ منه تلك الحقيقة. والأَرْجَحُ عندي لفظُ الترمذيِّ، والبخاريّ: «إن الصومَ جُنَّةٌ»، وهذا الذي يُؤَدِّي خاصته وحقيقته، فعليه الاعتمادُ. وإذن تكون الصلاةُ كالبرهان على إيمانه، لأن البرهانَ يكون في اليمين، فهي كالشاهد للمدَّعي، وكالسيف للمُبارِز. أمَّا الصيامُ فهو كالحَلِف للمدَّعَى عليه. والجُنَّةِ للقرين يُفِيدُ الاتقاء، وبراءة الذمة. وحينئذٍ تبيَّن أن كون الصلاة برهانًا، والصيامُ جُنَّةً ليس جِزافًا، ومجازًا بنوع تَخَيُّلٍ فقط، بل الصلاة أَوْلَى أن تُسَمَّى بالبرهان، والصيامُ بالجُنَّةِ للمعنى المختصِّ بهما. فَرَاعه، ولا تَعُدَّه تافهًا، فإن الحديث قد أدَّى فيه سرًا عظيمًا. وعند النَّسائي: «الصومُ جُنَّةٌ ما لم يَخْرِقْهَا». أمَّا قوله: «فإن امرؤٌ قَاتَلَهُ، أو شَاتَمَهُ، فَلْيَقُلْ: إني صائمٌ» مرتين، فهو صورةٌ لحفظ صومه، لئلا يَخْرِقَ مِجَنَّهُ، وهذا القولُ إمَّا بالقلب، أو اللسان. قوله: (ولا يَجْهَلْ) الجهلُ قد يكون مُقَابِلا للعِلْم، وقد يكون مُقَابِلا للحِلْم، ويَصِحُّ بالمعنيين. قوله: (لَخلُوفُ فَمِ الصَّائِم)، لا دليلَ فيه للشافعية على كراهة السِّوَاك بعد الزوال. كما أنه لا دليلَ في حديث وزن ماء الوضوء على كراهة استعمال المنديل، فإنه يُوزَن حيث كان، وهو مختار المصنِّفِ، كما يَتَّضِحُ من تراجمه. وإليه مال النَّسائي، ولعلَّه تعلَّمه من شيخه، فترجم بالرُّخْصَةِ في السِّوَاك بالعشي. قوله: (الصِّيامُ لي وأنا أَجْزِي به) ... إلخ، قد مرَّ تحقيقُ معناه مبسوطًا. وحاصله: أن الحديثَ له عِدَّة سياقات. ففي لفظٍ: «كلُّ عمل ابن آدم يُضَاعَفُ: الحسنةُ بعشرة أمثالها إلى سبع مئة ضِعْفٍ. قال الله عزّ وجلَّ: إلا الصومَ فإنه لي، وأنا أجْزِي به». وعند البخاري في آخره: «لكلِّ عملٍ كفَّارةٌ، والصوم لي، وأنا أَجْزِي به» وفي لفظٍ: «كل عمل ابن آدم له إلا الصومَ، فإنه لي، وأنا أَجْزِي به» (¬1). ¬

_ (¬1) وفي تقرير الشيخ عند الفاضل عبد العزيز: أنه تبيَّن لي أن الاستثناءَ فيه مُدْرَجٌ، فلا أتَعَرَّضُ إلى الإِيرادات التي تَرِدُ بعد لحاظ الاستثناء المذكور. نعم أَذْكُرُ وجهًا لكون الصومُ له تعالى دون سائر العبادات، وقد قَرَأَهُ بعضُهم: "وأنا أُجزي به" -مجهولًا- وحينئذٍ يكون كنايةٌ عن رؤيته تعالى. وقد نظمه الشيخ يعقوب الكَشْمِيرِي تلميذ التلميذ للعارف الجامي، وتلميذ الحافظ ابن حَجَر المكي الشافعي، في الحديث: (جودر روزه إمساك ازماسوا است، جزائش أكرحق بود خودسرا است)، انتهى تعريبه. وقد مرَّ تفصيلُ الكلام.

3 - باب الصوم كفارة

والجملة المذكورة: «الصوم لي ... » إلخ، وقعت في كلِّها محلَ الاستثناء، فينبغي أن يُراعَى حال ما قبله أيضًا. والذي ظَهَرَ لي أن هذه القطعات كلَّها صحيحةٌ، وليست من باب الرواية بالمعنى. بل من باب حفظ كل ما لم يَحْفَظْهُ الآخر. والترتيبُ الصحيحُ ما في السياق الآخر. وقد نبَّهناك مفادَ جملة السياق، وما فيها من التَّغايُر، فيما مرَّ. أما وجهُ اختصاص الصِّيام بكونه له دون سائر العبادات، فهو ما عند البخاريِّ في نفس الحديث، وهو: «أنه يَدَعُ طعامَه وشرابَه وشهوتَه من أجلي»، وهذا مما لا يتحقَّق بالذات إلا في الصوم. أما الصلاةُ، فإن مَنَعَتْ عنها أيضًا، لكنها لا تُوجِبُ فواتها، فإن لك أن تَأكُلَ وتَشْرَبَ شرابَك، وتُخَالِطَ حَلِيلَتَكَ بعدها. بخلاف الصِّيام، فإنه يَسْتَلْزِمُ الفوات نهارًا، فهذا معنىً في الصوم ليس في غيره. 3 - باب الصَّوْمُ كَفَّارَةٌ 1895 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا جَامِعٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - مَنْ يَحْفَظُ حَدِيثًا عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْفِتْنَةِ قَالَ حُذَيْفَةُ أَنَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِى أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ». قَالَ لَيْسَ أَسْأَلُ عَنْ ذِهِ، إِنَّمَا أَسْأَلُ عَنِ الَّتِى تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ. قَالَ وَإِنَّ دُونَ ذَلِكَ بَابًا مُغْلَقًا. قَالَ فَيُفْتَحُ أَوْ يُكْسَرُ قَالَ يُكْسَرُ. قَالَ ذَاكَ أَجْدَرُ أَنْ لاَ يُغْلَقَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ سَلْهُ أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ مَنِ الْبَابُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ نَعَمْ، كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ. أطرافه 525، 1435، 3586، 7096 - تحفة 3337 - 32/ 3 وفي هذا الحديث تصريحٌ بأن الصومَ أيضًا يُؤْخَذُ في الكفَّارة، إلا أن الظاهرَ أن هذه حقوق العباد، فلعلَّه لا يُؤْخَذُ في حقوق الله تعالى. 4 - باب الرَّيَّانُ لِلصَّائِمِينَ 1896 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ فِى الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ». طرفه 3257 - تحفة 3695 واعلم أن في الجنَّة أبوابًا باعتبار الأعمال، فمن يَعْمَلْ في الدنيا عملا يَدْخُل الجنةَ من باب ذلك العمل. ومراد الحديث بيان قدر العمل الذي يَصْلُحُ به للدُّخُول في الجنة، فعيَّنه الشارعُ: أن العبدَ إذا أتى من جنس ذلك الفعل مرتين صَلَحَ للدُّخُول فيها، فكان ذلك ميزانًا للدُّخول. ومن

5 - باب هل يقال: رمضان أو شهر رمضان، ومن رأى كله واسعا

ههنا ظَهَرَ وجهُ إنفاق الزَّوْجَيْن، كما سيجيء (¬1). 1897 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنِى مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ نُودِىَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا خَيْرٌ. فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عَلَى مَنْ دُعِىَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا قَالَ «نَعَمْ. وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ». أطرافه 2841، 3216، 3666 - تحفة 12279 1897 - قوله: (من أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ في سبيل الله، نُودِيَ من أبواب الجَنَّة)، والمعنى في إنفاق الزَّوْجَيْن: الفرقُ بين العادة والعبادة، فإنه إذا أَنْفَقَ شيئًا مرَّةً، لم يَدُلَّ على أنه أَنْفَقَه عادةً، فإذا أَنْفَقَهُ ثانيًا عُلِمَ أن من عادته الإِنفاق، فاعْتُبِرَ به، وعُدَّت له عبادة. ثم إن الإِنفاقَ مَرَّتين وإن لم يَدُلَّ على كونه عادةً له في نفس الأمر، إلا أنه اكتفى به رحمةً على عباده، فكأنه إذا تكرَّر عنه الفعل، فقد دَخَلَ في حد العادة. والمرء إذا اعتاد الأنفاق في سبيل الله، تأكدت جهةُ عبادته. فإنه يدل على الاعتياد بها، فَيَحْصُلُ له الأجرُ تامًّا. ومن ههنا ظَهَرَ وجهُ كونه ميزانًا للدُّخول في الجنة. قوله: (فَهَلْ يُدْعَى أحدٌ من تلك الأبْوَابِ) ... إلخ، واعلم أن من كان فيه خُصُوصِيَّةٌ ظاهرةٌ في عملٍ، فهو اليوم أيضًا كثيرٌ. أمَّا من كان جامعًا للخصائص، ومُبَارِزًا في كل ميدان، فذلك قليلٌ أو أقلُّ قليلٍ. فهذا الذي أراده أبو بكر. والله تعالى أعلم بالصواب. 5 - باب هَلْ يُقَالُ: رَمَضَانُ أَوْ شَهْرُ رَمَضَانَ، وَمَنْ رَأَى كُلَّهُ وَاسِعًا وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ». وَقَالَ «لاَ تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ». 1898 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِى سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ». طرفاه 1899، 3277 - تحفة 14342 ¬

_ (¬1) قلت: ويفسِّرُه ما عند النَّسائي عن أبي ذَر، قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مسلم يُنْفِقُ من كلِّ مالٍ له زَوْجَيْن في سبيل الله، إلَّا استقبلته حَجَبَةُ الجنة، كلهم يَدْعُوه إلى ما عنده. قلت: وكيفَ ذلك؟ قال: إن كانت إبلًا فبعيرين، وإن كانت بقرةً فبقرتين". اهـ. وقال الحافظ التُّورِبِشْتي: فَسَّرَ قوله: "زوجين": بدِرْهَمَين، أو دِينَارَيْن، أو مُدَّيْن من طعامٍ، وبما يُضَاهي تلك الأشياء. قلت: ويُحْتَمَلُ أن يُرَادَ به تكرار الإِنفاق مرَّةً بعد مرَّةٍ، ففسَّر الإِنفاقَ بما يُنْفِقُهُ. لأنه إذا أنْفَقَ درهمًا في سبيل الله، ثم عاد فأَنْفَقَ آخر يَصِيرُ زَوْجَيْن. ومعنى الكلام: الإِنفاقُ بعد الإِنفاق، أي يتعوَّدُ ذلك ويتَّخِذُه دَأْبًا. انتهى من باب فضل الصدقة من "شرح المصابيح". قلت: وهذا الثاني هو الذي أراده الشيخُ رحمه الله تعالى، والله تعالى أعلم.

6 - باب من صام رمضان إيمانا واحتسابا ونية

1899 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى أَنَسٍ مَوْلَى التَّيْمِيِّينَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ». طرفاه 1898، 3277 - تحفة 14342 - 33/ 3 1900 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ». وَقَالَ غَيْرُهُ عَنِ اللَّيْثِ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ وَيُونُسُ لِهِلاَلِ رَمَضَانَ. طرفاه 1906، 1907 - تحفة 6888، 6983 تَرْجَمَ ناظرًا إلى حديث ضعيفٍ وَرَدَ في النهي عنه: «لا تَقُولُوا: رمضان، فإنه من أسماء الله تعالى» - بالمعنى - فيُضَافُ إليه لفظ الشهر لدفع الالتباس. ووسَّعَ فيه المصنِّفُ لضَعْف الحديث، هكذا قالوا. وعندي تَرَكَهُ المصنِّفُ على اللغة. صَرَّح ابن الحاجب: أن الشهرَ لا يُضَافُ إلا إلى ما قبله راء، وهو رمضان، والربيعان، ولا يجوز في غيرها. *لا تَضِيفُ لفظَ شهرٍ بشهرٍ ... إلا الذي في أوَّلِهِ راءٌ 1899 - قوله: (وسُلْسِلَتِ الشَّياطِينُ) وعند الترمذي: «مَرَدَةُ الجن»، فلا يَلْزَمُ تسلسل الجميع. على أن وقوعَ المعاصي لا يَنْحَصِرُ على الشَّيَاطِينِ، فإن نفسَ المرء أكبرُ أعدائه. على أنه لا رَيْبَ في أن كثرةَ الطاعات، وقِلَّة المعاصي مُشَاهَدٌ في هذا الشهر المبارك. وكان عثمان يُعْطِي وظيفة شهرين في هذا الشهر. وراجع له «الطَّحَاوي»، فلا إشكال. 6 - باب مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَنِيَّةً وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ». 1901 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». أطرافه 35، 37، 38، 2008، 2009، 2014 - تحفة 15424 7 - باب أَجْوَدُ مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَكُونُ فِى رَمَضَانَ 1902 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِى رَمَضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِى رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - كَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ. أطرافه 6، 3220، 3554، 4997 - تحفة 5840

8 - باب من لم يدع قول الزور والعمل به فى الصوم

8 - باب مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فِى الصَّوْمِ 1903 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِى أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ». طرفه 6057 - تحفة 14321 1903 - قوله: (مَنْ لم يَدَعْ قولَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليس لله حاجةٌ في أن يَدَعَ طعامَهُ وشَرَابَهُ)، وهو من باب الاختلاف في الوظائف، فلا صومَ له باعتبار وظيفة الحديث، ولا قَضَاءَ عليه باعتبار وظيفة الفقيه، لِمَا قامت عنده من الدلائل: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يأمره بالإِعادة. فلا تَنَاقُضَ بينهما، فاعلمه. 9 - باب هَلْ يَقُولُ إِنِّى صَائِمٌ إِذَا شُتِمَ 1904 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ عَنْ أَبِى صَالِحٍ الزَّيَّاتِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِى، وَأَنَا أَجْزِى بِهِ. وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ، أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّى امْرُؤٌ صَائِمٌ. وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِىَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ». أطرافه 1894، 5927، 7492، 7538 - تحفة 12853 - 34/ 3 10 - باب الصَّوْمِ لِمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعُزُوبَةَ 1905 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ بَيْنَا أَنَا أَمْشِى مَعَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - فَقَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ». طرفاه 5065، 5066 - تحفة 9417 1905 - قوله: (فإنَّه له وِجَاءٌ)، «الوجاء»: رَضُّ العروق و «الخِصَاء»: إخراج الخُصْيَتَيْنِ. 11 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلاَلَ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا» وَقَالَ صِلَةُ عَنْ عَمَّارٍ مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم -. 1906 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ «لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلاَلَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ». طرفاه 1900، 1907 - تحفة 8362

1907 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، فَلاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاَثِينَ». طرفاه 1900، 1906 - تحفة 7241 1908 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا». وَخَنَسَ الإِبْهَامَ فِى الثَّالِثَةِ. طرفاه 1913، 5302 - تحفة 6668 1909 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ قَالَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّىَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ». تحفة 14382 - 35/ 3 1910 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِىٍّ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - آلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، فَلَمَّا مَضَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا غَدَا أَوْ رَاحَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّكَ حَلَفْتَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ شَهْرًا. فَقَالَ «إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا». طرفه 5202 - تحفة 18201 1911 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ آلَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ نِسَائِهِ، وَكَانَتِ انْفَكَّتْ رِجْلُهُ، فَأَقَامَ فِى مَشْرُبَةٍ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ نَزَلَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ آلَيْتَ شَهْرًا. فَقَالَ «إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ». أطرافه 378، 689، 732، 733، 805، 1114، 2469، 5201، 5289، 6684 - تحفة 679 قوله: (من صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ، فقد عَصَى أبا القاسم) ... إلخ، والمشهورُ أنه مكروهٌ عند مالك، وأبي حنيفة، والشافعيِّ. ومُسْتَحَبٌّ عند أحمد. واستدلَّ أحمدُ بآثارٍ كثيرةٍ رُويَتْ عن الصحابة في هذا الباب: أنهم كانوا يَصُومُون يومَ الشَّكِّ. وتمسَّك الجمهورُ بما رُوي عن عمَّار، وسَلَكَ فيه مسلكًا آخر. قلتُ: ينبغي أن يُعَدَّ أبو حنيفة مع أحمد، لا مع الجمهور، كما قرَّروا. وقد صرَّح صاحب «الهداية»: استحباب الصوم عنده للخواصِّ. وعن أبي يوسف: أنه أفتى الناسَ بالفِطْرِ، مع أنه كان صائمًا بنفسه، كما في «البحر». فإذا ثَبَتَ أن الصَّومَ مُسْتَحَبٌّ عندنا أيضًا، فلا علينا أن نقول: إن الحنفيةَ مع أحمد. وحينئذٍ لا تَرِدُ علينا الآثار التي تَدْلُّ على استحباب هذا الصوم، وتَنْقَلِبُ حُجَّةً لنا بعد ما كانت حُجَّةً علينا. بقي حديث عمَّار، فهو محمولٌ على ما إذا شَكَّ النَّاسُ في الصَّحْوِ بلا وجهٍ وجيهٍ. قال ابن تَيمية: إن يوم الشَّكِّ ليس هو يومُ الغيم، فإنه يُسْتَحَبُّ فيه الصوم، وإنما هو يومٌ تردَّد فيه النَّاسُ بلا وجهٍ وجيهٍ. فالحاصل: إني اقْتَدَيْتُ بالصحابة الكرام في استحباب صوم يوم الشِّكِّ في الغَيْم، فإن يوم

12 - باب شهرا عيد لا ينقصان

الشَّكِّ عندنا يومُ غَيْمٍ، الْتَبَسَتْ فيه الغُرَّةُ فقلتُ: يُسْتَحَبُّ في الصوم، واقْتَدَيْتُ بالحديث فيما إذا كان الشَّكُّ بلا وجهٍ وجيهٍ، وبهذا الطريق حَصَلَ الائتساءُ بالصحابة، والعملُ بالحديث كلاهما. وبعبارةٍ أخرى: إن يومَ الشَّكِّ عندنا يومُ غَيْمٍ الْتَبَسَتْ فيه الغُرَّةُ، وصومُه مُسْتَحَبٌّ عندنا للخواصِّ، وهم الذين لهم تمييزٌ في النِّيَّة، وإن كان مكروهًا للعوامِّ. فجعل عامتُهم الكراهةَ أصلا ومذهبًا، واسْتَثْنَوا منه الخواصَّ، وجعلتُ هؤلاء أصلا، والعوامَّ مستثنىً عن حكمهم. فهذا تغييرٌ في التعبير لا غير، وحينئذٍ لا تَرِدُ علينا الآثارُ. وهذا كما غيَّرْتُ تعبيرَهم إلى أن للمدينة حَرَمًا. إلا أن أحكامَه ليست كأحكام حرم مكَّة، فلم تَرِدْ علينا الأحاديثُ التي فيها صَدْعٌ بكون الحرم للمدينة أيضًا. فهكذا قلتُ في صوم يوم الشَّكِّ أيضًا، لأنه لما كان مُسْتَحَبَّا للخواصِّ على المذهب، فلا بِدْعَ في أن نُقَرِّرَ مذهبنا بالاستحباب، ثم نجعله مكروهًا للعوامِّ، لئلا تَرِدَ علينا تلك الآثار. بقي الحديثُ المرفوعُ، فلنا أن نَحْمِلَهُ فيما إذا شَكَّ الناسُ في يوم الصَّحْو، وهو يوم الشَّكِّ عند ابن تَيْمِيَة. 1906 - قوله: (فإن غُمَّ عليكم فاقْدُرُوا له) فالفطرُ والصومُ عندنا يَدُورُ بالرؤية حقيقةً، أو نقلها المعتبر شرعًا. ولا عِبْرَةَ عندنا بالتقويم، واعْتَبَرَهُ أحمد. وعلى هذا قُلْنَا: إن معنى قوله: «فَاقْدُرُوا له»، أي أَكْمِلُوا عِدَّته ثلاثين، كما في الرواية الأخرى. وقال أحمد: معناه اعْمَلُوا بالتقويم. قلتُ: وقال ابن وَهْبَان بعبرة التقويم أيضًا، إذا كان حسابُه صحيحًا لا يُخْطِىءُ عمَّا في الخارج. 1910، 1911 - قوله: (آلَى من نِسَائِهِ) ... إلخ، وهو إيلاءٌ لُغَوِيٌّ، وكفَّارةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لم تكن لإِيلائه، فإنه برَّ فيه، ولم يَحْنَثْ. وإنما كان عن تحريم العسل، وهو يمينٌ عندنا. فإن قُلْتَ (¬1): كيف آلى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم من نسائه شهرًا مع النهي عن مُهَاجَرَة مسلمٍ فوق ثلاث؟ قلتُ: كانت أزواجه صلى الله عليه وسلّم تسعةً، والمَهَاجَرَة بكلَ منهنَّ ثلاثًا بالترتيب، كانت ركيلة، فَهَاجَرَ كلَّهنَّ بهذا الحساب معًا، فَحَصَلَ بضرب الثلاثة في التسعة شهرٌ. قوله: (الشَّهْرَ يكون تِسْعًا وعِشْرِين)، أي قد يكون تِسْعًا وعشرين، ولهذا قدَّم الشَّهْرَ. وراجع «دلائل الإِعجاز» من فوائد تقديم المسند. 12 - بابٌ شَهْرَا عِيدٍ لاَ يَنْقُصَانِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إِسْحَاقُ وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا فَهْوَ تَمَامٌ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ لاَ يَجْتَمِعَانِ كِلاَهُمَا نَاقِصٌ. 1912 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَحَدَّثَنِى مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ ¬

_ (¬1) وفي تقرير الفاضل عبد العزيز: أن الشيخ ابن الهُمَام صرَّح بجواز المُهَاجَرَة في أقلِّ من مدَّة الإيلاء، فاسترَحْنَا عن الجواب. قلت: وقلَّبْتُ الأوراق من هذا الباب، فلم أجده فيه. ولعلَّه من سَبقَه القلم، أو من خطأ نظري، فلينظره من باب القَسَم.

عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «شَهْرَانِ لاَ يَنْقُصَانِ شَهْرَا عِيدٍ رَمَضَانُ وَذُو الْحَجَّةِ». طرفاه 1908، 5302 - تحفة 11677 قال أحمد في «تفسيره»: أي لا يَنْقُصَان عددًا في سنةٍ واحدةٍ. فإن نَقَصَ هذا. وإن تَمَّ هذا تَمَّ هذا، نَقَصَ هذا. وردَّ عليه الطَّحَاوِيُّ (¬1)، وقال: وهو خلافُ الواقع، فإنه وَقَع مرَّةً نحوه في عهده، فَنَقَصَ كلاهما معًا. قلتُ: وحينئذٍ يُحْمَلُ قول أحمد على الأكثر. وقال إسحاق: معناه لا يَنْقُصَان بحَسَب الأجر، فالشهرُ الناقصُ منهما كالتامِّ منهما. ويُرَدُّ عليه أن هذا معقولٌ في رمضان، لأن وظيفةَ الصِّيَامِ تَسْتَوْعِبُه، فيمكن أن يكونَ تسعٌ وعشرون منه كالثلاثين في الأجر. إلا أنه لا يُعْقَلُ في ذي الحِجَّة، فإنه لا عبادةَ في النصف منه. نعم يَصِحُّ عند مالك، لأن الأضْحِيَةَ عنده جائزةٌ إلى آخر الشهر في روايةٍ. وقال السيوطي: إن الأشهرَ أوتارٌ وأشفاعَ. فالأوتارُ منها تكون تسعًا وعشرين، والأشفاعُ ثلاثين، هكذا عند علماء الحساب. وأمَّا ما يُوجَدُ خلافه، فهو من الخطأ في الرُّؤْية. فكأن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم َخْبَرَ بما في الواقع، لا أنه ذكر حكمًا شرعيًا. فلا يمكن أن يَنْقُصَ شهر رمضان، وذي الحِجَّة كلاهما، فإن الأوَّلَ من الأَوْتَار، والثاني من الأَشْفَاع، فلا بد أن يَنْقُصَ الأوَّل، ويتِمَّ الثاني، فصَحَّ قوله: «شهرا عيدٍ لا يَنْقُصَان». قلتُ: وراجعت له الزيج، فتبيَّن منه أن الأشفاعَ والأوتارَ من مصطلحاتهم باعتبار فنِّهم، فاعتبروها ناقصةً وتامةً بحَسَبِ موضوعهم، لا أنها كذلك عندهم في الخارج، والواقع. ثم إن ستة أشهرٍ تكون تسعًا وعشرين، وستةً منها ثلاثين عند علماء الحساب. ولا يُشْتَرَطُ عندهم التَّوَالي، ويمكن أن تتوالى ثلاثةُ أشهرٍ منها ناقصةً، وحينئذٍ جواب السيوطي، كما ترى. وقد أجاب عنه الطِيبيُّ أيضًا، وأجاد، وحاصله: أن العيدَ من ذي الحِجَّة، وإن كان في العاشرة خاصةً، إلا أنه اشتهر في العُرْفِ وصفُ هذا الشهر كلِّه بالعيد، وإن لم نُدْرِكْ وجهه. وهذا كما أن عيدَ الفِطْرِ في أول يومٍ من شوال، إلا أنه نُسِبَ إلى رمضانَ لمناسبةٍ، فَعَدَّ رمضانَ أحد شهري عيدٍ، فكما أن كون يومًا من شوال عيدًا تناول الشَّهْرَ كلَّه، كذلك صار ذو الحِجَّة كلُّه عيدًا بيومٍ واحدٍ (¬2). ¬

_ (¬1) قال الطحاويُّ في "مشكله": حدثنا إبراهيم بن أبي داود: حدثنا فَرْوَة بن أبي المَغْرَاء: حدثنا القاسم بن مالك المُزَني، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبى بَكرة، عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كلُّ شهرٍ حرامٍ ثلاثون يومًا، وثلاثون ليلةً"، فكان هذا عندنا ليس بشيء، إذ كان عبد الرحمن بن إسحاق لا يُقَاوِمُ خالد الحَذاء في إمامته في الرواية، ولا في ضبطه فيها، ولا في إتقانه لها. وأيضًا كان العِيَان قد دفع ذلك، وبالله التوفيق. (¬2) قلتُ: ولا أدري بالضبط ماذا ألقى علينا الشيخُ من مراد الطيبي، وماذا كتبتُ؟ فرأيتُ أن أَنْقُلَ عبارته من نسخة قلمية، مع سَقْطٍ فيها من الناسخ، وهذا نصُّه: قيل: فيه وجوهٌ: فمنهم من قال: لا يَنْقُصَان معًا في سنةٍ واحدةٍ، حَمَلُوه على غالب الأمر. ومنهم قال: إنه أراد بفضل العمل في العشر من ذي الحِجَّة في الأجر والثواب من شهر رمضانَ. ومن قائلٍ ثالثٍ: إنهما لا يكونان نَاقِصَيْن في الحكم، وإن نقصا في العدد، أي لا يَعْتَرِضُ في قلوبكم شَكٌّ إذ صُمتُم تسعة وعشرين يومًا، وأن يقع في شهر الحجِّ خطأٌ، لم يكن في نُسُككم هو نقصٌ. =

قلتُ: إن أخذت تماميتهما باعتبار الأجر، فله وجهٌ أيضًا. أمَّا في رمضان، فظاهرٌ. وأمَّا في ذي الحِجَّة، فلأن العبادةَ في العشر منها منصوصٌ. وما عُلِمَ بعد السَّبْرِ أنها هي التكبيرُ، والصِّيَام. وأمَّا للحاجِّ فله ما وُظِّفَ له في تلك الأيام. فإذا عَلِمْتَ أن أفضلَ عبادتها الصيامُ، تَبَيَّنْتَ أن إطلاق العشرة لا يَصِحُّ عليها. فإن الصِّيَامَ وإن كان مُسْتَحَبَّا في تسعةٍ منها، لكنه في العاشرة حرامٌ، فما وجهُ إطلاق العشر؟ والذي ظَهَرَ لي: أن الإِمساكَ إلى الزوال - وهو وقتُ أكله من أضحيته - مستحبٌّ في العاشرة أيضًا. فهذا الصومُ الناقصُ اعتبره الشرعُ تامًا، فصَحَّ أن ¬

_ = أقول: وظاهرُ سياق الحديث في بيان اختصاص الشهرين عزيمةٌ ليست في سائرها. وليس المرادُ أن ثوابَ الطاعة في سائرها قد يَنقُض دونهما. فينبغي أن يُحمَلَ على الحكم، ورفع الجُنَاح، والحرجِ ممَّا عسى أن يَقَعَ فيه خطأٌ في الحكم لاختصاصهما بالعيدين، وجواز احتمال الخطأ فيهما. ومن ثم لم يَقُلْ: شهرُ رمضانَ، وذي الحِجَّة. انتهى. فليُصَحِّح الناظرُ عبارتَه، ثم ليُمعِن النظرَ في مراده. والذي فَهِمتُه من ظاهر عبارته: أن في الشهرَين معنًى ليس في غيرهما، وهو العِيدِيَّة، وربَّما يقعُ فيها الخطأ عند اختلاف الأَهِلَّة. فنبَّه على أن هذين الشهرين لا يَنقُصان أجرًا، وإن وَقَعَ الخطأُ فيهما. وهو الحكم في سائر الأشهر، إلَّا أنه خصص رمضانَ، وذا الحِجَّة بالذكر لاشتمالهما على عبادةٍ مخصوصةٍ، وعيد المسلمين والناسُ يتساءلون فيهما عن الأَهِلَّة، وتَذهَبُ الأوهامُ إلى نُقصان الأجر فيهما عند اختلاف الأَهِلَّة، فالدخيل في عدم النقصان هو العِيديَّة. ولعلَّ هذا الذي أراده الشيخُ مع بيان النُّكتَةِ لكون رمضانَ وذي الحِجة شهري عيد. والله تعالى أعلم. قلت: وقد تكلَّم عليه الطحاويُّ أيضًا في "مشكله"، ولعلَّه أيضًا يَؤُولُ إليه مع بعض تَغَايُر. قال: فاحتجنا إلى معنى قوله: "شهرا عيدٍ لا يَنْقُصَان"، ما هو؟ فوجدنا هذين الشهرين، وهما: رمضان، وذو الحِجَّة، تبينان عمَّا سواهما من الشهور، لأن أحدهما الصِّيَامَ، وليس في غيره من الشهور، فكان موهومًا أن يَقَعَ في قلوب قومٍ، أنهما إذا كانا تسعًا وعشرين، نَقَصَ بذلك الصومُ الذي في أحدهما، والحجُّ الذي في الآخر عمَّا يكونان عليه إذا كانا ثلاثين ثلاثين. فأعلمهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إنهما لا يَنْقُصَان، وإن كانا تسعًا وعشرين، غير ما يكون فيهما من هاتين العبادتين، وأن هاتين العبادتين كاملتين فيهما، وإن كان في العدد كذلك، ككمالهما فيهما إذا كانا ثلاثين ثلاثين ... إلخ. قلت: ولكنه لم يَظْهَر من كلامه معنى نقصان الحجِّ، إذا كان الشهر تسعًا وعشرين. أما الصِّيامُ في رمضانَ، فظاهرٌ. وقد ظَهَرَ من كلام الطِيبي: أن الخطأ فيه يمكن أن يكون باعتبار يوم الحجِّ، والله تعالى أعلم بالصواب. ثم ظَهَرَ من مراد الطِيبي أن لهذين الشهرين خصيصة ليست لغيرهما من الشهور، وهي العِيدِيَّة، فإِنها في هذين فقط، وإذًا لا بُدَّ أن يكونَ الحديثُ راجعًا إلى معنى المختصِّ بهما، وهو أن أوهامَ الناس إنما تتوجَّه إلى نُقْصَان في هذين، لمكان العيدين فيهما، فَيَزْعُمُون: لعلَّهم غَلِطُوا في عيدهم، لمكان اختلاف الأَهِلَّة، فهداهم الشرعُ أن لا نقصَ في هذين الشهرين، وليس هذا النقص راجعًا إلى عدد الأيام، بمعنى أن تِسعًا وعشرين منهما يساوي ثلاثين في الأجر، بل إلى نُقصَانٍ في عيدهم. فإذن هو على حد قوله - صلى الله عليه وسلم -، عند الترمذي، عن أبي هريرة مرفوعًا، قال: "الصومُ يوم تَصُومُون، والفِطرُ يوم تَفطِرُون، والأَضحَى يوم تُضَحُّون". قال الترمذي: وفسَّر بعضُ أهل العلم هذا الحديث، فقال: إنما معنى هذا: الصومُ والفِطرُ مع الجماعة، وعِظَم الناس. اهـ. قلت: فالمعنى أن التردُّدَ، وإجراءَ الوساوس في باب العيدين غَلَطٌ، فنفي النقصان عن هذين، على معنى النقص في نفس العِيدِيَّة لا غير. والله تعالى أعلم بمراد عباده.

13 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «لا نكتب ولا نحسب»

عاشرة ذي الحِجَّة أيضًا لا تَنْقُصُ عند الله تعالى، مع نقصانها في الحِسِّ، ويُعْطي له أجرَ الصومِ التامِّ. 13 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ» 1913 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا». يَعْنِى مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، وَمَرَّةً ثَلاَثِينَ. طرفاه 1908، 5302 - تحفة 7075 14 - باب لاَ يَتَقَدَّمَنَّ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلاَ يَوْمَيْنِ 1914 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ». تحفة 15422 - 36/ 3 وههنا حديثٌ آخر. أخرجه الترمذيُّ: «إذا بقي نصفٌ من شعبان، فلا تَصُومُوا»، وقد حَمَلَ الترمذيُّ النهيَ في الحديثين على النهي لحال رمضان، ويَرِدُ عليه: أنه لا يَظْهَرُ على هذا التقدير لتخصيص يومٍ أو يومين وجهٌ. قلتُ: وإنما أَفْرَزَهُ من حديث نصف شعبان لكونه كثيرَ الوقوع، فإن أكثرَ ما يتقدَّمه الناسُ لحال رمضان يومٌ أو يومان، فكأنه خصَّصه لمزيد الاعتناء به. ولذا قال صاحبُ «الهداية»: إن تقدَّمه بثلاثة أيام لا يُكْرَهُ، فَقَصَرَ النهيَ على اليومين. ثم ذكر نَكْتَتَهُ الشيخ سعد الله في «حاشية العناية»: إن الالتباس في غُرَّة رمضان لا يزيد على يومٍ أو يومين، فلا يتقدَّمونه إلا بصوم يومٍ أو يومين، يَقْصِدُون به أن لا يَفُوتَ عنهم من رمضانَ شيء. ولمَّا كان هذا الاحتياط لغوًا (¬1)، إلا أنهم أُمِرُوا أن يَصُومُوا لرؤيته ويُفْطِرُوا لرؤيته، نهاهم عنه (¬2). ¬

_ (¬1) أخرج الطحاويُّ عن ابن عباس يقول: "إني لأعْجَبُ من الذين يَصُومُون قبل رمضان، إنما قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتم الهلال فصُومُوا، وإذا رأيتموه فأفطِرُوا، فإِن غُمَّ عليكم. فَعُدُّوا ثلاثين "مشكل الآثار". (¬2) قلت: ومن ههنا عَلِمْتَ أنه ليس مراد الترمذيِّ من قوله: لمعنى رمضان، أو لحال رمضان. وحاصلُه على هذا التقدير: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن تقدُّم رمضانَ بيومٍ أو يومين لتعظيم رمضان، وإذ هو ليس في شيء من التعظيم شرعًا، فلا ينبغي له أن يتقدَّمَ رمضانَ بصومٍ. والصوابُ أن مرادَ الترمذيِّ منه أن يتقدَّم برعاية رمضان، فإِن التخليطَ في الأهِلَّة لا يكونُ إلَّا بيوم أو يومين، وَيشُقُّ على العامة أن يَفُوتَ عنهم صومٌ من رمضان، فيتقدَّمونه بيومٍ أو يومين، ليُدْرِكُوا جميعه. فأخبر أن هذا التقديمَ ليس بشيءٍ، وأمرهم بأن يَصُومُوا لرؤيته، ويُفْطِرُوا لرؤيته. وكم من فرقٍ بين المعنيين: فإن معنى التعظيم: أن رمضانَ أمامك، فَتحِبُّ أن تُعَظِّمَهُ وتستقبله بصوم يوم أو يومين، تعظيمًا له. بخلاف رعاية رمضان، فإنه بالنظر إلى أن لا يَفُوتَ عنك صومٌ من رمضان، فَتَحطَاطَ فيه، وتتقدَّمه بصوم يومٍ أو يومين لتستوفي جميعَ أيامه، ولا تَتْرُك منها شيئًا، فهذا هو الذي نهى عنه صاحبُ الشَّرعِ. والرعايةُ من قِبَله بدون أمرٍ منه، حمقٌ وغباوةٌ. =

15 - باب قول الله جل ذكره: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم

قلتُ: والنهيُ عندي في الحديث الأوَّلِ لمعنىً شرعيَ، وفي الحديث الثاني إرشادًا وشفقةً فقط. فإن رمضانَ أمامه، فَلْيَتَأَهَّبْ له، ولْيَتْرُكْ الصِّيَامَ لئلا يَضْعُف قبل رمضان. بخلاف الأول، فإن الناسَ اعتادوا به. ويَصُومُوْنَهُ، وهذا يُوجِبُ هَدْرَ حدود الشرع والتخليط بينها. فأَحَبَّ أن يبقى الفرضُ متميِّزًا عن النفل، فنهى عن صوم يومٍ أو يومين قبله. وحاصلهُ: أن النهيَ عن التقدُّم بيومٍ أو يومين مُؤَكَّدٌ، بخلاف النهي عن الصوم من نصف شعبان، فإنه بالنظر إلى أُهْبَتِهِ لرمضان. وذلك لأن ليلةَ القدر، وإن كانت في رمضانَ، إلا أنه يُعْلَمُ من بعض الروايات أنها في النصف من شَعْبَان. والوجهُ عندي أنها في رمضانَ. نعم بعض متعلقاتها وتمهيداتها من نصف شعبان، فيُمْكِنُ أن يَصُومَ أحدٌ من نصف شعبانَ لهذا، فنهاه شفقةً، ليستقبلَ شهر رمضان. وإنما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يَصُومُ شعبانَ كلَّه، أو أكثره لتتمكن نساؤه بقضاء صيامهن، قبل أن يَهْجُمَ عليهنَّ رمضانُ، كما في الحديث. وههنا حديثٌ ثالثٌ في النهي عن صوم يوم الشَّكِّ، وهو أيضًا يُوجِبُ التقدُّم في بعض الصور، نحو أن يَظْهَرَ أن هذا اليوم كان من شعبانَ مثلا. إلا أنا قُلْنَا باستحبابه للخواصِّ، لأن هذا الصوم لمعنىً صحيحٍ، فإنهم في غيمٍ، ويُمْكِنُ أن يكونَ هذا اليوم من رمضان، كما أنه يُمْكِنُ أن يكونَ من شعبان، لكن صومَ يومٍ من شَعْبَانَ أَوْلَى من إفطار يوم رمضان. بخلاف الصوم لحال رمضان، فإن بناءه على الشكِّ من جهة الوساوس فقط وليس بوجهٍ وجيهٍ، فافترقا، فلذلك نهى عن التقدُّم، واستحبَّ له صوم يوم الشَّكِّ. 1914 - قوله: (إلا أن يكونَ رجلٌ كان يَصُومُ صَوْمَهُ) ... إلخ، ووسَّع له صاحب «الهداية» أيضًا. 15 - باب قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [البقرة: 187]. 1915 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ ¬

_ = ألا ترى أنه لم يأمره إلَّا بالصَّوم عند الرؤية، فإِذا رأى الهلالَ يصُومُه، فإن ظَهَرَ الاختلاطُ في الأَهِلَّة، يقضي يومًا عن رمضانَ إن فاته. فهذا الذي علَّمه الشرعُ، لا أن يتقدَّم بصوم يومٍ، أو يومين. ولذا أجازه لمن كان يَعتَادُ صوم ذلك اليوم، فإنه ليس صومه لرعاية رمضان، بل من حيث كون عادته بالصوم في ذلك اليوم، فَيَصُومُه، ولا يُكرَهُ له. أمَّا من صامه للرعاية المذكورة فقط، كُرِهَ له ذلك. وهذا هو الذي أراده صاحبَ "الهداية"، وعليه تأتي نكتة الدَّيري. أمَّا على تقدير معنى التعظيم، فلا تَجري فيه ما ذكره من النكتة. هكذا أفاده شيخُنا في درس الترمذي، وإنما خَلَطْت في هذا الموضع بين تقريره في الترمذي والبخاري، ورتَّبته من عندي، وأوضحته من نفسي، لكون ما ضبطته من هذا المقام غيرَ واضحٍ، وغيرَ كاملٍ، فلا آمَنُ من تحريف المراد، والله تعالى أعلم.

16 - باب قول الله تعالى: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل} [البقرة: 187].

- رضى الله عنه - قَالَ كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا، فَحَضَرَ الإِفْطَارُ، فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلاَ يَوْمَهُ، حَتَّى يُمْسِىَ، وَإِنَّ قَيْسَ بْنَ صِرْمَةَ الأَنْصَارِىَّ كَانَ صَائِمًا، فَلَمَّا حَضَرَ الإِفْطَارُ أَتَى امْرَأَتَهُ، فَقَالَ لَهَا أَعِنْدَكِ طَعَامٌ قَالَتْ لاَ وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ، فَأَطْلُبُ لَكَ. وَكَانَ يَوْمَهُ يَعْمَلُ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ خَيْبَةً لَكَ. فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ غُشِىَ عَلَيْهِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) فَفَرِحُوا بِهَا فَرَحًا شَدِيدًا، وَنَزَلَتْ (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ). طرفه 4508 - تحفة 1801 16 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187]. فِيهِ الْبَرَاءُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1916 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنِى حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ) عَمَدْتُ إِلَى عِقَالٍ أَسْوَدَ وَإِلَى عِقَالٍ أَبْيَضَ، فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِى، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِى اللَّيْلِ، فَلاَ يَسْتَبِينُ لِى، فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ «إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ». طرفاه 4509، 4510 - تحفة 9856 1917 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ح. وحَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ أُنْزِلَتْ {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} وَلَمْ يَنْزِلْ {مِنَ الْفَجْرِ}، فَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِى رِجْلِهِ الْخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الأَسْوَدَ، وَلَمْ يَزَلْ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدُ {مِنَ الْفَجْرِ} فَعَلِمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِى اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ. طرفه 4511 - تحفة 4724، 4750 - 37/ 3 أخرج البخاريُّ في حديث سَهْل بن سَعْدِ: «أن رِجَالا كانوا إذا أرادوا الصَّوْمَ رَبَطَ أحدُهم في رِجْلِهِ الخيطَ الأبيضَ، والخيطَ الأسودَ، إلى قوله: فأنزل اللهُ بعدُ: {مِنَ الْفَجْرِ}. اهـ. وهذا يَدُلُّ على أن ما فعله عَدِيُّ بن حاتمٍ لم يكن خطأً محضًا، بل كان عليه العملُ إلى زمانٍ، إلا أنه لم يَبْلُغْهُ النَّسْخُ، فَعَمِلَ به بعده أيضًا، ولذا قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم ما قال، هكذا قرَّره الطحاويُّ. وسَهَا من زَعَمَ أن قوله: {مِنَ الْفَجْرِ} نَزَلَ في واقعة عَدِي. ثم هل المراد من التبيُّن تبيُّنه كل التبيُّن، أو نفسه؟ فمن أراد الأول ذَهبِ إلى جواز الأكل

17 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم -: «لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال»

بعد الفجر، كما في «قضيخان». إن الناسي لو أكل بعد الفجر، فصومه تامُّ. وعامَّتُهم إلى أن المرادَ هو الثاني، فَيَفْسُدُ صومه بأكله بعد الفجر. سواء تبيَّن أو لا أقولُ: ولا يُمْكِنُ الفصل فيه، لأنه من باب تعيين المراتب مع العمل باللفظ قلت: والذي ينبغي العملُ به هو نفس التبيّن. نعم إن أكل أحدٌ بعد الفجر، ولم يُسْفِرْ الفجرُ بَعْدُ، لا أقول: إنه يُكَفِّرُ، بل يقضي فقط (¬1). 17 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لاَ يَمْنَعَنَّكُمْ مِنْ سَحُورِكُمْ أَذَانُ بِلاَلٍ» 1918، 1919 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ بِلاَلًا كَانَ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ لاَ يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ». قَالَ الْقَاسِمُ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ أَذَانِهِمَا إِلاَّ أَنْ يَرْقَى ذَا وَيَنْزِلَ ذَا. أطرافه 617، 622 - تحفة 7831 18 - باب تَأْخِيرِ السَّحُورِ 1920 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ أَتَسَحَّرُ فِى أَهْلِى، ثُمَّ تَكُونُ سُرْعَتِى أَنْ أُدْرِكَ السُّجُودَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 577 - تحفة 4725 19 - باب قَدْرِ كَمْ بَيْنَ السَّحُورِ وَصَلاَةِ الْفَجْرِ 1921 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - قَالَ تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ. قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ قَالَ قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً. طرفه 575 - تحفة 3696 معنى التعجيل السرعة فيه، أي يَفْرُغُ عن سحوره بالعَجَلَةِ، ولا يطوِّل فيه، وليس مقابلا للتأخير. فلا يَرِدُ أن التأخيرَ مُسْتَحَبٌّ، فإن التعجيلَ ههنا باعتبار سرعة الأكل، والتأخيرَ هناك بحَسَبِ وقت السُّحُور، فاعلمه. ¬

_ (¬1) قلت: وقد مرَّ من قبل: أن الحافظَ استشكل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "حتى يُؤَذِّنَ ابنُ أمِّ مَكتُوم"، ولم يكن يُؤَذِّن حتى يُقَالَ له: أصْبَحْتَ أصْبَحْتَ، فإذا كان غاية الأكلِ أذانُهُ، دلَّ على جواز الأكل بعد نفس التبيُّن أيضًا. وهناك حديثٌ آخر عند أبي داود قد مرَّ من قبل، وفيه أيضًا دليلٌ على ذلك. وروايةٌ أخرى عند الطحاوي من أن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُحَرِّمُ الطعامَ بعد ما يَخْرُجُ إليهم في المسجد، وذلك بعد الأذان قبل الصلاة. وروايةٌ أخرى عند الترمذيِّ ما يَدُلُّ على جواز الأكل إلى الأحمر، وهو بعد بعد الفجر. فكل ذلك أوْجَبَ شبهةً في الكفارة فَدَرَأْنَاهَا. وقد بَسَطَ الكلام عليه الشيخُ في درس الترمذيِّ.

20 - باب بركة السحور من غير إيجاب

20 - باب بَرَكَةِ السَّحُورِ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ لأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابَهُ وَاصَلُوا وَلَمْ يُذْكَرِ السَّحُورُ. 1922 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَاصَلَ فَوَاصَلَ النَّاسُ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَنَهَاهُمْ. قَالُوا إِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ «لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّى أَظَلُّ أُطْعَمُ وَأُسْقَى». طرفه 1962 - تحفة 7620 1923 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِى السَّحُورِ بَرَكَةً». تحفة 1028 - 38/ 3 واعلم أن الحافظَ ابن تَيْمِيَة ذهب إلى استحباب الوِصَال من السَّحَر إلى السَّحَر، معناه أن لا يُفْطِر بعد الغروب، بل يُواصِلُ إلى السَّحَر. والوِصَال المنهي عنه أن لا يأكلَ السَّحُورَ أيضًا، ويُواصِلُ بين الصومين، أو أكثر. والمواصلةُ المذكورةُ ليست بشيءٍ عند الجمهور قلتُ: والأحاديثُ وَرَدَتْ بالنحوين. ثم إن التتابعَ في الصوم أن يُفْطِرَ بعد الغروب، ويَصُومَ متواليًا. وأخطأ في - «العالمَكِيرِيَّة» - حيث لم يُفَرِّق بين الوِصَال والتَّتَابُع، وجعلهما واحدًا. وكذا وقعت أخطاءٌ في المسائل من باب الحظر والإِباحة كثيرًا، نعم مسائلها في المعاملات مُعْتَمَدٌ عليها، فاعلمه. 21 - بابٌ إِذَا نَوَى بِالنَّهَارِ صَوْمًا وَقَالَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُولُ عِنْدَكُمْ طَعَامٌ فَإِنْ قُلْنَا لاَ. قَالَ فَإِنِّى صَائِمٌ يَوْمِى هَذَا. وَفَعَلَهُ أَبُو طَلْحَةَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَحُذَيْفَةُ - رضى الله عنهم -. 1924 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ رَجُلاً يُنَادِى فِى النَّاسِ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ «أَنْ مَنْ أَكَلَ فَلْيُتِمَّ أَوْ فَلْيَصُمْ، وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلاَ يَأْكُلْ». طرفاه 2007، 7265 - تحفة 4538 وقد احتجَّ الطحاويُّ بحديث الباب على عدم اشتراط التبييت في صوم رمضان، والنَّذر المعيَّن، والنفل، لكون الأول معيَّنًا من جهة الشرع، والثاني من جهة العبد، فلا مُزاحمة. وإنما النيَّة لتعيين المُسَمَّى، وقطع المُزَاحمة. قال الطَّحَاويُّ: إن عَاشُورَاءَ كان فرضًا قبل رمضانَ، كما مرَّ. وفي أمر النبيِّ صلى الله عليه وسلّم إياهم بصومه بعد ما أصبحوا، دليلٌ على أن من كان في يومٍ عليه صومه بعينه، ولم يَكُنْ نَوَىَ صومه من الليل، أن تجزئه نيَّةُ صومه بعد ما أصبح ... إلخ. والعجبُ من الحافظ حيث قال: لو كان صومُه فرضًا لأَمَرَ من لم يصُمْه بالقضاء. قلتُ: نعم قد أَمَرَهُمْ به، كما عند أبي داود في باب فضل صومه، قال: «فأَتِمُّوا بقيةَ يومكم، واقْضُوُه». قال أبو داود: يعني يوم عَاشُورَاء. اهـ.

22 - باب الصائم يصبح جنبا

22 - باب الصَّائِمِ يُصْبِحُ جُنُبًا 1925 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ كُنْتُ أَنَا وَأَبِى حِينَ دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ ح. طرفاه 1930، 1931 - تحفة 18228، 17696، 18190، 11060 1926 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّ أَبَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَ مَرْوَانَ أَنَّ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ. وَقَالَ مَرْوَانُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَتُقَرِّعَنَّ بِهَا أَبَا هُرَيْرَةَ. وَمَرْوَانُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْمَدِينَةِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَكَرِهَ ذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ قُدِّرَ لَنَا أَنْ نَجْتَمِعَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ، وَكَانَتْ لأَبِى هُرَيْرَةَ هُنَالِكَ أَرْضٌ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لأَبِى هُرَيْرَةَ إِنِّى ذَاكِرٌ لَكَ أَمْرًا، وَلَوْلاَ مَرْوَانُ أَقْسَمَ عَلَىَّ فِيهِ لَمْ أَذْكُرْهُ لَكَ. فَذَكَرَ قَوْلَ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ. فَقَالَ كَذَلِكَ حَدَّثَنِى الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، وَهُنَّ أَعْلَمُ، وَقَالَ هَمَّامٌ وَابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُ بِالْفِطْرِ. وَالأَوَّلُ أَسْنَدُ. طرفه 1932 - تحفة 11060، 18190، 17696، 13578، 14119، 18228 قلتُ: وَرَدَ فيه النهيُ بإِسنادٍ قويَ «من أصبح جُنُبًا (¬1) فلا صِيَام له»، مع أنه قد ثَبَتَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أنه أصبح صائمًا وهو جُنُب. وجوابه يقتضي تمهيدُ مقدمةٍ، وهي: أن الطهارةَ مطلوبةٌ عندي في العبادات كلِّها: أمَّا في الصلاة فهي من شرائطها عند الأئمة كلِّهم. وأمَّا في الحجِّ فهي من الواجبات، على ما مرَّ. بقي الصومُ، فأدَّعِي من قِبَلِ نفسي أنها مطلوبةٌ فيه أيضًا. فإن التَّلَبُّسَ بالنجاسات مكروهٌ عامّةً، فكيف في حال العبادة؟ فمن يُصْبِحُ جُنُبًا، فلعلَّه يَدْخُلُ نقيصةٌ في صيامه في النظر المعنوي، وإن تمَّ حِسًّا. أعني به: أن للصوم حكمًا وحقيقةً، كما إن للإِيمان حقيقةً وحكمًا. والتي جِيءَ بها عند شَقِّ صدره صلى الله عليه وسلّم في طَسْتٍ مُلِئَتْ إيمانًا وحكمةً، كانت هي الحقيقة. وتلك الحقيقة تَنْقُصُ وتَزِيدُ، كما مرّ في باب الإِيمان. وهكذا للصوم حقيقةٌ، وهذه تَنْتَقِصُ عند التَّلَبّس بالنجاسات، فليست تلك النقيصة حكمًا من الشرع، بل بحَسَب حقيقته. وهذه النقيصة تَدْخُلُ من الحِجَامة أيضًا، ولذا قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «أَفْطَرَ الحَاجِمُ والمَحْجُومُ»، لأن الحِجامةَ أيضًا تُوجِبُ التلطُّخ بالدماء، والتلبُّس بالنجاسة. وهذا ¬

_ (¬1) قال الخَطَّابيُّ: أحسنُ ما سَمِعْتُ في تأويل ما رواه أبو هُرَيرَة في هذا: أن يكون ذلك محمولًا على النَّسْخِ، وذلك أن الجِمَاعَ كان في أول الإِسلام محرَّمًا على الصائم في الليل بعد النوم، كالطعام والشراب. فلما أبَاحَ الله تعالى الجِمَاعَ إلى طلوع الفجر، جاز للجُنُب إذا أصبح قبل أن يَغْتَسِلَ أن يَصُومَ ذلك اليوم، لارتفاع الحظر المتقدِّم. فيكون تأويل قوله: "من أصْبَحَ جُنُبًا فلا يَصُومُ": أي من جَامَعَ في الصوم بعد النوم. فلا يُجْزِئُهُ صوم غَدِه ... إلخ -"معالم السنن"-.

23 - باب المباشرة للصائم

وإن لم يَقُلْهُ أحدٌ من الفقهاء، لكني أخذته من الأحاديث. وقد مرَّ التنبيهُ على أن التعارضَ بين الأَدِلَّة قد يُوجِبُ التخفيف في المقام. فإذا وَرَدَ النهيُ عنها في قوله: «أَفْطَرَ الحَاجِمُ والمَحْجُومُ»، مع ثبوتها عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أوْرَثَ التخفيف، ودَلَّ على ثبوت المراتب. وأن المرادَ من الإِفطار هو الإِفطارُ في النظر المعنويِّ، كما في الغِيبة، فإن الشَّرْعَ سمَّاها أكلا، قال تعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ} [الحجرات: 12]. ثم لم يَحْكم الفقهاءُ أن صومَ من اغتاب فاسدٌ، فكذلك في الحِجَامة. ولو لم يَثْبُت عندنا خلافه لقُلْنَا بفساده من الحِجَامة، كما ذَهَبَ إليه أحمد. وفي «حاشية ما لا بُدَّ منه» - رسالةٌ للقاضي ثناء الله المحدث الفاني فتى - عن «جامع الفتاوى»: أن الصَّوْمَ حال الجنابة مكروهٌ. ولم أره في غيرها، ولعلَّ المرادَ منها الكراهة بحَسَب الحقيقة، دون الكراهة عند الشرع. كيف وقد ثَبَتَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أنه أصبح جُنُبًا، وصام. وقد استدلَّ عليه محمد في «موطئه» من قوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ} [البقرة: 187] إلخ، حيث رخَّص فيه بالجِمَاع وغيره إلى طلوع الفجر، ومن لوازمه صومُه مع الجَنَابة، فإنه لا يَغْتَسِلُ إذن إلا بعد الفجر، والشرع لم يُكَلِّفْهُ بالغُسْل قبله. 23 - باب الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - يَحْرُمُ عَلَيْهِ فَرْجُهَا. 1927 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ، وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لإِرْبِهِ. وَقَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {مَآرِبُ} [طه: 18] حَاجَةٌ. قَالَ طَاوُسٌ {أُولِي الْإِرْبَةِ} [النور: 31] الأَحْمَقُ لاَ حَاجَةَ لَهُ فِى النِّسَاءِ. طرفه 1928 - تحفة 15932 - 39/ 3 وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ إِنْ نَظَرَ فَأَمْنَى يُتِمُّ صَوْمَهُ. 24 - باب الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ 1928 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ. ثُمَّ ضَحِكَتْ. طرفه 1927 - تحفة 17313، 17170 1929 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِى عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهَا - رضى الله عنهما - قَالَتْ بَيْنَمَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْخَمِيلَةِ إِذْ حِضْتُ فَانْسَلَلْتُ، فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِى فَقَالَ «مَا لَكِ أَنُفِسْتِ». قُلْتُ نَعَمْ. فَدَخَلْتُ مَعَهُ فِى الْخَمِيلَةِ، وَكَانَتْ هِىَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَغْتَسِلاَنِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ. أطرافه 298، 322، 323 - تحفة 18270، 18271، 18272

25 - باب اغتسال الصائم

25 - باب اغْتِسَالِ الصَّائِمِ وَبَلَّ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - ثَوْبًا، فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ صَائِمٌ. وَدَخَلَ الشَّعْبِىُّ الْحَمَّامَ وَهُوَ صَائِمٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لاَ بَأْسَ أَنْ يَتَطَعَّمَ الْقِدْرَ، أَوِ الشَّىْءَ. وَقَالَ الْحَسَنُ لاَ بَأْسَ بِالْمَضْمَضَةِ وَالتَّبَرُّدِ لِلصَّائِمِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ إِذَا كَانَ صَوْمُ أَحَدِكُمْ فَلْيُصْبِحْ دَهِينًا مُتَرَجِّلاً. وَقَالَ أَنَسٌ إِنَّ لِى أَبْزَنَ أَتَقَحَّمُ فِيهِ وَأَنَا صَائِمٌ. وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ اسْتَاكَ وَهُوَ صَائِمٌ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ يَسْتَاكُ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ، وَلاَ يَبْلَعُ رِيقَهُ. وَقَالَ عَطَاءٌ إِنِ ازْدَرَدَ رِيقَهُ لاَ أَقُولُ يُفْطِرُ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ لاَ بَأْسَ بِالسِّوَاكِ الرَّطْبِ. قِيلَ لَهُ طَعْمٌ. قَالَ وَالْمَاءُ لَهُ طَعْمٌ، وَأَنْتَ تُمَضْمِضُ بِهِ. وَلَمْ يَرَ أَنَسٌ وَالْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ بِالْكُحْلِ لِلصَّائِمِ بَأْسًا. 1930 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَأَبِى بَكْرٍ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ {جُنُبًا} فِى رَمَضَانَ، مِنْ غَيْرِ حُلُمٍ فَيَغْتَسِلُ وَيَصُومُ. طرفاه 1925، 1931 - تحفة 16701، 17696 - 40/ 3 1931 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كُنْتُ أَنَا وَأَبِى، فَذَهَبْتُ مَعَهُ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنْ كَانَ لَيُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلاَمٍ، ثُمَّ يَصُومُهُ. طرفاه 1925، 1930 - تحفة 17696 1932 - ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ. طرفه 1926 - تحفة 18228 قوله: (وبَلَّ ابنُ عُمَرَ) ... إلخ، ولا بأس به عندنا أيضًا. قوله: (وقال ابنُ عبَّاسٍ: لا بَأْسَ أن يَتَطَعَّمَ القِدْرَ) ... إلخ، وهو جائزٌ عندنا أيضًا إذا كان زوجها فظًّا غليظًا. وقال ابن سِيرِين: لا بأس بالسِّوَاكِ الرَّطْبِ. قيل: له طَعْمٌ، قال: والماءُ له طَعْمٌ. والعطفُ فيه كما في قوله تعالى: {وَقِيلِهِ يَا رَبِّ} [الزخرف: 88] وقد تحيَّر فيه المفسِّرُون. وترجمته (بانى كيلنى بهى مزاهى)، وهو العطفُ في قوله تعالى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55] إلخ،. يعني: "وفاة دونكا أور رفع بهى كرونكا". وأوضحته في رسالتي «عقيدة الإِسلام»، فراجعها. 26 - باب الصَّائِمِ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا وَقَالَ عَطَاءٌ إِنِ اسْتَنْثَرَ، فَدَخَلَ الْمَاءُ فِى حَلْقِهِ، لاَ بَأْسَ، إِنْ لَمْ يَمْلِكْ. وَقَالَ الْحَسَنُ إِنْ دَخَلَ حَلْقَهُ الذُّبَابُ فَلاَ شَىْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ إِنْ جَامَعَ نَاسِيًا فَلاَ شَىْءَ عَلَيْهِ. 1933 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا ابْنُ سِيرِينَ عَنْ

27 - باب السواك الرطب واليابس للصائم

أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا نَسِىَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ». طرفه 6669 - تحفة 14553 ذَهَبَ مالكٌ إلى الفرق بين النَّفل والفرض، فمن أكل ناسيًا في الصِّيامِ الفرضِ والواجبِ، وَجَبَ عليه القضاء. وإن كان صومًا نفلا، فلا قضاءَ عليه. وعندنا، وعند الشافعيِّ: ليس عليه قضاء مطلقًا، لا في الفريضة، ولا في النافلة، وصومُه تامٌّ بخلاف النسيان في الصلاة. فإن أكل أو شَرِبَ ناسيًا، وهو يُصَلِّي فَسَدَت صلاتُه، والفرق في الفِقْهِ. 27 - باب السِّوَاكِ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ لِلصَّائِمِ وَيُذْكَرُ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَاكُ، وَهُوَ صَائِمٌ مَا لاَ أُحْصِى أَوْ أَعُدُّ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ». وَيُرْوَى نَحْوُهُ عَنْ جَابِرٍ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَمْ يَخُصَّ الصَّائِمَ مِنْ غَيْرِهِ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ». وَقَالَ عَطَاءٌ وَقَتَادَةُ يَبْتَلِعُ رِيقَهُ. 1934 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ حُمْرَانَ رَأَيْتُ عُثْمَانَ - رضى الله عنه - تَوَضَّأَ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ ثَلاَثًا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْمَرْفِقِ ثَلاَثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى إِلَى الْمَرْفِقِ ثَلاَثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى ثَلاَثًا، ثُمَّ الْيُسْرَى ثَلاَثًا، ثُمَّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِى هَذَا، ثُمَّ قَالَ «مَنْ تَوَضَّأَ وُضُوئِى هَذَا، ثُمَّ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ، لاَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِمَا بِشَىْءٍ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». أطرافه 159، 160، 164، 6433 - تحفة 9794 - 41/ 3 اختار المصنِّفُ مذهبَ الحنفية، ولم يفرِّق بين ما قبل الزَّوَالِ وبعده. قوله: (قال عَطَاءٌ، وقَتَادَةُ: يَبْتَلِعُ رِيقَه). قال الشيخ ابن الهُمَام: إن جمع ريقَه في فمه، ثم ابتلعه كُرِهَ، وإلا لا. 28 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمَنْخِرِهِ الْمَاءَ» وَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الصَّائِمِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الْحَسَنُ لاَ بَأْسَ بِالسَّعُوطِ لِلصَّائِمِ إِنْ لَمْ يَصِلْ إِلَى حَلْقِهِ، وَيَكْتَحِلُ. وَقَالَ عَطَاءٌ إِنْ تَمَضْمَضَ ثُمَّ أَفْرَغَ مَا فِى فِيهِ مِنَ الْمَاءِ لاَ يَضِيرُهُ، إِنْ لَمْ يَزْدَرِدْ رِيقَهُ، وَمَاذَا بَقِىَ فِى فِيهِ، وَلاَ يَمْضَغُ الْعِلْكَ، فَإِنِ ازْدَرَدَ رِيقَ الْعِلْكِ لاَ أَقُولُ إِنَّهُ يُفْطِرُ. وَلَكِنْ يُنْهَى عَنْهُ فَإِنِ اسْتَنْثَرَ، فَدَخَلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ، لاَ بَأْسَ، لَمْ يَمْلِكْ.

29 - باب إذا جامع فى رمضان

29 - باب إِذَا جَامَعَ فِى رَمَضَانَ وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ، مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلاَ مَرَضٍ لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ، وَإِنْ صَامَهُ». وَبِهِ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالشَّعْبِىُّ وَابْنُ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمُ وَقَتَادَةُ وَحَمَّادٌ يَقْضِى يَوْمًا مَكَانَهُ. 1935 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ حَدَّثَنَا يَحْيَى - هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ - أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ أَخْبَرَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَقُولُ إِنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّهُ احْتَرَقَ. قَالَ «مَالَكَ». قَالَ أَصَبْتُ أَهْلِى فِى رَمَضَانَ. فَأُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِكْتَلٍ، يُدْعَى الْعَرَقَ فَقَالَ «أَيْنَ الْمُحْتَرِقُ». قَالَ أَنَا. قَالَ «تَصَدَّقْ بِهَذَا». طرفه 6822 - تحفة 16176 ذَهَبَ الجمهورُ إلى أن من جَامَعَ في رمضانَ، فعليه القضاءُ والكفَّارةُ. واختار البخاريُّ أن لا قضاءَ عليه، وعليه الكفَّارة. وأمَّا في غيره، فلا قضاءَ ولا كفَّارةَ عند المصنِّفِ. وأوجبهما أبو حنيفة، ومالك في الأكل والشُّربِ أيضًا. خلافًا للشافعيِّ، وأحمد. أمَّا انتفاءُ القضاء عنده، فلِمَا روى الترمذيُّ: «أن من أَفْطَرَ متعمِّدًا يومًا من رمضانَ من غير رُخْصَةٍ، ولا مرضٍ، لم يقضِ عنه صوم الدَّهْرِ كلِّه، وإن صامه». وأمَّا انتفاءُ الكفَّارةِ، فلكونها تعزيرًا. والأصلُ فيه الظِّهَار، فإن الشَّرْعَ أَوْجَبَ فيه صيامَ شهرين متتابعين تَعْزِيرًا، لمَّا قال مُنْكَرًا من القول وزُورًا. ولذا يجبُ عليه قضاؤه عند الجمهور، فإن القضاءَ للصَّوْمِ الذي أفسده. وأمَّا صيامُ شهرين متتابعين فتعزيرٌ لِمَا فعله، وليس بدلا عن صومه الذي أَفْسَدَهُ. فإذا عَلِمْتَ أن الكفَّارة بالصِّيام تعزيرٌ، وليس بدلا عن الصوم، عَلِمْتَ أنها لا تنبغي أن تَجِبَ في الأكل والشرب، لأن التعزيرَ لا يجري فيه القياس، كما في الحدود، فتَقْتَصِرُ على موردها، لا سِيَّما إذا كان الأكلُ والشربُ أخفَّ من الجِمَاع أيضًا. هذا تقريرُ كلامه مع الجمهور. وحينئذٍ لا يَرِدُ عليه أن الصِّيامَ إذا صار كفَّارةً عن الجِمَاع - وهو أشدُّ - فليكن عن الأكل والشرب بالأَوْلى، فإنهما أخفُّ. وتقريرُ الجواب أن الكفَّارةَ بالجماع ليست للتلافي، بل هي تعزيرٌ له. فكما أن الصِّيامَ ليست كفَّارةٌ له في الأكل والشربِ عندكم أيضًا، كذلك في الجِمَاع أيضًا، إلا أنا قلنا بها في الجِمَاع للنصِّ، تَعْزيرًا لا تكفيرًا، ولا قياسَ فيه. قلتُ: وهذا يُؤَيِّدُ الحنفيةَ: أن الكفَّارات عند البخاريِّ زواجرُ لا سَوَاتِر، كما قاله الشافعيةُ، وقد مرَّ الكلامُ فيه في الإِيمان. ثم اختلف الجمهورُ فيما بينهم في إيجاب الكفَّارة بالأكل والشرب بعد اتفاقهم في إيجابها بالجِمَاع: فذهب مالك، وأبو حنيفة إلى إيجابها فيهما. وذهب أحمد، والشافعيُّ إلى أنها بالجِمَاع خاصةً.

قلتُ: والأصلُ أن الأئمةَ اختلفوا في تنقيح مناطه (¬1): فذهب أحمد، والشافعيُّ إلى أن إيجابَ الكفَّارة فيه لأجل الجِمَاع من حيث كونه جِمَاعًا. وقال أبو حنيفة، ومالك: بل لكونه مُفْطِرًا. ولا فرقَ بين الأكلِ، والشربِ، والجِمَاع في حقِّ الإِفطار، فيستوي في حقِّ الكفَّارة أيضًا. ولا عِبْرَةَ بكون الجِمَاع أغلظَ من غير هذا الوجه. ولعلَّك عَلِمْتَ مما قُلْنَا، أن إيجابَ الكفَّارة بالأكل والشرب ليس من جهة القياس، بل لتنقيح المناط، وهو غير القياس، كما مهَّدْنَاه في المقدمة. وأمَّا حديثُ الترمذيِّ، فَمَحْمَلُه عند الجمهور الفضلُ دون الفِقْهِ، أي من أفطر يومًا من رمضان، فإنه لا يُدْرِكُ فضله، وإن صَامَ الدَّهرَ. وليس فيه: أنه لا يَسْقُطُ عنه قضاؤه أيضًا. والحاصلُ: أن لا كفَّارةَ عليه عند المصنِّف بالأكل والشرب، وعليه الكفَّارةُ بالجِمَاع تعزيرًا. ولا قضاءَ عنده في الفصلين، ولا تَحْسِبْ أنه تخفيفٌ وتهوينٌ منه، بل هو تشديدٌ في غايته. كما قال إمامُنا الأعظم: أن لا حدَّ على اللُّوطي، وذلك لأنه عَدَّه أشنعَ من الزاني، فأغلظَ له في العقوبة، فيفعل به الإِمامُ ما شاء من الحَرْقِ، وهَدْمِ البناء عليه، وغير ذلك. وكما قال ابن حَزْم: من ترك الصلاة متعمِّدًا فلا قضاءَ له، فهذا أيضًا تشديدٌ. قوله: (وقال سعيدُ ... إلى قوله: يقضي يومًا مَكَانَهُ) ... إلخ، أخرج المصنِّفُ آثارًا متعارضةً. ففي الأول: أن لا قضاءَ عليه، وفي الثاني: أن عليه القضاء، وذلك لعدم جَزْمِهِ بالقضاء. ¬

_ (¬1) فائدةٌ: قد بيَّنا لك في المقدمة معنى الأعمال الثلاثة، فَظَهَرَ لنا الآن أن نَعُودَ إليه ثانيًا. قال الشيخُ: واعلم أن هذه الأعمال تعرَّض لها الشافعيةُ في كُتُبهم، وأخذ عنها الشيخُ ابن الهُمَام، فذكرها في "تحرير الأصول"، وهو كتابٌ صَعْبٌ. وألَّف الشيخُ يعقوب باشا كتابًا سمَّاه "تيسير الأصول"، وأراد فيه أن يُسهِّلَ وُيبَيِّن كلام ابن الهُمَام في "التحرير". ثم اعلم أن هنا ثلاثة أعمال: تحقيق المناط، وتنقيحُ المناط، وتخريجُ المناط. أمَّا الأوَّل، فهو أن تَرِدَ ضابطةٌ كليةٌ من جانب الشرع، فتُجرِيها في الجزئيات، نحو أنه وَرَدَ في الشرع: أن الماءَ الكثيرَ لا يتنجَّسُ بوقوع النجاسة فيه، فهذه ضابطةٌ، ثم تَبحَثُ عن الماء المخصوصِ مثلًا أنه ماءٌ كثيرٌ أم لا؟ فهذا تحقيقُ المناط. فالمناط مذكورٌ من جهة الشرع، وأنت تحققه وتُثبِتُه في هذا الموضع فقط، وذلك لا يختصُّ بالمجتهد. وأمَّا تنقيحُ المناط، فهو تَتَبُّعُ المناط لحكم وَرَدَ من قَبلِ الشرع. وذلك من وظيفة المجتهد، فإنه يتفكَّرُ في أن الحكمَ المذكورَ مقصورٌ على المنصوص، أو يدورُ بعلةٍ، كالاستنجاء بالحجارة. فإن الحديثَ وَرَدَ في الاستنجاء بالحجارة، ولكن على المجتهد أن يتفكَّرَ في أن الحكمَ مقصورٌ على الحجارة، أو يدورُ بكل قالعٍ للنجاسة تافهٍ غير محترم، فيتعدَّاها. والثالث: تخريجُ المناط، وهو: أن الحكمَ الشرعيَّ وَرَدَ في محل، وفيه أوصافٌ عديدةٌ يَصلح كلٌّ منها أن يُنَاطَ به الحكم، فَيُخَرِّجُ المجتهدُ منها ما هو المناط عنده، ويَهدِرُ الباقي، كحرمة الربا في الأشياء الستة. فخرَّج مالك: أن المناطَ منها الاقتياتُ والادخارُ وأبو حنيفة: الكيلُ والوزنُ، والشافعيُّ: الطعمُ والثمنيةُ. وقد صَرَّح ابن رُشْدٍ: أن الأسبقَ فيه الحنفية، ومناطُهم أقوى. إذا عَلِمتَ هذا، فاعلم أن الإِمامَ أبا حنيفة لم يَقِس الأكلَ والشربَ على الجِمَاع، ولا شبههما به، بل عَملَ بتنقيح المناط، وحينئذٍ لا يَرِدُ عليه ما أورده القومُ.

30 - باب إذا جامع فى رمضان، ولم يكن له شىء، فتصدق عليه فليكفر

فإن قُلْتَ: كيف وأنه قد جَزَمَ بعدم القضاء في صدر الصفحة قال أبو جعفر (¬1) - وهو ورَّاق البخاري: سألتُ أبا عبد الله البخاري، إذا أفطر يُكَفِّرُ مثل المكورة؟ قال: لا، أَلا ترى الأحاديث: لم يَقْضِهِ، وإن صام الدهرَ اهـ. قلتُ: لا تنافي بين عدم الجَزْمِ باعتبار وجوب القضاء وعدمه، وبين الجَزْمِ بعدم إنابته مناب صوم رمضان باعتبار الثواب. ومُحَصَّلُ الكلام: أن مرادَ البخاريِّ لا يتقرَّرُ إلا بعد الإِمعان في أمور: الأول: أن الكفَّارة عنده تعزيرٌ، وأنها ليست إلا بالجِمَاعِ، وأنه لم يَحْكُمْ بشيءٍ من إيجاب القضاء وعدمه (¬2). 30 - بابٌ إِذَا جَامَعَ فِى رَمَضَانَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَىْءٌ، فَتُصُدِّقَ عَلَيْهِ فَلْيُكَفِّرْ واعلم أن الترتيبَ في الكفَّارة بين الإِعتاق، والصوم، والإِطعامُ واجبٌ عند الجمهور، وهو نصُّ الحديث. إلا أن مالكًا تفرَّد (¬3) فيه، وقال بالتخيير، والظاهرُ أنه مذهبٌ مرجوحٌ. ويمكن العُذْرُ لمالك أن يكونَ الترتيبُ المذكورُ عنده محمولا على الذكر فقط، فلا يَجِبُ في الحكم. مع أن الحديثَ وَرَدَ عند الطحاويِّ، وغيرِه بحرف التخيير أيضًا، عن أبي هُرَيْرَة: «أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أمره أن يكفِّرَ بعِتْقِ رقبةٍ، أو صيامِ شهرين متتابعين، أو إطعام سِتين مسكينًا». اهـ. 1936 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ «مَا لَكَ». قَالَ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِى وَأَنَا صَائِمٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا». قَالَ لاَ. قَالَ «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ». قَالَ لاَ. فَقَالَ «فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ لاَ. ¬

_ (¬1) قلتُ: والعبارةُ المذكورةُ من سؤال ورَّاق البخاريِّ عندنا في النسخة الأحمدية من باب اغتسال الصائم، ولا مناسبة لها بالحديث الذي أخرج بعده، وليست تلك في النسخة اليُونِينِية من "القَسْطَلَّاني"، وهي أصحُّ النُّسَخ، فلا اضْطِرَاب. (¬2) قلت: وما مرَّ من قبل: أن لا قضاءَ عند المصنِّف بإفساد صوم رمضان بالجِمَاع. فهذا أيضًا ممكنٌ، حيث نَفَاهُ صراحةً في جواب الورَّاق. وإنما حدث التردُّد في مراده، لنَقْلِهِ آثارًا متعارضةً، فإن شِئْتَ، قُلْتَ: إنه لا قضاءَ عنده في الصورة المذكورة. وإن شِئْتَ قُلْتُ: إنه متردِّدٌ في إيجاب القضاء، والله تعالى أعلم. وإنما ذَكَرْتُ مراد الشيخ فَهْمًا مني، وإلَّا فمُذَكِّرَتي كانت مشكوكةً لا آمَنُ فيها الخطأ. (¬3) قال ابن العربيِّ: رواه مالك في "الموطأ"، عن أبي هُرَيْرَة: "أن رجلًا أفْطَرَ في رمضان، فأمره رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يَعتِقَ، أو يُكَفِّرَ بصيام شهرين مُتَتَابِعَين، أو يُطعِمَ". وتابعه عليه جماعةٌ، واختلف علماؤنا فيه. والصحيحُ في الرواية عن مالك في التخيير: والظاهرُ التخييرُ. والصحيحُ في الدليل الترتيبُ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رتَّب له، ونقله من أمرٍ بعد عَدَمِهِ، وتَعَذُّر استطاعته إلى غيره، فلا يكون فيه تخيبرٌ. اهـ.

31 - باب المجامع فى رمضان، هل يطعم أهله من الكفارة إذا كانوا محاويج؟

قَالَ فَمَكَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ - وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ - قَالَ «أَيْنَ السَّائِلُ». فَقَالَ أَنَا. قَالَ «خُذْهَا فَتَصَدَّقْ بِهِ». فَقَالَ الرَّجُلُ أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا - يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ - أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِى، فَضَحِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ «أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ». أطرافه 1937، 2600، 5368، 6087، 6164، 6709، 6710، 6711، 6821 تحفة 12275 - 42/ 3 1936 - قوله: (فهل تَسْتَطِيعُ أن تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْن)، وفي روايةٍ عند البزَّار - في جوابه: «هل لَقِيتَ ما لَقِيتَ إلا من الصيام». اهـ؛ فتجري فيه خِلافيَّةٌ أخرى، وهي أن شدَّةَ الشَّبَقِ عذرٌ، أو لا؟ فأَنْكَرَهُ الحنفيةُ، وقال به الشافعيةُ. فالحديثُ حُجَّةٌ علينا، فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم عدَّه عذرًا للعدول عنه إلى الإِطعام. وهو عندي محمولٌ على خصوصيته، كما أن كفَّارتَه بالمقدارِ المخصوصِ مختصٌّ به عند آخرين أيضًا. فعند أبي داود، عن الزُّهْرِيِّ: «إنما كان هذا رخصةً له خاصةً»، وهكذا عند الدَّارَقُطْني. وأجاب عنه الطحاويُّ: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لمَّا عَلِمَ حاجةَ الرجل أعطاه ما أعطاه من التمر يَسْتَعِينُ به فيما وَجَبَ عليه، لا على أنه جميعُ ما وَجَبَ عليه. كالرجل يَشْكُو إلى الرجل ضَعْفَ حاله، وما عليه من الدَّيْن فيقول: خذ هذه العشرة دراهم، فَاقْضِ بها دَيْنَكَ. ليس على أنها تكون قضاءً عن جميع دَيْنِهِ، ولكن على أن يكونَ قضاءً بمقدارها من دَيْنِهِ اهـ. ولك أن تقول: إنه كان أعرابيًا لم يكن له علمٌ بكثير من الحلال والحرام، وقد عَلِمْتَ أن الجهلَ كان عُذْرًا في بَدْء الشرع، فَتَسَامَحَ عنه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وجعل شِدَّةَ الشَّبَقِ عذرًا في حقِّه، واكتفى بذلك المِكْتَل كَفَّارةً في حقِّه. ومآلهُ إلى التخصيص مع بيان السبب له، وقد قرَّرناه في مواضعَ شتَّى. وإنما لم يَعُدَّ الحنفيةُ شِدَّة الشَّبق عذرًا، لأنه يُوجِبُ فتح باب الجنايات، فإن لكلِّ أحدٍ أن يتمسَّك به، ويَهْتِكَ حرمات الله تعالى، فَحَمَلُوه على الخصوصيّة (¬1). 31 - باب الْمُجَامِعِ فِى رَمَضَانَ، هَلْ يُطْعِمُ أَهْلَهُ مِنَ الْكَفَّارَةِ إِذَا كَانُوا مَحَاوِيجَ؟ 1937 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّ الأَخِرَ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ فِى رَمَضَانَ. فَقَالَ «أَتَجِدُ مَا تُحَرِّرُ رَقَبَةً؟». قَالَ لاَ. قَالَ «فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟». قَالَ لاَ. قَالَ «أَفَتَجِدُ مَا تُطْعِمُ بِهِ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟». قَالَ لاَ. قَالَ فَأُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ - وَهُوَ الزَّبِيلُ - قَالَ «أَطْعِمْ هَذَا عَنْكَ». ¬

_ (¬1) قلتُ: إن شدَّةَ الشَّبَقِ لم تُعدَّ عُذرًا عند الشافعية في الأبواب الأُخر، فمن وَاقَع امرأته في الحجِّ قبل عَرَفة، فَسَدَ حجُّه إجماعًا بدون فصلٍ، ويجب عليه الدمُ. ولم نَعْتَبِرْه ههنا أيضًا.

32 - باب الحجامة والقىء للصائم

قَالَ عَلَى أَحْوَجَ مِنَّا؟ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا. قَالَ «فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ». أطرافه 1936، 2600، 5368، 6087، 6164، 6709، 6710، 6711، 6821 - تحفة 12275 ولم يَذْهَب إليه أحدٌ من الأئمة الأربعة، وإنما ترجم به البخاريُّ، تَبَعًا للحديث. ووضع حرف الاستفهام، كأنه لا يَحْمِلُهُ على نفسه، ويوجِّه الناظرَ إليه. 32 - باب الْحِجَامَةِ وَالْقَىْءِ لِلصَّائِمِ وَقَالَ لِى يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلاَّمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - إِذَا قَاءَ فَلاَ يُفْطِرُ، إِنَّمَا يُخْرِجُ وَلاَ يُولِجُ. وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ يُفْطِرُ. وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ الصَّوْمُ مِمَّا دَخَلَ، وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَحْتَجِمُ، وَهُوَ صَائِمٌ، ثُمَّ تَرَكَهُ، فَكَانَ يَحْتَجِمُ بِاللَّيْلِ. وَاحْتَجَمَ أَبُو مُوسَى لَيْلاً. وَيُذْكَرُ عَنْ سَعْدٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَأُمِّ سَلَمَةَ احْتَجَمُوا صِيَامًا. وَقَالَ بُكَيْرٌ عَنْ أُمِّ عَلْقَمَةَ كُنَّا نَحْتَجِمُ عِنْدَ عَائِشَةَ فَلاَ تَنْهَى. وَيُرْوَى عَنِ الْحَسَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مَرْفُوعًا فَقَالَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ. وَقَالَ لِى عَيَّاشٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ مِثْلَهُ. قِيلَ لَهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ نَعَمْ. ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ. تحفة 14265، 17961 أ، 18561 1938 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ، وَهْوَ مُحْرِمٌ وَاحْتَجَمَ وَهْوَ صَائِمٌ. أطرافه 1835، 1939، 2103، 2278، 2279، 5691، 5694، 5695، 5699، 5700، 5701 - تحفة 5989 - 43/ 3 قوله: (ويُرْوَى عن الحسن) ... إلخ، والمصنِّفُ مرَّضَه، مع أن الحديثَ صحيحٌ في الخارج. لم يَذْهَب إلى الإِفطار من الحِجَامة أحدٌ من الأئمة غير أحمد، فقيل: معنى قوله: «أفطرَ الحَاجِمُ والمَحْجُومُ»: أي كادا أن يُفْطِرَا. أمَّا الحاجمُ، فلخوف دخول الدم في جوفه. وأمَّا المحجوم، فلضَعْفِهِ. وأجاب عنه الطحاويُّ: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم رأى رجلين يَغْتَابَان، فقال: «أفطر الحاجمُ والمحجومُ»، وذلك لأجل الغيبة، وهي أَكْلُ اللحم بالنصِّ. وإنما عبَّر عنهم بالحاجم، لكونهما يَفْعَلان الحِجَامة ساعتئذٍ، فكان وصفًا عنوانيًا لهما، لا أنها كانت عِلَّةً للحكم. وهذا كما تقول: فَسَدَت صلاةُ هذا الفاسق، لا تُرِيدُ أنها فَسَدَت لفِسْقِهِ، بل الفِسْقُ عنوانٌ له، أمَّا فسادُ صلاته، فبأمرٍ ارتكبه في خلال صلاته. وكذلك فيما نحن فيه، أن الرجلين لمَّا كانا مَشْغُولَيْن في الحِجَامة، وكانا يَغْتَابَان، قال لهما النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «أفطر الحاجمُ والمحجومُ»، فلا يَدُلُّ على أن عِلَّةَ الحكم هو الحِجَامة. نعم لمَّا حَذَفَ السببَ المذكورَ من صدره تُوُهِّمَ أنه كُلِّيةٌ، مع أنه كان واقعةً جزئيةً، والمناط فيها ما قلنا، دون الحِجَامة. قلتُ: الرواية التي تَدُلُّ على كونها واقعةً ضعيفةٌ جدًا. وفي البخاريِّ عن أنس أنه سُئِلَ:

33 - باب الصوم فى السفر والإفطار

«أَكُنْتُم تَكْرَهُون الحِجَامةَ؟ قال: لا، إلا من أجل الضَّعْف»، وهذا يُمْكِنُ أن يكونَ إشارةً إلى التأويل المشهور، أو بيانًا للواقع. واعلم أن هناك حديثًا في «المسند» لأبي يَعْلَى، وهو في «المسند» لأبي حنيفة أيضًا: «أن الوضوءَ ممَّا خَرَجَ، والفِطْرَ ممَّا دَخَلَ»، ومقتضاه أن لا تكون الحِجَامةُ مُفَطِّرَةً، لأنها لم يَدْخُل منهاشيءٌ، فَيُحْتجُّ بها على خلاف ما اختاره أحمد. قلتُ: ويمكن عندي أن يكونَ ممَّا خرج أيضًا شيءٌ من الفساد، كما في الاستقاء، فإنه يُوجِبُ الفسادَ مع عدم دخول شيءٍ فيه، فكذلك يمكن أن يكون خروجُ الدم أيضًا مُفْسِدًا، ولو في الجملة. وكما في الفِقْهِ أن من بَاشَرَ امرأته فأنزل، فَسَدَ صومُه، مع أنه ليس فيه دخول شيءٍ، ولكن لا يُدْرَى أن الحكمَ بالفساد فيه لأجل المُبَاشرة، أو خروج المنيِّ. فإن كان الثاني، فهو نظيرٌ ثالثٌ للفساد ممَّا خَرَجَ. على أن للملائكة مُنَافرةً تامةً من الدماء، ولذا قالوا: {وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: 30] أَلا تَرَى أن الصومَ لا يَجُوز للطامث، مع عدم دخول شيءٍ فيه؟ فإذا عَلِمْنَا الفسادَ كلاًّ، أو بعضًا مما خَرَجَ أيضًا، وَسِعَ لنا أن نقولَ به، فيما نحن فيه، لا سيَّما إذا كانت الملائكةُ تتأذَّى منه. ورأينا أن الشريعةَ قد تَعْتَبِرُ بالأشياء التي تُؤْذِي الملاكةَ أيضًا. ولولا الأحاديث دَلَّت على عدم الفساد من جانبٍ آخر، لادَّعَيْتُ أن الحِجَامةَ مُفْسِدَةٌ في أحكام الدنيا أيضًا. إلا أن الدلائلَ لمَّا قامت على خلافه، اكتفيتُ بالفساد الأخرويِّ، وجعلتها كالغِيبة مُفْسِدةً في النظر المعنويِّ، مُحْبِطَةً للثواب فقط، وإن لم تكن مُفْسِدةً في الحكم. 1939 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ احْتَجَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ صَائِمٌ. أطرافه 1835، 1938، 2103، 2278، 2279، 5691، 5694، 5695، 5699، 5700، 5701 - تحفة 5989 1940 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِىَّ يَسْأَلُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ قَالَ لاَ. إِلاَّ مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ. وَزَادَ شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 448 1939 - أمَّا قوله: (احتجم النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وهو صائمٌ)، فعلَّله الإِمامُ أحمد، وبَسَطَه ابن عبد الهادي. وملخَّصُهُ: أن الاحتجامَ المذكورَ كان في حال الإِحرام، ولم يَثْبُتْ إحرامه في رمضانَ، وإذن لا يكون صومه هذا إلا نفلا. مع أنه لا دليلَ فيه على عدم قضائه أيضًا، على أن قضاءَ الصومِ النفلِ مُجْتَهَدٌ فيه. وبعد اللَّتَيَّا والتي لمَّا صَحَّ الحديثُ فيه، وذهب إمامٌ ذو شأنٍ إلى ظاهره، بلا تأويلٍ فيه، التزمتُ أن في الحِجَامة إفطارًا في النظر المعنويِّ، وإن لم يكن في النظر الفقهيِّ. كيف لا وأنه تلطَّخ بالدماء، وتجنَّب من سِمَات الملائكة، وتزيَّ بغير زِيِّهم في شهر التقوى. وقد قرَّرْنَاه مِرَارًا. 33 - باب الصَّوْمِ فِى السَّفَرِ وَالإِفْطَارِ 1941 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِىِّ سَمِعَ

34 - باب إذا صام أياما من رمضان ثم سافر

ابْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ فَقَالَ لِرَجُلٍ «انْزِلْ فَاجْدَحْ لِى». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الشَّمْسُ. قَالَ «انْزِلْ فَاجْدَحْ لِى». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الشَّمْسُ. قَالَ «انْزِلْ فَاجْدَحْ لِى». فَنَزَلَ، فَجَدَحَ لَهُ، فَشَرِبَ، ثُمَّ رَمَى بِيَدِهِ هَا هُنَا، ثُمَّ قَالَ «إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ». تَابَعَهُ جَرِيرٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنِ ابْنِ أَبِى أَوْفَى قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ. أطرافه 1955، 1956، 1958، 5297 - تحفة 5163 1942 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِىَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أَسْرُدُ الصَّوْمَ. طرفه 1943 - تحفة 17319 1943 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِىَّ قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَأَصُومُ فِى السَّفَرِ وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ. فَقَالَ «إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ». طرفه 1942 - تحفة 17162 34 - بابٌ إِذَا صَامَ أَيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ سَافَرَ 1944 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فِى رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ أَفْطَرَ، فَأَفْطَرَ النَّاسُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَالْكَدِيدُ مَاءٌ بَيْنَ عُسْفَانَ وَقُدَيْدٍ. أطرافه 1948، 2953، 4275، 4276، 4277، 4278، 4279 - تحفة 5843 وههنا مسألتان: الأولى: أنه لا يَجُوز له الإِفطار في يوم خروجه. فإذا خرج من بيته مُرِيدًا مدَّة السفر، فله أن لا يَصُومَ من الغدِ إن شاء. والثانية: أن المسافرَ إذا لم يترخَّص برخصة الله، وعَمِلَ بالعزيمة وصام، ليس له الإِفطار قبل الغروب من ذلك اليوم إلا بعُذْرٍ، وعليه أن يتِمَّ صومَه ذلك. وقال الآخرون: إنه جائزٌ، كما جاز له أن لا يصومَ ابتداءً، فهكذا بقاءً. وحديثُ الباب واردٌ علينا. وأجاب عنه بعضُهم: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أمرهم بالفِطْرِ لما رأى بهم من المَشَقَّة. فقيل عليه: وهل كانت المشقَّةُ بلغت من كلِّهم مبلغ الإِفطار؟ فلم يُجِبْ عنه ابن الهُمَام. قلتُ: والإِفطارُ عندنا جائزٌ للغُزَاة، تحصيلا للقوة بدون تفصيلٍ، فنظر النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إلى مشقَّتهم، مع إشرافهم على القتال، فأمرهم بالفِطْر لذلك. فأخرج الترمذيُّ في الجهاد، عن أبي سعيد الخُدْرِيِّ، قال: «لما بَلَغَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عام الفتح مرَّ الظَّهْرَان، فآذَنَنَا بلقاء العدو، فأمَرَنَا بالفِطْرِ، فأَفْطَرْنا أجمعين»، إلا أنه ينبغي أن يُمْعَنَ النظرُ في أن حديثَ أبي سعيدٍ هذا، وما رواه ابن عباس واقعةُ يومٍ واحدٍ، أو اثنين.

35 - باب

35 - بابٌ 1945 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَعْضِ أَسْفَارِهِ فِى يَوْمٍ حَارٍّ حَتَّى يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلاَّ مَا كَانَ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَابْنِ رَوَاحَةَ. تحفة 10978 - 44/ 3 36 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لِمَنْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، وَاشْتَدَّ الْحَرُّ «لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِى السَّفَرِ» 1946 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِىُّ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهم - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَامًا، وَرَجُلاً قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ «مَا هَذَا». فَقَالُوا صَائِمٌ. فَقَالَ «لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِى السَّفَرِ». تحفة 2645 ذهب داود الظاهريِّ إلى أن الصومَ في السفر باطلٌ لأجل هذا الحديث. وذهب الفقهاءُ الأربعةُ إلى أنه أفضلُ لمن استطاع، ولم يَشُقَّ عليه. وأجاب الجمهورُ عن الحديث المذكور بأنه محمولٌ على المَشَقَّة، كما أشار إليه البخاريُّ في الترجمة، ودَلَّ عليه مَوْرِدُ نطقه. قلتُ: وقد أَصَابُوا في ذلك، إلا أنهم لم يَذْكُرُوا وِجْهَةَ التعميم في الحديث، أيَّ عمومٍ، فإنه يَدُلُّ على أن الصومَ في السفر ليس من البِرِّ في شيءٍ. وقد عضَّ به الظَاهريُّ بالنواجذ، وقضى بمقتضاه. قلتُ: وانكشف عندنا من غير واقعةٍ واحدةٍ أن الصومَ في السفر جائزٌ، وإذن فليس مَدَار المسألة على التعبير. نعم نَطْلُب له وجهًا، فإن انكشف فيها، وإلا فالمسألةُ بحالها، فإن التعاملَ أبينُ حُجَّةً. ولم أَرَ أحدًا منهم توجَّه إلى بيان وجه هذا التعبير، وها أنا ذا أُلْقي عليك ما سَنَحَ لي فيه، وقد وَعَدْنَاك في الإِيمان: أنا نَذْكُرُ لك في الصيام سرَّ نفي البِرِّ عمَّا يكون من أبرِّ البرِّ. فاعلم أن الحديثَ مُقْتَبَسٌ من قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [البقرة: 177] إلخ، وفي مثله ينبغي النظر في المُقْتَبَس عنه، لأن المُقْتَبَس يكون تابعًا له في التعبير. وإذن التعميمُ في قوله صلى الله عليه وسلّم ليس قَصْدِيًّا وابتدائيًّا، بل جاء لحال الاقتباس. نعم، يكون مقصودًا في المُقْتَبَس عنه. فأقولُ: إن النصَّ وَرَدَ لإِصلاح الطبائع السافلة التي تكون لهم بالأمور الصغار عنايةٌ، ولا تكون لهم بالأمور المهمَّة عباية. كما ترى اليهودَ، فإن جُلَّ بحثهم كان مقصورًا على أمر التحويل، وأن القِبْلَةَ هي بيت الله، أو بيت المقدس، ولا يَدْرُونَ أن التوجُّهَ ليس لكون الله سبحانه في تلك الجهة {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] فليس هذا بأمرٍ أهمّ. ولم يكن لهم بحثٌ عمّا هو مِلاك الأمر ومَدَارُ النجاة، وهو الإِيمان بالله، والإِيمان بالرسول، فينبغي لهم أن

37 - باب لم يعب أصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم - بعضهم بعضا فى الصوم والإفطار

يَهْتَمُّوا بهذا البرِّ الذي لا برَّ فوقه، لا أن يَشْغَفُوا بما لا يُغْنِيهم، ويَلْهُوا عما يعنيهم. وهكذا فيما نحن فيه، شقَّ على بعضهم الفِطْرُ، وهم في شهر رمضان، فلم يُفْطِرُوا حتى غُشِيَ عليهم، ولم يَنْظُرُوا إلى أن الصومَ بهذه المشقَّة يوجبُ النقصانَ في كثيرٍ من الفرائض. فالذي ينبغي أن يُرَاعَى الأهمُّ فالأهمُّ، ويُعْمَلَ بالرُّخَصِ عند تعسُّر العمل بالعزيمة. وبعبارةٍ أخرى: إن قلَّة الفِقْه مع حُسْنِ النيَّة قد يُوجبُ الاهتمام في الأمور اليسيرة، والتغافُل عن الأمور العظيمة. وهذا الاهتمامُ والاحتياطُ قد يَعُودُ وَبَالا في حقِّه، فنبَّه عليه الشرعُ، أن يقدِّم الأقدمَّ فالأقدمَّ. وفي مثله يأتي هذا التعبير قال الجامع: وكان الشيخُ يترجمه في لغتنا الأُرْدِيّة (اسمين نيك بخت بيوقوف كى اصلاح هى) ولعلّك عَلِمْتَ منه أن نفيَ البرِّ في النصِّ مَقْصُودٌ ومرادٌ، وفي الحديث اقتباسٌ منه، والكلامُ في مثله إنما يجري في الأصل المُقْتَبَس عنه. 37 - باب لَمْ يَعِبْ أَصْحَابُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِى الصَّوْمِ وَالإِفْطَارِ 1947 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ، وَلاَ الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ. تحفة 737 والعجبُ من الشيخ النووي أنه ذكر مع هذه القطعة قطعةَ إتمام الصلاة في السفر وقَصْرِها أيضًا، ثم عَزَاه إلى مسلم، مع أنه ليس فيه اسمُها ولا رَسْمُها. وهذا نصُّه في باب صلاة المسافرين وقصرها: واحتجَّ الشافعيُّ ومُوَافِقُوه بالأحاديث المشهورةِ في «صحيح مسلم»، وغيره: أن الصحابةَ رضي الله تعالى عنهم كانوا يُسَافِرُون مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم فمنهم القاصرُ، ومنهم المُتِمُّ، ومنهم الصَّائِمُ، ومنهم المُفْطِرُ، لا يَعِيبُ بعضُهم على بعضٍ. اهـ. 38 - باب مَنْ أَفْطَرَ فِى السَّفَرِ لِيَرَاهُ النَّاسُ 1948 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَرَفَعَهُ إِلَى يَدَيْهِ لِيُرِيَهُ النَّاسَ فَأَفْطَرَ، حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، وَذَلِكَ فِى رَمَضَانَ فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ قَدْ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَفْطَرَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ. أطرافه 1944، 2953، 4275، 4276، 4277، 4278، 4279 - تحفة 5749 39 - باب {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: 184] قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَسَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ: نَسَخَتْهَا: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)} [البقرة: 185].

40 - باب متى يقضى قضاء رمضان

وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى لَيْلَى حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - نَزَلَ رَمَضَانُ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ مَنْ أَطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا تَرَكَ الصَّوْمَ مِمَّنْ يُطِيقُهُ، وَرُخِّصَ لَهُمْ فِى ذَلِكَ فَنَسَخَتْهَا (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) فَأُمِرُوا بِالصَّوْمِ تحفة 15624 - 45/ 3 1949 - حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَرَأَ {فِدْيَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ}. قَالَ هِىَ مَنْسُوخَةٌ. طرفه 4506 - تحفة 8018 وقد مرَّ مِنَّا تحقيقُ الآية قريبًا. وحاصلُه: أنها ليست بمنسوخةٍ بالكليَّة، بل مُحْكَمَةٌ في بعض الجُزْئيَّات بعد. وأرى جزئيات الفِدْية في المذاهب الأربعة، وليست تلك إلا لهذه الآية. وهذا كما قرَّرت في آية الوضوء: أن الواو في قوله: {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6] للمعيَّة المَحْضَة، بمعنى أن لمسح الرأس مَعِيَّةً مع الأَرْجُلِ، سواء كانت المَعِيَّة بالغَسْل، أو المسح. والمَعِيَّة المطلقة تحتملهما، فهذا أيضًا إبقاء لأُنْمُوذَج المسح بالأَرْجُل، ولو في حال التخفيف. ولولاه لارْتَفَعَ حكمُ المسح بالأَرْجُل عن القرآن رأسًا، وإنما بقي فيه لمثل هذه الإِشارات. وأيضًا قد بيَّنا لك فيما قدَّمنا أن الفِدْيَةَ مُتَرَتِّبَةٌ على عدم الصوم، والمعنى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} ولم يَصُومُوا ... إلخ، وإنما حَذَفَهُ من اللفظ، ولم يَذْكُرْهُ لكونه غير مرغوبٍ عنده. وأجد صنيعَ القرآن أنه إذا كَرِهَ شيئًا تَرَكَ ذِكْرَهُ، وذلك لكونه في الذُّرْوَة العُلْيَا من الفَصَاحَةِ، فلا يَتْرُكُ مساغًا للطبائع المتكاسلة. وقد ذَهَبَ بعضُ الملاحدة إلى بقاء الفِدْيَةِ مطلقًا، تمسُّكًا بهذه الآية. وأجاز للمُطِيقِين أيضًا أن لا يَصُومُوا رمضانَ، ويُؤَدُّوا عنه الفِدْيَةَ. ما حمله عليه إلا الإِلحادُ، واللعبُ بالشريعة، واتباعُ الهوى، وإراحةُ النفس. قلتُ: ولم يُذْكَرْ في هذه الآية الإِفطار أيضًا، فعليه أن يَلْتَزِمَ الصومَ والفِدْيةَ معًا. فإن الآية لم تَحْكُمْ بالفطر للمُطِيقِين، ولكنها أَوْجَبَتْ عليهم الفِدْيَةَ، والصومُ بحاله، فَلْيَقُلْ بهما. نعم حديث الباب يُخالِفُ ما قرَّرْتُ سابقًا، من أنها في الأيام البِيضِ، فإنه يَدُلُّ على أنها في رمضانَ. والمسألةُ إذا كانت مختلفةً بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فلا بَأْسَ أن يُؤْخَذَ بأحد جوانبها. فلنا أن نَعْمَلَ بما اختاره مُعَاذ، مع كونه أعلمَ بالحلال والحرام، وقد مرَّ وجهُ الجمع أيضًا. قوله: (قال أبو الزِّنَاد: إن السُّنَنَ) ... إلخ، في «الأشباه والنظائر»: من كَثُرَتْ عليه الفوائت، ولم يَجِدْ وقتًا لأدائها مع السُّنَنِ يترك السُّنن، ويأتي بالفوائت، وإنما يهتمُّ بالأقدمِّ فالأقدمِّ - بالمعنى -. 40 - باب مَتَى يُقْضَى قَضَاءُ رَمَضَانَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لاَ بَأْسَ أَنْ يُفَرَّقَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}

41 - باب الحائض تترك الصوم والصلاة

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فِى صَوْمِ الْعَشْرِ لاَ يَصْلُحُ حَتَّى يَبْدَأَ بِرَمَضَانَ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ إِذَا فَرَّطَ حَتَّى جَاءَ رَمَضَانُ آخَرُ يَصُومُهُمَا، وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ طَعَامًا. وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ مُرْسَلًا، وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ يُطْعِمُ. وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ الإِطْعَامَ إِنَّمَا قَالَ {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. 1950 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَقُولُ كَانَ يَكُونُ عَلَىَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِىَ إِلاَّ فِى شَعْبَانَ. قَالَ يَحْيَى الشُّغْلُ مِنَ النَّبِىِّ أَوْ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 17777 41 - باب الْحَائِضِ تَتْرُكُ الصَّوْمَ وَالصَّلاَةَ وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ إِنَّ السُّنَنَ وَوُجُوهَ الْحَقِّ لَتَأْتِى كَثِيرًا عَلَى خِلاَفِ الرَّأْىِ، فَمَا يَجِدُ الْمُسْلِمُونَ بُدًّا مِنِ اتِّبَاعِهَا، مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْحَائِضَ تَقْضِى الصِّيَامَ وَلاَ تَقْضِى الصَّلاَةَ. 1951 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِى زَيْدٌ عَنْ عِيَاضٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ، وَلَمْ تَصُمْ فَذَلِكَ نُقْصَانُ دِينِهَا». أطرافه 304، 1462، 2658 - تحفة 4271 فإن أخَّر في الأداء حتى هَجَمَ عليه رمضانُ آخر، يَصُومُ ويَفْدِي عن كل يومٍ عند الشافعيِّ، وعندنا لا فِدْيةَ عليه، ويقضي فقط. نعم أَسَاءَ في التأخير، وبه قال المصنِّفُ. وفي «فتح الباري»: إن الطَّحَاوِيَّ أقرَّ في كتابه في اختلاف الفقهاء: أن بعضَ الصحابة كانوا يَفْدُون أيضًا. فدَلَّ على أنه جَنَحَ أيضًا إلى أداء الفِدْيَة، فلا بُدَّ أن يُقَالَ باستحبابها. والبخاريُّ وإن ذهب إلى عدم الاستحباب، كما هو المشهورُ من مذهبنا، لكنه أين يَقَعُ هذا من آثار الصحابة. وحديثُ الباب لا يَدُلُّ إلا على أدائه قبل دخول رمضان فقط (¬1). 42 - باب مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنْ صَامَ عَنْهُ ثَلاَثُونَ رَجُلًا يَوْمًا وَاحِدًا جَازَ. ذَهَبَ أحمدُ إلى جواز النيابة في صيام النَّذْرِ، ولم يجوِّزها في رمضانَ. قال المحدِّثُون: ومذهبه أقربُ من الحديث، لما في «البخاري» وتصريحه بكونها صيامُ نذْرٍ. ولا نِيَابةَ عندنا مطلقًا، وهو القول الجديد للشافعي، وإن رجَّحَ النوويُّ القديمَ. وذلك لأنه من العبادة البدنيَّة، ¬

_ (¬1) قول المُصَنِّف: ولم يَذْكُر الله تعالى الإِطعامَ، إنما قال: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185]. قال الحافظُ: هذا من كلام المصنِّف قاله تفقُّهًا، لكن إنما يَقْوَى ما احتجَّ به إذا لم يَصِحَّ في السُّنة دليلُ الإِطعام، إذ لا يَلْزَمُ من عدم ذكره في الكتاب أن لا يثْبُتَ بالسُّنة. ونقل الطحاويُّ عن يحيى بن أكْثَم، قال: وَجَدتُهُ عن ستةٍ من الصحابة لا أعلم لهم فيه مُخَالِفًا. اهـ. ومال الطحاويُّ إلى قول الجمهور في ذلك، انتهى ملخَّصًا. قلتُ: لكن في "الجوهر النقي". وفي "الاستذكار" قال داود: من أَوْجَبَ الفِدْيَةَ على من أخَّر القضاء حتى دخل رمضان آخر ليس معه حُجَّةٌ من كتابٍ، ولا سنةٍ، ولا إجماع، اهـ.

والمقصودُ منها إتعابُ النفس، فلا تجري فيها النِّيَابة، ولنا قوله صلى الله عليه وسلّم «لا يَصُومُ أحدٌ عن أحدٍ»، أخرجه الزَّيْلَعيُّ، عن النَّسائي، وليس في «صغراه»، فيكون في «كبراه» وكثيرًا ما يَقَعُ مثله في حَوَالة النَّسائي، وأتردَّد في رفعه ووقفه. 1952 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى جَعْفَرٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ». تَابَعَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرٍو. وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِى جَعْفَرٍ. تحفة 16382 - 46/ 3 1953 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّى مَاتَتْ، وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا قَالَ «نَعَمْ - قَالَ - فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى». قَالَ سُلَيْمَانُ فَقَالَ الْحَكَمُ وَسَلَمَةُ، وَنَحْنُ جَمِيعًا جُلُوسٌ حِينَ حَدَّثَ مُسْلِمٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ - قَالاَ - سَمِعْنَا مُجَاهِدًا يَذْكُرُ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى خَالِدٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنِ الْحَكَمِ وَمُسْلِمٍ الْبَطِينِ وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ أُخْتِى مَاتَتْ. وَقَالَ يَحْيَى وَأَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ أُمِّى مَاتَتْ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِى أُنَيْسَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ أُمِّى مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ. وَقَالَ أَبُو حَرِيزٍ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَاتَتْ أُمِّى وَعَلَيْهَا صَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. تحفة 5612، 6385، 6396 1952 - قوله: (صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ)، وأوَّله الحنفيةُ بأن معناه: أَطْعَمَ عنه وَلِيُّهُ (¬1). قلتُ: ومن أوَّله (¬2) بذلك، فله ما أخرجه الترمذيُّ في باب ما جاء في الكفَّارة، عن ابن عمر مرفوعًا، قال: ¬

_ (¬1) وقد تكلَّم عليه الطحاويُّ في "مشكله"، وأخرج عدَّة أحاديث عن ابن عبَّاس، وعائشةَ في الصوم عن الميت، ثم قال: إن الصوم عن الميت إنما رُوِي من جهتهما، ثم أَثْبَتَ الفتوى عنهما بخلاف ذلك، وسرده بأسانيده عنده. وفي "الجوهر النقي" عن القاسم بن محمد، قال: لا يقضي ذلك أحدٌ عن أحدٍ لقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]، اهـ. (¬2) قال ابن العربي: إن كلَّ نفسٍ إنما تُجْزَى بما كَسَبَتْ، لا بما كَسَبَتْ غيرُها. ولو كانت عباداتُ البدن تُقضَى بعد الموت لقُضِيَتْ في الحياة، ولو قُبِلَتْ نيابةً في الممات لقُبِلَتْ في الحياة، كالحجِّ. ومراعاةُ القواعد أولى من مراعاة الألفاظ. والسائلُ لمَّا قال للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إن ولييَّ مات، وعليه صومٌ، قال: أرأيت لو كان وليُّك مِدْيَانًا، أَكُنْتَ تُبَادرُ بالقضاء؟ قال: نعم، قال: الله أحقُّ أن يُقْضَى"، فندبه، ولم يُلْزِمْه، وأنبأه أن مراعاةَ حقِّ الله أَوْلَى. ولو ازْدَحَمَ حقُّ الله وحَقُّ الآدميِّ، لَقُدِّمَ حق الآدمي، لفقره وحاجته، وتقدَّس الباري أن تَنَالُه آفةٌ، أو تجوز عليه حاجةٌ. =

«من ماتَ وعليه صيامُ شهرٍ، فَلْيُطْعِمْ عنه مكان كل يومٍ مسكينًا». اهـ. إلا أن الترمذيَّ لم يُحَسِّنْهُ، وحسَّنه القرطبيُّ، كما نقله العيني. قلتُ: والظاهرُ أن الحديثَ ليس قابلا للتحسين، لأن في إسناده محمدًا، وهو ابن أبي لَيْلَى، كما صرَّح به الترمذيُّ في «جامعه». ثم رأيتُ التصريحَ به في «السنن الكبرى» في مَوْضعَيْن. وابن أبي لَيْلَى اثنان: الأول: عبد الرحمن بن أبي لَيْلَى، وهو ثقةٌ. والثاني محمد بن عبد الرحمن بن أبي لَيْلَى، ويُقَالُ له أيضًا: ابن أبي لَيْلَى، وهذا الذي اختلفوا فيه، وقد حَسَّنَ البخاريُّ حديثَهُ في أبواب السفر، كما عند الترمذيِّ. وفي «تذكرة الحفاظ»: أنه من رواة الحِسَان. قلتُ: وقد جَرَّبْتُ منه التغيير في المتون والأسانيد، فهو ضعيفٌ عندي، كما ذَهَبَ إليه الجمهورُ. وبالجملة من حسَّن الحديثَ المذكورَ، ظنَّ أن محمدًا هو ابن سِيرِين. وإذن تحسينُ القرطبيِّ غير مقبولٍ عندي، إلا أن يكونَ عنده إسنادٌ غير هذا. أمَّا الجوابُ عندي، فلا أقولُ: إن المرادَ من الصَّوْمِ هو الإِطعام، وإنما عبَّر بالصوم مشاكلةً. بل أقولُ: إنه ينبغي أن يُصَامَ عنه إثابةً، ويُطْعَم مكان كل يومٍ مسكينًا أيضًا، قضاءً ممَّا عليه. فالحاصل: أن الحديثَ محمولٌ على الإِثابة دون النِيَابة، والتعبيرُ المذكورُ يُصْلحُ لهما بدون تأويلٍ، لأنهما نِيَّتان. أي قد يكونُ الصومُ عن أحدٍ بنية الإِثابة، وقد يكون بنية النِيَابة، ولا يَتَلَفَّظُ بها أصلا، فَيُقَال في الإِثابة أيضًا: صَامَ عنه، كما يُقَال في النِيَابة بدون فرقٍ. أمَّا حديثُ: «لا يصومُ أحدٌ عن أحدٍ»، فهو محمولٌ على النِيَابة، فلا تنافي بين الحديثين. وبعبارةٍ أخرى: إن الإِثابةَ والنِيَابةَ من أنظار الفقهاء، وليست مما يَدُلُّ عليه اللفظ بمدلوله اللُّغَوِيِّ، بل هي أمرٌ وراء الهيئة التركيبية تُفْهَمُ عنها، ولا تكون مدلولةً وضعًا. وإنما كرَّرْناه لئلا تظنُّه تأويلا، كيف ولا بحثَ للغويَ من أنظار الفقهاء، فلا يقولُ فيهما إلا أنه صَامَ عنه. ثم إنه انْعَقَدَ الإِجماعُ في باب ¬

_ = وقد كان الآدميُّ يقضي عبادته من الصوم في حياته ببدنه إمساكًا، وكان أيضًا يقضيهما بماله في وقتٍ، وفي حالٍ تصدُّقًا وإطعامًا، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - للوليِّ: صُمْ عنه الصيامَ الذي تُمْكِن النيَابةُ فيه، وهو الصدقةُ عن التفريط في الصِّيَام. ويكون إطلاق الصَّومِ بأحد معنيين، إذ الأصل له. ومن أَشرَفَ من هذا المطلع بعين البصيرة، رأى أن غيرَه يسير في البنيان ولا حصرَ له. ويَعْضُدُ هذا ما روى أبو عيسى عن ابن عمر أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "من مات وعليه صيامُ شهرٍ، فَليُطعِم عنه مكان كلِّ يوم مسكينًا"، قال أبو عيسى: والصحيح وَقْفُهُ على ابن عمر. ومن قوله. رَكِبْنَا نحن هذا التأويل. فاعجَبِ الآن لمن يقول: إذا كان نَذرًا صِيمَ عنه، وإن كان رمضان أَطعَمُوا عنه، فَيَجْعَل تحت اللفظ الواحد في النازلة الواحدة حُكْمَين مختلفين، بدليلين مُتَعَارِضَين. وحديثُ ابن عمر الذي ذكره أبو عيسى صحيحٌ، فينبغي أن يَقِفوا عنده. اهـ. "العارضة" بتغييرٍ يسييرٍ، ولعلَّ في العبارة سهوًا من الناسخ. ثم قال في كتاب الحج: إن الصلاة لا خِلافَ فيها أنها لا يَنُوبُ فيها أحدٌ عن أحدٍ. وأمَّا الصدقةُ، فلا خِلَافَ في دخول النيابة فيها، والحجُّ كذلك على التفصيل فيهما. وأما الصيامُ، فاختلفوا فيه، ولمَّا دَخَلَ العِوَضُ في الصيام من الإِطعام، كان لنيابة العِوَض مَدْخَلٌ فيه من وجهٍ. اهـ. قلتُ: ومن ههنا ظَهَرَ وجهُ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صومي عنها" في معنى النيابة أيضًا. فاحفظه.

43 - باب متى يحل فطر الصائم

الصلاة: أن لا نِيَابةَ فيها، وحينئذٍ فالأقربُ أن يكونَ في باب الصيام أيضًا. وفي «البحر» من باب الحجِّ عن الغير: أن كلَّ عبادةٍ بدنيةٍ تجري فيها الإِثابة، أي إيصال الثواب إلى الغير. ثم قِيلَ: إنها تَجُوزُ في الفرائض والنوافل مطلقًا. أمَّا في الفرائض، فيكون الثوابُ لغيره، وإن لم يَسْقُطْ عنه الفرض. وقيل: إنها في النفل فقط. ثم قيل: إن الإِثابة إنما تكون للميت فقط. وقيل: للميت والحيِّ كليهما. وبالجملة الحديثُ المذكورُ محمولٌ عندي على الإِثابة، ولا يَأْبَاهُ لفظ «عن»، فإنه يُسْتَعْمَلُ في الإِثابة أيضًا. 43 - باب مَتَى يَحِلُّ فِطْرُ الصَّائِمِ وَأَفْطَرَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ حِينَ غَابَ قُرْصُ الشَّمْسِ. 1954 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى يَقُولُ سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ». تحفة 10474 1955 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِىُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ، وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ لِبَعْضِ الْقَوْمِ «يَا فُلاَنُ قُمْ، فَاجْدَحْ لَنَا». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمْسَيْتَ. قَالَ «انْزِلْ، فَاجْدَحْ لَنَا». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَوْ أَمْسَيْتَ. قَالَ «انْزِلْ، فَاجْدَحْ لَنَا». قَالَ إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا. قَالَ «انْزِلْ، فَاجْدَحْ لَنَا». فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُمْ، فَشَرِبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ». أطرافه 1941، 1956، 1958، 5297 - تحفة 5163 - 47/ 3 1954 - قوله: (إذا أَقْبَلَ الليلُ من ههنا إلى قوله: فقد أَفْطَرَ الصَّائِمُ)، وفي كُتُبِ الفِقْهِ: أن رجلين كان أحدهما عل رأس المَنَارة يرى الشمس، والآخر على سطح الأرض، وقد غَابَتْ عن نظره أنه يَصِحُّ الإِفطار للثاني، دون الأول. وظاهرُ اللفظ أنه أَفْطَرَ بعد غروب الشمس أكل شيئًا أو لا، فيكون حكمًا من قِبَل الشارع. فإن أَمْسَكَ بعده، لا شيءَ ولا أجرَ فيه. وقال ابن تَيْمِيَة: إن الوِصَالَ إلى السَّحَر مُسْتَحَبٌّ. وثَبَتَ عن أبي بكرٍ: أنه كان يُوَاصِلُ إلى ثلاثة أيام. وعن ابن الزُّبَيْرِ: أنه كان يُوَاصِلُ إلى تسعة أيام. ويُعْلَمُ من طريق الرُّوَاة أنه كان عادةً لهم. وحينئذٍ شرحه عنده: أنه جَازَ لك الإِفطار بعد الغروب. وأمَّا قولُه تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّواْ الصّيَامَ إِلَى الَّيْلِ} (البقرة: 187)، ففيه غايةُ التَّحَتُّم. وأمَّا من تحرَّى الفضلَ، فله أن يُمْسِكَ إلى السَّحَرِ. 44 - باب يُفْطِرُ بِمَا تَيَسَّرَ عَلَيْهِ، بِالْمَاءِ وَغَيْرِهِ 1956 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ

45 - باب تعجيل الإفطار

أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنه - قَالَ سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ «انْزِلْ، فَاجْدَحْ لَنَا». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمْسَيْتَ. قَالَ «انْزِلْ، فَاجْدَحْ لَنَا». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا. قَالَ «انْزِلْ، فَاجْدَحْ لَنَا». فَنَزَلَ، فَجَدَحَ، ثُمَّ قَالَ «إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ». وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ قِبَلَ الْمَشْرِقِ. أطرافه 1941، 1955، 1958، 5297 - تحفة 5163 45 - باب تَعْجِيلِ الإِفْطَارِ 1957 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ». تحفة 4746 1958 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ، فَصَامَ حَتَّى أَمْسَى، قَالَ لِرَجُلٍ «انْزِلْ، فَاجْدَحْ لِى». قَالَ لَوِ انْتَظَرْتَ حَتَّى تُمْسِىَ. قَالَ «انْزِلْ، فَاجْدَحْ لِى، إِذَا رَأَيْتَ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ». أطرافه 1941، 1955، 1956، 5297 - تحفة 5163 ومعنى الاستحباب فيه: مخالفةُ اليهود، ومحافظةُ الحدود، وأن لا تُفْسِدُوا شَرْعَكُم، كما أَفْسَدَ اليهودُ شَرْعَهُمْ. 46 - باب إِذَا أَفْطَرَ فِى رَمَضَانَ ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ 1959 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ غَيْمٍ، ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. قِيلَ لِهِشَامٍ فَأُمِرُوا بِالْقَضَاءِ قَالَ بُدٌّ مِنْ قَضَاءٍ. وَقَالَ مَعْمَرٌ سَمِعْتُ هِشَامًا لاَ أَدْرِى أَقْضَوْا أَمْ لاَ. تحفة 15749 47 - باب صَوْمِ الصِّبْيَانِ وَقَالَ عُمَرَ - رضى الله عنه - لِنَشْوَانٍ فِى رَمَضَانَ وَيْلَكَ، وَصِبْيَانُنَا صِيَامٌ. فَضَرَبَهُ. 1960 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ أَرْسَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ «مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيَصُمْ». قَالَتْ فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ، حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ. تحفة 15833 - 48/ 3 وقد مرَّ التنبيهُ على أن النوويَّ سها في بيان مذهب الحنفية في حجِّ الصبيِّ، فقال: إن حَجَّه غيرُ مُعْتَبَرٍ عند الحنفية، وهذا خلافُ الواقع؛ فإن عبادات الصِّبْيَان كلَّها مُعْتَبَرَةٌ عندنا، إلا أن حجَّه لا يَقَعُ عن حجة الإِسلام فَيَحُجُّ ثانيًا بعد ما يَبْلُغ.

48 - باب الوصال، ومن قال: ليس فى الليل صيام

48 - باب الْوِصَالِ، وَمَنْ قَالَ: لَيْسَ فِى اللَّيْلِ صِيَامٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187]. وَنَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْهُ رَحْمَةً لَهُمْ وَإِبْقَاءً عَلَيْهِمْ، وَمَا يُكْرَهُ مِنَ التَّعَمُّقِ. 1961 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُوَاصِلُوا». قَالُوا إِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ «لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ، إِنِّى أُطْعَمُ وَأُسْقَى، أَوْ إِنِّى أَبِيتُ أُطْعَمُ وَأُسْقَى». طرفه 7241 - تحفة 1278 1962 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْوِصَالِ. قَالُوا إِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ «إِنِّى لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّى أُطْعَمُ وَأُسْقَى». طرفه 1922 - تحفة 8353 1963 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ». قَالُوا فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «إِنِّى لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّى أَبِيتُ لِى مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِى وَسَاقٍ يَسْقِينِ». طرفه 1967 - تحفة 4095 1964 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدٌ قَالاَ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْوِصَالِ، رَحْمَةً لَهُمْ فَقَالُوا إِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ «إِنِّى لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّى يُطْعِمُنِى رَبِّى وَيَسْقِينِ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يَذْكُرْ عُثْمَانُ رَحْمَةً لَهُمْ. تحفة 17047 واعلم أن الوِصَالَ على نحوين: الأول الوِصَال إلى السَّحَر، ولم يَرِدْ عنه النهيُ في الحديث، ولم يتعرَّض إليه فقهاؤنا، وهو مستحبٌ عند الحافظ ابن تَيْمِية. وأمَّا وجه التفصِّي عن قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا} [البقرة: 187] إلخ، فقد مرَّ قريبًا، وثَبَتَ عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم أيضًا. وبَحَثَ الحافظُ في «الفتح» أنه مكروهٌ لغيره صلى الله عليه وسلّم أو لا. أمَّا البخاريُّ فلم يَقْدِرْ على الفصل، ونقل آثارًا مُتَعَارِضةً، فقوله: ومن قال: «ليس في الليل صيامٌ»، يُؤيِّدُ الحنفية: أن الوِصَال إلى السَّحَر ليس بشيءٍ وقوله: «نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عنه رحمةً»، يدُلُّ على جوازه. والثاني: وِصَالُ يومٍ بيومٍ، وفيه أيضًا بحثٌ أنه معصيةٌ، أو النهيُ فيه شفقةٌ أيضًا، ورجَّح الأول. ولذا وَضَعَ فيه التنكيل في الترجمة الآتية، ثم بَوَّبَ بالوِصَالِ إلى السَّحَر، وأخرج تحته حديثَ الجواز. 49 - باب التَّنْكِيلِ لِمَنْ أَكْثَرَ الْوِصَالَ رَوَاهُ أَنَسٌ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1965 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ

50 - باب الوصال إلى السحر

عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْوِصَالِ فِى الصَّوْمِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «وَأَيُّكُمْ مِثْلِى إِنِّى أَبِيتُ يُطْعِمُنِى رَبِّى وَيَسْقِينِ». فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الْوِصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا، ثُمَّ رَأَوُا الْهِلاَلَ، فَقَالَ «لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ». كَالتَّنْكِيلِ لَهُمْ، حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا. أطرافه 1966، 6851، 7242، 7299 - تحفة 13167، 15163 - 49/ 3 1966 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ». مَرَّتَيْنِ قِيلَ إِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ «إِنِّى أَبِيتُ يُطْعِمُنِى رَبِّى وَيَسْقِينِ، فَاكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ». أطرافه 1965، 6851، 7242، 7299 - تحفة 14730 1966 - قوله: (إيَّاكم والوِصَالَ)، اعلم أن قولهم: إيَّاكَ والأسدَ، من باب التحذير عند النحاة. وعندي: الضميرُ المنفصلُ: مفعول به، والاسم المظهر: مفعول معه، والواو بينهما: للمفعول معه. والمقصودُ الاتقاءُ عن المجموع، وحينئذٍ لا حاجةَ إلى التأويل. هكذا اسْتَفَدْتُ من بعض إشارات سيبويه. 50 - باب الْوِصَالِ إِلَى السَّحَرِ 1967 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ». قَالُوا فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّى أَبِيتُ لِى مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِى وَسَاقٍ يَسْقِينِ». طرفه 1963 - تحفة 4095 ويُسْتَفَادُ منه: جنوحُ المصنِّف إلى اعتباره. 51 - باب مَنْ أَقْسَمَ عَلَى أَخِيهِ لِيُفْطِرَ فِى التَّطَوُّعِ، وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ قَضَاءً إِذَا كَانَ أَوْفَقَ لَهُ 1968 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ آخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ سَلْمَانَ، وَأَبِى الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً. فَقَالَ لَهَا مَا شَأْنُكِ قَالَتْ أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِى الدُّنْيَا. فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا. فَقَالَ كُلْ. قَالَ فَإِنِّى صَائِمٌ. قَالَ مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ. قَالَ فَأَكَلَ. فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ. قَالَ نَمْ. فَنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ. فَقَالَ نَمْ. فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ قُمِ الآنَ. فَصَلَّيَا، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِى حَقٍّ حَقَّهُ. فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَدَقَ سَلْمَانُ». طرفه 6139 - تحفة 11815 - 50/ 3

52 - باب صوم شعبان

ويُقَالُ له: يمين الاستعطاف، ويستحبُّ للمُخَاطَب أن يجعله بارًّا في يمينه. قوله: (ولم يَرَ عليه قضاءً) وعليه قضاءٌ عندنا، لِمَا في «البدائع» عن أبي بكر البياضي: أن الشروعَ في التطوع بمنزلة النَّذر القوليِّ، فَيجبُ عليه الإِتمامُ، أو القضاءُ عند عدمه. 1968 - قوله: (صَدَقَ سَلْمَان) ... إلخ، وإنما حسَّنه صلى الله عليه وسلّم على فِطْرَتِهِ السليمة، ونقل في «الفتح» جزئياتٍ عديدةً، حسَّنه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عليها، فدَلَّ على أن المدحَ للفِطْرَة السليمة دون المعلومات الكثيرة. 52 - باب صَوْمِ شَعْبَانَ 1969 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى النَّضْرِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يَصُومُ. فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلاَّ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِى شَعْبَانَ. طرفاه 1970، 6465 - تحفة 17710 1970 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - حَدَّثَتْهُ قَالَتْ لَمْ يَكُنِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، وَكَانَ يَقُولُ «خُذُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَأَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا دُووِمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَلَّتْ» وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلاَةً دَاوَمَ عَلَيْهَا. طرفاه 1969، 6465 - تحفة 17780 ومرَّ وجهُهُ أنه كان يَصُومُه لِيُمْهِلَ نساءَه لقضاء صيام رمضان قبل أن يَدْخُلَ عليهنَّ رمضانُ المُقْبِلُ. 53 - باب مَا يُذْكَرُ مِنْ صَوْمِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَإِفْطَارِهِ 1971 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ مَا صَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - شَهْرًا كَامِلًا قَطُّ غَيْرَ رَمَضَانَ، وَيَصُومُ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ لاَ وَاللَّهِ لاَ يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ لاَ وَاللَّهِ لاَ يَصُومُ. تحفة 5447 1972 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ، حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لاَ يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لاَ يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ لاَ تَشَاءُ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلاَّ رَأَيْتَهُ، وَلاَ نَائِمًا إِلاَّ رَأَيْتَهُ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ عَنْ حُمَيْدٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسًا فِى الصَّوْمِ. أطرافه 1141، 1973، 3561 - تحفة 742، 680، 682 1972 - قوله: (كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُفْطِرُ من الشهر حتَّى نَظُنَّ أن لا يَصُومَ منه، ويَصُومُ

54 - باب حق الضيف فى الصوم

حتى نَظُنَّ أن لا يُفْطِرَ منه شيئًا، وكان لا تَشَاءُ تَرَاهُ من الليل مُصَلِّيًا إلا رأَيْتَهُ، ولا نَائِمًا إلا رَأَيْتَهُ) ... إلخ، واعلم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم تكن له عادةٌ مستمرةٌ في صيام الشهر، فتارةً صام فَسَرَدَ، وأخرى أفْطَرَ فَتَوَالَى، ومن ههنا جاء التعبيرُ المذكورُ. ثم إن الراوي ذكر نحوه في صلاته أيضًا، وذلك لا يَسْتَقِيمُ في الثُّلُث الأخير، فإنه كان من عادته إحياؤه، والاستراحة في السُّدُس الأخير، نعم يُمْكِن صدقه في فروع الليل وأوساطه. 1973 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا رضى الله عنه عَنْ صِيَامِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ مَا كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَرَاهُ مِنَ الشَّهْرِ صَائِمًا إِلاَّ رَأَيْتُهُ وَلاَ مُفْطِرًا إِلاَّ رَأَيْتُهُ، وَلاَ مِنَ اللَّيْلِ قَائِمًا إِلاَّ رَأَيْتُهُ، وَلاَ نَائِمًا إِلاَّ رَأَيْتُهُ، وَلاَ مَسِسْتُ خَزَّةً وَلاَ حَرِيرَةً أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلاَ شَمِمْتُ مِسْكَةً وَلاَ عَبِيرَةً أَطْيَبَ رَائِحَةً مِنْ رَائِحَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1141، 1972، 3561 - تحفة 682 - 51/ 3 1973 - قوله: (خَزَّةً) [الخَزُّ]: حيوان في بلاد رُوس، تتخذ الفَرْوُ من جلده، وليس بالحرير، نعم القَزُّ حريرٌ. 54 - باب حَقِّ الضَّيْفِ فِى الصَّوْمِ 1974 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضى الله عنهما - قَالَ دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ يَعْنِى «إِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا». فَقُلْتُ وَمَا صَوْمُ دَاوُدَ قَالَ «نِصْفُ الدَّهْرِ». أطرافه 1131، 1152، 1153، 1975، 1976، 1977، 1978، 1979، 1980، 3418، 3419، 3420، 5052، 5053، 5054، 5199، 6134، 6277 تحفة 8960 وفي «المنتقى» أن الضِّيَافةَ عُذْرٌ مبيحٌ للفِطْرِ للضيف، والمُضِيفِ جميعًا. 55 - باب حَقِّ الْجِسْمِ فِى الصَّوْمِ 1975 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضى الله عنهما - قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا عَبْدَ اللَّهِ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ». فَقُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَلاَ تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ». فَشَدَّدْتُ، فَشُدِّدَ عَلَىَّ، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى أَجِدُ قُوَّةً. قَالَ «فَصُمْ صِيَامَ نَبِىِّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَلاَ تَزِدْ عَلَيْهِ». قُلْتُ وَمَا كَانَ صِيَامُ نَبِىِّ اللَّهِ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - قَالَ «نِصْفَ الدَّهْرِ». فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ بَعْدَ مَا كَبِرَ يَا لَيْتَنِى قَبِلْتُ رُخْصَةَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1131، 1152، 1153، 1974، 1976، 1977، 1978، 1979، 1980، 3418، 3419، 3420، 5052، 5053، 5054، 5199، 6134، 6277 تحفة 8960

56 - باب صوم الدهر

1975 - قوله: (فإن لجسدكَ عليكَ حقًّا) ... إلخ، يعني أن أداءَ حقوق الله مع مراعاة حقوق النفس من مَعَالي الهِمَمِ. أمَّا الاجتهادُ في العبادة حتى يُجْهِدَ نفسه، فليس بكمالٍ. 56 - باب صَوْمِ الدَّهْرِ وقد مرَّ منا التنبيهُ على أن صومَ الدهر أن يَصُومَ السنةَ كلَّها غير الأيام المنهية، مع الفِطْرِ بعد الغروب. فهو غيرُ الوِصَال، فإنه وصالُ صومٍ بصومٍ، بدون الإِفطار. ولا خلافَ في كونه جائزًا وموجبًا للأجر، وإنما الخلافُ في أن الأفضلَ صومُ داود، أو صومُ الدهر؟ فالأفضلُ عندنا: صومُ داود، وعند الشافعيِّ: صومُ الدهر. وعامةُ الأحاديث حُجَّةٌ للحنفية، وأقلُّها حُجَّةٌ لهم. والحقُّ أن لا فَضْلَ في الأحاديث، لأن من يَرَى صَومَ الدهر مفضولا يحتجُّ بالنفي، وهو قوله: «لا صَامَ ولا أَفْطَرَ»، ومن يَرَاهُ أفضل يَحْمِلُهُ على الشَّفَقَةِ، فأي فصلٍ هذا؟. ووقع في بعض كُتُبِ الحنفية أنه مكروه، وكذا يوم عاشوراء منفردًا، مع كونه عبادةً عظيمةً، وكفَّارةً لسنةٍ واحدةٍ. قلتُ: كيف وقد صامه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عشر سنين، فهل يَجْتَرِىءُ أحدٌ أن يَحْكُمَ بالكراهة على أمرٍ فعله النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وهل يُقْصَرُ النظر في مثله على قوله: «لأَصُومَنَّ التاسعة»، أو يُنْظَرُ إلى فعله في الغابر أيضًا. والذي ينبغي: أن لا يُقْطَعَ النظرُ عمَّا فَعَلَهُ في الغابر أيضًا. وكذلك صومُ الدَّهْرِ عِبادةٌ إجماعًا، إلا أنه مفضولٌ عندنا، مع الجواز بلا كراهةٍ. وهكذا فَعَلَهُ صاحبُ «الدر المختار» في غير واحدٍ من العبادات، فأطلق عليها الكراهة، مع كونها مفضولةً فقط. وهكذا فَعَلَهُ النوويُّ، فقال: إن التمتعَ والقِرَانَ مكروهان مع كونهما عبادتان بلا خِلافٍ. ولعلَّهم أَطْلَقُوا المكروهَ على معنى المفضول. وأجدُ في باب الصيام أنهم أَطْلَقُوا المكرورهَ على المفضول أيضًا. نعم ما أطلقوا عليه من المكروه في باب الصلاة، فهو كذلك في نفس الأمر. 1976 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو قَالَ أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى أَقُولُ وَاللَّهِ لأَصُومَنَّ النَّهَارَ، وَلأَقُومَنَّ اللَّيْلَ، مَا عِشْتُ. فَقُلْتُ لَهُ قَدْ قُلْتُهُ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى. قَالَ «فَإِنَّكَ لاَ تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ». قُلْتُ إِنِّى أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ «فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ». قُلْتُ إِنِّى أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ «فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، فَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - وَهْوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ». فَقُلْتُ إِنِّى أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ». أطرافه 1131، 1152، 1153، 1974، 1975، 1977، 1978، 1979، 1980، 3418، 3419، 3420، 5052، 5053، 5054، 5199، 6134، 6277 - تحفة 8645، 8960 - 52/ 3 1976 - ثم إن قوله: «ثلاثة من كلِّ شهرٍ، كصيام الدهر» - بالمعنى، لا يقومُ حُجَّةً للحنفية، لأن قولَهُ: كصيام الدَّهْرِ، وَقَعَ مَعْرِضَ التشبيه، فهو لِحَاظٌ ذهنيٌّ. والذي ينبغي للمُشَبَّه به أن يكونَ أقوى، سواء كان بَحَسَبِ الخارج، أو بحَسَبِ الذِّهن. وقد مرَّ منَّا غير مرةٍ واحدةٍ أن أخذَ المسائل من التشبيهات تمسُّكٌ ضعيفٌ جدًا. أَلا تَرَى إلى قوله في باب الزكاة: «من كلِّ أربعين دِرْهَمًا دِرْهَمٌ»، بيانٌ للحساب، والنظر فقط. أي خمسة دراهم في مائتي دِرْهمٍ بهذا النظر، وبهذا الحساب. فلم يَذْهَبْ هناك أحدٌ إلى أنه يَجِبُ في أربعين دِرْهَمًا دِرْهمٌ.

وهذا الذي رُوعِيَ في باب الوتر، حيث جعل الواحدةَ وترًا، لكونها موترًا ووترًا في لِحَاظٍ ذهنيَ، فإن الوِتْرِيَّةَ في ثُلُث الوتر ليست إلا من قبلها، وذلك في لِحَاظِ الذهن، فلا يُوجِبُ قطعها عمَّا قبلها. ومَنْ قطعها عمَّا قبلها، أراد التنبيه على هذا اللِّحَاظ، فجعلوه مسألةً (¬1). والحاصلُ: أن صيامَ الدَّهْرِ في حديث الباب وقع في مَعْرِض التشبيه، فهو على لِحَاظ ذهنيَ، كوجوب دِرْهمٍ في الأربعين في باب الزكاة، وكواحدة الوتر في بابه كلُّ ذلك لِحَاظٌ ذِهْنيٌّ. فإن سَمَحَتْ به قريحتُكَ، فَقِسْ عليه قوله صلى الله عليه وسلّم «فإنه لا صلاةَ لمن لم يَقْرأْ بها»، فإنه أيضًا لِحَاطٌ ذهنيٌّ. أَلا تَرَى أنه نهى عن صيام الدهر، ثم نزَّل الثلاث من كل شهرٍ منزلة صيام الدهر، فهل تراهما يلتقيان على نقطةٍ واحدةٍ؟ كيف وإن حديثَ النهي يُوجِبُ الكفَّ عنه، وحديث التشبيه يقتضي فضله أيّ فضلٍ. والوجه فيه: أن حديثَ النهي وَرَدَ على شاكلة بيان المسألة، وحديث التشبيه تنزيليٌّ، وكاشفٌ عن لِحَاظ ذهنيَ فقط. فهكذا في حديث عُبَادة: «نهاهم أولا عن القراءة خلف الإِمام، وقال: فلا تفعلوا - أي القراءة خلف الإِمام - ثم استثنى منه الفاتحة، وقال: إلا بأمِّ القرآن». فهي على الاباحة، بل الإباحةُ المرجوحةُ قطعًا، ولا رائحةَ فيه للوجوب. ثم علَّله، وقال: فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها»، فهل يناسب عندك تعليل الإباحة بما يفيد الوجوب وهل هذا إلا تناقضٌ؟ بل المعنى أنه حَكَمَ أولا بإِباحة الفاتحة، ثم ذَكَرَ لها لِحَاظًا ذهنيًّا، ووصفًا اعتباريًا، أوجب تحمُّلها للمقتدي، وقراءته إيَّاها في موضعٍ وَجَبَ له الإِنصات. واللِّحَاظُ الذهنيُّ لا يَجِبُ أن يتحقَّقَ في ذلك الموضع بخصوصه. بل كون الفاتحة بهذا الوصف، وإن كان باعتبار المُنْفَرِدِ أو الإِمامِ، جوَّزَ لنا أن نُلاحِظَ فيها هذا المعنى، ونقول بجواز قراءتها للمقتدي، نظرًا إليه. وقد صرَّح أحمدُ عند الترمذيِّ، وسُفْيَان، عند أبي داود: أن قوله صلى الله عليه وسلّم «لا صلاةَ لمن لم يَقْرَأْ بأمِّ القرآن»، في حقِّ المنفرد، فتحقَّق هذا الوصف في المُنْفَرِد، ولِحَاظُه في حقِّ المقتدي أيضًا. ولعلَّك فَهِمْتَ الآن أن اللِّحَاظَ الذهنيَّ غيرُ الحكم، فإن الحكمَ مسألةٌ، واللِّحَاظُ الذهنيُّ اعتبارٌ مَحْضٌ. ومن لا يفرِّق بين هذين يَخْبِط خَبْطَ عشواء، ويجعل اللِّحَاظَ حكمًا ومسألةً، ويَقَعُ في الأغلاط (¬2). ¬

_ (¬1) يقول العبدُ الضعيفُ: وهذا كقوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14]، فكون الصلاة للذكر لِحَافظٌ ذهنيٌّ، والمطلوبُ هو الصلاةُ، لا أن المطلوبَ هو الذكرُ فقط، والصلاةُ آلةٌ له تحقَّقت أو لا. وهكذا ذكره الحنفيةُ: أن الخروجَ بصُنْع المُصَلِّي فرضٌ، فإنه لِحَاظٌ ذهنيٌّ فقط، فإن المقصود من التسليم هو ذلك. ونحوه لهم: إن الصيامَ لقمع النفس. فإذا نُقِلَ اللِّحَاظ الذهنيُّ إلى العمليِّ يَفْسُدُ المعنى. ثم إن ما قُلْنَا لك: إن الخروجَ بصُنْعِ المصلِّي لِحَاظ ذهنيٌّ، ليس مما اخْتَرَعتُه من نفسي، بل سَمِعْتُهُ من شيخ -في درس الترمذي- وقد قرَّرته في موضعه، وإنما أرَدتُ ههنا التنبيهَ على جواب، قوله: "وتَحْلِيلُها التسليمُ" بطريق الإِشارة. (¬2) يقول العبدُ الضعيفُ: وقد فَهِمْتُ تقرير الشيخ هذا بعد زمنٍ طويلٍ، وتَدَبُّر تامٍّ. ففكِّر فيه أنت أيضًا، فإني قد بيَّنته حسب ما استطعتُ. فإن خَفِيَ عليك شيءٌ بَعْدْ، فلا تَتَسرَّع بالردِّ والقَبُول، ولكن عليكَ أن تَتَفَكَّر فيه ثانيًا وثالثًا، حتى يَنْجَلي لك الحالُ. ويمرُّ عليك مثله في هذا التقرير كثيرًا، فعليك بالصبر، فإنه مفتاح الفرج.

57 - باب حق الأهل فى الصوم

وقد ذَكَرْتُ في رسالة «الفاتحة خلف الإمام»: أن في الأحاديث أشياء بقيت في اللِّحَاظ، ولم يَظْهَرْ بها العملُ كما سَمِعْتَ. ومن الحنفية من تمسَّك بقوله صلى الله عليه وسلّم «من صَامَ الدَّهر ضُيِّقَتْ عليه جهنم» هكذا ذكره الحافظُ في «الفتح» روايةً عن ابن خُزَيْمة. قلتُ: وهذا خطأٌ. فإن في الحديث وعيدًا عظيمًا على هذا التقدير، فكيف يكون في حقِّ صوم الدهر، فإنه جائزٌ عندنا أيضًا. ورَامَ الحافظُ التقصِّي عنه. وقال: معناه إن جهنَّمَ تَبْتَعِدُ عنه، ولا يَزَالُ كذلك حتَّى يتنحَّى هكذا. وطُولِبَ أنه ينبغي أن يكونَ لفظُ الحديث على هذا التقدير: ضُيِّقَتْ عنه، مكان عليه، وعَجَزَ الحافظُ عن جوابه. قلتُ: والحلُّ أنه على حدِّ قوله: ضاقت الجُبَّة على فلانٍ، إذا قَصُرَتْ عن جسده، ولم تَصْلُحْ له. فالمعنى: أن جهنمَ تَضِيقُ دونه، فلا تَسَعُ له، كما أن الجُبَّةَ الصغيرة تَضِيقُ على الجسد، وهو مآلُ قوله: «الصومُ جُنَّةٌ». وحينئذٍ ففي الحديث وعدٌ عظيمٌ، وفضلٌ كبيرٌ لمن صام الدهر، حتى إن جهنَّمَ مع سَعَتِهَا ضيِّقةٌ لمثله، ولا تَصْلُح له، فكيف يَدْخُلُها، فإنه ذو جُنَّةٍ؟ وكيف تَقْرُب صاحب المِجَنَّة!. ثم اعلم أن صومَ الدهر في التنزيل جاء على أنحاءٍ شتَّى، وفي بعضه يَسْتَقِيمُ حساب الحسنات بعشرٍ أمثالها، كثلاثٍ من كلِّ شهرٍ، وفي بعضه لا، فتنبَّه. تنبيهٌ: واعلم أن كثيرًا من باب الفضائل يَرِدُ بها الأحاديثُ القوليةُ. ولا يَردُ بها الفعل، وليس يَلْزَمُ أن يَعْمَل بكلِّ فضيلةٍ كلُّ أحدٍ. ولكن فضيلةٌ وفضيلةٌ، ورجلٌ ورجلٌ. فالأذانُ ذكرٌ، وموجبٌ للفضل، إلا أن له رجالا، وكذلك الإِمامةُ أيضًا فضيلةٌ، ولها أيضًا رجالٌ: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [البقرة: 253]. قوله: (لا أَفْضَلَ من ذَلِكَ)، قاله في صيام داود، وذلك لتَجَاذُب الأطراف في صيام الدهر، فلا يُريدُ أن يرغِّب فيه، ولا يريد أن يَنْهى عنه صراحةً. فلذا لم يأمره به في جواب قوله: «إني أُطيقُ أكثَر من ذلك»، ولا نهى عنه صراحةً، ولكن قال: لا أفضلَ من صيام داود، وهو دَأْبُ البُلَغَاء في مثل هذه المواضع. 57 - باب حَقِّ الأَهْلِ فِى الصَّوْمِ رَوَاهُ أَبُو جُحَيْفَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1977 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ سَمِعْتُ عَطَاءً أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ الشَّاعِرَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - بَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى أَسْرُدُ الصَّوْمَ وَأُصَلِّى اللَّيْلَ، فَإِمَّا أَرْسَلَ إِلَىَّ، وَإِمَّا لَقِيتُهُ، فَقَالَ «أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ وَلاَ تُفْطِرُ، وَتُصَلِّى وَلاَ تَنَامُ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَظًّا، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ وَأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَظًّا». قَالَ إِنِّى لأَقْوَى لِذَلِكَ. قَالَ «فَصُمْ صِيَامَ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -». قَالَ وَكَيْفَ قَالَ «كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلاَ يَفِرُّ إِذَا لاَقَى». قَالَ مَنْ

58 - باب صوم يوم وإفطار يوم

لِى بِهَذِهِ يَا نَبِىَّ اللَّهِ قَالَ عَطَاءٌ لاَ أَدْرِى كَيْفَ ذَكَرَ صِيَامَ الأَبَدِ، قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ صَامَ مَنْ صَامَ الأَبَدَ». مَرَّتَيْنِ. أطرافه 1131، 1152، 1153، 1974، 1975، 1976، 1978، 1979، 1980، 3418، 3419، 3420، 5052، 5053، 5054، 5199، 6134، 6277 تحفة 8635 1977 - قوله: (لا صَامَ من صَامَ الأَبَدَ): وذكروا له عِدَّةَ معانٍ، ويمكن أن يكونَ معناه: أن التَّعَهُّدَ به عسيرٌ، بل متعذرٌ، كما كان عبد الله بن عمرو يقول بعد ما كَبِرَ: «يا ليتني قَبِلْتُ رخصة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فما ضَعِفْتُ عنه في تلك الأيام أيضًا، وإن أحَبَّ الأعمال إلى الله أدْوَمُهَا». 58 - باب صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ 1978 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «صُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ». قَالَ أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. فَمَا زَالَ حَتَّى قَالَ «صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا» فَقَالَ «اقْرَإِ الْقُرْآنَ فِى شَهْرٍ». قَالَ إِنِّى أُطِيقُ أَكْثَرَ. فَمَا زَالَ حَتَّى قَالَ فِى ثَلاَثٍ. أطرافه 1131، 1152، 1153، 1974، 1975، 1976، 1977، 1979، 1980، 3418، 3419، 3420، 5052، 5053، 5054، 5199، 6134، 6277 تحفة 8916 1978 - قوله: (حتى قال: في ثلاثٍ)، ولم يَرِدْ في الأحاديث أقلُّ منه، مع أن العلماءَ والصُّلَحَاء قد قرؤوا القرآن كلَّه في أقلَّ منها أيضًا. 59 - باب صَوْمِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ 1979 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِى ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ الْمَكِّىَّ - وَكَانَ شَاعِرًا وَكَانَ لاَ يُتَّهَمُ فِى حَدِيثِهِ - قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّكَ لَتَصُومُ الدَّهْرَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ». فَقُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «إِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ وَنَفِهَتْ لَهُ النَّفْسُ، لاَ صَامَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ، صَوْمُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ». قُلْتُ فَإِنِّى أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ «فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلاَ يَفِرُّ إِذَا لاَقَى». أطرافه 1131، 1152، 1153، 1974، 1975، 1976، 1977، 1978، 1980، 3418، 3419، 3420، 5052، 5053، 5054، 5199، 6134، 6277 تحفة 8635 - 53/ 3 1980 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِىُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو الْمَلِيحِ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ أَبِيكَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَحَدَّثَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذُكِرَ لَهُ صَوْمِى فَدَخَلَ عَلَىَّ، فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً مِنْ أَدَمٍ، حَشْوُهَا لِيفٌ، فَجَلَسَ عَلَى الأَرْضِ، وَصَارَتِ الْوِسَادَةُ بَيْنِى وَبَيْنَهُ. فَقَالَ «أَمَا يَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «خَمْسًا». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «سَبْعًا». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «تِسْعًا». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «إِحْدَى عَشْرَةَ». ثُمَّ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ صَوْمَ فَوْقَ صَوْمِ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - شَطْرَ الدَّهْرِ، صُمْ يَوْمًا، وَأَفْطِرْ يَوْمًا». أطرافه 1131، 1152، 1153، 1974، 1975، 1976، 1977، 1978، 1979، 3418، 3419، 3420، 5052، 5053، 5054، 5199، 6134، 6277 تحفة 8969 1979 - قوله: (نَفِهَتْ له النَّفْسُ)، أي عَجَزَت. وفي رواية عبد الله بن عمرو بن العاص

هذه عند النَّسائي مُخْلَطَةٌ عظيمةٌ، فَلْيُتَنَبَّهْ، إلا أن ضيقَ الوقت لا يرخِّص لي أن أَذْكُرَهَا مُفَصَّلَةً (¬1). ¬

_ (¬1) قلتُ: وراجَعتُ له النَّسائي، وفيه عن عبد الله بن عمرو قال: "ذَكَرْتُ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الصومَ، فقال: صُمْ من كل عشرة أيام يومًا، ولك أجرُ تلك التسعة. فقلت: إني أقوى من ذلك. قال: صُمْ من كل تسعة أيام يومًا، ولك أجرُ تلك الثمانية. قلتُ: إني أقوى من ذلك. قال: فَصُمْ من كل ثمانية أيام يومًا، ولك أجرُ تلك السبعة. قلتُ: إني أقوى من ذلك. قال: فلم يَزَلْ حتى قال: صُمْ يومًا وأفطر يومًا". وفي طريقٍ آخرَ: "صُمْ يومًا، ولك أجرُ عشرةٍ. فقلت: زِدْني. قال: صُمْ يومين، ولك أجرُ تسعةٍ. قلتُ: زِدْني. قال: صُمْ ثلاثة، ولك أجرُ ثمانيةٍ. قال ثابتٌ -أحد رواته-: فذكرت ذلك لمُطَرِّفٍ، فقال: ما أرَاهُ إلَّا يَزْدَادُ في العمل، ويَنْقُصُ من الأجر". ففي تلك الرواية أنه كلما كَثُرَ عملُه قلَّ أجرُه، وقد أجاب عنه الطحاويُّ. ففي "المعتصر"، مع حاشيته عن المصحَّح-: إن وجهه أن يَصُومَ اليوم الأول قوته على قراءة القرآن، والصلاةُ باقيةٌ من غير نقصٍ، فله الأجرُ كاملًا بعشرة كاملةٍ. فأمره - صلى الله عليه وسلم - بالصيام الذي تبقى معه قوته، لِيَصِلَ إلى الأعمال التي نفعها أفضل من الصيام. فلمَّا قال له: زِدْني، زاده يومًا يكون ضَعْفه أكثرَ مما يكون عليه بصيام يوم، لَيُنْقِصُ ذلك حظَّه من هذه الأعمال التي نفعها أفضل، فردَّ ثوابه على اليومين اللذين يَصُومُهُمَا، مع تقصيره عن الأعمال إلى دون ثوابه على صوم اليوم الأول. وكذلك ردُّه في صيام الثلاثة الأيام من الثواب إلى ما دون ثوابه على صيام يومين لهذا المعنى. قال المصحِّح: قلتُ: وفي توجيهه نظرٌ، لأنه يَلزَمُ أن يكونَ صومُ يوم وإفطارُ يومٍ، أقلَّ درجة من صوم يوم في عشرةٍ. وقوله: "أحبُّ الصِّيَام إلى الله صومُ داود" يُنَافِيهِ. والحديث يَحْتَمِلُ أنه - صلى الله عليه وسلم - أجاب عن قوله: مُرْني بصيامٍ، بقوله: صُم يومًا في عشرة أيامٍ، واصرِف السبعَ الباقيةَ إلى الحظوظ المباحة، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن لنفسك عليكَ حقًّا، ولزوجكَ عليك حقًّا". فلمَّا استزاده، قال: يومين، ولك ثمانية. وكذا صُمْ ثلاثةً، ولك سبعةٌ. وكذا قال له: صُم أربعةً، ولك ستةٌ بدليل قوله: فما زال يحُطُّ به، حتى قال: "إن أفضلَ الصَّومِ صومُ أخي داود"، وهو أن يَصُومَ خمسةَ أيامٍ، ويكون له خمسةٌ. وجعل هذا أفضل الصيام، فكلما كَثُرَ الصومُ كَثُرَ الثوابُ، لا كلَّما قلَّ كَثُرَ، هكذا وجدنا حاشية الأصل. ثم قال المصحِّح: قال القاضي: تابع الطحاويُّ مُطَرِّفًا على خطأٍ في تأويله، إذ يَلزَمُ منه: أن الحسناتِ لا يُذهِبنَ السيئات، وهو خلافُ النص، والحاملُ لهما على هذا التأويل البعيد: ما رُوِيَ بطريقٍ آخر: "صُم يومًا، ولك أجرُ عشرة أيام. صم يومين، ولك أجرُ تسعة أيام. وصُم ثلاثةَ أيام، ولك أجرُ ثمانية أيام"، لكن إذا ثَبتَ هذا، فتأويلُه: أنه أراد: صُم يومًا من كل أحد عشر يومًا، ولك أجرُ فطر العشرة الأيام التي تُفطِرُ منهنَّ. ويومين، ولك أجرُ التسعة الأيام التي تفطِرُ منهن. وثلاثة أيام منها، ولك أجرُ فِطْر الثمانية. فأعلمه - صلى الله عليه وسلم - أن له فطرُ ما يُفطِر بها أجرًا، لأنه يتقوى به على الأعمال الصالحة. فَنَدَبه من صوم يوم ويومين، إلى صوم يومٍ ويومٍ، مترقيًا من الأدنى إلى الأعلى. وسَكَتَ عن أجر الصَّومِ، لأنه معلومٌ مقرر، بخلاف أجر الفِطر. ألا ترى أن صومَ يوم عَرَفة لغير الحاج أفضل، وفِطرَه للحاج أفضلُ، ويُؤجَرُ على ترك صومه لحاجته إلى التقوي على الأعمال والدعاء. انتهى بمعناه، دون لفظه. قلتُ: ما نَصبِ إليه الطحاويُّ من إضمار ثواب صيامها أظهرُ من إضمار أجر فِطرِهَا، لأن الكلامَ سبَقَ لثواب الصيام، لا لثواب الفِطْرِ، وكل منهما مُحْتَمَلٌ، والتأويل من المجتهد الذي يُخْطِىءُ ويُصِيبُ -وهكذا في الأصل- والله أعلم بمراد قائله، الذي لا يَنْطِقُ عن الهوى، - صلى الله عليه وسلم -. فإن الصومَ كفٌّ عن الشهوات، والفِطْرَ إقدامٌ عليها، فكيف يكون عبادةً، مع موافقة النفس لها. والفطر كما يَصلُحُ سببًا للأعمال الصالحة، يَصْلُحُ لضدها أيضًا. فنفسُ الفِطرِ ليس بعبادةٍ، إنما العبادةُ ما يُؤتَى به بعده. فإذن الأجرُ للأعمال الحسنة لا للفِطرِ، فافهم. هكذا وجدنا في حاشية الأصل، انتهى. قلت: وسَرَحتُ النظرَ في روايات النَسائي، فلم أجد غيرها يكون فيه إشكالٌ، وكذلك لم أجد جوابَه غير ما تَلَوْتُهُ عليك. ولم أتتبَّع له غير ذلك، لضيق الوقت، ولا أدري أهذا الذي كان مرادُ الشيخ، أم غيرُ ذلك.

60 - باب صيام أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة

60 - باب صِيَامِ أَيَّامِ الْبِيضِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ 1981 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو عُثْمَانَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَوْصَانِى خَلِيلِى - صلى الله عليه وسلم - بِثَلاَثٍ صِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَىِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ. طرفه 1178 - تحفة 13618 61 - باب مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَمْ يُفْطِرْ عِنْدَهُمْ 1982 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى خَالِدٌ - هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ - حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ، فَأَتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ، قَالَ «أَعِيدُوا سَمْنَكُمْ فِى سِقَائِهِ، وَتَمْرَكُمْ فِى وِعَائِهِ، فَإِنِّى صَائِمٌ». ثُمَّ قَامَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَيْتِ، فَصَلَّى غَيْرَ الْمَكْتُوبَةِ، فَدَعَا لأُمِّ سُلَيْمٍ، وَأَهْلِ بَيْتِهَا، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِى خُوَيْصَةً، قَالَ «مَا هِىَ». قَالَتْ خَادِمُكَ أَنَسٌ. فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخِرَةٍ وَلاَ دُنْيَا إِلاَّ دَعَا لِى بِهِ قَالَ «اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ مَالًا وَوَلَدًا وَبَارِكْ لَهُ». فَإِنِّى لَمِنْ أَكْثَرِ الأَنْصَارِ مَالًا. وَحَدَّثَتْنِى ابْنَتِى أُمَيْنَةُ أَنَّهُ دُفِنَ لِصُلْبِى مَقْدَمَ حَجَّاجٍ الْبَصْرَةَ بِضْعٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَةٌ. أطرافه 6334، 6344، 6378، 6380 - تحفة 637 - 54/ 3 حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ سَمِعَ أَنَسًا - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 793 62 - باب الصَّوْمِ آخِرَ الشَّهْرِ 1983 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مَهْدِىٌّ عَنْ غَيْلاَنَ. وَحَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا مَهْدِىُّ بْنُ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا غَيْلاَنُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أَنَّهُ سَأَلَهُ - أَوْ سَأَلَ رَجُلًا وَعِمْرَانُ يَسْمَعُ - فَقَالَ «يَا أَبَا فُلاَنٍ أَمَا صُمْتَ سَرَرَ هَذَا الشَّهْرِ». قَالَ أَظُنُّهُ قَالَ يَعْنِى رَمَضَانَ. قَالَ الرَّجُلُ لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَإِذَا أَفْطَرْتَ فَصُمْ يَوْمَيْنِ». لَمْ يَقُلِ الصَّلْتُ أَظُنُّهُ يَعْنِى رَمَضَانَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ ثَابِثٌ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِمْرَانَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «مِنْ سَرَرِ شَعْبَانَ». تحفة 10849، 10844 1983 - قوله: (من سَرَرِ شَعْبَان)، قيل: بمعنى أوائله. وقيل: بمعنى أوساطه، والأكثرون إلى أنه بمعنى أَوَاخِره. والحديث فيمن كان الصومُ في آخر الشهر عادةً له. وحينئذٍ لا يَرِدُ عليه حديث النهي عن التقدُّم على رمضان بيومٍ أو يومين. 63 - باب صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَإِذَا أَصْبَحَ صَائِمًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُفْطِرَ، يَعْنِي إِذَا لَمْ يَصُمْ قَبْلَهُ، وَلَا يُرِيدُ أَنْ يَصُومَ بَعْدَهُ.

64 - باب هل يخص شيئا من الأيام

1984 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ سَأَلْتُ جَابِرًا - رضى الله عنه - نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَالَ نَعَمْ. زَادَ غَيْرُ أَبِى عَاصِمٍ أَنْ يَنْفَرِدَ بِصَوْمٍ. تحفة 2586 1985 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِلاَّ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ». تحفة 12365 1986 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ ح. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهْىَ صَائِمَةٌ فَقَالَ «أَصُمْتِ أَمْسِ». قَالَتْ لاَ. قَالَ «تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِى غَدًا». قَالَتْ لاَ. قَالَ «فَأَفْطِرِى». وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ الْجَعْدِ سَمِعَ قَتَادَةَ حَدَّثَنِى أَبُو أَيُّوبَ أَنَّ جُوَيْرِيَةَ حَدَّثَتْهُ فَأَمَرَهَا فَأَفْطَرَتْ. تحفة 15789 وفي «الدُّرِّ المختار»: أنه مكروهٌ. قلتُ: كلاّ، بل يُمْكِنُ أن يكونَ مفضولا. وذلك أيضًا بالنظر إلى الوجوه الطارئة والعوارض الخارجية، كفساد عقائد الناس. أمَّا النهيُ عن السبت، فلأجل التشبُّه باليهود. 64 - باب هَلْ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الأَيَّامِ 1987 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ - رضى الله عنها - هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْتَصُّ مِنَ الأَيَّامِ شَيْئًا قَالَتْ لاَ، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يُطِيقُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُطِيقُ طرفه 6466 - تحفة 17406 - 55/ 3 65 - باب صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ 1988 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمٌ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَيْرٌ مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ حَدَّثَتْهُ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنَّ نَاسًا تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِى صَوْمِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ صَائِمٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ بِصَائِمٍ. فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهْوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ فَشَرِبَهُ. أطرافه 1658، 1661، 5604، 5618، 5636 - تحفة 18054 1989 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ - أَوْ قُرِئَ عَلَيْهِ - قَالَ أَخْبَرَنِى

66 - باب صوم يوم الفطر

عَمْرٌو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ مَيْمُونَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّاسَ شَكُّوا فِى صِيَامِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ عَرَفَةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِحِلاَبٍ وَهْوَ وَاقِفٌ فِى الْمَوْقِفِ، فَشَرِبَ مِنْهُ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ. تحفة 18079 66 - باب صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ 1990 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ قَالَ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - فَقَالَ هَذَانِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صِيَامِهِمَا يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَالْيَوْمُ الآخَرُ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ. طرفه 5571 - تحفة 10663 1991 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ، وَعَنِ الصَّمَّاءِ، وَأَنْ يَحْتَبِىَ الرَّجُلُ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ. أطرافه 367، 2144، 2147، 5820، 5822، 6284 - تحفة 4404 1992 - وَعَنْ صَلاَةٍ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ. أطرافه 586، 1188، 1197، 1864، 1995 - تحفة 4404 67 - باب الصَّوْمِ يَوْمَ النَّحْرِ واعلم أن يومَ الفِطْرِ والنَّحْرِ لمَّا كانا يومي عيدٍ، فكيف الصوم فيهما، وحينئذٍ معنى النهي فيهما أظهر. 1993 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَا قَالَ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ يُنْهَى عَنْ صِيَامَيْنِ وَبَيْعَتَيْنِ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ، وَالْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ. أطرافه 368، 584، 588، 2145، 2146، 5819، 5821 - تحفة 14207 - 56/ 3 1993 - قوله: (يُنْهَى عن صِيَامَيْنِ) ... إلخ، وإنما ذكر النهيَ عن البَيْعَتَيْن، مع النهي عن صومين، لأنه أراد الجمعَ بين الثِّنْتَيْن. 1994 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُعَاذٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - فَقَالَ رَجُلٌ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا، قَالَ أَظُنُّهُ قَالَ الاِثْنَيْنِ، فَوَافَقَ يَوْمَ عِيدٍ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ أَمَرَ اللَّهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ، وَنَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَوْمِ هَذَا الْيَوْمِ. طرفاه 6705، 6706 - تحفة 6723 1995 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ قَزَعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - وَكَانَ غَزَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثِنْتَىْ عَشْرَةَ غَزْوَةً قَالَ سَمِعْتُ أَرْبَعًا مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْجَبْنَنِى قَالَ «لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ مَسِيرَةَ

68 - باب صيام أيام التشريق

يَوْمَيْنِ إِلاَّ وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ، وَلاَ صَوْمَ فِى يَوْمَيْنِ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى، وَلاَ صَلاَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلاَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ، وَلاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى، وَمَسْجِدِى هَذَا». أطرافه 586، 1188، 1197، 1864، 1992 - تحفة 4279 1994 - قوله: (جَاءَ رجلٌ إلى ابن عمر) ... إلخ، وصورة جوابه ذكرها المُحَشِّي. 68 - باب صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ 1996 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: وَقَالَ لِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى كَانَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - تَصُومُ أَيَّامَ مِنًى، وَكَانَ أَبُوهَا يَصُومُهَا. تحفة 17328، 19025 ب، 6636 أ 1997، 1998 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عِيسَى عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ. وَعَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهم - قَالاَ لَمْ يُرَخَّصْ فِى أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ، إِلاَّ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْىَ. تحفة 6863 1999 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ الصِّيَامُ لِمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا وَلَمْ يَصُمْ صَامَ أَيَّامَ مِنًى. وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ. تَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. تحفة 6918، 16606، 6802 وهي أيضًا مكروهةٌ عندنا تحريمًا: القَارِنُ، والمُتَمَتِّعُ، وغيرهما سواء. ورُوِيَ عن عائشةَ رخصة في حقِّها، عند الطحاويِّ. ولنا: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم نَهَى عن صيام هذه الأيام من غير فصلٍ. ولعلَّ عائشةَ، وابن عمر أخذاه من قوله تعالى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196] إلخ، ولم يَبْلُغْهُمَا النهي. والله تعالى أعلم. وراجع الطحاويَّ. ثم لا يخفى عليك أنه ما الفرقُ بين الصلاة والصيام، حيث حَمَلُوا النهيَ الواردَ في باب الصلاة على الكراهة في أكثر المواضع، بخلاف الصيام، فإنهم لم يَحْمِلُوه على الكراهة إلا في العيدين وأيام التشريق. فالوجهُ أن كلَّه من مراحل الاجتهاد. ولمَّا لم يَرَوْا النهيَ عن الصيام في تلك الأيام يَبْلُغُ مبلغ الكراهة، واستشعروا في باب الصلاة أن النهيَ عنها في جملة المواضع لمعنى الكراهة، حَمَلُوه في الصيام على معانٍ أخرى، وفي الصلاة على معنى الكراهة. 69 - باب صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ 2000 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ عَاشُورَاءَ «إِنْ شَاءَ صَامَ». طرفاه 1892، 4501 - تحفة 6782 - 57/ 3 2001 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِصِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ. أطرافه 1592، 1893، 2002، 3831، 4502، 4504 - تحفة 16470

2002 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ. أطرافه 1592، 1893، 2001، 3831، 4502، 4504 - تحفة 17157 2003 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِى سُفْيَانَ - رضى الله عنهما - يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَامَ حَجَّ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ، وَأَنَا صَائِمٌ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ». تحفة 11408 2004 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ «مَا هَذَا». قَالُوا هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِى إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى. قَالَ «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ». فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. أطرافه 3397، 3943، 4680، 4737 - تحفة 5528 2005 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ أَبِى عُمَيْسٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَعُدُّهُ الْيَهُودُ عِيدًا، قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَصُومُوهُ أَنْتُمْ». طرفه 3942 - تحفة 9009 2006 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى يَزِيدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ مَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ، إِلاَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ. يَعْنِى شَهْرَ رَمَضَانَ. تحفة 5866 2007 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - قَالَ أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ أَنْ أَذِّنْ فِى النَّاسِ «أَنَّ مَنْ كَانَ أَكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ، فَإِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ». طرفاه 1924، 7265 - تحفة 4538 - 58/ 3 وهو عاشرُ المحرَّم. وما نُسِبَ إلى ابن عباس أنه التاسعُ فليس بشيءٍ، لما رَوَى الترمذيُّ، قال: «أمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم بصوم عاشوراء، يوم العاشر»، وإنما أراد أن السُّنة أن يَصُومَ التاسعَ معه، لا أنه عَاشُورَاء، فحسب. 2004 - قوله في حديث ابن عباس: (قَدِمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم المدينةَ) ... إلخ، وفيه إشكالٌ عويصٌ، وهو أنه يُسْتَفَادُ من التوراة أن موسى عليه السلام إنما نُجِّي في عاشر تشرين الأول، وهو غير عاشر المحرَّم. وأيضًا في «معجم الطبرانيِّ»، عن زيد بن ثابت: «أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لمَّا دَخَلَ المدينةَ، وجد اليهود قد صَامُوا عَاشُورَاء، فسأل عن ذلك اليوم، فقالوا: هذا يومٌ خلَّص الله فيه نبيَّه موسى عليه السلام، فنحن نَصُومُهُ شكرًا، قال: فنحن أحقُّ»، مع أن الشهرَ الذي دَخَلَ فيه

النبيُّ صلى الله عليه وسلّم المدينة كان ربيع الأول. فكيف أن يكونَ هذا اليوم يوم عاشوراء؟ وقد أَجَبْتُ عن الإِشكالين في مقالةٍ لي بمجلة «القاسم» مبسوطًا، فلتراجع (¬1). ¬

_ رسالةٌ عَذرَاء، في تحقيق يوم عَاشُورَاء (¬1) يقول العبدُ الضعيفُ: وقد كان بعضُ الجَهَلَةِ أوْرَدُوا إيرادات على عَاشُورَاء، فأزاحها الشيخُ في صورة رسالة، وأنا أُعْرِبُها لك لعلَّ اللهَ تعالى يَنْفَعُكَ بها وإياي. قال رحمه الله: أما بعدُ: فإن هذه عدَّة سطورٍ، وأشتات جمل، لحل بعض إشكالات تتعلَّق بيوم عَاشُورَاء، قَصَدُت منها تحقيق المقام لا غير، والله التوفيق. فاعلم أن عَاشُورَاء هي عاشر المحرَّم حسب ما اقتضته الأحاديث، وأجمعت عليه الأمةُ المرحومةُ. قال في "عمدة القاري": وهو مذهبُ جمهور العلماء من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم. اهـ. قال الزَّرقَاني: وقال القاضي، والنووي: الذي تَدُلُّ عليه الأحاديثُ كلها أنه العاشر، وهو مُقتَضَى اللفظ. اهـ. ورُوِيَ عن الحسن بن عباس عند الترمذي، قال: "أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصوم يوم عَاشوراء، اليوم العاشر". اهـ. وقال في "عمدة القاري": ومنها ما رواه البزَّار من حديث عائشة بلفظ: "أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بصيام عَاشُورَاء يوم العاشر"، ورجاله رجال الصحيح. اهـ. وحديث "صحيح مسلم" عن الحَكَم بن الأَعْرَج، قال: "انتَهيتُ إلى ابن عباس، وهو متوسِّدٌ رِدَاءَهُ في زَمزَم، فقلتُ: أَخبِرني عن يوم عَاشورَاء، أي يوم أصُومُه؟ قال: إذا رَأَيتَ هلال المُحَرَّم فاعْدُد، ثم أَصْبحْ من اليوم التاسع صائمًا. قلت: أهكذا كان يصومه محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم". اهـ. قلتُ: الجواب فيه على أسلوب الحكيم، حيث لا خفاء في تعيين عَاشُورَاء، فإنه العاشر قطعًا. نعم كان الأهمُّ عنده بيانَ صوم التاسع أيضًا، فتعرَّض إليه، وهو الأسلوب في قوله: "أهكذا كان يَصُومُه محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم". اهـ. حيث نَزَّلَ فيه تمنِّي النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بصوم التاسع منزلةَ صومه فيه، وإلَّا فلم يَصُمْهُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قط. ويَدُلُّ عليه سياقُ الطحاويِّ: "قلتُ لابن عباس: أَخبِرْني عن يوم عاشُورَاء، قال: عن أيِّ باله تَسْأَلُ؟ قلتُ: أَسْأَلُ عن صيامه، أيِّ يومٍ أصُومُ؟ قال: إذا أصبحت من تاسعه فأَصْبِحْ صائمًا" ... الحديث. قال في "عمدة القاري": فإن قلتَ: هذا الحديث الصحيح يقتضي بظاهره أن عاشورَاء هو التاسع. قلتُ أراد ابن عباس من قوله: فإذا أَصْبَحْتَ من تاسعه فأَصبح صائمًا": أي صُم التاسع مع العاشر. وأراد بقوله: "نعم": ما روى من عزمه على صوم التاسع من قوله: "لأَصُومَنَّ التاسع". وقال القاضي: ولعل ذلك على طريق الجمع مع العاشر، لئلا يتشبَّه باليهود، كما وَرَدَ في روايةٍ أخرى: "فصوموا التاسع والعاشر"، وذكر رزين هذه الرواية عن عطاء عنه. وقيل: معنى قول ابن عباس: "نعم"، أي نعم يَصُومُ التاسع، لو عاش إلى المُقبِلِ. وقال أبو عمر: وهذا دليلٌ على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يَصُومُ العاشر إلى أن مات، ولم يَزَل يَصُومُهُ حتى قَدِمَ المدينة، وذلك محفوظٌ من حديث ابن عباس. وقال في "فتح الباري": ثم ما هُم به من صوم التاسع، يحتمل معناه: أنه لا يَقْتَصِرُ عليه، بل يُضِيفُه إلى اليوم العاشر، إمَّا احتياطًا له، وإمَّا مخالفة لليهود والنصارى، وهو الأرجح، وبه يُشْعِرُ بعضُ روايات مسلم. ولأحمد من وجهٍ آخر، عن ابن عباس مرفوعًا: "صُومُوا عَاشُورَاء، وخَالِفُوا اليهود، صُومُوا يومًا قبله، أو يومًا بعده"، ونحوه عند الطحاوي أيضًا. وكان ابنُ عباس نفسه يَصُومُ التاسع والعاشر. وقال في "عمدة القاري": ورُوِيَ عن ابن عباس: "أنه كان يَصُومُ اليومين خوفًا من أن يفُوتَهُ، وكان يَصُومُهُ في السفر". اهـ. فظهر أن ابن عباس إنما صَامَ التاسعَ والعاشرَ، لأنه عَلِمَ عَزمَ النبي - صلى الله عليه وسلم - على صوم التاسع من القابل، ولأنه يَحصُلُ منه الأمن عن فوات فضل عَاشُورَاء عند الاختلاف في هلال المُحرم. ولا تَزَاحُم في "الفوائد". ومعلومٌ أن الجوابَ على أسلوب الحكيم، طريقٌ مسلوكٌ عند البلغاء، وعليه حَمَلَ العلماءُ قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189]. فإن السؤالَ كان عن علة اختلاف صُوَر القمر، والسرُّ في ازدياده وانتقاصه، =

تنبيهٌ: واعلم أن من يَقْسِمُون الطعام على المساكين بعد غروب الشمس من يوم عَاشُوراء، ¬

_ = مع أنه أجِيبَ عن فوائده. وأمَّا الاستشكالُ بحديث ابن عباس، قال: "قَدِمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ فرأى اليهودَ تَصُومُ يوم عَاشُورَاء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يومٌ صالحٌ، هذا يومٌ نجَّى الله بني إسرائيل من عدوهم، فصَامَهُ موسى. قال: فأنا أحقُّ بموسى منكم. فَصَامَهُ، وأَمَرَ بصيامه"، اهـ. فليس بذاك، لأنه لم يُرْوَ في روايةٍ أن صَومَهُم هذا كان في السنة التي قَدِمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ليناقض كونه عاشرَ المُحرَّم. فإن أصحابَ السِّرَ اتَّفقوا على أنه قَدِمَ الثامنة من ربيع الأول، وحينئذٍ لا يُمكِنُ أن يكونَ ذلك اليوم عاشر المُحرَّم. ووجهُ الدفع أنه لا دليلَ فيه على أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وجدهم صائمين يومَ دَخَلَ المدينةَ. كيف! وقد صَامُوا العام عَاشُورَاء قبل مَقدَمِهِ، وإنما رآهم يَصُومُون من العام المُقبِلِ حين أَقبَلَ عليه شهر المُحَرم. قال في "فتح الباري": قد كان أول قدومه المدينة، ولا شَكَّ أن قدومَه كان في ربيع الأول، فحينئذٍ كان الأمرُ بذلك في أول السنة الثانية، وفي السنة الثانية فُرِضَ شهر رمضان. فعلى هذا لم يَقَع الَأمرُ بصيام عَاشُورَاء إلَّا في سنةٍ واحدةٍ، ثم فُوْضَ الأمرُ في صيامه إلى رأي المتطوع. اهـ. وقال في "عمدة القاري": فإن قيل: ظاهرُ الخبر يقتضي أنه - صلى الله عليه وسلم - لمَّا قَدِمَ المدينةَ وَجَدَ اليهودَ صِيَامًا يوم عَاشُورَاء، والحال أنه - صلى الله عليه وسلم - قَدِمَ المدينةَ في ربيعِ الأول. وأُجِيبَ: بأن المرادَ أول عِلْمِهِ بذلك. وسؤاله عنه بعد أن قَدِمَ المدينةَ، لا أنه قبل أن يَقدَمَهَا عَلِمَ ذلك. وقيل: في الكلام حذفٌ، تقديره: قَدِمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فأقام إلى يوم عَاشُورَاء، فوجد اليهود فيه صيامًا. وأما ما ذكره صاحب "نتائج الأفهام في تقويم العرب قبل الإسلام": أن يومَ قدومه - صلى الله عليه وسلم - كان يومَ عَاشُوراء، واحتجَّ عليه بروايته. فمع تخليطه في نقل سِيَاق الحديث، لا يقَتضي أن يكونَ ذلك هو عَاشُورَاء المشهور فيما بين المسلمين، أي عاشر المُحَرَّم. بل كان ذلك عَاشُورَاء عند اليهود، وهو عاشرُ تشرين الأول، لأن الحسابَ عندهم كان شمسيًّا، والشهرُ الشمسيُّ يكون دائرًا في الأشهر القمرية، فقد يُوَافِقُ التشرين الأول المُحَرَّم، وقد يُوَافِقُ ذا الحجة -آخر الأشهر القمرية- واتفق في تلك السنة أن عَاشُورَاء بالحساب الشمسيِّ، يُوَافِقُ الثامنةَ من ربيعٍ الأول، وهو اليوم الذي قَدِمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فيه المدينة، لأنه كان عَاشُورَاء المعروف فيما بين المسلمين أو اليهود الذين كانوا يَصُومُونه بحساب القمر. ومن ههنا اندَفَعَ الخلافُ في ألفاظ اليهود في اعتبارهم عَاشُورَاء، فعند مسلم عن أبي موسى، قال: "كان أهل خيبَرَ يَصُومُون يومَ عَاشُورَاء، يتْخِذُونَهُ عيدًا، ويُلبِسُون نساءهم حُلِيَّهم وشَارَتَهم. فقال رسولُ لله - صلى الله عليه وسلم -: فَصُومُوه أنتم". اهـ. وعند البخاري من الهجرة: "وإذا أُناس من اليهود يُعَظِّمُون عَاشُورَاء، وَيصُومُونه". اهـ. فإن التقييدَ بأهل خَيبَرَ بأُناسٍ من اليهود، يَدُلُّ على اختلافهم في هذا الباب. وقال في "فتح الباري": ويحتمل أن يكونَ أولئك اليهود كانوا يَحْسُبُونَ يوم عاشوراء بحساب السنين الشمسيَّة، فصَادَفَ يومُ عَاشُورَاء بحسابهم اليومَ الذي قَدِمَ فيه - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ. وهذا التأويل مما يترجَّحُ به أولويةُ المسلمين وأَحَقَّيَتُهم بموسى عليه الصلاة والسلام، لإِضلالهم في اليوم المذكور، وهداية الله المسلمين له. اهـ. فقيَّد بقوله: أولئك اليهود، وصرَّح بأن اليهودَ ضَلُّوا في تعيين يوم عَاشُورَاء، فكانوا شِيعًا، وهدى الله المسلمين إلى الصواب. ثم قال الحافظُ: ثم وَجَدْتُ في "المعجم الكبير" للطبراني ما يُؤَيِّدُ الاحتمال المذكور أولًا، وهو ما أَخرَجَهُ في ترجمة زيد بن ثابت من طريق أبي الزَّنَاد، عن أبيه، عن خَارِجَة بن زيد بن ثابت، عن أبيه، قال: "ليس يومُ عَاشُورَاء باليوم الذي يقوله الناس، إنما كان يومٌ تُستَرُ فيه الكعبة. وكان يدور في السنة. وكانوا يَأتُونَ فلانًا اليهودي -يعني ليَحْسُبَ لهم- فلمَّا مات أتوا زيد بن ثابت فسألوه". وسندهُ حسنٌ، قال شيخنا الهيثمي في "زوائد المسانيد": لا أدري ما معنى هذا. قلتُ: ظَفِرتُ بمعناه في كتاب "الآثار القديمة" لأبي الريحان البَيرُوني، فذكر ما حاصله: أن جَهَلَةَ اليهود يَعْتَمِدُون =

أو من الغد، فليسوا يُحْرِزُون من صواب التصدُّق في ذلك اليوم شيئًا، فينبغي أن يُقْسَمَ الطعام قبل الغروب، ليقع التصدُّق في العاشر، لا في الحادي عشر. ¬

_ = في صيامهم وأعيادهم حساب النجوم، فالسنةُ عندهم: الشمسية لا الهلالية. قلتُ: فمن ثَمَّ احتاجوا إلى من يَعرِفُ الحساب ليعتمدوا عليه في ذلك اهـ. وحاصلهُ: أن عَاشُورَاء عند بعض اليهود لم يكن هو عَاشُورَاء المعروفة بعد الإِسلام، لأنه كان عندهم اليوم الذي تُسْتَرُ فيه الكعبة. ولمَّا كان هؤلاء اليهود يَعْتَبِرُون الحسابَ الشمسيِّ، كان عَاشُورَاؤهم دائرًا في الشهور القمرية، ومن ثَمَّ احتاجوا إلى من يَعرِفُ الحساب، فهدى اللهُ المسلمين إلى الحساب القمريِّ، وذلك الحساب كان عند ربك مَرْضيًّا. ثم تقييد أبي الريحان البَيرُوني قوله: بجَهَلَة اليهود، يَدُلُّ على أن الحساب في الأصل -بحسب كُتُبهم السماوية أيضًا- كان قمريًا، وإنما هم حوَّلوه إلى الشمسيِّ. وقد وُجِدَ في بعض الزِّيج والتقاويم: أن الحسابَ العِبرِيَّ قمريٌّ من لَدُن آدم عليه الصلاة والسلام إلى يومنا هذا، إلَّا عند من بدَّله إلى الشمسيِّ. وحمل بعضُ المفسِّرين قوله تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة: 37] على هذا التحويل، لأن في هذا التحويل تحويلٌ للأوقات الشرعية، وذلك يُنَاقِضُ أوضاعها. قال في "الكشاف": وربما زَادُوا في عدد الشهور، فَيَجعَلُونها ثلاثة عشر، أو أربعة عشر، ليتَّسعَ لهم الوقت، ولذلك قال عزَّ وعلا: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} [التوبة: 36]، يعني من غير زيادةٍ زادوها. اهـ. وهكذا حديث: "ألَا إن الزمانَ قد استَدَارَ كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السَّنةُ اثني عشر شهرًا، منها أربعةٌ حُرُمٌ، ثلاثٌ مُتَوَاليَاتٌ: ذو القَعدة، وذو الحِجَّة، والمُحَرَّم، ورَجَبُ مُضَر، الذي بين جُمَادَى، وشعبان. هـ. وجملة الكلام: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وَافَقَ في تعيين عَاشُورَاء الطائفةَ التي كانت على الحق منهم، وخالَفَ الذين حَوَّلُوا حسابهم إلى الشمسيِّ، فَضَلّوا وأضلُّوا. ثم إن في هذا اليوم خصوصياتٌ أخرى غير نجاة موسى عليه الصلاة والسلام، قال في "فتح الباري": ولأحمد من طريق شُبَيل بن عَوْف، عن أبي هُرَيْرَة نحوه، وزاد فيه: "وهو اليوم الذي استوت فيه السفينةُ على الجُودِي، فصامه نوح شكرًا". اهـ. وقال في "عمدة القاري": وروى ابن أبي شَيبَة بسندٍ جيدٍ، عن أبي هُرَيرَة يرفعه: "يومُ عَاشُورَاء تَصُومُه الأنبياءُ عليهم الصلاة والسلام، فصوموه أنتم". اهـ. ولا تعَارُضَ بين حديث ابن عباس المارَّ آنفًا، وبين حديث عائشة، قالت: "كان صوم عاشوراء تَصُومُه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصُومُه في الجاهلية، فلمَّا قَدِمَ المدينةَ صامه، وأمر بصيامه". بل في حديث عائشة التصريح بأنه كان يَصُومُه قبل ذلك. فغايةُ ما في القصة أنه لم يَحْدُثْ له لقول اليهود تجديدُ حكمٍ، وإنما هي صفةُ حالٍ، وجوابُ سؤالٍ. ولم تَختَلِف الروايات عن ابن عباس في ذلك، ولا مُخَالفة بينه وبين حديث عائشة "أن أهلَ الجاهلية كانوا يَصُومُونه"، كما تقدّم إذ لا مانعَ من تَوَارُد الفريقين على صيامه، مع اختلاف السبب في ذلك. اهـ. وأما الاستناد بما في التوراة: أن موسى عليه الصلاة والسلام نُجِّيَ في الثانية والعشرين من رمضان، وهي تكون الحادية والعشرين من نيسان بحسب شهورهم، لا عاشر المُحَرَّم، أو عاشر تشرين عندهم، فاستنادٌ بما ليست له عُمُدٌ. وَيظهَرُ من سياقه أنه من إلحاق الأحبار، فلا حُجَّةَ فيه، ودون صحته قطع المفاوز: في طلعة الشمس ما يُغْنِيكَ عن زُحَل انتهى كلامه. وقد كانت تلك الرسالة قد شاعت في "مجلة القاسم"، فكنت أتَفَقْدُها تفقُّدًا. فما كنتُ أجدها عند أحدٍ من معارفي، حتى جرى ذكرها بيني وبين المولى محمد يوسف البَنَّوري، فبشَّرني بأنه استنسخه في مذكرته. فاستعرتها منه، وترجمت بالعربية منها ما كان بالفارسية. فإن من الشاكرين، وأشركني في دعواتك الصالحة وإياه.

31 - كتاب صلاة التراويح

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 31 - كتابُ صَلاةِ التَّرَاوِيح 1 - باب فَضْلِ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ 2008 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لِرَمَضَانَ «مَنْ قَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». أطرافه 35، 37، 38، 1901، 2009، 2014 - تحفة 15223 2009 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَتُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ كَانَ الأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِى خِلاَفَةِ أَبِى بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ - رضى الله عنهما -. أطرافه 35، 37، 38، 1901، 2008، 2014 - تحفة 12277 2010 - وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِىِّ أَنَّهُ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - لَيْلَةً فِى رَمَضَانَ، إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّى الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّى الرَّجُلُ فَيُصَلِّى بِصَلاَتِهِ الرَّهْطُ فَقَالَ عُمَرُ إِنِّى أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلاَءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ. ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ قَارِئِهِمْ، قَالَ عُمَرُ نِعْمَ الْبِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِى يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِى يَقُومُونَ. يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ، وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ. تحفة 10594 2011 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى وَذَلِكَ فِى رَمَضَانَ. أطرافه 729، 730، 924، 1129، 2012، 5861 - تحفة 16594 2012 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ لَيْلَةً مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، فَصَلَّى فِى الْمَسْجِدِ، وَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلاَتِهِ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ، فَصَلَّوْا مَعَهُ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى، فَصَلَّوْا بِصَلاَتِهِ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ، حَتَّى خَرَجَ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الْفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ

لَمْ يَخْفَ عَلَىَّ مَكَانُكُمْ، وَلَكِنِّى خَشِيتُ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا». فَتُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ أطرافه 729، 730، 924، 1129، 2011، 5861 - تحفة 16553 - 59/ 3 2013 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى رَمَضَانَ فَقَالَتْ مَا كَانَ يَزِيدُ فِى رَمَضَانَ، وَلاَ فِى غَيْرِهَا عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّى أَرْبَعًا فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّى أَرْبَعًا فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّى ثَلاَثًا. فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ قَالَ «يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَىَّ تَنَامَانِ وَلاَ يَنَامُ قَلْبِى». طرفاه 1147، 3569 - تحفة 17719 وقد مرَّ منا التحقيقُ في القيام في كتاب الإِيمان: أن المقصودَ منه القيام للصلاة، أو إحياء الليل فحسب. 2010 - قوله: (فقال عُمَرُ: إني أرى لو جَمَعْتُ هؤلاء على قارِىءٍ واحدٍ) ... إلخ. قد مرَّ الكلامُ على جملة أجزاء هذا الحديث، فلا نُعِيدُه. واعلم أنه ذَهَبَ جماعةٌ من الحنفية إلى أن التراويحَ في البيت أفضل (¬1) لمن كان حافظَ القرآن، ومن لا يكون كذلك، فالأفضل له أن يَحْضُرَ الجماعةَ يستمع الذكر. وذَهَبَ جماعةٌ إلى أن الفضلَ في حضور الجماعة مطلقًا. وجَنَحَ الطحاويُّ إلى الأول، وهو الأرجح، فإنه ثَبَتَ عن كِبَار الصحابة أنهم كانوا يُصَلُّونها في البيت. وهذا عمر لم يكن يُصَلِّيها بالجماعة، مع كونه أميرًا، فكان ينبغي له أن يَخْرُجَ إليهم، فإن الإِمامةَ إذ ذاك كانت مختصةً بالأمير. نعم ينبغي للعلماء أن لا يُفْتُوا به، فإن من لا يأتي الجماعةَ يُوشِكُ أن لا يصلِّيها رأسًا. وهذا هو الحال في السُّنن، فإن الأفضلَ فيها أن تُصَلَّى في البيوت، إلا أنه ينبغي الفَتْوَى بأدائها في المسجد، لئلا يَحْتَالَ المُتَكَاسِلُون في تركها. وثَبَتَ عن عليَ أنه أمَّ بالكوفة في التراويح. وأمَّا عددُ ركعات التراويح، فقد جاء عن عمر على أنحاءٍ، واستقرَّ الأمر على العشرين مع ثلاث الوتر. ويُعْلَمُ من «موطأ مالك»: أنه خفَّف في القراءة، وزاد في الركعات بتنصيف القراءة، وتضعيف الركعات. وبعد ما تَلَقَّتْهُ الأمةُ بالقَبُول، لا بحثَ لنا أنه كان ذلك اجتهادًا منه، أو ماذا؟ ومَن ادَّعى العملَ بالحديث، فأَوْلَى له أن يُصَلِّيها حتى يخشى فوت الفلاح، فإن هذه صلاة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في اليوم الآخر. وأمَّا من اكتفى بالركعات الثمانية، وشذَّ عن السواد الأعظم (¬2)، وجعل يَرْمِيهم بالبدعة، فَلْيَرَ عاقبته، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) قال الترمذيُّ: اختار ابن المبارك، وأحمد وإسحاق: الصلاة مع الإِمام في شهر رمضان. واختار الشافعيُّ: أن يصلِّي الرجلُ وحده إذا كان قارئًا. اهـ. (¬2) قلتُ: قال الترمذيُّ: اختلف أهلُ العلم في قيام رمضان، فرأى بعضُهم أن يُصَلِّيَ إحدى وأربعين ركعةً مع الوتر، وهو قولُ أهل المدينة، وأكثر أهل العلم على ما رُوِي عن علي، وعمر، وغيرهما من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عشرين ركعة، وهو قول سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي؛ وقال الشافعي: هكذا أدركت ببلدنا بمكة يصلون =

........................... ¬

_ = عشرين ركعة، وقال أحمد: روي في هذا ألوانٌ لم تقضِ فيه بشيءٍ. وقال إسحاق: بل نختارُ إحدى وأربعين ركعة على ما رُوِي عن أبيِّ بن كعب. اهـ. وتبيَّن من هذا ما كان عليه العملُ في الحرمين الشريفين، وما كان مذهبُ السلف الصالحين. فَليُصَل المدَّعُون بالعمل بالحديث ثمانيةً أو دونها، فإن أكثرَ الصحابة لم يُصَلَّوا إلَّا عشرين ركعة. فهم العُمدَةُ، وبهم القُدوَةُ، وفيهم الأُسوَة. ثم أتذَكَّرُ أن أصحابَ مالك إنما اختاروا إحدى وأربعين، لأنهم كانوا يَشتَغِلون في النوافل في الترويحة بخلاف أهل مكة، فإنهم كانوا يَطُوفُون فيها. ومن ههنا حَصَل الفرقُ بين العمل في البلدتين.

32 - كتاب فضل ليلة القدر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 32 - كتابُ فَضْلِ لَيلَةِ القَدْر 1 - باب فَضْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)}. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ مَا كَانَ فِى الْقُرْآنِ {مَا أَدْرَاكَ} فَقَدْ أَعْلَمَهُ، وَمَا قَالَ {وَمَا يُدْرِيكَ} فَإِنَّهُ لَمْ يُعْلِمْهُ. 2014 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْنَاهُ وَإِنَّمَا حَفِظَ مِنَ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ. أطرافه 35، 37، 38، 1901، 2008، 2009 - تحفة 15145، 15154 قوله: (خَيْرٌ من أَلْفِ شَهْرٍ)، وهو بالحساب ثمانون سنةً وشيءٌ، وإنما رُفِعَ علمها ليَلْتَمِسَها الناسُ، فَيُحْرِزُوا مزيدَ الأجر، والله تعالى أعلم. وهذا نظير ما قاله الرازي في إبهام الصلاة الوسطى. 2 - باب الْتِمَاسِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِى السَّبْعِ الأَوَاخِرِ 2015 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رِجَالاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِى الْمَنَامِ فِى السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِى السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِى السَّبْعِ الأَوَاخِرِ». طرفاه 1158، 6991 - تحفة 8363 - 60/ 3 2016 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ وَكَانَ لِى صَدِيقًا فَقَالَ اعْتَكَفْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الْعَشْرَ الأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ، فَخَرَجَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ، فَخَطَبَنَا وَقَالَ «إِنِّى أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ثُمَّ أُنْسِيتُهَا أَوْ نُسِّيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فِى الْوَتْرِ، وَإِنِّى رَأَيْتُ أَنِّى أَسْجُدُ فِى مَاءٍ وَطِينٍ، فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلْيَرْجِعْ». فَرَجَعْنَا وَمَا نَرَى فِى السَّمَاءِ قَزَعَةً، فَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ حَتَّى

3 - باب تحرى ليلة القدر فى الوتر من العشر الأواخر

سَالَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ وَكَانَ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ، وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْجُدُ فِى الْمَاءِ وَالطِّينِ، حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِى جَبْهَتِهِ. أطرافه 669، 813، 836، 2018، 2027، 2036، 2040 - تحفة 4419 وقد مرَّ مني التنبيه على أن تلك الليلة، وإن كانت في الأوتار، إلا أن المأمورَ بالقيام هو العشرة بتمامها، الأَشْفَاعُ والأَوْتَارُ، كلُّها سواء، وإليه يُشِيرُ قوله صلى الله عليه وسلّم في حديث الباب: «فمن كان مُتَحَرِّيها فَلْيَتَحَرَّها في السَّبْعِ الأَوَاخِرِ»، ويُخَالِفهُ ما أخرجه البخاريُّ في الباب الآتي: «تَحَرَّوْا ليلةَ القدر في الوِتْر من العَشْرِ الأَوَاخِر من رمضان»، فإنه يُشْعِرُ بابتغائها في الأوتار خاصةً. والوجه عندي: أنه قد تبيَّن عندنا أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم اعتكف في العشرة الأخيرة من رمضان، وأمر باعتكافها. أمَّا الأمرُ بالاجتهاد في الأوتار، فَيُبْنَى على الظن بالأغلب على كونها فيها، دون الاقتصار عليها. ويَدُلُّ على ما قلنا قولُه صلى الله عليه وسلّم «فابْتَغُوهَا في العَشْرِ الأَواخِرِ، وابْتَغُوها في كلِّ وِتْرٍ». 3 - باب تَحَرِّى لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِى الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فِيهِ عُبَادَةُ. 2017 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا أَبُو سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِى الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ». طرفاه 2019، 2020 - تحفة 17573 2018 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِىُّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه -. كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُجَاوِرُ فِى رَمَضَانَ الْعَشْرَ الَّتِى فِى وَسَطِ الشَّهْرِ، فَإِذَا كَانَ حِينَ يُمْسِى مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً تَمْضِى، وَيَسْتَقْبِلُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، رَجَعَ إِلَى مَسْكَنِهِ وَرَجَعَ مَنْ كَانَ يُجَاوِرُ مَعَهُ. وَأَنَّهُ أَقَامَ فِى شَهْرٍ جَاوَرَ فِيهِ اللَّيْلَةَ الَّتِى كَانَ يَرْجِعُ فِيهَا، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَأَمَرَهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ «كُنْتُ أُجَاوِرُ هَذِهِ الْعَشْرَ، ثُمَّ قَدْ بَدَا لِى أَنْ أُجَاوِرَ هَذِهِ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ، فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِى فَلْيَثْبُتْ فِى مُعْتَكَفِهِ، وَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا فَابْتَغُوهَا فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ وَابْتَغُوهَا فِى كُلِّ وِتْرٍ، وَقَدْ رَأَيْتُنِى أَسْجُدُ فِى مَاءٍ وَطِينٍ». فَاسْتَهَلَّتِ السَّمَاءُ فِى تِلْكَ اللَّيْلَةِ، فَأَمْطَرَتْ، فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ فِى مُصَلَّى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، فَبَصُرَتْ عَيْنِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَظَرْتُ إِلَيْهِ انْصَرَفَ مِنَ الصُّبْحِ، وَوَجْهُهُ مُمْتَلِئٌ طِينًا وَمَاءً. أطرافه 669، 813، 836، 2016، 2027، 2036، 2040 - تحفة 4419 - 61/ 3 2019 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْتَمِسُوا». طرفاه 2017، 2020 - تحفة 17322 2020 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُجَاوِرُ فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَيَقُولُ «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ

4 - باب رفع معرفة ليلة القدر لتلاحى الناس

الْقَدْرِ فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ». طرفاه 2017، 2019 - تحفة 17061 2021 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْتَمِسُوهَا فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِى تَاسِعَةٍ تَبْقَى، فِى سَابِعَةٍ تَبْقَى، فِى خَامِسَةٍ تَبْقَى». طرفه 2022 - تحفة 5994، 6063 2022 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِى مِجْلَزٍ وَعِكْرِمَةَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هِىَ فِى الْعَشْرِ، هِىَ فِى تِسْعٍ يَمْضِينَ أَوْ فِى سَبْعٍ يَبْقَيْنَ». يَعْنِى لَيْلَةَ الْقَدْرِ. قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ. وَعَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْتَمِسُوا فِى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ. طرفه 2021 - تحفة 6543، 6135، 6063 2021 - قوله: (في تاسعةٍ تَبْقَى) ... إلخ. واعلم أن الأحاديثَ في الأمر بإِحياء العشر وَرَدَتْ بنحوين: إمَّا بالإِحياء بمجموعة، أو الإِحياء بأوتاره خاصةً، ولم تَرِدْ بإِحياء الأَشْفَاع خاصةً. ثم إن التاسعة، والسابعة، والخامسة أَشْفَاعٌ، إن كان الشهر ثلاثين، وإلا فهي أوتارٌ. والأسهلُ عندي أن يُقَال: إنه يُبْنَى على اختلاف تعديدها، فإن عَدَدْتَهَا من الأول إلى الآخر تكون هذه أشفاعًا، وإن عَدَدْتَهَا من الآخر إلى الأول تكون أوتارًا، وهذه صورتها: 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 9 - 8 - 7 - 6 - 5 - 4 - 3 - 2 - 1 فالثانيةُ والعشرون شفعٌ من وجهٍ، ووِتْرٌ من وجهٍ. فإن أَخَذْتَ الحساب من الأول، فهي شَفْعٌ، وإن أَخَذْتَهُ من الآخر، فهي وِتْرٌ، فإنها التاسعةُ، كما ترى فيما صوَّرْنَاهُ. وقِسْ عليها الباقيةَ، فإن ليلة الثلاثين شَفْعٌ على الحساب المعروف، ووِتْرٌ على غير المعروف. وهذا وإن لم يَقْرَعْ سمعَكَ، لكنه يُحْتَمِلُ أن يكونَ مرادًا. فإنه كما وَرَدَ الإِبهامُ في أيامها، كذلك يُمْكِنُ أن يكونَ وَرَدَ في حسابها أيضًا، فهو إبهامٌ في إبهامٍ. وعلى هذا تبيَّن الجوابُ عمّا ذَكَرَهُ البخاريُّ عن ابن عباس: «الْتَمسُوها في أربعٍ وعشرين» فإنها سابعةٌ، وهي وِتْرٌ إن أُخِذَتْ في الحساب من الآخر. وللحافظ ههنا كلامٌ غير واضحٍ، والأسهلُ ما قُلْنَا. 2022 - قوله: (في تِسْعٍ يَمْضِينَ، أو في سَبْعٍ يَبْقَيْنَ) ... إلخ. وهذا وإن كان الشهرُ تسعًا وعشرين. فظاهرٌ. وإلا، فالوجهُ ما قُلْنَا، والتفصيلُ ما حرَّرنا. 4 - باب رَفْعِ مَعْرِفَةِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ لِتَلاَحِى النَّاسِ 2023 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِيُخْبِرَنَا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَتَلاَحَى رَجُلاَنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ «خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَتَلاَحَى فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ، فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالْتَمِسُوهَا فِى التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ». طرفاه 49، 6049 - تحفة 5071

5 - باب العمل فى العشر الأواخر من رمضان

وفي «الفتح» روايةٌ قويةٌ، تَدُلُّ على رفع أصلها. والمرادُ منه: الرفعُ من تلك السنة فقط. ولعلَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أُعْطِي علمها من تلك السنة، وهو الذي رُفِعَ عنه. 2023 - قوله: (تلاحَى رَجُلان)، قيل: هما: كعب بن حداد، ورجلٌ آخر قلت: ويمكن أن يكونَ غيرهما. 5 - باب الْعَمَلِ فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ 2024 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى يَعْفُورٍ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ. تحفة 17637 ***

33 - كتاب الاعتكاف

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 33 - كِتَابُ الاعْتِكَاف 1 - باب الاِعْتِكَافِ فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ وَالاِعْتِكَافِ فِى الْمَسَاجِدِ كُلِّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [البقرة: 187]. 2025 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ. تحفة 8536 - 62/ 3 2026 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ. تحفة 16538 2027 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَعْتَكِفُ فِى الْعَشْرِ الأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ، فَاعْتَكَفَ عَامًا حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَهِىَ اللَّيْلَةُ الَّتِى يَخْرُجُ مِنْ صَبِيحَتِهَا مِنِ اعْتِكَافِهِ قَالَ «مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِى فَلْيَعْتَكِفِ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ، وَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَقَدْ رَأَيْتُنِى أَسْجُدُ فِى مَاءٍ وَطِينٍ مِنْ صَبِيحَتِهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، وَالْتَمِسُوهَا فِى كُلِّ وِتْرٍ». فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ، فَبَصُرَتْ عَيْنَاىَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى جَبْهَتِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ، مِنْ صُبْحِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ. أطرافه 669، 813، 836، 2016، 2018، 2036، 2040 - تحفة 4419 وهو سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ على الكِفَايَةِ، وبالنَّذْرِ يكون واجبًا. والنَّذْرُ عندنا عملُ اللسان، لا نِيَّةُ الجنان فقط. 2 - باب الْحَائِضُ تُرَجِّلُ الْمُعْتَكِفَ 2028 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ

3 - باب لا يدخل البيت إلا لحاجة

عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصْغِى إِلَىَّ رَأْسَهُ وَهْوَ مُجَاوِرٌ فِى الْمَسْجِدِ، فَأُرَجِّلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ. أطرافه 295، 296، 301، 2031، 2046، 5925 - تحفة 17323 3 - باب لاَ يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلاَّ لِحَاجَةٍ 2029 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيُدْخِلُ عَلَىَّ رَأْسَهُ وَهْوَ فِى الْمَسْجِدِ فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لاَ يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلاَّ لِحَاجَةٍ، إِذَا كَانَ مُعْتَكِفًا أطرافه 2033، 2034، 2041، 2045 - تحفة 16579، 17921 - 63/ 3 4 - باب غَسْلِ الْمُعْتَكِفِ 2030 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُبَاشِرُنِى وَأَنَا حَائِضٌ. طرفاه 300، 302 - تحفة 15982 2031 - وَكَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَهْوَ مُعْتَكِفٌ فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ. أطرافه 295، 296، 301، 2028، 2046، 5925 - تحفة 15990 5 - باب الاِعْتِكَافِ لَيْلاً 2032 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ كُنْتُ نَذَرْتُ فِى الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، قَالَ «فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ». أطرافه 2043، 3144، 4320، 6697 - تحفة 8157 6 - باب اعْتِكَافِ النِّسَاءِ واختار ابن الهُمَام أنه يُشْتَرَطُ الصوم للاعتكاف مطلقًا، وإن كان بساعةٍ. ولا يُشْتَرَط في النفل عند «البحر»، وكذا في «المبسوط»، وهو الأصوبُ عندي. ولا دليلَ في حديث الباب، فإن في اللفظ الآخر «أَعْتَكِف يومًا» مكان: «ليلةً». 2033 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعْتَكِفُ فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَكُنْتُ أَضْرِبُ لَهُ خِبَاءً فَيُصَلِّى الصُّبْحَ ثُمَّ يَدْخُلُهُ، فَاسْتَأْذَنَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ أَنْ تَضْرِبَ خِبَاءً فَأَذِنَتْ لَهَا، فَضَرَبَتْ خِبَاءً، فَلَمَّا رَأَتْهُ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ ضَرَبَتْ خِبَاءً آخَرَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى الأَخْبِيَةَ فَقَالَ «مَا هَذَا». فَأُخْبِرَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «آلْبِرُّ تُرَوْنَ

7 - باب الأخبية فى المسجد

بِهِنَّ». فَتَرَكَ الاِعْتِكَافَ ذَلِكَ الشَّهْرَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ. أطرافه 2029، 2034، 2041، 2045 - تحفة 17930 7 - باب الأَخْبِيَةِ فِى الْمَسْجِدِ 2034 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِى أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ إِذَا أَخْبِيَةٌ خِبَاءُ عَائِشَةَ، وَخِبَاءُ حَفْصَةَ، وَخِبَاءُ زَيْنَبَ، فَقَالَ «آلْبِرَّ تَقُولُونَ بِهِنَّ». ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمْ يَعْتَكِفْ، حَتَّى اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ. أطرافه 2029، 2033، 2041، 2045 - تحفة 17930 2032 - قوله: (فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ)، ولنا أن نَحْمِلَهُ على الاستحباب إن كان نَذْرُهُ قبل الإِسلام. 8 - بابٌ هَلْ يَخْرُجُ الْمُعْتَكِفُ لِحَوَائِجِهِ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ 2035 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَلِىُّ بْنُ الْحُسَيْنِ - رضى الله عنهما - أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَزُورُهُ فِى اعْتِكَافِهِ فِى الْمَسْجِدِ، فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهَا يَقْلِبُهَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ مَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُمَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّمَا هِىَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَىٍّ». فَقَالاَ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّى خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِى قُلُوبِكُمَا شَيْئًا». أطرافه 2038، 2039، 3101، 3281، 6219، 7171 - تحفة 19129، 15901 - 64/ 3 2035 - قوله: (عند باب أُمِّ سَلَمَةَ)، وهذا الباب في الطريق. أمَّا بيتها، فكان في دار أُسَامَة، كما سيجيء. 9 - باب الاِعْتِكَافِ، وَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صَبِيحَةَ عِشْرِينَ 2036 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ هَارُونَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - قُلْتُ هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ قَالَ نَعَمِ، اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْعَشْرَ الأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ - قَالَ - فَخَرَجْنَا صَبِيحَةَ عِشْرِينَ، قَالَ فَخَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَبِيحَةَ عِشْرِينَ فَقَالَ «إِنِّى أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَإِنِّى نُسِّيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فِى وِتْرٍ، فَإِنِّى رَأَيْتُ أَنِّى أَسْجُدُ فِى مَاءٍ وَطِينٍ، وَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلْيَرْجِعْ». فَرَجَعَ النَّاسُ إِلَى الْمَسْجِدِ،

10 - باب اعتكاف المستحاضة

وَمَا نَرَى فِى السَّمَاءِ قَزَعَةً - قَالَ - فَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ، وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الطِّينِ وَالْمَاءِ، حَتَّى رَأَيْتُ الطِّينَ فِى أَرْنَبَتِهِ وَجَبْهَتِهِ. أطرافه 669، 813، 836، 2016، 2018، 2027، 2040 - تحفة 4419 10 - باب اعْتِكَافِ الْمُسْتَحَاضَةِ 2037 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ، فَكَانَتْ تَرَى الْحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ، فَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهْىَ تُصَلِّى. أطرافه 309، 310، 311 - تحفة 17399 - 65/ 3 11 - بابُ زِيَارَةِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِى اعْتِكَافِهِ 2038 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ الْحُسَيْنِ - رضى الله عنهما - أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَلِىِّ بْنِ الْحُسَيْنِ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمَسْجِدِ، وَعِنْدَهُ أَزْوَاجُهُ، فَرُحْنَ، فَقَالَ لِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىٍّ «لاَ تَعْجَلِى حَتَّى أَنْصَرِفَ مَعَكِ». وَكَانَ بَيْتُهَا فِى دَارِ أُسَامَةَ، فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهَا، فَلَقِيَهُ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَنَظَرَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ أَجَازَا وَقَالَ لَهُمَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَعَالَيَا، إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَىٍّ». قَالاَ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّى خَشِيتُ أَنْ يُلْقِىَ فِى أَنْفُسِكُمَا شَيْئًا». أطرافه 2035، 2039، 3101، 3281، 6219، 7171 - تحفة 15901، 19129 12 - باب هَلْ يَدْرَأُ الْمُعْتَكِفُ عَنْ نَفْسِهِ 2039 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ الْحُسَيْنِ - رضى الله عنهما - أَنَّ صَفِيَّةَ أَخْبَرَتْهُ. حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ يُخْبِرُ عَنْ عَلِىِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ صَفِيَّةَ - رضى الله عنها - أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُعْتَكِفٌ، فَلَمَّا رَجَعَتْ مَشَى مَعَهَا، فَأَبْصَرَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُ دَعَاهُ فَقَالَ «تَعَالَ هِىَ صَفِيَّةُ - وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ هَذِهِ صَفِيَّةُ - فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ». قُلْتُ لِسُفْيَانَ أَتَتْهُ لَيْلاً قَالَ وَهَلْ هُوَ إِلاَّ لَيْلٌ أطرافه 2035، 2038، 3101، 3281، 6219، 7171 - تحفة 15901 13 - باب مَنْ خَرَجَ مِنَ اعْتِكَافِهِ عِنْدَ الصُّبْحِ 2040 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ خَالِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ. قَالَ سُفْيَانُ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ

14 - باب الاعتكاف فى شوال

عَمْرٍو عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ. قَالَ وَأَظُنُّ أَنَّ ابْنَ أَبِى لَبِيدٍ حَدَّثَنَا عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْعَشْرَ الأَوْسَطَ، فَلَمَّا كَانَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ نَقَلْنَا مَتَاعَنَا فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى مُعْتَكَفِهِ فَإِنِّى رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، وَرَأَيْتُنِى أَسْجُدُ فِى مَاءٍ وَطِينٍ». فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مُعْتَكَفِهِ، وَهَاجَتِ السَّمَاءُ، فَمُطِرْنَا فَوَالَّذِى بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَقَدْ هَاجَتِ السَّمَاءُ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَرِيشًا، فَلَقَدْ رَأَيْتُ عَلَى أَنْفِهِ وَأَرْنَبَتِهِ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّينِ. أطرافه 669، 813، 836، 2016، 2018، 2027، 2036 - تحفة 4419 - 66/ 3 2040 - قوله: (فلمّا كان صَبِيحَةَ عِشْرِين نَقَلْنَا مَتَاعَنَا) ... إلخ، أي أمرنا الناسَ أن يَنْقُلوا متاعنا، لأن الخروج لا يكون إلا بعد الغروب. 14 - باب الاِعْتِكَافِ فِى شَوَّالٍ 2041 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْتَكِفُ فِى كُلِّ رَمَضَانَ، وَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ دَخَلَ مَكَانَهُ الَّذِى اعْتَكَفَ فِيهِ - قَالَ - فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ أَنْ تَعْتَكِفَ فَأَذِنَ لَهَا فَضَرَبَتْ فِيهِ قُبَّةً، فَسَمِعَتْ بِهَا حَفْصَةُ، فَضَرَبَتْ قُبَّةً، وَسَمِعَتْ زَيْنَبُ بِهَا، فَضَرَبَتْ قُبَّةً أُخْرَى، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْغَدِ أَبْصَرَ أَرْبَعَ قِبَابٍ، فَقَالَ «مَا هَذَا». فَأُخْبِرَ خَبَرَهُنَّ، فَقَالَ «مَا حَمَلَهُنَّ عَلَى هَذَا آلْبِرُّ انْزِعُوهَا فَلاَ أَرَاهَا». فَنُزِعَتْ، فَلَمْ يَعْتَكِفْ فِى رَمَضَانَ حَتَّى اعْتَكَفَ فِى آخِرِ الْعَشْرِ مِنْ شَوَّالٍ. أطرافه 2029، 2033، 2034، 2045 - تحفة 17930 وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم اعْتَكَفَ فيه قضاءً عن اعتكافه. 15 - باب مَنْ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ صَوْمًا إِذَا اعْتَكَفَ 2042 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَخِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى نَذَرْتُ فِى الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوْفِ نَذْرَكَ». فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً. تحفة 10550 16 - باب إِذَا نَذَرَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَعْتَكِفَ ثُمَّ أَسْلَمَ 2043 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ - رضى الله عنه - نَذَرَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَعْتَكِفَ فِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ - قَالَ أُرَاهُ قَالَ - لَيْلَةً قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَوْفِ بِنَذْرِكَ». أطرافه 2032، 3144، 4320، 6697 - تحفة 7828، 10550 - 67/ 3

17 - باب الاعتكاف فى العشر الأوسط من رمضان

17 - باب الاِعْتِكَافِ فِى الْعَشْرِ الأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ 2044 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعْتَكِفُ فِى كُلِّ رَمَضَانَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِى قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا. طرفه 4998 - تحفة 12844 18 - باب مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَخْرُجَ 2045 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَتْنِى عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ فَأَذِنَ لَهَا، وَسَأَلَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ أَنْ تَسْتَأْذِنَ لَهَا فَفَعَلَتْ فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ أَمَرَتْ بِبِنَاءٍ فَبُنِىَ لَهَا قَالَتْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا صَلَّى انْصَرَفَ إِلَى بِنَائِهِ فَبَصُرَ بِالأَبْنِيَةِ فَقَالَ «مَا هَذَا». قَالُوا بِنَاءُ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «آلْبِرَّ أَرَدْنَ بِهَذَا مَا أَنَا بِمُعْتَكِفٍ». فَرَجَعَ، فَلَمَّا أَفْطَرَ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ. أطرافه 2029، 2033، 2034، 2041 - تحفة 17930 19 - باب الْمُعْتَكِفِ يُدْخِلُ رَأْسَهُ الْبَيْتَ لِلْغَسْلِ 2046 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهِىَ حَائِضٌ وَهْوَ مُعْتَكِفٌ فِى الْمَسْجِدِ وَهْىَ فِى حُجْرَتِهَا، يُنَاوِلُهَا رَأْسَهُ. أطرافه 295، 296، 301، 2028، 2031، 5925 - تحفة 16641 ***

34 - كتاب البيوع

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 34 - كِتَابُ البُيُوعِ وَقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]، وَقَوْلِهِ: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} [البقرة: 282]. قوله تعالى: ({وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} ... ) إلخ، هذا جوابٌ عن قولهم: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} [البقرة: 275]، وحاصلُ الجواب: أنكم كيف حَكَمْتُم بالتَّسْوِيَةِ بين البيع والرِّبَا، مع الفرق الجليِّ بينهما؟ فإن البيعَ حلالٌ، والرِّبا حرامٌ. قيل: والأوضحُ في مرادهم: إنما الرِّبَا مثل البيع، أي فَلْيَكُنْ أيضًا حلالا، كالبيع، وقال الشيخُ ناصر الدين بن المنير: إن كلا التَّرْكِيْبَدْ صحيحٌ. وحاصلُ كلامهم: أن البيعَ والرِّبا كالشيء الواحد، فإِمَّا أن يكونَ البيعُ أيضًا حرامًا كالربا، أو يكون الرِّبا أيضًا حلالا كالبيع. وذلك هو الفرقُ بين التركيبين، والمعنى فيهما واحدٌ، وهو عدم الفرق. وهدى القرآنُ إلى الفرق بينهما، وعدم صحة قياس أحدهما على الآخر، كما رَأَيْتَ. قوله: {تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} [البقرة: 282] إلخ، وترجمته (دست كردان)، والتجارةُ الحاضرةُ احترازٌ عن بَيْع السَّلَمِ. 1 - باب مَا جَاءَ فِى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)} [الجمعة: 10 - 11] وَقَوْلِهِ {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29]. 2047 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ إِنَّكُمْ تَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَتَقُولُونَ مَا بَالُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ لاَ يُحَدِّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِى هُرَيْرَةَ وَإِنَّ إِخْوَتِى مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ صَفْقٌ بِالأَسْوَاقِ، وَكُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى مِلْءِ بَطْنِى، فَأَشْهَدُ إِذَا غَابُوا وَأَحْفَظُ إِذَا نَسُوا، وَكَانَ يَشْغَلُ إِخْوَتِى مِنَ الأَنْصَارِ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ، وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا مِنْ مَسَاكِينِ الصُّفَّةِ أَعِى حِينَ يَنْسَوْنَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَدِيثٍ يُحَدِّثُهُ «إِنَّهُ لَنْ يَبْسُطَ أَحَدٌ ثَوْبَهُ حَتَّى أَقْضِىَ مَقَالَتِى هَذِهِ، ثُمَّ يَجْمَعَ إِلَيْهِ ثَوْبَهُ إِلاَّ وَعَى مَا أَقُولُ». فَبَسَطْتُ

نَمِرَةً عَلَىَّ، حَتَّى إِذَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَقَالَتَهُ جَمَعْتُهَا إِلَى صَدْرِى، فَمَا نَسِيتُ مِنْ مَقَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تِلْكَ مِنْ شَىْءٍ. أطرافه 118، 119، 2350، 3648، 7354 - تحفة 13146، 15157 - 68/ 3 2050 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَتْ عُكَاظٌ وَمِجَنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ أَسْوَاقًا فِى الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الإِسْلاَمُ فَكَأَنَّهُمْ تَأَثَّمُوا فِيهِ فَنَزَلَتْ (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) فِى مَوَاسِمِ الْحَجِّ، قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ. أطرافه 1770، 2098، 4519 - تحفة 6304 ولمَّا كان الله سبحانه نهاهم عن البيع بعد نداء الجمعة، وأمرهم بالسعي إلى ذكر الله، عقَّبَهُ بانتهاء النهي بعد انقضاء الصلاة، وعَوْدِ الإِباحة الأصلية، فأَمَرَهُمْ بالانتشار في الأرض لِيَبْتَغُوا من فضل الله. 2047 - قوله: (على ملأ بَطْني)، ورَسْمُ الخط فيه: أن تُكْتَبَ الهمزة على الألف لا بعدها، وهكذا الرسمُ في همزة «امرأة». قوله: (فما نَسِيتُ من مَقَالَةِ رسول الله صلى الله عليه وسلّم تلك من شيءٍ) ... إلخ، واعلم أن هذا اللفظ يُوهِمُ أن عدم نسيان أبي هريرة يَقْتَصِرُ على تلك المقالة فقط، مع أن الظاهرَ عمومُه لكل ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلّم بعد ذلك، ولذا كان أحفظَهم للأحاديث، وهو الذي يُلائِم شِكَايته إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ودعائه له. فأخرج البخاري قُبَيْل باب فضائل أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلّم عن أبي هُرَيْرَة، قال: قلتُ: يا رسول الله، إني سَمِعْتُ منك حديثًا كثيرًا، فأنساه، قال: ابسط رداءك، فَبَسَطْتُه، فغرف بيده فيه، ثم قال: ضُمَّهُ، فَضَمَمْتُهُ، فما نَسِيتَ حديثًا بعدُ» اهـ. فَدَلَّ على أن شَكْوَاه كانت في نسيان الأحاديث التي سَمِعَها منه، وأنه إذ دعا له النبيُّ صلى الله عليه وسلّم لم يَنْسَ بعده حديثًا من أحاديثه. فإذن هو عامٌّ للأحاديث مطلقًا، وإنما جاء الإِيهام والإِبهام من تصرُّفات الرواة في التعبير، فَلْيَحْمِلْهُ على ما قُلْنَا، ولا ينبغي الجمود على الألفاظ بعد تبيُّن المراد. 2048 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ - رضى الله عنه - لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنِى وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ إِنِّى أَكْثَرُ الأَنْصَارِ مَالاً، فَأَقْسِمُ لَكَ نِصْفَ مَالِى، وَانْظُرْ أَىَّ زَوْجَتَىَّ هَوِيتَ نَزَلْتُ لَكَ عَنْهَا، فَإِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا. قَالَ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لاَ حَاجَةَ لِى فِى ذَلِكَ، هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ قَالَ سُوقُ قَيْنُقَاعَ. قَالَ فَغَدَا إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَأَتَى بِأَقِطٍ وَسَمْنٍ - قَالَ - ثُمَّ تَابَعَ الْغُدُوَّ، فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تَزَوَّجْتَ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «وَمَنْ». قَالَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ «كَمْ سُقْتَ». قَالَ زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ. فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». طرفه 3780 - تحفة 9713 - 69/ 3 2049 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه -

2 - باب الحلال بين والحرام بين وبينهما مشبهات

قَالَ قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الْمَدِينَةَ فَآخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِىِّ، وَكَانَ سَعْدٌ ذَا غِنًى، فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ أُقَاسِمُكَ مَالِى نِصْفَيْنِ، وَأُزَوِّجُكَ. قَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِى أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلُّونِى عَلَى السُّوقِ. فَمَا رَجَعَ حَتَّى اسْتَفْضَلَ أَقِطًا وَسَمْنًا، فَأَتَى بِهِ أَهْلَ مَنْزِلِهِ، فَمَكَثْنَا يَسِيرًا - أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ - فَجَاءَ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَهْيَمْ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ «مَا سُقْتَ إِلَيْهَا». قَالَ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». أطرافه 2293، 3781، 3937، 5072، 5148، 5153، 5155، 5167، 6082، 6386 تحفة 668 2048 - قوله: (قال: زِنَةَ نَوَاةٍ من ذهبٍ، أو نَوَاةً من ذَهَبٍ)، واعلم أن نَوَاةً من ذهبٍ (¬1) مَخْصُوصَةٌ في اصطلاحهم بخمسة دَرَاهِم. وأما زِنَةُ نَوَاةٍ من ذَهَبٍ فهي عامةٌ، بالغةً ما بلغت، فإنها يُمْكِنُ أن تزيدَ على عشرة دَرَاهِم أيضًا. 2 - بابٌ الْحَلاَلُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ 2051 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ - رضى الله عنه - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِى فَرْوَةَ عَنِ الشَّعْبِىِّ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ¬

_ (¬1) فائدةٌ مهمةٌ التقطناها من كتاب الزكاة من "عمدة القاري": قال العينيُّ: وزعم المَرْغِينَاني أن الدِّرْهَمَ كان شبيهَ النَّواة، ودُوِّرَ على عهد عمر رضي الله تعالى عنه، فَكَتَبُوا عليه: لا إله إلَّا الله، ثم زاد ناصر الدولة بن حَمدَان كلمة - صلى الله عليه وسلم - فكانت مَنقَبَة لآل حَمدَان. وفي كتاب المكاييل: عن الواقدي، عن مَعبَد بن مسلم عن عبد الرحمن بن سابِط، قال: كان لقريش أوزانٌ في الجاهلية، فلما جاء الإِسلامُ، أُقِرَّت على ما كانت عليه: الأُوقِيَّةُ أربعون دِرْهَمًا، والرَّطلُ اثنا عشر أُوقِية، فذلك أربعةٌ وثمانون دِرهمًا. وكان لهم النَّشُّ، وهو عشرون دِرهمًا، والنَّوَاة، وهي خمسةُ دراهم. وكان المِثقَالُ اثنين وعشرين قيراطًا إلَّا حَبَّة، وكانت العشرةُ دراهم وزنَها سبعة مثاقيل، والدِّرهَمُ خمسة عشر قيراطًا. فلمَّا قَدِمَ سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُسَمِّي الدينارَ لوزنه دينارًا. وإنما هو تِبْرٌ. ويُسَمَّي الدرهمَ لوزنه درهمًا. وإنما هو تِبْرٌ. فأُقِرَّت موازين المدينة على هذا. فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "الميزانُ ميزانُ أهل المدينة". اهـ. يقول العبدُ الضعيفُ: ولم أزل أتفَكَّرُ في سرِّ التعبير بنَوَاةٍ من ذهب، فلم أَرَ أحدًا منهم توجَّه إليه. غير أنهم لما مرُّوا عليه ذَكَرُوا مِصدَاقَهُ، فعند الترمذيِّ ذَيل شرح حديث الوليمة - قال أحمد بن حنبل: وزنُ نَوَاةٍ من ذهبٍ وزنُ ثلاثة دراهم وثُلث. وقال إسحاق: هو وزنُ خمسة دراهم. فلمَّا رأَيت في "العمدة": أن الدَّرَاهِمَ في القديم كانت شبيهَ النَّوَاة، ظَهَرَ لي بعضُ السرِّ فيه، وأنا في تردُّد بعدُ، فلينظر فيه. والله تعالى أعلم بالصواب. ويتعلَّق به ما ذكره العينيُّ: أن الرَّطلَ هو الفلفلي، والفرقُ ستة وثلاثون رطلًا فلفلية، والقِرْبَة خمسون مَنّا، ذكره في "الينابيع". وفي "المغني" القِرْبَةُ: مائة رطلٍ ... إلخ.

3 - باب تفسير المشبهات

أَبِى فَرْوَةَ سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى فَرْوَةَ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْحَلاَلُ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَةٌ، فَمَنْ تَرَكَ مَا شُبِّهَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ كَانَ لِمَا اسْتَبَانَ أَتْرَكَ، وَمَنِ اجْتَرَأَ عَلَى مَا يَشُكُّ فِيهِ مِنَ الإِثْمِ أَوْشَكَ أَنْ يُوَاقِعَ مَا اسْتَبَانَ، وَالْمَعَاصِى حِمَى اللَّهِ، مَنْ يَرْتَعْ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكْ أَنْ يُوَاقِعَهُ». طرفه 52 - تحفة 11624 - 70/ 3 وقد تكلَّمنا عليه في كتاب الإِيمان، ونبَّهناك على أن الحديثَ جليلٌ لاشتماله على ضابطةِ الحلال والحرام من قِبَلِ صاحب الشرع. ولاحَظَّ فيه للآخرين، فإنا لا ندري ماذا أُرِيدَ بكون الحلال والحرام بيِّنًا. فإنا كثيرًا ما نجدهما غير بيِّنين، تجري فيهما الأفكار، وتختلف فيهما الأنظار. وصنَّف فيه الشوكانيُّ رسالةً، وليس لها مُحَصِّل غير حلِّ الألفاظ، وذلك القدر هو المرجو من أمثاله لا غير. 3 - باب تَفْسِيرِ الْمُشَبَّهَاتِ وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ أَبِى سِنَانٍ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَهْوَنَ مِنَ الْوَرَعِ، دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ. ولعَمْرِي أن المصنِّفَ أَبْدَعَ في التراجم، فبوَّب أولا في تفسيره ليتعيَّن مِصْدَاقه في ذهنك، ثم بوَّب بما يُسْتَحَبُّ التجنُّب عنها، ثم بوَّب بالوساوس، لِيَدُلَّ على الفرق بين الشُبُهَات والوساوس. فإن الاحتراز عن الشبهات استبراء للدِّين، والاعتداد بالوساوس إفسادٌ له. ثم إن ما ذكره المصنِّف من تفسيره عن حَسَّان ليس تفسيرًا له، فإن قوله: «دَعْ ما يَرِيبُكَ إلى ما لا يَرِيبُكَ»، لم يُفِدْ له شيئًا، وإنما دَلَّ حسانٌ على صورة العمل فقط، لا أنه شَرَحَ الحديث. وراجع لتحقيقه «عقيدة الإِسلام»، وأَوْفَى منه من حاشيته «تحية الإِسلام». وأخرجه التمذيُّ أيضًا، وفيه: «وبين ذلك أمورٌ مُشْتَبِهَاتٌ، لا يدري كثيرٌ من الناس أَمِنَ الحلال أم من الحرام». اهـ. وهذا يَدُلُّ على أن المرادَ من الاشتباه: الاشتباهُ في الأوصاف، والحكم. وفي «الفتح»: إن المُشَبَّهَاتِ هي المباحات. فقد اعتبرها بحسب الحقيقة دون الحكم. فإن حكمَ المباحات معلومٌ. والمعنى أن من أتى سائر المباحات حتى لم يَبْقَ بعدها إلا المحرَّمات، أَوْشَكَ أن يَقَعَ فيها، فلا بُدَّ لاستبراء الدِّين إن يَتْرُكَ حصةً من المباحات أيضًا. بخلاف ما عند الترمذيِّ، فإنه يَدُلُّ على أن المرادَ به الاشتباهُ في الحكم، فافهم. وقد مرَّ الكلامُ على لفظ المُتَشَابِه، والمُشَبَّه، والمُشْتَبِه في كتاب الإِيمان. فإن التَّشَابُهَ يقتضي عدم علم المراد كالمُتَشَابِهَات في القرآن. ومقتضى الثاني: الإِشارةُ إلى القياس الفِقْهِي. ومقتضى الثالث: عدم علم الحكم. 2052 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ

أَبِى حُسَيْنٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ - رضى الله عنه - أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ جَاءَتْ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُمَا، فَذَكَرَ لِلنَّبِىِّ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، وَتَبَسَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ «كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ». وَقَدْ كَانَتْ تَحْتَهُ ابْنَةُ أَبِى إِهَابٍ التَّمِيمِىِّ. أطرافه 88، 2640، 2659، 2660، 5104 - تحفة 9905 2052 - قوله: (كَيْفَ وقَدْ قِيلَ)، قد مرَّ في العلم: أنه محمولٌ عندنا على الدِّيانة، كما مرَّ عن الرَّمْلي. 2053 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّى فَاقْبِضْهُ. قَالَتْ فَلَمَّا كَانَ عَامَ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ وَقَالَ ابْنُ أَخِى، قَدْ عَهِدَ إِلَىَّ فِيهِ. فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ، فَقَالَ أَخِى، وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِى، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَتَسَاوَقَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ أَخِى، كَانَ قَدْ عَهِدَ إِلَىَّ فِيهِ. فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ أَخِى وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِى، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ». ثُمَّ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ». ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «احْتَجِبِى مِنْهُ». لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِىَ اللَّهَ. أطرافه 2218، 2421، 2533، 2745، 4303، 6749، 6765، 6817، 7182 تحفة 16605 2053 - قوله: (كان عُتْبَةُ بن أبي وَقَّاصٍ عَهِدَ إلى أخِيه) ... إلخ، واعلم (¬1) أن العربَ ¬

_ (¬1) قال العلَّامة المَاردِيني: هذا حديثٌ مُشكِلٌ، خارجٌ عن الأصول المُجْمَعِ عليها، لأن الأُمَّةَ مُجْمَعةٌ على أن أحدًا لا يدَّعِي عن أحدٍ دَعْوَى إلَّا بتوكيلٍ من المُدَّعِي. ولم يُذْكَرْ ههنا توكيل عُتْبَة لأخيه سَعْد بأكثر من دعواه، وهو غيرُ مقبولٍ عند الجميع. ولأن عبدَ بن زَمْعَة لم يأتِ ببيِّنةٍ تَشْهَدُ على إقرار أبيه، ولا خلاف أن دعواه، لا تُقْبَلُ على أبيه، ولا دَعْوَى أحدٍ على غيره. قال الله تعالى: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا} [الأنعام: 164]. وعند مالك: لا يَسْتَلْحِقُ أحدٌ غير الأب. والمشهور من مذهب الشافعيِّ: أن الأخَ لا يَستَلْحِقُ، ولا يَثْبُتُ بقوله نَسَبٌ، ولا يَلْزَمُ المُقِرُّ بأخٍ أن يُعْطِيه ميراثًا. وقال في غير موضعٍ من كُتُبِهِ: لو قُبِلَ استلحاق غير الأب، كان فيه حقوقٌ على الأب من غير إقراره، ولا بيِّنة عليه. واخْتلِفَ في قوله: "هُوَ لَكَ"، قال بعضُهم: معناه أخوك، قضاء منه عليه الصلاة والسلام بعلمه، لا باستلحاق عبد له، لأن زَمْعَةَ كان صِهْرَه عليه الصلاة والسلام، وسَوْدَة ابنته كانت زوجته عليه الصلاة والسلام، فيمكن أنه عليه الصلاة والسلام عَلِمَ أن زَمْعَةَ كان يَمَسُّها. وقال ابن جرير الطبري: معناه هو لك يا عبد مِلكًا، لأنه ابن وَلِيدَة أبيكَ. وكلُّ أَمَةٍ تَلِدُ من غير سيدها، فَوَلَدُهَا عبدٌ. ولم يقِرَّ زَمعَةُ ولا شَهِدَ عليه، والأصولُ تَدفَعُ قبول قول ابنه، فلم يَبقَ إلَّا أنه عبدٌ تَبَعًا لأمِّه. وقال الطحاويُّ: لا يجوز أن يَجْعَلَهُ عليه الصلاة والسلام ابنًا لزَمعَة، ثم يأمر أخته أن تَحتَجِبَ منه، هذا مُحَالٌ لا يجوز أن يُضَافَ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وفي "الاستذكار" عند الكوفيين: وَلَدُ الأَمَةِ لا يُلحَق إلَّا بدعوى السيد، سواء أقرَّ بوطئها أم لا، وسَلَفُهُمْ في ذلك: ابن عباس، وزيد بن ثابت، ثم ساقهما بأسانيدها. اهـ "الجوهر النقي". =

كانوا يَزْنُون بامرأةٍ واحدةٍ، فإذا أَتَتْ بولدٍ وادَّعَاهُ واحدٌ منهم، ثَبَتَ عندهم نَسَبُهُ منه، وكان يُلْحَقُ به فإذا أشرف عُتْبَة على الموت - وهو الشقيُّ الذي أُصِيْبَ منه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم ما أُصِيبَ يوم أحدٍ، ومات على الكُفْر - أَوْصَى أخاه سعد بن أبي وقَّاصٍ على عادتهم في الجاهلية: أنه زَنَى بوليدة زَمْعَة، وولدها منه، ليأخذه بعد وفاته، فإنه ابن أخيه. فلمَّا وَلَدَتْهُ، أراد سَعْدُ أن يأخذَ ابن أخيه. وأبى عبد بن زَمْعَة أن يُعْطِيه، فإنه كان أخوه وابن أبيه، فَتَخَاصَمَا في ذلك إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وقصَّا عليه أمرهما، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم لعبد بن زَمْعَة: «هو لك»، ثم قال: «الولد للفِرَاش، وللعاهر الحجر». ولمَّا كانت تلك الوليدة فِراشًا، ومملوكةً لزَمْعَة، أَسْلَمَ وَلَدَها إلى أخيه، ولم يُلْحِقْهُ بعُتْبَة، وأمر لسَوْدَة بنت زَمْعَة أن تَحْتَجِبَ من هذا الولد الذي ادَّعاه عُتْبَة أنه منه. هذا مُلَخَّص ما في الحديث. ¬

_ = وفي "المعتصر" في باب استلحاق الولد: ظَنَّ بعضُ الناس أن دعوى سَعْد لا معنى لها، لأنه ادَّعاها لأخيه من أَمةٍ لغيره بغير تزويج بينه وبينها، وحاشاه عن ذلك. ووجهُ دعواه: أن أولادَ البغايا في الجاهلية قد كانوا يُلحِقُونَهُمْ في الإِسلام بمن ادَّعاهم، وَيرُدُّونَهُمْ إليه. وقد كان عمر بن الخطَّاب يَحكُمُ بذلك على بُعدِ عهده بالجاهلية، فكيف في عهد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مع قُرْبةِ بها. فكاد يَحْكُمُ لأخيه المُوصَى بدعوة سعد. لولا مُعَارَضة عبد بن زَمْعَة بدعوةٍ تُوجِبُ عتاقة الولد، لأنه كان يَمْلِكُ بعضَه بكونه ابن أَمَةِ أبيه، فلمَّا ادَّعى أنه أخوه عُتِقَ عليه حظه، فهذا أبطل دعوة سعد فيه، لا لأنها كانت باطلة. ولم يكن من سَودَة تصديقٌ لأخيها عبد على ما ادَّعاه، فألزمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أقرَّ به في نفسه، وخاطبه بقوله: "الولد للفراش"، ولم يجعل ذلك حُجَّة عليها، فأمرها بالحِجَاب منه. ولو جُعِلَ أخاها، لَمَا أَمَرها بالاحتجاب منه، مع الإِنكار على عائشة احتجابها عن عمِّها من الرَّضَاعة. هذا محمل الحديث، والله أعلم. ثم لا خِلَافَ أن من مات وبيده عبدٌ، فادَّعى بعضُ الوَرثَةِ أنه أخوه، لايَثبُتُ به النَّسَب من الميت، وَيدخُل مع المدعي في ميراثه أيضًا عند أكثر أهل العلم، ولا يَدخُلُ عند بعضٍ، منهم الشافعيُّ. ورُوِيَ عن عبد الله بن الزُّبَير، قال: "كانت لزَمعَة جاريةٌ يطؤها، وكان يَظُنُّ برجل يَقَعُ عليها، فمات زَمْعَة وهي حُبْلى، فَوَلَدَت غلاَمًا كان يُشْبِهُ المظنون به، فذكرته سَودَةُ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أمَّا الميراثُ، فله. وأما أنت، فاحتجبي منه، فإنه ليس بأخٍ لك". ففيه نفيُ أخوَّته لِسَودة. وقوله: "أما الميراثُ، فله"، أراد به الميراث في حصة عبدٍ بإقراره، لا فيما سواه من تركة زَمْعَة. قال القاضي أبو الوليد: الحقُّ أن الذي أبطل دعوى سَعد عِلمُ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفراش الذي ادَّعَاه عبد بن زَمْعَة لأبيه، إذ لا يَخفَى عليه بالصهورة التي كانت بينه وبينه. يُحَقِّقُهُ ما في حديث ابن الزُّبير: "كانت لزَمْعَة جاريةٌ يَطَؤها"، فحكم بذلك بقوله: "الولد للفراش"، وقال: "هو لك يا عبد بن زَمْعَة"، أي على ما تدَّعِيه من أنه أخوك. قوله: "هو لك"، أي بيدك عليه تَمنَعُ بذلك غيرك، كقوله في اللُّقَطَةِ: "هو لك، أو لأخيكَ، أو للذئب"،، ليس على معنى التمليك، وجَعلِ الميراث له، أي من جميع تركته. ولو لم يَثبُت نَسَبُهُ من زَمْعَةَ، لثبت نَسَبُهُ من عُتبةَ بادِّعَاءِ أخيه سَعد ذلك له بعهده إليه به، على ما كان الحكمُ به من إلحاق أولاد البغايا بمن ادَّعَاهُم. ولمَّا بَطَلَ ذلك بالعِتقِ الذي حَصَلَ له، بادِّعَاءِ عبد بن زَمعَة، إذ لا تأثيرَ للعِتقِ في إبطال دعوى النَّسَبِ، وأمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - سَودَةَ بالاحتجاب من باب التورُّع، لأن حكمَ الحاكم لا يَنقُلُ الأمرَ عمَّا هو عليه في الباطن، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أنا بشرٌ، وإنكم تختَصِمُون إليَّ، ولعلَّ بعضَكم ألحن بحُجَّتِهِ من بعضٍ ... الحديث. فاحتمل أن لا يكون الولد لزَمْعَة، لا سيَّما مع الشَّبَهِ البيِّن لعُتبَة، إذ الفراشُ علامةٌ، ودليلٌ قد يكون الأمر في الباطن بخلاف الدليل الظاهر. فلا يَحِلُّ لمن عَلِمَ منه خلاف ما حُكِمَ له به: أن يَستَبِيحَ بالحكم ما لا يجوز له على ما عَلِمَ من باطن الأمر، والله تعالى أعلم.

فاختلفت فيه أنظار الأئمة، فقال الشافعيةُ: معنى قوله: «هو لك»، أي «هو أخوك» كما في رواية البخاريِّ في المغازي. وقال الحنفيةُ: معناه هو لك، أي مِلْكًا، لا أنه أخوك نَسَبًا، كما في «مسند أحمد»، والنَّسائي «ليس لك بأخٍ»، وصحَّحه الذهبيُّ في «الميزان» في ترجمة يوسف بن عدي. وذلك لأنهم اخْتَلَفُوا في ثبوت النَّسَبِ من السُّرِّيَّة، هل تُشْتَرَطُ له الدعوى أو لا. فذهب الحنفيةُ إلى أن فِرَاشَهَا ضعيفٌ، فلا يَثْبُتُ النَّسَبُ منها إلا إذا ادَّعاه المَوْلَى. فإذا فعله صارت له أم ولد، وحينئذٍ لا يَحْتَاجُ إلى دعوةٍ لكونها فِرَاشًا متوسِّطًا إذ ذاك. أمَّا إذا كانت قِنَّة، ولم تَصِرْ أم الولد، فلا يَثْبُتُ النَّسَبُ منه بدون الدعوة. وذهب الشافعيُّ إلى أنه لا حاجة إلى الدعوة بعد التحصين، وهو عنده: أن يَحْبِسَها في البيت، ولا يَدَعَها تتبرَّج تبرُّج الجاهلية. وراجع تفسيره عندنا من «مبسوط السَّرَخْسِي»، فإنه لم يحقِّقه غيره وحينئذٍ يَثْبُتُ نَسَبُه من غير دعوةٍ، لكون الظاهر كونه منه دون غيره، فَيَثْبُتُ عندهم النسب في الصورة المذكورة، ويكون قوله: «هو أخوك»، محمولا على ظاهره. أمَّا قوله: «ليس لك بأخ»، فهو عندهم معلولٌ، أعلَّه البيهقيُّ. وأمرُ الاحتجاب عندهم محمولٌ على الاحتياط. والحاصل: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم مشى في حق عبد على القضاء، فَيَتَوَارَثُ منه. وعلى الدِّيانة في حقِّ سَوْدَة، فأمرها بالحجاب، وأمر كلاًّ منهما ما كان أَصْلَح لهما. وقال الحنفيةُ: إنه لم يُرِدْ بقوله: «وهو لكَ أخٌ» أخوة النسب، كيف وأنه قال لسَوْدَةَ: «احْتَجِبي منه»، مع أنها كانت بنت زَمْعَةَ أيضًا، وهل يُمْكِنُ أن يكون هذا الولد أخًا لعبد بن زَمْعَةَ، ثم لا يكون أخًا لسَوْدَةَ بنت زَمْعَة؟ وهل يُنَاسِبُ الأمر بالحِجَاب، بعد كونه أخًا في حقِّه خاصةً، فَيُؤْخَذُ به. أمَّا تَعَلُّلهم بالإِعلال، فلا يُسْمَعُ بعد تصحيح الذهبيِّ، وتأييد لفظ البخاريِّ: «احْتَجِبي»، فإنه في معنى قوله: «ليس لك بأخٍ». والحاصلُ: أن نَسَبَهُ لم يَثْبُتْ عندنا من زَمْعَةَ، لكونها وَلِيدَةً له، ولا يَثْبُتُ النَّسَبُ منها بدون الدعوة، ولم تُوجَد. وكذا لم يَثْبُت من عُتْبَةَ، وإن ادَّعاه لكونه زانيًا، وللعاهر الحجر بنصِّ الحديث. وقال مولانا شيخ الهند: إن لفظَ الراوي أيضًا يَدُلُّ على أنه فَهِمَ عين ما فَهِمَهُ الحنفية، فإنه قال: ابن وَلِيدَة زَمْعَةَ، ولم يَقُلْ: ابن زَمْعَةَ، مع أن الظاهرَ ابن زَمْعَةَ، فنسبتهُ إلى أمِّهِ أوضحُ القرائن على أن نَسَبَهُ لم يَثْبُتْ من أبيه في ذهن الراوي أيضًا. والحاصلُ: أن اللفظَ الواحدَ يُؤَيِّدُ الحنفية. والآخر الشافعية. ومرَّ عليه الشيخُ ابن الهُمَام في «التحرير»، وقال: لِمَ لا يجُوزُ أن تكونَ تلك الوليدة أم ولده؟ كما يُشْعِرُ به لفظ «الوليدة»، وهي مشتقةٌ من الولد، فهي حقيقةٌ في أم الولد، وإطلاقها في القنة توسُّعٌ، وحينئذٍ لا بأس بثبوت النَّسَبِ منه عندنا أيضًا. قلتُ: ولكن يُشْكِلُ عليه لفظ: «ليس لك بأخ» فإنه صريحٌ في عدم ثبوت النسب المُسْتَلْزِم لعدم كونها أمَّ الولد. ولذا ترجمته في «الهندية» (باندى)، لا بأم الولد. قلتُ: وتَتَبَّعْتُ له تفسيرَ ابن جرير، فوجدت فيه: أن تلك الوَلِيدة كانت من بغايا مكة، فأين الشافعية، وأين ثبوت النَّسَبِ؟ فإنه يُبْنَى عندهم على التحصين، وإذا انعدم التحصين، انْعَدَمَ ما يُبْنَى عليه. وتكلَّم الشيخ

عمرو بن الصلاح من جانب الشافعية كلامًا جيدًا، نقله الحافظ في «الفتح»، فراجعه. قوله: (عَهِدَ إليَّ)، أي على طريقهم في الجاهلية في ادِّعَاءِ النَّسَبِ، وإن لم يَثْبُت النَّسَبُ بذلك الطريق في الإِسلام. قوله: (عبد بن زَمْعَةَ)، هكذا في عامة النسخ - بحذف همزة الإِبن - وعليه الاعتماد، وفي بعضها بإِثباتها، والظاهر أنه عطفُ بيانٍ لا خبر مبتدأ، أي هو ابن زَمْعَةَ. (أنواع الفراش عند الحنفية) قوله: (الوَلَدُ للفِرَاشِ)، والفراشُ عند الحنفية على ثلاثة أنحاءٍ: قويٌّ، ومتوسِّطٌ، وضعيفٌ. فالقويُّ ما يَثْبُتُ فيه النَّسَبُ من غير دعوةٍ، ولا يَنْتَفي بالنفي إلا بعد اللِّعان. والمتوسِّطُ ما لا يحتاج لثبوت النَّسَبِ إلى دعوةٍ مع انتفائه بالنفي بدون اللِّعان. والضعيفُ ما لا يَثْبُتُ فيه النَّسَبُ بدون دعوةٍ، وينتفي بالنفي، ولكن يَجِبُ على المولى دِيَانةً أن يدَّعي نَسَبَهُ إذا عَلِمَ أنه منه. والأول: فراشُ المنكوحة، والثاني: فراش أم الولد، والثالث: فراش الأَمَةِ. وقالوا: إن نَفْسَ النكاح في المنكوحات فِرَاشٌ، فكأن الفِرَاشَ عندهم صار عَلَمًا للنكاح. ويَلْزَمُ عليهم إثبات النَّسَبِ فيما إذا نَكَحَ المغربيُّ مشرقيةً، ولم يُفَارِق واحدٌ منهما مكانه، ثم أَتَتْ بولدٍ لستة أشهرٍ مع عدم إمكان العُلُوق منه، وهم يَلْتَزِمُونه. وذلك لأن ثبوتَ النَّسَبِ يُبْنَى على ثبوت الفِرَاشِ بالنصِّ، وهو النكاحُ. فإذا ثَبَتَ النكاحُ، وأتت بولدٍ في مدَّةٍ يَحْتَمِلُ أن يكونَ منه، يَلْزَمُهُ نَسَبُهُ لأجل الفِرَاشِ. واستبعد الشافعيةُ، مع أنهم أقرّوا بأن المنكوحة تَصِيرُ فِرَاشًا بمجرد عقد النِّكاح، ولكنهم شَرَطُوا إمكان الوَطْء، أيضًا بعد ثبوت الفِرَاش. فإن لم يُمْكِنْ، كما في الصورة المذكورة، لم يُلْحِقُوا نَسَبَهُ منه لعدم إمكان كونه منه. والحديثُ حُجَّةٌ لنا، لأنه جَعَلَ النَّسَبَ تابعًا للفِرَاش، وهو مُقْتَضَى العقل والنقل. أمَّا النقلُ، فكما عَلِمْتَ. وأما العقلُ، فلأنه ليس على القاضي أن يُحَقِّقَ إمكان المخالطة بين الزوجين. أمَّا النكاح، فمبناه على الإِعلان، فلا عُسْرَ في تحقيقه، بخلاف المخالطة، فإن مبناه على السرِّ، وليس عليه تحقيق تلك الأشياء التي قد لا يَطَّلِعُ عليه خواصُّ أهل البيت أيضًا. ثم إنه ماذا يكون باشتراط الإِمكان، لاحتمال أن يكونا التقيا في محلَ، ثم لم يُجَامِعْهَا الزوجُ، وأَتَتْ بولدٍ في تلك المدَّة، أو جامعها ولم تَحْمِلْ منه، وزَنَتْ - والعياذ بالله - وعَلِقَت منه. فهذه الاحتمالات لا تَنْقَطِعُ أبدًا، وإن تفاوتت قوَّةً وضعفًا. فالذي يَدُور عليه أمر النَّسبِ هو الفراشُ. وليس على القاضي أن يتجسَّسَ سرائر الناس. ثم إنهم غَفَلُوا عن بابٍ آخر. ولو نَظَرُوا إليه لَمَا كان لهم فيه محل استبعادٍ، وهو: أن الشرعَ أَوْجَبَ على الزوج أن يُلاعِنَ امرأته إذا عَلِمَ أن حملَها ليس منه، فَوَجَبَ عليه اللعان في الصورة المذكورة. وإذا شدَّد فيه على الزوج من جانبٍ، خفَّف في ثبوت النَّسَبِ - لأجل الفراش - من جانبٍ آخر. وما أحكم وأحسن هذه الوتيرة، لو كانوا يفقهون. فإن الحنفية لمَّا رأوا أن الشرعَ قد راعى هذا الجانب في بابٍ آخرَ بنفسه، لم يَزِيدُوا قيدًا آخر من عند أنفسهم، لأنه يُوجِبُ هَدْرَ هذا الباب. وبعبارةٍ أخرى: إن النَّسَبَ في الصورة المذكورة لا يَثْبُتُ عندنا أيضًا، إلا أن نفْيه عند الشافعية لانتفاء شرط الإِمكان، وعندنا لوجوب اللِّعان، فينتفي منه بعد لِعَانِهِ. فإذا تَرَكَ الزوجُ ما

أَوْجَبَ عليه الشرعُ بنفسه، فما للقاضي أن لا يُلْحِقَ نسبه منه، فإنه رَضِيَ بالضرر، فأَوْلَى أن يَقْطَع عنه النظر. وقد شَغَبَ الناسُ في تلك المسألة، ولم يَفْهَمُوا حقيقةَ الحال، وكيف يَجْلِبُون علينا مع أن إطلاقَ الحديث للحنفية؟ كما أقرَّ به النوويُّ. ولكنَّ الأسفَ أن الحنفيةَ إن أخذوا بظاهر الحديث، يُورَدُ عليهم بأنهم جَمَدُوا على الظاهر. وإن نَظَرُوا إلى المعنى، يُطْعَنُ عليهم بأنهم يَتْركُون ظاهرَ الحديث. والعجب من الشيخ محي الدين النوويّ رحمه الله تعالى حيث قال: إن مذهبَ الإِمام ضعيفٌ، ظاهرُ الفساد، ولا حُجَّةَ له في إطلاق الحديث، لأنه خرج على الغالب، وهو حصول الإِمكان عند العقد. اهـ. وأقضى العجب من قوله، كيف قال: إنه ظاهرُ الفساد، مع إقراره بكون ظاهر الحديث شاهدًا لنا. وأمَّا جوابه عنه، فذلك أمرٌ لا يَعْجِزُ عنه الفحولُ. ومحصِّلُ الكلام: أن الولدَ لمَّا كان للفِرَاش، ولم تكن الوليدةُ ههنا فِرَاشًا لأحدٍ، لم يَثْبُتْ نَسَبُ ولدها من أحدٍ. وقال الشافعيةُ: إنها كانت فراشًا لزَمْعَةَ، فثبت نَسَبُهُ منه لقوله: «الولد للفراش». ثم ههنا بحثٌ، وهو أنه هل يَجُوزُ تخصيص المورد عن عموم اللفظ؟ والذي يَظْهَرُ أنه لا ضابطةَ له، بل قد يُخَصَّصُ، وقد لا يُخَصَّصُ، حسب ما لَصِقَ بالمقام. فلا يُقَالُ: إن قوله صلى الله عليه وسلّم «الولد للفراش»، وَرَدَ في هذا الولد، فالمورد هو هذا الولد، ثم أنتم لا تُثْبِتُون نَسَبَهُ من أحدٍ ولا تَجْعَلُون الوليدةَ فراشًا لأحدٍ، فذلك تخصيصُ المورد من عموم اللفظ، مع أن الظاهرَ أن العمومَ إذا وَرَدَ في قصة يَتَنَاوَلُه لا مَحَالَةَ. فإنا قد قُلْنَا لك: إنه لا كُلِّية فيه، وغرضُ البخاريِّ من ذلك: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أمر كلاًّ منهما ما كان بيِّنًا له، فإن الحلالَ بيِّنٌ والحرامَ بيِّنٌ، فجعله أخًا لعبد على إقراره، وأمر سَوْدَةَ بالاحتجاب لإِمكان عُلُوقه من عُتْبَة. فتنزَّه عنه، وذلك طريق استبراء الدين. وهل للقافة والشَبَهِ اعتبارًا أو لا؟ فاعتبره الشافعية شيئًا، وعندنا لا عِبْرَة بهما. والشَبَهُ وعدمه عندنا سواءٌ، وهكذا ينبغي. 2054 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْمِعْرَاضِ فَقَالَ «إِذَا أَصَابَ بِحَدِّهِ فَكُلْ، وَإِذَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَلاَ تَأْكُلْ، فَإِنَّهُ وَقِيذٌ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُرْسِلُ كَلْبِى وَأُسَمِّى، فَأَجِدُ مَعَهُ عَلَى الصَّيْدِ كَلْبًا آخَرَ لَمْ أُسَمِّ عَلَيْهِ، وَلاَ أَدْرِى أَيُّهُمَا أَخَذَ. قَالَ «لاَ تَأْكُلْ، إِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى الآخَرِ». أطرافه 175، 5475، 5476، 5477، 5483، 5484، 5485، 5486، 5487، 7397 تحفة 9863 - 71/ 3 2054 - قوله: (سَأَلْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم عن المِعْرَاض) واعلم أن صيدَ البندقية حلالٌ عند المالكية، خلافًا للآخرين، لأن رصاصَ البندقية لا تَجْرَحُ، ولكنه يَجْرَحُ من شِدَّة الضرب، فيكون كالوَقِيذِ. وقد فصَّلته في صورة رسالةٍ مستقلةٍ حين سألني عنه بعضُ الناس في المدينة المنورة، زادها الله شرفًا.

4 - باب ما يتنزه من الشبهات

4 - باب مَا يُتَنَزَّهُ مِنَ الشُّبُهَاتِ 2055 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِتَمْرَةٍ مَسْقُوطَةٍ فَقَالَ «لَوْلاَ أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً لأَكَلْتُهَا». وَقَالَ هَمَّامٌ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَجِدُ تَمْرَةً سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِى». طرفه 2431 - تحفة 923، 14687، 14800 ب ذكر المصنِّفُ في هذا الباب بعضَ الشُّبُهَات ليتوسَّلَ بها إلى نظائرها، ولم يُعْطِ ضابطةً كليةً. ولذا قلتُ: إن حديثَ «الحلالُ بيِّنٌ ... » إلخ، جزيلُ المعنى، ولكن للمجتهدين كالشافعيِّ، وقد مرَّ عليه في «الأم» فليراجع، فإن تلخيصَ كلامه عسيرٌ. 5 - باب مَنْ لَمْ يَرَ الْوَسَاوِسَ وَنَحْوَهَا مِنَ الْمُشَبَّهَاتِ 2056 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ شُكِىَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الرَّجُلُ يَجِدُ فِى الصَّلاَةِ شَيْئًا، أَيَقْطَعُ الصَّلاَةَ قَالَ «لاَ، حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا». وَقَالَ ابْنُ أَبِى حَفْصَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ لاَ وُضُوءَ إِلاَّ فِيمَا وَجَدْتَ الرِّيحَ أَوْ سَمِعْتَ الصَّوْتَ. طرفاه 137، 177 - تحفة 5299 2057 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِىُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِىُّ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ قَوْمًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ لاَ نَدْرِى أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لاَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهِ وَكُلُوهُ». طرفاه 5507، 7398 - تحفة 17235 أراد الفرق بين الوَسَاوِسِ والشُّبُهَات، لدفع ما كاد أن يَسْبِقَ إلى الأذهان: العمل بالوَسَاوِسِ أيضًا. فنبَّه على أنه يَعْمَلُ بالشُّبُهَات، فَيَحْتَرِزُ عنها دون الوَسَاوِس، فإِنها لا عِبْرَةَ بها. 2056 - قوله: (حتى يَسْمَعَ صَوْتًا) ... إلخ، فهذا الحديث سيِقَ لهَدْرِ الوَسَاوِس، ومعناه: أن الرجلَ إذا تَوَسْوَسَتْ نفسه أنه أحدث أو لم يُحْدِثْ، فإنه لا يَعْمَلُ به، بل بالتيقُّن، وهو في سماع الصوت، أو وجدان الريح. فسماع الصوت مُكنَّى به، وتحقُّق الحدث، مُكَنَّى عنه. الفرقُ بين الكِنَايَةِ والمَجَازِ، والتَّعْرِيضِ واعلم أنه تعسَّر الفرق عليهم بين الكِنَايَة، والمَجَاز، لم يتنقَّح عند كثيرٍ منهم بعدُ، وقد تعرَّض إليه الزمخشريُّ تحت قوله تعالى: {فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235] إلخ، وهو أحْذَقَ في هذا الباب، ولكن قلَّ من أدركه، فقال: الكِنَايَةُ: أن تَذْكُرَ الشيءَ بغير لفظه الموضوع له، والتعريضُ: أن تَذْكُرَ الشيءَ وتَقْصِد غيره. وحاصله: أن اللفظَ في الكِنَاية لا يَخْرُجُ عن معناه الموضوع له، وإنما التصرُّف فيه أنك تَطْلُبُ له عنوانًا، فتحمله عليه مع عدم كونه موضوعًا له، نحو: كثيرُ الرماد، للسَّخِيِّ، فإنك ما

الفرق في الكناية عند علماء الأصول، وعند علماء البلاغة

أَخْرَجْتَ اللفظ عن معناه الموضوع له، ولكنك حملته على معنىً لم يكن وُضِعَ له، فإنك حملته على السَّخِيِّ، مع أنه لم يُوضَعْ له. بخلاف المجاز، فإنه إخراجٌ للفظ عن معناه الموضوع له بالكُلِّية، ثم استعمالٌ له في غير المعنى الموضوع له. ففي المَجَازِ تصرُّفان: الأول: إخراجه عن معناه، ثم استعماله في غير ما وُضِعَ له. وبعبارةٍ أخرى: أن اللفظَ في الكناية، وإن لم يُسْتَعْمَلْ في معناه الموضوع له، لكنه لا يَخْرُجُ عمَّا وُضِعَ له أيضًا، بخلاف المجاز. فقولك: كثيرُ الرماد في زيد كثير الرماد، لم يُسْتَعْمَلْ فيما وضِعَ له، لأنه لم يُسْتَعمَلْ لكثرة الرماد، بل السَّخَاء، ولم يُوضَع له، ولكنه لم يِنْسَلِخْ عن معناه أيضًا، بل جعلتَ كثرةَ الرماد عنوانًا للسخاء بنوع استلزامٍ، وإن لم يَكُنْ ذلك عنوانًا له بحسب الحقيقة. بخلاف المجاز، فإن اللفظَ يَخْرُجُ فيه عن معناه بالكلية. أما التعريضُ فبمَعْزِلٍ عنهما، فإن اللفظَ لا يعخْرُجُ فيه عن معناه، كما أنه لا يكون عنوانًا لمعنى لم يُوضَعْ له، كما في «الكناية»، ولكنه يكون فيه انتقال إلى المعنى المراد من جهة المقام، والقرائن، نحو قولك: جِئْتُ لأُسَلِّمَ عليك، وتريد السؤال. وهذا الذي أراده الزَّمَخْشَريُّ من قوله: الكنايةُ أن تَذْكُرَ الشيءَ بغير لفظه الموضوع له، كما رأَيْتَ في المثال المذكور. فإنك أردت السخاءَ من كثرة الرماد، ولم يُوضَعْ له. فليس التصرُّف في الكناية إلا بهذا القدر فقط. وهذا الذي نعني من قولنا: إن اللفظَ في الكِنَايَةِ يكون عنوانًا لمعنى، مع عدم كون هذا العنوان موضوعًا لهذا المعنى، وإنما تَحْمِلُهُ عليه بنوع استلزام، وهذا لا يُوجِبُ خروج اللفظ عن معناه. وبعبارةٍ أخرى: إن في الكناية يتحقَّق المُكَنَّى به، والمُكَنَّى عنه كلاهما، فلا نُخْرِجُ اللفظ عن معناه. فإنك إذا كَنَّيْتَ السخاءَ بكثير الرماد، فكثير الرماد، وإن لم يكن موضوعًا له، لكنه متحقِّق أيضًا، كما أن السَّخَاءَ متحقِّقٌ. بخلاف المجاز، فإنه لا يتحقَّق فيه المعنى الموضوع له، ولا يَصْدُق اللفظ على المعنى إلا بالخروج عمَّا وُضِعَ له. فيتحقَّقُ في المجاز المعنى المجازي فقط، بخلاف الكناية، فإنه يتحقَّقُ فيه كلاهما. الفرقُ في الكِنَايَةِ عند علماء الأصول، وعند علماء البلاغة ثم اعلم أن علماءَ الأصول قسَّمُوا اللفظَ إلى: صريحٍ، وكنايةٍ، باعتبار استتار مراده ووضوحه. فيكون اللفظُ عندهم مستعملا في المعنى الموضوع له، وهو المعنى المراد عندهم. بخلاف الكناية عند علماء المعاني، فإن اللفظَ عندهم لا يكون مستعملا في المعنى المراد، بل يكون طريقُ عبورٍ إلى المعنى المراد. أَلا ترى أن كثيرَ الرماد لم يُقْصَدْ منه كثرة الرماد في نفسه، بل هو نحو طريق عبورٍ إلى المعنى المراد. ومن ههنا تبيَّن كون الكنايات بَوَائِن عندنا، ورَوَاجِع عند الشافعية. فإنهم جَعَلُوا الكنايات كناياتٍ على طريق علماء المعاني، فقالوا: نحو قولك: أنتِ بائنٌ كِنَايةً عن قولك: أنتِ طالقٌ، والطلاق منه ليس إلا رَجْعِيًّا، فكذا بأنتِ بائنٌ أيضًا. وقُلْنَا: إنه كنايةٌ على اصطلاح علماء الأصول، فهو عاملٌ بلفظه، ومُسْتَعْمَلٌ في حقيقته،

وحقيقةُ البينونة لا تتحقَّق في الرواجع، فلا تَقَعُ منها إلا بائنة، نعم تتنوَّعُ إلى بَيْنُونَةٍ حقيقةٍ، وغليظةٍ. وإنما سَمَّيناها كناياتٍ مع كونها عواملَ بموجباتها، لاستتار المراد لا غير. فلا تَفْهَمُ من لفظ: أنتِ بائنٌ، إنكِ أيّ البَيْنُونَتَيْن أَرَدْتِ؟ أَمِنْ أوليائها، أو من الزوج، أو غيرهما؟ فإذا لم يَنْكَشِفْ مراده سمَّيناها كنايات لذلك. فلا فرقَ بين الصريح، والكناية إلا بحَسَبِ وضوح المراد في الأول دون الثاني. إذا عَلِمْتَ هذا، فاعلم أن التوفِّي في الموت كناية أصولية، فهو حقيقةٌ بجتة، لأن معناه أخذ الشيء وافيًا وذلك يتحقق في الموت أيضًا. إلا أن العوامَّ لا يُراعون هذه الدقائق، فيفهمون أن لفظ التوفِّي إذا استُعمل في الموت، فكأنه خرج عن معناه الموضوع له، وليس كذلك. ولذا قال أبو البقاء في الكُلِّيات»: التوفِّي: الإماتة، وقبض الرُّوح، وعليه استعمال العامة. أو الاستيفاء، وأخذ الحق، وعليه استعمالُ البُلَغَاء. واعلم أن ما يدّعيه هذ اللعين أن التوفِّي معناه الموت حقيقةً، فجهلٌ قطعًا، كيف ولا تتمكَّن العرب من أن تَسْتَعْمِلَهُ في الموت بحسب عقيدتهم، وإنّما علَّمه القرآن، فمن تعلَّمه منه. قال تعالى في سورة السجدة: {وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ (10) قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11)} [السجدة: 10 - 11]، وقد تحيَّر المفسِّرون في وجه الردِّ عليهم، حيث أَنْكَرُوا البعثَ بالموتَ، فردَّ عليهم بالتوفِّي، فما تقريرُ هذا الردِّ؟ وقد تنبَّه له الشاه عبد القادر، وقرَّرَهُ حسنًا. والرازي أيضًا في «تفسيره». وحاصلُ كلماتهما: أنهم فَهِمُوا بحسب عقائدهم السيئة، أن الإِنسانَ بعد الموت يَتَلاشَى في الأرض، ولا يَبْقَى من رَسْمِهِ واسْمِهِ شيءٌ، فاسْتَبْعَدُوا البعثَ، لأن المعدومَ لا يَعُودُ عندهم. فأخبرهم الله تعالى بحقيقة الموت، لِيَنْهَدِمَ مبناهم الفاسد من الأصل، فقال: إن الموتَ ليس إعدامًا كما فَهِمْتُم، بل هو عبارةٌ عن التوفِّي، فَيُؤْخَذُ شيءٌ دون شيءٍ، فالجسدُ يَتَلاشَى إلا عَجْبَ الذَّنَب، والروحُ تَبْقَى، فكان الجُزْءَان مَحْفُوظَيْن عند ربك، ففي الموت استيفاءٌ لا أنه إعدامٌ، فإذا كان الجسدُ والروحُ في حِفْظِهِ هان عليه التركيب ثانيًا، قال تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104]. فتلك الحقيقة هدى إليها القرآن، {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: 43]، فأين كان لهم أن يَسْتعمِلُوه في الموت، وإنما اشتهر إطلاقه في الموت من الدورة الإِسلامية، تعلُّمًا من القرآن. فليس التوفِّي هو الموت، بل يَحْصُلُ الموت بالتوفِّي. ولمَّا كان معناه مفهومًا وحقيقةً، لا عينًا حِسِّيًا لِيُشَاهَدَ، لم يتميَّز معنى الموت من التوفِّي. وهذا كما قال قدماء النحاة: إن أسماءَ المعاني ليست أمرًا مُبْصَرًا، وكما قالوا: إن الأسماءَ إمَّا أسماءُ أشباحٍ، أو أسماءُ أفعالٍ، والقسم الثاني لا يُدْرَكُ بالبصر. فهكذا التوفِّي ليس أمرًا مُبْصَرًا، كالقبض في الفِقْهِ. فلذا لم يتعيَّن بَعْدُ، فقيل: بالقبض حقيقةً، وقيل: برفع علائق المالكية، وقيل: برفع المَوَانِع، كما سَتَعْلَمُ. والحاصلُ: أن كم من ألفاظٍ وضعها أهلُ اللغة لدفع حوائجهم، فَيُطْلِقُون، ويُرِيدُون

معانيها. وإن لم تتفتَّح حقائقها بعدُ عندهم، كلفظ التوفِّي، فإن تعيينَه حقّ التعيين عسيرٌ. وذلك لكونه أمرًا معنويًا لا حِسِّيًا. نعم اشتهر لفظ التوفِّي الآن في العُرْف في معنى الموت، كالمجاز المتعارف. والحاصلُ: أن التوفِّي إنما استعمله في معنى الموت القرآنُ لمعنىً راعاه ولحقيقةٍ أراد التنبيه عليها. ثم تَوَهَّمَ الآن أنه استعمالٌ عند أهل اللغة، مع أنه لم يَخْطُرْ ببالهم استعماله فيه، وإن كان صالحًا له، وإنما نَوَّره القرآن، فشَاعَ في الموت لهذا. ثم لا بأس أن نَذْكُرَ حَلَّ إشكالٍ آخرَ في قوله تعالى: {وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: 157]. قال الجمهور: الضميرُ في المجهول نائبُ فاعله. وقيل: بل الجار والمجرور يَقُوم مقام النائب. وأنكره السُّهَيْلي، والجمهور. قلتُ: والضمير فيه عندي راجعٌ إلى عيسى عليه الصلاة والسلام، على خلاف ما قاله المفسِّرُون، فإنهم قالوا: إن المرجع هو الرجل المُشَبَّه. قلت: وليس التشبيه ههنا على حدِّ تشبيه علماء البيان الذي يستدعي مُشَبَّهًا ومُشَبَّهًا به، بل بمعنى التصوير، والتمثيل كما يُقَالُ: تُصُوِّرَ زيدٌ في المرآة - على صيغة المجهول - فكما صَحَّ هذا القول مع عدم الطرفين ههنا كذلك، صَحَّ إرجاعُ الضمير في {شُبِّهَ} إلى عيسى عليه الصلاة والسلام. وتفصيلُه: أن زيدًا وشَبَحَهُ، وإن تَغَايَرَا حقيقةً، لكن أهل العُرْف يعتبرونهما واحدًا. فنقول: صَوَّرْتُ زيدًا، مع أنك لا تُصَوِّرُ إلا شبحه، وصورتُه لا نفسه. وكذلك يُقَالُ: تُصُوِّرَ زيدٌ في المرآة، مع أنه لا يكون فيها إلا شَبَحُهُ، وصورته لا عينه. وحينئذٍ حاصلُ معنى: {شُبِّهَ لَهُمْ}، أي أُقِيمَ لهم شبح عيسى عليه الصلاة والسلام. ولكن لا يُقَالُ فيه في العبارة إلا شُبِّهَ عيسى عليه الصلاة والسلام، لِمَا عَلِمْتَ أنهما وإن كانا مُتَغَايِرَين حقيقةً، لكن تلك الإثنينية لا تَظْهَرُ في اللفظ فالمرجعُ على طريق النحاة هو عيسى إليه الصلاة والسلام نفسه، ومِصْدَاقُه هو الصورة، كما عَلِمْتَ في قولهم: تُصُوِّرَ زيدٌ في المرآة، فإن نائبَ الفاعل عند النحاة هو زيدٌ، ولكن مِصْدَاقُه ليس إلا شَبَحَهُ وصورته. وكما في قولهم صوَّرْتُ زيدًا، المفعول في اللفظ هو زيدٌ، وأمَّا في المِصْدَاق فليست إلا صورته. فكما أن المتحقِّقَ في المثالين هو اثنان، ثم لم تَظْهَرْ الإثنينية في اللفظ، كذلك فيما نحن فيه. وهو الذي أراده الراغبُ من عبارته: مُثِّلَ لهم، لمن حَسِبُوه عيسى عليه الصلاة والسلام. فأظهر فيها الإثنينية في اللفظ، مع كون مراده ما ذكرنا. فإنه اعْتَبَرَ التشبيهَ تمثيلا وتصويرًا، كما قُلْنا، ولا تكون فيه الإثنينية في العبارة. فالحاصلُ: أنه من باب إقامة مثال الشيء مقام نفسه بإِيجاده، لا أنهما كانا موجودين من قبل، فَشَبَّه أحدهما بالآخر. فالتصويرُ بابٌ آخر، ومنه «المُصَوِّرُ» من أسماء الله تعالى، أي المُوجِدُ، لا أنه يُشَبِّهُ شيئًا بشيءٍ، وهو قولُ الشاعر: * أُرِيدُ لأَنْسَى ذِكْرَهَا، فكأنما ... تُمثَّلُ لي لَيْلَى بكلِّ مَكَانٍ؟ واعلم أن إبراز الفعل مجهولا للطيِّ إلى الداخل. وإخراجه معروفًا لنَشْرِه إلى الظاهر. فأبرزه الشاعرُ مجهولا لطيِّ طرفي التشبيه إلى الداخل.

ثم إن ههنا دقيقةً أخرى، وهي: أن شَرْعَنَا قد تحمَّل وجود الكتابيِّ. وأمَّا عيسى عليه الصلاة والسلام، فلا يتحمَّل اليهوديةَ والنصرانيةَ بعد نزوله، كما أخبر به النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «أنه يَضَعُ الجِزْيَةَ، ولا يَقْبَلُ منه إلا السيف، أو الإِسلام». فأحاديثُ نزوله عليه الصلاة والسلام ليست في الحقيقة تفسيرًا لقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: 159] إلخ، فإن محصِّلَ تلك الأحاديث الإِخبارُ بأمورٍ عديدةٍ تَقَعُ في زمانه، وإن تحقَّق لهم المعرفةُ الحقَّةُ في ضمنها أيضًا. أمَّا القرآنُ، فهو بصدد إخبار إيمانهم قصدًا دون الإِخبار بإِيمانهم الذي يَحْصُلُ في ضمن هذه الأشياء. فإِن قُلْتَ: إن القرآن قد أخبر بإيمانهم، مع إخبار الأحاديث أن اليهود لا يؤمنون به، ويُقتَلون مع الدّجّال. قلت: أمَّا الدَّجالُ فليس من أهل الكتاب قطعًا، ولم نجد في حديثٍ من الأحاديث أنه يدعو إلى التوراة والإِنجيل. وأمَّا من اتَّبَعُوه من اليهود، فأيضًا كذلك. أن اليهودَ اسمٌ للنَّسْلِ، دون المذهب، فالذين يُقْتَلُون معه لَيْسُوا من أهل الكتاب. ثم إيمان أهل الكتاب هذا ليس مما يكون لرجلٍ من الأمة بالنبيِّ، بل هو ما يَحْصُلُ في ضمن أفعاله، وليس ذلك إلا المعرفة. وحاصلُه: أن إيمانهم به ما كان بالغيب يَنْقَلِبُ إلى الشهادة. وحينئذٍ يَعْلَمُون أن الذي آمنوا به هو ذلك، وبعد الشهادة لا يَبْقَى أحدٌ منهم إلا يَحْصُلُ له الإِيمان بالشهادة. ثم ما اشتهر على الأَلْسِنَةِ: أن دينَ الإِسلام يُبْسَطُ في زمن عيسى عليه الصلاة والسلام على البسيطة كلِّها، ليس في الأحاديث، والذي فيها: أنه لا يَقْبَلُ اليهودية والنصرانية بعد نزوله من حيث المسألة، فَيُنْقِذُ نفسه من أسلم، ويُقْتَلُ من أبى، وهذا أيضًا حيث يَغْزُو نبيُّ الله عيسى عليه الصلاة والسلام. وملخَّص الأحاديث: أن اليومَ تجري الأديان الثلاثة، فإذا نزل عيسى عليه الصلاة والسلام لا يُقْبَلُ إلا الإِسلام، وحينئذٍ يكون الدينُ كلُّه لله. فهذا بيانٌ للمسألة، لا إخبارٌ بما يكون في الخارج. فيجوز أن يبقى الكفرُ والكُفَّارُ أيضًا، لكن إن يَبْلُغَ إليهم عيسى عليه الصلاة والسلام لا يُقْبَلُ منهم إلا دين الإِسلام، لا الجزية، كما هو اليوم. ويُسْتفَادُ من الأحاديث: أن الغَلَبَةَ المعهودةَ إنما تكون في الشام ونواحيه حيث يَنْزِلُ عيسى عليه الصلاة والسلام، وفساد يَأْجُوج ومَأْجُوج أيضًا في هذه الأطراف، والجزيرة الطبرية أيضًا نحو الشام. وبالجملة لم نَجِدْ في حديثٍ أن عيسى عليه الصلاة والسلام أيضًا يَدُورُ في الأرض، كدور الدَّجَّال، فلا تكون غلبةٌ موعودةٌ إلا في موضع نزوله. أمَّا سائر البلاد، فمسكوتٌ عنها، والله تعالى أعلم ما يكون فيها. فهذه عِدَّةُ تحقيقاتٍ أهديناها إليك لتُمْعِنَ فيها النظر، ولا تُسْرِعُ في الرَّدِّ والقَبُول، فإن الإِنسانَ فُطِرَ على أنه إذا عُرِضَ له أمرٌ لم تُسْمِعْهُ أذناه رَدَّه، والله تعالى الملهم للصواب، وإليه المرجع والمآب.

نظرة أخرى إلى معنى التوفي

نَظْرَةٌ أخرى إلى معنى التَّوَفِّي واعلم أن نسبةَ المفهوم إلى المِصْدَاق قد تكون كنسبة الإِنسان إلى زيد، فإن زيدًا عينٌ مُبْصِرٌ وُضِعَ بإِزائه هذا المفهوم، وهو ذاتيٌّ له. وقد تكون كنسبة الضاحك إلى زيدٍ، فإنه خارجٌ عن حقيقته، عَرَضيٌّ له، إلا أنه ذاتيٌّ للحصَّة التي عُرِضَتْ له من الضَّاحِكِيَّة. فمن قال: إن الضَّاحِكَ عَرَضِيٌّ له، نَظَرَ إلى زيد الكل، ومن جَعَلَهُ ذاتيًا له، نَظَرَ إلى حصة الضَّاحِكِيَّة. وهذا معنى ما قالوا: إن الكليَّ نوعٌ لحصصه، فإنه وإن كان عَرَضيًّا للكلِّ، ولكنه ذاتيٌّ للحصَّة في الكلِّ من هذا الكليِّ كما أن الضَّاحِكِيَّةَ متحقِّقةٌ في زيدٍ، ولا ريب أن هذا الكليَّ ذاتيٌّ لها. فالحاصلُ: أن الإِنسانَ، والضاحك وإن كانا مُتَغَايِرَاين مفهومًا، لكنهما متَّحِدَان مِصْدَاقًا. وذلك لأن مِصْدَاقَهُمَا لمَّا كان عينًا مُبْصِرًا لم يَتَحَصَّل فيه التَّغَايُر، واتحدا في المِصْدَاقِ. هذا في أسماء الأعيان، أمَّا في أسماء المعاني، فلا تَغَايُرَ بين مفاهيمها ومصادقيها، فما هو مفهومه؟ هو مِصْدَاقُه، والذي هو مِصْدَاقُه هو مفهومُه وحقيقتُه. بخلاف أسماء الأعيان، فإن المفهومَ والمِصْدَاقَ فيها مُتَغَايِرَان. إذا عَلِمْتَ هذا، فاعلم أن التَّوَفِّي من أسماء المعاني، فمفهومُه ومِصْدَاقُه واحدٌ. فمن قال: إن مِصْدَاقَه الموتُ، أو الرفعُ، فقد حَادَ عن الصواب، لأن له حقيقةً ومفهومًا في الخارج، وهو مِصْدَاقُهُ، وهذا المفهوم زائدٌ على معنى الموت، والرفع. نعم أينما يتحقَّقُ الموت أو الرفع، يتحقَّق هناك التوفِّي أيضًا لا بمعنى أن الموتَ أو الرفعَ هو التوفِّي، بل بمعنى أنه حقيقةٌ جامعةٌ مع الموت والرفع. فهو متحقِّقٌ في هذين بحقيقته التي هي حقيقتُه، وهي زائدةٌ على الموت. وتوضيحُهُ: أن التوفِّي وُضِعَ للأخذ وافيًا، وهذا المعنى يتحقَّق ويجتمع مع الموت والرفع أيضًا، بمعنى أن الأخذَ يتحقَّقُ في الموت والرفع أيضًا. فالتوفِّي له مفهومٌ، وله مِصْدَاقٌ في الخارج، وكذا الموت والرفع، لهما مفهومان ومِصْدَاقان، ومفاهيمُ الكلِّ ومصاديقها مُتَغَايِرَةٌ. وليس كأسماء الأعيان، فإنها تَتَغَايَرُ مفهومًا، وتتحد مِصْدَاقًا. بخلاف أسماء المعاني، فإن مفاهيمها إذا كانت هي مصاديقها لَزِمَ التَّغَايُرُ بين مصاديقها لا مَحَالَةَ. فمن قال: إن مِصْدَاقَ التوفِّي والموت، أو التوفِّي والرفع واحدٌ، فقد أخطأ، لأن مِصْدَاقَ التوفِّي هو مفهومُه، وهو متحقِّقٌ في الخارج بحقيقته ومعناه، وهكذا الموت والرفع. نعم يُقَالُ: إن التوفِّي مجامعٌ للموت أو الرفع، متى تحقَّق الموتُ أو الرفعُ، تحقَّق معه التوفِّي أيضًا. فما قاله الرازي: إن التوفِّي نوعٌ، والموتَ والرفعَ من جزئياته، كلامٌ ظاهريٌّ. أو يكون أراد منه ما قُلْنَا. والتحقيقُ أن التوفِّي أمرٌ زائدٌ على معناهما، نعم قد يتحقَّقُ مع الموت، وقد يتحقَّقُ مع الرفع، فله مفهومٌ مُغَايِرٌ، ومِصْدَاقٌ مُغَايِرٌ، إلا أنه لمَّا كان من أسماء المعاني لم يتبيَّن التَّغَايرُ إلا بالاعتبار. ثم اعلم أن البليغَ إذ يختارُ عنوانًا، يختاره لمعنى يُرَاعِيهِ ويَقْصِدُهُ، ولا يكون ذلك عنده على طريق البَخْتِ والاتفاق، فتركُ ذلك العنوان إفسادٌ لمعناه المقصود. فإذا قال البليغُ: إن فلانًا

أجاب ربَّا دعاه، أو لبَّى داعي الأجل، أو هلك، أو مات، أو توفِّي، إلى غير ذلك من العنوانات، يريدُ بتلك العنوانات معاني خاصة. والتركُ لعنوانه المختار، والنزول إلى الغرض، لا يكون إلا من الجاهل، فإنه إخلالٌ لمراده. أَلا ترى أن في قوله: أجاب ربًا دعاه من التشريف ما ليس في قوله: هَلَكَ. فترجمتُه بالهلاك إعدامٌ، وإفسادٌ للمعنى المراد، وهذا هو الفرق بين البليغ والسوقيِّ. وهذا معنى ما قاله أبو البقاء في «كلياته»: التوفِّي الموتُ، وعليه استعمالُ العامة، وأخذُ الشيء وافيًا، وعليه استعمال الخاصة. أراد بذلك أن السوقيَّ لا يُبَالي بالفروق الدقيقة، ولا يُرَاعي المعاني المقصودة، بل يَنْزِلُ إلى الغرض، فَيُنْزِلُ الكلامَ من الأوج إلى الحضيض. أما البليغُ، فينظر في الفروق، ويَعْبُرُ العنوانات، ويُرَاعي المعاني المقصودة، ويَحْمِلُ الكلامَ على ما سُبِكَ له. وهذا الأمرُ أهمُّ في القرآن، لبلوغه من البلاغة الذروة العليا، فإنه يُؤَدِّي الحقائقَ الغامضةَ في ضمن الألفاظِ المُوجَزَةِ، كما رَأَيْتَ أنه نبَّه على حقيقة الموت من لفظ التوفِّي. وكذلك في كل موضعٍ يكون فيه لفظٌ من القرآن، تكون فيه حقيقةٌ مقصودةٌ لا تتأدَّى إلا به، فإذا بُدِّل ووُضِعَ مكانه آخر، فَسَدَ المعنى، وهذا أحدُ وجوه الإِعجاز في القرآن عندي. والعلماء ذَكَرُوا إعجازه في الكلام المُرَكَّب، وادَّعَيْتُ إعجازه في المفردات أيضًا، ولقد أَدْرَكْتُهُ أو بعضَه، ولا أقول ذلك إلا بعد الذَّوْق والوجدان، لا بِحَسَبِ الاعتقاد والتقليد فقط. ولذا أقول: إن ترجمة قوله: {مُتَوَفِّيكَ} [آل عمران: 55] مميتك، لا يَلِيقُ بمرامي القرآن، فإنه تَرَكَ لفظ الموت قَصْدًا. ألا ترى أن اليهودَ كانوا بصدد قتله، وكانوا يُهَدِّدُونه به، فهل يُنَاسِبُه التبشير بالتوفِّي أو الإِنذار بالموت. ورَحِمَ الله الزمخشريَّ حيث كان أعلم الرجال بهذا الموضوع، ففسَّره بقوله: مُسْتَوْفي أجلك. ومعناه: إني عَاصِمُكَ من أن يَقْتُلَكَ الكفار، ومُؤَخِّرُك إلى أجلٍ كتبته لك، ومُمِيتُكَ حَتْفَ أنفك، لا قتلا بأيديهم. اهـ. فأخذه أولا بمعنى استيفاء، ثم فصَّل ما تضمَّنه لفظ التوفِّي، وجعل الموتَ حَتْفَ أنفه من مراميه. يعني به: أن التوفِّي تبشيرٌ من عصمته بالقتل، وإيذانٌ بأن الموتَ متى ما يأتي عليه يأتي من جهته تعالى، لا من أيدي هؤلاء الملاعنة. ثم قال الزمخشريُّ: وقيل: يُمِيتُكَ في وقتك بعد النزول. فانظر كيف جعل معنى الموت مقابلا لمعنى استيفاء الأجل، مع أنه قد دَرَجَ فيه الموتَ بنفسه من قبل، وذلك لأنه أبقى اللفظَ على مدلوله، وهو استيفاءُ الأجل. ثم لفُّ الموت والرفع، وغير ذلك في مرتبة الغرض. فالحاصل: أنه سلَّم الموتَ في مرتبة الغرض، ومرضَه في مرتبة المدلول. ثم قوله: «معناه» على حدِّ قولنا: «وحاصل الكلام». ولفظ الغرض أيضًا ليس بجيدٍ، فاحفظه. وإن عَجِزْت أن تَفْهَمَهُ، فلك العذرُ فإن صيدَ الظباء ليس بهيِّنٍ. 2057 - قوله: (سَمُّوا الله عَلَيْهِ وكُلُوْه)، ومرادُه: أن احملُوا حالهم على ما يَلِيقُ بالمسلمين، وأَحْسِنُوا الظنَّ بهم، وأتُوا أنتم بما هو سُنَّةٌ لكم، وهو التسميةُ عند الأكل. لا أن

6 - باب قول الله تعالى: {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا} [الجمعة: 11]

التسميةَ عند الأكل تُجْزِيءُ عن التسمية عند الذبح، وهذا كمال البلاغة. ومن لا يدري مخاطبات البلغاء، يَقَعُ في الخبط (¬1). 6 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا} [الجمعة: 11] 2058 - حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ سَالِمٍ قَالَ حَدَّثَنِى ¬

_ (¬1) قلتُ: وهذا نظيرُ ما رواه أبو داود وغيره، "قالت امرأة: إني امرأةٌ أُطِيلُ ذيلي، وأمشِي في المكان القذر، فقالت أم سَلَمَةَ: يُطَهِّرُه ما بعده". اهـ. فحمله بعضُهم على بيان المسألة، فقيَّدُوه بالنجاسة اليابسة، لأنه هي التي يمكن زوالها بجرِّها على طريقٍ طاهرٍ، ثم ذَكَرُوا فيه تفاصيل، بسطها المُحَشِّي. ويرد عليهم ما أخرجه أبو داود بعده: "فكيف نفعل إذا مُطِرْنا؟ قال: أليس بعدها طريق هي أطيبُ منها؟ قالت: قلت: بلى، قال: فهذه بهذه". اهـ. فلم يَنْفَعْ تقيدهم باليابس، لِمَا عَلِمْتَ أن الحديثَ وَرَدَ في النجاسة الرطبة أيضًا. فالوجهُ أنه من باب المحاورات، وردِّ الأوهام على أبلغ وجهٍ، كأنه إنكارٌ على كون ذيلها نجسًا بجرِّها على طريقٍ لم تُشاهِد به نجاسةً، فإنها لم تَذكُرْ نجاسةً مخصوصة تعلقت بذيلها، ولا شاهدتها. ولكنها لمَّا كانت تمرُّ بمكانٍ قذرٍ سَبَقَ إلى ذهنها أن ذيلَها يَقَعُ عليه، ويمكن أن تكونَ النجاسةُ تتعلَّق به. فبسبق هذه اللوازم البعيدة، والتعمُّق الشديد سألت ما سألت. ولو شاهدت نجاسةٌ معلَّقةٌ بذيلها، لَمَا كان لها في نجاسته محل ريب وريبة. وإنما أرادت أن تَستَفْسِرَ عمَّا أقلقها من مشيها على المكان القذر من عدم العلم بالنجاسة المخصوصة. فأجابها: أن ذلك من باب الأوهام، فلا تَعْتَبِر به. وكأن طريقَ التطهير من مثل هذه النجاسات الموهومة الإِغماضُ عنها، وعدمُ الاعتداد بها. وهذا الذي أراده من قوله: "يُطَهِّرُهُ ما بعده"، لا أنه تطهيرٌ في نفسه، بل المرادُ أنا لو فرضنا تنجُّسه بالمشي، فهذا تطهيره. ومآلُه أنه لا حاجةَ إلى تطهيره بأمرٍ آخرَ، كالغسل وغيره. وكذلك في قوله: "سَمُّوا الله" ... إلخ. أي ظنُّكم بأنهم لم يُسَمُّوا من باب الوَسَاوِس، وطريق ردِّه أن سموه أنتم، فإن كانت التسميةُ فاتت عنهم، فقد نابت تسميتُكم عنها، فكلُوه الآن. ومآلُه أن لا تتركوه بهذه الأوهام، وكلُوه، فهو من باب سدِّ الأوهام، كما وَرَدَ في الحديث: "أن المرء يُصَلِّي، فلا يزال الشيطان يُوَسوِسُ في صلاته، حتى يقولَ: ما صلَّيت" -بالمعنى-، وحينئذٍ تَنقَطِعُ عنه الوساوس. وهو أحدُ الوجوه في قوله: "إن الماءَ طهور لا ينجِّسُه شيء"، فإنهم لمَّا زعَمُوا أن الحيطان لم تغسل وطينها لم يَخرُجُ، تمكن في صدورهم نجاسته، فردَّه عليهم: "أن الماء طهور لا ينجِّسُه شيء" أي شيء من نحو ما زَعَمتم من الأوهام. ويُمْكِن حمل قوله: "إذا بَلَغَ الماءُ قُلَّتَيْن" ... إلخ، على هذا المعنى. أمَّا التقييدُ بالقُلَّتين، فلكونه مقدارًا معتدًّا به، لا تَظهَرُ فيه أثرُ النجاسة. وظن التنجُّس في مثله من باب الأوهام، إلا أن يُشَاهِدَ نجاسته. ومن هذا القبيل قوله: "حتى يَجِدَ ريحًا، أو يَسْمَعَ صوتًا"، كما مرَّ آنفًا. وحوله يَحُوم قوله: "إن الماء لا يُجنِبُ"، أخرجه الترمذي في "الطهارة"، وقوله: "إن حَيضَتَكِ ليست في يدك"، عنده. وأمثال ذلك غير قليل. وحاصل المقال: إن الحديثَ يَرِدُ على نحو تعبيرٍ، ومخاطبةٍ على العُرفٍ، فَيَحْمِلُهُ الناسُ على بيان مسألةٍ، ويأخذون بالألفاظ، فيقعون في الأَغلاط. وقد مرَّ منا نظائره فيما سبق، نحو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الذي لا يُصَلِّي صلاةَ الليل، خيرٌ من الذي يُصَلِّي، ثم يتركها"، -بالمعنى- وقوله: "لا تَدْعُوا على أمرائكم، فإنكم كما تكونون يُؤَمَّرُ عليكم"، وقوله: "مثلُ أمتي كمثل المطر، لا يُدْرَى أولهم خيرًا أم آخرهم"، وغير ذلك، لو عدَّدنا جملته لأفضى الكلام إلى طويلٍ. وفي ذلك كفايةٌ للبيب. وهذا كلُّه سمعته من شيخي متفرِّقًا، فجمعته في موضعٍ واحدٍ، حسب ما وَسِعَ الوقت، ولم أَبسُطْهَا كلَّ البسط. فافهم.

7 - باب من لم يبال من حيث كسب المال

جَابِرٌ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ أَقْبَلَتْ مِنَ الشَّأْمِ عِيرٌ، تَحْمِلُ طَعَامًا، فَالْتَفَتُوا إِلَيْهَا، حَتَّى مَا بَقِىَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً فَنَزَلَتْ {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا}. أطرافه 936، 2064، 4899 - تحفة 2239 وقد مرّ منا بيانُ الوجه في انفضاضهم، وتركهم إياه قائمًا، فإنه مُسْتَبْعَدٌ من الصحابة رضي الله تعالى عنهم جدًا. ثم إن زُرَارَة بن أبي أَوُفَى، أو مسلم بن يَسَار، - الشك من الجامع - فكان إذا سَمِعَ الأذان وضع المِطْرَقَةَ كما هو، ولم يكن يَضْرِبُها، وإن كان رفعها للضرب. 7 - باب مَنْ لَمْ يُبَالِ مِنْ حَيْثُ كَسَبَ الْمَالَ 2059 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَأْتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لاَ يُبَالِى الْمَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ أَمِنَ الْحَلاَلِ أَمْ مِنَ الْحَرَامِ». طرفه 2083 - تحفة 13016 - 72/ 3 8 - باب التِّجَارَةِ فِى الْبَرِّ وَغَيْرِهِ وَقَوْلِهِ: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 37]. وَقَالَ قَتَادَةُ كَانَ الْقَوْمُ يَتَبَايَعُونَ، وَيَتَّجِرُونَ، وَلَكِنَّهُمْ إِذَا نَابَهُمْ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ لَمْ تُلْهِهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، حَتَّى يُؤَدُّوهُ إِلَى اللَّهِ. 2060، 2061 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِى الْمِنْهَالِ قَالَ كُنْتُ أَتَّجِرُ فِى الصَّرْفِ، فَسَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ - رضى الله عنه - فَقَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. وَحَدَّثَنِى الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَعَامِرُ بْنُ مُصْعَبٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا الْمِنْهَالِ يَقُولُ سَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ عَنِ الصَّرْفِ فَقَالاَ كُنَّا تَاجِرَيْنِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الصَّرْفِ فَقَالَ «إِنْ كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَلاَ بَأْسَ، وَإِنْ كَانَ نَسَاءً فَلاَ يَصْلُحُ». الحديثان 2060، 2061 - أطرافهما في: 2180،2181، 2497، 2498، 3939، 3940 - تحفة 3675 وفي نسخة: بالراء المهملة وهي الأقربُ، لأنه بوَّب بُعَيْدَه بالتجارة في البحر. 2060، 2061 - قوله: (إن كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَلا بَأْسَ، وإن كَانَ نَسَاءً فلا يَصْلُحُ) ... إلخ، واعلم أن المُوءَجَّلَ في الفِقْهِ لمَّا كان واجبًا في الذِّمة من الديون والحقوق، والمشارُ إليه لما كان موجودًا سواء كان في المجلس أو لا، ولم يُدْرِكْهُ الناسُ، فَفَهِمُوا أن المُؤَجَّلَ ما لا يكون موجودًا في المَجْلِسِ، وليس بصحيحٍ. فالذي لا بُدَّ منه في البيع هو التعيين، أي إيراد العقد على شيءٍ موجودٍ، وإن لم يكن عندهما في المَجْلِسِ إلا في الصَّرْفِ، فإنه يُشْتَرَطُ فيه القبض. أمَّا كونه في المجلس، فليس بضروريَ في عامة البيوع، فاعلمه. وبعبارةٍ أخرى: إن المرادَ بالدَّيْنِ في الفِقْه: ما لا يكون موجودًا في مَجْلِسِ العقد، ولا في

9 - باب الخروج فى التجارة

بيته، ومن العين: ما كان موجودًا، إمَّا في بيته أو في المَجْلِسِ. أمَّا القبضُ بالبراجم، فهو شرطٌ في بيع الصَّرْف خاصةً. وقد زَعَمَ بعضُهم أن الدَّيْنَ ما لا يكون موجودًا في مَجْلِسِ العقد، وإن كان موجودًا في بيته. وهو خلاف مرادهم، فافهم. 9 - باب الْخُرُوجِ فِى التِّجَارَةِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10]. 2062 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِىَّ اسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَكَأَنَّهُ كَانَ مَشْغُولاً فَرَجَعَ أَبُو مُوسَى، فَفَرَغَ عُمَرُ فَقَالَ أَلَمْ أَسْمَعْ صَوْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ائْذَنُوا لَهُ قِيلَ قَدْ رَجَعَ. فَدَعَاهُ. فَقَالَ كُنَّا نُؤْمَرُ بِذَلِكَ. فَقَالَ تَأْتِينِى عَلَى ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ. فَانْطَلَقَ إِلَى مَجْلِسِ الأَنْصَارِ، فَسَأَلَهُمْ. فَقَالُوا لاَ يَشْهَدُ لَكَ عَلَى هَذَا إِلاَّ أَصْغَرُنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ. فَذَهَبَ بِأَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ. فَقَالَ عُمَرُ أَخَفِىَ عَلَىَّ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَلْهَانِى الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ. يَعْنِى الْخُرُوجَ إِلَى تِجَارَةٍ. طرفاه 6245، 7353 - تحفة 10601، 4146 2062 - قوله: (فقال: كُنَّا نُؤمَرُ بذلك، فقال: تأْتِنِي على ذلك بالبَيِّنَة) ... إلخ، قال البخاريُّ أراد عمر التثبُّت، لا أن يُخْبِرَ بخبر الواحد. وكذلك في «موطأ مالك» قال عمر لأبي موسى: «أمَّا إني لم أَتَّهِمْكَ، ولكني خَشِيتُ أن يتقوَّلَ الناسُ على رسول الله صلى الله عليه وسلّم. اهـ. فَدَلَّ على أنه ليس فيه مسألةُ العبرة بالخبر الواحد، وعدمها، بل أراد مزيد التثبُّت. كيف وقد رواه عمر بنفسه عند الترمذيِّ، ولكن لمَّا لم تكن عنده زيادةُ الاستئذان ثلاثًا، أراد أن يتثبَّتها. وأخرجها البخاريُّ مُفَصَّلا، وفيه: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم «إذا استأذن أحدُكم ثلاثًا، فلم يُؤْذَنْ له» ... الحديث. حكاية: ذكر الطبرانيُّ حكايةً في زيادة الثقة: أن عالمًا ادَّعى أنها تُعْتَبَرُ على الإِطلاق، وأَنْكَرَهَا آخرُ، فقال من أعوان المُثْبِت واحدٌ، فَقَذَفَهُ بالأحجار حتى دفعه من المسجد. فكان المُثْبِتُ إذا لَقِيَ المُنْكِرَ يَسْأَلُه: أن الزيادةَ مقبولةٌ أو لا؟ فَيُجيبُه أمَّا بالحجر والآجُرِّ، فتفيد العلمَ والعملَ كليهما. 10 - باب التِّجَارَةِ فِى الْبَحْرِ وَقَالَ مَطَرٌ لاَ بَأْسَ بِهِ وَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ فِى الْقُرْآنِ إِلاَّ بِحَقٍّ ثُمَّ تَلاَ {وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} [النحل: 14] وَالْفُلْكُ: السُّفُنُ، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ سَوَاءٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ تَمْخَرُ السُّفُنُ الرِّيحَ وَلاَ تَمْخَرُ الرِّيحَ مِنَ السُّفُنِ إِلاَّ الْفُلْكُ الْعِظَامُ. 2063 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ أَبِى

11 - باب {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها} [الجمعة: 11]

هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلاً مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ، خَرَجَ فِى الْبَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ. حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ بِهَذَا. أطرافه 1498، 2291، 2404، 2430، 2734، 6261 - تحفة 13630 - 73/ 3 وأكثرُ أئمة اللغة إلى أن البحرَ يختصُّ بالبحر المالح، وقد وَرَدَ الحديث: «بأن تحت البحر نارًا»، مع وجود حاجة السفر فيه. وفي مثله تَتَعَارَضُ الأدلة، وتتجاذب الأطراف، فَيَرِدُ النهيُ والإِباحةُ كلاهما. أما الذهيُ، فنظرًا إلى المخاوف والمهالك، وأمَّا الإِباحةُ، فبالنظر إلى الحاجات. ولذا بوَّب البخاريُّ بجواز التجارة فيه. قوله: (ومَا ذَكَرَهُ الله في القُرْآن) ... إلخ، أي لمَّا ذكرها القرآنُ في موضع الامتنان، فلا يكون إلاّ حقًّا وجائزًا. قوله: (وقال مُجَاهِدُ: تَمْخَرُ السُّفُنُ الريحَ، ولا تَمْخَرُ الريحَ من السُّفُنِ، إلا الفُلك العِظَامُ) اهـ. قوله: «الريحَ»: مفعول به، و «السفُنُ»: فاعلٌ، وكذلك «الريح» في الجملة الثانية: مفعولٌ. وحاصل ماذكره مجاهد في تفسيره قوله: {وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ} [فاطر: 12] أن شقَّ الريح إنما يَظْهَرُ في السُّفُن العِظَامِ، وإلا فالصِغَار منها أيضًا تَشُقُّهَا عند جريها وسيرها، وإن لم يَظْهَرْ كظهوره في السُّفُنِ العِظَامِ. فلا حاجةَ إلى التقييد بالعِظَامِ، فإنه لا ريب في شقِّ الصِغَارِ أيضًا، وإن لم يَظِهَر. 11 - بابٌ {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11] وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 37]. وَقَالَ قَتَادَةُ كَانَ الْقَوْمُ يَتَّجِرُونَ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا نَابَهُمْ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ لَمْ تُلْهِهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، حَتَّى يُؤَدُّوهُ إِلَى اللَّهِ. 2064 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَقْبَلَتْ عِيرٌ، وَنَحْنُ نُصَلِّى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الْجُمُعَةَ، فَانْفَضَّ النَّاسُ إِلاَّ اثْنَىْ عَشَرَ رَجُلاً، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) أطرافه 936، 2058، 4899 - تحفة 2239 12 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 267] 2065 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا، غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، كَانَ لَهَا أَجْرُهَا بِمَا أَنْفَقَتْ، وَلِزَوْجِهَا بِمَا كَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، لاَ يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ شَيْئًا». أطرافه 1425، 1437، 1439، 1440، 1441 - تحفة 17608 2065 - قوله: (لا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ شَيْئًا). قلتُ: وإنما نبَّه عليه، لأن الصدقةَ

13 - باب من أحب البسط فى الرزق

الواحدةَ عملٌ واحدٌ، فإذا اشترك فيه متعدِّدٌ، فلعلَّه يُوَزَّعُ أجرها عليهم، ويكون لكلَ منهم بقدر نصيبه من ذلك الأجر. فقال: إنه ليس كذلك، بل في الصدقة الواحدة أجورٌ بقدر عامليها. نعم فيها تفاوتٌ باعتبار أعمالهم، فمنهم من هو خازنٌ، ومنهم من هو مُنْفِقٌ، ومنهم من هو مالكٌ. ومن الخازن إلى المالك فرقٌ جليٌّ، فكذلك في أجورهم. ولكن يَحْصُلُ لكلَ منهم أجره، لا أنه يُعْطِي ذلك الأجر بنقصِ أجد أحدٍ منهم. 2066 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ كَسْبِ زَوْجِهَا عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ، فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِهِ». أطرافه 5192، 5195، 5360 - تحفة 14695 2066 - قوله: (عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ)، أي من غير أمره الصَّريح. فإنها إذا أَنْفَقَتْ مع منعه إيَّاها، لا يَحْصُلُ لها أجرٌ. إنما الأجرُ فيما إذا أَنْفَقَتْ من حَبِّها، مع أنه لم يأمرها زوجُها، وقد عَلِمْتَ أيضًا أنها إن تُنْفِقْ لم يمنعها زوجُها. قوله: (نِصْفُ أَجْرهِ) ... إلخ، وهذا باعتبار أجر الرجل، فإن أجرَها الأصليَّ بالنسبة إلى أجر الرجل نِصْفٌ. أما المرأةُ، فلها تمام أجرها، والتنصيف بالنظر إلى أجر الزوج. 13 - باب مَنْ أَحَبَّ الْبَسْطَ فِى الرِّزْقِ 2067 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى يَعْقُوبَ الْكِرْمَانِىُّ حَدَّثَنَا حَسَّانُ حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ رِزْقُهُ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِى أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ». طرفه 5986 - تحفة 1555 2067 - قوله: (من سَرَّهُ أن يُبْسَطَ له رِزْقُهُ، أو يُنْسَأَ له في أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ)، ومعنى السببية بين الصدقة وزيادة العمر: أن لأقربائه وذوي رَحِمِهِ دَخْلٌ في وجوده، فإذا خَدَمَهُمْ وتصدَّق عليهم بُورِكَ في عمره. والحاصل: أن لوجودهم دَخْلٌ في وجوده، فلمواساته أيضًا يكون تأثيرًا في زيادة عمره، بقيت مسألةُ طول العمر، فكلُّها في المواطن التحتانية. أمَّا في أم الكتاب، فالأمرُ واحدٌ بلا زيادةٍ ونقصانٍ: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39)} [الرعد: 39]، فالمحوُ والإِثباتُ في موضعٍ، والأجل المُسَمَّى في موضع آخر (¬1). ¬

_ (¬1) قلتُ: وتقريره على ما فَهِمْتُه: أن للأشياء أسبابًا يكون لها دَخْلٌ وتأثيرٌ فيها، كالمرض مثلًا، فإن له أسبابًا وعِللًا، يترتَّبُ عليها وجودُه وعدمُه، وكذلك الصحة مثلًا. فَيُقَال: أكلنا ذلك الدواء فبَرِئنَا، وُيقَالُ لمن لم يأكله: إنه لو أكله لشَفَاه، ولكنه لم يَأكُلْه فمات. وعلى نظائر تلك الأسباب أسبابٌ معنويةٌ، ليس لنا بها خبرٌ. فنبَّه عليها الشرع، وقال: كما أن للشفاء أسبابًا ظاهرةٌ، كذلك له أسبابٌ باطنةٌ أيضًا. فكما يُقَالُ في تلك الأسباب: إن فُلَانًا أكَلَ هذا الدواء فَعُوفي، وفلانًا آخر لم يأكله فمات، كذلك يُقَالُ في الأسباب الباطنة: إن فُلانًا تصدَّق مثلًا، فَنُسِأَ له في عمره، ورُدَّ عنه البلايا التي لو لم يتصدَّق لابتلي بها، وفلانٌ لم يفعله فمات. =

14 - باب شراء النبى - صلى الله عليه وسلم - بالنسيئة

14 - باب شِرَاءِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالنَّسِيئَةِ 2068 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ ذَكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ فِى السَّلَمِ فَقَالَ حَدَّثَنِى الأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِىٍّ إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ. أطرافه 2096، 2200، 2251، 2252، 2386، 2509، 2513، 2916، 4467 تحفة 15948 - 74/ 3 2069 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ ح. حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ أَبُو الْيَسَعِ الْبَصْرِىُّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِىُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ مَشَى إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِخُبْزِ شَعِيرٍ، وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ، وَلَقَدْ رَهَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - دِرْعًا لَهُ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ يَهُودِىٍّ، وَأَخَذَ مِنْهُ شَعِيرًا لأَهْلِهِ، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ «مَا أَمْسَى عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - صَاعُ بُرٍّ وَلاَ صَاعُ حَبٍّ، وَإِنَّ عِنْدَهُ لَتِسْعَ نِسْوَةٍ». طرفه 2508 - تحفة 1355 2068 - قوله: (الرَّهْنَ في السَّلَم)، والله تعالى يَعْلَمُ أنه كان هناك سَلَمًا أم لا، فإن الراوي قد يُطلِقُهُ على البيع المطلق بمجرد كون الثمن فيه نَسِيئةً. 15 - باب كَسْبِ الرَّجُلِ وَعَمَلِهِ بِيَدِهِ 2070 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمَّا اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ قَالَ لَقَدْ عَلِمَ قَوْمِى أَنَّ حِرْفَتِى لَمْ تَكُنْ تَعْجِزُ عَنْ مَئُونَةِ أَهْلِى، وَشُغِلْتُ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، فَسَيَأْكُلُ آلُ أَبِى بَكْرٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَيَحْتَرِفُ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ. تحفة 6634، 16720 2071 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عُمَّالَ أَنْفُسِهِمْ، وَكَانَ يَكُونُ لَهُمْ أَرْوَاحٌ فَقِيلَ لَهُمْ لَوِ اغْتَسَلْتُمْ. رَوَاهُ هَمَّامٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ. طرفه 903 - تحفة 16392، 17258 ¬

_ = فالصدقة من الأسباب المعنوية التي لها تأثيرٌ في ازدياد عمره، فإنه إذا سَعَى في ازدياد راحة الأقرباء، جُوزِيَ بازدياد عمره، فلخدمتهم تأثيرٌ في بركة عمره. كما أن لخدمة الأستاذ تأثيرٌ في زيادة العلم، وذلك مشهورٌ في العُرْفِ: أن خدمةَ الأستاذ تُوجِبُ البركة في العلم. وفي ذلك حكايةٌ في "كتاب العالم والمتعلِّم" وهي: أن شمس الأئمة الحلواني مَرِضَ مرة، فجاء تلامذته يَعُودُونَهُ غير رجلٍ منهم، فلمَّا جاء سأله عن سبب تأخيره. فقال له: إن أمي كانت مريضة، ولم يكن هناك أحدٌ يمرِّضُها غيري، فتحمَّلْتُ لها هذا النصب، وتأخَّرْتُ عنك لهذا السبب. فقال له السَّرَخسِىُّ: يُزَادُ لك في عمرك، ولا يُزَادُ لك في علمك. ولم يَقُلْهُ عن سَخطَةٍ منه، بل لأن خدمةَ الأم مُؤَثِّرةٌ في زيادة العمر، وخدمَة الأستاذ مُؤَثِّرةٌ في زيادة العلم.

16 - باب السهولة والسماحة فى الشراء والبيع، ومن طلب حقا فليطلبه فى عفاف

2072 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى عَنْ ثَوْرٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنِ الْمِقْدَامِ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِىَّ اللَّهِ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ». تحفة 11557 2073 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - كَانَ لاَ يَأْكُلُ إِلاَّ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ». طرفاه 3417، 4713 - تحفة 14729 - 75/ 3 2074 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا، فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ». أطرافه 1470، 1480، 2374 - تحفة 12930 2075 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ أَحْبُلَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ». طرفاه 1471، 2373 - تحفة 3633 2070 - قوله: (لمَّا اسْتُخْلِفَ أبو بَكْرٍ)، واعلم أن أبا بكر، وإن أكل من بيت المال قدر قُوتهِ، لكني أقطع على أنه قضاه بنَقِيرِه وقِطْمِيرهِ. أمَّا عمرُ فقد كان أَوْصَى بأن يُقْضَى عنه كل ما أخذه من بيت المال. وأمَّا عثمانُ، فكان غنيًا لم يكن له حاجةٌ، إلى بيت المال. وأما عليُّ، فقد كان يَقُمُّ بيت المال حتى تَغْبَرَّ لحيته المباركة، وكانت كثيفةً جدًا. فمرّ به رجلٌ مرةً. وكان يَقُمُّ بيت المال. فقال: لو استأجرتَ له رجلا يا أمير المؤمنين؟ فقال: لا أفعله حتى يبقى بي رمقٌ من الحياة. فسبحان الذي اصطفى لنبيه هؤلاء النُّجَبَاء، الذي ما أقلَّت مثلهم الغبراء، ولا أظلَّت الخضراء: *من البِيضِ الوجوه، نجومُ هدىً ... لو أنك تَسْتَضِىء بهم أَضَاؤُا *هُمُ حَلُّوا من الشرفِ المُعلَّى ... ومن حَسَبِ العَشِيرَةِ حيثُ شاؤُا ثم رأيت في «تذكرة»: أن نبيَّ الله سليمان عليه السلام كان يَنْسِجُ المَكاتِل، ومن ذلك كان قُوتُه، وكان داود عليه الصلاة والسلام يَعْمَلُ بيديه الدُّرُوعَ، كما نصَّ عليه القرآن. 2071 - قوله: (أَرْوَاحٌ) أي: الرائحةُ الكريهةُ. 16 - باب السُّهُولَةِ وَالسَّمَاحَةِ فِى الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ، وَمَنْ طَلَبَ حَقًّا فَلْيَطْلُبْهُ فِى عَفَافٍ 2076 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ

17 - باب من أنظر موسرا

«رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى». تحفة 3080 قوله: (السَّمَاحة) - "دل مين وسعت هونى أورسخت كيرى نه كرنى". قوله: (في عَفَافٍ) يعني (دوسرى كى آبروريزى نه كرنى) أي هو الاتقاء عن هَتْكِ عِرْض أحدٍ. 17 - بابُ مَنْ أَنْظَرَ مُوسِرًا 2077 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ أَنَّ رِبْعِىَّ بْنَ حِرَاشٍ حَدَّثَهُ أَنَّ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَلَقَّتِ الْمَلاَئِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ قَالُوا أَعَمِلْتَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا قَالَ كُنْتُ آمُرُ فِتْيَانِى أَنْ يُنْظِرُوا وَيَتَجَاوَزُوا عَنِ الْمُوسِرِ قَالَ قَالَ فَتَجَاوَزُوا عَنْهُ». وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ عَنْ رِبْعِىٍّ «كُنْتُ أُيَسِّرُ عَلَى الْمُوسِرِ وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ». وَتَابَعَهُ شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِىٍّ. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِىٍّ «أُنْظِرُ الْمُوسِرَ، وَأَتَجَاوَزُ عَنِ الْمُعْسِرِ». وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ أَبِى هِنْدٍ عَنْ رِبْعِىٍّ «فَأَقْبَلُ مِنَ الْمُوسِرِ، وَأَتَجَاوَزُ عَنِ الْمُعْسِرِ». طرفاه 2391، 3451 - تحفة 3310 18 - باب مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا 2078 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْدِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ تَجَاوَزُوا عَنْهُ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ». طرفه 3480 - تحفة 14108 ثم ترجم المصنِّفُ بعده: باب من أنظر معسرًا، وذلك لاختلاف لفظ الحديث عنده، ففي لفظٍ: «ويَتَجَاوَزُوا عن المُوسِر»، وفي لفظٍ: «فإذا رأى مُعْسِرًا، قال لفتيانه: تَجَاوَزُوا عنه». ففيه التَّجَاوُزُ عن المُعْسِر، وهذا دَأْب المصنِّف: أن الحديثَ إذا اخْتَلَفَتْ ألفاظه، ولم يترجَّح عنده واحدٌ منهما، يُتَرْجِمُ عليه باللفظين، والفصلُ عندي في نحو هذه المواضع: أن يُؤْخَذَ بما كان أقرب إلى الوجدان، ولا يُعْبَأُ بما سواه. كما أن الظاهرَ مع التَّجاوُزِ لفظ: «المعْسِرِ»، فَيُحْمَلُ ذكر المُوسِرِ على تصرُّف من أحد الرواة، لأن المُعْسِرَ هو الذي يَحْتَاجُ إلى التجاوز عنه دون المُوسِر. ولذا ترى في لفظ نُعَيْم بن أبي هِنْدٍ، عن رَبْعِي عنده: «فأَقْبَلُ من المُوسِر، وأَتَجَاوَزُ عن المُعْسِر»، فلا ينبغي في مثل هذه المواضع تراجم مختلفة. وإنما يَفْعَلُ مثله حيث لا يُمْكِنُ الترجيح فيه، كما في قوله: «إذا أمَّن الإِمامُ فأمِّنُوا»، وفي لفظٍ: «إذا امَّن القاريء» ... إلخ. فالفصلُ فيه مُشْكِلٌ، فإن الإِمامَ مختصٌّ بالصلاة، والقاريء يكون في الخارج أيضًا، ولا يتبيَّن لفظ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم من غيره، فإن فيهما معنىً صحيح، بخلاف الاختلاف في المُعْسِرِ والمُوسِرِ.

19 - باب إذا بين البيعان، ولم يكتما ونصحا

19 - باب إِذَا بَيَّنَ الْبَيِّعَانِ، وَلَمْ يَكْتُمَا وَنَصَحَا وَيُذْكَرُ عَنِ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ كَتَبَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هَذَا مَا اشْتَرَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ، بَيْعَ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَ، لاَ دَاءَ، وَلاَ خِبْثَةَ، وَلاَ غَائِلَةَ». وَقَالَ قَتَادَةُ الْغَائِلَةُ الزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَالإِبَاقُ. وَقِيلَ لإِبْرَاهِيمَ إِنَّ بَعْضَ النَّخَّاسِينَ يُسَمِّى آرِىَّ خُرَاسَانَ وَسِجِسْتَانَ فَيَقُولُ جَاءَ أَمْسِ مِنْ خُرَاسَانَ، جَاءَ الْيَوْمَ مِنْ سِجِسْتَانَ. فَكَرِهَهُ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً. وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ لاَ يَحِلُّ لاِمْرِئٍ يَبِيعُ سِلْعَةً، يَعْلَمُ أَنَّ بِهَا دَاءً، إِلاَّ أَخْبَرَهُ. 2079 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ صَالِحٍ أَبِى الْخَلِيلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ رَفَعَهُ إِلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا - أَوْ قَالَ حَتَّى يَتَفَرَّقَا - فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِى بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا». أطرافه 2082، 2108، 2110، 2114 - تحفة 3427 - 76/ 3 وفيه تغليبٌ كما في القَمَرَيْنِ. قوله: (هذا ما اشْتَرَى محمدٌ رسولُ الله من العَدَّاءِ بن خالِدٍ) ... إلخ. وعند الترمذيِّ في باب ما جاء في كتابة الشروط: «ما اشترى العَدَّاءُ بن خالد بن هَوْذَة من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلّم .. » إلخ. والصواب عندي ما في الترمذيِّ، لأن المعروفَ في الكتابة أن تكونَ من جهة البائع دون المشتري، إلا أن يكون العِوَضَان عروضًا. قوله: (النَّخَّاسِينَ) أي الدلال في الدَّوَاب. 20 - باب بَيْعِ الْخِلْطِ مِنَ التَّمْرِ 2080 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نُرْزَقُ تَمْرَ الْجَمْعِ، وَهْوَ الْخِلْطُ مِنَ التَّمْرِ، وَكُنَّا نَبِيعُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، وَلاَ دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ». تحفة 4422 21 - باب مَا قِيلَ فِى اللَّحَّامِ وَالْجَزَّارِ 2081 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُكْنَى أَبَا شُعَيْبٍ فَقَالَ لِغُلاَمٍ لَهُ قَصَّابٍ اجْعَلْ لِى طَعَامًا يَكْفِى خَمْسَةً، فَإِنِّى أُرِيدُ أَنْ أَدْعُوَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَامِسَ خَمْسَةٍ، فَإِنِّى قَدْ عَرَفْتُ فِى وَجْهِهِ الْجُوعَ. فَدَعَاهُمْ، فَجَاءَ مَعَهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ هَذَا قَدْ تَبِعَنَا، فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ فَأْذَنْ لَهُ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ يَرْجِعَ رَجَعَ». فَقَالَ لاَ، بَلْ قَدْ أَذِنْتُ لَهُ. أطرافه 2456، 5434، 5461 - تحفة 9990

22 - باب ما يمحق الكذب والكتمان فى البيع

22 - باب مَا يَمْحَقُ الْكَذِبُ وَالْكِتْمَانُ فِى الْبَيْعِ 2082 - حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْخَلِيلِ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا - أَوْ قَالَ حَتَّى يَتَفَرَّقَا - فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِى بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا». أطرافه 2079، 2108، 2110، 2114 - تحفة 3427 - 77/ 3 23 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 130] 2083 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يُبَالِى الْمَرْءُ بِمَا أَخَذَ الْمَالَ، أَمِنْ حَلاَلٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ». طرفه 2059 - تحفة 13016 24 - باب آكِلِ الرِّبَا وَشَاهِدِهِ وَكَاتِبِهِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275)} [البقرة: 275]. 2084 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمَّا نَزَلَتْ آخِرُ الْبَقَرَةِ قَرَأَهُنَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِمْ فِى الْمَسْجِدِ، ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِى الْخَمْرِ. أطرافه 459، 2226، 4540، 4541، 4542، 4543 - تحفة 17636 2085 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِى، فَأَخْرَجَانِى إِلَى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ، وَعَلَى وَسَطِ النَّهْرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِى فِى النَّهَرِ فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِى فِيهِ فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِى فِيهِ بِحَجَرٍ، فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ، فَقُلْتُ مَا هَذَا فَقَالَ الَّذِى رَأَيْتَهُ فِى النَّهَرِ آكِلُ الرِّبَا». أطرافه 845، 1143، 1386، 2791، 3236، 3354، 4674، 6096، 7047 - تحفة 4630 وفي رواية الترمذيِّ: اللعن على عشرة، منها المُوكِل. فقال بعضهم: إن المُوكِلَ: المُعْطِي، والآكل: الآخذ. قلتُ: لا حاجةَ إلى هذا التأويل، والألفاظ كلُّها على ظاهرها، فإن الآخذ قد يكون آكلا. والوعيدُ من تلقاء خُبْثِ المال، فمن أخذه، أو أكله، أو حمله، أو فعل فعلا أوجب نسبة التلبُّس به، فقد تحمَّل الوعيد الوارد فيه. وإذن يكون الوعيد على كلِّ من أكل

25 - باب موكل الربا

بنفسه، أو أَطْعَمَ غيره أيضًا سواء. فالوعيد على نفس هذا الفعل، وما ذكره الشارحون في شرحه، فهو خِلافُ الواقع عندي. وحاصلهُ: أنه يُلْعَنُ في ربًا واحدٍ عشرةُ نفرٍ، حسب أوزارهم خِفَةً وشدَّةً. قوله: {كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} ... إلخ، واستدلَّ منه ابن حَزْم على أن الشياطين لا تَسْرِي في أجساد الإِنسان، وإنما لهم لَمَمٌ به. واختار الغزاليُّ: أن لها سِرَايةً أيضًا. أقولُ: وهما عندي وجهان: وأمَّا وجه الخبط فإن أكل الربا يَمْسَخُ الفطرة السليمة، ويُؤَثِّرُ فيها حتى يكاد يُعْمِيها، فإذا عَمِيَتْ تَخْبِطُ خَبْطَ العَشْوَاء لا مَحَالة. ثم إن الأرواحَ الخبيثةَ أيضًا قد تُؤْذِي الإِنسان، وفي ذلك حكاياتٌ. 25 - باب مُوكِلِ الرِّبَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} إلى قوله: {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281)} [البقرة: 278 - 281]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذِهِ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 2086 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ رَأَيْتُ أَبِى اشْتَرَى عَبْدًا حَجَّامًا، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَثَمَنِ الدَّمِ، وَنَهَى عَنِ الْوَاشِمَةِ وَالْمَوْشُومَةِ، وَآكِلِ الرِّبَا، وَمُوكِلِهِ، وَلَعَنَ الْمُصَوِّرَ. أطرافه 2238، 5347، 5945، 5962 - تحفة 11811 - 78/ 3 2086 - قوله: (فأَمَرَ بِمَحَاجِمِهِ فَكُسِرَتْ). واعلم أن اللهَ تعالى بثَّ في العالم أعمالا خسيسةً ونفيسةً، وخَلَقَ على مثلها أرواحًا، فالطيبةُ منها تَمِيلُ إلى النفيسة. والخبيثةُ تَرْغَبُ في الخسيسة، وهذا من باب نظام العالم. أمَّا الشرعُ فإنه لا يُرَغِّبُ إلا فيما فيه فَضْلٌ، وهذا كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «إن العُرَفَاء في النار»، مع أنه لا بدَّ من العِرَافةِ أيضًا، فإن نظامَ العالم لا يستوي بدونها. والحاصلُ: أن طبائعَ الناس تَتَفَاوَتُ على حسب تَفَاوُت الأعمال، خِسَّةً ودناءةً، كَرمًا وفضلا، فَيَرْغَبُ إليها كلٌّ منهم حسب فطرته، مع أن الشرعَ لا يحثُّهم إلا على الخير. ومن ههنا عَلِمْتَ أن الشرعَ ليس في نقاضة النظام، فالنظامُ يبقى على طريقه، كما أن الشرعَ يأْمُرُ وينهى على طريقه. ألا ترى أن اللهَ يدعو إلى دار السلام، مع عِلْمِهِ أن كثيرًا منهم لا يُلْقُون لدعوته بالا، فَيُلْقَوْن في جهنَّم على وجوههم. فاللهُ سبحانه لا يَزَالُ يدعو على ما يَليقُ بشأنه، مع أنه سَبَقَ القول منه: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [هود: 119]، فهذا بنظامٍ، وذلك تشريعٌ. وبالجملة إن الأطراف تتجاذب في نحو هذه المواضيع، كما في الحِجَامة فإِنه نهى عنها، ومع ذلك قد أعْطى أجرتها بنفسه النفيسة أيضًا. فالدَأْبُ فيه: أن لا يزالَ النطقُ بالهجو، ويَخْرُجُ الجواز من الأطراف، كفعله تارةً وتارةً. وهذا هو طريقُ القرآن مُطَّردًا، فإِنه إذا كَرِهَ شيئًا اطَّرد

بهجوه ولو كان جائزًا في الجملة. كما رأيت في باب الهجرة، فإنه إذا أحبَّ الهجرة وكرهَ إقامة المسلم بين أَظْهُر الكفَّار، استمرَّ على النهي، ومع ذلك خَرَجَ الجوازُ من الأطراف. أمَّا الأحاديثُ، فقلَّما تَسْلُكُ هذا المسلك. 2086 - قوله: (نهي النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عن ثَمَنِ الكَلْبِ) واختلف أصحابُنا في بيع الكلب. ففي «المبسوط»: أنه يجوز بيع المعلَّم خاصةً. وفي «الهداية»: جوازه مطلقًا، نظرًا إلى أن الكلبَ صالحٌ للتعليم، فجاز بيعه كبيع المعلَّم بالفعل. فنظر السَّرَخْسِي إلى التعليم حالا، وصاحب «الهداية» إلى التعليم، ولو مآلا. والأول أوفق بالحديث، لِمَا ثبت عند النَّسائي استثناء المعلَّم. وقال النَّسائي: إنه مُنْكَرٌ. وراجع ما في هامشه من «عقود الجواهر». ومن اختار جواز البيع مطلقًا، حَمَل النهي على التنزيه. وحمله الطحاويُّ (¬1) على زمان حَرُمَ فيه اقتناؤها، فإذا رُخِّص فيه جاز البيع والشراء أيضًا. فراجع كلامه من «معاني الآثار». وقال الخطَّابيُّ في «معالم السنن» (¬2) في معنى النهي عن بيع الهرَّة: إنه كونها شيئًا خسيسًا، فليتركها على الإِباحة الأصلية من أَخَذَهَا، فهو أحقُّ بها. ولا يُنَاسِبُ أن تجري فيها البيوع، فإنها تُنَاسِبُ بكرائم الأموال، وشأنها أدون من أن تُقْصَدَ بالبيوع. وهكذا هو العملُ في بلادنا، فإنهم يَتَدَاولونها مجَّانًا، ولا يأخذون ثمنها. فهذا تعليمٌ للأخلاق الفاضلة، وما ينبغي أن يُعَامَلَ مع هذه الحيوانات. لا أنه نهى عن بيعه حقيقةً، فلو باعها صَحَّ لا مَحَالَةَ، ولك أن تَقِيسَ عليها الكلب أيضًا. قوله: (ولَعَنَ المُصَوِّر)، وراجع «فتح القدير» لمسائل التصاوير. أمَّا إن الملائكة، هل تَدْخُلُ بيتًا فيه تصاوير، رَخَّصَ بها الشرعُ؟ فالظاهر أن لا، فأنت تفعل ما في عالمك، وهم يفعلون ما في عالمهم، ولطباعهم تَنَافُرٌ من الأَنْجَاس، والأَرْجَاسِ، والتصاوير، وأمثال ذلك. فما عليهم أن لا يَدْخُلُوا بيتًا تكون فيه تلك، وإن رَخَّصَ لك فيها بتفاصيل، ذُكِرَت في المبسوطات. ¬

_ (¬1) وفي "المعتصر" يحتمل أن يكون تحريمه لأجل الدناءة، واحتمل أن يكون النهي عن ثمن الكلب إذا كان الأمر فيه بقتل الكلاب، وقد اختلف أهل العلم فيه، فطائفة ذهبت إلى تحريم أثمان الكلاب كلها، وممن ذهب إلى ذلك مالك، والشافعي، وطائفة ذهبت إلى تحريم أثمان ما لا يحل الانتفاع به منها، وإباحة أثمان غيرها، وهو مذهب أبي حنيفة، وأصحابه، وهو أولى القولين بالقياس، لأن الكلب المأذون في الانتفاع به، كالحمار الأهلي في جواز الانتفاع به، وتحريم أكل لحمه، فوجب أن يكون مثله في جواز بيعه: ص 239 - ج 1، ملخصًا. (¬2) قال الشيخ: النهي عن بيع السنور متأول، على أنه إنما كره من أجل معنين، إما لأنه كالوحشي الذي لا يملك قياده، ولا يصح التسليم فيه الخ، والمعنى الآخر: أن يكون إنما نهى عن بيعه لئلا يتمانع الناس فيه، وليتعاوروا ما يكون منه في دورهم، فيرتفقوا به ما أقام عندهم، ولا يتنازعوه إذا انتقل عنهم إلى غيرهم تنازع الملاك في النفيس من الأغلاق، وقيل: إنما نهى عن بيع الوحشي دون الإنسي، وقد تكلم بعض العلماء في إسناد هذا الحديث، وزعم أنه غير ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وممن أجاز بيع السنور ابن عباس، وإليه ذهب الحسن البصري، وابن سيرين، والحكم، وحماد، وبه قال مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وأصحاب الرأي، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وكره بيعه أبو هريرة، وجابر، وطاوس، ومجاهد، اهـ: ص 130 - ج 3 "معالم السنن".

26 - باب {يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم} [البقرة: 276]

26 - باب {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} [البقرة: 276] 2087 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْحَلِفُ مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مُمْحِقَةٌ لِلْبَرَكَةِ». تحفة 13321 قوله: {وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}: يعني إن الله يُعْطِي الربا من عنده في الصدقات. أمّا ما تعاملون من معاملات الربا، فإنه يَمْحَقُها. فمن أراد منكم أن يأخذَ الربا، فليأخذه من الله سبحانه إلى سبع مئة ضِعْفٍ، ويزيد على ذلك لمن يشاء. وقال المفسِّرُون: إن الله تعالى يُبَارِكُ في الصدقات. وليس بمرادٍ عندي، وقد تكلَّمنا عليه مرةً، فَتَذَكَّرْهُ. قوله: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} ومرَّ على مثله التَّفْتَازَانِيُّ في «المطول»، وذَكَرَ له ضابطةً: أن النفي في مثله محمولٌ على رفع الإِيجاب الكليِّ، ولا يَصِحُّ ههنا، فإنه للسَّلْبِ الكليِّ. ولو أجاب عنه العَلامةُ، بأن معناه: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ} ... ثم اسْكُتْ، كأنك تَسْأَلُ المُخَاطَبَ من هو؟ فقيل لك: {كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ}، لم يَرِدْ عليها نقضٌ. وحاصلهُ: أن قوله: {كُلَّ كَفَّارٍ} جواب لفعلٍ محذوفٍ أي من {لَا يُحِبُّ}. 27 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الْحَلِفِ فِى الْبَيْعِ 2088 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلًا أَقَامَ سِلْعَةً، وَهُوَ فِى السُّوقِ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطَ، لِيُوقِعَ فِيهَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَنَزَلَتْ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] طرفاه 2675، 4551 - تحفة 5151 واعلم أن الشرعَ نهى عن إكثار الحَلِفِ، ولو كان فيه صادقًا. ورُوِيَ عن إمامنا: أن اليمينَ الفاجرةَ تَدَعُ الديارَ بَلاقِع (¬1). 28 - باب مَا قِيلَ فِى الصَّوَّاغِ وَقَالَ طَاوُسٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا». وَقَالَ الْعَبَّاسُ إِلاَّ الإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ، فَقَالَ «إِلاَّ الإِذْخِرَ». تحفة 5748 ل 2089 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَلِىُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِىٍّ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - قَالَ كَانَتْ ¬

_ (¬1) وفي البخاري، في باب القسامة، عن ابن عباس: "إن الذين حَلَفُوا كاذبين، لم يَحِلْ عليهم حَوْلٌ إلَّا وقد هَلَكُوا جميعًا". فراجعه.

29 - باب ذكر القين والحداد

لِى شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِى مِنَ الْمَغْنَمِ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَانِى شَارِفًا مِنَ الْخُمْسِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِىَ بِفَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاعَدْتُ رَجُلاً صَوَّاغًا مِنْ بَنِى قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِى فَنَأْتِىَ بِإِذْخِرٍ أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ مِنَ الصَّوَّاغِينَ، وَأَسْتَعِينَ بِهِ فِى وَلِيمَةِ عُرُسِى. أطرافه 2375، 3091، 4003، 5793 - تحفة 10069 - 79/ 3 2090 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِى، وَلاَ لأَحَدٍ بَعْدِى، وَإِنَّمَا حَلَّتْ لِى سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلاَ يُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلاَّ لِمُعَرِّفٍ». وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلاَّ الإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَلِسُقُفِ بُيُوتِنَا. فَقَالَ «إِلاَّ الإِذْخِرَ». فَقَالَ عِكْرِمَةُ هَلْ تَدْرِى مَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا هُوَ أَنْ تُنَحِّيَهُ مِنَ الظِّلِّ، وَتَنْزِلَ مَكَانَهُ. قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ خَالِدٍ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا. أطرافه 1349، 1587، 1833، 1834، 2433، 2783، 2825، 3077، 3189، 4313 - تحفة 6061 29 - باب ذِكْرِ الْقَيْنِ وَالْحَدَّادِ 2091 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ كُنْتُ قَيْنًا فِى الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ لِى عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ قَالَ لاَ أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. فَقُلْتُ لاَ أَكْفُرُ حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ، ثُمَّ تُبْعَثَ. قَالَ دَعْنِى حَتَّى أَمُوتَ وَأُبْعَثَ، فَسَأُوتَى مَالاً وَوَلَدًا فَأَقْضِيَكَ فَنَزَلَتْ {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78)} [مريم: 77 - 78]. أطرافه 2275، 2425، 4732، 4733، 4734، 4735 - تحفة 3520 30 - باب ذِكْرِ الْخَيَّاطِ 2092 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ، فَقَرَّبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خُبْزًا وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ، فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَىِ الْقَصْعَةِ - قَالَ - فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ. أطرافه 5379، 5420، 5433، 5435، 5436، 5437، 5439 - تحفة 198 31 - باب ذِكْرِ النَّسَّاجِ 2093 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ

32 - باب النجار

سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ بِبُرْدَةٍ - قَالَ أَتَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ فَقِيلَ لَهُ نَعَمْ، هِىَ الشَّمْلَةُ، مَنْسُوجٌ فِى حَاشِيَتِهَا - قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى نَسَجْتُ هَذِهِ بِيَدِى أَكْسُوكَهَا. فَأَخَذَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُحْتَاجًا إِلَيْهَا. فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْسُنِيهَا، فَقَالَ «نَعَمْ». فَجَلَسَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمَجْلِسِ، ثُمَّ رَجَعَ فَطَوَاهَا، ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ مَا أَحْسَنْتَ، سَأَلْتَهَا إِيَّاهُ، لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لاَ يَرُدُّ سَائِلاً. فَقَالَ الرَّجُلُ وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ إِلاَّ لِتَكُونَ كَفَنِى يَوْمَ أَمُوتُ. قَالَ سَهْلٌ فَكَانَتْ كَفَنَهُ. أطرافه 1277، 5810، 6036 - تحفة 4783 - 80/ 3 32 - باب النَّجَّارِ 2094 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ أَتَى رِجَالٌ إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْمِنْبَرِ فَقَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى فُلاَنَةَ - امْرَأَةٍ قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ - «أَنْ مُرِى غُلاَمَكِ النَّجَّارَ، يَعْمَلُ لِى أَعْوَادًا أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ». فَأَمَرَتْهُ يَعْمَلُهَا مِنْ طَرْفَاءِ الْغَابَةِ ثُمَّ جَاءَ بِهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِهَا، فَأَمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ. أطرافه 377، 448، 917، 2569 - تحفة 4711 2095 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ أَجْعَلُ لَكَ شَيْئًا تَقْعُدُ عَلَيْهِ فَإِنَّ لِى غُلاَمًا نَجَّارًا. قَالَ «إِنْ شِئْتِ». قَالَ فَعَمِلَتْ لَهُ الْمِنْبَرَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ قَعَدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ الَّذِى صُنِعَ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ الَّتِى كَانَ يَخْطُبُ عِنْدَهَا حَتَّى كَادَتْ أَنْ تَنْشَقَّ، فَنَزَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَخَذَهَا فَضَمَّهَا إِلَيْهِ، فَجَعَلَتْ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِىِّ الَّذِى يُسَكَّتُ حَتَّى اسْتَقَرَّتْ. قَالَ «بَكَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ». أطرافه 449، 918، 3584، 3585 - تحفة 2215 لمَّا دَخَلَ المصنِّفُ في بيان الصنائع والحِرَف، ذكر النَّجَّار، والصَّوَّاغ، والنَّسَّاج (جولاها)، وأمثالهم. ثم قيل: إن القَيْن: من يَصْنَعُ السيفَ خاصةً، والحَدَّاد عام. 2095 - قوله: (فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ)، وهي الحنَّانَة عندي، على ما تبيَّن من الروايات. 33 - باب شِرَاءِ الْحَوَائِجِ بِنَفْسِهِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - اشْتَرَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - جَمَلاً مِنْ عُمَرَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - جَاءَ مُشْرِكٌ بِغَنَمٍ، فَاشْتَرَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُ شَاةً. وَاشْتَرَى مِنْ جَابِرٍ بَعِيرًا. 2096 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ،

34 - باب شراء الدواب والحمير، وإذا اشترى دابة أو جملا وهو عليه، هل يكون ذلك قبضا قبل أن ينزل

عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ يَهُودِىٍّ طَعَامًا بِنَسِيئَةٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ. أطرافه 2068، 2200، 2251، 2252، 2386، 2509، 2513، 2916، 4467 تحفة 15948 - 81/ 3 يعني أن العظيمَ إذا باشر البيوعَ بنفسه. لم يُوجِب ذلك فيه نَقْصًا. 34 - باب شِرَاءِ الدَّوَابِّ وَالْحَمِيرِ، وَإِذَا اشْتَرَى دَابَّةً أَوْ جَمَلاً وَهُوَ عَلَيْهِ، هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعُمَرَ «بِعْنِيهِ». يَعْنِى جَمَلاً صَعْبًا. 2097 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزَاةٍ، فَأَبْطَأَ بِى جَمَلِى وَأَعْيَا، فَأَتَى عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «جَابِرٌ». فَقُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «مَا شَأْنُكَ». قُلْتُ أَبْطَأَ عَلَىَّ جَمَلِى وَأَعْيَا، فَتَخَلَّفْتُ. فَنَزَلَ يَحْجُنُهُ بِمِحْجَنِهِ، ثُمَّ قَالَ «ارْكَبْ». فَرَكِبْتُ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ أَكُفُّهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَزَوَّجْتَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا». قُلْتُ بَلْ ثَيِّبًا. قَالَ «أَفَلاَ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ». قُلْتُ إِنَّ لِى أَخَوَاتٍ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تَجْمَعُهُنَّ، وَتَمْشُطُهُنَّ، وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ. قَالَ «أَمَّا إِنَّكَ قَادِمٌ، فَإِذَا قَدِمْتَ فَالْكَيْسَ الْكَيْسَ». ثُمَّ قَالَ «أَتَبِيعُ جَمَلَكَ». قُلْتُ نَعَمْ. فَاشْتَرَاهُ مِنِّى بِأُوقِيَّةٍ، ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلِى، وَقَدِمْتُ بِالْغَدَاةِ، فَجِئْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ، فَوَجَدْتُهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، قَالَ «الآنَ قَدِمْتَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «فَدَعْ جَمَلَكَ، فَادْخُلْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ». فَدَخَلْتُ فَصَلَّيْتُ، فَأَمَرَ بِلاَلاً أَنْ يَزِنَ لَهُ أُوقِيَّةً. فَوَزَنَ لِى بِلاَلٌ، فَأَرْجَحَ فِى الْمِيزَانِ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى وَلَّيْتُ فَقَالَ «ادْعُ لِى جَابِرًا». قُلْتُ الآنَ يَرُدُّ عَلَىَّ الْجَمَلَ، وَلَمْ يَكُنْ شَىْءٌ أَبْغَضَ إِلَىَّ مِنْهُ. قَالَ «خُذْ جَمَلَكَ وَلَكَ ثَمَنُهُ». أطرافه 443، 1801، 2309، 2385، 2394، 2406، 2470، 2603، 2604، 2718، 2861، 2967، 3087، 3089، 3090، 4052، 5079، 5080، 5243، 5244، 5245، 5246، 5247، 5367، 6387 - تحفة 3127 واعلم أن المُصَنِّفَ سمَّى الدَّوَابَّ، والحمير، ولعلَّه أراد المنقولات مطلقًا. وإلا، فلا نَفْهَمُ فيه معنىً آخر. وسمَّى الجمل تَبَعًا للحديث. ثم انتقل إلى مسألةٍ أخرى، وهي أنه هل يُشْتَرط التَّخْلِيَة للقبض أو لا؟ وأشار إلى جوابه بما أخرج عن ابن عمر، ولم يَذْكُر صورة الجواب على عادته من ذِكْرِ مادته بدون الإِفصاح به. وحديث ابن عمر المُفَصَّل يَجِيءُ عنده في: «الصحيح»، وفيه: «فباعه من رسول الله صلى الله عليه وسلّم (فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم) هو لك يا عبد الله بن عمر، تَصْنَعُ به ما شِئْتَ». اهـ. فاعلم أولا أن القبضَ في المنقولات لا يتحقَّق عند الشافعية إلا بالنقل والتحويل، وعندنا بالتَّخْلِيَة بينه وبين المشتري. أمَّا إن التَّخْلِيَة ماذا هي؟ فهذا ممَّا لا يَكَادُ يَنْضَبِطُ إلا بعد النظر إلى الجزئيات شيئًا. ومعناها عندي: رفع علائق مِلْكِهِ، وتمكينه للمشتري على أن يَقْبِضَهُ، وذلك قد يكون بالفعل، وأخرى بالقول، وتارةً بالقرائن. وشُرِط في «أجناس الناطفي»، أن يقولَ باللسان: خَلَّيْتُ بينه وبينك، وغير ذلك مما يُؤَدِّي

مؤدَّاه. وليس بضروريًّ عندي، وهذا الشرط لم أَرَهُ عند غيره. ولنَذْكُر لك جزئيات ليتبيَّن لك الحالُ على جَلِيَّتِهِ، قالوا: إنه لو باع فرسًا في الصحراء، فإن كان المشتري يستطيع أن يَقْبِضَهُ بدون إعانة غيره، تحقَّق القبض. فكأنهم نظروا فيه إلى المُكْنَة فقط، ورَأَوْهَا كالقبض. وقالوا: إنه لو باع دارًا أو صندوقًا، وسَلَّم مفاتيحه، فهو قَبْضٌ. وبالجملة إن القبضَ في البيع والهِبَة والرَّهْن يتحقَّقُ عندنا بالتَّخْلِيَةِ، والمُكْنَةِ على القبض، ولا يحتاج إلى القبض الحِسِّيِّ والنقل. وأمَّا عند البخاري، فلا يُشْتَرَطُ عنده هذا ولا ذاك. بل القبض عنده أعمُّ منهما، بأن المشتري لو أراده لم يَمْنَعْ عنه البائع، وإن بقيَ المبيع مشغولا بقبضه في الحالة الراهنة. فكأنَّ القبضَ يَحْصُل عنده بمجرد الإِيجاب والقَبُول، ولا يحتاج بعد ذلك إلى أمرٍ آخر يُسَمَّى قبضًا. لا أقول: إنه عَيْنُهما، بل إنه قريبٌ منه. فأضيقُ المذاهب فيه: مذهبُ الشافعي، وأوسعُها: مذهبُ البخاريِّ، ونحن في الوسط. ثم إن التصرُّفَ قبل القبض لا يجوز عند الشيخين في المنقولات، وأمَّا عند محمد فمطلقًا. إذا عَلِمْتَ هذا، فاعلم أنه يُعْلَمُ من تراجم البخاريِّ أنَّ القبضَ عنده لا يحتاج إلى التَّخْلِيَةِ، ولا إلى النقل. وأن تصرَّف المشتري يَصِحُّ عنده، قبل قبض المبيع، لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم اشترى بعيرًا من عمر، ولم يُوجَدْ منه القبض، بمعنى النقل، ولا بمعنى رفع العلائق والتمكين، فإنَّ ابن البائع كان راكبًا عليه، فأين التَّخْلِيَة؟ ثم النبيُّ صلى الله عليه وسلّم لمَّا وَهَبَهُ إياه، وُجِدَ التصرُّف منه في المبيع قبل القبض وحُوسِبَت قبضته الأولى عن القبض من جهة الهبة، ولم يَفْتَقِرْ لتماميتها إلى قبضٍ جديد. فكلُّ ذلك توسعات محتملة عند المصنِّف، واستدلَّ له المصنِّف من قصّة جابر - في السنة الرابعة - الشهيرة بليلة البعير، ولا تمسُّكَ له فيها، لأنه كان ترك الجمل عند باب المسجد، فيُعَدُّ ذلك تَخْلِيَةً منه. والجواب: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يُرِدْ بذلك بيعًا، ولا شراءً، وإنما أراد أن يَمُنَّ عليه (¬1)، فاختار صورة البيع فقط. وإذن لا حاجةَ إلى حَمْلِهِ على البيع حقيقةً، والنظرِ إلى استيفاء شرائطه. 2097 - قوله: (فَأَمَرَ بلالا أن يَزِنَ لي أُوقِيَّةً)، وفي بيان الثمن اختلافٌ كثيرٌ، وكذا في أن ¬

_ (¬1) ذكر الإِسماعيلي كما في "المواهب اللطيفة": أنه صلَّى الله عليه وسلَّم أراد أن يَبَرَّ جابرًا على وجهٍ لا يَحْصُلُ لغيره طمعٌ في مثله، فبايعه في جمله، على اسم البيع ليتوفَّر عليه بِرّه، ويُبْقي عليه البعير قائمًا على مِلْكِهِ، فيكون ذلك أهنأ لمعروفه. ومما يدلك على أنه لم يُرِدْ بيعًا ولا شِرَاءً ما أخرجه الطَّحَاويُّ كما في "المعتصر": "أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال فيه: أيا جابر تبيعني نَاضِحك هذا إذا قدمنا المدينة بدينار، والله يغفر لك؟ قلت: يا رسول الله إذا قدمنا المدينة فهو ناضحك، قال: فبِعْنِيهِ بدينارين، والله يَغْفِرُ لك؟ فما زال يزيدني، ويقول: مع كلِّ دينارٍ: والله يَغْفِرُ لك، حتى بَلَغَ عشرين دينارًا". وفي روايةٍ أخرى عنده، قال: "بعني جَمَلَكَ هذا، قلتُ: لا، بل هو لك. قال: بل بِعْنِيهِ، قلت: لا، بل هو لك يا رسول الله. قال: بل بِعْنِيهِ، قلت: فإن لرجل عليَّ أُوقِيَّة من ذهب، فهو لك بها. قال: قد أخذته. قال: فتَبلُغُ عليه إلى المدينة، فلما قَدِمْتُ. المدينةَ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبلالٍ: أَعطِهِ أُوقِيَّةً من ذهب، وزِدْهُ. فأعطاني أُوقِيَّةً من ذهب، وزادني قيرَاطًا. قلت: لا تُفَارِقُنِي زيادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبدًا، قال: فكان في كيسٍ لي، فأخذه أهل الشام يوم الحَرَّة".

35 - باب الأسواق التى كانت فى الجاهلية، فتبايع بها الناس فى الإسلام

جابرًا هل اشترط ظَهْرَهُ إلى المدينة، أم لا؟ فإن قُلْنَا: إنه اشترط ظَهْرَهُ، فهذا شرطٌ مُفْسِدٌ للبيع، كيف وفيه منفعةٌ لأحد العَاقِدَيْنِ، وذا لا يَجُوزُ على أصلنا. والجواب أن الشَّرْطَ لم يَكُنْ في صُلْب العقد، ولكنه استعار منه بعد تمامية العقد، وفي مثل ذلك لا تُتَّبَعُ ألفاظ الرواة، فإنهم يُقَدِّمُون، ويُؤَخِّرُون. وإنما همُّهم في سَرْدِ القصة دون أنظار الفقهاء ليُرَاعُوها في تعبيراتهم، وإنما أرادوا أن يَذْكُرُوا بيان ما اشتملت عليه تلك الليلة على شاكلة القصة بدون مراعاة شرائط البيع. وغير ذلك. على أنك قد عَلِمْتَ أنه لم يكن هناك بَيْعٌ ولا شِرَاءٌ، ونحوه. أقول في ليلة المِعْرَاج: إنه لم يكن هناك نَسْخٌ من الخمسين إلى الخمس، كما فَهِمُوه، بل كان طريقَ بيانٍ للمُرَادِ، وإلقائه بدفعات، ليكونَ أوقعَ في النفس، وأحظى للضيف. وقد قرَّرناه سابقًا، ويجيء الحديث في «الصحيح»، مع إيضاح بيانٍ. 35 - باب الأَسْوَاقِ الَّتِى كَانَتْ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، فَتَبَايَعَ بِهَا النَّاسُ فِى الإِسْلاَمِ 2098 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَتْ عُكَاظٌ وَمَجَنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ أَسْوَاقًا فِى الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الإِسْلاَمُ تَأَثَّمُوا مِنَ التِّجَارَةِ فِيهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} [البقرة: 198] فِى مَوَاسِمِ الْحَجِّ، قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَذَا. أطرافه 1770، 2050، 4519 - تحفة 6304 - 82/ 3 36 - باب شِرَاءِ الإِبِلِ الْهِيمِ، أَوِ الأَجْرَبِ الْهَائِمُ: الْمُخَالِفُ لِلْقَصْدِ فِى كُلِّ شَىْءٍ. 2099 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو كَانَ هَا هُنَا رَجُلٌ اسْمُهُ نَوَّاسٌ، وَكَانَتْ عِنْدَهُ إِبِلٌ هِيمٌ، فَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - فَاشْتَرَى تِلْكَ الإِبِلَ مِنْ شَرِيكٍ لَهُ، فَجَاءَ إِلَيْهِ شَرِيكُهُ فَقَالَ بِعْنَا تِلْكَ الإِبِلَ. فَقَالَ مِمَّنْ بِعْتَهَا قَالَ مِنْ شَيْخٍ، كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ وَيْحَكَ ذَاكَ - وَاللَّهِ - ابْنُ عُمَرَ. فَجَاءَهُ فَقَالَ إِنَّ شَرِيكِى بَاعَكَ إِبِلاً هِيمًا، وَلَمْ يَعْرِفْكَ. قَالَ فَاسْتَقْهَا. قَالَ فَلَمَّا ذَهَبَ يَسْتَاقُهَا فَقَالَ دَعْهَا، رَضِينَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ عَدْوَى. سَمِعَ سُفْيَانُ عَمْرًا. أطرافه 2858، 5093، 5094، 5753، 5772 - تحفة 7356 قوله: (المُخَالِفُ للقصد في كُلِّ شيءٍ) أي الذي يَخْبِطُ في مَشْيِهِ، فهذا عيبٌ. وغرضُ المصنِّف: أن المشتري إذا رَضِيَ بالعيب بعد ما اشتراه، ولم يكن رآه، فله ذلك، وإن بدا له أن يَرُدَّهُ على البائع، فله ذلك أيضًا. 37 - باب بَيْعِ السِّلاَحِ فِى الْفِتْنَةِ وَغَيْرِهَا وَكَرِهَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ بَيْعَهُ فِي الْفِتْنَةِ.

38 - باب فى العطار وبيع المسك

2100 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَفْلَحَ عَنْ أَبِى مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ حُنَيْنٍ، فَأَعْطَاهُ - يَعْنِى دِرْعًا - فَبِعْتُ الدِّرْعَ، فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِى بَنِى سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِى الإِسْلاَمِ. أطرافه 3142، 4321، 4322، 7170 - تحفة 12132 ولا بأسَ به إذا لم يَكُنْ حَرْبٌ، ولم يُوجِبْ إعانتهم، وإلَّا فلا يجوز. 38 - بابٌ فِى الْعَطَّارِ وَبَيْعِ الْمِسْكِ 2101 - حَدَّثَنِى مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ أَبِى مُوسَى عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ، وَكِيرِ الْحَدَّادِ، لاَ يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ، أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وَكِيرُ الْحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً». طرفه 5534 - تحفة 9059 وذكر المصنِّفُ فيه تمثيلا غريبًا من صاحب النبوة. وأَمْعِنْ النظر فيه، فإني لم أَرَ من البشر أحدًا أعجب تمثيلا من الأنبياء عليهم السلام، فإنه يكون أَوْفَى بالمعاني، وأَقُرَبَ إلى الواقع، وأدلَّ على المراد، وأحلى للعين والسمع، ومن لا يُرَاعِيه يَظُنُّهُ كسائر التمثيلات. وراجع «القاموس» للفرق بين السَّوْء والسُّوء. ثم «الكِير» (بهتى)، «والكور» (دهونكنى). 39 - بابُ ذِكْرِ الْحَجَّامِ 2102 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا مِنْ خَرَاجِهِ. أطرافه 2210، 2277، 2280، 2281، 5696 - تحفة 735 2103 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ - هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ - حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ احْتَجَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَعْطَى الَّذِى حَجَمَهُ، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُعْطِهِ. أطرافه 1835، 1938، 1939، 2278، 2279، 5691، 5694، 5695، 5699، 5700، 5701 - تحفة 6051 - 83/ 3 2102 - قوله: (يُخَفِّفُوا من خَرَاجِهِ) أي خَرَاج الرؤوس، وهو ما وظَّفَه عليه مولاه أن يَكْتَسِبَ، ويُؤَدِّي إليه من دراهم كذا، لا خَرَاج الأراضي. 40 - باب التِّجَارَةِ فِيمَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ 2104 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَرْسَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى عُمَرَ - رضى الله عنه - بِحُلَّةِ حَرِيرٍ - أَوْ

41 - باب صاحب السلعة أحق بالسوم

سِيرَاءَ - فَرَآهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ «إِنِّى لَمْ أُرْسِلْ بِهَا إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا، إِنَّمَا يَلْبَسُهَا مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ، إِنَّمَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ لِتَسْتَمْتِعَ بِهَا». يَعْنِى تَبِيعُهَا. أطرافه 886، 948، 2612، 2619، 3054، 5841، 5981، 6081 - تحفة 7037 2105 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ عَلَى الْبَابِ، فَلَمْ يَدْخُلْهُ، فَعَرَفْتُ فِى وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مَاذَا أَذْنَبْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ». قُلْتُ اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ». وَقَالَ «إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِى فِيهِ الصُّوَرُ لاَ تَدْخُلُهُ الْمَلاَئِكَةُ». أطرافه 3224، 5181، 5957، 5961، 7557 - تحفة 17559 واعلم أن البيعَ عندنا يَسْتَدْعِي قيام المِلْك دون حِلّ الانتفاع، فمن باع ما لا يجوز لُبْسُهُ للرجال جاز له بيعه، وإن لم يَجُزْ له لُبْسُهُ، وإنما يَنْظُرُ فيه المشتري، أنه هل يجوز له أو لا. 2105 - قوله: (اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً) - (تكيه يا كدا)، وفي لفظٍ: «قِرام سِتْرٍ»، كما في كتاب اللباس. ثم اعلم أن التصاوير إذا كانت مقطوعة الرأس، فصارت كالشجرة، أو مُمْتَهَنَةً، أو صغيرةً جدًا بحيث لا تبدو للناظر (¬1)، جازت أن تكونَ في البيوت. أمَّا إنها تَمْنَعُ دخول الملائكة، أو لا؟ فذلك بحثٌ آخر. ولعلَّهم لا يَدْخُلُونها مع جوازها، لأن لهم مُنَافَرَةً طبيعيةً منها، فجوازها لا يُوجبُ عليهم دخولها أيضًا، فهؤلاء على شرعهم، وهؤلاء على طَبْعِهِمْ. قوله: (أَحْيُوا ما خَلَفْتُمْ). كان الكلام في الثوب المُصَوَّر، إلا أنه انتقل منه إلى فِعْل التصوير، وذلك الفعل حرامٌ مطلقًا. وهذا هو الصنع في أحاديث الفاتحة، حيث كان الكلام في المقتدي، ثم انتقل منه إلى الجنس. وكذا في قوله: «لا صَامَ من صَامَ الدَّهْرَ»، ثم ذكر بعده فضيلته. وهكذا في حديث النهي عن البُصَاق في المسجد، وأن كفارتها دفنها. كان الحديث في أحكام المسجد، ثم انتقل إلى أحكام البُصاق في الصلاة، فاختلف في شرحه النووي، والقاضي عِيَاض، وراجع «شرح مسلم» للنووي، وقد قرَّرْنا كلَّ ذلك من قبل. 41 - باب صَاحِبُ السِّلْعَةِ أَحَقُّ بِالسَّوْمِ 2106 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا بَنِى النَّجَّارِ ثَامِنُونِى بِحَائِطِكُمْ». وَفِيهِ خِرَبٌ وَنَخْلٌ. أطرافه 234، 428، 429، 1868، 2771، 2774، 2779، 3932 - تحفة 1691 ¬

_ (¬1) ولعلّ المراد ما سمعته من حَضْرة الشيخ نفسه رحمه الله، بأن لا تتميَّز أعضاؤه لمن ينظر إليه قائمًا، وهو على الأرض -البنوري-.

42 - باب كم يجوز الخيار

42 - باب كَمْ يَجُوزُ الْخِيَارُ 2107 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ نَافِعًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِالْخِيَارِ فِى بَيْعِهِمَا، مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَكُونُ الْبَيْعُ خِيَارًا». قَالَ نَافِعٌ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ فَارَقَ صَاحِبَهُ. أطرافه 2109، 2111، 2112، 2113، 2116 - تحفة 8522 2108 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْخَلِيلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا». وَزَادَ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا بَهْزٌ قَالَ قَالَ هَمَّامٌ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لأَبِى التَّيَّاحِ فَقَالَ كُنْتُ مَعَ أَبِى الْخَلِيلِ لَمَّا حَدَّثَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بِهَذَا الْحَدِيثِ أطرافه 2079، 2082، 2110، 2114 - تحفة 3427 - 84/ 3 وقد كان يَحْظُرُ بالبال أن في تراجمه سوءَ ترتيبٍ، فإنه قد تعرَّض إلى كيفيات الخِيَار قبل تقرُّر حقيقته. والذي يَتَبَادَرُ إلى الذهن أن يُتَرْجِمَ أولا على نفس الخيار ثم إلى سائر كيفياته. وتبيَّن آخِرًا أن المصنِّفَ جعل الخِيَارَ في البيع أصلا، وعدمه تَبَعًا على خلاف نظر الحنفية. فإذا كان الخِيَار عنده أصلا، لم يَرَ حاجة إلى تقديمه، لكونه مفروغًا منه عنده، ودخل في فروعه. 2107 - قوله: (إن المُتَبَايِعَيْنِ بالخِيَار في بَيْعِهِمَا ما لم يتفرَّقا، أو يكون البيعُ خِيَارًا)، وفي لفظَ: (أو يقول أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اخْتَرْ، وربما قال: أو يكونُ بيعَ خِيَارٍ)، اعلم أن الخِيَارَ عندنا: إمَّا خيار الشرط، أو الرؤية، أو العَيْب، أو خيار القَبُول. ولا عِدَةَ بخِيَار المَجْلِس، وهو مذهب مالك، واعتبر به الشَّافِعيَّة، وأحمد، وقالوا: إن للعَاقِدَيْن خِيَارًا بعد الإِيجاب والقَبُول أيضًا يُسَمَّى بخِيَار المَجْلِس. وذا يَقْتَصِرُ على المَجْلِس فقط، فكلٌّ منهما في مُكْنَةٍ بين فَسْخ البيع وإمضائه، ما داما في المَجْلِس، فإذا تفرَّقا عنه لم يَبْقَ لهما هذا الخِيَار، وتحتَّم البيع. وقال الحنفيةُ: إن البيعَ يَتِمُّ بالإِيجاب والقَبُول، فإذا فَرَغَا منه لم يَبْقَ لهما خيارٌ لزوميٌّ في الرَّدِّ والقَبُول، إلا أن يكونا شَرَطَا الخيار. ثم قال الشافعيةُ: إن خِيَار المَجْلِسِ ينتهي بقول أحدهما للآخر: اخْتَرْ، فإذا قال أحدهما للآخر: اخْتَرْ، وقال له الآخر: اخْتَرْتُ، تمَّ العقدُ، وانتهى الخِيَار الذي كان لهما في المَجْلِسِ، عند القائل به، ولم يَبْقَ لهما بعد ذلك خِيَارٌ تفرَّقا عن المجلس، أو لا، إلا أن يكونا شَرَطَا خِيَارَ الشرط. فحينئذٍ يبقى الخِيَارُ بعد المَجْلِس أيضًا. فالحاصل أن القول: «اخْتَرْ اخْتَرْ» لقصر الخيار الممتدّ إلى المَجْلِسِ، وشَرْطِ الخِيَار لامتداده إلى ما وراء المَجْلِسِ أيضًا. وبهذا تبيَّن شرح الحديث: فإن حملنا قوله: «أو يكون البيع خِيَارًا» على خِيَارِ الشرط يكون لامتداده إلى ما وراء المَجْلِسِ. وإن أردنا منه القول: «اختر»، فهو لقصره في المَجْلِسِ. قلتُ: والظاهر من قوله: «أو يكون البيع خِيَارًا»: هو خِيَار الشرط، كما في اللفظ الآخر:

«أو يكون بيعَ خِيَارٍ» بالإِضافة، فإنه يَدُلُّ على التنويع، وحملُه على القول: «اخْتَرْ اخْتَرْ»، ركيكٌ. ولمَّا ورد هذا القول أيضًا في بعض الروايات، وَجَبَ علينا أن نتكلَّم عليه. فاعلم أنهم افْتَرَقُوا في شرح الحديث على فِرْقَتَيْنِ: فقال الشافعيةُ: إن المراد من التفرُّق هو التفرُّق بالأبدان، فهما على خِيَارهما قبل التفرُّق بالأبدان، وإن كانا فَرَغَا عن منطق الإِيجاب والقَبُول. ثم إن هذا الخِيَار إمَّا ينتهي ب-: «اخْتَرْ اخْتَرْ»، أو يمتدُّ إلى ما وراء المَجْلِسِ حسبما اقتضى كلامهما. وقال محمد منَّا: هذا على الافتراق بالأقوال، فإذا قال البائعُ: قد بِعْتُ منك، وقال المشتري: قد قَبِلْتُ، فقد تفرَّقا، وانقطع خِيَارُهُما. لأن الذي كان لهما من الخِيَارِ: هو ما كان للبائع أن يُبْطِلَ قوله للمشتري: وقد بِعْتُكَ هذا العبد بألف درهمٍ، قبل قَبُول المشتري، فإذا قَبِلَ المشتري، فقد تفرَّق هو والبائع، وانقطع الخيارُ. فهذا كما ذكر الله عز وجل في الطلاق {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء: 130]، فكأنّ الزوجَ إذا قال للمرأة: قد طَلَّقْتُكِ على كذا وكذا، فقالت المرأة: قد قَبِلْتُ، فقد بانت، وتفرَّقا بذلك القول، وإن لم يتفرَّقا بأبدانهما. فكذلك إذا قال الرجل للرجل: قد بعتك عبدي هذا بألف درهم، فقال المشتري قد قبلتُ، فقد تفرّقا بذلك القول، وإن لم يتفرّقا بأبدانهما، كذا ذكره الطَّحَاوِيُّ. ونظيره قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103] أي التفرُّق عن الكلمة، وفي الكُتُب: افترقوا عن كلمةٍ واحدةٍ. قلتُ: والأَوْلَى عندي أن يُقَال: إن المراد من التفرُّق هو التفرُّق بالأبدان، كما هو عندهم، لكنه كِنَايةٌ عن التفرُّق بالأول، والفراغ عن العقد، لأنهما بعد فراغهما عن العقد في مُكْنَةٍ من التفرُّق بالأبدان، فالتفرُّق بالأبدان مُكَنَّى به، والتفرُّق بالأقوال مُكَنَّى عنه. وقد مرَّ منا عن قريبٍ: أن اللفظ في الكناية لا يَخْرُجُ عن المعنى الموضوع له، وإن كان الغرضُ في لوازمه، وروادفه. وإن شِئْتَ قُلْتَ: إن التفرُّقَ بالأبدان عنوانٌ للتفرُّق بالأقوال، وصادق عليه صدق العنوان على المُعَنْوَن. وبالجملة إذا كان التفرُّقُ كنايةً عن الفراغ، لم يَبْقَ فيه بُعْدُ لغةٍ أيضًا، ومن ههنا تبيَّن سرُّ تعبير الفراغ عن التفرُّق في القرآن أيضًا. ثم إن ما ذكره الطَّحَاويُّ في تقرير كلام محمد هو الصواب عندي، وإليه تُرْشِدُ عبارته في «موطئه». فما فَهِمَهُ ملا الهداد في «حاشية الهداية» صوابٌ، وأمَّا ما ذَكَرَهُ ابن الهُمَام في «شرحه»، فبعيدٌ عندي. فإنه حمل التفرُّق بالأقوال على تفريقهما في الصَّفْقَة، فيقول هذا شيئًا، وهذا شيئًا، نحو إن قال البائع: بِعْتُه بمئة، وادَّعَى المشتري أنه باعه بخمسين مثلا، فهذا هو التفرُّق المَعْنِي في الحديث عنده. وإنما حمل الشيخ ابن الهُمَام على المعنى المذكور، لِمَا اشتهر عن محمد: أن التفرُّقَ عنده على التفرُّق بالأقوال، فَحَمَلَهُ على الاختلاف في الأقوال، وليس بصوابٍ، فإن محمدًا لم يُرِدْ من التفرُّق بالأقوال ما فَهِمَهُ، فالصواب ما فَهِمَهُ ملا الهداد.

وبالجملة ليس مدلول العبارة عند محمد أيضًا إلا التفرُّق بالأبدان، إلا أن مناط الحكم عنده هو فراغهم عن الإِيجاب والقَبُول، وهذا هو الذي عَنَاه من التفرُّق بالأقوال، لا كما فَهِمَه ابن الهُمَام: أنه عبارةٌ عن عدم ارتباط الإِيجاب والقَبُول. وقال عيسى بن أَبَان: الفُرْقَةُ التي تَقْطَعُ الخِيَارَ المذكور في هذه الآثار هي الفُرْقَةُ بالأبدان، وذلك لأن الرجلَ إذا قال للرجلِ: قد بِعْتُكَ عبدي هذا بألف درهم، فللمُخَاطَبِ بذلك القول أن يَقْبَلَ ما لم يُفَارِقْ صاحبه، فإذا افترقا لم يكن له بعد ذلك أن يَقْبَلَ. قال: ولولا أن هذا الحديث جاء، ما عَلِمْنَا ما يَقْطَعُ ما للمُخَاطَب من قَبُول المخاطبة التي خاطبه بها صاحبه، وأَوْجَبَ له بها البيع. فلمَّا جاء هذا الحديث، عَلِمْنَا أن افتراقَ أبدانهما بعد المخاطبة بالبيع يَقْطَعُ قَبُول تلك المخاطبة. وقد رُوِيَ هذا التفسير عن أبي يوسف، كذا في الطحاويِّ. فالفُرْقَةُ على هذا التقدير هي الفُرْقَةُ بالأبدان، كما قال الشافعيةُ، إلا أنهم أرادوا من الخِيَار خِيَارَ المَجْلِسِ، وأراد منه أبو يوسف خِيَارَ القَبُول. وقد عَلِمْنَا من كلامه كلِّيَّةً، وهي: أن المَجْلِسَ جامعٌ للمتفرِّقات، فهما على خِيَارٍ بين القَبُول والرَّدِّ، وزيادة الثمن ونُقْصَانِهِ ما دام المَجْلِسُ باقيًا، فإذا تفرَّقا عن المَجْلِسِ انقطع الخيارُ، وتمَّ البيعُ. ولا يَرْتَبِطُ بعد المَجْلِسِ قَبُولُه من إيجابه، بل يحتاج إلى إيجابٍ مُسْتَأْنفٍ، بخلافه في المَجْلِسِ، فإن القَبُولَ يَرْتَبِطُ مع الإِيجاب، وما ذاك إلا لكون المَجْلِسَ جامعًا للمتفرِّقات. وحينئذٍ شرح قوله: أو «يَخْتَارَا» أي يَخْتَارَا البيعَ بالإِيجاب والقَبُول، فحينئذٍ يتمُّ العقدُ؛ ولا يبقى له خيارُ القَبُول في المَجْلِسِ أيضًا. ومعنى قوله: «إلا أن يكون بيعَ خِيَارٍ»، أي فحينئذٍ يمتدُّ خِيَارُه إلى ما وراء المَجْلِسِ، ولا ينتهي بالإِيجاب والقَبُول. ولولا هذا الشرط لانتهى بعد القَبُول، وتمَّ العقدُ بتًا. فتحصَّل من المجموع ثلاثة شروح: شرحٌ للحجازيين وشرحٌ لمحمد، وشرحٌ لأبي يوسف، وتبيَّن في ضِمْنِه الجواب عن الحديث أيضًا. ومحصَّل الخلاف بيننا وبين الشافعيِّ: أن الخِيَارَ عنده بعد اختتام الإِيجاب والقَبُول، يبقى إلى المَجْلِسِ، وهو عندنا في نفس الإِيجاب والقَبُول، لا بعدهما. وقال فاضلٌ من الحنفية في شرح الحديث بجميع ما قاله الشافعيةُ، إلا أنه حَمَل خِيَارَ المَجْلِسِ على الاستحباب، لا على الوجوب. فإذا كان المَجْلِسُ باقيًا، وأراد المشتري أن يَرُدَّ على البائع بَيْعَهُ، يُسْتَحَبُّ له أن يَرُدَّه، فإن الإِقالةَ مُسْتَحَبَّةٌ في الأحوال كلِّها، فلا مخالفة فيه للمذهب. وحينئذٍ لا خلافَ بيننا وبين الشافعية، إلا أنهم أخذوا هذا الخِيَار على الوجوب، وحَمَلْنَاهُ على الاستحباب (¬1). ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد تكلَّم الطَّحَاويُّ على الحديث المذكور في "معاني الآثار"، وأضبط منه في "مشكل الآثار". وأنا آتيكَ ببعضٍ منه، كما في "المعتصر"، عن جابر بن عبد الله أنه قال: "اشترى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من أعرابي -قال: حَسِبْتُ أن أبا الزُّبَيْر قال: من عاصم بن صَعْصَعَة- حملَ قَرَظٍ، أو حمل خبط، فلمَّا وَجَبَ له، قال النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: اختر. قال الأعرابيُّ: إن رأيتُ مثل اليوم قط بيعًا خُيِّرَ بائِعُه، ممن أنت؟ قال: من قريش. في قوله: "اختر" دليلٌ على وجوب البيع قبل التخيير. وقد يحتجُّ به من قال بالخِيَارِ حتى يتفرَّقا بدنًا، وقد ذكرنا وَجْهَهُ، واستدللنا عليه بحديث اللَّيث. =

والحافظ نقله في «الفتح»، ولم يَرْضَ به، كما أنه لم يَرُدَّه أيضًا، وهو المختارُ عند شيخنا - شيخ الهند - محمود حسن رحمه الله (¬1)، ويُؤَيِّدُهُ ما عند أبي داود: «حتى يتخايرا ثلاثًا»، فإن ¬

_ = وإنما خيَّر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك الأعرابي، ليكون له ثواب "من أقال نادمًا بيعته". ورُوِيَ أن ذلك كان قبل مبعث النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقبل النبوة. ورُوِيَ عن طاوس، عن أبيه، قال: "ابتاع النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل النبوة من أعرابيٍّ بعيرًا أو غيره، فقال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بعد البيع: اختر، فنظر الأعرابيُّ إليه فقال: لعَمرِ الله ممن أنت؟ فلمَّا كان الإِسلام جعل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بعد البيع الخيارَ"، وهذا على الاختيار لا على الوجوب، والله تعالى أعلم. انتهى. قلتُ: وهذا عَيْنُ ما أجاب به شيخُ الهند، وراجع بَسطَهُ من "المعتصر". (¬1) قلتُ: وعندي تقريرٌ من بعض فضلاء تلامذة حضرة شيخ الهند، فأريد أن أعرِّبه لك من هذا الموضع، لتزدادَ بصيرةً في فَهْم كلامه رحمه الله تعالى. وحاصلهُ: أن المرادَ من الخِيَار عند الحنفية خيار القَبُول، ولكن لا يُلَائِمُهُ قوله: "أو يخَتارا"، وكذا لا يُلَائِمُهُ فعل ابن عمر، فإنه يُوجِبُ ترك الاستحباب على الأقل، وهو أيضًا بعيدٌ من شأنه الرفيع. أمَّا ما أورد عليه الترمذيُّ بأنه لا يكون، لقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "ولا يَحِلُّ له أن يفارقه خشية أن يستقيله". اهـ. على هذا التقدير معنى، فليس بواردٍ، لأنا نقول: إن له معنىً صحيحًا، وهو: أن البائعَ قد يَسْبِقُ على لسانه من ثمن المبيع ما هو أقل منه، فيقول: خمسة دراهم، مكان العشرة، فأرشد الشرعُ المشتري أن لا يُعَجِّل في الفُرْقَة بالأقوال، ولا يتسارع بالقَبُول حتى يُمهِلَهُ. فإن كان الثمن هو الثمن، فله أن يَقبَلَهُ، وإن كان سبق عن لسانه، والثمن فوقه، فإن شاء أخذه بذلك الثمن، وإن شاء رَدَّهُ، ومثله كثيرًا ما يقع في البِيَاعَات. وحينئذٍ تكون الاستقالة على المعنى اللَّغوي: الفسخُ مطلقًا، فإن الإِقالةَ اصطلاحًا لا تكون إلَّا بعد تمام العقد، وهذا تقريره على المشهور. وأمَّا المختار عنده: أن الحديثَ محمله محمل الشافعية. ونقول: إن الخيارَ ثابتٌ عندنا أيضًا، لكنه مشروطٌ برضاء صاحبه. فإن في الخِيَارِ مراتب: منها ما تَثْبُتُ ولا تتوقَّف على رضاء أحدٍ، وتلك أعلى مراتبه. ومنها ما تَثبُتُ وتتوقَّف على رضاء الآخر، كما في الإقالة، وتلك دونها، فهذه المرتبة هي المراد ههنا. وحينئذٍ معنى الحديث: أن المتبايعين بالخيار في بيعهما ما لم يتفرَّقا، أي بخيارٍ يتوقَّف على رضاء الآخر، وَيصِيرُ ذلك إقالة يُحْرِزُ بها صاحبُها أجرَها، لقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "من أقال مسلمًا في بَيعَتِهِ، أقال الله عثراته يوم القيامة" -بالمعنى-. فإن قلتَ: إذا حملتَ الحديثَ على الإِقالة، فما معنى التقييد بالمَجْلِسِ. فإنها مُستَحَبَّةٌ في الأحوال كلِّها، مع أن الحديثَ ورد في الخِيَار الذي يكون في المَجلِسِ. قلتُ: هَبْ، ولكن هذا الخِيَار أوْكَدُ في المَجْلِسِ، وإن اسْتُحِبَّ له أن يُقِيلَ بعد المَجْلِسِ أيضًا. وذلك لأن المجلسَ إذا لم يتبدَّل، والمبيع لم يَزَلْ بعينه لم يتصرف فيه المشتري بشيء، ثم أراد أن يرده لما رأى فيه مصلحة، فحينئذٍ أولى له أن يقيله، ويرد منه بيعه، فإن إباءَه حينئذٍ أبعدُ عن المروءة، كيف! وأنه لم يَدْخُل في سلعته نَقصًا، فأيُّ حرجٍ في الإِقالة؟ بخلاف ما إذا تبدَّل المَجْلِسُ، فإنه لا يأمن من أن يكون تصرَّف فيه بشيءٍ، لأنه غابت سلعته عن مرآه حينئذٍ، وإن اسْتُحِبَّتْ له الإِقالة أيضًا، لكنها لا تتأكَّدُ تأكُّدَه فيما إذا لم يتفرَّقا عن المَجْلِسِ. هدا هو الوجه فيما علمنا، لا أن البيعَ لا يَنعَقِدُ قبل التفرُّق بالأبدان، كما فَهِمُوه. وحينئذٍ لا تَرِدُ عليه قصة أبي بَرزَة الأَسلَمِيِّ، لأنه إنما أمره برد البيع، لكونه أقرب إلى المروءة، ومقتضى الإسلام، حيث لم يتفرَّقا عن مجلس العقد، فماله لا يَقِيلُ من أخيه، فذلك الذي أراده أبو بَرزة -والله تعالى أعلم- لا أن البيعَ لم يَتِمَّ عنده. ولو لم نَحمِلْهَا على هذا المعنى، لم يَستَقِمْ على مذهب الشافعية أيضًا، فإنهما وإن بَقِيَا في السفينة من ليلتهما، لكن لا بدَّ أن يكونا قاما لحوائجهما، وبذلك تتبدَّلُ المجلسُ عند الشافعية أيضًا، فَيلْزَمُ أن لا يكون الخيار لهما عنده أيضًا، ولكنه أراد -والله تعالى أعلم- أنكما لمَّا كنتما في سفينةٍ واحدةٍ، فلم تفرقتما تفرُّقًا يُوجبُ الإِباء عن ردِّ البيع، فيُستَحَبُّ له أن يرضى بالإِقالة، ولا يُرْهِقُ أخاه من أمره عُسْرًا. وحينئذٍ معنى قوله: "لا يَحِلُّ له أن يُفَارِقَه"، أي لا يَحِل له على وجه =

الكلَّ حملوه على الاستحباب دون الوجوب. أمَّا قولُهم: إن ابن عمر راوي الحديث، ومذهبُه ما ذَهَبَ إليه الشافعيةُ: أن المرادَ من الفُرْقَةِ الفرقةُ بالأبدان. فقيل في جوابه (¬1): إنه من رَوَى لك هذا، ولا حُجَّةَ لك في افتراقه بعد ¬

_ = الكمال، فإن الحِلَّ أيضًا على مراتب. فقد وَرَد في الحديث: "أن الصدقة لا تَحِلُّ لذي مِرَّة سَوِيِّ"، وفي آخر: "أنها لا تَحِلُّ لغني"، وفي آخر: "أنها لا تَحِلُّ لمن عنده قوت يومه وليلته. وحاصل الجميع. أن الصدقةَ إنما تَلِيقُ بمن لا يكون مُكتَسِبًا، مُعتَمِلًا، ولا يكون عنده شيءٌ يأكله ذو كبدٍ. وأمَّا من كان ذو مرَّة سوي، فأولَى له أن يَكتَسِبَ من أعمال يديه، وهذا الذي يَليقُ بشأنه، وهو مراد قوله: لا تَحِلُّ له". نعم من كان غنيًا ذا نصَاب، فهذا هو الذي لا تَحِلُّ له الصدقةُ أصلًا، ففي الحِلِّ مراتب، فصدق قوله: لا يَحِلُّ له أن يُفَارِقَ صاحبَه بحَسَبِ مرتبة من الحِلُ، أي لا يَحِلُّ له الحِلُّ كلُّه، وإن حلَّ بنوعٍ من الحِلِّ، ولكن حَلَّ الذي لا يكون حِلًّا من جميع الوجوه، لا ينبغي أن يُسمَّى حِلًّا، فنزل الحِلُّ الناقص منزلة المعدوم، وجاء النفيُ رأسًا. وبالجملة إن المفارقةَ بالأبدان مخافةَ الإِقالة أبعدُ من المروءة، وإعراضٌ عن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أقال مسلمًا" ... إلخ. فالخِيَارُ الذي يبقى في المَجلِسِ بعد تمام العقد، هو الذي لا يَستَبِدُّ به أحدهما. والسِّرُّ في ذلك أن الشرعَ إنما أراد أن يَتِمَّ العقدُ عن تراضٍ، كما أخرجه الترمذيُّ مرفوعًا، قال: "لا يَتَفَرَقَنَّ عن بيع إلَّا عن تراضٍ". اهـ. فهذا هو غرض الشارع، ولذا حثَّهما على أن لا يتفرَّقا عن المَجْلِسِ خشيةَ الإِقالة، ولكن عليهما أن يَنظُرَا في أمرهما، حتى إذا أطمأَنَّا في عقدهما، وتَرَاضَيَا من كل وجهٍ، فحينئذٍ إن بدا أن يتفرَّقا عن المَجلِسِ، فلهما ذلك. فالمقصودُ هو الفُرْقَة على التراضي لا غير. ألا تَرَى أن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - خيَّر أعرابيًا بعد البيع، كما عند الترمذي، مع أنه لم يكن له خيار، وذلك لأنه أراد أن يكون صاحبه في اطمئنان نفسٍ، وبرد قلبٍ، فإن رأى أن يَبِيعَ باع، وإن بدا له أن يَفْسَخَ فَسَخَ. ولا يَضطَرِبُ في أنه قد سبق منه القول، فلا يتمكَّن من الرجوع. ولو أمعنتَ النظر في قوله: "أو يختارا"، لوجدتَ المعنى، فإنه يَدُلُّ على أن نقض هذا الخيار وإبرامه بأيدي المُتَعَاقِدَين، ولذا لو قال أحدُهما للآخر: اختَرْ اختَرْ، بَطَلَ خيارُ المَجلِسِ، ولا يبقى بعده. فدَلَّ على أنه ليس من جهة نفس البيع، ولكنه نظرٌ في حال العاقدين، وتحصيلٌ لتمام التراضي. فإنه، وإن حَصَلَ بالعقد والإِيجاب والقَبُول أيضًا، لكن الذي يَحْصُلُ بعد التدبُّر، أتمُّ منه ما يَحْصُل في حال العقد، فرغَّب الشارع في أن لا يتفرَّق اثنان إلَّا بعد تمام التراضي. فثَبَتَ ممّا ذكرنا: أن خِيَارَ المَجلِسِ لا دَخل له في تمام العقد. فإذا أَوْجَبَ أحدُهما، وقَبِلَهُ الآخرُ، فقد تمَّ العقدُ، ولم يَبقَ خيارٌ أصلًا، ولكنه يَثْبُتُ له الخيارُ في المَجلِسِ تحصيلًا لكمال التراضي، تبرُّعًا ومروءةً. هذا ما فهمته من تقريره، ولعَمْرِي هو تقريرٌ أَنيقٌ في غاية المتانة، فاغتنمه غنيمةٌ باردةٌ. (¬1) وفي "المعتصر": فيَحْتَمِلُ أن يكونَ التفرُّقُ الذي حَكَى نافع عنه استعماله إياه، إنما كان يَستَعْمِلُهُ احتياطًا من قول غيره، لاحتمال الحديث له، مخافةَ أن يَلْحَقَهُ فيه من غيره خلاف ما يريده في بيعه. وأمَّا الجوابُ عن قصة أبي بَرْزَة الأسلَمِيِّ، فأجاب عنه الطَّحَاوِيُّ، كما فيه: أنه لا يَصِحُّ الاحتجاح في إثبات الخيار بعد العقد بهذا. ولا يقول أبو بَرْزَة: "وما أراكما تَفَرَّقْتُمَا"، لأنهما قد أقاما بعد البيع مدةً يتحقَّقُ تفرُّقهما بَدَنًا، ولو إلى حاجة الإِنسان، أو إلى صلاة، مما لو وقع مثله في صَرْفٍ تَصَارَفَاهُ قبل القبض لفسد الصَّرْف. فكذلك لو كان الخيارُ واجبًا بعد عقد البيع لقطعته هذه الأشياء. فدَلَّ أن التفرُّق عند أبي بَرْزَة لم يكن التفرُّق بالأبدان. ثم أخرج الطحاويُّ في لفظ أبي بَرْزَة: "البيِّعَان بالخيار ما لم يتفرَّقا، وكانا في خِبَاءٍ" ورُوِيَ عن سَمُرَة بن جُنْدَب مرفوعًا: "البيِّعَان بالخيار ما لم يتفرَّقا، ويأخذ كلُّ واحدٍ منهما ما رَضِي من البيع" ... إلخ. واحفظ لفظ: "ما رضي من البيع"، فإنه يُشعِرُ بأن العمود في هذا الباب هو رضاء العاقِدَيْن. ليبارك لهما في بيعهما. ولذا خيَّر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أعرابيًا، كما مرَّ. وجملة المقال بعد هذا الإطناب والإِسهاب: أن الخيارَ عندهم لازم على شاكلة المسألة، وعندنا لتحصيل الرضاء وتحتُّمه، وذاك أمرٌ قد يحتاج إليه بعد العقد، كما في الإقالة، فخيَّره الشرعَ، وحرَّضه عليه لذلك. والله تعالى أعلم بالصواب.

العقد، لأنه يجوز أن تكون تلك الفُرْقَة عنده على الاستحباب، فيكون يُفَارِقُ صاحبَه استحبابًا. كيف ولو لم نَحْمِلْهُ على هذا المعنى، لَزِمَ أن يكون مرتكبًا لأمر حرامٍ عندكم، والعياذ بالله. أليس قد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «ولا يَحِلُّ له أن يُفَارِقَ صاحبَه، خَشْيَةَ أن يَسْتَقِيله»، وهذا الحق واجبٌ عندكم، ومُسْتَحَبٌّ عندنا، فَيَلْزَمُ عليكم ترك الحق الواجب، فلا حُجَّةَ لكم في فعل ابن عمر. قلتُ: أمَّا كون خيار المَجْلِسِ مُسْتَحَبًّا عندنا، فذاك أمرٌ أوجده المتأخِّرون من عندهم على طريق المعارضة، وليس منقولا عن الإِمام. كما أن ترك الفاتحة للمقتدي رُوِي عن الإِمام، أمَّا إن هذا الترك في أيِّ مرتبةٍ هو؟ فذلك أمرٌ أوجده المتأخِّرون، وليس مَرْوِيًّا عن الإِمام، فذهب ابن الهُمَام أنها مكروهةٌ تحريمًا. وزَعَمَ الناسُ أن تلك الكراهة مَرْويّةٌ عن الإِمام، مع أنا لا نجدها مَرْوِيَّةً عن إمامنا في موضعٍ. غير أن النهيَ عن القراءة إذا نُقِلَ عنه، ذهبت أذهانُ الناس تَبْحَثُ عن مراتبه، فحملها بعضُهم على الكراهة. فهكذا الأمرُ في استحباب خِيَار المَجْلِسِ، فإنه لم يُنْقَلْ عن إمامنا، وإنما قاله المتأخِّرون احتمالا وبحثًا، على طَوْرِ المعارضة لا على طريق المذهب. بقي الجواب عن فعل ابن عمر، فأقولُ: إنه وإن كان راوي الحديث، لكنه فعله فقط، ولا يَدُلُّ على كونه تَعَامُلا فيما بين الصحابة أيضًا. حتى نُقِلَ عن مالك: أنه كان يَشْرَحُ هذا الحديث، إذ جاءه ابن أبي ذِئْب، وكلَّمه فيه، فقال له مالك: ليس (¬1) العملُ عليه في بلدتنا، وأَمَرَ بإِخراجه ¬

_ (¬1) قال الخطَّابيُّ بعد ما قرَّر مذهبه: وأمَّا مالك، فإن أكثر شيء سَمِعْتُ أصحابَه يحتجُّون به في رَدِّ الحديث، هو أنه قال: ليس عليه العمل عندنا، وليس للتفرُّق حدٌّ محدودٌ يُعْلَمُ. ثم رَدَّ عليه، حتى قال: وأمَّا قوله: فليس للتفرُّق حدٌّ يُعْلَم، فليس الأمرُ على ما توهَّمه. والأصلُ في هذا ونظائره أن يُرْجَعَ إلى عادة الناس وعُرْفِهم، وُيعْتَبَرَ حال المكان الذي هما فيه مجتمعان: فإذا كانا في بيتٍ، فإن التفرُّقَ إنما يَقَعُ بخروج أحدهما منه، ولو كانا في دارٍ واسعةٍ، فانتقل أحدُهما عن مجلسه إلى بيتٍ، أو صُفَّةٍ، أو نحو ذلك، فإنه قد فارق صاحبَه. وإن كانا في سوقٍ، أو على حانوتٍ، فهو بأن يُوَلِّي عن صاحبه، ويَخطُو خطوات ونحوها. وهذا كالعُرْفِ الجاري، والعادة المعلومة في التقابُض، وهو يختلف في الأشياء: فمنها ما يكون بالتقابُض فيه بأن يَجْعَلَ الشيءَ في يده، ومنها ما يكون بالتَّخْلِيَة بينه وبين المبيع. وكذلك الأمرُ في الحِرْزِ الذي يتعلَّق به وجوب قطع اليد: فإن منه ما يكون بالإغلاق والإقفال، ومنه ما يكون بيتًا وحِجَابًا، ومنها ما يكون بالشرائح، ونحوها، وكل منها حِرْزٌ على نحو ما جَرَت به العادةُ. والعُرْفُ أمرٌ لا يُنْكِرُهُ مالك، بل يقول به، وربما ترقَّى في استعماله إلى أشياء لا يقول بها غيره، وذلك من مذهبه معروفٌ، فكيف صار إلى تركه في أحق المواضع به! حتى يَتْرُكَ له الحديث الصحيح؟! والله يغفر لنا وله. وإن كان ابن أبي ذِئْب يَستَعْظِمُ هذا الصنيع من مالك، وكان يتوعَّده بأمرٍ لا أحبُّ أن أحكيه، والقصة في ذلك عنه مشهورة. اهـ. قلتُ: وجهالة الحدِّ في باب التفرُّق، كجهالة القُلَّتَيْنِ في حديث ابن عمر، فاحتاجوا إلى تحديدٍ في الموضعين، وقد ألزموا بها في الموضعين، وإنما اعتنيتُ بالعبارة المذكورة، لِتَعْلَمَ قدر الافتراق عند الشافعية، ثم تَنْظُرَ في أن ما ألزمه الحنفيةُ على الشافعية في قصة أبي بَرْزَة الأسْلَمِيِّ المارَّة، هل يَلْزَمُ عليهم أم لا؟ فإن الافتراق عندهم لا يَحْصُلُ بمجرد القيام، بل كما أن الافتراقَ من البيت يكون بالخروج، كذلك يُمْكِنُ أن يكونَ الافتراقَ من السفينة عندهم. وحينئذٍ لا يَلْزَمُ عليهم ما ألزموا، ويكون لجوابه طريق آخر. والله تعالى أعلم بالصواب. =

43 - باب إذا لم يوقت فى الخيار هل يجوز البيع

عن المَجْلِسِ. فذلك وإن لم يَسْتَحْسِنْهُ العلماءُ، إلا أنه يَدُلّ على عدم تعامل الصحابة، وتوارثهم في البلدةِ المُطَهَّرَةِ، وكفانا بهم قُدْوَة. 43 - باب إِذَا لَمْ يُوَقِّتْ فِى الْخِيَارِ هَلْ يَجُوزُ الْبَيْعُ 2109 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ». وَرُبَّمَا قَالَ أَوْ يَكُونُ بَيْعَ خِيَارٍ. أطرافه 2107، 2111، 2112، 2113، 2116 - تحفة 7512 والخيارُ عندنا، وعند الشافعي مُؤَقَّتٌ بثلاثة أيام، ولم يُؤَقِّتْهُ صاحباه بشيءٍ، ولعلَّه مختار البخاريِّ. 2109 - قوله: (ما لم يتفرَّقا، أو يقولُ أحدُهما لِصاحبه: اخْتَرْ، وربما قال: أو يكونُ بيعَ خِيَارٍ)، واعلم أنك قد عَلِمْتَ الفرق بين الخياريْن. فإن قوله: اخْتَرْ اخْتَرْ، لقطع الخيار في المجلس، وبيعُ الخيار، لِمَدِّهِ إلى ما وراء المجلس. فهما معنيان، والشَّكُّ بينهما غيرُ مناسبٍ، وإنما يُنَاسِبُ فيما يتَّحِدُ في المعنى، ويَخْتَلِفُ في اللفظ. أمَّا إذا اختلف المعنى، فلا يُنَاسِبُ الشَّكُّ فيه، لأنه لا معنى لقوله: «أو يقولُ أحدُهما لصاحبه: اخْتَرْ، أو يكونُ بيعَ خِيَارٍ»، بالعطف. إلا أن الرواةَ كثيرًا ما يَقْتَحِمُونَ مثله. ومحصَّل الكلام: أن في الحديث ثلاثة أشياء: الأول: خيارُ المَجْلِسِ. والثاني: القول: اخْتَرْ اخْتَرْ. والثالث: خيار الشرط. وتفسيرُ خيار الشرط بقوله: اخْتَرْ اخْتَرْ، من أجل شكِّ الرواة في هذين في بعض المواضع، غيرُ مُلائِمٍ. وتغييرُ معاني الألفاظ من أجل اختلاط الرواة، غيرُ مُنَاسِبٍ. أَلا ترى أن قوله: «بيع الخيار» - بالإِضافة - يعيِّن إرادة النوعية، فهو نوعٌ مستقلٌ، فلا يكون المرادُ منه القول: اخْتَرْ اخْتَر. ولا نُنْكِرُ ثبوته في الحديث، إنما نقول: إنه معنى على حِدَة، وذلك على حِدَة، فلا يَتْبَعُ أحدهما الآخر في التفسير، فافهم. ¬

_ = بقي استعظام ابن أبي ذِئْب، فذاك أمرٌ فُطِرَ عليه الإِنسانُ، فإنه لمَّا طَرَدَهُ مالك عن مجلسه، فماذا يقول بعده. ولو كان هينًا لينًا لبجَّلَهُ وعزَّرَهُ، وما تقدَّم إلى ما قَدِمَ. والتعامُل إذا كان تعامُل الصحابة والتابعين، فهو أمرٌ أهمُّ أيضًا. ومن لا يرى العملَ بحديثٍ ببلدة صاحب ذلك الحديث، مع وفور داعية العمل، حقَّ له أن يتردَّدَ لأجله في الحديث، ويتركه بهذا التعامُل. فإن العاملين هم حاملو الحديث، فإذا تركوا به العملَ هؤلاء، فمن دونهم أوْلَى، فذاك أمرٌ معقولٌ ليس مما يُلام عليه. وكذلك كون حدِّ التفرُّق مجهولًا أيضًا صحيحٌ، ثم تعيينه من نحو تبسط في الكلام، مما لا يعجز عنه الفحول، وأن بعضكم ألحن بحجته من بعض، ثم رأيت كلامَ أبي بكر الرازي في "الأحكام"، فاتَّضَحَ منه كلام مالك، قال: وَيدُلُّ عليه من جهة النظر أن المَجْلِسَ قد يَطول وَيقْصُر، فلو علَّقنا وقوعَ المِلْكِ على خِيَارِ المَجْلِسِ، لأوجب بُطلاَنَة لجهالة مدَّة الخيار الذي عُلِّقَ عليه وقوع المِلْكِ. ألاَ ترى أنه لو باعه بيعًا باتًا، وشَرَطَا الخيارَ لهما بمقدار قعود فلان في مجلسه، كان البيعُ باطلًا، لجهالة مدَّة الخِيَارِ الذي عُلِّقَت عليه صحة العقد. والله أعلم بالصواب.

44 - باب البيعان بالخيار ما لم يتفرقا

44 - باب الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَشُرَيْحٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَطَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ. 2110 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ قَتَادَةُ أَخْبَرَنِى عَنْ صَالِحٍ أَبِى الْخَلِيلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ سَمِعْتُ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِى بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا». أطرافه 2079، 2082، 2108، 2114 - تحفة 3427 2111 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، إِلاَّ بَيْعَ الْخِيَارِ». أطرافه 2107، 2109، 2112، 2113، 2116 - تحفة 8341 لعلَّ المصنِّف اختار مذهب الشافعية. 45 - باب إِذَا خَيَّرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ 2112 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلاَنِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ، مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، وَكَانَا جَمِيعًا، أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ يَتَبَايَعَا، وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيْعَ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ». أطرافه 2107، 2109، 2111، 2113، 2116 - تحفة 8272 2112 - قوله: (إذا تَبَايَعَ الرجلان، فكلُّ واحدٍ منهما بالخيار ما لم يتفرَّقا) ... إلخ. نقول: معنى قوله: «إذا تَبَايَعَ»، أي في حال الإِيجاب والقَبُول، ويقول الشافعية: أي فَرَغَا عن الإِيجاب والقَبُول، وتَمَّ العقدُ. قوله: (وكانا جميعًا)، هذا اللفظ يَدُلُّ على أن المراد بالفُرْقَةِ، هو الفُرْقَةُ بالأبدان، إن قلنا: إن الجميعَ معناه معًا، فإن المُتَبَادَر من الفُرْقَةِ بعد كونهما معًا: الفُرْقَةُ بالأبدان. إلا أن الصِّيرَافي كتب أنه يُسْتَعْمَلُ بمعنى الكلِّ أيضًا، فلم يكن صريحًا فيما فَهِمُوه. قوله: (أو يُخَيِّرُ أحدُهُمَا الآخرَ) هذا صريحٌ في القول: «اخْتَرْ». 46 - باب إِذَا كَانَ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ هَلْ يَجُوزُ الْبَيْعُ 2113 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كُلُّ بَيِّعَيْنِ لاَ بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا، إِلاَّ بَيْعَ الْخِيَارِ». أطرافه 2107، 2109، 2111، 2112، 2116 - تحفة 7155 2114 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَبِى الْخَلِيلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -

47 - باب إذا اشترى شيئا، فوهب من ساعته قبل أن يتفرقا، ولم ينكر البائع على المشترى، أو اشترى عبدا فأعتقه

قَالَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» - قَالَ هَمَّامٌ وَجَدْتُ فِى كِتَابِى يَخْتَارُ ثَلاَثَ مِرَارٍ - فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِى بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا فَعَسَى أَنْ يَرْبَحَا رِبْحًا، وَيُمْحَقَا بَرَكَةَ بَيْعِهِمَا». قَالَ وَحَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2079، 2082، 2108، 2110 - تحفة 3427 - 85/ 3 2114 - قوله: (قال هَمَّامٌ: وَجَدْتُ في كتابي: يختارُ ثلاث مِرَارٍ)، وهو محمولٌ على الاستحباب عندنا. ويقول الشافعيةُ: إنه في المرَّة الأولى محمولٌ على الوجوب، وبعدها على الاستحباب (¬1). 47 - باب إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا، فَوَهَبَ مِنْ سَاعَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا، وَلَمْ يُنْكِرِ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِى، أَوِ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ وَقَالَ طَاوُسٌ فِيمَنْ يَشْتَرِى السِّلْعَةَ عَلَى الرِّضَا ثُمَّ بَاعَهَا: وَجَبَتْ لَهُ، وَالرِّبْحُ لَهُ. 2115 - وَقَالَ الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ فَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ لِعُمَرَ، فَكَانَ يَغْلِبُنِى فَيَتَقَدَّمُ أَمَامَ الْقَوْمِ، فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعُمَرَ «بِعْنِيهِ». قَالَ هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «بِعْنِيهِ». فَبَاعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ تَصْنَعُ بِهِ مَا شِئْتَ». طرفاه 2610، 2611 - تحفة 7355 وهذا يَدُلُّ على أن المصنِّفَ سَلَك في باب الخيار مَسْلَكًا أوسع من الشافعية، كما مرَّ. فإن الخيار عندهم إنما يَنْقَطِعُ بأمرين: الأول: بالفُرْقَةِ بالأبدان. والثاني: بالاختيار، ولا ثالث لهما. والمصنِّفُ جعل تصرُّفَ المشتري بحضور البائع أيضًا مقام التفرُّق في قَطْعِ الخيار، فدل على أن الأمر لا يدور على هذين عنده، بل كُل ما يقوم مقامهما، فهو يعمل عملهما في قطع خيار المَجْلِسِ، فهذا توسُّعٌ منه. ثم فيه: إنه هل يُشْتَرَطُ التَّخْلِيَة في القبض، أم لا؟ وهل يجوز التصرُّف في المبيع قبل القبض، أو لا؟ وقد تكلَّمنا عليه عن قريبٍ. قوله: (فَوَهَبَ من سَاعَتِهِ)، هذا تصرُّفٌ منه قبل القبض عندنا، إلا أن البخاريَّ لمَّا وسَّع في القبض، فهو تصرُّفٌ بعد القبض عنده. فالقبضُ ضروريٌّ عنده أيضًا للتصرُّف، إلا أنه عمَّم ¬

_ (¬1) قلتُ: وملخَّص هذه التراجم: أن الأَوْلى لبيان مقدار الخيار، مع أنه ليس مذكورًا في الحديث، وأجاب عنه المُحَشِّي، فراجعه. قلتُ: ولعلَّه أراد بها، كم أقسام الخيار، فنبَّه على نوع منه مُخْتَلَفٌ فيه، وهو خِيَارُ المجلس، ثم ترجم على أن عدم توقيت الخيار لا يُخِلُّ بالبيع. وهذا يَدُلُّ على أن الترجمةَ الأولى كانت في التوقيت، كما قالوا، ثم ترجم على نفس الخيار في المَجْلِسِ، ثم على ما ينتهي به هذا الخيار في المَجْلِسِ، وَيجِبُ به البيع، ثم على أن هذا الخيار لا يمنع جواز البيع. فهذه خمس تراجم على حديثٍ واحدٍ، مع اختلاف ألفاظه أَخْرَجَ منها تحت كل ترجمةٍ لفظًا يُنَاسِبُها.

48 - باب ما يكره من الخداع فى البيع

القبض، وجعل أمارات الرضاء بعد الإِيجاب والقَبُول أيضًا من أنواع القبض، كما يَدُلُّ عليه قوله: «ولم يُنْكِرِ البائعُ على المشتري»، فكأنه أمارةٌ على رضائه بتصرُّفه، فصار قبضًا. 2116 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ بِعْتُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ مَالًا بِالْوَادِى بِمَالٍ لَهُ بِخَيْبَرَ، فَلَمَّا تَبَايَعْنَا رَجَعْتُ عَلَى عَقِبِى حَتَّى خَرَجْتُ مِنْ بَيْتِهِ، خَشْيَةَ أَنْ يُرَادَّنِى الْبَيْعَ، وَكَانَتِ السُّنَّةُ أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَلَمَّا وَجَبَ بَيْعِى وَبَيْعُهُ رَأَيْتُ أَنِّى قَدْ غَبَنْتُهُ بِأَنِّى سُقْتُهُ إِلَى أَرْضِ ثَمُودٍ بِثَلاَثِ لَيَالٍ وَسَاقَنِى إِلَى الْمَدِينَةِ بِثَلاَثِ لَيَالٍ. أطرافه 2107، 2109، 2111، 2112، 2113 - تحفة 6869 2116 - قوله: (وكانت السُّنَّةُ: أن المُتَبَايِعَيْنِ بالخيار) ... إلخ، وقد مرَّ عن مالك أنه ليس عليه التعامُل، والسُّنَّةُ بمعنى الطريقة المسلوكة. 48 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الْخِدَاعِ فِى الْبَيْعِ 2117 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَجُلًا ذَكَرَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ يُخْدَعُ فِى الْبُيُوعِ، فَقَالَ «إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لاَ خِلاَبَةَ». أطرافه 2407، 2414، 2964 - تحفة 7229 - 86/ 3 2117 - قوله: (قل: لا خِلابة). وكان الرجل لَكِنًا، كما عند مسلم، فكان يقول: لا خِيَابة، بدل خِلابة. وعند البيهقيِّ بسندٍ جيدٍ، وكذا عند الحاكم زيادة: «ولي الخيار ثلاثة أيام»، فَدَلَّ على أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم إنما عَلَّمه (¬1) خيار الشرط. واختلف الناسُ في توجيهات ما علَّمه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم للاحتراز عن التغابُن. ثم في تقريرها، وفيما نقلناه من الزيادة غُنْيَةٌ عن جميعها. قال الشيخُ ابن الهُمَام: إن الغَرَرَ إمَّا قوليٌّ، أو فِعْليٌّ، وتجب الإِقالةُ على العَاقِدَيْن في القوليِّ قضاءً، وفي الفِعْليِّ ديانةً، فاحفظه، فإنه يفيدك في مواضع. 49 - باب مَا ذُكِرَ فِى الأَسْوَاقِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ قُلْتُ هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ قَالَ سُوقُ قَيْنُقَاعَ. وَقَالَ أَنَسٌ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ دُلُّونِى عَلَى السُّوقِ. وَقَالَ عُمَرُ أَلْهَانِى الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ. 2118 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ ¬

_ (¬1) وفي "المعتصر: "رُوِيَ عن ابن عمر: "أن حَبَّان بن مُنْقِذ كان شَجَّ في رأسه مأمُومَةً، فثقل لسانه، فكان يَخْدَعُ في البيع، فجعل له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ابتاع من شيء، فهو فيه بالخيار ثلاثًا، وقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قل لا خِلَابة. قال ابن عمر: فسمعته يقول: "لا خِلَابة لا خِلَابة". اهـ.

عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ حَدَّثَتْنِى عَائِشَةُ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ، فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ». قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ. قَالَ «يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ». تحفة 17671 2119 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «صَلاَةُ أَحَدِكُمْ فِى جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ فِى سُوقِهِ وَبَيْتِهِ بِضْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، وَذَلِكَ بِأَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ، لاَ يُرِيدُ إِلاَّ الصَّلاَةَ، لاَ يَنْهَزُهُ إِلاَّ الصَّلاَةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلاَّ رُفِعَ بِهَا دَرَجَةً، أَوْ حُطَّتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، وَالْمَلاَئِكَةُ تُصَلِّى عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِى مُصَلاَّهُ الَّذِى يُصَلِّى فِيهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ». وَقَالَ «أَحَدُكُمْ فِى صَلاَةٍ مَا كَانَتِ الصَّلاَةُ تَحْبِسُهُ». أطرافه 176، 445، 447، 647، 648، 659، 3229، 4717 - تحفة 12341 2118 - قوله: (ثم يُبْعَثُونَ على نِيَّاتِهِمْ). فإن قلتَ: من اتَّبَعَ الجيش الذي أراد أن يَغْزو الكعبة، فقد أعانهم، ولو في الجملة، فكيف يُبْعَثُ على نيِّته، وما العبرةُ بها بعد أن أعانهم؟ قلتُ: ولكنه فيما خَرَجَ الجيشُ لأن يَغْزُوَ غير مكَّة، ثم بدا له أن يَغْزُوَها أيضًا - والعياذ بالله - فلم يتمكَّن هؤلاء أن يتخلَّفُوا عنهم لمكان المصالح، فاتَّبَعُوه، وقلوبهم تَمَلْمَلُ، وأعينهم تَغْرَوْرِقُ بالدموع، فهؤلاء الذين يُبْعَثُون على نيَّاتهم. أمَّا مَن عَلِمَ من أول الأمر أن الجيشَ يريد الكعبةَ، ثم اتَّبَعَهُ فلا نِيَّة لهم، وهو معهم في الدنيا والآخرة. وإنما يُخْسَفُ بالأول والآخر، لأن ذلك من سُنَّة الله، إن من لم يَهْرُب من عذاب الله يَقَعُ فيه. ولذا أمر نوحًا عليه السلام أن يَرْكَبَ السفينة مع من آمن، وأمر لوطًا عليه السلام أن يَخْرُجَ من قومه، بل أمره أن لا يَلْتَفِتَ إليهم. ولو كان العذاب يَقَعُ على بلدٍ، ويَنْجُو منه المؤمنون لتميَّز الحقُ عن الباطل قبل أوانه، ولم تَبْقَ هذه الدار دار الابتلاء. وإنما أراد الله سبحانه من التمحيص والتمييز في الدنيا بقدر ما لا يُوجِبُ رفع التكليف، والإِيمان بالغيب، فلم يَزَلْ التمحيصُ والتمييزُ، وهو من أهم مقاصد الغزوات، إلا أنه كان في ذيل الأسباب. ومن ههنا تبيَّن السِّرُّ في ابتلاء الصَّبِيِّ بالمرض، مع أنه لا ذنبَ له، وذلك لأنه أراد أن يبقى الأمر غيبًا. فالعصاةُ تُبْتَلى نقمةً، والمؤمنون والصبيان رحمةً وتسبيبًا، ولا ظلمَ في التسبيب، فإن الله تعالى قد نبَّه على خواصِّ الأشياء. فمن يأكل السَّمَّ يموت، فلا اعتراض على الله سبحانه، وإنما الذنبُ على من أكله. فابتلاء الصبيان من هذا القبيل، لا أنه انتقام منه تعالى، وإنما كان الظلمُ لو لم يُنَبِّه عليها، أو لو قَهَرَه على أكلها. وأمَّا بعد أن هداه النَّجْدَيْن، ومَنَحَه السمعَ والعينَ، فمن اقترفها، فعليه اللَّوْمُ والشيْنُ. فائدةٌ جليلةٌ: واعلم أن الثقةَ في الرواة ليست باعتبار كونهم أولياء، بل باعتبار فنِّهم، فهي باعتبار الأعمال الظاهرة فحسب. فالثقات قد رَكِبُوا الأغلاط، وحَادُوا في بعض المواضع عن

طريق الصواب أيضًا. وإنما نعني بالأغلاط: التغيير في الألفاظ، ومن حَيْدهم عن طريق الصواب: عدم إنصافهم في المسائل المُخْتَلَفِ فيها، إلا في مواضع. ومن جرَّب يُصَدَّقْ، ومن جَهِلَ يُكَذَّبْ. 2120 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى السُّوقِ، فَقَالَ رَجُلٌ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّمَا دَعَوْتُ هَذَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «سَمُّوا بِاسْمِى، وَلاَ تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِى». طرفاه 2121، 3537 - تحفة 693 2121 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - دَعَا رَجُلٌ بِالْبَقِيعِ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَمْ أَعْنِكَ. قَالَ «سَمُّوا بِاسْمِى، وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى». طرفاه 2120، 3537 - تحفة 667 2120 - قوله: (سَمُّوا باسْمِي) ... إلخ. والكلامُ فيه طويلٌ، ذكروه في الشروح. والذي يتبيَّنُ من عادة العرب أنهم إذا عَظَّمُوا أحدًا لم يدعوه باسمه، ولكن بكُنْيَتِهِ. فلم يكن في التسمية باسمه التباسٌ، لأنهم لم يكونوا يَدْعُونَهُ باسمه المبارك. بخلاف التَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ، لأنه يُوجِبُ الالتباس، فنهاهم عنه. وذلك أيضًا يَقْتَصِرُ على عهده صلى الله عليه وسلّم وأمَّا بعد وفاته، فجائزٌ كلُّهُ. 2122 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى يَزِيدَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ الدَّوْسِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى طَائِفَةِ النَّهَارِ لاَ يُكَلِّمُنِى وَلاَ أُكَلِّمُهُ حَتَّى أَتَى سُوقَ بَنِى قَيْنُقَاعَ، فَجَلَسَ بِفِنَاءِ بَيْتِ فَاطِمَةَ فَقَالَ «أَثَمَّ لُكَعُ أَثَمَّ لُكَعُ». فَحَبَسَتْهُ شَيْئًا فَظَنَنْتُ أَنَّهَا تُلْبِسُهُ سِخَابًا أَوْ تُغَسِّلُهُ، فَجَاءَ يَشْتَدُّ حَتَّى عَانَقَهُ وَقَبَّلَهُ، وَقَالَ «اللَّهُمَّ أَحْبِبْهُ وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ». قَالَ سُفْيَانُ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنِى أَنَّهُ رَأَى نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ. طرفه 5884 - تحفة 14634، 19498 أ - 87/ 3 2122 - قوله: (السِّخَاب): في الأصل عصارة الشجرة (آنوله) يُحِطُون فيه الطيب، ثم يَتَّخِذُون منها قِلادةً، وترجمة «اللُّكَع»: "باجى". 2123 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى عَنْ نَافِعٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُمَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَشْتَرُونَ الطَّعَامَ مِنَ الرُّكْبَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَبْعَثُ عَلَيْهِمْ مَنْ يَمْنَعُهُمْ أَنْ يَبِيعُوهُ حَيْثُ اشْتَرَوْهُ، حَتَّى يَنْقُلُوهُ حَيْثُ يُبَاعُ الطَّعَامُ. أطرافه 2131، 2137، 2166، 2167، 6852 - تحفة 8486 2124 - قَالَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُبَاعَ الطَّعَامُ إِذَا اشْتَرَاهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ. أطرافه 2126، 2133، 2136 - تحفة 8486 2123 - قوله: (حتى يَنْقُلُوه) ... إلخ، تمسَّك به الشافعيةُ على اشتراط النقل في القبض. قلنا: كيف وقد وَرَدَ فيه ألفاظٌ متغايرةٌ: ففي لفظٍ: «حتى يَسْتَوْفِيه»، كما عند البخاري. وفي لفظٍ:

50 - باب كراهية السخب فى السوق

«حتى يَقْبِضَه». فلم يتعيَّن لفظُ النقل، لنجعله مَدَارًا. والوجه عندي أن الكلَّ جائزٌ، كالواجب المخيَّر، والمناطُ فيها التَّخْلِيَة. وقد مرَّ: أن الأحوطَ عند اختلاف الألفاظ العملُ بالقدر المشترك، وهو التَّخْلِيَة، فالنقلُ نوعٌ منه، لأن القبضَ مُنْحصِرٌ فيه. على أنا نقول: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أمرهم بالنقل تعزيرًا لهم، لأنهم كانوا يتلقُّون الرُّكْبَان، قبل أن يَنْزِلُوا السوق، فنهاهم أن يتلقُّوا الجَلَبَ، وأَلْزَمَ عليهم النقل تعزيرًا، كما يَدُلُّ عليه ما عند البخاريِّ في باب ما يُذْكَرُ في بَيْعِ الطعام ... إلخ، قال: «رأيت الذين يشترون الطعام مجازفةً يُضْرَبُون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يَبِيعُوه، حتى يُؤْدُّوهُ إلى رِحَالهم»، ونحوه في باب من رَأَى إذا اشترى طعامًا جِزَافًا اهـ. والحاصلُ أنه إذا اختلفت الألفاظ، آل الأمرُ إلى الاجتهاد. 50 - باب كَرَاهِيَةِ السَّخَبِ فِى السُّوقِ 2125 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا هِلاَلٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضى الله عنهما - قُلْتُ أَخْبِرْنِى عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى التَّوْرَاةِ. قَالَ أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِى التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِى الْقُرْآنِ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45)} [الأحزاب: 45]، وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِى وَرَسُولِى سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ وَلاَ سَخَّابٍ فِى الأَسْوَاقِ، وَلاَ يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا. تَابَعَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ هِلاَلٍ. وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ هِلاَلٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ سَلاَمٍ. غُلْفٌ كُلُّ شَىْءٍ فِى غِلاَفٍ، سَيْفٌ أَغْلَفُ، وَقَوْسٌ غَلْفَاءُ، وَرَجُلٌ أَغْلَفُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَخْتُونًا. طرفه 4838 - تحفة 8886 2125 - قوله: (لَقِيتُ عبد الله بن عمرو بن العَاصِ)، وكان عنده صحيفة الأحاديث، سمَّاها صادقةً، وكان من علماء التوراة. قوله: (إنه لموصوف في التوراة). واعلم أن التوراةَ كانت كتابًا كبيرًا، إلا أنها الآن اسمٌ للصُّحُف الخمسة التي نزلت على موسى عليه السلام، ومنها «الاستثناء»، وهذا غلطٌ في الاسم. وقد يُقَال له: «التثنية»، و «المثنَّى» أيضًا، وهذان صحيحان في الجملة. وإنما سُمِّيَ بهما لتكرار الأحكام فيه، فصحَّ عليه إطلاق «المثنَّى». أمَّا إطلاق «الاستثناء»، فلا معنى له ههنا. ثم إن التوراةَ في مصطلح أهل الكتاب اشتهرت في كل صَحِيفَةٍ نزلت بعد موسى عليه السلام إلى ملاكي عليه الصلاة والسلام، وهو المراد ههنا. لأن ما ذكره من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلّم أصله في الإصحاح الاثنين والأربعين تقريبًا، من صَحِيفة شَعْيَاء عليه الصلاة والسلام، وليست في الأَسْفَار الخمسة، كذا عن وَهْبِ بن مُنَبِّه. وهكذا وقع في إطلاق الإِنجيل، فإنه اسمٌ عند أهل الإِسلام لما أُعْطِي عيسى عليه السلام. وأمَّا عند النَّصَارى، فهم يُطْلِقُونَه على مجموعةٍ عندهم، فيها كلام الحَوَارِيِّين وغيرهم أيضًا. فإن

51 - باب الكيل على البائع والمعطى

الاثنين منهم ليسا من الحَوَارِيِّين، نعم، وآخران حَوَارِيَّان. أما بولوس فكان فلسفيًا، أراد إفساد الدين العِيسَوَي. ثم ههنا إشكالٌ، وهو أن القرآن يُصَدِّقُ الكِتَابَيْنِ، مع أنهما لم يكونا في زمن نزوله إلا محرَّفَيْنِ. وقد أجاب عنه ابن حَزْم في «الملل والنحل»، والحافظ ابن تيمية، ومولانا رحمه الله في «الاستفسار»، ولي أيضًا جوابٌ، ذكرته في محلِّه. 51 - باب الْكَيْلِ عَلَى الْبَائِعِ وَالْمُعْطِى لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3)} [المطففين: 3] يَعْنِى كَالُوا لَهُمْ وَوَزَنُوا لَهُمْ كَقَوْلِهِ {يَسْمَعُونَكُمْ} [الشعراء: 72] يَسْمَعُونَ لَكُمْ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اكْتَالُوا حَتَّى تَسْتَوْفُوا». وَيُذْكَرُ عَنْ عُثْمَانَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ «إِذَا بِعْتَ فَكِلْ، وَإِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ». 2126 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلاَ يَبِيعُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ». أطرافه 2124، 2133، 2136 - تحفة 8327 - 88/ 3 2127 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ تُوُفِّىَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَاسْتَعَنْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى غُرَمَائِهِ أَنْ يَضَعُوا مِنْ دَيْنِهِ، فَطَلَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَفْعَلُوا، فَقَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اذْهَبْ فَصَنِّفْ تَمْرَكَ أَصْنَافًا، الْعَجْوَةَ عَلَى حِدَةٍ، وَعَذْقَ زَيْدٍ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَىَّ». فَفَعَلْتُ، ثُمَّ أَرْسَلْتُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَلَسَ عَلَى أَعْلاَهُ، أَوْ فِى وَسَطِهِ ثُمَّ قَالَ «كِلْ لِلْقَوْمِ». فَكِلْتُهُمْ حَتَّى أَوْفَيْتُهُمُ الَّذِى لَهُمْ، وَبَقِىَ تَمْرِى، كَأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَىْءٌ. وَقَالَ فِرَاسٌ عَنِ الشَّعْبِىِّ حَدَّثَنِى جَابِرٌ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَمَا زَالَ يَكِيلُ لَهُمْ حَتَّى أَدَّاهُ، وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ وَهْبٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «جُذَّ لَهُ فَأَوْفِ لَهُ». أطرافه 2395، 2396، 2405، 2601، 2709، 2781، 3580، 4053، 6250 تحفة 2344، 3126 في «القُدُوري»: أن من اشترى مَكِيلا مُكَايَلَةً، أو مَوْزُونًا موازنةً، فاكْتَالَهُ، أو اتَّزَنَهُ، ثم باعه مُكَايَلَةً، أو مُوَازنةً لم يَجُزْ للمشتري منه أن يَبِيعَه، ولا أن يأكلَه حتى يُعِيدَ الكيلَ والوزنَ. اهـ. وظاهره وجوبُ الكَيْلِ ثانيًا، ولو كَالَهُ البائعُ بحضور المشتري أيضًا. إلا أن في «الهداية»: إن الكَيْلَ إن كان بعد الإِيجاب والقَبُول بحضرة المشتري، أَغْنَى عن كَيْلِهِ لنفسه ثانيًا، وإن كان بغَيْبَةٍ لا بُدَّ له من إعادة الكَيْلِ. وعلَّله باحتمال أن يَزِيدَ على المشروط، وذلك للبائع، والتصرُّفُ في مال الغير حرامٌ، فيجب له الكَيْلُ، لِيَحْتَرِزَ عنه، بخلاف ما إذا كَالَهُ بحضرته، لأن به يَصِيرُ البيعُ معلومًا. قلتُ: وهذا غير متجهٍ عندي، لأنَّا لو اعتبرنا مثل هذه الاحتمالات، لَزِمَ أن لا يَجُوزَ

52 - باب ما يستحب من الكيل

التصرُّفُ فيما إذا كان بحضرته أيضًا. فإن الاحتمالَ لا ينقطع إلا إذا كَالَهُ هو بنفسه، بل لا ينقطع إذ ذاك أيضًا، فلا مُعْتَبَرَ به. فالذي يتبيّن أن المشتري إن اعتمد على كَيْلِ البائع، جاز له أكله بدون إعادة الكَيْلِ، سواء كان بحضرته، أو بِغَيْبَتِهِ. أما قوله صلى الله عليه وسلّم «نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصَّاعَان: صاعُ البائع، وصاعُ المشتري»، رواه ابن ماجه، فقد حمله صاحب «الهداية» على تعدُّد الصَّفْقَتَيْنِ، وإن كان المُتَبَادَرُ منه أن يكونَ الصاعان فيه في صفقةٍ واحدةٍ. وتقريرُه: أن رجلا إذا اشترى طعامًا مُكَايَلَةً، واكْتَالَهُ بحضرة رجلٍ يُشَاهِدُه، فأراد الرجلُ أن يشتري منه ذلك الطعام، عليه أن يُعِيدَ الكَيْلَ على الحديث، لأنه صفقةٌ مستقلةٌ، فلا مُعْتَبَرَ بكَيْلِهِ - أي كيل بائعه، وهو المشتري الأول - بل عليه أن يَكِيلَه ثانيًا. قلتُ: ولي فيه أيضًا نظرٌ، وهو: أنه إذا كان هناك ثالثٌ يُشَاهِدُ الكَيْلَ، فاشتراه، كفاه عن إعادة الكَيْلِ عندي، لأن المطلوبَ كون المبيع معلومًا، وقد حَصَل. نعم إن كَالَهُ يُسْتَحَبُّ له ذلك، فلا حاجةَ إلى تعدُّد الكيل في الصفقتين أيضًا. ثم اعلم أن صاحبَ «الهداية» حمل حديث جَرَيَان الصَّاعَيْنِ على اجتماع الصفقتين، كما صوَّرْنا، وهو معنى قوله: إذا بِعْتَ فكِلْ، وإذا ابْتَعْتَ فاكْتَلْ. فالكيلان في صفقتين، كما في حديث ابن ماجه المارِّ آنفًا. وأمَّا إذا كانت الصَّفْقَةُ واحدةً، فلا حاجةَ إلى الكَيْلِ ثانيًا، بل كَفَاهُ كيل البائع إن كان بحضرته عند صاحب «الهداية»، وعندي مطلقًا إذا اعْتَمَدَ عليه. ومنهم من حمله على الصفقةِ الواحدةِ، فقال: إن المشتري إذا تصرَّف في الطعام الذي كَالَهُ البائعُ بحضرته، لم يَجُزْ لأجل هذا الحديث، وعليه أن يَكِيلَه ثانيًا، وهذا خطأٌ (¬1). 52 - باب مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْكَيْلِ 2128 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ رضى الله عنه عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ». تحفة 11558 2128 - قوله: (كِيلُوا طَعَامَكُم) ... إلخ. وهذا فيما يَأْخُذُ للأكل، أمَّا كيلُ جميع ما في الإِناء، فَمُمْحِقٌ للبركة (¬2). ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد صَعُبَ علي فَهْم مراده من هذا الموضع، وأوضحته حسب ما فَهِمْتُه بعد مراجعة "الهداية وشروحها" فإن اتَّضَحَ لك أيضًا فذاك، وإلَّا فَرَاجِعْ المسألةَ أولًا من "الهداية"، وأمْعِن النظرَ فيه، يَنْجلي لك الحالُ إن شاء الله تعالى. (¬2) قلتُ: إن البركةَ إنما تَنْزِلُ على المجموع، فإذا فُصِلَ انقطعت، كما رُوِيَ: "أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دعا لأبي هُرَيْرَة تمرًا، ثم جَمَعَهُ ودعا فيه، وأمره أن يأخُذَ منه، يَكْسِرَه". وكذلك هدى في الطعام: أن يُؤْكَلَ من بين يديه، فإن البركةَ تَنْزِلُ في الوسط، وكذا في الجماعة. =

53 - باب بركة صاع النبى - صلى الله عليه وسلم - ومده

53 - باب بَرَكَةِ صَاعِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمُدِّهِ فِيهِ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 2129 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ الأَنْصَارِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَدَعَا لَهَا، وَحَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَدَعَوْتُ لَهَا فِى مُدِّهَا وَصَاعِهَا، مِثْلَ مَا دَعَا إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - لِمَكَّةَ». تحفة 5301 - 89/ 3 2130 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِى مِكْيَالِهِمْ، وَبَارِكْ لَهُمْ فِى صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ». يَعْنِى أَهْلَ الْمَدِينَةِ. طرفاه 6714، 7331 - تحفة 203 وقد مرَّ الكلامُ فيه، وأنه ثَبَتَ الصاعان في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ثبوتًا لا مردَّ له، وأن صاعَنا شَاعَتْ في زمن عمر، وأنه من ثمرات بركة دعاء النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وهو بالحَفْنَات: ستُ حَفْنَاتٍ، كما أن صاعَ الشافعية بقدر أربع حَفْناتٍ متوسطةٍ. 54 - باب مَا يُذْكَرُ فِى بَيْعِ الطَّعَامِ وَالْحُكْرَةِ 2131 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ عَنِ ¬

_ = ثم اعلم أن البركةَ تَتَعَلَّقُ من عالم الغيب، ويُناسِبُه الستر، فإذا هُتِكَ سترُها ارتفعت، فبكَيلِ المجموع يَنْكَشفُ السر. أَلاَ ترى أن ما رُوِيَ من قصة امرأة باتت ساغبة، فذهب زوجها لِيَكتَسِبَ شيئًا، فجلست تعده على الرَّحى، فَأَدَارَتُهُ، فوجدت فيه دقيقًا، حتى إذا رفعته انقطع. وكذلك: "أمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مولاه، أن يُنَاولَه الذراع، حتى إذا نَاوَلُه الذراعان، قال: إنما للشاة ذراعان، فقال: لو ناولتها لناولت ذراعًا فذراعًا". وهكذا يكون بأرباب الحقائق، فإنهم إذا حَكُوا عن أحوالهم بين كلِّ صغيرٍ وكبيرٍ، جليلٍ وحقيرٍ، ربَّما تَنْقَطِعُ عنهم تلك الأحوال. فالحاصلُ: أن تلك الأمور مبناها على الستر، وعدم التعرُّض منه، وعدم السؤال عليه: بكيف؟ ولمَ؟ هكذا فَهِمْتُ من طريق الشيخ مع الإِيضاح، وذكر الشواهد مني. وإنما أطَلْتُ الكلامَ فيه للتنبيه على أن هذا بابٌ مستقلٌّ، وله طريقٌ مستقلٌّ، وقد رُوِعي ذلك الطريق في تلك المواضع. ومن هذا الباب: ما رُوِي في بركة الطعام عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ثم إني أجدُ أن التقديرَ جرى في مثلها أن لا تبقى تلك الأشياء إلى الأبد، بل تَنْعَدِمُ، إمَّا بغَفْلَةٍ منه، أو بأمرٍ سماويٍّ. فَسَقَطَ خاتمُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في البئر في زمن عثمان، ثم لم يُوجَد. وفُقِدَ جِرابُ أبي هريرة يوم استشهد عثمان، وفيه يقول: للناس همٌّ، ولي همَّان بينهم: ... فقدُ الجِرَاب، وقَتْلُ الشيخ عثمانا ورفعت المرأةُ رحاه. ولم يُنَاوله مولاه ذراعًا آخر، بعد الذراعين. وكالَت عائشةُ ما في بيتها، ففني زادها. وأمسك الصحابيُّ عن قراءة سورة الكهف، فارتفعت السَّكِينَة. وربط النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الشيطانَ، جاءه في صورة هِرَّة، فتذكر دعوة سليمان عليه السلام، فأرسله. وأراد أن يأخُذَ عنقودًا من الجنة حين تمثَّلت، ثم لم يأخذها. وأُعْطي علم ليلة القدر، ثم نُسِّيَ. وأين تابوت السكينة؟ وأين قرنا كبش اللتين كانتا في البيت؟ وأمثال ذلك كثير، لم نُرِدَ إحصاءها، فعليك باستخراجها من مظانِّها.

الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَيْتُ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ الطَّعَامَ مُجَازَفَةً يُضْرَبُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَبِيعُوهُ حَتَّى يُئْوُوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ. أطرافه 2123، 2137، 2166، 2167، 6852 - تحفة 6870 2132 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ طَعَامًا حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ. قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ كَيْفَ ذَاكَ قَالَ ذَاكَ دَرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ وَالطَّعَامُ مُرْجَأٌ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: {مُرْجَوْنَ} [التوبة: 106] مُؤَخَّرُونَ. طرفه 2135 - تحفة 5707 2133 - حَدَّثَنِى أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ». أطرافه 2124، 2126، 2136 - تحفة 7191 2134 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ كَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ يُحَدِّثُهُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ أَنَّهُ قَالَ مَنْ عِنْدَهُ صَرْفٌ فَقَالَ طَلْحَةُ أَنَا حَتَّى يَجِىءَ خَازِنُنَا مِنَ الْغَابَةِ. قَالَ سُفْيَانُ هُوَ الَّذِى حَفِظْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِىِّ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ. فَقَالَ أَخْبَرَنِى مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يُخْبِرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ». طرفاه 2170، 2174 - تحفة 10630 قوله: (والحُكْرَة) وهي في الفِقْهِ اسمٌ لِحَبْسِ الأشياء التي تحتاج إليها العامةُ، وراجع التفصيل من الفِقْهِ. 2131 - قوله: (قال: رَأَيْتُ الَّذِين يَشْتَرُونَ الطَّعَامَ مُجَازَفَةً يُضْرَبُون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم. قد عَلِمْتَ فيما سَبَقَ أنه قرينةٌ على أن اشتراطَ النقل كان تعزيرًا لهم، وإليه أشار البخاريُّ في الباب الآتي، حيث قال: باب من رأى إذا اشْتَرَى طعامًا جِزَافًا أن لا يَبِيعه حتى يِؤْدِيَهُ إلى رَحْلِهِ، والأَدبِ في ذلك. انتهى. والأدبُ هو التعزيرُ (¬1). واعلم أن الطعامَ عند الشافعيِّ متميِّزٌ في الأحكام من سائر المكيلات، والمَوْزُوْنَات. وأما عند السادة الحنفية، فكلُّها من بابٍ واحدٍ. 2132 - قوله: (قلتُ لابن عبَّاسٍ: كَيْفَ ذَاكَ)، أي ما وجهُ النهي عنه. قوله: (ذَاكَ دَرَاهِمُ بدَرَاهِمَ، والطَّعَامُ مُرْجَأٌ)، أي إذا اشترى من إنسانٍ طعامًا بدِرْهَمٍ إلى ¬

_ (¬1) قلتُ: وفيما ضَبَطَهُ مولانا عبد القدير الفاضل المذكور في المقدمة من كلام الشيخ رحمه الله: أن الضربَ كان تعزيرًا على تلقِّي الجَلَب، وليس على شرائهم مُجَازَفَة، لأنه جائزٌ اتفاقًا. فهذه قرينةٌ على أن أمر النقل من قبيل التعزير. اهـ. وعلى هذا لا حاجةَ إلى التأويل الذي ذكرنا في كلام الشيخ.

55 - باب بيع الطعام قبل أن يقبض، وبيع ما ليس عندك

أجلٍ، ثم باعه، فهل له أن يَقْبِضَ بدِرْهَمَيْن؟ فذلك في التقدير بيع دِرْهَمٍ بدرهمين، والطعام مُرْجَأٌ، أي غائبٌ، فلا بُدَّ في البيع من استيفاء الطعام. 2134 - قوله: (مَنْ عِنْدَه صَرْفٌ)، أي ذهبٌ وفِضَّةٌ، ويريد الصَّرْفَ فيه. 55 - باب بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ، وَبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ 2135 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الَّذِى حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ سَمِعَ طَاوُسًا يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ أَمَّا الَّذِى نَهَى عَنْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَهْوَ الطَّعَامُ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يُقْبَضَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَلاَ أَحْسِبُ كُلَّ شَىْءٍ إِلاَّ مِثْلَهُ. طرفه 2132 - تحفة 5736 - 90/ 3 2136 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ». زَادَ إِسْمَاعِيلُ «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ». أطرافه 2124، 2126، 2133 - تحفة 8327 2135 - قوله: (لا أَحْسِبُ كُلَّ شيءٍ إلا مِثْلَهُ) وظاهرُ عبارته تُوَافِقُ محمدًا في عدم جواز التصرُّف في المبيع قبل القبض مطلقًا. وأمَّا عند الشيخين، فيَصِحُّ في العَقَار دون المنقولات، لأن العَقَار لا يَسْرِي إليه الهلاك. قال المحشي: اختلفوا في بيع المبيع قبل القبض، فقال الشافعيُّ: لا يَصِحُّ سواء كان طعامًا أو عَقَارًا، وقال أبو حنيفة: يجوز في العَقَار، وقال مالك: لا يجوز في الطعام، ويجوز فيما سواه، كذا قاله الطِيبيُّ. واعلم أن الاختلافَ المذكورَ إنما هو في البيع خاصةً، لا في سائر التصرُّفات، لأنهم جوَّزُوا الهِبَة والتصدُّقَ قبل القبض، كما في «النهاية» و «البحر» عن محمد. ولذا تَرَى أربابَ المتون لم يَضَعُوا المسألةَ إلا في البيع. ففي «الهداية»: من اشترى شيئًا مما يُنْقَلُ ويُحَوَّلُ، لم يَجُزْ له بيعه، حتى يَقْبِضَهُ. ويجوزُ بيع العَقَار قبل القبض عند أبي حنيفة، وأبي يوسف. وقال محمد: لا يَجُوزُ. وهذا القدرُ مُجْمَعٌ عليه، وإن اختلفوا في صور القبض. 56 - باب مَنْ رَأَى إِذَا اشْتَرَى طَعَامًا جِزَافًا أَنْ لاَ يَبِيعَهُ حَتَّى يُئْوِيَهُ إِلَى رَحْلِهِ، وَالأَدَبِ فِى ذَلِكَ 2137 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّاسَ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَبْتَاعُونَ جِزَافًا - يَعْنِى الطَّعَامَ - يُضْرَبُونَ أَنْ يَبِيعُوهُ فِى مَكَانِهِمْ حَتَّى يُؤْوُوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ. أطرافه 2123، 2131، 2166، 2167، 6852 - تحفة 6993

57 - باب إذا اشترى متاعا أو دابة فوضعه عند البائع، أو مات قبل أن يقبض

57 - باب (¬1) إِذَا اشْتَرَى مَتَاعًا أَوْ دَابَّةً فَوَضَعَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ، أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - مَا أَدْرَكَتِ الصَّفْقَةُ حَيًّا مَجْمُوعًا فَهُوَ مِنَ الْمُبْتَاعِ. 2138 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِى الْمَغْرَاءِ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَقَلَّ يَوْمٌ كَانَ يَأْتِى عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ يَأْتِى فِيهِ بَيْتَ أَبِى بَكْرٍ أَحَدَ طَرَفَىِ النَّهَارِ، فَلَمَّا أُذِنَ لَهُ فِى الْخُرُوجِ إِلَى الْمَدِينَةِ لَمْ يَرُعْنَا إِلاَّ وَقَدْ أَتَانَا ظُهْرًا، فَخُبِّرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ مَا جَاءَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى هَذِهِ السَّاعَةِ، إِلاَّ لأَمْرٍ حَدَثَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لأَبِى بَكْرٍ «أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا هُمَا ابْنَتَاىَ. يَعْنِى عَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ. قَالَ «أَشَعَرْتَ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِى فِى الْخُرُوجِ». قَالَ الصُّحْبَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «الصُّحْبَةَ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عِنْدِى نَاقَتَيْنِ أَعْدَدْتُهُمَا لِلْخُرُوجِ، فَخُذْ إِحْدَاهُمَا. قَالَ «قَدْ أَخَذْتُهَا بِالثَّمَنِ». أطرافه 476، 2263، 2264، 2297، 3905، 4093، 5807، 6079 - تحفة 17112 وفي نسخةٍ أخرى: «فضاع»، بدل: «فباع»، وهو الظاهرُ، لأن ترجمةَ البيع قبل القبض مرَّت آنفًا، وإنما أراد في تلك الترجمة التنبيه على حكم ضياع المبيع قبل القبض. وحاصلُ الترجمة على ما فَهِمَهُ الشارحون (¬2): أن المبيعَ إن هَلَكَ قبل القبض، هل يَهْلِكُ من مال البائع، ¬

_ (¬1) قلتُ: ووجدتُ في بعض المجاميعُ عندي ما يتعلَّق بتلك الترجمة من لفظ الشيخ بنفسه. وهو وإن كان مُجْمَلًا على عادته، لكني أُتْحِفُهُ لمعنيين: الأول: أن لا تأكله أيدي الضياع، والثاني أن يَرْجِعَ إليه العلماءُ، فَيُرَاجِعُوا المظانَّ المكتوبةَ فيه في فرصهم. ثم ليعلم أن نسخة "فتح الباري" عند الشيخ كانت بالطبعة الأولى -الأميرية-. قال: باب إذا استشرى متاعًا، أو دابته، فَوَضَعَهُ عند البائع، أوْ ماتَ قبل أن يُقبَضَ، كذا في الشروح الأربعة. وراجع القَسطَلَّاني ضمير "مات" إلى المبيع، وليس بظاهرٍ. وكلُّهم على أن الباب في مسألة هلاك المبيع، قبل القبض. وفي النسخة المطبوعة "فوضعه عند البائع، فباع، أو مات"، أي باعه المشتري، أو مات البائعُ قبل أن يُقْبَضَ، فقد تمَّ البيعُ، وليَقْبِضْهُ، فهذا الذي أراد. ويُوَافِقُه أثر ابن عمر بمنطوقه، وما في "الفتح". ولا يَلزَمُ أن يُحمَلَ على مسألة هلاك المبيع، ولا على ما ذكره في "الفتح" من مذهبه وما ذكره من إيواء الطعام الرَّحَال، فلعله لإلغاء التلقي كما يظهر في روايات لا لانحصار القبض فيه. اهـ. (¬2) قال الشيخُ في "العمدة": "فَوَضَعَه -أي المتاع- عند البائع أو مات البائعُ قبل أن يُقْبَضَ المبيع"، وجوابُ -إذا- محذوفٌ، ولم يَذْكُرْه لمكان الاختلاف فيه. قال ابن بَطَّال: اختلف العلماءُ في هلك المبيع قبل القبض. فذهب أبو حنيفة، والشافعيُّ: إلى أن ضمانه إن تَلِفَ من البائع. وقال أحمد، وإسحاق، وأبو ثَوْر: من المشتري، وأمَّا مالك، ففرَّق بين الثياب والحيوان، فقال: ما كان من الثياب، والطعام فهلك قبل القبض، فضمانه من البائع. وقال ابن القاسم: لأنه لا يُعْرَفُ هَلَاكُهُ، ولا بيِّنةَ عليه. وأمَّا الدواب والحيوان والعَقَار، فمصيبته من المشتري ... إلخ. قلتُ: هذا ما في "شرح العيني"، وفي لفظ الشيخ على ما هو عندي، وذلك ما فَهِمْتُ من كلامه في الدرس الأخير. فَأمْعِن النظرَ فيه، حتى ينجلي الحال، والله تعالى أعلم بالصواب.

58 - باب لا يبيع على بيع أخيه، ولا يسوم على سوم أخيه، حتى يأذن له أو يترك

أو المشتري؟ فالجمهور إلى أنه لو هَلَكَ قبل قبض المشتري، هَلَكَ من مال البائع، وبعده من مال المشتري. قوله: (أَوْ مَاتَ)، أي فإن مات المشتري قبل القبض، فعلى وَرَثَتِهِ أن يَقْبِضُوه. وإن مات البائعُ، فعلى أوليائه التسليمُ. قلتُ: وعندي: أن المصنِّفَ لم يتعرَّض إلى تلك المسألة، بل تعرَّض إلى مسألة أخرى، وهي: أن المشتري إذا اشترى المبيعَ، ثم وضعه عند البائع، فهل يَجُوزُ له أن يَبِيعَه وهو عند البائع؟ والذي يَظهَرُ من تراجمه أنه يَصِحُّ، لأن النقلَ ليس بشرطٍ عنده، كما مرَّ، فَصَحَّ لفظ: «فباع» على ما في أكثر النُّسَخ. أمَّا ما ذَهَبَ إليه أكثر الشارحين، فلا يَصِحُّ إلا على النسخة: «فضاع»، مع أنها ليست في أحدٍ من النسخ الموجودة. ثم قوله «أو مات»، المراد منه موت أحد العَاقِدَيْن، دون المبيع، لأنه لا يُقَال فيه: مات، بل هَلَكَ، فتبيَّن أنه لا تعلُّق لترجمته بما ذَهَبَ إليه الشَّارِحُون. نعم لو كانت النُّسخة: «فضاع»، لكانت المسألةُ فيها ما ذَكَرُوها، ولكنها ليست في أحدٍ من النُّسَخِ المطبوعةِ. ثم اختلف الحنفية: أن الإِيجابَ، والقَبُول، هل يفيدان المِلْكَ، أو حقَّ المِلْكِ؟ وراجع له «حواشي الهداية»، فإن فيه بَسْطًا، وفي ذكرها كفايةٌ. قوله: (وقال ابنُ عُمَرَ: ما أُدْرَكَتِ الصَّفْقَةُ حَيًّا مجمُوعًا، فهو من المُبْتَاع)، أي ما كان عند العقد غير ميِّتٍ، فلم يتغيَّر عن حالته، وكان في الخارج كما وَرَدَ عليه العقد، ووُصِفَ فيه، فهو للمشتري. والمرادُ من الصَّفْقَةِ الإِيجابُ والقَبُول، والمراد من إدراكها شيئًا خرج كما وصف في العقد، وورد العقد عليه. قال الطَّحَاوِيُّ: ذهب ابن عمر إلى أن الصَّفْقَةَ إذا أَدْرَكَتْ شيئًا حيًّا، فَهَلَكَ بعد ذلك عند البائع، فهو من ضمان المشتري، فدَلَّ على أن ابن عمر كان يرى البيعَ تامًّا بالأقوال قبل التَّفْرِقَةِ بالأبدان. 58 - باب لاَ يَبِيعُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلاَ يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ أَوْ يَتْرُكَ 2139 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ». طرفاه 2165، 5142 - تحفة 8329 2140 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلاَ يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، وَلاَ تَسْأَلُ الْمَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا لِتَكْفَأَ مَا فِى إِنَائِهَا. أطرافه 2148، 2150، 2151، 2160، 2162، 2723، 2727، 5144، 5152، 6601 - تحفة 13123 - 91/ 3 ففي الجملة الأولى إرشادٌ للبائع، وفي الثانية للمشتري، نحو: إن كان رجلان يُسَاوِمَان، فَدَخَلَ بينهما ثالثٌ، فقال: لا تشترِ منه، بل أنا أَبِيعُ منك، فهذا إضرارٌ لبائع. وإن قال الثالثُ

59 - باب بيع المزايدة

للبائع: لا تَبِعْهُ منه، بل بِعْهُ مني، فهذا إضرارٌ للمشتري، فنهاهما أن يُضَارَّ أحدُهما الآخرَ. 2140 - قوله: (نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم أن يَبِيعَ حاضرٌ لِبَادٍ) ... إلخ، وعند أبي داود عن أنس، قال: «كان يُقَال: لا يَبِيعَ حاضرٌ لبادٍ»، وهي كلمةٌ جامعةٌ: لا يَبِيعُ شيئًا، ولا يَبْتَاعُ شيئًا. وعنده في «تفسيره» عن ابن عباس، قال: لا يكون سِمْسَارًا، وهو عند النَّسائي أيضًا. وعند أبي داود، والترمذي: «دَعُوا الناسَ يَرْزُقُ اللهُ بعضَهم من بعض». اهـ. وصورة هذا البيع: أن يقولَ الحاضرُ للبادي أن يَضَعَ طعامَه عنده، حتى إذا غَلا السعرُ، يَبِيعُه له لِيَرْبَحَ فيه، فنهى عن ذلك. فإن في بيع البادي، وإن كان ضررًا له، لكنَّ اللهُ سبحانه كذلك يَرْزُقُ بعضَه من بعضٍ، فَيَخْسَرُ واحدٌ، ويَرْبَحُ آخرُ. فهو تكوينٌ منه، فلا يَدْخُلُ فيه، إلا أن يَرَى الحاضرُ أن في بيعه ضررًا فاحشًا له، فحينئذٍ ينبغي أن يَجُوزَ له أن يَبِيعَ لأخيه البدويِّ إعانةً له. أمَّا الشرعُ، فلا يَرِدُ إلا بالنهي، فإنه وإن كان ضررًا بالبائع البادي، لكنه يَعُودُ ربحًا للحاضر. فكما أن إعانته البدوي معقولٌ، كذلك إعانته الحاضر أيضًا، والله سبحانه يَأْخُذُ من بعضٍ، ويُعْطِي بعضًا رزقه، فلا يَجُوز له حسب موضوعه أن يتخلَّل فيه. وأما الفقهاءُ، فلهم موضوعٌ آخر، ومسائلهم حسب موضوعهم. 59 - باب بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ وَقَالَ عَطَاءٌ أَدْرَكْتُ النَّاسَ لاَ يَرَوْنَ بَأْسًا بِبَيْعِ الْمَغَانِمِ فِيمَنْ يَزِيدُ. 2141 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ الْمُكْتِبُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ غُلاَمًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَاحْتَاجَ فَأَخَذَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّى» فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِكَذَا وَكَذَا، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ. أطرافه 2230، 2321، 2403، 2415، 2534، 6716، 6947، 7186 تحفة 2408 أي (نيلام)، وهو في الشرع: الزيادةُ في الثمن، وذا جائزٌ. أمَّا ماأدخله الناسُ فيه من التفاصيل من جائزٍ وحرام، فهي عليهم. 2141 - قوله: (من يَشْتَرِيه مِنِّي) ... إلخ، تمسَّك به الشافعيُّ، ومن ذهب مذهبَهُ على جواز بيع المُدَبَّر. وأجاب (¬1) عنه الحنفيهُ: أنه كان مُدَبَّرًا مُقَيَّدًا. ويَرّدُّه ما عند مسلم، والنَّسائي، ¬

_ (¬1) قال ابن العربي في "العارضة": هذا الحديث ليس من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَيُقَال: يَلْزَمُ الانقياد إليه على كل حالٍ. وإنما هي قضيةٌ في عينٍ، وحكايةٌ في حال، فلا تُعَدَّى إلى غيرها إلا بدليلٍ. هكذا إذا كانت مجرَّدة عن الاحتمال. وإذا تطرَّق إليها التأويل، سقط منها الدليل. والذي يَدُلُّ على الاحتمال فيها، وأنه خارجٌ عن طريق الاحتجاج، قوله: ولم يكن له مالٌ غيره، ولو كان بيعه، لأن التدبيرَ لا يقتضي منعًا، ولم يُوجِبْ عِتْقًا، لم يكن لذكر الراوي. وقوله: ولم يكن له مالٌ غير معيَّن، ولعلَّ الصواب: غيره معنى. ولا يَجُوزُ إسقاط بعض الحديث، والتعلُّق ببعضه. ويحتمل أن يكون سفيهًا، فردَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فعله. وعليه حمله البخاريُّ، وبوّب به، وأدخله في الباب. وقال بعضُ العلماء: باعه في دينٍ، وهذا باطلٌ، فإِنا قد بيَّنا في الصحيح: أنه دفعه إليه، وأمره أن يَعُودَ به على قرابته وعليه في معاشِهِ ودَيْنِهِ. وقد قال جماعةٌ: تُرَدُّ أفعال السفيه، والله أعلم. "العارضة" ولعلَّ في العبارة بعض سَقْطٍ.

عن جابر قال: «أَعْتَقَ رجلٌ من بني عُذْرَة عبدًا له عن دُبُرٍ» اهـ. وظاهرهُ أنه كان مُدَبَّرًا مطلقًا. فالجواب: أن بَيْعَهُ لم يكن على أن بيعَ المُدَبَّر جائزٌ في الشرع، بل لأن الرجل لم يكن له مالٌ غيره، فلما دبَّره عزَّره النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بذلك، كما في النَّسائي: «فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم فقال: أَلَكَ مالٌ غَيْرُهُ؟ قال: لا، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم من يَشْتَرِيه». اهـ. قال السِّنْدِي في «حاشيتهِ» فيه: إن السفيهَ يُحْجَرُ، ويُرَدُّ عليه تصرُّفه. ولعلَّ البخاريَّ أيضًا ذهب إليه، فترجم: باب من رَدَّ أمر السفيه والضعيف العقل ... إلخ، ثم أخرج تحته حديث الباب. فعُلِمَ أنه جعله من باب الحَجْر، وإلغاء تصرُّف التدبير. لكن تراجمَه تَتَهَافَتُ على هذا التقدير، فلا يُدْرَى أنه حكم بالمجموع، أو أن هذا جائزٌ، وذلك أيضًا جائزٌ. لأن ولايةَ الشارع فوق ولاية سائر الولاة، فتصرُّفاتُه أيضًا تكون فوق تصرُّفاتهم، فيجوز له ما لا يجوز لغيره، فأمثالَ تلك التصرُّفات تختصُّ به صلى الله عليه وسلّم. ونظيرُه ما أخرجه أبو داود في باب من قتل عبده ... إلخ، قال: «جاء رجلٌ مُسْتَصْرِخٌ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلّم فقال: جاريةٌ له يا رسول الله، فقال: وَيْحَكَ مَالَكَ؟ فقال: شرٌ، أَبْصَرَ لسيده جاريةً له، فغار، فَجَبَّ مذاكيره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم عليّ بالرَّجُلِ، فَطُلِبَ، فلم يُقْدَرْ عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأنت حرٌّ، فقال: يا رسول الله على من نُصْرَتي؟ فقال: على كُلِّ مُسْلمٍ، أو قال: على كلِّ مُؤْمِنٍ». اهـ. فإِعتاقُ عبد الغير ليس بأدون من إبطال تدبيره، فإذا جَازَ له أن يَعْتِقَ عبدًا لغيره، جَازَ له أن يَبِيعَ مُدَبَّرًا لغيره أيضًا، ولا يكون ذلك لأحدٍ بعده، لقوة ولايته وعموم تصرُّفاته على الإِطلاق. أَلا ترى أن أحدًا لو فَعَلَهُ اليومَ بعبده، لم يَجُزْ لأحدٍ أن يَعْتِقَ عبده؟ ولكن المسألةَ فيه: أن الجروحَ قِصَاصٌ، فإِذن هو من باب التَّعْزِيرِ، وحَجْر التصرُّف. وأجاب العيني: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يَبِعْهُ، ولكنه استأجره، البيعُ بمعنى الإِجارة في لغة المدينة. ويَشْهَدُ له ما عند الدَّارَقُطْنيِّ (¬1)، عن ¬

_ (¬1) أخرج الدارقطنيُّ: حدَّثنا أبو بكر النيْسَابُوري: حدثنا محمد بن يحيى: حدثنا يزيد بن هارون: حدثنا عبد الملك ابن أبي سليمان، عن أبي جعفر، قال: "باع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خدمةَ المُدَبَّرة". ثم أَخْرَجَ: حدَّثنا أبو بكر: حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم: حدثنا حجَّاج، وهُشَيْم بن جميل، قالا: حدَّثنا شَرِيك، عن جابر، عن أبي جَعْفَر، قال: "إنما باع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خدمةَ المُدَبِّر". قال أبو بكر: لم أجد في حديثٍ غير هذا. وأبو جعفر وإن كان من الثقات، فإن حديثَه مُرْسَلٌ. حدثنا أحمد بن محمد بن زياد القطَّان: أخبرنا عبد الكريم بن الهيثم: حدثنا محمد بن طَرِيف: حدثنا ابن فضل، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا بأسَ ببيع خدمة المُدَبِّر إذا احتاج". قال الدَّارَقُطني: هذا خطأٌ من ابن طَرِيف، والصواب عن عبد الملك، عن أبي جعفر مُرْسَلًا. انتهى. قلتُ: وبيعُ الخِدْمَةِ هو الاستئجار، فَثبَتَ أن البيعَ يُطْلَقُ على الاستئجار أيضًا. وهذا الجوابُ قد ارتضى به الحافظُ الزَّيْلعي، حيث قال: الجواب الثاني: أن نَحْمِلَهُ على بيع الخدمة، لا بيع الرَّقبة، بدليل ما أخرجه الدَّارَقُطْنيُّ عن عبد الغفَّار بن القاسم، عن أبي جعفر، قال: "ذُكِرَ عنده أن عطاءَ، وطاوسًا يقولان عن جابر في الذي أعتقه مولاه في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كان أعتقه عن دُبْرٍ، فأمره أن يَبِيعَهُ، ويقضي ديْنَهُ، فباعه بثمانمائة درهمٍ. قال أبو جعفر: شَهِدْتُ الحديثَ من جابر، إنما أذِنَ في بيع خِدْمَتِهِ"، اهـ. =

60 - باب النجش ومن قال لا يجوز ذلك البيع

الإِمام محمد الباقر مرسلا في قصة أخرى: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم استأجر فيها» (¬1)، ولي من عند نفسي جوابٌ آخر، ذكرته في موضعه. 60 - باب النَّجْشِ وَمَنْ قَالَ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ الْبَيْعُ وَقَالَ ابْنُ أَبِى أَوْفَى النَّاجِشُ آكِلُ رِبًا خَائِنٌ. وَهْوَ خِدَاعٌ بَاطِلٌ، لاَ يَحِلُّ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْخَدِيعَةُ فِى النَّارِ، وَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهْوَ رَدٌّ». 2142 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النَّجْشِ. طرفه 6963 - تحفة 8348 والنَّجْشُ في اللغة: إغراءُ الكلب. وهذا البيعُ لا يَجُوزُ عند المصنِّف أصلا، لورود النهي عنه. قلتُ: النهيُ لا يَسْتَلْزِمُ البُطْلان دائمًا. فإنا نرى من عهد الصحابة إلى زمن الأئمة: أن النهيَ إذا وَرَدَ في محلًّ، يَحْمِلُه بعضُهم على الكراهة، وبعضُهم على البُطْلان، فلا كُلِّية فيه، ففي محلًّ كذا، وفي محلًّ كذا. والإِمامُ البخاريُّ يَحْمِلُهُ على البُطْلان في أكثر المواضع، وقلَّ موضعٌ يكون النهيُ وَرَدَ فيه، ثم حمله المصنِّفُ على الجواز، بل يَعْتَرِضُ على الحنفية بحملهم النهي على الصحة. ثم إن الشيخَ ابن الهُمَام قال في «فتح القدير»: إن النهيَ في العبادات لا يُوجِبُ البُطْلان، ونَاقِضُهُ في «التحرير»، فقال: إنه يُوجِبُهُ. وكان لا بُدَّ للشارح أن يُنَبِّه عليه: أن ما في «التحرير» يُخَالِفُ ما اختاره في في «فتح القدير». وكيفما كان تعبيرُه في «فتح القدير» أَوْلَى مما قاله صاحب «الهداية»: أن النهيَ عن الأفعال الشرعيَّة يُقَرِّر المشروعية، فإنه بعيدٌ جدًا، والأقربُ ما قاله الشيخُ ابن الهُمَام. قوله: (وهو خِدَاعٌ بَاطِلٌ) ... إلخ، وأراد المصنِّفُ من نقل تلك الجزئيات: أن هذا البيع لا يَجُوز. قلنا: سلَّمنا عدم الحلِّ أيضًا، ولكن الكلامَ في نفاذه لو اقْتَحَمَهُ أحدٌ. قوله: (الخَدِيعَة في النَّار) ... إلخ. وعُلِمَ أنه قد تحقَّق عندي تجسُّد المعاني، وقوَّاه الشيخُ الأكبر في «الفتوحات»، والدَّوَّاني في «رسالته الزوراء» بقوله تعالى: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} [التوبة: 49]، أي إنها محيطةٌ في الحالة الراهنة، ولكنها مستورةٌ، يَنْكِشُفُ عنها الغطاء ¬

_ = أمَّا الجوابُ الأولُ، فهو ما هو المشهور عند القوم بأنه كان مُدَبَّرًا مقيَّدًا، وبيعُه جائزٌ عندنا. وهذا الجواب قد رَدَّه الحافظُ الزَّيْلَعي، ثم قال: وكونه لم يَكُنْ له مالٌ غيره ليس علة في جواز بيعه، لأن المذهبَ فيه: أن العبدَ يسعى في قيمته، يَدُلُّ عليه ما أخرجه عبد الرَّزَّاق في "مصنَّفه" عن زياد الأعرج، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في رجل أَعْتَقَ عبده عند الموت، فترك دينًا، وليس له مالٌ: قال: "ليستسعي العبدُ في قيمته"، اهـ بتغييرٍ وقد مرَّ عليه الطحاويُّ أيضًا، وحمل البيع على الإِجارة، كما في "المعتصر" وذكر نحوه العلَّامة المارْدِيني في "الجوهر النقي" فشيدهُ، وقرَّره. والله تعالى أعلم. (¬1) قلتُ: ونظيره ما في "شمائل الترمذي" في قصة سلمان: "أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اشتراه" مع أن المحقِّق أنه كان أعانه على الكِتَابة، فتلك توسُّعات كلها، لا ضَيْقَ فيها.

61 - باب بيع الغرر وحبل الحبلة

في الحشر. فتلك المعاني الكُفْرِيَّة تَنْقَلِبُ نارًا، وتتجسَّد جهنم، بل هي هي في الحالة الراهنة، إلا أن الأبصارَ ضَعُفَتْ عن إدراكها. قوله: (من عَمِلَ عملا ليس عَلَيْهِ أمرُنا، فهو رَدٌّ). اسْتَشْهَدَ به البخاريُّ على البُطْلان، وحَمَلَهُ الناسُ على المعصية. فمعنى قوله: «فهو رَدٌّ» عند البخاري: أي باطلٌ، وعند آخرين: فهو غيرُ مقبولٍ، ومعصيةٌ. وجملةُ المقال: إن التقسيمَ عنده: ثُنَائي، فالشيءُ عنده، إمَّا صحيحٌ، أو باطلٌ. وعندنا ثُلاثي، والثالث ما هو صحيحٌ من وجهٍ، وباطلٌ من وجهٍ. وهذا نظيرُ الاختلاف في المُمْكِن أنه شيءٌ أو لا؟ فقيل: إنه ليس بشيءٍ، لأن الشيءَ إمَّا واجبٌ، أو مُمْتَنِعٌ. وقيل: بل التقسيمُ ثلاثي، فالممكن أيضًا شيءٌ. والبِدْعَةُ عندي: كلُّ شيءٍ حَدَثَ بعد القرون الثلاثة المشهود لها بالخير لشبهةٍ لا لعنادٍ، وكانت مُلْتَبِسَةً بالشريعة. فإذا أَحْدَثَها الخلفاء، أو خيرُ القرون، فليست ببدعةٍ. وكذا إذا حَدَثَتْ لعنادٍ أو لم تَلْتَبِسْ بالشريعة، فليست ببدعةٍ أيضًا، وإن كانت مردودةً عند الشرع. 61 - باب بَيْعِ الْغَرَرِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ 2143 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ، وَكَانَ بَيْعًا يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجَزُورَ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ، ثُمَّ تُنْتَجُ الَّتِى فِى بَطْنِهَا. طرفاه 2256، 3843 - تحفة 8370 الغرر مُتَعَدِّي، والغرور لازمي. قوله: (حَبَل الحَبَلَة). قيل: إنه كان مَبِيعًا في الجاهلية، وقيل: بل كان أجلا. 62 - باب بَيْعِ الْمُلاَمَسَةِ قَالَ أَنَسٌ: نَهَى عَنْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. 2144 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ - رضى الله عنه - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْمُنَابَذَةِ، وَهْىَ طَرْحُ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ بِالْبَيْعِ إِلَى الرَّجُلِ، قَبْلَ أَنْ يُقَلِّبَهُ، أَوْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَنَهَى عَنِ الْمُلاَمَسَةِ، وَالْمُلاَمَسَةُ لَمْسُ الثَّوْبِ لاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ. أطرافه 367، 1991، 2147، 5820، 5822، 6284 - تحفة 4087 2145 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نُهِىَ عَنْ لِبْسَتَيْنِ أَنْ يَحْتَبِىَ الرَّجُلُ فِى الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، ثُمَّ يَرْفَعَهُ عَلَى مَنْكِبِهِ، وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ اللِّمَاسِ وَالنِّبَاذِ. أطرافه 368، 584، 588، 1993، 2146، 5819، 5821 - تحفة 14446 - 92/ 3 قيل: إن المُلامَسَة نفسها كانت بيعًا، وقيل: إنها كانت قاطعةً للخِيَار.

63 - باب بيع المنابذة

63 - باب بَيْعِ الْمُنَابَذَةِ وَقَالَ أَنَسٌ نَهَى عَنْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. 2146 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ وَعَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ. أطرافه 368، 584، 588، 1993، 2145، 5819، 5821 - تحفة 13964، 13827 2147 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ لِبْسَتَيْنِ وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ. أطرافه 367، 1991، 2144، 5820، 5822، 6284 - تحفة 4154 64 - باب النَّهْىِ لِلْبَائِعِ أَنْ لاَ يُحَفِّلَ الإِبِلَ وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَكُلَّ مُحَفَّلَةٍ وَالْمُصَرَّاةُ الَّتِى صُرِّىَ لَبَنُهَا وَحُقِنَ فِيهِ، وَجُمِعَ فَلَمْ يُحْلَبْ أَيَّامًا. وَأَصْلُ التَّصْرِيَةِ حَبْسُ الْمَاءِ يُقَالُ مِنْهُ صَرَّيْتُ الْمَاءَ. 2148 - حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُصَرُّوا الإِبِلَ وَالْغَنَمَ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدُ فَإِنَّهُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعَ تَمْرٍ». وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى صَالِحٍ وَمُجَاهِدٍ وَالْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ وَمُوسَى بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «صَاعَ تَمْرٍ». وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ وَهْوَ بِالْخِيَارِ ثَلاَثًا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ. وَلَمْ يَذْكُرْ ثَلاَثًا، وَالتَّمْرُ أَكْثَرُ. أطرافه 2140، 2150، 2151، 2160، 2162، 2723، 2727، 5144، 5152، 6601 - تحفة 13634، 14500، 14629 2149 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى يَقُولُ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُحَفَّلَةً، فَرَدَّهَا فَلْيَرُدَّ مَعَهَا صَاعًا. وَنَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُلَقَّى الْبُيُوعُ. طرفه 2164 - تحفة 9377 2150 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ، وَلاَ يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَلاَ تَنَاجَشُوا وَلاَ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلاَ تُصَرُّوا الْغَنَمَ، وَمَنِ ابْتَاعَهَا فَهْوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ». أطرافه 2140، 2148، 2151، 2160، 2162، 2723، 2727، 5144، 5152، 6601 - تحفة 13802 - 93/ 3 65 - باب إِنْ شَاءَ رَدَّ الْمُصَرَّاةَ وَفِى حَلْبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ 2151 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي

زِيَادٌ أَنَّ ثَابِتًا مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنِ اشْتَرَى غَنَمًا مُصَرَّاةً فَاحْتَلَبَهَا، فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا فَفِى حَلْبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ». أطرافه 2140، 2148، 2150، 2160، 2162، 2723، 2727، 5144، 5152، 6601 - تحفة 12227 قيل: أصل المُصَرَّاة مَصْرُورَة، كما أن أصل {دَسَّاهَا} [الشمس: 10] دسَّسها، فصارت - دسَّاها (¬1). والمصنِّفُ أيضًا توجَّه إلى بيان الاشتقاق. كما هو دَأْبُهُ. واعلم أن التَّصْرِيَةَ عيبٌ عند الشافعيِّ، وأحمد، فجاز للمشتري أن يَرُدَّ به على البائع، إلا أنه يَرُدُّ معه صاعًا من تمرٍ، لحديث أبي هريرة. وقال أبو يوسف: يَرُدُّه، ويَرُدُّ معه قيمةَ اللبن، كائنةً ما كانت. وقال أبو حنيفة، ومحمد: لا يَرُدُّه، لأن الحَلْب عَيْبٌ في الحيوان، والمبيعُ إذا كان مَعِيبًا، ثم حدث فيه عَيْبٌ آخر عند المشتري، امتنع رَدُّه، فليس له إلا الرُّجُوعَ بالنقصان. والحديثُ وَارِدٌ علينا، وأجاب عنه (¬2) بعضُ الحنفية: إن الحديثَ إذا رَوَاه راوٍ غير فقيهٍ، وعَارَضَهِ ¬

_ (¬1) قال الشيخُ: اختلف أهلُ العلم واللغة في تفسير المُصَرَّاة، ومن أين أخِذَت واشْتَقْت؟ فقال الشافعيُّ: التَّصْرِيَة أن تُرْبَطَ أَخْلَاف الناقة والشاة، وتُتْرَكَ من الحلب اليومين والثلاثة، حتى يَجْتَمِعَ لها لبنٌ، فيراه مشتَريها كثيرًا، ويزيد في ثمنها لِمَا يرى من كثرة لبنها. فإذا حَلَبَها بعد تلك الحَلْبة حَلْبَةً، أو اثنتين، عَرَفَ أن ذلك ليس بلبنها، وهذا غرورٌ للمشتري. وقال أبو عُبَيْد: المُصَرَّاة: الناقةُ، أو البقرةُ، أو الشاةُ التي قد صُرِّي اللبنُ في ضَرْعِهَا، يعني: حُقِنَ فيه، وجُمِعَ أيامًا، فلم يُحْلَبْ. وأصلُ التَّصْرِيَة: حبسُ الماء وجمعه، يقالُ منه: صرَّيْتُ الماءَ. ويُقَال: إنما سُمِّيَت مُصَرَّاة، كأنها مياه اجتمعت. قال أبو عُبَيْد: ولو كان من الربط لكان مَصْرُورَة، أو مُصَرَّرةً. قال الشيخ: كأنه يريد به ردًا على الشافعيِّ. قال الشيخُ: قول أبي عُبَيْد حسنٌ، وقولُ الشافعيِّ صحيح. والعربُ تَصُرُّ ضروعَ الحَلُوبات إذا أرسلتها تَسْرَحُ، وُيسَمُّون ذلك الرباط: صِرَارًا، فإذا رَاحَتْ حُلَّت تلك الأَصِرَّة، وحُلِبَتْ. ومن هذا حديث أبي سعيد الخُدْرِي، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: "لا يَحِلُّ لرجلٍ يُؤْمِنُ بالله واليوم الآخر أن يَحُلَّ صِرَار ناقةٍ بغير إذن صاحبها، فإنه خَاتِمُ أهلها عليها، ومن هذا قول عنترة: العبدُ لا يُحْسِنُ الكَرَّ ... إنما يُحْسِنُ الحَلْبَ والصَرَّ وقال مالك بن نُوَيْرَة: وكان بنو يَرْبُوع جمعوا صدقاتهم ليوَجِهُوا بها إلى أبي بكر، فمنعهم من ذلك، ورَدَّ على كل رجلٍ منهم صدقتهم، وقال: أنا جُنّةٌ لكم مما تَكرَهُون، وقال: وقلتُ: خُذُوها هذه صَدَقَاتُكم ... مُصَرَّرَةٌ أَخْلَافها لم تُجَدَّد سأجعل نفسي دون ما تجدونه ... وأرهنكم يومًا بما قلته يدي قال الشيخُ، وقد يَحْتَمِلُ أن يكونَ المصَرَّاةُ أصله المَصْرُورَة، أبدل إحدى الرَّاءين ياءً، كقولهم: تقضى البازي. وأصله تفضض كَرِهُوا اجتماع ثلاثة أحرف من جنسٍ واحدٍ في كلمةٍ واحدةٍ، فأَبدَلُوا حرفًا منها بحرفٍ آخرَ ليس من جنسها، قال العجاج: تقضى البازي إذا البازي كسر ومن هذا الباب قول الله تعالى: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)} [الشمس: 10]، أي أَخمَلَهَا بمنع الخير، وأصله من دسَّسها. ومثلُ هذا في الكلام كثيرٌ - "خطَّابي". (¬2) قال ابن العربي: قال أصحابُ أبي حنيفة: هذا الحديثُ لا حُجَّةَ فيه، لأنه يُخَالِفُ الأصولَ في ثمانية أوجه: الأولى: أنه أوْجَبَ الردَّ من غير عَيْبٍ ولا شرطٍ. الثاني: أنه قدَّر الخِيَار بثلاثة أيام، والثالث حُكمًا لا يتقدَّر بمدةٍ، إنما يتقدَّر الثالث بالشرط. قلتُ: ولعلَّ لفظَ الثالث سهوٌ من الكاتب في المَوْضِعَيْن. الثالثُ: أنه أوْجَبَ =

القياسُ، يُتْرَكُ العملُ به، ويُعْمَلُ بالقياس. فلمَّا كان حديثُ أبي هُرَيْرَة مُخَالِفًا للقياس، ورواه من هو غير فقيهٍ، عَدَلْنا إلى القياس، وعَمِلْنا به. ¬

_ = الرَّدَّ بعد ذهاب جزءٍ من البيع. الرابعُ: أَوْجَبَ عليه البدل، وهو العِوَضُ عن اللبن، مع قيام المُبْدَل، وهو اللبنُ. الخامسُ: أنه قدَّره بالتمر، أو بالطعام، والمُتلَفَاتُ إنما تُضْمَنُ بأمثالها، أو قيمتها بالنقد. السادسُ: أن اللبنَ من ذوات الأمثال، فحُكِمَ بضمانه في هذا الخبر بالقيمة. السابعُ: أنه يُؤَدِّي إلى الربا، لأنه إن باعها بصاعٍ، ثم دفع اللبنَ وصاعًا، أدَّى إلى صاعٍ وعينٍ بصاعٍ؛ الثامنُ: أنه يُؤدِّي إلى أن يجتمعَ عنده العِوَضُ والمُعَوَّضُ، لأنه إذا باعها بصاعٍ وردَّها بصاعٍ، صار عنده شاةٌ وصاعان، فاجتمع العِوَضُ والمُعَوَّضُ. قلتُ: وفي العبارة سقطٌ، ثم أجاب عن الوجوه كلِّها. قلتُ: قد كَثُرَ شَغْبُ الخصوم من كل جانب، مع أني لا أرى فيها أمرًا غريبًا، بل أرى أن أصحابَنا قد سَلَكُوا في الأبواب كلِّها ذلك المَسْلَك، ونِعْمَ المسلكُ هُوَ، أعني العملُ بالضابطة الكُلِّيةِ الواردةِ في الباب، وتركُ العملِ بجزئياتٍ وردت على خلاف تلك. والمرادُ بالترك هو التوقُّف في العمل بها، أو إبداء تأويلها بنحوٍ. وترى صنيعهم هذا مُطَّرِدًا في جملة الأبواب إن شاء الله تعالى. فقد عَمِلُوا بحديث أبي أيُّوب، وَتَركُوا العملَ بحديث ابن عمر في مسألة الاستقبال والاستدبار. وكذا في مسألة المواقيت عَمِلُوا بسنَّةٍ فاشيةٍ، وضابطةٍ كُلِّيةٍ، ولم يخصِّصُوها بوقائعَ متفرِّقة، فعَمِلُوا بعموم أحاديث النهي في الأوقات المكروهة، ما لم يَعْمَلْ به الآخرون، ولم يَرْضُوا أن يَتْرِكُوه بحالٍ. ومن هذا الباب أنهم لم يَرخِّصُوا بالركعتين والإِمام يَخطُبُ، لمَّا وجده مخالفًا لضابطة الاستماع يوم الجمعة عند الخُطبَة. ولم يُرَخصُوا بالكلام قليلًا كان أو كثيرًا، ناسيًا كان أو عامدًا، لأجل حديث ذي اليدين، فإنه لا يَزِيدُ على كونه واقعةً، مع ورود ضابطةٍ كُلِّيةٍ في الباب: "أن الصلاةَ لا يَصْلُحُ فيها شيءٌ من كلام الناس، إنما هي ذكرُ الله، والتسبيحُ، والتهليلُ، وقراءةُ القرآن الكريم". وكذا لم يَقُولُوا بتعدُّد الركوع في صلاة الكسوف، وكأنهم رأوا سبيله سبيل الجزئيات في عدم انكشاف الوجه، فَعمِلُوا بضابطةٍ كُلِّيةٍ في الصلاة. وهكذا فَعَلُوا في الصلاة على الغائب، وعلى القبر، وفي المسجد، فإن المُسْتَنَدَ في كلِّها جزئياتٌ لم تَنْكَشِفْ وجوهها. وهو صنيعُهم في مسألة موت المُحْرم، فإنهم رَأوا سبيله سبيل المُحِلِّين، ولم يَضَعُوا له سنةً جديدةً، لقوله - صلى الله عليه وسلم - في مُحرِمٍ خاصةً: "لا تُخَمِّرُوا رَأسَهُ". أمَّا في المعاملات، فَطَرَدُوا فيها على ذلك، كما لا يَخفَى. اهـ. فقد تَرَكُوا حديثَ ليلة البعير، لحديث: "نهى عن بيعٍ وشرطٍ"، وقد قرَّرنا تلك الأحاديث في هذه الأمالي. ومن هذا الباب حديث أبي هريرة هذا، فإنه لا يَلتَئِم مع سائر أحاديث باب التضمين، فإن الضَّمَانَ لم يُعهَدْ في الشرع إلَّا بالمِثلِ، أو بالقيمة. وليس ضمان اللبن بصاعٍ من التمر في شيءٍ منهما، فصار كالجزئيات التي لم تَنْكَشِفْ وجوهها. ولَسْنَا مُتَفَرِّدِين في ذلك الصنيع، فإن مثل مالك أيضًا فَعَلَهُ، فإنه ترك العملَ بحديث الخيار، وقال: إن التفرُّقَ بالأبدان مجهولٌ لا نَعْلَمُ حدَّه، فلم يَعْمَلْ به. وهكذا حديث أبي هُرَيْرَة عند البخاري: "الظهر يُركَبُ بنفقته إذا كان مَرْهونًا" ... إلخ. قال ابن عبد البَرِّ: هذا الحديث عند جمهور الفقهاء يُعَارِضُه أصولٌ مُجمَعٌ عليها، وآثارٌ ثابتةٌ لا يُختَلَفُ في صحتها. ثم ذَهَبَ إلى نسخه، كما ذكره الحافظ في "الفتح". وكذا الشافعيُّ لم يَعْمَلْ بحديث ابن عباس في الجمع بين الصلاتين في المدينة، وبحديث الإِبراد، وبحديث السِّعَاية مع صحتها. وبابُ التأويل واسعٌ، ولا يَعْجِزُ عنه أحدٌ. فإن ترك الحنفية حديثَ أبي هريرة هذا لزعمهم أنه يُخَالِفُ سائر باب التضمين، فماذا أَذْنَبُوا؟ ثم لِيُعْلَمَ أنه فَرقٌ بين ترك العمل بحديثٍ، والتوقُّف عنه، وبين ردْ الحديث. وحاشا للحنفية أن يقولوا برَدِّ حديثٍ ثَبَتَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، كيف! وحقُّ الرسول أَقدَمُ، ولكنهم إذا توقَّفُوا عن العمل =

قلتُ: وهذا الجواب باطلٌ لا يُلْتَفَتُ إليه، ولم يَزَلْ مَطْعَنًا للخصوم منذ زمنٍ قديم. ولمثل هذا اشْتَهَرَ أن الحنفيةَ يُقَدِّمُون الرأيَ على الحديث. وحَاشَاهُم أن يَقُولُوا بمثله، فإن هذه المسألة لم يَصِحَّ نقلها عن أبي حنيفة، ولا عن أحدٍ من أصحابه. نعم نُسِبَتْ إلى عيسى ابن أَبَان - المعاصر للشافعي - وهي أيضًا محلُّ تردُّدٍ عندي. كيف وقد قال المُزَني: إن أبا حنيفة أَتْبَعُ للأثر من محمد، وأبي يوسف. فلعلَّ تكون بين يديه جزئياتٌ، ومسائلُ تَدُلُّ على هذا المعنى. وبالجملة هذا الجواب أَوْلَى أن لا يُذْكَرَ في الكُتُبِ، وإن ذكره بعضُهم، ومن يَجْتَرِيءُ على أبي هُرَيْرَة فيقول: إنه كان غيرُ فقيهٍ؟ ولو سلَّمنا، فقد يَرْويه أفقههم، أعني ابن مسعود أيضًا، فيعود المَحْذُورُ. وأجاب عنه الطحاويُّ بالمعارضة بحديث: «الخَرَاج بالضَّمَان» (¬1). ¬

_ = بحديثٍ لوجوهٍ لاحت لهم، أو من أجل سُنَّةٍ تقرَّرت عندهم، أَرَىَ الخصومَ يَرْمُونَهم بردِّ الحديث، فهذا من تحامُلِهم علينا. أَلاَ ترى أن الترمذيَّ ذكر في "علله الصغرى" أني ذكرت حديثين صحيحين في كتابي لم يَعْمَل بهما أحدٌ من الأمة، وما ذلك إلَّا لعدم إدراكهم وجههما. والسرُّ في ذلك: أن عمل المجتهد بحديثٍ لا يكون كعمل المقلِّد به، فإنه يَنظُرُ إلى معانيه، ومبانيه، وعلله، وسائر أسبابه، وأنه هل يَرْتَبِطُ مع سائر الأصول، أو يُنَاقِضُها، فتارة يعمِّمُه، وأخرى يُخَصِّصُه. وبالجملة ليس دَأبُه العملَ بالجزئيات المنتشرة على أي وجهٍ وُجِدَتْ، إنما هو وظيفةُ المقلِّد، أي العمل بالجزئيات المنقولة عن إمامه، وإنما همُّ المجتهد في إرجاع الجزئياتِ المتناسبةِ إلى أصلٍ واحدٍ، ودَرْجِهَا تحت ضابطةٍ تُنَاسِبُها. وكذا دَأبُه مع الأصول، ليس رَدَّ بعضها على بعضٍ، فمراعاة التَّوَافُق بين الأصول، وإلحاق الجزئيات بضوابطها من وظيفة الاجتهاد، وليس من وظيفته أنه إذا مرَّ بحديثٍ عَمِلَ به بدون إمعانٍ في معناه ومبناه، وقد وَجَدْنا نحوه بين السلف أيضًا. فإن أبا هُرَيْرَة لمَّا روى حديث الوضوء مما مَسَّت النار، قال له ابن عباس: "أَنَتَوَضَّأُ من الحميم، أَنَتَوَضَّأُ من الدهن؟! وما ذلك لإِمعانه في معنى الحديث، وحاشا أن يُعَارِضَ حديثَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيءٍ. ونظيرُه النزولُ في الأَبْطَح، ذهب بعضُ الصحابة إلى استحبابه، وقال آخرون: إنه ليس من النُّسُك في شيءٍ، وإنما كان مَنْزِلًا نزله رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. وإنما أَطْنَبْتُ فيه الكلامَ لأني وَجَدْتُ كثيرًا من الناس لا يفرِّقون بين الوظيفتين، فَيُلْزِمُون المجتهدَ ما يَلْزَمُ على المقلد. وقد نبَّه عليه الحافظ فضل الله التُورِبِشتِي في ذيل كلامه في مسألة الإشعار، في باب الحج. وهو مهمٌّ جدًا، فلذا اعْتَنَيتُ به، ليعلمه من لم يَعْلَمْ، وَيعْمَلَ به من لم يَعْمَل، فلا يُطِيلُ لسانه على الأئمة المجتهدين في مواضع الخلاف، والله تعالى أعلم بالصواب. (¬1) قلتُ: وحاصلُه: أن اللبنَ الذي احتلبه المشتري قد كان بعضُه في مِلْكِ البائع قبل الشراء، وحَدَثَ بعضُه في مِلْكِ المشتري، فلا يَخْلُو أن الصَّاعَ الذي تُوجِبُه على مشتري المُصَرَّاة أن يَرُدَّه إلى البائع، إمَّا أن يكون عِوَضًا عن مجموع اللِّبَنِ، أو عمَّا كان في وقت وقوع البيع خاصةً. فإن كان الأوَّلُ يَلْزَمُ عليك أن لا يكون الخَرَاجُ بالضَّمَانِ، فإن اللِّبن الذي حَدَث في مِلْكِ المشتري لكونه في ضمانه يكون له على حديث: "الخَرَاج بالضمان"، فكيف يتحمَّل المشتري صاعَ التمر، عِوَضًا عنه. ألَا ترى أنه لو رَدَّها على البائع بعَيْبٍ غير التحفيل، لا ضمانَ عليه عند الشافعية لمَّا شَرِبَ من لبنه، لهذا الحديث، فما له يتحمَّل الغرامةَ في عيبِ التحفيل؟ وإن كان الثاني -أي ذلك الصاع- عِوَضًا مما كان في ضَرْعِها وقت البيع، يَلْزَمُ عليك بيع الكائي بالكائي، وقد نهى عنه، وذلك لأن هذا اللبن ليس ملكًا للمشتري، لا بحكم البيع، ولا بحكم الحديث: الخراج بالضمان، فيكون للبائع، فإذا شربه المشتري، وأتلفه صار دينًا في ذمته لنقض البيع، وكذا صار الصاع أيضًا دينًا عليه، عوضًا عنه، وهذا هو بيع اللبن بالصاع دينًا، وهو غير جائز مطلقًا، فعلى أي الوجهين كان يلزم عليك ترك أحد الحديثين، إما حديث: =

والجواب عندي: أن الحديثَ محمولٌ على الدِّيَانة دون القضاء، لِمَا في «فتح القدير»، في باب الإِقالة: أن الغَرَرَ، إمَّا قوليٌّ، أو فعليٌّ، فإن كان الغَرَرُ قوليًّا، فالإِقالةُ واجبةٌ بحكم القاضي. وإن كان الثاني تَجِبُ عليه الإِقالةُ دِيَانةً، ولا يَدْخُلُ في القضاء. كيف وأن الخِدَعَاتِ أشياءٌ مستورةٌ، ليس إلى علمها سبيلٌ، فلا يُمْكِنُ أن تَدْخُلَ تحت القضاء. فالتَّصْرِيةُ أيضًا خَدِيعةٌ، ويَجِبُ فيها على البائع أن يُقِيلَ المشتري ديانةً، وإن لم يَجِبْ قضاءً. وحينئذٍ فالحديثُ مُتَأَت على مسائلنا أيضًا، ولم أَرَ أحدًا منهم كَتَبَ أنه مُوَافِقٌ لنا. وادَّعَيْتُ من عند نفسي: أن الحديث لا يُخَالِفَ مسائلنا أصلا، لأن التَّصْرِيَة غَرَرٌ فِعْليٌّ، وفيه الرَّدُّ ديانةً على نصِّ «فتح القدير». وهكذا أقول فيما إذا اشترى سلعةً، فلم يُؤَدِّ ثمنها حتى أَفْلَسَ: إنه يكون فيه أسوة للغُرَمَاءِ عندنا قضاءً، ويَجِبُ عليه أن يَرُدَّ المبيعَ إلى البائع خِفْيَةً ديانةً، فإنه أحقُّ به، لكنه حكم الدِّيَانة دون القضاء. وأوَّله الطحاويُّ في هذا الحديث أيضًا، وحَمَلَهُ على العَوَارِي. ونظيرُه ما في الفِقْهِ: أن فرسًا لأحدٍ لو هَرَبَ إلى دار الحرب، ثم حيِزَ في الغنيمة، فإن أخذه مالكه قبل التقسيم يأخذه مجَّانًا، وإلا فيأخذه بالقيمة. فَدَلَّ على بقاء حقِّه بعد التقسيم أيضًا في الجملة، وإن لم يَبْقَ مِلْكُه، فانكشف أن حقَّ المِلْكِ قد يبقى بعد زوال المِلْكِ أيضًا. وهكذا فيما إذا أَفْلَسَ المشتري، ينقطع مِلْكُ البائع عن المبيع، ويبقى حقُّ المِلْكِ، ولذا يَجِبُ عليه دِيَانةً أن يَرُدَّه عليه خِفْيَةً. أمَّا في القضاء، فهو أسوةٌ للغُرَمَاء، لانقطاع المِلْكِ. ثم اعلم أن الزيادةَ في المبيع إمَّا متَّصِلَةٌ، كصَبْغِ الثوب، أو مُنْفَصِلَةٌ. والمُنْفَصِلَةُ إمَّا مُتَوَلِّدَةٌ، أو غير مُتَوَلِّدَةٍ، وكلٌّ منها قبل القَبْضِ أو بعده. ومِصْدَاقُ الحديث: «الخراج بالضمان» الزيادةُ الغيرُ المُتَوَلِّدة. وهي فيما نحن فيه: مُتَوَلِّدَةٌ مُنْفَصِلَةٌ، ولا رَدَّ فيها عندنا في عامة كُتُبِنَا. وفي «الوجيز»، و «التهذيب»، و «الحاوي»: إنه يَرُدُّه عند التراضي. قلتُ: فما في عامة الكُتُبِ حكم القضاء، وفي تلك حكم الدِّيَانَةِ، وقد نَظَمْتُهُ في بيتين: *بِزِيَادَةِ المُنْفَصِل المُتَوَلِّد ... أو عَكْسِهِ، مُتَعَيِّبٌ لم يَرْدُد، *ثم في «التهذيب»، و «الوجيز» و «الحـ ... ـاوي» الجواز بالتراضي يُحْمَل وراجع التفصيلَ من «البحر». ومن ههنا أقول: إني لا أرضى بجواب الطحاويِّ، لأنه عارضٌ بحديثٍ عامَ، يمكن أن يُخَرَّج له وجوهٌ، ومحاملٌ. وحديثُ المُصَرَّاة حديثٌ خاصٌّ، فلا يُعَارِضُهُ. وإنما الطريق أن يُؤْتَى بمعارضٍ من هذا الباب الخاصِّ. ¬

_ = الخراج بالضمان، أو حديث النهي عن بيع الكائي بالكائي. وقال عيسى بن أَبَان: إنه منسوخٌ بنسخ العقوبات في الأموال، وكانت العقوبات في الذنوب يُؤَاخَذُ بها الأموال في زمن، فإن البائعَ إذا حَفَّل المبيع، فقد غرَّ المشتري، فكانت عقوبةٌ: أن يَجعَلَ اللبنَ المحلوبَ في الأيام الثلاثة للمشتري بصاع من تمرٍ، أنه يمكن أن يساوي أَصْوُعًا منه في القيمة. فإذا نُسِخَ التعزيرُ بالغرامات المالية، نُسِخَ حديث الباب أيضًا. ثم قال الطحاوي: إنه الأولى في وجه النسخ، أن يُقَال: إنه منسوخٌ بحديث النهي عن بيع الكائي بالكائي. يقول العبدُ الضعيفُ: وكان كلام الطحاويِّ دقيقًا من هذا الموضع، فشرحته على ما فَهِمتُه من نفسي، تيسرًا للطلبة. والله تعالى أعلى بحقيقة الحال.

66 - باب بيع العبد الزاني

ثم اعلم أن النهيَ عن التَّصَرِّي، والنهيَ عن تلقِّي الجَلَب وقع في حديثٍ واحدٍ، مع أن الفقهاءَ ذَهَبُوا إلى صحة البيع في صورة التلقِّي إذا لم يَضُرَّ أهل البلد. وههنا حرَّر ابن دقيق العيد: أن تخصيصَ العامِّ جائزٌ بالرأي ابتداءً إذا كان الوجهُ جَلِيًّا. وقال مولانا شيخُ الهند: إنه محمولٌ على الاستحباب (¬1). ونقل في «شرح الإِحياء» (¬2) حكايةً عن الشافعية: أنه جرى ذكر حديث المُصَرَّاة بين حنفيًّ، وشافعيًّ، فقال الحنفيُّ: إن أبا هُرَيْرَة لم يكن فقيهًا، فلم يَفْرُغ من مقالته، حتى وَثَبَتْ عليه حيةٌ، ففرَّ منها، فقال له رجلٌ منهم: تُبْ إلى الله، فتاب، فَتَرَكَتْهُ. قلتُ: ولا أصلَ لها عندي، وإنما تَفُوحُ منها رائحةُ التعصُّب. 2148 - قوله: (بالخِيَار ثلاثًا)، ويُسْتَفَادُ منه: أن خِيَارَ الشرط في ذهن الشارع هو بثلاثة أيام فقط، كما قُلْنَا. 66 - باب بَيْعِ الْعَبْدِ الزَّانِي وَقَالَ شُرَيْحٌ: إِنْ شَاءَ رَدَّ مِنَ الزِّنَا. 2152 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا زَنَتِ الأَمَةُ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا، وَلاَ يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا، وَلاَ يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ فَلْيَبِعْهَا، وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ». أطرافه 2153، 2233، 2234، 2555، 6837، 6839 - تحفة 14311 ¬

_ (¬1) قلتُ: وتقريرُه على ما هو عندي: إن العملَ بظاهر ما في حديث المُصَرَّاة يُوجِبُ ترك كثير من الأحكام التي ثبتت من الشرع، فلا بُدَّ علينا أن نَطْلُبَ له وجهًا. ألا تَرَى أن الضمان عند الشرع إنما عُهِدَ بالمثل، أو بالقيمة. وصاع التمر بعوض اللبن ليس ضمانًا بالمثل، وهو ظاهرٌ، وكذا بالقيمة أيضًا، فإنَّ الشرعَ أوْجَبَ عليه ذلك الصاع فحسب، سواء زاد اللبنُ، أو نَقَصَ، فَدَلَّ على أنه ليس قيمةً له. فلو أوْجَبْنَا عليه هذا الصاع مع رَدِّ المبيع المَعِيب، فكيف بهذه الأصول التي مهَّدها الشرعُ بنفسه؟ فليس هذا تركَ الحديث بالقياس، بل تركَ الحديث لأجل الأحاديث. فالوجه عندنا: أن الشارعَ أَرْشَدَ فيه كلًّا منهما ما هو أَحْرَى لهما، فأَرشَدَ للبائع أن يَرُدَّ المبيعَ، فإنه الأَحرَى به، فإذا رَدَّهُ مع أنه لم يكن للمشتري ولاية الفسخ، فقد أحسن إليه لا محالة، فهدى للمشتري أن يُكَافِئَه، ويَرُدَّ إليه صاعًا من التمر، فإنه قد شَرِبَ لبنَها، فعليه أن لا يَرُدَّ إليه مَبِيعَه بلا شيءٍ. فليس ذلك من باب الضمان، بل من باب المروءة، وحسنِ المعَاشَرَةِ. فإذن هو تبرُّعٌ مَحْضٌ يبتني على رضاء الآخر، كخِيَار المَجْلِس، على ما مرَّ تقريره مبسوطًا. (¬2) قال أبو بكر بن العربي: لقد كُنْتُ في جامع المنصور من مدينة السلام في مَجْلِسِ علي بن محمد الديقاني -قاضي القضاة- فَأَجَزْني به بعضُ أصحابنا. وقد جَرَى ذكر هذه المسألة: أنه تكلَّم فيها بعضُهم يومًا، وذكر هذا الطعن في أبي هُرَيرَة، وسَقَطَتْ من السَّقْفِ حيَّةٌ عظيمةٌ في وسط المسجد، وأخذت من تحت المتكلِّم بالطعن، ونَفَرَ الناسُ، وافترقوا، وأخذت الحيةُ تحت الوادي، فلم يُدْرَ أين ذهبت أبدًا، وارْعَوَى بعد ذلك من يَسْتَرسِلُ في هذا القدر -"العارضة"-.

67 - باب البيع والشراء مع النساء

وَقَالَ شُرَيْحٌ: إِنْ شَاءَ رَدَّ مِنَ الزِّنَا. قال الحنفيةُ: إن الزنا عيبٌ في الجارية دون العبد، للمعنى المقصود بهما، فَيَخُلُّ فيها دون الغلام، وإن كان شرًا في الآخر. 2152 - قوله: (فَلْيَجْلِدْهَا)، أي يَبْلُغُ بها إلى الحاكم لِيَجْلِدَهَا، فإن الحدودَ إلى الحُكَّامِ. قوله: (فَلْيَبِعْهَا)، لا يُقَال: إنه خِلافُ قوله صلى الله عليه وسلّم «يُحِبُّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسه» لأنا نقول: إنه من باب: دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ الله بعضَهم من بعضٍ، والمضرَّةُ غير لازمةٍ، لجواز تركها الفاحشة عند البائع الآخر، وجواز بيعه على تقدير عدم تركها. 2153 و 2154 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنِ الأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصِنْ قَالَ «إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ لاَ أَدْرِى بَعْدَ الثَّالِثَةِ، أَوِ الرَّابِعَةِ. حديث 2153 أطرافه 2152، 2233، 2234، 2555، 6837، 6839 - تحفة 14107 حديث 2154 أطرافه 2232، 2556، 6838 - تحفة 3756 2153 - 2154 - قوله: (ولم تُحْصِنْ)، أي لم تَتَزَوَّج، وراجع لحقيقة الإِحصان «المبسوط»، فإنه لم يُؤَدِّ أحدٌ حقَّه غيره. وليس له ترجمة في لسان الهند، غير أنه من ألفاظ التوقير، كما يُقَال في الهندية: (بيوى ميان). فإن قلتَ: إنه لا فرق في الإِماء بين المتزوِّجة وغيرها، فما وجهُ التقييد به؟ قلتُ: إنما ذكره تَبَعًا للقرآن، فأصلُ البحث في القرآن. وترجمة الشاه عبد القادر (قيد مدين آثين). وهذا وإن كان أقرب من حقيقته اللُّغوية لكونه من الحِصْن، لكنه لا يُوَافى بما هو المراد منه عند الفقهاء. وقد ذكروا له تَفْسِيرَيْن: أحدهما في باب حدِّ القذف، والآخر في باب حدِّ الزنا. وإحصانُ الزاني فوق إحصان حدِّ القذف، وليراجع التفصيل من الفِقْهِ، ولكن المراد منه ههنا هو التزوُّج. 67 - باب الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَعَ النِّسَاءِ 2155 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اشْتَرِى وَأَعْتِقِى، فَإِنَّ الْوَلاَءَ لِمَنْ أَعْتَقَ». ثُمَّ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْعَشِىِّ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ «مَا بَالُ أُنَاسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَ فِى كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِى كِتَابِ اللَّهِ فَهْوَ بَاطِلٌ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ، شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ». أطرافه 456، 1493، 2168، 2536، 2560، 2561، 2563، 2564، 2565، 2578، 2717، 2726، 2729، 2735، 5097، 5279، 5284، 5430، 6717، 6751، 6754، 6758، 6760 - تحفة 16466 2156 - حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ أَبِى عَبَّادٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ سَمِعْتُ نَافِعًا يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - سَاوَمَتْ بَرِيرَةَ فَخَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَتْ إِنَّهُمْ أَبَوْا أَنْ يَبِيعُوهَا، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطُوا الْوَلاَءَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». قُلْتُ لِنَافِعٍ حُرًّا كَانَ زَوْجُهَا أَوْ عَبْدًا فَقَالَ مَا يُدْرِينِى أطرافه 2169، 2562، 6752، 6757، 6759 - تحفة 8516 - 94/ 3

رُوِيَ عن مالك: أن المرأةَ لا تَمْلِكُ أن تتصرَّفَ في نفسها أيضًا إلا بإِذن زوجها، فيمكن أن يكون إشارةً إليه. 2155 - قوله: (اشترِي وأَعْتقِي)، وفي بعض الألفاظ: «واشْترِطِي»، ففيه إشكالٌ. والجوابُ: أن معناه (¬1) دعيهم لَيَشْتَرِطُوا، كما هو في البخاري. وهذا أيضًا من معنى الأمر، وإن ¬

_ (¬1) قلتُ: وهذا الجواب قد ذكره السِنْدِهي في "المواهب اللطيفة في شرح مسند أبي حنيفة"، وَبَسَطهُ جدًا، فَرَاجِعْهُ. نعم هناك كلامٌ في "المعتصر" يُفيدُك شيئًا في هذا الباب. قال القاضي أبو المحاسن في "المعتصر": قوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشةَ: "خُذِيها واشْترِطي لهم الوَلاء، فإنما الوَلَاءُ لمن أعْتَقَ"، لا يجوز أن يُبِيحَ لعائشةَ أن تَشْتَرِطَ خلاف ما في شريعته. ولكن لم يُوجَدْ اشتراط الوَلَاء في حديث عائشة إلَّا من رواية مالك، عن هشام. فأمَّا من سواه، وهو اللَّيْث بن سَعْد، وعَمْرُو بن الحارث، فقد رَوَيَا عن هشام: أن السؤالَ لوَلَاء بَرِيرَة إنما كان من عائشةَ لأهلها بأداء مُكَاتَبتهَا إليهم، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَمْنَعُكِ ذلك منها، ابتاعي وأعْتِقي، فإنما الوَلَاءُ لمن أَعْتَقَ". وهذا خلافُ ما رواه مالك، عن هشام: "خُذِيها واشْتَرِطي، فإنما الوَلَاءُ لمن أعْتَقَ"، مع أنه يَحْتَمِلُ أن يكون معنى اشترطي: أَظْهِرِي، لأن الاشتراطَ في كلام العرب هو الإِظهار، ومنه قول أوس بن حجر: فَأَشْرَطَ فيها نَفْسَه، وهو مُعْصَمٌ ... فأَلْقَى بأسْيَافٍ له، وَتَوكَّلا أي أظهر نفسه. أي أظهري الوَلاَءَ الذي يُوجِبُهُ عتَاقُكِ، أنه لمن يكون ذلك العِتَاق منه، دون مَنْ سِوَاهُ. وقال بعضٌ: إن معنى اشتَرِطِي لهم: أي عليهم كقوله تعالى: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] وقال محمد بن شجاع: هو على الوعيد الذي ظاهره الأمر، وباطنه النهي، كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}، وكقوله تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ} الآية ألا تراه - صلى الله عليه وسلم - صَعَدَ المنبر وخَطَبَ، فقال: "ما بالُ رجالٍ يَشتَرِطون شروطًا ليست في كتاب الله عزَّ وجلَّ، اهـ. وإذا انفرد مالك، عن هشام، وخالفه عمرو بن الحارث، واللَّيْث بن سَعد، كانا أَوْلَى بالحفظ من واحدٍ. وحديثُ عائشةَ ذُكِرَ من وجوهٍ بألفاظِ شديدةِ الاختلاف، غير أنه لا شيءَ فيه من إطلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل بَرِيرَة ما كان منهم من اشتراطهم الوَلاَء، لإِطلاق عائشة ذلك لهم. مِمَّنْ روى عن عائشة: ابن عمر، والأسود بن يزيد، والقاسم بن محمد، وعَمْرَة ابنة عبد الرحمن. وعن ابن أيمن: حدَّثني أبي. قال: "دخلتُ على عائشة، فقالت: دَخَلَت على بَرِيرَةُ، فقالت: اشتَرِيني وأَعْتقِيني، فقلت: نعم، فقالت: إن أهلي لا يَبِيعُوني حتى يَشْتَرطوا وَلاَئي، فقلت لها: لا حاجةَ لنا بذلك. فسمع ذلك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: اشترِيها، فأَعْتِقِيها، واشتَرَطَ أهلُها الوَلاَءَ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الولاءُ لمن أَعْتَقَ، وإن اشترط مائة شرط. وكأن في حديث أيمن: ودَعِيهم فَليَشتَرِطُوا ما شاؤوا على الوعيد، ورواه ربيعة عن القاسم بمعنى الوعيد، قال: "كان في بريرة ثلاث سنن، أرادت عائشةُ أن تَشتَرِيها وتُعْتِقَها، فقال أهلُها: ولنا الوَلاَءُ، فَذَكَرَتُ ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لو شِئتِ شَرَطتِهِ لهم، فإنما الولاءُ لمن أَعْتَقَ. ثم قام قبل الظهر، أو بعدها، فقال: "ما بَالُ رجالٍ يَشتَرِطُون" ... إلخ. الحديث. فقوله: "لو شِئتِ شَرَطتِهِ" على الوعيد، لا على إطلاق ذلك لها أن تَشتَرِطَهُ لهم. وعن الأسود، عن عائشة: "أنها اشتَرَت بَرِيرَة، فأعتقتها واشتَرَطَتْ لأهلها الوَلاَءَ، فذكرت ذلك للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إنما الوَلاَءُ لمن أَعْتَقَ". وعن منصور: "أنها اشْتَرَتْ بَرِيرَة لتعتقها، فاشتَرَطَ أهلُها الوَلاَءَ، فدخل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: إني اشْتَرَيتُ بَرِيرَة لأعتقها، واشترط أهلُها وَلاَءها، فقال: الولاءُ لمن أعتق" فكان قوله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك كله. ثم اعلم أن بعضَ الناس استدلَّ بقوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشةَ: "اشتَرِيهَا واعْتِقِيهَا" على أن ابتياعَ عائشةَ كان بأمر النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على =

لم يَذْكُرْه أربابُ اللغة. وكان مهمًا، فإن الأمرَ قد يكون لإِبقاء الفِعْلِ أيضًا لا لإِنشائه، كما في قصة قراءة أسَيْد بن حُضَيْر - سورة الكهف: اقرأ يا ابن حُضَيْر، أي استمرَّ على قراءتها. وترجمته (رهتاره)، وأشار إليه ابن القيِّم في «بدائع الفوائد». 2156 - قوله: (حُرًّا كان زَوْجُها أَوْ عَبْدًا)، والرواياتُ فيه مُضْطَرِبةٌ، فإن ثَبَتَ أنه كان حرًّا حين عُتِقَتْ بَرِيرَة، يكون حُجَّةً لنا في خِيَار العِتْقِ. وإن لم يَثْبُت، فلا يَضُرُّنا أيضًا، كما أنه لا تبقى حُجَّةٌ. وعلَّله صاحب «الهداية»: أن العِتْقَ مُسْتَلْزِمٌ لزيادة ثبوت المِلْكِ عليها، لأنها تَصِيرُ ¬

_ = أن تعتقها، يجوِّزُ ابتياع المماليك بشرط الإعتاق، بخلاف باقي الشرائط. ولا دليلَ له في ذلك، لأن ذلك كان مشورةً بذلك عليها أن تفعله ابتداءً، وليس فيه اشتراطُ أهلها ذلك عليها في بيعهم إياها منها، وفي بعض الآثار: أن عائشةَ هي التي سألت أن تَشْتَرِيها على أن يكونَ الولاء لها، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشةَ بعد إباء موالي بَرِيرَة ذلك: "ابتاعي فأَعْتِقي، فإنما الوَلاَءُ لمن أَعْتَقَ". فكان فيه الأمر بابتياعها وعِتْقِها ابتداءً، وليس فيه اشتراطٌ من أهلها أن تَعْتِقَها عائشةُ، إنما فيه اشتراطُهم وَلاَءها عليه في إعتاق عائشة بعد ابتياعها إيَّاها. ومعقولٌ أنها إذا كانت تَعْتِقَهَا عن نفسها، لم يكن باشتراطٍ من بائع بَرِيرَة عليها. وفي الحديث دَفَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موالي بَرِيرَة عن ذلك، حيث أَنْكَرَ عليهم، وأَعْلَمَهُمْ بوعيده إياهم، أنه خارجٌ من شريعته، بقوله: "كلُّ شرطٍ ليس في كتاب الله تعالى، فهو باطلٌ، وإن كان مائة شرط". ولو كان ما صَدَرَ منهم من الشرط جائزًا لَمَا أنكره عليهم، ولا تَوَاعَدَهم عليه، ولا ذَمَّهم. وفيما ذكرنا دليلٌ على أن الذي كان منهم اشتراطُ وَلاَئها في إعتاق عائشة، ولا اشتراطُ أن تَعتِقَهَا عن نفسها عِتَاقًا واجبًا عليها، شرطهم في بيعهم إياها منها. وقال ابن عمر: لا يَحِلُّ فرجٌ إلَّا فرجٌ إن شاءَ صاحبُه وهبه، وإن شاء أَمْسَكَهُ، لا شرطَ عليه فيه. والمبيعةُ على أن يَعْتِقَهَا مشتريها، ليس كذلك، لأنه لَزِمَه إعتاقها، ولم يكن له إمساكُها. وفي ذلك نفى ما ظنَّه المتأوِّلون من تجويز البيع بالشرط. وقول عمر لابن مسعود في الجارية التي ابتاعها من امرأته، واشترطَتْ عليه خدمتها: "لا تَقْرَبْهَا، ولا حد فيها مثنوية"، يؤكِّد ما قلنا أيضًا، اهـ. قال الحافظُ فضل الله التُّورِبِشْتِي في "شرح المصابيح": استدل بهذا الحديث من زَعَمَ أن البيعَ إذا اقترن بشرطٍ، فإنه جائزٌ، والشرطَ باطلٌ. والحديثُ على ما في كتاب "المصابيح"، لا حُجَّةَ فيه، لأن اشتراطَ الوَلاءَ في هذا الحديث لم يَقَعْ في نفس العقد، وإنما جاءت بَرِيرَة تستعين عائشة رضي الله تعالى عنها في كتابتها، فقالت: إن أحبَّ أهلُكِ أن أَعُدَّها لهم، ويكون الوَلاَءُ لي، فقالت لهم -ظنًّا منها: إن الوَلاَءَ يَنتَقِلُ إليها باشتراطٍ من قِبَلِهِمْ- فلما أخْبِرُوا بما تُرِيدُ عائشةُ، أَبَوْا ذلك. وفي بعض طُرُق حديث بَرِيرَة: أن أهلَها، قالوا: "إن شاءت أن تَحْتَسِبَ عليكِ فَلتَفْعَل، ويكون الولاءُ لنا". وقولهم هذا ليس من الشرط في شيءٍ، لأنها إذا احْتَسَبَتْ بما تعينها من مال الكِتَابَة كان الوَلاَءُ لأهلها، لأن وَلاَءَ المُكَاتَبِ لمواليه، فأَبَتْ عائشةُ إلَّا الشَّري، فرضوا بالبيع، على أن تَجْعَلَ الوَلاَءَ لهم، ظنًّا منهم أن ذلك يَثْبُتُ بالاشتراط. فلمَّا أخبرت عائشةُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بحديثهم، قال: "لا يَمْنَعُكِ ذلك، اشتَرِيها فأَعْتِقِيها، فإنما الوَلاَء لمن أعتق". فكانت مراجعتهم في هذا القول قبل الشروع في المُبَايَعة. ولم يُذكَر في هذا الحديث: أن البيعَ كان مشروطًا بذلك الشرط، بل ذُكِرَ في الحديث ما كانوا يُرَاجِعُون به عائشةَ رضي الله عنها، دون المسَاوَمة. فأمَّا عند وجوب البيع، فلا. هذا هو الذي يَدُلُّ عليه هذا الحديث. نعم قد روى البخاريُّ من غير وجهٍ في كتابه: "أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشةَ: ابتاعيها فأعتقيها، واشترطي لهم الوَلاَءَ، فإن الولاءَ لمن أَعْتَقَ ... إلخ. ثم أَخَذَ الحافظُ في الجواب عنه، وهو يؤولُ إلى ما ذُكِرَ في "المعتصر"، بل ما في "المعتصر" أبسط منه وأوضح، وأحكم، فلذا اقتصرتُ عليه.

68 - باب هل يبيع حاضر لباد بغير أجر وهل يعينه أو ينصحه

الآن مُغَلَّظةً بالثلاث، بخلافها قبله، فإن تَغْلِيظَها كان بالاثنين. واعْتَرَضَ عليه ابن حَزْم أنه كلامٌ خَالٍ عن التحصيل، لأنه إذا صارت بطلاقه مغلَّظةً، فلا فرقَ في أنها بالاثنين، أو الثلاث. وعلَّله الطَّحَاويُّ بوجهٍ آخرَ، فقال: فنظرنا في ذلك فرأينا الأَمَةَ في حال رِقِّها، لمولاها أن يَعْقِدَ النكاحَ عليها للحرِّ، والعبد. ورأيناها بعد ما تُعْتَقُ ليس له أن يَسْتَأْنِفَ عليها عقدَ النكاح لحرًّ، ولا لعبدٍ. فاستوى حكمُ ما إلى المَوْلَى في العبيد والأحرار، وما ليس إليه في العبيد، والأحرار في ذلك. فلمَّا كان ذلك كذلك، ورأيناها إذا أُعْتِقَتْ بعد عقده مولاها نكاح العبد عليها، يكون لها الخيار في حل النكاح عليها. كان كذلك في الحر، إذا اعتقت يكونُ لها حلُّ نكاحه عنها قِيَاسًا، ونظرًا على ما بيَّنا من ذلك. اهـ. وحاصلهُ: أن للمَوْلَى ولايتَه على أَمَتِهِ قبل عِتْقِهَا في نكاحها، حرًّا، أو عبدًا. فإذا أَعْتَقَهَا، لا تبقى له تلك الولاية، فلا يَمْلِكُ أن يَعْقِدَ عليها بُحرًّ أو عبدٍ إلا برضاها. فظهر أن لا فرقَ بين العبد والحرِّ في باب الإِنكاح في الحالين. فإِذا جاز له الإِنكاح، جاز من حرًّ وعبدٍ. وإذا لم يَجُزْ، لم يجز من حرًّ ولا عبدٍ. واتَّفَقُوا أن المَوْلَى إذا زوَّجها من عبدٍ حال رقها أن لها الخيار بعد عتقها. فالقياس يقتضي أن يكون الحال كذلك فيما إذا زوجها من حرًّ، لأنا لم نعلم فرقًا في جواز النكاح عليها من العبد والحرِّ، وعدمه بين رِقِّها وعِتْقِها. فإذا خُيِّرَتْ فيما إذا زوَّجها مولاها من عبدٍ، ينبغي أن تُخَيَّرَ فيما إذا زُوِّجَتْ من حرًّ، من غير فرقٍ. 68 - باب هَلْ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَهَلْ يُعِينُهُ أَوْ يَنْصَحُهُ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا اسْتَنْصَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَنْصَحْ لَهُ». وَرَخَّصَ فِيهِ عَطَاءٌ. 2157 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ سَمِعْتُ جَرِيرًا - رضى الله عنه - بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. أطرافه 57، 524، 1401، 2714، 2715، 7204 - تحفة 3226 2158 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ وَلاَ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ». قَالَ فَقُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ مَا قَوْلُهُ لاَ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ قَالَ لاَ يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا. طرفاه 2163، 2274 - تحفة 5706 69 - باب مَنْ كَرِهَ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ بِأَجْرٍ 2159 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِىٍّ الْحَنَفِىُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. تحفة 7204

70 - باب لا يبيع حاضر لباد بالسمسرة

واعلم أن الحديثَ كان مطلقًا، ثم إن المصنِّفَ خصَّصه، وجعل مورد النهي فيما إذا باع له بأجرٍ. فلنا أيضًا أن نُخَصِّصَ حديثَ المُصَرَّاة أيضًا، لكونه قرينةً. 70 - باب لاَ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ بِالسَّمْسَرَةِ وَكَرِهَهُ ابْنُ سِيرِينَ وَإِبْرَاهِيمُ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِى، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ إِنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ بِعْ لِى ثَوْبًا. وَهْىَ تَعْنِى الشِّرَاءَ. 2160 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَبْتَاعُ الْمَرْءُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» أطرافه 2140، 2148، 2150، 2151، 2162، 2723، 2727، 5144، 5152، 6601 تحفة 13198 2161 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُعَاذٌ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - نُهِينَا أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ. تحفة 1454 والحديثُ لم يَرِدْ فيه، إلا بلفظ البيع، وترجم عليه المصنِّفُ بالشراء، والبيع معًا، وادَّعى أنه مُشْتَرَكٌ بينهما. فلعلّه اختار عمومَ المُشْتَرَكِ، كما نُسِبَ إلى الشافعيِّ. وقال الشيخ ابن الهُمَام: إن العمومَ لفظًا لا يُوجَدُ في اللغة. وقال ابن تَيْمِيَة: إنه لا يَجُوزُ، وما نُسِبَ إلى الشافعيِّ، فليس بصحيحٍ، لأنه لم يُرْوَ عنه، وإنما اسْتَنْبَطَهُ الناسُ من بعض مسائله، نحو: من أَوْصَى لمواليه، وله مَوَالٍ من أعلى، ومَوَالٍ من أسفل: أن الوصيةَ تكون لهما، فَزَعَم أنه ذهب إلى جواز الجمع بين معاني المُشْتَرَك. وليس كذلك، ولكن الوَلاء ربطٌ إضافيٌّ يتحقَّق بين الأعلى والأسفل، فأُريدَ به كلاهما على طريق الاشتراك المعنويِّ، فإن اللفظيَّ لا وجودَ له في اللغة. أمَّا ظاهرُ عبارة المصنَّف فَمُشْعِرَةٌ بالجواز، ويمكن أن يكونَ المصنِّف أيضًا أراد من البيع رَبْطًا مطلقًا بين البائع والمشتري. وحينئذٍ، فحاصلُ الحديث عنده: النهي عن معاملة البيع، أي هذا الربط، سواء كان بيعًا أن أضفته إلى البائع، أو شراءً إن نَسَبْتَهُ إلى المشتري، فَيَصِيرُ إذن مُشْتَرَكًا معنويًا. قلتُ: إن الاشتراكَ لفظًا يُوجَدُ عند الشعراء، وإن أنكره الجمهور، وهم عدُّوه من المحسِّنات، كما يقول الجامي تَعْمِيةً لاسم «علي»: * (جشم بكشازلف بشكن جان من ... بهر تسكين دل بريان من) وحلُّه: أن الجملةَ الأولى معناها في العربية: افتح العين، وفتح العين: إمَّا بفتح العين، أي آلة النظر، أو بفتح لفظ العين. والجملة الثانية: اكسر الشَّعْرَ الذي فيه تَثَنًّ كالَّلام، وهو أيضًا بنحوين: إمَّا بإِصلاحه، أو بتكسير اللام. وكذا التسكين معناه: الاطمئنان، أو تسكين الياء التي وقعت وسط لفظ «بريان»: محل القلب من الإِنسان. ويَحْصُلُ منه اسم «علي»، فإنه بفتح العين، وكسر اللام، وتسكين الياء، وقد أراد الشاعرُ معنى اللفظ، ومنه حَصَلَتِ التعمية.

71 - باب النهى عن تلقى الركبان

71 - باب النَّهْىِ عَنْ تَلَقِّى الرُّكْبَانِ (¬1) وَأَنَّ بَيْعَهُ مَرْدُودٌ، لأَنَّ صَاحِبَهُ عَاصٍ آثِمٌ إِذَا كَانَ بِهِ عَالِمًا، وَهُوَ خِدَاعٌ فِى الْبَيْعِ، وَالْخِدَاعُ لاَ يَجُوزُ. 2162 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ التَّلَقِّى، وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ. أطرافه 2140، 2148، 2150، 2151، 2160، 2723، 2727، 5144، 5152، 6601 - تحفة 12990 - 95/ 3 2163 - حَدَّثَنِى عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - مَا مَعْنَى قَوْلِهِ «لاَ يَبِيعَنَّ حَاضِرٌ لِبَادٍ». فَقَالَ لاَ يَكُنْ لَهُ سِمْسَارًا. طرفاه 2158، 2274 - تحفة 5706 2164 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنِى التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ مَنِ اشْتَرَى مُحَفَّلَةً فَلْيَرُدَّ مَعَهَا صَاعًا. قَالَ وَنَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ تَلَقِّى الْبُيُوعِ. طرفه 2149 - تحفة 9377 2165 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلاَ تَلَقَّوُا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إِلَى السُّوقِ». طرفاه 2139، 5142 - تحفة 8329 صرَّح أن هذا البيع باطلٌ، وقد مرَّ مختاره. وهو عندنا مكروهٌ، لأنه خِدَاعٌ. وهذا أيضًا فيما إذا أضرَّ التلقِّي بأهل البلد، وإن لم يَضُرَّهم جاز بلا كراهة، وراجع كلام الطَّحَاوِيِّ (¬2). 2165 - قوله: (حتى يُهْبَطَ بها إلى السُّوق) يعني (جهان مندى هي). ¬

_ (¬1) قال ابن العربيِّ: قد بيَّنا في "كتاب القبس": أن النهيَ عن تلقِّي الرُّكْبَان مبنيٌّ على قاعدة المصالح من القواعد العشر التي بُنِيَت عليها أحكام المُعَاوَضَات، فإنها تَرْجِعُ إلى مراعاة حقِّ الجالب في حفظه من الغَبْن في سلعته، أو إلى مراعاة حقِّ البادي في مَنْعِهِ من الظَّفَر بطَلِبَتِهِ. وقد اختلفَ العلماءُ في ذلك على قولين: فرآه مالكٌ، والحنفي لحقِّ البادي. ورآه اللَّيثُ، والأوزاعيُّ، والشافعيُّ لحقِّ الجالب. وقال مالك: يُنَكَّلُ من فعل ذلك "العارضة" قلتُ: وسيجيء فيه التنكيل عن الإِمام البخاريِّ. (¬2) قال الطحاويُّ بعد إخراج أحاديث النهي عن تلقِّي الجَلَبِ: قال أبو جعفر: فاحتجَّ قومٌ بهذه الآثار، فقالوا: من تلقَّى شيئًا قبل دخوله السُّوق، ثم اشتراه، فشراؤُه باطلٌ. وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: كلُّ مدينةٍ يَضُرُّ التلقِّي بأهلها، فالتلقِّي فيها مكروهٌ، والشراءُ جائزٌ. وكلُّ مدينةٍ لا يَضُرُّ التلقِّي بأهلها، فلا بأس بالتلقِّي فيها. ثم أخرج الطَّحَاوِيُّ الحديثَ الذي في الباب الآتي، ثم قال: ففي هذه الآثار إباحةُ التلقِّي، وفي الأولى النهيُ عنه. فأولى بنا أن نَجْعَلَ ذلك على غير التضاد والخلاف، فيكون ما نَهَى عنه من التلقِّي لِمَا في ذلك من الضَّرر على غير المتلقِّين، والمقيمين في الأسواق. ويكون ما أُبِيحَ من التلقِّي هو الذي لا ضَرَرَ فيه على المقيمين في الأسواق ... إلخ، "معاني الآثار".

72 - باب منتهى التلقى

72 - باب مُنْتَهَى (¬1) التَّلَقِّى 2166 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ فَنَشْتَرِى مِنْهُمُ الطَّعَامَ، فَنَهَانَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى يُبْلَغَ بِهِ سُوقُ الطَّعَامِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا فِى أَعْلَى السُّوقِ، يُبَيِّنُهُ حَدِيثُ عُبَيْدِ اللَّهِ. أطرافه 2123، 2131، 2137، 2167، 6852 - تحفة 7622 2167 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانُوا يَبْتَاعُونَ الطَّعَامَ فِى أَعْلَى السُّوقِ فَيَبِيعُونَهُ فِى مَكَانِهِمْ، فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَبِيعُوهُ فِى مَكَانِهِ حَتَّى يَنْقُلُوهُ. أطرافه 2123، 2131، 2137، 2166، 6852 - تحفة 8154 يعني إلى أين يَنْسَحِبُ النهي عن التلقِّي، فإنه لا بُدَّ للشراء من الخروج، وقد نُهِينَا عن التلقِّي، فكيف بأمر الشراء والتجارات. 2167 - قوله: (كانوا يَبْتَاعُون الطعامَ في أعلى السُّوقِ، فَيَبِيعُونُه في مكانهم، فنهاهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم أن يَبِيعُوه في مكانه حتى يَنْقُلُوه)، اهـ، فدَلَّ على أن التلقِّي إلى أعلى السوق، وخارج البلد هو المنهيُّ عنه لا غير. ثم إن هذا صريحٌ في أن أمرَه بالنقل كان تَعْزِيرًا لهم، لأنهم كانوا يتلقُّون الرُّكْبَان لا على بيعهم بالمُجَازَفَةِ. وإذن لا يكون النقلُ في الحديث، لأنه شرطٌ لا يجوز البيعُ بدونه، بل لأنهم إذا تلقُّوا الرُّكْبَان عزَّرهم، بأن لا يَشْتَرُوا منهم شيئًا حتى يُهْبَطَ به إلى السوق. فافهم، وتشَكَّر، فإنه سهلٌ ممتنعٌ، قد خَفِي على الناس مع ظهوره. 73 - باب إِذَا اشْتَرَطَ شُرُوطًا فِى الْبَيْعِ لاَ تَحِلُّ 2168 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ جَاءَتْنِى بَرِيرَةُ فَقَالَتْ كَاتَبْتُ أَهْلِى عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِى كُلِّ عَامٍ وَقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِى. فَقُلْتُ إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ وَيَكُونَ وَلاَؤُكِ لِى فَعَلْتُ. فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَقَالَتْ لَهُمْ فَأَبَوْا عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِهِمْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ، فَقَالَتْ إِنِّى قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْوَلاَءُ لَهُمْ. فَسَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «خُذِيهَا وَاشْتَرِطِى لَهُمُ الْوَلاَءَ، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِى كِتَابِ اللَّهِ، مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِى كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». أطرافه 456، 1493، 2155، 2536، 2560، 2561، 2563، 2564، 2565، 2578، 2717، 2726، 2729، 2735، 5097، 5279، 5284، 5430، 6717، 6751، 6754، 6758، 6760 - تحفة 2169 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ¬

_ (¬1) قال مالكُ: في حدِّ التلقِّي: الميل في روايةٍ، والفَرْسَخَيْن في أخرى، واليومين في رواية ابن وَهْب "العارضة".

74 - باب بيع التمر بالتمر

- رضى الله عنهما - أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِىَ جَارِيَةً فَتُعْتِقَهَا، فَقَالَ أَهْلُهَا نَبِيعُكِهَا عَلَى أَنَّ وَلاَءَهَا لَنَا. فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لاَ يَمْنَعُكِ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». أطرافه 2156، 2562، 6752، 6757، 6759 - تحفة 8334 واعلم أن البيوعَ تَفْسُدُ بالشروط الفاسدة، بخلاف النكاح، فإنه تَفْسُد فيه الشروطُ الفاسدة أنفسها، ويَصِحُّ النكاح. وذلك لأن مبنى البيوع على المُمَاكَسَة، ومبنى النكاح على المُسَامَحة. وذكر الفقهاء أن الشروطَ الفاسدةَ هي التي يكون فيها نَفْعٌ لأحد المُتَعاقِدَيْن، أو المبيع نفسه، ولا يَقْتَضِيهِ العقدُ، ويكون المبيعُ من أهل الاستحقاق. وقال أحمد بالفرق بين الشرط، والشرطين، فلم يَرَ الواحدَ منها مُفْسِدًا، وأما إذا كانت اثنين فَصَاعِدًا، فإنها تُفْسِدُ عنده. وتُفْسِدُ عندنامظلقًا من غير فرقٍ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلّم نهى عن بيعٍ وشرط. ونظر أحمد إلى قوله صلى الله عليه وسلّم في حديث: «الشَّرْطَان في بيعٍ»، فجعل العدد مُحِطًّا للفائدة. حكى ابن حَزْم في «المحلى» (¬1): أن أبا حنيفة، وابن أبي لَيْلَى، وابن شُبْرُمة اجتمعوا مرْةً في مسجد بالكوفة. فسأل سائلٌ أبا حنيفة عمَّن باع، وشرط شرطًا، فأجابه أن البيعَ والشرطَ فاسدان، وتمسَّك بأنه صلى الله عليه وسلّم نهى عن بيعٍ وشرطٍ. ثم سُئِلَ ابن أبي لَيْلَى، فقال: إن البيعَ، والشرطَ كلاهما صحيحٌ، تمسُّكًا من قصة ليلة البعير، حيث باع جابر إبله، وشرط الظَّهْرَ إلى المدينة. وأجاب آخر: إن البيعَ صحيحٌ، والشرط باطلٌ لقصة بريرة وعائشة في أعتاقها قلت: والصواب ما أجاب به إما منا إن شار الله تعالى، لأن ما تمسَّكا به قصتان جزئيتان، فلا تَصْلُحَان لنقض ضابطةٍ وردت في الباب خاصةً، وهو قوله: «نهى عن بيعٍ وشرطٍ»، مع كونها صريحةً منكشفةَ الحالِ. بخلاف ما تمسَّكا به، فإن قصة جابر لم يكن فيه بيعٌ بعد التحقيق، بل أراد منه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إعانته لا غير. وأمَّا قصة شراء عائشة، فأيضًا سَيَرِدُ عليك حالها، وقد عَلِمْتَ فيه بعضَ شيءٍ. 74 - باب بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ 2170 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ سَمِعَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ». طرفاه 2134، 2174 - تحفة 10630 وقد مرّ أنه يُشْتَرَطُ فيه كون المبيعُ موجودًا، سواء كان في بيته، أو في مَجْلِس العقد، دون ¬

_ (¬1) وقد حَكَاه ابن العربيِّ في "العارضة" بإِسناده، قال: "قَدِمْتُ مكةَ، فوجدت فيها أبا حنيفة، وابن أبي لَيْلَى، وابن شُبْرُمة. فسألت أبا حنيفة عن رجلٍ باع بيعًا، وشرط شرطًا، فقال: البيعُ باطلٌ والشرطُ باطلٌ. ثم أتيت ابن أبي لَيْلَى فسألته، فقال: البيعُ جائزٌ، والشرطُ باطلٌ. ثم أتيت ابن شُبرُمة، فسألته، فقال: البيعُ جائزٌ، والشرطُ جائزٌ. فقلتُ: سبحان الله! ثلاثًا من فقهاء العراق اختلفوا في مسألةٍ واحدةٍ. فأَتَيْتُ أبا حنيفة فأخبرته، فقال: لا أدري ما قالا، واستدلَّ عن قوله - صلى الله عليه وسلم -: نهى عن بيعٍ وشرطٍ. ثم أتَيتُ ابن أبي لَيلَى، فقال: ما أدري ما قال، واستدلَّ من قصة بَرِيرَة. ثم أتَيْتُ ابن شُبْرُمة، فقال: ما أدري ما قالا، واستدلَّ بقصة ليلة البعير. انتهى مختصرًا.

75 - باب بيع الزبيب بالزبيب والطعام بالطعام

القبض بالبَرَاجم، فإن ذلك في الصَّرْف. وفَهِمَ الناسُ أن معنى الدَّيْن عدم كونه موجودًا في مَجْلِسِ العقد، وإن كان موجودًا في الخارج. والحاصلُ: أن الشرطَ في الأموال الرِّبَوِيَّة التعيينُ من الجانبين، وهو المراد من قوله: «هاءَ، وهَاءَ»، لِمَا عند مسلم في حديث عُبَادة: «عينًا بعين»، بدل: «هاء، وهَاءَ». وإنما يُشْتَرَطُ التَّقَابُض في بيع الصَّرْف، لأن الأثمان لا تتعيَّن بالتعيُّن، فلا بُدَّ له من القبض، بخلاف العروض. وقد ورقع ههنا سَهْوٌ من بعض مُحَشِّي «الهداية»، فاختلط عليه باب السَّلَم من باب الربا، فإنهم قالوا في السَّلَم: إنه لا يَصِحُّ إلا في أربعة أشياء: مَكِيلٍ، ومَوْزُونٍ، ومَذْرُوعٍ، وعدديًّ مُتَقَارِبٍ. ثم قالوا: إن الرِّبا يَحْرُم في كلِّ مكيلٍ، أو موزونٍ. فالْتَبَسَ عليه الأمر، فجعل السَّلَم في الأموال الرِّبَوِيَّة فقط، وهو غلطٌ فاحشٌ، فإن الرِّبا لا يجري في المَذْرُوعَات والعدديات، بخلاف السَّلَم. ثم المفهوم من كلام المتأخِّرين جواز السَّلَم في غير الأربعة المذكورة أيضًا، فإن الاستصناعَ أيضًا بيعُ معدومٌ. وإن لم يسمُّوه سَلَمًا، فاعلمه. 75 - باب بَيْعِ الزَّبِيبِ بِالزَّبِيبِ وَالطَّعَامِ بِالطَّعَامِ قوله: (الطَّعَام بالطَّعَام)، وإنما زَادَه بعد ذِكْرِ الزَّبيب، لأن له أحكامًا على حِدَة عند الشافعية، بخلافه عند الحنفية. فإنهم وإن ذكروا للمَكِيل والمَوْزُون أحكامًا، لكن ليس عندهم لنوع الطعام بخصوصه أحكام. 2171 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ، وَالْمُزَابَنَةُ بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا، وَبَيْعُ الزَّبِيبِ بِالْكَرْمِ كَيْلًا. أطرافه 2172، 2185، 2205 - تحفة 8360 2171 - قوله: (نهى عن المُزَابَنَةِ)، وهي المُخَادعة لغةً. وفي العُرْف: بيعُ الثمر على النخيل بتمرٍ مَجْذُوذٍ. ولا بُدَّ في التمر أن يكون مَكِيلا، أمَّا ما على الشجرة، فيكون مَخْرُوصًا، لا مَحَالة، وهو معنى قوله: «أن يَبِيعَ التمر بكيلٍ»، أي بشرط كيلٍ، لا أنه ثمن. 2172 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ قَالَ وَالْمُزَابَنَةُ أَنْ يَبِيعَ الثَّمَرَ بِكَيْلٍ، إِنْ زَادَ فَلِى وَإِنْ نَقَصَ فَعَلَىَّ. أطرافه 2171، 2185، 2205 - تحفة 7522 2172 - قوله: (إن زاد فَلِي (¬1) وإن نَقَصَ فَعَليَّ)، أي إن زاد فيكون مِلْكًا لي، وإن نَقَصَ ¬

_ (¬1) قال الشيخُ في "اللمعات": إن كان ضميرُ -"زاد"- راجعًا إلى ما على رؤوس النَّخْل، فهو قول المشتري وهذا أنسب. انتهى بتغييرٍ. قلتُ: يَحْتَمِلُ أن يكونَ مقولةً للبائع أو المشتري، فمعناه على الأول: إن زاد التمر الذي أعْطَيتِنيهِ أيها المشتري على ما في رؤوس الأشجار يكون مِلْكًا لي، وإن نَقَصَ فعليَّ، ولا ضمانَ عليك. وعلى الثاني معناه: إن زاد ما في رؤوس الأشجار على هذا التمر الذي أعْطَيْتُكَ أيها البائع، فيكون مِلْكًا لي، وإن نَقَصَ فعليَّ نقصانه، ولا أسْأَلُكَ شيئًا غيره وحينئذٍ فَلْيَنْظُر ما في كلام الشيخ رحمه الله، فإن مذكرتي المكتوبة وقت الدرس كانت غير واضحةٍ، ولم آمَنْ فيها من الغلط والخطأ.

76 - باب بيع الشعير بالشعير

فعليَّ إيفاؤه وإعطاؤه، ولم يَذْكُر فيه العِوَض ما هو. 2173 - قَالَ وَحَدَّثَنِى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ فِى الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا. أطرافه 2184، 2188، 2192، 2380 - تحفة 3723 2173 - قوله: (رخَّصَ في العَرَايا) يَخْرُصها. والأحاديثُ في العَرَايا على خمسة أنواع، والباء في قوله: «بِخَرْصِتها» للتصوير، دون العِوَض. فإن أخذناها للعِوَض، فالعِوَضُ مَكِيلٌ، وليس بمَخْرُوصٍ، فتعيَّن أن تكونَ للتصوير. قوله: (فَتَراوَضْنا) أي (هم نى بات جيت كى). 76 - باب بَيْعِ الشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ 2174 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ الْتَمَسَ صَرْفًا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَدَعَانِى طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَتَرَاوَضْنَا، حَتَّى اصْطَرَفَ مِنِّى، فَأَخَذَ الذَّهَبَ يُقَلِّبُهَا فِى يَدِهِ، ثُمَّ قَالَ حَتَّى يَأْتِىَ خَازِنِى مِنَ الْغَابَةِ، وَعُمَرُ يَسْمَعُ ذَلِكَ، فَقَالَ وَاللَّهِ لاَ تُفَارِقُهُ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ». طرفاه 2134، 2170 - تحفة 10630 - 97/ 3. 77 - باب بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ 2175 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرَةَ قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلاَّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَالْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ إِلاَّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ وَالْفِضَّةَ بِالذَّهَبِ كَيْفَ شِئْتُمْ». طرفه 2182 - تحفة 11681 78 - باب بَيْعِ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ 2176 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا عَمِّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِى الزُّهْرِىِّ عَنْ عَمِّهِ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ حَدَّثَهُ مِثْلَ ذَلِكَ حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَا هَذَا الَّذِى تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ فِى الصَّرْفِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلاً بِمِثْلٍ وَالْوَرِقُ بِالْوَرِقِ مِثْلاً بِمِثْلٍ». طرفاه 2177، 2178 - تحفة 4109 2177 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ

79 - باب بيع الدينار بالدينار نسأ

الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلاَّ مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلاَ تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلاَّ مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلاَ تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ» طرفاه 2176، 2178 - تحفة 4385 79 - باب بَيْعِ الدِّينَارِ بِالدِّينَارِ نَسْأً 2178، 2179 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ أَبَا صَالِحٍ الزَّيَّاتَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - يَقُولُ الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ. فَقُلْتُ لَهُ فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لاَ يَقُولُهُ. فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَأَلْتُهُ فَقُلْتُ سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، أَوْ وَجَدْتَهُ فِى كِتَابِ اللَّهِ قَالَ كُلُّ ذَلِكَ لاَ أَقُولُ، وَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنِّى، وَلَكِنَّنِى أَخْبَرَنِى أُسَامَةُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ رِبًا إِلاَّ فِى النَّسِيئَةِ».طرفاه 2176، 2177 - تحفة 4030 - 98/ 3 واعلم أن رِبَا الفَضْل كان جائزًا عند ابن عباس، تمسُّكًا بقوله صلى الله عليه وسلّم لا رِبَا إلا في النَّسِيئة»، فلما لَقِيَه أبو سعيد، وأخبره عن حُرْمتِهِ رَجَعَ عنه. وأمَّا شرحُ الحديث المرفوع: فأحدها ما ذكره الراوي، والثاني: أن نفيَه من غيره على معنى تنزيل (¬1) الناقص منزلة المعدوم. فإن رِبَا الفضل ¬

_ (¬1) قال الحافظ ابن القيم في "أعلام الموفقين": اعلم أن الرِّبا نوعان: جليٌّ، وخَفِيٌّ. فالجليُّ حَرُم لِمَا فيه من الضرر العظيم، والخفيُّ حَرُم لأنه ذريعةٌ إلى الجليِّ. فتحريمُ الأول قصدًا، وتحريمُ الثاني وسيلةٌ. فأمَّا الجليُّ فربا النسيئة، وهو الذي كانوا يَفْعَلُونه في الجاهلية، مثل أن يُؤَخِّرَ دينه، وَيزِيدَه في المال، وكلَّما أخَّره زاد في المال، حتى تَصِيرَ المائة عنده آلافًا مؤلَّفةً. وفي الغالب لا يَفْعَل ذلك إلا مُعْدَمٌ محتاجٌ، فإذا رأى أن المستحق يُؤَخِّرُ مطالبته، ويَصِبرُ عليه بزيادة في بذلها، تكلف بذلها، ليفتدي من أسر المطالبة والحبس، ويدافع من وقتٍ إلى وقتٍ، فيشتدُّ ضرره، وتَعْظُم مصيبته، وَيعْلوه الدينُ حتى يَستَغْرِقَ جميع موجوده. فَيَرْبُو المال على المحتاج من غير نفع يَحْصُلُ، ويزيد مال المُرَابي من غير نفعٍ يَحْصُل منه لأخيه، فيأكلُ مال أخيه بالباطل، وَيحْصُل أخوه على غاية الضرر. فمن رحمة أرحم الراحمين، وحكمته، وإحسانه إلى خلقه، أن حرَّم الربا، ولعن آكلَه، ومُوكِلَه، وكَاتِبَه، وشَاهِدَه، وآذَنَ من لم يَدَعهُ بحربه وحرب رسوله. ولم يجىء مثل هذا الوعيد في كبيرةٍ غيره، ولهذا كان من أكبر الكبائر. وسُئِل الإِمام أحمد عن الربا الذي لا شك فيه، فقال: هو أن يكونَ له دينٌ، فيقول له: أتقضي أم تُرْبي، فإن لم يَقضِهِ زاده في المال، وزاده هذا في الأجل. وقد جَعَلَ الله سبحانه وتعالى الربا ضد الصدقة، فالمُرَابي ضد المتصدِّق، قال الله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 276]، وقال تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39)} [الروم: 39]. فنهى الله سبحانه وتعالى عن الربا الذي هو ظلمٌ للناس، وأمر بالصدقة التي هي إحسانٌ إليهم. وفي "الصحيحين" من حديث ابن عباس، عن أسامة بن زيد: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إنما الرِّبا في النَّسِيئة". وأما ربا الفضل، فتحريمُه من باب سدِّ الذرائع، كما صرَّح به في حديث أبي سعيد الخُدْرِي، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تبيعوا الدِرْهَمَ بالدرهمين، فإني أخاف عليكم الرما"، والرما هو الربا. فمنعهم من ربا الفضل، لما يخافه عليهم من ربا النسيئة. وذلك أنهم إذا بَاعُوا دِرْهمًا بدرهمين -ولا يُفْعَلُ هذا إلَّا للتفاوت الذي بين النوعين، إما في الجَوْدَة، =

وإن كان ربًا وحرامًا، لكنه يَقْتَصِرُ على تلك المعاملة، ثم ينتهي، فمضرَّته أهون. بخلاف رِبَا النَّسِيئة، فإنه يجري، ثم يُضَاعف أضعافًا مضاعفةً، فمضرَّته أشدُّ وأَلْزَمُ، وهو الذي يَذَرُ البلاد بلاقع، فكأنه الفرد الكامل منه. والأليقُ بأن يسمَّى ربا، على أنا لم نَرَ أحدًا يَبِيعُ الفضة بالفضة، والذهب بالذهب بزيادةٍ، فلا يتحقَّق فيه ربا الفضل، وإنما يُعْرَفُ فيه من ربا النَّسِيئَة. نحو: أن لا يكونَ عند رجلٍ فضةٌ، وهو يحتاج إلى شراء الفضة والذهب، فيذهب ويشتريه نَسِيئَةً، فهذا هو الربا الذي يجري فيما بين الناس، ولذا خصَّه بالذكر. وهذا التوجيه أَوْلَى مما ذكره الراوي. والحاصلُ: أن في قوله: «لا ربا إلا في النسيئة»، وإن كان عمومًا، لكنه عموم غير مقصود، والمراد ما قلنا إن شاء الله تعالى. واعلم أن الغزالي تكلَّم في حُرْمة النَّسِيئَة في النقدين، ولعلَّ في باب الحلال والحرام؛ وقال: إن الأثمانَ كانت كالمعاني الحرفية، لا تُرَادُ لذواتها، فهي آلةٌ للغير، وليست كالاسم، والفعل. وفي ذيله شرح قول النحاة في تعريفها «معنى في نفسه» و «معنى في غيره». فليراجعه، فإنه أجاد فيه، وذكر ما لم يَذْكُرْ النحاة. وملخَّصُه: أن المرادَ من المعنى هو الغرضُ، والغرضُ يكون في نفس الاسم والفعل، بخلاف الحرف، فإنه آلةٌ فقط، ولا غرضَ منه غير الآلية. فالذي فيه الغرضُ هو الاسم والفعل، بخلاف الحرف، فإن الغرضَ منه أيضًا لا يَظْهَرُ إلا في الاسم. وهذا معنى قولهم: إن الحرف، يَدُلُّ على معنىً في غيره، بخلاف أَخَوَيْهِ، فإنهما يَدُلان على معنىً في أنفسهما، لا في غيرهما. والحاصلُ: أن الأثمانَ كانت كالحروف، أعني الغرض منها يكون في الغير، وهو العروض، فإذا ربى فيها الناس، وأَرْبَى، فقد جعلوها عروضًا، مع كونها أثمانًا، فحرَّفوا طباعها (¬1). ¬

_ = وإَّما في السِّكَّة، وإما في الثقل والخِفَّة، وغير ذلك- تدرَّجوا بالربح المعجَّل فيها إلى الربح المؤخَّر، وهو عينُ ربا النسيئة، وهذه ذريعةٌ قريبةٌ جدًا فمن حكمة الشارع أن سَدَّ عليهم هذه الذريعة، ومنعهم من بيع دِرْهمٍ بدرهمين نقدًا ونسيئةٌ. انتهى مختصرًا. وقال الشيخُ ولي الله في "حجة الله البالغة": اعلم أن الرِّبا على وجهين: حقيقيٌّ، ومحمولٌ عليه. أمَّا الحقيقيُّ: فهو في الديون. وقد ذكرنا أن فيه قلبًا لموضوع المعاملات، وأن الناسَ كانوا مُنْهَمِكِين فيه في الجاهلية أشد انهماك، وكان حَدَثَ لأجله مُحَارَبات مُستَطِيرَةٌ. وكان قليلُه يدعو إلى كثيره، فَوَجَبَ أن يُسَدَّ بابُه بالكلية، ولذلك نزَّل القرآن في شأنه ما أَنْزَل. والثاني: ربا الفضل، والأصلُ فيه الحديث المستفيض: "الذهب بالذهب" ... الحديث. وهو مسمَّى بربا تغليظًا وتشبيهًا له بالربا الحقيقيِّ، وبه يُفهَمُ معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ربا إلَّا في النسيئة"، أي القرض والدين. ثم ذُكِرَ في الشرع استعمال الربا في هذا المعنى، حتى صار حقيقةً شرعيةً فيه أيضًا، والله تعالى أعلم. انتهى ما في "التعليق الصحيح" مختصرًا. (¬1) قلتُ: ولم يكن عندي من كلام الغزالي الإِيماء إليه، فبسطته على ما ظَهَرَ لي مراده. فليُرَاجع إلى الأصل، ليتبيَّن حقيقةُ الحال. ولم أجد فرصةً لمراجعة كلامه، لأنقله بتمامه، فعليكَ به.

80 - باب بيع الورق بالذهب نسيئة

فائدة: واعلم أن (الزيوف) معناه (كهتيا) أي الناقص قيمة، و (البنهرجية) معناه (كهوتا) أي المَغْشُوش، وقد الْتَبَسَ على بعضهم، فَيُتَرْجِمُون الزيوف بمعنى البنهرجية، مع أنه غلطٌ، فاعلمه. ثم اعلم أن لفظَ البيع صار عُرْفًا عامًّا في مُبَادَلَةِ المال بالمال مطلقًا، سواء تحقَّق بصورة البيع الشرعيِّ، أم لا. وعلى هذا، فليس النهيُ في قوله: «لا تَبِيعُوا الذهبَ بالذهب» عن البيع خاصةً، بل عن مطلق المُبَادلة، سواء تحقَّق بطريق الإِيجاب والقَبُول المعتبران في البيع أو غيره. فالحديثُ وَرَدَ على الحرف، والنهي عن مطلق المُبَادلة. فطاح ما شَغَبَ به عبد اللطيف في «رسالته»: إن المنهيَّ عنه في الحديث هو البيعُ، ولا بيعَ في الرِّبا المعروف في زماننا، فينبغي أن يكونَ جائزًا، وذلك لأنه لم يَقْدُم على فَهْم المراد. أَلا ترى أنه لا إيجابَ، ولا قَبُولَ في باب التعاطي، لكنه إذا كَتَبَ به يَكْتُبُ أن فلانًا باع بكذا، أو فلانًا اشترى منه بكذا، بصورة الإِيجاب والقَبُول، مع انتفائهما في الخارج. وهذا الذي مشى عليه الحديث، فإنه حَكَى عن المُبَادلة في الخارج بلفظ البيع، كالشراء والبيع في صورة التعاطي، فأهل العُرْف لا يعبِّرون عن المُبَادة إلا بالبيع. فالمذكورُ هو هذا، والمقصودُ ذلك، فاعلمه. 80 - باب بَيْعِ الْوَرِقِ بِالذَّهَبِ نَسِيئَةً 2180 و 2181 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى حَبِيبُ بْنُ أَبِى ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْمِنْهَالِ قَالَ سَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ - رضى الله عنهم - عَنِ الصَّرْفِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ هَذَا خَيْرٌ مِنِّى. فَكِلاَهُمَا يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ دَيْنًا. حديث 2180 أطرافه 2060، 2497، 3939 - تحفة 1788 حديث 2181 أطرافه 2061، 2498، 3940 - تحفة 3675 81 - باب بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ يَدًا بِيَدٍ 2182 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، إِلاَّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَبْتَاعَ الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ كَيْفَ شِئْنَا، وَالْفِضَّةَ بِالذَّهَبِ كَيْفَ شِئْنَا. طرفه 2175 - تحفة 11681 82 - باب بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ، وَهْىَ بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، وَبَيْعُ الزَّبِيبِ بِالْكَرْمِ، وَبَيْعُ الْعَرَايَا قَالَ أَنَسٌ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ. والمُحَاقلة في الحبوب كالمُزَابنة في التمر. 2183 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ

تَبِيعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهُ، وَلاَ تَبِيعُوا الثَّمَرَ بِالتَّمْرِ» أطرافه 1486، 2194، 2199، 2247، 2249 - تحفة 6881 2183 - قوله: (لا تَبِيعُوا التمرَ حتى يَبْدُو صَلاحُهُ) ... إلخ، وسيجيء الكلامُ فيه. 2184 - قَالَ سَالِمٌ وَأَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ بَعْدَ ذَلِكَ فِى بَيْعِ الْعَرِيَّةِ بِالرُّطَبِ أَوْ بِالتَّمْرِ، وَلَمْ يُرَخِّصْ فِى غَيْرِهِ. أطرافه 2173، 2188، 2192، 2380 - تحفة 3723 2185 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ. وَالْمُزَابَنَةُ اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلاً، وَبَيْعُ الْكَرْمِ بِالزَّبِيبِ كَيْلاً. أطرافه 2171، 2172، 2205 - تحفة 8360 - 99/ 3 2186 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِى سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِى أَحْمَدَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ. وَالْمُزَابَنَةُ اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ فِى رُءُوسِ النَّخْلِ. تحفة 4418 2187 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ. تحفة 6101 2188 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضى الله عنهم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْخَصَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا. أطرافه 2173، 2184، 2192، 2380 - تحفة 3723 2184 - قوله: (رَخَّصَ بعد ذلك في بيع العَرِيَّة بالرُّطَبِ، أو بالتَّمْرِ) ... إلخ. والظاهرَ أنه لا فائدةَ في بيع الرُّطَب بالرُّطَب، لأنه إذا كان عنده رُطَبٌ، فقد استغنى عن بيع العَرِيَّة، فإنه لأجل احتياجه إلى الرُّطَب، وهي عنده من قبل. نعم إذا كان بالتمر، ففيه تَحْصِيلٌ للمرغوب. فليسأل الشافعيةَ أنهم هل يجوِّزُون العَرِيَّة في الرُّطَب والأنواع كلِّها، فإن قالوا به، فذاك. وإلا فلفظُ الراوي بالرُّطَب، إمَّا لغوٌ، أو حَشْوٌ. واعلم أن الأحاديثَ في باب العَرَايا على عدة أنحاء: الأول، كما مرَّ في باب بيع الزبيب بالزبيب قال: «أن يَبِيعَ التْمر بكَيْلٍ: إن زَادَ، فلي، وإن نَقَصَ فعليَّ». والظاهر أن قوله: «إن زاد فلي» ... إلخ، فيه من مقولة البائع، دون المشتري. وهذا التفسير لا يَرِدُ علينا أصلا، لأنه لا ذِكْرَ فيه للعِوَض، هل هو من جنس النقدين أو غيره؟ فإن كان النقدين، فذا جائزٌ عندنا وعند غيرنا، فإنه لا بأس بشراء الرُّطَب، أو التمر بالنقدين، كَيْلا كان، أو جِزَافًا. نعم يحتاج هذا التفسير إلى تنقيرٍ في علَّة النهي ما هي. والثاني: ما عن ابن عمر من طريق سالم: «رخَّص بعد ذلك في بيع العَرِيَّة بالرُّطَب، أو بالتمر ... إلخ، وهذا هو المشهور فيما بينهم. والثالث: ما في آخر الباب: «رخَّص لصاحب العَرِيَّة أن يَبِيعَها بِخَرْصها»، اهـ. ولا ذِكْرَ فيه للعِوَض، فيجوز أن يكونَ العِوَضُ النقدين، فلا يُخَالِفُنَا أيضًا. والرابع: ما ذكره في الحديث الأول من الباب الآتي، ففيه استثناءٌ العَرَايا من

83 - باب بيع الثمر على رءوس النخل بالذهب والفضة

البيوع المَنْهِيَّة، وليس فيه تفسيرٌ للعَرَايا، مع إبهام الحكم أيضًا. ثم اعلم أنهم اخْتَلَفُوا في المُسْتَثْنَى، هل فيه حكمٌ، أو لا؟ والسِّرُّ فيه أن الحكم يكون فيه بينهما، فَذَهَبَ بعضٌ إلى الإِثبات، وبعضٌ آخر إلى النفي. قال الشيخُ ابن الهُمَام: إن الحُكْمَ فيه في مرتبة الإِشارة. وقال صدرُ الشريعة: بل يكون مَنْطُوقًا، وإن لم يكن مَسُوقًا له. أما إن الإِشارةَ هل تكون منطوقًا، أو لا؟ فذلك اختلافٌ آخرَ بين الشيخ، وصدر الشريعة. كيفما كان، لكن الشيخ أَثْبَتَ فيه الحكم في مرتبة الإِشارة. والخامس: ما في الحديث الثاني من الباب الآتي، وفيه: «رخَّص في بيع العَرَايا»، بدون حرف الاستثناء، وبدون ذكر العِوَض أيضًا، فهذه خمسةُ أنواعٍ، ولم يَخْرُجْ منها تفسيرٌ يُخَالِفُنَا، إلا ما في حديث سالم عن ابن عمر. 83 - باب بَيْعِ الثَّمَرِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ 2189 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ وَأَبِى الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَطِيبَ، وَلاَ يُبَاعُ شَىْءٌ مِنْهُ إِلاَّ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ إِلاَّ الْعَرَايَا. أطرافه 1487، 2196، 2381 - تحفة 2801، 2454، 2452 2190 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا وَسَأَلَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الرَّبِيعِ أَحَدَّثَكَ دَاوُدُ عَنْ أَبِى سُفْيَانَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ فِى بَيْعِ الْعَرَايَا فِى خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ قَالَ نَعَمْ. طرفه 2382 - تحفة 14943 2191 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ سَمِعْتُ بُشَيْرًا قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ أَبِى حَثْمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، وَرَخَّصَ فِى الْعَرِيَّةِ أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا. وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً أُخْرَى إِلاَّ أَنَّهُ رَخَّصَ فِى الْعَرِيَّةِ يَبِيعُهَا أَهْلُهَا بِخَرْصِهَا، يَأْكُلُونَهَا رُطَبًا. قَالَ هُوَ سَوَاءٌ. قَالَ سُفْيَانُ فَقُلْتُ لِيَحْيَى وَأَنَا غُلاَمٌ إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يَقُولُونَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ فِى بَيْعِ الْعَرَايَا. فَقَالَ وَمَا يُدْرِى أَهْلَ مَكَّةَ قُلْتُ إِنَّهُمْ يَرْوُونَهُ عَنْ جَابِرٍ. فَسَكَتَ. قَالَ سُفْيَانُ إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنَّ جَابِرًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. قِيلَ لِسُفْيَانَ وَلَيْسَ فِيهِ نَهْىٌ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهُ قَالَ لاَ. طرفه 2384 - تحفة 4646 2191 - قوله: (ورخَّص في العَرِيَّة أن تُبَاع بِخَرْصِهَا، يأَكُلُها أهلها رُطَبًا) ... إلخ، والباء فيه للتصوير عندنا. أمَّا قولُه: يأكلها فبيانٌ للغرض، ولا ذِكْرَ فيه للعِوَض أيضًا. ولكن الشافعيةَ يَحْمِلُون المواضعَ كلَّها على أن العِوَضَ فيها هو التمر. قوله: (فَقُلْتُ لِيَحْيَى) ... إلخ. وحاصلُه: الفرق بين رواية أهل مكة، وجابر من أهل المدينة في إفراد لفظ العَرِيَّة، وجمعه، فأهل مكة يَذْكُرُونها مفردًا، وأهل المدينة جمعًا.

84 - باب تفسير العرايا

84 - بابُ تَفْسِيرِ الْعَرَايَا وَقَالَ مَالِكٌ الْعَرِيَّةُ أَنْ يُعْرِىَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ النَّخْلَةَ، ثُمَّ يَتَأَذَّى بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ، فَرُخِّصَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِتَمْرٍ. وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ الْعَرِيَّةُ لاَ تَكُونُ إِلاَّ بِالْكَيْلِ مِنَ التَّمْرِ يَدًا بِيَدٍ، لاَ يَكُونُ بِالْجِزَافِ. وَمِمَّا يُقَوِّيهِ قَوْلُ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ بِالأَوْسُقِ الْمُوَسَّقَةِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِى حَدِيثِهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَتِ الْعَرَايَا أَنْ يُعْرِىَ الرَّجُلُ فِى مَالِهِ النَّخْلَةَ وَالنَّخْلَتَيْنِ. وَقَالَ يَزِيدُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ الْعَرَايَا نَخْلٌ كَانَتْ تُوهَبُ لِلْمَسَاكِينِ، فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَنْتَظِرُوا بِهَا، رُخِّصَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهَا بِمَا شَاءُوا مِنَ التَّمْرِ. تحفة 8410 2192 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضى الله عنهم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ فِى الْعَرَايَا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا كَيْلاً. قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَالْعَرَايَا نَخَلاَتٌ مَعْلُومَاتٌ تَأْتِيهَا فَتَشْتَرِيهَا. أطرافه 2173، 2184، 2188، 2380 - تحفة 3723 - 100/ 3 واعلم أن معاملات العرب بالعَرَايا كانت على عِدَّة أوجه، ذكرها الحافظُ في «الفتح»، وثلاثٌ منها مختاراتٌ للأئمة أيضًا. فعند الإِمام الأعظم العَرِيَّةُ: اسم لعطية ثمرة النخل على عادة العرب، فإن أهل النخل منهم كانوا يَتَطوَّعُون على من لا ثمرَ له في الموسم، ثم إذا كانوا يتأذُّون من دخول المُعْرَى له عليهم يَعْطُونَهم تمرًا آخر مكانه، ليُخَلِّي ثماره للمُعْرِي خاصةً. وأما عند مالك، فعنه تفسيران: أحدهما: ما عن الإِمام الأعظم بعينه، إلا أنه خالفه في تخريجه، وجعل المُبَادلَة المذكورةَ بيعًا، واعتبره إمامُنا هِبَةً. ثم إن المُعَامَلَةَ المذكورةَ تَقْتَصِرُ عنده بين المُعْرِي والمُعْرَى له، ولا تجري بين غيرهما. وثانيهما: ما في «موطئه»، وهو أن تكون لرجلٍ عدَّةُ نخلٍ في حديقةِ رجلٍ، فتحرَّج صاحبُ البستان في دخوله في الموسم، واصطلح أن يبيع ثمرة نخيله منه بكذا من التمر، لتخلص له ثمرة البستان كلِّه. وحاصلُه: أن العَرِيَّةَ بيعٌ عنده على التفسيرين. وقال الشافعيُّ: إن الناس كانوا فقراء، ليست عندهم دَرَاهِمَ ولا دنانير، فإذا جاء الموسمُ شَكُوا إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم مما رابهم. فلمَّا رأى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم اشتياقَهم إلى الرُّطَب، ولا ثمنَ عندهم لِيَشْتَروا به، أباح لهم أن يَشْتَرُوا الرُّطَبَ بالتمر، ولما كانت الحاجةُ تندفع بخمسة أَوْسُق خصَّصه بها. ولذا قال الشافعيةُ: إن العَرِيَّةَ لا تجوز إلا في هذا المقدار، أو أقل. ولا تجوز فيما زاد على ذلك، إلا أن تكونَ بصفقاتٍ. فإذا كانت بصفقاتٍ، فتَجُوزُ عندهم، ولو في ألوفٍ من الأَوْسَاقِ. ثم إنهم يَشْتَرِطُوا الكَيْلَ في التمر، والخَرْصَ في الثمر. وذلك لأن الكَيْلَ إذا فَاتَ عنهم في الثمر، لكونه على رؤوس الأشجار، عَدَلُوا إلى الخَرْصِ، ليَقْرُبَ إلى الواقع شيئًا، ولا يبقى جِزَافًا مَحْضًا. لأن التمرَ بالرُّطَب مُزَابنةٌ عندهم، وهي حرامٌ بالنصِّ. وإنما أَبَاحَها الشرعُ لهم في خمسة أَوْسُقٍ خاصةً، فضيَّقُوا فيه. ثم إن هذه المعاملة في هذا المقدار تجري بين كل

رجلين، ولا اختصاصَ لها بالمُعْرِي والمُعْرَى له، كما هو عند مالك. هذا هو تفصيل المذاهب، وتفسير العَرَايا. أما الترجيحُ لمذهبنا، فمن أوجهٍ: الأول: أنه اتفق أهلُ اللغة كافةً، على أن العَرِيَّةَ من العَارِيَّةِ: اسم لهبة ثمار النخيل. وَوَافَقَنَا عليه صاحب: «القاموس» أيضًا، مع كونه شافعيًا متعصِّبًا، فإنه يُرَاعي مذهبه في بيان اللغة أيضًا. نعم هو مُعْتقِدٌ لأبي حنيفة أيضًا، وقد كان بعضُ أهل زمانه كَتَبَ رسالةً في مثالب أبي حنيفة، ونَسَبَها إليه. فلمَّا بلغ أمرها إليه، تبرَّأ منه، وقال: إنها افتراءٌ عليّ، وأنا أخضع دون جلالة قدره، وأمر بحرقها. والأسفُ كل الأسف على أن داهيةَ التعصُّب قد أَلَمَّت في باب الجرح والتعديل أيضًا، فَيُسَامِحُون عمَّن وافقهم في المذهب، ويُمَاكِسُون فيمن خالفهم. كالذهبيِّ، فإنه يُرَاعي الحنبلية، ولا يَغْفِرُ للأشعرية. وأمَّا الحافظُ، فإنه لا يُغْمِضُ عن الحنفية، وكأنها عنده ذنبٌ ليس فوقها ذنبٌ. وبعد، فإنهم لمعذورون، لأنه من يسمع يُخِلُّ، فإذا لم يَبْلُغْهُمْ من الحنفية إلا أنهم أصحاب بَدِعةٍ وقياسٍ، وأُشْرِبَ به قلوبهم، لم يتكلَّموا إلا ما ناسب بما أُخْبِرُوا به، ولم يتحمَّلوه إلا ما حمِّلَ إليهم. ولكن من جرَّب الحال منهم، وحقَّق الأمر، فحاشاه أن يُطِيلَ لسانه في شأنهم. وكفاك محمد، وأبو يوسف من تلامذته. فأمَّا محمد، فهو الذي تخرَّج عليه الشافعيُّ، وقال فيه: إنه كان يَمْلأُ العينَ والقلبَ. وكان إذا تكلَّم فكأنما نَزَلَ الوحيُ. وأمَّا أبو يوسف، فأمرُه معروفٌ، وقد قدَّمنا بعض الكلام في أوائل كتاب العلم. وبالجملة: إن انتهى الأمرُ إلى اللغة، فهي للحنفية خاصةً، وليس لغيرهم فيها حَظٌّ. وراجع ما عندهم من أنواع الهِبَةُ، فإنهم سَمُّوا هِبَةَ الحيوان الحلوب: منحةً، وهِبَة الثمار: عَرِيَّةً، إلى غير ذلك. وقد نقل الطحاويُّ بيتًا عن شعرائهم يَمْدَحُ الأنصار، يَدُلُّ على كونها هِبَةً، وفي النسخة سقط من الكاتب، وأنقله بعد التصحيح: *وليست بسَنْهَاءَ ولا رَجَبِيَّةٍ ... ولكن عَرَايا في السنين الجوائح يقول: إن أشجارَهم ليست بسنهاء التي تُثْمِرُ في سنةٍ مرةً، وليست مما تُلْقَى حولها الشِّيَاك أيضًا، ولكنها عَرَايا تُوهَبُ للمساكين عند حاجتهم، فكأنه عنى بها التصدُّق، والهِبة. ولو كانت العَرِيَّةُ بيعًا، لم يكن فيها مدحٌ لهم. ولنا أيضًا أثرُ زيد بن ثابت، أخرجع الطحاويُّ، قال: «رخَّص في العَرَايا في النخلة، والنخلتين تُوهَبَان للرجل، فيبيعها يَخْرِصَها تمرًا»، فأَخْبَرَ بأن العَرِيَّة هِبَةٌ. وزيدُ بن ثابتٍ، وما زيد بن ثابت هو مدنيٌّ، ومن أصحاب النخيل، وهو أعلم بالعَرَايا، لأن صاحبَ البيت أَدْرَى بما فيه. أمَّا غيرُه ممن ليسوا بأصحاب النخيل، كابن عمر، فإنهم لا يُوَازُونَه في هذا الباب. ولا أُنْكِرُ تفاسيرهم، فإنها كلَّها مَرْوِيَّةٌ عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم. أمَّا المرفوعَ فلا مَزِيَّةَ فيه لأحدهما على الآخر، فقد عَلِمْتَ أن الباء في قوله صلى الله عليه وسلّم «بمثل خَرْصِها» للتصوير عندنا، وللعِوَض عندهم. فقالوا: معناه العَرَايا هي بيعُ التمر عوض الرُّطَب المَخْروصَةِ بمثلها. وقلنا: معناه هو البيعُ، بأن يَخْرُص الرُّطَب، فيبيعها خَرْصًا. أمَّا العِوَض،

فلم يُذْكَر في الحديث، فإن كان نقدًا، فلا خلافَ فيه لأحدٍ. وعند الترمذيِّ في حديث العَرِيَّة: «ونهى عن بيع كل ثمرٍ بِخَرْصِها»، مع أنه لو كان بالدينار والدراهم، جاز إجماعًا. فالنهيُ فيه للشَّفعقَةِ بالاتفاق، فلم يَخْلُصْ الحديثُ لأحدٍ، وتُوزَنا فيه وزنَ المثقال. ونقول أيضًا: إن التمرَ والرُّطَبَ من الأموال الزَّبَوِيَّة، ويُنَاسِبُ فيها الإِطلاق، فَقُلْنا بالحرمة مطلقًا، ولم نُجِرْ فيها التخصيص. وعلى هذا، فأحاديثُ النهي عن المُزَابنة على عمومها عندنا، بلا تخصيصٍ، والاستثناءُ فيها منقطعٌ، لعدم دخول العَرَايا في المُسْتَثْنَى منه. ويَلْزَمُ على الشافعية مخالفةُ اللغة، ومخالفةُ ما عند شعرائهم فيه، ومخالفةُ أعلم رجلٍ في هذا الموضوغ، وإجراءُ التخصيص في الأموال الرِّبوية. فإن قلتَ: يَرِدُ عليكم استثناء العَرَايا من البيع، فإن ظاهرَه كونها بيعًا، وثانيًا الرجوع في الهِبَة، وثالثًا لا معنى لتخصيص خمسة أَوْسُق على مذهبكم، فإن هِبَةَ الخمسة والرجوعَ عنها، كهبة ألف أَوْسُقٍ، والرجوعِ عنها. قلتُ: أمَّا ما قُلْتَ من استثناء العَرَايَا من البيع، فقد سَمِعْتَ آنفًا أنه استثناءٌ منقطعٌ عندنا، ونزيدك إيضاحًا، فنقول: إن العَرِيَّةَ على مذهب الحنفية استردادٌ للهبة الأولى، واستئنافٌ في الِبَة الثانية. ولكنه تخريجٌ ونظرٌ، وليس في الظاهر إلا استبدال الرُّطَب بالتمر، ولا رَيْبَ أنه بيع حِسًّا، وإن عبَّرناه استردادًا، واستئنافًا على الأصل. وحينئذٍ لا بِدَعَ في كونها مستثناةً من البيع، ولا حَجْر في التغبيرات والعبارات، فإنها تأتي في مبنيةً على الحسِّ. وقد نبَّهناك مِرَارًا أنه ليس على الرُّواة إخراج العبارات كاشفةً عن تخريج المسائل أيضًا. وإنما هم بصدد النقل المجرَّد، فَيُخَرِّجُون عباراتهم على ما سَنَحَ لهم في ذلك الحال. وعلى هذا فالأشجار بعد العَرِيَّة إذا نُسِبَتْ إلى المَعْرَى له، كأنها مِلْكُهُ، ثم ردَّها المُعْرَى له إلى المالك، بعوضٍ من التمر، كأنه يبيعها منه، صارت صورتُها صورةَ البيع فطعًا، سواء سمَّيته استردادًا، أو هِبةً، أو ما بدا لك. فإن الراوي لا بحثَ له من أن تخاريجك فيه ماذا. ومن ههنا انحلت عُقْدةٌ أخرى في حديث جابر عند البخاري، قال جابر، في بيان صفة صلاته صلى الله عليه وسلّم في الخوف: «كان للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم أربعٌ، وللقوم ركعتان». اهـ. وهذا لا يَصِحُّ على مذهب الحنفية، وحَمْلُه على حال الإِقامة باطلٌ، كما ذكرناه في تقرير الترمذي. وجواب الطحاويِّ نافذٌ. والجواب على ما ظَهَرَ لي: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم صلاها في ذات الرِّقَاع على الصفة المختارة عند الشافعية، فصلَّى بطائفةٍ ركعةً، ثم ثَبَتَ قائمًا حتى أَتَمُّوا لأنفسهم، وجاءت الأخرى، فصلَّى بهم كذلك، فاعتبر الراوي ركعته صلى الله عليه وسلّم ركعةً، ومُكْثَةُ بقدر ما أَتَمُّوا لأنفسهم ركعةً أخرى، فعبَّر عنه بالركعتين. وكانت الركعتان في الحقيقة لمن خلفه صلى الله عليه وسلّم وإنما نَسَبَهُمَا إليه أيضًا لتأخيره بتلك المدَّة، ومُكْثِهِ فيها، فإذا تضمَّنت ركعته صلى الله عليه وسلّم ركعتيهم، تضمَّنت ركعتاه لأربعهم لا مَحَالة. وهذا وإن كان يرى تأويلا في بادىء النظر، لكنه مُؤَيَّدٌ بما يُرْوَى عن جابر في عين تلك القصة. فقد أخرج البخاريُّ: عن صالح بن خَوَّات، عمن شَهِدَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوم ذات الرِّقَاع صلاةَ الخوف: «أن طائفةً صفَّت معه، وطائفةً وِجَاه العدو، فصلَّى بالتي معه ركعةً، ثم ثَبَتَ قائمًا، وأتمُّوا لأنفسهم. ثم انصرفوا، فصفُّوا وِجَاه العدو. وجاءت الطائفةُ الأخرى، فصلَّى بهم

الركعةَ التي بقيت من صلاته، ثم ثَبَتَ جالسًا، وأتمُّوا لأنفسهم، ثم سلَّم بهم». اهـ. فهذا صريحٌ في أن القومَ فَرَغُوا بعد ركعتين ركعتين، وأمَّا النبيُ صلى الله عليه وسلّم فلم يَفْرُغ عن صلاته حتى فَرَغُوا جميعًا. فكانت لهم ركعتان ركعتان، وكانت للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم أيضًا ركعتان، كما ذكره الراوي ههنا، إلا أنه لمَّا مَكَثَ بعد ركعةٍ بقدر ركعةٍ، وانتظر القوم عبَّر عنه الراوي هناك بالركعة، وعَدَّ له أربع ركعات بهذا الطريق. ولا بُدَّ، فإن الواقعةَ واحدةٌ، فلعلَّك عَلِمْتَ الآن حال تعبير الرواة أنه لا يُبْنَى على مسألةٍ فقهيةٍ فقط، بل يأتي على عبارات وملاحظ تَسْنَخُ لهم عند الرواية. وأمَّا الجوابُ عن الرجوع في الهِبَةِ. والدليلُ على أنه لا بُدَّ في قبض الثمار من الجِذَاذِ ما رواه الطحاويُّ: «أنه لمَّا احْتَضَرَ أبو بكر قال: إني قد كنتُ أَعْطَيْتُكَ ثمارًا في الغابة، فلو كنتَ جَذَذْتُها لكانت لك، إلا أنك ما جَذَذْتَهَا إلى الآن، فهي حينئذٍ ميراثٌ للورثة» بالمعنى. وبه أَفْتَى عمر. فَدَلَّ على أن الهِبَةَ لا تَتِمُّ إلا بالقبض، وأن الثمارَ لا قبضَ فيها إلا بالُجُجِذَاذِ. أما قولك: إنه لا معنى لتخصيص خمسة أَوْسُق على مذهبكم، فنقول: أمَّا أولا فكما ذكره الطحاويُّ: أنه ليس فيه ما ينفي أن يكونَ حكمُ ما هو أكثر من ذلك، كحكمه في خمسة أَوْسُق. وإنما يكون ذلك لو قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم لا تكون العَرِيَّة إلا في خمسة أَوْسُق، أو فيما دون خمسة أَوْسُق. فإذا كان الحديثُ: «أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم رخَّص في بيع العَرَايا (¬1) في خمسة أَوْسُقٍ، أو فيما دون خمسة أَوْسُقٍ»، فذلك يحتمل أن يكونَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم رخَّص فيه لقومٍ في عَرِيَّةٍ لهم، هذا مقدارها. فنقل أبو هُرَيْرَة ذلك، وأخبر الرُّخْصَة فيما كانت. ولا ينفي ذلك أن تكونَ تلك الرخصة جاريةً فيما هو أكثر من ذلك. اهـ. وأمَّا ثانيًا، فعلى ما أقول: إن المعاملةَ المذكورةَ لمَّا كانت بيعًا حِسًّا ناسب فيها التضييق، لئلا تقوم أصلا للمعاملات الرِّبَوِيَّة. فإن الشافعيةَ أيضًا قَصَرُوها على خمسة أَوْسُقٍ، غير أنهم جعلوها استثناءً من معاملة الرِّبا حقيقةً. ونحن قَصَرْنَاها على المقدارِ المذكور لمظنَّة جريان الربا فيما عَدَاها. ثم لو سَلَّمْنَا أن العَرِيَّةَ هي البيعُ دون الهِبَةِ، فقد أُخْرِجَتْ لها صورة الجواز على مسائلِ الحنفية أيضًا، وهي: أن بيع الععرِيَّة على نحوين: الأول: أن يقولَ: بِعْتُ ثمارَ هذه الشجرة التي أَخْرُصُهَا خمسة أَوْسُق، بدل كذا من التمر. والثاني: أن يقولَ: بِعْتُ خمسة أَوْسُقٍ من ثمار هذه الشجرة، بدل كذا من التمر. والأول لا يجوز، بخلاف الثاني، وهو المحمل عندي. والفرق أنه باع على الأول ثمارها خَرْصًا، فإن خرجت خمسة أَوْسُقِ فذاك، وإلا فلا ضمان عليه، لأنه لم يبع خمسة أوسق، ولكنه باع ثمارها، سواء خرجت بهذا المقدار، أو لا، ¬

_ (¬1) قلتُ: وإطلاقُ البيع على العَرَايا في هذه الرواية لعلَّه مأخوذٌ من استثنائها من البيع، فإنه ليس من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وإنما هو من لفظ الراوي، يحكي عن رُخَصِهِ - صلى الله عليه وسلم - في العَرَايا. فاعلمه.

والخرص لا يطابق الواقع دائمًا، ففيه احتمال الربا، لأنه بيع التمر بالتمر، ولا بد فيه من التساوي، وذلك معدوم في هذا الفصل، بخلاف الثاني، فإنه عقد على خمسة أوسق، وليس الخرص فيه إلا في الذهن، فإنه خرصها في ذهنه أن ثمار هذه الشجرة تكون خمسة أَوْسُقٍ، ثم باعها منه. فليس الخَرْصُ في الخارج، وهو لحفظه في ذهنه فقط. فإذا أَسْلَمَ إليه يَكِيلُها لا مَحَالة، ليُسْلِمَ إليه خمسة أَوْسُق، فلا احتمال فيه للربا. وعلى هذا لم يَرِدْ العقدُ على المَخْرُوص، بل وَقَعَ على المعيَّن،، ولا بأسَ بكون هذا المعيَّن مَخْرُوصًا في أول الأمر في ذهنه، بل هو مفيدٌ. أمَّا في الخارج، فلا يسْلِمُ إليه إلا مكيلة. ثم الكيلُ وإن لم يكن معروفًا في الرُّطَب فيما بينهم لتعسُّره فيها، ولكنه إذا تحمَّله على نفسه والتزمه وَجَبَ عليه أن يَكِيلَها. حينئذٍ جَازَتْ العَرِيَّةُ بيعًا على مسائلنا أيضًا. وجملةُ الكلام: أن المبيعَ في العَرِيَّة عندهم مَخْرُوصٌ أولا وآخرًا، وعندنا مخروصٌ أولا، وفي الذهن فقط، ومعيَّنٌ آخِرًا، وعند التسليم. فإن ادَّعَيْتَ بجوازها، لم يُخَالِف مسائلنا بشيءٍ. ثم اعلم أن تلك عند أبي عُبَيْد هي التي اسْتُثْنِيَت في باب الزكاة في قوله صلى الله عليه وسلّم «ليس فيما دون خمسة أَوْسُقٍ صَدَقةٌ بعينها» فيكون عنده تفسيرًا لأربعًا (¬1). ¬

_ (¬1) قلتُ: وكان شيخي يَنْقُلُه عن أبي عُبَيد، إلَّا أن كتابَه المعروف "بكتاب الأموال" لم يكن طُبعَ يومئذٍ، فلم أكن أحْصُل منه غير الطَّلِّ. حتى إذا جاءنا مطبوعًا بعد وفاة الشيخ. فَرَاجَعْتُ كلامَه، فانكشف الحال على جليته. قال أبو عُبَيْد: وأمَّا تفسيرُ الآخر، فهو: أن العَرَايا هي النخلات يستَثْنِيها الرجلُ من حائطه إذا باع ثمرته، فلا يُدْخِلُها في البيع، ولكنه يُبقِيها لنفسه وعِيَاله. فتلك الثُّنْيا لا تُخْرَصُ عليه، لأنه قد عُفِي لهم عمَّا يأكلون تلك الأيام. فهي العَرَايا سُمِّيَت بذلك في هذا التفسير، لأنها أُعْرِيَتْ من أن تباعَ، أو تُخرَصَ في الصدقة. فأَرْخَصَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأهل الحاجة والمسكنة، الذين لا وَرِقَ لهم، ولا ذهب، وهم يَقْدِرُون على التمر: أن يَبتَاعُوا بتمرهم من ثمار هذه العَرَايا بِخَرْصِهَا. فعل ذلك بهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ترفُّقًا بأهل الفاقة الذين لا يَقدِرُون على الرُّطَب ليُشَارِكُوا الناسَ فيه، فيصيبوا منه معهم. ولم يرخِّص لهم أن يَبْتَاعُوا منه ما يكون لتجارةٍ، ولا لادخارٍ. قال أبو عُبَيْد: فهذا التأويلُ أَصَحُّ في المعنى عندي من الأول، لأن له شَاهِدَين في الحديث. أمَّا أحدهما، فشيءٌ كان مالك يُحَدِّثُهُ عن داود بن الحُصَيْن، عن أبي سُفْيَان -مولى ابن أبي حمد- وفي نسخةٍ: -مولى ابني أحمد- عن أبي هُرَيْرَة: "أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَرْخَصَ في العَرَايا بِخَرْصِهَا، خمسة أَوسُقٍ، أو ما دون خمسة أَوْسُقٍ". كان مالك يقول: الشَّكُّ من داود، حدَّثنيه ابن بُكَيْر عنه. قال أبو عُبَيد: وأَحْسِبُ أن المحفوظَ منهما إنما هو ما دون خمسة أَوْسقٍ، لأن توقيتَه - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وتركه الرُّخصة في خمسة أَوْسُقٍ تبيِّن لك أنه إنما أَذِنَ في قدر ما لا يَلْزَمه الصدقة. لأن سنته "أن لا صدقةَ في أقلِّ من خمسة أَوْسُقٍ، وأن لا صَدَقَةَ في العَرَايا" فهذه تلك بعينها. والحديث يُصَدِّق بعضُه بعضًا. وتقليله ذلك يُخبِرُك أنه إنما أَرْخَصَ لهم في قدر ما يأكلون فقط، فهذا أحد الشَّاهِدَيْن ... إلخ، ولعل في الجملة الأخيرة سَقطٌ، فتبيَّن منه أن ما دون الخمسة في العَرِيَّة هي التي عفا عنها في باب الزكاة عنده. وحينئذٍ ظَهَرَ لك وجهٌ لسقوط الصدقة عمّا دون خمسة أَوْسُقٍ في باب الزكاة، وهو: أنه كان هذا المقدار مشغولًا بحوائجهم يَحْفَظُونَهُ لأنفسهم، وعِيَالهم، ولمن نزل عليهم. لا أن الصدقةَ لا تَجِبُ فيه، وأن لها نِصَابًا عند الشرع لا تَجِبُ إلَّا عند وجوده. فالصدقةُ واجبةٌ في كل ما خَرَجَ من الأرض عندنا، إلَّا أن قدر خمسة أَوْسُق يكون مشغولًا بحوائجهم، مهَيأً لأكلهم وضيفهم، فَسَقَطَت عن هذا المقدار. وقد قال الخطابيُّ نحوه بعينه في شرح حديث =

هذا الذي أردنا إلقاءه عليك من تفسير العَرَايا، وما يتعلَّق بها، والآن نشرح ألفاظ الترجمة. قوله: (وقال ابنُ إدْرِيس) المراد منه الشافعي. قوله: (العَرِيَّةُ لا تكونُ إلا بالكَيْل من التمر، يَدًا بيدٍ، ولا تكُون بالجِزَاف)، يعني به أن التمر يُعْطَى للمُعْري، ويكون مَقْبُوضًا. أمَّا الثمارُ، فلا سبيلَ فيها إلا بالتَّخْلِيةَ. قوله: (بالأَوْسُق المُوَسَّقَةِ) ... إلخ، وهو كقوله: {وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ} [آل عمران: 14]، ففيه معنى التأكيد. ومُقْتَضَى اللفظ كونه معاملةً من الطرفين، نحو كون الكَيْلِ من طرفٍ، والخَرْصُ من طرفٍ آخر، فحصلت التقوية، كما أراده المصنِّف. قوله: (العَرَايا نخلٌ) ... إلخ، والمراد به ثمار النخل. 2192 - قوله: (رخَّصَ في العَرَايا أن تُبَاع بِخَرْصِها كَيْلا)، والبائعَ عند الشافعيِّ: هو صاحبُ النخل المُعْرِي. وعند أبي حنيفة، ومالك: المُعْرَى له، غير أن بيعَه للمُعْرِي بيعٌ حقيقةً عند مالك، ومبادلةٌ، واستبدالٌ فقط عند أبي حنيفة. فيكون بيعًا صورةً لا غير، على ما عَلِمْتَ تفصيله. وقد مرَّ أيضًا: أن الباء في قوله: «بِخَرْصِها» للتصوير عندنا، والبدلُ غير مذكورٍ، فيمكن أن يكونَ الدراهمَ والدنانيرَ، كما يُؤَيِّدُه ما عند النَّسائي. وهي عند الشافعيِّ للبدل، فيكون المَخْرُوصُ عِوَضًا، وبَدَلا. وقد ذكرنا شيئًا يتعلَّق به في آخر كتاب المساقاة إيضًا، فراجعه (¬1). ¬

_ = أبي داود مرفوعًا: "أمرنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا خَرَصتُم فَجُذُّوا ودعوا الثُّلث، فإن لم تدعوا أو تَجُذُّوا الثُّلث، فدعوا الربع". اهـ. قال الخطَّابيُّ: قيل: اتركوا لهم ذلك ليتصدَّقوا منه على جيرانهم، ومن يَطلُبُ منهم. لا أنه لا زكاةَ عليهم في ذلك. اهـ. فإذا جَازَ استثناء الثلث، والربع الذي قد يزيد على خمسة أَوْسُق بمراتب، فالخمسة أَوْسُق لا تُستَثنَى في باب الزكاة لعين تلك العلَّة. والله تعالى أعلم. (¬1) قلتُ: وأحسنُ ممَّن رأيتُ قرَّر مسألة العَرِيَّة، ونبَّه على الفروق بين المذاهب مع بيان عُمْدَةِ كلٍّ، هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد القُرْطبي في "بداية المجتهد": اختلف الفقهاءُ في معنى العَرِيَّة، والرُّخْصَة التي أتت فيها في السُّنة. فحكى القاضي أبو محمد عبد الوهاب المالكي: أن العَرِيَّة في مذهب مالك هي: أن يَهَبَ الرجلُ ثمرةَ نخلةٍ، أو نَخَلات من حائطه لرجلٍ بعينه. فيجوز للمُعْرِي شراءها من المُعْرَى له بِخَرْصِها تمرًا على شروط أربعة: أحدها: أن تُزْهى. والثاني أن تكونَ خمسة أوسُق فما دون، فإن زادت فلا يجوز. والثالث: أن يعطيه التمر الذي يشتريها به عند الجُذَاذ، فإن أعطاه نقدًا لم يَجُزْ. والرابع أن يكونَ التمر من صنفِ ثمر العَرِيَّة ونوعها. فعلى مذهب مالك: الرُّخْصَة في العَرِيَّة إنما هي في حقِّ المُعْرِي فقط. والرخصة فيها إنما هي استثناءها من المُزَابنة -وهي بيعُ الرُطَب بالتمرِ الجافِّ الذي وَرَدَ النهيُ عنه- ومن صنفي الرِّبا أيضًا -أعني التفاضل والنَّسأ- وذلك أن بيعَ ثمرٍ معلومٍ الكَيْلِ بثمرٍ معلومٍ بالتخمين، وهو الخَرْصُ، فَيَدْخُلُه بيع الجنس الواحد متفاضلًا، وهو أيضًا ثمرٌ بثمرٍ إلى أجلٍ. فهذا هو مذهب مالك، فيما هي العَرِيَّة؟ وما هي الرخصة فيها؟ ولمن الرخصة فيها؟. وأمَّا الشافعيُّ، فمعنى الرخصة الواردة عنده فيها ليست للمُعْرِي خاصةً، وإنما هي لكلِّ أحدٍ من الناس أراد أن يشتري هذا القدر من الثمر، أعني الخمسة أَوْسُق، أو ما دون ذلك بتمرٍ مثلها. وروى: أن الرُّخصَة فيها إنما هي =

........................... ¬

_ = معلَّقةٌ بهذا القدر من التمر لضرورة الناس أن يأكلوا رُطبًا، وذلك لمن ليس عنده رُطَبٌ ولا تمرٌ يشتري به الرُّطَب. والشافعيُّ يشترط في إعطاء التمر الذي يُبَاعُ به العَرِيَّة أن يكونَ نقدًا، ويقول: إن تفرَّقا قبل القبض فَسَدَ البيع. والعَرِيَّةُ جائزةٌ عند مالك في كل ما يَيْبَسُ، ويُدَّخَرُ. وهي عند الشافعي: في التمر والعنب فقط. ولا خِلَافَ في جوازها فيما دون الخمسة الأَوْسُق عند مالك، والشافعي. وعنهما الخِلَافُ، إذا كانت خمسة أَوْسُقٍ، فرُوِي الجوازُ عنهما والمنع. والأَشْهَرُ عند مالك الجواز. فالشافعيُّ يُخَالِفُ مالكًا في العَرِيَّةِ في أربعة مواضع: أحدها: في سبب الرُّخصة، كما قلنا. والثاني: أن العَرِيَّةَ التي رخَّص فيها ليست هِبَة، وإنما سُمِّيَتْ هبةٌ على التجوُّز. والثالثُ: في اشتراط النقد عند البيع. والرابع: في محلها، فهي عنده، كما قلنا، في التمر والعنب فقط، وعند مالك في كل ما يُدَّخَرُ وَييْبَسُ. وأمَّا أحمد بن حنبل، فَيُوَافِقُ مالكًا في أن العَرِيَّةَ عنده هي الهِبَةُ، ويُخَالِفُهُ في أن الرُّخصةَ إنما هي عنده فيها للموهوب له، أعني المُعْرَى له لا المُعْرِي. وذلك أنه يَرَى أن له أن يَبِيعَها ممن شاء بهذه الصفة، لا من المُعْرِي خاصة، كما ذهب إليه مالك. وأما أبو حنيفة، فَيُوافِقُ مالكًا في أن العَرِيَّةَ هي الهِبَةُ، ويُخَالِفُه في صفة الرُّخصةُ. وذلك أن الرُّخصةَ عنده فيها ليست هي من باب استثنائها من المُزَابنة، ولا هي في الجملة في البيع، وإنما الرُّخصةُ عنده فيها على باب رجوع الواهب في هبته، إذا كان الموهوب له لم يَقبِضْها. وليست عنده ببيع، وإنما هي رجوعٌ في الهِبَةِ على صفةٍ مخصوصةٍ، وهو أن يُعْطِي بدلها تمرًا بِخَرْصِهَا. وعُمْدَةُ مذهب مالك في العَرِيَّة: أنها بالصفة التي ذَكَرَ سُنَّتَها المشهورةَ عندهم بالمدينة، قالوا: وأصلُ هذا أن الرجل كان يَهَبُ النَخَلات من حائطه، فَيَشُقُّ عليه دخول الموهوب له عليه، فأُبِيحَ له أن يشتريها بِخَرْصِهَا تمرًا عند الجُذَاذ. ومن الحُجَّة له في أن الرُّخصةَ إنما هي للمُعْرِي: "حديث سَهْل بن أبي حَثْمة: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن بيع الثمر بالرطب. إلَّا أنه رخَّص في العَرِيَّة أن تُبَاع بِخَرْصِهَا، يَأْكُلُهَا أَهُلُها رُطَبًا". قالوا: فقوله: "يأكُلُهَا رُطبًا": دليلٌ على أن ذلك خاصٌّ بمُعْرِيها، لأنهم في ظاهر هذا القول أهلها. ويمكن أن يُقَالَ: إن أهلها هم الذين اشتروها، كائنًا من كان، لكن قوله: رطبًا هو تعليل، لا يناسب المعري، وعلى مذهب الشافعي هو مناسب، وهم الذين ليس عندهم رُطبٌ ولا تَمْرٌ يشترونها به، ولذلك كانت الحُجَّة للشافعي. وأمَّا أن العَرِيَّة عنده هي الهِبَةُ، فالدليلُ على ذلك من اللغة، فإن أهلَ اللغة قالوا: العَرِيَّةُ هي الهِبَةُ. واختلفوا في تسميتها بذلك، فقيل: لأنها عَرِيَتْ من الثمن، وقيل: إنها مأخوذةٌ من عَرَوْتُ الرجل أعْروه، إذا سألته، ومنه قوله تعالى: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36] وإنما اشترطَ مالك نقد الثمن عند الجُذَاذِ -أعني تأخيره إلى ذلك الوقت- لأنه تمرٌ وَرَدَ الشرطُ بِخَرْصِهِ، فكان من سُنَّته أن يتأجَّلَ إلى الجُذاذ، أصلُه الزكاة، وفيه ضعفٌ، لأنه مصادمةٌ بالقياس لأصل السُّنة. وعنده أنه إذا تطوَّعَ بعد تمام العقد بتعجيل التمر جَازَ. وأمَّا اشتراطُه جوازها في الخمسة الأَوسُق، أو فيما دونها، فلِمَا رواه عن أبي هُرَيْرَة: "أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَرْخَصَ في بيع العَرَايا بخَرْصِها فيما دون خمسة أَوْسُقٍ، أو في خمسة أوْسُقٍ". وإنما كان عن مالك في الخمس الأوْسُق روايتان، للشَّكِّ الواقع في هذا الحديث من الراوي. وأمَّا اشتراطُه أن يكونَ من ذلك الصنف بعينه، إذا يَبِس، فَلِمَا رُوِيَ عن زيد بن ثابت: "أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رخَّص لصاحب العَرِيَّة أن يَبِيعَها بِخَرْصِهَا تمرًا"، أخرجه مسلم. وأما الشافعيُّ فعمدته حديث رافع بن خَدِيج، وسَهْل بن أبي حَثْمَة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أنه نَهَى عن المُزَابنة التمر بالتمر"، إلَّا أصحاب العَرَايا، فإنه أَذِنَ لهم فيه، وقوله فيها: "يَأْكُلُهَا أَهْلُها رُطبًا". والعَرِيَّة عندهم هي اسمٌ لِمَا دون الخمسة الأَوْسُق من التمر، وذلك أنه لمَّا كان العُرْف عندهم أن يَهَبَ الرجل في الغالب من نَخَلاته هذا القدر فما دونه، =

85 - باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها

85 - باب بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهَا 2193 - وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ كَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ الأَنْصَارِىِّ مِنْ بَنِى حَارِثَةَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّاسُ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَبَايَعُونَ الثِّمَارَ، فَإِذَا جَدَّ النَّاسُ وَحَضَرَ تَقَاضِيهِمْ قَالَ الْمُبْتَاعُ إِنَّهُ أَصَابَ الثَّمَرَ الدُّمَانُ أَصَابَهُ مُرَاضٌ أَصَابَهُ قُشَامٌ - عَاهَاتٌ يَحْتَجُّونَ بِهَا - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا كَثُرَتْ عِنْدَهُ الْخُصُومَةُ فِى ذَلِكَ «فَإِمَّا لاَ فَلاَ يَتَبَايَعُوا حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُ الثَّمَرِ». كَالْمَشُورَةِ يُشِيرُ بِهَا لِكَثْرَةِ خُصُومَتِهِمْ. وَأَخْبَرَنِى خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ لَمْ يَكُنْ يَبِيعُ ثِمَارَ أَرْضِهِ حَتَّى تَطْلُعَ الثُّرَيَّا فَيَتَبَيَّنَ الأَصْفَرُ مِنَ الأَحْمَرِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رَوَاهُ عَلِىُّ بْنُ بَحْرٍ حَدَّثَنَا حَكَّامٌ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ عَنْ زَكَرِيَّاءَ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ سَهْلٍ عَنْ زَيْدٍ. تحفة 3709 أ، 3719 2194 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا، نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُبْتَاعَ. أطرافه 1486، 2183، 2199، 2247، 2249 - تحفة 8355 - 101/ 3 2193 - قوله: (فإِمَّا لا)، وهي: إن: شَرْطِيَّةٌ، وما: زائدةٌ للتأكيد، ولا: نافيةٌ، وصرَّح النحاةُ ههنا بالإِمالة في حرف النهي. وحاصلُ معناه: أنكم لا تترُكُوا هذه الخصومات، فلا تَبْتَاعُوا ... إلخ. ¬

_ = خَصَّ هذا القدر الذي جاءت فيه الرُّخصة باسم الهِبَة، لموافقته في القدر للهبة. وقد احتجَّ لمذهبه بما رَوَاهُ بإسنادٍ مُنْقَطِعٍ عن محمود بن لَبِيد، أنه قال لرجلٍ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إمَّا زيد بن ثابت، وإما غيره: "ما عَرَايَاكم هذه؟ قال: فسمَّى رِجَالًا مُحتَاجِين من الأنصار، شَكُوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الرُّطَب أتى، وليس بأيديهم نقدٌ يَبْتَاعُون به الرُّطَب، فَيَأْكُلُونَه مع الناس، وعندهم فَضْلٌ من قوتهم من التمر، فرخَّص لهم أن يَبتَاعُوا العَرَايا بِخَرْصِهَا من التمر الذي بأيديهم، يَأكُلُونَها رُطَبًا"، وإنما لم يُجِزْ تأخيرَ نقد التمر، لأنه بيعُ الطعام بالطعام نَسِيئةً. وأمَّا أحمد، فحُجَّتُهُ ظاهرُ الأحاديث المتقدِّمة: "أنه رخص في العَرَايا"، ولم يَخُصَّ المُعْري من غيره. وأمَّا أبو حنيفة، فلمَّا لم تَجُزْ عنده المُزَابنة، وكانت أن جُعِلَت بيعًا نوعًا من المُزَابنة، رأى أن انصرافَها إلى المُعْرِي ليس هو من باب البيع. وإنما هو من باب رجوع الواهب فيما وَهَبَ بإِعطاء خَرْصِهَا تمرًا، أو تسميته إياها بيعًا عنده مُجَاز. وقد الْتَفَتَ إلى هذا المعنى مالك في بعض الروايات عنه، فلم يُجِزْ بيعَها بالدراهم، ولا بشيءٍ من الأشياء سوى الخَرْص، وإن كان المشهور عنه جواز ذلك. وقد قِيلَ: إن قولَ أبي حنيفة هذا هو من باب تغليب القياس على الحديث، وذلك أنه خَالَفَ الأحاديثَ في مواضع: منها: أنه لم يُسَمِّهَا بيعًا، وقد نصَّ الشارعُ على تسميتها بيعًا. ومنها: أنه جاء في الحديث: "أنه نَهَى عن المُزَابنة، ورخَّص في العرايا". وعلى مذهبه لا تكون العَرِيَّةُ استثناءً من المُزَابنة، لأن المُزَابنةَ هي في البيع. والعجب منه أنه سَهُلَ عليه أن يستثنيها من النهي عن الرجوع في الهِبَة الي لم يَقَعْ فيها الاستثناء بنصِّ الشرع، وعَسُرَ عليه أن يستثنيها مما استثنى منه الشارع، وهي المُزَابنة. والله أعلم. قلتُ: أمَّا الجوابُ عمَّا تكلَّم على أبي حنيفة، فقد ظَهَرَ من كلام الشيخ.

86 - باب بيع النخل قبل أن يبدو صلاحها

قوله: (كالمَشُورَةِ يُشِيرُ بها)، وهذا يُفِيدُنا، فإنه يَدُلُّ على أن النهيَ عن بيع الثمار قبل البُدُوِّ للإِرشاد. وحمله الطحاويُّ على السَّلَم. ولا يَجُوزُ السَّلَم عندنا أيضًا إلا إذا سَلِمَ من العاهات، وهو بعد البُدُوِّ لا غير. قوله: (حتى تَطْلُعَ الثُّرَيَّا)، ومن عادة العرب أنهم إذا ذَكَرُوا طلوعَ نجمٍ، أرادوا به طلوعه المقارن للفجر، وطلوع الثُّرَيَّا يكون في الشهر المشهور في الهندية (أساره). ثم إن الحافظَ ذكر ههنا روايةً عن عطاء: «إذا طَلَعَ النجم - أي الثُّرَيَّا - رُفِعَتْ العاهةُ عن الثمار ... » إلخ، وهي من «مسند أبي حنيفة»، فَدَلَّ على اغذماده عليه، ولذا استعان به. فاحفظه، وراجع ما قاله المْحَشِّي بين السطور - أي في النسخة الهندية -. 2195 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ تُبَاعَ ثَمَرَةُ النَّخْلِ حَتَّى تَزْهُوَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِى حَتَّى تَحْمَرَّ. أطرافه 1488، 2197، 2198، 2208 - تحفة 710 2196 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سَلِيمِ بْنِ حَيَّانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَا قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُبَاعَ الثَّمَرَةُ حَتَّى تُشَقِّحَ. فَقِيلَ مَا تُشَقِّحُ قَالَ تَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ وَيُؤْكَلُ مِنْهَا. أطرافه 1487، 2189، 2381 - تحفة 2259 2195 - قوله: (حتَّى تَحْمَرَّ)، وفي روايةٍ: «تَحْمَارّ»؛ ومعنى الأول: أن تَظْهَرَ فيه الحُمْرَة. ومعنى الثاني: كادت أن تَحْمَرَّ. نبَّه أبو حَيَّان (سرخ كشته باشدو مائل بسرخى كشته باشد). واعلم أن أرباب الصَّرْف لم يُحِيطُوا بخواصِّ الأبواب كلِّها، وإنما ذَكَرُوا شطرًا منه، وكان مهمًا. والكُتُبُ المصنَّفةُ فيها لم تُطْبَعْ. وأمَّا من أراد الآن أن يَتَتَبَّعَهَا، فطريقُه أن يُطَالِعَ «البحر المحيط» لأبي حَيَّان. ومن دَأْبه أنه إذا مرَّ على بابٍ من القرآن ذكر خواصَّه أيضًا، واستوعبها. فمن أراد ترتيب الخواصِّ، فهذه طريقته. 86 - باب بَيْعِ النَّخْلِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهَا (¬1) 2197 - حَدَّثَنِى عَلِىُّ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا مُعَلًّى حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ حَدَّثَنَا ¬

_ (¬1) قال الشيخ ابن الهُمَام في "الفتح": لا خِلَاف في عدم جواز بيع الثمار قبل أن تَظْهَرَ. ولا في عدم جوازه بعد الظهور، قبل بُدُوِّ الصلاح بشرط الترك. ولا في جوازه قبل بُدُوِّ الصلاح، بشرط القطع فيما يُنْتَفَعُ به. ولا في الجواز بعد بُدُوِّ الصلاح. لكن بُدُوَّ الصلاح عندنا: أن تُؤْمَنَ العاهة والفساد. وعند الشافعيِّ هو: ظهور النضج، وبُدُوُّ الحلاوة. والخلافُ إنما هو في بيعها قبل بُدُوِّ الصلاح على الخلاف في معناه، لا بشرط القطع، فعند مالك، والشافعيِّ، وأحمد رحمهم الله تعالى: لا يجوز. وعندنا -إن كان بحالٍ لا يُنْتَفَعُ به في الأكل، ولا في علف الدواب- خلافٌ بين المشايخ، قيل: لا يَجُوز، ونَسَبَهُ قاضيخان لعامة مشايخنا. والصحيحُ أنه يَجُوزُ، لأنه مالٌ مُنْتَفَعٌ به في ثاني الحال إن لم يكن مُنْتَفَعًا به في الحال. وقد أشار محمد في كتاب الزكاة إلى جوازه، فإنه قال: لو باع الثمار في أول ما تَطْلُع، وتركها بإذن البائع حتى أدرك، فالعُشْرُ على المشتري. فلو لم يكن جائزًا، =

أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا، وَعَنِ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ. قِيلَ وَمَا يَزْهُو قَالَ يَحْمَارُّ أَوْ يَصْفَارُّ. أطرافه 1488، 2195، 2198، 2208 - تحفة 783 أي ثمار النخل. قوله: (حدَّثنا مُعَلَّى) تلميذٌ لأبي يوسف. واعلم أن بيعَ الثمار إمَّا أن يكونَ قبل البُدُوِّ أو بعده، وكلٌّ منهما إمَّا يكون بشرط القطع، أو بشرط الترك، أو بشرط الإِطلاق، تلك ستُّ صُوَرٍ. فذهب الشافعيُّ إلى جوازه بعد البُدُوِّ في الصُوَر الثلاث مطلقًا، كما هو مقتضى مَفْهُومِ الحديث. وإلى عدم جوازه قبل البُدُوِّ، كما هو مقتضى مَنْطُوقِهِ، إلا إذا كان بشرط القطع، فإنه بعد القطع لا يبقى محلا للنزاع، فهو مستثنى عقلا. والحاصلُ: أنه عَمِلَ بمجموع المَفْهُومِ والمَنْطُوقِ، وخصَّص من المنطوق صورةً واحدةً بدلالة العقل. وأمَّا مذهبُ الحنفية على ما فصَّله صاحب «الهداية»، فهو: أن البيعَ بشرط القطع جائزٌ في الفصلين، كما أن البيعَ بشرط الترك فاسدٌ في الفصلين. أمَّا إذا كان بشرط الإِطلاق، فهو جائزٌ في الصورتين، إلا أن البائعَ إن أمر المشتري بقطع ثماره وَجَبَ عليه قطعه، وتفريغ مِلْكه على ¬

_ = لم يُوجِب في العُشْر على المشتري. وصحة البيع على هذا التقدير، بناءٌ على التعويل على إذن البائع، على ما ذكرنا من قريب، وإلَّا فلا انتفاع به مطلقًا، فلا يَجُوزُ بيعه. والحِيلَةُ في جوازه باتفاق المشايخ: أن يَبِيعَ الكُمَّثْرى أول ما تَخْرُجُ مع أوراق الشجر، فيَجُوزُ فيها تَبَعًا للأوراق، كأنه وَرَقٌ كلُّه. وإن كان بحيث يُنْتَفَعُ به، ولو عَلَفا للدَّوَاب، فالبيعُ جائزٌ باتفاق أهل المذهب إذا باع بشرط القطع، أو مطلقًا، ويجِبُ قطعه على المشتري في الحال. فإن باعه بشرط الترك: فإن لم يكن تَنَاهى عِظَمُهُ، فالبيعُ فاسدٌ عند الكل، وإن كان قد تَنَاهى عِظمُهُ، فهو فاسدٌ عند أبي حنيفة، وأبي يوسف، وهو القياس. ويجوز عند محمد استحسانًا، وهو قولُ الأئمة الثلاثة، واختاره الطَّحَاوِيُّ لعموم البلوى. وفي "المنتقى" ذكر أبو يوسف مع محمد. اهـ. وقال الشيخُ النووي: إن باع الثمر قبل بُدُوِّ صلاحها -بشرط القطع- صحَّ بالإِجماع. قال أصحابُنا: ولو شرط القطعَ، ثم لم يَقْطَع فالبيع صحيحٌ، ويُلْزِمُه البائعُ بالقطع، فإن تَرَاضَيَا على بقائه جاز. وإن باعها -بشرط التبقية- فالبيعُ باطلٌ بالإجماع، لأنه ربَّما تَلَفتِ الثمرةُ قبل إدراكها، فيكون البائعُ قد أَكَلَ مالَ أخيه بالباطل، كما جاءت به الأحاديث. وأما إذا شرط القطعَ فقد انتفى هذا الضرر. وإن باعها مطلقًا بلا شرط، فمذهبنا، ومذهب جمهور العلماء: أن البيعَ باطلٌ لإِطلاق هذه الأحاديث. وإنما صحَّحناه بشرط القطع للإِجماع، فخصَّصنا الأحاديث بالإجماع فيما إذا شرط القطع. ولأن العادةَ في الثمار الإِبقاءُ، فصار كالمشروط. وأما إذا بِيعَت الثمرةُ بعد بُدُوِّ الصلاح، فيجوز بيعها مطلقًا وبشرط القطع، وبشرط التبقية لمفهوم هذه الأحاديث، ولأن ما بعد الغاية يُخَالِفُ ما قبلها إذا لم يكن من جنسها، وأن الغالبَ فيها السلامة، بخلاف ما قبل الصلاح. ثم إذا بِيعَت بشرط التبقية، أو مطلقًا يُلْزِمُ البائع تبقيتها إلى أوان الجُذَاذ، لأن ذلك هو العادةُ فيها. هذا مذهبُنا، وبه قال مالك. وقال أبو حنيفة: يَجِبُ شرط القطع - بعده بياض في النسخ قلتُ: ونحوه ذكر الخطابيُّ في "معالم السنن".

الفور. وحينئذٍ يَلْغُو قيد قبل البُدُوِّ في النصِّ، ولا تَظْهَرُ له فائدةٌ. فإن الحكمَ عند وجوده، وعدمه سواء عندنا من غير فرقٍ. فَوَرَدَ علينا الحديثَ مفهومًا ومنطوقًا. وما أَجَابَ به بعضُهم: أن المفهومَ ليس بحُجَّةٍ عندنا، ليس بشيءٍ، لما مرَّ منا تحقيقُ الكلام في المفهوم، فإنه يَحْتَاجُ إلى بيان نُكْتَةٍ لا مَحَالة، وإن لم يكن مَدَارًا للمسألة. وقد أجاب عنه الطَّحَاويُّ بنحوين: أما الأول، فحاصله: أن الحديثَ لم يَرِدْ في تلك التفاصيل، فإنه وَرَدَ في النهي عن البيع قبل البُدُوِّ شفقةً، وإن جاز شرعًا في بعض الصْوَرِ، لأنه قد يُفْضِي إلى تلف مال المشتري، فيقوم بلا مالٍ ولا مبيعٍ. كما أنه لو باعه قبل البُدُوِّ وأصابته عاهةٌ، فاجْتَاحَتْ الثمار، بقي المشترى ولا مالَ له ولا ثمارَ، فنهى عنه لذلك. فليس هذا الحديث مُتَعَرِّضًا إلى الصُوَر المذكورة، فَلْيَكِلْها إلى الاجتهاد أو غيره. أما الثاني، فبيانه: أن الحديثَ ورد في السَّلَم، ذلك لأن أهلَ المدينة قبل مقدمه صلى الله عليه وسلّم كانوا يُسْلِفُون في الثمار لسنةٍ أو سنتين، فنهى عن ذلك، إلا أن يُسْلِفُوا في كَيْلٍ معلومٍ، ووزنٍ معلومٍ، إلى أجل معلومٍ. ويُشْتَرَط في بيع السلم وِجْدَانُ المبيع من حين العقد إلى وقت التسليم عندنا أيضًا، فلا بُدَّ أن يكونَ بعد البُدُوِّ، والأمن عن العاهات. والحاصلُ: أن النهي عن البيع قبل البُدُوِّ ليس في البَيَاعَات العامة، بل في السَّلَم خاصةً. ولا نُنْكِرَ فيه بمَنْطُوقِ الحديث، ولا بمفهومه، فكأن الحديثَ من بابٍ، وحَمَلُوه على بابٍ، فَأَوْجَبَ فساد المعنى. هذا، والذي ظَهَرَ لي في جوابه على ما قرَّره صاحب «الهداية» من المذهب: أن البيعَ بشرط القطع خارجٌ عن مدلول الحديث، فإن البائِعَيْن إذا رَضِيَا بأمرٍ لم يَدْخُل فيه الشارعُ، ولا تعرَّض إليه. فبقيت فيه أربع صُوَرٍ: بشرط الإِطلاق، وبشرط الترك قبله، أو بعده. أمَّا البيعُ بشرط الإِطلاق، فهو راجعٌ إلى القسم الأول، أي البيع بشرط القطع، لأنه إطلاقٌ في اللفظ فقط. ولا يكون في الخارج إلا القطع أو الترك، فإن أَمَرَهُ البائعُ وَج عليه القطعُ، على ما مرَّ، فَيَرْجِعُ إلى القسم الأول، وإلا يَنْدَرِجُ في الثاني. أمَّا البيعُ بشرط الترك، فهو غير جائزٍ في الفصلين، وذلك لاشتماله على شرطٍ فيه نفعٌ لأحد المُتَعَاقِدَيْن، وكلُّ شرطٍ كذلك، فهو مُفْسِدٌ للبيع، فهذا أيضًا مُفْسِدٌ له، سواء كان قبل البُدُوِّ أو بعده. بقي قيد: «قبل البُدُوِّ» في الحديث، فنقول: إنه ليس بِمَنَاطٍ للحكم. ولكن المعروفَ عندهم في بيع الثمار كان قبل البُدُوِّ، فجاء تَبَعًا للواقع، لا لكونه مَدَارًا. وأما الجوابُ على ما ذهب إليه السَّرَخْسِيُّ، وغيره من الفصل في صورة الإِطلاق، فالجوابُ: أن البيعَ بشرط القطع، فهو مستثنىً عقلا، كما أقرَّ به الشافعيُّ أيضًا. وأمَّا البيعُ بشرط الترك، فغيرُ جائزٍ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم «نهى عن بيعٍ وشرطٍ». بقي البيعُ بشرط الإِطلاق، فهو جائزٌ بعد البُدُوِّ لا قبله، وهو محمل الحديث، فقد علَمْنا بمَنْطوقِهِ ومفهومه أيضًا. وحاصلهُ: أن الصورةَ الواحدةَ، وهي صورة القطع، مستثناةٌ عقلا بلا نزاع بين الفريقين. أمَّا صورةُ الترك، فادَّعَيْنَا استثناءها من أجل الحديث: «نهى عن بيعٍ وشرطٍ»، فلم تَبْقَ تحته إلا صورةٌ واحدةٌ، واشتركنا فيها معهم في الحكم مَنْطُوقًا ومفهومًا. وهي التي تُنَاسِبُ أن تكونَ

87 - باب إذا باع الثمار قبل أن يبدو صلاحها ثم أصابته عاهة فهو من البائع

محملا للحديث، لأن المعروفَ في البيوع هو الإِطلاق، أما التركُ والقطعُ فمفروضان، وحَمْلُه على المعروف أَوْلَى من حمله على المفروض. قال صاحبُ «الهداية»: إن باعه بشرط الإِطلاق، وأجاز بعده بالترك، طاب الفَضْل للمشتري. وقال الشاميُّ: إنما يَطِيبُ له ذلك إذا لم يكن التركُ مشروطًا في العقد، ولا معروفًا بين الناس، وإلا فالمعروف كالمشروط. قلتُ: وتفصيل الشاميِّ ليس بمختارٍ عندي، فيجوز له الفَضْلُ، وإن كان الترك معروفًا، ولا يكون كالمشروط. وإنما دعاني إلى ترك تفصيله ما حرَّره ابن الهُمَام في ذيل سؤالٍ وجوابٍ من هذا المقام. ويَظْهَرُ منه كونه طيبًا بدون فصلٍ، فراجعه من هذا الباب. وكذا نقل الحافظُ ابن تَيْمِيَة، عن أبي حنيفة في «فتاواه» ما حاصله ما في «الهداية»، فتفصيلُ الشاميِّ غيرُ مختارٍ عندي. والحاصلُ: أن الشرطَ إذا لم يكن في العقد، ولم يأْمُرْه البائعُ بالقطع طاب له تركه، سواء كان معروفًا أو لا. ولا ألتفتُ إلى ما قاله الشاميُّ: إن المعروفَ كالمشروط بعد ما وجدتُ روايةً عن الإِمام عند الحافظ ابن تيمية في «فتاواه». والله تعالى أعلم (¬1). 87 - باب إِذَا بَاعَ الثِّمَارَ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهَا ثُمَّ أَصَابَتْهُ عَاهَةٌ فَهُوَ مِنَ الْبَائِعِ 2198 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِىَ. فَقِيلَ لَهُ وَمَا تُزْهِى قَالَ حَتَّى تَحْمَرَّ. فَقَالَ «أَرَأَيْتَ إِذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ، بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ». أطرافه 1488، 2195، 2197، 2208 - تحفة 733 2199 - قَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ ثَمَرًا قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهُ، ثُمَّ أَصَابَتْهُ عَاهَةٌ، كَانَ مَا أَصَابَهُ عَلَى رَبِّهِ، أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَتَبَايَعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا، وَلاَ تَبِيعُوا الثَّمَرَ بِالتَّمْرِ». أطرافه 1486، 2183، 2194، 2247، 2249 - تحفة 6984 ¬

_ (¬1) قلتُ: وفي مذكرةٍ للشيخ ما نصُّه: أحاديثُ النهي عن بيع الثمار قبل بُدُوِّ الصلاح يمكن أن تُحْمَلَ على مطلق البيع، لا على السَّلَم عند الحنفية أيضًا بادِّعاء أن العادةَ لم تَجْرِ ببيعها بعد البُدُوِّ. وُيوَافِقُهُ حينئذٍ قول زيد: "كالمَشُورَةِ"، يُشِيرُ بها لكثرة خصومتهم عند البخاري وإن لم يُلَائمه فعله المذكور هناك. ويكون النهيُ عن الإِبقاء، ولا إبقاءَ بعد البُدُوِّ معتبرٌ، إذ هو في صدد الجُذَاذ. ثم رأيتُ في "فتاوى ابن تيمية" وما يتعلَّق به، و"الأم": وعليه فالمحمل حملها على البيع إطلاقًا لا بشرط الإِبقاء، والمثار الجائحة، ولا تكون بعد بُدُوِّ الصلاح. وحمل في "العُمْدَة" على محمل آخرَ، فراجع "حاشية الصحيح". وإلى ما ذَكَرْنا جَنَحَ البخاريُّ، كما في الفتح وقرَّره في "الفتح".

88 - باب شراء الطعام إلى أجل

هو مذهبُ (¬1) الشافعيِّ. ومن جوَّز من الحنفية بيعَ الثمار قبل البُدُوِّ، فقد فَصَلَ فيه، وقال: إن هَلَكَتْ بعد التَّخْلِية بين بين الثمار والمشتري، هَلَكَتْ من مال المشتري. وإن هَلَكَتْ قبلها، هلكت من مال البائع. وقال مالك في «موطئه»: والجائحةُ التي تُوضَعُ عن المشتري الثُّلُث فصاعدًا، ولا تكون فيما دون ذلك جائحةً. اهـ. فجعل الثُّلث على المشتري، ودونه على البائع. وعند أبي داود: عن يحيى بن سعيد أنه قال: لا جائحةَ فيما أُصِيبَ دون ثُلُث رأس المال. قال يحيى: وذلك في سُنَّة المسلمين. اهـ. فراجع الطحاويَّ. 88 - باب شِرَاءِ الطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ 2200 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ ذَكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ فِى السَّلَفِ، فَقَالَ لاَ بَأْسَ بِهِ. ثُمَّ حَدَّثَنَا عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِىٍّ إِلَى أَجَلٍ، فَرَهَنَهُ دِرْعَهُ. أطرافه 2068، 2096، 2251، 2252، 2386، 2509، 2513، 2916، 4467 - تحفة 15948 يعني اشترى طعامًا، ولم يُؤَدِّ ثمنه، فهو بيعٌ مطلقٌ، لا أنه سَلَمٌ، كما فُهِمَ. 89 - باب إِذَا أَرَادَ بَيْعَ تَمْرٍ بِتَمْرٍ خَيْرٍ مِنْهُ 2201 و 2202 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا». قَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلاَثَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَفْعَلْ، بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا». حديث 2201 أطرافه 2302، 4244، 4246، 7350 - تحفة 4044 - 102/ 3 حديث 2202 أطرافه 2303، 4245، 4247، 7351 - تحفة 13096 2201 - 2202 - قوله: (بِعِ الجَمْعَ) ... إلخ، أي التمر المختلط. واعلم أنه لا عِبْرَةَ باختلاف الأصناف في الأموال الرِّبَوِيَّةِ، فجيدها ورديئها سواء. ثم في الحديث دليلٌ على جواز الحِيَل ونفاذها، مع أنه قد وَرَدَ عنها النهي أيضًا. والصواب: أن فيها تقسيمًا على الحالات، فَيَجُوزُ البعض دون البعض. ¬

_ (¬1) قال الحافظُ في "الفتح": قال مالك: يَضَعُ عنه الثُّلثُ. وقال أحمد، وأبو عُبَيْد: يَضَعُ الجميع. وقال الشافعيُّ، والليثُ، والكوفيون: لا يَرْجِعُ على البائع بشيءٍ. وقالوا: إنما وَرَدَ وَضْعُ الجائحة فيما إذا بِيعت الثمرةُ قبل بُدُوِّ صلاحها بغير شرط القطع. فَيُحْمَلُ مطلق الحديث في رواية جابر على ما قُيِّدَ به في حديث أنس، والله أعلم. اهـ.

90 - باب من باع نخلا قد أبرت، أو أرضا مزروعة، أو بإجارة

90 - باب مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ، أَوْ أَرْضًا مَزْرُوعَةً، أَوْ بِإِجَارَةٍ 2203 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ لِى إِبْرَاهِيمُ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى مُلَيْكَةَ يُخْبِرُ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّ أَيُّمَا نَخْلٍ بِيعَتْ قَدْ أُبِّرَتْ لَمْ يُذْكَرِ الثَّمَرُ، فَالثَّمَرُ لِلَّذِى أَبَّرَهَا، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْحَرْثُ. سَمَّى لَهُ نَافِعٌ هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَ. أطرافه 2204، 2206، 2379، 2716 - تحفة 19499 2204 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ». أطرافه 2203، 2206، 2379، 2716 - تحفة 8330 أي باع الزرع والحقل. 2203 - قوله: (قد أُبِّرَتْ لم يُذْكَرِ الثمرُ) ... إلخ، أي لم يُذْكَرْ لمن يكون له الثمر. ذهبَ الشافعيُّ إلى ظاهر الحديث، واختار مَنْطُوقَ الحديث ومفهومه، فجعل الثمار قبل التأبير للمشتري، وبعده للبائع. وجعلها أبو حنيفة للبائع في الحالين. وما أَجَابَ به المُحَشُّون من أنه لا عِبْرَةَ بمفهوم المُخَالِف ليس بشيءٍ. والصوابُ (¬1) ما أجاب به الطِيبيُّ في «شرح المشكاة»، وهو شافٍ، فقال: إن التأبيرَ عند الإِمام كنايةٌ عن ظهور الثمار، فإنهم لم يكونوا يُؤَبِّرُونها إلا بعد ظهورها. وعلى هذا لا تكون لها قبل التأبير ثمارٌ، فإذا أُبِّرَتْ - ولا يكونُ ذلك إلا بعد ظهور الثمار - فهي للبائع بنصِّ الحديث. 91 - باب بَيْعِ الزَّرْعِ بِالطَّعَامِ كَيْلًا 2205 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْمُزَابَنَةِ أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ إِنْ كَانَ نَخْلًا بِتَمْرٍ كَيْلًا، وَإِنْ كَانَ كَرْمًا أَنْ يَبِيعَهُ بِزَبِيبٍ كَيْلًا أَوْ كَانَ زَرْعًا أَنْ يَبِيعَهُ بِكَيْلِ طَعَامٍ، وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ. أطرافه 2171، 2172، 2185 - تحفة 8273 92 - باب بَيْعِ النَّخْلِ بِأَصْلِهِ 2206 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله ¬

_ (¬1) قال الشيخُ في "اللمعات": إن هذا الحديث كنايةٌ عن ظهور ثمرتها، لكونه لازمًا له غالبًا. فلو أُبِّرَتْ ولم يَظْهَر بعدُ ثمرتها، لا يكون الحُكْمُ كما ذُكِرَ، وهو كون الثمرة للبائع غير تابعٍ للأصل، وهو ظاهر. ثم هذا الحكمُ مُخْتَلَفٌ فيه بين العلماء: فقيل: الثمرةُ تَتْبَعُ المحلَ بكل حالٍ. وقيل: لا تَتْبَعُ. وقيل: تَتْبَعُ قبل الظهور والصلاح، ولا تَتْبَعُ بعده. وقال الطِيبيُّ: الأول مذهب أبي حنيفة. وهذا الخِلَافُ في غير صورة الاشتراط، وأمَّا بالاشتراط فَيَدْخُلُ بالاتفاق.

93 - باب بيع المخاضرة

عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَيُّمَا امْرِئٍ أَبَّرَ نَخْلاً ثُمَّ بَاعَ أَصْلَهَا، فَلِلَّذِى أَبَّرَ ثَمَرُ النَّخْلِ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ». أطرافه 2203، 2204، 2379، 2716 - تحفة 8274 يعني باعَ الثمارَ، وباع معها النخلَ أيضًا. 93 - باب بَيْعِ الْمُخَاضَرَةِ 2207 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ أَبِى طَلْحَةَ الأَنْصَارِىُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُخَاضَرَةِ، وَالْمُلاَمَسَةِ، وَالْمُنَابَذَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ. تحفة 223 - 103/ 3 2208 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ ثَمَرِ التَّمْرِ حَتَّى تَزْهُوَ. فَقُلْنَا لأَنَسٍ مَا زَهْوُهَا قَالَ تَحْمَرُّ وَتَصْفَرُّ، أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ بِمَ تَسْتَحِلُّ مَالَ أَخِيكَ أطرافه 1488، 2195، 2197، 2198 - تحفة 575 أي بيع الزرع الأخضر، وهو منهيٌّ عنه، كالبيع قبل بُدُوِّ الثمار. 94 - باب بَيْعِ الْجُمَّارِ وَأَكْلِهِ 2209 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَأْكُلُ جُمَّارًا، فَقَالَ «مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةٌ كَالرَّجُلِ الْمُؤْمِنِ». فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ هِىَ النَّخْلَةُ. فَإِذَا أَنَا أَحْدَثُهُمْ قَالَ «هِىَ النَّخْلَةُ». أطرافه 61، 62، 72، 131، 4698، 5444، 5448، 6122، 6144 - تحفة 7389 والجُمَّارُ لبٌّ يَخْرُجُ في رأس النخل، يُؤْكَلُ، ولا يُثْمرُ الشجرُ بعده. 95 - باب مَنْ أَجْرَى أَمْرَ الأَمْصَارِ عَلَى مَا يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ فِى الْبُيُوعِ وَالإِجَارَةِ وَالْمِكْيَالِ وَالْوَزْنِ وَسُنَنِهِمْ عَلَى نِيَّاتِهِمْ وَمَذَاهِبِهِمِ الْمَشْهُورَةِ وَقَالَ شُرَيْحٌ لِلْغَزَّالِينَ سُنَّتُكُمْ بَيْنَكُمْ رِبْحًا. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ لاَ بَأْسَ الْعَشَرَةُ بِأَحَدَ عَشَرَ، وَيَأْخُذُ لِلنَّفَقَةِ رِبْحًا. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِهِنْدٍ «خُذِى مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ». وَقَالَ تَعَالَى {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] وَاكْتَرَى الْحَسَنُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِرْدَاسٍ حِمَارًا، فَقَالَ بِكَمْ قَالَ بِدَانَقَيْنِ. فَرَكِبَهُ، ثُمَّ جَاءَ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ الْحِمَارَ الْحِمَارَ. فَرَكِبَهُ، وَلَمْ يُشَارِطْهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ. 2210 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ حَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبُو طَيْبَةَ، فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ. أطرافه 2102، 2277، 2280، 2281، 5696 - تحفة 735

2211 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ هِنْدٌ أُمُّ مُعَاوِيَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، فَهَلْ عَلَىَّ جُنَاحٌ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ سِرًّا قَالَ «خُذِى أَنْتِ وَبَنُوكِ مَا يَكْفِيكِ بِالْمَعْرُوفِ». أطرافه 2460، 3825، 5359، 5364، 5370، 6641، 7161، 7180 تحفة 16909 2212 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ قَالَ سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ فَرْقَدٍ قَالَ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَقُولُ {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] أُنْزِلَتْ فِى وَالِى الْيَتِيمِ الَّذِى يُقِيمُ عَلَيْهِ، وَيُصْلِحُ فِى مَالِهِ، إِنْ كَانَ فَقِيرًا أَكَلَ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ. طرفاه 2765، 4575 - تحفة 16980، 17099 - 104/ 3 قوله: (ومَذَاهِبهم المَشْهُورَةِ) أي التعامل. وحاصلُه: أن ما تَعَارَفَ بينهم في المكيال والميزان وغيرهما يُعْتَبَرُ به، وإن لم يكن مُطَّرِدًا. ولكن هناك جزئيات اعْتَبَرَ فيها العُرْف، كما في «الهداية»: إذا اختلفت النقودُ تُحْمَلُ على غالب نقد البلد. فالمصنِّفُ ترجم على أصله: «لا بأس، العشرةُ بأَحَدَ عَشَرَ، يعني إذا تلفَّظ بالعشرة، وأراد منه أحد عشرة على العُرْفِ، جَازَ له. وراجع الهامش، فقد أوضحه. قوله: (ويَأْخُذُ للنَّفَقَةِ) (لا كت) ربحًا، أي في البيع المُرَابحة. قوله: (ولم يُشَارِطْهُ، فبَعَثَ إليه بنِصْفِ دِرْهَمٍ) والدانق: سُدُس الدِّرْهَم، فنِصْفُ دِرْهَمٍ: ثلاث دَوَانقٍ. وقد كان استأجره بدَنِقَيْن، فَزَادَهُ واحدًا مروءةً. وحاصلُه: أن البيعَ، كما يَصِحُّ بالتعاطي، كذلك الإِجارة أيضًا، وهو المذهب عندنا. 2210 - قوله: (وأَمَرَ أَهْلَهُ أن يُخَفِّفُوا عنه من خَرَاجِهِ)، واعلم أن هذا باب لا يَدْخُلُ فيه القضاء. وقلَّ من توجَّه إلى هذا الباب أحدٌ، مع أنه يُوجَدُ في الأحاديث كثيرًا، فيكون أمرًا صحيحًا في الخارج، ثم لا يتأتَّى على قواعد الفِقْهِ، وذلك لأن الناسَ كثيرًا ما يتعاملون فيما بينهم، ويُسَامِحُون فيه، ولا يتنازعون بشيءٍ. وقد يجوز ذلك في نظر الشارع أيضًا، إلا أن الفقهاءَ لا يتعرَّضُون إليه لكونه من الديانات عندهم، وجلُّ أحكامهم من باب القضاء. ومن لا خِبْرَةَ له بذلك يظنُّها خلاف الفِقْهِ، ولا يدري أن ما ذُكِرَ في الفقه هو حكم القضاء، وذلك في الدِّيَانة، وقد أوضحنا الفرق بينهما. فائدة: ثم إن بعضهم زَعَمَ أن الفرقَ بينهما إنما يَظْهَرُ في المعاملات دون العبادات، وليس كذلك. لما في باب القراءة من «الدر المختار»: أن فرضَ القراءة آيةٌ، وأقلُّها ستةُ أحرف. فإن كانت الآية كلمة فقط، كقوله تعالى: {مُدْهَامَّتَانِ (64)} [الرحمن: 64] لا تُجْزِئُه عن فرضها، إلا أن يَحْكُمَ به الحاكمُ. مثلا: لو قال رجلٌ: إن قَرَأتُ قدر الفريضة، فعبدي حرٌّ، فقرأ {مُدْهَامَّتَانِ (64)}، فادَّعى العبدُ عِتْقَه، وأنكره المولى، فرافع العبدُ إلى القاضي، فإن قَضَى بجوازها عُتِقَ العبد، وتَصِحُّ صلاته تلك، وإن لم تَصِحَّ غيرها. وهذه تَدُلُّ على أن الفرقَ بين

96 - باب بيع الشريك من شريكه

القضاء والديانة قد اعْتُبِرَ في باب العبادات أيضًا، فاعلمه. وبالجملة باب المُسَامَحَات والمروءات مفقودٌ من الفِقْهِ، مع كونه أهم. ومن هذا الباب واقعةُ ليلة البعير، فإنه وإن كان بيعًا أولا، لكنه هِبَةً آخرًا. فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أَضْمَرَ فيها أولا ما أَظْهَرَهُ آخرًا. وهو: رَدُّ بعيره عليه، مع إعطاء الثمن من عنده، لِيَخْلُصَ له بعيره وثمنه، فكأنه أراد به الإِعانةَ بهذه الشاكلة. ولعلَّ في مثل هذه البيوع لا تُرَاعَى شروط البيوع، ولذا أقول فيما أظنُّ - والله تعالى أعلم: إن من البيوع الفاسدة ما لو أتى بها أحدٌ جَازَتْ دِيَانةً، وإن كانت فاسدةً قضاءً. وذلك لأن الفسادَ قد يكون لحقِّ الشرع، بأن اشتمل العقدُ على مَأْثَم، فلا يجوز بحالٍ. وقد يكون الفسادُ لمخافة التنازع، ولا يكون فيه شيءٌ آخر يُوجِبُ الإِثم، فذلك إن لم يَقَعْ فيه التَّنَازُعُ جاز عندي دِيَانةً، وإن بقي فاسدًا قضاءً، لارتفاع عِلَّة الفساد، وهي المُنَازَعةُ. ويَدُلُّ عليه مسائلهم في باب المضاربة، والشركة، فإنها ربما تكون فاسدةً مع أن الرِّبْحَ يكون طيِّبًا، وراجع «الهداية». ونبَّه الحافظُ ابن تيمية في رسالته على أن من البيوع ما لا يَقَعُ فيها النِّزَاع، فتكون تلك جائزةً، فإذا أدخلتها في الفِقْهِ وجدتها محظورةً، لأن أكثرَ أحكام الفِقْهِ تكون من باب القضاء، والدياناتُ فيها قليلةٌ. وإنما يُصَارُ إلى القضاء بعد النزاع، فإذا لم يَقَعْ النِّزَاع، ولم يُرْفَعْ الأمرُ إلى القاضي، نزل حكم الديانة لا مَحَالة، فيبقى الجواز. 96 - باب بَيْعِ الشَّرِيكِ مِنْ شَرِيكِهِ 2213 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الشُّفْعَةَ فِى كُلِّ مَالٍ لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلاَ شُفْعَةَ. أطرافه 2214، 2257، 2495، 2496، 6976 - تحفة 3153 وهذا البيعُ جائزٌ عندنا، ولا يَضُرُّه الشيوعُ، بخلاف هِبَة المُشَاع. فائدة: وعبد الرحمن هذا مدنيٌّ من تعليقات البخاري، دون الواسطيّ، فإنه ضعيفٌ. 97 - باب بَيْعِ الأَرْضِ وَالدُّورِ وَالْعُرُوضِ مُشَاعًا غَيْرَ مَقْسُومٍ 2214 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَضَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالشُّفْعَةِ فِى كُلِّ مَالٍ لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلاَ شُفْعَةَ. أطرافه 2213، 2257، 2495، 2496، 6976 - تحفة 3153 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بِهَذَا وَقَالَ فِى كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ. تَابَعَهُ هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ. قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِى كُلِّ مَالٍ. رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِىِّ. تحفة 3153

98 - باب إذا اشترى شيئا لغيره بغير إذنه فرضي

98 - باب إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَرَضِيَ أشار إلى جواز بيع الفضوليِّ، ووافق فيه أبا حنيفة. وكذلك الحكمُ في شراء الفضوليِّ بعد لُحُوق الإِجازة عنده. وهذا الباب معدومٌ عند الشافعيِّ، فلا اعتداد لبيع الفضوليِّ عنده، ولا لشرائه، ولو لَحِقَتْهُ الإِجازةُ. 2215 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَرَجَ ثَلاَثَةٌ يَمْشُونَ فَأَصَابَهُمُ الْمَطَرُ، فَدَخَلُوا فِى غَارٍ فِى جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ. قَالَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ادْعُوا اللَّهَ بِأَفْضَلِ عَمَلٍ عَمِلْتُمُوهُ. فَقَالَ أَحَدُهُمُ اللَّهُمَّ، إِنِّى كَانَ لِى أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَرْعَى، ثُمَّ أَجِىءُ فَأَحْلُبُ، فَأَجِىءُ بِالْحِلاَبِ فَآتِى بِهِ أَبَوَىَّ فَيَشْرَبَانِ، ثُمَّ أَسْقِى الصِّبْيَةَ وَأَهْلِى وَامْرَأَتِى، فَاحْتَبَسْتُ لَيْلَةً. فَجِئْتُ فَإِذَا هُمَا نَائِمَانِ - قَالَ - فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَالصِّبِيْةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ رِجْلَىَّ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِى وَدَأْبَهُمَا، حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ. قَالَ فَفُرِجَ عَنْهُمْ. وَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى كُنْتُ أُحِبُّ امْرَأَةً مِنْ بَنَاتِ عَمِّى كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ، فَقَالَتْ لاَ تَنَالُ ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى تُعْطِيَهَا مِائَةَ دِينَارٍ. فَسَعَيْتُ فِيهَا حَتَّى جَمَعْتُهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتِ اتَّقِ اللَّهَ، وَلاَ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلاَّ بِحَقِّهِ. فَقُمْتُ وَتَرَكْتُهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً، قَالَ فَفَرَجَ عَنْهُمُ الثُّلُثَيْنِ. وَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقٍ مِنْ ذُرَةٍ فَأَعْطَيْتُهُ، وَأَبَى ذَاكَ أَنْ يَأْخُذَ، فَعَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الْفَرَقِ، فَزَرَعْتُهُ حَتَّى اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيَهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَعْطِنِى حَقِّى. فَقُلْتُ انْطَلِقْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ وَرَاعِيهَا، فَإِنَّهَا لَكَ. فَقَالَ أَتَسْتَهْزِئُ بِى. قَالَ فَقُلْتُ مَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ وَلَكِنَّهَا لَكَ. اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا. فَكُشِفَ عَنْهُمْ». أطرافه 2272، 2333، 3465، 5974 - تحفة 8461 - 105/ 3 2215 - قوله: (والصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عند رِجْلَيَّ) ... إلخ. وهذا عملٌ غيرُ صالح في الظاهر، كيف وأنه ظَلَمَ على الصبيان الصغار المَعْصُومِين، فلم يُسْقِهِمْ لبنًا، وهو ساغبون. نعم نيتُه كانت صالحةً، فأُجِرَ عليها، ولا بُعْدَ أنه لو كان من أهل علمٍ لأُخِذَ عليه، وعُوقِبَ به، فإن صلاحَ النية مع فساد العمل إنما يعتدُّ من جاهلٍ، وقد نبَّهناك غير مرةٍ على أن هذا أيضًا باب في الشرع غَفَلَ عنه الناسُ، أي القَبُولِيَّةُ بحُسْنِ النية، مع الخطأ في العمل. وأسمِّيه صالحًا سفيهًا (نيك بخت بيوقوف)، فإن السفاهةَ قد تَدْعُو إلى مثل هذا الغلوِّ والمبالغة التي لم تُكْتَبْ عليه. قوله: (اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا). واخْتُلِفَ في أنه إن تصرَّف في مال غيره، ثم رَبِحَ فيه، هل يَطِيبُ الربح للمتصرِّف، أو يكون لصاحب المال؟ فذهب أبو حنيفة، ومحمد رحمهما الله إلى أن

99 - باب الشراء والبيع مع المشركين وأهل الحرب

المالَ إن كان من جنس النقدين طاب للمتصرِّف، وإن كان من القروض فهو أيضًا يَمْلِكُهُ، لكن بِمِلْكٍ خبيثٍ، إلا أن خُبْثَه لحقِّ الغير، فلا يَظْهَرُ في حقِّه. ونُقِلَ عن أبي يوسف: أن الربحَ يكون للمتصرِّف في الفصلين بلا خُبْثٍ. وحُكِيَ عنه أنه كان يتَّجِرُ في أموال اليتامى في زمن قضائه، فَيَرْبَحُ فيه، فيجعل الأصلَ محفوظًا على حاله، ويأخذ الربحَ لنفسه. واعْتَرَضَ عليه بعضُ من لا فِقْهَ له في الدين، ورَمَاه بأنه كان يَأْكُلُ أموال اليتامى، وحَاشَاهُ أنه يَهِمَّ به. ولكنه عَمِلَ بما عمل به أبو موسى من قبله. ففي «الموطأ» لمالك في باب ما جاء في القراض: مالك، عن زَيْد بن أسلم، عن أبيه أنه قال: «خرج عبد الله، وعُبَيْد الله ابنا عمر ابن الخطاب في جيشٍ إلى العراق، فلمَّا قَفَلا مَرَّا على أبي موسى الأشعريَّ - وهو أميرُ البَصْرَة - فَرَحَّبَ بهما، وسَهَّلَ، ثم قال: لو أَقْدِرُ لكما على أمر أَنْفَعُكُمَا به لَفَعَلْتُ، ثم قال: بلى، ههنا مالٌ من مال الله أُرِيدُ أن أَبْعَثَ به إلى أمير المؤمنين فَأُسْلِفُكُمَاة، فتبتاعان به متاعًا من متاع العِرَاق، ثم تَبِيعَانِهِ بالمدينة. فَتُؤَدِّيَانِ رأسَ المال إلى أمير المؤمنين، فيكون لكما الربحُ. فقال: وَدِدْنَا، ففعل وكتب إلى عمر بن الخطَّاب أن يأْخُذَ منهما المال. فلمَّا قَدِمَا باعا، فَربِحَا. فلما رَفَعَا ذلك إلى عمر ابن الخطَّاب، فقال: أَكُلُّ الجيش أَسْلَفَهُ مثل ما أَسْلَفَكُمَا؟ قالا: لا. فقال عمر بن الخطَّاب، ابنا أمير المؤمنين فأَسْلَفَكُمَا، أدِّيَا المالَ ورِبْحَه. فأمَّا عبد الله فَسَكَتَ، ورَاجَعَهُ عُبَيْد الله. فقال رجلٌ من جُلَسَاء عمر: ياأمير المؤمنين، لو جَعَلْتَهُ قِرَاضًا. فقال عمر: جَعَلْتُهُ قِرَاضًا - أي مُضَارَبةً - فأخذ عمر رأس المال ونِصْفَ رِبْحِهِ، وأخذ عبد الله، وعُبَيْد الله نِصْفَ رِبْحِ المال». ففيه دليلٌ على جواز الاكتساب من مال الله عند أبي موسى، وتقريرٌ من عمر، فإنه لم يَقْدَحْ في إسلافه، ولكنه خَشِيَ أن يكونَ ذلك رُشْوَةً، لأنهما كانا ابناه، فقال ما قال. ونقل في «الدر المختار»: أن أبا يوسف كان يبكي حين احْتَضَرَ، وكان يذكر أن ذِميًّا ادَّعَى على الرشيد أمير المؤمنين، فَرَاعَيْتُ الذِمِّيُّ، وكان يقول: إنه لم يُخْطِىء في غير ذلك فيما يظنُّ. قلتُ: ولو كانت الدنيا دَعَتْهُ إلى هذه الرعاية، لرجَّح أميرَ المؤمنين، ولكنه رجَّح الذميَّ عليه. فَظَهَرَ أنها كانت لأمرٍ غير ذلك، فما ظنُّك برجلٍ هذا شأنه؟ ولكن من لا دينَ له يُرِيدُ أن يَصْرِفَ وجوه الناس إليه بكل حِيلةٍ. 99 - باب الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْحَرْبِ 2216 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً أَوْ قَالَ أَمْ هِبَةً». قَالَ لاَ بَلْ بَيْعٌ. فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً. طرفاه 2618، 5382 - تحفة 9689 يعني به أن اتحاد الملة ليس بشرط في البيع. 2216 - قوله: (مُشْعَانٌّ) أي مُسْتَنِدًا.

100 - باب شراء المملوك من الحربى وهبته وعتقه

100 - باب شِرَاءِ الْمَمْلُوكِ مِنَ الْحَرْبِىِّ وَهِبَتِهِ وَعِتْقِهِ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِسَلْمَانَ كَاتِبْ. وَكَانَ حُرًّا فَظَلَمُوهُ وَبَاعُوهُ. وَسُبِىَ عَمَّارٌ وَصُهَيْبٌ وَبِلاَلٌ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (71)} [النحل: 71]. وفيه مسألتان: الأولى: أن العبدَ هل يُمْكِنُ أن يكونَ تحت مُشْرِكٍ، فإن الظاهرَ يأباه، فإنه يكونُ بإِيجاف الخيل عليهم وأَسْرِهِمْ، وإحْرَازِهم إلى دار الإِسلام، ولا يُتَصَوَّرُ ذلك فيهم. نعم يُمْكِنُ ذلك فيهم بطريق الغَصْب، ونحوه. والثانيةُ أنه هل يَجُوزُ الشراء منه، وهل يَصْحُّ مْلْكُه عليه. واعلم أنه لا استرقاقَ في رجال العرب عند أبي حنيفة، وليس فيهم إلا السيف، أو الإِسلام. فإن ارتدَّ أحدٌ منهم، فهو واجبُ القتل. نعم يجوز استرقاق ذُرِّيَّتهم (¬1). ولا يَظْهَرُ ممَّا نَقَلَهُ البخاريُّ من القصة جواز الاسترقاق المُخْتَلَفِ فيه. فإن مسألة الإِمام الأعظم فيما بعد الدورة الإِسلامية، وتلك قصةٌ ممن سَبَقَ قبلها، فلا حُجَّةَ فيها علينا. قوله: (وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم لسَلْمَان: كَاتِبْ، وكان حُرًّا، فَظَلَمُوه وباعُوه) اهـ. وعند البخاريِّ عن سلمان: «أنه تَدَاوَلُه بضعة عشرة من ربًّ إلى ربًّ، اهـ. وأنه لقي وصيَّ عيسى عليه الصلاة والسلام أيضًا، وذلك لأن زمن الفترة بين النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وبين عيسى عليه الصلاة والسلام خمس مئة وسبعون سنة - 570 - على حساب التوراة، فعاش ذلك الوصيِّ إلى زمنٍ طويلٍ بعده عليه الصلاة والسلام، وعمر سَلْمَان كان مائتان وخمسون سنة، فَحَصَل اللقاء لطول العمرين. وكان سلمان يَسِيحُ في الأرض لطلب دين الله حتى أُسِرَ، وجُعِلَ رقيقًا قبل مبعثه صلى الله عليه وسلّم ثم كان من أمره، كما في «شمائل الترمذي»، فإنه جاءه أول يومٍ بصدقةٍ، فلم يَقْبَلْهَا، ثم جاء بعده بهديةٍ فَقَبِلَها، وكان وُصِفَ به في التوراة، فأَسْلَم سَلْمَان، ثم أمره أن يُكَاتِبَ سلمانُ مولاه، فَقَبَلَهُ على أن يَغْرِسَ له سَلْمَان نخيلا حتى تُؤكَلَ. فَغَرَسَ له النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بيده الكريمة نخيلا غير نخلةٍ، فأَثْمَرَتْ كلُّها غير تلك. ففتش عنها، فعلم أنه غَرَسَهَا عمر. فَغَرَسَهَا ثانيًا بيده الكريمة، فأَثْمَرتْ أيضًا من تلك السنة، فعُتِقَ على ذلك. وغرضُ البخاريِّ: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لمَّا أمره أن يُكَاتِبَ من اليهوديِّ عَلِمَ أنه قرَّر مِلْكَهُ عليه. وعند أبي داود ما يَدُلُّ على أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يتعرَّض إلى معاملات الجاهلية، وقال: «ما كان من قسم الجاهلية فعلى ما كان، وأمَّا ما أوجده الإِسلامُ، فيكون كما حَكَمَ به». قوله: ({فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ}) [النحل: 71] أي ليسوا بسواءٍ، وذكر الزَّجَّاج: أن الجملةَ الاسميةَ قد تَجِيء لمعنى الإِنكار أيضًا. ¬

_ (¬1) قلتُ: وفيه دليلٌ على أن ذُرِّيَّةَ المرتدِّ ليسوا بمرتدِّين، وإلَّا لوَجَبَ قتلهم أيضًا. وقد تكلَّم فيه الشاميُّ في "باب المرتد"، فراجعه.

2217 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - بِسَارَةَ، فَدَخَلَ بِهَا قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ مِنَ الْمُلُوكِ، أَوْ جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، فَقِيلَ دَخَلَ إِبْرَاهِيمُ بِامْرَأَةٍ، هِىَ مِنْ أَحْسَنِ النِّسَاءِ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ، مَنْ هَذِهِ الَّتِى مَعَكَ قَالَ أُخْتِى. ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا، فَقَالَ لاَ تُكَذِّبِى حَدِيثِى فَإِنِّى أَخْبَرْتُهُمْ أَنَّكِ أُخْتِى، وَاللَّهِ إِنْ عَلَى الأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِى وَغَيْرُكِ. فَأَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ، فَقَامَ إِلَيْهَا، فَقَامَتْ تَوَضَّأُ وَتُصَلِّى فَقَالَتِ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ وَأَحْصَنْتُ فَرْجِى، إِلاَّ عَلَى زَوْجِى فَلاَ تُسَلِّطْ عَلَىَّ الْكَافِرَ. فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ». قَالَ الأَعْرَجُ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَتِ اللَّهُمَّ إِنْ يَمُتْ يُقَالُ هِىَ قَتَلَتْهُ. فَأُرْسِلَ ثُمَّ قَامَ إِلَيْهَا، فَقَامَتْ تَوَضَّأُ تُصَلِّى، وَتَقُولُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ، وَأَحْصَنْتُ فَرْجِى، إِلاَّ عَلَى زَوْجِى، فَلاَ تُسَلِّطْ عَلَىَّ هَذَا الْكَافِرَ، فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَتِ اللَّهُمَّ إِنْ يَمُتْ فَيُقَالُ هِىَ قَتَلَتْهُ، فَأُرْسِلَ فِى الثَّانِيَةِ، أَوْ فِى الثَّالِثَةِ، فَقَالَ وَاللَّهِ مَا أَرْسَلْتُمْ إِلَىَّ إِلاَّ شَيْطَانًا، ارْجِعُوهَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ، وَأَعْطُوهَا آجَرَ. فَرَجَعَتْ إِلَى إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَقَالَتْ أَشَعَرْتَ أَنَّ اللَّهَ كَبَتَ الْكَافِرَ وَأَخْدَمَ وَلِيدَةً. أطرافه 2635، 3357، 3358، 5084، 6950 - تحفة 13764، 14973 - 106/ 3 2218 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتِ اخْتَصَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فِى غُلاَمٍ، فَقَالَ سَعْدٌ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ أَخِى عُتْبَةَ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ، عَهِدَ إِلَىَّ أَنَّهُ ابْنُهُ، انْظُرْ إِلَى شَبَهِهِ. وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ هَذَا أَخِى يَا رَسُولَ اللَّهِ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِى مِنْ وَلِيدَتِهِ. فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى شَبَهِهِ، فَرَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ، فَقَالَ «هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ وَاحْتَجِبِى مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ». فَلَمْ تَرَهُ سَوْدَةُ قَطُّ. أطرافه 2053، 2421، 2533، 2745، 4303، 6749، 6765، 6817، 7182 - تحفة 16584 2217 - قوله: (فَقامَتْ تَوَضَّأُ وتُصَلِّي) ... إلخ، دَلَّ على أن الوضوءَ كان في الأمم السالفة أيضًا، وكذا الصلاة. قوله: (وأَخْدَمَ وَلِيدَةً) وهي هَاجَرَ عليها السلام، أم بني إسماعيل. واعلم أن التحقيق: أن هَاجَرَ عليها السلام لم تَكُنْ أَمَةً، بل كانت بنتًا للملك، وكان هذا الملك من ذُرِّيَّة سام بن نوح عليه الصلاة والسلام. وأمَّا أهلُ مصره فكانوا من ذُرِّيَّة حام، فكان يُحِبُّ أن يُزَوِّجَ ابنته رجلا من أسرته، حتى إذا مرَّ به إبراهيمُ عليه الصلاة والسلام مع زوجته سارة، - وكان من سام - فأَسَرَهَا، وأراد بها ما أراد. فلمَّا رَدَّ اللهُ كَيْدَه في نحره، تفطَّن أن زوجَها مقرَّبٌ من المقرَّبين، فأراد أن يُنْكِحَهُ ابنته. ومن دَأْبِ الناس أنهم إذا أرادوا أن يُنْكِحُوا بناتهم أحدًا يقولون مثل هذه الكلمات، هَضْمَا لأنفسهم، فيقولون: نُعْطِيكَ وليدةً. فهذا العُرْف

101 - باب جلود الميتة قبل أن تدبغ

قد جرى في الحرائر أيضًا، لا سِيَّما إذا ظنَّه مُقَرَّبًا، فَنَاسَبَ أن يقول: وليدةً. هكذا حقَّقه عالمٌ من جريا كوت حين أمره بعضٌ من المتنوِّرين من بلادنا أن يُؤَلِّفَ رسالةً على هذا الموضوع. وإنما حَمَلَهُ على ذلك الظنّ بأن في التوراة أن أولادَ الإِماء يكون محرومَ الإِرث، لا يَرِثُ مالا ولا نُبُوَّةً. قلتُ: أمَّا ما حقَّقه في هَاجَرَ عليها السلام، فهو صوابٌ. وأمَّا ما ذكره من قصة حرمان الإِرث، فليس بصحيحٍ. فإنه لا لُزُومَ بين حرمان الإِرث، والحرمان عن النُّبُوة. ولو سلَّمناه، فلا يَلْزَم أن تُحْرَمَ الذُّرِّيةُ بأسرها من النُّبُوة، على أن في التوراة وَصْفَ إسماعيل عليه الصلاة والسلام أزيدُ من وصف إسحاق عليه السلام، بل فيه: إني سأبعث من ذريته: (بارامير). 2219 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ - رضى الله عنه - لِصُهَيْبٍ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَدَّعِ إِلَى غَيْرِ أَبِيكَ. فَقَالَ صُهَيْبٌ مَا يَسُرُّنِى أَنَّ لِى كَذَا وَكَذَا، وَأَنِّى قُلْتُ ذَلِكَ، وَلَكِنِّى سُرِقْتُ وَأَنَا صَبِىٌّ. تحفة 9711، 4958 - 107/ 3 2220 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنْتُ أَتَحَنَّثُ - أَوْ أَتَحَنَّتُ بِهَا - فِى الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صِلَةٍ وَعَتَاقَةٍ وَصَدَقَةٍ، هَلْ لِى فِيهَا أَجْرٌ قَالَ حَكِيمٌ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ». أطرافه 1436، 2538، 5992 - تحفة 3432 2219 - قوله: (ولكِنِّي سُرِقْتُ) ... إلخ، كان صُهَيْب من العرب، واسْتُرِقَّ في صباه ظلمًا، فكان في العجم إلى زمنٍ، ولذا تغيَّر لسانهُ، ولذا اعتذر عنه. 101 - باب جُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ أَنْ تُدْبَغَ 2221 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ فَقَالَ «هَلاَّ اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا». قَالُوا إِنَّهَا مَيِّتَةٌ. قَالَ «إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا». أطرافه 1492، 5531، 5532 - تحفة 5839 وهذا البيع لا يَجوزُ عندنا، كما في «الهداية». 102 - باب قَتْلِ الْخِنْزِيرِ وَقَالَ جَابِرٌ: حَرَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْعَ الْخِنْزِيرِ. 2222 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ». أطرافه 2476، 3448، 3449 - تحفة 13228

2222 - قوله: (حَكَمًا)، أي لا يكون نبيًّا، ثم إنه يكون حَكَمًا بين اليهود والنصارى. أمَّا اليهودُ فيقتلهم، وأمَّا النصارى فَيُؤمِنُونَ به. قوله: (مُقْسِطًا)، أي من يزيل الجَوْر. قوله: (فيَكْسِرَ الصَّلِيبَ)، لأنه رَاجَ الصليبُ باسمه. قوله: (يَقْتُلَ الخِنْزِيرَ)، لأنه استحلَّه النصارى، مع أنه حرامٌ في شرعنا، وكذا في شرع عيسى عليه الصلاة والسلام أيضًا. وما في بعض كُتُبِنَا أنه كان حلالا فيهم، فليس بصحيحٍ. بل الأصلُ أنه حَرُمَ عليهم كل ذي ظُفُرٍ، كما في نصِّ القرآن. فاختلفوا في تأويله، فظنَّ النصارى أن الخنزيرَ ليس منه، فجعلوه حلالا من اجتهادهم الفاسد، لا أنه كان حلالا في شرعهم. قوله: (يَضَعَ الجِزْيَةَ)، وهذا تشريعٌ من النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لزمنه: أن لا يكونَ فيه إلا الإِسلام، أو السيف، فلا يَلْزَمُ النسخ. ثم الدنيا لمَّا كانت في زمنه على شرف الزوال، نَاسَبَ أن تَسْقُطَ الجِزْيَةُ، ولا يبقى إلا الإِسلام، أو السيف. ومن ههنا تبيَّن الحكمة في نزول عيسى عليه الصلاة والسلام، ووظائفه التي يَنْزِلُ لها. وحاصلُه: أنه لا يَنْزِلُ بوظائف النبوة، ولا يَلْزَمُهُ سلب النبوة عنه، فإنه كان رسولا إلى بني إسرائيل بالنصِّ. ونزولُهُ فينا، كدخول يعقوب عليه الصلاة والسلام مصر في نبوة يوسف عليه السلام. وأمَّا لعين القاديان الشقي المتنبِّىء الكاذب، فلم يُوجَدْ فيه شيءٌ من ذلك، لم يَحْكُمْ بين اليهود والنصارى بشيءٍ، بل أَكْفَرَ المسلمين، وأَعَانَ الصليبَ، وجمع المالَ حتى ذاق طينة الخَبَال، فكيف يدَّعي أنه عيسى؟!. ثم اعلم أن الحديثَ لم يُخْبِرْ بأن الإِسلامَ يُحِيطُ في زمنه على البسيطة كلِّها، كيف ولا يُدْرَى أنه يَمْزِلُ بكلِّ بلدٍ. ولكنه - والله تعالى أعلم - يَشِيعُ الإِسلامُ حيث يكون عليه الصلاة والسلام. فما أَخْبَرَ به الحديث إنما هو شيوع الإِسلام بموضع نزوله وتَطْوَافِهِ، وأمَّا في غير ذلك، فالله أعلم بحاله، ما يكون فيه. لا أقول: إن الإِسلامَ لا يكون في جميع الأرض، ولكن أقول: إن الأحاديثَ لم تَرِدْ به. فذا أمرٌ تحت أستار الغيب بعدُ، فجاز أن لا يبقى في الأرض كلِّها إلا الإِسلام، وجاز أن تَكونَ تلك الغلبة الموعودة بمكان نزوله وحَوَالَيْهِ فقط. أمَّا مُكْثُهُ عليه الصلاة والسلام بعد النزول، فالصوابُ عندي فيه أربعون سنةً، كما عند أبي داود: «فيَمْكُثُ في الأرض أربعين سنةً، ثم يتوفَّى، فيصلِّي عليه المسلمون». اهـ. وأمَّا ما تُوهِمُهُ رواية مسلم: «أنه يَمْكُثُ في الأرض سبع سنين»، فهو مدَّة مُكْثِهِ مع الإِمام المهدي، كما عند أبي داود: «وبعد تمام سبع سنين يتوفّى الإِمام، ويَبْقَى عيسى عليه الصلاة والسلام بعد ذلك ثلاثًا وثلاثين سنةً». وأمَّا رَفْعُهُ، فكان على ثمانين سنة، وصحَّحه الحافظ في «الإِصابة»، وهو الذي رجع إليه السيوطي في «مرقاة الصعود». وأمَّا مجموع عمره عليه الصلاة والسلام فمئةٌ وعشرون، نُبِّىءَ على أربعين منها، ورُفِعَ

103 - باب لا يذاب شحم الميتة ولا يباع ودكه

على ثمانين، ويَمْكُثُ في الأرض أربعين. وقد مَضَى منها ثمانون، فبَقَيَ أربعون. وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلّم «وإن عيسى عليه الصلاة والسلام عاش مئةً وعشرين، ولا أُرَاني ذاهبًا إلا على ستين» - بالمعنى، يعني به نصف مجموع عمر عيسى عليه الصلاة والسلام. وإنما قال: «عاش» - بصيغة الماضي - لكون أكثره ماضيًا، ونزولُه معلومًا. وإنما لم يَفْصِلْ بين ثمانين وأربعين، لأن المقصودَ كان بيان التنصيف، والإِجمالُ في مثله شائعٌ. ثم إن التنصيفَ باعتبار أُولِي العَزْمِ من الأنبياء عليهم السلام الذين جَرَى بذكرهم التأريخ، أو بحسب المجموع، لا بِحَسَبِ الأشخاص والأفراد، فاعلمه. وهو الذي يُنَاسِبُ، فإن الحسابَ يكون باعتبار الوقائع المهمة، وبها يَنْضَبِطُ التاريخ (¬1). 103 - باب لاَ يُذَابُ شَحْمُ الْمَيْتَةِ وَلاَ يُبَاعُ وَدَكُهُ رَوَاهُ جَابِرٌ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 2223 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِى طَاوُسٌ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ فُلاَنًا بَاعَ خَمْرًا فَقَالَ قَاتَلَ اللَّهُ فُلاَنًا، أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا». طرفاه 3325، 3460 - تحفة 10501 2224 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَاتَلَ اللَّهُ يَهُودًا حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا، وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: قَاتَلَهُمُ اللهَ: لَعَنَهُمْ. {قُتِلَ}: لُعِنَ. {الْخَرَّاصُونَ} [الذاريات: 10]: الكَذَّابُونَ. تحفة 13337 - 108/ 3 الشحمُ: ما كان مُنْفَصِلا عن اللحم، وما كان داخلا في اللحم، فهو وَدَكٌ. 2223 - قوله: (بلغ عُمَرَ أن فُلانًا بَاعَ خَمْرًا)، وقصته أن سَمُرَة كان عَاشِرًا من جانب عُمَرَ، فمرَّ عليه الذميُّ بالخمر، فأخذ منه العُشْرَ، فَبَلَغَ ذلك عُمَرَ، وقال كما في الحديث. وفيه زيادة ذكرها الحافظ في «الفتح»: أن عمر قال: «وَلُّوهم بيعَها». اهـ. وهذا وإن كان في مسألة العُشْرِ، لكنه دَلَّ على أن مسلمًا لو وَكَّلَ ذميًا ببيع خمرٍ، طاب له ربحُهُ. ¬

_ (¬1) قلتُ: وهذا عندي على حدِّ قوله: "أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، مع أن فيها من يُجَاوِزُهَا، ومن يَقْصُرُ عمره عنها. فإذن هو حكمٌ بالنظر إلى المجموع، دون الأشخاص. ثم تبيَّن لي: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لو قُدِّرَ بعده نبي، لكان عمره ثلاثين على الحديث المذكور، وإذا لم تكن بعده نبوة، بل كانت خلافة، قدر أن تكونَ الخلافةُ على منهاج النبوة ثلاثين سنة، لأنه عمر النبيِّ لو قُدِّرَ بعده، فصارت تلك مدَّة الخلافة لذلك. والله تعالى أعلم. ولو كان لعين القاديان نبيًا، لوجب أن يكون ذلك عمره، ولكن الشقيَّ جَاوَزَ السبعين، فهذا الحديث جَمْرَةٌ في فِيهِ، فَلْيُحْرَقْ بها فمه، أعادْنا الله من الكفر والضلال.

104 - باب بيع التصاوير التى ليس فيها روح، وما يكره من ذلك

104 - باب بَيْعِ التَّصَاوِيرِ الَّتِى لَيْسَ فِيهَا رُوحٌ، وَمَا يُكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ 2225 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى الْحَسَنِ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا عَبَّاسٍ إِنِّى إِنْسَانٌ، إِنَّمَا مَعِيشَتِى مِنْ صَنْعَةِ يَدِى، وَإِنِّى أَصْنَعُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لاَ أُحَدِّثُكَ إِلاَّ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ سَمِعْتُهُ يَقُولُ «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فَإِنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ، حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا». فَرَبَا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ. فَقَالَ وَيْحَكَ إِنْ أَبَيْتَ إِلاَّ أَنْ تَصْنَعَ، فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ، كُلِّ شَىْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَمِعَ سَعِيدُ بْنُ أَبِى عَرُوبَةَ مِنَ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ هَذَا الْوَاحِدَ. طرفاه 5963، 7042 - تحفة 5658، 6536 واعلم أن مسألةَ فعل التصوير مسألةٌ أخرى. وأمَّا مسألةُ المصوَّرَات، ففصَّلها الشيخُ ابن الهُمَام في «الفتح» على أحسن وجهٍ، وضَبَطَهَا في عِدَّة سطورٍ، فراجعها. 105 - باب تَحْرِيمِ التِّجَارَةِ فِى الْخَمْرِ وَقَالَ جَابِرٌ - رضى الله عنه - حَرَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْعَ الْخَمْرِ. 2226 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - لَمَّا نَزَلَتْ آيَاتُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ عَنْ آخِرِهَا خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «حُرِّمَتِ التِّجَارَةُ فِى الْخَمْرِ». أطرافه 459، 2084، 4540، 4541، 4542، 4543 - تحفة 17636 106 - باب إِثْمِ مَنْ بَاعَ حُرًّا 2227 - حَدَّثَنِى بِشْرُ بْنُ مَرْحُومٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ اللَّهُ ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، رَجُلٌ أَعْطَى بِى ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ، وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ». طرفه 2270 - تحفة 12952 2227 - قوله: (أَعْطَى بي)، ولعلَّه يَنْسَحِبُ على العهود العامة أيضًا. 107 - باب أَمْرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الْيَهُودَ بِبَيْعِ أَرَضِيهِمْ حِينَ أَجْلاَهُمْ فِيهِ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. واعلم أن بني النَّضِير لمَّا أُجْلُوا، قيل لهم: أن بيعُوا المنقولاتِ من أموالكم، وأمَّا

108 - باب بيع العبيد والحيوان بالحيوان نسيئة

الأراضي فهي لله ولرسوله، هكذا في كُتُبِ السِّيَرِ عامةً. ويمكن أن يكونَ أَمَرَ بعضَهم ببيع الأراضي أيضًا (¬1)، كما في ترجمة البخاريِّ. 108 - باب بَيْعِ الْعَبِيدِ وَالْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً وَاشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ، يُوفِيهَا صَاحِبَهَا بِالرَّبَذَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ يَكُونُ الْبَعِيرُ خَيْرًا مِنَ الْبَعِيرَيْنِ. وَاشْتَرَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ فَأَعْطَاهُ أَحَدَهُمَا وَقَالَ آتِيكَ بِالآخَرِ غَدًا رَهْوًا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ لاَ رِبَا فِى الْحَيَوَانِ الْبَعِيرُ بِالْبَعِيرَيْنِ، وَالشَّاةُ بِالشَّاتَيْنِ إِلَى أَجَلٍ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ لاَ بَأْسَ بَعِيرٌ بِبَعِيرَيْنِ نَسِيئَةً. 2228 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ فِى السَّبْىِ صَفِيَّةُ، فَصَارَتْ إِلَى دَحْيَةَ الْكَلْبِىِّ، ثُمَّ صَارَتْ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 371، 610، 947، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 303، 291 - 109/ 3 ويَجُوزُ بيعُ الحيوان بالمتعدِّد عندنا، لأنه ليس من الأموال الرِّبَوِيَّة، وهو قيميٌّ، وليس بمثليَ. أمَّا إذا كان نَسِيئةً، فلا يجوز عندنا، سواء كان من الطرفين، أو عن طرفٍ. وخَالَفَنَا الشافعيُّ في الثاني. قُلْنَا: إنه قيميٌّ، فلا يَصْلُحُ أن يكونَ واجبًا في الذِّمَّةِ، ولا بُدَّ من كونه مشارًا إليه، بخلاف المثليِّ، فإنه يَصْلُحُ أن يكونَ واجبًا في الذِّمَّة. ولنا ما أخرجه الترمذيُّ، وصحَّحه: «نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نَسِيئةً». قال الشافعيةَ: هذا إذا كان نسيئةً من الطرفين. قال مولانا شيخُ الهند: وهذا ليس بسديدٍ، لأن كون المناطُ نسيئةً من الطرفين لم يتعرَّض له في هذا الحديث، بل هو مدلولُ حديث النهي عن الكاليء بالكاليء. وإنما المناطُ في هذا الحديث كون الحيوانُ من الطرفين، مع كون واحدٌ منهما نسيئةً. وإرجاعُ هذا إلى ذلك إلغاءٌ لأحد الحديثين، وحملُ الحديثين على المعنيين أَوْلَى. قوله: (واشترى ابنُ عُمَرَ راحلةً بأربعةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عليه، يُوفِيها صَاحِبَهَا بالرَّبَذَةِ)، قوله: «مَضْمُونَةٍ عليه» يعني (دَين دارهى أون أونتوكا). قلتُ: والظاهر أن الأَبْعُرَةَ كانت متعيِّنةً موجودةً. نعم القبضُ عليها كان بالرَّبَذَةِ، فهذا تَرَاخٍ في القبض، وليس البيعُ نسيئةً. قوله: (وقال ابنُ سِيرِينَ: لا بَأْسَ بَعِيرٌ بِبَعِيرَيْنِ، ودِرْهَمٌ بدرهم نَسِيئَةً). قلتُ: إن بيعَ الدِّرْهَم بالدِّرْهَمِ نسيئةً حرامٌ بالإِجماع، ولم يَشْرَحْ أحدٌ منهم ما أراد به ابن سِيرِين. والوجهُ عندي أن يُقَالَ: ءن قوله: «نسيئة» يتعلَّق بالبعير والبعيرين، دون بيع الصَّرْف، فهو مطلقٌ، ولا ريب في جواز بيع الدرهم بالدرهم. والذي صَرَفْنَا إليه قول ابن سِيرِين أَوْلَى من أن يُحْمَلَ على ما يُخَالِفُ الإِجماع. ¬

_ (¬1) قلتُ: وفي -مذكرةٍ أخرى عندي عن الشيخ: أن الأمرَ ببيعها لم يَكُنْ لبني النَّضير، فإن أراضيهم كانت فَيْئًا، وهو لله ورسوله. وترجمةُ المصنِّف مُبْهَمَةٌ، لا يَنْفَصِلُ منها شيءٌ، فليحرَّر.

109 - باب بيع الرقيق

2228 - قوله: (كان في السَّبْي صَفِيَّةُ) ... إلخ، واشتراها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بست رؤوسٍ، وفيه الترجمة. 109 - باب بَيْعِ الرَّقِيقِ 2229 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ مُحَيْرِيزٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نُصِيبُ سَبْيًا، فَنُحِبُّ الأَثْمَانَ، فَكَيْفَ تَرَى فِى الْعَزْلِ فَقَالَ «أَوَإِنَّكُمْ تَفْعَلُونَ ذَلِكَ لاَ عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَفْعَلُوا ذَلِكُمْ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ نَسَمَةٌ كَتَبَ اللَّهُ أَنْ تَخْرُجَ إِلاَّ هِىَ خَارِجَةٌ». أطرافه 2542، 4138، 5210، 6603، 7409 - تحفة 4111 110 - باب بَيْعِ الْمُدَبَّرِ 2230 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ بَاعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُدَبَّرَ. أطرافه 2141، 2321، 2403، 2415، 2534، 6716، 6947، 7186 - تحفة 2416 2231 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ بَاعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 2526 2232 و 2233 - حَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَ ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ رضى الله عنهما أَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُسْأَلُ عَنِ الأَمَةِ تَزْنِى وَلَمْ تُحْصَنْ قَالَ «اجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ بِيعُوهَا بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ». حديث 2232 أطرافه 2154، 2556، 6838 - تحفة 3756 حديث 2233 أطرافه 2152، 2153، 2234، 2555، 6837، 6839 - تحفة 14107 2234 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ، فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ، وَلاَ يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلاَ يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ». أطرافه 2152، 2153، 2233، 2555، 6837، 6839 - تحفة 14311 قد مرّ منا التنبيه على أن المصنِّفَ ترجم على جواز بيع المُدَبَّرِ أيضًا، مع الإِشارة إلى أن بيعَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كان من قَبِيلِ التعزير، وهذا يُوجِبُ أن لا يكونَ بيعُه جائزًا عنده، فتهافتت تراجمه. ويُمْكِنُ أن يُقَالَ: إن الأَصلَ عنده جوازُ البيع، وإنما التعزيرُ ببيعه بنفسه فقط، يعني بدون استفسارٍ منه. وقد مرَّ عن الدارقطنيِّ ما يَدُلُّ على أن البيعَ يمكن أن يكونَ محمولا على الإِجارة أيضًا. 2232 و 2233 - قوله: (يُسْأَلُ عن الأَمةِ تَزْني ولم تُحْصَنْ) ... إلخ؛ قلتُ: ومفهومُ الإِحصان يَدُلُّ على أن المُحْصَنَةَ لا تُجْلَدُ، بل تُرْجَمُ، مع أنه لا رَجْمُ في الإِماء، مُحْصَنَةً كانت، أو غيرَ مُحْصَنَةٍ. ثم المراد من الإِحصان: التزوُّج، دون الفقهي، فإن الفقهيَّ

111 - باب هل يسافر بالجارية قبل أن يستبرئها

يُشْتَرَطُ فيه الحرية، والأمومية تُنَافِيهَا. والجواب أن يُقَالَ: إن قَيْدَ الإِحصان جاء تَبَعًا للقرآن. والحديثُ إذا تحقَّق اقتباسُهُ من القرآن، فالبحثُ في القيود يَدُورُ في الآية، قال تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] إلخ، قيَّد فيها بالإِحصان أيضًا. وراجع "الفوائد" للشاه عبد القادر، فلعلَّه يُنْجِحُ شيئًا، وقد ذَكَرْتُ حلَّه في مذكرتي، ولا يَسَعُهُ المقام. 111 - باب هَلْ يُسَافِرُ بِالْجَارِيَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا وَلَمْ يَرَ الْحَسَنُ بَأْسًا أَنْ يُقَبِّلَهَا أَوْ يُبَاشِرَهَا. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - إِذَا وُهِبَتِ الْوَلِيدَةُ الَّتِى تُوطَأُ أَوْ بِيعَتْ أَوْ عَتَقَتْ فَلْيُسْتَبْرَأْ رَحِمُهَا بِحَيْضَةٍ، وَلاَ تُسْتَبْرَأُ الْعَذْرَاءُ. وَقَالَ عَطَاءٌ لاَ بَأْسَ أَنْ يُصِيبَ مِنْ جَارِيَتِهِ الْحَامِلِ مَا دُونَ الْفَرْجِ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 6]. والسفرُ بها جائزٌ عندنا. أمَّا الاستمتاعُ بالوَطْءِ، أو دَوَاعِيهِ، فلا يجوز، كما ذَهَبَ إليه ابن عمر، وهو مذهبُ العلماء كافةً، إلا أنه لا اسْتِبْرَاءَ عنده في العَذْرَاءِ، وفيها عندنا ذلك. قال الشافعيةُ في أصول الفِقْهِ: إن الحكمَ الشرعيَّ لا ينبغي أن يَخْلُوَ عن الحكمة. ومرادُهم به عدم خلو ذلك النوع، لا أن تتحقَّقَ تلك الحكمة في جميع الجزئيات من ذلك النوع أيضًا. ثم جاء شارحُ «الوقاية» وأوضحه، وزاد من عنده قيدًا آخر، وقال: إن المرادَ من النوعِ النوعُ المنضبطُ، وهو الذي تُعْرَفُ جزئياته من وصفه العنواني، ولا يبقى فيها شبهةٌ. وإذن الأصلُ أن لا يَخْلُوَ النوعُ المنضبطُ عن الحكمة، أمَّا النوعُ المنتشرُ، فيمكن أن يَخْلُوَ عنها. والعذراء ههنا نوعٌ منضبطٌ يُعْرَفُ بهذا الوصف ما صدقاته بدون ارتيابٍ وشبهةٍ، مع خلوه عن الحكمة. فإنها لا تحتاجُ إلى استبراءٍ أصلا، لأنه لا احتمالَ فيها بشغل الرَّحْمِ، والاستبراءُ يكون له فقط. فحكمُ الاستبراء في العَذْرَاءِ حكمٌ خالٍ عن الحكمة. وكذا أوردوا علينا مسألَةَ نكاح المشرقية بالمغربي، حيث يَثْبُتُ النَّسَبُ عندنا مع عدم إمكان الوطء فيها، وقد فَرَغْنَا عن جوابها. أما مسألة الاستبراء، فقد أجاب عنها الشيخ ابن الهمام: بأنه لا يُشترط تحقق تلك الحكمة حقيقةً، بل يكفي تحقُّقها تقديرًا أيضًا. كما قالوا فِيَمَنْ أَسْلَمَ في آخر ساعة الظهر، أو طَهُرَتْ فيها الحائضة: إن الصلاةَ تَجِبُ عليها، مع عدم التمكُّن على الأداء. فإن القدرةَ وإن انْتَفَتْ ههنا حقيقةً، لكنها متحققةٌ باعتبار التوهُّم، فعُلِمَ أن تحقُّقَها باعتبار التوهُّم أيضًا كافٍ. قلتُ: وهذا الجواب ليس بمرضيَ عندي، وما أشبهه بأجوبة المعقوليين، فالجواب عندي: بأن الحملَ يُمْكِنُ في العَذْرَاء حقيقةً، كما في «قضيخان»، ولعلَّه في باب الحظر والإِباحة: أن رجلا لو كان يُبَاشِرُ زوجتَه البِكْرَ، فدخل الماءُ في رحمها عَلِقَت، فالعُذْرَة تُزِيلُها القابلةُ بيدها. ولو كانت المسألة في ذهن الشيخ لَمَا احتاج إلى هذا التأويل البعيد الذي صار مطْعَنًا للقوم. وأمَّا مسألةُ وجوب الصلاة، فليس مبناها على تَوَهُّم القدرة، بل سببُ الوجوب عندهم هو جزءٌ من الوقت، وقد وُجِدَ، وليس تمامَ الوقت.

112 - باب بيع الميتة والأصنام

2235 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِى عَمْرٍو عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا، وَكَانَتْ عَرُوسًا، فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِنَفْسِهِ فَخَرَجَ بِهَا، حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الرَّوْحَاءِ حَلَّتْ، فَبَنَى بِهَا، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِى نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ». فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى صَفِيَّةَ، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحَوِّى لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ، فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ، حَتَّى تَرْكَبَ. أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 1117 - 110/ 3 2235 - قوله: (ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ) ... إلخ، وقد كانت صَفِيَّةُ رَأَتْ قبله رُؤْيَا: أن القمر في حِجْرِهَا، فقصَّتْها على زوجها، فَنَهَرَهَا، وقال: أَتُرِيدُ أن تَنْكَحَ هذا الصَّابيء. ثم إن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لمَّا دخل المدنيةَ جاء والدها وعمها لِيَرَوْهُ، فقصَّا عليَّ قصصهما مَحْزُونَيْن مَهْمُومَيْنِ، قالت صَفِيَّةُ: قال والدي: أهوهو؟ قال عمِّي: نعم. قال: فماذ نفعل؟ قال: نُخَالِفُهُ، ولا نُؤْمِنُ به. قال أبي: وذاك إرادتي. فصَفِيَّةُ كانت سَمِعَتْ تلك القصة. وهي صغيرةٌ. وعندي مذكرةٌ علَّقتها في أنَّ أَنْكِحَةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كلَّها كانت من أسبابٍ سَمَاوِيَّةٍ، وقد عَلِمْتُ شيئًا منه في صَفِيَّةَ رضي الله تعالى عنها. 112 - باب بَيْعِ الْمَيْتَةِ وَالأَصْنَامِ 2236 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ، وَهُوَ بِمَكَّةَ «إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَصْنَامِ». فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهَا يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ. فَقَالَ «لاَ، هُوَ حَرَامٌ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ «قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ، إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ»، قَالَ أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ كَتَبَ إِلَىَّ عَطَاءٌ سَمِعْتُ جَابِرًا - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 4296، 4633 - تحفة 2494 2236 - قوله: (لا، وهُوَ حَرَامٌ) أي استعماله حرامٌ. وقال الشافعيةُ: أي بيعُه حرامٌ. وظاهرُ الحديث حُجَّةٌ لنا، لأنه ذَكَرَ فيما سَبَقَ: تَطْلِيةَ السُّفُنِ، والادِّهانَ، والاسْتِصْبَاحَ، وكلُّ ذلك استعمالاتٌ، فيكون الحرامُ تلك. ثم إن شَحْمَ الميتة، لا يَجُوزُ استعماله بأي نحو كان. أمَّا الدهن الذي تنجَّس، فهو مُتَنَجِّسٌ، وليس بنَجِسٍ، فيجوز الاسْتِصْبَاح به خارج المسجد، أمَّا في المسجد فلا يَجُوزُ.

113 - باب ثمن الكلب

113 - باب ثَمَنِ الْكَلْبِ 2237 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِىِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ. أطرافه 2282، 5346، 5761 - تحفة 10010 2238 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَوْنُ بْنُ أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ رَأَيْتُ أَبِى اشْتَرَى حَجَّامًا، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ. قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ، وَثَمَنِ الْكَلْبِ، وَكَسْبِ الأَمَةِ، وَلَعَنَ الْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ، وَآكِلَ الرِّبَا، وَمُوكِلَهُ، وَلَعَنَ الْمُصَوِّرَ. أطرافه 2086، 5347، 5945، 5962 - تحفة 11811 - 111/ 3 2237 - قوله: (ومَهْرِ البَغِيَّ)، وترجمة المهر ههنا (خرجى). واعلم أنه وَقَعَ في «حاشية جَلَبي على شرح الوقاية»: أن أجرةَ الزانيةِ حلالٌ عند أبي حنيفة، وهو شنيعٌ جدًا، ومُخَالِفٌ للنصِّ أيضًا. فأَجاب عنه مولانا الكَنْكُوهِي: بأن ما كَتَبَه جَلَبي مسألةٌ من باب الإِجارة الفاسدة، كما يُعْلَمُ من صنيع أصحابنا، فإنهم لم يَذْكُرُوها إلا في هذا الباب، فدلَّ على ما قَصَدُوه، فلا يكون المعقودُ عليه هو الزنا. وصورةُ المسألة: إن استأجر امرأةً لِتَخْبِزَ مثلا، واشْتَرَطَ أن يَطَأَهَا أيضًا، فهذا الشرطُ فاسدٌ. والمسألةُ في الإِجارة الفاسدةِ عندنا: أن الأَجرَ فيها طيبٌ، لكونها مشروعةً بأصلها، وغير مشروعةٍ بوصفها، فلا تكون باطلةً من كل وجهٍ. فالأجرةُ ههنا على الخبز، ولا خَبْثَ فيه، وإنما الخبثُ، لمعنى خارجٍ، وليست الأجرةُ بدلا عنه، فتبقى طيبةً لا مَحَالَةَ. أقول: لكن يَرِدُ عليه أن المسألةَ عندنا أعمُّ من الإِجارة الفاسدة، كما في «الشامي»، نقلا عن «المحيط»: أن ما أخذته الزانيةُ، إن كان بعقد الإِجارة فحلالٌ، وإلا فحرامٌ اتفاقًا. فهذا يَدُلُّ على كون الزنا نفسه معقودًا عليه، مع التصريح بكون أجرتُه حلالا، فدَلَّ على أن المسألةَ لا تَقْتَصِرُ على الوجه المذكور. ثم العجبُ أن أصحابَنا نَقَلُوا الإِجماعَ على حُرْمَةِ أجرة الزنا أيضًا، كما في «البحر». وهكذا نقله النوويُّ. وقد مرَّ الحافظُ ابن تَيْمِيَة على تقرير تلك المسألة في كتابه «الصراط المستقيم». ويُسْتَفَادُ منه أيضًا: أن المسألةَ عندنا أعمُّ من الإِجارةِ الفاسدةِ، وغيرها، وحينئذٍ يَعُودُ المحذورُ. ولم يتعرَّضْ ابن تَيْمِيَة إلى هذه المسألة، بل قال: إن الإِجارةَ على عملٍ خاصٍ، تَقَعُ على مطلق العمل. فمن اسْتَأْجَرَ رجلا لِيَحْمِلَ إليه الخمرَ، فهو جائزٌ، لأن الإِجارةَ، وإن كانت على خصوص حمل الخمر، لكنها تَقَعُ على مطلق العمل، فيجوز له أن يَأْمُرِهُ بحمل الماء مكان الخمر. فَخَرَجَ من تعليله هذا: أن المسألةَ عندنا لا تَقْتَصِرُ على الوضع الذي ذُكِرَ، وإن كان الفقهاءُ ذكروها في باب الإِجارة الفاسدة. فالجوابُ عندي: أن أصلَ تلك المسألة في «المحيط» للبرهاني، ويُعْلَمُ منه: أن المسألةَ مفروضةٌ بين المولى وجاريته خاصةً، فإن آَجَرَهَا المولى للزنا، وجعل له أُجْرَةً طابت له الأُجْرَةُ،

لكون المعقودُ عليه فيها تسليمَ النفس دون الزنا خاصةً. فإن زَنَتْ من غير أن يُؤْجِرَهَا المولى لا تَطِيبُ له الأجْرَةُ، لأنها لا تَمْلِكُ منافعَ بُضْعِهَا، فلا تَمْلِكُ إجارتها أيضًا. نعم يَجِبُ له العُقْرُ، ويَسْقُطُ الحدُّ. فإن وجوبَ المهر، أو العُقْرِ يَمْنَعُ وجوب الحدِّ عندنا. وقد ذَكَرَ الحنفيةُ: أن الأجيرَ على قسمين: أجيرٌ مطلقٌ، وذلك يَسْتَحِقُّ الأُجْرَةَ بتسليم النفس، ولو لم يَعْمَلْ شيئًا. والثاني: أجيرٌ مُشْتَرَكٌ، ويكون المعقودُ عليه فيها عملا خاصًا، فلا يَسْتَحِقُّ الأُجْرَةَ إلا بعد عمله، كالقَصَّار، والخيَّاط، والصبَّاغ. فإن جَعَلَ تسليمَ النفس، والعملَ كليهما معقودًا عليه، فَسَدَتِ الإِجارة، كما في «ما لا بد منه» - رسالة بالفارسية - للشيخ العارف بالله ثناء الله الفاني فتى، من أَجِلَّة علماء الهند. وهناك قسمٌ ثالثٌ أيضًا، وفيه بحثٌ، وراجع له «الدرر والغرر». وبالجملة كانت المسألةُ مختصةً بالمولى وجاريته، فأَجْرَاها الشاميُّ بين الحرائر أيضًا، مع أنه لا تعلُّق لها بالحرائر. ثم ذاك أيضًا بحسب زمانهم، فإنهم كانوا في زمانٍ لم تَكُنْ الإِجارة على الزنا شَاعَتْ فيه. وإنما كان الفُسَّاقُ يَحْتَالُون له، فيستأجرون الجواري على طريق الأجير المطلق، ثم كانوا يَزْنُونَ بهنَّ أيضًا، فساغ للفقهاء أن يَحْمِلُوها على تسليم النفس، تصحيحًا للعقد مهما أمكن، وحملا لحال المسلم على الأَصْلَح. وإن كان عَقَدَ على الزنا وسمَّاه، فإنه من مسخ فطرته، وسوء بِطَانَتِهِ، فلا يُلْتَفَتُ إليه، ولا يُصْغَى لقوله، كما مرَّ عن ابن تيمية: أن الإِجارةَ على حمل الخمر تَنْصِرفُ إلى مطلق الحمل. أمَّا إذا شاعت الإِجارةُ، والاستئجارُ في الزنا، كما في زماننا، تعذَّرَ التأويلُ المذكورُ، وتعيَّن كون الزنا هو المعقودُ عليه، فَتَحْرُمُ الأجرة مطلقًا. أمَّا في الحرائر فظاهرٌ، وأمَّا في جاريته فلانقلاب الحال. ومن ههنا ظَهَر سرُّ الفرق بين أجرة النائحة والمغنية، حيث جَزَمَ فقهاؤنا بحُرْمَةِ أجرة المغنية والنائحة، كما في «الكنز» مع جريان هذا التأويل فيهما أيضًا. وذلك لأنهم لمَّا نَظَرُوا في زمانهم، وجدوا الإِجارةَ قد فَشَتْ في باب الغناء والنَّوْح، فجعلوهما معقودًا عليه، ولم يَحْمِلُوها على تسليم النفس. بخلاف الزنا، فإنهم لم يَجِدُوا الإِجارةَ فيه شائعة، كما في زماننا. فإن الناسَ لقلَّة الدين والدِّيَانة، وضعف الإِيمان والأمانة، يستأجرون ولا يُبَالُون، يَزْنُونَ ولا يَسْتَحْيُون، فكيف يكون اليوم لهم التأويلُ. وإلا فلا أعرف فرقًا بين النوعين، حيث حَرُمَتْ الأجرة في الغناء، وطابت في الزنا، مع كون الزنا أشنعَ وأفحشَ، ويَلْحَقُ به ما عند البخاريِّ في كتاب الإِكراه، باب إذا اسْتُكْرِهَتْ المرأة على الزنا، فلا حدَّ عليها، وعن الزهريِّ: «أنه لو زنى أحدٌ من أَمَةٍ بِكْرٍ يَجِبُ عليه الحدُّ، وضَمِنَ النقصان». وفي «الهامش»، وهو قول مالك، وإسحاق، وأبي ثَوْر: فكما أن إيجابَ الضمان في الصورة المذكورة لا يُعَدُّ أجرةً لزناه، بل يُعَدُّ ضمانًا للنقصان، كذلك الأجرة فيما نحن فيه، لا تكون أجرةً للزنا، بل أجرةً للحبس، وتسليم النفس. ثم إن عبارة «المحيط» تقتضي أن تلك المسألة لعلَّها حَدَثَتْ من لفظ المهر، فإنه يقتضي تَمَادِي تلك المعاملة، وطول فيها، وذاك إذا

كانت بطريق الاستئجار. بخلاف لفظ الأجرة، فإنه لا يقتضي ذلك، ويأتي في الزنا مرةً أيضًا. فلمَّا نَظَرُوا لفظَ المهر، وضعوا المسألةَ في الإِجارة لذلك. ولذا عَدَلْتُ عن ترجمته، إلى الترجمة ب- (خرجى)، فإنه يُسْتَعْمَلُ في معنى الأُجْرَةِ. ومحصِّلُ الكلام، وجملةُ المرام: أن أجرةً الزنا حرامٌ عندنا أيضًا، أمَّا في الحرائر فمطلقًا، وأمَّا في الإِماء فكذلك، إلا ما وقع بين المولى وجاريته، ثم ذلك أيضًا في الزمن القديم. أمَّا اليوم، فلا تَحِلُّ مطلقًا، لا في الحرائر، ولا في الإِماء، لا في حقِّ مَوَالِيهنَّ، ولا في حقِّ غيرهم. وكان الواجبُ على أصحابنا أن يَنْظُرُوا في عبارة «المحيط»، ولا يَهْدِرُوا القيودَ المذكورةَ فيها، لئلا يَرِدَ علينا ما أورده الخصوم. ولكن الله يَفْعَلُ ما يشاء؛ ويَحْكُمُ ما يريد، والله تعالى أعلم، وعلمُه أحكم. فائدةٌ: واعلم أن «المحيط» اثنان: الأول للبرهاني، لجدّ شارح «الوقاية» وقد ذَكَرَ مولانا عبد الحيِّ أنه في أربعين مجلدًا، وقد رأيته في خمس مجلدات. والثاني للشيخ رضي الدين السَّرَخْسِيِّ، فاعلمه. ***

35 - كتاب السلم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 35 - كِتَابُ السَّلَم 1 - باب السَّلَمِ فِى كَيْلٍ مَعْلُومٍ 2239 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِى الْمِنْهَالِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، وَالنَّاسُ يُسْلِفُونَ فِى الثَّمَرِ الْعَامَ وَالْعَامَيْنِ - أَوْ قَالَ عَامَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً. شَكَّ إِسْمَاعِيلُ - فَقَالَ «مَنْ سَلَّفَ فِى تَمْرٍ فَلْيُسْلِفْ فِى كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ». أطرافه 2240، 2241، 2253 - تحفة 5820 حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ بِهَذَا «فِى كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ». تحفة 5820 2 - باب السَّلَمِ فِى وَزْنٍ مَعْلُومٍ 2240 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِى الْمِنْهَالِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، وَهُمْ يُسْلِفُونَ بِالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلاَثَ، فَقَالَ «مَنْ أَسْلَفَ فِى شَىْءٍ فَفِى كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ». أطرافه 2239، 2241، 2253 - تحفة 5820 حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى نَجِيحٍ وَقَالَ «فَلْيُسْلِفْ فِى كَيْلٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ». تحفة 5820 2241 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِى الْمِنْهَالِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ «فِى كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ». أطرافه 2239، 2240، 2253 - تحفة 5820 2242، 2243 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ ابْنِ أَبِى الْمُجَالِدِ. وَحَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى الْمُجَالِدِ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى مُحَمَّدٌ، أَوْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الْمُجَالِدِ قَالَ اخْتَلَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ وَأَبُو بُرْدَةَ فِى السَّلَفِ، فَبَعَثُونِى إِلَى ابْنِ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنه - فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ إِنَّا كُنَّا نُسْلِفُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ، فِى الْحِنْطَةِ،

3 - باب السلم إلى من ليس عنده أصل

وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ. وَسَأَلْتُ ابْنَ أَبْزَى فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ. طرفاه 2244، 2255 - تحفة 5171 - 112/ 3 واعلم أنه ليس في فِقْهِ الحنفية بيعٌ يكون المبيع فيه معدومًا غير السَّلَم، ولذا شَرَطُوا فيه: بيان القدر والجنس، ورأس المال، ومكان التسليم، وغيرها ليكونَ بعد التعيين كالموجود، ويَقْرُبَ إلى الانضباط، لئلا تجري فيه التنازعات، وقد نَظَمَهُ الجاميُّ في بيتٍ: *قدر وجنس است وصف ونوع وأجل ... جاي تسليم است رأس مال سلم ثم إن المُسْلَمَ فيه عندنا يكون من أربعة أنواع: المَكِيلات، والمَوْزُونَات، والمَذْرُوعَات، والمَعْدُودَات المتقاربة. والمتأخِّرون أَلْحَقُوا به الاسْتِصْنَاعَ أيضًا، وينبغي أن لا يكونَ صحيحًا على الأصل. واختلط باب الرِّبا من باب السَّلَم على مِيْرزَاجَان - المُحَشِّي للهداية، فكَتَبَ: أن الرِّبا يجري في الأشياء الأربعة، مع أن الرِّبا لا يجري إلا في المكيلاتِ، والمَوْزُونَاتِ، فاحفظه. 3 - باب السَّلَمِ إِلَى مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ أَصْلٌ 2244، 2245 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى الْمُجَالِدِ قَالَ بَعَثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ وَأَبُو بُرْدَةَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - فَقَالاَ سَلْهُ هَلْ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يُسْلِفُونَ فِى الْحِنْطَةِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كُنَّا نُسْلِفُ نَبِيطَ أَهْلِ الشَّأْمِ فِى الْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالزَّيْتِ، فِى كَيْلٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. قُلْتُ إِلَى مَنْ كَانَ أَصْلُهُ عِنْدَهُ قَالَ مَا كُنَّا نَسْأَلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ. ثُمَّ بَعَثَانِى إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يُسْلِفُونَ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ نَسْأَلْهُمْ أَلَهُمْ حَرْثٌ أَمْ لاَ طرفاه 2242، 2243 - تحفة 5171 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى مُجَالِدٍ بِهَذَا وَقَالَ فَنُسْلِفُهُمْ فِى الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ وَقَالَ وَالزَّيْتِ. حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ وَقَالَ فِى الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ. تحفة 5171، 9680 واعلم أنه لا يُشْتَرَطُ أن يكونَ المُسْلَمُ فيه موجودًا في بيت المُسْلَم إليه، وإنما يُشْتَرَطُ أن يَقْدِرَ على تسليمه، ولو بعد الشراء من السوق. فالشرطُ كونه موجودًا في الجملة، لا كونه عنده. 2244، 2245 - قوله: (ولم نَسْأَلْهُمْ، أَلَهُمْ حَرْثٌ أَمْ لا)، يعني به: أنهم لم يَكُونُوا يَسْأَلُون المُسْلَمَ إليه بأن المُسْلَمَ فيه في بيته أم لا، وإنما كان الواجبُ عليه أن يُهَيِّئَهُ على المُدَّة. 2246 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْبَخْتَرِىِّ الطَّائِىَّ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ السَّلَمِ فِى النَّخْلِ. قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ، حَتَّى يُؤْكَلَ مِنْهُ وَحَتَّى يُوزَنَ. فَقَالَ الرَّجُلُ وَأَىُّ شَىْءٍ يُوزَنُ قَالَ رَجُلٌ إِلَى جَانِبِهِ حَتَّى يُحْرَزَ. وَقَالَ مُعَاذٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ أَبُو الْبَخْتَرِىِّ سَمِعْتُ ابْنَ

4 - باب السلم فى النخل

عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. طرفاه 2248، 2250 - تحفة 5660 2246 - قوله: (السَّلَمِ في النَّخْلِ)، أي في ثَمَرِهِ. قوله: (حَتَّى يُؤْكَلَ مِنْهُ)، والمراد به بُدُوُّ الصلاح، وله تفسيران، وقد مرَّ مني: أنهما قريبان من السواء. قوله: (فَقَالَ الرَّجُلُ: وأَيُّ شَيْءٍ يُوزَنَ؟ قال رَجُلٌ إلى جَنِبِهِ: حَتَّى يُحْرَزَ)، ولمَّا لم يَفْهَمْ الرجلُ الوزنَ في الثمار، لكون المعهودُ فيها الكيلَ دون الوزن، مع عدم إمكان الكيل أيضًا على الشجر، فسَّرَه بأن المرادَ بالوزن هو الإِحْرَازُ. 4 - باب السَّلَمِ فِى النَّخْلِ 2247، 2248 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى الْبَخْتَرِىِّ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ السَّلَمِ فِى النَّخْلِ فَقَالَ نُهِىَ عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَصْلُحَ، وَعَنْ بَيْعِ الْوَرِقِ نَسَاءً بِنَاجِزٍ. وَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ السَّلَمِ فِى النَّخْلِ، فَقَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يُؤْكَلَ مِنْهُ، أَوْ يَأْكُلَ مِنْهُ، وَحَتَّى يُوزَنَ. أطرافه 1486، 2246، 2183، 2194، 2199، 2249، 2250 - تحفة 7081 - 113/ 3 2249، 2250 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى الْبَخْتَرِىِّ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ السَّلَمِ فِى النَّخْلِ فَقَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَصْلُحَ، وَنَهَى عَنِ الْوَرِقِ بِالذَّهَبِ نَسَاءً بِنَاجِزٍ. وَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَأْكُلَ أَوْ يُؤْكَلَ، وَحَتَّى يُوزَنَ. قُلْتُ وَمَا يُوزَنُ قَالَ رَجُلٌ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرَزَ. أطرافه 1486، 2183، 2194، 2199، 2246، 2247، 2248 - تحفة 7081 أي في ثمره. 2247، 2248 - قوله: (نُهِيَ عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَصْلُحَ)، فإن قلتَ: إن السؤالَ كان عن السَّلَم، فكيف الجواب بمطلق البيع؟ قلتُ: وفي فقهنا مسألةٌ أخرى، يَظْهَرُ منها التَّنَاسُبُ بين السؤال والجواب، وهي: أن المُسْلَمَ فيه، وإن لم يَجِبْ كونها في مِلْكِ المُسْلَم إليه، لكن يُشْتَرَطُ أن يُوجَدَ في الأسواق من حين العقد إلى حلول الأجل. فدلَّت على أن ثِمَارَ النخل يَجِبُ أن تَصْلُحَ، وتَخْرُجَ عن العاهات عند عقد السَّلَمِ، فإنها قبله كالمعدوم، وبه ظَهَرَتْ المناسبة. 5 - باب الْكَفِيلِ فِى السَّلَمِ 2251 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا يَعْلَى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَعَامًا مِنْ يَهُودِىٍّ بِنَسِيئَةٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا لَهُ مِنْ حَدِيدٍ. أطرافه 2068، 2096، 2200، 2252، 2386، 2509، 2513، 2916، 4467 تحفة 15948 قَاسَ الكَفَالَةَ على الرَّهْنِ، لأنه إذا صَحَّ الرَّهْنُ للاستيثاق، صَحَّت الكَفَالَةُ أيضًا. وتَصِحُّ الكَفَالةُ عندنا للمُسْلَمِ فيه دون الثمن، وراجع الفِقْهَ.

6 - باب الرهن فى السلم

6 - باب الرَّهْنِ فِى السَّلَمِ 2252 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ تَذَاكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ فِى السَّلَفِ فَقَالَ حَدَّثَنِى الأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اشْتَرَى مِنْ يَهُودِىٍّ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، وَارْتَهَنَ مِنْهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ. أطرافه 2068، 2096، 2200، 2251، 2386، 2509، 2513، 2916، 4467 تحفة 15948 2252 - قوله: (وارْتَهَنَ)، الضميرُ إلى اليهوديِّ. 7 - باب السَّلَمِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو سَعِيدٍ وَالأَسْوَدُ وَالْحَسَنُ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لاَ بَأْسَ فِى الطَّعَامِ الْمَوْصُوفِ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، مَا لَمْ يَكُ ذَلِكَ فِى زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلاَحُهُ. 2253 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِى الْمِنْهَالِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِى الثِّمَارِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلاَثَ، فَقَالَ «أَسْلِفُوا فِى الثِّمَارِ فِى كَيْلٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ». وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى نَجِيحٍ وَقَالَ «فِى كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ» أطرافه 2239، 2240، 2241 - تحفة 5820 2254 و2255 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى مُجَالِدٍ قَالَ أَرْسَلَنِى أَبُو بُرْدَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى فَسَأَلْتُهُمَا عَنِ السَّلَفِ. فَقَالاَ كُنَّا نُصِيبُ الْمَغَانِمَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَانَ يَأْتِينَا أَنْبَاطٌ مِنْ أَنْبَاطِ الشَّأْمِ فَنُسْلِفُهُمْ فِى الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى. قَالَ قُلْتُ أَكَانَ لَهُمْ زَرْعٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ زَرْعٌ قَالاَ مَا كُنَّا نَسْأَلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ. حديث 2254 طرفاه 2243، 2245 - تحفة 9680 حديث 2255 طرفاه 2242، 2244 - تحفة 5171 قوله: (مَا لَمْ يَكُ ذلك في زَرْعٍ) ... إلخ، وقد مرَّ أنه لا يُشْتَرَطُ كون المُسْلَمُ فيه في مِلْكِ المُسْلَم إليه عندنا، وإنما يُشْتَرَطُ كونه مأمونًا عن العاهات، ولا يَجُوزُ قبل ذلك. 8 - باب السَّلَمِ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ 2256 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانُوا يَتَبَايَعُونَ الْجَزُورَ إِلَى حَبَلِ الْحَبَلَةِ، فَنَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْهُ. فَسَّرَهُ نَافِعٌ أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ مَا فِى بَطْنِهَا. طرفاه 2143، 3843 - تحفة 7623 وليس هذا بيع السَّلَمِ المعروف في الفِقْهِ، ولعلَّه أراد به الواجب في الذِّمة مطلقًا، والله تعالى أعلم بالصواب.

36 - كتاب الشفعة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 36 - كِتَابُ الشُّفعَة 1 - باب الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلاَ شُفْعَةَ 2257 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالشُّفْعَةِ فِى كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلاَ شُفْعَةَ. أطرافه 2213، 2214، 2495، 2496، 6976 - تحفة 3153 وفي الحديث إشارةٌ إلى نفي الشُّفْعَةِ في المنقولات. ثم الشُّفْعَةُ عندنا: للشريك في نفس المبيع، وفي حقوقه، وللجار أيضًا. وهي عند الشافعية: للشريك فقط، فاحتجُّوا به على نفي الشُّفْعَةِ للجوار. ولنا في ذلك أحاديث، وقد تأثَّر منها الشافعية أيضًا، حتى إنهم قالوا: إن القاضي الحنفي لو حكم بالشُّفْعَةِ للجوار، ليس للشافعيِّ أن يَفْسَخَهُ. وهذا وإن كان داخلا تحت قاعدة: أن القضاءَ إذا لاقَى فصلا مُجْتَهَدًا فيه، صار مُجْمَعًا عليه. إلا أن فيه دليلا على تأثرهم من تلك الأحاديث أيضًا. وهي كقوله صلى الله عليه وسلّم عند الترمذيِّ: «جَارُ الدَّارِ أحقُّ بالدَّار»، وكقوله: «الجارُ أحقُّ بِسَقَبِهِ» عند البخاريِّ. وأوَّله الشافعية، فقالوا: إن المرادَ منه حقوقُ المجاورة (¬1)، دون حقوق الشُّفْعَةِ. قلتُ: ¬

_ (¬1) قال الخطَّابيُّ في حديث أبي رافع: "الجارُ أحقُّ بسَقَبِهِ": إنه قد يَحْتَجُّ بهذا من يرى الشُّفْعَةَ بالجوار، وإن كان مُقَاسِمًا. إلَّا أن هذا اللفظ مُبْهَمٌ يَحْتَاجُ إلى بيانٍ، وليس في الحديث ذكرُ الشُّفْعَةِ. فَيُحْتَمَلُ أن يكونَ أراد الشُّفْعَةَ، وقد يُحْتَمَلُ أن يكونَ أراد أنه أحقٌّ بالبر والمَعُونَةِ، وما في معناهما. وقد رُوِيَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أن رجلًا قال: "إن لي جَارَيْن، إلى أيِّهما أهْدِ؟ قال: إلى أقربهما منك دارًا، أو بابًا". ثم أخرج حديث الحسن، عن سَمُرَة مرفوعًا، قال: "جارُ الدَّارِ أحقُّ بدار الجار والأرض"، قال: وهذا أيضًا قد يَحْتَمِلُ أن يتأوَّل على الجار المُشَارِكِ، دون المُقَاسم، كما قُلْنَاه في الحديث الأول. وقد تكلَّموا في إسناده، قال يحيى بن مَعِين: لم يَسْمَع الحسنُ من سَمُرَة، وإنما هو صَحِيفةٌ وَقَعَتْ إليه، أو كما قال. وقال غيره: سَمِعَ الحسن من سَمُرَة حديث العقيقة حسب "معالم السنن". وقد تكلَّم عليها المَارْدِيني، وأَزَاحَ جملةَ الشُّبُهَاتِ التي أتوا بها، وهذا نصُّه: قلتُ: هذا ممنوعٌ، بل سياقُها يَدُلُّ على أنه وَرَدَ في الشُّفْعَةِ. وكذا فَهِمَ منه البخاريُّ، وأبو داود، وغيرهما، وقد صرَّح بذلك في قوله: "أحقُّ بشُفْعَةِ أخيه"، والعرض مستحبٌّ. وظاهرُ قوله: أحق. وقوله: "ينتظر به": الوجوبُ. وأيضًا الأصلُ عدم تقرير العرض. ثم حَكَى البيهقيُّ عن الشافعيِّ، أنه قال: ثَبَتَ أنه لا شُفْعَةَ فيما قُسِمَ، فدَلَّ على أن الشُّفْعَةَ للجار الذي لم يُقَاسِمْ دون المُقَاسِم. قلتُ: قد ثَبَتَ أنه لا شُفْعَةَ فيما قُسِمَ، وصُرِّفَتْ فيه الطُّرُق، كما قدَّمنا. ومالُ أبي رافعٍ كان مُفْرَزًا بالقسمة، وإنما =

والحديثُ الأولُ يَرُدُّ هذا التأويل، فإنه يَدُلُّ على كون تلك الحقوق ما يتعلَّقُ بالدار، وهي حقوق الشُّفْعَةِ. وأجاب بعضُ الحنفية عن حديث الباب بجوابٍ غير صحيحٍ، فراجعه من الهامش. والجواب عندي: أنه لا ريب أن الحديثَ جعل للجارِ وللشريكِ حقوقًا، ولكنه سمَّى حقوقَ ¬

_ = الطُّرُق كانت مُشتَرَكَةً، فصريحُ القصة يُخَالِفُ تأويل الشافعي هذا بمذهبه. وقد جاء ذلك مُصَرَّحًا في قوله: حديث جابر المذكور بعد: "الجار أحقُّ بشفعة أخيه"، إذا كان طريقهما واحدًا. وقد أَخَرَجَ النَّسائيُّ في "سننه" عن محمد بن عبد العزيز بن أبي رِزمَة، عن الفضل بن موسى، عن حرب بن أبي العالية، عن أبي الزُّبَيْر، عن جابر: "أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قضى بالشُّفْعَةِ بالجوار"، وهذا سندٌ صحيحٌ. وتأويلُ الشافعي "الجار": بالشريك، يَرُدُّه ما أخرجه ابن أبي شَيبَة، عن أبي أُسَامة، عن حسين المعلِّم، عن عمرو بن شعيب عن عمرو بن الشَّريدِ، عن أبيه: قلتُ: يا رسول الله، أرضٌ ليس لأحدٍ فيها قَسَمٌ، ولا شريكَ إلا الجوار، قال: الجارُ أحقُّ بِصَقَبِهِ، ما كان". وأخْرَجَ الطحاويُّ هذا الحديث، ولفظه: "ليس فيها لأحدٍ شِرْبٌ، ولا قسمٌ إلَّا الجوار". فهذا تصريحٌ بوجوبها لجوارٍ لا شركةَ فيه، فَدلَّ على أن الجارَ المُلَازِقَ تَجِبُ له الشُّفْعَةُ، وإن لم يَكُنْ شريكًا. وقال ابن جرير: رواه عمرو بن شُعَيب، عن سعيد بن المُسَيِّب، عن الشَّرِيد بن سُوَيد -من حَضرَمَوْت- أنه عليه السلام، قال: "الجارُ، والشريكُ أحقُّ بالشُّفْعَةِ ما كان يأخذها أو يَتْرُك"، فظاهرُ عطف الشريك على الجار يقتضي أن الجارَ غيرُ شريكٍ. وأخرج ابن حِبَّان في "صحيحه" حديث: "الجارُ أحقُّ بصَقَبِهِ" من حديث أبي رَافِع، وأنس، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وأخرج أيضًا عن أنس أنه عليه الصلاة والسلام قال: "جارُ الدَّارِ أحقُّ بالدار". وأخرجه النسائيُّ أيضًا. وعن الحسن، عن سَمرَة بن جُنْدُب، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: جارُ الدَّار أحقُّ بدار الجار"، أخرجه أبو داود، والنَّسائي، والترمذي، وقال: حسنٌ صحيحٌ. وسيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الهبة: أن الحاكم ذكر في أثناء كتاب البيوع من "المستدرك" حديثًا من رواية الحسن، عن سَمُرَة، ثم قال: قد احتجَّ البخاريُّ بالحسن، عن سَمُرَة. وفي "مصنَّف ابن أبي شيبة"، في كتاب أقضيته عليه السلام: حدثنا جرير، عن منصور، عن الحَكَم، عن علي، وعبد الله، قالا: "قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشُّفْعَةِ للجوار". وفي "التهذيب" لابن جرير الطبريِّ: رَوَى موسى بن عُقْبَةَ، عن إسحاق بن يحيى، عن عُبَادة بن الصَّامِت": أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى: أن الجارَ أحقُّ بِصَقَبِ جاره". وأخرج ابن جرير أيضًا بسنده عن عِكْرِمة، عن ابن عباس، قال: "قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أراد أحدُكم أن يَبِيعَ عَقَارَهُ، فَليَعْرِضْهُ على جاره". فظهر بمجموع هذه الأحاديث أن للشُّفْعَةِ ثلاثة أسبابٍ: الشركةُ في نفس المبيع، ثم في الطريق، ثم في الجوار. فظاهر قوله عليه الصلاة والسلام: "جارُ الدَّارِ أحقُّ بالدار"، من يأخذ الدارَ كلَّها، وليس ذلك إلَّا الجار. وأمَّا الشريكُ، فإنه يأخذ بعضَها. ولأن الشُّفْعَةَ إنما وَجَبَتْ لأجل التأذِّي الدائم، وذلك موجودٌ للجار أيضًا. ولو وَجَبَت لأجل الشركة، لوَجَبَتْ في سائر العروض. فلمَّا لم تَجِبْ إلَّا في العَقَار، عَلِمنَا أن سببَ الوجوبِ هو التأذِّي. وحكى الطبريُّ: أن القولَ بِشُفْعَةِ الجوار هو قول الشعبيِّ، وشُرَيْح، وابن سِيرِين، والحَكَم، وحَمَّاد، والحسن، وطاوس، والثَّورِيِّ، وأبي حنيفة، وأصحابه. وفي "الاستذكار": رَوَى ابن عُيَيْنَة، عن عمر بن دِينَار، عن أبي بكر بن حَفْص بن عمر بن سعد بن أبي وَقَّاص: "أن عُمَرَ كَتَبَ إلى شُرَيح أن اقضِ أن الشُّفْعَةَ للجار، فكان يقضي بها". وسُفْيَان، عن إبراهيم بن مَيسَرة، قال: "كتب إلينا عمر بن عبد العزيز: إذا حُدَّتِ الحدود، فلا شُفْعَةَ، قال إبراهيم: فَذَكَرْتُ ذلك لطاوس، فقال: لا، الجارُ أحقُّ". "الجوهر النقي" مختصرًا. وقد تكلَّم عليه العينيُّ أبسط منه، فراجعه. وأجاب عن إيرادات الخصوم مع ما تكلَّم في سماع الحسن، عن سَمُرَة، تركناه مخافةً للإِطناب.

2 - باب عرض الشفعة على صاحبها قبل البيع

الشريكِ شُفْعَةً، وحقوق الجار حقًا مطلقًا فقط. أما الفقهاءُ فسمَّوْا كليهما شفعةً، فلم يَبْقَ نزاعٌ إلا في التسمية. وحينئذٍ، فنفُي الشُّفْعَةِ في الحديث راجعٌ بالنظر إلى اصطلاحه، وإثباتُ الفقهاء بالنظر إلى مصطلحهم (¬1). فإن أراد الشافعيةُ أن يُنْكِرُوا حقَّ الجار رأسًا، فالحديثُ واردٌ عليهم لإِثباته ذلك الحقْ، مثل الشريك، وإن لم يكن سَمَّاه شفعةً. وإن أراد الحنفيةُ ثبوت ذلك الاسم، فلا سبيلَ لهم إليه من الحديث. والحاصلُ: أن المسألةَ في يد الحنفية، والتسمية والعنوان في يد الشافعية. ومرَّ الشيخُ ناصر الدين بن المنير على هذا الحديث، ولعلَّه في تفسير سورة «مريم» فقال: إن قوله: «ما لم يُقْسَمْ»، يَدُلُّ على أن هذا المال كان قابلا للتقسيم، ثم لم يُقْسَمْ، لأن حرف «لم» إنما يُسْتَعْمَلُ في محلَ يكون من شأنه الإِثبات. فَيُقَالُ: لا يتكلَّم الحجر، ولا يُقَالُ: لم يتكلَّم الحجر، لأنه ليس من شأنه التكلُّم. ثم قال: ولا تقسيمَ مع الجار، فإنه فرعُ الاشتراك، ولا اشتراكَ معه ليقسم. فأَرَادَ منه أن يَنْفي الشُّفْعَةَ للجار. قلتُ: والصوابُ عندي: أن أمثال تلك النكات البلاغية إنما تَلِيقُ بشأن القرآن للثقة بحفظ لفظه. أمَّا في الحديث، فالبابُ أوسعُ منه. 2 - باب عَرْضِ الشُّفْعَةِ عَلَى صَاحِبِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ وَقَالَ الْحَكَمُ إِذَا أَذِنَ لَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلاَ شُفْعَةَ لَهُ. وَقَالَ الشَّعْبِىُّ مَنْ بِيعَتْ شُفْعَتُهُ وَهْوَ شَاهِدٌ لاَ يُغَيِّرُهَا فَلاَ شُفْعَةَ لَهُ. 2258 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ قَالَ وَقَفْتُ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ، فَجَاءَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى إِحْدَى مَنْكِبَىَّ إِذْ جَاءَ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا سَعْدُ ابْتَعْ مِنِّى بَيْتَىَّ فِى دَارِكَ. فَقَالَ سَعْدٌ وَاللَّهِ مَا أَبْتَاعُهُمَا. فَقَالَ الْمِسْوَرُ وَاللَّهِ لَتَبْتَاعَنَّهُمَا. فَقَالَ سَعْدٌ وَاللَّهِ لاَ أَزِيدُكَ عَلَى أَرْبَعَةِ آلاَفٍ، مُنَجَّمَةٍ أَوْ مُقَطَّعَةٍ. قَالَ أَبُو رَافِعٍ لَقَدْ أُعْطِيتُ بِهَا خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ، وَلَوْلاَ أَنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ». مَا أَعْطَيْتُكَهَا ¬

_ (¬1) قلتُ: ونظيرُه الشهادة، فإن الشرعَ حكم على كل من مات مَطْعُونًا أو غَرِيقًا بالشهادة. والفقهاءُ أيضًا أقرُّوا بهذا المعنى، غير أنهم لم يُسَمَّوْهُ شهادة، وكذلك الشرع حقق للمدينة حرمًا، وسماه به، وأقر به الفقهاء أيضًا، إلا أنهم لم يسموه بالحَرَمِ. وهكذا الصدقة في الخيل، أقرَّ بها فقهاؤنا لكنهم لم يُسَمَّوْهُ زكاةً. كما لم يُسَمَّوْا الحقوق المنتشرة زكاةً، فتلك الحقوق كلّها أقرَّ بها الفقهاء أيضًا، لكنهم لم يُسَمَّوْه بتلك الأسامي باعتبار موضوع فَنِّهم. ونظيرُه ما ذكره الشيخُ: أن الشرعَ أَثْبَتَ للجار حقًّا مؤكَّدًا لا يمكن إنكاره، وأقرَّ به فقهاءُ الحنفية، غير أنهم سمَّوْه شُفْعَةً باعتبار موضوعهم، على عكس ما فعلوه في أخواتها، فآل الأمرُ إلى الخلاف في التسمية فقط. ولا يَبْعُدُ أن يكونَ اختلافهم في باب الإِيمان أيضًا من هذا القبيل، فتذكَّره، والله أعلم بالصواب.

3 - باب أى الجوار أقرب

بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ، وَأَنَا أُعْطَى بِهَا خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ. فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ. أطرافه 6977، 6978، 6980، 6981 - تحفة 12027 - 115/ 3 والمرادُ من الصاحب: الشفيعُ. قوله: (وقال الشَّعْبِيُّ) ... إلخ. وحاصلُه: أنه إذا رأى شُفْعَتَهُ تُبَاع، ثم لم يتكلَّم بشيءٍ، فإن شُفْعَتَهُ تَسْقُطُ. وقد وَضَعَ لها الحنفيةُ ثلاث طَلَبَات (¬1)، لأنها حقُّ ضعيفٌ يَسْقُطُ بالإِغماض. 2258 - قوله: (ابْتَعْ مِنِّي بَيْتَيَّ في دَارِكَ) ... إلخ، كان لأبي رَافِعٍ بيتان في دار سعد. قوله: (فقال سعد) ... إلخ، أني أعْطِيكَ من الثمن هذا القدر فقط، ولا أَزِيدُ عليه. قوله: (مُنَجَّمَةً)، أي بالأَقْسَاطِ، وهو المرادُ من قوله: «مُقَطَّعَةً»، فكانت الشُّفْعَةُ في تلك القصة للجار. فالصحابيُّ أيضًا فَهِمَ من الحديث ما فَهِمْنَاهُ. ولعلَّ البخاريَّ أيضًا وافقنا في المسألة، فإنه أَخْرَجَ حُجَّةَ الحنفية: «الجار أحقُّ بِسَقَبِهِ». 3 - باب أَىُّ الْجِوَارِ أَقْرَبُ 2259 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ح وَحَدَّثَنِى عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ قَالَ سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِى جَارَيْنِ، فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِى قَالَ «إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا». طرفاه 2595، 6020 - تحفة 16163 ولا يُدْرَى أنه هل أَرَادَ من الجَارِ الجَارَ المُلاصِقَ، وأَرَادَ به موافقةَ الحنفية، أو حَمَلَهُ على الحقوق الأخرى. غير أن الحديثَ الذي أَخْرَجَهُ ليس إلا في الحقوق العامة دون الشُّفْعَةِ، والله تعالى أعلم. ... ¬

_ (¬1) اعلم أن الطلبَ على ثلاثة أوجهٍ: الأولى: طلبُ المُوَاثَبةِ، وهو الطلبُ المُقَارن للعلم به. والثانية: طلبُ الإشهاد، وهو بعد المُوَاثَبةِ بدون تَكَاسُلٍ وتأخيرٍ. والثالثة: طلبُ الخُصُومة، وهو أن يَدَّعي عند القاضي بعد ذلك.

37 - كتاب الإجارة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 37 - كِتَابُ الإِجَارة قيل: الإِجارةُ: فِعَالةٌ، وليس من باب الإِفعال، كذا ذَكَرَهُ ابن الحَاجِبِ في «الشافية». ثم اعلم أن الأجرَ على نحوين: أجيرٌ مُشْتَرَكٌ، وهذا لا يستحقُّ الأجرَ حتى يَعْمَلَ. وأجيرٌ خاصٌّ، وهو يستحقُّ الأجرَ بتسليم نفسه في المدة، وإن لم يَعْمَلْ. 1 - باب اسْتِئْجَارِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: 26]. وَالْخَازِنِ الأَمِينِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ مَنْ أَرَادَهُ. 2260 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى جَدِّى أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - «الْخَازِنُ الأَمِينُ الَّذِى يُؤَدِّى مَا أُمِرَ بِهِ طَيِّبَةً نَفْسُهُ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ». طرفاه 1438، 2319 - تحفة 9038 2261 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنِى حُمَيْدُ بْنُ هِلاَلٍ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعِى رَجُلاَنِ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ، فَقُلْتُ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ الْعَمَلَ. فَقَالَ «لَنْ أَوْ لاَ نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ». أطرافه 3038، 4341، 4343، 4344، 6124، 6923، 7149، 7156، 7157، 7172 - تحفة 9083 قوله: (ومَنْ لم يَسْتَعْمِلْ من أَرَادَهُ)، أي لم يستعمل من طلب العمل. 2 - باب رَعْىِ الْغَنَمِ عَلَى قَرَارِيطَ 2262 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّىُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلاَّ رَعَى الْغَنَمَ». فَقَالَ أَصْحَابُهُ وَأَنْتَ فَقَالَ «نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ». تحفة 13083 - 116/ 3 3 - باب اسْتِئْجَارِ الْمُشْرِكِينَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ (¬1)، أَوْ إِذَا لَمْ يُوجَدْ أَهْلُ الإِسْلاَمِ وَعَامَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَهُودَ خَيْبَرَ. ¬

_ (¬1) وهل يَجُوزُ أن يُؤْجِرَ الرجلُ المسلمُ نفسَه من مشركٍ؟ فالجواب كما قال ابن المنير: استقرَّت المذاهب على أن الصُّنَّاعَ في حوانيتهم يَجُوزُ لهم العملُ لأهل الذِّمَّةِ، ولا يعتد ذلك من الذِّلَّة. بخلاف أن يَخْدِمَهُ في منزله، وبطريق التَّبَعِيَّة له، اهـ. عيني "عمدة القاري".

4 - باب إذا استأجر أجيرا ليعمل له بعد ثلاثة أيام، أو بعد شهر، أو بعد سنة جاز، وهما على شرطهما الذى اشترطاه إذا جاء الأجل

2263 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - وَاسْتَأْجَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِى الدِّيلِ ثُمَّ مِنْ بَنِى عَبْدِ بْنِ عَدِىٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا - الْخِرِّيتُ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ - قَدْ غَمَسَ يَمِينَ حِلْفٍ فِى آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، وَهْوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، فَأَتَاهُمَا بِرَاحِلَتَيْهِمَا، صَبِيحَةَ لَيَالٍ ثَلاَثٍ، فَارْتَحَلاَ، وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَالدَّلِيلُ الدِّيلِىُّ فَأَخَذَ بِهِمْ أَسْفَلَ مَكَّةَ وَهْوَ طَرِيقُ السَّاحِلِ. أطرافه 476، 2138، 2264، 2297، 3905، 4093، 5807، 6079 - تحفة 16653 واعلم أن اتحادَ المِلَّة ليس بشرطٍ في عقد الإِجارة، وكذا قيدُ الضرورة أيضًا مُقْحَمٌ. واعلم أن مكاتبَ المعاملات الحكومية في عهد عمر في إيران كانت بالفراسية، وكان فيها مُحَاسِبٌ مجوسيٌّ، لأن العربَ لم يَكُونُوا يُحْسِنُون الحساب. فلمَّا أُخْبِرَ به عمر أَمَرَ بعزله، وأَمَرَ بإِسقاط الحساب الفارسيِّ، وأَمَرَ بكتابة الدفاتر بالعربية. قلتُ: هذا في الدفاتر والمَنَاصِب، أمَّا الإِجارةُ المطلقة، فَتَصِحُّ في الكافر أيضًا. قوله: (عَامَلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يَهُودَ خَيْبَرَ) ... إلخ، قال العينيُّ: إن المعاملةَ في عُرْفِ (¬1) المدينة هي المُزَارَعةُ والمُسَاقاةُ، لأن أرضَ خَيْبَرَ كانت حقًّا للغانمين، وسيجيء تفصيله. 2263 - قوله: (قد غَمَسَ يمينَ حِلْفٍ) ... إلخ، كان من عادات (¬2) العرب: أنهم إذا حَلَفُوا يَضَعُون بين أيديهم ماءً، ويَجْعَلُون فيه لونًا، فإذا ظَهَرَ أثرُه فيه، غَمَسُوا فيه أيديهم وحَلَفُوا. ومن ههنا سُمِّي اليمينُ غَمُوسًا. 4 - بابٌ إِذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِيَعْمَلَ لَهُ بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ، أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ جَازَ، وَهُمَا عَلَى شَرْطِهِمَا الَّذِى اشْتَرَطَاهُ إِذَا جَاءَ الأَجَلُ 2264 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِى الدِّيلِ، هَادِيًا خِرِّيتًا وَهْوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاَثِ لَيَالٍ بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلاَثٍ. أطرافه 476، 2138، 2263، 2297، 3905، 4093، 5807، 6079 - تحفة 16552 ¬

_ (¬1) قال أبو عُبَيْد: فشبَّهَ قومٌ هذا بالذي صَنَعَ عمر بالسواد فيما يُرْوَى عنه في النخل والشجر، وليس يُشْبِهُ هذا ذاك، لأن هذه المعاملة كالمُزَارَعَةِ، وهي التي يسمِّيها أهل المدينة "المُسَاقَاة"، إنما هي على بعض ما يَخْرُجُ منها. فإن خَرَجَ شيءٌ كان لهم شرطهم، وإن لم يَخْرُجْ، فلا شيءَ لهم. والذي يَحْكُونَ عن عمر قبالة بشيءٍ مُسَمَّى، فلهذا أَنْكَرْنَا أن يكونَ عمرُ فعله، اهـ. كتاب "الأموال". (¬2) ذكره العينيُّ في "عمدة القاري".

5 - باب الأجير فى الغزو

ويُقَالُ له في الفِقْهِ: الإِجارةُ المضافةُ، والعقدُ فيها يكون في الحال، والعملُ في المآل. ولتراجع «الهداية» للفرق بين الإِجارة المعلَّقةِ والمُضَافةِ. ولم يُدْرِكْهُ الشاميُّ في النكاح. ثم إن الفرقَ بينهما قد تسلسل في أبوابٍ شتَّى. كالهِبَةِ، فإنها إذا كانت مُقَيَّدَةً بالشرط تَصِحُّ، وإذا كانت مُعَلَّقةً لا تَصِحُّ. بخلاف البيع، فإنه لا يَصِحُّ، سواء كان مُعَلَّقًا بشرطٍ، أو مقيَّدًا به. 5 - باب الأَجِيرِ فِى الْغَزْوِ 2265 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ - رضى الله عنه - قَالَ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَكَانَ مِنْ أَوْثَقِ أَعْمَالِى فِى نَفْسِى، فَكَانَ لِى أَجِيرٌ، فَقَاتَلَ إِنْسَانًا، فَعَضَّ أَحَدُهُمَا إِصْبَعَ صَاحِبِهِ، فَانْتَزَعَ إِصْبَعَهُ، فَأَنْدَرَ ثَنِيَّتَهُ فَسَقَطَتْ، فَانْطَلَقَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَهْدَرَ ثَنِيَّتَهُ وَقَالَ «أَفَيَدَعُ إِصْبَعَهُ فِى فِيكَ تَقْضَمُهَا - قَالَ أَحْسِبُهُ قَالَ - كَمَا يَقْضَمُ الْفَحْلُ». أطرافه 1848، 2973، 4417، 6893 - تحفة 11837 - 117/ 3 2266 - قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَحَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ جَدِّهِ بِمِثْلِ هَذِهِ الصِّفَةِ أَنَّ رَجُلاً عَضَّ يَدَ رَجُلٍ، فَأَنْدَرَ ثَنِيَّتَهُ، فَأَهْدَرَهَا أَبُو بَكْرٍ رضى الله عنه. تحفة 6622 يعني أن الغَزْوَ يكون خَالِصًا لله تعالى، فهل تَصِحُّ فيه الأُجْرَةُ؟ والجواب أنها تَصِحُّ، وإن حَبِطَ الأجرُ، فهو للأجير إلى آخر قطرة دمه. 2265 - قوله: (جَيْشَ العُسْرَةِ) يُقَالُ لغَزْوَةِ تَبُوك. 6 - باب مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَبَيَّنَ لَهُ الأَجَلَ وَلَمْ يُبَيِّنِ الْعَمَلَ لِقَوْلِهِ: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} إِلَى قَوْلِهِ {وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28)} [القصص: 27 - 28] يَأْجُرُ فُلاَنًا: يُعْطِيهِ أَجْرًا، وَمِنْهُ فِى التَّعْزِيَةِ: أَجَرَكَ اللَّهُ. وهذا ما قُلْتُ: أن المعقودَ عليه في باب الإِجارة قد يكون تسليمَ النفس، ولا يُشْتَرَطُ فيه العمل. قوله: (آجَرَكَ اللهُ) يُمْكِنُ أن يكونَ إشارةً إلى أن المُؤَاجَرَةَ تُسْتَعْمَلُ في الفواحش، فالمُؤَاجَرَةُ: المعاملةُ على الزنا، كما صرَّح به الزمخشريُّ. 7 - باب إِذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا عَلَى أَنْ يُقِيمَ حَائِطًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ جَازَ 2267 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى

8 - باب الإجارة إلى نصف النهار

صَاحِبِهِ، وَغَيْرُهُمَا قَالَ قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ عَنْ سَعِيدٍ قَالَ قَالَ لِى ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - حَدَّثَنِى أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَانْطَلَقَا فَوَجَدَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ». قَالَ سَعِيدٌ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَاسْتَقَامَ، قَالَ يَعْلَى حَسِبْتُ أَنَّ سَعِيدًا قَالَ. فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ فَاسْتَقَامَ {قَالَ} لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا». قَالَ سَعِيدٌ أَجْرًا نَأْكُلُهُ. أطرافه 74، 78، 122، 2728، 3278، 3400، 3401، 4725، 4726، 4727، 6672، 7478 - تحفة 39 8 - باب الإِجَارَةِ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ 2268 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ فَقَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِى مِنْ غُدْوَةَ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ فَعَمِلَتِ الْيَهُودُ، ثُمَّ قَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِى مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ فَعَمِلَتِ النَّصَارَى ثُمَّ، قَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِى مِنَ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ عَلَى قِيرَاطَيْنِ فَأَنْتُمْ هُمْ، فَغَضِبَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالُوا مَا لَنَا أَكْثَرَ عَمَلاً، وَأَقَلَّ عَطَاءً قَالَ هَلْ نَقَصْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ قَالُوا لاَ. قَالَ فَذَلِكَ فَضْلِى أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ». أطرافه 557، 2269، 3459، 5021، 7467، 7533 - تحفة 7557 9 - باب الإِجَارَةِ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ 2269 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى كَرَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالاً فَقَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِى إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ فَعَمِلَتِ الْيَهُودُ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ عَمِلَتِ النَّصَارَى عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَعْمَلُونَ مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغَارِبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، فَغَضِبَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلاً وَأَقَلُّ عَطَاءً، قَالَ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا قَالُوا لاَ. فَقَالَ فَذَلِكَ فَضْلِى أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ». أطرافه 557، 2268، 3459، 5021، 7467، 7533 - تحفة 7235 - 118/ 3 10 - باب إِثْمِ مَنْ مَنَعَ أَجْرَ الأَجِيرِ 2270 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَعْطَى بِى ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ». طرفه 2227 - تحفة 12952

11 - باب الإجارة من العصر إلى الليل

11 - باب الإِجَارَةِ مِنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ 2271 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَثَلُ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا يَعْمَلُونَ لَهُ عَمَلاً يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ عَلَى أَجْرٍ مَعْلُومٍ، فَعَمِلُوا لَهُ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ فَقَالُوا لاَ حَاجَةَ لَنَا إِلَى أَجْرِكَ الَّذِى شَرَطْتَ لَنَا، وَمَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ، فَقَالَ لَهُمْ لاَ تَفْعَلُوا أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ عَمَلِكُمْ، وَخُذُوا أَجْرَكُمْ كَامِلاً، فَأَبَوْا وَتَرَكُوا، وَاسْتَأْجَرَ أَجِيرَيْنِ بَعْدَهُمْ فَقَالَ لَهُمَا أَكْمِلاَ بَقِيَّةَ يَوْمِكُمَا هَذَا، وَلَكُمَا الَّذِى شَرَطْتُ لَهُمْ مِنَ الأَجْرِ. فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا كَانَ حِينُ صَلاَةِ الْعَصْرِ قَالاَ لَكَ مَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ، وَلَكَ الأَجْرُ الَّذِى جَعَلْتَ لَنَا فِيهِ. فَقَالَ لَهُمَا أَكْمِلاَ بَقِيَّةَ عَمَلِكُمَا، فَإِنَّ مَا بَقِىَ مِنَ النَّهَارِ شَىْءٌ يَسِيرٌ. فَأَبَيَا، وَاسْتَأْجَرَ قَوْمًا أَنْ يَعْمَلُوا لَهُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ، فَعَمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، وَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا، فَذَلِكَ مَثَلُهُمْ وَمَثَلُ مَا قَبِلُوا مِنْ هَذَا النُّورِ». طرفه 558 - تحفة 9070 - 119/ 3 12 - باب مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَتَرَكَ أَجْرَهُ، فَعَمِلَ فِيهِ الْمُسْتَأْجِرُ فَزَادَ، أَوْ مَنْ عَمِلَ فِى مَالِ غَيْرِهِ فَاسْتَفْضَلَ 2272 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «انْطَلَقَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى أَوَوُا الْمَبِيتَ إِلَى غَارٍ فَدَخَلُوهُ، فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الْغَارَ فَقَالُوا إِنَّهُ لاَ يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلاَّ أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمُ اللَّهُمَّ كَانَ لِى أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَكُنْتُ لاَ أَغْبِقُ قَبْلَهُمَا أَهْلاً وَلاَ مَالاً، فَنَأَى بِى فِى طَلَبِ شَىْءٍ يَوْمًا، فَلَمْ أُرِحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَيْنِ وَكَرِهْتُ أَنْ أَغْبِقَ قَبْلَهُمَا أَهْلاً أَوْ مَالاً، فَلَبِثْتُ وَالْقَدَحُ عَلَى يَدَىَّ أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُمَا حَتَّى بَرَقَ الْفَجْرُ، فَاسْتَيْقَظَا فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ، فَانْفَرَجَتْ شَيْئًا لاَ يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ». قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ كَانَتْ لِى بِنْتُ عَمٍّ كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَىَّ، فَأَرَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا، فَامْتَنَعَتْ مِنِّى حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ، فَجَاءَتْنِى فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمِائَةَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ تُخَلِّىَ بَيْنِى وَبَيْنَ نَفْسِهَا، فَفَعَلَتْ حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا قَالَتْ لاَ أُحِلُّ لَكَ أَنْ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلاَّ بِحَقِّهِ. فَتَحَرَّجْتُ مِنَ الْوُقُوعِ عَلَيْهَا، فَانْصَرَفْتُ عَنْهَا وَهْىَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِى أَعْطَيْتُهَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ. فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ مِنْهَا. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ الثَّالِثُ اللَّهُمَّ إِنِّى اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ فَأَعْطَيْتُهُمْ أَجْرَهُمْ، غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ

13 - باب من آجر نفسه ليحمل على ظهره، ثم تصدق به، وأجرة الحمال

تَرَكَ الَّذِى لَهُ وَذَهَبَ فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الأَمْوَالُ، فَجَاءَنِى بَعْدَ حِينٍ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَدِّ إِلَىَّ أَجْرِى. فَقُلْتُ لَهُ كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أَجْرِكَ مِنَ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالرَّقِيقِ. فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ لاَ تَسْتَهْزِئْ بِى. فَقُلْتُ إِنِّى لاَ أَسْتَهْزِئُ بِكَ. فَأَخَذَهُ كُلَّهُ فَاسْتَاقَهُ فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ. فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ فَخَرَجُوا يَمْشُونَ». أطرافه 2215، 2333، 3465، 5974 - تحفة 6839 - 120/ 3 إذا تصرَّف في مال الغير (¬1)، فهل يَكُونُ الربحُ للعامل، أو المالك؟ وقد مرَّ عن «الهداية»: أن الربحَ في البيع الفاسد يَطِيبُ للبائع، لأنه ربحٌ في ثمنه، ولا يَطِيبُ للمشتري، فإنه ربحٌ في المبيع. ووجهُ الفرق ذَكَرَهُ صاحبُ «الهداية»، واعْتُرِضَ عليه أنه لا فرقَ بينهما، فإن المبيعَ إذا بِيعَ صار نقدًا، فلم يَبْقَ بين الثمن والمبيع فرقٌ في ثاني الحال، وإن كان فرقًا في أول الحال. وحينئذٍ ينبغي أن يكونَ ربحُ الثمنِ أيضًا خبيثًا، أو ربحُ المبيعِ أيضًا طيبًا. وأجاب عنه الشيخُ سعد الدين: أن هذه المسألة إنما هي في البيع الأول. أمَّا بعد ذلك، فَيَطِيبُ له الربح في ذلك الثمن أيضًا، وإن كان هذا الثمن حَصَلَ له ببيع المبيع في البيع الأول. فالربحُ الذي حَصَلَ للمشتري في أول بيعه يبقى خبيثًا، ثم إذا اشترى منه شيئًا يَطِيبُ له الربح أيضًا، كالربح للبائع الأصليِّ، وهو الأولُ. 13 - باب مَنْ آجَرَ نَفْسَهُ لِيَحْمِلَ عَلَى ظَهْرِهِ، ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهِ، وَأُجْرَةِ الْحَمَّالِ 2273 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَمَرَ بِالصَّدَقَةِ انْطَلَقَ أَحَدُنَا إِلَى السُّوقِ فَيُحَامِلُ فَيُصِيبُ الْمُدَّ، وَإِنَّ لِبَعْضِهِمْ لَمِائَةَ أَلْفٍ، قَالَ مَا نُرَاهُ إِلاَّ نَفْسَهُ. أطرافه 1415، 1416، 4668، 4669 - تحفة 9991 أي من آجَرَ نفسه، فاكتسب شيئًا، فاستفضل منه شيءٌ، فتصدَّقَ به. ¬

_ (¬1) قلتُ: وذكر العينيُّ أن من اتَّجَرَ في مال غيره، ففيه خلافٌ. فقال قومٌ: له الربحُ إذا أدَّى رأس المال إلى صاحبه، سواء كان غاضبًا للمال، أو وديعةٌ عنده، متعدِّيًا فيه، وهو قولُ عطاء، ومالك، وربيعة، واللَّيْث، والأوزاعي، وأبي يوسف. واستحبَّ مالك، والثوريُّ، والأوزاعيُّ تنزُّهه، ويتصدَّق به. وقال آخرون: يَرُدُّ المال، ويتصدَّق بالربح كلِّه، ولا يَطِيبُ له شيءٌ من ذلك، وهو قول أبي حنيفة، ومحمد بن الحسن، وزُفَر. وقال قومٌ: الربحُ لربِّ المال، وهو ضامنٌ لِمَا تعدَّى فيه، وهو قول ابن عمر، وأبي قِلَابة، وبه قال أحمد، وإسحاق. وقال الشافعيُّ: إن اشترى السلعةَ بالمال بعينه، فالربحُ ورأسُ المال لربِّ المال. وإن اشتراها بمالٍ بغير عينه قبل أن يَسْتَوجِبَها بثمنٍ معروفٍ بالعين، ثم نَقَدَ المال منه، أو الوديعة، فالربحُ له، وهو ضامنٌ لِمَا اسْتَهْلَكَ من مال غيره. والله أعلم بالصواب وتكلَّم عليه المَارْدِيني في "الجوهر النقي"، وذَكَرَ في كتاب القراض أشياءَ تَتفَعُكَ، فَليُرَاجَعْ.

14 - باب أجر السمسرة

14 - باب أَجْرِ السَّمْسَرَةِ وَلَمْ يَرَ ابْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَالْحَسَنُ بِأَجْرِ السِّمْسَارِ بَأْسًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لاَ بَأْسَ أَنْ يَقُولَ بِعْ هَذَا الثَّوْبَ فَمَا زَادَ عَلَى كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لَكَ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا قَالَ بِعْهُ بِكَذَا فَمَا كَانَ مِنْ رِبْحٍ فَهْوَ لَكَ، أَوْ بَيْنِى وَبَيْنَكَ، فَلاَ بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ». 2274 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ، وَلاَ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ. قُلْتُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ مَا قَوْلُهُ لاَ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ قَالَ لاَ يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا. طرفاه 2158، 2163 - تحفة 5706 وأجرتُه حلالٌ عندنا، سواء كان من جهة البائع، أو المشتري. قوله: (بِعْ هذا الثَّوْبَ، فَمَا زَادَ على كَذَا وكَذَا فَهُوَ لَكَ) ... إلخ، وهذه الإِجارةُ فاسدةٌ عندنا لجهالة الأُجْرَةِ، فيستحقُّ أجرةَ المِثْلِ، على ما هو المسألة في الإِجارةِ الفاسدةِ. قوله: (المُسْلِمُون عند شُرُوطِهِمْ) ... إلخ، يعني يَلْزَمُهُم كلُّ شرطٍ تتحمَّله قواعدُ الشرع، فعليهم الإِيفاءُ بها. 15 - باب هَلْ يُؤَاجِرُ الرَّجُلُ نَفْسَهُ مِنْ مُشْرِكٍ فِى أَرْضِ الْحَرْبِ 2275 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ حَدَّثَنَا خَبَّابٌ قَالَ كُنْتُ رَجُلاً قَيْنًا فَعَمِلْتُ لِلْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ فَاجْتَمَعَ لِى عِنْدَهُ فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ فَقَالَ لاَ وَاللَّهِ لاَ أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ. فَقُلْتُ أَمَا وَاللَّهِ حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ فَلاَ. قَالَ وَإِنِّى لَمَيِّتٌ ثُمَّ مَبْعُوثٌ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ فَإِنَّهُ سَيَكُونُ لِى ثَمَّ مَالٌ وَوَلَدٌ فَأَقْضِيكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77)} [مريم: 77]. أطرافه 2091، 2425، 4732، 4733، 4734، 4735 - تحفة 3520 - 121/ 3 وقد مرَّ: أن المُؤاجَرَةَ شائعةٌ في الفحشاء، والزنا، ولعلَّ البخاريَّ غافلٌ عن هذا الاصطلاح، ولا يَبْعُدُ أن يكونَ العُرْفُ المذكورُ اشتهر بعد زمن البخاريِّ. 16 - باب مَا يُعْطَى فِى الرُّقْيَةِ عَلَى أَحْيَاءِ الْعَرَبِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَحَقُّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ». وَقَالَ الشَّعْبِىُّ لاَ يَشْتَرِطُ الْمُعَلِّمُ إِلاَّ أَنْ يُعْطَى شَيْئًا فَلْيَقْبَلْهُ وَقَالَ الْحَكَمُ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا كَرِهَ أَجْرَ الْمُعَلِّمِ. وَأَعْطَى الْحَسَنُ دَرَاهِمَ عَشَرَةً. وَلَمْ يَرَ ابْنُ سِيرِينَ بِأَجْرِ الْقَسَّامِ بَأْسًا. وَقَالَ كَانَ يُقَالُ السُّحْتُ الرِّشْوَةُ فِى الْحُكْمِ. وَكَانُوا يُعْطَوْنَ عَلَى الْخَرْصِ.

والرُّقْيَةُ: (افسون)، وفي الهندية: (منتر). ولا يُقَالُ: إلا لِمَا اشتملت على كلماتٍ غير مشروعةٍ. وحينئذٍ كان المُنَاسِبُ أن لا تُسَمَّى العُوذَة، والكلمات المشروعة بالرُّقْيَة، مع أنهم يَسْتَعْمِلُونَها في تلك أيضًا. واعلم أن ههنا مسألتين: الأولى: أخذُ الأُجْرَةِ على تعليم القرآن (¬1)، والأذان، والإقامة. ولا يَجُوزُ فيها أخذُ الأُجْرَةِ على المذهب، وإن أَفْتَى المتأخِّرون بجوازها. وتعليلُ صاحب «الهداية» يُوجِبُ عدم الجواز مطلقًا، وحينئذٍ استثناء المتأخِّرين يصَادِمُ المذهبَ صراحةً. نم يُسْتَفَادُ من تعليل قاضيخان: أن استثناءَ الأشياءِ المذكورةِ يُتَحَمَّلُ على المذهب أيضًا، فقال: إن الوظائفَ في الزمان الماضي كانت على بيت المال. ولمَّا انْعَدَمَ، عادت الفريضة على رقاب الناس، وعليه الاعتمادُ عندي. لأن رتبةَ قاضيخان أعلى من «الهداية»، كما صرَّح به العلامة القاسم بن قُطْلُوبُغَا. والثانية: مسألةُ الأجرة على التعوُّذ، والرُّقْيَة، وهي حلالٌ لعدم كونها عبادةً. قلتُ: ويتفرَّعُ على الأولى أن لا يَصِحَّ أخذُ الأُجْرَةِ على قراءة القرآن للميت، لأن الأجيرَ إذا لم يُحْرِزْ ثوابَ القراءة، فكيف يُعْطِيه للميت؟ نعم لو كان الخَتْمُ لمطالب دنيوية، طاب له الأُجْرَةُ، هكذا نَقَلَهُ الشاميُّ، وشيَّده بنقولٍ كثيرةٍ من أهل المذهب. وقد أَخْرَجْتُ الجواز من ثلاث كُتُبٍ للحنفية: منها «التفسير» للشاه عبد العزيز، فإنه ليَّنَ الكلامَ، وأجاز به. ثم إن تلك الكُتُب، وإن كانت مرجوحةً من حيث الأصل، لكنه من دَأْبي القديم: أنه إذا ثَبَتَ التنوُّعُ في المسألة أُلَيِّنُ الكلامَ، وأَسْلُكُ مسلكَ الإِغماض، ولذا أُغْمِضُ عن تلك المسألة أيضًا. وما ظَنَّهُ بعضُ السفهاء من أن المنعَ فيما إذا أخذ الأُجْرَةَ أقل من أربعين دِرْهمًا، ونَسَبُوه إلى «المبسوط» فهو كذبٌ محضٌ، وافتراءٌ لا أصلَ له. ثم إذا عوَّذ كافرًا، ورأى أن عُوذَتَهُ تَشْتَمِلُ على كلماتٍ لا تَلِيقُ بشأن الكافر، ينبغي أن ينوي منها البركة فقط. قوله: (أَحَقُّ ما أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللهِ)، وتمسَّكَ به الشافعيُّ على جواز أخذ الأُجْرَةِ على تعليم القرآن، وغيره. وهو عندنا محمولٌ على الرُّقْيَةِ، ونحوها. ووِزَانُه وِزَانُ قوله: «ليس مِنَ البرِّ الصيامُ في السَّفَرِ»، فجعل الصيامَ كأنه ليس فيه بِرٌّ. وعلى نَقِيضِه جعل أخذ الأُجْرَةِ ههنا، كأنه هو البرُّ كلُّه، فهذا نحو تعبيرٍ لا غير. لنا ما أخرجه أبو داود عن عُبَادَةَ بن الصَّامت: «أنه أهْدِيَ له قوسٌ ممَّن كان يُعَلِّمُهُ القرآن فسأل النبي صلى الله عليه وسلّم عنه، فقال له: إن أَرَدْتَ أن تُطَوَّقَ طوقًا من نار، فاقبلها». وراجع الهامش. ¬

_ (¬1) قال العينيُّ: والأصلُ الذي بُنِيَ عليه حرمة الاستئجار على هذه الأشياء: أن كلَّ طاعةِ يختصُّ بها المسلم لا يَجُوزُ الاستئجار عليها، لأن هذه الأشياء طاعةٌ، وقُرْبَتُهُ تَقَعُ عن العامل، فلا يَجُوزُ أخذُ الأُجْرَةِ من غيره، كالصوم، والصلاة، اهـ. وفيه قال الطحاويُّ: وَيجُوزُ الأجرُ على الرُّقَى، وإن كان يَدْخُلُ في بعضه القرآن، لأنه ليس على الناس أن يُرْقي بعضُهم بعضًا، وتعليمُ الناس بعضهم بعضًا القرآن واجبٌ. اهـ. وتعقَّب عليه صاحب "التوضيح" وأجاب عنه العينيُّ، فراجعه.

قوله: (وقال الشَّعْبِيُّ: لا يَشْتَرِطُ المُعَلِّمُ، إلا أَنْ يُعْطَى شيئًا فَلْيَقْبَلْهُ)، والحافظُ ابن تَيْمِيَة يَسْتَشِيطُ غيظًا في مثل هذه المواضع ممَّا فصَّلَهُ الحنفيةُ: أَنَّ الأُجْرَةَ إن كانت مشروطةً لم تَجُزْ، وإلا جَازَتْ. فقال: لم نَعْلَمْ لهذا القيد ثمرةً في الخارج بعدما أخذ الأُجْرَةَ، فإن الحديثَ قد نَهَى عنها، وهذا قد نَاقَضَهُ، وأَخَذَ الأجرةَ سواء اشْتَرَطَ، أو لم يَشْتَرِطُ. حتى أنه قد أَفْرَدَ لذلك جزءً مستقلاًّ في «فتاواه»، وسمَّاه باسمٍ على حِدَةٍ، وأراد منه الرَّدَّ على محمد. قلتُ: أمَّا غَيْظُهُ فَلْيَكْظِمْهُ، وشأنه في ذلك فَلْيَخْفِضْهُ. فإن لنا أيضًا حديثًا عند الترمذيِّ، عن ابن عمر وصحَّحه، «نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عن عَسْبِ الفحل»، اهـ. وأجرتُهُ حرامٌ عندنا أيضًا، كما في الحديث. ثم أخرج عن أنس، وفيه: و «نُكْرَمُ»، فرخَّص له في الكرامة. فإذا ثَبَتَ أصلُه وجنسُه، فالنكيرُ على الحزئيات عَسِيرٌ غير يسيرٍ. وهذا إلى المجتهد، أدخل تحتها أيَّ الجزئيات أراد. وقد مرَّ منا مِرَارًا: أن الجزئياتِ تَصْدُقُ عليها ألوفٌ من الكلِّيات، والنظر في أنها بأيَ من الكليات أقرب من مَدَارِكِ الاجتهادِ، ولا دَخْلَ لنا فيه. والحاصلُ: أنه وقعت في كُتُب الحنفية جزئياتٌ جرى بها التَّعَامُل، والتوارُث، ونقول بجوازها. ثم الناسُ يأخذون علينا، ويختارون خُطَّةَ عَسْفٍ وخَسْفٍ، ورَحِمَ اللهُ من أَنْصَفَ. قوله: (القَسَّام)، كان بيتُ المال يَنْصِبُ رجلا للتقسيم، ويُقَالُ له: القَسَّام، ويُقَالُ له في بلادنا: الأمين. وفي الفِقْهِ: أن أُجْرَتَهُ تكون على بيت المال، وأن لا تُؤخَذَ منهم. قوله: (الرِّشْوَةُ في الحُكْمِ)، ورَاجِعْ تفصيله (¬1) من كُتُبِ الفِقْهِ من كتاب القضاء. ¬

_ (¬1) قال القاضي أبو المحاسن في "المعتصر"، عن ثَوْبَان، قال: "لَعَنَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الرَّاشِي والمُرتَشِي والرَّائِشَ"، ورُوِيَ عنه: والرائشُ: الذي يمشي بينهما، أُخِذَ ذلك من الريش الذي تُتَّخَذُ للسهام التي لا تقوم إلَّا بها. وذلك في الحكم، يبيِّنُهُ حديثُ أمِّ سَلَمَةَ: "أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لَعَنَ الراشي والمُرْتَشِي في الحكم"، ولا يَدْخُلُ في ذلك من رَشَا لِيَصِلَ إلى حقِّه الممنوع عنه. وأمَّا المُرْتَشِي منه لِيُوصِلَهُ إلى حقِّه، داخلٌ في اللعن. ومما يَدُلُّ عليه ما رُوِيَ عن جابر بن زيد: "ما وجدنا في أيام ابن زياد، وفي أيام زياد شيئًا هو أنفعُ من الرِّشا"، أي أنهم كانوا يَفْعَلُون ذلك استدفاعًا للشر عنهم. اهـ. قال علي القاري: وأصلُه من الرِّشاء الذي يُتَوَصَّلُ به إلى الماء. قيل: الرِّشوَةُ: ما يُعطَى لإِبطال حقٍّ، أو لإِحقاق باطلٍ. أمَّا إذا أَعْطَى لِيَتَوَصَّلَ به إلى حق، أو لِيَدْفَعَ به عن نفسه ظُلْمًا، فلا بَأسَ به قال التُّورِبِشْتِي رحمه الله تعالى: ورُوِيَ أن ابن مسعود أُخِذَ في شيءٍ بأرض الحبشة، فأَعطَى دِينَارَيْنِ حتى خلَّى سبيله. اهـ. "التعليق الصبيح". ثم اعلم أنهم قَسَّمُوا الرِّشوَةَ إلى أربعة أقسام: حرامٌ على الآخذ والمُعْطِي، وهو الرِّشوَةُ على تقليد القضاء والإِمارة. الثاني: ارتشى لِيَحْكمَ، وهو كذلك حرامٌ على الجانبين. الثالث: أخذُ المال ليسوي أمره عند الحاكم دفعًا للضرر، وجلبًا للنفع، وهو حرامٌ على الآخذ لا الدافع. الرابع: ما يَدْفَعُ لدفع الخوف على نفسه أو ماله حلالٌ للدافع، حرامٌ على الآخذ. واختُلِفَ في قضايا القاضي إذا ارْتَشَى، فقيل: لا يَنْفُذُ قضاؤه فيما ارتَشَى، ويَنْفُذُ فيما لم يَرْتَشِ. وذكر الإِمام البَزدَوِي: أنه يَنْفُذُ فيما ارتشى أيضًا. وقال بعضُ مشايخنا: إن قضاياه فيما ارْتَشَى، وفيما لم يَرْتَشِ باطلةٌ. وفي كتاب "آداب القاضي" لأبي محمد النيسافوري: إن أخذ القاضي الرِّشْوَةَ، وحَكَمَ للذي رَشَاهُ بحقِّ ليس فيه ظلمٌ، كان هذا الحكمُ باطلًا، لسقوط عدالة المرتشي. عيني، وفتح، كذا في "هامش الكنز".

17 - باب ضريبة العبد، وتعاهد ضرائب الإماء

قوله: (وكَانُوا يُعْطَوْنَ على الخَرْصِ)، والمرادُ من الخَرْصِ: ما كان يفعله العُمَّالُ في ثمار الناس قبل أخذ العُشْرِ. ويُمْكِنُ أن يكونَ المرادُ منه: ما هو شائعٌ بين البائع والمشتري في البِيَاعَات، فَدَلَّ على كونه مطلوبًا أيضًا. ثم الفرقُ بين الجِزَافِ والخَرْصِ: أنه لا تقديرَ في الجِزَافِ أصلا، بخلاف الخَرْصِ. فإن فيه تقديرًا في الجملة، وإن لم يُعْلَمْ كالكيل، والوزن. 2276 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ أَبِى الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَىٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَاسْتَضَافُوهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَىِّ، فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَىْءٍ لاَ يَنْفَعُهُ شَىْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلاَءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَىْءٌ، فَأَتَوْهُمْ، فَقَالُوا يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ، إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَىْءٍ لاَ يَنْفَعُهُ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَىْءٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَعَمْ وَاللَّهِ إِنِّى لأَرْقِى، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضِيِّفُونَا، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلاً. فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ وَيَقْرَأُ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِى وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ، قَالَ فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِى صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ اقْسِمُوا. فَقَالَ الَّذِى رَقَى لاَ تَفْعَلُوا، حَتَّى نَأْتِىَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِى كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا. فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَالَ «وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ - ثُمَّ قَالَ - قَدْ أَصَبْتُمُ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِى مَعَكُمْ سَهْمًا». فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ سَمِعْتُ أَبَا الْمُتَوَكِّلِ بِهَذَا. أطرافه 5007، 5736، 5749 - تحفة 4249 2276 - قوله: (حتى تَجْعَلُوا لنا جُعْلا)، وقد مرَّ مني: أن أخذَ الأَجْرِ على قراءة القرآن للحوائج الدنيوية جائزٌ. بَقَيَ التعليمُ، ففيه أيضًا توسيعٌ على ما علَّل به قاضيخان. أما أخذُ الأُجْرَةِ على إيصال الثواب للميت، فلي فيه تردُّد شديدٌ، وأكُفُّ عنه لساني. 2276 - قوله: (واضْرِبُوا لي مَعَكُمْ سَهْمًا)، وهو الذي فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلّم في قصة صيد أبي قُتَادَة، وهكذا فَعَلَهُ في قصة العنبر، فكلُّ موضعٍ تردَّد فيه الصحابةُ رضي الله تعالى عنهم، أَزَالَهُ صلى الله عليه وسلّم بضرب سَهْمٍ منه لنفسه الكريمة أيضًا. 17 - باب ضَرِيبَةِ الْعَبْدِ، وَتَعَاهُدِ ضَرَائِبِ الإِمَاءِ 2277 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ أَوْ صَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ، وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ فَخَفَّفَ عَنْ غَلَّتِهِ أَوْ ضَرِيبَتِهِ. أطرافه 2102، 2210، 2280، 2281، 5696 - تحفة 676 - 122/ 3 قوله: (ضَرِيبَةَ العبد) أي خَرَاجه.

18 - باب خراج الحجام

18 - باب خَرَاجِ الْحَجَّامِ 2278 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ احْتَجَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ. أطرافه 1835، 1938، 1939، 2103، 2279، 5691، 5694، 5695، 5699، 5700، 5701 - تحفة 5709 2279 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ احْتَجَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ، وَلَوْ عَلِمَ كَرَاهِيَةً لَمْ يُعْطِهِ. أطرافه 1835، 1938، 1939، 2103، 2278، 5691، 5694، 5695، 5699، 5700، 5701 - تحفة 6051 2280 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَحْتَجِمُ، وَلَمْ يَكُنْ يَظْلِمُ أَحَدًا أَجْرَهُ. أطرافه 2102، 2210، 2277، 2281، 5696 - تحفة 1111 19 - باب مَنْ كَلَّمَ مَوَالِىَ الْعَبْدِ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ 2281 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - غُلاَمًا حَجَّامًا فَحَجَمَهُ، وَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ أَوْ صَاعَيْنِ، أَوْ مُدٍّ أَوْ مُدَّيْنِ، وَكَلَّمَ فِيهِ فَخُفِّفَ مِنْ ضَرِيبَتِهِ. أطرافه 2102، 2210، 2277، 2280، 5696 - تحفة 691 20 - باب كَسْبِ الْبَغِيِّ وَالإِمَاءِ وَكَرِهَ إِبْرَاهِيمُ أَجْرَ النَّائِحَةِ وَالْمُغَنِّيَةِ. وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 33]. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {فَتَيَاتِكُمْ}: إِمَاؤُكُمْ. 2282 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِىِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ. أطرافه 2237، 5346، 5761 - تحفة 10010 قوله: (وكَرِهَ إبراهيمُ أجرَ النَّائِحَةِ والمغنِّية، وقول الله: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} إلى قوله: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 33]، قال مجاهدٌ: {فَتَيَاتِكُمْ} إمائكم). والبَغِيُّ كالحامل، والمُرْضِعِ، فذوات التاء منها لمن تكون مُتَّصِفَةً بتلك الأوصاف في حالتها الراهنة، وبدونها لمن تكون من شأنها أن تُرْضِعَ، وتَحْمِلَ، وإن لم تكن مُتَّصِفَةً بها بالفعل. وهذا كالفرقِ بين السَّامِعِ والسميع، فالأوَّلُ لمن يَسْمَعُ شيئًا، والثاني لمن كان من شأنه أن يَسْمَعَ، وإن لم يكن سَامِعًا لشيءٍ بالفعل. فلا يَصِحُّ قولك: أنا سامعٌ كلامك، إذا لم تَكُنْ تَسْمَعُهُ بالفعل. وهذا الذي قُلْتُ في قول النبيِّ صلى الله عليه وسلّم «فإنه لا صلاةَ لمن لم يَقْرَأْ بها»: إنه شأنٌ للفاتحة، لا

21 - باب عسب الفحل

حكم به. فالشأنُ يكفي له تحقُّقه في الجنس، ولا يَجِبُ تحقُّقه في هذا الموضع بخصوصه. فالفاتحةُ إنما اتَّصَفَتْ بهذه الصفة في مادة المُنْفَرِد، والإِمام. أمَّا في حقِّ المقتدي، فاتِّصَافُهَا على طريق اتِّصَاف الشيء بحاله في الجنس. ومن ههنا انْدَفَعَتْ شبهةٌ أخرى، وهي أن قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] بظاهره يُؤَيِّدُ المُرْجِئَةَ إن حَمَلْنَاهُ على الإِخبار، فإنه يَدُلُّ على أنه لا تَضُرُّ مع الإِيمان معصيةٌ، إذ الله سبحانه يَغْفِرُ الذنوبَ جميعًا. وقد ذَكَرُوا له أجوبةً، وأَضَافُوا عليه قيودًا. وما ذَكَرَهُ ابنُ مسعودٍ في جوابه، وإن كان صادقًا في نفسه، ولكنه لا يكفي للخروج عن عُهْدَةِ البلاغة. فالجوابُ أنه بيانٌ لشأنه تعالى، لا أنه حَكَمَ به. فالمعنى: أن الله تعالى شأنه أن يَغْفِرَ الذنوب جميعًا إن شاء، ولا يَجِبُ عليه أن يَفْعَلَ ذلك أيضًا. أَلا تَرَى أنه يَصِحُّ قولك: فلانٌ سميعٌ، وإن لم يكن يَسْمَعُ شيئًا. وذلك لأنه ليس فيه ما يَدُلُّ على السماع بالفعل، بل فيه شأن السماع، وهذا لا يُوجب أن يكون سامعًا لشيء بالفعل. فهكذا مغفرة الذنوب جميعًا، ليس على طريق الحكم منه، بل هو شأنٌ له تعالى (¬1). 2283 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كَسْبِ الإِمَاءِ. طرفه 5348 - تحفة 13427 2283 - قوله: (نَهَى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عن كَسْبِ الإِمَاءِ) ليس فيه لفظ المَهْرِ، ولا لفظ البَغِيِّ. بل فيه لفظ الكسب بدل المهر، والإِماء بدل البَغِيِّ. وهذا شاهدٌ لِمَا نبَّهْتُكَ من قبل: أن المسألةَ في الإِماءِ دون الحرائر. وينبغي أن لا يُفْتَى اليومَ إلا بالحُرْمَةِ مطلقًا، سواء كان المعقودُ عليه تسليمَ النَّفْسِ، أو الزنا، سدًا للذرائع. فإن أئمة الفُسْقِ قد بَغَوْا وعَتَوْا في زماننا، ولا يَسْتَأْجِرُون البغايا إلا على تسليم النفس. فلو فصَّلنا في المسألة، يُفْتَحُ عليهم باب الزنا. ولا أدري ممَّن وَقَعَ هذا القصور، فإن حُرْمَةَ أُجْرَةِ المغنِّية والنائحة موجودةٌ في المتون. ونقل في «البحر» إجماعَ الأمة على حرمة أجرة الزنا، ثم لا تَزَالُ تُنْقَلُ مسألة أجرة الزنا في الكُتُبِ أيضًا. فإن حَمَلْتَ الإِجماعَ المذكورَ على غير هذا الجزئي لكون المعقودُ عليه فيه تسليمَ النفس، لَزِمَ عليَّ فتح باب الزنا على الفُسَّاق، فإنهم لا يَزْنُونَ اليومَ إلا بطريق الأجير الخاصِّ. وإن قُلْتَ بالإِطلاق، فماذا أَصْنَعُ للمذهب. والأحكمُ أن يُحْكَمَ بالحرمة مطلقًا. وقد مرَّ تقريرُه في آخر باب السَّلَمِ. [[21 - باب عَسْبِ الْفَحْلِ 2284 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلِىِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ. تحفة 8233 - 123/ 3]] (*) 22 - باب إِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ لَيْسَ لأَهْلِهِ أَنْ يُخْرِجُوهُ إِلَى تَمَامِ الأَجَلِ. وَقَالَ الْحَكَمُ وَالْحَسَنُ وَإِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ تُمْضَى الإِجَارَةُ إِلَى أَجَلِهَا. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ أَعْطَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ ¬

_ (¬1) يقولُ العبدُ الضعيفُ: وَيظْهَرُ شأنه ذلك في كثيرٍ من العاصين، فَيَغْفِرُ لهم بلا عملٍ عَمِلُوه، ولا خيرٍ قدَّمُوه. ومن ههنا ظَهَرَ وجهُ المغفرة بلا عملٍ. (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين معكوفات مزدوجة سقط من المطبوع، ولم يُشرح

بِالشَّطْرِ، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ، وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ جَدَّدَا الإِجَارَةَ بَعْدَ مَا قُبِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. 2285 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ الْمَزَارِعَ كَانَتْ تُكْرَى عَلَى شَىْءٍ سَمَّاهُ نَافِعٌ لاَ أَحْفَظُهُ. أطرافه 2328، 2329، 2331، 2338، 2499، 2720، 3152، 4248 - تحفة 7624 2286 - وَأَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ حَدَّثَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ حَتَّى أَجْلاَهُمْ عُمَرُ. أطرافه 2327، 2332، 2344، 2722 - تحفة 3586 ولا يُسْتَأْصَلُ الزرعُ عندنا، بل يَمْكُثُ حتى يَخْرُجَ عن الخسارة. وقال الحسنُ خلافًا للحنفية: فإن الإِجارةَ تَنْفَسِخُ عندنا بموت أحد المُتَعَاقِدَيْنِ. قوله: (ولم يُذْكَرْ أنَّ أبا بَكْرٍ وعُمَرَ جَدَّدا الإِجارةَ)، والعَجَبُ من البخاريِّ أنه يَجْعَلُ معاملةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم مع أهل خَيْبَرَ إجارةً، ثم يَحْكُمُ بإمضائها بعد وفاة أحد المُتَعَاقِدَيْن، وهي عند الحنفية خَرَاجٌ مُقَاسَمَةً. قلتُ: كيف (¬1) يكون خَرَاجًا مقامسةً، مع أن الأرضَ فيه تكون للزراعين، وأرض خَيْبَرَ كانت للغانمين، كما في «الهداية» من السِّيَر: أن خَيْبَرَ فُتِحَتْ عَنْوةً، فتكون أراضيها لأهل الإِسلام، ولو كانت خَرَاجًا مقاسمةً لكانت لليهود. وأجاب عنه مولانا شيخ الهند: أن الخَرَاجَ، وإن كان في الأصل كما قلتَ، لكن المرادَ منه ههنا هو مقاسمةُ الخارج فقط، سواء كانت الأرض للزراعين، أو لا. قلتُ: وفيه إشكالٌ آخر، وهو أن عمر أَجْلاهُم من خَيْبَرَ، كما في البخاريِّ. فَلْيُمْعَنْ النظر في هذا الإِجلاء، فإنهم كانوا مالكين فما معنى الإِجلاء. إلا أن في الروايات: أن عمر كان أعطاهم بها شيئًا، فَلْيُحَرِّره. فالحاصلُ: أنها مزارعةٌ عند البخاريِّ، وخَرَاجٌ مقاسمةً عند الحنفية. وحينئذٍ فَلْيَسْأَلِ البخاريُّ: أن المزارعةَ هل تبقى بعد موت أحد المتعاقدين أيضًا. أمَّا خَرَاج المقاسمة، فيبقى ما بَقِيَت السلطنة. والظنُّ أن البخاريَّ لم تتنقَّح عنده معاملتهم، فقد يَجْعَلُها إجارةً أخرى مزارعةً. وراجع لتحقيقه «مبسوط السَّرَخْسِيِّ»، فقد حقَّقه بما لا مزيدَ عليه. ¬

_ (¬1) قال أبو بكر الرازي في "شرحه لمختصر الطحاويِّ": ومما يَدُلُّ على أن ما شُرِطَ من نصف الثمر والزرع كان على وجه الجِزْية: أنه لم يَرِدْ في شيءٍ من الأخبار أنه - صلى الله عليه وسلم - أخذ منهم الجِزْيةَ إلى أن مات، ولا أبو بكر، ولا عمر رضي الله تعالى عنهما إلى أن أَجلَاهُمْ. والخَرَاج المُوَظَّف أن يجعلَ الإِمامُ في ذمتهم بمقابلة الأرض شيئًا، من كل جَرِيب، يَصْلُحُ للزراعة: صاعًا، ودِرْهَمًا، اهـ -عيني- مختصرًا قلتُ: ما ذكره الرازيُّ لطيفٌ جدًا، وقد تكلَّم على أراضي خَيْبَرَ، ومعاملتهم. أبو عُبَيْد في كتاب "الأموال" فليراجع.

38 - كتاب الحوالات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 38 - كتاب الحَوَالات 1 - باب فِى الْحَوَالَةِ، وَهَلْ يَرْجِعُ فِى الْحَوَالَةِ؟ وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ إِذَا كَانَ يَوْمَ أَحَالَ عَلَيْهِ مَلِيًّا جَازَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَتَخَارَجُ الشَّرِيكَانِ وَأَهْلُ الْمِيرَاثِ، فَيَأْخُذُ هَذَا عَيْنًا وَهَذَا دَيْنًا، فَإِنْ تَوِيَ لأَحَدِهِمَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ. قوله: (وهَلْ يَرْجِعُ في الحَوَالَةِ) والمصنِّفُ أَبْهَمَ في الكلام، ورَاجِعْ له «الهداية»، فقد يجوز رجوعُ المُحْتَالَ على المُحِيلِ في جزئيات، فمن جملة تلك الجزئيات هذه. قوله: (يَوْمَ أَحَالَ عَلَيْهِ) يعني أنه كان غنيًّا يوم الحَوَالَةِ. قوله: (يَتَخَارَجُ الشَّرِيكَان) والتَّخَارُجُ (¬1) بابٌ في السِّرَاجي، وهذا بابٌ في الورثة. والمصنِّفُ وَضَعَهُ بين الشركاء أيضًا، وله وجهٌ أيضًا. قوله: (هذا عينًا وهذا ديْنًا)، يعني: أَخَذَ واحدٌ منهما الموجودَ، والآخرُ المعدومَ، ويَلْزَمُ فيه الربا في بعض الصور في فِقْهِنَا. 2287 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَطْلُ الْغَنِىِّ ظُلْمٌ، فَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِىٍّ فَلْيَتْبَعْ». طرفاه 2288، 2400 - تحفة 13803 2287 - قوله: (مَطْلُ) (تال متول). حكايةٌ: لَقِي الصعلوكُ المجنونُ أبا حنيفة في بعض طريقه مرَّةً، وكان في يده خبزٌ يأكله. فأدَّبه أبو حنيفة، وقال له: أَمَا كنتَ تَجِدُ مكانًا فَتَقْعُدُ فيه، وتأكل طعامك؟ فما أقل صبرك أيها الصعلوك. فأجابه، وأسند في الحال هذا الحديث، وقال: مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، يعني به: أن النفسَ جائعةٌ، فإذا ظَفِرْتُ بالخبز وصِرْتُ غنيًا، فحينئذٍ التأخيرُ في الأكل مَطْلٌ وظلمٌ، فتبسَّم منه أبو حنيفة. وكان الصعلوكُ كالبهلول في زمن الرشيد، وهو عندي مَجْذُوبٌ. ¬

_ (¬1) قلت: وفي السراجي، في فصل التَّخَارُج: من صَالَحَ على شيءٍ معلومٌ من التركة، فَطَرَحَ سِهَامَهُ من التصحيح، ثم أقسم ما بقي من التركة على سهام الباقيين. كزوج، وأمٍّ، وعمٍّ، فَصَلَحَ الزوجُ على ما في ذمته من المهر، وخرج من البين، فَتُقْسَمُ باقي التركة بين الأمِّ، والعمِّ، أثلاثًا بقدر سهامهما: سَهْمَان للأمِّ، وسهمٌ للعمِّ. اهـ.

2 - باب إذا أحال على ملى فليس له رد

2 - باب إِذَا أَحَالَ عَلَى مَلِىٍّ فَلَيْسَ لَهُ رَدٌّ 2288 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَطْلُ الْغَنِىِّ ظُلْمٌ، وَمَنْ أُتْبِعَ عَلَى مَلِىٍّ فَلْيَتَّبِعْ». طرفاه 2287، 2400 - تحفة 13662 2288 - قوله: (ومن أُتْبِعَ عَلَى مَلِيء فَلْيَتَّبِعْ)، معناه: إذا كان لأحدٍ عليكَ شيءٌ، فأَحَلْتَهُ على رجلٍ مليء، فَضَمِنَ ذلك منكَ، فإن أَفْلَسْتَ بعد ذلك، فله أن يَتَّبِعَ صاحب الحَوَالةِ، فَيَأْخُذُ منه. واعلم أن قيد المصنِّف: فإن أفلست ... إلخ، وقع في غير موضعه، فإن إفلاسَ المُحِيل غير مُؤَثِّرٍ، ولا دَخْلَ له ههنا. نعم لو ذكر إفلاس المُحْتَال عليه لكان أحسن، فإن له جزئيات في الفقه. 3 - باب إِذا أَحَالَ دَيْنَ الْمَيِّتِ (¬1) عَلَى رَجُلٍ جَازَ 2289 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ أُتِىَ بِجَنَازَةٍ، فَقَالُوا صَلِّ عَلَيْهَا. فَقَالَ «هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ». قَالُوا لاَ. قَالَ «فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا». قَالُوا لاَ. فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ أُتِىَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلِّ عَلَيْهَا. قَالَ «هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ». قِيلَ نَعَمْ. قَالَ «فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا». قَالُوا ثَلاَثَةَ دَنَانِيرَ. فَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ أُتِىَ بِالثَّالِثَةِ، فَقَالُوا صَلِّ عَلَيْهَا. قَالَ «هَلْ تَرَكَ شَيْئًا». قَالُوا لاَ. قَالَ «فَهَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ». قَالُوا ثَلاَثَةُ دَنَانِيرَ. قَالَ «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ». قَالَ أَبُو قَتَادَةَ صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَعَلَىَّ دَيْنُهُ. فَصَلَّى عَلَيْهِ. طرفه 2295 - تحفة 4547 - 124/ 3 في «الهداية»: أن دينَ الميِّت لا يَقْبَلُ الحَوَالَةَ، وليس في الحديث ما يَرِدُ علينا، لأنه من ¬

_ (¬1) رُوِي عن أبي هُرَيْرَة: "أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُؤتَى بالميِّت عليه الدين، فَيَسْألُ ما ترك لدينه من قضاءٍ؟ فإن حَدَثَ أنه ترك وفاءً صلَّى عليه. وإن قِيلَ: لا، قال: صَلُّوا على صاحبكم. فلمَّا فَتَحَ الله عزَّ وجلَّ عليه الفتوحَ، قال: أنا أوْلَى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن تُوُفِّي فعليه دينٌ فعلي قضاؤه، ومن تَرَكَ مالًا فلورثته، فيه تسويةٌ من عليه دين وترك وفاءً، ومن لا دينَ عليه في جواز صلاته عليه. وإن كانت الذمةُ لا تَبْرَأُ بمجرد ترك الوفاء حتى يُوَفَّى عنه. وكذلك الكفالة. رُوِيَ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - دُعِيَ إلى جنازة رجلٍ من الأنصار، فلمَّا وُضِعَ السرير، وتقدَّم لِيُصَلِّيَ عليه التفت، فقال: أعلى صاحبكم دينٌ؟ فقالوا: نعم يا رسول الله. قال: صلوا على صاحبكم. فقال أبو قتادة الأنصاريُّ: هو إليَّ يا نبي الله، فصلَّى عليه". ففي هذا جوازُ صلاته بالكفالة، وإن كان الدين لا يَسقُطُ بها عنه. =

باب الوُثُوق بوعد رجلٍ صَدُوقٍ، لا من باب الكَفَالَةِ، أو الحَوَالَةِ. فهو بابٌ آخر، وإدخالُه في باب الحَوَالَةِ ليس بذاك. وإرجاعُ الأبواب كلِّها إلى أبواب الفِقْهِ ليس بشيءٍ. فإنا نَجِدُ أبوابًا، كالمروءة، وغيرها، لا نجد لها أثرًا في الفقه. كيف وأنها لا تَلِيقُ بموضوع الفقهاء، فهذه تكون جائزةٌ في نفسها، فإذا جَرَتْ إلى الفقه عادت إلى عدم الجواز، فليتنبَّهْ في تلك المواضع. ... ¬

_ = وما روى عبد الله بن أبي قتادة، عن أبي قتادة أنه قال: توُفِّي رجلٌ منا، فذهبوا به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِيُصَلِّيَ عليه فقال: هل ترك من شيء؟ قالوا: لا، والله ما ترك شيئًا. قال: فهل عليه دينًا؟ قالوا: نعم ثمانية عشر دِرْهمًا، قال: فهل ترك لها وفاءً؟ قالوا: لا، والله ما ترك لها قضاء من شيءٍ. قال: فصلُّوا على صاحبكم. فقال أبو قتادة: يا رسول الله، أرأيت إن أنا قَضَيتُ عنه أتُصَلِّي عليه؟ قال: نعم إن قضيت عنه صليت عليه، فذهب أبو قتادة فقضى عنه، ثم جاء فقال: قد وفيت ما عليه؟ فقال: نعم، فدعا به، فصلَّى عليه"، هو حديثٌ فاسدُ الإِسناد، لا تقوم بمثله حُجَّةٌ، لأنه قد رُوِيَ: أن عبدَ الله أَنْكَرَ سماعه من أبيه، وقال: إما حدَّثني به من أهلي من لا أَتَّهِمُ. وفيه إلزامُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكفيل الكفالة بغير أمر المكفول عنه. وفيه إلزامه بغير قَبُول المكفول له، كما قاله أبو يوسف، ومحمد خلافًا لأبي حنيفة. وفيه إلزامُه الكفالة بالدين الذي علي الميِّت المُفْلِس، كما قالا، خلافًا للإِمام، لأن بالموت خَرِبَت الذمة، فسقط الدين. ولكن الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - هو المُتَّبَعُ والمُقْتَدي. رُوي عن جابر بن عبد الله: أن رجلًا مات، وعليه دينٌ، فلم يُصَلِّ عليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حتى قال أبو اليَسَر، أو غيره: هو إليَّ، فصلَّى عليه. فجاءه من الغد يَتَقَاضَاهُ، فقال: "إنما كان ذلك أمس. ثم أتاه من بعد الغد، فأعطاه. فقال: الآن بَرُدَت عليه جِلدته". ففيه إلزامُ الكفيل عن الميِّت المُفْلِس. وفيه أن الذي عليه لم يَبرَأْ بوجوبه على الكفيل إلَّا بعد القضاء. وفيه دليلٌ على صحة ما كان أبو حنيفة، وأصحابه. والشافعيون يَذهَبُون إليه في المال المكفول به: أن للغريم مُطَالبة الكفيل والمَكْفُول عنه، أيهما شاء، خلافًا لِمَا قاله مالك، بأنه لا يُطَالِبُ الكفيل إلَّا عند عجزه عن مطالبة الأصيل. لأن الميِّتَ المكفولَ عنه ما ترك وفاءً، فلذلك لَزِمَ الكفيلُ. ولأن المَكْفُولَ عنه إذا كان حاضرًا قادرًا، فإن أخذ من الكفيل يُؤخَذُ في حينه من الأصيل، فأخذه من الأصيل أقلُّ عنك، فهو أَوْلَى. قال الطحاويُّ في قوله: "الآن بَرُدَت عليه جلدته" دليلٌ على صحة ما ذهب إليه أبو حنيفة، وأصحابه. فمن قَضَى دينًا عن رجلٍ بغير أمره، ليس له أن يَرْجِعَ عليه، لأنه لو بَقِيَ على الميت لَمَا بَرُدَت جلدته. ولكن قول مالك في الحيِّ، وفي الميِّت الذي له وفاءٌ، والحديثُ في الميت المُفْلِسِ. ثم كيف يُحْتَجُّ لأبي حنيفة بالحديث، وهو لا يقول بجواز الكَفَالَةِ عن الميِّتِ المُفلِسِ، اللهم إلَّا أن يُقَالَ: إن عنده يَجُوزُ، ولكن لا يَلْزَمُ وهو الأَصَحُّ.

39 - كتاب الكفالة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 39 - كِتَابُ الكَفَالَة 1 - باب الْكَفَالَةِ فِى الْقَرْضِ وَالدُّيُونِ بِالأَبْدَانِ وَغَيْرِهَا واعلم أن الكَفَالَةَ على نحوين: كفالةٌ بالنفس، ويكون فيها كَفِيلٌ، ومَكْفُولٌ له، وبه. وكَفَالَةٌ بالمال، وفيها مَكْفُولٌ عنه أيضًا مع سائر الألقاب. ثم القرضُ والدينُ يفترقان. فالقرضُ ما يأخذه الرجل لحوائجه، ويُعَدُّ إعانةً في الحال. والدينُ ما يَلْزَمُ في المُعَاوَضَات والمعاملات. ثم التأجيلُ لا يَلْزَمُ في باب القرض، فَلِلْمُقْرِضِ أن يُطَالِبَهُ قبل حلول الأجل، بخلاف الدين، فإنه يَقْبَلُ التأجيل، وليس لصاحب الدين أن يُطَالَبَ من عليه الدين قبل حلول الأجل. ولفظه في الفِقْهِ: أن تأجيلَ القرض ليس بصحيحٍ. ولم يَفْهَمْهُ بعضُهم، فَحَمَلَهُ على الإِثم، أي إن التأجيلَ في القرض معصيةٌ، وليس بصحيحٍ. بل معناه: أنه ليس بلازمٍ، لا أنه معصيةٌ. وكذا لا تَصِحُّ الكَفَالَةُ في القرض، لأنه من باب الاعتماد، فإن لم يكن له اعتماد عليه ينبغي أن لا يُقْرِضَهُ. بخلاف الدين، فإنه مضمونٌ بنفسه، على ما فُصِّلَ في الفِقْهِ. 2290 - وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِىِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ - رضى الله عنه - بَعَثَهُ مُصَدِّقًا، فَوَقَعَ رَجُلٌ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، فَأَخَذَ حَمْزَةُ مِنَ الرَّجُلِ كَفِيلًا حَتَّى قَدِمَ عَلَى عُمَرَ، وَكَانَ عُمَرُ قَدْ جَلَدَهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَصَدَّقَهُمْ، وَعَذَرَهُ بِالْجَهَالَةِ. وَقَالَ جَرِيرٌ وَالأَشْعَثُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِى الْمُرْتَدِّينَ اسْتَتِبْهُمْ، وَكَفِّلْهُمْ. فَتَابُوا وَكَفَلَهُمْ عَشَائِرُهُمْ. وَقَالَ حَمَّادٌ إِذَا تَكَفَّلَ بِنَفْسٍ فَمَاتَ فَلاَ شَىْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْحَكَمُ يَضْمَنُ. تحفة 10435 2290 - قوله: (جَارِيَةِ امْرَأتِهِ) أي كانت مملوكةً لزوجته، ولم تَكُنْ مملوكةً للزوج. وحاصلُ تلك القصة (¬1): أن رجلا وَطِىء جاريةَ امرأته، فأراد السَّاعي أن يُقِيمَ عليه الحدَّ. فقال ¬

_ (¬1) وتفصيلُه على ما أخرجه الشيخ بدر الدين رحمه الله بإِسنادِ سَرَدَهُ: "أن عمر بن الخطاب بَعَثَهُ مُصَدِّقًا على سعد بن هُذَيْم -اسم قبيلة- فأتى حمزة بمال ليُصْدِقَه، فإذا رجلٌ يقول لامرأته: أدِّي صدقةَ مال مَوْلَاكِ، وإذا المرأةُ تقول له: بل أنتَ، فأدِّ صدقةَ مال ابنك. فسأله حمزةُ عن أمرها، وقولهما. فأخْبرَ أن ذلك الرجل زوج تلك المرأة، وأنه وَقَعَ على جاريةٍ لها، فَوَلَدَتْ ولدًا، فأَعْتَقَتْهُ امرأته. قالوا: فهذا المال لابنه من جاريتها، فقال له حمزةُ: لأرْجِمَنَّكَ بالحجارة، فقيل له: أصْلَحَكَ الله! إن أمرَهُ قد رُفِعَ إلى عمر بن الخطاب فجلده عمر مائة، ولم يَرَ عليه الرجم. فأخذ حمزةُ بالرجل كفيلًا حتى يَقْدُمَ على عمر، فيسأله عمَّا ذُكِرَ من جلد عمر إياه، ولم يَرَ عليه رجمًا. فصدَّقهم عمر بذلك من قولهم، وقال: إنما دَرَأ عنه الرجم عُذْرُهُ بالجهالة. اهـ.

له آخرون: إن هذه قصةٌ قد رُفِعَتْ مرَّةً إلى عمر، وسَبَقَ فيه قضاؤه، فَأَخَذَ عليه الساعي كفيلا منه للاعتماد، ليتحقَّقَه حين يَرْجِعَ إلى عمر. فلمَّا رَجَعَ إليه صدَّقهم عمر، وعَذَرَ الرجلَ على اعتذاره بعدم العلم بالمسألة، فإنه ظنَّ أن جاريةَ الزوجة كجاريته، فَيَحِلُّ له وطؤها. كالوطء من جاريته. واعتبره الحنفيةُ أيضًا شبهةً دَارِئَةً للحدِّ، إلا أن الرجمَ إذا سَقَطَ عنه، سَقَطَ رأسًا. وليس عليه الجلدُ، وإنما جلده عمر تعزيرًا، وراجع الهامش. وكيفما كان، خَرَجَ منه أصلٌ لاعتبار الشُّبُهَات. أمَّا إنها متى تُعْتَبَرُ، ومتى لا تُعْتَبَرُ، فأمرٌ مَوْكُولٌ إلى المجتهدين. وكذا فيه ما يَدُلُّ على صحة الكَفَالَةِ في الحدود. ولكن يُخَالِفُهُ ما في «الكنز»: وبطلت الكَفَالَةُ بحدٍ وقَوَدٍ. قلتُ: معناه: لا يُجِيرُ بالكَفَالَةِ في هذا الباب. فإن سَمَحَ بها أحدٌ قُبِلَتْ في الديانة، ولا تكون له أحكامٌ في الفِقْهِ، لأن الكَفَالَةَ الفقهيةَ في الكَفَالَةِ بالنفس لا تكون ههنا إلا باستيفاء الحدود والقصاص منه. وذا لا يُتَصَوَّرُ فيها، فلا يكونُ لها حكمٌ في القضاء. وإنما هي من الأمور البيِّنة التي يَفْعَلُهَا الناسُ على الاعتماد فيما بينهم، على نظير الخَرْصِ، فإن كلامَ الطحاويِّ يُوهِمُ نفيه. قلتُ: لا رَيْبَ في كونه مفيدًا، إلا أنه ليس بحُجَّةٍ في القضاء، فهو من هذا الباب. ولذا قُلْتُ: إن الأبوابَ الكثيرةَ تُوجَدُ فيما بينهم على المُسَامَحَةِ، ولا تَجِدُ لها أثرًا في الفِقْهِ، وكان هذا مهمًا لو تعرَّض إليه أحدٌ. قوله: (فَأَخَذَ حَمْزَةُ من الرَّجُلِ كُفَلاءَ)، أي كفلاء بالنفس. قوله: (قد جَلَدَهُ)، أي قَبْلَ ذلك. قوله: (وقال جريرٌ والأَشْعَثُ) ... إلخ، وقصَّتُه: أن عبد الله بن مسعود كان بالكُوفَة، فأخبره رجلٌ أنه رأى جماعةً من الناس منهم عبد الله ابن النوَّاحة في مكان كذا، كانوا يَذْكُرُون مُسَيْلَمَةَ الكذَّاب. فأرسل إليهم ابن مسعود، وأمرهم بأسرهم ... إلخ، فَقَتَلَ عبد الله ابن النوَّاحة، ولم يَسْتَتِبْهُ (¬1). قوله: (وقال حمَّادٌ) ... إلخ، وحمَّادٌ هذا أستاذُ أبي حنيفة. ولا أَكَادُ (¬2) أَفْهَمُ ماذا حمل ¬

_ (¬1) قال الحافظُ العيني: أخرجها البيهقيُّ من طريق أبي إسحاق، عن حارثة بن مُضَرِّب، قال: "صلَّيت الغَدَاةَ مع عبد الله بن مسعود، فلمَّا سلَّم، قام رجلٌ فأخبره: أنه انتهى إلى مسجد بني حَنِيفَة، فَسَمِعَ مؤذِّنَ عبد الله بن النوَّاحة يَشْهَدُ أن مُسَيْلَمَةَ رسولُ الله. فقال عبد الله: عليَّ بابن النوَّاحة وأصحابه، فجيء بهم، فأمر قَرَظة بن كعب، فضَرَبَ عُنُقَ ابن النوَّاحة. ثم استشار في أولئك النَّفر، فأشار إليه عديُّ بن حاتم بقتلهم. فقام جريرٌ والأشْعَثُ، فقالا: بل استتبهم، وكَفِّلْهم عشائرهم" .... إلخ. قلتُ: قال الشيخ رحمه الله: وقد كان عبد الله بن النواحة هذا ما جاء مرَّة في عهد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قاصدًا من مُسَيْلَمَةَ، فلم يقتله لأن من سُنَّة القاتل أنه لا يُقْتَلُ. وإنما قَتَلَه ابن مسعود، لأنه لم يَكُنْ قاصدًا إذ ذاك. قلتُ: تلك القصة أخرجها أحمد، كما في "المشكاة"، من باب الأمان: عن ابن مسعود، قال: "جاء ابن النوَّاحة، وابن أُثالٍ رسولا مُسَيْلَمَةَ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال لهما: أَتَشْهَدَان ... إلى قوله: لو كُنْتُ قاتلًا رسولًا لقتلتكما، قال عبد الله: فَمَضَتِ السُّنَّةُ أن الرسولَ لا يُقْتَلُ. (¬2) قال العلَّامةُ المَارْدِينِي، في باب من قتل من ارتدَّ عن الإِسلام رجلًا أو امرأةً: "وحكى أبو عمر في "كتاب الانتقاء" في فضائل الثلاثة الفقهاء"، عن حاتم بن داود، قال: قلتُ للفضل بن موسى البُنَانِيِّ: ما تقول في هؤلاء =

البخاريَّ على أنه يأْخُذُ عن حمَّاد، وإبراهيم النَّخَعي، ولا يأْخُذُ عن أبي حنيفة. ولا أَعْرِفُ فيه شيئًا غير أنه بَسَطَ الفِقْهَ أمَّا رميُه بالإرْجَاء، فقد رُمِيَ به حمَّاد أيضًا، وليس إلا من إرجاف المُرْجِفِينَ. وإنما الإِرجاءُ الباطلُ: أن يقولَ بعدم الاحتياج إلى العمل. وأمَّا من يقولُ بعدم جزئية الأعمال، فمن يستطيعُ أن يَحْكْمَ عليه بالإِرْجَاء وهذا الذي قال به الإِمام الأعظم. وأمَّا النحوُ الأولُ، فحاشاه أن يقولَ به. قوله: (إذا تَكَفَّلَ بِنَفْسٍ فمات، فلا شيْءَ عليه)، أي لأنه كان كفيلا بالنفس، وهي تَبْطُلُ بالموت. أمَّا الحَكَمُ بن عُيَيْنَة، فقال: إن عليه الضَّمَان. 2291 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَالَ ائْتِنِى بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ. فَقَالَ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا. قَالَ فَأْتِنِى بِالْكَفِيلِ. قَالَ كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا. قَالَ صَدَقْتَ. فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَخَرَجَ فِى الْبَحْرِ، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبُهَا، يَقْدَمُ عَلَيْهِ لِلأَجَلِ الَّذِى أَجَّلَهُ، فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا، فَأَخَذَ خَشَبَةً، فَنَقَرَهَا فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ، وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا، ثُمَّ أَتَى بِهَا إِلَى الْبَحْرِ، فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّى كُنْتُ تَسَلَّفْتُ فُلاَنًا أَلْفَ دِينَارٍ، فَسَأَلَنِى كَفِيلًا، فَقُلْتُ كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا، فَرَضِىَ بِكَ، وَسَأَلَنِى شَهِيدًا، فَقُلْتُ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، فَرَضِىَ بِكَ، وَأَنِّى جَهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا، أَبْعَثُ إِلَيْهِ الَّذِى لَهُ فَلَمْ أَقْدِرْ، وَإِنِّى أَسْتَوْدِعُكَهَا. فَرَمَى بِهَا فِى الْبَحْرِ حَتَّى وَلَجَتْ فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ، وَهْوَ فِى ذَلِكَ يَلْتَمِسُ مَرْكَبًا، يَخْرُجُ إِلَى بَلَدِهِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِى كَانَ أَسْلَفَهُ، يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ، فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ الَّتِى فِيهَا الْمَالُ، فَأَخَذَهَا لأَهْلِهِ حَطَبًا، فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ، ثُمَّ قَدِمَ الَّذِى كَانَ أَسْلَفَهُ، فَأَتَى بِالأَلْفِ دِينَارٍ، فَقَالَ وَاللَّهِ مَا زِلْتُ جَاهِدًا فِى طَلَبِ مَرْكَبٍ لآتِيَكَ بِمَالِكَ، فَمَا وَجَدْتُ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِى أَتَيْتُ فِيهِ. قَالَ هَلْ كُنْتَ بَعَثْتَ إِلَىَّ بِشَىْءٍ قَالَ أُخْبِرُكَ أَنِّى لَمْ أَجِدْ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِى جِئْتُ فِيهِ. قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الَّذِى بَعَثْتَ فِى الْخَشَبَةِ فَانْصَرِفْ بِالأَلْفِ الدِّينَارِ رَاشِدًا». أطرافه 1498، 2063، 2404، 2430، 2734، 6261 - تحفة 13630 - 125/ 3 ¬

_ = الذين يَقَعُونَ في حقِّ أبي حنيفة؟ فقال: إن أبا حنيفة جاءهم بما يَعْقِلُونَهُ من العلم، وما لا يَعْقِلُونَه، ولم يَترُك لهم شيئًا، فَحَسَدوه". اهـ. "للجوهر النقي" قلتُ: وإنما اعْتَنَيْتُ بهذا النقل، لكونه في غير المحل. وبسطه في "فواتح الرحموت" في الذب عن أبي حنيفة، وذكر نحوًا من هذه الكلمات أيضًا. فراجعه. وذكر في "آكام المرجان" بكاء الجنِّ على وفاته، وقولهم. ذَهبَ الفِقْهُ ولا فِقْهَ لكم ... فاتقوا الله، وكُونُوا خَلَفا مات نعمان فمن هذا الذي ... يُحْيى الليلَ إذا ما سَدِفا وكانت وفاته سنة خمسين ومائة ببغداد. اهـ. وليست تلك مَنْقَبةٌ تَلِيقُ بشأنه، فإنه أرفع من ذلك، ولكن الشيء بالشيء يُذْكَر.

2 - باب قول الله عز وجل: {والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم} [النساء: 33]

2291 - قوله: (فَأْتِنِي بالكَفِيلِ، قال: كَفَى باللهِ كفيلا) قلتُ: وهل رأيتَ أحدًا منهم يَجُرُّه إلى باب الفِقْهِ، ويَبْحَثُ أنه هل تَصِحُّ الكفالة بالله أم لا؟ فكان ينبغي لهم أن يُرَاعوه في مواضعَ أخرى أيضًا. قوله: (زَجَّجَ): (دات لكادى). 2 - باب قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33] 2292 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ إِدْرِيسَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33] قَالَ وَرَثَةً {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} قَالَ كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَرِثُ الْمُهَاجِرُ الأَنْصَارِىَّ دُونَ ذَوِى رَحِمِهِ لِلأُخُوَّةِ الَّتِى آخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} نَسَخَتْ، ثُمَّ قَالَ {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} إِلاَّ النَّصْرَ وَالرِّفَادَةَ وَالنَّصِيحَةَ، وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاثُ وَيُوصِى لَهُ. طرفاه 4580، 6747 - تحفة 5523 2293 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَآخَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ. أطرافه 2049، 3781، 3937، 5072، 5148، 5153، 5155، 5167، 6082، 6386 - تحفة 576 2294 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ قُلْتُ لأَنَسٍ رضى الله عنه أَبَلَغَكَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ حِلْفَ فِى الإِسْلاَمِ». فَقَالَ قَدْ حَالَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ فِى دَارِى. طرفاه 6083، 7340 - تحفة 930 - 126/ 3 واعلم أن في لفظ الحديث اختلالا من بعض الرواة، فتعسَّر منه تحصيل المراد. وقد تعرَّض إليه الحافظُ، فلم يَصْنَعْ شيئًا. والحلُّ: أن الراوي تَلا أولا آيتين: الأولى {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33] ... إلخ. والثانية: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 33] ... إلخ. كأنه أراد به أن تفسيرَهُمَا سيأتي، ثم ذكر القصة: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لمَّا قَدِمَ المدينةَ، وقَدِمَ معه المهاجرون، آخى بين المهاجرين والأنصار، فكان إذا مات المهاجرُ يَرِثُهُ الأنصاريُّ. فلمَّا هاجر ورثتهم أيضًا نُسِخَتْ المؤاخاة، وكان يَرِثُ المهاجر وارثه دون الأنصاريِّ. ومن ههنا تبيَّن أن الإِعراب في قوله: «يَرِثُ المُهَاجِرَ الأنصاريُّ»، بنصب المهاجر على المفعولية، ورفع الأنصاريّ على الفاعلية، فما أَعْرَبَهُ صاحبُ النسخة خلاف الأَوْلَى. 2292 - قوله: (فَلَمَّا نَزَلَتْ {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} نَسَخَتْ)، أي: فلمَّا نزلت الآية الأولى، وهي {وَلِكُلٍ جَعَلْنَا مَوَالِىَ} أي ورثته، نُسِخَتْ المؤاخاة، هذا على البناء مجهولا. وإن قَرَأَ معروفًا، فمعناه نَسَخَتْ الآيةُ الأولى المُؤَاخَاةَ المتقدِّمةَ، وصار يَرهثُ كلاًّ وَارِثه. ثم

3 - باب من تكفل عن ميت دينا، فليس له أن يرجع

تعرَّض إلى تفسير الآية الثانية التي فيها ذِكْرُ وَلاء المُوَالاة، أو تلك المُؤَاخَاة العارضة، فقال: إن تلك المُعَاقدةَ منسوخةٌ إلا في ثلاثة مواضع، وهي: النَّصْرُ، والرِّفَادَةُ، والنَّصِيحَةُ. قوله: (وقَدْ ذَهَبَ المِيرَاثُ)، أي الميراث بين العاقدين. فالمعنى: أن تلك الآيةَ منسوخةٌ في بعض جزئياتها، وهي: الميراثُ، فلا ميراثَ بين العَاقِدَيْن. ومُحْكَمَةٌ في بعضها، وهو: النَّصْرُ، والرِّفَادةُ، والنصيحةُ، فهي واجبةٌ بين العاقدين، وغيرهما في كلِّ حال. وهذا الذي كُنْتُ أقولُ: إنه ثَبَتَ عندي بالاستقراء أنه مَا مِنْ آيةٍ إلا وهي مُحْكَمَةٌ في بعض الجزئيات، كما مرَّ تقريره في الصيام. لا أريد به بقاء ترجمته بعينها في الحكم، بل أُرِيدُ به بقاء جنس الحكم في جزئي من الجزئيات. فلا أَعْرِفُ آيةً من الآياتِ المنسوخةِ التي لا يكون لها نفعٌ أصلا، ولا أقل من أنها تبقى تِذْكَارًا لذلك الجنس. ثم إنهم ذَكَرُوا معنى الموالي نحو عشرين، وليس بشيءٍ، فإن معناه: القدر المُشْتَرَك بينها، فلمَّا لم يُدْرِكُوه، جعلوا كلا منها معنىً على حدة. وراجع سياقه من باب الفرائض، فإنه أوضح (¬1). 3 - باب مَنْ تَكَفَّلَ عَنْ مَيِّتٍ دَيْنًا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ. 2295 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِجَنَازَةٍ، لِيُصَلِّىَ عَلَيْهَا، فَقَالَ «هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ». قَالُوا لاَ. فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أُتِىَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالَ «هَلْ عَلَيْهِ مَنْ دَيْنٍ». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ». قَالَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَىَّ دَيْنُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَصَلَّى عَلَيْهِ. طرفه 2289 - تحفة 4547 2296 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِىٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهم - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ، قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا». فَلَمْ يَجِئْ مَالُ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ فَنَادَى مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا. فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِى كَذَا وَكَذَا، فَحَثَى لِى حَثْيَةً فَعَدَدْتُهَا فَإِذَا هِىَ خَمْسُمِائَةٍ، وَقَالَ خُذْ مِثْلَيْهَا. أطرافه 2598، 2683، 3137، 3164، 4383 - تحفة 2640، 2541 ¬

_ (¬1) راجعت سياقه من كتاب الفرائض هكذا: عن ابن عباس {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ .. وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ}، قال: كان المهاجرون حين قَدِمُوا المدينةَ يَرِثُ المهاجريُّ الأنصاريَّ -وفي نسخةٍ: الأنصاريَّ المهاجريُّ، وهذه أوضح- دون ذوي رحمِهِ، للأخُوَّة التي آخى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بينهم، فلمَّا نزلت: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ}، قال: نَسَختْهَا {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ}. قال المُحَشي: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} بدلٌ من الضمير المنصوب. قال الكِرْمَانيُّ: فاعلُ نسختها آيةَ {جَعَلْنَا}، {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ} منصوبٌ بإضمار أعني. انتهى. والمراد بإيراد الحديث منها ههنا: أن قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا} نَسَخَ حكم الميراث الذي دَلَّ عليه {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ} ... إلخ. وقد ذَكَرَ فبه العينيُّ شيئًا، فراجعه، وراجع "المعتصر" أيضًا.

4 - باب جوار أبى بكر فى عهد النبى - صلى الله عليه وسلم - وعقده

4 - باب جِوَارِ أَبِى بَكْرٍ فِى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَقْدِهِ 2297 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَىَّ إِلاَّ وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَىَّ قَطُّ، إِلاَّ وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلاَّ يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَرَفَىِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِىَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ الْحَبَشَةِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ - وَهْوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ - فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَخْرَجَنِى قَوْمِى فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِى الأَرْضِ فَأَعْبُدَ رَبِّى. قَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ إِنَّ مِثْلَكَ لاَ يَخْرُجُ وَلاَ يُخْرَجُ، فَإِنَّكَ تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِى الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، وَأَنَا لَكَ جَارٌ فَارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبِلاَدِكَ. فَارْتَحَلَ ابْنُ الدَّغِنَةِ، فَرَجَعَ مَعَ أَبِى بَكْرٍ، فَطَافَ فِى أَشْرَافِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لاَ يَخْرُجُ مِثْلُهُ، وَلاَ يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلاً يُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الْكَلَّ، وَيَقْرِى الضَّيْفَ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. فَأَنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جِوَارَ ابْنِ الدَّغِنَةِ وَآمَنُوا أَبَا بَكْرٍ وَقَالُوا لاِبْنِ الدَّغِنَةِ مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِى دَارِهِ، فَلْيُصَلِّ وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ، وَلاَ يُؤْذِينَا بِذَلِكَ، وَلاَ يَسْتَعْلِنْ بِهِ، فَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا. قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الدَّغِنَةِ لأَبِى بَكْرٍ، فَطَفِقَ أَبُو بَكْرٍ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِى دَارِهِ، وَلاَ يَسْتَعْلِنُ بِالصَّلاَةِ وَلاَ الْقِرَاءَةِ فِى غَيْرِ دَارِهِ، ثُمَّ بَدَا لأَبِى بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَبَرَزَ فَكَانَ يُصَلِّى فِيهِ، وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَتَقَصَّفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، يَعْجَبُونَ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلاً بَكَّاءً لاَ يَمْلِكُ دَمْعَهُ حِينَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا لَهُ إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِى دَارِهِ، وَإِنَّهُ جَاوَزَ ذَلِكَ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَأَعْلَنَ الصَّلاَةَ وَالْقِرَاءَةَ، وَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، فَأْتِهِ فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِى دَارِهِ فَعَلَ، وَإِنْ أَبَى إِلاَّ أَنْ يُعْلِنَ ذَلِكَ فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ، فَإِنَّا كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لأَبِى بَكْرٍ الاِسْتِعْلاَنَ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ قَدْ عَلِمْتَ الَّذِى عَقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ وَإِمَّا أَنْ تَرُدَّ إِلَىَّ ذِمَّتِى، فَإِنِّى لاَ أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّى أُخْفِرْتُ فِى رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنِّى أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ، وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ. وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، رَأَيْتُ سَبْخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لاَبَتَيْنِ». وَهُمَا الْحَرَّتَانِ، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْضُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا، فَقَالَ

5 - باب الدين

لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَى رِسْلِكَ فَإِنِّى أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِى». قَالَ أَبُو بَكْرٍ هَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِى أَنْتَ قَالَ «نَعَمْ». فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيَصْحَبَهُ وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. أطرافه 476، 2138، 2263، 2264، 3905، 4093، 5807، 6079 تحفة 16552، 16722 - 127/ 3 - 128/ 3 5 - باب الدَّيْنِ 2298 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الْمُتَوَفَّى عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَيَسْأَلُ «هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ فَضْلاً». فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ لِدَيْنِهِ وَفَاءً صَلَّى، وَإِلاَّ قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ». فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ قَالَ «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّىَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَىَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ». أطرافه 2398، 2399، 4781، 5371، 6731، 6745، 6763 - تحفة 15216 ***

40 - كتاب الوكالة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 40 - كتَابُ الوَكَالَة 1 - باب وَكَالَةُ الشَّرِيكِ الشَّرِيكَ فِى الْقِسْمَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ أَشْرَكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلِيًّا فِى هَدْيِهِ ثُمَّ أَمَرَهُ بِقِسْمَتِهَا. 2299 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ أَمَرَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أَتَصَدَّقَ بِجِلاَلِ الْبُدْنِ الَّتِى نُحِرَتْ وَبِجُلُودِهَا. أطرافه 1707، 1716 م، 1717، 1718 - تحفة 10219 2300 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ، فَبَقِىَ عَتُودٌ فَذَكَرَهُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ضَحِّ أَنْتَ». أطرافه 2500، 5547، 5555 - تحفة 9955 - 129/ 3 قوله: (وقد أَشْرَكَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَليًّا في هَدْيِهِ) ... إلخ، ولعلَّ هذا الإِشراكَ لا يُسَمَّى شَرِكَةَ عند الفقهاء، فإنه لا اشتراكَ فيه، غير أن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - جاء ببعضها من المدينة، وعليٌّ ببعضها من سعايته، فأي شَرِكَةٍ هذه. 2300 - قوله: (ضَحِّ بِهِ أَنْتَ) وفي روايةٍ: «ليس لأحدٍ بعدك»، فإن قُلْتَ: وقد وَرَدَ نحوَه لصحابيَ آخرَ أيضًا. وظاهُره مُتَنَاقِضٌ، فإنه إذا قال للأول: ليس لأحد غيرك، وَجَبَ أن لا يكون هناك أحدٌ غيره يجوز له ذبح ذلك السن، مع أنه قد أَجَازَ له أيضًا. قلتُ: والجوابُ ظاهرٌ، فإنه إذا قال للأول، لم يكن الثاني مَخْطُورًا بالبال. وإذا قال للثاني ههنا، كأن الأولَ لم يَكُنْ مخطورًا بالبال، وتلك اعتباراتٌ يَعْرِفُها اللبيبُ. 2 - باب إِذَا وَكَّلَ الْمُسْلِمُ حَرْبِيًّا فِى دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِى دَارِ الإِسْلاَمِ جَازَ 2301 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَاتَبْتُ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ كِتَابًا بِأَنْ يَحْفَظَنِى فِى صَاغِيَتِى بِمَكَّةَ، وَأَحْفَظَهُ فِى صَاغِيَتِهِ بِالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا ذَكَرْتُ الرَّحْمَنَ قَالَ لاَ أَعْرِفُ الرَّحْمَنَ، كَاتِبْنِى بِاسْمِكَ الَّذِى كَانَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ. فَكَاتَبْتُهُ عَبْدُ عَمْرٍو فَلَمَّا كَانَ فِى يَوْمِ بَدْرٍ خَرَجْتُ إِلَى جَبَلٍ لأُحْرِزَهُ حِينَ نَامَ النَّاسُ فَأَبْصَرَهُ بِلاَلٌ فَخَرَجَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى

3 - باب الوكالة فى الصرف والميزان

مَجْلِسٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، لاَ نَجَوْتُ إِنْ نَجَا أُمَيَّةُ. فَخَرَجَ مَعَهُ فَرِيقٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِى آثَارِنَا، فَلَمَّا خَشِيتُ أَنْ يَلْحَقُونَا خَلَّفْتُ لَهُمُ ابْنَهُ، لأَشْغَلَهُمْ فَقَتَلُوهُ ثُمَّ أَبَوْا حَتَّى يَتْبَعُونَا، وَكَانَ رَجُلًا ثَقِيلًا، فَلَمَّا أَدْرَكُونَا قُلْتُ لَهُ ابْرُكْ. فَبَرَكَ، فَأَلْقَيْتُ عَلَيْهِ نَفْسِى لأَمْنَعَهُ، فَتَخَلَّلُوهُ بِالسُّيُوفِ مِنْ تَحْتِى، حَتَّى قَتَلُوهُ، وَأَصَابَ أَحَدُهُمْ رِجْلِى بِسَيْفِهِ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يُرِينَا ذَلِكَ الأَثَرَ فِى ظَهْرِ قَدَمِهِ. طرفه 3971 - تحفة 9710 يعني أن اتحادَ المِلَّةِ ليس بشرطٍ في الوَكَالَةِ، وليس فيه إلا وكالةٌ لغويةٌ. 2301 - قوله: (صَاغِيَتِي) (¬1) أي أولادي. قوله: (عَبْدُ عَمْرو)، قال مولانا الجَنْجُوهِي: إن إضافةَ العبد إذا كان إلى غير الله، فلا يَخْلُو إمَّا أن يكونَ ذلك الغير مَعْبُودًا من دون الله أو لا، وعلى الثاني: إمَّا أن يكون موهمًا لها، أو لا. فالأولُ حرامٌ، والثاني إن كان مُوهمًا كُرِهَ، كعبد النبيِّ، وإلا لا. فعبد العُزَّى حَرَامٌ، وعبدُ النبيِّ مكروهٌ، وعبدُ المطَّلِب جائزٌ. وإنما سُمِّيَ به، لأن المطَّلبَ عمَّه كان جاء بابن أخيه يَحْمِلُهُ على ظهره، فقال له الناس: أن مُطَّلِبًا جاء بعبدٍ، فَسُمِّيَ عبد المطَّلِب. وأمَّا التسميةُ بعبد مَنَاف، فأيضًا حرامٌ، لأن المَنَاف كان صنمًا في الجاهلية، كما في «القاموس». وقد مرَّ: أن الأمرَ في نحو عبد النبيِّ يَدُورُ بالمغالطة، فإن خاف المغالطةُ مُنِعَ، وإلا لا. فهو كقولهم: {رَاعِنَا} [البقرة: 104] في القرآن، وقد مرَّ تفصيله. 3 - باب الْوَكَالَةِ فِى الصَّرْفِ وَالْمِيزَانِ وَقَدْ وَكَّلَ عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ فِى الصَّرْفِ. 2302 و 2303 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ وَأَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُمْ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ فَقَالَ «أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا». فَقَالَ إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلاَثَةِ. فَقَالَ «لاَ تَفْعَلْ، بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا». وَقَالَ فِى الْمِيزَانِ مِثْلَ ذَلِكَ. حديث 2302 أطرافه 2201، 4244، 4246، 7350 - تحفة 4044 - 130/ 3 حديث 2303 أطرافه 2202، 4245، 4247، 7351 - تحفة 13096 4 - باب إِذَا أَبْصَرَ الرَّاعِى أَوِ الْوَكِيلُ شَاةً تَمُوتُ، أَوْ شَيْئًا يَفْسُدُ، ذَبَحَ وَأَصْلَحَ مَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ 2304 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ الْمُعْتَمِرَ أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ ¬

_ (¬1) قال ابنُ الأثير: الصَّاغِيَةُ خاصية الإِنسان، والمائلُون إليه. اهـ. عيني.

5 - باب وكالة الشاهد والغائب جائزة

سَمِعَ ابْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُمْ غَنَمٌ تَرْعَى بِسَلْعٍ، فَأَبْصَرَتْ جَارِيَةٌ لَنَا بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِنَا مَوْتًا، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا بِهِ، فَقَالَ لَهُمْ لاَ تَأْكُلُوا حَتَّى أَسْأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، أَوْ أُرْسِلَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ يَسْأَلُهُ. وَأَنَّهُ سَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَاكَ، أَوْ أَرْسَلَ، فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهَا. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَيُعْجِبُنِى أَنَّهَا أَمَةٌ، وَأَنَّهَا ذَبَحَتْ. تَابَعَهُ عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. أطرافه 5501، 5502، 5504 - تحفة 11134 يعني إذا رأى الراعي شاةً تموت، ولم يكن المالك حَاضِرًا، ولا وَجَدَ فرصةً للإِجازة منه، هل له أن يَذْبَحَ؟ وفي «جامع الفصولين»، وهو من معتبرات فقهنا: إن ذَبَحَ الشاة يَضْمَنُ، وفي قولٍ: لا يَضْمَنُ. قلتُ: بل يُقْسِمُ على الحالات، فإن تحقَّق أنه ذَبَحَها بعذرٍ صحيحٍ لم يَضْمَن، وإن ثَبَتَ أنه جعله حِيلَةً، وأراد اللحمَ فقط ضَمِنَ. مسألة: في «البحر»: أن رجلا لو رَأَى أحدًا يَزْنِي بامرأته يَقْتُلُهُ، فإن بَلَغَ الأمرُ إلى القاضي، ولم يُثْبِتْ زِنَاه بالشهادة يَقْتَصُّ منه. ورأيتُ في «كنز العمال» حديثًا: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: «كَفَى بالسيف شا ... »، قال الراوي: واكتفى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بالشا، ولم يتلفظ بتمام اللفظ - أي شاهدًا - وقال: لو قلت: شاهدًا لتظالم السكران، والغيران، فهذا أَمْرٌ يَعْرِضُ للأنبياء عليهم السلام، فإنه أَبَاحَ له قتلَ رجلٍ يَرَاه على امرأته، ثم لم يُفْصِحْ به، لئلا يَتَجَاوَزَ فيه الناس عن الحدِّ. 2304 - قوله: (قال عُبَيْدُ الله: فَيُعْجِبُني أَنَّها أَمَةٌ، وأنها ذَبَحَتْ)، والراوي يتعجَّبُ منه، وفي (¬1) الفِقْهِ: أنه لا بأسَ بِذَبِيحَةِ المرأة. 5 - بابٌ وَكَالَةُ الشَّاهِدِ وَالْغَائِبِ جَائِزَةٌ وَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو إِلَى قَهْرَمَانِهِ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْ أَهْلِهِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ. 2305 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - سِنٌّ مِنَ الإِبِلِ فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ فَقَالَ «أَعْطُوهُ». فَطَلَبُوا سِنَّهُ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إِلاَّ سِنًّا فَوْقَهَا. فَقَالَ «أَعْطُوهُ». فَقَالَ أَوْفَيْتَنِى أَوْفَى اللَّهُ بِكَ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً». أطرافه 2306، 2390، 2392، 2393، 2401، 2606، 2609 - تحفة 14963 ¬

_ (¬1) قال العينيُّ: وفيه دليلٌ على إجازة ذبيحة المرأة بغير ضرورة إذا أحْسَنَتِ الذبحَ، وكذا الصبيّ إذا أطَاقهُ، قاله ابن عبد البَرّ، وهو قول أبي حنيفة، ومالك، والشافعيِّ، والثوريِّ، والليث، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثَوْر، والحسن بن حيِّ، ورُوِيَ عن ابن عبَّاس، وجابر، وعَطَاء، وطاوس، ومُجَاهد، والنَّخَعِيِّ. وفيه ما استدلَّ به فقهاء الأمصار -أبو حنيفة، ومالك، والشافعيُّ، والأوزاعيُّ، والثوريُّ- على جواز ما ذُبِحَ بغير إذن مَالِكِهِ. وفيه جوازُ أكل المذبوح الذي أشرَفَ على الموت إذا كانت فيه حياةٌ مستقرةٌ، وإلَّا فلا يَجُوزُ وفيه جواز الذبح بكل جَارح إلَّا السِّنِّ والظُّفُرِ، فإنهما مُسْتَثْنَيَانِ. اهـ. مختصرًا.

أي الوَكَالَةُ صحيحةٌ، سواء كان الوكيلُ شَاهِدًا أو غَائِبًا. 2305 - قوله: (فَطَلَبُوا سِنَّهُ، فلم يَجِدُوا له إلا سِنًّا فَوْقَهَا، فقال: أَعْطُوه) ... إلخ، واعلم أن استقراضَ الحيوانِ بالحيوانِ جائزٌ عند الشافعية. وأَنْكَرَهُ (¬1) الحنفيةُ، وقالوا: إن الاستقراضَ لا يَصِحُّ إلا في المِثْلِيَّات (¬2)، فلا تكون ثابتةً في الذمة، ويَجِبُ كونها مشارًا إليه عند العقد، فلا تَصْلُحُ لوجوبها في الذمة. وأَجَابُوا عن حديث الباب (¬3): أنه لم يكن فيه استقراضٌ، بل كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم اشترى منه بثمنٍ مُؤَجَّلٍ، فلمَّا حَلَّ الأجلُ، وأراد أن يُؤَدِّيَ إليه ثمنه، اشترى له بعيرًا آخر من ثمنه، وردَّه إليه. فعادت صورتُه صورةَ استقراضِ الحيوانِ بالحيوانِ، فهو استقراضٌ صورةً، وبيعٌ مُؤَجَّلٌ معنىً. ولمَّا لم يَكُنْ في الحِسِّ إلا مُبَادلة البعير بالبعير، حَذَفَ الراوي البيعَ المتوسِّطَ، وعبَّر عنه بما كان عنده في الحِسِّ. وذلك من ديدن الرواة، أنهم لا يُرَاعُون تخاريجَ الفقهاء، وأنظارَ العلماء، وإنما هم بصدد نقل القصة على ما وقعت في الخارج، ولا يكون لهم عن أبحاثهم غرضٌ. وهو مَلْحَظُهم في صلاة الكسوف: أنها كانت للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم أربعًا، وللقوم ركعتين ركعتين. وقد مرَّ جوابُهُ في العَرَايا. وإنما حَمَلْنَاهُ على هذا التأويل، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم «نهى عن بيع الحيوانِ بالحيوانِ نَسِيئَةً. وهذا وإن كان في البيع، لكن الاستقراضَ مثلُه لا تحاد العِلَّةِ. فإن في الاستقراض أيضًا وجوبًا ¬

_ (¬1) وفي "الاستذكار" وممن منع استقراضَ الحيوان، والسَّلَم فيه: عبْدُ الله بن مسعود، وحُذَيْفَةُ، وعبدُ الرحمن بن سَمُرَة، وأبو حنيفة وأصحابُه، والثوريُّ، والحسنُ بن صالح، وسائرُ الكوفيين. وحُجَّتُهم: أن الحيوانَ لا يوقف على حقيقة صفته. وادَّعُوا نسخَ حديث أبي هُرَيْرَة، وأبي رافعٍ بحديث ابن عمر: "أنه عليه الصلاة والسلام قَضَى فِيمَنْ أعْتَقَ نصف عبدٍ مُشْتَركٍ بقيمة نصف شريكه"، ولم يُوجِب عليه نصف عبدٍ. وعن يحيى بن سعيد: "قلتُ لربيعة: حدَّثني أهلُ أَنْطَابُلُس: أن خيرَ بن نُعَيم كان يقضي عندهم بأنه لا يَجُوز السَّلَفُ في الحيوان، وقد كان يُجَالِسُكَ، ولا أحْسَبُهُ قضى به إلَّا عن رأيك، فقال ربيعة: قد كان ابن مسعود يقول ذلك. اهـ. "الجوهر النقي". (¬2) ولا يَجُوزُ الاستقراضُ إلَّا مما له مِثْلٌ، كالمَكِيلَات، والمَوْزُونَات، والعَدَدِيَّات المتقاربة. فلا يَجُوزُ قرضُ ما لا مِثْلَ له من المَوْزُوعات -والصواب والمَزْرُوعَات- والعَدَدِيَّات المتفاوتة، لأنه لا سبيل إلى إيجاب ردِّ العين، ولا إلى إيجاب القيمة، لاختلاف تقويم المقوِّمين. فتعيَّن أن يكونَ الواجبُ فيه رَدَّ المِثْلِ، فيختصُّ جوازُه بما له مِثْلٌ. وعن هذا قال أبو حنيفة، وأبو يوسف: لا يَجُوزُ القرضُ في الخبز لا وزنًا، ولا عددًا. وقال محمد: يَجُوزُ عَدَدًا. اهـ. عيني. (¬3) وقال الطحاويُّ بعد أن رواه: ثم نُسِخَ ذلك بآية الرِّبا. وبيانُ ذلك أن آيةَ الرِّبا تُحَرِّمُ كل فَضْلٍ خالٍ عن العِوَضِ. ففي بيع الحيوان بالحيوان نسيئةً يُوجَدُ المعنى الذي حَرُمَ به الرِّبا، فَنُسِخَ كما نسخ بآية الرِّبا استقراضُ الحيوان، لأن النصَّ المُوجِبَ للحظر يكون متأخِّرًا عن المُوجِبِ للإِباحة. ومثل هذا النسخ يكونُ بدلالة التاريخ. فَيَنْدَفِعُ بهذا قول النوويِّ، وأمثاله: إن النسخَ لا يكون إلا بمعرفة التاريخ. اهـ: عيني. قلتُ: وهذا الجوابُ وإن كان مشهورًا فيما بين القوم، بَيْدَ أني اعْتَنَيْتُ بنقله لِمَا نبَّه عليه الشيخُ العيني في الجواب عن الشيخ النوويِّ، فإنه يُفِيدُ في مواضع إن شاء الله تعالى.

في الذِّمَّةِ، كما في البيع نسيئةً. وأقولُ من عند نفسي: إن الحيواناتِ، وإن لم تَثْبُتْ في الذِّمَّةِ في القضاء، لكنه يَصِحُّ الاستقراضُ به فيما بينهم عند عدم المُنَازَعَةِ، والمناقشة. وهذا الذي قلتُ: إن الناسَ يتعاملون في أشياءَ تكون جائزةً فيما بينهم على طريق المروءة والإِغماض، فإذا رُفِعَتْ إلى القضاء يُحْكَمُ عليها بعدم الجواز. فالاستقراضُ المذكورُ عند عدم المُنَازَعَةِ جائزٌ عندي. وذلك لأن العقودَ على نحوين: نحوٍ يكونُ معصيةً في نفسه، وذا لا يَجُوزُ مطلقًا. ونحوٍ آخرَ لا يكون معصيةً، وإنما يُحْكَمُ عليه بعدم الجواز لإِفضائه إلى المُنَازَعَةِ، فإذا لم تَقَعْ فيه منازعةٌ جَازَ. واستقراضُ البعير من النحو الثاني، لأنه ليس بمعصيةٍ في نفسه. وإنما يُنْهَى عنه، لأن ذواتَ القيم لا تتعيَّنُ إلا بالتعيين، والتعيينُ فيها لا يَحْصُلُ إلا بالإبشارة، فلا تَصْلُحُ للوجوب في الذمة. فإذا لم تتعيَّن، أفضى إلى المنازعة عند القضاء لا مَحَالَةَ. فإذا كان النهيُ فيه لعِلَّةِ المنازعةِ، جاز عند انتفاء العِلَّة. والحاصلُ أن كثيرًا من التصرُّفات لا تكونُ جائزةً في القضاء، وتَجُوزُ فيما بينهم. ثم هذا فيما لم يَرِدْ فيه نصٌّ من الشارع بالنهي عنه صراحةً، وكذا لم يَحْكُمْ به قياسٌ جَلِيٌّ، وإلا فلا سبيلَ فيه إلى الجواز بحالٍ. وقد تبيَّن مما قلنا: أن عِلَّةَ النهي فيما نحن فيه هي المُنَازَعَةُ، ولا نصَّ فيه عن الشارع، فإذا انتفت العِلَّةُ عاد إلى الجواز. ويُؤَيِّدُ ما قُلْنَا: إن الحنفيةَ صرَّحُوا في الإِجازةِ الفاسدةِ، والمُضَارَبَةِ الفاسدةِ: أن الأُجْرَةَ فيهما طيبةٌ مع فساد العقد، فَدَلَّ على أنه لا يَلْزَمَ من كون الشيءِ باطلا، أو فاسدًا كونه معصيةً أيضًا. فإِذا لم يكن معصيةً في نفسه، يُحْكَمُ عليه بالجواز. وإذن لا بأسَ لو حَكَمْنَا بالجواز في الصورةِ المذكورة. نعم لو وقعت فيه المُنَازَعَةُ ورُفِعَ الأمرُ إلى القاضي، فالحكمُ فيه كما في المتون، وهو عدمُ الجواز. ومن ههنا تبيَّن أن من زَعَمَ بين كون الشيء باطلا، ومعصيةً تلازمًا، فقد حَادَ عن الصواب. وهناك مسألةٌ أخرى تُؤَيِّدُ ما قُلْنَا، ففي «الهداية»: إن بيعَ الخشب في السقف فاسدٌ، فإِن سلَّمه إلى المشتري عاد إلى الجواز. وكذا البيعُ إلى النَّيْرُوز والمِهْرَجَان لا يَجُوزُ، فإِن نقد الثمن جاز. وذلك لأن عِلَّةَ الفساد في الصورة الأولى: كون المبيعِ غيرَ مَقْدُورِ التسليمِ، وفي الثانية: جهالةُ الأجل. فإذا انتفت بالتسليم ونقد الثمن، انتفى الفساد لانتفاء عِلَّتِهِ لا مَحَالَةَ. فهذا أصلٌ عظيمٌ ينبغي أن تَحْفَظَه، يَنْفَعُكَ في مواضع. ثم إذا بَطَلَ العقدُ في شيءٍ، وتَدَاوَلَتْهُ الأيدي، وترتَّب عليه الأخذُ والإِعطاءُ، ماذا يكون حاله؟ فاختلف فيه العلماء: فذهب عامتُهم إلى أن كلَّ ما ترتَّب عليه العقدُ الباطلُ، فهو باطلٌ لبطلان الأصل. وقال الحَلَوَانيُّ: إن الأولَ، وإن كان باطلا في نفسه، لكنه إذا تَدَاوَلَتْهُ الأيدي انقلب صحيحًا من جهة هذا التعاطي. فإِن الناسَ يَتَغَافَلُونَ ويُغْمِضُون فيه بعد التعاطي، ولا يُنَازِعُون فيه. قلتُ: وهذا أيضًا من باب المروءة، والحَلَوَانيُّ، وإن كان متفرِّدًا فيه، لكني أُفْتِي بقوله أيضًا. فإنَّ الناس إن يعملوا بقول واحد خيرٌ لهم من أن لا يعملوا بقول أحد، فلذا أفتي بقول الحَلَوَانيِّ تصحيحًا لعملهم، وإخراجه عن عدم الجواز.

6 - باب الوكالة فى قضاء الديون

وبالجملة: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أعطاه سِنًّا أحسن من سِنِّه، إذ لم تَقَعْ فيه منازعةٌ، ولو وقعت فيه لأدَّاه قيمته على ما هو السنَّة في ذوات القِيَمِ، فاحفظه. 6 - باب الْوَكَالَةِ فِى قَضَاءِ الدُّيُونِ 2306 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَقَاضَاهُ، فَأَغْلَظَ، فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا». ثُمَّ قَالَ «أَعْطُوهُ سِنًّا مِثْلَ سِنِّهِ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ نَجِدُ إِلاَّ أَمْثَلَ مِنْ سِنِّهِ. فَقَالَ «أَعْطُوهُ فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً». أطرافه 2305، 2390، 2392، 2393، 2401، 2606، 2609 - تحفة 14963 7 - باب إِذَا وَهَبَ شَيْئًا لِوَكِيلٍ أَوْ شَفِيعِ قَوْمٍ جَازَ لِقَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لِوَفْدِ هَوَازِنَ حِينَ سَأَلُوهُ الْمَغَانِمَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «نَصِيبِى لَكُمْ». 2307 و 2308 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ وَزَعَمَ عُرْوَةُ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَىَّ أَصْدَقُهُ. فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إِمَّا السَّبْىَ، وَإِمَّا الْمَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ». وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلاَّ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالُوا فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلاَءِ قَدْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّى قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ بِذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِىءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ». فَقَالَ النَّاسُ قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّا لاَ نَدْرِى مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِى ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعُوا إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ». فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا. حديث 2307 أطرافه 2539، 2584، 2607، 3131، 4318، 7176 - تحفة 11251 - 131/ 3 حديث 2308 أطرافه 2540، 2583، 2608، 3132، 4319، 7177 - تحفة 11271 ويجُوزُ (¬1) في إعراب الوكيل أوجهٌ إمَّا التنوينُ، أو الإِضافةُ على حدِّ قولهم: ¬

_ (¬1) كذا في العيني.

8 - باب إذا وكل رجل أن يعطى شيئا ولم يبين كم يعطى فأعطى على ما يتعارفه الناس

* يَا مَنْ رأى عَارِضًا أَسَرَّ به ... ذِرَاعي وجَبْهَةَ الأَسَدِ أصله ذراعين سقطت النون للإِضافة. أو يكون من باب يا تَيْمُ تَيْمَ عديِّ لا أبا لكم فعلى الأول، الوكيلُ أيضًا مضافٌ إلى قومٍ. وعلى الثاني، المضافُ إليه محذوفٌ من المعطوف عليه، يعني به أن الوكيلَ واحدٌ، وإن كان الموهوبُ له جماعةً، فذا جائزٌ. قلتُ: إن كان غرضُ المصنِّف منه إثباتَ جواز هبة المُشَاع، ففيه نظرٌ، لأنه احتجَّ بردِّ سبي هَوَازن، وحمله على كونه هبةً، وذلك غيرُ معلومٍ، لأن النظرَ فيه دائرٌ يُمْكِنُ أن يكونَ إعتاقًا، أو ردًّا، أو هِبَةً. فما لم ينفصل الأمرُ فيه، لا يَصِحُّ الاحتجاج به. وفصلُها من ألفاظ الرواة ظلمٌ، فإن هذه أنظارٌ وتخاريجُ. وقد صرَّحُوا أن الرواةَ قد كانوا لا يعلمون الفِقْهَ، فربَّما يَحْمِلُون الروايات على التناقُض، فيجرَّحُون، مع أن التناُقضَ كان يَحْدُث من جهة عدم تفقُّههم. 8 - باب إِذَا وَكَّلَ رَجُلٌ أَنْ يُعْطِىَ شَيْئًا وَلَمْ يُبَيِّنْ كَمْ يُعْطِى فَأَعْطَى عَلَى مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ 2309 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ وَغَيْرِهِ، يَزِيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَلَمْ يُبَلِّغْهُ كُلُّهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ، فَكُنْتُ عَلَى جَمَلٍ ثَفَالٍ، إِنَّمَا هُوَ فِى آخِرِ الْقَوْمِ، فَمَرَّ بِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَنْ هَذَا». قُلْتُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ «مَا لَكَ». قُلْتُ إِنِّى عَلَى جَمَلٍ ثَفَالٍ. قَالَ «أَمَعَكَ قَضِيبٌ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «أَعْطِنِيهِ». فَأَعْطَيْتُهُ فَضَرَبَهُ فَزَجَرَهُ، فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ مِنْ أَوَّلِ الْقَوْمِ قَالَ «بِعْنِيهِ». فَقُلْتُ بَلْ هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «بِعْنِيهِ قَدْ أَخَذْتُهُ بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ، وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ». فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ أَخَذْتُ أَرْتَحِلُ. قَالَ «أَيْنَ تُرِيدُ». قُلْتُ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً قَدْ خَلاَ مِنْهَا. قَالَ «فَهَلاَّ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ». قُلْتُ إِنَّ أَبِى تُوُفِّىَ وَتَرَكَ بَنَاتٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَنْكِحَ امْرَأَةً قَدْ جَرَّبَتْ خَلاَ مِنْهَا. قَالَ «فَذَلِكَ». فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ «يَا بِلاَلُ اقْضِهِ وَزِدْهُ». فَأَعْطَاهُ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ، وَزَادَهُ قِيرَاطًا. قَالَ جَابِرٌ لاَ تُفَارِقُنِى زِيَادَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَلَمْ يَكُنِ الْقِيرَاطُ يُفَارِقُ جِرَابَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. أطرافه 443، 1801، 2097، 2385، 2394، 2406، 2470، 2603، 2604، 2718، 2861، 2967، 3087، 3089، 3090، 4052، 5079، 5080، 5243، 5244، 5245، 5246، 5247، 5367، 6387 - تحفة 2455، 3169 أ - 132/ 3 يعني أنه إذا وَكَّلَ وكيلا بالإِعطاء، ولم يعيِّن مقدارَه، فَعَمِلَ فيه برأيه، هل يجوز أم لا؟ وأمثال ذلك عندي محمولةٌ على باب المروءة. فالأمرُ فيه عند عدم التنازُع على ما تعَارَفَهُ الناسُ. فما في الفقه: أن رجلا لو أسْلَم بنت مَخَاض إلى رجلٍ ليربِّيها على أن يكونَ له نِصْفُهَا، ففعل، تكون بنت المَخَاض للمُعْطِي بتمامها، ويَجِبُ عليه أجرةُ المِثْلِ للمربِّي، محمولٌ على ما وَقَعَ فيه التنازُعُ، ورُفِعَ الأمرُ إلى القاضي. أمَّا إذا اصطلحا، ولم يَتَنَازَعَا، فهمَا على معاملتهما.

9 - باب وكالة المرأة الإمام فى النكاح

2309 - قوله: (عن عَطَاءِ بن أبي رَبَاحٍ وغَيْرِهِ، يَزِيدُ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ، ولَمْ يُبَلِّغْهُ كُلُّهُم، رَجُلٌ وَاحِدٌ منهم، عن جابر) ... إلخ، قال الشَّارِحُون: فيه تقدير حرف: «بل» أي لم يُبَلِّغْهُ كلَّهم - بل - رَجُلٌ واحدٌ منهم. قلتُ: وتقدير حرف العطف لا يوجد في كُتُبِ النحو أصلا. فطريقُه أن يُوقَفَ على كلِّهم، ثم يُبْدَأَ من رجلٍ واحدٍ، فَيُفْهَمُ منه معنى بل. فهو مقدَّرٌ بهذا الطريق، أي لا نفهام معناه من الوقف. قوله: (ولك ظَهْرُهُ إلى المَدِينَةِ)، وهذا الذي أقولُ: إن الظَّهْرَ في ليلة البعير لم تكن على طريق الاشتراط، بل كان عارِيَّةَ له من النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وقد تمسَّك به البخاريُّ على جواز الاشتراط في البيع، لِمَا في بعض ألفاظه ما يُومِيءُ إليه. وإذا تبيَّنْتَ أنه كان عَاريَّةً لا شرطًا في صلب العقد، سَقَطَ الاحتجاج به. وقد مرَّ منا مِرَارًا: أن الراوي لا يُرَاعي في التعبير تخاريج المشايخ، وإنما يبني كلامَهُ على ما هو عنده في الحِسِّ والمشاهدة، وهو المُلْحَظُ عندنا في قوله: «وَّجْتُكَهَا بما مَعَكَ من القرآن»، وسيجيء تقريره في موضعه. قوله: (إن أبي قد تُوُفِّيَ)، فيه إطلاقُ التَّوَفِّي على الشهادة (¬1)، ولا حَرَجَ، لأنه إذا اسْتُعْمِلَ عديلا للقتل يُسْتَعْمَلُ بمعنىً آخرَ، وإذا اسْتُعْمِلَ وحده يكون بمعنىً آخرَ. ولك أن تقولَ: إن المُكَنَّى به، والمُكَنَّى عنه يجتمعان في الكناية مِصْدَاقًا، لا مدلولا، فيكون مدلولاهما مجامعًا في الصدق، بخلاف المجاز، فإنه لا يكون فيه إلا معنىً واحدٌ. كما إذا أردت المطر من لفظ السماء، لا يتحقَّق فيه إلا معنى المطر. وإذا قلتَ: رأيتُ رجلا طويلَ النِّجَاد، على طريق الكناية، يتحقَّق فيه المُكَنَّى به، وهو طول النجاد، والمُكَنَّى عنه، أي طول القامة كلاهما، وإن اختلفا في مدلول لفظيهما. وإنما ذَكَرْنَا لك الفرق بين المجاز والكناية في عدَّة مواضع مع شيء من الإِيضاح في كل موضعٍ لتُحِيطَ به علمًا، فإن الفرقَ قد أَعْوَزَ على الفحول، ولم يتنقَّح عندهم بعد. قوله: (وزَادَهُ قِيرَاطًا)، وفيه تصريحٌ أنه قد أعطى الثمن على حِدَة، والزيادة على حِدَة، ثم إنه ليس المراد من القِيرَاط سِكَّةً مخصوصةً، بل قدرَها من الوَرِق، فلا شيوعَ فيها. 9 - باب وَكَالَةِ الْمَرْأَةِ الإِمَامَ فِى النِّكَاحِ 2310 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى قَدْ وَهَبْتُ لَكَ مِنْ نَفْسِى. فَقَالَ رَجُلٌ زَوِّجْنِيهَا. قَالَ «قَدْ زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». أطرافه 5029، 5030، 5087، 5121، 5126، 5132، 5135، 5141، 5149، 5150، 5871، 7417 - تحفة 4742 ¬

_ (¬1) وقد وَرَدَ مثله في شهادة عمر، عند البيهقيِّ عن جابر، كما في "المشكاة" من أشراط الساعة، قال: "فُقِدَ الجرادُ في سنةٍ من سني عمر التي تُوَفِّي فيها"، الحديث بطوله.

10 - باب إذا وكل رجلا، فترك الوكيل شيئا فأجازه الموكل فهو جائز، وإن أقرضه إلى أجل مسمى جاز

2310 - قوله: (إني قَدْ وَهَبْتُ لَكَ مِنْ نَفْسِي) ... إلخ، قلتُ: وأين فيه توكيلُ المرأة. والدلالةُ فيه لا تكفي، فلا يُقَالُ: إنه وإن لم يتحقَّق حقيقةً، لكنه متحقِّقٌ حكمًا، لأنه لا بُدَّ للتوكيل إمَّا من لفظه، أو تحقُّقه بولايةٍ شرعيةٍ. 10 - بابٌ إِذَا وَكَّلَ رَجُلاً، فَتَرَكَ الْوَكِيلُ شَيْئًا فَأَجَازَهُ الْمُوَكِّلُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ أَقْرَضَهُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى جَازَ 2311 - وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو عَمْرٍو حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ وَكَّلَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِى آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ، وَقُلْتُ وَاللَّهِ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ إِنِّى مُحْتَاجٌ، وَعَلَىَّ عِيَالٌ، وَلِى حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ. قَالَ فَخَلَّيْتُ عَنْهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالاً فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ. قَالَ «أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ». فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّهُ سَيَعُودُ. فَرَصَدْتُهُ فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ دَعْنِى فَإِنِّى مُحْتَاجٌ، وَعَلَىَّ عِيَالٌ لاَ أَعُودُ، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالاً، فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ. قَالَ «أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ». فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَهَذَا آخِرُ ثَلاَثِ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَزْعُمُ لاَ تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ. قَالَ دَعْنِى أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا. قُلْتُ مَا هُوَ قَالَ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِىِّ {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ وَلاَ يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ. فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِى كَلِمَاتٍ، يَنْفَعُنِى اللَّهُ بِهَا، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ. قَالَ «مَا هِىَ». قُلْتُ قَالَ لِى إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِىِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} وَقَالَ لِى لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ وَلاَ يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، وَكَانُوا أَحْرَصَ شَىْءٍ عَلَى الْخَيْرِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاَثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ». قَالَ لاَ. قَالَ «ذَاكَ شَيْطَانٌ». طرفاه 3275، 5010 - تحفة 14482 - 133/ 3 يعني به الإِجازةَ اللاحقةَ. قوله: (وإن أَقْرَضَهُ إلى أجلٍ مُسَمّىً جَازَ) ... إلخ، وقد مرَّ: أن الأجل لا يَلْزَمُ في القرض.

11 - باب إذا باع الوكيل شيئا فاسدا، فبيعه مردود

2311 - قوله: (ذَاكَ شَيْطَانٌ)، والشيطانُ يُطْلَقُ على الجِنِّ (¬1) أيضًا، كما يُعْلَمُ من القرآن، وفي بعض الروايات (¬2): «أنه كان ذا شعرٍ كثيرٍ، فأخذه أبو هُرَيْرَة، وسأله عمَّن هو؟ فقال: أنا جِنِّيٌّ». وراجع له «آكام المرجان في أحكام الجان»، وكان هذا الجنيُّ من جنِّ نَصِيبين (¬3)، كما في بعض الروايات. ثم إن هذا المالَ كان صدقةَ الفِطْرِ، فهل تَسْقُطُ الصدقةُ بأخذ الجنِّ؟. قلتُ: ولمَّا كانت هذه الواقعةُ في عهد النبوَّة على طريق خَرْقِ العادة، فلا ينبغي أن تُبْنَى عليها المسائل، مع أن أبا هريرة لم يَطَّلِعْ عليه إلا بعد ما أخبره النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أنه جِنٌّ. وقد أَخْفَاهُ هو أيضًا إلى يومين، حتَّى ظنَّه أبو هريرة ذا حاجةٍ من الناس، مَصْرِفًا للصدقة، فكان يُغْمِضُ عنه على علمٍ منه أنه فقيرٌ، أو مسكينٌ. وحينئذٍ فقصرها على موردها أَوْلَى. نصيبين: وهي عند حرَّان، والموصل في شرق الشام، معدن السِّحْر. ومن ههنا تعلَّم الفارابي الفلسفة. وأظنُّ أنه تكون فيها جماعةٌ من الجِنِّ، وقد ذكر هذا الجِنُّ: أن الناسَ كانوا يَضْرِبُون لنا سهمًا أيضًا، وقد تَرَكُوا ذلك منذ بُعِثَ هذا الرجلُ - يريد به النبيَّ صلى الله عليه وسلّم - فإِذن ليس لنا من السرقة بُدٌ. 11 - باب إِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ شَيْئًا فَاسِدًا، فَبَيْعُهُ مَرْدُودٌ 2312 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ - هُوَ ابْنُ سَلاَّمٍ - عَنْ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَبْدِ الْغَافِرِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ بِلاَلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِتَمْرٍ بَرْنِىٍّ فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مِنْ أَيْنَ هَذَا». قَالَ بِلاَلٌ كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِىٌّ، فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، لِنُطْعِمَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ «أَوَّهْ أَوَّهْ عَيْنُ الرِّبَا عَيْنُ الرِّبَا، لاَ تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِىَ فَبِعِ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ ثُمَّ اشْتَرِهِ». تحفة 4246 12 - باب الْوَكَالَةِ فِى الْوَقْفِ وَنَفَقَتِهِ، وَأَنْ يُطْعِمَ صَدِيقًا لَهُ وَيَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ 2313 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ فِى صَدَقَةِ عُمَرَ - رضى ¬

_ (¬1) ورَاجِعْ لتحقيق إبليس، ولمباحث الجن "عمدة القاري" و"فتح الباري". (¬2) أخرج العينيُّ برواية الحاكم، وابن حِبّان، عن أبيِّ بن كعب، وفيه: "فإذا هو بدابةٍ شبه الغلام المحتلم، قال: فسلّمْتُ، فرد عليَّ السلامَ، قال: فقلت: أنت جِنَّيٌّ أم إنسيٌّ؟ قال: جني قال: قلتُ: نَاوِلْني يدَك، قال: فناولني، فإذا يده يد كلبٍ، وشعر كلب. فقلت: هكذا خلق الجن. قال: لقد علمت الجن ما فيهم أشد مني" ... إلخ، وقد أخرج هذه الأحاديث القاضي بدر الدين أبو عبد الله محمد الشِّبْلي في كتابه "آكام المرجان" مبسوطةً، فراجعها. (¬3) أخرج العينيُّ برواية الطبراني عن مُعَاذ حديث الجنيِّ بطوله، وفيه: "فقال: إني شيطانٌ ذُو عِيَالٍ، وما أتيتكَ إلَّا من نَصِيبِين، لو أصَبْتُ شيئًا دونه ما أتيتكَ. ولقد كنَّا في مدينتكم هذه حتى بُعِثَ صاحبكم، فلمَّا أُنْزِلَ عليه آيتان أنْفَرَتَانَا منها، فوقعنا بنَصِيبِين، ولا تُقْرَآن في بيت إلَّا لم يَلِجْ فيه الشيطان ثلاثًا" ... إلخ.

13 - باب الوكالة فى الحدود

الله عنه - لَيْسَ عَلَى الْوَلِىِّ جُنَاحٌ أَنْ يَأْكُلَ وَيُؤْكِلَ صَدِيقًا {لَهُ} غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالاً، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ هُوَ يَلِى صَدَقَةَ عُمَرَ يُهْدِى لِلنَّاسِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ. أطرافه 2737، 2764، 2772، 2773، 2777 - تحفة 7360 - 134/ 3 أراد المصنِّفُ من الوكيل: ناظره ومتوليه. 2313 - قوله: (وكان ابن عمر) ... إلخ، يجوز التصدُّق على الأصدقاء من مال الواقف، عند إذن الواقف. ثم إن المسألةَ في قَبُول المتولِّي هدايا الناس: أنه إن ظَنَّها رِشْوةً لم تَجُزْ، وإلا جازت. فلا إشكالَ في قَبُول ابن عمر هدايا أهل مكة، مع كونه متولِّيًا للوقف. 13 - باب الْوَكَالَةِ فِى الْحُدُودِ 2314 و 2315 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَأَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنهما عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا». حديث 2314 أطرافه 2649، 2696، 2725، 6634، 6828، 6831، 6836، 6843، 6860، 7194، 7259، 7279 - تحفة 3755 حديث 2315 أطرافه 2695، 2724، 6633، 6827، 6833، 6835، 6842، 6859، 7193، 7258، 7260، 7278 - تحفة 14106 2314، 2315 - قوله: (أغْدُ يا أُنَيْسُ)، ولمَّا تضمَّن قوله قذفًا للمرأة، وهو حقُّ العبد، أمره النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أن يَغْدُوَ إليها، ويَسْأَلُ عنه. وإلا فالحدود معناها على الستر دون التجسُّسِ، والتَّسَاؤل، والله تعالى أعلم. 2316 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِىُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ جِىءَ بِالنُّعَيْمَانِ أَوِ ابْنِ النُّعَيْمَانِ شَارِبًا، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ كَانَ فِى الْبَيْتِ أَنْ يَضْرِبُوا قَالَ فَكُنْتُ أَنَا فِيمَنْ ضَرَبَهُ، فَضَرَبْنَاهُ بِالنِّعَالِ وَالْجَرِيدِ. طرفاه 6774، 6775 - تحفة 9907 14 - باب الْوَكَالَةِ فِى الْبُدْنِ وَتَعَاهُدِهَا 2317 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - أَنَا فَتَلْتُ قَلاَئِدَ هَدْىِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدَىَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِى، فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَىْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى نُحِرَ الْهَدْىُ. أطرافه 1696، 1698، 1699، 1700، 1701، 1702، 1703، 1704، 1705، 5566 - تحفة 17899 15 - باب إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِوَكِيلِهِ: ضَعْهُ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ وَقَالَ الْوَكِيلُ: قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ 2318 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

16 - باب وكالة الأمين فى الخزانة ونحوها

أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالاً، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بِيْرُ حَاءَ وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ فَلَمَّا نَزَلَتْ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِى كِتَابِهِ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِى إِلَىَّ بِيْرُ حَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ شِئْتَ، فَقَالَ «بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَائِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَائِحٌ. قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا، وَأَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِى الأَقْرَبِينَ». قَالَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِى أَقَارِبِهِ وَبَنِى عَمِّهِ. تَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ عَنْ مَالِكٍ. وَقَالَ رَوْحٌ عَنْ مَالِكٍ رَابِحٌ. أطرافه 1461، 2752، 2758، 2769، 4554، 4555، 5611 - تحفة 204 - 135/ 3 16 - باب وَكَالَةِ الأَمِينِ فِى الْخِزَانَةِ وَنَحْوِهَا 2319 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَازِنُ الأَمِينُ الَّذِى يُنْفِقُ - وَرُبَّمَا قَالَ الَّذِى يُعْطِى - مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلاً مُوَفَّرًا، طَيِّبٌ نَفْسُهُ، إِلَى الَّذِى أُمِرَ بِهِ، أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ». طرفاه 1438، 2260 - تحفة 9038

41 - كتاب الحرث والمزارعة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 41 - كتاب الحَرْثِ والمُزَارَعَة 1 - باب فَضْلِ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ إِذَا أُكِلَ مِنْهُ وَقَوْلِهِ تَعَالَى {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65)} [الواقعة: 63 - 65]. 2320 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ح وَحَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلاَّ كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ». وَقَالَ لَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا أَبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6012 - تحفة 1431 2 - باب مَا يُحْذَرُ مِنْ عَوَاقِبِ الاِشْتِغَالِ بِآلَةِ الزَّرْعِ أَوْ مُجَاوَزَةِ الْحَدِّ الَّذِى أُمِرَ بِهِ 2321 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الْحِمْصِىُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِىُّ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ الْبَاهِلِىِّ، قَالَ - وَرَأَى سِكَّةً وَشَيْئًا مِنْ آلَةِ الْحَرْثِ، فَقَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَدْخُلُ هَذَا بَيْتَ قَوْمٍ إِلاَّ أُدْخِلَهُ الذُّلُّ». أطرافه 2141، 2230، 2403، 2115، 2534، 6716، 6947، 7186 تحفة 4925 واعلم أن الحَرْثَ والمُزَارَعَةَ مِلاك العالم، لا يتمُّ نظامُهُ إلا به، ومع ذلك تَرِدُ الأحاديث في كراهته، فيتحيَّر منه الناظر. وما ذَكَرْنَاه في الحِجَامَةِ لا يَنْفَعُ ههنا، فإن الحجَّامَ الواحدَ يكفي لجماعاتٍ، بخلاف الحَرْثِ. وأُجِيبَ أن الأهمَّ في عهده صلى الله عليه وسلّم كان الجهادَ، والاشتغالُ بالحَرْثِ يُوجِبُ الاشتغال عنه، فذمَّه (¬1) لهذا. ثم إن مخالب السلطنة تَنْشَبُ بالمزارع، أكثر ممَّا تَنْشَبُ بالتاجر. وكذا المُزَارعُ يُحْرَمُ من الخير كثيرًا، فلا يَجِدُ فرصةً لاستماع الوَعْظِ، وصُحْبَةِ الصُّلَحَاء. والحاصلُ: أن الشيءَ إذا دار بين خيرٍ وشرَ، لا يُحْكَمُ عليه بالخيرية مُطْلَقًا، أو الكراهةِ ¬

_ (¬1) يَقُولُ العبدُ الضعيفُ: إليه تُومىءُ ترجمةُ البخاريِّ: باب ما يُحْذَرُ من عَوَاقِب الاشتغال ... إلخ. فبوَّب أولًا بفضله، ثم حذَّر لِمَا فيه من العواقب السوأى، فقسَّم على الحالات، وحَمَلَ الأحاديثَ على مَحْمَلٍ مَحْمَلٍ.

3 - باب اقتناء الكلب للحرث

كذلك. ولِتَجَاذُب الأطراف، فَتَرِدُ الأحاديثُ فيه بالنحوين لذلك، فافهم. 2321 - قوله: (رَأَى سِكَّةَ). (بهال). 3 - باب اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ لِلْحَرْثِ 2322 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا فَإِنَّهُ يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ، إِلاَّ كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ». قَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَأَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِلاَّ كَلْبَ غَنَمٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ صَيْدٍ». وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ». طرفه 3324 - تحفة 15428، 13414 - 136/ 3 2323 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ أَبِى زُهَيْرٍ - رَجُلًا مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا لاَ يُغْنِى عَنْهُ زَرْعًا وَلاَ ضَرْعًا، نَقَصَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ». قُلْتُ أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ إِى وَرَبِّ هَذَا الْمَسْجِدِ. طرفه 3325 - تحفة 4476 ولا يَنْقُصُ هذا القيراطُ إذا اقْتَنَاهُ، فيما أَذِنَه الشارعُ كالحَرْثِ أو الماشية. أمَّا الملائكةُ (¬1)، فلعلَّهم لا يَدْخُلُون بيتَهُ بعده أيضًا، كما مرَّ، والله تعالى أعلم. 4 - باب اسْتِعْمَالِ الْبَقَرِ لِلْحِرَاثَةِ 2324 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى بَقَرَةٍ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ. فَقَالَتْ لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، خُلِقْتُ لِلْحِرَاثَةِ، قَالَ آمَنْتُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، ¬

_ (¬1) وقد مرَّ الشيخ مِرَارًا: أن لهم منافرةً طبيعيةً عن هذه الأشياء، فلا بحثَ لهم عن إباحة الاقتناء وعدمها. أَلَا ترى أنهم لا يَدْخلون بيتًا فيه جُنُبٌ، وكذ لا يَحْضُرُون جنازته، وإن جَازَ له النومُ حال الجنابة! قلتُ: وُيؤَيِّدُ ما في الحديث الصحيح: "أن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أباح لهم أكل البصل والثوم، ثم لم يأكله هو، وقال: إني أُنَاجِي من لا تُنَاجي". فدلَّ على أن شغلَ المناجاة معهم يُوجِبُ أن لا يأكل هذه البُقُول، فإنهم يتأذُّون من الرائحة الكريهة طبعًا، وإن جاز أكله. فالجوازُ يتعلَّق بعالمنا، والدخول بعالمهم، وكل يَعْمَلُ بما في عالمه، والله تعالى أعلم. قال الخطَّابيُّ: إنما لم يَدْخُلْ إذا كان فيه شيءٌ من هذه مما يَحْرُمُ اقتناؤه من الكلاب والصُّوَر. وأمَّا ما ليس بحرامٍ من كلب الصيد، أو الزرع، أو الماشية، والصُّور التي تُمتَهَنُ في البُسُط، والوَسَائد، وغيرهما، فلا يَمتَنِعُ دخول الملائكة بسببه. وقال النوويُّ: الأظهرُ أنه عامٌّ في كل كلبٍ، وكل صورةٍ. عمدة القاري من بدء الخلق اهـ.

5 - باب إذا قال: اكفني مؤونة النخل أو غيره، وتشركني فى الثمر

وَأَخَذَ الذِّئْبُ شَاةً فَتَبِعَهَا الرَّاعِى، فَقَالَ الذِّئْبُ مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لاَ رَاعِىَ لَهَا غَيْرِى. قَالَ آمَنْتُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ». قَالَ أَبُو سَلَمَةَ مَا هُمَا يَوْمَئِذٍ فِى الْقَوْمِ. أطرافه 3471، 3663، 3690 - تحفة 14951 2324 - قوله: (آمَنْتُ)، إنما قاله حين تعجَّب الناسُ، وقالوا: سُبْحَانَ الله. قوله: (يَوْمَ السَّبُعِ)، وذلك في إبَّان الساعة، حين تَخْرَبُ البلاد، ويَهْلِكُ الناس، فَتَسْكُنُ فيها الذئاب. قال العلماءُ: إن البقرَ يُسْتَعْمَلُ بِمَنْكِبِهِ، والفرسَ بظهره. وحينئذٍ لا يُنَاسِبُ العربة، لأنه يُوجِبُ استعمال مَنْكِب الفرس، ولم يُخْلَقْ له، وإنما خُلِقَ للركوب على ظهره. 5 - باب إِذَا قَالَ: اكْفِنِي مَؤُونَةَ النَّخْلِ أَوْ غَيْرِهِ، وَتُشْرِكُنِي فِى الثَّمَرِ 2325 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَتِ الأَنْصَارُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا النَّخِيلَ. قَالَ «لاَ». فَقَالُوا تَكْفُونَا الْمَئُونَةَ وَنُشْرِكُكُمْ فِى الثَّمَرَةِ. قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا. طرفاه 2719، 3782 - تحفة 13738 6 - باب قَطْعِ الشَّجَرِ وَالنَّخْلِ وَقَالَ أَنَسٌ: أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالنَّخْلِ فَقُطِعَ. 2326 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ حَرَّقَ نَخْلَ بَنِى النَّضِيرِ وَقَطَعَ، وَهْىَ الْبُوَيْرَةُ، وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ: * وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَني لُؤَيَ ... حَرِيقٌ بِالبُوَيرَةِ مُسْتَطِيرُ أطرافه 3021، 4031، 4032، 4884 - تحفة 7637 - 137/ 3 7 - باب 2327 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الأَنْصَارِىِّ سَمِعَ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ قَالَ كُنَّا أَكْثَرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مُزْدَرَعًا، كُنَّا نُكْرِى الأَرْضَ بِالنَّاحِيَةِ مِنْهَا مُسَمًّى لِسَيِّدِ الأَرْضِ، قَالَ فَمِمَّا يُصَابُ ذَلِكَ وَتَسْلَمُ الأَرْضُ، وَمِمَّا يُصَابُ الأَرْضُ وَيَسْلَمُ ذَلِكَ، فَنُهِينَا، وَأَمَّا الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ فَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ. أطرافه 2286، 2332، 2344، 2722 - تحفة 3553 8 - باب الْمُزَارَعَةِ بِالشَّطْرِ وَنَحْوِهِ وَقَالَ قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِى جَعْفَرٍ قَالَ مَا بِالْمَدِينَةِ أَهْلُ بَيْتِ هِجْرَةٍ إِلاَّ يَزْرَعُونَ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ. وَزَارَعَ عَلِىٌّ وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ

الْعَزِيزِ وَالْقَاسِمُ وَعُرْوَةُ وَآلُ أَبِى بَكْرٍ وَآلُ عُمَرَ وَآلُ عَلِىٍّ وَابْنُ سِيرِينَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ كُنْتُ أُشَارِكُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ فِى الزَّرْعِ. وَعَامَلَ عُمَرُ النَّاسَ عَلَى إِنْ جَاءَ عُمَرُ بِالْبَذْرِ مِنْ عِنْدِهِ فَلَهُ الشَّطْرُ، وَإِنْ جَاءُوا بِالْبَذْرِ فَلَهُمْ كَذَا. وَقَالَ الْحَسَنُ لاَ بَأْسَ أَنْ تَكُونَ الأَرْضُ لأَحَدِهِمَا فَيُنْفِقَانِ جَمِيعًا فَمَا خَرَجَ فَهْوَ بَيْنَهُمَا، وَرَأَى ذَلِكَ الزُّهْرِىُّ. وَقَالَ الْحَسَنُ لاَ بَأْسَ أَنْ يُجْتَنَى الْقُطْنُ عَلَى النِّصْفِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ وَابْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَالْحَكَمُ وَالزُّهْرِىُّ وَقَتَادَةُ لاَ بَأْسَ أَنْ يُعْطِىَ الثَّوْبَ بِالثُّلُثِ أَوِ الرُّبُعِ وَنَحْوِهِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ لاَ بَأْسَ أَنْ تَكُونَ الْمَاشِيَةُ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى. 2328 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ، فَكَانَ يُعْطِى أَزْوَاجَهُ مِائَةَ وَسْقٍ ثَمَانُونَ وَسْقَ تَمْرٍ وَعِشْرُونَ وَسْقَ شَعِيرٍ، فَقَسَمَ عُمَرُ خَيْبَرَ، فَخَيَّرَ أَزْوَاجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُقْطِعَ لَهُنَّ مِنَ الْمَاءِ وَالأَرْضِ، أَوْ يُمْضِىَ لَهُنَّ، فَمِنْهُنَّ مَنِ اخْتَارَ الأَرْضَ وَمِنْهُنَّ مَنِ اخْتَارَ الْوَسْقَ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ اخْتَارَتِ الأَرْضَ. أطرافه 2285، 2329، 2331، 2338، 2499، 2720، 3152، 4248 تحفة 7808 - 138/ 3 واعلم أن المزارعةَ على ثلاثة أنحاءٍ: كِرَاءُ الأرض بالنقد، وهذا جائزٌ بالاتفاق. والثاني: المزارعةُ على ما خَرَجَ من الأرض، فإن عيَّن لنفسه حصةً معيَّنةً من الأرض لم يَجُزْ بالاتفاق. وكذا إذا اشْتَرَطَ حصةً معيَّنةً من الخارج، كخمسة أَوْسُق أو نحوها، لِمَا فيه من المخاطرة، فجاز أن لا تُنْبِتَ هذه، وتُنْبِت تلك. أما إذا زَارَعَهُ على المُشَاع، وهو الثالث، كالنصف، والثُّلُث، فهذا هو مورد الخلاف. نَهَى عنها أبو حنيفة، وأَجَازَهَا صاحباه، ولم أَكُنْ أفهم دهرًا ما في «الهداية»، في أول باب المزارعة: لا تَجُوزُ المزارعةُ والمساقاةُ، عند أبي حنيفة، ثم أراه يَنْقُلُ الخلاف في المسائل بينه وبين صاحبيه أيضًا. وكنت أتعجَّبُ أن المزارعةَ إذا لم تَجُزْ عنده، فمن أين تلك التفريعات والمسائل. ولم يَكُن يَعْلَقُ بقلبي ما أجابوا عنه من أن الإِمامَ كان يَعْلَمُ أن الناسَ ليسوا بعاملين على مسألتي، ففرَّع المسائلَ على أنهم إن زارعوها، فماذا تكون أحكامها؟ ثم رأيتُ في - «حاوي القدسي»: كَرِهَهَا أبو حنيفة، ولم يَنْهَ عنها أشدَّ النهي. وحينئذٍ نَشُطْتُ من العِقَال، وَثِلَجَ الصدر، وظَهَرَ وجهُ التفريعات مع القول بالبطلان. فإنه قد نبَّهناك فيما مرَّ أن الشيءَ قد يكون باطلا، ولا يكون معصيةً، فلا بُدَّ أن يكونَ له أحكامٌ على تقدير فرض وقوعه، فإنه وإن كان باطلا في نفسه، لكنه لا يَلْزَمُ من فرض وقوعه مَحَالٌ في الشرع. فلو فرضناه واقعًا، يكون له حكمٌ لا مَحَالة. فلذا تعرَّض إليه. ثم إنه وَرَدَ النهيُ عن المُزَارَعَةِ بالنقد أيضًا، كما في كتاب البخاري، وهو محمولٌ على الشفقة بالاتفاق، ومعناه: أن الأرضَ مما لا ينبغي أن يُؤْخَذَ عليها الأجر، فمن كان عنده فَضْلُ أرضٍ فارغةٍ عن حاجته، فَلْيَمْنَحْ بها أخاه. وهو أيضًا حكمٌ على طريق المروءة، وبسط الخُلُق.

9 - باب إذا لم يشترط السنين فى المزارعة

فإن المُمَاكسةَ بما لا يَضُرُّه أبعدُ عن معالى الأخلاق، فحرَّضَهُ على ما هو الأحرى بشأنه. والحاصلُ: أن حقَّه على الأرض كأنه ضعيفٌ بالنسبة إلى المنقولات، وكأن الله تعالى خلقها للزراعةِ، أو المِنْحَةِ، ومن أراد غيرَ ذلك، فقد سَلَكَ مَسْلَكَ الشُّحِّ والبُخْل. وأمَّا المنقولات، فإن الشرعَ أباح له أن يَنْتَفِعَ بها كيف شاء، بيعًا وهِبةً، فإنها خُلِقَتْ للتحوِّل والنقل من مِلْكٍ إلى مِلْك. بخلاف الأرض، فإنها تَبْقَى على مكانها، وانتفاع أخيه الملهوف لا يُنْقِصُ منها شيئًا. نعم يُجْبِرُ الكَسِيرَ، ويُكْسِبُ المُعْدَم. ثم إن مادةَ جوازها، والنهي عنها موجودةٌ في الأحاديث. وراجع له الطحاويَّ، وقد قرَّرنا لك مذهبَ الإِمام من «الحاوي»، فلا تَلْتفِتُ إلى ما اشتهر على الألسنة. وبعد ذلك تَسْتَرِيحُ عن الأجوبة، والأسئلة. قوله: (وعامَلَ عُمَرُ) وقد مرَّ مني التردُّدَ فيه أنه كانت مُزَارَعَةً، أو خَرَاجًا مقاسمةً. والمصنِّفُ لا يفرِّق بينهما، ويَجْعَلُ معاملةَ السلطان مع رعيَّته مُزَارَعةً، مع أن السلطان أيضًا ليس بمالكٍ للأرض ههنا. قوله: (وقال الحُسَنُ) ... إلخ، وهذه شَرِكةٌ. قوله: (لا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ الثَّوْبَ بالثُّلُثِ) ... إلخ، وتسمَّى عندنا بقَفِيز الطَّحَّان، وهي إعطاءُ الأجير أُجْرَتَهُ مما حَصَلَ له من عمله. وأجازه مشايخ بَلْخ، فلذا لا أتشدَّد فيه، وللقول المشهور قوله: «نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم عن قَفِيزِ الطَّحَّان». قوله: (وقال مَعْمَرٌ: لا بَأْسَ أن تُكْرَى المَاشِيَةُ على الثُّلُثِ) (¬1) ... إلخ، أي أنه يُعْطِيه الثُّلُث أو الرُّبعُ من نسلها. وفي «شرح الكنز» - للعيني - في باب الشركة: أن المعاملةَ المذكورةَ لا تَجُوزُ عندنا، ويكون فيها أُجْرَةُ المِثْلِ فقط. قلت: وهذا فيما إذا وَقَعَ التَّنَازُع، أمَّا إذا لم يَقَعْ التنازعُ، فهما على ما اصطلحا عليه فيما بينهما. 2328 - قوله: (وقَسَمَ عُمَرُ): أي خيَّرهنَّ بين أن يُعْطِيَهُنَّ أرضًا من خَيْبرَ، أو يَأْخُذْنَ من الثمار. 9 - باب إِذَا لَمْ يَشْتَرِطِ السِّنِينَ فِى الْمُزَارَعَةِ 2329 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ عَامَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ. أطرافه 2285، 2328، 2331، 2338، 2499، 2720، 3152، 4248 تحفة 8138 ويُشْتَرَطُ تعيين الأجل في المُزَارَعَةِ. والمصنِّفُ يُطْلِقُ فيه، ولا يميِّزُ بين المُزَارَعَةِ، وخَرَاج ¬

_ (¬1) قال العينيُّ: معناه أن يُكْرِي دابةً تَحْمِلُ له طعامًا مثلًا إلى مدَّةٍ معيَّنةٍ، على أن يكونَ ذلك بينهما أثلاثًا، أو أرباعًا، فإنه لا بَأْسَ. وعندنا لا يَجُوزُ ذلك، وعليه أُجْرَةُ المِثْلِ لصاحبه. اهـ.

10 - باب

المقاسمة، ويتمسَّك بمعاملة أهل خَيْبَرَ، وكلُّ ذلك لعدم بلوغه في الفِقْهِ مَبْلَغه في الحديث. 10 - باب 2330 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو قُلْتُ لِطَاوُسٍ لَوْ تَرَكْتَ الْمُخَابَرَةَ فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْهُ. قَالَ أَىْ عَمْرُو، إِنِّى أُعْطِيهِمْ وَأُغْنِيهِمْ، وَإِنَّ أَعْلَمَهُمْ أَخْبَرَنِى - يَعْنِى ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَلَكِنْ قَالَ «أَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ خَرْجًا مَعْلُومًا». طرفاه 2342، 2634 - تحفة 5735 قوله: (لم يَنْهَ عَنْهُ) ... إلخ، ولذا حملتُ النهيَ على الإِرشاد. 11 - باب الْمُزَارَعَةِ مَعَ الْيَهُودِ 2331 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَى خَيْبَرَ الْيَهُودَ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا خَرَجَ مِنْهَا. أطرافه 2285، 2328، 2329، 2338، 2499، 2720، 3152، 4248 تحفة 7932 12 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الشُّرُوطِ فِى الْمُزَارَعَةِ 2332 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى سَمِعَ حَنْظَلَةَ الزُّرَقِىَّ عَنْ رَافِعٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا أَكْثَرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَقْلاً، وَكَانَ أَحَدُنَا يُكْرِى أَرْضَهُ، فَيَقُولُ هَذِهِ الْقِطْعَةُ لِى وَهَذِهِ لَكَ، فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ ذِهِ وَلَمْ تُخْرِجْ ذِهِ، فَنَهَاهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2286، 2327، 2344، 2722 - تحفة 3553 وما في الحديث لا يَجُوزُ بالاتفاق. 13 - باب إِذَا زَرَعَ بِمَالِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، وَكَانَ فِى ذَلِكَ صَلاَحٌ لَهُمْ 2333 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا ثَلاَثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ أَخَذَهُمُ الْمَطَرُ، فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ فِى جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْظُرُوا أَعْمَالاً عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً لِلَّهِ فَادْعُوا اللَّهَ بِهَا لَعَلَّهُ يُفَرِّجُهَا عَنْكُمْ. قَالَ أَحَدُهُمُ اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِى وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَلِى صِبْيَةٌ صِغَارٌ كُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ، فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ حَلَبْتُ، فَبَدَأْتُ بِوَالِدَىَّ أَسْقِيهِمَا قَبْلَ بَنِىَّ، وَإِنِّى اسْتَأْخَرْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمْ آتِ حَتَّى أَمْسَيْتُ، فَوَجَدْتُهُمَا نَامَا، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ، فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا، أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْقِىَ الصِّبْيَةَ، وَالصِّبْيَةُ

14 - باب أوقاف أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأرض الخراج، ومزارعتهم ومعاملتهم

يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَىَّ، حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا فَرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ. فَفَرَجَ اللَّهُ فَرَأَوُا السَّمَاءَ. وَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنَّهَا كَانَتْ لِى بِنْتُ عَمٍّ أَحْبَبْتُهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، فَطَلَبْتُ مِنْهَا فَأَبَتْ حَتَّى أَتَيْتُهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَبَغَيْتُ حَتَّى جَمَعْتُهَا، فَلَمَّا وَقَعْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ، وَلاَ تَفْتَحِ الْخَاتَمَ إِلاَّ بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا فَرْجَةً. فَفَرَجَ. وَقَالَ الثَّالِثُ اللَّهُمَّ إِنِّى اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقِ أَرُزٍّ، فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قَالَ أَعْطِنِى حَقِّى. فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ، فَرَغِبَ عَنْهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيهَا فَجَاءَنِى فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ. فَقُلْتُ اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ الْبَقَرِ وَرُعَاتِهَا فَخُذْ. فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَسْتَهْزِئْ بِى. فَقُلْتُ إِنِّى لاَ أَسْتَهْزِئُ بِكَ فَخُذْ. فَأَخَذَهُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ مَا بَقِىَ، فَفَرَجَ اللَّهُ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ ابْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ فَسَعَيْتُ. أطرافه 2215، 2272، 3465، 5974 - تحفة 8461 - 139/ 3 من غَصَبَ أرضًا وزَرَعَهَا، فالزرعُ تابعٌ للبَذْرِ. ولمَّا كانت الصورةُ المذكورةُ صورةَ الغصب، لا يستحقُّ الغاصبُ أجرَ العمل أيضًا (¬1)، إلا أن تكونَ الأرضُ معروفةً بالاستغلال، وأن تُوفَّى الشروط. ثم المسألةُ في المُزَارَعَةِ الصحيحة: أن تُوَفَّى الشروط ما كانت، وفي الفاسدة: أن الزرع (¬2) يَتْبَعُ البَذْر، فيكون مِلْكًا لصاحبه. 14 - بابُ أَوْقَافِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَرْضِ الْخَرَاجِ، وَمُزَارَعَتِهِمْ وَمُعَامَلَتِهِمْ وَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعُمَرَ «تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ لاَ يُبَاعُ، وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ فَتَصَدَّقَ بِهِ». ¬

_ (¬1) هكذا وجدته في مذكرتي. (¬2) واعلم أنه روي في حديث عن رافع بن خديج مرفوعًا، قال: من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فله نفقته، وهذا الحديث يرد على الحنفية، فإن الزرع عندنا يكون لصاحب البذر، ويملكه الغاصب بملك خبيث، ويجب عليه الأجرة لصاحب الأرض، والشيخ قد أجاب عنه في -درس الترمذي- أن الحديث محمول على بيان ما هو الطيب والخبيث منه، فقال: إنه يطيب له الزرع بقدر نفقته، وهو المسألة عندنا، ولم يسق لبيان الملك، ثم رأيته في كتاب "الأموال" ص 288، قال أبو عبيد، ففي هذا الحديث وجهان: أحدهما أن يكون أراد به أنه لا يطيب للزارع من ريع ذلك الزرع شيء إلا بقدر نفقته، ويتصدق بفضله على المساكين، وهذا على وجه الفتيا، والوجه الآخر: أن يكون - صلى الله عليه وسلم - قضى على رب الأرض بنفقة الزارع، وجعل الزرع كله لرب الأرض طيبًا، اهـ. قلت والأول هو مذهبنا. ثم ذكر أبو عبيد في الفرق بين الزرع والنخل -حيث أمرنا بقلع النخل دون الزرع- كلامًا حسنًا، قال: وإنما اختلف حكم الزرع والنخل، فقضى بقلع النخل، ولم يقض بقلع الزرع لأنه قد يوصل في الزرع إلى أن ترجع الأرض إلى ربها من غير فساد، ولا ضرر يتلف به الزرع، وذلك أنه إنما يكون في الأرض سنته تلك، وليس له أصل باق في الأرض، فإذا انقضت السنة رجعت الأرض إلى ربها، وصار للآخر نفقته، فكان هذا أدنى إلى الرشاد من الزرع بقلا، =

2334 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - لَوْلاَ آخِرُ الْمُسْلِمِينَ مَا فَتَحْتُ قَرْيَةً إِلاَّ قَسَمْتُهَا بَيْنَ أَهْلِهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ. أطرافه 3125، 4235، 4236 - تحفة 10389 واعلم أن الوقفَ عندنا لا يجري إلا في العَقَار، إلا أن يكون تابعًا. وأمَّا عند محمد، فيَصِحُّ بكلِّ منقولٍ جَرَى فيه التعاملُ بوقفه. ثم قالوا: إن الوقفَ عندنا تصدُّقٌ بالمنفعة مع حَبْس الأصل على مِلْكِ الواقف، وعند صاحبيه: هو حَبْسُ الأصل على مِلْكِ الله، لا يُمَلَّكُ، ولا يُوَرَّثُ. ثم أُورِدَ على الحنفية: أن الوقفَ على طوركم، لم تَبْقَ له حقيقةٌ، لأن الشيءَ قد بقي على مِلْكِه الآن كما كان، والتصدُّق بالمنفعة جائزٌ بدون الوقف أيضًا، فلم يَظْهَرْ للوقف ثمرةٌ، حتى صرَّح السَّرَخْسِيُّ أن الوقفَ باطلٌ عند الإِمام، بمعنى أنه ليس له حكمٌ جديدٌ. وهكذا قرَّره ابن الهُمَام. نعم استثنوا منه الوقف للمسجد، والوقف من الوصية، والثالث الوقف الذي قضى القاضي بخروجه عن مِلْك الواقف، كذا في «الكنز». قلتُ: أمَّا الوقفُ للمسجد، فخروجُهُ عن مِلْكِ الواقف ظاهرٌ. وأمَّا القسمُ الثاني، فالدَّخْلُ فيه للوصية دون الوقف. وكذا الثالث لا دَخْلَ فيه للوقف، بل هي مسألةٌ عامَّةٌ في كلِّ ما قَضَى به القاضي في الفصول المختلفة فيها. ثم إن أبا يوسف قد ذَاكَرَ مع الإِمام مالك في أربعة مسائل: في تحديد الصاع، والأذان قبل الفجر، والوقف، والرابعة لا أذكرها، وهي مذكورةٌ في شرح «الجامع الصغير». فلمَّا رَجَعَ من المدينة أَعْلَنَ في أول مَجْلِسٍ جَلَسَ: أني أَرْجِعُ في هذه المسائل الأربعة عن قول الإِمام الهُمَام. ¬

_ = والله لا يحب الفساد؛ وليس النخل كذلك، لأن أصله مخلد في الأرض، لا يوصل إلى رد الأرض إلى ربها بوجه من الوجوه، وإن تطاول مكث النخل فيها -إلا بنزعها- فلما لم يكن هناك وقت ينتظر لم يكن لتأخير نزعها وجه، فلذلك كان الحكم فيها تعجيل قلعها عند الحكم، فهذا الفرق بين الزرع والنخل، والله أعلم بما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك، اهـ. وقد تعرض إليه الطحاوي في "معاني الآثار" ص 264 - ج 3، فقال: وجه ذلك عندنا على أن الزرع لا شيء له في الزرع يأخذه لنفسه، فيملكه، كما يملك الزرع الذي يزرعه في أرض نفسه، أو في أرض غيره، ممن قد أباح له الزرع فيها، ولكنه يأخذ نفقته وبذره، ويتصدق بما بقي، ثم احتج الطحاوي بأحاديث أخرجها: منها ما أخرجه عن مجاهد مرسلًا، قال: اشترك أربعة نفر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أحدهم: على البذر، وقال الآخر: على العمل، وقال الآخر: على الفدان -والنسَخ- في ضبطه مختلفة، فزرعوا، ثم حصدوا، ثم أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجعل الزرع لصاحب البذر، وجعل لصاحب العمل أجرًا معلومًا، وجعل لصاحب الفدان درهمًا في كل يوم، الخ. ثم قال الطحاوي: أفلا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أفسد هذه المزرعة لم يجعل الزرع لصاحب الأرض، بل جعله لصاحب البذر، قال الشيخ: ومراسيل مجاهد مقبولة، عند الجمهور، وراجع "معاني الآثار" إن شئت التفصيل.

واعلم أن صاحب «البدائع والمبسوط» مُعَاصِرَان. وظنِّي أن «البدائع» أُخِذَ من السَّرَخْسِيِّ، كما قالوا في «الهداية»: إنه مأخوذٌ من «المبسوط». وهذا عندي خلافُ التحقيق، لأن متانةَ عبارته، وعذوبتَها، وفخامةَ كلماتها، وجزالةَ ألفاظها تأْبَى ذلك، ولِمَا رأيتُ بالمدينة أن وقفًا من أوقاف الصحابة لم يُعَدْ إليهم ثانيًا، فدَلَّ على خروجها من أملاكهم. وأخْتَارُ أن الوقفَ لا يَقْبَلُ النقلَ والتحويلَ من مِلْكٍ إلى مِلْكٍ. أمَّا عند الإِمام، فإنه يَصِيرُ إرثًا بعد الوفاة. ثم أن الوقفَ عُدَّ من خصائص هذه الأمة، وليس بصحيحٍ، لأنه ثَبَتَ وقف إبراهيم عليه السلام، فدعوى التخصيص غير مسموعٍ، إلا أن يكونَ باعتبار قيدٍ. وبالجملة هذا الباب مهمٌّ جدًا، وقد مهَّدْتُ ونبَّهْتُ على أنه ليس وجوده وعدمه عندنا سواء، وليس الأمرُ كما صرَّح به السَّرَخْسِيُّ، ثم بسطه الشيخ ابن الهُمَام. بل الأمرُ كما ذكره في «الحاوي»: أن الوقفَ عند الإِمام حبسٌ للشيء على مِلْكِ الواقف، ونَذْرٌ بتصدُّق المنفعة. ومنه تبيَّن أن ما حرَّره الشيخ من مذهب الإِمام غير محرَّرٍ، بل هو نَذْرٌ، كما في عبارة «الحاوي». وحينئذٍ ظَهَرَ أن الوقفَ ليس بباطلٍ، بل يَعْمَلُ ما يَعْمَلُ النَّذْرُ، فله حقيقةٌ مستقلةٌ عندنا أيضًا، وإن كان فيه ضعفٌ بالنسبة إلى الأئمة الأُخَر. فالرجوعُ عنه مكروهٌ تحريمًا ديانةً، وإن جاز قضاءً. وأما قوله صلى الله عليه وسلّم لعمر: «تصدَّق بأصله لا يُبَاعُ»، فلفظُهُ عند الترمذيِّ في الوقف: «إن شِئْتَ حَبَسْتَ أصلها، وتصدَّقت بها» (¬1) أي بما خَرَجَ منها. وهذا عينُ ما ذَهَبَ إليه الحنفيةُ. وإنما عبَّر عنه في البخاريِّ بالتصدُّق بالأصل، لأنه إذا نَهَى عن بيعه، فصار كأنه تصدَّق بالأصل. بقي أنه يكون مُؤَبَّدًا، أم لا؟ فعند الطحاويِّ: «أن عمر وَقَفَ حظَّهُ من خيبر في زمن النبي صلى الله عليه وسلّم وكان أول وقف في الإسلام»، ثم نقل عنه الطحاويُّ بإِسنادٍ قويٍّ (¬2): «لولا أني ذَكَرْتُ صدقتي لرسول الله صلى الله عليه وسلّم أو نحو هذا لرددتها». اهـ. وهو صريحٌ في نَفَاذِ الرجوعِ في الوقف، وراجع الطحاويَّ. فائدة: ثم اعلم أن - «الحاوي» - ثلاثة: «الحاوي» للحَصِيْري، والزَّاهِدِي، والقُدْسي، وما ذكرناه، فهو في «الحاوي» للقدسي. ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد ذَكَرْنَا لك عن الشيخ: أن الحديثَ على لفظ الترمذي حُجَّةٌ للحنفية. ولعلَّ في لفظ البخاريِّ تقديمًا وتأخيرًا، وقلبًا، فما كان من لفظ عمر، نقله الراوي في لفظ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فأوْرَثَ خلافًا. فإن لفظ عمر عند الترمذيِّ: "لا يُبَاع ولا يُورَث"، وذلك هو لفظُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في البخاريِّ، فافهم. (¬2) وتُعُقِّبَ عليه من وجهين: الأول: أنه منقطعٌ، وأجاب عنه العينيُّ في موضعٍ آخرَ: أن المُنْقَطِعَ في مثل رواية الزُّهْري لا يَضُرُّ، لأن الانقطاعَ إنما يَمْنَعُ لنقصان في الراوي لفوات شرط من شرائطه المذكورة في موضعها، والزُّهْرِيُّ إمامٌ جليلُ القدر، لا يُتَّهَمُ في روايته. والثاني: أنه يَحْتَمِلُ أن يكونَ عمرُ يرى بصحة الوقف ولزومه، إلا إن شَرَطَ الواقفُ الرجوعَ، فله أن يَرْجِعَ. فأجاب عنه: بأنه احتمالٌ غيرُ ناشىءٍ عن دليلٍ. اهـ. ملخصًا بتصرُّف.

15 - باب من أحيا أرضا مواتا

15 - باب مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا (¬1) وَرَأَى ذَلِكَ عَلِىٌّ فِى أَرْضِ الْخَرَابِ بِالْكُوفَةِ مَوَاتٌ. وَقَالَ عُمَرُ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهْىَ لَهُ. وَيُرْوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ «فِى غَيْرِ حَقِّ مُسْلِمٍ، وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ فِيهِ حَقٌّ. وَيُرْوَى فِيهِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وراجع شرائط الإِحياء من الفِقْهِ. قوله: (في أَرْضِ الخَرَابِ) (غير آبادزمين). قوله: (فهي له)، وعندنا يُشْتَرَطُ فيه إذنُ الإِمام خلافًا للآخرين. أمَّا قوله: «فهي له»، فمحمولٌ على الإِذن، لا على بيان المسألة فقط، فإذا أَذَنَهُ الأميرُ فهي له. قوله: (وليس لِعِرْقٍ (¬2) ظَالِمٍ) ... إلخ، فَلَوْ غَرَسَ أحدٌ في أرض الغير يَجِبُ قلعه عندنا، ولا يكون له حقٌّ. ¬

_ (¬1) قال القاضي أبو بكر بن العربي في "شرح الترمذي": قال علماؤنا: المَوَاتُ على قسمين: موات يَتَشَاحُّ الناسُ فيه لقربه من العُمْرَانات، ومواتٌ لا يتعلَّق به بالُ أحدٍ. فالذي لا يتشاحُّ من أحياه، كان له بغير إذن الإِمام، وما فيه تشاحٌّ وازدحامُ غرضٍ، لم يَكُنْ بدٌّ من إذن الإِمام فيه. وقال الشافعيُّ: لا يَفْتَقِرُ إلى الإِذن في الوجهين. وقال أبو حنيفة: لا بُدَّ من إذنه في الوجهين. وقال أبو يوسف: لا يجوز إحياء ما قَرُبَ من العُمْران، -وإن لم تَكُنْ فيه منفعةٌ لأحدٍ- إلى مدى صوتٍ. واعتمد الشافعيُّ على مطلق الحديث. واعتمد أبو حنيفة على ظاهر المعنى، فقال: إن الأرضَ مشتركةٌ بين المسلمين لقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "ثم هي لكم مني". وما كان مشتركًا، لم يختصَّ به أحدٌ إلَّا بإِذن من له الإِذن، كالغنيمة. اهـ. وراجع كلامه بتمامه، فإنه يحتوي على فوائد جمَّةٍ، وإنما نقلنا منه جُمَلًا مختصرةً، تتعلَّق بموضوعنا. ثم إن ما ذكره القاضي في حُجَّةِ الحنفية، فصَّله الطحاويُّ مبسوطًا، كما ذكره الشيخ بدر الدين العيني رحمه الله تعالى هكذا روى الطحاويُّ عن محمد بن عُبَيد الله بن سعيد أبي عَوْن الثَّقَفيِّ الأَعْوَر الكوفيِّ التابعيِّ، قال: خَرَجَ رجلٌ من أهل البَصْرَةِ يُقَالُ له: أبو عبد الله إلى عمر، فقال: إن بأرض البَصْرَةِ أرضًا لا تَضُرُّ بأحدٍ من المسلمين، وليست بأرض خَرَاج، فإن شئت أن تُقْطَعنيها أتخِذهَا - قَضْبًا وزيتونًا. فكتب عمر إلى أبي موسى، إن كان حمى، فأقطعها إياه". أَفَلَا ترى أن عمر لم يجعل له أخذها، ولا جَعَلَ له مِلْكَهَا، إلَّا بإِقطاع الخليفة ذلك الرجل إياها، لولا ذلك لكان يقول له: وما حاجتك إلَّا -إلى- إقطاعي إيَّاك تَحْمِيها وتَعْمُرُها، فتَمْلِكُهَا. فَدَل على أن الإِحياءَ عند عمر: هو ما أذن الإِمام فيه للذي يَتَوَلَّاه وُيمَلِّكُهُ إياه. قال الطحاويُّ: وقد دَلَّ على ذلك ما حدَّثنا ابن مَرْزُوق: حدثنا أزهر السمَّان، عن ابن عون، عن محمد، قال: قال عمر: "لنا رقاب الأرض"، فَدَلَّ ذلك على أن رقابَ الأَرَضِين كلّها إلى أئمة المسلمين، وأنها لا تَخرُجُ من أيديهم، إلَّا بإخراجهم إيَّاها. اهـ. "عمدة القاري". واستدلَّ الطحاويُّ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا حِمَى إلَّا لله" لمذهبه في اشتراط إذن الإِمام في إحياء المَوَاتِ، وتُعُقب بالفرق بينهما، فإن الحِمَى أخصُّ من الإِحياء. قلتُ: حَصْرُ الحِمَى لله ولرسوله، يَدُلُّ على أن حكمَ الأراضي إلى الإِمام، والموات من الأراضي، ودعوى الأخصِّية ممنوعةٌ، لأن كلًّا منهما لا يكونا إلَّا فيما لا مِلْكَ له، فيستويان في هذا المعنى. اهـ. "عمدة القاري" بتصرُّفٍ يسيرٍ، وراجع معه كلام القاضي من "شرح الترمذي". (¬2) ونَقَلَ أبو عُبَيُد في "شرحه" قال: ويُرْوَى عن كثير بن عبد الله المُزَني، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، قال: =

16 - باب

2335 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَعْمَرَ أَرْضًا لَيْسَتْ لأَحَدٍ فَهْوَ أَحَقُّ». قَالَ عُرْوَةُ قَضَى بِهِ عُمَرُ - رضى الله عنه - فِى خِلاَفَتِهِ. تحفة 16393 - 140/ 3 2335 - قوله: (من أَعْمَرَ) ... إلخ؛ وههنا من الإِعْمَار دون العُمْرَى، وراجع شرح (¬1) «الوقاية» لمعنى العُمْرَى. 16 - باب 2336 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أُرِىَ وَهْوَ فِى مُعَرَّسِهِ مِنْ ذِى الْحُلَيْفَةِ فِى بَطْنِ الْوَادِى، فَقِيلَ لَهُ إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ. فَقَالَ مُوسَى وَقَدْ أَنَاخَ بِنَا سَالِمٌ بِالْمُنَاخِ الَّذِى كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُنِيخُ بِهِ، يَتَحَرَّى مُعَرَّسَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ أَسْفَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ الَّذِى بِبَطْنِ الْوَادِى، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ وَسَطٌ مِنْ ذَلِكَ. أطرافه 483، 1535، 7345 - تحفة 7025 2337 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اللَّيْلَةَ أَتَانِى آتٍ مِنْ رَبِّى وَهْوَ بِالْعَقِيقِ أَنْ صَلِّ فِى هَذَا الْوَادِى الْمُبَارَكِ وَقُلْ عُمْرَةٌ فِى حَجَّةٍ». طرفاه 1534، 7343 - تحفة 10513 وغَرَضُ البخاريِّ منه: أن المسألةَ في إحياء المَوَات أنها تكون لمن أَحْيَاها. كما أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم نزل بذي الحُلَيْفَة عن بطن الوادي، ولم تَكُنْ أرضًا مملوكةً لأحدٍ، فصار له مُعَرَّسًا ومُنَاخًا. فهكذا من أَحْيَا أرضًا غيرَ مملوكةٍ، تكونُ له. 17 - باب إِذَا قَالَ رَبُّ الأَرْضِ: أُقِرُّكَ مَا أَقَرَّكَ اللَّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَجَلًا مَعْلُومًا، فَهُمَا عَلَى تَرَاضِيهِمَا 2338 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى أَخْبَرَنَا نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ¬

_ = "إن من حقوق الأودية سَلَمَ قومٍ على ما أَسْلَموا عليه. فمن أَحْيَا أرضًا مَوَاتًا، فأَحْدَثَ فيها أحدٌ حَدَثًا: غَرَسَ غرسًا، أو بَنَى فيها بناءً، أوزَرَعَ زرعًا بغير شيءٍ وَرِثَهُ، ولا مال اشتراه، ولا قطيعةٍ من سلطانٍ، ولا سَلَمٍ أَسْلَمَ عليه، فذلك العِرْقُ الظالمُ". اهـ. كتاب "الأموال". (¬1) وسنذكر عبارة "شرح الوقاية" مع ما ذكره الآخرون في هذا المعنى في باب ما قيل من العُمْرى، من كتاب الهبة إن شاء الله تعالى.

18 - باب ما كان من أصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم - يواسي بعضهم بعضا فى الزراعة والثمرة

ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنهما - أَجْلَى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ أَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا، وَكَانَتِ الأَرْضُ حِينَ ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلِلْمُسْلِمِينَ، وَأَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ، مِنْهَا فَسَأَلَتِ الْيَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيُقِرَّهُمْ بِهَا أَنْ يَكْفُوا عَمَلَهَا وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا». فَقَرُّوا بِهَا حَتَّى أَجْلاَهُمْ عُمَرُ إِلَى تَيْمَاءَ وَأَرِيحَاءَ. أطرافه 2285، 2328، 2329، 2331، 2499، 2720، 3152، 4248 تحفة 8465 - 141/ 3 وهذه أيضًا من التراجم التي لا تَسْقُطُ على مَحَطَ، ولا تَرْجعُ إلى أصلٍ. فإن حقيقةَ المعاملة مع أهل خَيْبَرَ لم تتنقَّحْ عنده بعد، فقد يجعلها إجارةً، وأخرى مزارعةً، ولا تَصِحَّان، إلا أن تكونَ مِلْكًا للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم والمسلمين. وأمَّا إذا كانت مِلْكًا لأنفسهم، فلا تَصْحُّ لا هذه، ولا تلك، فلا تكون إلا خَرَاجًا مقاسمةً. ثم فرَّع عليها تفريعات لا تَسْتَقِيمُ بحالٍ أيضًا، فذكر إبهامِ الأجل، وذا لا يَصِحُّ على تقدير كونها إجارةً، أو مزارعةً باتفاق الفقهاء، لأن الطبائعَ قد جُبِلَتْ على المُمَاكَسَةِ في هذا الباب. فالإِبهام فيها يُفْضِي إلى المُنَازَعَةِ لا مَحَالَة. أمَّا الخَرَاجُ مقاسمةً، فيَصِحُّ مع جهالة الأجل، لكونه بين الإِمام والرَّعِيَّةِ، والأمنِ من إفضائه إلى المُنَازَعةِ، فللإِمام أن يُقِرَّ من شاء إلى ما شاء من غير مُدَافعٍ، ولا مُنَازِعٍ. 2338 - قوله: (حتَّى أَجْلاهُمْ عُمَرُ إلى تَيْمَاءَ وأَرِيحَاءَ). وقصتُه: أن ابن عمر كان ذَهَبَ إليهم لحاجةٍ، فأَسْقَطُوهُ من السَّقْفِ، فخرجت رِجْلاه، فأجلاهم عمر من جزيرة العرب على ما كانت حدودها في ذهنه. وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أَخْبَرهُمْ بهذا الإِجلاء في أول أمرهم أيضًا. ثم إن أَرِيحَاءَ بلدةٌ في أطراف الشام، فَلْيُمْعِنُ النظرَ أصحابُ الجغرافية في أنها كانت داخلة في حدود جزيرة العرب في الدورة الإِسلامية أم لا؟ وهذا يُفِيدُ في شرح قوله صلى الله عليه وسلّم «أَخْرِجُوا اليهودَ والنصارى من جزيرة العرب» (¬1). 18 - باب مَا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يُوَاسِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِى الزِّرَاعَةِ وَالثَّمَرَةِ 2339 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنْ أَبِى النَّجَاشِىِّ مَوْلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَمِّهِ ظُهَيْرِ بْنِ رَافِعٍ قَالَ ظُهَيْرٌ لَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَمْرٍ كَانَ بِنَا رَافِقًا. قُلْتُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) وفي "المعتصر في تفسيره": فجزيرةُ العرب التي لا يُتْرَكُ اليهود، والنصارى يُقِيمُون بها إلَّا مقدار ما يَقْضُونَ بها حوائجهم مكَّةُ والمدينةُ، والطائفُ، والوبزة -الرَّبَذَة- ووادي القُرَى، على ما قال محمد بن الحسن. وقال أبو عُبَيْدَة: ما بين حضر أبي موسى إلى أقصى اليمن في الطول، وأمَّا العرضُ فما بين بِيرِين إلى منقطع السَّمَاوة. وقيل: الطولُ من أقصى عَدَن إلى ريف العراق، والعرض فمن جُدَّة وما والاها من ساحل البحر إلى أطراف الشام ... إلخ.

فَهْوَ حَقٌّ. قَالَ دَعَانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا تَصْنَعُونَ بِمَحَاقِلِكُمْ». قُلْتُ نُؤَاجِرُهَا عَلَى الرُّبُعِ وَعَلَى الأَوْسُقِ مِنَ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ. قَالَ «لا تَفْعَلُوا ازْرَعُوهَا أَوْ أَزْرِعُوهَا أَوْ أَمْسِكُوهَا». قَالَ رَافِعٌ قُلْتُ سَمْعًا وَطَاعَةً. طرفاه 2346، 4012 - تحفة 5029 2340 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانُوا يَزْرَعُونَهَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالنِّصْفِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيَمْنَحْهَا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ». طرفه 2632 - تحفة 2424 2341 - وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ». تحفة 15415 2341 - قوله: (قال الرَّبِيعُ بن نَافِعٍ) ... إلخ، وهو شيخٌ للبخاريِّ، وأبي داود، والطحاويِّ. وإنما حَصَلَ السماع منه للطحاوِيِّ، لأنه طال عُمْره، وبقي مُدَّةً طويلةً. 2342 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ ذَكَرْتُهُ لِطَاوُسٍ فَقَالَ يُزْرِعُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَنْهَ عَنْهُ وَلَكِنْ قَالَ «أَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مَعْلُومًا». طرفاه 2330، 2634 - تحفة 5735 2343 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ يُكْرِى مَزَارِعَهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَصَدْرًا مِنْ إِمَارَةِ مُعَاوِيَةَ. طرفه 2345 2344 - ثُمَّ حُدِّثَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ، فَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى رَافِعٍ فَذَهَبْتُ مَعَهُ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّا كُنَّا نُكْرِى مَزَارِعَنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَا عَلَى الأَرْبِعَاءِ وَبِشَىْءٍ مِنَ التِّبْنِ. أطرافه 2286، 2327، 2332، 2722 - تحفة 3586 - 142/ 3 2345 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنْتُ أَعْلَمُ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ الأَرْضَ تُكْرَى. ثُمَّ خَشِىَ عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَحْدَثَ فِى ذَلِكَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُهُ، فَتَرَكَ كِرَاءَ الأَرْضِ. طرفه 2343 - تحفة 6879 2339 - قوله: (قلت نؤاجِرُهَا على الرُّبُع) ... إلخ، أي (كول) وهذه الصورُ كلُّها لا تَجُوزُ بالاتفاق. وإنما الخلافُ فيما يأتي في حديث جابر. وتلك الأحاديث تَدُلُّ على أن النهيَ عنها ليس لمعنىً في المُزَارَعَةِ، بل لأن أخذَ شيءٍ على أرضٍ فاضلةٍ عن حاجته بعيدٌ عن المروءة، فَلَهُ أن يَمْنَحَ أخاه مجَّانًا لِيَنْتَفِعَ منها، وقد مرَّ الكلامُ فيه.

19 - باب كراء الأرض بالذهب والفضة

2345 - قوله: (فَتَرَكَ كِرَاءَ الأَرْضِ) ... إلخ، أي احتياطًا، وإلا فإِنه قد وَفَّقَ هو بين الحديثين بنفسه، كما في الحديث الماضي. 19 - باب كِرَاءِ الأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ أَمْثَلَ مَا أَنْتُمْ صَانِعُونَ: أَنْ تَسْتَأْجِرُوا الأَرْضَ الْبَيْضَاءَ، مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ. 2346 و 2347 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَمَّاىَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُكْرُونَ الأَرْضَ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَا يَنْبُتُ عَلَى الأَرْبِعَاءِ أَوْ شَىْءٍ يَسْتَثْنِيهِ صَاحِبُ الأَرْضِ فَنَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ فَقُلْتُ لِرَافِعٍ فَكَيْفَ هِىَ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ فَقَالَ رَافِعٌ لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ. وَقَالَ اللَّيْثُ وَكَانَ الَّذِى نُهِىَ عَنْ ذَلِكَ مَا لَوْ نَظَرَ فِيهِ ذَوُو الْفَهْمِ بِالْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ لَمْ يُجِيزُوهُ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ. حديث 2346 طرفاه 2339، 4012 - تحفة 15570 حديث 2347 طرفه 4013 والنهيُ فيه محمولٌ على الإِرشاد بالاتفاق عندهم جميعًا. 2346، 2347 - قوله: (وكَانَ الذي نُهِيَ عن ذلك ما لو نَظَرَ فيه) ... إلخ، يعني أن الصُّورَ التي نَهَى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم من تعيين الخارج، أو قطعةٍ من الأرض، كلَّها على مخاطرةٍ لا تُدْرَى عاقبتها. ولو لم يَنْهَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عنها لَمَا جوَّزها عاقلٌ أيضًا. 20 - باب 2348 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا هِلاَلٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ «أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِى الزَّرْعِ فَقَالَ لَهُ أَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ قَالَ بَلَى وَلَكِنِّى أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ. قَالَ فَبَذَرَ فَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ، فَكَانَ أَمْثَالَ الْجِبَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَإِنَّهُ لاَ يُشْبِعُكَ شَىْءٌ». فَقَالَ الأَعْرَابِىُّ وَاللَّهِ لاَ تَجِدُهُ إِلاَّ قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا، فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ. فَضَحِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 7519 - تحفة 14235 - 143/ 3 21 - باب مَا جَاءَ فِى الْغَرْسِ 2349 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ إِنَّا كُنَّا نَفْرَحُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ تَأْخُذُ مِنْ أُصُولِ سِلْقٍ لَنَا كُنَّا نَغْرِسُهُ فِى أَرْبِعَائِنَا فَتَجْعَلُهُ فِى قِدْرٍ لَهَا فَتَجْعَلُ فِيهِ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ لاَ أَعْلَمُ إِلاَّ

أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ فِيهِ شَحْمٌ وَلاَ وَدَكٌ، فَإِذَا صَلَّيْنَا الْجُمُعَةَ زُرْنَاهَا فَقَرَّبَتْهُ، إِلَيْنَا فَكُنَّا نَفْرَحُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَمَا كُنَّا نَتَغَدَّى وَلاَ نَقِيلُ إِلاَّ بَعْدَ الْجُمُعَةَ. أطرافه 938، 939، 941، 5403، 6248، 6279 - تحفة 4784 2350 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ يَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ. وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ، وَيَقُولُونَ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ لاَ يُحَدِّثُونَ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ وَإِنَّ إِخْوَتِى مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ، وَإِنَّ إِخْوَتِى مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ، وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى مِلْءِ بَطْنِى، فَأَحْضُرُ حِينَ يَغِيبُونَ وَأَعِى حِينَ يَنْسَوْنَ، وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا «لَنْ يَبْسُطَ أَحَدٌ مِنْكُمْ ثَوْبَهُ حَتَّى أَقْضِىَ مَقَالَتِى هَذِهِ، ثُمَّ يَجْمَعَهُ إِلَى صَدْرِهِ، فَيَنْسَى مِنْ مَقَالَتِى شَيْئًا أَبَدًا». فَبَسَطْتُ نَمِرَةً لَيْسَ عَلَىَّ ثَوْبٌ غَيْرَهَا، حَتَّى قَضَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَقَالَتَهُ، ثُمَّ جَمَعْتُهَا إِلَى صَدْرِى، فَوَالَّذِى بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا نَسِيتُ مِنْ مَقَالَتِهِ تِلْكَ إِلَى يَوْمِى هَذَا، وَاللَّهِ لَوْلاَ آيَتَانِ فِى كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا أَبَدًا {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} إِلَى قَوْلِهِ {الرَّحِيمُ} [البقرة: 159 - 160] أطرافه 118، 119، 2047، 3648، 7354 - تحفة 13957 2349 - قوله: (كُنَّا نَغْرِسُهُ في أَرْبِعَائِنَا) ... إلخ، وهذه الأَرْبَعاء كانت تُسْقَى من بئر بُضَاعة، كما يجيء التصريحُ به في البخاريِّ. وهذا هو مراد الطحاويِّ من كونها جاريةً، أي أنها كانت تُسْتَقَى منها الزروع كل وقتٍ، فلم تكن النجاسةُ تَسْتَقِرُّ فيها. فإن كان أبو داود زَرَعَها، وذلك أيضًا بعد مُدَّة مديدةٍ، ثم لم يَجِدْها عشرًا في عشرٍ، فلا بَأْسَ به، فإنه كان في عهد النبوة بحيث تُسْتَقَى منه المَحَاقل (كهيتيان)، والمزارع. ويكفي هذا القدرُ لإِثبات الجريان، فهو الجريانُ حقيقةً، لا بمعنى كونه عشرًا في عشرٍ. ومن لم يتنبَّهْ على مراد الطحاويِّ، طَعَنَ عليه، وقد بيَّنا لك حقيقةَ الحال. 2350 - قوله: (فَيَنْسَى مِنْ مَقَالَتِي شيئًا أَبَدًا) ... إلخ، ولَيُحْفَظْ هذا اللفظُ، فإنه صريحٌ في أن بركةَ دعاء النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لم تَكُنْ مختصةً بحفظ مقالةٍ دون مقالةٍ، بل كانت عامَّةً لكلِّ ما يسمع أبو هريرة من مقالته، وهذا الذي يَلِيقُ بالإِعجاز، والبركة. وأمَّا قَصْرُهَا على المقالة التي في ذلك المَجْلِسِ فقط، فلا يَعْلَقُ بالقلب، كما يُوهِمُه بعض الألفاظ، فهو قصورٌ من الرواة (¬1). ... ¬

_ (¬1) قلتُ: حينئذٍ فالمرادُ من قول أبي هريرة -"ما نَسِيتُ من مَقَالَتِهِ تلك إلى يومي هذا"- جنسُ المقالات، كما بين السطور، نقلًا عن الطيبيِّ. قلتُ: ويُمْكِنُ عندي أن يكونَ مفعولُ الفعل محذوفًا، و"من" زائدة، والمعنى: ما نَسِيتُ شيئًا من أجل مقالته تلك، فافهم. وفي "المعتصر"- فكان الذي مع أبي هُرَيْرَة مما انْتَفَى عنه النسيان فيه، هو ما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الموطن الواحد، لا فيما كان من قبله، ولا فيما كان منه بعده. اهـ. فانظر جلالةَ الشيخِ رحمه الله تعالى.

42 - كتاب المساقاة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 42 - كِتَابُ المُسَاقَاةِ والكلام فيه كالكلام في المزارعة، والنقض النقض، والجواب الجواب، ولعل تفريعاتِ الإِمام الأعظم في «باب المساقاة» مع القول بالبطلان، لعدم كونها معصيةً في نفسها. وقد عَلِمت أن الشيء مع كونِه باطلا قد تكون له أحكامٌ. 1 - باب فِى الشُّرْبِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء: 30]، وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70)} [الواقعة: 68 - 70]. الْمُزْنُ: السَّحَابُ. الأُجَاجُ الْمُرُّ. أي حظّ الماء. والماءُ عندنا على ثلاثةِ أقسام، وراجع له «الهداية». قوله: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: 30] ... الخ. وعن ابن عباس أنَّ الله تعالى خَلَق الماءَ أولا، ثُمَّ خلق السمواتِ والأَرَضِين بتلطِيفه وتكثيفه، فظهر معنى {كُلَّ شَيْءٍ} بلا تأويل. وادَّعَى علماءُ أوروبا أن أول المادة «السَّديم» "كهر"، ويا أَسَفَي على الناس إنهم إذا بَلَغهم أمرٌ مِن جِهتهم يُغْرِي بِقُلوبِهم، وإن كان من التُّرَّهات. وإذا سمعوا نبأً مِن وحي السماء إذا هم يَنْكُصُون. أوَ لا يرون حالَ تحقيقاتِهم أنهم يغزِلُون أمرًا في سنين، ثم يَنْقُصُونَه في ساعةٍ، كما حقَّقْوا بعد مُضِي الدهور؛ أنَّ نوعَ الإنسان كان من أصله قِرَدَةٌ، فتدرَّج، وتدرَّج حتى رقى إلى هذه النشأة، وسموه ارتقاءً، ثُم تبينَ لهم الآن أنه غَلَطٌ فاحش. فهذا حالُهم يؤمنون بأمرٍ وَجْه النَّهار، ويكفرون آخِرَهُ. وهكذا قد أنكروا وجودَ الرُّوح دَهْرًا طويلا، ثم آمنوا به. حتى ذكر «وجدي» في «دائرة المعارف»: إن مئتين وخمسينَ صحيفةً تشاعُ اليوم في إثبات وجود الروح، والجن. فيا حسرَتا على الذين تركوا وحي نبيِّهم لهولاءِ السفهاءِ، وآمنوا بما قالوه، وماتوا وهُم يَزْعُمون أن الروح والجنَّ أوهامًا. ولو كانوا اليومَ أحياءً لتحسَّروا على ما فرَّطوا فيه، وهم بعدُ في قبورهم يتحسرون، فهدانا الله، وثبتنا على سواء الصراط. فَتَرْك الإِيمان من ظُنونِهم الفاسدة، ليس من الكِياسة في شيءٍ، وإن زعموه كِياسةً، وعلمًا، وتحقيقًا، وَتَنَوُّرًا. فإنّه سَفَهٌ، وجهْلٌ، وحمق، وغباوة، وبعد ذلك عارٌ للإِنسانية إلى يوم التناد، أيتركون النورَ بالظلمة، والعلمَ بالجهل، والمشاهدةَ بالإِخبار، واليقينَ بالشكِّ، والصواب بالأغلاط، فأنَّى يذهبون، وبأي حديث بعده يؤمنون؟!.

2 - باب فى الشرب ومن رأى صدقة الماء وهبته ووصيته جائزة، مقسوما كان أو غير مقسوم

2 - بابٌ فِى الشُّرْبِ وَمَنْ رَأَى صَدَقَةَ الْمَاءِ وَهِبَتَهُ وَوَصِيَّتَهُ جَائِزَةً، مَقْسُومًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَقْسُومٍ وَقَالَ عُثْمَانُ قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ يَشْتَرِى بِئْرَ رُومَةَ فَيَكُونُ دَلْوُهُ فِيهَا كَدِلاَءِ الْمُسْلِمِينَ». فَاشْتَرَاهَا عُثْمَانُ - رضى الله عنه -. قوله: (ومَنْ رأى صَدَقةَ الماءِ وهِبَتَهُ ووصِيَّتَه جائزةً) ... الخ. ويجوزُ بَيْعُه أيضًا، كما في «الهداية». قوله: (مَنْ يَشْتَرِي بئر رُومةَ) ... الخ. وكانت ليهوديِّ، وكان يمنعُ النَّاسَ عن مَائِهِ. 2351 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِقَدَحٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ أَصْغَرُ الْقَوْمِ، وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ فَقَالَ «يَا غُلاَمُ أَتَأْذَنُ لِى أَنْ أُعْطِيَهُ الأَشْيَاخَ». قَالَ مَا كُنْتُ لأُوثِرَ بِفَضْلِى مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ. أطرافه 2366، 2451، 2602، 2605، 5620 - تحفة 4759 - 144/ 3 2351 - قوله: (غُلامٌ أَصْغَرُ) وهو ابن عباس، واعلم أن التيامُنَ في غَسْل أيدي الناس على الطعام يُعتبر من الصف. فالذي هو في يمين الصفِّ يَغْسِل يداه أولا. وأما في تقسيم الهدية، فيعتبرُ فيه يمينُ المُهدَى إليه، لأنها تُوضَع بين يَدَيْه، فالتيامُنُ فيما يكونُ باعتبار يمينِه، ولا عبرةَ فيه بالصفِّ. قوله: (فأَعطاهُ إيَّاه) وفي الرواية: أنه حرَّك يَدهُ، كما تُعْطَى الأُمُّ ولدَها سخطة وعنفًا، وتُحرِّكُ يدَها. 2352 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهَا حُلِبَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَاةٌ دَاجِنٌ وَهْىَ فِى دَارِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَشِيبَ لَبَنُهَا بِمَاءٍ مِنَ الْبِئْرِ الَّتِى فِى دَارِ أَنَسٍ، فَأَعْطَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْقَدَحَ فَشَرِبَ مِنْهُ، حَتَّى إِذَا نَزَعَ الْقَدَحَ مِنْ فِيهِ، وَعَلَى يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ عُمَرُ وَخَافَ أَنْ يُعْطِيَهُ الأَعْرَابِىَّ أَعْطِ أَبَا بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدَكَ. فَأَعْطَاهُ الأَعْرَابِىَّ الَّذِى عَلَى يَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ «الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ». أطرافه 2571، 5612، 5619 - تحفة 1498 2352 - قوله: (أعْطِ أبا بَكْر) ... الخ. وهذه واقعةٌ أُخْرَى. 3 - باب مَنْ قَالَ: إِنَّ صَاحِبَ الْمَاءِ أَحَقُّ بِالْمَاءِ حَتَّى يَرْوَى، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ». 2353 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلأُ». طرفاه 2354، 6962 - تحفة 13811

4 - باب من حفر بئرا فى ملكه لم يضمن

2354 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ فَضْلَ الْكَلإِ». طرفاه 2353، 6962 - تحفة 13215، 15222 تأويلُه أنَّ رجلًا إذا حَفَر بِئرًا في أَرضٍ موات فيملكها بالإِحياءِ. فإذا نَزَل قومٌ في ذلك المكانِ - الموات - يرعون نباتَه، وليس هناك ماء إلا تلك البئر، فلا يجوزُ له أن يمنعَ أولئك القومَ مِن شُرْب ذلِك الماءِ، لأنه لو مَنَعهم منه لا يمكنهم الرَّعي، فكان مَنْعُهم عنه عِنادًا، وذا لا يجوزُ، فالمعنى لا تَمْنَعوا ما فَضَل من الماءِ ليصيرَ به كالمانع عن الخلاء. لأنَّ الوارِدَ حول ما أُعِد للرَّعي إذا مَنَعهُ عن عَمَلِ الورود اضطر إلى تَرْك رَعْي الكلأ أيضًا فيصير كَمَنْ صنعَ عن الماءِ المباحِ. ونحوه ذكره الخَطَّابي. 4 - باب مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِى مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ 2355 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَفِى الرِّكَازِ الْخُمُسُ». أطرافه 1499، 6912، 6913 - تحفة 12832 - 145/ 3 وهي جُبارَ إذا كانت في مِلْكه. 5 - باب الْخُصُومَةِ فِى الْبِئْرِ وَالْقَضَاءِ فِيهَا 2356، 2357 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ، هُوَ عَلَيْهَا فَاجِرٌ، لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] الآيَةَ. فَجَاءَ الأَشْعَثُ فَقَالَ مَا حَدَّثَكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِىَّ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، كَانَتْ لِى بِئْرٌ فِى أَرْضِ ابْنِ عَمٍّ لِى فَقَالَ لِى «شُهُودَكَ». قُلْتُ مَا لِى شُهُودٌ. قَالَ «فَيَمِينَهُ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذًا يَحْلِفَ. فَذَكَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - هَذَا الْحَدِيثَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ذَلِكَ تَصْدِيقًا لَهُ. [الحديث 2356 - أطرافه 2416، 2515، 2666، 2669، 2673، 2676، 4549، 6659، 6676، 7183، 7445 - تحفة 9244 [الحديث 2357 - أطرافه 2417، 2516، 2667، 2670، 2677، 4550، 6660، 6677، 7184 تحفة 158 2356، 2357 - قوله: (مَنْ حَلَف على يَمين) قال الشَّارحون: إذا اجتمع لَفْظُ الحَلِف واليمين، فالمرادُ من اليمين المَحْلوفُ عليه. 6 - باب إِثْمِ مَنْ مَنَعَ ابْنَ السَّبِيلِ مِنَ الْمَاءِ 2358 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ

7 - باب سكر الأنهار

سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ثَلاَثَةٌ لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ، فَمَنَعَهُ مِنِ ابْنِ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لاَ يُبَايِعُهُ إِلاَّ لِدُنْيَا، فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا رَضِىَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا سَخِطَ، وَرَجُلٌ أَقَامَ سِلْعَتَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَقَالَ وَاللَّهِ الَّذِى لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ لَقَدْ أَعْطَيْتُ بِهَا كَذَا وَكَذَا، فَصَدَّقَهُ رَجُلٌ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77]. أطرافه 2369، 2672، 7212، 7446 - تحفة 12436 قوله: (يَقْتَطِعُ) (مارنا جاهتاهي). 7 - باب سَكْرِ الأَنْهَارِ 2359 و 2360 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِى يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ سَرِّحِ الْمَاءَ يَمُرُّ فَأَبَى عَلَيْهِ، فَاخْتَصَمَا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِلزُّبَيْرِ «اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاء إِلَى جَارِكَ». فَغَضِبَ الأَنْصَارِىُّ، فَقَالَ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ. فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ، حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ». فَقَالَ الزُّبَيْرُ وَاللَّهِ إِنِّى لأَحْسِبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِى ذَلِكَ {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65]. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ العَبَّاسِ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: ليسَ أحَدٌ يَذْكُرُ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ إِلَّا اللَّيثُ فَقَطْ. حديث 2359 أطرافه 2360، 2361، 2362، 2708، 4585 - تحفة 5275 حديث 2360 أطرافه 2359، 2361، 2362، 2708، 4585 - تحفة 3624 - قوله: (فَغَضِبَ الأَنْصَاريُّ فقال: أَنْ كان ابن عَمَّتك)، وفيه إشكالٌ، فإنَّ تلك الكلمةَ تُوجِب نِسبةَ الجَوْر إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وهو كُفْرٌ بواحٌ، أو نِفاقٌ صُراح. وقد عَلِمت أنَّ الرَّجُلَ كان أَنْصاريًّا، والجوابُ عندي أنه أرادَ مِن قوله: «أَنْ كان ابن عمَّتك»، تَرْجيحَ أحَدِ الجائزاتِ بهذه الرعايةِ، دونَ الترجيح جانبَ الحرام. والمعنى أَنَّ استقاءَ الزُّبير، واستقائي كانا جائزين، ولكنَّك راعيتَ ابن الزُّبير، فَحَكَمْتَ له، لكونِه ابنَ عَمَّتك. قلت: لا ريبَ أنه قد أتى بعظيمٍ، ولكنَّ الغضبَ، قد يحمل المرءَ على نحو ذلك، فلا يُحْكَم عليه بالنِّفاق (¬1) كما في «الهامش» كيف وقد ورد في «الصحيح» أنه بَدْري. والحلُّ أنَّ ¬

_ (¬1) وقد أجاب عنه الحافظ فَضْل الله التوربشتي بنحو ذك، قال: بأنه قد اجترأ جَمْعُ بنسبةِ هذا الرُّجُل إلى النِّفاق، وهو باطلٌ إذ كونُه أَنْصاريًّا وَصف مَدْح، والسَّلَف احترزوا أنْ يَطْلُقوا على مَنْ اتُّهم بالنِّفاق الأَنصاري، فالأوْلى أن يقال: هذا قولٌ أزلَّه الشيطانُ فيه عند الغَضب، ولا يُستبعد من البَشَرِ الابتلاءُ بأمثالِ ذلك، اهـ: "عمدة القاري". قلت: ومِن نظائِره عند البخاري في "المغازي" في قصة طَعْنِ أُسامةَ أنصاريًا بعدما قال: لا إله إلا الله، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال له: "يا أسامة أقْتلتَهُ بعد ما قال: لا إله إلا الله"؟! =

المقولةَ الواحدةَ تختلِفٌ إيمانًا وكُفَرًا، بحَسَب اختلافِ النِّيات. ولا رَيْب أنها لو كانت على طريقِ الاعتراض فهو كُفْر. وعلى وِزَانه ما قلت، في مقولة فِرْعون: {آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} [يونس: 90]، فإِنَّها لو كانت على طريق التحقيق كانت إيمانًا إن صَدَرت في وقتها، أما إذا كانت على طَوْر التخليط، كما يقول المنافق في القبر: «لا أدري، سمعتُ الناسَ يقولون قولا فقلته». فليس من الإِيمان في شيء، وهذا يفيدك في جواب مَن ادَّعى إيمانَ فِرْعونَ. قوله: (حتى يَرْجِعَ إِلى الجَدْر) ترجمته دول، وقدَّرها الفقهاء بالكعبين، ثم إنَّهم (¬1) لا يذكرونَ تفصيلَ الأعلى، أو الأسفل في كُتُبنا. فتتبعته حتى وجدتُ مسألةً عن محمد في «غاية البيان» - للإِتقاني، وهو أقدمُ من ابن الهُمام - يمكنُ حَمْل الحديثِ عليها، نقل عن محمد أن ¬

_ = فما زال يُكرِّرها حتى تمنيتُ أَني لم أكن أَسلَمت قبل ذلك اليوم. ففيه تمني الكُفر فيما مضى. وقد ذكرنا وجه التفصي عنه في صُلْب الصَّحيفة، ومنها ما سبق عن الأنصار من قولهم: يَغفِر الله لرسولِ الله يُعطِي قريشًا. ويتركنا، وسيوفنا تقطر مِن دمائهم- كما يأتي في "المغازي"، كل ذلك نحو تعبير، أو إساءة أَدب لحضرةِ الرسالة، لكونهم فِتيانًا لم يتعلموا كثيرًا من معالي الأخلاق بعد، مع حُسْن نية، وكمال اعتقاد في الباطن. وقد صرَّح به الأنصارُ حين جمعهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في قبة، ثم سألهم عن مقولتهم، فقالوا معتذرين: إن هذا القولَ لم يسبق إلَّا من الفتيان. وذلك أيضًا ضنًا برسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. ومن هذا الباب ما رَوى البخاريُّ عن سُليمان بن صُرَد في قِصة استِباب رَجُلين بين يدي النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأعلمُ كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجِدُ، فقال الرجلُ: وهل بي جنون؟ " وسيجيء تقريرُه في أواخر "باب بدء الخلق". ومن نظائره ما وقع من أمهاتِ المؤمنين رضي الله تعالى عَنْهن في قصةِ الإِيلاء. إن نساءك يناشدنك العَدْل. ومن هذا الباب قولهم في فضائل علي: لقد طال نَجْواه مع ابنِ عمِّه. ومنه ما روى البخاري ومُسْلم عن عائشةَ قالت: قال لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنِّي لأعلم إذا كُنتِ عني راضيةً، وإذا كُنتِ علي غَضبى، فقلتِ: من أين تَعرِفُ ذلك؟ فقال: إذا كُنت عني راضيةً، فإنك تقولين: لا وربِّ محمدٍ، وإذا كُنتِ علي غَضبى، قلتِ: لا وربِّ إبراهيم، قالت: قلت: أجَل، والله يا رسولَ الله ما أَهْجُرُ إلَّا اسمَك" اهـ. قال الشيخ: والمغاضبةُ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - باب لا يحتمل إلَّا بينه وبين أمهاتِ المؤمنين، فانظر ما معنى قوله: "كُنتِ علي غضبى" وكذا ما يفيد قولها: ما أهجر إلا اسمك، وكذا قولها في قصة الإفْك: والله لا أحمدُه ولا أحمدكما. وهذا هو المحْمَل عند الشيخ في جميع ذلك. غير أنِّي جمعتُها في موضع واحدٍ مع زيادة النظائر، ثم خطر ببالي أنا ما سبق من عائشة بابٌ آخَرُ أيضًا، ومَن لم يتجرع مرارةَ المحبةِ لا يفهم هذا المعنى. وكنت أَرى ذلك رأيًا رأيتُه، ثُم رأيت عن ابن الجوْزي عينَ ما ذكرت. فلله الحمد، قال الحافظ: قال ابنُ الجوْزي: إنما قالت ذلك إدْلالًا، كما يدل الحبيبُ على الحبيب. اهـ. ومنه ما رُوي عن أبي هريرةَ يومَ الفتح من قول الأَنصار: "أمَّا الرجلُ فقد أَخَذَتْهُ رأفةٌ بعشيرته، ورَغبةٌ في قريته". فلما سألهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن مقالتهم أجابوا بِعَين ما ذكره ابنُ الجوزي في حديث عائشة، فقالوا: ما قلنا إلا ضنًّا بالله ولرسوله. قال: "فإنَّ الله ورسولَهُ يُصدِّقانِكُم وَيْعذُرانِكم". اهـ -رواه مسلم-. ومن هذا الباب قوله تعالى: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [يوسف: 110] بالتخفيف، وسيجيء تقريرُه في "التفسير" إن شاء الله تعالى. فإنَّ النَّاسَ قد صَعُبتْ عليهم تلك القراءةُ، وكان الشيخُ يَستلذُّ بها، وكان يقولُ: لا أدري ماذا فيها من أبواب البلاغة والبراعة. يقول العبد الضعيف؛ ومَنْ لا ذوقَ له يسأم من جمع هذه النظائر، ويراها لغوًا، وإنَّما أكثرت في النظائر ليذوقَ من لا ذَوْقَ له أيضًا، والله المستعان. (¬1) قال العيني: ليس مراد أبي حنيفة من قوله: إن الأعلى لا يُقدم على الأسفل". أنه يختص بالماء، ويحرم الأسفل، بل كُلَّهم سواءٌ في الاستحقاق، غيرَ أنَّ الأول يسقي. ثُم الثاني، ئُمَّ الثالث. وهلم جرا، والانتفاع في حقِّ كلِّ واحِدٍ بقَدرْ أرضه، وقدْر حاجته، فيكون بالحصص. "عمدة القاري".

8 - باب شرب الأعلى قبل الأسفل

ذلك يُبْنى على العُرْف، فإِن جرى العُرْف بِسْقي الأَعلى، كما في الحديث فكذلك، وأن جَرى على التقسيم، فعلى ما جرى به العُرْف. 2365 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِى هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا، حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ - قَالَ فَقَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لاَ أَنْتِ أَطْعَمْتِهَا وَلاَ سَقَيْتِهَا حِينَ حَبَسْتِيهَا، وَلاَ أَنْتِ أَرْسَلْتِيهَا فَأَكَلَتْ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ». طرفاه 3318، 3482 - تحفة 8378 8 - باب شُرْبِ الأَعْلَى قَبْلَ الأَسْفَلِ 2361 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا زُبَيْرُ اسْقِ ثُمَّ أَرْسِلْ». فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ إِنَّهُ ابْنُ عَمَّتِكَ. فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ «اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ يَبْلُغُ الْمَاءُ الْجَدْرَ، ثُمَّ أَمْسِكْ». فَقَالَ الزُّبَيْرُ فَأَحْسِبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِى ذَلِكَ {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65]. أطرافه 2360، 2362، 2708، 4585 - تحفة 3634 9 - باب شِرْبِ الأَعْلَى إِلَى الْكَعْبَيْنِ 2362 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ فِى شِرَاجٍ مِنَ الْحَرَّةِ يَسْقِى بِهَا النَّخْلَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اسْقِ يَا زُبَيْرُ - فَأَمَرَهُ بِالْمَعْرُوفِ - ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ». فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ. فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى يَرْجِعَ الْمَاءُ إِلَى الْجَدْرِ». وَاسْتَوْعَى لَهُ حَقَّهُ. فَقَالَ الزُّبَيْرُ وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ أُنْزِلَتْ فِى ذَلِكَ {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65]. قَالَ لِى ابْنُ شِهَابٍ فَقَدَّرَتِ الأَنْصَارُ وَالنَّاسُ قَوْلَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ». وَكَانَ ذَلِكَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ. أطرافه 2360، 2361، 2708، 4585 - تحفة 3634 10 - باب فَضْلِ سَقْىِ الْمَاءِ 2363 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِى فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَنَزَلَ بِئْرًا فَشَرِبَ مِنْهَا، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِى بَلَغَ بِى فَمَلأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ، ثُمَّ رَقِىَ، فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ لَنَا فِى الْبَهَائِمِ أَجْرًا قَالَ

11 - باب من رأى أن صاحب الحوض والقربة أحق بمائه

«فِى كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ». تَابَعَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَالرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ. أطرافه 173، 2466، 6009 - تحفة 12574، 14363 أ - 147/ 3 2364 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى صَلاَةَ الْكُسُوفِ، فَقَالَ «دَنَتْ مِنِّى النَّارُ حَتَّى قُلْتُ أَىْ رَبِّ، وَأَنَا مَعَهُمْ فَإِذَا امْرَأَةٌ - حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ - تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ قَالَ مَا شَأْنُ هَذِهِ قَالُوا حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا». طرفه 745 - تحفة 15717 11 - باب مَنْ رَأَى أَنَّ صَاحِبَ الْحَوْضِ وَالْقِرْبَةِ أَحَقُّ بِمَائِهِ 2366 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِقَدَحٍ فَشَرِبَ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ، هُوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ، وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ قَالَ «يَا غُلاَمُ أَتَأْذَنُ لِى أَنْ أُعْطِىَ الأَشْيَاخَ». فَقَالَ مَا كُنْتُ لأُوثِرَ بِنَصِيبِى مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ. أطرافه 2351، 2451، 2602، 2605، 5620 - تحفة 4719 2367 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَذُودَنَّ رِجَالاً عَنْ حَوْضِى كَمَا تُذَادُ الْغَرِيبَةُ مِنَ الإِبِلِ عَنِ الْحَوْضِ». تحفة 14385 2368 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ وَكَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ - يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ - أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ - لَكَانَتْ عَيْنًا مَعِينًا، وَأَقْبَلَ جُرْهُمُ فَقَالُوا أَتَأْذَنِينَ أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ قَالَتْ نَعَمْ وَلاَ حَقَّ لَكُمْ فِى الْمَاءِ. قَالُوا نَعَمْ». أطرافه 3362، 3363، 3364، 3365 - تحفة 5600، 5439 - 148/ 3 2369 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَهْوَ كَاذِبٌ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ، فَيَقُولُ اللَّهُ الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِى، كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ». قَالَ عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ غَيْرَ مَرَّةٍ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ أَبَا صَالِحٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2358، 2672، 7212، 7446 - تحفة 12855 أي إذا أَحْرز الماء في الإِناء، فليس لأَحَدٍ أَنْ ياخُذَ منه إلا بإجازَتِه. 2367 - قوله: (لأَذودَنَّ رجالا عن حَوْضي) ... الخ. وهذه أيضًا قرينةٌ على كَوْن الحَوْض بعد الصِّراط، فإِنَّ تلك الحِصَصَ تكون في فِنَاءِ الجنةِ. دون المَحْشَرِ.

12 - باب لا حمى إلا لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -

12 - باب لاَ حِمَى إِلاَّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - 2370 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ حِمَى إِلاَّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ». وَقَالَ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حَمَى النَّقِيعَ، وَأَنَّ عُمَرَ حَمَى السَّرَفَ وَالرَّبَذَةَ. طرفه 3013 - تحفة 4941 ولا ذِكْر لِلحِمَى في فِقْه الحنفيةِ. 13 - باب شُرْبِ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ مِنَ الأَنْهَارِ 2371 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَيْلُ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِى لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَالَ بِهَا فِى مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِى طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهُ انْقَطَعَ طِيَلُهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِىَ كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ، فَهِىَ لِذَلِكَ أَجْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِى رِقَابِهَا وَلاَ ظُهُورِهَا، فَهِىَ لِذَلِكَ سِتْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً لأَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَهِىَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ». وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْحُمُرِ فَقَالَ «مَا أُنْزِلَ عَلَىَّ فِيهَا شَىْءٌ إِلاَّ هَذِهِ الآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} [الزلزلة: 7 - 8] أطرافه 2860، 3646، 4962، 4963، 7356 - تحفة 12316 - 149/ 3 2372 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ «اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلاَّ فَشَأْنَكَ بِهَا». قَالَ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قَالَ «هِىَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ». قَالَ فَضَالَّةُ الإِبِلِ قَالَ «مَالَكَ وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا». أطرافه 91، 2427، 2428، 2429، 2436، 2438، 5292، 6112 - تحفة 3763 2371 - قوله: (ورَجُلٌ رَبَطَها تَغَنِّيًا) وهو من الأفعالِ التي يختلفُ معناها باختلاف مصادِرها. فالمصدرُ إن كان غِنى، فهو بمعنى صار ذا مال، وَغنى - بالفتح - بمعنى أقام، وغِناء بمعنى ترنُّم. ولذا بحثوا في لفظ التغنِّي في حديث: «مَنْ لم يتغنَّ بالقرآن». الخ. أنه بمعنى حُسْن الصوت، أو الإِثراء. قوله: (لم يَنْس حَقَّ اللهِ في رِقابها ولا ظُهُورِها) ... الخ. فيه حُجةٌ للحنفية لوجوبِ الزكاةِ

14 - باب بيع الحطب والكلإ

في الخيول، لأنه ليس في رِقابها حقُّ سوى الزكاةِ. فإِنَّ العارِيّة، وغيرها كُلُّها حقوقٌ تتعلَّق بالظَّهر. فهذا اللفظُ يُشْعِرُ بكون الزكاة في الخيلِ، كما هو مذهب الحنفية، وتأويلُ النوويِّ بعيدٌ، وإنَّما خَفي أمْرُ الزكاةِ فيها لكونها في عهْد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم قليلةً جدًا، وقد أخرج الزَّيلعي (¬1) ثلاثَ وقائعَ لأَخْذ الزكاة منها في زمن عُمرَ. قوله: (ما أُنْزلَ الله عليَّ فيه شيءٌ، إلا هذه الآية الجامِعةُ الفاذَّةُ) ... الخ، وأَخَذْتُ منه فائدتين: الأُولى أنَّ الخاصَّ والعامَّ إذا تعارضا فالترجيحُ للخاصِّ، والثانية: أنَّ الأَخْذَ بالعمومِ إنَّما يكونُ بعد انعدامِ الخصوص في الباب، ولذا قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «إنه ليس عندي» خاصّ يكونُ وَردَ في هذا الباب غير العموم، ولو كان لأَتى به. 14 - باب بَيْعِ الْحَطَبِ وَالْكَلإِ 2373 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ أَحْبُلًا، فَيَأْخُذَ حُزْمَةً مِنْ حَطَبٍ فَيَبِيعَ، فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهِ وَجْهَهُ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أُعْطِىَ أَمْ مُنِعَ». طرفاه 1471، 2075 - تحفة 3633 2374 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ». أطرافه 1470، 1480، 2074 - تحفة 12930 2375 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ أَبِيهِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنهم - أَنَّهُ قَالَ أَصَبْتُ شَارِفًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَغْنَمٍ يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ وَأَعْطَانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَارِفًا أُخْرَى، فَأَنَخْتُهُمَا يَوْمًا عِنْدَ بَابِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَحْمِلَ عَلَيْهِمَا إِذْخِرًا لأَبِيعَهُ، وَمَعِى صَائِغٌ مِنْ بَنِى قَيْنُقَاعَ فَأَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى وَلِيمَةِ فَاطِمَةَ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَشْرَبُ فِى ذَلِكَ الْبَيْتِ مَعَهُ قَيْنَةٌ، فَقَالَتْ أَلاَ يَا حَمْزَ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ. فَثَارَ إِلَيْهِمَا حَمْزَةُ بِالسَّيْفِ، فَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، ¬

_ (¬1) قلت: وقد ذكرها المارديني: الأول للسائب بن يزيد، والثانية لأبيه يزيد، أنهما كانا يأخذانِ صَدَقتَهما، فيؤدِّيانِها إلى عمرَ، وسردها بأسانيدها، وكذا احتجَّ بقوله: "لم ينس" الخ، على الزكاةِ، وذكر القرينَة عليه مما في الصحيح في أول الحديث: "ما مِن صاحب كنز لا يؤدي زكاته، وما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتِها، وما من صاحب غنم لا يؤدي زكاتها". اهـ. فالسياق كله في الزكاة، فكيف يلائم أن يكون المرادُ من الحقوق في الفرس غير الزكاة، اهـ بغاية اختصار مع تغيير.

15 - باب القطائع

ثُمَّ أَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا. قُلْتُ لاِبْنِ شِهَابٍ وَمِنَ السَّنَامِ قَالَ قَدْ جَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا فَذَهَبَ بِهَا. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ قَالَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه - فَنَظَرْتُ إِلَى مَنْظَرٍ أَفْظَعَنِى فَأَتَيْتُ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ فَخَرَجَ وَمَعَهُ زَيْدٌ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَدَخَلَ عَلَى حَمْزَةَ فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ فَرَفَعَ حَمْزَةُ بَصَرَهُ وَقَالَ هَلْ أَنْتُمْ إِلاَّ عَبِيدٌ لآبَائِى فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُقَهْقِرُ حَتَّى خَرَجَ عَنْهُمْ، وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ. أطرافه 2089، 3091، 4003، 5793 - تحفة 10069 - 150/ 3 وهما مِن المباح الأَصْل، وأما إذا أَحْرزَهُما حَزْمًا أو جزرًا، فيجوزُ بَيْعُهما، كالماء. ولهما باب في «الهداية» عَقَده عند باب الشُّرب، فراجع التفاصيل فيه، وأما في الحديث فهو جائزٌ عندنا أيضًا، كما علمت. 15 - باب الْقَطَائِعِ (¬1) 2376 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - قَالَ أَرَادَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُقْطِعَ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ حَتَّى تُقْطِعَ لإِخْوَانِنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِثْلَ الَّذِى تُقْطِعُ لَنَا قَالَ «سَتَرَوْنَ بَعْدِى أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى». أطرافه 2377، 3163، 3794 - تحفة 1659 ولا يوجدُ تفسيرُه في الفِقْه بما يَكْفي ويَشفي، وقد ورد لَفْظُ: «الإِقطاعات السلطانية» في موضع من «الدرّ المختار»، ولكنه لم يفسره. وقد ورد لفظ الإِقطاع في كتاب «الخراج» لأَبي يُوسف كثيرًا، ويُستفادُ منه أنه استعمله لإِجازَة إحياء الموات، ويُستفاد من كُتْب المتأخرين أنه ¬

_ (¬1) قلت: وقد راجعت لهما كتاب "الأموال" فإنه وَضع لذلك بابًا طويلًا، ولكنه دخل في بيان الإِقطاعات في السَّلف، ولم يتعرض إلى تحقيق اللفظ على خلاف ما كنت أرجو منه، لِما عَلِمت من دَأبه في بيان معاني الألفاظ المُشْكِلة في أيّ بابٍ دخل فيه، فينبغي للمتصدى له أن يرجع إلى تلك الأحاديثِ أيضًا، لعله يُلقي في روعه شيء، نظرًا إلى معاني تلك الأحاديث. قال الشيخ بدر الدين العيني: إنَّ القطائعَ جَمْعُ قطيعةٍ مِن أَقطَعه الإِمامُ أَرْضًا يتملَّكُه ويستبد به، وينفرد، والإِقطاع يكون تمليكًا، وغير تمليك. وإقطاع الإِمام تسويغُه من مالِ الله تعالى لمن يراه أهلًا لذلك. وأكثرُ ما يُستعمل في إقطاع الأرض، وهو أن يُخرِج منها شيئًا يحوزه، إما أن يملِكه إياه فيعمره، أو يجعلَ له غلَّة مدة. قلت: في صورة التمليك يملك الذي أقطع له، وهو الذي يُسمَّى المُقطع له رقبةُ الأرض، فيصير ملكًا له يتصرف فيه تصرُّف المُلاك في أملاكهم، وفي صورة جَعْل الغلَّة له لا يملِك إلا منفعة الأرض، دون رقبتها، فعلى هذا يجوز للجندي الذي يُقطع له أن يُؤجر ما أُقطع له، لأنه يملك منافعه، وإن لم يملك رقبة، وله نظائر في الفقْه. اهـ ثم ذكرها الشيخُ، من شاء فليراجع. قال ابن العربي في "شرح الترمذي" الإِقطاع هو الهبةُ التي قطع حظُ الشريكين منها: وذلك أن الشركةَ عامةٌ بين جميع المسلمين، فَقطع الإِمامُ شركتهم فيها، وأفردَهُ بها. فهو نوعٌ من الهِبة، يفتقِرُ إلى القبض، ولذلك أرسل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - معاويةَ مع وائل بن حجر، لِيُقطِعها له. ولم يُذكر في حديث بلال ذلك، لأنه إذا صار إليها، وصارت في قبضتِهِ، كان ذلك مَضاءً فيها، وإلزامًا لها.

16 - باب كتابة القطائع

إعطاءُ السلطان رقبةِ الأَرض. ويقال له في اللسان الهندية: جاكير، وفي التركية سيرغال، وفي سكندرنامه: *توملك من اقطاع من مي دهى ... برات سهيل ازيمن مى دهى وبالجملة الإِقطاع في عُرْف المتقدمين: إعطاءُ الأَرض للإِحياء، سواء وجب فيها العُشر أو الخَرِاج، وفي عُرْف المتأخرين هو تمليكُ الأرض مرفوعةً عن المؤن، فلا يكونُ فيها العُشْر، ولا الخَراج، وترجمته (معاني دوام)، والأحاديث تحمل على عُرف المتقدمين. 2376 - قوله: (أراد النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أن يُقْطع من البحرين) ... الخ، ومعناه ما مهدت من أنَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أجازَه أَنْ يحيَ أرضًا من البحرين. 16 - باب كِتَابَةِ الْقَطَائِعِ 2377 - وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الأَنْصَارَ لِيُقْطِعَ لَهُمْ بِالْبَحْرَيْنِ، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ فَعَلْتَ فَاكْتُبْ لإِخْوَانِنَا مِنْ قُرَيْشٍ بِمِثْلِهَا، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِى أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى». أطرافه 2376، 3163، 3794 - تحفة 1659 17 - باب حَلَبِ الإِبِلِ عَلَى الْمَاءِ 2378 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مِنْ حَقِّ الإِبِلِ أَنْ تُحْلَبَ عَلَى الْمَاءِ». أطرافه 1402، 3073، 6958 - تحفة 13609 وهذا هو الحقوق المنتَشرةِ، وقد مرّ التنبيهُ عليها في أبواب الزكاة. إنَّ في المالِ لحقًّا سوى الزكاة، أيضًا. 18 - باب الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ مَمَرٌّ أَوْ شِرْبٌ فِى حَائِطٍ أَوْ نَخْلٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ بَاعَ نَخْلاً بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ». فَلِلْبَائِعِ الْمَمَرُّ وَالسَّقْىُ حَتَّى يَرْفَعَ وَكَذَلِكَ رَبُّ الْعَرِيَّةِ. 2379 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنِ ابْتَاعَ نَخْلاً بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ، وَمَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلَّذِى بَاعَهُ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ». وَعَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ فِى الْعَبْدِ. أطرافه 2203، 2204، 2206، 2716 - تحفة 6907، 10558، 8330 - 151/ 3 2380 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ

عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضى الله عنهم - قَالَ رَخَّصَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُبَاعَ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا. أطرافه 2173، 2184، 2188، 2192 - تحفة 3723 والممرُّ من الحقوق. فإن كانت الأرضُ مملوكةً له، فحقُّ الممرّ ظاهرٌ، وإن لم تكن فقد أثبته الفقهاءُ أيضًا. وذلك لأنه لا يختصُّ بالمِلكية عندهم، ويجري فيه الوصيةُ، والهِبة، والتوارثُ دونَ البيع. قوله: (حتى يَرْفَعَ) أي يكون حقُّ الممر للبائع في هذه السَّنة، حتى يجد ثمارَه، فإِنَّ الشَّارع لما جَعَل ثمارَها له، ثبت له حقُّ الممرّ لا محالةَ؛ نعم لاحقَّ له بَعْد تلك السَّنة. قوله: (أن تُباع العَرَايا بِخَرْصِهَا) وقد مرَّ الكلامُ في تفسير العرايا في «البيوع» وادَّعِيت أَنا مِن قِبل نفسي - وإن لم يذكره فقهاؤنا - أنَّ تفسير الشافعيةِ أيضًا يأتي على مسائل الحنفية: بأَنْ يُقال: إن الرُّطَبَ، وإنْ كانت مَخروصةً أولا، لكنَّها تتعيَّنُ بعد الكَيْل، فإِنه إذ يسلِّمها إليه لا يسلِّمُها إلا بالكيل، فيكونُ بيعُ التمر بالرُّطَبِ كيلا بكَيْلٍ آخِرًا. وهذا عندنا جائزٌ (¬1). ولقائل أن يدَّعى بأنَّ كَيْلَ الرُّطب أيضًا عندهم كان معروفًا، لما روى: «نهى النبي صلى الله عليه وسلّم عن بَيْع الرُّطب بالتمر. ثم سألهم أينْقُصُ الرُّطَبُ إذا جفَّ؟ وهذا السؤال لا يستقيم، إلا إذا كان الكيلُ فيه معروفًا. وإذا ثبت الكَيْل في الرُّطب، ثبت أنها لو كالها البائعُ بعد الجذِّ عند التسليم جاز البيع المذكورُ على مسائلنا أيضًا، فإِنَّه يصيرُ البيعُ كَيْلا بكيْل، غيرَ أن كَيْلَ التمرِ كان في أوَّل الحالِ، وفي الرُّطَبِ في آخره. ثُم إنّ تفسير الشافعية: رُوي عن سَهَل بن أبي حَثمة - وهو صحابيُّ صغيرُ السِّنّ - ورُوي عن زيدُ بن ثابت، - وهو أزيدُ منه عِلمًا، وأكبر منه سِنَا - نحو مذهب الحنفية، عند الطحاوي، ففيه قال زيدُ بن ثابت: «رخُّص في العَرَايا في النخلةٍ، والنخلتين تُوهبانِ للرجل، فيبيعهما بِخْرصِهما تمرًا»، قال الطحاوي فهذا زيد بن ثابت، وهو أحد من رَوى عن النبي صلى الله عليه وسلّم الرُّخصة في العَريَّةِ، فقد أخبر أنها الهبة، اهـ. ثم إنَّ راويًا قد جعل البيع بشرط: - إن زاد فلي، وإن نقص فعلي - مُزابنةً من جهة هذا الإِبهامِ فقط. لأن تعيينَ المبيع مطلوبٌ، ولما كان في الصورة المذكورة إبهامًا أدخلها تحت المزابنةِ، وإلا فلا وجْهَ لعدمِ جوازها فِقهًا. 2380 - قوله: (أَن تُباع العَرايا بِخرصِها تمرًا) ولا ذكِر فيه للعِوض، فيجوزُ أن نَحْمِله على النّقْدين، ولا يجب أن يكون رُطبًا. 2381 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْمُخَابَرَةِ، وَالْمُحَاقَلَةِ، وَعَنِ ¬

_ (¬1) قلت: فإن قلت: وحينئذ لم تكن للعَرِيَة حقيقةٌ، قلت: كلا بل لها حقيقةٌ، وإن آل الأمْرُ إلا البيعِ المطلقِ، وإنما تعرَّض إليه الشارعُ لكونها مخروصةً في أوَّل أمْرِها. وإن استقر الأَمْر على الكَيْل آخِرًا، وأما جَوازُها في خمسة أوسق، فقد مرّ أنه بحسب الواقع فقط، والمسألة أعمُّ منها.

الْمُزَابَنَةِ، وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا، وَأَنْ لاَ تُبَاعَ إِلاَّ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، إِلاَّ الْعَرَايَا. أطرافه 1487، 2189، 2196 - تحفة 2452 2382 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِى سُفْيَانَ مَوْلَى أَبِى أَحْمَدَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَخَّصَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ فِى خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، شَكَّ دَاوُدُ فِى ذَلِكَ. طرفه 2190 - تحفة 14943 2383 و 2384 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى بَنِى حَارِثَةَ أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ وَسَهْلَ بْنَ أَبِى حَثْمَةَ حَدَّثَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، إِلاَّ أَصْحَابَ الْعَرَايَا فَإِنَّهُ أَذِنَ لَهُمْ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِى بُشَيْرٌ مِثْلَهُ. حديث 2383 تحفة 3552 حديث 2384 طرفه 2191 - تحفة 4646 2381 - قوله: (وأنْ لا تُباع إلاّ بالدِّينارِ والدَّرَاهم إلاّ العَرَايا) ويتبادَرُ من هذه الرواية أنَّ العوض في العَرِيَّة يكون غير النقدين، كما هو ظاهر لاستثناءِ العَرايا عن البيع بالنَّقدين. قلت: وهذه الرواية قد أخرجها البخاريُّ في: «باب بَيْع الثَّمر على رءُوس النَّخْل بالذهب والفضة، وهي عن جابر أيضًا؛ وسياقُها مغايرٌ له، ففيه نهى النبي صلى الله عليه وسلّم عن بَيْع الثمر حتى يَطيب، ولا يباع شيء منه إلا بالدينار والدِّرْهم، إلا العرايا» اهـ. فهذا الترتيب يغايرُ ما في الباب. والحاصل أن الرواة يقدّمُون ويؤخِّرون، فبناء المسائل على تعبيراتِهم ليس بجيِّد، ما لم يتعيِّن اللفظ على وجهِه، والله تعالى أعلم بالصواب. ***

43 - كتاب في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 43 - كتاب فِي الاِسْتِقْرَاضِ وَأَدَاءِ الدُّيُونِ وَالحَجْرِ وَالتَّفلِيس 1 - باب مَنِ اشْتَرَى بِالدَّيْنِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ ثَمَنُهُ، أَوْ لَيْسَ بِحَضْرَتِهِ 2385 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَيْفَ تَرَى بَعِيرَكَ أَتَبِيعُنِيهِ». قُلْتُ نَعَمْ. فَبِعْتُهُ إِيَّاهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ غَدَوْتُ إِلَيْهِ بِالْبَعِيرِ، فَأَعْطَانِى ثَمَنَهُ. أطرافه 443، 1801، 2097، 2309، 2394، 2406، 2470، 2603، 2604، 2718، 2861، 2967، 3087، 3089، 3090، 4052، 5079، 5080، 5243، 5244، 5245، 5246، 5247، 5367، 6387 - تحفة 2341 2386 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ تَذَاكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ فِى السَّلَمِ فَقَالَ حَدَّثَنِى الأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِىٍّ إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ. أطرافه 2068، 2096، 2200، 2251، 2252، 2509، 2513، 2916، 4467 تحفة 15948 - 152/ 3 2 - باب مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَوْ إِتْلاَفَهَا 2387 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ». تحفة 12920 اعلم أن الحجر عندنا يكون بثلاثةِ أشياء: إما الصِّبَى، أو الجُنون، أو الرِّق، وأما عند صاحبيه: فبالإِفلاس، والسَّفَاهة أيضًا. وقد شَنَّعِ ابنُ حزم على أبي حنيفة في إنكاره الحَجّر بالسَّفاهة، وزَعَم أن قوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] صريحٌ في إثباتِ الحَجْرِ على السَّفيه. قلت: ولو كان فيه مارامه لكانت الآيةُ هكذا: لا تؤتوا السفهاءَ أموالَهم، فإِنَّ الحَجّر يكون في مال نفسه، لا في أموال النَّاس، فافهم فإِنَّ العجلة تعملُ العجائِبَ (¬1). ولا عبرةَ ¬

_ (¬1) قلت: وراجع له "المعتصر"، وقد احتجَّ من ذهب إلى نفي الحَجْر بقولِه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282]، ثم قال: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا} [البقرة: 282] فذَكر المداينةَ أولًا، ثُمَّ ذكر آخرًا أنه قد يكون سفيهًا أو ضعيفًا، فدلَّ ذلك على جواز بيعه في حال سَفَهِهِ، والجواب أن السَفَه قد يكونُ في تضييع المالِ، وقد يكون فيما لا تضييعَ معه للمالِ، يقال: سَفِه فلانٌ في دينهِ، =

3 - باب أداء الديون

بالتفليس عندنا في القضاء. وهو الإِعلانُ بإِفلاسِ رَجُل، وذلك لأنَّ المال غادٍ ورائحٌ، فيمكن أن يَحْصُل له مالٌ عقيب الحكم بالإِفلاس، ثُمّ الحَجْر اسمٌ لإِبطال التصرُّفاتِ القَوْلية، أما الفِعْلية (¬1) فلا سبيلَ إلى إبطالِها. 3 - باب أَدَاءِ الدُّيُونِ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)} [النساء: 58]. 2388 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا أَبْصَرَ - يَعْنِى أُحُدًا - قَالَ «مَا أُحِبُّ أَنَّهُ يُحَوَّلُ لِى ذَهَبًا يَمْكُثُ عِنْدِى مِنْهُ دِينَارٌ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلاَّ دِينَارًا أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ». ثُمَّ قَالَ «إِنَّ الأَكْثَرِينَ هُمُ الأَقَلُّونَ، إِلاَّ مَنْ قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا». وَأَشَارَ أَبُو شِهَابٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ - وَقَلِيلٌ مَا هُمْ - وَقَالَ مَكَانَكَ. وَتَقَدَّمَ غَيْرَ بَعِيدٍ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا، فَأَرَدْتُ أَنْ آتِيَهُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَهُ مَكَانَكَ حَتَّى آتِيَكَ، فَلَمَّا جَاءَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، الَّذِى سَمِعْتُ أَوْ قَالَ الصَّوْتُ الَّذِى سَمِعْتُ قَالَ «وَهَلْ سَمِعْتَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «أَتَانِى جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَقَالَ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ». قُلْتُ وَإِنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا قَالَ «نَعَمْ». أطرافه 1237، 1408، 3222، 5827، 6268، 6443، 6444، 7487 تحفة 11915 ¬

_ = {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} [البقرة: 130] قال أبو عبيد: {سَفِهَ نَفْسَهُ} أَهلَكَها، وأَوبَقها، وقد يكونُ حازِمًا في ماله، ضابطًا له من غير صلاح في دِينه. قال الكسائي: السَّفيه الذي يَعْرِف الحقَّ، وينحرف عنه عنادًا، قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ} [البقرة: 13] لأنَّهم عَرَفوا الحق وعندوا عنه، فالسَّفَه في الآية ليس على سَفَه الفساد في المال، بل على ماسِواه من وجوه السَّفَهِ، واحتجَّ الشافعيُّ في إثبات الحجر بهذه الآية أيضًا استدلالًا بقوله: {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} - وليس بصحيح لأن ما في أول الآية من مِن مداينة مَن وُصِف في آخِرها بالسَّفه، يدفعُ ما قال. والمراد بالوليِّ وليُّ الدين للذي عليه الدَّين، بدليل قوله تعالى: {وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا} [البقرة: 282] لأن الذي يتولى عليه لا يَجْرِ إلى نَفْسه بِبَخسِه شيئًا. غير أنَّ المذهبَ في الحَجْر استعمالُه، والحكم به حِفْظًا للمال على مَنْ يَملِكُه، ولهذا قال أبو حنيفة: إني أمْنَعه بعد بُلُوغِه من ماله إلى خمسٍ وعشرين سنةً، ولا أرى دافِعًا له، ثم مَنْ يستحقُّ الحَجْر عليه إنْ تصرَّف، فهو جائزٌ عند أبي يوسُف، خلافًا لمحمد، لأنَّ الحَجْر لمعنىً مِن أجله يَحْجُرُ الحاكِمُ عليه، تحقيقًا لذلك الموجودِ قبل الحَجْر، ورُوي عن مالك مِثْلُ قولِ أبي يوسُف في نفاذ التصرُّف، قبل الحُكم بالحَجْر. (¬1) والسر في ذلك كما في كُتُب الفِقْه أن أثَر التصرف القولي لا يوجد في الخارج، بل أَمْرُ يَعْتبره الشَّرعْ، كالبيع ونحوه، فإذا لم يوجد في الخارج، جاز أن يُعتبر عَدَمُه، بخلاف التصرُّف الفِعلي الصَّادر عن الجوارح، فإِنه لما كان موجودًا خارجًا لم يَجز اعتبار عدمه، كالقتل وإتلاف المال. ثُم الفقهاءُ، قسموا الأفعالَ والأقوالَ باعتبار ما يجري فيه الحَجْر، وما لا يجري فيه ذلك فليراجع في المبسوطات.

4 - باب استقراض الإبل

2389 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ يُونُسَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ كَانَ لِى مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا، مَا يَسُرُّنِى أَنْ لاَ يَمُرَّ عَلَىَّ ثَلاَثٌ وَعِنْدِى مِنْهُ شَىْءٌ، إِلاَّ شَىْءٌ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ». رَوَاهُ صَالِحٌ وَعُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. طرفاه 6445، 7228 - تحفة 14116 - 153/ 3 إلا مَنْ قال: هكذا، وهكذا، يعني به سُبُلَ الخَير. 4 - باب اسْتِقْرَاضِ الإِبِلِ 2390 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بِبَيْتِنَا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً تَقَاضَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَغْلَظَ لَهُ، فَهَمَّ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ «دَعُوهُ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً. وَاشْتَرُوا لَهُ بَعِيرًا، فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ». وَقَالُوا لاَ نَجِدُ إِلاَّ أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ. قَالَ «اشْتَرُوهُ فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ، فَإِنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً». أطرافه 2305، 2306، 2392، 2393، 2401، 2606، 2609 - تحفة 14963 وقد مر وجه الحديث عن قريب. 5 - باب حُسْنِ التَّقَاضِى 2391 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِىٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَاتَ رَجُلٌ، فَقِيلَ لَهُ قَالَ كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ، فَأَتَجَوَّزُ عَنِ الْمُوسِرِ، وَأُخَفِّفُ عَنِ الْمُعْسِرِ، فَغُفِرَ لَهُ». قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ سَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 2077، 3451 - تحفة 3310، 9984 6 - باب هَلْ يُعْطَى أَكْبَرَ مِنْ سِنِّهِ؟ 2392 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَقَاضَاهُ بَعِيرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَعْطُوهُ». فَقَالُوا مَا نَجِدُ إِلاَّ سِنًّا أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ. فَقَالَ الرَّجُلُ أَوْفَيْتَنِى أَوْفَاكَ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَعْطُوهُ فَإِنَّ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ أَحْسَنَهُمْ قَضَاءً». أطرافه 2305، 2306، 2390، 2393، 2401، 2606، 2609 - تحفة 14963 7 - باب حُسْنِ الْقَضَاءِ 2393 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - سِنٌّ مِنَ الإِبِلِ فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -

8 - باب إذا قضى دون حقه أو حلله فهو جائز

«أَعْطُوهُ». فَطَلَبُوا سِنَّهُ، فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إِلاَّ سِنًّا فَوْقَهَا. فَقَالَ «أَعْطُوهُ». فَقَالَ أَوْفَيْتَنِى، وَفَّى اللَّهُ بِكَ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً». أطرافه 2305، 2306، 2390، 2392، 2401، 2606، 2609 - تحفة 14963 2394 - حَدَّثَنَا خَلاَّدٌ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِى الْمَسْجِدِ - قَالَ مِسْعَرٌ أُرَاهُ قَالَ ضُحًى - فَقَالَ «صَلِّ رَكْعَتَيْنِ». وَكَانَ لِى عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَضَانِى وَزَادَنِى. أطرافه 443، 1801، 2097، 2309، 2385، 2406، 2470، 2603، 2604، 2718، 2861، 2967، 3087، 3089، 3090، 4052، 5079، 5080، 5243، 5244، 5245، 5246، 5247، 5367، 6387 - تحفة 2578 والتقاضي من جانب الدائن، والقضاءُ من جانب المَدْيون، ولذا بوَّب بعده «باب حُسْن القضاء». 8 - بابٌ إِذَا قَضَى دُونَ حَقِّهِ أَوْ حَلَّلَهُ فَهْوَ جَائِزٌ 2395 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَاشْتَدَّ الْغُرَمَاءُ فِى حُقُوقِهِمْ، فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا تَمْرَ حَائِطِى وَيُحَلِّلُوا أَبِى فَأَبَوْا، فَلَمْ يُعْطِهِمِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَائِطِى، وَقَالَ «سَنَغْدُو عَلَيْكَ». فَغَدَا عَلَيْنَا حِينَ أَصْبَحَ، فَطَافَ فِى النَّخْلِ، وَدَعَا فِى ثَمَرِهَا بِالْبَرَكَةِ، فَجَدَدْتُهَا فَقَضَيْتُهُمْ، وَبَقِىَ لَنَا مِنْ تَمْرِهَا. أطرافه 2127، 2396، 2405، 2601، 2709، 2781، 3580، 4053، 6250 تحفة 2364، 2383 - 154/ 3 أي إِذَا قضى المديونُ أَقلَّ مِن حَقِّ الدائن، ورضي بهِ الدائن، أو لم يؤدِّ المديونُ إليه شيئًا، ولكنَّه حَلَّله عن الدائن، فَأَحَلَّ له، فهو جائزٌ. واعلم أَنَّهُ اختُلِفَ في أَنَّهُ هَلْ يَكْفِي للتحلُّلِ الاستعفاءُ المُبْهَم، أَم لا بدَّ مِن التفصيل فيما أضاع من حقوقِهِ فَرْدَا فَرْدَا؟ 9 - باب إِذَا قَاصَّ أَوْ جَازَفَهُ فِى الدَّيْنِ تَمْرًا بِتَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِ والمسألة عندنا فيما إذا صار الدائنُ مَدْيونًا لمديونه، بِوَجْهِ من الوُجوُهِ، أن المقاصَّة لا تقعُ بينهما، إلا أنْ يقولا باللسان: إنا تقاصينا العشرةَ هذه، بَدَلَ هذه العشرةِ، أما المصنِّف فهو مختارٌ في مسائله، وليس مُتَّبعًا للحنفية ليكون حُجَّةً عليهم. قوله: (أو جَازَفَهُ)، وقد ذَكَرْنا الفَرْقَ بين الخَرْص والمجازَفةِ. أما قولِه: فهو جائز، تمرًا بتِمر، أو غيرِه، ففي الهامش أن هذه الترجمةَ خِلافُ الإِجماع، وخلاف النُّصوص (¬1) للتصريح بِكَوْنِ المساواةِ والتقابض شرطَيْنِ في الأموال الربوية. ¬

_ (¬1) قال العيني: وأجيب عن هذا بأن مقصود البخاري أن الوفاء يجوز فيه ما لا يجوز في المعاوضات. فإِنَّ معاوَضةَ الرطب بالتمر لا تجوز إلا في العَرَايا، وقد جَوَّزها، - صلى الله عليه وسلم -، في الوفاء المُحْض. ونقل عن المهلب. قال: إنما يجوزُ أن يأخُذ مجازفة في حَقِّه أقلِّ عن دَيْنه، إذا عَلِم الآخِذ ذلك، ورضي، اهـ بتصرف.

قلت: وهذا الاعتراضُ ساقِطٌ، لأن هذا من باب المسامحات، والإِغماض، دون المماكسة، والتنازع. وليس في الفِقْه إلا بابُ التنازع، والسرُّ فيه أن باب المسامحات، لا يأتي فيه التكلِيفُ، ولا يُجبر عليه أحدٌ، إنما هو معاملةُ الرجل مع الرجل على رضاء نفسه، فلم يذكروا في الفِقْه إلا أحكامَ القضاءِ، وهي التي مما يُجْبرُ عليها الناسُ، وقليلا ما ذكروا أبواب الديانات. والنَّاسُ إذا لم يَرَوا مسألةً في الفِقْه يزعمونَها منفيةً عندهم، مع أنَّ الفقهاءَ إنَّما تكلموا فيما في دائرةِ التكليف. والتي ليست كذلك لم يتعرضوا لها، وإن كانت جائزةً فيما بينهم. فما ذكره البخاريُّ ليس من باب البيوع، بعد الإِمعان، بل مِن باب التعاطي، فإِذا أغمض الناسُ في التجازف في التمرِ والأموالِ الرِّبويَّة في التعاطي، جاز عند البُخاري، فإِنْ أَخذ رجلٌ عشرةَ أَوْسُق من التمر دينًا عليه، فإِذا حلَّ الأجلُ أدَّاها مجازفةً، على طريقِ التسامح، ولم ينازِعْهُ الدائنُ، وقَبِله، وأغمض عنه يكونُ جائزًا عنده. كيف لا وقد يَفْعَلُه الناسُ فيما بينهم إلى اليوم. ولا ينبغي قَطْع النَّظَر عَمَّا يتعارفُ النَّاسُ فيما بينهم من العمل. فينبغي أن يكون جائزًا، ولا دَخْل فيه لخلاف الإِجماع، نعم يُحْمِل على الدياناتِ دون القضاء، ألا ترى أنَّ الرُّفقاء في السَّفرِ يأكلون طعامهم على مائدةٍ واحدةٍ، وسُفرةٍ واحدةٍ، ولا يأتي فيه قائل يقول، مع أنه ينبغي أن لا يكون جائزًا فِقْهًا، فإِنَّه شرِكةً أولا، ثم تقسيمٌ بالمجازَفَةِ آخِرًا، مع كونِها من الأموالِ الربوية. وكذا جرى العُرْف في استقراض الخُبْز، ولم يَحْكُم فيه أحدٌ بالحُرْمَةِ، فهذه أبوابٌ لا ينبغي أن يُقْطَع عنها النَّظَرُ، ونَظيرُها ما ترجَم به البخاريُّ في أوَّل باب الشركة. باب الشَّرِكة في الطعام، والنَّهدِ، والعُروض، وكيفية قسمة ما يكال ويوزنُ مُجازفةً (¬1) - الخ. 2396 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ تُوُفِّىَ، وَتَرَكَ عَلَيْهِ ثَلاَثِينَ وَسْقًا لِرَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ، فَاسْتَنْظَرَهُ جَابِرٌ، فَأَبَى أَنْ يُنْظِرَهُ، فَكَلَّمَ جَابِرٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيَشْفَعَ لَهُ إِلَيْهِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَلَّمَ الْيَهُودِىَّ لِيَأْخُذَ ثَمَرَ نَخْلِهِ بِالَّذِى لَهُ فَأَبَى، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - النَّخْلَ، فَمَشَى فِيهَا ثُمَّ قَالَ لِجَابِرٍ «جُدَّ لَهُ فَأَوْفِ لَهُ الَّذِى لَهُ». فَجَدَّهُ بَعْدَ مَا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَوْفَاهُ ثَلاَثِينَ وَسْقًا، وَفَضَلَتْ لَهُ سَبْعَةَ عَشَرَ وَسْقًا، فَجَاءَ جَابِرٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيُخْبِرَهُ بِالَّذِى كَانَ، فَوَجَدَهُ يُصَلِّى الْعَصْرَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخْبَرَهُ بِالْفَضْلِ، فَقَالَ «أَخْبِرْ ذَلِكَ ابْنَ الْخَطَّابِ». فَذَهَبَ جَابِرٌ إِلَى عُمَرَ، فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ لَقَدْ عَلِمْتُ حِينَ مَشَى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيُبَارَكَنَّ فِيهَا. أطرافه 2127، 2395، 2405، 2601، 2709، 2781، 3580، 4053، 6250 تحفة 3126 ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: ولما كانت الحرْمةُ في الأموالِ الربويةِ من حقوق الله تعالى، ينبغي أن يستوي فيها حال التنازعُ والمسامحةِ، ألا ترى أن رَجلين لو تبايعا الذَّهب بالذهبِ متفاضِلًا، وتراضيا على ذلك لم يَجُز، فإِنَّ حُرْمةَ الفَضْل فيه حقًا لله، فرضاؤه وسخطه فيه سواءٌ. فينبغي أن تكون صورةُ استقراضِ الحيوان بالحيوان، وكذا استقراض التمر، ثم أداؤه مجازفةً، كلها حرامًا، سواء وقع فيه التنازعُ، أم لا، وكان الشيخ قد أجاب عنه فيما أتذكر، ولا يحضُرُني الآن.

10 - باب من استعاذ من الدين

2396 - قوله: (وفَضَلَتْ له سَبْعةَ عَشَرَ وِسْقًا) ... الخ. وفي ألفاظِ تلك القصةِ مغايراتٌ كثيرةٌ في بيانِ مقدار الفَضْل وغيرِه، وحَمَلها الحافِظ على تعدُّد القصة. قلت: كلا، بل هي من أوهام الرواةِ البتة. ولا حاجَةَ لنا إلى التزامِ التعدُّد عند تبيُّنِ الأوهام. 10 - باب مَنِ اسْتَعَاذَ مِنَ الدَّيْنِ 2397 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ ح وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَدْعُو فِى الصَّلاَةِ وَيَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ». فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنَ الْمَغْرَمِ قَالَ «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ». أطرافه 832، 833، 6368، 6375، 6376، 6377، 7129 - تحفة 16624، 16463، 16464 11 - باب الصَّلاَةِ عَلَى مَنْ تَرَكَ دَيْنًا 2398 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ تَرَكَ كَلاًّ فَإِلَيْنَا». أطرافه 2298، 2399، 4781، 5371، 6731، 6745، 6763 - تحفة 13410 - 155/ 3 2399 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلاَّ وَأَنَا أَوْلَى بِهِ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ مَاتَ وَتَرَكَ مَالاً فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَلْيَأْتِنِى فَأَنَا مَوْلاَهُ». أطرافه 2298، 2398، 4781، 5371، 6731، 6745، 6763 - تحفة 13604 12 - باب مَطْلُ الْغَنِىِّ ظُلْمٌ 2400 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَخِى وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَطْلُ الْغَنِىِّ ظُلْمٌ». طرفاه 2287، 2288 - تحفة 14693 13 - باب لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالٌ وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وَعِرْضَهُ». قَالَ سُفْيَانُ عِرْضُهُ يَقُولُ مَطَلْتَنِى. وَعُقُوبَتُهُ الْحَبْسُ. 2401 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ يَتَقَاضَاهُ فَأَغْلَظَ لَهُ فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ.

14 - باب إذا وجد ماله عند مفلس فى البيع والقرض والوديعة فهو أحق به

فَقَالَ «دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا». أطرافه 2305، 2306، 2390، 2392، 2393، 2606، 2609 - تحفة 14963 14 - باب إِذَا وَجَدَ مَالَهُ عِنْدَ مُفْلِسٍ فِى الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَالْوَدِيعَةِ فَهْوَ أَحَقُّ بِهِ وَقَالَ الْحَسَنُ: إِذَا أَفْلَسَ وَتَبَيَّنَ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ وَلاَ بَيْعُهُ وَلاَ شِرَاؤُهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ قَضَى عُثْمَانُ مَنِ اقْتَضَى مِنْ حَقِّهِ قَبْلَ أَنْ يُفْلِسَ فَهْوَ لَهُ، وَمَنْ عَرَفَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهْوَ أَحَقُّ بِهِ. 2402 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ أَوْ إِنْسَانٍ قَدْ أَفْلَسَ، فَهْوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ». تحفة 14861 - 156/ 3 واعلم أنه إذا اشترَى شيئًا وقَبَضَه، ولم يؤدِّ ثَمَنَهُ حتى أَفْلَس. فإِن كان المبيعُ قائمًا في يَدِه اختلف فيه الفقهاء: فقال الشافعي: إنَّ البائعَ أحقُّ به، للحديث. وقال أبو حنيفة وصاحِباه: إنَّ البائعَ فيه أسوةُ الغرماء، أما إذا لم يقبضه فالمسألةُ عندنا أيضًا كالمسألةِ فيما بعد القبض عنده. أما البُخَاري فالحديث عندَه عامٌ في الأمانات، والمعاوضات سواء. وأجاب عنه الطحاويُّ بِحَمْل حديثهم على العَوارِي والأمانات والغصوب. وأما غيرُ تلك الصور، كالمعاوضَاتِ والدُّيونِ. فلم يَرد الحديثُ فيه، وإنما ورد فيما وَجَدَ مالَه بعينه، والمبيع ليس من مالِه، بل هو من مالِ المشتري، لأن تبدُّلَ المِلك يوجب تبدُّلَ العين، فوجب أن يُحْمل على العواري والودائع مما يصدُقُ فيه على الشيءُ أنه من ماله. قلت: وهذا الجوابُ لا يشفي، للتصريح بِكَوْنِ الحديثِ في البيوع أيضًا. فعند «مسلم»: «الرجل الذي يعدم إذا وجد عنده المتاع، ولم يفرقه أنه لصاحب الذي باعه». اهـ. وكذا عند أبي داود: «أيما رجل باع متاعًا، فأفلس الذي ابتاعه، ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئًا، فوجد متاعه بعينه، فهو أحقُّ به» اهـ. وكأنَّ الطحاوي (¬1) قَطَع نظرَه عن هذه الألفاظ، فالجواب عندي ¬

_ (¬1) وراجع له "المعتصر" في المديون إذا أفلس، وروي عن أبي هريرة أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيُّما رجلٍ أَفْلَس فأدرك رجلٌ مالَه بعينه، فهو أحق من غيره" ويمكن دَفْعُه، بأن المرادَ به الودائعُ والعواري، بخلاف المبيعات التي ليس لواجدها فيها ملْكُ حينئذٍ، كذلك يمكن دَفْع حديث مالك عن ابن شِهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيُّما رجلٍ باعَ متاعًا، فأفلس الذي ابتاعه، ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئًا، فوجده بعينه، فهو أحق به، وإن مات المشتري، فصاحِبُ المتاع أسوةُ الغرماء لانقطاعه". وكنا ندفع أيضًا حديث إسماعيل بن عياش عن موسى بن عُقْبة، عن الزُّهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرةَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "أيما رجل باع سِلْعةً، فأدرك سلعتَه بِعَيْنها عند رَجُلٍ قد أفلس، ولم يقبض من ثمنها شيئًا، =

أن ما في الحديث مسألة الديانة دون القضاء. ويجب على المشتري ديانةً أن يبادِرَ بسلعته فيردّها إلى البائعِ قَبل أن يرفَعَ أَمرَه إلى القضاء، فَيُحْكَم بالأُسوة. بقي أن حقَّ البائعِ بسلعته هل يبقى بعد قبضِ المشتري، أم لا؟ فقد مرّ معنا نظيرُه، فيما إذا فَرَسٌ لأحدٍ إلى دار الحرب، فاستولي عليها المسلمون: أنّ مالكها أحق بها قبل القِسمة، وبعدها بالثمن، فدلَّ على بقاءِ حَقَّه شيئًا. فهكذا فيما نحن فيه يكون البائعُ أحقَّ به ديانة لبقاء حَقَّه في الجملة، وإن انقطع عنه في الحُكْم. وأما إذا لم يَقْبِضُه المشتري فالبائعُ أحقُّ به عندنا أيضًا، كما علمت. وبحث في «الهداية» أنَّ المبيع قبل القَبْضِ هل يَثْبُت عليه مِلكُ المشتري أو يثبت حَقُّه فقط؟ قوله: (وقال الحَسَن) ... الخ. ولا يجري هذا إلا على مذهب الصاحبين، فإِنَّ للتفليس أحكامًا عندهما، وأما عند الإِمام الأعظم فلا حُكْم له، كما عَلِمت. وراجع المسألة في «كتاب الحَجْر». قوله: (وقال سَعِيد بن المسيَّب) ... الخ، وهذا يأتي على فِقْهنا أيضًا. 2402 - قوله: (في إسنادِ الحديث الآتي: (أخبرني أبو بَكْر بن محمد بن عَمْرو بن حَزْم) ... الخ. هذا هو الذي ورد في إسناد حديث الحنفية في نصاب الزكاة. ¬

_ = فهي له، وإن كان قضاه من ثمنها شيئًا، فما بقي فهو أسوةُ الغرماء" ولا نرى فيه علينا حُجة، لفساد رواية إسماعيل عن غير الشاميين. ولكنَّ حديث مالك مسندًا من رواية عبد الرزاق عنه عن ابن شهاب عن أبي بكر عن أبي هريرة وكذا حديث إسماعيل بن عَيَّاش عن الشاميين الذي لا كلام فيه في حديثه عنهم لا يمكن دَفْعُه والقول فيه ما قال مالك. ولو اتصل عند مَن خالفه هذا الاتصال لما خالفه، ولرجع إليه، فالمخالِف معذورٌ في خلافه، وأما الشافعي فقد كان يقول: إذا أفلس بعد ما قضى بَعْض الثَّمن أنَّه يكون في حِصة ما قضاه أسوة الغُرماء، ويكون أحقٌ بالباقي منهم، والحديث يدفع ذلك، وهو الحجة وكذلك كان يسوي بين حكم إفلاسه، وبين حكم موته، فيجعلُ صاحب السِّلعة فيهما أحق من الغرماه. والحال أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَرَّق بينهما في الحُكم، كان يحتج بحديث أبي المغيرة بن عمرو بن نافع عن ابن خَلْدَة الزرقي -وكان قاضيًا- أنه قال: جئنا أبا هريرةَ في صاحب لنا أفلس، فقال: "أيُّما رَجُلٍ مات، أو أفلس، فصاحبُ المتاع أحقُّ بمتاعه". وأبو المغيرةَ مجهولٌ، مع أنه لو كان ثابتًا لكان حديثُ الزُهري عن أبي بكر عن أبي هريرةَ أولى منه، لأنه قد رواه الأئمة الذين تقوم الحُجة برواياتهم، مع أن فيه "أو" التي للتشكيك، فيعود الحديث إلى أن لا يُعلم ما فيه، هل هو في التفليس، أو في الموت وقال الطحاوي: وما وجدنا أحدًا من أهل العلم أَحَد تكلُّمًا في هذا الحديث غيرَ مالك بن أَنس، فأما مَنْ سواه فقد ذكرنا أقوالهم. اهـ. وقال الشيخ العَيني: وصحَّ عن عمرَ بن عبد العزيز أنَّ من اقْتضى مِن ثمنِ سلعته شيئًا ثُم أَفلَس، فهو والغرماء فيه سواء. وهو قول الزُّهري، ورُوي عن عليِّ بن أبي طالب نحو ما ذهب إليه هؤلاء. ورُوي عنه أنه أُسوةِ الغرماءِ إذا وجدها بعينها، وصحَّحه ابن حزم، اهـ بتغيير وقد بسط الشَيخ في الكلام على الحديث جدًا، فراجِعْه، قال العلامة المارديني: وفي "الاستذكار" قال النَّخَعي، وأبو حنيفة وأهلُ الكوفة: هو أسوةُ الغُرماءِ على كل حال. ورُوي ذلك عن خِلاس عن عليِّ. وقد ذكرنا قريبًا عن ابن حزم أنه صحح روايته عنه. وحكى الخَطابي هذا القول عن ابن شُبْرُمةَ أيضًا. "الجَوْهر النَّقي". قلت: وذكر العلامةُ في المقام أشياءَ لم يذكُرْها الشيخ العيني، فراجعها، وليس البَسطُ من موضوعنا، والله تعالى أعلم.

15 - باب من أخر الغريم إلى الغد أو نحوه، ولم ير ذلك مطلا

15 - باب مَنْ أَخَّرَ الْغَرِيمَ إِلَى الْغَدِ أَوْ نَحْوِهِ، وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ مَطْلاً وَقَالَ جَابِرٌ اشْتَدَّ الْغُرَمَاءُ فِى حُقُوقِهِمْ فِى دَيْنِ أَبِى فَسَأَلَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَقْبَلُوا ثَمَرَ حَائِطِى فَأَبَوْا، فَلَمْ يُعْطِهِمِ الْحَائِطَ وَلَمْ يَكْسِرْهُ لَهُمْ، قَالَ «سَأَغْدُو عَلَيْكَ غَدًا». فَغَدَا عَلَيْنَا حِينَ أَصْبَحَ فَدَعَا فِى ثَمَرِهَا بِالْبَرَكَةِ فَقَضَيْتُهُمْ. الغرضُ منه التنبيهِ على أن على أن المُطْلَ أَمْرٌ عُرْفي، فليس التأخير بيوم، أو يومين مُطْلا. 16 - باب مَنْ بَاعَ مَالَ الْمُفْلِسِ أَوِ الْمُعْدِمِ، فَقَسَمَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ، أَوْ أَعْطَاهُ حَتَّى يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ 2403 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِى رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ أَعْتَقَ رَجُلٌ غُلاَمًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّى». فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَأَخَذَ ثَمَنَهُ، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ. أطرافه 2141، 2230، 2321، 2415، 2534، 6716، 6947، 7186 - تحفة 2408 دخل في مسائل الحَجْر. قوله: (من يشتريه مني) ... الخ، واعلم أنا قد نِبِّهْناك فيما مرَّ أن تراجِم المصنِّف على قِصة بَيْع المُدبَّر مُختلِفةً متهافتة، فبعضُها يدلُّ على جواز بَيْعه حالَ التدبير، وبعضُها على بَيْعه بعد إلغاءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم تدبيرَهُ ورده إلى الرقية، ففيه إثبات الحجر. وبَعْضُها يدلُّ على أن البيعَ كان تعزِيزًا له. وهكذا فعل المصنِّفُ في معاملة خَيْبر، فقد جعلها إجارةً، وأخرى مزارعةً، وقد مرّ. 17 - باب إِذَا أَقْرَضَهُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، أَوْ أَجَّلَهُ فِى الْبَيْعِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فِى الْقَرْضِ إِلَى أَجَلٍ لاَ بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ أُعْطِىَ أَفْضَلَ مِنْ دَرَاهِمِهِ، مَا لَمْ يَشْتَرِطْ. وَقَالَ عَطَاءٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: هُوَ إِلَى أَجَلِهِ فِى الْقَرْضِ. 2404 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلاً مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ، سَأَلَ بَعْضَ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى. الْحَدِيثَ. أطرافه 1498، 2063، 2291، 2430، 2734، 6261 - تحفة 13630 وقد مرّ أن الأَجَلَ لا يلزم في القَرْض قضاءً، وإن لزِمه ديانةً، فإِنه وعْدٌ، ومَنْ يُخْلِفُ فيه يَلْق أَثامًا: أما في القضاءِ فله أن يطالِبه قَبل حلولِ الأَجل. وما يُتوهم من بعضِ العبارات أنَّ الأجلَ في القَرْض معصيةٌ، فليس بشيءٍ، وقد مرَّ عن قريب. قوله: (أو أَجَّلَه في البَيْع) وهذا لازِمٌ بالاتفاق، فإِنّه من المعاوضات، بخلاف الأَوَّل، فإِنه كان من باب المرُوءات.

18 - باب الشفاعة فى وضع الدين

قوله: وقال ابن عمرَ في القَرْض إلى أَجل: لا بَأسَ به، وإنْ أُعْطي أَفْضَلَ مِن دراهِمه ما لم يشترط) ... الخ. يعنِي إذا لم يشترطِ الفَضْل عند الاستقراض، وأعطاء ذلك عند الأداء، طاب له ذلك. وهذا الذي قلت: إنَّ باب المروءات غيرُ باب القضاء. فما حَكَم ابنُ بطَّال بكون بعض تراجِمِه خلافَ الإِجماع ليس بشيءٍ، فإِنَّها محمولةٌ على الديانات، كما مر. وإنما اضطر بكونها خلافَ الإِجماع، لأنه حَمَله على القضاء، وكذلك من يُجرُّ مسائلَ الديانات إلى الفِقْه يتقوَّل نحو هذا. قوله: (قال عطاءً وعَمْرُو بن دينار: هو إلى أَجَلِهِ في القَرْض) ... الخ. ويُعلم من كلامه أن الأجَل لازمٌ في القَرْضِ قضاءً أيضًا، وعندنا ديانةً فقط. 18 - باب الشَّفَاعَةِ فِى وَضْعِ الدَّيْنِ 2405 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ عَامِرٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ أُصِيبَ عَبْدُ اللَّهِ وَتَرَكَ عِيَالاً وَدَيْنًا، فَطَلَبْتُ إِلَى أَصْحَابِ الدَّيْنِ أَنْ يَضَعُوا بَعْضًا مِنْ دَيْنِهِ فَأَبَوْا، فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَشْفَعْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا، فَقَالَ «صَنِّفْ تَمْرَكَ كُلَّ شَىْءٍ مِنْهُ عَلَى حِدَتِهِ، عِذْقَ ابْنِ زَيْدٍ عَلَى حِدَةٍ، وَاللِّينَ عَلَى حِدَةٍ، وَالْعَجْوَةَ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ أَحْضِرْهُمْ حَتَّى آتِيَكَ». فَفَعَلْتُ، ثُمَّ جَاءَ - صلى الله عليه وسلم - فَقَعَدَ عَلَيْهِ، وَكَالَ لِكُلِّ رَجُلٍ حَتَّى اسْتَوْفَى، وَبَقِىَ التَّمْرُ كَمَا هُوَ كَأَنَّهُ لَمْ يُمَسَّ. أطرافه 2127، 2395، 2396، 2601، 2709، 2781، 3580، 4053، 6250 تحفة 2344 2406 - وَغَزَوْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى نَاضِحٍ لَنَا، فَأَزْحَفَ الْجَمَلُ فَتَخَلَّفَ عَلَىَّ فَوَكَزَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ خَلْفِهِ، قَالَ «بِعْنِيهِ وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ». فَلَمَّا دَنَوْنَا اسْتَأْذَنْتُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ. قَالَ - صلى الله عليه وسلم - «فَمَا تَزَوَّجْتَ بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا». قُلْتُ ثَيِّبًا، أُصِيبَ عَبْدُ اللَّهِ وَتَرَكَ جَوَارِىَ صِغَارًا، فَتَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا تُعَلِّمُهُنَّ وَتُؤَدِّبُهُنَّ، ثُمَّ قَالَ «ائْتِ أَهْلَكَ». فَقَدِمْتُ فَأَخْبَرْتُ خَالِى بِبَيْعِ الْجَمَلِ فَلاَمَنِى، فَأَخْبَرْتُهُ بِإِعْيَاءِ الْجَمَلِ، وَبِالَّذِى كَانَ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَوَكْزِهِ إِيَّاهُ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - غَدَوْتُ إِلَيْهِ بِالْجَمَلِ، فَأَعْطَانِى ثَمَنَ الْجَمَلِ وَالْجَمَلَ وَسَهْمِى مَعَ الْقَوْمِ. أطرافه 443، 1801، 2097، 2309، 2385، 2394، 2470، 2603، 2604، 2718، 2861، 2967، 3087، 3089، 3090، 4052، 5079، 5080، 5243، 5244، 5245، 5246، 5247، 5367، 6387 - تحفة 2341 - 157/ 3 19 - باب مَا يُنْهَى عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: 205] وَ {إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: 81]. وَقَالَ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} [هود: 87]. وَقَالَ {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] وَالْحَجْرِ فِى ذَلِكَ، وَمَا يُنْهَى عَنِ الْخِدَاعِ. 2407 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنِّى أُخْدَعُ فِى الْبُيُوعِ. فَقَالَ «إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لاَ خِلاَبَةَ». فَكَانَ الرَّجُلُ يَقُولُهُ. طرفاه 2117، 2414، 2964 - تحفة 7153

20 - باب العبد راع فى مال سيده، ولا يعمل إلا بإذنه

2408 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ الْبَنَاتِ، وَمَنَعَ وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ». أطرافه 844، 1477، 5975، 6330، 6473، 6615، 7292 - تحفة 11536 - قوله: ({أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ}) [هود: 87] ... الخ. وإنَّما أَتى البخاريُّ بمقولةِ الكُفَّار باعتبارِ كونهم من العقلاء. قوله: ({وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ}) [النساء: 5] ... الخ وهكذا عندنا، وإن لم يكن حَجْرًا في الاصطلاح، لأنه يكون في مالِ نفسه. قوله: (وإضَاعَةَ المالِ) وهذا نحو الإِسراف مما لا يكادُ ينضبطُ، وقد يَحْكم الذِّهْنُ على شيءٍ بكونه إضاعةً وإسرافًا، وأخرى لا يَحْكم بذلك، فليُفَوِّض إلى رأي المُبْتَلى به. 20 - باب الْعَبْدُ رَاعٍ فِى مَالِ سَيِّدِهِ، وَلاَ يَعْمَلُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ 2409 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِى أَهْلِهِ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِى بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهْىَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِى مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». قَالَ فَسَمِعْتُ هَؤُلاَءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَحْسِبُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَالرَّجُلُ فِى مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». أطرافه 893، 2554، 2558، 2751، 5188، 5200، 7138 - تحفة 6846 - 158/ 3 اعلم أنه اختُلف في بيع الرُّطب بالتمر، فجوَّزه الحنفيةُ، وأنكره الآخرُون، واستدلو بحديث النبيِّ صلى الله عليه وسلّم «نَهى عن بَيْع الرُّطب بالتمر»، وأجاب عنه الطحاويُّ بإِخراج زيادةٍ فيه، وهي: «نَهى عن بَيْع الرُّطَب بالتمرِ نسيئةً». فالنهيُ راجعٌ إلى القيد دونَ نفّس البيع، قلت: وفي الحديث إشْكالٌ آخرَ، وهو أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم سألهم عن الرُّطب، أنه هل يَنْقُضُ إذا يَبِس أَم لا، وحينئذٍ لو كان مَنَاطُ النَّهي كونَه نسيئةً لم يكن لهذا السؤال فائدةٌ، فإِنَّه يدلُّ على كونِ الزيادةِ والنقصانِ مَنَاطًا، لا كَوْنِ البيعِ نسيئةً، ولم يتوجهوا إلى جوابه. قلت: وشَرْح الحديثِ عندي أن معنى النسيئةِ ليس على ما تعارفوه، بما بمعنى رعايتِه ثاني الحال: فالحاصل أَنَّنه نهى عن بيع الرُّطب بالتمر برعايةِ الرّطب بعد اليَبْسِ يصيرُ مساويًا لهذا التمر. فالرعايةُ في الرُّطَب بكونه مساويًا للتَّمرِ بعد اليبْس، هي التي عَنَيْناها بقولنا: ثاني الحال، وإن كان العِوضان ههنا معجلين، فليس معنى النَّسيئةِ كونَ أحد العِوَضين موجودًا، والآخر واجِبًا في الذِّمَّة، وهذا نحو ما في العَرِّيَّة، فإنَّ بيعَ التَّمْرِ بالرُّطَبِ فيه يكونُبِخَرْصِها تَمْرًا، وخَرْصَهَا أن يُقَدِّر أنها كم تَبْقى بعد يَبْسها وصيرورتِها تَمْرًا، فكما أنَّ الخَرص في الرُّطَب إنما كان باعتبار ثاني الحال، كذلك النَّسِيئة ههنا.

والمعنى أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم نهى عن بَيْعِ الرُّطب بالتمر نظرًا إلى ثاني الحال، لإفضائه إلى المنازعة، فبقاءُ بَيْعِها في الحالة الراهنة جائزةٌ، خارجةٌ عن قضيةِ الحديث. ومِن ههنا تبيَّن وجه سؤال النبي صلى الله عليه وسلّم أَيَنْقُضُ الرَّطَبُ ... الخ أيضًا. لأنَّ بُيوعَهم، في الرُّطب إذا كانت بهذه الرعايةِ ناسَب سؤاله قطعًا. فإنَّه إذا اتضح الرُّطب التفاضُل بين الرُّطَب. والتَّمر في ثاني الحال، تَبيَّن أن رعايتَه تُقْضي إلى المنازعة لا محالة: «فلا تَبِيعوه نسيئةً»، أي بهذه الرعايةِ، بل بيعوه باعتبار الحالةِ الراهنةِ، وهو معنى قوله: «فلا إذن»، أي إذا عَلِمتم النُقْصان في ثاني الحال، فَبيْعُكم بهذه الرعاية ليس بجائز. وجملةُ الكلام أن البيعَ المذكور جائزٌ عندنا باعتبار الحالة الراهنة، وغيرُ جائزٌ برعايةٍ إنْ تساوي التَّمر بعد اليَبْس، وهذا إذا حَمْلت النسيئةَ على المعنى المذكور. أما إذا حَمَلْته على معناه المعروف فلك أن تقول: إنَّ السؤالَ لِتعليم أَمْرٍ مُفِيدٍ فقط، وإن كان محطُّ الفائدةِ هو قَيْدَ النَّسيئة فقط. وقد قَرَّره المَرْجاني في «حاشية التلويح»، ولعله من باب التعارُض (¬1). ... ¬

_ (¬1) يقول العبدُ الضعيف: ولقد راجعت الشَّيخَ في شَرْح هذا اللفظ مرارًا، أفادني كلَّ مرة بما يَليقُ بشأني، إلا أنِّي لم أزل فيه متردِّدًا من سُوء فَهْمي. فقال مرةً: كما عَلِمت الآن، وهو آخِرُ ما سمعت فيه، وهو المرَجح عنده، وقرَّر أُخرى، بأنَّ الحنفية اعتبروا المساواة حالًا، فجوَّزوا بَيْعَ الرُّطب بالتمر متساويًا، وآخرون اعتبروها مآلًا، ومعلوم أن الرُّطب بعد اليَبْس تَنْقُص لا محالةَ، فلا تتحقَّقُ فيها المساواةُ حقيقةً، فَنُهوا عنه. وقولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَيَنْقُص الرُّطَبُ" ... الخ ألصق بِمَرامهم، وإنَّما سألهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن نقصانها بَعْد اليَبْس، لأنَّ الكيل في الرُّطَبُ لم يكن معروفًا فيما بينهم، بل الرُّطب كانت تُباع معدودةً، وإنَّما لم يُعْرف فيه الكَيْل لِعُسره في الرُّطب، لأنها تَنْعَصِر بالكَيْل، ويَخْرج ما فيها من الشَّيْرج، ولذا وَرَد الخَرْص في الرُّطب عند الترمذي بخلاف التَّمر. فإِذا لم يُعرف فيه الكَيْلُ، فلا يكونُ بيعه بالتمر، إلا خرصًا، فيحدثُ احتمالُ التفاضل لا محالة. فكأنَّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْشدهم بسؤاله إلى مَناط النهي. لا يقالُ: إنَّ الشيخ أقرَّ ههنا بكَوْن الكَيْلِ غير معروف في الرُّطب، وقرَّر فيما مرَّ كَونَه معروفًا، لأنَّا نقولُ: وذلك اعتباراتٌ، فجعله معروفًا باعتبار، وغير معروفٍ باعتبار، يعني إن جعلناه معروفًا، فلنا أن نقولَ كذا، وإنْ جعلناه غيرَ معروفٍ، فحمله ذلك، وهل يأتي من الإنسان فيما لم يشاهده حتمٌ، فإِذا لم يتحقَّق ما كان فيه الحالُ عنده حمله على الوجهين، فإن كان الكَيْلُ معروفًا فكذا، وإنْ كان غير معروف فكذا. وقد أراد فيما مَرَّ إثباتَ جواز العَريَّةِ على مذهب الحنفية بِشَرْح الشافعية أيضًا، فادَّعى الكَيْل في الرُّطب، ثُم إنه لم يكن معروفًا فلا رَيْب في كونه ممكنًا، فلو كالها بعد الجذِّ، وأسلمها إلى المُشتري، يجوزُ البيعُ في العَرِيَّة عندنا أيضًا. فقد رام الشيخُ إخراج صورةٍ لتمشِيةِ تفسيرِ الشافعية على مذهب الحنفية، مع قطع النظر عما كان في الرُّطب في نَفس الأمر. وليس عندنا الآن غيرُ التخمين، فلا تعارض. ثُمَّ إني سألته عن سِرِّ هذا السؤال مرةً أخرى، فقال: إنَّ السؤالِ معقولٌ، لأن العَرَبَ يضعون الرُّطب في الزَّنبِيل، ثُمَّ يطؤونها بالأَرْجل، لتكتنز وتنسد الخلل. فتصير تمرًا بهذا الطريقِ. فلما لم يخرج منها الشَّيْرج، وبقي فيها، إذًا لا يكون الفَرْق بين رَطْبها، ويابِسها إلا قليل، وحينئذٍ ناسب السؤال، بخلاف سائر الثمار، فإنَّ الفَرْق بين رَطبها ويابسها ظاهرٌ لا حاجة إلى السؤال عنده، وعليك أن تتفكرَّ فيه، لينجلي لك حقيقةُ الحال، ولا تَضْرب بَعْض الكلام ببعض، إنما هو على طريق الأجوبة العديدة عن سؤال واحدٍ، ومعلوم أنها لا تكون على مَبْنى واحد، بل قد تكون على مباني مختلفة، ولا يُعَدُّ ذلك تعارُضًا، فافهم، فتلك شتات كلماتٍ أهديها إليكم. على انخرامها، رجاءً مِن الله أن يوجد مَنْ ينظمها في سِلْك واحدٍ، ويَصِلُني بدعوةٍ صالحةٍ، فإِنَّ المقام مزالُّ الأَقدام.

44 - كتاب الخصومات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 44 - كِتَابُ الخُصُومَاتِ 1 - باب مَا يُذْكَرُ فِى الإِشْخَاصِ والمُلَازَمَةِ وَالْخُصُومَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْيَهُودِ والإِشخاص هو إحضارُ المُدَّعي عليه في محكمة القضاء. قوله: (والخُصومةِ بين المُسْلِم واليهودي) يعني أن اتحاد المِلَّتين ليس بِشَرْط في الدَعَاوى، وهكذا ينبغي. 2410 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ أَخْبَرَنِى قَالَ سَمِعْتُ النَّزَّالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَجُلاً قَرَأَ آيَةً سَمِعْتُ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - خِلاَفَهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَأَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «كِلاَكُمَا مُحْسِنٌ». قَالَ شُعْبَةُ أَظُنُّهُ قَالَ «لاَ تَخْتَلِفُوا فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا». طرفاه 3476، 5062 - تحفة 9591 2410 - قوله: (فأَخَذْتُ بِيَده، فأَتيْتُ به رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلّم. واعلم أَنَّ الإِشخاصَ إحضارُ الرَّجلِ بِحُكْم القاضي جَبْرًا، وليس في الحديث ذلك. فإِنه طاوعه، وأتى بِطَوْعٍ وَرغبةٍ، ولكن لما شابهت صورتُه صورةَ الإِشخاص تمسك به المصنِّفُ. 2411 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ اسْتَبَّ رَجُلاَنِ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، قَالَ الْمُسْلِمُ وَالَّذِى اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى الْعَالَمِينَ، فَقَالَ الْيَهُودِىُّ وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ. فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ يَدَهُ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَطَمَ وَجْهَ الْيَهُودِىِّ، فَذَهَبَ الْيَهُودِىُّ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ، فَدَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُسْلِمَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُخَيِّرُونِى عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَصْعَقُ مَعَهُمْ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ جَانِبَ الْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِى أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِى، أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ». أطرافه 3408، 3414، 4813، 6517، 6518، 7428، 7472 تحفة 15127، 13956 2412 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ جَاءَ يَهُودِىٌّ، فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ ضَرَبَ وَجْهِى رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِكَ. فَقَالَ «مَنْ». قَالَ

رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ «ادْعُوهُ». فَقَالَ «أَضَرَبْتَهُ». قَالَ سَمِعْتُهُ بِالسُّوقِ يَحْلِفُ وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ. قُلْتُ أَىْ خَبِيثُ، عَلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخَذَتْنِى غَضْبَةٌ ضَرَبْتُ وَجْهَهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِى أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ، أَمْ حُوسِبَ بِصَعْقَةِ الأُولَى». أطرافه 3398، 4638، 6916، 6917، 7427 - تحفة 4405 - 159/ 3 2411 - قوله: (فَلَطَمَ وَجْهَ اليَهُودِيِّ). وفي الشروح أَنَّه أبو بكر. قوله: (لا تَخبرُوني) ... الخ. والتَّخْيير على نحوين، والممنوع منهما يا يُوهِم تنقيضَ الآخر. وقيل في الجواب: إن قوله «لا تُخبِّروني» من باب التواضع (¬1). وما في الروايات مِن الفصل بيانُ العقيدةِ، فلا تناقض، ولا يلزم أن لا يتواضعَ الكامل أبدًا، فإِنَّه لا يزيدُه إلا فَضْلا على فَضْله، فَمَن حَمَل تواضُعه مخالِفًا لكماله. فكأن لم يقم بالفَرْق بين الموضِعين، والأحوطُ في هذا الباب عندي أن يُتَجاسر في باب التفاضل، ولا ينهمك فيه، لئلا يتجاوز عن الحدِّ، فيقع في حفرةٍ من النار. وذلك لأنَّ سائرَ الأنبياء سواسيةٌ في باب الإِيمان بهم، واحترامهم، وتبجيلهم، وإن كانوا مختلفين في الفضل، فالمقصودُ من الأحاديثِ الواردةِ في باب الفَضْل تقريرُ العِلْم والعقيدة، دون الممارسة في العمل كما شاع اليوم في زماننا، ألا ترى ماذا وقع فيه بين اليهوديِّ والمسلم حتى قال له النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فإِنَّ الناس يصْعَقُون» ... الخ. قوله: (فإِنَّ النَّاس يَصْعَقُون يومَ القيامة، فأصعق معهم، فأكون أَوَّل مَنْ يفيق، فإِذا موسى باطِشٌ، جانب العرش، فلا أدري كان فيمن صَعِق، فأفاق قبلي، أو كان مِمَّن استثنى الله) وههنا إشكال، وهو أنَّ الحديثَ مُقْتَبسٌ من قوله تعالى: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر: 68] ذَكَر القرآنُ فيه نَفْختين: نفخة للصَّعقة والإِماتة، وَنفْخة للبَعْث والنُّشور، واستثنى مِن النَّفْخةِ الألألى، وهي نَفْخَةُ الصَّعْقةِ أشياءَ أبهمهما، قال المفسرون: وهي الجنةُ والنَّارُ وأمثالُهما، مما لا يأتي عليه الفَناء. فلو قلنا: إنَّ موسى عليه الصلاة والسلام أيضًا كان مِمَّن استثناه ااُ، كما في هذا الحديث، يلزم أن لا يكونَ دَخَل تحت الموتِ أيضًا، فإِنَّ المُستثْنَى في الآية هو ما لم يدخل تحت الفَناء، فلزم أن يكون موسى عليه الصلاة السلام أيضًا كذلك، ولعله سلمه الكَرِماني: قلت (¬2): كيف وموتُه مذكورٌ في صحيح البخاري. فأَوَّلُ مَن أجاب عنه القُرطبي في ¬

_ (¬1) قال الحافظ: إنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال تواضعًا، والتواضع لا يَحُط مرتبة الكبير، بل يزيدُه رِفعةً وإجلالًا. وقيل: هو مِن جِنْس قوله: "لا تفضلوني على يونس" الخ. (¬2) ويَقْرُب منه ما ذكره الشيخُ العيني: أن الأنبياء أحياءٌ في قبورهم، فإذا نُفخ في الصوُّر نَفْخة الصّعق، صَعِق كلُّ مَنْ في السمواتِ والأرض إلا مَنْ شاء الله، فأمَّا صَعْقُ غير الأنبياء فموتٌ، وأما صعق الأنبياءِ فالأظهر أنه غُشي، فإذا نُفِخَ في الصُّور نَفْخةُ البَعْث، فمن مات حي، ومَنْ غُشي عليه أفاق، اهـ بتغيير يسير. وقال القاضي -كما =

شَرْح مسلم فقال: إنَّ نفخةَ الصَّعْقةِ تكونُ لإِماتة الأحياء ساعتئذ. وأما الذين قد ماتوا، فيُغْشَى على أرواحِهم، فيصيرونَ كالموتى. وحاصله أنه لا يبقى شيء إلا ويتأَثَّر منها، فإِنْ صَلَح للَفناء يَفْنَى، وإن لم يصلح له، كالأرواح، فإِنها حياة مَحْضَةٌ، يُغْشى عليهم ثُم يستمرُّون على هذا الحالِ إلى أربعينَ سنةً، ثُم تُنْفخ فيه أخرى. فإِذا الأمواتُ يصيرونَ أحياءً، والأرواحُ مُفِيقاتٌ، وظَهَر منه أنًّ الصَّعْقةَ في القرآنِ اشتملت على الأمْرَين: الموت للأحياء، والغُشيء للأَرْواح. وحينئذٍ لا يلزمُ مِن دخول موسى عليه الصلاة والسلام في الاستثناء عَدَمُ وفاته، بل عدم غُشْية فقط. ومعنى الحديث أنَّ الناسَ يَحْصُل لهم الموتُ أو الغُشي، فَيُغْشَى عليَّ أيضًا، وإن كان بين الغُشي والغُشي تفاوتٌ، فأكون أوَّلُ مَنْ يفِيقُ، وأنظر موسى عليه السلام أَنَّه باطشٌ بجانب العرش. فلا أَدْري أَنه كان فيمن غُشِي، فأفاقَ قبلي، أو كان مِمَّن استَثْنى ااُ، فلم يُغْشِ عليه. والشِّقُّ الثالث ههنا محذوفٌ، وهو أَنَّهُ حُوسِب بصَعْقَة على الطُّور. وكنت أردد فيه، لأنَّ ادِّعاء غُشْي الأرواح إلى مدةٍ مديدة لا بدَّ له من روايةٍ، أو قولٍ من السَّلف. وتَسْليمُه بَقوْل القُرْطبي عسيرٌ، لكونه إخبارًا عن الحقائق الغائبة. ثُم اطَّلعت على رواية (¬1) فيها غُشْي الأَرواح أربعينَ سنةً. ولعل إسنادَه ضعيفٌ، مع هذا يكون لجوابه نفاذ. ومن ههنا تبيَّن وَجْه قوله تعالى: {مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا} [يس: 52]، وقد تكلَّمنا عليه مرةً، وفيه أيضًا إشكالٌ، فإِنه يدلُّ على رُقودِهم في القبور، والأحاديثُ وَرَدَتْ بعذابهم، ودعائهم بالوَيْل والثُّبور. وحاصل الجواب أنه حكايةٌ عن مُدَّة غُشيهم تلك، أي لو بقينا كذلك مَغْشيًّا علينا. ولم تحصل لنا الإِفاقةُ لكان أَحْسن. ثم إنَّ الآية تَرِد على القائلين بنَفْي السماع لدلالته على الرُّقاد، ونفي العذاب أيضًا، فماذا يصنعون بها؟ فلا بدَّ لهم مِن أن يذكروا لها وجهًا، فينبغي لهم أن يَطْلُبوا وجها لآية نفي السَّماع أيضًا. فإِنَّ العذابَ كما أنه متحقِّق، كذلك السماع أيضًا متحققٌ، فلا يُغُترُّ بأمثال هذه النصوصِ، فإِنَّ لها وجوهًا ومعاني. والجواب الثاني ما ذكره الشَّاه عبد القادر في «فوائد القرآن»: وحاصله أنَّ الحديث غيرُ مُقْتبسٍ من القرآن. فما ذُكِر في الحديث نَفُخةٌ أخرى، وما في القرآن نفخةُ أخرى، فالنفخةُ (الأولى) للإِماتةِ، والثانية للإحياء، والثالث للفَزَع، والرابع للغُشي، والخامس للإِفاقة، والثلاثةُ الأخيرة ¬

_ = حكاه النوويُّ-: إن حديثَ الباب من أَشْكل الأحاديث، لأن موسى مات، فكيف تدركه الصَّعقة، وإنَّما تُصعق الأحياء؟ ثم أجاب عنه: بأنَّهُ يُحتمل أن هذه الصَّعقةَ صَعقةُ فَرْز بعد البعث، حين تَنْشقُّ السمواتُ والأرضُ، فتنتظم حينئذٍ الآياتُ، والأحايثُ، ويؤيدُه قوله - صلى الله عليه وسلم -: فأفاق" لأنه يُقالُ: أفاق من الغشي، وأما الموتُ فيقال: بُعِث منه. وصَعْقَة الطَّور لا تكون مَوْتًا. اهـ. "النووي" من -باب فضائل موسى عليه الصلاة والسلام-. (¬1) قلت: وفي الفَصْل الأول من "المشكاة" عن أبي هريرة -مرفوعًا- قال: ما بين النفختين أربعون، قالوا: يا أبا هريرة أربعون يومًا؟ قال: أبيت، قالوا: أربعون شهرًا؟ قال: أبيت، قالوا: أربعون سنة؟ قال: أبيت ... الخ. وهو حديثٌ متفق عليه. فلا أدري لماذا وقع مني الخبط عند الأَخْذ، ولعَمْري ربما أتضجُّرُ مِن مِثْل هذه الأمورِ، وألوم نفسي، فإِني قرأت مرارًا ثم لم أصنع شيئًا. والله الهادي والملهم للصواب.

تكون في المَحْشر، وعنده نَفَخاتٌ أُخرى غيرُنا لمعانٍ أخرى، كالدعوة وغيرها، كما ترى اليوم في الجيوش، فإِنَّ كرّهم وفرهم، وحربهم وضربهم، كلُّها تكون بالبُوق - (بكل) -. وحاصل هذا الجواب أن الاستثناءَ في النَّصِّ إنما هو مِن الصَّعْقة التي تكون عند النَّفْخة الثانية للإِماتة، وأما في الحديث، فالاستثناء فيه مِن الصَّعْقةِ التي هي مِن آثار النفخة الرابعة في المَحْشر، وهو بمعنى الغُشْي فقط، واستثناءُ موسى عليه الصلاة والسلام إنما هو من تلكَ الصَّعْقَةِ التي تكون في الحشر، فهو استثناءُ من الغُشْي لا مِمَّا هو في القران، بمعنى الموت، ليلزم عليه ما لزم. قلت: وهذا إنما يتمُّ في سياقٍ لم يُذْكر فيه الآيةُ والذي فيه ذُكرتِ الآيةُ أيضًا، فالمتبادرُ منه أنه مُقْتبسٌ من القرآن، والصَّعْقةُ هي الصعقة، والاستثناءُ هو الاستثناء. واعلم أنهم (¬1) اختلفوا في عدد النفخات، فقيل: ثنتان: نفخةٌ للصَّعْقَة، وهي التي يَفْزَع لها النَّاسُ، ثم يُصْعَقون، فابتداؤها يكون من الفزع، وانتهاؤها على الصعقة، ونَفْخَةٌ للبعث. وقيل: ثلاثٌ: نَفْخةً للفزع، وأخرى للصعقة، وأخرى للبعث. وقد عَلِمت خَمْس نفخاتٍ من «فوائد الشاة» عبد القادر. وراجع «الجمل (¬2) على الجَلالين». ثُم لا يَخْفى عليك أن بعضَ الفقهاء قد أنكروا الاستفاضة عن القبور مطلقًا، وذلك لفقدان تفاصيلِه في الشَّرع، فينبغي أن يُرجَع في أمثالِه إلى كلام العرفاء، فإِنَّهم أعلمُ بهذا الموضوعِ، ولكل فَن رجالٌ. قوله: (فلا أَدْري) ... الخ، فيه رَدُّ على مَن ادَّعى الغَيْب كليًا وجزئيًا لِنَفْسه صلى الله عليه وسلّم والعجب مِن هؤلاء السُّفهاءِ أنهم كيف يَعْزون إليه أمرًا لا يدَّعيه هو لنفسه، بل ينفيه. فالله المستعان على ما يصفون. 2413 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، قِيلَ مَنْ فَعَلَ هَذَا بِكِ أَفُلاَنٌ، أَفُلاَنٌ حَتَّى سُمِّىَ الْيَهُودِىُّ فَأَوْمَتْ بِرَأْسِهَا، فَأُخِذَ الْيَهُودِىُّ فَاعْتَرَفَ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرُضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ. أطرافه 2746، 5295، 6876، 6877، 6879، 6884، 6885 - تحفة 1391 2413 - قوله: (فَرُضَّ رَأسُهُ بَيْن حَجَرَيْن) واحتج به الشافعيةُ على المماثلة في القِصَاص، ¬

_ (¬1) قال الحافظ: في "الفتح" قال ابنُ حَزْم: إن النَّفخات يومَ القيامة أربعٌ: الأولى: نَفْخَةَ إماتة يموت فيها مَنْ بقي حيًّا في الأرض، والثانية، نَفخةُ إحياء يقوم بها كلُّ ميتٍ، ويُنْشَرُون من القبور والثالثة نفخةُ فَزَع وصعق يُفيقون منها، كالمَغْشيّ عليه لا يموت منها أحد والرابعة: نفخةُ إفاقةٍ من هذا الغَشْي ثُم تَعقَّب عليه الحافظ، فقال: وهذا الذي ذكره من كون الثِّنتين أربعًا ليس بواضح، بل هما نَفْختان فقط، ووقع التغاير في كلِّ واحدٍ منهما باعتبار مَنْ يسمعُها، فالأُولى يموتُ بها كلُّ مَنْ كان حيًا، ويُغْشَى على مَن لم يمت مِمَّن استثنى الله؛ الثانية: يعيشُ بها مَنْ مات، ويُفيق بها مَنْ غُشي عليه. اهـ. (¬2) حَكى -صاحب الجمل- عن ابن الوَرْدي أنَّها ثلاثةٌ. ثم بسط أحوالَ الثلاثةِ مفصلةً. اهـ.

2 - باب من رد أمر السفيه والضعيف العقل، وإن لم يكن حجر عليه الإمام

ولنا حديثٌ أخرجه ابنُ ماجة، وحسَّنه المارديني (¬1) في «الجَوْهر النفي»: «لا قَوَد إلا بالسيف»، والجواب عن الرَّضِّ أنَّه كان تعزيزًا، وسياسة، وليُمْعَن النَّطَرُ في أن ما فَعَله اليهوديُّ بالجاريةِ هل يُعد قَطْعَ طريق أم لا؟ فإِنَّه كان أَخَذَ وشاحها وقتلها. وقد أشار إليه الطحاوي وراجع لمسائل الباب السياسة «لسان الحُكَّام» لابن السِّحنةِ، وهو ابن عبد البر بن الشِّحْنة، تلميذُ ابن الهِمام، وقد بَسَطه جِدًّا. 2 - باب مَنْ رَدَّ أَمْرَ السَّفِيهِ وَالضَّعِيفِ الْعَقْلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الإِمَامُ وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - رَدَّ عَلَى الْمُتَصَدِّقِ قَبْلَ النَّهْىِ ثُمَّ نَهَاهُ. وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ، وَلَهُ عَبْدٌ، لاَ شَىْءَ لَهُ غَيْرُهُ، فَأَعْتَقَهُ، لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ. أي إذا لم يكن الإِمامُ أَعْلن بالحَجْر عليه بعدُ، فهل يُعتبر تصرُّفٌ فعله، أم لا؟ أو يجري الحجْرُ بعد الإِعلانِ؟ والظاهر أن حُكْم الحَجْر عليه قبل إعلانِ الإِمام غيرُ سديدٍ عنده قلت: ولكنه ثبت في أول جزئي أيضًا: واختار الخباري أن السَّفاهةَ أيضًا من أسباب الحَجْر، كما هو مذهب الصاحبين ويمكن أن يكون مَذْهبُه أوْسَعَ منهما أيضًا. 3 - باب مَنْ بَاعَ عَلَى الضَّعِيفِ وَنَحْوِهِ، فَدَفَعَ ثَمَنَهُ إِلَيْهِ، وَأَمَرَهُ بِالإِصْلاَحِ وَالْقِيَامِ بِشَأْنِهِ، فَإِنْ أَفْسَدَ بَعْدُ مَنَعَهُ، لأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ، وَقَالَ لِلَّذِى يُخْدَعُ فِى الْبَيْعِ «إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لاَ خِلاَبَةَ». وَلَمْ يَأْخُذِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَالَهُ. 2414 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَجُلٌ يُخْدَعُ فِى الْبَيْعِ فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لاَ خِلاَبَةَ». فَكَانَ يَقُولُهُ. أطرافه 2117، 2407، 2964 - تحفة 7215 2415 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ، لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَرَدَّهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَابْتَاعَهُ مِنْهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ. أطرافه 2141، 2230، 2321، 2403، 2534، 6716، 6947، 7186 تحفة 3077 ¬

_ (¬1) أخرج المارديني حديث: "لا قَوَد إلَّا بالسيف"، بسندٍ فيه جابر الجُعفي، وقَوَّى أمْرَه، ونَقَل تَوْثيقه عن وكيع، وشعبة، والثوري، وابن حبان، وفيه قيس بنُ الربيع، ووَثقه الثوري، وشُعبة، والطَّيالسي وعبد الله بن عثمان، وابن عُيينة، ثُم أخرجه عن ابن ماجه بِسنده مع الذبِّ، عما أُورد على إسناده، ثم قال: فهذا الحديثُ قد رُوي من وجوهٍ كثيرةٍ يَشُدُّ بعضه البعض، فأقلُّ أحواله أن يكون حسنًا. وبه قال النَّخعي، والشَّعبي، وأبو حنيفة، وأصحابُه، اهـ. وقد تكلَّم العَيْني أبسط منه وأضبط، فراجعه.

4 - باب كلام الخصوم بعضهم فى بعض

قوله: (لم يَجُزِ عِتْقُه)، وبه قال مالك، خلافًا للحنفية. قوله: (أَعتق عبدًا له، ولَيْس له مالٌ غَيْرُهُ) ... الخ وقد أخرج المُصنِّفُ هذه الرواية مِرارًا، إلا أنه لم يُخِّرج هذا اللفظ إلا في الموضع، لأنه يُناسِب باب الحَجْر، وهذا من شؤون المُصنَّف أيضًا أنَّ في الحديث يكونُ ألفاظًا، فيحصيها كلَّها في ذِهْنه، ثم يُخرِّجها في محالِّها لفظًا لفظًا، فالحديث قد مرّ مرارًا، إلا أنه خبَّأَ هذا اللفظَ لهذا الموضع خاصَّةً. وقد يَفْعلُ عَكْسه أيضًا، فيترجم على لفظٍ ناظرًا إليه في طريق، ثم لا يخرِّجُه في الباب تشحيذًا للأذهان. 4 - باب كَلاَمِ الْخُصُومِ بَعْضِهِمْ فِى بَعْضٍ 2416، 2417 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ».قَالَ فَقَالَ الأَشْعَثُ فِىَّ وَاللَّهِ كَانَ ذَلِكَ، كَانَ بَيْنِى وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَرْضٌ فَجَحَدَنِى، فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلَكَ بَيِّنَةٌ». قُلْتُ لاَ. قَالَ فَقَالَ لِلْيَهُودِىِّ «احْلِفْ». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذًا يَحْلِفَ، وَيَذْهَبَ بِمَالِى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] إِلَى آخِرِ الآيَةِ. [طرفاه في: 2356، 2357]. 2418 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ كَعْبٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِى حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِى الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِى بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا، حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ فَنَادَى «يَا كَعْبُ». قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا». فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ، أَىِ الشَّطْرَ. قَالَ لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «قُمْ فَاقْضِهِ». أطرافه 457، 471، 2424، 2706، 2710 - تحفة 11130 2419 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِىِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يَقُولُ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَقْرَأَنِيهَا، وَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ، ثُمَّ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ فَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ إِنِّى سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا، فَقَالَ لِى «أَرْسِلْهُ». ثُمَّ قَالَ لَهُ «اقْرَأْ». فَقَرَأَ. قَالَ «هَكَذَا أُنْزِلَتْ». ثُمَّ قَالَ لِى «اقْرَأْ». فَقَرَأْتُ فَقَالَ «هَكَذَا أُنْزِلَتْ. إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ». أطرافه 4992، 5041، 6936، 7550 - تحفة 10591 يعني إذا عاب أحَدُ الخصمين على الآخر بحضرة القاضي، فهل فيه تعزير؟

2419 - قوله: (إن القرآن أُنزل على سَبْعة أَحْرُفٍ) واختلف النَّاسُ في شَرْحه على خمسٍ وأربعين قولا، وكلّها مُهْملٌ غيرَ ثلاثةٍ، أو أربعةٍ، ولواحدٍ منها روايةٌ عن ابن مسعود، لا أدري، مرفوعةٌ هي أم موقوفةٌ؟ والثاني قولٌ لعامَّة النُّحاة. واعلم أنهم اتَّفقوا على أنه ليس المراد من «سبعة أحرف» القراءات السبعة المشهورة، بأن يكون كلُّ حَرْف منها قراءةً من تلك القراءات. أعني أنه لا انطباق بين القراءاتِ السَّبع، والأَحْرفِ السبعةِ، كما يذهبُ إليه الوَهْمُ بالنَّظر إلى لُفْظ السبعة في الموضعين، بل بين تلك الأَحْرِف والقراءةِ عمومٌ، وخصوصٌ وَجْهي، كيف وأنَّ القراءات لا تنحصِرُ في السَّبعة، كما صرَّح ابن الجزري في رسالته «النَّشْر في القراءات العَشْر». وإنَّما اشتهرتِ السَّبعةُ على الألسنةِ، لأنَّها التي جمعها الشَّاطِبي. ثُمَّ اعلم أنَّ بعضهم فَهِم أَنَّ بين تلك الأحرِف تغايرًا مِن كلِّ وَجْه، بحيث لا رَبْط بينها، وليس كذلك، بل قد يكون الفَرْقَ بالمجرد والمزيد، وأخرى بالأبواب، ومرةً باعتبار الصِّيَغ من الغائب والحاضر، وطورًا بتحقيق الهمزةِ وتسهيلها، فكلُّ هذه التغييرات - بسيرةً كانت أو كثيرةً - حرفٌ برأسه. وغَلِط مَنْ فَهِم أن هذه الأَحْرف متغايرةٌ كلُّها، بحيث يتعذَّرُ اجتماعُها. أما إنُّه كيف عَدَدُ السَّبعة؟ فتوجَّه اليه ابنُ الجَزري، وحقَّق أن التصرُّفاتِ كلَّها ترجِعُ إلى السبعةِ، وراجع القَسْطلاني (¬1). والزُّرقاني. بقي الكلامُ في أن تلك الأَحْرفَ كلّها موجودة، أو رُفِعَ بَعْضُها وبقي البعضُ؛ فاعلم أنَّ ما قرأه جبريلُ عليه السلام في العَرْضَة الأخيرة على النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ¬

_ (¬1) قلت: قال القَسْطلَّاني في تفسير الأحرف السبعة، أي وجه من الاختلاف، وذلك إما في الحركات بلا تغيير في المعنى والصورة: نحو البخل، وُيحْسَب بوجهين، أو بتغيير في المَعْنى فقط، نحو {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة: 37] {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [يوسف: 45] وإمَّا في الحروف بتغيير المعنى لا الصورة، نحو "تَبْلو، ونبلو" {نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ} [يونس: 92] "وننجيك بيدك لتكون لمن خلفك"، وعكس ذلك "نحو: "بسطة، وبصطة، والسراط، والصراط" أو بتغييرهما، نحو: "أشد منكم، ومنهم، ويأتل ويتأل" و {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}. وإما في التقديم والتأخير، نحو "فيقتلون، ويقتلون" {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} [ق: 19]، أو بالزيادة، والنقصان، نحو "أوصى ووصى، والذكر والانثى" فهذا ما يرجع إليه صحيح القرارات، وشاذها، وضعيفها، ومنكرها، لا يخرج عنه شيء. وإما نحو اختلاف الأظهار، والإِدغام، والروم، والإِشمام، مما يعبر عنه بالأصول، فليس من الاختلاف الذي يتنوع فيه اللفظ أو المعنى، لأن هذه الصفات المتنوعة في أدائه لا تخرجه عن أن يكون لفظًا واحدًا، ولئن فرض فيكونُ من الأوَّل. اهـ. قلت: وهذا كما رأيت، رجعت كُلُّها إلى سبعةِ. وإنَّما نَقَلْت عبارته بِرُمِّتها لتكونَ على بصيرةٍ في هذا الباب. فإنَّ الناسَ اعتادوا المشي على المحتمِلات، كالاحتمالات العقلية، حتى يُفْقد منها المرادُ، فلا يتميز المقصودُ من غيره، ويبقى الإِنسان متحيرًا في تحقيق المعنى، حيث يراه مترددًا كتردد المعنى الجنسي، لا يستقر على أمر، وذلك ظلم عظيم. والذي يناسب أن يحام حولَ المقصود، لا أن يبدي كل مُحْتمِل. وكنت لا أفهم مراده إلى زمانٍ طويلٍ، فلذا اعتنيت به، لأن المرء يقيسُ على نفسه. وقد تكلّم القسطلاني في "فضائل القرآن" أبسط من هذا. ولله درُّ الشيخ، حيث نَبَّهَنا على تلك المزايا، ورفع الله درجَتَه في أعلى عِلِّيين.

5 - باب إخراج أهل المعاصى والخصوم من البيوت بعد المعرفة

كلّه ثابتٌ في مُصْحَف عثمان. ولما يتعيَّن معنى الأَحْرفِ عند ابن جرير ذهب إلى رَفْع الأحْرف السِّتِّ منها، وبقي واحدٌ فقط. 5 - باب إِخْرَاجِ أَهْلِ الْمَعَاصِى وَالْخُصُومِ مِنَ الْبُيُوتِ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ وَقَدْ أَخْرَجَ عُمَرُ أُخْتَ أَبِي بَكْرٍ حِينَ نَاحَتْ. 2420 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَتُقَامَ ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى مَنَازِلِ قَوْمٍ لاَ يَشْهَدُونَ الصَّلاَةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ». أطرافه 644، 657، 7224 - تحفة 12273 - 161/ 3 6 - باب دَعْوَى الْوَصِىِّ لِلْمَيِّتِ 2421 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ وَسَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصَانِى أَخِى إِذَا قَدِمْتُ أَنْ أَنْظُرَ ابْنَ أَمَةِ زَمْعَةَ فَأَقْبِضَهُ، فَإِنَّهُ ابْنِى. وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ أَخِى وَابْنُ أَمَةِ أَبِى، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِى. فَرَأَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - شَبَهًا بَيِّنًا فَقَالَ «هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَاحْتَجِبِى مِنْهُ يَا سَوْدَةُ». أطرافه 2053، 2218، 2533، 2745، 4303، 6749، 6765، 6817، 7182 تحفة 16435 يا عبدَ بن زَمْعة، ويَصِح عبد بنُ زَمْعة أيضًا، وأما عَبْدَ بن زَمعة فلا يصح. 7 - باب التَّوَثُّقِ مِمَّنْ تُخْشَى مَعَرَّتُهُ وَقَيَّدَ ابْنُ عَبَّاسٍ عِكْرِمَةَ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ وَالْفَرَائِضِ. 2422 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِى حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِى الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ». قَالَ عِنْدِى يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ «أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ». أطرافه 462، 469، 2423، 4372 - تحفة 13007 يعني تحصيل الوَثاقة من شَرِّ الدّاعي. 8 - باب الرَّبْطِ وَالْحَبْسِ فِى الْحَرَمِ وَاشْتَرَى نَافِعُ بْنُ عَبْدِ الْحَارِثِ دَارًا لِلسِّجْنِ بِمَكَّةَ مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَلَى أَنَّ عُمَرَ

9 - باب الملازمة

إِنْ رَضِىَ فَالْبَيْعُ بَيْعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ عُمَرُ فَلِصَفْوَانَ أَرْبَعُمِائَةٍ. وَسَجَنَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ. وهذا جائزٌ عندنا أيضًا، وإنَّما الخلافُ في أَخْذ القِصاص في النِّفس والأطراف. قوله: (واشترى نافعٌ بن عبد الحارِث) ... الخ وكان واليًا من جانب عمرَ، فاشترى دارًا للسِّجْن، ثم إنَّ نافعًا هذا هو الذي عند الطحاوي في مسألة الخَمْر في إسناد أَثر عُمرَ، فهو قويٌّ جدًا، ولكن الاستدلال به يتوقَّف على صورةِ الترتيب فقط. قوله: (على أَنَّ عَمَر إِنْ رَضِي بالبيع) أي بالشراء واعلم أنّ فيه بَيْعًا وشَرْطًا، وقد نهى عنه. قلت: وقد عَلِمت أنَّ الفسادَ إذا كان لأجل مخافةِ النِّزاع، لا يَسْري إلى العقد إذا لم يُرْفع أَمْرُه إلى القضاء. أما إذا كان لكونِه معصيةً، فيلزم حينئذٍ. والمذكورُ في الحديث من النحو الأول، فبقي جائزًا على الأصْل المذكور (¬1) ألا ترى أنهم يكتبون في صَدْر أبواب البيوع: أن البيع والقَبول فيه، بل القبض أيضًا، والأَرجحُ أن التعاطي جائزٌ مطلقًا، في النفيسِ والخسيسِ سواء، وحينئذٍ لو شَدَّد أَحدٌ في شرائط البيع لَزِمه أن يُحْرَم كثيرًا من البيوع الجائزة بين السَّلف فإِنَّ التَّعاطِي كان معروفًا عندهم أيضًا، فالصواب كما في «التحرير» والله تعالى أعلم. والحاصل أنَّهم كتبوا في صَدْر الباب ما كان الأصل عندهم في باب البيع، ثُم ذكروا التوسيعاتِ التي جرى بها العُرْف، كالتعاطي، ولذا قلت: إنَّ كلَّ بيعٍ كان النَّهيُ عنه لمخافةِ النِّزاع بنبغي أن يكون جائزًا عند عَدِم النِّزاع، وجريان العرف، ولا بنبغي فيه الجمودُ على القواعدِ، هذا هو الصراط المستقيم، فاتبعوه. 2423 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِى حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِى الْمَسْجِدِ. أطرافه 462، 469، 2422، 4372 - تحفة 13007 2423 - قوله: (فَرَبطُوه بسارِيةٍ من سَوَارِي المَسْجد). قلت: وليس هذا ربطًا في الحَرَم. فإِنَّ المصنِّف على ما أظُنُه لم يَرَ للمدينةِ حَرَمًا أيضًا. 9 - باب الْمُلاَزَمَةِ يعني به ملازمةَ الدائن للمَدْيُون. 2424 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ. وَقَالَ غَيْرُهُ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ¬

_ (¬1) قلت: وفي مُذكرة أخرى عندي أنه تراوضٌ ومساومةٌ، لا أنه إيجابٌ وقبول. وفي "جامع الفُصُولين": من اشترى حُزْمةً من الحَطبِ له أن يشترط حَمْله إلى البيت. وفي "الهداية": إن ما تعارفَ الناسُ عليه من الشرائط تتحمَّل في البيوع، قلت: لأَنها لا تُفضي إلى النِّزاع.

10 - باب التقاضي

كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِىِّ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى حَدْرَدٍ الأَسْلَمِىِّ دَيْنٌ، فَلَقِيَهُ فَلَزِمَهُ، فَتَكَلَّمَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَمَرَّ بِهِمَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «يَا كَعْبُ». وَأَشَارَ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يَقُولُ النِّصْفَ، فَأَخَذَ نِصْفَ مَا عَلَيْهِ وَتَرَكَ نِصْفًا. أطرافه 457، 471، 2418، 2706، 2710 - تحفة 11130 - 162/ 3 2424 - قوله: (يا كَعْبُ، وأَشارَ بِيَدِيه، كأنَّه يقول: النِّصْفُ) ... الخ، هذا أيضًا من باب المسامحات، والمروءات، وإلا فلا يلزمُ على الدائن أن يُسْقِطَ نِصْفَ دَيْنِه. 10 - باب التَّقَاضِي 2425 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ كُنْتُ قَيْنًا فِى الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ لِى عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَرَاهِمُ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ فَقَالَ لاَ أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ، فَقُلْتُ لاَ وَاللَّهِ لاَ أَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ ثُمَّ يَبْعَثَكَ. قَالَ فَدَعْنِى حَتَّى أَمُوتَ ثُمَّ أُبْعَثَ فَأُوتَى مَالاً وَوَلَدًا، ثُمَّ أَقْضِيَكَ. فَنَزَلَتْ {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} [مريم: 77] الآيَةَ. أطرافه 2091، 2275، 4732، 4733، 4734، 4735 - تحفة 3520 ***

45 - كتاب في اللقطة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 45 - كتابٌ فِي اللُّقَطَة واللُّقَطَةُ (¬1) بضم اللام، وفتح القاف أَفْصَحُ وهو مبالغة اسم الفاعل، كالهمزة، كأنَّ هذا الشيء يَتَطلَّبُ مَنْ يلتقِطه. وأما اللُّقطة بسكون القاف فغيرُ فصيح، وحينئذٍ يكون بمعنى اسم المفعول، كاللُّقمة، والثاني هو الظاهر باعتبار المعنى. لكن اللغويين صرحوا بكون الأول أفصح، وإن كان تخريجُهُ مُشْكِلًا. 1 - باب إِذَا أَخْبَرَهُ رَبُّ اللُّقَطَةِ بِالْعَلاَمَةِ دَفَعَ إِلَيْهِ 2426 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ قَالَ لَقِيتُ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ - رضى الله عنه - فَقَالَ أَخَذْتُ صُرَّةً مِائَةَ دِينَارٍ فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «عَرِّفْهَا حَوْلًا». فَعَرَّفْتُهَا حَوْلَهَا فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ «عَرِّفْهَا حَوْلًا» فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ ثَلاَثًا فَقَالَ «احْفَظْ وِعَاءَهَا وَعَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلاَّ فَاسْتَمْتِعْ بِهَا». فَاسْتَمْتَعْتُ فَلَقِيتُهُ بَعْدُ بِمَكَّةَ فَقَالَ لاَ أَدْرِى ثَلاَثَةَ أَحْوَالٍ أَوْ حَوْلًا وَاحِدًا. طرفه 2437 - تحفة 28 - 163/ 3 وهذا على الدِّيانة عندنا، فإِنَّ وثِق به وغَلَب على ظَنَّه صِدْقُه دفع اليه، ولا يجب عليه قضاءً، نعم يجِب الاداءُ عند البيِّنة. 2426 - قوله: (عَرِّفها حَوْلا) وفي تحديد مدِة التعريف خلافٌ في «الجامع الصغير»، و «المبسوط» فلعلّ التوقيتَ في الأوّلِ بِحَوْل، ولا تحديدَ في «المبسوط» فيُعرِّفها بقَدْر ما يرى، وهو المختار عندي. وكذلك إن كانتِ اللُّقطة أقلَّ من عشرةِ دراهمِ، ففيه أيضًا خلافٌ بين الكتابين، وأما ما في الحديثِ فمحمولٌ على الاحتياط، وليس حُكْمًا لازِمًا. قوله: (وإلا فاسَتْمتِع بها) والاستمتاع عند الشافعية تَمَلُّكًا، وعندنا يُشْترط له إذنْ الإِمام، وتفصيلُ مذهبنا أن المُلتقِط إن كان فقيرًا يَسْتمتِع بها بعد التعريف، وإلا فيتصدَّق بها، وله الاستمتاعُ به أيضًا إذا أَذِن له الإِمام، كما في «الهداية»، وسيجيء تحقِيقُه، واتفق الكُلُّ على ¬

_ (¬1) وتكلَّم الشيخُ العَيْني في ضَبْط اللفظ - وتخريجه فراجعه.

التَّضْمين إن طالبه المالِكُ بعد رجوعه، وتمسَّك الشافعيةُ باستمتاع (¬1) أُّبي، فإِنَّه كان من أغنياء الصحابةِ، وأجاب عنه صاحب الهداية (¬2) أَنَّه كان بعد إذن الإِمام، وهو جائزٌ عندنا أيضًا، ولم ¬

_ (¬1) رُوي أنَّ سُفيان بن عبدِ الله وجد عَيْبةً، فأتى بها عمر رضي الله عنه، فقال: عرفها سنةً، فإِنْ عرفت. فذاك، وإلا فهي لك. فلم تعرف. فلقيه من العام المقبل في الموسم، فذكرها له. فقال: هي لك، إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا بذلك، قال: لا حاجةَ لي بها. فقبضها عمرُ، فجعلها في بيت المال. قوله: "فهي لك"، ليس على جهة التمليك، ولكن هي لك تَصْرِفُها فيما تحِبُّ صَرْفَها فيه. يؤيده ما رُوي عن عليٍّ رضي الله عنه، أنه وَجَد دينارًا، فجاء به إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "يا رسول الله، وجدت هذا؛ قال: عَرِّفه، فذهب ما شاء الله، ثُم قال: قد عَرَّفتُه فلم أجد أحدًا يَعْرِفه. قال: فشأنُك، فرهنه في ثلاثة دراهم في طعام وَوَدَك، فبينما هو كذلك إذ جاء صاحبُهُ عندَه، فعرَّفه، فجاء عليٌّ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: هذا صاحبُ الدينار، قال: أدِّه إليه، فأداه عليٌّ إليه بعد ما أكلوا منه". لا يصلُح هذا حجة للشافعيِّ في تحليل اللُّقطة بعد الحَوْل للغنيِّ أيضًا، لأنها لو رجعت إلى الصدقةِ لما حلَّت لعليٍّ، لأن الصدقةَ عليه حرامٌ، لأنه حديثٌ مُنْقطع، رواه شرِيك عن عطاء بن يَسَار، وهو مُتكلم فيه، والصحيح عن عليٍّ اللُقطة بعد الحَوْل ما روى عاصم بن ضَمْرة، قال: جاء رجلٌ إلى عليٍّ، فقال: إني وجدت صُرَّة من دراهم، فلم أجد أحدًا يَعْرِفها، فقال: "تصدّق بها، فإِن جاء صاحِبُها ورضي، كان له الأجر، وإلا غَرِمتها له، وكان لك الأجْر. ولا يقال: كان أبي من أيْسر أهل المدينة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في لُقطة مائة دينار، وقد عَرَّفها ثلاثة أعوام: "اعلم عَدَدها ووِكاءَها، ثم استنفع بها". لأن يساره إنما كان بعده - صلى الله عليه وسلم -، وكان قبل ذلك فقيرًا. يؤيدُه جَعْلُ أبي طلحةَ الأرض التي جعلها الله تعالى، وقال - صلى الله عليه وسلم -: اجْعلها في فقراء قرابتك، فجعلها لحسانَ، وأُبي، قال أنس راوي الحديث: "وكانا أقربَ إليه منِّي، ورُوي عن عبد الله بن عباس، وأبي هريرةَ، وابن عمر في اللقطة بعد الحَوْل، مِثْلُ ما ذكرناه عن عمر، وعليِّ في الصدقة بها، وتخيير صاحبها، إن جاء بين الأَجْر والتغريم، ولا يَسَع لأحد خلاف هؤلاء الأعلام، وكراهية الأكل بعد الحَوْل للغنيِّ مذهب أبي حنيفة، وأصحابه أجمعين. قلت: وقد تكلَّم عليه المارديني، وبسط فيه جدًا، ونقل عن عمر، وعليِّ، وعائشة وابن عباس، وعبيد الله بن عمر، وسعيد بن المسيِّب، والشَّعْبي، والحسن، وطاوس، وعِكرمة أنه يتصدق بها بعد التعريف، وسردها بأسانيدِها مع الذبِّ عمَّا تُكُلِّم في أسانيدها، وإنَّما اكتفيتُ بذِكْر الاسماء، أما من شاء التفصيل، فليرجع إلى كتابه، ونقل عن "الأشراف" لابن المنذِر، وممَّن قال: يُعرِّفها حَوْلًا، ثُم يتصدَّقُ بها، ويُخَيِّرُ صاحِبُها إذا جاء بين الأَجْرِ والغُرْم له، مالك، والحسنُ بن صالح، والثَّورِيُّ، وأصحابُ الرأي. وقال الترمذي: هو قول الثوريِّ، وابن المبارَك، وأهل الكوفة. اهـ. "الجَوْهر النقي" ملخصًا. (¬2) قلت: وفي مذكَّرة أُخرى كتبتها عن الشيخ في أوائل الحال في تقرير كلام صاحب "الهداية" أن ههنا ولايتين: ولايةٌ عامةٌ وهي للإِمام، ووِلايةٌ خاصةٌ وهي وِلاية الرجل على نفسه، وقد تجتمعان، فتكون الولايةُ الخاصة تحت الولاية العامة وقد تحذف العامَّة من اللفظ، وتُذْكر الخاصَّة فقط، فَيُتوهَّم منه استقلالها، مع كون العامة ملحوظةً هناك أيضًا، غايتها أنها لم تُذْكر لفظًا. فالولاية العامّة مرعيةٌ في الحالين. وبعبارة أُخرى أن التعبيرَ فيما اجتمعت الولايتان يأتي على نحوين: بذكر الولاية الخاصة مع حَذْف العامَّة، وبذكْر العامَّة مع حذف الخاصة، كما في ترى أفعال العِباد، فإنَّها تحت ولايةِ نفسه، وتحت الولاية العامة أيضًا، وهي ولايةُ الله تعالى على عباده. فَمِن النحو الأوَّل {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30] أسْند الفِعَل إلى نفسه وولايته، كأنه ليست هناك وِلايةٌ لأحدٍ، وهو الأكْثَرُ، ومن النحو الثاني: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} فأسند كلها إلى العامَّة. وظهر أن الولاية الخاصَّة كانت تحتَ العامَّة مطلقًا، ذُكِرَتْ في اللَّفظ أم حُذِفت، ومن ههنا يَسْري الخِلاف، فمنهم مَنْ يقتصر على اللفظ. فلا يُراعي الولاية العامة، وخالَ أن العبادَ خالِقون لأفعالهم، ومنهم مَن نظر إلى المحذوفة أيضًا، فلم يَهْدر الولاية العامَّة لكونها مرعيةً في الحالين، فجعل العبدُ كاسِبًا، فقط. =

فائدة

يَفْهَمْه صاحبُ «العناية» وزعم أن صاحب «الهداية» أجازَه تحت مسألةٍ عامَّة من باب القضاء، أنَّ القضاءَ إذا لَحِق فَصْلا مُجْتهِدًا فيه صار مجمعًا عليه. وحاصله أن استمتاع الغني، وإن لم يكن جائزًا عندنا، لكنه إذا لحِق به قضاءُ النبي صلى الله عليه وسلّم صار جائزًا عندنا أيضًا. فبقي المَذْهب عدم الجواز. وإنَّما نزلنا إلى الجواز لمسألةٍ أخرى. قلت: والصوابُ أن صاحب «الهداية» أجازه على المذهب، فللغَنيِّ أن يستمتع بها أيضًا عند إذن الإِمام، أما ما ذكره صاحب «العناية» فلا اختصاص له ببابٍ دون باب، بل يجري في كلِّ باب، كيف وإن هذا الباب إنما حدث بعد زمن الأئمة، والكلام في زمن النبيَ صلى الله عليه وسلّم. ثم اعلم أنهم اختفلوا في تعريف المُجتهد فيه على ثلاثة آراء: ففي «فتح القدير»: أن المجتهد فيه ما دار فيه الخلافُ في القرون الأولى. ويستفادُ من كتاب - «القُدُوري» - أنه ما لا يكون مخالفًا للكتاب والسنة والاجماع، فإِنْ خالفَ واحدًا منها لا يُسمى مجتهدًا فيه، والثالث ما في عبارة صاحب «الهداية» فراجعه. فائدة واعلم أنَّ الأئمة إذا اختلفوا في مسألةٍ فلا سبيل لِرَفْعه إلا قضاءُ القاضي. فهذا باب في الشريعة لرَفْع الخلاف من البَيْن، وكان لا بدَّ منه. فإِذا قَضَى به قاضٍ من أيِّ مذهبٍ كان، لَزِم على الآخرين، وارتفع الخلافُ في ذلك الجزئي، وصار مجمعًا عليه. ¬

_ = إذا علمت هذا فاعلم أن للإمام ولايةٌ عامَّة، لأَن يأذن بالاستمتاع لمنْ شاء من رعيته، وللرجل ولايةً خاصَّة يَصْرِفها على نفسه، ولكنها تحت الولاية العامة. فَمهْما تُحذف العامة من اللفظ يتبادر إلى الذِّهْن انتفاؤها رأسًا، مع كونها مرعيةً في النظر، ولا بد، وهو على شاكلة قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإن جاء صاحِبُها، وإلا فشأنُك بها". فإِنَّه يدلُّ على أن الملتقِطَ يَصْرِفها على نفسه بولايتها، مع قَطع النَّظر عن الولاية العامَّة، ونقول: إن الاستمتاعَ لا نُنْكِره أيضًا، إلا أَنه تحت ولايةِ الإِمام، لأن ولايته مرعيةٌ في الحالين، فلا يحِل له الاستمتاعُ ما لم يأذن به الإِمام. فهذا تخييرٌ في العبارة فقط، وإنَّما يُتوهم التخييرُ لحذف الوِلاية العامَّة من اللفظ، كيف وإنَّ اللقطة ليست من مال نفسه، فلا بد أن يكون له إذنٌ، إما من صاحبه، وإن فاته ذلك، فلا أقل مِن أن يكون مَن ينوبُ عنه في غيبوبته، وهو الإِمام، وإذا لم يكن عنده لا هذا. ولا ذاك فلا خيرَ له في استمتاعه، إلَّا أن يكون فقيرًا مُحتاجًا إليه. هذا هو الذي أراده صاحب "الهداية" من إِذْن الإِمام، لاجره إلى باب القضاء في الفَضْل المُجْتهد فيه. وهذا الذي أقول في قوله - صلى الله عليه وسلم -: فإنه لا صلاة من لا يقرأ بها، فإِنه حال عامة، إذا لم يكن تحت ولاية عامة، أما إذا كان تحت ولاية الإِمام، فليس حالة ذلك، وتكون له صلاةٌ مع عدم القراءة، يتحمَّلُها الإِمام عنه، ولما كان حاله ذلك في حال الانفراد، توهم كونه حالًا له في الاقتداء، يقول العبد الضعيف: ومن هذا الباب قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "أقيموا الحدودَ على أرقائكم"، وقوله: "من قتل قتيلًا فله سَلَبُه، وقوله: "مَن أحيا أرضًا ميتةً فهي له، كلها عندنا تحت ولاية عامةٍ، فإِنَّ الحُدود إلى الإِمام، والسَّلبُ والإِحياء من أذنه، وخالفنا الشافعية في الأحاديث كلِّها قصرًا على الولاية الخاصة وراجع تفصيله من هذا التقرير ولقد بسطت الكلام على ما فهمت، وكانت المذكرة مجملة جدًا، لا أدري أهذا كان مرادُ الشيخ أم لا؟ والله تعالى أعلم.

2 - باب ضالة الإبل

2 - باب ضَالَّةِ الإِبِلِ 2427 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ رَبِيعَةَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ عَمَّا يَلْتَقِطُهُ فَقَالَ «عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ احْفَظْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِهَا، وَإِلاَّ فَاسْتَنْفِقْهَا». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قَالَ «لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ». قَالَ ضَالَّةُ الإِبِلِ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ «مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ». أطرافه 91، 2372، 2428، 2429، 2436، 2438، 5292، 6112 - تحفة 3763 3 - باب ضَالَّةِ الْغَنَمِ 2428 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ اللُّقَطَةِ فَزَعَمَ أَنَّهُ قَالَ «اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً». يَقُولُ يَزِيدُ إِنْ لَمْ تُعْتَرَفِ اسْتَنْفَقَ بِهَا صَاحِبُهَا وَكَانَتْ وَدِيعَةً، عِنْدَهُ. قَالَ يَحْيَى فَهَذَا الَّذِى لاَ أَدْرِى أَفِى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ أَمْ شَىْءٌ مِنْ عِنْدِهِ - ثُمَّ قَالَ كَيْفَ تَرَى فِى ضَالَّةِ الْغَنَمِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «خُذْهَا فَإِنَّمَا هِىَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ». قَالَ يَزِيدُ وَهْىَ تُعَرَّفُ أَيْضًا. ثُمَّ قَالَ كَيْفَ تَرَى فِى ضَالَّةِ الإِبِلِ قَالَ فَقَالَ «دَعْهَا فَإِنَّ مَعَهَا حِذَاءَهَا وَسِقَاءَهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا». أطرافه 91، 2372، 2427، 2429، 2436، 2438، 5292، 6112 - تحفة 3763 2428 - قوله: (وكانت وَدِيعةً عِنْدَه) أي عند المُلتقِط، فيه دليلٌ على أنَّه يجب عليه الأداءُ عند مجيء صاحبه. ثم الوَدِيعةُ أخصُّ من الأمانة؛ فالوديعة ما أودعه الرَّجُل بِنَفْسه، بخلاف الأمانة. وحينئذٍ عَلِمت أن في إطلاق الوَدِيعة مسامحةً من الرَّاوي. 4 - بابٌ إِذَا لَمْ يُوجَدْ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ سَنَةٍ فَهْىَ لِمَنْ وَجَدَهَا 2429 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ. فَقَالَ «اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلاَّ فَشَأْنَكَ بِهَا». قَالَ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قَالَ «هِىَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ». قَالَ فَضَالَّةُ الإِبِلِ قَالَ «مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا». أطرافه 91، 2372، 2427، 2428، 2436، 2438، 5292، 6112 - تحفة 3763 قال الشَّارِحون: مرادُه أنَّ اللُّقطة بعد التعريف سنةً تكونُ مملوكةً للواجد، ولا يجب عليه ضمانٌ وإن جاء صاحبُها وطالب بالضَّمان، وهذا خلافُ الجمهور. ثُم تتبعوا أنه هل ذَهب إليه ذاهبٌ أم لا؟ لئلا يبقى المصنِّفُ متفردًا فيه، فقالوا: إنه مَذْهبُ الكراَبيسي أيضًا. ثُم إنَّ هذه

فائدة: الكلام في الكرابيسي

الترجمةَ تُناقِضُ تَرْجَمتَه: الثانية «باب إذا جاء صاحِبُ اللُّقَطة بعد سنة ردَّها عليه، لأنها وديعةٌ عنده» اهـ. فإِنها تَدُلُّ على أَنَّه لا يَمْلِكُها، ولكن يجب عليه الردُّ. قلت: ولا تنافي بينَ التَّرْجَمتيْن، فإِنَّ الأولى فيما إذا صَرَفها على نَفْسه بعد سنة، ولم يجيء المالك. والثانية فيما إذا جاء المالِكُ والشيءُ قائمٌ في يده، فيكون في يده وديعةً لا نحالةَ: والحاصل أن الأولى فيما صَرَفه على نَفْسه. والثانية فيما كان موجودًا عنده. والشارِحون يحملون تراجمة على مسائلهم التي في فِقْههم، مع أن المصنِّف ليس يتابع لهم، فيختار من المسائل ما شاء، ويترك ما شاء؛ والحاصل أنه لا دليلَ في تلك الترجمة على كَوْنِ اللُّقطةِ مملوكةً عنده، ولكن أباح له بعد سَنةٍ أن يصرفها إلى نفسه، سواء كان غنيًا، أو فقيرًا؛ فإِنَّ لم يجيء مالِكُها فلا ضمانَ عليه، وإما إن جاء صاحِبُها، واللقطةُ في يده، فهي له لكونها وديعةً عنده، ولا أدري كيف حملوها على التملك مع أنَّه صرَّح في ترجمةٍ أخرى أنها وَدِيعةٌ عنده، وأنه يردُّها إليه. فائدة: الكلام في الكرابيسي هذا هو حُسينُ بن علي الكرابيسي، وهو رجلٌ عظيمُ الشَّأنِ، من تلامِذة الشَّافعي، معاصرٌ لأحمدَ، وشيخُ للبخاري، ومنه تَعلَّم البخاريُّ قوله: «لَفْظي بالقرآن مخلوق». ثمُ إنَّ اختلفوا فيه، ولا أعرف فيه شيئًا، إلا أنَّ أحمد لم يكن راضيًا عنه، لأنه وَرَّى في مسألة خَلْق القرآن، ولم يختر في التعبير ما اختاره الإِمام أحمدُ، وتِلك سُنَّة قد جرت من قبل، أَنْ مَن يقاسي المصائب، ويتحمل المشاقّ للذِّين، تُجلب قلوبُ الناس إليه، وَينْزلُ له القبولُ في الأرضِ، ويصيرُ ذا وجاهةٍ ومكانةٍ بين الناس، فَمَدْحُه مَدْح، وقَدْحُه قدح، كما ترى اليوم أيضًا؛ فلما تكلَّم أحمدُ في تلك المسألةِ، وصُبَّت عليه من المصائب التي عَلِمها العوامُّ والخواصُّ، فصبر عليها، وُضِع له القبولُ في الأرض؛ فكلُّ مَنْ جرَّحه أحمدُ صار مجروحًا عندهم، ومَنْ وَثَّقه صار عندهم ثقةٌ. وهذا هو السرُّ في خُموله، وإلا فلا رَيْب في كونه رجلا عظيم القَدْر، نبيه الشأن. وفي كتاب «التاريخ» أنَّ عقائد البخاريِّ أكثرُها مأخوذةٌ من الكرابيسي، ومنها: «لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فلو كان سببًا للجرح، فالبخاريُّ أيضًا قائل به، فيلزم أن يكونَ أيضًا مجروحًا. 5 - باب إِذَا وَجَدَ خَشَبَةً فِى الْبَحْرِ أَوْ سَوْطًا أَوْ نَحْوَهُ 2430 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلاً مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ - وَسَاقَ الْحَدِيثَ - فَخَرَجَ يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ، فَإِذَا هُوَ بِالْخَشَبَةِ فَأَخَذَهَا لأَهْلِهِ حَطَبًا، فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ». أطرافه 1498، 2063، 2291، 2404، 2734، 6261 - تحفة 13630 - 164/ 3 والتعريفُ في مِثْل هذه الأشياء اليسيرةِ يكونُ بِقَدْر ما يرى، فيعرِّفها أيامًا معدودةً.

6 - باب إذا وجد تمرة فى الطريق

6 - باب إِذَا وَجَدَ تَمْرَةً فِى الطَّرِيقِ 2431 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِتَمْرَةٍ فِى الطَّرِيقِ قَالَ «لَوْلاَ أَنِّى أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لأَكَلْتُهَا». طرفه 2055 - تحفة 923 2432 - وَقَالَ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِى مَنْصُورٌ وَقَالَ زَائِدَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ طَلْحَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنِّى لأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِى، فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِى فَأَرْفَعُهَا لآكُلَهَا، ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً فَأُلْفِيَهَا». تحفة 14687 وهذا من الأشياءِ التافهة، التي عُلِم أن صاحِبَها لا يَطْلُبها، فلا تعريفَ فيها. وأما النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فإنَّما امتنع عن أَكْلِها مخافةَ أن تكون من الصدقة. وفي الكتب؛ أنَّ عمر مرَّ على أعرابي يعرِّفُ تمرًا، فَخَفَقَةُ بالدِّرَّة، وقال: «كُل يا باردَ الزُّهد». 7 - باب كَيْفَ تُعَرَّفُ لُقَطَةُ أَهْلِ مَكَّةَ وَقَالَ طَاوُسٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهَا إِلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا». وَقَالَ خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلاَّ لِمُعَرِّفٍ». تحفة 6061، 5748 2433 - وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يُعْضَدُ عِضَاهُهَا، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلاَّ لِمُنْشِدٍ، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا». فَقَالَ عَبَّاسٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلاَّ الإِذْخِرَ. فَقَالَ «إِلاَّ الإِذْخِرَ». أطرافه 1349، 1587، 1833، 1834، 2090، 2783، 2825، 3077، 3189، 4313 - تحفة 6169 2434 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ قَامَ فِى النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهَا لاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ كَانَ قَبْلِى، وَإِنَّهَا أُحِلَّتْ لِى سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَإِنَّهَا لاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِى، فَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلاَ يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلاَ تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلاَّ لِمُنْشِدٍ، وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهْوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إِمَّا أَنْ يُفْدَى، وَإِمَّا أَنْ يُقِيدَ». فَقَالَ الْعَبَّاسُ إِلاَّ الإِذْخِرَ، فَإِنَّا نَجْعَلُهُ لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِلاَّ الإِذْخِرَ». فَقَامَ أَبُو شَاهٍ - رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ - فَقَالَ اكْتُبُوا لِى يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اكْتُبُوا لأَبِى شَاهٍ». قُلْتُ لِلأَوْزَاعِىِّ مَا

8 - باب لا تحتلب ماشية أحد بغير إذن

قَوْلُهُ اكْتُبُوا لِى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هَذِهِ الْخُطْبَةَ الَّتِى سَمِعَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 112، 6880 - تحفة 15383 - 165/ 3 ولا فَرْق بين التعريفِ في لُقطة مكةَ وغيرها عندنا؛ وإنما خَصَّصها بالذِّكْر لمِظنة عدم التعريف فيها، فإِنَّ البُقعةَ يَرِدُها الصادرُ والوارد، ويَقْدِها الناس من كلِّ فجِّ عميقٍ، فلعلّه يُشْكِل فيهاالتعريفُ، ويتعذَّرُ وجدانُ مالكها، فلا يفيدُ فيها التعريف، فأكّده في لُقطة الحرَم أيضًا، وقال الحجازيونَ: حُكمُها التعريفُ دائمًا ولا سبيلَ إلى إنفاقها (¬1). 8 - باب لاَ تُحْتَلَبُ مَاشِيَةُ أَحَدٍ بِغَيْرِ إِذْنٍ 2435 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ امْرِئٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ، فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ فَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَاتِهِمْ، فَلاَ يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِهِ». تحفة 8356 قوله: (مَشْرَبَتُه) في الأصل هي العُلْبةُ التي يُوضَع فيهاالماء ليردَ، ثم استعملت في العُلبة مُطلقًا. 2435 - قوله (لا يَحْلِبنَّ أَحَدٌ ماشيةَ امرهيءٍ) ... إلخ واستُشكل بِشُرْبِ أبي بكر في سُفر الهِجرة، وسيجيءُ الجوابُ عنه. 9 - باب إِذَا جَاءَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ سَنَةٍ رَدَّهَا عَلَيْهِ، لأَنَّهَا وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ 2436 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ اللُّقَطَةِ قَالَ «عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ اسْتَنْفِقْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قَالَ «خُذْهَا فَإِنَّمَا هِىَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَضَالَّةُ الإِبِلِ قَالَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ - أَوِ احْمَرَّ وَجْهُهُ - ثُمَّ قَالَ «مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا». أطرافه 91، 2372، 2427، 2428، 2429، 2438، 5292، 6112 - تحفة 3763 ¬

_ (¬1) قال الخطابي: اختلف الناسُ في حُكْم ضالَّة الحرم: فذهب أكثرُ أهلِ العلم إلى أنه لا فَرق بينها وبين ضالة الحِلِّ، وكان ابنُ مهدي يَذْهب إلى التفرقةِ بينها وبين سائر البقاع، ويقول: ليس لواجِدِها منها غير التعريف ابدًا، ولا يملِكُها بحال، ولا يستَنْفِقُها، ولا يتصدق بها حتى يَظْفَرَ بصاحبها. وُيحْكى عن الشافعيِّ نحو هذا القول. اهـ. "الجَوْهر النَّقي".

10 - باب هل يأخذ اللقطة ولا يدعها تضيع حتى لا يأخذها من لا يستحق؟

واعلم أن بين تَرْجمة المصنِّف، والحديثِ تخالفًا؛ فإِنَّ ترجمته تدلُّ على كونِها وديعةً عنده، والحديثَ يدلُّ على إنفاقه، ثُم التضمينُ بعد رجوع صاحبها، وللبخاري أن يقول معنى قوله: «فإِن جاء صاحِبُها» أي جاء ووجدها، وحينئذٍ تَحْصُلُ المطابقةُ. 10 - باب هَلْ يَأْخُذُ اللُّقَطَةَ وَلاَ يَدَعُهَا تَضِيعُ حَتَّى لاَ يَأْخُذَهَا مَنْ لاَ يَسْتَحِقُّ؟ 2437 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ قَالَ كُنْتُ مَعَ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَزَيْدِ بْنِ صُوحَانَ فِى غَزَاةٍ، فَوَجَدْتُ سَوْطًا. فَقَالَ لِى أَلْقِهِ. قُلْتُ لاَ، وَلَكِنْ إِنْ وَجَدْتُ صَاحِبَهُ، وَإِلاَّ اسْتَمْتَعْتُ بِهِ. فَلَمَّا رَجَعْنَا حَجَجْنَا فَمَرَرْتُ بِالْمَدِينَةِ، فَسَأَلْتُ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ - رضى الله عنه - فَقَالَ وَجَدْتُ صُرَّةً عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ، فَأَتَيْتُ بِهَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «عَرِّفْهَا حَوْلاً». فَعَرَّفْتُهَا حَوْلاً ثُمَّ أَتَيْتُ، فَقَالَ «عَرِّفْهَا حَوْلاً». فَعَرَّفْتُهَا حَوْلاً ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ «عَرِّفْهَا حَوْلاً». فَعَرَّفْتُهَا حَوْلاً ثُمَّ أَتَيْتُهُ الرَّابِعَةَ فَقَالَ «اعْرِفْ عِدَّتَهَا وَوِكَاءَهَا وَوِعَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلاَّ اسْتَمْتِعْ بِهَا». طرفه 2426 - تحفة 28 - 166/ 3 حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَلَمَةَ بِهَذَا قَالَ فَلَقِيتُهُ بَعْدُ بِمَكَّةَ، فَقَالَ لاَ أَدْرِى أَثَلاَثَةَ أَحْوَالٍ أَوْ حَوْلاً وَاحِدًا. تحفة 28 11 - باب مَنْ عَرَّفَ اللُّقَطَةَ وَلَمْ يَدْفَعْهَا إِلَى السُّلْطَانِ 2438 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ - رضى الله عنه - أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ اللُّقَطَةِ قَالَ «عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِعِفَاصِهَا وَوِكَائِهَا، وَإِلاَّ فَاسْتَنْفِقْ بِهَا». وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الإِبِلِ فَتَمَعَّرَ وَجْهُهُ، قَالَ «مَا لَكَ وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، دَعْهَا حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا». وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الْغَنَمِ. فَقَالَ «هِىَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ». أطرافه 91، 2372، 2427، 2428، 2429، 2436، 5292، 6112 - تحفة 3763 أي لم يدفعها إلى السلطان، بل عَرَّفها بنفسه. 12 - باب 2439 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ أَخْبَرَنِى الْبَرَاءُ عَنْ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما -. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ عَنْ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَ انْطَلَقْتُ، فَإِذَا أَنَا بِرَاعِى غَنَمٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ فَقُلْتُ لِمَنْ أَنْتَ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ.

فَسَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ. فَقُلْتُ هَلْ فِى غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ فَقَالَ نَعَمْ. فَقُلْتُ هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لِى قَالَ نَعَمْ. فَأَمَرْتُهُ فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ الْغُبَارِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فَقَالَ هَكَذَا - ضَرَبَ إِحْدَى كَفَّيْهِ بِالأُخْرَى - فَحَلَبَ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ وَقَدْ جَعَلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِدَاوَةً عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ، حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ. أطرافه 3615، 3652، 3908، 3917، 5607 - تحفة 6587 - 167/ 3 2439 - قوله: (فاعْتَقَل شاةً مِن غَنَمه) والاعتقَال أَنْ تأخذ بِرْجليها المُؤخَرَتَيْن في فَخذيك للحَلب. ولما كانت مواشِيهم في البادية، ولا يكون هناك أَحَدٌ يشرب لَبَنَها، فكان عُرفهم قد جرى بإِجازة الشُّرْب للمارًّة، فإِنَّه خيرُ من التَّلَف. فإِنْ قيل: إنًّ الشِّياه كانت لرجلٍ كافر، ولو اطّلع على أنَّ لبن ماشيته يَشْرَبُه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم لم يرض به قَطْعًا. وأجيب أنَّ العُرف إذا جرى بالإِذْن للمارَّة، فلا حاجةَ إذًا إلى الإِذن الخُصوصي، وكفى الإِذنُ العام (¬1). ... ¬

_ (¬1) قلت: وفي سؤال أبي بكر، ممن أنت؟ دليلٌ على أنه لو عَلِمه لما سَخِط أيضًا، لما عسى أن تكون بينه وبينه مودةٌ، والله تعالى أعلم بالصواب. وفي تقرير مولانا عبد القدير أنَّ الزَّمَخْشري أجاب عن الإِيراد، بأنَّ مالَ الحربي يجوزُ أَخذُه إذا عُلِمَ رضاؤه. وذَكَر ذلك في قِصة أَخْذ أُمِّ موسى عليه الصلاة والسلام الأُجرة -أي أجرة الرضاعة- من فرعونَ، مع استحقاقها. وأقول: هذا السؤالُ لغوٌ لا حاجةَ إلى الجواب عنه، كيف! وأن الشرائع مختلفة بحسب الأحكام، فمن أين علم أن حرمة الأجرة في مثله كانت في شريعتهم: فلا ينبغي التعرُّضُ إلى السؤال والجواب. وأجاب السُّيوطي في سورة "القصص" أيضًا بما ذكره صاحب "الكشاف"، ولكن مخالفٌ لمسلكهم، ولم يتنبه له. انتهى بلفظه. وتكلَّم عليه الشيخُ العيْنيُّ في "عُمْدة القاري".

46 - كتاب المظالم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 46 - كتابُ المَظَالِم في المَظَالِم والغَصْبِ، وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ} [إبراهيم: 42 - 43]: رَافِعِي رُؤُوسِهِمْ، المُقْنِعُ والمُقْمِحُ وَاحِدٌ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {مُهْطِعِينَ}: مُدِيمِي النَّظَرِ، وَيُقَالُ: مُسْرِعِينَ. {لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم: 43] يَعْنِي جُوفًا لَا عُقُولَ لَهُمْ. {وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (45) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47)} [إبراهيم: 44 - 47]. قوله: {مُهْطِعِينَ مُقْنعي رُءُوسِهِم} (إبراهيم: 43) آنكهين تيرهى رهجائينكي سراتهى ره جائينكى. قوله: {وأفئَتُهم هواءٌ} (إبراهيم: 43) أي خالية. واعلم أنه لا اسم للرِّيح الساكنةِ عند العرب، فالهواء هو الخلاء، فاذا تحركت يقال لها: الرِّيح؛ نعم للسَّاكِنة اسمٌ في الفارسية باد. 1 - بابُ قِصَاصِ الْمَظَالِمِ 2440 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِىِّ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ حُبِسُوا بِقَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِى الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا نُقُّوا وَهُذِّبُوا أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ، فَوَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ لأَحَدُهُمْ بِمَسْكَنِهِ فِى الْجَنَّةِ أَدَلُّ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِى الدُّنْيَا». وَقَالَ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ. طرفه 6535 - تحفة 4257 - 168/ 3 2440 - قوله: (حُبِسُوا بِقَنْطَرَة) .. الخ قال العَيْني: كما في «الهامش»، وسماها القُرْطبيُّ: الصِّراط الثاني. والأوَّل لأهلِ المُحْشر كلِّهم، إلا مَنْ دخل الجنةَ بغير حِساب، أو يلتقطه عُنُقُ من النار، فإِذا خلص مَنْ الصِّراط الأَكبر ولا يَخْلُص منه إلا المؤمنون، حُبِسوا على صراطٍ

فائدة

خاصَ بهم، ولا يرجعُ إلى النارِ من هذأَحَدٌ؛ وهو معنى قوله: «إذا خَلَص المؤمنون من النَّارِ»، أي الصِّراط المضروبِ على النَّار، فإِذا هُذِّبوا، قال لهم رضوانٌ: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: 73]. قوله: (بينَ الجنَّة والنَّار) أي بقَنْطرةٍ كائنةٍ بين الجنَّةِ والصَّراط الذي على متن النار؛ ولهذا سُمي بالصِّراط الثاني. اهـ. فتبين منه أن القَنْطرةَ قِطعةٌ من الصِّراط. قوله: (حتى إذا ما نُقُوا) ... الخ، وعُلِم منه أنَّ تلك الجراثم كانت صغائر، فلذا فُوِّضت تزكيتُها إليهم؛ وأما الكبائرُ فلا يُزكَّيها إلا حَرُّ النار، أو بَرْدُ النَّدم، إلا أن يتغمَّدَهُ اللهُ بغفرانه. فائدة: واعلم أن للحسابِ تكونُ صورةٌ في المحشر، ولتعيين تلك الصورةِ يقومُ الميزانُ، فإِذا بُعِثُوا إلى الصِّراط، بُعِثت تلك الصورةُ معهم، فيعاملون عليه باعتبار تلك الصورةِ. أما خُروجُ العُنُق من النَّار إلى المَحْشر، ونحوه، فكُلُّها صُوَرٌ مخصوصةٌ، والضابطة ما قلنا؛ وعلى البصير المتبصِّر أن يجمع أحاديثَ الباب كلَّها، ثُم يحكم بشيء. 2 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] 2441 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ أَخْبَرَنِى قَتَادَةُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ الْمَازِنِىِّ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِى مَعَ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - آخِذٌ بِيَدِهِ إِذْ عَرَضَ رَجُلٌ، فَقَالَ كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى النَّجْوَى فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ اللَّهَ يُدْنِى الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ، وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ أَىْ رَبِّ. حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِى نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ قَالَ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِى الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ. فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الأَشْهَادُ: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}» [هود: 18]. أطرافه 4685، 6070، 7514 - تحفة 7096 3 - باب لاَ يَظْلِمُ الْمُسْلِمُ الْمُسْلِمَ وَلاَ يُسْلِمُهُ 2442 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِى حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِى حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفه 6951 - تحفة 6877

4 - باب أعن أخاك ظالما أو مظلوما

«أي ولا يَتْرُك نُصْرَته، ولا يُسْلِمُه» إلى الهلاك. 2442 - قوله: (ومَنْ كان في حاجَةِ أخِيه كان اللهُ في حاجَتِه) الخ؛ قلت: ولتمعن النَّطَر فيه، فإِنه يفيدك في شَرْح ما أخرجه مُسْلم في الحديث القدسي: «مرِضْتُ فلم تَعُدْني» ... الخ؛ وما ذكره النوويُّ في شَرْحه غَيْر مرضيُّ عندي؛ والصوابُ أن الحديثَ عندي على ظاهره، وليُستعن في شَرْحه بهذا الحديث، فإِنَّه نظيرُه في كون الله عزّ وجل عنده. 4 - بابٌ أَعِنْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا 2443 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ سَمِعَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا». طرفاه 2444، 6952 - تحفة 784، 1083 2444 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا قَالَ «تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ». طرفاه 2443، 6952 - تحفة 775 5 - باب نَصْرِ الْمَظْلُومِ 2445 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدٍ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَمَرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ. فَذَكَرَ عِيَادَةَ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعَ الْجَنَائِزِ، وَتَشْمِيتَ الْعَاطِسِ، وَرَدَّ السَّلاَمِ، وَنَصْرَ الْمَظْلُومِ، وَإِجَابَةَ الدَّاعِى، وَإِبْرَارَ الْمُقْسِمِ. أطرافه 1239، 5175، 5635، 5650، 5838، 5849، 5863، 6222، 6235، 6654 تحفة 1916 - 169/ 3 2446 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا». وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. طرفاه 481، 6026 - تحفة 9040 2446 - قوله: (المُؤمِنُ لِلمؤمِن كالبُنيان) ... الخ، قال الشيخُ الأكبر: وذلك لأنَّ الشيطانَ يدخل في كل فرجةٍ يجدُها بين رجلين، حتى يفعل ذلك في صفِّ الصلاةِ أيضًا، فإِذا صاروا كالبُنيان، وترصُّوا في الصفوف، لم يَبْقَ له مَوْضِعُ دخولٍ. 6 - باب الاِنْتِصَارِ مِنَ الظَّالِمِ لِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148)} [النساء: 148]. {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39)} [الشورى: 39]. قَالَ إِبْرَاهِيمُ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُسْتَذَلُّوا، فَإِذَا قَدَرُوا عَفَوْا. أي الانتِقاَم

7 - باب عفو المظلوم

قوله: (قال إبراهيمُ: كانوا يَكْرَهُونَ أن يُسْتَذلُّوا) ... الخ. أي كانوا يَسْعَون أن يَقْدروا على الانتقام، فاذا قَدِروا عليه عَفَوْا، وتَرْكُ سعي التمكَّنِ على الانتصار هو الذي عَنَوْه بالذِّلَّة، والعَفُو بعد القدرةِ هو عمل أصحابِ العزائم. 7 - باب عَفْوِ الْمَظْلُومِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149)} [النساء: 149]. {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (44)} [الشورى: 40 - 44]. 8 - باب الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ 2447 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». تحفة 7209 9 - باب الاِتِّقَاءِ وَالْحَذَرِ مِنْ دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ 2448 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَكِّىُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِىٍّ عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ «اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ». أطرافه 1395، 1458، 1496، 4347، 7371، 7372 - تحفة 6511 - 170/ 3 10 - باب (¬1) مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ عِنْدَ الرَّجُلِ فَحَلَّلَهَا لَهُ، هَلْ يُبَيِّنُ مَظْلَمَتَهُ؟ 2449 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَحَدٍ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَىْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ ¬

_ (¬1) وفي "المعتصر" رُوي عن أبي هريرةَ مرفوعًا: "مَنْ كانت له مَظْلَمِةُ من أخيه من عِرْضِه، ومالِه، فليتحلله مِن قبل أن يُؤخذ منه" ... الخ. هذا في عقوبةِ المال؛ أما ما تَجِب به عقوبةُ البدن، فالقِصاصِ على بدنه، لأنه قائمٌ، فيؤخذ بما يجب عليه فيه من جزاء، أو أدَب، يؤيدُه ما رُوي مرفوعًا: "مَنْ قذف مملوكه بزنا بريئًا مما قاله، أقام عليه يومَ القيامة حدًا، إلا أن يكون كما قال". اهـ ص 382.

فائدة مهمة

مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ إِنَّمَا سُمِّىَ الْمَقْبُرِىَّ لأَنَّهُ كَانَ نَزَلَ نَاحِيَةَ الْمَقَابِرِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَسَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ هُوَ مَوْلَى بَنِى لَيْثٍ، وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ، وَاسْمُ أَبِى سَعِيدٍ كَيْسَانُ. طرفه 6534 - تحفة 13028 وقد مرَّ فيه قولان، ثُم إذا حَلَّله، فليس له رجوعٌ، ليس بمالٍ يُمْكِنَ الرجوعُ عنه. 2449 - قوله: (قال أَبُو عَبْد الله: قال إسماعيل بنُ أَبي أُوَيْس) ... الخ وإسماعيلُ بنُ أبي أُوَيْس هذا شيخُ البخاري، وابنُ أُخت الإِمام مالِك، وقيل: إنه كان يزورُ حكاياتٍ كاذبةً في تأييد خالِه، ولذلك لم يأخذ عنه النسائي، ثم البُخاري أَخَذَ عنه. فائدة مهمة واعلم أَنَّه قد يذهب إلى بعض الأَوهام أن المُحدِّثين إذا أخذوا الأحاديثَ عمَّن رُمُوا بالكَذِب أيضًا ارتفع الأمانُ عن الأحاديثِ، ولماذا بقي الاعتماد عليها؟ قلت: وذلك باطلٌ قطعًا، فإِنَّ الحديثَ إذا صار فنًا مستقلا، ولم يبق للأساتذةِ والشيوخ مدخلٌ فيه، كيف يُورِثُ ذلك خَلْطًا أو خبطًا نعم كان ذلك لو كان الحديثُ يُكتب شيئًا فشيئًا، لأدَّى ذلك إلى تخليط، ولكن الذين دَوَّنوا الحديثَ لم يكتفوا بطريقٍ واحدٍ، حتى مارسُوه بطرقٍ متعدِّدة، وتتبعوه عن مشايخَ متفرقةٍ، حتى تبينَ لهم صِدْقُه من كذبه، كَفَلَق الصُّبح؛ فهؤلاء كانوا يعرفون محاله ومظانَّه، فإِذا جمعوا الطُّرُقَ والأسانيدَ انكشفت لهم العِلَلُ، وأسبابُ الجَرْح كلُّها، فلم يدونوه إلا بعد ما حَقَّقُوه ومارسوه. وبَعْد هذا البحثِ والفَحْص لو اشتمل حديثٌ على أَمْرٍ قادح لم يقتص ذلك قَدْحًا في نَفْس الأحاديث أصلا؛ فإِنَّه مَخْرَجَه معلومٌ، ورواتِه معروفون، وأَمْرَه مكشوفٌ، والجَرْحَ فيه مذكورٌ، فأي تخليط هذا؟ ولذا قال سُفْيان الثَّوري: لا تأخذوا الأحاديثَ عن جابر الجُعْفي؛ ثُم روى عنه بنفسه، ولما سُئل عنه قال: إني أَعْرِفُ صِدْقَه من كَذبه. فَدلَّ على أنه لا تخليطَ على الممارِس، لأن الحديثَ عنده يكون معلومًا بمخارِجه ورواتِه وعلِله. ثم إنَّهم اختلفوا في جابر الجُعْفي، والقول الفَصْل فيه: أنه مُتَّهم في الرأي - أي الاعتقاد - كان يقولُ: إن عليًا في الغَمام، وينزل، ثم ينتقم من أعدائه؛ ولكنه مُعْتمدٌ في حقِّ الرواية، لأنه لم يَثْبُت كَذِبُه في باب الحديثِ أَصْلًا. وبالجملة السَّلَفُ إنما أخذوا الحديثَ عَمَّن يُوثَقْ بهم، ويُعْتمد على حِفْطهم ودِينهم؛ فلما انتقل الحديثُ من الصُّدور إلى الِّزبْر والأَسْفَار، فحينذٍ لو أخذ عَمَّن رُمي بالكذب لم يَقْدح بشيء، لأن عندك عِلمًا بالاختلاط، والتمييز معًا. فسفيانُ الثوريّ كان يَعْرِف الأحاديثَ، فإِذا أخذها عن جابر مَيِّزَ جَيِّدها عن رديئها، صحِيحَها من سَقِيمها؛ فهذه مرحلة بعد التدوين وبعده.

11 - باب إذا حلله من ظلمه فلا رجوع فيه

11 - بابٌ إِذَا حَلَّلَهُ مِنْ ظُلْمِهِ فَلاَ رُجُوعَ فِيهِ 2450 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء: 128] قَالَتِ الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ الْمَرْأَةُ، لَيْسَ بِمُسْتَكْثِرٍ مِنْهَا، يُرِيدُ أَنْ يُفَارِقَهَا، فَتَقُولُ أَجْعَلُكَ مِنْ شَأْنِى فِى حِلٍّ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِى ذَلِكَ. أطرافه 2694، 4601، 5206 - تحفة 16971 وهذه حقوقٌ، وهي أوصافٌ، ولا رجوعَ بعد السُّقوط. ومِن ثمة قالوا: إنَّ امرأةً لو وهبت نَوْبَتَها لضَرَّتها يَصِحُّ لها الرجوعُ عنها؛ وذلك لأنها لا تملِك أيامَ نَوْبةِ وَهْبها دفعةً، بل شيئًا فشيئًا. فهِبةُ جميع نوَبِها التي لم تأت بَعدُ هبةٌ بما لا تستحِقُّه هي أيضًا، فيصِحُّ الرجوع عنها لا محالة، وكأنه هِبةٌ ورجوعٌ صورةً فقط، وإلا فلا هبةَ ولا رجوعَ. هذا في الحقوقِ. أما في الأعيانِ فقد حققت فيما مرَّ أن الرجوعَ عند انعدامِ الموانعِ السَّبعةِ جائزٌ، لكن بشرط القضاء أو الرضاء، وكُرِه تحريمًا أو تنزيهًا؛ والمُفْتُون يُفتون عند انعدامِ الموانع بالجواز مطلقًا، ولا يفرقون بين حُكْم القضاءِ والدِّيانة، مع أنه لا بد منه، كما حققه في العلم. 12 - باب إِذَا أَذِنَ لَهُ أَوْ أَحَلَّهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ كَمْ هُوَ 2451 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِشَرَابٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ، فَقَالَ لِلْغُلاَمِ «أَتَأْذَنُ لِى أَنْ أُعْطِىَ هَؤُلاَءِ». فَقَالَ الْغُلاَمُ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ أُوثِرُ بِنَصِيبِى مِنْكَ أَحَدًا. قَالَ فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى يَدِهِ. أطرافه 2351، 2366، 2602، 2605، 5620 - تحفة 4744 2451 - قوله: (أتأذَنُ لي أن أُعطي هؤلاء) ... الخ. ولو أعطاهم لكان هِبة المُشاعِ، لكنك عَلِمت أن مِثْل هذا لا يَدْخُل في الحُكم. قوله: (فَتَلَّهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم) أي دَفَعه بقوةٍ وعُنْف، كالكاره له؛ وهذا الذي قُلْتُه فيما مرَّ. 13 - بابُ إِثْمِ مَنْ ظَلَمَ شَيْئًا مِنَ الأَرْضِ 2452 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ ظَلَمَ مِنَ الأَرْضِ شَيْئًا طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ». طرفه 3198 - تحفة 4460 2453 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى

14 - باب إذا أذن إنسان لآخر شيئا جاز

كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُنَاسٍ خُصُومَةٌ، فَذَكَرَ لِعَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقَالَتْ يَا أَبَا سَلَمَةَ اجْتَنِبِ الأَرْضَ، فَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ». طرفه 3195 - تحفة 17740 - 171/ 3 2454 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَخَذَ مِنَ الأَرْضِ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِخُرَاسَانَ فِى كِتَابِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، أَمْلاَهُ عَلَيْهِمْ بِالْبَصْرَةِ. طرفه 3196 - تحفة 7029 قوله: (طُوَقَه مِنْ سَبْعِ أَرَضِين) فيطوّق بِقَدْر ما غصبه من ذلك الأَرض، ويطوّق من الستَّةِ الباقية مِثْل ذلك أيضًا. وفيه دليلٌ على أن الأَصْل هو هذه الأَرْضُ، والباقيةَ تابعةٌ لها. 14 - باب إِذَا أَذِنَ إِنْسَانٌ لآخَرَ شَيْئًا جَازَ 2455 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَبَلَةَ كُنَّا بِالْمَدِينَةِ فِى بَعْضِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَأَصَابَنَا سَنَةٌ، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَرْزُقُنَا التَّمْرَ، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَمُرُّ بِنَا فَيَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الإِقْرَانِ، إِلاَّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَخَاهُ. أطرافه 2489، 2490، 5446 - تحفة 6667 2456 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو شُعَيْبٍ كَانَ لَهُ غُلاَمٌ لَحَّامٌ فَقَالَ لَهُ أَبُو شُعَيْبٍ اصْنَعْ لِى طَعَامَ خَمْسَةٍ لَعَلِّى أَدْعُو النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَامِسَ خَمْسَةٍ. وَأَبْصَرَ فِى وَجْهِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الْجُوعَ - فَدَعَاهُ، فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ لَمْ يُدْعَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ هَذَا قَدِ اتَّبَعَنَا أَتَأْذَنُ لَهُ». قَالَ نَعَمْ. أطرافه 2081، 5434، 5461 - تحفة 9990 15 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {أَلَدُّ الْخِصَامِ} [البقرة: 204] 2457 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الأَلَدُّ الْخَصِمُ». طرفاه 4523، 7188 - تحفة 16248 تحقيق في طبقات الأرض واعلم أَنَّ السموات سَبْعٌ كما قد صَدَع به القرآنُ في غير واحدةٍ من الآيات؛ أما كون

الأرض أيضًا سبعًا، فلم يُومِ إليه القرآن إلا في سروة الطلاق. فقال {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} (¬1) [الطلاق: 12] وفيه أيضًا إبهامٌ شديد؛ فإِنَّ المِثْلية مبهمةٌ لا ندري ماذا أُريد منها؟ فيمكنُ أن يكون المرادُ المِثْلية في العدد، ويمكنُ أن تكونَ الأرضُ واحدةً (¬2)، ثم تكون لها طبقاتٌ تُسمَّى كلُّ طبقةٍ منها أرضًا؛ ألا ترى أنَّه لم يَقُل: ومَنْ الأَرضين مِثْلهن، بل قال: {وَمِنَ الْأَرْضِ} فأَبْهم غايةَ الإِبهام؛ نعم ما في البخاري: طوِّقَه من سَبْع أَرْضين، صريح فيه؛ وأَصْرحُ منه ما عند الحاكم في «مستدرَكه»، والبيهقي في كتاب «الأسماء والصفات»، وصحَّحه عن ابن عباس (¬3)، وفيه أنَّ الله تعالى خَلَق سَبْعَ أَرَضين، في كلِّ أرضٍ آدمُ كآدمنا، ونوحٌ كنوحِنا، إلى أن ذكر النبي صلى الله عليه وسلّم أي محمدٌ كمحمدنا، اهـ بالمعنى. قلت: وهذا الأَثَرُ شاذٌ بالمرّة، والذي يجب علينا الايمانُ به هو ما ثبت عندنا عن النبي صلى الله عليه وسلّم فإِن ثبت قَطْعًا أَكْفرنا مِنْكرَه، وإلا نَحْكُم عليه بالابتداع؛ وأما غيرُ ذلك مما لم يَثْبت عنه صلى الله عليه وسلّم فلا يلزمُنا تَسْلِيمُه والإِيمانُ به، والذي أَظُنُه أنَّ هذا الأَثَرَ مُركَّب من إبهام القرآن وتَصْريحِ الحديث، فقال القرآن: {مِثْلَهُنَّ} وصرَّح الحديثُ بكونها سبعًا، فتركَّب منه التفصيلُ المذكورُ في الحديث. والظاهر أنه ليس بمرفوعٍ، وإذا ظَهَر عندنا مَنْشَؤه، فلا ينبغي للإِنسان أن يُعَجِّز نَفْسَه في شَرْحه، مع كونه شاذًّا بالمرَّة. وقد ألَّف مولانا النانوتَويُّ رسالة مستقلة في شَرْح الأَثَر المذكور، سماها «تحذير الناس عن إنكار أَثَرِ ابن عباس» وحقق فيها أَنَّ خاتميتَهُصلى الله عليه وسلّم لا يخالف أن يكون خاتَمٌ آخرُ في أَرْضٍ أُخْرى، كما هو مذكورٌ في أَثَرِ ابن عباس (¬4). ويلوح من كلامِ مولانا النَّانُوتُويّ أن يكون لكلِّ أَرْض سماءٌ أيضًا، كما هو لأَرْضِنا، والذي يَظْهُر مِن القرآن كونُ السمواتِ السَّبْعِ كلِّها لتلك الأَرِيضَة، لأَن السَّبع موزعةٌ على الأَرضِين كذلك. ¬

_ (¬1) قال الداودي: في قوله تعالى: {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} دلالةٌ على أن الأرَضين بَعْضها فوق بعضٍ مِثْل السموات. ونقل عن بعض المتكلمين أن المِثْلية في العدد خاصة، وحكى ابنُ التِّين عن بَعْضِهم أن الأرض واحدةٌ، قال: وهو مردودٌ بالقرآنِ والسُّنة. ثم أخرج الحافِظ عن أحمدَ، والترمذي من حديثِ أبي هريرة مرفوعًا: "إن بين كلِّ سماءٍ وسماء خَمْسَمائة عام، وأن سمك كلِّ سماءٍ كذلك، وأنَّ بين كلِّ أرْضٍ وأرضٍ خمس مائة عام" اهـ "فتح الباري" من بدء الخلق". (¬2) واستدل الداودي -من التطويق- على أن السَّبْع الأرَضين بعضها على بعض، لم يفتق بَعْضُها من بعض، قال: لأنه لو فتقت لم يطوق منها ما ينتفع به غيره، وقيل: بين كل أرض وأرض خمسمائة عام. اهـ. (¬3) أخرجه الحافِظ في "الفتح" من كتاب "بدء الخلق" وأخرج عن ابن عباس، قال: "لو حَدَّثْتُكم بتفسير هذه الآيةِ لكَفَرْتُم، وتكفيركم تكذيبكم بها"، وزاد من وجه آخر: وهنَّ مكتوباتٌ بَعْضُهنَّ على بَعْض". (¬4) قلت: ولقد كان الشيخُ النانوتوي تتفجَّر من صدرِه أنهارُ العلومِ اللَّدُنيِّة، ْ فأتى فيها ما تعجز عن إدراكه العقولُ، ويتحيَّر منه الفُحول، ولا يمكن لنا أن نلخصها، فعليك بأصلها، فإِنَّ فيها أبوابًا من العلوم: وحينئذٍ تَعْرف أن العِلْم بحرٌ لا ساحل له، وكم ترك الأولُ للآخِر؛ ولو أمكن لنا تلخيصُ كلامِه للخَّصْناه، لأنه لا بد علينا من توضيح كلام الشيخ، ولكنا رأينا أنفسَنا جاثيةً على رُكِبها، خارةً على وجهها، دون تخليصها، فلسنا نقدر؛ فإِن شئت فراجعها أنت، والله ناصرُك.

والحاصل أنا إذا وجدنا الأثَر المذكور شاذًّا، لا يتعلُق به أمرٌ من صلاتنا وصيامنا، ولا يتوقف عليه شيءٌ من إيماننا، رأينا أن نترك شَرْحَه (¬1)؛ وإن كان لا بدَّ لك أن تَقْتحم فيما ليس لك به علم، فقلْ على طريق أرباب الحقائق: إنَّ سَبْعَ أَرْضين لعلها عبارةٌ عن سَبْعةِ عوالم؛ وقد صحَّ منها ثلاثةٌ؛ عالم الأجسام؛ وعالم المثال؛ وعالم الأرواح، أما عالم الذِّر، وعالم النَّسمة، فقد ورد به الحديثُ أيضًا، لكنا لا ندري هل هو عالمٌ برأسه أم لا؟ فهذه خمسةُ عوالم، وأخرج (¬2) نحوها اثنين أيضًا. فالشيءُ الواحِد لا يمرّ من هذه العالم إلا ويأخذ أحكامه؛ وقد ثبت عند الشَّرْع وجوداتٌ للشيء قبل وجوده في هذا العالم؛ وحينئذٍ يمكن لك أن تَلْتزم كونَ النبيِّ الواحد في عوالم مختلفةٍ بدون محذور. وسنعود إلى تفصيلِ النَّسمة أيضًا، وقد ذكرناه من قبل أيضًا. والتُّوربِشْتي الحنفي لما مرَّ على أحاديثِ النَّسمة لم يفسره بالروح، بل وَضَع هذا اللفظَ بعينه، ففهمت منه أنه شيءٌ يُغاير الروح عنده، ولذا لا يضعُ لعفْظ الروحَ مكانه، ولا يترك هذا اللفظ، فكأَنَّه حقيقةٌ أخرى؛ فيُخْشى أن لا تتبدل تلك الحقيقةُ بِتَرْك لفظه. وقد مرَّ عليه الشاه وليُّ الله في «الطاف القُدْس»، وقال: إنَّ النَّسمة جِسمٌ هوائي سارٍ في بدن الإِنسان، محفوظٌ من التلاشي، وقال: إنه يبقى كذلك بعد الموتِ أيضًا، والله تعالى أعلم. أما شَرْحُ حديث البخاري، فيمكنُ أن تكونَ الأَرَضُون فيه سَبْعًا، كالسَّموات، ويمكن أن تكون سَبْع طبقاتٍ، كلّ طبقة منها سُميت أرضًا، وقد ثبت اليوم عند ماهِري عِلْم الطبقات أن لها طبقاتٍ. فذكروا أنَّ هذه الأَريضة إلى ستةٍ وثلاثينَ ميلا فقط، وبعدها غاز. ونعوذُ بالله أَنْ نَفْقُوا ما ليس لنا به عِلْم. وأما مَنْ أراد به الأقاليمَ السَّبْعةَ فباطِلٌ قَطْعًا. وأجاب عنه بَعْضُهم أنه يمكنُ أن يكون المرادُ منه السَّبْعَ السياراتِ، وقد شاهدوا اليوم فيها جبالا، وبحارًا، وقناطر، وأُناسًا، وهم بصدد المكالمة معهم، وقالوا: إنَّ هذه الأرضَ في نظر سُكانِ القمر، كالقمر في نظر سُكَّان الأَرْض؛ وحينئذٍ يستقيمُ عددُ السَّبع، بل يزيدُ عليه على تحقيقهم، ولا بأس فإِنَّ الشَّرْع لم يَنْف ما فوقه (¬3). ¬

_ (¬1) وقد تعرض إليه في "آكام المرجان" شيئًا، قال بعد نَقْل الحديث المذكور: قال شيخُنا الذهبيُّ: هذا حديث على شَرْط البخاري، ومسلم رجاله أئمة، اهـ "آكام المرجان". (¬2) ومن ههنا ظهر أن الشيخَ لم يجزم إلا بوجودِ العوالم التي ورد بها السمع: نعم قد جزم بتعدُّد الوجوداتِ لشيءٍ واحد، فإِنه أيضًا ثَبَت من الأحاديث، كما مرَّت شواهِدهُ في غيرِ واحدٍ من المواضع من هذا التقرير. أما كونُ تلك العوالِم سَبْعة، فإِنما هو اعتبارٌ منه على نحو اعتبار أرباب الحقائق، تمشيةً للمقام؛ فلذا فَوَّضه إلى الناظر، وهذا هو الحق، فإِن عددَ العوالم مما لا يدخلُ فيه القياس، فلا بدَّ له مِن دليل من جهةِ الشَّرْع ليجزم به، ومَنْ لا يمعن النَّظَر في مثل هذه المواضع يأخذ، ويعترض، وينكر، فافهم، وقد مرَّ في "باب العلم والعظة من كتاب العلم". (¬3) قلت: والشيخُ لم يُرِد به التطبيقَ بين الشريعة، وما عندهم مِن مشاهداتهم، كيف! وأنَّهم يثبتون شيئًا اليوم، ثم ينكرونه غدًا؛ فهل يتبدَّل من ذلك إخبار الشَّرْع أيضًا؟ كلا، لا تبديلَ لكلمات الله، إنما أراد بذلك أنه ليس لإِنكار ما ثبت عند الشرع وَجْهٌ، فإِنَّه إذا ثبت نَحْوُه عندهم أيضًا: فلو ساغ لهم تَسْلِيمُه بعد مشاهدةِ أعْينَهم لساغ لنا أن نؤمن بما شاهدته أعينُ الرسل، أو أخبر به خالق السمواتِ والأَرْضين؛ نعم لو حَصَل التطبيقُ فلا بأس أيضًا، فإِنه يكونُ تشييدًا لمشاهدتِهم من جهة الشرع، لا أنه تَحْصُل قوةٌ في إخبار الشَّرْع، من بعد مشاهدتهم، والعياذ بالله، ومَنْ أَصدقُ مِن الله حديثًا؟!

16 - باب إثم من خاصم فى باطل وهو يعلمه

16 - باب إِثْمِ مَنْ خَاصَمَ فِى بَاطِلٍ وَهْوَ يَعْلَمُهُ 2458 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّهَا أُمَّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ سَمِعَ خُصُومَةً بِبَابِ حُجْرَتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّهُ يَأْتِينِى الْخَصْمُ، فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ، فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَدَقَ، فَأَقْضِىَ لَهُ بِذَلِكَ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِىَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ، فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ فَلْيَتْرُكْهَا». أطرافه 2680، 6967، 7169، 7181، 7185 - تحفة 18261 - 172/ 3 2458 - قوله: (فَمَن قَضَيْتُ له بِحَقِّ مُسْلِمٍ فانَّما هي قِطعةٌ من النَّارِ) قال الحنفيةُ: إنّ قضاءَ القاضي إذا كان العقود والفسوخ، لا في الأملاك المرْسلة، والمحلّ يكونُ قابلا للإِنشاءِ، يَنْقُذُ ظاهرًا وباطنًا، وأَورِد عليهم حديثُ الباب، فإِنَّه لو نَفَذَ باطنًا أيضًا لما وَصَفه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بالنار. قلت: وهذا وَصْفٌ لا حُكْم، ويمكن أن يكون شيءٌ يوصَفْ بالنارية، ثم لا يدخل صاحِبُه في النار، كالسؤال، فإِنَّه شيءٌ يترتَّب عليه النار، ثم لا يلزمُ أن يكون كلُّ سؤال كذلك، بل قد يتخلَّف عن لعارض. فإِنه يَصحُّ وَصْفُ الشيء بحال الجِنْس أيضًا، وإذن لا يلزمُ تحقُّقه في الأفراد كلِّها، وتحقُّقه في البعض يصح وَصْفُه به باعتبار الجنس. وهو المَلْحظُ في قوله صلى الله عليه وسلّم «فإِنَّه لا صلاةَ لِمنْ لم يقرأ بفاتحةِ الكتاب»، فهذا وَصْفٌ في الفاتحة لا حُكْم بالوجوب على المفتدي في الحالة الراهنة. وسيجيء تفصيلُه في موضعه إن شاء الله تعالى. 17 - باب إِذَا خَاصَمَ فَجَرَ 2459 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا، أَوْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ، حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ». طرفاه 34، 3178 - تحفة 8931 18 - باب قِصَاصِ الْمَظْلُومِ إِذَا وَجَدَ مَالَ ظَالِمِهِ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ يُقَاصُّهُ، وَقَرَأَ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126]. 2460 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ جَاءَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ

19 - باب ما جاء في السقائف

رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَىَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِى لَهُ عِيَالَنَا فَقَالَ «لاَ حَرَجَ عَلَيْكِ أَنْ تُطْعِمِيهِمْ بِالْمَعْرُوفِ». أطرافه 2211، 3825، 5359، 5364، 5370، 6641، 7161، 7180 تحفة 16475 2461 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قُلْنَا لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ لاَ يَقْرُونَا فَمَا تَرَى فِيهِ فَقَالَ لَنَا «إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ، فَأُمِرَ لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِى لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ». طرفه 6137 - تحفة 9954 وهذه المسألةُ تسمَّى في الفِقْه بمسألة الظَّفَر؛ وحاصِلُها أنه إذا كانَ له حقُّ على آخرَ فما طله، ولم يُؤَدِّ إليه، فلصاحِب الحقِّ أن يأخُذَ عينَ ماله إن طُفِر به، أو جِنْسه، وليس له أن يأخذَ من أيِّ أمواله شاء، وهذا عندنا، وعمَّمه الشافعية. وأفتى المتأخرون منا بمذهب الشافعية، لظهور سوء الديانة، والتواني في أحكم الإِسلام، فعسى أن لا يجد جِنْسَ مالِه، فينوى حَقَّه. 2460 - قوله: (لا حَرَجَ عَلَيْكِ أن تُطْعِمِيهم) .. الخ. وهذا الحديث خفيٌّ في الترجمة، فإِنَّها آخِذةٌ من عينِ حَقِّها، لا أنها قِصاصٌ، والترجمة فيما إذا تَلِف حَقُّه، فله أن يقتصَّ من مالِ المظلوم، أما الأَخْذَ بحقوقِ نفسه، كنفَقةِ الزوجة على الزوج، فليس من القِصاص في شيءٍ. وتكلم عليه النوويُّ في «شرح مسلم» أنه قضاءً، أو ديانةً، فإِن كان الأَوَّل اقتصر على القاضي، وإن كان الثاني صحَّ لكلِّ مفتي أن يُفْتى به. وهذا ما قلنا: إنَّ الفَرْق بين القضاء والديانة دائرٌ بين المذاهب الآخر أيضًا. 2461 - قوله: (فإِنْ لم يَفْعَلُوا فَخُذوا مِنْهم حَقَّ الصِّيْف) ... الخ. نعم، وهذا أَوْضَحُ في ترجمة المصنِّف، واختلف الناسُ في تخريج هذا الحُكم، فقيل: إنَّه محمولٌ على حال المخْمَصَة؛ كانت الضِّيافةُ فيهم عُرْفًا عامًّا يومئذ، وقيل: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عاهَدهم على ذلك أن يَمُرَّ عليهم عَسْكَرٌ من المسلمين، إلا أن يُضيِّفُوه، كما يُعْلم من كُتُب النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أخرجها الزَّيلَعي في آخر المجلد الرابع، ولكن كونُ كلِّ مَنْ يمرُّ عليهم من أهل الذِّمَّة بعيدٌ (¬1). فالظاهرُ أَنْ يُجاب بالعُرْف. 19 - باب مَا جَاءَ فِي السَّقَائِفِ وَجَلَسَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ. 2462 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ. وَأَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ ¬

_ (¬1) قلت: نقل في "المرقاة" نحوه عن محيي السنة، وعن أسلم أن عمر بن الخطاب ضرب الجزية على أهل الذهب أربعة دنانير، وعلى أهل الورق أربعين درهمًا، مع ذلك أرزاق المسلمين، وضيافة ثلاثة أيام، رواه مالك، وحمله في "المعتصر" على حال الجوع، وقرره: ص 422.

20 - باب لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبه في جداره

عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنهم - قَالَ حِينَ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ الأَنْصَارَ اجْتَمَعُوا فِى سَقِيفَةِ بَنِى سَاعِدَةَ، فَقُلْتُ لأَبِى بَكْرٍ انْطَلِقْ بِنَا. فَجِئْنَاهُمْ فِى سَقِيفَةِ بَنِى سَاعِدَةَ. أطرافه 3445، 3928، 4021، 6829، 6830، 7323 - تحفة 10508 - 173/ 3 2462 - قوله: (سَقِيفَة) جويال، ولا حاجةَ فيها إلى الإِجازة، لكونها أُعِدَّت لمصالح العامَّةِ عُرْفًا. 20 - باب لاَ يَمْنَعُ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ 2463 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَمْنَعُ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِى جِدَارِهِ». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا لِى أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ وَاللَّهِ لأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ. طرفاه 5627، 5628 - تحفة 13954 وهذه ديانةٌ لا قضاءً. 2463 - قوله: (واللهِ لأَرمِيَّنَّ بها بين أَكْتَافِكْم) أي الخَشَبة، وقد بالغ فيه أبو هريرة (¬1) أشدَّ المُبالغة، ومِثْلُ هذه المبالغات قد تجري في المُسْتحِبات في بعض الأحوال. وراجعٌ «الخَيْرات الحسان» أنَّ رَجُلا أرادَ أن يَنْقُبَ في جدارِه كَوَّةً، فمنعه جارُه، فذهب إلى ابن أبي ليلى، فلم يُفتي بما كان يريدُه، ثُمَّ رَجَع السائلُ إلى أبي حنيفة، فأفتاه على ما كان عنده، إلى آخِرِ القِصَّة. 21 - باب (¬2) صَبِّ الْخَمْرِ فِى الطَّرِيقِ 2464 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَبُو يَحْيَى أَخْبَرَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - كُنْتُ سَاقِىَ الْقَوْمِ فِى مَنْزِلِ أَبِى طَلْحَةَ، وَكَانَ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الْفَضِيخَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُنَادِيًا يُنَادِى «أَلاَ إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ». قَالَ فَقَالَ لِى أَبُو طَلْحَةَ اخْرُجْ فَأَهْرِقْهَا، فَخَرَجْتُ فَهَرَقْتُهَا، فَجَرَتْ فِى سِكَكِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ قَدْ قُتِلَ قَوْمٌ وَهْىَ فِى بُطُونِهِمْ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} الآيَةَ [المائدة: 93]. أطرافه 4617، 4620، 5580، 5582، 5583، 5584، 5600، 5622، 7253 تحفة 292 ¬

_ (¬1) ووقع ذلك من أبي هريرة حين كان يلي إمرة المدينة لمروان، قاله العيني: ص 129 - ج 6. (¬2) قال ابن التين هذا الذي في الحديث كان في أول الإسلام، قبل أن ترتب الأشياء، وتنظف، فأما الآن، فلا ينبغي صب النجاسات في الطريق، خوفًا أن تؤذي المسلمين، وقد منع سحنون أن يصب الماء من بئر وقعت فيه فأرة في الطريق، اهـ: ص 130 - ج 6 "عمد القاري".

22 - باب أفنية الدور والجلوس فيها والجلوس على الصعدات

يعني أنَّ الطريقَ ليس بملْكِ أَحَدٍ، فله أن يَصُبَّ فيه الخَمرَ. قوله: (الفَضِيخَ) شرابٌ يتَّخَذ من عصير البُسْر حتى يَشْتدَّ، بدون أن تَمَسَّه النَّارُ والاشتدَادُ في الهندية: "اتهـ جانا جيسى كهتى هين اجار اتهـ كيا". 22 - باب أَفْنِيَةِ الدُّورِ وَالْجُلُوسِ فِيهَا وَالْجُلُوسِ عَلَى الصُّعُدَاتِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَابْتَنَى أَبُو بَكْرٍ مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، يُصَلِّى فِيهِ، وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيَتَقَصَّفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، يَعْجَبُونَ مِنْهُ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ. 2465 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ». فَقَالُوا مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِىَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا. قَالَ «فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلاَّ الْمَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا» قَالُوا وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ «غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْىٌ عَنِ الْمُنْكَرِ». طرفه 6229 - تحفة 4164 وفي الهندية: "آنكن". قوله: (والصَّعَدات) أي الطُّرُقات، يقول: إنَّ هذه الأشياءَ أيضًا مِن حقوقه العامَّة، وله أن يَفْعل فيه ما ذكره، ما لم تتضرر به العامَّة. 23 - باب الآبَارِ عَلَى الطُّرُقِ إِذَا لَمْ يُتَأَذَّ بِهَا 2466 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا رَجُلٌ بِطَرِيقٍ، اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِى كَانَ بَلَغَ مِنِّى، فَنَزَلَ الْبِئْرَ، فَمَلأَ خُفَّهُ مَاءً، فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِى الْبَهَائِمِ لأَجْرًا فَقَالَ «فِى كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ». أطرافه 173، 2363، 6009 - تحفة 12574 - 174/ 3 والمرادُ من الطريق أَرْضٌ ليس لها مالكٌ، وكانت مباحةَ الأَصْل. 2466 - قوله: (في كُلِّ ذات كِبدٍ رَطْبةٍ أَجُرٌ) دلَّ على أنَّ في الإِنفاقِ على الكافرِ أيضًا أجرًا. 24 - باب إِمَاطَةِ الأَذَى وَقَالَ هَمَّامٌ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «يُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ». تحفة 14800

25 - باب الغرفة والعلية المشرفة وغير المشرفة فى السطوح وغيرها

25 - باب الْغُرْفَةِ وَالْعُلِّيَّةِ الْمُشْرِفَةِ وَغَيْرِ الْمُشْرِفَةِ فِى السُّطُوحِ وَغَيْرِهَا 2467 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَشْرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ قَالَ «هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى إِنِّى أَرَى مَوَاقِعَ الْفِتَنِ خِلاَلَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ». أطرافه 1878، 3597، 7060 - تحفة 106 ولعله كان بينهما فَرْقٌ عندهم، ولم ندرِكْه كما هو، لكونه يتعلَّق بالمشاهدةِ، وهذه الفروقُ يتعذَّرُ إدراكها بدون المشاهدةِ، فلا تُتعِب فيها نفسك. قوله: (المُشْرِفَة) "جس سى نكاه برسكى اورون بر"، وهي الغُرْفة التي يمكنُ الاطلاعُ منها على النَّاسِ. قوله: (في السُّطُوح)، والسطح السَّقف، فهذه أوصافٌ متغايرةٌ، وإن اجتمعت في مَوْصوفٍ. 2467 - قوله: (أُطُم) وترجمته: "كوث". قوله: (هل تَرَوْنَ ما أَرَى؟) ... الخ، وهذا الذي قلت: إن للشيءِ وجودًا قَبْل ظُهورِه في هذا العالم أيضًا. فالفِتنُ التي رآها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم تقطر خلالَ بيوتِهم لم تكن في زَمَنِه، ولكنَّه صلى الله عليه وسلّم رآها بِنَحْوِ وُجُودِها قبل ظهورها. 2468 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى ثَوْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ - رضى الله عنه - عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّهُ لَهُمَا {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] فَحَجَجْتُ مَعَهُ فَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِالإِدَاوَةِ، فَتَبَرَّزَ حَتَّى جَاءَ، فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الإِدَاوَةِ، فَتَوَضَّأَ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - اللَّتَانِ قَالَ لَهُمَا {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ}؟ فَقَالَ وَاعَجَبِى لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الْحَدِيثَ يَسُوقُهُ، فَقَالَ إِنِّى كُنْتُ وَجَارٌ لِى مِنَ الأَنْصَارِ فِى بَنِى أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهْىَ مِنْ عَوَالِى الْمَدِينَةِ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الأَمْرِ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَهُ، وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الأَنْصَارِ إِذَا هُمْ قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الأَنْصَارِ، فَصِحْتُ عَلَى امْرَأَتِى، فَرَاجَعَتْنِى، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِى، فَقَالَتْ وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيُرَاجِعْنَهُ، وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ. فَأَفْزَعَنِى، فَقُلْتُ خَابَتْ مَنْ فَعَلَ مِنْهُنَّ بِعَظِيمٍ. ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَىَّ ثِيَابِى، فَدَخَلْتُ عَلَى

حَفْصَةَ فَقُلْتُ أَىْ حَفْصَةُ، أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ فَقَالَتْ نَعَمْ. فَقُلْتُ خَابَتْ وَخَسِرَتْ، أَفَتَأْمَنُ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ لِغَضَبِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَهْلِكِينَ لاَ تَسْتَكْثِرِى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ تُرَاجِعِيهِ فِى شَىْءٍ وَلاَ تَهْجُرِيهِ، وَاسْأَلِينِى مَا بَدَا لَكِ، وَلاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِىَ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ عَائِشَةَ - وَكُنَّا تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ النِّعَالَ لِغَزْوِنَا، فَنَزَلَ صَاحِبِى يَوْمَ نَوْبَتِهِ فَرَجَعَ عِشَاءً، فَضَرَبَ بَابِى ضَرْبًا شَدِيدًا، وَقَالَ أَنَائِمٌ هُوَ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ. وَقَالَ حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ. قُلْتُ مَا هُوَ أَجَاءَتْ غَسَّانُ قَالَ لاَ، بَلْ أَعْظَمُ مِنْهُ وَأَطْوَلُ، طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نِسَاءَهُ. قَالَ قَدْ خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ، كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ، فَجَمَعْتُ عَلَىَّ ثِيَابِى، فَصَلَّيْتُ صَلاَةَ الْفَجْرِ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَخَلَ مَشْرُبَةً لَهُ فَاعْتَزَلَ فِيهَا، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَإِذَا هِىَ تَبْكِى. قُلْتُ مَا يُبْكِيكِ أَوَلَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ أَطَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لاَ أَدْرِى هُوَ ذَا فِى الْمَشْرُبَةِ. فَخَرَجْتُ، فَجِئْتُ الْمِنْبَرَ، فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِى بَعْضُهُمْ، فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ الْمَشْرُبَةَ الَّتِى هُوَ فِيهَا فَقُلْتُ لِغُلاَمٍ لَهُ أَسْوَدَ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ. فَدَخَلَ، فَكَلَّمَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ ذَكَرْتُكَ لَهُ، فَصَمَتَ، فَانْصَرَفْتُ حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَجِدُ فَجِئْتُ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَجَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَجِدُ فَجِئْتُ الْغُلاَمَ. فَقُلْتُ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ. فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا، فَإِذَا الْغُلاَمُ يَدْعُونِى قَالَ أَذِنَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ، قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ، مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ طَلَّقْتَ نِسَاءَكَ فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَىَّ، فَقَالَ «لاَ». ثُمَّ قُلْتُ - وَأَنَا قَائِمٌ أَسْتَأْنِسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ رَأَيْتَنِى، وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى قَوْمٍ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَذَكَرَهُ، فَتَبَسَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ قُلْتُ لَوْ رَأَيْتَنِى، وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ لاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِىَ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ عَائِشَةَ - فَتَبَسَّمَ أُخْرَى، فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ، ثُمَّ رَفَعْتُ بَصَرِى فِى بَيْتِهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلاَثَةٍ. فَقُلْتُ ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ، فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ وَأُعْطُوا الدُّنْيَا، وَهُمْ لاَ يَعْبُدُونَ اللَّهَ، وَكَانَ مُتَّكِئًا. فَقَالَ «أَوَفِى شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِى. فَاعْتَزَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ، وَكَانَ قَدْ قَالَ «مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا». مِنْ شِدَّةِ مَوْجَدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حِينَ عَاتَبَهُ اللَّهُ. فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَبَدَأَ بِهَا، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ إِنَّكَ أَقْسَمْتَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وَإِنَّا أَصْبَحْنَا لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، أَعُدُّهَا عَدًّا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ». وَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ

تِسْعٌ وَعِشْرُونَ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَأُنْزِلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ فَبَدَأَ بِى أَوَّلَ امْرَأَةٍ، فَقَالَ «إِنِّى ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، وَلاَ عَلَيْكِ أَنْ لاَ تَعْجَلِى حَتَّى تَسْتَأْمِرِى أَبَوَيْكِ». قَالَتْ قَدْ أَعْلَمُ أَنَّ أَبَوَىَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِى بِفِرَاقِكَ. ثُمَّ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ قَالَ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} إِلَى قَوْلِهِ {عَظِيمًا} [الأحزاب: 28 - 29]». قُلْتُ أَفِى هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَىَّ فَإِنِّى أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ. ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ، فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ. أطرافه 89، 4913، 4914، 4915، 5191، 5218، 5843، 7256، 7263 - تحفة 10507، 16227 أ، 16306 أ - 175/ 3 - 176/ 3 - 177/ 3 2468 - قوله: (فَعَدَل وعَدَلْتُ معه) ... الخ، وكان يذهبُ إلى المدينةِ. قوله: (أفتأمَنُ أنْ يَغُضَبَ اللهُ لِغَضَبِ رَسُوله) فيه أنَّ غضبَ الله غيرُ غَضَبِ الرَّسول صلى الله عليه وسلّم (¬1). قوله: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] أي مالت عن الحقِّ. قوله: (فَيَنْزِلُ يومًا وأَنزِلُ)، تفسير للتناوب، وهذا مفيدٌ للحنفيةِ في باب الجمعة، وقد عَلِمته فيما مرّ. قوله: (فَصَلَّيْتُ صلاةَ الفَجْرِ مَع رسول الله صلى الله عليه وسلّم) ... ، وهذا يَرُدَّ ما اختارَه الحافِظُ أن قِصَّةَ السقوط عن الفَرَس، وقِصَّة السقوط عن الفرس فكانت في الخامسة، وإنما جمع الرَّاوي بينهما لكونِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم جلس فيهما على المَشْرُبة، لا لكونهما في سنةٍ واحدة، كما زعمه الحافظ. وذلك لأنَّه صلى الله عليه وسلّم الفَجْرَ مع الصحابةِ في قِصَّة الإِيلاء، بخلاف قِصَّة السُّقوط، فإِنَّه كان شاكٍ لم يكن يَقْدِر أن ينزل من المَشْرُبة، فَضْلا أن يصلِّي بهم. فدلَّ على التغايُرِ قَطْعًا، كيف وأن قوله: «فإِذا قرأ فأنصتوا»، ليس في الأحاديثِ الائتمام التي وردت في قصة السقوط، لأنَّ الدعامة فيها تعليمُ اتحادٍ شاكلةِ الإِمام والمقتدي دون مسألة القراءة، فلم يتعرَّض لها؛ وإنَّما هو في الأحاديث التي صدرت عنه في السَّنةِ السابعة، وهي لتعليم صِفةِ الصلاة؛ وما على المأمومِ مِن جهةِ إمامه. ومَنْ لم يتنبَّه لتغايُرِ السِّياقَيْن، ثُم لم ينظر قِطعة الإِنصاتِ في أحاديث السقوط، ظَنَّ أنَّها وَهْم في أحاديث الائتمام مطلقًا، وليس كذلك. بل هما نوعان وردا في وقتين، وإن اشتركا في بعض الألفاظ، هذا هو الرأي فيه إن شاء الله تعالى، وقذ ذكرناه من قبل مُفصَّلا. وراجع لتفصيله رسالتي «فصل الخطاب»، فإِنَّه مهم سها فيه مِثل الحفاظ. ثم اختلفت الرواياتُ في سَببِ الإِيلاء، ففي بعضِها قِصَّةُ العسل، وفي بعضها قصَّةُ قُربان ¬

_ (¬1) قلت: ولعله أومأ بذلك إلى ما اشتهر من البحث في قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} إن إطاعة الله غير إطاعة الرسول، أو عينه، فنبه على المغايرة بين الغضب والغضب، فهكذا الإطاعة أيضًا، ثم إنهما نظران، لا أنه خلاف في مسألة، والنظران صحيحان باعتبار!؟ والله تعالى أعلم بالصواب.

26 - باب من عقل بعيره على البلاط أو باب المسجد

مارَّيه؛ وفي بعضِها مراجعةُ نسائه صلى الله عليه وسلّم في أمر النَّفقة، فقال العلماءُ: إنِّها كلَّها متقاربةٌ، ونزل الإِيلاء بعدها كلها، ثم إن هذا الإِيلاء لغويٌّ، فهل تجوزُ المهاجرةُ مِثْلُه؟ فصرَّح ابن الهُمام في «الفتح» أنه جائزٌ، والكلام على جملةِ هذه الأجزاء مرَّ مفصَّلا؛ وإنما المقصودُ الآن التنبيهُ على أنَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم قد صلَّى الفَجْر في تلك القصة، ومع ذلك زعم الحافِظُ أنَّ قِصَّة السقوط والإِيلاء واحدةٌ. 2469 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ حَدَّثَنَا الْفَزَارِىُّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ آلَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، وَكَانَتِ انْفَكَّتْ قَدَمُهُ فَجَلَسَ فِى عِلِّيَّةٍ لَهُ، فَجَاءَ عُمَرُ، فَقَالَ أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ قَالَ «لاَ، وَلَكِنِّى آلَيْتُ مِنْهُنَّ شَهْرًا». فَمَكُثَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ نَزَلَ، فَدَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ. أطرافه 378، 689، 732، 733، 805، 1114، 1911، 5201، 5289، 6684 تحفة 767 2469 - قوله: (الرِّمال) "حتائى كانانا ابهرا هو تاهى" أي وإنما أثَّرت فيه لُحْمة الحَصِير لكونها مرتفِعةً. قوله: (فأَنزلَت آيةُ التَّخيير) ... الخ وفهمت منها أنَّ الغرض منه الإِيذانُ بالتهيؤ للفَقْر والفَاقة، إن أَرَدْنَ الآخرة، وإن أَرَدْن الدنيا فاللهُ يتكفَّلُ بهن. ويُوسُع عليهن، وفيه إيماءٌ إلى أنَّ تحريمَ النِّكاح بعد النبي صلى الله عليه وسلّم اندرج في مفهوم التخيير، فإِنهنَّ إذا اخترن الآخرةُ مرةً، لم يَبْق لهنَّ اختيارٌ بَعْدَه في ترجيح الدنيا، وإنما فَهِمْت هذا من الشيخ عبد الرؤوف المُنَاوي في «شرح الجامع الصغير» وهو تلميذُ للسُّيوطي، وفي «التوراة» أنَّ المرأة تكونُ زوجةً لآخِر الزوجين في الجنة، فناسب التحريم. وفي «بستان أبي جعفر» أنَّها تكونُ للأفضل منهما، وقيل: للأخير، فاعلمه. قوله: (لا تَعْجَلي حتَّى تَسْتأمِري أَبَوَيْكِ) ... الخ، وفيه أنَّ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لو أَضْمر في نَفْسِه الترجيح لأحد الجانبين مع تبليغ ما أنزل إليه من التخيوفي «بستان أبي جعفر» أنَّها تكونُ للأفضل منهما، وقيل: للأخير، فاعلمه. 26 - باب مَنْ عَقَلَ بَعِيرَهُ عَلَى الْبَلاَطِ أَوْ بَابِ الْمَسْجِدِ 2470 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِىُّ قَالَ أَتَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَسْجِدَ، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ، وَعَقَلْتُ الْجَمَلَ فِى نَاحِيَةِ الْبَلاَطِ فَقُلْتُ هَذَا جَمَلُكَ. فَخَرَجَ فَجَعَلَ يُطِيفُ بِالْجَمَلِ قَالَ «الثَّمَنُ وَالْجَمَلُ لَكَ». أطرافه 443، 1801، 2097، 2309، 2385، 2394، 2406، 2603، 2604، 2718، 2861، 2967، 3087، 3089، 3090، 4052، 5079، 5080، 5243، 5244، 5245، 5246، 5247، 5367، 6387 - تحفة 2499 كانت حجارةً مفروشةً من المسجدِ إلى السوق، تُسمَّى بالبلاط، وكان العَقْل فيه انتفاغًا بأرضٍ غير مملوكةٍ. 2470 - قوله: (وعَقَلْتُ البعير في ناحيةِ البَلاطِ) وهذا صريحٌ في أن عَقْل البعيرِ كان خارجَ المسجد، وقد أدَّاه الراوي مرةً بما يُوهِم عَقْله في المسجد.

27 - باب الوقوف والبول عند سباطة قوم

27 - باب الْوُقُوفِ وَالْبَوْلِ عِنْدَ سُبَاطَةِ قَوْمٍ 2471 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، أَوْ قَالَ لَقَدْ أَتَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا. أطرافه 224، 225، 226 - تحفة 3335 28 - باب مَنْ أَخَذَ الْغُصْنَ وَمَا يُؤْذِى النَّاسَ فِى الطَّرِيقِ، فَرَمَى بِهِ 2472 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِى بِطَرِيقٍ، وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ فَأَخَذَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ». طرفه 652 - تحفة 12575 29 - باب إِذَا اخْتَلَفُوا فِى الطَّرِيقِ الْمِيتَاءِ، وَهْىَ الرَّحْبَةُ تَكُونُ بَيْنَ الطَّرِيقِ, ثُمَّ يُرِيدُ أَهْلُهَا الْبُنْيَانَ، فَتُرِكَ مِنْهَا الطَّرِيقُ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ 2473 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ خِرِّيتٍ عَنْ عِكْرِمَةَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَضَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا تَشَاجَرُوا فِى الطَّرِيقِ بِسَبْعَةِ أَذْرُعٍ. تحفة 14247 والمِيتاءِ مفْعال من الإِتيان لا مِن الموت، والمعنى أن يَكْثُر فيه الإِتيان. قوله: (إذا اختَلَفُوا) أي اختلف الشركاءُ في الطريق الذي يَكْثُر فيه الإِيابُ والذَّهابُ. قوله: (الرَّحْبَةُ) ... الخ، وهي الأرضُ الخاليةُ من العُمْران، وكانت عند الطريق حسب الاتفاق، فأراد المالكون أن يَبْنُوا فيها شيئًا. قوله: (فَتُرِك منها الطريق سَبْعَة أذْرُع)، واعلم أَني ما كنت أَفْقَه سِرَّ قضاء النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بسبعةِ أذْرُع عند تشاجرهم في الطريق، فإِنَّ الطريقَ قد يكون بذِراعٍ وذِراعين أيضًا، فما معنى التخصِيص بالسبعةً؟ ثم فَهِمت مراده من «مُشْكِل الآثار» للطحاوي؛ فحقَّق أن الحديثَ في الطريق الجديد الذي هم بصدد تحديده، أما القديم فهو على ما كان من ذراعٍ أو ذِرَاعَيْن، فمعنى قول البخاري: «وهي الرَّحْبَة تكون بين الطريق» .. الخ، يعني "اب اس مين سى راسته نكالنا برا". والبخاريُّ أيضًا يريدُ الطريقَ المُحْدث، دون القديم، قال الحنفية: إن طولَ الطريق غير محصورٍ، وعَرْضَه بِقدْر عَرْض الباب، وارتفاعَه قَدْر ارتفاعه؛ ولا يَرِدُ علينا الحديثُ في العَرْض، فإِنَّ ذلك عند المصالحة. 30 - باب النُّهْبَى بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ وَقَالَ عُبَادَةُ: بَايَعْنَا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ لاَ نَنْتَهِبَ.

31 - باب كسر الصليب وقتل الخنزير

2474 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الأَنْصَارِىَّ - وَهُوَ جَدُّهُ أَبُو أُمِّهِ - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النُّهْبَى وَالْمُثْلَةِ. طرفه 5516 - تحفة 9674 - 178/ 3 2475 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَزْنِى الزَّانِى حِينَ يَزْنِى وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهْوَ مُؤْمِنٌ». وَعَنْ سَعِيدٍ وَأَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ إِلاَّ النُّهْبَةَ. قالَ الفِرَبْرِيُّ: وجَدْتُ بِخَطِّ أَبِي جَعْفَرٍ: قالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: تَفسِيرُهُ: أَنْ يُنْزَعَ مِنْهُ، يُرِيدُ الإِيمانَ. الحديث 2475 - أطرافه 5578، 6772، 6810 - تحفة 14863، 13209، 15218. 2475 - قوله: (تَفْسِيرُهُ أَنْ يُنْزَعَ منه، يريد الايمان)، واعلم أنَّه قد وَرَد فيه عن ابن عباس تَشْبِيهان: الأول: تشبيهُ الإِيمانِ بالظلة، وفي رواية أخرى: أنه شبك بين أصابعه، ثم فَصَلَها، فَهُمًا حُكمان مستقلان، لا ينبغي الخَلْطُ بينهما، فإِنَّهُ يُفْضي إلى الغَلط. وفي الترمذي: أنَّ «البخاريُ سِئل عن جَدِّ عَدِيّ بن ثابت، فلم يعرفه، قلت: وهو عبد «الله» بن يزيد الأنصاري، كما ثرى في هذا الإسناد؛ حدثنا عَدِيُّ بنُ ثابت: سمعت عبد الله بن يزيد الأنصاري، وهو جَدُّه أبو أُمَه، الخ. 31 - باب كَسْرِ الصَّلِيبِ وَقَتْلِ الْخِنْزِيرِ 2476 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ». أطرافه 2222، 3448، 3449 - تحفة 13135 قلت: لا غَزْو أن يكونَ كَسْرَه الصليبَ بعد النزول، كَكْسر النبيِّ صلى الله عليه وسلّم الأصنامَ في فَتْح مكة، وكذا يمكنُ أن يكون وَضْعُ الجزيةِ ناظرًا إلى مَنْصِب التشريع، أي ترك النبيُّ صلى الله عليه وسلّم هذا الجزءَ أُنموذجًا له. وفَوَّضَه إليه بأَمْرِه، ليتولاه هو بنفسه. 32 - باب هَلْ تُكْسَرُ الدِّنَانُ الَّتِى فِيهَا الْخَمْرُ، أَوْ تُخَرَّقُ الزِّقَاقُ؟ فَإِنْ كَسَرَ صَنَمًا، أَوْ صَلِيبًا، أَوْ طُنْبُورًا، أَوْ مَا لاَ يُنْتَفَعُ بِخَشَبِهِ وَأُتِىَ شُرَيْحٌ فِى طُنْبُورٍ كُسِرَ، فَلَمْ يَقْضِ فِيهِ بِشَىْءٍ. 2477 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ

33 - باب من قاتل دون ماله

الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى نِيرَانًا تُوقَدُ يَوْمَ خَيْبَرَ. قَالَ «عَلَى مَا تُوقَدُ هَذِهِ النِّيرَانُ». قَالُوا عَلَى الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ. قَالَ «اكْسِرُوهَا، وَأَهْرِقُوهَا». قَالُوا أَلاَ نُهْرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا قَالَ «اغْسِلُوا». أطرافه 4196، 5497، 6148، 6331، 6891 - تحفة 4542 2478 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ، وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلاَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ نُصُبًا فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا بِعُودٍ فِى يَدِهِ وَجَعَلَ يَقُولُ {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} [الإسراء: 81] الآيَةَ. طرفاه 4287، 4720 - تحفة 9334 2479 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا كَانَتِ اتَّخَذَتْ عَلَى سَهْوَةٍ لَهَا سِتْرًا فِيهِ تَمَاثِيلُ، فَهَتَكَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَاتَّخَذَتْ مِنْهُ نُمْرُقَتَيْنِ، فَكَانَتَا فِى الْبَيْتِ يَجْلِسُ عَلَيْهِمَا. أطرافه 5954، 5955، 6109 - تحفة 17504 - 179/ 3 قوله: (فلم يَقْضِ فيه بشيء) وفي فِقْهنا أنه لو فَعَله بإِذن المُحْتَسِب لم يَضْمَن، وإلا يَضْمن الماليةَ دون الصَّنْعة، والمُحْتسِب مَنْ كان يراقِبُ أحوالَ النَّاس بخلاف القاضي. 2477 - قوله: (قال أبو عبد الله: كان ابن أبي أُوَيْس ... الخ). وقد مرَّ أنه كان يَكْذِب، ولذا لم يأخذ عنه النِّسائي، فيوَجّه للبخاريِّ أنه لعلَّه لم يثبت عنده كَذِبُهُ، والكلام فيه مرَّ مبسوطًا مِن قبل. قوله: (بنصب الألف والنون) ولعله اختار مذهب الكوفيين، حيث عبر عن الحركات البنائية بالنصب، وإلا فتعبيرُها عند البَصْريين بالفَتْح. قوله: (ألا نُهْرِيقها) ... الخ. أنظر كيف كانوا أُمِرُوا بالكسر، ثُمَّ سألوا عن الاراقةِ، وغَسْل الأَواني. فدلَّ على أن مِثْلَه لا يُسمَّى مخالفةً، وتأخُّرًا عن الامتثالِ بعد وُضُوحِ المُرَاد. قوله: (كُوَّة) هي طاقٌ في الجِدَار. 33 - باب مَنْ قَاتَلَ دُونَ مَالِهِ 2480 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ - هُوَ ابْنُ أَبِى أَيُّوبَ - قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ». تحفة 8891 أي في حفاظه مالِه، فدلَّ على أن مَنْ جاهد دون مالِهِ وعَرْضه، فهو شهيدٌ أيضًا، وكان يُتوهَّم أن لا يكون شهيدًا، لأنه قاتَلَ دون العِرْض والمال، فاغتنمه، وفيه دليلٌ على أن مَنْ مات في تَخْليص مِلْكه، كما في يومِنا هذا، فهو شهيدٌ، وأخطأ مولانا عبدُ الحقِّ حيث أفتى في زمانِه

34 - باب إذا كسر قصعة أو شيئا لغيره

أن القتالَ لتخلِيصِ المِلْك، ليس بغزو، والمقتولَ فيه ليس بشهيدٍ (¬1). 34 - باب إِذَا كَسَرَ قَصْعَةً أَوْ شَيْئًا لِغَيْرِهِ 2481 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ خَادِمٍ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ فَضَرَبَتْ بِيَدِهَا، فَكَسَرَتِ الْقَصْعَةَ، فَضَمَّهَا، وَجَعَلَ فِيهَا الطَّعَامَ وَقَالَ «كُلُوا». وَحَبَسَ الرَّسُولَ وَالْقَصْعَةَ حَتَّى فَرَغُوا، فَدَفَعَ الْقَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ وَحَبَسَ الْمَكْسُورَةَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 5225 - تحفة 800 2481 - قوله: (فَدَفَعَ القَصْعَةَ) قيل: إنَّها قيميةٌ، فينبغي أن تجِب فيها القيمةُ دون المِثْل. قلت: ولك أن تَدَّعِي أنها مِثْليةُ؛ ألا ترى إلى ما نُقِل في «الهداية» عن العَتَّابي أن الكِرْباس (كارها) مِثْلي. وفي هامشها: قال الزاهد العتَّابي في «شرح الجامع الصغير»: إنه قال مشايخنا هذا - أي كونِ الذراعِ وَأن تجِب فيها القيمةُ دون المِثْل. قلت: ولك أن تَدَّعِي أنها مِثْليةُ؛ ألا ترى إلى ما نُقِل في «الهداية» عن العَتَّابي أن الكِرْباس (كارها) مِثْلي. وفي هامشها: قال الزاهد العتَّابي في «شرح الجامع الصغير»: إنه قال مشايخنا هذا - أي كونِ الذراعِ وَكِيل. اهـ. أي فلا يكونُ الذِّراع وَصْفًا فيه. فانظر كيف جَعَل الثَّوب مِثْليًا إذا لم يَضُرُّه التَّشْقِيص، فلعلَّ أكثرَ الثيابِ في زمانهم كانت قيمةً للتفاوتِ الظاهر، أما اليوم فأكثَرُها مِثْلِيَّةٌ، لفُقدان التفاوت، وغيره. وحينئذٍ لو ادَّعينا أنَّ القَصْعة كانت مِثْلِيَّةً، لم يكن فيه بأسٌ أيضًا، ولئن سَلَّمنا أنها كانت قِيمةً، فلنا أن نقول: إنَّ إيجابَ المِثْل لم يكن من باب الضَّمان، بل كان من باب المُسامحاتِ على ما عَلِمته مرارًا (¬2). ¬

_ (¬1) قال أبو حنيفة في رجل دخل عن رجل ليلًا للسرقة، ثم خرج بالسرقة من الدار فأتبعه الرجل، فقتله: لا شيء عليه، وقال ابن المبارك: يقاتل ولو درهمين، اهـ "عمدة القاري" ص 156 - ج 6، قلت: وقد حكى الترمذي نحوه عن ابن المبارك. (¬2) وفي "شرح معاني الآثار" للطحاوي: عن أم سلمة أنها جاءت بطعام في صحفة لها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه، فجاءت عائشة متزرة بكساء، ومعها فهر، ففلقت به الصحفة، فجمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين فلقتي الصحفة، وقال: كلوا، غارت أمكم مرتين!! ثم أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صحفة عائشة، فبعث بها إلى أم سلمة، وأعطى صحفة أم سلمة لعائشة؛ وعن أنس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بقصعة فيها طعام، فضربت يد الخادم، فسقطت القصعة، فانفلقت، فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فضم الكسرتين، وجعل يجمع فيها الطعام، ويقول غارت أمكم! وقال للقوم: كلوا، وحبس الرسول حتى جاءت الأخرى بقصعتها، فدفع القصعة الصحيحة إلى رسول التي كسرت قصعتها، وترك المنكسرة للتي كسرت؛ وروي أنه سئلت عائشة عن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت: أما تقرأ القرآن؟ قلنا: على ذلك، حدثينا عن خلقه، قالت: كان عنده أصحابه، فصنعت له حفصة طعامًا، وصنعت له طعامًا، فسبقتني حفصة، فأرسلت مع جارتها بقصعة، فقلت لجاريتي: إن أدركتها قبل أن تهدى بها، =

35 - باب إذا هدم حائطا فليبن مثله

35 - باب إِذَا هَدَمَ حَائِطًا فَلْيَبْنِ مِثْلَهُ 2482 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَانَ رَجُلٌ فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ، يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ، يُصَلِّى، فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ، فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهَا، فَقَالَ أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّى ثُمَّ أَتَتْهُ، فَقَالَتِ اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ الْمُومِسَاتِ. وَكَانَ جُرَيْجٌ فِى صَوْمَعَتِهِ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ لأَفْتِنَنَّ جُرَيْجًا. فَتَعَرَّضَتْ لَهُ فَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى، فَأَتَتْ رَاعِيًا، فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَلَدَتْ غُلاَمًا، فَقَالَتْ هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ. فَأَتَوْهُ، وَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ فَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الْغُلاَمَ، فَقَالَ مَنْ أَبُوكَ يَا غُلاَمُ قَالَ الرَّاعِى. قَالُوا نَبْنِى صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ لاَ إِلاَّ مِنْ طِينٍ». أطرافه 1206، 3436، 3466 - تحفة 14458 انتهى بحسن توفيق الله تعالى الجزء الثالث من كتاب "فيض الباري على صحيح البخاري" من أمالي إمام العصر المُحدِّث الشيخ أنور الحنفي الدُّيُنوبندي رحمه الله ويليه الجزء الرابع وأوله: "كتاب الشركة" ¬

_ = فارمي بها فأدركتها، وقد أهدت بها، فرمت بها على النطع، فانكسرت القصعة، وتبدد الطعام، فجمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطعام، فأكلوه، ثم وضعت جاريتي القصعة بالطعام، فقال لجارية حفصة: خذي هذا الطعام، فكلوا، واقبضوا الجفنة مكان ظرفكم، قالت: ولم أر وجهه، ولم يعاقبني، قال الطحاوي: قد عدنا بعض الناس راغبين عن هذه الأحاديث، تاركين لها إلى ضدها في قولنا: إنه يقضي ما عدا المكيل والموزون بقيمته، وليس ذلك كما توهم، لأن الصحفتين جميعًا كانتا له في بيته، وزوجتاه من عياله، فحول الصحفة الصحيحة إلى بيت التي كسرت صحفتها، والمكسورة إلى بيت الكاسرة، فلا تكون حجة علينا، بل الحجة لنا بإجماع أهل العلم، على أن من أعتق عبدًا مشتركًا، وهو موسر، عليه قيمة نصيب شريكه، لا نصف عبد مثله، وكذا لا حجة علينا في إيجاب الإبل في قتل الخطأ، والغرة في الجنين، إذ ليس شيء من ذلك مثلًا للتلف، وإنما ذلك تعبدي، لزم الانقياد إليه، وما روي من إجازة القرض في الحيوان كان قبل تحريم الربا، فهو منسوخ، ومن لم يره منسوخًا يلزمه منع استقراض الإِماء، مع حملهم الحديث على عمومه بقياسهم على البعير المذكور في الحديث جميع الحيوان، فيجوز حينئذ القرض في الإِماء، ويحل للمستقرض الوطء، لأن الأمة تخرج بالاستقراض من ملك المقرض إلى ملك المبتاع، فيجوز له الوطء فيها، واستقالة بائعها منها، فان قيل: قد أجزتم النكاح على أمة وسط، فيلزمكم جواز بيع الدار بأمة وسط، قلنا: لما جعلوا في جنين الحرة الذي ليس بمال غرة، وفي جنين الأمة الذي هو مال قيمة، وإن اختلفوا فيها. فعند مالك، والشافعي نصف عشر قيمة أمة، وقال أبو يوسف: ما نقص أمه، كجنين البهيمة إذا ضرب بطنها، فألقته ميتًا، وقال أبو حنيفة، ومحمد: إن كان أنثى ففيه عشر قيمته لو كان حيًا، وإن كان ذكرًا، فنصف عشر قيمته لو كان حيًا، أعقلنا بذلك، إنما هو مال، لا يجوز استعمال الحيوان فيه، وما ليس بمال جاز استعماله فيه، فلذلك جوزنا التزويج على الحيوان، ومنعنا الابتياع به إذا كان في الذمة، وإن قلنا: إن القصاع كانت لأمهات المؤمنين بظاهر إضافتها إليهن، فالأحاديث حجة لمالك فيما روي عنه من القضاء بالمثل، فيما قل من العروض، ولا حجة فيه لمن جوز حكم الحاكم لإحدى زوجتيه على الأخرى، لأنه - صلى الله عليه وسلم - ليس كغيره ممن تلحقه التهم. قلت: وما أجاب به الطحاوي في القصعة هو أحد الوجهين اللذين ذكرهما ابن الجوزي، كما في "عمدة القاري" ص 158 - ج 6 - ونقله البيهقي عن بعضهم كما في "الجوهر النقي" ص 33 - ج 2.

47 - كتاب الشركة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 47 - كِتَابُ الشَّركَةِ 1 - باب الشَّرِكَةِ فِى الطَّعَامِ وَالنَّهْدِ وَالْعُرُوضِ وَكَيْفَ قِسْمَةُ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ مُجَازَفَةً أَوْ قَبْضَةً قَبْضَةً، لَمَّا لَمْ يَرَ الْمُسْلِمُونَ فِى النَّهْدِ بَأْسًا أَنْ يَأْكُلَ هَذَا بَعْضًا وَهَذَا بَعْضًا، وَكَذَلِكَ مُجَازَفَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَالْقِرَانُ فِى التَّمْرِ. 2483 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْثًا قِبَلَ السَّاحِلِ، فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَهُمْ ثَلاَثُمِائَةٍ وَأَنَا فِيهِمْ، فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَنِىَ الزَّادُ، فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَزْوَادِ ذَلِكَ الْجَيْشِ فَجُمِعَ ذَلِكَ كُلُّهُ فَكَانَ مِزْوَدَىْ تَمْرٍ، فَكَانَ يُقَوِّتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلاً قَلِيلاً، حَتَّى فَنِىَ فَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُنَا إِلاَّ تَمْرَةٌ تَمْرَةٌ. فَقُلْتُ وَمَا تُغْنِى تَمْرَةٌ فَقَالَ لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ. قَالَ ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَحْرِ فَإِذَا حُوتٌ مِثْلُ الظَّرِبِ، فَأَكَلَ مِنْهُ ذَلِكَ الْجَيْشُ ثَمَانِىَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِضِلَعَيْنِ مِنْ أَضْلاَعِهِ فَنُصِبَا، ثُمَّ أَمَرَ بِرَاحِلَةٍ فَرُحِلَتْ ثُمَّ مَرَّتْ تَحْتَهُمَا فَلَمْ تُصِبْهُمَا. أطرافه 2983، 4360، 4361، 4362، 5493، 5494 - تحفة 3125 - 180/ 3 2484 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَرْحُومٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ - رضى الله عنه - قَالَ خَفَّتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ وَأَمْلَقُوا، فَأَتَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى نَحْرِ إِبِلِهِمْ فَأَذِنَ لَهُمْ، فَلَقِيَهُمْ عُمَرُ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ مَا بَقَاؤُكُمْ بَعْدَ إِبِلِكُمْ، فَدَخَلَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَقَاؤُهُمْ بَعْدَ إِبِلِهِمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «نَادِ فِى النَّاسِ فَيَأْتُونَ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ». فَبُسِطَ لِذَلِكَ نِطَعٌ، وَجَعَلُوهُ عَلَى النِّطَعِ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَا وَبَرَّكَ عَلَيْهِ ثُمَّ دَعَاهُمْ بِأَوْعِيَتِهِمْ فَاحْتَثَى النَّاسُ حَتَّى فَرَغُوا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ». طرفه 2982 - تحفة 4549 2485 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو النَّجَاشِىِّ قَالَ سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نُصَلِّى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الْعَصْرَ فَنَنْحَرُ جَزُورًا، فَتُقْسَمُ عَشْرَ قِسَمٍ، فَنَأْكُلُ لَحْمًا نَضِيجًا قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ. تحفة 3573 2486 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ

2 - باب ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية فى الصدقة

عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِى الْغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِى إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّى وَأَنَا مِنْهُمْ». تحفة 9047 - 181/ 3 ذهب البخاريُّ إلى جوازِ قِسمة المَكِيلات والمَوْزُونات في الَّنْهِدِ مُجازفةً. والنِّهِدُ أن يَنْثُرَ الرُّفقةُ زادَهم على سُفْرةٍ واحدةٍ ليأكلوا جميعًا، بدون تقسيم، ففيه شَرِكةٌ أوَّلا، وتقسيمٌ آخِرًا، ولا ريبَ أنه تقسيمٌ على المجازفةِ لا غير، مع التَّفاوُتِ في الأَكلِ وهذه الترجمةُ إحْدَى التَّرْجمتين اللَّتين حَكُم عليهما ابنُ بَطَّال أنهما خِلافُ الإِجماع؛ فإِنَّ المَكِيلات والمَوْزُونات من الأموال الرِّبوية، والمجازفة فيها تُؤدِّي إلى الرِّبا، وقد مر معنا الجواب، أنها ليست من باب المعاوضات التي تجري فيها المماكسةُ، أو تدخلُ تحت الحُكْم، وإنما هي من باب التسامح، والتعامل؛ وكيف تكونُ ضَيَّق على نفسه، فأدخل مسأَلة الدِّياناتِ في الحُكْم، فأشكل عليه الأَمْر. قوله: (كذلك مُجازَفَةُ الذَّهَبِ والفِضَّة) ... الخ، تدرَّج من الطعام إلى الأموال الربوية؛ ولا بأس بالمجازَفَةِ فيها أيضًا ما لم تكن من باب المعاوضات، والبِياعات، وكانت على التسامح كالأمور البَيْنَّة. 2483 - قوله: (فإِذا حُوتٌ مِثْلُ الظَّرْب) ... الخ، فيه تصريحٌ بِكَوْن «العَنْبر» حُوتًا، فلا دليلَ فيه على جوازِ أكل حيواناتِ البحر غيرِ الحوتِ، فاحفظه. قوله: (فَتَنْحَرُ جَزُوا. فَتُقْسَم عَشْر قِسَم، فتأكُلُ لحَمًا نَضِيحًا) ... الخ قد يُسْتدلَ به على تعجيل العَصْر، ولا دليلَ فيه أصلا، فإِنَّه يمكنُ مِثَلُه بعد المِثْلَين أيضًا. وقد نُقِلَ عن بعض السلاطين ما هو أعجبُ منه؛ حُكِي عن بعض سلاطين دِلْهي يُصلِّي صلاةَ العيد، ثُم يَنْحرُ أُضْحيته، فإِذا فَرَغ من الخْطبة، فإِذا اللَّحم قد نضج، فكان يأكلُ. واعلم أن ما في فِقْه الحنفية من أن رجالا إذا اشتركوا في أُضحيةٍ، ينبغي أن يحذروا من المجازفةِ في القِسْمة، وعليهم أن يَقْسِموا اللَّحْمَ وَزْنًا. أقول من عند نفسي: وذلك عند مخافةِ النِّزاع، وإلا جازت المجازفةُ أيضًا، فإِني جرَّبت أن المجازفة قد سِرْت في غير واحدٍ من المواضع عند المسامحة، وإنما القواعدُ عند ظهور النِّزاع. 2 - باب مَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فِى الصَّدَقَةِ 2487 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِى فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ». أطرافه 1448، 1450، 1451، 1453، 1454، 1455، 3106، 5878، 6955 تحفة 6582

3 - باب قسمة الغنم

3 - باب قِسْمَةِ الْغَنَمِ 2488 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْحَكَمِ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِذِى الْحُلَيْفَةِ فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ فَأَصَابُوا إِبِلاً وَغَنَمًا. قَالَ وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى أُخْرَيَاتِ الْقَوْمِ فَعَجِلُوا وَذَبَحُوا وَنَصَبُوا الْقُدُورَ، فَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ فَعَدَلَ عَشْرَةً مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ، وَكَانَ فِى الْقَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ فَأَهْوَى رَجُلٌ مِنْهُمْ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ «إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا». فَقَالَ جَدِّى إِنَّا نَرْجُو - أَوْ نَخَافُ - الْعَدُوَّ غَدًا، وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدًى أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ. قَالَ «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَكُلُوهُ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ». أطرافه 2507، 3075، 5498، 5503، 5506، 5509، 5543، 5544 - تحفة 3561 2488 - قوله: (بذِي الحُلَيْفَ ن تِهايَةَ، لا ما هو ميقاتُ أهل المدينة، كما في البخار، في «باب من عدل عشرةِ من الغنم» ... الخ. قوله: (فأمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بالقُدوُرِ فأكْفِئَت) ... الخ. أي أُكْفِئت القُدُورُ، وأُخْرِجِ منها اللَّحْمِّ، لِيقسم بينهم، فلم يلزم إضاعةُ المال. ويمكن أن يكونَ من باب التعزيز بالمال، كَكَسْر الدِّنان، وَخَرْق الزِّقاق، وحينئذٍ لا حاجةَ إلى التأويلِ المذكور، والتَّعزِير به جائزٌ عند أبي يوسف. والمسألة عندنا أنَّ المالَ يوضَع في بيت المال، وحينئذٍ يُحْمل على ما قلنا، ويرد عليه ما في «الفتح»: فأَكفِئت القُدُور، وتَرِبَ اللَّحْم. قلت: ولعلَّه أراد المبالغة في التقسيم، أي بادروا إلى التقسيم: فأكفئت القُدُور، حتى تَرِب اللحم، كما يقع مِثْلُه اليوم أيضًا عد تقسيم شيءٍ، فليس التتريبُ فيه قَصْديًا، والله تعالى أعلم. وفيه أَصْلٌ عظيم، وهو أن قَبْض المُشَاع ضعيفٌ جدًا، وسيجيء في موضعه. قوله: (فَعَدَل عَشَرَةً مِن الغَنَم ببَعيرٍ) ... الخ. وهو ظاهرُ مذهب إسحاقَ في الأُضحية، كما عند الترمذيّ أنَّ الإِبلَ في الأضْحيةِ تُجزيءُ عنده عن عَشَرة. قلتُ: والظاهرُ إن إقامةَ الإِبل مُقامَ عشرةٍ من الغنم، إنما كان في «باب تقسيم الغنائم»، فنقلهم بَعْضُهم في الأضحية أيضًا، وهو وَهم. 4 - باب الْقِرَانِ فِى التَّمْرِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ حَتَّى يَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَهُ 2489 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَقْرُنَ الرَّجُلُ بَيْنَ التَّمْرَتَيْنِ جَمِيعًا، حَتَّى يَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَهُ. أطرافه 2455، 2490، 5446 - تحفة 6667

5 - باب تقويم الأشياء بين الشركاء بقيمة عدل

2490 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَبَلَةَ قَالَ كُنَّا بِالْمَدِينَةِ فَأَصَابَتْنَا سَنَةٌ، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَرْزُقُنَا التَّمْرَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمُرُّ بِنَا فَيَقُولُ لاَ تَقْرُنُوا فَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الإِقْرَانِ، إِلاَّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَخَاهُ. أطرافه 2455، 2489، 5446 - تحفة 6667 - 182/ 3 5 - باب تَقْوِيمِ الأَشْيَاءِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ بِقِيمَةِ عَدْلٍ 2491 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ مِنْ عَبْدٍ - أَوْ شِرْكًا أَوْ قَالَ نَصِيبًا - وَكَانَ لَهُ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ بِقِيمَةِ الْعَدْلِ، فَهْوَ عَتِيقٌ، وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ». قَالَ لاَ أَدْرِى قَوْلُهُ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ. قَوْلٌ مِنْ نَافِعٍ أَوْ فِى الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2503، 2521، 2522، 2523، 2524، 2525 - تحفة 7511 2492 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصًا مِنْ مَمْلُوكِهِ فَعَلَيْهِ خَلاَصُهُ فِى مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ الْمَمْلُوكُ، قِيمَةَ عَدْلٍ ثُمَّ اسْتُسْعِىَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ». أطرافه 2504، 2526، 2527 - تحفة 12211 أخرج فيه حديثَ العِتْق، وفيه تفصيلٌ وسيجيء في بابه إن شاء اللهُ تعالى. 6 - باب هَلْ يُقْرَعُ فِى الْقِسْمَةِ؟ وَالاِسْتِهَامِ فِيهِ 2493 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ قَالَ سَمِعْتُ عَامِرًا يَقُولُ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِى أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِى نَصِيبِنَا خَرْقًا، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا. فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا». طرفه 2686 - تحفة 11628 واعلم أنَّ القُرْعة ليست بِحُجَّةٍ عندنا في موضع من المواضع، فهي للتطيب لا غير، وجعلها الآخرون حُجَّةً مع بعض تفصيل عندهم؛ وتكلم عليها ابنُ القيِّم أيضًا، واستدلَّ بالأحاديث التي كُلُّها من باب الدِّيانات؛ ولم يستِطع أن يخرِّج له شيئًا من باب الحُكْم، ولا نجد في الأحاديث لفصل القضاء إلا البينة للمدعي، واليمين على المدعي عليه»، فهما طريقا الفصل عند المخاصمة؛ أما القُرعة، أو الشاهد مع اليمين، فلم نَرَهُ من هذا الباب، وسيجيء. 2493 - قوله: (فإِن يَتْرُكوُهم، وما أرَادُوا هَلَكوا جميعًا) ... الخ قلت: إنَّ الدنيا بأَسرها

7 - باب شركة اليتيم وأهل الميراث

كالسفينةِ الواحدة، جَلَس فيها كلٌّ: مُسْلمٌ وكافِرٌ، مطيعٌ وعاصٍ، فإِذا فشت فيهم المصيةُ، فلم يأْخُذ أَحَدٌ يَدَ أَحدٍ هلكوا جميعًا لا محالة؛ وذلك لأنها دارُ تلبيس وتخليط، وليست بدارِ تمييز، فلا يزال الحقُّ والباطلُ فيها مختلطين كذلك. فلو هلك العَاصُون دون المُطِيعين، لوقع التمحيصُ في تلك الدار، دارُ الإِيمان بالغيب، ويناسبه السِّتر والإِبهام؛ ولو انكشفت الغِطاء، وارتفعت الحُجُبْ، وانجلى الامْرُ ووقع التمييزُ فلماذا يقومُ الحَشْر والميزان؟ وإنما أراد اللهُ سبحانه أنَ يَبْقى الأَمْر في تلك الدَّار كذلك، مُلتويًا يجري الحقُّ مع الباطل، والحرب سجال، إما إذا قامت الساعةُ، وظهرت الحقائقُ على ما هي، فالنِّعْمَةُ للمُطِيع، والنِّقْمة للعاصي، فريق في الجنة، وفريق السعير؛ فهذا هو التمييزُ الذي تذهب إليه الدنيا، فلا يقع فبل أوانه؛ ونعم ما ذكره الملا عبد الرؤوف المُنَاوي، وهو تلميذ السُّيوطي: إنَّ إبقاءَ المُطِيعين مع العصاةِ للتخفيف في حَقِّ العُصَاة، ولولا المطيعونَ معهم لاستحقوا التدمير، والاستئصال. 7 - باب شَرِكَةِ الْيَتِيمِ وَأَهْلِ الْمِيرَاثِ 2494 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَامِرِىُّ الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا} إِلَى {وَرُبَاعَ} [النساء: 3]. فَقَالَتْ يَا ابْنَ أُخْتِى هِىَ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِى حَجْرِ وَلِيِّهَا تُشَارِكُهُ فِى مَالِهِ، فَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا، فَيُرِيدُ وَلِيُّهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ أَنْ يُقْسِطَ فِى صَدَاقِهَا، فَيُعْطِيهَا مِثْلَ مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ، فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ وَيَبْلُغُوا بِهِنَّ أَعْلَى سُنَّتِهِنَّ مِنَ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ. قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ اسْتَفْتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} إِلَى قَوْلِهِ {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] وَالَّذِى ذَكَرَ اللَّهُ أَنَّهُ يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِى الْكِتَابِ الآيَةُ الأُولَى الَّتِى قَالَ فِيهَا {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] قَالَتْ عَائِشَةُ وَقَوْلُ اللَّهِ فِى الآيَةِ الأُخْرَى {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} هِىَ رَغْبَةُ أَحَدِكُمْ لِيَتِيمَتِهِ الَّتِى تَكُونُ فِى حَجْرِهِ، حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ الْمَالِ وَالْجَمَالِ، فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا رَغِبُوا فِى مَالِهَا وَجَمَالِهَا مِنْ يَتَامَى النِّسَاءِ إِلاَّ بِالْقِسْطِ مِنْ، أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ. أطرافه 2763، 4573، 4574، 4600، 5064، 5092، 5098، 5128، 5131، 5140، 6965 - تحفة 16493، 16693 - 183/ 3 2494 - قوله: (هي رَغْبَةُ أَحَدِكُم لِيتِيمَتِهِ) ... الخ وفي الحاشية عن يتيمة، وهو الأصوب ههنا، وكذلك قوله تعالى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 3] تَنْكِحُوهنَّ، وتقديرُ حَرْف الجرِّ

8 - باب الشركة فى الأرضين وغيرها

شائعٌ عندهم، مع خلافٍ يسير بينهم في جواز تقديرِ الحروف التي يتغَّيرُ بحذفها المعنى، ثم إنَّ تفسيرَه لا ينحصر فيما ذكروا، وليراجع له تفسيرُ الزمخشري (1). 8 - باب الشَّرِكَةِ فِى الأَرَضِينَ وَغَيْرِهَا 2495 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ إِنَّمَا جَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الشُّفْعَةَ فِى كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلاَ شُفْعَةَ. أطرافه 2213، 2214، 2257، 2496، 6976 - تحفة 3153 وأخرج فيه حديثَ الشُّفْعة، وثبت جوازُ الشَّرِكة في الأرض. وليست تلك المسألةُ في الحديث له؛ نعم في فِقْه الحنفية أنه لو لو ظهر الغُبْن الفاحِش بعد التقسيم، له أن يرجع عنه، وإلا فلا رُجوعَ له. 9 - باب إِذَا اقْتَسَمَ الشُّرَكَاءُ الدُّورَ أَوْ غَيْرَهَا فَلَيْسَ لَهُمْ رُجُوعٌ وَلاَ شُفْعَةٌ 2496 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَضَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالشُّفْعَةِ فِى كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلاَ شُفْعَةَ. أطرافه 2213، 2214، 2257، 2495، 6976 - تحفة 3153 10 - باب الاِشْتِرَاكِ فِى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَمَا يَكُونُ فِيهِ الصَّرْفُ 2497 و 2498 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عُثْمَانَ يَعْنِى ابْنَ الأَسْوَدِ قَالَ أَخْبَرَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِى مُسْلِمٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الْمِنْهَالِ عَنِ الصَّرْفِ يَدًا بِيَدٍ فَقَالَ اشْتَرَيْتُ أَنَا وَشَرِيكٌ لِى شَيْئًا يَدًا بِيَدٍ وَنَسِيئَةً، فَجَاءَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ فَسَأَلْنَاهُ، فَقَالَ فَعَلْتُ أَنَا وَشَرِيكِى زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَسَأَلْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ «مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَخُذُوهُ، وَمَا كَانَ نَسِيئَةً فَذَرُوهُ». حديث 2497 أطرافه 2060، 2180، 3939 - تحفة 1788 حديث 2498 أطرافه 2061، 2181، 3940 - تحفة 3675 2497، 2498 - قوله: (ما كانَ يدًا بيدٍ فَخُذُوه) ... الخ، وهذه الضَّابِطةُ مُجْمَلةٌ ههنا، وليراجع تفاصيلها في الفقه. 11 - باب مُشَارَكَةِ الذِّمِّيِّ وَالْمُشْرِكِينَ فِى الْمُزَارَعَةِ 2499 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ

12 - باب قسمة الغنم والعدل فيها

اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ الْيَهُودَ أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا. أطرافه 2285، 2328، 2329، 2331، 2338، 2720، 3152، 4248 تحفة 7624 جعل المصنِّفُ معاملة خبيرَ مشاركةً ههنا، مع أنه حملها مرَّ على معاملات أُخْرى. 12 - باب قِسْمَةِ الْغَنَمِ وَالْعَدْلِ فِيهَا 2500 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ ضَحَايَا، فَبَقِىَ عَتُودٌ فَذَكَرَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ضَحِّ بِهِ أَنْتَ». أطرافه 2300، 5547، 5555 - تحفة 9955 2500 - قوله: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أعطاهُ غَنَمًا يَقْسِمُها على صَحَابتِه ضَحَايا) ... الخ. ليس هذا من شَرِكة الفِقْه في شيءٍ، فإِنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم أتى له غَنَمٌ فقسمها، ولم يكن هناك شركاءُ من قبل، والمراد منها في الفِقْه ما تكون بين الشركاء. 13 - باب الشَّرِكَةِ فِى الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ وَيُذْكَرُ أَنَّ رَجُلاً سَاوَمَ شَيْئًا فَغَمَزَهُ آخَرُ، فَرَأَى عُمَرُ أَنَّ لَهُ شَرِكَةً. 2501، 2502 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدٌ عَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ - وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَذَهَبَتْ بِهِ أُمُّهُ زَيْنَبُ بِنْتُ حُمَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْهُ. فَقَالَ «هُوَ صَغِيرٌ». فَمَسَحَ رَأْسَهُ وَدَعَا لَهُ. وَعَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ بِهِ جَدُّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِشَامٍ إِلَى السُّوقِ فَيَشْتَرِى الطَّعَامَ فَيَلْقَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ - رضى الله عنهم - فَيَقُولاَنِ لَهُ أَشْرِكْنَا، فَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ دَعَا لَكَ بِالْبَرَكَةِ فَيَشْرَكُهُمْ، فَرُبَّمَا أَصَابَ الرَّاحِلَةَ كَمَا هِىَ، فَيَبْعَثُ بِهَا إِلَى الْمَنْزِلِ. الحديث 2501 طرفه 7210 - تحفة 9668 الحديث 2502 طرفه 6353 - تحفة 9669 - قوله: (فَغَمَزَهُ آخرُ، فرأى عُمَرُ أنَّ له شَرِكَةً) ... الخ، ولا تَثْبُت الشَّرِكة عندما بالغَمْز في الحُكْم، أما في الدِيانة، فالأمرُ موكولٌ إلى رضائهم. 2501، 2502 - قوله: (فَمَسَح رَأْسَهُ) وقد كان السَّلَف يهتمُّون بإتيان الصغارِ بحضرة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ثُم تسلسل به العملُ إلى يومِنا هذا، فيأتون بهم عند الصَّالحين. قوله: (قال أبو عبد الله: إذا قال الرجل للرجل: أشركني. فاذا سكت فيكونُ شريكَة بالنِّصف) قلت: وهذا في الديانةِ ولا يمشيء في الحُكْم، أي القضاء أصلا. ثُم في فِقْهنا أنه لا يُنْسب إلى السَّاكِت شيءٌ، واستثنوا منه أربعًا وثلاثين صورةً، ولَعلَّه لا حصر فيها أيضًا؛ وراجع له «الأشباه والنظائر».

14 - باب الشركة فى الرقيق

14 - باب الشَّرِكَةِ فِى الرَّقِيقِ 2503 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِى مَمْلُوكٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَ كُلَّهُ، إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ قَدْرَ ثَمَنِهِ يُقَامُ قِيمَةَ عَدْلٍ وَيُعْطَى شُرَكَاؤُهُ حِصَّتَهُمْ وَيُخَلَّى سَبِيلُ الْمُعْتَقِ». أطرافه 2491، 2521، 2522، 2523، 2524، 2525 - تحفة 7617 - 185/ 3 2504 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِى عَبْدٍ، أُعْتِقَ كُلُّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلاَّ يُسْتَسْعَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ». أطرافه 2492، 2526، 2527 - تحفة 12211 - قوله: (وَجَب عليه أن يَعْتِقَ كُلَّه) وهذا اللفظ مفيدٌ للحنفية؛ فإِنَّه يدل أنه لا سبيل لبقاءِ العبد على تلك الصفةِ، بل يصيرُ حرًا، إما بالتضمين أو الاستسعاء، ودلَّ أيضًا على أنه ليس بِمُعْتَق في الحالة الراهنة، بل يحتاج أن يُعْتَق، ويخلِّص نفسخ بحيلةٍ، وسيجيءُ التفصيل. 15 - باب الاِشْتِرَاكِ فِى الْهَدْيِ وَالْبُدْنِ، وَإِذَا أَشْرَكَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي هَدْيِهِ بَعْدَمَا أَهْدَى 2505، 2506 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ. وَعَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِى الْحَجَّةِ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، لاَ يَخْلِطُهُمْ شَىْءٌ، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَنَا فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً، وَأَنْ نَحِلَّ إِلَى نِسَائِنَا، فَفَشَتْ فِى ذَلِكَ الْقَالَةُ. قَالَ عَطَاءٌ فَقَالَ جَابِرٌ فَيَرُوحُ أَحَدُنَا إِلَى مِنًى وَذَكَرُهُ يَقْطُرُ مَنِيًّا. فَقَالَ جَابِرٌ بِكَفِّهِ، فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ «بَلَغَنِى أَنَّ أَقْوَامًا يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا، وَاللَّهِ لأَنَا أَبَرُّ وَأَتْقَى لِلَّهِ مِنْهُمْ، وَلَوْ أَنِّى اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلاَ أَنَّ مَعِى الْهَدْىَ لأَحْلَلْتُ». فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هِىَ لَنَا أَوْ لِلأَبَدِ فَقَالَ «لاَ بَلْ لِلأَبَدِ». قَالَ وَجَاءَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ - فَقَالَ أَحَدُهُمَا يَقُولُ لَبَّيْكَ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ وَقَالَ الآخَرُ لَبَّيْكَ بِحَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ، وَأَشْرَكَهُ فِى الْهَدْىِ. طرفاه في 1085، 1557 تحفة 5730 أ هذا أيضًا ليس مِن الشَّركة في شيء؛ فإِنَّ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم جاء بِبَدَنةٍ علي حدة، وجاء بها عليٌّ على حِدَة؛ ثُم لا يُدْري أن تلك البُدْنَ لمن كانت؛ على أن الشَّرِكة في العين لا يُتصور عند الحنفية، إلا أن يبيع أحدُهم نِصْف ماله من الآخر، فتكون شَرِكة مِلْك، كما في «الكنز».

16 - باب من عدل عشرا من الغنم بجزور فى القسم

16 - باب مَنْ عَدَلَ عَشْرًا مِنَ الْغَنَمِ بِجَزُورٍ فِى الْقَسْمِ 2507 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِذِى الْحُلَيْفَةِ مِنْ تِهَامَةَ، فَأَصَبْنَا غَنَمًا وَإِبِلاً، فَعَجِلَ الْقَوْمُ، فَأَغْلَوْا بِهَا الْقُدُورَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَ بِهَا فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ عَدَلَ عَشْرًا مِنَ الْغَنَمِ بِجَزُورٍ، ثُمَّ إِنَّ بَعِيرًا نَدَّ وَلَيْسَ فِى الْقَوْمِ إِلاَّ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ فَرَمَاهُ رَجُلٌ فَحَبَسَهُ بِسَهْمٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا». قَالَ قَالَ جَدِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْجُو - أَوْ نَخَافُ - أَنْ نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى، فَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ فَقَالَ «اعْجَلْ أَوْ أَرْنِى، مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوا، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ». أطرافه 2488، 3075، 5498، 5503، 5506، 5509، 5543، 5544 تحفة 3561 - 186/ 3 2507 - قوله: (أرِنُ)، واختُلِف في هذا اللفظ، فقيل: ينبغي أن يكون «إيرنَ» بمعنى عجل. ***

48 - كتاب الرهن

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 48 - كِتَابُ الرَّهْنِ 1 - باب فِى الرَّهْنِ فِى الْحَضَرِ وَقَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283]. 2508 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ وَلَقَدْ رَهَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - دِرْعَهُ بِشَعِيرٍ، وَمَشَيْتُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِخُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ «مَا أَصْبَحَ لآلِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ صَاعٌ، وَلاَ أَمْسَى». وَإِنَّهُمْ لَتِسْعَةُ أَبْيَاتٍ. طرفه 2069 - تحفة 1355 هذا القيد ناظِرٌ إلى قَيْد السَّفَر في القرآن، وإنما أخذه القرآنُ في النَّظْم لكونِ الحاجة إليه في السَّفر، ولكونِ شأن نزوله في السَّفر لا لكونه مَناطًا، فنبه على أنه جائزٌ في الحَضَر أيضًا. قوله: ({فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}) دلَّ على اشتراطِ القَبْض. 2 - باب مَنْ رَهَنَ دِرْعَهُ 2509 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ تَذَاكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ، وَالْقَبِيلَ فِى السَّلَفِ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اشْتَرَى مِنْ يَهُودِىٍّ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ. أطرافه 2068، 2096، 2200، 2251، 2252، 2386، 2513، 2916، 4467 تحفة 15948 3 - باب رَهْنِ السِّلاَحِ 2510 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ فَإِنَّهُ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم -». فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَنَا. فَأَتَاهُ فَقَالَ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ. فَقَالَ ارْهَنُونِى نِسَاءَكُمْ. قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا، وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ قَالَ فَارْهَنُونِى أَبْنَاءَكُمْ. قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُ أَبْنَاءَنَا فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ، فَيُقَالُ رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللأْمَةَ - قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِى السِّلاَحَ - فَوَعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَتَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرُوهُ. أطرافه 3031، 3032، 4037 - تحفة 2524 - 187/ 3

4 - باب الرهن مركوب ومحلوب

4 - باب الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ (¬1) وَقَالَ مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: تُرْكَبُ الضَّالَّةُ بِقَدْرِ عَلَفِهَا، وَتُحْلَبُ بِقَدْرِ عَلَفِهَا، وَالرَّهْنُ مِثْلُهُ. 2511 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ «الرَّهْنُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ، وَيُشْرَبُ لَبَنُ الدَّرِّ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا». طرفه 2512 - تحفة 13540 2512 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. «الرَّهْنُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى الَّذِى يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَّفَقَةُ». طرفه 2511 - تحفة 13540 أي إذِا رهن الراهنُ شيئًا عند رَجُلٍ، وقبضه المُرْتَهِن، فإِنْ كان فَرَسًا جاز له أن يَرْكَبه، وإن كان شاةً وَنَحْوها، له أن يَحْلُبُها؛ وهذا هو مذهب أحمدَ. وقال الحنفية: إنَّ الزوائد كلَّها تكون أمانةً في يد المرتَهِن؛ وتعودُ إلى الراهِن مع أَصلها، بعد استيفاء الدَّين، فإِنْ هَلَك ضَمِنه بالأقلِّ من القيمةِ، والدين، قال شارح "الوقاية": إنَّ "من" ههنا تفصيليةٌ. قلت: وهو سهوٌ مِضرّ، فإِنَّه تتغيَّر به المسألةُ، بل هي بيانيةٌ. ثم أعلم ومؤؤنة الراهِنَ إن أجاز للمرتَهِن أَن ينتفع بالمرْهُون، فإِن لم يكن مَشْروطًا في العَقْد، ولا معروفًا في العُرْف جاز، ويَحِل له الانتفاعُ به. ثم قالوا: إنَّ مَؤُنة الحِفْظ على لمرتَهِن، ومَؤنةَ ما يتوقف عليه بِقاءُ المرهون على الراهن، فلا يجوزُ للمرتَهِن أن يَشْرب اللبنَ على مسائلنا، وإنما يبِيعُه، ويَصَنُع ثَمَنَهُ عنده أمانةً للراهن؛ فإِن لم يجد مَنْ يشتريه، ورآه على شَرَفِ الفسادِ والضيَّاعِ، يَحِلِ له شُرْبُه عندي، وإن لم يذكره في الفِقْه، ويحاسب عما يجب على ¬

_ (¬1) قال القاضي أبو المحاسن في "المعتصر": روي عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونًا، ولبن الضر يشرب بنفقته إذا كان مرهونًا لم يذكر في هذا الحديث من المقصود بالركوب، وشرب اللبن المذكورين فيه، فقيل: إنه الراهن، وهو مذهب الشافعي، ومن سواه من أهل العلم، حمله على خلافه، وقد روي عن أبي هريرة مرفوعًا: إذا كانت الدابة مرهونة، فعلى المرتهن علفها، ولبن الضر يشرب، وعلى الذي يركب ويشرب نفقتها، فيه دليل على أن المقصود هو المرتهن، وهذا عندنا منسوخ، لأنهم مأمونون على ما عملوا، كما هم مأمونون على ما رووا، لأنه لو لم يكونوا كذلك لسقطت عدالتهم، وسقطت روايتهم، ومما يدل على أن النسخ قد طرأ على هذا الحديث، أن الشعبي قد روى عنه أنه قال: لا ينتفع من الرهن بشيء، وعليه مدار هذا الحديث، فلم يقل ذلك، إلا وقد ثبت عنده نسخه، ولما كان الرهن موصوفًا بأنه مقبوض بقوله تعالى: {فَرِهَانٌ} دل ذلك أن يد الراهن زائلة، فلا يجوز الانتفاع للراهن والمرتهن، وإلى هذا ذهب فقهاء الحجاز، والعراق، اهـ. وفصله العيني في "العمدة" ص 197 - ج 6.

5 - باب الرهن عند اليهود وغيرهم

الراهن مِن ثمن العَلَف، فإِنَّ المرتهن لا يجده في كل وقت ليأخذ منه ثمن العلف، فإذا صرفه من نفقته، طاب له اللبن إن كان على شَرف التَّلف. وهكذا أقول في الفرس، فإِنَّه من الدوابِّ التي أُعِدت للركوب؛ ولو لم نُرَخِّص له بالرُّكوب، يلزم تَعَطُّلُها عن منافعها؛ فقلنا: إنه جائزٌ للمرتَهِن، ويُحاسب عما يجِب عليه مِن ثمن عَلَفِه، ومن ههنا ظهر وَجْه تخصيص المركوب والمحلوب في الحديث؛ فإِن اللبن مما يَفْسُد، والفرسَ إذا تعطل عن الركوب ضَاع، فلم يناسِب أن يضيعَ اللَّبن، وتتعطَّلَ الدابةُ، فأباحهما له من هذه الحاجةِ. فثبت أن المرادَ من الحديث هو ما فهِمه أحمدُ؛ نعم أخرجا لأَنْفُسِنا مَخْلَصًا منه. ثُم إنَّ الحافظ ابنَ تيميةَ فَرَّع عليه تفريعات، وادَّعى أن الحديث يدلُّ على جوازِ الاستمتاع من المرهونِ مُطْلقًا سواء كان مَرْكوبًا، أو غيرَ ذلك. قلت: (¬1) أما الحُكْم في الفرس، والحَلوب، فكما في الحديث، لمكان الحاجةِ فيهما، على ما عَلِمت؛ وأما ادعاؤه الإِطلاق، فذاك أمرٌ يَحْمِلُه هو، لأنه لا حاجةَ في غيرهما. والحاصل في وجه التَّفضِّي عن الحديث أن المرتَهِن ليس عليه أن يتتبع الراهِن لأَخْذِ أُجرةِ العَلَف، فله أن يَشْرب من لبنِه، ويركب ظهرَه، ويكون عليه ثمنُ العَلَف، ويقتص هذا بهذا، فعملت بِقَدْر ما نطق به الحديث، وتركت تفاريعَ ابن تيميةَ في التعميم، وذكرت وجهًا للمذهب هذا. 5 - بابُ الرَّهْنِ عِنْدَ الْيَهُودِ وَغَيْرِهِمْ 2513 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ يَهُودِىٍّ طَعَامًا وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ. أطرافه 2068، 2096، 2200، 2251، 2252، 2386، 2509، 2916، 4467 تحفة 15948 6 - باب إِذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ وَنَحْوُهُ، فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِى وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ 2514 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَكَتَبَ إِلَىَّ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. طرفاه 2668، 4552 - تحفة 5792 ¬

_ (¬1) قال ابن حزم في "المحلى": ومنافع الرهن كلها لا نحاشي منها شيئًا لصاحب الرهن، كما كانت قبل الرهن، ولا فرق حاشي ركوب الدابة المرهونة، وحاشي لبن الحيوان المرهون، فإنه لصاحب الرهن، إلى أن يضيعها، فلا ينفق عليهما، وينفق على كل ذلك المرتهن، فيكون له حينئذ الركوب واللبن بما أنفق، لا يحاسب به من دينه، كثر ذلك لأنه ملك الراهن باق في الرهن -والرهن- لم يخرج عن ملكه، لكن الركوب والاحتلاب خاصة لمن أنفق على المركوب والمحلوب، لحديث أبي هريرة، اهـ. ص 197 - ج 6: "عمدة القاري".

2515، 2516 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ - رضى الله عنه مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالًا وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} فَقَرَأَ إِلَى {عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77]. ثُمَّ إِنَّ الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ خَرَجَ إِلَيْنَا فَقَالَ مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ فَحَدَّثْنَاهُ قَالَ فَقَالَ صَدَقَ لَفِىَّ وَاللَّهِ أُنْزِلَتْ، كَانَتْ بَيْنِى وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِى بِئْرٍ فَاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «شَاهِدُكَ أَوْ يَمِينُهُ». قُلْتُ إِنَّهُ إِذًا يَحْلِفُ وَلاَ يُبَالِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالًا هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ، ثُمَّ اقْتَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إِلَى {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. طرفاه في 2356، 2357 تحفة 9304 قوله: (شاهداك (¬1) أو يمينه)، واعلم أن البخاري وافقنا في مسألة القضاء بالبينة، أو اليمين، ولا نجد في الحديث صورة ثالثة من القضاء بالشاهد واليمين للمدعي، كما ذهب إليه الشافعي. قوله: (شاهداك، أو يمينه) قال النحاة: إن - أو، وأما، وأم، لأحد الأمرين فتكون مانعة الجمع، ولم أجد عندهم لمانعة الخلو ذكرًا، أقول من عند نفسي: إنها تستعمل فيه أيضًا، وإن لم يذكروه، فتدخل هذه الحروف بين الانفصال مطلقًا، والسر فيه أن هذه الأحرف للترديد مطلقًا، سواء كان على طريق مانعة الجمع، أو مانعة الخلو، أو الانفصال الحقيقي، وحينئذٍ لو حملنا قوله: (شاهداك، أو يمينه) على مانعة الخلو، دل الحديث على الحصر بينهما، ونفى الصورة الثالثة، أي يكون لك شاهداك، أو يمينه فقط، ولا يكون لك أن تأتي بشاهد واحد، ثم تحلف عن شاهد آخر ليقضي لك بشاهد ويمين، والله تعالى أعلم. ثم اعلم أن التعيين المدعي، والمدعى عليه عسير جدًا، وقد عينه صاحب "الهداية" شيئًا، ثم لم يتعين كما ينبغي، ولذا ترى الفقهاء يعينون المدعي والمدعى عليه في كل باب جزئيًا ¬

_ (¬1) واعلم أن الشيخ قد تكلم على المسألة في مواضع ببيان شاف صاف، غير أني أردت الآن أن أهدي إليك بعض النقول؛ فاعلم أن العلامة المارديني أخرج طرق حديث القضاء باليمين مع الشاهد، وبسط الكلام فيها بما لا مزيد عليه، ثم تمسك لمذهبه بأمور. قال: وقد صح عن الزهري هي بدعة، وأول من قضى به معاوية، أخرجه من -المصنف لابن أبي شيبة- وقال: سنده على شرط مسلم، وفي مصنف عبد الرزاق: سألت الزهري عن اليمين مع الشاهد، فقال: هذا شيء أحدثه الناس لا بد من شاهدين، وفي "الاستذكار" هو الأشهر عن الزهري، وفي "المحلى" لابن حزم أول من قضى به عبد الملك بن مروان، وأشار إلى إنكاره الحكم، وابن عتيبة؛ وروي عن عمر بن عبد العزيز الرجوع إلى ترك القضاء به، لأنه وجد أهل الشام على خلافه، ومنع منه ابن شبرمة، وفي "التمهيد" تركه يحيى بن يحيى بالاندلس، وزعم أنه لم ير الليث بن سعد يفتي به، ولا يذهب إليه، وقوله عليه السلام: في "الصحيحين" البينة على المدعي، واليمين على من أنكر، وكذا قوله عليه السلام: شاهداك أو يمينه، مع ظاهر القرآن يؤيد ما قلنا، ثم ذكر تقرير الآية على ما هو المشهور، مع بعض جدة، ولا نطيل الكلام بذكره، هذا ملخص ما في "الجوهر النقي". ص 250 - ج 2.

جزئيًا، وكذلك قد يجعلون الزوج مدعيًا في -باب النكاح- وقد يعكسون فيه، وما ذلك إلا لأنهم عرفوا أنه أمر عسير لا يدرك إلا بالبيان والإيضاح التام، فيذكرون الجزئيات ليحصل في الذهن شيء، ولعلك فهمت الآن وجه تعرضهم إلى تعيين المدعي، والمدعى عليه في كل باب، ثم إن الطرفين قد يكونان مدعيين، وقد يكونان منكرين، ولذا بوّب صاحب "الهداية" على التحالف؛ وبالجملة إن تعيين المتخاصمين من هو مدعي، ومن هو مدعى عليه أمر مشكل، والله تعالى أعلم بالصواب. ***

49 - كتاب العتق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 49 - كِتَابُ العِتْقِ 1 - باب مَا جَاءَ فِى الْعِتْقِ وَفَضْلِهِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15)} [البلد: 13 - 15]. 2517 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِى وَاقِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدٌ ابْنُ مَرْجَانَةَ صَاحِبُ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ لِى أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا اسْتَنْقَذَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ». قَالَ سَعِيدٌ ابْنُ مَرْجَانَةَ فَانْطَلَقْتُ إِلَى عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ فَعَمَدَ عَلِىُّ بْنُ حُسَيْنٍ - رضى الله عنهما - إِلَى عَبْدٍ لَهُ قَدْ أَعْطَاهُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَشَرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ - أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ - فَأَعْتَقَهُ. طرفه 6715 - تحفة 13088 قوله: (استنقذ الله بكل عضو منه عضوًا منه من النار) ولذا كان بعض السلف يستحبون أن يعتقوا الرجل عن الرجل، والمرأة عن المرأة. 2 - باب أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ 2518 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى مُرَاوِحٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ، قَالَ «إِيمَانٌ بِاللَّهِ، وَجِهَادٌ فِى سَبِيلِهِ». قُلْتُ فَأَىُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ قَالَ «أَغْلاَهَا ثَمَنًا، وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا». قُلْتُ فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ. قَالَ «تُعِينُ صَانِعًا أَوْ تَصْنَعُ لأَخْرَقَ». قَالَ فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ. قَالَ «تَدَعُ النَّاسَ مِنَ الشَّرِّ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ بِهَا عَلَى نَفْسِكَ». تحفة 12004 - 189/ 3 قوله: (إيمان بالله)، وقد مرّ الحديث مرارًا، وفيه إيمان بالتنكير في كل موضع، فإن كان محفوظًا دل على أن في الإيمان مراتب، وقد مرّ منا أن التنوين إذا كان في اسم العين مسندًا إليه، لا يخلو عن فائدة، نعم هي في المسند على الأصل، وما ذكره في المطول أن التنوين في قولهم: زيد قائم للتبعيض، بمعنى أن زيدًا موصوف بحصة من القيام، فبعيد عن الصواب، أما أولًا فلأن التعريف والتنكير إنما يدخلان في العين دون الصفة، ثم كون المراد منه حصة من القيام اعتبار منطقي، لا يعتبره البلغاء. والصواب أن التنوين فيه على الأصل في المسند، وهو التنكير، فلا تحتاج إلى نكتة خاصة.

3 - باب ما يستحب من العتاقة فى الكسوف والآيات

3 - باب مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْعَتَاقَةِ فِى الْكُسُوفِ وَالآيَاتِ 2519 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعَتَاقَةِ فِى كُسُوفِ الشَّمْسِ. تَابَعَهُ عَلِىٌّ عَنِ الدَّرَاوَرْدِىِّ عَنْ هِشَامٍ. أطرافه 86، 184، 922، 1053، 1054، 1061، 1235، 1373، 2520، 7287 تحفة 15751 2520 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَثَّامٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ كُنَّا نُؤْمَرُ عِنْدَ الْخُسُوفِ بِالْعَتَاقَةِ. أطرافه 86، 184، 922، 1053، 1054، 1061، 1235، 1373، 2519، 7287 تحفة 15751 4 - باب إِذَا أَعْتَقَ عَبْدًا بَيْنَ اثْنَيْنِ، أَوْ أَمَةً بَيْنَ الشُّرَكَاءِ واعلم أن العبد إذا كان بين شريكين، وأعتق واحد منهما حصته. ففيه ثلاثة مذاهب: الأول مذهب الإمام الهمام أبي حنيفة، فإنه قال: إن المعتق إن كان معسرًا؛ فلشريكه، إما أن يستسعي العبد بقدر حصته، ثم يعتق العبد، أو يعتقه مجانًا، وإن كان موسرًا فله أن يضمن شريكه، أو يستسعي العبد، أو يعتقه؛ والحاصل أنه على الأول بين خيرتين، وليس له إلى التضمين سبيل، وأما على الثاني فله ثلاث اختيارات، ولعلك فهمت منه أن العبد بعد ما عتق بعضه لا يبقى كذلك حتى يخلص نفسه بالاستسعاء أو غيره، على ما علمت من التفصيل؛ والثاني مذهب صاحبيه، فقالا: يتعين له الاستسعاء في الصورة الأولى، أي فيما إذا كان المعتق موسرًا، والتضمين في الصورة الثانية، أي إذا كان شريكه موسرًا، وليس له أن يستسعي العبد عند يسار شريكه، وجوّزه إمامنا، أما الإعتاق، فلا كلام فيه، فإنه جائز في كل وقت؛ وحاصله أن الخلاف مع الصاحبين في الصورة الثانية فقط، فإنهما قالا بالتضمين فقط، وقلنا: إن شاء استسعى العبد، وإن شاء ضمن شريكه، والثالث مذهب الإمام الشافعي، فذهب إلى التضمين عند يسار الشريك، وأنكر الاستسعاء رأسًا، فالمعتق إذا كان معسرًا ليس لشريكه شيء، ويبقى العبد كذلك أبد الدهر، يخدم الساكت يوما، ويقعد يومًا مستريحًا في نصيب شريكه، وعتق منه ما عتق فقط، وهو معنى الاستسعاء عندهم، هذا هو تفصيل المذهب؛ ثم إنهم اختلفوا في تجزىء العتق، فقال إمامنا: إنه متجزىء مطلقًا، أي في حال اليسار والعسار، وقال صاحباه: إنه ليس بمتجزىء مطلقًا، وقال الإمام الشافعي: إنه متجزىء في صورة العسر، وغير متجزىء في صورة اليسار، أما إذا لم يكن العبد مشتركًا، فالعتق غير متجزىء عنده. ثم اعلم أن الاختلاف في تجزىء العتق وعدمه ليس بمعنى حرية بعض العبد، ورقيقة بعضه، عند القائل بتجزىء العتق، كإمامنا الأعظم، فإن اجتماع جمع الرقية، والحرية في رقبة واحدة محال، بل بمعنى أنه بعد عتق بعضه لا يعتق شيء منه، ويبقى كله رقيقًا، كما كان، ولكن يرتفع الملك عن نصيب الذي أعتقه، ومن ذهب إلى عدم تجزىء العتق، قال: إن العبد يعتق كله

بعتق بعضه، ومن ههنا علمت سر الخلاف بين أبي حنيفة، وصاحبيه في تجزىء العتق وعدمه، وهو أنه يبني على الاختلاف في معنى الإعتاق، فقال إمامنا: الإعتاق عبارة عن رفع الملك، والملك متجزىء في طرفيه، فيجوز له أن يملك بعضه دون بعض، فكذلك عند الرفع أيضًا، وليس في طلوع المالك إلا رفع علاقة مالكيته، وقال صاحباه: إنه عبارة عن إثبات الحرية، ومن ضرورته عدم التجزىء مطلقًا، لأن الحرية من الأوصاف الحكمية التي لا تتجزأ، فإذا حلت في البعض ثبتت في الكل، فيعتق العبد كله بعتق بعضه، وأما ما ذهب إليه الشافعي، فلست أفهمه، لأن العتق إن كان متجزىء في ذاته، فهو في سائر الأحوال كذلك، وإن لم يكن متجزئًا فهو غير متجزىء مطلقًا، فالفرق بين العبد المشترك، وغيره بكون العتق متجزئًا في الأول، دون الثاني مشكل؛ ولعلك علمت من هذا أن المتجزىء عند إمامنا هو الإعتاق، دون العتق، فعبروا عنه بتجزىء العتق مسامحة. ولذا بحث فيه ابن الهمام في "الفتح"، وقال: ينبغي أن يكون تعبير المسألة بتجزىء الإعتاق وعدمه، لا بتجزىء العتق، فإن العتق لا يتجزأ عند أحد، فإن أحدًا منهم لا يقول: إن العبد يبقى رقيقًا في بعضه، وحرًا في بعضه، ثم إن الشافعي تمسك من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فقد عتق منه ما عتق"، وظن أن معنى قوله: "فقد عتق منه ما عتق". فيبقى كذلك إلى الأبد، بعضه مملوكًا، وبعضه غير مملوك، وقلنا: إن حاله في الحالة الراهنة، ثم سبيله العتق، إما بالاستسعاء، أو الإعتاق، كما في الحديث الآخر، والاقتصار على حديث واحد، وقطع النظر عن آخر ليس بدأب صحيح، بل ينبغي الأخذ بكل ما صح في الباب، فإذا صح (¬1) الحديث في الاستسعاء. حملنا قوله: "عتق منه ما عتق" على الحالة الراهنة، وكذا قوله: "من أعتق نصيبًا له في مملوك، أو شركًا له في عبد، وكان له من المال ما يبلغ قيمته قيمة العدل، فهو عتيق،" .. الخ، لا يدل على عتقه في الحال، بل بمعنى أنه استحق العتق، ولما كان المذكور في الحديث، صورة التضمين، وبعده يعتق العبد على ملك الشريك، سماه عتيقًا لذلك، فإنه عتق النصف أولًا قصدًا، وعتق الثاني على ملكه بالتضمين، فصار العبد كله عتيقًا على ملكه، وليس فيه أنه عتق بالفعل، فافهم. ويدل عليه ما عند البخاري في الباب التالي: من أعتق نصيبًا، أو شقيصًا في مملوك، فخلاصه عليه في ماله ... الخ، فلو كان العبد عتيقًا بالفعل ففيم يحتاج إلى خلاصه؟ فدل على أن في عتقه ارتقاب إلى أمر يخلصه، فهو عبد في الحال، وعتيق بمعنى استحقاق العتاقة، وعدم صلوحه لبقائه في هذا الحال، ولم يعمل الشافعي بحديث الاستسعاء، كما أقرّ به الترمذي أيضًا، ¬

_ (¬1) قال ابن حزم: على ثبوت الاستسعاء ثلاثون صحابيًا، كذا في العيني: ص 175 - ج 6، ثم نقل عنه في: ص 178 - ج 6، قال ابن حزم: هذا خبر في غاية الصحة، فلا يجوز الخروج عن الزيادة التي فيه، ونقل عن -شارح العمدة- في آخر البحث: الذين لم يقولوا بالاستسعاء تعللوا في تضعيفه بتعللات على البعد، ولا يمكنهم الوفاء بمثلها في المواضع التي يحتاجون إلى الاستدلال فيها بأحاديث، يرد عليهم بمثل تلك التعللات، اهـ؛ قلت: وقد تكلم عليه المارديني أيضًا، وأجاد في البحث، وكلامه على ما أرى أضبط مما ذكره الشيخ العيني، فراجعه من: ص 258 و 259 - ج 2.

وتأويله بالاستخدام (¬1)، قلت: ويأباه ما عند البخاري -وإلا قوم عليه، فاستسعى به غير مشقوق عليه- فإن الاستخدام لا يحتاج إلى القويم أصلًا، وما يحتاج إليه هو الاستسعاء المعروف، وهذا الكلام مع الإمام الشافعي، أما الكلام مع صاحبيه فلا ريب أنهما أخذا بمنطوق الحديث، وعملا بكل ما ورد في الباب، ولا ريبة أن الظاهر يشهد لهما، إلا أن التفقه للإمام أيضًا قوي، فإن التضمين في صورة يسار الشريك منصوص، والإعتاق غير ممنوع بحال، والاستسعاء من لوازم الشرع، فإذا جاز له التضمين، فالاستسعاء بالأولى، فإنه دونه، وما يثبت من اللوازم الشرعية لا يقال له: إنه بالرأي، واستدل له الطحاوي بما أخرجه عن عمر بإسناد قوي عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: كان لنا غلام قد شهد القادسية، فأبلى فيها "أوسمين كار نمايان كئي" وكان بيني وبين أمي، وبين أخي الأسود، فأرادوا عتقه يعني "اس كار نمايان كي صله مين" فقال -أي عمر-: أعتقوا أنتم، فإذا بلغ عبد الرحمن. فإن رغب فيما رغبتم أعتق، وإلا ضمنكم، اهـ. قال الطحاوي: فأبو حنيفة قال، فلما كان له أن يعتق بلا بدل، كان له أن يأخذ العبد بأداء قيمة ما بقي له فيه، حتى يعتق بأداء ذلك إليه، الخ؛ ثم إن الطحاوي اختار مذهب الصاحبين، ورآه أسعد بالحديث، والعجب من النووي حيث قال: إن الإمام الشافعي أقرب إلى الحديث، قلت: كيف! وأنه لم يعمل بحديث الاستسعاء، وانظر إلى إنصاف الطحاوي أنه اختار مذهب الصاحبين، نعم، وهو المرجو منه، فإن الإمام أبا جعفر الطحاوي إمام، وأول من أسس هذا الطريق، أي إخراج سبيل الأحاديث المتعارضة، حتى عده ابن الأثير في مقدمة -جامع الأصول- من المجددين، وأما كتاب النووي، فقد سبقه الناس بمثله، والفصل عندي أن مذهب الصاحبين أقرب باعتبار النطق، ومذهب الإمام أقرب بحسب التفقه، وأما مذهب الشافعي، فبعيد عن النطق، وبعيد عن التفقه، ولذا لم يختره البخاري، ووافق الإمام الأعظم. 2521 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ يُعْتَقُ». أطرافه 2491، 2503، 2522، 2523، 2524، 2525 - تحفة 6788 2522 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِى عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ الْعَبْدُ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ، وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ». أطرافه 2491، 2503، 2521، 2523، 2524، 2525 - تحفة 8328 2523 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِى مَمْلُوكٍ فَعَلَيْهِ ¬

_ (¬1) قال المارديني: إن قوله عليه السلام: "استسعى العبد في ثمن رقبته" يمنع هذا التأويل، وفي شرح مسلم - للمأزري وقع في بعض الروايات الاستسعاء بالقيمة، وهذه الرواية تمنع هذا التأويل: ص 259، وص 260 - ج 2 ملخصًا من "الجوهر النقي".

5 - باب إذا أعتق نصيبا فى عبد، وليس له مال، استسعى العبد غير مشقوق عليه، على نحو الكتابة

عِتْقُهُ كُلِّهِ، إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأُعْتِقَ مِنْهُ مَا أَعْتَقَ». أطرافه 2491، 2503، 2521، 2522، 2524، 2525 - تحفة 7842 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ: اخْتَصَرَهُ. تحفة 7813 2524 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ فِى مَمْلُوكٍ أَوْ شِرْكًا لَهُ فِى عَبْدٍ، وَكَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ بِقِيمَةِ الْعَدْلِ، فَهْوَ عَتِيقٌ». قَالَ نَافِعٌ وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ. قَالَ أَيُّوبُ لاَ أَدْرِى أَشَىْءٌ قَالَهُ نَافِعٌ، أَوْ شَىْءٌ فِى الْحَدِيثِ. أطرافه 2491، 2503، 2521، 2522، 2523، 2525 - تحفة 7511 2525 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مِقْدَامٍ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ كَانَ يُفْتِى فِى الْعَبْدِ أَوِ الأَمَةِ يَكُونُ بَيْنَ شُرَكَاءَ، فَيُعْتِقُ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ مِنْهُ، يَقُولُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلِّهِ، إِذَا كَانَ لِلَّذِى أَعْتَقَ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ، يُقَوَّمُ مِنْ مَالِهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ، وَيُدْفَعُ إِلَى الشُّرَكَاءِ أَنْصِبَاؤُهُمْ، وَيُخَلَّى سَبِيلُ الْمُعْتَقِ. يُخْبِرُ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَرَوَاهُ اللَّيْثُ وَابْنُ أَبِى ذِئْبٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَجُوَيْرِيَةُ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مُخْتَصَرًا. أطرافه 2491، 2503، 2521، 2522، 2523، 2524 تحفة 8480، 8283، 8408، 7617، 8521، 7497، 8431 - 190/ 3 2521 - قوله: (فإِنَّ كان مُوسِرًا قُوِّم عليه، ثُمَّ يُعْتَق) ... الخ، وفيه إيماءٌ إلى مذهب الحنفية، لأنه قال «ثم يعتق»، فأتى بحرف التراخي، ليدَّل على أن في عِتْقِه بتمامه تأخيرًا، وتراخٍ، ولم يعتق كله بالفعل؛ ويؤيده ما في الروايةِ الآتية: منُ أعتق شِرْكا له في مملوك، فَعَلَيْهِ عِتْقُه كُلِّه إن كان له مالٌ يَبْلُعُ ثَمَنَه»، اهـ، فإِنَّه أيضًا يدلُّ على أنه مُعْتَق البعض في الحال، ثم سيعتق عليه إنْ كان له مالٌ. 2523 - قوله: (فإِنْ لم يكن له مالٌ يُقَوَّمم عليه قيمةَ عَدْلٍ على المُعْتقِ، فأُعْتِقَ منه ما عتق). اهـ. واعلم أن قوله: «يُقَوَّم عليه» ... الخ، صَفْةُ لمال؛ وجزاء الشَّرْط: فأُعْتِقَ منه ما عتق، والمعنى أنه إن لم يكن له مالٌ كذلك، فلا يكون له التَّضْمين، بل يَعْتِق منه ما عتق، وعليه خلاصُه في الباقي، كما هو مذهب الحنفية، أو عَتَقَ منه (ما) عتق فَحْسب، كما هو مذهب الشافعي؛ ولو جعلت قوله: «يُقوَّم عليه» جزاءً للشرط يتقلبُ المرادُ، ويَدلُّ على التقويم والتضمين عند عدم المال، وليس بمرادٍ، فاعلمه، وراجع «الهامش». 5 - باب إِذَا أَعْتَقَ نَصِيبًا فِى عَبْدٍ، وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ، اسْتُسْعِىَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ، عَلَى نَحْوِ الْكِتَابَةِ 2526 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ سَمِعْتُ قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَنِى النَّضْرُ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِى

6 - باب الخطإ والنسيان فى العتاقة والطلاق ونحوه، ولا عتاقة إلا لوجه الله

هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصًا مِنْ عَبْدٍ». أطرافه 2492، 2504، 2527 - تحفة 12211 2527 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا أَوْ شَقِيصًا فِى مَمْلُوكٍ، فَخَلاَصُهُ عَلَيْهِ فِى مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلاَّ قُوِّمَ عَلَيْهِ، فَاسْتُسْعِىَ بِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ». تَابَعَهُ حَجَّاجُ بْنُ حَجَّاجٍ وَأَبَانُ وَمُوسَى بْنُ خَلَفٍ عَنْ قَتَادَةَ. اخْتَصَرَهُ شُعْبَةُ. أطرافه 2492، 2504، 2526 - تحفة 12211 قال مولانا شيخُ الهند: إن هذه الترجمة دليلٌ على أن البخاريَّ وافق الإِمامَ الأعظم، وضع لفظ: «على نحو الكتابة»؛ وهذا هو دعامةُ مذهب الحنفية، لأنهم اختلفوا في صِفة العبد حال الاستسعاء، فقال إمامُنا: إنه في حُكْم المكاتب؛ فركَّب المصنِّف هذه الترجمة من جملةِ الحديث، وتَفَقَّه الإِمام، والمسألةُ وإنْ مَرَّتِ من قَبْل، لكنَّ الظاهر أنه لم يُرِد التقويةَ إلا ههنا، فوضع لفظ «على نحو الكتابة» مع جملةِ الحديث، وهذا اللفظ قاله الإِمام أبو حنيفة، وإبراهيم النَّخَعي، فيتبادر منه أنه اختار مَذْهَبَنا أيضًا؛ فالعجب أن البخاريَّ وافق الإِمام في تلك المسألة، وخالفه صاحِباه. 6 - باب الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ فِى الْعَتَاقَةِ وَالطَّلاَقِ وَنَحْوِهِ، وَلاَ عَتَاقَةَ إِلاَّ لِوَجْهِ اللَّهِ وَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - «لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» وَلاَ نِيَّةَ لِلنَّاسِي وَالْمُخْطِئِ. 2528 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِى عَنْ أُمَّتِى مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ». طرفاه 5269، 6664 - تحفة 12896 الخطأ أن يَسْبق على لسانه شيءٌ مِن غير قَصْدٍ منه، نحو أراد أن يقول: سبحان الله، فجرى على لسانه: أَنْت حُرٌّ؛ وصورة النِّسيان نحو إنْ قال: والله لا أُطلِّقُ امرأتي، ثُم نسي أنه حلف به، فقال: امرأتي طالقِ، كذا ذكره في «البحر»؛ وإلا فتصويرُ النِّسيان مُشْكِل ههنا. ثُم إنَّك قد عَلِمت فيما مرَّ مرارًا؛ أَنَّ الجهل، والنِّسيان، والخطأ عُذْرُ في فِقْه الأئمة في كثيرٍ من المسائل؛ واعتبره البخاريُّ أَزْيَدَ منهم، ولم يعتبِرْها الحنفيةُ إلا أقَلَّ قليل، ولو وَسَّع فيها الحنفيةُ أيضًا لكان أحسنَ، وهو الذي يُستفاد مِن نسق الشَّرْع، فإِنَّ سَطحه أَوْسع، وفِقْه الحنفيةِ أَضْيق، نعم ما وَسَّع به الإِمام البخاريُّ ليس بجيد أيضًا. قوله: (ولا عَتَاقَة إلا لِوَجْه الله) لعلّه تعريضٌ إلى الحنفية، فإِنَّهم قالوا: إن قال: أَنت حُرُّ للشيطان، عَتَقَ عَبْدُه، قلت: إن أراد به أن العَبدَ لا يَعْتِق إلا أن يعتقه لوَجه الله، فليس بصحيحٍ، وإنْ أراد أنه أعتقه لغير الله، فإِنَّه لم يفعل فِعْل الإِسلام، فنحن لا نُنْكره أيضًا، بل نقول: إنه إن نوى بذلك العبادة، كَفَر أيضًا، فأَيُّ وِزْر يريدُ فوقه؟ ولم يُحْسن الشيخُ محي الدين النووي في

نَقْل مذهب الحنيفة، حيث يتبادر منه أَن الحنفية لا يبالون به، وَيَروْنه كعامَّة صِيغ العِتْق، مع أنك علمت أنه كُفْرٌ عندنا، أما تَمَسُّكُه بقوله صلى الله عليه وسلّم «إنما الأعمال بالنيات»، ولا نية للناسي، والمُخْطىء، فينبغي أن لا تُعتبر تصرفاتُه، فهو كما ترى. وقد مرَّ عليه البحثُ معنا مبسوطًا: إن الحديثَ لم يَردِ في صِحَّة الاعمال، وفسادِها أَصْلا، وإنما ورد في بركة الأعمال، ونمائها؛ فكونُ النية شَرْطًا للصِّحة خارجٌ عن مفهوم الحديث، وإذن التمسك به غيرُ تامّ. 2528 - قوله: (إنَّ الله تجاوَزَ [لي] عن أمتي ما وسْوَسَت به صدُورُها ما لم تَعْمل أو تتكلّم) وقد مرَّ عليه الطحاوي في «مُشْكلة» على نظيره، واختار فيه النَّصْبَ، ولم يجعل النفس فاعِلا، فيكون ههنا أيضًا النصب؛ وترجمته: "جوابنى سينون مين وسوسه دالين" (¬1). واعلم أنه قد سَبَق إلى بَعْض الأَذهان أَنَّ العَزْم (¬2) على المعصية أيضًا عَفْوٌ، كسائر مراتب الوَسْاوس، نظرًا إلى ظاهر هذا الحديث، لأنه وَرَد في صَدْره ذِكْرُ الوَسْاوس، ثُمَّ بلغ إلى عَمْل ¬

_ (¬1) في "المعتصر": وذُكر من طُرُق، وأنفسَها بالنصب على معنى حدثتها به من غير اختيارها إياه، ولا اجتلابها له منها؛ ومما يَدُلُّ عليه أيضًا ما رُوي أن الصحابة قالوا: يا رسول الله، إنَّ أحدنا يُحدِّث نفسه بالشيء، لأن يكون حممة، أحبّ إليه مِن أن يتكلم به، فقال: "الحمد لله الذي لم يقدره مِنْكم إلَّا على الوسوسةِ، قالوا: وإنْ كان قد قيل فيه: إنَّ أحدَنا يُحدِّثُ نَفْسه، أو إنا نحدِّثُ أنْفُسنا". كان جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياهم هو المعتمد عليه، وإليه قصدنا، وهو ما ذكره عنه ابن مسعود: "ذلك صَرِيحُ الإِيمان"، وفي الحديث دليل على صِحَّة النصب، وهو قوله: "تجاوز اللهُ". والتجاوُز لا يكونُ إلَّا عمَّا لو لم يتجاوز عنه. لَعُوقِبوا عليه؛ وذلك مما يُعْقل أنه لا يكون مِن الخواطر المَعْفُوِّ عنها، بل إنَّه من الأشياء المجتلبة بالهم بها؛ فالوجه أنه على ما يهُم به العبد من المعاصي ليعمَلها، فتجاوز الله تعالى لنبيِّه - صلى الله عليه وسلم - ذلك، فلم يؤاخذهم به، ولم يعاقبهم عليه؛ ومن ذلك ما رُوي مرفوعًا: قال الله عز وجل: "إذا همّ عبدي بحسنة" الحديث، فانتفى ما قال أهْلُ اللغة: "أَنْفُسُها" بالرفع، اهـ مختصرًا. (¬2) قال الشيخ بدر الدين العَيْني: والذي عليه الجُمهور انَّ مَن نوى المعصيةَ، وأصرّ عليها يكون آثِما، وإن لم يعملها، ولم يتكلم بها، قلت: التحقيق فيه أنَّ مَن عزم على المعصية بِقَلْبه، وَوطَّن نفسه عليها، أَثِم في اعتقاده وعَزْمه، ولهذا جاء بلفظ: الحِرْص فيه -أي في حديث التقاتل؛ أنه كان حريصًا على قتل صاحبه-، ويحمل ما وقع مِن نحو قوله عليه الصلاة والسلام: "إن الله تجاوز لأُمتي" ... الخ. وفي الحديث الآخر: "إذا همّ عبدي بسيئةٍ، فلا تكتبوها عليه، إنَّ ذلك فيما إذا لم يُوطِّن نَفْسَه عليها، وإنما مرَّ ذلك بِفِكْره من غيرِ استقرار، ويسمى هذا هَمًّا، وإنْ عزم تُكتب سيئة، فإذا عملها كتبت معصية ثانية، انتهى مختصرًا، بتغيير. قلت: وأوضح منه ما قال صاحب "المدارك": لا تدخل الوساوس، وحديث النفس فيما يخفيه الإِنسان، لأن ذلك مما ليس في وُسعه الخُلُو منه، لكن ما اعتقده، وعزم عليه. والحاصل أن عَزْم الكُفْر كُفْرٌ، وخَطرة الذُّنوب من غيرِ عزم مَعفوة، وعَزم الذُّنوب إذا نَدِم عليه ورجع عنه، واستغفر منه، مغفورٌ. فأما إذا هِمَّ بسيئةٍ، وهو ثابت على ذلك، إلا أنه مُنع عنه بمانع ليس باختياره، فإِنَّه لا يُعاقب على ذلك عقوبةَ فعله، أي بالعَزم على الزِّنا لا يُعاقب عقوبةَ الزِّنا؛ وهل يُعاقب عقوبةِ عَزم الزِّنا؟ قيل: لا، لقولِه عليه الصلاة والسلام: "إن الله عفا عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل، أو تتكلم به، والجمهور على أنَّ الحديثَ في الخطرة دون العَزم، وأن المؤاخذةَ في العَزم ثابتةٌ، وإليه مال الشيخُ أبو منصور، وشمس الأئمةِ الحلواني؛ والدليل عليه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ} [النور: 19] الآية وعن عائشةَ: ما همَّ العبدُ بالمعصيةِ مِن غيرِ عمل يعاقب على ذلك مما يلحقه من الهِمِّ والحزن في الدنيا، اهـ. من أواخر سورة "البقرة".

الجوارح بالطفرة، وتَرَك العَزْم من البَيْن، فتردد فيه النظر؛ أنَّه داخِلٌ تحت حُكْم الغاية، أو المُغَيَّا؟ فذهب بَعْضُهم إلى أنه عَفْوٌ، وتَوهَّم أنه داخِلُ في حُكْم المُغَيا؛ وهذا باطل قطعًا، كيف وإنه إذا لم يُذكر له حُكْمٌ في الحديث نصًا، فما الدليلُ على أنه داخِلٌ تحت حُكْم المَغيَّا؟ لِمَ لا يجوز أن يكون داخِلا في حُكْم الغاية، ويكون المعنى ما لم يَعْمل أو يتكلَّم أو يَعْزِم. وإنما يَحْدُث الإِشكالُ في مِثْل هذه المواضع، لأن الحديث قد لا يكون حاويًا على جميع الشقوق، فيأتي واحدٌ منهم، وتعتريه به عجلةٌ، فيزعمه حاويًا على جمعيها، ثم يستنبط منه حُكْمًا للشِّقَّ المسكوتِ عنه أيضًا حسب زَعْمه، فيقع في مناقضةٍ من التواتر من فِعْله. وهذا ظُلْمٌ وتعسُّف، فإِنَّ مَنْشأه ليس إلا ظِنُّه الفاسد، أو العجلةُ التي أخذته؛ كما رأيت في الحديث المذكور، أنه لم يتعرَّض إلى العَزْم، وإنما بيّن حُكم سائر الوساوس، فكبُر على بَعْضِهم أن لا يكون له في الحديث حُكْم، فجعله حاويًا على جميع الشُّقوق، ثُم أخذ منه حُكْم العَزِم أيضًا، لكونه من متناوَلاتِ الحديثِ على ظَنِّه، فحكم عليه بكونِه عَفْوًا، مع أن المعروف عند الشَّرْع خِلافُه، وجماهير العلماء قد ذهبوا إلى المؤاخذةِ عليه أيضًا. ثم المشهور في شَرْح الحديث؛ أنَّ الوَساوسَ لا تخلو إمَّا أن تقع فيما يكون مِن جنس الأقوال، أو الأفعال؛ فإِنْ كانت من النَّحْو الأَوَّل، فإِنَّها لا تُؤخذُ بها حتى تتكلَّم؛ وإن كانت من الثاني فأيضًا كذلك، إلا إذا عَمِل بها؛ وحينئذٍ لا تُكْتب لكُلِّ نوع منهما إلا معصيةٌ واحدةٌ. وقد كان خَطَر ببالي شَرْحٌ آخر، فَعَرَضْتُه على مولانا شيخ الهند، وهو أنَّ ما كان من قبيل الوساوس إذا بلغ إلى حَدِّ العمل فَعَمِل به، ثُم تكلَّم، فإِنَّه اقترف مَعْصِيتين: معصيةً للعمل؛ ومعصيةً أُخْرى للتكلُّم بها، وهذه مغايرةٌ للأُولى، وذلك لأن الله تعالى قد أَمَرَه بِسِتْرها، فإِنَّ الله تعالى لا يُحِبُّ الجَهْر بالسواء، إلا مَنْ ظلم، فلما افْتَات عليه، وجَهِر بها، استحق أَن تُكْتب له معصيتان، وحينئذٍ مرادُ الحديث أَنَّ الوَساوِس مَعْفوُّ عنها، إلا إذا عَمِل بها، فإِنها تُكتب له معصية، فإِنَّ تكلَّم بها تُكْتب له معصية أُخرى، لكونها أَحْرَى بالتستُّر. فهذا تَجَاسُرٌ منه، ووقاحةٌ بَيِّنةٌ، فما أليقَ بأن تُكتب له معصيتان: معصيةٌ للعمل، ومعصيةٌ للتكلُّم؛ وعلى هذا التقرير تتعلق معصيتان على ارتكاب أَمْرٍ واحد، الأُولى لاقترافِه سيئةً، ومعصيةٌ أخرى للتكلم. ولعلك عَلِمت الآن الفَرْق بين الشَّرْحين، وأن الحديث ساكتٌ عن حُكْم العَزْم، لا أنه مَعْفُوُّ عنه، كما زعم. هذا ما سمعت في العزم الذي هو من مبادىء أفعال الجوارح؛ وأما العَزْم الذي لا يتعلَّق بأفعال الجوارح، بل هي من معاصي القلب، كالعَزم على الأخلاق الفاسدة نحو: الحِقْد، والكِبْر، فتؤاخذ عليها أيضًا، إلا أنها ليست مذكورةً في هذا السياق، ولم يتعرَّض إليها الحديث أَصْلا؛ وإنما الحديثُ في الوَساوس التي تَقعُ مبادىءَ لأفعال الجوارِح، كالزِّنا، والسَّرقة، فإِنَّهما من أفعال الجوارح قطعًا؛ وهذه الوساوس من مبادئها، ألا ترى أنَّ الإِنسانَ إذا تمنى فاحشةً تتحدَّثُ بها نفسه أولا، وقد تَخْطُر بباله، وأُخْرى تَهْجِس في نفسه هَجْسًا، وقد

يَعْزِم عليها، ثُم إن غلبت عليه الشِّقْوة، وسبق القَدَر، فَقَد يَقْتَرِفها أيضًا، والعياذ بالله، فهذه الوَساوسُ هي التي وَرَدَ فيها الحديثُ، أما العَزْم على معاصي القَلْب نحو الأحقاد والضغائن، والشُّكوك في أَصْل الدِّين، فهذه الأفعالُ كلُّها ليست من الجوارح، بل أفعالُ القلب، فلم يَردِ فيها الحديثُ رأسًا؛ نعم، ومِن الأشياءِ ما تكون من أفعال الجوارح أولا، ثُم تصيرُ آخِرًا من أفعال القلب، كالانتقام لمظلمة. فإِنَّ الإِنسانَ يجتهد فيه مهما أمكن، فإِذا عَجَزَ عنه القلب حِقْدًا، فهي أيضًا داخلة في الأفعال القَلْبية آخِرًا. ومن ههنا عَلِمت السَّرَّ في عدم تَعَرُّض الحديث لهذا النحو من العَزْم، وهو أن الحديث إنما ورد في مبادىء أفعالِ الجوارح فقط، أما العَزْمُ على الأفعال القَلْبية، كالأخلاقِ الفاسدة، فليست من مبادىء أفعال الجوارح، كما علمت، بمعنى أنها لا تقع في مبادئها، فإِنَّها تقتصر على الباطن فقط؛ بخلاف النحو الأول، فإِنها تَنْبعث من الباطن، وتتقوَّى شيئًا فشيئًا حتى تُسخِّر الظاهِرَ أيضًا، فيتابعها تارة، ويركب تلك المعصية. والحاصل أنَّ الحديث ورد في الوَساوِس التي تكون مبادىءَ لأفعالِ الجوارح، وسكت عن حُكم العَزْم عليها؛ وأما حُكْم سائر العزْم، ممَّا لا تعلُّق لها بتلك الأفعالِ، فهي خارجةٌ عن سياق الحديث. ثم نُلقي عليك شيئًا لتفصيل المسألة، وهو أن مَرائِبَ القَصْد خَمْسٌ، ضَبَطَها بعضُهم في هَذين البيتين: *مراتِب القَصْد خَمْسٌ: هاجسٌ ذكروا ... فخاطِرُ، فحديث النَّفس، فاستمعا *يليه هَمٌّ، فَعَزْمٌ، كلُّها رفعت ... سوى الأخير، ففيه الأَخْذُ قد وقعا فالخاطِر اسمٌ لما يَخُطُر ببالك، ولا يكون له استقرارٌ في الباطن؛ فان استقرَّ شيئًا يقال له: الهاجِس، وإن استقرَّ ولم يخرج، ولكن لم يترجح أحدُ جانبي الفِعْل، أو الترك عندك، يقال له: حديثُ النَّفس، فإِنَّ ترجَّح، وتَرَدَّدت فيه النَّفْسُ، فَهُمٌّ؛ وإن أَجْمَعَتْ عليه، فعزمٌ. ثُم إنَّ الثلاثةَ الأُوَل عَفْوٌ في طَرَفي الطاعة والمعصية، فلا ثوابَ عليها، ولا عقاب، أما الهُّم فهو عَفْوٌ في جانب المعصية، ومُعتبرٌ في جهة الطاعة. بقِي العَزْم، فإِنَّه مُعتبر في الجهتين؛ ومَنْ ظنَّ أَنه عَفْوٌ لهذا الحديث فقد غَلِط. لا أقولُ: إنَّ العَزْم على المعصيةِ، كالعمل بها يعينه، بل هو دونه؛ فثوابُ العَزْم على الطَّاعة أَدْونُ من ثواب العمل بالطاعة، وكذا عِقاب العَزْم على المعصية، أَخفُّ من العمل بالمعصية. ثُم العَزْم إنْ بلغ إلى حَدِّ العمل حتى عُمِل بموجَبِه، فإِنْ كان على الطاعة تُكْتب له عَشْرُ حسنات، وإن كان على المعصيةِ لا تُكْتب له إلا سيئةٌ، وإنْ لم يبلغ إلى حَدِّ العمل، فإِنْ كان على الطاعة تُكْتب له طاعةٌ واحدةٌ، وإن كان على المعصيةِ تُكتب له معصيةُ العَزْم لا غير، فإِنْ كَفَّ عنها خَوْفًا من رَبِّه تُمحى عنه مَعْصيةُ العَزْم، وتُكْتب حسنةٌ مكانها، كما يُعلم مما أخرجه مسلم عن أبي هريرة مرفوعًا: قال الله تعالى: {إذا تحدَّث عبدي بأن يعمل حسنةً فأنا أَكْتُبها له حسنةً ما لم يعمل فإِذا عَمِلها فأنا أَكْتُبِها بِعَشْرةِ أمثالها إلى أن قال في السيئة وإنْ تركها فاكتبوها له حسنةً إنما تركها مِن جَرَّائي"

اهـ، أي من أجْلي، والمرادُ من التَّرْك تَرْكُه (¬1) باختياره. وحاصلُه أنه إذا مَنَعَتْهُ عن ارتكاب السيئةِ عظمةُ رَبِّه، وخشيتُه، تُمْحى عنه معصيةُ العَزْم، وتُكتب له حسنةٌ أُخرى، ويُعد ذلك توبةً، وأما إذا تركها لموانعَ سماويةٍ، فلم يُذْكر أَمْرُه في الحديث، ويُستفادُ مما عند مسْلم أنه لا تُمحى عنه سيئةُ العَزْم، وتبقى مكتوبةً عليه، كما كانت؛ فإِنَّ الوَعْد إنَّما هو على تقدير تَرْكه من أجل عظمة الربِّ؛ أما تَرْكِه لعجزه، فلا يُوجِب أجرًا، ولا مغفرة، فيبقى عليه إثْمُ العَزْم على المعصيةِ. ثُم لا يخفي عَليْك أنَّ المرادَ بحديث النَّفْس - في حديث مُسْلم - هو مَرْتبة الهَمِّ، لما علمت أَنَّ مرَتبةَ حديث النفس غيرُ معتبرة في جانبي الطاعة والمعصية، وإطلاق إحدى المراتب على الأخرى معروفٌ، والتوسُّع في اللغة معلومٌ، والله تعالى أعلم. 2529 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِىِّ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلاِمْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ». أطرافه 1، 54، 3898، 5070، 6689، 6953 - تحفة 10612 - 191/ 3 2529 - قوله: (فَمَنْ كانت هِجْرَتُه إلى الله وَرَسُولِه) ... الخ، قد سبق الكلامُ في مزايا الحديث في اوَّل الكتاب، وقد نبهت هناك أني لا أدري ما السرُّ في حَذْف المصنِّف هذه القطعةَ من الحديث. واعلم أن في إسنادِه عَلْقمةَ بن وقَّاص، كما ترى، وقد سها فيه الشيخُ علاء الدين، حيث قال: إنَّه عَلْقمةُ ابنُ قَيْس؛ وهذا كما وقع السَّهو من الحفاظ في قَصَّه رَجْم اليهوديِّ، أنها في السنة التاسعة، والصواب أنها في الرابعة، كما عند القَسْطلاني، وكذا الصحابيُّ فيها عبدُ الله بن أبي أوْفَى، وجعله عبد الله بن عباس، وهذا أيضًا ليس بصحيح، ويقضي العجب من مِثْل الحافظ أنه كيف رَكِبَ الأغلاطَ التي في فَنِّ الحديث، مع كونه أَحْفَظَ أهلِ عَصْره في الحديث والرِّجال، والرَّجُل إذا أتى بالأغْلاط في فَنِّه عيِّر عليه، أما إذا لم تكن من فنِّه فلا عارَ عليه؛ كما في «تدريب الراوي» في حقِّ أبي بكر بن أبي شَيْبة، وعثمان بن أبي شَيْبة، أنهما لم تكن لهما مزاولة كثيرةُ بالقرآن، فقرأ (عثمان) مرةً في المجلس سورة الفيل فتلفظ بحرف الاستهام؛ وحرف الجَحْد، كالمُقطعات، هكذا: ألف، لام ميم ترَ كيف، فَقِيل له، فأجابه: إني لا أقرأ قراءةً عاصم وهكذا ابنُ شاهين، فإِنَّه لم يكن يَعْلَم الفِقْه أصلا. ¬

_ (¬1) قال الخَطابي: مَحَلُّ كتابةِ الحسنات على التَرْك، أن يكون التارِكُ قد قدَرَ على الفعل، ثُم تركه، لأن الإِنسان لا يُسمَّى تارِكًا إلا مع القدرةِ، ويدخل فيه مَنْ حال بينه وبين حِرْصه على الفِعْل مانِعٌ، كأن يمشي إلى امرأةِ ليزني بها مثلًا، فيجد البابَ مُغْلقًا، ويتعسَّر فَتْحُه، ومَنْ تمكَّن من الزِّنا مثلًا، فلم ينتشر، أو طرقه ما يخاف من أذاه عاجلًا، اهـ.

7 - باب إذا قال رجل لعبده: هو لله، ونوى العتق، والإشهاد فى العتق

7 - بابٌ إِذَا قَالَ رَجُلٌ لِعَبْدِهِ: هُوَ لِلَّهِ، وَنَوَى الْعِتْقَ، وَالإِشْهَادُ فِى الْعِتْقِ 2530 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ لَمَّا أَقْبَلَ يُرِيدُ الإِسْلاَمَ وَمَعَهُ غُلاَمُهُ، ضَلَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، فَأَقْبَلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ جَالِسٌ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَذَا غُلاَمُكَ قَدْ أَتَاكَ». فَقَالَ أَمَا إِنِّى أُشْهِدُكَ أَنَّهُ حُرٌّ. قَالَ فَهُوَ حِينَ يَقُولُ: * يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا ... عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الْكُفْرِ نَجَّتِ أطرافه 2531، 2532، 4393 - تحفة 14294 2531 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ فِى الطَّرِيقِ: * يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا ... عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الْكُفْرِ نَجَّتِ قَالَ وَأَبَقَ مِنِّى غُلاَمٌ لِى فِى الطَّرِيقِ - قَالَ - فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بَايَعْتُهُ، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ إِذْ طَلَعَ الْغُلاَمُ، فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَذَا غُلاَمُكَ». فَقُلْتُ هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ. فَأَعْتَقْتُهُ. لَمْ يَقُلْ أَبُو كُرَيْبٍ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ حُرٌّ. أطرافه 2530، 2532، 4393 - تحفة 14294 2532 - حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ لَمَّا أَقْبَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - وَمَعَهُ غُلاَمُهُ وَهْوَ يَطْلُبُ الإِسْلاَمَ، فَأَضَلَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِهَذَا، وَقَالَ أَمَا إِنِّى أُشْهِدُكَ أَنَّهُ لِلَّهِ. أطرافه 2530، 2531، 4393 - تحفة 14294 2530 - قوله: (عن أبي هريرةَ، أنه لما أَقْبل يريدُ الإِسلام) ... الخ، واعلم أنَّ أبا هريرة. قَدِم السَّنة السابعة، وكان شريكًا في غزوة خَيْبر، كما هو عند الطحاوي. وعندي روايةٌ أُخرى، تدلُّ على أنه جاء مرةً مِنْ قَبْلُ أيضًا، وقد ثبت مجيئه إلى المدينة مرَّةً أُخرى، ولو ثبت تلك الروايةُ لنَفَعَتْنا في التَّفَضِّي عن قوله: «بينا أنا أُصلي في حديث ذي اليدين، كما مرَّ. 2530 - قوله: (على أَنَّها مِن داَرِه الكُفْر نَجِّت)، «على» ههنا بمعنى مع؛ بحث فيه ابنُ هشام في «المُغني». ولم يجد لها شاهدًا، ولو كان هذا البيتُ في نظره، لكفاه شاهدًا. 8 - بابُ أُمِّ الْوَلَدِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّهَا». 2533 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ إِنَّ عُتْبَةَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ أَنْ يَقْبِضَ إِلَيْهِ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، قَالَ عُتْبَةُ إِنَّهُ ابْنِى. فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -

زَمَنَ الْفَتْحِ أَخَذَ سَعْدٌ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ. فَأَقْبَلَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَقْبَلَ مَعَهُ بِعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ. فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا ابْنُ أَخِى عَهِدَ إِلَىَّ أَنَّهُ ابْنُهُ. فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أَخِى ابْنُ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَإِذَا هُوَ أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ». مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِيهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «احْتَجِبِى مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ». مِمَّا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ. وَكَانَتْ سَوْدَةُ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2053، 2218، 2421، 2745، 4303، 6749، 6765، 6817، 7182 تحفة 16478 - 192/ 3 - قوله: (أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّهَا)، واستدل منه بَعْضَهم على جوازِ بَيْع أُمِّ الولد، والآخرون على عَدَمِه (¬1)، كما فَصَّله النوويُّ في «شرح مسلم»؛ والكلّ في غيرِ موضعه، فإِنَّ الحديثَ مسوقٌ لبيانِ انقلاب الأُمور في إبَّان الساعةِ، ولا مِسَاس له بهذه المسائل. ونَقل الحافِظْ ههنا كلامًا مِن نُسخة الصَّغاني، مع عبارة الكِرْماني، وما فهمت مراده، ولعلَّه لم يتحصَّل مرادُه عند الحافظ أيضًا؛ ولذا اكتَفَى بِنَقْل عبارةِ الكِرماني، وسكت عليه؛ والذي يترشَّحُ منه انَّ بَيْع أُمِّ الولد جائز عند المصنِّف، كبيعَ المُدبَّر عند الشافعي. قلت: أما بَيْع امِّ الولد، فلم يذهب إليه أَحَدُ من الفقهاء الأربعة، واختاره الصاهيريُّ، وفي «طبقات الشافعية»: أنه جَرَت محاورةٌ بين الِنْدَواني، والظاهري في مسألة بَيْع أُمِّ الولد، فحج الهِنْدوانيُّ الظاهريِّ، وهذه المسألةُ ليست من المسائل المُجْتَهِد فيها عندنا، حتى لو قضى بها القاضي أيضًا لم تَنْفِذ، بخلاف المُدَّبر، ولنا ما عند محمد في «موطنه» عن عمرَ: «أيما وليدةٍ ولدت من سيِّدها، فإِنه لا يبيعها، ولا يهبها، ولا يورثها، وهو يستمتع منها، فإِذا مات فهي «حُرَّة»، ثمَّ إنَّ الصَّغاني هذا هو الحافظ شمي الدين الصَّغاني، من علماء المئة السابعة، سافر من صَنعان - قرية - ونَزل بلا هوُر، ثُم رحل إلى اليمن، وهو إمامُ اللُّغة، حنفيُّ المذهب، وصنَّف «المحكم» «العُبَاب». و «القاموس» مأخوذٌ من هذين الكِتابَيْن. 2533 - قوله: (هُو لك يا عبدُ بْنَ زَمْعَةَ) .. الخ. وقد مرَّ الكلامُ فيه - في أوَّ البيوع - مُسْتوفىً؛ ولعلَّ البخاريِّ تمسك به على جوازِ البَيْع، بأن تلك الوليدةَ كانت أُمَّ ولد، ولما بقيت في بيت مَوْلاها بعد وفاتها أيضًا، دَلَّ على عدم عِتْقِها، وبقائها على الرِّقِّية، كما كانت، فيجوز بَيْعُها لا محالة؛ قلت: وقد مرَّ مني أنها كانت زانيةً، فلا تكون أُمَّ ولدٍ قَطْعًا، لتوقِفُّه على التحصين عندهم، ولم يوجد، وحنيئذٍ لا يتم ما رامه المصنِّف. ¬

_ (¬1) قال الشيخ بدر الدين العيني: إنَّ الثابت عن عمرَ عدمُ جواز بَيْعِها، ورُوي مِثل ذلك عن عثمان، وعمر بن عبد العزيز، وهو قولُ أكثر التابعين، منهم: الحسن، وعطاء، ومجاهد، وسالم، وابن شِهاب، وإبراهيم: وإلى ذلك ذهب مالكٌ، والثوريُّ، والأوزاعي، والليث، وأبو حنيفة، والشافعي في أكثر كُتُبه؛ وقد أجاز بَيْعَها في بَعْض كتُبُه؛ وقال المُزَني: قَطَع في أربعةَ عشر موضعًا مِن كُتبه بأن لا تُباع وهو الصحيح من مذهبه، وعليه جمهور أصحابه، وهو قول أبي يوسف، ومحمد، وزُفَر، والحسن بن صالح، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثَوْر، اهـ.

9 - باب بيع المدبر

9 - باب بَيْعِ الْمُدَبَّرِ 2534 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنَّا عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَدَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِهِ فَبَاعَهُ. قَالَ جَابِرٌ مَاتَ الْغُلاَمُ عَامَ أَوَّلَ. أطرافه 2141، 2230، 2321، 2403، 2415، 6716، 6947، 7186 - تحفة 2551 قد مرَّ الكلامُ فيه، وأَنَّ تراجِمَ المصنِّف في هذا البابُ متهافتةٌ، والذي يَلُوح منها أنه اختارَ مذهب الشافعي. 2534 - قوله: (عامَ أَوَّل)، من إضافةِ الموصوف إلى الصِّفة؛ وأصلُه العامُ الأَوَّل. 10 - باب بَيْعِ الْوَلاَءِ وَهِبَتِهِ 2535 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ الْوَلاَءِ، وَعَنْ هِبَتِهِ. طرفه 6756 - تحفة 7189 2536 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اشْتَرَيْتُ بَرِيرَةَ فَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلاَءَهَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَعْتِقِيهَا، فَإِنَّ الْوَلاَءَ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ». فَأَعْتَقْتُهَا، فَدَعَاهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَيَّرَهَا مِنْ زَوْجِهَا فَقَالَتْ لَوْ أَعْطَانِى كَذَا وَكَذَا مَا ثَبَتُّ عِنْدَهُ. فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا. أطرافه 456، 1493، 2155، 2168، 2560، 2561، 2563، 2564، 2565، 2578، 2717، 2726، 2729، 2735، 5097، 5279، 5284، 5430، 6717، 6751، 6754، 6758، 6760 - تحفة 15992 وهذه من الحقوق اللازمة، الغيره القابلة للانتقال، وصرَّح محمدٌ في «موطئه» بعدَم جواز بعيعها؛ وفيه حديثُ نقله في «شَرْح السِّراجي» وفيه كلامُ قال مُغُلْطاي: إنَّ الحديثَ المذكور مُسَلْسَلٌ بالأئمة، فرواه أحمدُ عن الشافعيِّ عن محمد عن أبي حنيفة؛ وكذا رواه الشافعيُّ عن مالك أيضًا، فاحفظه. 11 - باب إِذَا أُسِرَ أَخُو الرَّجُلِ، أَوْ عَمُّهُ، هَلْ يُفَادَى إِذَا كَانَ مُشْرِكًا وَقَالَ أَنَسٌ قَالَ الْعَبَّاسُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَادَيْتُ نَفْسِى، وَفَادَيْتُ عَقِيلاً. وَكَانَ عَلِىٌّ لَهُ نَصِيبٌ فِى تِلْكَ الْغَنِيمَةِ الَّتِى أَصَابَ مِنْ أَخِيهِ عَقِيلٍ وَعَمِّهِ عَبَّاسٍ. 2537 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُوسَى عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسٌ - رضى الله عنه - أَنَّ رِجَالاً مِنَ الأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا ائْذَنْ فَلْنَتْرُكْ لاِبْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ، فَقَالَ «لاَ تَدَعُونَ مِنْهُ دِرْهَمًا». طرفاه 3048، 4018 - تحفة 1551 - 193/ 3

12 - باب عتق المشرك

ولعلَّ ترجمتَهُ ناظِرةٌ إلى ما قاله الحنفيةُ: إنَّ الرَّجُل إذا مَلَك ذا رَحِم منه عَتَق عليه؛ ولم يَخُصُّوه بقرابةِ الوَلاء. وغَرضُه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم مَلك عَبَّاسًا، ثُم لم يَعْتِق عليه؛ قلت: وأين المِلْكُ فيه قَبْل التقسيم، وليس هناك إلا حَقُّ المِلْك، والحريةُ تَعْقُبُ المِلْك نَفْسه، دون حَقِّه. أما المُفَاداتُ كما في الحديث، فجائزةٌ عندنا أيضًا، كما في «الدُّر المختار». 12 - باب عِتْقِ الْمُشْرِكِ 2538 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ أَخْبَرَنِى أَبِى أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ - رضى الله عنه - أَعْتَقَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ مِائَةَ رَقَبَةٍ، وَحَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ، فَلَمَّا أَسْلَمَ حَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ وَأَعْتَقَ مِائَةَ رَقَبَةٍ، قَالَ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَصْنَعُهَا فِى الْجَاهِلِيَّةِ، كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا، يَعْنِى أَتَبَرَّرُ بِهَا، قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ». أطرافه 1436، 2220، 5992 - تحفة 3432 مِن باب إضافةِ المَصْدر إلى فَاعِله. 13 - باب مَنْ مَلَكَ مِنَ الْعَرَبِ رَقِيقًا، فَوَهَبَ وَبَاعَ وَجَامَعَ وَفَدَى وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ وَقَوْلِهِ تَعَالَى {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75)} [النحل: 75]. ولا استرقاقَ عِنْدنا في بَالغِيهم، غيرِ النِّسوان، والذُّرِّية، وهي المسألةُ في المرتدِّ؛ والاختياراتُ المذكورةُ في الفِقْه في غيرِ مُشْرِكي العرب. قوله: ({وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا}) ... الخ، أي جعلناه مولىً أعلى؛ قلت: ولا تَمسُّك له في الآية، إلا أن ينتفع من اطلاق قوله تعالى: {عَبْدًا مَمْلُوكًا} [النحل: 75] فيدلُّ على أنه لا فرق بين العجم، والعرب في الاسترقاق، وهو مذهب الشافعيِّ، وغيره. وهو الذي نسبه المُحشِّي إلى الكُوفيين، ولَعَلَّه سَهْوٌ من الكاتب، فإِنَّ مَذْهبهم عَدَمُ الاسترقاق في العرب، ولنا ما عن عمرَ، كما في «الهامش»، فراجعه، وأَبْسط منه عند الدارمي، فراجع لفظه، فإِنَّه أَنْفع، وقد تَتَبْعت لذلك غزواتِ (¬1) النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لينكشِفَ الحالُ، أنه ماذا عامل مع بالغي العرب؟ فلم أجد فيها ¬

_ (¬1) (قلت) وقد أشار إليه الرَّازي في "أحكام القرآن"، فقال: إن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا بعث سَرِيةً، قال: "إذا لَقِيتم عَدُوَّكم من المشركين، فادعُوهم إلى شهادةِ أنْ لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فإِن أبوا فادعوهم إلى إعطاء الجِزية"، وذلك عامٌ في سائر المشركين، وخَصصَّنا منهم مُشركي العرب بالآية، وسيرة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيهم: فدلَّ على أنه لم يَثبت عنده مِن سيرة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - استرِقاقُ رجال العرب. وقال أبو عبيد في كتاب "الأموال": فهذه أحكامُ الأسرى: المَنُّ، والفِداء، والقتل؛ وكانت هذه في العرب خاصَّة، لأَنَّه لا رِق على رجالهم؛ وبذلك فُهِمت سُنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنه لم يسترق أحدًا مِن ذكورهم، وكذلك حَكم عمرُ فيهم أيضًا؛ ثم رُوي عن الشَّعبي، قال: "لما قام عمرُ، قال: ليس على عربيِّ مِلك" الخ. وراجع تفصيله منه.

شيئًا فاصِلا، نعم وَجَدْت في الصحابة أنهم كان لهم عبيدٌ بالغون من العرب، ولكنه ليس بفاصِلٍ أيضًا، لأنه لا يُدْرى أنهم استرقُّوهم صِبيانًا، أو كانوا بالغين حين استُرِقُوا، ولا نِزاع في الأَوَّل، والثاني غيرُ متعيَّن، فبقي الأَمْر في الإِبهام. أما إطلاقُ السِّبي على غنيمة هَوازن، فليس فيه أيضًا ما يَنْفِصلُ به المَرام، لأنها كانت مِنْ جِنْس الأموال والنِّسوان، وأما رِجالُهم، فلم (¬1) يُسْتَرَقُّوا، كما في «شَرْح المواهب»؛ وبالجملة لم أجد غزوةً من الغزوات يَيْبت فيها استرقاقُ رجال العرب، ولو ثبت لكان فاصِلا في الباب. 2539 و 2540 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنِى اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ ¬

_ (¬1) قلت: ويستأنس له بما أخرجه الحافظ عن مغازي موسى بن عُقبة"؛ قالوا: يا رسول الله، إنَّ فيمن أصبتُم الأمهاتِ والأخواتِ والعمَّاتِ والخالاتِ، وهنَّ مَخازي الأقوام، وفي رواية ابن إسحاق: قام خطيبُهُم زهير بن صَرَد، فقال: "يا رسول الله، إنَّ اللواتي في الحظائر من السَّبايا، خالاتُك، وعماتُك، وحواضِنُك اللاتي كن يَكْفُلْنَك، وأنت خيرُ مكفولٍ، ثم أنشد هذه الأبيات المشهورةِ، أولها: أمنن علينا رسول الله في كرم ... فإنك المرء نرجوه وندخر ويقول فيها: أمنُن على نِسوةٍ قد كنت ترضعها ... إذ فوك تملؤه من مخضها الدرر ولا بأس أَنْ نُتْحِفَك ببعضِ أبياته الأخرى، ذكرها ابنُ العربي في شَرْحه: أمُنن علينا رسولَ الله في دَعَةٍ ... فإِنَّك المرءُ نرجوه ونَنْتَظِر، أمنن على بيضةٍ قد عاقها قدر ... مفرَّقٌ شملها، في دهرها غير أبقت لها الحرب هتانًاعلى حزن ... على قلوبهم الغماء والغمر، إن لم تداركهم نعمى تنشرها ... يا أرجح الناس حلمًا حين يختبر أمنن على نسوة قد كنت ترضعها ... إذ فوك مملوءة من مخضها الدرر إذ أنت طفلًا صغيرًا كنت ترضعها ... وأن ربك ما تأتي وما تذر لا تجعلنا، كمن شالت نعامته ... واستبق منا، فإِنا معشر زهر إنا لنشكر للنعمى، وقد كفرت ... وعندنا بعد هذا اليوم مدخر فالبس العفو من قد كنت ترضعه ... من أمهاتك، إن العفو يشتهر إنا نؤمل عفوًا منك نسأله ... هذي البرية أن تعفو وتنتصر فاعف عفا الله عما أنت واهبه ... يوم القيامة إذ يهوى لك الظفر وبالجملة: لم نجد في هذه الروايات تَعَرُّضًا إلى حالِ الرِّجال؛ نعم في كتاب "الاموال" لأبي عبيد، قال: أخبرني سعيدُ بن المسيِّب، وعُرْوة بن الزبير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ردَّ ستة آلافٍ من سَبي هوازن، من النِّساء، والصِّبيان، والرجال إلى هوازن حين أَسلموا. اهـ. ثم إنَّ الشيخَ حَقَّق فيما يأتي أنَّ هذا الردَّ كان إعتاقًا؛ وحينئذٍ تسقط تراجمُ المصنِّف في هبة المشاع. قلت: وهو الذي ذهب إليه ابنُ العربي، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -بعد ما سمع الأبيات-: أما ما كان لي: ولبني عبد المطلب فهو لكم، وقالت الأنصارُ: ما كان لنا فالله ولرسوله؛ فردت الأنصارُ ما كان في أيديها من الذَّراري، والأموال، واستنقذنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهذا عِتقٌ منه - صلى الله عليه وسلم - لِمَن لم يرضعه في حرمةِ مَن أرضعه.

شِهَابٍ قَالَ ذَكَرَ عُرْوَةُ أَنَّ مَرْوَانَ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ فَقَالَ «إِنَّ مَعِى مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَىَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إِمَّا الْمَالَ، وَإِمَّا السَّبْىَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ». وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلاَّ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالُوا فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا. فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّى رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِىءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ». فَقَالَ النَّاسُ طَيَّبْنَا ذَلِكَ. قَالَ «إِنَّا لاَ نَدْرِى مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ». فَرَجَعَ النَّاسُ، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا، فَهَذَا الَّذِى بَلَغَنَا عَنْ سَبْىِ هَوَازِنَ. وَقَالَ أَنَسٌ قَالَ عَبَّاسٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَادَيْتُ نَفْسِى، وَفَادَيْتُ عَقِيلاً. حديث 2539 أطرافه 2307، 2584، 2607، 3131، 4318، 7176 - تحفة 11251 - 194/ 3 حديث 2540 أطرافه 2308، 2583، 2608، 3132، 4319، 7177 - تحفة 11271 2539، 2540 - قوله: (قال عبَّاسٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم) قلت: وفيه ذِكْر الأَسْر والقيد؛ والكلامُ في الاسترقاق دون الأَسْر. 2541 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ فَكَتَبَ إِلَىَّ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَغَارَ عَلَى بَنِى الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ، وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ، وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ. حَدَّثَنِى بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَكَانَ فِى ذَلِكَ الْجَيْشِ. تحفة 7744 2541 - قوله: (فَقَتَل مقاتِلَتْهُم، وَسَى ذَرَارِيَّهُم) ... الخ: قلت وفيه ما يدل على خلافِ ما رامه المصنِّف، فإِنَّ فيه قَتْلَ المقاتلين مكان الاسترقاق، نعم فيه استرقاقُ الذرية، ولا خلاف فيه. 2542 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ - رضى الله عنه - فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةِ بَنِى الْمُصْطَلِقِ فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْىِ الْعَرَبِ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ فَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ وَأَحْبَبْنَا الْعَزْلَ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَفْعَلُوا، مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلاَّ وَهْىَ كَائِنَةٌ». أطرافه 2229، 4138، 5210، 6603، 7409 - تحفة 4111 2543 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لاَ أَزَالُ أُحِبُّ بَنِى تَمِيمٍ. وَحَدَّثَنِى ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. وَعَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ مَا زِلْتُ أُحِبُّ بَنِى تَمِيمٍ مُنْذُ ثَلاَثٍ

14 - باب فضل من أدب جاريته وعلمها

سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِيهِمْ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ «هُمْ أَشَدُّ أُمَّتِى عَلَى الدَّجَّالِ». قَالَ وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمِنَا». وَكَانَتْ سَبِيَّةٌ مِنْهُمْ عِنْدَ عَائِشَةَ. فَقَالَ «أَعْتِقِيهَا فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ». طرفه 4366 - تحفة 14889، 14907 2543 - قوله: (وكانت سَبِيةٌ منهم - بني تميم - عند عائشةَ، فقال: أَعْتِقيها، فإِنَّها من ولدِ اسماعيلَ) فيه دليلٌ على كون بني تميم من ولدِ اسماعيلَ، وجملة الكلامِ أنَّ البخاريَّ إن ادعى استرقاقَ العربِ في الجملة، أي بعد وُوقوع السَّبي عليهم، فهذا مُسَلَّم، فإِنه يجوزُ في صبيانهم، ونِسوانهم، وإن ادعى الإِطلاق والكُلية، فلا نُسَلِّمه. 14 - بابُ فَضْلِ مَنْ أَدَّبَ جَارِيَتَهُ وَعَلَّمَهَا 2544 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ فُضَيْلٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ فَعَالَهَا، فَأَحْسَنَ إِلَيْهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، كَانَ لَهُ أَجْرَانِ». أطرافه 97، 2547، 2551، 3011، 3446، 5083 - تحفة 9108 - 195/ 3 15 - بابُ قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «الْعَبِيدُ إِخْوَانُكُمْ، فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ» وَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)} [النساء: 36]. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: ذِي الْقُرْبَى: الْقَرِيبُ. وَالْجُنُبُ: الْغَرِيبُ. الْجَارُ الْجُنُبُ: يَعْنِي الصَّاحِبَ فِى السَّفَرِ. 2545 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الأَحْدَبُ قَالَ سَمِعْتُ الْمَعْرُورَ بْنَ سُوَيْدٍ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ الْغِفَارِىَّ - رضى الله عنه - وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ وَعَلَى غُلاَمِهِ حُلَّةٌ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّى سَابَبْتُ رَجُلاً فَشَكَانِى إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ لِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ». ثُمَّ قَالَ «إِنَّ إِخْوَانَكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَأَعِينُوهُمْ». طرفاه 30، 6050 - تحفة 11980 وهذه ديانةً لا قضًا. 2545 - قوله: (وعَلَيْه حُلَّةٌ) ... الخ وَغِلط فيه الراوي، فإِنه لم تكن حُلَّةٌ على واحد منهما، إنما قيل له، أن يجعلها حُلَّة، باستبدال الرداء، أو الإزار. 16 - باب الْعَبْدِ إِذَا أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَنَصَحَ سَيِّدَهُ 2546 - حَدَّثَني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله

17 - باب كراهية التطاول على الرقيق، وقوله: عبدى، أو أمتى

عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْعَبْدُ إِذَا نَصَحَ سَيِّدَهُ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ». طرفه 2550 - تحفة 8352 2547 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ صَالِحٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَأَيُّمَا عَبْدٍ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ، فَلَهُ أَجْرَانِ». أطرافه 97، 2544، 2551، 3011، 3446، 5083 - تحفة 9107 2548 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لِلْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ الصَّالِحِ أَجْرَانِ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْلاَ الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَجُّ وَبِرُّ أُمِّى، لأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ». تحفة 13331 - 196/ 3 2549 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الأَعْمَشِ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «نِعْمَ مَا لأَحَدِهِمْ يُحْسِنُ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَيَنْصَحُ لِسَيِّدِهِ». تحفة 12488 2548 - قوله: (والذي نَفْسي بِيَده) ... الخ، هذا مِن قول أبي هريرة. 17 - بابُ كَرَاهِيَةِ التَّطَاوُلِ عَلَى الرَّقِيقِ، وَقَوْلِهِ: عَبْدِى، أَوْ أَمَتِى وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32]، وَقَالَ: {عَبْدًا مَمْلُوكًا} [النحل: 75]، {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} [يوسف: 25]، وَقَالَ: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25]، وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ». وَ {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف: 42] سَيِّدِكَ. «وَمَنْ سَيِّدُكُمْ؟». 2550 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا نَصَحَ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ، وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ، كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ». طرفه 2546 - تحفة 8161 2551 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمَمْلُوكُ الَّذِى يُحْسِنُ عِبَادَةَ رَبِّهِ، وَيُؤَدِّى إِلَى سَيِّدِهِ الَّذِى لَهُ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ وَالنَّصِيحَةِ وَالطَّاعَةِ، لَهُ أَجْرَانِ». أطرافه 97، 2544، 2547، 3011، 3446، 5083 - تحفة 9071 2552 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ أَطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ، اسْقِ رَبَّكَ. وَلْيَقُلْ سَيِّدِى مَوْلاَىَ. وَلاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ عَبْدِى أَمَتِى. وَلْيَقُلْ فَتَاىَ وَفَتَاتِى وَغُلاَمِى». تحفة 14718

2553 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ مِنَ الْعَبْدِ، فَكَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ، يُقَوَّمُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، وَأُعْتِقَ مِنْ مَالِهِ، وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ». تحفة 7610 2554 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كُلُّكُمْ رَاعٍ فَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأَمِيرُ الَّذِى عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهْىَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». أطرافه 893، 2409، 2558، 2751، 5188، 5200، 7138 - تحفة 8167 - 197/ 3 قوله: ({وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}) [النور: 32] .. الخ. واعلم أن الحديثَ ينهي أن يقول أَحَدُكم: عبدي، وأمتي، وسيدي، وسيدتي؛ والقرآن يُطْلِقُه، حيث قال: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} فكيف التوفيق؟ قلت: وقد مرَّ أنه من باب تهذيب الآداب والألفاظِ، كالنَّهي أن يقول: {رَاعِنَا} [البقرة: 104] وفي مثله تراعى الأحوالُ، فإِذا أوهم خلافَ المراد حُجرِ عنه، وإلا لا. ثم أقول (¬1): إنَّ مثار النَّهي في إطلاق لفظٌ «عبدي، وأمتي» أمران: كونُ هذه الألفاظِ مما يُشْعِر بتكبُّر المتكلِّم في نفسه؛ الثاني: انتقالُ الذِّهن إلى الله تعالى، فإِذا كان إطلاقُه من ثالثٍ انتفى الأمران، ويجوز إطلاقُه، كما يقال: عَبْد زيدٍ، وعَبْدُ عَمْرو؛ فإِنَّ التكبُّرِ في إضافة المتكلِّم إلى نَفْسه، بأَن يقول: عبدي؛ أما إذا قاله ثالثٌ، فلا شائبةَ فيه للتكبر، وكذا لا ينتقل فيه الذِّهنُ إلى الله تعالى؛ وحينئذٍ لا إشكال في قوله تعالى: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} فإِنَّه إطلاقٌ مِن الله سبحانه، وكذا في قوله: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} [يوسف: 25]. وأما قوله تعالى: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف: 42] فهو إطلاق، وإضافة إلى المالك الغائب عن المجلس، أو مماشاة مع عامة الناس في محاوراتهم، وإنما يُوهِمُ التْكبُّر إذا كان ¬

_ (¬1) قال في "المعتصر": في وجه الجمع بين حديث النَّهي، وبين قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: 32] ... الخ إن المَنْهيَّ إنما هو إضافةُ ملاكهم إلى أَنْفِسهم، بأنهم عبيدُهم، لأن فيه استكبارَهم عليه، وما في القرآن فإِنَّما هو بإضافة غيرهم إليهم. وروى أبو هريرة -أراه مرفوعًا-: لا يقولَنَّ أحدُكم:"ربي، لمالكه، وليقل: سيدي"، لا يخالف هذا قوله تعالى: {أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا} [يوسف: 41] يعني مَليكَه الذي هو رئيسٌ عليه، لأن يوسُف عليه الصلاة والسلام إنما خاطبه على ما عند المخاطب، لأن كان يُسميِّه ربًّا، لا أنه عند يوسف عليه الصلاة والسلام كذلك، مثل قول موسى عليه السلام للسَّامري: {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ} [طه: 97] فخاطبه على ما كان عنده لا على ما هو عند موسى. وليس للمملوك أن يَجْعل مالِكَه ربًّا؛ وجاز ذلك في البهائم، والأمتعة، كما ورد في حديث "ضالة الإِبل": "دعها حتى يَلْقاها رَبُّها"، وقيل: إنما نَهى المملوكَ من بني آدم عن هذا القول، لأنهم دخلوا في عموم: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ} إلى قوله: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] فكان المملوكُ ممَّن أُخِذ عليه الميثاقُ في ذلك، بخلاف البهائم.

18 - باب إذا أتاه خادمه بطعامه

مِصْدَاقه موجودًا، ولذَا نهى في الحديث الآتي أن يقول: «أَطْعِم رَبَّك، ووضيء رَبَّك، واسقِ رَبَّك». لأنه إطلاقُ المولى بحضُور مَمْلُوكِه، فَيُوهِم التكبُّر، قلت: هو على حَدِّ قولهم: أمير المؤمنين يأمرك بكذا، مشيرًا إلى نفسه، وفيه استكبارٌ أَشدَّ الاستكبار. فإِذا استعمله ثالثٌ، فلا بأس به، لانتفاء العِلَّة، فتلخص مما قلنا: أَنَّ مثار النهي إمَّا التكبُّر - وهو في الحضور دون الغيْبة - أو إطلالة بنفسه، لا مِن ثالثٍ، أو تَوَّهم انتقالِ الذِّهْن إلى الله تعالى، فحيث لا يوجد واحدٌ منهما، يَحِلُّ الإِطلاقُ لا محالة. 2555 و 2556 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ وَزَيْدَ بْنَ خَالِدٍ رضى الله عنهما عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا زَنَتِ الأَمَةُ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، فِى الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ». حديث 2555 أطرافه 2152، 2153، 2233، 2234، 6837، 6839 - تحفة 14107 حديث 2556 أطرافه 2154، 2232، 6838 - تحفة 3756 2555، 2556 - قوله: (إذا زَنَتِ الأَمَةُ فاجلِدوها) وهذا موكولٌ إلى الإِمام، ومعنى الأَمْر، أن لا يمتنع عن إقامةِ الحدِّ عليها؛ وقد نبهناك فيما مرَّ أن الشيء قد يكون داخِلا تحت وِلايتين: ولاية عامة وهي ولاية الإِمام، ولاية خاصَّة، ثُم تُحذف الوِلاية العامة من البين، مع كونِها منويةً، ويبقى ذلك الشيء منسوبًا إلى الوِلايةِ الخاصَّة، فيتوهم كونُها مدارًا؛ فهكذا في هذا الحديث. أَمَر المَوْلى أنْ يَجْلِدَ أمته، مع كونِه تحت وِلاية الإِمام فيجلِدُها كما هو المعهودُ، عند الشَّرْع، وهو بإِحضارها عند الإِمام، ثم يأمر الإِمام به، فهذا هو طريقُ الوِلاية الخاصَّة مع العامة. فاعلمه، وقد قررناه سابقًا. قوله: (فبيعُوها ولو بِضَفِير) وهذا نحو التغريب في حقِّ الإِماء، وأما الحرائر فليس فيهن إلا الرّجْم، أو الجَلْد. 18 - باب إِذَا أَتَاهُ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ 2557 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ، فَلْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ أَوْ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ، فَإِنَّهُ وَلِىَ عِلاَجَهُ». طرفه 5460 - تحفة 14390 19 - بابُ الْعَبْدُ رَاعٍ فِى مَالِ سَيِّدِهِ وَنَسَبَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَالَ إِلَى السَّيِّدِ. 2558 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِى أَهْلِهِ رَاعٍ وَهْوَ مَسْئُولٌ

20 - باب إذا ضرب العبد فليجتنب الوجه

عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِى بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهْىَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِى مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». قَالَ فَسَمِعْتُ هَؤُلاَءِ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَحْسِبُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَالرَّجُلُ فِى مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». أطرافه 893، 2409، 2554، 2751، 5188، 5200، 7138 - تحفة 6846 2558 - قوله: (فَسَمِعْتُ هؤلاء من النبيِّ صلى الله عليه وسلّم) قال النُّحاةُ: إنَّ «هؤلاء» لا تُستعمل إلا في ذوي العُقول: واستعملت ههنا في الكلمات؛ والحديثُ وإن لم يكن حجَّةً في باب القواعد، إلا أن الأوْلى عندي أن يُقال بجوازِ استعمالِها مُطْلقًا، كما في الحديث. 20 - باب إِذَا ضَرَبَ الْعَبْدَ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ 2559 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِى ابْنُ فُلاَنٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ». تحفة 14318، 14726 - 198/ 3 والأَمْرُ بالاتقاء عن الوَجْه ليس مخصوصًا بالإِنسان، بل ينبغي أن لا يُضْرب وَجْهُ (¬1) الفَرَس أيضًا، كما في «فصول - الفتوح - من باب الحظر والإِباحة». 2559 - قوله: (وهو ابنُ سمعان) وهذا الراوي ضَعيفٌ، ولذا دكره في السَّند بابن فلان، ولم يذكره باسمه؛ وقد وقع نحوُه في - كتاب البخاري - في مَوْضِعَين، أو ثلاثٍ، ولا يقدح ذلك في الحديث، لأنه ليس بمدارٍ في هذا الموضع، بل وقع مُقْترِنًا مع الغير، كما ترى ههنا، أنَّ المَدار على مالك؛ أما ابنُ سمعان، فذكره بِحَرْف العَطْفِ تَبعًا؛ وحينئذٍ لو حذفه أيضًا لما كان بأسٌ، فكذا إذا ذكره مقترِنًا بالغير. ثم هذا أيضًا خلافُ الاحتياط. ... ¬

_ (¬1) أخرج مسلم، قال: "نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الضَّرْب في الوَجْه، وعن الوَسْم في الوَجْه" وعنه عنده أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - مر عليه حمار، وقد وسم في وَجْهِهِ، قال: "لعن اللهُ الذي وَسَمَه".

50 - كتاب المكاتب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 50 - كِتَابُ المُكَاتَبِ 1 - بابُ إِثْمِ مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ 2 - بابُ الْمُكَاتَبِ، وَنُجُومِهِ فِى كُلِّ سَنَةٍ نَجْمٌ وَقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33]. وَقَالَ رَوْحٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَوَاجِبٌ عَلَىَّ إِذَا عَلِمْتُ لَهُ مَالاً أَنْ أُكَاتِبَهُ قَالَ مَا أُرَاهُ إِلاَّ وَاجِبًا. وَقَالَهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَتَأْثُرُهُ عَنْ أَحَدٍ قَالَ لاَ، ثُمَّ أَخْبَرَنِى أَنَّ مُوسَى بْنَ أَنَسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ سِيرِينَ سَأَلَ أَنَسًا الْمُكَاتَبَةَ وَكَانَ كَثِيرَ الْمَالِ فَأَبَى، فَانْطَلَقَ إِلَى عُمَرَ - رضى الله عنه - فَقَالَ كَاتِبْهُ. فَأَبَى فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ وَيَتْلُو عُمَرُ {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} فَكَاتَبَهُ. تحفة 10648 2560 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - إِنَّ بَرِيرَةَ دَخَلَتْ عَلَيْهَا تَسْتَعِينُهَا فِى كِتَابَتِهَا وَعَلَيْهَا خَمْسَةُ أَوَاقٍ، نُجِّمَتْ عَلَيْهَا فِى خَمْسِ سِنِينَ، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ وَنَفِسَتْ فِيهَا أَرَأَيْتِ إِنْ عَدَدْتُ لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً، أَيَبِيعُكِ أَهْلُكِ، فَأُعْتِقَكِ، فَيَكُونَ وَلاَؤُكِ لِى فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَعَرَضَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا لاَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ لَنَا الْوَلاَءُ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اشْتَرِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِى كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِى كِتَابِ اللَّهِ فَهْوَ بَاطِلٌ، شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ». أطرافه 456، 1493، 2155، 2168، 2536، 2561، 2563، 2564، 2565، 2578، 2717، 2726، 2729، 2735، 5097، 5279، 5284، 5430، 6717، 6751، 6754، 6758، 6760 - تحفة 16702 - قوله: ({مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}) [النُّور: 33] ويجوزُ عندنا أداءُ الزكاة إلى المكاتب. قوله: (قال رَوْحٌ: عن ابن جُرَيج: قلت لعطاءِ: أواجِبٌ عليَّ إذا عَلِمت له مالا أَنْ أُكاتبه) ... الخ. والعبدُ لا يملِك مالا، إلا أن يكون عبدًا لأصحاب المروءة، فتركوا ما اكتسبه في يدِه. ولعلَّ الُبخاريَّ ذهب إلى وجوبِ الكِتابةِ إن سأله العَبْدُ. 3 - بابُ مَا يَجُوزُ مِنْ شُرُوطِ الْمُكَاتَبِ، وَمَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِى كِتَابِ اللَّهِ فِيهِ ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -.

2561 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُهَا فِى كِتَابَتِهَا، وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا، قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ ارْجِعِى إِلَى أَهْلِكِ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَقْضِىَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ، وَيَكُونَ وَلاَؤُكِ لِى فَعَلْتُ. فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ لأَهْلِهَا فَأَبَوْا وَقَالُوا إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ، وَيَكُونَ وَلاَؤُكِ لَنَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ابْتَاعِى فَأَعْتِقِى، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». قَالَ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا بَالُ أُنَاسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِى كِتَابِ اللَّهِ مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِى كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنْ شَرَطَ مِائَةَ مَرَّةٍ، شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ». أطرافه 456، 1493، 2155، 2168، 2536، 2560، 2563، 2564، 2565، 2578، 2717، 2726، 2729، 2735، 5097، 5279، 5284، 5430، 6717، 6751، 6754، 6758، 6760 - تحفة 16580 - 199/ 3 2562 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَرَادَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَشْتَرِىَ جَارِيَةً لِتُعْتِقَهَا، فَقَالَ أَهْلُهَا عَلَى أَنَّ وَلاَءَهَا لَنَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَمْنَعُكِ ذَلِكِ، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». أطرافه 2156، 2169، 6752، 6757، 6759 - تحفة 8334 قوله: (تَأْثُرُه عن أَحَدٍ) ... الخ، أي هل عندك نَقْلٌ على ما تقول؟ فقال: لا، ثُم تذكر بعده، فأخبره، كما في الكتاب. قوله: (ابن سيرين) ذكر عصام في «في حواشي شمائل التِّرمذي» أنه غيرُ مُنْصرف للِعَلَمية والتأنيث. فظنَّ أنه اسمُ امرأةٍ، وهو كما ترى، وصَدَق الحافظ ابن تيميةَ انَّ الرَّجُلَ إذا تكلَّم في غير فَنِّه أتى بالعجائب، وهكذا جَرَّبناه في رجالٍ لا تكون لهم ممارسةٌ في فنَ، ثم إذا تكلَّموا فيه، أتوا فيه بما يقضي منه العجب؛ منهم المولوي أحمد حسن السنبهلي - المحشيِّ «للهداية»، و «مسند» أبي حنيفة - مَرَّ على حديث عند الترمذي، ونقل عنه عبد الكريم بن مالك الجزري، فهو ثقةٌ، فقال: لم لا يجوزُ أن يكون هو ذلك الثَّقة دون ابن أبي المُخارِق؟ قلت: ومِثْل هذه المناقشةِ دليلٌ على عدم ممارستهِ لذلك العِلْم: فانَّ المُحَدِّين يعلمونَ سلسلةَ الأساتذةِ والتلامذةِ، كرأي عَيْن، فإِذا حكموا على رجلٍ بأنه فلانٌ، نظروا أولا إلى أساتذته، وتلامذته، وطُرْقه، فلا يحكمون بالإِبهام، والأَوهام، فما حكم به الترمذيُّ، إنَّما حكم بعد عِلْم منه أنه ابنُ أبي المُخارق، كالعيان، لا أنه ظنُّ منه، كالاحتمالات العقلية، فتنبه؛ بالجملة إن اخترت عدمَ انصراف سِيرين، فلا وَجْه له إلا على مَذْهب الأَخْفَش، لأن «الياء والنون» أيضًا من أسباب مَنْع الصَّرْف عنده، فيزيد عددُ أسبابِ مَنْع الصَّرف عنده. 2560 - قوله: (مَن اشترط شَرْطًا ليس في كتابِ الله فهو باطلٌ) ... الخ، وظاهرُه أَنَّ كُلَّ شَرْطٍ ليس له ذِكْر في القرآن، فهو رَدُّ باطل، مع أنه لم يذهب إليه أحد. وأجاب عنه الإِمام الشافعيُّ، فراجعه، وتلخيصُ كلام الكبارُ عسيرٌ، ولك أن تقول: معنى كونه ليس في كتاب الله،

4 - باب استعانة المكاتب، وسؤاله الناس

أي يخالف كتابَ الله، فلا يجِب كونُه مذكورًا فيه، بل يجب كونُه غير (¬1) مخالفٍ لقواعد الشَّرْع. 4 - باب اسْتِعَانَةِ الْمُكَاتَبِ، وَسُؤَالِهِ النَّاسَ 2563 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ جَاءَتْ بَرِيرَةُ فَقَالَتْ إِنِّى كَاتَبْتُ أَهْلِى عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فِى كُلِّ عَامٍ وَقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِى. فَقَالَتْ عَائِشَةُ إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً، وَأُعْتِقَكِ فَعَلْتُ، وَيَكُونَ وَلاَؤُكِ لِى. فَذَهَبَتْ إِلَى أَهْلِهَا، فَأَبَوْا ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ إِنِّى قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأَبَوْا إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْوَلاَءُ لَهُمْ. فَسَمِعَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَنِى فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ «خُذِيهَا، فَأَعْتِقِيهَا، وَاشْتَرِطِى لَهُمُ الْوَلاَءَ، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ رِجَالٍ مِنْكُمْ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِى كِتَابِ اللَّهِ فَأَيُّمَا شَرْطٍ لَيْسَ فِى كِتَابِ اللَّهِ فَهْوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، فَقَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، مَا بَالُ رِجَالٍ مِنْكُمْ يَقُولُ أَحَدُهُمْ أَعْتِقْ يَا فُلاَنُ وَلِىَ الْوَلاَءُ إِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». أطرافه 456، 1493، 2155، 2168، 2536، 2560، 2561، 2564، 2565، 2578، 2717، 2726، 2729، 2735، 5097، 5279، 5284، 5430، 6717، 6751، 6754، 6758، 6760 - تحفة 16813 - 200/ 3 2563 - قوله: (تِسَ أَواقٍ) وقَدَّم آنِفًا أنه كان خَمْسَ أواَقٍ، ويوجدُ مِثل هذه الاختلافات بين الرواة كثيرًا، ولا تتصدى إلى التطبيق بينها، وإنم نهتم بهاإذا كانت مدارًا لمسألةٍ، أما إذا كانت في ذيل القِصَّة، فلا تتعرَّصُ لها. 5 - بابُ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ إِذَا رَضِىَ وَقَالَتْ عَائِشَةُ هُوَ عَبْدٌ مَا بَقِىَ عَلَيْهِ شَىْءٌ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مَا بَقِىَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ هُوَ عَبْدٌ إِنْ عَاشَ وَإِنْ مَاتَ وَإِنْ جَنَى، مَا بَقِىَ عَلَيْهِ شَىْءٌ. 2564 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - فَقَالَتْ لَهَا إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَصُبَّ لَهُمْ ثَمَنَكِ صَبَّةً وَاحِدَةً فَأُعْتِقَكِ فَعَلْتُ. فَذَكَرَتْ بَرِيرَةُ ذَلِكَ لأَهْلِهَا، فَقَالُوا لاَ. إِلاَّ أَنْ يَكُونَ وَلاَؤُكِ لَنَا. قَالَ مَالِكٌ قَالَ يَحْيَى فَزَعَمَتْ عَمْرَةُ أَنَّ عَائِشَةَ ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». أطرافه 456، 1493، 2155، 2168، 2536، 2560، 2561، 2563، 2565، 2578، 2717، 2726، 2729، 2735، 5097، 5279، 5284، 5430، 6717، 6751، 6754، 6758، 6760 - تحفة 17938 ذهب الشافعيةُ إلى جوازِ بَيْع المكاتَب، وبَيْع المُدَبَّر. مع أن التدبير من التصرُّفات اللازمة، ولا يجوزُ عندنا بيع المكاتَب إلا بعد التَّعْجيزِ، فإِنَّ عجز عن أداءِ بدلِ الكتابة جاز بَيْعُه لَصيرُورته ¬

_ (¬1) قلت: وبه فسره العيني، وقال ابن خزيمة: معناه ليس في حكم الله جوازه، أو وجوبه، لا أن كل من شرط شرطًا لم ينطق به الكتاب يبطل، اهـ: ص 348 - ج 6 "عمدة القاري".

6 - باب إذا قال المكاتب: اشترني وأعتقني، فاشتراه لذلك

قِنًا، وكذا يجوزُ إذا قال لمولاه: بِعْني، ورَضِي به المَوْلى لتضمُّنِه التعجيزَ، فلا يَرِد الحديثُ علينا، فَهُم حَمَلُوه على بَيْع المكاتِبَ، ونحن حملنان على مسألةِ التعجيز، وهذان نَظَران، ولكلِّ واحدٍ نَظَرٌ، وهو راعيه، فلا حُجَّةَ فيه لأَحَدٍ. قوله: (وهو عَبْدٌ ما بقي عَلَيْه دِرْهِمٌ) وهو المسألةُ عندنا. وقد ذهب جماعةٌ إلى تَجزُّىء العِتْق في المكاتَب بِقَدْر أداء بَدل الكِتابة. فقال: إنه يعتق بِقَدْر ما أَدَّى، وله حديثٌ مرفوعٌ عند الترمذي (¬1) عن ابن عباس - وحَسَّنه أيضًا - قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «يؤدِّي المكاتَبُ بِحصَّة ما أدَّى دَيةَ حُرِّ، وما بقي دِيةُ عبد». قال الترمذيُّ: والعملُ على هذا عند بَعْض أهل العلم من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وأكثَرُ أهل العِلْم من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وغيرِم أن المكاتَب عَبْدُ ما بقي عليه دِرْهم، اهـ، ولم يعبأ به البخاريُّ، وأَسْقَطَه، ووضع المسألةَ ما هي عند الجمهور؛ قلت: ولم أَرَ أحدًا منهم أجاب عنه؛ وما ذكره الشيخُ عبدُ الحقِّ، فلا يُسْمِن ولا يُغني من جوعٍ. 6 - باب إِذَا قَالَ الْمُكَاتَبُ: اشْتَرِنِي وَأَعْتِقْنِي، فَاشْتَرَاهُ لِذَلِكَ 2565 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى أَيْمَنُ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقُلْتُ كُنْتُ غُلاَمًا لِعُتْبَةَ بْنِ أَبِى لَهَبٍ، وَمَاتَ وَوَرِثَنِى بَنُوهُ، وَإِنَّهُمْ بَاعُونِى مِنَ ابْنِ أَبِى عَمْرٍو، فَأَعْتَقَنِى ابْنُ أَبِى عَمْرٍو، وَاشْتَرَطَ بَنُو عُتْبَةَ الْوَلاَءَ. فَقَالَتْ دَخَلَتْ بَرِيرَةُ وَهْىَ مُكَاتَبَةٌ فَقَالَتِ اشْتَرِينِى وَأَعْتِقِينِى. قَالَتْ نَعَمْ. قَالَتْ لاَ يَبِيعُونِى حَتَّى يَشْتَرِطُوا وَلاَئِى. فَقَالَتْ لاَ حَاجَةَ لِى بِذَلِكَ. فَسَمِعَ بِذَلِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ بَلَغَهُ، فَذَكَرَ لِعَائِشَةَ، فَذَكَرَتْ عَائِشَةُ مَا قَالَتْ لَهَا، فَقَالَ «اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، وَدَعِيهِمْ يَشْتَرِطُونَ مَا شَاءُوا». فَاشْتَرَتْهَا عَائِشَةُ فَأَعْتَقَتْهَا وَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا الْوَلاَءَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَإِنِ اشْتَرَطُوا مِائَةَ شَرْطٍ». أطرافه 456، 1493، 2155، 2168، 2536، 2560، 2561، 2563، 2564، 2578، 2717، 2726، 2729، 2735، 5097، 5279، 5284، 5430، 6717، 6751، 6754، 6758، 6760 - تحفة 16043 واعلم أن الشِّراء بِشَرْط العِتْق مُفْسِدٌ للعقد عندنا. قلت: هذا في الحُكْم والقضاء؛ أما إذا كان من باب المروءةِ، فلا. 2565 - قوله: (دَعِيهم يَشْتَرِطُوا ما شاءوا)، وهذا ما الذي كنّا ننتظره، فإِنَّه صريحٌ في أن الأَمْر في قوله: «اشترطي»، لم يكن للاشتراط، بل للإلغاء، كما في الرواية، أي اشتراطُهم لَغْوٌ، فاشتريها أنت، ويكون الوَلاءُ لك. ... ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وقد كان الشيخ ذكر جوابه في -درس الترمذي- وقد فهمته إن شاء الله، ولكن ليس ههنا موضع بسطه، وإنما همنا ههنا بسط ما يتعلق بموضوع البخاري، أما أبحاث الترمذي، فليراجعها من تقاريره، وليس كل الصيد في جوف الفرى.

51 - كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 51 - كِتَابُ الهِبَةِ وَفَضْلِهَا وَالتَّحْرِيضِ عَلَيهَا 1 - بابٌ 2566 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِىِّ {عَنْ أَبِيهِ} عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لاَ تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا، وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ». طرفه 6017 - تحفة 14325 - 201/ 3 2566 - قوله: (يا نساء المسلمين) .. الخ. واعلم أنَّ إضافةَ الموصوفِ إلى الصِّفة جائزةٌ عند الكوُفيين؛ وخالفهم البَصرِيُّون، وأوَّلوا في مِثْل هذه المواضيع؛ وليس بشيءٍ فإِنَّ كثرة الاستعمال دليلُ الجواز؛ فمذهب الكوفيين أرجِح. قوله: (لا تَحْقِرَنَّ) ... الخ، وحاصِلُه أنه ينبغي لها أن تنفق من كثيرِها وقَلِيلها، ولا تمتنع عن المواساةِ بالقليلِ أيضًا. 2567 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ ابْنَ أُخْتِى، إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلاَلِ ثُمَّ الْهِلاَلِ، ثَلاَثَةَ أَهِلَّةٍ فِى شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ فِى أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَارٌ. فَقُلْتُ يَا خَالَةُ مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ قَالَتِ الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ، إِلاَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَلْبَانِهِمْ، فَيَسْقِينَا. طرفاه 6458، 6459 - تحفة 17352 2567 - قوله: (ثَلاثَةَ أَهِلَّةٍ في شَهْرَيْن) ... الخ وصُورَتُه (¬1) أن يُعَدَّ الهِلالانِ من أطراف الشَّهْر، والواحد من الوسط. 2 - بابُ الْقَلِيلِ مِنَ الْهِبَةِ 2568 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ ¬

_ (¬1) هكذا ذكره العيني: ص 254 - ج 6، وهذا نصه: وتكملها في شهرين باعتبار رؤية الهلال في أول الشهر الأول، ثم برؤيته في أول الشهر الثاني، ثم برؤيته فى أول الشهر الثالث. فيصدق عليه ثلاثة أهلة، ولكن المدة ستون يومًا، اهـ.

3 - باب من استوهب من أصحابه شيئا

أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِىَ إِلَىَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ». طرفه 5178 - تحفة 13405 2568 - قوله: (ولَوْ دُعِيتُ إلى ذِرَاع، أو كُرَاعٍ لأَحَبْتُ)، واعلم أن إجابتَه الدَّعْوةَ سُنَّةٌ، وفي «الهداية»؛ إنَّ إجابتَه دعوةَ الوليمةِ واجبةٌ، ولعلَّ (¬1) التخصيصَ بدعوةِ الوليمة، لأن من دَأْب الناسِ أنهم يَطْبُخُون في الولائم طِعامًا كثيرًا، ويتكلَّفون فيه، فلو لم يُجَب إليها الأَدى إلى إضاعةِ أموالهم؛ وبالجمة إنَّ الأَمْرَ فيها مُحتلِفٌ باختلاف الأحوال، والأزمان، والأشخاص. 3 - بابُ مَنِ اسْتَوْهَبَ مِنْ أَصْحَابِهِ شَيْئًا وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - «اضْرِبُوا لِى مَعَكُمْ سَهْمًا». 2569 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَ إِلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَكَانَ لَهَا غُلاَمٌ نَجَّارٌ قَالَ لَهَا «مُرِى عَبْدَكِ فَلْيَعْمَلْ لَنَا أَعْوَادَ الْمِنْبَرِ». فَأَمَرَتْ عَبْدَهَا، فَذَهَبَ فَقَطَعَ مِنَ الطَّرْفَاءِ، فَصَنَعَ لَهُ مِنْبَرًا، فَلَمَّا قَضَاهُ أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَدْ قَضَاهُ، قَالَ - صلى الله عليه وسلم - «أَرْسِلِى بِهِ إِلَىَّ». فَجَاءُوا بِهِ فَاحْتَمَلَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَضَعَهُ حَيْثُ تَرَوْنَ. أطرافه 377، 448، 917، 2094 - تحفة 4760 2570 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ السَّلَمِىِّ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ يَوْمًا جَالِسًا مَعَ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَنْزِلٍ فِى طَرِيقِ مَكَّةَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَازِلٌ أَمَامَنَا وَالْقَوْمُ مُحْرِمُونَ، وَأَنَا غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَأَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَأَنَا مَشْغُولٌ أَخْصِفُ نَعْلِى، فَلَمْ يُؤْذِنُونِى بِهِ، وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّى أَبْصَرْتُهُ، وَالْتَفَتُّ فَأَبْصَرْتُهُ، فَقُمْتُ إِلَى الْفَرَسِ فَأَسْرَجْتُهُ ثُمَّ رَكِبْتُ وَنَسِيتُ السَّوْطَ وَالرُّمْحَ فَقُلْتُ لَهُمْ نَاوِلُونِى السَّوْطَ وَالرُّمْحَ. فَقَالُوا لاَ وَاللَّهِ، لاَ نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَىْءٍ. فَغَضِبْتُ فَنَزَلْتُ فَأَخَذْتُهُمَا، ثُمَّ رَكِبْتُ، فَشَدَدْتُ عَلَى الْحِمَارِ فَعَقَرْتُهُ، ثُمَّ جِئْتُ بِهِ وَقَدْ مَاتَ، فَوَقَعُوا فِيهِ يَأْكُلُونَهُ، ثُمَّ إِنَّهُمْ شَكُّوا فِى أَكْلِهِمْ إِيَّاهُ، وَهُمْ حُرُمٌ، فَرُحْنَا وَخَبَأْتُ الْعَضُدَ مَعِى، فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ «مَعَكُمْ مِنْهُ شَىْءٌ». فَقُلْتُ نَعَمْ. فَنَاوَلْتُهُ الْعَضُدَ فَأَكَلَهَا، حَتَّى نَفَّدَهَا وَهْوَ مُحْرِمٌ. فَحَدَّثَنِى بِهِ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ. أطرافه 1821، 1822، 1823، 1824، 2854، 2914، 4149، 5406، 5407، 5490، 5491، 5492 - تحفة 12099، 12120 - 202/ 3 ¬

_ (¬1) قلت: أخرج أبو داود عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن طعام المتبارئين، وقال محيي السنة: الصحيح أنه عن عكرمة مرسلًا، وفسره الإِمام أحمد بالمتعارضين بالضيافة، فهذا الذي أراده الشيخ من اختلاف الأزمان، ثم قد يخطر بالبال أن التحريض على الإِجابة، لما كان نظرًا إلى ضياع أموالهم، ناسب التحذير عن أكلها تعزيزًا لهم، فلا يؤكل طعامهم، والله تعالى أعلم بالصواب، وراجع له "المعتصر" ص 187، فإنه قد تكلم فيه كلامًا حسنًا جدًا، لم أذكره، مخافة التطويل، وسنذكر مباحث لطيفة في النكاح عن ابن العربي إن شاء الله.

4 - باب من استسقى

يعني أنه جائزٌ إذا عَلِمَ طيبَ خاطِرِهم؛ والأصل فيه: أَنَّ كلَّ ما لا يُعَد سؤالُه ذُلاًّ ودناءةً في العُرْف، فهو جائزٌ، كالسؤال من السلطان؛ ذكره الغزَّالي؛ وكذك كُلّ مِنْ كان في يده نظم شيء، وقسمته، أما إذا كان خلاف ذلك، فهو مَوْرَدُ الوعيد؛ فإِنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أَمَر أُمَّته بمكارِم الأَخلاِ البهيَّةِ، ونهاهم من الخِلال الدنيَّة. 4 - باب مَنِ اسْتَسْقَى وَقَالَ سَهْلٌ: قَالَ لِي النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اسْقِنِي». 2571 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو طَوَالَةَ - اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى دَارِنَا هَذِهِ، فَاسْتَسْقَى، فَحَلَبْنَا لَهُ شَاةً لَنَا، ثُمَّ شُبْتُهُ مِنْ مَاءِ بِئْرِنَا هَذِهِ، فَأَعْطَيْتُهُ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ يَسَارِهِ، وَعُمَرُ تُجَاهَهُ وَأَعْرَابِىٌّ عَنْ يَمِينِهِ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ عُمَرُ هَذَا أَبُو بَكْرٍ. فَأَعْطَى الأَعْرَابِىَّ، ثُمَّ قَالَ «الأَيْمَنُونَ، الأَيْمَنُونَ، أَلاَ فَيَمِّنُوا». قَالَ أَنَسٌ فَهْىَ سُنَّةٌ فَهْىَ سُنَّةٌ. ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. أطرافه 2352، 5612، 5619 - تحفة 972 2571 - قوله: (الأَيْمنُونَ الأَيْمنُونَ) ... الخ: وقد عَلِمت أن سُنَّة الهِديَّة أنها توضع ين يدي المُهدى إليه، فيراعي في القسمة يمينه، بخلاف غسل الأيدي، فإِنَّه يُراعي فيه الصْف. 5 - باب قَبُولِ هَدِيَّةِ الصَّيْدِ وَقَبِلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَبِي قَتَادَةَ عَضُدَ الصَّيْدِ. 2572 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَسَعَى الْقَوْمُ فَلَغَبُوا، فَأَدْرَكْتُهَا فَأَخَذْتُهَا، فَأَتَيْتُ بِهَا أَبَا طَلْحَةَ فَذَبَحَهَا، وَبَعَثَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِوَرِكِهَا - أَوْ فَخِذَيْهَا قَالَ فَخِذَيْهَا لاَ شَكَّ فِيهِ - فَقَبِلَهُ. قُلْتُ وَأَكَلَ مِنْهُ قَالَ وَأَكَلَ مِنْهُ. ثُمَّ قَالَ بَعْدُ قَبِلَهُ. طرفاه 5489، 5535 - تحفة 1629 - 203/ 3 6 - باب قَبُولِ الْهَدِيَّةِ 2573 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ - رضى الله عنهم - أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِمَارًا وَحْشِيًّا وَهْوَ بِالأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى مَا فِى وَجْهِهِ قَالَ «أَمَا إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلاَّ أَنَّا حُرُمٌ». طرفاه 1825، 2596 - تحفة 4940 2573 - قوله: (أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلّم حمارًا وحشيًا) وعند مسلم عجز حمار وَحْشيء، يَقْطُر دمًا، وفي لفظ: شق حمارِ وحشيِ، ولم يعبأ البخاريُّ. فلم يخرجه في «كتاب الحج»، وذلك لأنه وافق الحنفية في المسألة.

7 - باب قبول الهدية

7 - باب قَبُولِ الْهَدِيَّةِ 2574 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدَةُ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، يَبْتَغُونَ بِهَا - أَوْ يَبْتَغُونَ بِذَلِكَ - مَرْضَاةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2580، 2581، 3775 - تحفة 17044 2575 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَهْدَتْ أُمُّ حُفَيْدٍ خَالَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَقِطًا وَسَمْنًا وَأَضُبًّا، فَأَكَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الأَقِطِ وَالسَّمْنِ، وَتَرَكَ الضَّبَّ تَقَذُّرًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا مَا أُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 5389، 5402، 7358 - تحفة 5448 2576 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أُتِىَ بِطَعَامٍ سَأَلَ عَنْهُ أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ فَإِنْ قِيلَ صَدَقَةٌ. قَالَ لأَصْحَابِهِ كُلُوا. وَلَمْ يَأْكُلْ، وَإِنْ قِيلَ هَدِيَّةٌ. ضَرَبَ بِيَدِهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَكَلَ مَعَهُمْ». تحفة 14359 2577 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِلَحْمٍ فَقِيلَ تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ قَالَ «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ». طرفه 1495 - تحفة 1242 2578 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ سَمِعْتُهُ مِنْهُ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِىَ بَرِيرَةَ، وَأَنَّهُمُ اشْتَرَطُوا وَلاَءَهَا، فَذُكِرَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اشْتَرِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». وَأُهْدِىَ لَهَا لَحْمٌ، فَقِيلَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - هَذَا تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ». وَخُيِّرَتْ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ زَوْجُهَا حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ قَالَ شُعْبَةُ سَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ عَنْ زَوْجِهَا. قَالَ لاَ أَدْرِى أَحُرٌّ أَمْ عَبْدٌ أطرافه 456، 1493، 2155، 2168، 2536، 2560، 2561، 2563، 2564، 2565، 2717، 2726، 2729، 2735، 5097، 5279، 5284، 5430، 6717، 6751، 6754، 6758، 6760 - تحفة 17491 - 304/ 3 2579 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقَالَ «عِنْدَكُمْ شَىْءٌ». قَالَتْ لاَ، إِلاَّ شَىْءٌ بَعَثَتْ بِهِ أُمُّ عَطِيَّةَ مِنَ الشَّاةِ الَّتِى بُعِثَ إِلَيْهَا مِنَ الصَّدَقَةِ. قَالَ «إِنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا». طرفاه 1446، 1494 - تحفة 18125 ولا بد من الفرق بين الهدية والصدقة للفرق بين أحكامهما، حِلاًّ وحُرْمةً، فقالوا: إن المقصودَ أولا في الهَدِية المُهْدى إليه، وإن حَصَل الثَّوابُ آخِرًا؛ والمقصودَ من الصدقةِ هو التقرُّبُ إلى اللهِ أَوْلا، وإن رضي المُهْدَى إليه آخِرًا أيضًا.

مسألة

2575 - قوله: (وَترَك الضَّبَّ تقدُّرًا) - والضَّبْ بالفارسية سوسمار وفي الهندية كوه؛ وهو مكروهٌ تحريمًا عند فقهائنا، وتنزيهًا عند المحدثين، ولعل ذلك لاختلاف الروايات في أَكْلِه وترْكه، والمختارُ عندي قولُ الفقهاء، لأنه من أَخْبثِ الحيواناتِ، مع أنه ذُو سُمَّ؛ وسياقُ الأَحاديث عند مُسْلِم يَدُلُّ على أن الأَمْرَ انتهى (1) فيه إلى التَّرْك، فراجعه، عن أبي سعيدٍ، أن أعرابيًا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: إن في غائط مضبة، وأنه عامةُ طعامِ أهلي، قال: فلم يُجِبه، قلنا: عاوِدْه، فلم يُجِبه ثلاثًا، ثم ناداه رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم في الثالثةِ، فقال: «يا أعرابيُّ، إنَّ الله عزّ وجل لَعَنَ وغَضِب على سِبْط من بني إِسْرائيل، فمسخَهم دوابًّا، يدبون في الأرض؛ فلا أدري لعل هذا منها، فَلَسْتُ آكُلها، ولا أنهى عنها»، اهـ؛ وفيه دليلٌ على الكراهةِ، وإن لم يكن نَهى صراحةً، لعدم النص فيه. وكذا عند أبي داود، والنَّسائي، قال: فشويتُ منها ضَبًّا، فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلّم فوضعته بين يديه، قال: «فأخذ عودًا فَعَدَّ به أصابِعَه، ثُم قال: إنَّ أُمّةً من بني إسرائيلَ» ... الخ، وأخرج الزَّبْلِعيّ نحوه عن «مسند» أحمد، واحتج محمدٌ على الكراهةِ بحديث عاشةَ، وأخرج الطحاوي أيضًا في «معاني الآثار» أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أُهِدي له ضَبَّ، فلم يأكله؛ فقام عليه سائلٌ، فأرادت عاشةُ أن تُعْطِيه، فقال لها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «أتعطيَنُ مالا تأكلين؟ قال محمد: فقد دلَّ ذلك على أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كَرِه لنفسه، ولغيره أَكَلَ الضَّبّ (2). قوله: (ما أُكِل على مائدةِ رسول الله صلى الله عليه وسلّم) ... الخ، وتسامح فيه الراوي، فإِنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يأكل على مائدةٍ، والصوابُ في ترجمته "كات كى سينى" أي التبسي من الخشب، وليست ميز وتبائى كما قالوا، نعم تُطْلُقُ عليه مجازًا. ولا تُشْترط المساواةُ بين الازواجِ، فيما يُهدَى إليه، هكذا كنت أَجَبْتُ عند الاستفتاء (3). مسألة اعلم أن كُفَّارَ الهند لا يُورثون البناتِ، فما في أيديه لا يكون إلا عَصْبًا، فهل يجوزُ بناهُ المسجد على أرضٍ أخذناها منهم؟ قلت: وهو جائزٌ، والخلاف فيه يُبنى على كَوْنِهم مُخاطِبين بالفُروع أم لا. 8 - بابُ مَنْ أَهْدَى إِلَى صَاحِبِهِ وَتَحَرَّى بَعْضَ نِسَائِهِ دُونَ بَعْضٍ 2580 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ

9 - باب ما لا يرد من الهدية

عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمُ يَوْمِى. وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ إِنَّ صَوَاحِبِى اجْتَمَعْنَ. فَذَكَرَتْ لَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهَا. أطرافه 2574، 2581، 3775 - تحفة 16861 2581 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ نِسَاءَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كُنَّ حِزْبَيْنِ فَحِزْبٌ فِيهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَصَفِيَّةُ وَسَوْدَةُ، وَالْحِزْبُ الآخَرُ أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَائِشَةَ، فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخَّرَهَا، حَتَّى إِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَيْتِ عَائِشَةَ بَعَثَ صَاحِبُ الْهَدِيَّةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَيْتِ عَائِشَةَ، فَكَلَّمَ حِزْبُ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلْنَ لَهَا كَلِّمِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَيَقُولُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِىَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَدِيَّةً فَلْيُهْدِهِ إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ بُيُوتِ نِسَائِهِ، فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلْنَهَا. فَقَالَتْ مَا قَالَ لِى شَيْئًا. فَقُلْنَ لَهَا فَكَلِّمِيهِ. قَالَتْ فَكَلَّمَتْهُ حِينَ دَارَ إِلَيْهَا أَيْضًا، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلْنَهَا. فَقَالَتْ مَا قَالَ لِى شَيْئًا. فَقُلْنَ لَهَا كَلِّمِيهِ حَتَّى يُكَلِّمَكِ. فَدَارَ إِلَيْهَا فَكَلَّمَتْهُ. فَقَالَ لَهَا «لاَ تُؤْذِينِى فِى عَائِشَةَ، فَإِنَّ الْوَحْىَ لَمْ يَأْتِنِى، وَأَنَا فِى ثَوْبِ امْرَأَةٍ إِلاَّ عَائِشَةَ». قَالَتْ فَقَالَتْ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَرْسَلْنَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَقُولُ إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ الْعَدْلَ فِى بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ. فَكَلَّمَتْهُ. فَقَالَ «يَا بُنَيَّةُ، أَلاَ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ». قَالَتْ بَلَى. فَرَجَعَتْ إِلَيْهِنَّ، فَأَخْبَرَتْهُنَّ. فَقُلْنَ ارْجِعِى إِلَيْهِ. فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ، فَأَرْسَلْنَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، فَأَتَتْهُ فَأَغْلَظَتْ، وَقَالَتْ إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ الْعَدْلَ فِى بِنْتِ ابْنِ أَبِى قُحَافَةَ. فَرَفَعَتْ صَوْتَهَا، حَتَّى تَنَاوَلَتْ عَائِشَةَ. وَهْىَ قَاعِدَةٌ، فَسَبَّتْهَا حَتَّى إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيَنْظُرُ إِلَى عَائِشَةَ هَلْ تَكَلَّمُ قَالَ فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ تَرُدُّ عَلَى زَيْنَبَ، حَتَّى أَسْكَتَتْهَا. قَالَتْ فَنَظَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى عَائِشَةَ، وَقَالَ «إِنَّهَا بِنْتُ أَبِى بَكْرٍ». قَالَ الْبُخَارِىُّ الْكَلاَمُ الأَخِيرُ قِصَّةُ فَاطِمَةَ يُذْكَرُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَقَالَ أَبُو مَرْوَانَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ. وَعَنْ هِشَامٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَرَجُلٍ مِنَ الْمَوَالِى، عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ قَالَتْ عَائِشَةُ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَأْذَنَتْ فَاطِمَةُ. أطرافه 2574، 2580، 3775 - تحفة 16949، 17304، 17590 - 205/ 3 9 - باب مَا لاَ يُرَدُّ مِنَ الْهَدِيَّةِ 2582 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَنَاوَلَنِى طِيبًا، قَالَ كَانَ أَنَسٌ - رضى الله عنه - لاَ يَرُدُّ الطِّيبَ. قَالَ وَزَعَمَ أَنَسٌ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لاَ يَرُدُّ الطِّيبَ. طرفه 5929 - تحفة 499

10 - باب من رأى الهبة الغائبة جائزة

2581 - قوله: (إنَّ نساء النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كنّ حِزْبين): فعائشةُ، وحَفْصةُ كانتا في حِزْب؛ وزينب، وغيرها في حزب) وقد سها الراوي ههنا في تفسير الحِزبين؛ فإِنَّ اختلج في صدْرِك أنه كيف هذا في أمهات المؤمنين قلت: ألم يكن بَشَرًا؟ فثبت منهن النزاعُ، والاغتباطٌ والسورة في الكلام، وغيرها. فتلك أمورٌ تعتري الإِنسان مِن تلقاء ضَعْفِه (¬1)، معم الفَضْل بالتقوى، ومخالفة الهوى، وصحبة خَيْرِ الورى، وإيثار الدنيا على العُقْبى، لا بِخَلْع النشأةِ الإِنسانة، وتلبس النشأة الأخرى، ومَنْ لا يُفَرِّق بين هذه فقد غوى، على أن الله تعالى يبتلى بها خواصَّ عبادِه، وأنبيائه، فتجري تلك الأمورُ في بيوتهم أيضًا عَزْمُهم وصَبْرهم، وعَدْلُهم وتَقْواهم، وليعلمَ النَّاسُ أن علانِيَتَهم خيرٌ، وسريرَتهم خيرٌ من علانيتهم؛ وليكونوا أسوةً لأممهم، فيه حِكَمٌ لا تَخْفَى والله تعالى أعلم. قوله: (إنَّ نِساءَك يَنْشُدْنك العدلَ) ... الخ، وهذه الكلمةُ تُشْبِه التي تكلَّم بها رأسُ الخوارج فاستأذن له بعض الصحابةِ أن يَضْربوه بالسيف، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلّم دَعْه لعلَّ اللهَ يُخْرج من ضئضي، هذا قومًا يَخْرُجون من الدِّين» ... الخ، وقد أجبت عنه في رسالتي «إكفار المُلْحِدين»، وقد مرّ في هذه الوريقاتِ أيضًا أنَّ الكلمةَ الواحدة، تَخْتَلِف إسلامًا وكُفْرًا باختلاف النِّيات، واللَّهْجة، وصورِ الأداء فتذكره. 10 - باب مَنْ رَأَى الْهِبَةَ الْغَائِبَةَ جَائِزَةً 2583 و 2584 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ ذَكَرَ عُرْوَةُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ رضى الله عنهما وَمَرْوَانَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ قَامَ فِى النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّى رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِىءُ اللَّهُ عَلَيْنَا». فَقَالَ النَّاسُ طَيَّبْنَا لَكَ. حديث 2583 أطرافه 2308، 2540، 2608، 3132، 4319، 7177 - تحفة 11271 حديث 2584 أطرافه 2307، 2539، 2607، 3131، 4318، 7176 - تحفة 11251 ولعل المصنِّف أراد من الهبةِ الشيءَ المَوْهوبَ، والمعنى أنَّ هبةَ الشيء جائزةٌ، وإنْ كان غائبًا عن المجلس، أو كان الموهوبُ له أيضًا غائبًا؛ وحاصله أنه لا يُشْترطُ لصحةِ الهبةِ حضورُ الموهوبِ له، أو الشيء المَوْهوب؛ وتمسك له بِقصَّة سَبْي هوازن، فإِنَّ الواهِب فيها كان النبيَّ صلى الله عليه وسلّم والأشياءَ الموهبةَ لم تكن حاضِرةً في المجلس، فثبت الترجمةُ، ثم التحقيقُ على تخريج تلك القِصَّة، فسنعود إليه، ونحققه أنها كانت إعتاقًا لا هبةً. 11 - باب الْمُكَافَأَةِ فِى الْهِبَةِ 2585 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ ¬

_ (¬1) قلت: وإليه أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة كسر القصعة، غارت أمكم! كأنه يعذرها، فهي حقيقة غامضة، نبه عليها صاحب الوحي، بلفظ موجز، فاعلمه.

12 - باب الهبة للولد، وإذا أعطى بعض ولده شيئا لم يجز حتى يعدل بينهم ويعطي الآخرين مثله، ولا يشهد عليه

- رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا. لَمْ يَذْكُرْ وَكِيعٌ وَمُحَاضِرٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ. تحفة 17133، 17180 أ يعني أنَّ الهِبةَ بِشَرْط العِوَض جائزةٌ، وفي «الهداية» أَنهاهِبةُ ابتداءً، وَبيْعٌ انتهاءً. 12 - باب الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ، وَإِذَا أَعْطَى بَعْضَ وَلَدِهِ شَيْئًا لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَعْدِلَ بَيْنَهُمْ وَيُعْطِيَ الآخَرِينَ مِثْلَهُ، وَلاَ يُشْهَدُ عَلَيْهِ وَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - «اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ فِى الْعَطِيَّةِ». وَهَلْ لِلْوَالِدِ أَنْ يَرْجِعَ فِى عَطِيَّتِهِ وَمَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ يَتَعَدَّى. وَاشْتَرَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ عُمَرَ بَعِيرًا ثُمَّ أَعْطَاهُ ابْنَ عُمَرَ، وَقَالَ «اصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ». 2586 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنِّى نَحَلْتُ ابْنِى هَذَا غُلاَمًا. فَقَالَ «أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ». قَالَ لاَ. قَالَ «فَارْجِعْهُ». طرفاه 2587، 2650 - تحفة 11617، 11638 جزم المصنِّفُ ببطلان الترجيح (¬1) في الهِبة؛ وعندنا في تفصيلٌ، فإِنَّ رَجَّح بَعْضُهم على بَعْضٍ لمعنى صحيحٍ جاز، نحو إنْ كان بَعْضُهم معتملا، والآخَرُ غيرُ معتمل، أو كان له عِيالٌ كثيرة، وليست تسعهم نَفَقَتُه، فلا بأس أن يفضل بعضهم بعضًا في المِنْحة والصِّلة، كذا ذكره على القارِي، وهكذا ينبغي. ويجوز للفقيه أن يُخصِّص الحديث عند انجلاء الوَجْه، ولا يجب عليه أنَّ يَعَضُّ بعموم المنطوق، وفي عامَّةِ كُتُب المذاهب الأربعة أن تَخصِيص خَيْرِ الواحد جائزٌ بالقياس. قال الشيخُ ابنُ الهام: يِشَرْط أن يكون هذا القياسُ مُستَنْبطًا، ومُنْتهيًا إلى نَصِّ، فقال ابنُ القاسم: إنَّ هذا الشَرْطَ لا يُعْلَم من كلام العلماء. وصَرَّح الشيخُ تقيُّ الدين بنُ الدقيق العيد في حديث النَّهي عن تَلَقِّي الجَلَب أَنَّ التخصيصَ بالرأي جائزٌ عِنْد ظُهور الوَجْه؛ ولذا قال الحنفيةُ: إنَّ النَّهي المذكورَ إنما هو إذا كان التَّلَقِّي يَضُر بأهل البلد، وإلا فهو جائزٌ. قوله: (لا أشهد على الجور) وههنا قرينةٌ على كونِه جَوْرًا، لأنه كانت له زَوْجتان، وكان له أولادٌ من كلِّ منهما، ولا رَيْب أن في الترجيح بين أولادِ إحدى الزوجتين مظنة الجَوْر، فأنكر عليه لهذا. أما إذا كان الترجيحُ لداعيةٍ نحو كَوْن أحدِهما مؤمنًا تقيًا، والآخر فاسِقًا شقيًا، فلا جَوْر في التفضيل. ونظيرُ التفصيل في جواز التفضيل بين الأولاد ما رُوي: أنَّ عمَر كان يُحِب أن يطلِّق ابنهُ زوجَتَه، فلم يُطلِّقها. فبلغ خبرُه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فأَمَرَه أن يُطلِّقها، مع أنه ليس بكلية، وفيه أيضًا ¬

_ (¬1) وراجع البحث في التسوية بين الأولاد من العيني: ص 275 - ج 6، فقد بسط فيه جدًا.

تفصيل؛ ففي بعض الأحوال، يجب على الولدِ أن يُطلِّق امرأتَه عند أمر أبيه، ولا يجِبُ في بعض آخر؛ والسرُّ في ذلك أنه قد يكون في ذِهْن صاحِب الشَّرع تَفْصِيلٌ في المقام، ثُم لا يُفْصح به مخافةً أن يتهاونَ فيه الناس، ويستظهروا بتفصيله، كما في تلك القِصَّة؛ فلو فَصَّل المسألةَ لأمكن أن يتمسَّك به ابنُ عمرَ، ولم يطلَّق امرأَتَه، فأَمره أن يطلِّقها، وسكت عن التفصيل. قوله: (وهل للوَالِدِ أن يَرْجِع في عَطِيَّتِه) ليس للوَلِدِ أَنْ يرجِع في هِبته لِوَلِده، وهو الحُكْم عِنْدنا في كل ذي رَحِم مُحر، وجَوَّزَه الشافعيُّ في هِبة الوَالِدِ لَولَدِه خاصَّةً، وله في ذلك حديثٌ عند التَّرمذي، أخرجه في «البيوع» عن ابن عمرَ مرفوعًا، قال: «لا يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يعطي عَطِيَّةً، فيرجع إلا الوَالِدُ فيما يُعْطِي وَلَدَه». اهـ. فالحديثُ حُجّةٌ علينا في الجزءين: فإِنَّ المشهورَ أَنَّ الرُّجوع عن الهِبة (¬1) جائزٌ عندنا، عِنْد فُقْدَان المَوانِع السَّبْعة، وجمعها النَّسفيُّ في منظومته: * قد يَمْنَع الرُّجُوعَ عن الهِبة ... يا صاحبي حُروفْ: دمع خزقة (¬2) ولا يجوزُ للوَالِدِ أن يَرْجِع عن هِبته لولده؛ قلت: أما مسألةُ جوازِ الرجوع في الهبة عند فُقْدان الموانع السبعة، فهو حُكْم القضاء دون الدِّيانة؛ فيُكرَه الرجوعُ ديانةً عند عَدَم الموانع السَّبْعَة أيضًا، إما كراهة تحريم، كما في قول، أو كراهة تَنْزِيه، كما في قَوْلٍ آخر. والحديثُ محمولٌ عندنا على حُكم الدِّيانة دون القضاء. ثم جوازُ الرُّجُوع مَشْروطٌ، إما القضاء، أو الرضاء؛ فلا يجوزُ بدون أَحَدِما. والمُفْتون في زماننا يُفْتون بجوازٍ الرُّجوع عند عدم الموانع السبعة مطلقًا؛ وليس بصحيح، فإِنَّ قيد الرضاء، أو القضاء مذكورٌ في متن «الكنز»، فاعلمه، ولنا حديثُ ابن ماجه: «الواهِبُ أَحَقُّ بالهبة ما لم يَثب منها، اهـ. بقي الجواب عن الاستثناء، فأقول: إنَّ ما يَصْرِفُه الوَالِدُ من مالِ وَلَدِه ليس رُجوعًا، بل من باب؛ «أنت ومالُك لأبيك» فَيَدُهُ بسوطةٌ في مالِ وَلدِه، فإِنَّه يجوزُ له أن يأكلَ مِن مال وَلَدِه (¬3)، سواء كان مِمَّا وهبه له، أو غيره؛ لكن لما كان استعمالُ المالِ الذي وهبه له رُجوعًا صورةً، نَزِّله مَنْزِلة الرُّجوع، وَوَضَعه مَوْضِعَ الاستثناء من الرجوع، وإلا فهو ليس برجوعٍ، ولكنه تملك مستأنفٌ بِحُكم الحديث: «أنت، ومالك لأبيك»، وقد نبهناك مرارًا أن الحديث لا يأخذُ إلا ¬

_ (¬1) قال العلامة المارديني: وإلى جواز الرجوع في الهبة ذهب جماعة من الصحابة، كعمر، وعثمان، وعلي، وأبي الدرداء، وغيرهم، وهو مذهب جمهور التابعين؛ وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر، قال: هو أحق بها ما لم يرض منها -يعني الهبة- وصححه ابن حزم، وقال: لا مخالف لهم من الصحابة، ص 43 - ج 2 "الجوهر النقي". (¬2) "الدال" إشارة إلى الزيادة المتصلة "والميم" إلى موت أحد العاقدين، و"العين" إلى العوض، و"الخاء" إلى خروج الهبة من ملك الواهب، و"الزاء" إلى الزوجية، و"القاف" إلى القرابة، و"الهاء" إلى الهلاك. ورأيت في تقرير شيخ الهند أن هبة الوالد لولده صلة، فيقوم مقام أخذ البدل، فلا يصح رجوعه على حديث ابن ماجة، فإن فيه قيدًا، أي ما لم يثب منه، فاعلمه، فإنه لطيف، ولذا كان الحكم في جميع ذي رحم محرم عندنا سواء. (¬3) قال العيني: عند أبي حنيفة يجوز للأب الفقير أن يبيع عرض ابنه الغائب، لأجل النفقة، لأن له تملك مال الابن عند الحاجة، ولا يصح بيع العقار لأجل النفقة، اهـ ص 271 - ج 6 "عمدة القاري".

13 - باب الإشهاد فى الهبة

صورةَ الواقع (¬1)، وأما التخاريج فهي من أفعال الفقهاء والمجتهدين؛ وليس في الظاهر إلا الرجوعُ، فهو رجوعٌ في وظيفةِ الحديث، وتملُّك مُستأنَف في وظيفة الفقهاء. قوله: (واشترى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلّم مِن عُمَرَ بعِيرًا) ... الخ، وليست فيه مسألةُ رجوعِ الوالد في الهِبة، لأنَّ المُعطي في تلك القِصَّة هو النبيُّ صلى الله عليه وسلّم دون عمرَ. 2586 - قوله: (فأرْجِعْهُ) أمره بالرُّجوعِ لِدَفْع الكراهة. 13 - باب الإِشْهَادِ فِى الْهِبَةِ 2587 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ - رضى الله عنهما - وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ أَعْطَانِى أَبِى عَطِيَّةً، فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ لاَ أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنِّى أَعْطَيْتُ ابْنِى مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأَمَرَتْنِى أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا». قَالَ لاَ. قَالَ «فَاتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ». قَالَ فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ. طرفاه 2586، 2650 - تحفة 11625 14 - باب هِبَةِ الرَّجُلِ لاِمْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ جَائِزَةٌ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لاَ يَرْجِعَانِ. وَاسْتَأْذَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نِسَاءَهُ فِى أَنْ يُمَرَّضَ فِى بَيْتِ عَائِشَةَ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْعَائِدُ فِى هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِى قَيْئِهِ». وَقَالَ الزُّهْرِىُّ فِيمَنْ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ هَبِى لِى بَعْضَ صَدَاقِكِ أَوْ كُلَّهُ. ثُمَّ لَمْ يَمْكُثْ إِلاَّ يَسِيرًا حَتَّى طَلَّقَهَا فَرَجَعَتْ فِيهِ قَالَ يَرُدُّ إِلَيْهَا إِنْ كَانَ خَلَبَهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَعْطَتْهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ، لَيْسَ فِى شَىْءٍ مِنْ أَمْرِهِ خَدِيعَةٌ، جَازَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا} [النساء: 4]. 2588 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - لَمَّا ثَقُلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاشْتَدَّ وَجَعُهُ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِى بَيْتِى، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، تَخُطُّ رِجْلاَهُ الأَرْضَ، وَكَانَ بَيْنَ الْعَبَّاسِ، وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَذَكَرْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ، فَقَالَ لِى وَهَلْ تَدْرِى مَنِ الرَّجُلُ الَّذِى لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ قُلْتُ لاَ. قَالَ هُوَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ. أطرافه 198، 664، 665، 679، 683، 687، 712، 713، 716، 3099، 3384، 4442، 4445، 5714، 7303 - تحفة 16309 - 207/ 3 ¬

_ (¬1) وهو الملحظ عندنا في العرية، واستقراض الحيوان بالحيوان، ومهر صفية، وصفة صلاة الخوف المروية عن جابر، وإعتاق رجل ستة مماليك له عند موته، وبيع جابر بعيره من النبي - صلى الله عليه وسلم -، جاء البيان في كلها على صورة الواقع، لا على تخاريج الفقه، وراجع تقرير تلك المسائل من مواضعها، وإنما أردنا الآن التمثيل، دون التفصيل.

15 - باب هبة المرأة لغير زوجها وعتقها إذا كان لها زوج فهو جائز إذا لم تكن سفيهة، فإذا كانت سفيهة لم يجز

2589 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْعَائِدُ فِى هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِىءُ، ثُمَّ يَعُودُ فِى قَيْئِهِ». أطرافه 2621، 2622، 6975 - تحفة 5712 15 - بابُ هِبَةِ الْمَرْأَةِ لِغَيْرِ زَوْجِهَا وَعِتْقُهَا إِذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَهْوَ جَائِزٌ إِذَا لَمْ تَكُنْ سَفِيهَةً، فَإِذَا كَانَتْ سَفِيهَةً لَمْ يَجُزْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5]. 2590 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَسْمَاءَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِى مَالٌ إِلاَّ مَا أَدْخَلَ عَلَىَّ الزُّبَيْرُ فَأَتَصَدَّقُ. قَالَ «تَصَدَّقِى، وَلاَ تُوعِى فَيُوعَى عَلَيْكِ». أطرافه 1433، 1434، 2591 - تحفة 15714 2591 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَنْفِقِى وَلاَ تُحْصِى فَيُحْصِىَ اللَّهُ عَلَيْكِ، وَلاَ تُوعِى فَيُوعِىَ اللَّهُ عَلَيْكِ». أطرافه 1433، 1434، 2590 - تحفة 15748 2592 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ يَزِيدَ عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً وَلَمْ تَسْتَأْذِنِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُهَا الَّذِى يَدُورُ عَلَيْهَا فِيهِ قَالَتْ أَشَعَرْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِّى أَعْتَقْتُ وَلِيدَتِى قَالَ «أَوَفَعَلْتِ». قَالَتْ نَعَمْ. قَالَ «أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِيهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكِ». وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ إِنَّ مَيْمُونَةَ أَعْتَقَتْ. طرفه 2594 - تحفة 18078 - 208/ 3 2593 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - تَبْتَغِى بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2637، 2661، 2688، 2879، 4025، 4141، 4690، 4749، 4750، 4757، 5212، 6662، 6679، 7369، 7370، 7500، 7545 - تحفة 16703 لعله تعريضٌ إلى مذهب (¬1) مالك، فإِنه قال: لا يجوزُ للزوجةِ أن تتصرَّف في مالِ نَفْسِها إلا ¬

_ (¬1) قال العيني: قال مالك: لا يجوز عطاؤها بغير إذن زوجها، إلا من ثلث مالها خاصة، قياسًا على الوصية، اهـ وراجع التفصيل من: ص 280 - ج 6.

16 - باب بمن يبدأ بالهدية

بإِذن زَوّجها، واختار المصنِّف مذهب الجمهور، وأباح لها أن تهَبِ من مالها ما شاءت، ولم يشترط لها إذنًا من الزَّوْج. قوله تعالى {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} وتفسيرُه عندنا عدمُ إعطاء الأموال في أيديهم، كما مر، وما شنَّع به ابنُ حَزْم، فقد أجاب عنه الأَلوسي في «روح المعاني» فراجعه. 2590 - قوله: (تَصَدَّقي) ... الخ وقد مَرَّ فيه بحثُ الشافعية أنه قضاءً، أو ديانةً، فإِن كان قضاءً لم يَجُز لغير القاضي أن يَحْكم به، وإلا جاز لكلِّ مفتٍ أن يُفْتي به. قد مرَّ الإِمام محمدٌ على حديث: «لا يمنع أَحَدُكم جارَه، أن يَعْزِز في جِدَارِه» ... الخ في «موطنه»، وعبر هناك بلفظ «الحكم»، فدل على الفَرْق بين الدِّيانة والقَضاء في ذِهْن هذا الإِمام الذي هو مُدوِّن الفِقْه. 16 - باب بِمَنْ يُبْدَأُ بِالْهَدِيَّةِ 2594 - وَقَالَ بَكْرٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ مَيْمُونَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً لَهَا فَقَالَ لَهَا «وَلَوْ وَصَلْتِ بَعْضَ أَخْوَالِكِ كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكِ». طرفه 2592 - تحفة 18078 2595 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَجُلٍ مِنْ بَنِى تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ - عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِى جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِى قَالَ «إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا». طرفاه 2259، 6020 - تحفة 16163 2595 - قوله: في الإسناد (عن طَلْحَة بنِ عَبْدِ اللهِ رَجُلٍ من بني تَيْم بن مُرَّةُّ) يريد أنه ليس مِن العشرةِ المبشَّرةِ، بل رجلٌ آخر. 17 - باب مَنْ لَمْ يَقْبَلِ الْهَدِيَّةَ لِعِلَّةٍ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَانَتِ الْهَدِيَّةُ فِى زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَدِيَّةً، وَالْيَوْمَ رِشْوَةٌ. 2596 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ اللَّيْثِىَّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يُخْبِرُ أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِمَارَ وَحْشٍ وَهْوَ بِالأَبْوَاءِ - أَوْ بِوَدَّانَ - وَهْوَ مُحْرِمٌ فَرَدَّهُ، قَالَ صَعْبٌ فَلَمَّا عَرَفَ فِى وَجْهِى رَدَّهُ هَدِيَّتِى قَالَ «لَيْسَ بِنَا رَدٌّ عَلَيْكَ، وَلَكِنَّا حُرُمٌ». طرفاه 1825، 2573 - تحفة 4940 - 209/ 3 2597 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ اسْتَعْمَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً مِنَ الأَزْدِ

18 - باب إذا وهب هبة أو وعد ثم مات قبل أن تصل إليه

يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِىَ لِى. قَالَ «فَهَلاَّ جَلَسَ فِى بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ، فَيَنْظُرَ يُهْدَى لَهُ أَمْ لاَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْهُ شَيْئًا إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةً تَيْعَرُ - ثُمَّ رَفَعَ بِيَدِهِ، حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَةَ إِبْطَيْهِ - اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ثَلاَثًا». أطرافه 925، 1500، 6636، 6979، 7174، 7197 - تحفة 11895 أي هل يجوزُ رَدُّها، مع أن الشَّرْع رَغَّب في قَبول الهدايا، فإِنَّها أَنْفَسُ مالٍ لرجل مُسْلم يُعْطي حَلالا مِن غير مشقَّة؟ فأجازه، وقسم على الحالات. بقي البحث في أنه هل يجب عليه أن يفتش في أنها كيف بَلَغت إلى المُهْدِي، أَمِن سبيل الحلال، أم مِن الحرام؟ فسمعت عن بعض مشايخي أنه لا يجب عليه؛ تَمسُّكًا بقوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4]. 2597 - قوله: (فَهَلا جَلَس في بيتِ أُمِّه) فيه دليلٌ على أنَّ الهدِيةِ مِن جهةِ الحُكومة (¬1) والمَنْصب، كلها مِن باب الرّشوة. قوله: (إلا جاء يوم القيامة يحمله على رقبته) وكنت مترددًا في أن الحمل على الرقبة جزاء لغلوله، أو لعدم أداء الزكاة، وظاهر هذا السياق هو الأول. قوله: (اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغُتُ) ... الخ، إشهادٌ على تَبْلِيغُ وَظِيفَته. 18 - باب إِذَا وَهَبَ هِبَةً أَوْ وَعَدَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إِلَيْهِ وَقَالَ عَبِيدَةُ: إِنْ مَاتَ وَكَانَتْ فُصِلَتِ الْهَدِيَّةُ وَالْمُهْدَى لَهُ حَىٌّ فَهْىَ لِوَرَثَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فُصِلَتْ فَهْىَ لِوَرَثَةِ الَّذِى أَهْدَى. وَقَالَ الْحَسَنُ: أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلُ فَهْىَ لِوَرَثَةِ الْمُهْدَى لَهُ، إِذَا قَبَضَهَا الرَّسُولُ. 2598 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ سَمِعْتُ جَابِرًا - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا ثَلاَثًا». فَلَمْ يَقْدَمْ حَتَّى تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَمَرَ أَبُو بَكْرٍ مُنَادِيًا فَنَادَى مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا. فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَدَنِى. فَحَثَى لِى ثَلاَثًا. أطرافه 2296، 2683، 3137، 3164، 4383 - تحفة 3033 وحاصِلُه أن المَداَر على الفَصْل. وقلنا: إن المدارَ على القَبْض، دون التقسيم، وقال الحسنُ: أيهما مات قبل، قهي لورثةِ المُهْدَى له إذا قبضها الرسولُ: وحاصل مذهبِه أنه جعلها للمُهْدَى له مطلقًا، واعتبر بالوَعْد، ولكنه اعتبر القبض أيضًا، فصار مذهبُهُ أقرب إلى الحنفيةِ. ¬

_ (¬1) نقل العيني عن عمر بن عبد العزيز فى قصة شراء التفاح، أنه لم يقبله، فقيل له: ألم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبو بكر، وعمر رضي الله عنهما يقبلون الهدية؟ قال: إنها لأولئك هدية، وهي للعمال بعدهم رشوة، اهـ: ص 283 - ج 6.

19 - باب كيف يقبض العبد والمتاع

قوله: (مَنْ كان له عند النبي صلى الله عليه وسلّم عِدَةٌ، أو دَيْنٌ فليأتِنا) أقول: وهذا من باب الدِّيانةِ، وترجمةُ المصنِّف من باب القضاء، فلا حُجَّة له فيه، ومِثْلُه غيرُ قليلٍ عند البخاريِّ. 19 - باب كَيْفَ يُقْبَضُ الْعَبْدُ وَالْمَتَاعُ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: كُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ فَاشْتَرَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ «هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ». 2599 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَقْبِيَةً، وَلَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةَ مِنْهَا شَيْئًا، فَقَالَ مَخْرَمَةُ يَا بُنَىَّ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَقَالَ ادْخُلْ فَادْعُهُ لِى. قَالَ فَدَعَوْتُهُ لَهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ، وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْهَا، فَقَالَ «خَبَأْنَا هَذَا لَكَ». قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَضِىَ مَخْرَمَةُ. أطرافه 2657، 3127، 5800، 5862، 6132 - تحفة 11268 عاد المصنِّف إلى المسألةِ البيوع، وكيف القبض في المنقولات؛ وقد ترجم عليه ثلاثَ تراجِمَ مِن قَبْل أيضًا؛ وحاصلها أنَّ مَذْهب الشافعيةِ فيه أضيقُ، لأنهم شرطوا النَّقْل؛ ومذهبُ المصنِّف أَوْسَع، ومَذْهِبُنا بين المذهبين، وخيرُ الأمور أوساطها، وقد فصلناه في «البيوع». 2599 - قوله: (خَبَأنا هذا لك)، وكان في مَخْرَمَة شِدَّة، فأرادَ به النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أَنْ يرضِيَه، حتى قال: رَضى مَخُرَمَةُ. 20 - باب إِذَا وَهَبَ هِبَةً فَقَبَضَهَا الآخَرُ وَلَمْ يَقُلْ: قَبِلْتُ 2600 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ هَلَكْتُ. فَقَالَ «وَمَا ذَاكَ». قَالَ وَقَعْتُ بِأَهْلِى فِى رَمَضَانَ. قَالَ «تَجِدُ رَقَبَةً». قَالَ لاَ. قَالَ «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ». قَالَ لاَ. قَالَ «فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ لاَ. قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِعَرَقٍ - وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ - فِيهِ تَمْرٌ فَقَالَ «اذْهَبْ بِهَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ». قَالَ عَلَى أَحْوَجَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا. قَالَ «اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ». أطرافه 1936، 1937، 5368، 6087، 6164، 6709، 6710، 6711، 6821 تحفة 12275 - 210/ 3 ولا يلزم القَبُول باللفظ عندنا، وهو مذهب البُخاري، وَنَقل المُحشِّي عن «فتح الباري» أن القَبول شَرْطٌ عند الشافعي. 21 - باب إِذَا وَهَبَ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ قَالَ شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ: هُوَ جَائِزٌ. وَوَهَبَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - لِرَجُلٍ دَيْنَهُ وَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ فَلْيُعْطِهِ، أَوْ لِيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ». فَقَالَ جَابِرٌ قُتِلَ أَبِي وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - غُرَمَاءَهُ أَنْ يَقْبَلُوا ثَمَرَ حَائِطِى، وَيُحَلِّلُوا أَبِي.

22 - باب هبة الواحد للجماعة

2601 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا، فَاشْتَدَّ الْغُرَمَاءُ فِى حُقُوقِهِمْ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَلَّمْتُهُ، فَسَأَلَهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا ثَمَرَ حَائِطِى، وَيُحَلِّلُوا أَبِى، فَأَبَوْا، فَلَمْ يُعْطِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَائِطِى، وَلَمْ يَكْسِرْهُ لَهُمْ، وَلَكِنْ قَالَ «سَأَغْدُو عَلَيْكَ». فَغَدَا عَلَيْنَا حَتَّى أَصْبَحَ، فَطَافَ فِى النَّخْلِ، وَدَعَا فِى ثَمَرِهِ بِالْبَرَكَةِ، فَجَدَدْتُهَا، فَقَضَيْتُهُمْ حُقُوقَهُمْ، وَبَقِىَ لَنَا مِنْ ثَمَرِهَا بَقِيَّةٌ، ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ جَالِسٌ، فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِعُمَرَ «اسْمَعْ - وَهْوَ جَالِسٌ - يَا عُمَرُ». فَقَالَ أَلاَّ يَكُونُ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَاللَّهِ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ. أطرافه 2127، 2395، 2396، 2405، 2709، 2781، 3580، 4053، 6250 تحفة 2364، 2382 وهذا في الحقيقةِ إبراءٌ، وإسقاطٌ للدَّيْن، وهل يشترط له القَبولِ ممَّن عليه الدَّين هل أو لا؟ ففيه قولان في كُتُبِنا: فقيل: يُشْترط؛ وقيل: لا. 22 - باب هِبَةِ الْوَاحِدِ لِلْجَمَاعَةِ وَقَالَتْ أَسْمَاءُ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَابْنِ أَبِى عَتِيقٍ وَرِثْتُ عَنْ أُخْتِى عَائِشَةَ بِالْغَابَةِ، وَقَدْ أَعْطَانِى بِهِ مُعَاوِيَةُ مِائَةَ أَلْفٍ، فَهُوَ لَكُمَا. 2602 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ فَقَالَ لِلْغُلاَمِ «إِنْ أَذِنْتَ لِى أَعْطَيْتُ هَؤُلاَءِ». فَقَالَ مَا كُنْتُ لأُوثِرَ بِنَصِيبِى مِنْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَدًا. فَتَلَّهُ فِى يَدِهِ. أطرافه 2351، 2366، 2451، 2605، 5620 - تحفة 4744 - 211/ 3 واعلم أنه يُشْتَرطَ لصحةِ الهبة عندنا أن لا يكون مُشَاعًا، وذلك لأن القبض من تمام الهبةِ، وهو ضعيفٌ في المشاع. ثُم إن كان الواهِب واحدًا، والموهوبُ له جماعةً، فهو مشاع عند الإمام الأعظم. وقال صاحباه: أنه ليس بِمُشاعٍ. وإنْ كان الواهِبُ جماعةً، والموهوبُ له واحدًا، فلا شيوعَ عند الإِمام (¬1). وأما البخاريُّ فذهب إلى هَدْر الشُّيوع. ولم يره شيئًا، فتصح عنده هِبةُ المُشَاع أيضًا. ¬

_ (¬1) وفي "شرح الوقاية" صح هبة اثنين دارًا لواحد، لأن الكل يقع في يده بلا شيوع، وفي عكسه لا، أي هبة واحد لاثنين دارًا لا تصح عند أبي حنيفة، وعندهما تصح، لأن التمليك واحد، فلا شيوع، وله أن هذه هبة النصف من كل واحد، فيثبت الشيوع، اهـ مختصرًا. قال مولانا فتح محمد: لا يصح هبة واحد لجماعة، لأن الموهوب له مشاع، إلا أن يقسم، وتصح عندهما، وأما تبويب البخاري: وهب رجل جماعة جاز، وذكر تحتها قصة هوازن، فإنه عليه السلام وهب لهم سباياهم، ليس من هذا، لأنه - صلى الله عليه وسلم - وإن وهب لجماعة، لكن الموهوب كان لكل واحد على حدة، فملك كل واحد منهم سبية خاصة، فلا شركة، ولا شيوع، وما نحن فيه هبة شيء واحد لجماعة، وفيها شيوع، فلذا اختلفت الأقوال فيه، اهـ.

قلت: والذي تبيَّن لي أنَّ توسيعَ البخاري، وتضييق الحنفية، كلاهما ليس بمرضِيَ للشارع، فإِنَّ رَفْع الشيوع الإِبهام مطلوبٌ عنده البتة، أما إنه في أي مَرْتَبة، فلينظر فيه، فليس نَسَقُه إلى هَدْره، كما زعمه البخاري، ولا العضّ به، كما قاله الحنفية، والذي أراه أنًّ النَّهي عنه لكونِه مُفْضِيًا إلى النَزاع، وكلّ أَمْرٍ يكونُ النهيُّ عنه كذلك، لا يُشدِّد فيه الشارِعُ بنفسه، بل ربما يغمض عنه أيضًا، فلا بنبغي التشدُّدُ فيه؛ ويدلُّ عليه ما أخرجه البخاريُّ (2/ 292) "باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها" الخ، عن زيد بن ثابت، قال: كان الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم يتبايعون الثِّمار، فإِذا جذَ الناسُ، وحضر تفاضِيهم: قال المُبتاع: إنه أصاب الثَّمْرَ الدُّمانُ، أصابه مُرِاضُ، أصابه قُشام، عاهاتٌ يحتجُّون بها، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم لما كَثُرَت عنده الخصومةُ في ذلك: فإِما لا، فلا تتباعوا حتى يبدو صلاح الثَّمر - كالمشورة يشيرُها، لكثرة - «خُصُومتهم. اهـ. فقد فَهِم الراوي في تلك القِصَّةِ ما قد فهمناه، ولذا حَمَل النَّهي على الشمورةِ، لأنه كان لمعنى النزاع. ونحوه في الفِقْه أيضًا، كالبيع إلى النَّيْروز، والمِهْرَجان، والجِذْع في السَّقْف، كلّها فاسِدٌ، ولكنه لو سَلَّم قبل حُلولِ الأجل في الأَوَّل، ونَزْع الجِذْع في الثاني، انقلب صحيحًا، لأن الفسادَ كان لمعنى النزاع، وقد ارتفع بالتسليم؛ ومقتضاه أن لا يكون الشُّيوعُ في الهِبةُ مُفْسِدًا لها، إلا أنَّ فُقهاءنا وَسَّعوا في البيوع، وَضَيَّقُوا في الهِبة، لأنَّ في البيع قوةً، فيثبت الاستحقاقُ بنفس العقد، فلا يَضُرُّه ضَعُفُ الشُّيوع، بخلاف الهِبة، فإِنه تبرُّعُ مُحْض، يحتاجُ إلى قُوَّة القبضِ، ولا يتمِ القَبْضُ مع الشُّيوع. وكذا عند التِّرمذي أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم نهى عن الثُّنيا، إلا أنْ تُعْلم، ومَرَّ عليه محمدٌ، وفسره بالجزء الشَّائِع، ولا بُعْد أن يكون هذا هو المرادَ. وفَسَّره الناسُ باستثناء أَرْطالٍ معلومةٍ، وتَرَكَهُ محمدٌ، وههنا صورتان: الأولى بعتُ مئة وَسْق إلا عشرة أَوْسُق، وهي جائزةٌ، ويكون ضامِنًا لقضاء الباقي بعد الاستثناء؛ والثانية بِعْتُ ثمارَ هذه النَّخيلِ إلا عشرةَ أَوْسق، وينبغي أن تكون تلك أيضًا جائزةً ولا أَرَى مَطْلُوبٌ للشَّارِع؛ ولهذا المعنى شُرِع الخَرْص في العَرَايا، أي ليحصُل نوعٌ من التعيينِ، ويخرج الأَمْرُ عن الجهالةِ المُطْلقةِ إلى التعيين في الجُملةِ، ومن هذا الباب الأَمْرُ بِرَفْع الجهالات في البيوع، فالنَّهي عنه ليس بأكيد، وقد أغمض عنه أيضًا في بَعْض المواضع. ثم القَبْضُ في البيع يَتِم بالتخلية؛ أما في الهبة، فلا يَتِم إلا بالجِذاذُ، فعند مالك في «موضئه» في باب ما لا يجوزُ من النَّخْل من كتاب الاقضية وقد أَخرجه الطحاويّ أيضًا. مالك عن ابن شِهاب عَن عروة بن الزُّبير، عن عائشة زَوْج النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أنها قالت: إنَّ أبا بكرٍ الصديقَ، كان نَحَلها جُذاذَ عشرينَ وَسْقًا من ماله بغايةٍ، فما حضرته الوفاةُ، قال: واللهِ يا بنيةُ ما مِن الناسِ من أَحَدٍ أَحبُّ إليَّ عندي مِنْك، وإني كُنْتُ نَخَلْتُكِ، فلو كنتُ جَذَذْتُه وأَحرَزْتُه كان ذلك، وإنما هو اليوم مال وارِث، وإنَّما هو أخواكِ، وأُختاك. اهح. فدلَّ أنَّ الهِبةَ لا تتَمِ إلا بالجُذاذِ، أما امْرُ النبي صلى الله عليه وسلّم بإِكفاء القُدُور حين طَبَخُوا اللَّحْم قبل القِسْمة، فقد مرَّ وَجْهُه، فلا يخالِفُ ما ذكرنا

ههنا، وكذلك الفَرْق بينه وبين النهد، فإِنَّ الحقَّ في الغنيمةِ يكونُ الثالث، وهو غائبٌ، بخلاف النهد، فإِنَّ الخَلْط والشُّيوعَ جاء من قبل الشريكين بِطَوْعهما ورَغْبتهما، وبأَعْيُنِهما، وقد علما أن الفاضُلَ في الأَكْل لا بدَّ منه، فَتُحْمَل فيه لذلك، فافترقا. ثم إنَّ المصنِّف ترجم في «الذبائح» أنَّ مَنْ ذبح الشيءَ المُشْتَرَكَ لا يجوزُ أَكْلُه. وكذا عند أبي داود أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم دُعي إلى طعامٍ، فأخذ لُقْمةً منه، وقال: إني أرى لحمًا ذُبح بغيرِ إذْن أَهْله، وأَمَر أن يُتَصَدَّق به عن الأُسَارَى؛ وهو عند الدارقطني أيضًا من آخِره، ومن هذا الحديث استنبط الإِمام الأعظم أنَّ سبيلَ المالِ الحرامِ هو التصدُّقُ، وفي القرآن {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] فذكَر القَبْض، أما إنه في أَيَّ مَرْتبةِ، فلينظره الفقهاء، وثبت من هذه الجزئياتِ ما رامه الحنفيةُ من ضرورةِ القبْض، وأن الشُّيوعَ يَضُرُّه. ثم المشهورُ عند الفقهاء أنَّ الشهاةَ إنْ ذُبحت بغيرِ إذْن أَصْلها صارت ميتةً، وعندي هي مُذكْاةٌ، لأنَّ الحُرْمة لمعنىَّ في غيرها، ونحوه ما في «الدار المختار»: مَنْ وَجَد شاةً مذبوحةً في الصَّحْراء، ولم يَدْر مَن ذبحها، ومالِكَها، ولا يَحِل له أَكْلُها، ونقله عن ثِقةٍ لم يذكر اسمه، وعندي أنها ذكيةٌ لا بأسَ بأكْلِها. ثم اعلم أَنَّ في الفِقْه بابًا يُسمى بالتبرُّع، ولا يوجدُ مُتميِّزًا عن باب الهبة، إلا أنه يُذْكر في ضِمْن المسائل، فليُنَقَّح الفَرْقُ بين البابين، لاختلاف أحكامِهما، ففي «القنية»: المُتبرِّع لا يَرْجِعُ فيما تَبَرَّع به، فبابُ الرُّجوع لا يمشي في التبرُّعات، بخلاف الهِبة. 2602 - قوله: (إن أَذِنت أعطيتُ هؤلاء) واستنبط مِنْه المُصَنِّف أنه كان هِبةَ المُشَاع؛ قلت: بل هو مِنْ باب الإِباحة دون الهِبة، وبينهما فرقٌ، أوضحه شارح «الوِقاية» في كتاب العارِيَّة والتيمم. قوله: (ما كُنْتُ لأُوثِر) ... الخ؛ حُكي (¬1) أنَّ الرشيدَ أَهْدَي إلى أبي يوسف، وكان في مجلِس، فقيل له: إنَّ الهدايا مُشْتركة؛ فقال له أبو يوسف: هذا فيما هُيِّأَ للأكل، وأما في غيره فلا، قلت: وفي المهيأ للأكل أيضًا تفصيل، فإِنه يُنظر في قَدْره، وعُرْف الناس فيه، ثُم ذكر الغزاليُّ قصة وليَ أهدى إليه في مِثْله، فقيل له، كما قِيل لأبي يوسف، فأعطاه كلَّها، وقال: لا نحبُ الاشتراكَ؛ واستحسنه الغزاليُّ؛ قلت: بل ما فعله أبو يوسف هو الأحسن، فإِنه قد علمنا به مسألةً من مسائل الدين، وأما الأولياء فيختارون جانِبًا يرونه أوْلى لأنْفُسهم، ويهدِرُون جوانبًا، ¬

_ (¬1) حكى علي القارىء أنه وقع لبعض المشايخ أنه أتى بهدية عظيمة من دنانير ودراهم جسيمة، وكان عنده فقير مسافر، فقال: يا مولانا الهدايا مشتركة. فقال الشيخ بلسانه: (أماتنها خوشترك) أي الانفراد أحسن، فظن الفقير أنه يريد الانفراد بنفسه، فتغير حاله، فقال الشيخ: (لك تنها خوشترك)، فشرع في أخذه، فعجز عن حمله وحده، فأشار الشيخ إلى بعض أصحابه بمعاونته، ومن اللطائف أن الإِمام أتى بهدية من النقود، فقيل له: الهدايا مشتركة، فقال: اللام للعهد، أي الهدايا من الرطب والزبيب، وأمثالهما، فانظر الفرق بين علماء الظاهر، والباطن، اهـ. "جمع الوسائل" ص 68 - ج 1.

23 - باب الهبة المقبوضة وغير المقبوضة، والمقسومة وغير المقسومة

أما الفقهاءُ فيُراعون جميعَ الجوانب، فلا يُفْرِطون ولا يُفرِّطون، ونظرُهم على خُلْق الله أَقْدَمُ من نَظَرِهم إلى أنفسهم، فَطُوبى لهم، وحُسْن مآب. 23 - بابُ الْهِبَةِ الْمَقْبُوضَةِ وَغَيْرِ الْمَقْبُوضَةِ، وَالْمَقْسُومَةِ وَغَيْرِ الْمَقْسُومَةِ وَقَدْ وَهَبَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ لِهَوَازِنَ مَا غَنِمُوا مِنْهُمْ، وَهْوَ غَيْرُ مَقْسُومٍ. 2603 - حَدَّثَنَي ثَابِتٌ بْنُ مُحَمَّدُ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ مُحَارِبٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمَسْجِدِ فَقَضَانِى وَزَادَنِى. أطرافه 443، 1801، 2097، 2309، 2385، 2394، 2406، 2470، 2604، 2718، 2861، 2967، 3087، 3089، 3090، 4052، 5079، 5080، 5243، 5244، 5245، 5246، 5247، 5367، 6387 - تحفة 2578 2604 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَارِبٍ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ بِعْتُ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بَعِيرًا فِى سَفَرٍ، فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ «ائْتِ الْمَسْجِدَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ». فَوَزَنَ - قَالَ شُعْبَةُ أُرَاهُ فَوَزَنَ لِى فَأَرْجَحَ، فَمَا زَالَ مِنْهَا شَىْءٌ حَتَّى أَصَابَهَا أَهْلُ الشَّأْمِ يَوْمَ الْحَرَّةِ. أطرافه 443، 1801، 2097، 2309، 2385، 2394، 2406، 2470، 2603، 2718، 2861، 2967، 3087، 3090، 4052، 5079، 5080، 5243، 5244، 5245، 5246، 5247، 5367، 6387 - تحفة 2578 2605 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِشَرَابٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ وَعَنْ يَسَارِهِ أَشْيَاخٌ، فَقَالَ لِلْغُلاَمِ «أَتَأْذَنُ لِى أَنْ أُعْطِىَ هَؤُلاَءِ». فَقَالَ الْغُلاَمُ لاَ، وَاللَّهِ لاَ أُوثِرُ بِنَصِيبِى مِنْكَ أَحَدًا. فَتَلَّهُ فِى يَدِهِ. أطرافه 2351، 2366، 2451، 2602، 5620 - تحفة 4744 2606 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَيْنٌ فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ «دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا. وَقَالَ اشْتَرُوا لَهُ سِنًّا فَأَعْطُوهَا إِيَّاهُ». فَقَالُوا إِنَّا لاَ نَجِدُ سِنًّا إِلاَّ سِنًّا هِىَ أَفْضَلُ مِنْ سِنِّهِ. قَالَ «فَاشْتَرُوهَا فَأَعْطُوهَا إِيَّاهُ، فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً». أطرافه 2305، 2306، 2390، 2392، 2393، 2401، 2609 - تحفة 14963 وَسَّع بالقَبْض أيضًا، كما كان وَسَّع بالشُّيوع وعدَمِه، وتمسَّك له بِقصَّة سَبْي هوازن، وسنبين إن شاء اللهُ تعالى أنه كان إعْتاقًا (¬1) لا هبةً، كما فَهِمه المصنَّفُ، فينهدِمُ أساسُ التفريعاتِ كلِّها من جوازِ هبة المُشاع، وعدمِ اشتراط القَبْض (¬2). ¬

_ (¬1) وإليه جنح ابن العربي في -شرح الترمذي- كما في الرضاع، قال: فهذا عتق منه - صلى الله عليه وسلم -، لمن لم يرضعه في حرمة من أرضعه، اهـ ص 100 - ج 5. (¬2) قلت: وفي مذكرة أخرى عندي أن عدم التقسيم في سبي هوازن كان في العبارة فقط، أما في الخارج فكان كل منهم يجيء، ويأخذ سبيه ويهبه، وهذا كما يقال في الهندية: (جس جس كامال هو ليتي جاؤ) فتكون شركة في العبارة فقط، ولا يأخذ واحد منهم في الخارج إلا ماله، فكذلك ههنا شيوع، وشركة في العبارة فقط؛ قلت: وهكذا أجاب به مولانا فتح محمد في هامش "شرح الوقاية" وقد مرت عبارته في هامش "باب هبة الواحد للجماعة".

24 - باب إذا وهب جماعة لقوم

2603 - قوله: (فَقَضَاني وزَادني) ولما كانت تلك الزيادةُ غيرَ مُنْفَصلةٍ صاَرَتُ من هبة المُشْاع، وقد مرَّ معنا التنبيه في كتاب البخاري على أن تلك الزيادة كانت مُنْفَصِلةً مُتميِّزةً، وكان جابرُ يَضَعُها في جِرابه، ويقول: واللهِ لا أفارِقُ زيادة رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى فَقَدها في أَيَّام الحرَّة، كما يأتي في البخاري، ثم في «باب الهِبة من الدر المختار» أنَّ الموهوب لو كان يَضُرُّه القَبْضُ تَفْسُد الهِبة، وإلا لا؛ وفي «باب المرابحة» ما يخالفه شيئًا، فراجعه عند الشامي، ولا بد، نعم يجري البَحْثُ في أن تلك الزيادةُ هل تدخل في قوله: «كلُّ قَرْضٍ جَرَّ بِنَفْع فهو رِبا» - بالمعنى - أم لا؟ وقد ضَيَّق فيه الحنفيةُ عامةً، لما فهموا أنَّ هدايا المديونِ إلى الدائن لا تكون إلا منفعةً لِدَيْنه، فتدخل فيه لا محالة؛ نعم وَسَّع فيه محمدٌ كُلَّ التوسيع، حيث قال في «باب الرجل يكونُ عليه الدَّين» الخ، قال محمد: لا بأسَ بذلك إذا كان من غير شرْطٍ اشترِط عليه، اهـ. ولكنه يُحْملُ عندي على زمانه، إذ الناسُ ناسٌ، والزَّمانُ زمانُ، فالهدايا في زمانه لم تكن رشوةً، وأما في زماننا فُكلُّها رَشوةٌ، إلا ما شاء الله تعالى، فَيُحْكم في هذا الزمان بالمَنْع (¬1)، كما قاله العلماءُ، وإنَّ كان المَذْهب، كما قال به محمدٌ. ثُم اعلم أَنَّ هِبة المُشاع لا تَتِم في أصل المذهب، وإن تحقق القبضُ أيضًا؛ وأفتى المتأخرون بجوازها، وبه أفتى، وذلك لأني أتردد في نفس مسألة الشُّيوع، فَلَسْتُ أَشَدِّد فيها، كالحنفية، ولا أُوسع فيها، كالبخاري، بل هي أَمْرٌ بين الأمرين، كما عَلِمت، فإِنَّ مرضى الشَّرْع، هو رَفْع الإِبهام والتمييز، والشيوع يخل به، فلا يكون هَدْرًا، كما أهدره البخاري، ولا ضروريًا، كما فهمه الحنفية، بحيث قالوا ببطُلان الهِبة؛ وبالجملة إذا كان حالُ الشيوع عندي ما سمعت، فلم أُشَدِّد في الحُكْم، وَوَافَقْت المتأخرين في جواز هِبة المُشاع عند القَبْض. 2606 - قوله: (لا نَجِدُ سِنَّا إلا هي أَفْضَلُ مِن سنِّه) ولا شكَّ أنّ هبة الزيادة تكونُ هِبة المُشاع، قلت: نعم، ولكن لا ريبَ أنه مِن باب المُروءات لا غير، فلا حُجَّة فيه. 24 - باب إِذَا وَهَبَ جَمَاعَةٌ لِقَوْمٍ 2607 و 2608 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ «مَعِى مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَىَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إِمَّا السَّبْىَ وَإِمَّا الْمَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ». وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلاَّ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالُوا فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا. فَقَامَ فِى الْمُسْلِمِينَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلاَءِ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّى رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ ¬

_ (¬1) روى البخاري في "تاريخه" مرفوعًا: إذا اقرض الرجل، فلا يأخذ هدية، اهـ. كذا في "المشكاة".

أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِىءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ». فَقَالَ النَّاسُ طَيَّبْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ. فَقَالَ لَهُمْ «إِنَّا لاَ نَدْرِى مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِيهِ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ». فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا. وَهَذَا الَّذِى بَلَغَنَا مِنْ سَبْىِ هَوَازِنَ هَذَا آخِرُ قَوْلِ الزُّهْرِىِّ، يَعْنِى فَهَذَا الَّذِى بَلَغَنَا. حديث 2607 أطرافه 2307، 2539، 2584، 3131، 4318، 7176 تحفة 11251 حديث 2608 أطرافه 2308، 2540، 2583، 3132، 4319، 7177 - تحفة 11271 فبوّب بجوازِ الشُّيوع بِكِلا نَحْويه، وتَمسك له بَسْبي هوازن، وغَرَضُه أن يُسوَّع فيه الأمران، فان شِئت قلت: إنَّ الواهِبَ ههنا واحدٌ، والموهوبَ له متعدِّد، وإنْ شِئت قلت بالعكس، فتحقَّق فيه الشُّيوع بالنَّحوين، وقد وعدناك غيرَ مرةِ أنه كان إعتاقًا منهم، لا هبة، فتسقط تفريعاتُ المصنِّف بِأسرها. [قال البخاري (¬1): "باب إذا وهب جماعة لقوم، أو وهب رجل جماعة مقسوما وغير مقسوم" اهـ]. واستدل على ذلك بَرِدِّ السَّبْي على وَفْد هَوازِن، وقال قَبْله: وقد وَهَب النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وأصحابُه لهوازِن ما غَنِموا منهم، وهو غيرُ مَقْسومٍ لهوازِن، اهـ. أي وإنْ كان قُسِم بني الغانمين، وفي استدلالة نَظَر، فإِنَّهم كانوا رسلا عن هوازن، يَسألُ كلٌ عن سَبْيه: فليس هناك شُيوعٌ، ثُم ما الوجه في أنه صلى الله عليه وسلّم اعتذر إلى الوَفْد بوُقوع المقاسم: فقال، على ما في «الفتح» عن مغازي موسى بن عُقبة: ما طلب لكم، وقد وقعت المقاسِم، فأَيَّ الأَمْرين أَحبُّ إليكم؛ السَّبي أم المال؟ اهـ وقال - في وزعم - يلي؛ والذي نفسي بيده إنَّ الشملة التي أصابها يوم خبيرُ من المغانم لم تُصِبها المقاسِمُ، لتشغِلُ عليه نارًا، اهـ. أخرجه هو ابتغاءَ العَدْل في القسمة، أو لئلا يقعَ تَصَرُّفْ فيما ليس خالصًا له، وأن الشِّرْك في المُشاع لا يكفي للانتفاع الذي جنح إليه البخاريُّ هو الثاني، ويترجم عليه في «أواخر الذبائح» لا «الأضاحي» فقال: «باب إذا أصاب قومٌ غنيمةً فذب بعضُهم غَنَمًا، أو إبلا بغير أَمْر أصحابِه لم تؤكل، الحديث رافع»، اهـ. وعارضة في «الفتح» بديث الشاةِ التي ذَبَحَتْها المرأةُ بغيرِ إذْنِ صاحبها. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «اطْعِمُوها الأُسَارى» والظاهر أنَّه لِمعنى النهبة، كما عند أبي داود في حديثٍ آخَر، فراجع «الفتح» وإذا كان كذلك دَلَّ على أن المُشاع لا يخلص، وإليه ذهب أبو حنيفة، ثُم راجع هل كانت القسمةُ في غنيمة هوازن، وقعت تَفصِيلا أم لا؟ ويملائمه السؤال عن الغُرماء، وإلا لتبيَّن طيب كلًّ بإِرساله السَّبي، والله أعلم. (كخبير) فيما يَظْهر، ويحتمل أن يكونَ القَسْمُ الثابِتخ في الرواياتِ قَسْم أموالٍ، وأم في السَّبي فقليلٌ، على شاكلة التنفيل، وراجع ما عند البخاري من باب ما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يُعطي ¬

_ (¬1) هذه قطعة تتعلق بهذا الباب منقولة من مذكرة الشيخ إمام العصر رحمه الله بقلمه ولفظه، أدرجها فضيلة الأستاذ الجامع، ونحن نقدم له شكرًا جزيلًا على أمثال ذلك، فإن فيها فوائد سامية. ووجدت في موضعين عبارة مكتوبة بالهامش، فأدرجتها فيما خلته ملائمًا، وعلامة ذلك جعلها بين الخطين هكذا: []، فليتنبه. [البنوري عفا عنه].

المؤلفةَ قلوبُهم وغيرهم من الخمس، ونحوه أن جاريتي كانتا من الخمس، فراجع «الفتح» «كنز». ثُم طرد الحنفيةُ حُكْم المُشاع فيما إذا دفع الشيء إلى رجل واحد بجهتين، كأداء دَيْنٍ في بعض، والهِبة في بعض؛ وكان الزَّعيم أن يكون كهِبة نَخْلٍ كهِبة نَخْلٍ في أرضٍ لَمْن الأَرْضُ له «راجع» الأم و «فتاوى» ابن تيمية: «باب مَن رأى الهِبة الغائبة جائزة» يريدُ به - والله أعلم - أنَّ الهبةَ في قصة هَوازِن وقعت غائبةً عن الموهوبِ لهم، وهم كُلُّ مَنْ أرسل الوفد، وإنْ وقع الخطاب مع الوفد؛ ولا يريدُ في هذه الترجمة مسألةَ المُشاع، كما قرره الشارحون: *مضاربةٌ، مزارعةٌ، وأَجْر ... يَطِيب الأكلُ فيها، مع فساد *وفي التأجيل من بيعٍ من بيعٍ إذا ما ... أزال الشَّرْط، يرجع للسراد *وأما البيع، و .... فما لم ... يَصِحَّا لا يَطيب، فبالرشاد *وفي المَكْرُوه أوجب فَسْح بَيْع ... على حُكْم الدِّيانةِ في العباد وراجع «الدر المختار» في المهر للتصرفات الفاسدة؛ وراجع ما عند أبي داود و «المراسيل». وأخذ شتى من «الدر» رواية في معنى قَفِيز الطحان، فيما أرى - والله أعلم - في «الكنز»، وفي - ضمان الأَجِير المشترك. وما ذكره البخاريُّ من جواز الهِبة الغَيْرِ المقسومةِ، لم يأتِ فيه بدليلٍ، فوجه حديث هوازن - قد مرَّ - وأنه غيرُ مُشاع، نَعم يُشْكِل تخريجُهُ على الأصول، فإِنَّ ظاهِرَه تَرْكُ السَّبي بعد ثبوت المِلْك، والمَنّ عليهم لا إعتاقهم، كما عند البخاري من الخُمْس من رسول الله صلى الله عليه وسلّم على السَّبي، ثُم وجدت عنده: في عِتْق سَبْي هوارن، فراجع «الفتح»، اللهم إلا أن يكون التقسيمُ على العِرافةِ، والرايات لا تفصيلا، وأما حديثُ جابر، فكانت الزيادةُ مُنفصلةً لا تفارق قرابه. وراجع ما ذكره الحافظ عن المُحِبُّ الطبري مِنْ وَزْن الدَّراهم لا عدِّها؛ وما أخرجه البخاري في «باب إذا وَكَّل رجِلٌ لاجُلا أن يَعْطي شيئًا، ولم يُبَيِّن كم يُعطي، فأعطى على ما يتعارَفُه الناس». وجعل في «الجوهر النقي» هذا زيادة في الثمن لاهِبة: أخرجه هو، الخ. وقال صلى الله عليه وسلّم لرعية الجهني: أما ما أدْرَكْت من مالِك يِعَيْنه قَبْل أن يُقْسم، فأَنْت أَحْقُّ به، - حم عب - «كنز»؛ وعن جماعةٍ من السَّلف فيما غَنِم المسلمون ما كان الكفارُ غَنِموه منهم، وقُسِم بين المسلمين يأخذُه المالِكُ الأَصْليُّ بالثمن، راجع التخريج، وفي «الموطأ» في غير فرس لابن عَمْرو، أو خالد عليه، وذلك قبل أن يصيبهما المقاسم، اهـ. وراجع «الفتح». ثمُ إنَّ الذي يَظْهر أن أَحْكَامَ الحنفيةِ في المُشاع إنما هي «المنازعة - كما في ضابطة لفظه: كل من «رد المحتار» - أوائل البيع، ومسألة تسبيب الدابة من الحج، وإلقاء شيء من اللُّقطة - لا عند السماحةِ، وهو التوفيق في إفادة قبض المِلْك في المُشاع، على خلاف فيه، وإنم يَظْهَرُ عند الخصومة؛ وراجع ما ذكروا في الفَرْق بين التمليك والإِباحة، وحرر في «رد المحتار» وفي آخِر الشَّركة: أن المُنْفِق على دارٍ يمكَنُ قسْمَتُها مُتبرِّعٌ؛ وكذا في «الدر المختار» من شتى الوصايا، ومِثْلُه ما ذكره في البيع، بِشَرْطٍ جَرى العُرْف به، ولعلَّه الوَجْه فيما ذكره في «رد المحتار» في الشَّرْط الفاسد، إذا ذُكِر بعد العقد، وراجع «السَّعاية» في التيمم للإِباحة، والتمليك،

25 - باب من أهدى له هدية وعنده جلساؤه، فهو أحق

لكن هناك أن الهِبة للجميع لا تتضمَّن إباحةً الماء كلَّه لواحدٍ، ولا يضرنا. 25 - بابُ مَنْ أُهْدِىَ لَهُ هَدِيَّةٌ وَعِنْدَهُ جُلَسَاؤُهُ، فَهْوَ أَحَقُّ وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ جُلَسَاءَهُ شُرَكَاءُ. وَلَمْ يَصِحَّ. 2609 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ أَخَذَ سِنًّا فَجَاءَ صَاحِبُهُ يَتَقَاضَاهُ فَقَالَ «إِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا». ثُمَّ قَضَاهُ أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ وَقَالَ «أَفْضَلُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً». أطرافه 2305، 2306، 2390، 2392، 2393، 2401، 2606 - تحفة 14963 2610 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ فَكَانَ عَلَى بَكْرٍ لِعُمَرَ صَعْبٍ، فَكَانَ يَتَقَدَّمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولُ أَبُوهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لاَ يَتَقَدَّمِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَحَدٌ. فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بِعْنِيهِ». فَقَالَ عُمَرُ هُوَ لَكَ. فَاشْتَرَاهُ ثُمَّ قَالَ «هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ، فَاصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ». طرفاه 2115، 2611 - تحفة 7355 - 213/ 3 وقد مرَّت فيه قصةُ أبي يوسف: وحاصله أن الهدية مِلْك للمُهْدى له، ولكنه يشرك جُلساه مروءةً، كما في الحديث الآتي، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال لعبد الله: هو لك يا عبدَ الله، فكان هدية له» ولم يشرك فيها عبدُ الله بِن عمَر أحدًا. قوله: (ثم قضاه أفضل من سنه) وتمسك به المصنف، بأن الزيادة التي أعطاها النبي - صلى الله عليه وسلم - ثبتت في ملكه كذلك، هدايا المجلس تكون ملكًا للمهدى إليه. 26 - باب إِذَا وَهَبَ بَعِيرًا لِرَجُلٍ وَهْوَ رَاكِبُهُ فَهُوَ جَائِزٌ 2611 - وَقَالَ الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ، وَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعُمَرَ «بِعْنِيهِ». فَابْتَاعَهُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ». طرفاه 2115، 2610 - تحفة 7355 عاد المصنِّفُ ثانيًا إلى أن قَبْضَ الأمانة، هل يُغْني عن قَبْض الهِبة أم لا؟ فراجع تفصيله في الفقه. 27 - باب هَدِيَّةِ مَا يُكْرَهُ لُبْسُهَا 2612 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حُلَّةً سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اشْتَرَيْتَهَا فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ قَالَ «إِنَّمَا يَلْبَسُهَا مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ فِى الآخِرَةِ». ثُمَّ جَاءَتْ حُلَلٌ فَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عُمَرَ مِنْهَا حُلَّةً، وَقَالَ أَكَسَوْتَنِيهَا

28 - باب قبول الهدية من المشركين

وَقُلْتَ فِى حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ. فَقَالَ «إِنِّى لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا». فَكَسَا عُمَرُ أَخًا لَهُ بِمَكَّةَ مُشْرِكًا. أطرافه 886، 948، 2104، 2619، 3054، 5841، 5981، 6081 - تحفة 8335 2613 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَبُو جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَتَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا، وَجَاءَ عَلِىٌّ فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ فَذَكَرَهُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنِّى رَأَيْتُ عَلَى بَابِهَا سِتْرًا مَوْشِيًّا». فَقَالَ «مَا لِى وَلِلدُّنْيَا». فَأَتَاهَا عَلِىٌّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا فَقَالَتْ لِيَأْمُرْنِى فِيهِ بِمَا شَاءَ. قَالَ تُرْسِلُ بِهِ إِلَى فُلاَنٍ. أَهْلِ بَيْتٍ بِهِمْ حَاجَةٌ. تحفة 8252 2614 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ أَهْدَى إِلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حُلَّةً سِيَرَاءَ فَلَبِسْتُهَا، فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِى وَجْهِهِ، فَشَقَقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِى. طرفاه 5366، 5840 - تحفة 10099 واعلم أن التمليكَ والتَّملُّك يَعْتمد على كَوْن الشيء مُتقومًا، لا على جواز الاستعمال وعدمه، وإنما يراعيه مَنْ يقبله. 2613 - قوله: (تُرْسِل به إلى فُلانٍ، أَهُل بيتٍ بهم حاجةٌ) ... الخ، أي لِيفعلُوا فيه ماشاءوا، فيخرجوا له طريق استعماله، حَسَب ما يليقُ بهم من البيع أو غيره. 28 - بابُ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - بِسَارَةَ فَدَخَلَ قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ أَوْ جَبَّارٌ فَقَالَ أَعْطُوهَا آجَرَ». وَأُهْدِيَتْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ. وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ أَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَسَاهُ بُرْدًا، وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ. 2615 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ - رضى الله عنه - قَالَ أُهْدِىَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - جُبَّةُ سُنْدُسٍ، وَكَانَ يَنْهَى عَنِ الْحَرِيرِ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا فَقَالَ «وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِى الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا». طرفاه 2616، 3248 - تحفة 1298 - 214/ 3 2616 - وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ إِنَّ أُكَيْدِرَ دُومَةَ أَهْدَى إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 2615، 3248 - تحفة 1204 2617 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا فَجِىءَ بِهَا فَقِيلَ أَلاَ نَقْتُلُهَا. قَالَ «لاَ». فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِى لَهَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 1633

29 - باب الهدية للمشركين

2618 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثِينَ وَمِائَةً فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ». فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوُهُ، فَعُجِنَ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً - أَوْ قَالَ - أَمْ هِبَةً». قَالَ لاَ، بَلْ بَيْعٌ. فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً، فَصُنِعَتْ وَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِسَوَادِ الْبَطْنِ أَنْ يُشْوَى، وَايْمُ اللَّهِ مَا فِى الثَّلاَثِينَ وَالْمِائَةِ إِلاَّ قَدْ حَزَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَهُ حُزَّةً مِنْ سَوَادِ بَطْنِهَا، إِنْ كَانَ شَاهِدًا أَعْطَاهَا إِيَّاهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا خَبَأَ لَهُ، فَجَعَلَ مِنْهَا قَصْعَتَيْنِ، فَأَكَلُوا أَجْمَعُونَ، وَشَبِعْنَا، فَفَضَلَتِ الْقَصْعَتَانِ، فَحَمَلْنَاهُ عَلَى الْبَعِيرِ. أَوْ كَمَا قَالَ. طرفاه 2216، 5382 - تحفة 9689 2617 - قوله: (لَهِواتِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلّم) ... الخ. وهو من باب قوله: *وكنت أرى زيدًا - كما قال سيدًا ... إذا أنه عبد القفا واللهازم وقد ذكر الشاه عبد القادر في سرِّ الشهادتين أنَّ الشهادةُ (¬1) الظاهرة لما لمُ تَقدَّر له، المصالحَ يعَلَمُها الله، قُدِّرت له الشهادةُ المعنويةُ. 29 - باب الْهَدِيَّةِ لِلْمُشْرِكِينَ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: ولعل ذلك لأن القتل لا يليق بالخاتم، وكان عيسى عليه الصلاة والسلام خاتم أنبياء بني إسرائيل، فلم يقتل، وسيموت حتف أنفه بعد ما ينزل إلى الأرض، ويدفن، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - خاتمًا على الإِطلاق، فلم تناسب به الشهادة الظاهرية، لأن الخاتمية تقتضي التمامية، والكمال، كما أوضحه بتشبيه اللبنة، والقتل يؤذن بنوع من البتر، والنقصان، فيتناقضان، ولذا قال تعالى: {يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} حين أرادوا أن يقتلوه، أو يصلبوه، فمكروا به، وأرادوا بتر سلسلة بني إسرائيل، ومكر الله، وأراد أن يوفيها، كأني أريد أنه استعمل لفظ التوفي، إيذانًا، بأنه سيستوفي عمره، ويتوفى بأجله، ولا يقتل بأيديهم، وهو الذي يليق إيذانه عند مكر اليهود، فلم يقدروا، وأخذلهم، إلا على قول القتل، وخابوا وخسروا، قال تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ} أي لم يوجد منهم غير قول القتل، واستحقوا على ذلك اللعن، إما القتل، أو شيء من مبادئه ما يكون من جنس الأفعال، فلم يوجد منه شيء، كيف! ولو تحقق لكان أولى بالذكر، عند سرد موجبات اللعن، ألا ترى أن الله تعالى لما أراد ذكر شناعتهم، عدد جملة ما صدر عنهم من موجبات اللعن، فكيف يمكن أن يذكر الأخف، ويسكت عن الأشد لو صدر منهم. ثم إن قوله تعالى: {وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} يدل على أن تلك السنة، وإن جرت على من قبله من الرسل، إلا أنه لا يليق بالخاتم، خاتم بني إسرائيل، ولذا اشتد عليهم غضب الله، وقام في نحورهم مكر الله، فرفعه إلى السماء، كما قال: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} وتواترت به الأحاديث تواترًا يفوق على عدد سائر التواتر، والأحاديث فيه تزيد على السبعين، جمعها الشيخ في صورة رسالة إرغامًا للطائفة الملعونة القاديانية، ومن ههنا تبين السر في نزوله بخصوصه، دون سائر الرسل، وهو أنه خاتم، فناسب نزوله تحت خاتم على الإِطلاق، وسنوضحه إن شاء الله تعالى، والله تعالى أعلم.

30 - باب لا يحل لأحد أن يرجع فى هبته وصدقته

تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8)} [الممتحنة: 8]. 2619 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَى عُمَرُ حُلَّةً عَلَى رَجُلٍ تُبَاعُ فَقَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ابْتَعْ هَذِهِ الْحُلَّةَ تَلْبَسْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَإِذَا جَاءَكَ الْوَفْدُ. فَقَالَ «إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذَا مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ فِى الآخِرَةِ». فَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهَا بِحُلَلٍ فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ مِنْهَا بِحُلَّةٍ. فَقَالَ عُمَرُ كَيْفَ أَلْبَسُهَا وَقَدْ قُلْتَ فِيهَا مَا قُلْتَ قَالَ «إِنِّى لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا، تَبِيعُهَا أَوْ تَكْسُوهَا». فَأَرْسَلَ بِهَا عُمَرُ إِلَى أَخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ. أطرافه 886، 948، 2104، 2612، 3054، 5841، 5981، 6081 تحفة 7180 - 215/ 3 2620 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ قَدِمَتْ عَلَىَّ أُمِّى وَهْىَ مُشْرِكَةٌ، فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ {إِنَّ أُمِّى قَدِمَتْ} وَهْىَ رَاغِبَةٌ، أَفَأَصِلُ أُمِّى قَالَ «نَعَمْ صِلِى أُمَّكِ». أطرافه 3183، 5978، 5979 - تحفة 15724 وهي جائزةٌ، كما في «السَّير الكبير»، إلا ما عدَّ للحَرْب في أوانِ الحَرْب. 30 - باب لاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَرْجِعَ فِى هِبَتِهِ وَصَدَقَتِهِ 2621 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ وَشُعْبَةُ قَالاَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْعَائِدُ فِى هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِى قَيْئِهِ». أطرافه 2589، 2622، 6975 - تحفة 5662 2622 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ، الَّذِى يَعُودُ فِى هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَرْجِعُ فِى قَيْئِهِ». أطرافه 2589، 2621، 6975 - تحفة 5992 2623 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يَقُولُ حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَضَاعَهُ الَّذِى كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ مِنْهُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لاَ تَشْتَرِهِ، وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ الْعَائِدَ فِى صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِى قَيْئِهِ». أطرافه 1490، 2636، 2970، 3003 - تحفة 10385 31 - بابٌ 2624 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ بَنِى صُهَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ جُدْعَانَ ادَّعَوْا بَيْتَيْنِ وَحُجْرَةً، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَى ذَلِكَ صُهَيْبًا، فَقَالَ مَرْوَانُ مَنْ يَشْهَدُ لَكُمَا

32 - باب ما قيل فى العمرى والرقبى

عَلَى ذَلِكَ قَالُوا ابْنُ عُمَرَ. فَدَعَاهُ فَشَهِدَ لأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صُهَيْبًا بَيْتَيْنِ وَحُجْرَةً. فَقَضَى مَرْوَانُ بِشَهَادَتِهِ لَهُمْ. تحفة 7277 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) 32 - باب مَا قِيلَ فِى الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى أَعْمَرْتُهُ الدَّارَ فَهْيَ عُمْرَى جَعَلْتُهَا لَهُ. {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61]: جَعَلَكُمْ عُمَّارًا. ¬

_ (¬1) قال القاضي أبو المحاسن في "المعتصر": وروي عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: لا تعمروا ولا ترقبوا، فمن أعمر شيئًا، أو أرقبه فهو للوارث إذا مات، وعن ابن عمر مرفوعًا: لا عمرى، ولا رقبى، فمن أعمر شيئًا، أو أرقبه فهو له حياته ومماته، وعنه نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرقبى، وقال: من أرقب رقبى، فهي له فيه، إن الرقبى تكون لمن أرقبها. وإن الشرط باطل لا معنى له، والمسألة مختلف فيها، فقال أبو حنيفة، ومحمد بن الحسن: هي قول الرجل للرجل: قد جعلت داري هذه رقبى لك، إن مت قبلي، فهي لي، وإن مت قبلك، فهي لك، وهي كالعارية عندهما، وذكر عبد الرحمن بن القاسم جوابًا لأسد، لما سأله عن قوله مالك إن مالكًا لم يعرفها، ففسرها بالتفسير المذكور، فقال: لا خير فيها، والذي ذكرناه عنهما عن مالك ليس بصحيح عندنا، لأنه كان ينبغي لهم أن يجروها مجرى الوصية للمرقب، لأن الوصية كذلك تكون: وقد حكى القاضي أبو الوليد أن مذهب مالك، وأصحابه أنها معتبرة من الثلث، وفي "المدونة" على خلاف هذا التفسير، لذلك قال: لا خير فيها، وقالت طائفة، منهم: الثوري، وأبو يوسف، والشافعي: هي أن يقول: قد ملكتك داري هذه، على أن نتراقب فيها، فإن مت قبلي رجعت إلي، وإن مت قبلك سلمت لك، فيكون التراقب حينئذٍ في الرجوع إلى صاحبها، أو الذي أرقبها، لا في نفس التمليك، فتكون للمرقب غير راجعة إلى المرقب في حال، وهذا أولى القولين، عندنا: ص 256 (م)، وفي شرح "الوقاية" ص 288، وجازت العمرى للمعمر له، حال حياته، ولورثته بعده، وهي جعل داره له مدة عمره، فإذا مات ترد عليه، أي العمرى جعل الدار له مدة عمره، مع شرط أن المعمر له إذا مات ترد على الواهب، وهذا الشرط باطل، كما جاء به الحديث، وبطل الرقبى، وهي إن مت قبلك فهو لك، والرقبى -اسم من الرقوب- هو الانتظار، فكأنه ينتظر إلى أن يموت المالك، وهي باطلة عند أبي حنيفة، ومحمد، لأنه تعليق التمليك بخطر، وعند أبي يوسف تصح، لأنه قوله: داري لك رقبى، أي داري لك، وأنا أنتظر موتك لتعود إلي، فتصح، ويبطل الشرط، كالعمرى، فالاختلاف مبني على تفسيرها، قال المحشي: اعلم أن في تفسير الرقبى اختلاف، واختلاف، التفسير يرجع إلى الاختلاف في الحكم، فقال أبو حنيفة: الرقبى، أي داري لك حال حياتك، وأما بعد موتك فهي لي، باطلة لما رواه ابن ماجة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا رقبى، فمن أرقب شيئًا فهو له حياته ومماته، وزعم أبو يوسف أنه كعمرى، تفسيرًا وحكمًا، وله حديث رواه ابن ماجة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: العمرى جائزة لمن أعمرها، والرقبى جائزة لمن أرقبها، ففي الحقيقة لا اختلاف، أي باعتبار تفسيره، وفي الظاهر اختلاف، أي باعتبار لفظه. وفي حاشية "الكنز" اعلم أن الخلاف بينهما، وبين أبي يوسف لفظي، فقول أبي يوسف: تجوز الرقبى بناء على أنها تمليك للحال، واشتراط الاسترداد بعده عدة، وقولهما بعدم صحة الرقبى بناء على أن التمليك مضاف إلى زمان، فلا يصح لعدم التمليك، كذا في "الدر" فحاصلة أنه متى وجد التمليك في الحال، واشترط الرد في المآل يجوز بالإِجماع لما بينها، أن الهبة لا تبطل بالشرط، بل الشرط يبطل، ومتى كان التمليك مضافًا إلى زمان في المستقبل، لا يجوز بالإجماع، فكان الخلاف مبنيًا على تفسير الرقبى، فمن قال: إنه تمليك في الحال أجازه، ومن قال: إنه مضاف لم يجزه: وبالجملة قد ورد في "العمرى، والرقبى" أخبار كثيرة بعضها بالمنع، وبعضها بالجواز، وبالحمل على ما حملناه يحصل التوفيق، كذا في "الزيلعي" اهـ.

33 - باب من استعار من الناس الفرس

2625 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَضَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعُمْرَى أَنَّهَا لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ. تحفة 3148 - 216/ 3 2626 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ حَدَّثَنِى النَّضْرُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْعُمْرَى جَائِزَةٌ». وَقَالَ عَطَاءٌ حَدَّثَنِى جَابِرٌ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ. تحفة 12212 واعلم أنهم اختلفوا في قوله: دَارِي لك عُمري، هل يُفيدُ تمليك المنفعة. أم تمليكَ العَيْن؟ والمشهورُ عندنا أن الغُمْري هِبةٌ، أما الرُّقْي، فينتظِرُ أحدُهما موتَ الآخر، ولا تكون هبة بالفعل، وهذا الذي يُستفاد من الأحاديث أن العُمْري قويةٌ، والرُّقي ضعيفةٌ، والسِّرُّ في انتشارِ الروايات من هذا الباب، أنَّ النَّاوي إنْ نوى به الارتقابَ فهو عارِيَّة. ثم هي أيضًا على خَطَر؛ وإنْ نوى به الرَّقبةَ بمعنى المِلْك، فهو هبةٌ، وراج اختلافَ الروياتِ فيه في «كتاب النسائي» وتفاصيل الفقهاء في «شرح الوِقاية». والجوابُ عن أحاديثُ الخُصُوم عندي أنه كان ذلك في العَرْفَ في عهد النبيُّ صلى الله عليه وسلّم ولعله تَغَيَّر في عهد أبي حنيفة، والشيء إذا كان مبنيًا على العُرْف يتبدَّل حُكْمه بتبدُّلِ العُرْف لا محالة. 33 - باب مَنِ اسْتَعَارَ مِنَ النَّاسِ الْفَرَسَ 2627 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ كَانَ فَزَعٌ بِالْمَدِينَةِ فَاسْتَعَارَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَسًا مِنْ أَبِى طَلْحَةَ يُقَالُ لَهُ الْمَنْدُوبُ، فَرَكِبَ فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ «مَا رَأَيْنَا مِنْ شَىْءٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا». أطرافه 2820، 2857، 2862، 2866، 2867، 2908، 2968، 2969، 3040، 6033، 6212 - تحفة 1238 لما فَرَغَ المصنِّفُ من باب الهِبة وملحقاتِه، دخل في باب العارِيَّة لكونها تمليكًا للمنافع. كما أن الهِبةَ تمليكُ للعين؛ وإنما أدخله في تضاعيف أبواب الهبة، لأنه أرادَ من الهبةِ اللغوية، سواء كانت للمنافع أو الأعيان. قوله: (وإن وجدناه) وكان كذلك فيما بعد. 34 - باب الاِسْتِعَارَةِ لِلْعَرُوسِ عِنْدَ الْبِنَاءِ 2628 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - وَعَلَيْهَا دِرْعُ قِطْرٍ ثَمَنُ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ، فَقَالَتِ ارْفَعْ بَصَرَكَ إِلَى جَارِيَتِى، انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهَا تُزْهَى أَنْ تَلْبَسَهُ فِى الْبَيْتِ، وَقَدْ كَانَ لِى مِنْهُنَّ دِرْعٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ تُقَيَّنُ بِالْمَدِينَةِ إِلاَّ أَرْسَلَتْ إِلَىَّ تَسْتَعِيرُهُ. تحفة 16044 وهذا مِن مراسمِ النَّاس، أَنَّ المُفْلِسين منهم يستعيرُونَ الأشياء للعَرُوس، إذ لا يَقْدرون على أن يَشْتَرَوْها من أموالهم.

35 - باب فضل المنيحة

2628 - قوله: (تُقَيَّنُ) (دولهن ينائي جاتى تهى). قوله: (تُزْهى) "اتراتى هى". 35 - باب فَضْلِ الْمَنِيحَةِ 2629 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نِعْمَ الْمَنِيحَةُ اللِّقْحَةُ الصَّفِىُّ مِنْحَةً، وَالشَّاةُ الصَّفِىُّ تَغْدُو بِإِنَاءٍ وَتَرُوحُ بِإِنَاءٍ». حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَإِسْمَاعِيلُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ نِعْمَ الصَّدَقَةُ. طرفه 5608 - تحفة 13836 2630 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ مِنْ مَكَّةَ وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ - يَعْنِى شَيْئًا - وَكَانَتِ الأَنْصَارُ أَهْلَ الأَرْضِ وَالْعَقَارِ، فَقَاسَمَهُمُ الأَنْصَارُ عَلَى أَنْ يُعْطُوهُمْ ثِمَارَ أَمْوَالِهِمْ كُلَّ عَامٍ وَيَكْفُوهُمُ الْعَمَلَ وَالْمَئُونَةَ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمُّ أَنَسٍ أُمُّ سُلَيْمٍ كَانَتْ أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ، فَكَانَتْ أَعْطَتْ أُمُّ أَنَسٍ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِذَاقًا فَأَعْطَاهُنَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أُمَّ أَيْمَنَ مَوْلاَتَهُ أُمَّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا فَرَغَ مِنْ قَتْلِ أَهْلِ خَيْبَرَ فَانْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ، رَدَّ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى الأَنْصَارِ مَنَائِحَهُمُ الَّتِى كَانُوا مَنَحُوهُمْ مِنْ ثِمَارِهِمْ فَرَدَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أُمِّهِ عِذَاقَهَا، وَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُمَّ أَيْمَنَ مَكَانَهُنَّ مِنْ حَائِطِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ أَخْبَرَنَا أَبِى عَنْ يُونُسَ بِهَذَا، وَقَالَ مَكَانَهُنَّ مِنْ خَالِصِهِ. أطرافه 3128، 4030، 4120 - تحفة 1557 - 217/ 3 2631 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِى كَبْشَةَ السَّلُولِىِّ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَرْبَعُونَ خَصْلَةً أَعْلاَهُنَّ مَنِيحَةُ الْعَنْزِ، مَا مِنْ عَامِلٍ يَعْمَلُ بِخَصْلَةٍ مِنْهَا رَجَاءَ ثَوَابِهَا وَتَصْدِيقَ مَوْعُودِهَا إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهَا الْجَنَّةَ». قَالَ حَسَّانُ فَعَدَدْنَا مَا دُونَ مَنِيحَةِ الْعَنْزِ مِنْ رَدِّ السَّلاَمِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِمَاطَةِ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ، فَمَا اسْتَطَعْنَا أَنْ نَبْلُغَ خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً. تحفة 8967 2632 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَتْ لِرِجَالٍ مِنَّا فُضُولُ أَرَضِينَ فَقَالُوا نُؤَاجِرُهَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالنِّصْفِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ». طرفه 2340 - تحفة 2424 2633 - وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ حَدَّثَنِى

36 - باب إذا قال: أخدمتك هذه الجارية، على ما يتعارف الناس، فهو جائز

عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنِى أَبُو سَعِيدٍ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ عَنِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ «وَيْحَكَ إِنَّ الْهِجْرَةَ شَأْنُهَا شَدِيدٌ فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ» قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَتُعْطِى صَدَقَتَهَا». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَهَلْ تَمْنَحُ مِنْهَا شَيْئًا». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَتَحْلُبُهَا يَوْمَ وِرْدِهَا». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا». أطرافه 1452، 3923، 6165 - تحفة 4153 - 218/ 3 2634 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَعْلَمُهُمْ بِذَاكَ - يَعْنِى ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ إِلَى أَرْضٍ تَهْتَزُّ زَرْعًا فَقَالَ «لِمَنْ هَذِهِ». فَقَالُوا اكْتَرَاهَا فُلاَنٌ. فَقَالَ «أَمَا إِنَّهُ لَوْ مَنَحَهَا إِيَّاهُ كَانَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا أَجْرًا مَعْلُومًا». طرفاه 2330، 2342 - تحفة 5735 وقد مرَّ أن للهبة أسماء عند أصحاب اللغة، فهبة الحيوان الحلوب ليشرب من لبنه، تسمى منحة، كما أن هبة الأشجار تسمى عرية. 2929 - قوله: (نِعَم المَنِيحةً اللِّقْحة الصَّفِيُّ مِنْحَةً) ... الخ. «فنِعْم» من أفعال المَدْح، «والمنيحة» فاعِلُه، و «اللِّقْحة» مخصوصٌ بالمدح، ومنحةً تمييزُ له، واللام على المِنْحة للجنس دون الاستغراق، كما اختاره الأُشْمُوني، ثُم إنَّ النّحاةَ تحيِّروا في مفاد قوله: نِعْم الرجلُ زيدٌ، فإِنَّه لا يظهَرُ للتخصيص بَعْ6 التعميم ههنام معنىً، ويُتوهَّم أنه إطْنابُ، قلت: ومحَصَّلة عندي أن زيدًا رجلٌ حَسَنُ من جِنْس الرجال، فاللام فيه للجِنْس، ومَنْ جعلها للاستغراق فقد غَلِط. 2631 - قوله: (فما اسَتَطَعْنا أَنْ نَبْلُعَ خَمْسَ عشرة خَصْلَةً) أي كانت تلك الخصالُ أَربعينَ، فَجَعلْنا، نُعدِّدها فلم نستطيع أن تعدِّدها إلا بهذا القَدْر، وقد ذكرها أربابُ الشُّروح بتمامِها. 2632 - قوله: (فُضُوُلُ أَرَضِين) "بجى هوئى زمينين". 36 - باب إِذَا قَالَ: أَخْدَمْتُكَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ، عَلَى مَا يَتَعَارَفُ النَّاسُ، فَهْوَ جَائِزٌ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: هَذِهِ عَارِيَّةٌ، وَإِنْ قَالَ كَسَوْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ، فَهْوَ هِبَةٌ. 2635 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ بِسَارَةَ، فَأَعْطَوْهَا آجَرَ، فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ أَشَعَرْتَ أَنَّ اللَّهَ كَبَتَ الْكَافِرَ وَأَخْدَمَ وَلِيدَةً». وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ». أطرافه 2217، 3357، 3358، 5084، 6950 - تحفة 13764 والظاهر أَنَّ المصنِّف لم يَحْكُم في لفظ الإِخدام بشيء، وتركه على العُرْف، فإِنَّ كان عُرْفُهم أنه الهِبةُ، فهو هبةٌ، وإن كان أنه العارِيَّةُ فعلى ما تعارفوه. قوله (وقال بعضُ الناس: هذه عاريَّةٌ، وإنْ قال: كَسَوْتُك هذا الثَّوْبَ، فهو هِبَةٌ) والمُرادُ به

37 - باب إذا حمل رجل على فرس، فهو كالعمرى والصدقة

ههنا أبو حنيفة؛ وقد مرَّ أن المصنِّف لا يريدُ به الرَّد دائمًا، والأقربُ أنه اختارَ تفصيلَ الإِمام الأعظم، لأنه أيضًا فَوِّضَه إلى العُرْف، ولما كان في لفظ الخِدمة. أنه للعاريَّة بخلاف الكُسوة، ظهر وَجْهُ الفَرْق بينهما، ولعلَّ أهلَ العُرْف حملوا الكِسوة على الهبة. لأن الثَّوْب يَبْلَى ويخلق، فلا يكونُ المرادُ من كِسوته إلا الإِعطاءَ، والهِبةَ، وإنما قلنا: إنّه وافقنا في المسألة. لأنه لو أرَادَ الخِلافَ لأَخُرَجَ حديثًا يؤيد مَرَامَه، كما هو دَأبُه، وإنُ سلمناه، فَردُّ ضعيفٌ جدًا. لِوُضُوح الفَرْق بين اللَّفين، كما عرفت آنِفًا. 2635 - قوله: (أَخْدَمَ وَلِيدَةً) (¬1) ولعلّ لَفظ الخِدمة في أَصْل الوَضْع للعارِيَّة، واستُعُمِل في الحديث للهِبة توسُّعًا، وقد ذكرَه الفقهاءُ أيضًا من الفاظ العاريَّة والهِبة معًا، وذلك لأَجل اختلافِ العُرْف فيه؛ على أَنَّ كَوْنَ تلك الوليدةِ هبةً لم يُفْهم مِن لَفْظ الإِخدام، بل مِن قوله: «فأَعْطَوها أَجْرًا، كما ذكره ابنُ بَطَّال، وراجع الحاشية. 37 - باب إِذَا حَمَلَ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ، فَهْوَ كَالْعُمْرَى وَالصَّدَقَةِ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا. 2636 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى يَقُولُ قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، فَرَأَيْتُهُ يُبَاعُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لاَ تَشْتَرِ، وَلاَ تَعُدْ فِى صَدَقَتِكَ». أطرافه 1490، 2623، 2970، 3003 - تحفة 10385 ولا يعتيَّنُ أنه أراد به خلافَ الإِمام الأعظم، بل يمكنُ أن يكونُ على طريقِ نَقْل إحدى الجائزات، ولذا لم يشددِ في الكلام، وكأنه رآه مُحتمِلا أيضًا، والله تعلى أعلم بالصواب. ... ¬

_ (¬1) قلت: وهاجر لم تكن وليدةً، كما قال مُقاتِل، كانت هاجَرُ عليها السلام مِن ولدِ هود عليه السلام. قال الضَّحَّاك: كانت بِنتَ مَلِك مِصْر، وكان ساكنًا بمنف، فغلبه مَلِكٌ آخَرُ، فقتله، وسبى ابنتَهُ، فاسترَقَّها ووهبها لسارة، ثُمَ وَهبت سارةَ لإِبراهيم عليه السلام، فواقعها، فولدت إسماعيلَ، ثم حمل إبراهيمِ عليه الصلاة والسلام إسماعيلَ عليه الصلاة والسلام، وأُمَّه هاجَرَ إلى مكة، اهـ "عُمدة القاري". وإنَّما اعتنيتُ بهذا النقلِ لكونِها من جَدَّاتِ نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم -، وكان خيرَهم نَسَبًا وحسبًا، وقد نَقل الشيخُ فيه تحقيقًا آخَرَ، أجود وأحسنَ. وقد مرَّ.

52 - كتاب الشهادات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 52 - كِتَابُ الشَّهَادَات قال الفقهاء: إنَّ إثباتَ الحقِّ على الغير يُسمَّى دَعْوى، وإثباتَ حقِّ الغيرِ على نَفْسه يُسمَّى إقرارًا، وإثباتَ حقِّ الغير على الغير يُسمَّى شهادةً. 1 - بابُ مَا جَاءَ فِى الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282)} [البقرة: 282]. قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135)} [النساء: 135]. قد مرَّ أن المصَنِّف وافق فيه أبا حنيفة، فلم يجعل اليمينَ على المُدَّعِي في صورةٍ، ولكن عليه البينةُ فقط، وأَصْرَح منه ما قاله في المجلد الثاني، كما سيجيء في مَوْضعه، وهو ظاهِرُ القرآنُ، فإِنَّ الله تعالى قال: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] ولم يذكر للشهادةِ صورةً غيرَهما، وقولُه: «قضى بشاهد، ويمين»، حكايةُ حالٍ لا عمومَ لها؛ وهو عندي من باب المقاضاةِ، لا مِن باب القضاء، وفَصْل الخُصومات، ونظيرُه عند أبي داود، وسنقرره فيما يأتي إن شاء الله تعالى. 2 - باب إِذَا عَدَّلَ رَجُلٌ أَحَدًا فَقَالَ: لاَ نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْرًا، أَوْ قَالَ مَا عَلِمْتُ إِلاَّ خَيْرًا وَسَاقَ حَدِيثَ الإِفكِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأُسَامَةَ حِينَ اسْتَشَارَهُ قَالَ: "أَهْلَكَ، وَلَا نَعْلَمُ إلَّا خَيرًا".

3 - باب شهادة المختبي

2637 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِىُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ وَابْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِيًّا وَأُسَامَةَ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْىُ يَسْتَأْمِرُهُمَا فِى فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ فَقَالَ أَهْلُكَ وَلاَ نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْرًا. وَقَالَتْ بَرِيرَةُ إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِى الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ يَعْذِرُنَا مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِى أَذَاهُ فِى أَهْلِ بَيْتِى فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْ أَهْلِى إِلاَّ خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا». أطرافه 2593، 2661، 2688، 2879، 4025، 4141، 4690، 4749، 4750، 4757، 5212، 6662، 6679، 7369، 7370، 7500، 7545 تحفة 16708، 16126، 17409، 16311 - 219/ 3 - 220/ 3 أي هل يكفي التعديلُ بهذا القَدْرِ؟ فقال: يُعتبر به، ثم التزكيةُ في الفِقه على نَحوْين: التَّزْكيةُ سِرًا، وهذه تكون خفيةً، والتَّزْكيةُ جَهْرًا، وهذه تكونُ في مَجُلِس القضاء. 3 - بابُ شَهَادَةِ الْمُخْتَبِي وَأَجَازَهُ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ: وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ بِالْكَاذِبِ الْفَاجِرِ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَابْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَقَتَادَةُ: السَّمْعُ شَهَادَةٌ. وَقَالَ الْحَسَنُ: يَقُولُ لَمْ يُشْهِدُونِي عَلَى شَىْءٍ، وَإِنِّي سَمِعْتُ كَذَا وَكَذَا. 2638 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ سَالِمٌ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ الأَنْصَارِىُّ يَؤُمَّانِ النَّخْلَ الَّتِى فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ حَتَّى إِذَا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَّقِى بِجُذُوعِ النَّخْلِ، وَهْوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنِ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، وَابْنُ صَيَّادٍ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ فِى قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْرَمَةٌ - أَوْ زَمْزَمَةٌ - فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَتَّقِى بِجُذُوعِ النَّخْلِ، فَقَالَتْ لاِبْنِ صَيَّادِ أَىْ صَافِ، هَذَا مُحَمَّدٌ. فَتَنَاهَى ابْنُ صَيَّادٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ». أطرافه 1355، 3033، 3056، 6174 - تحفة 6849 يعني إذا أختبأ الرجلُ، وَنَظر إلى المشهودِ عليه، وهو لا يَشْعُر به، فهل يُعْتدُّ بشهادته؟ قوله: (السَّمْعُ شَهادةٌ) يعني إنْ سَمِع كلامَ أحدٍ يجوزُ له أن يَشْهد به، ولا يجب له الإِشهاد أيضًا، كما في الشَّهادةِ، أما الشهادة بالتسامع فهي شيءٌ آخرٌ، ومعناها أنه لم يَسْمع كلامًا، ولم يرَ شيئًا، ولكنه سَمِع النَّاس يقولون شيئًا أفواهًا، فَشَهِد به، ولم يعتِبره الحنفيةُ إلا في ستةِ مواضَع، ذُكِرت في «الكنز»؛ وأضاف عليها أصحابُ الشُّروح أَمورًا إلى تسعةٍ، والشهادةُ بالسَّمع غيرُ الشهادةِ بالتسامع، والأولى جائزةٌ مُطْلقًا. فإِن قلت: إنَّ الصوتَ يُشْبِه الصوت؟ قلت: نعم، ولكنهم اعتبروا القرائنَ، فإِذا تبيَّن بالقرائِن أنه صوتُ فلان، جاز له أَن يَشْهد به، وقد مر معنا أن قولهم: الخَطُّ يُشْبِه الخَطَّ، إنما

4 - باب إذا شهد شاهد أو شهود بشىء، فقال آخرون: ما علمنا ذلك، يحكم بقول من شهد

يجري في باب الدَعاوَى، إما في غيرها فقد اعتبروا بالخطِّ إذا حصل اليقينُ بكونِه خَطَّ فلان. (وكان الحسن يقول): .. الخ، وهذه شهادةٌ بالتسامع، وهي غيرُ معتبرةٍ عندنا. 2639 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِىِّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِى فَأَبَتَّ طَلاَقِى، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ، إِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ. فَقَالَ «أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِى إِلَى رِفَاعَةَ لاَ حَتَّى تَذُوقِى عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ». وَأَبُو بَكْرٍ جَالِسٌ عِنْدَهُ وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِالْبَابِ يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ، فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلاَ تَسْمَعُ إِلَى هَذِهِ مَا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 5260، 5261، 5265، 5317، 5792، 5825، 6084 - تحفة 16436 2639 - قوله: (فقال: يا أبا بَكْرٍ، أَلا تَسْمَعُ إلى هذه ما تَجْهِرُ به عند النبيِّ صلى الله عليه وسلّم؟)، فاعتمد على الصوتِ، لأن الصحابيَّ كان على الباب، قلت: إنَّ البُخاري تمسَّك بقصةِ ابن صَيَّاد، وهذه القِصةُ مع كونِها من الأمور البَيْنيَّةِ، وكثيرًا ما يحتجُّ بها المصنِّف على مسائلِ القضاء والحُكْم، ولا يَفَرَّق بينهما. 4 - باب إِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ أَوْ شُهُودٌ بِشَىْءٍ، فَقَالَ آخَرُونَ: مَا عَلِمْنَا ذَلِكَ، يُحْكَمُ بِقَوْلِ مَنْ شَهِدَ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: هَذَا كَمَا أَخْبَرَ بِلاَلٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ. وَقَالَ الْفَضْلُ لَمْ يُصَلِّ، فَأَخَذَ النَّاسُ بِشَهَادَةِ بِلاَلٍ. كَذَلِكَ إِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ لِفُلاَنٍ عَلَى فُلاَنٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ آخَرَانِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ يُقْضَى بِالزِّيَادِةَ. 2640 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لأَبِى إِهَابِ بْنِ عَزِيزٍ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ قَدْ أَرْضَعْتُ عُقْبَةَ وَالَّتِى تَزَوَّجَ. فَقَالَ لَهَا عُقْبَةُ مَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرْضَعْتِنِى وَلاَ أَخْبَرْتِنِى. فَأَرْسَلَ إِلَى آلِ أَبِى إِهَابٍ يَسْأَلُهُمْ فَقَالُوا مَا عَلِمْنَا أَرْضَعَتْ صَاحِبَتَنَا. فَرَكِبَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ». فَفَارَقَهَا، وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ. أطرافه 88، 2052، 2659، 2660، 5104 - تحفة 9905 - 221/ 3 وهي مسألةٌ عندنا إنْ بلغت الشهادةُ نِصَابها. قوله: (إنْ شَهِد شاهِدَان: أن لِفُلانٍ على فلانٍ دِرْهم، وشَهِد آخَرانِ بألفٍ وخَمْس مئة، يُقْضى بالزِّيادة)،وإذا اختلفت الشهادتانِ، بأْنْ شَهِد اثنانِ على كذا، وانثانِ آخَرَان على كذا، يُقْضَى بالقَدْر المُشْتَرَك، وما ذكره صاحِب «الهداية» من التفصيل، فهو عند اختلافِ الشاهدين فيما بينهما، فَتُرَدُّ في بعض الصُّوَر؛ وراجع تفصيله منه.

5 - باب الشهداء العدول

5 - باب الشُّهَدَاءِ الْعُدُولِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2]، وَ {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282]. 2641 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يَقُولُ إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْىِ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَإِنَّ الْوَحْىَ قَدِ انْقَطَعَ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمُ الآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ، وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَىْءٌ، اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِى سَرِيرَتِهِ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ، وَإِنْ قَالَ إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ. تحفة 10514 أ والعبرةُ في العدالة أَنْ يكون ذا خِصال شريفةٍ، ومروءةٍ فَحَسْب، فإِنه لو شُدِّد فيها لأنسَدَّ على النَّاس طريقُ فَصْلِ خصوماتهم، فإِنه يَعِزُّ وجودُ الجامعِ بين أَوصاف العدالة. 2641 - قوله: (وإنَّ الوَحْي قد انقطع، وإنَّما نأخُذُكم الآنَ بما ظَهر لنا مِن أعمالِكُم) دلَّ على أن القَطْع هو الوَحْي فقط. وما قال بعضُ العلماءِ: إنَّ الكَثْفَ أيضًا قَطْعِيُّ، فليس بصحيح. وأما ما يُظَنَّ من التخليط في بعض أخبار الوحي. فباطلٌ، لأنه لا تخليط فيه أصلا. وهي صِدْقٌ كُلّها، وإنما يَحْدُثُ التخليطُ في النَّقل، والطريق، فيحدُث ما يحدث من جهته، ولم يُوَفِّق لهذا الفَرْقِ مسيلمة الفنجاب فَحَمَلها على صاحب الوَحْي - ما أَكْفَرَه - فَجوَّز الغَلَط في وحي الأنبياء عليهم السلام أيضًا، وجعل يتمسَّك بالاغلاطِ التي وقَعت من تلقاء الرُّواةِ. *هم نقلوا عني الذي لم آفهْ به ... وما آفةُ الأخبار إلَّا رُواتُها ولم ينظر أنَّ النَّاسَ مع عِلْمهم وشَرَفِهم قد يَغْلَطُون اليوم أيضًا في نَقْل الأشياء كثيرًا؛ فما الاستبعادُ إنْ وقعت الأغلاطُ في نقل الرواياتِ عن النَّقلةِ الأَثْبات، ثم الجاهلُ قد يتضرَّرُ به من طَرَفٍ آخر، فَيَزْعمُ أن الأغلاط إذا وقَعت عن الرُّواةِ ارتفع الآمانُ عن الدِّين، ولم يَدْر أنَّ الله تعالى خلق له رجالا يُميِّزون المُخيضَ عن الرغوة، فيجمعون الطُّرُقَ، وينظرونَ في الأسانيد، ويبحثون عن العِلل: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد: 17] ونعوذ بالله من الزَّايْغ والإِلحادِ، وسوء الفَهْم، وفَرْط الوَهم. 6 - باب تَعْدِيلِ كَمْ يَجُوزُ 2642 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ مُرَّ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِجَنَازَةٍ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَالَ «وَجَبَتْ». ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا - أَوْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ - فَقَالَ «وَجَبَتْ». فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ لِهَذَا وَجَبَتْ، وَلِهَذَا وَجَبَتْ، قَالَ «شَهَادَةُ الْقَوْمِ، الْمُؤْمِنُونَ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِى الأَرْضِ». طرفه 1367 - تحفة 294

7 - باب الشهادة على الأنساب، والرضاع المستفيض، والموت القديم

2643 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِى الْفُرَاتِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ قَالَ أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ، وَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ - رضى الله عنه - فَمَرَّتْ جِنَازَةٌ فَأُثْنِىَ خَيْرٌ فَقَالَ عُمَرُ وَجَبَتْ. ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِىَ خَيْرًا فَقَالَ وَجَبَتْ. ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ فَأُثْنِىَ شَرًّا، فَقَالَ وَجَبَتْ. فَقُلْتُ مَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ قُلْتُ كَمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ». قُلْنَا وَثَلاَثَةٌ قَالَ «وَثَلاَثَةٌ». قُلْتُ وَاثْنَانِ قَالَ «وَاثْنَانِ». ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ. طرفه 1368 - تحفة 10472 - 222/ 3 يعني أَنَّه يُشْتَرطُ العددُ في المُزَكَّى، أم لا؟ فقال الحنفيةُ: يُشترط العدد في المُزَّكى أم لا؟ فقال الحنفيةُ: يُشترط له أَحَدُ شَطْري الشهادة: إما العددُ، أو العدالة. 2642 - قوله: (المؤمنونَ شُهَداءُ اللهِ في الأَرْض) وقد مرَّ الكلامُ فيه في كتاب «الجنائز»؛ وذكر الشيخُ الأكبرُ أنَّ الرزق إنما نيط بالأسباب، ليُعلم حالُ الشقاوة والسعادة بالمقايسة؛ فإِنها أيضًا من تلقاءِ الأسباب؛ وعادةُ الله قد جرَت في هذا العالم بتعليقِ الأسباب بالمُسَيِّبات، فكلُّ مُسيَّبٍ مَنُوطٌ بِسَبَه، إلى أن ينتهي الأَمْرُ إلى ربِّ الأرباب: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} [النجم: 42] فلا تأثيرَ في الحقيقةِ في هذا العالم إلا الله تعالى، فهو مُسَيِّبُ الأسباب، إلا أنَّ القدرةَ الأزلية مستورةٌ تحت حُجُب الأسباب، فيرى في الظاهر أن التأثيرَ لها، مع أنه لا تأثير إلا لله، وفي المثل السائر؛ قالت الجدارُ للوَقدِ: لم تَشُقُّني؟ قالت: سَلْ مَنْ يدُقُّني، فزِمامُ الأسباب كلَّها إلى اللهِ سبحانه، لا إله إلَّا هو. 7 - باب الشَّهَادَةِ عَلَى الأَنْسَابِ، وَالرَّضَاعِ الْمُسْتَفِيضِ، وَالْمَوْتِ الْقَدِيمِ وَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ». وَالتَّثَبُّتِ فِيهِ. وهي من الجزئيات التي اعتُبِرت فيها الشهادةُ بالتسامح عندنا، وكذلك الموت القديم، إما الرَّضاعُ المستفيضُ فليس منها. 2644 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اسْتَأْذَنَ عَلَىَّ أَفْلَحُ فَلَمْ آذَنْ لَهُ، فَقَالَ أَتَحْتَجِبِينَ مِنِّى وَأَنَا عَمُّكِ فَقُلْتُ وَكَيْفَ ذَلِكَ قَالَ أَرْضَعَتْكِ امْرَأَةُ أَخِى بِلَبَنِ أَخِى. فَقَالَتْ سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «صَدَقَ أَفْلَحُ، ائْذَنِى لَهُ». أطرافه 4796، 5103، 5111، 5239، 6156 - تحفة 16369 2644 - قوله: (فَلم أذّن لَهُ) وكانت تقول: إنما أرضعتني المرأةُ دون الرَّجل، فالحُرْمةُ

أيضًا ينبغي أن تكونَ من قِبَلها، لا مِن قِبَلة: ويقال لتلك المسألةِ: لين الفَحْل، والجمهور على أن الرجل الذي من إحبالِه ذلك اللَّبن أَبٌ للرَّضيع، والمرأةَ أُمٌ له، وإذن تَسْري الحُرْمةُ إلى الرَّجلِ، والمرأةِ سواء، فإِنَّ اللَّبن من إحْبَالِه. 2645 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى بِنْتِ حَمْزَةَ «لاَ تَحِلُّ لِى، يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ، هِىَ بِنْتُ أَخِى مِنَ الرَّضَاعَةِ». طرفه 5100 - تحفة 5378 2645 - قوله: (يَحْرُمُ من الرَّضاع ما يحرُمُ من النَّسَب) ... الخ، وقد وقع ههنا سَهْوٌ من الشيخ ابنِ الهُمام حيث قال: إنَّ امرأةَ ابنه من الرَّضاع حرامٌ على الأب، وعلى قضيةِ يَلْزمُ أن لا يتكونَ حرامًا، لأن حُرْمة ابنه من جهة المصاهرة لا من جهة النَّسبِ، ودلَّ الحديثُ على أنَّ المحرمات مِن الرضاعة هي المحرماتُ من النَّسب فقط؛ وهذه ليست محرمة النَّسَبِ، فينبغي أن تكون حلالا. 2646 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِى بَيْتِ حَفْصَةَ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُرَاهُ فُلاَنًا. لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِى بَيْتِكَ. قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُرَاهُ فُلاَنًا». لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ لَوْ كَانَ فُلاَنٌ حَيًّا - لِعَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ - دَخَلَ عَلَىَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «نَعَمْ، إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلاَدَةِ». طرفاه 3105، 5099 - تحفة 17900 2646 - قوله: (لو كان فلان حَيًّا، لعمها من الرَّضاعة - دخَل عليَّ) قلت: لا تناقُضَ بين حديثِ الباب، وبين ما مرَّ آنِفًا، أنه استأذنها وهو حيٌّ، لتعدُّدِ الواقعتين. قلت: وقد سها فيه الشيخ؛ ومنشؤه أنهم ذكروا الصورةَ المذكورة في باب المصاهرة، فظنَّ أن الحرمةَ فيها من قِبَل الصَّهْر فقط، مع أن النَّسب أيضًا دخلٌ فيها، كماتدل في باب المصاهرة، فظنَّ أن الحرمةَ فيها من قِبلَ الصِّهْر فقط، مع أن النَّسب أيضًا دخيلٌ فيها، كما تدل عليه إضافة المرأة إلى الابن، فحرمةُ زوجةِ الأبِ على الابن، لكونِها امرأةً لأبيه أيضًا، ففي إضافةِ المرأةِ إلى الابن والأَب إشعارٌ بأن النَّسب أيضًا مراعيِّ في هاتين الحُرْمتين، فانحل الإِشكالُ بلا قيلٍ وقال. 2647 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِى الشَّعْثَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدِى رَجُلٌ، قَالَ «يَا عَائِشَةُ مَنْ هَذَا». قُلْتُ أَخِى مِنَ الرَّضَاعَةِ. قَالَ «يَا عَائِشَةُ، انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ،

8 - باب شهادة القاذف والسارق والزاني

فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ». تَابَعَهُ ابْنُ مَهْدِىٍّ عَنْ سُفْيَانَ. طرفه 5102 - تحفة 17658 - 223/ 3 2647 - قوله: (فإِنَّما الرِّضاعةُ من المَجاعةِ)، واعلم أنهم اختلفوا في مُدة الرَّضاعة، فذهب الجمهور إلى أنها حَوْلانِ، مع تفصيل قليلٍ فيما بينهم؛ وعندنا هي ثلاثونَ شَهْرًا. وأصلُ الكلام في القرآن، فإِنَّه تعرَّض إلى مدة الرَّضاعة نصًا، أما الحديثُ فلم يتعرَّض له إلى حَدَ، كما ترى في قوله: «إنَّما الرَّضاعةُ من الجماعة»، ولعلَّك عَلِمت منه أن مدَة الرَّضاعة لو كانت هي الحَوْلين في نظر صاحب الشرع لَنوَّر بها الحديث، واستعملها، وذكر تفاصيلها، وبني عليها في كلامه، وإذا لم نرفيه عباءةً بها، عَلِمنا أن القرآن اعتبر فيها اعتبارًا، لا أنها تمامُ المدة التي لا وكس فيها، ولا شَطَط. وسيأتي الكلام فيها في موضعه إنْ شاء الله تعالى. 8 - بابُ شَهَادَةِ الْقَاذِفِ وَالسَّارِقِ وَالزَّانِي وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} [النور: 4 - 5]. وَجَلَدَ عُمَرُ أَبَا بَكْرَةَ وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ وَنَافِعًا بِقَذْفِ الْمُغِيرَةِ ثُمَّ اسْتَتَابَهُمْ، وَقَالَ مَنْ تَابَ قَبِلْتُ شَهَادَتَهُ. وَأَجَازَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ وَالشَّعْبِىُّ وَعِكْرِمَةُ وَالزُّهْرِىُّ وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ وَشُرَيْحٌ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ. وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ الأَمْرُ عِنْدَنَا بِالْمَدِينَةِ إِذَا رَجَعَ الْقَاذِفُ عَنْ قَوْلِهِ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ. وَقَالَ الشَّعْبِىُّ وَقَتَادَةُ إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ. وَقَالَ الثَّوْرِىُّ إِذَا جُلِدَ الْعَبْدُ ثُمَّ أُعْتِقَ، جَازَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنِ اسْتُقْضِىَ الْمَحْدُودُ فَقَضَايَاهُ جَائِزَةٌ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَاذِفِ، وَإِنْ تَابَ، ثُمَّ قَالَ لاَ يَجُوزُ نِكَاحٌ بِغَيْرِ شَاهِدَيْنِ، فَإِنْ تَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ مَحْدُودَيْنِ جَازَ، وَإِنْ تَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ عَبْدَيْنِ لَمْ يَجُزْ. وَأَجَازَ شَهَادَةَ الْمَحْدُودِ وَالْعَبْدِ وَالأَمَةِ لِرُؤْيَةِ هِلاَلِ رَمَضَانَ. وَكَيْفَ تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ، وَقَدْ نَفَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الزَّانِىَ سَنَةً. وَنَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كَلاَمِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ حَتَّى مَضَى خَمْسُونَ لَيْلَةً. 2648 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فِى غَزْوَةِ الْفَتْحِ، فَأُتِىَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ أَمَرَ فَقُطِعَتْ يَدُهَا. قَالَتْ عَائِشَةُ فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا وَتَزَوَّجَتْ، وَكَانَتْ تَأْتِى بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3475، 3732، 3733، 4304، 6787، 6788، 6800 - تحفة 16694 2649 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ أَمَرَ فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصِنْ بِجَلْدِ مِائَةٍ وَتَغْرِيبِ عَامٍ. أطرافه 2314، 2696، 2725، 6634، 6828، 6831، 6836، 6843، 6860، 7194، 7259، 7279 - تحفة 3755 - 224/ 3

وهي جائزةٌ عند الشافعية بعد التوبةِ، وحُسْن الحالِ؛ وردَّها الحنفيةُ مُطْلقًا، وعَدُّوه من تمام الحَدِّ، وأصلُ النزاع (¬1) في القرآن؛ فَمَنْ ذهب إلى أن قوله: {إلا الدين تابوا من بعدِ ذلك وءَصْلَحوا} (النور: 4)، استثناءُ من قوله: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: 4] قَبِلها بعد التوبةِ، ومنْ جعله استثناءً مِن الفسْق لم يَقْبَلْها وإنْ باب، فالأبدُ عندنا على معناه بخلافة عند الشافعية، وقد بُحث في الأصول أَنَّ الاستثناء إذا وقع بعد عدةِ أمور، هل يرجع الأقرب، أم إلى الجميع؟ فليراجع. قوله: (وَجَلَدَ عُمرُ أبا بَكْرةَ، وشِبْلَ بَنَ مَعْبد) .... الخ، وقِصَّتُه أن المغيرةَ بن شُعْبة كان واليًا بالعراق، وأبا بكرة بالكوفةِ؛ وكان لمغيرةُ من دُهاةِ العرب، حتى قال الحسنُ البصري: أَفْسد الناس اثنان: المغيرةُ وعَمْرو بنُ العاص، وإنما كان عمرُ، وَلاة على العراق، لأن أمورَ الولاية لا تَنْتَظِم، إلا مِن القَطِن الذكي، المقذف في الأمور، فكان زُهادُّ الصحابةِ عن سخطه منه: منهم أبو بكرة؛ فاتفق يومًا أن المغيرةَ خرج من بيته بِغَلَسَ، فدخل بين امرأة، فلم يستطع أبو بكرة أن يَصبرَ عليه، فذهب وجاء بثلاثةِ شهداء، فشاهدوه يُجامعها، فلما بلغ أمْرُه إلى عمر، دعا: اللهم أَنْقذ المغيرةَ من الحدِّ، فَشَهِد منهم ثلاثةُّ بلفظٍ صريح، أما الرابع فقال: انَّه رأى حركةَ (¬2) رِجْليه لا غير، فدرأ عنه الحدَّ، وشكر الله تعالى، وجلد هؤلاء حَدَّ الفِرْية. قلت: أما وَجْهُ دخولِ المغيرةَ في بيت امرأةٍ، فما علمت بعد تَفَحُّص بالغٍ أنه كان نَكحها نِكَاح السرِّ، فكان يذهبُ إليها ويجامِعُها، وإنما لم يعتذر به عند عُمَر، لأنه كان نهى عنه، وأعلنَ أنه لا يَسْمَع بعد ذلك أحدًا يفعله إلا تَحُلُّ به العقوبةُ، فخاف أن يبوءَ به. قوله: (مَنْ تابَ قَبِلْتُ شَهادَتَه)، وهذا بِمَحْضَرٍ من الصحابةِ، فلا ريبَ في كونه قويًا، وهو مَذْهبُ أكثرِ الصحابة، ولعلَّ مَلَحَظ الإِمامِ الأعظم أنه لا معنى للتوبةِ عنه، إلا أن يُكذِّب نَفْسَه، وذا لا يمكنُ من رَجُلٍ صادقٍ، فإِنه كيف يُكَذِّب نَفْسه، وقد رآه بعينيه، أما الحدُّ على ¬

_ (¬1) قال ابنُ رُشْد: والسبب في اختلافهم، هل الاستثناءُ يعودُ إلى الجملةِ المتقدمة، أو يعودُ إلى أقرب مذكور، فَمَن قال بالثاني، قال: التوبةُ تَرْفع الفِسْق، ولا تقبل شهادته؛ ومَنْ رأى أن الاستثناءَ يتناولُ الأمْرين جميعًا قال: التوبةُ تَرْفَعُ الفِسْق، وردَّ الشهادةَ، لأنَّ الفِسْق متى ارتفع قُبِلت الشهادةُ. اهـ مختصرًا ص 381 - ج 2 "بداية المجتهد"، ونحوه ذكر العَيْني ص 339 - ج 6 وراجع من ص 241، وص 242 - ج 6. قلت: ونقل المارديني عن "التمهيد" أَنَّ مِمَّن قال: إنَّ الاستثناء يعودُ إلى الجملةِ الأخيرة الحَكَمُ، ومعاويةُ بن قُرَّة، وحمادُ بنُ أبي سُليمان، ومَكحوُل، وهو رواية عن ابن المُسيِّب، وعِكْرة عن الزُّهري وإليه ذهب أكثرُ أهلِ العراق، وفي "المُحلَّى" لابن حَزْم عن ابن شِهاب: شهادةُ القاذف لا تجوزُ، وإن تاب وصَحَّ نَحْوُه عن الشعبيِّ في أَحْد قَوْليه، والنَّخَعي، وابن المسيب في أحد قَوْليه، والحسن البصري، ومجاهد في أحد قَوْليه، ومَسْروق، وعِكرمة في أحد قوليه، وشريح. ثم قال المارديني: إنَّ ابن المسيِّب الذي روى عن عمر قَبولَ شهادتِه خالفه في ذلك؛ ثم أخرجه عن ابن أبي شَيبة بسندٍ على شَرْط مسلم، وأخرج بسندٍ فيه حَجاجُ مرفوعًا: المسلمونَ عدولٌ بَعضُهم على بعض، إلا محدودًا في فرْية. اهـ والحجَّاج أخرج له مسلمٌ مقرونًا بآخر، اهـ ص 245 - ج 2 ملخصًا: قلت: وقد حسَّن الترمذيُّ حديثَ حجاج في نحو عشرين موضعًا. (¬2) أخرج العيني تلك القِصَّة من وجوه متعددة، ففي بعضها: "رأيتُ منظرًا قَبِيحًا"؛ وفي بعضها: سمعتُ نفسًا عاليًا، ورأيتهما في لحاف، اهـ ص 34 - ج 6.

ظهره، فذلك لِقُصُورٍ في الشهادة، وهو أَمْرٌ أَخَر، ألا ترى أن أبا بكرة لم يرجع عن قوله حتى مات. وحينئذٍ يُشْكِل قولُ عمرَ: مَنْ تاب قَبِلْت شهادته، ماذا معناه؟ هل يريدُ بذلك أن يَحْمِلَهم على أن يُكذِّبوا أنفسهم، فإِنه لا معنى لِتوْبَتِم إلا ذلك، فيه ترغيبٌ لهم على الكذب، قلت: ولعلَّه أراد به الإِغماضَ عما رآه بقولٍ مُبْهم، والتوبةُ مجملةٌ، دون الرُّجوع عما رآه بعينه بصريح اللفظ. وبالجملة لما تعذرت منهم التوبةُ، لأنها تكذيبُ للنفس والعين، بقي حُكْم ردِّ الشهادةِ إلى الأبد (¬1) والله تعالى أعلم. قوله: (وقال الثَّوْري: إذا جُلِدَ العَبْدُ، ثُم أُعْتِقَ جَازَت شهادَتُهِ)؛ قلت: وهي مسألةٌ أُخرى ليست من باب قبول شهادةِ القاذفع، لأن العبد ليست له وِلايةٌ، فإِذا عَتق حَصَلت له الوِلايةُ على نفسه، وإذن لا بأس بعبرةِ شهادتِهِ. قوله: (وقال بعضُ الناس) وحاصلُه أن الإِمام أبا حنيفة رَدَّ أَوّلا شهادةَ المحدود، ثُم ناقَضَه واعتبرها في النكاح: قلت: ليس الأَمرُ كما فَهِم المصنِّف، فإِنَّ الإِمام رَدَّها للثُّبوتِ، وقَبِلها للانعقاد، وبينهما فَرْقُ لا يخفي، ثمُ إنه ليس مِن عقدٍ يحتاجُ إلى الاستشهادِ غير النِّكاح للانعقاد أيضًا، وإنَّما يكفي حضورُ الشاهدَين المحدودَين للانعقاد، لأن الشهادة للانعقاد تعتمدُ الوِلايةَ، ولا قُصور فيهما لوجودِ الولاية فيهما؛ نعم لا تَقْبل شهادَتُهما عند القاضي للقُصور في الأداء، فالردُّ في باب، والقَبول في باب آخر، فأين التناقضُ، وماذا التهافُتُ؟ قوله: (لرؤيةِ هِلالِ رمضان) ... الخ، ولا مناقَضَةَ فيه أيضًا، فإِنَّ الحنفية لا يُسمُّونه، شهادةً، بل هو إُخبارٌ مجرَّدُ عندهم، ولذا لا يُشترط فيه لَفُظُ الشهادة؛ نعم يُشْترطُ في هلال الفِطر، وذلك أيضًا لكونه مُتضمَّنًا لمعنى الحَلِف، فإِنَّ الفقهاء ذكروا لَفْظ: أَشْهد، في ألفاظ اليمين أيضًا، وزعم البَعْضُ أنه لا بُدَّ فيه لفظ: «أَشْهد بِعَينه؛ ولا تكفي تَرْجمتُه، وليس بصحيح، ¬

_ (¬1) قلت: ولم أفهم المَرَامِ على التمام؛ ولعلَّ حاصِلَه أن المتدين إذا قذف أحدًا، ثُم رُدَّت شهادتُه لِفقْدان شرْطٍ، فَحُدَّ، فإِنَّ شهادَته لا تُقبل، أبدًا، لأنه لا يُمكن منه أن يتوب أبدًا، لأنه لا معنى للتوبة إلَّا تكذيبُ نفسه، وذا لن يفعله رجلٌ متدينٌ، ثم إنه وإن كان في نَفْسه صادقًا، لكنه كاذبٌ عند الله، كما في النصِّ، فأولئك عند الله هم الكاذبون، فإذا كانوا كاذبين لا بدَّ لهم من التوبة، ليرتفِعَ عنهم ميسمُ السوء فإِذا تعذَّرت تَوْبتُهم لكونهم صادِقين في زعمهم، بقي عليهم ما كان من عهدة الكذب -أعني ردَّ الشهادة- ثُم مَن كان عند الله كاذبًا. لا يصيرُ صادقًا بتكذيب نَفْسه، ولعلَّ رَدَّ الشهادة جزاءٌ للكذب، لا جزاءٌ للِفْسق فقط، والتوبةُ تَرْفع الفسق، أما الكذب فذلك مِن صفة القَوْل، ولا تَعلق له بارتفاع الإِثم، فهو بحالِه بعد التوبة أيضًا، ولما كان رَدُّ الشهادةِ من لوازمه، بقي حُكمه إلى الأبد، وذلك في القَذْف خاصَّةَ، لِعَظَمةِ أَمْره، وفخامة شأنه، وحينئذٍ يَنْدفع ما ذكره ابنُ رُشدُ، أنَّ ردَّ الشهادة مع ارتفاعِ الفسق غيرُ معقولِ، وذلك لأن رَدَّها عُدَّ من تماميةِ الحدِّ، لكونِ الكذب في هذا الباب أَشْنَعَ، بخلافِه في سائر الأبواب، فليس الردُّ جزاءً للِفسْق فقط، ليعودَ الأمرُ إلى ما كان، والله تعالى أعلم بالصواب.

9 - باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد

بل يكفيه لَفْظٌ يؤدي مُؤاده من أَيِّ لغةٍ كان، كما في «الدر المختار» - في باب الأذان فاعلمه، فإِنَّ المسألة إذا كانت في غير بابها أعوزت على الناس، فأحفظها. قوله: (وَكَيْفَ تُعْرَفُ توبتُه؟) قلت: تُعرف بالنَّطر إلى حالاته، ولعلَّه إشارةٌ إلى ماذكرنا أنها لا تحصُل إلا بتكذيب نفسه، فكيف تُعْرف، فإِنَّ التكذيب لا يتحملُّه عامي، فكيف برج صادق! قوله: (وقد نَفَى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم الزاني سنةً)، فله الرجوعُ بعدها. قوله: (ونهى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عن كلام كَعْب) ... الخ، ثم قَبِل توبتَه بعد خمسين يومًا، فدلَّت تلك الآيةُ، والتي قبلها على قبول التوبة؛ واعلم أن التغريبَ بعامٍ ليس من أجزاءِ الحدِّ عندنا، وراجع له «فتح القدير» فإِنّه قرر مؤثرًا (¬1). 9 - باب لاَ يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ جَوْرٍ إِذَا أُشْهِدَ 2650 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِىُّ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رضى الله عنهما - قَالَ سَأَلَتْ أُمِّى أَبِى بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ لِى مِنْ مَالِهِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَوَهَبَهَا لِى فَقَالَتْ لاَ أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَخَذَ بِيَدِى وَأَنَا غُلاَمٌ، فَأَتَى بِىَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّ أُمَّهُ بِنْتَ رَوَاحَةَ سَأَلَتْنِى بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ لِهَذَا، قَالَ «أَلَكَ وَلَدٌ سِوَاهُ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَأُرَاهُ قَالَ «لاَ تُشْهِدْنِى عَلَى جَوْرٍ». وَقَالَ أَبُو حَرِيزٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ «لاَ أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ». طرفاه 2586، 2587 - تحفة 11625 2651 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ زَهْدَمَ بْنَ مُضَرِّبٍ قَالَ سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «خَيْرُكُمْ قَرْنِى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ». قَالَ عِمْرَانُ لاَ أَدْرِى أَذَكَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدُ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَخُونُونَ وَلاَ يُؤْتَمَنُونَ، وَيَشْهَدُونَ، وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ وَيَنْذِرُونَ وَلاَ يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ». أطرافه 3650، 6428، 6695 - تحفة 10827 والجَوْر في لغةِ العَرب الانحراف عن الحقِّ، واستعملوه في الفارسية بمعنى الظُّلم، كالجَفَاء معناه البداوةُ كنوارين؛ ثُم استعملوه في معنى الظُّلْم. 2651 - قوله: (خَيْرُكم قَرْني) .. الخ هل المرادُ منه الخَيْريةُ في القرونِ الثلاثةِ فقط، أو خَيْرية الأُولى، فالأخرى كذلك إلى الأبد فليُنْظر فيه. 2651 - قوله: (يَشْهدُون ولا يُسْتَشْهدُون) يعني بي قابو، وهذا اللفظُ ورد ههنا في مَعْرِض الذَّمِّ، وقد ورد في موضع المَدْح أيضًا، والوَجْه أن الشهادةَ بدون الاستشهاد، إذا كانت لإِحياِ حقِّ المسلم، فهي خيرُ لا محالة، وإن كانت المبالاة بها، فهي من أَمارات الساعة. ¬

_ (¬1) قلت: ونأتيك بعبارتِه في "الحدود" إنْ شاء اللهُ تعالى.

10 - باب ما قيل فى شهادة الزور

2652 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِىءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ». قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَكَانُوا يَضْرِبُونَنَا عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْعَهْدِ. أطرافه 3651، 6429، 6658 - تحفة 9403 2652 - قوله: (كانوا يَضْربُوننا على الشَّهادة) أي كان كبراؤنا يُؤدِّبوننا على تَكَلُّم لَفْظ الشهادة، لئلا نعتادَ عليه، فنستعمله في مُحَلِّ، وغير مُحلّ. 10 - بابُ مَا قِيلَ فِى شَهَادَةِ الزُّورِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان: 72]، وَكِتْمَانِ الشَّهَادَةِ لِقَوْلِهِ: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [البقرة: 283] {تَلْوُوا} [النساء: 135] أَلْسِنَتَكُمْ بِالشَّهَادَةِ. 2653 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ جَرِيرٍ وَعَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ إِبْرَاهِيمَ قَالاَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْكَبَائِرِ قَالَ «الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ». تَابَعَهُ غُنْدَرٌ وَأَبُو عَامِرٍ وَبَهْزٌ وَعَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ شُعْبَةَ. طرفاه 5977، 6871 - تحفة 1077 - 225/ 3 2654 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِىُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ». ثَلاَثًا. قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ». وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ «أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ». قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ. أطرافه 5976، 6273، 6274، 6919 - تحفة 11679 قال الحنفيةُ: إنَّ الرُّجوع عن الشهادة لا يكونُ إلا في مَجْلِس القاضي، فلو رجعا عنه بعد ما خرجا عن مَجْلِسه، وقد شَهِدا شهادةُ زُور لا يكون ذلك رجوعًا ما لم يَحْضُرا في مَجْلِسه، ويَرْجِعا فيه، وحينئذ يُعزِّزُهما القاضي، ويُنادي عليهم أَنَّ هؤلاء شهِدوا شهادةَ الزُّور فاجتنبُوهم. قوله: ({فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}) أي إنَّ ذَنْبه ليس على اللسان فقط، بل سَرَى إلى القلب أيضًا، وإن تكلَّم به اللسانُ فقط، وبذلك يُعلم قَدْرُ عِظَمِه عند الله العظيم. 11 - بابُ شَهَادَةِ الأَعْمَى وَأَمْرِهِ وَنِكَاحِهِ وَإِنْكَاحِهِ وَمُبَايَعَتِهِ وَقَبُولِهِ فِى التَّأْذِينِ وَغَيْرِهِ، وَمَا يُعْرَفُ بِالأَصْوَاتِ وَأَجَازَ شَهَادَتَهُ قَاسِمٌ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَالزُّهْرِىُّ وَعَطَاءٌ. وَقَالَ الشَّعْبِىُّ تَجُوزُ

شَهَادَتُهُ إِذَا كَانَ عَاقِلاً. وَقَالَ الْحَكَمُ رُبَّ شَىْءٍ تَجُوزُ فِيهِ. وَقَالَ الزُّهْرِىُّ أَرَأَيْتَ ابْنَ عَبَّاسٍ لَوْ شَهِدَ عَلَى شَهَادَةٍ أَكُنْتَ تَرُدُّهُ؟ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَبْعَثُ رَجُلاً إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ أَفْطَرَ، وَيَسْأَلُ عَنِ الْفَجْرِ فَإِذَا قِيلَ لَهُ طَلَعَ. صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَعَرَفَتْ صَوْتِى قَالَتْ سُلَيْمَانُ، ادْخُلْ فَإِنَّكَ مَمْلُوكٌ مَا بَقِىَ عَلَيْكَ شَىْءٌ. وَأَجَازَ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ شَهَادَةَ امْرَأَةٍ مُنْتَقِبَةٍ. 2655 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً يَقْرَأُ فِى الْمَسْجِدِ فَقَالَ «رَحِمَهُ اللَّهُ، لَقَدْ أَذْكَرَنِى كَذَا وَكَذَا آيَةً، أَسْقَطْتُهُنَّ مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا». وَزَادَ عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ تَهَجَّدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَيْتِى فَسَمِعَ صَوْتَ عَبَّادٍ يُصَلِّى فِى الْمَسْجِدِ فَقَالَ «يَا عَائِشَةُ، أَصَوْتُ عَبَّادٍ هَذَا». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «اللَّهُمَّ ارْحَمْ عَبَّادًا». أطرافه 5037، 5038، 5042، 6335 - تحفة 17136، 16183 2656 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ - أَوْ قَالَ حَتَّى تَسْمَعُوا - أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ». وَكَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ رَجُلاً أَعْمَى، لاَ يُؤَذِّنُ حَتَّى يَقُولَ لَهُ النَّاسُ أَصْبَحْتَ. أطرافه 617، 620، 623، 1918، 7248 - تحفة 6872 - 226/ 3 2657 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَتْ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَقْبِيَةٌ فَقَالَ لِى أَبِى مَخْرَمَةُ انْطَلِقْ بِنَا إِلَيْهِ عَسَى أَنْ يُعْطِيَنَا مِنْهَا شَيْئًا. فَقَامَ أَبِى عَلَى الْبَابِ فَتَكَلَّمَ، فَعَرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صَوْتَهُ فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ قَبَاءٌ وَهُوَ يُرِيهِ مَحَاسِنَهُ وَهُوَ يَقُولَ «خَبَأْتُ هَذَا لَكَ، خَبَأْتُ هَذَا لَكَ». أطرافه 2599، 3127، 5800، 5862، 6132 - تحفة 11268 والمرادُ منه مَنْ كان أعمى عند تَحمُّل الشهادة، أما مَنْ كان بصيرًا عند التحمل، ثمَّ عَمى عند الأداء، فلا كلام فيه؛ ويُعْلم مِن فِقْهنا أن شهادةَ الأعمى لا تُقْبل في أكثر الجزئيات، وتُعتبر في بعضها، أما الجزئيات التي ذَكرها المصنِّفُ فلا ترد علينا لكونِ الشهادة فيهما مقبولةً عندنا أيضًا. قوله: (وقَبُولِهِ في التَّأذِين) وهو من الدياناتِ، فلا بأس بقَبولهما. قوله: (وما يُعْرَفُ بالأصواتِ) وقد مرَّ الكلام في الشهادة بالسماع، والتسامع. قوله: (الشَّعْبْيُّ) ... الخ، أي تُقُبل شهادتُه إذا كان ذكيًا يَأمن الأغلاطَ. قوله: (وقال الحَكَم: رُبَّ شيء تَجُوزُ فيه) دلَّ على أَنَّ فيه تفصيلا عنده. قوله: (وقال الزُّهْريُّ: أرأيتَ ابنَ عَبَّاسٍ لو شَهِدَ على شهادةٍ أكُنْتَ تَرُدُّهُ؟) ... الخ، وكان

12 - باب شهادة النساء

ابنُ عباس قد عَمِي بآخِره، وقِصَّتُه أنه حَضَر هو وأبوه مرةً مَجْلِسَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فرأى ابنُ عباس عنده رَجُلا، فسأله عنه أباه مَنْ هو؟ فأَجابه أنه لا يرى ثَمَّةَ أحدًا، فَعَمّن تسألني، ولم يكن العباسُ رآه، فقال: بلى، كان هناك رجلٌ، فرجع العباسُ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وقصَّ عليه الخبرَ. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «ذاك جبرائيل، ثُم طلب ابنُ عباس، وقال له: هل رأيتَه؟ قال: نعم، قال: إذن لا تَسْلَم لك عيناك، وسوف تصيرُ أعمى» فكان كما أخبره. قلت: ولعلَّه رآه بكيفيةٍ أُخرى، وإلا فقد رآه غيرُ واحدٍ منهم في صورة دحْية، ولا غزْوَ أن يكون بين رُؤيةٍ ورُؤيةٍ فَرْقٌ، ألا ترى أنه كان يحضرُه بصورةِ دِحْية، قيرونه كلُّهم، ولم يَرَه في تلك المرةِ إلا ابنُ عباس، فتلك رؤيةٌ أُخرى، لا ندري كُنْهَها، ثُم إنَّ لِعَماه سببًا ظاهرًا أيضًا، وهو أنه كان يَدْخُل الماءَ في عَيْنَية عند الوضوء، أما الجوابُ عن المسألة فأقول: إنَّ ابن عباس، وإن كان أَمْرُه معروفًا، إلا أن قواعدَ الشريعة على مكانها، إلا ترى أنَّ شُرَيحًا رَدَّ شهادةَ الحسن بن علي، ولم يُنْكر عليه عليُّ، وكان أميرَ المؤمنين. قوله: (أدْخُل، فإِنَّك مملوكٌ) ولا حِجابَ عن الممالك عند عائشة، وتمسَّكَتْ بقوِله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3]. وقال الحنفيةُ بالحجابِ منهم أيضًا، ونقلُوا عن بعضِ السَّلف أنهم قالوا: لا تعزَّكم سورة النُّور، فإِنَّها في الإِناث دون الذكور. قوله: (وهي مُنْتقَبة) وهي جائزةٌ عندنا أيضًا؛ سواء أكانت شاهدةً أو مشهودةً عليها. قوله: (سمِعَ صَوْت عَبَّاد) وليس ذلك من باب الحُكْم. 12 - باب شَهَادَةِ النِّسَاءِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282]. 2658 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زَيْدٌ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا». أطرافه 304، 1462، 1951 - تحفة 4271 13 - باب شَهَادَةِ الإِمَاءِ وَالْعَبِيدِ وَقَالَ أَنَسٌ: شَهَادَةُ الْعَبْدِ جَائِزَةٌ إِذَا كَانَ عَدْلاً. وَأَجَازَهُ شُرَيْحٌ وَزُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ شَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ، إِلاَّ الْعَبْدَ لِسَيِّدِهِ. وَأَجَازَهُ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ فِى الشَّىْءِ التَّافِهِ. وَقَالَ شُرَيْحٌ كُلُّكُمْ بَنُو عَبِيدٍ وَإِمَاءٍ. 2659 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ. وَحَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ أَوْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ يَحْيَى

14 - باب شهادة المرضعة

بِنْتَ أَبِى إِهَابٍ قَالَ فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْرَضَ عَنِّى، قَالَ فَتَنَحَّيْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ قَالَ «وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنْ قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا». فَنَهَاهُ عَنْهَا. أطرافه 88، 2052، 2640، 2660، 5104 - تحفة 9905 وهي جائزةٌ عند البخاري مُطْلقًا. 14 - باب شَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ 2660 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ إِنِّى قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا. فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «وَكَيْفَ وَقَدْ قِيلَ؟ دَعْهَا عَنْكَ» أَوْ نَحْوَهُ. أطرافه 88، 2052، 2640، 2659، 5104 - تحفة 9905 - 227/ 3 وهي مرَّ الكلامُ فيه في كتاب «العلم». 2660 - قوله: (كَيْفَ وَقد قِيل) ... الخ، وفيه إشعارٌ بنه لم يَحْكُم من باب القضاء، بل حَكَم بالدِّيانةِ. حديث الإفك 15 - بابُ تَعْدِيلِ النِّسَاءِ بَعْضِهِنَّ بَعْضًا 2661 - حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ وَأَفْهَمَنِى بَعْضَهُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِىِّ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ، قَالَ الزُّهْرِىُّ، وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا وَبَعْضُهُمْ أَوْعَى مِنْ بَعْضٍ، وَأَثْبَتُ لَهُ اقْتِصَاصًا، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِى حَدَّثَنِى عَنْ عَائِشَةَ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا. زَعَمُوا أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِى غَزَاةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ سَهْمِى، فَخَرَجْتُ مَعَهُ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَأَنَا أُحْمَلُ فِى هَوْدَجٍ وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ، وَقَفَلَ وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِى أَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ، فَلَمَسْتُ صَدْرِى، فَإِذَا عِقْدٌ لِى مِنْ جَزْعِ أَظْفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِى، فَحَبَسَنِى ابْتِغَاؤُهُ، فَأَقْبَلَ الَّذِينَ يَرْحَلُونَ لِى، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِى فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِى الَّذِى كُنْتُ أَرْكَبُ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّى فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَثْقُلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، وَإِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ حِينَ رَفَعُوهُ ثِقَلَ الْهَوْدَجِ فَاحْتَمَلُوهُ وَكُنْتُ جَارِيَةً

حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِى بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنْزِلَهُمْ وَلَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، فَأَمَمْتُ مَنْزِلِى الَّذِى كُنْتُ بِهِ فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِى فَيَرْجِعُونَ إِلَىَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِى عَيْنَاىَ فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِىُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِىُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِى فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَأَتَانِى، وَكَانَ يَرَانِى قَبْلَ الْحِجَابِ فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ يَدَهَا فَرَكِبْتُهَا فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِى الرَّاحِلَةَ، حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُعَرِّسِينَ فِى نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِى تَوَلَّى الإِفْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ بِهَا شَهْرًا، يُفِيضُونَ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، وَيَرِيبُنِى فِى وَجَعِى أَنِّى لاَ أَرَى مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - اللُّطْفَ الَّذِى كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَمْرَضُ، إِنَّمَا يَدْخُلُ فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ «كَيْفَ تِيكُمْ». لاَ أَشْعُرُ بِشَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ مُتَبَرَّزُنَا، لاَ نَخْرُجُ إِلاَّ لَيْلاً إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلِ فِى الْبَرِّيَّةِ أَوْ فِى التَّنَزُّهِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتُ أَبِى رُهْمٍ نَمْشِى، فَعَثُرَتْ فِى مِرْطِهَا فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلاً شَهِدَ بَدْرًا فَقَالَتْ يَا هَنْتَاهْ أَلَمْ تَسْمَعِى مَا قَالُوا فَأَخْبَرَتْنِى بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا إِلَى مَرَضِى، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِى دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمَ فَقَالَ «كَيْفَ تِيكُمْ». فَقُلْتُ ائْذَنْ لِى إِلَى أَبَوَىَّ. قَالَتْ وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، فَأَذِنَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَيْتُ أَبَوَىَّ فَقُلْتُ لأُمِّى مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ فَقَالَتْ يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِى عَلَى نَفْسِكِ الشَّأْنَ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلاَّ أَكْثَرْنَ عَلَيْهَا. فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَلَقَدْ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِهَذَا قَالَتْ فَبِتُّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لاَ يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْىُ، يَسْتَشِيرُهُمَا فِى فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالَّذِى يَعْلَمُ فِى نَفْسِهِ مِنَ الْوُدِّ لَهُمْ، فَقَالَ أُسَامَةُ أَهْلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ نَعْلَمُ وَاللَّهِ إِلاَّ خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَرِيرَةَ فَقَالَ «يَا بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ فِيهَا شَيْئًا يَرِيبُكِ». فَقَالَتْ بَرِيرَةُ لاَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنْ رَأَيْتُ مِنْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنِ الْعَجِينَ فَتَأْتِى الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ يَوْمِهِ، فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ ابْنِ سَلُولَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ يَعْذِرُنِى مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِى أَذَاهُ فِى أَهْلِى، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ خَيْرًا، وَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ مَعِى». فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا وَاللَّهِ أَعْذِرُكَ مِنْهُ، إِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ

ضَرَبْنَا عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا فِيهِ أَمْرَكَ. فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلاً صَالِحًا وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَقَالَ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ، لاَ تَقْتُلُهُ وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ فَقَالَ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ. فَثَارَ الْحَيَّانِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ فَنَزَلَ فَخَفَّضَهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، وَبَكَيْتُ يَوْمِى لاَ يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، فَأَصْبَحَ عِنْدِى أَبَوَاىَ، قَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا حَتَّى أَظُنُّ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِى - قَالَتْ - فَبَيْنَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِى وَأَنَا أَبْكِى إِذِ اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِى مَعِى، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَلَسَ، وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِى مِنْ يَوْمِ قِيلَ فِىَّ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ مَكُثَ شَهْرًا لاَ يُوحَى إِلَيْهِ فِى شَأْنِى شَىْءٌ - قَالَتْ - فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ «يَا عَائِشَةُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِى عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ فَاسْتَغْفِرِى اللَّهَ وَتُوبِى إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ». فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِى حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً وَقُلْتُ لأَبِى أَجِبْ عَنِّى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقُلْتُ لأُمِّى أَجِيبِى عَنِّى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا قَالَ. قَالَتْ وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَتْ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لاَ أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ فَقُلْتُ إِنِّى وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ سَمِعْتُمْ مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ، وَوَقَرَ فِى أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، وَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّى بَرِيئَةٌ. وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنِّى لَبَرِيئَةٌ لاَ تُصَدِّقُونِى بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّى وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِى وَلَكُمْ مَثَلاً إِلاَّ أَبَا يُوسُفَ إِذْ قَالَ {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] ثُمَّ تَحَوَّلْتُ عَلَى فِرَاشِى، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يُبَرِّئَنِى اللَّهُ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا ظَنَنْتُ أَنْ يُنْزِلَ فِى شَأْنِى وَحْيًا، وَلأَنَا أَحْقَرُ فِى نَفْسِى مِنْ أَنْ يُتَكَلَّمَ بِالْقُرْآنِ فِى أَمْرِى، وَلَكِنِّى كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِى اللَّهُ، فَوَاللَّهِ مَا رَامَ مَجْلِسَهُ وَلاَ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ فِى يَوْمٍ شَاتٍ، فَلَمَّا سُرِّىَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ لِى «يَا عَائِشَةُ، احْمَدِى اللَّهَ فَقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ». فَقَالَتْ لِى أُمِّى قُومِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقُلْتُ لاَ وَاللَّهِ، لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلاَ أَحْمَدُ إِلاَّ اللَّهَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ} [النور: 11] الآيَاتِ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِى بَرَاءَتِى قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رضى الله عنه - وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَاللَّهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ مَا قَالَ لِعَائِشَةَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} إِلَى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بَلَى، وَاللَّهِ إِنِّى

16 - باب إذا زكى رجل رجلا كفاه

لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِى، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ الَّذِى كَانَ يُجْرِى عَلَيْهِ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْأَلُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِى، فَقَالَ «يَا زَيْنَبُ، مَا عَلِمْتِ مَا رَأَيْتِ». فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحْمِى سَمْعِى وَبَصَرِى، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلاَّ خَيْرًا، قَالَتْ وَهْىَ الَّتِى كَانَتْ تُسَامِينِى، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ. قَالَ وَحَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ. قَالَ وَحَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ مِثْلَهُ. [طرفه في: 2593]. أخرج فيه حديثَ الإِفك لاشتمالة على تعديلِ بَرِيرةَ عائشةَ، وستأتي الحِكْمة في هذا الابتلاء. 16 - باب إِذَا زَكَّى رَجُلٌ رَجُلًا كَفَاهُ وَقَالَ أَبُو جَمِيلَةَ: وَجَدْتُ مَنْبُوذًا، فَلَمَّا رَآنِى عُمَرُ قَالَ عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا. كَأَنَّهُ يَتَّهِمُنِى قَالَ عَرِيفِى إِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ قَالَ كَذَاكَ، اذْهَبْ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ. تحفة 10458 2662 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَثْنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «وَيْلَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ، قَطَعْتَ عُنَقَ صَاحِبِكَ». مِرَارًا ثُمَّ قَالَ - «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَادِحًا أَخَاهُ لا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ أَحْسِبُ فُلاَنًا، وَاللَّهُ حَسِيبُهُ، وَلاَ أُزَكِّى عَلَى اللَّهِ أَحَدًا، أَحْسِبُهُ كَذَا وَكَذَا إِنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ». طرفاه 6061، 6162 - تحفة 11678 - قوله: (عسى (¬1) الغُوَيْرُ أَبُؤسًا) هذا مَثَلُ يُضْربُ لما تكونُ ظاهِرُه سلامةً، وباطنُهِ هَلاكًا، وأصُله أَنَّ رِجالا مِن أهل الجاهليةِ كانوا يُسافِرُون، فَمعطَر عليهم السَّحابُ، فَفَقُّروا إلى كَهْفٍ يَحْفَظُهم عن المَطَر، فَتَدَهْدَه حَجَرُ، فانطبق عليهم، فتسلط عليهم فلا بلاءٌ، فأَهْلَكَهُم، ومِن ههنا جرى بهم المَثَلُ، وترجمتهشايدرغار هلا كلات كابلاعاعث نهو. قال النحاة: إنَّ خَبَرَ عسى يكونُ منصوبًا حُكْمًا: قلت: ولا دليل عليه عندهم إلا هذا المَثَلُ، فإِنَّ خَبَره يكونُ مضارِعًا، ولا يظهَرُ فيه الإِعرابُ. 17 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الإِطْنَابِ فِى الْمَدْحِ، وَلْيَقُلْ مَا يَعْلَمُ 2663 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ ¬

_ (¬1) ولعله وقع فيه بعضُ سهوٍ مني، وأصلُه كما في العيني نَقْلًا عن الأصْمعي أنْ أصْل هذا المَثَل: أنه كان غار فيه ناسٌ، فانهار عليهم، أو قال: فأتاهم عدوٌ فَقَتَلُهم فيه، فقيل ذلك لكلِّ مَنْ دخل في أَمْرٍ لا يَعْرفُ عاقبته. وقال سفيانُ: أَصْلُه إن ناسًا كان بينهم وبين آخرين حَرْبٌ، فقالت لهم عجوزٌ: احذروا، واستعدوا لهؤلاء، فإِنَّهم يألونكم شَرًّا، فلم يلبثوا أن جاءهم فَزعٌ، فقالت العجوزُ، عسى الغُوَيرُ أبؤسًا، تعني لعلَّه أتاكم الناسُ مِن قِبْل الغُوَيْرِ، وهو الشعب. اهـ ملخصًا.

18 - باب بلوغ الصبيان وشهادتهم

اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً يُثْنِى عَلَى رَجُلٍ، وَيُطْرِيهِ فِى مَدْحِهِ فَقَالَ «أَهْلَكْتُمْ - أَوْ قَطَعْتُمْ - ظَهْرَ الرَّجُلِ». طرفه 6060 - تحفة 9056 18 - باب بُلُوغِ الصِّبْيَانِ وَشَهَادَتِهِمْ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: 59]. وَقَالَ مُغِيرَةُ احْتَلَمْتُ وَأَنَا ابْنُ ثِنْتَىْ عَشْرَةَ سَنَةً. وَبُلُوغُ النِّسَاءِ فِى الْحَيْضِ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} إِلَى قَوْلِهِ: {أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ أَدْرَكْتُ جَارَةً لَنَا جَدَّةً بِنْتَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً. 2664 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَهْوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزْنِى، ثُمَّ عَرَضَنِى يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَجَازَنِى. قَالَ نَافِعٌ فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهْوَ خَلِيفَةٌ، فَحَدَّثْتُهُ هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ إِنَّ هَذَا لَحَدٌّ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ. وَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَفْرِضُوا لِمَنْ بَلَغَ خَمْسَ عَشْرَةَ. طرفه 4097 - تحفة 7833 - 232/ 3 2665 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ». أطرافه 858، 879، 880، 895 - تحفة 4161 وسِنُّ البلوغِ عندنا من اثني عشَر إلى خمسةَ عشرَ عامًا، وبَعْدَه يُعَدُّ بالغًا حُكْمًا، ويُمكِنُ بعد العشرةِ أيضًا؛ فإِنَّ البلوغِ يختلِف باختلاف الأزمان، والبلدان، والصبيان. وسِنُّ بلوغِها من تسعةٍ إلى خمسة عشرَ، وبعدها بالغة حُكْمًا، وفيما دونها لا يُحْكم عليهما بالبلوغِ إِلا بالاحتلام، أو بأماة البُلوغِ سواه. قوله: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} [الطلاق: 4] ... الخ، قيل في تفسيرِها: إنَّها الآيسةُ. وقال المالكيةُ: لا ارتيابَ مَعَ كِبَر السِّنِّ، فهي تمتدة الطُّهْر، فتمضي عِدَّتُها في ثلاثة أشهر؛ واحتجوا بقوله تعالى: {إِنِ ارْتَبْتُمْ} [الطلاق: 4] وقالوا: معناه إنِ ارْبَتْتُم في العِدَّة لامتدادُ طُهْرهااكر شبهة أو رحيراني هو امتداد طهر كيوجه سى فَعِدَّتُها ثلاثةُ أشهر. وتكلَّم عليه القاضي أبو بكر بن العربي مُفَصِّلا، والمسألةُ مُشْكِلَةٌ جدًا، فإِنَّه لا سبيلَ لها عندنا إلى مُضِي عِدَّتها، إلا أن ترى ثلاثَ حيض، وفيه عُسْرٌ ظاهِرٌ، فلا بدَّ من الإِفثاء بمذهب مالك، وأجاب عنه الحنفيةُ أن النَّاسَ سألوا النبي صلى الله عليه وسلّم عن عِدَّةِ الآيسةِ، فكان الارتيابُ منهم، فقوله: {إِنِ ارْتَبْتُمْ} [الطلاق: 4] نَاطِرٌ إلى سؤالهم، لا إلى تَحيرُّهم في أمر عدَّتِهن.

19 - باب سؤال الحاكم المدعي: هل لك بينة؟ قبل اليمين

19 - بابُ سُؤَالِ الْحَاكِمِ الْمُدَّعِيَ: هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ؟ قَبْلَ الْيَمِينِ 2666، 2667 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ».قَالَ فَقَالَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ فِىَّ وَاللَّهِ كَانَ ذَلِكَ، كَانَ بَيْنِى وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَرْضٌ فَجَحَدَنِى، فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلَكَ بَيِّنَةٌ». قَالَ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَقَالَ لِلْيَهُودِىِّ «احْلِفْ». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذًا يَحْلِفَ وَيَذْهَبَ بِمَالِى. قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] إِلَى آخِرِ الآيَةِ. طرفاه في: 2356، 2357 تحفة 9244 20 - باب الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فِى الأَمْوَالِ وَالْحُدُودِ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ». وَقَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ كَلَّمَنِى أَبُو الزِّنَادِ فِى شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَيَمِينِ الْمُدَّعِى فَقُلْتُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282]. قُلْتُ إِذَا كَانَ يُكْتَفَى بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَيَمِينِ الْمُدَّعِى، فَمَا تَحْتَاجُ أَنْ تُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى، مَا كَانَ يَصْنَعُ بِذِكْرِ هَذِهِ الأُخْرَى؟ 2668 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ كَتَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى بِالْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. طرفاه 2514، 4552 - تحفة 5792 - 233/ 3 2669، 2670 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالاً لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ} إِلَى {عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77]. ثُمَّ إِنَّ الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ خَرَجَ إِلَيْنَا فَقَالَ مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَحَدَّثْنَاهُ بِمَا قَالَ، فَقَالَ صَدَقَ لَفِىَّ أُنْزِلَتْ، كَانَ بَيْنِى وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِى شَىْءٍ، فَاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ». فَقُلْتُ لَهُ إِنَّهُ إِذًا يَحْلِفُ وَلاَ يُبَالِى. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالاً وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ، ثُمَّ اقْتَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ. طرفاه في: 2356، 2357 تحفة 9304 يشير إلى أَنَّ القضاء إما بالبيِّنةِ، أو اليمين، وليس فيه شِقٌ ثالِثٌ. قوله: (عن ابن شُبْرُمَة: كلَّمني أبو الزِّناد) ... الخ، فابنُ شَبْرُمة قاضي الكوفة؛ وأبوالزِّناد قاضي المدينةِ، فتكلَّما في مسألة الشهادةِ مع اليمين، فحجَّ قاضي الكوفة على قاض المدينةِ.

قوله: ({أَنْ تَضِلَّ} [البقرة: 282] أي مخافةَ تضل. قوله: ({فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى}) [البقرة: 282] وراجع نكتةَ هذا الطويلِ من «عروس الأفراح». وأما قوله: «قُضي رسول الله صلى الله عليه وسلّم بشاهدٍ يمين» فقد أَجَبْنا عنه، على أنه عَلَّه يحيى بنُ مَعين بجميع طُرُقه، كما ذَكره العلامة (¬1) القاسم في «شَرْحِ التحرير»: قلت: أخرِجه مسلم؛ وأئمةُ الحديثِ إذا اختلفوا في التصحيحِ والإِعْلال، فالاحتياطُ عندي في الأعمال. والأَوْجه عندي أن قضاءه هذا كان على طريقِ الصُّلْح، ويشهدُ له ما أخرجه أبو داود في باب القضاء باليمين والشاهد، قال: سمعتُ جدي الزبيب بقول: بَعَث رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم جَيْشًا إلى بني العَنْبر، فإخذوهم بركبة من ناحيةِ الطائف، فاستاقوهم إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فَرَكِبْتُ، فسبقْهُم إلى النبيّ صلى الله عليه وسلّم فقلت: «السلامُ عليك يا نبيِّ الله، ورحمةُ الله، وبركانه، أتانا جُنْدُك، فأخذونا، وقد كُنَّا أسلمنا، وخضر منا - أي أعلمنا - آذان النعم، فلما قدم بالعنبر، قال لي النبيُّ صلى الله عليه وسلّم هل لكمن بينةٌ على أنَّكم أَسْلَمتم قَبْل أن تؤخذوا في هذه الأيام، قلت: نعم، قال: مَنْ بينتك؟ قال: سَمُرَةُ، رجلٌ من بني العنبر، ورجلٌ آخرُ سماه له، فشهد الرجل، وأَبى سَمُرَةُ أن يشهدَ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم قد أَبى أن يشهدَ لك، فتحلف مع شاهدك الآخر؟ فقلت: نعم، فاستحلفني، فحلفت بالله لقد أسلمنا يوم كذا، وكذا، ثُم خضر منا آذالن النعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلّم اذهبوا فقاسموهم أنضاف الأموال، ولا تمسوا ذراريهم، لولا أن الله تعالى لا يحب ضلالة العمل - أي بطلانه وضياعه - مارزيناكم - ما نقصناكم - عِقالا. قال الزبيب: فدعتني أمي، فقالت: هذا لرَّجُلُ أخذ زريبتي - البساط - وفي الهندية: قالين، فانصرفت إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم يعني فأخبرته، فقال لي احبِسْه، فأخذت بتلبيته، وقمت معه مكانَنَا، ثم نظر إلينا النبيُّ صلى الله عليه وسلّم قائمين، فقال: ما تريدُ بأسيرِك فأرسلته من يدي، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فقال للرجل: رُدَّ على هذا زريته أَمُّه التي أَخَذْت منها. قال: يا بنيَّ الله إنَّها خرجت من يدي. قال: فاختلع نبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلّم سيفَ الرجل. فأعطانيه، فقال للرجل: اذهب فَزِدْه آصُعًا من طعام. قال: فزادني آصُعًا من شعير». اهـ. فهذا ما ترى حُكمٌ على طريق المراضاة، والمهادنة، كما يفعله كبراءُ القوم، مطلقًا، ولكن أَمَر أَنْ يقاسموا أنصافَ الأموال. فهذا من باب التحكيم، وكثيرًا ما يجري بين الناس، فلا حاجةَ إلى إسقاطِ الحديث: ثُمَّ إنَّ الفقهاء، وإن فَوَّضُوا الصُّلح إلى رأى المتصالحين، لكن لا يكون في الخارح إلا مِن ثالث، فيصطلحان على ما يُحْكَم به. 2669، 2670 - قوله: (مَنْ حَلَف علي يمين) قالوا: المرادُ من المينِ المحلوفُ عليه. قوله: (شاهِدَاك، أو يَمِينُه) وقد مرَّ معنا أنَّ النُّجاةَ ذكروا أن نحو: «إما»، و «أو» لِنَعْ الجَمْع، ولم يتوجهوا إلى مَنْع الخلو؛ قلت: لا بد أن يكونَ هو أيضًا من مدلولِها، لأنه لا يُراد ¬

_ (¬1) وتكلم عليه المارديني في "الجَوْهر النَّقي" مبسوطًا، وقد لخصناه في الحاشية قُبيل كِتاب العِتْق، وقد تكلَّم عليه الحافظ العَيْني وأجاد فيه، فليراجع.

21 - باب إذا ادعى أو قذف، فله أن يلتمس البينة، وينطلق لطلب البينة

من التقسيم إلا الحَصْرُ، فيدخل فيه مَنْعَ الخُلُوِّ عَقْلا، والحاصل أَنَّها للانفصال مُطْلقًا، سواء كان مَنْعًا، أو جَمْعًا، هذا هو التحقيقُ وإن لم يذكروه في كُتُبهم. فإِن قُلت: إنَّ قوله تعالى: {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا} دليلٌ على أن الشهادةَ توجَّهت إلى المُدَّعى عليهم أيضًا، فكيف يستقيمُ الحَصْرُ على مذهبكم؟ قلت: المُدَّعي عليهم صاروا هناك مُدَّعِين مِن وَجْه، وقد أَبْدَع فيه الشاه عبدُ القادر، وترجمة بالبينان الخلفي، ولم يكتبه فقهاؤنا (¬1)؛ فإِنَّهم لا يُسمّون الشهادةَ إلا ما كانت في مَجْلِس القضاء. أما أهلُ العَرْف فيقولون عند نَقْل الأخبار: شْهدُ بكذا مُطْلقًا، وإن لم يكونوافي مَجْلِس القضاء. فالشهادةُ عندهم أَعمُّ مما في الفِقْه، فاسترحنا عن الإِشكال. والجواب؛ وقلنا: إنَّ تلك الشهادةَ ليست ما تكون في مَجْلِس القضاء، ليخالِفَ الحَصْرَ المستفادَ من «إما»، و «أو»، بل هي ما تكون فيما بينهم. فإِذن تسمتُهما شهادة ليست على اصطلاح الفقهاء، بل جَرْبًا على العُرْف، فلا سؤال، ولا جواب. 21 - باب إِذَا ادَّعَى أَوْ قَذَفَ، فَلَهُ أَنْ يَلْتَمِسَ الْبَيِّنَةَ، وَيَنْطَلِقَ لِطَلَبِ الْبَيِّنَةِ 2671 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ هِشَامٍ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْبَيِّنَةُ أَوْ حَدٌّ فِى ظَهْرِكَ». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ فَجَعَلَ يَقُولُ «الْبَيِّنَةَ وَإِلاَّ حَدٌّ فِى ظَهْرِكَ». فَذَكَرَ حَدِيثَ اللِّعَانِ. طرفاه 4747، 5307 - تحفة 6225 يعني أن الفاذِفَ إذا قَذَف لا يُقام عليه الحَدُّ ولكن يُمْهَلُ ريثما يلْتَمِس البينةَ، ولا يَرْهَقُ مِن أَمْره عُسْرًا. 2671 - قوله: (البيِّنةُ، أو حَدُّ في ظَهْرِك). وإنما كَرَّرَه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم تأكيدًا، ولم يَعْبَأ بما اعتذره؛ ورَدَّ عليه بأنك نَظَرْت إلى جانبٍ، ولم تنظر إلى أنا حَكَمْنا الرَّجْم بمجرِد دَعَاوَى النَّاسِ، لفسدت الدنيا، فليراعَ الطرطانِ، وليوفّر الحظان. 22 - باب الْيَمِينِ بَعْدَ الْعَصْرِ 2672 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِطَرِيقٍ يَمْنَعُ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلًا لاَ يُبَايِعُهُ إِلاَّ لِلدُّنْيَا، فَإِنْ أَعْطَاهُ مَا يُرِيدُ وَفَى لَهُ، وَإِلاَّ لَمْ ¬

_ (¬1) قال الشاه عبد القادر في "فوائده": /اس جكه شهادت فرمايا إظهار كو مدعى إظهار كرى يا مدعى عليه جسى إقرار كوكهتى هين/، ولم أفز من تمام تقرير الشيخ في هذا الموضع، وقد ضاع منه شيءٌ، انخرم منه المرادُ.

23 - باب يحلف المدعى عليه حيثما وجبت عليه اليمين، ولا يصرف من موضع إلى غيره

يَفِ لَهُ، وَرَجُلٌ سَاوَمَ رَجُلاً بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أُعْطِىَ بِهِ كَذَا وَكَذَا، فَأَخَذَهَا». أطرافه 2358، 2369، 7212، 7446 - تحفة 12338 - 234/ 3 وفيه تغليظٌ بالزَّمان. واعتبر الشافعيةُ بالزَّمان والمكان، ولا تغليظَ عندنا إلا بالأسماءِ الإِلهية، نحن أن يقول: بالله العزيزِ، المحي المميت .. الخ. كما في «شرج الوقاية». قلت: قد اعتبره أهلُ العَرْف؛ وإذن مرادُ الإِمام أنه لا يُجْبرُ. وقد أشار البخاريُّ إلى عدم التغليظِ بحسب المكان، حيث قال ولا يُصْرفُ من مَوْضِع إلى غيرِه. 23 - بابٌ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَيْثُمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، وَلاَ يُصْرَفُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى غَيْرِهِ قَضَى مَرْوَانُ بِالْيَمِينِ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ أَحْلِفُ لَهُ مَكَانِي، فَجَعَلَ زَيْدٌ يَحْلِفُ، وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَجَعَلَ مَرْوَانُ يَعْجَبُ مِنْهُ. وَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ». فَلَمْ يَخُصَّ مَكَانًا دُونَ مَكَانٍ. 2673 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالاً لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». أطرافه 2356، 2416، 2515، 2666، 2669، 2676، 4549، 6659، 6676، 7183، 7445 - تحفة 9244 قوله: (قضى مروانُ باليَمين) ... الخ، واعلم أنَّ البخاريَّ قد يأخذُ أشياءَ قضى بها مروان، وهو رجلٌ عَرَفَ الناسُ أَمْرَه. وَنَّبه الحافظ العينيُّ على أن الحافظ ابنَ حجر يتعصَّبُ للبخاري، حيث يؤوِّلُ لمروانَ أيضًا، لأن البخاريَّ أَخَذَ عنه في كتابه، وكذا يؤول لأوهام رُواتِه أيضًا، قلت: وَصَدق الحافظ العَيْني، وهو كذلك. 24 - باب إِذَا تَسَارَعَ قَوْمٌ فِى الْيَمِينِ 2674 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَرَضَ عَلَى قَوْمٍ الْيَمِينَ فَأَسْرَعُوا، فَأَمَرَ أَنْ يُسْهَمَ بَيْنَهُمْ فِى الْيَمِينِ أَيُّهُمْ يَحْلِفُ تحفة 14698 وفي المذاهب الأربعة جزئياتٌ يظهَرُ فيها النَّفع لمن تسارعَ إلى اليمينِ، وحَلف أَوَّلا. 25 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77] 2675 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ السَّكْسَكِىُّ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - يَقُولُ أَقَامَ

26 - باب كيف يستحلف

رَجُلٌ سِلْعَتَهُ فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أُعْطِىَ بِهَا مَا لَمْ يُعْطَهَا فَنَزَلَتْ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] وَقَالَ ابْنُ أَبِى أَوْفَى النَّاجِشُ آكِلُ رِبًا خَائِنٌ. طرفاه 2088، 4551 - تحفة 5151 2676، 2677 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبًا لِيَقْتَطِعَ مَالَ رَجُلٍ - أَوْ قَالَ أَخِيهِ - لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ فِى الْقُرْآنِ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] الآيَةَ. فَلَقِيَنِى الأَشْعَثُ فَقَالَ مَا حَدَّثَكُمْ عَبْدُ اللَّهِ الْيَوْمَ قُلْتُ كَذَا وَكَذَا. قَالَ فِىَّ أُنْزِلَتْ. طرفاه في: 2356، 2357 26 - باب كَيْفَ يُسْتَحْلَفُ قَالَ تَعَالَى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ} [التوبة: 62]. وَقَوْلُ الله عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا} [النساء: 62]. {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ} [التوبة: 56]. وَ: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ} [التوبة: 62]. {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا} [المائدة: 107]. يُقَالُ: بِاللَّهِ وَتَاللَّهِ وَوَاللَّهِ. وَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَرَجُلٌ حَلَفَ بِاللَّهِ كَاذِبًا بَعْدَ الْعَصْرِ». وَلاَ يُحْلَفُ بِغَيْرِ اللَّهِ. 2678 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَمِّهِ أَبِى سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُهُ عَنِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِى الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ». فَقَالَ هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهَا قَالَ «لاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَصِيَامُ رَمَضَانَ». قَالَ هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهُ قَالَ «لاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ». قَالَ وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الزَّكَاةَ. قَالَ هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهَا قَالَ «لاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ». فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهْوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لاَ أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلاَ أَنْقُصُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ». أطرافه 46، 1891، 6956 - تحفة 5009 2679 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ قَالَ ذَكَرَ نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ». أطرافه 3836، 6108، 6646، 6648 - تحفة 7625 توجَّه أن الحَلِف ينبغي أن يكون بأسماءِ الله تعالى وصفاتِهِ. واشترط الحنفيةُ كَوْنَ تلك متعارَفةً. وأفتى العينيُّ بأن مَنْ أخذ القرآنَ بِيده، ثم قال شيئًا، فهو حَلِفٌ أيضًا؛ وهذا ليس بِحَلِفٍ في أصل المذهب. وحنيئذٍ صار حاصِلُه أَنَّ أَخْذَ القرآن باليد يقومُ مقامَ الحَلِف بالمُصْحف. بقي الحَلِفُ بِلَفْظ القرآنِ، وكلامِ الله، فيصحُّ به اليمينُ، وراجع له الفِقْه.

27 - باب من أقام البينة بعد اليمين

قوله: (ولا يُحْلَفّ بغير الله) ورأيتُ في «شرح الجامع الكبير» عن علي بن بَلْبَان الفارسي: أن الحَلِف لغةً يُطْلق على الحَلِف بالطلاق أيضًا. وإذن لم يبق اصطلاحًا مجردًا. وعندنا لا يَحْلِف المُدَّعي عليه بالطلاق في أصل المذهب، وأفتى به المتأخرون لفساد الزمان. فإِنَّهم لا يبالون بأسماء الله تعالى؛ ومع هذا لو نكل المُدَّعي عليه أن يَحْلِف به لا يُجْبر عليه، ولا يثبت به دَعْوى المُدَّعي. 27 - باب مَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْيَمِينِ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ». وَقَالَ طَاوُسٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَشُرَيْحٌ الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَحَقُّ مِنَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ. 2680 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَىَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ فَلاَ يَأْخُذْهَا». أطرافه 2458، 6967، 7169، 7181، 7185 - تحفة 18261 - 236/ 3 واعتبرها الفقهاءُ إذا يُوجِب تَناقُضًا، وإنما اعتُبِرت بينةُ المُدَّعي ههنا لإِمكان التوفيق، وعدم التناقض. قوله: (ولَعَلَّ بَعْضَكُم أَلْخنُ من بَعْض) ... الخ، وفيه مسألةُ قضاءِ القاضي بشهادةِ الزُّور. ومرَّ عليها الشيخُ ابنُ الهِمام، ولم يأت بشيء شافٍ. وبحث عليها السَّرَخْسي في «المبسوط» فكفى وشَفَى. أقول: والحديثُ لا يَرِد علينا أَصلا، فإِنه ليس من باب القضاء بشهادةِ الزُّور، وإنما هو في القضاء بِلحْن الحُجَّة، وطلاقةِ اللَّسان، وفصاحة البيانِ، والقضاء بمثله أيضًا يجري فيما بين الناس، فإِنَّ للحُكْم أبوابًا، فقد يكون من القاضي في مَجْلِس القضاء، وقد يكون بطريق التحكم، وقد يكون من باب المروءة، فلا يلزم أن يكون ذلك قضاءً بالشهادةِ، وإنما هو إذا بَلَغَ الأَمْرُ إلى مجلس القضاء، فَمَنْ أَخذ مالَ أخيه بمجرد طلاقته، وفصاحَتهِ، لم يَنْقُذ القضاءُ فيه قاطنًا عندنا أيضًا، وسيجيء الاكلام في الحِبَل. فائدة: ذهب ابن نجيم إلى أن الشيخ ابن الهمام قد بلغ من الفقه منصب الاجتهاد، أقول: بل هو من المرجحين، وليس بفقيه النفس. لأنه لا يأتي في الباب بشيء جديد سمحت به قريحته، وإنما يقرر كلمات القوم تقريرًا جيدًا، ولم أجد في كتابه حديثًا زائدًا على ما أخرجه الزيلعي، إلا في موضعين؛ أما الذي يكون فقيه النفس، فيكون له شأن يبدي عجائب، وغرائب، وتكون في ذهنه سلسلة المسائل يتفرع عليها بدون مناقضة، ولا مهاترة.

28 - باب من أمر بإنجاز الوعد

28 - باب مَنْ أَمَرَ بِإِنْجَازِ الْوَعْدِ وَفَعَلَهُ الْحَسَنُ، وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلَ: {إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} [مريم: 54]. وَقَضَى ابْنُ الأَشْوَعِ بِالْوَعْدِ. وَذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ سَمُرَةَ. وَقَالَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، وَذَكَرَ صِهْرًا لَهُ قَالَ «وَعَدَنِى فَوَفَى لِى». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَرَأَيْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَحْتَجُّ بِحَدِيثِ ابْنِ أَشْوَعَ. 2681 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سُفْيَانَ أَنَّ هِرَقْلَ قَالَ لَهُ سَأَلْتُكَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ أَمَرَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ. قَالَ وَهَذِهِ صِفَةُ نَبِىٍّ. أطرافه 7، 51، 2804، 2941، 2978، 3174، 4553، 5980، 6260، 7196، 7541 - تحفة 4850 2682 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِى سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِى عَامِرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخَلَفَ». أطرافه 33، 2749، 6095 - تحفة 14341 2683 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهم قَالَ لَمَّا مَاتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ أَبَا بَكْرٍ مَالٌ مِنْ قِبَلِ الْعَلاَءِ بْنِ الْحَضْرَمِىِّ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - دَيْنٌ، أَوْ كَانَتْ لَهُ قِبَلَهُ عِدَةٌ، فَلْيَأْتِنَا. قَالَ جَابِرٌ فَقُلْتُ وَعَدَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُعْطِيَنِى هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، فَبَسَطَ يَدَيْهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، قَالَ جَابِرٌ فَعَدَّ فِى يَدِى خَمْسَمِائَةٍ، ثُمَّ خَمْسَمِائَةٍ، ثُمَّ خَمْسَمِائَةٍ. أطرافه 2296، 2598، 3137، 3164، 4383 - تحفة 2640 2684 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ عَنْ سَالِمٍ الأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سَأَلَنِى يَهُودِىٌّ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ أَىَّ الأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى قُلْتُ لاَ أَدْرِى حَتَّى أَقْدَمَ عَلَى حَبْرِ الْعَرَبِ فَأَسْأَلَهُ. فَقَدِمْتُ، فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ قَضَى أَكْثَرَهُمَا وَأَطْيَبَهُمَا، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَالَ فَعَلَ. تحفة 5510 وإنجازُ الوعدِ لا يدخلُ تحت القضاء عند الجمهور، إلا عند مالك. ولعلَّ المصنِّفَ ذهب إلى مذهب مالك، لأنه نَقَل بعده أنَّ الحسنَ البَصْري قَضَى بالوَعْد، ولا يسمع دعواه عند الجُمهور. قوله: (وَقَضى به ابنُ الأَشوع) ... الخ، قلت: ولا يتعيَّن أن يكون هذا من ابنِ أَشْوع قضاءَ، بل يجوز أن يكون حُكْمًا بطريق الفتوى، ولكنَّ المصنِّف لا يُفرِّقُ في كتابه بين القضاء والإِفتاء، فيطلق أحدَهما مكانِ الآخر، فيجوزُ أن يكونَ ابنُ أَشْوَعٍ أَفْتى بالوَعْد، كما يُفْتى بسائر الدِّيانات، والمصنِّف عَبَّر عنه بالقضاء.

29 - باب لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة وغيرها

2684 - قوله: (أيَّ الأَجَلَيْن (¬1) قَضَى موسى) ... الخ، وحاصل الجواب أنه وَفَّى بأكثرِ الأَجَلَين، على دَأْب المراسلين، فإِنَّهم إذا وعدوا بأَمْرٍ مُتردِّدٍ بين الأقل والأكثر، أوفوا بأَكْثْرِهما، ليكونوا أحسنَ أداءً، وأَتمَّ قضاءً. واعلم أنَّ المُصنِّفَ لم يأت في هذا الباب بما يقومُ حُجَّةً على الْجُهور، وإنما أَخْرج أشياءَ من باب المُروءات. 29 - باب لاَ يُسْأَلُ أَهْلُ الشِّرْكِ عَنِ الشَّهَادَةِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْمِلَلِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} [المائدة: 14]. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ، وَلاَ تُكَذِّبُوهُمْ». وَقُولُوا {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ} [البقرة: 136] الآيَةَ. 2685 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ، وَكِتَابُكُمُ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحْدَثُ الأَخْبَارِ بِاللَّهِ، تَقْرَءُونَهُ لَمْ يُشَبْ، وَقَدْ حَدَّثَكُمُ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ بَدَّلُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ وَغَيَّرُوا بِأَيْدِيهِمُ الْكِتَابَ، فَقَالُوا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أَفَلاَ يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنَ الْعِلْمِ عَنْ مُسَاءَلَتِهِمْ، وَلاَ وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلًا قَطُّ يَسْأَلُكُمْ عَنِ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ. أطرافه 7363، 7522، 7523 - تحفة 5851 - 237/ 3 قد اعتبرَ المُصنِّفُ فيما مرَّ شهادةَ العبيد؛ وترجم الآن على هَدْرِ شهادةِ الكافر مُطْلقًا، وقال الحنفيةُ (¬2): إنَّ شهادةُ الكافرِ على الكافر جائزةٌ، وكذا للمُسْلم، ولا تجوزُ عليه، لقوله تعالى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141]. ¬

_ (¬1) فإِنْ قلت: إنَّ خدمةَ الزَّوْج لا تَصْلُحَ مَهْرًا عندنا، فراجع جوابه في "أحكام القرآن" للجَصَّاص، فقد ذكر له وجوهًا عديدة، وهو أجود مما ذكره الشيخ العينيَّ ههنا. (¬2) قلت: روى العلامةُ المارديني عن جابر أن اليهودَ جاؤوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برَجُلٍ وامرأةٍ منهم زنيا، فقال لهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ائتوني بأربعةٍ منكم يشهدون"، قال العلامة: وهذا سندٌ جيِّد؛ وروى ابنُ ماجه عنه أنه عليه الصلاة والسلام أجاز شهادةَ أهل الكتاب بعضهم على بعض، قال العلامةُ: وهذا على شَرْطِ مسلم. وفي "الإِشراف" لابن المُنْذر: وممَّن رأى شهادَتَهم جائزةً بعضهم على بعض: شُريحٌ، وعمرُ بن عبد العزيز، والزُّهري، وقَتادةُ، وحَمَّاد بن أبي سُليمان، والثوري، والنعمان، اهـ "الجوهر النقي" ملخصًا، وراجع معه العَيني. وفي "المعتصر": وعلى ذلك وجدنا المتقدمين من آئمة الأَمْصار في الفِقه يجيزون شهادةَ أهل الكتاب بعضهم على بعض، وإن اختلفت مِلَلُهم، ففيه خلافٌ: منهم شريحٌ -وهو قاضي الخلفاء الراشدين- عمرُ، وعثمانُ، وعليٌّ؛ والشعبيُّ كان يجيز شهادةَ بعضِهم على بعض، ومنهم عمرُ بنُ عبد العزيز، كان يجيزُ شهادةَ أهلِ الملل بعضهم على بعض، ومنهم ابن شِهاب، ويحيى بن سعيد، وربيعة، والليث إذا اتفقت مِلَلُهم، كالنصرانيُ على النصراني، واليهودي على اليهودي. قال ابن وَهِب: خالف مالكٌ مُعَلميه: كابنِ شِهاب، ويحيى بن سعيد، وربيعة في رَده =

30 - باب القرعة فى المشكلات

قوله: (وقال الشعبي: لا تجوزُ شهادةُ أهلِ المِلَلَ بَعْضِهم على بعض لقوله تعالى: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ}) [المائدة: 14] الآية قلت: باب الحِقْد والغمر عيرُ باب الشهادة، ولا اختصاص له بالكافرِ والمسلم، فإِنها لا تُقْبل في الوجهين. قوله: (وقال ابن عباس) ... الخ، واعلم أنَّ في التحريف ثلاثةُ مذاهبَ: ذهب جماعةٌ إلى أن التحريفَ في الكتب السماوية قد وقع بكُلِّ نحو في اللفظ والمعنى جميعًا، وهو الذي مال إليه ابنُ حَزْم؛ وذهب جماعةٌ إلى أن التحريف قليلٌ، ولعلَّ الحافِظَ ابنَ تيميةَ جنح إليه؛ وذهب جماعةٌ إلى إنكارِ التحريف اللفظي رأسًا، فالتحريفُ عندهم كلُّه معنوي. قلت: يَلْزَمُ على هذا المذهب أن يكونَ القرآنُ أيضًا مُحرَّفًا، فإِنَّ التحريفَ المعنويِّ غيرُ قليل فيه أيضًا، والذي تحقَق عندي أن التحريفَ فيه لفظيُّ أيضًا، أما إنه عن عمد منهم، لمغلطة. فا تعالى أعلم به. 30 - بابُ الْقُرْعَةِ فِى الْمُشْكِلاَتِ وَقَوْلِهِ: {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 44]. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اقْتَرَعُوا فَجَرَتِ الأَقْلاَمُ مَعَ الْجِرْيَةِ، وَعَالَ قَلَمُ زَكَرِيَّاءَ الْجِرْيَةَ، فَكَفَلَهَا زَكَرِيَّاءُ. وَقَوْلِهِ: {فَسَاهَمَ}: أَقْرَعَ {فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: 141] مِنَ الْمَسْهُومِينَ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: عَرَضَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قَوْمٍ الْيَمِينَ فَأَسْرَعُوا، فَأَمَرَ أَنْ يُسْهِمَ بَيْنَهُمْ: أَيُّهُمْ يَحْلِفُ. 2686 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى الشَّعْبِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَثَلُ الْمُدْهِنِ فِى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً، فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِى أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِى أَعْلاَهَا، فَكَانَ الَّذِى فِى أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِى أَعْلاَهَا، فَتَأَذَّوْا بِهِ، فَأَخَذَ فَأْسًا، فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ، فَأَتَوْهُ فَقَالُوا مَا لَكَ قَالَ تَأَذَّيْتُمْ بِى، وَلاَ بُدَّ لِى مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ، وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ وَأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ». طرفه 2493 - تحفة 11628 - 238/ 3 2687 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ الأَنْصَارِىُّ أَنَّ أُمَّ الْعَلاَءِ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِمْ قَدْ بَايَعَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ طَارَ لَهُ سَهْمُهُ فِى السُّكْنَى حِينَ أَقْرَعَتِ الأَنْصَارُ سُكْنَى الْمُهَاجِرِينَ. قَالَتْ أُمُّ ¬

_ = شهادةَ النَّصارى بعضهم على بعض، وعن يحيى بن أَكْثَم: جمعت قول مائة فقيه من المتقدمين في قَبول شهادةِ أهل الكتاب، بعضهم على بعض إلَّا عن ربيعةَ، فإِني وجدت عنه قَبولها وردها. وإنَّما جاز شهادتُهم دون الفساق منا، لأن الكُفر لم يُخرِجهم عن وِلاية بعضهم على بعض في تزويج بناتهم، والبيع على صغارهم، كما أخرج أهلُ الفسق فِسْقَهم عن ذلك، ولأنه يجوزُ تقريرُ الكافر على كُفْره، ولا يجوز تقريرُ الفاسِقِ على فِسْقه، وهو قولُ أبي حنيفة وأبي ليلى، والثوري، وسائر الكُوفيِّين، إلا أن أبا ليلى يعتبرُ اتفاقَ المِلَّة للقَبُول، اهـ.

الْعَلاَءِ فَسَكَنَ عِنْدَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، فَاشْتَكَى، فَمَرَّضْنَاهُ حَتَّى إِذَا تُوُفِّىَ وَجَعَلْنَاهُ فِى ثِيَابِهِ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِى عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ. فَقَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ». فَقُلْتُ لاَ أَدْرِى بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَّا عُثْمَانُ فَقَدْ جَاءَهُ - وَاللَّهِ - الْيَقِينُ وَإِنِّى لأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِى وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِى». قَالَتْ فَوَاللَّهِ لاَ أُزَكِّى أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا، وَأَحْزَنَنِى ذَلِكَ قَالَتْ فَنِمْتُ فَأُرِيتُ لِعُثْمَانَ عَيْنًا تَجْرِى، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ «ذَلِكَ عَمَلُهُ». أطرافه 1243، 3929، 7003، 7004، 7018 - تحفة 18338 2688 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، تَبْتَغِى بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2593، 2637، 2661، 2879، 4025، 4141، 4690، 4749، 4750، 4757، 5212، 6662، 6679، 7369، 7370، 7500، 7545 - تحفة 16703، 16708 2689 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِى النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِى التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِى الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا». أطرافه 615، 654، 721 - تحفة 12570 - وهي عندنا لتطبيبِ الخاطر لا غير، ولا تقومُ حُجَّةً على أَحَد، ولم يأت فيه المصنِّفُ بما يكون من باب الحُكْم، وما أتى به فكُلُّه من باب الدِّيانات. قوله: (عالَ قَلمُ زكريا الجِرْية) "يعنى دهاركى أوبر جرهيكا قلم زكريا عليه الصلاة والسلام كا" قوله: [المَسْهوُمِين] أي مغلوبين في السَّهْم. قوله: (المُدْحَضِين) "الزام كهايا هوا". ***

53 - كتاب الصلح

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 53 - كِتَابُ الصُّلحِ (¬1) 1 - باب مَا جَاءَ فِى الإِصْلاَحِ بَيْنَ النَّاسِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 114]. وَخُرُوجِ الإِمَامِ إِلَى الْمَوَاضِعِ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ بِأَصْحَابِهِ. 2690 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه أَنَّ أُنَاسًا مِنْ بَنِى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَىْءٌ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ، وَلَمْ يَأْتِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَجَاءَ بِلاَلٌ، فَأَذَّنَ بِلاَلٌ بِالصَّلاَةِ، وَلَمْ يَأْتِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حُبِسَ، وَقَدْ حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ فَقَالَ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ. فَأَقَامَ الصَّلاَةَ فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْشِى فِى الصُّفُوفِ، حَتَّى قَامَ فِى الصَّفِّ الأَوَّلِ، فَأَخَذَ النَّاسُ بِالتَّصْفِيحِ حَتَّى أَكْثَرُوا، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لاَ يَكَادُ يَلْتَفِتُ فِى الصَّلاَةِ، فَالْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَرَاءَهُ فَأَشَارَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ، فَأَمَرَهُ يُصَلِّى كَمَا هُوَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ، فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى وَرَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ فِى الصَّفِّ، وَتَقَدَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا لَكُمْ إِذَا نَابَكُمْ شَىْءٌ فِى صَلاَتِكُمْ أَخَذْتُمْ بِالتَّصْفِيحِ، إِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ، مَنْ نَابَهُ شَىْءٌ فِى صَلاَتِهِ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلاَّ الْتَفَتَ، يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ حِينَ أَشَرْتُ إِلَيْكَ لَمْ تُصَلِّ بِالنَّاسِ». فَقَالَ مَا كَانَ يَنْبَغِى لاِبْنِ أَبِى قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّىَ بَيْنَ يَدَىِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 684، 1201، 1204، 1218، 1234، 2693، 7190 - تحفة 4755، 239/ 3 2691 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى أَنَّ أَنَسًا - رضى الله عنه - قَالَ قِيلَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لَوْ أَتَيْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ. فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَرَكِبَ حِمَارًا، فَانْطَلَقَ الْمُسْلِمُونَ يَمْشُونَ مَعَهُ، وَهْىَ أَرْضٌ سَبِخَةٌ، فَلَمَّا أَتَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِلَيْكَ عَنِّى، وَاللَّهِ لَقَدْ آذَانِى نَتْنُ حِمَارِكَ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ مِنْهُمْ وَاللَّهِ لَحِمَارُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَطْيَبُ رِيحًا مِنْكَ. فَغَضِبَ لِعَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَشَتَمَا، فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ¬

_ (¬1) وراجع له العَيْني، ففيه بعضُ ما يتعلَّق وإن لم يكن على التمام.

2 - باب ليس الكاذب الذى يصلح بين الناس

أَصْحَابُهُ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا ضَرْبٌ بِالْجَرِيدِ وَالأَيْدِى وَالنِّعَالِ، فَبَلَغَنَا أَنَّهَا أُنْزِلَتْ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9]. تحفة 876 - 240/ 3 والصُّلْح على ثلاثةِ أنحاء: الصُّلْح مع إقرار، والصُّلح مع سُكوت؛ والصُّلْح مع إنكار، وكلُّه جائزٌ عندنا. وقال الشافعي: لا جوز إلا الأَوَّلُ، ثُم إنَّ الحنفية اختلفوا في حقيقة الصُّلح أَنَّها بَذْل، أو ماذا؟ وارجع تفصيله في الهداية. 2690 - قوله: (يا أبا بَكْر ما مَنَعَك) ... الخ، وفي «المسند» لِمَ رفَعَت «يَدَيْك»، فقد دخل الأمرانِ تحت الإِنكار، وغايةُ ما في الباب أنه لم يشدّد عليه بعد الإِنكار، وقد فَصَّلناه مِن قبل. قوله: (ما كانَ لابن أَبي قُحافة)، يُشْعر بأَنَّ غير النبيِّ لا تليقُ به الإِمامةُ بين حضرةِ النبيِّ، ولذا لم ثبتت إمامةُ غيرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في محضره صلى الله عليه وسلّم إلا مرَّةً، أو مرتين. 2691 - قوله: (لو أَتَيْتَ عبدَ الله بن أَبيَ) ... الخ، وهذا غلط (¬1) من الراوي؛ والصواب أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان ذهب إلى سَعْدِ بن عبْادة. قوله: (قبل أن يجلس ويحدث) ... الخ، أي قبل أن يَجْلس في حلقة دَرْسه. قوله: (أُنزِلت) {وَإِنْ طَائِفَتَانِ} [الحجرات: 9] الآية، وهذا يُشْعِر بأن شأنَ نزولها السبُّ والشتم، دون القَتْل، فلينظر فيه، أن السبَّ والشتم والضَّرْب الخفيف، هل يَبْلغ مَبْلَغ الكبيرة، أم هو صغيرة؟ فإِن كان صغيرةً لا يتم منه استدلالُ المصنِّف في الإِيمان على أم مُرتَكِب الكبيرة مؤمنٌ؛ نعم لو نزلت في الكبيرة لتم التقريب. 2 - باب لَيْسَ الْكَاذِبُ الَّذِى يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ 2692 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّهُ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِى يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَنْمِى خَيْرًا، أَوْ يَقُولُ خَيْرًا». تحفة 18353 واعلم أنَّ الكذِب (¬2) جائزٌ بعض الأحوال عند الشافعية، أما الحنفيةُ فلا أراهم يُجوِّزُونه صراحةً في موضع، نعم وسَّعوا بالكِنايات، والمعاريض وأمثالِهما؛ وراجع له كلام الغزالي رحمه الله تعالى. 3 - باب قَوْلِ الإِمَامِ لأَصْحَابِهِ: اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ 2693 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِىُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِىُّ قَالاَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ ¬

_ (¬1) هكذا وجدته في مذكرتي. (¬2) وراجع البحث من العَيْني.

4 - باب قول الله تعالى: {أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير} [النساء: 128]

سَعْدٍ - رضى الله عنه أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ اقْتَتَلُوا حَتَّى تَرَامَوْا بِالْحِجَارَةِ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِذَلِكَ فَقَالَ «اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ». أطرافه 684، 1201، 1204، 1218، 1234، 2690، 7190 - تحفة 4749 4 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] 2694 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء: 128] قَالَتْ هُوَ الرَّجُلُ يَرَى مِنِ امْرَأَتِهِ مَا لاَ يُعْجِبُهُ، كِبَرًا أَوْ غَيْرَهُ، فَيُرِيدُ فِرَاقَهَا فَتَقُولُ أَمْسِكْنِى، وَاقْسِمْ لِى مَا شِئْتَ. قَالَتْ فَلاَ بَأْسَ إِذَا تَرَاضَيَا. أطرافه 2450، 4601، 5206 - تحفة 16931 5 - باب إِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى صُلْحِ جَوْرٍ فَالصُّلْحُ مَرْدُودٌ 2695 و 2696 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ رضى الله عنهما قَالاَ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ. فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَالَ صَدَقَ، اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ. فَقَالَ الأَعْرَابِىُّ إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَقَالُوا لِى عَلَى ابْنِكَ الرَّجْمُ. فَفَدَيْتُ ابْنِى مِنْهُ بِمِائَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ، فَقَالُوا إِنَّمَا عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ - لِرَجُلٍ - فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَارْجُمْهَا». فَغَدَا عَلَيْهَا أُنَيْسٌ فَرَجَمَهَا. حديث 2695 أطرافه 2315، 2724، 6633، 6827، 6833، 6835، 6842، 6859، 7193، 7258، 7260، 7278 - تحفة 14106 حديث 2696 أطرافه 2314، 2649، 2725، 6634، 6828، 6831، 6836، 6843، 6860، 7194، 7259، 7279 - تحفة 3755 2697 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَحْدَثَ فِى أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ». رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِىُّ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَبِى عَوْنٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. تحفة 17455 إشارةٌ إلى ما أخرجه الحاكم أنَّ كلَّ صُلْح جائزٌ إلا ما حَلَّ حرامًا، أو حَرَّم حلالا، يعني به أن الصُّلْح إذا تضمن الجَوْر، فهل يعتد به أم لا؟ أما مسألة الصُّلح مع الإِنكار فلم يتعرض لها بَعْدُ؛ وراجع لها «الهداية» فإِنه أجاب عن إيرادِ الشافعية. 2695، 2696 - قوله: (لأقضِيَنَّ بينكما بكتَابِ الله) ... الخ، فيه أصلٌ عظيم بأن القضاءَ إذا تضمَّن أمرًا باطلا يُنْقَض. ثم ما يعْلم من كُتُب الأصول هو أَنَّ وظيفة المجتهد القياس؛ قلت: بل وظيفتُه توزيعُ الجزئياتِ على الكليات؛ فإِنَّ الكُليات قد بَسَطها الشارعُ. فربما يندرِجُ جزءٌ تحت عِدَّة كلياتٍ، ويتحير هناك الناظِرُ، فالمجتهدُ يُبَيِّنهُ، أنه داخِلٌ تحت هذا دون ذلك.

6 - باب كيف يكتب: هذا ما صالح فلان بن فلان، وفلان بن فلان، وإن لم ينسبه إلى قبيلته أو نسبه

6 - باب كَيْفَ يُكْتَبُ: هَذَا مَا صَالَحَ فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ، وَفُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ، وَإِنْ لَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى قَبِيلَتِهِ أَوْ نَسَبِهِ 2698 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ كَتَبَ عَلِىٌّ بَيْنَهُمْ كِتَابًا فَكَتَبَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ لاَ تَكْتُبْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، لَوْ كُنْتَ رَسُولًا لَمْ نُقَاتِلْكَ. فَقَالَ لِعَلِىٍّ «امْحُهُ». فَقَالَ عَلِىٌّ مَا أَنَا بِالَّذِى أَمْحَاهُ. فَمَحَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ، وَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَلاَ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ بِجُلُبَّانِ السِّلاَحِ، فَسَأَلُوهُ مَا جُلُبَّانُ السِّلاَحِ فَقَالَ الْقِرَابُ بِمَا فِيهِ. أطرافه 1781، 1844، 2699، 2700، 3184، 4251 - تحفة 1871 2699 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ اعْتَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى ذِى الْقَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ كَتَبُوا هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالُوا لاَ نُقِرُّ بِهَا، فَلَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا مَنَعْنَاكَ، لَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ «أَنَا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ». ثُمَّ قَالَ لِعَلِىٍّ «امْحُ رَسُولُ اللَّهِ». قَالَ لاَ، وَاللَّهِ لاَ أَمْحُوكَ أَبَدًا، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْكِتَابَ، فَكَتَبَ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، لاَ يَدْخُلُ مَكَّةَ سِلاَحٌ إِلاَّ فِى الْقِرَابِ، وَأَنْ لاَ يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ، إِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَّبِعَهُ، وَأَنْ لاَ يَمْنَعَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا. فَلَمَّا دَخَلَهَا، وَمَضَى الأَجَلُ أَتَوْا عَلِيًّا، فَقَالُوا قُلْ لِصَاحِبِكَ اخْرُجْ عَنَّا فَقَدْ مَضَى الأَجَلُ. فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَبِعَتْهُمُ ابْنَةُ حَمْزَةَ يَا عَمِّ يَا عَمِّ. فَتَنَاوَلَهَا عَلِىٌّ فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَالَ لِفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّكِ، احْمِلِيهَا. فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِىٌّ وَزَيْدٌ وَجَعْفَرٌ، فَقَالَ عَلِىٌّ أَنَا أَحَقُّ بِهَا وَهْىَ ابْنَةُ عَمِّى. وَقَالَ جَعْفَرٌ ابْنَةُ عَمِّى وَخَالَتُهَا تَحْتِى. وَقَالَ زَيْدٌ ابْنَةُ أَخِى. فَقَضَى بِهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِخَالَتِهَا. وَقَالَ «الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ». وَقَالَ لِعَلِىٍّ «أَنْتَ مِنِّى وَأَنَا مِنْكَ». وَقَالَ لِجَعْفَرٍ «أَشْبَهْتَ خَلْقِى وَخُلُقِى». وَقَالَ لِزَيْدٍ «أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلاَنَا». أطرافه 1781، 1844، 2698، 2700، 3184، 4251 - تحفة 1803 - 242/ 3 2698 - قوله: (ما أنا بالذي أمحاه) واعلم أن السيوطي مرّ على مسألة ما أنا قلت -في "عقود الجمان" وتحير في مثالها من القرآن؛ قلت: ويمكن عندي أن يكون الحديث المذكور مثالًا له، ولعل السيوطي تردد فيه لأجل الموصول. 7 - باب الصُّلْحِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ فِيهِ عَنْ أَبِى سُفْيَانَ، وَقَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «ثُمَّ تَكُونُ هُدْنَةٌ بَيْنَكُمْ

8 - باب الصلح فى الدية

وَبَيْنَ بَنِى الأَصْفَرِ». وَفِيهِ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَأَسْمَاءُ وَالْمِسْوَرُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 2700 - وَقَالَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ صَالَحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَشْيَاءَ عَلَى أَنَّ مَنْ أَتَاهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ رَدَّهُ إِلَيْهِمْ، وَمَنْ أَتَاهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَرُدُّوهُ، وَعَلَى أَنْ يَدْخُلَهَا مِنْ قَابِلٍ وَيُقِيمَ بِهَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَلاَ يَدْخُلَهَا إِلاَّ بِجُلُبَّانِ السِّلاَحِ السَّيْفِ وَالْقَوْسِ وَنَحْوِهِ. فَجَاءَ أَبُو جَنْدَلٍ يَحْجُلُ فِى قُيُودِهِ فَرَدَّهُ إِلَيْهِمْ. قَالَ لَمْ يَذْكُرْ مُؤَمَّلٌ عَنْ سُفْيَانَ أَبَا جَنْدَلٍ وَقَالَ إِلاَّ بِجُلُبِّ السِّلاَحِ. أطرافه 1781، 1844، 2698، 2699، 3184، 4251 - تحفة 1853 - 243/ 3 2701 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ هَدْيَهُ، وَحَلَقَ رَأْسَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَقَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يَعْتَمِرَ الْعَامَ الْمُقْبِلَ، وَلاَ يَحْمِلَ سِلاَحًا عَلَيْهِمْ إِلاَّ سُيُوفًا، وَلاَ يُقِيمَ بِهَا إِلاَّ مَا أَحَبُّوا، فَاعْتَمَرَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَدَخَلَهَا كَمَا كَانَ صَالَحَهُمْ، فَلَمَّا أَقَامَ بِهَا ثَلاَثًا أَمَرُوهُ أَنْ يَخْرُجَ فَخَرَجَ. طرفه 4252 - تحفة 8257 2702 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ قَالَ انْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ إِلَى خَيْبَرَ، وَهْىَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ. أطرافه 3173، 6143، 6898، 7192 - تحفة 4644 واعلم أَنَّ القرآن لم يَرْغَب في الصُّلْح معهم، فقال: {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ} [التوبة: 7] الآية، مع أنه لم يُحرِّمه أيضًا، وذلك دَأبُه في مثل هذه المواضع، فإِنَّه يُفْصِحُ أولا بما هو أولى عنده، وأرضى له، ثُم يتوجه إلى بيانِ الجواز أيضًا. قوله: (وفيه سَهْل) ... الخ، وفي نسخة عن سُهَيل؛ ثُم غَلِط الكاتِبُ ههنا، فأعربَ ما في الصلبِ برعايةِ النُّسخة الأخرى، والصوابُ باعتبار نُسْخَة الصلب أن تكونَ المعطوفاتُ كلُّها مرفوعةً. 2702 - قوله: (انطَلَق عبدُ الله بنُ سَهْل، ومُحيِّصَةُ بنُ مَسْعُود بن زَيُدٍ إِلى خَيْبَر، وهي يومئذٍ صُلْحٌ) وستأتي عليك تلك القصةُ مُفَصَّلةً مرارًا، إلا أن قوله: «وَهِي يومئذٍ صُلْحٌ» ليس إلا في هذا المَوْضِع، فاحفظه. 8 - باب الصُّلْحِ فِى الدِّيَةِ 2703 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ أَنَّ الرُّبَيِّعَ - وَهْىَ ابْنَةُ النَّضْرِ - كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا الأَرْشَ وَطَلَبُوا الْعَفْوَ، فَأَبَوْا فَأَتَوُا

9 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - للحسن بن على رضى الله عنهما: «ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين»

النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَهُمْ بِالْقِصَاصِ. فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا فَقَالَ «يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ». فَرَضِىَ الْقَوْمُ وَعَفَوْا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ». زَادَ الْفَزَارِىُّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ فَرَضِىَ الْقَوْمُ وَقَبِلُوا الأَرْشَ. أطرافه 2806، 4499، 4500، 4611، 6894 - تحفة 749، 766 - قوله: (كَسَرَت ثَنِيَّةَ جَارِيةٍ) وهذه الروايةُ أخرَجها المصنِّفُ ثلاثة مرات، وفي كلّها أنَّ التي كسرت سنها كانت جاريةً، ويأتي بعدها أنها كسرت ثَنِيَّة رَجُلٍ. وهذا يخالف الحنفية. وحملَه الحافظُ على تَعدُّد الواقعة، وهو عندي وَهْمٌ قُطَعًا، وغَلَظٌ وهذا يخالفُ الحنفية، وحملَه الحافظُ على تَعدُّد الواقعة، وهو عندي وَهْمٌ قَطْعًا (¬1)، وغَلَطٌ من الراوي. 9 - باب قَوْلُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ رضى الله عنهما: «ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ» وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9]. 2704 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ اسْتَقْبَلَ وَاللَّهِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ مُعَاوِيَةَ بِكَتَائِبَ أَمْثَالِ الْجِبَالِ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِنِّى لأَرَى كَتَائِبَ لاَ تُوَلِّى حَتَّى تَقْتُلَ أَقْرَانَهَا. فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ - وَكَانَ وَاللَّهِ خَيْرَ الرَّجُلَيْنِ - أَىْ عَمْرُو إِنْ قَتَلَ هَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ مَنْ لِى بِأُمُورِ النَّاسِ مَنْ لِى بِنِسَائِهِمْ، مَنْ لِى بِضَيْعَتِهِمْ فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِى عَبْدِ شَمْسٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ، فَقَالَ اذْهَبَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَاعْرِضَا عَلَيْهِ، وَقُولاَ لَهُ، وَاطْلُبَا إِلَيْهِ. فَأَتَيَاهُ، فَدَخَلاَ عَلَيْهِ فَتَكَلَّمَا، وَقَالاَ لَهُ، فَطَلَبَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ إِنَّا بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَدْ أَصَبْنَا مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَإِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ قَدْ عَاثَتْ فِى دِمَائِهَا. قَالاَ فَإِنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا وَيَطْلُبُ إِلَيْكَ وَيَسْأَلُكَ. قَالَ فَمَنْ لِى بِهَذَا قَالاَ نَحْنُ لَكَ بِهِ. فَمَا سَأَلَهُمَا شَيْئًا إِلاَّ قَالاَ نَحْنُ لَكَ بِهِ. فَصَالَحَهُ، فَقَالَ الْحَسَنُ وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ إِلَى جَنْبِهِ، وَهْوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً وَعَلَيْهِ أُخْرَى وَيَقُولُ «إِنَّ ابْنِى هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ». قَالَ لِى عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِنَّمَا ثَبَتَ لَنَا سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ أَبِى بَكْرَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ. أطرافه 3629، 3746، 7109 - تحفة 11658 - 244/ 3 ¬

_ (¬1) قلت: وهو الذي اختاره العلامةُ المارديني في "الجَوْهر النَّقي" وستأتي عبارته في "الدَّيات" إن شاء الله تعالى.

10 - باب هل يشير الإمام بالصلح؟

ولذا (¬1)، صالح معاويةَ لما أرسل إليه بالصُّلْح، فقال له الناسُ: «إنك سَوَّدَتَ وجوهَنا، فقال لهم: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال فيَّ: «لعل الله أَنْ يُصْلِح بي»، الخ، فأنا فاعِلٌ ذلك». 2704 - قوله: (وله خير الرجلين)، وإنما قال الحَسَنُ البَصْري لمعاويةَ: خير الرجلين، لأن هَمَّه كان في حِفظ الصِّبيان والنسوان، ولم يكن همُّ عمرو بن العاص إلا في الفتح والهزيمة. 10 - باب هَلْ يُشِيرُ الإِمَامُ بِالصُّلْحِ؟ 2705 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أُمَّهُ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَقُولُ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَوْتَ خُصُومٍ بِالْبَابِ عَالِيَةٍ أَصْوَاتُهُمَا، وَإِذَا أَحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الآخَرَ، وَيَسْتَرْفِقُهُ فِى شَىْءٍ وَهْوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لاَ أَفْعَلُ. فَخَرَجَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَيْنَ الْمُتَأَلِّى عَلَى اللَّهِ لاَ يَفْعَلُ الْمَعْرُوفَ». فَقَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَهُ أَىُّ ذَلِكَ أَحَبَّ. تحفة 17915 2706 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى حَدْرَدٍ الأَسْلَمِىِّ مَالٌ، فَلَقِيَهُ فَلَزِمَهُ حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَمَرَّ بِهِمَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «يَا كَعْبُ». فَأَشَارَ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يَقُولُ النِّصْفَ. فَأَخَذَ نِصْفَ مَا عَلَيْهِ وَتَرَكَ نِصْفًا. أطرافه 457، 471، 2418، 2424، 2710 - تحفة 11130 - 245/ 3 ففي «الدر المختار» أنه يُستجب للقاضي أن يشيرَ إلى المتخاصِمَين أولا بالصُّلُح، ثم يَحْكُم بما حَكَم اللهُ به. 11 - باب فَضْلِ الإِصْلاَحِ بَيْنَ النَّاسِ وَالْعَدْلِ بَيْنَهُمْ 2707 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ يَعْدِلُ بَيْنَ النَّاسِ صَدَقَةٌ». طرفاه 2891، 2989 - تحفة 14700 12 - باب إِذَا أَشَارَ الإِمَامُ بِالصُّلْحِ فَأَبَى حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ الْبَيِّنِ 2708 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ الزُّبَيْرَ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّهُ خَاصَمَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا إِلَى رَسُولِ ¬

_ (¬1) قال العَيْني: وكان ملاقاة الحَسنِ مع معاويةِ بِمَنْزل من أرض الكوفة، وكان الحسنُ لما مات علي بايعه أهل الكوفة، وبايع أهلُ الشام معاوية، فالتقيا في الموضع المذكور، وبعد كلامٍ طويل، ومحاوراتٍ جرت بينهما سَلَّم الحسنُ الأمْرَ إلى معاوَية، وصالحه، وبايعه على الأمر والطاعة: على إقامةِ كتاب الله، وسُنَّة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم -، ثم رحل الحسنُ إلى الكوفةِ، فأخذ معاويةُ البيعةَ لنفسه على أهل العِرَاقَيْن. اهـ.

13 - باب الصلح بين الغرماء وأصحاب الميراث والمجازفة فى ذلك

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى شِرَاجٍ مِنَ الْحَرَّةِ كَانَا يَسْقِيَانِ بِهِ كِلاَهُمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِلزُّبَيْرِ «اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ». فَغَضِبَ الأَنْصَارِىُّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ آنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى يَبْلُغَ الْجَدْرَ». فَاسْتَوْعَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَئِذٍ حَقَّهُ لِلزُّبَيْرِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ ذَلِكَ أَشَارَ عَلَى الزُّبَيْرِ بِرَأْىٍ سَعَةٍ لَهُ وَلِلأَنْصَارِىِّ، فَلَمَّا أَحْفَظَ الأَنْصَارِىُّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَوْعَى لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِى صَرِيحِ الْحُكْمِ. قَالَ عُرْوَةُ قَالَ الزُّبَيْرُ وَاللَّهِ مَا أَحْسِبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ إِلاَّ فِى ذَلِكَ {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65] الآيَةَ. أطرافه 2360، 2361، 2362، 4585 - تحفة 3634 2708 - قوله: (إنه خَاصَمَ رَجُلا من الأنصارِ قَدْ شَهِد بَدْرًا) وهذا الذي قلت: إنَّ هذا الأنصاري كان بَدْريًا، فكيف يُظنِ بِهِ النفاقُ، فيؤول في ألفاظه، ومَنْ قال: إنه يُحْتَمل إن يكون منافقًا نظرًا إلى ظاهرِ ألفاظه، فقد غَفَل عما في نَصِّ البخاري؛ والجواب عنه، والتوجِيهُ له ذكرناه مِن قَبْل. قوله: (استَوْعَى للزُّبَير حَقَّه في صَرِيح الحُكْم)، دليلٌ على أن حُكْمه أَوَّلا كان مروءةً وسماحةً، فاذا رآه مغضبًا حَكع عليه بالقضاء، وفيه دليلٌ على أن الفَرْقَ بين باب المروءة، والحُكْم قد دَار بين الصحابةِ الكرام أيضًا، وهذا اللفظُ قد استعمله محمدٌ في «موطئه». 13 - بابُ الصُّلْحِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَأَصْحَابِ الْمِيرَاثِ وَالْمُجَازَفَةِ فِى ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لاَ بَأْسَ أَنْ يَتَخَارَجَ الشَّرِيكَانِ، فَيَأْخُذَ هَذَا دَيْنًا، وَهَذَا عَيْنًا، فَإِنْ تَوِيَ لأَحَدِهِمَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ. 2709 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ تُوُفِّىَ أَبِى وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَعَرَضْتُ عَلَى غُرَمَائِهِ أَنْ يَأْخُذُوا التَّمْرَ بِمَا عَلَيْهِ، فَأَبَوْا وَلَمْ يَرَوْا أَنَّ فِيهِ وَفَاءً، فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ «إِذَا جَدَدْتَهُ فَوَضَعْتَهُ فِى الْمِرْبَدِ آذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -». فَجَاءَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَجَلَسَ عَلَيْهِ، وَدَعَا بِالْبَرَكَةِ ثُمَّ قَالَ «ادْعُ غُرَمَاءَكَ، فَأَوْفِهِمْ». فَمَا تَرَكْتُ أَحَدًا لَهُ عَلَى أَبِى دَيْنٌ إِلاَّ قَضَيْتُهُ، وَفَضَلَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ وَسْقًا سَبْعَةٌ عَجْوَةٌ، وَسِتَّةٌ لَوْنٌ أَوْ سِتَّةٌ عَجْوَةٌ وَسَبْعَةٌ لَوْنٌ، فَوَافَيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَغْرِبَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَضَحِكَ فَقَالَ «ائْتِ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَأَخْبِرْهُمَا». فَقَالاَ لَقَدْ عَلِمْنَا إِذْ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا صَنَعَ أَنْ سَيَكُونُ ذَلِكَ. وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ وَهْبٍ عَنْ جَابِرٍ صَلاَةَ الْعَصْرِ. وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا بَكْرٍ وَلاَ ضَحِكَ، وَقَالَ وَتَرَكَ أَبِى عَلَيْهِ ثَلاَثِينَ وَسْقًا دَيْنًا. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ وَهْبٍ عَنْ جَابِرٍ صَلاَةَ الظُّهْرِ. أطرافه 2127، 2395، 2396، 2405، 2601، 2781، 3580، 4053، 6250 تحفة 3126 - 246/ 3 وهذه الترجمةُ نظيرُ ما ترجم في الشَّرِكة. ونحوها في كتاب «الإستقراض».

باب الشركة في الطعام، والنهد، والعروض، وكيف قسمة ما يكال ويوزن مجازفة، أو قبضة .. الخ

باب الشركة في الطعام، والنهد، والعروض، وكيف قسمة ما يكال ويوزن مجازفة، أو قبضة .. الخ ونحوها في كتاب «الإستقراض». باب إذا قاض أو جازفه في الدين، فهو جائز تمرًا بتمر، أو غيره وقد حكم ابنُ بَطَّال على مِثْل هذه التراجم بكونها خلافًا للإِجماع، وقد مرَّ معنا أنها صحيحةٌ على مرادِها، فإِنَّها ليست في باب المعاوضاتِ والخصومات، بل كُلّها من بابِ التسامح والمُرُوءات. قوله: (وقال ابن عباس: لا بأس أن يتخارجا الشريكان) ... الخ، ويُشْتَرط عندنا يومُ الزيادةِ والنُّقصان عند التجانس، وهذا في الحُكْم، وأما في الديانة فكلها واسع. قوله: (فإِنَّ توى لأحدهما، لم يرجع على صاحبه)، يعني فان لم يستوف أحدُهما نصيبَه مِن الديون، وتوى ماله بعد التخارج، فهل يَبْطُل هذا التخارج؟ فهل يَبْطُل هذا التخارج؟ فالجواب أنه لا يَبْطُل، ولا يكونُ له شيءُ، أما التوى فهو أَمْرُ قدر له. 14 - بابُ الصُّلْحِ بِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ 2710 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِى حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِى بَيْتٍ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ، فَنَادَى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ فَقَالَ «يَا كَعْبُ». فَقَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ. فَقَالَ كَعْبٌ قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قُمْ فَاقْضِهِ». أطرافه 457، 471، 2418، 2424، 2706 - تحفة 11130 - وتُشترطُ عندنا المساواةِ عند النجانسة، ولا بأس بالزيادةِ والنقصانِ أيضًا في الدِّيانة، لما مرَّ، ثُم أخرجه المنِّف ليس في الصُّلح بالدِّين والعين، بل فيه إسقاطُ الحقِّ والإِبراء، وهذا غيرُ ذلك. ***

54 - كتاب الشروط

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 54 - كتاب الشُّرُوط 1 - بابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الشُّرُوطِ فِى الإِسْلاَمِ وَالأَحْكَامِ وَالْمُبَايَعَةِ 2711 و 2712 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ مَرْوَانَ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ رضى الله عنهما يُخْبِرَانِ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَمَّا كَاتَبَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو يَوْمَئِذٍ كَانَ فِيمَا اشْتَرَطَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ لاَ يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلاَّ رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، وَخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ. فَكَرِهَ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ، وَامْتَعَضُوا مِنْهُ، وَأَبَى سُهَيْلٌ إِلاَّ ذَلِكَ، فَكَاتَبَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى ذَلِكَ، فَرَدَّ يَوْمَئِذٍ أَبَا جَنْدَلٍ عَلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَلَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ إِلاَّ رَدَّهُ فِى تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَجَاءَ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ، وَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِى مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ وَهْىَ عَاتِقٌ، فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَرْجِعْهَا إِلَيْهِمْ لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِنَّ {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} إِلَى قَوْلِهِ {وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10]. حديث 2711 أطرافه 1695، 2732، 4157، 4179، 4180 - تحفة 11252 حديث 2712 أطرافه 1694، 1811، 2731، 4158، 4178، 4181 - تحفة 11273 2713 - قَالَ عُرْوَةُ فَأَخْبَرَتْنِى عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ بِهَذِهِ الآيَةِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} إِلَى {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الممتحنة: 10 - 12]. قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنْهُنَّ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ بَايَعْتُكِ». كَلاَمًا يُكَلِّمُهَا بِهِ، وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِى الْمُبَايَعَةِ، وَمَا بَايَعَهُنَّ إِلاَّ بِقَوْلِهِ. أطرافه 2733، 4182، 4891، 5288، 7214 - تحفة 16558 2714 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاَقَةَ قَالَ سَمِعْتُ جَرِيرًا - رضى الله عنه - يَقُولُ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاشْتَرَطَ عَلَىَّ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. أطرافه 57، 524، 1401، 2157، 2715، 7204 - تحفة 3210 2715 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسُ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. أطرافه 57، 524، 1401، 2157، 2714، 7204 - تحفة 3226

فائدة

واعلم أن الشَّرْط كان يُطْلق في زمانٍ على القَبَالة، سواء تَضَمَّن ذِكْرَ شَرْط أو لا، ومنه يقال للطحاوي: شرطيًا، أي كاتب القَبَالة، يعني رجرار، ثُمَّ سُمِّيت الحاضِرُ والسجلاتُ شُروطًا، ففي «العَالْمَكِيريَّة» بابٌ طويل في المحاضر والسجلات، جَمَع فيه جملةً المكاتب من هذا النوع، ومرادُ المصنِّف ههنا ما هو مصطلحُ الفقهاء والنُّحاة، وهو المراد في قول النبي صلى الله عليه وسلّم نهى عن بَبْع وشَرْط. ولعل الاصطلاحَ الأوَّل جرى بعد زمان البُخاري. فائدة واعلم أن الشيخَ نجم الدين عُمر النِّسفي قد أَلَّفَ كتابًا في الوَقْف، فلما رأيته تحيَّرتُ من كمال فصاحته وبلاغته؛ وهكذا يتعجب المرءُ مما نِقل في «العَالَمِكيرية» من عباراتِ الفقهاء، فإِنَّها بلغت في الفصاحةِ وحُسْن البيان الذروةَ العُلْيا. وهذا «النَّسفي» مقدَّم على صاحب «الكنز» ومُحَدِّثٌ ففيه، ومؤرِّخٌ كبير، صنَّف «تاريخ سمرقند» في اثنين وعشرين مجلدًا. 2711، 2712 - قوله: (وامتَعَضُوا)، وترجمته في الهندية "أور كرهى". 2 - باب إِذَا بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ 2716 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ». أطرافه 2203، 2204، 2206، 2379 - تحفة 8330 3 - باب الشُّرُوطِ فِى الْبَيْعِ 2717 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ عَائِشَةَ تَسْتَعِينُهَا فِى كِتَابَتِهَا، وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا، قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ ارْجِعِى إِلَى أَهْلِكِ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَقْضِىَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ، وَيَكُونَ وَلاَؤُكِ لِى فَعَلْتُ. فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا فَأَبَوْا وَقَالُوا إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ، وَيَكُونَ لَنَا وَلاَؤُكِ. فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهَا «ابْتَاعِى فَأَعْتِقِى، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». أطرافه 456، 1493، 2155، 2168، 2536، 2560، 2561، 2563، 2564، 2565، 2578، 2726، 2729، 2735، 5097، 5279، 5284، 5430، 6717، 6751، 6754، 6758، 6760 - تحفة 16580 - 248/ 3 أراد المصنِّفُ إثباتَ هذا النوعِ من الشَّرْع؛ أما تفصيلُه، فليراجع له الفقه. 4 - باب إِذَا اشْتَرَطَ الْبَائِعُ ظَهْرَ الدَّابَّةِ إِلَى مَكَانٍ مُسَمًّى جَازَ 2718 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ قَالَ سَمِعْتُ عَامِرًا يَقُولُ حَدَّثَنِى جَابِرٌ - رضى الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ قَدْ أَعْيَا، فَمَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَضَرَبَهُ، فَدَعَا لَهُ، فَسَارَ بِسَيْرٍ لَيْسَ يَسِيرُ مِثْلَهُ ثُمَّ قَالَ «بِعْنِيهِ بِوَقِيَّةٍ». قُلْتُ لاَ. ثُمَّ قَالَ «بِعْنِيهِ بِوَقِيَّةٍ». فَبِعْتُهُ

فَاسْتَثْنَيْتُ حُمْلاَنَهُ إِلَى أَهْلِى، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَتَيْتُهُ بِالْجَمَلِ، وَنَقَدَنِى ثَمَنَهُ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَأَرْسَلَ عَلَى إِثْرِى، قَالَ «مَا كُنْتُ لآخُذَ جَمَلَكَ، فَخُذْ جَمَلَكَ ذَلِكَ فَهْوَ مَالُكَ». قَالَ شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ عَامِرٍ عَنْ جَابِرٍ أَفْقَرَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ظَهْرَهُ إِلَىَ الْمَدِينَةِ. وَقَالَ إِسْحَاقُ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ مُغِيرَةَ فَبِعْتُهُ عَلَى أَنَّ لِى فَقَارَ ظَهْرِهِ حَتَّى أَبْلُغَ الْمَدِينَةَ. وَقَالَ عَطَاءٌ وَغَيْرُهُ لَكَ ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ شَرَطَ ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ جَابِرٍ وَلَكَ ظَهْرُهُ حَتَّى تَرْجِعَ. وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَفْقَرْنَاكَ ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَقَالَ الأَعْمَشُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ تَبَلَّغْ عَلَيْهِ إِلَى أَهْلِكَ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ وَهْبٍ عَنْ جَابِرٍ اشْتَرَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِوَقِيَّةٍ. وَتَابَعَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ جَابِرٍ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ وَغَيْرِهِ عَنْ جَابِرٍ أَخَذْتُهُ بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ. وَهَذَا يَكُونُ وَقِيَّةً عَلَى حِسَابِ الدِّينَارِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ. وَلَمْ يُبَيِّنِ الثَّمَنَ مُغِيرَةُ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ جَابِرٍ، وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ وَأَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ. وَقَالَ الأَعْمَشُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ وَقِيَّةُ ذَهَبٍ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ بِمِائَتَىْ دِرْهَمٍ. وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ جَابِرٍ اشْتَرَاهُ بِطَرِيقِ تَبُوكَ، أَحْسِبُهُ قَالَ بِأَرْبَعِ أَوَاقٍ. وَقَالَ أَبُو نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ دِينَارًا. وَقَوْلُ الشَّعْبِىِّ بِوَقِيَّةٍ أَكْثَرُ. الاِشْتِرَاطُ أَكْثَرُ وَأَصَحُّ عِنْدِى. قَالَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. أطرافه 443، 1801، 2097، 2309، 2385، 2394، 2406، 2470، 2603، 2604، 2861، 2967، 3087، 3089، 3090، 4052، 5079، 5080، 5243، 5244، 5245، 5246، 5247، 5367، 6387 - تحفة 2455، 2387، 2238، 2243، 2341، 2669، 3002، 3096، 3101، 3169 أ، 3127 - 249/ 3 وترجمتُه هذه على حديثِ ليلةِ البَعير. واختلف الرواةُ في ثمن البعير على ستةِ، أو سبعةِ أَوْجه؛ ولا حاجةَ عندي إلى طَلَبَ التوفيق بينهما، وإنْ تَصدَّى له الحافظ. والمِهم عندي أن يُنْظر في الشَّرْط كان في نَفْس العقد، أو كان خارجًا عنه، فإِنَّ ثبت الأَوَّلُ يثبت جوازُ الاشتراط في نَفْس العقد، ويَرِد الحديثُ علين، ولا يمشي فيه الجوابُ المذكور سابقًا، أَنه من باب المروءات والمسامحات؛ وإنَّ كان الثاني فلا إيرادُ علينا، وقد مرّ. وإنما نهى الحنفيةُ عن هذه الشروطِ، لأن فيها معنى الرِّبا، ولأن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم نهى عن بَيْع وَشَرْط؛ وقد مَرَّت فيه حكايةُ ابن حَزْم عن أبي حنيفة، وابن أبي ليلى، وابن شُبْرُمة في «البيوع؛ والمصنِّفُ توجَّه إلى تنقيح تلك الواقعية: أنها كانت تَبَرُّعًا، أو بيعًا؛ ثم إنْ كان بيعًا فماذا كان الثمن فيها؟ قلت: وقد نقل البخاريُّ في كَوْن الشرط خارِجِ العَقْد، أو داخِلَه خَمْسة ألفاظ: «فاستثنيت حُمْلانَه»، «أَفْقَرنِي رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم ظَهْرَه»، «على أَنَّ لي فَقَارَ ظهرِه»، «ولك ظَهْرُهُ»، «شَرَط ظِهْرَه إلى المدينةِ». وأنت تعلم أَنَّ الفاظَ الحديثِ إذا اختلفت إلى خمسةٍ، كما رأيت، ولم يتعيَّن أحدُهما من الآخر بَعْدُ، فَهَدْمُ القواعد المقررة المعهودةِ في الدِّين لأجل لَفْظٍ من الألفاظ بعيدٌ، فإِنَّه قوله: «نهى عن بَيْع وشَرْط»، وقاعدةٌ كُلِّية، وسُنَّةٌ عامَّةٌ، فلا تُترك لأَجْل واقعةٍ لم تتعين الفاظُها بعدُ، ولو تَعَيَّنَت وتخلَّصت على نظر الشافعية لم تزد على كونها واقعةً، فكيف بما لم تتعين بعد أنَّ

5 - باب الشروط فى المعاملة

الظَّهْر كان شَرْطًا في العقد، أو عاريَّة أو تبرُّعًا (¬1) منه. ثُم ههنا بَحْثٌ آخَرُ يُعْلم من «جامع الفُصُولَين» لابن قاضي سماوة: أنَّ في عبرة الوَعْد شرطًا أقوال؛ فقيل: كُلُّ وَعْد كان في المجلس فهو في حُكْم الشَّرْط؛ وقيل: إن كان ألفاظُهُ مُشعِرةً بالإِلحاق، فهو كالشَّرْط ولو كان بعد المَجْلِس، وإلا لا، وهو الأقربُ عندي. 5 - باب الشُّرُوطِ فِى الْمُعَامَلَةِ 2719 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَتِ الأَنْصَارُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا النَّخِيلَ. قَالَ «لاَ». فَقَالَ تَكْفُونَا الْمَئُونَةَ وَنُشْرِكُكُمْ فِى الثَّمَرَةِ. قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا. طرفاه 2325، 3782 - تحفة 13738 2720 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ الْيَهُودَ أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا. أطرافه 2285، 2328، 2329، 2331، 2338، 2499، 3152، 4248 - تحفة 7624 6 - باب الشُّرُوطِ فِى الْمَهْرِ عِنْدَ عُقْدَةِ النِّكَاحِ وَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ مَقَاطِعَ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ، وَلَكَ مَا شَرَطْتَ. وَقَالَ الْمِسْوَرُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِى مُصَاهَرَتِهِ فَأَحْسَنَ، قَالَ: «حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي، وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي». 2721 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ». طرفه 5151 - تحفة 9953 2721 - قوله: (أَحَقُّ الشُّروطِ أن تُوفُوا به ما استحلَلْتُم به الفُرُوجَ)، والحديثُ سلك فيه مَسْلَك الإِجمال، وفَصَّله الفقهاء. مسألة: من أنفق على المرأةٍ نفقةً طَمَعًا في نكاحها، فأبت، ولم تَفْعل، ففيه ثلاثةُ أقوال ذكرها الشامي؛ وقد رأيت أَزْيَد منها أيضًا. ¬

_ (¬1) قلت: وقد أسلفنا الكلام فيه في "البيوع" مبسوطًا. ويدلُّ على كونِه تَبرُّعًا ما أخرجه الترمذيُّ في مناقب جابرٍ عنه، قال: استغفر لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ليلةَ البعير خمسًا وعشرين مرة، هذا حديث حسن غريب صحيح، وقد نقلناه عن "المعتصر" أيضًا في "البيوع". ثم قال الترمذي: ومعنى ليلة البعير ما رُوي من غير وَجْهٍ عن جابر أنه كان مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في سَفَر، فباع بعيرَه من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - واشترط ظَهْرَه إلى المدينة، يقول جابرٌ: ليلةَ بِعْتُ من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - البعيرَ استغفر لي خمسًا وعشرين مرةً، كان جابرٌ قد قُتِل أبوه عبدُ الله بن عمرو بن حَرام، يومَ أُحْد، وترك بناتٍ، فكان جابرٌ يَعُولهن، وينفِقُ عليهن، فكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَبَرُّ جابرًا، ويرحَمُه بسببِ ذلك، اهـ.

7 - باب الشروط فى المزارعة

7 - بابُ الشُّرُوطِ فِى الْمُزَارَعَةِ 2722 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ حَنْظَلَةَ الزُّرَقِىَّ قَالَ سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ كُنَّا أَكْثَرَ الأَنْصَارِ حَقْلاً، فَكُنَّا نُكْرِى الأَرْضَ، فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ هَذِهِ وَلَمْ تُخْرِجْ ذِهِ، فَنُهِينَا عَنْ ذَلِكَ، وَلَمْ نُنْهَ عَنِ الْوَرِقِ. أطرافه 2286، 2327، 2332، 2344 - تحفة 3553 8 - بابُ مَا لاَ يَجُوزُ مِنَ الشُّرُوطِ فِى النِّكَاحِ 2723 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ يَزِيدَنَّ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلاَ يَخْطُبَنَّ عَلَى خِطْبَتِهِ، وَلاَ تَسْأَلِ الْمَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَكْفِئَ إِنَاءَهَا». أطرافه 2140، 2148، 2150، 2151، 2160، 2162، 2727، 5144، 5152، 6601 - تحفة 13271 - 250/ 3 9 - بابُ الشُّرُوطِ الَّتِى لاَ تَحِلُّ فِى الْحُدُودِ 2724 و 2725 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ رضى الله عنهم أَنَّهُمَا قَالاَ إِنَّ رَجُلاً مِنَ الأَعْرَابِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولَ اللَّهِ أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلاَّ قَضَيْتَ لِى بِكِتَابِ اللَّهِ. فَقَالَ الْخَصْمُ الآخَرُ وَهْوَ أَفْقَهُ مِنْهُ نَعَمْ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَائْذَنْ لِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قُلْ». قَالَ إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، وَإِنِّى أُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِى الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَوَلِيدَةٍ، فَسَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِى أَنَّمَا عَلَى ابْنِى جَلْدُ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، اغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا». قَالَ فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرُجِمَتْ. حديث 2724 أطرافه 2315، 2695، 6633، 6827، 6833، 6835، 6842، 6859، 7193، 7258، 7260، 7278 - تحفة 14106 حديث 2725 أطرافه 2314، 2649، 2696، 6634، 6828، 6831، 6836، 6843، 6860، 7194، 7259، 7279 - تحفة 3755 10 - بابُ مَا يَجُوزُ مِنْ شُرُوطِ الْمُكَاتَبِ إِذَا رَضِيَ بِالْبَيْعِ عَلَى أَنْ يُعْتَقَ 2726 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ الْمَكِّىُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَتْ عَلَىَّ بَرِيرَةُ وَهْىَ مُكَاتَبَةٌ، فَقَالَتْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ اشْتَرِينِى فَإِنَّ أَهْلِى يَبِيعُونِى فَأَعْتِقِينِى قَالَتْ نَعَمْ. قَالَتْ إِنَّ أَهْلِى لاَ يَبِيعُونِى حَتَّى يَشْتَرِطُوا وَلاَئِى. قَالَتْ لاَ حَاجَةَ لِى فِيكِ. فَسَمِعَ ذَلِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ بَلَغَهُ، فَقَالَ «مَا شَأْنُ بَرِيرَةَ فَقَالَ اشْتَرِيهَا فَأَعْتِقِيهَا وَلْيَشْتَرِطُوا مَا شَاءُوا». قَالَتْ

11 - باب الشروط فى الطلاق

فَاشْتَرَيْتُهَا فَأَعْتَقْتُهَا، وَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلاَءَهَا، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَإِنِ اشْتَرَطُوا مِائَةَ شَرْطٍ». أطرافه 456، 1493، 2155، 2168، 2536، 2560، 2561، 2563، 2564، 2565، 2578، 2717، 2729، 2735، 5097، 5279، 5284، 5430، 6717، 6751، 6754، 6758، 6760 - تحفة 16043 2726 - قوله: (وليَشْتَرِطُوا ما شاؤوا) وقد مرَّ فيه لَفْظ «دعيهم يشترطوا»، وفي الصفحة الآتية في خطبته صلى الله عليه وسلّم ما بالُ قومٍ يَشْتَرطون شُروطًا ليست في كتاب الله»، فهذه الالفاظُ كلُّها قرينةٌ على أن لفظ: «اشترِطي لهم الولاءَ، وليس من قول النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وكيف يأمرُها بالاشتراط، مع أنه نَفْسه يقول: «ما بال أقوام»، ... الخ، فإِذا كان غَضِب عليه آخِرًا، فهل يناسِب له أَنْ يأمر به أَوَّلا، إلا أن يكون بمعنى قوله: «دَعِيهم يَشْتَرِطوا» أي اشتراطهم مُهْمَل، فلا يُعبأ به. 11 - باب الشُّرُوطِ فِى الطَّلاَقِ وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنُ وَعَطَاءٌ إِنْ بَدَأَ بِالطَّلاَقِ أَوْ أَخَّرَ فَهُوَ أَحَقُّ بِشَرْطِهِ. 2727 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ التَّلَقِّى، وَأَنْ يَبْتَاعَ الْمُهَاجِرُ لِلأَعْرَابِىِّ، وَأَنْ تَشْتَرِطَ الْمَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا، وَأَنْ يَسْتَامَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، وَنَهَى عَنِ النَّجْشِ، وَعَنِ التَّصْرِيَةِ. تَابَعَهُ مُعَاذٌ وَعَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ شُعْبَةَ. وَقَالَ غُنْدَرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ نُهِىَ. وَقَالَ آدَمُ نُهِينَا. وَقَالَ النَّضْرُ وَحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ نَهَى. أطرافه 2140، 2148، 2150، 2151، 2160، 2162، 2723، 5144، 5152، 6601 تحفة 13411 - 251/ 3 2727 - قوله: (إنَّ بَدَأَ بالطلاقِ أو أَخَّر، فهو أحقُّ بِشرْطِه) أي الحُكْم في التقديم والتأخير، سواء. 12 - بابُ الشُّرُوطِ مَعَ النَّاسِ بِالْقَوْلِ 2728 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُ قَالَ أَخْبَرَنِى يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَغَيْرُهُمَا قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ إِنَّا لَعِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ حَدَّثَنِى أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مُوسَى رَسُولُ اللَّهِ» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ: " {أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} كَانَتِ الأُولَى نِسْيَانًا، وَالْوُسْطَى شَرْطًا، وَالثَّالِثَةُ عَمْدًا {قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا}، {لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ}، {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ} ". قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ. أطرافه 74، 78، 122، 2267، 3278، 3400، 3401، 4725، 4726، 4727، 6672، 7478 - تحفة 39 وقد وردت فيه الكِتابةُ أيضًا. 13 - باب الشُّرُوطِ فِى الْوَلاَءِ 2729 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ

14 - باب إذا اشترط فى المزارعة إذا شئت أخرجتك

قَالَتْ جَاءَتْنِى بَرِيرَةُ فَقَالَتْ كَاتَبْتُ أَهْلِى عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِى كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِى. فَقَالَتْ إِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ، وَيَكُونَ وَلاَؤُكِ لِى فَعَلْتُ. فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَقَالَتْ لَهُمْ، فَأَبَوْا عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِهِمْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ، فَقَالَتْ إِنِّى قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْوَلاَءُ لَهُمْ. فَسَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «خُذِيهَا وَاشْتَرِطِى لَهُمُ الْوَلاَءَ، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ «مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِى كِتَابِ اللَّهِ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِى كِتَابِ اللَّهِ فَهْوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». أطرافه 456، 1493، 2155، 2168، 2536، 2560، 2561، 2563، 2564، 2565، 2578، 2717، 2726، 2735، 5097، 5279، 5284، 5430، 6717، 6751، 6754، 6758، 6760 - تحفة 17165 - 252/ 3 14 - باب إِذَا اشْتَرَطَ فِى الْمُزَارَعَةِ إِذَا شِئْتُ أَخْرَجْتُكَ 2730 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَبُو غَسَّانَ الْكِنَانِىُّ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا فَدَعَ أَهْلُ خَيْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، قَامَ عُمَرُ خَطِيبًا فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، وَقَالَ «نُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ». وَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى مَالِهِ هُنَاكَ فَعُدِىَ عَلَيْهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَفُدِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلاَهُ، وَلَيْسَ لَنَا هُنَاكَ عَدُوٌّ غَيْرُهُمْ، هُمْ عَدُوُّنَا وَتُهَمَتُنَا، وَقَدْ رَأَيْتُ إِجْلاَءَهُمْ، فَلَمَّا أَجْمَعَ عُمَرُ عَلَى ذَلِكَ أَتَاهُ أَحَدُ بَنِى أَبِى الْحُقَيْقِ، فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَتُخْرِجُنَا وَقَدْ أَقَرَّنَا مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - وَعَامَلَنَا عَلَى الأَمْوَالِ، وَشَرَطَ ذَلِكَ لَنَا فَقَالَ عُمَرُ أَظَنَنْتَ أَنِّى نَسِيتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَيْفَ بِكَ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْ خَيْبَرَ تَعْدُو بِكَ قَلُوصُكَ، لَيْلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ». فَقَالَ كَانَتْ هَذِهِ هُزَيْلَةً مِنْ أَبِى الْقَاسِمِ. قَالَ كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ. فَأَجْلاَهُمْ عُمَرُ وَأَعْطَاهُمْ قِيمَةَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنَ الثَّمَرِ مَالاً وَإِبِلاً وَعُرُوضًا، مِنْ أَقْتَابٍ وَحِبَالٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَحْسِبُهُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، اخْتَصَرَهُ. تحفة 10554 2730 - قوله: (لما فَدَع أَهْلُ خيبرَ عبدَ الله بنَ عمر) ... الخ، وكان ابنُ عمرَ ذهب إلى خيبرَ للتجارةِ، فأسقطه اليهودُ من علية، فانفكت يَدَاه ورِجْلاه. قوله: (كَيْفَ أنت إذا أخرجت من قومك) ... الخ، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم قال له ذلك عند فتح خيبرَ. قوله: (وأعطاهم قيمة ما كان لهم من الثمرِ مالا، وإبلا، وعُرْوضًا مِن أَقْتَاب، وجِبالٍ، وغيرِ ذلك) ... الخ، وعند مالك في «موطئه»؛ قال: وقد أَجْلى عمرُ بن الخطاب يهود نجران، وفَدَك، فأما يهودُ خيبرَ فخرجوا منها ليس من الثمر، ولا مِن الأرض شيءٌ؛ وأما يهودُ فَدَك، فكان لهم نِصْفُ الثملر، ونصفُ الأرض، لأنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم كان صالَحَهم على

15 - باب الشروط فى الجهاد، والمصالحة مع أهل الحرب، وكتابة الشروط

نِصْف الثمر، وعلى نصف الأرض، فأقام لهم عمرُ نِصْف الثمر، ونصفَ الأرض قيمةً مِن ذهب وَوَرِقٍ، وإبل، وأحبال، وأقتاب، ثم أعطاهم القيمةَ، وإجلاهم منهما. اهـ. وهذا كما ترى يُخالِف ما في «الصحيح» فإِنه يدلُّ عن أنَّ يهودَ خيبر لم يُعْطوا شيئًا، وإنما أعطى يهودَ فَدَك ما أعطى، وهو الصوابُ عندي. والظاهر أنه وقع سَقْطٌ في البخاري من الأَوَّل، فألحق الراوي ما كان في آخِر القِصة بالأوَّل، أَوْرَث خَبْطًا، فإِنَّ مالِكا ساكَنَ المدينةَ، وهو أعلمُ بهذا الموضوع؛ أما الحافظ فقد مشى على ظاهرِ البخاري. 15 - باب الشُّرُوطِ فِى الْجِهَادِ، وَالْمُصَالَحَةِ مَعَ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَكِتَابَةِ الشُّرُوطِ 2731 و2732 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ أَخْبَرَنِى الزُّهْرِىُّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، حَتَّى كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ فِى خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةً فَخُذُوا ذَاتَ الْيَمِينِ». فَوَاللَّهِ مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ حَتَّى إِذَا هُمْ بِقَتَرَةِ الْجَيْشِ، فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَسَارَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ الَّتِى يُهْبَطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا، بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ. فَقَالَ النَّاسُ حَلْ حَلْ. فَأَلَحَّتْ، فَقَالُوا خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ، خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ، وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ، ثُمَّ قَالَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ يَسْأَلُونِى خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلاَّ أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا». ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ، قَالَ فَعَدَلَ عَنْهُمْ حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الْحُدَيْبِيَةِ، عَلَى ثَمَدٍ قَلِيلِ الْمَاءِ يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا، فَلَمْ يُلَبِّثْهُ النَّاسُ حَتَّى نَزَحُوهُ، وَشُكِىَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْعَطَشُ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ، فَوَاللَّهِ مَا زَالَ يَجِيشُ لَهُمْ بِالرِّىِّ حَتَّى صَدَرُوا عَنْهُ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ جَاءَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِىُّ فِى نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ، وَكَانُوا عَيْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ، فَقَالَ إِنِّى تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَىٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَىٍّ نَزَلُوا أَعْدَادَ مِيَاهِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَمَعَهُمُ الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ، وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ، وَلَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمُ الْحَرْبُ، وَأَضَرَّتْ بِهِمْ، فَإِنْ شَاءُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً، وَيُخَلُّوا بَيْنِى وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ أَظْهَرْ فَإِنْ شَاءُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَعَلُوا، وَإِلاَّ فَقَدْ جَمُّوا، وَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِى هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِى، وَلَيُنْفِذَنَّ اللَّهُ أَمْرَهُ». فَقَالَ بُدَيْلٌ سَأُبَلِّغُهُمْ مَا تَقُولُ. قَالَ فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى قُرَيْشًا قَالَ إِنَّا قَدْ جِئْنَاكُمْ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ، وَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ قَوْلاً، فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَعْرِضَهُ عَلَيْكُمْ فَعَلْنَا، فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ لاَ حَاجَةَ لَنَا أَنْ تُخْبِرَنَا عَنْهُ بِشَىْءٍ. وَقَالَ ذَوُو

الرَّأْىِ مِنْهُمْ هَاتِ مَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ. قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا، فَحَدَّثَهُمْ بِمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَامَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ أَىْ قَوْمِ أَلَسْتُمْ بِالْوَالِدِ قَالُوا بَلَى. قَالَ أَوَلَسْتُ بِالْوَلَدِ قَالُوا بَلَى. قَالَ فَهَلْ تَتَّهِمُونِى. قَالُوا لاَ. قَالَ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّى اسْتَنْفَرْتُ أَهْلَ عُكَاظٍ، فَلَمَّا بَلَّحُوا عَلَىَّ جِئْتُكُمْ بِأَهْلِى وَوَلَدِى وَمَنْ أَطَاعَنِى قَالُوا بَلَى. قَالَ فَإِنَّ هَذَا قَدْ عَرَضَ لَكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ، اقْبَلُوهَا وَدَعُونِى آتِهِ. قَالُوا ائْتِهِ. فَأَتَاهُ فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوًا مِنْ قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ، فَقَالَ عُرْوَةُ عِنْدَ ذَلِكَ أَىْ مُحَمَّدُ، أَرَأَيْتَ إِنِ اسْتَأْصَلْتَ أَمْرَ قَوْمِكَ هَلْ سَمِعْتَ بِأَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ اجْتَاحَ أَهْلَهُ قَبْلَكَ وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى، فَإِنِّى وَاللَّهِ لأَرَى وُجُوهًا، وَإِنِّى لأَرَى أَوْشَابًا مِنَ النَّاسِ خَلِيقًا أَنْ يَفِرُّوا وَيَدَعُوكَ. فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ امْصُصْ بَظْرَ اللاَّتِ، أَنَحْنُ نَفِرُّ عَنْهُ وَنَدَعُهُ فَقَالَ مَنْ ذَا قَالُوا أَبُو بَكْرٍ. قَالَ أَمَا وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْلاَ يَدٌ كَانَتْ لَكَ عِنْدِى لَمْ أَجْزِكَ بِهَا لأَجَبْتُكَ. قَالَ وَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَكُلَّمَا تَكَلَّمَ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ السَّيْفُ وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ، فَكُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ، وَقَالَ لَهُ أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ فَقَالَ مَنْ هَذَا قَالُوا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ. فَقَالَ أَىْ غُدَرُ، أَلَسْتُ أَسْعَى فِى غَدْرَتِكَ وَكَانَ الْمُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِى الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَتَلَهُمْ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ فَأَسْلَمَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَّا الإِسْلاَمَ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا الْمَالَ فَلَسْتُ مِنْهُ فِى شَىْءٍ». ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ أَصْحَابَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَيْنَيْهِ. قَالَ فَوَاللَّهِ مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نُخَامَةً إِلاَّ وَقَعَتْ فِى كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ، فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ أَىْ قَوْمِ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ، وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ وَكِسْرَى وَالنَّجَاشِىِّ وَاللَّهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ، يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مُحَمَّدًا، وَاللَّهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلاَّ وَقَعَتْ فِى كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ، فَاقْبَلُوهَا. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى كِنَانَةَ دَعُونِى آتِهِ. فَقَالُوا ائْتِهِ. فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَذَا فُلاَنٌ، وَهْوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْبُدْنَ فَابْعَثُوهَا لَهُ». فَبُعِثَتْ لَهُ وَاسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ يُلَبُّونَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا يَنْبَغِى لِهَؤُلاَءِ أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ قَالَ رَأَيْتُ الْبُدْنَ قَدْ قُلِّدَتْ وَأُشْعِرَتْ، فَمَا أَرَى أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ. فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ. فَقَالَ دَعُونِى آتِهِ. فَقَالُوا ائْتِهِ. فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -

«هَذَا مِكْرَزٌ وَهْوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ». فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَبَيْنَمَا هُوَ يُكَلِّمُهُ إِذْ جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو. قَالَ مَعْمَرٌ فَأَخْبَرَنِى أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ». قَالَ مَعْمَرٌ قَالَ الزُّهْرِىُّ فِى حَدِيثِهِ فَجَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ هَاتِ، اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابًا، فَدَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْكَاتِبَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ». قَالَ سُهَيْلٌ أَمَّا الرَّحْمَنُ فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا هُوَ وَلَكِنِ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ. كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ. فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ وَاللَّهِ لاَ نَكْتُبُهَا إِلاَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ». ثُمَّ قَالَ «هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ». فَقَالَ سُهَيْلٌ وَاللَّهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ الْبَيْتِ وَلاَ قَاتَلْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَاللَّهِ إِنِّى لَرَسُولُ اللَّهِ وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِى. اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ». قَالَ الزُّهْرِىُّ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ «لاَ يَسْأَلُونِى خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلاَّ أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا». فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَى أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَنَطُوفَ بِهِ». فَقَالَ سُهَيْلٌ وَاللَّهِ لاَ تَتَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً وَلَكِنْ ذَلِكَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَكَتَبَ. فَقَالَ سُهَيْلٌ وَعَلَى أَنَّهُ لاَ يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ، إِلاَّ رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا. قَالَ الْمُسْلِمُونَ سُبْحَانَ اللَّهِ كَيْفَ يُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِى قُيُودِهِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ، حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ. فَقَالَ سُهَيْلٌ هَذَا يَا مُحَمَّدُ أَوَّلُ مَا أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَىَّ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ». قَالَ فَوَاللَّهِ إِذًا لَمْ أُصَالِحْكَ عَلَى شَىْءٍ أَبَدًا. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَأَجِزْهُ لِى». قَالَ مَا أَنَا بِمُجِيزِهِ لَكَ. قَالَ «بَلَى، فَافْعَلْ». قَالَ مَا أَنَا بِفَاعِلٍ. قَالَ مِكْرَزٌ بَلْ قَدْ أَجَزْنَاهُ لَكَ. قَالَ أَبُو جَنْدَلٍ أَىْ مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا أَلاَ تَرَوْنَ مَا قَدْ لَقِيتُ وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِى اللَّهِ. قَالَ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَتَيْتُ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ أَلَسْتَ نَبِىَّ اللَّهِ حَقًّا قَالَ «بَلَى». قُلْتُ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ قَالَ «بَلَى». قُلْتُ فَلِمَ نُعْطِى الدَّنِيَّةَ فِى دِينِنَا إِذًا قَالَ «إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ وَهْوَ نَاصِرِى». قُلْتُ أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِى الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ قَالَ «بَلَى، فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ الْعَامَ». قَالَ قُلْتُ لاَ. قَالَ «فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ». قَالَ فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَيْسَ هَذَا نَبِىَّ اللَّهِ حَقًّا قَالَ بَلَى. قُلْتُ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ قَالَ بَلَى. قُلْتُ فَلِمَ نُعْطِى الدَّنِيَّةَ فِى دِينِنَا إِذًا قَالَ أَيُّهَا الرَّجُلُ، إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَيْسَ يَعْصِى رَبَّهُ وَهْوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ عَلَى الْحَقِّ. قُلْتُ أَلَيْسَ كَانَ يُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِى الْبَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ قَالَ بَلَى، أَفَأَخْبَرَكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ. قَالَ

الزُّهْرِىِّ قَالَ عُمَرُ فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالاً. قَالَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِهِ «قُومُوا فَانْحَرُوا، ثُمَّ احْلِقُوا». قَالَ فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِىَ مِنَ النَّاسِ. فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ اخْرُجْ ثُمَّ لاَ تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ. فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ. فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ، قَامُوا فَنَحَرُوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا، حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا، ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} حَتَّى بَلَغَ {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] فَطَلَّقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِى الشِّرْكِ، فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِى سُفْيَانَ، وَالأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، ثُمَّ رَجَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْمَدِينَةِ، فَجَاءَهُ أَبُو بَصِيرٍ - رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ - وَهْوَ مُسْلِمٌ فَأَرْسَلُوا فِى طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ، فَقَالُوا الْعَهْدَ الَّذِى جَعَلْتَ لَنَا. فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ، فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بَلَغَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ وَاللَّهِ إِنِّى لأَرَى سَيْفَكَ هَذَا يَا فُلاَنُ جَيِّدًا. فَاسْتَلَّهُ الآخَرُ فَقَالَ أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَجَيِّدٌ، لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ ثُمَّ جَرَّبْتُ. فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ أَرِنِى أَنْظُرْ إِلَيْهِ، فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ، فَضَرَبَهُ حَتَّى بَرَدَ، وَفَرَّ الآخَرُ، حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ يَعْدُو. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ رَآهُ «لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا». فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ قُتِلَ وَاللَّهِ صَاحِبِى وَإِنِّى لَمَقْتُولٌ، فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ، قَدْ وَاللَّهِ أَوْفَى اللَّهُ ذِمَّتَكَ، قَدْ رَدَدْتَنِى إِلَيْهِمْ ثُمَّ أَنْجَانِى اللَّهُ مِنْهُمْ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَيْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ، لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ». فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سِيفَ الْبَحْرِ. قَالَ وَيَنْفَلِتُ مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ، فَلَحِقَ بِأَبِى بَصِيرٍ، فَجَعَلَ لاَ يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إِلاَّ لَحِقَ بِأَبِى بَصِيرٍ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ، فَوَاللَّهِ مَا يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إِلَى الشَّأْمِ إِلاَّ اعْتَرَضُوا لَهَا، فَقَتَلُوهُمْ، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - تُنَاشِدُهُ بِاللَّهِ وَالرَّحِمِ لَمَّا أَرْسَلَ، فَمَنْ أَتَاهُ فَهْوَ آمِنٌ، فَأَرْسَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} حَتَّى بَلَغَ {الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 24 - 26] وَكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أَنَّهُ نَبِىُّ اللَّهِ، وَلَمْ يُقِرُّوا بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَحَالُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْبَيْتِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: {مَّعَرَّةٌ} [الفتح: 25]: العُرُّ: الجَرَبُ. {تَزَيَّلُواْ} [الفتح: 25]: انْمَازُوا. وَحَمَيتُ القَوْمَ: مَنَعْتُهُمْ حِمَايَةً، وَأَحْمَيتُ الحِمَى: جَعَلتُهُ حِمًى لا يُدْخَلُ. وَأَحْمَيتُ الحَدِيدَ، وَأَحْمَيتُ الرَّجُلَ: إِذَا أَغْضَبْتَهُ إحْمَاءً. حديث 2731 أطرافه 1694، 1811، 2712، 4158، 4178، 4181 - تحفة 11270 حديث 2732 أطرافه 1695، 2711، 4157، 4179، 4180 - تحفة 11250، 19102 ج، 11252 ترجم أَولًا على الشروط بالقول ثم ترجم على الكتابة.

2731، 2732 - قوله: (إنَّ خاِلدَ بنَ الوليدِ بالغَمِيم) ... الخ، ولم يكن أَسْلَم بعد، وكان جاء ليخبرَ قريشًا من أَمْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم. قوله: (والطليعة) ترجمته: "لين دوري". قوله: (فخذُوا ذاتَ اليمين) أي لئلا يَطَّلِع عليكم خالِدٌ. قوله: (بَرَكت به راحِلَتُه)، ومن ههنا كان مبدأ أرْضِ الحَرَم. قوله: (والتبرض) ترجمته "جوسنا"؛ وحاصله أن الماء كان قليلا، بحيث كان الناس يتبرضه بترضًا، ولم يكن قابلا للنزح. قوله: (كانوا غَيْبةَ نُصْح) "أو نتنيون جامه دان خير خواهى"، لأنهم كانوا يحاربون قريشًا، دون الله ورسوله. قوله: (العُوذُ المَطَافِيلِ) "شيردار كي بجى"، قد نَهَكَتْهم الحَرْبُ، أي أَعْجزتْهُم. قوله: (ألستُم تعملونَ أَني استَنْفَرتُ أَهْلَ عُكَاظٍ) ... الخ. أي طلبت النَّفِير من أهل عُكَاظ لِقتاله، أي محمد صلى الله عليه وسلّم. قوله: (أشوابًا مِن النَّاس) ترجمته "ايرى غيرى ادهر ادهركي". قوله: [وجوهًا] أي قبائل مختلفة. قوله: (أَخَذَ بِلِحْيَتِه) وكانت تلك سُنَّةً بينهم، عند التكلُّم مع كبرائهم. قوله: (نَعْل السَّيف) أي قبيعته. قوله: (ألستُ أَسعى في عَذْرَتِك) "كيااب تك تيرى كرتوتو نكونهين بهكت رها هون". واعلم أن لقب قريش بدأ من ذُريَّة مُضَر، فلا يُقال لأخواته: قريش. قوله: (فابْعَثُوها) وكانت هدايا النبي صلى الله عليه وسلّم ستين، وذلك كان عمره صلى الله عليه وسلّم. قوله: (قد سَهُلَ لكم) تفاؤل باسم سُهَيل. قوله: (ما أَدْري ما هو) وما ذلك إلا أنَّ المشهورَ من أسماء الله تعالى في بني إسماعيل كان هو «الله»، وأما «الرحمن» فكان مشهورًا في بني إسرائيل؛ ولذا كانوا يقولون: إنه يريدُ إن يزلنا عن المِلَّة المحنفية، إلى الدين المُوسَوي. قوله: (هذا ما قاضى) وهذا اللفظ أقربُ إلى الشافعية، فإِنه لاقضاءَ عندهم للعُمرةِ، فجعلوا عمرةَ القضاء من المقاضاة، بمعنى الصُّلح، وقال الحنفية: القضاءُ ضدَّ الأداء. قوله: (يرسف) أي خطوة قصيرًا "جهوتي جهوتي قدم اتهار هاتها". قوله: (أَخِذْنا ضُغْطةً) أي "هم بجة كئى أور مغلوب هو كئى". قوله: (فأَجِزه لي) أي أحسن لأجلي. قوله: (أو ليس كنت تحدثنا) ... الخ.

تحقيق في قصة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية

تحقيقٌ في قِصَّة رؤية النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بالحُدَيْبِية واعلم أن الشقيِّ لَعِن القاديان المتنبيء الكاذب، زعم أن أخبارَ الأنبياءَ عليه السلام أيضًا قد لا تطابِقُ الواقع؛ وذلك من دأبه في سائر المواضع، أنه إذا أُوْرِد عليه شيءٌ، صلى الله عليه وسلّم م يلهِمْه شيطانُه الجوابَ عنه، جعل يَعْزُوه إلى الأنبياء الحقِّ، ويقول: إنَّ أخبارَهم أيضًا قد تخالِفُ الواقع، كما أن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم رأي رؤيا أنه يَعْتمِر من تلك السنة، فارتحل لذلك، فإِذا أنه قَدْ أُحْصِر، ولم يَتَيَسَّر له ما كان قَصَد إليه. قلت: كَذَب عَدُو اللهِ، والله العظيم، لم تكذب أخبارُ الأنبياء عليهم السلام قط، ولا كان لها أن تكذب، وأين هو من أخبارهم؟ وإنما يَقِيس ما تَحْتَطِفُه الشياطين، ثُم تقرقرِه إليه بما ينزل محفوظًا عن جوانبه، محفوظًا عن أطرافه بالملائكة، قال تعالى: {فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [الجن: 27] أما تمسّكه بِقصَّة الحديبية، فَمَبني على غاية شقاوته، ونهايةِ سفاهته، وقِلَّة عِلْمه، وفَرْط جهله. ومَنْ أخبره على النبيِّ صلى الله عليه وسلّم رأى تلك الرؤيا في المدينة، بل ما في النُّقول الصحيحةِ عن مجاهد، وغيره، كما في «الدُّر المنثور»: أت النبيَّ صلى الله عليه وسلّم رأى رؤيا بعد ما بلغ الخُدَيبية، وهو الذي يَشهد به الوجدانُ، لأنه لما سافر من المدينة عازِمًا بالعمرةِ، ثم أحْصِر، وبلغ أصحابُه من الهمِّ والكَرْب ما بلغهم، حتى أنهم ما كادوا ليحلُّون من إحرامهم، مع أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يأمرُهم بذلك، فلما حلَق النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بين أظهرهم، وشاهدوهم بأعينهم، فتسارعوا إلى الحلق، حتى كاد يَقْتل بعضُهم بعضًا، مِن سرعة الحَلْق، وحينئذ رأى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم رؤياه ليسكن جأشهم، وتطمئنَّ قُلُوبهم، فهذا هو الذي كان مِن أَمْر رؤياه. أما ما رواه الواقدي، فلا يُعْلم إلا مِن جهتِه، وهو غيرُ ناقدٍ في النَّقْل، ويَجْمَعُ بين كل رَطْب ويابس، كحاطِبِ ليلٍ، ومع ذلك ليس بكاذبٍ في نفسه، ولو سَلَّمناه فليس فيما نقله أنَّ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ارتحل لتلك الرؤيا، بل هذا ما نحو ما يقومُ الأنبياءُ عليهم السلام لقضاءِ أَمْر، ثُم قد تَحُولُ المشيئةُ بينهم، وبين مُتَمنَّاهم؛ ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلّم خرج إلى أحد يرجو الغَلَبةَ عليهم، فلم يُقَدَّر له، وظَهَرَ أَمْرُ الله، فالذي يَقْدَح في باب النبوة أن يُخْبِرَ النبيُّ بأَمْرٍ، ثم لا يقع كما أخبر به؛ أما تَخَلُّفُ المرادِ عن إرادتِهم فليس بقادِحٍ أصلا، بل وقع مما لا يُحْصى؛ وذلك لأن الرجاءَ والقصد يعتمدانِ على الأسباب الظاهرة، بخلاف الإِخْبار بالغيب، فإِنها تَنْبَعُ من عِلْم الله العليم، فلو ظهرَ فيها الخلافُ لا نهدم الأساس. ثُم الذي يحصُل به ثَلْجُ الصَّدْر لو كان فيه قَلْب لحم، أن هذه الواقعة من باب المسارعةِ إلى أَمْر خير، كَفِعل إبراهيم عليه الصلاة والسلام في رؤياه، حيث لم يصبر بعدها، إلا أن دعاه وَلده، وتلَّة للجبينِ، ولا يقول هناك أَحَدٌ: إنه لم تَصْدُق رؤياه، لأنه ذبح الكَبْش، وقد كان رأى في المنام أنه ذَبَح ابنه، وذلك لأنه بَعْد رؤياه لم ينتظر لشيء، غيرَ أنه بادَر إلى إجرائها على ظاهِرها، فأظهره الله تعالى أن الابتلاءَ قد تمَّ بهذا القَدْر، وحَسْب إمرارُ المُدْية عن ذَبْحه فَحَسْب، فلو فَرضنا أن تلك الرؤيا كانت بالمدينة، وفرضنا أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم بعث للعُمرة لأَجْل تلك الرؤيا، فلا دليلَ فيه، على نه كان في ذِهْنه أَنه يَعْتَمر في تلك السَّنةِ، تأويلا لرؤياه، بل كان من

باب التَّسارع إلى الخير، مهما أمكن، ثم حُسِبت عُمْرته الناقصة عن العُمْرة من تلك السَّنة؛ وهذه المسارعةُ ليست من الإِخبار بالغيب في شيءٍ. فالحاصل أنَّ كَشْف الأَمْر المُبههم عند الحاجةِ ليس من الكذب في شيء (¬1). ثمَّ إنَّ قولَه: «أليس كان يحدِّثُنا»، دليلٌ على تَقادُم عَهْدِهم بذلك القول، لا أنهم أخيروا بذلك عن قريبٍ، ثم سافورا الأَجْل الإِخبار به؛ بل فيه أن الله تعالى يَرْزُق لكم العُمْرة حِينًا ما، والذي تبين آخِرًا أنَّ هذا اللفظ في «الصحيح» يُشْعِر بنفي الرؤيا عندهم، فإِنَّه يدلُّ على أَن ذِكْر الاعتمار عندهم كان بطريقِ المحادثة فيما بينهم، وذلك أيضًا في قديم من الزمان، لا في عَهْد قريب، لا أنه كانت عندهم في ذلك رؤيا بَنُوا عليها سَفَرَهم، ولو كان سفرُهم هذا من أَجْل رؤياه لكان الإِحالةُ عليها أَوْلى من الإِحالة على التحديث، لكونها أدخَل فيه، ولكننَّا لم نجد أحدًا منهم يَذْكُر فيه رؤيا، غير أنهم يذكرون التحديث، وذلك أيضًا كان في القديم منهم. ولذا قُلْت: إنَّ بناءه على نفي كون أن اليبيَّ صلى الله عليه وسلّم رأها بالحديبيةِ. والحاصل أنَّ أخبارَ الغيب التي تأتي إلينا خارقةً للعادة يستحيلُ أن تتخلف عن الواقع، أما في تلك القصة فليس فيها غيرُ الرجاء والإِرادة، وذلك أَمْرٌ آخَرُ، كما علمته. قوله: (قال عمر) أي ثُم نَدِمت مما تجاسَرْتُ بين يَدَي رسولِ الله صلى الله عليه وسلّم وعَمِلت لكفَّارَتِه ما قدر لي. قوله: ({وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}) [الممتحنة: 10] واعلم أن عِصْمة الزوجةِ إنَّما تُسْتَمْسك من جهة الزوج، فهوالحافظ لِعِصْمتها. فلما كان الله سبحانه أَمَرَهم أن يفارِقوا أزواجَهم التي كانوا نَكَحُوهُنَّ وهنَّ كوافِرُ، ولم يهاجِرْن معهم، عَبَّر عن مفارَقَتهِنَّ بعد إمساك العصمة، أي إذا كُنَّ دار الحرب، وأنتم في دار الإِسلام، فإِبقاء نكاحِهن إمساكٌ لِعصْمَتِنَّ في دا رالحرب، وذ إنما يناسِبُ بالمؤمنات، أما الكوافِرُ فلا تُناسب لكم أن تُمْسِكوا عصمتَهنَّ بإِبقاء الزوجية، ففارقوهن؛ وحاصله أَنَّ الزوجةَ الكافرة لا تَصْلُح لكم، وأنتم لا تصلحون لهنَّ، فلا يتزوج بعد ذلك مُسلمٌ كافرةً "مت تهاى ركهو عصمتين كافر عورتون كى شوهر عصمت تهامى هتاهى بيوى كى مطلب هيه هواكه اب سى مسلم كى تحت مين كافره ببوى نهين ره سكتى". 2733 - وَقَالَ عُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ عُرْوَةُ فَأَخْبَرَتْنِى عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ، وَبَلَغَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَرُدُّوا إِلَى الْمُشْرِكِينَ مَا أَنْفَقُوا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، وَحَكَمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، أَنْ لاَ يُمَسِّكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ، أَنَّ عُمَرَ طَلَّقَ ¬

_ (¬1) قلت: وأشبه نظيره ما وقع لأبي بكر في قصة غَلَبةِ الرُّوم، حيث شارَطَهم على مدةٍ معينة، ثُم علم أن القرآن كان سَلكَ فيها مَسلَك الإِجمال، وكان أخبر بالغلبةِ في بِضْع سنين، فعيَّنه أبو بكر من عنده، فهكذا وقع ههنا من الصحابة، فإنَّهم حملوا سَفَر النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على أنه مُعْتَمر من تلك السنة لا محالة، ثم أخبرهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنهم ليدخُلن المسجدَ الحرام إن شاء الله تعالى مِن قابل، وأنه لم يعِدْهم أنهم معتمرون في تلك السنة.

16 - باب الشروط فى القرض

امْرَأَتَيْنِ قَرِيبَةَ بِنْتَ أَبِى أُمَيَّةَ، وَابْنَةَ جَرْوَلٍ الْخُزَاعِىِّ، فَتَزَوَّجَ قَرِيبَةَ مُعَاوِيَةُ، وَتَزَوَّجَ الأُخْرَى أَبُو جَهْمٍ، فَلَمَّا أَبَى الْكُفَّارُ أَنْ يُقِرُّوا بِأَدَاءِ مَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ، أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ} [الممتحنة: 11] وَالْعَقِبُ مَا يُؤَدِّى الْمُسْلِمُونَ إِلَى مَنْ هَاجَرَتِ امْرَأَتُهُ مِنَ الْكُفَّارِ، فَأَمَرَ أَنْ يُعْطَى مَنْ ذَهَبَ لَهُ زَوْجٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَا أَنْفَقَ مِنْ صَدَاقِ نِسَاءِ الْكُفَّارِ اللاَّئِى هَاجَرْنَ، وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ ارْتَدَّتْ بَعْدَ إِيمَانِهَا. وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَصِيرِ بْنَ أَسِيدٍ الثَّقَفِىَّ قَدِمَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مُؤْمِنًا مُهَاجِرًا فِى الْمُدَّةِ، فَكَتَبَ الأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْأَلُهُ أَبَا بَصِيرٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. أطرافه 2713، 4182، 4891، 5288، 7214 - تحفة 16558 2733 - قوله: (وقال عُقَيلٌ عن الزُّهري) ... الخ، نقل تلك القطعةَ من صُلْح الحديبية عن الزُّهري على حِدَة؛ وحاصل المقام أن نكاحَ الكافرةِ كان جائزًا قبل السَّنة السادسة، ثُم حَرَّمة اللهُ تعالى بعدها، وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم صالَحهم على رَدِّه مَنْ جاء منهم مُسْلمًا إلينا، أما ردُّ المؤمناتِ المهاجرات إليهم أيضًا، فقيل: إنَّه كان داخلا في الصُّلح؛ وقيل: لا، وعلى الأوَّل لم يعمل بذلك الشَّرْط، ونَسَخَه القرآنُ قبل العمل، فكانت المسألةُ في تلك الأيام في المرأة التي هاجرت إلينا إنَّ مَهْرَها يُرَدُّ إلى زَوْجها في دار الحرب، إمَّا مِن قِبل زَوْجها في الإِسلام، أو من بيت المال. وكذلك كان الواجِبُ عليهم أن يَرُدُّوا إلينا مِثْل ما أنفقنا عليها لو ارتدَّت منا امرأةٌ، والعياذ بالله، ولحقتهم، ولكنهم أَبَوا أنْ يفعلوه، وقَبِله أَهْلُ الإِسلام، ثُم حَكَم اللهُ تعالى بأن لا يُرَدَّ إليهم مَهْرَهم أيضًا، ولكنه يُوضَع في بيت المال، ويُعْطى لمن ارتدَّت امرأتُه، ثُم لَحِقت بدارِ الحرب، عِوَضًا عَمَّا انفق عليها، ولكنه بحمد الله تعالى وعَوْنه لم ارتدت أَن ترتد منَّا امرأةٌ، فَلحِقت بهم، وكان القرآنُ قد دعاهم اوَّلا إلى خِطة معروفةٍ، إلا أنهم لما أبَوها نسخها، وهو معنى قوله: «فلما أَبَوا»، أي لم يُسَلِّموا هذا الشَّرْطُ. قوله: ({فَعَاقَبْتُمْ}) من العُقْبة، وهي أن يَرْكب اثنان على بعيرٍ، واحدًا بعد واحد، ونوبةً بعد نوبة، والمعنى إنْ جاءت نَوْبَتُكم، فذهبت مِن أزواجكم إليهم، فالواجِبُ عليهم أن يَرُدُّوا إليكم ما أَنْفَقتُم عليهنَّ، والتفسيرُ الآخر أنه مأخوذُ مِن العقوبة؛ فالمعنى إذا جاهَدُتُم فأصبتم العقوبة إياهم، فاحفظوا شيئًا مما حصل لما لينفعَكُم عند أداء المَهْر إلى أزواجِهنَّ، وهذا مرجوجٌ عندي. قوله: (من الصداق) يتعلق «بيعطى» لا «بما أنفق»، وراجع «الهامش». قوله: (ونكح معاويةُّ) فيه أنَّ إسلامه لم يكن إلى صُلْح الحديبية، وكان في فَتْح مكَّة. 16 - باب الشُّرُوطِ فِى الْقَرْضِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - وَعَطَاءٌ إِذَا أَجَّلَهُ فِى الْقَرْضِ جَازَ. 2734 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا سَأَلَ بَعْضَ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارِ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى. أطرافه 1498، 2063، 2291، 2404، 2430، 6261 - تحفة 13630 - 259/ 3

17 - باب المكاتب، وما لا يحل من الشروط التى تخالف كتاب الله

وقد مرَّ عن الفقهاء أنَّ الأجَل لازِمُ في الدَّين، دون القَرْض فله أن يطالِبه قبل حلُول الأجل. 17 - باب الْمُكَاتَبِ، وَمَا لاَ يَحِلُّ مِنَ الشُّرُوطِ الَّتِى تُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - فِى الْمُكَاتَبِ شُرُوطُهُمْ بَيْنَهُمْ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ أَوْ عُمَرُ كُلُّ شَرْطٍ خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ فَهْوَ بَاطِلٌ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يُقَالُ عَنْ كِلَيْهِمَا عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ. 2735 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَتَتْهَا بَرِيرَةُ تَسْأَلُهَا فِى كِتَابَتِهَا، فَقَالَتْ إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتُ أَهْلَكِ وَيَكُونُ الْوَلاَءُ لِى. فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَّرْتُهُ ذَلِكَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ابْتَاعِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِى كِتَابِ اللَّهِ مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِى كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ». أطرافه 456، 1493، 2155، 2168، 2536، 2560، 2561، 2563، 2564، 2565، 2578، 2717، 2726، 2729، 5097، 5279، 5284، 5430، 6717، 6751، 6754، 6758، 6760 - تحفة 17938 18 - بابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الاِشْتِرَاطِ وَالثُّنْيَا فِى الإِقْرَارِ، وَالشُّرُوطِ الَّتِى يَتَعَارَفُهَا النَّاسُ بَيْنَهُمْ، وَإِذَا قَالَ مِائَةٌ إِلاَّ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ رَجُلٌ لِكَرِيِّهِ أَدْخِلْ رِكَابَكَ، فَإِنْ لَمْ أَرْحَلْ مَعَكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، فَلَكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ. فَلَمْ يَخْرُجْ، فَقَالَ شُرَيْحٌ مَنْ شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ طَائِعًا غَيْرَ مُكْرَهٍ فَهْوَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ إِنَّ رَجُلاً بَاعَ طَعَامًا وَقَالَ إِنْ لَمْ آتِكَ الأَرْبِعَاءَ فَلَيْسَ بَيْنِى وَبَيْنَكَ بَيْعٌ. فَلَمْ يَجِئْ، فَقَالَ شُرَيْحٌ لِلْمُشْتَرِى أَنْتَ أَخْلَفْتَ. فَقَضَى عَلَيْهِ. دخل المصنِّف في حُكْم الاستثناء، قبل: إن الكلامَ الاستثنائي يعز وجودُه في سار اللغات، غير العرب، وقد استعمله المتأخرون من أهل فارس، كخواجه حافظ، حيث قال: *ازسر كوثى تورفتن نتوانم كامى ورنه ... اندر دل بيدل سفرى نيست كه نيست وذلك لأنَّ ظاهِرَة غيرُ معقول، فإِنَّ النَّفْي أَوْلا، ثُم نَقْضُه بِحَرْف الاستثناء، ليس له معنى، ولذا تكلم فيه الرَّضِي في «شرح الكافية»، وحَقَّق معناه. وحاصِله أن المُسْتَثْنى يؤخَذُ بمعنى المُسْتَثْنى منه في الذهن أولا، ثُمَّ يُعتبر الحُكْم على المجموع، فيعتبر أولا، القوم إلا زيد، ثُمَ يَدْخُل على هذا المجموع جاءني، فلا يلزم نَقْض النفي، وطَوَّل في العبارة بلا طائل؛ وهذا تخريجٌ باعتبارِ الذِّهن فقط. وقال في «الدر المختار»: إن الاستثناءَ عندنا تكلم بالباقي بعد الثنيا، فأخذ الحكم في المجموع دون الأجزاء، كما قاله الرَّضِي، وقال الشافعية: إنَّ في المُسْتَثْنى أيضًا حُكْمًا على خلافِ ما في المُسْتَثْنى منه. قلت: والراجِحُ عندي أن فيه حُكْمًا أيضًا، لكن في مَرْتبة

19 - باب الشروط فى الوقف

الإِشارة دون العبارة، كما جعله الشافعية؛ وهو الذي ذهب إليه ابنُ الهُمام (¬1)، فراجع البحث من «التحرير» لابن الهُمام. قوله: (كَرِيِّه) "كرايه دار". قوله: (فقال شُرَيْحٌ: مَنْ شَرَط على نَفْسِه طائعًا غَيْرَ مُكْره، فهو عليه) وقد مرَّ من قبل أن الأجير الخاص يستحِقُّ الأجرة بمجرد تسليمِ النَّفس عندنا، وإنْ لم يَبْرَح قاعدًا. قوله: (فقَضى عليه) وهذه المسألةُ تدخل عندنا في خِيار النَّقْد، والخيارُ في «الهداية» ثلاثةُ أنواع فقط: خيارُ شَرْط، ورُؤية، وعَيْب، وهي في الفِقه تبلغ إلى تسعةِ أقسام. 2736 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ». طرفاه 6410، 7392 - تحفة 13727 2636 - قوله: (مئة إلا واحدًا) غَرَضُ المصنِّف ثبوتُ الكلام الاستثنائي من الأحاديث؛ ويمكن أن يكون إشارة إلى الاستثناء من العَدَد، فإِنَّ أكثرَ النُّحاة إلى نَفْيه، حتى إنهم ذكروا النِّكاتِ لقوله تعالى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14]، فانه استثناءٌ من العددِ، وذا لا يجوزِ على طَوْرِهم. قوله: (مَنْ أَحْصَاها) ... الخ، أي مَنْ حَفِظها، وهو المرادُ عند المُدِّثين، وقال الصوفيةُ: التخلُّق بها. 19 - بابُ الشُّرُوطِ فِى الْوَقْفِ 2737 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ أَنْبَأَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِى مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُ بِهِ قَالَ «إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا». قَالَ فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ أَنَّهُ لاَ يُبَاعُ وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ، وَتَصَدَّقَ بِهَا فِى الْفُقَرَاءِ وَفِى الْقُرْبَى، وَفِى الرِّقَابِ، وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيْفِ، لاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَيُطْعِمَ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ. قَالَ فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ سِيرِينَ فَقَالَ غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا. أطرافه 2313، 2764، 2772، 2773، 2777 - تحفة 10561، 7742، 7434 أ - 260/ 3 ولا ريب أنه يخالف مذهبَ الحنفية على ما في «المبسوط» وأما على ما قررناه من «الحاوي» فلا يخالف. 2737 - قوله: (تَصَدَّق بها) أي بَغْلَته. قوله: (غير مَتَأَثَّلٍ مالا) أي لا يريد به التمول، بل قضاءَ حاجته فقط. ¬

_ (¬1) قلت: ونظيرُه الخلافُ في الحُكْم في القضية الشرطية، أنه في الجزاءِ والشَّرْط قيَّدَ له، أو الحُكْم بين المقدم والتالي، وقد طال النزاع فيه بين أهل الميزان، وأهل العربية، والبَسْط في موضِعه.

55 - كتاب الوصايا

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 55 - كِتَابُ الوَصَايَا 1 - باب الْوَصَايَا، وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «وَصِيَّةُ الرَّجُلِ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ» وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181) فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (182)} [البقرة: 180 - 182]. جَنَفًا: مَيْلاً، {مُتَجَانِفٍ} [المائدة: 3] مَائِلٌ. 2738 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَىْءٌ، يُوصِى فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ، إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ». تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 8382، 7361 - 2/ 4 2739 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ خَتَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخِى جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ قَالَ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ مَوْتِهِ دِرْهَمًا وَلاَ دِينَارًا وَلاَ عَبْدًا وَلاَ أَمَةً وَلاَ شَيْئًا، إِلاَّ بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ وَسِلاَحَهُ وَأَرْضًا جَعَلَهَا صَدَقَةً. أطرافه 2873، 2912، 3098، 4461 - تحفة 10713 - 3/ 4 2740 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مَالِكٌ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - هَلْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْصَى فَقَالَ لاَ. فَقُلْتُ كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةُ أَوْ أُمِرُوا بِالْوَصِيَّةِ قَالَ أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ. طرفاه 4460، 5022 - تحفة 5170 2741 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ ذَكَرُوا عِنْدَ عَائِشَةَ أَنَّ عَلِيًّا - رضى الله عنهما - كَانَ وَصِيًّا. فَقَالَتْ مَتَى أَوْصَى إِلَيْهِ وَقَدْ كُنْتُ مُسْنِدَتَهُ إِلَى صَدْرِى - أَوْ قَالَتْ حَجْرِى - فَدَعَا بِالطَّسْتِ، فَلَقَدِ انْخَنَثَ فِى حَجْرِى، فَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَمَتَى أَوْصَى إِلَيْهِ طرفه 4459 - تحفة 15970

2 - باب أن يترك ورثته أغنياء خير من أن يتكففوا الناس

2 - باب أَنْ يَتْرُكَ وَرَثَتَهُ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَتَكَفَّفُوا النَّاسَ 2742 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِى وَأَنَا بِمَكَّةَ، وَهْوَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالأَرْضِ الَّتِى هَاجَرَ مِنْهَا قَالَ «يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ عَفْرَاءَ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُوصِى بِمَالِى كُلِّهِ قَالَ «لاَ». قُلْتُ فَالشَّطْرُ قَالَ «لاَ». قُلْتُ الثُّلُثُ. قَالَ «فَالثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِى أَيْدِيهِمْ، وَإِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ، حَتَّى اللُّقْمَةُ الَّتِى تَرْفَعُهَا إِلَى فِى امْرَأَتِكَ، وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَكَ فَيَنْتَفِعَ بِكَ نَاسٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ». وَلَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ إِلاَّ ابْنَةٌ. أطرافه 56، 1295، 2744، 3936، 4409، 5354، 5659، 5668، 6373، 6733 - تحفة 3880 2738 - قوله: (ما حقُّ امرىءٍ مُسْلِم شَيءٌ يُوصِي فيه، يَبيتُ لَيْلَتين، إلا ووَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدِهِ) قال بعضهمّ إنَّ ما حقُّ امرىءٍ «مبتدأ، ويَبيتُ ليلتين» خبره، فتدخل الليلةُ الواحدة تحت المسامحة فلا يجوز له أن يبيتَ ليلتين، ولا تكونُ وصيتُه مكتوبةً عنده. وقال بعضُهم: إنَّ خبَرها «إلا ووَصِيَّته مكتوبةٌ عنده». وحينئذ لا يبقى له في الليلةِ أيضًا حقُّ، وخيرُ «ما» الحجازية، يأتي بحرف الاستثناء أيضًا. البحث عند - الطِّيبي (¬1). 2739 - قوله: (خَعَن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلّم، والخَتَنُ ههنا بمعنى أَخ الزوجة، وقد رأيتُ إطلاقه في كلِّ ذي قرابةٍ للزوجة. 2740 - قوله: (أَوْصى بكِتَابِ الله)، يُحتمل أن تكونَ الباء للاستعانة، أو صلةً دخلت عل المفعول به، قال سِيبَويةٍ، لا معنى لها إلا الإِلْصَاق، وما ذكروه من المعاني فكلها مَوراردُ لتحقُّقِه. قوله: (ثقلين) أي وقرين عظيمين، ينبغي الاعتناءُ بهما، وهما القرآنُ والعِتْرة، كما سيجيء في «باب» يترك وَرَثَتْهُ أغيناءُ» .. الخ. 2742 - قوله: (عَسى اللهُ أَنْ يَرْفَعَك) - أي مِن مرضِك هذا - وفيه بشارةٌ لِصِحَّته، وقد تكلمنا على حديثه مفصَّلا فيما مرّ. 3 - باب الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ وَقَالَ الْحَسَنُ: لاَ يَجُوزُ لِلذِّمِّىِّ وَصِيَّةٌ إِلاَّ الثُّلُثُ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49]. ¬

_ (¬1) قال الطيبي: "ما" بمعنى ليس، وقوله: "يبيت ليلتين" صفة "ثالثة" "لامرىءٍ" و"يوصي فيه" صفة لشيء، والمستثنى خبر. وقيد "ليلتين" ليس بتحديد، يعني لا ينبغي له أن يمضي عليه زمانُ، وإن كان قليلًا، إلا ووَصِيَّتُه مكتوبةٌ، اهـ مختصرًا. وراجع العَيْني أيضًا.

4 - باب قول الموصي لوصيه تعاهد ولدي؛ وما يجوز للوصي من الدعوى

2743 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَوْ غَضَّ النَّاسُ إِلَى الرُّبْعِ، لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ». تحفة 5876 - 4/ 4 2744 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِىٍّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ مَرِضْتُ فَعَادَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ لاَ يَرُدَّنِى عَلَى عَقِبِى. قَالَ «لَعَلَّ اللَّهَ يَرْفَعُكَ وَيَنْفَعُ بِكَ نَاسًا». قُلْتُ أُرِيدُ أَنْ أُوصِىَ، وَإِنَّمَا لِى ابْنَةٌ - قُلْتُ - أُوصِى بِالنِّصْفِ قَالَ «النِّصْفُ كَثِيرٌ». قُلْتُ فَالثُّلُثِ. قَالَ «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ». قَالَ فَأَوْصَى النَّاسُ بِالثُّلُثِ، وَجَازَ ذَلِكَ لَهُمْ. أطرافه 56، 1295، 2742، 3936، 4409، 5354، 5659، 5668، 6373، 6733 - تحفة 3896 قوله: (وقال الحسنُ: لا يجوزُ للذِّمي وصيةٌ إلا الثُّلث) أي فهو أيضًا كالمسلمين في هذا الباب. 2743 - قوله: (لو غضَّ النَّاسُ إلى الرُّبْعِ) أي لو نَقَصَ. 4 - باب قَوْلِ الْمُوصِي لِوَصِيِّهِ تَعَاهَدْ وَلَدِي؛ وَمَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ مِنَ الدَّعْوَى 2745 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّى، فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ. فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدٌ فَقَالَ ابْنُ أَخِى، قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَىَّ فِيهِ. فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ أَخِى، وَابْنُ أَمَةِ أَبِى، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَتَسَاوَقَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ أَخِى، كَانَ عَهِدَ إِلَىَّ فِيهِ. فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ أَخِى وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِى. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ ابْنَ زَمْعَةَ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ». ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ «احْتَجِبِى مِنْهُ». لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِىَ اللَّهَ. أطرافه 2053، 2218، 2421، 2533، 4303، 6749، 6765، 6817، 7182 تحفة 16605 فائدة: واعلم أن تقرير الحنفية في تعيين رُبُع الرأس في باب المَسْح عديدة. والذي نحا إليه صاحبُ «الهداية» هو أن الآيةُ مُجْمَلةٌ، فالتُحِق الحديثُ بيانًا لها، وردَّه الشيخُ ابن الهمام، وذكر من عند نفسه توجيهًا. وكذلك تَعَقَّب عليه في «باب الحج»، فذكَر أنَّ حَلْقَ الرُّبْع يجزىءُ عند إمَامِنا، كما في المسحِ. وقال: إنه قياسِ شبه، وهو غيرُ مُعتبَر، فإِنَّا لا نعرفُ فيما معنَىً يقتضِي الرُّبعية. فَتَرَك مسألةَ الحنفية. قلت: وليس الأمرُ كما زعم الشيخ، وليس حَلَقُ الرُّبع في الحج من باب القياس على المسح، بل هو بابٍ آخَر قد ذكرناه في مواضع؛ وهو أن أَصْل البَحْث في أن

5 - باب إذا أومأ المريض برأسه إشارة بينة جازت

الأَمر إذا وَرَدَ بإِيقاع فِعْل على محل، هل يقتضي ذلك استيعابَه أم لا؟ فذهب نَظْر الإِمام الأعظم إلى أنه لا يقتضِيه، بل الرُّبُع منه يقومُ مقامَ الكُّلِّ، فاعتبره في «باب المسح»، والحَلْق في الحج»، و «كشف العورة»، و «نجاسة الثوب»، و «الأضحية» وغيرها». وذهب نَظَرُ الشافعية إلى أَنَّ أَدنى ما يُطلق عليه الاسمُ يُحْكِي عن الكُّلِّ، ونَظر مالك إلى أنه يقتضي استيعابَ ذلك المَحِّل. ومن ههنا اختلفت تفاريعُهم في تلك المسائل. وحينئذٍ لا يرد عليه ما أورده الشيخُ ابنُ الهمام. ثم إنه لا رَيْب أن الشَّيْخَ ابن الهُمام أَصُولي حاذق، فانظر كيف آخذ على صاحب «الهداية»، وكيف فَرَّقَ بين المِقَيس، والمقيس عليه. بخلاف الحافظِ ابن حجر، فإِنَّه مع كونِه حافظ بلا مِرية، ومُحَدِّثًا بلا فِرية، ليس له شأنٌ في الأُصول، كالشيخ ابن الهمام. ولذا احتجَّ للقيام في مولد النِّبي صلى الله عليه وسلّم من قوله صلى الله عليه وسلّم «قوموا لسَيِّدكم»، مع الفارِق البيِّنِ بين الوضعين، فإِنَّ القيام في المِقَيس عليه للإِعانة، لأنه كان مَجْروحًا، وهو في المَقِيس للتعظيم، وكذا الحُكْم في المِقيس عليه من عالم الأجسام، وفي المِقيس من عالم الأرواح. وكذا عِلَّة القيام فيالمِقيس عليه مُتحقِّقة، وفي المقيس موهومة؛ وبالجملة قياسُه فاسِدُ من وجوه؛ لكونِهِ قياسَ عالم الأرواح على عالم الأجسام، والموهوم على المتَحققِ، فكم من فَرْق بين مَدَارِك الشَّيخ، ومدارِك الحافظ في هذا الباب، ولا تحزن، فإِنَّ الله تعالى خَلَقَ للفُنون رِجالا، فالرجلُ وفَنَّه، والرَّجل وصَنْعتُه. 5 - باب إِذَا أَوْمَأَ الْمَرِيضُ بِرَأْسِهِ إِشَارَةً بَيِّنَةً جَازَتْ 2746 - حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ أَبِى عَبَّادٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ يَهُوِدِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا مَنْ فَعَلَ بِكِ، أَفُلاَنٌ أَوْ فُلاَنٌ حَتَّى سُمِّىَ الْيَهُودِىُّ، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَجِىءَ بِهِ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى اعْتَرَفَ، فَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرُضَّ رَأْسُهُ بِالْحِجَارَةِ. أطرافه 2413، 5295، 6876، 6877، 6879، 6884، 6885 - تحفة 1391 أخرج المُصنِّفُ تَحْته قِصَّةَ رَضِّ اليهودي رأسَ جارية، وأَخْذ القِصاص منه بإِيماء؛ قلت: ولا يدلُّ الحديثُ إلا على أَنَه فَتَّش الأَمْرَ بإِيمائها. أما رَضَّ رأسه، فلم يكن إلا بعد ما أعترف به هو. ثُم العِبرة بالإِيماء، حيث كان ليس إلا ديانةً، أما في القضاءِ فلا اعتبارَ له. 6 - باب لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ 2747 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ وَرْقَاءَ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ الْمَالُ لِلْوَلَدِ، وَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، فَنَسَخَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ، فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وَجَعَلَ لِلأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ، وَجَعَلَ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنَ وَالرُّبْعَ، وَلِلزَّوْجِ الشَّطْرَ وَالرُّبُعَ. طرفاه 4578، 6739 - تحفة 5901 - 5/ 4 وهذا الحديثُ ضعيفٌ باتفاق، مع ثبوت حُكْمه بالإِجماع، ولذا أخرجه المصنِّف في

7 - باب الصدقة عند الموت

ترجمته، وإلا فإِنْه لا يأتي بالأحاديث الضَّعاف مِثْله، ثم لم يعبِّر عنه بالحديث، على ما عرفت من دَأبه، فيما مرّ، وبَحَث فيه ابنُ القَطَّان أن الحديثَ الضعيف إذا انعقد عليه الإِجماع هل ينقلب صحيحًا أَم لا؟ والمشهور الآن عند المحدِّثين أنه يبقى على حاله، والعُمْدة عنده في هذا الباب هو حال الإِسناد فقط، فلا يَحْكُمون بالصِّحة على حديثٍ راوٍ ضعيفٌ، وذهب بعضُهم إلى أن الحديثَ إذا تأيَّد بالعملِ ارتقى من حال الضَّعْف إلى مرتبة القبول. قلت (¬1): وهو الأَوْجَهُ عندي، وإن كَبُر على المشغوفِين بالإِسناد. فإِني قد بلوت حالَهم في تَجَازُفِهم، وتسامحهم، وتماكُسِهم بهذا الباب أيضًا. واعتبارُ الواقع عندي أولى مِن المَشْي على القواعد. وإنَّما القواعدُ للفَصْل فيما لم يَنْكشِف أمرُه من الخارج على وَجْهِه، فاتِّباع الواقِع أَوْلى، والتمسُّك به أَحْرَى. 7 - باب الصَّدَقَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ 2748 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَىُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ «أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ حَرِيصٌ. تَأْمُلُ الْغِنَى، وَتَخْشَى الْفَقْرَ، وَلاَ تُمْهِلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ لِفُلاَنٍ كَذَا وَلِفُلاَنٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلاَنٍ». طرفه 1419 - تحفة 14900 2748 - قوله: (قُلت: لفُلانٍ كذا، ولفُلان كذا، وقد كانَ لِفُلان) يعني أنك تُوصِي المال لواحدٍ، والشَّرْع يعطِيه لآخر، أو معناه أنه صار لفُلانٍ قبل إيصائك له. وهذا الاختلافُ يُبني على أن النَّكِره إذا أُعِيدت نكرةً، فهل تكونُ غيَر الأُلى أَم عَيْنَها؟. 8 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (¬2): {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] وَيُذْكَرُ أَنَّ شُرَيْحًا وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَطَاوُسًا وَعَطَاءً وَابْنَ أُذَيْنَةَ أَجَازُوا إِقْرَارَ ¬

_ (¬1) قلت: ولا تكن كما قيل: حَفِظت شيئًا، وغابت عنك أشياء. فإِنَّ الشيخَ قَرَّر مرادَه من تلك الكلمات فيما مرَّ. فلا يريدُ هَدْرَ باب الإِسناد. كيف! ولولاه لقال من شاء ما شاء، ولكنَّه يُريد أن الحديثَ إذا صحَّ من القرائن، وظهر به العمل، فَتَرْكُه وقَطعُ النَّظر عنه بمجرد راوٍ ضعيف ليس بسديد. كيف! وتَسَلسُل العمل به أَقْوى شاهدٍ على ثبوته عندهم، وقد قرَّرناه، وحققناه وشيدناه في مواضع، فلا نطيلُ الكلام بِذِكره، وإنَّما أردنا التنبيه فقط. (¬2) قال الحافظ العَيْني: وكأنَّ غَرَض البخاري بهذه الترجمةِ الاحتجاجُ على جوازِ إقرار المريض بالدِّين مطلقًا. سواء كان المقرُّ له وارِثًا، أو أجنبيًا. وقال بعضُهم: وَجْهُ الدّلالة أنه سبحانه وتعالى سَوَّى بين الوصيةِ والدَّين في تقديمهما على الميراث، ولم يفصل، فخرجت الوصيةُ للوارِث بالدليل، وبقي الإِقرارُ بالدِّين على حاله. اهـ. ثم تعقب عليه العَيْني.

الْمَرِيضِ بِدَيْنٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ أَحَقُّ مَا تَصَدَّقَ بِهِ الرَّجُلُ آخِرَ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا وَأَوَّلَ يَوْمٍ مِنَ الآخِرَةِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ وَالْحَكَمُ إِذَا أَبْرَأَ الْوَارِثَ مِنَ الدَّيْنِ بَرِئَ. وَأَوْصَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنْ لاَ تُكْشَفَ امْرَأَتُهُ الْفَزَارِيَّةُ عَمَّا أُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابُهَا. وَقَالَ الْحَسَنُ إِذَا قَالَ لِمَمْلُوكِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ كُنْتُ أَعْتَقْتُكَ. جَازَ. وَقَالَ الشَّعْبِىُّ إِذَا قَالَتِ الْمَرْأَةُ عِنْدَ مَوْتِهَا إِنَّ زَوْجِى قَضَانِى وَقَبَضْتُ مِنْهُ. جَازَ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لاَ يَجُوزُ إِقْرَارُهُ لِسُوءِ الظَّنِّ بِهِ لِلْوَرَثَةِ، ثُمَّ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ يَجُوزُ إِقْرَارُهُ بِالْوَدِيعَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ». وَلاَ يَحِلُّ مَالُ الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «آيَةُ الْمُنَافِقِ إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ». وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58]. فَلَمْ يَخُصَّ وَارِثًا وَلاَ غَيْرَهُ. فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 2749 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِى عَامِرٍ أَبُو سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ، إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ». أطرافه 33، 2682، 6095 - تحفة 14341 - 6/ 4 فالدَّيْن يقدَّمُ في الأَداء، وإنْ تأخَّر ذِكْرًا. قوله: (ويُذْكَرُ أن شُرَيحًا ... ) أجازوا إقرار المريض بدَيْن، وإقراره إنَّما يُعتبر عندنا إذا كان سَبَبُهُ معروفًا، وإلا لا. وراجع مسائله في «الهداية». قوله: وقال الحسنُ: أَحَقُّ ما يقصد به الرجل آخر يوم من الدنيا، وأول يوم من الآخرة) يعني إذا لم يُعتبر إقراره، وقد بلغت الروحُ فمتى يُعتبر به. قوله: (وقال إبراهيم والحَكَمُ: إذا أَبْرأَ الوَارِثَ من الدَّيْنِ بَرِيءَ) وفيه تصيلٌ في فِقْهنا. وعلم أن أصحابنا اختلفوا في الإِقرار أنه إِخْبَار، إو إنشاء؟ وثمرةُ الخِلاف تظهَرُ فيما (إِذا) عَلِم المُقَرُّ له، أَنَّ المِقرَّ لم يُقِرُّ له بشيءِ في الخارج، فإِنَّ كان إِخْبارًا لا يحِلُ له أَخْذُ المال المُقَرِّ به ديانةً وإنْ حَك2 القاضي، وإنْ كان إنشاءً جاز له أَخْذُه. وقال في «الدر المختار»: إنه إنشاءٌ مِن وَجْه، وإخبارٌ من وَجْه. وهذا التقسيمُ اعتبره الفقهاءُ ولا يعرِفه النُّحاةُ، إلا أَنَّ عبد القاهر، والزُّمخّشَرِي اختلفا في أن المتكلم إذا تكلم بالحمد لله، وأراد به إنشاء الحمد، فهل يخرج هذا الكلام من نوعه أم لا؟.

فائدة

قوله: (أَنْ لا تُكْشَفَ)، أي لا تفتش. قوله: (كُنت أَعْتَقْقُك) .. الخ فهذا إِخْبار، ويصدق به. وقوله: (قال بعضُ الناس: لا يجوزُ إقْرَارُهُ لسوءِ الظَّن به) ... الخ. فنقل أولا القطعيات التي تدلُّ على عبرة إقرار المريض، ثُم توجَّه إلى الإِيراد على الحنفية، فقال: إنَّ بَعْضَ الناس يُسيءُ الظنَّ برجل على شرف الرحيل، ولا يظن بأَحدٍ أنه يكذِب في مِثْل هذا الموطن. قوله: (ثم استحسن، فقال: يجوزُ إقرارُه بالودِيعة) ... الخ. يعني نفي أولا إقراره، ثُم جعل يَسْتثني منه، لما لاح له دلائلُ خاصَّةٌ، وموانع جزئية. وحاصلُ إيرادَه أمران: الأوَّل أن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم نهى عن سوءِ الظنِّ، ولم يعمل به أبو حنيفة، فلم يَنْفُذ إقراره لسوءِ الظنِّ به؛ والثاني أَنَّ الله تعالى أمر أن تُؤدَّى الأماناتُ إلى أهلها، فوجب أن تردّ أمانةُ المقرِّ له إليه. ولو لم تعتبر إقرارَه، يلزم مَنْعُ الأمانة عن صاحبها، وركوبُ حقوقِ المسلمين على رقبته من أجل إقراره، ومِنْعاها عنهم، ولا يحِلّ له ذلك. قلنا: إنَّك قد عَلِمت أن الإِقَرار إذا كان سبَبُه معلومًا، فهو مُعتَبرٌ عندنات أيضًا، ولا مناقضةَ (¬1) بعبرةِ الوَدِيعة وغيرِها، فإِنَّ الويعةَ ليست من الإِقرار في شيء. فإِنها ليست تمليكًا جديدًا. بَقيت المضارَبةُ، فليست من الإِقرار المعروف. أما الجوابُ عن الأَمْر الأَوَّل. فنقول: إنَّ الحديثَ مَحَلُّه فيما إذا كانَ إساءةُ الظنِّ بلا وَجْه، أما إذا كان مَوْضِعَ رَيْبٍ وريبةٍ، ففيه قوله: «اتفقوا مواضِعَ التُّهَم». وأما الجوابِ عن الأَمْر الثاني فنقول: إنَّا نلاحِظُ حقَّ الوَرَثة أيضًا؛ فأنتم نظرتُم إلى حَقِّ المُقرِّ له، ونحنُ نَظَرْنا إلى حقِّ الوَرَثة، فلزم عليكم تَرْكُ النَّظَرِ حقَّ الوَرَثة كما ألزمتُم علينا تَرْكَ النَّطَر إلى حقِّ المُقرِّ له؛ وأما الجوابُ عن الآيةِ فبأنَّها خارجةُ عن مَوْرِد النِّزاع، لأنه لا كلامَ في ردِّ الأمانات، وإنم الكلام في إقرارِه. ولنا أن نقولَ أيضًا: إن حقَّ الورَثةِ لِما تعلَّق أن الإِمامَ الهُمام نَظَر إلى أَنَّ الأماناتِ والودائعَ إخبارٌ بأَمْرٍ ماضٍ، فإِذا أَخْبر به سلمنا قوله، ولم نكذبه، بخلافِ الإِقرار، فإِنَّه إنشاءٌ من وَجْه، فَوَسِع لنا أن لا تُنْفِذه بظهورِ حقِّ الوَرَثة؛ فنظرنا إلى أَنَّ حفاظةَ حقِّ الورثة أَقْدَمُ من حفاظةِ حقِّ الغير، ونظر المصنِّف بالعكس. فائدة واعلم أنَّ المشهورَ في تعريف الاستحسان أنه قِياسُ خفيُّ، وحقَّقَ الشيخُ ابنُ الهُمام أنه ما خالِف القِياسَ الجليِّ، سواء كان قياسًا خفيًا، أو نَصًّا، أو غير ذلك؛ ولا ينبغي القَصْر على القِياس الخفي، فإِنَّ الاستحسان قد يكون بالنصِّ أيضًا. ¬

_ (¬1) قال العَيْني: والفرق بين الإِقرار بالدَّين، وبين الإِقرارِ بالوديعة، والبِضَاعة، والمضارَبة ظاهِر، لأنَّ مَبْنَى الإِقرار بالدَّين على اللزوم. ومَبْنَى الإِقرار بهذه الأشياءِ المذكورةِ على الأمانةِ؛ وبين اللزومِ والأمانة فَرْقٌ عظيم، اهـ.

فائدة أخرى

فائدة أخرى واعلم أن المُجتَهِدين لم يكونوا برآءَ من الغَلَظ، فاحتوى عِلْمُهِم على الصوابِ والخطأ من الأَصْل؛ نعم كانت علومُ الأنبياء عليهم السلام صِدْقًا مَحْضًا، لا تشوبُها رائحةٌ من الكِذب، لكنَّ الرِّزِيَّة، حيثُ لم تِنْقل إلينا على طرفتها، واختَلَط فيها الرواةُ، كما قيل. *هم نقلوا عني الذي لم أفه به ... وما آفةُ الأَخْبارِ إلَّا رُوَاتُها ولكنَّ اللهَ تعالى خَلَق أقوامًا بيَّنُوا أغلاطَهم، ونبهوا على أوهامهم. فيمزوا المخيض عن الرغوة، فجزاهم الله تعالى خيرًا، ولولاهم لبقينا في ظُلْمةٍ وحَيْرَة. 9 - باب تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] وَيُذْكَرُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ. وَقَوْلِهِ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58]. فَأَدَاءُ الأَمَانَةِ أَحَقُّ مِنْ تَطَوُّعِ الْوَصِيَّةِ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ صَدَقَةَ إِلاَّ عَنْ ظَهْرِ غِنًى». وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لاَ يُوصِي الْعَبْدُ إِلاَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «الْعَبْدُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ». 2750 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْطَانِى، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى ثُمَّ قَالَ لِى «يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِى يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى». قَالَ حَكِيمٌ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا. فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ الْعَطَاءَ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَهُ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، إِنِّى أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِى قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ هَذَا الْفَىْءِ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ. فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى تُوُفِّىَ رَحِمَهُ اللَّهُ. أطرافه 1472، 3143، 6441 - تحفة 3426، 3431 2751 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّخْتِيَانِىُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِى أَهْلِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِى بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ

10 - باب إذا وقف أو أوصى لأقاربه، ومن الأقارب

فِى مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ «وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِى مَالِ أَبِيهِ». أطرافه 893، 2409، 2554، 2558، 5188، 5200، 7138 - تحفة 6989 وهي المسألةُ عندنا. 2750 - قوله: (بِسَخَاوَةِ نَفْس) وقد مرَّ أن السَّخَاوة كما تكونُ في الإِعطاء، كذلك تكون في الأَخْذ أيضًا. 10 - باب إِذَا وَقَفَ أَوْ أَوْصَى لأَقَارِبِهِ، وَمَنِ الأَقَارِبُ وَقَالَ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِي طَلْحَةَ «اجْعَلْهَا لِفُقَرَاءِ أَقَارِبِكَ». فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. تحفة 479 أ وَقَالَ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ مِثْلَ حَدِيثِ ثَابِتٍ قَالَ «اجْعَلْهَا لِفُقَرَاءِ قَرَابَتِكَ». قَالَ أَنَسٌ فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَأُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ، وَكَانَا أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنِّى، وَكَانَ قَرَابَةُ حَسَّانَ وَأُبَىٍّ مِنْ أَبِى طَلْحَةَ وَاسْمُهُ زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِىِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ فَيَجْتَمِعَانِ إِلَى حَرَامٍ، وَهْوَ الأَبُ الثَّالِثُ، وَحَرَامُ بْنُ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِىِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَهْوَ يُجَامِعُ حَسَّانُ أَبَا طَلْحَةَ وَأُبَىٌّ إِلَى سِتَّةِ آبَاءٍ إِلَى عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، وَهْوَ أُبَىُّ بْنُ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَعَمْرُو بْنُ مَالِكٍ يَجْمَعُ حَسَّانَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيًّا. وَقَالَ بَعْضُهْمْ إِذَا أَوْصَى لِقَرَابَتِهِ فَهْوَ إِلَى آبَائِهِ فِى الإِسْلاَمِ. تحفة 510 - 7/ 4 2752 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى طَلْحَةَ «أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِى الأَقْرَبِينَ». قَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِى أَقَارِبِهِ وَبَنِى عَمِّهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا نَزَلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} [الشعراء: 214] جَعَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُنَادِي «يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِى عَدِىٍّ». لِبُطُونِ قُرَيْشٍ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)}، قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ». أطرافه 1461، 2318، 2758، 2769، 4554، 4555، 5611 - تحفة 204، 15512 ب شَرَع المصنِّف في مسائل بالوَقْف، ووافقِ في أكثرِ مسائله صاحِبي أبي حنيفة، وذلك لأنَّه جَعَل الاساسَ «كتاب» محمد بن عبد اللهِ الأَنْصاري الذي صَنَّفه في مسائل الوَقْف، والأَنْصاري هذا من أرشدِ تلامِذةِ زُفَر، لازمه إلى أَنْ تُوفيّ، وإنما يُقال له: الأنصاري لكونِه في السِّبْط السادس من أَنس بن مالك.

11 - باب هل يدخل النساء والولد فى الأقارب

قوله: (أَوْصَى لأَقارِبه) أي أوصى بهذا اللفظ. ثُم جرى النزاع في تعيين ما صَدُقِ الأقارب مَنْ هم؟ قلت: وهذا مما لا يمكن تَعْيينه، لأنه مُخْتَلِفٌ باختلاف العَصْر، وكان العُرْف في عَصْر أبي حنيفة بإِطلاقه على كلِّ ذي رَحِم مَحْر2. وراجِع «الهامش»، فإِنَّه أَنْفعُ جِدًا. قوله: (وقال أَنْصاريُّ) .. الخ والأنصاريُّ هذا هو محمدُ بن عبد الله الأنصاري. وكان يقولُ بجواز وَقْف الروبية أيضًا، بأن يُحْبَس أَصْلها، وتُنْفَق بِمَنْفَعَتِها، فَوَقْفُ النَّقْد صحِيحٌ عنده، وكان عليه العملُ في القسطنطينية. هكذا في «العَالْمِكِيرية» عن الأنصاريِّ، ولم يُدْرِكه بَعْضُهم مَن هو، قلت: هو هذا ثُمَّ إنَّ المصنِّف ذَكر بَعْضه نسب حسان، وأبي طلحة لتظهِرَ قرابتُهما. قوله: (وهُو الأَبُ الثَّالِثُ) أي حَرَام بن عَمْرو. قوله: (وحَرَام بن عَمْرو. إلى قوله: النَّجَّار) هذه العبارةُ زائدةٌ في بعض النُّسَخ ولا طائل تحتها، كما في الهامش. قوله: وقال بَعْضُهم) ... الخ، وهو أبو يوسف، والظاهر أَنَّه وَافَقَه. فليس المرادُ من «بعض الناس» أبا حنيفةَ دائمًا، ولا أنه للردِّ دائمًا، كما عَلِمته مِن قبل. 11 - باب هَلْ يَدْخُلُ النِّسَاءُ وَالْوَلَدُ فِى الأَقَارِبِ 2753 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} [الشعراء: 214] قَالَ «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لاَ أُغْنِى عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِى عَبْدِ مَنَافٍ لاَ أُغْنِى عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لاَ أُغْنِى عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لاَ أُغْنِى عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِى مَا شِئْتِ مِنْ مَالِى لاَ أُغْنِى عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا». تَابَعَهُ أَصْبَغُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. طرفاه 3527، 4771 - تحفة 13156، 15164، 13348، 15328 - 8/ 4 12 - باب هَلْ يَنْتَفِعُ الْوَاقِفُ بِوَقْفِهِ وَقَدِ اشْتَرَطَ عُمَرُ - رضى الله عنه - لاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ. وَقَدْ يَلِى الْوَاقِفُ وَغَيْرُهُ. وَكَذَلِكَ مَنْ جَعَلَ بَدَنَةً أَوْ شَيْئًا لِلَّهِ، فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا كَمَا يَنْتَفِعُ غَيْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ. 2754 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ لَهُ «ارْكَبْهَا». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ فِى الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ «ارْكَبْهَا، وَيْلَكَ، أَوْ وَيْحَكَ». طرفاه 1690، 6159 - تحفة 1437

13 - باب إذا وقف شيئا فلم يدفعه إلى غيره فهو جائز

2755 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ «ارْكَبْهَا». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ «ارْكَبْهَا، وَيْلَكَ». فِى الثَّانِيَةِ أَوْ فِى الثَّالِثَةِ. أطرافه 1689، 1706، 6160 - تحفة 13801 ويجوزُ الانتفاعُ به عندنا أيضًا. وأخرج المصنِّفُ تحت حديثَ رُكوب الهَدْي، ومعلومٌ أن الهدى غير الوقف، ولكنَّ المصنِّف لا يُبالي بهذه الفروقِ، ويستشهِدُ من أحدِ البابين على الآخر. 13 - باب إِذَا وَقَفَ شَيْئًا فَلَمْ يَدْفَعْهُ إِلَى غَيْرِهِ فَهُوَ جَائِزٌ لأَنَّ عُمَرَ - رضى الله عنه - أَوْقَفَ وَقَالَ لاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ، وَلَمْ يَخُصَّ إِنْ وَلِيَهُ عُمَرُ أَوْ غَيْرُهُ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى طَلْحَةَ «أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِى الأَقْرَبِينَ». فَقَالَ أَفْعَلُ. فَقَسَمَهَا فِى أَقَارِبِهِ وَبَنِى عَمِّهِ. ومحطُّه أنَّ الوَقْف هل يَتِم بدون تسلِيمِه إلى مُتَوَلِّي أم لا؟ ففيه خلاف بين أبي يوسِف، ومحمد: فقال أبو يُوسف: إن يَتِم وإن لم يُسلِّمه إلى متوليِّ، لأنه كالإِعتاق عنده، بجامع أَنَّ المِلْك فيهما يزول لا إلى مالك. وقال محمد: لا يَتِم بدونه، لأنه تَصَدُّقٌ، فلا بد مِن القبض. وتفصيله أَنَّ أَصْل الخلافِ في معنى الوَقْف، ففهِم أبو يوسف. أنه اسمٌ لِرَفْع علائق المالكية، ونظيرُه موجودٌ في الشَّرْع، وهو الإِعتاق، وذِهَب محمدٌ إلى أَنَّ رَفْع المِلْك لا إلى مالك مما لا نظيلرَ له في الشَّرْع، نعم فيه تحويلُ شيء مِنْ مِلك إلى مِلْك، كالصدقة، والهبة، فيكون أقرب إليه، فجعله في حُكْم التصدُّق، واختلف في الفَتْوى، وكذا في تصحِيحه، واخترنا مذهبَ أبي يوسفِ، واختبار المصنف أيضًا مذهب أبي يوسف. وإنَّما لم يُعَرِّج ههنا إلى مسائل الشافعي، لما عَلِمت أَنَّه أَخذ مسائلَ هذا البابِ من كتاب الأنصاريِّ، أما مسائلُ أبي حنيفةَ، فَقلَّت في هذا الباب، لكون حقيقةِ الوَقْف يسيرةَ عنده، على ما علمته. ويُستفاد من عبارةِ المصنِّف الآتية أنَّه تَوَجَّه فيه إلى مسألةٍ أَخْرى، وهي أنه هل يتولى الوَقْفَ بنفسِه، أَم يُولِّي عليه غيَره؟ والله تعالى أعلم. 14 - باب إِذَا قَالَ: دَارِي صَدَقَةٌ لِلَّهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ غَيْرِهِمْ، فَهُوَ جَائِزٌ وَيَضَعُهَا فِى الأَقْرَبِينَ أَوْ حَيْثُ أَرَادَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى طَلْحَةَ حِينَ قَالَ أَحَبُّ أَمْوَالِى إِلَىَّ بَيْرَحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، فَأَجَازَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَلِكَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ يَجُوزُ حَتَّى يُبَيِّنَ لِمَنْ وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. يعني أنه لا يُشترط لتماميةِ الوَقْف بيانُ المصارِف. وهو مذهب أبي يوسف، واختاره المصنِّف أيضًا خلافًا لمحمد. قوله: (قال بَعْضُهم) ... الخ، أرادَ به مُحَمَّدًا.

15 - باب إذا قال: أرضي أو بستاني صدقة عن أمي فهو جائز، وإن لم يبين لمن ذلك

15 - باب إِذَا قَالَ: أَرْضِي أَوْ بُسْتَانِي صَدَقَةٌ عَنْ أُمِّي فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لِمَنْ ذَلِكَ 2756 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ بْنُ سلام أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يَعْلَى أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ يَقُولُ أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ - رضى الله عنه - تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهْوَ غَائِبٌ عَنْهَا، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّى تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شَىْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا قَالَ «نَعَمْ». قَالَ فَإِنِّى أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِى الْمِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا. طرفاه 2762، 2770 - تحفة 6279 - 9/ 4 16 - باب إِذَا تَصَدَّقَ، أَوْ أَوْقَفَ بَعْضَ مَالِهِ، أَوْ بَعْضَ رَقِيقِهِ، أَوْ دَوَابِّهِ، فَهُوَ جَائِزٌ 2757 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه. قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِى صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ «أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قُلْتُ فَإِنِّى أُمْسِكُ سَهْمِى الَّذِى بِخَيْبَرَ. أطرافه 2947، 2948، 2949، 2950، 3088، 3556، 3889، 3951، 4418، 4673، 4676، 4677، 4678، 6255، 6690، 7225 - تحفة 11131 عَطْفُ على وَقْف المُشاع، وقد وسع. قيل: ذلك في هِبةِ المشاع أيضًا. والمسألةُ فيه عندنا أَنَّ الواقف إنْ كان حَيًّا يُستفسر عنه. أما قوله: «إنَّ مِن توبتي أن أنخلِعَ من مالي صدقةً إلى اللهِ ورسولِه»، فإنَّما يَصْلُح حُجَّةً للمصنِّف، لو كان قاله على طريقِ الوَقف، وإن كان على طريقِ الاستشارةِ، فلا حُجَّةَ له فيه. 17 - باب مَنْ تَصَدَّقَ إِلَى وَكِيلِهِ، ثُمَّ رَدَّ الْوَكِيلُ إِلَيْهِ 2758 - وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ، لاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِى كِتَابِهِ (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِى إِلَىَّ بِيرُحَاءَ - قَالَ وَكَانَتْ حَدِيقَةً كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُهَا وَيَسْتَظِلُّ بِهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا - فَهِىَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْجُو بِرَّهُ وَذُخْرَهُ، فَضَعْهَا أَىْ رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَخْ يَا أَبَا طَلْحَةَ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، قَبِلْنَاهُ مِنْكَ وَرَدَدْنَاهُ عَلَيْكَ، فَاجْعَلْهُ فِى الأَقْرَبِينَ». فَتَصَدَّقَ بِهِ أَبُو طَلْحَةَ

18 - باب قول الله عز وجل: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه} [النساء: 8]

عَلَى ذَوِى رَحِمِهِ، قَالَ وَكَانَ مِنْهُمْ أُبَىٌّ وَحَسَّانُ، قَالَ وَبَاعَ حَسَّانُ حِصَّتَهُ مِنْهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ، فَقِيلَ لَهُ تَبِيعُ صَدَقَةَ أَبِى طَلْحَةَ فَقَالَ أَلاَ أَبِيعُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ بِصَاعٍ مِنْ دَرَاهِمَ قَالَ وَكَانَتْ تِلْكَ الْحَدِيقَةُ فِى مَوْضِعِ قَصْرِ بَنِى حُدَيْلَةَ الَّذِى بَنَاهُ مُعَاوِيَةُ. أطرافه 1461، 2318، 2752، 2769، 4554، 4555، 5611 - تحفة 181 - 10/ 4 2758 - قوله: (قد قِبَلْناه مِنِك، وَرَدَدْناه عليك، فاجْعَلْه في أَقْربين) وفيه الترجمةُ. قوله: (وباع حَسَّانُ حِصَّتَه) أي بَعْدَهِ بِزَمن. 18 - باب قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} [النساء: 8] 2759 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ إِنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نُسِخَتْ، وَلاَ وَاللَّهِ مَا نُسِخَتْ، وَلَكِنَّهَا مِمَّا تَهَاوَنَ النَّاسُ، هُمَا وَالِيَانِ وَالٍ يَرِثُ، وَذَاكَ الَّذِى يَرْزُقُ، وَوَالٍ لاَ يَرِثُ، فَذَاكَ الَّذِى يَقُولُ بِالْمَعْرُوفِ، يَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ أُعْطِيَكَ. طرفه 4576 - تحفة 5462 والحُكْم فيه استحبابيُّ. 19 - باب مَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ يُتَوَفَّى فَجْأَةً أَنْ يَتَصَدَّقُوا عَنْهُ وَقَضَاءِ النُّذُورِ عَنِ الْمَيِّتِ 2760 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ أُمِّى افْتُلِتَتْ نَفْسَهَا، وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا قَالَ «نَعَمْ، تَصَدَّقْ عَنْهَا». طرفه 1388 - تحفة 17161 2761 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ - رضى الله عنه - اسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّ أُمِّى مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ. فَقَالَ «اقْضِهِ عَنْهَا». طرفاه 6698، 6959 - تحفة 5835 يعني أنَّ أداءَ الدُّيونِ والتصدُّقِ وغيرِها، كلّها مُعْتبرٌ عنِ الميتِ. 20 - باب الإِشْهَادِ فِي الْوَقْفِ وَالصَّدَقَةِ 2762 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى يَعْلَى أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ - رضى الله عنهم - أَخَا بَنِى سَاعِدَةَ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهْوَ غَائِبٌ، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا

21 - باب قول الله تعالى: {وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا (2) وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء} [النساء: 2 - 3]

رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّى تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، فَهَلْ يَنْفَعُهَا شَىْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا قَالَ «نَعَمْ». قَالَ فَإِنِّى أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِى الْمِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا. طرفاه 2756، 2770 - تحفة 6279 لا ريبَ في كونه مفيدًا، وإن صحَّ بدونه أيضًا. أما النكاح، فإِنَّ الإِشهادَ يُشْترطُ لانعقادِه أيضًا، يخلاف سائرِ العُقود. 21 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2) وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 2 - 3] 2763 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ كَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] قَالَتْ هِىَ الْيَتِيمَةُ فِى حَجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ فِى جَمَالِهَا وَمَالِهَا، وَيُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّةِ نِسَائِهَا، فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ، إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِى إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ. قَالَتْ عَائِشَةُ ثُمَّ اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} [النساء: 127] قَالَتْ فَبَيَّنَ اللَّهُ فِى هَذِهِ أَنَّ الْيَتِيمَةَ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ وَمَالٍ رَغِبُوا فِى نِكَاحِهَا، وَلَمْ يُلْحِقُوهَا بِسُنَّتِهَا بِإِكْمَالِ الصَّدَاقِ، فَإِذَا كَانَتْ مَرْغُوبَةً عَنْهَا فِى قِلَّةِ الْمَالِ وَالْجَمَالِ تَرَكُوهَا وَالْتَمَسُوا غَيْرَهَا مِنَ النِّسَاءِ، قَالَ فَكَمَا يَتْرُكُونَهَا حِينَ يَرْغَبُونَ عَنْهَا فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهَا إِذَا رَغِبُوا فِيهَا إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهَا الأَوْفَى مِنَ الصَّدَاقِ وَيُعْطُوهَا حَقَّهَا. أطرافه 2494، 4573، 4574، 4600، 5064، 5092، 5098، 5128، 5131، 5140، 6965 - تحفة 16474 - 11/ 4 واعلم أَنهم اختلفوا في التَّبدّل، والتَّبديل، والإِبدال، والاستبدال، ما يكونُ فيه المتروكُ، وما يكونُ المأخوذ؟ والمتروكُ (¬1) في قوله تعالى: {وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} [النساء: 2] الخَبِيثُ، والمأخوذُ الطيِّب. وراجع الفَرْق فيه في «شَرْح الإِحياء» من التنبيه في الظاءَ، والضاد، وهو مهم، لأنه يُحتاج إليه في مواضع من تفسير القرآن. 22 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6) لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ ¬

_ (¬1) والظاهر أنه وَقْع فيه قَلْبٌ مني، ومعناه: لا تجعلوا الزَّيفَ بدلَ الجيد، والمهزولَ بدل السَّمين. كذا في العَيْني.

23 - باب وما للوصى أن يعمل فى مال اليتيم، وما يأكل منه بقدر عمالته

مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7)} [النساء: 6 - 7]. حَسِيبًا: يَعْنِى كَافِيًا. 23 - باب وَمَا لِلْوَصِىِّ أَنْ يَعْمَلَ فِى مَالِ الْيَتِيمِ، وَمَا يَأْكُلُ مِنْهُ بِقَدْرِ عُمَالَتِهِ 2764 - حَدَّثَنَا هَارُونُ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِى هَاشِمٍ حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ عُمَرَ تَصَدَّقَ بِمَالٍ لَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ يُقَالُ لَهُ ثَمْغٌ، وَكَانَ نَخْلاً، فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى اسْتَفَدْتُ مَالاً وَهُوَ عِنْدِى نَفِيسٌ فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ، لاَ يُبَاعُ وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ، وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ». فَتَصَدَّقَ بِهِ عُمَرُ، فَصَدَقَتُهُ ذَلِكَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَفِى الرِّقَابِ وَالْمَسَاكِينِ وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَلِذِى الْقُرْبَى، وَلاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُوكِلَ صَدِيقَهُ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ بِهِ. أطرافه 2313، 2737، 2772، 2773، 2777 - تحفة 10561، 7691 - 12/ 4 2765 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6]. قَالَتْ أُنْزِلَتْ فِى وَالِى الْيَتِيمِ أَنْ يُصِيبَ مِنْ مَالِهِ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا بِقَدْرِ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ. طرفاه 2212، 4575 - تحفة 16814 قوله: (ما للوِصيِّ انْ يعْملَ في مالِ اليَتِيم، وما يَأْكُلُ منه بِقَدْر عُمَالَتِهِ) أي بطريقِ التجارة. وهذا أصلً، لِما كان أبو يوسف يَفْعَلُه في أموال اليتامى، وقد بلغ ثبوتُه من الحديثِ إلى القرآنِ وقد قَرَّرناه سابقًا، فمن اعترض عليه، فمِن سوءِ ديانتِه، وقِلَّة عِلْمه. 2764 - قوله: (تَصَدَّق بأَصْلِهِ لا يُباعُ، ولا يُوهَبُ، ولا يُورَثُ) ... الخ، ولعلَ الراوي قَدَّم فيه وأَخَّر، فورد الحديثُ على الحنفيةِ لدلالتِه على أن الوَقف يَخْرج عن مِلك الواقف. والترتيبُ الصحيحُ ما عند الترمذي، قال: فإِنْ شِئت حَبَسْت أَصْلَها، وتَصَدَّقت بها. فتصدَّق بها عُمُر: أنها لا يُباعُ أَصْلُها، ولا يُوهَب، ولا يُورَثُ .. الخ. وهذا عينُ مذهبِ الحنفية، أي حَبْسُ الأَصْل والتصدُّق بالمَنْفعةِ، فكانت هذه الألفاظُ من كلام عمَر، ونقله الراوي في كلامِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم. 24 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)} [النساء: 10] 2766 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الْمَدَنِىِّ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ قَالَ «الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّى يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاَتِ». طرفاه 5764، 6857 - تحفة 12915 2766 - قوله: (الشِّرْكُ بالله) وهو مِن الكبائرِ.

تعريف الكبيرة

تعريف الكبيرة واعلم (¬1) أنهم اختلفوا في تعديد الكبائر، وتحديدها، والظاهر أن ما جاء الوعيد عليها في القاطع، أو ما ثَبَت بقياسِ المجتهد على القاطع، فكلُّها كبائرُ. فائدة واعلم أنه سبق إلى بَعْض الأوهام أن الفَرْض لا يَثْبُت إلا بالقطعيِّ، وليس بصحيح فإِنَّ الفَرْض كما يَثْبُت بالقطعي، كذلك يَثْبت بالظنِّي، حتى بِالقياس أيضًا؛ فيجوزُ للمجتهد أن يقول: إن هذا الجزءَ مِثْلُ هذا الجزءِ المنصوص عندي، فيكون فرْضًا مِثْلَه، إلا أَنَّ الفَرْق بين الفَرْضَيْن: أَنَّ الفَرْضَ الثابِتَ بالقاطع يكونُ قَطْعيًا، والثابِتَ بالقياس، أو بظنِّي آخر يكون ظنيًا. وذلك لأنَّهم قَسَموا ما ثبت بالكتابِ إلى أقسام، وهو قطعيٌّ قَطْعًا، ثُم قالوا: إنَّ كلَّ ما ثبتِ بالكتاب يثبت بسائر الأدلة أيضًا، فاكتفوا بالإِجمال عن التفصي، فاشتَبه الأَمْرُ على بعضهم، وزعم أَنَّ الفَرْض لا يَثْبُت إلا بالقاطع، حتى أَنَّه عَرَّف الفَرْض بما يكون ثابتًا بالقاطع، مع أنه تعريفٌ للقطعيِّ منه، لا مطلقًا، فإِنَّه قد يكونُ ظنيًا أيضًا، وذا يَثْبُت من الظنيِّ. 25 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 220]. {لَأَعْنَتَكُمْ}: لأَحْرَجَكُمْ وَضَيَّقَ عَلَيْكُمْ. {وَعَنَتِ} [طه: 111] خَضَعَتْ. 2767 - وَقَالَ لَنَا سُلَيْمَانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ مَا رَدَّ ابْنُ عُمَرَ عَلَى أَحَدٍ وَصِيَّتَهُ. وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ أَحَبَّ الأَشْيَاءِ إِلَيْهِ فِى مَالِ الْيَتِيمِ أَنْ يَجْتَمِعَ إِلَيْهِ نُصَحَاؤُهُ وَأَوْلِيَاؤُهُ فَيَنْظُرُوا الَّذِى هُوَ خَيْرٌ لَهُ. وَكَانَ طَاوُسٌ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَىْءٍ مِنْ أَمْرِ الْيَتَامَى قَرَأَ {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220]. وَقَالَ عَطَاءٌ فِى يَتَامَى الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ يُنْفِقُ الْوَلِىُّ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ بِقَدْرِهِ مِنْ حِصَّتِهِ. تحفة 7562 - 13/ 4 2767 - قوله: (وكان ابنُ سِيرين) ... الخ، وفي «الكنز» أنه يجعل الوصيّ الجَدَّ وَوَصِيّه، والقاضي وَوَصِيّه، وقد تكون الأمُ أيضًا وصيًّا، فيجوز فهم التصرُّفُ فَحَسْب. حكاية رُوي أن تلميذًا من تلامذةِ محمدٍ مات، وكان معه في سفر، فباع محمدٌ مالَه، وكَفَّنه فيه. ¬

_ (¬1) وقد تكلّم عليه في "المعتصر" مبسوطًا، ولا يمكنُ تَلخِيصُه في هذه الحاشية المختصرة، فليراجع.

26 - باب استخدام اليتيم في السفر والحضر، إذا كان صلاحا له، ونظر الأم وزوجها لليتيم

فقال له النَّاسُ: كيف فَعَلْت، ولم يأذن لك القاضي؟! فتلا محمدُ بنُ الحسن قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220]. قلت: هذا لم يكن من باب الفقه، بل كان عملا بالدِّيانة، كما قال هؤلاء السَّلَفُ: أن يجتَمِع إليه نُصحاؤه، ثم لينظروا في الذي هو خَيْر. 26 - باب اسْتِخْدَامِ الْيَتِيمِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، إِذَا كَانَ صَلاَحًا لَهُ، وَنَظَرِ الأُمِّ وَزَوْجِهَا لِلْيَتِيمِ 2768 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَأَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِى، فَانْطَلَقَ بِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَنَسًا غُلاَمٌ كَيِّسٌ، فَلْيَخْدُمْكَ. قَالَ فَخَدَمْتُهُ فِى السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، مَا قَالَ لِى لِشَىْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا وَلاَ لِشَىْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا طرفاه 6038، 6911 - تحفة 1000 أما نَظُرُ الأُم فمذكورٌ في الفقه أيضًا. وأما نَظَرُ زوجها سوتيلا باب فلم يذكر فيه، ولكن إذا لم يتهمه أَهُلُ المحلة، ورأواه ناصحًا له، فلا بأس به عند عَدِم التقاضي. ألا ترى أن محمدًا أيضًا رَاعى هذا الباب، مع كونِه باني الفقْه، ومؤسِّسًا له. 27 - باب إِذَا وَقَفَ أَرْضًا وَلَمْ يُبَيِّنِ الْحُدُودَ فَهْوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ 2769 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِىٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالاً مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ مَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرَحَاءَ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ. قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا نَزَلَتْ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِى إِلَىَّ بِيرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ. فَقَالَ «بَخْ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ - أَوْ رَايِحٌ - شَكَّ ابْنُ مَسْلَمَةَ وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّى أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِى الأَقْرَبِينَ». قَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِى أَقَارِبِهِ وَفِى بَنِى عَمِّهِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ «رَايِحٌ». أطرافه 1461، 2318، 2752، 2758، 4554، 4555، 5611 - تحفة 204 2770 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما أَنَّ

28 - باب إذا أوقف جماعة أرضا مشاعا فهو جائز

رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ أُمَّهُ تُوُفِّيَتْ أَيَنْفَعُهَا إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا قَالَ «نَعَمْ». قَالَ فَإِنَّ لِى مِخْرَافًا وَأُشْهِدُكَ أَنِّى قَدْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا. طرفاه 2756، 2762 - تحفة 6164 - 14/ 4 وإنما أَجازه المصنِّف، لأنه نَظَر إلى الواقف أنه وإنْ أَبهم الحُدودَ في الحالة الراهنة لكنه يُبَيِّنُها عن قريبٍ عند إجرائه، فيزول الإِبهام. وأما عند فقهائنا فَتَعْيينُ الحدودِ ضروريٌّ. قلت (¬1): وهذا إذا لم تكن الأَرْضُ معروفةًت، أما إذا كانت معروفةً بحدُودِها وأطرافِها، فلا حاجة إليه. ولما كانت بَيْرَ حَاء مُسمّى مُعَيّنًا في الخارج، لم يَرِد علينا الحديثُ. 28 - باب إِذَا أَوْقَفَ جَمَاعَةٌ أَرْضًا مُشَاعًا فَهْوَ جَائِزٌ 2771 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ «يَا بَنِى النَّجَّارِ ثَامِنُونِى بِحَائِطِكُمْ هَذَا». قَالُوا لاَ وَاللَّهِ لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلاَّ إِلَى اللَّهِ. أطرافه 234، 428، 429، 1868، 2106، 2774، 2779، 3932 - تحفة 1691 واعلم أن وَقْف (¬2) المُشاع لا يجوز عند أبي يوسف، ولا عند محمد؛ غير أَنَّ أبا يوسف تَحَمَّل الشيوع أولا، وأوجب عليه التقسيمَ آخِرًا، وأما محمدٌ فلمَّا كان الوَقْفَ عنده في حُكْم الصدقة، لم يتحملهُ مُطلقًا، بقي الحديث، فالوَقْفُ فيه وإن كان في المُشاع لكنه المسجد. وهذا يَنْفُذ اتفاقًا، ونتقل إلى مِلْك الله تعالى اتفاقًا. 29 - باب الْوَقْفِ كَيْفَ يُكْتَبُ؟ 2772 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَصَابَ عُمَرُ بِخَيْبَرَ أَرْضًا فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَصَبْتُ أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ، فَكَيْفَ تَأْمُرُنِى بِهِ قَالَ «إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا». فَتَصَدَّقَ عُمَرُ أَنَّهُ لاَ يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ، فِى الْفُقَرَاءِ وَالْقُرْبَى وَالرِّقَابِ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ، وَلاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ ¬

_ (¬1) قلت: هكذا فَصَّل فيه الحافظ العَيْني. (¬2) قال العلامة العَيْني في "باب إذا تصدق أو وَقَف بعَضَ ماله" .. الخ؛ أما إذا وَقفَ بَعْضَ ماله فهو وَقْفُ المشاع، فإِنه يجوزُ عند أبي يوسف، والشافعي، ومالك، لأن القبض ليس بِشَرْط عندهم، وعند محمد لا يجوزُ وَقْفُ المُشَاع فيما يَقْبَل القِسْمة، لأن القبض شَرْطٌ عندهم". وأما وَقْفُ بعض رَقِيقِهِ فإِنَّ فيه حُكْمين: أحدهما: أنه مُشاع، والحكم في ما ذكرنا؛ والآخر أنه وَقفُ المنقول، فإِنَّه يجوزُ عند مالك والشافعي، وأحمد. وبه قال محمد بن الحسن، فيما يتعارف وَقْفه للتعليل بها، وقال: وأما مذهب أبي يوسف، ومحمد فإنَّهما يريان وَقْفَ المَنْقُول بطريقِ التَّبَعِية، كآلات الحَرْث، وقال علي مما يتعلق بهذا الباب: قيل: احترز بقوله: جماعة، عما إذا وَقَفَ واحدٌ مشاعًا. فإِنَّ مالِكًا لا يُجيزُه، لئلا يُدْخِلَ الضَّرَرُ على شريكه، ورُدَّ عليه بأَنَّ وَقْفَ المُشاع جائزٌ مُطْلقًا. اهـ.

30 - باب الوقف للغني والفقير والضيف

يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ. أطرافه 2313، 2737، 2764، 2773، 2777 - تحفة 7742 ولما كان الوَقْف معاملةً دائمةً، ناسب لها الكتابة. ثُم اعلم أَني ما رأيتُ وَقْفًا من الأَوقاف إلا وقد تسلَّط علي الناسُ بعد بُرْهة، حتى أوقاف الأنبياء عليهم السلام، لا تجدها اليوم اسمًا، ولا رسمًا. كيف ومكَّة شرَّفها اللهُ تعالى، وُقِفَت نحو عشرة مرات، ثُم الناس تغلبوا عليها، فما بالُ سائرِ الأَوْقاف؟! 30 - باب الْوَقْفِ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَالضَّيْفِ 2773 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ رضى الله عنه وَجَدَ مَالاً بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ، قَالَ «إِنْ شِئْتَ تَصَدَّقْتَ بِهَا». فَتَصَدَّقَ بِهَا فِى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَذِى الْقُرْبَى وَالضَّيْفِ. أطرافه 2313، 2737، 2764، 2772، 2777 - تحفة 7742 يعني أن الوقف ليس صدقةً مْحْضةً، فيجوز أن تُصْرَفَ عَنَّه إلى الأغنياء أيضًا، وفي «الهداية»: إن التصدُّق على الغنيِّ هبةٌ، والهِبَةَ للفقير تَصدُّق. 31 - باب وَقْفِ الأَرْضِ لِلْمَسْجِدِ 2774 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ أَمَرَ بِالْمَسْجِدِ وَقَالَ «يَا بَنِى النَّجَّارِ ثَامِنُونِى بِحَائِطِكُمْ هَذَا». قَالُوا لاَ وَاللَّهِ لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلاَّ إِلَى اللَّهِ. أطرافه 234، 428، 429، 1868، 2106، 2771، 2779، 3932 - تحفة 1691 32 - باب وَقْفِ الدَّوَابِّ وَالْكُرَاعِ وَالْعُرُوضِ وَالصَّامِتِ قَالَ الزُّهْرِىُّ فِيمَنْ جَعَلَ أَلْفَ دِينَارٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، وَدَفَعَهَا إِلَى غُلاَمٍ لَهُ تَاجِرٍ يَتْجُرُ بِهَا، وَجَعَلَ رِبْحَهُ صَدَقَةً لِلْمَسَاكِينِ وَالأَقْرَبِينَ: هَلْ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ رِبْحِ ذَلِكَ الأَلْفِ شَيْئًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَعَلَ رِبْحَهَا صَدَقَةً فِى الْمَسَاكِينِ؟ قَالَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا. 2775 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ عُمَرَ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَعْطَاهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا رَجُلاً، فَأُخْبِرَ عُمَرُ أَنَّهُ قَدْ وَقَفَهَا يَبِيعُهَا، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَبْتَاعَهَا فَقَالَ «لاَ تَبْتَعْهَا، وَلاَ تَرْجِعَنَّ فِى صَدَقَتِكَ». أطرافه 1489، 2971، 3002 - تحفة 8159 - 15/ 4 واعلم أنَّ وَقْفَ المَنْقول لا يَصِحُّ على أصل المذهب، وأجازه محمدٌ فيما تَعَارَفَهُ النَّاسُ، بقي حديثُ تَصَدُّقِ عمرَ بِفرَسه، فهو في التصدُّقِ دون الوَقْف. قوله: (وقال الزُّهْريُّ: فِيمَنْ جَعَلَ أَلْفَ دينارٍ في سبيلِ اللهِ) ... الخ، وهي المسألةُ التي نَقَلْتُها من الأَنْصاري، أمن جواز وَقْف النَّقْد، كما مرَّ، ولمالم يَعْرِفه الناسُ حكموا بكونِه

33 - باب نفقة القيم للوقف

مجهولا. قلت: سبحان الله كيف، وهو تلميذُ زُفَر، وشَيخٌ للبخاري؟!. 33 - باب نَفَقَةِ الْقَيِّمِ لِلْوَقْفِ 2776 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَقْتَسِمْ وَرَثَتِى دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِى وَمَئُونَةِ عَامِلِى فَهْوَ صَدَقَةٌ». طرفاه 3096، 6729 - تحفة 13805 2777 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ عُمَرَ اشْتَرَطَ فِى وَقْفِهِ أَنْ يَأْكُلَ مَنْ وَلِيَهُ وَيُوكِلَ صَدِيقَهُ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ مَالاً. أطرافه 2313، 2737، 2764، 2772، 2773 - تحفة 10561، 7561 2776 - قوله: (ما تَركْتُ بعد نفقِة نسائي، ومَؤنَةِ عاملي، فَهُو صَدَقة)، فَرَّق بينَ النفقةِ، والمؤُنة؛ فاستعمل لَفْ النفقةِ في نسائهِ، والمؤُنة في عامليه، لأن المَؤنة ما يُنْفَق، ويُعْطَى على قدْر العمل، بخلافِ النَّفقة، فإِنَّ لا يُلاحظ فيها ذلك، فهي أوسعُ، والمؤنة أَضيقُ، وترجمتها "لاكت". 34 - باب إِذَا وَقَفَ أَرْضًا أَوْ بِئْرًا وَاشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ مِثْلَ دِلاَءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَوْقَفَ أَنَسٌ دَارًا فَكَانَ إِذَا قَدِمَهَا نَزَلَهَا. وَتَصَدَّقَ الزُّبَيْرُ بِدُورِهِ، وَقَالَ لِلْمَرْدُودَةِ مِنْ بَنَاتِهِ أَنْ تَسْكُنَ غَيْرَ مُضِرَّةٍ وَلاَ مُضَرٍّ بِهَا، فَإِنِ اسْتَغْنَتْ بِزَوْجٍ فَلَيْسَ لَهَا حَقٌّ. وَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ نَصِيبَهُ مِنْ دَارِ عُمَرَ سُكْنَى لِذَوِى الْحَاجَةِ مِنْ آلِ عَبْدِ اللَّهِ. 2778 - وَقَالَ عَبْدَانُ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عُثْمَانَ - رضى الله عنه - حَيْثُ حُوصِرَ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ أَنْشُدُكُمْ وَلاَ أَنْشُدُ إِلاَّ أَصْحَابَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَفَرَ رُومَةَ فَلَهُ الْجَنَّةُ». فَحَفَرْتُهَا، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ قَالَ «مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَلَهُ الْجَنَّةُ». فَجَهَّزْتُهُمْ. قَالَ فَصَدَّقُوهُ بِمَا قَالَ. وَقَالَ عُمَرُ فِى وَقْفِهِ لاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ. وَقَدْ يَلِيهِ الْوَاقِفُ وَغَيْرُهُ فَهْوَ وَاسِعٌ لِكُلٍّ. تحفة 9814 يعني يَصِحُّ أن يَشْترِط الوَاقِفُ، ولم يَذْكُر نَفْسَه في اللفظ، ونوى به، ينبغي أن يكون صحيحًا. وذلك لأنهم اختلفوا في باب الأَيْمان، أنه هل يُعتبرُ التَّخصِيصُ في اللفظ العام؟ فَذَهب الخَصَّافُ إلى أنه يُعْتبر قضاءً وديانةً، فإِنْ قال: والله لا آكل طعامًا، ونوى به طعامًا دون طعام، صُدَّق عنده؛ وقال الآخرون: يُعتبر دِيانةً لا قضاءً؛

35 - باب إذا قال الواقف لا نطلب ثمنه إلا إلى الله، فهو جائز

قلت: فإِذا اعتُبرت النِّيةُ في تخصيص العام، ينبغي أن تُعتبر في باب الوَقْف أيضًا، فلا بُدَّ أن يُسأل عن نِيئه، إلا أنه لا مُنازِع في تخصيص قوله: واللهِ لا آكُل طعامًا، فيعتبر بلا نِزاع ولا دفاع، بخلافه في باب الوقف، فإِنَّه إذا عَمَّ في اللفظ، ثم نوى الخاصَّ زاحمهُ مُستحقّون، ومصارفه في التخصيص، لكونِه خلافًا للمتبادر. 35 - باب إِذَا قَالَ الْوَاقِفُ لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلاَّ إِلَى اللَّهِ، فَهْوَ جَائِزٌ 2779 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا بَنِى النَّجَّارِ ثَامِنُونِى بِحَائِطِكُمْ». قَالُوا لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلاَّ إِلَى اللَّهِ. أطرافه 234، 428، 429، 1868، 2106، 2771، 2774، 3932 تحفة 1691 - 16/ 4 36 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ (106) فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (107) ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (108)} [المائدة: 106 - 108]. الأوليانِ واحِدُهما أَولى ومنه: أَولى به. عُثِرَ: أُضْهِرَ. أَعْثَرْنا: أَظْهِرْنا. واعلم أنَّ أَوَّل مَنْ خدَم القرآنَ، وعلَّق عليه التفاسير هم النُّحاةُ؛ ويقال لهم: أصحابُ المعاني، ومنهم الزَّجاج، وهؤلاء الذين أرادَهم البغويُّ في «معالم التنزيل» من قولِه: قال أصحابُ المعاني. ثم جاء المحدِّثون من بعدهم، وجمعوا الآثار، والأحاديث، ولا يُظَنُّ أنَّ كُلَّ ما يُنقل عن السَّلَف في باب التفسير يكونُ مرفوعًا كيف وقد ثبت عندي كالعِيان أنَّ أكثرَها ظُنونٌ، وآراه، أذواق وجدان، وقد مَهَّدنا مِنْ قَبْل أن التفسيرَ إذا لم يُوجب تغييرًا في العقيدة الإِسلامية، وتبديلا في المسائل المتواترة، فلا بأس به. فالزَّجَّاجُ منهم مرّ على هذه الآياتِ، وعدَّها من أشكلها حُكْمًا وإعرابًا، لأنَّ في ألفاظها نُبُوُّا، وتَعْقيدًا في المعاني، وكذا الزمخشريُّ أيضًا رجلٌ من رجال هذا الفَنَّ. فهمه أيضًا في إزالةِ هذا التعقيد. أما الرَّازي، فإِن كان الناسُ يَزْعُمون أنه يَجُول في «الأطرافِ» لكن له لفتةٌ عندي إلى هذه الإِشكالات أيضًا (¬1)، وَوَجْهُ الصعوبةِ في نَظْم القرآنِ عندي، أنه أَبْدع بين كلامِ المؤرخ. والفَقِيه نوعًا ثالثًا. فإِنَّ المُؤرِّخ يَسْرُد القِصَّة، ولا تكون له بالمسائل الشرعية عناية، والفقيه يرتِبُ المسائلَ، ولا تكون له إلى الوقائع عنايةً، أما ¬

_ (¬1) وقد تكلَّم العيني على تلك الآيات مُفَسِّرًا فراجعه، فإنه مهم.

القرآن. فإِنَّه يسايرُ الواقع شيئًا عند بيانِ الأحكام، فلا يَحْكي القِصَّة مرسلا، ولا يكتفي بِذِكر الأحكام بدون إيماءٍ إلى القِصة، فلما ركَّب نوعًا من النوعين أوْرَثَ ذلك تعقيدًا لا محالة، ولا سيما عند من لم يكن شاهدًا القصة فلا يَحْصُل له من العُنوان الجملي المَشْعرِ بها شيءٌ. والحاصل أنَّهم عَدُّوه مِن أَشْكَل آياتِ القرآن، ولا بأسَ أن نُشيرَ إلى بَعْضِها أيضًا. قوله: ({اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ}) [المائدة: 106] والمرادُ منه الأجانبُ، أو الغيرُ في الدِّين، أي غيرِ المسلم؛ وعلى الثاني فيه إشكالٌ، كما سيأتي. 2780 - وَقَالَ لِى عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى زَائِدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى سَهْمٍ مَعَ تَمِيمٍ الدَّارِىِّ وَعَدِىِّ بْنِ بَدَّاءٍ فَمَاتَ السَّهْمِىُّ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا مُسْلِمٌ، فَلَمَّا قَدِمَا بِتَرِكَتِهِ فَقَدُوا جَامًا مِنْ فِضَّةٍ مُخَوَّصًا مِنْ ذَهَبٍ، فَأَحْلَفَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ وُجِدَ الْجَامُ بِمَكَّةَ فَقَالُوا ابْتَعْنَاهُ مِنْ تَمِيمٍ وَعَدِىٍّ. فَقَامَ رَجُلاَنِ مِنْ أَوْلِيَائِهِ، فَحَلَفَا لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَإِنَّ الْجَامَ لِصَاحِبِهِمْ. قَالَ وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المائدة: 106]. تحفة 5551 2780 - قوله: (وليس بها مُسْلِمٍ)، أشار الراوي إلى كونه غيرَ مُسْلم. قلت: والمقررُ في شَرْعنا أن شهادَة الكافر على المُسْلم لا تُقبل؛ وهذه الشهادةُ كذلك، فيقال بالنَّسْخ، كما قال محمدٌ في كتاب «الآثار»، وهو مُشْكِلٌ عندي. والأَوْجَه أن يقال: إنها مُعتبرة في السَّفر (¬1) لمكانِ الحاجة، ثُم إنْ وقع التنازعُ حتى بلغ الأَمْرُ إلى القاضي، فإِنَّه لا يسمعها، وَيُردُّها، وَيُحكُم حسب القواعد. ولقائلٍ أن يقول: إن المرادَ من قوله: {مِنْ غَيْرِكُمْ} هو الأجانبُ، وحينئذً لا يرِدش شيءٌ، وإنَّما يَرِدُ الاعتراضُ إذا فَسَّرناه بالكافر، وفيه أن الآيةَ وَرَدت في قِصَّة تميم، وكان حينئذً كافرًا؛ اللهم إلا أن يقال: إنه كان مسلمًا، كما في قولٍ غيرِ مشهور، فإِنه ثبت أنه جاء مَكَة مرةً، وأما إذا اخترنا القولَ المشهورَ، فلا سبيل إلى الجواب، إلا ما ذكرناه. ثُم إنَّ روايةَ الترمذي تدلُّ على خيانةِ تميم هذا. والأَوْلى عندي إن يسِقط هذا اللفظ، ويُبَرَّأ ظهرُه مِن تلك الخيانة؛ فإِنَّه أَسْلم آخِرًا، وكان صحابيًا مخلِصًا، وكان في أَوَّلِ أَمْرِه نصرانيًا مِن الشام، وكان سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أن يَكْتُب له مِن الشام كذا وكذا. ولم يكن فَتْحٌ بعد، فكتب له النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فكان تميمٌ يومئذ كافرًا، ثُم لما فتح الشامَ أَعطى له ما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم كَتَبه له؛ وكان ¬

_ (¬1) قال العلامة المارديني في "أصول أبي بكر الرازي": قوله تعالى: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] خاص بالوصيةِ في السَّفَر، وقوله: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] خاصٌ بالرجعة، فكيف يُعترض بأحدهما على الأخرى. اهـ "الجوهر النَّقي"، قلت: وهذا هو المحمل الذي ارتضى به الشيخ.

37 - باب قضاء الوصي ديون الميت بغير محضر من الورثة

هذا الكتابُ في ذُرِّيته. والحاصل أنه رجلٌ فَهْم وَضْل، فينبغي أن لا تُحمل عليه تلك الخيانةُ. قوله: (مُخَوَّصًا مِن ذَهب) "دهارى دار". قوله: (فقام رجلانِ من أوليائِهِ) أي أولياء السَّهْمِيُّ، (فحلفا: لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِن شَهادَتِهِما) فإِنْ قلت: إن هذين كانا مُدَّعىً عليهما، ولا شهادةَ إلا على المُدَّعي، فكيف بشهادتهما؟ وأجاب عنه صاحب «المدارك» بأنهما صارا مُدَّعىً عليهما في ضمن الكلام. وراجع له «الهِداية» لِتعلم أن المُدَّعَى عليه أيضًا قد يَنْقَلِبُ مُدَّعيًا. والأَصْوبُ فيه ما ذكره الشاه عبد القادر، فترجمة باللبيان الحلفي، فانحلُّ الإِشكالُ بلا تَكَلُّف، لأن إطلاقَ الشهادة على مِثْ هذا البيان مما لا يُنْكَرُ عُرْفًا؛ ولا حاجةَ إلى جَعْلِهما مُدَّعىً عليهما، كما فعله صاحِبُ «المدارك». هذا باعتبارِ الأحكام، وأما الكلامُ باعتبار النَّظْم والتعقيد، فطويلٌ لا يَسَعُه الوَقْت، وقد ذكرناه في مذكرتنا، وفي الفقه أَنَّ الشهداءَ لا يجبرونَ على الحِلِفِ، نعم يُعْرَض عليهم، فإِنَّ فعلوا فيها، وإلا فلا جَبْر عليهم، بقي الحَلِفُ بالطَّلاقِ، فلا خلافَ فيه أن لا جَبْرَ عليه. قوله: {فَآخَرَانِ} [المائدة: 107] الخ قيل: المرادُ منه الأجانِبُ، وقيل: الكُفَّار. قوله: (وليس بها مُسْلِمٌ) وأشار بها الرَّاوي إلى كونِهما كافِرَين، لأنه ذَكَر للاستشهاد عُذْرًا، أي لم يكن هناك مُسْلم، فاضطر إلى شهادةِ الكافر. قوله: (أحلف) أي حَلَّف رِفَقاءه. قوله (أولياءه) أي السَّهْمِيُّ. وبالجملة قد دلَّ على قَبولِ شهادة الكافر. وقد مرَّ معنا أنها تُعتبر لِلمُسْلِم لا عليه. وكان تميمٌ الدَّاري لم يكن أَسْلَم بعد، إلا على قولِ غير مشهور، ثبت مجيئه بمكة، ومرَّ الإِمامُ محمد على تلك الرواية في كتاب «الآثار»، وذهب إلى نَسْخها. قلت: وهو مُشْكِل، فيحمل على حال الصفر، ويمكن أن تُعتبر شهادةُ الكافر على المُسْلم، عند فِقْدان مسلم. 37 - باب قَضَاءِ الْوَصِيِّ دُيُونَ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنَ الْوَرَثَةِ 2781 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ أَوِ الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْهُ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ فِرَاسٍ قَالَ قَالَ الشَّعْبِىُّ حَدَّثَنِى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ - رضى الله عنهما - أَنَّ أَبَاهُ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ سِتَّ بَنَاتٍ، وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا، فَلَمَّا حَضَرَ جِدَادُ النَّخْلِ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ وَالِدِى اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا كَثِيرًا، وَإِنِّى أُحِبُّ أَنْ يَرَاكَ الْغُرَمَاءُ قَالَ «اذْهَبْ فَبَيْدِرْ كُلَّ تَمْرٍ عَلَى نَاحِيَتِهِ». فَفَعَلْتُ ثُمَّ دَعَوْتُهُ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ أُغْرُوا بِى تِلْكَ السَّاعَةَ، فَلَمَّا رَأَى مَا يَصْنَعُونَ أَطَافَ حَوْلَ أَعْظَمِهَا بَيْدَرًا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «ادْعُ أَصْحَابَكَ». فَمَا زَالَ يَكِيلُ لَهُمْ حَتَّى أَدَّى اللَّهُ أَمَانَةَ وَالِدِى، وَأَنَا وَاللَّهِ رَاضٍ أَنْ يُؤَدِّىَ اللَّهُ

أَمَانَةَ وَالِدِى وَلاَ أَرْجِعَ إِلَى أَخَوَاتِى بِتَمْرَةٍ، فَسَلِمَ وَاللَّهِ الْبَيَادِرُ كُلُّهَا حَتَّى أَنِّى أَنْظُرُ إِلَى الْبَيْدَرِ الَّذِى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ تَمْرَةً وَاحِدَةً. أطرافه 2127، 2395، 2396، 2405، 2601، 2709، 3580، 4053، 6250 تحفة 2344 - 17/ 3 2781 - قوله: (أُغْرُوا بي) "سسك كىء ميرى آبروز يزى كرنيكى لىء". - قوله: (جابر) وكانَ وَصِيًّا لوالده. واختلف الرواةُ في عدد أخواته، قال بعضُهم: ست؛ وقال الآخَرُ: تِسعٌ؛ وهكذا يكون من الرواة. ***

56 - كتاب الجهاد والسير

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 56 - كِتَابُ الجِهَادِ والسِّيَر 1 - باب فَضْلُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 111 - 112] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْحُدُودُ: الطَّاعَةُ. 2782 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ قَالَ سَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ الْعَيْزَارِ ذَكَرَ عَنْ أَبِى عَمْرٍو الشَّيْبَانِىِّ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ قَالَ «الصَّلاَةُ عَلَى مِيقَاتِهَا». قُلْتُ ثُمَّ أَىٌّ. قَالَ «ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ». قُلْتُ ثُمَّ أَىٌّ قَالَ «الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ». فَسَكَتُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِى. أطرافه 527، 5970، 7534 - تحفة 9232 2783 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا». أطرافه 1349، 1587، 1833، 1834، 2090، 2433، 2825، 3077، 3189، 4313 - تحفة 5748 - 18/ 4 2784 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ، أَفَلاَ نُجَاهِدُ قَالَ «لَكِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ». أطرافه 1520، 1861، 2875، 2876 - تحفة 17871 واعلم أنَّ العِلْم الأشغال عند أبي حنيفة، ومالك؛ وعند أحمد الجهادُ أَفْضَلُها، كذا في «منهاج السنة» لابن تيمية، وفي كتاب السَّفاريني عن أحمدَ روايةٌ نَحْوَ أبي حنيفة، ومالك. وهذا كلُّه إذا لم يكنِ الجهادُ فَرْضَ، لأن الكلام في باب الفضائل دون الفرائض. ثمَّ إنَّ مثل المجاهدِ عندي كالاجِير الخاصِّ، احتبس أوقاتَهُ كُلَّها، فيستحق الأَجْر على شأنِهِ كلِّه، مادام في سبيل الله، وترجمته في الهندية كارى آدمى. ثُم لا يُعلم الجهادُ عَمْلا في

2 - باب أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله فى سبيل الله

زَمن عيسى عليه الصلاة والسلام، وإن كان في الإِنجيل على شَاكلة المسألةِ، وإليها أشار القرآن: {وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} [التوبة: 111]، ولذا يُجاهِدُ النُّزولِ. قوله: (قال ابن عباس: الحُدودُ: الطَّاعةُ). واعلم أنَّ المُرَادَ من الحدودِ عند الفقهاء هو العقوباتُ المعروفة؛ والمرادُ منها ههنا هي التي نهى الشَّرْع عن التجاوز عنها، وهي حدودٌ أقامها الشَّرْع عند تجانس الطرفين، كخِيار الشَّرْط، حَدَّده الشارِعُ بالثلاث من ولايته على خلاف القياس؛ وهي التي أرادها السَّرَخْسِي في عباراته: أنَّ المقادِيرَ والحدودَ مما لا يجري فيها الِقياسُ عند إمامنا، وذلك لأنَّ نَضْبَ المقاديرِ والحدود مما لا دَخْل فيها للعقل، فاستبدَّ به الشَّرْع. أما العقوباتُ وإن كانت هي أيضًا كذلك، إلا أن المرادَ منها في كلام السَّرْخْسِي ما ذكرناه. 2783 - قوله: (لا هِجْرةَ بعد الفَتْح) أي الهجرة المَعْهُودة مِن مكَّة، أما الهجرةُ العامَّة مِن دار الحَرْب إلى دار الإِسلام، فهي باقية. 2785 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو حَصِينٍ أَنَّ ذَكْوَانَ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ دُلَّنِى عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ. قَالَ «لاَ أَجِدُهُ - قَالَ - هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلاَ تَفْتُرَ وَتَصُومَ وَلاَ تُفْطِرَ». قَالَ وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِنَّ فَرَسَ الْمُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ فِى طِوَلِهِ فَيُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٍ. تحفة 12842 2785 - قوله: (دُلَّني على عَمَلٍ يَعْدِلُ الجِهَادَ)، واعلم أنَّ القائمَ والصائمَ أيضًا قد يَعْدِلُ المجاهِدَ، وهذا على الأحوال. قوله: (فَرِسَ المجاهِدِ ليستَنُّ في طِوَلِهِ) دلَّ على كفايةِ النِّيةِ الإِجماليةِ لإِحراز الأَجْر، كما مرَّ. 2 - باب أَفْضَلُ النَّاسِ مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)} [الصف: 10 - 12]. 2786 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِىُّ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَىُّ النَّاسِ أَفْضَلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ». قَالُوا ثُمَّ مَنْ؟

3 - باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء

قَالَ «مُؤْمِنٌ فِى شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَتَّقِى اللَّهَ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ». طرفه 6494 - تحفة 4151 2787 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِى سَبِيلِهِ - كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ، وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِى سَبِيلِهِ بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِمًا مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ». أطرافه 36، 2797، 2972، 3123، 7226، 7227، 7457، 7463 تحفة 13153 - 19/ 4 الشِّعْبُ - بالفتح - القيلةُ، وبالكسر - "كهاتى" مع أَحْرِ أو غنيمة، وقد مرَّ في أوائل الكتاب: أن «أو» تدخل بين الشيئين المتغايَرِين حقيقةً، وإن لم يتحقق بينهما مانِعةُ الجَمْع، فقد يرجع الغازي مع الأَجحر، والغنيمة معًا. وهذا نظيرُ ما قال الميزانيون: إنَّ النِّسب بين المفرداتِ بحسب الحَمْل، وبين القضايا بحسب الماصَدُق، وكقوله: وهي اسمٌ، وفِعْل، وحَرْف - قيل: والمناسب حَرْفُ «أو»؛ قلت: إن كان المقصودُ دَرْجَها في الكلمةِ، فالأَوْلى هو الواو، وإن كان المقصودُ بيانَ التقابل فيما بينهما، فالأَوْلى هو «أو». 3 - باب الدُّعَاءِ بِالْجِهَادِ وَالشَّهَادَةِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَقَالَ عُمَرُ: ارْزُقْنِي شَهَادَةً فِى بَلَدِ رَسُولِكَ. 2788 و 2789 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ، فَتُطْعِمُهُ، وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَطْعَمَتْهُ وَجَعَلَتْ تَفْلِى رَأْسَهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ. قَالَتْ فَقُلْتُ وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَىَّ، غُزَاةً فِى سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ، مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ، أَوْ مِثْلُ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ». شَكَّ إِسْحَاقُ. قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. فَدَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقُلْتُ وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَىَّ، غُزَاةً فِى سَبِيلِ اللَّهِ». كَمَا قَالَ فِى الأَوَّلِ. قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. قَالَ «أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ». فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ فِى زَمَانِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِى سُفْيَانَ، فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ، فَهَلَكَتْ. حديث 2788 أطرافه 2799، 2877، 2894، 6282، 7001 - تحفة 199 حديث 2789 أطرافه 2800، 2878، 2895، 2924، 6283، 7002 - تحفة 18307 2288، 2789 - قوله: (يَدْخُل على أَمِّ حَرَامِ) ... الخ، وكانت له قرابةٌ. قوله: (ثَبَج هذا البحر) "اس درياكى ابرسى". واعلم أن الحديثَ دَلَّ على أن دعاءه صلى الله عليه وسلّم

4 - باب درجات المجاهدين في سبيل الله يقال: هذه سبيلي وهذا سبيلي

كان متناولا للشهادة الأَخْرَويَّة، فإِنَّ أم حرام لم تقتل في سبيل الله، ولكنَّها وَقَصَتها ناقتُها، فماتت؛ ونظيرُه (¬1) قوله تعالى: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ} [مريم: 15] الخ. مع أنه لم يمت، ولكنه قُتِل واستُشهد (¬2). 4 - باب دَرَجَاتِ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُقَالُ: هَذِهِ سَبِيلِي وَهَذَا سَبِيلِي قال أَبو عبد الله: غُزًّا واحدها غاز. هُم دَرَجاتٌ: لهم درجات. 2790 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَصَامَ رَمَضَانَ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ جَاهَدَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ جَلَسَ فِى أَرْضِهِ الَّتِى وُلِدَ فِيهَا». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نُبَشِّرُ النَّاسَ. قَالَ «إِنَّ فِى الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ». قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ «وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ». طرفه 7423 - تحفة 14236 - 20/ 4 2791 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا جَرِيرٌ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِى فَصَعِدَا بِى الشَّجَرَةَ، فَأَدْخَلاَنِى دَارًا هِىَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ، لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا قَالاَ أَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ». أطرافه 845، 1143، 1386، 2085، 3236، 3354، 4674، 6096، 7047 تحفة 4630 والسبيلُ يُذكَّرُ ويُؤنَّثُ. 2790 - قوله: (جَاهد في سبيل الله، أو جَلَس في أَرْضِه التي وُلِد فيها) دلَّ الحديثُ على تَرْك الهجرة في زمن، كما مرَّ في «الزكاة» من قول النبيِّ صلى الله عليه وسلّم اعمل مِن وراءِ البحار» (5، وأشار إليه القرآنُ أيضًا: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [النساء: 92] الخ، فدل على تمَكُّنْ المؤمنِ في ¬

_ (¬1) قلت: ونظيرُه الآخَرُ ما في "المشكاة" عن جابر، قال: "فُقِدَ الجرادُ في سنة من سني عمرَ التي تُوفِّي فيها .. الخ. ففيه إطلاقُ التوَفِّي على الشهادة، وسيجيء الكلام فيه في "المغازي" إن شاء الله تعالى. (¬2) قال العَينيُّ: وفيه أن الموتَ في سبيل الله شهادةٌ، ثم أخرج عن ابن أبي شيبةَ عن عمر بإِسناده، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قُتِل في سبيل الله أو مات، فهو في الجنة"، اهـ. وَيَشْهدُ له قولُه تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا} [الحج: 58] وبقوله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} الآية: [النساء: 100] وراجع الاختلاف فيه في "عُمدة القاري".

دار الحرب، وتَرْك الهجرة عنها. ودلَّ أيضًا على أن الاتكالَ فيه من فضائل الأُمور دون فرائضه، فإِنَّه ذَكَرَ الفرائِضَ في صَدْر الحديث، ثُم الاتكالَ بعدها، وقد مرَّ تقريره. قوله: (مَابَيْنَ الدَّرَجَتَيْن، كما بينَ السَّماءِ والأَرْضِ) وهو كما عند التِّرْمذي عن ابن عباس: مسيرة خمس مئة عام. وقد تهافت فيما بعضُ الرُّواة، فذكرها مسيرةَ ثلاثٍ وسبعينَ عامًا، وسقط منه ذِكْر أربع مئة، مع بعض الكسر قطعًا؛ والصواب أها مسيرةُ أَربع مئة عام، وكذا سقط من رواية الترمذي ذِكْر الماء (¬1)، والكُرسيِّ، والعَرْش، والجنَّة، وليس فيها إلا بيانُ مسافةِ السموات. قوله: (وفَوْقَهُ عَرْشُ الرحمن) وهو سَقفُ الجنَّة، وحينئذٍ لا بأس بكونِ عَرْش الرحمن سَقفًا لجميع درجات الجنة، مع كونِ بَعْضِها أوسط، وبَعْضِها أعلى. واعلم أن ههنا مقامين: الأَوَّل في بيان مسافة درجات الجنة؛ والثاني في بيان حَيِّز الجنةِ. فنقول: إن مسافةَ الجنَّةِ مسيرةُ خمسينَ ألفَ سنةٍ. كما يلوحُ من رواية البخاريّ. فإِنَّ للجنَّةِ مئة درجة، وما بين كلِّ درجةٍ مسيرةُ خمسة مئة عام، فَبِضَرْبها في المئة يحصُلُ العددُ المذكور. ويَرِدُ عليه قولُه تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4]، على تفسير؛ والناس في تفسيره مختلفون، فقيل: إنه مدةُ يومِ الحساب، وإن كانت المحاسبةُ فيه بلحظاتٍ (¬2) يسيرة، وهي كما بين الظهر والعصر، كما في رواية؛ وهذا أيضًا حسابُ العوام. أما المقرَّبون فيحاسَبون في طَرْفَة عين (¬3). وقيل: بل فيه بيانُ المسافة من الأرضِ إلى الجنة. وحينئذٍ ناقض الحديثُ ما في الآيةِ، فإِن تلك المسافة في الحديث مسافةٌ لدرجاتِ الجنَّة فقط، وبانضمام مسافةِ الأَرْض إلى السماء ومسافةِ السمواتِ فيما بينها تزيد على نحو أربعة آلاف، فلا يلتئم الحديثُ بالقرآن. والجواب عندي أن المسافةَ في حديث البخاري هي مسافةٌ درجات الجنة فقط، وهي مسيرةُ خمسينَ ألف سنةٍ، وأما مسافة السمواتِ والأرض، فلم تتعرَّض إليها روايةُ البخاري، وذكرها الترمذيُّ. فروايةُ الترمذيِّ تعرضت إلى مسافةِ العالم السُّفْلي فقط، أي من الأرض إلى السموات، وروايةُ البخاريّ دَلَّت على مسافةِ العالم العُلْوي فقط، وهي من السموات إلى ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وفي "المشكاة" روايةٌ عن الترمذي، وأبي داود عن العباس بن عبد المطلب في حديث بيانِ مسافةِ السموات، قال: "إنَّ بُعْد ما بينهما، إما واحدةٌ، وإما ثِنْتان، أو ثلاثٌ وسبعونَ سنة، والسماء التي فَوْقَها كذلك. وهذه هي مسافةٌ نَبَّه عليها الشيخُ، ثم قال: فوق السماءِ السابعةِ بَحْرٌ بين أعلاه وأسفلِه، كما بين كلِّ سماء، ثُمَّ فوق ذلك ثمانيةُ أَوْعال بين أظلافِهن وَوِرْكِهن مثلُ ما بين سماءٍ إلى سماءٍ، ثُم على ظهورِهنَّ العَرْشُ". وجمع الحافِظُ بينهما، كما في "بدء الخلق" بأنَّ اختلافَ المسافةِ بينهما باعتبار بطء السَّير وسُرْعَته، اهـ. والشيخ قُدِّس سِرُّه لم يكن يتصدِّى لوجوهِ التَوْفيق بين أوهامِ الرُّواةِ، وهو السبيلُ الأقْومُ. (¬2) روى البَيهقي في "كتاب البعث والنشور"؛ عن أبي سعيد الخُدْري، قال: سُئل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن يوم كان مقدارُه خمسينَ ألف سنةٍ، ما طول هذا اليوم؟ فقال: والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمنِ حتى يكونَ أهونَ عليه من الصلاة المكتوبةِ يصلِّيها في الدنيا، كذا في "المشكاة" من باب الحساب، والقصاص، والميزان". (¬3) قلت: ومن ههنا ظهر المرادُ من قوله تعالى: {وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [النور: 39]، مع كونِ يوم الحسابِ طويلًا.

العرش. وعلى هذا لو ذهبنا إلى أن المذكورَ في الآية قَدْرُ المسافة دون سعةِ اليوم، فينبغي أن تكون تلك المسافة للعالم العُلوي فقط. وإنما تَعَرَّضْتُ إلى تعيين تلك المسافةِ، لأني أجدُ شُهْرَتها بين السَّلَف أيضًا، ففي حكايةٍ: أنَّ هارونَ الرشيد قال لمالك: إني أريدُ أن أستفيدَ منك شيئًا؛ فلم يزل ينتظره بعد ذلك، فلم يجيء، وكذلك الرشيدُ كان ينتظرُ الإِمام مالكًا، فلم يجيء أحدُهما إلى الآخر. فلما التقيا قال مالك: ياأميرَ المؤمنين إنَّ القرآن نزل من مسافةِ خسمينَ ألف سنةٍ، فإِنْ لم تعظِّمه أنت أيضًا، فَمن يعظمه؟. وأما بيَانُ حَيِّز الجنة، فقد صرَّح الحديثُ أَنْها فوق السمواتِ، فهذه بدايتُها؛ وقد جاء في روايةِ البُخاري أَنَّ عَرْش الرحمن فوقها، فهذه نهايتُها، بقيت السمواتُ السَّبْع، والأَرَضون كذلك، فهي كُلُّها حيْزٌ لجهنَّم عندي، وهو الذي سَمَّاه اللهُ تعالى «أسَفَلَ السافلين» في سورة التين، وأَمَرَنا أن نخرج عنها مصعدين إلى الجنَّةِ مأوى أَبِينا، ومَنْ بقي فيه، ولم يَصْعَد، فقد بقي في دار الغُرْبة، وسَيَصْلى سعيرًا، فتلك العَرصةُ كُلُّها تنقلبُ حيِّزًا لجنهم. فنحن الآن في حَيِّز جهنَّم، وقد جمع الله فيه من الجنة وجهنم أشياء، كالحجر الأسود، والمقام، والمساجد، والكعبة. وأمثالها. فإِنَّها كلَّها من الجنة، وسترفع إليها، وكذا الشمس، والقمر، وأمثالهما، كلها مِنْ جهنَّم، وستلقى فيها، فركَّب اللهُ سبحانه هذا العالمَ من أشياَ بَعْضُها من الجنة، وبَعْضُها من جهنم، وإذا أراد أن تنتهي النشأةُ، وَتَظْهَرَ النشأةُ الأُخرى، يَدُكُّ هذا العالمَ دَكًا، ويذهب (¬1) بالاشياءِ كلِّها إلى مقارِّها. وبالجملة المَعْدِنُ هي الجنَّةُ، أو النَّار فقط، وأما الدُّنيا فهي مستَقرُّ إلى حين، ولذا لم يخبرنا اللهُ سبحانه إلا بِنَسْف الجبال، وخَسْف القمر {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9)} [القيامة: 9]، وانفطار السمواتِ. فهذه أحوالٌ كلُّها تعترِض على هذا العالم، وهو حيِّزُ جهنَّم، ولم يخبرنا عما هو صانعٌ بما عنده فوق السموات، وهي الجنة؛ بل ذهب المفسِّرُون إلى أنها داخلةٌ فيما استثناه الله تعالى: فالحاصل أن المقرَّ الأصلي للإِنسان ليس إلا الجنةُ أو النار، فالجنَّةُ فوقَ السمواتِ، والسمواتِ مع الأَرَضين السَّبعةِ حَيِّزٌ لجنَّم، وهذا هو مستقرُّنا إلى حين؛ فلما يريدُ الله سبحانه أن يُعيدَ الأشياء إلى مقارِّها، يُخرب الدنيا بما فيها، ويرتبها بالاندكاك والانفطار والانشقاق، مقرًا ناسب أهلها. ولا يحسبنَّ زائِغٌ أن جهنَّم ليست بموجودة الآن، بل هي كما أخبر بها اللهُ سبحانه، ولكن اختلاف العالمين منعنا عن إدراكها، أما حديد البصر فيراها الآن أيضًا. فالمعاصي هي النَّارُ بالفعل، لكنَّ ناريتها مستورةٌ عندنا، وظاهرةٌ عند حديد البصر، فالجنة مزخرفةٌ، وجهنَّم يحطم بَعْضُها أيضًا، إلا أنهما تضعفان زينةً، وعذابًا من أفعالنا؛ وتلك الأفعالُ هي الزينةُ، أو العذابُ ¬

_ (¬1) ويؤيدُه ما أخرج الشافعيُّ، كما في "المشكاة" من كتاب "الرِّقاق" عن عمرو مرفوعًا فيه؛ ألا إنَّ الخيرَ كلَّه بحذافيره في الجنة، ألا وإن الشَّرَّ كلَّه بحذافيره في النار. اهـ.

5 - باب الغدوة والروحة فى سبيل الله، وقاب قوس أحدكم من الجنة

في الحالة الراهنة، يراها الخواصُّ اليوم، وغدًا يراها العوامُ أيضًا، وكذلك الجنَّة والنار، ألا ترى أنَّ الكافر يُعَذَّب، ولا يسمعه الثَّقلان لاختلاف العالمين، فلا نعني بما حَقَّقت غيرَ هذا، ولكن مَنْ يقتحم أبوابَ الحقائق لا يجد لكشفها ألفاظًا تُوضِّحها، ومَنْ ليس له فَهْمٌ صحيح يقع في الزِّيغ، ويعزو إليّ ما لم أَوردْه، وهذا الذي وقع لأربابِ الحقائق، فلم ينتفع منهم إلا قليلٌ، فظاهِرُ الشريعةِ يبقى على طاهرِها والمسائل المسَلَّمة على مكانها، وإنما هو نحوَ بيانٍ خاطبت به، ومَنْ لا يقدر على وَضْع الأشياء في مواضعها، فليس خطابي معه، ولا أحل له أن يَقْفُو ما ليس له به عِلْم، وإنما خلق الله لكل فنِّ رجالا، ونعوذ بالله من الزِّيغ (¬1). قوله: (ومِنْهُ تَفَجَّرُ أنهارُ الجَنَّةُ) وهي نهرُ الماء، ونهرُ اللَّبن، ونهر العسل، ونهر الخمر، وقال الشيخُ الأكبر: إنها نهر الحياةِ، ونهر العِلم، ونهر الإِيمان، ونهرُ الذَّوْق. 5 - باب الْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ 2792 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَغَدْوَةٌ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». طرفاه 2796، 6568 - تحفة 788 2793 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَقَابُ قَوْسٍ فِى الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَتَغْرُبُ». وَقَالَ «لَغَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِى سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَتَغْرُبُ». طرفه 3253 - تحفة 13610 2794 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الرَّوْحَةُ وَالْغَدْوَةُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». أطرافه 2892، 3250، 6415 - تحفة 4682 قوله: (وقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُم) واعلم أن تعيينَ الأمكنة عندهم كان بالأقواس والسَّياط، وعليه جاء الحديث؛ ومن هذا الباب قولُه صلى الله عليه وسلّم «مَوْضِعُ سَوْطٍ في الجنَّة» ... الخ، وهو قولُه تعالى: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9)} [النجم: 9] والقَابُ والقيد واحد؛ وما ذكراه الراوي في الباب الآتي قَيْدُه - يعني سَوْطه - فإِنَّ كان بيانًا للمراد فصوابٌ، وإن كان بيانًا للترجمة فَغَلَطٌ. والمُفَسِّرون تأَوْلوا قوله تعالى: {قَابَ قَوْسَيْنِ} فقالوا: معناه: قابي قَوْسين. والصواب عندي أنه ¬

_ (¬1) قلت: وقد أشرنا مِن قبل أن الشيخَ قد كان يقتحم أبوابَ الحقائق أيضًا، وإن كان خوفُ الزائغين لم يكن يُرخِّص لي أن أذكرها، إلا أني ذَكَرتها، لأن في إخفائها إخفاءً لباب من علوم، فذكرت بَعْضِها ليذوقَ منها أولو الأذواق، وأرجو من العلماء أن لا يَخلِطُوا بين باب الحقائق والعقائد، فإِنَّ الفَرْقَ واضحٌ، والله الهادي، وهو المُلْهِم للصواب.

6 - باب الحور العين وصفتهن

على ظاهِره، والمرادُ من القوسين في الطول على عاداتهم عند الهبوط في المنزل، فإِنَّهم كانوا إذا نزلوا مَنْزلا رموا بأقواسهم وسياطهم أولا، ليكون ذلك مكانَهم بعد ما نزلوا ولا يُزاحِمُهم فيه أحدٌ، وعلى هذا العُرْف جرى القرآنُ والحديث. 6 - باب الْحُورُ الْعِينُ وَصِفَتُهُنَّ يَحَارُ فِيهَا الطَّرْفُ، شَدِيدَةُ سَوَادِ الْعَيْنِ، شَدِيدَةُ بَيَاضِ الْعَيْنِ. {وَزَوَّجْنَاهُمْ} [الدخان: 54] أَنْكَحْنَاهُمْ. 2795 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُوتُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ، يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، وَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، إِلاَّ الشَّهِيدَ، لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ، فَإِنَّهُ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى». طرفه 2817 - تحفة 565 2796 - وَسَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَرَوْحَةٌ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ غَدْوَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ أَوْ مَوْضِعُ قِيدٍ - يَعْنِى سَوْطَهُ - خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ لأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلأَتْهُ رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». طرفاه 2792، 6568 - تحفة 561 - 21/ 4 7 - باب تَمَنِّي الشَّهَادَةِ 2797 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْلاَ أَنَّ رِجَالاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لاَ تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّى، وَلاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ، مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِى سَبِيلِ اللَّهِ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّى أُقْتَلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ». أطرافه 36، 2787، 2972، 3123، 7226، 7227، 7457، 7463 - تحفة 13154 2798 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ خَطَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ فَفُتِحَ لَهُ - وَقَالَ - مَا يَسُرُّنَا أَنَّهُمْ عِنْدَنَا». قَالَ أَيُّوبُ أَوْ قَالَ «مَا يَسُرُّهُمْ أَنَّهُمْ عِنْدَنَا». وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. أطرافه 1246، 3063، 3630، 3757، 4262 - تحفة 820 2797 - قوله: (والذي نَفْسي بيده) ... الخ، معقولةٌ لأبي هريرة، نَبَّه عليه الترمذيُّ.

8 - باب فضل من يصرع فى سبيل الله فمات فهو منهم

8 - باب فَضْلِ مَنْ يُصْرَعُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَمَاتَ فَهُوَ مِنْهُمْ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء: 100] وَقَعَ: وَجَبَ. 2799 و 2800 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ خَالَتِهِ أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ قَالَتْ نَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا قَرِيبًا مِنِّى، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَتَبَسَّمُ. فَقُلْتُ مَا أَضْحَكَكَ قَالَ «أُنَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَىَّ يَرْكَبُونَ هَذَا الْبَحْرَ الأَخْضَرَ، كَالْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ». قَالَتْ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. فَدَعَا لَهَا، ثُمَّ نَامَ الثَّانِيَةَ، فَفَعَلَ مِثْلَهَا، فَقَالَتْ مِثْلَ قَوْلِهَا، فَأَجَابَهَا مِثْلَهَا. فَقَالَتِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. فَقَالَ «أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ». فَخَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ غَازِيًا أَوَّلَ مَا رَكِبَ الْمُسْلِمُونَ الْبَحْرَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا مِنْ غَزْوِهِمْ قَافِلِينَ فَنَزَلُوا الشَّأْمَ، فَقُرِّبَتْ إِلَيْهَا دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا فَصَرَعَتْهَا فَمَاتَتْ. حديث 2799 أطرافه 2788، 2877، 2894، 6282، 7001 - تحفة 18307 - 22/ 4 حديث 2800 أطرافه 2789، 2878، 2895، 2924، 6283، 7002 فليس الشهيدُ هو المقتولَ فقط، بل مَنْ يخرج من بيته مهاجرًا إلى الله، ثم يدركه الموتُ، فقد وَقَع أَجْرُه على اللهِ. 9 - باب مَنْ يُنْكَبُ أَوْ يُطْعَنُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ 2801 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِىُّ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَقْوَامًا مِنْ بَنِى سُلَيْمٍ إِلَى بَنِى عَامِرٍ فِى سَبْعِينَ، فَلَمَّا قَدِمُوا، قَالَ لَهُمْ خَالِى أَتَقَدَّمُكُمْ، فَإِنْ أَمَّنُونِى حَتَّى أُبَلِّغَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإِلاَّ كُنْتُمْ مِنِّى قَرِيبًا. فَتَقَدَّمَ، فَأَمَّنُوهُ، فَبَيْنَمَا يُحَدِّثُهُمْ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ أَوْمَئُوا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَطَعَنَهُ فَأَنْفَذَهُ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ، فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. ثُمَّ مَالُوا عَلَى بَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ فَقَتَلُوهُمْ، إِلاَّ رَجُلاً أَعْرَجَ صَعِدَ الْجَبَلَ. قَالَ هَمَّامٌ فَأُرَاهُ آخَرَ مَعَهُ، فَأَخْبَرَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُمْ قَدْ لَقُوا رَبَّهُمْ، فَرَضِىَ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ، فَكُنَّا نَقْرَأُ أَنْ بَلِّغُوا قَوْمَنَا أَنْ قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِىَ عَنَّا وَأَرْضَانَا. ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ، فَدَعَا عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِى لِحْيَانَ وَبَنِى عُصَيَّةَ الَّذِينَ عَصَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1001، 1002، 1003، 1300، 2814، 3064، 3170، 4088، 4089، 4090، 4091، 4092، 4094، 4095، 4096، 6394، 7341 - تحفة 217 2802 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ جُنْدُبِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ فِى بَعْضِ الْمَشَاهِدِ وَقَدْ دَمِيَتْ إِصْبَعُهُ، فَقَالَ «هَلْ أَنْتِ إِلاَّ إِصْبَعٌ دَمِيتِ، وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ». طرفه 6146 - تحفة 3250 2801 - قوله: (أقوامًا مِن بَني سُليم) وَهْمٌ من الراوي، فإِنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان بعث القُرَّارَ، ولم يكونوا من بني سُلَيم. قوله: (فَقَتَلُوهم إلا رجلا أَعْرَج صَعِدَ الجَبل) هذا هو الصوابُ، وفي المغازي عند

10 - باب من يجرح فى سبيل الله عز وجل

البُخاري: «فانطلق حَرام أخو أمَ سُلَيم، وهو رجلٌ أَعْرجُ» ... الخ وهذا وَهْم، فإِنَّ حَرَامَ كان قُتِل، ولم يُقْتل الأَعْرجُ، بل صَعِد الجبلَ. قوله: (فَكُنَّا نَقْرأُ: أَنْ بَلِّغُوا قَوْمَنا) .. الخ، ولما كانَ اللهُ سبحانه تَكَفَّل لهم بإِبلاغ خَبَرِهم إلى قَوْمهم أَنْزَله في القرآن، ثُم نَسَخة بعد إيفاءِ الوَعْد، لعدم الحاجةِ إليه. 10 - باب مَنْ يُجْرَحُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ 2803 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ يُكْلَمُ أَحَدٌ فِى سَبِيلِ اللَّهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِى سَبِيلِهِ - إِلاَّ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ». طرفاه 237، 5533 - تحفة 13837 11 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} [التوبة: 52] وَالْحَرْبُ سِجَالٌ 2804 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ قَالَ لَهُ سَأَلْتُكَ كَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ فَزَعَمْتَ أَنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ وَدُوَلٌ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ. أطرافه 7، 51، 2681، 2941، 2978، 3174، 4553، 5980، 6260، 7196، 7541 - تحفة 4850 - 23/ 4 12 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)} [الأحزاب: 23] 2805 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْخُزَاعِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ حَدَّثَنَا زِيَادٌ قَالَ حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ غَابَ عَمِّى أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلْتَ الْمُشْرِكِينَ، لَئِنِ اللَّهُ أَشْهَدَنِى قِتَالَ الْمُشْرِكِينَ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَانْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ قَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاَءِ - يَعْنِى أَصْحَابَهُ - وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاَءِ» - يَعْنِى الْمُشْرِكِينَ - ثُمَّ تَقَدَّمَ، فَاسْتَقْبَلَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ يَا سَعْدُ بْنَ مُعَاذٍ، الْجَنَّةَ، وَرَبِّ النَّضْرِ إِنِّى أَجِدُ رِيحَهَا مِنْ دُونِ أُحُدٍ. قَالَ سَعْدٌ فَمَا اسْتَطَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَنَعَ. قَالَ أَنَسٌ فَوَجَدْنَا بِهِ بِضْعًا وَثَمَانِينَ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ أَوْ طَعْنَةً بِرُمْحٍ أَوْ رَمْيَةً بِسَهْمٍ، وَوَجَدْنَاهُ قَدْ قُتِلَ وَقَدْ مَثَّلَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ، فَمَا عَرَفَهُ أَحَدٌ إِلاَّ أُخْتُهُ بِبَنَانِهِ. قَالَ أَنَسٌ كُنَّا نَرَى أَوْ نَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ وَفِى أَشْبَاهِهِ {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ. طرفاه 4048، 4783 - تحفة 671، 4450 أ

13 - باب عمل صالح قبل القتال

2806 - وَقَالَ إِنَّ أُخْتَهُ وَهْىَ تُسَمَّى الرُّبَيِّعَ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ امْرَأَةٍ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْقِصَاصِ، فَقَالَ أَنَسٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا. فَرَضُوا بِالأَرْشِ وَتَرَكُوا الْقِصَاصَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ». أطرافه 2703، 4499، 4500، 4611، 6894 - تحفة 716 2807 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ أُرَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - قَالَ نَسَخْتُ الصُّحُفَ فِى الْمَصَاحِفِ، فَفَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الأَحْزَابِ، كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ بِهَا، فَلَمْ أَجِدْهَا إِلاَّ مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىِّ الَّذِى جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ، وَهْوَ قَوْلُهُ {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] أطرافه 4049، 4679، 4784، 4986، 4988، 4989، 7191، 7425 تحفة 3703، 3527 أ - 24/ 4 2805 - قوله: (غَابَ عَمِّي أَنْسُ بنُ النَّضْر عنَ قِتال بَدْر) أي تَخَلَّف عن بَدْر، لا أنه دَخَل فيها ثم غاب. 13 - باب عَمَلٌ صَالِحٌ قَبْلَ الْقِتَالِ وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِنَّمَا تُقَاتِلُونَ بِأَعْمَالِكُمْ. وَقَوْلُهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)} [الصف: 2 - 4]. 2808 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الْفَزَارِىُّ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - يَقُولُ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُ وَأُسْلِمُ. قَالَ «أَسْلِمْ ثُمَّ قَاتِلْ». فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَاتَلَ، فَقُتِلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «عَمِلَ قَلِيلاً وَأُجِرَ كَثِيرًا». تحفة 1817 لَعلَّه مأخوذٌ من قوله صلى الله عليه وسلّم «كما تَحْبُونَ تموتون، وكما تموتون تُحْشَرون». فهذا يُشْعِرُ بأنه ينبغي أن تكون خاتمةُ المرء عَمَل خير؛ وكان السَّلف يستحبُّون أن يكون لهم عَمَلٌ صالح قبل القتال، لدلالتِه على الإِخلاص. قوله: (إنما تقاتِلُون بأعمالِكُم) أي إنَّ الأعمالَ الصالحةُ تُورِث ثباتَ القَدَمِ عند القتال، فالقتالُ يكون بسبب بركةِ الأعمال، فهي دخيلةٌ فيه. قوله: {بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصفِّ: 4] ولعلَّ الشيطانَ يدخلُ صفوف القتال، كما يدخل صفوفَ الصلاة فيفسدها أيضًا، ولذا أمرنا بالتراصِّ في الصفوف أيضًا.

14 - باب من أتاه سهم غرب فقتله

14 - باب مَنْ أَتَاهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فَقَتَلَهُ 2809 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ الْبَرَاءِ وَهْىَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا نَبِىَّ اللَّهِ، أَلاَ تُحَدِّثُنِى عَنْ حَارِثَةَ وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ، فَإِنْ كَانَ فِى الْجَنَّةِ، صَبَرْتُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِى الْبُكَاءِ. قَالَ «يَا أُمَّ حَارِثَةَ، إِنَّهَا جِنَانٌ فِى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الأَعْلَى». أطرافه 3982، 6550، 6567 - تحفة 1301 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 15 - باب مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا 2810 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ». أطرافه 123، 3126، 7458 - تحفة 8999 - 25/ 4 أعرض عن التفصيلِ المتعذِّر، وعَدَل إلى الجواب الجُمْلي، فقال: مَن قاتل للإِعلاه كلمةِ الله، فهو في سبيل الله. حكاية نُقِل أن تيمورلنك لمَّا رحل إلى الشام، وقتل الناس، وسفك دِماءهم ظُلْمًا وعُلوًا، بنى من هاماتهم صُفَّةً وقعد عليها، ثم دَعى العلماء، فكان يُناظِرُهم ويقُتُل مَنْ خالفه منهم؛ فسألهم مرةً أنه كيف صنع في قتلهم؟ فأجاب عالمٌ منهم: إنَّ جوابَه في الحديث، وقرأ هذا الحديث: «مَنْ قاتل لتكونَ كلمةُ اللهِ»، ... الخ، فتفطنَّ تميور أنه أراد به تَخْلِيص رَقَبتَه، فأغمض عنه. 16 - باب مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة: 120]. 2811 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا عَبَايَةُ بْنُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو عَبْسٍ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَبْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ». طرفه 907 - تحفة 9692

حكاية

حمل المصنِّف قوله: «في سبيل الله» على الجهاد، ولذا فَسَّره أبو يوسف ومحمد في «باب الزكاة» بمنقطِع الغزاة. قلت: والظاهر أنه عالمٌ لجميع سُبُل الخيرِ، كما يدلُّ عليه ما أخرجه الترمذيُّ في «باب من أغبرت قدماه في سبيل الله» عن يزيد بن أبي مَرْيم، قال: لِحَقَني عبايةُ بن رِفاعة بن رافع، وأنا ماشٍ إلى الجُمعة، فقال: أَبْشِر، فإِنَّ خُطاك هذه في سبيل الله؛ سمعت أبا عيش يقول: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم «مَنِ اغبرت قَدَماه في سبيلِ الله، فهما حَرَامٌ عى النَّار» اهـ. فهذا صريحٌ أن هذا اللفظ كان عامَّا عند الصحابَيَّنِ المذكورَين، ولذا حملاه على المَشْي إلى الجُمعة أيضًا، إلا أن الترمذيَّ أخرجه من «باب الجهاد» فَيوه2 أنه أَخَذَه في الجهاد، كالمصنِّف، فله إطلاقانِ: عامٌ، وخاصٌ، والذي يناسِب في نحو هذا الحديث هو الإِطلاقُ العام، ولعل المصنِّف حمل على أنه اشتُهر في الجهاد عُرْفًا. حكاية نُقِل أن السُّلْطان بَايزِيدخان يلدرن غزا ثئنتين وسبعين غزوةً، كلّها على أوروبا، وكان يَلْبَس في كلَّها قباءً واحدًا، ولا يبدّلُه، وكان إذا أفرغ منها يجمع ما وقع عليها من الغُبار في حقه، فإِذا أشرف على الموت، أوصى النَّاس، أن يدفنوها في قبره. 17 - باب مَسْحِ الْغُبَارِ عَنِ النَّاسِ فِى السَّبِيلِ 2812 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لَهُ وَلِعَلِىِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ائْتِيَا أَبَا سَعِيدٍ فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ. فَأَتَيْنَاهُ وَهُوَ وَأَخُوهُ فِى حَائِطٍ لَهُمَا يَسْقِيَانِهِ، فَلَمَّا رَآنَا جَاءَ فَاحْتَبَى وَجَلَسَ فَقَالَ كُنَّا نَنْقُلُ لَبِنَ الْمَسْجِدِ لَبِنَةً لَبِنَةً، وَكَانَ عَمَّارٌ يَنْقُلُ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، فَمَرَّ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَسَحَ عَنْ رَأْسِهِ الْغُبَارَ وَقَالَ «وَيْحَ عَمَّارٍ، تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، عَمَّارٌ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ». طرفه 447 - تحفة 4248 2812 - قوله: (وَيْحَ عَمَّارٍ، تَقْتُلُه عَمَّار، تَقْتُلُه الفِئةُ الباغيةُ) ... الخ، وقد مرَّ شَرْحه، وهذه جملةٌ موجودةٌ عند البخاريِّ، ثُم أنكارها الحافظ، فيما مرَّ. 18 - باب الْغُسْلِ بَعْدَ الْحَرْبِ وَالْغُبَارِ 2813 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا رَجَعَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَوَضَعَ السِّلاَحَ وَاغْتَسَلَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ وَقَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ الْغُبَارُ فَقَالَ وَضَعْتَ السِّلاَحَ، فَوَاللَّهِ مَا وَضَعْتُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَأَيْنَ». قَالَ هَا هُنَا. وَأَوْمَأَ إِلَى بَنِى قُرَيْظَةَ. قَالَتْ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 463، 3901، 4117، 4122 - تحفة 17077

19 - باب فضل قول الله تعالى

19 - باب فَضْلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)} [آل عمران: 169 - 171]. 2814 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَ بِئْرِ مَعُونَةَ ثَلاَثِينَ غَدَاةً، عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ أَنَسٌ أُنْزِلَ فِى الَّذِينَ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنٌ قَرَأْنَاهُ ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ بَلِّغُوا قَوْمَنَا أَنْ قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِىَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْهُ. أطرافه 1001، 1002، 1003، 1300، 2801، 3064، 3170، 4088، 4089، 4090، 4091، 4092، 4094، 4095، 4096، 6394، 7341 - تحفة 208 - 26/ 4 2815 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ اصْطَبَحَ نَاسٌ الْخَمْرَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ قُتِلُوا شُهَدَاءَ. فَقِيلَ لِسُفْيَانَ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ؟ قَالَ لَيْسَ هَذَا فِيهِ. طرفاه 4044، 4618 - تحفة 2543 واعلم أنه قد تكلمنا مرَّةً في معنى حياة الشهداء والأنبياء عليهم السلام؛ وحاصله: أن الحياة بمعنى أفعالِ الحياة، وإلا فالأرواحُ كلَّها حياةٌ، ولو كانت أرواحَ الكفار؛ ولكنها معطلةٌ أن الحياة بمعنى أفعالِ الحياة، وإلا فالأرواحُ كلُّها أحياءٌ، ولو كانت أرواحَ الكفار؛ ولكنها معطلةٌ عن أفعال الحياة. ولذا ترى القرآنَ والحديث لا يذكُر ان الحياة إلا ويذكران معه فعلا من أفعال الحياةِ أيضًا، كما رأيت في الآية المذكورة حيث قال: {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169] فَذَكَر كونَهم مَرْزُوقين، وهي من أفعالِ فأُوْلى أن يُسمّوا بالأحياء بخلاف غيرهم، وفي الحديث أَنَّهم يدخلون الجنَّة في حواصل طيرٍ خُضْرٍ، ولفظ «الموطأ» يقتضي أن هؤلاء مُشبِّهون بالطَّيحرِ الخُضْر، إلا أن الطَيْرَ الخُضْر ظرفٌ لهم، ثم عند مالك في «موطئه» في باب الشهيد «إنما نَسْمَةُ المؤمنِ طيرٌ يعلَّقُ في الجَنَّة». اهـ. وهذا بدلُّ على كونِه صفةً لعامَّة المؤمنين غيرِ الشهداءِ أيضًا. قلت: أما الشهداءُ فقد جاءت تلك الصِّفةُ في صِنْفِهم لِعَمِلهم؛ وأما غيرُهم فعلعه يكون فيهم أيضًا مَنْ يكون على صِفَتهم، ثُم هذا أبدانُ مِثاليةٌ لهم، لا أنهم أرواحُ مجردةُ، ولعله عَجَّلَ لهم ارزاقَهُم قبل الحَشْر، وأما سائر الناس فقد أخَرَّ انتفاعُهم بها إلى يوم القيامة. واعلم أن الحديثَ أَسْنَد الأَكْلَ والشُّرْب إلى النَّسمة دون البدن والجسد، فإِنَّه في التراب، فدلَّ على أن النَّسمة غيرُ الجسد، وكذلك غيرُ الرُوح، لأن الروح لا يُسْند إليها الأكلُ والشُّرْب، ما لم تتصل بجسدٍ مادي، أو مِثالي؛ ولذا لم يقل: إنَّ أرواحَ المؤمن طير ... الخ، ولكن قال: نَسْمة المؤمن.

20 - باب ظل الملائكة على الشهيد

والحاصل أن مَحَطَّ الآية بيانُ كَوْنهم أحياءً فقط، ونبَّهت على أن المحط فيها قوله: {يُرْزَقُونَ} لا كونهم أحياءً فقط، فإِنَّ حياة الأرواح معلومةٌ، وعليها جرى الحديث، فقال: يعلق في الجنة، وكذا الأنبياء أحياء في قُبورهم يصلُّون، فتعرَّض إلى آثارِ الحياةِ من العَلَق، والصلاة، وراجع «شرْح الصدور، لأفعال الموْتى والقبور». فقد ورد فيه حَجُّهم، وتلاواتُهم، وصلاتُهم، وغيرها. أما الحجُّ والصلاة، فقد وَرد في الانبياء عليهم السلام: وأما التلاوةُ ففي غيرهم أيضًا، فإِذن المَحطُّ في كلِّها بيانُ هذه الأفعال، لا بيانُ نَفْس الحياة، وحينئذٍ عَلِمت حياتِهم ما هي أعني أنهم يفعلون أفعالَ الحيِّ، وليسوا بمعطلين. وإلى هذا المعنى أرشدَ القرآن بقوله: {يُرْزَقُونَ} والحديثُ بقوله: «يصلون». ليتعيَّن المرادُ من الحياة، ولتتميزَ حياتُهم عن حياة سائر الناس. 20 - باب ظِلِّ الْمَلاَئِكَةِ عَلَى الشَّهِيدِ 2816 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ جِىءَ بِأَبِى إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ وَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَذَهَبْتُ أَكْشِفُ عَنْ وَجْهِهِ، فَنَهَانِى قَوْمِى، فَسَمِعَ صَوْتَ صَائِحَةٍ فَقِيلَ ابْنَةُ عَمْرٍو، أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو. فَقَالَ «لِمَ تَبْكِى أَوْ لاَ تَبْكِى، مَا زَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا». قُلْتُ لِصَدَقَةَ أَفِيهِ حَتَّى رُفِعَ؟ قَالَ رُبَّمَا قَالَهُ. أطرافه 1244، 1293، 4080 - تحفة 3032 قوله (تُظلِّهُ الملائكةُ)، ولعل في هذا الإِظلال إجلالا للبيت. 21 - باب تَمَنِّي الْمُجَاهِدِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا 2817 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَلَهُ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَىْءٍ، إِلاَّ الشَّهِيدُ، يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ، لِمَا يَرَى مِنَ الْكَرَامَةِ». طرفه 2795 - تحفة 1252 22 - باب الْجَنَّةُ تَحْتَ بَارِقَةِ السُّيُوفِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا - صلى الله عليه وسلم - عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا «مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الْجَنَّةِ». وَقَالَ عُمَرُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَلَيْسَ قَتْلاَنَا فِى الْجَنَّةِ وَقَتْلاَهُمْ فِى النَّارِ قَالَ «بَلَى». 2818 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَكَانَ كَاتِبَهُ قَالَ كَتَبَ

23 - باب من طلب الولد للجهاد

إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ». تَابَعَهُ الأُوَيْسِىُّ عَنِ ابْنِ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ. أطرافه 2833، 2966، 3024، 7237 - تحفة 5161 - 27/ 4 2818 - قوله: (قتلانا في الجنة) .. الخ، قاله في -الحديبية-. قوله: (وكانَ كاتِبَه) وقد سها الحافظ هناك في ارجاع الضمير. وراجع «حاشية» لمُلاّ محمد يعقوب البمباني، والبمبان: محلة من بلدة لاهُور. 23 - باب مَنْ طَلَبَ الْوَلَدَ لِلْجِهَادِ 2819 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى مِائَةِ امْرَأَةٍ - أَوْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ - كُلُّهُنَّ يَأْتِى بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلاَّ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ، وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَجَاهَدُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ». أطرافه 3424، 5242، 6639، 6720، 7469 - تحفة 13639 2819 - قوله: (فقال له صاحِبُه: قل: إن شاء الله) قيل: إنَّ آصف لَفَّته بهذا القولِ، ولكنه نَسِي، فلم يتكلَّم، فلم تلد منهن غيرُ امرأةٍ، وَلَدَتْ سَقِطًا أُلْقي على كُرسيِّه. والقَصَص المذكورة في التفاسير كُلُّها موضوعةٌ، إنْ هذا إلا اختلاقٌ. 24 - باب الشَّجَاعَةِ فِى الْحَرْبِ وَالْجُبْنِ 2820 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ وَاقِدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ النَّاسِ وَأَشْجَعَ النَّاسِ وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، فَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَبَقَهُمْ عَلَى فَرَسٍ، وَقَالَ «وَجَدْنَاهُ بَحْرًا». أطرافه 2627، 2857، 2862، 2866، 2867، 2908، 2968، 2969، 3040، 6033، 6212 - تحفة 289 2821 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ النَّاسُ، مَقْفَلَهُ مِنْ حُنَيْنٍ، فَعَلِقَهُ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ، فَوَقَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَعْطُونِى رِدَائِى، لَوْ كَانَ لِى

25 - باب ما يتعوذ من الجبن

عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لاَ تَجِدُونِى بَخِيلاً وَلاَ كَذُوبًا وَلاَ جَبَانًا». طرفه 3148 - تحفة 3195 2821 - قوله: (الأَعْرَابُ يسألُونَه) ... الخ، والأعرابُ يقال لغةً لساكِني الباديةِ منهم. 25 - باب مَا يُتَعَوَّذُ مِنَ الْجُبْنِ 2822 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ الأَوْدِىَّ قَالَ كَانَ سَعْدٌ يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ كَمَا يُعَلِّمُ الْمُعَلِّمُ الْغِلْمَانَ الْكِتَابَةَ، وَيَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْهُنَّ دُبُرَ الصَّلاَةِ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ». فَحَدَّثْتُ بِهِ مُصْعَبًا فَصَدَّقَهُ. أطرافه 6365، 6370، 6374، 6390 - تحفة 3910، 3933 - 28/ 4 2823 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ». أطرافه 4707، 6367، 6371 - تحفة 873 26 - باب مَنْ حَدَّثَ بِمَشَاهِدِهِ فِى الْحَرْبِ قَالَهُ أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ سَعْدٍ. تحفة 3903 2824 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ صَحِبْتُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَسَعْدًا وَالْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ - رضى الله عنهم - فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، إِلاَّ أَنِّى سَمِعْتُ طَلْحَةَ يُحَدِّثُ عَنْ يَوْمِ أُحُدٍ. طرفه 4062 - تحفة 4998، 11542 أ، 9719 ب، 3855 ل قلت: وذلك أَمْرُ يختلِف باختلاف النِّيات؛ فإِنْ كانت نِيْتُه المراآةَ والإِسماعَ، سَمَّع الله به، وراءى به، وإن كانت نِيتُه الإِخلاصَ ومرضاة اللهِ، فله الحُسْنى وزيادةُ. 27 - باب وُجُوبِ النَّفِيرِ، وَمَا يَجِبُ مِنَ الْجِهَادِ وَالنِّيَّةِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41) لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: 41 - 42] الآيَةَ. وَقَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ} إِلَى قَوْلِهِ: {عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة: 38 - 39].

28 - باب الكافر يقتل المسلم، ثم يسلم، فيسدد بعد ويقتل

يُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ} [النساء: 71]: سَرَايَا مُتَفَرِّقِينَ؛ يُقَالُ: أَحَدُ الثُّبَاتِ ثُبَةٌ. 2825 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ «لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا». أطرافه 1349، 1587، 1833، 1834، 2090، 2433، 2783، 3077، 3189، 4313 - تحفة 5748 28 - باب الْكَافِرِ يَقْتُلُ الْمُسْلِمَ، ثُمَّ يُسْلِمُ، فَيُسَدِّدُ بَعْدُ وَيُقْتَلُ 2826 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ يَدْخُلاَنِ الْجَنَّةَ، يُقَاتِلُ هَذَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُسْتَشْهَدُ». تحفة 13834 - 29/ 4 2827 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ بِخَيْبَرَ بَعْدَ مَا افْتَتَحُوهَا، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْهِمْ لِى. فَقَالَ بَعْضُ بَنِى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ لاَ تُسْهِمْ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ. فَقَالَ ابْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَاعَجَبًا لِوَبْرٍ تَدَلَّى عَلَيْنَا مِنْ قَدُومِ ضَأْنٍ، يَنْعَى عَلَىَّ قَتْلَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَكْرَمَهُ اللَّهُ عَلَى يَدَىَّ وَلَمْ يُهِنِّى عَلَى يَدَيْهِ. قَالَ فَلاَ أَدْرِى أَسْهَمَ لَهُ أَمْ لَمْ يُسْهِمْ لَهُ. قَالَ سُفْيَانُ وَحَدَّثَنِيهِ السَّعِيدِىُّ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ السَّعِيدِىُّ عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ. أطرافه 4237، 4238، 4239 - تحفة 14280، 13086 والضابطة فيه أن القاتِل لا يجتمعُ مع المقتول، فإِنْ ذهب أحدُهما إلى الجنة يدهبُ الآخَرُ إلى النَّار؛ ولا بُعْد أن يكون ابنُ عباس قال بتخليد قائلِ المؤمن نظرًا إلى هذهالقاعدة؛ لأن مقتولَة المُسْلم لما ذهب إلى الجنةِ يجب أن لا يجتمع معه قاتِلُه في الجنة، فَلزِم الخلودُ لا محالة؛ ولكنَّ الله قد يرى عجائبَ قدرتِه في الخَلْق، فيجمع بينهما في الجنة، بأن يُوفِّق هذا الكافرَ للإِسلام، بعد قَتْل المُسْلم، ثُمَّ يَمُنَّ عليه بالشهادةِ في سبيله، فيدخل القاتلُ والمقتولُ في الجنَّة؛ ولذا قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «يَضْكَكُ الله إلى رجلين؛ وذلك لدخولهما في الجنَّةِ معًا، وكذلك الإِنسان إذا ظفر بمنينة على خِلاف الضابطة، يضحك منه تعجبًا لا محالة. 29 - باب مَنِ اخْتَارَ الْغَزْوَ عَلَى الصَّوْمِ 2828 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِىُّ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ

30 - باب الشهادة سبع سوى القتل

- رضى الله عنه - قَالَ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ لاَ يَصُومُ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَجْلِ الْغَزْوِ، فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ أَرَهُ مُفْطِرًا، إِلاَّ يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى. تحفة 447 30 - باب الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ 2829 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ الْمَطْعُونُ، وَالْمَبْطُونُ، وَالْغَرِقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ». أطرافه 653، 720، 5733 - تحفة 12577 2830 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ». طرفه 5732 - تحفة 1728 31 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ} إِلَى قَوْلِهِ: {غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 95 - 96]. 2831 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - يَقُولُ لَمَّا نَزَلَتْ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَيْدًا، فَجَاءَ بِكَتِفٍ فَكَتَبَهَا، وَشَكَا ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ضَرَارَتَهُ فَنَزَلَتْ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}. أطرافه 4593، 4594، 4990 - تحفة 1877 - 30/ 4 2832 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ جَالِسًا فِى الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمْلَى عَلَيْهِ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} قَالَ فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهُوَ يُمِلُّهَا عَلَىَّ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ لَجَاهَدْتُ. وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِى، فَثَقُلَتْ عَلَىَّ حَتَّى خِفْتُ أَنْ تَرُضَّ فَخِذِى، ثُمَّ سُرِّىَ عَنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}. طرفه 4592 - تحفة 3739 وإنما أنزل {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} إيضاحًا وإفصاحًا، وإلا فلا إشكال في الآية بدونه أيضًا، لأن القاعد غير المقعد، والآية إنما وردت ناعية على القاعدين، دون المقعدين.

32 - باب الصبر عند القتال

32 - باب الصَّبْرِ عِنْدَ الْقِتَالِ 2833 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ أَبِى النَّضْرِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى كَتَبَ فَقَرَأْتُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا». أطرافه 2818، 2966، 3024، 7237 - تحفة 5161 33 - باب التَّحْرِيضِ عَلَى الْقِتَالِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} [الأنفال: 65]. 2834 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْخَنْدَقِ فَإِذَا الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ فِى غَدَاةٍ بَارِدَةٍ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَبِيدٌ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ لَهُمْ، فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِمْ مِنَ النَّصَبِ وَالْجُوعِ قَالَ: "* اللَّهُمَّ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الآخِرَهْ ... فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ". فَقَالُوا مُجِيبِينَ لَهُ: * نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدًا ... عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدًا أطرافه 2835، 2961، 3795، 3796، 4099، 4100، 6413، 7201 تحفة 563 - 31/ 4 2834 - قوله: (نَحْنُ الذين بايَعُوا محمدًا) ... الخ كانوا يَرتَجزُون بها عند حَفْر الخندق، كما يدندن أحدُكم عند الشغل في عملٍ، لئلا يسأمَ منه، فإِنَّ الإِنسانَ إذا اشتغل في مَشَقَّة، وجعل نَفْسه في زَمْزَمةٍ لا يتعب، لأنه بِشُغْله في زمزمته لا يَحُسُّ ما يَلْحَقُه من التعب في عمله. 34 - باب حَفْرِ الْخَنْدَقِ 2835 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَعَلَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ، وَيَنْقُلُونَ التُّرَابَ عَلَى مُتُونِهِمْ وَيَقُولُونَ: * نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدًا ... عَلَى الإِسْلاَمِ مَا بَقِينَا أَبَدًا وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُجِيبُهُمْ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّهُ لاَ خَيْرَ إِلاَّ خَيْرُ الآخِرَهْ فَبَارِكْ فِى الأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ. أطرافه 2834، 2961، 3795، 3796، 4099، 4100، 6413، 7201 تحفة 1043 2836 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْقُلُ وَيَقُولُ «لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا». أطرافه 2837، 3034، 4104، 4106، 6620، 7236 - تحفة 1875

35 - باب من حبسه العذر عن الغزو

2837 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الأَحْزَابِ يَنْقُلُ التُّرَابَ وَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: "* لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا * فَأَنْزِلِ السَّكِينَةَ عَلَيْنَا ... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا * إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا ... إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا" أطرافه 2836، 3034، 4104، 4106، 6620، 7236 - تحفة 1875 35 - باب مَنْ حَبَسَهُ الْعُذْرُ عَنِ الْغَزْوِ 2838 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ قَالَ رَجَعْنَا مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 2839، 4423 - تحفة 664 2839 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - هُوَ ابْنُ زَيْدٍ - عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ فِى غَزَاةٍ فَقَالَ «إِنَّ أَقْوَامًا بِالْمَدِينَةِ خَلْفَنَا، مَا سَلَكْنَا شِعْبًا وَلاَ وَادِيًا إِلاَّ وَهُمْ مَعَنَا فِيهِ، حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ». طرفاه 2838، 4423 - تحفة 610 وَقَالَ مُوسَى حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأَوَّلُ أَصَحُّ. تحفة 1610 36 - باب فَضْلِ الصَّوْمِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ 2840 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِى صَالِحٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا النُّعْمَانَ بْنَ أَبِى عَيَّاشٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِى سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا». تحفة 4388 - 32/ 4 قد مرَّ أنَّ البخاريَّ، وتلميذةَ الترمذي حملاءه على الجهاد لِشُيوع هذا اللفظ في الجهادِ والأَوْلى عندي أن يُتْرك على عمومِهِ، ويكونَ الجهادُ فرْدًا منه: فالصومُ في سبيل الله مطلقًا يوجِبُ الوَعْد والأجْر، وإن تفاوت أَجْرًا وأَجْرٌ، بحسب المشاق؛ فإِنَّ العطايا على متن البلايا، أو على قَدْر البلايا. 37 - باب فَضْلِ النَّفَقَةِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ 2841 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ دَعَاهُ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ، كُلُّ خَزَنَةِ بَابٍ أَىْ فُلُ هَلُمَّ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَاكَ الَّذِى لاَ تَوَى

38 - باب فضل من جهز غازيا أو خلفه بخير

عَلَيْهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى لأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ». أطرافه 1897، 3216، 3666 - تحفة 15373 2842 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا هِلاَلٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «إِنَّمَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِى مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ». ثُمَّ ذَكَرَ زَهْرَةَ الدُّنْيَا، فَبَدَأَ بِإِحْدَاهُمَا وَثَنَّى بِالأُخْرَى، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَيَأْتِى الْخَيْرُ بِالشَّرِّ فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قُلْنَا يُوحَى إِلَيْهِ. وَسَكَتَ النَّاسُ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِمِ الطَّيْرَ، ثُمَّ إِنَّهُ مَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ الرُّحَضَاءَ، فَقَالَ «أَيْنَ السَّائِلُ آنِفًا أَوَخَيْرٌ هُوَ - ثَلاَثًا - إِنَّ الْخَيْرَ لاَ يَأْتِى إِلاَّ بِالْخَيْرِ، وَإِنَّهُ كُلُّ مَا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ كُلَّمَا أَكَلَتْ، حَتَّى إِذَا امْتَلأَتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ، فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ ثُمَّ رَتَعَتْ، وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ لِمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ، فَجَعَلَهُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ، وَمَنْ لَمْ يَأْخُذْهُ بِحَقِّهِ فَهْوَ كَالآكِلِ الَّذِى لاَ يَشْبَعُ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ». أطرافه 921، 1465، 6427 - تحفة 4166 38 - باب فَضْلِ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا أَوْ خَلَفَهُ بِخَيْرٍ 2843 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِى بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِى زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِى سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا». تحفة 3747 - 33/ 4 2844 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ بَيْتًا بِالْمَدِينَةِ غَيْرَ بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ، إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِ فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ «إِنِّى أَرْحَمُهَا، قُتِلَ أَخُوهَا مَعِى». تحفة 213 واعلم أنَّ الفِعْل قد يحصُل من واحد، وقد يُحصل من جماعةٍ، فإذا كان يحصُل من الجماعة يحصُل لكلِّ منهم أجرٌ كفاعِله، سواء كان فَعَله بنفسِه، أو أعان عليه بِنَوْعٍ، كالجهاد، فإِنه لا يَحْصُل إلا من جماعةٍ تَغْزُو، وكذا لا بد له ممَّن يُعيِن عليه، ويقوم على الغازين، فالمُعِين له، والقائمُ عليه كُلَّهم كالغزاةِ في سبيل الله. ونظيرُه القراءةُ، فإِنَّها فِعْلٌ واحِدٌ، ولا تتِمُّ القراءةُ من الإِمام إلا باستماع المُقْتدي، فالقراءة فِعل واحِدٌ، وحظُّ الإِمام منها نَفْسُ القراءةِ، وحَظُّ المُقتدى الاستماع إليها دون المنازعة معه؛ وحينئذٍ لا نقولُ: إن صلاةَ المُقتدي تَتِمُّ بدون القراءة، ولكنَّا نقولُ: إن عليه قراءةً أيضًا، ولكنَّ حظَّه منها الإِنصاتُ فقط؛ فالقراءةُ فِعْلٌ واحِدُ يتقوَّمُ حقيقتُها من قراءةِ الإِمام، واستماع المُقْتدي؛ إما إذا كانت قراءتُه في نفسه، أي لامع الجماعة فلا كلام فيه، وكذلك الخطبة لا تتأتى إلا باستماع المُقْتدي؛ ولذا قال: «مَنْ مَسَّ الحصى فقد لغا".

فائدة

فالحاصل أنَّ باشر القِتال، ومَنح أعان عليه بنوعٍ، كلُّهم مشترِكون في الجهاد، وإن اختلفوا في الأجْر زيادةً ونُقْصانًا تَفاوُتِ مراتب الخلوص، وسماحةِ الأَنْفُس، وصَرْف الأموال، وَبذْل المهج. فائدة واعلم أنَّ العبادَ وأفعالَهم كُلُّهم مخلوقون لله تعالى: لا كما زعم المعتزلة؛ إنَّ العبادَ خالِقون لأفعالهم، كيف وأَنَّه لا بد للخالق أن يكونَ مُطَّلِعًا عنلى مخلوقة من جميع الوُجوه والجِهات، فإِنَّ الخَلْقَ لا يتأتى إلا بالعلم المحيط بالمخلوق. قال تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)} [الملك: 14] فستشهد على خَلْقه بِعِلمه، فإِنَّ الخالق لا يكون إلا عالمًا بما خَلَقه، والعبدَ لا عِلْم له بمبادىء أَفعاله، فكيف يكون خالقًا لها، ومنه ظهر الفَرْق بين الخَلْق والكَسْب؛ فإِنَّ المكسوبَ يتَّصِلُ بكاسبه، ولا يُشْرط في الكاسب أن يكونَ عنده عِلْمٌ بالمبادىء أيضًا، بخلاف المخلوق، فإِنَّه ينفصل عن خالِقه ويُشترط فيه أن يكون عند خالِقِهِ عِلْمُهُ التام. وما قال الدوَّاني: إنَّ فِعْل العبد يتأَتى من مجموع القُدْرتَين: قُدرة العَبْد وقدرة الله. فليس بشيء؛ فإِنَّ ذلك إنما يصِحُّ لوكانت للعبدِ قدرةٌ في نفسه، فإذا لم يكنِ لِقُدْرته تَقَوُّمٌ بدون القدرة الإِلهية لم يَحْصُل مجموعُ القدرتين، لانتفاء أحد جزئيه. أَلا ترى أَنَّ العبد ليس له وجودٌ في نَفْسه، أي مع قَطْع النَّظر عن إيجادِ خالقه، فإِذا لم يستقلَّ في وُجُوده لم يستقلَّ في سائر صفاته، فكلُّ صفةٍ تفرض تكون تلك أيضًا تحت القدرةِ، وعلى هذا فقُدرتُه أيضًا تحت قُدْرتِه تعالى، ويجري الكلامُ فيها أيضًا بِمِثْله، فيتسلسل (¬1). ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: فإِنْ قلت: إنَّ المراد من قدرة العبد هي عَقِيب الفعل التي كالعلة له، وحينئذ يحصُل المجموعُ، قلت: هَبّ، ولكنه لا يدفع الإِشكال، فإِنا نتكلم في تلك القدرة، كيف هي؟ فلا بد إما أن يقال: إنَّها من العبد، أو تنتهي إلى الله تعالى، وعلى كلِّ تقدير يعود المحذورُ، وما يخطر بالبال بعد الفهم من الكلمات المتفرقة للشيخ: أنَّ ما يأتي من الله سبحانه بلا توسُّط العبد، فهو مخلوقٌ له تعالى، وما يخلقه بواسطة العبد فهو مَكْسُوب للعبد، ومخلوقٌ لله تعالى، لأن ما خلقه بنفسه بلا واسطة، فهو مخلوقٌ له فقط، ولا تظهرُ فيه علاقة للعبد، بخلاف ما خلقه بواسطة العبد، فإِن العبد إذا صار واسطةً فيه، ثبت له رَبْطٌ بينه وبين الفعل أيضًا، وهو الذي نعنيه بالكسب، فربطُ الأشياءِ كلها بالنسبة الى الله سبحانه، تُسمى بالخالقية فلها ارتباطٌ بتلك الواسطة أيضًا، وهو المسمَّى بالكَسب. والحاصل أن في أفعال العباد مذاهبَ، فقال المعتزلة: إنها مخلوقةٌ للعباد. والعياذ بالله، كيف! والمخلوق كيف لا يكون خالِقًا؟ وقال الجبريةُ: هي مخلوقة لله تعالى، ولا مدخل فيها للعبد أَصلًا، وهؤلاء أيضًا على طرف آخَر من السفاهة، حيث خرقوا المشاهدةَ، وأنكروا البداهة، وقال الدَّوَّاني: إنها من مجموع القدرتين، وهو أيضًا باطلٌ، لأن المجموعَ يتحقق بأجزائه، ولا تحقُّقَ لقدرةِ العبد بحيث يمكن التفكيكُ فيها، أن هذا القدر من العبد، وهذا القدر من الله تعالى، فإنَّه لا يتحقق جزءٌ منها، إلا ويكونُ تحت قُدرتِه تعالى، ولا تستطيعُ أن تَحْكُم على جزء من قدرةِ العبد أنها له، وإذا انتفى أحدُ جزأي المجموع، انتفى المجموع. والمشهورُ عند علماء الكلام أنها مكسوبةٌ للعبد، ومخلوقةٌ لله تعالى، ولعَمْري هو أعدل الأمور، وأَوْجَهُها، وما أوردوا عليه ليس بوارد، لأنَّ غايته أنا لم نقدر على =

39 - باب التحنط عند القتال

39 - باب التَّحَنُّطِ عِنْدَ الْقِتَالِ 2845 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ قَالَ وَذَكَرَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ قَالَ أَتَى أَنَسٌ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ وَقَدْ حَسَرَ عَنْ فَخِذَيْهِ وَهْوَ يَتَحَنَّطُ فَقَالَ يَا عَمِّ مَا يَحْبِسُكَ أَنْ لاَ تَجِىءَ قَالَ الآنَ يَا ابْنَ أَخِى. وَجَعَلَ يَتَحَنَّطُ، يَعْنِى مِنَ الْحَنُوطِ، ثُمَّ جَاءَ فَجَلَسَ، فَذَكَرَ فِى الْحَدِيثِ انْكِشَافًا مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ هَكَذَا عَنْ وُجُوهِنَا حَتَّى نُضَارِبَ الْقَوْمَ، مَا هَكَذَا كُنَّا نَفْعَلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، بِئْسَ مَا عَوَّدْتُمْ أَقْرَانَكُمْ. رَوَاهُ حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ. تحفة 2067 كان من دأبِ السَّلف أنهم إذا تهيأوا للقتال حُنِّطوا. مخافة أن تتغير أجسادُهم بعد القتل، لأنَّ الأوانَ أوانُ الحرب، وقد يتأخَّر فيه الدَّفْنُ، وكان أهلُ مِصْر يَطْلون أجسادَهم ببعض الأدوية، فلم تكن تَفْسُد أجسادُهم إلى مدة طويلةٍ، حتى وُجدت أجسادُ بَعْضِهم بعد قرون، كما دُفِنت: ثم فُقدت تلك الأدوية، وبقي استعمال الحَنُوط. 2845 - قوله: (قد حَسَرَ عن فخذِيْه) الأحُجَّة فيه على عَدم كَوْنِ الفَخِذ عورةً (¬1)، لكونه فِعْل صحابيَ في محلًّ مُخْتَلَفٍ فيه. ¬

_ = بيان الحقيقة، فلا بأس. وتفصيله أن الجواهِرَ والأعراض كلها مخلوقةٌ لله تعالى. والفَرْق بيننا وبين الجبريةِ أنهم لم يروا بين المخلوقِ بالواسطة وبدونِها فرقًا، فخالفوا البداهة، وركبوا السفاهة: وأما علماءُ الحقِّ، فقالوا به، فإِنَّ الفِعل إذا ظهر على أيدي العبد، صار له مدخل، ولو كان في الجملة، فاِنْ شِئت سَمَّيته كَسْبًا، أو غير ذلك، لا نزاحمك فيه، وإذن لا يكون النزاع إلَّا في التسمية. وإن أردت أن تقولَ بِعَدم الفَرْق بين المخلوقِ بلا واسطة، وبين المخلوق على أيدي العباد، فلا تجد الى إثباتِه سبيلًا، إلَّا بمصادمة البداهة، والركوب على السفاهةِ، فإنَّ الفرق بينهما جَلي، يحسُّه كلُّ عاقل، وإنما تعذَّر حل المقام على الأنام، لأن فِعْل العبد مما لا نظير له، وذلك لأنه ليس شيء، إلَّا وهو تحت قُدْرتِه تعالى، فإِذا أردنا أن نجد شيئًا لا تتحقق فيه وجهة إلى الله تعالى فقدرناه، فنلتجىءُ إلى إسناده إلى الله تعالى، ثُمَّ إذا نظرنا إلى الأشياءِ قد يوجِدْها العباد، ومن الأشياء ما لا دخل للعباد في وجودِها، نضطر إلى بيانِ الفَرْق بينهما، لا محالة. ولا نستطيعُ أن نقولَ بكونها مخلوقة للعباد، لِضَعْفهم، وَوَهَن بنيانهم، والأشياءُ أيضًا تأبى أن تكون وجوداتُهم مستندةً إلى مَن لا يستقلُّ في وجوده بنفسه، فعبَّرنا عنه بالكَسب، ولا معنى له إلَّا كونُ تلك الأفعال ظاهرة على أيديهم. فالكَسْب أخفُّ من الخَلْق، فالنسبة بين الفِعلين كالنسبة بين الفاعلين، وأنت تعلم أن العبد بحذاء أشعةِ أنوار ذاته متلاشىً، ولولا حُجُبُ النور لأحرقت سُبحاتُ وَجْهِه ما انتهى إليه بصره تعالى من خلقه. وإنما أطلنا الكلَامَ لِتعلم أن البلوغَ إلى غايته، مما لا يمكنُ، فإنَّ نَفْس وجودِ العبد مما تحير فيه الفُحول: فبعضهم قالوا: بَوحْدة الوجود، وآخرون ذهبوا إلى تعدُّد الموجود، مع القولِ بوحدة الوجود، إلى غير ذلك من الأقوال، فلا تذهب نَفْسك عليه حسراتٍ، وقد سمعت بَعضه من شيخي، وإنما ذكرته في الحاشية لأن تعبيره بهذا النحو من عندي. والله تعالى أعلم بالصواب. (¬1) قلت: ولا سيما إذا كان للتحنط، فلعله كان يستعمله، ولم يكن عنده إذ ذاك أحَدٌ، ولما دخل عليه أَنَسٌ رآه على هذا الحال، وليس فيه أنه لم يُغطَّها بعد ما جاءه أنَسٌ، فيمكن أن يكون غَطَّاها بعد دُخُوله.

40 - باب فضل الطليعة

قوله: (انكِشَافًا مِن النَّاس) أي نوع انهزام، لأنَّ الناس إذا تَرَكْوا مواضِعَهم وتفرَّقُوا، حَصَل الانكشافُ لا محالة. قوله: (هكذا عَنْ وُجُوهِنا) أي خلوا وقومُوا عنَّا لِنُضارب القَوْمَ. واعلم أن ثابت بنَ قَيس (¬1) هذا كان خطيب النبيِّ صلى الله عليه وسلّم قُتِل يوم اليمامةِ؛ وكانت دِرْعُه سُرِقت فنساها أحدٌ منهم تحت وَبَرِ الإِبل، فرآه أحدٌ في المنام يقول: أن بَلِّغ أبا بكرٍ مني السَّلام، وقل له: إنه لا يكون لكم عُذْرٌ عند الله ورسولِه أنْ وُجِد منكم خُشوعٌ في الحرب، وأن دِرْعه في مَوْضع فلان، فأخرجه. ذكره مُسْلمٌ مَبسوطًا. 40 - باب فَضْلِ الطَّلِيعَةِ 2846 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ يَأْتِينِى بِخَبَرِ الْقَوْمِ يَوْمَ الأَحْزَابِ». قَالَ الزُّبَيْرُ أَنَا. ثُمَّ قَالَ «مَنْ يَأْتِينِى بِخَبَرِ الْقَوْمِ». قَالَ الزُّبَيْرُ أَنَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لِكُلِّ نَبِىٍّ حَوَارِيًّا، وَحَوَارِىَّ الزُّبَيْرُ». أطرافه 2847، 2997، 3719، 4113، 7261 - تحفة 3020 41 - باب هَلْ يُبْعَثُ الطَّلِيعَةُ وَحْدَهُ 2847 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ نَدَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ - قَالَ صَدَقَةُ أَظُنُّهُ - يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَ النَّاسَ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لِكُلِّ نَبِىٍّ حَوَارِيًّا، وَإِنَّ حَوَارِىَّ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ». أطرافه 2846، 2997، 3719، 4113، 7261 - تحفة 3031 42 - باب سَفَرِ الاِثْنَيْنِ 2848 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ انْصَرَفْتُ مِنْ عِنْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ لَنَا أَنَا وَصَاحِبٌ لِى «أَذِّنَا وَأَقِيمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا». أطرافه 628، 630، 631، 658، 685، 819، 6008، 7246 - تحفة 11182 ترجم بجواز سَفَرَ الرجُلين، ونَظرُه إلى ما رُوي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أنَّ الواحد شيطان، والاثنين شيطانانِ، والثلاثةُ رَكْبٌ وحاصل المقام أن الشَّرْع لا يَتْرك النُّصْح في كلِّ موضع، فَيُعلِّم ما هو الأَنْسب للنَّاس، والأَوْلى يحالهم، مع عِلْمه أن الناس قد لا يأتون به للعجز عنه في بعض الأحوال، كما في الحديث المذكور، فإِنَّ الرفاقة قد تعوز، ويضطر الإِنسانُ إلى السَّفر منفردًا، فيجيزُه الشَّرْع لا محالة، مع بيان الضَّررِ فيه. وهذا كما نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عن كَسْب الحِجامة، ثم لا بد للناس من احتجام؛ وكالعِرافة نَهى عنها، ثم قال: ولا بدَّ لهم من العرافة. فيحتاجُ النَّاسُ إلى أمورٍ بحسب حوائجهم، يكون فيهم لهم ضررٌ، فيأتي الشَّرْعُ، ويخبرهم بما فيه من الضرر، ¬

_ (¬1) ذَكَر العَيني قِصَّته في "العمدة" فراجعها، وفيه قِصَّةٌ أخرى ذَكَرَها.

43 - باب الخيل معقود فى نواصيها الخير إلى يوم القيامة

وَيَدُلَّهم على ما هو الأَنْفَعُ لهم، مع عِلْمه أن النَّاس لا مناص لهم من الاقتحام فيه تكوينًا؛ ويجتمع في مثل هذه المواضع النهيُّ مع بيانِ الجواز، وكلاهما مَعْقُولٌ، كما عرفت. 43 - باب الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِى نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ 2849 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْخَيْلُ فِى نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». طرفه 3644 - تحفة 8377 - 34/ 4 2850 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُصَيْنٍ وَابْنِ أَبِى السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْجَعْدِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِى نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». قَالَ سُلَيْمَانُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ. تَابَعَهُ مُسَدَّدٌ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ. أطرافه 2852، 3119، 3643 - تحفة 9897 2851 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْبَرَكَةُ فِى نَوَاصِى الْخَيْلِ». طرفه 3645 - تحفة 1695 وهذا لكونه آلةً للجهاد، فهو إشارةٌ إلى أن الجهادَ ماضٍ إلى يومِ القيامة. 44 - باب الْجِهَادُ مَاضٍ مَعَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ لِقَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِى نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». 2852 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ حَدَّثَنَا عُرْوَةُ الْبَارِقِىُّ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِى نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ». أطرافه 2850، 3119، 3643 - تحفة 9897 فيه إيماءٌ إلى أَصْلٍ عظيمٍ، وهو أَنَّ الأمور التي تتقوَّمُ من الجماعةِ لا يُنْظر فيها إلى الأحوال الأفراد خاصَّةَ لا تخلو عن بَرِّ وفاجر دائمًا، ويتعذَّرُ وجودُ جماعةٍ لا يكون فيها إلا الخيار؛ فلو توقف الأمر على تَلَّوُّم مِثْل تلك الجماعة لأدَّى إلى تعطيل أكثرِ أعمال الخير، وقد سار في المثل السائر: ما لاُ يُدركُ كُلُّه، لا يترك كُلُّه. فلما كان «الجهادُ ماضٍ إلى يومِ القيامة»، وهوأَمْرُ جماعةٍ، ومعلوم أنَّ خيرَ الأئمة لا يتيسر دائمًا، فإِما أن يتعطَّل الجهادُ، أو يبقى مع كل بَرَ وفاجر؛ فَنَّه على أن لا تمتنعوا عن الجهادِ بفُجُور الأئمة، فإِنَّ الله تعالى قد يُؤيِّد دِينَه بالرُّجُل الفاجر أيضًا. فإِنَّ في تَفَحُّص أحوال الناس، والتأخُّر عن فاجرهم تأخرًا عن الخيرِ المحْض، وهو الجهاد، وذلك قد يؤدِّي إلى انعدامه، فإِطاعةُ فاجرٍ أَوْلى من إعدام خَيْرٍ، والتطوُّق بالذُّلّ أَبَدَ الدَّهْرِ.

45 - باب من احتبس فرسا

وقد مرَّ في العِلْم: أن الطائفةَ التي تبقى ظاهرةً على الحقِّ إلى يوم القيامة، هي طائفةُ المجاهدين، حتى يَنْزِلَ المسيحُ ابنُ مريم، فيجاهد في سبيلِ الله، وهو قوله تعالى: {وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 55] وراجع تفصيله في رسالتي «عقيدة الإِسلام، في حياة عيس عليه الصلاة والسلام». 45 - باب مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: 60]. 2853 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا طَلْحَةُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدًا الْمَقْبُرِىَّ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا فِى سَبِيلِ اللَّهِ إِيمَانًا بِاللَّهِ وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِ، فَإِنَّ شِبَعَهُ وَرِيَّهُ وَرَوْثَهُ وَبَوْلَهُ فِى مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». تحفة 12964 46 - باب اسْمِ الْفَرَسِ وَالْحِمَارِ 2854 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَخَلَّفَ أَبُو قَتَادَةَ مَعَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ وَهُمْ مُحْرِمُونَ وَهْوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَرَأَوْا حِمَارًا وَحْشِيًّا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، فَلَمَّا رَأَوْهُ تَرَكُوهُ حَتَّى رَآهُ أَبُو قَتَادَةَ، فَرَكِبَ فَرَسًا لَهُ يُقَالُ لَهُ الْجَرَادَةُ، فَسَأَلَهُمْ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ فَأَبَوْا، فَتَنَاوَلَهُ فَحَمَلَ فَعَقَرَهُ، ثُمَّ أَكَلَ فَأَكَلُوا، فَنَدِمُوا فَلَمَّا أَدْرَكُوهُ قَالَ «هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَىْءٌ». قَالَ مَعَنَا رِجْلُهُ، فَأَخَذَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَكَلَهَا. أطرافه 1821، 1822، 1823، 1824، 2570، 2914، 4149، 5406، 5407، 5490، 5491، 5492 - تحفة 12099 - 35/ 4 2855 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا أُبَىُّ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كَانَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَائِطِنَا فَرَسٌ يُقَالُ لَهُ اللُّحَيْفُ. تحفة 4793 فذكر فيه فَرس أبي قتادة أي الجرادة، واسم فَرَس النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وهو اللَّخِيف - واسم حِمارِه - وهو عُفَير وفي «السِّير» أن هذا العُفَير ألقى نفسه في حفرةٍ بعد وفاةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ومات. 2855 - قوله: (كان النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في حائطنا فرسٌ) أي كان يربى ويَرْبِطُ في حائطنا. واعلم أن التاء في أسماء الذكور كثيرةٌ في لسان العرب، لكونها منقولةً، كطحلةَ، فإِنَّها كانت اسمًا لشجرةٍ ذاتِ شَوْك، ثُم سُمِّي بها رجلٌ من الصحابة، وبقيت التاي فيه على الأصل؛ فقالوا: بأنه غيرُ مُنْصرِف للتاء والعَلَمية. 2856 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ آدَمَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ مُعَاذٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ رِدْفَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ، فَقَالَ «يَا مُعَاذُ، هَلْ تَدْرِى حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ

47 - باب ما يذكر من شؤم الفرس

عَلَى اللَّهِ». قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لاَ يُعَذِّبَ مَنْ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلاَ أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ قَالَ «لاَ تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا». أطرافه 5967، 6267، 6500، 7373 - تحفة 11351 2857 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ فَزَعٌ بِالْمَدِينَةِ، فَاسْتَعَارَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَسًا لَنَا يُقَالُ لَهُ مَنْدُوبٌ. فَقَالَ «مَا رَأَيْنَا مِنْ فَزَعٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا». أطرافه 2627، 2820، 2862، 2866، 2867، 2908، 2968، 2969، 3040، 6033، 6212 - تحفة 1238 47 - باب مَا يُذْكَرُ مِنْ شُؤْمِ الْفَرَسِ 2858 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِى ثَلاَثَةٍ فِى الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ». أطرافه 2099، 5093، 5094، 5753، 5772 - تحفة 6838 2859 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنْ كَانَ فِى شَىْءٍ فَفِى الْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالْمَسْكَنِ». طرفه 5095 - تحفة 4745 2858 - قوله: [إنَّما الشُّؤمُ في ثَلاثةٍ] واعلم أنَّ الأحاديثَ في الشُّؤم قد تَرِد بلفظ الخير، كما في الحديث المذكور؛ وقد ترِد بلفظ الشِّرْط، هكذا لو كان الشُّؤمُ لكان في ثلاثةٍ، فما لم يتعيَّن اللفظُ لم يَثْبت الشُّؤمُ عند الشَّرع، ثُم المرادُ من الشؤم (¬1)، عند العماء هو عدمُ ملاءتها؛ وإنما خصَّصها بالذكر لأهميتها، ولكنها أكثرَ معاملةِ الرَّجل بها. ثُم لا بد من تسليمِ خصائص شِيَاتِ الفَرَس، لما في «جامع التَّرْمذي» أن فَرَس كذا في شِيَةُ كذا، يكون كذا، وفَرَس كذا فيه شِيَةُ كذا، يكون كذا. وهذا كلُّه يُعْلم من التجربة، كما اشتهر عند أهل العُرْف: كُلّ طويلٍ أحمق. فتلك الفُروقُ باقيةٌ في الأحاديث. أما النحوسةُ التي هي عند أهل الجاهلية، فقد وضعها الشَّرْعُ تحت قَدَمهِ (¬2). ¬

_ (¬1) قلت: ويؤيده ما رواه أبو داود عن رافع بن مكيث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: حسن الملكة يمن، وسوء الخلق شؤم، كذا في "المشكاة - من باب النفقات" وحق المملوك، فليس الشؤم ما كان عند أهل الجاهلية، بل هو على حد ما في حديث رافع، وراجع البحث فيه من العيني: ص 600، 601 - ج 6، فقد سط فيه جدًا، وإن كان بعض الأجوبة ما لو لم يذكره لكان أحسن، والله تعالى أعلم، وكذا تكلم عليه الألوسي في "تفسيره" ص 254 - ج 3، و"المعتصر" ص 357. (¬2) يقول العبد الضعيف: وقد رأيت في مكتوبات الشيخ المجدد السرهندي: ص 256، وص 278 من المجلد الأول، أن النحوسة كانت في الأيام قبل بعثته - صلى الله عليه وسلم -، فلما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - رحمة للعالمين، صارت كلها سواء، لا نحوسة فيها، ولا شؤم، وهذا لطيف جدًا.

48 - باب الخيل لثلاثة

48 - باب الْخَيْلُ لِثَلاَثَةٍ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: 8]. 2860 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَيْلُ لِثَلاَثَةٍ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِى لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَالَ فِى مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِى طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ أَرْوَاثُهَا وَآثَارُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَهَا كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِئَاءً وَنِوَاءً لأَهْلِ الإِسْلاَمِ فَهْىَ وِزْرٌ عَلَى ذَلِكَ». وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْحُمُرِ، فَقَالَ «مَا أُنْزِلَ عَلَىَّ فِيهَا إِلاَّ هَذِهِ الآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} [الزلزلة: 7 - 8]. أطرافه 2371، 3646، 4962، 4963، 7356 - تحفة 12316 - 36/ 4 وقد كُنت تَمسَّكْت بالحديثِ على وُجوبِ الزَّكاة على الفَرَس أيضًا أيضًا. قوله: (ولم يرد السقيا) إلخ وهذا ما كنت أقوله: إن النية الإجمالية تكفي لإحراز الثواب فإن صاحب الفرس لم ينو سقياه؛ ثم عد ذلك حسنة له، فالأجر قد يحصل عند عدم سنوح التفصيل أيضًا. 49 - باب مَنْ ضَرَبَ دَابَّةَ غَيْرِهِ فِى الْغَزْوِ 2861 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِىُّ قَالَ أَتَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىَّ، فَقُلْتُ لَهُ حَدِّثْنِى بِمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ سَافَرْتُ مَعَهُ فِى بَعْضِ أَسْفَارِهِ - قَالَ أَبُو عَقِيلٍ لاَ أَدْرِى غَزْوَةً أَوْ عُمْرَةً - فَلَمَّا أَنْ أَقْبَلْنَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَعَجَّلَ إِلَى أَهْلِهِ فَلْيُعَجِّلْ». قَالَ جَابِرٌ فَأَقْبَلْنَا وَأَنَا عَلَى جَمَلٍ لِى أَرْمَكَ لَيْسَ فِيهِ شِيَةٌ، وَالنَّاسُ خَلْفِى، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ قَامَ عَلَىَّ، فَقَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا جَابِرُ اسْتَمْسِكْ». فَضَرَبَهُ بِسَوْطِهِ ضَرْبَةً، فَوَثَبَ الْبَعِيرُ مَكَانَهُ. فَقَالَ «أَتَبِيعُ الْجَمَلَ». قُلْتُ نَعَمْ. فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَدَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَسْجِدَ فِى طَوَائِفِ أَصْحَابِهِ، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ، وَعَقَلْتُ الْجَمَلَ فِى نَاحِيَةِ الْبَلاَطِ. فَقُلْتُ لَهُ هَذَا جَمَلُكَ. فَخَرَجَ، فَجَعَلَ يُطِيفُ بِالْجَمَلِ وَيَقُولُ «الْجَمَلُ جَمَلُنَا». فَبَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَوَاقٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ «أَعْطُوهَا جَابِرًا». ثُمَّ قَالَ «اسْتَوْفَيْتَ الثَّمَنَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «الثَّمَنُ وَالْجَمَلُ لَكَ». أطرافه 443، 1801، 2097، 2309، 2385، 2394، 2406، 2470، 2603، 2604، 2718، 2967، 3087، 3089، 3090، 4052، 5079، 5080، 5243، 5244، 5245، 5246، 5247، 5367، 6387 - تحفة 2499 2861 - قوله: (جَمَلٍ أَرْمَكَ) "خاكستر أونت". قوله: (لَيْس فيه شِيْةٌ) أي بُقْعةٌ خلاف لَوْنِها.

50 - باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل

قوله: (وعَقَلْتُ البعير في ناحِيةِ البلاطِ) وهذا صريحٌ في أنَّه لم يَعْقِلها في متن المسجد، ولكنها كانت في ناحية البلاط؛ فلا عبرةَ بإِبهامِ الرُّواةِ، لأنه شاع عنده التعبيرُ عن المكان القريبِ بذلك المكانِ بعينه. 50 - باب الرُّكُوبِ عَلَى الدَّابَّةِ الصَّعْبَةِ وَالْفُحُولَةِ مِنَ الْخَيْلِ وَقَالَ رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ: كَانَ السَّلَفُ يَسْتَحِبُّونَ الْفُحُولَةَ، لأَنَّهَا أَجْرَى وَأَجْسَرُ. 2862 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَزَعٌ، فَاسْتَعَارَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَسًا لأَبِى طَلْحَةَ، يُقَالُ لَهُ مَنْدُوبٌ فَرَكِبَهُ، وَقَالَ «مَا رَأَيْنَا مِنْ فَزَعٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا». أطرافه 2627، 2820، 2857، 2866، 2867، 2908، 2968، 2969، 3040، 6033، 6212 - تحفة 1238 - 37/ 4 - قوله: (وقال راشِدُ بنُ سَعْد) ... الخ، وهو راوٍ من رُواةِ الشَّام. قوله: (لأنها أَجْرَى)، وقد اشتهر في العُرْف أن الفَرَس أَجْرَى الحيواناتِ، وأَشْجَعُها، وأفرسها؛ ولذا سُمِّي فَرَسًا، لِشِدَّة فِرَاستِه في الحرب. 51 - باب سِهَامِ الْفَرَسِ 2863 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَعَلَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِصَاحِبِهِ سَهْمًا. وَقَالَ مَالِكٌ يُسْهَمُ لِلْخَيْلِ وَالْبَرَاذِينِ مِنْهَا لِقَوْلِهِ {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} [النحل: 8] وَلاَ يُسْهَمُ لأَكْثَرَ مِنْ فَرَسٍ. طرفه 4228 - تحفة 7841 البِرْذَون ما يكونُ أحدُ أبويه عَجمِيًا. 2863 - قوله: (جَعَل لِلفَرس سَهْمين) وعند أبي داود، أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم أَسْهم لرجلٍ، لِفَرسِه ثلاثةً أسهم: سهمًا له، وسَهْمَينِ لِفَرسه. اهـ. فسقط ما ذكروه من التأويل، ولنا ما عند أبي (¬1) داود: في حديث قِسْمة خبيرَ أَهْل الحُدَيبية: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قَسَمها على ثمانية عشر سَهْمًا؛ وكان الجيش الفًا وأربع مئة، فيهم ثلاث مئة فارس؛ فأعطى الفارِسَ سَهْمين، والراجل سَهْمًا. ¬

_ (¬1) قلت: وقد تكلم المارديني على حديث مجمع بن جارية الذي رواه أبو داود، وأجاب عما تعقبوا عليه، فحكى عن الشافعي أن مجمع بن يعقوب الذي هو أحد رواته شيخ لا يعرف، قال المارديني: أخرج حديثه الحاكم، وقال: هو معروف، وقال صاحب "الكمال": أدى عنه القعنبي، ويحيى الوحاظي، وإسماعيل بن أبي أوس، ويونس المؤدب، وأبو عامر القعدي، وغيرهم، وقال ابن سعد: توفي بالمدينة، وكان ثقة، وقال أبو حاتم، وابن معين: ليس به بأس -ومعلوم أن ابن معين إذا قال: ليس به بأس، فهو توثيق- وروى له أبو داود، والنسائي، اهـ. وفي "التهذيب" لابن جرير الطبري: روى عن أبي موسى أنه كما أخذ تستر، قتل مقاتلهم، جعل للفارس سهمين، وللراجل سهمًا، اهـ. وفي -مصنف ابن أبي شيبة- عن علي، قال: للفارس سهمان، ونقل عنه خلافه أيضًا، =

52 - باب من قاد دابة غيره فى الحرب

فإِنَّ قلت: إنَّ الجيش ما في «البخاري» في المغازي إلفًا وأربع مئة، أو أكثر؛ وحينئذٍ لا يستقيم الحديثُ على مذهب الحنفية. قلت: وفيه مِثْل ما عند أبي داود أيضًا؛ فلا بُدَّ من تسليم العَدَدَيْن؛ ويقال: إن في أحد الطُّرق بيان عددِ المقاتلةِ، وفي الأخرى بيان عدد المجموع. وأما حديثُ ثلاثة أَسهم - كما عند أبي داود - فمحمولٌ على التنفيل (¬1) عندنا، وهو إلى رأى الإِمام، وذلك لأنَّ الجِهاد محلُّ التحريض، فورد فيه التنفيلُ بالسَّلب، والثلث، والرابع، إلى غير ذلك؛ فلما ثبت هذا النوعُ في هذا الباب لم يبق في حَمْله على النَّفْل بُعْدٌ. قوله: ({لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً}) فالركوبُ من مقاصِدها الأصلية، والزينةُ من أَوْصافها الخارجية التابعة، ولذا ذكرها بالعطف. من ههنا عُلِم أن لا حُجَّةَ للشافعيةِ في قول عمر؛ أن رَفْع اليدين زينةٌ للصلاة. لأنَّ لفظ الزينةُ يُنبىء عن كونِها معنىً زائدًا. والمصنِّف كَرَّرَه، وطحنه في جزء «رَفْع اليدين»؛ فطنَّ أنَّ قوله حجةٌ له، مع أن كونه للزينةِ يدلُّ على خِفَّة أَمْره، وأنه ليس مقصودًا لِذاتِه. 52 - باب مَنْ قَادَ دَابَّةَ غَيْرِهِ فِى الْحَرْبِ 2864 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ. قَالَ رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ حُنَيْنٍ قَالَ لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَفِرَّ، إِنَّ هَوَازِنَ كَانُوا قَوْمًا رُمَاةً، وَإِنَّا لَمَّا لَقِينَاهُمْ حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ فَانْهَزَمُوا، فَأَقْبَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْغَنَائِمِ وَاسْتَقْبَلُونَا بِالسِّهَامِ، فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَفِرَّ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَإِنَّهُ لَعَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ آخِذٌ بِلِجَامِهَا، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَنَا النَّبِىُّ لاَ كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ». أطرافه 2874، 2930، 3042، 4315، 4316، 4317 - تحفة 1873 53 - باب الرِّكَابِ وَالْغَرْزِ لِلدَّابَّةِ 2865 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ¬

_ = هذا ملخص ما في "الجوهر النقي" ص 60 - ج 2، قال الشيخ -في درس الترمذي-: نقل عن أبي حنيفة أنه قال: لا أفضل الفرس على الإِنسان، بأن يعطى له سهمان، والإِنسان سهم، وهو تفقه قوي، ثم إنه روي عن ابن عمر نحوه أيضًا، وإن اختلف النقل عنه، فبقي حديث مجمع بن جارية حجة لنا على ما فيه من اختلاف العدد، والله تعالى أعلم. (¬1) قلت: وهذا الجواب ذكره الرازي في "أحكام القرآن" وسنذكر نصه في "باب غزوة خيبر" من المغازي من حديث ابن عمر، في قسمة سهام خيبر، فراجعه، وكذا نذكر ما ذكره ابن الملك في "الحاشية"، وقد ذكرنا لك عبارة المارديني في الهامش عن قريب، فراجع المواضع الثلاثة، تغنيك عن مراجعة الأسفار إن شاء الله تعالى.

54 - باب ركوب الفرس العرى

ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَدْخَلَ رِجْلَهُ فِى الْغَرْزِ وَاسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ قَائِمَةً، أَهَلَّ مِنْ عِنْدِ مَسْجِدِ ذِى الْحُلَيْفَةِ. أطرافه 166، 1514، 1552، 1609، 5851 - تحفة 7840 الرِّكاب من الحديد، والخشب، والعَزْر لا يكون إلا من الجِلْد. 54 - باب رُكُوبِ الْفَرَسِ الْعُرْىِ 2866 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه اسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى فَرَسٍ عُرْىٍ، مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ، فِى عُنُقِهِ سَيْفٌ. أطرافه 2627، 2820، 2857، 2862، 2867، 2908، 2968، 2969، 3040، 6033، 6212 - تحفة 289، 301 أ 55 - باب الْفَرَسِ الْقَطُوفِ 2867 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَزِعُوا مَرَّةً، فَرَكِبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَسًا لأَبِى طَلْحَةَ كَانَ يَقْطِفُ - أَوْ كَانَ فِيهِ قِطَافٌ - فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ «وَجَدْنَا فَرَسَكُمْ هَذَا بَحْرًا». فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لاَ يُجَارَى. أطرافه 2627، 2820، 2857، 2862، 2866، 2908، 2968، 2969، 3040، 6033، 6212 - تحفة 1198 56 - باب السَّبْقِ بَيْنَ الْخَيْلِ 2868 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَجْرَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَا ضُمِّرَ مِنَ الْخَيْلِ مِنَ الْحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَأَجْرَى مَا لَمْ يُضَمَّرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِى زُرَيْقٍ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَكُنْتُ فِيمَنْ أَجْرَى. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ. قَالَ سُفْيَانُ بَيْنَ الْحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ خَمْسَةُ أَمْيَالٍ أَوْ سِتَّةٌ، وَبَيْنَ ثَنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِى زُرَيْقٍ مِيلٌ. أطرافه 420، 2869، 2870، 7336 - تحفة 7895 - 38/ 4 ويجوز فيه الاشتراطُ مِن طَرفٍ واحد، ولا يجوز من طَرَفين. 57 - باب إِضْمَارِ الْخَيْلِ لِلسَّبْقِ 2869 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِى لَمْ تُضَمَّرْ، وَكَانَ أَمَدُهَا مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِى زُرَيْقٍ. وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ سَابَقَ بِهَا. أطرافه 420، 2868، 2870، 7336 - تحفة 8280 58 - باب غَايَةِ السَّبْقِ لِلْخَيْلِ الْمُضَمَّرَةِ 2870 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَابَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ

59 - باب ناقة النبى - صلى الله عليه وسلم -

الْخَيْلِ الَّتِى قَدْ أُضْمِرَتْ فَأَرْسَلَهَا مِنَ الْحَفْيَاءِ، وَكَانَ أَمَدُهَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ. فَقُلْتُ لِمُوسَى فَكَمْ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَالَ سِتَّةُ أَمْيَالٍ أَوْ سَبْعَةٌ. وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِى لَمْ تُضَمَّرْ، فَأَرْسَلَهَا مِنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَكَانَ أَمَدُهَا مَسْجِدَ بَنِى زُرَيْقٍ، قُلْتُ فَكَمْ بَيْنَ ذَلِكَ قَالَ مِيلٌ أَوْ نَحْوُهُ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ مِمَّنْ سَابَقَ فِيهَا. أطرافه 420، 2868، 2869، 7336 - تحفة 8467 59 - باب نَاقَةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَرْدَفَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أُسَامَةَ عَلَى الْقَصْوَاءِ. وَقَالَ الْمِسْوَرُ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ». 2871 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَتْ نَاقَةُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يُقَالُ لَهَا الْعَضْبَاءُ. طرفه 2872 - تحفة 562 2872 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نَاقَةٌ تُسَمَّى الْعَضْبَاءَ لاَ تُسْبَقُ - قَالَ حُمَيْدٌ أَوْ لاَ تَكَادُ تُسْبَقُ - فَجَاءَ أَعْرَابِىٌّ عَلَى قَعُودٍ فَسَبَقَهَا، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى عَرَفَهُ فَقَالَ «حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ لاَ يَرْتَفِعَ شَىْءٌ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ وَضَعَهُ». طَوَّلَهُ مُوسَى عَنْ حَمَّادٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2871 - تحفة 663، 320 - 39/ 4 اختلف أهلُ السِّيرَ في أن القَصواء، والجَدْعَاء، والعَضْبَاء، كانت ثلاثَ نُوقٍ للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم أوكلها أسماءُ لناقةٍ واحدةٍ. قوله: (ماخَلأت) أي ما طغت. 2872 - قوله: (قَعُود) هو الإِبل القَوي ابنِ ثلاثِ، أَرْبعِ سنين. 60 - باب الْغَزْوِ عَلَى الْحَمِيرِ 61 - باب بَغْلَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْبَيْضَاءِ قَالَهُ أَنَسٌ. وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: أَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بَغْلَةً بَيْضَاءَ. - قوله: (أَهُدَى مَلِكُ أَيْلَةَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم بَغْلَةَ بَيْضَاءَ) وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وَهَبها عليًا؛ وهي التي يُقال لها: الدُّلْدِّل. 2873 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الْحَارِثِ قَالَ مَا تَرَكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ وَسِلاَحَهُ وَأَرْضًا تَرَكَهَا صَدَقَةً. أطرافه 2739، 2912، 3098، 4461 - تحفة 10713

62 - باب جهاد النساء

2874 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا أَبَا عُمَارَةَ وَلَّيْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ قَالَ لاَ، وَاللَّهِ مَا وَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَكِنْ وَلَّى سَرَعَانُ النَّاسِ، فَلَقِيَهُمْ هَوَازِنُ بِالنَّبْلِ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذٌ بِلِجَامِهَا، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَنَا النَّبِىُّ لاَ كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ أطرافه 2864، 2930، 3042، 4315، 4316، 4317 - تحفة 1848 2874 - قوله: (لا والله ما ولى (¬1) النَّبيُّ صلى الله عليه وسلّم) جواب على أسلوبٍ الحكيم، فإِنَّ العبرة بالإِمام: وإذا ثبت النبيّ صلى الله عليه وسلّم على مكانه لم يتزحْزَح عنه قَيْدَ شِبْر، بل لم يَزَل يُركِض بَغْلَتَه أمامَهم، فكيف يصح الإِلزامُ بالتولِّي! وفي كتب السِّيَر أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كلما كان يريدُ أن يأخُذَ قبضةً من تراب، كانت بَغْلَتَه تهوي نحو أَرْض حتى يأخذها، فيضرِبُها في وُجُوهِهم؛ فلم تَبْق منهم نَفْسٌ واحدة إلا وقعت في عينيها، فانهزموا، وتولّوا مُدْبِرين. 62 - باب جِهَادِ النِّسَاءِ 2875 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اسْتَأْذَنْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْجِهَادِ. فَقَالَ «جِهَادُكُنَّ الْحَجُّ». وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بِهَذَا. أطرافه 1520، 1861، 2784، 2876 - تحفة 17881 2876 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بِهَذَا. وَعَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلَهُ نِسَاؤُهُ عَنِ الْجِهَادِ فَقَالَ «نِعْمَ الْجِهَادُ الْحَجُّ». أطرافه 1520، 1861، 2784، 2875 - تحفة 17871، 17881 63 - باب غَزْوِ الْمَرْأَةِ فِى الْبَحْرِ 2877 و 2878 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِىِّ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى ابْنَةِ مِلْحَانَ فَاتَّكَأَ عِنْدَهَا، ثُمَّ ضَحِكَ فَقَالَتْ لِمَ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ «نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ الأَخْضَرَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، مَثَلُهُمْ مَثَلُ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ». فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. قَالَ «اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا مِنْهُمْ». ثُمَّ عَادَ فَضَحِكَ، فَقَالَتْ لَهُ مِثْلَ أَوْ مِمَّ ذَلِكَ فَقَالَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَتِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. قَالَ «أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ، وَلَسْتِ مِنَ الآخِرِينَ». قَالَ قَالَ أَنَسٌ فَتَزَوَّجَتْ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ مَعَ بِنْتِ قَرَظَةَ، فَلَمَّا قَفَلَتْ رَكِبَتْ ¬

_ (¬1) وقد تكلم عليه الحافظ في "الفتح" ص 20 - ج 8، وقد ذكرنا بعض كلامه في "المغازي".

64 - باب حمل الرجل امرأته فى الغزو دون بعض نسائه

دَابَّتَهَا فَوَقَصَتْ بِهَا، فَسَقَطَتْ عَنْهَا فَمَاتَتْ. حديث 2877 أطرافه 2788، 2799، 2894، 6282، 7001 - تحفة 971 - 40/ 4 حديث 2878 أطرافه 2789، 2800، 2895، 2924، 6283، 7002 - تحفة 18307 2877، 2878 - قوله: (فَتَزَوَّجَت عُبادة بَن الصَّامِت) ... الخ، قيل: إنها كانت في نِكَاحِه مِنْ قَبْل، فما معنى قوله: فتزوجت؟ قال الحافظ: بتقدير الطلاق، أي طَلَّقها، ثُم تَزوَّجها، قلت: لا حاجةَ إليه، بل هو بيانٌ للنِّكاح الماضي، لا أنَّها تزوَّجت الآن؛ على أنه لا عِبرة باللفظ، فإِنَّ الرواةَ يَخْبِطُون فيها كثيرًا. 64 - باب حَمْلِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ فِى الْغَزْوِ دُونَ بَعْضِ نِسَائِهِ 2879 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِىُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ قَالَ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، كُلٌّ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ يَخْرُجُ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِى غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِى، فَخَرَجْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ. أطرافه 2593، 2637، 2661، 2688، 4025، 4141، 4690، 4749، 4750، 4757، 5212، 6662، 6679، 7369، 7370، 7500، 7545 تحفة 16708، 16126، 17409، 16311 65 - باب غَزْوِ النِّسَاءِ وَقِتَالِهِنَّ مَعَ الرِّجَالِ 2880 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِى بَكْرٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا، تَنْقُزَانِ الْقِرَبَ - وَقَالَ غَيْرُهُ تَنْقُلاَنِ الْقِرَبَ - عَلَى مُتُونِهِمَا، ثُمَّ تُفْرِغَانِهِ فِى أَفْوَاهِ الْقَوْمِ، ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلآنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهَا فِى أَفْوَاهِ الْقَوْمِ. أطرافه 2902، 3811، 4064 - تحفة 1041 66 - باب حَمْلِ النِّسَاءِ الْقِرَبَ إِلَى النَّاسِ فِى الْغَزْوِ 2881 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِى مَالِكٍ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - قَسَمَ مُرُوطًا بَيْنَ نِسَاءٍ مِنْ نِسَاءِ الْمَدِينَةِ، فَبَقِىَ مِرْطٌ جَيِّدٌ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ عِنْدَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَعْطِ هَذَا ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الَّتِى عِنْدَكَ. يُرِيدُونَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِىٍّ. فَقَالَ عُمَرُ أُمُّ سَلِيطٍ أَحَقُّ. وَأُمُّ سَلِيطٍ مِنْ نِسَاءِ الأَنْصَارِ، مِمَّنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ عُمَرُ فَإِنَّهَا كَانَتْ تَزْفِرُ لَنَا الْقِرَبَ يَوْمَ أُحُدٍ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ تَزْفِرُ تَخِيطُ. طرفه 4071 - تحفة 10417 - 41/ 4 2881 - قوله: (قال أبو عبد الله: تَزْفِرُ: تخِيطُ) وهو سَهْوٌ؛ ولم يَثْبُت في اللغة معناه الخياطة؛ فالصواب أنَّ معناه تَحْمِل.

67 - باب مداواة النساء الجرحى فى الغزو

67 - باب مُدَاوَاةِ النِّسَاءِ الْجَرْحَى فِى الْغَزْوِ 2882 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نَسْقِى، وَنُدَاوِى الْجَرْحَى، وَنَرُدُّ الْقَتْلَى إِلَى الْمَدِينَةِ. طرفاه 2883، 5679 - تحفة 15834 68 - باب رَدِّ النِّسَاءِ الْجَرْحَى وَالْقَتْلَى 2883 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ خَالِدِ بْنِ ذَكْوَانَ عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ كُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَسْقِى الْقَوْمَ وَنَخْدُمُهُمْ، وَنَرُدُّ الْجَرْحَى وَالْقَتْلَى إِلَى الْمَدِينَةِ. طرفاه 2882، 5679 - تحفة 15834 69 - باب نَزْعِ السَّهْمِ مِنَ الْبَدَنِ 2884 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ رُمِىَ أَبُو عَامِرٍ فِى رُكْبَتِهِ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ قَالَ انْزِعْ هَذَا السَّهْمَ. فَنَزَعْتُهُ، فَنَزَا مِنْهُ الْمَاءُ، فَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِى عَامِرٍ». طرفاه 4323، 6383 - تحفة 9046 70 - باب الْحِرَاسَةِ فِى الْغَزْوِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ 2885 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَهِرَ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ قَالَ «لَيْتَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِى صَالِحًا يَحْرُسُنِى اللَّيْلَةَ». إِذْ سَمِعْنَا صَوْتَ سِلاَحٍ فَقَالَ «مَنْ هَذَا». فَقَالَ أَنَا سَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ، جِئْتُ لأَحْرُسَكَ. وَنَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 7231 - تحفة 16225 2886 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِىَ رَضِىَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ». لَمْ يَرْفَعْهُ إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى حَصِينٍ. طرفاه 2887، 6435 - تحفة 12822، 12848 2887 - وَزَادَنَا عَمْرٌو قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِىَ رَضِىَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتَقَشَ، طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، أَشْعَثَ رَأْسُهُ مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ، إِنْ كَانَ فِى

71 - باب فضل الخدمة فى الغزو

الْحِرَاسَةِ كَانَ فِى الْحِرَاسَةِ، وَإِنْ كَانَ فِى السَّاقَةِ كَانَ فِى السَّاقَةِ، إِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يَرْفَعْهُ إِسْرَائِيلُ وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ عَنْ أَبِى حَصِينٍ. وَقَالَ تَعْسًا. كَأَنَّهُ يَقُولُ فَأَتْعَسَهُمُ اللَّهُ. طُوبَى فُعْلَى مِنْ كُلِّ شَىْءٍ طَيِّبٍ، وَهْىَ يَاءٌ حُوِّلَتْ إِلَى الْوَاوِ وَهْىَ مِنْ يَطِيبُ. طرفاه 2886، 6435 - تحفة 12822، 12848 - 42/ 4 2885 - قوله: (لَيْتَ رَجُلا صالِحًا مِن أَصْحعابي يَحْرُسُني اللَّيلة) ... الخ، وذلك قبل أن يَنْزِل قولُه تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]. 71 - باب فَضْلِ الْخِدْمَةِ فِى الْغَزْوِ 2888 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِىِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَحِبْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَكَانَ يَخْدُمُنِى. وَهْوَ أَكْبَرُ مِنْ أَنَسٍ قَالَ جَرِيرٌ إِنِّى رَأَيْتُ الأَنْصَارَ يَصْنَعُونَ شَيْئًا لاَ أَجِدُ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلاَّ أَكْرَمْتُهُ. تحفة 3208 2889 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِى عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خَيْبَرَ أَخْدُمُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَاجِعًا، وَبَدَا لَهُ أُحُدٌ قَالَ «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ». ثُمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّى أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا كَتَحْرِيمِ إِبْرَاهِيمَ مَكَّةَ «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِى صَاعِنَا وَمُدِّنَا». أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 1116 2890 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِىِّ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَكْثَرُنَا ظِلاًّ الَّذِى يَسْتَظِلُّ بِكِسَائِهِ، وَأَمَّا الَّذِينَ صَامُوا فَلَمْ يَعْمَلُوا شَيْئًا، وَأَمَّا الَّذِينَ أَفْطَرُوا فَبَعَثُوا الرِّكَابَ وَامْتَهَنُوا وَعَالَجُوا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالأَجْرِ». تحفة 1607 2890 - قوله: (امْتَهِنُوا) أي بُلُوا من الخدمة، كما يَبْلى الثوبُ من الاستعمال. 72 - باب فَضْلِ مَنْ حَمَلَ مَتَاعَ صَاحِبِهِ فِى السَّفَرِ 2891 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كُلُّ سُلاَمَى عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ، يُعِينُ الرَّجُلَ فِى دَابَّتِهِ يُحَامِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ، وَكُلُّ خَطْوَةٍ يَمْشِيهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ، وَدَلُّ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ». طرفاه 2707، 2989 - تحفة 14700 - 43/ 4

73 - باب فضل رباط يوم في سبيل الله

73 - بابُ فَضْلِ رِبَاطِ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200] إِلَى آخِرِ الآيَةِ. 2892 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رِبَاطُ يَوْمٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا الْعَبْدُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ الْغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا». أطرافه 2794، 3250، 6415 - تحفة 4703 وإنما جعل الرباط في المَرْتبة الثانيةِ من الجهاد، لأنَّ الرِّباط لا يكون من واحدٍ، بل يكون من التناوبُ، فانحط منه منزلةً، وترجمته "جوكى دينا". 74 - باب مَنْ غَزَا بِصَبِيٍّ لِلْخِدْمَةِ 2893 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لأَبِى طَلْحَةَ «الْتَمِسْ غُلاَمًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِى حَتَّى أَخْرُجَ إِلَى خَيْبَرَ». فَخَرَجَ بِى أَبُو طَلْحَةَ مُرْدِفِى، وَأَنَا غُلاَمٌ رَاهَقْتُ الْحُلُمَ، فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا نَزَلَ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ كَثِيرًا يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ». ثُمَّ قَدِمْنَا خَيْبَرَ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَكَانَتْ عَرُوسًا، فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِنَفْسِهِ، فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الصَّهْبَاءِ حَلَّتْ، فَبَنَى بِهَا، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِى نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ». فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى صَفِيَّةَ. ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحَوِّى لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ، فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ نَظَرَ إِلَى أُحُدٍ فَقَالَ «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ». ثُمَّ نَظَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا بِمِثْلِ مَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِى مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ». أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 1117 - 44/ 4 75 - باب رُكُوبِ الْبَحْرِ 2894 و 2895 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ حَدَّثَتْنِى أُمُّ حَرَامٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يَوْمًا فِى بَيْتِهَا، فَاسْتَيْقَظَ وَهْوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يُضْحِكُكَ

76 - باب من استعان بالضعفاء والصالحين فى الحرب

قَالَ «عَجِبْتُ مِنْ قَوْمٍ مِنْ أُمَّتِى يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ، كَالْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. فَقَالَ «أَنْتِ مَعَهُمْ». ثُمَّ نَامَ، فَاسْتَيْقَظَ وَهْوَ يَضْحَكُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا. قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. فَيَقُولُ «أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ» فَتَزَوَّجَ بِهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، فَخَرَجَ بِهَا إِلَى الْغَزْوِ، فَلَمَّا رَجَعَتْ قُرِّبَتْ دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا، فَوَقَعَتْ فَانْدَقَّتْ عُنُقُهَا. حديث 2894 أطرافه 2788، 2799، 2877، 6282، 7001 - تحفة 18307 حديث 2895 أطرافه 2789، 2800، 2878، 2924، 6283، 7002 76 - باب مَنِ اسْتَعَانَ بِالضُّعَفَاءِ وَالصَّالِحِينَ فِى الْحَرْبِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ قَالَ: قَالَ لِي قَيْصَرُ سَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ فَزَعَمْتَ ضُعَفَاؤُهُمْ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ. تحفة 4850 2896 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ رَأَى سَعْدٌ - رضى الله عنه - أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلاَّ بِضُعَفَائِكُمْ». تحفة 3935 2897 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرًا عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنهم - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَأْتِى زَمَانٌ يَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَيُقَالُ نَعَمْ. فَيُفْتَحُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَأْتِى زَمَانٌ فَيُقَالُ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ أَصْحَابَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيُقَالُ نَعَمْ. فَيُفْتَحُ، ثُمَّ يَأْتِى زَمَانٌ فَيُقَالُ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ صَاحِبَ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيُقَالُ نَعَمْ. فَيُفْتَحُ». طرفاه 3594، 3649 - تحفة 3983 واعلم أن التَّوَسِّل بين السَّلف لم يكن كما هو المعهود بيننا، فإِنَّهم إذا كانوا يريدون أن يتوسَّلُوا بأحدٍ، كانوا يذهبون بِمَنْ يتوسَّلون به أيضًا معهم، ليدعوا لهم، يستغيثون بالله، ويدعونه، ويرجون الإِجابة منه، ببركةِ شموله، ووجوده فيهم؛ وهو معنى الاستعانة بالضعفاء، أي استنزال الرَّحمةِ ببركةِ كَوْنه فيهم. أما التوسُّل بأسماء الصالحين، كما هو المتعارفَ في زماننات، بحيث لا يكون للمتوسِّلين بهم عِلْم بتوسُّلنا، بل لا تُشتلرط فيه حياتُهم أيضًا، وإنما يُتوسل بِذِكْر أسمائِم فَحسْب، زعمًا منهم أن لهم وجاهةً عند الله، وقبولا، فلا يضيِّعُهم بِذِكْر أسمائهم، فذلك أَمْرٌ لا أُحِبُّ أَنْ اقتحم فيه، فلا أَدَّعِي ثبوتَه عن السف، ولا أَنْكِره، (¬1) وراجع له ¬

_ (¬1) قلت: ولعل ذلك لأن الشيخ كان يحسن الظن بأرباب الحقائق، بل كان هو أيضًا منهم، فإذا كان يرى تعارضًا بين أرباب الشريعة، والحقيقة في أمر يكف عنه لسانه إيجابًا وسلبًا، نظرًا إلى الجانبين، وربما رأيته جنح إلى جانب أرباب الحقائق، إن كان الشيء من موضوعهم، فقد سألت عنه مرة عن الاستفاضة من أهل القبور، هل يجوز ذلك أم لا؟ فقال لي: أما المحدثون فلا أراهم يجوزونه، ولكن أجيز أنا لكونه ثابتًا عند أرباب الحقائق. غير أنه ينبغي لمن كان أهلًا له، أما من كان منغمسًا في الظلمات، فلا خير فيه.

77 - باب لا يقول فلان شهيد

الشَّامي. أما قوله تعالى: {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: 35]، فذلك. وان اقتضى ابتغاءَ واسطة، لكن لا حُجَّة فيه على التوسُّلِ المعروف بالأسماء فقط. وذهب ابنُ تيميةُ إلى تحريمه؛ وأجازه صاحبُ «الدر المختار»، ولكن لم يأت بِنَقُلٍ عن السَّلَف. 77 - باب لاَ يَقُولُ فُلاَنٌ شَهِيدٌ وقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِى سَبِيلِهِ، اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِى سَبِيلِهِ». 2898 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فَاقْتَتَلُوا، فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى عَسْكَرِهِ، وَمَالَ الآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَفِى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ لاَ يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلاَ فَاذَّةً إِلاَّ اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ، فَقَالَ مَا أَجْزَأَ مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلاَنٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَنَا صَاحِبُهُ. قَالَ فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ، وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ قَالَ فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ «وَمَا ذَاكَ». قَالَ الرَّجُلُ الَّذِى ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ. فَقُلْتُ أَنَا لَكُمْ بِهِ. فَخَرَجْتُ فِى طَلَبِهِ، ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ فِى الأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهْوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ». أطرافه 4202، 4207، 6493، 6607 - تحفة 4780 - 45/ 4 2898 - قوله: (ما أَجْزَأَ مِنَّا اليومَ أَحَدٌ كما أَجْزَأَ فُلانٌ) وليجعله نظيرًا لقوله صلى الله عليه وسلّم «لا تُجزىءُ صلاةُ مَنْ لم يقرأ بفاتحةِ الكتاب، عند الدارقطني؛ فإِنَّ الشافعية زعموه أنه لا يمكُنُ حَمْلُه على نَفي الكمال، لأنَّ النَّفْي فيه نَفْيُ الإِجزاء، أي نفي الكفاية، فلا يَصِحّ حَمْلُه على الكفاية، مع نَفْي الكمال. قلت: لم لا يجوز أن يكون المرادُ نَفْي الإِجزاء، نَفْي كمالٍ الإِجزاء، كما في اللفظ المذكور؟ وكان مولانا شيخُ الهند يتبسَّم عند هذا اللفظ إشارةٍ إلى ما قلنا. وفي طُرُق هذا الحديث: «إن الله ليؤيِّدُ دِينَه بالرَّجْل الفاجر»، معناه أن ذلك من عجائب قدرته، وغرائب سلطانه، حيث يؤيِّدُ دينه بالرجل الفاجر، لا أَنَّ فيه مَدْحًا له؛ ولدا أسند التأييدَ إلى نَفْسه، كأنه لا يكون من نِيَّةِ هذا الفاجرِ أن يُؤيِّدَه، ولكنَّ الله سبحانه يُؤيِّدُ به دِينَه، ويجعله واسطةً له.

78 - باب التحريض على الرمي

78 - باب التَّحْرِيضِ عَلَى الرَّمْي وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60]. 2899 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - قَالَ مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ارْمُوا بَنِى إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا ارْمُوا وَأَنَا مَعَ بَنِى فُلاَنٍ». قَالَ فَأَمْسَكَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا لَكُمْ لاَ تَرْمُونَ». قَالُوا كَيْفَ نَرْمِى وَأَنْتَ مَعَهُمْ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ارْمُوا فَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ». طرفاه 3373، 3507 - تحفة 4550 - 46/ 4 2900 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِى أُسَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ بَدْرٍ حِينَ صَفَفْنَا لِقُرَيْشٍ وَصَفُّوا لَنَا «إِذَا أَكْثَبُوكُمْ فَعَلَيْكُمْ بِالنَّبْلِ». طرفاه 3984، 3985 - تحفة 11190 والتحريضُ على الرَّمْي كان في الزمان الماضي، وأما اليوم فينبغي أن يكونَ على تَعَلُّم استعمالِ الآلات التي شاعت في زماننا، كالبندقية، والغاز، ومن الغباوة الجمودُ على ظاهر الحديث؛ فإِنَّ التحريض عليه ليس إلا الجهاد، وليس فيه معنىً وراءه؛ ولما لم يق الجهادُ بالأقواس لم يبق فيها معنىً مقصودٌ، فلا تحريض فيها؛ ومن هذه الغباوةِ ذهبت سَلْطنةُ بُخَاري، حيث استفتى السلطانُ علماءَ زمانهه بشراء بعض الآلات الكائنة في زمنه، فمنعوه، وقالوا: إنَّها بِدْعة؛ فلم يدعوه أن يشتريها حتى كانت عاقبة أَمْرِهم أنهم أنهزموا، وتسلَّط عليهم الرُّوسُ. ونَعوذُ بالله من الجهل. ونحوه ما وقع لِسُلطان الرُّوم، حيث كتب إلى بعضِ السَّلاطين يخبرُه عن رغبته في الإِسلام - وكان وثنيًا - فسأله هل لي رخصةٌ في شُرْب الخَمْر في دِينك، فإِني لا أستطيع أن أَصْبِرَ عنها، فلو كان لي رُخصةٌ أسلمت؟ فاستفتى السلطانُ علماءَ زمانه، فأجابوا أنها حرامٌ، ولا نجد له رخصةً؛ فإِنْ شاء ترك الخمر، ويدخل في الإِسلام؛ وإن شاء بقي على دينه، ويَشْرب الخَمْر. فلما بَلَغ خبرُه إلى نصراني دعاه إلى دِينه، وقال: أشرب الخَمْرَ، وتنصَّر؛ فاحتار النصرانية، والعياذ بالله مِن سُوء الفَهْم، والجهل. ولو استُفْتيت منه لَقُلْتُ له: ادخل في الإِسلام، واعتقد بِحُرمة الخَمْر، ثم إن إبيت إلا أنْ تشربَ الخَمْر فاشرب. فالحاصل أن التحريضَ في كلِّ زمانٍ بِحَسبِهِ؛ وفي النصِّ إشارةٌ إليه أيضًا، فقال تعالى: {تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60] فالمقصودُ هو الإِرهابُ، وذلك لا يحصل اليومِ بِتَعلُّم الرَّمي. 2899 - قوله: (ارمُوا بني إسماعِيل) ويترجم المُصنِّف فيما يأتي. وبحث الشارحون هناك

79 - باب اللهو بالحراب ونحوها

في تعديدِ قبائل بني إسماعيل؛ ثم اختلفوا في قبائل اليمين أن كُلَّها من بني إسماعيل أو لا. وفي حديث الباب دليلٌ على كَوْنِ قيلة أَسْلَم من بني إسماعيل. 2899 - قوله: (وأَنَا مَعَ بني فُلان)، (والمعية في الشَّركة الاسميةِ فقط). 79 - باب اللَّهْوِ بِالْحِرَابِ وَنَحْوِهَا 2901 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَا الْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِحِرَابِهِمْ دَخَلَ عُمَرُ، فَأَهْوَى إِلَى الْحَصَى فَحَصَبَهُمْ بِهَا. فَقَالَ «دَعْهُمْ يَا عُمَرُ». وَزَادَ عَلِىٌّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ فِى الْمَسْجِدِ. تحفة 13275 والمرادُ به اللَّهْو للتعليم؛ وأخرجه المصنَّف في أبواب المساجد، واستدل منه على التوسعةِ في أحكامها، وقد مرَّ معنا عن مالك أنَّ هذا اللَّهو كان خارِجَ المسجد، قريبًا منه، فلا يَتِمُّ ما رامه المُصنَّفُ. 80 - باب الْمِجَنِّ وَمَنْ يَتَتَرَّسُ بِتُرْسِ صَاحِبِهِ 2902 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ يَتَتَرَّسُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِتُرْسٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ حَسَنَ الرَّمْىِ، فَكَانَ إِذَا رَمَى تَشَرَّفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَنْظُرُ إِلَى مَوْضِعِ نَبْلِهِ. أطرافه 2880، 3811، 4064 - تحفة 177 2903 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ لَمَّا كُسِرَتْ بَيْضَةُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَأْسِهِ وَأُدْمِىَ وَجْهُهُ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَكَانَ عَلِىٌّ يَخْتَلِفُ بِالْمَاءِ فِى الْمِجَنِّ، وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَغْسِلُهُ، فَلَمَّا رَأَتِ الدَّمَ يَزِيدُ عَلَى الْمَاءِ كَثْرَةً عَمَدَتْ إِلَى حَصِيرٍ، فَأَحْرَقَتْهَا وَأَلْصَقَتْهَا عَلَى جُرْحِهِ، فَرَقَأَ الدَّمُ. أطرافه 243، 2911، 3037، 4075، 5248، 5722 - تحفة 4781 2904 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِى النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا لَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ، فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاصَّةً، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِ، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِىَ فِى السِّلاَحِ وَالْكُرَاعِ، عُدَّةً فِى سَبِيلِ اللَّهِ. أطرافه 3094، 4033، 4885، 5357، 5358، 6728، 7305 - تحفة 10631 2905 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ عَلِىٍّ.

81 - باب الدرق

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا - رضى الله عنه - يَقُولُ مَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُفَدِّى رَجُلاً بَعْدَ سَعْدٍ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ «ارْمِ فِدَاكَ أَبِى وَأُمِّى». أطرافه 4058، 4059، 6184 - تحفة 10190 - 47/ 4 والمِجَنَّ من الجلد؛ والتُّرْس من الحديد. قوله: (فكانت لرسولِ الله صلى الله عليه وسلّم خاصَّةً) أي في وِلايته، لا في مِلْكه. 81 - باب الدَّرَقِ 2906 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ عَمْرٌو حَدَّثَنِى أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدِى جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِى وَقَالَ مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «دَعْهُمَا». فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا. أطرافه 454، 455، 950، 988، 3529، 5190، 5236 - تحفة 16391 2907 - قَالَتْ وَكَانَ يَوْمُ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإِمَّا قَالَ «تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ». فَقَالَتْ نَعَمْ. فَأَقَامَنِى وَرَاءَهُ خَدِّى عَلَى خَدِّهِ وَيَقُولُ «دُونَكُمْ بَنِى أَرْفِدَةَ». حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ قَالَ «حَسْبُكِ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «فَاذْهَبِى». قَالَ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، فَلَمَّا غَفَلَ. أطرافه 949، 952، 987، 3530، 3931 - تحفة 16391 82 - باب الْحَمَائِلِ وَتَعْلِيقِ السَّيْفِ بِالْعُنُقِ 2908 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ النَّاسِ وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَيْلَةً فَخَرَجُوا نَحْوَ الصَّوْتِ فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدِ اسْتَبْرَأَ الْخَبَرَ، وَهْوَ عَلَى فَرَسٍ لأَبِى طَلْحَةَ عُرْىٍ وَفِى عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهْوَ يَقُولُ «لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا». ثُمَّ قَالَ «وَجَدْنَاهُ بَحْرًا». أَوْ قَالَ «إِنَّهُ لَبَحْرٌ». أطرافه 2627، 2820، 2857، 2862، 2866، 2867، 2968، 2969، 3040، 6033، 6212 - تحفة 289 83 - باب حِلْيَةِ السُّيُوفِ 2909 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ حَبِيبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ لَقَدْ فَتَحَ الْفُتُوحَ قَوْمٌ مَا كَانَتْ حِلْيَةُ سُيُوفِهِمِ الذَّهَبَ وَلاَ الْفِضَّةَ، إِنَّمَا كَانَتْ حِلْيَتُهُمُ الْعَلاَبِىَّ وَالآنُكَ وَالْحَدِيدَ. تحفة 4874 وقد أجازها فقهاؤنا. - قوله: (العَلابِيَّ) جمع العِلْباء، هي عَصَبٌ في ظَهْر البَعِير يكونُ من عُنُقه إلى ذَنَبه.

84 - باب من علق سيفه بالشجر فى السفر عند القائلة

قوله: (الآنك) (سيسه). يريدُ أن الصحابةَ رضي الله تعالى عنهم الذين فتح اللهُ البلادُ على أيديهم لم يَبْلُغوا في الرَّفاهِيةِ ما فيه أنتم اليوم؛ فإِنَّ حِلْيةَ سيوفِكم الذَّهب والفِضَّة، ولم تكن حِلْيةُ سيوفِهم إلا مِن هذه الأشياء التافهةِ. 84 - باب مَنْ عَلَّقَ سَيْفَهُ بِالشَّجَرِ فِى السَّفَرِ عِنْدَ الْقَائِلَةِ 2910 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى سِنَانُ بْنُ أَبِى سِنَانٍ الدُّؤَلِىُّ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَ أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَفَلَ مَعَهُ، فَأَدْرَكَتْهُمُ الْقَائِلَةُ فِى وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَتَفَرَّقَ النَّاسُ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَحْتَ سَمُرَةٍ وَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ وَنِمْنَا نَوْمَةً، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُونَا وَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ «إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ عَلَىَّ سَيْفِى وَأَنَا نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهْوَ فِى يَدِهِ صَلْتًا». فَقَالَ مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّى فَقُلْتُ «اللَّهُ». ثَلاَثًا وَلَمْ يُعَاقِبْهُ وَجَلَسَ. أطرافه 2913، 4134، 4135، 4136 - تحفة 2276، 3154 - 48/ 4 85 - باب لُبْسِ الْبَيْضَةِ 2911 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ جُرْحِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ. فَقَالَ جُرِحَ وَجْهُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَهُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ، فَكَانَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - تَغْسِلُ الدَّمَ وَعَلِىٌّ يُمْسِكُ، فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّ الدَّمَ لاَ يَزِيدُ إِلاَّ كَثْرَةً أَخَذَتْ حَصِيرًا فَأَحْرَقَتْهُ حَتَّى صَارَ رَمَادًا ثُمَّ أَلْزَقَتْهُ، فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ. أطرافه 243، 2903، 3037، 4075، 5248، 5722 - تحفة 4712 86 - باب مَنْ لَمْ يَرَ كَسْرَ السِّلاَحِ عِنْدَ الْمَوْتِ 2912 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ قَالَ مَا تَرَكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ سِلاَحَهُ وَبَغْلَةً بَيْضَاءَ وَأَرْضًا جَعَلَهَا صَدَقَةً. أطرافه 2739، 2873، 3098، 4461 - تحفة 10713 كان أهلُ الحاهليةِ إذا مات منهم عَطِيمٌ من عظمائهم كسروا سلاحه؛ يَقْصِدُون به أنه ليس أحدٌ بعده بَيْلى بلاءه. 87 - باب تَفَرُّقِ النَّاسِ عَنِ الإِمَامِ عِنْدَ الْقَائِلَةِ، وَالاِسْتِظْلاَلِ بِالشَّجَرِ 2913 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنَا سِنَانُ بْنُ أَبِى سِنَانٍ وَأَبُو سَلَمَةَ أَنَّ جَابِرًا أَخْبَرَهُ.

88 - باب ما قيل فى الرماح

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِى سِنَانٍ الدُّؤَلِىِّ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ غَزَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَدْرَكَتْهُمُ الْقَائِلَةُ فِى وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ، فَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِى الْعِضَاهِ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، فَنَزَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - تَحْتَ شَجَرَةٍ فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ ثُمَّ نَامَ، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ وَهْوَ لاَ يَشْعُرُ بِهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِى». فَقَالَ مَنْ يَمْنَعُكَ قُلْتُ «اللَّهُ». فَشَامَ السَّيْفَ، فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ، ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ. أطرافه 2910، 4134، 4135، 4136 - تحفة 2276، 3154 - 49/ 4 88 - باب مَا قِيلَ فِى الرِّمَاحِ وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «جُعِلَ رِزْقِى تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِى، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِى». 2914 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ الأَنْصَارِىِّ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ تَخَلَّفَ مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ مُحْرِمِينَ وَهْوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَرَأَى حِمَارًا وَحْشِيًّا فَاسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ فَأَبَوْا، فَسَأَلَهُمْ رُمْحَهُ فَأَبَوْا، فَأَخَذَهُ ثُمَّ شَدَّ عَلَى الْحِمَارِ فَقَتَلَهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَبَى بَعْضٌ، فَلَمَّا أَدْرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ قَالَ «إِنَّمَا هِىَ طُعْمَةٌ أَطْعَمَكُمُوهَا اللَّهُ». وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ فِى الْحِمَارِ الْوَحْشِىِّ مِثْلُ حَدِيثِ أَبِى النَّضْرِ قَالَ «هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَىْءٌ». أطرافه 1821، 1822، 1823، 1824، 2570، 2854، 4149، 5406، 5407، 5490، 5491، 5492 - تحفة 12120، 12131 89 - باب مَا قِيلَ فِى دِرْعِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْقَمِيصِ فِى الْحَرْبِ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَّا خَالِدٌ فَقَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ». 2915 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِى قُبَّةٍ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ». فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ فَقَالَ حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَدْ أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ، وَهْوَ فِى الدِّرْعِ، فَخَرَجَ وَهْوَ يَقُولُ {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46)} [القمر: 45 - 46]. وَقَالَ وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَوْمَ بَدْرٍ. أطرافه 3953، 4875، 4877 - تحفة 6054 2916 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ

90 - باب الجبة فى السفر والحرب

الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِىٍّ بِثَلاَثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ. وَقَالَ يَعْلَى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ دِرْعٌ مِنْ حَدِيدٍ. وَقَالَ مُعَلًّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ وَقَالَ رَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ. أطرافه 2068، 2096، 2200، 2251، 2252، 2386، 2509، 2513، 4467 تحفة 15948 - 50/ 4 2917 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدِّقِ مَثَلُ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ، قَدِ اضْطَرَّتْ أَيْدِيَهُمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا، فَكُلَّمَا هَمَّ الْمُتَصَدِّقُ بِصَدَقَتِهِ اتَّسَعَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تُعَفِّىَ أَثَرَهُ، وَكُلَّمَا هَمَّ الْبَخِيلُ بِالصَّدَقَةِ انْقَبَضَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ إِلَى صَاحِبَتِهَا وَتَقَلَّصَتْ عَلَيْهِ وَانْضَمَّتْ يَدَاهُ إِلَى تَرَاقِيهِ». فَسَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «فَيَجْتَهِدُ أَنْ يُوَسِّعَهَا فَلاَ تَتَّسِعُ». أطرافه 1443، 1444، 5299، 5797 - تحفة 13520 2915 - قوله: (اللهم إنْ شئتَ لم تُعْبد بَعْدَ اليوم) وإنَّما أَلَحَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم على رَبِّه لكونه نبيًا، وزعيمًا، ومُدَّعيًا لِنُصْرته، وأن العاقبةَ تكون له، والهزيمةَ لهم، وأن دِينه سيَتِم، ويَغْلِب الأديانَ كُلَّها؛ فلم يَزَل في مقام الخَوْف حتى بُشِّر بالفَتْح، وهو يَثُبُّ في دِرْعه من شِدَّة الفَرَح، وأما أبو بكر فإِنَّما لم يبلغ به الحالُ مَبْلَغه، لأنه لم يكن زعيمَ هذا االأَمْرِ، ولا كان مُدَّعيًا لشيء، فلم يَذُق ما ذاقه (¬1). 2918 - قوله: (وَمَسَحَ بِرَأسِه) ولذا قُلْت: إنَّ الحديثَ لا يقوم حُجَّةً للحنابلة في الاجتزاء بالمَسْح على العِمامة، فإِنَّ الراوي قد يُفْصِح بِمَسْح الرأس أيضًا في تلك القصة بعينها، فلم يدَّل على الإِجزاءِ بمسح العِمامة فقط. 90 - باب الْجُبَّةِ فِى السَّفَرِ وَالْحَرْبِ 2918 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِى الضُّحَى مُسْلِمٍ - هُوَ ابْنُ صُبَيْحٍ - عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ حَدَّثَنِى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَالَ انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِحَاجَتِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ، فَلَقِيتُهُ بِمَاءٍ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَأْمِيَّةٌ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ، فَذَهَبَ يُخْرِجُ يَدَيْهِ مِنْ كُمَّيْهِ فَكَانَا ضَيِّقَيْنِ، فَأَخْرَجَهُمَا مِنْ تَحْتُ، فَغَسَلَهُمَا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَعَلَى خُفَّيْهِ. أطرافه 182، 203، 206، 363، 388، 4421، 5798، 5799 - تحفة 11528 91 - باب الْحَرِيرِ فِى الْحَرْبِ 2919 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ ¬

_ (¬1) قال: وقد ذكر فيه العلماء وجوهًا أخر ذكرها الحافظ في "الفتح" ص 205 - ج 7، وما ذكره الشيخ ألطفها، وفيه جواب للخطابي أيضًا، وقد ذكرناه في "المغازي"، وفيه إيماء إلى ختم النبوة أيضًا.

92 - باب ما يذكر في السكين

قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ فِى قَمِيصٍ مِنْ حَرِيرٍ، مِنْ حِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا. أطرافه 2920، 2921، 2922، 5839 - تحفة 1169 2920 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرَ شَكَوَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَعْنِى الْقَمْلَ - فَأَرْخَصَ لَهُمَا فِى الْحَرِيرِ، فَرَأَيْتُهُ عَلَيْهِمَا فِى غَزَاةٍ. أطرافه 2919، 2921، 2922، 5839 - تحفة 1394 2921 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ أَخْبَرَنِى قَتَادَةُ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ قَالَ رَخَّصَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِى حَرِيرٍ. أطرافه 2919، 2920، 2922، 5839 - تحفة 1264 2922 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رَخَّصَ أَوْ رُخِّصَ لِحِكَّةٍ بِهِمَا. أطرافه 2919، 2920، 2921، 5839 - تحفة 1264 - 51/ 4 - واعلم أن الثَّوْبَ إذا كانت لُحْمتُه وسَدَاه حريرًا، فهو حرامٌ مطلقًا؛ فإِنَّ كان سَدَاه حريرًا فقط، فهو حلالٌ مطلقًا، وإن كانت لُحمتُه حريرًا فقط، فهو جائز في الحرب، دون غيره، وأما مسألةُ التداوي، فهي مسألةُ أُخرى، وأما عند الآخرين فهو جائزٌ في الحَرْب مطلقًا. 2919 - قوله: (مِنْ حِكَّةٍ كانت بهما) وفي كُتُب الطبِّ أنَّ الحرير يفيدُها، فهو للِعلاج، وقد يقول الرواي: القَمْل، بدل: الحِكة. 92 - باب مَا يُذْكَرُ فِي السِّكِّينِ 2923 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ مِنْ كَتِفٍ يَحْتَزُّ مِنْهَا، ثُمَّ دُعِىَ إِلَى الصَّلاَةِ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ وَزَادَ فَأَلْقَى السِّكِّينَ. أطرافه 208، 675، 5408، 5422، 5462 - تحفة 10700 93 - باب مَا قِيلَ فِى قِتَالِ الرُّومِ 2924 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِىُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِى ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ أَنَّ عُمَيْرَ بْنَ الأَسْوَدِ الْعَنْسِىَّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ أَتَى عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَهْوَ نَازِلٌ فِى سَاحِلِ حِمْصَ، وَهْوَ فِى بِنَاءٍ لَهُ وَمَعَهُ أُمُّ حَرَامٍ، قَالَ عُمَيْرٌ فَحَدَّثَتْنَا أُمُّ حَرَامٍ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِى يَغْزُونَ الْبَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا». قَالَتْ أُمُّ حَرَامٍ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا فِيهِمْ. قَالَ «أَنْتِ فِيهِمْ». ثُمَّ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِى يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ مَغْفُورٌ لَهُمْ». فَقُلْتُ أَنَا فِيهِمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «لاَ». أطرافه 2789، 2800، 2878، 2895، 6283، 7002 - تحفة 18308

94 - باب قتال اليهود

أراد بيانَ الاقوام التي قاتلهم النبيُّ صلى الله عليه وسلّم واعلم أَنَّ الرومَ كان في الأصل لَقَبًا لإِيطاليا فلما شَقَ عصَاهم، واختلفوا فيما بينهم، فذهب بعضُهم إِلى القسطنطينية، فالرومُ هم النَّصاري. وقال العَيْني: إنَّ الرُّومَ ابن العيص، أو ابن ابنته؛ ولم يتحقَّق فيه عندي شيءٌ. 94 - باب قِتَالِ الْيَهُودِ 2925 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِىُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تُقَاتِلُونَ الْيَهُودَ حَتَّى يَخْتَبِىَ أَحَدُهُمْ وَرَاءَ الْحَجَرِ فَيَقُولُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِىٌّ وَرَائِى فَاقْتُلْهُ». طرفه 3593 - تحفة 8388 2926 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا الْيَهُودَ حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ وَرَاءَهُ الْيَهُودِىُّ يَا مُسْلِمُ، هَذَا يَهُودِىٌّ وَرَائِى فَاقْتُلْهُ». تحفة 14911 2925 - قوله: (هذا يَهُوديُّ ورائي، فاقتلُهْ) وهؤلاء هم الذين ينزل عيسى عليه الصلاة والسلام لِقتالهم، دونَ يهودِ سائر الأرض، وهم الذين يَتَّبعون الدَّجال، ثُم إنَّ المؤرخين قالوا: إنَّ عشرة أَسْباط من بني إسرائيل قد دخلوا في الإسلام، وبقي اثنان فقط، فليقدر قدرهما. واعلم أن بأجوجَ ومأجوج لا يَبْعُد أن أن يكونوا أهلَ روسيا، وبريطانيا. والمراد من خروجِهم حَمْلَتُهم، وقد خرجوا مرارًا. فإِنَّ تيمور لنك وجَنْكِيْزخَان، وهُلاكو «كلهم كانوا من يأجوج ومأجوج، ولم أَرَ فِعْلَهم ببني آدم إلا التدميرَ، واستباحةَ بيضتهم، ولعلهم يخرجونِ مِن نَسْلهم في زمنٍ قَدَّره الله تعالى. فَيَعِيثُون في الأرض مفسدين. أما السدُّ فقد انْدَكَّ اليوم، وحَقَّقت في رسالتي «عقيدة الإِسلام» أن هؤلاء ليسوا إلا من بني آدَم، وأَنَّ المرادَ من خروجهم ليس إلا خروجُهم على وَجْه الفساد، وأن السَّدَّليس بمانعٍ من خروجهم اليوم أيضًا (¬1). 95 - باب قِتَالِ التُّرْكِ 2927 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُقَاتِلُوا قَوْمًا يَنْتَعِلُونَ ¬

_ (¬1) قال الشيخ في "عمدة القاري": وإنما خص العرب -في قوله: ويل للعرب- لاحتمال أنه أراد ما وقع من الترك من المفاسد العظيمة في بلاد المسلمين، وهم من نسل يأجوج ومأجوج، اهـ: ص 442 - ج 7، قلت: وقد تكلم عليه الشيخ مبسوطًا في رسالته "عقيدة الإِسلام - في حياة عيسى عليه السلام"، وسنذكر عبارته الشريفة في بابه إن شاء الله تعالى، وسيجيء عن قريب، فانتظره، وليس بين الموضعين خلاف إلا في التعبير، والجمع في مثله يسير على من عرف الحالات، وسير المقالات، ومن كان ديدنه الشقاق، فلا يصبر حتى يوجد الاضطراب، فتنبه، فإن مثله كثير في هذه الوريقات، وإنما لم ننبهك في كل موضع اعتمادًا على فطرتك السليمة، فإن أبيت بعده، فأنت أعلم، والله المستعان.

96 - باب قتال الذين ينتعلون الشعر

نِعَالَ الشَّعَرِ، وَإِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُقَاتِلُوا قَوْمًا عِرَاضَ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطَرَّقَةُ». طرفه 3592 - تحفة 10710 - 52/ 4 2928 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا التُّرْكَ صِغَارَ الأَعْيُنِ، حُمْرَ الْوُجُوهِ، ذُلْفَ الأُنُوفِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطَرَّقَةُ، وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ». أطرافه 2929، 3587، 3590، 3591 - تحفة 13650 وإنما وردت الأحاديثُ في ذَمِّهم لكونهم كُفَّارًا إذ ذاك، أما ليوم فإِنهم أسلموا جميعًا، فينبغي أن يَرْتَفع عنهم مَيْسم السوء، ولا أَعْرِفُ قومًا أسلموا كلُّهم إلا العربُ، والتركُ، والأَفغان، فإِنَّه يَكْفر مَنْ كفر منهم إلا بعد إسلامه. 2927 - قوله: (المُطْرَقَة) "دوتهى". وهذه الحِلْية التي تنطبق على التُّرك الذينهم بالشَّرْق، والشمال. 96 - باب قِتَالِ الَّذِينَ يَنْتَعِلُونَ الشَّعَرَ 2929 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِىُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ، وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطَرَّقَةُ». قَالَ سُفْيَانُ وَزَادَ فِيهِ أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً «صِغَارَ الأَعْيُنِ، ذُلْفَ الأُنُوفِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ». أطرافه 2928، 3587، 3590، 3591 - تحفة 13125، 13677 97 - باب مَنْ صَفَّ أَصْحَابَهُ عِنْدَ الْهَزِيمَةِ، وَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَاسْتَنْصَرَ 2930 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ أَكُنْتُمْ فَرَرْتُمْ يَا أَبَا عُمَارَةَ يَوْمَ حُنَيْنٍ قَالَ لاَ، وَاللَّهِ مَا وَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَكِنَّهُ خَرَجَ شُبَّانُ أَصْحَابِهِ وَأَخِفَّاؤُهُمْ حُسَّرًا لَيْسَ بِسِلاَحٍ، فَأَتَوْا قَوْمًا رُمَاةً، جَمْعَ هَوَازِنَ وَبَنِى نَصْرٍ، مَا يَكَادُ يَسْقُطُ لَهُمْ سَهْمٌ، فَرَشَقُوهُمْ رَشْقًا مَا يَكَادُونَ يُخْطِئُونَ، فَأَقْبَلُوا هُنَالِكَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَابْنُ عَمِّهِ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَقُودُ بِهِ، فَنَزَلَ وَاسْتَنْصَرَ ثُمَّ قَالَ أَنَا النَّبِىُّ لاَ كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ ثُمَّ صَفَّ أَصْحَابَهُ. أطرافه 2864، 2874، 3042، 4315، 4316، 4317 - تحفة 1838 98 - باب الدُّعَاءِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِالْهَزِيمَةِ وَالزَّلْزَلَةِ 2931 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ

99 - باب هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب

عَبِيدَةَ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحْزَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَلأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا، شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ». أطرافه 4111، 4533، 6396 - تحفة 10232 - 53/ 4 2932 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُو فِى الْقُنُوتِ «اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِى رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ سِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ». أطرافه 797، 804، 1006، 3386، 4560، 4598، 6200، 6393، 6940 تحفة 13664 2933 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى خَالِدٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - يَقُولُ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الأَحْزَابِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ سَرِيعَ الْحِسَابِ، اللَّهُمَّ اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ». أطرافه 2965، 3025، 4115، 6392، 7489 - تحفة 5154 2934 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِى ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَنَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَنُحِرَتْ جَزُورٌ بِنَاحِيَةِ مَكَّةَ، فَأَرْسَلُوا فَجَاءُوا مِنْ سَلاَهَا، وَطَرَحُوهُ عَلَيْهِ، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَلْقَتْهُ عَنْهُ، فَقَالَ «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ». لأَبِى جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأُبَىِّ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِى مُعَيْطٍ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ فِى قَلِيبِ بَدْرٍ قَتْلَى. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَنَسِيتُ السَّابِعَ. وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ. وَقَالَ شُعْبَةُ أُمَيَّةُ أَوْ أُبَىٌّ. وَالصَّحِيحُ أُمَيَّةُ. أطرافه 240، 520، 3185، 3854، 3960 - تحفة 9484 2935 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ الْيَهُودَ دَخَلُوا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكَ. فَلَعَنْتُهُمْ. فَقَالَ «مَا لَكِ». قُلْتُ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ «فَلَمْ تَسْمَعِى مَا قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ». أطرافه 6024، 6030، 6256، 6395، 6401، 6927 - تحفة 16233 99 - باب هَلْ يُرْشِدُ الْمُسْلِمُ أَهْلَ الْكِتَابِ أَوْ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ 2936 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ، وَقَالَ «فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ». طرفه 2940 - تحفة 5846 - 54/ 4 وفي الحديث ما يدلُّ على أن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كتب إليهم آيةً من القرآن، فبلغت أيدي أَهْل

100 - باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم

الكتاب. قال الحنفيةُ: لا يجوزُ أن يُذْهب بالمصحفِ إلى أرض العدو، إلا إذا كانت لهم شَوْكةٌ، واختلفوا في تعليم القرآن مَنْ كان كافرًا؛ فإِنه ربما يعودُ مضرةً على الدِّين. ونُقِل عن المازني أنه جاءه أحدٌ من اليهود يريدُ أن يقرأ عليه كتابَ سيبويه على مئة دينار؛ فتفكر فيه المازني ساعةً، وأَبى أن يعلِّمه، وقال: إنَّ في كتابه نحو مئة آية، وفي تفسرها له مضرةٌ، وضِيق العيشِ أَحبُّ إلى من مضرَّةِ الدِّين، فأبدله الله تعالى ألفًا، بدل المئة؛ وقصته معروفة. 100 - باب الدُّعَاءِ لِلْمُشْرِكِينَ بِالْهُدَى لِيَتَأَلَّفَهُمْ 2937 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه قَدِمَ طُفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِىُّ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ دَوْسًا عَصَتْ وَأَبَتْ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا. فَقِيلَ هَلَكَتْ دَوْسٌ. قَالَ «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَائْتِ بِهِمْ». طرفاه 4392، 6397 - تحفة 13755 وفي الفقه أن القرائن إن دلت على أنهم لم تبلغهم دعوة نبي وجب التبليغ، وإلا فهو عزيمة. 101 - باب دَعْوَةِ الْيَهُودِىِّ وَالنَّصْرَانِيِّ، وَعَلَى مَا يُقَاتَلُونَ عَلَيْهِ وَمَا كَتَبَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَالدَّعْوَةِ قَبْلَ الْقِتَالِ 2938 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ لَمَّا أَرَادَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ، قِيلَ لَهُ إِنَّهُمْ لاَ يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَخْتُومًا. فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، فَكَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِى يَدِهِ، وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. أطرافه 65، 5870، 5872، 5874، 5875، 5877، 7162 - تحفة 1256 2939 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى، فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ، يَدْفَعُهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ كِسْرَى خَرَّقَهُ، فَحَسِبْتُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ فَدَعَا عَلَيْهِمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ. أطرافه 64، 4424، 7264 - تحفة 5845، 18728 ے 102 - باب دُعَاءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الإِسْلاَمِ وَالنُّبُوَّةِ، وَأَنْ لاَ يَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ} [آل عمران: 79] إِلَى آخِرِ الآيَةِ. 2940 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله

عنهما - أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَبَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَيْهِ مَعَ دِحْيَةَ الْكَلْبِىِّ، وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى لِيَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ، وَكَانَ قَيْصَرُ لَمَّا كَشَفَ اللَّهُ عَنْهُ جُنُودَ فَارِسَ مَشَى مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَاءَ، شُكْرًا لِمَا أَبْلاَهُ اللَّهُ، فَلَمَّا جَاءَ قَيْصَرَ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ حِينَ قَرَأَهُ الْتَمِسُوا لِى هَا هُنَا أَحَدًا مِنْ قَوْمِهِ لأَسْأَلَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2936 - تحفة 5846 - 55/ 4 2941 - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَخْبَرَنِى أَبُو سُفْيَانَ أَنَّهُ كَانَ بِالشَّأْمِ فِى رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ، قَدِمُوا تِجَارًا فِى الْمُدَّةِ الَّتِى كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبَيْنَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَوَجَدَنَا رَسُولُ قَيْصَرَ بِبَعْضِ الشَّأْمِ فَانْطَلَقَ بِى وَبِأَصْحَابِى حَتَّى قَدِمْنَا إِيلِيَاءَ، فَأُدْخِلْنَا عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ فِى مَجْلِسِ مُلْكِهِ وَعَلَيْهِ التَّاجُ، وَإِذَا حَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ فَقَالَ لِتُرْجُمَانِهِ سَلْهُمْ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِى يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىٌّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَقُلْتُ أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا. قَالَ مَا قَرَابَةُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ فَقُلْتُ هُوَ ابْنُ عَمِّى، وَلَيْسَ فِى الرَّكْبِ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ مِنْ بَنِى عَبْدِ مَنَافٍ غَيْرِى. فَقَالَ قَيْصَرُ أَدْنُوهُ. وَأَمَرَ بِأَصْحَابِى فَجُعِلُوا خَلْفَ ظَهْرِى عِنْدَ كَتِفِى، ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ قُلْ لأَصْحَابِهِ إِنِّى سَائِلٌ هَذَا الرَّجُلَ عَنِ الَّذِى يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىٌّ، فَإِنْ كَذَبَ فَكَذِّبُوهُ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ وَاللَّهِ لَوْلاَ الْحَيَاءُ يَوْمَئِذٍ مِنْ أَنْ يَأْثُرَ أَصْحَابِى عَنِّى الْكَذِبَ لَكَذَبْتُهُ حِينَ سَأَلَنِى عَنْهُ، وَلَكِنِّى اسْتَحْيَيْتُ أَنْ يَأْثُرُوا الْكَذِبَ عَنِّى فَصَدَقْتُهُ، ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُ كَيْفَ نَسَبُ هَذَا الرَّجُلِ فِيكُمْ قُلْتُ هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ. قَالَ فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَبْلَهُ قُلْتُ لاَ. فَقَالَ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ عَلَى الْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ قُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ. قَالَ فَيَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ قُلْتُ بَلْ يَزِيدُونَ. قَالَ فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَهَلْ يَغْدِرُ قُلْتُ لاَ، وَنَحْنُ الآنَ مِنْهُ فِى مُدَّةٍ، نَحْنُ نَخَافُ أَنْ يَغْدِرَ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ وَلَمْ يُمْكِنِّى كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا أَنْتَقِصُهُ بِهِ لاَ أَخَافُ أَنْ تُؤْثَرَ عَنِّى غَيْرُهَا. قَالَ فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ أَوْ قَاتَلَكُمْ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ فَكَيْفَ كَانَتْ حَرْبُهُ وَحَرْبُكُمْ قُلْتُ كَانَتْ دُوَلاً وَسِجَالاً، يُدَالُ عَلَيْنَا الْمَرَّةَ وَنُدَالُ عَلَيْهِ الأُخْرَى. قَالَ فَمَاذَا يَأْمُرُكُمْ قَالَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَانَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَفَافِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ. فَقَالَ لِتُرْجُمَانِهِ حِينَ قُلْتُ ذَلِكَ لَهُ قُلْ لَهُ إِنِّى سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فِيكُمْ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ ذُو نَسَبٍ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِى نَسَبِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، فَقُلْتُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ قُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَمُّ بِقَوْلٍ قَدْ قِيلَ قَبْلَهُ. وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ

الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، فَقُلْتُ لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قُلْتُ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ. وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ فَزَعَمْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، فَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حِينَ تَخْلِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ لاَ يَسْخَطُهُ أَحَدٌ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لاَ يَغْدِرُونَ. وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ وَقَاتَلَكُمْ فَزَعَمْتَ أَنْ قَدْ فَعَلَ، وَأَنَّ حَرْبَكُمْ وَحَرْبَهُ تَكُونُ دُوَلاً، وَيُدَالُ عَلَيْكُمُ الْمَرَّةَ وَتُدَالُونَ عَلَيْهِ الأُخْرَى، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى، وَتَكُونُ لَهَا الْعَاقِبَةُ، وَسَأَلْتُكَ بِمَاذَا يَأْمُرُكُمْ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلاَةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ، وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ، قَالَ وَهَذِهِ صِفَةُ النَّبِىِّ، قَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، وَلَكِنْ لَمْ أَظُنَّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، وَإِنْ يَكُ مَا قُلْتَ حَقًّا، فَيُوشِكُ أَنْ يَمْلِكَ مَوْضِعَ قَدَمَىَّ هَاتَيْنِ، وَلَوْ أَرْجُو أَنْ أَخْلُصَ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لُقِيَّهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ قَدَمَيْهِ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُرِئَ فَإِذَا فِيهِ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّى أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلاَمِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَعَلَيْكَ إِثْمُ الأَرِيسِيِّينَ وَ {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64]. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَلَمَّا أَنْ قَضَى مَقَالَتَهُ، عَلَتْ أَصْوَاتُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مِنْ عُظَمَاءِ الرُّومِ، وَكَثُرَ لَغَطُهُمْ، فَلاَ أَدْرِى مَاذَا قَالُوا، وَأُمِرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا، فَلَمَّا أَنْ خَرَجْتُ مَعَ أَصْحَابِى وَخَلَوْتُ بِهِمْ قُلْتُ لَهُمْ لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِى كَبْشَةَ، هَذَا مَلِكُ بَنِى الأَصْفَرِ يَخَافُهُ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ وَاللَّهِ مَا زِلْتُ ذَلِيلاً مُسْتَيْقِنًا بِأَنَّ أَمْرَهُ سَيَظْهَرُ، حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ قَلْبِى الإِسْلاَمَ وَأَنَا كَارِهٌ. أطرافه 7، 51، 2681، 2804، 2978، 3174، 4553، 5980، 6260، 7196، 7541 - تحفة 4850 - 56/ 4 - 57/ 4 - قوله: ({سَوَاءٍ بَيْنَنَا}) [آل عمران: 64] وإنما قال ذلك، لأنَّ التوحيدَ مُسَلّم عند أكثرِ أهل المِلل، وإن كان في الكفار بمجرد دعاويهم؛ فإِنَّه ليس منهم أَحَدٌ إلا ويدَّعي التوحيدَ؛ وبهذا الاعتبار قال لهم النبيُّ صلى الله عليه وسلّم ما قال، ألا ترى أنَّ مَلِك القسطنطينية، هذا مع قوله بالتثليث، كيف صَدَّق أبا سفيان، وقال: بدلك يأمرُ الأنبياءُ عليهم السلام. قال المؤرخون: إنَّ النصرانية بهذا النمط يُقِمها إلا قسطنطين الأعظم، وكان هِرَقْل أيضًا أتبعه فيها.

103 - باب من أراد غزوة فورى بغيرها، ومن أحب الخروج يوم الخميس

2942 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ». فَقَامُوا يَرْجُونَ لِذَلِكَ أَيُّهُمْ يُعْطَى، فَغَدَوْا وَكُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَى فَقَالَ «أَيْنَ عَلِىٌّ». فَقِيلَ يَشْتَكِى عَيْنَيْهِ، فَأَمَرَ فَدُعِىَ لَهُ، فَبَصَقَ فِى عَيْنَيْهِ، فَبَرَأَ مَكَانَهُ حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ شَىْءٌ فَقَالَ نُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا. فَقَالَ «عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ». أطرافه 3009، 3701، 4210 - تحفة 4713 - 58/ 4 2943 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا غَزَا قَوْمًا لَمْ يُغِرْ حَتَّى يُصْبِحَ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ بَعْدَ مَا يُصْبِحُ، فَنَزَلْنَا خَيْبَرَ لَيْلاً. أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 560 2944 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا. أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 581 2945 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ فَجَاءَهَا لَيْلاً، وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَوْمًا بِلَيْلٍ لاَ يُغِيرُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ، خَرَجَتْ يَهُودُ بِمَسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ، مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ». أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 734 2946 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَمَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَقَدْ عَصَمَ مِنِّى نَفْسَهُ وَمَالَهُ، إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ». رَوَاهُ عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 13152 103 - باب مَنْ أَرَادَ غَزْوَةً فَوَرَّى بِغَيْرِهَا، وَمَنْ أَحَبَّ الْخُرُوجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ 2947 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ - رضى الله عنه - وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ غَزْوَةً إِلاَّ وَرَّى بِغَيْرِهَا. أطرافه 2757، 2948، 2949، 2950، 3088، 3556، 3889، 3951، 4418، 4673، 4676، 4677، 4678، 6255، 6690، 7225 - تحفة 11131 - 59/ 4

104 - باب الخروج بعد الظهر

2948 - وَحَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَلَّمَا يُرِيدُ غَزْوَةً يَغْزُوهَا إِلاَّ وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ، فَغَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا، وَاسْتَقْبَلَ غَزْوَ عَدُوٍّ كَثِيرٍ، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ، لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ عَدُوِّهِمْ، وَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِى يُرِيدُ. أطرافه 2757، 2947، 2949، 2950، 3088، 3556، 3889، 3951، 4418، 4673، 4676، 4677، 4678، 6255، 6690، 7225 - تحفة 11143 2949 - وَعَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - كَانَ يَقُولُ لَقَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْرُجُ إِذَا خَرَجَ فِى سَفَرٍ إِلاَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ. أطرافه 2757، 2947، 2948، 2950، 3088، 3556، 3889، 3951، 4418، 4673، 4676، 4677، 4678، 6255، 6690، 7225 - تحفة 11143 2950 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ. أطرافه 2757، 2947، 2948، 2949، 3088، 3556، 3889، 3951، 4418، 4673، 4676، 4677، 4678، 6255، 6690، 7225 - تحفة 11147 وكانت عامَّةُ عاداتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم التوربة في الغزوات، لكنها أنفعَ في الحروب، إلا في تَبُوك؛ فإِنَّه جَلَّى للناس أَمْرَهم ليتأهَّبوا. قوله: (ومَنْ أَحبَّ الخُروجَ يومَ الخَمِيس) وورد في روايةٍ: يوم السبت أيضًا؛ فدلَّ على أنه لا نُحوسة في الأيام، ولكنه صلى الله عليه وسلّم لما كره الخروج يوم الجُمعة خرج يومًا قَبْلها، أو يومًا بعدها. وليس وراء ذلك مطلوبيةً أخرى في هذين اليومين عندي، والله تعالى أعلم. 104 - باب الْخُرُوجِ بَعْدَ الظُّهْرِ 2951 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَسَمِعْتُهُمْ يَصْرُخُونَ بِهِمَا جَمِيعًا. أطرافه 1089، 1546، 1547، 1548، 1551، 1712، 1714، 1715، 2986 تحفة 947 105 - باب الْخُرُوجِ آخِرَ الشَّهْرِ وَقَالَ كُرَيْبٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - انْطَلَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْمَدِينَةِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِى الْقَعْدَةِ، وَقَدِمَ مَكَّةَ لأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِى الْحِجَّةِ. تحفة 6368 2952 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَقُولُ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِى الْقَعْدَةِ، وَلاَ نُرَى إِلاَّ الْحَجَّ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْىٌ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ. قَالَتْ

106 - باب الخروج فى رمضان

عَائِشَةُ فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ فَقُلْتُ مَا هَذَا فَقَالَ نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَزْوَاجِهِ. قَالَ يَحْيَى فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ أَتَتْكَ وَاللَّهِ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ. أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 17933، 17559 أ - 60/ 4 يشيرُ إلى ضَعْفِ ما نقِل عن عليّ، أن أواخِرَ الشَّهر منحوسةٌ، وفَسَّر بَعْضُهم قوله تعالى: {فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} [القمر: 19] بأواخر الأيام؛ فَنبَّه على أنه ليس بشيء، فإِنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قد خرج في أواخر الشهر. 106 - باب الْخُرُوجِ فِى رَمَضَانَ 2953 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ أَفْطَرَ. قَالَ سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِىُّ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ. أطرافه 1944، 1948، 4275، 4276، 4277، 4278، 4279 - تحفة 5843 يريد أَنَّ الأَحْرى بحالِ المُسْلم أن لا يَشُدَّ راحلته، ورمضانُ أمامه، فإِنه قد يوجِب الفِطْر في رمضانْ، والمطلوبُ للشارِع أن يَشْهَدَه، وهو يؤدِّي وظيفته، وإن كان رخصه للإِعذار بالفِطْر أيضًا، لكن الأصل فيه هو الصوم، والفطر بالعوارض، وكذلك الأَمْر في مِثْله، يُبنى على أحوال، ولذا ثبت فيه السَّفر عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم. 107 - باب التَّوْدِيعِ 2954 - وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَعْثٍ، وَقَالَ لَنَا «إِنْ لَقِيتُمْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا». - لِرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ سَمَّاهُمَا - فَحَرِّقُوهُمَا بِالنَّارِ. قَالَ ثُمَّ أَتَيْنَاهُ نُوَدِّعُهُ حِينَ أَرَدْنَا الْخُرُوجَ فَقَالَ «إِنِّى كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُحَرِّقُوا فُلاَنًا وَفُلاَنًا بِالنَّارِ، وَإِنَّ النَّارَ لاَ يُعَذِّبُ بِهَا إِلاَّ اللَّهُ، فَإِنْ أَخَذْتُمُوهُمَا فَاقْتُلُوهُمَا». طرفه 3016 - تحفة 13481 2955 - قوله: (فحرِّقوهما) وكان أحدهما هبار بن الأسود. وإنَّما أَمْر النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بتحرِيقه لأنه كان طعن راحلةَ زَيْنب بنتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم حين بعثها أبو العاص إلى المدينةِ على مواعدته من النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فسقطت عنها، وكانت حاملةً، فسقط جنينُها. وفي الحديث جوازُ التَّحْريق بالنَّار، ولا يوجدُ في فِقْهنا إلا إحراقُ اللُّوطي؛ ورُوي عن عليِّ رضي اللهُ عنه أنه حَرَق قومًا من الزنادقة، زعموا أنَّ الأُلوهيةَ حَلَّت فيه، والعياذ بالله، ولعله قتلهم، ثم حَرَّقهم، كذا في «التمهيد» لأبي عُمر. وحينئذٍ يخرج الكلامُ عمَّا نحنُ فيه، فإِنَّ الكلامَ في إحراق الأحياء، دون أجساد الأموات، ثُم عن أحمدَ أنه أجاز إحراق الزنابير، وبه أفتي.

108 - باب السمع والطاعة للإمام

2954 - قوله: (فقال: إني كُنْت أَمَرْتُكُم أن تحرِّقُوا فُلانًا، وفُلانًا بالنَّار، وأنَّ النَّارَ لا يُعذِّبُ بها إلا اللهُ، فإِنَّ أَخَذْتُموهُما فاقتلُوهُما) وحملة الفقهاء على التغيير في اجتهادِه صلى الله عليه وسلّم فرأى أولا أن يحرِّقهم، ثم استقر اجتهادُه على أن لا يفعله، وعندي ليس هذا برجوعٍ، بل هو عدولٌ عن حَقِّه الثابت إلى الأَخَفِّ منه (¬1). 108 - باب السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلإِمَامِ 2955 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ حَقٌّ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالْمَعْصِيَةِ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ». طرفه 7144 - تحفة 8150، 7798 الشيءُ إذا لم يخالف الشَّرْع، وكانت فيه مصلحةٌ للعامة، هل يَجِبُ بأمر الأمير، وهل يلزم فيه طاعتُه، أَم لا؛ فالرأي فيه مُخْتلف؛ وحَرَّر الحَموي في «حاشية الاشباه» أَنه إنْ ظهر وباءُ الاستسقاء. فأمر الإِمام بالصِّيام، لأنه يَنْفَع الاستسقاء، وجب عليهم أن يصوموا. قلت: إذا وجب الصيامُ في داء الاستسقاء بأمره. فما بالُ صلاةِ الاستقساء، لا تجب بأَمْره، قل أَمَرَ لوجبت عندنا أيضًا، وكذلك في أمثالها. 109 - باب يُقَاتَلُ مِنْ وَرَاءِ الإِمَامِ وَيُتَّقَى بِهِ 2956 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ». أطرافه 238، 876، 896، 3486، 6624، 6887، 7036، 7495 - تحفة 13744 ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: ونظيره عندي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد مرة أن يربط شيطانًا تفلت عليه، ثم تذكر دعوة أخيه سليمان عليه الصلاة والسلام، فلم يفعل، فإنه ليس رجوعًا أصلًا، فإنه لو فعل لم يخالف دعاءه أيضًا، إلا أنه احترز عن صورة المخالفة أيضًا، فكذلك لو أمر بتحريقهما لم يخالف قوله: إن النار لا يعذب، الخ؛ ولكنه عدل عنه، ليبقى الحديث على عمومه بدون استثناء، ولا تخصيص، وهو صنيعه في قصة الأنصاري مع الزبير في قصة شراج الحرة، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أولًا بأمر كان فيه خير لهما، ولما أحفظه الأنصاري أمر الزبير أن يستوفي حقه تمامًا، وقد ظهر هناك أنه لم يكن رجوعًا، ويؤيده ما أخرجه الحافظ عن سعيد بن منصور عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح، أن هبار بن الأسود أصاب زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء، وهي في خدرها، فأسقطت، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية، فقال: إن وجدتموه فاجعلوه بين حزمتي حطب، ثم أشعلوا النار، ثم قال: إني لأستحي من الله، لا ينبغي لأحد أن يعذب بعذاب الله، اهـ: ص 91 - ج 6، فدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان رجوعه استحياء من الله عز وجل، لا تغيير في اجتهاده، أو غير ذلك، والله تعالى أعلم بالصواب؛ ثم رأيت في "عمدة القاري" عن الملهب، قال: ليس نهيه عن التحريق على التحريم، وإنما هو على سبيل التواضع لله، اهـ: ص 55 - ج 7، ثم ذكر أشياء مفيدة، فليراجع.

110 - باب البيعة فى الحرب أن لا يفروا، وقال بعضهم: على الموت

2957 - وَبِهَذَا الإِسْنَادِ «مَنْ أَطَاعَنِى فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِى فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ يُطِعِ الأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِى، وَمَنْ يَعْصِ الأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِى، وَإِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ، فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَعَدَلَ، فَإِنَّ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرًا، وَإِنْ قَالَ بِغَيْرِهِ، فَإِنَّ عَلَيْهِ مِنْهُ». طرفه 7137 - تحفة 13741 - 61/ 4 ولفظ «الوراء» يقتضي أن يكون الإِمامُ أَمَامَهم، وسائر النَّاس خَلْفه، وليس بمراد؛ بل المرادُ به الوراثيةُ المعنوية، أي تحت تدبير الإمام، وظِلَّه وحمايته، وكَنَفَ جِواره، وعند مسلم في «باب ائتمام المأموم بإِمام» عن أبي هريرة مرفوعًا: «إنَّما الإِمامُ جُنَّةٌ، فإِذا صلى قاعدًا فصلوا قعودًا» ... الخ. وهو عندي وَهْم (¬1)، لأن القطعة الأُولى وردت في الجهاد، وإطاعة الأمير، والثانية في الصلاة؛ فانتقل الراوي من حال الإِمام في الجهاد إلى حالة في الصلاة، فضم تلك القِطْعة بقطعة الصلاة نظرًا إلى أَنَّ طاعة الإِمام واجبةٌ في المَوْضعين، وإلا فليست تلك القطعة في إطاعة الإِمام في الصلاة عندي، وإن كان في الحديث المذكورُ على السِّياق المذكور مفيدًا للحنفية في جزاز القعود في صلاة الخوف، بدون عُذْر، كما هو مذهبنا؛ إلا أن الوُجْدان يَحْكُمِ بِكَوْن السَّياق المَذْكور، وَهْمًا من الراوي، فبناء المسألةِ عليه خروجٌ عن حِمى الحقِّ. 110 - باب الْبَيْعَةِ فِى الْحَرْبِ أَنْ لاَ يَفِرُّوا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَى الْمَوْتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18]. 2958 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - رَجَعْنَا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَمَا اجْتَمَعَ مِنَّا اثْنَانِ عَلَى الشَّجَرَةِ الَّتِى بَايَعْنَا تَحْتَهَا، كَانَتْ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ. فَسَأَلْتُ نَافِعًا عَلَى أَىِّ شَىْءٍ بَايَعَهُمْ عَلَى الْمَوْتِ قَالَ لاَ، بَايَعَهُمْ عَلَى الصَّبْرِ. تحفة 7629 2959 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا كَانَ زَمَنَ الْحَرَّةِ أَتَاهُ آتٍ فَقَالَ لَهُ إِنَّ ابْنَ حَنْظَلَةَ يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى الْمَوْتِ. فَقَالَ لاَ أُبَايِعُ عَلَى هَذَا أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 4167 - تحفة 5302 2960 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَايَعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ عَدَلْتُ إِلَى ظِلِّ الشَّجَرَةِ، فَلَمَّا خَفَّ النَّاسُ قَالَ «يَا ابْنَ ¬

_ (¬1) ويدل عليه ما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة مرفوعًا: قال: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطيع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني، وإنما الإِمام جنة يقاتل من ورائه، ويتقى به، فإن أمر بتقوى الله، وعدل، فإن له بذلك أجرًا، قال بغير، فإن عليه منه، اهـ: وهذا صريح في كون القطعة المذكورة جزء لحديث الجهاد.

الأَكْوَعِ، أَلاَ تُبَايِعُ». قَالَ قُلْتُ قَدْ بَايَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «وَأَيْضًا». فَبَايَعْتُهُ الثَّانِيَةَ،. فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ، عَلَى أَىِّ شَىْءٍ كُنْتُمْ تُبَايِعُونَ يَوْمَئِذٍ قَالَ عَلَى الْمَوْتِ. أطرافه 4169، 7206، 7208 - تحفة 4536، 4551 2961 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ تَقُولُ: * نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الْجِهَادِ مَا حَيِينَا أَبَدَا فَأَجَابَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "* اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشُ الآخِرَهْ ... فَأَكْرِمِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ" أطرافه 2834، 2835، 3795، 3796، 4099، 4100، 6413، 7201 - تحفة 692 2962 و 2963 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ فُضَيْلٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ مُجَاشِعٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَأَخِى فَقُلْتُ بَايِعْنَا عَلَى الْهِجْرَةِ. فَقَالَ «مَضَتِ الْهِجْرَةُ لأَهْلِهَا». فَقُلْتُ عَلاَمَ تُبَايِعُنَا قَالَ «عَلَى الإِسْلاَمِ وَالْجِهَادِ». حديث 2962 أطرافه 3078، 4305، 4307 - تحفة 11210 حديث 2963 أطرافه 3079، 4306، 4308 وهذا النِّزاعُ من باب النِّنزاع اللفظي. فَمن أَنْكر البيعةَ على الموتِ، أراد أن الموتَ ليس مقصودًا؛ فالبيعةُ وقعت على عَدَمِ الفِرار، ومَنْ أثبته لم يَر بها إلا عدمُ الفِرار، وإنْ أَشْرفوا على الموت، فلا نِزاع بعد الإمعان. 2961 - قوله: (قال: با ابنَ الأَكْوَع، ألا تُبايعُ؟ قال: قُلْتُ: قد بَايَعْتُ يا رسول الله، قال: وأيضًا بايَعْتُهُ الثانية) قال الشارحون: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم بايعه مرتين، لكونِه شجاعًا شديدَ العدّو، فأحبَّ أن يأخذ منه البيعةُ مَرّتَيْن، لمزيد الاستيثاق. والأَمْر (¬1) عندي أن ابنَ الأَكْوع إنما بايعهُ مرةً ثانيةً احترازًا عن صورةِ الانحراف، ورعايةً لما سبق له من سانه: «ألا تُبايع»؟ فبادر إليها ثانيةً. ¬

_ (¬1) واعلم أن مدارِكَ الشيخ لا تكادُ تُدْرك، ولعلَّه عدل ههنا عن توجيه الشارحين. لأنه يُؤذن بأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يَحُسُّ منه ضعفًا، فاحتاج إلى مزيد الاستيثاق، وفيه سوءُ الظنِّ بصحابي ثَبَت منه الثباثُ والسماحةُ في كثيرٍ من المواضع، وكذا عدل الشيخُ فيما مرّ عن القول برجوع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في قصَّة الإِحراق؛ وأي حاجةٍ إلى التزام الرجوعِ مع التفصِّي عنه بأحسن وَجْه، وكان مِن دَأبِه أنه لم يكن يَنْسُب الرجوع إلى جانب الأئمة وجَنَابهم إلا قليلًا؛ فكيف إلى حَضْرةِ الرِّسالة! وقد عَلِمت أنه لم يكن قائِلًا بالنَّسخ إلا في صورٍ قليلةٍ، وقد ادَّعى في آخر عُمُرِه أنه ما مِن آيةٍ إلَّا وهي مُحْكَمةُ في جِنْس الحُكْم، فارتفع عنده بابُ النَّسْخ على اصطلاحه، فإِذا هدم هذا الباب رأسًا، عدل عن فروعه وفصوله أيضًا. فافهم، فإنَّ لكل فن رجالًا، ولكل رجلٍ مَلْحظًا واصطلاحًا، فإِنَّه ليس فيه إلَّا تسويةٌ للتعبير، لا تغييرٌ للمسألةِ، وقد فعل مِثحلَه في مواضع، هذا ما لديَّ مِن مراده، والله أعلم بالصواب.

111 - باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون

ولم يمتنع عنها تشاؤمًا، ولم يتف بجوابه: قد بايعت. وهذا مِن كمال امتثاله، وغايةِ أَدَبه بحضرةِ الرسالة، فلما تقدَّم هو إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم للبيعةِ بايعه هو أيضًا، ولم يَرُدَّه خاسِئًا. وهذا مِن كمال رأفته وغايةِ شَفَقَتِه. 111 - باب عَزْمِ الإِمَامِ عَلَى النَّاسِ فِيمَا يُطِيقُونَ 2964 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ - رضى الله عنه - لَقَدْ أَتَانِى الْيَوْمَ رَجُلٌ فَسَأَلَنِى عَنْ أَمْرٍ مَا دَرَيْتُ مَا أَرُدُّ عَلَيْهِ، فَقَالَ أَرَأَيْتَ رَجُلاً مُؤْدِيًا نَشِيطًا، يَخْرُجُ مَعَ أُمَرَائِنَا فِى الْمَغَازِى، فَيَعْزِمُ عَلَيْنَا فِى أَشْيَاءَ لاَ نُحْصِيهَا. فَقُلْتُ لَهُ وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لَكَ إِلاَّ أَنَّا كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَعَسَى أَنْ لاَ يَعْزِمَ عَلَيْنَا فِى أَمْرٍ إِلاَّ مَرَّةً حَتَّى نَفْعَلَهُ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَنْ يَزَالَ بِخَيْرٍ مَا اتَّقَى اللَّهَ، وَإِذَا شَكَّ فِى نَفْسِهِ شَىْءٌ سَأَلَ رَجُلاً فَشَفَاهُ مِنْهُ، وَأَوْشَكَ أَنْ لاَ تَجِدُوهُ، وَالَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ مَا أَذْكُرُ مَا غَبَرَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ كَالثَّغْبِ شُرِبَ صَفْوُهُ وَبَقِىَ كَدَرُهُ. أطرافه 2117، 2407، 2414 - تحفة 9306 - 62/ 4 2964 - قوله: (رَجُلا مُؤذيًا) أي ذات أداةٍ، وسلاحٍ نشيط "سبك روح". قوله: (فعَسى أنْ لا يَعْزِمَ علينا في أَمْرَ إلا مَرَّةً) يعني إذا كان يَأمرُنا بِأَمْرٍ مرةً بادرنا إلى امتثاله، حتى لا يحتاج إلى الأَمْر مَرَّتين؛ يريدُ به استعجالهم إلى الامتثال بأَمْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم. 112 - باب كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ أَوَّلَ النَّهَارِ أَخَّرَ الْقِتَالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ 2965 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَكَانَ كَاتِبًا لَهُ قَالَ كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - فَقَرَأْتُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِى لَقِىَ فِيهَا انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ. أطرافه 2933، 3025، 4115، 6392، 7489 - تحفة 5161 2966 - ثُمَّ قَامَ فِى النَّاسِ قَالَ «أَيُّهَا النَّاسُ، لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ، ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِىَ السَّحَابِ وَهَازِمَ الأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ». أطرافه 2818، 2833، 3024، 7237 - تحفة 5161 113 - باب اسْتِئْذَانِ الرَّجُلِ الإِمَامَ لِقَوْلِهِ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ} [النور: 62]. إِلَى آخِرِ الآيَةِ. قوله: {عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ} [النور: 62] ومن مِثْل هذا تَعَلَّم عليَّ لَفْظَ المِصْر الجامع، فقال: لا جُمعةَ، ولا تَشْرِيق إلا في مِصْرٍ جامِع».

114 - باب من غزا وهو حديث عهد بعرسه

قوله: ({لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ}) وفي التفاسير أنَّ الصحابةَ رضي الله عنهم إذا اعترتهم حاجة في خطبة الجمعة استأذنوه بالإِشارة، كما يفعله اليوم الأطفالُ في المدرسة عند أستاذهم. 2967 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَتَلاَحَقَ بِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا عَلَى نَاضِحٍ لَنَا قَدْ أَعْيَا فَلاَ يَكَادُ يَسِيرُ فَقَالَ لِى «مَا لِبَعِيرِكَ». قَالَ قُلْتُ عَيِىَ. قَالَ فَتَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَزَجَرَهُ وَدَعَا لَهُ، فَمَا زَالَ بَيْنَ يَدَىِ الإِبِلِ قُدَّامَهَا يَسِيرُ. فَقَالَ لِى «كَيْفَ تَرَى بَعِيرَكَ». قَالَ قُلْتُ بِخَيْرٍ قَدْ أَصَابَتْهُ بَرَكَتُكَ. قَالَ «أَفَتَبِيعُنِيهِ». قَالَ فَاسْتَحْيَيْتُ، وَلَمْ يَكُنْ لَنَا نَاضِحٌ غَيْرَهُ، قَالَ فَقُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «فَبِعْنِيهِ». فَبِعْتُهُ إِيَّاهُ عَلَى أَنَّ لِى فَقَارَ ظَهْرِهِ حَتَّى أَبْلُغَ الْمَدِينَةَ. قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى عَرُوسٌ، فَاسْتَأْذَنْتُهُ فَأَذِنَ لِى، فَتَقَدَّمْتُ النَّاسَ إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَلَقِيَنِى خَالِى فَسَأَلَنِى عَنِ الْبَعِيرِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا صَنَعْتُ فِيهِ فَلاَمَنِى، قَالَ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِى حِينَ اسْتَأْذَنْتُهُ «هَلْ تَزَوَّجْتَ بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا». فَقُلْتُ تَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا. فَقَالَ «هَلاَّ تَزَوَّجْتَ بِكْرًا تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُوُفِّىَ وَالِدِى - أَوِ اسْتُشْهِدَ - وَلِى أَخَوَاتٌ صِغَارٌ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ مِثْلَهُنَّ، فَلاَ تُؤَدِّبُهُنَّ، وَلاَ تَقُومُ عَلَيْهِنَّ، فَتَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا لِتَقُومَ عَلَيْهِنَّ وَتُؤَدِّبَهُنَّ. قَالَ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ غَدَوْتُ عَلَيْهِ بِالْبَعِيرِ، فَأَعْطَانِى ثَمَنَهُ، وَرَدَّهُ عَلَىَّ. قَالَ الْمُغِيرَةُ هَذَا فِى قَضَائِنَا حَسَنٌ لاَ نَرَى بِهِ بَأْسًا. أطرافه 443، 1801، 2097، 2309، 2385، 2394، 2406، 2470، 2603، 2604، 2718، 2861، 3087، 3089، 3090، 4052، 5079، 5080، 5243، 5244، 5245، 5246، 5247، 5367، 6387 - تحفة 2341 - 63/ 4 2967 - قوله: (هلْ تَزَوَّجْتَ بِكْرًا أَم ثَيبًّا؟) قال النحاة: إن -أم- لا تستعمل مع -هل- فإما أن يقال: إنها منقطعة، أو يختار رأي ابن مالك، فإنه قال: إن الحديث حجة في باب النحو أيضًا، ولم يذهب إليه غيره. قوله: (قال المغيرة) هذا في قضائنا حسن، وكان مذهبه أن المديونَ إنْ زاد على دِيْنَه لا بأس به. 114 - باب مَنْ غَزَا (¬1) وَهُوَ حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسِهِ فِيهِ جَابِرٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وإنما اهتم به، لما روي عن يوشع عليه الصلاة والسلام حين خرج في الغزو نادى في الناس: أن لا يصحبه من كان حديث عهد بعرس، وليصحبه من كان فارغ القلب، ليست له حاجة إلى البناء، وغيره. ¬

_ (¬1) وقد بَوَّب المصِّنفُ في النكاح "باب مَنْ أحبَّ البناءَ قبل الغَزْو"؛ قال ابنُ المنير: يُستفادُ منه الردُّ على العامَّةِ في تقديمهم الحَج على الزواج؛ ظنًا منهم أن التعفُّفَ إنما يتأكد بعد الحجِّ، بل الأوْلى أن يتعفَّفَ، ثُم يحج، اهـ. كذا في "الفتح". وقد تعقب الداودي على ترجمة البخاري تلك، وأجاب عنه الشيخ العَيني، فراجعه في "العمدة".

115 - باب من اختار الغزو بعد البناء

115 - باب مَنِ اخْتَارَ الْغَزْوَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 116 - باب مُبَادَرَةِ الإِمَامِ عِنْدَ الْفَزَعِ 2968 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنِى قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَزَعٌ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَسًا لأَبِى طَلْحَةَ، فَقَالَ «مَا رَأَيْنَا مِنْ شَىْءٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا». أطرافه 2627، 2820، 2857، 2862، 2866، 2867، 2908، 2969، 3040، 6033، 6212 - تحفة 1238 117 - باب السُّرْعَةِ وَالرَّكْضِ فِى الْفَزَعِ 2969 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ فَزِعَ النَّاسُ فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَسًا لأَبِى طَلْحَةَ بَطِيئًا، ثُمَّ خَرَجَ يَرْكُضُ وَحْدَهُ، فَرَكِبَ النَّاسُ يَرْكُضُونَ خَلْفَهُ، فَقَالَ «لَمْ تُرَاعُوا، إِنَّهُ لَبَحْرٌ». فَمَا سُبِقَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ. أطرافه 2627، 2820، 2857، 2862، 2866، 2867، 2908، 2968، 3040، 6033، 6212 - تحفة 1466 - 64/ 4 118 - باب الْخُرُوجِ فِى الْفَزَعِ وَحْدَهُ 119 - باب الْجَعَائِلِ وَالْحُمْلاَنِ فِى السَّبِيلِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ: الْغَزْوُ، قَالَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أُعِينَكَ بِطَائِفَةٍ مِنْ مَالِي، قُلْتُ: أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَيَّ، قَالَ إِنَّ غِنَاكَ لَكَ، وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَالِي فِى هَذَا الْوَجْهِ. وَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ نَاسًا يَأْخُذُونَ مِنْ هَذَا الْمَالِ لِيُجَاهِدُوا، ثُمَّ لاَ يُجَاهِدُونَ، فَمَنْ فَعَلَهُ فَنَحْنُ أَحَقُّ بِمَالِهِ حَتَّى نَأْخُذَ مِنْهُ مَا أَخَذَ. وَقَالَ طَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ: إِذَا دُفِعَ إِلَيْكَ شَىْءٌ تَخْرُجُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَاصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ، وَضَعْهُ عِنْدَ أَهْلِكَ. 2970 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ، فَقَالَ زَيْدٌ سَمِعْتُ أَبِى يَقُولُ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، فَرَأَيْتُهُ يُبَاعُ، فَسَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - آشْتَرِيهِ فَقَالَ «لاَ تَشْتَرِهِ، وَلاَ تَعُدْ فِى صَدَقَتِكَ». أطرافه 1490، 2623، 2636، 3003 - تحفة 10385 2971 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، فَوَجَدَهُ يُبَاعُ، فَأَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَهُ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لاَ تَبْتَعْهُ، وَلاَ تَعُدْ فِى صَدَقَتِكَ». أطرافه 1489، 2775، 3002 - تحفة 8351

120 - باب الأجير

2972 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو صَالِحٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ سَرِيَّةٍ، وَلَكِنْ لاَ أَجِدُ حَمُولَةً، وَلاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ، وَيَشُقُّ عَلَىَّ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّى، وَلَوَدِدْتُ أَنِّى قَاتَلْتُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَقُتِلْتُ، ثُمَّ أُحْيِيتُ ثُمَّ قُتِلْتُ، ثُمَّ أُحْيِيتُ». أطرافه 36، 2787، 2797، 3123، 7226، 7227، 7457، 7463 - تحفة 12885 وهي جمع جَعِيلة، وهي الأُجرةُ التي يجعلُها القاعِد لِمَنْ يَغْزُنو عنه في الجِهاد، ولا رَيْب في كَوْنِه مكرُوهًا؛ أمَّا أَخْذُ أُجْرةِ الجهاد فهو جائرٌ، وإنَ حَبِط الأَجْرُ، وفي «الكنز»؛ وكره الجُعْل، وهو بمعنى قطعة من المال يَضعُها الإِمام على الناس لتسوية أَمْر الجهاد، وهو مكروهٌ إذا كان في بيت المال فُسَّحةٌ، أما إذا لم يكن فيه مالٌ فلا بأس، ولعلَّ المصنِّف أيضًا نظر إليه. قوله: (وقال طَاوُسٌ ومجاهِدٌ: إذا دُفِعَ إليك شيءٌ) ... الخ، يعني أنه لا يُشْترطُ أَن يَذْهب به معه في سَفَره، بل له أَنَ يَتْرُكَ في أهله. 120 - باب الأَجِيرِ وَقَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ: يُقْسَمُ لِلأَجِيرِ مِنَ الْمَغْنَمِ. وَأَخَذَ عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ فَرَسًا عَلَى النِّصْفِ، فَبَلَغَ سَهْمُ الْفَرَسِ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ، فَأَخَذَ مِائَتَيْنِ، وَأَعْطَى صَاحِبَهُ مِائَتَيْنِ. 2973 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَزْوَةَ تَبُوكَ، فَحَمَلْتُ عَلَى بَكْرٍ، فَهْوَ أَوْثَقُ أَعْمَالِى فِى نَفْسِى، فَاسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا، فَقَاتَلَ رَجُلاً، فَعَضَّ أَحَدُهُمَا الآخَرَ فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ فِيهِ، وَنَزَعَ ثَنِيَّتَهُ، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَهْدَرَهَا فَقَالَ «أَيَدْفَعُ يَدَهُ إِلَيْكَ فَتَقْضَمُهَا كَمَا يَقْضَمُ الْفَحْلُ». أطرافه 1848، 2265، 4417، 6893 - تحفة 11837 يعني أن المجاهدين إذا خرجوا للجهاد، فأخذوا أجيرًا يسوسُ أشياءهم، ويقومُ عليها، فهو يستحِقُّ مِن المَغْنم سوى أُجرتِه؟. قوله: (وقال الحسن، وابنُ سِيرين، يُقْسَم للأَجِيرِ مِن المَغْنَم) وليس له مِن المَغْنم عندنا شيءٌ، غيرَ أَنَّهُ يَرْضَخُ له الإِمامُ إنْ رأى له. قوله: (وأَخَذ عَطِيَّةُ فَرَسًا على النِّصفْ، فبلغ سَهِمْ الفَرَس أَربع مئة دينارٍ، فأَخَذ مِئتين وأعطى صاحبه مِئتين، ولا أراه جائزًا في فِقْهنا، إلا أَنَّ البِّطْلان ههنا للنِّزاع، فيجوزُ عند عَدَمِه؛ وقد مر معنا أن البُطلان متى كان من جهة فخافةِ النزاع انقلب جائزًا عند عدَمِه.

121 - باب ما قيل فى لواء النبي - صلى الله عليه وسلم -

121 - باب مَا قِيلَ فِى لِوَاءِ (¬1) النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - 2974 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ أَخْبَرَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِى مَالِكٍ الْقُرَظِىُّ أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ الأَنْصَارِىَّ - رضى الله عنه - وَكَانَ صَاحِبَ لِوَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرَادَ الْحَجَّ فَرَجَّلَ. تحفة 11089 أ 2975 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه - تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى خَيْبَرَ، وَكَانَ بِهِ رَمَدٌ، فَقَالَ أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ عَلِىٌّ فَلَحِقَ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِى فَتَحَهَا فِى صَبَاحِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ - أَوْ قَالَ لَيَأْخُذَنَّ - غَدًا رَجُلٌ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ - أَوْ قَالَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ - يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ». فَإِذَا نَحْنُ بِعَلِىٍّ، وَمَا نَرْجُوهُ، فَقَالُوا هَذَا عَلِىٌّ، فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ. طرفاه 3702، 4209 - تحفة 4543 - 65/ 4 2976 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ لِلزُّبَيْرِ رضى الله عنهما هَا هُنَا أَمَرَكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تَرْكُزَ الرَّايَةَ. تحفة 5138 يريدُ الفَرْق بين اللواءِ والراية؛ ولا بُعْد أن يكون اللواءُ للأمير، والرايةُ لغيره. 122 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ: - صلى الله عليه وسلم - «نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ» وَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ} [آل عمران: 151]. قَالَ جَابِرٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 2977 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، فَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ، فَوُضِعَتْ فِى يَدِى». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَقَدْ ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنْتُمْ تَنْتَثِلُونَهَا. أطرافه 6998، 7013، 7273 - تحفة 13216 - 66/ 4 ¬

_ (¬1) قال الحافظ في "الفتح": وكان الأصلُ أن يُمْسِكُها رئيسُ الجيش، ثُم صارت تُحْمل على رأسه. وقال أبو بكر بن العربي: اللواءُ غيرُ الراية، فاللواء ما يُعقَد في طَرَف الرُّمحْ. ويُلْوى عليه؛ والرايةُ ما يُعقد فيه، وُيتْرك حتى تَصْفِقَه الرياحُ. وجنح الترمذيُّ إلى التفرقةِ، فترجم بالألويةِ، ثُم ترجم بالراياتِ، ولأبي الشيخ من حديثِ ابن عباس؛ كان مكتوبًا على رايتهِ: لا إله إلا الله، محمدٌ رسول الله، وسندُه واهٍ، اهـ؛ مختصرًا جدًا.

123 - باب حمل الزاد فى الغزو

2978 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ، ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ، فَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ، وَأُخْرِجْنَا، فَقُلْتُ لأَصْحَابِى حِينَ أُخْرِجْنَا لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِى كَبْشَةَ، إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِى الأَصْفَرِ. أطرافه 7، 51، 2681، 2804، 2941، 3174، 4553، 5980، 6260، 7196، 7541 - تحفة 4850 123 - باب حَمْلِ الزَّادِ فِى الْغَزْوِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197]. 2979 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى وَحَدَّثَتْنِى أَيْضًا فَاطِمَةُ عَنْ أَسْمَاءَ - رضى الله عنها - قَالَتْ صَنَعْتُ سُفْرَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَيْتِ أَبِى بَكْرٍ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَتْ فَلَمْ نَجِدْ لِسُفْرَتِهِ وَلاَ لِسِقَائِهِ مَا نَرْبِطُهُمَا بِهِ، فَقُلْتُ لأَبِى بَكْرٍ وَاللَّهِ مَا أَجِدُ شَيْئًا أَرْبِطُ بِهِ إِلاَّ نِطَاقِى. قَالَ فَشُقِّيهِ بِاثْنَيْنِ، فَارْبِطِيهِ بِوَاحِدٍ السِّقَاءَ وَبِالآخَرِ السُّفْرَةَ. فَفَعَلْتُ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ. طرفاه 3907، 5388 - تحفة 15752، 15730 2980 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الأَضَاحِىِّ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْمَدِينَةِ. أطرافه 1719، 5424، 5567 - تحفة 2469 2981 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنِى بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ النُّعْمَانِ - رضى الله عنه - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ خَيْبَرَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالصَّهْبَاءِ - وَهْىَ مِنْ خَيْبَرَ وَهْىَ أَدْنَى خَيْبَرَ - فَصَلَّوُا الْعَصْرَ، فَدَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالأَطْعِمَةِ، فَلَمْ يُؤْتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ بِسَوِيقٍ، فَلُكْنَا فَأَكَلْنَا وَشَرِبْنَا، ثُمَّ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، وَصَلَّيْنَا. أطرافه 209، 215، 4175، 4195، 5384، 5390، 5454، 5455 - تحفة 4813 2982 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَرْحُومٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ - رضى الله عنه قَالَ خَفَّتْ أَزْوَادُ النَّاسِ وَأَمْلَقُوا، فَأَتَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى نَحْرِ إِبِلِهِمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَلَقِيَهُمْ عُمَرُ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ مَا بَقَاؤُكُمْ بَعْدَ إِبِلِكُمْ فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَقَاؤُهُمْ بَعْدَ إِبِلِهِمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «نَادِ فِى النَّاسِ يَأْتُونَ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ». فَدَعَا وَبَرَّكَ عَلَيْهِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ بِأَوْعِيَتِهِمْ، فَاحْتَثَى النَّاسُ حَتَّى فَرَغُوا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ». طرفه 2484 - تحفة 4549 - 67/ 4 2979 - قوله: (ما أَجِد شيئًا أَرْبِطُ به إلا نِطَاقي) والمعروف فيه الآن أنه بمعنى كمربند؛ وفي الأصل هو لباسٌ ساتِر للجسد.

124 - باب حمل الزاد على الرقاب

2979 - قوله: (بالآخَرِ السُّفْرَةَ)، وهي على وَزْن أُكْلة - والسُّفْرة بالفارسية - بضم السين الدبر فكرِه النَّاسُ، واستعملوه بفتح السين وإلا فالأصلُ هو الضمُّ. 124 - باب حَمْلِ الزَّادِ عَلَى الرِّقَابِ 2983 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجْنَا وَنَحْنُ ثَلاَثُمِائَةٍ نَحْمِلُ زَادَنَا عَلَى رِقَابِنَا، فَفَنِىَ زَادُنَا، حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا يَأْكُلُ فِى كُلِّ يَوْمٍ تَمْرَةً. قَالَ رَجُلٌ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَأَيْنَ كَانَتِ التَّمْرَةُ تَقَعُ مِنَ الرَّجُلِ قَالَ لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَقَدْنَاهَا، حَتَّى أَتَيْنَا الْبَحْرَ فَإِذَا حُوتٌ قَدْ قَذَفَهُ الْبَحْرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَا أَحْبَبْنَا. أطرافه 2483، 4360، 4361، 4362، 5493، 5494 - تحفة 3125 125 - باب إِرْدَافِ الْمَرْأَةِ خَلْفَ أَخِيهَا 2984 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَرْجِعُ أَصْحَابُكَ بِأَجْرِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَلَمْ أَزِدْ عَلَى الْحَجِّ. فَقَالَ لَهَا «اذْهَبِى وَلْيَرْدِفْكِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ». فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَنْ يُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ، فَانْتَظَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِأَعْلَى مَكَّةَ حَتَّى جَاءَتْ. أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 16255 2985 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رضى الله عنهما - قَالَ أَمَرَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أُرْدِفَ عَائِشَةَ وَأُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ. طرفه 1784 - تحفة 9687 126 - باب الاِرْتِدَافِ فِى الْغَزْوِ وَالْحَجِّ 2986 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ رَدِيفَ أَبِى طَلْحَةَ، وَإِنَّهُمْ لَيَصْرُخُونَ بِهِمَا جَمِيعًا الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. أطرافه 1089، 1546، 1547، 1548، 1551، 1712، 1714، 1715، 2951 تحفة 947 127 - باب الرِّدْفِ عَلَى الْحِمَارِ 2987 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ، عَلَى إِكَافٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ وَرَاءَهُ. أطرافه 4566، 5663، 5964، 6207 - تحفة 105 - 68/ 4 2988 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ يُونُسُ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنْ

128 - باب من أخذ بالركاب ونحوه

عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَقْبَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، مُرْدِفًا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَمَعَهُ بِلاَلٌ وَمَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ مِنَ الْحَجَبَةِ، حَتَّى أَنَاخَ فِى الْمَسْجِدِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِىَ بِمِفْتَاحِ الْبَيْتِ، فَفَتَحَ وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ أُسَامَةُ وَبِلاَلٌ وَعُثْمَانُ، فَمَكَثَ فِيهَا نَهَارًا طَوِيلاً ثُمَّ خَرَجَ، فَاسْتَبَقَ النَّاسُ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ، فَوَجَدَ بِلاَلاً وَرَاءَ الْبَابِ قَائِمًا، فَسَأَلَهُ أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَشَارَ لَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِى صَلَّى فِيهِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى مِنْ سَجْدَةٍ أطرافه 397، 468، 504، 505، 506، 1167، 1598، 1599، 4289، 4400 تحفة 8537 وهذا يُبني على قَدْر طاقةِ الحمار، فإِنْ كان قَويًّا جاز، وإلا لا. 128 - باب مَنْ أَخَذَ بِالرِّكَابِ وَنَحْوِهِ 2989 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بَيْنَ الاِثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ، فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا، أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ». طرفاه 2707، 2891 - تحفة 14700 129 - باب السَّفَرِ بِالْمَصَاحِفِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ وَكَذَلِكَ يُرْوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَتَابَعَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَدْ سَافَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ فِى أَرْضِ الْعَدُوِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ الْقُرْآنَ. تحفة 8091، 8409 2990 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ. تحفة 8347 وقد مَرَّ ما هي المسألةُ فيه. قوله: (كذلك يُرْوَى عن مُحمَّدِ بن بِشْر) أشار البخاريُّ إلى أنَّ المحظورَ أن يُذْهب في السَّفر بالمُصْحف المكتوب، أما المحفوظ في الصُّدور، فلا بأس به، وإنْ كان هو أيضًا قرآنًا. 130 - باب التَّكْبِيرِ عِنْدَ الْحَرْبِ 2991 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَبَّحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ وَقَدْ خَرَجُوا بِالْمَسَاحِى عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا هَذَا مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ. فَلَجَئُوا إِلَى الْحِصْنِ، فَرَفَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -

131 - باب ما يكره من رفع الصوت فى التكبير

يَدَيْهِ وَقَالَ «اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ». وَأَصَبْنَا حُمُرًا فَطَبَخْنَاهَا، فَنَادَى مُنَادِى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، فَأُكْفِئَتِ الْقُدُورُ بِمَا فِيهَا. تَابَعَهُ عَلِىٌّ عَنْ سُفْيَانَ رَفَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ. أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 1457، 1488 أ - 69/ 4 واعلم أن المصنِّفين الذين جمعوا الأورادَ، والأذكارَ، لم يتعرَّضُوا إلى هذا التكبير، مع أنه ثابتٌ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في خيبرَ، وكذا عن ابن ماجة: «فتح القسطنطينية بصوت التكبير»، وكذا في «مستدرك الحاكم» «إنا حَمَلْنا عليهم بالتكبير». ونقل عن ابن جرير أن الأُمراءَ كانوا يكبِّرون دُبُرَ الصلواتِ، وما ذَكره ابنُ عباس انه ان يعرف انقضاءً الصلاةِ بالتكبير أيضًا يُحْتَمِله، إلا أنه لما لم يَجْرِ عليه التعامُلُ، ولم يأخذ به الائمةُ، فبقي احتمالا فقط، وقد حَقَّقنا مرادَه على وَجْه لا يُخالف عمل الأُمَّة، والائمةِ. 2991 - قوله: (رَفَع النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يَدَيْه)، وليس فيه رَفْعُ اليدين إلا في هذا الموضع، وسيعودُ المصنِّفُ إلى ذِكره، وينبه على أنه وهمٌ من الراوي؛ إلا أنَّ هذه العبارةَ ليست إلا في النُّسخة الاحمدية، وقد تَبِعها الحافظ في «الفتح» ثُم تمسَّك برَفْع اليدين هذا في تصفيفٍ آخر، فلا أدري ماذا وقع فيه حيث جرى في الكتابَيْن بالنَّحوين. 131 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ فِى التَّكْبِيرِ 2992 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَكُنَّا إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، إِنَّهُ مَعَكُمْ، إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ، تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتَعَالَى جَدُّهُ». أطرافه 4205، 6384، 6409، 6610، 7386 - تحفة 9017 قوله: (أربعوا على أنفسكم) ... الخ، فيه بيان لكون الجهر المفرط لغوًا، لأن الله تعالى ليس بغائب، ولا أصم ليحتاج إلى هذا الإتعاب، وليس فيه نهي عن الجهر، ولا ذم عليه. وراجع البحث في رسالتي «نيل الفَرْقَدين» في أن المواد منه بَسْطُ التسبيح حالَ الهبوط، أو التسبيح في الوادي بعد البلوغ. 132 - باب التَّسْبِيحِ إِذَا هَبَطَ وَادِيًا 2993 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا، وَإِذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا. طرفه 2994 - تحفة 2245

133 - باب التكبير إذا علا شرفا

133 - باب التَّكْبِيرِ إِذَا عَلاَ شَرَفًا 2994 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا، وَإِذَا تَصَوَّبْنَا سَبَّحْنَا. طرفه 2993 - تحفة 2245 2995 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَفَلَ مِنَ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ - وَلاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ قَالَ الْغَزْوِ - يَقُولُ كُلَّمَا أَوْفَى عَلَى ثَنِيَّةٍ أَوْ فَدْفَدٍ كَبَّرَ ثَلاَثًا ثُمَّ قَالَ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ». قَالَ صَالِحٌ فَقُلْتُ لَهُ أَلَمْ يَقُلْ عَبْدُ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ لاَ. أطرافه 1797، 3084، 4116، 6385 - تحفة 6762 - 70/ 4 2994 - قوله: (وإذا تصوَّبْنا سَبَحَّنْا) وعند أبي داود: في هذه الرواية في آخرها، وعليها وضعت الصلاة، ويلزم منها تَرْك التكبير عند الخَفْض، كما كان بعضُ الأمراء يَفْعَلُونه، ونُسِب إلى عثمان أيضًا؛ وحَقَّث الصحاوي أنه كان مِن فِعل بني أمية، ثُم اعلم أَنَّ عند أبي دواد لَفْظ: «لا يتم التكبير»، وكلام الحافظ فيه متناقِضُ في «الفتح و «التخليص»؛ والصواب عندي أنه تَصْحِيف، وأَصْل اللَّفظ: «لا يتم التكبير - بالثاء المثلثة - أي لا يَنْقُصه، كذا نقله في «المغرب» فاحفظه، فإِنَّه خَفِي على مِثْل (¬1) الحافظ. وفي «شرح القُدُوري» أنَّ محمدًا ذهب إلى أنه يُكبِّر للهبوط في القيام، ثُم يِهْبط، ولا يقول في حين الهبوط شيئًا، وَحَقَّق الطحاوي أنه يملاءُ الانتقال بالتكبير. ويبسطه عليه. قلت: ولعلَّ ما قاله محمدٌ بيانٌ لما يكون له التكبيرُ، أعني انه للانحطاط، أو للقيام. وما ذكره الطحاوي بيانٌ لما يُناسب في العمل، فأَصلُه في القيام، وليس في الانخطاط إلا بقاؤه، وبسطه، والتكبيرُ إنما يناسِبُ حالَ الارتفاع، لكونه دالا على كبريائه تعالى، والكبرياء يناسِبه الارتفاع والعليا؛ ولذا فَصَّل محمدٌ التكبيرَ الهبوطِ في القيام فقط، أما الهبوط فيناسِبه التسبيحُ والتنزيه، فالنداء بكبريائه يأبي عن الخفْض، والهبوط (¬2). ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وقد تكلَّمنا على هذا الحديث مُفَصَّلًا في بابه، إلا أن هذه زيادةٌ وجدناها في بعض ما كتبنا عن الشيخ رحمه الله ههنا، فذكرناها، وليراجع تمامُ الكلام في بابه. (¬2) قلت: فالحاصل أن التكبيرَ بيانٌ لكبريائه تعالى قولًا، ومحله الارتفاعُ، لكونه دالًّا على ارتفاعه تعالى عملًا، وحالا، فكأنه إذا كَبَّر، فقد شهد بعليائه تعالى قولًا وعملًا، وكذا التسبيح تنزيهٌ له تعالى، ومحله الخفْض، لأن الانخفاض تنزيهٌ له عملًا، فإِذا سَبَّح في الخفض، فقد شهِد به قولًا وعملًا، قال المهلَّب - كما في "الفتح" -: =

134 - باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل فى الإقامة

134 - باب يُكْتَبُ لِلْمُسَافِرِ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ فِى الإِقَامَةِ 2996 - حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا الْعَوَّامُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ السَّكْسَكِىُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ وَاصْطَحَبَ هُوَ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِى كَبْشَةَ فِى سَفَرٍ، فَكَانَ يَزِيدُ يَصُومُ فِى السَّفَرِ فَقَالَ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى مِرَارًا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا». تحفة 9035 أقول: إنما يُكْتب له إذا كان هذا الفِعْل مِن عادته قَبْل هذا العارِضِ الذي عَرَض له. 135 - باب السَّيْرِ وَحْدَهُ 2997 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ نَدَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لِكُلِّ نَبِىٍّ حَوَارِيًّا، وَحَوَارِىَّ الزُّبَيْرُ». قَالَ سُفْيَانُ الْحَوَارِىُّ النَّاصِرُ. أطرافه 2846، 2847، 3719، 4113، 7261 - تحفة 3031 2998 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 7419 حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِى الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ». تحفة 7419 ولا ذِكْر له في الحديث الذي أخرجه أَوَّلا. 2997 - قوله: (قال سُفْيانُ الحَوارِيُّ النَّاصِرُ) واختُلِف في اشتقاقه. قلت: إن كان اللفظُ عربيًا فهو من الحَوَر، أي الثَّواب الأبيض، وإن كان عبرانيًا فلا حاجةَ إلى تَفَحُص اشتقاقه عن لغة العرب؛ وكثيرًا ما يَقَعُ النَّاسُ في بيانِ مَأخذ الاشتقاق للألفاظ العبرية من العربية، فيقحون في بُعْدِ بعيد، والذي يناسب أن يتفحص حالُ كلَّ لَفَظٍ من لغته، كالمسيح، اختلفوا في اشتقاقه، وعندي هو مُعَّرب من ماشيح، وهو بالعبري بمعنى المُباركك ¬

_ = تكبيرُه - صلى الله عليه وسلم - عِند الارتفاع استشعارٌ لكبرياءِ الله عز وجل، وعندما يقع عليه العين مِن عظيم خَلقه أنه أكبرُ من كلِّ شيء؛ وتسبيحه في بطون الأوديةِ مسَتنْبِطٌ من قِصَّة يونس، فإنَّ بتسبيحه في بطن الحوت نجاه الله من الظلمات، فسبَّح النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في بطون الأودية لينجيه الله منها وقيل: مناسبةُ التسبيح في الأماكن المنخفضةِ من جهة أنَّ التسبيحَ هو التنزيهُ، فناسب تنزيه الله عن صفات الانخفاض، كما ناسب تكبيره عند الأماكن المرتفعة، ولا يلزم من كونِ جهتي العلو والسفل مُحالًا على الله أن لا يوصف بالعلو، لأنه وَصْفه بالعلو من جهة المعنى، والمستحيلُ كون ذلك من جهة الحِس، ولذلك ورد في صفته: العالي، والعلي، والمتعالي، ولم يرد ضدُّ ذلك، وإن كان قد أحاط بكلّ شيءٍ علمًا، جل وعز، اهـ "فتح الباري".

136 - باب السرعة فى السير

136 - باب السُّرْعَةِ فِى السَّيْرِ وقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّي مُتَعَجِّلٌ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِي فَلْيَتَعَجِّلْ». 2999 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى قَالَ سُئِلَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - كَانَ يَحْيَى يَقُولُ وَأَنَا أَسْمَعُ فَسَقَطَ عَنِّى - عَنْ مَسِيرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ، قَالَ فَكَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ. وَالنَّصُّ فَوْقَ الْعَنَقِ. طرفاه 1666، 4413 - تحفة 104 3000 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زَيْدٌ - هُوَ ابْنُ أَسْلَمَ - عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَبَلَغَهُ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِى عُبَيْدٍ شِدَّةُ وَجَعٍ، فَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّفَقِ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعَتَمَةَ، يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ إِنِّى رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا. أطرافه 1091، 1092، 1106، 1109، 1668، 1673، 1805 - تحفة 6645 - 71/ 4 3001 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ». طرفاه 1804، 5429 - تحفة 12572 - قوله (إني مُتَعجِّلٌ إلى المدينة) أي ذاهِبٌ إليها من أقربِ الطريقين، قاله عند القُفول من تبوك. 2999 - قوله: (فسقَطَ عني) ... الخ، أي سقط هذا اللفظ عن حافظتي، ونسيتُه. 137 - باب إِذَا حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فَرَآهَا تُبَاعُ 3002 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَوَجَدَهُ يُبَاعُ، فَأَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَهُ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لاَ تَبْتَعْهُ، وَلاَ تَعُدْ فِى صَدَقَتِكَ». أطرافه 1489، 2775، 2971 - تحفة 8351 3003 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يَقُولُ حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَابْتَاعَهُ - أَوْ فَأَضَاعَهُ - الَّذِى كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لاَ تَشْتَرِهِ وَإِنْ بِدِرْهَمٍ، فَإِنَّ الْعَائِدَ فِى هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِى قَيْئِهِ». أطرافه 1490، 2623، 2636، 2970 - تحفة 10385

138 - باب الجهاد بإذن الأبوين

138 - باب الْجِهَادِ بِإِذْنِ الأَبَوَيْنِ 3004 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِى ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ الشَّاعِرَ - وَكَانَ لاَ يُتَّهَمُ فِى حَدِيثِهِ - قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَأْذَنَهُ فِى الْجِهَادِ فَقَالَ «أَحَىٌّ وَالِدَاكَ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ». طرفه 5972 - تحفة 8634 وفي الفِقْه أن الجهاد لا يجوزُ إلا بإِذن الوالدين، ثُم يُستفاد من تفاصيلهم، أنه إنَّ كان يرى أن نَهْيُهما لحبُهما إيَّاه فقط، مع استغنائهما عن خدمتِه، جاز له الخروجُ بدون الإِذن أيضًا. وهذا كلُه إذا لم يكن فَرَّضَ عين. والحاصل أنه أيضًا مختلِفٌ باختلافِ الأحوال. 3004 - قوله: (ففِيهما فجاهِد) وهذا قولٌ بالموجب، حيث أبقى اللفظَ على حاله، وغَيَّر في متعلَّقِه، وجعل محله الأبوين معنًى، والجهادُ فيهما خِدْمَتُهما وطاعَتُهما؛ فهو على حدَّ قوله: * قال: ثقلت إذا أتيت مرارًا ... قلت: ثقلت كأهلي بالأَيادي 139 - باب مَا قِيلَ فِي الْجَرَسِ وَنَحْوِهِ فِي أَعْنَاقِ الإِبِلِ 3005 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ أَنَّ أَبَا بَشِيرٍ الأَنْصَارِىَّ - رضى الله عنه - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَعْضِ أَسْفَارِهِ - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ - وَالنَّاسُ فِى مَبِيتِهِمْ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَسُولًا أَنْ لاَ يَبْقَيَنَّ فِى رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلاَدَةٌ مِنْ وَتَرٍ أَوْ قِلاَدَةٌ إِلاَّ قُطِعَتْ. تحفة 11862 - 72/ 4 وإنما نهى عنه لتنفر الملائكة منه، ولأنه سببٌ لاطِّلاع العدو. 3005 - قوله: (لا يَبْقَينَّ في رقبةِ بعيرٍ قلادَةٌ مِن وَتْر إلا قُطِعَتْ) .. الخ، رُوي في قصَّة أن دابة كانت تَعَلَّقت بشجرةٍ، فاختنقت، فنهى عن قلادةِ الوَتْر وأمر بِقْطْعه؛ وهذا أقربُ (¬1) مَحَامِلِه، وراجع الهامش. ¬

_ (¬1) وقد نقل الحافظ ابنِ عبد البرِّ أجوبةً أُخرى: قال ابنُ عبد البر: إذا اعتقد الذي قَلَّدها أنها تَرُدُّ العَين، فقد ظنَّ أنها تَرد القَدَر، وذلك لا يجوزُ اعتقاده؛ وثانيها: النهي عن ذلك لئلا تختنق الدابَّةُ بها عند شِدَّة الركض. ويُحكى ذلك عن محمد بن الحسن، وأبي حنيفة، وكلام أبي عُبيد يرجِّحه، فإنه قال: نهى عن ذلك، لأن الدواب تتأذى بذلك، ويضيق عليها نفسها ورعيها، وربما تعلقت بشجرة، فاختنقت، أو تعوَّقت عن السَّير، وثالثها: أنهم كانوا يُعلِّقون فيها الأجراس، حكاه الخطَّابي، اهـ وذكر نحوه في "المعتصر" فانظر إلى براعةِ الشيخ، حيث ذكر أَحرى الأجوبةِ من وجوه؛ وهذا الذي كان دأبه في جملة المواضع، لم يكن يأتي بكل عجز وبجر، فإنه يمل الناظر، ويكل الخاطر، ولكن كان ينتخبُ أحسنَ ما قيل في الباب، ثم يأتينا به، لم يعرَق فيه جبينُنا، اللهم أفسح مدخلَه، واجعل منزِلَه الفِردوسَ الأعلى، آمين.

140 - باب من اكتتب فى جيش فخرجت امرأته حاجة، وكان له عذر، هل يؤذن له

140 - باب مَنِ اكْتُتِبَ فِى جَيْشٍ فَخَرَجَتِ امْرَأَتُهُ حَاجَّةً، وَكَانَ لَهُ عُذْرٌ، هَلْ يُؤْذَنُ لَهُ 3006 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، وَلاَ تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلاَّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ». فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْتُتِبْتُ فِى غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، وَخَرَجَتِ امْرَأَتِى حَاجَّةً. قَالَ «اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ». أطرافه 1862، 3061، 5233 - تحفة 6514 141 - باب الْجَاسُوسِ التَّجَسُّسُ: التَّبَحُّثُ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: 1]. 3007 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ قَالَ أَخْبَرَنِى حَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى رَافِعٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا - رضى الله عنه - يَقُولُ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ قَالَ «انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً وَمَعَهَا كِتَابٌ، فَخُذُوهُ مِنْهَا». فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الرَّوْضَةِ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ فَقُلْنَا أَخْرِجِى الْكِتَابَ. فَقَالَتْ مَا مَعِى مِنْ كِتَابٍ. فَقُلْنَا لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ. فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِى بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا حَاطِبُ، مَا هَذَا». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لاَ تَعْجَلْ عَلَىَّ، إِنِّى كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِى قُرَيْشٍ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ بِمَكَّةَ، يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِى ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِى، وَمَا فَعَلْتُ كُفْرًا وَلاَ ارْتِدَادًا وَلاَ رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلاَمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَقَدْ صَدَقَكُمْ». قَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِى أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. قَالَ «إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ». قَالَ سُفْيَانُ وَأَىُّ إِسْنَادٍ هَذَا. أطرافه 3081، 3983، 4274، 4890، 6259، 6939 - تحفة 10227 - 73/ 4 142 - باب الْكِسْوَةِ لِلأُسَارَى 3008 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ أُتِىَ بِأُسَارَى، وَأُتِىَ بِالْعَبَّاسِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثَوْبٌ، فَنَظَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَهُ قَمِيصًا فَوَجَدُوا قَمِيصَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ يَقْدُرُ عَلَيْهِ، فَكَسَاهُ

143 - باب فضل من أسلم على يديه رجل

النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِيَّاهُ، فَلِذَلِكَ نَزَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَمِيصَهُ الَّذِى أَلْبَسَهُ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يُكَافِئَهُ. أطرافه 1270، 1350، 5795 - تحفة 2531 يعني أن الأسيرَ إذا لم يكن عليه ثوبٌ، لا ينبغي أن يُذْهب به هكذا عُريانًا، بل يُكْسى بثوبٍ. 3008 - قوله: (وقميصَ عبدِ الله بن أُبيّ، يَقْدُرُ عليه) مِن قَدَرْت الثوبَ عليه قَدْرًا، أي جاء على مِقْدار كذا، وذلك لأن ابن أبي كان طويلا، كالعباس. 143 - باب فَضْلِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ 3009 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِىُّ عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَهْلٌ - رضى الله عنه يَعْنِى ابْنَ سَعْدٍ - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ خَيْبَرَ «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلاً يُفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ». فَبَاتَ النَّاسُ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَى فَغَدَوْا كُلُّهُمْ يَرْجُوهُ فَقَالَ «أَيْنَ عَلِىٌّ». فَقِيلَ يَشْتَكِى عَيْنَيْهِ، فَبَصَقَ فِى عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ فَقَالَ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا. فَقَالَ «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِىَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ». أطرافه 2942، 3701، 4210 - تحفة 4777 3009 - قوله: (فَقَال: أقاتِلهم حتى يكونوا مِثْلَنا) ... الخ، وحاصله أنَّ علينا استأذَن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في المقاتلة حتى يُقِرُّوا بالإِسلام عند أنفسهم. فكأنه فَهِم أن ليس لهم مِنَّا إلا السَّيْفُ، فَعَلَّمه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم سُنَةَ القتالِ. وأخبره أَنَّ أَوَّل الأَمْرِ الدعوةُ إلى الإِسلام، والسَّيفُ آخِرُ الحِيل، وذلك: لأن يهدي اللهُ ربك رجلا واحدًا خيرٌ لك حُمْرِ النَّعَم». 144 - باب الأُسَارَى فِى السَّلاَسِلِ 3010 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «عَجِبَ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فِى السَّلاَسِلِ». طرفه 4557 - تحفة 14394 وترجم المصنِّف بلفظ الحديث، ولا يخالقه قوُله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256] لأنه ليس معناه على ما يَفْهَمُ العوامُّ، أنه ليس في الدِّين إكراهٌ أَصْلا، بل المرادُ أن لا الإِكرَاه في الدِّين لما كان إكْرَاهًا على الخير المَحْض، فكان أَلْيقَ أن لا يُسمَّى بالإِكراه، ومَنْ يفهمه إكْراهًا فقد سَفِه نَفْسه. 3010 - قوله: (عَجِبَ اللهُ مِن قومٍ يدخُلُون الجنَّةَ في السَّلاسِل). واعلم أن التعجب، والضحك، وأمثالهما ما يستحيلُ تحقّقه في حضرته تعالى؛ والمرادُ منها أن هذا الشيء مما

145 - باب فضل من أسلم من أهل الكتابين

يُتعجَّب عليه، ومما يُضْحك عليه، فاستعمل التعجُّب والضحك مع الإسناد إلى الله تعالى في أشياء كانت من شأنها أن يتعجب عليه، ممَّنْ يأتي منه التعجبُ، ففيه بيانُ لمادةِ التعجب، أي إن تلك مادةٌ يتحقق فيها التعجبُ، وإنْ لم يتحقق فيه لخصوصه الفاعل، وهو الله تعالى؛ ومن هذا الباب قولُه تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ} [الرحمن: 31] فإِنه تعسر عليهم أيضًا، لأن الله تعالى لا يحجُزُه شأنٌ عن شأن: قلت: هو كذلك، لكنه إذا ظهر شؤونه في الكون يجيى التناوب والترتب لا محالة. قالحاصل أن الله تعالى، وأن كان لا يَشْغَله شأنٌ عن شأنٍ، لكن ذلك صِفَته، أما في الخارج فلا مناص عن خروجها إلى بُقْعة الوجود إلا متعاقبة مترتبة؛ فجاءت العبارةُ المذكورة بالنَّظر إلى وجودِها وترتبها في الخارج. والمعنى أن الله تعالى يحاسِبُهم يومَ الحَشْر، ولما كان الحسابُ فيه مُؤخِرًا عن بعض ما في الحَشْر، عبر عنه بالفراغ، وإلا فاللهُ سبحانه لا يحتاج إلى فراغ للحساب، فإِنَّ الله سبحانه لا يَشْغَلُه شيءٌ. 145 - باب فَضْلِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ 3011 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَىٍّ أَبُو حَسَنٍ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ يَقُولُ حَدَّثَنِى أَبُو بُرْدَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «ثَلاَثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ الرَّجُلُ تَكُونُ لَهُ الأَمَةُ فَيُعَلِّمُهَا فَيُحْسِنُ تَعْلِيمَهَا، وَيُؤَدِّبُهَا فَيُحْسِنُ أَدَبَهَا، ثُمَّ يُعْتِقُهَا فَيَتَزَوَّجُهَا، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَمُؤْمِنُ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِى كَانَ مُؤْمِنًا، ثُمَّ آمَنَ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَهُ أَجْرَانِ، وَالْعَبْدُ الَّذِى يُؤَدِّى حَقَّ اللَّهِ وَيَنْصَحُ لِسَيِّدِهِ لَهُ أَجْرَانِ». ثُمَّ قَالَ الشَّعْبِىُّ وَأَعْطَيْتُكَهَا بِغَيْرِ شَىْءٍ وَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يَرْحَلُ فِى أَهْوَنَ مِنْهَا إِلَى الْمَدِينَةِ. أطرافه 97، 2544، 2547، 2551، 3446، 5083 - تحفة 9107 - 74/ 4 وقد قصره بعضُهم على النصارى فقط، لأن اليهود لم يؤمنوا [به] وأنكروه. وقد مر معنا في العلم أن الحديثَ مقتبسٌ من الآية، وقد نزلت في حقِّ عبد الله ابنِ سَلام بالاتفاق، وكان يهوديًا؛ فإِذن أن يَعُمَّ الحديثُ للقبيلتين أيضًا عمومَ الآيةِ لهما. 146 - باب أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ فَيُصَابُ الْوِلْدَانُ وَالذَّرَارِيُّ {بَيَاتًا} [الأعراف: 4]: لَيْلاً {لَنُبَيِّتَنَّهُ} [النمل: 49]: لَيْلاً، {يُبَيِّتُونَ} [النساء: 81]: لَيْلاً. 3012 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ - رضى الله عنهم - قَالَ مَرَّ بِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالأَبْوَاءِ - أَوْ بِوَدَّانَ - وَسُئِلَ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ قَالَ «هُمْ مِنْهُمْ». وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ «لاَ حِمَى إِلاَّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -». تحفة 4939، 4941

147 - باب قتل الصبيان فى الحرب

3013 - وَعَنِ الزُّهْرِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا الصَّعْبُ فِى الذَّرَارِىِّ كَانَ عَمْرٌو يُحَدِّثُنَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَمِعْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ قَالَ «هُمْ مِنْهُمْ» وَلَمْ يَقُلْ كَمَا قَالَ عَمْرٌو «هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ». طرفه 2370 - تحفة 4939 وفي الفِقْه أنه ينوي المقاتلةَ، ثُم يُقتل كائنًا مَنْ كان، وإلا فَقَتْل النسوان والصبيان قَصْدًا ممنوعٌ، وهذا باب آخَرُ ظهر في الفِقْه، فإِنَّ الشيء قد يكون ممنوعًا في نَفْسه، ثُم يجوزُ بحسب اختلافِ النية، كما رأيت في مسألة التبييت، وكذا إنْ تَتَرَّس الكفارُ بالمسلمين. فالحكمُ فيهم أن نرميهم، وتنوي الكُفّارِ، لأنه إمَّا أن نَكُفَّ عن القتال فننهزم؛ أو نقاتل فنقتل المسلمين أيضًا. فلا مناصَ إلا بإِحدى البَلَّتَين، فاخترنا أَهْونَهما، ونوينا الكفارَ، لئلا يلزم قَتْلُ المسلمين قَصْدًا (¬1). 3013 - قوله: (هم مِن آبائِهم) وهذا لا يناقِضُ ما مَهَّدنا من قبل من التوقُّف في ذَرَاري المشركين، لأن هذا الحديث واردٌ في أحكام الدنيا، أي في إباحة قتلهم، لا في حُكْم الآخرة، أي النجاة والعقاب، فإِنَّه ورد في حديثٌ: «الله أعلمُ بما كانو عاملين». وكذا لا تناقُضَ بين النَّهي عن قَتْلهم، وبين إباحته، فإِنَّ الأَوَّل إذا كان قَصْدًا؛ والثاني في التبييت (¬2). 147 - باب قَتْلِ الصِّبْيَانِ فِى الْحَرْبِ 3014 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَخْبَرَهُ أَنَّ امْرَأَةً وُجِدَتْ فِى بَعْضِ مَغَازِى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَقْتُولَةً، فَأَنْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَتْلَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ. طرفه 3015 - تحفة 8268 148 - باب قَتْلِ النِّسَاءِ فِى الْحَرْبِ 3015 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قُلْتُ لأَبِى أُسَامَةَ حَدَّثَكُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ وُجِدَتِ امْرَأَةٌ مَقْتُولَةً فِى بَعْضِ مَغَازِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ. طرفه 3014 - تحفة 7830 ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: على أنَّ مَنْ جلس في الكفار فقد هَدَر عِصْمَتَه المقومة، وإن بقيت له عصمته المؤثمة، فإِذا هدر إحدى عِصْمتيه هو بنفسه، فما لنا أن نَكُف عن القتال لأجله، ومَنْ رضي بالضرر أَوْلى بأن يقطع عنه النَّظَر، وتلك من كمال رحمةِ الشَّرْع، وإكرام المؤمنين أنه راعاه ههنا أيضًا، والله تعالى أعلم بالصواب. (¬2) يقول العبد الضعيف: ونظيرُه ما مرَّ أن الأَمَة إذا زنت فليبعْها، ولو بِحَبْلٍ من شعر، مع أنه يناقِضُ قوله: "يحب لأخيه ما يحب لِنَفْسه"، والأمر فيه أنه لا كلية في هذا الباب من الطرفين، بل يدور الأمْرُ فيه على الأحوال، على أن المنهيَّ عنه إلزامُ المضِرة على أخيه قَصْدًا. وأما إذا كان المقصودُ دَفْعَ المضرةِ عن نَفْسه لاجَرَّها إلى الآخر، فلا بأس به، وإلا فينْسدُّ بابُ الخصومات كلَّها؛ ولعل هذا أيضًا من الباب الذي نَبَّه عليه الشيخ آنِفًا: أن الأشياء تختلف حِلًا وحُرْمةً، عند اختلاف النية، فإذا باعيا ونوى إضرارَ أخيه، فقد اقتحم فيما لا يحِل له، وأما إذا قصد دَفْعَ المضرة عن نفسه، فقد أتى بما وجب عليه.

149 - باب لا يعذب بعذاب الله

3015 - قوله: (وُجِدت امرأةٌ مقتولةٌ) ... الخ، وفي بعض الروايات: «ما كانت هذه لتقاتل» والاعتدلُ بهذه المثابةِ في المُنشَّط والمكره في الرضى والغضب، مما لا يمكن إلا من عصائب الأنبياء عليهم السلام فسبحان الذي خلق الملائكة في جسمان الإِنس وسبحانه. 149 - باب لاَ يُعَذَّبُ بِعَذَابِ اللَّهِ 3016 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَعْثٍ فَقَالَ «إِنْ وَجَدْتُمْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا فَأَحْرِقُوهُمَا بِالنَّارِ» ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَرَدْنَا الْخُرُوجَ «إِنِّى أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُحْرِقُوا فُلاَنًا وَفُلاَنًا، وَإِنَّ النَّارَ لاَ يُعَذِّبُ بِهَا إِلاَّ اللَّهُ، فَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمَا فَاقْتُلُوهُمَا». طرفه 2954 - تحفة 13481 - 75/ 4 3017 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ عَلِيًّا - رضى الله عنه - حَرَّقَ قَوْمًا، فَبَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ، لأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ». وَلَقَتَلْتُهُمْ كَمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ». طرفه 6922 - تحفة 5987 3017 - قوله: (إنَّ عَلِيًا حَرَّقَ قَوْمًا) ... الخ، وكان رأسهم عبد الله بن سَبأ، وكان يهوديًا في الأصل. وفي «الفتح» عن «التميهد» أنه حَرَّق نَعْشَهم. قلت: غير أنه يحتاج إلى النَّظر في كلام العرب، أنَّ تحريقَ القوم هل يستعمل في تحريق النعوش أيضًا، كما قلت في حديث التشديد في أَمْر الجماعة: إن قوله: «لا حرِّقَ على الناس بيوتَهم» محاورةٌ لا يَسْتدعي كونَهم في البيوت عند التحريق أيضًا، بل تأتي في تحريق بيوتِ النَّاس أيضًا، وإن لم يكونوا فيه. فلو ثبت لَتَّم ما ذكره أبو عمر، وسيجيء عند البخاري. وفي قصَّةَ حَرْقِ نبيَ قريةَ النمل: «أَنْ قَرَصَتْك نملةٌ أَحْرَقْتَ أُمةً من الأمم تُسبِّح الله»، وهذا لا يدلُّ على عدم جواز التحريق، بل يدل على جواز إحراق (¬1) التي قَرَصت، وقد تكلَّمنا عليه في باب «التوديع عند السفر». 150 - باب {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] فِيهِ حَدِيثُ ثُمَامَةَ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} الآيَةَ [الأنفال: 67]. - قوله: ({فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ؛ وَإِمَّا فِدَآء}) (محمد: 4) أي إذا غَلَبْتُم عليهم وأَسَرْتموهم، فأنتم حينئذٍ بين خيرتين، وفي الفِقْه أَنَّ للإِسلام الاسترقاق، أو القَتْلَ، أو الفِدَاء (¬2) بالمال؛ فهو بين ثلاثة ¬

_ (¬1) نبه عليه العيني. (¬2) قال الطحاوي: اختلف قولُ أبي حنيفة في هذا، فَرُوي عنه أنَّ الأسرى لاتُفَادى، ولا يُردُّون حربًا، لأن في ذلك قوة لأهل الحرب، وإِنما يُفادون بالمال، وما سواه مما لا قوةَ لهم فيه. ورُوي عنه أنه لا بأس أن يُفادى بالمشركين أَسارى المسلمين، وهو قول أبي يوسف، ومحمد. اهـ "عمدة القاري".

151 - باب هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة

خيارات، أما الفِداء بالأُسارى والمَنّ، فليس له ذلك، فحملوا الآية على النَّسْخ (¬1)، كما في «الدر المختار». قلت: كيف وقد روى محمدٌ جوازَهما على رَأي الإِمام. فَهُما مشروعانِ بعد، إلا أنهما موقوفانِ، على رأي الإِمام، فإِنْ رأى فيهما مصلحةً فَعَل، وإلا لا، اللهم إلا أن يُقال: إنَّ إطلاقَ النَّسْخ فيه عُرْفُ المتقدِمين. وقد مرَّ معنى النَّسْخ عندهم. والنَّسْخ عند الصحاوي أَوْسعُ مما عندهم، كما عَلِمت مرارًا، فإِنَّه يطلق على كلِّ أَمْر، قَلَّ فيه العملُ أيضًا، وإن بقي مشروعًا، فمعنى قوله في بعض المواضع: إنَّ هذا نَسَخَةُ هذا، أي اشتهر به العمل، وخفي، وقلَّ بمقابلة، وبهذا المعنى أُطلق النَّسْخ على رَفْع اليدين، يعني ثم صار التَّرْك مشهورًا بالعمل بالنسبة إلى الرَّفْع، وإتن الرَّفع ثابتًا في عهد النبوة، والحافظ لما لم يُدْرِك مرادَه اعترض عليه (¬2). قلت: وقد مرَّ معنا أن لا حُجةَ في الشيوع والكثرةِ بعد عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فإِنَّ العبرةَ بما كان في عهد صاحب النبوة، لأنه ظهرت في المبالغات فيما بعد. وقد تكلمنا عليه مبسوطًا فيما مرَّ، وذكرنا ما فيه من أعدل الأقوال عندنا. 151 - باب هَلْ لِلأَسِيرِ أَنْ يَقْتُلَ وَيَخْدَعَ الَّذِينَ أَسَرُوهُ حَتَّى يَنْجُوَ مِنَ الْكَفَرَةِ فِيهِ الْمِسْوَرُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. قال الحنفية: إنَّ الأسيرَ ليس بِمُعاهد، فله الغَدْر بكلِ نَوْع، ولا تكون له أحكامُ المعاهد، إلا أنه لا يحل له ما يتعلق بَهَتْك حُرمةِ النِّساء، وأمور العفَّة، فإِنَّها معصيةٌ مطلقًا. وبلغنا عن الشاه إسحاق قُدِّس سِرُّه من مُحدِّثي - دلهي - أنه كان يقول: إنَّ أهلَ الهند كالأُسارى في أيدي السَّلْطنَة، وليست لهم معاهدةٌ. قلت: والذي تحقق عندي أنَّ أهل الهند وإنْ لم يعاهدوهم حقيقةً، غير أن المعاهدةَ قامت بينم وبين السَّلطنة عملا؛ فإِنَّ رَفْع الدَّعوْى إلى المحكمة والاستغاثة بهم، والاستعانة منهم في فَصْل الأقضية في الأموال والأنفس، والرجوعِ في كلِّ ما يُرْجع فيه إلى الحُكَّامِ معاهدةٌ حُكْمًا، وإن لم يكتبه أحدٌ من الفقهاء؛ وحينئذٍ تَنْقل التفاريع، ولا تكون لنا أحكام الأَسْرى، إلا أن تلك المعاهدةَ كانت قائمةً في الماضي في حق الأموال والأنفس جميعًا، وأما الآن فقد نبذنا إليهم حَقِّ الأَنفس على سواء، وهي باقية في الأموال بعد، فلا يجوزُ أَخْذُ أموالهم سرقةً، نعم إن أخذناها منهم عِوضًا عما لنا عليهم من الحقوق جاز، إلا أن أمثال تلك الأمور ¬

_ (¬1) قلت: والقول بالنَّسْخ مُشْكِل، لما نقله العينيُّ عن أبي عُبيدة أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم عَمِل بالآيات كلَّها من القتل، والأسر، والفداء حتى توفاه اللهُ على ذلك. ثُم أَخذَ في تفصيله، فلا جواب إلَّا ما ذكره الشيخ، وللناس فيما يعشقون مذاهب. راجع العَيني. (¬2) قلت: وهذا كما أوردوا في بئر بُضاعة، حيث ادَّعى الطحاوي أنها كانت جاريةً، فحملوه على الجريان المعروف، وقد كف الشيخ عما كان مراده، فيما مر، فليراجع.

152 - باب إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق

دناءةٌ، ولا نعطي الدنية في دِيننا، فإِنَّ القَتْلَ يُعدُّ جرأةً وشجاعةً، بخلاف السَّرِقة، والانتهاب، فإِنَّه يُعد لُؤمًا؛ نعم لو نبذنا إليهم في حقَ الأموال أيضًا لارتفع عن الأموال أيضًا، إلا أنه ينبغي أن يكون على سواء، ليكون وفاءً لا عَذْرًا. وفي حديث «أن كافرًا أمن، واعتمد على مسلم بدون معاهدة وموادعةِ بينهما، لا ينبغي للمُسْلم (¬1) أن يقتله». ولما غَلِط الناسُ في لفظ «أمن». وزعموه صيغةَ ماضٍ من الإِيمان. أشكل عليهم مبرادُه، والصواب ما قلنا: إنه مِن الأَمْن، وقد استُفْتيت مرةً في كشمير أن مِلكَهم قد حبس الناس عن الصحراء، وجعلها حِمىً لنفسه، فهل يجوزُ للمسلمين أن يأخذوا منها الخشب لبناء المسجد؟ فأجبت عنه أنه إنْ فَعَلَه أحدٌ، وبنى مسجدًا جاز، لأن خشب الصحراء مباحُ الأصل، والحبس عنه غَصْب، فلا يفيد له مِلكًا، فلا يكون الأخَذْ سرقةَ، أو تملُّكًا لمال الغير، ولكنه من باب الإِحراز مما هو مباح الأصل؛ والمسألة فيه أنه يكون لِمن سبقت يده إليه، وما في الفِقْه أنَّ المِلْك يَحْصُل للكفار بعد الاستيلاء على أموال المسلمين، فذلك في أَوان الحرب، أما إذا وضعت الحربُ أوزارَها فلا، فإِنَّه حينئذٍ إلا غَصْبًا. فإِنَّ ما خلقه اللهُ مباحَ الأصل، ليس لأحدٍ أن يمنع عنه خَلْقَ اللهِ، فأدرك الفَرْقَ بين المسألتين، ولا تخبط خَبْطَ عشواء. ولا تُمار بعد ما تبين ثورٌ من حِرًا. 152 - باب إِذَا حَرَّقَ الْمُشْرِكُ الْمُسْلِمَ هَلْ يُحَرَّقُ 3018 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ ثَمَانِيَةً قَدِمُوا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْغِنَا رِسْلًا. قَالَ «مَا أَجِدُ لَكُمْ إِلاَّ أَنْ تَلْحَقُوا بِالذَّوْدِ». فَانْطَلَقُوا فَشَرِبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا حَتَّى صَحُّوا وَسَمِنُوا، وَقَتَلُوا الرَّاعِىَ، وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ، فَأَتَى الصَّرِيخُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَبَعَثَ الطَّلَبَ، فَمَا تَرَجَّلَ النَّهَارُ حَتَّى أُتِىَ بِهِمْ، فَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، ثُمَّ أَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَحَلَهُمْ بِهَا، وَطَرَحَهُمْ بِالْحَرَّةِ، يَسْتَسْقُونَ فَمَا يُسْقَوْنَ حَتَّى مَاتُوا. قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ قَتَلُوا وَسَرَقُوا وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - وَسَعَوْا فِى الأَرْضِ فَسَادًا. أطرافه 233، 1501، 4192، 4193، 4610، 5685، 5686، 5727، 6802، 6803، 6804، 6805، 6899 - تحفة 945 153 - باب 3019 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وفي تقرير مولانا الفاضل عبد القدير: قال محمد في "الجامع الصغير": إن الكافِرَ إذا كان معتمِدًا على المسلم، وفي الوثوق منه على عدم الإِيذاء، فالقتل بعد ذلك موجِبٌ للوعيد؛ نعم إذا أراد القتل فعليه نَبْذُ الأمْن علانية اهـ.

154 - باب حرق الدور والنخيل

يَقُولُ «قَرَصَتْ نَمْلَةٌ نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ، فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ فَأُحْرِقَتْ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الأُمَمِ تُسَبِّحُ». طرفه 3319 - تحفة 13319، 15307 - 76/ 4 ولم يذكر له ترجمة، وقد ذكرنا نُكْتته في المقدم. 3019 - قوله: (أَحْرقت أُمةً [من الأُمم] تُسَبِّح الله) ثبت منه تسبيحُ النَّملةِ. وقد أَقَرَّ صَدْرُ الشيرازي في رسالته «القضاء والقدر» بأن في الحيوانات إدراكًا. 154 - باب حَرْقِ الدُّورِ وَالنَّخِيلِ 3020 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسُ بْنُ أَبِى حَازِمٍ قَالَ قَالَ لِى جَرِيرٌ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ تُرِيحُنِى مِنْ ذِى الْخَلَصَةِ». وَكَانَ بَيْتًا فِى خَثْعَمَ يُسَمَّى كَعْبَةَ الْيَمَانِيَةَ قَالَ فَانْطَلَقْتُ فِى خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ، وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ - قَالَ - وَكُنْتُ لاَ أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَضَرَبَ فِى صَدْرِى حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِهِ فِى صَدْرِى وَقَالَ «اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا». فَانْطَلَقَ إِلَيْهَا فَكَسَرَهَا وَحَرَّقَهَا، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُخْبِرُهُ فَقَالَ رَسُولُ جَرِيرٍ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْوَفُ أَوْ أَجْرَبُ. قَالَ فَبَارَكَ فِى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ. أطرافه 3036، 3076، 3823، 4355، 4356، 6089، 6333 - تحفة 3225 3021 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ حَرَّقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نَخْلَ بَنِى النَّضِيرِ. أطرافه 2326، 4031، 4032، 4884 - تحفة 8457 155 - باب قَتْلِ النَّائِمِ الْمُشْرِكِ 3022 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِى زَائِدَةَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَهْطًا مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى أَبِى رَافِعٍ لِيَقْتُلُوهُ، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَدَخَلَ حِصْنَهُمْ قَالَ فَدَخَلْتُ فِى مَرْبِطِ دَوَابَّ لَهُمْ، قَالَ وَأَغْلَقُوا بَابَ الْحِصْنِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ فَقَدُوا حِمَارًا لَهُمْ، فَخَرَجُوا يَطْلُبُونَهُ، فَخَرَجْتُ فِيمَنْ خَرَجَ أُرِيهِمْ أَنَّنِى أَطْلُبُهُ مَعَهُمْ، فَوَجَدُوا الْحِمَارَ، فَدَخَلُوا وَدَخَلْتُ، وَأَغْلَقُوا بَابَ الْحِصْنِ لَيْلاً، فَوَضَعُوا الْمَفَاتِيحَ فِى كَوَّةٍ حَيْثُ أَرَاهَا، فَلَمَّا نَامُوا أَخَذْتُ الْمَفَاتِيحَ، فَفَتَحْتُ بَابَ الْحِصْنِ ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ. فَأَجَابَنِى، فَتَعَمَّدْتُ الصَّوْتَ، فَضَرَبْتُهُ فَصَاحَ، فَخَرَجْتُ ثُمَّ جِئْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ كَأَنِّى مُغِيثٌ فَقُلْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ، وَغَيَّرْتُ صَوْتِى، فَقَالَ مَا لَكَ لأُمِّكَ الْوَيْلُ قُلْتُ مَا شَأْنُكَ قَالَ لاَ أَدْرِى مَنْ دَخَلَ عَلَىَّ فَضَرَبَنِى. قَالَ فَوَضَعْتُ سَيْفِى فِى بَطْنِهِ، ثُمَّ تَحَامَلْتُ عَلَيْهِ حَتَّى قَرَعَ الْعَظْمَ، ثُمَّ خَرَجْتُ وَأَنَا دَهِشٌ، فَأَتَيْتُ سُلَّمًا لَهُمْ لأَنْزِلَ مِنْهُ فَوَقَعْتُ فَوُثِئَتْ رِجْلِى،

156 - باب لا تمنوا لقاء العدو

فَخَرَجْتُ إِلَى أَصْحَابِى فَقُلْتُ مَا أَنَا بِبَارِحٍ حَتَّى أَسْمَعَ النَّاعِيَةَ، فَمَا بَرِحْتُ حَتَّى سَمِعْتُ نَعَايَا أَبِى رَافِعٍ تَاجِرِ أَهْلِ الْحِجَازِ. قَالَ فَقُمْتُ وَمَا بِى قَلَبَةٌ حَتَّى أَتَيْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْنَاهُ. أطرافه 3023، 4038، 4039، 4040 - تحفة 1830 - 77/ 4 3023 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَهْطًا مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى أَبِى رَافِعٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ بَيْتَهُ لَيْلًا، فَقَتَلَهُ وَهْوَ نَائِمٌ. أطرافه 3022، 4038، 4039، 4040 - تحفة 1830 يقول: إن الفتك أيضًا جائزٌ في بعض الأحوال، وإنْ نهى عنه عامِّةً. 3022 - قوله: (فوُئِثَتْ رِجْلى) ترجمة "مورج لك كئى". 156 - باب لاَ تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ 3024 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ الْيَرْبُوعِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِىُّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ كُنْتُ كَاتِبًا لَهُ قَالَ كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أَوْفَى حِينَ خَرَجَ إِلَى الْحَرُورِيَّةِ فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِى لَقِىَ فِيهَا الْعَدُوَّ انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ. أطرافه 2818، 2833، 2966، 7237 - تحفة 5161 3025 - ثُمَّ قَامَ فِى النَّاسِ فَقَالَ «أَيُّهَا النَّاسُ لاَ تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ - ثُمَّ قَالَ - اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِىَ السَّحَابِ وَهَازِمَ الأَحْزَابِ اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ». أطرافه 2933، 2965، 4115، 6392، 7489 - تحفة 5161 وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنِى سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ كُنْتُ كَاتِبًا لِعُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَأَتَاهُ كِتَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ». تحفة 5161 3026 - وَقَالَ أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا». تحفة 13874 157 - باب الْحَرْبُ خَدْعَةٌ (¬1) 3027 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ ¬

_ (¬1) قال الحافظ: خَدعة بفتح المعجمة، وبضعها مع سكون المهملة فيهما؛ وبضم أوله، وفتح ثانيه. قال النووي: =

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «هَلَكَ كِسْرَى ثُمَّ لاَ يَكُونُ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَقَيْصَرٌ لَيَهْلِكَنَّ ثُمَّ لاَ يَكُونُ قَيْصَرٌ بَعْدَهُ، وَلَتُقْسَمَنَّ كُنُوزُهَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ». أطرافه 3120، 3618، 6630 - تحفة 14701 3028 - وَسَمَّى الْحَرْبَ خُدْعَةً. طرفه 3029 - تحفة 14727 3029 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَصْرَمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْحَرْبَ خُدْعَةً. طرفه 3028 - تحفة 14676 3030 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْحَرْبُ خُدْعَةٌ». تحفة 2523 - 78/ 4 والأبلغ فيه أن يكونَ صيغةَ مبالغة من اسم الفاعل. والمرادُ أَنَّ الحربَ لا تُدْرى عاقِبتُها، ولا يَتأَتَّى فيها الاعتمادُ على الأسباب، فإِنَّه قد تبدو النُّصرةُ في أَوَّل الأَمْر، ثُم تنقلِبُ هزيمةً، وقد تنعكس. وقيل: معناه جوازُ الخِداع، أي التدبير الخفي، والخداع عملا، فإِنَّه يجوزُ في الحرب. أما الخِداعُ اللساني، والكذب، والغدر، فلا يجوزُ بحالٍ (¬1) لا في أوان الحرب ولا في غيرها. 3027 - قوله: (هَلَك كِسْرى، ثُم لا يكونُ كِسْرى بَعْدَه) (¬2) وقد مَرَّ أنه لَقَبُ ملك فارس، ¬

_ = اتفقوا على أن الأولى أفصح، حتى قال ثَعلب: بلغنا أنه لغةُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبذلك جزم أبو ذر الهروي، والقزاز، وذكر الواقدي أن أول ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الحَربُ خُدْعة" في غزوة الخندق. اهـ: مختصرًا، ونحوه في العيني. (¬1) قال ابنُ بَطال: سألت بعضَ شيوخي عن معنى هذا الحديث، فقال: الكذبُ المباحُ في الحرب ما يكون من المعاريض، لا التصريح بالتأمين مثلًا. اهـ: "فتح". وقال النووي: الظاهرُ إباحةُ الكَذبِ في الأمور الثلاثة: منها الكَذِبُ في الحرب، لكن التعريض أوْلى "عمدة القاري". وحَمَله في "المعتصر" على المعاريض. (¬2) قال الطحاوي في "مُشْكِله": فتأملنا هذا الحديثَ لنقف على المعنى المراد به ما هو، فوجدنا المُزَني قد حكى لنا عن الشافعيِّ في تأويله، قال: كانت قريشٌ تنتاب الشامَ انتيابًا كثيرًا، وكان أكثرُ معاشهم منه، وتأتي العراقَ؛ فلما دخلت في الإِسلام، ذكرت ذلك له عليه الصلاة والسلام خوفًا من انقطاع معاشِها بالتجارة من الشام والعراق، وفارقت الكفرة، ودخلت في الإسلام، مع خلاف مَلِك الشام، والعراق، لأهل الإِسلام، فقال: "إذا هَلَك كِسْرى؛ فلا كسرى بعده، فلم يكن بأرضِ العراق كسرى يَثْبت له أمرٌ بعده، وقال: إذا هلك قَيْصر، فلا قيصرَ بعده، فلم يكن بأرضِ الشامِ قيصر بعده". فأجابهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم على ما قالوا، وكان ما قال إلى اليوم، وقطع الله الأكاسرة عن العراق، وفارس، وقيصر، ومَنْ أقام بعده بالشام. وقال في قيصر: يثبت في ملكه ببلاد الروم، وينحى ملْكُه عن الشام، وكل هذا متفق. يصدق بعضُه بعضًا. قال أبو جعفر: وسألت أحمدَ بنَ أبي عِمران عن تأويل هذا الحديثِ، فأجابني بخلاف هذا القول؛ وذكر أن معنى قوله عليه الصلاة والسلام: "إذا هلك كسرى، فلا كسرى بعده، إلى يوم القيامة، وكان معنى قوله: إذا هلك قيصر بعده"، إعلامًا منه إياهم أنه سَيَهْلك، ولم يهلك إلى الآن، ولكنه هالِكٌ قبل يوم القيامة، وخولف بينه وبينه في تعجيل هلاك كِسْرى، وتأخير هلاك قيصر، لاختلاف ما كان منهما عند وُرُود كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على كلِّ واحد منهما. ثُم أخرج الطحاوي عن ابن عباس ما يدل على أن قَيْصر، وَقَّر كِتابه - صلى الله عليه وسلم -، وعَظَّمه، وبَجَّله. أما كسرى فَمزَّقه، فدعا عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يُمزق كل مُمزَّق. ورجح الطحاوي هذا التأويل، لأن في التأويل =

158 - باب الكذب فى الحرب

كما أن قَيْصر لَقَبُ ملك الروم، والنجاشي مَلِك الحبشة والخاقان مَلِكَ التُّرْك، وفرعون ملك القِبْط، وتُبَّع ملك اليمن، والعزيز ملك مِصْر، والقيل ملك حِمْير. ثم إنه كان كما أخبر به النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فلم يبق من اسمه، ولا رسمه. 3027 - قوله: (وقَيْصَرٌ لَيَهْلِكَنَّ، ثُم لا يكونُ قَيْصَرُ بعده) قلت: أما قيصرُ الشام فقد هَلَكَ، وانمحت آثارُه، فلم يبق له راثٍ، ولا باكٍ. أما بقاء الإِيطالية الذي يقال له: الرومُ، فإِنه خارجٌ عن نظرِه، فإِنه أخبر من هلاكه حيث كان في زمانه، وهو الشام، ولم تَقُم له سلطنةٌ فيه إلى اليوم. وإنما قلنا: إنَّ المرادَ هلاكُه عن موضع مخصوصٍ، لا عن وَجْه الأرض، لما دلت عليه الروياتُ ففي «الخصائص»: الفارس النطحة، والنطحتين؛ وأما الروم فذوات قُرون. اهـ. فدلَّ على بقائه في الجملة. وكذا ما أخرجه في «الفتح» أن التنوخي رسولُ هِرَقل. جاء النبيَّ صلى الله عليه وسلّم السنة التاسعة في تبوك، ولم يكن أسلم يومئذ، ثُم أسلم. وحديثه في «مسند» أحمد. فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «إني أرسلت كتابًا إلى هِرَقْل، فإِنَّ نجا»، ثم نقل أنه وضع كتاب النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في أنبوبة من ذهب، فكانت سلطنته في الروم، تصديقًا لما أخبر به النبيُّ صلى الله عليه وسلّم. والحاصل أن المرادَ من هلال قيصر، ليس عن وَجْه الأرض، بل عن الوضع الذي كان فيه بعهده صلى الله عليه وسلّم مع الإِخبار ببقائه في الجملة، ولذا حملنا النهي على التخصيص. 158 - باب الْكَذِبِ فِى الْحَرْبِ 3031 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ، فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ». قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «نَعَمْ». قَالَ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّ هَذَا - يَعْنِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ عَنَّانَا وَسَأَلَنَا الصَّدَقَةَ، قَالَ وَأَيْضًا وَاللَّهِ قَالَ فَإِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ فَنَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى مَا يَصِيرُ أَمْرُهُ قَالَ فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُهُ حَتَّى اسْتَمْكَنَ مِنْهُ فَقَتَلَهُ. أطرافه 2510، 3032، 4037 - تحفة 2524 والمرادُ به عندنا التوريةُ. ¬

_ = الأول ذِكر هلاك قَيْصر، ولم يهلك، إنما كان منه تحوُّلُه بِمِلكه من الشام إلى الموضع الذي هو مقيمٌ به الآن. ومما يحقق ذلك هنا قولُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده لتنفقنَّ كنوزُهما في سبيل الله"، فقد أُنفق كَنْز كسرى في ذلك، ولم يُنفق كَنْز قيصر في مِثْله إلى الآن، ولكنه سينفق في المستأنف في مثل ذلك، لأقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنما هو عن الله تعالى، والله لا يخلف الميعاد. قال الطحاوي بعد إخراج عِدَّة أحاديث في الملاحم، والأمور العظام التي هي كائنة قبل الدجال: فأخبرنا عليه الصلاة والسلام بالمعنى الذي يكون عنده هلك قيصر حتى يكون هلاكه كهلاك كِسرى الذي لا يكون بعده قيصرٌ إلى يوم القيامة، كما لا يكون بعد كِسرى كسرى إلى يوم القيامة، وتكون البلدان كلها خالية من كل واحد منهما، ويكون كنوزهما قد صرفت إلى ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنه ينفق فيه، انتهى مختصرًا؛ قلت: ولعل في العبارة سهوًا من الكاتب في مواضع، وإنما لم نصححها مخافةَ زيادةِ التحريف، فلينظر فيها الناظر، والله تعالى أعلم بالصواب.

159 - باب الفتك بأهل الحرب

159 - باب الْفَتْكِ بِأَهْلِ الْحَرْبِ 3032 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ». فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ قَالَ «نَعَمْ». قَالَ فَأْذَنْ لِى فَأَقُولَ. قَالَ «قَدْ فَعَلْتُ». أطرافه 2510، 3031، 4037 - تحفة 2524 160 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ الاِحْتِيَالِ وَالْحَذَرِ مَعَ مَنْ يَخْشَى مَعَرَّتَهُ 3033 - قَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ، فَحُدِّثَ بِهِ فِى نَخْلٍ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - النَّخْلَ، طَفِقَ يَتَّقِى بِجُذُوعِ النَّخْلِ، وَابْنُ صَيَّادٍ فِى قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْرَمَةٌ، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا صَافِ، هَذَا مُحَمَّدٌ، فَوَثَبَ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ». أطرافه 1355، 2638، 3056، 6174 - تحفة 6889 161 - باب الرَّجَزِ فِى الْحَرْبِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ فِى حَفْرِ الْخَنْدَقِ فِيهِ سَهْلٌ وَأَنَسٌ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَفِيهِ يَزِيدُ عَنْ سَلَمَةَ. تحفة 4540 3034 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُوَ يَنْقُلُ التُّرَابَ حَتَّى وَارَى التُّرَابُ شَعَرَ صَدْرِهِ، وَكَانَ رَجُلًا كَثِيرَ الشَّعَرِ وَهْوَ يَرْتَجِزُ بِرَجَزِ عَبْدِ اللَّهِ بن رَوَاحَةَ: * «اللَّهُمَّ لَوْلا أَنْتَ ما اهْتَدَينَا ... وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّينَا * فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَينَا ... وَثَبِّتِ الأَقَدَامَ إِن لاقَينَا * إِنَّ الاعْدَاءَ قَدْ بَغَوْا عَلَينَا ... إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَينَا» يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ. أطرافه 2836، 2837، 4104، 4106، 6620، 7236 - تحفة 1862 - 79/ 4 وقد مَرَّ عن الأخفش (¬1) أن الرَّجْزَ ليس بِشِعْر؛ ولذا كان الراجز عندهم غيرَ الشاعر. قوله (ورفع الصوت في حفر الخندق) واعلم أنَّ الأَغْلب في الحروب إخفاءُ الصوت. وهو الأَوْلى بحال الحرب؛ فإراد المصنِّفْ أن يترجم بِرَفْع الصوت، لِيُعْلم أنه مختلِفٌ باختلاف الأحوال. ¬

_ (¬1) نقله العيني في المجلد السادس، وفي السابع، ولم يعده الخليل شعرًا. وقال ابنُ الأثير: والرَّجَز ليس بشعر عند أكثرهم. اهـ "عُمدة القاري". وهكذا في "المعتصر" أيضًا عن الخليل.

162 - باب من لا يثبت على الخيل

162 - باب مَنْ لاَ يَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ 3035 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ - رضى الله عنه - قَالَ مَا حَجَبَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلاَ رَآنِى إِلاَّ تَبَسَّمَ فِى وَجْهِى. طرفاه 3822، 6090 - تحفة 3224 3036 - وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ إِنِّى لاَ أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ. فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِى صَدْرِى وَقَالَ «اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا». أطرافه 3020، 3076، 3823، 4355، 4356، 6089، 6333 - تحفة 3224 163 - باب دَوَاءِ الْجُرْحِ بِإِحْرَاقِ الْحَصِيرِ، وَغَسْلِ الْمَرْأَةِ عَنْ أَبِيهَا الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَحَمْلِ الْمَاءِ فِى التُّرْسِ 3037 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ قَالَ سَأَلُوا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِىَّ - رضى الله عنه - بِأَىِّ شَىْءٍ دُووِىَ جُرْحُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ مَا بَقِىَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّى، كَانَ عَلِىٌّ يَجِىءُ بِالْمَاءِ فِى تُرْسِهِ، وَكَانَتْ - يَعْنِى فَاطِمَةَ - تَغْسِلُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَأُخِذَ حَصِيرٌ فَأُحْرِقَ، ثُمَّ حُشِىَ بِهِ جُرْحُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 243، 2903، 2911، 4075، 5248، 5722 - تحفة 4688 164 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّنَازُعِ وَالاِخْتِلاَفِ فِي الْحَرْبِ وَعُقُوبَةِ مَنْ عَصَى إِمَامَهُ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46]. وقَالَ قَتَادَةُ: الرِّيحُ الْحَرْبُ. 3038 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ مُعَاذًا وَأَبَا مُوسَى إِلَى الْيَمَنِ قَالَ «يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا وَلاَ تَخْتَلِفَا». أطرافه 2261، 4341، 4343، 4344، 6124، 6923، 7149، 7156، 7157، 7172 - تحفة 9086 3039 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - يُحَدِّثُ قَالَ جَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ - وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلاً - عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ فَقَالَ «إِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ، فَلاَ تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ هَذَا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا الْقَوْمَ وَأَوْطَأْنَاهُمْ فَلاَ تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ» فَهَزَمُوهُمْ. قَالَ فَأَنَا وَاللَّهِ رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ قَدْ بَدَتْ خَلاَخِلُهُنَّ وَأَسْوُقُهُنَّ رَافِعَاتٍ ثِيَابَهُنَّ، فَقَالَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ الْغَنِيمَةَ - أَىْ قَوْمِ - الْغَنِيمَةَ، ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ فَمَا تَنْتَظِرُونَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ أَنَسِيتُمْ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالُوا وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّ النَّاسَ فَلَنُصِيبَنَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ. فَلَمَّا أَتَوْهُمْ صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ فَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ، فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِى أُخْرَاهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرُ اثْنَىْ عَشَرَ

165 - باب إذا فزعوا بالليل

رَجُلاً، فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ أَصَابَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً سَبْعِينَ أَسِيرًا وَسَبْعِينَ قَتِيلاً، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ أَفِى الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَنَهَاهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُجِيبُوهُ ثُمَّ قَالَ أَفِى الْقَوْمِ ابْنُ أَبِى قُحَافَةَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ أَفِى الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَمَّا هَؤُلاَءِ فَقَدْ قُتِلُوا. فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ فَقَالَ كَذَبْتَ وَاللَّهِ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ، وَقَدْ بَقِىَ لَكَ مَا يَسُوؤُكَ. قَالَ يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِى الْقَوْمِ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِى، ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ أُعْلُ هُبَلْ، أُعْلُ هُبَلْ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ تُجِيبُوا لَهُ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقُولُ قَالَ «قُولُوا اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ». قَالَ إِنَّ لَنَا الْعُزَّى وَلاَ عُزَّى لَكُمْ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ تُجِيبُوا لَهُ». قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقُولُ قَالَ «قُولُوا اللَّهُ مَوْلاَنَا وَلاَ مَوْلَى لَكُمْ». أطرافه 3986، 4043، 4067، 4561 - تحفة 1837 - 80/ 4 165 - باب إِذَا فَزِعُوا بِاللَّيْلِ 3040 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، قَالَ وَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَيْلَةً سَمِعُوا صَوْتًا، قَالَ فَتَلَقَّاهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى فَرَسٍ لأَبِى طَلْحَةَ عُرْىٍ، وَهُوَ مُتَقَلِّدٌ سَيْفَهُ فَقَالَ «لَمْ تُرَاعُوا، لَمْ تُرَاعُوا». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَجَدْتُهُ بَحْرًا». يَعْنِى الْفَرَسَ. أطرافه 2627، 2820، 2857، 2862، 2866، 2867، 2908، 2968، 2969، 6033، 6212 - تحفة 289 166 - باب مَنْ رَأَى الْعَدُوَّ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا صَبَاحَاهُ، حَتَّى يُسْمِعَ النَّاسَ 3041 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ قَالَ خَرَجْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ ذَاهِبًا نَحْوَ الْغَابَةِ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِثَنِيَّةِ الْغَابَةِ لَقِيَنِى غُلاَمٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قُلْتُ وَيْحَكَ، مَا بِكَ قَالَ أُخِذَتْ لِقَاحُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. قُلْتُ مَنْ أَخَذَهَا قَالَ غَطَفَانُ وَفَزَارَةُ. فَصَرَخْتُ ثَلاَثَ صَرَخَاتٍ أَسْمَعْتُ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا يَا صَبَاحَاهْ، يَا صَبَاحَاهْ. ثُمَّ انْدَفَعْتُ حَتَّى أَلْقَاهُمْ وَقَدْ أَخَذُوهَا، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَقُولُ: * أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ فَاسْتَنْقَذْتُهَا مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبُوا، فَأَقْبَلْتُ بِهَا أَسُوقُهَا، فَلَقِيَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْقَوْمَ عِطَاشٌ، وَإِنِّى أَعْجَلْتُهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا سِقْيَهُمْ، فَابْعَثْ فِى إِثْرِهِمْ، فَقَالَ «يَا ابْنَ الأَكْوَعِ، مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ. إِنَّ الْقَوْمَ يُقْرَوْنَ فِى قَوْمِهِمْ». طرفه 4194 - تحفة 4540 - 81/ 4

167 - باب من قال خذها وأنا ابن فلان

167 - باب مَنْ قَالَ خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ فُلاَنٍ وَقَالَ سَلَمَةُ خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ. 3042 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - فَقَالَ يَا أَبَا عُمَارَةَ، أَوَلَّيْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ قَالَ الْبَرَاءُ وَأَنَا أَسْمَعُ أَمَّا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يُوَلِّ يَوْمَئِذٍ، كَانَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذًا بِعِنَانِ بَغْلَتِهِ، فَلَمَّا غَشِيَهُ الْمُشْرِكُونَ نَزَلَ، فَجَعَلَ يَقُولُ أَنَا النَّبِىُّ لاَ كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ قَالَ فَمَا رُئِىَ مِنَ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ أَشَدُّ مِنْهُ. أطرافه 2864، 2874، 2930، 4315، 4316، 4317 - تحفة 1806 168 - باب إِذَا نَزَلَ الْعَدُوُّ عَلَى حُكْمِ رَجُلٍ 3043 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ - هُوَ ابْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ - عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ - هُوَ ابْنُ مُعَاذٍ - بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَانَ قَرِيبًا مِنْهُ، فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا دَنَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ». فَجَاءَ فَجَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُ «إِنَّ هَؤُلاَءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ». قَالَ فَإِنِّى أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ، وَأَنْ تُسْبَى الذُّرِّيَّةُ. قَالَ «لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمَلِكِ». أطرافه 3804، 4121، 6262 - تحفة 3960 - 82/ 4 169 - باب قَتْلِ الأَسِيرِ، وَقَتْلِ الصَّبْرِ 3044 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ «اقْتُلُوهُ». أطرافه 1846، 4286، 5808 - تحفة 1527 فالقتل وإن جان جائزًا بحسب المسألة، لكنه إنْ كان مُؤذيًا يُقْتلُ، ولا يكون له سبيلٌ غير ذلك. قوله: (وَقَتْلِ الصَّبر) أي في حال الأَسْر، ولا يريدُ في أوان الحَرْب. 170 - باب هَلْ يَسْتَأْسِرُ الرَّجُلُ وَمَنْ لَمْ يَسْتَأْسِرْ وَمَنْ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ 3045 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ أَبِى سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِىُّ - وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِى زُهْرَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِى هُرَيْرَةَ - أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىَّ جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَأَةِ وَهْوَ بَيْنَ

عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَىٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لِحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَىْ رَجُلٍ، كُلُّهُمْ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمْ تَمْرًا تَزَوَّدُوهُ مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالُوا هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ. فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ، وَأَحَاطَ بِهِمُ الْقَوْمُ فَقَالُوا لَهُمُ انْزِلُوا وَأَعْطُونَا بِأَيْدِيكُمْ، وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ، وَلاَ نَقْتُلُ مِنْكُمْ أَحَدًا. قَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ أَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ لاَ أَنْزِلُ الْيَوْمَ فِى ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ. فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ، فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِى سَبْعَةٍ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الأَنْصَارِىُّ وَابْنُ دَثِنَةَ وَرَجُلٌ آخَرُ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَأَوْثَقُوهُمْ فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ، وَاللَّهِ لاَ أَصْحَبُكُمْ، إِنَّ فِى هَؤُلاَءِ لأُسْوَةً. يُرِيدُ الْقَتْلَى، فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَأَبَى فَقَتَلُوهُ، فَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ وَابْنِ دَثِنَةَ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَابْتَاعَ خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا، فَأَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضٍ أَنَّ بِنْتَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ، فَأَخَذَ ابْنًا لِى وَأَنَا غَافِلَةٌ حِينَ أَتَاهُ قَالَتْ فَوَجَدْتُهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالْمُوسَى بِيَدِهِ، فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ فِى وَجْهِى فَقَالَ تَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَلِكَ. وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ فِى يَدِهِ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِى الْحَدِيدِ، وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرٍ وَكَانَتْ تَقُولُ إِنَّهُ لَرِزْقٌ مِنَ اللَّهِ رَزَقَهُ خُبَيْبًا، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِى الْحِلِّ، قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ ذَرُونِى أَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ. فَتَرَكُوهُ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ لَوْلاَ أَنْ تَظُنُّوا أَنَّ مَا بِى جَزَعٌ لَطَوَّلْتُهَا اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا: *ما أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أَيِّ شِقَ كانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي *وَذلِكَ في ذَاتِ الإِلهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلوٍ مُمَزَّعِ فَقَتَلَهُ ابْنُ الْحَارِثِ، فَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ لِكُلِّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لِعَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ يَوْمَ أُصِيبَ، فَأَخْبَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ وَمَا أُصِيبُوا، وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمٍ حِينَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ لِيُؤْتَوْا بِشَىْءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ، وَكَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلاً مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَبُعِثَ عَلَى عَاصِمٍ مِثْلُ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ، فَحَمَتْهُ مِنْ رَسُولِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يَقْطَعَ مِنْ لَحْمِهِ شَيْئًا. أطرافه 3989، 4086، 7402 - تحفة 14271 - 83/ 4 يعني أيجوزُ له أن يسلم نفسه للأَسْر أم لا؟ وقد وُجِد في السَّلَفِ النَّحْوانِ. 3045 - قوله: (بَنُو الحارِث بنِ عامِر) ... الخ، فالحارِثِ ابنٌ، وعامرٌ أبوه، وليس ابنُ عامر، كُنْيةً للحارث، وإنما كانوا يذكرون الكُنْيتين للمُسْلِمين، واحدة من قِبل أبيه، وأخرى من

171 - باب فكاك الأسير

قِبل ابنه. وأما الكفار فلم يكونوا يذكرون لهم إلا كُنية واحدة، فانهم أَحَقُر من أن تُذكر كُناهم، وإنما كانوا يكتفون بِذْكر إحدى كُنيتهم. قوله: (وبرأ النَّسمة) قد تكلمنا على هذا اللفظ مرتين، ولا بأس أن نعودَ إليه ثالثًا، فاعلم أن النَّسمة ترجمته "جان" وفي تعريفات الأشياء لابن سيناء أن النفس الحيوانيةُ يقال لها: "روان"، والنفس الناطقة يقال لها: "جان". قلت: وقال الشاه وليُّ الله: إنَّها الروح الهوائي، وليس بصحيح عندي. ثُم الروح الهوائي هي البخارات المملوءة في الشرايين، وهي مركب للحياة، وما أدركنما مرادَ النَّسمة إلا من حديث أخرجه مالِك في «موطئه»: «إنما نسمةُ المؤمنِ طَيْرٌ يعلق في شجرة الجنة حتى يرجع». فالروحُ أَمْرٌ مستقِرٌ عند الشرع، مصونٌ عن التغير والتطور، فلا تتطور، ولا تتبدل في ذاتها من صورةٍ إلى صورة، ولا تنتقل من شَكْل إلى شَكْل، ولا تُسند إليها الأَفْعالُ المادية؛ يخلاف النَّسمة، نعم تُنْسب إليها النَّفْخُ والقبض، ولكنها ليسا من الأفعال المادية. ثُم تلك الروحُ تلبس لباسًا فيسنُد إليها من لأفعال المادية أيضًا، كالأَكْل، والشُّرْب، فلعلَّ التسمةَ من أحوالِ الأرواح، في وقت مخصوص. أما الروحُ، فهي أَمْرٌ مستقر. وإذن الفَرْق بين الروح والنَّسمة مِن قِبَل الأفعال، ولذا لم نجد في الأحاديث إسنادُ الأفعال الماديةِ إلى الروح، ومهما وجدناه وَجَدْناه بلفظ النَّسمة، فدلَّ على تغاير بينهما. وعند الترمذي في باب فضائل الشهيد: «في جوف طير». على خلاف لفظ «الموطأ» ففيه: «طير»، وقد مَرَّ أنه على لفظ «الموطأ» تَمَثُّلا، وتطورًا للروح، أي ظهورًا، بخلافه على لفظ الترمذي، وكذا عند لَفْظ الأرواح». مكان النَّسمة، فراعه. 171 - باب فَكَاكِ الأَسِيرِ فِيهِ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 3046 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فُكُّوا الْعَانِىَ - يَعْنِى الأَسِيرَ - وَأَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَعُودُوا الْمَرِيضَ». أطرافه 5174، 5373، 5649، 7173 - تحفة 9001 - 84/ 4 3047 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ أَنَّ عَامِرًا حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِى جُحَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ لِعَلِىٍّ - رضى الله عنه هَلْ عِنْدَكُمْ شَىْءٌ مِنَ الْوَحْىِ إِلاَّ مَا فِى كِتَابِ اللَّهِ قَالَ وَالَّذِى فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا أَعْلَمُهُ إِلاَّ فَهْمًا يُعْطِيهِ اللَّهُ رَجُلاً فِى الْقُرْآنِ، وَمَا فِى هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. قُلْتُ وَمَا فِى الصَّحِيفَةِ قَالَ الْعَقْلُ وَفَكَاكُ الأَسِيرِ، وَأَنْ لاَ يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ. أطرافه 111، 1870، 3172، 3179، 6755، 6903، 6915، 7300 - تحفة 10311 وقد مرَّ أن استبدال الأُسراء جائزٌ عندنا أيضًا، لكنه موكولُ إلى رأى الإِمام، ولم يتعرض إليه أصحابُ المتون، وقد ذكروه في المبسوطات.

172 - باب فداء المشركين

172 - باب فِدَاءِ الْمُشْرِكِينَ 3048 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رِجَالًا مِنَ الأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ فَلْنَتْرُكْ لاِبْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ. فَقَالَ «لاَ تَدَعُونَ مِنْهَا دِرْهَمًا». طرفاه 2537، 4018 - تحفة 1551 3049 - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَجَاءَهُ الْعَبَّاسُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِى فَإِنِّى فَادَيْتُ نَفْسِى، وَفَادَيْتُ عَقِيلًا. فَقَالَ «خُذْ». فَأَعْطَاهُ فِى ثَوْبِهِ. طرفاه 421، 3165 - تحفة 989 3050 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ - وَكَانَ جَاءَ فِى أُسَارَى بَدْرٍ - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِى الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ. أطرافه 765، 4023، 4854 - تحفة 3189 وقد مرَّ عن محمد أنه جائز. 3050 - قوله: (عن مُحمد بن جُبير عن أبيه، وكان جاء في أُسَارَى بَدْر) ... الخ، وإنَّما كان كافرًا يومئذٍ. 173 - باب الْحَرْبِىِّ إِذَا دَخَلَ دَارَ الإِسْلاَمِ بِغَيْرِ أَمَانٍ 3051 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَيْنٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَهْوَ فِى سَفَرٍ، فَجَلَسَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ يَتَحَدَّثُ ثُمَّ انْفَتَلَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اطْلُبُوهُ وَاقْتُلُوهُ». فَقَتَلَهُ فَنَفَّلَهُ سَلَبَهُ. تحفة 4514 لا بأس بقتله. 174 - باب يُقَاتَلُ عَنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلاَ يُسْتَرَقُّونَ 3052 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنه - قَالَ وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَلاَ يُكَلَّفُوا إِلاَّ طَاقَتَهُمْ. أطرافه 1392، 3162، 3700، 4888، 7207 - تحفة 10618، 10619 يعني أنا نحفَظُ أموالَهم، وأعراضَهم، ومَنْ يحارِبُهم نقاتِلْ دونهم. واعلم أن بَعْضَ مَنْ لا دينَ لهم، ولا عَقْل، ولا شيء زعموا أنَّ الجِزيةَ ظُلْمٌ، هيهات هيات؛ وهل عَلِموا قَدْر الجِزْية؟ هو دِرْهمٌ على فقرائهم، وأربعةُ دراهِمَ على أغنياتهم، وليس على نسوانهم وصبيانهمم شيءٌ، ثم هل عَلِموا قَدْرَ ما يُؤخذ من المسلمين، فهو أضعافُ ذلك، يؤخذ منهم العُشرُ، والزكاةُ، والصدقاتُ، والجباياتُ الأخرى، بخلاف أهل الذِّمة، ثُم هل

175 - باب جوائز الوفد

علموا أن ما نأخذُه منهم نكافئهم بأضعافه، نجعلُ دماءهم كدمائنا، وأعراضَهم كأعراضنا، نحفظ أموالهم، ونناضِلُ أعداءهم. فلو وازيت ما يُؤخذ من المسلمين بما يُؤخذ منهم، لعَلِمت أن المأخوذَ من أهل الذمة أقلُ قليل، مما نأخذُ من المسلمين. فَمَنْ ظنَّ أن الجزية ظُلْم، فقد سَفِه نفسه. قوله: (ولا يُسْتَرَقُّون) أي إذا عقدوا عَقْدَ الذِّمة، فلا يُسْتَرَقُّون بعده. 175 - باب جَوَائِزِ الْوَفْدِ 176 - باب هَلْ يُسْتَشْفَعُ إِلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمُعَامَلَتِهِمْ 3053 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ يَوْمُ الْخَمِيسِ، وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ ثُمَّ بَكَى حَتَّى خَضَبَ دَمْعُهُ الْحَصْبَاءَ فَقَالَ اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَعُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَقَالَ «ائْتُونِى بِكِتَابٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا». فَتَنَازَعُوا وَلاَ يَنْبَغِى عِنْدَ نَبِىٍّ تَنَازُعٌ فَقَالُوا هَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ «دَعُونِى فَالَّذِى أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونِى إِلَيْهِ». وَأَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ بِثَلاَثٍ «أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ». وَنَسِيتُ الثَّالِثَةَ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ سَأَلْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ. فَقَالَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَالْيَمَنُ. وَقَالَ يَعْقُوبُ وَالْعَرْجُ أَوَّلُ تِهَامَةَ. أطرافه 114، 3168، 4431، 4432، 5669، 7366 - تحفة 5517 - 85/ 4 وقد كَثُرت إلى حضرةِ الرسالة في السَّنة التاسعة، ولذا سميت بعام الوُفود. 3053 - قوله: (أَخْرِجُوا المشرِكين مِن جزيرة العرب) واعلم أنَّ أصحابَ الجغرافية اختلفوا في تحديد (¬1) جزيرة العرب من الجانب الشمالي اختلافًا، وقد مرَّ معنا وَجْهه في كتاب الصلاة؛ أما مُكْث المُشْرِك في جزيرة العرب، فكما في الحديث. 177 - باب التَّجَمُّلِ لِلْوُفُودِ 3054 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ وَجَدَ عُمَرُ حُلَّةَ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِى السُّوقِ فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هَذِهِ الْحُلَّةَ فَتَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَلِلْوُفُودِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ، أَوْ إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ ¬

_ (¬1) وبسط العينيُّ الأقوال فيه، ونقل عن أبي حنيفة جوازَ سُكْناهم في الحرم، ومَنْع دخول حرم مكة. اهـ: هكذا في النسخة الموجودة عندي، وراجع ما ذكره الدكتور محمد حسين هيكل في سيرته الشهيرة "بحياة محمد صلى الله عليه وسلم".

178 - باب كيف يعرض الإسلام على الصبى

لاَ خَلاَقَ لَهُ». فَلَبِثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ، فَأَقْبَلَ بِهَا عُمَرُ حَتَّى أَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ «إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ أَوْ إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لا خَلاَقَ لَهُ». ثُمَّ أَرْسَلْتَ إِلَىَّ بِهَذِهِ فَقَالَ «تَبِيعُهَا، أَوْ تُصِيبُ بِهَا بَعْضَ حَاجَتِكَ». أطرافه 886، 948، 2104، 2612، 2619، 5841، 5981، 6081 - تحفة 6884 178 - باب كَيْفَ يُعْرَضُ الإِسْلاَمُ عَلَى الصَّبِىِّ 3055 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ فِى رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ حَتَّى وَجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِى مَغَالَةَ، وَقَدْ قَارَبَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ صَيَّادٍ يَحْتَلِمُ، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ظَهْرَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَتَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -». فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ. فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ» قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَاذَا تَرَى». قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ يَأْتِينِى صَادِقٌ وَكَاذِبٌ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «خُلِطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ». قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا». قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ هُوَ الدُّخُّ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ». قَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِى فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلاَ خَيْرَ لَكَ فِى قَتْلِهِ». أطرافه 1354، 6173، 6618 - تحفة 6932 - 86/ 4 3056 - قَالَ ابْنُ عُمَرَ انْطَلَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ يَأْتِيَانِ النَّخْلَ الَّذِى فِيهِ ابْنُ صَيَّادٍ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ النَّخْلَ طَفِقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَّقِى بِجُذُوعِ النَّخْلِ وَهْوَ يَخْتِلُ ابْنَ صَيَّادٍ أَنْ يَسْمَعَ مِنِ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، وَابْنُ صَيَّادٍ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ فِى قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْزَةٌ، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَتَّقِى بِجُذُوعِ النَّخْلِ، فَقَالَتْ لاِبْنِ صَيَّادٍ أَىْ صَافِ - وَهْوَ اسْمُهُ - فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ». أطرافه 1355، 2638، 3033، 6174 - تحفة 6932 3057 - وَقَالَ سَالِمٌ قَالَ ابْنُ عُمَرَ ثُمَّ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى النَّاسِ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ «إِنِّى أُنْذِرُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ قَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ، وَلَكِنْ سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلاً لَمْ يَقُلْهُ نَبِىٌّ لِقَوْمِهِ، تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ». أطرافه 3337، 3439، 4402، 6175، 7123، 7127، 7407 - تحفة 6932 وافق فيه الحنفيةُ، وإسلامُ الصبيِّ مُعتَبر عندنا دون ارتدادِه حتى يحتلِمَ. وأما عند الشافعي فإِسْلامُه أيضًا غيرُ مُتبر، وكنتُ أتعجَّب منه، وأقول: إنهم ماذا يصنعون بإِسلام عليَ، فإِنَّه أسلم في صباه. ثم رأيت «معرفة السنن» للبيهقي أنَّ الأحكام نِيطت عليه بالبلوغِ بعد غزوة الخندق، وإسلامُ عليَ كان قَبْلها، فلا بأس بِعِبْرته، وحينئذ زال القَلَق.

179 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لليهود: «أسلموا تسلموا»

3055 - قوله: (قال ابنُ صَيَّادٍ للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم أَتَشْهدُ أَنِّي رسولُ الله) ... الخ، واعلم أَنَّها كلمةُ كُفْرٍ، وإنما لم يقتله النبيُّ صلى الله عليه وسلّم كلونه غلامًا لم يحتلم إذ ذاك، وكان من أهل الذمة؛ ولأنه مشى في حَقِّه على التقدير، فقال لعمرَ: إنْ يكن هو فلست صاحبه، وإنما يَقْتُلُه عيسى عليه الصلاة والسلام، كما قال لرجل، اعترض على قسمة النبي صلى الله عليه وسلّم هذه قِسْمةٌ لم يُرد بها وَجْهُ الله، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «دعُوه، ولعلَّه يخرج من ضِئضِيء، هذا قومٌ» ... الخ، فهذا أيضًا مشى على التقدير، وليس ذلك إلا للأنبياء عليهم السلام، وأما نحنُ فليس لنا إلا العملُ بالتشريع، لا المراعاةُ بالتكوين، فإِنَّ النبيَّ إذا أخبر بنفسِه بتكوين لا يليقُ به إعدامُ أسبابِه من نفسه، فهذا شأنُه فقط، دون سائر الناس، وقد قررناه مِن قَبْل. قوله: (قال ابنُ صَيَّاد وهو الدُّخُّ)، قد بينا وَجْهه فيما مرّ، وقال الشيخ الأكبر، وهو أعلمُ الرجال في هذا الموضوع: إن السالكين كما يَرَوْن نُورًا، وكذلك لأشقياءُ يرون ظُلمةً متشابِهةً بالدُّخان، وهي التي كان يراها ابنُ صَيَّاد. 3057 - قوله: (قال ابن عمر: ثُم قام النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في النَّاس، ........ ثُم ذَكَر الدَّجَّال .... ، ولكنْ سأقولُ لكم فيه قولا لم يَقْله نبيُّ لقَوْمه) ... الخ، وخطبة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم هذه إنما هي في المكان الذي ذهب منه لتفتيش أمر ابن صَيَّاد، فلما انصرف إليه خطب فيه. وهذه الخُطبةُ ليست بمذكورةٍ في عامة سياقه، فَلْيُعتن بها ههنا، لأنها دليل على أن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كان يَعْرِف أَمْرَه، لا كما زعم هذا الشَّقيُّ لَعينُ القاديان أن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لم يُعْط له عِلْم الدجَّال، كما هو، ثُم جعل يَهْذي أنه قد أعطى ذلك هو، فازداد كُفْرًا قاتلة اللهُ، ولعنه لَعْنًا كبيرًا؛ أو ما دَرَى أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قد بلغ قد عِلْمه مبلغًا (¬1) لم يَبْلُغْه نبيُّ، فأَعْلَمهم بعلامةٍ لم يُخْبر بها أَحَدُّ مِنقبله، ثُم لا تَسْكُن نَفْس هذا الشَّقي إلا بنسبةِ عَدمِ العلم إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم والعياذ بالله، وكأنه في ضِمْن ذلك يَدَّعي فضيلته عليه، لما يدعى أنه أعطى من الغيب ما لم يُعطه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم والعياذ بالله. 179 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِلْيَهُودِ: «أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا» قَالَهُ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قلنا: هَبّ؟، هاتِ ما عندك من العلم، وما أَوْحى إليك شيطانُك في أَمره، فجعل الوَقِح الكذوب يقول: إنَّ الدجَّال هو الإنكليزُ، اخسًا، فلن تعدو قَدْرَك، هذا عِلْمُك الذي كنت تَدَّعي به، فوالله ما إنك إلا دجَّالُ من الدجاجلة، وقد تعلم ذلك، فإِنَّ الرجل أَعْلَم بِوَسْم قدحه، فلذا قلت ما قلت، نعم عرفت الدجَّال، وقد عرفناك. ثُم ما بالُ هذا المسيح الذي نزل لِقَتْل الدجَّال، إنه حَفِظه دجالُه من قَتْل الناس إياه، ولولا ذلك الدجالُ لَقُتِل، فوالله ما أنت إلا شَرُّ مسيح، ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: كيف! وعند البخاري (1/ 459) من "باب الملائكة" عن ابن عباس مرفوعًا: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رأى مالِكًا خازنَ النَّار، والدجَّال في آياتٍ أراهنَّ اللهُ إياه، فهل يمكن أن يكونَ أحدٌ أعلمَ منه في أمره؟ كلا، ثم كلا.

فائدة

ودجالُك خيرُ دجَّال، حيث حَفِظلك من الناس، ثُم ما كان لأحد في قتله حاجة، إلا أنه كان جبانًا، يَحْسَب كُلَّ صيحةٍ عليه، ويستظل بِظِلِّ دجَّاله؛ فَسُبحانَ اللهِ من مسيحٍ مات ولم يَقْتَرِف من دُنياه لعُقباه، إلا نارُ الأنيار، وسبحانَ من دجالٍ ردَّ على نفسه كَيْدَ مِسيحه، وبقي حيًا بعده، يتقوَّى أَمْرُه يومًا فيومًا؛ والله ما كان ربُّنا لِينزل مسيحًا، يهزًا منه دجَّالُه، ولكنه إذا نزل حَقًّا يذوبُ منه عدوُّ الله، كلملح، فَيَقْتُله، ولو تركه لانذاب، هذا مسيُحنا، ينتظرُ عليه الصلاة والسلام. فائدة: واعلم أنَّ الحديث لم يُجْمع إلا قطعةً قطعة، فتكون قطعةٌ منه عند واحد، وقطعة أخرى عند واحد، فليجمع طُرْفة، وليعمل بالقَدْر المشترك، ولا يجعل كلُّ قطعة منه حديثًا مستقِلا فهذه داعيةٌ، وأخرى فوقها أوهام الرواة في باب الروايات؛ فصارت تلك ضغثًا على إبالة، وقد وقعت في الصحيحين أيضًا؛ وإنْ كان يَعرِفها أصحاب الفن، فلا ينبغي أن يُعامل معه معاملةَ القرآن الذي هو محفوظٌ في الصُّدور، مصونٌ عن الظنون؛ ألا ترى أنه أخبر بِهَلاكَ قَيْصر، وأخبر ببقائهِ في الجملة أيضًا، فيجمعان، ويؤخذُ المرادُ منهما، وليس الاقتصارُ على أحدهما، وتركُ الآخَر من العمل في شيء، وهكذا الاستدلالُ من الحديث على عَدَمِ عِلم النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بحقيقةِ الدجَّال جَهْلٌ: فإِنَّ تلك الخطبةَ إذا وُجِدت في هذا الطريق، فَلْيُراعِها في جميعها، وإن لم يذكرها الراوي، فإِنَّه يُحْمل على اقتصاره، ولذك غَيرُ قليلٍ منه. 180 - باب إِذَا أَسْلَمَ قَوْمٌ فِى دَارِ الْحَرْبِ، وَلَهُمْ مَالٌ وَأَرَضُونَ، فَهْىَ لَهُمْ (¬1) 3058 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا فِى حَجَّتِهِ. قَالَ «وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مَنْزِلًا». ثُمَّ قَالَ نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ بَنِى كِنَانَةَ الْمُحَصَّبِ، حَيْثُ قَاسَمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى الْكُفْرِ». وَذَلِكَ أَنَّ بَنِى كِنَانَةَ حَالَفَتْ قُرَيْشًا عَلَى بَنِى هَاشِمٍ أَنْ لاَ يُبَايِعُوهُمْ وَلاَ يُئْوُوهُمْ. قَالَ الزُّهْرِىُّ وَالْخَيْفُ الْوَادِى. أطرافه 1588، 4282، 6764 - تحفة 114 - 87/ 4 ¬

_ (¬1) وفيه خلاف، نقله العَيْني؛ قال: قال الشافعي، وأشْهب، وسُحْنون: إنَّ الذي أسلم في دار الحرب وبقي فيها مالهُ وولدهُ، ثُم خرج إلينا مُسْلِمًا، ثُم غزا مع المسلمين بلدَه، أَنَّه قد يَحْرُز مالَه، وعَقارَه، حيث كان، وولَدَه الصغار، لأنهم تبَعٌ له في الإِسلام. وقال مالك، والليث: أهلُه، ومالُه، وولدُه فيها فيء على حُكْم البلد. مفرَّق أبو حنيفة بين حُكْمها إذا أسلم في بلدِه ثُم خرج إلينا، فأولادُه الصغار أحراز مسلمون؛ وما أودعه، أو ذميًا فهو له؛ وما أودعه حَرْبيًا فهو وسائرُ عقارُه هنالك فيءٌ. وإذا أسلم في بلد الإِسلام، ثم ظهر المسلمون على بلده، فكل ماله فيه فيء لاختلاف حكم الدارين عنده، اهـ (7/ 96)، وقد تكلم فيه المارديني أبْسَط منه، وأجود، فليراجع "الجوهر النقي"، وراجع معه العَيني أيضًا.

3059 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - اسْتَعْمَلَ مَوْلًى لَهُ يُدْعَى هُنَيًّا عَلَى الْحِمَى فَقَالَ يَا هُنَىُّ، اضْمُمْ جَنَاحَكَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ، وَأَدْخِلْ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ وَرَبَّ الْغُنَيْمَةِ، وَإِيَّاىَ وَنَعَمَ ابْنِ عَوْفٍ، وَنَعَمَ ابْنِ عَفَّانَ، فَإِنَّهُمَا إِنْ تَهْلِكْ مَاشِيَتُهُمَا يَرْجِعَا إِلَى نَخْلٍ وَزَرْعٍ، وَإِنَّ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ وَرَبَّ الْغُنَيْمَةِ إِنْ تَهْلِكْ مَاشِيَتُهُمَا يَأْتِنِى بِبَنِيهِ فَيَقُولُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. أَفَتَارِكُهُمْ أَنَا لاَ أَبَا لَكَ فَالْمَاءُ وَالْكَلأُ أَيْسَرُ عَلَىَّ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَايْمُ اللَّهِ، إِنَّهُمْ لَيَرَوْنَ أَنِّى قَدْ ظَلَمْتُهُمْ، إِنَّهَا لَبِلاَدُهُمْ فَقَاتَلُوا عَلَيْهَا فِى الْجَاهِلِيَّةِ، وَأَسْلَمُوا عَلَيْهَا فِى الإِسْلاَمِ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْلاَ الْمَالُ الَّذِى أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ مَا حَمَيْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ بِلاَدِهِمْ شِبْرًا. تحفة 10395 أي إذا أسلم قومٌ طوعًا بدون جهاد وقتالٍ في دار الحَرْب، ثُم ظهر المسلمون على تلك الدار، فانهم يستقرُّون على أملاكِهم في الأراضي وغيرِها، عند الشافعيِّ؛ وعندنا يستقرُّون على أملاكِهم في المنقولات، دون الأراضي، فإِنها تَتْبع الدارَ، وقصيرُ مِلْكًا للغانمين؛ بخلاف المنقولات، فإِنها تابعةٌ للمالكين، فَتَبْقى معصومةً، والمصنِّف لم يأتِ فيه بحديث صريح؛ فهو عند أبي داود؛ «يا صَخْرُ: إنَّ القومَ إذا أسلموا أَحْرزُوا أموالَهم ودماءهم»؛ ولا بدَّ له من جوابَ، وقد تعرَّض إليه ابنُ الهُمام، فلم يأت بما يشفي الصدور. فاعلم أنَّ خِطَّته إذا أسلمت كُلُّها، فهي دار الإِسلام، ولعلَّ مسألةَ الحنفيةِ فيما إذا أسلم قومٌ من بينهم، وبقي الكُفْر فيمن حَوَلَهم، وَيَقْرُب مِن مذهب الحنفية مذهبُ مالك في «موطئه» (¬1)، وراجع «البحر»، فإنَّ فيه جزئياتٍ يستقيمُ عليها مذهبُ الحنفية أيضًا. 3058 - قوله: (خَيْف بني كِنَانة) احتج المصنف بالإِضافة إلى كنانة أن الأراضي كانت للمالكين، وهو ضعيف جدًا. 3059 - قوله: (قاتلوا عليها في الجاهلية، وأَسْلُموا عليها في الإِسلام) فيه دليلٌ على كَوْن تلك الأراضي مملوكةً لهم، وإذ لا يردَّ علينا، لأن المتباذر منه أنهم أسلموا كلُّهم، ومسألتنا فيما إذا أسلم قومٌ، وبقي الكُفْرُ من حولهم. ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وفي مذكرة أُخْرى عندي أني لم أتحقق فيه مذهب الإِمام بعد، لما في "السِّير الكبير" عن محمد أنَّ مَنْ أسلم في دار الحرب، وكانت له يدٌ على حِفْظ نفسه، ثُم أخبر المسلمين أنه يؤدِّي العشرَ إليهم، تبقى أرضُه عُشريةً بعد ظهور المسلمين عليهم أيضًا. وفي "الدر المختار" أنَّه لو رجع إلى دار الإِسلام مُسْلمًا، ثم ظهر عليهم المسلمونَ تكونُ أرضُه فيئًا. فلم أدر أنهم متى يَحكمون بتبعية أراضي الدار، ومتى لا يَحكُمون بها، ولعلَّه إذا خرج من دار الحرب وسكَن بدار الإِسلام، ثُم ظهر المسلمون على أراضِيهم في دار الحرب تصيرُ فيئًا؛ وأما إِذا مَكَث هناك، ولم يهاجر حتى ظهر عليهم المسلمون، لا تكون فيئًا. ويؤيدُه بعضُ الألفاظ في "التاريخ" لابن عساكر كتاب فرمان عمرَ إلى أهل الشام؛ فراجعه.

181 - باب كتابة الإمام الناس

181 - باب كِتَابَةِ الإِمَامِ النَّاسَ 3060 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اكْتُبُوا لِى مَنْ تَلَفَّظَ بِالإِسْلاَمِ مِنَ النَّاسِ». فَكَتَبْنَا لَهُ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ رَجُلٍ، فَقُلْنَا نَخَافُ وَنَحْنُ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا ابْتُلِينَا حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّى وَحْدَهُ وَهْوَ خَائِفٌ. تحفة 3338 حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ فَوَجَدْنَاهُمْ خَمْسَمِائَةٍ. قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ مَا بَيْنَ سِتِّمِائَةٍ إِلَى سَبْعِمِائَةٍ. تحفة 3338 3061 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى كُتِبْتُ فِى غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأَتِى حَاجَّةٌ. قَالَ «ارْجِعْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ». أطرافه 1862، 3006، 5233 - تحفة 6515 182 - باب إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ 3062 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ ح وَحَدَّثَنِى مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَدَّعِى الإِسْلاَمَ «هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ». فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ قِتَالاً شَدِيدًا، فَأَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، الَّذِى قُلْتَ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَإِنَّهُ قَدْ قَاتَلَ الْيَوْمَ قِتَالاً شَدِيدًا وَقَدْ مَاتَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِلَى النَّارِ». قَالَ فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْتَابَ، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ قِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ، وَلَكِنَّ بِهِ جِرَاحًا شَدِيدًا. فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى الْجِرَاحِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَأُخْبِرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِذَلِكَ فَقَالَ «اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنِّى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ». ثُمَّ أَمَرَ بِلاَلاً فَنَادَى بِالنَّاسِ «إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ». أطرافه 4203، 4204، 6606 - تحفة 13158، 13277 - 88/ 4 183 - باب مَنْ تَأَمَّرَ فِى الْحَرْبِ مِنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ إِذَا خَافَ الْعَدُوَّ 3063 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ فَفُتِحَ عَلَيْهِ، وَمَا يَسُرُّنِى - أَوْ قَالَ مَا يَسُرُّهُمْ - أَنَّهُمْ عِنْدَنَا». وَقَالَ وَإِنَّ عَيْنَيْهِ لَتَذْرِفَانِ. أطرافه 1246، 2798، 3630، 3757، 4262 - تحفة 820

184 - باب العون بالمدد

184 - باب الْعَوْنِ بِالْمَدَدِ 3064 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ وَسَهْلُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَاهُ رِعْلٌ وَذَكْوَانُ وَعُصَيَّةُ وَبَنُو لِحْيَانَ، فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ قَدْ أَسْلَمُوا، وَاسْتَمَدُّوهُ عَلَى قَوْمِهِمْ، فَأَمَدَّهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ أَنَسٌ كُنَّا نُسَمِّيهِمُ الْقُرَّاءَ، يَحْطِبُونَ بِالنَّهَارِ وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ، فَانْطَلَقُوا بِهِمْ حَتَّى بَلَغُوا بِئْرَ مَعُونَةَ غَدَرُوا بِهِمْ وَقَتَلُوهُمْ، فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِى لِحْيَانَ. قَالَ قَتَادَةُ وَحَدَّثَنَا أَنَسٌ أَنَّهُمْ قَرَءُوا بِهِمْ قُرْآنًا أَلاَ بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا بِأَنَّا قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِىَ عَنَّا وَأَرْضَانَا. ثُمَّ رُفِعَ ذَلِكَ بَعْدُ. أطرافه 1001، 1002، 1003، 1300، 2801، 2814، 3170، 4088، 4089، 4090، 4091، 4092، 4094، 4095، 4096، 6394، 7341 تحفة 1176، 1203 أ - 89/ 4 185 - باب مَنْ غَلَبَ الْعَدُوَّ فَأَقَامَ عَلَى عَرْصَتِهِمْ ثَلاَثًا 3065 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ ذَكَرَ لَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ أَبِى طَلْحَةَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ ثَلاَثَ لَيَالٍ. تَابَعَهُ مُعَاذٌ وَعَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِى طَلْحَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3976 - تحفة 3770 186 - باب مَنْ قَسَمَ الْغَنِيمَةَ فِى غَزْوِهِ وَسَفَرِهِ وَقَالَ رَافِعٌ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِذِى الْحُلَيْفَةِ، فَأَصَبْنَا غَنَمًا وَإِبِلاً، فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ. 3066 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا أَخْبَرَهُ قَالَ اعْتَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْجِعْرَانَةِ، حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ. أطرافه 1778، 1779، 1780، 4148 - تحفة 1393، 1416 قال الفقهاء: إنَّ مالَ الغنيمة يتعلَّقُ به في دارِ الحرب حَقُّ المِلْك فقط فإِذا حرزْته في دارِ الإِسلام ثبت ذلك، واستقر؛ ولا بأس بالبِسْمةِ للحَمْلِ دون المِلْك، فلا تكون القِسْمةُ إلا بعد بُلوغِها إلى دار الإِسلام. 187 - باب إِذَا غَنِمَ الْمُشْرِكُونَ مَالَ الْمُسْلِمِ ثُمَّ وَجَدَهُ الْمُسْلِمُ 3067 - قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ ذَهَبَ فَرَسٌ لَهُ، فَأَخَذَهُ الْعَدُوُّ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَرُدَّ عَلَيْهِ فِى زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَبَقَ عَبْدٌ لَهُ فَلَحِقَ بِالرُّومِ، فَظَهَرَ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بَعْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 3068، 3069 - تحفة 7943

188 - باب من تكلم بالفارسية والرطانة

3068 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ أَنَّ عَبْدًا لاِبْنِ عُمَرَ أَبَقَ فَلَحِقَ بِالرُّومِ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَرَدَّهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَّ فَرَسًا لاِبْنِ عُمَرَ عَارَ فَلَحِقَ بِالرُّومِ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ فَرَدُّوهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ. طرفاه 3067، 3069 - تحفة 8188 3069 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّهُ كَانَ عَلَى فَرَسٍ يَوْمَ لَقِىَ الْمُسْلِمُونَ، وَأَمِيرُ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، بَعَثَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَأَخَذَهُ الْعَدُوُّ، فَلَمَّا هُزِمَ الْعَدُوُّ رَدَّ خَالِدٌ فَرَسَهُ. طرفاه 3067، 3068 - تحفة 8479 ويأخذ المسلمُ مالَه قبل القِسْمة مجَّانًا (¬1)؛ وأما بعدها، فله أن يأخذَها بالقيمةِ، فبقي حقُّ المِلْك، وإن لم يبق المِلْكُ الباتُّ. 188 - باب مَنْ تَكَلَّمَ بِالْفَارِسِيَّةِ وَالرَّطَانَةِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} [الروم: 22]، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: 4]. 90/ 4 3070 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِى سُفْيَانَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا، وَطَحَنْتُ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، فَتَعَالَ أَنْتَ وَنَفَرٌ، فَصَاحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ، إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُؤْرًا، فَحَىَّ هَلًا بِكُمْ». طرفاه 4101، 4102 - تحفة 2263 3071 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَتْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ أَبِى وَعَلَىَّ قَمِيصٌ أَصْفَرُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «سَنَهْ سَنَهْ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَهْىَ بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنَةٌ. قَالَتْ فَذَهَبْتُ أَلْعَبُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ، فَزَبَرَنِى أَبِى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «دَعْهَا». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «أَبْلِى وَأَخْلِفِى، ثُمَّ أَبْلِى وَأَخْلِفِى، ثُمَّ أَبْلِى وَأَخْلِفِى». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَبَقِيَتْ حَتَّى ذَكَرَ. أطرافه 3874، 5823، 5845، 5993 - تحفة 15779 3072 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِىٍّ أَخَذَ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا فِى ¬

_ (¬1) قال العَيْني: وهو قولُ عمر، وزيد بن ثابت، وابنِ المسيَّب، وعطاء، والقاسم، وعُروة، واحتجّوا في ذلك بما رواه أبو داود عن ابن عباس أن رَجُلًا وجد بعيرًا له كان المُشْرِكون أصابوه، فقال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إن أَصَبْتَه قبل أن يَقْسَم، فهو لك، وإن أخذته بعد ما قُسم، أخذته بالقيمةِ اهـ، ثم أجاب عما تكلموا في إسنادِه: "عمدة القاري".

فِيهِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْفَارِسِيَّةِ «كَخٍ كَخٍ، أَمَا تَعْرِفُ أَنَّا لاَ نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ». طرفاه 1485، 1491 - تحفة 14383 وليس لنا منها بد، فإِنا إذ نجاهدُ العَجَم، لا بد لنا مِن التكلُّم مع أقوامٍ من غير العرب أيضًا. قوله: (والرَّطَانة) التكلُّم بلسان العجم. قوله تعالى ({وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ}) [الروم: 22] يعني إذا كان هذا الاختلافُ من بدء الخلقة، ومِن صنع الله تعالى، فمنَ ذا الذي يستطيعُ رَفعه؟ فلا بد من استعماله، ونقل الرَّازي في «تفسيره» أربعة استدلالاتٍ على وجود الصانِع عن الائمة الأربعة، فراجعها؛ واستدلَّ الشافعي بهذه الآية. وحاصله عندي أن الاختلافَ بين الأفرادَ من النَّوْع الواحد، وكاذا اتحاد النظام بين الأنواع المختلفة لا يُعْقَلِ إلا منن جهةِ الفاعل المُريد، فإِنَّ المادةَ متشابهةٌ، فلا يكون من تلقاء استعدادِها. وما قالوا: إنَّ نظامَ العالمِ كلَّه من استعداداتِ المادة، فذلك إنَّما يتأتَّى بعد تَقَرُّرِ النظام، ونحنُ نتكلِّمُ في نَفْس هذاالنظامِ. أنه كيف انتظمت الأنواعُ المتعددةُ المختلفةُ حقيقةً تحت نظام واحدٍ، فلا بد من الانتهاء إلى الفاعل المريد. فإِنَّ النِّظام المانسب لنوعٍ بنوعٍ آخر لا يتأتَّى من جهة المادة، وإنّما يمكنُ ذلك بين الأفراد من نوعٍ، وذلك أيضًا إذا لم يمختلف. وراجع «الفهرس الكبير»، ويتحيَّرُ الإِنسانُ من علومه، مما يكادُ يَعْجِز عنه الإِدراكُ، واستدل عليه بقوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ} [الأنبياء: 22] .... الخ، وتمسَّك الناسُ به على نفي التعدُّدِ، مع أنه فيه دليلا على نَفْي التعدُّد، مع نفي الغيْرِيَّة، والمَحَطُّ عندي هو الثاني. والمعنى أنه لو كان في الكونِ أَحَدٌ غير الله لفسد الكونُ، سواء كان غيرُه واحدًا أو متعددًا، فليس الفسادُ موقوفًا على كونِ الغير متعددًا، بل لو كان واحدًا لفَسَد أيضًا، فإذا كان متعددًا فالأَوْلى، ولكنَّ المقصود أنَّ نظامَ العالم إنَّما يمشي، وينتظمُ مِن واحدٍ، هو الله، ولو كان غيره لم ينتظر، فالتعددُ أيضًا باطلٌ، وكذا الغيرية. واعلم أنه لا يليق بالقرآن صورة البُرهان، فإِنه جرى على طريق التخاطب، - بخلاف طريق المخلوقِ المخلوق - فليس فيه إلا الخطابة، وما البُرهان فطريقٌ مُسْتحدَثٌ، خارِجٌ عن طَوْر كلام البُلغاء، ومخاطباتهم؛ نعم يكونُ سَطْحُه خَطابةً، وباطِنُهُ بُرهانًا، فإِذا قَرَّر عاد إلى البُرهان يَسْطَع: {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ} [النور: 43] وراجِع «الشِفا»، فإِنه قال: إنَّ البُرهان إنَّما يتأتَّى في الاستحالة والوجوب، أما في الحُسْن والقُبْح، والنَّفْع والضَّرَر، فلا تتأتى فيه إلا الخطابةُ. 3071 - قوله: (فَبَقِيَت حتى ذَكَّرَت) أي بَقِيت تلك القميصُ لم يَخْلَقها مُضى الليالي، ومرورُ الأيام، ولعلَّ تلك القميصُ أيضًا تكونُ تتوسَّعُ عليها بِقَدْرَ جَسَدِها، فإِنها إذا تَقَمَّصَت كانت صبيةً، فلا بدَّ من الزيادة في القميص، ومَنْ يؤمن ببقاء تلك القميصِ إلى زمنٍ لم تخلق، لم يَعْجِز عن الإِيمان بِسَعتها أيضًا؛ وأما مَنْ لم يجعل الله له نورًا فما له من نور.

189 - باب الغلول

189 - باب الْغُلُولِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ} [آل عمران: 161]. 3073 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِى حَيَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَامَ فِينَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ الْغُلُولَ فَعَظَّمَهُ وَعَظَّمَ أَمْرَهُ قَالَ «لاَ أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ يَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَغِثْنِى. فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ. وَعَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، يَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِى. فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ. وَعَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ، فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِى. فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ. أَوْ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ، فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِى. فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ». وَقَالَ أَيُّوبُ عَنْ أَبِى حَيَّانَ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ. أطرافه 1402، 2378، 6958 - تحفة 14931 - 91/ 4 190 - باب الْقَلِيلِ مِنَ الْغُلُولِ (¬1) وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ حَرَّقَ مَتَاعَهُ، وَهَذَا أَصَحُّ. 3074 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ كَانَ عَلَى ثَقَلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ كِرْكِرَةُ فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ فِى النَّارِ». فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَوَجَدُوا عَبَاءَةً قَدْ غَلَّهَا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ابْنُ سَلاَمٍ كَرْكَرَةُ، يَعْنِى بِفَتْحِ الْكَافِ، وَهْوَ مَضْبُوطٌ كَذَا. تحفة 8632 يشيرُ إلى تَضْعيف ما رُوي عند أبي داود في إحراق المتاع. 191 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ ذَبْحِ الإِبِلِ وَالْغَنَمِ فِى الْمَغَانِمِ 3075 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ جَدِّهِ رَافِعٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِذِى الْحُلَيْفَةِ، فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ وَأَصَبْنَا إِبِلًا وَغَنَمًا، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى أُخْرَيَاتِ النَّاسِ، فَعَجِلُوا فَنَصَبُوا الْقُدُورَ، فَأَمَرَ بِالْقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، وَفِى الْقَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرٌ فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَجُلٌ بِسَهْمٍ، فَحَبَسَهُ اللَّهُ فَقَالَ «هَذِهِ الْبَهَائِمُ لَهَا ¬

_ (¬1) وتعرض العينيُّ إلى مذاهب السَّلف في ذلك، فنقل عن الجمهور أنه يُعَزِّر بِقَدْر حاله على ما يراه الإِمامُ، ولا يحرق متاعه، وهذا قول أبي حنيفة، والشافعي، ومالك، وجماعة كثيرة من الصحابة والتابعين، ثُم نقل عن الطحاوي أن خلافَه يُحمل أنه كان إذا كانت العقوبات في الأموال، كأَخْذَ شَطْر المال من مانعي الزكاة، وضالة الإِبل، وسارق التمر، وكلّه منسوخٌ. اهـ مختصرًا.

192 - باب البشارة في الفتوح

أَوَابِدُ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا نَدَّ عَلَيْكُمْ فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا». فَقَالَ جَدِّى إِنَّا نَرْجُو - أَوْ نَخَافُ - أَنْ نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى، أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ فَقَالَ «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ». أطرافه 2488، 2507، 5498، 5503، 5506، 5509، 5543، 5544 - تحفة 3561 أي قَبْل التقسيم. 192 - باب الْبِشَارَةِ فِي الْفُتُوحِ 3076 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسٌ قَالَ قَالَ لِى جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ تُرِيحُنِى مِنْ ذِى الْخَلَصَةِ». وَكَانَ بَيْتًا فِيهِ خَثْعَمُ يُسَمَّى كَعْبَةَ الْيَمَانِيَةَ، فَانْطَلَقْتُ فِى خَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنْ أَحْمَسَ، وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ، فَأَخْبَرْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى لاَ أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَضَرَبَ فِى صَدْرِى حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِهِ فِى صَدْرِى فَقَالَ «اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا». فَانْطَلَقَ إِلَيْهَا فَكَسَرَهَا وَحَرَّقَهَا، فَأَرْسَلَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يُبَشِّرُهُ فَقَالَ رَسُولُ جَرِيرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ، فَبَارَكَ عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ. قَالَ مُسَدَّدٌ بَيْتٌ فِى خَثْعَمَ. أطرافه 3020، 3036، 3823، 4355، 4356، 6089، 6333 - تحفة 3225 - 92/ 4 193 - باب مَا يُعْطَى الْبَشِيرُ وَأَعْطَى كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ثَوْبَيْنِ حِينَ بُشِّرَ بِالتَّوْبَةِ. 194 - باب لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ 3077 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ «لاَ هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا». أطرافه 1349، 1587، 1833، 1834، 2090، 2433، 2783، 2825، 3189، 4313 - تحفة 5748 3078 و 3079 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ جَاءَ مُجَاشِعٌ بِأَخِيهِ مُجَالِدِ بْنِ مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ هَذَا مُجَالِدٌ يُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ. فَقَالَ «لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَلَكِنْ أُبَايِعُهُ عَلَى الإِسْلاَمِ». حديث 3078 أطرافه 2962، 4305، 4307 - تحفة 11210 حديث 3079 أطرافه 2963، 4306، 4308 3080 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو وَابْنُ جُرَيْجٍ سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ ذَهَبْتُ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ إِلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - وَهْىَ مُجَاوِرَةٌ بِثَبِيرٍ فَقَالَتْ لَنَا انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ مُنْذُ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ. طرفاه 3900، 4312 - تحفة 17390، 17387

195 - باب إذا اضطر الرجل إلى النظر فى شعور أهل الذمة، والمؤمنات إذا عصين الله، وتجريدهن

195 - باب إِذَا اضْطَرَّ الرَّجُلُ إِلَى النَّظَرِ فِى شُعُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَالْمُؤْمِنَاتِ إِذَا عَصَيْنَ اللَّهَ، وَتَجْرِيدِهِنَّ 3081 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ الطَّائِفِىُّ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَكَانَ عُثْمَانِيًّا فَقَالَ لاِبْنِ عَطِيَّةَ وَكَانَ عَلَوِيًّا إِنِّى لأَعْلَمُ مَا الَّذِى جَرَّأَ صَاحِبَكَ عَلَى الدِّمَاءِ سَمِعْتُهُ يَقُولُ بَعَثَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَالزُّبَيْرَ، فَقَالَ «ائْتُوا رَوْضَةَ كَذَا، وَتَجِدُونَ بِهَا امْرَأَةً أَعْطَاهَا حَاطِبٌ كِتَابًا». فَأَتَيْنَا الرَّوْضَةَ فَقُلْنَا الْكِتَابَ. قَالَتْ لَمْ يُعْطِنِى. فَقُلْنَا لَتُخْرِجِنَّ أَوْ لأُجَرِّدَنَّكِ. فَأَخْرَجَتْ مِنْ حُجْزَتِهَا، فَأَرْسَلَ إِلَى حَاطِبٍ فَقَالَ لاَ تَعْجَلْ، وَاللَّهِ مَا كَفَرْتُ وَلاَ ازْدَدْتُ لِلإِسْلاَمِ إِلاَّ حُبًّا، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلاَّ وَلَهُ بِمَكَّةَ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِى أَحَدٌ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا. فَصَدَّقَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ عُمَرُ دَعْنِى أَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَإِنَّهُ قَدْ نَافَقَ. فَقَالَ «مَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ». فَهَذَا الَّذِى جَرَّأَهُ. أطرافه 3007، 3983، 4274، 4890، 6259، 6939 - تحفة 10169 - 93/ 4 كما وقع في قِصَّة حَاطِبَ. قوله: (والمؤمناتِ إذا عَصَيْنَ الله، وتَجْرِيدهِنَّ) وفي الفِقْه أن للمُعالج أن ينظرَ إلى العورة؛ وقياسُه يقتضي أن يجوزَ التجريدُ عند الحاجةِ الإِسلامية أيضًا. 3081 - قوله: (وكان عُثمانيًا) وهو مَنْ كان مِن السَّلَف يفضل عثمان، ومَنْ فَضَّل منهم عليًا يُسمَّى عَلَويَّا، فجرى الناسُ على هذا الاصطلاح إلى زمنٍ، ثُم تُرِك، وفي الحديث مناظرةٌ بين العثماني والعَلَوي. وأنت تعلم أنَّ الألفاظَ في مِثْلها قد تأتي شديدةً على خلاف ضمير صاحبها. ألا ترى ما قال العثمانيُّ للعَلَويّ: إن لأَعْلَم ما الذي جَرَّأ صاحِبَك على الدِماء، فهذه الألفاظُ كأنها تدلُّ على أنَّ قائلها لا علاقةُ له بِعَليَ، وليس كذلك، ثُمَّ إنَّه لا يُعْلم ما مَحَطُّ قولِ العثماني، وما الذي أراده؟ هل أراد كونَه بَدْريًا، وأنه قد سبق القولُ فيهم بالغفرة، فهذا الذي جرأه أَم كونَه جريئًا على القتال لاجتهاده من قول النبيِّ صلى الله عليه وسلّم عنده في الباب؟ وفي السياق ما يدلُّ على الأَوَّل. 196 - باب اسْتِقْبَالِ الْغُزَاةِ 3082 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَحُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لاِبْنِ جَعْفَرٍ - رضى الله عنهم أَتَذْكُرُ إِذْ تَلَقَّيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَأَنْتَ وَابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ نَعَمْ، فَحَمَلَنَا وَتَرَكَكَ. تحفة 5268، 5220 3083 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ قَالَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ - رضى الله عنه ذَهَبْنَا نَتَلَقَّى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ الصِّبْيَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ. طرفاه 4426، 4427 - تحفة 3800

197 - باب ما يقول إذا رجع من الغزو

197 - باب مَا يَقُولُ إِذَا رَجَعَ مِنَ الْغَزْوِ 3084 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا قَفَلَ كَبَّرَ ثَلاَثًا قَالَ «آيِبُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَائِبُونَ عَابِدُونَ حَامِدُونَ لِرَبِّنَا سَاجِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ». أطرافه 1797، 2995، 4116، 6385 - تحفة 7630 3085 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَقْفَلَهُ مِنْ عُسْفَانَ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَقَدْ أَرْدَفَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ، فَعَثَرَتْ نَاقَتُهُ فَصُرِعَا جَمِيعًا، فَاقْتَحَمَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ «عَلَيْكَ الْمَرْأَةَ». فَقَلَبَ ثَوْبًا عَلَى وَجْهِهِ وَأَتَاهَا، فَأَلْقَاهَا عَلَيْهَا وَأَصْلَحَ لَهُمَا مَرْكَبَهُمَا فَرَكِبَا، وَاكْتَنَفْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ». فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ. أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 1654 3086 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه أَنَّهُ أَقْبَلَ هُوَ وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - صَفِيَّةُ مُرْدِفَهَا عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَلَمَّا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَثَرَتِ النَّاقَةُ، فَصُرِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمَرْأَةُ، وَإِنَّ أَبَا طَلْحَةَ - قَالَ أَحْسِبُ قَالَ - اقْتَحَمَ عَنْ بَعِيرِهِ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاءَكَ، هَلْ أَصَابَكَ مِنْ شَىْءٍ قَالَ «لاَ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْمَرْأَةِ». فَأَلْقَى أَبُو طَلْحَةَ ثَوْبَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَصَدَ قَصْدَهَا فَأَلْقَى ثَوْبَهُ عَلَيْهَا، فَقَامَتِ الْمَرْأَةُ، فَشَدَّ لَهُمَا عَلَى رَاحِلَتِهِمَا فَرَكِبَا، فَسَارُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ - أَوْ قَالَ أَشْرَفُوا عَلَى الْمَدِينَةِ - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ». فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُهَا حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ. أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 1654 - 94/ 4 3085 - قوله: (مَقْفَلَه من عُسْفَان) والظاهر أنه وهم (¬1)، لأن القصة عند مقفله من خيبر، وهي في السنة السابعة، وغزوة عسفان في السادسة، وفي الخبر الجاري إنما قال: مِن عُسْفان، لأن غزوةَ خيبرَ كانت عِقبها، كأنَّه لم يَعْتَدَّ بالإِقامة المتخللة بينهما، لتقارِبُهما. قوله: (فاقْتَحَمَ) ... الخ، يقال: اقتحم الأَمْر، إذا رمى نَفْسه فيه من غير رويةٍ. ¬

_ (¬1) قال الحافظ الدمياطي: هذا وَهْم، وإنما هو عند مقْفَلِه من خيبرَ، لأَنَّ غزوة عُسْفان إلى بني لحيان كانت في سنة ست، وغزوة خيبرَ كانت في سنة سبع، وإردافُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - صفيةَ ووقوعها كان فيها، اهـ "عمدة القاري".

198 - باب الصلاة إذا قدم من سفر

قوله: (فلمَّا أَشْرَفْنَا على المدينةِ، قال: آيبُون تَائِبُون) ... الخ، وكان في الرواية المارة أنه كان يقوله إذا قَفَل، ولم يكن تصريحٌ بأن قوله ذلك كان عند القُفُول، أو إشرافِه على المدينة؛ وفي هذه الروايةِ تصريحٌ أنه كان يقولُه حين يشرف على المدينة، زادها الله شَرَفًا، وتكريمًا. 198 - باب الصَّلاَةِ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ 3087 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهما قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ لِى «ادْخُلِ الْمَسْجِدَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ». أطرافه 443، 1801، 2097، 2309، 2385، 2394، 2406، 2470، 2603، 2604، 2718، 2861، 2967، 3089، 3090، 4052، 5079، 5080، 5243، 5244، 5245، 5246، 5247، 5367، 6387 - تحفة 2578 3088 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ وَعَمِّهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ كَعْبٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ ضُحًى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ. أطرافه 2757، 2947، 2948، 2949، 2950، 3556، 3889، 3951، 4418، 4673، 4676، 4677، 4678، 6255، 6690، 7225 - تحفة 11132، 11156 3087 - قوله: (ادْخل المَسْجِدَ، فَصَلِّ رَكْعَتين) لا دليلَ فيه على كونهما صلاةَ الضحى، وكذا في قوله: «إذا قدم مِن سَفَرٍ ضحيَّ وَدَخَل المسجِدَ، فصلَّى ركعتين» لجواز كونِ ذلك الوقتِ وَقْتَ ضحىً، لا أن الصلاة فيه صلاةً الضُّحى، وأنكر الحافظ ابنُ تيميةِ ثبوتَها عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فِعْلا، مع ثبوت التحريضِ عليها قَوْلا، وراجع له الرواياتِ عن مُسْلم. 199 - باب الطَّعَامِ عِنْدَ الْقُدُومِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُفْطِرُ لِمَنْ يَغْشَاهُ. 3089 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَحَرَ جَزُورًا أَوْ بَقَرَةً. أطرافه 443، 1801، 2097، 2309، 2385، 2394، 2406، 2470، 2603، 2604، 2718، 2861، 2967، 3087، 3090، 4052، 5079، 5080، 5243، 5244، 5245، 5246، 5247، 5367، 6387 - تحفة 2581 زَادَ مُعَاذٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَارِبٍ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اشْتَرَى مِنِّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعِيرًا بِوَقِيَّتَيْنِ وَدِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ، فَلَمَّا قَدِمَ صِرَارًا أَمَرَ بِبَقَرَةٍ فَذُبِحَتْ فَأَكَلُوا مِنْهَا، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَمَرَنِى أَنْ آتِىَ الْمَسْجِدَ فَأُصَلِّىَ رَكْعَتَيْنِ، وَوَزَنَ لِى ثَمَنَ الْبَعِيرِ. تحفة 2578، 2581 - 95/ 4 3090 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَدِمْتُ مِنْ سَفَرٍ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَلِّ رَكْعَتَيْنِ». صِرَارٌ مَوْضِعٌ نَاحِيَةً بِالْمَدِينَةِ. أطرافه 443، 1801، 2097، 2309، 2385، 2394، 2406، 2470، 2603، 2604، 2718، 2861، 2967، 3087، 3089، 4052، 5079، 5080، 5243، 5244، 5245، 5246، 5247، 5367، 6387 - تحفة 2578

- قوله: (وكان ابنُ عُمَرَ يُفْطِر لِمْن يَغْشاهُ) ... الخ، أي كان في نفسه كثيرَ الصيام، إلا أنه كان يُفْطر إكرامًا لخاطِر مَنْ يَنْزل عليه، فَيُضَيِّفه. 3089 - قوله: (نَحَر جَزُورًا، أو بَقَرةً) وقد ثبت ذَبْحُ البقرة، وأَكْلُ لجمها في مواضع: منها في قِصة بربرة، وكانت تصدق عليها؛ والثانية: أن النبيَّ: ذَبَح بقوةً عن نسائه في الحجِّ، وتلك ثالثها، فَمَنْ ظنَّ أنه لم يثبت عنه أَكْلُ لحمِ البقرةِ، فقد غَفَل عن تلك الأحاديثِ. ***

57 - كتاب فرض الخمس

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 57 - كِتَابُ فَرْضِ الخُمُسِ 1 - باب فَرْضِ الْخُمُسِ 3091 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَلِىُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِىٍّ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ كَانَتْ لِى شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِى مِنَ الْمَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَانِى شَارِفًا مِنَ الْخُمُسِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِىَ بِفَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاعَدْتُ رَجُلاً صَوَّاغًا مِنْ بَنِى قَيْنُقَاعَ، أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِىَ فَنَأْتِىَ بِإِذْخِرٍ أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ الصَّوَّاغِينَ، وَأَسْتَعِينَ بِهِ فِى وَلِيمَةِ عُرْسِى، فَبَيْنَا أَنَا أَجْمَعُ لِشَارِفَىَّ مَتَاعًا مِنَ الأَقْتَابِ وَالْغَرَائِرِ وَالْحِبَالِ، وَشَارِفَاىَ مُنَاخَانِ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، رَجَعْتُ حِينَ جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ، فَإِذَا شَارِفَاىَ قَدِ اجْتُبَّ أَسْنِمَتُهُمَا وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا، وَأُخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا، فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَىَّ حِينَ رَأَيْتُ ذَلِكَ الْمَنْظَرَ مِنْهُمَا، فَقُلْتُ مَنْ فَعَلَ هَذَا فَقَالُوا فَعَلَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهْوَ فِى هَذَا الْبَيْتِ فِى شَرْبٍ مِنَ الأَنْصَارِ. فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَعَرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى وَجْهِى الَّذِى لَقِيتُ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا لَكَ» فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهَ، مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ، عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَىَّ، فَأَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَهَا هُوَ ذَا فِى بَيْتٍ مَعَهُ شَرْبٌ. فَدَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِرِدَائِهِ فَارْتَدَى ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِى، وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ الَّذِى فِيهِ حَمْزَةُ، فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنُوا لَهُمْ فَإِذَا هُمْ شَرْبٌ، فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ، فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ مُحْمَرَّةً عَيْنَاهُ، فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى رُكْبَتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى سُرَّتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ هَلْ أَنْتُمْ إِلاَّ عَبِيدٌ لأَبِى فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ، فَنَكَصَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرَى وَخَرَجْنَا مَعَهُ. أطرافه 2089، 2375، 4003، 5793 - تحفة 10069 - 96/ 4 3092 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلَتْ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَقْسِمَ لَهَا مِيرَاثَهَا، مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ. أطرافه 3711، 4035، 4240، 6725 - تحفة 6630

3093 - فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ». فَغَضِبَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَهَجَرَتْ أَبَا بَكْرٍ، فَلَمْ تَزَلْ مُهَاجِرَتَهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سِتَّةَ أَشْهُرٍ. قَالَتْ وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَسْأَلُ أَبَا بَكْرٍ نَصِيبَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ خَيْبَرَ وَفَدَكٍ وَصَدَقَتِهِ بِالْمَدِينَةِ، فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَقَالَ لَسْتُ تَارِكًا شَيْئًا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْمَلُ بِهِ إِلاَّ عَمِلْتُ بِهِ، فَإِنِّى أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ. فَأَمَّا صَدَقَتُهُ بِالْمَدِينَةِ فَدَفَعَهَا عُمَرُ إِلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ، فَأَمَّا خَيْبَرُ وَفَدَكٌ فَأَمْسَكَهَا عُمَرُ وَقَالَ هُمَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَتَا لِحُقُوقِهِ الَّتِى تَعْرُوهُ وَنَوَائِبِهِ، وَأَمْرُهُمَا إِلَى مَنْ وَلِىَ الأَمْرَ. قَالَ فَهُمَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ. أطرافه 3712، 4036، 4241، 6726 - تحفة 10678 أ قال أَبو عبدِ الله: اعتراكَ، افتعلت، من عَرَوتهُ فأَصبته، ومنه: يَعروهُ، واعتراني. [الحديث 3093 - أطرافه في: 3713، 4036، 4241، 6726]. 3094 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِىُّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ ذَكَرَ لِى ذِكْرًا مِنْ حَدِيثِهِ ذَلِكَ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ فَقَالَ مَالِكٌ بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ فِى أَهْلِى حِينَ مَتَعَ النَّهَارُ، إِذَا رَسُولُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَأْتِينِى فَقَالَ أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى رِمَالِ سَرِيرٍ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسْتُ فَقَالَ يَا مَالِ، إِنَّهُ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ قَوْمِكَ أَهْلُ أَبْيَاتٍ، وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ فَاقْبِضْهُ فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ. فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ أَمَرْتَ بِهِ غَيْرِى. قَالَ اقْبِضْهُ أَيُّهَا الْمَرْءُ. فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَهُ أَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا فَقَالَ هَلْ لَكَ فِى عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ يَسْتَأْذِنُونَ قَالَ نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا فَسَلَّمُوا وَجَلَسُوا، ثُمَّ جَلَسَ يَرْفَا يَسِيرًا ثُمَّ قَالَ هَلْ لَكَ فِى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ قَالَ نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمَا، فَدَخَلاَ فَسَلَّمَا فَجَلَسَا، فَقَالَ عَبَّاسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنِى وَبَيْنَ هَذَا. وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ بَنِى النَّضِيرِ. فَقَالَ الرَّهْطُ عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ. قَالَ عُمَرُ تَيْدَكُمْ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ». يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَفْسَهُ. قَالَ الرَّهْطُ قَدْ قَالَ ذَلِكَ. فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا اللَّهَ، أَتَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ قَالَ ذَلِكَ قَالاَ قَدْ قَالَ ذَلِكَ. قَالَ عُمَرُ فَإِنِّى أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ خَصَّ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - فِى هَذَا الْفَىْءِ بِشَىْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ - ثُمَّ قَرَأَ {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ} إِلَى قَوْلِهِ {قَدِيرٌ} [الحشر: 6]- فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ، وَلاَ اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ قَدْ

عَلَيْكُمْ قَدْ أَعْطَاكُمُوهُ، وَبَثَّهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِىَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِىَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَعَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِذَلِكَ حَيَاتَهُ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ قَالُوا نَعَمْ. ثُمَّ قَالَ لِعَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ قَالَ عُمَرُ ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا وَلِىُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَبَضَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَعَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ فِيهَا لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، فَكُنْتُ أَنَا وَلِىَّ أَبِى بَكْرٍ، فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِى، أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنِّى فِيهَا لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ جِئْتُمَانِى تُكَلِّمَانِى وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ، وَأَمْرُكُمَا وَاحِدٌ، جِئْتَنِى يَا عَبَّاسُ تَسْأَلُنِى نَصِيبَكَ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، وَجَاءَنِى هَذَا - يُرِيدُ عَلِيًّا - يُرِيدُ نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقُلْتُ لَكُمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ». فَلَمَّا بَدَا لِى أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمَا قُلْتُ إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلاَنِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَبِمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَبِمَا عَمِلْتُ فِيهَا مُنْذُ وَلِيتُهَا، فَقُلْتُمَا ادْفَعْهَا إِلَيْنَا. فَبِذَلِكَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا، فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ قَالَ الرَّهْطُ نَعَمْ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ قَالاَ نَعَمْ. قَالَ فَتَلْتَمِسَانِ مِنِّى قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ فَوَاللَّهِ الَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، لاَ أَقْضِى فِيهَا قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا إِلَىَّ، فَإِنِّى أَكْفِيكُمَاهَا. أطرافه 2904، 4033، 4885، 5357، 5358، 6728، 7305 - تحفة 10632، 10633، 9834، 9724 ل، 3644، 3914، 10258 ل، 5135، 6611، 3915 - 98/ 4 3094 - قوله: (قد خَصَّ رسوله) ... الخ، أي بالولاية دون التملك. قوله: (مَتَع النَّهار) أي امتدَّ دن جره- كليا. واعلم أن مخاصمةَ فاطمةَ بنت رسول الله صلى الله عليه وسلّم من أبي بكر كانت في التولية، وإلا فإِنَّ أبا بكر قد كان أخبرَها بأنَّ الانبياءَ عليهم السلام لا يورثون. وأما مهاجرتُها (¬1) إيَّاه، وموجدتها عليه، فكانت لأمورٍ أُخْرى، نحو تَرْك المشاورةِ وغيرِها، كذا ذكره السَّمْهُودي في «الوفا في أخبار دار المصطفى». ¬

_ (¬1) وقد ذكر في "كتاب الخمس" تأليف أبي حفص بن شاهين، عن الشعبيِّ، أن أبا بكر قال لفاطمة: يا بنتَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ما خَير عيش حياةٍ أعيشها، وأنت عليَّ ساخِطة؟! فإِنْ كان عندك من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك عهد، فأنت الصادقةُ المصدقةُ المأمونةُ على ما قلت: قال: فما قام أبو بكر حتى رَضِيْت ورضي؛ وروى البيهقي عن الشَّعْبي قال: لما مَرِضت فاطمةُ أتاها أبو بكر، فاستأذَن عليها، قال عليُّ: يا فاطمةُ هذا أبو بكر يستأذنُ عليك ... فدخل عليها ... ثُم ترضَّاها حتى رضيت. اهـ والظاهر أن الشعبيَّ سمعه من عليٍّ؛ أو ممن سَمِعه من عليٍّ، اهـ: "عُمدة القاري" مختصرًا. قال القرطبيُّ: لما وَلي عليُّ لم يغير هذه الصدقةَ عما كانت في أيام الشيخين، ثُم كانت بعده بيد الحسنِ، ثُم بيد الحسينِ، ثُم بيد علي بن الحسين، ثم بيدِ الحسنِ بن الحسن، ثم بيدِ زَيْد بن الحسن، ثم بيد عبد الله بن الحُسين، ثم وَليها بَنُو العباس على ما ذكر البرقاني في "صحيحه"، ولم يرد عن أحدٍ من هؤلاء أنه تملَّكها، ولا وَرِثها، ولا وُرِثَت عنه "اهـ".

2 - باب أداء الخمس من الدين

2 - باب أَدَاءُ الْخُمُسِ مِنَ الدِّينِ 3095 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ الضُّبَعِىِّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا هَذَا الْحَىَّ مِنْ رَبِيعَةَ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، فَلَسْنَا نَصِلُ إِلَيْكَ إِلاَّ فِى الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نَأْخُذُ مِنْهُ وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا. قَالَ «آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، الإِيمَانِ بِاللَّهِ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ - وَعَقَدَ بِيَدِهِ - وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُؤَدُّوا لِلَّهِ خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ». أطرافه 53، 87، 523، 1398، 3510، 4368، 4369، 6176، 7266، 7556 تحفة 6524 - 99/ 4 3 - باب نَفَقَةِ نِسَاءِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ وَفَاتِهِ 3096 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَقْتَسِمُ وَرَثَتِى دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِى وَمَئُونَةِ عَامِلِى فَهْوَ صَدَقَةٌ». طرفاه 2776، 6729 - تحفة 13805 3097 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا فِى بَيْتِى مِنْ شَىْءٍ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ، إِلاَّ شَطْرُ شَعِيرٍ فِى رَفٍّ لِى، فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى طَالَ عَلَىَّ، فَكِلْتُهُ فَفَنِىَ. طرفه 6451 - تحفة 16800 3098 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الْحَارِثِ قَالَ مَا تَرَكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ سِلاَحَهُ وَبَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ، وَأَرْضًا تَرَكَهَا صَدَقَةً. أطرافه 2739، 2873، 2912، 4461 - تحفة 10713 أمَّا نَفَقَتُهن فإِنْ شئت قلت: إنَّ الانبياء إذا كانوا أحياءً في قبورهم، فنفقةُ أزواجهم تكونُ في مالِ الله لا محالةَ، وإنْ شِئت قلت: إنَّهنَّ إذا اخترن الله ورسولَه عادت نفقتُهن إلى ماله تعالى. 4 - باب مَا جَاءَ فِى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَمَا نُسِبَ مِنَ الْبُيُوتِ إِلَيْهِنَّ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33]. وَ {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 53]. 3099 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى وَمُحَمَّدٌ قَالاَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَائِشَةَ

- رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِى بَيْتِى فَأَذِنَّ لَهُ. أطرافه 198، 664، 665، 679، 683، 687، 712، 713، 716، 2588، 3384، 4442، 4445، 5714، 7303 - تحفة 16309 3100 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَيْتِى، وَفِى نَوْبَتِى، وَبَيْنَ سَحْرِى وَنَحْرِى، وَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ رِيقِى وَرِيقِهِ. قَالَتْ دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِسِوَاكٍ، فَضَعُفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْهُ، فَأَخَذْتُهُ فَمَضَغْتُهُ ثُمَّ سَنَنْتُهُ بِهِ. أطرافه 890، 1389، 3774، 4438، 4446، 4449، 4450، 4451، 5217، 6510 - تحفة 16262 3101 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَزُورُهُ، وَهْوَ مُعْتَكِفٌ فِى الْمَسْجِدِ فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ فَقَامَ مَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا بَلَغَ قَرِيبًا مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بِهِمَا رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ نَفَذَا فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَى رِسْلِكُمَا». قَالاَ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ. فَقَالَ «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّى خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِى قُلُوبِكُمَا شَيْئًا». أطرافه 2035، 2038، 2039، 3281، 6219، 7171 - تحفة 15901 - 100/ 4 3102 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ ارْتَقَيْتُ فَوْقَ بَيْتِ حَفْصَةَ، فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْضِى حَاجَتَهُ، مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ، مُسْتَقْبِلَ الشَّأْمِ. أطرافه 145، 148، 149 - تحفة 8552 3103 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ حُجْرَتِهَا. أطرافه 522، 544، 545، 546 - تحفة 16765 3104 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَطِيبًا فَأَشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَةَ فَقَالَ «هُنَا الْفِتْنَةُ - ثَلاَثًا - مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ». أطرافه 3279، 3511، 5296، 7092، 7093 - تحفة 7631 3105 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ إِنْسَانٍ يَسْتَأْذِنُ فِى بَيْتِ حَفْصَةَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِى بَيْتِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُرَاهُ فُلاَنًا، لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، الرَّضَاعَةُ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلاَدَةُ». طرفاه 2646، 5099 - تحفة 17900

5 - باب ما ذكر من درع النبى - صلى الله عليه وسلم - وعصاه وسيفه وقدحه وخاتمه، وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك مما لم يذكر قسمته، ومن شعره ونعله وآنيته مما تبرك أصحابه وغيرهم بعد وفاته

يعني لمن تعدَّى بيوتَ أزواجه صلى الله عليه وسلّم والظاهر من الإِضافة أنها عدت ملكهن، وقد أضافها القرآنُ أيضًا إليهنَّ، ولعل النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يملكهن قولا، وإنما ثَبَتَ المِلْك لَهُنَّ بالتعاطي فقط، والمصنِّفُ سرد في الأحاديثَ التي فيها إضافةُ البيت إلى الأزواج. 5 - باب مَا ذُكِرَ مِنْ دِرْعِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَصَاهُ وَسَيْفِهِ وَقَدَحِهِ وَخَاتَمِهِ، وَمَا اسْتَعْمَلَ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ قِسْمَتُهُ، وَمِنْ شَعَرِهِ وَنَعْلِهِ وَآنِيَتِهِ مِمَّا تَبَرَّكُ أَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ بَعْدَ وَفَاتِهِ 3106 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - لَمَّا اسْتُخْلِفَ بَعَثَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ، وَكَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ وَخَتَمَهُ، وَكَانَ نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلاَثَةَ أَسْطُرٍ مُحَمَّدٌ سَطْرٌ، وَرَسُولُ سَطْرٌ، وَاللَّهِ سَطْرٌ. أطرافه 1448، 1450، 1451، 1453، 1454، 1455، 2487، 5878، 6955 تحفة 502، 6582 - 101/ 4 3107 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِىُّ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ قَالَ أَخْرَجَ إِلَيْنَا أَنَسٌ نَعْلَيْنِ جَرْدَاوَيْنِ لَهُمَا قِبَالاَنِ، فَحَدَّثَنِى ثَابِتٌ الْبُنَانِىُّ بَعْدُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمَا نَعْلاَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 5857، 5858 - تحفة 1123، 460 3108 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ قَالَ أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا عَائِشَةُ - رضى الله عنها - كِسَاءً مُلَبَّدًا وَقَالَتْ فِى هَذَا نُزِعَ رُوحُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَزَادَ سُلَيْمَانُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ قَالَ أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا عَائِشَةُ إِزَارًا غَلِيظًا مِمَّا يُصْنَعُ بِالْيَمَنِ، وَكِسَاءً مِنْ هَذِهِ الَّتِى يَدْعُونَهَا الْمُلَبَّدَةَ. طرفه 5818 - تحفة 17693 3109 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ قَدَحَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - انْكَسَرَ، فَاتَّخَذَ مَكَانَ الشَّعْبِ سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّةٍ. قَالَ عَاصِمٌ رَأَيْتُ الْقَدَحَ وَشَرِبْتُ فِيهِ. طرفه 5638 - تحفة 935، 1463 3110 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِىُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ كَثِيرٍ حَدَّثَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدُّؤَلِىِّ حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ أَنَّ عَلِىَّ بْنَ حُسَيْنٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُمْ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ مِنْ عِنْدِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ مَقْتَلَ حُسَيْنِ بْنِ عَلِىٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ لَقِيَهُ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَقَالَ لَهُ هَلْ لَكَ إِلَىَّ مِنْ حَاجَةٍ تَأْمُرُنِى بِهَا فَقُلْتُ لَهُ لاَ. فَقَالَ لَهُ فَهَلْ أَنْتَ مُعْطِىَّ سَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنِّى أَخَافُ أَنْ يَغْلِبَكَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ، وَايْمُ اللَّهِ، لَئِنْ أَعْطَيْتَنِيهِ لاَ يُخْلَصُ إِلَيْهِمْ أَبَدًا حَتَّى تُبْلَغَ نَفْسِى، إِنَّ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ خَطَبَ ابْنَةَ أَبِى جَهْلٍ عَلَى فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ النَّاسَ فِى ذَلِكَ عَلَى مِنْبَرِهِ هَذَا وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مُحْتَلِمٌ فَقَالَ «إِنَّ فَاطِمَةَ مِنِّى، وَأَنَا

أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِى دِينِهَا». ثُمَّ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِى عَبْدِ شَمْسٍ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِى مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ قَالَ «حَدَّثَنِى فَصَدَقَنِى، وَوَعَدَنِى فَوَفَى لِى، وَإِنِّى لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلاَلاً وَلاَ أُحِلُّ حَرَامًا، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لاَ تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ أَبَدًا». أطرافه 926، 3714، 3729، 3767، 5230، 5278 - تحفة 11278 - 102/ 4 3111 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ مُنْذِرٍ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ لَوْ كَانَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه - ذَاكِرًا عُثْمَانَ - رضى الله عنه - ذَكَرَهُ يَوْمَ جَاءَهُ نَاسٌ فَشَكَوْا سُعَاةَ عُثْمَانَ، فَقَالَ لِى عَلِىٌّ اذْهَبْ إِلَى عُثْمَانَ فَأَخْبِرْهُ أَنَّهَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَمُرْ سُعَاتَكَ يَعْمَلُونَ فِيهَا. فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ أَغْنِهَا عَنَّا. فَأَتَيْتُ بِهَا عَلِيًّا فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ضَعْهَا حَيْثُ أَخَذْتَهَا. طرفه 3112 - تحفة 10268 3112 - قَالَ الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ قَالَ سَمِعْتُ مُنْذِرًا الثَّوْرِىَّ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ أَرْسَلَنِى أَبِى، خُذْ هَذَا الْكِتَابَ فَاذْهَبْ بِهِ إِلَى عُثْمَانَ، فَإِنَّ فِيهِ أَمْرَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الصَّدَقَةِ. طرفه 3111 - تحفة 10268 يقول: إنَّ بعضَ الأشياء قد بقيت بَعْدَه صلى الله عليه وسلّم بطريق التبرُّك، ولم تَجرِ فيها القِسْمةُ. 3109 - قوله: (قال عاصِمٌ: رأَيْتُ القَدَحَ، وشَرِبْتُ فِيهِ) ولا بأس بالشرْب عندنا من قَدَحٍ فيه سِلْسِلةً ذَهَب، إذا لم يَضَع فاه على مَوْضع السلسلة. 3110 - قوله: (إنَّ عليَّ بنَ حُسينٍ حَدَّه أَنَّهم حين قَدِموا المدينةَ من عِنْدِ يَزِيدَ) ... الخ، عليَّ بن الحسين هو الامام زينُ العابدين، وكان عند مشهد أبيه غُلامًا لم يحتلم، فأشخصوا به إلى يزيد في الشام، فلما رجع إلى المدينةِ حَدَّثه، كما في الحديث. 3110 - قوله: (ثُمَّ ذَكَرَ صِهْرًا) هذا تعريضٌ إلى عليَ، حيث كان يريدُ أن يَنْكِحَ بنت أبي جَهْل، ثُم إن عليًا لم يَنْكِح أحدًا مدَّة حياة فاطمةُ بعد ما سمع من مقالة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فلما تخوفيت نَكَح بعدها الحنفيةَ. 3111 - قوله: (فقال لي عليُّ: اذهب إلى عُثمانَ، فاخبره أَنَّها صَدَقةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلّم فَمُر سُعاتَكَ يعملوا بها) ... الخ، واعلم أن الحديث قد مرَّ مِرارًا، وفيه أنَّ عَلِيًا كان عنده كتابٌ من النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ولكن لم يكن الرواةُ تعرَّضوا إلى ما فيه الأحكام بعد، وقد تعرَّض إليها الراوي في هذا الطريق، وبَيَّن أنه كانت فيه أحكامُ الزكاةِ، وقد تحقَّق كما في «مصنف» ابن أبي شيّبة أن مذهبه في زكاة السوائم كان كَمَذْهبِ الحنفيةِ، فثبت أن مذهب الحنفية ثابتٌ في صحِيفةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فإِنَّ كانت صحيفةٌ أخرى عند غيرهِ. فلا ننكِرها أيضًا، لأنَّ الزكاة قد أُخِذت على الوجِهين عندي، كما قرره ابنُ جرير. ويقضي العجب من مِثْل الحافظ أنه جمع أحكام تلك الصحيفة كِلَّها، إلا أنه ترك منها أحكامَ الزكاة، وأنا أدري ما يريد، والله المستعان. قوله: (أَغْنِها عَنَّا) أي أبعدها عَنَّا، وإنما لم يَقْبلها عثمانُ، لأنه كان عنده أيضًا عِلْمٌ من النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فَرَغِب فيه عن غيرِه، وقد معنا الكلامُ في سبب إثارةِ تلك الفتن، وشهادة عثمانَ.

6 - باب الدليل على أن الخمس لنوائب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمساكين وإيثار النبى - صلى الله عليه وسلم - أهل الصفة والأرامل، حين سألته فاطمة وشكت إليه الطحن والرحى أن يخدمها من السبى، فوكلها إلى الله

6 - باب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ لِنَوَائِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمَسَاكِينِ وَإِيثَارِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَهْلَ الصُّفَّةِ وَالأَرَامِلَ، حِينَ سَأَلَتْهُ فَاطِمَةُ وَشَكَتْ إِلَيْهِ الطَّحْنَ وَالرَّحَى أَنْ يُخْدِمَهَا مِنَ السَّبْىِ، فَوَكَلَهَا إِلَى اللَّهِ 3113 - حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى الْحَكَمُ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى لَيْلَى حَدَّثَنَا عَلِىٌّ أَنَّ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنَ الرَّحَى مِمَّا تَطْحَنُ، فَبَلَغَهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِسَبْىٍ، فَأَتَتْهُ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَلَمْ تُوَافِقْهُ، فَذَكَرَتْ لِعَائِشَةَ، فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ لَهُ، فَأَتَانَا وَقَدْ دَخَلْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا لِنَقُومَ فَقَالَ «عَلَى مَكَانِكُمَا» حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِى فَقَالَ «أَلاَ أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَكَبِّرَا اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمَا مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ». أطرافه 3705، 5361، 5362، 6318 - تحفة 10210 واعلم (¬1) أنَّ أربعةَ أخماسٍ من الغنيمة للغانمين بالاتفاق، بقي الخُمس، فقد تكفَّل القرآنُ ببيان مُستحقِّه، وذكرها في ستة، فخرجها الحنفية، على أن ذِكْر اسم الله تعالى لمجرَّدِ التبرُّك، بقي رسولُه، فسقط سَهْمُه بعد وفاته، وأما ذو قرابته، فإِنْما يُعْطون من أَجْل الفقر، وإذن لم يَبْق من الستة إلا ثلاثةٌ؛ وذهب مالكٌ إلى أنَّهم ليسوا بمستحقِّين، ولكنهم مصارِفٌ، فيصرِفُه الإِمامُ من ولايته كيف شاء، وكم شاء. أمَّا الفيءُ فلم يذهب أحدٌ إلى إيجاب الخُمْس فيه، إلا الشافعيُّ (¬2)، ولا خمْس فيه عند الجُمهور، فإِنَّه مالٌ حصَل بدون إيجافِ خَيْل، ولا رِكاب، فيستبدّ بِصَرْفه الإِمامُ، ولا يُخْرِج منه الخُمْس، ومذهبُ الشافعيِّ مرجوحٌ في ذلك. ولعلَّ المصنِّف رَجَّح مذهب مالك، واختار أن ¬

_ (¬1) وبسط الخلاف فيه الحافظ العَيني، فراجعه في "عُمدة القاري". (¬2) قال ابنُ المُنْذِر: لا نعلم أحدًا قبل الشافعيِّ قال بالخُمس في الفيء. وقال أبو عمر في "التمهيد": وهو قولٌ ضعيفٌ لا وَجْه له من جهة النظر الصحيح، ولا أَثَر. وفي "العالم" للخَطَّابي. كان رَأيُ عمَر في الفيء أن لا يخمس، لكن يكونُ لجماعةِ المسلمين لمصالحهم، وإليه ذهب عامةُ أهل الفتوى غير الشافعي. وفي "قواعد ابنِ رُشْد" قال قوم: الفيءُ يُصْرف لجميع المسلمين؛ الفقير، والغني، وُيعْطي الإِمامُ منه، المقاتلة، والوُلاة، والحكام، وينفق منه في النوائب التي تنوب المسلمين، كبناء القناطر، وإصلاح المساجد، ولا خُمس في شيء منه، وبه قال الجمهور؛ وهو الثابت عن أبي بكر، وعمر. ولم يقل أحدٌ بتخميس الفيء قبل الشافعي، وإنما حمله على ذلك أنه رأى الفيءُ قُسِم في الآية على عدد الأصناف الذين قُسِمت عليهم "الغنيمة" فاعتقد أنَّ فيه الخُمْس، لأنه ظَن أن هذه القسمةَ مختصَّةٌ بالخُمس، وليس ذلك بظاهر، بل الظاهر أن هذه القسمةَ تخُصُّ جميع الفيء، لا جزء منه، ونُقِل عن "التجريد" للقُدوري أنه اتفق العلماءُ على ذلك، فمن قال بِتَخْميسها ابتدع، وخالف السنة والإجماع. اهـ "الجَوْهر النقي" ملخصًا ومختصرًا.

7 - باب قول الله تعالى {فأن لله خمسه وللرسول} [الأنفال: 41]

قِسمةَ الخُمْس إلا الإِمام، يَقْسِمه كيف شاء، وترجم لذلك أربع تراجم: الأولى: هذه الترجمةُ، وأخرج تحتها حديثَ شِكاية فاطمةَ، وما كانت تجد من الطحن والرَّحَى. واستدل منه على أنَّ ذوِي القرابة لو كانوا مستحقين، لأعطاها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم غُلامًا من الخُمْس البتة. والثانية: في هذه الصحفحةِ، باب قول الله: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 41] ثُم فَسَّره بقوله: يعني للرسول قَسْم ذلك، فجعل القِسْمةَ إليه، يَقْسِمه كيف يشاء، والثالثة: ما ترجم به: باب «مَنْ قال: ومِن الدليل على أنَّ الخُمْس لنوائب المسلمين» ... الخ، حيثُ جعلَه في النوائب، ولم يخصَّه بِصِنْف دون صِنْف، واستدل عليه بأنه صلى الله عليه وسلّم أَعْطَى الأنصارَ وجابر من تَمْر خَيْبر، مع أنهما لم يكونا من ذوي القرابة. والرابعة: ما تركم به على باب: ومِن الدليل على أن الخُمْس للإِمام ... الخ، فهذه تراجمُ كلَّها - كما ترى - قريبةُ المعاني، ومرماها واحِدٌ، وهو الموافقةُ لمذهب مالك. 7 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 41] يَعْنِي: لِلرَّسُولِ قَسْمَ ذَلِكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَخَازِنٌ، وَاللَّهُ يُعْطِى». 103/ 4 3114 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ وَمَنْصُورٍ وَقَتَادَةَ سَمِعُوا سَالِمَ بْنَ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا مِنَ الأَنْصَارِ غُلاَمٌ، فَأَرَادَ أَنْ يُسَمِّيَهُ مُحَمَّدًا - قَالَ شُعْبَةُ فِى حَدِيثِ مَنْصُورٍ إِنَّ الأَنْصَارِىَّ قَالَ حَمَلْتُهُ عَلَى عُنُقِى فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. وَفِى حَدِيثِ سُلَيْمَانَ وُلِدَ لَهُ غُلاَمٌ، فَأَرَادَ أَنْ يُسَمِّيَهُ مُحَمَّدًا - قَالَ «سَمُّوا بِاسْمِى، وَلاَ تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِى، فَإِنِّى إِنَّمَا جُعِلْتُ قَاسِمًا أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ». وَقَالَ حُصَيْنٌ «بُعِثْتُ قَاسِمًا أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ». قَالَ عَمْرٌو أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ سَالِمًا عَنْ جَابِرٍ أَرَادَ أَنْ يُسَمِّيَهُ الْقَاسِمَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «سَمُّوا بِاسْمِى وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى». أطرافه 3115، 3538، 6186، 6187، 6189، 6196 - تحفة 15539 أ، 2244 3115 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىِّ قَالَ وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ فَقَالَتِ الأَنْصَارُ لاَ نَكْنِيكَ أَبَا الْقَاسِمِ وَلاَ نُنْعِمُكَ عَيْنًا، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وُلِدَ لِى غُلاَمٌ، فَسَمَّيْتُهُ الْقَاسِمَ فَقَالَتِ الأَنْصَارُ لاَ نَكْنِيكَ أَبَا الْقَاسِمِ وَلاَ نُنْعِمُكَ عَيْنًا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَحْسَنَتِ الأَنْصَارُ، سَمُّوا بِاسْمِى، وَلاَ تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِى، فَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ». أطرافه 3114، 3538، 6186، 6187، 6189، 6196 - تحفة 2244

8 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «أحلت لكم الغنائم»

3116 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِى الدِّينِ، وَاللَّهُ الْمُعْطِى وَأَنَا الْقَاسِمُ، وَلاَ تَزَالُ هَذِهِ الأُمَّةُ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ». أطرافه 71، 3641، 7312، 7460 - تحفة 11409 3117 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا هِلاَلٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا أُعْطِيكُمْ وَلاَ أَمْنَعُكُمْ، أَنَا قَاسِمٌ أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْتُ». تحفة 13606 3118 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو الأَسْوَدِ عَنِ ابْنِ أَبِى عَيَّاشٍ - وَاسْمُهُ نُعْمَانُ - عَنْ خَوْلَةَ الأَنْصَارِيَّةِ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِى مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». تحفة 15829 - 104/ 4 يريد به دَفْع التوهُّم الناشىء من الآية، أنك جعلت الخُمْس إلى رأي الإِمام، مع أن الآية تدلُّ على كونه مِلْكًا لرسول الله صلى الله عليه وسلّم فأزاحه بأنَّ إضافته إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلّم للقَسْم (¬1) دون المِلْك. 8 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «أُحِلَّتْ لَكُمُ الْغَنَائِمُ» وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} [الفتح: 20] وَهْىَ لِلْعَامَّةِ حَتَّى يُبَيِّنَهُ الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم -. 3119 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِىِّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِى نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ الأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». أطرافه 2850، 2852، 3643 - تحفة 9897 3120 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلاَ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلاَ قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لَتُنْفِقُنَّ كُنُوزَهُمَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ». أطرافه 3027، 3618، 6630 - تحفة 13758 3121 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ سَمِعَ جَرِيرًا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلاَ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ ¬

_ (¬1) قال القُدوري في "التجريد" قوله: كانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالصًا، أي له التصرف فيها، بخلاف الغنيمة التي تقسم، فيتصرف فيها أهلها، كيف شاؤوا. اهـ. "الجوهر النقي" (2/ 58).

فَلاَ قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ». طرفاه 3619، 6629 - تحفة 2204 3122 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ الْفَقِيرُ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُحِلَّتْ لِى الْغَنَائِمُ». أطرافه 335، 438 - تحفة 3139 3123 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِى سَبِيلِهِ، لاَ يُخْرِجُهُ إِلاَّ الْجِهَادُ فِى سَبِيلِهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ، بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِى خَرَجَ مِنْهُ {مَعَ مَا نَالَ} مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ». أطرافه 36، 2787، 2797، 2972، 7226، 7227، 7457، 7463 - تحفة 13833 3124 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «غَزَا نَبِىٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ فَقَالَ لِقَوْمِهِ لاَ يَتْبَعْنِى رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ وَهْوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِىَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا، وَلاَ أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا، وَلاَ أَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهْوَ يَنْتَظِرُ وِلاَدَهَا. فَغَزَا فَدَنَا مِنَ الْقَرْيَةِ صَلاَةَ الْعَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِلشَّمْسِ إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا. فَحُبِسَتْ، حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَجَمَعَ الْغَنَائِمَ، فَجَاءَتْ - يَعْنِى النَّارَ - لِتَأْكُلَهَا، فَلَمْ تَطْعَمْهَا، فَقَالَ إِنَّ فِيكُمْ غُلُولًا، فَلْيُبَايِعْنِى مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ. فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ فَقَالَ فِيكُمُ الْغُلُولُ. فَلْتُبَايِعْنِى قَبِيلَتُكَ، فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ بِيَدِهِ فَقَالَ فِيكُمُ الْغُلُولُ، فَجَاءُوا بِرَأْسٍ مِثْلِ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنَ الذَّهَبِ فَوَضَعُوهَا، فَجَاءَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْهَا، ثُمَّ أَحَلَّ اللَّهُ لَنَا الْغَنَائِمَ، رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا فَأَحَلَّهَا لَنَا». طرفه 5157 - تحفة 14677 - 105/ 4 وظاهره أنَّ العنيمةَ كلَّها أُحِلَّت لعامَّةِ المسلمين، ويتبادرُ منه أن أربعةَ أخماسها أيضًا أي الإِمام، يَصْرِفها في حوائج المسلمين كيف شاء، إلا أنه ليس مذهبًا لأحدٍ، فيترك هذا التبادر، ويرادُ لها أربعة أخماسها، بقي الخُمْس، فقد صَرَّع بكونه تحت وِلايته. 3123 - قوله: (مِن أَجْرٍ أو غَنِيمةُّ)، وقد قرَّرنا فيما أَسْلَفنا معنى «أو» وإنْ عَجِزْت أن تفهمه، فعليك أن تقول: إنه كان في الأصل مِن أَجْر، وغنيمةٍ، أو غنيمةٍ فقط، ولما كان فيه التقابلُ بين الكلِّ والجزء جاءت العبارةُ كما ترىٍ بحَذْف أحدً الجُزْءين من المعطوف عليه، ليستقيمَ التقابلُ في اللفظ (¬1). ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: أما نَيْلُ الأَجر والغنيمة، ففيما إذا رجع وقد أصاب من أموالِ الكفار فَسَهْمُه فيه مع ما حصَل له من الأَجْر، وما إذا لم يغنم المسلمونَ من مال الكُفار شيئًا، فإنه يحصُل له الأَجْر فقط. وبهذا ظَهر أن التقابُلَ ينبغي أن يكون هكذا من أجْر وغنيمةٍ، أو أَجْر فقط، إلا أَنَّا وجدناه في التذكرة: أو غنيمة فقط، فلينظر فيه، "فإِنه أَوْلى، وأقربُ إلى لَفْظ الحديث".

9 - باب الغنيمة لمن شهد الوقعة

قوله: (غزا نبيِّ من الأَنْبياءِ) وهو يوشع عليه الصلاة والسلام، وقد كان موسى عليه الصلاة والسلام لبث في التَّيه أربعينَ سنة، فلما دنا أَجَلُه أُجَلُهُ أنْ يَصْعَد جبلا، فَصَعِد فرأى ما قُدِّر له من الفتوحات بعده، وأَوْصى بعد ذلك، ثُم تُوفَّي. قوله: (اللهُمَّ احبِسْها (¬1) عَلَيْنا) .. الخ. لأنها لو غَرَبت لدخل السَّبْتُ، ولما يُفْتح له، وكان يُحِبَّ أن يُفْتح له قبل دُخول السبت، لأن القتال في السبت كان ممنوعًا عندهم، وهذا السَّبْتُ عندي هو الجُمعة، فحرفوا فيه، وجعلُوه يوم السَّبْت المعروف. 9 - باب الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ 3125 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه لَوْلاَ آخِرُ الْمُسْلِمِينَ مَا فَتَحْتُ قَرْيَةً إِلاَّ قَسَمْتُهَا بَيْنَ أَهْلِهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ. أطرافه 2334، 4235، 4236 - تحفة 10389 10 - باب مَنْ قَاتَلَ لِلْمَغْنَمِ، هَلْ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ؟ 3126 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِىُّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ أَعْرَابِىٌّ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ، وَيُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، مَنْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا فَهْوَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ». أطرافه 123، 2810، 7458 - تحفة 8999 ¬

_ (¬1) قال ابنُ إسحاق: هذا النبيُّ يوشع بن نُون، ولم تُحْبس الشمسُ إلا له ولنبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - صبيحةَ الإِسراء، حين انتظروا العِيرَ التي أخبر - صلى الله عليه وسلم - بِقُدُومها عند شُروقِ الشمس ذلك اليوم، أخرجه العيني عن البيهقي مبسوطًا، ثم قال: قلت حُبست أيضًا في الخندق حين شُغِل - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة العَصْر حتى غابت الشمس، فصلاها، ذكره عياض في "إكماله" وقال الطحاوي: رواتُه ثِقات. ووقع لموسى عليه الصلاة والسلام تأخيرُ طلوع الفجر، روى ابنُ إسحاق في "المبتدأ من حديث يَحْيى بن عُروة عن أبيه، أن الله عز وجل أمَر موسى عليه السلام بالمَسِير ببني إسرائيل، وأمره بِحَمْل تابوتِ يوسفَ، ولم يدلَّ عليه حتى كاد الفَجْرُ يطلع، وكان وَعَدَ بني إسرائيل أَن يسيرَ بهم إذا طلع الفَجْرُ، فدعا رَبَّه أن بؤخِّر طلوعَه حتى يَفْرُغ من أمر يوسف، ففعل الله عز وجل ذلك، وبنحوه ذكر الضحاك في تفسيره الكبير، وقد وقع ذلك أيضًا للإِمام عَليّ، أخرجه الحاكم عن أسماء بِنت عُمَيس أنه - صلى الله عليه وسلم - نام على فَخِذ عليٍّ حتى غابت الشمسُ، فلما استيقظ قال عليُّ: يا رسولَ الله إنِّي لم أصلِّ العصر، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إنّ عَبْدَك عليًا احتبس بنفسه على نَبيِّك، فردَّ عليه شَرْقها. قالت أسماء: فطلعت الشمسُ حتى وقعت على الجبالِ وعلى الأرض، ثُم قام عليٌّ فتوضأ، وصلىَّ العصر، وذلك بالصهباء، وذكره الطحاوي في "مُشْكِل الآثار". قال: وكان أحمدُ بن صالح يقول: لا ينبغي لمن سبيلُه العِلْم أَن يتخلَّف عن حِفظ حديث أسماء، لأنه أَجَلَّ علاماتِ النُّبوة، قال: وهو حديثٌ مُتَّصِل، ورواتُه ثِقاتٌ، وإعلالُ ابنِ الجَوْزي هذا الحديث لا يُلْتفت إليه. يقول العبد الضعيف: ومِن هنا ظهر أنه كان معجزةً للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما نُسِب إلى عليٍّ، لأنَّ الشمس رُدَّت من أجله لا كما فهموه؛ وكذلك وقع لِسُليمان عليه السلام، كما رُوي عن ابن عباس نَقْلًا عن كَعْب الأحبار في نفسيرِ قوله تعالى: {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: 32]. اهـ: "عُمدة القاري". باختصار جدًا.

11 - باب قسمة الإمام ما يقدم عليه، ويخبأ لمن لم يحضره أو غاب عنه

11 - باب قِسْمَةِ الإِمَامِ مَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ، وَيَخْبَأُ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَوْ غَابَ عَنْهُ 3127 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أُهْدِيَتْ لَهُ أَقْبِيَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ مُزَرَّرَةٌ بِالذَّهَبِ، فَقَسَمَهَا فِى نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَعَزَلَ مِنْهَا وَاحِدًا لِمَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، فَجَاءَ وَمَعَهُ ابْنُهُ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، فَقَامَ عَلَى الْبَابِ فَقَالَ ادْعُهُ لِى. فَسَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صَوْتَهُ فَأَخَذَ قَبَاءً فَتَلَقَّاهُ بِهِ وَاسْتَقْبَلَهُ بِأَزْرَارِهِ فَقَالَ «يَا أَبَا الْمِسْوَرِ، خَبَأْتُ هَذَا لَكَ، يَا أَبَا الْمِسْوَرِ، خَبَأْتُ هَذَا لَكَ». وَكَانَ فِى خُلُقِهِ شِدَّةٌ. وَرَوَاهُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ. قَالَ حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ قَدِمَتْ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَقْبِيَةٌ. تَابَعَهُ اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ. أطرافه 2599، 2657، 5800، 5862، 6132 - تحفة 11268 - 106/ 4 12 - باب كَيْفَ قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ، وَمَا أَعْطَى مِنْ ذَلِكَ فِى نَوَائِبِهِ 3128 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ الرَّجُلُ يَجْعَلُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - النَّخَلاَتِ حَتَّى افْتَتَحَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ. أطرافه 2630، 4030، 4120 - تحفة 877 13 - باب بَرَكَةِ الْغَازِي فِي مَالِهِ حَيًّا وَمَيِّتًا، مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَوُلاَةِ الأَمْرِ 3129 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قُلْتُ لأَبِى أُسَامَةَ أَحَدَّثَكُمْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ لَمَّا وَقَفَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الْجَمَلِ دَعَانِى، فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ يَا بُنَىِّ، إِنَّهُ لاَ يُقْتَلُ الْيَوْمَ إِلاَّ ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ، وَإِنِّى لاَ أُرَانِى إِلاَّ سَأُقْتَلُ الْيَوْمَ مَظْلُومًا، وَإِنَّ مِنْ أَكْبَرِ هَمِّى لَدَيْنِى، أَفَتُرَى يُبْقِى دَيْنُنَا مِنْ مَالِنَا شَيْئًا فَقَالَ يَا بُنَىِّ بِعْ مَالَنَا فَاقْضِ دَيْنِى. وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ، وَثُلُثِهِ لِبَنِيهِ، يَعْنِى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ ثُلُثُ الثُّلُثِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ مَالِنَا فَضْلٌ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ شَىْءٌ فَثُلُثُهُ لِوَلَدِكَ. قَالَ هِشَامٌ وَكَانَ بَعْضُ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ قَدْ وَازَى بَعْضَ بَنِى الزُّبَيْرِ خُبَيْبٌ وَعَبَّادٌ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعَةُ بَنِينَ وَتِسْعُ بَنَاتٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَجَعَلَ يُوصِينِى بِدَيْنِهِ وَيَقُولُ يَا بُنَىِّ، إِنْ عَجَزْتَ عَنْهُ فِى شَىْءٍ فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ مَوْلاَىَ. قَالَ فَوَاللَّهِ مَا دَرَيْتُ مَا أَرَادَ حَتَّى قُلْتُ يَا أَبَتِ مَنْ مَوْلاَكَ قَالَ اللَّهُ. قَالَ فَوَاللَّهِ مَا وَقَعْتُ فِى كُرْبَةٍ مِنْ دَيْنِهِ إِلاَّ قُلْتُ يَا مَوْلَى الزُّبَيْرِ، اقْضِ عَنْهُ دَيْنَهُ. فَيَقْضِيهِ، فَقُتِلَ الزُّبَيْرُ - رضى الله عنه - وَلَمْ يَدَعْ دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا، إِلاَّ أَرَضِينَ مِنْهَا الْغَابَةُ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ دَارًا بِالْمَدِينَةِ، وَدَارَيْنِ بِالْبَصْرَةِ، وَدَارًا بِالْكُوفَةِ، وَدَارًا بِمِصْرَ. قَالَ وَإِنَّمَا كَانَ دَيْنُهُ الَّذِى عَلَيْهِ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَأْتِيهِ بِالْمَالِ فَيَسْتَوْدِعُهُ إِيَّاهُ فَيَقُولُ

قصة شهادة الزبير

الزُّبَيْرُ لاَ وَلَكِنَّهُ سَلَفٌ، فَإِنِّى أَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ، وَمَا وَلِىَ إِمَارَةً قَطُّ وَلاَ جِبَايَةَ خَرَاجٍ وَلاَ شَيْئًا، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ فِى غَزْوَةٍ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ مَعَ أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ - رضى الله عنهم - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَحَسَبْتُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ فَوَجَدْتُهُ أَلْفَىْ أَلْفٍ وَمِائَتَىْ أَلْفٍ قَالَ فَلَقِىَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِى، كَمْ عَلَى أَخِى مِنَ الدَّيْنِ فَكَتَمَهُ. فَقَالَ مِائَةُ أَلْفٍ. فَقَالَ حَكِيمٌ وَاللَّهِ مَا أُرَى أَمْوَالَكُمْ تَسَعُ لِهَذِهِ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَكَ إِنْ كَانَتْ أَلْفَىْ أَلْفٍ وَمِائَتَىْ أَلْفٍ قَالَ مَا أُرَاكُمْ تُطِيقُونَ هَذَا، فَإِنْ عَجَزْتُمْ عَنْ شَىْءٍ مِنْهُ فَاسْتَعِينُوا بِى. قَالَ وَكَانَ الزُّبَيْرُ اشْتَرَى الْغَابَةَ بِسَبْعِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ، فَبَاعَهَا عَبْدُ اللَّهِ بِأَلْفِ أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ ثُمَّ قَامَ فَقَالَ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ حَقٌّ فَلْيُوَافِنَا بِالْغَابَةِ، فَأَتَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَكَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ أَرْبَعُمِائَةِ أَلْفٍ فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ إِنْ شِئْتُمْ تَرَكْتُهَا لَكُمْ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لاَ. قَالَ فَإِنْ شِئْتُمْ جَعَلْتُمُوهَا فِيمَا تُؤَخِّرُونَ إِنْ أَخَّرْتُمْ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لاَ. قَالَ قَالَ فَاقْطَعُوا لِى قِطْعَةً. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَكَ مِنْ هَا هُنَا إِلَى هَا هُنَا. قَالَ فَبَاعَ مِنْهَا فَقَضَى دَيْنَهُ فَأَوْفَاهُ، وَبَقِىَ مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ، فَقَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَعِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ وَالْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ كَمْ قُوِّمَتِ الْغَابَةُ قَالَ كُلُّ سَهْمٍ مِائَةَ أَلْفٍ. قَالَ كَمْ بَقِىَ قَالَ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ. قَالَ الْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ. قَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ. وَقَالَ ابْنُ زَمْعَةَ قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ كَمْ بَقِىَ فَقَالَ سَهْمٌ وَنِصْفٌ. قَالَ أَخَذْتُهُ بِخَمْسِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ. قَالَ وَبَاعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ نَصِيبَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ بِسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ، فَلَمَّا فَرَغَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ قَالَ بَنُو الزُّبَيْرِ اقْسِمْ بَيْنَنَا مِيرَاثَنَا. قَالَ لاَ، وَاللَّهِ لاَ أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ حَتَّى أُنَادِىَ بِالْمَوْسِمِ أَرْبَعَ سِنِينَ أَلاَ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا فَلْنَقْضِهِ. قَالَ فَجَعَلَ كَلَّ سَنَةٍ يُنَادِى بِالْمَوْسِمِ، فَلَمَّا مَضَى أَرْبَعُ سِنِينَ قَسَمَ بَيْنَهُمْ قَالَ فَكَانَ لِلزُّبَيْرِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، وَرَفَعَ الثُّلُثَ، فَأَصَابَ كُلَّ امْرَأَةٍ أَلْفُ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ، فَجَمِيعُ مَالِهِ خَمْسُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ. تحفة 3626 - 108/ 4 يعني أنَّ الزُّبيرَ كان رجلا كثيرَ الدُّيون، ولم تكن دارُه تَبلُغ وفاءَ دَيْنه، فلما استُشْهِد جعل اللهُ فيها بركَةً حتى قضت عنه ديونَه، وبقيت منه أموالٌ، قُسِمت بين وَرَثته، كما سيجيء. قِصَّةُ شهادة الزُّبَيْر (¬1) واعلم أن طَلْحَة، والزُّبير بايعًا عَلِيًا، وشاع في الناس أن عليًا لم يُبال بدم عثمان، ولم يأخذ بثأره، وقامت عائشةُ لتأخذَ ثأره، قاصدةٌ نحو الكُوفة، خرج الزُّبير معها، فلما بلغت فِناءَ الكُوفة، وتراءت الفئتانِ، نادى عليٌّ: أيها الزُّبيرُ، أما تَذْكُر ما قال لك النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إنَّك تُحِبُّ عليًا. وأنك تقاتِلُه يومًا، وتكون اليوم طالمًا، وهو مظلومًا؟ فقال الزُّبير: نعم، فلما تذكّر الزُّبيرُ ¬

_ (¬1) بسط العَيْني قِصَّة الجمل في "عمدة القاري" ومقتل الزبير.

نَكَص على عَقبه، وقال: ما أراني إلا شهيدًا مظلومًا، وإنَّ ما يهمني ديوني التي ركبتني، فاقْضِها عني. وكانت ديونُه مستغرقةً لجميع ماله، ومع ذلك أَوْصى لبني ابنه. لأنه كان يَعْلم أنهم ليس لهم في الإِرث نصيبٍ، لكون اينه حيًا، فجعل لهم ثُلْثَ ثُلُثِ الوصية، وتسع الكل. وكان الناسُ يستودِعون أموالَهم عنده، فيأبى أن يأخذها وديعةً مخافةَ الضياع، ويقول: ليست تلك وديعةً، ولكنها سَلَفٌ وقَرْضُ عليّ، وكان رَجُلا زاهِدًا أمينًا، لم يلِ الإِمارةَ، ولا شيئًا قطّ، فلما تُوفي، وقضى عنه ابنُه دَيْنه، وفَضَل مِن ماله فاضل، قال له أخوه أن يَقْسِمه بينهم، فأبى أن يفعله، إلا بعد أن يُنادي في الموسم. فإِنْ ظهر أنه لم يبق أحدٌ مِمَّن يكون له دينٌ عليه يَقسِمه بينهم، ففعل، ولما لم يَبْقَ من دَيْنه شيءٌ إلا وقد قضاه، أعطى الثَّمن لأزواجه، وذلك نصيبُهنَّ من التركة، وله يومئذٍ أربعُ نسوةٍ. 3129 - قوله: (وكان بَعْضُ وَلَدِ عبدِ الله قَدْ وَازَى بَعْضَ بني الزُّبير) ... الخ، "بهتيجى ججون كى برابر هو كئى". قوله: (وما وَليَ إمارةً) ... الخ، أي إنما كانت معيشتُه مما يَرِدُ عليه من الجهاد، والغنائم، فحسب. قوله: (فجميعُ مالِه خمسونَ أَلْفَ أَلْفٍ، ومئتا ألف) أعلم أولا أنك إن أرَدْت تَحويلَ الحساب من الهندي إلى العربي، فاعلم أن أَصل في الحساب العربي في أربعُ أدوار، كلّ دورةٍ منها يتركَّبُ من أربعة أعمدة، وآخِر كلَّ دورة منها هي بعينها مبدأ لدورةٍ أُخْرى بعدها: فالأُولى: آحادٌ، وعشراتٌ، ومئاتٌ، وآلاف؛ والثانية: آحادُ ألف، وعشراتُ ألف، ومئاتُ ألف، وآلاف الفٍ، فحصلت ثمانيةُ أعمد، غير أن رابعةُ الأُولى هي بعينها أُولى الثانية، فهي مكررةٌ، فالألفاظْ ثمانيةً والمراتِبُ سَبْعُ، وهكذا فَلْيُقَس في الباقية؛ والثالثة: آحادُ أَلفَ ألف، عشراتُ ألف ألف، مئات ألف ألف، آلافُ ألف ألف؛ والرابعة: آحادُ ألف ألف ألف، عشراتُ ألف ألف ألف، مئاتُ ألف ألف ألف، آلافُ ألف ألف ألف. ثُم اعلم أَنَّ المجموعَ المذكورَ لا يستقيمُ بالحساب المذكور في الصحيح، فإِنَّ نصيبَ كُلِّ امرأةٍ بعد رَفْع ثُلُثِ الوصيةِ أَلْفُ ألف، ومئتا إلف باره لا كه، وكان له أَربعُ نسوةٍ، فصار مجموَ نصيبيهن أربعة آلافِ ألف، وثمانمائة 4.800.000، وذلك ثُمُن الميراث، لانَّ نصيبَ الأزواج هو الثمن، فإِذا عَلِمنا أن المجموعَ المذكورَ ثمن التركةِ بعد رَفْع ثُلُث الوصيةِ، عَلِمنا أن التَّرِكةُ بجميع سهامها كانت ثمانية وثلاثينَ ألفَ ألف، وأربع مئة ألف من كروره جولا هي لاكيه وإذا عُلِمنا جميعَ سِهام التركة، وأنها ثُلُثا المال، علمنا مقدارَ ثُلُثِ الوصية أيضًا، وهو تسعةَ عشرَ ألف ألف، ومئتا ألف ايك كرور بانوى لا كهه وإذن مجموعُ السَّهام مع ثُلُث الوصية صار سَبْعةُ وخمسين ألف ألفٍ. وست مئة ألف، فإِنَّ ضَمَمْنا معه قَدْرَ الدَّيْن أيضًا حصعل ستونَ أَلْفَ ألف، إلا مئتا ألف؛ وهذا كما ترى، يزيدُ على المجموع المذكور بِقَدْرِ تسعة آلاف ألف، وست مئة ألف 9600.0000. والجواب الصحيح على ما نقل إلينا عن الشيخ الجَنْجُوجي أن قوله: «وجميع ماله خَمْسون»، مبتدأ وخبر، وليس قوله: «ألف ألف تمييزًا لخمسون، بال معناه جميعُ ماله خمسونَ

14 - باب إذا بعث الإمام رسولا فى حاجة، أو أمره بالمقام، هل يسهم له

سَهْمًا، وسَهْم واحد منها أَلْفُ ألف، ومئتا ألف في خمسين، حصل ستون ألف ألف، وكانت التركة بالحساب المذكور ستين ألف ألف، إلا مئتي ألف؛ فالمجموع الحاصل حينئذٍ يَنْقُص من المجموع المذكور بقدر مئتي أإلف، وهذا القَدْرُ قليلٌ جدًا بالنسبة إلى حساب الشارحين، فيمكن التسامحُ فيه، بأن يقال: إنَّ الراوي قَطَع النظر عن الكَسْر، وذكر العددَ التامَّ، أي ستين ألف ألف. وبالجملة ذهب الشارحون إلى أنَّ ألف ألف تمييزٌ لخمسونَ، ومئتا ألف، معطوفٌ على قوله: «خَمْسونَ» وذهبنا إلى أنَّ أَلْفَ ألف ليس تمييزًا عن قوله: «خمسون، بل هو مع معطوفةِ خَبَرٌ عن مبتدإٍ محذوفٍ، كما ذكرناه، والله تعالى أعلم بالصواب (¬1). 14 - باب إِذَا بَعَثَ الإِمَامُ رَسُولًا فِى حَاجَةٍ، أَوْ أَمَرَهُ بِالْمُقَامِ، هَلْ يُسْهَمُ لَهُ 3130 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَوْهَبٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ إِنَّمَا تَغَيَّبَ عُثْمَانُ عَنْ بَدْرٍ، فَإِنَّهُ كَانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَتْ مَرِيضَةً. فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ». أطرافه 3698، 3704، 4066، 4513، 4514، 4650، 4651، 7095 - تحفة 7319 15 - باب وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ مَا سَأَلَ هَوَازِنُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِرَضَاعِهِ فِيهِمْ، فَتَحَلَّلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعِدُ النَّاسَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنَ الْفَىْءِ وَالأَنْفَالِ مِنَ الْخُمُسِ، وَمَا أَعْطَى الأَنْصَارَ، وَمَا أَعْطَى جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ تَمْرَ خَيْبَرَ 3131 و 3132 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ¬

_ (¬1) قال الفاضل مولانا عبد العزيز في "نبراس الساري" في حَلِّ الحساب المذكور: إنَّ تركةِ الزُّبير منقِسمةٌ على سِهام، أدناها ألْفَ ألف. ومائتا ألف، وهو نصيب امرأةٍ واحدةٍ من الأرْبع اللاتي أَخَذْن الثُّمُن، فهو جزءٌ من اثنين وثلاثينَ جزءً من المال الذي قُسِم بين الورثة. وإذا ختم هذا مع الثُّلث المرفوع، ثُلث الوصية، وهو ستةَ عشرَ سَهْمًا، والدَّيْن وهو ألفا أَلف، ومائتا ألف سهم أيضًا تقريبًا. فصار جميعُ مال الزُّبير خمسينَ سَهْمًا. كلَّ سهم مُقَدِّر بألف ألف، ومائتي ألف، كقول الفرائضي صحت المسألةُ من كذا، وأما على الحساب المتعارَف، فالمالُ ستونَ أَلفَ ألفَ تقريبًا، وإذا جعلت قوله في الدَّين: ألفي ألف. ومائتي ألف، مئتى ألف أَلف، ومائتي ألف، نصيب المرأة من قبيل تَثْنيةِ المركب، بإلحاق العلامة بالجزء الأول منه "كصاحبي السجن" فالحساب تحقيقي، والله أعلم. وقال الكِرْماني: لعلَّ الجميعَ كان عند وفاتِه هذا المقدار، فزاد من غلَّات أموالِه في هذه الأربع سنين إلى ما يكون لكل امرأةٍ ألف ألف، ومائتا ألف، والمقام مقام البركة للغازي في ماله حيًا وميتًا. وحَسَّن الحافظُ ابنُ حجر هذا التوجِيه.

ابْنِ شِهَابٍ قَالَ وَزَعَمَ عُرْوَةُ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَىَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إِمَّا السَّبْىَ وَإِمَّا الْمَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ». وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - انْتَظَرَ آخِرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلاَّ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ. قَالُوا فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمُسْلِمِينَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلاَءِ قَدْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّى قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُطَيِّبَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِىءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ». فَقَالَ النَّاسُ قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّا لاَ نَدْرِى مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِى ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ» فَرَجَعَ النَّاسُ، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا فَأَذِنُوا. فَهَذَا الَّذِى بَلَغَنَا عَنْ سَبْىِ هَوَازِنَ. حديث 3131 أطرافه 2307، 2539، 2584، 2607، 4318، 7176 - تحفة 11251 - 109/ 4 حديث 3132 أطرافه 2308، 2540، 2583، 2608، 4319، 7177 - تحفة 11271 3133 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ وَحَدَّثَنِى الْقَاسِمُ بْنُ عَاصِمٍ الْكُلَيْبِىُّ - وَأَنَا لِحَدِيثِ الْقَاسِمِ أَحْفَظُ - عَنْ زَهْدَمٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أَبِى مُوسَى، فَأُتِىَ ذَكَرَ دَجَاجَةً وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِى تَيْمِ اللَّهِ أَحْمَرُ كَأَنَّهُ مِنَ الْمَوَالِى، فَدَعَاهُ لِلطَّعَامِ فَقَالَ إِنِّى رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا، فَقَذِرْتُهُ، فَحَلَفْتُ لاَ آكُلُ. فَقَالَ هَلُمَّ فَلأُحَدِّثْكُمْ عَنْ ذَاكَ، إِنِّى أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ فَقَالَ «وَاللَّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ، وَمَا عِنْدِى مَا أَحْمِلُكُمْ». وَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِنَهْبِ إِبِلٍ، فَسَأَلَ عَنَّا فَقَالَ «أَيْنَ النَّفَرُ الأَشْعَرِيُّونَ». فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى، فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قُلْنَا مَا صَنَعْنَا لاَ يُبَارَكُ لَنَا، فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا إِنَّا سَأَلْنَاكَ أَنْ تَحْمِلَنَا، فَحَلَفْتَ أَنْ لاَ تَحْمِلَنَا أَفَنَسِيتَ قَالَ «لَسْتُ أَنَا حَمَلْتُكُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ، وَإِنِّى وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلاَّ أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا». أطرافه 4385، 4415، 5517، 5518، 6623، 6649، 6678، 6680، 6718، 6719، 6721، 7555 - تحفة 8990 3134 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ قِبَلَ نَجْدٍ، فَغَنِمُوا إِبِلاً كَثِيرًا، فَكَانَتْ سِهَامُهُمُ اثْنَىْ عَشَرَ بَعِيرًا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا. طرفه 4338 - تحفة 8357 3135 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ

سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُنَفِّلُ بَعْضَ مَنْ يَبْعَثُ مِنَ السَّرَايَا لأَنْفُسِهِمْ خَاصَّةً سِوَى قِسْمِ عَامَّةِ الْجَيْشِ. تحفة 6880 - 110/ 4 3136 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ، أَنَا وَأَخَوَانِ لِى، أَنَا أَصْغَرُهُمْ، أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ وَالآخَرُ أَبُو رُهْمٍ، إِمَّا قَالَ فِى بِضْعٍ، وَإِمَّا قَالَ فِى ثَلاَثَةٍ وَخَمْسِينَ أَوِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلاً مِنْ قَوْمِى فَرَكِبْنَا سَفِينَةً، فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِىِّ بِالْحَبَشَةِ، وَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِى طَالِبٍ وَأَصْحَابَهُ عِنْدَهُ فَقَالَ جَعْفَرٌ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَنَا هَا هُنَا، وَأَمَرَنَا بِالإِقَامَةِ فَأَقِيمُوا مَعَنَا. فَأَقَمْنَا مَعَهُ، حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا، فَوَافَقْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، فَأَسْهَمَ لَنَا. أَوْ قَالَ فَأَعْطَانَا مِنْهَا. وَمَا قَسَمَ لأَحَدٍ غَابَ عَنْ فَتْحِ خَيْبَرَ مِنْهَا شَيْئًا، إِلاَّ لِمَنْ شَهِدَ مَعَهُ، إِلاَّ أَصْحَابَ سَفِينَتِنَا مَعَ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ، قَسَمَ لَهُمْ مَعَهُمْ. أطرافه 3876، 4230، 4233 - تحفة 9051 3137 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ جَابِرًا - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ قَدْ جَاءَنِى مَالُ الْبَحْرَيْنِ لَقَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا». فَلَمْ يَجِئْ حَتَّى قُبِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ مُنَادِيًا فَنَادَى مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَيْنٌ أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنَا. فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِى كَذَا وَكَذَا. فَحَثَا لِى ثَلاَثًا - وَجَعَلَ سُفْيَانُ يَحْثُو بِكَفَّيْهِ جَمِيعًا، ثُمَّ قَالَ لَنَا هَكَذَا قَالَ لَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ -. وَقَالَ مَرَّةً فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَسَأَلْتُ فَلَمْ يُعْطِنِى، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَلَمْ يُعْطِنِى، ثُمَّ أَتَيْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقُلْتُ سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِى، ثُمَّ سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِى، ثُمَّ سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِى، فَإِمَّا أَنْ تُعْطِيَنِى، وَإِمَّا أَنْ تَبْخَلَ عَنِّى. قَالَ قُلْتَ تَبْخَلُ عَلَىَّ مَا مَنَعْتُكَ مِنْ مَرَّةٍ إِلاَّ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَكَ. قَالَ سُفْيَانُ وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ جَابِرٍ فَحَثَا لِى حَثْيَةً وَقَالَ عُدَّهَا. فَوَجَدْتُهَا خَمْسَمِائَةٍ قَالَ فَخُذْ مِثْلَهَا مَرَّتَيْنِ. وَقَالَ يَعْنِى ابْنَ الْمُنْكَدِرِ وَأَىُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ الْبُخْلِ أطرافه 2296، 2598، 2683، 3164، 4383 - تحفة 3033، 2640 - 111/ 4 3138 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا قُرَّةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْسِمُ غَنِيمَةً بِالْجِعْرَانَةِ إِذْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ اعْدِلْ. فَقَالَ لَهُ «شَقِيتَ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ». تحفة 2562 هذه ترجمة ثالثة في بيان أن خمس الغنيمة موكول إلى رأي الإِمام، يصرفه. كيف يشاء.

16 - باب ما من النبى - صلى الله عليه وسلم - على الأسارى من غير أن يخمس

قوله: (برَضَاعِه فيهم) أي إنَّما سألوه بِسَبَبِ رَضَاعه فيهم. قوله: (فتحلَّل من المُسْلمين) ترجمته "معاف كرواديا". قوله: (وما كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلّم يَعِدُ النَّاسَ أن يُعْطِيَهُم مِن الفَيء) ... الخ فلف فيه الفيء أيضًا، ولا خلاف فيه، فإِنه موكولُ إلى رأي الإِمام عندنا أيضًا، وإنما الكلام في خُمس الغنيمة، هل يستقِلُّ به الإِمام، أو يُصْرف إلى مُسْتحِقِّيه لا محالة؟ 3131، 3132 - قوله: (إنّي [قد] رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إليهم سَبْيَهُم) فعبَّرَه ههنا بالردِّ، وعبره عنه: ص 445 - ج ابالمنِّ، وسيجيء عنده أنه كان إعتاقًا، وحينئذٍ تَسْقُط منه تراجِمُه كلُّها في الهبة - غر الذرى - "سفيد كوهان والى". 3136 - قوله: (حِينَ افتتح خَيْبَرَ، فأَسْهم لنا، أو قال: فأَعْضَانا مِنْها) ... الخ، وغَرَضُ البخاريِّ أَنَّ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم قَسَم خُمْس الغنيمةِ حيث شاء الله، فعلم أن مَصَارِف الخمس ليست منحصرةً فيما ذَكَره القرآن. 16 - باب مَا مَنَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الأُسَارَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَمَّسَ 3139 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِى أُسَارَى بَدْرٍ «لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِىٍّ حَيًّا، ثُمَّ كَلَّمَنِى فِى هَؤُلاَءِ النَّتْنَى، لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ». طرفه 4024 - تحفة 3194 وهذه أيضًا ناظِرةٌ إلى مذهب مالك، فإِنه إذا من عليهم، ولم يأخذ منهم الخُمْس، دَلّ على كونِه رأي الإِمام، فإِنَّ نفس الخُمْس إذا كان إلى رَأْيه، ققِسْمَتُه بالأَوْلى. 17 - باب وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ لِلإِمَامِ وَأَنَّهُ يُعْطِى بَعْضَ قَرَابَتِهِ دُونَ بَعْضٍ مَا قَسَمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِبَنِي الْمُطَّلِبِ وَبَنِي هَاشِمٍ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمْ يَعُمَّهُمْ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَخُصَّ قَرِيبًا دُونَ مَنْ أَحْوَجُ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِى أَعْطَى لِمَا يَشْكُو إِلَيْهِ مِنَ الْحَاجَةِ، وَلِمَا مَسَّتْهُمْ فِى جَنْبِهِ، مِنْ قَوْمِهِمْ وَحُلَفَائِهِمْ. 3140 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطَيْتَ بَنِى الْمُطَّلِبِ وَتَرَكْتَنَا، وَنَحْنُ وَهُمْ مِنْكَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا بَنُو الْمُطَّلِبِ وَبَنُو هَاشِمٍ شَىْءٌ وَاحِدٌ». قَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ وَزَادَ قَالَ جُبَيْرٌ وَلَمْ يَقْسِمِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِبَنِى عَبْدِ شَمْسٍ وَلاَ لِبَنِى نَوْفَلٍ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَبْدُ شَمْسٍ وَهَاشِمٌ وَالْمُطَّلِبُ إِخْوَةٌ لأُمٍّ، وَأُمُّهُمْ عَاتِكَةُ

18 - باب من لم يخمس الأسلاب، ومن قتل قتيلا فله سلبه من غير أن يخمس، وحكم الإمام فيه

بِنْتُ مُرَّةَ، وَكَانَ نَوْفَلٌ أَخَاهُمْ لأَبِيهِمْ. طرفاه 3502، 4229 - تحفة 3185 هذه ترجمةٌ رابعةٌ، تدلَّ على أنه ذَهَب في الخُمْس إلى مذهب مالك، كما قررناه. قوله: (وقال عمرُ بنُ عبد العزيز: لم يَعُمَّهم بِذَلك) ويعني أن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يُعْطِ مِن ذي قرابته كلَّهم، بل قَسَم لبني المُطَّلب، وبني هاشم فقط، ثُم لم يُعْط منهم كُلّهم أيضًا، بل أعطى بَعْضًا دون بعض، فدلَّ على أن ما ذُكِر في القرآن إنما هو مصارِفُ له فقط، دون مُسْتحِقِّيه. قوله: (وإن كان الذي أعطى أبعد قرابةً مِمَّنْ لم يعطِ) فخبرُكان مُقدَّر. قوله: (ولم يَخُصَّ قريبًا دونَ مَنْ أحوجُ إليه) ... الخ. قلت: وهذا نَظَرُ الحنفيةِ أنَّ العبرة في أهل قرابةِ النبي صلى الله عليه وسلّم للفقر دون جهة القرابة، فليست القرابةُ جهةً مستقلة عندنا، فوافَقنا في هذا النَّظَر، وإنْ كان وافَق في أصل المسألة مالكًا، كما مرَّ. 18 - باب مَنْ لَمْ يُخَمِّسِ (¬1) الأَسْلاَبَ، وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَمِّسَ، وَحُكْمِ الإِمَامِ فِيهِ 3141 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ بَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ فِى الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينِى وَشِمَالِى فَإِذَا أَنَا بِغُلاَمَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا، تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا، فَغَمَزَنِى أَحَدُهُمَا فَقَالَ يَا عَمِّ، هَلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ قُلْتُ نَعَمْ، مَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ أَخِى قَالَ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَئِنْ رَأَيْتُهُ لاَ يُفَارِقُ سَوَادِى سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الأَعْجَلُ مِنَّا. فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ، فَغَمَزَنِى الآخَرُ فَقَالَ لِى مِثْلَهَا، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِى جَهْلٍ يَجُولُ فِى النَّاسِ، قُلْتُ أَلاَ إِنَّ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِى سَأَلْتُمَانِى. فَابْتَدَرَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا فَضَرَبَاهُ حَتَّى قَتَلاَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللَّهُ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَاهُ فَقَالَ «أَيُّكُمَا قَتَلَهُ». قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَا قَتَلْتُهُ. فَقَالَ «هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا». قَالاَ لاَ. فَنَظَرَ فِى السَّيْفَيْنِ فَقَالَ «كِلاَكُمَا قَتَلَهُ». سَلَبُهُ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ. وَكَانَا مُعَاذَ ابْنَ عَفْرَاءَ وَمُعَاذَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ. طرفاه 3964، 3988 - تحفة 9709 - 112/ 4 ¬

_ (¬1) قال أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى: السَّلَبُ من غنيمةُ الجيش، حُكْمه حُكْم سائر الغنيمة، إلَّا أنْ يقولَ الإِمام: مَنْ قَتل قَتيلًا فله سَلَبُه، فحينئذ يكون له. وقال ابنُ قُدامة: وبه قال مالك، وقال: قال أحمدُ: لا يعجبني أن يَأْخُذ السَّلَب إلا بإذنِ الإِمام، وهو قولُ الأوزاعي. وقال ابنُ المُنْذِر، والشافعيُّ: له أَخْذُه بغيرِ إذنه، اهـ "عُمدة القاري": وقال القرطبي هذا الحديثُ أدلُّ دليلٍ على صحَّةِ مذهب مالك، وأبي حنيفة، اهـ "عمدة القاري".

19 - باب ما كان النبى - صلى الله عليه وسلم - يعطى المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه

3142 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَفْلَحَ عَنْ أَبِى مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ حُنَيْنٍ، فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَلاَ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَدَرْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ حَتَّى ضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ، فَأَقْبَلَ عَلَىَّ فَضَمَّنِى ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِى، فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ مَا بَالُ النَّاسِ قَالَ أَمْرُ اللَّهِ، ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا، وَجَلَسَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ». فَقُمْتُ فَقُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِى ثُمَّ جَلَسْتُ ثُمَّ قَالَ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ» فَقُمْتُ فَقُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِى ثُمَّ جَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَ الثَّالِثَةَ مِثْلَهُ فَقَالَ رَجُلٌ صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَسَلَبُهُ عِنْدِى فَأَرْضِهِ عَنِّى. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رضى الله عنه لاَهَا اللَّهِ إِذًا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِيكَ سَلَبَهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَدَقَ». فَأَعْطَاهُ فَبِعْتُ الدِّرْعَ، فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرِفًا فِى بَنِى سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِى الإِسْلاَمِ. أطرافه 2100، 4321، 4322، 7170 - تحفة 12132 - 113/ 4 وراجع «الهداية» لتفسير السَّلَب، والسَّلَب عندنا تحت وِلاية الإِمام، فإِن أعلن به فهو للقاتِل، وإلا فيحرز إلى الغنيمةِ، ويؤخذ منه الخُمْس، فليس السَّلَبُ دائمًا للقاتِل عندنا. أما قوله: «مَنْ قتل قتيلا» الخ، فمحمولٌ على إعلانه في تلك الحرب خاصَّةً، ونظيرُه قولُه صلى الله عليه وسلّم «مَنْ أحيا أرضًا ميتةً، فهي له، فإِنَّه محمولٌ عندهم على بيانِ تملُّك الأرضِ مُطْلقًا، وعندنا يُشْترط له الإِذنُ الجزئيُّ مِن الإِمام. 3141 - قوله: (أيّكُما قَتَلَه) وإنما قال تطييبًا لخاطِرهما، وإلا فالقاتِلُ مَنْ كان أَثْخَنه، ولذا أعطاه سَلَبه. 19 - باب مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِى الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ (¬1) وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْخُمُسِ وَنَحْوِهِ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 3143 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: قال الشيخ في درس الترمذي على ما أَذْكُره: إنَّ المؤلفة قلوبُهم هم ضعفاءُ الإِسلام. أما الكفارُ فلم أجد أن تكونَ الزكاةُ صُرفت عليهم في زمانٍ من الأزمان، وحينٍ من الأحيان، وحينئذٍ لا حاجة إلى القَوْل بالنَّسْخ: قلتُ: لم يكن له على ذلك جمودُ وَجْد، بل كان يَخْطُر بباله كسائر الأفكار، والسرُّ في ذلك -على ما أفهم- أنه لم يكن يُحِب القولَ بالنَّسخ في موضع، ومِن هذا الباب ما اختاره، في نَسْخ الحجِّ إلى العمرة، والمتعة في النِّكاح، وأمثالهما، والله تعالى أعلم بالصواب.

الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْطَانِى، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى، ثُمَّ قَالَ لِى «يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِى يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى». قَالَ حَكِيمٌ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا. فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ الْعَطَاءَ، فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، إِنِّى أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِى قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ هَذَا الْفَىْءِ، فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ. فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى تُوُفِّىَ. أطرافه 1472، 2750، 6441 - تحفة 3426، 3431 3144 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَ عَلَىَّ اعْتِكَافُ يَوْمٍ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَفِىَ بِهِ. قَالَ وَأَصَابَ عُمَرُ جَارِيَتَيْنِ مِنْ سَبْىِ حُنَيْنٍ، فَوَضَعَهُمَا فِى بَعْضِ بُيُوتِ مَكَّةَ - قَالَ - فَمَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى سَبْىِ حُنَيْنٍ، فَجَعَلُوا يَسْعَوْنَ فِى السِّكَكِ فَقَالَ عُمَرُ يَا عَبْدَ اللَّهِ، انْظُرْ مَا هَذَا فَقَالَ مَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى السَّبْىِ. قَالَ اذْهَبْ فَأَرْسِلِ الْجَارِيَتَيْنِ. قَالَ نَافِعٌ وَلَمْ يَعْتَمِرْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْجِعْرَانَةِ وَلَوِ اعْتَمَرَ لَمْ يَخْفَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ. وَزَادَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ مِنَ الْخُمُسِ. وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِى النَّذْرِ وَلَمْ يَقُلْ يَوْمَ. أطرافه 2032، 2043، 4320، 6697 تحفة 7521 ل، 10553 - 114/ 4 3145 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ - رضى الله عنه - قَالَ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَوْمًا وَمَنَعَ آخَرِينَ، فَكَأَنَّهُمْ عَتَبُوا عَلَيْهِ فَقَالَ «إِنِّى أُعْطِى قَوْمًا أَخَافُ ظَلَعَهُمْ وَجَزَعَهُمْ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِى قُلُوبِهِمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالْغِنَى، مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ». فَقَالَ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِى بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حُمْرَ النَّعَمِ. زَادَ أَبُو عَاصِمٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِمَالٍ أَوْ بِسَبْىٍ فَقَسَمَهُ. بِهَذَا. طرفاه 923، 7535 تحفة 10711 3146 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى أُعْطِى قُرَيْشًا أَتَأَلَّفُهُمْ، لأَنَّهُمْ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ». أطرافه 3147، 3528، 3778، 3793، 4331، 4332، 4333، 4334، 4337، 5860، 6762، 7441 تحفة 1244

3147 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ مَا أَفَاءَ، فَطَفِقَ يُعْطِى رِجَالاً مِنْ قُرَيْشٍ الْمِائَةَ مِنَ الإِبِلِ فَقَالُوا يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِى قُرَيْشًا وَيَدَعُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ قَالَ أَنَسٌ فَحُدِّثَ رَسُولُ اللَّهِ بِمَقَالَتِهِمْ، فَأَرْسَلَ إِلَى الأَنْصَارِ، فَجَمَعَهُمْ فِى قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، وَلَمْ يَدْعُ مَعَهُمْ أَحَدًا غَيْرَهُمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا جَاءَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا كَانَ حَدِيثٌ بَلَغَنِى عَنْكُمْ». قَالَ لَهُ فُقَهَاؤُهُمْ أَمَّا ذَوُو آرَائِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، وَأَمَّا أُنَاسٌ مِنَّا حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ فَقَالُوا يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِى قُرَيْشًا وَيَتْرُكُ الأَنْصَارَ، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى أُعْطِى رِجَالاً حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِكُفْرٍ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالأَمْوَالِ وَتَرْجِعُونَ إِلَى رِحَالِكُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَوَاللَّهِ مَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ». قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ رَضِينَا. فَقَالَ لَهُمْ «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِى أُثْرَةً شَدِيدَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْحَوْضِ». قَالَ أَنَسٌ فَلَمْ نَصْبِرْ. أطرافه 3146، 3528، 3778، 3793، 4331، 4332، 4333، 4334، 4337، 5860، 6762، 7441 تحفة 1499 - 115/ 4 3148 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ النَّاسُ مُقْبِلاً مِنْ حُنَيْنٍ عَلِقَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الأَعْرَابُ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ، فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ، فَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَعْطُونِى رِدَائِى، فَلَوْ كَانَ عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لاَ تَجِدُونِى بَخِيلاً وَلاَ كَذُوبًا وَلاَ جَبَانًا». طرفه 2821 تحفة 3195 3149 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه قَالَ كُنْتُ أَمْشِى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِىٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِىٌّ فَجَذَبَهُ جَذْبَةً شَدِيدَةً، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَثَّرَتْ بِهِ حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَذْبَتِهِ، ثُمَّ قَالَ مُرْ لِى مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِى عِنْدَكَ. فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ، فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. طرفاه 5809، 6088 تحفة 205 3150 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أُنَاسًا فِى الْقِسْمَةِ، فَأَعْطَى الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَعْطَى أُنَاسًا مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ، فَآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ فِى الْقِسْمَةِ. قَالَ رَجُلٌ وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ مَا عُدِلَ فِيهَا، وَمَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ. فَقُلْتُ وَاللَّهِ لأُخْبِرَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ «فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى قَدْ أُوذِىَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ». أطرافه 3405، 4335، 4336، 6059، 6100، 6291، 6336 تحفة 9300

20 - باب ما يصيب من الطعام فى أرض الحرب

3151 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ كُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِى أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَأْسِى، وَهْىَ مِنِّى عَلَى ثُلُثَىْ فَرْسَخٍ. وَقَالَ أَبُو ضَمْرَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ أَرْضًا مِنْ أَمْوَالِ بَنِى النَّضِيرِ. طرفه 5224 تحفة 15725، 19027 - 116/ 4 3152 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَجْلَى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا ظَهَرَ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ الْيَهُودَ مِنْهَا، وَكَانَتِ الأَرْضُ لَمَّا ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلْيَهُودِ وَلِلرَّسُولِ وَلِلْمُسْلِمِينَ، فَسَأَلَ الْيَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَتْرُكَهُمْ عَلَى أَنْ يَكْفُوا الْعَمَلَ، وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «نُقِرُّكُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا». فَأُقِرُّوا حَتَّى أَجْلاَهُمْ عُمَرُ فِى إِمَارَتِهِ إِلَى تَيْمَاءَ وَأَرِيحَا. أطرافه 2285، 2328، 2329، 2331، 2338، 2499، 2720، 4248 تحفة 8465 ولعله ذَكَر المؤلَّفة قلوبُهُم تأييدًا لما اختاره، مِن أنَّ الخُمْس إلا الإمام، لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم إذا أعْطَاهُم - مع أنَّهم لا ذِكْر لهم في القرآن - دَلَّ على أنَّ المذكورين فيه مصارِفُ لا غَيْرُ، ولذا وسع له أن يَصْرِفه إلى غيرهم أيضًا، فثبت أن لا مَزيَّةَ لمن سُمِّي في القرآن على غيرهم. ونقول: إنَّ هؤلاء كانوا مصارِفَ إلى زمنٍ، ثُم نُسِخ، أو انتهى الحُكْم بانتهاء العِلَّة، فلا حُجَّة فيه. 3144 - قوله: (إن عُمَر بن الخطَّاب قال: يا رسولَ الله، إنه كان عليَّ اعتكافُ يوم) ... الخ، ومرَّ الحديث مِنْ قَبْل، وفيه اعتكاف ليلةٍ، وكان المصنِّف ترجم على ذل اللفظ، وقد كنا نبهناك على أنه ورد فيه لفظُ اليوم أيضًا، فلا يتم ما رامه المصنِّف. 3151 - قوله: (كُنْتُ أَنْقُل النَّوَى) وهو من مقولةِ أسماء، زوجة عبد الله بن الزُّبير، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أقطعه أرضًا. وقد مرَّ معنا أن الإِقطاع في السَّلف كان بمعنى إحياء الموت، لا بمعنى كونها مرفوعةً عنها المؤن، وكونها عَفْوًا. 20 - باب مَا يُصِيبُ مِنَ الطَّعَامِ فِى أَرْضِ الْحَرْبِ 3153 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مُحَاصِرِينَ قَصْرَ خَيْبَرَ، فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ فِيهِ شَحْمٌ، فَنَزَوْتُ لآخُذَهُ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ. طرفه 5508 تحفة 9656 3154 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا نُصِيبُ فِى مَغَازِينَا الْعَسَلَ وَالْعِنَبَ فَنَأْكُلُهُ وَلاَ نَرْفَعُهُ. تحفة 7558

3155 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - يَقُولُ أَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ لَيَالِىَ خَيْبَرَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ وَقَعْنَا فِى الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، فَانْتَحَرْنَاهَا فَلَمَّا غَلَتِ الْقُدُورُ، نَادَى مُنَادِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اكْفَئُوا الْقُدُورَ، فَلاَ تَطْعَمُوا مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ شَيْئًا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَقُلْنَا إِنَّمَا نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَنَّهَا لَمْ تُخَمَّسْ. قَالَ وَقَالَ آخَرُونَ حَرَّمَهَا الْبَتَّةَ. وَسَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ فَقَالَ حَرَّمَهَا الْبَتَّةَ. أطرافه 4220، 4222، 4224، 5526 تحفة 5164 وقد أجاز الفقهاءُ أَكْلَ الطعام، وكلّ ما يتسارع إليه الفسادُ على قَدْر الحاجة، ومنعوا عن اتخاذ الخُبنة، فدلَّ على كَوْنه مستثنى من الخُمْس. ***

58 - كتاب الجزية والموادعة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 58 - كِتَابُ الجِزْيَةِ وَالمُوَادَعَة 1 - باب الْجِزْيَةِ وَالْمُوَادَعَةِ مَعَ أَهْلِ الْحَرْبِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)} [التوبة: 29] أَذِلاَّءُ. وَمَا جَاءَ فِى أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ وَالْعَجَمِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ: قُلْتُ لِمُجَاهِدٍ: مَا شَأْنُ أَهْلِ الشَّأْمِ عَلَيْهِمْ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ، وَأَهْلُ الْيَمَنِ عَلَيْهِمْ دِينَارٌ؟ قَالَ: جُعِلَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ الْيَسَارِ. 117/ 4 3156 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرًا قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، فَحَدَّثَهُمَا بَجَالَةُ سَنَةَ سَبْعِينَ - عَامَ حَجَّ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ - عِنْدَ دَرَجِ زَمْزَمَ قَالَ كُنْتُ كَاتِبًا لِجَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَمِّ الأَحْنَفِ، فَأَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ فَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِى مَحْرَمٍ مِنَ الْمَجُوسِ. وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ. تحفة 10416 3157 - حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرٍ. تحفة 9717 3158 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ الأَنْصَارِىَّ وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِى بِجِزْيَتِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلاَءَ بْنَ الْحَضْرَمِىِّ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِى عُبَيْدَةَ فَوَافَتْ صَلاَةَ الصُّبْحِ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا صَلَّى بِهِمِ الْفَجْرَ انْصَرَفَ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ رَآهُمْ وَقَالَ «أَظُنُّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدْ جَاءَ بِشَىْءٍ». قَالُوا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ لاَ الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ

قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ». طرفاه 4015، 6425 تحفة 10784 - 118/ 4 3159 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّىُّ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِىُّ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِىُّ وَزِيَادُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ قَالَ بَعَثَ عُمَرُ النَّاسَ فِى أَفْنَاءِ الأَمْصَارِ يُقَاتِلُونَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَسْلَمَ الْهُرْمُزَانُ فَقَالَ إِنِّى مُسْتَشِيرُكَ فِى مَغَازِىَّ هَذِهِ. قَالَ نَعَمْ، مَثَلُهَا وَمَثَلُ مَنْ فِيهَا مِنَ النَّاسِ مِنْ عَدُوِّ الْمُسْلِمِينَ مَثَلُ طَائِرٍ لَهُ رَأْسٌ وَلَهُ جَنَاحَانِ وَلَهُ رِجْلاَنِ، فَإِنْ كُسِرَ أَحَدُ الْجَنَاحَيْنِ نَهَضَتِ الرِّجْلاَنِ بِجَنَاحٍ وَالرَّأْسُ، فَإِنْ كُسِرَ الْجَنَاحُ الآخَرُ نَهَضَتِ الرِّجْلاَنِ وَالرَّأْسُ، وَإِنْ شُدِخَ الرَّأْسُ ذَهَبَتِ الرِّجْلاَنِ وَالْجَنَاحَانِ وَالرَّأْسُ، فَالرَّأْسُ كِسْرَى، وَالْجَنَاحُ قَيْصَرُ، وَالْجَنَاحُ الآخَرُ فَارِسُ، فَمُرِ الْمُسْلِمِينَ فَلْيَنْفِرُوا إِلَى كِسْرَى. وَقَالَ بَكْرٌ وَزِيَادٌ جَمِيعًا عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ قَالَ فَنَدَبَنَا عُمَرُ وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْنَا النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَرْضِ الْعَدُوِّ، وَخَرَجَ عَلَيْنَا عَامِلُ كِسْرَى فِى أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَقَامَ تُرْجُمَانٌ فَقَالَ لِيُكَلِّمْنِى رَجُلٌ مِنْكُمْ. فَقَالَ الْمُغِيرَةُ سَلْ عَمَّا شِئْتَ. قَالَ مَا أَنْتُمْ قَالَ نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ كُنَّا فِى شَقَاءٍ شَدِيدٍ وَبَلاَءٍ شَدِيدٍ، نَمَصُّ الْجِلْدَ وَالنَّوَى مِنَ الْجُوعِ، وَنَلْبَسُ الْوَبَرَ وَالشَّعَرَ، وَنَعْبُدُ الشَّجَرَ وَالْحَجَرَ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ، إِذْ بَعَثَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرَضِينَ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَجَلَّتْ عَظَمَتُهُ إِلَيْنَا نَبِيًّا مِنْ أَنْفُسِنَا، نَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، فَأَمَرَنَا نَبِيُّنَا رَسُولُ رَبِّنَا - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نَقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ أَوْ تُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ، وَأَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا - صلى الله عليه وسلم - عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الْجَنَّةِ فِى نَعِيمٍ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا قَطُّ، وَمَنْ بَقِىَ مِنَّا مَلَكَ رِقَابَكُمْ. طرفه 7530 تحفة 11491، 10427 3160 - فَقَالَ النُّعْمَانُ رُبَّمَا أَشْهَدَكَ اللَّهُ مِثْلَهَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يُنَدِّمْكَ وَلَمْ يُخْزِكَ، وَلَكِنِّى شَهِدْتُ الْقِتَالَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ فِى أَوَّلِ النَّهَارِ انْتَظَرَ حَتَّى تَهُبَّ الأَرْوَاحُ وَتَحْضُرَ الصَّلَوَاتُ. تحفة 11647 - 119/ 4 أي معاهدة المسلمين من أهل الذِّمة، وإنما آثر لَفْظ الموادعة على المعاهدة، لأن الموداعة تُشْعِر بمادتها بعدم كونها مطلوبةً، لأن مادَّتها تدل على معنى التَّرْك، فمعناه تَرْكُ التعرُّض لهم، بخلاف المعاهدة، فإِنَّه يدلُّ على كونِه مطلوبًا، وحقًا لازمًا على المسلمين. قوله: ({وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ}) [التوبة: 29] أي هم لا يَتِبَّعون شريَعَتكُم. قوله: (والمَسْكَنَة) مَصْدَرَ المِسْكين، أَسْكَن فلان أَحْوج منه، يريدُ أَنَّ قوله: أسكن فلان من المسكنة، لا من السكون، وإن كان أصلُ المادة واحدًا، وتحقيقُ معنى الإِلحاق لا يوجدُ أَبْسَط مما ذكر المَازَنْدَرَاني.

قوله: (وما جاء في أَخْذَ الجِزيةِ من اليهودِ والنَّصارى والمَجْوس والعَجَم)، واعلم (¬1) أَنَّ الجِزْيةَ تُؤخذ عندنا من سائر المعجم، وليس في بالِغِى العربِ، ومقاتليهم إلا السيف، أو الإِسلام، فإِنَّ الرسول نزل فيهم، وبلسانِهم فكُفْرُهم أشدّ من أنْ تُقبل منهم الجِزيةُ، وأما عند الشافعي فلا تُؤخذ إلا مِن أَهْل الكتاب، فإِنَّ كُفْرهم أَخفُّ من الآخرين، بقي المَجوسُ (¬2)، ¬

_ (¬1) قال الشيخ الألوسي: إنَّ الجزيةَ تُؤخذ عند أبي حنيفةَ من أهل الكتاب مُطْلقًا، ومِن مُشْركي العجم والمجوس، لا مِن مشركي العرب، لأن كُفْرَهم قد تغلظ لما أنَّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - نشأ بين أظهُرهم، وأرْسِل إليهم، وهو عليه الصلاة والسلام من أنفسهم، ونَزل القرآنُ بِلُغتهم، وذلك من أَقْوى البواعث على إيمانهم، فلا يُقْبل منهم إلَّا السَّيْفُ، أو الإِسلام، زيادةً في العقوبة عليهم، مع اتباع الوارد في ذلك، فلا يرِد أن أهل الكتابِ قد تغلَّظ كُفْرهم أيضًا. لأنهم عَرَفوا النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - معرفةً تامة. ومع ذلك أنكروه وغَيَّروا اسمه ونَعْته من الكتاب، "رُوح المعاني". (¬2) يقول العبد الضعيف: إني كنتُ متردِّدًا في أَخْذ الجزيةِ من غير أهل الكتاب، وكنت أرى أن ظاهرَ القرآن يشهد للخصوم، ولم يتفق لي في هذا الباب كثيرُ مراجعةٍ إلى الشيخ، حتى بلغ أوانُ تسويد هذه الأوراق، فرأيتُ أشياءَ في نهزةِ المستوفز تنفعك إن شاء الله تعالى. فاعلم أنه اختُلف فيمن تؤخذ منهم الجزيةُ من الكفار بعد اتفاقهم على جواز أَخذها من أهل الكتابين. فقال أصحابُنا: لا يُقبل من مشركي العرب إلا الإِسلامُ، أو السيفُ، أما أهل الكتاب منهم فَتُقبل الجزيةُ منهم، وكذا تُقْبل من سائر كُفَّار العجم. وذكر ابنُ القاسم عن مالك. أنها تُقْبل من الجميع إلَّا من مُشركي العرب. هكذا ذكره الجَصَّاص في "الأحكام". ثُم إنه لا خلافَ بينهم في أَخذ الجِزْية من المجوس. غير أن الشافعي، ومَنْ نحا نحوه اختار أن الجزيةَ إنما أُخِذت منهم، لكونهم أَهلَ كتاب. ونقول: بل لكونهم داخلين في العجم، فاحتجَّ الشافعيُّ وأصحابُه بما رُوي عن علي أنهم كانوا أهلَ كتاب. وأجاب عنه الجصَّاص أنه على تقدير صحته، معناه أن أسلافهم كانوا أهل كتاب. لإِخباره بأن ذلك نزع من صدورهم ... الخ. قلت: وفيه إشارةٌ إلى جوابين: الأول: الكلامُ في إسناده؛ والثاني: على تقدير تسليمه. أما الأول فقد فصَّله العلامة المارديني، فقال: إنه يدورُ على أبي سعد البَقَّال، وفيه ضَعْف، ثم نقل عن "التمهيد" أَنَّ أَكْثَر أهلِ العلم يأبُون ذلك، ولا يُصحِّحُون هذا الأثرَ، وأما الجوابُ الثاني فقد فَصَّله الطحاوي في "مُشكله"، قال: وكان هذا عندنا -والله تعالى أعلم، مما قد يحتمل أن يكون- كانوا أهل كتاب لو بقي لهم لأَكِلَت ذبائحهم، وتحلُّ نساؤهم، ولكانوا في ذلك كاليهود والنَّصارى، الذين نؤمن بكتابهم، وهما التوراة، والإنجيل. ولكن الله تعالى نَسَخَه، فأَخرجه من كتبه، ورفع حُكْمه عن أهل الإِيمان به، كما نَسَخَ غيرَ شيء مما قد كان أنزله على نبِيِّنا عليه أفضلُ الصلاة والسلام قرآنا، فأعاده غيرَ قرآن، ومِن ذلك ما قد كان يقرأ: "الشيخ والشيخة إذا زنيا، فارجموهما ألبتة بما قضيا من اللذة" ولما كان كذلك احتمل أن يكون ما قد رُوي عن علي في المجوس أنهم كان لهم كتاب، أي كما روي عنه، فنسخ، فخرج مِن كُتب الله عز وجل، فلم يكن منها، وذكر له مِثالًا آخرَ، مع بيانِ بدء المجوسية، كيف كان. فراجعه من: ص 411، وص 412، من المجلد الثاني. وقال أبو عبيد في "كتاب الأموال": فقد صَحَّت الأخبارُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأئمة بعده أنهم قَبِلوها منهم -أي المجوس- ثُم تكلم الناس بَعْدُ في أمرهم: فقال بعضُهم: إنما قُبِلت منهم لأنهم كانوا أهلَ كتاب، ويحدثون بذلك عن علي، ولا أحسب هذا محفوظًا عنه، ولو كان له أَصلٌ لما حرَّم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذبائحهم، ومناكحتهم، وهو كان أَوْلى بِعِلْم ذلك. ولاتَّفَقَ المسلمونَ بعده على كراهتها. وقد قال بعضُهم: قبلها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - منهم حين نزلت عليه: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256] ويحدثونه عن مجاهد، وقد رُوي عن عمرَ بن الخطاب، أنه تأول هذه الآية في بعض النصارى والروم، قال أبو عُبيد: فأَرَى عمرَ أنه تأوَّل هذه الآيةَ في أهل الكتاب، وهو أَشبَهُ بالتأويل، والله أعلم. =

........................... ¬

_ = غير أنا لم نَجِد في أَمْر المجوس شيئًا يَبْلُغه عِلْمُنا، إلا اتِّباعًا لِسُنَّة رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، والانتهاء إلى أمره، فالجزية، مأخوذة، من أهل الكتاب بالتنزيل، ومِن المجوس بالسُّنة، ألا ترى أن عمرَ لما حَدَّثه عبدُ الرحمن بنُ عوف عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه أَخذها منهم، انتهى إلى ذلك. وقَبِلها منهم، وقد كان هو قَبْل ذلك يقولُ: ما أدري ما أصنع بالمجوس، وليسوا بأهل كتاب. اهـ. وبالجملة ثبت مما ذكرنا أن ما ذكره الطحاوي: ثم الجصَّاص في أَمْر هؤلاء، وما في أثر عليٍّ من الفساد معنىً صحيحٌ، قد وافق فيه أبو عُبيد أيضًا، وهو أَقدم منهما، وكذا ظهر أنهم لو كانوا أهلَ كتاب لكان حُكمُهم في إباحةِ التزويج، وأكل الذبيحةِ مِثْلهم، مع أنه أخرج الجَصَّاص عن الحسن بن محمد أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال في مجوس البحرين: إنَّ مَنْ أبى منهم الإسلام ضُرِبَتْ عليه الجزيةَ، ولا تُؤكل لهم ذبيحةٌ، ولا تُنكح لهم امرأةٌ. اهـ. قلت: وقد أخرجه الطحاوي أيضًا في "مُشْكِله"، ولنا في ذلك حُجَّةٌ أخرى، ذَكَرَها الجصَّاص، فقال ما حاصِله: إنَّ قوله تعالى {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} [الأنعام: 156] يدلُّ على أنَّ لأَهْل الكتاب طائفتين، فلو كان المجوسُ، أو غيرُهم من أهل الشِّرْك من أهل الكتاب لكانوا ثلاثَ طوائف، وقد اقتضت الآيةُ أنَّ أهل الكتاب طائفتان، ولما رُوي عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: سُنُّوا بهم سُنَّةَ أَهْلِ الكتاب"، وفي ذلك دلالةٌ على أنهم ليسوا بأهل كتاب. وقد روى المارديني عن عبد الرزاق بإسناده عن ابن جُريج، قال: قلتُ لعطاءِ: المجوسُ أهل كتاب؟ قال: لا، وقال أيضًا: أَخبرنا مَعْمر، قال: سَمِعْت الزُّهري سُئِل أَتؤخذُ الجِزية مِمَّن ليسوا من أهل الكتاب؟ قال: نعم، أَخَذها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من أهل البحرين، وعمرُ من أهل السواد، وعثمان مِن البربر قلت: وقد أخرج الطحاويُّ تلك الآثارَ كلَّها في "مُشْكِله" وأبو عبيد في "كتاب الأموال". ولنا حجةٌ أخرى: ما أخرجه الطحاوي في "مُشْكِل الآثار" عن ابن عباس في قِصَّة عيادةِ النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا طالب، قال: "يا عمَّاه أريدُكم إلى كلمةٍ تدين لهم العربُ، وتؤدِّي إليهم العجمُ الجِزية". اهـ. قال الإِمامِ الطحاوي: ففيه ما قد دلَّ على دخولِ المجوس فيمن تُؤخذُ منهم الجزيةُ، لأَنْهم من العجم. اهـ. قلت: ولعلَّ اللفظ: "أريدُ منهم كلمةً"، كما عند الترمذي، وما في نُسْخة "المُشكِل" سَهْوٌ من الكاتِب. ثم إنَّ الإِمام الطحاوي قد أبدع في التمسك به على مَرَامه، كيف لا! وهو إمامٌ. وحاصله أن الجزيةَ مأخوذةٌ من المجوس بلا خلاف، وإنما الخلافُ في مناط ذلك، فقالوا: إنه لكونِهم أهلَ كتاب، فلا يتخطَّاهم. وقلنا: بل لكونهم من العجم، فيتعدَّى الحُكْم إلى سائر العجم. وهذا الحديثُ صريحٌ فيما قلنا، فإِنها لو كانت تُؤخذ منهم لكونهم أهلَ كتاب، لكان حقُّ الكلام أن يقال: وتؤدِّي إليهم أهلُ كتاب الجزيةَ، ليكون مُشْعِرًا بالمناط، فلما قال: "العجم" مكان "أهل كتاب"، عَلِمنا أن المَنَاطَ كونُهم من العجم، فالجزيةُ تُؤخذ منهم لكونها سُنَّةَ العجم، لا لكونِهم أهلَ كتاب، كما قالوا، حينئذٍ تعمُّ لسائِر العجم، وَيَثْبت المطلوبُ، وتعقب عليه أن في إسناده يَحيى بن عُمارة، وهو لا يروي عن سعيد بن جُبير، مع أن الحديثَ المذكورَ عن سعيد بن جُبير، فأجاب عنه الطحاوي أنَّ فيه تَصْحِيفًا، وإنما هو يحيى بن عَبَّاد، وهو رجلٌ جليلُ الشأن من التابعين قلت: وهكذا أخرجه الترمذيُّ في "التفسير": في سورة ص"، وهذه الصورةُ إسناده: حدثنا محمود بن غيلان، وعبدُ بن حُميد -المعنى واحد- قالا: حدثنا أبو أحمد: حدثنا سفيان عن الأعمش عن يحيى قال عبد -أي ابن حميد-: هو ابن عبّاد، عن سعيِد بن جُبير عن ابن عباس، الحديث بطوله، قال الترمذيُّ: هذا حديثُ حسن صحيح، ومِن ههنا ظهر أن عَبد بن حُميد إنَّما فَسَّره، بابن عباد، لئلا يظن أنه ابن عُمارة، ولذا حسَّنه الترمذي، وصحَّحه. ولنا حجةٌ أخرى: ما أخرجه الجصَّاص عن مَعْمَر عن الزُّهري: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صالح أهْلَ الأَوْثان على الجِزية، إلَّا مَنْ كان منهم مِن العرب. اهـ. قال العلامة المارديني: والقائلون بهذا المذهبِ يحتجُّون بالمُرْسل، قال أبو عمر: فاستثنى العربَ، وإنْ كانوا عَبَدَة أَوْثان من بين سائر عَبدة الأوثان، وبه يقول ابن وَهْب. اهـ "الجَوْهر النقي". =

فكان عمرُ تردَّد في ضَرْب (¬1) الجِزْيةِ عليهم في أَوَّل أَمْرِه، ثُمَّ لما حدَثَّه عبدُ الرحمن بن عَوْف أنهم كانوا فرقة مِن أهل الكتاب. صَلُّوا كتابَ نبيِّهم قَبِل منهم الجزيةَ، إلا أنه لم يأذن لهم في ¬

_ = ولنا حُجةٌ أخرى: ما رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث طويل: "وإذا لَقِيت عَدُوك من المشركين، فادْعُهم إلى ثلاثِ خِلال، وفيه: فإن هم أَبَوْا، فادْعُهم إلى إعطاءِ الجزية. اهـ. قال النوويُّ في "شَرْح مسلم": هذا مما يستدلُّ به مالك، والأَوزاعي، وموافِقُوهما في جواز أَخْذَ الجِزية من كلِّ كافر، عربيًا كان أو أعجميًا، كتابيًا، أو مجوسيًا، أو غيرَهما. ثُم أَيَّدَه الطحاويُّ بِنظر فِقهيٍّ على عادتِهِ في سائر الأبواب، فقال: إنَّ أهل الكتابين لما كنَّا نُؤمن بكتابهم، وكانت الجزيةُ مأخوذة منهم، لإِقرارنا إياهم معنا في دار الإِسلام آمِنين، وهم إلينا أَقرَبُ من المجوسِ الذين لا كِتاب لهم، فالمجوس الذين هم كذلك مع إقرارنا إياهم في دارنا آمنين، أَخذُ الجزيةِ منهم أَولى، اهـ. قلت: وقد كان يختلِج في صدري شيءٌ ما كنت اجترىء أن أَذْكُره، ثم رأيته في كلام الخَطَّابي، وها أنا أذكره لك، وإني لجريٌ: قال الخَطَّابي في "معالم السنن": وفي امتناع عمرَ من أَخذ الجزية من المجوس حتى شَهِد عبد الرحمن بن عوف أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَخَذها من مجوسي هَجَرَ، دليلٌ على أَن رَأيَ الصحابةِ أنه لا تُقْبل الجِزيةُ من كُلِّ مُشْرك، كما ذهب إليه الأوزاعي، وإنما تُقبل من أهل الكتاب. اهـ. قلت: وهو نَظَرٌ قويٌ عندي، أما الجوابُ فلا عُسْر فيه على العلماء، وإنما أريدُ أمرًا يَسْكن به الفؤادُ، فارجِع البصرَ كَرَّتين، فيما ذكرناه، تَجِد منه مَخرجًا، أما القرآن فأمْرُه أصعب، يحتاج إلى علومٍ، واستحضار، وتيقظ، وتدرُّب، وتفكُّر، ثُم إصابةُ رأي، وتوفيقٌ من الله عزْ وجل، وأنا لستُ لها. تنبيه: واعلم أَنه قد وقع سَهوٌ في نسخة "مُشْكِل الآثار" يتعسَّر دَرْكُه، وهو أن فيه: كَتَبَ عُمر بن عبد العزيز إلى علي ابن ... أما بعدُ: فسل الحسنَ ما منع قَبلَنا من الائمة أن يَحُولوا بين المجوس، وبين ما يجمعون من النساء اللاتي لا يجمعهنَّ أحدٌ غيرهم؟ فسأله، فأخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَبِل من مجوس البحرين الجزيةَ، وأقرَّهم على مجوسيتهم. اهـ: وراجع معه كتاب "الأموال" فإِنَّ فيه إشكالًا يندفع من رواية "المُشكِل" هذه: وقد نقلنا عبارته، فيما مرَّ؛ والصوابُ فيه عدي بن أرطاة، مكان علي بن .... كما يظهرُ من "أحكام القرآن" للجصَّاص. وبالجملة ظهر لك مما ذكرنا أن الاختلافَ فيه من باب اختلاف أئمة الحنفيةِ في جواز المناكحةِ مع الصابئين، فمنْ ثبت عنده كونُهم أهلَ كتاب أجازها، وَمنْ لم يثبت عنده نهى عنها. ثم ههنا كلامٌ للشيخ في سبب هذا الخلاف لطيفٌ جدًا، قال: إنَّما دار الخلافُ في أَخْذ الجزيةِ من العجم، لأنَّ الإِسلام في زمن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لم يكن خَرَج من جزيرة العرب إلى نواحيها، فلما ظهر في الأطراف دعت الحاجةُ إلى تَفَحُّص الحُكْم في هؤلاء، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أَخَذها من المجوس، فمنهم مَن زعم أنهم أهل كتاب، فزعموا أن أَخذ الجزية منهم كان على سُنَّة أهل الكتاب، ومنهم مَنْ أنكره، فَعمَّم الحُكْم. هذا ما تيسَّر لي في هذه الفُرصة القليلة، ولعلَّ الله يُحْدث بعد ذلك أمرًا، فإِن استملحت منه شيئًا، فأجزني بدعوةِ صالحة، ولا تضَن علي بكلمة، حَيَّاك الله، وعافاك، والسلام عليك. (¬1) يقول العبد الضعيف: وفي تقرير آخرَ عندي، وأما تردُّد الفاروق في أَخْذ الجزية من المجوس، فلم يكن لأجل تردُّده في كونهم أهل كتاب، بل لما سمع عنهم أنهم يعتقدون بجوازِ نِكاح المحارم، ويفعلونه أيضًا، وكان دينُ الإِسلام لا يتحمَّل هذه الفاحشةَ، ولذا آمر بإخراج كلِّ مَنْ كان يَفْعَله من أيِّ دينٍ كان، فلما عَلِم معتقداتِهم السوآى، وظَنَّ أنهم غيرُ تاركيها لم يَأخُذ منهم الجزيةَ أيضًا، لأنه يُؤخذ مِمَّن أذن لهم بالإِقامة في دار الإِسلام، ولم يكن أَذِن لهم، ثم لما عَلِم أنهم التزموا أنْ لا يفعلوه، ويدينون لأحكام الإِسلام في هذا الباب، أَذِن لهم بالإِقامة، وحينئذٍ ضرب عليهم الجزيةَ.

نكاح المحارم. وراجع الطحاوي، ولا يُدْرَى ماذا أراد المصنِّفْ من زيادة العجم؟ إنْ أراد منهم الوثنيينَ ففيه دليلٌ على موافَقَةِ مذهب الإِمام، حيثُ تُؤخذ الجزيةُ عندنا منِ أهل الكتاب وغيرِهم من الكفار أيضًا، بخلاف الشافعي؛ وإنْ كان المرادُ منه أهلَ الكتاب منهم، فلا دليلَ فيه على ما قلنا، والمتبادر هو الأول، لأنه ذَكَرهم بعد اليهودِ والنَّصارى، وهم أهلُ كتاب. ثُم إنَّ عيسى عليه الصلاة والسلام إذا نَزل مِن السماء يَضَع الجزيةَ، ويَرْفع هذا الشقِّ رأسًا. ثُم اعلم أن الجزية إذا ضُربت بالموادَعة، فعلى ما وقعت عليه، وإنْ كان من جانب الأمير بدون الموادعة. فعلى التفصيل الذي ذُكر في الفقه. 3156 - قوله: (فأتانا كتابُ (¬1) عمرَ بن الخطاب قَبْل موتِه: قَرَّقوا بين كُلِّ ذي مَحْرَم من المجوس) فكأَنَّه شَدَّد في أَمْرِ النِّكاح بين المحارم، ولم يتحمَّله ممن عقدَ معهم عَقْدَ الذِّمة أيضًا، حتى إنه خَيِّرهم بين أن يفارِقوا محارِمَهم، فيقرُّوا في دارِنا، أو يتحوَّلُوا إلي أيِّ جهة أرادوا، وذلك لشناعتهِ، وظهور بطلانه، لأنه ليس دينُ سماويُّ إلا وقد حرَّمه، وليس الغَرَضُ منه نَقْضَ عقدِ الذِّمَّة رأسًا، وإنما لم يَتْرُكْهم وما يدينونَ في هذا الجزء فقط، وإلا فَقد أَمَرنا بِتَرْك التعرُّضِ لهم في دينهم بعد الإِسلام، وإنْ ترافعوا (¬2) إلينا نَحْكُم بينهم، كما في الإِسلام. وفي تخريج «الهداية» (¬3) عن محمد ابن أبي بكر يَسْأل عليًا عن رجل مُسْلم زنى بذميِّةٍ، فكتب إليه: أن أرجُم المُسْلم، وسَلَّم الذميةَ إلى أهلِ الذمة ليقضُوا عليها ما عندهم مِن شَرْعِهم. 3159 - قوله: (بَعَثَ عُمَرُ النَّاسَ في أَفْنَاء الأَمصار)، واعلم أنَّ فارس كانت تطلق في القديم على القرى الجنوبة، كإيران، وشيراز، وغيرها، وخلافها كانت تسمى بخراسان، ولسان ¬

_ (¬1) هكذا في "البُخاري" لكن قال أبو عُبيد: ولا أراه كتبَ إلى جَزْء بن معاوَيةَ بما كتب من نهيهم عن الزَّمْرَمة، والتفريق بينهم، وبين حرائمهم إلَّا قبل أن يحدِّثه عبدُ الرحمن بن عَوْف بالحديث، فلما وجد الأثَر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اتَّبعه، ولم يكتب في أَمْر بتفريق، ولا نهى عن زَمْزَمة، ثُم حدث عن عمرَ بن عبد العزيز أنه كتب إلى الحسن يَسْأله، ما بالُ من مضى عن أئمتنا قَبْلنا أقَرُّوا المجوسَ على نكاح الأمهاتِ، والبناتِ، اهـ مختصرًا، "كتاب الأموال"، ولكن راجع له "مُشكل الآثار" وقد نقلنا عبارَته في كلامنا في الجِزْية على المجوس، ويظهَر منه الجوابُ إن شاء الله تعالى. (¬2) أخرج الخَطَّابي عن عمرَ حديثَ نَهْيه عن الزمْزمة، والتفريق بين المحارِم في المجوس، ثم قال: ولم يَحْمِلهم عمرُ على هذه الأحكام فيما بينهم، وبين أنفسهم إذا خَلَوا، وإنما منعهم من إِظهارِ ذلك للمسلمين، وأهل الكتاب لا يكشِفون عن أمورِهم التي يتدينون بها، ويستعملونها فيما بينهم، إلا أن يترافعوا إلينا في الأحكامِ، فإِذا فعلوا ذلك، فإِنَّ على حاكِم المسلمين أن يَحْكم فيهم بحُكم الله المنزل، وإن كان ذلك في الأنكحة، فَرَّق بينهم وبين ذواتِ المحارم، كما يفعلُ ذلك في المسلمين. اهـ. قلت: وليراجع معه كتاب "الأموال" ص. وقد نقلنا عبارته عن قريب، وكذا "مُشْكِل الآثار" وقد ذكرناه آنفًا في حاشيتنا في الجِزْية من المجوس. (¬3) قلت: وليمعَن النَّظر فيه أنه هل يفيدُنا في كونِ الإِسلام شَرْطًا في الإِحصان، خلافًا للشافعيِّ، وحجَّتُه أنه رَجَم اليهودي واليهودية وقد أجاب عنه الشيخُ بأحسنِ وَجْه فنذكره، وسيجيء في "كتاب التفسير" أيضًا.

2 - باب إذا وادع الإمام ملك القرية، هل يكون ذلك لبقيتهم

كلهم كانت هي الفارسية، أما اليوم فكلُّ مَنْ كانت لسانُه فارسيةً يقال له: فارسي، ولا كذلك في الاصطلاح القديم. قوله: (فأَسْلَم الهُرْمُزانُ) مَلِكَ تُسْتر، معرَّب شوستر، أَسَرُوه فجاءوا به إلى المدينةِ، ووظفوا ليه، قيل: إنه كان أَسْلمع بلِسانه، ولم يكن دَخَل الإِيمانُ بقلبه، ومِن دسائسه استُشهد عمرُ. 3160 - قوله: (فقال النُّعْمانُ: ربماأَشْهَدَك الله مِثْلها) ترك النمانُ القِصَّة الأُولى، ودخل في الأخرى، وسأل المغيرة عما في الحديث. قوله: (وَتَحْضُرَ الصلواتُ) ومحطُّه أنَّ للصَّلوات مدْخلا في النُّصْرة. 2 - باب إِذَا وَادَعَ الإِمَامُ مَلِكَ الْقَرْيَةِ، هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ لِبَقِيَّتِهِمْ 3161 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبَّاسٍ السَّاعِدِىِّ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - تَبُوكَ، وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَسَاهُ بُرْدًا، وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ. أطرافه 1481، 1872، 3791، 4422 تحفة 11891 يعني إذا كان الصُّلْح مع الكفار، فلا يكون مع كلِّ واحدٍ منهم، بل يكفي مَلِك القريةِ، فيكفي عن جميعهم لأنَّ موادَةَ الملك موادَةٌ لرعيتِهِ. 3161 - قوله: (بِبَحْرِهم) "وه بستى جودر ياكى كَنارى هو". 3 - باب الْوَصَايَا بِأَهْلِ ذِمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالذِّمَّةُ: الْعَهْدُ، وَالإِلُّ: الْقَرَابَةُ. 3162 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ جُوَيْرِيَةَ بْنَ قُدَامَةَ التَّمِيمِىَّ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - قُلْنَا أَوْصِنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ أُوصِيكُمْ بِذِمَّةِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ ذِمَّةُ نَبِيِّكُمْ، وَرِزْقُ عِيَالِكُمْ. أطرافه 1392، 3052، 3700، 4888، 7207 تحفة 10429 3162 - قوله: (أَوْصِنا يا أميرَ المؤمنين) قالوا له حينَ خَرَج. 4 - باب مَا أَقْطَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْبَحْرَيْنِ، وَمَا وَعَدَ مِنْ مَالِ الْبَحْرَيْنِ وَالْجِزْيَةِ، وَلِمَنْ يُقْسَمُ الْفَىْءُ وَالْجِزْيَةُ 3163 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - قَالَ دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الأَنْصَارَ لِيَكْتُبَ لَهُمْ بِالْبَحْرَيْنِ فَقَالُوا لاَ وَاللَّهِ حَتَّى تَكْتُبَ لإِخْوَانِنَا مِنْ قُرَيْشٍ بِمِثْلِهَا. فَقَالَ ذَاكَ لَهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ يَقُولُونَ لَهُ

قَالَ «فَإِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِى أُثْرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي على الحوض». أطرافه 2376، 2377، 3794 تحفة 1659 3164 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنِى رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِى «لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالُ الْبَحْرَيْنِ قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا». فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مَنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِى. فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ كَانَ قَالَ لِى «لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالُ الْبَحْرَيْنِ لأَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا». فَقَالَ لِى احْثُهْ. فَحَثَوْتُ حَثْيَةً فَقَالَ لِى عُدَّهَا. فَعَدَدْتُهَا فَإِذَا هِىَ خَمْسُمِائَةٍ، فَأَعْطَانِى أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ. أطرافه 2296، 2598، 2683، 3137، 4383 تحفة 3015 - 120/ 4 3165 - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَقَالَ «انْثُرُوهُ فِى الْمَسْجِدِ» فَكَانَ أَكْثَرَ مَالٍ أُتِىَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ جَاءَهُ الْعَبَّاسُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِى إِنِّى فَادَيْتُ نَفْسِى وَفَادَيْتُ عَقِيلاً. قَالَ «خُذْ». فَحَثَا فِى ثَوْبِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ. فَقَالَ أْمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ إِلَىَّ. قَالَ «لاَ». قَالَ فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَىَّ. قَالَ «لاَ». فَنَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يَرْفَعْهُ. فَقَالَ أْمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ عَلَىَّ. قَالَ «لاَ». قَالَ فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَىَّ. قَالَ «لاَ». فَنَثَرَ ثُمَّ احْتَمَلَهُ عَلَى كَاهِلِهِ ثُمَّ انْطَلَقَ، فَمَا زَالَ يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ حَتَّى خَفِىَ عَلَيْنَا عَجَبًا مِنْ حِرْصِهِ، فَمَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ. طرفاه 421، 3049 تحفة 989 - قوله: (حتى تَلْقَوْني على الحَوْض) فيه دليلٌ على كونِ الحَوْض على نهاية السفر، فدلُّ على كونِه بعد الصراط؛ واعلم أنا قد تكلمنا مرةً على حديث أَنس، وقد ذكرنا ما قال فيه العلماء، وسنح لنت الآن أن نَذْكُر فيه ما هو الرأي عندنا، فنقولُ: إنَّ الحديثَ كما عند الترمذِّي أنه سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أين أَطْلُبك يا رسول الله يوم القيامة؟ فقال له: اطلبني على الصِّراط، وإلا فعند الميزانِ، وإلا فعند الحَوْضِ - بالمعنى - ومرَّ عليه الشاه عبد العزيز، واستشكل عدمَ الترتيب بين هذه المواضع، فوَجَّهه بأنَّ المرادَ أني لا أزال أتردَّد بين هذه الموضع، فتارةً أَلْقاك ههنا، وأخرى هناك، فكأنه صلى الله عليه وسلّم لا يكون له استقرارٌ في موضع من المَحْشر، مادام تحاسب أُمته، فيراقِبُ أُمته في مواضع الأَهْول كلها. والذي تَبَيِّن لي - ولا يبعد أن يكون صوابًا - أنه أَمَرَه أَوَّلا بِطَلبه عند الصِّراط، لأن المَحْشر فضاءٌ، واسع، يتعسَّرُ فيه الطلبُ واللقاء، فدلَّهُ على مَوْضع يَجْتمِع فيه الناسُ، فإِنَّه ليس من أهل المَحْشر، إلا ويكونُ له مرورٌ على الصِّراط، فَيَسْهُل الالتقاءُ هناك، ولأنه لا مجتمع بعد عُبور المَحْشَر إلا هو، فإِنَّ لم تجدني هناك فاطلبني في هذا الجانب من الصراط، أو وراءَهُ، ولا أكونُ في هذا الجانب إلا عند الميزانِ، وإنْ جاوزت الصراط، فلا تجدني إلا عند الحَوْض، فالحوضُ بعد الصِّراط عندي "عرفا أبهى يهى كهتى هين كه مجهى بل برد يكه لينا أور اكروهان نه ملاتويا آرهونكا يابار".

5 - باب إثم من قتل معاهدا بغير جرم

5 - باب إِثْمِ مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا بِغَيْرِ جُرْمٍ 3166 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا». طرفه 6914 تحفة 8917 3166 - قوله: (مَنْ قتَل مُعَاهِدًا لم يَرَحِ رائِحةَ الجَنَّةِ) ومُخُّ الحديثِ: إنَّك أيها المخاطَب قد عَلِمت ما في قَتْل المسلم من الإِثم، فإِن شناعتَه بلغت مَبْلَغ الكُفْر، حيث أوجب التخليدَ، أما قَتْل مُعاهدٍ، فأيضًا ليس بَهِّين، فإِنَّ قاتِله أيضًا لا يَجِدَ رائحةَ الجنة. 6 - باب إِخْرَاجِ الْيَهُودِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَقَالَ عُمَرُ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ بِهِ». 3167 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ فِى الْمَسْجِدِ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ». فَخَرَجْنَا حَتَّى جِئْنَا بَيْتَ الْمِدْرَاسِ فَقَالَ «أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَرْضِ، فَمَنْ يَجِدْ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئًا فَلْيَبِعْهُ، وَإِلاَّ فَاعْلَمُوا أَنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ». طرفاه 6944، 7348 تحفة 14310 3168 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ يَوْمُ الْخَمِيسِ، وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الْحَصَى. قُلْتُ يَا أَبَا عَبَّاسٍ، مَا يَوْمُ الْخَمِيسِ قَالَ اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَعُهُ فَقَالَ «ائْتُونِى بِكَتِفٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا». فَتَنَازَعُوا وَلاَ يَنْبَغِى عِنْدَ نَبِىٍّ تَنَازُعٌ فَقَالُوا مَا لَهُ أَهَجَرَ اسْتَفْهِمُوهُ. فَقَالَ «ذَرُونِى، فَالَّذِى أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونِى إِلَيْهِ - فَأَمَرَهُمْ بِثَلاَثٍ قَالَ - أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ». وَالثَّالِثَةُ خَيْرٌ، إِمَّا أَنْ سَكَتَ عَنْهَا، وَإِمَّا أَنْ قَالَهَا فَنَسِيتُهَا. قَالَ سُفْيَانُ هَذَا مِنْ قَوْلِ سُلَيْمَانَ. أطرافه 114، 3053، 4431، 4432، 5669، 7366 تحفة 5517 - 121/ 4 7 - باب إِذَا غَدَرَ الْمُشْرِكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ هَلْ يُعْفَى عَنْهُمْ؟ 3169 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدٌ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ أُهْدِيَتْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اجْمَعُوا إِلَىَّ مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنْ يَهُودَ». فَجُمِعُوا لَهُ فَقَالَ «إِنِّى سَائِلُكُمْ عَنْ شَىْءٍ فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِىَّ عَنْهُ». فَقَالُوا نَعَمْ. قَالَ لَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَبُوكُمْ». قَالُوا

8 - باب دعاء الإمام على من نكث عهدا

فُلاَنٌ. فَقَالَ «كَذَبْتُمْ، بَلْ أَبُوكُمْ فُلاَنٌ». قَالُوا صَدَقْتَ. قَالَ «فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِىَّ عَنْ شَىْءٍ إِنْ سَأَلْتُ عَنْهُ» فَقَالُوا نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَذَبْنَا عَرَفْتَ كَذِبَنَا كَمَا عَرَفْتَهُ فِى أَبِينَا. فَقَالَ لَهُمْ «مَنْ أَهْلُ النَّارِ». قَالُوا نَكُونُ فِيهَا يَسِيرًا ثُمَّ تَخْلُفُونَا فِيهَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اخْسَئُوا فِيهَا، وَاللَّهِ لاَ نَخْلُفُكُمْ فِيهَا أَبَدًا - ثُمَّ قَالَ - هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِىَّ عَنْ شَىْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ». فَقَالُوا نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. قَالَ «هَلْ جَعَلْتُمْ فِى هَذِهِ الشَّاةِ سُمًّا». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ «مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ». قَالُوا أَرَدْنَا إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا نَسْتَرِيحُ، وَإِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ. طرفاه 4249، 5777 تحفة 13008 3169 - قوله: (قوله) أي اليهود. قوله: (نكُونُ فيها) أي النَّار. قوله: (يسيرًا، ثم تَخْلُفُونا فيها) نعم، ولقولهم مَنْشأ نَبَّه عليه الشاه عبد العزيز، وهو أَنَّه لم يزل يُذْكر في الأديان السماوية أنَّ المؤمن العاصي يُعذَّب يسيرًا، ثُم يَنْجوُ، فهؤلاء الملاعنةُ يَزْعمون أنفسُهم مؤمنين فاسقين، والمسلمين كفَّارًا، فقالوا ما قالوا (¬1). 8 - باب دُعَاءِ الإِمَامِ عَلَى مَنْ نَكَثَ عَهْدًا 3170 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - عَنِ الْقُنُوتِ. قَالَ قَبْلَ الرُّكُوعِ. فَقُلْتُ إِنَّ فُلاَنًا يَزْعُمُ أَنَّكَ قُلْتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَقَالَ كَذَبَ. ثُمَّ حَدَّثَنَا عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَنَتَ شَهْرًا بَعْدَ الرُّكُوعِ يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِى سُلَيْمٍ - قَالَ - بَعَثَ أَرْبَعِينَ أَوْ سَبْعِينَ - يَشُكُّ فِيهِ - مِنَ الْقُرَّاءِ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَعَرَضَ لَهُمْ هَؤُلاَءِ فَقَتَلُوهُمْ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَهْدٌ، فَمَا رَأَيْتُهُ وَجَدَ عَلَى أَحَدٍ مَا وَجَدَ عَلَيْهِمْ. أطرافه 1001، 1002، 1003، 1300، 2801، 2814، 3064، 4088، 4089، 4090، 4091، 4092، 4094، 4095، 4096، 6394، 7341 تحفة 931 - 122/ 4 9 - باب أَمَانِ النِّسَاءِ وَجِوَارِهِنَّ 3171 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ ابْنَةِ أَبِى طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ ابْنَةَ أَبِى طَالِبٍ تَقُولُ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ، وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ «مَنْ هَذِهِ». فَقُلْتُ أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِى طَالِبٍ. فَقَالَ «مَرْحَبًا بِأُمِّ ¬

_ (¬1) قلت: وفي "المشكاة" -في باب الحساب، والقصاص، والميزان- بروايةٍ مُسْلم عن أبي موسى: قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان يومِ القيامة دفَعَ اللهُ إلى كلِّ مُسلم يهوديًا أو نصرانيًا، فيقول: هذا فِكَاكُكَ من النار". اهـ؛ فظَهر منه أنَّ الأمْر على عكس ما زعموه.

10 - باب ذمة المسلمين وجوارهم واحدة يسعى بها أدناهم

هَانِئٍ». فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ قَامَ، فَصَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ ابْنُ أُمِّى عَلِىٌّ أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا قَدْ أَجَرْتُهُ فُلاَنُ بْنُ هُبَيْرَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ». قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ وَذَلِكَ ضُحًى. أطرافه 280، 357، 6158 تحفة 18018 وأمانُ الحرِّ، أو الحُرَّة معتبرٌ عندنا، ولو بلا إذْن الإِمام؛ نعم للإِمام أن يَنْبِذه على سواء إنْ رآه خلافَ مصلحته، وبعزِّزه، وحاصله أَنَّ المعاملةَ إذا وقعت مع الكفارِ فوضِيعُنا وعزيزُنا فيها سواء، فلا فَرْق بين الوضِيع والشريف، ولا تُرَاعى في مقابلتهم إلا جهة الإِسلام، يعني غير قوم كى مقابلة مين برى جهوتى كما فرق نه ركها كيا بلكه مسلمًا هونى كى رعايت كى فينفذ تأمينُ كلِّ مَنْ كان من أهلِ الولاية والإِسلام، عزيزًا أو وَضِيهًا، حرًّا، أو حُرَّةً. 10 - باب ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَجِوَارُهُمْ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ 3172 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَطَبَنَا عَلِىٌّ فَقَالَ مَا عِنْدَنَا كِتَابٌ نَقْرَؤُهُ إِلاَّ كِتَابُ اللَّهِ، وَمَا فِى هَذِهِ الصَّحِيفَةِ فَقَالَ فِيهَا الْجِرَاحَاتُ وَأَسْنَانُ الإِبِلِ، وَالْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى كَذَا، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى فِيهَا مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ، وَمَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ. أطرافه 111، 1870، 3047، 3179، 6755، 6903، 6915، 7300 تحفة 10317 وهذه الوَحدة (¬1) كما أنَّ صلاةَ الجماعةِ واحِدةٌ عندنا وإن اشتملت على أَلف صلاةٍ، فكذلك ذِمَّةُ المسلمين أيضًا، سواء كان المعاهدون واحدًا أو ألفًا. 3172 - قوله: (فَمَنْ أَخْفَر) "عهد شكن بنايا". 11 - باب إِذَا قَالُوا: صَبَأْنَا وَلَمْ يُحْسِنُوا أَسْلَمْنَا وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ». وَقَالَ عُمَرُ إِذَا قَالَ مَتْرَسْ. فَقَدْ آمَنَهُ، إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ الأَلْسِنَةَ كُلَّهَا. وَقَالَ تَكَلَّمْ لاَ بَأْسَ. 123/ 4 قوله: - (وقال: تَكَلَّم لا بأْس) وهذا جين جيء بُهرْمُزان أسيرًا، فلماذا رآه عمرُ تَقْشَعِرّ جلودْه، وترعد فرائصُه، قال له: تكلم لا بأس، ثُم نسي عمرُ من مقالته ذلك، وقال بعد ذلك: ¬

_ (¬1) واعلم أنَّ الجماعةَ اعتُبِرت كالشَّخص الواحد حُكْمًا في عِدَّة مواضع: منها في "باب الأمن"، ومنها في "باب السُّترة في الصلاة" فإِنَّ سُترةَ الإِمام سترةٌ للقوم، ومنها في "باب السَّلام" كما في نصِّ الحديث، ومنها في "حق القراءة". وقد نَبَّه عليها الشيخُ في مواضِعها، وهذا نظرٌ دقيقٌ، يعينك في فَهْم مسألة الفاتحة خَلْف الإِمام.

12 - باب الموادعة والمصالحة مع المشركين بالمال وغيره، وإثم من لم يف بالعهد

إني سأَقْتُلك، فقال له الهُرْمُزَان: إنك لست تستطيعُه، قال: فكيف ذلك؟ قال: أما قلتَ الآن: مترس فهو أَمِن، فسأل عمرُ أَنسًا عن ذلك، فأَقَرَّ به، فعفا عنه. 12 - باب الْمُوَادَعَةِ وَالْمُصَالَحَةِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ (¬1) بِالْمَالِ وَغَيْرِهِ، وَإِثْمِ مَنْ لَمْ يَفِ بِالْعَهْدِ وَقَوْلِهِ: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال: 61] الآيَةَ. 3173 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرٌ - هُوَ ابْنُ الْمُفَضَّلِ - حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ قَالَ انْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ إِلَى خَيْبَرَ، وَهْىَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ، فَتَفَرَّقَا، فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَهْوَ يَتَشَحَّطُ فِى دَمٍ قَتِيلًا، فَدَفَنَهُ ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ وَحُوَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ فَقَالَ «كَبِّرْ كَبِّرْ». وَهْوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ، فَسَكَتَ فَتَكَلَّمَا فَقَالَ «أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ قَاتِلَكُمْ أَوْ صَاحِبَكُمْ». قَالُوا وَكَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَرَ قَالَ «فَتُبْرِيكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ». فَقَالُوا كَيْفَ نَأْخُذُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ فَعَقَلَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ عِنْدِهِ. أطرافه 2702، 6143، 6898، 7192 تحفة 4644 يعني أما المصالحةُ بأَخْذ الأموالِ عنهم فهي طريقةٌ مسلوكةٌ، فإِنَّ اضطرُ المسلمونَ إلى بَذْل المال إليهم مِن عندهم، فلا بأسَ، به أيضًا ويكونُ جائزًا. 3173 - قوله: (انطَلقَ عبدُ الله سَهْل) ... الخ، وفي الحديث قِصَّة القَسامة، وهي تجري فيما (إذا) وُجِدَ القاتل في محلِّ الدِّية، ولم يُعلم قاتِلُه، وراجع تفصيلها في الفقه. واليمينُ لا يتوجَّ في القسامة عند إمامنا على المُدْعي بل يَحْلِف خمسونَ رَجُلا من المدَّعي عليهم بالله ما قتلناه، ولا علمنا قَاتِلَه، ثُم تَجِبَ عليهم الدِّيةُ لأَوْليا المقتول، وفائدةُ الحَلِف دَرْءُ القِصاص عنهم، وتبَيُّن القاتِل إنْ علموه، وقال الشافعيُّ: بل يتوجَّهُ اليمينُ أَوَّلا على المُدَّعِين فإِنْ فعلوه، ¬

_ (¬1) قال القاضي أبو الوليد في "بداية المجتهد" -في الفصل السادس في جواز المهادنة- فأَمَّا هل تجوزُ المهادنة؟ فإِنَّ قومًا أجازوها ابتداءً، من غيرِ سبب إذا رأى ذلك الإِمامُ مصلحةً للمسلمين. وقَوْمًا لم يجيزوها إلا لمكان الضرورة الداعية لأهْل الإِسلام من فتنةٍ، أو غير ذلك، إما بشيءٍ يأخذونه، منهم لا على حُكْم الجزيةِ إذ كانت الجزيةُ إنما شَرْطُها أن تُؤخذ منهم، وهم بحيثُ تنفذ عليهم أحكام المسلمين، وأما بلا شيء يأخذونه منهم، وكان الأوْزاعي يُجيز أن يُصالِح الإِمامُ الكفارَ على شيء يَدْفعه المسلمون إلى الكُفَّار إذا دعت إلى ذلك ضرورة فتنة، أو غيرُ ذلك من الضرورات، وقال الشافعيُّ: لا يعطِي المسلمون الكفَّار شيئًا إلا أن يَصْطَلِموا، لكثرة العدد وقلتهم، أو لمحنةٍ نزلت بهم، وممن قال بإِجازة الصُّلح إذا رأى الإِمام ذلك مصلحةً، مالك، والشافعيُّ، وأبو حنيفة، إلَّا أنَّ الشافعي لا يجوزُ عنده الصُّلْح، لأكثرَ من المدة التي صالح عليها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الكُفَّار، عامَ الحديبية، اهـ: قلت: وأخبرنا محقِّقُ العصر الشيخ "شِبيِّر أحمد" دام ظله، أنَّ أحكامَ المصالحةِ لا تُوجد أَبْسط ممَّا ذَكَرَه محمد في شَرْح "السير الكبير" فليراجع.

وجبت الدِّيَّةُ على المدَّعي عليهم، وإلا يتوجَّهُ اليمينُ علي المُدَّعَى عليهم، فإِنْ حَلفوا تَسْقُط عنهم الدِّية. ثُم إنه لا قِصاص عندنا، وعند الشافعيِّ في صورة. وقال مالك ابنُ أنس: إنَّ المين يتوجَّه أولا على أولياء القتيل، ليحلِفُوا على أَنَّ فلانًا قاتِلُه، ويُشْترط أن يبيِّنُوا سبب العداوةِ بين القتيل والقاتِل، فإِذا حلف خمسونَ منهم على أنَّ فلانًا قَتَله، وَبيِّنوا العدواةَ أيضًا يُقْتَصُّ منه، وإلا فيتوجَّه اليمينُ على المُدَّعَى عليهم، كمذهب الشافعي. والحاصل أن اليمينَ يتوجَّه أَوَّلا على المُدَّعِي عند مالك، والشافعيِّ، غير أن مالكًا أوجب القِصَاص في صورةٍ، بخلاف الشافعيِّ، فإِنه لا قِصاص عنده في صورةٍ، أما الإِمام الأعظم، فقد مشى فيها على الضابطةِ العامَّة، أن البينةَ على المُدَّعِي، والمينَ على مَنْ أنكر، فلم يقل ببدايةِ اليمينِ على المُدَّعين، ولكن يتوجَّه الحَلِف على المُدَّعَى عليهم، ولا قِصاص عنده أيضًا في صورةٍ، كما هو عند الشافعي، وهو مذهبُ عُمَر، واختاره البخاريُّ أيضًا، كما سيجيء في موضعه، وراجع «الجَوْهر النقي (¬1)» فإِنَّه تكلَّم عليه كلامًا جيدًا. قوله: (فذهب عبدُ الرحمن يتكلَّم، فقال: كَبِّرْ كَبِّر) وإنما أرادَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أن يَسْمع القِصَّةَ، أولا من مُحَيِّصة، وحُوَيِّصَة، وإن كان حَقُّ الدَّعْوى لعبد الرحمن أخي القتيل، ثُم إذا يَبْلغ أوانْ الدَّعْوى يتقدَّم أخوه، ويدَّعي، كما هو الطريق المعروف، وإنما أَخَّره في سماع القصة، لكونِه أحدثَ القوم، يمكن أن لا يأتي بها على وَجْهها. قوله: (فقال: اتحلِفُون وتستحِقُّون دم قاتلكم) ... الخ "كياتم جوهر قتيل كى اوليا" ... الخ، فيه حجَّةٌ للشافعيِّ، فإِنه وَجَّه المين أَوَّلا على المُدَّعيين، وعندي هو استفهامٌ فقط لا أنه صَرْف اليمين إليهم على شاكِلةِ القضاء، والمسألة، وإنَّما أراد به يقروا مِن عند أَنْفُسهم أنهم كيف يَحْلِفون، وهم لم يشهدوه، فإِنْ أنكروا عنه يقضي بيمين المُدَّعى عليهم، فإِذْن هو طريقُ كلامٍ، وخطاب، ولذا قالوا: كيف نَخْلِف، ولم نَشْهد؟ فدلَّ على أنه كان على طَوْر المجاراة مع الخَصْم لا غير، ولذا قال: فتبرِئكُم اليهودُ بخمسينَ يمينًا؟ فقالوا: كيف نأخذُ أَيْمانَ قوم كُفَّار؟ ... الخ، ولكنهم إذا لم تكن عندهم بينةٌ، وأَبَوا عن اليمين أيضًا لَزِمهم أن يرضوا بأَيْمان المدَّعَى عليهم لا محالة، وإنْ كانوا قومًا كاذبين، فإِنَّ الإِمام ليس عليه الاطلاعُ على الوقائع، وإنما يقضي على الضابطة، فإِذا أنكروا عن البينةِ واليمين، لم تبق صورة إلا القضاء بأَيْمانهم، وهذا الذي كان يريدُه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بتوجِيه اليمين إليهم، لينْكُلوا عنه، فينصرف اليمينُ إليهم، ولا يبقى احتمالٌ غيرُه، وي الروايات أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كتب إلى يهوِ خيبرَ أن يَحْلِفوا، فكتبوا إليه: إنَّك لو أمرتنا به نَفْعله، ولكنا لم نَعْلَم قاتِلْه، فودَاه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم من بين المال، ولم يهدر دَمَه، وإنما فعل ذلك لأنه كان يومئذٍ بينه وبينهم صُلْحٌ، كما في بعض طرقه في «الصحيحين»، وتجِب الديةُ في بعض الصَّور على بيتِ المال عندنا أيضًا، وفيه دليلٌ للحنفيةِ على أن دمَ القتيل لا يُهْدَر بحال، بخلافِه عند الشافعيِّ، فإِنه لو حلف خمسونَ من المدَّعَى عليهم لا يجِب عنده ديةٌ، ولا قِصَاص. ¬

_ (¬1) وسنذكر عبارته في بابه إن شاء الله تعالى.

13 - باب فضل الوفاء بالعهد

13 - باب فَضْلِ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ 3174 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِى رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ كَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ فِى الْمُدَّةِ الَّتِى مَادَّ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبَا سُفْيَانَ فِى كُفَّارِ قُرَيْشٍ. أطرافه 7، 51، 2681، 2804، 2941، 2978، 4553، 5980، 6260، 7196، 7541 تحفة 4850 14 - باب هَلْ يُعْفَى عَنِ الذِّمِّيِّ إِذَا سَحَرَ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: سُئِلَ: أَعَلَى مَنْ سَحَرَ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ قَتْلٌ؟ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ صُنِعَ لَهُ ذَلِكَ فَلَمْ يَقْتُلْ مَنْ صَنَعَهُ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. تحفة 19399 أ 3175 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سُحِرَ حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ صَنَعَ شَيْئًا وَلَمْ يَصْنَعْهُ. أطرافه 3268، 5763، 5765، 5766، 6063، 6391 تحفة 17325 3175 - قوله: (حتى كان يُخَيَّل إليه أَنَّه صنع شيئًا، ولم يَصْنَعْه) وقد سبق إلى بعضِ الأوهام أن السِّحر مما لا بنبغي أن يمشي على الأنبياء عليهم السلام، فإِنه بوجِب رَفْع الأمان عن الشرع. قلت: وإنما يلزم ذلك لو سَلَّمناه في أمور الشريعة، أما لو مشى عليه من غيرِ هذا الباب فلا غائلة فيه. وإنَّما سِحر النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في أَمْر النِّساء، فكان يُخيَّلُ إليه أنه قادِرٌ على النِّساء، ولا يكون قادرًا، وهذا النوعُ من السِّحرْ معروفٌ عند الناس، ويقال له في لسان الهند: فلان مرد كوبانده ديا. ثم إنَّ السحر له تأثيرٌ في التقليب من الصِّحة إلى المرض، وبالعكس، أما في قلب الهامية فلا، وما يتراءى فيه من قَلْب الماهية لا يكونُ فيه إلا التَّخْييلُ الصرف، قال تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: 66] فلم تَنْقلب الحبالُ إلى حيَّات، ولكن خُيِّل إليه أنها انقلبت. وهذا ما نُسِب إلى أبي الحنيفة أنَّ في السِّحْر تخييلا، فقط، ولا يريدُ به نفي التأثير مُطْلقًا. فإِنَّه معلومٌ مَشْهودٌ، بل يريد به نَفِي التأثير في حَقِّ قَلْب الماهياتِ. ولا رَيْب أن ليس له فيه تأثيرٌ غير التخييل، ومِن ههنا ظهَرَ الفَرْق بين المعجزةِ والسِّحْر، فإِنَّ المعجزةَ خاليةٌ عن التخييل، فهي على الحقيقةِ البحتةِ، ونَفْس الأَمْرَ الصرف، ولذا قال تعالى: {تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا} [طه: 69] أي جِعلت تَفْعل فعل الأُفْعُوان، من بلْع الحيات، وأَكْلِها، ولو كان تخييلا فقط، لم تفعل ذلك فَنبَّه على تحقيقها، وحَقَّق تخييل (¬1) السِّحر، فافهم. قوله: (عقاص غنم) داء الطاعون في الغنم. ¬

_ (¬1) قلت: وقد تكلَّم عليه الجصَّاص في "أحكام القرآن" -في سورة البقرة- مبسوطًا، وراجع له "المقدمةُ لابن خلدون" أيضًا، وإنما وضعنا الحاشيةَ دون الشرح، ليجِب علينا نَقْل كلمات القوم، غير أنا نكتفي، بالإِيماء إلى بعض المباحث، مع التنبيه على مظانِّ البَحْث في بعض المواضع، فَمَنْ أراد البسط، فليراجع المبسوطات.

15 - باب ما يحذر من الغدر

15 - باب مَا يُحْذَرُ مِنَ الْغَدْرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} [الأنفال: 62] الآيَةَ. 3176 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاَءِ بْنِ زَبْرٍ قَالَ سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ قَالَ سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَهْوَ فِى قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ فَقَالَ «اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ، مَوْتِى، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ مُوتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لاَ يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلاَّ دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِى الأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ، فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا». تحفة 10918 - 124/ 4 16 - باب كَيْفَ يُنْبَذُ إِلَى أَهْلِ الْعَهْدِ وَقَوْلُ الله عَزَّ وَجلَّ: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: 58] الآيَةَ. 3177 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَعَثَنِى أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فِيمَنْ يُؤَذِّنُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى لاَ يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. وَيَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ، وَإِنَّمَا قِيلَ الأَكْبَرُ مِنْ أَجْلِ قَوْلِ النَّاسِ الْحَجُّ الأَصْغَرُ. فَنَبَذَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى النَّاسِ فِى ذَلِكَ الْعَامِ، فَلَمْ يَحُجَّ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ الَّذِى حَجَّ فِيهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُشْرِكٌ. أطرافه 369، 1622، 4363، 4655، 4656، 4657 تحفة 12278، 6624 - قوله: ({فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ}) [الأنفال: 58] "صاف بات نكهرى هوئى كهدو". قوله: (على سَواء) [الأَنفال: 58] "جتنا تمهين معلوم هي أوتنا أونهين معلوم هوجاوى". 17 - باب إِثْمِ مَنْ عَاهَدَ ثُمَّ غَدَرَ وَقَوْلِهِ: {الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (56)} [الأنفال: 56]. 3178 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَرْبَعُ خِلاَلٍ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا». طرفاه 34، 2459 تحفة 8931 3179 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ

18 - باب

عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ مَا كَتَبْنَا عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ الْقُرْآنَ، وَمَا فِى هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْمَدِينَةُ حَرَامٌ مَا بَيْنَ عَائِرٍ إِلَى كَذَا، فَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ عَدْلٌ وَلاَ صَرْفٌ، وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ. فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ، وَمَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ». أطرافه 111، 1870، 3047، 3172، 6755، 6903، 6915، 7300 تحفة 10317 - 125/ 4 3180 - قَالَ أَبُو مُوسَى حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا لَمْ تَجْتَبُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا فَقِيلَ لَهُ وَكَيْفَ تَرَى ذَلِكَ كَائِنًا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ إِىْ وَالَّذِى نَفْسُ أَبِى هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ عَنْ قَوْلِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ. قَالُوا عَمَّ ذَاكَ قَالَ تُنْتَهَكُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَيَشُدُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قُلُوبَ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَيَمْنَعُونَ مَا فِى أَيْدِيهِمْ. تحفة 13087 3179 - قوله: (مَنْ أَحْدَث حَدَثًا) ... الخ، أي مَن زاد عليهم مِن السلاطن في الجبايات، وأخذ منهم مالا ظُلْمًا، وهذا مصداقة الأولى، ثُم صار عامَّا لِكُلِّ مبتدع في المدينة. قوله: (إذا لم تَجْتَبُوا دِينارًا ولا دِرْهمًا) أي لم تأخذوه على وَجْه الجِباية، والخَراج، يعني "جزيه وصول نهوكا". 3180 - قوله: (فيُشُدُّ اللهُ قلوبَ أهلِ الذِّمة) "خدا أونكى دلون كوسخت كرديكا أوروه صاف جواب ديدينكى". 18 - باب 3181 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ قَالَ سَمِعْتُ الأَعْمَشَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا وَائِلٍ شَهِدْتَ صِفِّينَ قَالَ نَعَمْ، فَسَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ يَقُولُ اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ، رَأَيْتُنِى يَوْمَ أَبِى جَنْدَلٍ وَلَوْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ أَمْرَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لَرَدَدْتُهُ، وَمَا وَضَعْنَا أَسْيَافَنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا لأَمْرٍ يُفْظِعُنَا إِلاَّ أَسْهَلْنَ بِنَا إِلَى أَمْرٍ، نَعْرِفُهُ غَيْرِ أَمْرِنَا هَذَا. أطرافه 3182، 4189، 4844، 7308 تحفة 4661 3182 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِى ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو وَائِلٍ قَالَ كُنَّا بِصِفِّينَ فَقَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ فَإِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَلَوْ نَرَى قِتَالاً لَقَاتَلْنَا، فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ فَقَالَ «بَلَى». فَقَالَ أَلَيْسَ قَتْلاَنَا فِى الْجَنَّةِ وَقَتْلاَهُمْ فِى النَّارِ قَالَ «بَلَى». قَالَ فَعَلَى مَا نُعْطِى الدَّنِيَّةَ فِى دِينِنَا أَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ

19 - باب المصالحة على ثلاثة أيام أو وقت معلوم

فَقَالَ «ابْنَ الْخَطَّابِ، إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ، وَلَنْ يُضَيِّعَنِى اللَّهُ أَبَدًا». فَانْطَلَقَ عُمَرُ إِلَى أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا. فَنَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ، فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عُمَرَ إِلَى آخِرِهَا. فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَفَتْحٌ هُوَ قَالَ «نَعَمْ». أطرافه 3181، 4189، 4844، 7308 تحفة 4661 - 126/ 4 3183 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ قَدِمَتْ عَلَىَّ أُمِّى وَهْىَ مُشْرِكَةٌ فِى عَهْدِ قُرَيْشٍ، إِذْ عَاهَدُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمُدَّتِهِمْ، مَعَ أَبِيهَا، فَاسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّى قَدِمَتْ عَلَىَّ، وَهْىَ رَاغِبَةٌ، أَفَأَصِلُهَا قَالَ «نَعَمْ، صِلِيهَا». أطرافه 2620، 5978، 5979 تحفة 15724 19 - باب الْمُصَالَحَةِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَوْ وَقْتٍ مَعْلُومٍ 3184 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِى الْبَرَاءُ - رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَعْتَمِرَ أَرْسَلَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ يَسْتَأْذِنُهُمْ لِيَدْخُلَ مَكَّةَ، فَاشْتَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ لاَ يُقِيمَ بِهَا إِلاَّ ثَلاَثَ لَيَالٍ، وَلاَ يَدْخُلَهَا إِلاَّ بِجُلُبَّانِ السِّلاَحِ، وَلاَ يَدْعُوَ مِنْهُمْ أَحَدًا، قَالَ فَأَخَذَ يَكْتُبُ الشَّرْطَ بَيْنَهُمْ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ، فَكَتَبَ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالُوا لَوْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ نَمْنَعْكَ وَلَبَايَعْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ «أَنَا وَاللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَا وَاللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ». قَالَ وَكَانَ لاَ يَكْتُبُ قَالَ فَقَالَ لِعَلِىٍّ «امْحُ رَسُولَ اللَّهِ». فَقَالَ عَلِىٌّ وَاللَّهِ لاَ أَمْحَاهُ أَبَدًا. قَالَ «فَأَرِنِيهِ». قَالَ فَأَرَاهُ إِيَّاهُ، فَمَحَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ وَمَضَى الأَيَّامُ أَتَوْا عَلِيًّا فَقَالُوا مُرْ صَاحِبَكَ فَلْيَرْتَحِلْ. فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «نَعَمْ» ثُمَّ ارْتَحَلَ. أطرافه 1781، 1844، 2698، 2699، 2700، 4251 تحفة 1894 20 - باب الْمُوَادَعَةِ مِنْ غَيْرِ وَقْتٍ وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «أُقِرُّكُمْ عَلى مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ بِهِ». ليس هذا من الموادَعة، في شيء، وإنما كان تَرَكهم ليزرَعوا في أرضها، ويردُّوا منه إلى بيت المال ما وجب عليهم فيه. 21 - باب طَرْحِ جِيَفِ الْمُشْرِكِينَ فِى الْبِئْرِ، وَلاَ يُؤْخَذُ لَهُمْ ثَمَنٌ 3185 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَاجِدٌ وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِذْ جَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِى مُعَيْطٍ بِسَلَى جَزُورٍ، فَقَذَفَهُ عَلَى ظَهْرِ

22 - باب إثم الغادر للبر والفاجر

النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى جَاءَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - فَأَخَذَتْ مِنْ ظَهْرِهِ، وَدَعَتْ عَلَى مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ الْمَلأَ مِنْ قُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِى مُعَيْطٍ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ - أَوْ أُبَىَّ بْنَ خَلَفٍ». فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ، فَأُلْقُوا فِى بِئْرٍ، غَيْرَ أُمَيَّةَ أَوْ أُبَىٍّ، فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلاً ضَخْمًا، فَلَمَّا جَرُّوهُ تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ قَبْلَ أَنْ يُلْقَى فِى الْبِئْرِ. أطرافه 240، 520، 2934، 3854، 3960 تحفة 9484 - 127/ 4 22 - باب إِثْمِ الْغَادِرِ لِلْبَرِّ وَالْفَاجِرِ 3186، 3187 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ - قَالَ أَحَدُهُمَا يُنْصَبُ وَقَالَ الآخَرُ - يُرَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعْرَفُ بِهِ». 3188 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُنْصَبُ لِغَدْرَتِهِ». أطرافه 6177، 6178، 6966، 7111 تحفة 7529 3189 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ «لاَ هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا». وَقَالَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ «إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَهْوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لأَحَدٍ قَبْلِى، وَلَمْ يَحِلَّ لِى إِلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهْوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهُ». فَقَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلاَّ الإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ. قَالَ «إِلاَّ الإِذْخِرَ». أطرافه 1349، 1587، 1833، 1834، 2090، 2433، 2783، 2825، 3077، 4313 تحفة 5748 - 128/ 4 ***

59 - كتاب بدء الخلق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 59 - كِتَابُ بَدْءِ الخَلقِ 1 - باب مَا جَاءَ فِى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: 27] قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ وَالْحَسَنُ كُلٌّ عَلَيْهِ هَيِّنٌ. هَيْنٌ وَهَيِّنٌ مِثْلُ لَيْنٍ وَلَيِّنٍ، وَمَيْتٍ وَمَيِّتٍ، وَضَيْقٍ وَضَيِّقٍ. {أَفَعَيِينَا} [ق: 15]: أَفَأَعْيَا عَلَيْنَا حِينَ أَنْشَأَكُمْ وَأَنْشَأَ خَلْقَكُمْ، {لُغُوبٌ} [فاطر: 35]: النَّصَبُ. {أَطْوَارًا} [نوح: 14]: طَوْرًا كَذَا، وَطَوْرًا كَذَا، عَدَا طَوْرَهُ أَىْ قَدْرَهُ. 3190 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - قَالَ جَاءَ نَفَرٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «يَا بَنِى تَمِيمٍ، أَبْشِرُوا». قَالُوا بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا. فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، فَجَاءَهُ أَهْلُ الْيَمَنِ، فَقَالَ «يَا أَهْلَ الْيَمَنِ، اقْبَلُوا الْبُشْرَى إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ». قَالُوا قَبِلْنَا. فَأَخَذَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُحَدِّثُ بَدْءَ الْخَلْقِ وَالْعَرْشِ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا عِمْرَانُ، رَاحِلَتُكَ تَفَلَّتَتْ، لَيْتَنِى لَمْ أَقُمْ. أطرافه 3191، 4365، 4386، 7418 تحفة 10829 3191 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - قَالَ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَقَلْتُ نَاقَتِى بِالْبَابِ، فَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ فَقَالَ «اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِى تَمِيمٍ». قَالُوا قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا. مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ «اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ، إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ». قَالُوا قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالُوا جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ هَذَا الأَمْرِ قَالَ «كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَىْءٌ غَيْرُهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَكَتَبَ فِى الذِّكْرِ كُلَّ شَىْءٍ، وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ». فَنَادَى مُنَادٍ ذَهَبَتْ نَاقَتُكَ يَا ابْنَ الْحُصَيْنِ. فَانْطَلَقْتُ فَإِذَا هِىَ يَقْطَعُ دُونَهَا السَّرَابُ، فَوَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّى كُنْتُ تَرَكْتُهَا. أطرافه 3190، 4365، 4386، 7418 تحفة 10829 - 129/ 4 3192 - وَرَوَى عِيسَى عَنْ رَقَبَةَ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَامَ فِينَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَقَامًا، فَأَخْبَرَنَا عَنْ بَدْءِ الْخَلْقِ حَتَّى دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ، وَأَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ، حَفِظَ ذَلِكَ مَنْ حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ. تحفة 10470

3193 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ عَنْ أَبِى أَحْمَدَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أُرَاهُ «يَقُولُ اللَّهُ شَتَمَنِى ابْنُ آدَمَ وَمَا يَنْبَغِى لَهُ أَنْ يَشْتِمَنِى، وَتَكَذَّبَنِى وَمَا يَنْبَغِى لَهُ، أَمَّا شَتْمُهُ فَقَوْلُهُ إِنَّ لِى وَلَدًا. وَأَمَّا تَكْذِيبُهُ فَقَوْلُهُ لَيْسَ يُعِيدُنِى كَمَا بَدَأَنِى». طرفاه 4974، 4975 تحفة 13666 وقد مرَّ نظائرُه من قوله: «بَدْء الوحي»، و «بَدْء الحَيْضِ»، فهذا «بَدْء الخَلْقِ». ويَذْكُرُ في ضِمْنِهِ الأحوالَ، إلى الحشر. وهذا الكتابُ في كُتُبِ الأحاديث أقربُ إلى سِفْر التكوين من التوراة. قوله: ({وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}) [الروم: 27] أَتَى بِصيغة التفضيل رعايةً لحال المُخَاطَبِينَ، ومُجَارَاةً لهم، فإن الإِعادةَ عندهُم أسهلُ من الإِبداع، وإلاَّ فالكلُّ سواء بالنسبة إلى قدرته، فإن الله تعالى لا مُكْرِهَ له. 3191 - قوله: (كان اللَّهُ، ولَمْ يَكُنْ شيءٌ غَيْرُهُ) ومن لفظه: «ولم يكن شيءٌ قَبْلهُ»، ولا أَذْكُرُ فيه لفظ: «معه». والأَوْلَى اللفظُ الأوَّلُ، فإنه يَدُلُّ على أن سائرَ العالم بنَقِيرِه وقِطْمِيرِه حَادثٌ، بخلاف قوله: «ولم يكن شيءٌ قبله»، فإنه وإن كان صحيحًا في نفسه، لكنه لا تَسْتَفَادُ منه المسألةُ المذكورةُ. ثم إن هذه عقيدةُ الأديان السماوية كلِّها، وما من دينٍ حقَ إلاَّ ويَعْتَقِدُ بحدوث الأكوان، إلاَّ الله، واختار الشاه وليُّ الله في بعض رسائله قِدَمَ العالم، وتمسَّك بما عند الترمذيِّ إنه صلى الله عليه وسلّم سُئِلَ: «أيْنَ كَانَ رَبَّنَا قَبْلَ أن يَخْلُقَ خَلْقَهُ؟ قال: كان في عَمَاءٍ، ما فَوْقَهُ هَوَاءٌ، وما تَحْتَهُ هَوَاءٌ (¬1). ¬

_ (¬1) قلتُ: وكان الشيخُ شَرَحَهُ في موعظةٍ، حين أقامته بدار العلوم بديوبند. وها أنا أُلْقي عليك نبذةً منه على ما أحْفَظُهُ. قال: إن العَمَاءَ شيءٌ يُشْبِهُ الضَّبَابَة، تقوم مقام /جرشاهى/ للملك، وربما يوجد ذكرها عند ذكر العِلْوِيَّات، فقال تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ} [البقرة: 210] وكذا في قصة صحابي تلا في الليل سورة الكهف، فَرَأى سحابةً، أو ضَبَابةً. فَهَذا شيءٌ يناسب بحضرة الربوبية، وهو أيضًا مخلوقٌ لله تعالى، إلَّا أن السؤالَ كان عن هذا العالم المشهود، أي: أين كان ربنا قبل أن يَخلُقَ هذا العالم؟ لا مُطْلق الخَلْقِ. فإن العَمَاءَ لا يَعْلَمُهُ كثيرٌ من العلماء، فما للسائل أن يَسْألَهُ عن كونه قبل العَمَاءِ. فإن السؤال لا يكون إلَّا عَمَّا في محيط عِلْمِنَا، لا ما عَلِمْنَاهُ بعد إخبار الشرع. ولذا أَجَابَهُ بأنه قبل ذلك العالم، كان في عَمَاءِ. ولعلَّه مادةٌ للأكوان كلِّها، وإليه أَشَار في قصيدته في حدوث العالم: تَعَالى الذي كَانَ وَلَمْ يَكُ ما سِوَى ... وأوَّلُ ما جلى العَمَاء بمصطفى وأيضًا في الفارسية: /بدريائى عماء موج إراده ... حباب انكيخت حادث نام كردند/ وإنما دلَّه على العَمَاءِ، لأنه سُئِل أن الرَّب أين كان؟ فقال: إنه كان قبل الخلق في العَمَاءِ، على ما يلِيقُ بشأنه. =

قوله: (وكَانَ عَرْشُهُ على المَاءِ (¬1)) وقد مرَّ: أن هذا الماءَ إمَّا هو ما أَخْبَرَ به ابنُ مسعود: أنه على مسافة خمس مئة سنةٍ فوق السموات، أو هذا الماءُ المعروفُ عندنا. فالمرادُ منه كون العرشِ في طرفٍ، وفي طرفٍ آخرَ منه الماءُ، لا كونه مستقرًّا على الماء. قوله: (في الذِّكْرِ): أي اللوح المحفوظ. قوله: (فإذا هيَ تَقْطَعُ دُونَهَا السَّرَابُ)، معناه أنها بَعُدَتْ بُعْدًا لا يَظْهَرُ دونه السَّرَابُ، مع أنه يَلْمَعُ من البُعْدِ، فإذا لم يَظْهَرْ السَّرَابُ أيضًا، دَلَّ على قطعها بُعْدًا بعيدًا، والغرضُ بيانُ بُعْدِهَا فقط. 3194 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِىُّ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِى كِتَابِهِ، فَهْوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ إِنَّ رَحْمَتِى غَلَبَتْ غَضَبِى». أطرافه 7404، 7412، 7453، 7553، 7554 تحفة 13873 3194 - قوله: (فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ، إن رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي) وفي لفظٍ: «سَبَقَتْ غَضَبِي»، وتمسَّك به الشيخُ الأكبرُ (¬2) على أن عذاب الجحيم لا يَدُومُ لأحدٍ، لأن ¬

_ = فلو سأله سائلٌ أنه أين كان قبل العَمَاءِ؟ لأجابه أنه كان، ولم يَكُنْ شيءٌ غيره، كما في حديث البخاريِّ. إلَّا أن تَصَوُّرَ الذات بدون المكان عَسِيرٌ عند الأذهان، فأجابه حسب سؤاله على قدر فَهمِهِ، وعِلْمِهِ. قال الشيخُ الأكبرُ: إن السؤالَ أين كان بعد وجود الخَلْقِ، ولو في الجملة. فإن سؤالَ الأَينِيَّة، لا يَتَأَتَّى إلَّا بعد وجوده. فإذا وُجِد شيءٌ دون شيءٍ توجَّه السؤالُ، أنه أين كان؟ في عَمَاءٍ أو غَيره، على العرش أو فوقه، أو تحته. فالسؤالُ بالأين لا يُعْقَل إلَّا بعد وجود شيءٍ سواه. واختلف العلماءُ في "ما": أنها نافيةٌ، أو موصولةٌ، وإلى كلٍّ ذَهَبَ ذاهبٌ. وكنتُ معه في سفر إذ سَألَ الشيخَ بعضٌ من المتنورين عن مادة العالم، فَأَعَاد عليه القولَ، فقال: هاتِ ما عندك؟! كأنه زَجَرَهُ على سؤاله، حيث رآه مُتَعَنِّتًا، فجعل الرجل يتكلَّم، كجعجعة ولا طحين، ثم قال له: وإذ قد عَجَزْتَ عن بيان ما ثَبَتَ في الفلسفة الجديدة، فاسمع منِّي أولًا ما هو المحقَّقُ عندهم، ثمَّ أُخبِركَ بما ثبت عند الشرع: إن مادةَ العالم عندكم مادةٌ مبثوثةٌ في الجو تسَمَّى /بايتهر/، وقد كان قدماؤهم يَزعُمُون أنه بسيطٌ لا جزءَ له، وإن ثَبَتَ اليوم عندهم خلافه، وحقَّقوا شيئًا آخرَ ألطف منه. وأمَّا في لسان الشرع: فهي العَماءُ، وقرَّره فى نحو نصف ساعة، وأتى بنقول العلماء من العهد الجديد والقديم، ونقَّح كلماتهم في هذا الباب. وفي ضمن ذلك مرَّ على وجود السموات، وحقَّقها، حتى أن بُهِتَ الرجل، ودُهِشَ. وحينئذٍ عَلِمَ أن الفضلَ بيد الله تعالى، يُؤْتِيهِ من يشاء. (¬1) قلتُ: من أَرَادَ الاطلاعَ على جوانبه وأطرافِه، فليراجع له "روح المعاني"، فإنه تكلَّم فيه الشيخ الأَلُوسي رحمه الله تعالى، وفي ضمنه تعرَّض إلى العَمَاءِ شيئًا. (¬2) قلتُ: وقد تمسَّك الشيخُ الأكبرُ بالاستثناء من قوله تعالى: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} [هود: 107] أيضًا، ولا ريبَ أنه قويٌّ جدًا، وسنذكر وجه التفصِّي عنه إن شاء الله تعالى. فانظر غايةَ اعتدال الشيخ -قُدِّسَ سرُّه- واستحكامُه في العلوم، وأنَّ قَدَمَهُ لم تَكُنْ تَزِلُّ عن مسلك الجمهور في موضع زَلَّتْ فيه أقدامُ الفحول، كالشيخ الأكبر، والحافظ ابن تَيْمِيَة. والعجبُ أنه كان من معتقديهم، ثم لم يكن يَرْكَنُ إلى تفرُّداتهم أصلًا. وهذا الاعتدالُ، والنَّصَفَةُ في حقِّ الكِبَارِ، ممَّا يَكَادُ يتعذَّر اليوم.

الحديثَ يُخْبِرُ أن الرحمةَ والغضبَ تَسَابقا، فَسَبَقَتْ رحمتُه غضبَه، فإذا سَبَقَتْ لَزِمَ أن لا يَبْقَى أحدٌ تحت غضبه تعالى، ويَدُخُلَ كلُّهم في رحمته تعالى، ويَخْلُصَ من عذاب الله عزَّ وجلَّ، ولو آخِرًا. وذلك لأن النارَ تكون طبيعةً لهم، فَيَعِيشُون فيها غير معذَّبين، لكونهم ناريي الطبع. كمائيِّ المَوْلِدِ، يَسْكُنُ في الماء، ولا يكون عليه ضيقٌ، وغيره لو سَكَنَ فيه مات من ساعته. قلتُ: ومذهبُ الجمهور: أن جهنم عذابٌ سَرْمَدِيٌّ لمن فيها. قال تعالى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النساء: 56]. وأمَّا السَّبْقِيَّة، فهي عندي في جانب المبدأ دون المنتهى، ومعناه: أن الرحمةَ والغضبَ تَسَابَقَا عند ربك، فسَبَقَتْ الرحمة قبل سَبْقِ الغضب، فتقدَّمت عليه من هذا الجانب. وذلك (¬1) لأن الغضبَ يَحِلُّ بالمعاصي، والرحمة منشؤها الجود، فتأتي من غير سببٍ ولا استحقاقٍ. بخلاف الغضب، فإنه يَنْتَظِرُ اقترافَ السيِّئات، واقتحام الموبقات، والرغبة عن التوبة، ثم التمادي في الغيِّ، فلا يأتي حين يأتي إلاَّ على مَهْلٍ، فتقدُّمها يَظْهَرُ في جانب المبدأ. وأخذه الشيخُ الأكبرُ في الجهة الأخرى، فاضْطَرَّ إلى مخالفة الجمهور. ثم إن تلك القاعدةَ فوق القواعد كلِّها، فهي كاختيارات الملك، ولهذا وَضَعَهَا على العرش، على نحو ما قالوا في استواء الحضرة الرحمانيَّة على العرش. قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [طه: 5] قالوا: إنه فوق العوالم كلِّها، فدخلت كلُّها تحت الرحمة. ولو استوى القهَّار على العرش، والعياذ بالله من قهره وجلاله، لَدَخَلَتْ كلُّها تحت القهر، فلم تَمْشِ على ظهر الأرض دابةٌ. حكاية: حاجَّ إبليسُ، مع الشيخ عبد الله التُّسْتُرِي أنك تقولُ: إني أُعَذَّبُ في النار، وكيف يكون ذلك؟ مع أن الله تعالى أَخْبَرَ أن رَحْمَتَهُ وَسِعَتْ كل شيءٍ، أَلَسْتُ بشيءٍ؟ فَلِمَ أَدُخُلُ تحت الرحمة؟ فأجابه التُّسْتُري: أن الرحمةَ للذين يُقِيمُونَ الصلاة ويُؤْتُونَ الزكاة، وبربهم يُؤْمِنُون، ولَسْتَ منهم. فَضَحِكَ منه، وقال: كنتُ أَرَى أنك عالمٌ عارفٌ، فإذا أنت ممن لا يَعْرِفُ شيئًا، قيَّدْتَ صفاته المطلقة، فإن اللَّهَ تعالى قادرٌ على الإِطلاق، وخالقٌ على الإِطلاق، فكذا هو رحيمٌ على الإِطلاق، وأنت تقيِّدُها، فلم يَدْرِ التُّسْتُرِي ما يقول له. ¬

_ (¬1) قال الطِيبيُّ: في سبق الرحمة إشارةٌ إلى أن قسطَ الخَلْقِ منها أكثر من قسطهم من الغضب، وأنها تَنَالُهُمْ من غير استحقاقٍ، وأن الغضبَ لا يَنَالُهُمْ إلَّا باستحقاقٍ. فالرحمةُ تَشْمَلُ الشخصَ جنينًا، ورضيعًا، وفطيمًا، وناشئًا، قبل أن يَصْدُرَ منه شيءٌ من الطاعة، ولا يَلْحَقُهُ الغضبُ إلَّا بعد أن يَصْدُرَ عنه من الذنوب ما يستحقُّ معه ذلك. والله تعالى أعلم بالصواب. اهـ "عمدة القاري".

2 - باب ما جاء فى سبع أرضين

قلتُ: ولا أدري ماذا أَفْحَمَ التُّسْتُري، وأين اللعين من قوله تعالى؟ فإنه ليس فيه إلاَّ بيان سَعَتِهَا، لا حكم بالرحمة، فهو على حَدِّ قولك: هذه الدارُ تَسَعُ ألفَ رجلٍ، ولو لم يَدْخُلْ فيها واحدٌ، ففيه بيان لَسِعَتِهَا، لا حكم بكون هذا العدد فيها بالفعل. فرحمةُ اللَّهِ أيضًا وَسِعَتْ العوالمَ كلَّها، وهذا اللعينُ أيضًا. فلو أَرَادَ الدُّخُولَ فيها، لم يَجِدْ فيها ضيقًا، ولكن الشقيَّ إذا حَجَرَ نفسَهُ عنها، ولم يَدْخُلْها، فما ذنبُ الرحمة؟ {أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} [هود: 28]. 2 - باب مَا جَاءَ فِى سَبْعِ أَرَضِينَ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: 12]، {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5)} [الطور: 5]: السَّمَاءُ. {سَمْكَهَا} [النازعات: 28]: بِنَاءَهَا. {الْحُبُكِ}: [الذاريات: 7]: اسْتِوَاؤُهَا وَحُسْنُهَا. {وَأَذِنَتْ} [الانشقاق: 2 - 5] سَمِعَتْ وَأَطَاعَتْ، {وَأَلْقَتْ} أَخْرَجَتْ، {مَا فِيهَا} مِنَ الْمَوْتَى، {وَتَخَلَّتْ} [الانشقاق: 4]: عَنْهُمْ، {طَحَاهَا} [الشمس: 6]: دَحَاهَا. {بِالسَّاهِرَةِ} [النازعات: 14]: وَجْهُ الأَرْضِ، كَانَ فِيهَا الْحَيَوَانُ، نَوْمُهُمْ وَسَهَرُهُمْ. 3195 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ عَلِىِّ بْنِ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُنَاسٍ خُصُومَةٌ فِى أَرْضٍ، فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَذَكَرَ لَهَا ذَلِكَ، فَقَالَتْ يَا أَبَا سَلَمَةَ اجْتَنِبِ الأَرْضَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ». طرفه 2453 تحفة 17740 - 130/ 4 3196 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنَ الأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ». طرفه 2454 تحفة 7029 3197 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنِ ابْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ». أطرافه 67، 105، 1741، 4406، 4662، 5550، 7078، 7447 تحفة 11682 3198 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ أَنَّهُ خَاصَمَتْهُ أَرْوَى فِى حَقٍّ زَعَمَتْ أَنَّهُ انْتَقَصَهُ لَهَا إِلَى مَرْوَانَ، فَقَالَ سَعِيدٌ أَنَا أَنْتَقِصُ مِنْ حَقِّهَا شَيْئًا، أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ

3 - باب فى النجوم

أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الأَرْضِ ظُلْمًا، فَإِنَّهُ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ». قَالَ ابْنُ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ لِى سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2452 تحفة 4464 وقد تكلَّمنا فيه من قبل مفصَّلًا، أن المرادَ منه طبقات تلك الأرض، أو العمرانات التي شُوهِدَتْ في السَّيَّارات، والكلُّ محتملٌ (¬1). والحقُّ عند عالم الغيب والشهادة، لا يَعْلَمُهُ إلاَّ هو. قوله: ({وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5)})، واعلم أنه ذهب بطليموس إلى أن هذا المشهود الأزرق ليس بِفَلكٍ، وإنما تتراءى الزُّرْقَة، لأن النورَ ليس إلاَّ إلى سبعة عشر فَرَاسِخ، وبعد ذلك ظلمةٌ شديدةٌ. فإذا نَفَذَ البصرُ النورَ، وبلغ الظلمةَ، تَلُوحُ كالزُّرْقة، وذلك لأن من شرائط الانعكاس الكثافةَ، ولذا تتنوَّرُ الأرض. وأمَّا السَّمَوَاتُ فلمَّا كانت لطيفةً، لا يَنْعَكِسُ فيها النور. ولو كانت السمواتُ أيضًا كالأرض لاسْتَنَارَتْ، كاستنارتها بانعكاس النور. وفي «فتح الباري»، عن القاضي أبي بكر: أن ما تُدْرِكُهُ أبصارُنا ليس بسماء، وإنما السموات كلُّها فوق المشهود. والله تعالى أعلم بالصواب. 3195 - قوله: (طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرْضِينَ)، والمُتَبَادَرُ (¬2) منه كون تلك الأَرَضِين صَمْدًا، كالطبقة الواحدة. ولقائلٍ أن يَقُولَ: إنه يَمْكِنُ التطويق مع كونها سبعًا على حِدَةٍ أيضًا. 3 - باب فِى النُّجُومِ وَقَالَ قَتَادَةُ {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} [الملك: 5]: خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلاَثٍ: جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، وَعَلاَمَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا، فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ أَخْطَأَ، وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ، وَتَكَلَّفَ مَا لاَ عِلْمَ لَهُ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {هَشِيمًا} [الكهف: 45]: مُتَغَيِّرًا. وَالأَبُّ مَا يَأْكُلُ الأَنْعَامُ. {لِلْأَنَامِ}: [الرحمن: 10]: الْخَلْقُ. {بَرْزَخٌ} [المؤمنون: 100]: حَاجِبٌ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أَلْفَافًا} [النبأ: 16]: مُلْتَفَّةً. وَالْغُلْبُ: الْمُلْتَفَّةُ. {فِرَاشًا} [البقرة: 22]: مِهَادًا، كَقَوْلِهِ: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ} [البقرة: 36]. {نَكِدًا} [الأعراف: 58]: قَلِيلًا. 131/ 4 واعلم أنها أجرامٌ تَسْبَحُ في الجو بأنفسها، لا أنها مَرْكُوزَةٌ في السموات تَدُورُ ¬

_ (¬1) أَجْمَلَ في الكلام ههنا، وقد حقَّق فيما مرَّ: أن كونَ المرادِ منها تلك العمرانات بعيدٌ كل البُعْدِ. كيف لا! ولم يَقُمْ برهانٌ قويٌّ على وجودها بعد، وما يُشاهِدُونَه، فكلهُ خَرْصٌ وتخمينٌ. والله تعالى أعلم بالصواب. (¬2) واستدلَّ منه الدَّاوُدِي على أن السبعَ الأرَضِين بعضُها على بعضٍ لم يُفْتَقْ بعضُها من بعضٍ. قال: لأنه لو فُتِقَتْ لم يطوَّق منها ما يَنْتَفِعُ به غيرُه. اهـ "عمدة القاري". واستدلَّ به الشيخُ من وجهٍ آخرَ كما رَأَيْتَ.

4 - باب صفة الشمس والقمر

بدورها. والقرآنُ لا يهتمُّ بأمرها، ولا يَذْكُرُهَا إلاَّ بالنور والاهتداء. أمَّا النُّحُوسَةُ والبركةُ، فإنها أهونُ على الله من ذلك. كيف وأنها مسخَّرةٌ تَصْعَدُ وتَغْرَب، تَغِيبُ وتُشْرِقُ، وتَدُورُ في كلِّ ساعةٍ كالخدَّام، فهي أصغرُ من أن تكونَ فيها النُّحُوسَةُ والبركةُ. نعم يُعْلمُ من القرآن أن في السموات دفاتر، وفيها تدابير أيضًا، وإليه أشار البخاريُّ من قوله: فمن تأوَّل فيها بغير ذلك أخطأ. 4 - باب صِفَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ {بِحُسْبَانٍ} قَالَ مُجَاهِدٌ: كَحُسْبَانِ الرَّحَى، وَقَالَ غَيْرُهُ: بِحِسَابٍ وَمَنَازِلَ لاَ يَعْدُوَانِهَا. حُسْبَانٌ جَمَاعَةُ حِسَابٍ، مِثْلُ شِهَابٍ وَشُهْبَانٍ. {وَضُحَاهَا} [الشمس: 1]: ضَوْؤُهَا. {أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} [يس: 40]: لاَ يَسْتُرُ ضَوْءُ أَحَدِهِمَا ضَوْءَ الآخَرِ، وَلاَ يَنْبَغِي لَهُمَا ذَلِكَ، {سَابِقُ النَّهَارِ}: يَتَطَالَبَانِ حَثِيثَانِ. {نَسْلَخُ} [يس: 37]: نُخْرِجُ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ وَنُجْرِى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، {وَاهِيَةٌ} [الحاقة: 16]: وَهْيُهَا تَشَقُّقُهَا. {أَرْجَائِهَا} [الحاقة: 17]: مَا لَمْ يَنْشَقَّ مِنْهَا، فَهْيَ عَلَى حَافَتَيْهِ، كَقَوْلِكَ: عَلَى أَرْجَاءِ الْبِئْرِ. {وَأَغْطَشَ} [النازعات: 29] وَ {جَنَّ} [الأنعام: 76]: أَظْلَمَ. وَقَالَ الْحَسَنُ {كُوِّرَتْ} [التكوير: 1] تُكَوَّرُ حَتَّى يَذْهَبَ ضَوْؤُهَا. {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17)} [الانشقاق: 17]: جَمَعَ مِنْ دَابَّةٍ {اتَّسَقَ} [الانشقاق: 18]: اسْتَوَى. {بُرُوجًا} [الحجر: 16]: مَنَازِلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ. {الْحَرُورُ} [فاطر: 21] بِالنَّهَارِ مَعَ الشَّمْسِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْحَرُورُ بِاللَّيْلِ، وَالسَّمُومُ بِالنَّهَارِ، يُقَالُ {يُولِجُ} [الحج: 61] يُكَوِّرُ، {وَلِيجَةً} [التوبة: 16]: كُلُّ شَىْءٍ أَدْخَلْتُهُ فِى شَىْءٍ. 3199 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ «تَدْرِى أَيْنَ تَذْهَبُ». قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَسْتَأْذِنَ فَيُؤْذَنَ لَهَا، وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ فَلاَ يُقْبَلَ مِنْهَا، وَتَسْتَأْذِنَ فَلاَ يُؤْذَنَ لَهَا، يُقَالُ لَهَا ارْجِعِى مِنْ حَيْثُ جِئْتِ. فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38)} [يس: 38]». أطرافه 4802، 4803، 7424، 7433 تحفة 11993 3200 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الدَّانَاجُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ مُكَوَّرَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». تحفة 14967 3201 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّ

عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ كَانَ يُخْبِرُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا». طرفه 1042 تحفة 7373 - 132/ 4 3202 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ». أطرافه 29، 431، 748، 1052، 5197 تحفة 5977 3203 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ قَامَ فَكَبَّرَ وَقَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» وَقَامَ كَمَا هُوَ، فَقَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً وَهْىَ أَدْنَى مِنَ الْقِرَاءَةِ الأُولَى، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهْىَ أَدْنَى مِنَ الرَّكْعَةِ الأُولَى، ثُمَّ سَجَدَ سُجُودًا طَوِيلًا، ثُمَّ فَعَلَ فِى الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ سَلَّمَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ فِى كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ «إِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلاَةِ». أطرافه 1044، 1046، 1047، 1050، 1056، 1058، 1064، 1065، 1066، 1212، 4624، 5221، 6631 تحفة 16549 3204 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسٌ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا». طرفاه 1041، 1057 تحفة 10003 قوله: ({كُوِّرَتْ}) أي يُسْلَبُ نُورُها. وقد عَلِمْتَ أن العالمَ كلَّه في حَيِّزِ جهنَّم، من صَعَدَ منها إلى الجنة نَجَا، ومن بَقِيَ فيها بقي، فلا إشكالَ في إلقاء الشمس والقمر في جهنَّم، فإنهما فيها الآن أيضًا، وليس للتعذيب (¬1). 3199 - قوله: (فإنها تَذْهَبُ حتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ العَرْشِ) واعلم أن القرآن أخْبَرَ بسجود ظلِّ الأشجار، وأَخْبَرَتْ الأَحاديثُ بسجود الشمس. وتحقيقُهُ على ما ذَكَرَهُ الشاه رفيع الدين في كتابه «تكميل الأذهان»: أن سجودَ كلِّ نوعٍ ما يَلِيقُ بشأنه، فسجودُ الظلِّ: وقوعُهُ على الأرض، فهو في السجود دائمًا. وسجود الشمس: ميلُها من الاستواء إلى الغروب، وهي عند الطلوع شبه القاعد، وعند الاستواء كالقائم، وعند الدُّلُوك كالرَّاكِعِ، ¬

_ (¬1) قال ابن قُتَيْبَة: إن إلقاءهما في النار تعذيبُ عابديهما ونحوه، ذكره الحافظُ عن الخطَّابيِّ، كما في "الفتح"، والشيخ في "عمدة القاري".

5 - باب ما جاء فى قوله تعالى: {وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته} [الأعراف: 57]

وعند الغروب شبه الساجد، وإليه أَشَارَ بعض الصوفية، وأجاد: "*دون جشمي له خم شدا زهر ركوع ... خورشيد رخ كه سر بسجود است أينجا" 3199 - قوله: ({وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا}) ... إلخ. قال البَيْضَاوِيُّ: إنها لا تَزَالُ تجري كذلك إلى يوم القيامة، فإذا دنا الأجلُ سَكَنَتْ. فإن قلتَ: حينئذٍ ناقَضْتَ الآيةَ والحديثَ، فإن مستقرَّها على تفسير يوم القيامة، والحديثُ يَدُلُّ على أنها تذهب كل يوم تحت العرش، وتؤذن بالسجود، وذلك مستقرُّها. قلتُ: لا يَلْزَمُ أن يكونَ الحديثُ شرحًا لِمَا في القرآن دائمًا. فلعلَّ ما ذكره البَيْضَاوِيُّ تفسيرًا للقرآن، وما ذكره الحديثُ فهو اقتباسٌ منه. أمَّا تحقيقُ جريان الشمس، فقد تكلَّمنا فيه مرَّةً، وحقَّقنا أن القرآن قد يَعْتَبِرُ الواقعَ بحسب الحِسِّ أيضًا، كما أنه يَعْتَبِرُ الواقعَ بحسب نفس الأمر، فَيُدِيرُ الأحكامَ على ما هو المشهود. ومن هذا الباب قوله: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} فإن جريانها مشاهدٌ، سواء كانت جاريةً في الواقع بحسب نفس الأمر، أو لا، وهو الذي يُنَاسِبُ شأن القرآن. فإنه لو كان بَنَى كلامَهُ على نفس الأمر الواقعيِّ في كلِّ موضعٍ، لَمَا آمن به كثيرٌ من البشر، فإن من فطرته الجمود على تحقيقه. فلو قال القرآن: الفلكُ متحرِّكٌ، كما يقوله أصحاب الهيئات القديمة، لكذَّبه الناسَ اليوم، ولم يؤمنوا به، لأنه ثَبَتَتْ عندهم حركة الأرض. ولو بناه على ذلك لكان مكذَّبًا فيما بينهم، وإن آمن به الناسُ اليوم. مع أنك تَعْلَمُ أن نفسَ الأمر الواقعيِّ لا يَخْلُو عن أحد هذين الأمرين، مع استحالة الاجتماع. فلذا أَغْمَضَ عنه، وبَنَى كلامَه على واقعٌ يشترك فيه العامة والخاصَّة، فافهم، وتشكَّر. وسأعود إلى تفسيره في صورة يس أبسط من هذا. قوله: ({لَوَاقِحَ}) من قبِيلِ قولهم: * ومختبط ممَّا تطيح الطوائح * أي الملحقات "حامله بنا نيوالين". 5 - باب مَا جَاءَ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} [الأعراف: 57] {قَاصِفًا} [الإسراء: 69]: تَقْصِفُ كُلَّ شَىْءٍ. {لَوَاقِحَ} [الحجر: 22]: مَلاَقِحَ مُلْقِحَةً. {إِعْصَارٌ} [البقرة: 266]: رِيحٌ عَاصِفٌ تَهُبُّ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ كَعَمُودٍ فِيهِ نَارٌ. {صِرٌّ} [آل عمران: 117]: بَرْدٌ. {نَشْرًا} [المرسلات: 3] مُتَفَرِّقَةً. 3205 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ». أطرافه 1035، 3343، 4105 تحفة 6386 3206 - حَدَّثَنَا مَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى

6 - باب ذكر الملائكة صلوات الله عليهم

الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَأَى مَخِيلَةً فِى السَّمَاءِ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ وَدَخَلَ وَخَرَجَ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، فَإِذَا أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ سُرِّىَ عَنْهُ، فَعَرَّفَتْهُ عَائِشَةُ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا أَدْرِى لَعَلَّهُ كَمَا قَالَ قَوْمٌ (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ)». الآيَةَ. طرفه 4829 تحفة 17386 - 133/ 4 3206 - قوله: (مَخِيلَةً): سحابة يَخَالُ فيها المطر. 6 - باب ذِكْرِ الْمَلاَئِكَةِ صَلَواتُ الله عليهم وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَنَحْنُ الصَّافُّونَ}: [الصافات: 165] الْمَلاَئِكَةُ. 3207 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ. وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَهِشَامٌ قَالاَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَا أَنَا عِنْدَ الْبَيْتِ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ - وَذَكَرَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ - فَأُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَشُقَّ مِنَ النَّحْرِ إِلَى مَرَاقِّ الْبَطْنِ، ثُمَّ غُسِلَ الْبَطْنُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، وَأُتِيتُ بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ الْبُرَاقُ، فَانْطَلَقْتُ مَعَ جِبْرِيلَ حَتَّى أَتَيْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ مَنْ مَعَكَ قِيلَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ، وَلَنِعْمَ الْمَجِىءُ جَاءَ. فَأَتَيْتُ عَلَى آدَمَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ مَرْحَبًا بِكَ مِنِ ابْنٍ وَنَبِىٍّ. فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ مَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -. قِيلَ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ، وَلَنِعْمَ الْمَجِىءُ جَاءَ. فَأَتَيْتُ عَلَى عِيسَى وَيَحْيَى فَقَالاَ مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِىٍّ. فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الثَّالِثَةَ، قِيلَ مَنْ هَذَا قِيلَ جِبْرِيلُ. قِيلَ مَنْ مَعَكَ قِيلَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِىءُ جَاءَ. فَأَتَيْتُ يُوسُفَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، قَالَ مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِىٍّ فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ، قِيلَ مَنْ هَذَا قِيلَ جِبْرِيلُ. قِيلَ مَنْ مَعَكَ قِيلَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قِيلَ نَعَمْ. قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ، وَلَنِعْمَ الْمَجِىءُ جَاءَ. فَأَتَيْتُ عَلَى إِدْرِيسَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ مَرْحَبًا مِنْ أَخٍ وَنَبِىٍّ. فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ، قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قِيلَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ، وَلَنِعْمَ الْمَجِىءُ جَاءَ. فَأَتَيْنَا عَلَى هَارُونَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِىٍّ. فَأَتَيْنَا عَلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، قِيلَ مَنْ هَذَا قِيلَ جِبْرِيلُ. قِيلَ مَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ مَرْحَبًا بِهِ، وَلَنِعْمَ الْمَجِىءُ جَاءَ. فَأَتَيْتُ عَلَى

مُوسَى، فَسَلَّمْتُ {عَلَيْهِ} فَقَالَ مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِىٍّ. فَلَمَّا جَاوَزْتُ بَكَى. فَقِيلَ مَا أَبْكَاكَ قَالَ يَا رَبِّ، هَذَا الْغُلاَمُ الَّذِى بُعِثَ بَعْدِى يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَفْضَلُ مِمَّا يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِى. فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ السَّابِعَةَ، قِيلَ مَنْ هَذَا قِيلَ جِبْرِيلُ. قِيلَ مَنْ مَعَكَ قِيلَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ مَرْحَبًا بِهِ، وَنِعْمَ الْمَجِىءُ جَاءَ. فَأَتَيْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَرْحَبًا بِكَ مِنِ ابْنٍ وَنَبِىٍّ، فَرُفِعَ لِىَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ فَقَالَ هَذَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ يُصَلِّى فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ، وَرُفِعَتْ لِى سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فَإِذَا نَبِقُهَا كَأَنَّهُ قِلاَلُ هَجَرٍ، وَوَرَقُهَا كَأَنَّهُ آذَانُ الْفُيُولِ، فِى أَصْلِهَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ فَقَالَ أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَفِى الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ النِّيلُ وَالْفُرَاتُ، ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَىَّ خَمْسُونَ صَلاَةً، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جِئْتُ مُوسَى، فَقَالَ مَا صَنَعْتَ قُلْتُ فُرِضَتْ عَلَىَّ خَمْسُونَ صَلاَةً. قَالَ أَنَا أَعْلَمُ بِالنَّاسِ مِنْكَ، عَالَجْتُ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، وَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ. فَرَجَعْتُ فَسَأَلْتُهُ، فَجَعَلَهَا أَرْبَعِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ ثُمَّ ثَلاَثِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ فَجَعَلَ عِشْرِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ فَجَعَلَ عَشْرًا، فَأَتَيْتُ مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَجَعَلَهَا خَمْسًا، فَأَتَيْتُ مُوسَى فَقَالَ مَا صَنَعْتَ قُلْتُ جَعَلَهَا خَمْسًا، فَقَالَ مِثْلَهُ، قُلْتُ سَلَّمْتُ بِخَيْرٍ، فَنُودِىَ إِنِّى قَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِى وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِى، وَأَجْزِى الْحَسَنَةَ عَشْرًا». وَقَالَ هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «فِى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ». أطرافه 3393، 3430، 3887 تحفة 11202، 12245 - 135/ 4 3208 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِى بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا، فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِىٌّ أَوْ سَعِيدٌ. ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ إِلاَّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ كِتَابُهُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ إِلاَّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ». أطرافه 3332، 6594، 7454 تحفة 9228 3209 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَتَابَعَهُ أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحْبِبْهُ. فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِى جِبْرِيلُ فِى أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ. فَيُحِبُّهُ أَهْلُ

السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِى الأَرْضِ». طرفاه 6040، 7485 تحفة 14640 3210 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَنْزِلُ فِى الْعَنَانِ - وَهْوَ السَّحَابُ - فَتَذْكُرُ الأَمْرَ قُضِىَ فِى السَّمَاءِ، فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ، فَتَسْمَعُهُ فَتُوحِيهِ إِلَى الْكُهَّانِ، فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ». أطرافه 3288، 5762، 6213، 7561 تحفة 16398 3211 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَالأَغَرِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ الْمَلاَئِكَةُ، يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ، فَإِذَا جَلَسَ الإِمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ وَجَاءُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ». طرفه 929 تحفة 15132، 13465 - 136/ 4 3212 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ مَرَّ عُمَرُ فِى الْمَسْجِدِ وَحَسَّانُ يُنْشِدُ، فَقَالَ كُنْتُ أُنْشِدُ فِيهِ، وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِى هُرَيْرَةَ، فَقَالَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَجِبْ عَنِّى، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ». قَالَ نَعَمْ. طرفاه 453، 6152 تحفة 3402، 13140 3213 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِحَسَّانَ «اهْجُهُمْ - أَوْ هَاجِهِمْ - وَجِبْرِيلُ مَعَكَ». أطرافه 4123، 4124، 6153 تحفة 1794 3214 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ هِلاَلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى غُبَارٍ سَاطِعٍ فِى سِكَّةِ بَنِى غَنْمٍ. زَادَ مُوسَى مَوْكِبَ جِبْرِيلَ. تحفة 821 3215 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْىُ قَالَ «كُلُّ ذَاكَ يَأْتِى الْمَلَكُ أَحْيَانًا فِى مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، فَيَفْصِمُ عَنِّى وَقَدْ وَعَيْتُ مَا قَالَ، وَهْوَ أَشَدُّهُ عَلَىَّ، وَيَتَمَثَّلُ لِى الْمَلَكُ أَحْيَانًا رَجُلاً، فَيُكَلِّمُنِى فَأَعِى مَا يَقُولُ». طرفه 2 تحفة 17116 3216 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ دَعَتْهُ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ أَىْ فُلُ هَلُمَّ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ذَاكَ الَّذِى لاَ تَوَى عَلَيْهِ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ». أطرافه 1897، 2841، 3666 تحفة 15373

3217 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهَا «يَا عَائِشَةُ، هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلاَمَ». فَقَالَتْ وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. تَرَى مَا لاَ أَرَى. تُرِيدُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3768، 6201، 6249 تحفة 17766 - 137/ 4 3218 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ ح قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِجِبْرِيلَ «أَلاَ تَزُورُنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا» قَالَ فَنَزَلَتْ {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} [مريم: 64] الآيَةَ. طرفاه 4731، 7455 تحفة 5505 3219 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَقْرَأَنِى جِبْرِيلُ عَلَى حَرْفٍ، فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ». طرفه 4991 تحفة 5844 3220 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِى رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِى كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ. وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَفَاطِمَةُ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ الْقُرْآنَ. أطرافه 6، 1902، 3554، 4997 تحفة 5840 3221 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَّرَ الْعَصْرَ شَيْئًا فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ أَمَا إِنَّ جِبْرِيلَ قَدْ نَزَلَ فَصَلَّى أَمَامَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ عُمَرُ اعْلَمْ مَا تَقُولُ يَا عُرْوَةُ. قَالَ سَمِعْتُ بَشِيرَ بْنَ أَبِى مَسْعُودٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «نَزَلَ جِبْرِيلُ فَأَمَّنِى، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ». يَحْسُبُ بِأَصَابِعِهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ. طرفاه 521، 4007 تحفة 9977 3222 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى ثَابِتٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قَالَ لِى جِبْرِيلُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، أَوْ لَمْ يَدْخُلِ النَّارَ، قَالَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ وَإِنْ». أطرافه 1237، 1408، 2388، 5827، 6268، 6443، 6444، 7487 تحفة 11915 - 138/ 4

3223 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْمَلاَئِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ، مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِى صَلاَةِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ، فَيَقُولُ كَيْفَ تَرَكْتُمْ {عِبَادِى} فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ يُصَلُّونَ». أطرافه 555، 7429، 7486 تحفة 13737 واختلفوا (¬1) في اشتقاقه، فقيل: من الألوكة، وقيل: من لئك. والمختار عندي أنه من المِلْكِ، بمعنى الولاية، وهو جمع مَلِيك لا مَلَك، فهو على وزن فَعَائِلَة عندي، وعندهم على وزن مَعَافِلَة، والتاء للنقل من الاسميَّة إلى الوصفيَّة. والملائكةُ أجسامٌ لطيفةٌ سريعةُ الحركة، تتشكَّلُ بأشكالٍ مختلفةٍ، وعند الصوفية: من عالم المِثَال. وراجع له «شرح السلم لبحر العلوم»، وقد مرَّت نبذةٌ منه في المقدمة. وقد مرَّ: أن علماء الشريعة أيضًا صرَّحُوا بكونهم أرواحًا لطيفةً، كما صرَّحوا بكون الشياطين أرواحًا خبيثةً. قوله: (وقال ابن عَبَّاسٍ: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ}. المَلاَئِكَةُ)، فالصفُّ من خواصِّ نوعهم، وأمَّا الإِنْسُ، فهم فيه تَبَعَ لهم. ومن ههنا ظَهَرَ معنى الحصر. وهذا هو معنى التشبيه في قوله صلى الله عليه وسلّم «أَلاَ تَصُفُّون كما تَصُفُّ الملائكةُ عند ربهم»، فهم أصلٌ في الاصطفاف. 3207 - قوله: (بين النَّائِمِ واليَقْظَانِ) واعلم أن هذا حالٌ في الأنبياء عليهم السلام، يُشْبِهُ الكشفَ في الأولياء، وأنهم يَرَوْن في هذا الحالِ يقظةً ما نراه في الرؤيا، ويعبِّرُ عن هذا الحالِ بين النوم واليقظة، فافهم. قوله: (فَأَتَيْتُ عَلَى عِيسَى - عليه الصلاة والسلام) ... إلخ، وصرَّح الشيخُ الأكبرُ: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يَلْقَ أحدًا منهم بسجده الناسوتي غير عيسى عليه الصلاة والسلام. ولا بُدَّ عندي أن يكونَ فيه عند الرفع تروُّحٌ، كما صرَّح به مولانا الرومي: أن الأرواحَ في عالم المثال تتجسَّد، والأجسادَ تتروَّحُ. قوله: ({وَالْبَيْتِ (¬2) الْمَعْمُورِ}) قيل: إنه بَيْتٌ حِذَاءَ الكعبة على كلِّ سماءٍ، والأرجحُ أنه على السماء السابعة، وهو قِبْلَةٌ للملائكة على السموات (¬3). ¬

_ (¬1) تكلَّم فيه الحافظ في "الفتح"، والشيخ في "عمدة القاري". (¬2) قال الحافظُ بعدما بَسَطَ الروايات فيه: إنه في السماء الرابعة، وبه جَزَمَ شيخنا في "القاموس". وقيل: هو في السماء السادسة. وقيل: هو تحت العرش. وقيل: إنه بناه آدم لمَّا أُهْبِطَ إلى الأرض، ثم رُفِعَ زمن الطوفان، وقال: إن أكثرَ الروايات أنه في السماء السابعة. اهـ. (¬3) يقول العبدُ الضعيفُ: وكونه حِذَاءَ البيتِ يُؤَيِّدُ نظر الحنفية: أن البيتَ هو القضاء، دون البناء.

7 - باب إذا قال أحدكم: آمين والملائكة فى السماء، فوافقت إحداهما الأخرى، غفر له ما تقدم من ذنبه

قوله: (أَمَّا الظَّاهِرَانِ، النيل والفُرَات) واعلم أنا (¬1) قد رَأَيْنَا الشرعَ يُطْلِقُ على مبادىء الأشياء الظاهرة أيضًا أسماءَ تلك الأشياءِ بعينها، كالفرات، والنيل في الظاهر؛ فإن لهما مبدآن في الباطن، وعَالَم الغيب، فأطلق الشرعُ أسامي الظاهر منهما على مبادئهما أيضًا. ونظيرُه الرَّعْدُ، فإن الشرعَ يُخْبِرُ أنهُ صوت الرعد، وأهلُ الفلسفة ذَكَرُوا له أسبابًا، وهو أيضًا صحيحٌ في الجملة. ولكن ما ذَكَرُوه أسبابه في الظاهر، وما دَلَّ عليه الشرعُ هو مبدأٌ لِمَا في الظاهر، فاشترك الاسم لا محالة، وليس على الشرع أن يتعرَّضَ إلى الأسباب الظاهرة. وذكر عند مسلم: نهران آخران أيضًا، سَيْحَان وجَيْحَان، وهما غير سَيْحُون وجَيْحُون، إذ الأوَّلان من آرمنياء بقرب الشام، والأخيران في أطراف بَلْخٍ، وبُخَاري. 3208 - قوله: (إنَّ أَحَدَكُمْ يَجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ)، واختلف أهلُ السُّنَّةِ أن الأرواحَ مخلوقةٌ قبل الأبدان، أو تُخْلَقُ معها. والفلاسفةُ أيضًا مختلفون فيه. وذهب أبو عمر إلى الأوَّل، ومال ابن القيِّم إلى الثاني، وذكر تأويل الأحاديث التي تمسَّك بها أبو عمر. أمَّا أنا، فلا أريد الآن أن أخوضَ في هذه اللَّجَّةِ. 3209 - قوله: (ثم يُوْضَعُ لَهُ القُبُولُ) فالقَبُول إن بدا من خواصِّ عباده إلى العوام، فهو أمارةٌ لكونه نازلًا من السماء. أمَّا إذا بدا من العوام كالأنعام، فالله يدري ما هو صانعٌ به. 3215 - قوله: (ويَتَمَثَّلُ لي المَلَكُ أحيانًا رَجُلًا) -المَلَكُ ههنا فاعلٌ، ورجلًا مفعول، مع اتحاد المِصْدَاق، فإن الرجلَ والملكَ في هذا الموضع عبارتان عن ذاتٍ واحدةٍ. وهكذا قلت في قوله تعالى: {وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: 157] أن نائبَ الفاعل في {شُبِّهَ} ضميرٌ يَرْجعُ إلى عيسى عليه الصلاة والسلام، وقد مرَّ تقريره مبسوطًا. 7 - باب إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ: آمِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ فِى السَّمَاءِ، فَوَافَقَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ 3224 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ حَشَوْتُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وِسَادَةً فِيهَا تَمَاثِيلُ كَأَنَّهَا نُمْرُقَةٌ، فَجَاءَ فَقَامَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَجَعَلَ يَتَغَيَّرُ وَجْهُهُ، فَقُلْتُ مَا لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «مَا بَالُ هَذِهِ الْوِسَادَةِ». قَالَتْ وِسَادَةٌ جَعَلْتُهَا لَكَ ¬

_ (¬1) قلتُ: ونحوه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تلك ركضة من الشيطان"، وكذلك: "التثاؤب، والعُطَاس في الصلاة من الشيطان"، كما: "أن الطاعونَ رياحُ الجِنِّ"، فإن لهما أسبابًا ظاهرة أيضًا.

لِتَضْطَجِعَ عَلَيْهَا. قَالَ «أَمَا عَلِمْتِ أَنَّ الْمَلاَئِكَةَ لاَ تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ، وَأَنَّ مَنْ صَنَعَ الصُّورَةَ يُعَذَّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ». أطرافه 2105، 5181، 5957، 5961، 7557 تحفة 17559 3225 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا طَلْحَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ تَدْخُلُ الْمَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَةُ تَمَاثِيلَ». أطرافه 3226، 3322، 4002، 5949، 5958 تحفة 3779 3226 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ الأَشَجِّ حَدَّثَهُ أَنَّ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِىَّ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ وَمَعَ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عُبَيْدُ اللَّهِ الْخَوْلاَنِىُّ الَّذِى كَانَ فِى حَجْرِ مَيْمُونَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَهُمَا زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَدْخُلُ الْمَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ». قَالَ بُسْرٌ فَمَرِضَ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ، فَعُدْنَاهُ فَإِذَا نَحْنُ فِى بَيْتِهِ بِسِتْرٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ، فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ الْخَوْلاَنِىِّ أَلَمْ يُحَدِّثْنَا فِى التَّصَاوِيرِ فَقَالَ إِنَّهُ قَالَ «إِلاَّ رَقْمٌ فِى ثَوْبٍ». أَلاَ سَمِعْتَهُ قُلْتُ لاَ. قَالَ بَلَى قَدْ ذَكَرَهُ. أطرافه 3225، 3322، 4002، 5949، 5958 تحفة 3775، 3754 أ - 139/ 4 3227 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَرُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَعَدَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - جِبْرِيلُ فَقَالَ إِنَّا لاَ نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلاَ كَلْبٌ. طرفه 5960 تحفة 6784 3228 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قَالَ الإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلاَئِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». طرفه 796 تحفة 12568 3229 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ أَحَدَكُمْ فِى صَلاَةٍ مَا دَامَتِ الصَّلاَةُ تَحْبِسُهُ، وَالْمَلاَئِكَةُ تَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ. مَا لَمْ يَقُمْ مِنْ صَلاَتِهِ أَوْ يُحْدِثْ». أطرافه 176، 445، 477، 647، 648، 659، 2119، 4717 تحفة 13611 3230 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} [الزخرف: 77]. قَالَ سُفْيَانُ: فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: وَنَادَوْا يَا مَالِ. طرفاه 3266، 4819 تحفة 11838 3231 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ

شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ «لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِى عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ، فَلَمْ يُجِبْنِى إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِى، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلاَّ وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِى، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِى، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِى فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَانِى مَلَكُ الْجِبَالِ، فَسَلَّمَ عَلَىَّ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمِ الأَخْشَبَيْنِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا». طرفه 7389 تحفة 16700 - 140/ 4 3232 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِىُّ قَالَ سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)} [النجم: 9 - 10]. قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ. طرفاه 4856، 4857 تحفة 9205 3233 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)} [النجم: 18]. قَالَ رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ سَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ. طرفه 4858 تحفة 9429 3234 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ أَنْبَأَنَا الْقَاسِمُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ، وَلَكِنْ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ فِى صُورَتِهِ، وَخَلْقُهُ سَادٌّ مَا بَيْنَ الأُفُقِ. أطرافه 3235، 4612، 4855، 7380، 7531 تحفة 17468 3235 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِى زَائِدَةَ عَنِ ابْنِ الأَشْوَعِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَأَيْنَ قَوْلُهُ {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9)} [النجم: 8 - 9] قَالَتْ ذَاكَ جِبْرِيلُ كَانَ يَأْتِيهِ فِى صُورَةِ الرَّجُلِ، وَإِنَّهُ أَتَاهُ هَذِهِ الْمَرَّةَ فِى صُورَتِهِ الَّتِى هِىَ صُورَتُهُ، فَسَدَّ الأُفُقَ. أطرافه 3234، 4612، 4855، 7380، 7531 تحفة 17618 3236 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا جَرِيرٌ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِى قَالاَ الَّذِى يُوقِدُ النَّارَ مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ، وَأَنَا جِبْرِيلُ، وَهَذَا مِيكَائِيلُ». أطرافه 845، 1143، 1386، 2085، 2791، 3354، 4674، 6096، 7047 تحفة 4630 3237 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى

هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ». تَابَعَهُ شُعْبَةُ وَأَبُو حَمْزَةَ وَابْنُ دَاوُدَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ. طرفاه 5193، 5194 تحفة 13404 - 141/ 4 3238 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «ثُمَّ فَتَرَ عَنِّى الْوَحْىُ فَتْرَةً، فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِى سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِى قِبَلَ السَّمَاءِ فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِى جَاءَنِى بِحِرَاءٍ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِىٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَجُئِثْتُ مِنْهُ حَتَّى هَوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ، فَجِئْتُ أَهْلِى فَقُلْتُ زَمِّلُونِى زَمِّلُونِى. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)} إِلَى قوله: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 1 - 5]». قَالَ أَبُو سَلَمَةَ وَالرِّجْزُ الأَوْثَانُ. أطرافه 4، 4922، 4923، 4924، 4925، 4926، 4954، 6214 تحفة 3152 3239 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ. وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ حَدَّثَنَا ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ يَعْنِى ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِى مُوسَى رَجُلًا آدَمَ طُوَالًا جَعْدًا، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى رَجُلًا مَرْبُوعًا مَرْبُوعَ الْخَلْقِ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ، سَبْطَ الرَّأْسِ، وَرَأَيْتُ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ». وَالدَّجَّالَ فِى آيَاتٍ أَرَاهُنَّ اللَّهُ إِيَّاهُ، {فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ} [السجدة: 23]. قَالَ أَنَسٌ وَأَبُو بَكْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «تَحْرُسُ الْمَلاَئِكَةُ الْمَدِينَةَ مِنَ الدَّجَّالِ». طرفه 3396 تحفة 5422 وهذا البابُ غريبٌ في سلسلة ذكر الملائكة، إلاَّ أنه أدخله في أضعاف ذكرهم لفائدةٍ، وهي: أنهم موكَّلُون على قول: آمين أيضًا. 3226 - قوله: (إلاَّ رَقْمٌ في ثَوْبٍ)، وظاهرُه يَدُلُّ على جواز التصاوير المنقوشةِ المسطَّحَةِ، إلاَّ أنه قد مرَّ منِّي غير مرَّةٍ: أن المسائلَ لا تُؤْخَذُ من حديثٍ واحدٍ، ولكن تُجْمَعُ أحاديثَ الباب كلَّها، ثم تُبْنَى عليها المسائل. ولا بَحْثَ لنا مع مَنْ زَاغَ، فَأزَاغَ اللَّهُ قلبَه. 3231 - قوله: (يَوْمَ العَقَبَةِ (¬1))، وهذه واقعةُ الطائف حين انصرف النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وهو محزونٌ مهمومٌ، فلم يَسْتَفِقْ من همِّه حتَّى بلغ قرن الثعالب. 3231 - قوله: (فَنَادَاني مَلَكُ الجِبَالِ) فيه الترجمةُ، لدلالته على أن المَلَكَ موكَّلٌ على الجبال أيضًا. ¬

_ (¬1) ذكر الشيخُ العينيُّ تفصيله في "العمدة"، والحافظ في "الفتح".

8 - باب ما جاء فى صفة الجنة وأنها مخلوقة

3235 - قوله: ({ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} ... إلخ، قالت: ذَاكَ جِبْرِيلُ) ... إلخ. قلتُ: وفي البخاريِّ عن أنسٍ: أن فاعلَه هو اللَّهُ جلَّ مجده، وتصدَّى له الحافظ. 3239 - قوله: (جَعْدًا) قد يكون صفةً للشعر، وهو الذي فيه حجونة. وقد يُقَالُ للرجل المَكْتَنِزِ الأعضاء. 3239 - قوله: ({فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ})، وقد تَلاَها الراوي في غير محلِّها، ولا مناسبَة لها مما قبلها. واتفق العلماءُ على أنه من قول الراوي ههنا (¬1). 8 - باب مَا جَاءَ فِى صِفَةِ الْجَنَّةِ وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ قالَ أَبُو العَالِيَةِ: {مُطَهَّرَةٌ} مِنَ الحَيضِ وَالبَوْلِ وَالبُزَاقِ، {كُلَّمَا رُزِقُوا} أُتُوا بِشَيءٍ، ثُمَّ أُتُوا بِآخَرَ. {قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} أُتِينَا مِنْ قَبْلُ {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} [البقرة: 25]: يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَيَخْتَلِفُ في الطُّعُومِ {قُطُوفُهَا} يَقْطِفُونَ كَيفَ شَاؤُوا {دَانِيَةٌ} [الحاقة: 23]: قَرِيبَةٌ. {الْأَرَائِكِ} [الكهف: 31]: السُّرُرُ. وَقالَ الحَسَنُ: النَّضْرَةُ فِي الوُجُوهِ، وَالسُّرُورُ في القَلبِ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {سَلْسَبِيلًا} [الإنسان: 18]: حَدِيدَةُ الجِرْيَةِ {غَوْلٌ} وَجَعُ البَطْنِ {يُنْزَفُونَ} [الصافات: 47] لاَ تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {دِهَاقًا} [النبأ: 34] مُمْتَلِئًا. {وَكَوَاعِبَ} [النبأ: 33] نَوَاهِدَ. الرَّحِيقُ: الخمْرُ. التَّسْنِيمُ: يَعْلُو شَرَابَ أَهْلِ الجَنَّةِ {خِتَامُهُ} طِينُهُ {مِسْكٌ} [المطففين: 26]. {نَضَّاخَتَانِ} [الرحمن: 66] فَيَّاضَتَانِ. يُقَالُ: {مَوْضُونَةٍ} [الواقعة: 15] مَنْسُوجَةٌ، مِنْهُ وَضِينُ النَّاقَةِ وَالكُوبُ: ما لاَ أُذُنَ لَهُ وَلاَ عُرْوَةَ، وَالأَبَارِيقُ: ذَوَاتُ الآذَانِ وَالعُرَا. {عُرُبًا} [الواقعة: 37] مُثَقَّلَةً، وَاحِدُهَا عَرُوبٌ، مِثْلُ صَبُورٍ وَصُبُرٍ، يُسَمِّيهَا أَهْلُ مَكَّة: العَرِبَةَ، وَأَهْلُ المَدِينَةِ: الغَنِجَةَ، وَأَهْلُ العِرَاقِ: الشَّكِلَةَ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {فَرَوْحٌ} [الواقعة: 89] جَنَّةٌ وَرَخاءٌ، وَالرَّيحَانُ: الرِّزْقُ. وَالمَنْضُودُ: المَوْزُ. وَالمَخْضُودُ: المُوقَرُ حَمْلًا، وَيُقَالُ أَيضًا: لاَ شَوْكَ لَهُ. وَالعُرُبُ: المُحَبَّبَاتُ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ. وَيُقَالُ: {مَسْكُوبٍ} [الواقعة: 31] جارٍ. {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34)} [الواقعة: 34] بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ. {لَغْوًا} بَاطِلًا {تَأْثِيمًا} [الواقعة: 25] كَذِبًا. {أَفْنَانٍ} [الرحمن: 48] أَغْصَانٌ. {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} [الرحمن: 54] ما يُجْتَبى قَرِيبٌ {مُدْهَامَّتَانِ (64)} [الرحمن: 64] سَوْدَاوَانِ مِنَ الرِّيِّ. 3240 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ¬

_ (¬1) وفي الهامش عن القَسْطَلَّاني: إنه استشهادٌ من بعض الرواة على أنه صلَّى الله عليه وسلَّم لَقِي موسى عليه الصلاة والسلام. والظاهرُ أنه كلامُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، والضميرَ راجعٌ إلى الدجَّال، والخطابَ لكلِّ واحدٍ من المسلمين.

عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِىِّ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ». طرفاه 1379، 6515 تحفة 8292 3241 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اطَّلَعْتُ فِى الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِى النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ». أطرافه 5198، 6449، 6546 تحفة 10873 3242 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى فِى الْجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ فَقَالُوا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا». فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ أَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. أطرافه 3680، 5227، 7023، 7025 تحفة 13214 3243 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عِمْرَانَ الْجَوْنِىَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الأَشْعَرِىِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَيْمَةُ دُرَّةٌ مُجَوَّفَةٌ، طُولُهَا فِى السَّمَاءِ ثَلاَثُونَ مِيلاً، فِى كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا لِلْمُؤْمِنِ أَهْلٌ لاَ يَرَاهُمُ الآخَرُونَ». قَالَ أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ وَالْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ سِتُّونَ مِيلاً. طرفه 4879 تحفة 9136 - 143/ 4 3244 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَالَ اللَّهُ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِى الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنَ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنَ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17]. أطرافه 4779، 4780، 7498 تحفة 13675 3245 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الْجَنَّةَ صُورَتُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، لاَ يَبْصُقُونَ فِيهَا وَلاَ يَمْتَخِطُونَ وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ، آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ، أَمْشَاطُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ، مِنَ الْحُسْنِ، لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَبَاغُضَ، قُلُوبُهُمْ قَلْبٌ وَاحِدٌ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا». أطرافه 3246، 3254، 3327 تحفة 14678

3246 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَالَّذِينَ عَلَى إِثْرِهِمْ كَأَشَدِّ كَوْكَبٍ إِضَاءَةً، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَبَاغُضَ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ لَحْمِهَا مِنَ الْحُسْنِ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا، لاَ يَسْقَمُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ، وَلاَ يَبْصُقُونَ، آنِيَتُهُمُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَأَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَقُودُ مَجَامِرِهِمُ الأُلُوَّةُ - قَالَ أَبُو الْيَمَانِ يَعْنِى الْعُودَ - وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ». وَقَالَ مُجَاهِدٌ الإِبْكَارُ أَوَّلُ الْفَجْرِ، وَالْعَشِىُّ مَيْلُ الشَّمْسِ أَنْ تُرَاهُ تَغْرُبَ. أطرافه 3245، 3254، 3327 تحفة 13762 - 144/ 4 3247 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيَدْخُلَنَّ مِنْ أُمَّتِى سَبْعُونَ أَلْفًا - أَوْ سَبْعُمِائَةِ أَلْفٍ - لاَ يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ، وَجُوهُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ». طرفاه 6543، 6554 تحفة 4738 3248 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ - رضى الله عنه - قَالَ أُهْدِىَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - جُبَّةُ سُنْدُسٍ، وَكَانَ يَنْهَى عَنِ الْحَرِيرِ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا، فَقَالَ «وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِى الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا». طرفاه 2615، 2616 تحفة 1298 3249 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِثَوْبٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَجَعَلُوا يَعْجَبُونَ مِنْ حُسْنِهِ وَلِينِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِى الْجَنَّةِ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا». أطرافه 3802، 5836، 6640 تحفة 1850 3250 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَوْضِعُ سَوْطٍ فِى الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». أطرافه 2794، 2892، 6415 تحفة 4692 3251 - حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ فِى الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِى ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لاَ يَقْطَعُهَا». تحفة 1199 3252 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا هِلاَلُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ

فِى الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِى ظِلِّهَا مِائَةَ سَنَةٍ، وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ)». طرفه 4881 تحفة 13607 3253 - «وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ فِى الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أَوْ تَغْرُبُ». طرفه 2793 تحفة 13607 3254 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ هِلاَلٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَالَّذِينَ عَلَى آثَارِهِمْ كَأَحْسَنِ كَوْكَبٍ دُرِّىٍّ فِى السَّمَاءِ إِضَاءَةً، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لاَ تَبَاغُضَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَحَاسُدَ، لِكُلِّ امْرِئٍ زَوْجَتَانِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِنَّ مِنْ وَرَاءِ الْعَظْمِ وَاللَّحْمِ». أطرافه 3245، 3246، 3327 تحفة 13612 - 145/ 4 3255 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ عَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ أَخْبَرَنِى قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ قَالَ «إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِى الْجَنَّةِ». طرفاه 1382، 6195 تحفة 1796 3256 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَيُونَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا يَتَرَاءَيُونَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّىَّ الْغَابِرَ فِى الأُفُقِ مِنَ الْمَشْرِقِ أَوِ الْمَغْرِبِ، لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، تِلْكَ مَنَازِلُ الأَنْبِيَاءِ لاَ يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ قَالَ «بَلَى وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ». طرفه 6556 تحفة 4173 فيه ردٌّ على المعتزلة (¬1)، فإنهم أَنْكَرُوا كونهما مخلوقين من قبل. والتحقيقُ (¬2) عندي أنه قد سبق تخطيط درجاتهما، فهما مخلوقتان من قبل. ثم إن الجنة لتزخرف بعد من الأعمال الصالحة، وإن جهنم لتوقد من الأعمال الصالحة، فَتُضَاعَفَان زينةً وعذابًا. ولذا قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام في ليلة المِعْرَاج: «بلِّغ أمَّتَكَ منِّي السلام، وقُلْ لها: إن الجنةَ قِيعَانٌ طيبة التربة، وغِرَاسُها: سبحان الله، والحمد» - بالمعنى -. قوله: (التَّسْنِيمُ) - مزاجٌ لخمر الجنة، يُلْقَى فيها لطيب رائحته: "ملوني جو شراب برخو شبو كيلئي دَالتي رهين". ¬

_ (¬1) هكذا نبَّه عليه العينيُّ. (¬2) وعُلِمَ أن كلامَ الشيخ هذا من باب الحقائق دون العقائد، فليميَّز بينهما. ومن لا بَصَرَ له ولا بصيرةً لا يقوم بالفرق بين المقامين، وقد وقع مثله كثيرًا في هذه الوُرَيْقَاتِ.

قوله: (وَضِينُ النَّاقَةِ): "تنك". قوله: (المَوْزُ): "كيلا". قوله: (سَوْدَاوَانِ مِنَ الرِّيِّ) أي: "شادابي وسيرابي كيوجه سي". 3240 - قوله: (فإنَّهُ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بالغَدَاةِ والعَشِيِّ)، وفي الحديث إشارةٌ إلى أن ما في القبر هو العَرْضُ فقط، وأمَّا الدخولُ فيكون بعد الحشر. وفيه: أن بدايةَ التلذُّذ بنعيم الآخرة من القبر، ونهايتَهُ (¬1) في الجنة، والتحضيضُ بالوقتين على شاكلة الطعام في الدنيا. 3241 - قوله: (فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءِ) قلتُ: وهذه مشاهدةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في هذا الوقت، فلعلَّهن كُنَّ إذ ذاك أكثرها، وليس فيه بيانُ حكم جميع النساء، ولا مشاهدة جميع الأزمان، فلا إشكال فيما سيرد في الحديث: «أن لكلِّ رجلٍ من أهل الجنة زوجتين»، فكيف يمكن كونهن أكثرَ أهل النار؟ على أن الزوجتين الموعودتين من الحُورِ العين، كما هو عند البخاريِّ: «زوجتان من الحور العين»، وليس فيه أن هاتين من بنات آدم، إلاَّ أن يَثْبُتَ في طريقٍ من الطرق، فلينظره. 3243 - قوله: (سِتُّونَ مِيلًا)، وهو الأكثرُ، وفي بعض الروايات: «ثلاثون ميلًا» أيضًا. 3245 - قوله: (لا يَبْصُقُونَ فيها ولا يَمْتَخِطُون) قال الصدر الشِّيرازِي، وهو شيعيٌّ صوفيٌّ: إن أهلَ الجنةِ تَغْلِبُ عليهم الروحانية، وأهلَ النارِ تَغْلِبُ عليهم المادية، فتوسَّع أجسامهم، كما في الحديث. وهذا ما أراده الشيخُ الأكبرُ من قوله في الكبريت الأحمر: إن أهلَ الجنة يكونون في العالم الطبيعيِّ، وأهلَ النار في العالم العنصريِّ. والعالمُ الطبيعيُّ عنده فوق العالم العنصريِّ. واصطلاحُه هذا يحتاج إلى التفهيم والتقرير، إلاَّ أن مآلَه إلى ما ذكره الشِّيرَازيُّ. 3245 - قوله: (مَجَامِرُهُمْ الأَلُوَّةُ) قيل (¬2): تكون المَجَامِرُ نفسها من الأَلُوَّةِ، وقيل: تكون هي وقودها. قوله: (لا اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ). واعلم أن المؤمنين يَدْخُلُون الجنةَ، طائفةً طائفةً، ¬

_ (¬1) ويقول العبدُ الضعيفُ: وفي القرآن {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39]، وفي الحديث: "إن صلاةَ الفجر والعصر دَخَلا في رؤيته تعالى"، وفي صفة أهل الجنة عند البخاريِّ:، يسبِّحون اللهَ بُكْرةً وعشيًا". فافهم. (¬2) راجع تحقيقه من العينيِّ.

والتقدُّم والتأخُّر بينهما يكون بحسب تفاوت أعمالهم. فالتي تساوت أعمالًا تَدْخُلُ معًا، ولا يَظْهَرُ فيها الترتيب. ولذا وَرَدَتْ الزحمة في الحديث عند دخول باب الجنة، حتَّى تنتقل المَنَاكِب. وهو معنى ما في حديث سَهْل عند البخاريِّ من هذه الصفحة: «لا يَدْخُلُ أوَّلهُم حتَّى يَدْخُلَ آخرُهم»، يعني يَدْخُلُون معًا. قوله: (يُسَبِّحُون اللهَ بُكْرَةً وعَشِيًّا) وعند مسلم: "يُلْهَمُون التسبيحَ كالنفس"، فيجري منهم التسبيح جريان النفس، بدون عَمْدٍ وقَصْدٍ، وبه تكون حياتُهم، وذلك لبلوغهم نهاية الروحانية (¬1). 3246 - قوله: (أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ) ... إلخ، هذا الحديثُ أيضًا جَعَلَ أهلَ الجنة على زُمْرَاتٍ. وراعى بينها التناسب من جهة الأعمال. ولا ريبَ أن الزُّمْرَةَ التي كانت على صفةٍ واحدةٍ وَجَبَ دخولها في وقتٍ واحدٍ، ولا يناسب الترتيب بينها. ولذا أفضى الأمر إلى نقل المناكب، كما عَلِمْتَ. فائدة: واعلم أن الأنبياءَ عليهم السلام قد صاروا على وَتيرَةِ أهل الجنة في هذه النشأة أيضًا، ومن هذا الباب: بَلْعُ الأرضِ بَرَازَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقوَّتُه على الجِمَاعِ، وقد قرَّرناه فيما سَلَفَ، وحرَّم اللهُ أجسادَهم على الأرض أن تأكلها، إلى غير ذلك. 3247 - قوله: (قَالَ: لَيَدْخُلَنَّ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا أو سبعُ مِائَةِ أَلْفٍ) ... الخ، قال ابنُ كثيرٍ: إن المعروفَ في الروايات دخول سبعين ألف. ومع كلٍّ منهم سبعون ألفًا. ولا بُدَّ من تسليمه أيضًا. وإن لم يَذْكُرْه الراوي هناك، فإنه سَرَدَ له الروايات أيضًا. أمَّا من قال: سبعُ مائَةِ ألفٍ، فالظاهرُ أنه وَهْمٌ من الراوي. 3251 - قوله: (إنَّ في الجَنَّةِ لَشَجَرَةً)، وهي الطُّوبَى. 3255 - قوله: (إنَّ لَهُ مُرْضِعًا في الجَنَّةِ)، وفيه دليلٌ على أن الإنسانَ بعد الموت يَصْلُحُ للرضاع أيضًا، وأن هذا العالمَ، مما تتأتَّى فيه التربية أيضًا (¬2). 3256 - قوله: (الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الغَابِرَ)، المرادُ منه البعيدُ في الأُفُقِ. ¬

_ (¬1) قلتُ: وأمَّا رزقُهم من الجنة، فلعلَّه يكون للتلذذ لا لبقاء الحياة. ثم رأيتُ كلامًا لطيفًا في مكتوبات الشيخ المجدِّد السَّرْهَنْدِي -قُدِّس سرُّه- من موضعٍ، قال ما حاصلُه، على ما فهمته، وأذكره: إن نعم الجنة -لمَّا كانت حقائقها الأذكار، كما عَلِمتَ آنفًا: "أن غِراسها التسبيح، والتحميد"- لم يُوجِب الانهماك فيها، والتلذُّذ بها، إعراضًا وبُعْدًا عن حضرة الربوبية، بخلاف لذائذ الدنيا، فإنها تُورِثُ الغفلة على الغفلة، وتزيد البُعدَ على البعد، فافهم. (¬2) قلتُ: وفيه بشارةٌ بفضل إبراهيم عليه السلام، حيث عُدَّ من أخبر عنهم الله تعالى بحياتهم. فيأتيهم رزقهم غُدُوًّا وعَشِيًا، وكان رزقُه لبنًا، فَأُوتي في الجنة. أعني في نبأ رزقه إنباءٌ بحياته على شاكلة حياة الأنبياء عليهم السلام والشهداء، والله تعالى أعلم.

9 - باب صفة أبواب الجنة

9 - باب صِفَةِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الْجَنَّةِ». فِيهِ عُبَادَةُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 3257 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فِى الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ لاَ يَدْخُلُهُ إِلاَّ الصَّائِمُونَ». طرفه 1896 تحفة 4766 وقد أَجَادَ الشاه عبد القادر في نكتة كون أبوابها ثمانية، فراجعه. ثُمَّ اعلم أن أهلَ الجنة إنما أُوتُوا في الجنَّة مثل الدنيا، وما فيها، وعشرة أضعاف ذلك، لأنهم دُعُوا بالملوك في حديث عند مسلم، والملوكُ تناسِبُهم السَّعَة في مملكتهم. فاندفع ما قد يَخْتَلِجُ في الصدور، أنهم ماذا يفعلون بهذا الملك الوسيع، فإنه ليس للحاجة إليه، بل لأجل التشريف (¬1). 10 - باب صِفَةِ النَّارِ وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ {وَغَسَّاقًا} [النبأ:25] يُقَالُ: غَسَقَتْ عَينُهُ وَيَغْسِقُ الجُرْحُ، وَكَأَنَّ الغَسَاقَ وَالغَسَقَ وَاحِدٌ. {غِسْلِينٍ} [الحاقة: 36] كُلُّ شَيءٍ غَسَلتَهُ فَخَرَجَ مِنْهُ شَيءٌ فَهُوَ غِسْلِينُ، فِعْلِينُ مِنَ الغَسْلِ مِنَ الجُرْحِ وَالدَّبَرِ. وَقَالَ عِكْرمَةُ: {حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: 98] حَطب بِالحَبَشِيَّةِ. وَقَالَ غَيرُهُ {حَاصِبًا} [الإِسراء: 68] الرِّيحُ العَاصِفُ، وَالحَاصِبُ مَا تَرْمِي بِهِ الرِّيحُ، وَمِنْهُ {حَصَبُ جَهَنَّمَ}، يُرْمى بِهِ فِي جَهَنَّمَ هُمْ حَصَبُهَا، وَيُقَالُ: حَصَبَ فِي الأَرْضِ: ذَهَبَ، وَالحَصَبُ مُشْتَقٌّ مِنْ حَصْبَاءِ الحِجَارَةِ. {صَدِيدٍ} [إبراهيم: 16] قَيحٌ وَدَمٌ. {خَبَتْ} [الإِسراء: 97] طَفِئَتْ، {تُورُونَ} [الواقعة: 71] تَسْتَخْرِجُونَ، أَوْرَيتُ أَوْقَدْتُ، {لِلمُقْوِينَ} [الواقعة: 73] لِلمُسَافِرِينَ، وَالقِيُّ: القَفرُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {صِرطِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 23] سَوَاءُ الجَحِيمِ وَوَسَطُ الجَحِيمِ. {لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ} [الصافات: 67] يُخْلَطُ طَعَامَهُمْ وَيُسَاطُ بِالحَمِيمِ. {زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [هود: 106] صَوْتٌ شَدِيدٌ وَصَوْتٌ ضَعِيفٌ. {وِرْدًا} [مريم: 86] عِطَاشًا. {غَيًّا} [مريم: 59] خُسْرَانًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {يُسْجَرُونَ} [غافر: 72] تُوقَدُ بِهِمُ النَّارُ. {وَنُحَاسٌ} [الرحمن: 35] ¬

_ (¬1) ثم إن أيَّكم من يَقْنَعُ في الدنيا على قدر الحاجة؟ أَلاَ يشتهي كلُّكم أن يُؤْتَى الدنيا بحذافيرها، مع كونها فاضلةً عن حوائجكم. فما الإِيراد في الجنة، أليس عطاءُ الربِّ قدر سَعَة مُلْكه.

الصُّفرُ، يُصَبُّ عَلَى رُؤُوسِهِمْ، يُقَالُ: {ذُوقُواْ} [الحج: 22] بَاشِرُوا وَجَرِّبُوا، وَلَيسَ هذا مِنْ ذَوْقِ الفَمِ. {مَارِجٌ} [الرحمن: 15] خَالِصٌ مِنَ النَّارِ، مَرَجَ الأَمِيرُ رَعِيَّتَهُ إِذَا خَلاَّهُمْ يَعْدُو بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، {مَّرِيجٍ} [ق: 5] مُلتَبِسٌ، مَرِجَ أَمْرُ النَّاسِ اخْتَلَطَ. {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} [الرحمن: 19] مَرَجْتَ دَابَّتَكَ: تَرَكْتَهَا. 3258 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُهَاجِرٍ أَبِى الْحَسَنِ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ فَقَالَ «أَبْرِدْ». ثُمَّ قَالَ «أَبْرِدْ». حَتَّى فَاءَ الْفَىْءُ، يَعْنِى لِلتُّلُولِ، ثُمَّ قَالَ «أَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ». أطرافه 535، 539، 629 تحفة 11914 3259 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ رضى الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ». طرفه 538 تحفة 4006 3260 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا، فَقَالَتْ رَبِّ أَكَلَ بَعْضِى بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِى الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِى الصَّيْفِ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ فِى الْحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ». طرفه 537 تحفة 15170 3261 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ الضُّبَعِىِّ قَالَ كُنْتُ أُجَالِسُ ابْنَ عَبَّاسٍ بِمَكَّةَ، فَأَخَذَتْنِى الْحُمَّى، فَقَالَ أَبْرِدْهَا عَنْكَ بِمَاءِ زَمْزَمَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ». أَوْ قَالَ «بِمَاءِ زَمْزَمَ». شَكَّ هَمَّامٌ. تحفة 6530 3262 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْحُمَّى مِنْ فَوْرِ جَهَنَّمَ، فَأَبْرِدُوهَا عَنْكُمْ بِالْمَاءِ». طرفه 5726 تحفة 3562 - 147/ 4 3263 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ». طرفه 5725 تحفة 16899 3264 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ». طرفه 5723 تحفة 8162

11 - باب صفة إبليس وجنوده

3265 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نَارُكُمْ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً. قَالَ «فُضِّلَتْ عَلَيْهِنَّ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا، كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا». تحفة 13848 3266 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ عَطَاءً يُخْبِرُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} [الزخرف: 77]. طرفاه 3230، 4819 تحفة 11838 3267 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ، قَالَ قِيلَ لأُسَامَةَ لَوْ أَتَيْتَ فُلاَنًا فَكَلَّمْتَهُ. قَالَ إِنَّكُمْ لَتَرَوْنَ أَنِّى لاَ أُكَلِّمُهُ إِلاَّ أُسْمِعُكُمْ، إِنِّى أُكُلِّمُهُ فِى السِّرِّ دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بَابًا لاَ أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ، وَلاَ أَقُولُ لِرَجُلٍ أَنْ كَانَ عَلَىَّ أَمِيرًا إِنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ شَىْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالُوا وَمَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ «يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِى النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِى النَّارِ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ، فَيَقُولُونَ أَىْ فُلاَنُ، مَا شَأْنُكَ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ قَالَ كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ». رَوَاهُ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الأَعْمَشِ. طرفه 7098 تحفة 91 3261 - قوله: (فَقَالَ: أَبْرِدْهَا)، أي الحُمَّى، وعند ابن ماجه: «أن يُبْرِدَهَا»، بأن يُلْقي الماء على صدره، أو يُغْمَسُ في الماءِ. وحمله ابن سينا على الحُمَّى الصَّفْرَاوِيِّ، فإنه يفيده دواء. 3267 - قوله: (إنَّكُمْ لَتَرَوْنَ أَنِّي لا أُكَلِّمُهُ إلاَّ أُسْمِعُكُمْ) يعني: "تمهارايه خيال معلوم هو تاهى كه اكرمين تمهارى سامنى هى كهون جب تومين نى كهاورنه مين نى كهاهى هين". 11 - باب صِفَةِ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَيَقْذِفُونَ} [الصافات: 8] يُرْمَوْنَ. {دُحُورًا} مَطْرُودِينَ. {وَاصِبٌ} [الصافات: 9] دَائِمٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مَّدْحُورًا} [الأعراف: 18] مَطْرُودًا. يُقَالُ: {مَّرِيدًا} [النساء: 117] مُتَمَرِّدًا. بَتَّكَهُ: قَطَّعَهُ. {وَاسْتَفْزِزْ} [الإِسراء: 64] اسْتَخِفَّ، {بِخَيْلِكَ} الفُرْسَانُ، وَالرَّجْلُ الرَّجَّالَةُ، وَاحِدُهَا رَاجِلٌ، مِثْلُ صَاحِبٍ وَصَحْبٍ وَتَاجِرٍ وَتجْرِ. {لَأَحْتَنِكَنَّ} [الإسراء: 62] لأَسْتَأْصِلَنَّ. {قَرِينٌ} [الزخرف: 36] شَيطَانٌ. 3268 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ

- رضى الله عنها - قَالَتْ سُحِرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ اللَّيْثُ كَتَبَ إِلَىَّ هِشَامٌ أَنَّهُ سَمِعَهُ وَوَعَاهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سُحِرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّىْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ، حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا وَدَعَا، ثُمَّ قَالَ «أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِى فِيمَا فِيهِ شِفَائِى أَتَانِى رَجُلاَنِ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِى وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَىَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ قَالَ مَطْبُوبٌ. قَالَ وَمَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ. قَالَ فِى مَاذَا قَالَ فِى مُشُطٍ وَمُشَاقَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ. قَالَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِى بِئْرِ ذَرْوَانَ». فَخَرَجَ إِلَيْهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ «نَخْلُهَا كَأَنَّهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ». فَقُلْتُ اسْتَخْرَجْتَهُ فَقَالَ «لاَ أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِى اللَّهُ، وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا، ثُمَّ دُفِنَتِ الْبِئْرُ». أطرافه 3175، 5763، 5765، 5766، 6063، 6391 تحفة 17134، 17145 3269 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ مَكَانَهَا عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ. فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلاَّ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ». طرفه 1142 تحفة 13375 3270 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ نَامَ لَيْلَهُ حَتَّى أَصْبَحَ، قَالَ «ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِى أُذُنَيْهِ - أَوْ قَالَ - فِى أُذُنِهِ». طرفه 1144 تحفة 9297 3271 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَمَا إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ وَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا. فَرُزِقَا وَلَدًا، لَمْ يَضُرُّهُ الشَّيْطَانُ». أطرافه 141، 3283، 5165، 6388، 7396 تحفة 6349 - 149/ 4 3272 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا الصَّلاَةَ حَتَّى تَبْرُزَ، وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا الصَّلاَةَ حَتَّى تَغِيبَ». طرفه 583 تحفة 7322 3273 - «وَلاَ تَحَيَّنُوا بِصَلاَتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلاَ غُرُوبَهَا، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَىْ شَيْطَانٍ». أَوِ الشَّيْطَانِ. لاَ أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ قَالَ هِشَامٌ. أطرافه 582، 585، 589، 1192، 1629 تحفة 7322 3274 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَىْ أَحَدِكُمْ شَىْءٌ وَهُوَ

يُصَلِّى فَلْيَمْنَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيَمْنَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ». طرفه 509 تحفة 4000 3275 - وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ وَكَّلَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِى آتٍ، فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَقَالَ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِىِّ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَدَقَكَ وَهْوَ كَذُوبٌ، ذَاكَ شَيْطَانٌ». طرفاه 2311، 5010 تحفة 14482 3276 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَأْتِى الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ كَذَا مَنْ خَلَقَ كَذَا حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ، وَلْيَنْتَهِ». تحفة 14160 3277 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى أَنَسٍ مَوْلَى التَّيْمِيِّينَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ». طرفاه 1898، 1899 تحفة 14342 - 150/ 4 3278 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ حَدَّثَنَا أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ مُوسَى قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا، قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَإِنِّى نَسِيتُ الْحُوتَ، وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ، وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِى أَمَرَ اللَّهُ بِهِ». أطرافه 74، 78، 122، 2267، 2728، 3400، 3401، 4725، 4726، 4727، 6672، 7478 تحفة 39 3279 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُشِيرُ إِلَى الْمَشْرِقِ فَقَالَ «هَا إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ». أطرافه 3104، 3511، 5296، 7092، 7093 تحفة 7242 3280 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا اسْتَجْنَحَ {اللَّيْلُ} - أَوْ كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ - فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ فَحُلُّوهُمْ وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَأَطْفِئْ مِصْبَاحَكَ، وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَأَوْكِ سِقَاءَكَ، وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَخَمِّرْ إِنَاءَكَ، وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَلَوْ تَعْرُضُ عَلَيْهِ شَيْئًا». أطرافه 3304، 3316، 5623، 5624، 6295، 6296 تحفة 2446

3281 - حَدَّثَنِى مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ صَفِيَّةَ ابْنَةِ حُيَىٍّ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُعْتَكِفًا، فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ، فَانْقَلَبْتُ فَقَامَ مَعِى لِيَقْلِبَنِى. وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِى دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَمَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَسْرَعَا، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَىٍّ». فَقَالاَ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّى خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِى قُلُوبِكُمَا سُوءًا - أَوْ قَالَ - شَيْئًا». أطرافه 2035، 2038، 2039، 3101، 6219، 1717 تحفة 15901 3282 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَرَجُلاَنِ يَسْتَبَّانِ، فَأَحَدُهُمَا احْمَرَّ وَجْهُهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، لَوْ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ. ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ». فَقَالُوا لَهُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ». فَقَالَ وَهَلْ بِى جُنُونٌ طرفاه 6048، 6115 تحفة 4566 - 151/ 4 3283 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ {اللَّهُمَّ} جَنِّبْنِى الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنِى. فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرُّهُ الشَّيْطَانُ، وَلَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ». قَالَ وَحَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. أطرافه 141، 3271، 5165، 6388، 7396 تحفة 6349 3284 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ صَلَّى صَلاَةً فَقَالَ «إِنَّ الشَّيْطَانَ عَرَضَ لِى، فَشَدَّ عَلَىَّ يَقْطَعُ الصَّلاَةَ عَلَىَّ، فَأَمْكَنَنِى اللَّهُ مِنْهُ». فَذَكَرَهُ. أطرافه 461، 1210، 3423، 4808 تحفة 14384 3285 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا نُودِىَ بِالصَّلاَةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ، فَإِذَا قُضِىَ أَقْبَلَ، فَإِذَا ثُوِّبَ بِهَا أَدْبَرَ، فَإِذَا قُضِىَ أَقْبَلَ، حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الإِنْسَانِ وَقَلْبِهِ، فَيَقُولُ اذْكُرْ كَذَا وَكَذَا. حَتَّى لاَ يَدْرِى أَثَلاَثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا فَإِذَا لَمْ يَدْرِ ثَلاَثًا صَلَّى أَوْ أَرْبَعًا سَجَدَ سَجْدَتَىِ السَّهْوِ». أطرافه 608، 1222، 1231، 1232 تحفة 15393 3286 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُّ بَنِى آدَمَ يَطْعُنُ الشَّيْطَانُ فِى جَنْبَيْهِ بِإِصْبَعِهِ حِينَ يُولَدُ، غَيْرَ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ، ذَهَبَ يَطْعُنُ فَطَعَنَ فِى الْحِجَابِ». طرفاه 3431، 4548 تحفة 13772

3287 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ قَدِمْتُ الشَّأْمَ {فَقُلْتُ مَنْ هَا هُنَا} قَالُوا أَبُو الدَّرْدَاءِ قَالَ أَفِيكُمُ الَّذِى أَجَارَهُ اللَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ وَقَالَ الَّذِى أَجَارَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْنِى عَمَّارًا. أطرافه 3742، 3743، 3761، 4943، 4944، 6278 تحفة 10956 - 152/ 4 3288 - قَالَ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ أَنَّ أَبَا الأَسْوَدِ أَخْبَرَهُ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمَلاَئِكَةُ تَتَحَدَّثُ فِى الْعَنَانِ - وَالْعَنَانُ الْغَمَامُ - بِالأَمْرِ يَكُونُ فِى الأَرْضِ، فَتَسْمَعُ الشَّيَاطِينُ الْكَلِمَةَ، فَتَقُرُّهَا فِى أُذُنِ الْكَاهِنِ، كَمَا تُقَرُّ الْقَارُورَةُ، فَيَزِيدُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذِبَةٍ». أطرافه 3210، 5762، 6213، 7561 تحفة 16398 3289 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «التَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَالَ هَا. ضَحِكَ الشَّيْطَانُ». طرفاه 6223، 6226 تحفة 14322، 13019 3290 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ هِشَامٌ أَخْبَرَنَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ لَمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ فَصَاحَ إِبْلِيسُ أَىْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ. فَرَجَعَتْ أُولاَهُمْ فَاجْتَلَدَتْ هِىَ وَأُخْرَاهُمْ، فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ فَقَالَ أَىْ عِبَادَ اللَّهِ أَبِى أَبِى. فَوَاللَّهِ مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ عُرْوَةُ فَمَا زَالَتْ فِى حُذَيْفَةَ مِنْهُ بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ. أطرافه 3824، 4065، 6668، 6883، 6890 تحفة 16824، 19025 أ 3291 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْتِفَاتِ الرَّجُلِ فِى الصَّلاَةِ. فَقَالَ «هُوَ اخْتِلاَسٌ يَخْتَلِسُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاَةِ أَحَدِكُمْ». طرفه 751 تحفة 17661 3292 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا

حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلُمًا يَخَافُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا، فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ». أطرافه 5747، 6984، 6986، 6995، 6996، 7005، 7044 تحفة 12112 3293 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ. فِى يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِىَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ». طرفه 6403 تحفة 12571 - 153/ 4 3294 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ سَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ قَالَ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الْحِجَابَ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَضْحَكُ، فَقَالَ عُمَرُ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاَءِ اللاَّتِى كُنَّ عِنْدِى، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ». قَالَ عُمَرُ فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ يَهَبْنَ. ثُمَّ قَالَ أَىْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ، أَتَهَبْنَنِى وَلاَ تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْنَ نَعَمْ، أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلاَّ سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ». طرفاه 3683، 6085 تحفة 3918 3295 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا اسْتَيْقَظَ - أُرَاهُ - أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَتَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلاَثًا، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ». تحفة 14284 3268 - قوله: (سُحِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إَلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشيءَ، ومَا يَفْعَلُهُ) وإنما بَقِيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم على هذا الحال ستة، أو سبعة أشهر. قوله: (وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ) أي كان ذلك السِّحْرُ "تونا" موضوعًا فيه، فأخرجه الصحابةُ رضي الله عنهم، ونَقَضُوه. فَدَلَّ على أن نَقْضَ ما فيه السحر يُوجِبُ إبطال أثره (¬1). ¬

_ (¬1) قلتُ: وذلك كما أن نَقْضَ الشيء يُوجِبُ رفع البركة عنه أيضًا، فَلاَ بُعْدَ فيه. وعَلِمْنَاه من الأحاديث، فإن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أعطى رَجُلًا تمرًا، وجمعه، ومنعه أن يَتقُضَهُ، ونحوه غير قليلٍ.

قوله: ({طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (65)}) [الصافات: 65]. فيه بيانٌ لما كانت في هذا المحلِّ من الوحشية، وقد كنتُ أرَدْتُ مرَّةً أن أدَّعِي أنه ليس في القرآن تشبيهٌ وتمثيلٌ مخيَّلٌ، إلاَّ أني كَفَفْتُ عنه لهذا التشبيه، فإنه مُخَيَّلٌ. وراحع تفصيله من «الفوائد السمرقندية»، أمَّا قوله: {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} [البقرة: 20] فليس بمخيَّل، بل هو واقعٌ على الصراط، كما هو عند مسلم. قوله: (دُفِنَتِ البِئْرُ): "بات دياكيا". 3280 - قوله: (إذا اسْتَجْنَحَ اللَّيْلُ) أي أَقْبَلَتْ أوائله. قوله: (فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فإن الشَّياطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ)، وَفهِمْتُ من الأحاديث أن للشياطين انتشارًا وهجومًا بعد غروب الشمس، كهجوم الصِّبْيَان عند خروجهم من المدرسة. قوله: (وأَطْفِىء مِصْبَاحَكَ، واذْكُرِ اسْمَ الله) ولعلَّ التسميةَ عند وضعه حين أناره، لا عند الإطفاء، فإن المناسبَ لحال التسمية هو بداية الأمور لا نهايتها. فَلاَ أَدْرِي أَهُوَ وَهْمٌ من الرواة، أو المسألةُ ذلك. 3282 - قوله: (فَقَالَ: وَهَلْ بي جُنُونٌ)، وهي كلمةٌ عظيمةٌ (¬1)، فلو كان قائلها مُسْلِمًا وَجَبَ تخليص رقبته من الكفر بإِخراج مَحْمَلٍ صحيحٍ، وإن كان منافقًا استرحنا. 3286 - قوله: (فَطَعَنَ في الحِجَابِ)، أي في الجلد الذي يكون فيه الصبيُّ (¬2). 3289 - قوله: (التَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ)، والحديث يُسْنِدُ العُطَاس إلى الرحمن، لأن الأوَّلَ يُوجِبُ الكسل، والشيطان يَرْضَى به، فأُسْنِدَ إليه إسنادَ الخبائث إليه. والثاني يَدُلُّ على نشاط الطبع، والجودة عمومًا، وإن كان في بعض الأحوال من المرض أيضًا، فَنَاسَبَ أن يُسْنَدَ إلى الرحمن، على سُنَّةِ إسناد الطيِّبات. 3292 - قوله: (والحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلُمًا يَخَافُهُ) ... إلخ، فيه توجيهٌ إلى أن يَنْظُرَ أنَّ الحُلُمَ إن كان سطحُهُ مُوحِشًا، ممَّا يُظَنُّ أنه من الشيطان، نحو أن كان رؤيا مخيفةً، فهي من الشيطان. وليس فيه بيانُ ضابطةٍ كلِّيةٍ لتميُّز حُلُم الشيطان من رؤيا الرحمن، وأنَّى يُمْكِنُ من العوام. فافهم، واستقم، ولا تعجل. ¬

_ (¬1) قال النوويُّ: هذا كلامُ من لم يتفقَّهْ في دين الله، ولم يتهذَّب بأنوار الشريعة المكرَّمة. وتَوَهَّم أن الاستعاذةَ مختصَّةٌ بالمجانين، ولم يَعْلَمْ أن الغضبَ من نزعات الشيطان. ويُحْتَمَلُ أنه كان من المنافقين، أو من جفاة الأعراب، اهـ "عمدة القاري". (¬2) قلتُ: وفي تقرير الفاضل مولانا عبد القدير: أنه فضيلةٌ جزئيةٌ مختصَّةٌ به، ومرَّ تمامه. قلتُ: ولم أَجِدْ تقريره من هذا الموضع، وقد حرَّرْتُ فيما مرَّ ما حفظته عن شيخي.

12 - باب ذكر الجن وثوابهم وعقابهم

3293 - قوله: (مَنْ قَالَ: لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ، ... مِئةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ) فَمَنْ قَالَها عشر مرات يَحْصُلُ له ثواب عتق رقبة، هذا هو الأصل عند الحافظ. والمختارُ عندي ما عند الترمذيِّ، أي ثواب رقبة لمن قَالَها مرَّةً واحدةً، فهي رواية البخاريِّ وَهْمٌ من الراوي. والأصلُ: «من قالها عشر مرات، كانت له عَدْل عشر رقاب» ... إلخ. والله تعالى أعلم بحقيقة الحال. 12 - باب ذِكْرِ الْجِنِّ (¬1) وَثَوَابِهِمْ وَعِقَابِهِمْ لِقَوْلِهِ: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي} [الأنعام: 130] إِلَى قَوْلِهِ: {عَمَّا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 130 - 132]، {بَخْسًا} [الجن: 13] نَقْصًا. قالَ مُجَاهِدٌ: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا} [الصافات: 158]، قالَ كُفَّارُ قُرَيشٍ: المَلاَئِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، وَأُمَّهَاتُهُمْ بَنَاتُ سَرَوَاتِ الجِنِّ. قالَ اللَّهُ: {وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} [الصافات: 158]، سَتُحْضَرُ لِلحِسَابِ. {جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} [يس: 75] عِنْدَ الحِسَابِ. 3296 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ الأَنْصَارِىِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - قَالَ لَهُ «إِنِّى أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِى غَنَمِكَ وَبَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ بِالصَّلاَةِ، فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلاَ إِنْسٌ وَلاَ شَىْءٌ إِلاَّ شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 609، 7548 تحفة 4105 ونُسِبَ إلى إمامنا في الفقه: أن لا ثوابَ لهم ولا عِقَابَ. ورأيتُ في الخارج: فيه مناظرةٌ بين أبي حنيفة، ومالك، فكان مالكُ يقولُ بدخولهم في الجنَّة، ويَقْرَأُ آيةً، وأبو حنيفة يُنْكِرْهُ، ويتلو آيةً، إلاَّ أنه لم يَذْكُرْ تلك الآيات. والذي تبيَّن لي في هذا الباب: أنهم يكونون تَبَعًا لنا في الجنَّة، كما أنهم تَبَعٌ لنا في الدنيا، فيأكلون زَادَهم مما أَفْضَلْنَا لهم، وكذلك لا يَسْكُنُون إلاَّ في الغيران والجبال، أي في الحواشي والأطراف، ونحن نَسْكُنْ في متن العمرانات، ولعلَّه ذلك حالَهم في الجنَّة، فيستمتعون بما يَتْرُكُ لهم الإِنسُ من المطاعم، والمشارب، والأماكن. ولعلَّ هذا هو الذي أراده إمامُنَا، فحرَّف الناسُ في النقل، وعَزُوا إليه النفيَ مطلقًا. ¬

_ (¬1) وقد بَسَطَ الحافظُ في تحقيقهم، وما يتعلَّق بأحكامهم في "الفتح"، ونقل عن لَيْث بن سليم قال: ثَوَابُ الجنِّ أن يُجارُوا من النار، ثم يُقَالُ لهم: كونوا تُرَابًا، ورُوِيَ عن أبي حنيفة نحو هذا القول. ثم نقل الاختلاف في أنهم يَدْخُلون مدخل الإِنس، أولًا، فذكر فيه أقوالًا: منها: أنهم يكونون في رَبَضِ الجنة، وهو منقولٌ عن مالك، وطائفةٍ، وإليه يُومِىءُ كلام الشيخ رحمه الله تعالى. وتكلَّم الشيخ العينيُّ في تحقيق إبليس في "العمدة" مبسوطًا، وأبسط منه فيما يتعلَّق بمباحث الجن. وراجع "آكام المرجان" حيث الكتابُ كلُّه في هذا الموضوع.

13 - باب قوله عز وجل: {وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن} إلى قوله {أولئك في ضلال مبين} [الأحقاف: 29 - 32]

13 - باب قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} إِلَى قَوْلِهِ {أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الأحقاف: 29 - 32] {مَصْرِفًا} [الكهف: 53] مَعْدِلًا، {صَرَّفْنَا} أَي وَجَّهْنَا. واعلم أنه لم يتبيَّن لي بعدُ، أن قوله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} من سورة الأحقاف، وقوله: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} من سورة الجن [الآية: 1]، هل هما واقعتان، أو واقعةٌ، والتعبيرُ بالنَّفَر في الموضعين يُشْعِرُ بوحدتهما، والله تعالى أعلم بالصواب. 14 - باب قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} [البقرة: 164] قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الثُّعْبَانُ الحَيَّةُ الذَّكَرُ مِنْهَا. يُقَالُ: الحَيَّاتُ أَجْنَاسٌ: الجَانُّ وَالأَفَاعِي وَالأَسَاوِدُ. {آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} [هود: 56] في مِلكِهِ وَسُلطَانِهِ. يُقَالُ: {صَافَّاتٍ} بُسُطٌ أَجْنِحَتَهُنَّ. {وَيَقْبِضْنَ} [الملك: 19]: يَضْرِبْنَ بِأَجْنِحَتِهِنَّ. 3297 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ «اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ، وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالأَبْتَرَ، فَإِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ الْبَصَرَ، وَيَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَلَ». أطرافه 3310، 3312، 4016 تحفة 6938 3298 - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَبَيْنَا أَنَا أُطَارِدُ حَيَّةً لأَقْتُلَهَا فَنَادَانِى أَبُو لُبَابَةَ لاَ تَقْتُلْهَا. فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ. قَالَ إِنَّهُ نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ، وَهْىَ الْعَوَامِرُ. أطرافه 3311، 3313 تحفة 12147 3299 - وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ فَرَآنِى أَبُو لُبَابَةَ أَوْ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ. وَتَابَعَهُ يُونُسُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَإِسْحَاقُ الْكَلْبِىُّ وَالزُّبَيْدِىُّ. وَقَالَ صَالِحٌ وَابْنُ أَبِى حَفْصَةَ وَابْنُ مُجَمِّعٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَآنِى أَبُو لُبَابَةَ وَزَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ. تحفة 12147، 3768، 6985، 6821، 6926، 6860، 6919 - 155/ 4 3297 - قوله: (اقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ)، قيل: هما خَطَّان من رأسها إلى ذنبها، وقيل: هما نقطتان على عينيها شبه حلمة الثدي. وبَلَغني عن ثقةٍ: أنه تُوجَدُ في العرب حيَّةٌ يكون على رأسها قرنان، كما يكون على رأس ثمر في الهند يُقَالُ له: اسنكهاره، ولا يُعْدَ أن يكونَ المرادُ من الطَّفْيَتَيْن هما هذان القرنان. 15 - باب خَيْرُ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ 3300 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الرَّجُلِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ». أطرافه 19، 3600، 6495، 7088 تحفة 4103 3301 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رَأْسُ الْكُفْرِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلاَءُ فِى أَهْلِ الْخَيْلِ وَالإِبِلِ، وَالْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ، وَالسَّكِينَةُ فِى أَهْلِ الْغَنَمِ». أطرافه 3499، 4388، 4389، 4390 تحفة 13823 3302 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسٌ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو أَبِى مَسْعُودٍ قَالَ أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ نَحْوَ الْيَمَنِ فَقَالَ «الإِيمَانُ يَمَانٍ هَا هُنَا، أَلاَ إِنَّ الْقَسْوَةَ وَغِلَظَ الْقُلُوبِ فِى الْفَدَّادِينَ عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ، حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ فِى رَبِيعَةَ وَمُضَرَ». أطرافه 3498، 4387، 5303 تحفة 10005 3303 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ، فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا، وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّهُ رَأَى شَيْطَانًا». تحفة 13629 3304 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا رَوْحٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ - أَوْ أَمْسَيْتُمْ - فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَحُلُّوهُمْ، وَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا». قَالَ وَأَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ نَحْوَ مَا أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ وَلَمْ يَذْكُرْ «وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ». أطرافه 3280، 3316، 5623، 5624، 6295، 6296 تحفة 2446، 2556، 156/ 4 3305 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ لاَ يُدْرَى مَا فَعَلَتْ، وَإِنِّى لاَ أُرَاهَا إِلاَّ الْفَارَ إِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الإِبِلِ لَمْ تَشْرَبْ، وَإِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الشَّاءِ شَرِبَتْ». فَحَدَّثْتُ كَعْبًا فَقَالَ أَنْتَ سَمِعْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُهُ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ لِى مِرَارًا. فَقُلْتُ أَفَأَقْرَأُ التَّوْرَاةَ تحفة 14463 3306 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِلْوَزَغِ الْفُوَيْسِقُ. وَلَمْ أَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ. وَزَعَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِقَتْلِهِ. طرفه 1831 تحفة 16696

3307 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَهَا بِقَتْلِ الأَوْزَاغِ. طرفه 3359 تحفة 18329 3308 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يَلْتَمِسُ الْبَصَرَ، وَيُصِيبُ الْحَبَلَ». طرفه 3309 تحفة 16829 3309 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِقَتْلِ الأَبْتَرِ وَقَالَ «إِنَّهُ يُصِيبُ الْبَصَرَ، وَيُذْهِبُ الْحَبَلَ». طرفه 3308 تحفة 17320 3310 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ أَبِى يُونُسَ الْقُشَيْرِىِّ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقْتُلُ الْحَيَّاتِ ثُمَّ نَهَى قَالَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - هَدَمَ حَائِطًا لَهُ، فَوَجَدَ فِيهِ سِلْخَ حَيَّةٍ فَقَالَ «انْظُرُوا أَيْنَ هُوَ». فَنَظَرُوا فَقَالَ «اقْتُلُوهُ». فَكُنْتُ أَقْتُلُهَا لِذَلِكَ. أطرافه 3297، 3312، 4016 تحفة 7278 3311 - فَلَقِيتُ أَبَا لُبَابَةَ فَأَخْبَرَنِى أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقْتُلُوا الْجِنَّانَ، إِلاَّ كُلَّ أَبْتَرَ ذِى طُفْيَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الْوَلَدَ، وَيُذْهِبُ الْبَصَرَ، فَاقْتُلُوهُ». طرفا 3298، 3313 تحفة 12147 3312 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْتُلُ الْحَيَّاتِ. أطرافه 3297، 3310، 4016 تحفة 7611 3313 - فَحَدَّثَهُ أَبُو لُبَابَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ قَتْلِ جِنَّانِ الْبُيُوتِ، فَأَمْسَكَ عَنْهَا. أطرافه 3298، 3311 تحفة 12147 3302 - قوله: (الإِيمَانُ يَمَانٍ)، وذلك لكونهم أوَّلَ إجابةٍ لدعوة إبراهيم عليه الصلاة والسلامَ، حين نادى للحجِّ، وكونهم مسلمين عن طَوْعٍ منهم. 3303 - قوله: (إِذَا سَمِعْتُم صِيَاحَ الدِّيَكَةِ) ... إلخ، وفي بعض (¬1) الروايات: «أن تحت العرش ديكًا إذا صَاحَ، صَاحَ ديكُ الدنيا»، وإسنادُه ضعيفٌ. 3305 - قوله: (فُقِدَتْ أُمَّةٌ من بني إِسْرَائِيلَ، لا يُدْرَى ما فَعَلَتْ) ... إلخ، ومن آثارِهِ أن الفأرةَ (¬2) إذا قَدَّمْتَ إليها لبنَ الإِبل، فإنها لا تَشْرَبُهُ، فإن بني إسرائيل لم يَكُونُوا ¬

_ (¬1) أخرج الحافظ: "أن تحت العرش ستارةً معلَّقةً فيه، ثم تُطْوَى، فإذا نُشِرَتْ كانت علامة البُكُورِ، وإذا طُوِيَت كانت علامة العَشِيِّ، اهـ، قال: وإسنادُه ضعيفٌ. (¬2) قلتُ: روى الطحاويُّ في "مشكله" بأسانيد متعدِّدة: "أن اللهَ تعالى لم يُهْلِكْ قومًا، فيجعل لهم نَسْلًا، ولا عَقِبًا"، =

16 - باب باب إذا وقع الذباب فى شراب أحدكم فليغمسه فإن في إحدى جناحيه داء وفى الأخر شفاء وخمس من الدواب فواسق، يقتلن فى الحرم

يَشْرَبُونَهُ. قيل: إن الأُمَّةَ إذا مُسِخَتْ، فإنها لا تبقى فوق ثلاثة أيام، فكيف يُمْكِنُ أن تكونَ الفأرة منها؟ وأُجِيبَ أن المرادَ منه المسخ في جنسها، لا أنها من الأُمَّةِ الممسوخةِ بشخصها. قلتُ: إن الأحاديثَ التي وَرَدَتْ في بقاء الأُمَّةِ الممسوخةِ إلى ثلاثة أيامٍ، ليست بكليَّةٍ أيضًا. 3311 - قوله: (الجِنَّانَ) قال الترمذيُّ هي حيَّةٌ كقضيب الفضة في البياض، لا تَلْوِي في المشية. 16 - باب باب إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِى شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَفِى الأخْر شِفَاءً وخَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ فِى الْحَرَمِ 3314 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عَنْهَا - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِى الْحَرَمِ الْفَأْرَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْحُدَيَّا، وَالْغُرَابُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ». طرفه 1829 تحفة 16629 - 157/ 4 3315 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ مَنْ قَتَلَهُنَّ وَهْوَ مُحْرِمٌ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ الْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ». طرفه 1826 تحفة 7247 3316 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ كَثِيرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - رَفَعَهُ قَالَ «خَمِّرُوا الآنِيَةَ، وَأَوْكُوا الأَسْقِيَةَ، وَأَجِيفُوا الأَبْوَابَ، وَاكْفِتُوا صِبْيَانَكُمْ عِنْدَ الْعِشَاءِ، فَإِنَّ لِلْجِنِّ انْتِشَارًا وَخَطْفَةً، وَأَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ عِنْدَ الرُّقَادِ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا اجْتَرَّتِ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْتِ». قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَحَبِيبٌ عَنْ عَطَاءٍ فَإِنَّ لِلشَّيَاطِينِ. أطرافه 3280، 3304، 5623، 5624، 6295، 6296 تحفة 2476، 2446 ¬

_ = ثم أجاب عن قوله تعالى: {وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ} [المائدة: 60]: فإن الظاهرَ أنه جعلها من القوم الذين سَخِطَ عليهم، ولعنهم. ثم بوَّبَ بحديث الفأرة، وقال ما حاصلُه: إنه صلَّى الله عليه وسلَّم قال ما قال في الفأرة قبل عِلْمِهِ بأن اللهَ لا يجعل للممسوخين نَسْلًا ولا عَقِبًا، وعليه حَمَلَ قولُه صلى الله عليه وسلم في الضَّبِّ: "إن أمة مُسِخَتْ، فلا أَدْرِي ما فعلت". ولعلَّ هذا منه، وراجع "العمدة"، ولأن الممسوخَ لا يبقى له نَسْلٌ: "عمدة القاري". قال الطحاويُّ في "مشكله" بعد إخراج أحاديث المَقْلِ: وهل للذباب من اختيارٍ حتى يُقَدِّمَ أحد جناحيه لمعنى فيه، وُيؤَخِّرَ الآخر لمعنى فيه، خلاف ذلك المعنى؟ فأجاب عنه بما حاصله: إنه إلهامٌ من الله تعالى إيَّاه بذلك، على حد قوله: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [النحل: 68]، وقوله تعالى: {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} [النمل: 18] وقوله تعالى في الهُدْهُدِ: {إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ} [النمل: 23]، فكذلك إلقاء الذباب الجناح.

17 - باب إذا وقع الذباب فى شراب أحدكم فليغمسه، فإن فى إحدى جناحيه داء وفي الأخرى شفاء

3317 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَارٍ فَنَزَلَتْ {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (1)} فَإِنَّا لَنَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ، إِذْ خَرَجَتْ حَيَّةٌ مِنْ جُحْرِهَا فَابْتَدَرْنَاهَا لِنَقْتُلَهَا، فَسَبَقَتْنَا فَدَخَلَتْ جُحْرَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وُقِيَتْ شَرَّكُمْ، كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا». وَعَنْ إِسْرَائِيلَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ قَالَ وَإِنَّا لَنَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ رَطْبَةً. وَتَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ. وَقَالَ حَفْصٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. أطرافه 1830، 4930، 4931، 4934 تحفة 9455، 9430، 9447، 9163 3318 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِىٍّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِى هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خِشَاشِ الأَرْضِ». قَالَ وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. طرفاه 2365، 3482 تحفة 8016، 12986 - 158/ 4 3319 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نَزَلَ نَبِىٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَلَدَغَتْهُ نَمْلَةٌ، فَأَمَرَ بِجَهَازِهِ فَأُخْرِجَ مِنْ تَحْتِهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِبَيْتِهَا فَأُحْرِقَ بِالنَّارِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ فَهَلاَّ نَمْلَةً وَاحِدَةً». طرفه 3019 تحفة 13849 17 - باب إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِى شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ، فَإِنَّ فِى إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَفِي الأُخْرَى شِفَاءً 3320 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُتْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِى شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ، ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ، فَإِنَّ فِى إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَالأُخْرَى شِفَاءً». طرفه 5782 تحفة 14126 3321 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «غُفِرَ لاِمْرَأَةٍ مُومِسَةٍ مَرَّتْ بِكَلْبٍ عَلَى رَأْسِ رَكِىٍّ يَلْهَثُ، قَالَ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا، فَأَوْثَقَتْهُ بِخِمَارِهَا، فَنَزَعَتْ لَهُ مِنَ الْمَاءِ، فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ». طرفه 3467 تحفة 12243، 14486 3322 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْتُهُ مِنَ الزُّهْرِىِّ كَمَا أَنَّكَ هَا هُنَا أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِى طَلْحَةَ - رضى الله عنهم - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -

قَالَ «لاَ تَدْخُلُ الْمَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَةٌ». أطرافه 3225، 3226، 4002، 5949، 5958 تحفة 3779 3323 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلاَبِ. تحفة 8349 3324 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا يَنْقُصْ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ، إِلاَّ كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ». طرفه 2322 تحفة 15432 3325 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ أَخْبَرَنِى يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ أَبِى زُهَيْرٍ الشَّنَئِىَّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا لاَ يُغْنِى عَنْهُ زَرْعًا وَلاَ ضَرْعًا، نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ». فَقَالَ السَّائِبُ أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ إِىْ وَرَبِّ هَذِهِ الْقِبْلَةِ. طرفه 2323 تحفة 4476 - 159/ 4 قلتُ: وأمرُ الغَمْسِ وإن كان مُطْلَقًا في الحديث، لكنه مقيَّدٌ عندي بما لم يكن الشيءُ حارًّا، لأن الغَمْسَ فيه لا يزيد إلاَّ شرًّا، وقال بعضُهم: إن الذبابَ كثيرًا ما يَطِيحُ على النجاسات، فينبغي أن لا يُغْمَسَ في البارد أيضًا. قلتُ: وهذا جَهْلٌ، لأن حاصلَه: رفعُ مِصْدَاق الحديث من الوساوس، والشُّبُهَات. نعم إن كانت بقربه نجاسةٌ، فطار منها، ثم وَقَعَ في شيءٍ، فذاك محلُّ تأمُّلٍ. ولينظر فيه المُحَدِّث أنه هل من فَرْقٍ بين الذباب الواقع من مكانٍ نظيفٍ، ليست حوله نجاسةٌ، وبين الواقع من مكانٍ في حواليه تلك. وإنما لم يتعرَّض له الفقهاء، لأن وظيفتهم الحِلُّ والحُرْمَةُ، والطهارةُ والنجاسةُ، ولعلَّ ما عليه من النجاسة ليست بنجاسةٍ عندهم، فإنها قليلةٌ جدًا، فلم يتعرَّضوا إليه لذلك. قوله: (فإن في إحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً، وفي الأُخْرَى شِفَاءً) قال الدَّمِيرِي: وجرَّبْتُ أنه يقدِّم الجناحَ الأيسرَ في الغَمْسِ، وفيه الداء، والشفاء في الأيمن، فليغمسه أيضًا، ليكون هذا بهذا. وقرَّر ابنُ القيِّم أن من صُنْعِ الله تعالى أنه لم يَخْلُقْ السُّمَّ من الحيوانات، والجمادات، والنباتات، إلاَّ وخَلَق بجنبها تِرْياقًا لها، فأخبثُ الحيوانات الحيَّةُ، وتِرْيَاقُها على رأسها، ويُقَال له: حجر الحية، وكذا خبث الجمادات: "هيرا" وخُلِقَ تِرْيَاقُه: "زمرد"، وكذا أخبثُا لأشجار "بيس"، وتِرْيَاقُه "نربس" أي الجدوار، خُلِقَ بقربه. فكذلك الذُّبَابُ إذا خُلِقَ في إحدى جَنَاحَيْهِ داءٌ، خُلِقَ بقربه دواؤه، فَتَبَارَكَ اللَّهُ أحسنُ الخالقين. 3322 - قوله: (لا تَدْخُلُ المَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ) قال ابن قُتَيْبَة في مختلف الحديث: إن الشيطانَ أَشْبَهُ بالكلب، فإنَّهُ يَشُمُّ الأشياء كشمِّه، ويَعْدُو عليك كعدو الكلب، فإذا ذَكَرْتَ اللَّهَ تلكَّأ كالكلب عند رؤية العصا، وهو معنى الخنَّاس. ولذا قال: لا ينبغي أكل الطعام عند الكلب، لأن له عينًا، كعين الإِنسان، فَتَلُمُّ به.

60 - كتاب أحاديث الأنبياء

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 60 - كِتَابُ أَحَادِيثِ الأَنْبِيَاء 1 - باب خَلْقِ آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ {صَلْصَالٍ} [الحجر: 33]: طِينٌ خُلِطَ بِرَمْلٍ، فَصَلصَلَ كَمَا يُصَلصِلُ الفَخَّارُ، وَيُقَالُ: مُنْتِنٌ، يُرِيدُونَ بِهِ صَلَّ، كَمَا يُقَالُ: صَرَّ البَابُ، وَصَرْصَرَ عِنْدَ الإِغْلاَقِ، مِثْلُ كبْكَبْتُهُ، يَعْنِي كَبَبْتُهُ. {فَمَرَّتْ بِهِ} [الأعراف: 189]: اسْتَمَرَّ بِهَا الحَمْلُ فَأَتَمَّتْهُ. {أَلَّا تَسْجُدَ} [الأعراف: 12]: أَنْ تَسْجُدَ. وقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30]. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق: 4]: إِلاَّ عَلَيهَا حَافِظٌ. {فِى كَبَدٍ} [البلد: 4] فِي شِدَّةِ خَلقٍ. {وَرِيشًا} [الأعراف: 26] المَالُ. وَقَالَ غَيرُهُ: الرّيَاشُ وَالرِّيشُ وَاحِدٌ، وَهُوَ مَا ظَهَرَ مِنَ اللِّبَاسِ. {مَّا تُمْنُونَ} [الواقعة: 58]: النُّطْفَةُ فِي أَرْحَامِ النِّسَاءِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8)} [الطارق: 8]: النُّطْفَةُ فِي الإِحْلِيلِ. كُلُّ شَيءٍ خَلَقَهُ فَهُوَ شَفعٌ، السَّمَاءُ شَفعٌ، وَالوَتْرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. {فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4] فِي أَحْسَنِ خَلقٍ. {أَسْفَلَ سَافِلِينَ} [التين: 5] إِلاَّ مَنْ آمَنَ. {خُسْرٍ} [العصر: 2] ضَلاَلٍ، ثُمَّ اسْتَثْنى إِلاَّ مَنْ آمَنَ، {لَازِبٍ} [الصافات: 11] لاَزِم. {نُنْشِئكُمْ} [الواقعة: 61] فِي أَيِّ خَلقٍ نَشَاءُ. {نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} [البقرة: 30] نُعَظِّمُكَ. وَقَالَ أَبُو العَالِيَةِ: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة: 37] فَهُوَ قَوْلُهُ: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} [الأعراف: 23]. {فَأَزَلَّهُمَا} [البقرة: 36] فَاسْتَزَلَّهُما. و {يَتَسَنَّهْ} [البقرة: 259] يَتَغَيَّرْ، {آسِنٍ} [محمد: 15] مُتَغيِّرٌ. وَالمَسْنُونُ المُتَغَيِّرُ. {حَمَإٍ} [الحجر: 33] جَمْعُ حَمْأَةٍ وَهُوَ الطِّينُ المُتَغَيِّرُ. {يَخْصِفَانِ} [الأعراف: 22] أَخْذُ الخِصَافِ مِنْ وَرَقِ الجَنَّةِ، يُؤَلِّفَانِ الوَرَقَ وَيَخْصِفَانِ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ. {سَوْآتِهِمَا} [الأعراف: 20] كِنَايَةٌ عَنْ فَرْجِهِمَا، {وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأعراف: 24] هَا هنَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، الحِينُ عِنْدَ العَرَبِ مِنْ سَاعَةٍ إِلَى مَا لاَ يُحْصى عَدَدُهُ. {وَقَبِيلُهُ} [الأعراف: 27] جِيلُهُ الَّذِي هُوَ مِنْهُمْ. 3326 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ، تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ. فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ. فَقَالُوا السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ

الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ، فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الآنَ». طرفه 6227 تحفة 14702 - 160/ 4 3327 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّىٍّ فِى السَّمَاءِ إِضَاءَةً، لاَ يَبُولُونَ وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ وَلاَ يَتْفِلُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ، أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ، وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ الأَنْجُوجُ عُودُ الطِّيبِ، وَأَزْوَاجُهُمُ الْحُورُ الْعِينُ، عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ، سِتُّونَ ذِرَاعًا فِى السَّمَاءِ». أطرافه 3245، 3246، 3254 تحفة 14903 3328 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِى مِنَ الْحَقِّ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ الْغُسْلُ إِذَا احْتَلَمَتْ قَالَ «نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ». فَضَحِكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ تَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَبِمَا يُشْبِهُ الْوَلَدُ». أطرافه 130، 282، 6091، 6121 تحفة 18264 3329 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا الْفَزَارِىُّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ بَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلاَمٍ مَقْدَمُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، فَأَتَاهُ، فَقَالَ إِنِّى سَائِلُكَ عَنْ ثَلاَثٍ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ نَبِىٌّ، {قَالَ مَا} أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَمِنْ أَىِّ شَىْءٍ يَنْزِعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ وَمِنْ أَىِّ شَىْءٍ يَنْزِعُ إِلَى أَخْوَالِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «خَبَّرَنِى بِهِنَّ آنِفًا جِبْرِيلُ». قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ. وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ. وَأَمَّا الشَّبَهُ فِى الْوَلَدِ فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَشِىَ الْمَرْأَةَ فَسَبَقَهَا مَاؤُهُ كَانَ الشَّبَهُ لَهُ، وَإِذَا سَبَقَ مَاؤُهَا كَانَ الشَّبَهُ لَهَا». قَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ، إِنْ عَلِمُوا بِإِسْلاَمِى قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ بَهَتُونِى عِنْدَكَ، فَجَاءَتِ الْيَهُودُ وَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ الْبَيْتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَىُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ». قَالُوا أَعْلَمُنَا وَابْنُ أَعْلَمِنَا وَأَخْبَرُنَا وَابْنُ أَخْيَرِنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ». قَالُوا أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ. فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَيْهِمْ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالُوا شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا. وَوَقَعُوا فِيهِ. أطرافه 3911، 3938، 4480 تحفة 764، 5328 أ - 161/ 4 3330 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ يَعْنِى «لَوْلاَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْنَزِ اللَّحْمُ، وَلَوْلاَ حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ أُنْثَى زَوْجَهَا». تحفة 14684 3331 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَمُوسَى بْنُ حِزَامٍ قَالاَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ زَائِدَةَ

عَنْ مَيْسَرَةَ الأَشْجَعِىِّ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَىْءٍ فِى الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ». طرفاه 5184، 5186 تحفة 13434 3332 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ فِى بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكًا بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، فَيُكْتَبُ عَمَلُهُ وَأَجَلُهُ وَرِزْقُهُ وَشَقِىٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ». أطرافه 3208، 6594، 7454 تحفة 9228 - 162/ 4 3333 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ وَكَّلَ فِى الرَّحِمِ مَلَكًا فَيَقُولُ يَا رَبِّ نُطْفَةٌ، يَا رَبِّ عَلَقَةٌ، يَا رَبِّ مُضْغَةٌ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَهَا قَالَ يَا رَبِّ، أَذَكَرٌ أَمْ يَا رَبِّ أُنْثَى يَا رَبِّ شَقِىٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَمَا الرِّزْقُ فَمَا الأَجَلُ فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ فِى بَطْنِ أُمِّهِ». تحفة 1080 3334 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ الْجَوْنِىِّ عَنْ أَنَسٍ يَرْفَعُهُ «أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ لأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِى الأَرْضِ مِنْ شَىْءٍ كُنْتَ تَفْتَدِى بِهِ قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَقَدْ سَأَلْتُكَ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِى صُلْبِ آدَمَ أَنْ لاَ تُشْرِكَ بِى. فَأَبَيْتَ إِلاَّ الشِّرْكَ». طرفاه 6538، 6557 تحفة 1071 3335 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلاَّ كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا، لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ». طرفاه 6867، 7321 تحفة 9568 واعلم أنهم اختلفوا في اليوم الذي بدأ منه خلق العالم، والتحقيقُ عندي: أنه بدأ من يوم السبت المعروف، وانتهى إلى الخميس، وتلك الستة ذَكَرَهَا اللَّهُ تعالى في قوله: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [يونس: 3]، أي يوم الجمعة، ولم

يَخْلُقْ فيه شيئًا، فكان هو يومُ التعطيل، وهو يومُ العيد للخَلْقِ. وفي التوراة: إن مُوسَى عليه السلام كان يَعِظُهُمْ في هذا اليوم، ويُذَكِّرُهُم. فَعُلِمَ أن السبتَ كان يوم الجمعة، فلا أَعْلَمُ متى وقع فيه التحريفُ (¬1)، حتَّى جَعَلُوه أوَّلَ يومٍ من الأسبوع. ثُمَّ إن هذه الستَةَ، ستةُ آلافٍ عند ربك: {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47]، فالستةُ عنده ستةُ آلافٍ عندنا. أمَّا خَلْقُ آدم عليه الصلاة والسلام، فهو وإن كان في يوم الجمعة، لكنه ليست الجمعة المتصلة، لأنه حَصَلَ فيها الاستواء على العرش، ثُمَّ خلقه في جمعةٍ أخرى. والله يَعْلَمُ المدَّةَ بين الستة، وبين تلك الجمعة التي خلقه فيها. ولذا ترى القرآن لا يَذْكُرْ خَلْقَ آدم عليه السلام مع خلق العالم في موضعٍ، ولكن يَذْكُرُ بعده الاستواء، ليكونَ دليلًا على أنه لم يَخْلُقْ فيما بعده شيئًا. ونقل الدَّمِيرِي، عن السُّبْكي في «حياة الحيوان»: أن آدم عليه الصلاة والسلام خُلِقَ في الجمعة المتصلة، والتحقيقُ عندي ما نبَّهناك. ومن ههنا قيل: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم نبيُّ السابعة من سبعة آلاف. ثم الاستواءُ على العرش لبيان نهاية عالم الأجسام، فليس فوق العرش شيءٌ غيرَ حضرة الربوبية، بشأنها التي تَلِيقُ به، وعالم الإِمكان كلُّه تحته، كذا ذكره صاحب «اليواقيت»، عن محدِّثٍ. قوله: (ويُقَالُ: مُنْتِنٌ، يُرِيدُونَ به صَلَّ)، أي المتغيِّر "سترى هوئى". ¬

_ (¬1) قلتُ: وفي مذكرةٍ أخرى عندي: أن اليهودَ لَمَّا عَلِمُوا أن العالمَ خُلِقَ في ستة أيامٍ، وأن آدمَ عليه الصلاة والسلام خُلِقَ في يوم الجمعة، حَمَلُوه على الجمعة المتصلة، فلم تَكُن الجمعة عندهم يوم الفراغ، والتعطيل، وإذن لا يكون يوم التعطيل إلَّا بعده، فَجَعَلُوا السبت يوم التعطيل. وقد عَلِمْتَ مما قُلْنَا: إن آدمَ عليه السلام، وإن خُلِقَ يوم الجمعة، لكنه جمعةٌ أخرى. وانتهى خَلْقُ العالم إلى يوم الخميس، فيكون يوم التعطيل، ويوم السبت هو الجمعة. وأما النَّصَارى، فإنهم فَهِمُوا أن الفضلَ في يوم الخلق، دون التعطيل، ولمَّا كان يوم التعطيل عند اليهود هو السبتُ، لَزِمَ أن يكونَ بدايةُ خلق العالم من يوم الأحد لا محالة، وهذا هو أوَّلُ أيام الخَلْقِ، فَجَعَلُوه عيدًا، ثُمَّ ما يَدُلُّكَ على أن السبتَ هو الجمعة: ما في الإِنجيل: أن عيسى عليه الصلاة والسلام مَكَثَ في قبره ثلاث ليالٍ: ليلة السبت، وليلة بعدها، ثم ليلة بعدها، ثم رُفِعَ صبيحة يوم الأحد. قلتُ: وهَذَا يَدُلُّ على أن السبتَ هو هذا الجمعة، وإلَّا فلا يستقيم الحساب. فإنه إذا رُفِعَ صبيحة الأحد، وقد مَكَثَ ثلاث ليال قبلها في قبره لا يكون الثالث إلَّا ليلة الجمعة، وهي الليلةُ الأولى. وكذا في التوراة: أن بني إسرائيل كانوا يُعَظِّمُون اليوم السابع، لكونه يومًا لخاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم. وفيه: أن موسى عليه السلام كان يَعِظُهُمْ السبت، ولأنه من السُّبات، وهو بالعبرانية الاستراحة. وإنما سُمِّي به يوم الجمعة، لأن الله تعالى لم يَخْلُقْ في ذلك اليوم شيئًا، لا أن مسُّه لُغُوبٌ، والعياذ بالله. وقيل: السبت من الأعداد معناه السبعة، ولا بُعْدَ فيه أيضًا، فإن لفظ السبت، والسبعة أيضًا متقارب. وكذلك /هفت/ بالفارسية، بمعنى السبت فهو أيضًا مُتَقَارِبٌ. فهذه كلُّها قرائنُ ظاهرةٌ على كون السبت يوم الجمعة، فلا أَدْرِي متى وَقَعَ فيه التحريف.

قوله: (صَرَّ البَابُ)، أي تصوَّت. قوله: (أَنْ لاَ تَسْجُدَ: أن تَسْجُدَ) يريد أن «لا» زائدة. قلتُ: وترجمته: "تجهى كس نى منع كياهى كه سجدة هنين كرتا"، وعلى هذا لا حاجةَ إلى القول بزيادتها، فهي إذن للبيان بعد الإِبهام في قوله: {مَا مَنَعَكَ} [الأعراف: 12] على حدِّ قوله: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} [طه: 78]، وليست مفعولًا لقوله: {مَنَعَكَ}، وكذلك لا أقول بزيادة «لا» في قوله: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1)} [البلد: 1] فإنها لنفي ما قبلها، وأمَّا القَسَمُ، فعلى ما بعدها. قوله: ({أَسْفَلَ سَافِلِينَ})، ومِصْدَاقُه الأَوَّليُّ ما ذَكَرَه علماء الشريعة، ومِصْدَاقُه الثانويُّ ما ذكره الشيخ الأكبر: أنه حيِّزٌ لجهنم التي نحن الآن فيه. قوله: (سوءتهما) ولم يكن يريا فرجهما قبله، فإذا نزع اللباس عنهما، علما الآن أن لهما شيئًا يجب ستره، ويقبح كشفه، فساءهما انكشافه. 3326 - قوله: (فَلَمْ يَزَلِ الخَلْقُ يَنْقُصُ) ... إلخ، وأنكره ابن خَلْدُون، وقال: لم يَثْبُتْ عندنا من حال عماراتهم أنه كان طولهم ستون ذِرَاعًا في زمنٍ، بل بيوتُهم في الارتفاع فيما مضى كما هي اليوم. قلتُ: سبحان الله، ما حمله على إنكار حديثٍ صحيحٍ (¬1) عند القوم، مع أنه قد دَلَّ تاريخُ عَادٍ على طول قامتهم. وشاهدنا الآن أيضًا الفرق بين المولَّدين في عهد الإِنكليز، وقبله، وبين الحَضَرِيِّ والبدويِّ. فإن البدويَّ أبسطُ جسمًا، وأطولُ قامةً، وأعرضُ صَدْرًا، وأوسعُ هِمَمًا بالنسبة إلى الحضريِّ، وكذلك من وُلِدُوا قبل عهد الإِنكليز، كانوا أشدَ قوةً، وأكثرَ طولًا. ونحوه قد شاهدنا في الحيوانات أيضًا. والذي ينبغي أن يُنْقَدَ في مثل هذا بالحديث الصحيح، لا أن يُحَرَّفَ الحديث، أو يؤوَّل بغير تأويله، ثم هذا فريد وجدي صاحب «دائرة المعارف» محرومٌ عن الإِيمان والخير كلِّه، فَيَنْقُلُ الأحاديثَ، ثم يَسْخَرُ منها، سَخِرَ الله منه. 3327 - قوله: (سُتُّونَ ذِرَاعًا في السَّمَاءِ)، أي في الطول، ويُحْتَمَلُ أن يكونَ مرادُ ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد منَّ اللهُ تعالى على قومٍ بقوله: {وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً} [الأعراف: 69]. وأخرج الشيخ الأَلُوسي تحته آثارًا تُؤَيِّدُ هذا المعنى، فنقل عن الكَلْبيِّ، قال: كانت قامةُ الطويل منهم مائة ذراعٍ، وقامةُ القصير منهم ستين ذراعًا. وأخرج ابن عساكر، عن ابن وَهْبٍ أنه قال: كانت هامةُ الرجل منهم مثل القبَّة العظيمة، وعينه يفرِّخ فيها السباع. وأخرج عبد بن حميد، عن قتادة أنه قال: ذكر لنا أنهم كانوا اثني عشر ذراعًا. وعن الباقر: كانوا كأنَّهم النخل الطوال، وغير ذلك من الآثار التي ذكرها. فَدَلَّ القدرُ المشتركُ منها على طول قاماتهم جدًا. وأي حاجةٍ لنا إلى تلك الآثار بعد ما قد مَنَّ الله عليهم بذلك. فلو كانوا أمثالَنا في القامة والجنَّة، فبأي أمرٍ امْتَنَّ به عليهم. فإذا صرَّح به القرآن، وصَحَّ فيه الحديث، فبأي حديثٍ بعده يُؤْمِنُونَ. ومَنْ لم يَجْعَلِ اللهُ له نورًا فما له من نورٍ.

الحديث أنه كان قدر طولهم هذا في الجنة، فإذا نَزَلُوا عادوا إلى القصر. فإن الأحكامَ تَتَفَاوت بتفاوُت البلدان، والأوطان. كما أن يومًا عند ربك كألف سنةٍ مما تَعُدُّون، فهو يومٌ في العالم العلويِّ، وألف سنةٍ في العالم السفليِّ، هكذا يُمْكِنُ أن تكونَ قاماتهم تلك في الجنة، فإذا دَخَلُوها عادوا إلى أصل قامتهم. 3329 - قوله: (فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ المَشْرِقِ إلى المَغْرِبِ) واعلم أن الأحاديثَ تُخْبِرُ أن الخيرَ والصلاحَ في إِبَّان الساعة يكون بالشام، وقد حَمَلْتُهَا على زمن عيسى عليه الصلاة والسلام. وهذا يَدُلُّكَ ثانيًا على أن الغلبةَ المعهودةَ إنما هي بالأرض التي يَنْزِلُ بها عيسى عليه الصلاة والسلام، لا على البسيطة كلِّها، وما ذلك إلاَّ من تَبَادُرِ الأوهام فقط. قوله: (زِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ) قال اليُّهَيْلِيُّ في «الروض الأنف»: إن في هذا النُّزُلِ إشارةٌ إلى انتهاء نشأة الدنيا، فإنها إمَّا بحرٌ، أو برٌّ، والبرُّ على الثور، والبحرُ على الحوت، فإذا استعملا في النُّزُل، فقد انتهت الدنيا أيضًا.؟!!. 3330 - قوله: (لَمْ يَخْنَزِ اللَّحْمُ) وفيه دليلٌ على أن من سَنَّ سنَّةً سيئةً فإنها تتسلسل (¬1)، وتلزم. كقابيل، فإنه قَتَل أخاه، فظهر شُؤْمَهُ في سِبْطِهِ السابع. فكانت الدنيا على صرافتها خاليةً عن المعاصي، فجاء شقيٌّ، وسَنَّ معصيةً، ثم تسلسلت، وهكذا إلى أن امتلأت ظلمًا وجَوْرًا. وهذا معنى قوله: «لولا بنو إسرائيل لم يَخْنَزِ اللَّحْمُ، ولولا حَوَّواءُ لم تَخُنْ أنثى زوجها»، أي ظهرت معصيةٌ من أحدٍ على وجه الأرض، ثم تسلسلت، وبقيَ أثرُها. 3331 - قوله: (فإنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ) والمشهور أنها خُلِقَتْ من ضِلْعٍ أيسر. ورأيت مصنِّفًا مرَّ عليه، وقال: إن آدم عليه السلام انتبه مرَّةً من منامه، فإذا حواءُ جالسةٌ على يساره، وهذا معنى مخلوقة من ضلعٍ، أي رآها مخلوقةً نحو يساره. وإنما ذَكَرْتُ هذا الاحتمال، لأن الناسَ في هذا العهد قد تعوَّدوا بإنكار كلِّ شيءٍ لا تُحِيطُ به عقولهم، ما أجهلهم. فإنهم إذا أَخْبَرَهُمْ أهل أوروبا بما شاهدوه بالآلات آمَنُوا به، وإن كان أبعدَ بعيدٍ، ولا يَشُكُّون فيه مثقالَ ذرَّةٍ، كقولهم: إن الإِنسانَ كان أصلُه قردةً، وكقولهم: إن في السيارات عمرانات. ثم إذا أخبرهم أصدقُ القائلين عمَّا رآه بعينه، كما قال: {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12)} [النجم: 12]، أو يُخْبِرُ به ربُّه جلَّ وعزَّ. إذا هم مُعْرِضُون. وحنيئذٍ لا يَمْلِكُ المرءُ إلاَّ أن تتقطعَ نفسُهُ عليهم حسراتٍ، فهداهم الله سواء الصراط. ¬

_ (¬1) وعند الدارميِّ كما في "المشكاة"، عن حسَّان، قال: ما ابتدع قومٌ بدعةٌ في دينهم إلَّا نَزَعَ اللهُ من سُنَّتِهم مثلها، ثُمَّ لا يُعِيدُها إلى يوم القيامه. اهـ.

2 - باب الأرواح جنود مجندة

3334 - قوله: (وأَنْتَ في صُلْبِ آَدَمَ) فيه دليلٌ على أنه كانت لذريته صورة، وهي في صلبه. أمَّا الفلسفيُّ، فإِنه يَحْمِلُهُ على كون مادتها في صُلْبِهِ. 3334 - قوله: (لأَنَّهُ أوَلُ مَنْ سَنَّ القَتْلَ)، يعني: أن الدنيا كانت طاهرةً عن هذه المعصيةِ، وإنما سَنَّها هو، فينبغي أن يكون عليه كِفْلٌ منها. 2 - باب الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ 3336 - قَالَ قَالَ اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ». وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ بِهَذَا. تحفة 17941 وقد عَلِمْتَ الخلافَ في خَلْقِ الأرواح مع الأجساد، كما اختاره ابن القيِّم، أو قبلها، كما ذَهَب إليه آخرون. والظاهرُ من الحديث أنها مخلوقةٌ من قبل. فإذا خَلَقَ اللَّهُ الأجسادَ، يُحْدِثُ بين تلك الأرواح والأجساد علاقةً، تسمَّى بالنفخ. إلاَّ أن ابن القيِّم أوَّلَهُ أيضًا، وقال: إنها حالها في المستقبل، أي تكون جنودًا مجنَّدةً حين تُنْفَخُ في الأجساد. والذي نفهم أن التناكرَ والتعارفَ بينها قبل ذلك، ولو تبيَّن لي فيه عقيدةُ السلف، لسلكتُ مدرجهم. 3 - باب قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} [هود: 25] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {بَادِيَ الرَّأْيِ} [هود: 27] مَا ظَهَرَ لَنَا. {أَقْلِعِي} [هود: 44] أَمْسِكِي. {وَفَارَ التَّنُّورُ} [هود: 40] نَبَعَ المَاءُ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ: وَجْهُ الأَرْضِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {الْجُودِيِّ} [هود: 44] جَبَلٌ بِالجَزِيرَةِ. {دَأْبِ} [غافر: 31] مِثْلُ حَالٍ. {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72)} [يونس: 71 - 72]. 4 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1)} إِلَى آخِرِ السُّورَةِ [نوح: 1 - 28] 3337 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ سَالِمٌ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى النَّاسِ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ «إِنِّى لأُنْذِرُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْذَرَ نُوحٌ قَوْمَهُ، وَلَكِنِّى أَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلاً لَمْ يَقُلْهُ نَبِىٌّ لِقَوْمِهِ، تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ». أطرافه 3057، 3439، 4402، 6175، 7123، 7127، 7407 تحفة 6990

3338 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا عَنِ الدَّجَّالِ مَا حَدَّثَ بِهِ نَبِىٌّ قَوْمَهُ، إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّهُ يَجِىءُ مَعَهُ بِمِثَالِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَالَّتِى يَقُولُ إِنَّهَا الْجَنَّةُ. هِىَ النَّارُ، وَإِنِّى أُنْذِرُكُمْ كَمَا أَنْذَرَ بِهِ نُوحٌ قَوْمَهُ». تحفة 15374 3339 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَجِىءُ نُوحٌ وَأُمَّتُهُ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى هَلْ بَلَّغْتَ فَيَقُولُ نَعَمْ، أَىْ رَبِّ. فَيَقُولُ لأُمَّتِهِ هَلْ بَلَّغَكُمْ فَيَقُولُونَ لاَ، مَا جَاءَنَا مِنْ نَبِىٍّ. فَيَقُولُ لِنُوحٍ مَنْ يَشْهَدُ لَكَ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - وَأُمَّتُهُ، فَنَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ، وَهْوَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143] وَالْوَسَطُ الْعَدْلُ». طرفاه 4487، 7349 تحفة 4003 3340 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى دَعْوَةٍ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً وَقَالَ «أَنَا سَيِّدُ الْقَوْمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، هَلْ تَدْرُونَ بِمَنْ يَجْمَعُ اللَّهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِى صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَيُبْصِرُهُمُ النَّاظِرُ وَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِى، وَتَدْنُو مِنْهُمُ الشَّمْسُ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ أَلاَ تَرَوْنَ إِلَى مَا أَنْتُمْ فِيهِ، إِلَى مَا بَلَغَكُمْ، أَلاَ تَنْظُرُونَ إِلَى مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ أَبُوكُمْ آدَمُ، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُونَ يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلاَئِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، وَأَسْكَنَكَ الْجَنَّةَ، أَلاَ تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلاَ تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَا بَلَغَنَا فَيَقُولُ رَبِّى غَضِبَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلاَ يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَنَهَانِى عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِى نَفْسِى، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِى، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ. فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُونَ يَا نُوحُ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَسَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا، أَمَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا بَلَغَنَا أَلاَ تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَيَقُولُ رَبِّى غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلاَ يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، نَفْسِى نَفْسِى، ائْتُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَيَأْتُونِى، فَأَسْجُدُ تَحْتَ الْعَرْشِ فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهُ». قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ لاَ أَحْفَظُ سَائِرَهُ. طرفاه 3361، 4712 تحفة 14927 - 164/ 4 3341 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِىِّ بْنِ نَصْرٍ أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَرَأَ {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 17] مِثْلَ قِرَاءَةِ الْعَامَّةِ. أطرافه 3345، 3376، 4869، 4870، 4871، 4872، 4873، 4874 تحفة 9179

3337 - قوله: (ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ) واعلم أنه لا يكونُ مع الدَّجَّالِ إلاَّ تَخَيُّلاَت (¬1) ليس لها حقائق، فلا يكون لها ثباتٌ، وإنما يَرَاه النَّاسُ في أعينهم فقط دجال كيساته وه كر شمه هوكا جيسا آجكل مدارى راسته مين دكهلاتاهى او سمين صلى الله عليه وسلّم ئيدارى نهين هوتى. ولكن نقل الشيخُ المجدِّدُ السَّرْهَنْدِي حكايةً في ذلك تَدُلُّ على أن تَخَيُّلاتِ المُشَعْبِذِين لها أيضًا حقيقةً. قال: إن رجلًا جاى عند ملكٍ، وقال له: إنه يريد أن يُرِيَهُ شَعْبَذَةً، فأجازه، ففعل، حتَّى خُيِّلَ إلى الناس إنه خَلَقَ حديقةً نفيسةً، فلمَّا تمَّت تلك الحديقة، وهم ينظرون، أمر الملك أن يُضْرَبَ عُنُقُهُ، وهو لا يَشْعُرُ به وقد كان الملكُ سَمِعَ من أفواه الناس: أن التخييل يَتْبَعُ صاحبَهُ، فإن قُتِلَ يَبْقَى كما هو، فَبَقِيَتْ تلك الحديقةُ، حتَّى أكل منها. قلتُ: ولو كان الشيخُ سمَّى هذا الملك، أو عيَّن المكان، لكان في أيدينا أيضًا سبيلٌ إلى تحقيقه، حتَّى نَعْلَمَ صِدْقَ الحكاية من كذبها. ويُمْكِنُ أن يكونَ الشيخُ الأجلُّ قد بَلَغَهُ ما بَلَغَهُ من أفواه الناس، فإنه لم يَنْقُلْ مشاهدته بعينيه، وإنما نَقَلَ ما بلغ عنده، ففيه احتمالٌ بعيدٌ. وصرَّح الشيخ الأكبر في «الفصوص»: أن في الإِنسان قوَّةً يَخْلُقُ بها في الخارج ما شاء وأراد، وقد أقرَّ به اليوم أهل أوروبا أيضًا. ورأيتُ في رسالةٍ تُسمَّى بديده ودانش: أن رجلًا من أهل أوروبا قَصَدَ أن يَذْهَبَ إلى موضع فلانٍ، فَوُجِدَ في ذلك المكان على أثره، مع أنه لم يتحرَّكْ من مكانه. فهذا تصوُّرٌ للخيال، فإنه لم يَذْهَبْ، ولا تحرَّكَ على مكانه، ولكن صار خياله مصوَّرًا بقوَّته. إلاَّ أن ما نَقَلَهُ الشيخُ المجدِّدُ فوق ذلك، فإنه يَدُلُّ على بقاء هذا المخيَّل أيضًا. أمَّا تصوُّرُ الخيال، وتمثُّلُه، فممَّا لا يُنْكَرُ، وقد أقرَّ به ابن خلدون أيضًا: أنه يُمْكِنُ إنزال الصورة من المَخِيلَةِ إلى الخارج. ثم ذَكَرع حقيقتَهُ أنها لا تكون فيها إلاَّ الكميَّة، ولا تكون فيها المادة. 3338 - قوله: (وَإنَّهُ يَجِيءُ مَعَهُ تِمْثَالَ الجَنَّةِ والنَّارِ) والمرادُ من التِمْثَال ما قرَّرنا آنفًا، أي تخيُّلات المُشَعْبِذِينَ. وفي «الفتوحات»: أن نبيَ الله سليمان عليه الصلاة والسلام كان مرَّةً يصلِّي، فأراه الشيطانُ جنَّةً مخيَّلة، ولكنه عليه الصلاة والسلام بقي على حاله، ولم يَلْتَفِتْ إليها، ثم كَتَبَ أن تلك الجنةَ بَقِيَتْ مدَّةً. فلا يُقَالُ في ذلك التِمْثَال: إنه ¬

_ (¬1) قلتُ: ويَشْهَدُ له ما في "المشكاة" من الفصل الثالث: عن المُغِيرَة بن شُعْبَة، قال: "ما سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الدَّجَّالِ أكثر مما سألته، وأنه قال لي: ما يَضُرُّكَ، قلتُ: إنهم يقولون: إن معه جبلَ خبزٍ، ونَهر ماء، قال: هو أهونُ على الله من ذلك"، اهـ. متَّفقٌ عليه. قال عليُّ القاري في "المرقاة": أي هو أحقر من أن الله تعالى يحقِّق له ذلك، وإنما هو تخييلٌ، وتمويهٌ للابتلاء. اهـ.

5 - باب

كان مشبَّهًا بالجنة والنار، ولكنه يُطْلَقُ عليه الجنة والنار. وهذا ما قلتُ: إن الضميرَ في قوله تعالَى يَرْجِعُ إلى المسيحِ عليه الصلاة السلام نفسه، فإن شَبَهَ المسيح لا يُقَالُ له إلاَّ المسيح عليه الصلاة والسلام، وقد قرَّرناه مبسوطًا فيما مرَّ. قوله: (فالتي يَقُولُ: إنَّهَا الجَنَّةُ هِيَ الناَّرُ)، يحتملُ أن يكونَ معناه: من يَدْخُلُ جنته يكون مآله إلى النار، ويحتملُ: أنه من يَدْخُلُ فيها يَحْتَرِقُ ويَمُوتُ. 5 - باب {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (128) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (129)} [الصافات: 123 - 129]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُذْكَرُ بِخَيرٍ. {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (131) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (132)} [الصافات: 130 - 132]. يُذْكَرُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ إِليَاسَ هُوَ إِدْرِيسُ. قوله: (قال ابن عبَّاس: يُذْكَرُ بِخَيْرٍ): "نيك نام" تفسيرٌ لقوله: ({وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (129) سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130)}) ... [الصافات: 129 - 130] إلخ، ويُذْكَرُ عن ابن مسعود، وابن عباس: إن إلياسَ هو إدريسُ. واعلم أن ههنا مقامين: الأوَّلُ: في الترتيب بين إدريس، ونوح عليهما السلام. فقيل: إن إدريسَ عليه الصلاة والسلام نبيٌّ متأخِّرٌ عن نوحٍ عليه الصلاة والسلام، وحينئذٍ لا يَجِبُ كونه من أجداد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وقيل: إنه متقدِّمٌ عليه. ولمَّا كان نوحُ عليه الصلاة والسلام من أجداد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كان إدريسُ عليه الصلاة والسلام المتقدِّم عنه من أجداده صلى الله عليه وسلّم بالأَوْلَى. والمصنِّفُ أخَّر ذكرَه عن نوحٍ عليه الصلاة والسلام بناءً على كونه بعده، وحينئذٍ لا يَلْزَمُ أن يكونَ من أجداده صلى الله عليه وسلّم ولكن يُشْكِلُ عليه ما في نسخة الباريِّ لابن عساكر. «وهو جدُّ أبي نوحٍ، أو جدّ نوحٍ»، فإنها تَدُلُّ على كون إدلايسَ عليه الصلاة والسلام متقدِّمًا على نوحٍ عليه الصلاة والسلام، لكونه من أجداده. ووضْعُهُ في التراجم بعد نوحٍ عليه الصلاة والسلام، يَدُلُّ على كونه متأخِّرًا عنه، فلا يكونُ من أجداده. قلتُ: لو ثَبَتَتْ نسخة ابن عساكر من جهة المصنِّف. وَجَبَ أن تكونَ تجرمةُ إدريس عليه السلام متقدِّمةً على نوح عليه الصلاة والسلام، لكونه من أجداده على هذه النسخة. إلاَّ أن يُقَالَ: إن المصنِّفَ اتَّبَعَ ف يترتيب التراجم القول المشهور عند الناس من تقدُّم نوحٍ عليه الصلاة والسلام، ثم ذكر رجحانه إلى تقدُّم إدريس عليه الصلاة والسلام، وأشار إليه بقوله: «وهو جَدُّ نوحٍ عليه الصلاة والسلام». وهكذا فَعَلَ في «المغازي» أيضًا. والمقام الثاني: أن إدريسَ، وإلياسَ عليهما الصلاة والسلام، هل هما نبيَّان، أو

اسمان لنبيَ واحدٍ، كما يَدُلُّ عليه قول ابن مسعود، وابن عبَّاس؟ والجمهور على أنهما نبيَّان، فإن إدريسَ عليه الصلاة والسلام نبيٌّ قبل نوحٍ عليه الصلاة والسلام، وبعد شيث عليه الصلاة والسلام. وأمَّا إلياسُ عليه الصلاة والسلام، فهو نبيٌّ من أنبياء بني إسرائيل، بعد موسى عليه الصلاة والسلام، وحينئذٍ وَجَبَ تأويل قول ابن مسعود، وابن عباس: إن إلياسَ هو إدريسُ عليهما الصلاة والسلام. فقيل: إن ابن عباس فسَّر قراءةً أخرى فيه، وهي {سلام على إدراسين} وكان قوله: هكذا إن إدراس هو إدريس، فسُومِحَ فيه. وقيل: إن إلياسَ هو إدريسُ، مكان إدراس. وقيل: إن لهذين اسمان متبادلان، يُطْلَقُ أحدهما على الآخر، فيقال لإِدريسَ: إلياس أيضًا عليهما الصلاة والسلام، وبالعكس، على أن اسمَ أحدهما لقبٌ للآخر، فإِدريسُ عَلَمٌ له، ولقبُه إلياسُ عليهما الصلاة والسلام، وكذا العكس، فهما مشهوران بِعَلَمَيْهِمَا، وأَطْلَقَ ابن عباس باعتبار اللقب. وقال الشيخُ الأكبرُ: إن إدريس وإلياس نبيٌّ واحدٌ عليه الصلاة والسلام. وقال في «الفصوص»: إن إدريسَ عليه الصلاة والسلام كان نبيًّا حين رُفِعَ، ثُمَّ إذا نَزَلَ، وقد جَعَلَه اللَّهُ رسولًا، سُمِّي بإِلياسين، فهو نبيٌّ واحدٌ في النشأتين، كعيسى عليه الصلاة والسلام، وهذا يَدُلُّ على أنه ذَهَبَ إلى وَحْدَتِهِمَا. وناقضه في مواضعَ عديدةٍ، حين ذَكَرَ الذين اشتهرت حياتُهم، وذكرهم أربعة، إدريس، وإلياس، وعيسى، والخَضِر عليهم الصلاة والسلام، فَدَلَّ على تغايُرِهِمَا عنده. وتأوَّله بحر العلوم أنهما اثنان، باعتبار العُهْدَةِ، لكونه نبيًّا قبل الرفع، ورسولًا بعد النزول، وأمَّا باعتبار الشخص، فواحدٌ. ثم إن الشيخَ الأكبرَ تمسَّك بقوله: «مرحبًا بالنبيِّ الصالح، والأخ الصالح»، في ليلة المعراج، على عدم كونه من أجداد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وإلاَّ لَقَالَ: بالابن الصالح. قلتُ: وهو غيرُ تامَ، فإنه لم يُخَاطِبْهُ بالابنيَّة أحدٌ منهم غير آدم، وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام، تنبيهًا وتعظيمًا لأمره، أمَّا آدمُ عليه الصلاة والسلام، فقد كان أبا البشر، فما له إلاَّ أن يَدْعُوَه بالابن. وأمَّا إبراهيمُ عليه الصلاة والسلام، فإنه أراد إشاعةَ هذه النسبة من قبله، وفي الحديث: «إني دعوة أبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام» ... إلخ. وأمَّا غيرُهُما، فاكتفوا في المخاطبة بالأخوَّة العامة، «فإن الأنبياءَ عليهم السلام إِخْوَة لِعَلاَّتٍ، إلى آخر الحديث، وكلُّهم بنو آدم، فصَحَّت الأخوَّة بلا ريب. والذي تبيَّن لي أنهما نبيَّان قطعًا، ومن ظَنَّ أنهما واحدٌ، فقد نَظَرَ إلى شهرة رفع إدريس عليه الصلاة والسلام في أهل الإِسلام، وشهرة رفع إلياس عليه الصلاة والسلام في بني إسرائيل، فركَّب من مجموع ذلك الاتحاد، وإلاَّ فهما نبيَّان.

6 - باب ذكر إدريس عليه السلام وهو جد أبي نوح، ويقال جد نوح عليهما السلام

ثم إنهم اختلفوا في معنى قوله: {إِلْ يَاسِينَ}، و {إدراسين}. فقيل: معناه: أتباعُ إلياس، وإدريس عليهما الصلاة والسلام، فلياء، والنون للجمع، وللنسبة إلى مفرده، كما في «خُبَبِيُّون» نسبةً إلى قبيلة خُبَيْب خبيب والى يعنى اسكى نسل سى. وقيل: إنه لغةً في إلياس. ومرَّ عليه الحافظ، وقال: بل هو كجبرين، لغةً في جبرائيل، فالنون زائدة. وذكر مفسِّرٌ: أن إلياسين، معناه: أتباع إلياس عليه الصلاة والسلام، كما مرَّ. قلتُ: ويوافقه اللغة أيضًا، فعند البخاريِّ: «عليك إثم الأَرِيسيِين»، على وجهٍ، وفسَّر معناه: متبعي الأروس، كان رجلًا اخْتَرَعَ مذهبًا، فسمَّى أتباعه: أَرِيسيِين، وكان هرقل منهم. ولم يَشْعُرْ به الحافظُ، فقال بزيادة النون. والظاهرُ أن إلياسين، وإدراسين، نظيرُ أَرِيسيِين. 6 - باب ذِكْرِ إِدْرِيسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وهُوَ جَدُّ أَبي نُوح، ويُقالُ جَدُّ نُوحٍ عليهما السَّلامُ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57)} [مريم: 57]. 3342 - قَالَ عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ ح حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ أَنَسٌ كَانَ أَبُو ذَرٍّ - رضى الله عنه - يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِى وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ، فَفَرَجَ صَدْرِى، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَأَفْرَغَهَا فِى صَدْرِى، ثُمَّ أَطْبَقَهُ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِى، فَعَرَجَ بِى إِلَى السَّمَاءِ، فَلَمَّا جَاءَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ افْتَحْ. قَالَ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا جِبْرِيلُ. قَالَ مَعَكَ أَحَدٌ قَالَ مَعِىَ مُحَمَّدٌ. قَالَ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ، فَافْتَحْ. فَلَمَّا عَلَوْنَا السَّمَاءَ إِذَا رَجُلٌ عَنْ يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى فَقَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِىِّ الصَّالِحِ وَالاِبْنِ الصَّالِحِ. قُلْتُ مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا آدَمُ، وَهَذِهِ الأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ، فَأَهْلُ الْيَمِينِ مِنْهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَالأَسْوِدَةُ الَّتِى عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى، ثُمَّ عَرَجَ بِى جِبْرِيلُ، حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ لِخَازِنِهَا افْتَحْ. فَقَالَ لَهُ خَازِنُهَا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُ، فَفَتَحَ». قَالَ أَنَسٌ فَذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ فِى السَّمَوَاتِ إِدْرِيسَ وَمُوسَى وَعِيسَى وَإِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ يُثْبِتْ لِى كَيْفَ مَنَازِلُهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ آدَمَ فِى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيمَ فِى السَّادِسَةِ. وَقَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ بِإِدْرِيسَ. قَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِىِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ. فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا إِدْرِيسُ، ثُمَّ مَرَرْتُ بِمُوسَى فَقَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِىِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ. قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا مُوسَى. ثُمَّ مَرَرْتُ بِعِيسَى، فَقَالَ

7 - باب قول الله تعالى: {وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله} [الأعراف: 65]

مَرْحَبًا بِالنَّبِىِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ. قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَ عِيسَى. ثُمَّ مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِىِّ الصَّالِحِ وَالاِبْنِ الصَّالِحِ. قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا إِبْرَاهِيمُ. قَالَ وَأَخْبَرَنِى ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا حَبَّةَ الأَنْصَارِىَّ كَانَا يَقُولاَنِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ثُمَّ عُرِجَ بِى حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوًى أَسْمَعُ صَرِيفَ الأَقْلاَمِ». قَالَ ابْنُ حَزْمٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنهما - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ خَمْسِينَ صَلاَةً، فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى أَمُرَّ بِمُوسَى، فَقَالَ مُوسَى مَا الَّذِى فُرِضَ عَلَى أُمَّتِكَ قُلْتُ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ صَلاَةً. قَالَ فَرَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ ذَلِكَ. فَرَجَعْتُ فَرَاجَعْتُ رَبِّى فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ رَاجِعْ رَبَّكَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ رَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَجَعْتُ فَرَاجَعْتُ رَبِّى فَقَالَ هِىَ خَمْسٌ، وَهْىَ خَمْسُونَ، لاَ يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَىَّ. فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ رَاجِعْ رَبَّكَ. فَقُلْتُ قَدِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّى، ثُمَّ انْطَلَقَ، حَتَّى أَتَى السِّدْرَةَ الْمُنْتَهَى، فَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لاَ أَدْرِى مَا هِىَ، ثُمَّ أُدْخِلْتُ {الْجَنَّةَ} فَإِذَا فِيهَا جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ وَإِذَا تُرَابُهَا الْمِسْكُ». طرفاه 349، 1636 تحفة 1556، 11901، 11888 ل - 166/ 4 7 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ} [الأعراف: 65] وَقَوْلِهِ: {إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ} إِلَى قَوْلِهِ: {كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ} [الأحقاف: 21 - 25]. فِيهِ: عَنْ عَطَاءٍ وَسُلَيمَانَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلّم. وقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ} [الحاقة: 6] شَدِيدَةٍ {عَاتِيَةٍ}، قَالَ ابْنُ عُيَينَةَ: عَتَتْ عَلَى الخُزَّانِ {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} مُتَتَابِعَةً {فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} أُصُولُهَا {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (8)} بَقِيَّةٍ [الحاقة: 6 - 8]. 3343 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ». أطرافه 1035، 3205، 4105 تحفة 6386 3344 - قَالَ وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِى نُعْمٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه - إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِذُهَيْبَةٍ فَقَسَمَهَا بَيْنَ الأَرْبَعَةِ الأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِىِّ ثُمَّ الْمُجَاشِعِىِّ، وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِىِّ، وَزَيْدٍ الطَّائِىِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِى نَبْهَانَ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلاَثَةَ الْعَامِرِىِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِى كِلاَبٍ، فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ، قَالُوا يُعْطِى صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا. قَالَ «إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ». فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ، نَاتِئُ الْجَبِينِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مَحْلُوقٌ فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ

8 - باب قصة يأجوج ومأجوج

يَا مُحَمَّدُ. فَقَالَ «مَنْ يُطِعِ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُ، أَيَأْمَنُنِى اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَلاَ تَأْمَنُونِى». فَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَتْلَهُ - أَحْسِبُهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ - فَمَنَعَهُ، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ «إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا - أَوْ فِى عَقِبِ هَذَا - قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ». أطرافه 3610، 4351، 4667، 5058، 6163، 6931، 6933، 7432، 7562 تحفة 4132 - 167/ 4 3345 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 17]. أطرافه 3341، 3376، 4869، 4870، 4871، 4872، 4873، 4874 تحفة 9179 3347 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فَتَحَ اللَّهُ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلَ هَذَا». وَعَقَدَ بِيَدِهِ تِسْعِينَ. طرفه 7136 تحفة 13524 3348 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الأَعْمَشِ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى يَا آدَمُ. فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِى يَدَيْكَ. فَيَقُولُ أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ. قَالَ وَمَا بَعْثُ النَّارِ قَالَ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَعِنْدَهُ يَشِيبُ الصَّغِيرُ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى، وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيُّنَا ذَلِكَ الْوَاحِدُ قَالَ «أَبْشِرُوا فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلٌ، وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفٌ». ثُمَّ قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، إِنِّى أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». فَكَبَّرْنَا. فَقَالَ «أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». فَكَبَّرْنَا. فَقَالَ «أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». فَكَبَّرْنَا. فَقَالَ «مَا أَنْتُمْ فِى النَّاسِ إِلاَّ كَالشَّعَرَةِ السَّوْدَاءِ فِى جِلْدِ ثَوْرٍ أَبْيَضَ، أَوْ كَشَعَرَةٍ بَيْضَاءَ فِى جِلْدِ ثَوْرٍ أَسْوَدَ». أطرافه 4741، 6530، 7483 تحفة 4005 - 169/ 4 واعلم أن هُودَ عليه الصلاة والسلام لم يُبْعَثْ في وسط العرب، ولكنه بُعِثَ لمن كانوا في ناحية البحر من حَضْرَمَوت إلى الشام. 8 - باب قِصَّةِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} [الكهف: 94]. وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85)} طريقًا إِلَى قَوْلِهِ: {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ} [الكهف: 83 - 96] وَاحِدُهَا زُبْرَةٌ وَهْىَ الْقِطَعُ. {حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ} [الكهف: 96] يُقَالُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْجَبَلَيْنِ. وَالسُّدَّيْنِ الْجَبَلَيْنِ {خَرْجًا} [الكهف: 94] أَجْرًا {قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا

جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96)} [الكهف: 96] أَصْبُبْ عَلَيْهِ رَصَاصًا، وَيُقَالُ: الْحَدِيدُ، وَيُقَالُ: الصُّفْرُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: النُّحَاسُ. {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} [الكهف: 97] يَعْلُوهُ، اسْتَطَاعَ اسْتَفْعَلَ، مِنْ أَطَعْتُ لَهُ فَلِذَلِكَ فُتِحَ أَسْطَاعَ يَسْطِيعُ، وَقَالَ بَعْضُهُمُ: اسْتَطَاعَ يَسْتَطِيعُ. {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ} [الكهف: 97 - 98] أَلْزَقَهُ بِالأَرْضِ، وَنَاقَةٌ دَكَّاءُ لاَ سَنَامَ لَهَا، وَالدَّكْدَاكُ مِنَ الأَرْضِ مِثْلُهُ، حَتَّى صَلُبَ مِنَ الأَرْضِ وَتَلَبَّدَ. {وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98) وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} [الكهف: 98 - 99]. {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96)} [الأنبياء: 96 - 96] قَالَ قَتَادَةُ: حَدَبٍ: أَكَمَةٍ، قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَيْتُ السَّدَّ مِثْلَ الْبُرْدِ الْمُحَبَّرِ. قَالَ «رَأَيْتَهُ؟». 168/ 4 3346 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِى سُفْيَانَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ - رضى الله عنهن أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ». وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِى تَلِيهَا. قَالَتْ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ «نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخُبْثُ». أطرافه 3598، 7059، 7135 تحفة 15880 قوله: ({وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ}) وفيه عِدَّةُ فوائد: الفائدة الأولى في تحقيق الإسكندر: ولا ريب في كونه رجلًا صالحًا. أمَّا إنه كان نبيًا، أو وليًّا، فالله تعالى أعلم به. والذي يَظْهَرُ أنه ليس بالاسكندر اليونانيِّ، وإليه ذهب الرازي (¬1)، والحافظ. فإن أرسطو ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد تكلَّم عليه الحافظُ علي في "الفتح" مبسوطًا، وأنا آتيكَ ببعض كلماته. قال: وفي إيراد المصنِّف ترجمة ذي القرنين، قبل إبراهيم، إشارةٌ إلى توهين قول من زَعَمَ إنه الاسكندرُ اليونانيُّ، لأن الاسكندرَ كان قريبًا من زمن عيسى عليه السلام، وبين زمن إبراهيم، وعيسى عليهما السلام أكثر من ألفي سنةٍ. والذي يَظْهَرُ أنه الاسكندرُ المتأخِّرُ، لُقِّبَ بذي القرنين تشبيهًا بالمتقدِّم، لسَعَةِ ملكه، وغلبته على البلاد الكثيرة. والحقُّ إن الذي قصَّ اللهُ نبأه في القرآن، هو المتقدِّم. والفرق بينهما من أوجهٍ، ثم ذكر في ثاني الأَوْجُهِ، قال الفخر الرازيُّ في "تفسيره": كان ذو القرنين نبيًّا، وكان الاسكندر كافرًا، وكان معلمُه أرطاطاليس، وكان يأتَمِرُ بأمره، فهو من الكُفَّار بلا شك. أمَّا الكلامُ في السد، فَرَوَى الحديثَ فيه عن الطبراني، وغيره، ولم يَجْنَحْ إلى جانبٍ في هذا الموضع. وتكلَّم عليه في، الفتن"، فلينظر ثَمَّة. وحقَّق نحوَه الشيخُ العينيُّ في "عمدة القاري"، ثم نَقَلَ الخلافَ في كونه نبيًّا أو لا، وكذلك في زمانه، فنقل عن الثَّعَالبي في الأوَّلِ أنه قال: الصحيحُ إن شاء الله أنه كان نبيًّا غير مرسلٍ، وفي الثاني: أن الأصحَّ أنه كان في أيَّام إبراهيم عليه الصلاة والسلام. اهـ.

كان من وزرائه، وكان يَسْجُدُ له. وهو أوَّلُ من دوَّن الجغرافية، وذكر فيه السدَّ، فَدَلَّ على أنه كان مبنيًّا قبل الاسكندر اليونانيِّ، اللهم إلاَّ أن يُقَالَ: إنه أراد به السدَّ الذي بناه ملكه، والظاهرُ هو الأوَّلُ. على أن اليونانيَّ لم يَخْرُج إلى مطلع الشمس والمغرب، ولكنه كان بسَمَرْقَنْد. وقاتل دار فقتله، ثُمَّ فتح الاسكندرية، ثم أتى أرضَ بابل، ورجع من ههنا إلى كابل، ثم إلى راولبندى حتى ألقى عصاه بموضع تيكسله، وضرب فيها سِكَّةً، ثم سافر إلى السند، ومات ثَمَّةَ. فليس اليونانيُّ هو ذو القرنين الذي ذكره القرآن. وراجع صورة العالم من آخر «التفسير» للشيخ عبد الحق الدَّهْلَوِي، فإنه مهمٌّ، ويَنْفَعُكَ في هذا الباب. واسْتَنْبَطْتُ من سفره إلى مطلع الشمس ومغربها، أنه لم يكن من سكانهما. الفائدة الثانية في تحقيق موضع السد: أمَّا الكلامُ في السدِّ، فاعلم أنه عديدٌ، والذي بناه ذو القرنين، هو في الجانب الشماليِّ عند جبل قوقيا. أما الذي هو في بلدة الصين في طول ألف ومئتي ميلٍ تقريبًا، فهو سدٌّ آخر. ومن ظنَّه السدَّ المعروفَ، فبعيدٌ عن الصواب. وسدٌّ آخر باليمين بناه شدَّاد، وظنَّ البيضاويُّ - وهو مؤرِّخٌ فارسٌ - أنه عند دربند ثم رَوَى الحافظُ عن صحابيَ: «أنه لمَّا رَجَعَ بعد رؤيته السدَّ، سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: رأيته كالبُرْدِ المُحَبَّرِ». وحمله الحافظُ على سدِّ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ. قلتُ: هذا غلطٌ، بل هو سدٌّ آخر كان باليمين، وسدُّ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ في موضعٍ وراء بُخَارَى. ثم إن سدَّ ذي القرنين قد اندكَّ اليوم، وليس في القرآن وعدٌ ببقائه إلى يوم خروج يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ، ولا خبرٌ بكونه مانعًا من خروجهم، ولكنه من تَبَادُرِ الأوهام فقط. فإنه قال: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} [الكهف: 99] {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} ... إلخ [الأنبياء: 96] فلهم خروجٌ مرَّةً بعد مرةٍ. وقد خَرَجُوا قبل ذلك أيضًا، وأَفْسَدُوا في الأرض بما يُسْتَعَاذُ منه. نعم يكون لهم الخروجُ الموعودُ في آخر الزمان، وذلك أشدُّها. وليس في القرآن أن هذا الخروجَ يكون عَقِيبَ الاندكاك متَّصلًا، بل فيه وعدٌ باندكاكه فقط، فقد اندكَّ كما وَعَدَ. أما إن خروجَهم موعودٌ بعد اندكاكه بدون فصلٍ، فلا حرفَ فيه. أَلاَ ترى أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم عدَّ من أشراط الساعة: قبضَه من وجه الأرض، وفتحَ بيت المقدس، وفتحَ القسطنطينية، فهل تراها متَّصلةً، أو بينها فاصلةٌ متفاصلةٌ، فكذلك في النصِّ. نعم فيه: أن خروجَهم لا يكون إلاَّ بعد الاندكاك، أمَّا إنه لا يندلُّ إلاَّ عند الخروج، فليس فيه ذلك.

الفائدة الثالثة في تحقيق يأجوج ومأجوج: أمَّا الكلامُ، في يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ، فاعلم أنهم (¬1)، من ذُرِّيَّة يافث باتفاق المؤرِّخين. ويُقَال لهم في لسان أروبا: كاك ميكاك، وفي مقدمة ابن خَلْدُون: «غوغ ماغوغ». وللبرطانية إقرارٌ بأنهم من ذُرِّيَّة مَأْجُوجَ، وكذا ألمانيا أيضًا منهم، وأمَّا الروس فهم من ذُرِّيَّةِ يَأْجُوجَ. وليس هؤلاء إلاَّ أقوامًا من الإِنس، والمراد من الخروج: حملتُهم، وفسادُهم، وذلك كائنٌ لا محالة في زمانه الموعود، وكلُّ شيءٍ عند ربِّك إلى أجلٍ مسمَّى. وليس السدِّ مَنَعَهُمْ عن الفساد، فهم يَخْرُجُون على سائر الناس في وقتٍ، ثم يُهْلَكُونَ بدعاء عيسى عليه السلام. هكذا في «مكاشفات يوحنا» وفيه: أنهم يُهْلَكُونَ بدعاء المسيح عليه الصلاة والسلام عليهم. وإنما ذكرنا نبذةً من هذه الأمور، لِتَعْلَمَ أنها ليست بشيءٍ يُفْتَخَرُ بها عند العوام، ولكنها كلَّها معروفةٌ عند أصحاب التاريخ. أمَّا من لم يُطَالِعْ كُتُبَهُمْ فالإِثمُ عليه. وهذا الجاهل - لعين القاديان - يَزْعُمُ أنه أتى بعلمٍ جديدٍ، كأنَّه أوجده من عند نفسه، وكان النَّاسُ غَافِلُونَ عنه قبل ذلك. وقد بَسَطْنَاها في رسالتنا «قيدة الإِسلام»، وحاشيته بما لا مَزِيدَ عليه، فراجعها. وبعدُ، فإن العِلْمَ بيد الله المتعال، وأمَّا من زَعَمَ أنه قد أَحَاطَ بوجه الأرض كلِّها عِلْمًا، ولم يَتْرُكْ موضعًا إلاَّ وقد شَاهَدَ حاله، فذلك جاهلٌ. فإنهم قد أقرُّوا بأن كثيرًا من حصص الأرض باقيةٌ لم تقطعها بعدُ أعناق المطايا، منها ساحةٌ طويلةٌ في أرض الروس الشهيرة بسيبيريا وغيرها، فما هذه الزقازق؟!. وإذ قد فَرَغْنَا عن نقل القطعات التاريخية على القدر الذي أردناها، فالآن نتوجَّه إلى بعض ألفاظ الحديث. فاعلم أنا لم نَجِدْ في القرآن، ولا في حديثٍ صحيحٍ أن السدَّ مانعٌ عن خروجهم، إلاَّ ما عند الترمذيِّ (¬2)، فإنه يُشْعِرُ بظاهره أنه مانعٌ عنه، لِمَا فيه: «أنهم يَحْفِرُونه كل يومٍ، حتَّى إذا بَقِيَ منه شيءٌ يَرْجِعُونَ إلى بيوتهم يقولون: نَعُود إليه غدًا، ونَحْفِرُ الباقي، ولا يقولون: إن شاء الله تعالى. فإذا عَادُوا إليه، وَجَدُوه كما كان قبله، فَلاَ يَزَالُ أمره وأمرهم هكذا، حتَّى إذا جاء الموعدُ يَرْجِعُونَ إلى بيوتهم يقولوه: إنا نَحْفِرُه غدًا إن شاء الله تعالى، فإذا ¬

_ (¬1) هكذا حقَّقه العيني في "العمدة"، وقال: وإنما خصَّ العرب - أي في قوله: "ويل للعرب"، لاحتمال أنه أَرَادَ ما وقع من الترك من المفاسد العظيمة في بلاد المسلمين، وهم من نَسْلِ يَأجُوجَ ومَأْجُوجَ. والحديث يأتي برقم (3598) أيضًا، غير أنه لم يتكلَّم هناك شيئًا. (¬2) أخرجه الترمذيُّ في تفسير سورة الكهف، [برقم (3153)].

رَجَعُوا إليه غدًا، وَجَدُوه كما تَرَكُوه، لم يَزِدْ عليه شيئًا، وحينئذٍ يَدُكُّونه، ثم يَخْرُجُون مفسدين في الأرض» - بالمعنى. ولكنه مخالقٌ لِمَا في الصحيح، لأنه يَدُلُّ على أن السدَّ في زمنه صلى الله عليه وسلّم «كان فُتِحَ مثلَ هذه، وحلَّق بإِصْبَعَيْهِ: الإِبهام، والتي تليها». وقد ذَكَرْنَا تمامه في «عقيدة الإِسلام»، مع أن ابن كثير علَّله، وقال: إن أبا هريرة قد يَرْفَعُهُ، وقد يُوقِفُهُ على كَعْبٍ، وبه يَحْكُمُ وجداني: أنه ليس بمرفوعٍ، بل هو من كعب نفسه. قال الشيخُ في كتابه «عقيدة الإِسلام، في حياة عيسى عليه السلام (¬1)»: قد تَوَاتَرَ في الأحاديث أنه عليه السلام يَنْزِلُ بعد خروج الدَّجَّال، فَيَقْتُلُه، ويُرِيهم دمَه على حَرْبَتِهِ، ثم يَخْرُجُ يَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ، فَيُهْلِكُهُم الله بدعائه. وقد حرَّف المُلْحِدُون تلك الأحاديث أيضًا. وكُنْتُ قد أفردت في مبحث يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ مقالةً حديثيَّةً تاريخيَّةً، لا يسعها المقام، وهذه نبذةٌ منها أوردتها. فالذي ينبغي أن يُعْلَمَ، ويكفي ههنا: أن الظاهرَ من أمر ذي القرنين أنه رجلٌ ليس من أهل المشرق، كما قيل: إنه مغفور الصين، الذي بنى سدًّا هناك، في طول ألف مئتي ميلٍ، ويَمُرُّ على الجبال والبحار. لأنه لو كان كذلك، لقيل في القرآن العزيز بعد سفره إلى المغرب: إنه رَجَعَ إلى المشرق، كالراجع إلى وطنه. ولا من أهل المغرب، وإنما هو من أهل ما بينهما. والراجحُ أنه ليس من أذواء اليمن، ولا كيقباد من ملوك العجم، ولا هو اسكندر من فيلقوس، بل ملكٌ من الصالحين، ينتهي نَسَبُهُ إلى العرب الساميِّين الأوَّلين. ذكره صاحب «الناسخ» وأرَّخ لبنائه السد: سنة 3460 من الهبوط. وذَكَرَهُ قبل العرب الساميِّين الذين مَلَكُوا مصر، كشَدَّاد بن عاد بن عود بن أرم بن سام، وابن أخيه سنان بن علوان بن عاد، وبعدهما الريان بن الوليد بنع مرو بن عمليق بن عولج بن عاد. قال: ومن أَطْلَقَ على هؤلاء الفراعنة بعد الريان العمالقة، فللنسبة إلى عمليق بن عولج، لا إلى عمليق بن لاوذ بن أرم بن سام الذين كانوا سَكَنُوا بمكة. وكذا هو - أي ذو القَرْنَيْن - قبل ضحاك بن علوان، أخي سنان المذكور الذي قَتَلَ جمشاد ملك الإِيران، وملكه. ¬

_ (¬1) هذه مقالةٌ قيِّمةٌ، لحضرة إمام العصر، شيخنا رحمه الله تعالى، كان أدخلها فضيلة الجامع في ضمن تعاليقه، ولكنِّي أحْبَبْتُ أن تَدْخُلَ في متن الكتاب، فإنها بلفظ الشيخ رحمه الله. وكان من دَأْبِهِ الشريفِ أنه إذا بَسَطَ موضوعًا في تأليف له، وطُبعَ، فكان يُجْمِلُ الكلامَ عليه بعده في إلقائه، ودرسه، وَيأمُرُ بالمراجعة إليه، حِرْصًا على الوقت، وإضرابًا عمَّا لا يهمه كئيرًا. فهكذا على عادته بعد طبع كتابه "عقيدة الإسلام" كان يُجْمِلُ الكلامَ في بيان يَأجُوجَ ومَأجُوجَ، وربما كان يأتي بأمورٍ لم يَذْكُرْهَا في الكتاب، فَجَبَر حضرة الجامع ذلك بإدخال المقالة هنا في التعليق، وجَبَرْتُه بإدخالها في الأصل، فليتنبَّه. محمد يوسفَ البنوري - عفا الله عنه وعافاه.

وذكر اسم ذي القرنين: صعب بن روم بن يونان بن تارخ بن سام، فهو إذن من عادٍ الأُولَى، لا من الروم، أو اليونان، وقد قال الله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ} [الأعراف: 69]. وذكر أيضًا أن كورش ليس هو كيقباد، بل هو من الطبقة الثانية من ملوك بابل. والأشبه في وجه تسميته ما عن عليّ، وقد قوَّاه في «الفتح» وشرحه في «شرح القاموس»، وذكر في التنزيل ثلاثة أسفار له: الأوَّل إلى المغرب، ثم إلى المشرق، ولم يَذْكُرْ جهةَ الثالث، ولا قرينةَ له على أنَّه إلى الجنوب، فهو إذن إلى الشمال، وسدُّه هناك في جبل قوقايا، الذي يسمى الآن الطائي، غير مجموعة الجبال الأورالية، وهو المرادُ بآخر الجربياء في كتاب حزقيال عليه السلام، كما في «روح المعاني». قلتُ: الجِرْبِياء في اللغة: الريح التي تَهُبُّ من المشرق والشمال. وبنى أيضًا بعضُ ملوك الصين سدًّا لنحو ضرورة ذي القرنين، وهو سدٌّ كان المغول سَمَّوْهُ: أتكووة، وسمَّاه الترك: بوقورقه، ذكره صاحب «الناسخ»، وأرَّخ لبنائه: سنة 4381 من الهبوط. وكذا بعض ملوك العجم من باب الأبواب لمثل ما ذَكَرْنَاهُ. وهناك سدودٌ أُخَر، وكلُّها في الشمال. ثم لو ثَبَتَ ما اشتهر، وشهَّره المؤرِّخون، وذكره في «حياة الحيوان»، عن ابن عبد البَرِّ في «كتاب الأمم من الكركند»: أن مَأْجُوجَ من ولد يافث، سَكَنَ هناك، وأن جوج لَحِقَ بهم، وأن ماغوغ - كما ذَكَرَه ابن خَلْدُون - بالعبرية، هو: مَأْجُوجُ في العربية، وجوج، هو: يَأْجُوجُ. مع أنه لم يَذْكُرْ في كتاب حزقيل بلفظ يَأْجُوج، وإنما ذَكَرَ: جوج، وسلَّم أنهما معرَّبٌ كاك ميكاك في الإِنكليزية، وأن رخلأسيَا من يَأْجُوج، وأهل بريطانيا من مَأْجُوج. ولم يَدُلُّ على أن ذي القرنين سَدَّ على كلِّهم، بل سَدَّ على فِرْقَةٍ منهم هناك. قال ابن حَزْم في «الملل والنحل» فيما يَعْتَرِضُ به النصارى على المسلمين قديمًا: إن أرسطو ذكر السدَّ ويَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ في «كتاب الحيوان»، وكذا بطليموس في «جعرافياه». بل سؤالُ تعيين السدِّ، أو تعيينُ ذي القرنين، وَقَعَ من اليهود أولًا عنه صلى الله عليه وسلّم كذا يُسْتَفَادُ من بعض روايات «الدر المنثور». وبعضُ الناس يَجْعَلُ اللفظين: منكوليا ومنجوريا، وبعضُهم كاس ميكاس، وبعضهم: "جين ما جين"، وهو كما تَرَى. وأعجبُ منه ما في «الناسخ»، من ذكر بناء بيت المَقْدِسِ: أن علماءَ بني إسرائيلَ كانوا يُطْلِقُون على صور وصيدا: جين ما جين، ونَقَلَ بَعْضُهم عن «تاريخ كليسيا» فِرْقَةً من فِرَقِ الآريوسة لقبها: ياجوجي. والمُفْسِدُون في الأرض لا يَصْدُقُ على كلِّهم، فإنه إهلاكُ النَّسْلِ والحَرْثِ، وتَخْرِيبُ البلاد، والنهبُ، والسفكُ، وشنُ الغارة، لا أخذ الممالك بالسياسة والتدبير، وهؤلاء مَوْصُوفُون بذلك لا الأول. وإذا انقطع هذا اللقبُ

عنهم الآن، لم تَبْقَ المعرفة إلاَّ بوصف الإِفساد. فإن كان شعبُهم ينتهي إليهم، فلينته. ولعلَّه في بعض الآثار أَدْخَلَ نحو إنسان الغاب، أو الجبَّارين في يأجوج ومأجوج فراجع إنسان الغاب، والجبَّار من الدائرة. وفي «البحر»: أنه قد اخْتُلِفَ في عددهم وصفاتهم، ولم يَصِحَّ في ذلك شيءٌ. اهـ. قلتُ: قد صَحَّ في كثرة عددهم أحاديث، وكذا نُقِلَ عن «كتاب الجمان في تاريخ الزمان» للعينيِّ، عن «تاريخ ابن كثير»: أنه لم يَصِحَّ في صفتهم كثيرُ شيءٍ. وإذا كان هؤلاء الأورباويون خارجين من بلادهم، وأخلاقهم، وسيرتهم، فليسوا بمرادين. وإنما المراد فِرْقَةٌ منهم، أي من شعبهم في الشمال، والشرق ولهم خروجٌ في آخر الأيَّام، وليس أنهم مَسْدُودُون بالسدِّ، من كل جهةٍ، بل مُنِعُوا من شعبٍ هناك. فإن قيل: إنهم أيضًا قد ارتفع عنهم المانع الحسيُّ منذ زمانٍ طويلٍ، واندكَّ السَّدُّ، وقد خَرَجُوا، قيل: فإذن لم يَكُنْ هذا الخروجُ مرادًا، فإنه لم يتحقَّق نزول عيسى عليه السلام قُبَيْل ذلك. ويستمرُّ الأَمْرُ هكذا حتَّى يَخْرُجَ بعضٌ منهم، الذين لم يَخْرُجُوا إلى الآن في عهد عيسى عليه السلام. ويكون الخروج مرَّةً بعد مرَّةٍ، كمثل خروج الخوارج، لا خروجًا بالمرَّة من السدِّ، ولم يَذْكُرْ في القرآن لفظ الخروج من هذا السدِّ فقط: لههنا، ولما ذَكَرَ في الأنبياء: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} [الأنبياء: 96]، لم يذكر السد، والردم، فكان الخروج لعمومهم، وكأن قوله: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} [الكهف: 99] يوميءُ أن بعضَهم في مقابلة بعضهم الآخرين. فالبعضُ خارجون من السدِّ، والبعضُ الآخرون من غيره، وكأن اندكاك السدِّ جَعَلَ موضعَ خروج بعضٍ، وميقاتَ خروج آخرين منهم. وقَدْ وَقَعَ في مكاشفات يوحنا الإِنجيليِّ خروجهم مرَّةً بعد مرَّةٍ، أي من سُدَّ عليهم، أو لم يُسَدّ. وكذا ذكره في «الناسخ»، عن الفصل الحادي عشر، من سفر سنهذرين، من كمار اليهود، وهو عندهم كالحديثِ عندنا. قال فيه: وُجِدَ في خزائن الروم بالخط العِبْرِيِّ: أن بعد أربعة آلاف سنة ومئتين وإحدى وتسعين سنة يبقى العالمُ يتيمًا، وتَجْرِي فيه حروب كوك ما كوك، وتكون سائر الأيام أيام الماشيح. وهذا التاريخُ - على ما يؤرِّخ به اليهود - مولدُ خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلّم ويَبْقَى العالمُ بعده يتيمًا، لا راعي له، أي تُخْتَتَمُ النبوَّة، وتجري بعد ذلك - وبعد خيرٍ كثيرٍ - ملاحم يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ، ويَنْزِلُ إذ ذاك عيسى عليه السلام. وصاحب «الناسخ» حمل الماشيح على خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلّم وكذا ذكرهم في كتاب حزقيل، ولم يَذْكُرْ السدَّ. فيأجوجُ ومأجوجُ أعمُّ ممن سُدَّ عليهم. فقد جَمَعَ القرآنُ

حالَ أعمِّهم وأخصِّهم، وذلك لسؤالهم عن ذي القرنين، لا عن يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ فقط. فَذَكَرَ أوَّلًا من سُدَّ عليهم منهم، ثم عمَّم في قوله: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} [الكهف: 99]، وهو إذن للاستمرار التجدديِّ، حتَّى يَتَّصِلَ خروجهم المخصوص بنزول عيسى عليه السلام، فَوَقَعَ هنا في القرآن أعمُّ مما في الحديث. وكذا في قوله: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96] فَذَكَرَ كلَّ حَدَبٍ، ولا بُدَّ من ذلك إن ثَبَتَ أن الأورباويين منهم، وأن لهم خزجات. أو ذَكَرَ في القرآٌّ من سُدَّ عليهم فقط، لكن لم يَذْكُرْ أنه لا يَنْدَكُّ، ويكون خروجهم مرَّةً بعد مرَّةٍ، حتى يكونَ خروجُهم المرادُ عند نزوله عليه السلام. وقد بُدِيء باندكاكه في زمانه صلى الله عليه وسلّم حيث قال: «ويلٌ للعرب، من شرَ قد اقترب، فُتِحَ اليومَ من رَدْمِ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ مثل هذه» وهؤلاء الذين خَرَجُوا كذلك، أي من غير سدَ لا يُقَالُ: إنهم خَرَجُوا عليه، لأنَّهم نصارى نحلةً وانتماءً، وبقي بعضُ هؤلاء، أصلًا وشعبًا ليسوا نصارى، سَيَخْرُجُون عليه في آخر الزمان. وذَكَرَ في كتاب حزقيل خروجَهم على بني إسرائيل. ففي «روح المعاني»: وفي كتاب حزقيال عليه السلام الأخبارُ بمجيئهم في آخر الزمان من آخر الجِرْبِياء، في أممٍ كثيرةٍ لا يُحْصِيهم إلاَّ اللَّهُ تعالى، وإفسادُهم في الأرض، وقصدُهم بيت المَقْدِسِ، وهلاكُهم عن آخرهم بِرُمَّتِهِمْ بأنواعٍ من العذاب. اهـ. وذُكِرَ في الأحاديث النبوية توجُّهُهُم إلى الشام، فليس الخروج عليه متَّصلًا بالاندكاك، وإنما المتَّصلُ به خروجُهم على الناس، وهو كذلك في بعض الألفاظ، كما في «الكنز». وقد تأتي أحاديثُ أشراط الساعة بالتقاط أشراطها من البين، وترك ما بينها، فلهم خروجٌ مرَّةً بعد مرَّةٍ. وليس القرآنُ العزيزُ نصًّا في أن السدِّ مَنَعَهُم من كلِّ جهةٍ، ولا أن عدمَ خروجهم في الأزمنة الآتية لعدم الاندكاك فقط، فإن ذلك إذ ذاك - أي عند بنائه - ودَهْرًا بعده. وأمَّا بعد ذلك، فلهم عِدَّةُ خروجٍ، ففيه {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} الآية، فلم يَقُلْ: حتَّى إذا فُتِحَ الرَدْمُ، والمراد تلك النَّوْبَة من الخروج. وبنبغي أن يُعْلَمَ أن قولَ ذي القرنين {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا} [الكهف: 98] قولٌ من جانبه، لا قرينةٌ على جَعْلِهِ من أشراط الساعة. ولعلَّه لا عِلْمَ له بذلك، وإنما أَرَادَ وعدَ اندكاكه. فإذن قوله تعالى بعد ذلك: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} للاستمرار التجدديِّ. نعم قوله: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96)} هو من أشراطِ الساعة، لكن ليس فيه للرَّدْمِ ذِكْرٌ، فاعلم الفرق. واعلم أيضًا أن السَّدَّ الذي رآه صحابيٌّ، كما في «الفتح»، و «والدر المنثور»،

و «حياة الحيوان» الظاهرُ أنه سَدٌّ آخر لا هذا السدّ، ويَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ فيه بمعنى أهل الشرك. وحديث حَفْرِ السدِّ كلَّ يومٍ، أعلَّ ابن كثير في «تفسيره» رَفْعَهُ، بأنه لعلَّه سَمِعَه من كَعْب. فإن كَعْبًا رَوَى عنه مثل ذلك، وقد ذكره أيضًا ابن كثير. وفي «الفتح»: أن عبد بن حميد رواه عن أبي هريرة موقوفًا. أَوْ كانوا حَفَرُوا أولًا، وتَرَكُوا، وسَيَحْفِرُونَه عند خروجهم المخصوصِ أيضًا، وإن كانوا خَرَجُوا قبل ذلك خروجًا غير خروجهم على عيسى عليه السلام، فإن الله تعالى قد قال: {وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا} [الكهف: 97] ذكره ابن كثير أيضًا. وأقول: إن كان في إيمان الناظرين سَعَةٌ، فلا ضَيْقَ في تسليمه أيضًا. والحاصلُ: أنه إن كان قد اندكَّ، أو كان لم يَنْدَكَّ، ولكن كان لم يَبْقَ مانعًا بحسب هذا الزمان بأن يكون خروجهم من طُرُقٍ بعيدة من وراء الجبال، والسدُّ على البوابير والمراكب المُحْدَثة للأسفار الطويلة. فخروجُهم المخصوصُ ليس متَّصلًا به. كيف وهو مُنْدَكٌّ إذن منذ زمانٍ طويلٍ، فَلَمْ يَبْقَ من السَّدِّ الذي جَعَلَهُ الناظرون سدَّ ذي القرنين، إلاَّ أثرٌ وطَلَلٌ، ولم يتَّصلْ خروجُهم ذلك به، فليكن من الزمان بُرْهَةٌ أخرى كذلك، لا أنهم خَرَجُوا في زماننا هذا، فَيُطْلَبُ عيسى عليه السلام فيه. فإنه إذا تَرَاخَى من اندكاكه، أو من خروجهم من زمنٍ طويلٍ، فَلْيُتَرَاخَى عهدًا آخر أيضًا، وإن لم يندكَّ مقدار ما بين الصَّدَفَيْن. وليس له زيادةُ طولٍ حتَّى يُسْتَبْعَدَ خفاؤُه. كما في «روح المعاني» في قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ} [الكهف: 93]، في قراءة فتح السين، وضمها السُّد بالضم: الاسم، وبالفتح: المصدر. وقال ابن أبي إسحاق: الأوَّلُ ما رأته عَيْنَاك، والثاني ما لا تَرَيَاهُ. اهـ. وذكره كذلك في «البحر»، فالأمرُ إذن على الانتظار، ويَدُورُ على الإِيمان، فَلْيَنْتَظرْ، فإنهم وإن خَرَجُوا مثلًا من طريقٍ آخر، لكنَّهم لم يَخْرُجُوا على هذا التقدير من السدِّ. وإذن كان السدُّ اندكَّ، أو لم يَنْدَكَّ، لكن قد انْهَدَمَ ما بناه ذلك الملحد أساسًا ورأسًا على كلِّ حالٍ. وكذا لم يُفِدْهُ أكان الأروباويون منهم، أم لم يَكُونُوا، فإنهم لم يَخْرُجُوا من السدِّ، وإن خَرَجُوا على الناس. كيف وذلك المُلْحِدُ نفسه من ذُرِّيَّةِ مَأْجُوجَ على تحقيقه، فإنه من المَغُول. هذا، مع ما هو مسلَّمٌ عند الجغرافيين: أنه لم يَنْكَشِفْ إلى الآن لهم حال بعض الجبال، والقفار، والبحار. ثم لمَّا كان الإِنكليزُ من الألمانيين وهم من ذِرِّيَّةِ جومر أخي مَأْجُوج، فَلَيْسُوا من نَسْلِ مَأْجُوج. ولا يُفيدُ ما ذُكِرَ في الألمان أنهم خَرَجُوا من كوه قاف، وأورال، فإن جبلَ أورال سلسلةٌ مستطيلةٌ من الشرق إلى الغرب. ولم يَكُنْ نَسْلُ مَأْجُوجَ، أو الذين سُدَّ عليهم إلاَّ في شرقه. وذُكِرَ في «دائرة المعارف» جوج من جومر، وأنه ملك السكيثيين، فَيَأْجُوجُ إخوان

مَأْجُوج، وهو كذلك عند اليهود، كما في «لقطة العجلان»، فاحذر قول الخرَّاصين. ومذهبُ السكيثيين: ميتهالوجي، أي علم الأصنام، فليسوا بني إسرائيل أيضًا. وجوج الذي هو من ذُرِّيَّةِ يعقوب رجلٌ آخر، وجوج الذي عُدَّ مع مَأْجُوجَ في كتاب حزقيل، ليس من ذُرِّيَّة يعقوب، بل هو معاذ لبني إسرائيل. فلو سُلِّمَ أن جوج والي روسيا، فليس الذي سُدَّ عليهم إياهم، بل هم بعضٌ من جوج. والذي يُعْلَمُ من كتابه: أن جوج أقربُ مسكنًا، ومَأْجُوجَ أبعدُ. ولمَّا كان الأريانة، أصلَ الأروباويين، كيف يكون الأوروباويون من مَأْجُوجَ؟ وإلاَّ لكان الهنودُ منهم، إلاَّ أن يُقَالَ: إنه قد تبدَّلت ألقابهم، فهذا يجري في الأوروباويين أيضًا. وقد قال في «الفتح» في حديث: «أبشروا، فإن من يَأْجُوجَ ومَأْجُوج ألفًا، ومنكم رجل» قال القرطبيُّ: قوله: «من يَأْجُوجَ، ومَأْجُوجَ ألفًا»، أي منهم، وممن كان على الشِّرْكِ مثلهم، وقوله: «ومنكم رجل»، يعني من أصحابه، ومن كان مثلهم. قلتُ: وهو عن عِمْران بن حُصَيْن عند الحاكم في «المستدرك»: «وأبشروا، فوالذي نفسُ محمدٍ بيده إنكم مع خَلِيقَتَيْنِ ما كانتا مع شيءٍ إلاَّ كثَّرَتَاه، يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ، ومَنْ هَلَكَ من بني آدم، وبني إبليس». اهـ. فوقع مفسَّرًا، ولم يستمد به في «الفتح». وقد صحَّحه الحاكمُ، وأقرَّه الذهبيّ، فاعلمه. وقد أَخْرَجَهُ الترمذيُّ، والنَّسَائيُّ في تفسيره كذلك. ونحوه في «الدر المنثور»، عن ابن عباس في قوله تعالى: {يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} [المزمل: 17]. واعلم أن ما ذَكَرْتُهُ ليس تأويلًا في القرآن، بل زيادةَ شيءٍ من التاريخ والتجربة، بدون إخراج لفظه من موضعه. فلا يتَّسِعُ الخرق، فإن التاريخَ لمَّا ذَكَرَ أن بعضَ الشعود الخارجة من السَّدِّ من نَسْلِ يَأْجُوجَ أيضًا، قُلْنَا: إن ثَبَتَ، فالقرآن لم يَذْكُرْ السدَّ على كلِّهم، ولا من كلِّ جهةٍ، فَلْيَكُنْ الخارجون المذكورون من يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ، ولكن لَيْسُوا بمرادين في القرآن. وإن ثَبَتَ أنه اندكَّ، أو خَرَجُوا من جانبٍ آخرَ، فَلَيَكُنْ مَوْجُ بعضهم في بعضٍ متجدِّدًا مستمرًّا، حتَّى يَنْزِلَ عيسى عليه السلام، فَيَخْرُجُون أيضًا من بلادهم من السَّدِّ المُنْدَكِّ، ويُفْسِدُون في الأرض حتَّى يُهْلِكَهُمُ اللَّهُ تعالى بدعائه عليه السلام. كيف وقد قَالَ اللَّهُ تعالى في الأنبياء: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95) حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96)} [الأنبياء: 95 - 96]، أي حرامٌ عليهم غير ما نقول، وهو: أنهم لا يَرْجِعُون إلى الدنيا ثانيًا، كقوله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (31)} [يس: 31]، ويَدْخُلُ تحت النفي رَجْعَةُ الروافض، وبروزُ ذلك المُلْحِدِ، فإنه جَعَلَهُ أنه هو حقيقةُ ما أَطْلَقَ عليه أنه رجوعٌ للأوَّل. وقيل: إنه سَيَرجُعُ، كما جاء في عيسى عليه السلام مرفوعًا، وقد مرَّ: «أنه رَاجِعٌ إليكم».

9 - باب قول الله تعالى: {واتخذ الله إبراهيم خليلا} [النساء: 125]

فإن كان هذا هو حقيقةُ رجوع أحدٍ، كما افتراه أنه هو عُرْفُ الكتب السماوية، فقد حرَّمته الآية. فإن الاعتبارَ في ذلك لِمَا يسمِّيه أهلُ العُرْفِ رجوعًا، لا لغيره. وكذا مجيءُ مثيلٍ، إن كان مجيئًا مبتدأ، فليس هذا رجوعًا للأوَّل، وإن قيل: إن الرجوعَ الأوَّلَ هو هذا، فقد شَمَلَتْهُ الآية. ولا يَظْهَرُ ما قيل في الآية: إن المرادَ: حرامٌ عليهم أنهم لا يَرْجِعُون إلينا، فإنه لو كان مُرَادًا، لم يَذْكُرْ في السياق الإِهلاكَ أولًا، وإلاَّ لصار إذن ذِكْرُ الحَلِفِ على ذلك، وذِكْرُ حرمة عدم الرجوع إليه كالمستدرك. وقد جاء في الحديث: «أن عبدَ الله بن حرام لمَّا اسْتَشْهَدَ بأحدٍ، واستدعى الله تعالى أن يُرْجِعَهُ إلى الدنيا ليستشهد ثانيًا، أُجِيبَ بما في الآية»، أخرجه الترمذيُّ، وحسَّنه. وإذ لا رجوعَ إلى الدنيا، فلا تَنَاسُخَ أيضًا بنقل الأرواح في الأبدان، وإذن لا بُدَّ من القيامة، لِتُجْزَى كلُّ نفسٍ بما عَمِلَتْ. ومن أشراطها: خَرُوجُ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ، فخروجُهم في قُرْبِ القيامة. ومن أشراطها: نزولُ عيسى عليه السلام قُبَيْل ذلك بصريح تواتر الأحاديث فيه {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7)} [المعارج: 6 - 7]. ومعلومٌ أنه ليس من موضع القرآن استيعاب التاريخ، ولا الوقائع كلَّها. فمن اعْتَبَرَ بالتاريخ فَلْيَزِدْهُ من عنده، كأنه خارجٌ منضمٌّ. ولا يزيد التاريخ على ذلك، لمن كان له قلب، أو أَلْقى السمعَ، وهو شهيدٌ. 3348 - قوله: ({وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا}) ... إلخ. قيل: هو قبل الحشر. وقيل: في الحشر، وهو مُشْكِلٌ، لأنه ليست هناك حَامِلٌ، ولا مُرْضِعٌ، وقيل: إنه عند النَّفْخَةِ الأُولَى، وهي في الحشر عُرْفًا، على أن بين النفخةِ الأولَى والبعثة مدَّة أربعين سنة. قوله: (فإنَّ مِنْكُمْ رَجُلًا ومِنْ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ ألفًا)، وهذا العددُ عند الترمذيِّ (¬1) مع انضمام المشركين معهم، وهو الصوابُ عندي. 9 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125] وَقَوْلِهِ: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا} [النحل: 120]. وَقَوْلِهِ: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: 114]. وَقالَ أَبُو مَيسَرَةَ: الرَّحِيمُ بِلِسَانِ الحَبَشَةِ. 3349 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّكُمْ ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في تفسير سورة الحج، وفيه: "فوالذي نفسي بيده إنكم لمع خَلِيقَتَيْنِ ما كانتا مع شيءٍ إلَّا كثَّرَتَاهُ: يَأجُوجَ ومَأجُوجَ، ومن مات من بني آدم وبني إبليس". الحديث.

مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً - ثُمَّ قَرَأَ - {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104] وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، وَإِنَّ أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِى يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ أَصْحَابِى أَصْحَابِى. فَيَقُولُ، إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ. فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} إِلَى قَوْلِهِ {الْحَكِيمُ} [المائدة: 118 - 118] أطرافه 3447، 4625، 4626، 4740، 6524، 6525، 6526 تحفة 5622 3350 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى أَخِى عَبْدُ الْحَمِيدِ عَنِ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ، فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لاَ تَعْصِنِى فَيَقُولُ أَبُوهُ فَالْيَوْمَ لاَ أَعْصِيكَ. فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ يَا رَبِّ، إِنَّكَ وَعَدْتَنِى أَنْ لاَ تُخْزِيَنِى يَوْمَ يُبْعَثُونَ، فَأَىُّ خِزْىٍ أَخْزَى مِنْ أَبِى الأَبْعَدِ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى إِنِّى حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ، ثُمَّ يُقَالُ يَا إِبْرَاهِيمُ مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ فَيَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُلْتَطِخٍ، فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِى النَّارِ». طرفاه 4768، 4769 تحفة 13024 3351 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْبَيْتَ فَوَجَدَ فِيهِ صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ وَصُورَةَ مَرْيَمَ فَقَالَ «أَمَا لَهُمْ، فَقَدْ سَمِعُوا أَنَّ الْمَلاَئِكَةَ لاَ تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ، هَذَا إِبْرَاهِيمُ مُصَوَّرٌ فَمَا لَهُ يَسْتَقْسِمُ». أطرافه 398، 1601، 3352، 4288 تحفة 6340 - 170/ 4 3352 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا رَأَى الصُّوَرَ فِى الْبَيْتِ لَمْ يَدْخُلْ، حَتَّى أَمَرَ بِهَا فَمُحِيَتْ، وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - بِأَيْدِيهِمَا الأَزْلاَمُ فَقَالَ «قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، وَاللَّهِ إِنِ اسْتَقْسَمَا بِالأَزْلاَمِ قَطُّ». أطرافه 398، 1601، 3351، 4288 تحفة 5995 3353 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ قَالَ «أَتْقَاهُمْ». فَقَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ «فَيُوسُفُ نَبِىُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِىِّ اللَّهِ ابْنِ نَبِىِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ». قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ «فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونَ خِيَارُهُمْ فِى الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِى الإِسْلاَمِ إِذَا فَقُهُوا». قَالَ أَبُو أُسَامَةَ وَمُعْتَمِرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3374، 3383، 3490، 4689 تحفة 12987، 14307

3354 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا عَوْفٌ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ حَدَّثَنَا سَمُرَةُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَتَانِى اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ طَوِيلٍ، لاَ أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولاً، وَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ - صلى الله عليه وسلم -». أطرافه 845، 1143، 1386، 2085، 2791، 3236، 4674، 6096، 7047 تحفة 4630 3355 - حَدَّثَنِى بَيَانُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - وَذَكَرُوا لَهُ الدَّجَّالَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ أَوْ ك ف ر. قَالَ لَمْ أَسْمَعْهُ وَلَكِنَّهُ قَالَ «أَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَانْظُرُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ، وَأَمَّا مُوسَى فَجَعْدٌ آدَمُ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ مَخْطُومٍ بِخُلْبَةٍ، كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ انْحَدَرَ فِى الْوَادِى». طرفاه 1555، 5913 تحفة 6400 3356 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِىُّ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - وَهْوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً بِالْقَدُّومِ». حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ «بِالْقَدُومِ». مُخَفَّفَةً. تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ. تَابَعَهُ عَجْلاَنُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِى سَلَمَةَ. طرفه 6298 تحفة 13876، 13784، 13765، 14151، 15126 - 171/ 4 3357 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ الرُّعَيْنِىُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلاَّ ثَلاَثًا». أطرافه 2217، 2635، 3358، 5084، 6950 تحفة 14412 3358 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - إِلاَّ ثَلاَثَ كَذَبَاتٍ ثِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ فِى ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَوْلُهُ {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89] وَقَوْلُهُ {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63]، وَقَالَ بَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ وَسَارَةُ إِذْ أَتَى عَلَى جَبَّارٍ مِنَ الْجَبَابِرَةِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ هَا هُنَا رَجُلاً مَعَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَسَأَلَهُ عَنْهَا. فَقَالَ مَنْ هَذِهِ قَالَ أُخْتِى، فَأَتَى سَارَةَ قَالَ يَا سَارَةُ، لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِى وَغَيْرُكِ، وَإِنَّ هَذَا سَأَلَنِى، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِى فَلاَ تُكَذِّبِينِى. فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا بِيَدِهِ، فَأُخِذَ فَقَالَ ادْعِى اللَّهَ لِى وَلاَ أَضُرُّكِ. فَدَعَتِ اللَّهَ فَأُطْلِقَ، ثُمَّ تَنَاوَلَهَا الثَّانِيَةَ، فَأُخِذَ مِثْلَهَا أَوْ أَشَدَّ فَقَالَ ادْعِى اللَّهَ لِى وَلاَ أَضُرُّكِ. فَدَعَتْ فَأُطْلِقَ. فَدَعَا بَعْضَ حَجَبَتِهِ فَقَالَ إِنَّكُمْ لَمْ تَأْتُونِى بِإِنْسَانٍ، إِنَّمَا أَتَيْتُمُونِى بِشَيْطَانٍ. فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ فَأَتَتْهُ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّى، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ مَهْيَا قَالَتْ رَدَّ اللَّهُ كَيْدَ الْكَافِرِ - أَوِ

الْفَاجِرِ - فِى نَحْرِهِ، وَأَخْدَمَ هَاجَرَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ تِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِى مَاءِ السَّمَاءِ. أطرافه 2217، 2635، 3357، 5084، 6950 تحفة 14419 3359 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَوِ ابْنُ سَلاَمٍ عَنْهُ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أُمِّ شَرِيكٍ - رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَقَالَ «كَانَ يَنْفُخُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ». طرفه 3307 تحفة 18329 3360 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا نَزَلَتِ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّنَا لاَ يَظْلِمُ نَفْسَهُ قَالَ «لَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ {لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} بِشِرْكٍ، أَوَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لاِبْنِهِ {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}؟! [لقمان: 13]. أطرافه 32، 3428، 3429، 4629، 4776، 6918، 6937 تحفة 9420، 172/ 4 3349 - قوله: (أَوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ القِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ عليه الصلاة والسلام) وفي الروايات (¬1): أن نبيَّنا صلى الله عليه وسلّم يُكْسَى بعده، ثم سائرَ الخَلْقِ، وذلك لأنه أوَّلُ من جُرِّدَ في سبيل الله حين قَذَفَهُ الكفَّار في النار، فَجُوزِيَ بأوَّلِ الكسوة في الحشر، وهذه فضيلةٌ جزئيَّةٌ. 3349 - قوله: (فَأَقُولُ (¬2) كَمَا قَالَ العَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ}) ... إلخ. واعلم أنه لا تمسُّكَ فيه للمتنبيِّ الكاذب اللعين على وفاة عيسى عليه السلام، فإن هذا القولَ يَصْدُرُ منه صلى الله عليه وسلّم في المحشر. وقد حَكَى اللَّهُ سبحانه هذا القولَ عن عيسى عليه الصلاة والسلام في القرآن، فهذه الحكايةُ ماضيةٌ ¬

_ (¬1) قال الحافظُ: ورَوَى البيهقيُّ في "الأسماء" من وجهٍ آخرَ، عن ابن عباس مرفوعًا: "أوَّلُ من يُكْسَى إبراهيمُ حُلَّةً من الجنَّةِ، ويُوتَى بكرسيٍّ، فَيُطْرَحُ عن يمين العرش، ويُؤْتَى بي فَأُكْسَى حلَّة لا يقوم لها البشر". ويُقَالُ: إن الحكمةَ في خصوصية إبراهيم عليه السلام بذلك، لكونه أُلْقِي في النار عريانًا. وقيل: لأنه أوَّلُ من لَبِسَ السراويل. وقد ثَبَتَ له أوليات أخرى، منها: أنه أوَّلُ من ضاف الضيف، وقصَّ الشارب، واختتن، ورأى الشيبَ. اهـ مختصرًا جِدًّا. وقد تكلَّم عليها الحافظ في أواخر الرقاق مبسوطًا، فليراجع. قلتُ: وأخرج الدارميُّ، كما في "المشكاة"، من باب الشفاعة ما هو أَصْرَحُ منه، عن ابن مسعود، وفيه: "فيكون أَوَّلُ من يُكْسَى إبراهيمُ، يقول الله: أكسُو خليلي .... ثم أكْسَى على أثره، ثم أَقُومُ عن يمين الله مَقَامًا يَغْبِطُنِي الأوَّلونَ والآخِرُونَ". اهـ. وراجع الروايات فيه من "عمدة القاري". (¬2) قلتُ: وقد مرَّ عن الشيخ: أن الذين يُقَالُ فيهم: "إنهم لن يَزَالُوا مرتدِّين" ... إلخ، كما في هذا الحديث: هم المُبْتَدِعُون. ثم وَجَدْتُ عليه نقلًا، وهو مهمٌّ، قال أبو عمر: كلُّ من أَحْدَثَ في الدين، فهو من المَطْرُودِين عن الحوض، كالخوارج، والروافض، وسائر أصحاب الأهواء، وكذلك الظلمةُ المُسْرِفون في الجَوْرِ، وطَمْسِ الحقِّ، والمُعْلِنُون بالكبائر. اهـ. فاحفظه، "عمدة القاري".

بالنسبة إلى قول النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في المحشر لا محالة، ولذا قال: «كما قال العبد الصالح»، بصيغة الماضي (¬1). 3350 - قوله: (فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: يا رَبِّ إنَّكَ وَعَدْتَنِي) ... إلخ، وإنما تلقَّفها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم لمثل هذا الموضع على طريق الاقتباس فقط. أَلاَ تَرَى أنها وَقَعَتْ في الأصل جوابًا عن سؤاله تعالى: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ} ... إلخ [المائدة: 116]، ونبيِّنا صلى الله عليه وسلّم يُسْأَلُ عن ذلِك. وإنما قال ذَلِكَ حين رأى بعضَ أصحابه يؤخذ عنه ذات الشمال، فنادى أنهم أصحابي، فقيل له: «إنَّك لا تَدْرِي ما أَحْدَثُوه بعدك». فاعْتَذَرَ عن تلك الكلمات التي بَلَغْتَ إلى مكان القَبُول على طريق الاقتباس. فإذا لم يَتَّحِدْ السؤالُ، كيف يَتَّحِدُ الجواب؟ ولكن الجواب لمَّا كان حاويًا لجميع الأطراف، والجوابُ مُرَاعِيًا لسائر الآداب والعواطف، اصطفاه لاعتذاره أيضًا. ثم إن نفيَ العِلْمِ عن نفسه من آداب حضرة الربوبية، أَلاَ تَرَى أن الملائكةَ حين اعْتَذَرُوا عن أنفسهم، قالوا: {لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} [البقرة: 32] وكذلك فَعَلَ الرُّسُلُ، قال تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا} [المائدة: 109]، وليس هذا كَذِبًا، بل عَلمُ العبد بجنب علم الله متلاشىً، ولا شيء. وقد كان موسى عليه السلام نَسَبَ الأعْلَمِيَّة إلى نفسه مرَّةً، فجُوزِيَ بلقاء الخَضِر عليه الصلاة والسلام، وأَبْرَزَ له عِلْمَهُ في كلِّ موضعٍ حتَّى بموضعٍ لَقِيَهُ أيضًا، فَلَمْ يَلْقَهُ حتَّى جاز مكانه، ثم رَجَعَ على آثاره قصصًا. وقد غَفَلَ عنه الملائكةُ أولًا، فابتلوا بإِنباء الأسماء، فلم يَفْعَلُوا. وليس المَحْشَرُ موضعَ ادِّعَاء عِلْمٍ، وإن كان عندهم عِلْمٌ دون عِلْمٍ، فذلك كالعدم. والعلمُ يومئذٍ كله لعلاَّم الغيوب، ولا ينفي ذلك نفس العلم إجمالًا أصلًا، ثم ههنا كلماتٌ طويلةُ الأذيال طَوَيْنا عنها كَشْحًا لغرابة المقال، وإنما ذكرنا شيئًا سَنَحَ لنا في ¬

_ (¬1) يقول العبدُ الضعيفُ: على أن التشبيهَ في القول لا يَسْتلْزِمُ التشبه في التوفِّي. وإن كان عندك ذوقٌ من العلم، وإيمانٌ في القلب، فاسمع منِّي كلمة، لعلَّ الله تعالى يَنْفَعُكَ بها، وهي: أن رُبَّ كلامٍ يَخرُجُ في محلٍّ، فيقع من القَبُول مكانًا لا يكون غيره مثله، ثم يتلقَّاه الناسُ، ويستعملونه كالأمثال، وإن تَغَايَرَ المحلُّ والمحلُّ، والمَقَامُ والمَقَامُ. وارْتَقت تلك الحقيقةُ إلى التشريع أيضًا، أَلاَ ترى أن هذا السعيَ والرَّمَل في الحجِّ كان لمعنًى، ثُمَّ إذا حَلَّ محلَ القَبُول جرى لمن بعدهم شرعًا، وإن لم يتحقَّق ذلك المعنى فيهم. ومن هذا القبيل الرُّقْيَةُ، والعُوَذَة عندي، فإنها تكون كلماتٍ خَرَجَتْ من عبدٍ صالحٍ بصدق نيَّةٍ، وإخلاصٍ، فَتَحُلُّ محل القَبُول من اللهِ عزَّ وجلَّ، فتبقى فيها تأثيرٌ، ولذا تَجِبُ فيها صيانة الترتيب. وربما يكون غلطًا من حيث قوانين سَبْك الكلام. ولا نُنْكِرُ من ذلك تأثيرات الحروف التي دوَّنها الشيخُ الأكبرُ، وبسطها، فإنها على محالها، ولكنا نُرِيدُ: أن ما قُلْنَا لا يُنَاقِضُ ما ذكره الشيخُ الأكبرُ. فإذا كانت الكلماتُ المذكورةُ في النصِّ أحسنَ كلماتٍ في محلِّ الاعتذار. ولولا مخافةُ الإِطناب لَبَيَّنَّا لطفها، ممَّا يتحيَّرُ منه الناظرُ.

10 - باب {يزفون} [الصافات: 94] النسلان فى المشي

الحال، والأمرُ إلى الله العليِّ المتعال. تقدَّم لي شفاعته، مع أنه لا يُغْفَرُ له رجاءً في تخفيف العذاب، وتخفيفُ العذاب في حقِّ الكافرِ ثابتٌ، فإن قُرُبَاتِهِ نافعةٌ البتة، كما مرَّ تحقيقه. وإن أبا طالبٍ يكون في ضَحْضَاحٍ من النار، على أنه ناظرٌ إذ ذاك إلى وعده تعالى، ولذا قال: «إنك وَعَدْتَني أن لا تخْزِيَنِي يومَ يُبْعَثُون»، فَحَمَلَهُ (¬1) على العموم. 3350 - قوله: (فإذَا هُوَ بِذِيخٍ مُلْتَطِخٍ) قال الشيخُ الأكبرُ: وإنما مُسِخَ في هذه الصورة لتنقطعَ عنه شفقةُ إبراهيم عليه الصلاة والسلام. 3351 - قوله: (أَمَّا هُمْ، فَقَدْ سَمِعُوا أَنَّ المَلاَئِكَةَ لا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ)، وفيه دليلٌ على كونه مشهورًا فيما بينهم أيضًا، ولعلَّه كان في الأديان السماوية السابقة أيضًا. 3356 - قوله: (اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السلام، وهُوَ ابنُ ثَمَانِينَ سَنَةً) فلمَّا شَكَا إلى ربِّه بالوجع، قال الله تعالى: لِمَ عَجِلْتَ، وما انتظرتَ أمري؟ فسبحان الله من معاملات الأنبياء عليهم السلام مع ربِّهم، فاقدر من ذلك أحوالهم. ولو فَعَلَ نحوَه أحدٌ من العوامِّ لغُفِرَ له، وهؤلاء يُعَاتَبُون عليه. نعم الكمالُ في الامتثال، والنظرُ إلى الله سبحانه في كلِّ حالٍ. 3358 - قوله: (ثُمَّ تَنَاوَلَهَا الثَّانِيَةَ) تَسَامَحَ فيه الراوي، وإلاَّ فلم يَقْدِرْ عدوُ اللَّهِ على التناول، ولكنه ذَهَبَ ليتناول، فَأُخِذَ، كما في اللفظِ الأوَّلِ. 3359 - قوله: (أَمَرَ بِقَتْلِ الوَزَغِ)، فيه دليلٌ على تقسيم الحيوانات أيضًا إلى الخبيث والطيب، كالإِنسان، وكان الوَزَغُ يَنْفُخُ في النار التي أُوقِدَتْ لخليل الله عليه الصلاة والسلام والتسليم، كما في البخاريِّ، فأمر بقتله. وعند مسلم ما يَدُلُّ على الوعد بقتله بضربةٍ (¬2). 10 - باب {يَزِفُّونَ} [الصافات: 94] النَّسَلاَنُ فِى الْمَشْيِ 3361 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ أَبِى حَيَّانَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا بِلَحْمٍ فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ يَجْمَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِى صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِى، وَيُنْفِدُهُمُ الْبَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ مِنْهُمْ - فَذَكَرَ حَدِيثَ الشَّفَاعَةِ - فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُونَ أَنْتَ نَبِىُّ اللَّهِ ¬

_ (¬1) يقولُ العبدُ الضعيفُ: ولو أَمْعَنْتَ النظرَ في قوله صلى الله عليه وسلم: "لأَزِيدن على السبعين"، بعد قوله تعالى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] لَوَجَدْتَهُ نظيرَ ذلك إن شاء الله تعالى. (¬2) عن أبي هريرة مرفوعًا: "من قَتَلَ وَزَغًا في أول ضربةٍ، كُتِبَتْ له مائة حسنة، وفي الثانية دون ذلك، وفي الثالثة دون ذلك". اهـ. رواه مسلم.

وَخَلِيلُهُ مِنَ الأَرْضِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ. فَيَقُولُ - فَذَكَرَ كَذَبَاتِهِ - نَفْسِى نَفْسِى اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى». تَابَعَهُ أَنَسٌ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 3340، 4712 تحفة 14927 3362 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لَوْلاَ أَنَّهَا عَجِلَتْ لَكَانَ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا». أطرافه 2368، 3363، 3364، 3365 تحفة 5530 3363 - قَالَ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَمَّا كَثِيرُ بْنُ كَثِيرٍ فَحَدَّثَنِى قَالَ إِنِّى وَعُثْمَانَ بْنَ أَبِى سُلَيْمَانَ جُلُوسٌ مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ مَا هَكَذَا حَدَّثَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ أَقْبَلَ إِبْرَاهِيمُ بِإِسْمَاعِيلَ وَأُمِّهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ وَهْىَ تُرْضِعُهُ، مَعَهَا شَنَّةٌ - لَمْ يَرْفَعْهُ - ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ. أطرافه 2368، 3362، 3364، 3365 تحفة 5600 3364 - وَحَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِىِّ وَكَثِيرِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِى وَدَاعَةَ، يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطَقَ مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ، اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لَتُعَفِّىَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ، وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهْىَ تُرْضِعُهُ حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ، فَوْقَ زَمْزَمَ فِى أَعْلَى الْمَسْجِدِ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ يَا إِبْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِى الَّذِى لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلاَ شَىْءٌ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لاَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُ آللَّهُ الَّذِى أَمَرَكَ بِهَذَا قَالَ نَعَمْ. قَالَتْ إِذًا لاَ يُضَيِّعُنَا. ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لاَ يَرَوْنَهُ اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} حَتَّى بَلَغَ {يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37]. وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ، وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِى السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى - أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ - فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِى الأَرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِىَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَتْ مِنَ، الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِىَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْىَ الإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ، حَتَّى جَاوَزَتِ الْوَادِىَ، ثُمَّ أَتَتِ الْمَرْوَةَ، فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَذَلِكَ سَعْىُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا». - فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا، فَقَالَتْ صَهٍ. تُرِيدَ نَفْسَهَا، ثُمَّ تَسَمَّعَتْ، فَسَمِعَتْ أَيْضًا، فَقَالَتْ قَدْ أَسْمَعْتَ، إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ. فَإِذَا هِىَ بِالْمَلَكِ، عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ

بِعَقِبِهِ - أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ - حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ الْمَاءِ فِى سِقَائِهَا، وَهْوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ - أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ - لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا». - قَالَ فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا، فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ لاَ تَخَافُوا الضَّيْعَةَ، فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ، يَبْنِى هَذَا الْغُلاَمُ، وَأَبُوهُ، وَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَهْلَهُ. وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ، تَأْتِيهِ السُّيُولُ فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، فَكَانَتْ كَذَلِكَ، حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمَ - أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمَ - مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ فَنَزَلُوا فِى أَسْفَلِ مَكَّةَ، فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا. فَقَالُوا إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ، لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِى وَمَا فِيهِ مَاءٌ، فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ، فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ، فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ، فَأَقْبَلُوا، قَالَ وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاءِ فَقَالُوا أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ فَقَالَتْ نَعَمْ، وَلَكِنْ لاَ حَقَّ لَكُمْ فِى الْمَاءِ. قَالُوا نَعَمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، وَهْىَ تُحِبُّ الإِنْسَ» فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ، فَنَزَلُوا مَعَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ، وَشَبَّ الْغُلاَمُ، وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ، وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ، وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ، بَعْدَ مَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ، فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ خَرَجَ يَبْتَغِى لَنَا. ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ نَحْنُ بِشَرٍّ، نَحْنُ فِى ضِيقٍ وَشِدَّةٍ. فَشَكَتْ إِلَيْهِ. قَالَ فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِى عَلَيْهِ السَّلاَمَ، وَقُولِى لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ. فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ، كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا، فَقَالَ هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ قَالَتْ نَعَمْ، جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، وَسَأَلَنِى كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِى جَهْدٍ وَشِدَّةٍ. قَالَ فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَىْءٍ قَالَتْ نَعَمْ، أَمَرَنِى أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَقُولُ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ. قَالَ ذَاكِ أَبِى وَقَدْ أَمَرَنِى أَنْ أُفَارِقَكِ الْحَقِى بِأَهْلِكِ. فَطَلَّقَهَا، وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى، فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ، فَلَمْ يَجِدْهُ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَسَأَلَهَا عَنْهُ. فَقَالَتْ خَرَجَ يَبْتَغِى لَنَا. قَالَ كَيْفَ أَنْتُمْ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ، وَهَيْئَتِهِمْ. فَقَالَتْ نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ. وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ. فَقَالَ مَا طَعَامُكُمْ قَالَتِ اللَّحْمُ. قَالَ فَمَا شَرَابُكُمْ قَالَتِ الْمَاءُ. فَقَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِى اللَّحْمِ وَالْمَاءِ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ». قَالَ فَهُمَا لاَ يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلاَّ لَمْ يُوَافِقَاهُ. قَالَ فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِى عَلَيْهِ السَّلاَمَ، وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ قَالَتْ نَعَمْ أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ، وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِى عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَسَأَلَنِى كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ. قَالَ فَأَوْصَاكِ بِشَىْءٍ قَالَتْ نَعَمْ، هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ. قَالَ ذَاكِ أَبِى، وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ، أَمَرَنِى أَنْ أُمْسِكَكِ. ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ

اللَّهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِى نَبْلاً لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ، فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ، ثُمَّ قَالَ يَا إِسْمَاعِيلُ، إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِى بِأَمْرٍ. قَالَ فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ. قَالَ وَتُعِينُنِى قَالَ وَأُعِينُكَ. قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِى أَنْ أَبْنِىَ هَا هُنَا بَيْتًا. وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا. قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِى بِالْحِجَارَةِ، وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِى، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ، فَقَامَ عَلَيْهِ وَهْوَ يَبْنِى، وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ، وَهُمَا يَقُولاَنِ {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127]. قَالَ فَجَعَلاَ يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ الْبَيْتِ، وَهُمَا يَقُولاَنِ {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}. أطرافه 2368، 3362، 3363، 3365 تحفة 5439، 5600 - 175/ 4 3365 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا كَانَ بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَبَيْنَ أَهْلِهِ مَا كَانَ، خَرَجَ بِإِسْمَاعِيلَ وَأُمِّ إِسْمَاعِيلَ، وَمَعَهُمْ شَنَّةٌ فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تَشْرَبُ مِنَ الشَّنَّةِ فَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَوَضَعَهَا تَحْتَ دَوْحَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى أَهْلِهِ، فَاتَّبَعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، حَتَّى لَمَّا بَلَغُوا كَدَاءً نَادَتْهُ مِنْ وَرَائِهِ يَا إِبْرَاهِيمُ إِلَى مَنْ تَتْرُكُنَا قَالَ إِلَى اللَّهِ. قَالَتْ رَضِيتُ بِاللَّهِ. قَالَ فَرَجَعَتْ فَجَعَلَتْ تَشْرَبُ مِنَ الشَّنَّةِ وَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا، حَتَّى لَمَّا فَنِىَ الْمَاءُ قَالَتْ لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ لَعَلِّى أُحِسُّ أَحَدًا. قَالَ فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتِ الصَّفَا فَنَظَرَتْ وَنَظَرَتْ هَلْ تُحِسُّ أَحَدًا فَلَمْ تُحِسَّ أَحَدًا، فَلَمَّا بَلَغَتِ الْوَادِىَ سَعَتْ وَأَتَتِ الْمَرْوَةَ فَفَعَلَتْ ذَلِكَ أَشْوَاطًا، ثُمَّ قَالَتْ لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَ - تَعْنِى الصَّبِىَّ - فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ، فَإِذَا هُوَ عَلَى حَالِهِ كَأَنَّهُ يَنْشَغُ لِلْمَوْتِ، فَلَمْ تُقِرَّهَا نَفْسُهَا، فَقَالَتْ لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ لَعَلِّى أُحِسُّ أَحَدًا، فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتِ الصَّفَا فَنَظَرَتْ وَنَظَرَتْ فَلَمْ تُحِسَّ أَحَدًا، حَتَّى أَتَمَّتْ سَبْعًا، ثُمَّ قَالَتْ لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَ، فَإِذَا هِىَ بِصَوْتٍ فَقَالَتْ أَغِثْ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ خَيْرٌ. فَإِذَا جِبْرِيلُ، قَالَ فَقَالَ بِعَقِبِهِ هَكَذَا، وَغَمَزَ عَقِبَهُ عَلَى الأَرْضِ، قَالَ فَانْبَثَقَ الْمَاءُ، فَدَهَشَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَجَعَلَتْ تَحْفِزُ. قَالَ فَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ تَرَكَتْهُ كَانَ الْمَاءُ ظَاهِرًا». قَالَ فَجَعَلَتْ تَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ، وَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا - قَالَ - فَمَرَّ نَاسٌ مِنْ جُرْهُمَ بِبَطْنِ الْوَادِى، فَإِذَا هُمْ بِطَيْرٍ، كَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا ذَاكَ، وَقَالُوا مَا يَكُونُ الطَّيْرُ إِلاَّ عَلَى مَاءٍ. فَبَعَثُوا رَسُولَهُمْ، فَنَظَرَ فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ، فَأَتَاهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ فَأَتَوْا إِلَيْهَا، فَقَالُوا يَا أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَكُونَ مَعَكِ أَوْ نَسْكُنَ مَعَكِ فَبَلَغَ ابْنُهَا فَنَكَحَ فِيهِمُ امْرَأَةً، قَالَ ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا لإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لأَهْلِهِ إِنِّى مُطَّلِعٌ تَرِكَتِى. قَالَ فَجَاءَ فَسَلَّمَ فَقَالَ أَيْنَ إِسْمَاعِيلُ فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ ذَهَبَ يَصِيدُ. قَالَ قُولِى لَهُ إِذَا جَاءَ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ. فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ قَالَ أَنْتِ ذَاكِ فَاذْهَبِى إِلَى أَهْلِكِ. قَالَ ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا لإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لأَهْلِهِ إِنِّى مُطَّلِعٌ تَرِكَتِى. قَالَ

11 - باب

فَجَاءَ فَقَالَ أَيْنَ إِسْمَاعِيلُ فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ ذَهَبَ يَصِيدُ، فَقَالَتْ أَلاَ تَنْزِلُ فَتَطْعَمَ وَتَشْرَبَ فَقَالَ وَمَا طَعَامُكُمْ وَمَا شَرَابُكُمْ قَالَتْ طَعَامُنَا اللَّحْمُ، وَشَرَابُنَا الْمَاءُ. قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِى طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ. قَالَ فَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «بَرَكَةٌ بِدَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ». قَالَ ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا لإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لأَهْلِهِ إِنِّى مُطَّلِعٌ تَرِكَتِى. فَجَاءَ فَوَافَقَ إِسْمَاعِيلَ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ، يُصْلِحُ نَبْلاً لَهُ، فَقَالَ يَا إِسْمَاعِيلُ، إِنَّ رَبَّكَ أَمَرَنِى أَنْ أَبْنِىَ لَهُ بَيْتًا. قَالَ أَطِعْ رَبَّكَ. قَالَ إِنَّهُ قَدْ أَمَرَنِى أَنْ تُعِينَنِى عَلَيْهِ. قَالَ إِذًا أَفْعَلَ. أَوْ كَمَا قَالَ. قَالَ فَقَامَا فَجَعَلَ إِبْرَاهِيمُ يَبْنِى، وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ، وَيَقُولاَنِ {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127] قَالَ حَتَّى ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ وَضَعُفَ الشَّيْخُ عَلَى نَقْلِ الْحِجَارَةِ، فَقَامَ عَلَى حَجَرِ الْمَقَامِ، فَجَعَلَ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ، وَيَقُولاَنِ {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}. أطرافه 2368، 3362، 3363، 3364 تحفة 5600 - 177/ 4 11 - بابٌ 3366 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَىُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِى الأَرْضِ أَوَّلُ قَالَ «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ». قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَىٌّ قَالَ «الْمَسْجِدُ الأَقْصَى». قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا قَالَ «أَرْبَعُونَ سَنَةً، ثُمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاَةُ بَعْدُ فَصَلِّهْ، فَإِنَّ الْفَضْلَ فِيهِ». طرفه 3425 تحفة 11994 3367 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِى عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ فَقَالَ «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَإِنِّى أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا». رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 تحفة 1116 3368 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ أَبِى بَكْرٍ أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنهم - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَلَمْ تَرَىْ أَنَّ قَوْمَكِ بَنَوُا الْكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ. فَقَالَ «لَوْلاَ حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ». فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أُرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَرَكَ اسْتِلاَمَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ إِلاَّ أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ. أطرافه 126، 1583، 1584، 1585، 1586، 4484، 7243 تحفة 16287، 6912، 11896 - 178/ 4

3369 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِىِّ أَخْبَرَنِى أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِىُّ - رضى الله عنه - أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّى عَلَيْكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». طرفه 6360 تحفة 11896 3370 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالاَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ مُسْلِمُ بْنُ سَالِمٍ الْهَمْدَانِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى لَيْلَى قَالَ لَقِيَنِى كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ أَلاَ أُهْدِى لَكَ هَدِيَّةً سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ بَلَى، فَأَهْدِهَا لِى. فَقَالَ سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الصَّلاَةُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ. قَالَ «قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». طرفاه 4797، 6357 تحفة 11113 3371 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْمِنْهَالِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ «إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ، أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ». تحفة 5627 - 179/ 4 3362 - قوله: (يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لَوْلاَ أَنَّهَا عَجِلَتْ لَكَانَ زَمْزَمَ عَيْنًا مَعِينًا) وحديثها: أنها لمَّا وَلَدَتْ إسماعيلَ عليه الصلاة والسلام غَارَتْ عليه سارة، وقالت لإبراهيم عليه الصلاة والسلام: فرِّق بيني وبينها، فَتَرَكَ هاجر عند البيت، عند أَكَمَةٍ، ولم تكن هناك عمارة إذ ذاك، ولا ماء، وهنالك دعا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، عند عَقِب الأَكَمَةِ: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} [إبراهيم: 37]، ورفع يديه إلى آخر القصة، كما سَرَدَها البخاريُّ. واعلم أن في «تاريخ ديار بكر»: أن رَفْعَ اليدين سنةٌ إبراهيميَّةٌ، وجرَّه الشافعية إلى مذهبهم، وحَمَلَه الحنفيةُ على التحريمة. وهو عندي خارجٌ عن موضع النزاع، لأن ما ذكره من رفع يديه هو الرفع في الدعاء، فَنَقَلُوه إلى الصلاة، من عَجَلَةٍ تعتري المرء عند الظَّفر بالمقصود. فائدة: اشتهر عند أصحاب التاريخ أن ابتداءَ تعمير مكة من زمن إسماعيل عليه

الصلاة والسلام، ويُسْتَفَادُ من رواية الترمذيِّ (¬1) من قصة وفد عاد، أنها كانت موضعًا مشتهرًا بإِجابة الدعوة. وبَعَثَ إليه عادٌ أناسًا، فَنَزَلُوا بها، إلى آخر القصة. أقولُ: لا ريب أنها كانت محلاًّ مكرَّمًا من زمنٍ قديمٍ، إلاَّ أنه يمكن أن تكونَ خَرِبَتْ في البين، ثم ابْتُدِىء تعميرها من زمن إسماعيل عليه الصلاة والسلام. وفي التاريخ: ذكرٌ للأسباط الذين دَخَلُوا مكة من عادٍ. وكانت سلطنتهم على إيران أيضًا، فإن الضحَّاك منهم، فإنه ابن أخٍ لعاد، وكانت سلطنتهم على الشام، ومصر، والعراق أيضًا. 3364 - قوله: (ذَاكِ أِبي، وقَدْ أَمَرَني أَنْ أُفَارِقَكِ، إلْحَقِي بِأَهْلِكِ) واعلم أنه من ألفاظ الكِنَايَات، والواقعُ بها بوائنٌ عندنا. وفي مبسوطات الفِقْهِ: أن الواحدَ البائنَ أيضًا بِدَعِيٌّ؛ فكيف طلَّق به إسماعيلُ عليه الصلاة والسلام؟ والجواب عندي، واستفدته من مسألةٍ عن محمد في «المنتقى»، وهي: أن الخُلْعَ جائزٌ في حالة الحَيْضِ، مع أن الخُلْعَ طلاقٌ بائنٌ، والطلاقُ في حالة الحيض بِدَعِيٌّ، فإذا ثَبَتَ الجوازُ في موضعٍ لأجل الضرورة، قِسْتُ عليه جوازه في مَوْضِعٍ آخرَ أيضًا، وهو عندي: عدم التوافق والعزمُ على تركها بالكليَّة. 3366 - قوله: (قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قال: أَرْبَعُونَ سَنَةً) قيل: إن المسجدَ الأقصى من تعمير سليمان عليه الصلاة والسلام، وإن كان ابتداؤُه من داود عليه الصلاة والسلام، وبينه وبين إبراهيم عليه الصلاة والسلام قرونٌ متطاولةٌ. والجوابُ على ما اختاره ابن القيِّم: أن تعيينَ مكان المسجد الأقصى كان من يد إسحاق عليه الصلاة والسلام، فإنه كان غَرَزَ وَتَدًا هناك، كما في التوراة. فأمكن أن تكونَ المدَّةُ المذكورةُ بين البناءين بهذا الاعتبار. وللقوم ههنا أجوبةٌ أخرى (¬2)، ذَكَرَها الشارِحُون. وقد قدَّمنا الكلامَ في تحقيق القِبْلَتَيْن في باب الإِيمان، وأن الأقربَ عندنا أنهما من بناء إبراهيم عليه ¬

_ (¬1) أخرجها الترمذيُّ في التفسير من سورة الذاريات. (¬2) قال الطحاويُّ في "مشكله": إن باني المسجدَ الحرامَ هو إبراهيمُ عليه السلام، وباني المسجدَ الأقصى هو داود، وابنه عليهما السلام من بعده. وقد كان بين إبراهيم وبينهما عليهم الصلاة والسلام من القرون ما شاء اللهُ أن تكونَ. لأنه كان بعد إبراهيمَ ابنُه إسحاق، وبعد إسحاقَ ابنُه يعقوب، وبعد يعقوب ابنُه يوسفَ، وبعد يوسفَ موسى، وبعد موسى داود، سوى من كان بينهم من الأسْبَاطِ، وممن سواهم من الأنبياء عليهم السلام. وفي ذلك من المدد ما يتجاوز الأربعين بأمثالها. فكان جوابُنا له في ذلك: أن من بَنَى هذين المسجدين هو من ذَكَرَه، ولم يَكُنْ سؤالُ أبي ذرٍ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن مدَّة ما بين بنائهما، إنما سَأَلَه عن مدَّة ما كان بين وضعهما، فَأَجَابه بما أَجابه. وقد يَحْتَمِلُ أن يكونَ واضعُ المسجد الأقصى كان بعضُ أنبياء الله قبل داود، وقبل سليمان في الوقت الذي بَنَيَاه فيه. فلم يَكُنْ في هذا الحديث بِحمد الله ما يَجِبُ استحالته. اهـ. ورَاجِعْ له "عمدة القاري"، فإنه نَقَلَ جوابًا عن القرطبيِّ، وجوابًا آخر عن الخطَّابي، وأوضحهما بيانٍ حسنٍ، ولا بُدَّ.

12 - باب

الصلاة والسلام. فإن الذبيحَ عندي اثنان. وكان إسحاقُ عليه الصلاة والسَّلام قُرِّبَ به في بيت المقدس، وإسماعيلُ عليه الصلاة والسلام في مكة، فكانتا قِبْلَتَيْنِ لبني إسرائيل، وبني إسماعيل. فإذا عَلِمْتَ أنهما قِبْلَتَان إبراهيميتان، وأن الذبيحَ اثنان. وأنه ما معنى قوله: «أنا ابن الذبيحين»، فاعلم أن التقسيمَ بينهما، كان إمَّا باعتبار البلاد، أو الأقوام. فكان أهلُ المدينة يَسْتَقْبِلُون بيت المقدس لكونهم في عِدَاد من كانت قبلتهم بيت المَقْدِس، فمشى عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إلى ستة عشر، أو سبعة عشر شهرًا، وحينئذٍ لا يَحْتَاج إلى القول بالنَّسْخِ. قوله: (ثُمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاَةُ فَصَلِّهْ) وقَد مرَّ منِّي: أن مراقبةَ الأوقاتِ كانت أهمَّ قبل بناء المساجد، وبعد بنائها صارت الصلاة فيها مطلوبةً. فالزمانُ والمكانُ كلاهما مطلوبان في شرعنا، وإن كان أحدُهما أَقْدَمَ من الآخر. 3370 - قوله: (كما بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وعلى آل إبراهيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) وفيه إشارةٌ (¬1) إلى ما في القرآن من لفظ الملائكة لمَّا نَزَلُوا على إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فقالوا: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود: 73]. 3371 - قوله: (بكلمات الله التَّامَّةِ). وكلماتُه تعالى تامَّةٌ كلُّها بلا ريب. أمَّا الهَامَّةُ، فقيل: إنها المُؤْذِيَات، وقيل: الهَامَة - بتخفيف الميم: حيوانٌ من خصائصه الخَرَابُ حيثما تصوَّت. وقيل: كان طائرٌ يَخْرُجُ من رأس المقتول، يقول: اسقوني اسقوني، حتى يُؤْخَذَ بدمه. وكان كلُّ ذلك من معتقداتهم السوآى. 3371 - قوله: (عَيْنٍ لاَمَّةٍ): أي التي تَلُمُّ بِكَ "جو بهئكنى والى هو". 12 - بابٌ {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ} [الحجر: 52] الآية. لا تَوْجَلْ: لا تَخَفْ {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} إِلى قوله: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260]. 3372 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله ¬

_ (¬1) قال الشيخُ العينيُّ: هذا ليس من باب إلحاق الناقص بالكامل، بل من باب بيان حال ما لا يُعْرَفُ بما يُعْرَفُ، وما عُرِفَ من الصلاة على إبراهيم، وآله، ليس إلَّا في قوله تعالى: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} اهـ "عمدة القاري".

13 - باب قول الله تعالى: {واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد} [مريم: 54]

عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نَحْنُ أَحَقُّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا، لَقَدْ كَانَ يَأْوِى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ وَلَوْ لَبِثْتُ فِى السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لأَجَبْتُ الدَّاعِىَ». أطرافه 3375، 3387، 4537، 4694، 6992 تحفة 13325، 15313 قوله: ({قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ}) واسْتَشْكَلُوا هذا السؤال. قلتُ: وفي الكلام أنواعٌ لم يتعرَّض إليها النحاةُ، منها ما لا يكونُ (¬1) له محكى عنه، لا عند المتكلِّمِ، ولا عند المُخَاطَبِ، كالكلام عند مُعَاتَبَةٍ أو مُلاَطَفَةٍ، أو مُطَايَبَةٍ، كما تقول لخادمك: ما شَأْنُكَ تعصيني في كلِّ أمرٍ. ولا تُطِيعُنِي، مع عِلْمِكَ أنه مخلصٌ لك، ولا يكون في ذهن المخاطب أيضًا، أنك تُذْعِنُ به عن جَذْرِ قلبك، ولكنك تُخْرِجُهُ للتهويل عبارةً. والتبكيت معارضةً في اللفظ، لا غير. ولو دوَّن الناسُ ما عند البُلَغَاء من أنحاء الكلام، لارتفع أكثرُ الإِشكالات، فإنها تكونُ من هذا القبيل، وقد نبَّه على بعضها أهل المعاني. ويمكن دَرْجُه في الخبر، ولكن ليس المقصود منه الخبر، بل لازمُ فائدة الخبر، على اصطلاحهم. وصرَّح التَّفْتَازانيُّ في «المطوَّل»: أن للخبرِ فوائدَ أخرى، كالتحزُّن، والتحسُّر أيضًا. 13 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} [مريم: 54] 3373 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - قَالَ مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ارْمُوا بَنِى إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، وَأَنَا مَعَ بَنِى فُلاَنٍ». قَالَ فَأَمْسَكَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا لَكُمْ لاَ تَرْمُونَ». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَرْمِى وَأَنْتَ مَعَهُمْ قَالَ «ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ». طرافاه 2899، 3507 تحفة 4550 14 - باب قِصَّةِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ فِيهِ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) قلتُ: ومن هذا القبيل قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "عَقْرَى، حَلْقَى" لبعض أزواجه صلَّى الله عليه وسلم. "ولكع" للحسن. "ورَغِم أنْفُ أبي ذَرٍّ"، و"تربت يداك" في حديث أم سلمة، وقوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة، حين افتقدته من ليلتها: "أَخَشِيتِ أن يَحِيفَ اللهُ عليكِ ورَسُولُهُ؟ ". وقول سليمان عليه الصلاة والسَّلام لامرأتين تَحَاكَمَتَا إليه في ولدٍ: "ائتوني بالسِّكين أشُّقُهُ بينكما". وقول أنس، حين أرسله النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بنفسه لحاجةٍ، فقال: والله لا أذهب، وهو يقول: إنه كان في نفسه أن يَذْهَبَ.

15 - باب {أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه} إلى قوله: {ونحن له مسلمون} [البقرة: 133]

15 - باب {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 133] 3374 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ الْمُعْتَمِرَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قِيلَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ قَالَ «أَكْرَمُهُمْ أَتْقَاهُمْ». قَالُوا يَا نَبِىَّ اللَّهِ، لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ «فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِىُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِىِّ اللَّهِ ابْنِ نَبِىِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ». قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ «فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِى». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ «فَخِيَارُكُمْ فِى الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِى الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا». أطرافه 3353، 3383، 3490، 4689 تحفة 12987 - 180/ 4 16 - بابٌ {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55) فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (57) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (58)} [النمل: 54 - 58]. 3375 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَغْفِرُ اللَّهُ لِلُوطٍ إِنْ كَانَ لَيَأْوِى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ». طرفه 3372، 3387، 4537، 4694، 6992 تحفة 13766 17 - باب {فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (61) قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (62)} [الحجر: 61 - 62] {بِرُكْنِهِ} [الذاريات: 39]: بِمَنْ مَعَهُ لأَنَّهُمْ قُوَّتُهُ. {تَرْكَنُوا} [هود: 113] تَمِيلوا. فَأَنْكَرَهُمْ وَنَكِرَهُمْ وَاسْتَنْكَرَهُمْ وَاحِدٌ. {وَيُهْرَعُونَ} [هود: 78]: يُسْرِعُونَ، {دَابِرَ} [الحجر: 66] آخِرَ. {صَيْحَةً} [يس: 53] هَلَكَةٌ. {لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: 75]. لِلنَّاظِرِينَ. {لَبِسَبِيلٍ} [الحجر: 76]: لَبِطَرِيقٍ. 3376 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَرَأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 17]. أطرافه 3341، 3345، 4869، 4870، 4871، 4872، 4873، 4874 تحفة 9179 18 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} [هود: 61] وقَوْلِهِ: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ} [الحجر: 80] الحجر مَوْضِعُ ثَمُودَ. وَأَمَّا {وَحَرْثٌ

حِجْرٌ} [الأنعام: 138] حَرَامٌ، وَكُلُّ مَمْنُوعٍ فَهُوَ حِجْرٌ مَحْجُورٌ، وَالحِجْرُ كُلُّ بِنَاءٍ بَنَيتَهُ، وَما حَجَرْتَ عَلَيهِ مِنَ الأَرْضِ فَهُوَ حِجْرٌ، وَمِنْهُ سُمِّيَ حَطِيمُ البَيتِ حِجْرًا، كَأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ مَحْطُومٍ، مِثْلُ قَتِيلٍ مِنْ مَقْتُولٍ، وَيُقَالُ لِلأُنْثى مِنَ الخَيْلِ الحِجْرُ، وَيُقَالُ لِلعَقْلِ حِجْرٌ وَحِجًى. وَأَمَّا حَجْرُ اليَمَامَةِ فَهُوَ مَنْزِلٌ. 3377 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ زَمْعَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. وَذَكَرَ الَّذِى عَقَرَ النَّاقَةَ قَالَ «انْتَدَبَ لَهَا رَجُلٌ ذُو عِزٍّ وَمَنَعَةٍ فِى قُوَّةٍ كَأَبِى زَمْعَةَ». أطرافه 4942، 5204، 6042 تحفة 5294 - 181/ 4 3378 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ أَبُو الْحَسَنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ بْنِ حَيَّانَ أَبُو زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا نَزَلَ الْحِجْرَ فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ أَمَرَهُمْ أَنْ لاَ يَشْرَبُوا مِنْ بِئْرِهَا، وَلاَ يَسْتَقُوا مِنْهَا فَقَالُوا قَدْ عَجَنَّا مِنْهَا، وَاسْتَقَيْنَا. فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَطْرَحُوا ذَلِكَ الْعَجِينَ وَيُهَرِيقُوا ذَلِكَ الْمَاءَ. وَيُرْوَى عَنْ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ وَأَبِى الشُّمُوسِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِإِلْقَاءِ الطَّعَامِ. وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ عَنِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنِ اعْتَجَنَ بِمَائِهِ». طرفه 3379 تحفة 7185، 3810 أ، 12061 أ 3379 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّاسَ نَزَلُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْضَ ثَمُودَ الْحِجْرَ، فَاسْتَقَوْا مِنْ بِئْرِهَا، وَاعْتَجَنُوا بِهِ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُهَرِيقُوا مَا اسْتَقَوْا مِنْ بِئْرِهَا، وَأَنْ يَعْلِفُوا الإِبِلَ الْعَجِينَ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا مِنَ الْبِئْرِ الَّتِى كَانَ تَرِدُهَا النَّاقَةُ. تَابَعَهُ أُسَامَةُ عَنْ نَافِعٍ. طرفه 3378 تحفة 7799، 7475 3380 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنهم أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا مَرَّ بِالْحِجْرِ قَالَ «لاَ تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ». ثُمَّ تَقَنَّعَ بِرِدَائِهِ، وَهْوَ عَلَى الرَّحْلِ». أطرافه 433، 3381، 4419، 4420، 4702 تحفة 6942 3381 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا وَهْبٌ حَدَّثَنَا أَبِى سَمِعْتُ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ». أطرافه 433، 3380، 4419، 4420، 4702 تحفة 6994 قوله: (وَمَا حَجَرْتَ عَلَيْهِ مِنَ الأَرْضِ): "بارلكانا"، واعلم أن ثمودَ يُقَالُ لبقايا عادٍ، ولذا يُقَال: عادٌ الأُولَى، وعادٌ الثانية. فصالحُ عليه الصلاة والسلام قد مضى قبل إبراهيم عليه السلام باتفاق المؤرِّخين، فلا أَدْرِي ما حمل المصنِّفُ على سوء هذا الترتيب، فإنه ذَكَرَهُ بعده، مع أنه قبله.

19 - باب {أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت} [البقرة: 133]

3379 - قوله: (وأَنْ يَعْلِفُوا الإِبِلَ العَجِينَ)، فيه (¬1) دليلٌ على أن الشيءَ إذا كان فيه نوعُ خَبَثٍ، يجوز له أن يَدْفَعَهُ عن نفسه، ويُؤْكِلَهُ حيوانًا. وعند الترمذيِّ: «أن رجلًا سَأَلَهُ عن كسب الحِجَامة، فلم يُرَخِّص له فيه، وأمر أن يُؤْكِلَهُ عبده». وكان هذا موضعًا مُشْكِلًا، فإنه دَفْعٌ للمكروه عن نفسه، وإلقاءٌ على الآخر، فَأَرْشَدَ إليه الحديث أنه يَجُوزُ بمثل هذا. وقد بَلَغَنَا أن الشيخَ مولانا محمد يعقوب - قُدِّس سرُّه، من أساتذة علماء ديوبند - دُعِيَ إلى بعض طعامٍ، فلم يَذْهَبْ إليه بنفسه، وبَعَثَ إليه بعضَ الطلبة، فكأنه عمل بالتورُّع لنفسه، ورأى الطلبةَ أبناءَ سبيل، فلهم أن يملؤوا بطونَهم بأيِّ نوعٍ تيسَّر لهم، وإن لم يكن أفضل. 19 - باب {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} [البقرة: 133] 3382 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «الْكَرِيمُ ابْنُ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ ابْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ». طرفاه 3390، 4688 تحفة 7205 - 182/ 4 20 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7)} [يوسف: 7] 3383 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ قَالَ «أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ». قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ «فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِىُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِىِّ اللَّهِ ابْنِ نَبِىِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ». قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ «فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِى، النَّاسُ مَعَادِنُ خِيَارُهُمْ فِى الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِى الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا». أطرافه 3353، 3374، 3490، 4689 تحفة 12987 حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا. تحفة 12987 3384 - حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ سَمِعْتُ ¬

_ (¬1) قلتُ: وهل يُمْكِنُ أن يُلْحَقَ به الضَّبُّ؟ فإن النبيِّ صلى الله عليه وسلم لم يَأْكُلْهُ لشبهةِ ذُكِرَتْ في الحديث، وقال لأصحابه: "كلُوه أنتم". فَلْيُنْظَرْ فيه. ولعلَّ عدم أكله الثوم والبصل ليس منه، بل هو من جهة مناجاته مع الملائكة، فافترقا.

عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهَا «مُرِى أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّى بِالنَّاسِ». قَالَتْ إِنَّهُ رَجُلٌ أَسِيفٌ، مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ رَقَّ. فَعَادَ فَعَادَتْ، قَالَ شُعْبَةُ فَقَالَ فِى الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ «إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ». أطرافه 198، 664، 665، 679، 683، 687، 712، 713، 716، 2588، 3099، 4442، 4445، 5714، 7303 تحفة 16341 3385 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ يَحْيَى الْبَصْرِىُّ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ بْنِ أَبِى مُوسَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَرِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ». فَقَالَتْ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ. فَقَالَ مِثْلَهُ فَقَالَتْ مِثْلَهُ. فَقَالَ «مُرُوهُ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ». فَأَمَّ أَبُو بَكْرٍ فِى حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ حُسَيْنٌ عَنْ زَائِدَةَ رَجُلٌ رَقِيقٌ. طرفه 678 تحفة 9112 3386 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِى رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ». أطرافه 797، 804، 1006، 2932، 4560، 4598، 6200، 6393، 6940 تحفة 13768 3387 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ ابْنِ أَخِى جُوَيْرِيَةَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَأَبَا عُبَيْدٍ أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا، لَقَدْ كَانَ يَأْوِى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِى السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ ثُمَّ أَتَانِى الدَّاعِى لأَجَبْتُهُ». أطرافه 3372، 3375، 4537، 4694، 6992 تحفة 13237، 12931 - 183/ 4 3388 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سَأَلْتُ أُمَّ رُومَانَ، وَهْىَ أُمُّ عَائِشَةَ، عَمَّا قِيلَ فِيهَا مَا قِيلَ قَالَتْ بَيْنَمَا أَنَا مَعَ عَائِشَةَ جَالِسَتَانِ، إِذْ وَلَجَتْ عَلَيْنَا امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَهْىَ تَقُولُ فَعَلَ اللَّهُ بِفُلاَنٍ وَفَعَلَ. قَالَتْ فَقُلْتُ لِمَ قَالَتْ إِنَّهُ نَمَا ذِكْرَ الْحَدِيثِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ أَىُّ حَدِيثٍ فَأَخْبَرَتْهَا. قَالَتْ فَسَمِعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ نَعَمْ. فَخَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا، فَمَا أَفَاقَتْ إِلاَّ وَعَلَيْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ، فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا لِهَذِهِ». قُلْتُ حُمَّى أَخَذَتْهَا مِنْ أَجْلِ حَدِيثٍ تُحُدِّثَ بِهِ، فَقَعَدَتْ فَقَالَتْ وَاللَّهِ لَئِنْ حَلَفْتُ لاَ تُصَدِّقُونِى، وَلَئِنِ اعْتَذَرْتُ لاَ تَعْذِرُونِى، فَمَثَلِى وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ يَعْقُوبَ وَبَنِيهِ، فَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ. فَانْصَرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَنْزَلَ اللَّهُ مَا أَنْزَلَ، فَأَخْبَرَهَا فَقَالَتْ بِحَمْدِ اللَّهِ لاَ بِحَمْدِ أَحَدٍ. أطرافه 4143، 4691، 4751 تحفة 18317 3389 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَرَأَيْتِ قَوْلَهُ {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [يوسف: 110] أَوْ كُذِبُوا. قَالَتْ بَلْ كَذَّبَهُمْ

21 - باب قول الله تعالى: {وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين} [الأنبياء: 83]

قَوْمُهُمْ. فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَيْقَنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبُوهُمْ وَمَا هُوَ بِالظَّنِّ. فَقَالَتْ يَا عُرَيَّةُ، لَقَدِ اسْتَيْقَنُوا بِذَلِكَ. قُلْتُ فَلَعَلَّهَا أَوْ كُذِبُوا. قَالَتْ مَعَاذَ اللَّهِ، لَمْ تَكُنِ الرُّسُلُ تَظُنُّ ذَلِكَ بِرَبِّهَا وَأَمَّا هَذِهِ الآيَةُ قَالَتْ هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ الَّذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَصَدَّقُوهُمْ، وَطَالَ عَلَيْهِمُ الْبَلاَءُ، وَاسْتَأْخَرَ عَنْهُمُ النَّصْرُ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَتْ مِمَّنْ كَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ، وَظَنُّوا أَنَّ أَتْبَاعَهُمْ كَذَّبُوهُمْ جَاءَهُمْ نَصْرُ اللَّهِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ {اسْتَيْأَسُوا} افْتَعَلُوا مِنْ يَئِسْتُ. {مِنْهُ} [يوسف: 80] مِنْ يُوسُفَ. {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} [يوسف: 87] مَعْنَاهُ الرَّجَاءُ. أطرافه 4525، 4695، 4696 تحفة 16561 - 184/ 4 3390 - أَخْبَرَنِى عَبْدَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْكَرِيمُ ابْنُ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمِ السَّلاَمُ». طرفاه 3382، 4688 تحفة 7205 21 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83] {ارْكُضْ} [ص: 42]:اضْرِبْ، {يَرْكُضُونَ} [الأنبياء: 12] يَعْدُونَ. 3391 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ يَحْثِى فِى ثَوْبِهِ، فَنَادَى رَبُّهُ يَا أَيُّوبُ، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى قَالَ بَلَى يَا رَبِّ، وَلَكِنْ لاَ غِنَى لِى عَنْ بَرَكَتِكَ». طرفاه 279، 7493 تحفة 14724 22 - باب قول الله: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (51) وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (52)} كَلَّمَهُ {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (53)} [مريم: 51 - 53] يُقَالُ لِلْوَاحِدِ وَلِلاِثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ نَجِىٌّ، وَيُقَالُ: {خَلَصُوا نَجِيًّا} [يوسف: 80] اعْتَزَلُوا نَجِيًّا وَالْجَمِيعُ أَنْجِيَةٌ يَتَنَاجَوْنَ. {تَلْقَفُ} [الأعراف: 117]: تَلَقَّمُ. 23 - باب {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} إِلَى قَوْلِهِ {مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} [غافر: 28] 3392 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ

24 - باب قول الله عز وجل {وهل أتاك حديث موسى (9) إذ رأى نارا} إلى قوله: {بالواد المقدس طوى} [طه: 9: 12]

شِهَابٍ سَمِعْتُ عُرْوَةَ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها فَرَجَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خَدِيجَةَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ إِلَى وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، وَكَانَ رَجُلًا تَنَصَّرَ يَقْرَأُ الإِنْجِيلَ بِالْعَرَبِيَّةِ. فَقَالَ وَرَقَةُ مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِى أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى، وَإِنْ أَدْرَكَنِى يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. النَّامُوسُ صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِى يُطْلِعُهُ بِمَا يَسْتُرُهُ عَنْ غَيْرِهِ. أطرافه 3، 4953، 4955، 4956، 4957، 6982 تحفة 16540 - 185/ 4 24 - باب قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا} إِلَى قَوْلِهِ: {بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه: 9: 12] {آنَسْتُ} [طه: 10] أَبْصَرْتُ {نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ} [طه: 10] الآية. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: المُقَدَّسُ: المُبَارَكُ، {طُوًى}: اسْمُ الوَادِي. {سِيَرتَهَا} [طه: 21] حَالَتَهَا. وَ {النُّهَى} [طه: 54]: التُّقَى. {بِمَلْكِنَا} [طه: 87] بِأَمْرِنَا. {هَوَى} [طه: 81] شَقِيَ. {فَارِغًا} [القصص: 10] إِلَّا مِنْ ذِكْرِ مُوسى. {رِدْءًا} [القصص: 34] كَي يُصَدِّقَنِي، وَيُقَالُ: مُغِيثًا أَوْ مُعِينًا. يَبْطُشُ وَيَبْطِشُ. {يَأْتَمِرُونَ} [القصص: 20] يَتَشَاوَرُونَ. وَالجِذْوَةُ قِطْعَةٌ غَلِيظَةٌ مِنَ الخَشَبِ لَيسَ فِيهَا لَهَبٌ. {سَنَشُدُّ} [القصص: 35] سَنُعِينُكَ، كُلَّمَا عَزَّزْتَ شَيئًا فَقَدْ جَعَلتَ لَهُ عَضُدًا. وَقَالَ غَيرُهُ: كُلَّمَا لَمْ يَنْطِقْ بِحَرْفٍ أَوْ فِيهِ تَمْتَمَةٌ أَوْ فَأْفَأَةٌ فَهيَ {عُقْدَةً}. {أَزْرِي} [طه: 31] ظَهْرِي. {فَيُسْحِتَكُمْ} [طه: 61] فَيُهْلِكَكُمْ. {المُثْلَى}: [طه: 63] تَأْنِيثُ الأَمْثَلِ، يَقُولُ: بِدِينِكُمْ، يُقَالُ: خُذِ المُثْلَى خُذِ الأَمْثَل. {ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا} [طه: 64]: يُقَالُ: هَل أَتَيتَ الصَّفَّ اليَوْمَ، يَعْنِي المُصَلَّى الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ. {فَأَوْجَسَ} أَضْمَرَ خَوْفًا، فَذَهَبَتِ الوَاوُ مِنْ {خِيفَةً} [طه: 67] لِكَسْرَةِ الخَاءِ. {فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71] عَلَى جُذُوعِ. {خَطْبُكَ} [طه: 95] بَالُكَ. {مِسَاسَ} [طه: 97] مَصْدَرُ مَاسَّهُ مِسَاسًا. {لَنَنسِفَنَّهُ} [طه: 17] لَنُذْرِيَنَّهُ. الضَّحاءُ الحَرُّ {قُصِّيهِ} [القصص: 11] اتَّبِعِي أَثَرَهُ، وَقَدْ يَكُونُ أَنْ تَقُصَّ الكَلاَمَ. {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ} [يوسف: 77] {عَن جُنُبٍ} [القصص: 11] عَنْ بُعْدٍ، وَعَنْ جَنَابَةٍ وَعَنِ اجْتِنَابٍ وَاحِدٌ. قَالَ مُجَاهِدٌ {عَلَى قَدَرٍ} [طه: 40] مَوْعِد. {وَلاَ تَنِيَا} [طه: 42] لا تَضْعُفَا. {يَبَسًا} [طه: 77] يَابِسًا. {مّن زِينَةِ الْقَوْمِ} [طه: 87] الحُلِيِّ الَّذِي اسْتَعَارُوا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ. {فَقَذَفتُهَا} أَلقَيتُهَا. {أَلْقَى} [طه: 87] صَنَعَ. {فَنَسِىَ} [طه 88] مُوسى، هُمْ يَقُولُونَهُ: أَخْطَأَ الرَّبُّ. {أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا} [طه: 89] فِي العِجْلِ. 3393 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِىَ بِهِ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ

25 - باب {وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه} إلى قوله: {مسرف كذاب}

الْخَامِسَةَ، فَإِذَا هَارُونُ قَالَ هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِىِّ الصَّالِحِ. تَابَعَهُ ثَابِتٌ وَعَبَّادُ بْنُ أَبِى عَلِىٍّ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3207، 3430، 3887 تحفة 11202 25 - باب {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} إلى قوله: {مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} 26 - باب {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} [طه: 9] {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] 3394 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ «رَأَيْتُ مُوسَى وَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ رَجِلٌ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى، فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ رَبْعَةٌ أَحْمَرُ كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ، وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ - صلى الله عليه وسلم - بِهِ، ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ، فِى أَحَدِهِمَا لَبَنٌ، وَفِى الآخَرِ خَمْرٌ فَقَالَ اشْرَبْ أَيَّهُمَا شِئْتَ. فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ فَقِيلَ أَخَذْتَ الْفِطْرَةَ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ». أطرافه 3437، 4709، 5576، 5603 تحفة 13270 - 186/ 4 3395 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ حَدَّثَنَا ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ - يَعْنِى ابْنَ عَبَّاسٍ - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَنْبَغِى لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى». وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ. أطرافه 3413، 4630، 7539 تحفة 5421 3396 - وَذَكَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ فَقَالَ «مُوسَى آدَمُ طُوَالٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ». وَقَالَ «عِيسَى جَعْدٌ مَرْبُوعٌ». وَذَكَرَ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ، وَذَكَرَ الدَّجَّالَ. طرفه 3239 تحفة 5422 3397 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِىُّ عَنِ ابْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا، يَعْنِى عَاشُورَاءَ، فَقَالُوا هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، وَهْوَ يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى، وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ، فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ. فَقَالَ «أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ». فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. أطرافه 2004، 3943، 4680، 4737 تحفة 5528 27 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142) وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ} إِلَى قَوْلِهِ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 142 - 143].

28 - باب طوفان من السيل

يُقَالُ: دَكَّهُ زَلزَلَهُ، {فَدُكَّتَا} [الحاقة: 14] فَدُكِكْنَ، جَعَل الجِبَالَ كالوَاحِدَةِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا} [الأنبياء: 30]، وَلَمْ يَقُل: كُنَّ، رَتْقًا: مُلتَصِقَتَينِ، {وَأُشْرِبُواْ} [البقرة: 93] ثَوْبٌ مُشربٌ مَصْبُوغٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {انْبَجَسَتْ} [الأعراف: 160] انْفَجَرَتْ، {وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ} [الأعراف: 171] رَفَعْنَا. 3398 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «النَّاسُ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِى أَفَاقَ قَبْلِى، أَمْ جُوزِىَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ». أطرافه 2412، 4638، 6916، 6917، 7427 تحفة 4405 3399 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْلاَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْنَزِ اللَّحْمُ، وَلَوْلاَ حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ أُنْثَى زَوْجَهَا الدَّهْرَ». تحفة 14703 28 - باب طُوفَانٍ مِنَ السَّيْلِ ويُقَالُ لِلْمَوْتِ الْكَثِيرِ طُوفَانٌ، {وَالْقُمَّلَ} [الأعراف: 133]: الْحُمْنَانُ يُشْبِهُ صِغَارَ الْحَلَمِ. {حَقِيقٌ} [الأعراف: 105] حَقٌّ. {سُقِطَ} [الأعراف: 149] كُلُّ مَنْ نَدِمَ فَقَدْ سُقِطَ فِي يَدِهِ. 29 - باب حَدِيثِ الْخَضِرِ مَعَ مُوسَى - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - 3400 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالْحُرُّ بْنُ قَيْسٍ الْفَزَارِىُّ فِى صَاحِبِ مُوسَى، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ خَضِرٌ، فَمَرَّ بِهِمَا أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ إِنِّى تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِى هَذَا فِى صَاحِبِ مُوسَى الَّذِى سَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ شَأْنَهُ قَالَ نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بَيْنَمَا مُوسَى فِى مَلإٍ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ قَالَ لاَ. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى بَلَى عَبْدُنَا خَضِرٌ. فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَيْهِ، فَجُعِلَ لَهُ الْحُوتُ آيَةً، وَقِيلَ لَهُ إِذَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَارْجِعْ، فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ. فَكَانَ يَتْبَعُ الْحُوتَ فِى الْبَحْرِ، فَقَالَ لِمُوسَى فَتَاهُ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَإِنِّى نَسِيتُ الْحُوتَ، وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ. فَقَالَ مُوسَى ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ. فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا فَوَجَدَا خَضِرًا، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا الَّذِى قَصَّ اللَّهُ فِى كِتَابِهِ». أطرافه 74، 78، 122، 2267، 2728، 3278، 3401، 4725، 4726، 4727، 6672، 7478 - تحفة 39 - 188/ 4 3401 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ:

أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ نَوْفًا الْبَكَالِىَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ الْخَضِرِ لَيْسَ هُوَ مُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ، إِنَّمَا هُوَ مُوسَى آخَرُ. فَقَالَ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ حَدَّثَنَا أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّ مُوسَى قَامَ خَطِيبًا فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ، فَسُئِلَ أَىُّ النَّاسِ أَعْلَمُ فَقَالَ أَنَا. فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ بَلَى، لِى عَبْدٌ بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ. قَالَ أَىْ رَبِّ وَمَنْ لِى بِهِ - وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ أَىْ رَبِّ وَكَيْفَ لِى بِهِ - قَالَ تَأْخُذُ حُوتًا، فَتَجْعَلُهُ فِى مِكْتَلٍ، حَيْثُمَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَهْوَ ثَمَّ - وَرُبَّمَا قَالَ فَهْوَ ثَمَّهْ - وَأَخَذَ حُوتًا، فَجَعَلَهُ فِى مِكْتَلٍ، ثُمَّ انْطَلَقَ هُوَ وَفَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، حَتَّى أَتَيَا الصَّخْرَةَ، وَضَعَا رُءُوسَهُمَا فَرَقَدَ مُوسَى، وَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فَخَرَجَ فَسَقَطَ فِى الْبَحْرِ، فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ سَرَبًا، فَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنِ الْحُوتِ جِرْيَةَ الْمَاءِ، فَصَارَ مِثْلَ الطَّاقِ، فَقَالَ هَكَذَا مِثْلُ الطَّاقِ. فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِمَا وَيَوْمَهُمَا، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا. وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ. قَالَ لَهُ فَتَاهُ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّى نَسِيتُ الْحُوتَ، وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ، وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ عَجَبًا، فَكَانَ لِلْحُوتِ سَرَبًا وَلَهُمَا عَجَبًا. قَالَ لَهُ مُوسَى ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِى، فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا، رَجَعَا يَقُصَّانِ آثَارَهُمَا حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى بِثَوْبٍ، فَسَلَّمَ مُوسَى، فَرَدَّ عَلَيْهِ. فَقَالَ وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلاَمُ. قَالَ أَنَا مُوسَى. قَالَ مُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ قَالَ نَعَمْ، أَتَيْتُكَ لِتُعَلِّمَنِى مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا. قَالَ يَا مُوسَى إِنِّى عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ، عَلَّمَنِيهِ اللَّهُ لاَ تَعْلَمُهُ وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَكَهُ اللَّهُ لاَ أَعْلَمُهُ. قَالَ هَلْ أَتَّبِعُكَ قَالَ {قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68)} إِلَى قَوْلِهِ {إِمْرًا} [الكهف: 68 - 71] فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ، كَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمْ، فَعَرَفُوا الْخَضِرَ، فَحَمَلُوهُ بِغَيْرِ نَوْلٍ، فَلَمَّا رَكِبَا فِى السَّفِينَةِ جَاءَ عُصْفُورٌ، فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ، فَنَقَرَ فِى الْبَحْرِ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ، قَالَ لَهُ الْخَضِرُ يَا مُوسَى، مَا نَقَصَ عِلْمِى وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلاَّ مِثْلَ مَا نَقَصَ هَذَا الْعُصْفُورُ بِمِنْقَارِهِ مِنَ الْبَحْرِ. إِذْ أَخَذَ الْفَأْسَ فَنَزَعَ لَوْحًا، قَالَ فَلَمْ يَفْجَأْ مُوسَى إِلاَّ وَقَدْ قَلَعَ لَوْحًا بِالْقَدُّومِ. فَقَالَ لَهُ مُوسَى مَا صَنَعْتَ قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ، عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا، لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا. قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا. قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِى مِنْ أَمْرِى عُسْرًا، فَكَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا. فَلَمَّا خَرَجَا مِنَ الْبَحْرِ مَرُّوا بِغُلاَمٍ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ فَقَلَعَهُ بِيَدِهِ هَكَذَا - وَأَوْمَأَ سُفْيَانُ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ كَأَنَّهُ يَقْطِفُ شَيْئًا - فَقَالَ لَهُ مُوسَى {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75) قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ

30 - باب

اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77)} مَائِلاً - أَوْمَأَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَأَشَارَ سُفْيَانُ كَأَنَّهُ يَمْسَحُ شَيْئًا إِلَى فَوْقُ، فَلَمْ أَسْمَعْ سُفْيَانَ يَذْكُرُ مَائِلاً إِلاَّ مَرَّةً - قَالَ قَوْمٌ أَتَيْنَاهُمْ فَلَمْ يُطْعِمُونَا وَلَمْ يُضَيِّفُونَا عَمَدْتَ إِلَى حَائِطِهِمْ {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا}. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَدِدْنَا أَنَّ مُوسَى كَانَ صَبَرَ، فَقَصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ خَبَرِهِمَا». قَالَ سُفْيَانُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى، لَوْ كَانَ صَبَرَ يُقَصُّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا». وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا، وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ. ثُمَّ قَالَ لِى سُفْيَانُ سَمِعْتُهُ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ وَحَفِظْتُهُ مِنْهُ. قِيلَ لِسُفْيَانَ حَفِظْتَهُ قَبْلَ أَنْ تَسْمَعَهُ مِنْ عَمْرٍو، أَوْ تَحَفَّظْتَهُ مِنْ إِنْسَانٍ فَقَالَ مِمَّنْ أَتَحَفَّظُهُ وَرَوَاهُ أَحَدٌ عَنْ عَمْرٍو غَيْرِى سَمِعْتُهُ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا وَحَفِظْتُهُ مِنْهُ. أطرافه 74، 78، 122، 2267، 2728، 3278، 3400، 4725، 4726، 4727، 6672، 7478 - تحفة 39 - 190/ 4 3402 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الأَصْبَهَانِىُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا سُمِّىَ الْخَضِرُ أَنَّهُ جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ فَإِذَا هِىَ تَهْتَزُّ مِنْ خَلْفِهِ خَضْرَاءَ». تحفة 14682 والمشهورُ أنه أرمياء عليه السلام. أقولُ: وهو غَلَطٌ، لأن أرمياء عليه الصلاة والسلام بعد خمس مئة سنة بعد موسى عليه الصلاة والسلام، ولأن الخَضِر كان في زمنه. على أنه ثَبَتَ وفاةُ أرمياء عليه الصلاة والسلام، وأمَّا وفاةُ الخَضِر عليه السلام، فهم فيه مُخْتَلِفُون بعدُ. ثم لو قُلْنَا: إنه أرمياء عليه السلام لَزِمَ أن لا يكون صاحبَ موسى عليه الصلاة والسلام هو الخَضِرُ المعروفُ، أو لا يكون موسى هو موسى بني إسرائيل، لعدم المُعَاصَرَةِ بين موسى عليه الصلاة والسلام، وأرمياء عليه السلام. وهذا النزاعُ الذي مرَّ في كتاب العلم من اختصام الرجلين: أن موسى هل هو موسى بني إسرائيل، أو غيره؟ وكذا اختصامُ رجلين آخرين في صاحب موسى عليه الصلاة والسلام: أنه الخَضِرُ عليه الصلاة والسلام. أو رجلٌ آخر؟ فهما يُرِيدَان ثبوتَ المُعَاصَرَةِ بينهما، ولا يُمْكِنُ إلاَّ أن يكونَ الخَضِرُ صاحبَ موسى، هو الخَضِرُ المعروفُ عليهما الصلاة والسلام. 30 - باب 3403 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قِيلَ لِبَنِى إِسْرَائِيلَ {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: 58]. فَبَدَّلُوا فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ، وَقَالُوا حَبَّةٌ فِى شَعْرَةٍ». طرفاه 4479، 4641 - تحفة 14697

31 - باب {يعكفون على أصنام لهم} [الأعراف: 138]

3404 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدٍ وَخِلاَسٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا، لاَ يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَىْءٌ، اسْتِحْيَاءً مِنْهُ، فَآذَاهُ مَنْ آذَاهُ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ، فَقَالُوا مَا يَسْتَتِرُ هَذَا التَّسَتُّرَ إِلاَّ مِنْ عَيْبٍ بِجِلْدِهِ، إِمَّا بَرَصٌ وَإِمَّا أُدْرَةٌ وَإِمَّا آفَةٌ. وَإِنَّ اللَّهَ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَهُ مِمَّا قَالُوا لِمُوسَى فَخَلاَ يَوْمًا وَحْدَهُ فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى الْحَجَرِ ثُمَّ اغْتَسَلَ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ إِلَى ثِيَابِهِ لِيَأْخُذَهَا، وَإِنَّ الْحَجَرَ عَدَا بِثَوْبِهِ، فَأَخَذَ مُوسَى عَصَاهُ وَطَلَبَ الْحَجَرَ، فَجَعَلَ يَقُولُ ثَوْبِى حَجَرُ، ثَوْبِى حَجَرُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَلإٍ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ، فَرَأَوْهُ عُرْيَانًا أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ، وَأَبْرَأَهُ مِمَّا يَقُولُونَ، وَقَامَ الْحَجَرُ فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَلَبِسَهُ، وَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا بِعَصَاهُ، فَوَاللَّهِ إِنَّ بِالْحَجَرِ لَنَدَبًا مِنْ أَثَرِ ضَرْبِهِ ثَلاَثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} [الأحزاب: 69]. طرفاه 378، 4799 - تحفة 12242، 14480، 12302 - 191/ 4 3405 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَسْمًا، فَقَالَ رَجُلٌ إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ. فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ، فَغَضِبَ حَتَّى رَأَيْتُ الْغَضَبَ فِى وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ «يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى قَدْ أُوذِىَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ». أطرافه 3150، 4335، 4336، 6059، 6100، 6291، 6336 - تحفة 9264 31 - باب {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} [الأعراف: 138] {مُتَبَّرٌ} [الأعراف: 139] خُسْرَانٌ {وَلِيُتَبِّرُوا} يُدَمِّرُوا {مَا عَلَوْا} [الإسراء: 7] مَا غَلَبُوا. 3406 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَجْنِى الْكَبَاثَ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «عَلَيْكُمْ بِالأَسْوَدِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ أَطْيَبُهُ». قَالُوا أَكُنْتَ تَرْعَى الْغَنَمَ قَالَ «وَهَلْ مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ وَقَدْ رَعَاهَا». طرفه 5453 - تحفة 3155 32 - باب {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: 67] الآيَةَ قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ الْعَوَانُ النَّصَفُ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالْهَرِمَةِ. {فَاقِعٌ} [البقرة: 69] صَافٍ. {لَا ذَلُولٌ} [البقرة: 71] لَمْ يُذِلَّهَا الْعَمَلُ. {تُثِيرُ الْأَرْضَ} لَيْسَتْ بِذَلُولٍ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَعْمَلُ فِى الْحَرْثِ {مُسَلَّمَةٌ} مِنَ الْعُيُوبِ. {لَا شِيَةَ} [البقرة: 71] بَيَاضٌ. {صَفْرَاءُ} [البقرة: 69] إِنْ شِئْتَ سَوْدَاءُ، وَيُقَالُ صَفْرَاءُ، كَقَوْلِهِ: {جِمَالَتٌ صُفْرٌ} [المرسلات: 33]. {فَادَّارَأْتُمْ} [البقرة: 72] اخْتَلَفْتُمْ. قوله: ({صَفْرَاءُ} إن شئت سوداء) الخ، يعني أنه يطلق على السوداء والبيضاء.

33 - باب وفاة موسى وذكره بعد

33 - باب وَفَاةِ مُوسَى وَذِكْرُهُ بَعْدُ 3407 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ، فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، فَقَالَ أَرْسَلْتَنِى إِلَى عَبْدٍ لاَ يُرِيدُ الْمَوْتَ. قَالَ ارْجِعْ إِلَيْهِ، فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَلَهُ بِمَا غَطَّتْ يَدُهُ بِكُلِّ شَعَرَةٍ سَنَةٌ. قَالَ أَىْ رَبِّ، ثُمَّ مَاذَا قَالَ ثُمَّ الْمَوْتُ. قَالَ فَالآنَ. قَالَ فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ كُنْتُ ثَمَّ لأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ تَحْتَ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ». قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ. طرفه 1339 - تحفة 13519، 14728 - 192/ 4 3408 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ اسْتَبَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ. فَقَالَ الْمُسْلِمُ وَالَّذِى اصْطَفَى مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْعَالَمِينَ. فِى قَسَمٍ يُقْسِمُ بِهِ. فَقَالَ الْيَهُودِىُّ وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ. فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ عِنْدَ ذَلِكَ يَدَهُ، فَلَطَمَ الْيَهُودِىَّ، فَذَهَبَ الْيَهُودِىُّ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ الَّذِى كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ فَقَالَ «لاَ تُخَيِّرُونِى عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِى أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِى أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ». أطرافه 2411، 3414، 6517، 6518، 7428، 7472 - تحفة 15162، 13150 3409 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى فَقَالَ لَهُ مُوسَى أَنْتَ آدَمُ الَّذِى أَخْرَجَتْكَ خَطِيئَتُكَ مِنَ الْجَنَّةِ. فَقَالَ لَهُ آدَمُ أَنْتَ مُوسَى الَّذِى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالاَتِهِ وَبِكَلاَمِهِ، ثُمَّ تَلُومُنِى عَلَى أَمْرٍ قُدِّرَ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» مَرَّتَيْنِ. أطرافه 4736، 4738، 6614، 7515 - تحفة 12283 3410 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا قَالَ «عُرِضَتْ عَلَىَّ الأُمَمُ، وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَقِيلَ هَذَا مُوسَى فِى قَوْمِهِ». أطرافه 5705، 5752، 6472، 6541 - تحفة 5493 وإنما زاد قوله، وذكره بعد، لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلّم «فلو كنت ثَمَّةَ لأَرَيْتُكُم»، ولكنه لم يَكُنْ هناك.

34 - باب قول الله تعالى {وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأت فرعون}

3408 - قوله: (فإنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ) والتحقيقُ: أن الأحياءُ يَمُوتُون، والأرواحَ يُغْشَى عليها، ويكون هذا الغَشْيُ موتًا لهم، كذا ذكره الصدرُ الشِّيرَازِيُّ. وقد مرَّ الكلامُ فيه مبسوطًا. واعلم أن موسى عليه السَّلام، إنما أُعْطِي معجزة قلب العصا حيَّةً، لأنها كانت أعظمها عندهم، كما يُعْلَمُ من قصة السَّحَرَةِ، حيث أَلْقُوا حبالهم، فَخُيِّلَ إليه كأنها حيَّات، وقال تعالى: {وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} [الأعراف: 116]. فلذا أُوتِي موسى عليه السلام أيضًا، ممَّا تَعَاظَمُوه فيما بينهم، وإن كانت الحيَّةُ من أخبث الحيوانات. ثم أُعْطِي له اليدُ البيضاءُ معجزةً أخرى، تلافيًا لِمَا يظنَّ في يده من سوء، والله أعلم. 34 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ} إِلَى قَوْلِهِ {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم: 11 - 12]. 3411 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِىِّ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ». أطرافه 3433، 3769، 5418 - تحفة 9029 - 193/ 4 ورُوِي كما في «الكبريت الأحمر»: أن داودَ عليه السلام كان يَصُوم يومًا، ويُفْطِرُ يومًا. وكانت مريمُ عليها السلام تَصُومُ يومين وتُفْطِرُ يومًا، فلمَّا جاء عيسى عليه الصلاة والسلام، صَامَ الدهرَ. قوله: (وَيْكَأَنَّ) قيل: هو مركَّبٌ من المضاف، والمضاف إليه، مثل رُوَيْدَك. وقيل: إن «وي» حرف تعجُّبٍ، و «كأن» حرفُ التشبيه. 35 - باب {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى} [القصص: 76] الآيَةَ {لَتَنُوأُ} [القصص: 76]: لَتَثْقُلُ، قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أُوْلِى الْقُوَّةِ} [القصص: 76]: لاَ يَرْفَعُهَا العُصْبَة مِنَ الرِّجَالِ. يُقَالُ: {الْفَرِحِينَ} [القصص: 76]: المَرِحِينَ. {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ} [القصص: 82] مِثْلُ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ. {يَبْسُطُ الرّزْقَ لِمَنْ يَشَآء وَيَقَدِرُ} [الرعد: 26] وَيُوَسِّعُ عَلَيهِ وَيُضَيِّقُ. 36 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} [هود: 84] إِلَى أَهْلِ مَدْيَنَ، لأَنَّ مَدْيَنَ بَلَدٌ، وَمِثْلُهُ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} وَاسْأَلِ العِيرَ [يوسف: 82]

37 - باب قول الله تعالى {وإن يونس لمن المرسلين (139)} [الصافات: 139]

يَعْنِي أَهْلَ القَرْيَةِ وَأَهْلَ العِيرِ. {وَرَآءكُمْ ظِهْرِيًّا} [هود: 92] لَمْ يَلتَفِتُوا إِلَيهِ، يُقَالُ إِذَا لَمْ يَقْضِ حاجَتَهُ: ظَهَرْتَ حاجَتِي وَجَعَلتَنِي ظِهْرِيًّا. قَالَ: الظِّهْرِيُّ أَنْ تَأْخُذَ مَعَكَ دَابَّةً أَوْ وِعاءً تَسْتَظْهِرُ بِهِ. مَكانَتُهُمْ وَمَكانُهُمْ وَاحِدٌ. {يَغْنَوْاْ} [الأعراف: 92] يَعِيشُوا. {تَأْسَ} [المائدة: 26] يَحْزَنُ. {آسَى} [الأعراف: 93] أَحْزَنُ. وَقالَ الحَسَنُ: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ} [هود: 87] يَسْتَهْزِؤُونَ بِهِ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: لَيكَةُ الأَيكَةُ. {يَوْمِ الظُّلَّةِ} [الشعراء: 189] إِظْلاَلُ العَذَاب عَلَيهِمْ. واعْلَمْ أن اسمه في التوراة: يثروب، كما أن اسم عيسى عليه الصلاة والسلام: يشوع، وأيشوع. ولمَّا نَزَلَ القرآنُ بلغة العرب، اختار ما كان المعروف عندهم، أعني: شُعَيْبًا، وعيسى عليهما الصلاة والسلام. قوله: (لأَنَّ مَدْيَنَ بَلَدٌ) واعْلَمْ أن مَدْيَان اسم لابن إبراهيم عليه الصلاة والسلام، من بطن قنطوراء، وهي امرآةٌ نَكَحَها بعد هاجر، ثم سمَّى البلدَ على اسمه: مَدْيَنَ. 37 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139)} [الصافات: 139]- إِلَى قَوْلِهِ - {وَهُوَ مُلِيمٌ} [الصافات: 142] قال مجاهد: مذنب. المشحون: الموقر. {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143)} الآية {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ} بوجه الأَرض {وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ} من غير ذات أَصل، الدباء ونحوه. {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ}. {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ} [القلم: 48] {كَظِيمٌ} وَهُوَ مَغْمُومٌ. 3412 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى الأَعْمَشُ. حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنِّى خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ». زَادَ مُسَدَّدٌ «يُونُسَ بْنِ مَتَّى». طرفاه 4603، 4804 - تحفة 9266 3413 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا يَنْبَغِى لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ إِنِّى خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى». وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ. أطرافه 3395، 4630، 7539 - تحفة 5421 3414 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا يَهُودِىٌّ يَعْرِضُ

38 - باب {واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت}

سِلْعَتَهُ أُعْطِىَ بِهَا شَيْئًا كَرِهَهُ. فَقَالَ لاَ وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَامَ، فَلَطَمَ وَجْهَهُ، وَقَالَ تَقُولُ وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَذَهَبَ إِلَيْهِ، فَقَالَ أَبَا الْقَاسِمِ، إِنَّ لِى ذِمَّةً وَعَهْدًا، فَمَا بَالُ فُلاَنٍ لَطَمَ وَجْهِى. فَقَالَ «لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ». فَذَكَرَهُ، فَغَضِبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى رُئِىَ فِى وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ «لاَ تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِى الصُّورِ، فَيَصْعَقُ مَنْ فِى السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِى الأَرْضِ، إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بِالْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِى أَحُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ أَمْ بُعِثَ قَبْلِى». أطرافه 2411، 3408، 6517، 6518، 7428، 7472 - تحفة 13939 - 194/ 4 3415 - «وَلاَ أَقُولُ إِنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى». أطرافه 3416، 4604، 4631، 4805 تحفة 13939 3416 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَنْبَغِى لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى». أطرافه 3415، 4604، 4631، 4805 - تحفة 12272 قوله: (أَوْ يَزِيدُونَ) قال الفرَّاء: إن «أو» بمعنى: بل. وقال الآخرون: إنه تعالى أتى بحرف الإِبهام قَصْدًا، لعدم إرادة الاطلاع بحقيقة أعدادهم. قيل: إنَّهم كانوا 000و120. 3414 - قوله: (فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ) قال بعضُ الشارحين: إنه أبو بكر رضي الله عنه، وإطلاقُ الأنصار عليه باعتبار اللغة، ولعلَّه تكونُ عندهم روايةٌ على ذلك. قوله: (فَغَضِبَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم)، وفيه تصريحٌ بالغضب، ولم يَكُنْ وَرَدَ في طريقٍ بعدُ. 38 - باب {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} يَتَعَدَّوْنَ يُجَاوِزُونَ فِى السَّبْتِ {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا} [الأعراف: 163] شَوَارِعَ إِلَى قَوْلِهِ: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [الأعراف: 166]. 39 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [النساء: 163] الزُّبُرُ: الْكُتُبُ، وَاحِدُهَا زَبُورٌ، زَبَرْتُ: كَتَبْتُ. {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} [سبأ: 10] قَالَ مُجَاهِدٌ: سَبِّحِى مَعَهُ {وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} الدُّرُوعَ، {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} الْمَسَامِيرِ وَالْحَلَقِ، وَلاَ يُدِقَّ الْمِسْمَارَ فَيَتَسَلْسَلَ، وَلاَ تُعَظِّمْ فَيَفْصِمَ، {وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [سبأ: 10 - 11]. 3417 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خُفِّفَ عَلَى دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - الْقُرْآنُ،

40 - باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود: كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يوما، ويفطر يوما

فَكَانَ يَأْمُرُ بِدَوَابِّهِ فَتُسْرَجُ، فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَبْلَ أَنْ تُسْرَجَ دَوَابُّهُ، وَلاَ يَأْكُلُ إِلاَّ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ». رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 14226 أطرافه 2073، 4713 - تحفة 14725 - 195/ 4 3418 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ أَخْبَرَهُ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - قَالَ أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى أَقُولُ وَاللَّهِ لأَصُومَنَّ النَّهَارَ وَلأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَنْتَ الَّذِى تَقُولُ وَاللَّهِ لأَصُومَنَّ النَّهَارَ وَلأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ» قُلْتُ قَدْ قُلْتُهُ. قَالَ «إِنَّكَ لاَ تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ». فَقُلْتُ إِنِّى أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ». قَالَ قُلْتُ إِنِّى أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ «فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، وَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ، وَهْوَ عَدْلُ الصِّيَامِ». قُلْتُ إِنِّى أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «لاَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ». أطرافه 1131، 1152، 1153، 1974، 1975، 1976، 1977، 1978، 1979، 1980، 3419، 3420، 5052، 5053، 5054، 5199، 6134، 6277 تحفة 8645، 8960 3419 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِى ثَابِتٍ عَنْ أَبِى الْعَبَّاسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلَمْ أُنَبَّأْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ». فَقُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ «فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتِ الْعَيْنُ وَنَفِهَتِ النَّفْسُ، صُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ - أَوْ كَصَوْمِ الدَّهْرِ». قُلْتُ إِنِّى أَجِدُ بِى - قَالَ مِسْعَرٌ يَعْنِى - قُوَّةً. قَالَ «فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - وَكَانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلاَ يَفِرُّ إِذَا لاَقَى». أطرافه 1131، 1152، 1153، 1974، 1975، 1976، 1977، 1978، 1979، 1980، 3418، 3420، 5052، 5053، 5054، 5199، 6134، 6277 - تحفة 8635 قوله: (يا جِبَالُ أَوِّبي مَعَهُ والطَّيْرَ)، قال ابنُ هشامٍ: لم أَجِدْ في القرآن مِثَالًا لمفعولٍ معه. قلتُ: بل هو كثيرٌ، كما عَلِمْتَ منَّا سابقًا، وقوله: {وَالطَّيْرَ} أيضًا من هذا القبيل. وقد تكلَّمنا عليه مبسوطًا في «الطهارة». 3417 - قوله: (خُفِّفَ على دَاوُدَ القُرْآنُ)، وهذه مسألةُ طيِّ الزمان، ونشره، وهو من مصطلحات الشيخ الأكبر، ويَسْتَعْمِلُهُ كثيرًا، ولكنه لم يفسِّرهْ في موضعٍ. ومن علومه: أنه يقرِّرُ المسائلَ في ابتداء كلّ بابٍ، ثم يَذْكُرُ علومًا كثيرةً من هذا الموطن في آخره، ولا يقرِّرُها، ومنها هذه المسألةُ. 40 - باب أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ: كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا قَالَ عَلِيٌّ: وَهْوَ قَوْلُ عَائِشَةَ: مَا أَلْفَاهُ السَّحَرُ عِنْدِي إِلاَّ نَائِمًا.

41 - باب {واذكر عبدنا داوود ذا الأيد إنه أواب} إلى قوله: {وفصل الخطاب} [ص: 17 - 20]

3420 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِىِّ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَأَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ». أطرافه 1131، 1152، 1153، 1974، 1975، 1976، 1977، 1978، 1979، 1980، 3418، 3419، 5052، 5053، 5054، 5199، 6134، 6277 تحفة 8897 - 196/ 4 41 - باب {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَفَصْلَ الْخِطَابِ} [ص: 17 - 20] قالَ مُجَاهِدٌ: الفَهْمُ في القَضَاءِ {وَلَا تُشْطِطْ} لاَ تُسْرِف {وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً}، يُقَالُ لِلمَرْأَةِ نَعْجَةٌ، وَيُقَالُ لَهَا أَيضًا شَاةٌ، {وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا} [ص: 22 - 23] مِثْلُ {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: 37] ضَمَّهَا. {وَعَزَّنِي} غَلَبَنِي، صَارَ أَعَزَّ مِنِّي، أَعْزَزْتُهُ جَعَلتُهُ عَزِيزًا {فِى الْخِطَابِ} يُقَالُ المُحَاوَرَةُ {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ} الشُّرَكَاءِ {لَيَبْغِي} إِلَى قَوْلِهِ: {أَنَّمَا فَتَنَّاهُ} [ص: 23 - 24]. قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اخْتَبَرْنَاهُ، وَقَرَأَ عُمَرُ: فَتَّنَّاهُ، بِتَشْدِيدِ التَّاءِ {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24]. 3421 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ سَمِعْتُ الْعَوَّامَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ أَسْجُدُ فِى {ص} فَقَرَأَ: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} حَتَّى أَتَى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 84 - 90] فَقَالَ: نَبِيُّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّنْ أُمِرَ أَنْ يَقْتَدِىَ بِهِمْ. أطرافه 4632، 4806، 4807 - تحفة 6416 3422 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَيْسَ {ص} مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، وَرَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْجُدُ فِيهَا. أطرافه 1069 - تحفة 5988 قوله: ({وَفَصْلَ الْخِطَابِ}). وفي روايةٍ ضعيفةٍ: أن المرادَ منه: أمَّا بعدُ، وأوَّلُ من تكلَّم بها هو داود عليه السلام. قوله: ({تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً}). واعلم أن ما ذَكَرَهُ أصحابُ التفسير في قصته باطلٌ لا أصلَ له ولا نَعْلَمُ فيه نقلًا إسلاميًا، وكل ما بَلَغَنَا فيه، فمن نقول الكُتُبِ السابقةِ. والذي تبيَّن لي في هذا البابِ: هو أن يُكْتَفَى بما في "مستدرك الحاكم" (¬1) بإِسنادٍ صحيحٍ: ¬

_ (¬1) يقولُ العبدُ الضعيفُ: وقد ذَكَرَ أصحابُ التفاسير في قصة ابتلاء داود عليه الصلاة والسلام قصصًا وأحاديث، أكثرها كَذِبٌ، وزور، بل بعضُها مما تقشعرُّ منه الجلودُ، وأخرج الشيخ رواية من "مستدرك الحاكم" زحزحت الكرْبَ، وأزالت الريبَ، فأنا أذْكُرُهَا لك مع إسنادها: =

"أن داودَ عليه الصلاة والسَّلام لمَّا أَمَرَهُ سبحانه أن {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} [سبأ: 13]، قسَّم أيامه للعبادة، فجعل يومًا لنفسه، ويومًا لِعِيَالِهِ، ويومًا لعبادة ربِّه، ويومًا لفصل الخُصُومَاتِ. ومرَّ على ذلك زمانٌ حتَّى أعجبه النظم لعبادته، فَفَرِحَ بذلك، وظنَّ أنه قَلَّ منهم من يكون عنده نظمٌ في العبادة مثله، فقيل له: يا داود إنا نُفْتِنُكَ، فقال: علِّمني اليوم الذي أُفْتَتَنُ فيه. فقال له ربه: لا. فابتلاه ربه، بأن صَعِدَ الملائكةُ على جدار بيته، واسْتُفْتُوهُ عن قضيةٍ مفروضةٍ: له تسعٌ وتسعون نعجةً ... إلخ، سواء كان المراد منها الشاة، أو غيرها. فَقَضَى داودُ عليه الصلاة والسلام منهم التعجُّب، أنهم كيف وَصَلُوا إليه في يوم عبادته مع الحراسة، والانتظام الشديد، وقد تمَّ الابتلاءُ بهذا القدر فقط. قوله: ({فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ})، فيه دليلٌ على مذهب الحنفية: أن الركوعَ يَنُوبُ عن سجود التلاوة. واسْتَحْسَنَهُ الرازيُّ في "تفسيره". وأَوْرَدَ عليه الشيخ ابن الهُمَام (¬1) أنه لَمَّا كان المقصودُ من لفظ الركوع هو السُّجُودُ، لم يَتِمَّ الاستدلال، لأن ¬

_ = حدَّثنا إسماعيل بن محمد الفقيه -بالري-: أنبأنا أبو حاتم محمد بن إدريس: أنبأنا سليمان داود القاشميري: حدَّثنا عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، عن موسى بن عُقْبة، عن كُرَيب، عن ابن عبَّاس رضي الله تعالى عنهما، قال: "ما أصاب داودَ ما أصابه بعد القدر، إلَّا من عَجَبٍ، عَجِبَ به من نفسه، وذلك أنه قال: يا ربِّ، ما من ساعةٍ من ليلٍ ولا نهارٍ إلَّا وعابدٌ من آل داود يَعْبُدُكَ: يُصَلِّي لك، أو يُسَبِّحُ، أو يُكَبِّرُ، وذكر أشياء، فَكَرِهَ اللهُ ذلك، فقال: يا داود، لم يَكُن إلَّا بي، فلولا عَوْني ما قويت عليه، وجَلاَلي لأَكِلَنَّكَ إلى نفسكَ يومًا، قال: يا رب، فأخبرني به، فأصابته الفتنة ذلك اليوم". اهـ. هذا حديثٌ صحيحُ الإِسناد، ولم يخرِّجاه، "المستدرك". قلتُ: وأَخْرَجَهُ بعضُ المحقِّقين في شرحه على المنظومة في علم الكلام في تحقيق: أن العبدَ هل لقدرته تأثيرٌ بإذن الله، وتمكينه، وعونه، ومشيئته أو لا؟ فَذَكَرَ السِّحْرَ، وأنه مؤثِّرٌ، وإن لم يَكُنْ بالذات، وتمسَّك له بقوله تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [المجادلة: 10]، فَيُفِيدُ أنه يَضُرُّهم شيئًا بإذن الله. ومن ذلك قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر: 42]، وما دلَّ عليه الاستثناءُ ههنا منصوصٌ عليه في النحل: {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ} ... إلخ [النحل: 100]، ويُنَاسِبُه ما في "الدر المنثور" في سورة الصافات من قوله: وأخرج أحمد في "الزهد"، وابن أبي حاتم، وابن عساكر، عن ابن عبَّاس رضي الله تعالى عنهما، قال: "إن الشيطانَ عَرَجَ إلى السماء، فقال: يا رب، سلِّطني على أيوب، قال الله: سلَّطْتُكَ على ماله وولده، ولم أسلِّطْكَ على جسده، إلى أن قال: فرنَّ إبليسُ رنَّةً سَمِعَها أهلُ السماء، وأهلُ الأرض. ثُمَّ عَرَجَ إلى السماء، فقال: أي رب، إنَّه قد اعْتَصَمَ، فسلِّطني عليه، فإنِّي لا أستطيعه إلَّا بسلطانك، قال: قد سلَّطْتُكَ على جسده، ولم أسلِّطْكَ على قلبه"، الحديث بطوله. ومن ذلك ما في "الدر المنثور" في سورة ص من قوله، وأَخرَجَ الحاكمُ، وصحَّحه، والبيهقيُّ في "شعب الإِيمان"، عن ابن عبَّاس قال: "ما أَصَابَ داود ما أَصَابَهُ"، فذكر الحديث بطوله. اهـ. فإن شِئْتَ تفصيلَ المرام، فراجع "الفوائد على القرآن" لمحقِّق العصر الشيخ شبير أحمد، صاحب "فتح الملهم". (¬1) قلتُ: ولم أجِدْه في "فتح القدير"، فلعلَّه ذَكَرَهُ في تصنيفٍ آخرَ له، أو كان أَخطَأ بصري، أو زَلَّ قلمي، فإنِّي لم أجِدْ فرصةً لمزيد التحقيق. فإذا وَجَدْتُ عبارةً في مسارح نظري بهذه العَجَلَةِ ذَكَرْتُهَا، وإن لم أجِدْهَا نبَّهت عليه، فَلْيُلْحِقْهَا المتيقِّظُ بموضعها إن وَجَدَهَا. ويمكن أن يكونَ في "التحرير"، أو في "الفتح"، في موضعٍ آخرَ. والله تعالى أعلم بالصواب.

42 - باب قول الله تعالى: {ووهبنا لداوود سليمان نعم العبد إنه أواب (30)} الراجع المنيب

العِبْرَةَ للمعنى دون اللفظ المجرَّد. قلتُ: رُبَّ أحكام تُبْنَى على ألفاظ القرآن أيضًا، فألفاظُه ليست مطروحةً، فإِطلاقُ الركوع على السجود يُتِم الاستدلال. قوله: ({فَطَفِقَ مَسْحًا}) يَمْسَحُ أَعْرَافَ الخيل وعراقيبها. ولم يَصِحَّ ما نُقِلَ من ذبح الخيل، فلا علينا أن لا نُسَلِّمَهُ، مع أن فيه إضاعةُ المال، وذَبْحُ الحيوان. والأَوْلَى أن يُقْتَصَرَ على لفظ القرآن، وليس فيه إلَّا المسح. والظاهرُ أنه كان شفقةً، فإن صاحبَ الخيل إذا أَحَبَّهَا مَسَحَ نواصيها، وأكفالَها، وأَعْرَافَها. قوله: ({وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا}) ... إلخ، وفسَّره المصنِّفُ بالشيطان، وهو غَلَطٌ صريحٌ. والسِّرُّ في ذلك: أن المصنِّفَ دوَّن تفسيرَه من كتاب أبي عُبَيْدَة، فاحتوى كتابه أيضًا على ما كان في كتابه من الأقوال المرجوحة. ويُمْكِنُ تأويله: أن اللهَ سبحانه ألقاه على كُرْسِيِّهِ، لإِراءته أنه ليس في يده شيءٌ، كما أنه أَدْخَلَ المُتَخَاصِمَيْن في بيت داود عليه الصلاة والسلام، فتحيَّر منه. وأمَّا ما وراء ذلك، فكلُّه كَذِبٌ لا أصلَ له. ولئن سلَّمناه، فلعلَّه كان جَسِمًا مثاليًا، أُرِيَ بطريقٍ عارضيٍّ. قال الشيخُ الأكبرُ: إن الجسمَ يُقَالُ للجسم الناسوتي، والجسد للبدن المثالي (¬1)، فلعلَّه كان بدنًا مثاليًا لجنٍّ. والله تعالى أعلم. 3427 - قوله: (ائْتُوني بالسِّكِّين أَشُقُّهُ بَينَهُمَا). وأنت تَعْلمُ أنه لم يَكُنْ من نيَّته الشقُّ في الواقع، وإنما أَرَادَ منه التبيُّن، والاختبار. فلا يُقَالُ لمثله: كَذِبٌ، فهذا نوعٌ من الكلام، كما مرَّ التنبيه عليه. 42 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30)} الرَّاجِعُ الْمُنِيبُ وقَوْلِهِ: {وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35]، وَقَوْلِهِ: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [البقرة: 102]. {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ} أَذَبْنَا لَهُ عَينَ الحَدِيدِ {وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {مِنْ مَحَارِيبَ} [سبأ: 12 - 13] قالَ مُجَاهِدٌ: بُنْيَانٌ ما دُون القُصُورِ {وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ} كالحِيَاضِ لِلإِبِلِ، وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كالجَوْبَةِ مِنَ الأَرْضِ {وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} إِلَى قَوْلِهِ: {الشَّكُورُ} [سبأ: 13] {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ} الأَرَضَةُ {تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ} عَصَاهُ، {فَلَمَّا خَرَّ} إِلَى قَوْلِهِ: {الْمُهِينِ} [سبأ: 14] {حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ ¬

_ (¬1) قلتُ: واختار الشيخُ العينيُّ أيضًا ما ذَكَرَهُ الشيخُ، ثم قال: وُيؤَيِّدُهُ ما قاله الخليل: لا يُقَالُ الجسدُ لغير الإِنسان من خَلْقِ الأرض. اهـ.

رَبِّي} [ص: 32] مِنْ ذِكْرِ رَبِّي، {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} [ص: 33] يَمْسَحُ أَعْرَافَ الخَيلِ وَعَرَاقِيبَهَا. {الْأَصْفَادِ} [ص: 38] الوَثَاقُ. وقالَ مُجَاهِدٌ: {الصَّافِنَاتُ} صَفَنَ الفَرَسُ رَفَعَ إِحْدَى رِجْلَيهِ حَتَّى تَكُونَ عَلَى طَرَفِ الحَافِرِ {الْجِيَادُ} [ص: 31] السِّرَاعُ {جَسَدًا} [ص: 34] شَيطَانًا {رُخَآء} طَيِّبَةً {حَيْثُ أَصَابَ} [ص: 36] حَيثُ شَاءَ. {فَامْنُنْ} [ص: 39] أَعْطِ {بِغَيْرِ حِسَابٍ} [ص: 39] بِغَيرِ حَرَجٍ. 3423 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ الْبَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَىَّ صَلاَتِى، فَأَمْكَنَنِى اللَّهُ مِنْهُ، فَأَخَذْتُهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبُطَهُ عَلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِى الْمَسْجِدِ حَتَّى تَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِى سُلَيْمَانَ {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35]. فَرَدَدْتُهُ خَاسِئًا». عِفْرِيتٌ مُتَمَرِّدٌ مِنْ إِنْسٍ أَوْ جَانٍّ، مِثْلُ زِبْنِيَةٍ جَمَاعَتُهَا الزَّبَانِيَةُ. أطرافه 461، 1210، 3284، 4808 - تحفة 14384 3424 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً تَحْمِلُ كُلُّ امْرَأَةٍ فَارِسًا يُجَاهِدُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَلَمْ يَقُلْ، وَلَمْ تَحْمِلْ شَيْئًا إِلاَّ وَاحِدًا سَاقِطًا إِحْدَى شِقَّيْهِ». فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ قَالَهَا لَجَاهَدُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ». قَالَ شُعَيْبٌ وَابْنُ أَبِى الزِّنَادِ «تِسْعِينَ». وَهْوَ أَصَحُّ. أطرافه 2819، 5242، 6639، 6720، 7469 - تحفة 13888، 13785، 13731 3425 - حَدَّثَنِى عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. أَىُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلُ قَالَ «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ». قُلْتُ ثُمَّ أَىٌّ قَالَ «ثُمَّ الْمَسْجِدُ الأَقْصَى». قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا قَالَ «أَرْبَعُونَ». ثُمَّ قَالَ «حَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاَةُ فَصَلِّ، وَالأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ». طرفه 3366 - تحفة 11994 3426 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَثَلِى وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَجَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ تَقَعُ فِى النَّارِ». تحفة 13767 - 198/ 4 3427 - وَقَالَ «كَانَتِ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ صَاحِبَتُهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ. وَقَالَتِ الأُخْرَى إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ. فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ، فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ فَأَخْبَرَتَاهُ. فَقَالَ ائْتُونِى بِالسِّكِّينِ

43 - باب قول الله تعالى: {ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله} إلى قوله: {إن الله لا يحب كل مختال فخور} [لقمان: 12 - 18]

أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا. فَقَالَتِ الصُّغْرَى لاَ تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، هُوَ ابْنُهَا. فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ، وَمَا كُنَّا نَقُولُ إِلاَّ الْمُدْيَةُ. طرفه 6769 - تحفة 13728 43 - باب قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 12 - 18] {وَلَا تُصَعِّرْ} [لقمان: 18] الإِعْرَاضُ بِالْوَجْهِ. 3428 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتِ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] قَالَ أَصْحَابُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ فَنَزَلَتْ {لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]. أطرافه 32، 3360، 3429، 4629، 4776، 6918، 6937 - تحفة 9420 3429 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا نَزَلَتِ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّنَا لاَ يَظْلِمُ نَفْسَهُ قَالَ «لَيْسَ ذَلِكَ، إِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ، أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهْوَ يَعِظُهُ {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]. أطرافه 32، 3360، 3428، 4629، 4776، 6918، 6937 - تحفة 9420 44 - باب {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ} [يس: 13] الآيَةَ {فَعَزَّزْنَا} [يس: 14]: قَالَ مُجَاهِدٌ: شَدَّدْنَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {طَائِرُكُمْ} [يس: 19] مَصَائِبُكُمْ. والمرادُ منهم رسلُ عيسى عليه السلام، فهذه قصةٌ بعد زمان عيسى عليه السلام. وقيل: إنها قصةٌ قبل زمانه. ثم إنه لم يَثْبُتْ نبيٌّ بعد عيسى عليه السلام قبل بعثته صلى الله عليه وسلّم في النقول الإِسلامية. نعم، ومن مَسْخِ طباع الإِنجيليين حيث ألحقوا حصةً في أواخر الإِنجيل، وسمَّوْهُ رُسُلًا، وهم الحواريُّون. ثم يقولون: إنهم مُلْهَمُون مَعْصُومُون، كالرُّسُلِ، وأطلقوا عليهم الرُّسُلَ أيضًا. وأمَّا ما ذَهَبَ إليه الشيخُ الأكبرُ من بقاء النبوة من غير تشريعٍ، فهو اصطلاحٌ جديدٌ منه، فإنه يُطْلِقُ النبوة على الكَشْفِ والإِلهام أيضًا، وقد مهَّدناه في رسالتنا «خاتم النبيين». وبالجملة لم يَثْبُتْ بعثةُ نبيَ بعد عيسى عليه الصلاة والسلام، قيل: في زمن نبينا صلى الله عليه وسلّم إلاَّ ما أَرْجَف به الإِنجيليون، فقالوا: إن الحواريِّين هم الرُّسُلُ.

45 - باب قول الله تعالى: {ذكر رحمت ربك عبده زكريا (2) إذ نادى ربه نداء خفيا (3) قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا} إلى قوله: {لم نجعل له من قبل سميا} [مريم: 2 - 7]

45 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} إِلَى قَوْلِهِ: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} [مريم: 2 - 7] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِثْلاً، يُقَالُ: رَضِيًّا، مَرْضِيًّا {عِتِيًّا} [مريم: 8] {عَصِيًّا}، عتا يَعْتُو. {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8)} إِلَى قَوْلِهِ: {ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} وَيُقَالُ: صَحِيحًا. {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11)} فَأَوْحَى: فَأَشَارَ {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} إِلَى قَوْلِهِ {وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا} [مريم: 7 - 15]. {حَفِيًّا} [مريم: 47] لَطِيفًا، {عَاقِرًا} [مريم: 5] الذَّكَرُ وَالأُنْثَى سَوَاءٌ. 199/ 4 3430 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِىَ «ثُمَّ صَعِدَ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. فَلَمَّا خَلَصْتُ، فَإِذَا يَحْيَى وَعِيسَى وَهُمَا ابْنَا خَالَةٍ. قَالَ هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا. فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا ثُمَّ قَالاَ مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِىِّ الصَّالِحِ». أطرافه 3207، 3393، 3887 - تحفة 11202 قوله: ({عِتِيًّا} {عَصِيًّا})، هكذا وُجِدَ في نُسَخِ البخاريِّ، وهذا التفسير غَلَطٌ، وراجع الهامش. 46 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16)} [مريم: 16] {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ} [آل عمران: 45]. {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33)} إِلَى قَوْلِهِ: {يَرْزُقُ مَن يَشَآء بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران: 33، 37] قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَآلُ عِمْرَانَ: المُؤْمِنُونَ مِنْ آلِ إِبْرَاهِيمَ وَآلِ عِمْرَانِ وَآلِ يَاسِينَ وَآلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلّم يَقُولُ: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ} [آل عمران: 68] وَهُمُ المُؤْمِنُونَ. وَيُقَالُ: آلُ يَعْقُوبَ أَهْلُ يَعْقُوبَ، فَإِذَا صَغَّرُوا آلَ ثُمَّ رَدُّوهُ إِلَى الأَصْلِ قالوا: أُهَيلٌ. 3431 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَا مِنْ بَنِى آدَمَ مَوْلُودٌ إِلاَّ يَمَسُّهُ الشَّيْطَانُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ، غَيْرَ مَرْيَمَ

47 - باب

وَابْنِهَا». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36]. طرفاه 3286، 4548 - تحفة 13149 قوله: ({وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ})، وهو والدُ مَرْيَمَ عليها السلام، كما قال تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} ... إلخ [التحريم: 12]، لا عِمْرَان والدُ موسى عليه الصلاة والسلام. 47 - باب {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42) يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44)} [آل عمران: 42 - 44]. يُقَالُ: يَكْفُلُ يَضُمُّ، كَفَلَهَا: ضَمَّهَا، مُخَفَّفَةً، لَيسَ مِنْ كَفَالَةِ الدُّيُونِ وَشِبْهِهَا. 3432 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا - رضى الله عنه - يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ». طرفه 3815 - تحفة 10161 48 - باب قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 45 - 47] يُبَشِّرُكِ وَيَبْشُرُكِ وَاحِدٌ، {وَجِيهًا} شَرِيفًا. وَقالَ إِبْرَاهِيمُ: المَسِيحُ: الصِّدِّيقُ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: الكَهْلُ الحَلِيمُ، وَالأَكْمَهُ مَنْ يُبْصِرُ بِالنَّهَارِ وَلاَ يُبْصِرُ بِاللَّيلِ. وَقالَ غَيرُهُ: مَنْ يُولَدُ أَعْمى. 3433 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ مُرَّةَ الْهَمْدَانِىَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ، كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ». أطرافه 3411، 3769، 5418 - تحفة 9029 3434 - وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «نِسَاءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ، أَحْنَاهُ عَلَى طِفْلٍ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِى ذَاتِ يَدِهِ». يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ وَلَمْ تَرْكَبْ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ بَعِيرًا قَطُّ.

49 - باب قوله عز وجل: {يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم

تَابَعَهُ ابْنُ أَخِى الزُّهْرِىِّ وَإِسْحَاقُ الْكَلْبِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ. طرفاه 5082، 5365 - تحفة 13339، 13248، 13114 3434 - قوله: (وَلَمْ تَرْكَبْ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ بَعِيرًا)، يعني أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم ذَكَرَ فضل نساء قريش: رَكِبْنَ الإِبِلَ، ولمَّا لم تَرْكَبْ مريمُ عليها السلام بَعِيرًا، لم تَدْخُلْ في هذا التفضيل. 49 - باب قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [النساء: 171]. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: {وَكَلِمَتُهُ} كُنْ فَكَانَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: {وَرُوحٌ مِنْهُ} أَحْيَاهُ فَجَعَلَهُ رُوحًا. {وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ}. 201/ 4 3435 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ قَالَ حَدَّثَنِى جُنَادَةُ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ عَنْ عُبَادَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ، أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْعَمَلِ». قَالَ الْوَلِيدُ حَدَّثَنِى ابْنُ جَابِرٍ عَنْ عُمَيْرٍ عَنْ جُنَادَةَ وَزَادَ «مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ، أَيَّهَا شَاءَ». تحفة 5075 50 - باب {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا} [مريم: 16] فنَبَذْنَاهُ: أَلقَينَاهُ: اعْتَزَلَتْ. {شَرْقِيًا} [مريم: 16] مِمَّا يَلِي الشَّرْقَ. {فَأَجَآءهَا} [مريم: 23] أَفعَلتُ مِنْ جِئْتُ، وَيُقَالُ: أَلجَأَهَا اضْطَرَّهَا. {تُسَاقِطْ} [مريم: 25] تَسْقُطْ. {قَصِيًّا} [مريم: 22] قاصِيًا. {فَرِيًّا} [مريم: 27] عَظِيمًا. قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {نَسِيَا} [مريم: 23] لَمْ أَكُنْ شَيئًا. وَقالَ غَيرُهُ: النِّسْيُ: الحَقِيرُ. وَقالَ أَبُو وَائِلٍ: عَلِمَتْ مَرْيَمُ أَنَّ التَّقِيَّ ذُو نُهْيَةٍ حِينَ قالَتْ: {إِن كُنتَ تَقِيًّا} [مريم: 18]. وقالَ وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحاقَ، عَنِ البَرَاءِ {سَرِيًّا} [مريم: 24] نَهَرٌ صَغِيرٌ بِالسُّرْيَانِيَّةِ.

3436 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَمْ يَتَكَلَّمْ فِى الْمَهْدِ إِلاَّ ثَلاَثَةٌ عِيسَى، وَكَانَ فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ، كَانَ يُصَلِّى، فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ، فَقَالَ أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّى. فَقَالَتِ اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ الْمُومِسَاتِ. وَكَانَ جُرَيْجٌ فِى صَوْمَعَتِهِ، فَتَعَرَّضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى، فَأَتَتْ رَاعِيًا، فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَلَدَتْ غُلاَمًا، فَقَالَتْ مِنْ جُرَيْجٍ. فَأَتَوْهُ فَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ، وَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الْغُلاَمَ فَقَالَ مَنْ أَبُوكَ يَا غُلاَمُ قَالَ الرَّاعِى. قَالُوا نَبْنِى صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ لاَ إِلاَّ مِنْ طِينٍ. وَكَانَتِ امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنًا لَهَا مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ رَاكِبٌ ذُو شَارَةٍ، فَقَالَتِ اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِى مِثْلَهُ. فَتَرَكَ ثَدْيَهَا، وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّاكِبِ فَقَالَ اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْنِى مِثْلَهُ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهَا يَمَصُّهُ - قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَمَصُّ إِصْبَعَهُ - ثُمَّ مُرَّ بِأَمَةٍ فَقَالَتِ اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلِ ابْنِى مِثْلَ هَذِهِ. فَتَرَكَ ثَدْيَهَا فَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِى مِثْلَهَا. فَقَالَتْ لِمَ ذَاكَ فَقَالَ الرَّاكِبُ جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، وَهَذِهِ الأَمَةُ يَقُولُونَ سَرَقْتِ زَنَيْتِ. وَلَمْ تَفْعَلْ». أطرافه 1206، 2482، 3466 - تحفة 14458 - 202/ 4 3437 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ. حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ لَقِيتُ مُوسَى - قَالَ فَنَعَتَهُ - فَإِذَا رَجُلٌ - حَسِبْتُهُ قَالَ - مُضْطَرِبٌ رَجِلُ الرَّأْسِ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ - قَالَ - وَلَقِيتُ عِيسَى - فَنَعَتَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ - رَبْعَةٌ أَحْمَرُ كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ - يَعْنِى الْحَمَّامَ - وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِهِ بِهِ - قَالَ - وَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحَدُهُمَا لَبَنٌ وَالآخَرُ فِيهِ خَمْرٌ، فَقِيلَ لِى خُذْ أَيَّهُمَا شِئْتَ. فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ، فَقِيلَ لِى هُدِيتَ الْفِطْرَةَ، أَوْ أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ». أطرافه 3394، 4709، 5576، 5603 - تحفة 13270 3438 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «رَأَيْتُ عِيسَى وَمُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ، فَأَمَّا عِيسَى فَأَحْمَرُ جَعْدٌ عَرِيضُ الصَّدْرِ، وَأَمَّا مُوسَى فَآدَمُ جَسِيمٌ سَبْطٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ الزُّطِّ». تحفة 6413، 7393 3439 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى عَنْ نَافِعٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ ذَكَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا بَيْنَ ظَهْرَىِ النَّاسِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، أَلاَ إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ». أطرافه 3057، 3337، 4402، 6175، 7123، 7127، 7407 - تحفة 8464 3440 - «وَأَرَانِى اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فِى الْمَنَامِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ كَأَحْسَنِ مَا يُرَى مِنْ

أُدْمِ الرِّجَالِ، تَضْرِبُ لِمَّتُهُ بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ، رَجِلُ الشَّعَرِ، يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَىْ رَجُلَيْنِ وَهْوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ. فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالُوا هَذَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ. ثُمَّ رَأَيْتُ رَجُلاً وَرَاءَهُ جَعْدًا قَطَطًا أَعْوَرَ عَيْنِ الْيُمْنَى كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ بِابْنِ قَطَنٍ، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَىْ رَجُلٍ، يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ». تَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ. أطرافه 3441، 5902، 6999، 7026، 7128 - تحفة 8227 - 203/ 4 3441 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّىُّ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ لاَ وَاللَّهِ مَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعِيسَى أَحْمَرُ، وَلَكِنْ قَالَ «بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ، يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً أَوْ يُهَرَاقُ رَأْسُهُ مَاءً فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا ابْنُ مَرْيَمَ، فَذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ، فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ، جَعْدُ الرَّأْسِ، أَعْوَرُ عَيْنِهِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ. قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا هَذَا الدَّجَّالُ. وَأَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ». قَالَ الزُّهْرِىُّ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ هَلَكَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ. أطرافه 3440، 5902، 6999، 7026، 7128 - تحفة 6801 3442 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عَنْهُ - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ، وَالأَنْبِيَاءُ أَوْلاَدُ عَلاَّتٍ، لَيْسَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ نَبِىٌّ». طرفاه 3443، 3443 م - تحفة 15173 3443 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا هِلاَلُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَالأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلاَّتٍ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ». طرفاه 3442، 3443 م - تحفة 13605 وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 3442، 3443 - تحفة 14223 3444 - وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رَأَى عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَجُلاً يَسْرِقُ، فَقَالَ لَهُ أَسَرَقْتَ قَالَ كَلاَّ وَاللَّهِ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ. فَقَالَ عِيسَى آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَذَّبْتُ عَيْنِى». تحفة 14713 - 204/ 4 3445 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ يَقُولُ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ سَمِعَ عُمَرَ - رضى الله عنه - يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ تُطْرُونِى كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ». أطرافه 2462، 3928، 4021، 6829، 6830، 7323 - تحفة 10510 3446 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ حَىٍّ أَنَّ رَجُلاً

مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ قَالَ لِلشَّعْبِىِّ. فَقَالَ الشَّعْبِىُّ أَخْبَرَنِى أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَدَّبَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا، كَانَ لَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا آمَنَ بِعِيسَى ثُمَّ آمَنَ بِى، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَالْعَبْدُ إِذَا اتَّقَى رَبَّهُ وَأَطَاعَ مَوَالِيَهُ، فَلَهُ أَجْرَانِ». أطرافه 97، 2544، 2547، 2551، 3011، 5083 - تحفة 9107 3447 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا، ثُمَّ قَرَأَ {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104] فَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ يُؤْخَذُ بِرِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِى ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ أَصْحَابِى فَيُقَالُ إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} إِلَى قَوْلِهِ {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 117 - 118]. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الفرَبريُّ ذُكِرَ عَنْ أَبِى عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَبِيصَةَ قَالَ هُمُ الْمُرْتَدُّونَ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى عَهْدِ أَبِى بَكْرٍ، فَقَاتَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه. أطرافه 3349، 4625، 4626، 4740، 6524، 6525، 6526 - تحفة 5622 قوله: ({يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ}) قال: «من شَهِدَ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأن محمدًا عبدُه ورسولُه، وأن عيسى عبدُ الله ورسولُه، وكلمتُه ألقاها إلى مريمَ، وروحٌ منه» ... إلخ، يعني به: أن كونه كلمةً، وروحًا منه، صار من عقائد الدين، ومن المسائل التي لا بُدَّ للأمة تعلَّمها. أمَّا كونه داخلًا في الإِيمان، فقد عُلِمَ ذلك من القرآن ولكن الحديث نبَّه على كونه من المسائل التي تُعْرَضُ على الأمَّةِ، على نحو ما يُعَلَّم الأطفال: "بناء اسلام برجند جيز هست بكوير ينج جيز هست". 3438 - قوله: (كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ الزُّطِّ)، وهو معرَّب: "جت"، ويُقَالُ له في الأردويه: جات، ولعلَّ بعضًا منهم ذَهَبَ إلى العراق في زمنٍ. 3440 - قوله: (ثُمَّ رَأَيْتُ رَجُلًا وَرَاءَهُ ... يَطُوفُ بالبَيْتِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قالوا: هَذَا المَسِيحُ الدَّجَّالُ) ... إلخ، قالوا: لم يَكُنْ من نيَّةِ الشقيِّ الطوافُ بالبيت، ولكن لمَّا كان هذا الشقيُّ بصدد نقض ما يَغْزِلُهُ عيسى عليه الصلاة والسلام، أَرِيَ في المنام صورةُ ذلك كذلك، أي كأنه يَطُوفُ، وهذا يُعَاقِبُه (¬1) خلفه. ثم إنه قد يَخْطُرُ بالبال أن بعضَ ¬

_ (¬1) يقولُ العبدُ الضعيفُ: وقد يَدُور بالبال، وإن لم يَكُنْ له بالٌ: أن المسيحَ الدَّجَالَ يَظْهَرُ في أوَّلِ أمره الصلاح، =

الرواة لا يَذْكُرونَ طوافه، وهو في البخاريِّ أيضًا، فلا بُعْدَ أن يكونَ ذِكْرُه وهمًا من بعضهم. وقد أَشَارَ إليه القاضي عِيَاض: أن ذِكْرَ طوافه ليس في رواية مالك، كما في النوويِّ. وسنعود إلى بيانه أبسط منه إن شاء الله تعالى. 3442 - قوله: (والأَنْبِيَاءُ أَوْلاَدُ عَلاَّتٍ، لَيْسَ بَيْنِي وبَيْنَهُ نَبِيٌّ)، يعني هم متَّحِدُون في العقائد، وإن اخْتَلَفُوا في الفروع، كالأولاد التي تكون من أب واحد، وأمهاتهم شتَّى. ثم اعلم أن المشهورَ أن لا نبيَّ بينه (¬1)، وبين المسيح عليه السلام، كما هو في البخاريِّ، ولكن عند الحاكم في «مستدركه»: أنه كان بعد عيسى عليه السلام نبيًّا اسمه: خالد بن سِنَان. بل ظاهرُه أنه كان قُبَيْل بعثة نبينا صلى الله عليه وسلّم ويُمْكِنُ أن يكونَ إطلاقُ الأَبِ فيه توسُّعًا. ومرَّ عليه الذهبيُّ، ولم يُنْكِرْ عليه، وليس إسنادُه بالقويِّ. 3444 - قوله: (آمَنْتُ باللَّهِ، وكَذَّبْتُ عَيْنِي)، فإن قلتَ: كيف كذَّب عيسى عليه الصلاة والسلام ما رأته عَيْنَاه؟ قلتُ: ولا بُعْدَ فيه. فإن المخاطبَ إذا أَنكر أمرًا بالشدَّة، حتَّى يَحْلِفَ به أيضًا، تُلْقَى منه الشبهات في صدور مَنْ لا يعتمد على نفسه في زماننا أيضًا، فإنه يَخْطُرُ بباله أنه لعلَّه لم يتحقَّق النظرُ فيه. والنظرُ يُغَالِطُ كثيرًا، فيرى المتحرِّكَ ساكنًا، والساكنَ متحرِّكًا، والصغيرَ كبيرًا، والكبيرَ صغيرًا، إلى غير ذلك. فكيف إذا وَاجَهَهُ رجلٌ باسم الله الذي تَقْشَعِرُّ منه جلود الذين آمنوا. وقياسُ صدور الذين مُلِئَت إيمانًا عن الذين مُلِئَتْ جَوْرًا وظلمًا، قياسٌ مع الفارق. ومَنْ لم يَذُق، لم يَدْرِ. 3445 - قوله: (لا تُطْرُوني كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ) ... إلخ، ¬

_ = فلا بَأْسَ برؤية طوافه في المنام على أبطانه ما كانت. وإنما أُرِي خلفه يَطُوفُ لا أمامه، لأنه لا يُنَاسِبُ التقدُّم على المسيح عليه الصلاة والسلام في أمور الخير. ولأنه لا بد للعين أن يمشي أمامه، ولو مَشَى أمامه لانْذَابَ، ولكنه يكون خلفه، كالخائف الجبان. على أن بينهما تَنَاسُبَ التضاد، حتَّى رُوعِيَ في الاسم أيضًا، فسمَّى اللعين أيضًا بالمسيح، وأَظهَرَ هذا التضاد بالفصل المميِّز، فَيُقَالُ له: المسيح الدَّجَّال، لِيَدُلَّ على أنه رجلٌ في مناقضته مسيح الهداية. وحينئذٍ لا بأس باشتراكه في الطواف أيضًا على ما كان مراده منه. ولم أَسْمَعْ فيه من الشيخ شيئًا، غير أنه قَالَ: إن ما رآه في منامه كنت صورةَ للتناسب بينهما، ولعلَّه أراد منه ما قُلْنَا. وإنما ذَكَرْنَا بعضَ شيءٍ سمح به القلم أَوَانَ تسويد هذه الأوراق، وليس بشيءٍ. فليتفكر، لتظهر لك أمور، واحدٌ بعد واحدٍ تَترَى. والله تعالى أعلم. (¬1) يقولُ العبدُ الضعيفُ: وقد كانت أخذتني في شرح ذلك الحديث كلمةٌ أريحيَّةٌ في سالفٍ من الزمان، فقلتُ لشيخي: لِمَ لا يُمْكِنُ أن يكونَ المرادُ منه نفيَ بني بينه وبين المسيح عليه السلام بعد ما يَنْزِلُ من السماء. فهذا الإِخبارُ كما يُمْكِنُ أن يكونَ عن الماضي، كذلك يُمْكِنُ أن يكونَ عن المستقبل. وهذا أقطع لقطع شغب هذا الشقيِّ فَسَكَتَ عليه، ولم يَرُدَّهُ. وفَهِمْتُ منه كأنه من المُحْتَمَلِ، والجائزِ. والله تعالى أعلم.

فالحديثُ لم يشدِّد فيه تشديدَ القرآن، وعدَّ قولهم من باب الإِطراء فقط، لإِمكان التأويل فيه، بادِّعاء وَحْدَة الوجود، أو غيره. فائدةٌ: واعْلَمْ أنه لا حِجْرَ في وَحْدَةِ الوجود، فَيُمْكِنُ أن يكونَ كذلك. أمَّا كونُه من باب العقائد التي يَجِبْ بها الإِيمان، فذلك جَهْلٌ، لأن غايةَ ما في الباب أنه شيءٌ ثَبَتَ من مُكَاشَفَات الأولياء، فَقَدْ ثَبَتَ خلافه أيضًا وإنما الأحقُّ بالإِيمان، هو الوحيُ لا غير. 3446 - قوله: (وإِذَا آمَنَ بِعِيسى، ثُمَّ آمَنَ بِي، فَلَهُ أَجْرَانِ) واعْلَمْ أن المذكورَ في سائر طُرُق هذا الحديث في البخاريِّ. «آمن بأهل الكتاب»، إلاَّ في هذا الطريق، ففيه: «آمن بعيسى عليه الصلاة والسَّلام»، ومن ههنا قال بعضُهم: إن الذين يُؤْتَوْنَ أَجْرَيْنِ هُمُ النصارى الذين آمنوا بعيسى عليه السلام، وبمحمد صلى الله عليه وسلّم أمَّا اليهودُ، فإنهم كَفَرُوا بعيسى عليه السَّلام، فلا يستحقُّون إلاَّ أجرًا واحدًا، وهو الإِيمان بمحمدٍ صلى الله عليه وسلّم فقط. وقالوا: إن المرادَ من أهل الكتاب هُمُ النصارى، لأجل هذا اللفظ. ويُرَدُّ عليهم: أن الحديثَ مأخوذٌ من الآية. وأنها قد أُنْزِلَتْ في عبد الله بن سلام، وكان يهوديًا، فكيف يُمْكِنُ إخراجهم عن قضية الحديث، مع كونهم موردَ النَّصِّ. وقد أَجَبْنَا عن الإِشكال في كتاب العلم مبسوطًا، فراجعه. 3447 - قوله: (قَالَ: هُمُ المُرْتَدُّونَ)، وقد مرَّ منا: أن المرادَ منهم المُبْتَدِعُون (¬1) مطلقًا. وإنما جَاءَ ذِكْرُ المرتدِّين في سياق الحديث، لأن الذين كانت بهم معرفةٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم لم يَكُونُوا إلاَّ هؤلاء. والمرادُ منه: كلُّ من بدَّل الدين، كما يَدُلُّ عليه قوله: «سُحْقًا، سُحْقًا لمن بدَّل بعدي». وإنما يُذَادُون عن الحوض، لأنه تمثُّلٌ للشريعة، كما مرَّ مني مِرَارًا: أن الأعراضَ تَنْقَلِبُ (¬2) جواهرَ يوم القيامة، فالحوض هو تمثُّل الشريعة والسُّنة، فمن بدَّلها في الدنيا لا حظَّ به أن يَرِدَ عليه في الآخرة. بل أقول: إن الشريعة معناها: الحوض لغةً، فإِذن ظَهَرَتْ المناسبة بالأولى. ¬

_ (¬1) قال أبو عمر: كلُّ من أَحْدَثَ في الدين، فهو من المَطْرُودين عن الحوض، كالخوارج، والروافض، وسائر أصحاب الأهواء، وكذلك الظَلَمَةُ المُسْرِفُون في الجَوْرِ وطَمْسِ الحقِّ، والمُعْلِنُون بالكبائر. اهـ. "عمدة القاري". قلتُ: وقد نبَّه فيه الشيخُ على معنًى بديعٍ على طور أرباب الحقائق، يَذُوقُها من له مناسبة من هذا الباب. وقد تفرَّق الشارِحُون في تعيين تلك الطائفة أيادي سبأ، فاغتنمه. (¬2) وما أَحْصى كم مرَّة نبَّهتك على أن الشيخَ كثيرًا ما كان يَقْتَحِمُ في لُجج الحقائق، ويتكلَّم على نحوهم. والعالمُ المتقشِّفُ لا يَذُوقُه أبدًا، كيف! ومن لم يَذُقْ لم يَدْرِ، فيجعله عقيدةً، وأين هذا من ذاك، فلا يَلُومَنَّ إلَّا نفسه وقد نبَّه الشيخُ مِرَارًا: أن القطعيَّ هو الوحيُ فحسب، وبعده أمورٌ تَرْتَاحُ بها النفس، ولا يُمْكِنُ التكليفُ بها، فاعلمه.

51 - باب نزول عيسى ابن مريم عليهما السلام

51 - باب نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليهما السلام 3448 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ، حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)} [النساء: 159]. أطرافه 2222، 2476، 3449 - تحفة 13178 - 205/ 4 3449 - حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ الأَنْصَارِىِّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ». تَابَعَهُ عُقَيْلٌ وَالأَوْزَاعِىُّ. أطرافه 2222، 2476، 3448 - تحفة 14636 3448 - قوله: (حَكَمًا) نعم يَصْلُحُ للحكومة مَنْ كان مسلمًا للفريقين، وعيسى عليه الصلاة والسَّلام كذلك، فإنه نبيٌّ من بني إسرائل، وقد آمنا به أيضًا. قوله: (فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ)، ولمَّا كان الصليبُ جَرَى باسمه، فهو الأحقُّ بنقضه. قوله: (ويَقْتُلَ الخِنْزِيرَ) لأن أمَّتَهُ اختارت حِلَّتَهُ، خلاف الواقع. قوله: (ويَضَعَ الحرب)، هذه نسخةٌ مرجوحةٌ، والراجحةُ ما في الهامش، «ويَضَعَ الجِزْيَةَ». وقد عَمِلَ ببعضه نبينا صلى الله عليه وسلّم في زمنه أيضًا، وهو قولُه عند وفاته: «أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب». فلم يَقْبَلْ منهم الجِزْيَةَ في العرب، وإذا نَزَلَ عيسى عليه السَّلام لا يَقْبَلُهَا (¬1) منهم أينما كانوا. قوله: ({وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} وفي قراءة شاذَّةٍ قبل موتهم) وفي قراءة شاذَّةٍ قبل موتهم. واعْلَمْ أن القراءةَ الشاذَّةَ يكفي لها الصدقُ فقط. وإنما تُطْلَبُ النكات في القراءة المتواترة، لأن الفرقَ بين المتواترة والشاذَّة إنما يكون في الأمور اليسيرة، نحو: ¬

_ (¬1) يقولُ العبدُ الضعيفُ: وهذا خَطَرَ ببالي الآن: أن عيسى عليه الصلاة والسلام في أهل الكتاب كنبينا صلَّى الله عليه وسلَّم في العرب. فلمَّا لم يَقْبَل النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الجِزْيَةَ عن العرب لمكانه فيهم، كذلك لا يَقْبَلُها عيسى عليه الصلاة والسلام أيضًا ممَّن يكون فيهم مكان النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من العرب. أعني: أن الكُفْرَ يَعْظُمُ عند الله من قومٍ يَنْزِلُ فيهم نبيُّ الله، ولذا لم يَكُنْ في العرب إلَّا الإِسلام، أو السيف، حتى أنَّهم لا يسترقُّون أيضًا. فهذا هو حالُ المسيح عليه الصلاة والسلام في أهل الكتاب، فإنه إذا كان نَزَلَ فيهم، فلم يَقبَلُوه، وكَفَرُوا به، لا يَقْبَلُ منهم الجِزْيَةَ بعد نزوله، ولا يَبْقَى فيهم إلَّا الإِسلام، أو السيف. والله تعالى أعلم بالصواب.

الخِطَاب مكان الغيبة، أو أفراد الضمير مكان الجمع ونحوها. أمَّا الفَرْقَ بالمسائل فليس فى موضع منها، فإن القرآنَ نَزَلَ يُصَدِّقُ بعضُه بعضًا، فلفظُ القراءة الشاذَّة يكون تابعًا للقراءة المتواترة، ولذا لا يَحْتَاجُ إلى النكات. وحينئذٍ لا بَأْسَ إن كان المرادُ من الإيمان في الشاذَّة الإيمان بالغيب، فإن الطَّائفتين من أهل الكتاب تَنْتَظِرَان نزوله عليه الصلاة والسلام، فَصَحَّ إيمانُهما به، بمعنى الإِيمان بالغيب، لا بمعنى العِبْرَةِ بِهما. 3449 - قوله: (كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ، وإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ)، والواو فيه حاليةٌ. والمُتَبَادَرُ منه الإِمام المهدي، فَسُمِّي إمامًا، وعيسى عليه السلام حكمًا وعَدْلًا. وحاصله: أنتم كيف تكونون حين يَنْزِلُ فيكم ابن مريم، وهو يكونُ فيكم حكمًا عَدْلًا. أمَّا الإِمامُ، فإنه لا يكونُ هو، ولكنه يكون أحدٌ غيره، ويكون ذلك الإِمامُ منكم، لا من بني إسرائيل. بخلاف عيسى عليه الصلاة والسلام. وقد اخْتَلَطَ فيه (¬1) بعضُ الرواة عند مسلم، ¬

_ (¬1) يقولُ العبدُ الضعيفُ: وقد بَسَطَهُ الشيخُ في موضعٍ آخرَ، ومهَّد له مقدمةً نافعةً، يَنْحَلُّ بها كثيرٌ من الإِشكالات في باب الحديث، فلنقرِّرها أولًا، ثم لنُعَرِّجُ إلى بيان ما كنا بصدده: فاعلم أن الرواة قد تكون عندهم أحاديث من بابٍ واحدٍ، وربَّما تكون متهافتةً متناقضةً بعضها ببعض، وذلك لأنهم قد لا يَبلُغُهُم الحديثَ بتمامه مثلًا، فَيَذكرون ما عندهم من قطعته، وكذا يَذْكُرُ الآخرُ قطعتَه الأخرى. وهكذا قد يَبلُغ أحدًا منهم لفظٌ، وآخرَ لفظٌ آخرٌ، ثُمَّ لا يكون لرواتها خبرٌ بما عند الآخر، فيأتي كلٍّ منهم بما عنده من الحديث، ولا يكون له بحثٌ عَما عند الآخر، فَيَتَنَاقَضُ الحديثُ الواحدُ لا محالة. فإذا جاء أحدٌ من العلماء بعدهم، ورأى الحديثين جميعًا، وَوَجَدَ أنهما يختلفان، ويتناقضان، وَجَبَ عليه أن يَطلُبَ لهما وجهًا، فإذا أَخرَجَ له وجهًا رأيته ربَّما يَلْتَئِم بألفاظ الحديثين، وربَّما يُخَالِفُهما. والسِّرُّ فيه: أن هذا التأويلَ لا يكون من جهة الرواة، بل قد لا يَخطُرُ ببالهم أيضًا، وإنما يكون من ثالثٍ. فإذا لم يَكُنْ ذلك منهم، لم يَجِبْ عليهم مراعاته في الألفاظ أيضًا، فيأتي كلٍّ منهم بلفظٍ يُوَافِقُ ما عنده من المعنى. فإذا جاء محدِّثٌ متأخِّرٌ منهما، وابتغى للتوفيق صورةً من عنده، فقد تبقى منافرةُ الألفاظ والرِّكَّةُ، وعدمُ الملاءمة بحاله. ويشتدُّ ذلك على بعضهم، فيظنُّ كأنَّ هذا التأويلَ من جهة الرواة، وكأنَّهم أرادوا بذلك دفع التعارض بينهما من قِبَلِهم. وهذا خلافُ الواقع، فإنهم لا يَأْتُونَ إلَّا بما عندهم من الألفاظ، ولا تكون من نيَّتهم التوفيقُ أصلًا. كيف وليس عندهم تعارضٌ، وإنما يَحْدُثُ التعارضُ عند المتأخِّر نظرًا إلى ألفاظ الحديثين. فحالُ المتأخِّر في هذا التوفيق، كحال المؤرِّخ يجمع قطعات القصة من مواضع عديدة، ثم يركِّب بينها تركيبًا من عنده، مع أنه لا يكون ذلك المرتَّب عند أحدٍ منهم، وإنما تكون عندهم قطعات منه، ويركِّبها هو من عنده. فهكذا حال الأحاديث، جُمِعَت قطعات قطعات، فتكون قطعةٌ منه عند واحدٍ، وقطعةٌ أخرى عند آخر، وَيجْمَعُ بينهما المتأخِّر، فربَّما آتَتْ الألفاظ على وجه توفيقه، وربما تنافرت، ولا بدَّ منه. ومن أراد أن لا تبقى تلك المنافرةُ في موضع، فكأنَّه زَعَمَ أن هذا التطبيقَ كان من جهة الرواة، فأَوْجَبَ عليهم إخراج الألفاظ حسبه أيضًا، وهو باطلٌ قطعًا. فَدَع الرواةَ على ما عندهم من غلطٍ، أو صوابٍ، فإن الرواةَ قد يَغلَطُون أيضًا، وابتغ أنت سبيلًا للتوفيق من نفسك. فإنَّ الحديثَ لم يُجْمَعْ على شاكلة التصنيف مرتَّبًا مهذَّبًا، ولكنه كان منتشرًا، فقطعةٌ عند هذا، وقطعةٌ عند هذا. فإن لم تكن عندك إلَّا قطعة منه تَقنَعُ بها لا محالة، وإن بَلَغَتْ إليك قطعة أخرى تُنَاقِضها أيضًا، وَجَبَ على نفسك أن =

فَأَطْلَقَهُ على عيسى عليه الصلاة والسلام، فجعل اللفظ: «وأَمَّكُمْ مِنْكُم»، يعني أنه إن كان ¬

_ = توفِّق بينهما من عند نفسك، لا على أنه من الراوي. فليكن الراوي على الغلط، فإنه معذورٌ، لأنه لم تَبْلُغْه قطعةٌ أخرى. وأمَّا أنت، فقد بلغت إليك كلتاهما، فشأنُك بهما. ولنوضِّح ذلك بمثالٍ، وهو أنه رُوِي عن جابر: "أن أوَّلَ السُّوَرِ نزولًا: المدَّثر" ورُوِيَ عن عائشةَ: "أنه سورة اقرأ" وتصدَّى الحافظُ إلى الجمع بينهما، مع أنه إذا نَظَرَ إلى جميع ألفاظ جابر، فإنها لا تَرْتَبِطُ بما ذكره الحافظُ، وتحْدُثُ ركَّةٌ. فإن زعَمَ أحدٌ أن هذا التوفيقَ عن جابر نفسه، فهو غلطٌ فاحشٌ، فإنه ليس في ذهنه إلَّا كون "المدَّثر" أول السُّورَ، وهذا الذي أدَّاه في روايته، وليس في ذهنه خطورٌ بتقدم "اقرأ" ليجب عليه إخراج الألفاظ التي تُلاَئِمُهُ أيضًا. ولكنه من الحافظ، فإنه لمَّا وَجَدَ الحديثين جميعًا، وَجَبَ عليه التوفيق بينهما، فهذا هو وجهُ بقاء المنافرة بين الألفاظ، وتوجيه المتأخِّر. وهكذا من رَوَى لك: أن قَيصَرًا إذا هَلَكَ، فلا قَيْصَر بعده، فليس في ذهنه إلَّا هلاك سلطنته رأسًا. كما: هَلَكَت سلطنة كسرى، فلا كسرى بعده. فلا يأتي إلَّا بألفاظ تَدُلُّ على هذا المعنى، فإذا صَحَّ عندنا من وجه آخرَ أنه يكون ذات قرون، وأن مُلْكَه يبقى شيئًا، وأن تتكسَّر شوْكَتُهُ، وَجَبَ علينا التوفيق مِنَّا. فإن كان ذلك التوفيقُ يُوجِبُ تخصيصًا، أو تقيدًا في قوله: لا قَيصَرَ بعده، فلا بُعْدَ فيه، فإنه واجبٌ عندنا لأجل حديثٍ صَحَّ عندنا. وأمَّا عند الراوي، فلعلَّه لم يَكُنْ في ذهنه إلَّا أن قَيصَرَ لا يبقى ملكه أصلًا، فلا يأتي إلَّا بألفاظٍ كذلك. فتلك الرِّكَّةُ حيثما كانت، إنما تكون بسبب ما قُلْنَاه. حينئذٍ لم يَبْقَ فيها ريبٌ وقلقٌ، وقد فصَّلْناه من قبل. إذا عَلِمْتَ هذا، فاعلم أن الرواةَ اختلفوا في بيان إمامة عيسى عليه الصلاة والسلام بعد اتفاقهم على نزوله، فعند مسلم: "لَيَنْزِلَنَّ ابن مريم حَكَمًا عَدْلًا"، وفي لفظٍ: "كيف أنتم إذا نَزَلَ ابنُ مريم فيكم، وإمامُكم منكم"، ولا مغلطة فيه، ولا مغالطة. وهكذا الحالُ إلى ثلاثة تابعين عن أبي هريرة: الزهري، وعطاء بن مِينَاء، ومولى أبي قتادة، كلُّهم رَوَوْا عن أبي هريرة، إمَّا على اللفظ الأول، أو على اللفظ الثاني. ثم جَاءَ أحدٌ من تَبَع التابعين، فاختلف فيه، فَرَوَاهُ: كيف أنتم إذا نَزَلَ ابن مريم فيكم، فأمَّكم". وجاء آخر، وقال: "فأمَّكم مِنْكُم". فَأَوْرَثَ نَبْوًا، فإن حرف "من" ليس صلةً للإِمامة، فاحتاج إلى التأويل. فذكره بعضُهم هكذا: قال ابن أبي ذئب: "تَدْرِى ما أمَّكم منكم؟ قلت: تُخْبِرُني، قالَ: فأمَّكم بكتاب ربكم عزَّ وجلَّ، وسُنَّةِ نبيِّكم صلَّى الله عليه وسلَّم". اهـ. فهذه الألفاظُ كلُّها عند مسلم، واختَلَفَ فيه الرواة، كما رَأَيتَ، وأصلُ اللفظ: "وإمامُكم منكم"، كما عند البخاريِّ. وكما عند ابن ماجة: "وإمامهم رجلٌ صالحٌ"، والبواقي أوهامٌ، اختلط عليهم حديثٌ آخر عن أبي هريرة، عند مسلم، يرويه تابعيٌّ رابعٌ: سُهَيْل، عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا: "لا تقوم الساعة حتى تَنْزِلَ الرُّومُ بالأعماق، أو بِدَابق"، ودَابِق: قيل: موضعٌ بقربِ خَيْبَرَ، فذكر الحديث، إلى أن قال: "إذا أقِيمَتِ الصلاةُ، فَيَنْزِلُ عيسى ابنُ مريم صلى الله عليه وسلم، فَأَمَّهُمْ". اهـ. والمرادُ من الإِمامة ههنا: إمامةُ الصلاة، وكان المرادُ في قوله: "وإمامُكم منكم": الإِمامةُ الكبرى، فنقلها إلى الحديث الأوَّل عن أبي هريرة، فقال فيه: "فأمَّكم" -على صيغة الماضي- كما عَلِمْتَ من لفظ مسلم. فلمَّا أحسَّ فيه خَلَلًا في المعنى، أضاف من جانبه "منكم" أيضًا. ثم احتاج إلى بيان المعنى، كما مرَّ عن ابن أبي ذِئْب: أن المرادَ من الإِمامة في الحديث الأوَّل الإمامة الكبرى، ومِصدَاقُهُ المهدي، أي يَنْزِلُ ابنُ مريم فيكم حَكَمًا عَدْلًا في زمانٍ يكون فيه إمامكم المهدي. وقد بيَّن هذا المعنى حديثُ ابن ماجه مفصَّلًا، وإسنادُه قويٌّ. ثم اعلم أن الإِمامَ في أول صلاةٍ بعد نزوله عليه الصلاة والسلام يكون هو المهدي، وأمَّا في سائرها، فيكون هو ابنُ مريم صلَّى الله عليه وسلَّم. وهذا التطبيقُ من نفسي، لا أن الرواة رَاعَوْهُ. فإن أبا سُهَيل لم يُرِدْ بقوله: "فأمَّهم" -عند مسلم- إلَّا إمامته في تلك الصلاة. وهذا لفظه: "فبينما هم يُعِدُّون للقتال، يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ، إذا أُقيمَتِ الصلاةُ، فَيَنْزِلُ عيسى ابنُ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَّهُمْ اهـ. =

52 - باب ما ذكر عن بنى إسرائيل

من بني إسرائيل، لكنه يكونُ تابعًا لشرعكم. والراجح عندي لفظُ البخاريَّ، أي: «وإمامكم منكم»، بالجملة الاسمية. والمرادُ منه الإِمام المهديّ، لِمَا عند ابن ماجه: بإِسنادٍ قويَ: «يا رسول الله، فأين العربُ يومئذٍ؟ قال: هم يَوْمَئذٍ قليلٌ ببيت المَقْدِس، وإمامهم رَجُلٌ صالحٌ، فبينما إمامُهم قد تقدَّم يُصَلِّي بهم الصبح، إذ نَزَلَ عليهم عيسى ابن مريم الصبحَ، فَرَجَعَ ذلك الإِمامُ يَنْكُصُ يمشي القَهْقَرَى، ليقدِّمَ عيسى عليه السلام يُصَلِّي» ... إلخ. فهذا صريحٌ في أن مِصْدَاقَ الإمام في الأحاديث هو الإِمامُ المهدي دون عيسى عليه الصلاة والسلام نفسه، فلا يُبَالي فيه باختلاف الرواة بعد صراحة الأحاديث. وبأيِّ حديثٍ بعده يُؤْمِنُون، فهذا هو أصلُ اللفظ. ومن قال: «أَمَّكُم منكم» أو: «أَمَّكُم بكتاب الله». فكلُّ ذلك من تصرُّفاتهم، وأوهامهم، لأن الحديثَ إذا اخْتَلَفَتْ ألفاظُه عن صحابيَ، فالطريقُ العدولُ عنه إلى حديث صحابيَ آخَرَ إن كان عنده ذلك الحديث، فإنه يَنْفَصِلُ به الأمر على الأغلب. بقيَ الكلامُ في إمامة الصلاة، فالإِمامُ في أوَّل صلاةٍ بعد نزول المسيح عليه السلام يكون هو المهديُّ عليه السلام، لأنها كانت أُقِيمَتْ له، ثم بعدها يُصَلِّي بهم المسيح عليه السلام. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 52 - باب مَا ذُكِرَ عَنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ 3450 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ قَالَ قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو لِحُذَيْفَةَ أَلاَ تُحَدِّثُنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ ¬

_ = وظاهرُه أنه يَؤُمُّ في تلك الصلاة، وإنما حَمَلْنَاه على غير تلك الصلاة نحن من عندنا، لِمَا ثَبَتَ عندنا إمامة المهدي في الصلاة الأُولَى، كما رواه مسلم. فَحَمْلُه على الراوي خلاف الواقع، فدعِ الراوي على ما عنده من الغلط، ولا تَحْمِلْ كلامَه على ما هو الحقُ عندك، فإنه بطالةٌ. وجملةُ الكلام إن قوله: "أمَّكم"، أو: "أمَّكم منكم"، مضمونٌ آخر، وقوله: "وإمامُكم منكم"، مضمونٌ آخر، وهما عند أبي هُرَيْرَةَ. وموجبُ الأوَّل: إمامةُ الصلاة، وموجبُ الثاني: الإِمامةُ الكبرى. ثم ما التطبيقُ بينهما في ذهن أبي هُرَيْرَةَ؟ فذلك أمرٌ يَعْلَمُهُ الله تعالى، وإنما التطبيقُ المذكورُ من عند أنفسنا. أمَّا كونُ الإِمام في أوَّل الصلاة هو المهدي، فذلك منصوصٌ في الحديث عند مسلم. وأمَّا كون عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام إمامًا في سائر الصلوات بعدها، فذلك ذوقي، ومن حكم الوجدان فافهم، وارجع البصر كرَّةً بعد كرَّةٍ، وراجع ألفاظَ الحديث من مسلم، وإن نقلناها أيضًا، ثم أَمْعِن النظرَ فيه، ثم امْكُثْ قدر فُوَاق ناقة، ثم انصف تَجِدْ علمًا، كالعيان. وقد بالغنا في شرحه، وبسطه، لأن لعين القاديان قد زَعَمَ أن له فيه نصيبًا، وما له من نصيبٍ، عليه اللعنُ ألف ألف مرَّة، عند طرفة كل عينٍ، وتنفُّس كل نفسٍ.

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ إِنِّى سَمِعْتُهُ يَقُولُ «إِنَّ مَعَ الدَّجَّالِ إِذَا خَرَجَ مَاءً وَنَارًا، فَأَمَّا الَّذِى يَرَى النَّاسُ أَنَّهَا النَّارُ فَمَاءٌ بَارِدٌ، وَأَمَّا الَّذِى يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ فَنَارٌ تُحْرِقُ، فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ فَلْيَقَعْ فِى الَّذِى يَرَى أَنَّهَا نَارٌ، فَإِنَّهُ عَذْبٌ بَارِدٌ». طرفه 7130 - تحفة 9981، 3309 3451 - قَالَ حُذَيْفَةُ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ «إِنَّ رَجُلاً كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَتَاهُ الْمَلَكُ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ فَقِيلَ لَهُ هَلْ عَمِلْتَ مِنْ خَيْرٍ قَالَ مَا أَعْلَمُ، قِيلَ لَهُ انْظُرْ. قَالَ مَا أَعْلَمُ شَيْئًا غَيْرَ أَنِّى كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ فِى الدُّنْيَا وَأُجَازِيهِمْ، فَأُنْظِرُ الْمُوسِرَ، وَأَتَجَاوَزُ عَنِ الْمُعْسِرِ. فَأَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ». أطرافه 2077، 2391 - تحفة 3310، 9983 3452 - فَقَالَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ «إِنَّ رَجُلاً حَضَرَهُ الْمَوْتُ، فَلَمَّا يَئِسَ مِنَ الْحَيَاةِ أَوْصَى أَهْلَهُ إِذَا أَنَا مُتُّ فَاجْمَعُوا لِى حَطَبًا كَثِيرًا وَأَوْقِدُوا فِيهِ نَارًا حَتَّى إِذَا أَكَلَتْ لَحْمِى، وَخَلَصَتْ إِلَى عَظْمِى، فَامْتَحَشْتُ، فَخُذُوهَا فَاطْحَنُوهَا، ثُمَّ انْظُرُوا يَوْمًا رَاحًا فَاذْرُوهُ فِى الْيَمِّ. فَفَعَلُوا، فَجَمَعَهُ فَقَالَ لَهُ لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ قَالَ مِنْ خَشْيَتِكَ. فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ». قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو، وَأَنَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ ذَاكَ، وَكَانَ نَبَّاشًا. طرفاه 3479، 6480 تحفة 3312، 9984 - 206/ 4 3453 و 3454 - حَدَّثَنِى بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنِى مَعْمَرٌ وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَائِشَةَ وَابْنَ عَبَّاسٍ رضى الله عنهم قَالاَ لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهْوَ كَذَلِكَ «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا. حديث 3453 أطرافه 435، 1330، 1390، 4441، 4443، 5815 - تحفة 16310 حديث 3454 أطرافه 436، 4444، 5816 - تحفة 5842 3455 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ قَالَ قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ خَمْسَ سِنِينَ، فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِىٌّ خَلَفَهُ نَبِىٌّ، وَإِنَّهُ لاَ نَبِىَّ بَعْدِى، وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ. قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ، أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ». تحفة 13417 3456 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ». قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ «فَمَنْ». طرفه 7320 - تحفة 4171 3457 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ

عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ ذَكَرُوا النَّارَ وَالنَّاقُوسَ، فَذَكَرُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، فَأُمِرَ بِلاَلٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ. أطرافه 603، 605، 606، 607 - تحفة 943 3458 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها كَانَتْ تَكْرَهُ أَنْ يَجْعَلَ {الْمُصَلِّى} يَدَهُ فِى خَاصِرَتِهِ وَتَقُولُ إِنَّ الْيَهُودَ تَفْعَلُهُ. تَابَعَهُ شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ. تحفة 17647 - 207/ 4 3459 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا أَجَلُكُمْ فِى أَجَلِ مَنْ خَلاَ مِنَ الأُمَمِ مَا بَيْنَ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، وَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَرَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالاً فَقَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِى إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ فَعَمِلَتِ الْيَهُودُ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ قَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِى مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ فَعَمِلَتِ النَّصَارَى مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ، عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ قَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِى مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ أَلاَ فَأَنْتُمُ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، أَلاَ لَكُمُ الأَجْرُ مَرَّتَيْنِ، فَغَضِبَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلاً وَأَقَلُّ عَطَاءً، قَالَ اللَّهُ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا قَالُوا لاَ. قَالَ فَإِنَّهُ فَضْلِى أُعْطِيهِ مَنْ شِئْتُ». أطرافه 557، 2268، 2269، 5021، 7467، 7533 - تحفة 8304 3460 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَاتَلَ اللَّهُ فُلاَنًا، أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَجَمَّلُوهَا فَبَاعُوهَا». تَابَعَهُ جَابِرٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2223 - تحفة 10501 3461 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِى كَبْشَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَلِّغُوا عَنِّى وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». تحفة 8968 3462 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لاَ يَصْبُغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ». طرفه 5899 - تحفة 15190 3463 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِى حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِى هَذَا الْمَسْجِدِ، وَمَا نَسِينَا مُنْذُ حَدَّثَنَا، وَمَا نَخْشَى أَنْ يَكُونَ جُنْدُبٌ

كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ، فَجَزِعَ فَأَخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ بِهَا يَدَهُ، فَمَا رَقَأَ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى بَادَرَنِى عَبْدِى بِنَفْسِهِ، حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ». طرفه 1364 - تحفة 3254 - 208/ 4 2352 - قوله: (وكان نَبَّاشًا)، قد ذكر الراوي في الصدر قصتين، ثم قال في الأخرى: «كان نَبَّاشًا»، فَيُوهِمُ أنه وصفٌ لهما، مع أنه وصفٌ لمن ذُكِرَ في القصة الثانية. ومن ألفاظه: «لَئِنْ قَدَرَ الله عليّ ... » إلخ، قيل: إن هذا يُؤْذِنُ بتردُّده في قدرته تعالى، وهو كفرٌ. قلتُ: لفظه هذا يحتمل معنيين: الأول: ما قلتَ، وهو كفرٌ، كما قلتَ. والثاني: أنه لا شكَّ له في نفس القدرة (1)، ولكنه في إجرائها، أي إنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى، وإن كان قادرًا، لكنه إن تَرَكَني على هذا الحال ولم يَجْمَعْني، فقد تمَّت حيلتي، وأنقذتُ نفسي، وإن لم يَتْرُكْني حتَّى جَمَعَني ونفذت قدرته، فإنه يعذِّبني ... إلخ. وهذا معنى لا غائلة فيه. وليس فيه ما يُوجِبُ الكفرَ أصلًا. ومن قال: لعلَّ التردُّدَ في القدرة لم يَكُنْ كفرًا في دينه، بخلاف شرعنا. فجعل الخلافَ خلاف المسألة، فهو كما تَرَىَ، وترجمته عندي هكذا: يعني: "اكرميرا بهاند كاركر هو كياتو فبها ونعمت اوراكر قدرت ...... اورقدرت جلاهى لى تو ... " إلخ. وراجع التفصيلَ من رسالتي «إكفار الملحدين». ثم اعلم أن الرواةَ قد اختلطوا في تعيين هذا الرَّجُل، فلم يَثْبُتُوا على أمرٍ، فقالوا مرَّةً: «إنه كان نَبَّاشًا». وأخرى: «أنه رجلٌ آخر يَخْرُجُ من جهنم». والصواب: «أنه رجلٌ من بني إسرائيل»، والباقيةُ كلُّها أوهامٌ. 3455 - قوله: (أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فإنَّ اللَّهَ تعالى سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُم)، وهذا من دَأْب الشريعة: أن أمرًا إذا انتظم من جماعةٍ يُوصِي كلاًّ منهم ما نَاسَبَهُ، فقال في الأمير الجائر قولًا شديدًا: فإنه نَصَبَه للعدل، وإزالة الجَوْرِ، وأمر الرعايا بإِطاعته في كلِّ حرَ وبَرْدٍ. وسنقرِّره في النكاح إن شاء الله تعالى. 3458 - قوله: (كَانَتْ تَكْرَهُ أنْ يَجْعَلَ يَدَهُ في خَاصِرَتِهِ) واعلم أنه مكروهٌ تحريمًا في الصلاة. وقبيحٌ خارج الصلاة أيضًا. وعند الترمذيِّ: «أن الشيطان إذا أُخْرِجَ كان على تلك الهيئة».

53 - باب حديث أبرص وأعمى وأقرع فى بني إسرائيل

3461 - قوله: (حَدِّثُوا عَنْ بَني إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ (¬1)) والحالُ فيه مختلفٌ، فإن ما يُنْقَلُ عنهم إن صَحَّ ووافق شرعَنا نصدِّقه ونعمل به أيضًا. وإن صَحَّ، ولكن لم يُوَافِقْه شرعُنا نصدِّق به، ولا نعمل به، ونحمله على النسخ، أو التحريف. وإن لم يَصِحَّ، أو لم يَنْكَشِفْ أصلُه، فإذن لا نصدِّقه ولا نكذِّبه، ونؤمن إجمالًا بما هو الحقُّ عند الله العظيم. وهذا هو السبيلُ عندي في المسائل المختلف فيها بين الأئمة، فَنُؤْمِنُ بها إجمالًا على ما هي حقيقتها عند الله تعالى. وهو المنقولُ عن أبي مُطِيع البَلْخِي في الفقه الأكبر في نحو تلك المسائل. ولَعَمْرِي هو مَخْلَصٌ حَسَنٌ. 3460 - قوله: (قَاتَلَ اللَّهُ فُلاَنًا) ... إلخ، وقد كان هذا الرجلُ أخذ قيمةَ الخمر من كتابيَ في الجِزْيَةِ، وأتى به إلى بيت المال في عهد عمر. وفي طُرُقهِ: «لِمَ لم يُوَكِّلْ عليها كافرًا يَبِيعُهَا (¬2)، فيأخذ ثمنها منه، فَدَلَّ على مسألة الحنفية: أن مسلمًا لو وَكَّل كافرًا ببيع الخمر، طَابَ له الثمن. 3463 - قوله: (بَادَرَني عَبْدِي) يعني أن الموتَ كان آتِيهِ لا محالة، ولكنه بادرني. 53 - باب حَدِيثُ أَبْرَصَ وَأَعْمَى وَأَقْرَعَ فِى بَنِي إِسْرَائِيلَ 3464 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا ¬

_ (¬1) في "المعتصر من المختصر من مشكل الآثار": أي لا حَرَجَ في ترك الحديث عنهم، فَأَبَاحَ الحديثَ ليعلم ما كان فيهم من العجائب، لأن الأنبياءَ كانت تَسُوسُهم، كلَّما مات نبيٌّ قام نبيٌّ ليتَّعِظُوا. ورَفْعُ الحرج عنهم في تركه بخلاف التحدُّث عنه صلى الله عليه وسلم، لأنهم مأمورون بالتبليغ عنه، فلهذا قال: "بلِّغُوا عنِّي، ولو آية". فَذُقْ، فإنه لطيفٌ جدًا، واعْتَنَيْتُ بكلماته من هذا الكتاب، ما لم أَعْتَنِ بغيره، لكونها بلغت نهاية الدِّقَّة. ولَعَمْرِي قد أتى في الأبواب كلِّها على غرائب بِوَجَازةٍ لم أرَ غيره أتى بمثله. كيف لا! وهو إمامٌ في الحديث، قلَّما سَمَحَ الزمانُ بمثله. وكانت عندي نسخة "مشكل الآثار" أيضًا، ولم أَضَنَّ بنقولها أيضًا، لكن الأسف أنها كانت مُنْخَرِمَةً، لم يُطْبَعْ منها المجلد الخامس، فكافأتها بنقولٍ من "المعتصر". ولقد أَجَادَ القاضي في تلخيصه، فبرَّد الله مضجعه، مع أنه قد رتَّب كتابه على الأبواب الفقهية، فصار كأنه الماء العذب. وأمَّا "مشكل الآثار"، فلا ترتيبَ فيه، ولا تَجِدْ فيه حديثًا إلَّا بعد عناءٍ تامٍّ، وقد قاسيته إرفادًا للعلماء والفضلاء، وطمعًا في دعوةٍ صالحةٍ تَلحَقُنِي في حياتي، وبعد مماتي. (¬2) قلت: وأخرجه الحافظ في "البيوع - من باب: لا يذاب شحم الميتة، ولا يباع ودكه" قال ابن الجوزي، والقرطبي، وغيرهما: اختلف في كيفية بيع سمرة للخمر، فقد أخرج مسلم في قصة: أن سمرة باع خمرًا، فقال: قاتل الله سمرة، على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه أخذها من أهل الكتاب عن قيمة الجزية، فباعها منهم، معتقدًا جواز ذلك، وهذا حكاه ابن الجوزي عن ابن باصر، ورجحه، وقال: كان ينبغي أن يوليهم بيعها، فلا يدخل في محظور، وإن أخذ ثمنها منهم بعد ذلك، لأنه لم يتعاط محرمًا، ويكون شبيهًا بقصة بريرة، حيث قال: هو عليها صدقة، ولنا هدية، ثم ذكر احتمالين آخرين، ثم قال: قال القرطبي تبعًا لابن الجوزي، والأشبه الأول، اهـ مختصرًا: (4/ 272) "فتح الباري".

إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى عَمْرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ح وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى عَمْرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ ثَلاَثَةً فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى بَدَا لِلَّهِ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا، فَأَتَى الأَبْرَصَ. فَقَالَ أَىُّ شَىْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ لَوْنٌ حَسَنٌ وَجِلْدٌ حَسَنٌ، قَدْ قَذِرَنِى النَّاسُ. قَالَ فَمَسَحَهُ، فَذَهَبَ عَنْهُ، فَأُعْطِىَ لَوْنًا حَسَنًا وَجِلْدًا حَسَنًا. فَقَالَ أَىُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ الإِبِلُ - أَوْ قَالَ الْبَقَرُ هُوَ شَكَّ فِى ذَلِكَ، إِنَّ الأَبْرَصَ وَالأَقْرَعَ، قَالَ أَحَدُهُمَا الإِبِلُ، وَقَالَ الآخَرُ الْبَقَرُ - فَأُعْطِىَ نَاقَةً عُشَرَاءَ. فَقَالَ يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا. وَأَتَى الأَقْرَعَ فَقَالَ أَىُّ شَىْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ شَعَرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّى هَذَا، قَدْ قَذِرَنِى النَّاسُ. قَالَ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ، وَأُعْطِىَ شَعَرًا حَسَنًا. قَالَ فَأَىُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ الْبَقَرُ. قَالَ فَأَعْطَاهُ بَقَرَةً حَامِلاً، وَقَالَ يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا. وَأَتَى الأَعْمَى فَقَالَ أَىُّ شَىْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ يَرُدُّ اللَّهُ إِلَىَّ بَصَرِى، فَأُبْصِرُ بِهِ النَّاسَ. قَالَ فَمَسَحَهُ، فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ. قَالَ فَأَىُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ الْغَنَمُ. فَأَعْطَاهُ شَاةً وَالِدًا، فَأُنْتِجَ هَذَانِ، وَوَلَّدَ هَذَا، فَكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنْ إِبِلٍ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ بَقَرٍ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الْغَنَمِ. ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الأَبْرَصَ فِى صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ، تَقَطَّعَتْ بِىَ الْحِبَالُ فِى سَفَرِى، فَلاَ بَلاَغَ الْيَوْمَ إِلاَّ بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِى أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ وَالْمَالَ بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ عَلَيْهِ فِى سَفَرِى. فَقَالَ لَهُ إِنَّ الْحُقُوقَ كَثِيرَةٌ. فَقَالَ لَهُ كَأَنِّى أَعْرِفُكَ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ فَقِيرًا فَأَعْطَاكَ اللَّهُ فَقَالَ لَقَدْ وَرِثْتُ لِكَابِرٍ عَنْ كَابِرٍ. فَقَالَ إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ، وَأَتَى الأَقْرَعَ فِى صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا، فَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَيْهِ هَذَا فَقَالَ إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ. وَأَتَى الأَعْمَى فِى صُورَتِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ وَتَقَطَّعَتْ بِىَ الْحِبَالُ فِى سَفَرِى، فَلاَ بَلاَغَ الْيَوْمَ إِلاَّ بِاللَّهِ، ثُمَّ بِكَ أَسْأَلُكَ بِالَّذِى رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِى سَفَرِى. فَقَالَ قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ بَصَرِى، وَفَقِيرًا فَقَدْ أَغْنَانِى، فَخُذْ مَا شِئْتَ، فَوَاللَّهِ لاَ أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ بِشَىْءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ. فَقَالَ أَمْسِكْ مَالَكَ، فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ، فَقَدْ رَضِىَ اللَّهُ عَنْكَ وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ». طرفه 6653 - تحفة 13602 - 209/ 4 3464 - قوله: (فَأُنْتِجَ هَذَانِ، وَوَلْدَ هَذَا)، وهذا في لغة العرب، فإنهم يَسْتَعْمِلُون لفظَ الإِنتاج في بعض الحيوانات، والتوليد في بعضٍ. 3464 - قوله: (فَوَاللَّهِ لا أَحْمَدُكَ اليَوْمَ لشيء أَخَذْتَهُ لِلَّهِ) يعني لو أخذت منه شيئًا قليلًا لا أَحْمَدُكَ عليه.

54 - باب: {أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم} [الكهف: 9]

54 - باب: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ} [الكهف: 9] الكَهْفُ: الفَتْحُ فِي الجَبَلِ، وَالرَّقِيمُ: الكِتَابُ. {مَّرْقُومٌ} [المطففين: 9] مَكْتُوبٌ، مِنَ الرَّقْمِ. {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ} [الكهف: 14] أَلهَمْنَاهُمْ صَبْرًا. {شَطَطًا} [الكهف: 14] إِفرَاطًا. الوَصِيدُ: الفِنَاءُ، وَجَمْعُهُ وَصَائِدُ وَوُصُدٌ، وَيُقَالُ: الوَصِيدُ البَابُ، {مُّؤْصَدَةٌ} [البلد: 20] مُطْبَقَةٌ، آصَدَ البَابَ وَأَوْصَدَ. {بَعَثْنَاهُمْ} [الكهف: 19] أَحْيَينَاهُمْ. {أَزْكَى} [الكهف: 19] أَكْثَرُ رَيعًا. فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى آذَانِهِمْ فَنامُوا {رَجْمًا بِالْغَيْبِ} [الكهف: 22] لَمْ يَسْتَبِنْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَّقْرِضُهُمْ} [الكهف: 17] تَتَرُكُهُمْ. 55 - باب حَدِيثُ الْغَارِ 3465 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا ثَلاَثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يَمْشُونَ إِذْ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ، فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ، فَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إِنَّهُ وَاللَّهِ يَا هَؤُلاَءِ لاَ يُنْجِيكُمْ إِلاَّ الصِّدْقُ، فَلْيَدْعُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ فِيهِ. فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِى أَجِيرٌ عَمِلَ لِى عَلَى فَرَقٍ مِنْ أَرُزٍّ، فَذَهَبَ وَتَرَكَهُ، وَأَنِّى عَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الْفَرَقِ فَزَرَعْتُهُ، فَصَارَ مِنْ أَمْرِهِ أَنِّى اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا، وَأَنَّهُ أَتَانِى يَطْلُبُ أَجْرَهُ فَقُلْتُ اعْمِدْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ. فَسُقْهَا، فَقَالَ لِى إِنَّمَا لِى عِنْدَكَ فَرَقٌ مِنْ أَرُزٍّ. فَقُلْتُ لَهُ اعْمِدْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ فَإِنَّهَا مِنْ ذَلِكَ الْفَرَقِ، فَسَاقَهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ، فَفَرِّجْ عَنَّا. فَانْسَاحَتْ عَنْهُمُ الصَّخْرَةُ. فَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِى أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، فَكُنْتُ آتِيهِمَا كُلَّ لَيْلَةٍ بِلَبَنِ غَنَمٍ لِى، فَأَبْطَأْتُ عَلَيْهِمَا لَيْلَةً فَجِئْتُ وَقَدْ رَقَدَا وَأَهْلِى وَعِيَالِى يَتَضَاغَوْنَ مِنَ الْجُوعِ، فَكُنْتُ لاَ أَسْقِيهِمْ حَتَّى يَشْرَبَ أَبَوَاىَ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَكَرِهْتُ أَنْ أَدَعَهُمَا، فَيَسْتَكِنَّا لِشَرْبَتِهِمَا، فَلَمْ أَزَلْ أَنْتَظِرُ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ، فَفَرِّجْ عَنَّا. فَانْسَاحَتْ عَنْهُمُ الصَّخْرَةُ، حَتَّى نَظَرُوا إِلَى السَّمَاءِ. فَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِى ابْنَةُ عَمٍّ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ، وَأَنِّى رَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَأَبَتْ إِلاَّ أَنْ آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَطَلَبْتُهَا حَتَّى قَدَرْتُ، فَأَتَيْتُهَا بِهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهَا، فَأَمْكَنَتْنِى مِنْ نَفْسِهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا، فَقَالَتِ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلاَّ بِحَقِّهِ. فَقُمْتُ وَتَرَكْتُ الْمِائَةَ دِينَارٍ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا. فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَخَرَجُوا». أطرافه 2215، 2272، 2333، 5974 - تحفة 8066 - 210/ 4 وهذا البابُ ظاهرُه بين تضاعيف تلك الأبواب غريبٌ. فقيل: إن البابَ الأوَّلَ كان

في أصحاب الرقيم، وهذا كالتفسير له. والتحقيقُ (¬1): أن أصحابَ الرَّقِيمِ هم أصحاب الكهف، وإنما قيل لهم: أصحاب الرقيم (¬2)، لأن مَلِكًا كان رقَّم كتابًا، ووضعه هناك. ¬

_ (¬1) أخرج الحافظ برواية الطبراني، والبزار عن النعمان بن بشير بإسناد حسن أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم -، يذكر الرقيم، قال: انطلق ثلاثة، فكانوا في كهف، فوقع الجبل على باب الكهف، فأوصد عليهم، فذكر الحديث، اهـ. فدل على أن أصحاب الكهف، والرقيم، هم أصحاب الغار، كذا ذكره الحافظ: (6/ 325). (¬2) "الرقيم" بفتح أوله، وكسر ثانيه - وهو الذي جاء ذكره في القرآن، والرقم، والرقيم تفخيم الكتاب، ونقطه، وتبيين حروفه، وكتاب رقيم، أي مرقوم، فعيل بمعنى مفعول، قال الشاعر: سأرقم في الماء القراح إليكم ... على بعدكم، إن كان للماء راقم وبقرب البلقاء من أطراف الشام: موضع يقال له: الرقيم، يزعم بعضهم أن به أهل الكهف، والصحيح أنهم ببلاد الرُّوم، كما نَذكُرُهُ، وهذا الرَّقِيمُ أراد كثيرٌ بقوله: وكان يزيد بن عبد الملك يَنْزِلُهُ. وقد ذكرته الشعراء: أميرَ المؤمنين إليك نَهْوَى ... على البُخْتِ الصَّلاَدِم والعجوم إذا اتخذت وجوه القوم نسبًا ... أَجِيجَ الواهجاتِ من السموم فكم غادَرْنَ دونك من جهيض ... ومن نعل مطرحة جذيم يَزُرْنَ على تنائيه يزيدًا ... بأكنافِ الموقَّرِ، والرقيم تُهَنِّئُهُ الوفودُ إذا أَتَوهُ ... بنصر الله، والملك العظيم قال الفرَّاء في قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (9)} [الكهف: 9] قال: هو لوحُ رصاصٍ، كُتِبَتْ فيه أنسابُهم، وأسماؤهم، ودينُهم، ومِمَّا هَرَبُوا. وقيل: الرقيمُ: اسم القرية التي كانوا فيها. وقيل: إنه اسمُ الجبلِ الذي فيه الكهف. وروى عِكرِمة، عن ابن عبَّاس رضي الله عنه، قال: "ما أدري ما الرقيم، أكتابٌ، أم بنيانٌ". وروى غيره عن ابن عبَّاس: أصحابُ الرَّقيم سبعةٌ، وأسماؤهم: يمليخا، مكسلمينا، مشلينا، مرطونس، دبريوس، سرابيون، افستطيوس. واسم كلبهم: قمطير. واسم ملكهم: دقيانوس. واسم مدينتهم التي خَرَجُوا منها: أُفْسُوس، ورُستَاقُها الرَّسُّ. واسم الكهف: الرقيم. وكان فوقهم القِبْطي، دون الكردي، وقد قيل غير ذلك في أسمائهم. والكهفُ المذكورُ الذي فيه: {أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ} بين عَمُّورية ونيقِيَة، وبينه وبين طَرَسُوس عشرةُ أيامٍ، أو أحدَ عشرَ يومًا. وكان الواثقُ قد وجَّه محمد بن موسى المنجِّم إلى بلاد الرُّوم للنظر إلى أصحاب الكهف والرَّقِيم. قال: فَوَصَلْنَا إلى بدد الرُّوم، فإذا هو جبلٌ صغيرٌ، قَدْرُ أسفله أقلُّ من ألف ذراعٍ، وله سَرَبٌ من وجه الأرض، فَتَدْخُلُ السَّرَبَ، فَتمُرُّ في خَسْفِ من الأرض مقدار ثلاث مائة خطوةٌ، فيُخْرِجُكَ إلى رواقٍ في الجبل على أساطين منقورةٍ، وفيه عدَّةُ أبياتٍ، منها بيتٌ مرتفعٌ العَتَبَةِ مقدار قامة، عليها بابُ حجارةٍ فيه المَوْتَى، ورجلٌ موكلٌ بهم يَحْفظُهُمْ معه خَصِيَان. وإذا هو يُحِيدُنا عن أن نَرَاهُمْ ونفتشهم، وَيزعُمُ أنه لا يَأْمَنُ أن يُصِيبَ من التَمَسَ ذلك آفةٌ في بدنه، يريد التمويه، ليدومَ كَسبُهُ. فقلتُ: دَعْني أنظرُ إليهم، وأنت بريءٌ. فَصَعَدْتُ بمشقَّةٍ عظيمةٍ غليظةٍ مع غلام من غلماني، فَنَظَرْتُ إليهم، وإذا هم في مسوح شعرٍ تَتَفَتَّتُ في اليد، وإذا أجسادُهم مطليَّةٌ بالصَّبِرِ، والمُرَّ، والكَافُورِ لِيَحْفَظَهَا، وإذا جلودُهم لاصقةٌ بعظامهم. غير أنِّي أَمْرَرْتُ يدي على صدر أحدهم، فَوَجَدْتُ خشونةَ شعره، وقوةَ ثيابه ثم أحضرنا المتوكل بهم طعامًا، وسألنا أن نأكل منه، فلما أخذناه منه ذقناه، وقد أنكرته أنفسنا، وتهوعنا، وكأن الحبيب أراد قتلنا، أو قتل بعضنا، ليصح له ما كان يموه به عند الملك، أنه فعل بنا هذا الفعل أصحاب الرقيم، فقلنا له: إنا ظننا أنهم أحياء يشبهون الموتى، وليس هؤلاء كذلك، فتركناه وانصرفنا، قال غيرهم: إن بالبلقاء بأرض العرب من =

56 - باب

وقيل: لا حاجةَ إلى جعله تفسيرًا، بل هو بابٌ مستقلٌّ، وقصةٌ من قصص بني إسرائيل، ذكرها المصنِّفُ في جملة قصصهم. 56 - باب 3466 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بَيْنَمَا امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنَهَا إِذْ مَرَّ بِهَا رَاكِبٌ وَهْىَ تُرْضِعُهُ، فَقَالَتِ اللَّهُمَّ لاَ تُمِتِ ابْنِى حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ هَذَا. فَقَالَ اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْنِى مِثْلَهُ. ثُمَّ رَجَعَ فِى الثَّدْىِ، وَمُرَّ بِامْرَأَةٍ تُجَرَّرُ وَيُلْعَبُ بِهَا ¬

_ = نواحي دمشق موضعًا يزعمون أنه الكهف والرقيم، قرب عمان، وذكروا أن عمان هي مدينة دقيانوس، وقيل: هي في أقسس من بلاد الروم، قرب أبلستين، قيل: هي مدينة دقيانوس، وفي بر الأندلس موضع يقال له: جنان الورد، به الكهف والرقيم، وبه قوم موتى، لا يبلون، كما ذكر أهلها، وقيل: إن طليطلة هي مدينة دقيانوس، وذكر علي بن يحيى أنه لما قفل من غزاته، دخل ذلك الموضع فرآهم في مغارة يصعد إليها من الأرض، بسلم مقدار ثلاثمائة ذراع، قال: فرأيتهم ثلاثة عشر رجلًا، وفيهم غلام أمرد، عليهم جباب صوف، وأكسية صوف، وعليهم خفاف ونعال، فتناولت شعرات من جبهة أحدهم، فمددتها، فما منعني منها شيء، والصحيح أن أصحاب الكهف سبعة، وإنما الروم زادوا الباقي من عظماء أهل دينهم، وعالجوا أجسادهم بالصبر، وغيره على ما عرفوه. وروي عن عبادة بن الصامت، قال: بعثني أبو بكر الصديق رضي الله عنه سنة استخلف إلى ملك الروم، أدعوه إلى الإسلام أو آذنه بحرب، قال: فسرت حتى دخلت بلد الروم، فلما دنوت إلى قسطنطينية لاح لنا جبل أحمر، وقيل: إن فيه أصحاب الكهف والرقيم، ودفعنا فيه إلى دير، وسألنا أهل الدير عنهم، فأوقفونا على سرب في الجبل، فقلنا لهم: إنا نريد أن ننظر إليهم، فقالوا: أعطونا شيئًا، فوهبنا لهم دينارًا، فدخلوا، ودخلنا معهم في ذلك السرب، وكان عليه باب حديد، ففتحوه فانتهينا إلى بيت عظيم محفور في الجبل، فيه ثلاثة عشر رجلًا، مضطجعين على ظهورهم، كأنهم رقود، وعلى كل واحد منهم جبة غبراء، وكساء أغبر، قد غطوا بها رؤوسهم إلى أرجلهم، فلم ندر ما ثيابهم، أمن صوف، أو وبر، أم غير ذلك، إلا أنها كانت أصلب من الديباج، وإذا هي تقعقع من الصفاقة والجودة، ورأينا على أكثرهم خفافًا إلى أنصاف سوقهم، وبعضهم منتعلين بنعال مخصوفة، ولخفافهم ونعالهم من جودة الخرز، ولين الجلود ما لم ير مثله، فكشفنا عن وجوههم رجلًا بعد رجل، فإذا بهم من ظهور الدم، وصفاء الألوان، كأفضل ما يكون للأحياء، وإذا الشيب قد وخط بعضهم، وبعضهم شبان سود الشعور، وبعضهم موفورة شعورهم، وبعضهم مطمومة، وهم على زي المسلمين، فانتهينا إلى آخرهم، فإذا هو مضروب الوجه بالسيف، وكأنه في ذلك اليوم ضرب، فسألنا أولئك الذين أدخلونا إليهم عن حالهم، فأخبرونا أنهم يدخلون إليهم في كل يوم عيد لهم، يجتمع أهل تلك البلاد من سائر المدن، والقرى إلى باب هذا الكهف، فنقيمهم أيامًا من غير أن يمسهم أحد، فننفض جبابهم وأكسيتهم من التراب، ونقلم أظافيرهم، ونقص شواربهم، ثم نضجعهم بعد ذلك على هيئتهم التي ترونها، فسألناهم من هم، وما أمرهم، ومنذ كم هم بذلك المكان؟ فذكروا أنهم يجدون في كتبهم أنهم بمكانهم ذلك من قبل مبعث المسيح عليه السلام، بأربعمائة سنة، وأنهم كانوا أنبياء بعثوا في عصر واحد، وأنهم لا يعرفون من أمرهم شيئًا غير هذا. قال عبد الله الفقير إليه: هذا ما نقلته من كتب الثقات، والله أعلم بصحته، انتهى "معجم البلدان" لياقوت (4/ 274).

فَقَالَتِ اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلِ ابْنِى مِثْلَهَا. فَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِى مِثْلَهَا. فَقَالَ أَمَّا الرَّاكِبُ فَإِنَّهُ كَافِرٌ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ لَهَا تَزْنِى. وَتَقُولُ حَسْبِى اللَّهُ. وَيَقُولُونَ تَسْرِقُ. وَتَقُولُ حَسْبِى اللَّهُ». أطرافه 1206، 2482، 3436 - تحفة 13775 - 211/ 4 3467 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، إِذْ رَأَتْهُ بَغِىٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِى إِسْرَائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَسَقَتْهُ، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ». طرفه 3321 - تحفة 14413 3468 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِى سُفْيَانَ، عَامَ حَجَّ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعَرٍ وَكَانَتْ فِى يَدَىْ حَرَسِىٍّ فَقَالَ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذِهِ، وَيَقُولُ «إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَهَا نِسَاؤُهُمْ». أطرافه 3488، 5932، 5938 - تحفة 11407 3469 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّهُ قَدْ كَانَ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، وَإِنَّهُ إِنْ كَانَ فِى أُمَّتِى هَذِهِ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ». طرفه 3689 - تحفة 14954 3470 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الصِّدِّيقِ النَّاجِىِّ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَانَ فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ، فَأَتَى رَاهِبًا فَسَأَلَهُ، فَقَالَ لَهُ هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ لاَ. فَقَتَلَهُ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ ائْتِ قَرْيَةَ كَذَا وَكَذَا. فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَنَاءَ بِصَدْرِهِ نَحْوَهَا، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِى. وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِى. وَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا. فَوُجِدَ إِلَى هَذِهِ أَقْرَبُ بِشِبْرٍ، فَغُفِرَ لَهُ». تحفة 3973 - 212/ 4 3471 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ «بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً إِذْ رَكِبَهَا فَضَرَبَهَا فَقَالَتْ إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا، إِنَّمَا خُلِقْنَا لِلْحَرْثِ». فَقَالَ النَّاسُ سُبْحَانَ اللَّهِ بَقَرَةٌ تَكَلَّمُ. فَقَالَ «فَإِنِّى أُومِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - وَمَا هُمَا ثَمَّ - وَبَيْنَمَا رَجُلٌ فِى غَنَمِهِ إِذْ عَدَا الذِّئْبُ فَذَهَبَ مِنْهَا بِشَاةٍ، فَطَلَبَ حَتَّى كَأَنَّهُ اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ هَذَا اسْتَنْقَذْتَهَا مِنِّى فَمَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ،

يَوْمَ لاَ رَاعِىَ لَهَا غَيْرِى». فَقَالَ النَّاسُ سُبْحَانَ اللَّهِ ذِئْبٌ يَتَكَلَّمُ. قَالَ «فَإِنِّى أُومِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ». وَمَا هُمَا ثَمَّ. أطرافه 2324، 3663، 3690 - تحفة 14972 وَحَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِثْلِهِ. تحفة 14951 3472 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا لَهُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذِى اشْتَرَى الْعَقَارَ فِى عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ، فَقَالَ لَهُ الَّذِى اشْتَرَى الْعَقَارَ خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّى، إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرْضَ، وَلَمْ أَبْتَعْ مِنْكَ الذَّهَبَ. وَقَالَ الَّذِى لَهُ الأَرْضُ إِنَّمَا بِعْتُكَ الأَرْضَ وَمَا فِيهَا، فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ، فَقَالَ الَّذِى تَحَاكَمَا إِلَيْهِ أَلَكُمَا وَلَدٌ قَالَ أَحَدُهُمَا لِى غُلاَمٌ. وَقَالَ الآخَرُ لِى جَارِيَةٌ. قَالَ أَنْكِحُوا الْغُلاَمَ الْجَارِيَةَ، وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمَا مِنْهُ، وَتَصَدَّقَا». تحفة 14715 3473 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَعَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَسْأَلُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ مَاذَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الطَّاعُونِ فَقَالَ أُسَامَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الطَّاعُونُ رِجْسٌ أُرْسِلَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ». قَالَ أَبُو النَّضْرِ «لاَ يُخْرِجُكُمْ إِلاَّ فِرَارًا مِنْهُ». طرفاه 5728، 6974 - تحفة 92 - 213/ 4 3474 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِى الْفُرَاتِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الطَّاعُونِ، فَأَخْبَرَنِى «أَنَّهُ عَذَابٌ يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، وَأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ فَيَمْكُثُ فِى بَلَدِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يُصِيبُهُ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ». طرفاه 5734، 6619 - تحفة 17685 3475 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِى سَرَقَتْ، فَقَالَ وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَتَشْفَعُ فِى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ». ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَالَ «إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ

الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا». أطرافه 2648، 3732، 3733، 4304، 6787، 6788، 6800 - تحفة 16578 3476 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّزَّالَ بْنَ سَبْرَةَ الْهِلاَلِىَّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَجُلاً قَرَأَ، وَسَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ خِلاَفَهَا فَجِئْتُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ فَعَرَفْتُ فِى وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ وَقَالَ «كِلاَكُمَا مُحْسِنٌ، وَلاَ تَخْتَلِفُوا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا». طرفاه 2410، 5062 - تحفة 9591 3477 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَحْكِى نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، وَهْوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَيَقُولُ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِى فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ». طرفه 6929 - تحفة 9260 - 214/ 4 3478 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّ رَجُلاً كَانَ قَبْلَكُمْ رَغَسَهُ اللَّهُ مَالاً فَقَالَ لِبَنِيهِ لَمَّا حُضِرَ أَىَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ قَالُوا خَيْرَ أَبٍ. قَالَ فَإِنِّى لَمْ أَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، فَإِذَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِى ثُمَّ اسْحَقُونِى ثُمَّ ذَرُّونِى فِى يَوْمٍ عَاصِفٍ. فَفَعَلُوا، فَجَمَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ مَا حَمَلَكَ قَالَ مَخَافَتُكَ. فَتَلَقَّاهُ بِرَحْمَتِهِ». طرفاه 6481، 7508 - تحفة 4247 وَقَالَ مُعَاذٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَبْدِ الْغَافِرِ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 4247 3479 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ قَالَ قَالَ عُقْبَةُ لِحُذَيْفَةَ أَلاَ تُحَدِّثُنَا مَا سَمِعْتَ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ «إِنَّ رَجُلاً حَضَرَهُ الْمَوْتُ، لَمَّا أَيِسَ مِنَ الْحَيَاةِ، أَوْصَى أَهْلَهُ إِذَا مُتُّ فَاجْمَعُوا لِى حَطَبًا كَثِيرًا، ثُمَّ أَوْرُوا نَارًا حَتَّى إِذَا أَكَلَتْ لَحْمِى، وَخَلَصَتْ إِلَى عَظْمِى، فَخُذُوهَا فَاطْحَنُوهَا، فَذَرُّونِى فِى الْيَمِّ فِى يَوْمٍ حَارٍّ أَوْ رَاحٍ. فَجَمَعَهُ اللَّهُ، فَقَالَ لِمَ فَعَلْتَ قَالَ خَشْيَتَكَ. فَغَفَرَ لَهُ». قَالَ عُقْبَةُ وَأَنَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ. حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ «فِى يَوْمٍ رَاحٍ». طرفاه 3452، 6480 - تحفة 3312، 9984 3480 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَانَ الرَّجُلُ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ، لَعَلَّ اللَّهُ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا. قَالَ فَلَقِىَ اللَّهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ». طرفه 2078 - تحفة 14108

3481 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَانَ رَجُلٌ يُسْرِفُ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِبَنِيهِ إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِى ثُمَّ اطْحَنُونِى ثُمَّ ذَرُّونِى فِى الرِّيحِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَىَّ رَبِّى لَيُعَذِّبَنِّى عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا. فَلَمَّا مَاتَ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ، فَأَمَرَ اللَّهُ الأَرْضَ، فَقَالَ اجْمَعِى مَا فِيكِ مِنْهُ. فَفَعَلَتْ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ، فَقَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ قَالَ يَا رَبِّ، خَشْيَتُكَ. فَغَفَرَ لَهُ». وَقَالَ غَيْرُهُ «مَخَافَتُكَ يَا رَبِّ». طرفه 7506 - تحفة 12280 - 215/ 4 3482 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِى هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، لاَ هِىَ أَطْعَمَتْهَا وَلاَ سَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا، وَلاَ هِىَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ». طرفاه 2365، 3318 - تحفة 7616 3483 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ عَنْ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ، إِذَا لَمْ تَسْتَحِى فَافْعَلْ مَا شِئْتَ». طرفاه 3484، 6120 - تحفة 9982 3484 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ سَمِعْتُ رِبْعِىَّ بْنَ حِرَاشٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ إِذَا لَمْ تَسْتَحِى فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ». طرفاه 3483، 6120 - تحفة 9982 3485 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ مِنَ الْخُيَلاَءِ خُسِفَ بِهِ، فَهْوَ يَتَجَلْجَلُ فِى الأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ. طرفه 5790 - تحفة 6998، 6868 3486 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بَيْدَ كُلُّ أُمَّةٍ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَأُوتِينَا مِنْ بَعْدِهِمْ، فَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِى اخْتَلَفُوا، فَغَدًا لِلْيَهُودِ وَبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى». أطرافه 238، 876، 896، 2956، 6624، 6887، 7036، 7495 - تحفة 13522 3487 - «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِى كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمٌ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ». طرفاه 897، 898 - تحفة 13522 3488 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ

قَالَ قَدِمَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِى سُفْيَانَ الْمَدِينَةَ آخِرَ قَدْمَةٍ قَدِمَهَا، فَخَطَبَنَا فَأَخْرَجَ كُبَّةً مِنْ شَعَرٍ فَقَالَ مَا كُنْتُ أُرَى أَنَّ أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا غَيْرَ الْيَهُودِ، وَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سَمَّاهُ الزُّورَ - يَعْنِى الْوِصَالَ فِى الشَّعَرِ. تَابَعَهُ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ. أطرافه 3468، 5932، 5938 - تحفة 11418 - 216/ 4 3469 - قوله: (كَانَ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ من الأمم مُحَدَّثُونَ) ... إلخ، وهو الذي يجيءُ بأقوالٍ صادقةٍ، ولا يُوحَى إليه. 3470 - قوله: (فَنَاءَ بِصَدْرِهِ نحوها) ... إلخ. واعلم أن الجزء الأعظمَ من التوبة، هو الندمُ. فإن كانت المعصيةُ نحو الزنا، والسرقة، فتوبتُها بالندم والعَزْمِ بالإِقلاع عنها. وإن كانت نحو ترك الصلاة، والصيام، فتوبتُها بالقضاء مع العزم بالإقلاع عن الترك. وفي الحديث دليلٌ على أن الندمَ، والعزمَ على الترك توبةٌ، وإن لم يَجِدْ بعدها وقتًا لعملٍ صالحٍ. 3472 - قوله: (اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا) قيل: هي قصةٌ وقعت في عهد أنوشيروان. 3473 - قوله: (الطَّاعُونُ رِجْسٌ) ... إلخ، أي لا ينبغي الدخول في البلدة المطعونةِ، إظهارًا لتوكُّلِهِ، فإن وقع وأنت بها. فحينئذٍ لا ينبغي الخروج منها فِرَارًا منه. وأمَّا الخروجُ والدخولُ لأجل الحاجات، فهو مستثنىً. قوله: (فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ) وفي رواية أبي النَّضْر، كما في الهامش: «لا يُخْرِجُكم إلاَّ فرارًا منه»، وفيه إشكالٌ، لأنه نقيضُ المراد. وأجابَ عنه الشَّارِحُون على أنحاء، كما في الهامش (¬1). أقولُ: وجوابُه عندي بترجمةٍ مفروضةٍ هكذا: أي لا يُخْرِجُهُ عنها إلاَّ خروجه المفروض للفِرَارِ. والحاصلُ: أن لا تَخْرُجُوا من البلدةِ المطعونةِ، كأنكم تَخْرُجُون منها فِرَارًا من القدر. أمَّا الخروجُ للحوائج، فهو مرخَّصٌ. فالنهيُ عن الفرار، والخروج المقدَّر معًا، لا عن الخروج المحقَّق فقط، مع استثناء الفرار. فافهم. يعني: "ايسى نه نكلو جيسا كه نه نكالتا هو تمكو طاعون سى مكر بها كنا هى، يعني صرف بها كنى كى غرض سى نكلو ايسامت كرو". ¬

_ (¬1) وقد تكلَّم عليه الحافظُ في "الفتح"، فذكر فيه أقوالًا، وأجوبةً: منها أن غَرَضَ الراوي أن أبا النضر فسَّر "لا تَخْرُجُوا": بأن المرادَ منه الحصر، يعني الخروج المنهي، هو الذي يكون لمجرد الفرار، لا لغرضٍ آخرَ. فهو تفسيرٌ للمعلَّل المنهي عنه، لا للنهي. قال الحافظُ: وهو بعيدٌ. قلتُ: وحَولَه يحوم جواب الشيخ، مع تغييرٍ في التعبير. أمَّا كونُه بعيدًا، فذلك رأيه، وللناس فيما يَعْشَقُون مذاهبُ.

3475 - قوله: (لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ) ... إلخ. قال العلماءُ: والمستحبُّ في هذا الموضع، أن يُقَالَ: أَعَاذَهَا اللَّهُ تعالى منه. 3485 - قوله: (بَيْنَمَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ مِنَ الخُيَلاَءِ خُسِفَ بِهِ)، وهو قارون. وكانت له قرابةٌ بموسى عليه السَّلام. وكان في ضيقٍ من ذات يده، ولم يُؤْتَ سَعَةً من المال، فدعا له موسى عليه السلام. فإذا الرجلُ قد أُثْرِيَ، ثم ذَهَبَ إليه موسى عليه الصلاة والسلام ليأخذَ منه ما أَوْجَبَ عليه ربُّه في ماله من الزكاة، فأبى، وجَعَلَ يُؤْذيه بكلِّ ما أمكن. حتَّى اتفق أنه كان يَعِظُ قومه مرَّةً، فأَمَرَ امرأةً أن تَذْهَبَ إليه، وتقولُ: إنه زَنَى بها - والعِيَاذُ بالله - ففعلت، أخزاها الله. واستشعر به موسى عليه الصلاةُ والسلامُ، فدعا عليه، وقال: يا رب، أَلاَ تَغَارُ مما يفعل هذا، فخيَّره ربُّه أن يَدْعُوَ عليه بما شاء، فدعا عليه بالخَسْفِ. فجعل يَتَجَلْجَلُ في الأرض، وهو يَعْتَذِرُ عمَّا صَنَعَ، فلم يَعْفُ عنه موسى عليه الصلاة والسلام، حتَّى خَسَفَ به الأرض. ورأيتُ في بعض الروايات: قال الله تعالى لموسى عليه الصلاة والسلام: إنه اعْتَذَرَ منك، فلم تَعْذُرْهُ، أما إنه لو استغفرني لَغَفَرْتُ له. والله تعالى أعلم. ***

61 - كتاب المناقب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 61 - كتاب المَنَاقِب 1 - باب قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] وَقَوْلُهُ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]. وَمَا يُنْهَى عَنْ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ. الشُّعُوبُ النَّسَبُ الْبَعِيدُ، وَالْقَبَائِلُ دُونَ ذَلِكَ. 3489 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْكَاهِلِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ رضى الله عنهما. {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} قَالَ: الشُّعُوبُ: الْقَبَائِلُ الْعِظَامُ، وَالْقَبَائِلُ: الْبُطُونُ. تحفة 5555 3490 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ قَالَ «أَتْقَاهُمْ». قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ «فَيُوسُفُ نَبِىُّ اللَّهِ». أطرافه 3353، 3374، 3383، 4689 - تحفة 14307 3491 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا كُلَيْبُ بْنُ وَائِلٍ قَالَ حَدَّثَتْنِى رَبِيبَةُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - زَيْنَبُ ابْنَةُ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ قُلْتُ لَهَا أَرَأَيْتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَكَانَ مِنْ مُضَرَ قَالَتْ فَمِمَّنْ كَانَ إِلاَّ مِنْ مُضَرَ مِنْ بَنِى النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ. طرفه 3492 - تحفة 15885 3492 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا كُلَيْبٌ حَدَّثَتْنِى رَبِيبَةُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَظُنُّهَا زَيْنَبَ قَالَتْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُقَيَّرِ وَالْمُزَفَّتِ. وَقُلْتُ لَهَا أَخْبِرِينِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّنْ كَانَ مِنْ مُضَرَ كَانَ قَالَتْ فَمِمَّنْ كَانَ إِلاَّ مِنْ مُضَرَ، كَانَ مِنْ وَلَدِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ. طرفه 3491 - تحفة 15885 3493 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ، خِيَارُهُمْ فِى الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِى الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا، وَتَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسِ فِى هَذَا الشَّأْنِ أَشَدَّهُمْ لَهُ كَرَاهِيَةً». طرفاه 3496، 3588 - تحفة 14908 - 217/ 4

3494 - «وَتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ، الَّذِى يَأْتِى هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ، وَيَأْتِى هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ». طرفاه 6058، 7179 - تحفة 14908 3495 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِى هَذَا الشَّأْنِ، مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ لِمُسْلِمِهِمْ، وَكَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ». تحفة 13878 3496 - «وَالنَّاسُ مَعَادِنُ، خِيَارُهُمْ فِى الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِى الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا، تَجِدُونَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ أَشَدَّ النَّاسِ كَرَاهِيَةً لِهَذَا الشَّأْنِ حَتَّى يَقَعَ فِيهِ». طرفاه 3493، 3588 - تحفة 13878 3497 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - (إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى) قَالَ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قُرْبَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلاَّ وَلَهُ فِيهِ قَرَابَةٌ، فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ أَنْ تَصِلُوا قَرَابَةً بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ. طرفه 4818 - تحفة 5731 3498 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مِنْ هَا هُنَا جَاءَتِ الْفِتَنُ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَالْجَفَاءُ وَغِلَظُ الْقُلُوبِ فِى الْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ، وَالْبَقَرِ فِى رَبِيعَةَ وَمُضَرَ». أطرافه 3302، 4387، 5303 - تحفة 10005 3499 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْفَخْرُ وَالْخُيَلاَءُ فِى الْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ، وَالسَّكِينَةُ فِى أَهْلِ الْغَنَمِ، وَالإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ». قَال أَبُو عَبْدِ الله: سُمِّيَتِ الْيَمَنَ، لأَنَّهَا عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ، وَالشَّأْمَ عَنْ يَسَارِ الْكَعْبَةِ، وَالْمَشْأَمَةُ الْمَيْسَرَةُ، وَالْيَدُ الْيُسْرَى: الشُّؤْمَى، وَالْجَانِبُ الأَيْسَرُ: الأَشْأَمُ. أطرافه 3301، 4388، 4389، 4390 - تحفة 15160 3493 - قوله: (وَتَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسِ) ... إلخ، أي من كان أشدَّ في كفره، يكون أشدَّ في إسلامه أيضًا. 3494 - قوله: (وتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الوَجْهَيْنِ)، وهُمْ ضُعَفَاءُ الإِيمان: يعنى كجى ايمان والى دون المنافقين. 3497 - قوله: ({إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}) وحاصلُ ما جرى بين سعيد، وابن عباس في تلك الآية: أن سعيدًا حَمَلَهَا على أن في الآية تأكيدًا لمراعاة أقربائه صلى الله عليه وسلّم ورَدَّه ابنُ عباس بأن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يكن بطنٌ من قريش إلاَّ كانت له قرابة فيهم، فكان يقولُ لهم: إنِّي لا أسألكم شيئًا إلاَّ أن تُرَاعوا قرابتي فيكم؛ فَتَسْتَجِيبُوا لدعوتي.

2 - باب مناقب قريش

2 - باب مَنَاقِبِ قُرَيْشٍ 3500 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ وَهْوَ عِنْدَهُ فِى وَفْدٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَيَكُونُ مَلِكٌ مِنْ قَحْطَانَ، فَغَضِبَ مُعَاوِيَةُ، فَقَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِى أَنَّ رِجَالاً مِنْكُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِى كِتَابِ اللَّهِ، وَلاَ تُؤْثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأُولَئِكَ جُهَّالُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَالأَمَانِىَّ الَّتِى تُضِلُّ أَهْلَهَا، فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ هَذَا الأَمْرَ فِى قُرَيْشٍ، لاَ يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلاَّ كَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ، مَا أَقَامُوا الدِّينَ». طرفه 7139 - تحفة 11438 - 218/ 4 3501 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لا يَزَالُ هَذَا الأَمْرُ فِى قُرَيْشٍ، مَا بَقِىَ مِنْهُمُ اثْنَانِ». طرفه 7140 - تحفة 7420 3502 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطَيْتَ بَنِى الْمُطَّلِبِ وَتَرَكْتَنَا، وَإِنَّمَا نَحْنُ وَهُمْ مِنْكَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَىْءٌ وَاحِدٌ». طرفاه 3140، 4229 - تحفة 3185 3503 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى أَبُو الأَسْوَدِ مُحَمَّدٌ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ ذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مَعَ أُنَاسٍ مِنْ بَنِى زُهْرَةَ إِلَى عَائِشَةَ، وَكَانَتْ أَرَقَّ شَىْءٍ لِقَرَابَتِهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 3505، 6073 - تحفة 16397 3504 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدٍ ح قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ الأَعْرَجُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ وَجُهَيْنَةُ وَمُزَيْنَةُ وَأَسْلَمُ وَأَشْجَعُ وَغِفَارُ مَوَالِىَّ لَيْسَ لَهُمْ مَوْلًى، دُونَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ». طرفه 3512 - تحفة 13648 3505 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ أَحَبَّ الْبَشَرِ إِلَى عَائِشَةَ بَعْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ، وَكَانَ أَبَرَّ النَّاسِ بِهَا، وَكَانَتْ لاَ تُمْسِكُ شَيْئًا مِمَّا جَاءَهَا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ {إِلاَّ} تَصَدَّقَتْ. فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَنْبَغِى أَنْ يُؤْخَذَ عَلَى يَدَيْهَا. فَقَالَتْ أَيُؤْخَذُ عَلَى يَدَىَّ عَلَىَّ نَذْرٌ إِنْ كَلَّمْتُهُ. فَاسْتَشْفَعَ إِلَيْهَا بِرِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَبِأَخْوَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاصَّةً فَامْتَنَعَتْ، فَقَالَ لَهُ الزُّهْرِيُّونَ أَخْوَالُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ إِذَا اسْتَأْذَنَّا فَاقْتَحِمِ الْحِجَابَ. فَفَعَلَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا بِعَشْرِ رِقَابٍ، فَأَعْتَقَتْهُمْ، ثُمَّ لَمْ

3 - باب نزل القرآن بلسان قريش

تَزَلْ تُعْتِقُهُمْ حَتَّى بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ. فَقَالَتْ وَدِدْتُ أَنِّى جَعَلْتُ حِينَ حَلَفْتُ عَمَلًا أَعْمَلُهُ فَأَفْرُغَ مِنْهُ. طرفاه 3503، 6073 - تحفة 16397 - 219/ 4 3500 - قوله: (سَيَكُونُ مَلِكٌ مِنْ قَحْطَانَ) وكنتُ أراه رجلًا ظالمًا، لمَّا وَرَدَ في حقِّه لفظٌ: «يسوق الناس بعصاه»، ثُمَّ بدا أنه رجلٌ صالحٌ (¬1) يكون بعد عيسى عليه الصلاة والسلام لمَّا وَجَدْتُهُ ممدوحًا في الأحاديث. وحينئذٍ فالمرادُ من السوق ... إلخ: لنظم الأمور. وفي كتاب «المبتدا» لابن منبِّه: أنه يكونُ آخر ملك في الإِسلام بعد عيسى عليه الصلاة والسلام، ويكون من أهل اليمن دون قُرَيْش، وإذا يَحْمِلُ الحبشةُ على بيت الله المكرَّم، يَدْفَعُهُمْ هذا الملكُ. ثم لا يُعْلَمُ هل يبنيه ثانيًا، أم لا؟ وليس هذا جَهْجَاه الغِفَاري، فإنه رجلٌ آخر مذمومٌ. ويُسْتَفَادُ من الأحاديث: أن الدين في أواخر الدنيا يكون في الشام، ويَشِيعُ الكفرُ في الحجاز، ثم يَخْرُجُ من اليمن أيضًا، ثم يَنْبَسِطُ على البسيطة كلِّها، ثم تَظْهَرُ القيامةُ. قوله: (ما أَقَامُوا الدِّينَ) واعلم أن عبدَ الله بن عمرو بن العاص لمَّا حدَّث معاويةَ عن أمر الخلافة، وأنها خارجةٌ عن يد قريش يومًا حتَّى يكونَ القَحْطَانيُّ ملكًا، غَضِبَ عليه معاوية، وحدَّثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بدوامها فيهم. وقال العلماء: إن ردَّه لا يتمُّ من الحديث الذي رواه، لأن جوابَه موجودٌ في نصِّ الحديث، وهو قوله: «ما أَقَامُوا الدِّينَ»، فإذا لم يَفْعَلُوا ذلك تَخْرُجُ عنهم. فليس في الحديث ما رامه معاوية، ولكنه مؤيِّدٌ لِمَا قاله عبد الله بن عمرو بن العاص. ثم عند ابن ماجه، بإِسنادٍ صحيحٍ في روايةٍ طويلةٍ في نزول عيسى عليه السلام، «وتُمْلأُ الأرض من المسلم، كما يُمْلأُ الإِناء من الماء، وتكون الكلمةُ واحدةً، فلا يُعْبَدُ إلاَّ الله، وتَضَعُ الحربُ أوزارها، وتُسْلَبُ قريش ملكها» اهـ. فَدَلَّ على أن الملكَ في زمنه يَنْتَقِلُ من قريش، فانحلَّ به قصة القحطانيِّ أيضًا، لكونها بعد سَلْبِ الملك (¬2) عن قريش. 3 - باب نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ 3506 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عُثْمَانَ دَعَا زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ ¬

_ (¬1) أخرج الحافظُ، عن عبد الله بن عمرو: أنه ذكر الخلفاء، ثم قال: ورجلٌ من قَحْطَان. وأخرج فيه زيادةٌ من حديث ابن عبَّاس، قال فيه: ورجلٌ من قَحْطَان، كلُّهم صالحٌ. اهـ. (¬2) يقولُ العبدُ الضعيفُ: ولْيَنْظُرْ في لفظ الحديث أنه يَدُلُّ على غلبة الإِسلام على وجه الأرض، أو على الموضع الذي يَظْهَرُ فيه عيسى عليه السلام فقط؟!.

4 - باب نسبة اليمن إلى إسماعيل

الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِى الْمَصَاحِفِ، وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلاَثَةِ إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِى شَىْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ، فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ. فَفَعَلُوا ذَلِكَ. طرفاه 4984، 4987 - تحفة 9783 4 - باب نِسْبَةِ الْيَمَنِ إِلَى إِسْمَاعِيلَ مِنْهُمْ: أَسْلَمُ بْنُ أَفْصَى بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنْ خُزَاعَةَ. 3507 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَسْلَمَ، يَتَنَاضَلُونَ بِالسُّوقِ، فَقَالَ «ارْمُوا بَنِى إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، وَأَنَا مَعَ بَنِى فُلاَنٍ». لأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ، فَأَمْسَكُوا بِأَيْدِيهِمْ فَقَالَ «مَا لَهُمْ». قَالُوا وَكَيْفَ نَرْمِى وَأَنْتَ مَعَ بَنِى فُلاَنٍ. قَالَ «ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ». طرفاه 2899، 3373 - تحفة 4550 5 - باب 3508 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ أَنَّ أَبَا الأَسْوَدِ الدِّيلِىَّ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهْوَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ كَفَرَ، وَمَنِ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». طرفه 6045 - تحفة 11929 3509 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا حَرِيزٌ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّصْرِىُّ قَالَ سَمِعْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْفِرَى أَنْ يَدَّعِىَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوْ يُرِىَ عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ، أَوْ يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا لَمْ يَقُلْ». تحفة 11745 - 220/ 4 3510 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا مِنْ هَذَا الْحَىِّ مِنْ رَبِيعَةَ قَدْ حَالَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، فَلَسْنَا نَخْلُصُ إِلَيْكَ إِلاَّ فِى كُلِّ شَهْرٍ حَرَامٍ، فَلَوْ أَمَرْتَنَا بِأَمْرٍ، نَأْخُذُهُ عَنْكَ، وَنُبَلِّغُهُ مَنْ وَرَاءَنَا. قَالَ «آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، الإِيمَانِ بِاللَّهِ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا إِلَى اللَّهِ خُمْسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْمُزَفَّتِ». أطرافه 53، 87، 523، 1398، 3095، 4368، 4369، 6176، 7266، 7556 تحفة 6524 3511 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ وَهْوَ عَلَى الْمِنْبَرِ

6 - باب ذكر أسلم، وغفار، ومزينة، وجهينة، وأشجع

«أَلاَ إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا - يُشِيرُ إِلَى الْمَشْرِقِ - مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ». أطرافه 3104، 3279، 5296، 7092، 7093 - تحفة 6850 ولم يَقْدِرْ الحافظُ أن يأتي بشيءٍ يَدُلُّ على كون قبائل اليمن من ذُرِّيَّة إسماعيل عليه الصلاة والسلام. قوله: (مِنْهُمْ: أَسْلَمُ) ... إلخ، وهذه أَسْلَم من خُزَاعة. وفي كونها إسماعيليةً اختلافٌ شديدٌ، ولم يتنقَّح بعدُ ولا تمسُّك في قول النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لأَسْلَمَ: «فإن أَبَاكُم كان رَامِيًا»، على كونهم من ذُرِّيَّة إسماعيل عليه السلام، لجواز كون إسماعيلَ في حزبهم، فَنَسَبَهُمْ إليه لمكانه فيهم. قال المؤرِّخُون: إن قَحْطَانَ، وعدنان معاصران، وعدنانَ من أجداد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم قيل: إن عدنانَ مُعَاصِرٌ بُخْتُ نَصَّر، فلمَّا حَمَلَ عليهم بَخْتُ نَصَّر، جاء عدنان من العرب لحماية أبناء عمِّه حتى انهزمَ، واضْطَرَّ إلى ترك العرب، والسكون في اليمن وبالجملة كون أهل اليمن كلِّهم إسماعيليين، خلافُ الواقع، وقول المؤرِّخين فيه صوابٌ، ولا بدَّ له من تأويلٍ. 6 - باب ذِكْرِ أَسْلَمَ، وَغِفَارَ، وَمُزَيْنَةَ، وَجُهَيْنَةَ، وَأَشْجَعَ 3512 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ وَجُهَيْنَةُ وَمُزَيْنَةُ وَأَسْلَمُ وَغِفَارُ وَأَشْجَعُ مَوَالِىَّ، لَيْسَ لَهُمْ مَوْلًى دُونَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ». طرفه 3504 - تحفة 13648 3513 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ الزُّهْرِىُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحٍ حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ «غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ، وَعُصَيَّةُ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ». تحفة 7682 3514 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِىُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ، وَغِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا». تحفة 14445 3515 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِىٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ جُهَيْنَةُ وَمُزَيْنَةُ وَأَسْلَمُ وَغِفَارُ خَيْرًا مِنْ بَنِى تَمِيمٍ وَبَنِى أَسَدٍ، وَمِنْ بَنِى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفَانَ وَمِنْ بَنِى عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ». فَقَالَ رَجُلٌ خَابُوا وَخَسِرُوا. فَقَالَ «هُمْ خَيْرٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ وَمِنْ بَنِى أَسَدٍ، وَمِنْ بَنِى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفَانَ، وَمِنْ بَنِى عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ». طرفاه 3516، 6635 - تحفة 11680 - 221/ 4 3516 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى يَعْقُوبَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ قَالَ

7 - باب ذكر قحطان

لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّمَا بَايَعَكَ سُرَّاقُ الْحَجِيجِ مِنْ أَسْلَمَ وَغِفَارَ وَمُزَيْنَةَ - وَأَحْسِبُهُ وَجُهَيْنَةَ ابْنُ أَبِى يَعْقُوبَ شَكَّ - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَسْلَمُ وَغِفَارُ وَمُزَيْنَةُ - وَأَحْسِبُهُ - وَجُهَيْنَةُ خَيْرًا مِنْ بَنِى تَمِيمٍ وَبَنِى عَامِرٍ وَأَسَدٍ وَغَطَفَانَ، خَابُوا وَخَسِرُوا». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، إِنَّهُمْ لَخَيْرٌ مِنْهُمْ». طرفاه 3515، 6635 - تحفة 11680 3517 - حَدَّثنا سُليمان بن حرب، عن حَمادٍ، عن أيوبَ، عن محمدٍ، عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "أَسلَمُ وغِفار وشيءٌ من مُزَينةَ وجُهينةَ -أو قال: شيءٌ مِنْ جُهينةَ أو مزَينة- خيرٌ عندَ الله -أو قال: يوم القيامةِ- من أسدٍ وتميمِ وهَوازِنَ وَغَطفانَ". 3515 - قوله: (أَرَأَيْتُمْ إنْ كَانَ جُهَيْنَةُ) ... إلخ، واعلم أن جُهَيْنَةَ، ومُزَيْنَةَ، وأَسْلَمَ، وغِفَارَ كانت دون بني تَمِيمٍ، وبني أَسَدٍ في زمن الجاهلية، فلماَّ بادروا إلى الإِسلام سَبَقُوا عليهم في الشرف. هذا محصَّلُ ما في الحديث. 7 - باب ذِكْرِ قَحْطَانَ 3518 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ». طرفه 7117 - تحفة 12918 8 - باب مَا يُنْهَى مِنْ دَعْوَةِ الْجَاهِلِيَّةِ 3519 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا - رضى الله عنه - يَقُولُ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ ثَابَ مَعَهُ نَاسٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا، وَكَانَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلٌ لَعَّابٌ فَكَسَعَ أَنْصَارِيًّا، فَغَضِبَ الأَنْصَارِىُّ غَضَبًا شَدِيدًا، حَتَّى تَدَاعَوْا، وَقَالَ الأَنْصَارِىُّ يَا لَلأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرِىُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ. فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ». ثُمَّ قَالَ «مَا شَأْنُهُمْ». فَأُخْبِرَ بِكَسْعَةِ الْمُهَاجِرِىِّ الأَنْصَارِىَّ قَالَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ». وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ أَقَدْ تَدَاعَوْا عَلَيْنَا، لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ. فَقَالَ عُمَرُ أَلاَ نَقْتُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْخَبِيثَ لِعَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّهُ كَانَ يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ». طرفاه 4905، 4907 - تحفة 2559 3520 - حَدَّثَنِى ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

9 - باب قصة خزاعة

مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَعَنْ سُفْيَانَ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ». أطرافه 1294، 1297، 1298 - تحفة 9559، 9569 9 - باب قِصَّةُ خُزَاعَةَ 3521 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «عَمْرُو بْنُ لُحَىِّ بْنِ قَمَعَةَ بْنِ خِنْدِفَ أَبُو خُزَاعَةَ». تحفة 12833 - 224/ 4 3522 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ الْبَحِيرَةُ الَّتِى يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ وَلاَ يَحْلُبُهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، وَالسَّائِبَةُ الَّتِى كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لآلِهَتِهِمْ فَلاَ يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَىْءٌ. قَالَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرِ بْنِ لُحَىٍّ الْخُزَاعِىَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِى النَّارِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ». طرفه 4623 - تحفة 18726، 13166 وهؤلاء من جُرْهُم، وكانوا هم مجاورو بيت الله أولًا، ثم سلبها قريش عنهم، ومنهم عمرو بن لُحَيِّ، أوَّلُ من سَنَّ عبادة الأصنام. 10 - باب قِصَّةِ إِسْلاَمِ أَبِي ذَرٍّ رضى الله عنه 11 - باب قِصَّةِ زَمْزَمَ 3523 - حَدَّثَنَا زَيْدٌ - هُوَ ابْنُ أَخْزَمَ - قَالَ أَبُو قُتَيْبَةَ سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ حَدَّثَنِى مُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ الْقَصِيرُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو جَمْرَةَ قَالَ لَنَا ابْنُ عَبَّاسِ أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِإِسْلاَمِ أَبِى ذَرٍّ قَالَ قُلْنَا بَلَى. قَالَ قَالَ أَبُو ذَرٍّ كُنْتُ رَجُلاً مِنْ غِفَارٍ، فَبَلَغَنَا أَنَّ رَجُلاً قَدْ خَرَجَ بِمَكَّةَ، يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىٌّ، فَقُلْتُ لأَخِى انْطَلِقْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ كَلِّمْهُ وَأْتِنِى بِخَبَرِهِ. فَانْطَلَقَ فَلَقِيَهُ، ثُمَّ رَجَعَ فَقُلْتُ مَا عِنْدَكَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلاً يَأْمُرُ بِالْخَيْرِ وَيَنْهَى عَنِ الشَّرِّ. فَقُلْتُ لَهُ لَمْ تَشْفِنِى مِنَ الْخَبَرِ. فَأَخَذْتُ جِرَابًا وَعَصًا، ثُمَّ أَقْبَلْتُ إِلَى مَكَّةَ فَجَعَلْتُ لاَ أَعْرِفُهُ، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْأَلَ عَنْهُ، وَأَشْرَبُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ وَأَكُونُ فِى الْمَسْجِدِ. قَالَ فَمَرَّ بِى عَلِىٌّ فَقَالَ كَأَنَّ الرَّجُلَ غَرِيبٌ. قَالَ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ فَانْطَلِقْ إِلَى الْمَنْزِلِ. قَالَ فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ لاَ يَسْأَلُنِى عَنْ شَىْءٍ، وَلاَ أُخْبِرُهُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ لأَسْأَلَ عَنْهُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُخْبِرُنِى عَنْهُ بِشَىْءٍ. قَالَ فَمَرَّ بِى عَلِىٌّ فَقَالَ أَمَا نَالَ لِلرَّجُلِ يَعْرِفُ مَنْزِلَهُ بَعْدُ قَالَ قُلْتُ لاَ. قَالَ انْطَلِقْ مَعِى. قَالَ فَقَالَ مَا أَمْرُكَ وَمَا أَقْدَمَكَ هَذِهِ الْبَلْدَةَ قَالَ قُلْتُ لَهُ إِنْ كَتَمْتَ عَلَىَّ أَخْبَرْتُكَ. قَالَ فَإِنِّى أَفْعَلُ. قَالَ قُلْتُ لَهُ بَلَغَنَا أَنَّهُ

12 - باب قصة زمزم وجهل العرب

قَدْ خَرَجَ هَا هُنَا رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىٌّ، فَأَرْسَلْتُ أَخِى لِيُكَلِّمَهُ فَرَجَعَ وَلَمْ يَشْفِنِى مِنَ الْخَبَرِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَلْقَاهُ. فَقَالَ لَهُ أَمَا إِنَّكَ قَدْ رَشَدْتَ، هَذَا وَجْهِى إِلَيْهِ، فَاتَّبِعْنِى، ادْخُلْ حَيْثُ أَدْخُلُ، فَإِنِّى إِنْ رَأَيْتُ أَحَدًا أَخَافُهُ عَلَيْكَ، قُمْتُ إِلَى الْحَائِطِ، كَأَنِّى أُصْلِحُ نَعْلِى، وَامْضِ أَنْتَ، فَمَضَى وَمَضَيْتُ مَعَهُ، حَتَّى دَخَلَ وَدَخَلْتُ مَعَهُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لَهُ اعْرِضْ عَلَىَّ الإِسْلاَمَ. فَعَرَضَهُ فَأَسْلَمْتُ مَكَانِى، فَقَالَ لِى «يَا أَبَا ذَرٍّ اكْتُمْ هَذَا الأَمْرَ، وَارْجِعْ إِلَى بَلَدِكَ، فَإِذَا بَلَغَكَ ظُهُورُنَا فَأَقْبِلْ». فَقُلْتُ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ. فَجَاءَ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَقُرَيْشٌ فِيهِ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنِّى أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. فَقَالُوا قُومُوا إِلَى هَذَا الصَّابِئِ. فَقَامُوا فَضُرِبْتُ لأَمُوتَ فَأَدْرَكَنِى الْعَبَّاسُ، فَأَكَبَّ عَلَىَّ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ وَيْلَكُمْ تَقْتُلُونَ رَجُلاً مِنْ غِفَارَ، وَمَتْجَرُكُمْ وَمَمَرُّكُمْ عَلَى غِفَارَ. فَأَقْلَعُوا عَنِّى، فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحْتُ الْغَدَ رَجَعْتُ فَقُلْتُ مِثْلَ مَا قُلْتُ بِالأَمْسِ، فَقَالُوا قُومُوا إِلَى هَذَا الصَّابِئِ. فَصُنِعَ {بِى} مِثْلَ مَا صُنِعَ بِالأَمْسِ وَأَدْرَكَنِى الْعَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَىَّ، وَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ بِالأَمْسِ. قَالَ فَكَانَ هَذَا أَوَّلَ إِسْلاَمِ أَبِى ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ. تحفة 6528، 11958 - 222/ 4 3523 - قوله: (وَأَكُونُ في المَسْجِدِ)، ولم يَكُنْ المسجد بُنِيَ بعدُ، وإنما كان في المطاف. 12 - باب قِصَّةِ زَمْزَمَ وَجَهْلِ الْعَرَبِ 3524 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ إِذَا سَرَّكَ أَنْ تَعْلَمَ جَهْلَ الْعَرَبِ فَاقْرَأْ مَا فَوْقَ الثَّلاَثِينَ وَمِائَةٍ فِى سُورَةِ الأَنْعَامِ {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} إِلَى قَوْلِهِ {قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [الأنعام: 140]. تحفة 5461 13 - باب مَنِ انْتَسَبَ إِلَى آبَائِهِ فِى الإِسْلاَمِ وَالْجَاهِلِيَّةِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الْكَرِيمَ ابْنَ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ». وَقَالَ الْبَرَاءُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ». 3525 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} [الشعراء: 214] جَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُنَادِى «يَا بَنِى فِهْرٍ، يَا بَنِى عَدِىٍّ لِبُطُونِ قُرَيْشٍ». أطرافه 1394، 3526، 4770، 4801، 4971، 4972، 4973 - تحفة 5594

14 - باب ابن أخت القوم منهم، ومولى القوم منهم

3526 - وَقَالَ لَنَا قَبِيصَةُ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} جَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُوهُمْ قَبَائِلَ قَبَائِلَ. أطرافه 1394، 3525، 4770، 4801، 4971، 4972، 4973 - تحفة 5476 3527 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ أَخْبَرَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَا بَنِى عَبْدِ مَنَافٍ، اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللَّهِ، يَا بَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللَّهِ، يَا أُمَّ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، اشْتَرِيَا أَنْفُسَكُمَا مِنَ اللَّهِ، لاَ أَمْلِكُ لَكُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، سَلاَنِى مِنْ مَالِى مَا شِئْتُمَا». طرفاه 2753، 4771 - تحفة 13769 - 225/ 4 14 - باب ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ، وَمَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ 3528 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الأَنْصَارَ فَقَالَ «هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِكُمْ». قَالُوا لاَ، إِلاَّ ابْنُ أُخْتٍ لَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ». أطرافه 3146، 3147، 3778، 3793، 4331، 4332، 4333، 4334، 4337، 5860، 6762، 7441 - تحفة 1244 15 - باب قِصَّةِ الْحَبَشِ، وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «يَا بَنِى أَرْفَدَةَ» 3529 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِى أَيَّامِ مِنًى تُدَفِّفَانِ وَتَضْرِبَانِ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ، فَكَشَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ «دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ، وَتِلْكَ الأَيَّامُ أَيَّامُ مِنًى». أطرافه 454، 455، 950، 988، 2906، 5190، 5236 - تحفة 16562 3530 - وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتُرُنِى، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ، وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِى الْمَسْجِدِ فَزَجَرَهُمْ {عُمَرُ} فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «دَعْهُمْ أَمْنًا بَنِى أَرْفَدَةَ». يَعْنِى مِنَ الأَمْنِ. أطرافه 949، 952، 987، 2907 - تحفة 16562 16 - باب مَنْ أَحَبَّ أَنْ لاَ يُسَبَّ نَسَبُهُ 3531 - حَدَّثَنِى عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ، قَالَ «كَيْفَ بِنَسَبِى». فَقَالَ حَسَّانُ لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ الْعَجِينِ. وَعَنْ أَبِيهِ قَالَ ذَهَبْتُ أَسُبُّ حَسَّانَ عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ لاَ تَسُبُّهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 4145، 6150 - تحفة 17055، 17054

17 - باب ما جاء فى أسماء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

17 - باب مَا جَاءَ فِى أَسْمَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} [الفتح: 29]. وَقَوْلِهِ {مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6]. 3532 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنِى مَعْنٌ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لِى خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِى الَّذِى يَمْحُو اللَّهُ بِى الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِى يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِى، وَأَنَا الْعَاقِبُ». طرفه 4896 - تحفة 3191 3533 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ تَعْجَبُونَ كَيْفَ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنِّى شَتْمَ قُرَيْشٍ وَلَعْنَهُمْ يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا وَأَنَا مُحَمَّدٌ». تحفة 13697 وراجع تفسيره من «روح المعاني (¬1)». 18 - باب خَاتِمِ النَّبِيِّينَ - صلى الله عليه وسلم - 3534 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا سَلِيمٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَثَلِى وَمَثَلُ الأَنْبِيَاءِ كَرَجُلٍ بَنَى دَارًا فَأَكْمَلَهَا وَأَحْسَنَهَا، إِلاَّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَدْخُلُونَهَا وَيَتَعَجَّبُونَ، وَيَقُولُونَ لَوْلاَ مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ». تحفة 2260 - 226/ 4 3535 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ مَثَلِى وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِى كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلاَّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ هَلاَّ وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ قَالَ فَأَنَا اللَّبِنَةُ، وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ». تحفة 12817 3534 - قوله: (إلاَّ مَوْضِعَ لِبَنَةٍ) قال الحافظُ في تقريره (¬2): إن تلك اللَّبِنَةَ، لكونها ¬

_ (¬1) يقولُ العبدُ الضعيفُ: وصنَّف الشيخُ في تفسيرها رسالةً تُسَمَّى: "بخاتم النبيين"، باللسان الفارسي. وأَوْدَعَ فيها نكتًا وغرائب تتحيَّرُ منها العقول، فراجعها. (¬2) قال الحافظُ: وزَعَمَ ابن العربيِّ أن اللَّبِنَةَ المشار إليها كانت في أُسِّ الدارِ المذكورةِ، وأنها لولا وضعها لانقضَّت تلك الدارُ. قال: وبهذا يَتِمُّ المراد من التشبيه المذكور. اهـ. وهذا إن كان منقولًا، فهو حسنٌ، وإلَّا فليس بلازمٍ. نعم ظاهرُ السياق أن تكون اللَّبِنَةُ في مكانٍ يَظْهَرُ عدمُ الكمال في الدار بفقدها. وقد وقع في رواية هَمَّام عند مسلم: "إلَّا موضع لَبِنَة من زاوية من زواياها"، فَيَظْهَرُ أن المرادَ أنها مكمِّلةٌ محسِّنَةٌ، وإلَّا لاستلزم أن يكونَ الأمرُ بدونها كان ناقصًا، وليس كذلك، فإن شريعة كلِّ نبيٍّ بالنسبة إليه كاملةٌ. فالمرادُ ههنا: النظرُ إلى الأكمل بالنسبة إلى الشريعةِ المحمديَّةِ، مع ما مضى من الشرائع الكاملة، اهـ.

19 - باب وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم -

في ناحية البيتِ، ينبغي أن تكونَ بصفةٍ يتوقَّفُ عليها بناء البيت، فإن لَبِنَةَ الناحية، لو كانت ضعيفةً، وهي بنيانُ البيت، لانْقَضَّتْ. قلتُ: والألطفُ عندي في تقريره ما في الإنجيل: أن المعمارَ إذا بني بيتًا، جَعَلَ يبني بالحجارة الرخوة، ويرمي الصلبة، فإذا انتهى إلى ختم البناء، يَرْفَعُ هذه الحجارة التي كان رماها أولًا، ويَضَعُها في ناحية البيت، فتكون الحجارةُ التي قد رمى بها أولًا، صدرَ البيت آخرًا. وهذا التمثيلُ يُشِيرُ إلى أن إسماعيلَ عليه الصلاة والسلام قد كان ألقى في ناحيةٍ، ثم صار هو صدرًا. 19 - باب وَفَاةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - 3536 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تُوُفِّىَ وَهْوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ. وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ مِثْلَهُ. طرفه 4466 - تحفة 16541، 18731 20 - باب كُنْيَةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - 3537 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى السُّوقِ فَقَالَ رَجُلٌ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَالْتَفَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «سَمُّوا بِاسْمِى، وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى». أطرافه 2120، 2121 - تحفة 693 3538 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَسَمَّوْا بِاسْمِى، وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى». أطرافه 3114، 3115، 6186، 6187، 6189، 6196 - تحفة 2244 3539 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «سَمُّوا بِاسْمِى، وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى». أطرافه 110، 6188، 6197، 6993 - تحفة 14434 21 - بابٌ 3540 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنِ الْجُعَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَأَيْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ ابْنَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ جَلْدًا مُعْتَدِلاً فَقَالَ قَدْ عَلِمْتُ مَا مُتِّعْتُ بِهِ سَمْعِى وَبَصَرِى إِلاَّ بِدُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، إِنَّ خَالَتِى ذَهَبَتْ بِى إِلَيْهِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَ أُخْتِى شَاكٍ فَادْعُ اللَّهَ. قَالَ فَدَعَا لِى. أطرافه 190، 3541، 5670، 6352 - تحفة 3794 - 227/ 4 22 - باب خَاتِمِ النُّبُوَّةِ 3541 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنِ الْجُعَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

23 - باب صفة النبى - صلى الله عليه وسلم -

قَالَ سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ قَالَ ذَهَبَتْ بِى خَالَتِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَ أُخْتِى. وَقَعَ فَمَسَحَ رَأْسِى وَدَعَا لِى بِالْبَرَكَةِ، وَتَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمٍ بَيْنَ كَتِفَيْهِ. قَالَ ابْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحُجْلَةُ مِنْ حُجَلِ الْفَرَسِ الَّذِى بَيْنَ عَيْنَيْهِ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ مِثْلَ زِرِّ الْحَجَلَةِ أطرافه 190، 3540، 5670، 6352 - تحفة 3794 3541 - قوله: (قَالَ ابنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: الحُجْلَةُ، مِنْ حُجَلِ الفَرَسِ الَّذِي بَيْنَ عَيْنَيْهِ) قلتُ: وهذا التفسيرُ وَهْمٌ، فإن حُجَلَ الفرس لا يكون بين عينيه، وكذا قوله: الصحيح الراء، قبل الزاي، بل الصحيحُ: الزاي، قبل الراء، أي زِرُّ الحَجَلَةِ. وفي «مسند أبي داود الطيالسي»: أن خاتم النبوة كانت علامة لختم النبوة. وراجع «عقيدة الإِسلام». 23 - باب صِفَةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - 3542 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ صَلَّى أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - الْعَصْرَ، ثُمَّ خَرَجَ يَمْشِى فَرَأَى الْحَسَنَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَحَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ وَقَالَ بِأَبِى شَبِيهٌ بِالنَّبِىِّ لاَ شَبِيهٌ بِعَلِىٍّ. وَعَلِىٌّ يَضْحَكُ. طرفه 3750 - تحفة 6609 3543 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَبِى جُحَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ الْحَسَنُ يُشْبِهُهُ. طرفه 3544 - تحفة 11798 3544 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - يُشْبِهُهُ قُلْتُ لأَبِى جُحَيْفَةَ صِفْهُ لِى. قَالَ كَانَ أَبْيَضَ قَدْ شَمِطَ. وَأَمَرَ لَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِثَلاَثَ عَشْرَةَ قَلُوصًا قَالَ فَقُبِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ أَنْ نَقْبِضَهَا. طرفه 3543 - تحفة 11798 3545 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ وَهْبٍ أَبِى جُحَيْفَةَ السُّوَائِىِّ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَرَأَيْتُ بَيَاضًا مِنْ تَحْتِ شَفَتِهِ السُّفْلَى الْعَنْفَقَةَ. تحفة 11802 3546 - حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ صَاحِبَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَرَأَيْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ شَيْخًا قَالَ كَانَ فِى عَنْفَقَتِهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ. تحفة 5189 3547 - حَدَّثَنِى ابْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَصِفُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ كَانَ

رَبْعَةً مِنَ الْقَوْمِ، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلاَ بِالْقَصِيرِ، أَزْهَرَ اللَّوْنِ لَيْسَ بِأَبْيَضَ أَمْهَقَ وَلاَ آدَمَ، لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَطٍ وَلاَ سَبْطٍ رَجِلٍ، أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَهْوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ، فَلَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، وَلَيْسَ فِى رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ. قَالَ رَبِيعَةُ فَرَأَيْتُ شَعَرًا مِنْ شَعَرِهِ، فَإِذَا هُوَ أَحْمَرُ فَسَأَلْتُ فَقِيلَ احْمَرَّ مِنَ الطِّيبِ. طرفاه 3548، 5900 - تحفة 833 - 228/ 4 3548 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلاَ بِالْقَصِيرِ، وَلاَ بِالأَبْيَضِ الأَمْهَقِ، وَلَيْسَ بِالآدَمِ وَلَيْسَ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلاَ بِالسَّبْطِ، بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، فَتَوَفَّاهُ اللَّهُ، وَلَيْسَ فِى رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ. طرفاه 5347، 5900 - تحفة 833 3549 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وَأَحْسَنَهُ خَلْقًا، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلاَ بِالْقَصِيرِ. تحفة 1893 3550 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا هَلْ خَضَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لاَ، إِنَّمَا كَانَ شَىْءٌ فِى صُدْغَيْهِ. طرفاه 5894، 5895 - تحفة 1398 3551 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَرْبُوعًا، بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، لَهُ شَعَرٌ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنِهِ، رَأَيْتُهُ فِى حُلَّةٍ حَمْرَاءَ، لَمْ أَرَ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ. قَالَ يُوسُفُ بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ إِلَى مَنْكِبَيْهِ. طرفاه 5848، 5901 - تحفة 1869، 1893 3552 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سُئِلَ الْبَرَاءُ أَكَانَ وَجْهُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَ السَّيْفِ قَالَ لاَ بَلْ مِثْلَ الْقَمَرِ. تحفة 1839 3553 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَنْصُورٍ أَبُو عَلِىٍّ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَعْوَرُ بِالْمَصِّيصَةِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْهَاجِرَةِ إِلَى الْبَطْحَاءِ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ. {قَالَ شُعْبَةُ} وَزَادَ فِيهِ عَوْنٌ عَنْ أَبِيهِ أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ كَانَ يَمُرُّ مِنْ وَرَائِهَا الْمَرْأَةُ، وَقَامَ النَّاسُ فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ يَدَيْهِ، فَيَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ، قَالَ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَوَضَعْتُهَا عَلَى وَجْهِى، فَإِذَا هِىَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ. أطرافه 187، 376، 495، 499، 501، 633، 634، 3566، 5786، 5859 تحفة 11799، 11809 - 229/ 4 3554 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِى رَمَضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - يَلْقَاهُ فِى كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ. أطرافه 6، 1902، 3220، 4997 - تحفة 5840 3555 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهَا مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ، فَقَالَ «أَلَمْ تَسْمَعِى مَا قَالَ الْمُدْلِجِىُّ لِزَيْدٍ وَأُسَامَةَ - وَرَأَى أَقْدَامَهُمَا - إِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الأَقْدَامِ مِنْ بَعْضٍ». أطرافه 3731، 6770، 6771 - تحفة 16529 3556 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ تَبُوكَ قَالَ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ. أطرافه 2757، 2947، 2948، 2949، 2950، 3088، 3889، 3951، 4418، 4673، 4676، 4677، 4678، 6255، 6690، 7225 - تحفة 11131 3557 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُونِ بَنِى آدَمَ قَرْنًا فَقَرْنًا، حَتَّى كُنْتُ مِنَ الْقَرْنِ الَّذِى كُنْتُ فِيهِ». تحفة 13003 3558 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسْدِلُ شَعَرَهُ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ فَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ رُءُوسَهُمْ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَىْءٍ، ثُمَّ فَرَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأْسَهُ. طرفاه 3944، 5917 - تحفة 5836 - 230/ 4 3559 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - قَالَ لَمْ يَكُنِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا وَكَانَ يَقُولُ «إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاَقًا». أطرافه 3759، 6029، 6035 - تحفة 8933 3560 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِنَفْسِهِ، إِلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا. أطرافه 6126، 6786، 6853 - تحفة 16595

3561 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ مَا مَسِسْتُ حَرِيرًا وَلاَ دِيبَاجًا أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَلاَ شَمِمْتُ رِيحًا قَطُّ أَوْ عَرْفًا قَطُّ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ أَوْ عَرْفِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1141، 1972، 1973 - تحفة 304 3562 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى عُتْبَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِى خِدْرِهَا. طرفاه 6102، 6119 - تحفة 4107 حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى وَابْنُ مَهْدِىٍّ قَالاَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ مِثْلَهُ وَإِذَا كَرِهَ شَيْئًا عُرِفَ فِى وَجْهِهِ. تحفة 4107 3563 - حَدَّثَنِى عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ مَا عَابَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - طَعَامًا قَطُّ، إِنِ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ، وَإِلاَّ تَرَكَهُ. طرفه 5409 - تحفة 13403 3564 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ الأَسْدِىِّ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سَجَدَ فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى نَرَى إِبْطَيْهِ. قَالَ وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا بَكْرٌ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ. طرفاه 390، 807 - تحفة 9157 - 231/ 4 3565 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا - رضى الله عنه - حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِى شَىْءٍ مِنْ دُعَائِهِ، إِلاَّ فِى الاِسْتِسْقَاءِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ. طرفاه 1031، 6341 - تحفة 1168 3566 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ قَالَ سَمِعْتُ عَوْنَ بْنَ أَبِى جُحَيْفَةَ ذَكَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دُفِعْتُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ بِالأَبْطَحِ فِى قُبَّةٍ كَانَ بِالْهَاجِرَةِ، خَرَجَ بِلاَلٌ فَنَادَى بِالصَّلاَةِ، ثُمَّ دَخَلَ فَأَخْرَجَ فَضْلَ وَضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَوَقَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ يَأْخُذُونَ مِنْهُ، ثُمَّ دَخَلَ فَأَخْرَجَ الْعَنَزَةَ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ سَاقَيْهِ فَرَكَزَ الْعَنَزَةَ، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ. أطرافه 187، 376، 495، 499، 501، 633، 634، 3553، 5786، 5859 تحفة 11818 3567 - حَدَّثَنِى الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ عَدَّهُ الْعَادُّ لأَحْصَاهُ. طرفه 3568 - تحفة 16445 3568 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ

الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ أَلاَ يُعْجِبُكَ أَبُو فُلاَنٍ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِ حُجْرَتِى يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، يُسْمِعُنِى ذَلِكَ وَكُنْتُ أُسَبِّحُ فَقَامَ قَبْلَ أَنْ أَقْضِىَ سُبْحَتِى، وَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الْحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ. طرفه 3567 - تحفة 16698 3547 - قوله: (فَلَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ)، وإنما لَبِثَ (¬1) ثلاث عشرة سنة، وإنما عدَّ عشر سنين، لأنه بصدد عدِّ السنين التي نَزَلَ فيها الوحيُ، فلعلَّه عدَّ زمنَ الفترة، ثلاث سنين، وللعلماء في عِدَّتِها أقوالٌ. 3555 - قوله: (إن بَعْضَ هَذِهِ الأَقْدَامِ مِنْ بَعْضٍ)، أي أحدهما أبٌ، والآخر ابنٌ. واعلم أنه لا عِبْرَةَ بالقافة عندنا شرعًا، وإنما هي أمرٌ لتطييب الخاطر. ولا حُجَّةَ في الحديث على كونها حُجَّةً. 3558 - قوله: (ثُمَّ فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم؟، قال الحافظُ: وذلك بعدما فُتِحَتْ مكة. فائدة: واعلم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يُحِبُّ موافقةَ أهل الكتاب (¬2) فيما لو يُؤْمَرْ فيه بشيءٍ. ومن هذا الباب استقبالُه إلى بيت المَقْدس بالمدينة، لا أنه كان لتأليف قلوبهم. بل الوجهُ أنه لمَّا بُلِّغَ في موضع كانت قبلتهم إلى بيت المَقْدِس، اتَّبَعَ قبلتهم، لأن نسخَ قبلة النبيِّ المتقدِّم بلا نزولٍ، شرعٌ جديدٌ يُؤْذِنُ بالخلاف، ويُورِثُ الشقاق. ثم لمَّا وُجِّهَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إلى البيت، ترك استقبال قبلتهم لنزول قبلته. وهذا الوجه مماَّ قد تفرَّدت به، وقد قرَّرته سابقًا. 3559 - قوله: (فَاحِش): "بدزبان". قوله: (مُتَفَحِّش): "بزور بدزبانى كرنى والا". ¬

_ (¬1) وقد بَحَثَ فيه الحافظُ في "الفتح" وعليّ القاري، والملا عبد الرؤوف المناوي في شرحيهما على "الشمائل"، فراجعهما. ولم أَبْسُط الكلامَ فيه، لأن المسألةَ مشهورةٌ، والخلافُ معلومٌ. (¬2) وقد ذكر الحافظُ في موافقة أهل الكتاب نكتة أخرى، قال: لأنَّ أهلَ الكتاب في زمانه كانوا متمسِّكين ببقايا من شرائع الرسل، فكانت موافقتهم أحبَّ إليه من موافقة عُبَّاد الأوثان، فلمَّا أَسْلَمَ غالب عُبَّادِ الأوثان، أحبَّ صلى الله عليه وسلم حينئذٍ مخالفةَ أهلِ الكتاب. اهـ. وذكر عليّ القاري في الصيام مجيبًا عن موافقته في صوم عاشوراء، أنه قيل في جوابه: إن المخالفةَ مطلوبةٌ، فيما أخطأوا فيه، كما في يوم السبت، لا في كلِّ أمرٍ. ثم قال: والأظهرُ في الجواب: أنه صلى الله عليه وسلم أول الهجرة لم يَكُنْ مأمورًا بالمخالفة، بل يتألَّفهم في كثيرٍ من الأمور، ومنها أمر القبلة. ثم لما ثَبَتَ عليهم الحُجَّة، ولم ينفعهم الملاءمة، وظَهَرَ منهم الفساد والمكابرة، اختار مخالفتهم، وترك موافقتهم. اهـ. وأنت قد عَلِمْتَ أن أمرَ القبلة على مختار الشيخ ليس من الموافقة في شيء، بل كان على تقسيم البلاد، وإن حَصَلَتِ الموافقة تبعًا.

24 - باب كان النبى - صلى الله عليه وسلم - تنام عينه ولا ينام قلبه

3565 - قوله: (كَانَ لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ في شَيءٍ مِنْ دُعَائِهِ إلاَّ في الاسْتِسْقَاءِ)، وفي «مراسيل أبي داود»: لا يَرْفَعُ كل الرفع، فاندفع الإِشكال. وإلى المبالغة في الرفع يُشِيرُ قوله فيما بعده: «فإنه كان يرفع يَدَيْهِ حتَّى يُرَى بَيَاضَ إِبْطَيْهِ». وقد ذَكَرَ ابنُ عبَّاسٍ في الرفع درجاتٍ، فراجعها من رسالتنا «كشف الستر». 24 - باب كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - تَنَامُ عَيْنُهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ، عَنْ جابِرٍ، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلّم. 3569 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى رَمَضَانَ قَالَتْ مَا كَانَ يَزِيدُ فِى رَمَضَانَ وَلاَ غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَلاَ تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّى أَرْبَعًا فَلاَ تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّى ثَلاَثًا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ قَالَ «تَنَامُ عَيْنِى وَلاَ يَنَامُ قَلْبِى». طرفاه 1147، 2013 - تحفة 17719 - 232/ 4 3570 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى نَمِرٍ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُنَا عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِىَ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ جَاءَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ، وَهُوَ نَائِمٌ فِى مَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَقَالَ أَوَّلُهُمْ أَيُّهُمْ هُوَ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ هُوَ خَيْرُهُمْ وَقَالَ آخِرُهُمْ خُذُوا خَيْرَهُمْ. فَكَانَتْ تِلْكَ، فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى جَاءُوا لَيْلَةً أُخْرَى، فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نَائِمَةٌ عَيْنَاهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلاَ تَنَامُ قُلُوبُهُمْ، فَتَوَلاَّهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ. أطرافه 4964، 5610، 6581، 7517 - تحفة 909 3569 - قوله: (يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ) ... إلخ، أمَّا كون عدد ركعاته صلى الله عليه وسلّم إحدى عشرة ركعةً، فكان ذلك في رمضان وغيره. وأمَّا كون أربع ركعاتٍ بترويحةٍ، ثم أربع ركعاتٍ بترويحةٍ، فذلك كان في رمضان فقط. 3570 - قوله: (جَاءَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوْحَى إِلَيْهِ) وقد أَخْرَجَ فيه الحافظُ عشر عِلَلٍ: منها أن المعراجَ ليس إلاَّ بعد نزول الوحي. وأُجِيبَ أنهم جاءوا، ثم انْصَرَفُوا في تلك المرَّةِ. وفي هذه الرواية: إن فاعل {دنا} [النجم: 8]، هو الله تعالى ويجيء الحديثُ في كتاب التوحيد، وعندي فيه تقديمٌ وتأخيرٌ. 25 - باب عَلاَمَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الإِسْلاَمِ 3571 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا

عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَسِيرٍ، فَأَدْلَجُوا لَيْلَتَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ وَجْهُ الصُّبْحِ عَرَّسُوا فَغَلَبَتْهُمْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَكَانَ لاَ يُوقَظُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَنَامِهِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، فَاسْتَيْقَظَ عُمَرُ فَقَعَدَ أَبُو بَكْرٍ عِنْدَ رَأْسِهِ فَجَعَلَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ، حَتَّى اسْتَيْقَظَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَزَلَ وَصَلَّى بِنَا الْغَدَاةَ، فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لَمْ يُصَلِّ مَعَنَا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «يَا فُلاَنُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُصَلِّىَ مَعَنَا». قَالَ أَصَابَتْنِى جَنَابَةٌ. فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ، ثُمَّ صَلَّى وَجَعَلَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى رَكُوبٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَدْ عَطِشْنَا عَطَشًا شَدِيدًا فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ إِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ سَادِلَةٍ رِجْلَيْهَا بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ، فَقُلْنَا لَهَا أَيْنَ الْمَاءُ فَقَالَتْ إِنَّهُ لاَ مَاءَ. فَقُلْنَا كَمْ بَيْنَ أَهْلِكِ وَبَيْنَ الْمَاءِ قَالَتْ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ. فَقُلْنَا انْطَلِقِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَتْ وَمَا رَسُولُ اللَّهِ فَلَمْ نُمَلِّكْهَا مِنْ أَمْرِهَا حَتَّى اسْتَقْبَلْنَا بِهَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَحَدَّثَتْهُ بِمِثْلِ الَّذِى حَدَّثَتْنَا غَيْرَ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا مُؤْتِمَةٌ، فَأَمَرَ بِمَزَادَتَيْهَا فَمَسَحَ فِى الْعَزْلاَوَيْنِ، فَشَرِبْنَا عِطَاشًا أَرْبَعِينَ رَجُلاً حَتَّى رَوِينَا، فَمَلأْنَا كُلَّ قِرْبَةٍ مَعَنَا وَإِدَاوَةٍ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ نَسْقِ بَعِيرًا وَهْىَ تَكَادُ تَنِضُّ مِنَ الْمِلْءِ ثُمَّ قَالَ «هَاتُوا مَا عِنْدَكُمْ». فَجُمِعَ لَهَا مِنَ الْكِسَرِ وَالتَّمْرِ، حَتَّى أَتَتْ أَهْلَهَا قَالَتْ لَقِيتُ أَسْحَرَ النَّاسِ، أَوْ هُوَ نَبِىٌّ كَمَا زَعَمُوا، فَهَدَى اللَّهُ ذَاكَ الصِّرْمَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَأَسْلَمَتْ وَأَسْلَمُوا. طرفاه 344، 348 - تحفة 10875 - 233/ 4 3572 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِإِنَاءٍ وَهْوَ بِالزَّوْرَاءِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِى الإِنَاءِ، فَجَعَلَ الْمَاءُ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ. قَالَ قَتَادَةُ قُلْتُ لأَنَسٍ كَمْ كُنْتُمْ قَالَ ثَلاَثَمِائَةٍ، أَوْ زُهَاءَ ثَلاَثِمِائَةٍ. أطرافه 169، 195، 200، 3573، 3574، 3575 - تحفة1183 3573 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَحَانَتْ صَلاَةُ الْعَصْرِ، فَالْتُمِسَ الْوَضُوءُ فَلَمْ يَجِدُوهُ فَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِوَضُوءٍ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ فِى ذَلِكَ الإِنَاءِ، فَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَوَضَّئُوا مِنْهُ، فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ، فَتَوَضَّأَ النَّاسُ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ. أطرافه 169، 195، 200، 3572، 3574، 3575 - تحفة 201 3574 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُبَارَكٍ حَدَّثَنَا حَزْمٌ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَعْضِ مَخَارِجِهِ وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَانْطَلَقُوا يَسِيرُونَ، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلَمْ يَجِدُوا مَاءً يَتَوَضَّئُونَ، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَجَاءَ بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ يَسِيرٍ فَأَخَذَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ مَدَّ أَصَابِعَهُ الأَرْبَعَ عَلَى الْقَدَحِ ثُمَّ قَالَ «قُومُوا فَتَوَضَّئُوا». فَتَوَضَّأَ، الْقَوْمُ حَتَّى بَلَغُوا فِيمَا يُرِيدُونَ مِنَ الْوَضُوءِ، وَكَانُوا سَبْعِينَ أَوْ نَحْوَهُ. أطرافه 169، 195، 200، 3572، 3573، 3575 - تحفة 527

3575 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ يَزِيدَ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَقَامَ مَنْ كَانَ قَرِيبَ الدَّارِ مِنَ الْمَسْجِدِ يَتَوَضَّأُ، وَبَقِىَ قَوْمٌ، فَأُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ فِيهِ مَاءٌ، فَوَضَعَ كَفَّهُ فَصَغُرَ الْمِخْضَبُ أَنْ يَبْسُطَ فِيهِ كَفَّهُ، فَضَمَّ أَصَابِعَهُ فَوَضَعَهَا فِى الْمِخْضَبِ، فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ جَمِيعًا. قُلْتُ كَمْ كَانُوا قَالَ ثَمَانُونَ رَجُلاً. أطرافه 169، 195، 200، 3572، 3573، 3574 - تحفة 809 - 234/ 4 3576 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ فَتَوَضَّأَ فَجَهَشَ النَّاسُ نَحْوَهُ، فَقَالَ «مَا لَكُمْ». قَالُوا لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ وَلاَ نَشْرَبُ إِلاَّ مَا بَيْنَ يَدَيْكَ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِى الرَّكْوَةِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَثُورُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُونِ، فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا. قُلْتُ كَمْ كُنْتُمْ قَالَ لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً. أطرافه 4152، 4153، 4154، 4840، 5639 - تحفة 2242 3577 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، وَالْحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ فَنَزَحْنَاهَا حَتَّى لَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً، فَجَلَسَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى شَفِيرِ الْبِئْرِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ وَمَجَّ فِى الْبِئْرِ، فَمَكَثْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ اسْتَقَيْنَا حَتَّى رَوِينَا وَرَوَتْ - أَوْ صَدَرَتْ - رَكَائِبُنَا. طرفاه 4150، 4151 - تحفة 1807 3578 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لأُمِّ سُلَيْمٍ لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَعِيفًا، أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَىْءٍ قَالَتْ نَعَمْ. فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخْرَجَتْ خِمَارًا لَهَا فَلَفَّتِ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ يَدِى وَلاَثَتْنِى بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَذَهَبْتُ بِهِ، فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ لِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «آرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ». فَقُلْتُ نَعَمْ. قَالَ بِطَعَامٍ. فَقُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمَنْ مَعَهُ «قُومُوا». فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ. فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالنَّاسِ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ. فَقَالَتِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِىَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَلُمِّى يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا عِنْدَكِ». فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَفُتَّ، وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً فَأَدَمَتْهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ قَالَ «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ». فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ «ائْذَنْ

لِعَشَرَةٍ». فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ». فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ». فَأَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا، وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ - أَوْ ثَمَانُونَ - رَجُلًا. أطرافه 422، 5381، 5450، 6688 - تحفة 200 - 235/ 4 3579 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِىُّ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا نَعُدُّ الآيَاتِ بَرَكَةً وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفًا، كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ فَقَلَّ الْمَاءُ فَقَالَ «اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ». فَجَاءُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِى الإِنَاءِ، ثُمَّ قَالَ «حَىَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ، وَالْبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ» فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهْوَ يُؤْكَلُ. تحفة 9454 3580 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِى عَامِرٌ قَالَ حَدَّثَنِى جَابِرٌ - رضى الله عنه - أَنَّ أَبَاهُ تُوُفِّىَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ إِنَّ أَبِى تَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا وَلَيْسَ عِنْدِى إِلاَّ مَا يُخْرِجُ نَخْلُهُ، وَلاَ يَبْلُغُ مَا يُخْرِجُ سِنِينَ مَا عَلَيْهِ، فَانْطَلِقْ مَعِى لِكَىْ لاَ يُفْحِشَ عَلَىَّ الْغُرَمَاءُ. فَمَشَى حَوْلَ بَيْدَرٍ مِنْ بَيَادِرِ التَّمْرِ فَدَعَا ثَمَّ آخَرَ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ فَقَالَ «انْزِعُوهُ». فَأَوْفَاهُمُ الَّذِى لَهُمْ، وَبَقِىَ مِثْلُ مَا أَعْطَاهُمْ. أطرافه 2127، 2395، 2396، 2405، 2601، 2709، 2781، 4053، 6250 تحفة 2344 3581 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ، وَأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مَرَّةً «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ أَوْ سَادِسٍ». أَوْ كَمَا قَالَ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلاَثَةٍ وَانْطَلَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَشَرَةٍ، وَأَبُو بَكْرٍ وَثَلاَثَةً، قَالَ فَهْوَ أَنَا وَأَبِى وَأُمِّى - وَلاَ أَدْرِى هَلْ قَالَ امْرَأَتِى وَخَادِمِى - بَيْنَ بَيْتِنَا وَبَيْنَ بَيْتِ أَبِى بَكْرٍ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صَلَّى الْعِشَاءَ، ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ مَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ أَوْ ضَيْفِكَ. قَالَ أَوَ عَشَّيْتِهِمْ قَالَتْ أَبَوْا حَتَّى تَجِىءَ، قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ فَغَلَبُوهُمْ، فَذَهَبْتُ فَاخْتَبَأْتُ، فَقَالَ يَا غُنْثَرُ. فَجَدَّعَ وَسَبَّ وَقَالَ كُلُوا وَقَالَ لاَ أَطْعَمُهُ أَبَدًا. قَالَ وَايْمُ اللَّهِ مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنَ اللُّقْمَةِ إِلاَّ رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا حَتَّى شَبِعُوا، وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلُ، فَنَظَرَ أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا شَىْءٌ أَوْ أَكْثَرُ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ يَا أُخْتَ بَنِى فِرَاسٍ. قَالَتْ لاَ وَقُرَّةِ عَيْنِى لَهْىَ الآنَ أَكْثَرُ مِمَّا قَبْلُ بِثَلاَثِ مَرَّاتٍ. فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ إِنَّمَا كَانَ الشَّيْطَانُ - يَعْنِى يَمِينَهُ - ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ. وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ، فَمَضَى الأَجَلُ، فَتَفَرَّقْنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ. اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ، غَيْرَ أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُمْ، قَالَ أَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ. أَوْ كَمَا قَالَ وغيرُهُم يقول فَتَفْرقنا. أطرافه 602، 6140، 6141 - تحفة 9688 - 236/ 4

3582 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ وَعَنْ يُونُسَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَصَابَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ قَحْطٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَبَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ جُمُعَةٍ إِذْ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الْكُرَاعُ، هَلَكَتِ الشَّاءُ، فَادْعُ اللَّهَ يَسْقِينَا، فَمَدَّ يَدَيْهِ وَدَعَا. قَالَ أَنَسٌ وَإِنَّ السَّمَاءَ لَمِثْلُ الزُّجَاجَةِ فَهَاجَتْ رِيحٌ أَنْشَأَتْ سَحَابًا ثُمَّ اجْتَمَعَ، ثُمَّ أَرْسَلَتِ السَّمَاءُ عَزَالِيَهَا، فَخَرَجْنَا نَخُوضُ الْمَاءَ حَتَّى أَتَيْنَا مَنَازِلَنَا، فَلَمْ نَزَلْ نُمْطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الأُخْرَى، فَقَامَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ - أَوْ غَيْرُهُ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ، فَادْعُ اللَّهَ يَحْبِسْهُ. فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ «حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا». فَنَظَرْتُ إِلَى السَّحَابِ تَصَدَّعَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ كَأَنَّهُ إِكْلِيلٌ. أطرافه 932، 933، 1013، 1014، 1015، 1016، 1017، 1018، 1019، 1021، 1029، 1033، 6093، 6342 - تحفة 1014، 493 - 237/ 4 3583 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ - وَاسْمُهُ عُمَرُ بْنُ الْعَلاَءِ أَخُو أَبِى عَمْرِو بْنِ الْعَلاَءِ - قَالَ سَمِعْتُ نَافِعًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَيْهِ، فَحَنَّ الْجِذْعُ فَأَتَاهُ فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهِ. تحفة 8235 وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ الْعَلاَءِ عَنْ نَافِعٍ بِهَذَا. وَرَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِى رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 7763، 8449 3584 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى شَجَرَةٍ أَوْ نَخْلَةٍ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ - أَوْ رَجُلٌ - يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ نَجْعَلُ لَكَ مِنْبَرًا قَالَ «إِنْ شِئْتُمْ». فَجَعَلُوا لَهُ مِنْبَرًا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ دُفِعَ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ صِيَاحَ الصَّبِىِّ، ثُمَّ نَزَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَضَمَّهُ إِلَيْهِ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِىِّ، الَّذِى يُسَكَّنُ، قَالَ «كَانَتْ تَبْكِى عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ عِنْدَهَا». أطرافه 449، 918، 2095، 3585 - تحفة 2215 3585 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ كَانَ الْمَسْجِدُ مَسْقُوفًا عَلَى جُذُوعٍ مِنْ نَخْلٍ فَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا خَطَبَ يَقُومُ إِلَى جِذْعٍ مِنْهَا، فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ الْمِنْبَرُ، وَكَانَ عَلَيْهِ فَسَمِعْنَا لِذَلِكَ الْجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ الْعِشَارِ، حَتَّى جَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَسَكَنَتْ. أطرافه 449، 918، 2095، 3584 - تحفة 2232 - 238/ 4 3586 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ. حَدَّثَنِى بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يُحَدِّثُ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - قَالَ أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْفِتْنَةِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ أَنَا أَحْفَظُ كَمَا قَالَ. قَالَ هَاتِ إِنَّكَ لَجَرِىءٌ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فِتْنَةُ الرَّجُلِ

فِى أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ». قَالَ لَيْسَتْ هَذِهِ، وَلَكِنِ الَّتِى تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ. قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لاَ بَأْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا. قَالَ يُفْتَحُ الْبَابُ أَوْ يُكْسَرُ قَالَ لاَ بَلْ يُكْسَرُ. قَالَ ذَاكَ أَحْرَى أَنْ لاَ يُغْلَقَ. قُلْنَا عَلِمَ الْبَابَ قَالَ نَعَمْ، كَمَا أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ، إِنِّى حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ. فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ، وَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا، فَسَأَلَهُ فَقَالَ مَنِ الْبَابُ قَالَ عُمَرُ. أطرافه 525، 1435، 1895، 7096 - تحفة 3337 3587 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ، وَحَتَّى تُقَاتِلُوا التُّرْكَ، صِغَارَ الأَعْيُنِ، حُمْرَ الْوُجُوهِ، ذُلْفَ الأُنُوفِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ». تحفة 13746 3588 - «وَتَجِدُونَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ أَشَدَّهُمْ كَرَاهِيَةً لِهَذَا الأَمْرِ، حَتَّى يَقَعَ فِيهِ، وَالنَّاسُ مَعَادِنُ، خِيَارُهُمْ فِى الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِى الإِسْلاَمِ». طرفاه 3493، 3496 - تحفة 13746 3589 - «وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَحَدِكُمْ زَمَانٌ لأَنْ يَرَانِى أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُ أَهْلِهِ وَمَالِهِ». تحفة 13746 3590 - حَدَّثَنِى يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا خُوزًا وَكَرْمَانَ مِنَ الأَعَاجِمِ، حُمْرَ الْوُجُوهِ، فُطْسَ الأُنُوفِ، صِغَارَ الأَعْيُنِ، وُجُوهُهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ، نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ». تَابَعَهُ غَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. أطرافه 2928، 2929، 3587، 3591 - تحفة 14732 3591 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ أَخْبَرَنِى قَيْسٌ قَالَ أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - فَقَالَ صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَ سِنِينَ لَمْ أَكُنْ فِى سِنِىَّ أَحْرَصَ عَلَى أَنْ أَعِىَ الْحَدِيثَ مِنِّى فِيهِنَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ وَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ «بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ، وَهُوَ هَذَا الْبَارِزُ». وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً وَهُمْ أَهْلُ الْبَازَرِ. أطرافه 2928، 2929، 3587، 3590 - تحفة 14292 - 239/ 4 3592 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا يَنْتَعِلُونَ الشَّعَرَ، وَتُقَاتِلُونَ قَوْمًا كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ». طرفه 2927 - تحفة 10710 3593 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «تُقَاتِلُكُمُ الْيَهُودُ فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَقُولُ الْحَجَرُ يَا مُسْلِمُ، هَذَا يَهُودِىٌّ وَرَائِى فَاقْتُلْهُ». طرفه 2925 - تحفة 6851

3594 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَأْتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَغْزُونَ، فَيُقَالُ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ الرَّسُولَ - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولُونَ نَعَمْ. فَيُفْتَحُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يَغْزُونَ فَيُقَالُ لَهُمْ هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ مَنْ صَحِبَ الرَّسُولَ - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولُونَ نَعَمْ. فَيُفْتَحُ لَهُمْ». طرفاه 2897، 3649 - تحفة 3983 3595 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ أَخْبَرَنَا سَعْدٌ الطَّائِىُّ أَخْبَرَنَا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ بَيْنَا أَنَا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَشَكَا إِلَيْهِ الْفَاقَةَ، ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ، فَشَكَا قَطْعَ السَّبِيلِ. فَقَالَ «يَا عَدِىُّ هَلْ رَأَيْتَ الْحِيرَةَ». قُلْتُ لَمْ أَرَهَا وَقَدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا. قَالَ «فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الْحِيرَةِ، حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ، لاَ تَخَافُ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ» - قُلْتُ فِيمَا بَيْنِى وَبَيْنَ نَفْسِى فَأَيْنَ دُعَّارُ طَيِّئٍ الَّذِينَ قَدْ سَعَّرُوا الْبِلاَدَ «وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتُفْتَحَنَّ كُنُوزُ كِسْرَى». قُلْتُ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ قَالَ «كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ، وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، يَطْلُبُ مَنْ يَقْبَلُهُ مِنْهُ، فَلاَ يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهُ مِنْهُ، وَلَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ يَلْقَاهُ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ. فَيَقُولَنَّ أَلَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكَ رَسُولاً فَيُبَلِّغَكَ فَيَقُولُ بَلَى. فَيَقُولُ أَلَمْ أُعْطِكَ مَالاً وَأُفْضِلْ عَلَيْكَ فَيَقُولُ بَلَى. فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ جَهَنَّمَ، وَيَنْظُرُ عَنْ يَسَارِهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ جَهَنَّمَ». قَالَ عَدِىٌّ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقَّةِ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ شِقَّةَ تَمْرَةٍ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ». قَالَ عَدِىٌّ فَرَأَيْتُ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ، لاَ تَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ، وَكُنْتُ فِيمَنِ افْتَتَحَ كُنُوزَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ، وَلَئِنْ طَالَتْ بِكُمْ حَيَاةٌ لَتَرَوُنَّ مَا قَالَ النَّبِىُّ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ». أطرافه 1413، 1417، 6023، 6539، 6540، 6563، 7443، 7512 تحفة 9874 - 240/ 4 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا سَعْدَانُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُجَاهِدٍ حَدَّثَنَا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ سَمِعْتُ عَدِيًّا كُنْتُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 9874 3596 - حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاَتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ «إِنِّى فَرَطُكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، إِنِّى وَاللَّهِ لأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِى الآنَ، وَإِنِّى قَدْ أُعْطِيتُ خَزَائِنَ مَفَاتِيحِ الأَرْضِ، وَإِنِّى وَاللَّهِ مَا أَخَافُ بَعْدِى أَنْ تُشْرِكُوا، وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا». أطرافه 1344، 4042، 4085، 6426، 6590 - تحفة 9956 3597 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَشْرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أُطُمٍ مِنَ الآطَامِ، فَقَالَ «هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى إِنِّى أَرَى الْفِتَنَ تَقَعُ خِلاَلَ بُيُوتِكُمْ مَوَاقِعَ الْقَطْرِ». أطرافه 1878، 2467، 7060 - تحفة 106

3598 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِى سُفْيَانَ حَدَّثَتْهَا عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذَا». وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ وَبِالَّتِى تَلِيهَا، فَقَالَتْ زَيْنَبُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ «نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ». أطرافه 3346، 7059، 7135 - تحفة 15880 - 241/ 4 3599 - وَعَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَتْنِى هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتِ اسْتَيْقَظَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «سُبْحَانَ اللَّهِ، مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْخَزَائِنِ وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْفِتَنِ». أطرافه 115، 1126، 5844، 6218، 7069 - تحفة 18290 3600 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ لِى إِنِّى أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ، وَتَتَّخِذُهَا، فَأَصْلِحْهَا وَأَصْلِحْ رُعَامَهَا، فَإِنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَأْتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تَكُونُ الْغَنَمُ فِيهِ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ، يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ - أَوْ سَعَفَ الْجِبَالِ - فِى مَوَاقِعِ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ». أطرافه 19، 3300، 6495، 7088 - تحفة 4103، 4105 3601 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «سَتَكُونُ فِتَنٌ، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِى، وَالْمَاشِى فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِى، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ». طرفاه 7081، 7082 - تحفة 13179، 15188 3602 - وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُطِيعِ بْنِ الأَسْوَدِ عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، مِثْلَ حَدِيثِ أَبِى هُرَيْرَةَ هَذَا، إِلاَّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ يَزِيدُ «مِنَ الصَّلاَةِ صَلاَةٌ مَنْ فَاتَتْهُ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ». تحفة 11716 3603 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «سَتَكُونُ أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ «تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِى عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِى لَكُمْ». طرفه 7052 - تحفة 9229 - 242/ 4 3604 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُهْلِكُ النَّاسَ هَذَا الْحَىُّ مِنْ قُرَيْشٍ». قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا

قَالَ «لَوْ أَنَّ النَّاسَ اعْتَزَلُوهُمْ». قَالَ مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ. طرفاه 3605، 7058 - تحفة 14926 3605 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّىُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأُمَوِىُّ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ مَرْوَانَ وَأَبِى هُرَيْرَةَ فَسَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ يَقُولُ «هَلاَكُ أُمَّتِى عَلَى يَدَىْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ». فَقَالَ مَرْوَانُ غِلْمَةٌ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُسَمِّيَهُمْ بَنِى فُلاَنٍ وَبَنِى فُلاَنٍ. طرفاه 3604، 7058 - تحفة 13084 3606 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنِى بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِى. فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِى جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ «نَعَمْ». قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ «نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ». قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ «قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِى تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ». قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ «نَعَمْ دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا فَقَالَ «هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا» قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِى إِنْ أَدْرَكَنِى ذَلِكَ قَالَ «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ». قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ قَالَ «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ». طرفاه 3607، 7084 - تحفة 3362 3607 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنِى قَيْسٌ عَنْ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ تَعَلَّمَ أَصْحَابِى الْخَيْرَ وَتَعَلَّمْتُ الشَّرَّ. طرفاه 3606، 7084 - تحفة 3380 - 243/ 4 3608 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتَتِلَ فِئَتَانِ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ». أطرافه 85، 1036، 1412، 3609، 4635، 4636، 6037، 6506، 6935، 7061، 7115، 7121 - تحفة 15174 3609 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتَتِلَ فِئَتَانِ، فَيَكُونَ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ، وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ قَرِيبًا مِنْ ثَلاَثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ». أطرافه 85، 1036، 1412، 3608، 4635، 4636، 6037، 6506، 6935، 7061، 7115، 7121 - تحفة 14706، 14719 3610 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -

وَهْوَ يَقْسِمُ قَسْمًا أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ - وَهْوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ. فَقَالَ «وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ». فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِى فِيهِ، فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَقَالَ «دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا، يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ - وَهْوَ قِدْحُهُ - فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْىِ الْمَرْأَةِ، أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَشْهَدُ أَنِّى سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ، فَالْتُمِسَ فَأُتِىَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الَّذِى نَعَتَهُ. أطرافه 3344، 4351، 4667، 5058، 6163، 6931، 6933، 7432، 7562 تحفة 4421 - 244/ 4 3611 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ قَالَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه - إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ، فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَأْتِى فِى آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفاه 5057، 6930 - تحفة 10121 3612 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ قَالَ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِى ظِلِّ الْكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ لَنَا قَالَ «كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِى الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ، فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ، مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ». طرفاه 3852، 6943 - تحفة 3519 3613 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ أَنْبَأَنِى مُوسَى بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - افْتَقَدَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ، فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَعْلَمُ لَكَ عِلْمَهُ. فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسًا فِى بَيْتِهِ مُنَكِّسًا رَأْسَهُ، فَقَالَ مَا شَأْنُكَ فَقَالَ شَرٌّ، كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَدْ

حَبِطَ عَمَلُهُ، وَهْوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. فَأَتَى الرَّجُلُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ مُوسَى بْنُ أَنَسٍ فَرَجَعَ الْمَرَّةَ الآخِرَةَ بِبِشَارَةٍ عَظِيمَةٍ، فَقَالَ «اذْهَبْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَلَكِنْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ». طرفه 4846 - تحفة 1612 - 245/ 4 3614 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَرَأَ رَجُلٌ الْكَهْفَ وَفِى الدَّارِ الدَّابَّةُ فَجَعَلَتْ تَنْفِرُ فَسَلَّمَ، فَإِذَا ضَبَابَةٌ - أَوْ سَحَابَةٌ - غَشِيَتْهُ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اقْرَأْ فُلاَنُ، فَإِنَّهَا السَّكِينَةُ نَزَلَتْ لِلْقُرْآنِ، أَوْ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ». طرفاه 4839، 5011 - تحفة 1872 3615 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَبُو الْحَسَنِ الْحَرَّانِىُّ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - إِلَى أَبِى فِى مَنْزِلِهِ، فَاشْتَرَى مِنْهُ رَحْلاً فَقَالَ لِعَازِبٍ ابْعَثِ ابْنَكَ يَحْمِلْهُ مَعِى. قَالَ فَحَمَلْتُهُ مَعَهُ، وَخَرَجَ أَبِى يَنْتَقِدُ ثَمَنَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبِى يَا أَبَا بَكْرٍ حَدِّثْنِى كَيْفَ صَنَعْتُمَا حِينَ سَرَيْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ نَعَمْ أَسْرَيْنَا لَيْلَتَنَا، وَمِنَ الْغَدِ حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، وَخَلاَ الطَّرِيقُ لاَ يَمُرُّ فِيهِ أَحَدٌ، فَرُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ طَوِيلَةٌ، لَهَا ظِلٌّ لَمْ تَأْتِ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَنَزَلْنَا عِنْدَهُ، وَسَوَّيْتُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَانًا بِيَدِى يَنَامُ عَلَيْهِ، وَبَسَطْتُ فِيهِ فَرْوَةً، وَقُلْتُ نَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَنَا أَنْفُضُ لَكَ مَا حَوْلَكَ. فَنَامَ وَخَرَجْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلَهُ، فَإِذَا أَنَا بِرَاعٍ مُقْبِلٍ بِغَنَمِهِ إِلَى الصَّخْرَةِ يُرِيدُ مِنْهَا مِثْلَ الَّذِى أَرَدْنَا فَقُلْتُ لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلاَمُ فَقَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ. قُلْتُ أَفِى غَنَمِكَ لَبَنٌ قَالَ نَعَمُ. قُلْتُ أَفَتَحْلُبُ قَالَ نَعَمْ. فَأَخَذَ شَاةً. فَقُلْتُ انْفُضِ الضَّرْعَ مِنَ التُّرَابِ وَالشَّعَرِ وَالْقَذَى. قَالَ فَرَأَيْتُ الْبَرَاءَ يَضْرِبُ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى يَنْفُضُ، فَحَلَبَ فِى قَعْبٍ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَمَعِى إِدَاوَةٌ حَمَلْتُهَا لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَرْتَوِى مِنْهَا، يَشْرَبُ وَيَتَوَضَّأُ، فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُ، فَوَافَقْتُهُ حِينَ اسْتَيْقَظَ، فَصَبَبْتُ مِنَ الْمَاءِ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَقُلْتُ اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ - قَالَ - فَشَرِبَ، حَتَّى رَضِيتُ ثُمَّ قَالَ «أَلَمْ يَأْنِ لِلرَّحِيلِ». قُلْتُ بَلَى - قَالَ - فَارْتَحَلْنَا بَعْدَ مَا مَالَتِ الشَّمْشُ، وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ، فَقُلْتُ أُتِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ «لاَ تَحْزَنْ، إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا». فَدَعَا عَلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَارْتَطَمَتْ بِهِ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا - أُرَى فِى جَلَدٍ مِنَ الأَرْضِ، شَكَّ زُهَيْرٌ - فَقَالَ إِنِّى أُرَاكُمَا قَدْ دَعَوْتُمَا عَلَىَّ فَادْعُوَا لِى، فَاللَّهُ لَكُمَا أَنْ أَرُدَّ عَنْكُمَا الطَّلَبَ. فَدَعَا لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَجَا فَجَعَلَ لاَ يَلْقَى أَحَدًا إِلاَّ قَالَ كَفَيْتُكُمْ مَا هُنَا. فَلاَ يَلْقَى أَحَدًا إِلاَّ رَدَّهُ. قَالَ وَوَفَى لَنَا. أطرافه 2439، 3652، 3908، 3917، 5607 - تحفة 6587 - 246/ 4 3616 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِىٍّ - يَعُودُهُ - قَالَ وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ قَالَ لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَقَالَ لَهُ

«لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». قَالَ قُلْتَ طَهُورٌ كَلاَّ بَلْ هِىَ حُمَّى تَفُورُ - أَوْ تَثُورُ - عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ الْقُبُورَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَنَعَمْ إِذًا». أطرافه 5656، 5662، 7470 - تحفة 6055 3617 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَعَادَ نَصْرَانِيًّا فَكَانَ يَقُولُ مَا يَدْرِى مُحَمَّدٌ إِلاَّ مَا كَتَبْتُ لَهُ، فَأَمَاتَهُ اللَّهُ فَدَفَنُوهُ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا. فَأَلْقُوهُ فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ. فَأَلْقَوْهُ فَحَفَرُوا لَهُ، وَأَعْمَقُوا لَهُ فِى الأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا، فَأَصْبَحَ قَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ. تحفة 1051 3618 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِى ابْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلاَ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلاَ قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتُنْفِقُنَّ كُنُوزَهُمَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ». أطرافه 3027، 3120، 6630 - تحفة 13334 3619 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَفَعَهُ قَالَ «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلاَ كِسْرَى بَعْدَهُ - وَذَكَرَ وَقَالَ - لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ». طرفاه 3121، 6629 - تحفة 2204 - 247/ 4 3620 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَعَلَ يَقُولُ إِنْ جَعَلَ لِى مُحَمَّدٌ الأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ تَبِعْتُهُ. وَقَدِمَهَا فِى بَشَرٍ كَثِيرٍ مِنْ قَوْمِهِ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَفِى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِطْعَةُ جَرِيدٍ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِى أَصْحَابِهِ فَقَالَ «لَوْ سَأَلْتَنِى هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا، وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ، وَإِنِّى لأَرَاكَ الَّذِى أُرِيتُ فِيكَ مَا رَأَيْتُ». أطرافه 4373، 4378، 7033، 7461 - تحفة 6518 3621 - فَأَخْبَرَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ فِى يَدَىَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ، فَأَهَمَّنِى شَأْنُهُمَا، فَأُوحِىَ إِلَىَّ فِى الْمَنَامِ أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ بَعْدِى». فَكَانَ أَحَدُهُمَا الْعَنْسِىَّ وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ صَاحِبَ الْيَمَامَةِ. أطرافه 4374، 4375، 4379، 7034، 7037 - تحفة 13574 3622 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

أَبِى بُرْدَةَ عَنْ جَدِّهِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - أُرَاهُ - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رَأَيْتُ فِى الْمَنَامِ أَنِّى أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهَلِى إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ، فَإِذَا هِىَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ، وَرَأَيْتُ فِى رُؤْيَاىَ هَذِهِ أَنِّى هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ، فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ هَزَزْتُهُ بِأُخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْفَتْحِ وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ، وَرَأَيْتُ فِيهَا بَقَرًا وَاللَّهُ خَيْرٌ فَإِذَا هُمُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ مِنَ الْخَيْرِ، وَثَوَابِ الصِّدْقِ الَّذِى آتَانَا اللَّهُ بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ». أطرافه 3987، 4081، 7035، 7041 - تحفة 9043 3623 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِى، كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مَشْىُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَرْحَبًا بِابْنَتِى». ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا، فَبَكَتْ فَقُلْتُ لَهَا لِمَ تَبْكِينَ ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَضَحِكَتْ فَقُلْتُ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ، فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ فَقَالَتْ مَا كُنْتُ لأُفْشِىَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى قُبِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلْتُهَا. أطرافه 3625، 3715، 4433، 6285 - تحفة 17615 - 248/ 4 3624 - فَقَالَتْ أَسَرَّ إِلَىَّ «إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِى الْقُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ عَارَضَنِى الْعَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ حَضَرَ أَجَلِى، وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِى لَحَاقًا بِى». فَبَكَيْتُ فَقَالَ «أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِى سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ - أَوْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ». فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ. أطرافه 3626، 3716، 4434، 6286 - تحفة 18040 ل 3625 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاطِمَةَ ابْنَتَهُ فِى شَكْوَاهُ الَّذِى قُبِضَ فِيهِ، فَسَارَّهَا بِشَىْءٍ فَبَكَتْ، ثُمَّ دَعَاهَا، فَسَارَّهَا فَضَحِكَتْ، قَالَتْ فَسَأَلْتُهَا عَنْ ذَلِكَ. أطرافه 3623، 3715، 4433، 6285 - تحفة 16339 3626 - فَقَالَتْ سَارَّنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَنِى أَنَّهُ يُقْبَضُ فِى وَجَعِهِ الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ فَبَكَيْتُ، ثُمَّ سَارَّنِى فَأَخْبَرَنِى أَنِّى أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِهِ أَتْبَعُهُ فَضَحِكْتُ. أطرافه 3624، 3716، 4434، 6286 - تحفة 18040 3627 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يُدْنِى ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ إِنَّ لَنَا أَبْنَاءً مِثْلَهُ. فَقَالَ إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ تَعْلَمُ. فَسَأَلَ عُمَرُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)}. فَقَالَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْلَمَهُ إِيَّاهُ. قَالَ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَعْلَمُ. أطرافه 4294، 4430، 4969، 4970 - تحفة 5456 3628 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ الْغَسِيلِ

حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ بِمِلْحَفَةٍ قَدْ عَصَّبَ بِعِصَابَةٍ دَسْمَاءَ، حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَيَقِلُّ الأَنْصَارُ، حَتَّى يَكُونُوا فِى النَّاسِ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْحِ فِى الطَّعَامِ، فَمَنْ وَلِىَ مِنْكُمْ شَيْئًا يَضُرُّ فِيهِ قَوْمًا، وَيَنْفَعُ فِيهِ آخَرِينَ، فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ». فَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 927، 3800 - تحفة 6146 - 249/ 4 3629 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِىُّ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ - رضى الله عنه - أَخْرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ الْحَسَنَ فَصَعِدَ بِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ «ابْنِى هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ». أطرافه 2704، 3746، 7109 - تحفة 11658 3630 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَعَى جَعْفَرًا وَزَيْدًا قَبْلَ أَنْ يَجِىءَ خَبَرُهُمْ، وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. أطرافه 1246، 2798، 3063، 3757، 4262 - تحفة 820 3631 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِىٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ لَكُمْ مِنْ أَنْمَاطٍ». قُلْتُ وَأَنَّى يَكُونُ لَنَا الأَنْمَاطُ قَالَ «أَمَا إِنَّهُ سَيَكُونُ لَكُمُ الأَنْمَاطُ». فَأَنَا أَقُولُ لَهَا - يَعْنِى امْرَأَتَهُ - أَخِّرِى عَنِّى أَنْمَاطَكِ. فَتَقُولُ أَلَمْ يَقُلِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّهَا سَتَكُونُ لَكُمُ الأَنْمَاطُ». فَأَدَعُهَا. طرفه 5161 - تحفة 3023 3632 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ انْطَلَقَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مُعْتَمِرًا - قَالَ - فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ أَبِى صَفْوَانَ، وَكَانَ أُمَيَّةُ إِذَا انْطَلَقَ إِلَى الشَّأْمِ فَمَرَّ بِالْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدٍ، فَقَالَ أُمَيَّةُ لِسَعْدٍ انْتَظِرْ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ، وَغَفَلَ النَّاسُ انْطَلَقْتُ فَطُفْتُ، فَبَيْنَا سَعْدٌ يَطُوفُ إِذَا أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ مَنْ هَذَا الَّذِى يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فَقَالَ سَعْدٌ أَنَا سَعْدٌ. فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ تَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ آمِنًا، وَقَدْ آوَيْتُمْ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ فَقَالَ نَعَمْ. فَتَلاَحَيَا بَيْنَهُمَا. فَقَالَ أُمَيَّةُ لِسَعْدٍ لاَ تَرْفَعْ صَوْتَكَ عَلَى أَبِى الْحَكَمِ، فَإِنَّهُ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِى. ثُمَّ قَالَ سَعْدٌ وَاللَّهِ لَئِنْ مَنَعْتَنِى أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ لأَقْطَعَنَّ مَتْجَرَكَ بِالشَّأْمِ. قَالَ فَجَعَلَ أُمَيَّةُ يَقُولُ لِسَعْدٍ لاَ تَرْفَعْ صَوْتَكَ. وَجَعَلَ يُمْسِكُهُ، فَغَضِبَ سَعْدٌ فَقَالَ دَعْنَا عَنْكَ، فَإِنِّى سَمِعْتُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلُكَ. قَالَ إِيَّاىَ قَالَ نَعَمْ. قَالَ وَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ إِذَا حَدَّثَ. فَرَجَعَ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ أَمَا تَعْلَمِينَ مَا قَالَ لِى أَخِى الْيَثْرِبِىُّ قَالَتْ وَمَا قَالَ قَالَ زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدًا يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلِى. قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ. قَالَ فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى بَدْرٍ، وَجَاءَ الصَّرِيخُ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ أَمَا

ذَكَرْتَ مَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ الْيَثْرِبِىُّ قَالَ فَأَرَادَ أَنْ لاَ يَخْرُجَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ إِنَّكَ مِنْ أَشْرَافِ الْوَادِى، فَسِرْ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، فَسَارَ مَعَهُمْ فَقَتَلَهُ اللَّهُ. طرفه 3950 - تحفة 4450، 9486 - 250/ 4 3633 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رَأَيْتُ النَّاسَ مُجْتَمِعِينَ فِى صَعِيدٍ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِى بَعْضِ نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا عُمَرُ، فَاسْتَحَالَتْ بِيَدِهِ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا فِى النَّاسِ يَفْرِى فَرِيَّهُ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ». وَقَالَ هَمَّامٌ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «فَنَزَعَ أَبُو بَكْرٍ ذَنُوبَيْنِ». أطرافه 3676، 3682، 7019، 7020 - تحفة 7022، 14733 3634 - حَدَّثَنِى عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِىُّ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ قَالَ أُنْبِئْتُ أَنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ، فَجَعَلَ يُحَدِّثُ ثُمَّ قَامَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأُمِّ سَلَمَةَ «مَنْ هَذَا». أَوْ كَمَا قَالَ. قَالَ قَالَتْ هَذَا دِحْيَةُ. قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ ايْمُ اللَّهِ مَا حَسِبْتُهُ إِلاَّ إِيَّاهُ حَتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُخْبِرُ جِبْرِيلَ أَوْ كَمَا قَالَ. قَالَ فَقُلْتُ لأَبِى عُثْمَانَ مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا قَالَ مِنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. طرفه 4980 - تحفة 101، 18144 واعلم أن ما يَصْدُرُ من الأنبياء عليهم السلام قبل النبوة يُسَمَّى إرْهَاصًا، وما يَصْدُرُ بعد النبوة يُسَمَّى معجزةً، وأمَّا المصنِّفُ، فإنه بصدد بيان العلامات، سواء كانت من جنس الإرهاصات، أو المعجزات. 3571 - قوله: (فَشَرِبْنَا عِطَاشًا أَرْبَعِينَ رَجُلًا)، ولا حاجةَ إلى ذكر هذا العدد، فإن الصحابةَ في غَزْوَةِ خَيْبَرَ كانوا ألفًا وأربع مئة، وهذه القصة فيها، وكانوا كلُّهم محتاجين إلى الماء. 3572 - قوله: (قُلْتُ لأَنَسٍ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قال: ثَلاَثَ مِئَةٍ)، وفي الرواية الثالثة بعدها عن أَنَسٍ، قال: «خرج النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في بعض مَخَارِجِهِ»، فذكر فيه: أنهم كانوا سبعين. وحَمَلَهما الحافظُ على الواقعتين في تمر المدينة. وأمَّا قوله: «خرج في بعض مَخَارِجِهِ»، فإن ظاهرَ خروجه للسفر، لكن يُؤَوَّل أنه خَرَجَ في المدينة إلى وجهٍ. 3583 - قوله: (حَدَّثنا أبو حَفْصٍ، واسْمُهُ عُمَرُ بنُ العَلاَءِ، أَخُو أبي عَمْرٍو بن العلاءِ) ... إلخ، فأبو عمرو ليس راويًا، بل هو أخٌ للراوي في البخاريِّ، وأبو عمرو هذا متقدِّمٌ عن سيبويه، والخليل، وإمامٌ للنحو. وهذا الذي نَقَلْتُ عنه الفرق بين الفرجة،

والفرجة، وهو الذي سَأَلَ أبا حنيفة عن القتل بالمثقَّل، فقال له الإِمام: ولو ضرب بأبا قُبَيْس. 3590 - قوله: (حتَّى تُقَاتِلُوا خُوزًا، وكَرْمَانَ) قيل: من هؤلاء، فإن خُوزستان، وكَرْمَان من بلاد إيران. وما ذُكِرَ فيه من حليتهم، أعني: «فُطْسَ الأُنُوفِ»، وغيره، لا تُوجَدُ فيهم، فإنها حلية الترك. وليسوا هؤلاء من الترك، ولا من مغول، فمن هم؟ أمَّا مغول، فهو من ذُرِّيَّة يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ، وكذا بعضٌ من الترك أيضًا. فأجاب الحافظُ بحمله على وَهْمِ من أحد الرواة، حيث ذكر من حلية الترك مع خُوز، وكَرْمَان. وقيل: إنه جاءَ بعضٌ من مغول في الابتداء في خُوز، وكَرْمَان، وسَكَنُوا بها، فهم هؤلاء. 3591 - قوله: (تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ، وهو هذا البَارزُ)، يعني: "باهر والى"، ورأيتُ أن كلَّ أهل بلدة يقول لآخر: بَارِزًا. فالعربُ تقول للعجم: بَار2زًا، وكذا العكس. وقيل: إنه معرَّبٌ فارسٌ، للإِبدال بين الباء والفاء، وكذا بين الزاي والسين. قلتُ: فإن كان بفتح الراء، فهو كذلك، كما عند ابن ماجه. 3593 - قوله: (حَتَّى يَقُولُ الحَجَرُ: يَا مُسْلِمُ، هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائي فَاقْتُلْهُ)، وعند ابن ماجه: «أنه يكون سبعون ألفًا منهم مع الدَّجَّال». 3595 - قوله: (دُعَّارُ طَيِّىءٍ)، والدُّعَّار: جمع داعر، والطيِّىءُ: بهمزة في آخرها. 3596 - قوله: (ثُمَّ انْصَرَفَ إلى المِنْبَرِ)، ولهذا قلتُ (¬1): إن دعاءَه صلى الله عليه وسلّم على أهل أحد لم يَكُنْ على شاكلة الصلاة، لأنه لم يَخْرُجْ إليهم، وأنه كان في المسجد لذكر الانصراف إلى المنبر بعد الدعاء، وكان المنبرُ في المسجد. 3600 - قوله: (وأَصْلِحْ رُعَامَهَا) والرُّعَامُ: رطوبةٌ تَخْرُجُ عن أنف الغنم، وقد تكونُ لأجل المرض أيضًا. 3601 - قوله: (مَنْ يُشْرف لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ): "جو اسكوجها نكيكا فتنه اسكوجها نك هي ليكا". 3602 - قوله: (مِنَ الصَّلاَةِ، صَلاَةٌ مَنْ فَاتَتْهُ) ... إلخ، وإنما ذَكَرَهُ في هذا الباب لكونه تتمةً من الحديث السابق. ¬

_ (¬1) فإن قلتَ: إن التشبيهَ بقوله: "صلاته على الميِّت"، يأبى حمله على الدعاء المعروف، فإن السُّنةَ في الميِّت هي الصلاةُ المعروفةُ. فقد كان الشيخُ أجاب عنه: أن نظيرَه موجودٌ عندي. قلتُ: وهو ما سيجيءُ في مناقب عمر من قوله: "تكنفه الناس يدعون ويصلُّون". وليس المرادُ من الصلاة ههنا إلَّا الدعاء، دون الصلاة المعروفة. وحينئذٍ لا بُعْدَ في حمل الصلاة على الدعاء في اللفظِ المذكورِ أيضًا، لا سِيَّما إذا ثَبَتَ أن هذه الصلاة لم تَكُنْ إلَّا في المسجد. والله تعالى أعلم.

3605 - قوله: (هَلاَكُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ)، وهم بنو أُمَيَّة. 3606 - قوله: (وفِيهِ دَخَنٌ)، يعني لا يكون فيه خيرٌ واضحٌ. قوله: (دُعَاةٌ إلى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ)، يعني يَدْعُو الأمراء إلى أمورٍ خلاف الشرع. قوله: (تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ)، ومنه أُخِذَ لفظُ: أهل السنة والجماعة، وذلك لكون الحقِّ في جماعة المسلمين في الأغلب. وقد أخرج الشَّهْرَسْتَاني حديثًا فيه لفظ السنة والجماعة معًا، ولا أدري ماذا حال إسناده. وقد احتجَّ الأصوليون من مثله على كون الإِجماع حُجَّة. قلتُ: وفيه نظرٌ، فإن تلك الأحاديث إنما وَرَدَتْ في سياق التحريض على إطاعة أُولي الأمر، لئلا تَثِيرُ الفتن عند انقلاب الحكومة، فَأَوْصَى باتِّبَاع السواد الأعظم لهذا، ولم يَرِدْ في إجماع الأمة. ولعلَّهم تمسَّكُوا بحاصلها، سواء وَرَدَتْ في هذا أو ذاك. فإن اللزومَ مع الجماعة مطلوبٌ في كلِّ حالٍ، وفي كلِّ شيءٍ، فَيَصْلُحُ للاستدلال. ثم اعلم أن الحديثَ يَدُلُّ على أن العِبْرَةَ بمعظم جماعة المسلمين، فلو بايعه رجلٌ واحدٌ، أو اثنان، أو ثلاثة، فإنه لا يكون إمامًا ما لم يُبَايِعْهُ معظمُهُمْ، أو أهلُ الحَلِّ والعقدِ. والمنقولُ عن الأشعريِّ خلافه، ولم أَرَهُ إلاَّ في الفتوحات. 3609 - قوله: (حَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ قَرِيبًا من ثَلاَثِينَ) وفي «فتح الباري»: السبعين أيضًا. 3610 - قوله: (فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ، فَالْتُمِسَ، فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم)، وقد كان الْتُمِسَ قبله مرَّتين، ولم يُوجَدْ، فلَمَّا حَلَفَ أبو سعيدٍ أني ما كَذَبْتُ، فَالْتُمِسَ ثالثًا حتَّى وّجِدَ. 3615 - قوله: (رُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ): سامنى ايك بتهرد كهائى ديا، وعلى هذا العُرْفِ قولهم: طَلَعَتِ الشمسُ وغَرَبَتْ، وإلاَّ فهي طالعةٌ أبدًا. قوله: (قَعْبٍ): "برى ركابى". 3620 - قوله: (قَدِمَ مُسَيْلَمَةُ الكَذَّابُ) ... إلخ، والإِسنادُ فيه من قبيل بنى الأمير المدينة، لأن عدوَّ الله لم يَخْرُجْ من خيمته، كما ذكره الحافظُ (¬1). 3622 - قوله: (فَذَهَبَ وَهَلي) والوَهَلُ: هو ما سبق منك بغير الاختيار، فهو مرتبةُ الخاطر، أو الهاجس. ¬

_ (¬1) وسنذكر عبارة الحافظ في "المغازي" إن شاء الله تعالى.

قوله: (وثَوَابِ الصِّدْقِ الذي أَتَانَا اللَّهُ بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ) المراد منها بَعْدِيَّة متراخية، أو بدر الصُّغْرَى. 3623 - قوله: (حَدَّثَنا أَبو نُعَيْمٍ ... عن عَائِشَةَ) ... إلخ، وفيه زيادةٌ في «معجم الطبراني» بهذا الإِسناد: «أن كلَّ نبيَ عاش نصف عمر الذي قبله، وأن عيسى عليه الصلاة والسلام عاش مئة وعشرين، فلا أُرَاني ذاهبًا إلاَّ على رأس ستين». وهذا مُشْكِلٌ، فإنه لا يَسْتَقِيمُ بحسب أعمار الأنبياء عليهم السلام. والمرادُ عندي أنه باعتبار (¬1) أُولي العزم من الأنبياء عليهم السلام الذي دُوِّن التاريخ بهم. وأمَّا عمر عيسى عليه الصلاة والسلام، فتفصيلُه: أنه رُفِعَ وهو ابن ثمانين سنة، ويَمْكُثُ في الأرض بعد نزوله أربعين سنة. وأمَّا «سبع سنين» عند مسلم، فهي عمره مع المهدي عليه السلام، فتلك مئة وعشرون. 3627 - قوله: (فَقَالَ: أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم)، وليس هذا من باب المجاز، ولا من باب الكِنَاية، فإنه لا دلالةَ عليه بسورة الفتح من حيث اللغة، ولا غيرها. نعم ذلك من مقاصد السورة وأغراضِها، فقام من ذلك أصلٌ عظيمٌ لبيان معنى القرآن: أنه يَصِحُّ بهذا الطريق، مع عدم كونه حقيقةً، ولا مجازًا، ولا كنايةً، وإنما هو من مراميها البعيدةِ، يَفْهَمُهَا رجلٌ أُوتِي فَهْمًا، ورُزِقَ علمًا من عند الله. فهكذا يُمْكِنُ أن يكونَ موتُ عيسى عليه الصلاة والسلام أيضًا من المرامى البعيدة للفظ التوفِّي. وإلاَّ فاللفظُ لا دلالةَ له عليه، وإنما يُفْهَمُ منه معنى الموت على حدِّ الإِيماء والإِشارة، مع كون الغرضِ هو الاستيفاء. نعم بعد استيفاء الأجل ليس إلاَّ الموت، فَيُمْكِنُ أن يكونَ مفهومًا بهذا الطريق. 3628 - قوله: (حَدَّثَنَا أبو نُعَيْمٍ ... ، عن ابن عبَّاس، قال: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم في مَرَضِهِ الذي مَاتَ فِيهِ بِمِلْحَفَةٍ، وقَدْ عَصَّبَ رأسه بِعصَابَةٍ دَسْمَاءَ، حَتَّى جَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثم قال: أَمَّا بَعْدُ) ... إلخ، وهذا خروجُه يوم الخميس. وأنكره الحافظُ، وادَّعَيْتُ إثباته فيما مرَّ. 3633 - قوله: (فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًا)، أي شخصًا معظَّمًا. والفَرِيُّ: أصلُه: قَدُّ السَّيْرُ بين إصْبَعَيْنِ، ولا يأتي إلاَّ من الماهر، فإنه يخاف فيه جرح الإِصْبَع، وقد يُشْكِلُ قدُّه مستقيمًا، فقد تَنْحَرِفُ الآلة، فَيَدِقُّ السَّيْرُ من بعض المواضع. ويَغْلُظ في بعضٍ، ولذا يُرَادُ به الماهر في فنِّه. ¬

_ (¬1) يقول العبدُ الضعيفُ: وهذا عندي كقوله صلى الله عليه وسلم: "أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يتجاوز ذلك"، فكما أن كثيرًا منهم لا يَبْلُغُون إلى الستين، وبعضُهم يتجاوز عن السبعين، هكذا فَلْيُقَسْ عليه حال أعمار الأنبياء عليهم السلام، ولا ضيقَ فيه. وإنما الضيقُ على من يَذْهَلُ عن طريق الخطاب في مجاري المخاطبات، ويَحْمِلُ المباراتِ كلَّها على الطرد، والعكس عند أهل العقول.

26 - باب قول الله تعالى: {يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون} [البقرة: 146]

26 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 146] 3635 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا تَجِدُونَ فِى التَّوْرَاةِ فِى شَأْنِ الرَّجْمِ». فَقَالُوا نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ كَذَبْتُمْ، إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ. فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا، فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ ارْفَعْ يَدَكَ. فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ. فَقَالُوا صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ، فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ. فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرُجِمَا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَجْنَأُ عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ. أطرافه 1329، 4556، 6819، 6841، 7332، 7543 - تحفة 8324 - 251/ 4 27 - باب سُؤَالِ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُرِيَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - آيَةً، فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ 3636 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شِقَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اشْهَدُوا». أطرافه 3869، 3871، 4864، 4865 - تحفة 9336 3637 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً، فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ. أطرافه 3868، 4867، 4868 - تحفة 1297، 1200 3638 - حَدَّثَنِى خَلَفُ بْنُ خَالِدٍ الْقُرَشِىُّ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما أَنَّ الْقَمَرَ انْشَقَّ فِى زَمَانِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرافاه 3870، 4866 - تحفة 5831 وقد شاهده ملك بهوبال من الهند، اسمه: بهوج بال، ذكره الفرشته في «تاريخه» على أن مشاهدة (¬1) غيرهم ليس بلازمٍ، فكثيرًا ما تَنكَسِفُ الشمس والقمر، ولا يكون به للعامة خبرٌ، فكيف بانشقاقه؟ فإنه انشقَّ، ثم الْتَأَمَ من ساعته. ¬

_ (¬1) قال الحافظُ نقلًا عن أبي إسحاق الزجاج في "معاني القرآن"، في جواب من أنكره: إن ذلك وَقَعَ ليلًا، وأكثرُ الناس نِيَامٌ، والأبوابُ مغلَّقة، وقلَّ من يَرْصُدُ السماء إلَّا النادر. وقد تَقَعُ بالمشاهدة في العادة أن يَنْكَسِفَ =

28 - باب

28 - بابٌ 3639 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُعَاذٌ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ وَمَعَهُمَا مِثْلُ الْمِصْبَاحَيْنِ، يُضِيآنِ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، فَلَمَّا افْتَرَقَا صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدٌ حَتَّى أَتَى أَهْلَهُ. طرفاه 465، 3805 - تحفة 1372 - 252/ 4 3640 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَزَالُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ». طرفاه 7311، 7459 - تحفة 11524 3641 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِى أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ». قَالَ عُمَيْرٌ فَقَالَ مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ قَالَ مُعَاذٌ وَهُمْ بِالشَّأْمِ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ هَذَا مَالِكٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذًا يَقُولُ وَهُمْ بِالشَّامِ. أطرافه 71، 3116، 7312، 7460 - تحفة 11432، 11360 3642 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ قَالَ سَمِعْتُ الْحَىَّ يُحَدِّثُونَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِى بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِى بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ. قَالَ سُفْيَانُ كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ جَاءَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْهُ، قَالَ سَمِعَهُ شَبِيبٌ مِنْ عُرْوَةَ، فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ شَبِيبٌ إِنِّى لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ عُرْوَةَ، قَالَ سَمِعْتُ الْحَىَّ يُخْبِرُونَهُ عَنْهُ. تحفة 9898 3643 - وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْخَيْرُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِى الْخَيْلِ ¬

_ = القمر، وتبدوَ الكواكب العِظَامِ، وغير ذلك في الليلِ، ولا يُشاهِدُها إلَّا الآحاد. فكذلك الانشقاق، كان آيةٌ وقعت في الليل لقومٍ سَأَلُوا واقترحوا، فلم يَتَأَهَّب غيرهم لها. ثم ذكر نحوه عن الخطَّابيِّ، ثم ذكر الخطَّابيُّ حكمةً في كون المعجزات المحمدية لم يَبلُغْ شيءٌ منها مبلغ التواتر الذي لا نزاعَ فيه إلَّا القرآن، بما حاصله: أن معجزةَ كلِّ نبيٍّ كانت إذا وقعت عامة، أُعْقِبَتْ هلاك من كذَّبه من قومه، للاشتراك في إدراكها بالحسِّ. والنبيُّ صلى الله عليه وسلم بُعِثَ رحمةً، فكانت معجزته التي تحدَّى بها عَقْلِيَّة، فاختصَّ بها القوم الذين بُعثَ منهم، لِمَا أوتوه من فضل العقول. ولو كان إدراكها عامًّا لعُوجل من كذَّب به، كما عُوجل من قبلهم. وذكر أبو نعيم في "الدلائل" نحو ما ذكره الخطَّابيُّ، وزاد: لا سِيَّما إذا وقعت الآية في بلدةٍ كانت عامة أهلها يومئذٍ الكفار، الذين يَعتَقِدْون أنها سِحْرٌ، ويجتهدون في إطفاء نور الله. ثم نقل عن ابن عبد البَر: أنه مع ذلك، فقد بَعَثَ أهلُ مكة إلى آفاق مكة يسألون عن ذلك، فجاءت السُّفَّارُ، وأَخبَرُوا بأنهم عَايَنُوا ذلك، وذلك لأن المسافرينَ في الليل غالبًا يكونون سائرين في ضوء القمر، ولا يَخفَى عليهم ذلك. اهـ. هذا ملخَّص ما ذكره.

إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». قَالَ وَقَدْ رَأَيْتُ فِى دَارِهِ سَبْعِينَ فَرَسًا. قَالَ سُفْيَانُ يَشْتَرِى لَهُ شَاةً كَأَنَّهَا أُضْحِيَّةٌ. أطرافه 2850، 2852، 3119 - تحفة 9897 3644 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَيْلُ فِى نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». طرفه 2849 - تحفة 8168 3645 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِى نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ». طرفه 2851 - تحفة 1695 3646 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَيْلُ لِثَلاَثَةٍ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ. فَأَمَّا الَّذِى لَهُ أَجْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَالَ لَهَا فِى مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، وَمَا أَصَابَتْ فِى طِيَلِهَا مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا، فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، كَانَتْ أَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهْرٍ فَشَرِبَتْ، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَهَا، كَانَ ذَلِكَ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَسِتْرًا وَتَعَفُّفًا، لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِى رِقَابِهَا وَظُهُورِهَا، فَهِىَ لَهُ كَذَلِكَ سِتْرٌ. وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً، وَنِوَاءً لأَهْلِ الإِسْلاَمِ فَهْىَ وِزْرٌ. وَسُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْحُمُرِ فَقَالَ «مَا أُنْزِلَ عَلَىَّ فِيهَا إِلاَّ هَذِهِ الآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} [الزلزلة: 7 - 8]. أطرافه 2371، 2860، 4962، 4963، 7356 - تحفة 12316 - 253/ 4 3647 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ صَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ بُكْرَةً وَقَدْ خَرَجُوا بِالْمَسَاحِى، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ. وَأَحَالُوا إِلَى الْحِصْنِ يَسْعَوْنَ، فَرَفَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ وَقَالَ «اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ». أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 1457 3648 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى الْفُدَيْكِ عَنِ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى سَمِعْتُ مِنْكَ كَثِيرًا فَأَنْسَاهُ. قَالَ «ابْسُطْ رِدَاءَكَ». فَبَسَطْتُ فَغَرَفَ بِيَدِهِ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ «ضُمَّهُ» فَضَمَمْتُهُ، فَمَا نَسِيتُ حَدِيثًا بَعْدُ. أطرافه 118، 119، 2047، 2350، 7354 - تحفة 13015 3641 - قوله: (لا يَزَالُ من أُمَّتي أُمَّةٌ قَائِمةٌ) وقد مرَّ مني: أنها طائفةُ المجاهدين

في سبيل الله. وما ذَكَرَهُ أحمدُ أنها أهل السنة والجماعة، فهو أيضًا آيِلٌ إلى ما قُلْنَا، وقد فصَّلناه من قبل. قوله: (فقال مُعَاوِيَةُ: هذا مَالِكٌ يَزْعُمُ أنه سَمِعَ مُعَاذًا يَقُول، وهُمْ بالشَّام)، وإنما كان معاويةُ يُذِيعُهُ إشارةً إلى كونه على الحقِّ، مع أن الحديثَ وَرَدَ نظرًا إلى زمن عيسى عليه الصلاة والسلام، فإنَّ الخيرَ لا يكون في زمنه إلاَّ بالشاَّم. أو هو بناءً على الحديث الذي اختلف فيه المحدِّثُون: «أن الأَبْدَالَ أكثرهم بالشام»، ولا تعلُّق له بما يُشِيرُ إليه معاويةُ. 3642 - قوله: (قال سُفْيَان: كان الحَسَنُ بنُ عُمَارَةَ جَاءَنَا بِهَذَا الحديثِ عَنْهُ) واعلم أن الحسنَ بن عُمَارة ضعيفٌ بالاتفاق، ولكن ليس ذِكْرُه في الإِسناد، بل في ذَيْلِ القصة، ولا بأسَ به. 3646 - قوله: (ورَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا) واسْتُدِلَّ به على أن التغنِّي يُسْتَعْمَلُ بمعنى الاستغناء (¬1)، وهو المرادُ في قوله: «مَنْ لَمْ يتغنَّ بالقرآن»»، الحديث. أي من لم يَسْتَغْنِ به. ولي شرحٌ آخر، سأذكره في موضعه إن شاء الله تعالى. قوله: (قال أبو عبد الله: دَعْ -فرفع يديه-) فإني أخشى أن لا تكونَ محفوظًا، وليس هذه العبارةُ في غير تلك النُّسْخَةِ، ولم يأخذها أحدٌ من شارحيه. وثَبَتَ منه رععُ اليدين عند التكبير في خَيْبَر. ... ¬

_ (¬1) وقد بَسَطَهُ في "المعتصر"، فراجعه مع معاني أخرى ذكرها.

62 - كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 62 - كتاب فَضَائِلِ أَصْحَابِ النبي صلى الله عليه وسلّم 1 - باب فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ صَحِبَ النبي صلى الله عليه وسلّم، أَوْ رَآهُ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَهُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ. 3649 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَأْتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيَقُولُونَ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولُونَ نَعَمْ. فَيُفْتَحُ لَهُمْ. ثُمَّ يَأْتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولُونَ نَعَمْ. فَيُفْتَحُ لَهُمْ، ثُمَّ يَأْتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ مَنْ صَاحَبَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولُونَ نَعَمْ. فَيُفْتَحُ لَهُمْ». طرفاه 2897، 3594 - تحفة 3983 - 2/ 5 3650 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ سَمِعْتُ زَهْدَمَ بْنَ مُضَرِّبٍ سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «خَيْرُ أُمَّتِى قَرْنِى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ». قَالَ عِمْرَانُ فَلاَ أَدْرِى أَذَكَرَ بَعْدَ قَرْنِهِ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا «ثُمَّ إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَشْهَدُونَ وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَخُونُونَ وَلاَ يُؤْتَمَنُونَ، وَيَنْذُرُونَ وَلاَ يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ». أطرافه 2651، 6428، 6695 - تحفة 10827 - 3/ 5 3651 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِىءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ». قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَكَانُوا يَضْرِبُونَا عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْعَهْدِ وَنَحْنُ صِغَارٌ. أطرافه 2652، 6429، 6658 - تحفة 9403 2 - باب مَنَاقِبِ الْمُهَاجِرِينَ وَفَضْلِهِمْ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ التَّيْمِيُّ - رضى الله عنه -. وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8)} [الحشر: 8]. وَقَالَ: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِلَى قَوْلِهِ {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40]، قَالَتْ عَائِشَةُ وَأَبُو سَعِيدٍ وَابْنُ

عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْغَارِ. 3652 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - مِنْ عَازِبٍ رَحْلاً بِثَلاَثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَازِبٍ مُرِ الْبَرَاءَ فَلْيَحْمِلْ إِلَىَّ رَحْلِى. فَقَالَ عَازِبٌ لاَ حَتَّى تُحَدِّثَنَا كَيْفَ صَنَعْتَ أَنْتَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ خَرَجْتُمَا مِنْ مَكَّةَ وَالْمُشْرِكُونَ يَطْلُبُونَكُمْ قَالَ ارْتَحَلْنَا مِنْ مَكَّةَ، فَأَحْيَيْنَا أَوْ سَرَيْنَا لَيْلَتَنَا وَيَوْمَنَا حَتَّى أَظْهَرْنَا وَقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، فَرَمَيْتُ بِبَصَرِى هَلْ أَرَى مِنْ ظِلٍّ فَآوِىَ إِلَيْهِ، فَإِذَا صَخْرَةٌ أَتَيْتُهَا فَنَظَرْتُ بَقِيَّةَ ظِلٍّ لَهَا فَسَوَّيْتُهُ، ثُمَّ فَرَشْتُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ اضْطَجِعْ يَا نَبِىَّ اللَّهِ. فَاضْطَجَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ انْطَلَقْتُ أَنْظُرُ مَا حَوْلِى، هَلْ أَرَى مِنَ الطَّلَبِ أَحَدًا فَإِذَا أَنَا بِرَاعِى غَنَمٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ إِلَى الصَّخْرَةِ يُرِيدُ مِنْهَا الَّذِى أَرَدْنَا، فَسَأَلْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلاَمُ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ سَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ. فَقُلْتُ هَلْ فِى غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ فَهَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لَبَنًا قَالَ نَعَمْ. فَأَمَرْتُهُ فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ الْغُبَارِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فَقَالَ هَكَذَا ضَرَبَ إِحْدَى كَفَّيْهِ بِالأُخْرَى فَحَلَبَ لِى كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَقَدْ جَعَلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِدَاوَةً عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَافَقْتُهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقُلْتُ اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ ثُمَّ قُلْتُ قَدْ آنَ الرَّحِيلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «بَلَى». فَارْتَحَلْنَا وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَا، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرُ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ. فَقُلْتُ هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ «لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا». {تُرِيحُونَ} بالعشي {تَسْرَحُونَ} بالغداة أطرافه 2439، 3615، 3908، 3917، 5607 - تحفة 6587 - 4/ 5 3653 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا فِى الْغَارِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا. فَقَالَ «مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا». طرفاه 3922، 4663 - تحفة 6583 واعلم أنه كانت عند أبي بكرٍ ناقتان: إحداهما اشتراها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وكانت تُعْلَفُ عند أبي بكر، والأخرى له، وهاتان كانتا في سفر الهجرة. أمَّا دخوله صلى الله عليه وسلّم في المدينة، ففيه اختلافٌ لأصحاب السِّيَر، فقيل: إنه دَخَلَ الثامنة، وقيل: الثانية عشر. وعيَّنه محمود شاه الفرنساوي، وهو الصوابُ، لأن ما تلقَّاه أهلُ السِّيَرِ هو من أفواه الناس، وما حرَّره الفرنساوي هو بالحساب، فهو أقربُ إلى الصواب. فلمَّا سَمِعَ أهلُ المدينة مَقْدَمَهُ، خَرَجُوا إليه وافدين، وأصرُّوا عليه أن يَنْزِلَ ببلدهم، ولكن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم نزل بقُبَاء، وأقام بها أربعة عشر يومًا، ولم يَجْمَعْ بهم. وما في هامش البخاريِّ نسخة: «أربعة وعشرين يومًا»، غَلَطٌ. ثم ارْتَحَلَ من قُبَاء يوم الجمعة، وجَمَعَ في بني سالم - محلَّة من المدينة - ثم دَخَلَ

3 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «سدوا الأبواب، إلا باب أبي بكر»

في بيت أبي أيوب الأنصاريِّ، وكان البيت بناه تبع. وقصته: أنه خَرَجَ إلى أهل المدينة ليُحَارِبَهُمْ، فلماَّ دَنَا منها أخبره من معه من اليهود أنها مهاجر النبيِّ الأميِّ صلى الله عليه وسلّم فأعْرَضَ عنهم، وبَنَى بيتًا لخاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلّم ولعلَّ هذا هو السِّرُّ في بروك راحلته عنده، فكان به حتى بَنَى المسجد، ولم يكن إذ ذاك عنده إلاَّ سَوْدَة، فبنى له بيتًا وحُجْرَة. 3 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «سُدُّوا الأَبْوَابَ، (¬1) إِلاَّ بَابَ أَبِي بَكْرٍ» قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 3654 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ وَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مَا عِنْدَ اللَّهِ». قَالَ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، فَعَجِبْنَا لِبُكَائِهِ أَنْ يُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ عَبْدٍ خُيِّرَ. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ الْمُخَيَّرُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَىَّ فِى صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّى لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ وَمَوَدَّتُهُ، لاَ يَبْقَيَنَّ فِى الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلاَّ سُدَّ، إِلاَّ بَابَ أَبِى بَكْرٍ». طرفاه 466، 3904 - تحفة 3971 - 5/ 5 واختلف الرواةُ بين ذكر الباب، أو الخَوْخَةِ. 4 - باب فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - 3655 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِى زَمَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنُخَيِّرُ ¬

_ (¬1) نقل في "المعتصر" أولًا: الأمرُ بسدِّ الأبواب إلَّا باب أبي بكرٍ، ثم نَقَلَ في عليٍّ مثله، ثم قال: لا تَضَادَّ، ولا اضطرابَ فيما روينا، إذ يَحْتَمِلُ أن يكونَ الأمرُ بالسَّدِّ في قولين مختلفين. فكان الأوَّلُ منهما أمرَه بسدِّ تلك الأبواب، إلَّا الباب الذي استثناه، إمَّا باب أبي بكر، وإمَّا باب عليّ. ثمَّ أَمَرَ بعد ذلك بسدِّ الأبواب التي أمر بسدِّها بقوله الأوَّل، ولم يَكُنْ منها الباب الذي استثناه بقوله الأول. واستثنى بقوله الثاني البابَ الثاني، أو باب أبي بكرٍ إن كان المُسْتَثْنَى الأول باب عليّ، أو باب عليّ إن كان المُسْتَثْنَى الأوَّل باب أبي بكر، فعاد البابان مُسْتَثْنَيَيْن بالاستثناءين جميعًا. ولم يكن ما أمر به آخرًا رجوعًا عمَّا كان أمر به أولًا. وكان ما اختصَّ به أبو بكرٍ وعلي، كما اختصَّ غيرهما من الصحابة، كاختصاص عمر بأنه من المُحَدَّثين، واختصاص عثمان باستحياء الملائكة منه، واختصاص طلحة بإِخباره عنه: أنه ممَّن قَضَى نَحْبَهُ، واختصاص الزُّبَيْر بقوله: "إن لكلِّ نبيٍّ حَوَارِيًّا، وحَوَارِيَّ الزُّبَيْر" -والحَوَارِيُّ: الناصر- واختصاص سعد بن مالك بجمعه له أَبَوَيْهِ جميعًا، بقوله يوم أحد: "ارم فِدَاكَ أبي وأمي"، وفي أبي عُبَيْدَة بن الجرَّاح بأنه أمين الأُمَّة. فهذه خصائص اختصَّ بها النبيُّ صلى الله عليه وسلم من أصحابه من اختصَّه بها، ممَّن اختصَّه الله منهم، اهـ. وراجع "عمدة القاري".

5 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لو كنت متخذا خليلا»

أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضى الله عنهم. طرفه 3697 - تحفة 8524 واعلم أن فضلَه قطعيٌّ عند الأشعريِّ، وظنيٌّ عند البَاقِلاَّني. قلتُ: وما ذكر الأشعريُّ هو الصوابُ، لورود الأحاديث فيه فوق ما يَثْبُتُ به التواتر، وهكذا فضل الخَتَنَيْنِ أيضًا. ثم الترتيبُ بينهم بعكس قرابتهم إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فأقربهم نَسَبًا آخرهم فضلًا، وهو عليّ، ثم عثمان، ثم عمر، ثم إن أبا بكر ألضلُ من المهديِّ جزمًا. 5 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً» قَالَهُ أَبُو سَعِيدٍ. 3656 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِى خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ، أَبَا بَكْرٍ وَلَكِنْ أَخِى وَصَاحِبِى». أطرافه 467، 3657، 6738 - تحفة 6005 3657 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى وَمُوسَى قَالاَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ وَقَالَ «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُهُ خَلِيلاً، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ». أطرافه 467، 3656، 6738 - تحفة 6005 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ مِثْلَهُ. تحفة 6005 3658 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ كَتَبَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِى الْجَدِّ. فَقَالَ أَمَّا الَّذِى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُهُ». أَنْزَلَهُ أَبًا يَعْنِى أَبَا بَكْرٍ. تحفة 5270 3659 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالاَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَتِ امْرَأَةٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ. قَالَتْ أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ كَأَنَّهَا تَقُولُ الْمَوْتَ. قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ «إِنْ لَمْ تَجِدِينِى فَأْتِى أَبَا بَكْرٍ». طرفاه 7220، 7360 - تحفة 3192 3660 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ أَبِى الطَّيِّبِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ هَمَّامٍ قَالَ سَمِعْتُ عَمَّارًا يَقُولُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا مَعَهُ إِلاَّ خَمْسَةُ أَعْبُدٍ وَامْرَأَتَانِ وَأَبُو بَكْرٍ. طرفه 3857 - تحفة 10370 - 6/ 5 3661 - حَدَّثَنِى هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِذِ اللَّهِ أَبِى إِدْرِيسَ عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ

جَالِسًا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ». فَسَلَّمَ، وَقَالَ إِنِّى كَانَ بَيْنِى وَبَيْنَ ابْنِ الْخَطَّابِ شَىْءٌ فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْتُ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِى فَأَبَى عَلَىَّ، فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ فَقَالَ «يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ». ثَلاَثًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِى بَكْرٍ فَسَأَلَ أَثَمَّ أَبُو بَكْرٍ فَقَالُوا لاَ. فَأَتَى إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَسَلَّمَ فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَمَعَّرُ حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ مَرَّتَيْنِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِى إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقَ. وَوَاسَانِى بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِى صَاحِبِى». مَرَّتَيْنِ فَمَا أُوذِىَ بَعْدَهَا. طرفه 4640 - تحفة 10941 3662 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ حَدَّثَنَا عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلاَسِلِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ أَىُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ «عَائِشَةُ». فَقُلْتُ مِنَ الرِّجَالِ فَقَالَ «أَبُوهَا». قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ «ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ». فَعَدَّ رِجَالاً. طرفه 4358 - تحفة 10738 3663 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بَيْنَمَا رَاعٍ فِى غَنَمِهِ عَدَا عَلَيْهِ الذِّئْبُ، فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً، فَطَلَبَهُ الرَّاعِى، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ فَقَالَ مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِى، وَبَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً قَدْ حَمَلَ عَلَيْهَا، فَالْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَكَلَّمَتْهُ فَقَالَتْ إِنِّى لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، وَلَكِنِّى خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ». قَالَ النَّاسُ سُبْحَانَ اللَّهِ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَإِنِّى أُومِنُ بِذَلِكَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضى الله عنهما». أطرافه 2324، 3471، 3690 - تحفة 15175 - 7/ 5 3664 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ الْمُسَيَّبِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى عَلَى قَلِيبٍ عَلَيْهَا دَلْوٌ، فَنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِى قُحَافَةَ، فَنَزَعَ بِهَا ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِى نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ ضَعْفَهُ، ثُمَّ اسْتَحَالَتْ غَرْبًا، فَأَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَنْزِعُ نَزْعَ عُمَرَ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ». أطرافه 7021، 7022، 7475 - تحفة 13335 3665 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ أَحَدَ شِقَّىْ ثَوْبِى

يَسْتَرْخِى إِلاَّ أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّكَ لَسْتَ تَصْنَعُ ذَلِكَ خُيَلاَءَ» قَالَ مُوسَى فَقُلْتُ لِسَالِمٍ أَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ قَالَ لَمْ أَسْمَعْهُ ذَكَرَ إِلاَّ ثَوْبَهُ. أطرافه 5783، 5784، 5791، 6062 - تحفة 7026 3666 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ شَىْءٍ مِنَ الأَشْيَاءِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ دُعِىَ مِنْ أَبْوَابِ - يَعْنِى الْجَنَّةَ - يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الصِّيَامِ، وَبَابِ الرَّيَّانِ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا عَلَى هَذَا الَّذِى يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، وَقَالَ هَلْ يُدْعَى مِنْهَا كُلِّهَا أَحَدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ يَا أَبَا بَكْرٍ». أطرافه 1897، 2841، 3216 - تحفة 12279 3667 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ - قَالَ إِسْمَاعِيلُ يَعْنِى بِالْعَالِيَةِ - فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَتْ وَقَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِى نَفْسِى إِلاَّ ذَاكَ وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِىَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ. فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَبَّلَهُ قَالَ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ يُذِيقُكَ اللَّهُ الْمَوْتَتَيْنِ أَبَدًا. ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ أَيُّهَا الْحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ. فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ. أطرافه 1241، 3669، 4452، 4455، 5710 - تحفة 16944، 6632 - 8/ 5 3668 - فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ أَلاَ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَىٌّ لاَ يَمُوتُ. وَقَالَ {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] وَقَالَ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144] قَالَ فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ - قَالَ - وَاجْتَمَعَتِ الأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِى سَقِيفَةِ بَنِى سَاعِدَةَ فَقَالُوا مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسْكَتَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِلاَّ أَنِّى قَدْ هَيَّأْتُ كَلاَمًا قَدْ أَعْجَبَنِى خَشِيتُ أَنْ لاَ يَبْلُغَهُ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَتَكَلَّمَ أَبْلَغَ النَّاسِ فَقَالَ فِى كَلاَمِهِ نَحْنُ الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ. فَقَالَ حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ لاَ وَاللَّهِ لاَ نَفْعَلُ، مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لاَ، وَلَكِنَّا الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا، وَأَعْرَبُهُمْ أَحْسَابًا فَبَايِعُوا عُمَرَ أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ. فَقَالَ عُمَرُ بَلْ نُبَايِعُكَ أَنْتَ، فَأَنْتَ سَيِّدُنَا وَخَيْرُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ

فَبَايَعَهُ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ، فَقَالَ قَائِلٌ قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ. فَقَالَ عُمَرُ قَتَلَهُ اللَّهُ. أطرافه 1242، 3670، 4453، 4454، 4457، 5711 - تحفة 10678، 6632 3669 - وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ عَنِ الزُّبَيْدِىِّ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ أَخْبَرَنِى الْقَاسِمُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ شَخَصَ بَصَرُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «فِى الرَّفِيقِ الأَعْلَى». ثَلاَثًا، وَقَصَّ الْحَدِيثَ، قَالَتْ فَمَا كَانَتْ مِنْ خُطْبَتِهِمَا مِنْ خُطْبَةٍ إِلاَّ نَفَعَ اللَّهُ بِهَا، لَقَدْ خَوَّفَ عُمَرُ النَّاسَ وَإِنَّ فِيهِمْ لَنِفَاقًا، فَرَدَّهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ. أطرافه 1241، 3667، 4452، 4455، 5710 - تحفة 17525 - 9/ 5 3670 - ثُمَّ لَقَدْ بَصَّرَ أَبُو بَكْرٍ النَّاسَ الْهُدَى وَعَرَّفَهُمُ الْحَقَّ الَّذِى عَلَيْهِمْ وَخَرَجُوا بِهِ يَتْلُونَ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إِلَى {الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144]. أطرافه 1242، 3668، 4453، 4454، 4457، 5711 - تحفة 17525 3671 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ أَبِى رَاشِدٍ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ قُلْتُ لأَبِى أَىُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَبُو بَكْرٍ. قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ عُمَرُ. وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ قُلْتُ ثُمَّ أَنْتَ قَالَ مَا أَنَا إِلاَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. تحفة 10266 3672 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِى، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْتِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَأَتَى النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالُوا أَلاَ تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِالنَّاسِ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِى قَدْ نَامَ، فَقَالَ حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ قَالَتْ فَعَاتَبَنِى، وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، وَجَعَلَ يَطْعُنُنِى بِيَدِهِ فِى خَاصِرَتِى، فَلاَ يَمْنَعُنِى مِنَ التَّحَرُّكِ إِلاَّ مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى فَخِذِى، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ، فَتَيَمَّمُوا، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ مَا هِىَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِى بَكْرٍ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِى كُنْتُ عَلَيْهِ فَوَجَدْنَا الْعِقْدَ تَحْتَهُ. أطرافه 334، 336، 3773، 4583، 4607، 4608، 5164، 5250، 5882، 6844، 6845 - تحفة 17519 3673 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ ذَكْوَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِى، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ». تَابَعَهُ جَرِيرٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَمُحَاضِرٌ عَنِ الأَعْمَشِ. تحفة 4001 - 10/ 5

3674 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ أَبُو الْحَسَنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِى نَمِرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِىُّ أَنَّهُ تَوَضَّأَ فِى بَيْتِهِ ثُمَّ خَرَجَ، فَقُلْتُ لأَلْزَمَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلأَكُونَنَّ مَعَهُ يَوْمِى هَذَا. قَالَ فَجَاءَ الْمَسْجِدَ، فَسَأَلَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا خَرَجَ وَوَجَّهَ هَا هُنَا، فَخَرَجْتُ عَلَى إِثْرِهِ أَسْأَلُ عَنْهُ، حَتَّى دَخَلَ بِئْرَ أَرِيسٍ، فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ، وَبَابُهَا مِنْ جَرِيدٍ حَتَّى قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَاجَتَهُ، فَتَوَضَّأَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى بِئْرِ أَرِيسٍ، وَتَوَسَّطَ قُفَّهَا، وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلاَّهُمَا فِى الْبِئْرِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ، فَقُلْتُ لأَكُونَنَّ بَوَّابَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْيَوْمَ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَدَفَعَ الْبَابَ. فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ. فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ. ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ. فَقَالَ «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». فَأَقْبَلْتُ حَتَّى قُلْتُ لأَبِى بَكْرٍ ادْخُلْ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُبَشِّرُكَ بِالْجَنَّةِ. فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُ فِى الْقُفِّ، وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِى الْبِئْرِ، كَمَا صَنَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ وَقَدْ تَرَكْتُ أَخِى يَتَوَضَّأُ وَيَلْحَقُنِى، فَقُلْتُ إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِفُلاَنٍ خَيْرًا - يُرِيدُ أَخَاهُ - يَأْتِ بِهِ. فَإِذَا إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ. فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ. ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْتَأْذِنُ. فَقَالَ «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». فَجِئْتُ فَقُلْتُ ادْخُلْ وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْجَنَّةِ. فَدَخَلَ، فَجَلَسَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْقُفِّ عَنْ يَسَارِهِ، وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِى الْبِئْرِ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ، فَقُلْتُ إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِفُلاَنٍ خَيْرًا يَأْتِ بِهِ. فَجَاءَ إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ، فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ. فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ. فَقَالَ «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ» فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ ادْخُلْ وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُكَ. فَدَخَلَ فَوَجَدَ الْقُفَّ قَدْ مُلِئَ، فَجَلَسَ وُجَاهَهُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ. قَالَ شَرِيكٌ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فَأَوَّلْتُهَا قُبُورَهُمْ. أطرافه 3693، 3695، 6216، 7097، 7262 - تحفة 8996 - 11/ 5 3675 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَعِدَ أُحُدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فَقَالَ «اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِىٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ». طرفاه 3686، 3699 - تحفة 1172 3676 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا صَخْرٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَمَا أَنَا عَلَى بِئْرٍ أَنْزِعُ مِنْهَا جَاءَنِى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ الدَّلْوَ، فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ وَفِى

نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ مِنْ يَدِ أَبِى بَكْرٍ، فَاسْتَحَالَتْ فِى يَدِهِ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَفْرِى فَرِيَّهُ، فَنَزَعَ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ». قَالَ وَهْبٌ الْعَطَنُ مَبْرَكُ الإِبِلِ، يَقُولُ حَتَّى رَوِيَتِ الإِبِلُ فَأَنَاخَتْ. أطرافه 3633، 3682، 7019، 7020 - تحفة 7692 3677 - حَدَّثَنِى الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِى الْحُسَيْنِ الْمَكِّىُّ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ إِنِّى لَوَاقِفٌ فِى قَوْمٍ، فَدَعَوُا اللَّهَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقَدْ وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ، إِذَا رَجُلٌ مِنْ خَلْفِى قَدْ وَضَعَ مِرْفَقَهُ عَلَى مَنْكِبِى، يَقُولُ رَحِمَكَ اللَّهُ، إِنْ كُنْتُ لأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ، لأَنِّى كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ كُنْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَفَعَلْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَانْطَلَقْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. فَإِنْ كُنْتُ لأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَهُمَا. فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ. طرفه 3685 - تحفة 10193 - 12/ 5 3678 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْكُوفِىُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَنْ أَشَدِّ مَا صَنَعَ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ رَأَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ أَبِى مُعَيْطٍ جَاءَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يُصَلِّى، فَوَضَعَ رِدَاءَهُ فِى عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَفَعَهُ عَنْهُ فَقَالَ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّىَ اللَّهُ. وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ. طرفاه 3856، 4815 - تحفة 8884 3658 - قوله: (أَنْزَلَهُ أبًا)، يعني جعل الجدِّ كالأب، أَنْزَلَهُ منزلته في استحقاق الميراث. وهو مذهبُ الحنفية، إلاَّ في أربع جزئيات. 3661 - قوله: (أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدذْ غَامَرَ) وأصلُه النزولُ في معظم الماء، مع تَشْمِيرِ الثياب. والمرادُ منه: الغضبُ. قوله: (إنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إليكم، فَقُلْتُم: كَذَبْتَ)، وهذا الكلامُ مماَّ لا مَحْكَى عنه عند المُخَاطَب، ولا عند المتكلِّم، وإنما أُرِيدَ به إظهار المَلاَل فقط، وقد مرَّ الكلامُ فيه. 3665 - قوله: (إنَّكَ لَسْتَ تَصْنَعُ ذلك خُيَلاَء)، وهذا عند الحنفية ترخيصٌ له خاصةً، مع ذكر بعض ما يُنَاسِبُ العِلِّيَّة في الجملة. فإن ظاهرَ كلامهم كراهةُ نفس الجرِّ، والإِرخاء عمَّا تحت الكَعْبَيْن، سواء كان استكبارًا أو لا. ونصَّ الشافعيُّ على أن التحريمَ مخصوصٌ بالخُيَلاَء، فإن كان للخُيَلاَء فهو مكروهٌ تحريمًا (¬1)، وإلاَّ فمكروهٌ تنزيهًا. ¬

_ (¬1) يقولُ العبدُ الضعيفُ: وفي الهامش عن "العَالْمَكِيرِيَّة" إسبالُ الرَّجُلِ إزارَه إن لم يكن للخُيلاَءِ، ففيه كراهةُ تنزيهٍ. قلتُ: فلا خلافَ إذن.

6 - باب مناقب عمر بن الخطاب، أبي حفص، القرشي، العدوي، رضى الله عنه

3668 - قوله: (فذهب إليهم أبو بكر، ورأى هناك سعد بن عبارة ملتفًا ببردة، وهو يوعك، وكان الناس أرادوا أن يجعلوه أميرًا، فلما بايع الناس أبا بكر ذهب سعد إلى الشام، ولم يبايعه، وتوفي بها)، لا يُقَالُ: إن إجماعَ الصحابة قطعيٌّ عند الحنفية، وإجماعَ من بعدهم ظنيٌّ. فلو أَنْكَرَ أحدٌ عن استحقاق خلافة أبي بكر، كفر لإِنكاره القطعيَّ كما في «البحر». فكيف بسعد؟ لأنا نقولُ: إنه لم يَبْحَثْ في استحقاق الخلافة، ولكنه نَزَعَ يده عن البَيْعَةِ، فلا إشكالَ. 3669 - قوله: (لقد خَوَّفَ عُمَرُ النَّاسَ) ... إلخ، أي كان المُنَافِقُون يُحِبُّون أن يُشَقَّ عصا المسلمين، ويتفرَّقَ أمرُهم عند هذا الخَطْبِ، فَرَدَّ اللَّهُ كيدَهم في نحورهم، لمَّا رأوا من جلالة عمر. فَنَفَعَ اللَّهُ بخُطْبته، كما نَفَع بخُطْبة أبي بكر، حيث عرَّف الناسَ الحقَّ، وأن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قد تُوُفِّي. 3674 - قوله: (القُفِّ): "كنوين كى من". قوله: (كَشَفَ عن سَاقَيْهِ) وفي محلٍ آخر: «عن فَخِذَيْهِ»، فهذا من أمر الرواة أنهم يَذْكُرُونَ لفظًا مكان لفظٍ، ثم يَجِيءُ الناسُ، ويتمسَّكُون بألفاظهم، غافلين عن الطُّرُق، فَيَقَعُون في الأَغْلاَطِ. قوله: (قَالَ سَعِيدُ بن المُسَيَّبِ: فَأَوَّلْتُهَا: قُبُورَهُم) قال الشاه ولي الله: أمَّا الرُّؤْيَا، فكونها محتاجةً إلى التعبير أَمرٌ معلومٌ. ولكن ما عُلِمَ من هذا الحديث: أن الوقائعَ الكونيةَ أيضًا قد يكونُ لها تعبيرٌ، أي لا يكون مِصْدَاقُها ما ظَهَرَ في هذا الوقت، بل تكون لها آثارًا في المستقبل أيضًا، كهذه الواقعةِ. 3675 - قوله: (فَرَجَفَ بِهِمْ فَقَالَ: اثْبُتْ أُحُدُ) قال الشَّارِحُون: إن تلك الرَّجْفَةَ كانت للمسَرَّة. ولا أَدْرِي هل عندهم نقلٌ على ذلك، أو لا. 3677 - قوله: (يقول: رَحِمَكَ اللَّهُ، إنْ كُنْتُ لأَرْجُو أن يَجْعَلَكَ اللَّهُ مع صَاحِبَيْكَ)، ولعلَّه كانت عندهم سُنَّة الأموات، أن يُقَالَ عندهم نحو تلك الكلمات، كما هو المعروفُ بيننا أيضًا، فإِنَّا إذا حَضَرْنا ميتًا نَقُولُ بنحو تلك الكلمات. 6 - بابُ مَنَاقِبُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَبِي حَفْصٍ، الْقُرَشِيِّ، الْعَدَوِيِّ، رضى الله عنه 3679 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «رَأَيْتُنِى دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا أَنَا بِالرُّمَيْصَاءِ امْرَأَةِ أَبِى طَلْحَةَ وَسَمِعْتُ خَشَفَةً، فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ

هَذَا بِلاَلٌ. وَرَأَيْتُ قَصْرًا بِفِنَائِهِ جَارِيَةٌ، فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا فَقَالَ لِعُمَرَ. فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَهُ فَأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ». فَقَالَ عُمَرُ بِأُمِّى وَأَبِى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَيْكَ أَغَارُ طرفاه 5226، 7024 - تحفة 3057 3680 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى فِى الْجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ قَالُوا لِعُمَرَ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا». فَبَكَى وَقَالَ أَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أطرافه 3242، 5227، 7023، 7025 - تحفة 13214 3681 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ أَبُو جَعْفَرٍ الْكُوفِىُّ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى حَمْزَةُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ شَرِبْتُ - يَعْنِى اللَّبَنَ - حَتَّى أَنْظُرُ إِلَى الرِّىِّ يَجْرِى فِى ظُفُرِى أَوْ فِى أَظْفَارِى، ثُمَّ نَاوَلْتُ عُمَرَ». فَقَالُوا فَمَا أَوَّلْتَهُ قَالَ «الْعِلْمَ». أطرافه 82، 7006، 7007، 7027، 7032 - تحفة 6700 - 13/ 5 3682 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ سَالِمٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أُرِيتُ فِى الْمَنَامِ أَنِّى أَنْزِعُ بِدَلْوِ بَكْرَةٍ عَلَى قَلِيبٍ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ نَزْعًا ضَعِيفًا، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا يَفْرِى فَرِيَّهُ حَتَّى رَوِىَ النَّاسُ وَضَرَبُوا بِعَطَنٍ». قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ الْعَبْقَرِىُّ عِتَاقُ الزَّرَابِىِّ. وَقَالَ يَحْيَى الزَّرَابِىُّ الطَّنَافِسُ لَهَا خَمْلٌ رَقِيقٌ {مَبْثُوثَةٌ} [الغاشية: 16] كَثِيرَةٌ. أطرافه 3633، 3676، 7019، 7020 - تحفة 7038 3683 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْحَمِيدِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ. حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِهِ فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قُمْنَ فَبَادَرْنَ الْحِجَابَ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَدَخَلَ عُمَرُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَضْحَكُ، فَقَالَ عُمَرُ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاَءِ اللاَّتِى كُنَّ عِنْدِى فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابِ». فَقَالَ عُمَرُ فَأَنْتَ أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ عُمَرُ يَا عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ، أَتَهَبْنَنِى وَلاَ تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَ نَعَمْ، أَنْتَ أَفَظُّ

وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِيهًا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا قَطُّ إِلاَّ سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ». طرفاه 3294، 6085 - تحفة 3918 - 14/ 5 3684 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ. طرفه 3863 - تحفة 9539 3685 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ وُضِعَ عُمَرُ عَلَى سَرِيرِهِ، فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ، وَأَنَا فِيهِمْ، فَلَمْ يَرُعْنِى إِلاَّ رَجُلٌ آخِذٌ مَنْكِبِى، فَإِذَا عَلِىٌّ فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ، وَقَالَ مَا خَلَّفْتَ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَىَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ، وَايْمُ اللَّهِ، إِنْ كُنْتُ لأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ، وَحَسِبْتُ أَنِّى كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. طرفه 3677 - تحفة 10193 3686 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ وَكَهْمَسُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالاَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَعِدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أُحُدٍ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ، فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ، قَالَ «اثْبُتْ أُحُدُ فَمَا عَلَيْكَ إِلاَّ نَبِىٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدَانِ». طرفاه 3675، 3699 - تحفة 1172 3687 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَرُ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلَنِى ابْنُ عُمَرَ عَنْ بَعْضِ شَأْنِهِ - يَعْنِى عُمَرَ - فَأَخْبَرْتُهُ. فَقَالَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ حِينَ قُبِضَ كَانَ أَجَدَّ وَأَجْوَدَ حَتَّى انْتَهَى مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. تحفة 6646 3688 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ السَّاعَةِ، فَقَالَ مَتَى السَّاعَةُ قَالَ «وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا». قَالَ لاَ شَىْءَ إِلاَّ أَنِّى أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ». قَالَ أَنَسٌ فَمَا فَرِحْنَا بِشَىْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ». قَالَ أَنَسٌ فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّى إِيَّاهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ. أطرافه 6167، 6171، 7153 - تحفة 299 - 15/ 5 3689 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَقَدْ كَانَ فِيمَا قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، فَإِنْ يَكُ فِى أُمَّتِى أَحَدٌ فَإِنَّهُ عُمَرُ». طرفه 3469 - تحفة 14954

زَادَ زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم «لَقَدْ كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ رِجَالٌ يُكَلَّمُونَ مِنْ غَيرِ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ، فَإِنْ يَكُنْ مِنْ أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَعُمَرُ». قال ابن عباسٍ رضي الله عنهما: "ما من نبيٍّ ولا محدّث". [طرفه في: 3469]. 3690 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالاَ سَمِعْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَمَا رَاعٍ فِى غَنَمِهِ عَدَا الذِّئْبُ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً، فَطَلَبَهَا حَتَّى اسْتَنْقَذَهَا، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ فَقَالَ لَهُ مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِى. فَقَالَ النَّاسُ سُبْحَانَ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَإِنِّى أُومِنُ بِهِ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ» وَمَا ثَمَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. أطرافه 2324، 3471، 3663 - تحفة 13207، 15220 3691 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ عُرِضُوا عَلَىَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْىَ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَىَّ عُمَرُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ اجْتَرَّهُ». قَالُوا فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الدِّينَ». أطرافه 23، 7008، 7009 - تحفة 3961 3692 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ جَعَلَ يَأْلَمُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - وَكَأَنَّهُ يُجَزِّعُهُ - يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَئِنْ كَانَ ذَاكَ لَقَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهْوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ أَبَا بَكْرٍ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهْوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ صَحَبَتَهُمْ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُمْ، وَلَئِنْ فَارَقْتَهُمْ لَتُفَارِقَنَّهُمْ وَهُمْ عَنْكَ رَاضُونَ. قَالَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرِضَاهُ، فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مَنَّ بِهِ عَلَىَّ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ أَبِى بَكْرٍ وَرِضَاهُ، فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ مَنَّ بِهِ عَلَىَّ، وَأَمَّا مَا تَرَى مِنْ جَزَعِى، فَهْوَ مِنْ أَجْلِكَ وَأَجْلِ أَصْحَابِكَ، وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ لِى طِلاَعَ الأَرْضِ ذَهَبًا لاَفْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ. تحفة 6464، 10644 - 16/ 5 قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيدٍ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: دَخَلتُ عَلَى عُمَرَ بِهذا. تحفة 5805، 10644 ل 3693 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِىُّ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَفْتَحَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ».

فَفَتَحْتُ لَهُ، فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ، فَبَشَّرْتُهُ بِمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَفْتَحَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». فَفَتَحْتُ لَهُ، فَإِذَا هُوَ عُمَرُ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ، فَقَالَ لِى «افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ». فَإِذَا عُثْمَانُ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. أطرافه 3674، 3695، 6216، 7097، 7262 - تحفة 9018 3694 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى حَيْوَةُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. طرفاه 6264، 6632 - تحفة 9670 3681 - قوله: (ثمَّ نِاوَلْتُ عُمَرَ، قالوا: فما أوَّلْتَهُ؟ قال: العِلْمَ)، وهكذا تتمثَّلُ المعاني، كما تمثَّل العلمُ لَبَنًا. فإن كَبُرَ عليكَ. وتعسَّر فهمه، فاعلم أن الصورةَ الذهنيةَ إذا نَزَلَتْ إلى الخَيَالِ صارت ذات كميَّة بدون مادة. وصرَّح ابن سِينَا أن التجريدَ التامَّ لا يكون في المَخِيلَةِ، فتبقى فيها الهيئةُ والوضعُ، فإذا نَزَلَتْ من المَخِيلَةِ إلى الحواس في الخارج تسمَّى كُلِّيًّا طَبْعِيًّا. فإن عَجِزْتَ أن تَفْهَمَ كيف تُثَمثَّل المعاني، فعلك بما قُلْنَاهُ، فإن هذا القدرَ مُسَلَّمٌ عند علماء المعقول. 3682 - قوله: (عِتَاقُ الزَّرَابِيِّ) "نفيس بوشش". قوله: (قال يَحْيَى)، وهو الفرَّاء، وقد عُدَّ ذلك من مناقبه، حيث سمَّاه البخاريُّ في كتابه باسمه. وجاء في كتاب التفسير نقولٌ عن سيبويه أيضًا، وإن لم يَذْكُرْهُ باسمه. ولعلَّ ذلك، لأنه نَقَل تفسيرَه من تفسير أبي عُبَيْدَة، وكانت فيه نقولٌ عن سيبويه، فجاء في كتابه أيضًا. قوله: (الطَّنَافِسُ) "كدى جسكى جها لرهون". 3683 - قوله: (إيهًا) فإن كان بدون التنوين، فمعناه: جوبات كهه رهاتها اوسيكو اور كهه أي أَعِدْ ما كُنْتَ تقوله. وإن كان بالتنوين، فمعناه: "كوئى بات بورى كر". 3685 - قوله: (فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُون ويُصَلُّونَ)، ولعلَّهم كان من سُنَنِهِمْ الدعاءُ والصلاةُ عند حضورهم على ميِّتٍ. واسْتَعْمَلَ فيه لفظَ الصلاة، فَدَلَّ على أن لفظَ الصلاة يُسْتَعْمَلُ في الدعاء على الميِّت أيضًا. ولذا تَرَكْتُ جواءَ العَيْنيِّ فيما مرَّ، واخْتَرْتُ شرحَ النوويِّ في قوله: «صلَّى عليهم صلاتَه على الميِّت»، وقد مرَّ الكلامُ في الصلاة على الشهيدِ مفصَّلًا. 3687 - قوله: (ما رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ بَعْدَ رسول الله صلى الله عليه وسلّم من حِينَ قُبِضَ، كان أَجَدَّ وأَجْوَدَ، حتى انتهى، من عُمَرَ بن الخطَّاب) وأصلُ العبارةِ هكذا: كان أَجَدَّ وأَجْوَدَ من عمر بن الخطاب حتَّى انتهى. يعني العمر كلّه.

3688 - قوله: (أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ) لا يُرِيدُ به المَعِيَّةَ في منزلته، حتى لا يَبْقَى بينه وبين النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فَرْقٌ، ولكنه أراد به - والله سبحانه وتعالى أعلم: أن مَنْزِلَةَ المُحِبِّ تكون في الجنة بِحَسَبِ حبِّه مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وتفصيلُه على ما ظَهَرَ لنا من الشَّرْعِ أن الدُّخُولَ في الجنة يَدُورُ بالإيمان، وأمَّا الطاعاتُ فَتَنْفَعُ في الاتقاءِ عن النار، وأمَّا تعيينُ منزلته في الجنة فباعتبار حبِّه للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم فإنَّ أَوَّلَ خيمةٍ تُضْرَبُ تَكُونُ للسلطان، ثم تَكُونُ لسائر الناس على قدر منازلهم منه. فَمَنْ يكونُ أقربَ عنده منزلةً، تُنْصَبُ خيمته أقرب منه مكانًا، وهكذا - ثم وثم - فهذا هو المرادُ من المَعِيَّةِ. فإنَّ الجنةَ كلَّها كالمكانِ الواحدِ، والمَعِيَّةُ فيها بِحَسَبِ القُرْبِ والبُعْدِ من منزلة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وهو يَدُورُ بالمحبَّة، لا أن المرادَ به المَعِيَّةُ في عين ذلك المكان والمحلِّ، فإنه مُحَالٌ. 3689 - قوله: (لَقَدْ كَانَ فِيمَا كَانَ قَبْلَكُمْ من الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، فإِنْ يَكُ في أُمَّتي أحدٌ، فإنه عُمَرُ)، فيه دليلٌ على كثرة المُحَدَّثِينَ في الأمم السالفةِ، وقلَّتهم (¬1) في هذه الأمةِ. فمن زَعَمَ أن لا خَيْرَ في الأمم السالفة فقط، حَادَ عن الصواب، بل فيهم أيضًا خيرٌ. نعم في هذه الأمَّةِ خيرٌ كثيرٌ، ولذا لُقِّبَتْ بخير الأمم. وقد مرَّ أنه كان فيهم من امْتَشَطَتْ امْتِشَاطَ الحديدِ، دون لَحْمِهِمْ، وعَظْمِهِمْ {وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا} [آل عمران: 146]. 3692 - قوله: (وأَمَّا ما تَرَى من جَزَعِي، فَهُوَ من أَجْلِكَ، ومن أَجْلِ أَصْحَابِكَ) ... إلخ، أَرَادَ به جماعةَ المؤمنين. ¬

_ (¬1) يقولُ العبدُ الضعيفُ: فإن قُلْتَ: ما المُحَدَّثُ؟ قلتُ: هو رجلٌ مُكَلَّمٌ من غير أن يكونَ نبيًا، كما أخرجه البخاريُّ بعده مرفوعًا، وإليه يُشِيرُ قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ} [الأنبياء: 25]، أي ولا مُحَدَّث، على قراءة ابن عبَّاس. فَدَلَّ على كونه نوعًا مُغَايِرًا للنبيِّ والرسول. ولعلَّ هذا الذي أراده البخاريُّ بإِخراج الحديث المذكور عَقِيب الحديث الأول. قال الحافظُ في "الفتح"، في تفسيره: وحاصلُه: أنهم مُلْهَمُون، وهو من أُلْقِي في رَوْعةٍ شيءٌ من قِبَلِ الملأ الأعلى، وُيؤَيِّدُهُ حديث: "إن اللهَ جَعَلَ الحقَّ على لسان عمر". وقيل: من يَجْرِي الصوابُ على لسانه من غير قصدٍ. وقيل: مُكَلَّمٌ، أي تُكَلِّمه الملائكةُ من غير نبوةٍ، وُيؤَيِّدُهُ حديث أبي سعيد الخُدْرِيِّ مرفوعًا: "قيل: يا رسول الله، وكيف يُحَدثُ؟ قال: تتكلَّمُ الملائكةُ على لسانه". وفسَّره ابن التِّين: بالتفرُّس. وعند مسلم: مُلْهَمُون، وهي الإِصابةُ بغير نبوَّة. وعند الترمذيِّ عن بعض أصحاب ابن عُيَيْنَةَ: "مُحَدَّثون، يعني مُفَهَّمُون". قلتُ: وأكثرُ التفاسير مرجعها إلى أمرٍ واحدٍ، كما ترى. ولعلَّهم فسَّروا بها نظرًا إلى صفاتٍ في عمر، فإنه كان مُحَدَّثًا بالنصِّ. فكل ما وَجَدُوا فيه من صفةٍ مختصَّةٍ به أَدْخَلُوها في تعريف المُحَدَّث على طريق تنقيح المناط في النصِّ، والله تعالى أعلم. ثم في الهامش عن الكِرمَانِيِّ: أن قوله: "فإن يَكُ من أمَّتي"، ليس للشكِّ، بل للتأكيد، على معنى أن عمرَ مُحَدَّثُ أمتي لا مَحَالَة، سواء كان غيره منهم مُحَدَّثًا أم لا؟ فهو مَسُوقٌ لتأكيد مُحَدَّثِيَّتِهِ، لا لبيان القلَّة والكثرة. وذكر الألُوسِي في تفسيره: أن نظيرَه قولُكَ: إن كان لي صديقٌ، فهو زَيْدٌ. فإن قائلَه لا يُرِيدُ به الشَّكَّ في صداقة زيد، بل المبالغة في أن الصداقةَ مختصَّةٌ به، لا تتخطَّاه إلى غيره. اهـ "روح المعاني"، وراجع لمعنى المُحَدَّثين "المعتصر" أيضًا.

7 - باب مناقب عثمان بن عفان، أبى عمرو، القرشى رضى الله عنه

قوله: (لَوْ أَنَّ لي طِلاَعَ الأرضِ ذهبًا لافْتَدَيْتَ به من عَذَابِ اللهِ)، يعني به أن ما ذَكَرْتُ من أمري، فهو كما ذَكَرْتُ، ولكن الإِيمانَ بين الرجاء والخوف، فلا يَلِيقُ الاعتمادُ بالمغفرة كلّ الاعتماد، ولذا قال: «لو أن لي طِلاَعَ الأَرْضِ» ... إلخ، ولم يَعْتَمِدْ على مغفرته قَطْعًا. 7 - باب مَنَاقِبُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، أَبِى عَمْرٍو، الْقُرَشِىِّ رضى الله عنه وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ يَحْفِرْ بِئْرَ رُومَةَ فَلَهُ الْجَنَّةُ». فَحَفَرَهَا عُثْمَانُ، وَقَالَ: «مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَلَهُ الْجَنَّةُ». فَجَهَّزَهُ عُثْمَانُ. 17/ 5 3695 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ حَائِطًا وَأَمَرَنِى بِحِفْظِ بَابِ الْحَائِطِ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». فَإِذَا عُمَرُ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ، فَسَكَتَ هُنَيْهَةً ثُمَّ قَالَ «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى سَتُصِيبُهُ». فَإِذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. أطرافه 3674، 3693، 6216، 7097، 7262 - تحفة 9018 قَالَ حَمَّادٌ وَحَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ وَعَلِىُّ بْنُ الْحَكَمِ سَمِعَا أَبَا عُثْمَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى مُوسَى بِنَحْوِهِ، وَزَادَ فِيهِ عَاصِمٌ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ قَاعِدًا فِى مَكَانٍ فِيهِ مَاءٌ، قَدِ انْكَشَفَتْ عَنْ رُكْبَتَيْهِ أَوْ رُكْبَتِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ عُثْمَانُ غَطَّاهَا. تحفة 9018 3696 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ يُونُسَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِىِّ بْنِ الْخِيَارِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ قَالاَ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُكَلِّمَ عُثْمَانَ لأَخِيهِ الْوَلِيدِ فَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِيهِ. فَقَصَدْتُ لِعُثْمَانَ حَتَّى خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ، قُلْتُ إِنَّ لِى إِلَيْكَ حَاجَةً، وَهِىَ نَصِيحَةٌ لَكَ. قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَرْءُ - قَالَ مَعْمَرٌ أُرَاهُ قَالَ - أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ. فَانْصَرَفْتُ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِمْ إِذْ جَاءَ رَسُولُ عُثْمَانَ فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ مَا نَصِيحَتُكَ فَقُلْتُ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، وَكُنْتَ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، فَهَاجَرْتَ الْهِجْرَتَيْنِ، وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَأَيْتَ هَدْيَهُ، وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِى شَأْنِ الْوَلِيدِ. قَالَ أَدْرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ لاَ وَلَكِنْ خَلَصَ إِلَىَّ مِنْ عِلْمِهِ مَا يَخْلُصُ إِلَى الْعَذْرَاءِ فِى سِتْرِهَا. قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ، فَكُنْتُ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَآمَنْتُ بِمَا بُعِثَ بِهِ، وَهَاجَرْتُ الْهِجْرَتَيْنِ كَمَا قُلْتَ، وَصَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبَايَعْتُهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلاَ غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ مِثْلُهُ، ثُمَّ عُمَرُ مِثْلُهُ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتُ، أَفَلَيْسَ لِى مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذِى لَهُمْ قُلْتُ بَلَى. قَالَ

فَمَا هَذِهِ الأَحَادِيثُ الَّتِى تَبْلُغُنِى عَنْكُمْ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ شَأْنِ الْوَلِيدِ، فَسَنَأْخُذُ فِيهِ بِالْحَقِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ دَعَا عَلِيًّا فَأَمَرَهُ أَنْ يَجْلِدَهُ فَجَلَدَهُ ثَمَانِينَ. طرفاه 3872، 3927 - تحفة 9826 - 18/ 5 3697 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيغٍ حَدَّثَنَا شَاذَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا فِى زَمَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ نَعْدِلُ بِأَبِى بَكْرٍ أَحَدًا ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عُثْمَانَ، ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ. تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ. طرفه 3655 - تحفة 8028 3698 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ - هُوَ ابْنُ مَوْهَبٍ - قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مَنْ أَهْلِ مِصْرَ حَجَّ الْبَيْتَ فَرَأَى قَوْمًا جُلُوسًا، فَقَالَ مَنْ هَؤُلاَءِ الْقَوْمُ قَالَ هَؤُلاَءِ قُرَيْشٌ. قَالَ فَمَنِ الشَّيْخُ فِيهِمْ قَالُوا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. قَالَ يَا ابْنَ عُمَرَ إِنِّى سَائِلُكَ عَنْ شَىْءٍ فَحَدِّثْنِى هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ نَعَمْ. قَالَ تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَدْرٍ وَلَمْ يَشْهَدْ قَالَ نَعَمْ. قَالَ تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ فَلَمْ يَشْهَدْهَا قَالَ نَعَمْ. قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ تَعَالَ أُبَيِّنْ لَكَ أَمَّا فِرَارُهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ، وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَدْرٍ، فَإِنَّهُ كَانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَتْ مَرِيضَةً، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ». وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ فَلَوْ كَانَ أَحَدٌ أَعَزَّ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ عُثْمَانَ لَبَعَثَهُ مَكَانَهُ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عُثْمَانَ وَكَانَتْ بَيْعَةُ الرُّضْوَانِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إِلَى مَكَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ الْيُمْنَى «هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ». فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ، فَقَالَ «هَذِهِ لِعُثْمَانَ». فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ اذْهَبْ بِهَا الآنَ مَعَكَ. أطرافه 3130، 3704، 4066، 4513، 4514، 4650، 4651، 7095 تحفة 7319 - 19/ 5 3699 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا - رضى الله عنه - حَدَّثَهُمْ قَالَ صَعِدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أُحُدًا، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ وَقَالَ «اسْكُنْ أُحُدُ - أَظُنُّهُ ضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ - فَلَيْسَ عَلَيْكَ إِلاَّ نَبِىٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ». طرفاه 3675، 3686 - تحفة 1172 3695 - قوله: (فَسَكَتَ هُنَيْهَةً، ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بالجَنَّةِ)، ولعلَّه سَكَتَ في حقِّه دون صَاحِبَيْهِ، إشارةً إلى أن قَبْرَه لا يكونُ معه، بخلاف صَاحِبَيْهِ. قوله: (وزَادَ فيه عَاصِمٌ: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان قَاعِدًا في مكانٍ فيه ماءٌ، قَدِ انْكَشَفَ عن رُكْبَتَيْهِ) وهذه الزيادةُ وَهْمٌ عندي، فإنه صلى الله عليه وسلّم كان قاعدًا، كما وُصِفَ في قصة بئر أَرِيس. وقد مرَّت عند البخاريِّ آنفًا، فاختلطت على الراوي، فنقله إلى القصَّةِ التي كانت في البيت، لاشتراك الدَّاخِلِينَ في الموضعين، فَنَقَلَ ما كان في قِصَّةِ بئر أرِيس إلى قصة البيت.

8 - باب قصة البيعة، والاتفاق على عثمان بن عفان رضى الله عنه وفيه مقتل عمر رضي الله عنه

3696 - قوله: (ما يَمْنَعُكَ أن تُكَلِّمَ عُثْمَانَ لأَخِيهِ الوَلِيدِ)، كان الوليدُ هذا واليًا بالكُوفَةِ، وكان أخًا لعثمان لأمِّهِ، وقد كان الناسُ أَكْثَرُوا فيه. قوله: (قَالَ: أَعُوذُ باللَّهِ مِنْكَ)، كأنه ملَّ عن وَشْيِهِمْ فيه. فَضَاقَ به صَدْرُه، وظنَّه خلاف الواقع، فَاسْتَعَاذَ لذلك. قوله: (فَجَلَدَهُ ثَمَانِينَ)، وهذا حُجَّةٌ للحنفية أن حَدَّ السكران ثمانون. وليس هذا اللفظُ في البخاريِّ إلاَّ ههنا فقط، فَلْيَحْفَظْهُ. وأوَّلَ فيه البيهقيُّ: أن السَوْطَ لعلَّه كان ذي عُقْدَتَيْنِ، فعدَّه الراوي ثمانين. قلتُ: فإن كانت العُقْدَتَان طويلتين تَقُومَان مقام السَّوْطَيْنِ حقيقةً، فلا خلافَ لنا فيه، وإلاَّ فهذا التأويلُ لغوٌ. والصوابُ: أن حدَّ السكران قَدْ جاء بالنحوين في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فللأئمة أن يَخْتَارُوا ما شَاؤُوا. وسيجيء الكلامُ فيه بأبسط من هذا. 8 - باب قِصَّةُ الْبَيْعَةِ، وَالاِتِّفَاقُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضى الله عنه وفيه مقتل عمر رضي الله عنه 3700 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - قَبْلَ أَنْ يُصَابَ بِأَيَّامٍ بِالْمَدِينَةِ وَقَفَ عَلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ كَيْفَ فَعَلْتُمَا أَتَخَافَانِ أَنْ تَكُونَا قَدْ حَمَّلْتُمَا الأَرْضَ مَا لاَ تُطِيقُ قَالاَ حَمَّلْنَاهَا أَمْرًا هِىَ لَهُ مُطِيقَةٌ، مَا فِيهَا كَبِيرُ فَضْلٍ. قَالَ انْظُرَا أَنْ تَكُونَا حَمَّلْتُمَا الأَرْضَ مَا لاَ تُطِيقُ، قَالَ قَالاَ لاَ. فَقَالَ عُمَرُ لَئِنْ سَلَّمَنِى اللَّهُ لأَدَعَنَّ أَرَامِلَ أَهْلِ الْعِرَاقِ لاَ يَحْتَجْنَ إِلَى رَجُلٍ بَعْدِى أَبَدًا. قَالَ فَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ رَابِعَةٌ حَتَّى أُصِيبَ. قَالَ إِنِّى لَقَائِمٌ مَا بَيْنِى وَبَيْنَهُ إِلاَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ غَدَاةَ أُصِيبَ، وَكَانَ إِذَا مَرَّ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ قَالَ اسْتَوُوا. حَتَّى إِذَا لَمْ يَرَ فِيهِنَّ خَلَلاً تَقَدَّمَ فَكَبَّرَ، وَرُبَّمَا قَرَأَ سُورَةَ يُوسُفَ، أَوِ النَّحْلَ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فِى الرَّكْعَةِ الأُولَى حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ، فَمَا هُوَ إِلاَّ أَنْ كَبَّرَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ قَتَلَنِى - أَوْ أَكَلَنِى - الْكَلْبُ. حِينَ طَعَنَهُ، فَطَارَ الْعِلْجُ بِسِكِّينٍ ذَاتِ طَرَفَيْنِ لاَ يَمُرُّ عَلَى أَحَدٍ يَمِينًا وَلاَ شِمَالاً إِلاَّ طَعَنَهُ حَتَّى طَعَنَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً، مَاتَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، طَرَحَ عَلَيْهِ بُرْنُسًا، فَلَمَّا ظَنَّ الْعِلْجُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ نَحَرَ نَفْسَهُ، وَتَنَاوَلَ عُمَرُ يَدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدَّمَهُ، فَمَنْ يَلِى عُمَرَ فَقَدْ رَأَى الَّذِى أَرَى، وَأَمَّا نَوَاحِى الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُمْ لاَ يَدْرُونَ غَيْرَ أَنَّهُمْ قَدْ فَقَدُوا صَوْتَ عُمَرَ وَهُمْ يَقُولُونَ سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ. فَصَلَّى بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ صَلاَةً خَفِيفَةً، فَلَمَّا انْصَرَفُوا. قَالَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، انْظُرْ مَنْ قَتَلَنِى. فَجَالَ سَاعَةً، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ غُلاَمُ الْمُغِيرَةِ. قَالَ الصَّنَعُ قَالَ

نَعَمْ. قَالَ قَاتَلَهُ اللَّهُ لَقَدْ أَمَرْتُ بِهِ مَعْرُوفًا، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى لَمْ يَجْعَلْ مَنِيَّتِى بِيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِى الإِسْلاَمَ، قَدْ كُنْتَ أَنْتَ وَأَبُوكَ تُحِبَّانِ أَنْ تَكْثُرَ الْعُلُوجُ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ {الْعَبَّاسُ} أَكْثَرَهُمْ رَقِيقًا. فَقَالَ إِنْ شِئْتَ فَعَلْتُ. أَىْ إِنْ شِئْتَ قَتَلْنَا. قَالَ كَذَبْتَ، بَعْدَ مَا تَكَلَّمُوا بِلِسَانِكُمْ، وَصَلَّوْا قِبْلَتَكُمْ وَحَجُّوا حَجَّكُمْ فَاحْتُمِلَ إِلَى بَيْتِهِ فَانْطَلَقْنَا مَعَهُ، وَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ تُصِبْهُمْ مُصِيبَةٌ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ، فَقَائِلٌ يَقُولُ لاَ بَأْسَ. وَقَائِلٌ يَقُولُ أَخَافُ عَلَيْهِ، فَأُتِىَ بِنَبِيذٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ، ثُمَّ أُتِىَ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ مَيِّتٌ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، وَجَاءَ النَّاسُ يُثْنُونَ عَلَيْهِ، وَجَاءَ رَجُلٌ شَابٌّ، فَقَالَ أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللَّهِ لَكَ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدَمٍ فِى الإِسْلاَمِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، ثُمَّ وَلِيتَ فَعَدَلْتَ، ثُمَّ شَهَادَةٌ. قَالَ وَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ كَفَافٌ لاَ عَلَىَّ وَلاَ لِى. فَلَمَّا أَدْبَرَ، إِذَا إِزَارُهُ يَمَسُّ الأَرْضَ. قَالَ رُدُّوا عَلَىَّ الْغُلاَمَ قَالَ ابْنَ أَخِى ارْفَعْ ثَوْبَكَ، فَإِنَّهُ أَبْقَى لِثَوْبِكَ وَأَتْقَى لِرَبِّكَ، يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ انْظُرْ مَا عَلَىَّ مِنَ الدَّيْنِ. فَحَسَبُوهُ فَوَجَدُوهُ سِتَّةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا أَوْ نَحْوَهُ، قَالَ إِنْ وَفَى لَهُ مَالُ آلِ عُمَرَ، فَأَدِّهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَإِلاَّ فَسَلْ فِى بَنِى عَدِىِّ بْنِ كَعْبٍ، فَإِنْ لَمْ تَفِ أَمْوَالُهُمْ فَسَلْ فِى قُرَيْشٍ، وَلاَ تَعْدُهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ، فَأَدِّ عَنِّى هَذَا الْمَالَ، انْطَلِقْ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَقُلْ يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ السَّلاَمَ. وَلاَ تَقُلْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ. فَإِنِّى لَسْتُ الْيَوْمَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَمِيرًا، وَقُلْ يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ. فَسَلَّمَ وَاسْتَأْذَنَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَوَجَدَهَا قَاعِدَةً تَبْكِى فَقَالَ يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ السَّلاَمَ وَيَسْتَأْذِنُ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ. فَقَالَتْ كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِى، وَلأُوثِرَنَّ بِهِ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِى. فَلَمَّا أَقْبَلَ قِيلَ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَدْ جَاءَ. قَالَ ارْفَعُونِى، فَأَسْنَدَهُ رَجُلٌ إِلَيْهِ، فَقَالَ مَا لَدَيْكَ قَالَ الَّذِى تُحِبُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَذِنَتْ. قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَا كَانَ مِنْ شَىْءٍ أَهَمُّ إِلَىَّ مِنْ ذَلِكَ، فَإِذَا أَنَا قَضَيْتُ فَاحْمِلُونِى ثُمَّ سَلِّمْ فَقُلْ يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَإِنْ أَذِنَتْ لِى فَأَدْخِلُونِى، وَإِنْ رَدَّتْنِى رُدُّونِى إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ. وَجَاءَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ حَفْصَةُ وَالنِّسَاءُ تَسِيرُ مَعَهَا، فَلَمَّا رَأَيْنَاهَا قُمْنَا، فَوَلَجَتْ عَلَيْهِ فَبَكَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، وَاسْتَأْذَنَ الرِّجَالُ، فَوَلَجَتْ دَاخِلاً لَهُمْ، فَسَمِعْنَا بُكَاءَهَا مِنَ الدَّاخِلِ. فَقَالُوا أَوْصِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اسْتَخْلِفْ. قَالَ مَا أَجِدُ أَحَقَّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ هَؤُلاَءِ النَّفَرِ أَوِ الرَّهْطِ الَّذِينَ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ عَنْهُمْ رَاضٍ. فَسَمَّى عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَالزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ وَسَعْدًا وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ وَقَالَ يَشْهَدُكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ - كَهَيْئَةِ التَّعْزِيَةِ لَهُ - فَإِنْ أَصَابَتِ الإِمْرَةُ سَعْدًا فَهْوَ ذَاكَ، وَإِلاَّ فَلْيَسْتَعِنْ بِهِ أَيُّكُمْ مَا أُمِّرَ، فَإِنِّى لَمْ أَعْزِلْهُ عَنْ عَجْزٍ وَلاَ خِيَانَةٍ وَقَالَ أُوصِى الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِى بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَيَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالأَنْصَارِ خَيْرًا، الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ، أَنْ

يُقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَأَنْ يُعْفَى عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِأَهْلِ الأَمْصَارِ خَيْرًا فَإِنَّهُمْ رِدْءُ الإِسْلاَمِ، وَجُبَاةُ الْمَالِ، وَغَيْظُ الْعَدُوِّ، وَأَنْ لاَ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ إِلاَّ فَضْلُهُمْ عَنْ رِضَاهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالأَعْرَابِ خَيْرًا، فَإِنَّهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ وَمَادَّةُ الإِسْلاَمِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَوَاشِى أَمْوَالِهِمْ وَتُرَدَّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَلاَ يُكَلَّفُوا إِلاَّ طَاقَتَهُمْ. فَلَمَّا قُبِضَ خَرَجْنَا بِهِ فَانْطَلَقْنَا نَمْشِى فَسَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. قَالَتْ أَدْخِلُوهُ. فَأُدْخِلَ، فَوُضِعَ هُنَالِكَ مَعَ صَاحِبَيْهِ، فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ دَفْنِهِ اجْتَمَعَ هَؤُلاَءِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ اجْعَلُوا أَمْرَكُمْ إِلَى ثَلاَثَةٍ مِنْكُمْ. فَقَالَ الزُّبَيْرُ قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِى إِلَى عَلِىٍّ. فَقَالَ طَلْحَةُ قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِى إِلَى عُثْمَانَ. وَقَالَ سَعْدٌ قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِى إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَيُّكُمَا تَبَرَّأَ مِنْ هَذَا الأَمْرِ فَنَجْعَلُهُ إِلَيْهِ، وَاللَّهُ عَلَيْهِ وَالإِسْلاَمُ لَيَنْظُرَنَّ أَفْضَلَهُمْ فِى نَفْسِهِ. فَأُسْكِتَ الشَّيْخَانِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَفَتَجْعَلُونَهُ إِلَىَّ، وَاللَّهُ عَلَىَّ أَنْ لاَ آلُوَ عَنْ أَفْضَلِكُمْ قَالاَ نَعَمْ، فَأَخَذَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَقَالَ لَكَ قَرَابَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْقَدَمُ فِى الإِسْلاَمِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، فَاللَّهُ عَلَيْكَ لَئِنْ أَمَّرْتُكَ لَتَعْدِلَنَّ، وَلَئِنْ أَمَّرْتُ عُثْمَانَ لَتَسْمَعَنَّ وَلَتُطِيعَنَّ. ثُمَّ خَلاَ بِالآخَرِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا أَخَذَ الْمِيثَاقَ قَالَ ارْفَعْ يَدَكَ يَا عُثْمَانُ. فَبَايَعَهُ، فَبَايَعَ لَهُ عَلِىٌّ، وَوَلَجَ أَهْلُ الدَّارِ فَبَايَعُوهُ. أطرافه 1392، 3052، 3162، 4888، 7207 - تحفة 10618، 10619 - 22/ 5 واعلم أن عُمَرَ لمَّا رَحَلَ إلى الحجِّ اجتمع جَمْعٌ كثيرٌ من الناس، فنادى منادٍ منهم: إنا نَسْتَخْلِفُ بعد عمر من شِئْنَا، وستتمُّ خلافته، كما تمَّت خلافةُ أبي بكرٍ، من غير عهدٍ. فَبَلَغَ ذلك عُمَرَ، وأراد أن يَخْطُبَ بينهم، فنهاه عبد الرحمن بن عَوْف، وقال: إن هؤلاء قومٌ أَجْلاَفٌ، فلا تَخْطُبُ حتَّى تأتي المدينةَ، فإن فيهم ذا الفَهْمِ والعلم. فلمَّا بَلَغَ إلى المدينة، لَقِيَه أبو لُؤْلُؤَةَ في بعضِ السِّكَكِ، وسَأَلَهُ أن يُكَلِّمَ مولاه في تخفيف الخَرَاج عنه، فقال له عمر: لا أفعله، فإنِّي سَمِعْتُكَ أَنَّكَ تَصْنَعُ الرَّحى، فلو صَنَعْتَهُ للمسلمين لَنَفَعَهُمْ جِدًّا، فقال له: إني أَعْمَلُ لك رحى يتحدَّث بها الناس بين المَشْرِق والمغرب. فلم يَلْبَثُ بعد ذلك إلاَّ أن أُصِيبَ به، كما عند البخاريِّ. وفيه: «أنه استخلف عبد الرحمن بن عَوْف»، وهذا حُجَّةٌ لثبوت جنس الاستخلاف في الصلاة، وإن لم يَكُنْ صحيحًا في خصوص هذه الصورة. وهذا على ما هو عند البخاريِّ، وإلاَّ فقد أَخْرَجَ المُحِبُّ الطبريُّ في «الرياض النضرة» بإِسنادٍ: «أنهم ذَهَبُوا بِعُمَرَ، وجاء عبدُ الرحمن بن عَوْف، فَأَتَمَّ الصلاةَ بقراءةٍ خفيفةٍ. 3700 - قوله: (وَقَفَ على حُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ، وعُثْمَانَ بن حُنَيْفٍ)، وقد كان بَعَثَهُمَا لتعيين الخَرَاج إلى العراق. قوله: (حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ)، فيه دليلٌ على أن مُدْرِكَ الركوع مُدْرِكٌ للركعة، ولذا

9 - باب مناقب على بن أبى طالب القرشى الهاشمى، أبى الحسن رضى الله عنه

كان ينتظرهم حتَّى يَجْتَمِعُوا، فإذا اجْتَمَعُوا رَكَعَ. وادَّعى البخاريُّ في «رسالته»: أن من اخْتَارَ منهم وجوبَ القراءة خلف الإمام لم يَذْهَبْ إلى أن مُدْرِكَ الركوع مُدْرِكٌ للركعة. قلتُ: وهو خلافُ الواقع. قوله: (العِلْجُ): "كاشتكار": غيرُ مُسْلِمٍ. قوله: (الصَّنَع) ترجمته: "كارى كر". قوله: (الحمدُ الذي لم يَجْعَلْ مِيتَتِي بِيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي الإِسْلاَمَ)، وذلك لأن ذنوبَ المقتول تُطْرَحُ على القاتل. فلو كان قاتله مُسْلِمًا لطُرِحَتْ ذنوبه عليه، فكَرِهَ ذاك لذلك. قوله: (قال: يا ابنَ أَخِي ارْفَعْ ثَوْبَكَ، فإنَّه أَبْقَى لِثَوْبِكَ، وأَتْقَى لِرَبِّك)، فَسُبْحَان من رجلٍ لم يَتْرُكْ الأَمْرَ بالمعروف، وهو في سياق الموتِ، يَجُود بنفسه. قوله: (فإِنَّهُمْ أَصْلُ العَرَبِ، ومَادَّةُ الإِسْلاَمِ)، المادة ترجمتها. سامان وجر، وهي عندي معرَّبة من الماية. وتشديدُ الدَّال فيها لحنٌ عندي. وغَلِطَ فيها الملاَّ محمود الجونفورى في «الشمس البازغة». 9 - باب مَنَاقِبُ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ الْقُرَشِىِّ الْهَاشِمِىِّ، أَبِى الْحَسَنِ رضى الله عنه وَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم لِعَلِيّ: «أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ». وَقالَ عُمَرُ: تُوفِّيَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلّم وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ. 3701 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ» قَالَ فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ، غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا فَقَالَ «أَيْنَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ». فَقَالُوا يَشْتَكِى عَيْنَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ فَأْتُونِى بِهِ». فَلَمَّا جَاءَ بَصَقَ فِى عَيْنَيْهِ، وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ. فَقَالَ عَلِىٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا فَقَالَ «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِىَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ». أطرافه 2942، 3709، 4210 - تحفة 4713 - 23/ 5 3702 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ كَانَ عَلِىٌّ قَدْ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى خَيْبَرَ وَكَانَ بِهِ رَمَدٌ فَقَالَ أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ عَلِىٌّ فَلَحِقَ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِى فَتَحَهَا اللَّهُ فِى صَبَاحِهَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ - أَوْ لَيَأْخُذَنَّ الرَّايَةَ - غَدًا رَجُلاً يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ - أَوْ قَالَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ - يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ». فَإِذَا نَحْنُ بِعَلِىٍّ وَمَا نَرْجُوهُ، فَقَالُوا هَذَا عَلِىٌّ. فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ. طرفاه 2975، 4209 - تحفة 4543 3703 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَقَالَ هَذَا فُلاَنٌ - لأَمِيرِ الْمَدِينَةِ - يَدْعُو عَلِيًّا عِنْدَ الْمِنْبَرِ. قَالَ فَيَقُولُ مَاذَا قَالَ يَقُولُ لَهُ أَبُو تُرَابٍ. فَضَحِكَ قَالَ وَاللَّهِ مَا سَمَّاهُ إِلاَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، وَمَا كَانَ لَهُ اسْمٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهُ. فَاسْتَطْعَمْتُ الْحَدِيثَ سَهْلاً، وَقُلْتُ يَا أَبَا عَبَّاسٍ كَيْفَ قَالَ دَخَلَ عَلِىٌّ عَلَى فَاطِمَةَ ثُمَّ خَرَجَ فَاضْطَجَعَ فِى الْمَسْجِدِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ». قَالَتْ فِى الْمَسْجِدِ. فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَوَجَدَ رِدَاءَهُ قَدْ سَقَطَ عَنْ ظَهْرِهِ، وَخَلَصَ التُّرَابُ إِلَى ظَهْرِهِ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ ظَهْرِهِ فَيَقُولُ «اجْلِسْ يَا أَبَا تُرَابٍ». مَرَّتَيْنِ. أطرافه 441، 6204، 6280 - تحفة 4714 3704 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ عَنْ عُثْمَانَ، فَذَكَرَ عَنْ مَحَاسِنِ عَمَلِهِ، قَالَ لَعَلَّ ذَاكَ يَسُوؤُكَ. قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَأَرْغَمَ اللَّهُ بِأَنْفِكَ. ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ عَلِىٍّ، فَذَكَرَ مَحَاسِنَ عَمَلِهِ قَالَ هُوَ ذَاكَ، بَيْتُهُ أَوْسَطُ بُيُوتِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. ثُمَّ قَالَ لَعَلَّ ذَاكَ يَسُوؤُكَ. قَالَ أَجَلْ. قَالَ فَأَرْغَمَ اللَّهُ بِأَنْفِكَ، انْطَلِقْ فَاجْهَدْ عَلَىَّ جَهْدَكَ. أطرافه 3130، 3698، 4066، 4513، 4514، 4650، 4651، 7095 تحفة 7046 - 24/ 5 3705 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى لَيْلَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِىٌّ أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أَثَرِ الرَّحَا، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْىٌ، فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ، فَوَجَدَتْ عَائِشَةَ، فَأَخْبَرَتْهَا، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِىءِ فَاطِمَةَ، فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْنَا، وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْتُ لأَقُومَ فَقَالَ «عَلَى مَكَانِكُمَا». فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِى وَقَالَ «أَلاَ أُعَلِّمُكُمَا خَيْرًا مِمَّا سَأَلْتُمَانِى إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا تُكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ، وَتُسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَتَحْمَدَا ثَلاَثَةً وَثَلاَثِينَ، فَهْوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ». أطرافه 3113، 5361، 5362، 6318 - تحفة 10210 3706 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعَلِىٍّ «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّى بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى». طرفه 4416 - تحفة 3840 3707 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ اقْضُوا كَمَا كُنْتُمْ تَقْضُونَ، فَإِنِّى أَكْرَهُ الاِخْتِلاَفَ

10 - باب مناقب جعفر بن أبى طالب وقال النبى - صلى الله عليه وسلم - «أشبهت خلقى وخلقى»

حَتَّى يَكُونَ لِلنَّاسِ جَمَاعَةٌ، أَوْ أَمُوتَ كَمَا مَاتَ أَصْحَابِى. فَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَرَى أَنَّ عَامَّةَ مَا يُرْوَى عَلَى عَلِىٍّ الْكَذِبُ. تحفة 10236 ے 3703 - قوله: (قال: يَقُولُ له: أبو تُرَابٍ) هنا إلخ، يعني أنه يَسْتَهْزِأُ به على كُنْيَتِهِ هذه. 3706 - قوله: (أَمَا تَرْضَى أن تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى) وثَبَتَ فيه الاستثناءُ، إلاَّ أنه لا نبيَّ بعدي. 3707 - قوله: (وَكَانَ ابنُ سِيرِينَ يَرَى أنَّ عامَّةَ ما يُرْوَى عن عليَ الكَذِبُ)، يعني به ما يُرْوَى عنه من الأقوال المشتملة على مخالفة الشيخين، فإنها كلَّها من جهة الرَّوَافِضِ. والمُعْتَبَرُ منها ما يُرْوَى عنه بواسطة أصحاب ابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين. 10 - باب مَنَاقِبُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِى طَالِبٍ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَشْبَهْتَ خَلْقِى وَخُلُقِى» 3708 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِىُّ عَنِ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ. وَإِنِّى كُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِشِبَعِ بَطْنِى، حَتَّى لاَ آكُلُ الْخَمِيرَ، وَلاَ أَلْبَسُ الْحَبِيرَ، وَلاَ يَخْدُمُنِى فُلاَنٌ وَلاَ فُلاَنَةُ، وَكُنْتُ أُلْصِقُ بَطْنِى بِالْحَصْبَاءِ مِنَ الْجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لأَسْتَقْرِئُ الرَّجُلَ الآيَةَ هِىَ مَعِى كَىْ يَنْقَلِبَ بِى فَيُطْعِمَنِى، وَكَانَ أَخْيَرَ النَّاسِ لِلْمِسْكِينِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِى طَالِبٍ، كَانَ يَنْقَلِبُ بِنَا فَيُطْعِمُنَا مَا كَانَ فِى بَيْتِهِ، حَتَّى إِنْ كَانَ لَيُخْرِجُ إِلَيْنَا الْعُكَّةَ الَّتِى لَيْسَ فِيهَا شَىْءٌ، فَنَشُقُّهَا فَنَلْعَقُ مَا فِيهَا. طرفه 5432 - تحفة 13021، 13022 - 25/ 5 3709 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى ابْنِ جَعْفَرٍ قَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِى الْجَنَاحَيْنِ. طرفه 4264 - تحفة 7112 11 - باب ذِكْرُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضى الله عنه 3710 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنِى أَبِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا - صلى الله عليه وسلم - فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا. قَالَ فَيُسْقَوْنَ. طرفه 1010 - تحفة 10411

12 - باب مناقب قرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

3710 - قوله: (وإنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نبيِّنا. فاسْقِنَا، فَيُسْقَوْنَ) قلتُ: وهذا توسُّلٌ فعليٌّ، لأنه كان يقول له بعد ذلك: قُمْ يا عبَّاس فاسْتَسْقِ، فكان يَسْتَسْقِي لهم. فلم يَثْبُتْ منه التوسُّلُ القوليُّ، أي الاستسقاء بأسماء الصالحين فقط، بدون شركتهم. أقول: وعند الترمذي: «أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم عَلَّمَ أعرابيًا هذه الكلمات - وكان أعمى: اللهم إني أتوجَّهُ إليك بنبيكَ محمد نبي الرحمة .... ، إلى قوله: اللَّهُمَّ فشفِّعْهُ فيَّ»، فثبت منه التوسُّلُ القوليُّ أيضًا. وحينئذٍ إنكار الحافظ ابن تَيْمِيَة تطاولٌ. 12 - باب مَنَاقِبُ قَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْقَبَةِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ بِنْتِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ». 3711 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِى بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، تَطْلُبُ صَدَقَةَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الَّتِى بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكٍ وَمَا بَقِىَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ. أطرافه 3092، 4035، 4240، 6725 - تحفة 16479 3712 - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا فَهْوَ صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ - يَعْنِى مَالَ اللَّهِ - لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى الْمَأْكَلِ». وَإِنِّى وَاللَّهِ لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَاتِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الَّتِى كَانَتْ عَلَيْهَا فِى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَلأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَتَشَهَّدَ عَلِىٌّ، ثُمَّ قَالَ إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَضِيلَتَكَ. وَذَكَرَ قَرَابَتَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَحَقَّهُمْ. فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحَبُّ إِلَىَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِى. أطرافه 3093، 4036، 4241، 6726 - تحفة 10340 أ، 6636 ب، 6630 - 26/ 5 3713 - أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاقِدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهم - قَالَ ارْقُبُوا مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فِى أَهْلِ بَيْتِهِ. طرفه 3751 - تحفة 6603 3714 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّى، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِى». أطرافه 926، 3110، 3729، 3767، 5230، 5278 - تحفة 11267 3715 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاطِمَةَ ابْنَتَهُ فِى شَكْوَاهُ الَّذِى قُبِضَ فِيهَا، فَسَارَّهَا بِشَىْءٍ فَبَكَتْ، ثُمَّ دَعَاهَا فَسَارَّهَا فَضَحِكَتْ، قَالَتْ فَسَأَلْتُهَا عَنْ ذَلِكَ. أطرافه 3623، 3625، 4433، 6285 - تحفة 16339

13 - باب مناقب الزبير بن العوام

3716 - فَقَالَتْ سَارَّنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَنِى أَنَّهُ يُقْبَضُ فِى وَجَعِهِ الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ فَبَكَيْتُ، ثُمَّ سَارَّنِى فَأَخْبَرَنِى أَنِّى أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِهِ أَتْبَعُهُ فَضَحِكْتُ. أطرافه 3624، 3626، 4434، 6286 - تحفة 18040 3713 - قوله: (ارْقُبُوا محمَّدًا صلى الله عليه وسلّم في أَهْلِ بَيْتِهِ)، يعني أَحِبُّوا أهل بيته صلى الله عليه وسلّم ليكونَ دليلًا على حُبِّكُمْ للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم. 13 - باب مَنَاقِبُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ حَوَارِيُّ النبي صلى الله عليه وسلّم. وَسُمِّيَ الحَوَارِيُّونَ لِبَيَاضِ ثِيَابِهمْ. 3717 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَخْبَرَنِى مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ أَصَابَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رُعَافٌ شَدِيدٌ سَنَةَ الرُّعَافِ، حَتَّى حَبَسَهُ عَنِ الْحَجِّ وَأَوْصَى، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ اسْتَخْلِفْ. قَالَ وَقَالُوهُ قَالَ نَعَمْ. قَالَ وَمَنْ فَسَكَتَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ - أَحْسِبُهُ الْحَارِثَ - فَقَالَ اسْتَخْلِفْ. فَقَالَ عُثْمَانُ وَقَالُوا فَقَالَ نَعَمْ. قَالَ وَمَنْ هُوَ فَسَكَتَ قَالَ فَلَعَلَّهُمْ قَالُوا الزُّبَيْرَ قَالَ نَعَمْ. قَالَ أَمَا وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّهُ لَخَيْرُهُمْ مَا عَلِمْتُ، وَإِنْ كَانَ لأَحَبَّهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3718 - تحفة 9838 3718 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ أَخْبَرَنِى أَبِى سَمِعْتُ مَرْوَانَ كُنْتُ عِنْدَ عُثْمَانَ، أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ اسْتَخْلِفْ. قَالَ وَقِيلَ ذَاكَ قَالَ نَعَمْ، الزُّبَيْرُ. قَالَ أَمَا وَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ خَيْرُكُمْ. ثَلاَثًا. طرفه 3717 - تحفة 9838 - 27/ 5 3719 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - هُوَ ابْنُ أَبِى سَلَمَةَ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لِكُلِّ نَبِىٍّ حَوَارِيًّا، وَإِنَّ حَوَارِىَّ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ». أطرافه 2846، 2847، 2997، 4113، 7261 - تحفة 3058 3720 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا {عَبْدُ اللَّهِ} أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ كُنْتُ يَوْمَ الأَحْزَابِ جُعِلْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ فِى النِّسَاءِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِالزُّبَيْرِ عَلَى فَرَسِهِ، يَخْتَلِفُ إِلَى بَنِى قُرَيْظَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، فَلَمَّا رَجَعْتُ قُلْتُ يَا أَبَتِ، رَأَيْتُكَ تَخْتَلِفُ. قَالَ أَوَهَلْ رَأَيْتَنِى يَا بُنَىَّ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ يَأْتِ بَنِى قُرَيْظَةَ فَيَأْتِينِى بِخَبَرِهِمْ». فَانْطَلَقْتُ، فَلَمَّا رَجَعْتُ جَمَعَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبَوَيْهِ فَقَالَ «فِدَاكَ أَبِى وَأُمِّى». تحفة 3622، 5276 3721 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالُوا لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ أَلاَ تَشُدُّ فَنَشُدَّ مَعَكَ فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ، فَضَرَبُوهُ ضَرْبَتَيْنِ عَلَى عَاتِقِهِ، بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌ ضُرِبَهَا يَوْمَ بَدْرٍ. قَالَ عُرْوَةُ فَكُنْتُ أُدْخِلُ

14 - باب ذكر طلحة بن عبيد الله

أَصَابِعِى فِى تِلْكَ الضَّرَبَاتِ أَلْعَبُ وَأَنَا صَغِيرٌ. طرفاه 3973، 3975 - تحفة 3635 3720 - قوله: (جُعِلْتُ أَنَا، وعُمَرُ بنُ أبي سَلَمَةَ في النِّسَاءِ)، يعني تَرَكُونا في النساء لكوننا غُلاَمَيْنِ لم نَحْتَلِمَا يومئذٍ. 14 - باب ذِكْرِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَالَ عُمَرُ: تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ عَنْهُ رَاضٍ. 3722 و 3723 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ لَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَعْضِ تِلْكَ الأَيَّامِ الَّتِى قَاتَلَ فِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرُ طَلْحَةَ وَسَعْدٍ. عَنْ حَدِيثِهِمَا. حديث 3722 طرفه 4060 - تحفة 5003 حديث 3723 طرفه 4061 - تحفة 3903 3724 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ، قَالَ رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ الَّتِى وَقَى بِهَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ شَلَّتْ. طرفه 4063 - تحفة 5007 15 - باب مَنَاقِبُ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ الزُّهْرِىِّ، وَبَنُو زُهْرَةَ أَخْوَالُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَهْوَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ 3725 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ جَمَعَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ. أطرافه 4055، 4056، 4057 - تحفة 3857 - 28/ 5 3726 - حَدَّثَنَا مَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُنِى وَأَنَا ثُلُثُ الإِسْلاَمِ. طرفاه 3727، 3858 - تحفة 3897 3727 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِى زَائِدَةَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ يَقُولُ مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ إِلاَّ فِى الْيَوْمِ الَّذِى أَسْلَمْتُ فِيهِ، وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَإِنِّى لَثُلُثُ الإِسْلاَمِ. تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ. طرفاه 3726، 3858 - تحفة 3859 3728 - حَدَّثَنَا هَاشِمٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدًا - رضى الله عنه - يَقُولُ إِنِّى لأَوَّلُ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، وَكُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا لَنَا طَعَامٌ إِلاَّ وَرَقُ الشَّجَرِ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا يَضَعُ الْبَعِيرُ أَوِ الشَّاةُ، مَا لَهُ خِلْطٌ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِى عَلَى الإِسْلاَمِ، لَقَدْ خِبْتُ إِذًا وَضَلَّ عَمَلِى. وَكَانُوا وَشَوْا بِهِ إِلَى عُمَرَ، قَالُوا لاَ يُحْسِنُ يُصَلِّى. طرفاه 5412، 6453 - تحفة 3913

16 - باب ذكر أصهار النبى - صلى الله عليه وسلم -، منهم أبو العاص بن الربيع

3726 - قوله: (وَأَنَا ثُلُثُ الإِسَلاَمِ)، ولا يَسْتَقِيمُ كونه ثُلُثًا. فأوَّلُوه: بأن أمَّ المؤمنين خَدِيجة كانت من النساء، وأمَّا عليُّ فكان من الصبيان، وبعده يَزُولُ الإِشكالُ. 3728 - قوله: (ما لَهُ خِلْطٌ)، يعني خِلْطُ شيءٍ من الأغذية "او سمين غذاكا كوئى اور ملاؤنه نها". 16 - باب ذِكْرُ أَصْهَارِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، مِنْهُمْ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ 3729 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عَلِىُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ قَالَ إِنَّ عَلِيًّا خَطَبَ بِنْتَ أَبِى جَهْلٍ، فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّكَ لاَ تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ، هَذَا عَلِىٌّ نَاكِحٌ بِنْتَ أَبِى جَهْلٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ «أَمَّا بَعْدُ أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ، فَحَدَّثَنِى وَصَدَقَنِى، وَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّى، وَإِنِّى أَكْرَهُ أَنْ يَسُوءَهَا، وَاللَّهِ لاَ تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ». فَتَرَكَ عَلِىٌّ الْخِطْبَةَ. وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِىٍّ عَنْ مِسْوَرٍ، سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِى عَبْدِ شَمْسٍ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِى مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ فَأَحْسَنَ قَالَ «حَدَّثَنِى فَصَدَقَنِى، وَوَعَدَنِى فَوَفَى لِى». أطرافه 926، 3110، 3714، 3767، 5230، 5278 - تحفة 11278 - 29/ 5 والصِّهْرُ: سسرال، واسْتَعْمَلَهُ في معنى زوج البنت. 17 - باب مَنَاقِبُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، مَوْلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقالَ البَرَاءُ، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلّم «أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلاَنَا». 3730 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْثًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَطَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِى إِمَارَتِهِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنْ تَطْعُنُوا فِى إِمَارَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعُنُونَ فِى إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللَّهِ، إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ بَعْدَهُ». أطرافه 4250، 4468، 4469، 6627، 7187 - تحفة 7181 3731 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَ عَلَىَّ قَائِفٌ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - شَاهِدٌ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مُضْطَجِعَانِ، فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ. قَالَ فَسُرَّ بِذَلِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَعْجَبَهُ، فَأَخْبَرَ بِهِ عَائِشَةَ. أطرافه 3555، 6770، 6771 - تحفة 16402

18 - باب ذكر أسامة بن زيد

18 - باب ذِكْرُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ 3732 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَخْزُومِيَّةِ، فَقَالُوا مَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2648، 3475، 3733، 4304، 6787، 6788، 6800 - تحفة 16578 3733 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ ذَهَبْتُ أَسْأَلُ الزُّهْرِىَّ عَنْ حَدِيثِ الْمَخْزُومِيَّةِ فَصَاحَ بِى، قُلْتُ لِسُفْيَانَ فَلَمْ تَحْتَمِلْهُ عَنْ أَحَدٍ قَالَ وَجَدْتُهُ فِى كِتَابٍ كَانَ كَتَبَهُ أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِى مَخْزُومٍ سَرَقَتْ، فَقَالُوا مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَجْتَرِئْ أَحَدٌ أَنْ يُكَلِّمَهُ، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَقَالَ «إِنَّ بَنِى إِسْرَائِيلَ كَانَ إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ قَطَعُوهُ، لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ لَقَطَعْتُ يَدَهَا». أطرافه 2648، 3475، 3732، 4304، 6787، 6788، 6800 - تحفة 16415 3733 - قوله: (فَصَاح بي) أي وَجَدَ عليَّ، وصَاحَ بي. 19 - باب 3734 - حَدَّثَنِى الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَبَّادٍ يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا الْمَاجِشُونُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ نَظَرَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا وَهْوَ فِى الْمَسْجِدِ إِلَى رَجُلٍ يَسْحَبُ ثِيَابَهُ فِى نَاحِيَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَقَالَ انْظُرْ مَنْ هَذَا لَيْتَ هَذَا عِنْدِى. قَالَ لَهُ إِنْسَانٌ أَمَا تَعْرِفُ هَذَا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ، قَالَ فَطَأْطَأَ ابْنُ عُمَرَ رَأْسَهُ، وَنَقَرَ بِيَدَيْهِ فِى الأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ لَوْ رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَحَبَّهُ. تحفة 7210 - 30/ 5 3735 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - حَدَّثَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُهُ وَالْحَسَنَ فَيَقُولُ «اللَّهُمَّ أَحِبَّهُمَا فَإِنِّى أُحِبُّهُمَا». طرفاه 3747، 6003 - تحفة 102 3736 - وَقَالَ نُعَيْمٌ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى مَوْلًى لأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ أَيْمَنَ ابْنِ أُمِّ أَيْمَنَ، وَكَانَ أَيْمَنُ ابْنُ أُمِّ أَيْمَنَ أَخَا أُسَامَةَ لأُمِّهِ، وَهْوَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَرَآهُ ابْنُ عُمَرَ لَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَلاَ سُجُودَهُ فَقَالَ أَعِدْ. طرفه 3737 - تحفة 6686 3737 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَحَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَمِرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى حَرْمَلَةُ مَوْلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إِذْ دَخَلَ الْحَجَّاجُ بْنُ أَيْمَنَ فَلَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَلاَ سُجُودَهُ، فَقَالَ أَعِدْ. فَلَمَّا وَلَّى قَالَ لِى ابْنُ عُمَرَ مَنْ هَذَا قُلْتُ الْحَجَّاجُ بْنُ أَيْمَنَ ابْنِ أُمِّ

20 - باب مناقب عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما

أَيْمَنَ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لَوْ رَأَى هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَحَبَّهُ، فَذَكَرَ حُبَّهُ وَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّ أَيْمَنَ. قَالَ وَحَدَّثَنِى بَعْضُ أَصْحَابِى عَنْ سُلَيْمَانَ وَكَانَتْ حَاضِنَةَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3736 - تحفة 6686 20 - باب مَنَاقِبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضى الله عنهما 3738 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ الرَّجُلُ فِى حَيَاةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا أَقُصُّهَا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَكُنْتُ غُلاَمًا أَعْزَبَ، وَكُنْتُ أَنَامُ فِى الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَأَيْتُ فِى الْمَنَامِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِى فَذَهَبَا بِى إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِىَ مَطْوِيَّةٌ كَطَىِّ الْبِئْرِ، فَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ كَقَرْنَىِ الْبِئْرِ، وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ. فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ آخَرُ فَقَالَ لِى لَنْ تُرَاعَ. فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ. أطرافه 440، 1121، 1156، 3740، 7015، 7028، 7030 تحفة 6936 - 31/ 5 3739 - فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ، لَوْ كَانَ يُصَلِّى بِاللَّيْلِ». قَالَ سَالِمٌ فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لاَ يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلاَّ قَلِيلاً. أطرافه 1122، 1157، 3741، 7016، 7029، 7031 - تحفة 15805 3740 و 3741 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ أُخْتِهِ حَفْصَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهَا «إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ». حديث 3740 أطرافه 440، 1121، 1156، 3738، 7015، 7028، 7030 - تحفة 15805 حديث 3741 أطرافه 1122، 1157، 3739، 7016، 7029، 7031 21 - باب مَنَاقِبُ عَمَّارٍ وَحُذَيْفَةَ رضى الله عنهما 3742 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ قَدِمْتُ الشَّأْمَ فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قُلْتُ اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِى جَلِيسًا صَالِحًا، فَأَتَيْتُ قَوْمًا فَجَلَسْتُ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا شَيْخٌ قَدْ جَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِى، قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا أَبُو الدَّرْدَاءِ. فَقُلْتُ إِنِّى دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُيَسِّرَ لِى جَلِيسًا صَالِحًا فَيَسَّرَكَ لِى، قَالَ مِمَّنْ أَنْتَ قُلْتُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ. قَالَ أَوَلَيْسَ عِنْدَكُمُ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالْوِسَادِ وَالْمِطْهَرَةِ وَفِيكُمُ الَّذِى أَجَارَهُ اللَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ سِرِّ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الَّذِى لاَ يَعْلَمُ أَحَدٌ غَيْرُهُ ثُمَّ قَالَ كَيْفَ يَقْرَأُ عَبْدُ اللَّهِ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} [الليل: 1 - 3]. قَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ فِيهِ إِلَى فِىَّ. أطرافه 3287، 3743، 3761، 4943، 4944، 6278 - تحفة 10956 3743 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ ذَهَبَ عَلْقَمَةُ إِلَى الشَّأْمِ، فَلَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِى جَلِيسًا صَالِحًا. فَجَلَسَ إِلَى

22 - باب مناقب أبى عبيدة بن الجراح رضى الله عنه

أَبِى الدَّرْدَاءِ فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مِمَّنْ أَنْتَ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ. قَالَ أَلَيْسَ فِيكُمْ - أَوْ مِنْكُمْ - صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِى لاَ يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ يَعْنِى حُذَيْفَةَ. قَالَ قُلْتُ بَلَى. قَالَ أَلَيْسَ فِيكُمُ - أَوْ مِنْكُمُ - الَّذِى أَجَارَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْنِى مِنَ الشَّيْطَانِ، يَعْنِى عَمَّارًا. قُلْتُ بَلَى. قَالَ أَلَيْسَ فِيكُمْ - أَوْ مِنْكُمْ - صَاحِبُ السِّوَاكِ أَوِ السِّرَارِ قَالَ بَلَى. قَالَ كَيْفَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقْرَأُ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2)} قُلْتُ {الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى}. قَالَ مَا زَالَ بِى هَؤُلاَءِ حَتَّى كَادُوا يَسْتَنْزِلُونِى عَنْ شَىْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3287، 3742، 3761، 4943، 4944، 6278 - تحفة 10956 - 32/ 5 3743 - قوله: (صاحب السواك والسواد) أي المناجاة. 22 - باب مَنَاقِبُ أَبِى عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رضى الله عنه 3744 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَإِنَّ أَمِينَنَا أَيَّتُهَا الأُمَّةُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ». طرفاه 4382، 7255 - تحفة 948 3745 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ صِلَةَ عَنْ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَهْلِ نَجْرَانَ «لأَبْعَثَنَّ - يَعْنِى عَلَيْكُمْ - يَعْنِى أَمِينًا - حَقَّ أَمِينٍ». فَأَشْرَفَ أَصْحَابُهُ، فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ رضى الله عنه. أطرافه 4380، 4381، 7254 - تحفة 3350 23 - باب ذِكْرِ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ 24 - باب مَنَاقِبُ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رضى الله عنهما قالَ نَافِعُ بْنُ جُبَيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ: عانَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم الحَسَنَ. 3746 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى عَنِ الْحَسَنِ سَمِعَ أَبَا بَكْرَةَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنُ إِلَى جَنْبِهِ، يَنْظُرُ إِلَى النَّاسِ مَرَّةً وَإِلَيْهِ مَرَّةً، وَيَقُولُ «ابْنِى هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ». أطرافه 2704، 3629، 7109 - تحفة 11658 3747 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُهُ وَالْحَسَنَ وَيَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا». أَوْ كَمَا قَالَ. طرفاه 3735، 6003 - تحفة 102 3748 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِى حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أُتِىَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ بِرَأْسِ

الْحُسَيْنِ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَجُعِلَ فِى طَسْتٍ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ، وَقَالَ فِى حُسْنِهِ شَيْئًا. فَقَالَ أَنَسٌ كَانَ أَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَانَ مَخْضُوبًا بِالْوَسْمَةِ. تحفة 1464 - 33/ 5 3749 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَدِىٌّ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْحَسَنُ عَلَى عَاتِقِهِ يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ». تحفة 1793 3750 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - وَحَمَلَ الْحَسَنَ وَهْوَ يَقُولُ بِأَبِى شَبِيهٌ بِالنَّبِىِّ، لَيْسَ شَبِيهٌ بِعَلِىٍّ. وَعَلِىٌّ يَضْحَكُ. طرفه 3542 - تحفة 6609 3751 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَصَدَقَةُ قَالاَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ ارْقُبُوا مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فِى أَهْلِ بَيْتِهِ. طرفه 3713 - تحفة 6603 3752 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَنَسٍ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى أَنَسٌ قَالَ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَشْبَهَ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ. تحفة 1539 3753 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى يَعْقُوبَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى نُعْمٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَسَأَلَهُ عَنِ الْمُحْرِمِ، قَالَ شُعْبَةُ أَحْسِبُهُ يَقْتُلُ الذُّبَابَ فَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ يَسْأَلُونَ عَنِ الذُّبَابِ وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هُمَا رَيْحَانَتَاىَ مِنَ الدُّنْيَا». طرفه 5994 - تحفة 7300 3747 - قوله: (أُتِيَ عُبَيْدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ بِرَأْسِ الحُسَيْنِ) ... إلخ. ومن (¬1) غَرائبِ قدرته تعالى: أنه أُتِيَ برأس عُبَيْد الله أيضًا بُعَيْدَ ذلك في هذا المحلِّ بعينه. وعند الترمذيِّ: «أن حَيَّةً دَخَلَتْ في مَنْخِرَيْهِ ثلاث مرَّاتٍ، وخَرَجَتْ كذلك، ورأسُهُ موضوعٌ بين ¬

_ (¬1) ثمَّ إن الله تعالى جَازَى هذا الفاسقَ الظالمَ عُبَيْدَ الله بن زياد بأن جَعَلَ قتله على يدي إبرإهيم بن الأشْتَرِ يوم السبت، لثمانٍ بَقين من ذي الحِجَّة سنةَ ستةٍ وستين. على أرضٍ يُقَال لها: الجازد، بينها وبين المُوصِل خمسة فَرَاسِخ. وكان المختارُ بن أبي عُبَيْد الثقفي أرْسَلهُ لقتال ابن زياد. ولمَّا قُتِلَ ابن زياد جِيء برأسه، وبرؤوس أصحابه، وطُرِحَتْ بين يدي المختار، وجاءت حَيَّةٌ دقيقةٌ تخلَّلت الرؤوسَ حتَى دَخَلَتْ في فمِ ابن مرجانة -وهو ابن زياد- وخَرَجَتْ من مَنْخِرهِ، ودَخَلَتْ في مَنْخِرِهِ، وخَرَجَتْ من فِيهِ. وجَعَلَتْ تَدْخُلُ وتَخْرُجُ من رأسه لا بين الرؤوس ... إلخ. "عمدة القاري". وأَخْرَجَ الترمذيُّ نحوه في مناقب الحسن، والحسين رضي الله تعالى عنهما.

25 - باب مناقب بلال بن رباح، مولى أبى بكر، رضى الله عنهما

يدي الناس، وهم يَقُولُون: قد جَاءَتْ، قد جَاءَتْ، أي الحيَّةُ». وفي «مستدرك (¬1) الحاكم» مرفوعًا، وصحَّحه: «أني قَتَلْتُ بقتل يحيى عليه السلام سبعين ألفًا، وأني لسِبْطِكَ سبعين، وسبعين ألفًا». أقولُ: أمَّا عددُ المقتولين، فقد بَلَغ إلى آلاف ألف ألف، ثم اللَّهُ تعالى يُدْريه أنه كم اعتدَّ منهم بهذه القِتْلَةِ. 3747 - قوله: (بالوَسْمَةِ (¬2)): أى نيل، وأشْكَلَ عليه أن خِضَابَهُ يكون أسودَ، وفيه الوعيدُ عند النَّسائي. والجوابُ عنه: أنه يجوز إذا كانت تَلُوحُ فيه الزُّرْقَة، ولم يكن أسودَ حالكًا. هكذا يُسْتَفَادُ من كلام محمد في «الموطأ». ثم هو جائزٌ عندنا في الجهاد، لإِرهاب العدو. وإن كان أسودَ حالكًا، وكذا لمن تزوَّج جاريةً حديثَة السِّنِّ. 25 - باب مَنَاقِبُ بِلاَلِ بْنِ رَبَاحٍ، مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ، رضى الله عنهما وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَىَّ فِى الْجَنَّةِ». 3754 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ عُمَرُ يَقُولُ أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا، وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا. يَعْنِى بِلاَلًا. تحفة 10424، 2045 أ 3755 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ أَنَّ بِلاَلًا قَالَ لأَبِى بَكْرٍ إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا اشْتَرَيْتَنِى لِنَفْسِكَ فَأَمْسِكْنِى، وَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا اشْتَرَيْتَنِى لِلَّهِ فَدَعْنِى وَعَمَلَ اللَّهِ. تحفة 2046 - 34/ 5 3755 - قوله: (إن بِلاَلًا قَالَ لأبي بَكْرٍ: إن كُنْتَ إنما اشْتَرَيْتَنِي لنفسكَ، فَأَمْسِكْنِي) ... إلخ. كان بلالُ بعدما تُوُفِّي النبيُّ صلى الله عليه وسلّم ذَهَبَ إلى الشام، وتَرَكَ المدينة، فمنعه أبو بكر أن يَتْرُكَها، فقال له بلال كما في الحديث وفي رجوعه اختلافٌ، وأخرج أبو داود ما يَدُلُّ على صحة رجوعه، وإسنادُه جيدٌ. وحاصِلُه: أن بلالًا لمَّا رَجِعَ من ¬

_ (¬1) أخبرني أبو سعيد أحمد بن محمد بن عمرو الأخمسي من كتاب التاريخ: حدَّثنا الحسين بن حميد بن الربيع: حدَّثنا الحسين بن عمرو العنقزي، والقاسم بن دِينَار، قالا: حدَّثنا أبو نُعَيْم، وأخبرنا أحمد بن كامل القاضي: حدَّثنا عبد الله بن إبراهيم البزَّار: حدَّثنا كثير بن محمد أبو أنس الكوفي: حدَّثنا أبو نُعَيْم: حدَّثنا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت، عن أبيه عن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: "أوْحَى اللهُ تعالى إلى محمد صلى الله عليه وسلم، أنِّي قَتَلْتُ بيحيى بن زكريا سبعين ألفًا، وأنِّي قاتلٌ بابن ابنتك سبعين ألفًا، وسبعين ألفًا". هذا لفظُ حديث الشافعيِّ. وفي حديث القاضي أبي بكر بن كامل: "أني قَتَلْتُ على دم يحيى بن زكريا، وأني قاتلٌ على دم ابن ابنتك"، هذا حديثُ صحيحُ الإِسناد، ولم يخرِّجاه، اهـ "المستدرك". قال الذهبيُّ في "تلخيصه": صحيحٌ على شرط مسلم. (¬2) وقد تكلَّم على بعض مسائل الخِضَاب عليُّ القاري في "جمع الوسائل"، وهو حَسَنٌ وإن كان مُخْتَصَرًا.

26 - باب ذكر ابن عباس رضى الله عنهما

الشام سَأَلَهُ الناسُ أن يُسْمِعَهُمْ التأذينَ. كتأذينه في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فأذَّن (¬1). 26 - باب ذِكْرُ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما 3756 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ ضَمَّنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى صَدْرِهِ وَقَالَ «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ». أطرافه 75، 143، 7270 - تحفة 6049 حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ وَقَالَ «عَلِّمْهُ الْكِتَابَ». حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ خَالِدٍ مِثْلَهُ. والحكمةُ الإصابةُ في غير النبوة. [طرفه في: 75] تحفة 6049. 27 - باب مَنَاقِبُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رضى الله عنه 3757 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ وَاقِدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَعَى زَيْدًا وَجَعْفَرًا وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ، فَقَالَ «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ - وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ - حَتَّى أَخَذَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ». أطرافه 1246، 2798، 3063، 3630، 4262 - تحفة 820 28 - باب مَنَاقِبُ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِى حُذَيْفَةَ رضى الله عنه 3758 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ ذُكِرَ عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَقَالَ ذَاكَ رَجُلٌ لاَ أَزَالُ أُحِبُّهُ بَعْدَ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اسْتَقْرِئُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَبَدَأَ بِهِ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِى حُذَيْفَةَ، وَأُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ». قَالَ لاَ أَدْرِى بَدَأَ بِأُبَىٍّ أَوْ بِمُعَاذٍ. أطرافه 3760، 3806، 3808، 4999 - تحفة 8932 29 - باب مَنَاقِبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضى الله عنه 3759 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ ¬

_ (¬1) قال علي القاري في "المرقاة": وأمَّا حديث رَحِيل بلال، ثم رجوعه إلى المدينة بعد رؤيته صلى الله عليه وسلم في المنام، وأذانه بها، وارتجاج المدينة به، فلا أصلَ له، وهي بيِّنة الوضع، ذكره الطيبيُّ في "الذيل" اهـ. ولم أَجِدْ تلك الرواية في أبي داود، فَلْيَنْظُرْ مَظَانُّها، فإن لم تجد فيه، فهو سهوٌ مني في الكتابة. ومَنْ يَنْصِبُ نفسه مَنْصِبَ الناقد يَرْمي به الشيخَ ثم يزهو، أو يَسُبُّني، ولا يدري من تعصُّبِه أن مثلَه لا بُدَّ أن يَقَعَ في المذكرة المأخوذةِ في الدرس، هَدَاه الله سواء الصراط.

30 - باب ذكر معاوية رضى الله عنه

قَالَ سَمِعْتُ مَسْرُوقًا قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا وَقَالَ «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَىَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاَقًا». أطرافه 3559، 6029، 6035 - تحفة 8933 3760 - وَقَالَ «اسْتَقْرِئُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِى حُذَيْفَةَ، وَأُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ». أطرافه 3758، 3806، 3808، 4999 - تحفة 8932 - 35/ 5 3761 - حَدَّثَنَا مُوسَى عَنْ أَبِى عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ دَخَلْتُ الشَّأْمَ فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، فَقُلْتُ اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِى جَلِيسًا. فَرَأَيْتُ شَيْخًا مُقْبِلاً، فَلَمَّا دَنَا قُلْتُ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ اسْتَجَابَ. قَالَ مِنْ أَيْنَ أَنْتَ قُلْتُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ. قَالَ أَفَلَمْ يَكُنْ فِيكُمْ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالْوِسَادِ وَالْمِطْهَرَةِ أَوَلَمْ يَكُنْ فِيكُمُ الَّذِى أُجِيرَ مِنَ الشَّيْطَانِ أَوَلَمْ يَكُنْ فِيكُمْ صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِى لاَ يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ كَيْفَ قَرَأَ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ {وَاللَّيْلِ} فَقَرَأْتُ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} [الليل: 1 - 3]. قَالَ أَقْرَأَنِيهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاهُ إِلَى فِىَّ، فَمَا زَالَ هَؤُلاَءِ حَتَّى كَادُوا يَرُدُّونِى. أطرافه 3287، 3742، 3743، 4943، 4944، 6278 - تحفة 10956 3762 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ سَأَلْنَا حُذَيْفَةَ عَنْ رَجُلٍ قَرِيبِ السَّمْتِ وَالْهَدْىِ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى نَأْخُذَ عَنْهُ فَقَالَ مَا أَعْرِفُ أَحَدًا أَقْرَبَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلاًّ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ. طرفه 6097 - تحفة 3374 3763 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِى الأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِىَّ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِى مِنَ الْيَمَنِ، فَمَكُثْنَا حِينًا مَا نُرَى إِلاَّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، لِمَا نَرَى مِنْ دُخُولِهِ وَدُخُولِ أُمِّهِ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 4384 - تحفة 8979 30 - باب ذِكْرُ مُعَاوِيَةَ رضى الله عنه 3764 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا الْمُعَافَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ أَوْتَرَ مُعَاوِيَةُ بَعْدَ الْعِشَاءِ بِرَكْعَةٍ وَعِنْدَهُ مَوْلًى لاِبْنِ عَبَّاسٍ، فَأَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ دَعْهُ، فَإِنَّهُ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3765 - تحفة 5800، 11424 3765 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ قِيلَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ هَلْ لَكَ فِى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مُعَاوِيَةَ، فَإِنَّهُ مَا أَوْتَرَ إِلاَّ بِوَاحِدَةٍ. قَالَ إِنَّهُ فَقِيهٌ. طرفه 3764 - تحفة 5800 3766 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى

31 - باب مناقب فاطمة رضي الله عنها

التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ - رضى الله عنه - قَالَ إِنَّكُمْ لَتُصَلُّونَ صَلاَةً لَقَدْ صَحِبْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَا رَأَيْنَاهُ يُصَلِّيهَا، وَلَقَدْ نَهَى عَنْهُمَا، يَعْنِى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ. طرفه 587 - تحفة 11406 - 36/ 5 3764 - قوله: (أَوْتَرَ مُعَاوِيَةُ بَعْدَ العِشَاءِ بِرَكْعَةٍ .... إلى قوله: دَعْهُ، فإنه قد صَحِبَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلّم وفي روايةٍ: (أَصَاب، أنه فَقِيهٌ) قلتُ: وليس فيه تصويبٌ له، بل إغماضٌ. ونحو تسامحٍ عنه. وعند الطحاويِّ: «فقام معاويةُ، فَرَكَعَ ركعةً واحدةً، فقال ابن عبَّاسٍ: من أين ترى أخَذَهَا الحمارُ؟» ورَاجِعْ تمام البحث من «كشف الستر»، فإن الكلمةَ شديدةٌ. 31 - باب مَنَاقِبُ فَاطِمَةَ رضي الله عنها وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ». 3767 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّى، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِى». أطرافه 926، 3110، 3714، 3729، 5230، 5278 - تحفة 11267 32 - باب فَضْلِ عَائِشَةَ رضى الله عنها 3768 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ إِنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا «يَا عَائِشَ، هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ». فَقُلْتُ وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لاَ أَرَى. تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3217، 6201، 6249 - تحفة 17766 3769 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ مُرَّةَ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ». أطرافه 3411، 3433، 5418 - تحفة 9029 3770 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى الطَّعَامِ». طرفاه 5419، 5428 - تحفة 970 3771 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَائِشَةَ اشْتَكَتْ، فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ

تَقْدَمِينَ عَلَى فَرَطِ صِدْقٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَى أَبِى بَكْرٍ. طرفاه 4753، 4754 - تحفة 6329 3772 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ لَمَّا بَعَثَ عَلِىٌّ عَمَّارًا وَالْحَسَنَ إِلَى الْكُوفَةِ لِيَسْتَنْفِرَهُمْ خَطَبَ عَمَّارٌ فَقَالَ إِنِّى لأَعْلَمُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ ابْتَلاَكُمْ لِتَتَّبِعُوهُ أَوْ إِيَّاهَا. طرفاه 7100، 7101 - تحفة 10351 - 37/ 5 3773 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلاَدَةً فَهَلَكَتْ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِى طَلَبِهَا، فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلاَةُ، فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَلَمَّا أَتَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ. فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ لَكِ مِنْهُ مَخْرَجًا، وَجَعَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةً. أطرافه 334، 336، 3672، 4583، 4607، 4608، 5164، 5250، 5882، 6844، 6845 - تحفة 16802 3774 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا كَانَ فِى مَرَضِهِ، جَعَلَ يَدُورُ فِى نِسَائِهِ وَيَقُولُ «أَيْنَ أَنَا غَدًا أَيْنَ أَنَا غَدًا». حِرْصًا عَلَى بَيْتِ عَائِشَةَ، قَالَتْ عَائِشَةُ فَلَمَّا كَانَ يَوْمِى سَكَنَ. أطرافه 890، 1389، 3100، 4438، 4446، 4449، 4450، 4451، 5217، 6510 تحفة 16808 3775 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَاجْتَمَعَ صَوَاحِبِى إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلْنَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ، وَاللَّهِ إِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، وَإِنَّا نُرِيدُ الْخَيْرَ كَمَا تُرِيدُهُ عَائِشَةُ، فَمُرِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ أَنْ يُهْدُوا إِلَيْهِ حَيْثُ مَا كَانَ أَوْ حَيْثُ مَا دَارَ، قَالَتْ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ فَأَعْرَضَ عَنِّى، فَلَمَّا عَادَ إِلَىَّ ذَكَرْتُ لَهُ ذَاكَ فَأَعْرَضَ عَنِّى، فَلَمَّا كَانَ فِى الثَّالِثَةِ ذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ «يَا أُمَّ سَلَمَةَ لاَ تُؤْذِينِى فِى عَائِشَةَ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَىَّ الْوَحْىُ وَأَنَا فِى لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا». أطرافه 2574، 2580، 2581 - تحفة 16861 ***

63 - كتاب مناقب الأنصار

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 63 - كتاب مناقب الأنصار 1 - باب مَنَاقِبُ الأَنْصَارِ وقول الله عزَّ وجلَّ: {وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا} [الأنفال: 72] {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا} [الحشر: 9] 3776 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مَهْدِىُّ بْنُ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا غَيْلاَنُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ قُلْتُ لأَنَسٍ أَرَأَيْتَ اسْمَ الأَنْصَارِ كُنْتُمْ تُسَمَّوْنَ بِهِ، أَمْ سَمَّاكُمُ اللَّهُ قَالَ بَلْ سَمَّانَا اللَّهُ. كُنَّا نَدْخُلُ عَلَى أَنَسٍ فَيُحَدِّثُنَا مَنَاقِبَ الأَنْصَارِ وَمَشَاهِدَهُمْ، وَيُقْبِلُ عَلَىَّ أَوْ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَزْدِ فَيَقُولُ فَعَلَ قَوْمُكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا. طرفه 3844 - تحفة 1128 - 38/ 5 3777 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ يَوْمُ بُعَاثَ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدِ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ، وَقُتِلَتْ سَرَوَاتُهُمْ، وَجُرِّحُوا، فَقَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى دُخُولِهِمْ فِى الإِسْلاَمِ. طرفاه 3846، 3930 - تحفة 16825 3778 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ - وَأَعْطَى قُرَيْشًا - وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْعَجَبُ، إِنَّ سُيُوفَنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَاءِ قُرَيْشٍ، وَغَنَائِمُنَا تُرَدُّ عَلَيْهِمْ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَا الأَنْصَارَ قَالَ فَقَالَ «مَا الَّذِى بَلَغَنِى عَنْكُمْ». وَكَانُوا لاَ يَكْذِبُونَ. فَقَالُوا هُوَ الَّذِى بَلَغَكَ. قَالَ «أَوَلاَ تَرْضَوْنَ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ بِالْغَنَائِمِ إِلَى بُيُوتِهِمْ، وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى بُيُوتِكُمْ لَوْ سَلَكَتِ الأَنْصَارُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وَادِىَ الأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَهُمْ». أطرافه 3146، 3147، 3528، 3793، 4331، 4332، 4333، 4334، 4337، 5860، 6762، 7441 - تحفة 1697 2 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ مِنَ الأَنْصَارِ» قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 3779 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ أَنَّ الأَنْصَارَ

3 - باب إخاء النبى - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار

سَلَكُوا وَادِيًا أَوْ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ فِى وَادِى الأَنْصَارِ، وَلَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ». فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا ظَلَمَ بِأَبِى وَأُمِّى، آوَوْهُ وَنَصَرُوهُ. أَوْ كَلِمَةً أُخْرَى. طرفه 7244 - تحفة 14388 3 - باب إِخَاءُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ 3780 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنِّى أَكْثَرُ الأَنْصَارِ مَالاً فَأَقْسِمُ مَالِى نِصْفَيْنِ، وَلِى امْرَأَتَانِ، فَانْظُرْ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ فَسَمِّهَا لِى أُطَلِّقْهَا، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَتَزَوَّجْهَا. قَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِى أَهْلِكَ وَمَالِكَ، أَيْنَ سُوقُكُمْ فَدَلُّوهُ عَلَى سُوقِ بَنِى قَيْنُقَاعَ، فَمَا انْقَلَبَ إِلاَّ وَمَعَهُ فَضْلٌ مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ، ثُمَّ تَابَعَ الْغُدُوَّ، ثُمَّ جَاءَ يَوْمًا وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَهْيَمْ». قَالَ تَزَوَّجْتُ. قَالَ «كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا». قَالَ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ. أَوْ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، شَكَّ إِبْرَاهِيمُ. طرفه 2048 - تحفة 9713 - 39/ 5 3781 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَآخَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَكَانَ كَثِيرَ الْمَالِ، فَقَالَ سَعْدٌ قَدْ عَلِمَتِ الأَنْصَارُ أَنِّى مِنْ أَكْثَرِهَا مَالاً، سَأَقْسِمُ مَالِى بَيْنِى وَبَيْنَكَ شَطْرَيْنِ، وَلِى امْرَأَتَانِ، فَانْظُرْ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ فَأُطَلِّقُهَا، حَتَّى إِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِى أَهْلِكَ. فَلَمْ يَرْجِعْ يَوْمَئِذٍ حَتَّى أَفْضَلَ شَيْئًا مِنْ سَمْنٍ وَأَقِطٍ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلاَّ يَسِيرًا، حَتَّى جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَهْيَمْ». قَالَ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ. فَقَالَ «مَا سُقْتَ فِيهَا». قَالَ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». أطرافه 2049، 2293، 3937، 5072، 5148، 5153، 5155، 5167، 6082، 6386 - تحفة 576 3782 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو هَمَّامٍ قَالَ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَتِ الأَنْصَارُ اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ النَّخْلَ. قَالَ «لاَ». قَالَ يَكْفُونَا الْمَئُونَةَ وَتُشْرِكُونَا فِى التَّمْرِ. قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا. طرفاه 2325، 2719 - تحفة 13889 3781 - قوله: (وَضَرٌ من صُفْرَةٍ) أي: "دهبه". 4 - باب حُبُّ الأَنْصَارِ منَ الإِيمانِ 3783 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ

5 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - للأنصار «أنتم أحب الناس إلى»

سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الأَنْصَارُ لاَ يُحِبُّهُمْ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يُبْغِضُهُمْ إِلاَّ مُنَافِقٌ، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ». تحفة 1792 - 40/ 5 3784 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «آيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ». طرفه 17 - تحفة 962 5 - باب قَوْلُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لِلأَنْصَارِ «أَنْتُمْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ» 3785 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ مُقْبِلِينَ - قَالَ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ مِنْ عُرُسٍ - فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُمْثِلاً، فَقَالَ «اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ». قَالَهَا ثَلاَثَ مِرَارٍ. طرفه 5180 - تحفة 1052 3786 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى هِشَامُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهَا صَبِىٌّ لَهَا، فَكَلَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ». مَرَّتَيْنِ. طرفاه 5234، 6645 - تحفة 1634 3785 - قوله: (قام النبيُّ صلى الله عليه وسلّم مُمْثِلًا) وفي روايةٍ: «مُمْتِنًا». واعلم أن القيامَ للتوقير رُخْصَةٌ، أو مستحبٌّ إذا كان هذا المعظَّمُ يُقْصِدُ نحوه، ويجيء إليه. وأمَّا إذا كان يَذْهَبُ لحاجةٍ له، فلا. وأمَّا المُثُولُ كفعل الأعاجم، بأن يكون هو قاعدًا، والنَّاسُ قائمين بين يديه. فهو ممنوعٌ قطعًا. 6 - باب أَتْبَاعُ الأَنْصَارِ 3787 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَتِ الأَنْصَارُ {يَا رَسُولَ اللَّهِ} لِكُلِّ نَبِىٍّ أَتْبَاعٌ، وَإِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاكَ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ أَتْبَاعَنَا مِنَّا. فَدَعَا بِهِ. فَنَمَيْتُ ذَلِكَ إِلَى ابْنِ أَبِى لَيْلَى. قَالَ قَدْ زَعَمَ ذَلِكَ زَيْدٌ. طرفه 3788 - تحفة 3665، 3673 3788 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ - رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ - قَالَتِ الأَنْصَارُ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ أَتْبَاعًا، وَإِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاكَ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ أَتْبَاعَنَا مِنَّا. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَتْبَاعَهُمْ مِنْهُمْ». قَالَ عَمْرٌو فَذَكَرْتُهُ لاِبْنِ أَبِى لَيْلَى. قَالَ قَدْ زَعَمَ ذَاكَ زَيْدٌ. قَالَ شُعْبَةُ أَظُنُّهُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ. طرفه 3787 - تحفة 3665، 3673

7 - باب فضل دور الأنصار

7 - باب فَضْلُ دُورِ الأَنْصَارِ 3789 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِى أُسَيْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ بَنُو النَّجَّارِ، ثُمَّ بَنُو عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ، ثُمَّ بَنُو سَاعِدَةَ، وَفِى كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ». فَقَالَ سَعْدٌ مَا أَرَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ قَدْ فَضَّلَ عَلَيْنَا فَقِيلَ قَدْ فَضَّلَكُمْ عَلَى كَثِيرٍ. أطرافه 3789 م، 3790، 3807، 6053 - تحفة 11189 - 41/ 5 وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا، وَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ. أطرافه 3789، 3790، 3807، 6053 - تحفة 11189 3790 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى قَالَ أَبُو سَلَمَةَ أَخْبَرَنِى أَبُو أُسَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «خَيْرُ الأَنْصَارِ - أَوْ قَالَ خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ - بَنُو النَّجَّارِ وَبَنُو عَبْدِ الأَشْهَلِ وَبَنُو الْحَارِثِ وَبَنُو سَاعِدَةَ». أطرافه 3789، 3789 م، 3807، 6053 - تحفة 11200 3791 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ خَيْرَ دُورِ الأَنْصَارِ دَارُ بَنِى النَّجَّارِ، ثُمَّ عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ دَارُ بَنِى الْحَارِثِ، ثُمَّ بَنِى سَاعِدَةَ، وَفِى كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ». فَلَحِقْنَا سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فَقَالَ أَبَا أُسَيْدٍ أَلَمْ تَرَ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيَّرَ الأَنْصَارَ فَجَعَلَنَا أَخِيرًا فَأَدْرَكَ سَعْدٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، خُيِّرَ دُورُ الأَنْصَارِ فَجُعِلْنَا آخِرًا. فَقَالَ «أَوَلَيْسَ بِحَسْبِكُمْ أَنْ تَكُونُوا مِنَ الْخِيَارِ». أطرافه 1481، 1872، 3161، 4422 - تحفة 11891 3791 - قوله: (أَوَ لَيْسَ بِحَسْبِكُمْ أن تَكُونُوا من الخِيَارِ)، يعني قد فضَّلَكُمْ أيضًا على كثيرٍ، أو ليس ذلك بِحَسْبِكُمْ. 8 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لِلأَنْصَارِ: «اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى عَلَى الْحَوْضِ» قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 3792 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِى كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلاَنًا قَالَ «سَتَلْقَوْنَ بَعْدِى أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى عَلَى الْحَوْضِ». طرفه 7057 - تحفة 148 3793 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلأَنْصَارِ «إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِى أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى، وَمَوْعِدُكُمُ الْحَوْضُ». أطرافه 3146، 3147، 3528، 3778، 4331، 4332، 4333، 4334، 4337، 5860، 6762، 7441 - تحفة 1639 - 42/ 5

9 - باب دعاء النبى - صلى الله عليه وسلم -: «أصلح الأنصار والمهاجرة»

3794 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - حِينَ خَرَجَ مَعَهُ إِلَى الْوَلِيدِ قَالَ دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الأَنْصَارَ إِلَى أَنْ يُقْطِعَ لَهُمُ الْبَحْرَيْنِ. فَقَالُوا لاَ، إِلاَّ أَنْ تُقْطِعَ لإِخْوَانِنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِثْلَهَا. قَالَ «إِمَّا لاَ، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى، فَإِنَّهُ سَيُصِيبُكُمْ بَعْدِى أُثْرَةٌ». أطرافه 2376، 2377، 3163 - تحفة 1659 3794 - قوله: (حِينَ خَرَجَ مَعَهُ إلى الوَلِيدِ)، وهو ابنُ عبد الملك. وقد كان أنسُ ذَهَبَ إليه يَشْكُو مما يَلْقَى من الحجَّاج، فلم يُلْقِ له بالًا. وفي حديثٍ: «أن الوليدَ فرعونُ أمَّتي»، وإسنادُه ساقطٌ. 9 - باب دُعَاءُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَصْلِحِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَةَ» 3795 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو إِيَاسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشُ الآخِرَةِ، فَأَصْلِحِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَةَ». وَعَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ، وَقَالَ فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ. أطرافه 2834، 2835، 2961، 3796، 4099، 4100، 6413، 7201 تحفة 1593، 1246 3796 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ تَقُولُ: * نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الْجِهَادِ مَا حَيِينَا أَبَدَا فَأَجَابَهُمُ: * «اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشُ الآخِرَهْ ... فَأَكْرِمِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ» أطرافه 2834، 2835، 2961، 3795، 4099، 4100، 6413، 7201 - تحفة 692 3797 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ قَالَ جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نَحْفِرُ الْخَنْدَقَ وَنَنْقُلُ التُّرَابَ عَلَى أَكْتَادِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشُ الآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ». طرفاه 4098، 6414 - تحفة 4708 10 - باب {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] 3798 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ فَقُلْنَ مَا مَعَنَا إِلاَّ الْمَاءُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ يَضُمُّ، أَوْ يُضِيفُ هَذَا». فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ أَنَا. فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ أَكْرِمِى ضَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ مَا عِنْدَنَا إِلاَّ

11 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم -: «اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم»

قُوتُ صِبْيَانِى. فَقَالَ هَيِّئِى طَعَامَكِ، وَأَصْبِحِى سِرَاجَكِ، وَنَوِّمِى صِبْيَانَكِ إِذَا أَرَادُوا عَشَاءً. فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا وَأَصْبَحَتْ سِرَاجَهَا، وَنَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا، ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تُصْلِحُ سِرَاجَهَا فَأَطْفَأَتْهُ، فَجَعَلاَ يُرِيَانِهِ أَنَّهُمَا يَأْكُلاَنِ، فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ، غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ - أَوْ عَجِبَ - مِنْ فَعَالِكُمَا» فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} طرفه 4889 - تحفة 13419 - 43/ 5 11 - باب قَوْلُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «اقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ» 3799 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَبُو عَلِىٍّ حَدَّثَنَا شَاذَانُ أَخُو عَبْدَانَ حَدَّثَنَا أَبِى أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ مَرَّ أَبُو بَكْرٍ وَالْعَبَّاسُ - رضى الله عنهما - بِمَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الأَنْصَارِ وَهُمْ يَبْكُونَ، فَقَالَ مَا يُبْكِيكُمْ قَالُوا ذَكَرْنَا مَجْلِسَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَّا. فَدَخَلَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ - قَالَ - فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ عَصَبَ عَلَى رَأْسِهِ حَاشِيَةَ بُرْدٍ - قَالَ - فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَلَمْ يَصْعَدْهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ «أُوصِيكُمْ بِالأَنْصَارِ، فَإِنَّهُمْ كَرِشِى وَعَيْبَتِى، وَقَدْ قَضَوُا الَّذِى عَلَيْهِمْ، وَبَقِىَ الَّذِى لَهُمْ، فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ». طرفه 3801 - تحفة 1637 3800 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْغَسِيلِ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ، مُتَعَطِّفًا بِهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ، وَعَلَيْهِ عِصَابَةٌ دَسْمَاءُ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَتَقِلُّ الأَنْصَارُ، حَتَّى يَكُونُوا كَالْمِلْحِ فِى الطَّعَامِ، فَمَنْ وَلِىَ مِنْكُمْ أَمْرًا يَضُرُّ فِيهِ أَحَدًا أَوْ يَنْفَعُهُ، فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ». طرفاه 927، 3628 - تحفة 6146 - 44/ 5 3801 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الأَنْصَارُ كَرِشِى وَعَيْبَتِى، وَالنَّاسُ سَيَكْثُرُونَ وَيَقِلُّونَ، فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ». طرفه 3799 - تحفة 1245 3799 - قوله: (قَالُوا: ذَكَرْنَا مَجْلِسَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم؟، وإنَّما كانوا يَبْكُون لمَّا فَطَنُوا لموت النبيِّ صلى الله عليه وسلّم من القرائن. قوله: (فإِنهم كَرِشِي وعَيْبَتِي) والكَرِشُ هو الكَبِدُ، وحَوَالَيْهِ: "جكر بند"، والعَيْبَةُ: "جامه دان"، ما يُجْعَلُ فيه الثياب. والمراد منه: كونهم أخصَّ أصحابِ سرّه.

12 - باب مناقب سعد بن معاذ رضى الله عنه

12 - باب مَنَاقِبُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رضى الله عنه 3802 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - يَقُولُ أُهْدِيَتْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حُلَّةُ حَرِيرٍ، فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَمَسُّونَهَا وَيَعْجَبُونَ مِنْ لِينِهَا فَقَالَ «أَتَعْجَبُونَ مِنْ لِينِ هَذِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ خَيْرٌ مِنْهَا». أَوْ أَلْيَنُ. رَوَاهُ قَتَادَةُ وَالزُّهْرِىُّ سَمِعَا أَنَسًا عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3249، 5836، 6640 - تحفة 1878، 1298، 1572 أ 3803 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا فَضْلُ بْنُ مُسَاوِرٍ خَتَنُ أَبِى عَوَانَةَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ». وَعَنِ الأَعْمَشِ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. فَقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرٍ فَإِنَّ الْبَرَاءَ يَقُولُ اهْتَزَّ السَّرِيرُ. فَقَالَ إِنَّهُ كَانَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ ضَغَائِنُ، سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ». تحفة 2293، 2235 3804 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ أُنَاسًا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا بَلَغَ قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قُومُوا إِلَى خَيْرِكُمْ أَوْ سَيِّدِكُمْ». فَقَالَ «يَا سَعْدُ، إِنَّ هَؤُلاَءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ». قَالَ فَإِنِّى أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ. قَالَ «حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ، أَوْ بِحُكْمِ الْمَلِكِ». أطرافه 3043، 4121، 6262 - تحفة 3960 3803 - قوله: (اهْتَزَّ (¬1) العَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ)، وفي بعض الروايات: لفظ السرير، وبينهما فَرْقٌ، فإن الاهتزازَ على الثاني، اهتزازُ سريره الذي كان نَعْشُهُ عليه. وعلى الأوَّلِ، فهو إمَّا للفرحةِ والمسرَّةِ لقدومه إلى حضرة الربوبية، أو لمساءة موته. وبالجملة: هو كنايةٌ عن حدوث أمرٍ عظيمٍ، والأوَّلُ أقربُ من لفظ الاهتزاز. 3803 - قوله: (فَقَال رَجُلٌ لِجَابِرٍ فإن البَرَاءَ يَقُولُ: اهْتَزَّ السَّرِيرُ، فَقَالَ: إنَّهُ كان بَيْنَ هذَيْنِ ¬

_ (¬1) قال في "المعتصر": قيل: إنه السرير الذي حُمِلَ عليه، وعلى هذا فَيُحْتَمَلُ أن اللهَ تعالى أَلْهَمَهُ -بعد أن حُمِلَ عليه سعد- بمكانته ومنزلته، فصار بذلك أهلًا للمعرفة، فاهتزَّ له، كالخشبةِ التي كان يَخْطُبُ عليها صلى الله عليه وسلم، لفراق رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم. وقيل: إنه عرشُ الرحمن. ويحتمل أن يكونَ العرشان جميعًا اهتزَّا. وقيل: الاهتزازُ هو السرور والارتياح، فيكون اللهُ تعالى ألْهَمَ العرشين موضع سعد منه، فكان منهما ما كان. وقيل: الاهتزازُ كان من الملائكة، يَحْمِلُونَ العرش، وأُضِيفَ إلى العرش، كقوله تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} [الدخان: 29] {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82]، "وهذا جَبَلٌ نُحِبُّهُ وُيحِبُّنَا" أي يُحِبُّنَا أهلُه، وهم الأنصار. والله أعلمُ بمراد الرسول صلى الله عليه وسلم. اهـ مختصرًا جدًا.

13 - باب منقبة أسيد بن حضير وعباد بن بشر رضى الله عنهما

الحَيَّيْنِ ضَغَائِنُ)، ولذا غيَّر لفظ العرش، وبدَّله بالسرير. قلتُ: وهذا مُسْتَبْعَدٌ من شأن الصحابة، فهم أرفعُ (¬1) من ذلك. 13 - باب مَنْقَبَةُ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ وَعَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ رضى الله عنهما 3805 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلَيْنِ خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، وَإِذَا نُورٌ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا حَتَّى تَفَرَّقَا، فَتَفَرَّقَ النُّورُ مَعَهُمَا. وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ وَرَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ حَمَّادٌ أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ كَانَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 465، 3639 - تحفة 1414، 473، 319 - 45/ 5 14 - باب مَنَاقِبُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضى الله عنه 3806 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اسْتَقْرِئُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِى حُذَيْفَةَ، وَأُبَىٍّ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ». أطرافه 3758، 3760، 3808، 4999 - تحفة 8932 15 - باب مَنْقَبَةُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رضى الله عنه وَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا. 3807 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ بَنُو النَّجَّارِ، ثُمَّ بَنُو عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، ثُمَّ بَنُو سَاعِدَةَ وَفِى كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ». فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ - وَكَانَ ذَا قِدَمٍ فِى الإِسْلاَمِ - أَرَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ فَضَّلَ عَلَيْنَا. فَقِيلَ لَهُ قَدْ فَضَّلَكُمْ عَلَى نَاسٍ كَثِيرٍ. أطرافه 3789، 3790، 6053 - تحفة 11189 16 - باب مَنَاقِبُ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ رضى الله عنه 3808 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ ذُكِرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَقَالَ ذَاكَ رَجُلٌ لاَ أَزَالُ أُحِبُّهُ، ¬

_ (¬1) أمَّا جابرٌ، فهو أيضًا صحابيٌّ. فله أن يقولَ فيهم مثل ذلك. وأمَّا نحن، فلا ينبغي لنا أن نقولَ فيهم إلَّا خيرًا، فإن الصحابةَ كلَّهم عدولٌ.

17 - باب مناقب زيد بن ثابت رضى الله عنه

سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - فَبَدَأَ بِهِ - وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِى حُذَيْفَةَ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ». أطرافه 3758، 3760، 3806، 4999 - تحفة 8932 3809 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ سَمِعْتُ شُعْبَةَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأُبَىٍّ «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِى أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البينة: 1]». قَالَ وَسَمَّانِى قَالَ «نَعَمْ» فَبَكَى. أطرافه 4959، 4960، 4961 - تحفة 1247 17 - باب مَنَاقِبُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضى الله عنه 3810 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ أُبَىٌّ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَبُو زَيْدٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ. قُلْتُ لأَنَسِ مَنْ أَبُو زَيْدٍ قَالَ أَحَدُ عُمُومَتِى. أطرافه 3996، 5003، 5004 - تحفة 1248 - 46/ 5 3810 - قوله: (جَمَعَ القُرْآنَ (¬1) على عَهْدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ) وقد أَعْلَمْنَاكَ فيما مرَّ: أن القرآنَ جَمَعَهُ غيرُهم أيضًا، إلاَّ أن ذكرَ الأربعة لكونهم كلُّهم من الأنصار، لا لكونهم جامعين هؤلاء فقط. وفي الرواية دليلٌ على ما قُلْنَا. 18 - باب مَنَاقِبُ أَبِى طَلْحَةَ رضى الله عنه 3811 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَىِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مُجَوِّبٌ بِهِ عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ لَهُ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلًا رَامِيًا شَدِيدَ الْقِدِّ، يَكْسِرُ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، وَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ مَعَهُ الْجَعْبَةُ مِنَ النَّبْلِ فَيَقُولُ انْشُرْهَا لأَبِى طَلْحَةَ. فَأَشْرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْظُرُ إِلَى الْقَوْمِ، فَيَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى، لاَ تُشْرِفْ يُصِيبُكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْقَوْمِ، نَحْرِى دُونَ نَحْرِكَ. وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِى بَكْرٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ، أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا، تُنْقِزَانِ الْقِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا، تُفْرِغَانِهِ فِى أَفْوَاهِ الْقَوْمِ، ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلآنِهَا، ثُمَّ تَجِيآنِ فَتُفْرِغَانِهِ فِى أَفْوَاهِ الْقَوْمِ، وَلَقَدْ وَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدَىْ أَبِى طَلْحَةَ إِمَّا مَرَّتَيْنِ، وَإِمَّا ثَلاَثًا. أطرافه 2880، 2902، 4064 - تحفة 1041 3811 - قوله: (شَدِيدَ القِدِّ) ترجمته: "كمان كو سخت كهينجنى والا". ¬

_ (¬1) وههنا حديثٌ آخر، عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا، قال: "خُذُوا القرآنَ عن أربعةٍ"، وراجع شرحه من "المعتصر".

19 - باب مناقب عبد الله بن سلام رضى الله عنه

19 - باب مَنَاقِبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ رضى الله عنه 3812 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَا سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لأَحَدٍ يَمْشِى عَلَى الأَرْضِ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. إِلاَّ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ قَالَ وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} الآيَةَ [الأحقاف: 10]. قَالَ لاَ أَدْرِى قَالَ مَالِكٌ الآيَةَ أَوْ فِى الْحَدِيثِ. تحفة 3879 3813 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ السَّمَّانُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا فِى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَى وَجْهِهِ أَثَرُ الْخُشُوعِ، فَقَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَجَوَّزَ فِيهِمَا ثُمَّ خَرَجَ، وَتَبِعْتُهُ فَقُلْتُ إِنَّكَ حِينَ دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ قَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. قَالَ وَاللَّهِ مَا يَنْبَغِى لأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مَا لاَ يَعْلَمُ وَسَأُحَدِّثُكَ لِمَ ذَاكَ رَأَيْتُ رُؤْيَا عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ، وَرَأَيْتُ كَأَنِّى فِى رَوْضَةٍ - ذَكَرَ مِنْ سَعَتِهَا وَخُضْرَتِهَا - وَسْطَهَا عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ، أَسْفَلُهُ فِى الأَرْضِ وَأَعْلاَهُ فِى السَّمَاءِ، فِى أَعْلاَهُ عُرْوَةٌ فَقِيلَ لَهُ ارْقَهْ. قُلْتُ لاَ أَسْتَطِيعُ. فَأَتَانِى مِنْصَفٌ فَرَفَعَ ثِيَابِى مِنْ خَلْفِى، فَرَقِيتُ حَتَّى كُنْتُ فِى أَعْلاَهَا، فَأَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ، فَقِيلَ لَهُ اسْتَمْسِكْ. فَاسْتَيْقَظْتُ وَإِنَّهَا لَفِى يَدِى، فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تِلْكَ الرَّوْضَةُ الإِسْلاَمُ، وَذَلِكَ الْعَمُودُ عَمُودُ الإِسْلاَمِ، وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عُرْوَةُ الْوُثْقَى، فَأَنْتَ عَلَى الإِسْلاَمِ حَتَّى تَمُوتَ». وَذَاكَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ. طرفاه 7010، 7014 - تحفة 5332 - 47/ 5 وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا مُعَاذٌ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ عَنِ ابْنِ سَلاَمٍ قَالَ وَصِيفٌ مَكَانَ مِنْصَفٌ. تحفة 5332 3814 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلاَمٍ - رضى الله عنه - فَقَالَ أَلاَ تَجِىءُ فَأُطْعِمَكَ سَوِيقًا وَتَمْرًا، وَتَدْخُلَ فِى بَيْتٍ ثُمَّ قَالَ إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ، إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ، أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ أَوْ حِمْلَ قَتٍّ، فَلاَ تَأْخُذْهُ، فَإِنَّهُ رِبًا. وَلَمْ يَذْكُرِ النَّضْرُ وَأَبُو دَاوُدَ وَوَهْبٌ عَنْ شُعْبَةَ الْبَيْتَ. طرفه 7342 - تحفة 5339 3814 - قوله: (إذا كَانَ لَكَ على رَجُلٍ حَقٌّ، فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ) ... إلخ، ومن ههنا مَنَعَ الفقهاءُ عن كلَ منفعةً جَرَّها القرضُ. أمَّا في الأحاديث فَتُوجَدُ بعضُ التَّوْسِيعَات، فهذا من باب اختلاف عصرٍ وزمانٍ، لا دليلَ وبرهانَ، وقد مرَّ البحثُ فيه.

20 - باب تزويج النبى - صلى الله عليه وسلم - خديجة، وفضلها - رضى الله عنها

20 - باب تَزْوِيجُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - خَدِيجَةَ، وَفَضْلُهَا - رضى الله عنها 3815 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا - رضى الله عنه - يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ حَدَّثَنِى صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنهم - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ». طرفه 3432 - تحفة 10161 3816 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ كَتَبَ إِلَىَّ هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِى، لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا، وَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ، وَإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ فَيُهْدِى فِى خَلاَئِلِهَا مِنْهَا مَا يَسَعُهُنَّ. أطرافه 3817، 3818، 5229، 6004، 7484 - تحفة 17144 - 48/ 5 3817 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، مِنْ كَثْرَةِ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِيَّاهَا. قَالَتْ وَتَزَوَّجَنِى بَعْدَهَا بِثَلاَثِ سِنِينَ، وَأَمَرَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِى الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ. أطرافه 3816، 3818، 5229، 6004، 7484 - تحفة 16886 3818 - حَدَّثَنِى عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَنٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا حَفْصٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَمَا رَأَيْتُهَا، وَلَكِنْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُكْثِرُ ذِكْرَهَا، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ، ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً، ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِى صَدَائِقِ خَدِيجَةَ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِى الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلاَّ خَدِيجَةُ. فَيَقُولُ إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ، وَكَانَ لِى مِنْهَا وَلَدٌ. أطرافه 3816، 3817، 5229، 6004، 7484 - تحفة 16787 3819 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - بَشَّرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَدِيجَةَ قَالَ نَعَمْ بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ، لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَبَ. طرفه 1792 - تحفة 5157 3820 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِىَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّى، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِى الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَبَ. طرفه 7497 - تحفة 14902

21 - باب ذكر جرير بن عبد الله البجلى رضى الله عنه

3821 - وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فَارْتَاعَ لِذَلِكَ، فَقَالَ «اللَّهُمَّ هَالَةَ». قَالَتْ فَغِرْتُ فَقُلْتُ مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ، حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ، هَلَكَتْ فِى الدَّهْرِ، قَدْ، أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا تحفة 17105 - 49/ 5 3820 - قوله: (هَذِهِ خَدِيجَةُ، قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إنَاءٌ فيه إذَامٌ) ... إلخ. ذكر الشيخُ الأَلُوسي في «الجواهر الغالية»، عن «حاشية البخاري» للسفيرى: أنها بُشِّرَتْ ببيتٍ في الجنَّةِ، لا نَصَبَ فيه لأجل ذلك. 3821 - قوله: (فارْتَاعَ): "جونك ائها". قوله: (حَمْرَاءَ الشِّدْقَيْنِ): "سرخ مودون والى"، أي حَمْرَاء اللِّثَات، لسقوط أَسْنَانِهَا. قوله: (قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا)، وفي «مسند أحمد»: «أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم غَضِبَ عليها حتَّى احمرَّ وجهه، وقال: والله ما البدلُ بخيرٍ منها، فَقَامَتْ إليه عائشةُ، تَتُوبُ إلى الله، ثم لم تَرْجِعْ إلى مثله أبدًا». 21 - باب ذِكْرُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِىِّ رضى الله عنه 3822 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِىُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ بَيَانٍ عَنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه مَا حَجَبَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلاَ رَآنِى إِلاَّ ضَحِكَ. طرفاه 3035، 6090 - تحفة 3224 3823 - وَعَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ بَيْتٌ يُقَالَ لَهُ ذُو الْخَلَصَةِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَةُ، أَوِ الْكَعْبَةُ الشَّأْمِيَّةُ، فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ أَنْتَ مُرِيحِى مِنْ ذِى الْخَلَصَةِ». قَالَ فَنَفَرْتُ إِلَيْهِ فِى خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ - قَالَ - فَكَسَرْنَا، وَقَتَلْنَا مَنْ وَجَدْنَا عِنْدَهُ، فَأَتَيْنَاهُ، فَأَخْبَرْنَاهُ، فَدَعَا لَنَا وَلأَحْمَسَ. أطرافه 3020، 3036، 3076، 4355، 4356، 6089، 6333 - تحفة 3225 22 - باب ذِكْرُ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ الْعَبْسِىِّ رضى الله عنه 3824 - حَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ أَخْبَرَنَا سَلَمَةُ بْنُ رَجَاءٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ هَزِيمَةً بَيِّنَةً، فَصَاحَ إِبْلِيسُ أَىْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ، فَرَجَعَتْ أُولاَهُمْ عَلَى أُخْرَاهُمْ، فَاجْتَلَدَتْ أُخْرَاهُمْ، فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ، فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ فَنَادَى أَىْ عِبَادَ اللَّهِ، أَبِى أَبِى. فَقَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا احْتَجَزُوا

23 - باب ذكر هند بنت عتبة بن ربيعة رضى الله عنها

حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ أَبِى فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ فِى حُذَيْفَةَ مِنْهَا بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَقِىَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ. أطرافه 3290، 4065، 6668، 6883، 6890 - تحفة 16941 23 - باب ذِكْرُ هِنْدٍ بِنْتِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ رضى الله عنها 3825 - وَقَالَ عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ جَاءَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ مِنْ أَهْلِ خِبَاءٍ أَحَبُّ إِلَىَّ أَنْ يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، ثُمَّ مَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ. قَالَ وَأَيْضًا وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَىَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِى لَهُ عِيَالَنَا قَالَ «لاَ أُرَاهُ إِلاَّ بِالْمَعْرُوفِ». أطرافه 2211، 2460، 5359، 5364، 5370، 6641، 7161، 7180 تحفة 16715 - 50/ 5 وهي زَوْجَةُ أبي سُفْيَان، وأمُّ معاوية رضي الله تعالى عنهما. 24 - باب حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ 3826 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَقِىَ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ بِأَسْفَلِ بَلْدَحَ، قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الْوَحْىُ فَقُدِّمَتْ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - سُفْرَةٌ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ زَيْدٌ إِنِّى لَسْتُ آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ، وَلاَ آكُلُ إِلاَّ مَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَأَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يَعِيبُ عَلَى قُرَيْشٍ ذَبَائِحَهُمْ، وَيَقُولُ الشَّاةُ خَلَقَهَا اللَّهُ، وَأَنْزَلَ لَهَا مِنَ السَّمَاءِ الْمَاءَ، وَأَنْبَتَ لَهَا مِنَ الأَرْضِ، ثُمَّ تَذْبَحُونَهَا عَلَى غَيْرِ اسْمِ اللَّهِ إِنْكَارًا لِذَلِكَ وَإِعْظَامًا لَهُ. طرفه 5499 - تحفة 7028 3827 - قَالَ مُوسَى حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ تُحُدِّثَ بِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ، يَسْأَلُ عَنِ الدِّينِ وَيَتْبَعُهُ فَلَقِىَ عَالِمًا مِنَ الْيَهُودِ، فَسَأَلَهُ عَنْ دِينِهِمْ، فَقَالَ إِنِّى لَعَلِّى أَنْ أَدِينَ دِينَكُمْ، فَأَخْبِرْنِى. فَقَالَ لاَ تَكُونُ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ. قَالَ زَيْدٌ مَا أَفِرُّ إِلاَّ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ، وَلاَ أَحْمِلُ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُهُ فَهَلْ تَدُلُّنِى عَلَى غَيْرِهِ قَالَ مَا أَعْلَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا. قَالَ زَيْدٌ وَمَا الْحَنِيفُ قَالَ دِينُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلاَ يَعْبُدُ إِلاَّ اللَّهَ. فَخَرَجَ زَيْدٌ فَلَقِىَ عَالِمًا مِنَ النَّصَارَى، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَقَالَ لَنْ تَكُونَ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ. قَالَ مَا أَفِرُّ إِلاَّ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ، وَلاَ أَحْمِلُ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ وَلاَ مِنْ غَضَبِهِ شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُ فَهَلْ تَدُلُّنِى عَلَى غَيْرِهِ قَالَ مَا أَعْلَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا. قَالَ وَمَا الْحَنِيفُ قَالَ دِينُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلاَ

يَعْبُدُ إِلاَّ اللَّهَ. فَلَمَّا رَأَى زَيْدٌ قَوْلَهُمْ فِى إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - خَرَجَ، فَلَمَّا بَرَزَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّى أَشْهَدُ أَنِّى عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ. تحفة 7028 - 51/ 5 3828 - وَقَالَ اللَّيْثُ كَتَبَ إِلَىَّ هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَائِمًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ يَقُولُ يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ، وَاللَّهِ مَا مِنْكُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِى، وَكَانَ يُحْيِى الْمَوْءُودَةَ، يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ لاَ تَقْتُلْهَا، أَنَا أَكْفِيكَهَا مَئُونَتَهَا. فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ قَالَ لأَبِيهَا إِنْ شِئْتَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ، وَإِنْ شِئْتَ كَفَيْتُكَ مَئُونَتَهَا. تحفة 17529 وابنه سعيد من العشرةِ المبشَّرَةِ، كان أبوه زيدُ من موحدي الجاهلية، وهذه واقعةٌ قبل مَبْعَثِهِ صلى الله عليه وسلّم. قوله: (اللَّهُمَّ إنِّي أَشْهَدُ أَنِّي على دِينِ إبْرَاهِيمَ)، ثُمَّ تُوُفِّي على ذلك، وقد سُئِلَ (¬1) النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عنه، فَأَجَابَ بما يَدُلُّ على كونه مغفورًا له. 3826 - قوله: (فَقُدِّمَتْ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلّم سُفْرَةٌ، فَأَبى أن يَأْكُلَ منها، ثُمَّ قال زَيْدٌ: إني لَسْتُ آكُلُ ممَّا تَذْبَحُونَ على أَنْصَابِكم (¬2)). واعلم (¬3) أن ههنا نُسْخَتَيْنِ: الأُولَى: ما عَلِمْتَ: «قُدِّمَتْ» - بضم القاف - مجهولًا. والثانية: ما في رواية الجُرْجَاني: «فقدَّم إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم سُفْرَةً»، وفيها إيهامٌ شديدٌ لخلال المراد، فإنها تَدُلُّ على جواز أكله عند النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وعدم جوازه، عند زَيْد بن نُفَيْلٍ، ولذا أَبَى أن يَأْكُلَهُ. وتكلَّم عليه القاضي بدر الدين أبو عبد الله الشِّبْلي في «آكام المرجان»، ¬

_ (¬1) أَخْرَجَ الحافظُ العيني، من رواية محمد بن سعد، من حديث عامر بن رَبِيعة -حليف بني عَدِيِّ بن كعب- قال: "قال لي ابن عمرو: إني خَالَفْتُ قومي، واتَّبَعْتُ مِلَّةَ إبراهيم، وإسماعيل، وما كانا يَعْبُدَان، وكانا يُصَلِّيَان إلى هذه القِبْلَةِ، وأنا أَنْتَظِرُ نبيًّا من بني إسماعيل يُبْعَثُ، ولا أُرَاني أُدْرِكُهُ، وأنا أُؤْمِنُ به، وأصَدِّقُهُ، وأَشْهَدُ أنه نبيٌّ، وإن طَالَتْ بِكَ حياة، فَأَقْرِئْهُ منِّي السلام. قال عامر: فلما أَسْلَمْتُ أَعْلَمْتُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بخبره. قال: فردَّ عليه السلام، وترحَّم له، وقال: لقد رأيته في الجنة يَسْحَبُ ذُيُولًا". وقال البَاغَنْدي: عن أبي سعيد الأَشَجّ، عن أبي معاوية، عن هشام، عن أبيه، عن عائشةَ، قالت: "قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلم: دَخَلْتُ الجنةَ فرأيتُ لزيد بن عمرو بن نُفَيْل دوْحَتَيْنِ"، وقال ابن كثيرِ: وهذا إسنادٌ جيدٌ، وليس في شيءٍ من الكُتُبِ. اهـ مختصرًا "عمدة القاري". وذكر الأوَّلَ في "الفتح" (9/ 97). (¬2) قال الحافظ بدر الدين: هي أحجار حول الكعبة يذبحون عليها الأصنام، اهـ: "عمدة القاري" (8/ 36)، وكذا في "الفتح" (9/ 98)، هكذا فسره الشيخ، فيما مر. (¬3) قال عياض: الصواب الأول، وقال ابن بطال: كانت السفرة لقريش قدموها للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فأبى أن يأكل منها، فقدمها النبي - صلى الله عليه وسلم - لزيد بن عمرو، فأبى أن يأكل منها، وقال مخاطبًا لقريش الذين قدموها أولًا: إنا لا نأكل ما ذبح على أنصابكم، اهـ. ثم ذكر الحافظ ههنا أشياء لا أحب أن أذكرها، وقد أعرض عنها شيخنا أيضًا، نعم ذكر =

25 - باب بنيان الكعبة

وأخرج طُرُقَهُ، فراجعها تَنْفَعُكَ في هذا المقام. وإيَّاكَ، وما ذَكَرَهُ الحافظُ ههنا (¬1). 3827 - قوله: (فَقَالَ: لا تَكُونُ على دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ)، وفيه دليلٌ على أن اليهودَ كانوا يَعْلَمُونَ في أنفسهم أنهم قد باؤُوا بغضبٍ من الله، وكذلك النَّصَارى أيضًا. قوله: (قال: دِينُ إبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا ولا نَصْرَانِيًّا) قيل: ما وجهُ التقابل بين الحنيفية واليهودية والنصرانية؟ فراجع له «روح المعاني». قلتُ: إن الحنيفيةَ لقبٌ مِلِّيٌّ، وهذان لقبان نِسْلِيَّان، والتفصيل مرَّ في الأوائل. قوله: (فَلَمَّا بَرَزَ رَفَعَ يَدَيْهِ) واسْتُحْسِنَ في دين الأنبياء عليهم السَّلام أن يكونَ مع عَلْمٍ عملٌ أيضًا يُنَاسِبُهُ، فَنَاسَبَ عند الشهادة رفع اليدين. فدينُهم بين التشبيه الصِّرْف، والتعطيل البحت، ليس فيه التجسيم كما عند اليهود، ولا التجرُّد كما عند الفلاسفة، كما قال الشيخُ الأكبرُ: * وشَبِّهْهُ، ونَزِّهْهُ ... وقُمْ في مقعد الصِّدْقِ 25 - باب بُنْيَانُ الْكَعْبَةِ 3829 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا بُنِيَتِ الْكَعْبَةُ ذَهَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَبَّاسٌ يَنْقُلاَنِ الْحِجَارَةَ، فَقَالَ عَبَّاسٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - اجْعَلْ إِزَارَكَ عَلَى رَقَبَتِكَ يَقِيكَ مِنَ الْحِجَارَةِ، فَخَرَّ إِلَى الأَرْضِ، وَطَمَحَتْ عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ «إِزَارِى إِزَارِى». فَشَدَّ عَلَيْهِ إِزَارَهُ. طرفاه 364، 1582 - تحفة 2555 3830 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى يَزِيدَ قَالاَ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حَوْلَ الْبَيْتِ حَائِطٌ، كَانُوا يُصَلُّونَ حَوْلَ ¬

_ = كلامًا عن السهيلي مفيدًا، ونقل العيني عن الكرماني، هل أكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها؟ قلت: جعله في سفرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يدل على أنه كان يأكله، وكم من شيء يوضع في سفرة المسافر مما لا يأكله هو، بل يأكل من معه، وإنما لم ينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من معه عن أكل، لأنه لم يوح إليه إذ ذلك، ولم يؤمر بتبليغ شيء تحريمًا وتحليلًا، اهـ. قال العيني: لو اطلع الكرماني على كلام القوم لما احتاج إلى هذا السؤال والجواب، قد ذكرنا الآن عن ابن بطال ما يغني عن ذلك، وقوله أيضًا: في سفرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير صحيح، لأن السفرة كانت لقريش كما مر الآن، ثم نقل العيني كلام السهيلي، كما في "الفتح" قلت: وكلام الحافظ بدر الدين العيني ههنا أحكم. (¬1) قلت: ولقد سرحت طرفي في فصولها حسبما أجازني الحال، والفرصة، فلم أجد فيه ما يتعلق بتلك القصة شيئًا، غير أنه وضع الباب السادس في النهي عن أكل ما ذبح للجن، وعلى اسمهم، وليس فيه ما ذكره، فلا أدري ماذا وقع الخبط مني في النقل، أو في المراجعة، والله تعالى أعلم بالصواب.

26 - باب أيام الجاهلية

الْبَيْتِ، حَتَّى كَانَ عُمَرُ، فَبَنَى حَوْلَهُ حَائِطًا - قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ - جَدْرُهُ قَصِيرٌ، فَبَنَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ. تحفة 10600، 10613 ل، 5273 ل 3830 - قوله: (لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم حَوْلَ البيتِ حَائِطٌ، كَانُوا يُصَلُّونَ حَوْلَ البيتِ حتَّى كان عُمَرُ (¬1) حَائِطًا)، ولذا قلتُ فيما مرَّ: إنه لم يَكُنْ في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم مسجدٌ غير البيت المطاف. وحينئذٍ أين يقع توسيع البخاريِّ في تراجمه في باب أحمام المساجد. 26 - باب أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ 3831 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ هِشَامٌ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ عَاشُورَاءُ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ لاَ يَصُومُهُ. أطرافه 1592، 1893، 2001، 2002، 4502، 4504 - تحفة 17310 3832 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِى أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنَ الْفُجُورِ فِى الأَرْضِ، وَكَانُوا يُسَمُّونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا وَيَقُولُونَ إِذَا بَرَا الدَّبَرْ، وَعَفَا الأَثَرْ، حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ. قَالَ فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ رَابِعَةً مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ وَأَمَرَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَىُّ الْحِلِّ قَالَ «الْحِلُّ كُلُّهُ». أطرافه 1085، 1564، 2505 - تحفة 5714 - 52/ 5 3833 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ كَانَ عَمْرٌو يَقُولُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ جَاءَ سَيْلٌ فِى الْجَاهِلِيَّةِ فَكَسَا مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ. قَالَ سُفْيَانُ وَيَقُولُ إِنَّ هَذَا لَحَدِيثٌ لَهُ شَأْنٌ. تحفة 3401 3834 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ بَيَانٍ أَبِى بِشْرٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ قَالَ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ أَحْمَسَ يُقَالُ لَهَا زَيْنَبُ، فَرَآهَا لاَ تَكَلَّمُ، فَقَالَ مَا لَهَا لاَ تَكَلَّمُ قَالُوا حَجَّتْ مُصْمِتَةً. قَالَ لَهَا تَكَلَّمِى، فَإِنَّ هَذَا لاَ يَحِلُّ، هَذَا مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ. فَتَكَلَّمَتْ، فَقَالَتْ مَنْ أَنْتَ قَالَ امْرُؤٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ. قَالَتْ أَىُّ ¬

_ (¬1) أخرج الحافظُ، من رواية الإِسماعيلي: أن أوَّل من جعل الحائط على البيت عمر. قال عُبَيدُ الله: وكان جدارُهُ قصيرًا حتى كان زمنُ ابن الزُّبَيْرِ، فزاد فيه. وذَكَرَ الفاكهي: أن المسجدَ كان مُحَاطًا بالدور على عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وأبي بكرٍ، وعمرَ، فضاق على الناس، فوسَّعه عمر، واشترى دورًا فَهَدَمَهَا، وأَعطَى من أَبَى أن يَبِيعَ ثمنَ داره. ثُمَّ أَحَاطَ عليه بجدارٍ قصيرٍ دون القامة، ورفع المصابيحَ على الجُدُرِ. قال: ثُمَّ كان عثمانُ، فزاد في سَعَتِهِ من جهات أُخَر. ثم وسَّعه عبدُ الله بن الزبَيْرِ، ثم أبو جعفر المنصور، ثم ولده المهدي. قال: ويُقَالُ: ابن الزُّبيرِ سَقَفَهُ، وسَقَفَ بعضَه، ثم رفع عبد الملك بن مروان جدرانه، وسقفه بالسَّاج. وقيل: بل الذي صَنَعَ ذلك ولدُه الوليد، وهو أثبتُ، وكان ذلك سَنَةَ ثمانٍ وثمانين. اهـ "فتح الباري".

الْمُهَاجِرِينَ قَالَ مِنْ قُرَيْشٍ. قَالَتْ مِنْ أَىِّ قُرَيْشٍ أَنْتَ قَالَ إِنَّكِ لَسَئُولٌ أَنَا أَبُو بَكْرٍ. قَالَتْ مَا بَقَاؤُنَا عَلَى هَذَا الأَمْرِ الصَّالِحِ الَّذِى جَاءَ اللَّهُ بِهِ بَعْدَ الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ بَقَاؤُكُمْ عَلَيْهِ مَا اسْتَقَامَتْ بِكُمْ أَئِمَّتُكُمْ. قَالَتْ وَمَا الأَئِمَّةُ قَالَ أَمَا كَانَ لِقَوْمِكِ رُءُوسٌ وَأَشْرَافٌ يَأْمُرُونَهُمْ فَيُطِيعُونَهُمْ قَالَتْ بَلَى. قَالَ فَهُمْ أُولَئِكَ عَلَى النَّاسِ. تحفة 6616 3835 - حَدَّثَنِى فَرْوَةُ بْنُ أَبِى الْمَغْرَاءِ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَسْلَمَتِ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ لِبَعْضِ الْعَرَبِ، وَكَانَ لَهَا حِفْشٌ فِى الْمَسْجِدِ قَالَتْ فَكَانَتْ تَأْتِينَا فَتَحَدَّثُ عِنْدَنَا فَإِذَا فَرَغَتْ مِنْ حَدِيثِهَا قَالَتْ * وَيَوْمُ الْوِشَاحِ مِنْ تَعَاجِيبِ رَبِّنَا ... أَلاَ إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الْكُفْرِ أَنْجَانِى فَلَمَّا أَكْثَرَتْ قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ وَمَا يَوْمُ الْوِشَاحِ قَالَتْ خَرَجَتْ جُوَيْرِيَةٌ لِبَعْضِ أَهْلِى، وَعَلَيْهَا وِشَاحٌ مِنْ أَدَمٍ فَسَقَطَ مِنْهَا، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِ الْحُدَيَّا وَهْىَ تَحْسِبُهُ لَحْمًا، فَأَخَذَتْ فَاتَّهَمُونِى بِهِ فَعَذَّبُونِى، حَتَّى بَلَغَ مِنْ أَمْرِى أَنَّهُمْ طَلَبُوا فِى قُبُلِى، فَبَيْنَا هُمْ حَوْلِى وَأَنَا فِى كَرْبِى إِذْ أَقْبَلَتِ الْحُدَيَّا حَتَّى وَازَتْ بِرُءُوسِنَا ثُمَّ أَلْقَتْهُ، فَأَخَذُوهُ فَقُلْتُ لَهُمْ هَذَا الَّذِى اتَّهَمْتُمُونِى بِهِ وَأَنَا مِنْهُ بَرِيئَةٌ. طرفه 439 - تحفة 17117 - 53/ 5 3836 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَلاَ مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلاَ يَحْلِفْ إِلاَّ بِاللَّهِ». فَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَحْلِفُ بِآبَائِهَا، فَقَالَ «لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ». أطرافه 2679، 6108، 6646، 6648 - تحفة 7125 3837 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ كَانَ يَمْشِى بَيْنَ يَدَىِ الْجَنَازَةِ وَلاَ يَقُومُ لَهَا، وَيُخْبِرُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُومُونَ لَهَا، يَقُولُونَ إِذَا رَأَوْهَا كُنْتِ فِى أَهْلِكِ مَا أَنْتِ. مَرَّتَيْنِ. تحفة 17510 3838 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - إِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لاَ يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ، فَخَالَفَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ. طرفه 1684 - تحفة 10616 3839 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قُلْتُ لأَبِى أُسَامَةَ حَدَّثَكُمْ يَحْيَى بْنُ الْمُهَلَّبِ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ عِكْرِمَةَ {وَكَأْسًا دِهَاقًا (34)} [النبأ: 34] قَالَ مَلأَى مُتَتَابِعَةً. تحفة 5131 3840 - قَالَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَمِعْتُ أَبِى يَقُولُ فِى الْجَاهِلِيَّةِ اسْقِنَا كَأْسًا دِهَاقًا. تحفة 6034 3841 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى

27 - باب القسامة فى الجاهلية

هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ أَلاَ كُلُّ شَىْءٍ مَا خَلاَ اللَّهَ بَاطِلٌ وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِى الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ». طرفاه 6147، 6489 - تحفة 14976 3842 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ لأَبِى بَكْرٍ غُلاَمٌ يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ، فَجَاءَ يَوْمًا بِشَىْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ الْغُلاَمُ تَدْرِى مَا هَذَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَا هُوَ قَالَ كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لإِنْسَانٍ فِى الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ، إِلاَّ أَنِّى خَدَعْتُهُ، فَلَقِيَنِى فَأَعْطَانِى بِذَلِكَ، فَهَذَا الَّذِى أَكَلْتَ مِنْهُ. فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَىْءٍ فِى بَطْنِهِ. تحفة 6635 - 54/ 5 3843 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَبَايَعُونَ لُحُومَ الْجَزُورِ إِلَى حَبَلِ الْحَبَلَةِ، قَالَ وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ مَا فِى بَطْنِهَا، ثُمَّ تَحْمِلَ الَّتِى نُتِجَتْ، فَنَهَاهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ. طرفاه 2143، 2256 - تحفة 8149 3844 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا مَهْدِىٌّ قَالَ غَيْلاَنُ بْنُ جَرِيرٍ كُنَّا نَأْتِى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَيُحَدِّثُنَا عَنِ الأَنْصَارِ، وَكَانَ يَقُولُ لِى فَعَلَ قَوْمُكَ كَذَا وَكَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، وَفَعَلَ قَوْمُكَ كَذَا وَكَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا. طرفه 3776 - تحفة 1128 3831 - قوله: (كان عَاشُورَاء يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ في الجَاهِلِيَّةِ) قلتُ: وكان ذلك عند أهل الكتاب أيضًا، وبقي إلى أوَّل الإِسلام، ثم نَسَخَهُ اللَّهُ تعالى برمضان. 3833 - قوله: (فَكَسَا ما بَيْنَ الجَبَلَيْنِ) أي دَفَنَهُ: "بات ديا". 3841 - قوله: (كَلِمَةُ لَبِيدٍ) كان لبيدٌ (1)، أو أُميَّةُ - والشك منِّي - يَزْعُمُ أن نبيَّ آخر الزمان يكون إمَّا نبيَّنا صلى الله عليه وسلّم أو عُتْبَةَ بن أبي رَبِيعة، لحسن أوصافه وأخلاقه. فلمَّا بُعِثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم حَسَدَ عليه وكَفَرَ به، وَوَصَلَ إلى دار البوار. 3842 - قوله: (فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ، فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ في بَطْنِهِ)، فيه: أن الإِنسانَ إذا أكل شيئًا خبيثًا، فَلْيَفْعَلْ به هكذا. 27 - باب الْقَسَامَةُ فِى الْجَاهِلِيَّةِ 3845 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَطَنٌ أَبُو الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا أَبُو

يَزِيدَ الْمَدَنِىُّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ إِنَّ أَوَّلَ قَسَامَةٍ كَانَتْ فِى الْجَاهِلِيَّةِ لَفِينَا بَنِى هَاشِمٍ، كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى هَاشِمٍ اسْتَأْجَرَهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ فَخِذٍ أُخْرَى، فَانْطَلَقَ مَعَهُ فِى إِبِلِهِ، فَمَرَّ رَجُلٌ بِهِ مِنْ بَنِى هَاشِمٍ قَدِ انْقَطَعَتْ عُرْوَةُ جُوَالِقِهِ فَقَالَ أَغِثْنِى بِعِقَالٍ أَشُدُّ بِهِ عُرْوَةَ جُوَالِقِى، لاَ تَنْفِرُ الإِبِلُ. فَأَعْطَاهُ عِقَالاً، فَشَدَّ بِهِ عُرْوَةَ جُوَالِقِهِ، فَلَمَّا نَزَلُوا عُقِلَتِ الإِبِلُ إِلاَّ بَعِيرًا وَاحِدًا، فَقَالَ الَّذِى اسْتَأْجَرَهُ مَا شَأْنُ هَذَا الْبَعِيرِ لَمْ يُعْقَلْ مِنْ بَيْنِ الإِبِلِ قَالَ لَيْسَ لَهُ عِقَالٌ. قَالَ فَأَيْنَ عِقَالُهُ قَالَ فَحَذَفَهُ بِعَصًا كَانَ فِيهَا أَجَلُهُ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقَالَ أَتَشْهَدُ الْمَوْسِمَ قَالَ مَا أَشْهَدُ، وَرُبَّمَا شَهِدْتُهُ. قَالَ هَلْ أَنْتَ مُبْلِغٌ عَنِّى رِسَالَةً مَرَّةً مِنَ الدَّهْرِ قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَكُنْتَ إِذَا أَنْتَ شَهِدْتَ الْمَوْسِمَ فَنَادِ يَا آلَ قُرَيْشٍ. فَإِذَا أَجَابُوكَ، فَنَادِ يَا آلَ بَنِى هَاشِمٍ. فَإِنْ أَجَابُوكَ فَسَلْ عَنْ أَبِى طَالِبٍ، فَأَخْبِرْهُ أَنَّ فُلاَنًا قَتَلَنِى فِى عِقَالٍ، وَمَاتَ الْمُسْتَأْجَرُ، فَلَمَّا قَدِمَ الَّذِى اسْتَأْجَرَهُ أَتَاهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ مَا فَعَلَ صَاحِبُنَا قَالَ مَرِضَ، فَأَحْسَنْتُ الْقِيَامَ عَلَيْهِ، فَوَلِيتُ دَفْنَهُ. قَالَ قَدْ كَانَ أَهْلَ ذَاكَ مِنْكَ. فَمَكُثَ حِينًا، ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِى أَوْصَى إِلَيْهِ أَنْ يُبْلِغَ عَنْهُ وَافَى الْمَوْسِمَ فَقَالَ يَا آلَ قُرَيْشٍ. قَالُوا هَذِهِ قُرَيْشٌ. قَالَ يَا آلَ بَنِى هَاشِمٍ. قَالُوا هَذِهِ بَنُو هَاشِمٍ. قَالَ أَيْنَ أَبُو طَالِبٍ قَالُوا هَذَا أَبُو طَالِبٍ. قَالَ أَمَرَنِى فُلاَنٌ أَنْ أُبْلِغَكَ رِسَالَةً أَنَّ فُلاَنًا قَتَلَهُ فِى عِقَالٍ. فَأَتَاهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ اخْتَرْ مِنَّا إِحْدَى ثَلاَثٍ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُؤَدِّىَ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ، فَإِنَّكَ قَتَلْتَ صَاحِبَنَا، وَإِنْ شِئْتَ حَلَفَ خَمْسُونَ مِنْ قَوْمِكَ أَنَّكَ لَمْ تَقْتُلْهُ، فَإِنْ أَبَيْتَ قَتَلْنَاكَ بِهِ فَأَتَى قَوْمَهُ، فَقَالُوا نَحْلِفُ. فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِى هَاشِمٍ كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْهُمْ قَدْ وَلَدَتْ لَهُ. فَقَالَتْ يَا أَبَا طَالِبٍ أُحِبُّ أَنْ تُجِيزَ ابْنِى هَذَا بِرَجُلٍ مِنَ الْخَمْسِينَ وَلاَ تَصْبُرْ يَمِينَهُ حَيْثُ تُصْبَرُ الأَيْمَانُ. فَفَعَلَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ يَا أَبَا طَالِبٍ، أَرَدْتَ خَمْسِينَ رَجُلاً أَنْ يَحْلِفُوا مَكَانَ مِائَةٍ مِنَ الإِبِلِ، يُصِيبُ كُلَّ رَجُلٍ بَعِيرَانِ، هَذَانِ بَعِيرَانِ فَاقْبَلْهُمَا عَنِّى وَلاَ تَصْبُرْ يَمِينِى حَيْثُ تُصْبِرُ الأَيْمَانُ. فَقَبِلَهُمَا، وَجَاءَ ثَمَانِيةٌ وَأَرْبَعُونَ فَحَلَفُوا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، مَا حَالَ الْحَوْلُ وَمِنَ الثَّمَانِيَةِ وَأَرْبَعِينَ عَيْنٌ تَطْرِفُ. تحفة 6280 - 55/ 5 3846 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ يَوْمُ بُعَاثٍ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدِ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ، وَقُتِّلَتْ سَرَوَاتُهُمْ وَجُرِّحُوا، قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى دُخُولِهِمْ فِى الإِسْلاَمِ. طرفاه 3777، 3930 - تحفة 16825 3847 - وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ أَنَّ كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَيْسَ السَّعْىُ بِبَطْنِ الْوَادِى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سُنَّةً، إِنَّمَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَسْعَوْنَهَا وَيَقُولُونَ لاَ نُجِيزُ الْبَطْحَاءَ إِلاَّ شَدًّا تحفة 6342 - 56/ 5

3848 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ أَخْبَرَنَا مُطَرِّفٌ سَمِعْتُ أَبَا السَّفَرِ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اسْمَعُوا مِنِّى مَا أَقُولُ لَكُمْ، وَأَسْمِعُونِى مَا تَقُولُونَ، وَلاَ تَذْهَبُوا فَتَقُولُوا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ فَلْيَطُفْ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ، وَلاَ تَقُولُوا الْحَطِيمُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ يَحْلِفُ فَيُلْقِى سَوْطَهُ أَوْ نَعْلَهُ أَوْ قَوْسَهُ. تحفة 5668 3849 - حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ رَأَيْتُ فِى الْجَاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ قَدْ زَنَتْ، فَرَجَمُوهَا فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ. تحفة 10790، 19178 3850 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خِلاَلٌ مِنْ خِلاَلِ الْجَاهِلِيَّةِ الطَّعْنُ فِى الأَنْسَابِ وَالنِّيَاحَةُ، وَنَسِىَ الثَّالِثَةَ، قَالَ سُفْيَانُ وَيَقُولُونَ إِنَّهَا الاِسْتِسْقَاءُ بِالأَنْوَاءِ. تحفة 5868 وقد بيَّنَّا المذاهبَ في القَسَامَةِ فيما مرَّ، وحاصلُه: أن مالكًا يقول: إن الأيمانَ تتوجَّهُ فيها إلى أولياء المقتول أوَّلًا، فَيَحْلِفُ منهم خمسون على مَنْ لهم لَوْثٌ أنه قتله، فإن فَعَلُوا استحقُّوا القِصَاص، فيقتصُّ منه، وإرَّ يَنْصَرِفُ اليمينُ إلى أولياء المدَّعي عليهم. وأنكر الشافعيُّ القِصَاصَ رأسًا، وذَهَبَ إلى هَدْرِ الدم مطلقًا، فيما لم يُحَلِّفْ أولياءَ المقتول، وحلَّف المدَّعى عليهم أنهم لم يَقْتُلُوه، ولا عَلِمُوا قاتلَهُ. وأمَّا إمامُنَا، فقد مرَّ على أصله، ولم يَقُلْ بابتداء اليمين على المدَّعِي، ولكنه عليه البينة، واليمينُ على من أَنْكَرَ. وبه قضى عمر في خلافته، وإليه مال البخاريُّ، لأنك قد عَلِمْتَ من دَأْبه أنه يتمسَّك من شرائع من قبلنا أيضًا. وهو المسألةُ عندنا فيما لم يَنْزِلْ فيه شَرْعُنِا، ولم يَنْقُضْه أيضًا. فإذا كانت القَسَامَةُ في الجاهلية، كما اختاره الحنفية، ولم يَنْزِلْ شرعُنا بخلافها، كانت حُجَّةً لنا. ولذا أَخْرَجَهَا المصنِّفُ، كأنه أَشَارَ إلى بقاء حُكْمِهَا بعد الإِسلام. أمَّا قصَّةُ حُوَيْصَة ومُحَيِّصَة، وقتل عبد الله بن سَهْل بخَيْبَرَ، فتلك لمَّا كانت مُخَالِفَةً له لم يُخَرِّجْهَا في القَسَامَةِ، وأخرجها في موضعٍ آخرَ. ثم إن القَسَامَةَ فيها، كما عند أبي داود، في باب ترك القود بالقَسَامَةِ، وَرَدَتْ على مَلْحَظ الحنفية أيضًا، هكذا: عن رافع بن خَدِيج، قال: «أصبح رجلٌ من الأنصار مقتولًا بِخَيْبَرَ، فانطلق أولياؤه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فَذَكَرُوا ذلك له، فقال لهم: شاهدان يَشْهَدَانِ على قتل صاحبكم؟ قالوا: يا رسول الله لم يَكُنْ ثَمَّةَ أحدٌ من المسلمين، وإنما هم يهود، وقد يَجْتَرِئُون على أعظم من هذا. قال: فاخْتَارُوا منهم خمسين، فاسْتَحْلِفُوهم، فَأَبُوا، فَوَدَاهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم من عنده». اهـ. وفي رواية بُشَيْر بن يَسار عنده: «فقال لهم: تَأْتُوني بالبيِّنة على من قتل؟ قالوا: ما

لنا ببيِّنةٍ، قال: فَيَحْلِفُون لكم؟ قالوا: لا نَرْضَى بأيمان اليهود، فَكَرِهَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم أن يُبْطِلَ دَمَهُ، فَوَدَاهُ مئةً من إبل الصدقة» اهـ. ففي تلك الرواية: أن القَسَامَةَ في خَيْبَرَ كانت على الصفة التي اخترناها، وفيها: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يَهْدِرْ دَمَهُ، وإنما أدَّاها مهن عنده، لِمَا في البخاريِّ: أنه كان يومئذٍ صُلْحٌ من خَيْبَرَ، فإذا أَخْبَرُوا أنهم لم يَقْتُلُوه، لم يُوجِبْ الدِّيَةَ عليهم، لئلاَّ تَثِير الفتنةُ. ولو كانت المسألةُ، كما ذَهَبَ إليه الشافعيةُ، لم يُودِهِ من عنده (¬1). 3845 - قوله: (أَوَّلَ قَسَامَةٍ كانت في الجَاهِلِيَّةِ لَفِينَا بني هَاشِمٍ) ... إلخ، يعني به أن القَسَامَةَ لم تَكُنْ سُنَّةً فيما بين العرب، ولكن أبو طالب هو أول من سنَّها من سلامة فطرته. قوله: (عُرْوَةُ جُوَالِقِهِ)، أي الحبلُ الذي تُشَدُّ به الجُوَالق. قوله: (لا تَنْفِرُ الإِبلُ)، هاتِ بالعقل لأَعْقِلَهَا، فإنَّها تَنْفِرُ. قوله: (قَدْ كَانَ أَهْلَ ذَاكَ مِنْكَ)، أي ذاك كان المرجُو منك. قوله: (أُحِبُّ أَنْ تُجِيزَ ابْنِي هَذَا): "مهربانى كرئى". قوله: (ولا تَصْبُرْ يَمِينِي)، اليمينُ الصَّبْرُ: ما تَلْزَمُ المدَّعَى عليه من جانب الحكومة، وأما يُقَال لها: اليمينُ الصَّبْرُ، لأنه يُجْبَرُ عليها. قوله: (عَيْنٌ تَطْرِفُ) أي: "انكهه جهيكنى والى". 3848 - قوله: (ولا تَقُولُوا: الحَطِيمُ) وإنَّما قيل له: الحَطِيم، لأنه حُطِّمَ من البيت، ولأنه كان من عادة العرب أنهم إذا حَلَفُوا بأمرٍ حَطَّمُوا شيئًا في هذا المكان، تذكارًا لأيمانهم، فلا يَرْفَعُونَهُ حتَّى يَبُرُّوا في أَيْمَانِهِمْ، فَسُمِّيَ حَطِيمًا لذلك. وهذا الذي يُرِيدُهُ الراوي، ولذا مَنَعَ أن يُقَالَ له: حَطِيم. إلاَّ أن السلفَ لم يتَّبِعُوه على ذلك، وأَطْلَقُوه ¬

_ (¬1) يقول العبدُ الضعيفُ: قال مولانا شيخُ الهند، على ما هو في تقريرٍ له عندي: إن حديثَ رافع بن خَدِيج قد رُوِيَ على وجوهٍ، مع أن القصَّةَ واحدةٌ. فالترتيبُ على وجهه: أن النبي صلى الله عليه وسلم سَأَلَ البينةَ أوَّلًا من أولياء المقتول، فإذا عَجَزُوا عنها، أَخْبَرَهُمْ بأخذ الأَيْمَان من المدَّعَى عليهم. فقالوا: كيف نَعْتَمِدُ على قومٍ كُفَّارٍ؟ فلمَّا رآهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم لا يَأتُون ببيِّنةٍ، ولا يَرْضَوْنَ بأيْمانِ اليهود، قال لهم كالمُنْكِرِ عليهم: إنَّكم عَجَزْتُم عن البيِّنة، ولا تَرْضَوْنَ بأَيْمَانِهِمْ، فهل تُرِيدُونَ أن تُسْتَحْلَفُوا أنتم، وتستحِقَّوا دمَ صاحبكم! فلم يَكُنْ هذا الاستحلافُ على شأن المسألة، بل على طريق الإِنكار، والتَّبْكِيت، لِيُقِرُّوا بأنفسهم ومن سلامة فطرتهم، أنهم إذا لم يَكُونُوا هناك، كيف يَحْلِفُون عليه، وهو معنى قوله: "أتستحلفون؟! " بهمزة الاستفهام للإِنكار. فهذا هو الترتيب على وجهه، وما سواه فهو من تقديم الرواة، وتأخيرهم.

28 - باب مبعث النبى - صلى الله عليه وسلم -

من غير نكيرٍ منهم: حدَّثنا نُعَيْم بن حمَّاد. واعلم أنَّهم قالوا: إن نُعَيْمْ بن حمَّاد من رجال تعليقات البخاري، لا من مسانيده، ويُرُدُّه هذا الإِسنادُ، فإنه وقع ههنا في المسهد أيضًا. على أن الحاكم صَرَّح في «مستدركه» في كتاب الجنائز: أن البخاريَّ احتجَّ بنُعَيْم بن حمَّاد، فطاح ما احْتَالُوا بكونه من رجال التعليقات. وقد تَكَلَّمْنَا في نُعَيْم بن حمَّاد هذا. ثم إن ابن الجوزيِّ أَدْخَلَ هذا الحديثَ في الموضوعات، وكذا حديثين من صحيح مسلم. وقد صرَّح أصحابُ الطبقات: أن ابن الجوزيِّ راكبٌ على مطايا العَجَلَةِ، فيُكْثِرُ الأغلاط. ورَأَيْتُ فيه مصيبةً أخرى، وهي أنه يَرُدُّ الأحاديثَ الصحيحةَ كلَّما خَالَفَتْ عَقْلَهُ وفِكْرَهُ، كحديث الباب، فإنه لم يَعْقِلْ كيف تُرْجَمُ القردة - القردة الزانية - فإِنه من دَيْدَن الإِنسان دون الحيوان. قلتُ: وهذا مهملٌ، وقد ثَبَتَ اليومَ فيها أفعالٌ تَدُلُّ على ذكاوتهم. وقصصُها (¬1) شهيرةٌ، يتعجَّب منها كل ذي أُذُنَيْن، وقد دوَّن اليوم أهل أمريكا لسانها أيضًا، فما الاستبعادُ في الرَّجْمِ، فإن اللَّهَ تعالى لو كان خَلَقَ فيها شهورًا لذلك، لم يَمْنَعْهُ منه مانعٌ. وصرَّح السيوطي في «اللآلىء المصنوعة»: أن ابن الجوزيِّ غال في الحكم بالوضع، حتَّى اشتهر في شدَّته، كما اشتهر الحاكم بالتساهل في التصحيح، ومن ههنا لا يَعْبَأُ المحدِّثون بجرح ابن الجوزيِّ، وتصحيح الحاكم، إلاَّ ما ثَبَتَ عندهم. 28 - باب مَبْعَثِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَىِّ بْنِ كِلاَبِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَىِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ. 3851 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ، فَمَكَثَ ثَلاَثَ ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد سَمِعْتُ بأُذُني بعضَ من شَاهَدَ فيها قصةً عجيبةً، فَذَكَرَ أنه رَأى قردة في عنقها حبلٌ، فتعلَّقت بغصن شجرة، فاخْتَنَقَتْ، فجاءتها قردةٌ أخرى فحلَّتها، فإذا هي قد ماتت. فَجَعَلَتْ تلك القردة تدور حولها، فلم تَلْبَثْ أن ذَهبَتْ إلى جهةٍ، ثم رَجَعَتْ على بَدْئِهَا، وجاءت بقردةٍ أخرى كبيرةٍ عظيمةٍ، تَحْمِلُهَا على ظهرها، فنزلت تلك القردة، وَوَضَعَتْ يدها على نبض تلك القردة المختنقة، ثم سارت بالتي جاءت بها، كأنَّها تقول لها شيئًا، فحملتها تلك القردة، وأَبْلَغَتْهَا إلى موضعها. ثم جاءت، وفي يدها نباتٌ، فأدخلت بعضَها في أنفها، وبعضها في فمها. فالذي رآه من أمرها أنها حَيِيَتْ، وقامت من ساعتها، وذهبت. وأمثالُ ذلك غيرُ قليلٍ. وراجع "عمدة القاري".

29 - باب ما لقى النبى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من المشركين بمكة

عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ، فَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَكَثَ بِهَا عَشْرَ سِنِينَ، ثُمَّ تُوُفِّىَ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3902، 3903، 4465، 4979 - تحفة 6227 قال العلماءُ: إن حفظَ نَسَبِهِ صلى الله عليه وسلّم إلى ثلاثة آباء فرضٌ على كلِّ مسلم، حتَّى أَكْفَرُوا من لم يَحْفَظْهُ، وهو مبالغةٌ عندي. نعم يَجِبُ بقدر ما تَحْصُلُ به المعرفة التامة. والفقهاءُ وإن ذَكَرُوا في الدعوى أنه يُشْتَرَطُ للتعريف بيان النسب، ولكنه عندي فيما لم يكن الرجل معروفًا، لا يُعْرَفُ إلاَّ بالآباء، أمَّا إذا كان معروفًا، تَعْرِفُه الغبراءُ والخضراءُ، ففي ذكر اسمه كفايةٌ عن بيان نَسَبَه. ومع ذلك الأَوْلَى أن يَحْفَظَ ثلاثةً، أو أربعةً من أجداده صلى الله عليه وسلّم فإن حَفِظَ كلَّهم، فهو أجودُ وأجودُ. وذكر البخاريُّ من أجداده إلى عدنان فقط، لأن نَسَبَهُ فوق عدنان، ممَّا كَتَبَهُ آصف بن برخياء، وزير أرمياء عليه الصَّلاة والسَّلام. وقيل: وزيرُ سليمان عليه السلام، وهو المشهورُ. وذكر فيه نَسَبَ عدنان أيضًا، غير أنه أَخَذَهُ من كُتُب بني إسرائيل، ولا نقلَ فيه من النقول الإِسلامية. ثم إنَّهم قالوا: إن سلسلةَ الآباء من عندنا إلى إسماعيل عليه الصَّلاة والسَّلام على ما ذَكَرُوه غيرُ متَّصِلَةٍ، فَحَكَمُوا بسقطٍ من الوسط. وقد كان جلالةُ الملك - عَالِمْكِير - أَمَرَ العلماءَ بضبط نَسَبِهِ صلى الله عليه وسلّم فوق عدنان، إلى آدم النبيِّ عليه السلام، وسمَّاه: «نسب تامه مقبول»، وفيه منفعةٌ أخرى، وهي أنه نبَّه على كلِّ موضعٍ اتَّصل فيه نَسَبُ رجلٍ شهسرٍ منهم، بعمود من نَسَبِهِ صلى الله عليه وسلّم أمَّا إن عدنان من هو؟ فهو أمرٌ تكفَّل به التاريخ، وأي اعتمادٍ به إذا لم يَخْلُصْ «الصحيحان» عن الأوهام، حتَّى صنَّفُوا فيها كُتُبًا عديدةً، فأين التاريخ الذي يُدَوَّنُ بأفواه الناس؟ وظنونُ المؤرِّخين لا سندَ لها ولا مَدَدَ. وقد مرَّ أن جِدَّ اليمن قحطان معاصر عدنان، حارب بُخْتُ نَصَّر مِرَارًا، فلم يُقَاوِمْهُ حتَّى الْتَجَأَ باليمن، وسَكَنَ بها، وقد مرَّ من قبل. 29 - باب مَا لَقِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ 3852 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا بَيَانٌ وَإِسْمَاعِيلُ قَالاَ سَمِعْنَا قَيْسًا يَقُولُ سَمِعْتُ خَبَّابًا يَقُولُ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً، وَهْوَ فِى ظِلِّ الْكَعْبَةِ، وَقَدْ لَقِينَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ شِدَّةً فَقُلْتُ أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ فَقَعَدَ وَهْوَ مُحْمَرٌّ وَجْهُهُ فَقَالَ «لَقَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ لَيُمْشَطُ بِمِشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ عِظَامِهِ مِنْ لَحْمٍ أَوْ عَصَبٍ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُوضَعُ الْمِنْشَارُ عَلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَيُشَقُّ بِاثْنَيْنِ، مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَلَيُتِمَّنَّ اللَّهُ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ مَا يَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ». زَادَ بَيَانٌ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ. طرفاه 3612، 6943 - تحفة 3519 - 57/ 5

3853 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه قَالَ قَرَأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - النَّجْمَ، فَسَجَدَ فَمَا بَقِىَ أَحَدٌ إِلاَّ سَجَدَ، إِلاَّ رَجُلٌ رَأَيْتُهُ أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًا فَرَفَعَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ وَقَالَ هَذَا يَكْفِينِى. فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا بِاللَّهِ. أطرافه 1067، 1070، 3972، 4863 - تحفة 9180 3854 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَاجِدٌ وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ جَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِى مُعَيْطٍ بِسَلَى جَزُورٍ، فَقَذَفَهُ عَلَى ظَهْرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - فَأَخَذَتْهُ مِنْ ظَهْرِهِ، وَدَعَتْ عَلَى مَنْ صَنَعَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ الْمَلأَ مِنْ قُرَيْشٍ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ - أَوْ أُبَىَّ بْنَ خَلَفٍ». شُعْبَةُ الشَّاكُّ - فَرَأَيْتُهُمْ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ، فَأُلْقُوا فِى بِئْرٍ غَيْرَ أُمَيَّةَ أَوْ أُبَىٍّ تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ، فَلَمْ يُلْقَ فِى الْبِئْرِ. أطرافه 240، 520، 2934، 3185، 3960 - تحفة 9484 3855 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَوْ قَالَ حَدَّثَنِى الْحَكَمُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ أَمَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى قَالَ سَلِ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ مَا أَمْرُهُمَا {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الأنعام: 151] {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93] فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَمَّا أُنْزِلَتِ الَّتِى فِى الْفُرْقَانِ قَالَ مُشْرِكُو أَهْلِ مَكَّةَ فَقَدْ قَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ، وَدَعَوْنَا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، وَقَدْ أَتَيْنَا الْفَوَاحِشَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ} الآيَةَ [الفرقان: 70] فَهَذِهِ لأُولَئِكَ وَأَمَّا الَّتِى فِى النِّسَاءِ الرَّجُلُ إِذَا عَرَفَ الإِسْلاَمَ وَشَرَائِعَهُ، ثُمَّ قَتَلَ فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ. فَذَكَرْتُهُ لِمُجَاهِدٍ فَقَالَ إِلاَّ مَنْ نَدِمَ. أطرافه 4590، 4762، 4763، 4764، 4765، 4766 - تحفة 5624، 5498 - 58/ 5 3856 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِى الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَخْبِرْنِى بِأَشَدِّ شَىْءٍ صَنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ بَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِى حِجْرِ الْكَعْبَةِ إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِى مُعَيْطٍ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ فِى عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى أَخَذَ بِمَنْكِبِهِ وَدَفَعَهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} الآيَةَ [غافر: 28]. تَابَعَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ، قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وَقَالَ عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قِيلَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِى سَلَمَةَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ. أطرافه 3678، 4815 - تحفة 8884، 10739

30 - باب إسلام أبى بكر الصديق رضى الله عنه

30 - باب إِسْلاَمُ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضى الله عنه 3857 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمَّادٍ الآمُلِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ عَنْ بَيَانٍ عَنْ وَبَرَةَ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا مَعَهُ إِلاَّ خَمْسَةُ أَعْبُدٍ وَامْرَأَتَانِ، وَأَبُو بَكْرٍ. طرفه 3660 - تحفة 10370 31 - باب إِسْلاَمُ سَعْدٍ بْنِ أَبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه 3858 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هَاشِمٌ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ سَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ يَقُولُ مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ إِلاَّ فِى الْيَوْمِ الَّذِى أَسْلَمْتُ فِيهِ، وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَإِنِّى لَثُلُثُ الإِسْلاَمِ طرفاه 3726، 3727 - تحفة 3859 3858 - قوله: (وإني لَثُلُثُ الإِسْلاَمِ) وهو خلافُ الواقع، ولكنَّهُ قال باعتبار عِلْمِهِ. 32 - باب ذِكْرُ الْجِنِّ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 1] 3859 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ مَعْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ سَأَلْتُ مَسْرُوقًا مَنْ آذَنَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْجِنِّ لَيْلَةَ اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ. فَقَالَ حَدَّثَنِى أَبُوكَ - يَعْنِى عَبْدَ اللَّهِ - أَنَّهُ آذَنَتْ بِهِمْ شَجَرَةٌ. تحفة 9572 3860 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى جَدِّى عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِدَاوَةً لِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَتْبَعُهُ بِهَا فَقَالَ «مَنْ هَذَا». فَقَالَ أَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ. فَقَالَ «ابْغِنِى أَحْجَارًا أَسْتَنْفِضْ بِهَا، وَلاَ تَأْتِنِى بِعَظْمٍ وَلاَ بِرَوْثَةٍ». فَأَتَيْتُهُ بِأَحْجَارٍ أَحْمِلُهَا فِى طَرَفِ ثَوْبِى حَتَّى وَضَعْتُ إِلَى جَنْبِهِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مَشَيْتُ، فَقُلْتُ مَا بَالُ الْعَظْمِ وَالرَّوْثَةِ قَالَ «هُمَا مِنْ طَعَامِ الْجِنِّ، وَإِنَّهُ أَتَانِى وَفْدُ جِنِّ نَصِيبِينَ وَنِعْمَ الْجِنُّ، فَسَأَلُونِى الزَّادَ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ لَهُمْ أَنْ لاَ يَمُرُّوا بِعَظْمٍ وَلاَ بِرَوْثَةٍ إِلاَّ وَجَدُوا عَلَيْهَا طَعَامًا». طرفه 155 - تحفة 13085 - 59/ 5 3860 - قوله: (قَالَ: هُمَا مِنْ طَعَامِ الجِنِّ)، علَّل النهي عن الاستنجاء بالرَّوْثَةِ ههنا، بكونها طعامَ الجِنِّ، وتارةً علَّله بكونها رِكْسًا، أو رِجْسًا، كما مرَّ. وهذا الآخر حُجَّةٌ للحنفية في مسألة نجاسة الأَذْبَالِ، وقد مرَّ تقريرها. فمن ذَهَبَ يَهْدِرُ أحد التعليلين للآخر، فقد حَادَ عن الصواب، فَلْيَأْخُذْ بها جميعًا. والوجهُ أنه علَّل بالأوَّل في زمن اختلاف الجِنِّ إليه، وعلَّل بالثاني في غيره. والله تعالى أعلم بالصواب. وقد تُكُلِّمَ في الأصول أنه هل يَصِحُّ تعدُّد العِلَلِ لحكمٍ واحدٍ، أو لا؟ وهو مهملٌ

33 - باب إسلام أبى ذر الغفاري رضى الله عنه

عندي، فإنه لا استحالةَ في تعدُّد العلل الشرعية، وإنما اشتبه عليهم الأمرُ، لأن المعقولين بَحَثُوا في تعدُّد العِلَلِ التامَّةِ. أمَّا العِلَلُ الناقصةُ، فقد ذَهَبُوا أيضًا إلى جوازها. ثم جاء علماؤنا، وقد مَارَسُوا هذا البحث، فَأَجْرُوه في العلة الشرعية أيضًا، مع أن موضعه المعقولُ، والعِلَلُ التامَّةِ. 33 - باب إِسْلاَمُ أَبِى ذَرٍّ الغِفَاريِّ رضى الله عنه 3861 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى عَنْ أَبِى جَمْرَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لأَخِيهِ ارْكَبْ إِلَى هَذَا الْوَادِى، فَاعْلَمْ لِى عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِى يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىٌّ، يَأْتِيهِ الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ، وَاسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ، ثُمَّ ائْتِنِى. فَانْطَلَقَ الأَخُ حَتَّى قَدِمَهُ وَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِى ذَرٍّ، فَقَالَ لَهُ رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الأَخْلاَقِ، وَكَلاَمًا مَا هُوَ بِالشِّعْرِ. فَقَالَ مَا شَفَيْتَنِى مِمَّا أَرَدْتُ، فَتَزَوَّدَ وَحَمَلَ شَنَّةً لَهُ فِيهَا مَاءٌ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَأَتَى الْمَسْجِدَ، فَالْتَمَسَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ يَعْرِفُهُ، وَكَرِهَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ حَتَّى أَدْرَكَهُ بَعْضُ اللَّيْلِ، فَرَآهُ عَلِىٌّ فَعَرَفَ أَنَّهُ غَرِيبٌ. فَلَمَّا رَآهُ تَبِعَهُ، فَلَمْ يَسْأَلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَىْءٍ حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ احْتَمَلَ قِرْبَتَهُ وَزَادَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَظَلَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَلاَ يَرَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَمْسَى، فَعَادَ إِلَى مَضْجَعِهِ، فَمَرَّ بِهِ عَلِىٌّ فَقَالَ أَمَا نَالَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْلَمَ مَنْزِلَهُ فَأَقَامَهُ، فَذَهَبَ بِهِ مَعَهُ لاَ يَسْأَلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَىْءٍ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمَ الثَّالِثِ، فَعَادَ عَلِىٌّ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَقَامَ مَعَهُ ثُمَّ قَالَ أَلاَ تُحَدِّثُنِى مَا الَّذِى أَقْدَمَكَ قَالَ إِنْ أَعْطَيْتَنِى عَهْدًا وَمِيثَاقًا لَتُرْشِدَنَّنِى فَعَلْتُ فَفَعَلَ فَأَخْبَرَهُ. قَالَ فَإِنَّهُ حَقٌّ وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَاتْبَعْنِى، فَإِنِّى إِنْ رَأَيْتُ شَيْئًا أَخَافُ عَلَيْكَ قُمْتُ كَأَنِّى أُرِيقُ الْمَاءَ، فَإِنْ مَضَيْتُ فَاتْبَعْنِى حَتَّى تَدْخُلَ مَدْخَلِى. فَفَعَلَ، فَانْطَلَقَ يَقْفُوهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَدَخَلَ مَعَهُ، فَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ، وَأَسْلَمَ مَكَانَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِى». قَالَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. ثُمَّ قَامَ الْقَوْمُ فَضَرَبُوهُ حَتَّى أَضْجَعُوهُ، وَأَتَى الْعَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ قَالَ وَيْلَكُمْ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ مِنْ غِفَارٍ وَأَنَّ طَرِيقَ تِجَارِكُمْ إِلَى الشَّأْمِ فَأَنْقَذَهُ مِنْهُمْ، ثُمَّ عَادَ مِنَ الْغَدِ لِمِثْلِهَا، فَضَرَبُوهُ وَثَارُوا إِلَيْهِ، فَأَكَبَّ الْعَبَّاسُ عَلَيْهِ. تحفة 6528، 11958 - 60/ 5 34 - باب إِسْلاَمُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رضى الله عنه 3862 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فِى مَسْجِدِ الْكُوفَةِ يَقُولُ وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُنِى وَإِنَّ

35 - باب إسلام عمر بن الخطاب رضى الله عنه

عُمَرَ لَمُوثِقِى عَلَى الإِسْلاَمِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عُمَرُ، وَلَوْ أَنَّ أُحُدًا ارْفَضَّ لِلَّذِى صَنَعْتُمْ بِعُثْمَانَ لَكَانَ {مَحْقُوقًا أَنْ يَرْفَضَّ}. طرفاه 3867، 6942 - تحفة 4466 وهو زوجُ أخت عمر. 3862 - قوله: (وإنَّ عُمَرَ لَمُوثِقي على الإِسْلاَمِ) أي كان عمرُ أجلسني في بيته، لأجل أنِّي كنتُ أَسْلَمْتُ، ولم يَكُنْ عمرُ أسلم يومئذٍ، فَلَقِيتُ منه ما لَقِيتُ. كأنَّه يتعجَّبُ من انقلاب الزمان في هذه المدَّةِ اليسيرةِ، حيث أن عُمَرَ كان حَبَسَهُ على الإِسلام إذ هو كافرٌ، وأنتم قَتَلْتُم عثمان وأنتم مسلمون، وهو على الإِسلام أيضًا، فكيف انْقَلَبَ الزمانُ ظهرًا لبطن؟. 35 - باب إِسْلاَمِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضى الله عنه 3863 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ. طرفه 3684 - تحفة 9539 3864 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ فَأَخْبَرَنِى جَدِّى زَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَيْنَمَا هُوَ فِى الدَّارِ خَائِفًا، إِذْ جَاءَهُ الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِىُّ أَبُو عَمْرٍو، عَلَيْهِ حُلَّةُ حِبَرَةٍ، وَقَمِيصٌ مَكْفُوفٌ بِحَرِيرٍ، وَهُوَ مِنْ بَنِى سَهْمٍ، وَهُمْ حُلَفَاؤُنَا فِى الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ لَهُ مَا بَالُكَ قَالَ زَعَمَ قَوْمُكَ أَنَّهُمْ سَيَقْتُلُونِى إِنْ أَسْلَمْتُ. قَالَ لاَ سَبِيلَ إِلَيْكَ. بَعْدَ أَنْ قَالَهَا أَمِنْتُ، فَخَرَجَ الْعَاصِ، فَلَقِىَ النَّاسَ قَدْ سَالَ بِهِمُ الْوَادِى فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُونَ فَقَالُوا نُرِيدُ هَذَا ابْنَ الْخَطَّابِ الَّذِى صَبَا. قَالَ لاَ سَبِيلَ إِلَيْهِ. فَكَرَّ النَّاسُ. طرفه 3865 - تحفة 6743 - 61/ 5 3865 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُهُ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ اجْتَمَعَ النَّاسُ عِنْدَ دَارِهِ وَقَالُوا صَبَا عُمَرُ. وَأَنَا غُلاَمٌ فَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِى، فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْ دِيبَاجٍ فَقَالَ قَدْ صَبَا عُمَرُ. فَمَا ذَاكَ فَأَنَا لَهُ جَارٌ. قَالَ فَرَأَيْتُ النَّاسَ تَصَدَّعُوا عَنْهُ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ. طرفه 3864 - تحفة 7359 3866 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَرُ أَنَّ سَالِمًا حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ مَا سَمِعْتُ عُمَرَ لِشَىْءٍ قَطُّ يَقُولُ إِنِّى لأَظُنُّهُ كَذَا. إِلاَّ كَانَ كَمَا يَظُنُّ، بَيْنَمَا عُمَرُ جَالِسٌ إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ جَمِيلٌ فَقَالَ لَقَدْ أَخْطَأَ ظَنِّى، أَوْ إِنَّ هَذَا عَلَى دِينِهِ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، أَوْ لَقَدْ كَانَ كَاهِنَهُمْ، عَلَىَّ الرَّجُلَ، فَدُعِىَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ اسْتُقْبِلَ بِهِ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، قَالَ فَإِنِّى أَعْزِمُ عَلَيْكَ إِلاَّ مَا

36 - باب انشقاق القمر

أَخْبَرْتَنِى. قَالَ كُنْتُ كَاهِنَهُمْ فِى الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَ فَمَا أَعْجَبُ مَا جَاءَتْكَ بِهِ جِنِّيَّتُكَ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا يَوْمًا فِى السُّوقِ جَاءَتْنِى أَعْرِفُ فِيهَا الْفَزَعَ، فَقَالَتْ أَلَمْ تَرَ الْجِنَّ وَإِبْلاَسَهَا وَيَأْسَهَا مِنْ بَعْدِ إِنْكَاسِهَا وَلُحُوقَهَا بِالْقِلاَصِ وَأَحْلاَسِهَا قَالَ عُمَرُ صَدَقَ، بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ آلِهَتِهِمْ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ بِعِجْلٍ فَذَبَحَهُ، فَصَرَخَ بِهِ صَارِخٌ، لَمْ أَسْمَعْ صَارِخًا قَطُّ أَشَدَّ صَوْتًا مِنْهُ يَقُولُ يَا جَلِيحْ، أَمْرٌ نَجِيحْ رَجُلٌ فَصِيحْ يَقُولُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ. فَوَثَبَ الْقَوْمُ قُلْتُ لاَ أَبْرَحُ حَتَّى أَعْلَمَ مَا وَرَاءَ هَذَا ثُمَّ نَادَى يَا جَلِيحْ، أَمْرٌ نَجِيحْ، رَجُلٌ فَصِيحْ، يَقُولُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَقُمْتُ فَمَا نَشِبْنَا أَنْ قِيلَ هَذَا نَبِىٌّ. تحفة 6785، 10529 3866 - قوله: (لَقَدْ أَخْطَأَ ظَنِّي) ... إلخ، يعني "ياميرا ظن غلط هي يايه شخص زمانه جاهلية مين كاهن هواهى يا كافر هى هى". قوله: (إِبْلاَسَهَا): "نا كامى اورنا اميدى". قوله: (بعد إنْكَاسِهَا): "أوند هى هونى كى بعد". قوله: (ولُحُوقَهَا بالقِلاَصِ وأَحْلاَسِهَا) يعني: "اب بستيون مين أن كى آمد ورفت نه هوكى اونتنيون وغيره كيساته جنكل مين رهينكى". قوله: (يا جَلِيح): "جست جالاك آدمى". قوله: (أَمْرٌ نَجِيح): "ايك امر كاميابى كاظاهر هوا". 3867 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا قَيْسٌ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ لِلْقَوْمِ لَوْ رَأَيْتُنِى مُوثِقِى عُمَرُ عَلَى الإِسْلاَمِ أَنَا وَأُخْتُهُ وَمَا أَسْلَمَ، وَلَوْ أَنَّ أُحُدًا انْقَضَّ لِمَا صَنَعْتُمْ، بِعُثْمَانَ لَكَانَ مَحْقُوقًا أَنْ يَنْقَضَّ. طرفاه 3862، 6942 - تحفة 4466 - 62/ 5 36 - باب انْشِقَاقِ الْقَمَرِ 3868 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً، فَأَرَاهُمُ الْقَمَرَ شِقَّتَيْنِ، حَتَّى رَأَوْا حِرَاءً بَيْنَهُمَا. أطرافه 3637، 4867، 4868 - تحفة 1200 3869 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِنًى فَقَالَ «اشْهَدُوا». وَذَهَبَتْ فِرْقَةٌ نَحْوَ الْجَبَلِ. وَقَالَ أَبُو الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ انْشَقَّ بِمَكَّةَ. وَتَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. أطرافه 3636، 3871، 4864، 4865 - تحفة 9336، 9579 3870 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ قَالَ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ

37 - باب هجرة الحبشة

عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما أَنَّ الْقَمَرَ انْشَقَّ عَلَى زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 3638، 4866 - تحفة 5831 3871 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ. أطرافه 3636، 3869، 4864، 4865 - تحفة 9336 37 - باب هِجْرَةِ الْحَبَشَةِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم «أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، ذَاتَ نَخْلٍ بَينَ لاَبَتَينِ». فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ المَدِينَةِ، وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الحَبَشَةِ إِلَى المَدِينَةِ. فِيهِ عَنْ أَبِي مُوسى، وَأَسْمَاءَ، عَن النبي صلى الله عليه وسلّم. 3872 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِىِّ بْنِ الْخِيَارِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ قَالاَ لَهُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُكَلِّمَ خَالَكَ عُثْمَانَ فِى أَخِيهِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ وَكَانَ أَكْثَرَ النَّاسُ فِيمَا فَعَلَ بِهِ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَانْتَصَبْتُ لِعُثْمَانَ حِينَ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ لِى إِلَيْكَ حَاجَةً وَهْىَ نَصِيحَةٌ. فَقَالَ أَيُّهَا الْمَرْءُ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، فَانْصَرَفْتُ، فَلَمَّا قَضَيْتُ الصَّلاَةَ جَلَسْتُ إِلَى الْمِسْوَرِ وَإِلَى ابْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، فَحَدَّثْتُهُمَا بِالَّذِى قُلْتُ لِعُثْمَانَ وَقَالَ لِى. فَقَالاَ قَدْ قَضَيْتَ الَّذِى كَانَ عَلَيْكَ. فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ مَعَهُمَا، إِذْ جَاءَنِى رَسُولُ عُثْمَانَ، فَقَالاَ لِى قَدِ ابْتَلاَكَ اللَّهُ. فَانْطَلَقْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ مَا نَصِيحَتُكَ الَّتِى ذَكَرْتَ آنِفًا قَالَ فَتَشَهَّدْتُ ثُمَّ قُلْتُ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، وَكُنْتَ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَآمَنْتَ بِهِ، وَهَاجَرْتَ الْهِجْرَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ، وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَأَيْتَ هَدْيَهُ، وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِى شَأْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، فَحَقٌّ عَلَيْكَ أَنْ تُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ. فَقَالَ لِى يَا ابْنَ أَخِى أَدْرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ قُلْتُ لاَ، وَلَكِنْ قَدْ خَلَصَ إِلَىَّ مِنْ عِلْمِهِ مَا خَلَصَ إِلَى الْعَذْرَاءِ فِى سِتْرِهَا. قَالَ فَتَشَهَّدَ عُثْمَانُ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، وَكُنْتُ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَآمَنْتُ بِمَا بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -. وَهَاجَرْتُ الْهِجْرَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ كَمَا قُلْتَ، وَصَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبَايَعْتُهُ، وَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلاَ غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اسْتَخْلَفَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلاَ غَشَشْتُهُ، ثُمَّ اسْتُخْلِفَ عُمَرُ، فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلاَ غَشَشْتُهُ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتُ، أَفَلَيْسَ لِى عَلَيْكُمْ مِثْلُ الَّذِى كَانَ لَهُمْ عَلَىَّ قَالَ بَلَى. قَالَ فَمَا هَذِهِ الأَحَادِيثُ الَّتِى تَبْلُغُنِى عَنْكُمْ فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ شَأْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، فَسَنَأْخُذُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِالْحَقِّ قَالَ فَجَلَدَ الْوَلِيدَ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً، وَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَجْلِدَهُ، وَكَانَ هُوَ يَجْلِدُهُ.

وَقَالَ يُونُسُ وَابْنُ أَخِى الزُّهْرِىِّ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَفَلَيْسَ لِى عَلَيْكُمْ مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذِى كَانَ لَهُمْ. طرفاه 3696، 3927 - تحفة 9826 - 63/ 5 قال أَبو عبد الله: {بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ} ما ابتُلِيتم به من شدَّة. وفي موضع: البلاءُ الابتلاء والتحميص، من بَلَوتهُ ومحَّصتهُ أَي استخرجتُ ما عنده. يبلو: يختبر، مُبتليكم: مُختبِرُكم. وأَما قوله: {بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} النِّعَم. وهي مِن أَبليْتُه، وتلك من ابتليته. 3873 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ، فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَذَكَرَتَا لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِيكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». أطرافه 427، 434، 1341 - تحفة 17306 - 64/ 5 3874 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ السَّعِيدِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ قَالَتْ قَدِمْتُ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَأَنَا جُوَيْرِيَةٌ فَكَسَانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَمِيصَةً لَهَا أَعْلاَمٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ الأَعْلاَمَ بِيَدِهِ وَيَقُولُ «سَنَاهْ، سَنَاهْ». قَالَ الْحُمَيْدِىُّ يَعْنِى حَسَنٌ حَسَنٌ. أطرافه 3071، 5823، 5845، 5993 - تحفة 15779 3875 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يُصَلِّى فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِىِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَتَرُدُّ عَلَيْنَا قَالَ «إِنَّ فِى الصَّلاَةِ شُغْلاً». فَقُلْتُ لإِبْرَاهِيمَ كَيْفَ تَصْنَعُ أَنْتَ قَالَ أَرُدُّ فِى نَفْسِى. طرفاه 1199، 1216 - تحفة 9418، 18394 أ 3876 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ فَرَكِبْنَا سَفِينَةً فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِىِّ بِالْحَبَشَةِ، فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِى طَالِبٍ، فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا، فَوَافَقْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَكُمْ أَنْتُمْ يَا أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ». أطرافه 3136، 4230، 4233 - تحفة 9051 3872 - قوله: (فَجَلَدَ الوَلِيدَ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً، وأَمَرَ عَلِيًّا أن يَجْلِدَهُ) ... إلخ، وقد مرَّ في «البخاريِّ»: «فأمره أن يَجْلِدَهُ. فجلده ثمانين». وإنَّما ذَكَرَ الراوي ههنا أربعين فقط، لأن عليًّا جلده أربعين، فتكلَّم كلامًا بعد ما جلده أربعين، ثم جلده أربعين، كما عند الطحاويِّ: «فقال عثمان لعليَ: أَقِمِ الحدَّ. فقال عليٌّ لابنه الحسن: أَقِمْ عليه الحدَّ. قال: فقال الحسن: ولِّ حارَّها، من تولَّى قارَّها. قال: فقال عليّ لعبد الله بن جعفر: أَقِمْ عليه الحدَّ، فأخذ السوطَ، فجعل يَجْلِدُه، وعليٌّ يَعُدُّ. حتى بَلَغَ أربعين، ثم قال له:

38 - باب موت النجاشى

أَمْسِكْ. ثم قال: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم جَلَدَ أربعين، وأبو بكرٍ أربعين، وجلد عمر ثمانين، وكلٌّ سُنة. وهذا أحبُّ إلي»، والإِشارةُ عندي إلى الثمانين الذي فعله عمر (¬1). 38 - باب مَوْتُ النَّجَاشِىِّ 3877 - حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ مَاتَ النَّجَاشِىُّ «مَاتَ الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَى أَخِيكُمْ أَصْحَمَةَ». أطرافه 1317، 1320، 1334، 3878، 3879 - تحفة 2450 3878 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ عَطَاءً حَدَّثَهُمْ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىِّ - رضى الله عنهما - أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى عَلَى النَّجَاشِىِّ فَصَفَّنَا وَرَاءَهُ فَكُنْتُ فِى الصَّفِّ الثَّانِى أَوِ الثَّالِثِ. أطرافه 1317، 1320، 1334، 3877، 3879 - تحفة 2471 - 5/ 5 3879 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ عَنْ سَلِيمِ بْنِ حَيَّانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى عَلَى أَصْحَمَةَ النَّجَاشِىِّ، فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا. تَابَعَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ. أطرافه 1317، 1320، 1334، 3877، 3878 - تحفة 2262 3880 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَابْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَخْبَرَهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَعَى لَهُمُ النَّجَاشِىَّ صَاحِبَ الْحَبَشَةِ فِى الْيَوْمِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ، وَقَالَ «اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ». أطرافه 1245، 1318، 1327، 1328، 1333، 3881 - تحفة 15187، 13176 3881 - وَعَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَخْبَرَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَفَّ بِهِمْ فِى الْمُصَلَّى، فَصَلَّى عَلَيْهِ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا. أطرافه 1245، 1318، 1327، 1328، 1333، 3880 - تحفة 13176 ¬

_ (¬1) يقولُ العبدُ الضعيفُ: وبه عَمِلَ عليٌّ، كما عند الطحاوي: "أن عليًّا أتى بالنجاشي -ولعلَّ فيه سهوًا من الناسخ، وعَسَى أن يكونَ بحبشيٍّ- قد شَرِبَ الخمرَ في رمضان، فضربه ثمانين". الحديث. بل هو الذي عيَّنه لمَّا اسْتَشَارَ فيه عمر. وراجع الطحاويَّ. ومُحَصَّلُ كلام الشيخ: أن عليًّا إنما جَلَدَهُ ثمانين، ولمَّا كان في أكثر الروايات: "أنه جلد أربعين"، ولم يَسْنَحْ لهم التوفيق، فَنَهَجُوا منهجَ الترجيح، فقال الحافظُ: إن ما ذَكَرَهُ مَعْمَر في روايته، "أنه جَلَدَ أربعين"، هو أصحُّ. وأوضح الشيخُ وجهَ التوفيق: أن الأمرَ، كما في رواية يونس، عن الزُّهْريِّ. أمَّا ما ذكره مَعْمَر، عن الزُّهْرِيِّ. فليس فيه ما يُخَالِفُ روايةَ يونس، لأن عليًّا قال له: "أَمْسِك"، بعدما ضربه أربعين، وتكلَّم كلامًا، ثم كَمَّلَهُ أربعين. فتلك الأربعون التي ضرَبَهَا أولًا هي المذكورةُ في رواية مَعْمَر، وليس فيه نفيًا لِمَا سواه. فإذا ثَبَتَ من رواية يونس في البخاريِّ: "أنه جلده ثمانين"، نَحْمِلُ الساكتَ على الناطق، لا سِيَّما إذا تأيَّد من رواية الطحاويِّ، والله أعلم، هل كان هذا هو مراده أم لا.

39 - باب تقاسم المشركين على النبى - صلى الله عليه وسلم -

39 - باب تَقَاسُمُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - 3882 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَرَادَ حُنَيْنًا «مَنْزِلُنَا غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِى كِنَانَةَ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ». أطرافه 1589، 1590، 4284، 4285، 7479 - تحفة 15130 40 - باب قِصَّةُ أَبِى طَالِبٍ 3883 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - رضى الله عنه - قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا أَغْنَيْتَ عَنْ عَمِّكَ فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ. قَالَ «هُوَ فِى ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، وَلَوْلاَ أَنَا لَكَانَ فِى الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ». طرفاه 6208، 6572 - تحفة 5128 3884 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ «أَىْ عَمِّ، قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ». فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ يَا أَبَا طَالِبٍ، تَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يَزَالاَ يُكَلِّمَانِهِ حَتَّى قَالَ آخِرَ شَىْءٍ كَلَّمَهُمْ بِهِ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْهُ». فَنَزَلَتْ {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113)} [التوبة: 113] وَنَزَلَتْ {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56] أطرافه 1360، 4675، 4772، 6681 - تحفة 11281 - 66/ 5 3885 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ فَقَالَ «لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُجْعَلُ فِى ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ، يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغْلِى مِنْهُ دِمَاغُهُ». حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِىُّ عَنْ يَزِيدَ بِهَذَا، وَقَالَ تَغْلِى مِنْهُ أُمُّ دِمَاغِهِ. طرفه 6564 - تحفة 4094 قوله: (ما أغنيت عن عمك). "آب كياكام آنى ابنى ججاكى وه آبكى حفاظت كرتى تهى اورآبكى لئى جهكراكرتى تهى". قوله: (ضحضاح من النار)، وفي رواية: قد ألبس شراكان من نار يغلي منهما دماغه؛ قلت: وذاك خاصة لجهنم، والضحضاح مقابل ههنا للنار الشديدة، ولأجل هذا الحديث وأمثاله حكمت فيما مرّ بعبرة طاعات الكافر، وقرباته، ولا أعرف وجهًا للتفاوت بين كافر وكافر في دركات جهنم، إلا التفاوت بين أعمالهما، وأما قوله تعالى: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105)}،

41 - باب حديث الإسراء وقول الله تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى} [الإسراء: 1]

فلا يدل إلا على كونها غير موزونة، فلا يبعد أن يخفف العذاب لمن أتى بالقربات والطاعات، بدون وزن أعماله. 41 - باب حَدِيثِ الإِسْرَاءِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء: 1] 3886 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لَمَّا كَذَّبَنِى قُرَيْشٌ قُمْتُ فِى الْحِجْرِ، فَجَلاَ اللَّهُ لِى بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ». طرفه 4710 - تحفة 3151 حديث الإسراء ولعل البخاري (¬1) ذهب إلى أن الإسراء اسم لسيره - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى بيت المقدس، وأما سيره إلى السموات فيسميه معراجًا، وإليه مال جماعة، وذهب جماعة أخرى إلى أن الإسراء اسم لمجموع سيره - صلى الله عليه وسلم - إلى السماوات (¬2). قوله: (فجلى الله بيت المقدس) وفيه دليل على بقاء بعض بناء المسجد إذ ذاك، مع أن أهل التاريخ كتبوا أن السلطنة الرومانية كانت قد هدمته، ولم تترك له من اسم ولا رسم، فماذا كان الذي جلى له، وقال مؤرخو النصارى: إن السلطنة الرومانية كانت إذ ذاك وثنية، وإنما تنصرت بعد الحروب على بيت المقدس؛ وقد أجاب عن أصل الإشكال مولانا آل حسن؛ قلت: وقد بلغني عن بعض أصحابي الذين أثق بهم حين رجع إلي من سياحة بيت المقدس، أن حيطان بناء سليمان عليه السلام موجودة إلى الآن أيضًا، فما في كتب التاريخ من المبالغات، كلها تتعلق بالأبنية الداخلة دون الحيطان، فإن عرصة المسجد واسعة جدًا، فلعلهم خربوا البيوت، وجعلوا فيها كناسة أما الحيطان والجدران، فكانت كما كانت، فلما جاء الله بالإسلام، وقام زرعه على سوقه، طهره عمر، وبنى البيوت، وعمّر الأبنية الداخلية، ثم لا يذهب عليك الفرق بين التجلي، والعلم، فإنهما يفترقان، والأول لا يستلزم الثاني، ألا ترى أنك إذا ارتقيت سقفًا، أو أكمة يتجلى لك كل شيء، تمد إليه بصرك، فهل يحصل عندك علم مما تسرح فيه بصرك، ويجول فيه نظرك؟ كلا، ثم كلا، فالتجلي هو الانكشاف لديك، سواء حصل لك منه علم أو لا، وإن شئت قلت: إنه نحو إجمالي من العلم، ¬

_ (¬1) قال ابنُ دِحْيَة مالَ البخاريُّ إلى أنهما متغايران، لأنه أَفْرَدَ لكلِّ منهما ترجمة، ورَدَّ عليه بأنه لا دلالة في ذلك على التغايُر عنده، بل كلامُه في أوَّل الصلاة ظاهرٌ في اتحادهما عنده. قلتُ: فيه تأمُّلٌ. اهـ. "عمدة القاري"، ثم بَسَطَ اختلافَ السلف في ذلك، فليراجع. (¬2) يقولُ العبدُ الضعيفُ: وأمَّا القرآنُ العزيزُ، فقد فصَّل ببن الإِسراء والمِعْرَاجِ، فَذَكَرَ الأوَّلَ في سورة بني إسرائيل، والثاني في سورة النجم، وقد مرَّ.

42 - باب المعراج

ولكنا نعني من العلم ههنا ما يكون مبدأ للانكشاف، بمعنى العلم التفصيلي، ويقربه العرض، ومن لا يراعي الفروق بين الألفاظ، ويضع أحدها مكان الآخر، فيقع في الخلط، والغلط، ألا ترى إلى قوله تعالى: {ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ} فكان عرضًا، وقال تعالا: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} فكان هذا تعليمًا، فالعرض آخر، والتعليم آخر، قد قررناه من قبل. 42 - باب الْمِعْرَاجِ 3887 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ - رضى الله عنهما - أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ «بَيْنَمَا أَنَا فِى الْحَطِيمِ - وَرُبَّمَا قَالَ فِى الْحِجْرِ - مُضْطَجِعًا، إِذْ أَتَانِى آتٍ فَقَدَّ - قَالَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فَشَقَّ - مَا بَيْنَ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ - فَقُلْتُ لِلْجَارُودِ وَهْوَ إِلَى جَنْبِى مَا يَعْنِى بِهِ قَالَ مِنْ ثُغْرَةِ نَحْرِهِ إِلَى شِعْرَتِهِ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ مِنْ قَصِّهِ إِلَى شِعْرَتِهِ - فَاسْتَخْرَجَ قَلْبِى، ثُمَّ أُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءَةٍ إِيمَانًا، فَغُسِلَ قَلْبِى ثُمَّ حُشِىَ، ثُمَّ أُوتِيتُ بِدَابَّةٍ دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ أَبْيَضَ». - فَقَالَ لَهُ الْجَارُودُ هُوَ الْبُرَاقُ يَا أَبَا حَمْزَةَ قَالَ أَنَسٌ نَعَمْ، يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ - «فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ بِى جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِىءُ جَاءَ فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ، فَإِذَا فِيهَا آدَمُ، فَقَالَ هَذَا أَبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلاَمَ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالاِبْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِىِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِىءُ جَاءَ. فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ، إِذَا يَحْيَى وَعِيسَى، وَهُمَا ابْنَا الْخَالَةِ قَالَ هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا. فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا، ثُمَّ قَالاَ مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِىِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ بِى إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِىءُ جَاءَ. فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يُوسُفُ. قَالَ هَذَا يُوسُفُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ، ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِىِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِى حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِىءُ جَاءَ. فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِلَى إِدْرِيسَ قَالَ هَذَا إِدْرِيسُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِىِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ بِى حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِىءُ جَاءَ. فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا هَارُونُ قَالَ هَذَا هَارُونُ

فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِىِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ بِى حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ السَّادِسَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ مَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. قَالَ مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِىءُ جَاءَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ، فَإِذَا مُوسَى قَالَ هَذَا مُوسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِىِّ الصَّالِحِ. فَلَمَّا تَجَاوَزْتُ بَكَى، قِيلَ لَهُ مَا يُبْكِيكَ قَالَ أَبْكِى لأَنَّ غُلاَمًا بُعِثَ بَعْدِى، يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مَنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِى. ثُمَّ صَعِدَ بِى إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. قَالَ نَعَمْ. قَالَ مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِىءُ جَاءَ فَلَمَّا خَلَصْتُ، فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. قَالَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلاَمَ قَالَ مَرْحَبًا بِالاِبْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِىِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ رُفِعَتْ لِى سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا نَبِقُهَا مِثْلُ قِلاَلِ هَجَرَ، وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ قَالَ هَذِهِ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ، وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ. فَقُلْتُ مَا هَذَانِ يَا جِبْرِيلُ قَالَ أَمَّا الْبَاطِنَانِ، فَنَهَرَانِ فِى الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ. ثُمَّ رُفِعَ لِى الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ هِىَ الْفِطْرَةُ أَنْتَ عَلَيْهَا وَأُمَّتُكَ. ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَىَّ الصَّلَوَاتُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ. فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ بِمَا أُمِرْتَ قَالَ أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّى وَاللَّهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ. فَرَجَعْتُ، فَوَضَعَ عَنِّى عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّى عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّى عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ بِمَا أُمِرْتَ قُلْتُ أُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّى قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ. قَالَ سَأَلْتُ رَبِّى حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، وَلَكِنْ أَرْضَى وَأُسَلِّمُ - قَالَ - فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَى مُنَادٍ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِى وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِى». أطرافه 3207، 3393، 3430 - تحفة 11202 - 69/ 5 3888 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فِى قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60] قَالَ هِىَ رُؤْيَا عَيْنٍ، أُرِيَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. قَالَ {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} [الإسراء: 60] قَالَ هِىَ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ. طرفاه 4716، 6613 - تحفة 6167

قوله: (ثغر) هو ملتقى الأضلاع من الفوق، وهو القص، والشعرة الطرف الآخر، حيث ينبت الشعر. قوله: (فلما خلصت، إذا يحيى، وعيسى) إلخ، وقد ظن -لعين القاديان- أن المسيح، عليه الصلاة والسلام، لو كان حيًا، لأخبره بحياته في ليلة المعراج، مع أنه لم يتكلم بحرف، قلت: بلى، وقد تكلم به، وأخبره، كما عند ابن ماجه (¬1). قوله: (نهران باطنان، ونهران ظاهران)، أن الظاهران فقد تسلسلت مبادئهما من ههنا، إلى هناك، حتى ظهرا على وجه الأرض، وأما الباطنان فبقيا في عالم الغيب، ولم يظهرا في عالم الشهادة، وقد مر منا أنه من باب إطلاق اسم الشيء على مبادئه، وذلك كثير في الطب، والمنطق، كالتعجب، فالنيل في مصر، والفرات في بغداد، إلا أن هذين الاسمين أطلقا على مبدأيهما في عالم الغيب أيضًا، فلو كان لأحد عينان يبصران الغيب، لاطلعتا عليهما (¬2). قوله: (هي رؤيا عين أريها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة أسري به) واعلم أنه لا لفظ في لغة العرب لمشاهدة أشياء الغيب في عالم الشهادة يقظة، فاستعاروا لها لفظ الرؤيا، لكونه أقرب (¬3)؛ ورأيت في التوراة كثيرًا إطلاق هذا اللفظ في مشاهدات الأنبياء عليهم السلام في اليقظة، حيث يكون فيه أن حزقيل عليه السلام مر بنهر مرة، ورأى رؤيا، مع أن رؤياه تلك لم تكن إلا في اليقظة، فتنبهت من ههنا على أن الرؤيا تطلق على مشاهدات الأنبياء عليهم السلام في اليقظة أيضًا، وقد أشار إليه الحافظ في "الفتح" أيضًا، وهذا على نحو الكشف عند الصوفية، فإن الكشف هو الوضوح لغة، لكن عندهم هو رؤية الأمور الغائبة بالباصرة يقظة، وليس لها لفظ في اللغة أيضًا، فاستعاروا لها لفظ الكشف. ¬

_ (¬1) قلتُ: أخرج في باب: فتنة الدَّجال، وخروج عيسى ابن مريم، وخروج يأجوج ومأجوج، عن عبد الله بن مسعود، في قصة الإِسراء، قال: "لما كان ليلة أُسْرِيَ برسول الله صلى الله عليه وسلم، لَقِيَ إبراهيمَ وموسى وعيسى، فَتَذَاكَرُوا السَّاعَةَ. فَبَدَأُوا بإِبراهيم، فسأَلوه عنها، فلم يَكُنْ عنده منها عِلْمٌ. ثم سَأَلُوا موسى، فلم يَكُنْ عنده منها عِلْمْ. فَرُدَّ الحديثُ إلى عيسى ابن مريم، فقال: قد عُهِدَ إليَّ فيما دون وَجْبَتِها، فأمَّا وَجْبَتُها فلا يَعْلَمُهَا إلَّا الله. فَذَكَرَ خروجَ الدَّجَّال، قال: فَأَنْزِلُ فَأَقْتُلُهُ. فَيَرْجِعُ الناسُ إلى بلادهم، فيستقبلهم يَأْجُوجُ ومَأجُوجُ، وهم من كلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُون، فلا يَمُرونَ بماءٍ إلَّا شَرِبُوه، ولا بشيءٍ إلَّا أَفْسَدُوه. فَيَجْأَرُونَ إلى الله، فَأَدْعُو اللهَ أن يُمِيتَهم. فَتَنْتُنُ الأرضُ من ريحهم. فَيَجْأرُونَ إلى الله، فأدْعُو اللهَ، فَيُرْسِلُ السماءَ بالماءِ، فَيَحْمِلُهُم فَيُلْقِيهِم في البحر. ثُمَّ تُنْسَفُ الجبالُ، وتَمُدُّ الأرضُ مَدَّ الأدِيم ......... كانتِ الساعةُ من الناس، كالحامل التي لا يَدْرِي أهلُها متى تَفْجَؤهم بِوِلاَدَتِها" ... إلخ. (¬2) قلتُ: ومن ههنا انْدَفَعَ ما تعسر على الشارحين. فقال الطِيبيُّ: النيل، والفرات يَخْرُجَان من أصلها -سدرة المُنْتَهَى- ثم يَسِيرَان حيث أراد الله تعالى، ثم يَخْرُجَان من الأرض ويَسِيرَان فيها. وهذا لا يَمْنَعُهُ شرعٌ، ولا عقلٌ، وهو ظاهرُ الحديث. اهـ. وأَبْعَدَ القاضي حيث قال: وهذا يَدُلُّ على أن أصلَ السِّدْرَةِ في الأرض، لخروج النيل والفرات من أصلها. قال العينيُّ: لا يَلْزَمُ من خروجهما من أصلهما أن يكون أصلها في الأرض، اهـ "عمدة القاري". (¬3) وقد مرَّ الكلامُ فيه في الجزء الأول من هذا التقرير، فراجعه من الهامش، ولا بُدَّ.

43 - باب وفود الأنصار إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - بمكة، وبيعة العقبة

قوله: (والشجرة الملعونة) وإنما قرن ذكرها بالمعراج لكونها مطعنة (¬1) عند الكفار، كالمعراج. 43 - باب وُفُودُ الأَنْصَارِ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَكَّةَ، وَبَيْعَةُ الْعَقَبَةِ 3889 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ - وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ حِينَ عَمِىَ - قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ. بِطُولِهِ، قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ فِى حَدِيثِهِ وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإِسْلاَمِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِى بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ، أَذْكَرَ فِى النَّاسِ مِنْهَا. أطرافه 2757، 2947، 2948، 2949، 2950، 3088، 3556، 3951، 4418، 4673، 4676، 4677، 4678، 6255، 6690، 7225 - تحفة 11131 - 70/ 5 3890 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ كَانَ عَمْرٌو يَقُولُ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ شَهِدَ بِى خَالاَىَ الْعَقَبَةَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ أَحَدُهُمَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ. طرفه 3891 - تحفة 2540 3891 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ عَطَاءٌ قَالَ جَابِرٌ أَنَا وَأَبِى وَخَالِى مِنْ أَصْحَابِ الْعَقَبَةِ. طرفه 3890 تحفة 2461 3892 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ - مِنَ الَّذِينَ شَهِدُوا بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمِنْ أَصْحَابِهِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ «تَعَالَوْا بَايِعُونِى عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَزْنُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ، وَلاَ تَأْتُونَ بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلاَ تَعْصُونِى فِى مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فِى الدُّنْيَا فَهْوَ لَهُ كَفَّارَةٌ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ». قَالَ فَبَايَعْتُهُ عَلَى ذَلِكَ. أطرافه 18، 3893، 3999، 4894، 6784، 6801، 6873، 7055، 7199، 7213، 7468 - تحفة 5094 3893 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنِ الصُّنَابِحِىِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ إِنِّى مِنَ النُّقَبَاءِ الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لاَ نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلاَ نَسْرِقَ، وَلاَ نَزْنِىَ، وَلاَ نَقْتُلَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ، وَلاَ نَنْتَهِبَ، وَلاَ نَعْصِىَ بِالْجَنَّةِ إِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ، فَإِنْ غَشِينَا مِنْ ¬

_ (¬1) نقل في "العمدة" أنهم قالوا: كيف يُسْرَى به إلى بيت المقدس في ليلةٍ واحدةٍ؟ وقالوا في الشجرة: كيف تكون في النار، ولا تَأكُلُها النار، اهـ.

44 - باب تزويج النبى - صلى الله عليه وسلم - عائشة، وقدومها المدينة، وبناؤه بها

ذَلِكَ شَيْئًا كَانَ قَضَاءُ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ. أطرافه 18، 3892، 3999، 4894، 6784، 6801، 6873، 7055، 7199، 7213، 7468 تحفة 5100 44 - باب تَزْوِيجُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَائِشَةَ، وَقُدُومُهَا الْمَدِينَةَ، وَبِنَاؤُهُ بِهَا 3894 - حَدَّثَنِى فَرْوَةُ بْنُ أَبِى الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ تَزَوَّجَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِى بَنِى الْحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ، فَوُعِكْتُ فَتَمَرَّقَ شَعَرِى فَوَفَى جُمَيْمَةً، فَأَتَتْنِى أُمِّى أُمُّ رُومَانَ وَإِنِّى لَفِى أُرْجُوحَةٍ وَمَعِى صَوَاحِبُ لِى، فَصَرَخَتْ بِى فَأَتَيْتُهَا لاَ أَدْرِى مَا تُرِيدُ بِى فَأَخَذَتْ بِيَدِى حَتَّى أَوْقَفَتْنِى عَلَى بَابِ الدَّارِ، وَإِنِّى لأَنْهَجُ، حَتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِى، ثُمَّ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ وَجْهِى وَرَأْسِى ثُمَّ أَدْخَلَتْنِى الدَّارَ فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِى الْبَيْتِ فَقُلْنَ عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ. فَأَسْلَمَتْنِى إِلَيْهِنَّ فَأَصْلَحْنَ مِنْ شَأْنِى، فَلَمْ يَرُعْنِى إِلاَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضُحًى، فَأَسْلَمَتْنِى إِلَيْهِ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ. أطرافه 3896، 5133، 5134، 5156، 5158، 5160 - تحفة 17106 - 71/ 5 3895 - حَدَّثَنَا مُعَلًّى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهَا «أُرِيتُكِ فِى الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ، أَرَى أَنَّكِ فِى سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ وَيَقُولُ هَذِهِ امْرَأَتُكَ فَاكْشِفْ عَنْهَا فَإِذَا هِىَ أَنْتِ فَأَقُولُ إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ». أطرافه 5078، 5125، 7011، 7012 - تحفة 17291 3896 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ مَخْرَجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْمَدِينَةِ بِثَلاَثِ سِنِينَ، فَلَبِثَ سَنَتَيْنِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، وَنَكَحَ عَائِشَةَ وَهْىَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، ثُمَّ بَنَى بِهَا وَهْىَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ. أطرافه 3894، 5133، 5134، 5156، 5158، 5160 - تحفة 16809 قوله: (مرق شعرى) "بال نكل كئى تهى". قوله: (فوفى جميمة) "تهورى بال هو كئى تهى". قوله: (أرجوحة): "جهولا ساسمجهو". 45 - باب هِجْرَةُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ». وَقَالَ أَبُو مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «رَأَيْتُ فِى الْمَنَامِ أَنِّى أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهَلِى إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ، فَإِذَا هِىَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ». 3897 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ

يَقُولُ عُدْنَا خَبَّابًا فَقَالَ هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى، لَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ نَمِرَةً، فَكُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلاَهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نُغَطِّىَ رَأْسَهُ، وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ شَيْئًا مِنْ إِذْخِرٍ. وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهْوَ يَهْدِبُهَا. أطرافه 1276، 3913، 3914، 4047، 4082، 6432، 6448 - تحفة 3514 - 72/ 5 3898 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - هُوَ ابْنُ زَيْدٍ - عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -». أطرافه 1، 54، 2529، 5070، 6689، 6953 - تحفة 10612 3899 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِىُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِىُّ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِى لُبَابَةَ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ الْمَكِّىِّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ يَقُولُ لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ. أطرافه 4309، 4310، 4311 - تحفة 7392 أ 3900 - وَحَدَّثَنِى الأَوْزَاعِىُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ قَالَ زُرْتُ عَائِشَةَ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِىِّ فَسَأَلْنَاهَا عَنِ الْهِجْرَةِ فَقَالَتْ لاَ هِجْرَةَ الْيَوْمَ، كَانَ الْمُؤْمِنُونَ يَفِرُّ أَحَدُهُمْ بِدِينِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مَخَافَةَ أَنْ يُفْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ الإِسْلاَمَ، وَالْيَوْمَ يَعْبُدُ رَبَّهُ حَيْثُ شَاءَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ. طرفاه 3080، 4312 - تحفة 17382 3901 - حَدَّثَنِى زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ هِشَامٌ فَأَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ سَعْدًا قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَىَّ أَنْ أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ - صلى الله عليه وسلم - وَأَخْرَجُوهُ، اللَّهُمَّ فَإِنِّى أَظُنُّ أَنَّكَ قَدْ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ. وَقَالَ أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ أَخْبَرَتْنِى عَائِشَةُ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا نَبِيَّكَ وَأَخْرَجُوهُ مِنْ قُرَيْشٍ. أطرافه 463، 2813، 4117، 4122 - تحفة 16978 3902 - حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَرْبَعِينَ سَنَةً، فَمَكُثَ بِمَكَّةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً يُوحَى إِلَيْهِ، ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ فَهَاجَرَ عَشْرَ سِنِينَ، وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ. أطرافه 3851، 3903، 4465، 4979 - تحفة 6227 - 73/ 5 3903 - حَدَّثَنِى مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَكَّةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ، وَتُوُفِّىَ وَهْوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ. أطرافه 3851، 3902، 4465، 4979 - تحفة 6300 3904 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عُبَيْدٍ - يَعْنِى ابْنَ حُنَيْنٍ - عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ، وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ». فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا. فَعَجِبْنَا لَهُ، وَقَالَ النَّاسُ انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ، يُخْبِرُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ وَهْوَ يَقُولُ فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ الْمُخَيَّرَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ أَعْلَمَنَا بِهِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَىَّ فِى صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً مِنْ أُمَّتِى لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، إِلاَّ خُلَّةَ الإِسْلاَمِ، لاَ يَبْقَيَنَّ فِى الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلاَّ خَوْخَةُ أَبِى بَكْرٍ». طرفاه 466، 3654 - تحفة 4145 3905 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَىَّ قَطُّ إِلاَّ وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلاَّ يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَرَفَىِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِىَ الْمُسْلِمُونُ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا نَحْوَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، حَتَّى بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ وَهْوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ. فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَخْرَجَنِى قَوْمِى، فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِى الأَرْضِ وَأَعْبُدَ رَبِّى. قَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ فَإِنَّ مِثْلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ لاَ يَخْرُجُ وَلاَ يُخْرَجُ، إِنَّكَ تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِى الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، فَأَنَا لَكَ جَارٌ، ارْجِعْ وَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبَلَدِكَ. فَرَجَعَ وَارْتَحَلَ مَعَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ، فَطَافَ ابْنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً فِى أَشْرَافِ قُرَيْشٍ، فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لاَ يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلاَ يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلاً يَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الْكَلَّ، وَيَقْرِى الضَّيْفَ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ فَلَمْ تُكَذِّبْ قُرَيْشٌ بِجِوَارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وَقَالُوا لاِبْنِ الدَّغِنَةِ مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِى دَارِهِ، فَلْيُصَلِّ فِيهَا وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ، وَلاَ يُؤْذِينَا بِذَلِكَ، وَلاَ يَسْتَعْلِنْ بِهِ، فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا. فَقَالَ ذَلِكَ ابْنُ الدَّغِنَةِ لأَبِى بَكْرٍ، فَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ بِذَلِكَ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِى دَارِهِ، وَلاَ يَسْتَعْلِنُ بِصَلاَتِهِ، وَلاَ يَقْرَأُ فِى غَيْرِ دَارِهِ، ثُمَّ بَدَا لأَبِى بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ وَكَانَ يُصَلِّى فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَنْقَذِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، وَهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ، وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلاً بَكَّاءً، لاَ يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ، وَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ. فَقَالُوا إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ بِجِوَارِكَ، عَلَى أَنْ يَعْبُدَ

رَبَّهُ فِى دَارِهِ، فَقَدْ جَاوَزَ ذَلِكَ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، فَأَعْلَنَ بِالصَّلاَةِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهِ، وَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا فَانْهَهُ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِى دَارِهِ فَعَلَ، وَإِنْ أَبَى إِلاَّ أَنْ يُعْلِنَ بِذَلِكَ فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ، فَإِنَّا قَدْ كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لأَبِى بَكْرٍ الاِسْتِعْلاَنَ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ إِلَى أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ قَدْ عَلِمْتَ الَّذِى عَاقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ تَرْجِعَ إِلَىَّ ذِمَّتِى، فَإِنِّى لاَ أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّى أُخْفِرْتُ فِى رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَإِنِّى أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلْمُسْلِمِينَ «إِنِّى أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لاَبَتَيْنِ». وَهُمَا الْحَرَّتَانِ، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ، وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ قِبَلَ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَى رِسْلِكَ، فَإِنِّى أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِى». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَهَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِى أَنْتَ قَالَ «نَعَمْ». فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ وَهْوَ الْخَبَطُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَبَيْنَمَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ فِى بَيْتِ أَبِى بَكْرٍ فِى نَحْرِ الظَّهِيرَةِ قَالَ قَائِلٌ لأَبِى بَكْرٍ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُتَقَنِّعًا - فِى سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِدَاءٌ لَهُ أَبِى وَأُمِّى، وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِهِ فِى هَذِهِ السَّاعَةِ إِلاَّ أَمْرٌ. قَالَتْ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَأْذَنَ، فَأُذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى بَكْرٍ «أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَإِنِّى قَدْ أُذِنَ لِى فِى الْخُرُوجِ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّحَابَةُ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «نَعَمْ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَخُذْ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَى رَاحِلَتَىَّ هَاتَيْنِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بِالثَّمَنِ». قَالَتْ عَائِشَةُ فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الْجَهَازِ، وَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِى جِرَابٍ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِى بَكْرٍ قِطْعَةً مَنْ نِطَاقِهَا فَرَبَطَتْ بِهِ عَلَى فَمِ الْجِرَابِ، فَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقِ - قَالَتْ - ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِى جَبَلِ ثَوْرٍ فَكَمَنَا فِيهِ ثَلاَثَ لَيَالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ وَهْوَ غُلاَمٌ شَابٌّ ثَقِفٌ لَقِنٌ، فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ، فَلاَ يَسْمَعُ أَمْرًا يُكْتَادَانِ بِهِ إِلاَّ وَعَاهُ، حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلاَمُ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ، فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ يَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ، فَيَبِيتَانِ فِى رِسْلٍ وَهْوَ لَبَنُ مِنْحَتِهِمَا وَرَضِيفِهِمَا، حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِى كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِى الثَّلاَثِ، وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلاً مِنْ بَنِى الدِّيلِ، وَهْوَ مِنْ بَنِى عَبْدِ بْنِ عَدِىٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا - وَالْخِرِّيتُ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ - قَدْ غَمَسَ حِلْفًا فِى آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِىِّ، وَهْوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَأَمِنَاهُ، فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا،

وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاَثِ لَيَالٍ بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلاَثٍ، وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ فَأَخَذَ بِهِمْ طَرِيقَ السَّوَاحِلِ. أطرافه 476، 2138، 2263، 2264، 2297، 4093، 5807، 6079 تحفة 16552 - 76/ 5 3906 - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكٍ الْمُدْلِجِىُّ - وَهْوَ ابْنُ أَخِى سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ - أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمٍ يَقُولُ جَاءَنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَجْعَلُونَ فِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، مَنْ قَتَلَهُ أَوْ أَسَرَهُ، فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ فِى مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ قَوْمِى بَنِى مُدْلِجٍ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ جُلُوسٌ، فَقَالَ يَا سُرَاقَةُ، إِنِّى قَدْ رَأَيْتُ آنِفًا أَسْوِدَةً بِالسَّاحِلِ - أُرَاهَا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ. قَالَ سُرَاقَةُ فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ هُمْ، فَقُلْتُ لَهُ إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِهِمْ، وَلَكِنَّكَ رَأَيْتَ فُلاَنًا وَفُلاَنًا انْطَلَقُوا بِأَعْيُنِنَا. ثُمَّ لَبِثْتُ فِى الْمَجْلِسِ سَاعَةً، ثُمَّ قُمْتُ فَدَخَلْتُ فَأَمَرْتُ جَارِيَتِى أَنْ تَخْرُجَ بِفَرَسِى وَهْىَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ فَتَحْبِسَهَا عَلَىَّ، وَأَخَذْتُ رُمْحِى، فَخَرَجْتُ بِهِ مِنْ ظَهْرِ الْبَيْتِ، فَحَطَطْتُ بِزُجِّهِ الأَرْضَ، وَخَفَضْتُ عَالِيَهُ حَتَّى أَتَيْتُ فَرَسِى فَرَكِبْتُهَا، فَرَفَعْتُهَا تُقَرَّبُ بِى حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُمْ، فَعَثَرَتْ بِى فَرَسِى، فَخَرَرْتُ عَنْهَا فَقُمْتُ، فَأَهْوَيْتُ يَدِى إِلَى كِنَانَتِى فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الأَزْلاَمَ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا أَضُرُّهُمْ أَمْ لاَ فَخَرَجَ الَّذِى أَكْرَهُ، فَرَكِبْتُ فَرَسِى، وَعَصَيْتُ الأَزْلاَمَ، تُقَرِّبُ بِى حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ لاَ يَلْتَفِتُ، وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ الاِلْتِفَاتَ سَاخَتْ يَدَا فَرَسِى فِى الأَرْضِ حَتَّى بَلَغَتَا الرُّكْبَتَيْنِ، فَخَرَرْتُ عَنْهَا ثُمَّ زَجَرْتُهَا فَنَهَضَتْ، فَلَمْ تَكَدْ تُخْرِجُ يَدَيْهَا، فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً، إِذَا لأَثَرِ يَدَيْهَا عُثَانٌ سَاطِعٌ فِى السَّمَاءِ مِثْلُ الدُّخَانِ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِالأَزْلاَمِ، فَخَرَجَ الَّذِى أَكْرَهُ، فَنَادَيْتُهُمْ بِالأَمَانِ فَوَقَفُوا، فَرَكِبْتُ فَرَسِى حَتَّى جِئْتُهُمْ، وَوَقَعَ فِى نَفْسِى حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ مِنَ الْحَبْسِ عَنْهُمْ أَنْ سَيَظْهَرُ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُوا فِيكَ الدِّيَةَ. وَأَخْبَرْتُهُمْ أَخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمِ الزَّادَ وَالْمَتَاعَ، فَلَمْ يَرْزَآنِى وَلَمْ يَسْأَلاَنِى إِلاَّ أَنْ قَالَ أَخْفِ عَنَّا. فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِى كِتَابَ أَمْنٍ، فَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ، فَكَتَبَ فِى رُقْعَةٍ مِنْ أَدِيمٍ، ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَقِىَ الزُّبَيْرَ فِى رَكْبٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا تِجَارًا قَافِلِينَ مِنَ الشَّأْمِ، فَكَسَا الزُّبَيْرُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَا بَكْرٍ ثِيَابَ بَيَاضٍ، وَسَمِعَ الْمُسْلِمُونَ بِالْمَدِينَةِ مَخْرَجَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَكَّةَ، فَكَانُوا يَغْدُونَ كُلَّ غَدَاةٍ إِلَى الْحَرَّةِ فَيَنْتَظِرُونَهُ، حَتَّى يَرُدَّهُمْ حَرُّ الظَّهِيرَةِ، فَانْقَلَبُوا يَوْمًا بَعْدَ مَا أَطَالُوا انْتِظَارَهُمْ، فَلَمَّا أَوَوْا إِلَى بُيُوتِهِمْ، أَوْفَى رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِهِمْ لأَمْرٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَبَصُرَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ مُبَيَّضِينَ يَزُولُ بِهِمُ السَّرَابُ، فَلَمْ يَمْلِكِ الْيَهُودِىُّ أَنْ قَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا مَعَاشِرَ الْعَرَبِ هَذَا جَدُّكُمُ الَّذِى تَنْتَظِرُونَ. فَثَارَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى السِّلاَحِ، فَتَلَقَّوْا

رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِظَهْرِ الْحَرَّةِ، فَعَدَلَ بِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ فِى بَنِى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَذَلِكَ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّاسِ، وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَامِتًا، فَطَفِقَ مَنْ جَاءَ مِنَ الأَنْصَارِ مِمَّنْ لَمْ يَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحَيِّى أَبَا بَكْرٍ، حَتَّى أَصَابَتِ الشَّمْسُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى ظَلَّلَ عَلَيْهِ بِرِدَائِهِ، فَعَرَفَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ، فَلَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَنِى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً وَأُسِّسَ الْمَسْجِدُ الَّذِى أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، وَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَسَارَ يَمْشِى مَعَهُ النَّاسُ حَتَّى بَرَكَتْ عِنْدَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ، وَهْوَ يُصَلِّى فِيهِ يَوْمَئِذٍ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ مِرْبَدًا لِلتَّمْرِ لِسُهَيْلٍ وَسَهْلٍ غُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِى حَجْرِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ «هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْمَنْزِلُ». ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْغُلاَمَيْنِ، فَسَاوَمَهُمَا بِالْمِرْبَدِ لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا، فَقَالاَ لاَ بَلْ نَهَبُهُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ بَنَاهُ مَسْجِدًا، وَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْقُلُ مَعَهُمُ اللَّبِنَ فِى بُنْيَانِهِ، وَيَقُولُ وَهُوَ يَنْقُلُ اللَّبِنَ «هَذَا الْحِمَالُ لاَ حِمَالَ خَيْبَرْ ... هَذَا أَبَرُّ رَبَّنَا وَأَطْهَرْ». وَيَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنَّ الأَجْرَ أَجْرُ الآخِرَهْ ... فَارْحَمِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ». فَتَمَثَّلَ بِشِعْرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُسَمَّ لِى. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَلَمْ يَبْلُغْنَا فِى الأَحَادِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَمَثَّلَ بِبَيْتِ شِعْرٍ تَامٍّ غَيْرِ هَذَا الْبَيْتِ. تحفة 3816 - 78/ 5 3907 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ وَفَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ رضى الله عنها صَنَعْتُ سُفْرَةً لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ حِينَ أَرَادَا الْمَدِينَةَ، فَقُلْتُ لأَبِى مَا أَجِدُ شَيْئًا أَرْبُطُهُ إِلاَّ نِطَاقِى. قَالَ فَشُقِّيهِ. فَفَعَلْتُ، فَسُمِّيتُ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ. وقال ابن عباس: "أسماءُ ذات النَّطاق" طرفاه 2979، 5388 - تحفة 15752، 15730، 6629 أ 3908 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا أَقْبَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْمَدِينَةِ تَبِعَهُ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَدَعَا عَلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَاخَتْ بِهِ فَرَسُهُ. قَالَ ادْعُ اللَّهَ لِى وَلاَ أَضُرُّكَ. فَدَعَا لَهُ. قَالَ فَعَطِشَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمَرَّ بِرَاعٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذْتُ قَدَحًا فَحَلَبْتُ فِيهِ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، فَأَتَيْتُهُ فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ. أطرافه 2439، 3615، 3652، 3917، 5607 - تحفة 6587، 1881 3909 - حَدَّثَنِى زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَتْ فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ،

فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلْتُ بِقُبَاءٍ، فَوَلَدْتُهُ بِقُبَاءٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَضَعْتُهُ فِى حَجْرِهِ، ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ، فَمَضَغَهَا، ثُمَّ تَفَلَ فِى فِيهِ، فَكَانَ أَوَّلَ شَىْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ حَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ ثُمَّ دَعَا لَهُ وَبَرَّكَ عَلَيْهِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِى الإِسْلاَمِ. تَابَعَهُ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا هَاجَرَتْ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْىَ حُبْلَى. طرفه 5469 - تحفة 15727 - 79/ 5 3910 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِى الإِسْلاَمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَتَوْا بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخَذَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - تَمْرَةً فَلاَكَهَا ثُمَّ أَدْخَلَهَا فِى فِيهِ، فَأَوَّلُ مَا دَخَلَ بَطْنَهُ رِيقُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 16827 3911 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَقْبَلَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْمَدِينَةِ وَهْوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ شَيْخٌ يُعْرَفُ، وَنَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَابٌّ لاَ يُعْرَفُ، قَالَ فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ يَا أَبَا بَكْرٍ، مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِى بَيْنَ يَدَيْكَ فَيَقُولُ هَذَا الرَّجُلُ يَهْدِينِى السَّبِيلَ. قَالَ فَيَحْسِبُ الْحَاسِبُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِى الطَّرِيقَ، وَإِنَّمَا يَعْنِى سَبِيلَ الْخَيْرِ، فَالْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ، فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ لَحِقَهُمْ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا فَارِسٌ قَدْ لَحِقَ بِنَا. فَالْتَفَتَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ». فَصَرَعَهُ الْفَرَسُ، ثُمَّ قَامَتْ تُحَمْحِمُ فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ مُرْنِى بِمَا شِئْتَ. قَالَ «فَقِفْ مَكَانَكَ، لاَ تَتْرُكَنَّ أَحَدًا يَلْحَقُ بِنَا». قَالَ فَكَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ جَاهِدًا عَلَى نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَانَ آخِرَ النَّهَارِ مَسْلَحَةً لَهُ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَانِبَ الْحَرَّةِ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى الأَنْصَارِ، فَجَاءُوا إِلَى نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمُوا عَلَيْهِمَا، وَقَالُوا ارْكَبَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ. فَرَكِبَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ، وَحَفُّوا دُونَهُمَا بِالسِّلاَحِ، فَقِيلَ فِى الْمَدِينَةِ جَاءَ نَبِىُّ اللَّهِ، جَاءَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَشْرَفُوا يَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ جَاءَ نَبِىُّ اللَّهِ، جَاءَ نَبِىُّ اللَّهِ. فَأَقْبَلَ يَسِيرُ حَتَّى نَزَلَ جَانِبَ دَارِ أَبِى أَيُّوبَ، فَإِنَّهُ لَيُحَدِّثُ أَهْلَهُ، إِذْ سَمِعَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ وَهْوَ فِى نَخْلٍ لأَهْلِهِ يَخْتَرِفُ لَهُمْ، فَعَجِلَ أَنْ يَضَعَ الَّذِى يَخْتَرِفُ لَهُمْ فِيهَا، فَجَاءَ وَهْىَ مَعَهُ، فَسَمِعَ مِنْ نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَىُّ بُيُوتِ أَهْلِنَا أَقْرَبُ». فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ أَنَا يَا نَبِىَّ اللَّهِ، هَذِهِ دَارِى، وَهَذَا بَابِى. قَالَ «فَانْطَلِقْ فَهَيِّئْ لَنَا مَقِيلاً». قَالَ قُومَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ. فَلَمَّا جَاءَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّكَ جِئْتَ بِحَقٍّ، وَقَدْ عَلِمَتْ يَهُودُ أَنِّى سَيِّدُهُمْ وَابْنُ سَيِّدِهِمْ، وَأَعْلَمُهُمْ وَابْنُ أَعْلَمِهِمْ، فَادْعُهُمْ فَاسْأَلْهُمْ عَنِّى قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا أَنِّى قَدْ أَسْلَمْتُ، فَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا أَنِّى قَدْ أَسْلَمْتُ قَالُوا فِىَّ مَا لَيْسَ فِىَّ. فَأَرْسَلَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَقْبَلُوا فَدَخَلُوا عَلَيْهِ. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، وَيْلَكُمُ اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَاللَّهِ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، وَأَنِّى جِئْتُكُمْ بِحَقٍّ فَأَسْلِمُوا».

قَالُوا مَا نَعْلَمُهُ. قَالُوا لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَهَا ثَلاَثَ مِرَارٍ. قَالَ «فَأَىُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ». قَالُوا ذَاكَ سَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا، وَأَعْلَمُنَا وَابْنُ أَعْلَمِنَا. قَالَ «أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ». قَالُوا حَاشَا لِلَّهِ، مَا كَانَ لِيُسْلِمَ، قَالَ «أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ». قَالُوا حَاشَا لِلَّهِ، مَا كَانَ لِيُسْلِمَ. قَالَ «يَا ابْنَ سَلاَمٍ، اخْرُجْ عَلَيْهِمْ». فَخَرَجَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَاللَّهِ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّهُ جَاءَ بِحَقٍّ. فَقَالُوا كَذَبْتَ. فَأَخْرَجَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3329، 3938، 4480 - تحفة 1049 - 80/ 5 قوله: (لا نهج) "سانس بهولا هواتها". قوله: (ثقف لقن) "زيرك اورسمجهدار". قوله: (رضيف) "وه كجا دوده جسمين بتهر كرم كركى دالدياجاوى تاكه او سكى رطوبت جاتى رهى". قوله: (أمناه) "أو سبر اعتماد كيا كه دغانه ديكا". قوله: (فكسى الزبير رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبا بكر ثياب بيض) إلخ، لأن أبا بكر كان له صهرًا من ابن الزبير وأما النبي - صلى الله عليه وسلم - فكانت منه أخوة. قوله: (يزول بهم السراب) فإن السراب قد يلمع، وقد يغيب عن البصر، وهو كناية عن البعد. قوله: (بضعة عشر ليلة) وهو الصواب، وسيجيء ما يوهم خلافه. قوله: (مربدًا) "كهجور كاكهليان". قوله: (حتى ابتاعه منهما) فإن قلت: كيف هذا الابتياع مع عدم إجازة الولي بالبيع، فراجع له الفقه. قوله: (هذا لحمال) إلخ، يعنى "يه بو جهه خيبر كى بوجهه نهين بلكه اوس سى أبر وأطهر هين". واعلم أن المسجد النبوي قد بني مرتين في عهده - صلى الله عليه وسلم -: الأولى هذه، والثانية بعد ما فتح خيبر، لأن السقف كان من جريد النخل، فاحتاج إلى إصلاحه. قوله: (وأنا متم) "يعنى حمل كى مدت بورى هو جكى تهى"، وإنما سر المسلمون بولادة عبد الله بن الزبير، لأن اليهود كانوا أرجفوا بأنهم سحروا المسلمين، فلا يولد لهم، وينقطع نسلهم. قوله: (ونبي الله - صلى الله عليه وسلم - شاب لا يعرف) مع أنه كان أسن من أبي بكر بسنتين، وعدة أشهر، وهي مدة خلافته، وهدا الفصل كان بين أبو بكر، وعمر. قوله: (مسلحة له) أي يدفع عنه الناس. قوله (حتى نزل جانب دار أبي أيوب) اختصر في بيانه الراوي اختصارًا مخلًا، فإنه يوهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نزل بداره أولًا، مع أنه لم يدخل المدينة، وذهب أولًا إلى قباء، ومكث بها عدة أيام، ثم رجع إلى المدينة، كما مر في الصفحة السابقة مفصلًا. واعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام بقباء أربعة عشر يومًا، كما مر عند البخاري ص 560، وما ذكر في سيرة محمد بن إسحاق أنه أقام أربعة أيام، فهو سهو، ومنشأه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل قباء يوم الثلاثاء،

وخرج إلى المدينة يوم الجمعة، فعد الجمعة من تلك الأسبوع، وليس كذلك، فإن قلت: إن الحساب، لا يستقم على تقدير إرادة الجمعة أيضًا، فإن الثلاثاء إلى الثلاثاء ثمانية، والأربعاء والخميس، والجمعة ثلاثة، فتلك أحد عشر يومًا، فلم يحصل أربعة عشر المذكورة في البخاري، قلت: أما خروجه - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة، فلم يكن بنية الإقامة، ولكنه أراد أن يدخل البلد، ويجمع بهم، ثم انصرف إلى قباء، وخرج يوم الثلاثاء بنية الإقامة، فتلك أربعة عشر، أو خمسة عشرة يومًا. 3912 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ يَعْنِى عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضى الله عنه قَالَ كَانَ فَرَضَ لِلْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ فِى أَرْبَعَةٍ، وَفَرَضَ لاِبْنِ عُمَرَ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَخَمْسَمِائَةٍ فَقِيلَ لَهُ هُوَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَلِمَ نَقَصْتَهُ مِنْ أَرْبَعَةِ آلاَفٍ فَقَالَ إِنَّمَا هَاجَرَ بِهِ أَبَوَاهُ. يَقُولُ لَيْسَ هُوَ كَمَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ. تحفة 10563، 10650 - 81/ 5 3913 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1276، 3897، 3914، 4047، 4082، 6432، 6448 - تحفة 3514 3914 - وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ شَقِيقَ بْنَ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا خَبَّابٌ قَالَ هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَبْتَغِى وَجْهَ اللَّهِ، وَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ فَلَمْ نَجِدْ شَيْئًا نُكَفِّنُهُ فِيهِ، إِلاَّ نَمِرَةً كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلاَهُ، فَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نُغْطِىَ رَأْسَهُ بِهَا، وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنْ إِذْخِرٍ، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهْوَ يَهْدِبُهَا. أطرافه 1276، 3897، 3913، 4047، 4082، 6432، 6448 - تحفة 3514 3915 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىُّ قَالَ قَالَ لِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ هَلْ تَدْرِى مَا قَالَ أَبِى لأَبِيكَ قَالَ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَإِنَّ أَبِى قَالَ لأَبِيكَ يَا أَبَا مُوسَى، هَلْ يَسُرُّكَ إِسْلاَمُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهِجْرَتُنَا مَعَهُ، وَجِهَادُنَا مَعَهُ، وَعَمَلُنَا كُلُّهُ مَعَهُ، بَرَدَ لَنَا، وَأَنَّ كُلَّ عَمَلٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدَهُ نَجَوْنَا مِنْهُ كَفَافًا رَأْسًا بِرَأْسٍ فَقَالَ أَبِى لاَ وَاللَّهِ، قَدْ جَاهَدْنَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَصَلَّيْنَا، وَصُمْنَا، وَعَمِلْنَا خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَسْلَمَ عَلَى أَيْدِينَا بَشَرٌ كَثِيرٌ، وَإِنَّا لَنَرْجُو ذَلِكَ. فَقَالَ أَبِى لَكِنِّى أَنَا وَالَّذِى نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ بَرَدَ لَنَا، وَأَنَّ كُلَّ شَىْءٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدُ نَجَوْنَا مِنْهُ كَفَافًا رَأْسًا بِرَأْسٍ. فَقُلْتُ إِنَّ أَبَاكَ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَبِى. تحفة 10575 3916 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ - أَوْ بَلَغَنِى عَنْهُ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - إِذَا قِيلَ لَهُ هَاجَرَ قَبْلَ أَبِيهِ يَغْضَبُ، قَالَ وَقَدِمْتُ أَنَا وَعُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَجَدْنَاهُ قَائِلاً فَرَجَعْنَا إِلَى الْمَنْزِلِ، فَأَرْسَلَنِى عُمَرُ وَقَالَ اذْهَبْ فَانْظُرْ هَلِ اسْتَيْقَظَ فَأَتَيْتُهُ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَبَايَعْتُهُ، ثُمَّ

انْطَلَقْتُ إِلَى عُمَرَ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ، فَانْطَلَقْنَا إِلَيْهِ نُهَرْوِلُ هَرْوَلَةً حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ فَبَايَعَهُ ثُمَّ بَايَعْتُهُ. طرفاه 4186، 4187 - تحفة 7299 - 82/ 5 3917 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يُحَدِّثُ قَالَ ابْتَاعَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ عَازِبٍ رَحْلاً فَحَمَلْتُهُ مَعَهُ قَالَ فَسَأَلَهُ عَازِبٌ عَنْ مَسِيرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أُخِذَ عَلَيْنَا بِالرَّصَدِ، فَخَرَجْنَا لَيْلاً، فَأَحْثَثْنَا لَيْلَتَنَا وَيَوْمَنَا حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، ثُمَّ رُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ، فَأَتَيْنَاهَا وَلَهَا شَىْءٌ مِنْ ظِلٍّ قَالَ فَفَرَشْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرْوَةً مَعِى، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَيْهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَانْطَلَقْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلَهُ، فَإِذَا أَنَا بِرَاعٍ قَدْ أَقْبَلَ فِى غُنَيْمَةٍ يُرِيدُ مِنَ الصَّخْرَةِ مِثْلَ الَّذِى أَرَدْنَا فَسَأَلْتُهُ لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلاَمُ فَقَالَ أَنَا لِفُلاَنٍ. فَقُلْتُ لَهُ هَلْ فِى غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ لَهُ هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ قَالَ نَعَمْ. فَأَخَذَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ فَقُلْتُ لَهُ انْفُضِ الضَّرْعَ. قَالَ فَحَلَبَ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَمَعِى إِدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ عَلَيْهَا خِرْقَةٌ قَدْ رَوَّأْتُهَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى رَضِيتُ، ثُمَّ ارْتَحَلْنَا وَالطَّلَبُ فِى إِثْرِنَا. أطرافه 2439، 3615، 3652، 3908، 5607 - تحفة 6587 3918 - قَالَ الْبَرَاءُ فَدَخَلْتُ مَعَ أَبِى بَكْرٍ عَلَى أَهْلِهِ، فَإِذَا عَائِشَةُ ابْنَتُهُ مُضْطَجِعَةٌ، قَدْ أَصَابَتْهَا حُمَّى، فَرَأَيْتُ أَبَاهَا فَقَبَّلَ خَدَّهَا، وَقَالَ كَيْفَ أَنْتِ يَا بُنَيَّةُ تحفة 6588 3919 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِى عَبْلَةَ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ وَسَّاجٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَنَسٍ خَادِمِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَيْسَ فِى أَصْحَابِهِ أَشْمَطُ غَيْرَ أَبِى بَكْرٍ، فَغَلَفَهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. طرفه 3920 - تحفة 1096 3920 - وَقَالَ دُحَيْمٌ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنِى أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ وَسَّاجٍ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، فَكَانَ أَسَنَّ أَصْحَابِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَغَلَفَهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ حَتَّى قَنَأَ لَوْنُهَا. طرفه 3919 - تحفة 1096 - 83/ 5 3921 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ كَلْبٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ بَكْرٍ، فَلَمَّا هَاجَرَ أَبُو بَكْرٍ طَلَّقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا، هَذَا الشَّاعِرُ الَّذِى قَالَ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ، رَثَى كُفَّارَ قُرَيْشٍ * وَمَاذَا بِالقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ ... مِنَ الشِّيزَى تُزَيَّنُ بِالسَّنَامِ * وَمَاذَا بِالقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ ... مِنَ القَينَاتِ وَالشَّرْبِ الكِرَامِ * تُحَيِّي بِالسَّلاَمَةِ أُمُّ بِكْرٍ ... وَهَل لِي بَعْدَ قَوْمِي مِنْ سَلاَمِ

* يُحَدِّثُنَا الرَّسُولُ بِأَنْ سَنَحْيَا ... وَكَيفَ حَيَاةُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ تحفة 16719، 6636 3922 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْغَارِ فَرَفَعْتُ رَأْسِى، فَإِذَا أَنَا بِأَقْدَامِ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ بَعْضَهُمْ طَأْطَأَ بَصَرَهُ رَآنَا. قَالَ «اسْكُتْ يَا أَبَا بَكْرٍ، اثْنَانِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا». طرفاه 3653، 4663 - تحفة 6583 3923 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ عَنِ الْهِجْرَةِ فَقَالَ «وَيْحَكَ إِنَّ الْهِجْرَةَ شَأْنُهَا شَدِيدٌ، فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَتُعْطِى صَدَقَتَهَا». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَهَلْ تَمْنَحُ مِنْهَا». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَتَحْلُبُهَا يَوْمَ وُرُودِهَا». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا». أطرافه 1452، 2633، 6165 - تحفة 4153 3912 - قوله: (أَرْبَعَةَ آلافٍ في أَرْبَعَةٍ)، يعني: "جار هزار مها جرين كيلئى جار قسطون مين". 3915 - قوله: (بَرَدَ لَنَا): "مراد بج رهناهى جيساكه سنارلوهى كو كرم كركى بانى مين دالتا هي بهر جواس؟ مين سى كياوه كيا باقى بج رهتا هى". 3916 - قوله: (ثم بَايَعْتُه) ذَكَرَ الراوي آنفًا أنه بَايَعَهُ أوَّلًا، وههنا يقول: إنه بَايَعَهُ بعده. والصوابُ هو الأوَّلُ، فإنه قد أَتَى به هناك أتمَّ. ويَدُلُّ على بيعته أوَّلًا، لأنه بصدد رفع غلطٍ وَقَعَ فيه الناس، وبيان منشئه، ولا يَتِمُّ إلاَّ إذا كانت بيعتُهُ أوَّلًا. 3917 - قوله: (أُخِذَ عَلَيْنَا بالرَّصَدِ): "بهر الكاركهاتها قريش نى". 3917 - قوله: (قَدْ رَوَّأْتُهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم): "مين نى اوسكوتيار كر ركهاتها". 3919 - قوله: (فَغَلَفَهَا بالحِنَّاءِ والكَتَمِ) وسَهَا صاحبُ «مجمع البحار» في ترجمة الكَتَم بالنِّيلِ، فإن النيل بالحِنَّاء يَصِيرُ أسودَ حالكًا، بل هو نبتٌ، أو بَذْرٌ يُجْلَبُ من اليمن، يكون خُضَابُه أحمر. نعم الكَلْف، والوَسِمَة: النِّيل. 3921 - قوله: (ومَاذَا بالقَلِيبِ)، قَلِيبِ بَدْرٍ، مِنَ الشِّيزَى، تَزَيَّنُ بالسَّنَام، "مقام بدركى كنوين كومين كيا كهون كه اوس نى همين درخت شيزى كى اول سيبنيون سبى محروم كرديا جو كبهى كوهان شتركى كوشت سى ميزن هوا كرتى تهين". 3921 - قوله: (ومَاذَا بالقَلِيبِ، قَلِيبِ بَدْرٍ، من القَيْنَاتِ، والشَّرْبِ الكِرَامِ)، "اوراسى طرح كانى والى باند يو نسى اور معزز باده نوشون سى".

46 - باب مقدم النبى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه المدينة

قوله: (تُحَيِّي بالسَّلاَمَةِ، أُمُّ بَكْرٍ، وهَلْ لي بَعْدَ قَوْمِي من سَلاَمِ؟) "أم بكر تو مجهى سلامتى كى دعائين ديتى هي". "مكر ميرى قوم كى بربادى كى بعد بهلاميرى سلامتي كهان". قوله: (يُحَدِّثُنَا الرَّسُولُ بِأَنْ سَنَحْيَا، وكَيْفَ حَيَاةُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ؟) "يه رسول همين دوبارى زند كى كايقين دلاتاهي حالا نكه الو نبجا نيكى بعد بهر زنده انسان هونا كيسى ممكن هي". 46 - باب مَقْدَمِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ الْمَدِينَةَ 3924 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ سَمِعَ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - قَالَ أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَبِلاَلٌ رضى الله عنهم. تحفة 1879 - 84/ 5 3925 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَكَانَا يُقْرِئَانِ النَّاسَ، فَقَدِمَ بِلاَلٌ وَسَعْدٌ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، ثُمَّ قَدِمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِى عِشْرِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَىْءٍ فَرَحَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، حَتَّى جَعَلَ الإِمَاءُ يَقُلْنَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمَا قَدِمَ حَتَّى قَرَأْتُ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} [الأعلى: 1] فِى سُوَرٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ. تحفة 1879 3926 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلاَلٌ - قَالَتْ - فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا فَقُلْتُ يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ وَيَا بِلاَلُ، كَيْفَ تَجِدُكَ قَالَتْ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ * كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِى أَهْلِهِ ... وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ وَكَانَ بِلاَلٌ إِذَا أَقْلَعَ عَنْهُ الْحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ وَيَقُولُ * أَلاَ لَيْتَ شِعْرِى هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِى إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ * وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ ... وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِى شَامَةٌ وَطَفِيلُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَصَحِّحْهَا وَبَارِكْ لَنَا فِى صَاعِهَا وَمُدِّهَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ». أطرافه 1889، 5654، 5677، 6372 - تحفة 17158، 2049 ب 3927 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِىٍّ أَخْبَرَهُ دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ. وَقَالَ

بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنِى أَبِى عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِىِّ بْنِ خِيَارٍ أَخْبَرَهُ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ، وَكُنْتُ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَآمَنَ بِمَا بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ هَاجَرْتُ هِجْرَتَيْنِ، وَنِلْتُ صِهْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَبَايَعْتُهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلاَ غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ. تَابَعَهُ إِسْحَاقُ الْكَلْبِىُّ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ مِثْلَهُ. طرفاه 3696، 3872 - تحفة 9826 - 85/ 5 3928 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ. وَأَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ وَهْوَ بِمِنًى، فِى آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ، فَوَجَدَنِى، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ، وَإِنِّى أَرَى أَنْ تُمْهِلَ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ، فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ، وَتَخْلُصَ لأَهْلِ الْفِقْهِ وَأَشْرَافِ النَّاسِ وَذَوِى رَأْيِهِمْ. قَالَ عُمَرُ لأَقُومَنَّ فِى أَوَّلِ مَقَامٍ أَقُومُهُ بِالْمَدِينَةِ. أطرافه 2462، 3445، 4021، 6829، 6830، 7323 - تحفة 10508 3929 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ أُمَّ الْعَلاَءِ - امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِمْ بَايَعَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ طَارَ لَهُمْ فِى السُّكْنَى حِينَ اقْتَرَعَتِ الأَنْصَارُ عَلَى سُكْنَى الْمُهَاجِرِينَ، قَالَتْ أُمُّ الْعَلاَءِ فَاشْتَكَى عُثْمَانُ عِنْدَنَا، فَمَرَّضْتُهُ حَتَّى تُوُفِّىَ، وَجَعَلْنَاهُ فِى أَثْوَابِهِ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، شَهَادَتِى عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ». قَالَتْ قُلْتُ لاَ أَدْرِى بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنْ قَالَ «أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ وَاللَّهِ الْيَقِينُ، وَاللَّهِ إِنِّى لأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ، وَمَا أَدْرِى وَاللَّهِ وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِى». قَالَتْ فَوَاللَّهِ لاَ أُزَكِّى أَحَدًا بَعْدَهُ قَالَتْ فَأَحْزَنَنِى ذَلِكَ فَنِمْتُ فَأُرِيتُ لِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ عَيْنًا تَجْرِى، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ. فَقَالَ «ذَلِكَ عَمَلُهُ». أطرافه 1243، 2687، 7003، 7004، 7018 - تحفة 18338 - 86/ 5 3930 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ يَوْمُ بُعَاثٍ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ وَقَدِ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ، وَقُتِلَتْ سَرَاتُهُمْ فِى دُخُولِهِمْ فِى الإِسْلاَمِ. طرفاه 3777، 3846 - تحفة 16825 3931 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَهَا يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحًى، وَعِنْدَهَا قَيْنَتَانِ {تُغَنِّيَانِ} بِمَا تَقَاذَفَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ مَرَّتَيْنِ. فَقَالَ

47 - باب إقامة المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه

النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَإِنَّ عِيدَنَا هَذَا الْيَوْمُ». أطرافه 949، 952، 987، 2907، 3530 - تحفة 16955 3932 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ. وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى يُحَدِّثُ حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ الضُّبَعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، نَزَلَ فِى عُلْوِ الْمَدِينَةِ فِى حَىٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ - قَالَ - فَأَقَامَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مَلإِ بَنِى النَّجَّارِ - قَالَ - فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِى سُيُوفِهِمْ، قَالَ وَكَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفَهُ، وَمَلأُ بَنِى النَّجَّارِ حَوْلَهُ حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِى أَيُّوبَ، قَالَ فَكَانَ يُصَلِّى حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ، وَيُصَلِّى فِى مَرَابِضِ الْغَنَمِ، قَالَ ثُمَّ إِنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَلإِ بَنِى النَّجَّارِ، فَجَاءُوا فَقَالَ «يَا بَنِى النَّجَّارِ، ثَامِنُونِى حَائِطَكُمْ هَذَا». فَقَالُوا لاَ، وَاللَّهِ لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلاَّ إِلَى اللَّهِ. قَالَ فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ كَانَتْ فِيهِ قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَتْ فِيهِ خِرَبٌ، وَكَانَ فِيهِ نَخْلٌ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، وَبِالْخِرَبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، قَالَ فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ - قَالَ - وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ حِجَارَةً. قَالَ قَالَ جَعَلُوا يَنْقُلُونَ ذَاكَ الصَّخْرَ وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُمْ يَقُولُونَ "اللَّهُمَّ إِنَّهُ لاَ خَيْرَ إِلاَّ خَيْرُ الآخِرَهْ ... فَانْصُرِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ". أطرافه 234، 428، 429، 1868، 2106، 2771، 2774، 2779 تحفة 1691 - 87/ 5 47 - باب (¬1) إِقَامَةِ الْمُهَاجِرِ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ 3933 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ الزُّهْرِىِّ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُ السَّائِبَ ابْنَ أُخْتِ النَّمِرِ مَا سَمِعْتَ فِى سُكْنَى مَكَّةَ قَالَ سَمِعْتُ الْعَلاَءَ بْنَ الْحَضْرَمِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ثَلاَثٌ لِلْمُهَاجِرِ بَعْدَ الصَّدَرِ». تحفة 11008 ¬

_ (¬1) قال النووي: معنى هذا الحديث: أن الذين هَاجَرُوا يَحْرُم عليهم استيطان مكَّة. وحَكَى عِيَاضُ أنه قولُ الجمهور. قال: وأجَازَهُ لهم جماعةٌ بعد الفتح، فَحَمَلُوا هذا القول على الزمن الذي كانت الهجرةُ المذكورةُ واجبةً فيه. قال: واتفق الجميعُ على أن الهجرةَ قبل الفتح كانت واجبةً عليهم، وأن سُكنَى المدينة كان واجبًا لنصرة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومواساته بالنفس. وأمَّا غيرُ المهاجرين، فيجوز له سُكْنَى أي بلدٍ أراد، سواء مكة وغيرها بالاتفاق. اهـ: "عمدة القاري". وراجع تمام الكلام منه. وإنَّما أرَدْتُ به التنبيه على كون السُّكْنَى واجبةً بالمدينة في أول الإِسلام، كالهجرة من مكَّة. والله تعالى أعلم بالصواب. ثم اعلم أن المصنفَ العلَّام ترجم بعده "باب التاريخ"، وذَكَرَ فيه الشيخُ بدر الدين العيني أشياءَ مفيدةً جدًا، لا غُنى عنها. لا سيما في هذا العصر. فَرَاجِعْهُ من تلك الصفحة.

48 - باب التاريخ من أين أرخوا التاريخ

48 - باب التَّارِيخِ مِنْ أَيْنَ أَرَّخُوا التَّارِيخَ 3934 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ مَا عَدُّوا مِنْ مَبْعَثِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ مِنْ وَفَاتِهِ، مَا عَدُّوا إِلاَّ مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ. تحفة 4728 3935 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ فُرِضَتِ الصَّلاَةُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ هَاجَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا، وَتُرِكَتْ صَلاَةُ السَّفَرِ عَلَى الأُولَى. تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ. طرفاه 350، 1090 - تحفة 16650 49 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِى هِجْرَتَهُمْ» وَمَرْثِيَتِهِ لِمَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ. 3936 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ عَادَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ مَرَضٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَلَغَ بِى مِنَ الْوَجَعِ مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلاَ يَرِثُنِى إِلاَّ ابْنَةٌ لِى وَاحِدَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَىْ مَالِى قَالَ «لاَ». قَالَ فَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ قَالَ «الثُّلُثُ يَا سَعْدُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ ذُرِّيَّتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ». قَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ «أَنْ تَذَرَ ذُرِّيَّتَكَ، وَلَسْتَ بِنَافِقٍ نَفَقَةً تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ آجَرَكَ اللَّهُ بِهَا، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِى فِى امْرَأَتِكَ». قُلْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِى قَالَ «إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلاً تَبْتَغِى بِهِ وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفُ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ، وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِى هِجْرَتَهُمْ، وَلاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ يَرْثِى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُوُفِّىَ بِمَكَّةَ». وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ وَمُوسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ «أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ». أطرافه 56، 1295، 2742، 2744، 4409، 5354، 5659، 5668، 6373، 6733 - تحفة 3890 - 88/ 5 50 - باب كَيْفَ آخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَصْحَابِهِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: آخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنِى وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ. وَقَالَ أَبُو جُحَيْفَةَ: آخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِى الدَّرْدَاءِ. 3937 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله

51 - باب

عنه - قَالَ قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَآخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِىِّ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِى أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلَّنِى عَلَى السُّوقِ، فَرَبِحَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ، فَرَآهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَهْيَمْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ «فَمَا سُقْتَ فِيهَا». فَقَالَ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». أطرافه 2049، 2293، 3781، 5072، 5148، 5153، 5155، 5167، 6082، 6386 تحفة 675 51 - باب 3938 - حَدَّثَنِى حَامِدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ حَدَّثَنَا أَنَسٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلاَمٍ بَلَغَهُ مَقْدَمُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، فَأَتَاهُ يَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ، فَقَالَ إِنِّى سَائِلُكَ عَنْ ثَلاَثٍ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ نَبِىٌّ مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَمَا بَالُ الْوَلَدِ يَنْزِعُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ قَالَ «أَخْبَرَنِى بِهِ جِبْرِيلُ آنِفًا». قَالَ ابْنُ سَلاَمٍ ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ. قَالَ «أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُهُمْ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ، فَزِيَادَةُ كَبِدِ الْحُوتِ، وَأَمَّا الْوَلَدُ، فَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدَ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ نَزَعَتِ الْوَلَدَ». قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ، فَاسْأَلْهُمْ عَنِّى قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلاَمِى، فَجَاءَتِ الْيَهُودُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَىُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ فِيكُمْ». قَالُوا خَيْرُنَا وَابْنُ خَيْرِنَا وَأَفْضَلُنَا وَابْنُ أَفْضَلِنَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ». قَالُوا أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ. فَأَعَادَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. قَالُوا شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا. وَتَنَقَّصُوهُ. قَالَ هَذَا كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. أطرافه 3329، 3911، 4480 - تحفة 604، 5328 - 89/ 5 3939، 3940 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ أَبَا الْمِنْهَالِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُطْعِمٍ قَالَ بَاعَ شَرِيكٌ لِى دَرَاهِمَ فِى السُّوقِ نَسِيئَةً فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ أَيَصْلُحُ هَذَا فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَقَدْ بِعْتُهَا فِى السُّوقِ فَمَا عَابَهُ أَحَدٌ، فَسَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ فَقَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نَتَبَايَعُ هَذَا الْبَيْعَ، فَقَالَ «مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَمَا كَانَ نَسِيئَةً فَلاَ يَصْلُحُ». وَالْقَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ فَاسْأَلْهُ فَإِنَّهُ كَانَ أَعْظَمَنَا تِجَارَةً، فَسَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ فَقَالَ مِثْلَهُ. وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً فَقَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ وَنَحْنُ نَتَبَايَعُ، وَقَالَ نَسِيئَةً إِلَى الْمَوْسِمِ أَوِ الْحَجِّ.

52 - باب إتيان اليهود النبى - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة

52 - باب إِتْيَانِ الْيَهُودِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ {هَادُوا} [البقرة: 62] صَارُوا يَهُودَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ {هُدْنَا} [الأعراف: 156] تُبْنَا. هَائِدٌ تَائِبٌ. 3941 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا قُرَّةُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْ آمَنَ بِى عَشَرَةٌ مِنَ الْيَهُودِ لآمَنَ بِى الْيَهُودُ». تحفة 14499 3942 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ - أَوْ مُحَمَّدُ - بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْغُدَانِىُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَيْسٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ وَإِذَا أُنَاسٌ مِنَ الْيَهُودِ يُعَظِّمُونَ عَاشُورَاءَ وَيَصُومُونَهُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «نَحْنُ أَحَقُّ بِصَوْمِهِ». فَأَمَرَ بِصَوْمِهِ. طرفه 2005 - تحفة 9009 3943 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ وَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ، فَسُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِى أَظْفَرَ اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَبَنِى إِسْرَائِيلَ عَلَى فِرْعَوْنَ، وَنَحْنُ نَصُومُهُ تَعْظِيمًا لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ». ثُمَّ أَمَرَ بِصَوْمِهِ. أطرافه 2004، 3397، 4680، 4737 - تحفة 5450 - 90/ 5 3944 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسْدِلُ شَعْرَهُ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ، وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ رُءُوسَهُمْ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَىْءٍ، ثُمَّ فَرَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَأْسَهُ. طرفاه 3558، 5917 - تحفة 5836 3945 - حَدَّثَنِى زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ، جَزَّءُوهُ أَجْزَاءً، فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ. طرفاه 4705، 4706 - تحفة 5463 واعلم أن الإِقامةَ بمكَّةَ كانت حرامًا على من هَاجَرَ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فوق ثلاث، وكأنهم كانوا يَعُدّونها نقصًا في هجرتهم، ونقصًا لعملهم. 3941 - قوله: (لَوْ آمَنَ بي عَشَرَةٌ من اليَهُودِ، لآمَنَ بي اليَهُودُ) ظاهرُه مشكلٌ، فإنهم قد آمنوا به أضعافَ ذلك، ثم لم يُؤْمِنْ اليهودُ كلُّهم بالنبيِّ صلى الله عليه وسلّم وأجاب عنه الحافظُ، ولم يَنْجَحْ. قلتُ: وقد رُوِي فيه قيدٌ، وهو: «عشرةٌ من أَحْبَارِ اليهود»، فانحلَّ الإِشكالُ. وكثيرًا ما تكون القيودُ مذكورةً في موضعٍ، وتَسْقُطُ عن الرواية، فَيَحْدُثُ الإِشكال، ويُورِثُ الإِملال. وذلك لأنَّهم بصدد نقل القصة فقط على ما سَنَحَ لهم بدون

53 - باب إسلام سلمان الفارسى رضى الله عنه

مراعاة الأحكام. وكيف يُمْكِنُ نقل الأخبار برعاية الأحكام الفقهية. وكذا الزيادةُ والنقصانُ من الرواة، أمرٌ لم يَزَلْ منذ وُجِدَ العالم إلى يومنا هذا، فأيُّ بُعْدٍ في حدف قيدٍ؟ والناسُ إذا يمشون في عُرْفهم، لا يَسْتَبْعِدُون هذه الأمور، وإذا جاءوا في باب الأحاديث اسْتَنْكَرُوها. فينبغي أن لا يُقْطَعَ النظرُ عن الواقع، بل العلمُ هو الذي يُؤْخَذُ من الواقع، لا أن يُهَيَّأَ أولًا علمٌ من هذا الجانب. ويقطع النظر عن الواقع، فإنَّ ذلك لجهلًا. 53 - باب إِسْلاَمُ سَلْمَانَ الْفَارِسِىِّ رضى الله عنه 3946 - حَدَّثَنِى الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ أَبِى وَحَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِىِّ أَنَّهُ تَدَاوَلَهُ بِضْعَةَ عَشَرَ مِنْ رَبٍّ إِلَى رَبٍّ. تحفة 4497 3947 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَوْفٍ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ سَلْمَانَ - رضى الله عنه - يَقُولُ أَنَا مِنْ رَامَ هُرْمُزَ. تحفة 4499 3948 - حَدَّثَنِى الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ فَتْرَةٌ بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - سِتُّمِائَةِ سَنَةٍ. تحفة 4498 3948 - قوله: (قال: فَتْرَةٌ بَيْنَ عِيسَى ومحمَّدٍ صلى الله عليه وسلّم سِتُّ مائَةِ سَنَةٍ) ... إلخ. واعلم أن عمر سلمان كان ثلاث مئة وخمسين سنة، وقد أَدْرَكَ وصيُّ عيسى عليه الصلاة والسلام. وقد عَدَّ زمنَ الفَتْرَةِ ههنا ست مئة سنةٍ، والتحقيقُ أنها خمس مئة وخمسون سنةٍ. وهذا القدرُ من الفرق مما يُمْكِنُ أن يَقَعَ بين الحساب الشمسيِّ والقمريِّ. وإنما تعرَّض إلى زمان الفَتْرَةِ، ليقدِّر أن لقاءَه ممكنٌ من وصيِّه عليه الصَّلاة والسَّلام. ... تم الجزء الرابع من "فيض الباري على صحيح البخاري" ويليه -إن شاء الله تعالى- الجزء الخامس، وأوله: "كتاب المغازي"

64 - كتاب المغازي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 64 - كتاب المَغَازِي (¬1) 1 - باب غَزْوَةِ الْعُشَيْرَةِ أَوِ الْعُسَيْرَةِ وقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَوَّلُ مَا غَزَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الأَبْوَاءَ، ثُمَّ بُوَاطَ، ثُمَّ الْعُشَيْرَةَ. 3949 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ كُنْتُ إِلَى جَنْبِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، فَقِيلَ لَهُ كَمْ غَزَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ غَزْوَةٍ قَالَ تِسْعَ عَشْرَةَ. قِيلَ كَمْ غَزَوْتَ أَنْتَ مَعَهُ قَالَ سَبْعَ عَشْرَةَ. قُلْتُ فَأَيُّهُمْ كَانَتْ أَوَّلَ قَالَ الْعُسَيْرَةُ أَوِ الْعُشَيْرُ. فَذَكَرْتُ لِقَتَادَةَ فَقَالَ الْعُشَيْرُ. طرفاه 4404، 4471 - تحفة 3679 - 91/ 5 واعلم أن الغزوةَ: ما شهدها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بنفسه المباركة، وإلاَّ فهي سَرِيَّةٌ. ولا يَلْزَمُ فيها وقوعُ الحرب، بل يكفي الخروج لإِرادتها. ثم المرادُ (¬2) بالمغازي ههنا أعمُّ من أن ¬

_ (¬1) واعلم أن الشيخَ تكلَّم في "المغازي" بما يُنَاسِبُ شأن الدرس، وذكر أشياءَ تمشيةً للمقام فقط. ولم يُرِد الفصلَ فيما دار بينهم من الاختلاف في وجوهها وسنينها، فإن هذا أمرٌ قد فَرَغَ عنه أربابُها. وإنما عرَّج ههنا إلى بعض المباحث الحديثية، وكان عنده علمٌ من تلك الأشياء ما لو بسطها ودَخَلَ فيها، ما أتمَّهَا في سنين. وقد سَمِعْتُ منه مرَّةً قطعةً تاريخيةً حين جاءه بعضُ العلماء، وسَأَلَ عن بعض تلك الشؤون، فجعل يَسْرُدُ عليه ارتجالًا جملةَ ما قيل فيه وُيقَالُ حتى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وقُمْنَا إلى صلاة المغرب. وقد كان شَرَعَ فيها بعد صلاة العصر، فلم يَسْتَتِمَّها في تلك المدَّة. وهكذا سَمِعْتُ منه قطعاتٍ من التاريخ القديم والحديث، ما يتحيَّرُ منه الإِنسانُ. أمَّا شؤون السِّيَر، والمغازي، فتلك كانت فنَّهُ. ولقد سَبَرت أبناءَ الزمان أن همَّهم في ضبط الألفاظ، وبيان السنين أكثرُ من همِّهم باقتناص أغراض الشارع، والخوض في لُجَجِ الأحاديث، والوصول إلى مراده. نعم! إنما يهتمُّ بها من كان أراد أن يفتح بابًا من العمل، وإنما كُنْتُ أريد أن أُلَخِّصَ لك بعضَ أشياء من الروح، لتَعلَمَ أنه ليس مما يَفتَخِرُ به الإِنسانُ، وأيُّ افتخارٍ في نقل كلمات القوم. غير أنِّي عَرَفْتُ أنه لا يَلِيقُ بهذا المختصر، وَيطُولُ به الكتاب فوق ما كنت أَحْزرُه، مع أنه أمرٌ قد فُرغَ عنه. وقد ذَكَرَ بعضَه أصحابُ الحواشي أيضًا، ففيه كفايةٌ، فاعلمه. ثم إني سَلَكتُ مسلك الإِجمال في أحاديث من غير هذا الباب أيضًا، لأنِّي قد تكلَّمت عليها مرَّةٌ فيما مرَّ، فَسَئِمْت من التكرار على أن الإِنسانَ إذا بَلَغَ المنزلَ، أو كاد أن يَبلُغَ تَعِبَ. (¬2) هكذا ذكره الحافظ في "الفتح" ثم اعلم أنهم اختلفوا في عدد الغزوات والسَّرَايَا، وكذا في عدد الغزوات التي قاتل فيها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه اختلافًا شديدًا، وتعرَّض إليه الحافظُ، مع بيان وجه الجمع بينها، فراجعه.

2 - باب ذكر النبى - صلى الله عليه وسلم - من يقتل ببدر

يكونَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم شَهِدَهَا بنفسه الكريمة، أو كانت بجيشٍ من قِبَلِهِ فقط. وسواء كان إلى بلادهم، أو إلى الأماكن التي حلُّوها حتى دَخَلَ فيها، مثل: أحد، والخَنْدَق. ورُوِيَ عن أبي حنيفة: أن ما اشتمل على أربع مئة نفرٍ، فهو سَرِيَّةٌ، فإن زاد فهو جيشٌ. واخْتُلِفَ في عدد المغازي على أنحاءٍ، ولا تَنَاقُضَ فيه. فإن مفهومَ العدد غيرُ مُعْتَبَرٍ. نعم لا بُدَّ للتعرُّض إلى خصوص العدد من داعيةٍ. ثم اعلم أن محمدَ بن إسحاق من أئمة المغازي، وله سيرةٌ شهيرةٌ، إلاَّ أنها عزيزةٌ لا تُوجَدْ، وسيرةٌ لتلميذه ابن هِشَام، وهذه تُوجَدُ. 2 - باب ذِكْرُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ يُقْتَلُ بِبَدْرٍ 3950 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - حَدَّثَ عَنْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَنَّهُ قَالَ كَانَ صَدِيقًا لأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَكَانَ أُمَيَّةُ إِذَا مَرَّ بِالْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدٍ، وَكَانَ سَعْدٌ إِذَا مَرَّ بِمَكَّةَ نَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ انْطَلَقَ سَعْدٌ مُعْتَمِرًا، فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بِمَكَّةَ، فَقَالَ لأُمَيَّةَ انْظُرْ لِى سَاعَةَ خَلْوَةٍ لَعَلِّى أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ. فَخَرَجَ بِهِ قَرِيبًا مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ فَلَقِيَهُمَا أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ يَا أَبَا صَفْوَانَ، مَنْ هَذَا مَعَكَ فَقَالَ هَذَا سَعْدٌ. فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ أَلاَ أَرَاكَ تَطُوفُ بِمَكَّةَ آمِنًا، وَقَدْ أَوَيْتُمُ الصُّبَاةَ، وَزَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ تَنْصُرُونَهُمْ وَتُعِينُونَهُمْ، أَمَا وَاللَّهِ لَوْلاَ أَنَّكَ مَعَ أَبِى صَفْوَانَ مَا رَجَعْتَ إِلَى أَهْلِكَ سَالِمًا. فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ وَرَفَعَ صَوْتَهُ عَلَيْهِ أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ مَنَعْتَنِى هَذَا لأَمْنَعَنَّكَ مَا هُوَ أَشَدُّ عَلَيْكَ مِنْهُ طَرِيقَكَ عَلَى الْمَدِينَةِ. فَقَالَ لَهُ أُمَيَّةُ لاَ تَرْفَعْ صَوْتَكَ يَا سَعْدُ عَلَى أَبِى الْحَكَمِ سَيِّدِ أَهْلِ الْوَادِى. فَقَالَ سَعْدٌ دَعْنَا عَنْكَ يَا أُمَيَّةُ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ إِنَّهُمْ قَاتِلُوكَ. قَالَ بِمَكَّةَ قَالَ لاَ أَدْرِى. فَفَزِعَ لِذَلِكَ أُمَيَّةُ فَزَعًا شَدِيدًا، فَلَمَّا رَجَعَ أُمَيَّةُ إِلَى أَهْلِهِ قَالَ يَا أُمَّ صَفْوَانَ، أَلَمْ تَرَىْ مَا قَالَ لِى سَعْدٌ قَالَتْ وَمَا قَالَ لَكَ قَالَ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمْ قَاتِلِىَّ، فَقُلْتُ لَهُ بِمَكَّةَ قَالَ لاَ أَدْرِى. فَقَالَ أُمَيَّةُ وَاللَّهِ لاَ أَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ اسْتَنْفَرَ أَبُو جَهْلٍ النَّاسَ قَالَ أَدْرِكُوا عِيرَكُمْ. فَكَرِهَ أُمَيَّةُ أَنْ يَخْرُجَ، فَأَتَاهُ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ يَا أَبَا صَفْوَانَ، إِنَّكَ مَتَى مَا يَرَاكَ النَّاسُ قَدْ تَخَلَّفْتَ وَأَنْتَ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِى تَخَلَّفُوا مَعَكَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ أَبُو جَهْلٍ حَتَّى قَالَ أَمَّا إِذْ غَلَبْتَنِى، فَوَاللَّهِ لأَشْتَرِيَنَّ أَجْوَدَ بَعِيرٍ بِمَكَّةَ ثُمَّ قَالَ أُمَيَّةُ يَا أُمَّ صَفْوَانَ جَهِّزِينِى. فَقَالَتْ لَهُ يَا أَبَا صَفْوَانَ وَقَدْ نَسِيتَ مَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ الْيَثْرِبِىُّ قَالَ لاَ، مَا أُرِيدُ أَنْ أَجُوزَ مَعَهُمْ إِلاَّ قَرِيبًا. فَلَمَّا خَرَجَ أُمَيَّةُ أَخَذَ لاَ يَنْزِلُ مَنْزِلاً إِلاَّ عَقَلَ بَعِيرَهُ، فَلَمْ يَزَلْ بِذَلِكَ حَتَّى قَتَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِبَدْرٍ. طرفه 3632 - تحفة 9486، 4450 - 92/ 5

واعلم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان أَخْبَرَهُمْ (¬1) من قبلُ بأسماء من يُقْتَلُ فيها من الكفار، وحيث يُصْرَعُ، فوقع كما كان أَخْبَرَ به، حتَّى لم يَتَجَاوَزُوا عنه قيدَ شبرٍ. وكذلك أخبارُ الأنبياء تَحْكِي عن الواقع، ولا يتحمَّل فيها الخلاف بنحو شعر وشُعَيْرَة. نعم قد يجيء فيها الخبط من قبل الرواة. ومن ظَنَّ أن الثقاتِ براءٌ من الأغلاط، فلم يَسْلُكْ سبيلَ السداد. وإنما المعصومُ من عَصَمَهُ اللَّهُ، والجاهلُ لا يفرِّق بين أغلاط الرواة وبين أخبار الأنبياء عليهم السلام، فيحمل خبطَهم وأغلاطَهم على رقاب الرُّسُلِ عليهم الصلاة والسلام. ما أضلُّه، وأجهلُه. وهذا الذي يَقْتَحِمُه لعين القاديان، وذلك لأنه لمَّا يَرَى أكثرَ أخباره تتخلَّف عن الواقع، وتُخَالِفُهُ، ولا يستطيع أن يركِّبَ له عُذْرًا، جعل يَهْزَأُ بأخبار رسل الصدق، ويتتبع أغلاطهم. وأنَّى هي، فطاح سعيُه، وعاد عملُه رقمًا على الماء: {وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} [غافر: 25]. 3950 - قوله: (وقَدْ أَوَيْتُم الصُّبَاةَ) والصابيءُ لم يُسْتَعْمَلْ في القرآن إلاَّ مهموزًا، وفي الحديث بالنحوين: مَهْمُوزًا، وناقصًا. وخَفِي على كثيرٍ من المفسِّرين عقائدهم، حتى زَعَمَ ابن تَيْمِيَة: أن هؤلاء أيضًا كانوا على دينٍ سماويَ في زمانٍ، وليس كذلك. وإنما كان هؤلاء يتعبَّدون بالنجوم من النماردة، يَسْكُنُون العراق، ويتكلَّمُون بالكلدانية. ولم يُدْرِكْ حقيقةً مذهبهم غير الرجلين فيما أعلم: الأول أبو بكر الجصَّاص (¬2) في «أحكامه»، والثاني ابن النديم في كتاب «الفهرست». قوله: (أَدْرِكُوا عِيرَكُمْ) كان أبو سفيان والد الأمير معاوية يجيء بركبٍ من الشام إلى المدينة، فَبَلَغَ خبرُه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فأراد أن يُغِيرَ عليهم بعدَّةٍ من أصحابه. ولمَّا لم يَكُنْ من إرادته الغزو، لم يتأهَّب لهم، ولم يهتمَّ بشأنهم، وخَرَجَ إليهم كما هو، غير مهتمَ. فلمَّا بَلَغَ أبا سفيان خبرُه، عَدَلَ عن الطريق، وأخذ ساحل البحر، فنجى. وأنجى. ثم بلغت هذه القصة أهل مكة، فتأهَّب أبو جهلٍ للحرب بألف نفرٍ منهم، وخَرَجَ على أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فاجتمعت الفئتان في بدرٍ من غير مُوَاعدةٍ، ثم كان من أمرهما ما كان. قوله: (أَخَذَ لا يَنْزِلُ مَنْزِلًا إلاَّ عَقَلَ بَعِيرَهُ)، وأُمَيَّةُ، وإن كان كافرًا لا يُؤْمِنُ بأخباره صلى الله عليه وسلّم لكنه كان قد جرَّب أن ما يُخْبِرَ به صلى الله عليه وسلّم لا يكون إلاَّ حقًّا، فلمَّا سَمِعَ أنه قد أَخْبَرَ بِقَتْلِهِ، أخذ أمره من قبل، فاحْتَالَ لنفسه، بأن كان يَعْقِلُ بعيرَه قريبًا منه لِيَفِرَّ عند ¬

_ (¬1) أخرج مسلمُ من حديث أنس، عن عمر، قال: "إن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لَيُرِينَا مصارعَ أهل بدرٍ، يقول: هذا مصرع فلان غدًا إن شاء الله تعالى، ومصرع فلان، فوالذي بَعَثَهُ بالحقِّ ما أخطأوا تلك الحدود". اهـ. (¬2) قلتُ: وذكرنا نصَّ كتابيهما في أوَّل الكتاب، فراجعه.

3 - باب قصة غزوة بدر

الخطر. لكن أين كان يغنيه التدبير عن التقدير، فأتاه من حيث لم يَحْتَسِبْ. فلمَّا رأى انهزامَ الكفار، وأمرَهم مُدْبِرًا، رَكِبَ على بعيره، وأَصْحَبَ ابنه، وجعل يَهْرُب. فلمَّا رآه بلالُ، نادى الأنصار: إن هذا أُمَيَّةَ، إن نجا اليوم، فلا حياةَ لي، أي حياة طيِّبة، فلا أزال أتململ لتخلُّصه اليومَ من أيدي المسلمين. وكان أُمَيَّةُ قد آذى بلالًا شديدًا، فلمَّا سَمِعَ الأنصارُ تَعَاقَبُوه، فرمى أُمَيَّةُ ابنه لِيُشْغَلُوا في قتله حتَّى يَفِرَّ منهم، فلم يَلْبَثْ الصحابةُ حتَّى قتلوه، ثم تَعَاقَبُوهُ حتَّى أحاطوا بأُمَيَّةَ. فلمَّا رأى أنه قد أُحِيطَ به، رمى نفسَه من البعير. وكان عبد الرحمن بن عَوْف صديقه، فأراد أن يُنْقِذَهُ، فتجلَّله لئلا يَقْتُلُوه، فَأَبُوْا إلاَّ أن يَقْتُلُوه، فَطَعَنُوه من تحت عبد الرحمن (¬1) وقتلوه. فرحل إلى دار البوار، وصدق اللَّهُ تعالى رسولَه سيدَ الأبرار. فائدةٌ: ليس معنى قوله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ} ... إلخ [القمر: 17] أن كنهُهُ يَحْصُلُ لكلِّ من جلَّ وقلَّ، بل معنى يسَّره، أنه يَغْتَرِفُ منه كلُّ غليلٍ، ويَشْتَفِي منه كلُّ عليلٍ، فيهتدي منه كلُّ أحدٍ إلى ما يَرْضَى به ربُّهُ. وإلى ما يَسْخَطُ عنه، ولا يَحْتَاجُ في ذلك إلى كبير تنقيرٍ وتفكيرٍ. أمَّا معانيه الغامضةُ، ومزاياه الرائقةُ، ومراميه الناعمةُ، فقد انْقَصَمَتْ ظهورُ الفحول عن إدراكها، وعَجَزَتِ الأفكار عن التطواف حول حَرِيمها. 3 - باب قِصَّةُ غَزْوَةِ بَدْرٍ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (127)} [آل عمران: 123 - 127]. وَقَالَ وَحْشِىٌّ قَتَلَ حَمْزَةُ طُعَيْمَةَ بْنَ عَدِىِّ بْنِ الْخِيَارِ يَوْمَ بَدْرٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [الأنفال: 7] الآيَةَ. 3951 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةٍ غَزَاهَا إِلاَّ فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ ¬

_ (¬1) روى الحاكمُ في "المستدرك" أن رِفَاعة بن رافع طَعَنهُ بالسيف. وُيقَالُ: قتله بلال. وفي قاتله أقوالٌ أُخر، ذكرها الحافظُ. وأمَّا ابنُه عليُّ بن أُمَيَّة، فقتله عمَّارُ.

أَنِّى تَخَلَّفْتُ عَنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَمْ يُعَاتَبْ أَحَدٌ تَخَلَّفَ عَنْهَا، إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ، حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ. أطرافه 2757، 2947، 2948، 2949، 2950، 3088، 3556، 3889، 4418، 4673، 4676، 4677، 4678، 6255، 6690، 7225 - تحفة 11131 قوله: ({وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ})، أي قليلون، لا عندكم كثيرَ سلاحٍ، ولا مراكب. وكانت عِدَّتُهم ثلاث مئة، وبضعةَ عشر، على عِدَّة أصحاب طالوت عليه السلام، وإبراهيم عليه الصلاة والسلام حين خَرَجَ لإِنقاذ لوط عليه السلام من أيدي الكفار، وكانوا ذَهَبُوا به. وتلك تكونُ عِدَّةَ أصحابُ المهدي عليه السلام، وهو عددُ الرُّسُلِ. فاللَّهُ يدري ما السِّرُّ في هذا العدد. ثم إن في الآية إشكالًا، فإنه تعالى وَعَدَ في آيةٍ بإِمداد الألف، وبثلاثة آلاف في آيةٍ أخرى، وفي أخرى بخمسة آلاف. قلتُ: كان عِدَّةُ الكفار نحو ألف، فَأَرْجَفُوا أن كُرْزًا جاء بألفين، فَفَزِعَ الناسُ منه، فثبَّتهم (¬1) الله تعالى، وقال: {أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ} ... إلخ بالاستفهام، على نحو ما يجري في المخاطبات. وراجع الفرقَ بين صريح الخبر، والإِنشاء في صورة الخبر من شرح الشرح. فليس فيه وعدٌ، ولا إخبارٌ بإِنزالهم. ولمَّا لم يَجِىءْ كُرْز، لم يُحْتَجْ إلى إنزال ذلك العدد. ثم قال تعالى: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا} ... إلخ، فَوَعَدَهُمْ بإِنزال خمسة آلاف، وعلَّقه بشرط الصبر والتقوى، كيلا يَنبِّئَهم بما هو فاعلٌ. فالألفُ كانوا موعودين مطلقًا، وخمسةُ آلاف بشرط الصبر والتقوى، وثلاثة آلاف بشرط مجيء كُرْز. أو كان الأصلُ الإِمدادَ بخمسة آلاف، وإنَّما أخبرهم بها تدريجًا، لِيَفْرَحُوا به، وهو أيضًا سننُ بيانٍ، أي إلقاء المراد حصةً حصةً، كقوله صلى الله عليه وسلّم «أَلاَ تُحِبُّون أن تكونوا ثُلْثَ أهل الجنة، ثم قال: نصف أهل الجنة»، الحديث. تدرَّج فيه من قليلٍ إلى كثيرٍ لهذا. وهو المرادُ عندي من نسخ الخمسين إلى الخمس في الصلوات، على ما مرَّ تقريره. أمَّا إنهم كم نَزَلُوا، فاللَّهُ تعالى أعلمُ به، فَيُمْكِنُ أن يكونوا خمسة آلاف، تفضُّلًا منه. وإنما وعدهم بالألف بلا شرطٍ، لأنه كان ذلك عدد الكفار. والمصنِّفُ جَمَعَ تلك الآيات في ترجمةِ الباب إشارةً إلى أن كلَّها نزلت في بدرٍ. وقد تصدَّى المفسِّرون إلى وجه التوفيق بين وعد إمداد الألف، وثلاثة آلاف، وخمسة آلاف، فَذَكَرُوا وجوهًا. فَحَمَلَهُ بعضُهم على الغزواتِ المتعدِّدةِ، وجَعَلَهَا المصنِّفُ كلَّها في بدرٍ، وقد عَلِمْتَ ما عندي. قوله: ({مُسَوِّمِينَ}): "وردى بهنى هوى"، وذلك لإِلقاء الرُّعْب في قلوب الذين كَفَرُوا، فإنَّ للزيِّ الحسنِ تأثيرًا في إلقاء المهابة على العدو. ولذا كانوا في القديم إذا ¬

_ (¬1) كذا رواه ابن أبي حاتم بسندٍ صحيحٍ، كما في "الفتح".

4 - باب قول الله تعالى: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين

خَرَجُوا للحرب لَبِسُوا قُمُصَ الحرير، ولأنها أنفعُ وأحصنُ. ثم إن اللَّهَ تعالى، وإن كان يَعْلَمُ حالَ كُرْز أنه يجيء أو لا، وأن الملائكةَ تَنْزِلُ فيه ألفًا، أو خمسة آلاف، لكن تلك من سُنَّة الله: أنه قد يُخْفِي أمرًا، ولا يُظْهِرُهُ على رسله أيضًا لمصالح يَعْلَمُهَا. فَأَظْهَرَهُ بحيث يَذْهَبُ ذهنُ السامع كلَّ مذهبٍ، ولا يَقْطَعُ عن نفسه التردُّد. وهو معنى «لعل» في القرآن كما اختاره سيبويه، لا كما اختاره السيوطي: أنه في القرآٌّ لليقين. بل لأنَّ اللَّهَ تعالى لمَّا أراد أن لا يُخْبِرَنا على حقيقة الأمر، استعمل في كلامه ما يُسْتَعْمَلُ له في كلامنا، لأن القرآنَ لم يَنْفَكَّ في موضعٍ عن محاورات الناس، فكلُّهم حسب عرفهم. فليس موضعه: أن الله سبحانه لا يَعْلَمُهُ - والعياذ بالله - ولكنَّ اللَّهَ سبحانه يريد أن لا يَنْكَشِفَ علينا الأمرُ على جليته، فيؤدِّيه بنحوٍ يبقى فيه الإِبهام. قوله: (ولِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ)، واللام فيه بدل كي تتقدَّمُه الواو، وتكون الجملةُ بعدها معطوفةً على جملةٍ مقدَّرةٍ. وقد توجَّه إليها الزمخشريُّ في «الكشاف»، وذَكَرَ له الشاه عبد القادر فائدةً على طريق الضابطة في «فوائد» (¬1). قوله: (وقال وَحْشِيٌّ: قَتَلَ حَمْزَةُ) ... إلخ، ستجيء قصته في البخاريِّ. 4 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10) إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11) إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13)} [الأنفال: 9 - 13]. 3952 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مُخَارِقٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ شَهِدْتُ مِنَ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ مَشْهَدًا، لأَنْ أَكُونَ صَاحِبَهُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا عُدِلَ بِهِ، أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَدْعُو عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ لاَ نَقُولُ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى (اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ) وَلَكِنَّا نُقَاتِلُ عَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ وَبَيْنَ يَدَيْكَ وَخَلْفَكَ. فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَشْرَقَ وَجْهُهُ وَسَرَّهُ. يَعْنِى قَوْلَهُ. طرفه 4609 - تحفة 9318 ¬

_ (¬1) قلتُ: وهو تحتُ قوله تعالى: {وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} [الأنعام: 75] في قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام.

3953 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ بَدْرٍ «اللَّهُمَّ أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ». فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ فَقَالَ حَسْبُكَ. فَخَرَجَ وَهْوَ يَقُولُ {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)} [القمر: 45]. أطرافه 2915، 4875، 4877 - تحفة 6054 وفيه وعدٌ بالألف. وما ألطفُ كلامَ الزمخشريِّ. حيث قال: إن قوله: {مُرْدِفِينَ} يُشْعِرُ بكون الآخرين خلفهم أيضًا، فَيُمْكِنُ أن يكونَ الألف أمامهم، وألفان رِدْفَهُمْ. قوله: ({إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ}) ... إلخ، وكذلك النُّعَاسُ يُلْقَى عند الكيفيات الباطنية، كما كان يَطْرَأُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلّم عند نزول الوحي. ويُرْوَى أن عيسى عليه السلام أيضًا رُفِعَ في تلك الحالة (¬1). قوله: ({وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ}): أي وَسَاوِسَه. 3953 - قوله: (فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ. فَقَالَ: حَسْبُكَ) ... إلخ. وذلك (¬2) لأنَّ أبا بكرٍ لم يكن زعيمَ هذا الأمر، فلم يَذُقْ من همِّه ما كان يَذُوقُه صلى الله عليه وسلّم ولم يَفْزَعْ كفزعه، وجعل يُسَلِّيه. وإنَّما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم صاحبَ الواقعة، فجعل يُلِحُّ على ربِّه حتَّى بُشِّرَ بالنصر. وإنَّما خَشِيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم مع وعد النصر، لأن المتكلِّمَ قد تكون في كلامه شروطٌ وقيودٌ، ولا يُدْرِكُهَا المُخَاطَبُ. ومن طريق الخاشع أنه لا يتشجَّعُ نظرًا إلى تلك القيود. أَلاَ ترى إلى أصحاب بدرٍ كيف بُشِّرُوا بالجنة، ثم هل رأيت أحدًا منهم جَلَسَ مُطْمَئِنًا اعتمادًا على البِّشَارة. وهل نَسِيتَ ما جرى بين أبي موسى، وعمر من الكلام. فإن عمر رَضِي بأن تكونَ أعمالُه بعد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كَفَافًا، يَخْرُجُ عنها رأسًا برأس. فالمؤمنُ لا يَنْقَطِعُ عنه الخوفُ بحالٍ، وأمَّا الأنبياءُ عليهم السلام، فحالُهم أعلى وأرفعُ، وقد مرَّ تقريره ونظائره. ومن هذا الباب: كثرة ترداده صلى الله عليه وسلّم واضطرابه عند رؤية السحاب، مع كونه آمنًا من العذاب. فائدةٌ مهمةٌ: واعلم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم سمَّاه ربه أحمد، ولذا وقعت البِّشَارة بذلك ¬

_ (¬1) قلت: وكما أُلْقِي على الصحابة عند اختلافهم في غسل النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فكلَّمهم مكلِّم: أن غسِّلُوه في قميصه. رواه البيهقيُّ في "دلائل النبوة". وأخرجه في "المشكاة" في الفصل الثاني من باب الكرامات. (¬2) قال الخطَّابيُّ: لا يَجُوز أن يتوهم أحدٌ أن أبا بكرٍ كان أَوْثَقُ بربِّه من النبيِّ صلى الله عليه وسلم في تلك الحال، بل الحاملُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم على ذلك شفقته على أصحابه، وتقوية قلوبهم، لأنَّه كان أوَّلَ مشهدٍ شَهِدَهُ، فبالغ في التوجُّه، والدعاء، والابتهال، لِتَسْكُنَ نفوسهم عند ذلك، لأنَّهم كانوا يَعْلَمُون أن وسيلتهم مستجابةٌ. فلمَّا قال له أبو بكرٍ ما قال كَفَّ عن ذلك، وعَلِمَ أنه اسْتُجِيبَ له، لِمَا وَجَدَ أبو بكر في نفسه من القوة والطمأنينة. فلهذا عقَّب بقوله: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ} [القمر: 45]. اهـ ملخَّصًا. كذا في "الفتح". قلتُ: وما ذكره الشيخُ ألطفَ منه.

5 - باب

الاسم، وإليه أُشِيرَ في قوله تعالى: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6]، فأضاف لفظَ {اسْمُهُ} ولم يَقُلْ: ومبشِّرًا برسولٍ يأتي من بعدي أحمد، لِيَدُلَّ على أنه وإن اشتهر بين الناس بمحمدٍ، ولكن اسمه عند الله تعالى: أحمد. على نحو اسم يحيى عليه السلام، حيث سمَّاه به ربُّه، وكان يُدْعَى قبله: يوحنا، وكعيسى عليه الصلاة والسلام، حيث كان اسمُه بينهم: يَسُوع، أو أيشوع، فغيَّره إلى عيسى عليه الصلاة والسلام. فالمشهورُ عندهم من أسماء هذه الأنبياء عليهم السلام كان: يوحنا، ومحمد، وأيشوع، وهدى اللَّهُ سبحانه إلى أسمائهم، وعلَّمنا أنها: يحيى، وأحمد، وعيسى أيضًا، وأحمد وفارقليط بمعنى. ومن ههنا تبيَّن السِّرُّ في وجه البِّشَارة باسم أحمدغ دون محمد صلى الله عليه وسلّم. 5 - باب 3954 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْكَرِيمِ أَنَّهُ سَمِعَ مِقْسَمًا مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] عَنْ بَدْرٍ وَالْخَارِجُونَ إِلَى بَدْرٍ. طرفه 4595 - تحفة 6492 6 - باب عِدَّةِ أَصْحَابِ بَدْرٍ 3955 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ اسْتُصْغِرْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ. طرفه 3956 - تحفة 1880 3956 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا وَهْبٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ اسْتُصْغِرْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَوْمَ بَدْرٍ نَيِّفًا عَلَى سِتِّينَ، وَالأَنْصَارُ نَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ. طرفه 3955 - تحفة 1880 3957 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - يَقُولُ حَدَّثَنِى أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا أَنَّهُمْ كَانُوا عِدَّةَ أَصْحَابِ طَالُوتَ الَّذِينَ جَازُوا مَعَهُ النَّهَرَ، بِضْعَةَ عَشَرَ وَثَلاَثَمِائَةٍ. قَالَ الْبَرَاءُ لاَ وَاللَّهِ مَا جَاوَزَ مَعَهُ النَّهَرَ إِلاَّ مُؤْمِنٌ. طرفاه 3958، 3959 - تحفة 1841 - 94/ 5 3958 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ كُنَّا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - نَتَحَدَّثُ أَنَّ عِدَّةَ أَصْحَابِ بَدْرٍ عَلَى عِدَّةِ أَصْحَابِ طَالُوتَ الَّذِينَ جَاوَزُوا مَعَهُ النَّهَرَ، وَلَمْ يُجَاوِزْ مَعَهُ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، بِضْعَةَ عَشَرَ وَثَلاَثَمِائَةٍ. طرفاه 3957، 3959 - تحفة 1809 3959 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ.

7 - باب دعاء النبى - صلى الله عليه وسلم - على كفار قريش: شيبة وعتبة والوليد وأبى جهل بن هشام، وهلاكهم

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ أَصْحَابَ بَدْرٍ ثَلاَثُمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ، بِعِدَّةِ أَصْحَابِ طَالُوتَ الَّذِينَ جَاوَزُوا مَعَهُ النَّهَرَ، وَمَا جَاوَزَ مَعَهُ إِلاَّ مُؤْمِنٌ. طرفاه 3957، 3958 - تحفة 1851 7 - باب دُعَاءُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى كُفَّارِ قُرَيْشٍ: شَيْبَةَ وَعُتْبَةَ وَالْوَلِيدِ وَأَبِى جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، وَهَلاَكُهُمْ 3960 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ اسْتَقْبَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْكَعْبَةَ فَدَعَا عَلَى نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، عَلَى شَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأَبِى جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ. فَأَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ صَرْعَى، قَدْ غَيَّرَتْهُمُ الشَّمْسُ، وَكَانَ يَوْمًا حَارًّا. أطرافه 240، 520، 2934، 3185، 3854 - تحفة 9484 8 - باب قَتْلِ أَبِى جَهْلٍ 3961 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ أَخْبَرَنَا قَيْسٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه أَنَّهُ أَتَى أَبَا جَهْلٍ وَبِهِ رَمَقٌ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ هَلْ أَعْمَدُ مِنْ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ تحفة 9540 3962 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِىُّ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ح. وَحَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ يَنْظُرُ مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ» فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَدَ قَالَ آأَنْتَ أَبُو جَهْلٍ قَالَ فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ. قَالَ وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ أَوْ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ أَنْتَ أَبُو جَهْلٍ. طرفاه 3963، 4020 - تحفة 878 - 95/ 5 3963 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ بَدْرٍ «مَنْ يَنْظُرُ مَا فَعَلَ أَبُو جَهْلٍ». فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَدَ، فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ فَقَالَ أَنْتَ أَبَا جَهْلٍ قَالَ وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ أَوْ قَالَ قَتَلْتُمُوهُ. طرفاه 3962، 4020 - تحفة 878 حَدَّثَنِى ابْنُ الْمُثَنَّى أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ نَحْوَهُ. تحفة 878 3964 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَتَبْتُ عَنْ يُوسُفَ بْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ صَالِحِ بْنِ

إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فِى بَدْرٍ. يَعْنِى حَدِيثَ ابْنَىْ عَفْرَاءَ. طرفاه 3141، 3988 - تحفة 9709 3965 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِىُّ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى يَقُولُ حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجْثُو بَيْنَ يَدَىِ الرَّحْمَنِ لِلْخُصُومَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ وَفِيهِمْ أُنْزِلَتْ {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] قَالَ هُمُ الَّذِينَ تَبَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ حَمْزَةُ وَعَلِىٌّ وَعُبَيْدَةُ أَوْ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْحَارِثِ وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَعُتْبَةُ وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ. طرفاه 3967، 4744 - تحفة 10256 3966 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى هَاشِمٍ عَنْ أَبِى مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ نَزَلَتْ {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] فِى سِتَّةٍ مِنْ قُرَيْشٍ عَلِىٍّ وَحَمْزَةَ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ. أطرافه 3968، 3969، 4743 - تحفة 11974 3967 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّوَّافُ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ - كَانَ يَنْزِلُ فِى بَنِى ضُبَيْعَةَ وَهْوَ مَوْلًى لِبَنِى سَدُوسَ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ قَالَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه فِينَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19]. طرفاه 3965، 4744 - تحفة 10256 - 96/ 5 3968 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِى هَاشِمٍ عَنْ أَبِى مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ - رضى الله عنه - يُقْسِمُ لَنَزَلَتْ هَؤُلاَءِ الآيَاتُ فِى هَؤُلاَءِ الرَّهْطِ السِّتَّةِ يَوْمَ بَدْرٍ. نَحْوَهُ. أطرافه 3966، 3969، 4743 - تحفة 11974 3969 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو هَاشِمٍ عَنْ أَبِى مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يُقْسِمُ قَسَمًا إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] نَزَلَتْ فِى الَّذِينَ بَرَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ حَمْزَةَ وَعَلِىٍّ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَعُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْنَىْ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ. أطرافه 3966، 3968، 4743 - تحفة 11974 3970 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ سَأَلَ رَجُلٌ الْبَرَاءَ وَأَنَا أَسْمَعُ قَالَ أَشَهِدَ عَلِىٌّ بَدْرًا قَالَ بَارَزَ وَظَاهَرَ. تحفة 1896 3971 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ كَاتَبْتُ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، فَذَكَرَ قَتْلَهُ وَقَتْلَ ابْنِهِ، فَقَالَ بِلاَلٌ لاَ نَجَوْتُ إِنْ نَجَا أُمَيَّةُ. طرفه 2301 - تحفة 9710

3972 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَرَأَ {وَالنَّجْمِ} [النجم: 1] فَسَجَدَ بِهَا، وَسَجَدَ مَنْ مَعَهُ، غَيْرَ أَنَّ شَيْخًا أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ فَقَالَ يَكْفِينِى هَذَا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا. أطرافه 1067، 1070، 3853، 4863 - تحفة 9180 3973 - أَخْبَرَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ كَانَ فِى الزُّبَيْرِ ثَلاَثُ ضَرَبَاتٍ بِالسَّيْفِ، إِحْدَاهُنَّ فِى عَاتِقِهِ، قَالَ إِنْ كُنْتُ لأُدْخِلُ أَصَابِعِى فِيهَا. قَالَ ضُرِبَ ثِنْتَيْنِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَوَاحِدَةً يَوْمَ الْيَرْمُوكِ. قَالَ عُرْوَةُ وَقَالَ لِى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ حِينَ قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يَا عُرْوَةُ، هَلْ تَعْرِفُ سَيْفَ الزُّبَيْرِ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ فَمَا فِيهِ قُلْتُ فِيهِ فَلَّةٌ فُلَّهَا يَوْمَ بَدْرٍ. قَالَ صَدَقْتَ. بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى عُرْوَةَ. قَالَ هِشَامٌ فَأَقَمْنَاهُ بَيْنَنَا ثَلاَثَةَ آلاَفٍ، وَأَخَذَهُ بَعْضُنَا، وَلَوَدِدْتُ أَنِّى كُنْتُ أَخَذْتُهُ. طرفاه 3721، 3975 - تحفة 3635، 3636 - 97/ 5 3974 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ عَنْ عَلِىٍّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ سَيْفُ الزُّبَيْرِ مُحَلًّى بِفِضَّةٍ. قَالَ هِشَامٌ وَكَانَ سَيْفُ عُرْوَةَ مُحَلًّى بِفِضَّةٍ. تحفة 3638 3975 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالُوا لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ أَلاَ تَشُدُّ فَنَشُدَّ مَعَكَ فَقَالَ إِنِّى إِنْ شَدَدْتُ كَذَبْتُمْ، فَقَالُوا لاَ نَفْعَلُ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ حَتَّى شَقَّ صُفُوفَهُمْ، فَجَاوَزَهُمْ وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ، ثُمَّ رَجَعَ مُقْبِلاً، فَأَخَذُوا بِلِجَامِهِ، فَضَرَبُوهُ ضَرْبَتَيْنِ عَلَى عَاتِقِهِ بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌ ضُرِبَهَا يَوْمَ بَدْرٍ. قَالَ عُرْوَةُ كُنْتُ أُدْخِلُ أَصَابِعِى فِى تِلْكَ الضَّرَبَاتِ أَلْعَبُ وَأَنَا صَغِيرٌ. قَالَ عُرْوَةُ وَكَانَ مَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ وَهْوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، فَحَمَلَهُ عَلَى فَرَسٍ وَكَّلَ بِهِ رَجُلاً. طرفاه 3721، 3973 - تحفة 3635 3976 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ سَمِعَ رَوْحَ بْنَ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ ذَكَرَ لَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلاً مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ فَقُذِفُوا فِى طَوِىٍّ مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ خَبِيثٍ مُخْبِثٍ، وَكَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ ثَلاَثَ لَيَالٍ، فَلَمَّا كَانَ بِبَدْرٍ الْيَوْمَ الثَّالِثَ، أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَشُدَّ عَلَيْهَا رَحْلُهَا، ثُمَّ مَشَى وَاتَّبَعَهُ أَصْحَابُهُ وَقَالُوا مَا نُرَى يَنْطَلِقُ إِلاَّ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، حَتَّى قَامَ عَلَى شَفَةِ الرَّكِىِّ، فَجَعَلَ يُنَادِيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ «يَا فُلاَنُ بْنَ فُلاَنٍ، وَيَا فُلاَنُ بْنَ فُلاَنٍ، أَيَسُرُّكُمْ أَنَّكُمْ أَطَعْتُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا، فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا». قَالَ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تُكَلِّمُ مِنْ أَجْسَادٍ لاَ أَرْوَاحَ لَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ».

قَالَ قَتَادَةُ أَحْيَاهُمُ اللَّهُ حَتَّى أَسْمَعَهُمْ قَوْلَهُ تَوْبِيخًا وَتَصْغِيرًا وَنَقِيمَةً وَحَسْرَةً وَنَدَمًا. طرفه 3065 - تحفة 3770 - 98/ 5 3977 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما {الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا} [إبراهيم: 28] قَالَ هُمْ وَاللَّهِ كُفَّارُ قُرَيْشٍ. قَالَ عَمْرٌو هُمْ قُرَيْشٌ وَمُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - نِعْمَةُ اللَّهِ {وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} [إبراهيم: 28] قَالَ النَّارَ يَوْمَ بَدْرٍ. طرفه 4700 - تحفة 5946 3978، 3979 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَفَعَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ فِى قَبْرِهِ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ». فَقَالَتْ إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّهُ لَيُعَذَّبُ بِخَطِيئَتِهِ وَذَنْبِهِ، وَإِنَّ أَهْلَهُ لَيَبْكُونَ عَلَيْهِ الآنَ». طرفاه 1288، 1289 - تحفة 16818، 7323 قَالَتْ وَذَاكَ مِثْلُ قَوْلِهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ عَلَى الْقَلِيبِ وَفِيهِ قَتْلَى بَدْرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ لَهُمْ مَا قَالَ إِنَّهُمْ لَيَسْمَعُونَ مَا أَقُولُ. إِنَّمَا قَالَ «إِنَّهُمُ الآنَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّ مَا كُنْتُ أَقُولُ لَهُمْ حَقٌّ». ثُمَّ قَرَأَتْ {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] تَقُولُ حِينَ تَبَوَّءُوا مَقَاعِدَهُمْ مِنَ النَّارِ. طرفاه 1371، 3981 - تحفة 17063 3980، 3981 - حَدَّثَنِى عُثْمَانُ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ وَقَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قَلِيبِ بَدْرٍ فَقَالَ «هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ثُمَّ قَالَ إِنَّهُمُ الآنَ يَسْمَعُونَ مَا أَقُولُ». فَذُكِرَ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ إِنَّمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّهُمُ الآنَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِى كُنْتُ أَقُولُ لَهُمْ هُوَ الْحَقُّ». ثُمَّ قَرَأَتْ {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] حَتَّى قَرَأَتِ الآيَةَ. طرفاه 1370، 1371 - تحفة 7323 3961 - قوله: (وبِهِ رَمَقٌ) ويُعْلَمُ من مقالته تلك أن حَوَاسَهُ كانت حاضرةً، وعقلُه صحيحًا، إلاَّ أنه لم يَكُنْ شَاهَدَ عالمَ الغيب بَعْدُ. والعلماءُ قد أَطْلَقُوا القولَ بعدم عبرة الإِيمان عند النزع، مع أن الحواسَ قد تبقى سالمةً في حال النزع، وخروج الروح عن بعض الأعضاء أيضًا. ولا يَنْكَشِفُ العالم الروحاني، فينبغي أن يُعْتَبَرَ في المسألة بانكشاف عالم الغيب وعدمه، لا بالنزع فقط. فإن آَمَنَ وقد انكشف له عالم الغيب، لا يُعْتَبَرُ بإِيمانه، وإلاَّ يُعْتَبَرُ. فالأَوْلَى أن يكونَ مناطُ العِبْرَةِ هو ذلك، ذون النزع فقط. 3968 - قوله: (هؤُلاَءِ الآياتُ في هؤُلاَءِ الرَّهْطِ) واعلم أن هؤلاء يَجِيءُ لغير ذوي العقول أيضًا، وكذلك أولئك. 3973 - قوله: (فِيهِ فَلَّةٌ فُلَّهَا) بصيغة المجهول. والضميرُ فيه يَرْجِعُ إلى مصدره، كما في ضُرِبَ، أي أوقع الضرب.

9 - باب فضل من شهد بدرا

3976 - قوله: (طَوِيَ): "بى من كا كنوان". قوله: (بئر) "جِسبر من هو [ركى] كرها". قوله: (ما أَنْتُمْ بأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ) وقد مرَّت مسألةُ سماع الأموات. وأمَّا قولُه تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22]، فلقائلٍ أن يقولَ: إنه محمولٌ على نفي سماعٍ يترتَّبُ عليه الإِجابة. أو على نفيه بحسب عالمنا، فإن السماعَ إن كان، فهو في عالمٍ آخر. وإمَّا في عالمنا فهو كالمعدوم، أو أنه على حدِّ قوله: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} [البقرة: 18]، مع وجود السمع، والنطق، والبصر، كما أَجَابَ به السيوطي في نظم: * وآيةُ النفي معناها سماعُ هدى ... لا يَقْبَلُونَ، ولا يَصْغُونَ للأَدَبِ واعلم أن التَّفْتَازَانيَّ نقل الإِجماع على علم الأموات، وإنَّما الخلافُ في سماعهم. وكذا نَقَلَ أن لا خلافَ في نفس سائر الصفات غير السماع، فالإِيابُ، والذهابُ، ونحوهما منفيٌّ عنهم رأسًا. ونَقَلَ ابنُ حَجَرٍ في «فَتاواه»: أن الأموات يتحرَّكُون من مكانٍ إلى مكانٍ أيضًا، وَأَنْكَرَ الاتفاقَ فيه. قلتُ: كلامُ التفتازاني في حقِّ الأجساد دون الأرواح، وإثباتُ ابن حَجَر في حقِّ الأرواح، فَصَحَّ الأمران. قوله: (قال قَتَادَةُ: أَحْيَاهُمُ اللَّهُ حتَّى أَسْمَعَهُمُ)، ويُؤَيِّدُ هذا الراوي ما عند ابن كثير: «إذا مرَّ أحدُكم بقبر رجلٍ يعرفه، يَرُدُّ اللَّهُ تعالى عليه روحَهُ» ... إلخ. فَدَلَّ على رَدِّ الروح عليه، فلا يَسْمَعُ في كلِّ وقتٍ. 9 - باب فَضْلُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا 3982 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ أُصِيبَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ وَهْوَ غُلاَمٌ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَةَ حَارِثَةَ مِنِّى، فَإِنْ يَكُنْ فِى الْجَنَّةِ أَصْبِرْ وَأَحْتَسِبْ، وَإِنْ تَكُ الأُخْرَى تَرَى مَا أَصْنَعُ فَقَالَ «وَيْحَكِ أَوَهَبِلْتِ أَوَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِىَ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ فِى جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ». أطرافه 2809، 6550، 6567 - تحفة 564 - 99/ 5 3983 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ سَمِعْتُ حُصَيْنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَا مَرْثَدٍ وَالزُّبَيْرَ وَكُلُّنَا فَارِسٌ قَالَ «انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا امْرَأَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مَعَهَا كِتَابٌ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِى بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ». فَأَدْرَكْنَاهَا تَسِيرُ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا حَيْثُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَا الْكِتَابُ. فَقَالَتْ مَا مَعَنَا كِتَابٌ. فَأَنَخْنَاهَا فَالْتَمَسْنَا فَلَمْ نَرَ كِتَابًا، فَقُلْنَا مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُجَرِّدَنَّكِ. فَلَمَّا رَأَتِ الْجِدَّ أَهْوَتْ إِلَى حُجْزَتِهَا وَهْىَ مُحْتَجِزَةٌ

10 - باب

بِكِسَاءٍ فَأَخْرَجَتْهُ، فَانْطَلَقْنَا بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِى فَلأَضْرِبْ عُنُقَهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ». قَالَ حَاطِبٌ وَاللَّهِ مَا بِى أَنْ لاَ أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِى عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِى وَمَالِى، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلَّا لَهُ هُنَاكَ مِنْ عَشِيرَتِهِ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَدَقَ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ إِلَّا خَيْرًا». فَقَالَ عُمَرُ إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِى فَلأَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَقَالَ «أَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ». فَقَالَ «لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ، أَوْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ». فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ وَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. أطرافه 3007، 3081، 4274، 4890، 6259، 6939 - تحفة 10169 وفي الجمل عن الدَّوَّاني: أن وظيفةَ أسمائهم تجلو كل كَرْبٍ، وتُنْجِي من كلِّ ضيقٍ وبلاءٍ، واستمرَّ به العمل أيضًا. 3982 - قوله: (أَوَهَبِلْتِ) يعني: "كياتيرى عقل مارى كئى هى". 3983 - قوله: (اعْمَلُوا ما شِئْتُم). وهو نحو مقالته لعثمان: "ما على عثمان لو لم يَعْمَلْ بعد اليوم" والعمومُ في مثله غيرُ مقصودٍ، والمرادُ منه فضائلُ الأمور ورغائبُها، دون الواجبات وفرائضها. وراجع له "المسوى"، و"المصفى" للشاه وليّ الله. ثم إن اللهَ تعالى يوفِّقُهم بأنهم لا يُسْرِفُونَ على أنفسهم، فلم يَبْقَ التخيير إذن، إلَّا في اللفظ تشريفًا، وتكريمًا لهم لا غير. فليميَّز بين الكلام الذي يَخْرُجُ على سنن المحاورات، والذي يُقْصَدُ به بيان المسألة، فليس فيه رفعُ التكليف، بل فيه مجردُ التشريف. 10 - باب 3984 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِى أُسَيْدٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ أَبِى أُسَيْدٍ عَنْ أَبِى أُسَيْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ بَدْرٍ «إِذَا أَكْثَبُوكُمْ فَارْمُوهُمْ وَاسْتَبْقُوا نَبْلَكُمْ». طرفاه 2900، 3985 - تحفة 11190، 11194 3985 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِى أُسَيْدٍ وَالْمُنْذِرِ بْنِ أَبِى أُسَيْدٍ عَنْ أَبِى أُسَيْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ بَدْرٍ «إِذَا أَكْثَبُوكُمْ - يَعْنِى كَثَرُوكُمْ - فَارْمُوهُمْ، وَاسْتَبْقُوا نَبْلَكُمْ». طرفاه 2900، 3984 - تحفة 11190، 11198 - 100/ 5 3986 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ جَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الرُّمَاةِ يَوْمَ أُحُدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ

جُبَيْرٍ، فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ أَصَابُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً سَبْعِينَ أَسِيرًا وَسَبْعِينَ قَتِيلاً. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ. أطرافه 3039، 4043، 4067، 4561 - تحفة 1837 3987 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ جَدِّهِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى، أُرَاهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْخَيْرِ بَعْدُ، وَثَوَابُ الصِّدْقِ الَّذِى آتَانَا بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ». أطرافه 3622، 4081، 7035، 7041 - تحفة 9043 3988 - حَدَّثَنِى يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ إِنِّى لَفِى الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ إِذِ الْتَفَتُّ، فَإِذَا عَنْ يَمِينِى وَعَنْ يَسَارِى فَتَيَانِ حَدِيثَا السِّنِّ، فَكَأَنِّى لَمْ آمَنْ بِمَكَانِهِمَا، إِذْ قَالَ لِى أَحَدُهُمَا سِرًّا مِنْ صَاحِبِهِ يَا عَمِّ أَرِنِى أَبَا جَهْلٍ. فَقُلْتُ يَا ابْنَ أَخِى، وَمَا تَصْنَعُ بِهِ قَالَ عَاهَدْتُ اللَّهَ إِنْ رَأَيْتُهُ أَنْ أَقْتُلَهُ أَوْ أَمُوتَ دُونَهُ. فَقَالَ لِى الآخَرُ سِرًّا مِنْ صَاحِبِهِ مِثْلَهُ قَالَ فَمَا سَرَّنِى أَنِّى بَيْنَ رَجُلَيْنِ مَكَانَهُمَا، فَأَشَرْتُ لَهُمَا إِلَيْهِ، فَشَدَّا عَلَيْهِ مِثْلَ الصَّقْرَيْنِ حَتَّى ضَرَبَاهُ، وَهُمَا ابْنَا عَفْرَاءَ. طرفاه 3141، 3964 - تحفة 9709 3989 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُمَرُ بْنُ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِىُّ حَلِيفُ بَنِى زُهْرَةَ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِى هُرَيْرَةَ - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشَرَةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىَّ، جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَةِ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَىٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لِحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمُ التَّمْرَ فِى مَنْزِلٍ نَزَلُوهُ فَقَالُوا تَمْرُ يَثْرِبَ. فَاتَّبَعُوا آثَارَهُمْ، فَلَمَّا حَسَّ بِهِمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى مَوْضِعٍ، فَأَحَاطَ بِهِمُ الْقَوْمُ، فَقَالُوا لَهُمْ انْزِلُوا فَأَعْطُوا بِأَيْدِيكُمْ وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ أَنْ لاَ نَقْتُلَ مِنْكُمْ أَحَدًا. فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ أَيُّهَا الْقَوْمُ، أَمَّا أَنَا فَلاَ أَنْزِلُ فِى ذِمَّةِ كَافِرٍ. ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ - صلى الله عليه وسلم -. فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ، فَقَتَلُوا عَاصِمًا، وَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ عَلَى الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ، وَرَجُلٌ آخَرُ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَرَبَطُوهُمْ بِهَا. قَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ، وَاللَّهِ لاَ أَصْحَبُكُمْ، إِنَّ لِى بِهَؤُلاَءِ أُسْوَةً. يُرِيدُ الْقَتْلَى، فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ، فَأَبَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ، فَانْطُلِقَ بِخُبَيْبٍ وَزَيْدِ بْنِ الدَّثِنَةِ حَتَّى بَاعُوهُمَا بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَابْتَاعَ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ خُبَيْبًا، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا حَتَّى أَجْمَعُوا قَتْلَهُ، فَاسْتَعَارَ مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الْحَارِثِ مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ، فَدَرَجَ بُنَىٌّ لَهَا وَهْىَ غَافِلَةٌ حَتَّى أَتَاهُ، فَوَجَدَتْهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالْمُوسَى بِيَدِهِ قَالَتْ فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ فَقَالَ أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ

مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَلِكَ قَالَتْ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ قِطْفًا مِنْ عِنَبٍ فِى يَدِهِ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ بِالْحَدِيدِ، وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرَةٍ وَكَانَتْ تَقُولُ إِنَّهُ لَرِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ خُبَيْبًا، فَلَمَّا خَرَجُوا بِهِ مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِى الْحِلِّ قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ دَعُونِى أُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ. فَتَرَكُوهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ وَاللَّهِ لَوْلاَ أَنْ تَحْسِبُوا أَنَّ مَا بِى جَزَعٌ لَزِدْتُ، ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا، وَلاَ تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا. ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ فَلَسْتُ أُبَالِى حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أَىِّ جَنْبٍ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِى وَذَلِكَ فِى ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ أَبُو سِرْوَعَةَ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ، فَقَتَلَهُ وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا الصَّلاَةَ، وَأَخْبَرَ أَصْحَابَهُ يَوْمَ أُصِيبُوا خَبَرَهُمْ، وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ حِينَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ أَنْ يُؤْتَوْا بِشَىْءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ، وَكَانَ قَتَلَ رَجُلاً عَظِيمًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ، فَبَعَثَ اللَّهُ لِعَاصِمٍ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ، فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَقْطَعُوا مِنْهُ شَيْئًا. وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ذَكَرُوا مُرَارَةَ بْنَ الرَّبِيعِ الْعَمْرِىَّ وَهِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِىَّ، رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا. أطرافه 3045، 4086، 7402 - تحفة 14271 - 102/ 5 3990 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - ذُكِرَ لَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ - وَكَانَ بَدْرِيًّا - مَرِضَ فِى يَوْمِ جُمُعَةٍ فَرَكِبَ إِلَيْهِ بَعْدَ أَنْ تَعَالَى النَّهَارُ وَاقْتَرَبَتِ الْجُمُعَةُ، وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ. تحفة 8525 3991 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَرْقَمِ الزُّهْرِىِّ، يَأْمُرُهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الأَسْلَمِيَّةِ، فَيَسْأَلَهَا عَنْ حَدِيثِهَا وَعَنْ مَا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ اسْتَفْتَتْهُ، فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَرْقَمِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ يُخْبِرُهُ أَنَّ سُبَيْعَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ ابْنِ خَوْلَةَ، وَهْوَ مِنْ بَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَتُوُفِّىَ عَنْهَا فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهْىَ حَامِلٌ، فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ - رَجُلٌ مِنْ بَنِى عَبْدِ الدَّارِ - فَقَالَ لَهَا مَا لِى أَرَاكِ تَجَمَّلْتِ لِلْخُطَّابِ تُرَجِّينَ النِّكَاحَ فَإِنَّكِ وَاللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ. قَالَتْ سُبَيْعَةُ فَلَمَّا قَالَ لِى ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلَىَّ ثِيَابِى حِينَ أَمْسَيْتُ، وَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَفْتَانِى بِأَنِّى قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِى، وَأَمَرَنِى بِالتَّزَوُّجِ إِنْ بَدَا لِى. تَابَعَهُ أَصْبَغُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ

11 - باب شهود الملائكة بدرا

شِهَابٍ وَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ مَوْلَى بَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِيَاسِ بْنِ الْبُكَيْرِ وَكَانَ أَبُوهُ شَهِدَ بَدْرًا أَخْبَرَهُ. طرفه 5319 - تحفة 15890 - 103/ 5 3987 - قوله: (بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ) الظرفُ مبنيٌّ على الضم، ويومُ بدرٍ بدلٌ منه. والمعنى: أن الخيرَ الذي أتانا اللَّهُ يومَ بدرٍ، لأنهم غَلَبُوا في تلك الحرب. وإن كان بالإِضافة، فالمرادُ ببدرٍ البدرُ الصغرى التي كانت بعد أُحُدٍ. أو يُرَادُ من البعدية بعديةٌ متراخيةٌ، حتى من الأُحُدِ أيضًا. وإلَّا يَرِدُ عليه: أن بَعْدَ بدرٍ أُحُدَ. وقد انْهَزَمَ المسلمون فيها، فأين الخير فيها. 3989 - قوله: (فَلَمْ يَقْدِرُوا أن يَقْطَعُوا منه شَيْئًا) وهذا من عجائب قدرته تعالى: حيث تَرَكَهُ أوَّلًا يقتله الأعداء، ثم حَمَى جِسْمَهُ. فلم يستطيعوا أن يَقْرَبُوا منه أيضًا. ونحوه ما رَقَعَ لزكريا عليه السلام: لَمَّا فرَّ من قومه انشقَّت له الشجرةُ، فاختفى فيها، فلمَّا طَلَبَهُ القومُ، ورأوا قطعةً من ثيابه بارزةً من الشجرة، قطعوها بالمِنْشَار، حتَّى بَلَغَ رأسَه كاد أن يتأوَّهَ، فَنَادَاهُ ربُّه أن اصبر، فإن تأوَّهت أَهْلَكَ الناسَ أجمعين. فحماه أوَّلًا، وأظلَّه في ظلِّه، ثم لم يَتْرُكْهُ حتى يَبُثَّ شكواه أيضًا. ونحوه ما وقع في قتل الحُسَيْن، حيث لم يَمْنَعْهُمْ حين قتلوه، فلمَّا فعلوه انتقم له، وقتل منهم أُلُوفًا، بل آلاف ألفٍ. فالله سبحانه يَفْعَلُ ما يشاء، ويَحْكُمُ ما يُرِيد. 3990 - قوله: (وتَرَكَ الجُمُعَةَ) وكان يومئذٍ بذي الحُلَيْفَةِ - موضع بستةِ أميالٍ من المدينة - فَدَلَّ على أن لا جُمُعَةَ في القرى عند ابن عمر (¬1). 11 - باب شُهُودِ الْمَلاَئِكَةِ بَدْرًا 3992 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِىِّ عَنْ أَبِيهِ - وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ - قَالَ جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) يقولُ العبدُ الضعيفُ: ومن أهمِّ ما رَأَيْتُ في تقرير الفاضل مولانا عبد القدير: أن المسلمينَ في أول أمرهم لم يَكُونُوا متساهلين في أمور دينهم، بل كانوا يهتمُّون بها، ويقدمونها على كل شُغْلٍ سواها. فكانوا يَحْضُرُون الجمعات مع أمرائهم في الأمصار، وكذلك مَنْ كان حول المدينة يَحْضُرُونها إدراكًا لفضل جمعة مسجد النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فلم يتبيِّن أمرُ إقامة الجُمُعَاتِ في القرى على جليتها. فإذا شَاعَ الإِسلامُ إلى الأطراف، وتوسَّعت حلقته، وفَتَرَتِ الهِمَمُ، ظَهَرَ التساؤلُ عن إقامتها في القرى. فاختلفوا في الجواب حسب اجتهادهم، فمنهم من جوَّزها في القرى أيضًا، ومنهم من قَصَرَها على الأمصار. ولم نَجِدْ منهم أحدًا مَنْ كان يَظُنُّ أن أمرَها وأمرَ سائر الصلوات سواء. فاتفقت الأمةُ على أن لها شروطًا غير سائر الصلوات، سواء كان منهم من لا يجوِّزها إلَّا في الأمصار، أو يجوِّزها في القرى أيضًا. فمن سوَّى أمرَها، وأمرَ سائر الصلوات، فقد خَرج عن آراء الأئمة والأمة. هذا ما فَهِمْتُهُ من مذكرته، وقد مرَّ ما عندي فيه.

12 - باب

فَقَالَ «مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ قَالَ مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - قَالَ وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ». طرفه 3994 - تحفة 3608 3993 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، وَكَانَ رِفَاعَةُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، وَكَانَ رَافِعٌ مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ، فَكَانَ يَقُولُ لاِبْنِهِ مَا يَسُرُّنِى أَنِّى شَهِدْتُ بَدْرًا بِالْعَقَبَةِ قَالَ سَأَلَ جِبْرِيلُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. بِهَذَا. تحفة 3598 أ، 3608 3994 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا يَحْيَى سَمِعَ مُعَاذَ بْنَ رِفَاعَةَ أَنَّ مَلَكًا سَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. وَعَنْ يَحْيَى، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ الْهَادِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ يَوْمَ حَدَّثَهُ مُعَاذٌ هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ يَزِيدُ فَقَالَ مُعَاذٌ إِنَّ السَّائِلَ هُوَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ. طرفه 3992 - تحفة 19443 3995 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ «هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ - عَلَيْهِ أَدَاةُ الْحَرْبِ». طرفه 4041 - تحفة 6060 12 - باب 3996 - حَدَّثَنِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ مَاتَ أَبُو زَيْدٍ وَلَمْ يَتْرُكْ عَقِبًا، وَكَانَ بَدْرِيًّا. أطرافه 3810، 5003، 5004 - تحفة 1202 3997 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ خَبَّابٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدِ بْنِ مَالِكٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ لَحْمًا مِنْ لُحُومِ الأَضْحَى فَقَالَ مَا أَنَا بِآكِلِهِ حَتَّى أَسْأَلَ، فَانْطَلَقَ إِلَى أَخِيهِ لأُمِّهِ وَكَانَ بَدْرِيًّا قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ إِنَّهُ حَدَثَ بَعْدَكَ أَمْرٌ نَقْضٌ لِمَا كَانُوا يُنْهَوْنَ عَنْهُ مِنْ أَكْلِ لُحُومِ الأَضْحَى بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ. طرفه 5568 - تحفة 11072، 4095 أ - 104/ 5 3998 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ الزُّبَيْرُ لَقِيتُ يَوْمَ بَدْرٍ عُبَيْدَةَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَهْوَ مُدَجَّجٌ لاَ يُرَى مِنْهُ إِلاَّ عَيْنَاهُ، وَهْوَ يُكْنَى أَبُو ذَاتِ الْكَرِشِ، فَقَالَ أَنَا أَبُو ذَاتِ الْكَرِشِ. فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ بِالْعَنَزَةِ، فَطَعَنْتُهُ فِى عَيْنِهِ فَمَاتَ. قَالَ هِشَامٌ فَأُخْبِرْتُ أَنَّ الزُّبَيْرَ قَالَ لَقَدْ وَضَعْتُ رِجْلِى عَلَيْهِ ثُمَّ تَمَطَّأْتُ، فَكَانَ الْجَهْدَ أَنْ نَزَعْتُهَا وَقَدِ انْثَنَى طَرَفَاهَا. قَالَ عُرْوَةُ فَسَأَلَهُ إِيَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْطَاهُ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَهَا، ثُمَّ طَلَبَهَا أَبُو بَكْرٍ فَأَعْطَاهُ، فَلَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ سَأَلَهَا إِيَّاهُ عُمَرُ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا، فَلَمَّا قُبِضَ عُمَرُ أَخَذَهَا، ثُمَّ طَلَبَهَا عُثْمَانُ مِنْهُ فَأَعْطَاهُ

إِيَّاهَا، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ وَقَعَتْ عِنْدَ آلِ عَلِىٍّ، فَطَلَبَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَكَانَتْ عِنْدَهُ حَتَّى قُتِلَ. تحفة 3639 3999 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَايِعُونِى». أطرافه 18، 3892، 3893، 4894، 6784، 6801، 6873، 7055، 7199، 7213، 7468 - تحفة 5094 4000 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَبَنَّى سَالِمًا، وَأَنْكَحَهُ بِنْتَ أَخِيهِ هِنْدَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ - وَهْوَ مَوْلًى لاِمْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ - كَمَا تَبَنَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَيْدًا، وَكَانَ مَنْ تَبَنَّى رَجُلاً فِى الْجَاهِلِيَّةِ دَعَاهُ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَوَرِثَ مِنْ مِيرَاثِهِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] فَجَاءَتْ سَهْلَةُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. طرفه 5088 - تحفة 16564 - 105/ 5 4001 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ دَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - غَدَاةَ بُنِىَ عَلَىَّ، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِى كَمَجْلِسِكَ مِنِّى، وَجُوَيْرِيَاتٌ يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ، يَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِهِنَّ يَوْمَ بَدْرٍ حَتَّى قَالَتْ جَارِيَةٌ وَفِينَا نَبِىٌّ يَعْلَمُ مَا فِى غَدٍ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُولِى هَكَذَا، وَقُولِى مَا كُنْتِ تَقُولِينَ». طرفه 5147 - تحفة 15832 4002 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو طَلْحَةَ - رضى الله عنه - صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «لاَ تَدْخُلُ الْمَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَةٌ». يُرِيدُ التَّمَاثِيلَ الَّتِى فِيهَا الأَرْوَاحُ. أطرافه 3225، 3226، 3322، 5949، 5958 - تحفة 3779 4003 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ. وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِىٍّ - عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ - أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ كَانَتْ لِى شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِى مِنَ الْمَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَانِى مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْخُمُسِ يَوْمَئِذٍ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِىَ بِفَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - بِنْتِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَاعَدْتُ رَجُلاً صَوَّاغًا فِى بَنِى قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِى فَنَأْتِىَ بِإِذْخِرٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ مِنَ الصَّوَّاغِينَ فَنَسْتَعِينَ بِهِ فِى وَلِيمَةِ عُرْسِى، فَبَيْنَا أَنَا أَجْمَعُ لِشَارِفَىَّ مِنَ الأَقْتَابِ وَالْغَرَائِرِ وَالْحِبَالِ، وَشَارِفَاىَ مُنَاخَانِ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ

مِنَ الأَنْصَارِ، حَتَّى جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ فَإِذَا أَنَا بِشَارِفَىَّ قَدْ أُجِبَّتْ أَسْنِمَتُهَا، وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا، وَأُخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا، فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَىَّ حِينَ رَأَيْتُ الْمَنْظَرَ، قُلْتُ مَنْ فَعَلَ هَذَا قَالُوا فَعَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهْوَ فِى هَذَا الْبَيْتِ، فِى شَرْبٍ مِنَ الأَنْصَارِ، عِنْدَهُ قَيْنَةٌ وَأَصْحَابُهُ فَقَالَتْ فِى غِنَائِهَا أَلاَ يَا حَمْزَ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ، فَوَثَبَ حَمْزَةُ إِلَى السَّيْفِ، فَأَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَأَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا قَالَ عَلِىٌّ فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَعَرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الَّذِى لَقِيتُ فَقَالَ «مَا لَكَ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ، عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَىَّ، فَأَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا وَهَا هُوَ ذَا فِى بَيْتٍ مَعَهُ شَرْبٌ، فَدَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِرِدَائِهِ، فَارْتَدَى ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِى، وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ الَّذِى فِيهِ حَمْزَةُ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَأُذِنَ لَهُ، فَطَفِقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ، فَإِذَا حَمْزَةُ ثَمِلٌ مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاهُ، فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إِلَى رُكْبَتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ وَهَلْ أَنْتُمْ إِلاَّ عَبِيدٌ لأَبِى فَعَرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ ثَمِلٌ، فَنَكَصَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرَى، فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ. أطرافه 2089، 2375، 3091، 5793 - تحفة 10069 - 106/ 5 4004 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ أَنْفَذَهُ لَنَا ابْنُ الأَصْبَهَانِىِّ سَمِعَهُ مِنِ ابْنِ مَعْقِلٍ أَنَّ عَلِيًّا - رضى الله عنه - كَبَّرَ عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فَقَالَ إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا. تحفة 10201 4005 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يُحَدِّثُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِىِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ شَهِدَ بَدْرًا تُوُفِّىَ بِالْمَدِينَةِ قَالَ عُمَرُ فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ. قَالَ سَأَنْظُرُ فِى أَمْرِى. فَلَبِثْتُ لَيَالِىَ، فَقَالَ قَدْ بَدَا لِى أَنْ لاَ أَتَزَوَّجَ يَوْمِى هَذَا. قَالَ عُمَرُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ. فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَىَّ شَيْئًا، فَكُنْتُ عَلَيْهِ أَوْجَدَ مِنِّى عَلَى عُثْمَانَ، فَلَبِثْتُ لَيَالِىَ، ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ، فَلَقِيَنِى أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَىَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَىَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِى أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ إِلاَّ أَنِّى قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ ذَكَرَهَا، فَلَمْ أَكُنْ لأُفْشِىَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا. أطرافه 5122، 5129، 5145 - تحفة 10523، 6612 - 107/ 5 4006 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ سَمِعَ أَبَا مَسْعُودٍ الْبَدْرِىَّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نَفَقَةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ صَدَقَةٌ». طرفاه 55، 5351 - تحفة 9996

4007 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِى إِمَارَتِهِ أَخَّرَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ الْعَصْرَ وَهْوَ أَمِيرُ الْكُوفَةِ، فَدَخَلَ أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِىُّ جَدُّ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ شَهِدَ بَدْرًا فَقَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ نَزَلَ جِبْرِيلُ فَصَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَمْسَ صَلَوَاتٍ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا أُمِرْتَ. كَذَلِكَ كَانَ بَشِيرُ بْنُ أَبِى مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ. طرفاه 521، 3221 - تحفة 9977 4008 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الْبَدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَهُمَا فِى لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ». قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَلَقِيتُ أَبَا مَسْعُودٍ وَهْوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَسَأَلْتُهُ فَحَدَّثَنِيهِ. أطرافه 5008، 5009، 5040، 5051 - تحفة 9999، 10000 4009 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الأَنْصَارِ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 424، 425، 667، 686، 838، 840، 1186، 4010، 5401، 6423، 6938 - تحفة 9750 4010 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ - هُوَ ابْنُ صَالِحٍ - حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ ثُمَّ سَأَلْتُ الْحُصَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ - وَهْوَ أَحَدُ بَنِى سَالِمٍ وَهْوَ مِنْ سَرَاتِهِمْ - عَنْ حَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ فَصَدَّقَةُ. أطرافه 424، 425، 667، 686، 838، 840، 1186، 4009، 5401، 6423، 6938 - تحفة 9750 4011 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَكَانَ مِنْ أَكْبَرِ بَنِى عَدِىٍّ وَكَانَ أَبُوهُ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ عَلَى الْبَحْرَيْنِ، وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا، وَهُوَ خَالُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَحَفْصَةَ رضى الله عنهم. تحفة 10490 - 108/ 5 4012 و 4013 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ قَالَ أَخْبَرَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَنَّ عَمَّيْهِ وَكَانَا شَهِدَا بَدْرًا أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ. قُلْتُ لِسَالِمٍ فَتُكْرِيهَا أَنْتَ قَالَ نَعَمْ، إِنَّ رَافِعًا أَكْثَرَ عَلَى نَفْسِهِ. حديث 4012 طرفاه 2339، 2346 - تحفة 15570 ل حديث 4013 طرفه 2347 - تحفة 3566 4014 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ اللَّيْثِىَّ قَالَ رَأَيْتُ رِفَاعَةَ بْنَ رَافِعٍ الأَنْصَارِىَّ، وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا. تحفة 3609 4015 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ وَهْوَ حَلِيفٌ

لِبَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ، وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِى بِجِزْيَتِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمِ الْعَلاَءَ بْنَ الْحَضْرَمِىِّ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِى عُبَيْدَةَ، فَوَافَوْا صَلاَةَ الْفَجْرِ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا انْصَرَفَ تَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ رَآهُمْ ثُمَّ قَالَ «أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ بِشَىْءٍ». قَالُوا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّى أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ». طرفاه 3158، 6425 - تحفة 10784 4016 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ يَقْتُلُ الْحَيَّاتِ كُلَّهَا. حَتَّى حَدَّثَهُ أَبُو لُبَابَةَ الْبَدْرِىُّ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ قَتْلِ جِنَّانِ الْبُيُوتِ، فَأَمْسَكَ عَنْهَا. أطرافه 3297، 3310، 3312 - تحفة 7611 - 109/ 5 4017، 4018 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رِجَالاً مِنَ الأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا ائْذَنْ لَنَا فَلْنَتْرُكْ لاِبْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ. قَالَ «وَاللَّهِ لاَ تَذَرُونَ مِنْهُ دِرْهَمًا». طرفاه 2537، 3048 - تحفة 1551 4019 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِىٍّ عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِىُّ ثُمَّ الْجُنْدَعِىُّ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِىِّ بْنِ الْخِيَارِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو الْكِنْدِىَّ، وَكَانَ حَلِيفًا لِبَنِى زُهْرَةَ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ رَجُلاً مِنَ الْكُفَّارِ فَاقْتَتَلْنَا، فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَىَّ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا، ثُمَّ لاَذَ مِنِّى بِشَجَرَةٍ فَقَالَ أَسْلَمْتُ لِلَّهِ. آأَقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقْتُلْهُ». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ قَطَعَ إِحْدَى يَدَىَّ، ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا قَطَعَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقْتُلْهُ، فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ، وَإِنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِى قَالَ». طرفه 6865 - تحفة 11547 4020 - حَدَّثَنِى يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِىُّ حَدَّثَنَا أَنَسٌ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ بَدْرٍ «مَنْ يَنْظُرُ مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ». فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَدَ، فَقَالَ آنْتَ أَبَا جَهْلٍ؟ قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ سُلَيْمَانُ هَكَذَا قَالَهَا أَنَسٌ. قَالَ أَنْتَ أَبَا جَهْلٍ قَالَ وَهَلْ

فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ قَالَ سُلَيْمَانُ أَوْ قَالَ قَتَلَهُ قَوْمُهُ. قَالَ وَقَالَ أَبُو مِجْلَزٍ قَالَ أَبُو جَهْلٍ فَلَوْ غَيْرُ أَكَّارٍ قَتَلَنِى. طرفاه 3962، 3963 - تحفة 878 4021 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنهم - لَمَّا تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ لأَبِى بَكْرٍ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنَ الأَنْصَارِ. فَلَقِيَنَا مِنْهُمْ رَجُلاَنِ صَالِحَانِ شَهِدَا بَدْرًا. فَحَدَّثْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ هُمَا عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ، وَمَعْنُ بْنُ عَدِىٍّ. أطرافه 2462، 3445، 3928، 6829، 6830، 7323 - تحفة 10508 - 110/ 5 4022 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ فُضَيْلٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ كَانَ عَطَاءُ الْبَدْرِيِّينَ خَمْسَةَ آلاَفٍ خَمْسَةَ آلاَفٍ. وَقَالَ عُمَرُ لأُفَضِّلَنَّهُمْ عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ. تحفة 10626 4023، 4024 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِى الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ، وَذَلِكَ أَوَّلَ مَا وَقَرَ الإِيمَانُ فِى قَلْبِى. أطرافه 765، 3050، 4854 - تحفة 3189 وَعَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِى أُسَارَى بَدْرٍ «لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِىٍّ حَيًّا ثُمَّ كَلَّمَنِى فِى هَؤُلاَءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ». طرفه 3139 - تحفة 3194 وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ الأُولَى - يَعْنِى مَقْتَلَ عُثْمَانَ - فَلَمْ تُبْقِ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ أَحَدًا، ثُمَّ وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ الثَّانِيَةُ - يَعْنِى الْحَرَّةَ - فَلَمْ تُبْقِ مِنْ أَصْحَابِ الْحُدَيْبِيَةِ أَحَدًا ثُمَّ وَقَعَتِ الثَّالِثَةُ فَلَمْ تَرْتَفِعْ وَلِلنَّاسِ طَبَاخٌ. تحفة 18751 4025 - حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِىُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ قَالَ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - كُلٌّ - حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ - قَالَتْ فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِى مِرْطِهَا فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ. فَقُلْتُ بِئْسَ مَا قُلْتِ، تَسُبِّينَ رَجُلاً شَهِدَ بَدْرًا فَذَكَرَ حَدِيثَ الإِفْكِ. أطرافه 2593، 2637، 2661، 2688، 2879، 4141، 4690، 4749، 4750، 4757، 5212، 6662، 6679، 7369، 7370، 7500، 7545 تحفة 16126، 16311، 16708، 17409 4026 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ هَذِهِ مَغَازِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يُلْقِيهِمْ «هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا». قَالَ مُوسَى قَالَ نَافِعٌ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُنَادِى نَاسًا أَمْوَاتًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا قُلْتُ مِنْهُمْ».

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فَجَمِيعُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ قُرَيْشٍ مِمَّنْ ضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِهِ أَحَدٌ وَثَمَانُونَ رَجُلًا، وَكَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يَقُولُ قَالَ الزُّبَيْرُ قُسِمَتْ سُهْمَانُهُمْ فَكَانُوا مِائَةً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. طرفاه 1370، 3980 تحفة 8481 - 111/ 5 4027 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الزُّبَيْرِ قَالَ ضُرِبَتْ يَوْمَ بَدْرٍ لِلْمُهَاجِرِينَ بِمِائَةِ سَهْمٍ. تحفة 3637 4001 - قوله: (فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم لا تَقُولي هَكَذَا) فالعجبُ على من يُثْبِتُون العلمَ الكليَّ للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم مع مخالفة نصوص القرآن، وصرائح أقوله صلى الله عليه وسلّم فهداهم اللَّهُ إلى سواء الصراط. وما قَدَرُوا اللَّهَ حقَّ قَدْرِهِ، وما دُرُوا الرسولَ، ولا شيئًا من أمره. 4004 - قوله: (فَقَالَ: إنه شَهِدَ بَدْرًا) واعلم أن عليًّا كان يزيدُ أوَّلًا في عدد التكبيرات على البدريين، فضلًا لهم. ثم استقرَّ الأمرُ على الأربع في عهد عمر، وعُدَّ ذلك من إجماعيات عمر، وهي كثيرةٌ. وقد استدللت له بمرفوعٍ عند الطحاويِّ في كتاب «الزيادات»، وإسنادُه قويٌّ: «صلَّى بنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم يومَ عيدٍ، فكبَّر أربعًا أربعًا، ثم أَقْبَلَ علينا بوجهه حين انْصَرَفَ، فقال: لا تَنْسُوْا، كتكبير الجنائز، فأشار بإصابعه، وقَبَضَ إبهامه». ولم يطَّلِعْ عليه العينيُّ، ولا الزيلعيُّ، ولا ابن الهُمَامِ، وذلك لوقوعه في بابٍ أجنبيَ. وهذا يُفِيدُنا في تكبيرات العيدين أيضًا، فاحفظه. 4008 - قوله: (مَنْ قَرَأهُمَا في لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ (¬1)) واعلم أنه ما مِنْ مسلمٍ إلَّا وعليه حقُّ أن يَقْرَأَ شيئًا من القرآن كلَّ ليلةٍ، سواء كان حافظًا للقرآن أو لا، فمن قَرَأَ هاتين الآيتين كَفَتَاهُ عن ذلك الحقِّ. ولمن قرأهما في وِتْرِهِ فضلٌ عظيمٌ، كما في «مسند أبي حنيفة»، عن أبي مسعود. 4017 - قوله: (نَهَى عَنْ قَتْلِ جِنَّان البُيُوتِ) وعند الترمذي: «أنها حيَّةٌ، كأنها قضيبُ فضةٍ، لا تَلْتَوِي في مشيتها». وإنما نهى عن قَتْلِهَا، لأنها تكون جِنِّيًّا، إلَّا أن في الحديث الإِطلاق. ثم الفصل: أن قتلها يَجُوزُ بدون التحريج أيضًا، ولا إثْمَ. نعم إن وَقَعَ منه ضررٌ. فذلك أمرٌ آمر، كما وقع للشاه أهلُ الله رحمه الله تعالى، وحكايتُهُ معروفةٌ. ¬

_ (¬1) قلتُ: وفي "المشكاة" عن الدارمي: "فإنها- خاتمة سورة البقرة - من خزائن رحمة الله تعالى، من تحت عرشه أعطاها هذه الأمة، لم تَتْرُكْ من خير الدنيا والآخرة إلَّا اشتملت عليه". اهـ. وحينئذٍ لا بأسَ أن يكونَ معناه: كَفَتَاهُ عن كلِّ شيءٍ. ثم اطَّلعت على روايةٍ عند الدارميِّ، عن الحسن مرسلًا: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قَرَأَ في ليلةٍ مائة آيةٍ، لم يُحَاجّه القرآنُ تلك الليلة. ومن قرأ في ليلةٍ مائتي آيةٍ، كُتِبَ له قنوت ليلة. ومن قرأ في ليلةٍ خمس مائة آيةٍ إلى الألف، أَصْبَحَ وله قنطارٌ من الأجر" ... إلخ. كذا في "المشكاة". فهذه الروايةُ توجِّه ما ذكر الشيخ، لدلالتها على أن للقرآن حقًّا على أصحابه، حتى أنه ليحاجّهم عنه. والله تعالى أعلم.

13 - باب تسمية من سمى من أهل بدر، فى الجامع الذى وضعه أبو عبد الله على حروف المعجم

4019 - قوله: (فإنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ، وإنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أن يَقُولَ كَلِمَتَهُ التي قَالَ) التشبيهُ الأول في عصمة الدَّمِ، الثاني في إباحته. يعني: كما أنَّك كُنْتَ محقوقَ الدَّمِ قبل قتله، كذلك صَارَ هو محقونَ الدَّمِ بعد إسلامه، وكما أنه كان مباحَ الدَّمِ قبل قوله كلمة الإِسلام، كذلك صِرْتَ أنت مباحُ الدَّمِ بعد قَتْلِهِ. 4020 - قوله: (أَنْتَ أَبَا جَهْلٍ) وهذا نظيرُ قول أبي حنيفة: ولو ضُرِبَ بأَبا قُبَيْس. وهذه لغةٌ في الأسماء الستة الكبَّرة مطردة. وجَهِلَ من طَعَنَ فيه على أبي حنيفة، ولم يوفَّقْ لحفظ مثله في البخاريِّ، كما وقع لأبي العلاء النحويِّ. 4022 - قوله: (كَانَ عَطَاءُ البَدْرِيِّينَ خَمْسَةَ آلافٍ)، وهو غَلَطٌ، والصواب: «خمسة آلافٍ، خمسة آلاف». مكرَّرًا. 4026 - قوله: (فَجَمِيعُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ قُرَيْشٍ، مِمَّنْ ضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ، أَحَدٌ وثَمَانُونَ رُجُلًا)، وهذا العدد لمن شَهِدُوا مطلقًا. وأمَّا العددُ الذي مضى فيما سلف من البخاريّ: «أنهم كانوا نيِّفًا على ستين»، فللمهاجرين. وفيه: أن غَزْوَةَ بدرٍ ما كانت إلَّا بعد الهجرة، فلا يكون فيها من قريشٍ إلَّا مهاجرٌ. فقيل: إن العددَ المذكورَ كان لمن قَاتَلُوا، وهذا لِمَنْ كان معهم من الغلمان، وغيرهم. فافهم. قوله: (النَّظَّارَةِ): "تماشائى". 13 - باب تَسْمِيةُ مَنْ سُمِّىَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، فِى الْجَامِعِ الَّذِى وَضَعَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ النَّبِىُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، إِيَاسُ بْنُ الْبُكَيْرِ، بِلاَلُ بْنُ رَبَاحٍ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ الْقُرَشِىِّ، حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِىُّ، حَاطِبُ بْنُ أَبِى بَلْتَعَةَ حَلِيفٌ لِقُرَيْشٍ، أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ الْقُرَشِىُّ، حَارِثَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِىُّ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ وَهْوَ حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ كَانَ فِى النَّظَّارَةِ، خُبَيْبُ بْنُ عَدِىٍّ الأَنْصَارِىُّ، خُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِىُّ، رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ الأَنْصَارِىُّ، رِفَاعَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ أَبُو لُبَابَةَ الأَنْصَارِىُّ، الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ الْقُرَشِىُّ، زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ أَبُو طَلْحَةَ الأَنْصَارِىُّ - أَبُو زَيْدٍ الأَنْصَارِىُّ - سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ الزُّهْرِىُّ، سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ الْقُرَشِىُّ، سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ الْقُرَشِىُّ، سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ الأَنْصَارِىُّ، ظُهَيْرُ بْنُ رَافِعٍ الأَنْصَارِىُّ وَأَخُوهُ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ الْقُرَشِىُّ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ الْهُذَلِىُّ، عُتْبَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الْهُذَلِىُّ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الزُّهْرِىُّ، عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ الْقُرَشِىُّ، عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ الأَنْصَارِىُّ، عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْعَدَوِىُّ، عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ الْقُرَشِىُّ خَلَّفَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى ابْنَتِهِ وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ، عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ الْهَاشِمِىُّ، عَمْرُو بْنُ عَوْفٍ حَلِيفُ بَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ، عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِىُّ، عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ الْعَنَزِىُّ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىُّ، عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ الأَنْصَارِىُّ، عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ

14 - باب حديث بنى النضير، ومخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم فى دية الرجلين، وما أرادوا من الغدر برسول الله - صلى الله عليه وسلم -

الأَنْصَارِىُّ، قُدَامَةُ بْنُ مَظْعُونٍ، قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ الأَنْصَارِىُّ، مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، مُعَوِّذُ ابْنُ عَفْرَاءَ وَأَخُوهُ، مَالِكُ بْنُ رَبِيعَةَ أَبُو أُسَيْدٍ الأَنْصَارِىُّ، مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِىُّ، مَعْنُ بْنُ عَدِىٍّ الأَنْصَارِىُّ، مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، مِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو الْكِنْدِىُّ حَلِيفُ بَنِى زُهْرَةَ، هِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ الأَنْصَارِىُّ - رضى الله عنهم. 112/ 5 14 - باب حَدِيثِ بَنِى النَّضِيرِ، وَمَخْرَجِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِمْ فِى دِيَةِ الرَّجُلَيْنِ، وَمَا أَرَادُوا مِنَ الْغَدْرِ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ الزُّهْرِىُّ عَنْ عُرْوَةَ كَانَتْ عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ قَبْلَ أُحُدٍ. وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا} [الحشر: 2] وَجَعَلَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ بَعْدَ بِئْرِ مَعُونَةَ وَأُحُدٍ. 4028 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ حَارَبَتِ النَّضِيرُ وَقُرَيْظَةُ، فَأَجْلَى بَنِى النَّضِيرِ، وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ، حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ وَقَسَمَ نِسَاءَهُمْ وَأَوْلاَدَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلاَّ بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَآمَنَهُمْ وَأَسْلَمُوا، وَأَجْلَى يَهُودَ الْمَدِينَةِ كُلَّهُمْ بَنِى قَيْنُقَاعَ وَهُمْ رَهْطُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ وَيَهُودَ بَنِى حَارِثَةَ، وَكُلَّ يَهُودِ الْمَدِينَةِ. تحفة 8455 4029 - حَدَّثَنِى الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ سُورَةُ الْحَشْرِ. قَالَ قُلْ سُورَةُ النَّضِيرِ. تَابَعَهُ هُشَيْمٌ عَنْ أَبِى بِشْرٍ. أطرافه 4645، 4882، 4883 - تحفة 5454 - 113/ 5 4030 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يَجْعَلُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - النَّخَلاَتِ حَتَّى افْتَتَحَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ. أطرافه 2630، 3128، 4120 - تحفة 877 4031 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ حَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَخْلَ بَنِى النَّضِيرِ وَقَطَعَ وَهْىَ الْبُوَيْرَةُ فَنَزَلَتْ {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} [الحشر: 5] أطرافه 2326، 3021، 4032، 4884 - تحفة 8267 4032 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا حَبَّانُ أَخْبَرَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ

ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حَرَّقَ نَخْلَ بَنِى النَّضِيرِ قَالَ وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِى لُؤَىٍّ ... حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ قَالَ فَأَجَابَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ أَدَامَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعٍ ... وَحَرَّقَ فِى نَوَاحِيهَا السَّعِيرُ سَتَعْلَمُ أَيُّنَا مِنْهَا بِنُزْهٍ ... وَتَعْلَمُ أَىَّ أَرْضَيْنَا تَضِيرُ أطرافه 2326، 3021، 4031، 4884 - تحفة 7637 4033 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِىُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - دَعَاهُ إِذْ جَاءَهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا فَقَالَ هَلْ لَكَ فِى عُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ يَسْتَأْذِنُونَ فَقَالَ نَعَمْ، فَأَدْخِلْهُمْ. فَلَبِثَ قَلِيلاً، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ هَلْ لَكَ فِى عَبَّاسٍ وَعَلِىٍّ يَسْتَأْذِنَانِ قَالَ نَعَمْ. فَلَمَّا دَخَلاَ قَالَ عَبَّاسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنِى وَبَيْنَ هَذَا، وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِى الَّذِى أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ بَنِى النَّضِيرِ، فَاسْتَبَّ عَلِىٌّ وَعَبَّاسٌ، فَقَالَ الرَّهْطُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ. فَقَالَ عُمَرُ اتَّئِدُوا، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ». يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ. قَالُوا قَدْ قَالَ ذَلِكَ. فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَبَّاسٍ وَعَلِىٍّ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ قَالَ ذَلِكَ قَالاَ نَعَمْ. قَالَ فَإِنِّى أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - فِى هَذَا الْفَىْءِ بِشَىْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ (وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ) إِلَى قَوْلِهِ (قَدِيرٌ) فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ، وَلاَ اسْتَأْثَرَهَا عَلَيْكُمْ، لَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَقَسَمَهَا فِيكُمْ، حَتَّى بَقِىَ هَذَا الْمَالُ مِنْهَا، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِىَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَعَمِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَيَاتَهُ، ثُمَّ تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَأَنَا وَلِىُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَبَضَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَعَمِلَ فِيهِ بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ. فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ وَقَالَ تَذْكُرَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ عَمِلَ فِيهِ كَمَا تَقُولاَنِ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ فِيهِ لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ أَنَا وَلِىُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ. فَقَبَضْتُهُ سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِى أَعْمَلُ فِيهِ بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى فِيهِ صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ جِئْتُمَانِى كِلاَكُمَا وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ، فَجِئْتَنِى - يَعْنِى عَبَّاسًا - فَقُلْتُ لَكُمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ

نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ». فَلَمَّا بَدَا لِى أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمَا قُلْتُ إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلاَنِ فِيهِ بِمَا عَمِلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ، وَمَا عَمِلْتُ فِيهِ مُذْ وَلِيتُ، وَإِلاَّ فَلاَ تُكَلِّمَانِى، فَقُلْتُمَا ادْفَعْهُ إِلَيْنَا بِذَلِكَ. فَدَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا، أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّى قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ فَوَاللَّهِ الَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ أَقْضِى فِيهِ بِقَضَاءٍ غَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهُ، فَادْفَعَا إِلَىَّ فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهُ. أطرافه 2904، 3094، 4885، 5357، 5358، 6728، 7305 تحفة 5136، 5135، 10632، 10633، 6611، 9834، 9724 ل، 3914، 3915، 10258 ل - 115/ 5 4034 - قَالَ فَحَدَّثْتُ هَذَا الْحَدِيثَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ صَدَقَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ، أَنَا سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - تَقُولُ أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عُثْمَانَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ يَسْأَلْنَهُ ثُمُنَهُنَّ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَكُنْتُ أَنَا أَرُدُّهُنَّ، فَقُلْتُ لَهُنَّ أَلاَ تَتَّقِينَ اللَّهَ، أَلَمْ تَعْلَمْنَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ «لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ - يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ - إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فِى هَذَا الْمَالِ». فَانْتَهَى أَزْوَاجُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى مَا أَخْبَرَتْهُنَّ. قَالَ فَكَانَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ بِيَدِ عَلِىٍّ، مَنَعَهَا عَلِىٌّ عَبَّاسًا فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ كَانَ بِيَدِ حَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ، ثُمَّ بِيَدِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِىٍّ، ثُمَّ بِيَدِ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ وَحَسَنِ بْنِ حَسَنٍ، كِلاَهُمَا كَانَا يَتَدَاوَلاَنِهَا، ثُمَّ بِيَدِ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ، وَهْىَ صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَقًّا. طرفاه 6727، 6730 - تحفة 16479 4035 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - وَالْعَبَّاسَ أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ يَلْتَمِسَانِ مِيرَاثَهُمَا، أَرْضَهُ مِنْ فَدَكٍ، وَسَهْمَهُ مِنْ خَيْبَرَ. 4036 - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِى هَذَا الْمَالِ». وَاللَّهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحَبُّ إِلَىَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِى. واعلم أن بني نَضِير، وبني قُرَيْظَة قبيلتان عظيمتان، وتحتهما بطونٌ، مثل بني قَيْنُقَاع، ويهود بني حارثة، وغيرهم. كان بينهم وبين النبيِّ صلى الله عليه وسلّم عهدٌ، فَغَدَرُوا فيه، فَأَجْلاَهُمْ إلى أريحاء، وتَيْمَاء، ووادي القُرَى. قوله: (هُوَ الذي أخْرَجَ الذين كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الحَشْرِ) ... إلخ. وهذا اللفظُ مشيرٌ إلى أن لهم إجلاءً ثانيًا أيضًا، كما أَجْلاَهُم عمر في زمنه من خَيْبَرَ، فَخَرَجُوا من جزيرة العرب إلى الشام، وقيل: إن ثاني الحشر يكون عند إبَّان الساعة إلى الشام - أرض الحساب - وذلك يَعُمُّ الناسَ كافةً. واعلم أن بيتَ الله كالديوان الخاص، وأَرْضُ الشام كالديوان العام، فالحسابُ يكون في أرض الشام. 4028 - قوله: (فَقَتَلَ رِجِالَهُمْ، وقَسَمَ نِسَاءَهُمْ وأَوْلاَدَهُمْ) اتَّفَقَ لي مرَّةً أن أُسْقُفًا

من النَّصَارى سأل مسلمًا: أن نبيكم لو كان صادقًا، فَلِمَ قتل ست مئة نفسٍ من اليهود؟ وأنا أَنْظُرُ ما يُجِيبُ، فرأيت المسلم عاجزًا عن الجواب، فَبَادَرْتُ إليه، وقلت له: وهل تُخْبِرُني أنه كم مرَّة عفا عنهم مع غدرهم، فما جزاهُ الغدر في شريعتكم؟ فسكت ثم قلتُ له: أخْرِجْ البابَ التاسعَ، أو السادسَ عشرَ من يوحنا، فَجَعَلَ يقرأ حتى إذا بَلَغَ على فارقليط، قلتُ له: من هو؟ قال: هو روحُ القُدُسِ. قلتُ له: وهل كان روحُ القُدُسِ يُقَارِقُهُ تارةً أو يلازمه كلَّ حينٍ، فما يقول عيسى عليه الصلاة والسلام: أن فارقليط لا يجيء ما لم أَذْهَبْ عنكم، فَبُهِتَ. ثم قلتُ: أنا أعلمُ بكتابكم منكم، فجعل يَسْتَفْسِرُني عن أشياءَ، وأنا أُجِيبُه. فلما دَنَا المنزل وانصرفت إليه، قام لي وأَكْرَمَنِي. 4033 - قوله: (هَلْ لَكَ في عُثْمَانَ) ... إلخ، وقد سَمِعْتُ منَّا مِرَارًا أن الكلامَ في فَدَكٍ لم يَكُنْ إرَّ في التولية، كما حقَّقه السَّمْهُوديُّ، لا في التمليك، والتملُّك. وإنما أراد من توليته أن لا يَصِيرَ الوقف مِلْكًا. وقد جرَّبنا أيضًا أن الوقفَ بعد السِّبْطَين يَنْقَلِبُ مِلْكًا للناس، فَأَحَبُّ أن يتولَّى هو بنفسه، ويَحْكُمَ فيه بحكم الله. وفي فِقْهِ الحنفية: أن الأَوْلَى بتولية الوقف ذُرِّيةُ الواقف، ما لَمْ تَظْهَرْ منهم خيانةٌ. قوله: (فَاسْتَبَّ عَلِيُّ وعَبَّاسٌ): ولا غروَ في السِّبَاب بينهما، فإنه من طباع الناس منذ خُلِقَ الزمان: أن أحدَهما إذا خاصم صاحبه يَرْفَعُ الكلام، ويَخْفِضُ فيه، وتَحْدُثُ فيه شِدَّةٌ وغلظةٌ. وليس من الطريق الصحيح أن يُقْطَعَ النظرُ عن الخارج، فقد وَقَعَ بين الصحابة أيضًا ما يَقَعَ بيننا، فإنهم كانوا بشرًا. نعم لم يكن نزاعُهم وسِبَابُهم لطمعٍ، أو هوىً، بل كان ابتغاءً لوجه الله تعالى، وتتبُّعًا لرضاه، بخلافُه فينا، وهذا هو الفرق. وقد شَغَبَ الشيعةُ - خذلهم الله - في أمر فَدَكٍ، وطَعَنُوا في أبي بكرٍ، ولم يَهْتَدُوا أن أبا بكرٍ إن كان أَبَى على فاطمةَ أن يَرُدَّ إليها ميراثها من أبيها، لذلك لم يَكُنْ برأيه، بل كان عنده فيه حديثٌ قَبْلَهُ كلُّهم، فأيُّ ذنبٍ أَذْنَبَهُ؟ ثم اتَّبعه في ذلك عمر في خلافته. ثم ما أجابه على عليٌّ حين أنشده بالله: أعمل بالتقية عند ذلك أيضًا، أو حَالَ الجريضُ دون القَريض - والعياذ بالله - أم كان وَافَقَهُ. ثم ماذا عَمِلَ فيه إذا اسْتُخْلِفَ هو بنفسه؟ فماذا بعد الحقِّ إلَّا الضلال؟!. وأمَّا عدم كلام فاطمة إيَّاه حتَّى ماتت، فالمرادُ منه كلامها في أمر فَدَكٍ، أو أنه لم يتَّفِقْ له ذلك. فلو سلَّمنا مَوْجِدَتَهَا عليه، فلَهُ العذرُ أيضًا، كما عَلِمْتَ، على أنه لم يُهَاجِرْهَا. فإن هَاجَرَتْهُ، فقد هَاجَرَتْهُ هي، فلا طَعْنَ على أبي بكرٍ بحالٍ. 4034 - قوله: (أَفَاءَ اللَّهُ)، أي صَرَفَهُ اللَّهُ إليكم. وما أَوْجَفْتُم أنتم عليه رِكَابَكُم،

15 - باب قتل كعب بن الأشرف

ولا خيلكم، فالفيءُ يكون إلى الرسول يتصرَّفُ فيه بما أَرَاه الله، لا أنه يكون مِلْكًا له. وراجع للفَدَكِ «التحفة» للشاه عبد العزيز، و «الصواقع» لعالم من كابل. واعلم أنه قد صَعَبَ على الفرق بين الفيء والغنيمة، فإن الفيء عندهم: ما يَحْصُلُ بدون إيجافِ الخيل والرِّكَاب، وهم يَعُدُّون أموالَ بني النَّضِير فيئًا، مع ثبوت المُحَاصَرَةِ فيها. فإن قلتَ: إنهم نَزَلُوا إلى الصُّلْحِ، فذلك مُشْكِلٌ، إذ قد يُضْطَرُّ إلى الصلح في الحروب أيضًا. ولعلَّ الوجه: أن الصُلْحَ بعد الحرب لا يُعَدُّ صلحًا، بل حربًا، لأنهم جَنَحَوا إلى السلم بعد تنكيل المسلمين فيهم، فَيُعْتَبَرُ المال المأخوذ منهم غنيمةً. وإذا لم يَقَعْ قتالٌ وحربٌ، فَصُلْحُهم يُحْمَلُ على أن اللَّهَ سبحانه هو الذي قَذَفَ في قلوبهم الرُّعْبَ، إذ لا بُدَّ له من سببٍ ظاهريَ، فَصُلْحُهُمْ بدون تقدُّمٍ إلى المحاربة إمارةٌ على أن اللَّهَ تعالى قَذَفَ الرُّعْبَ في قلوبهم، بخلاف الصُّلْح بعد الحرب. وإذن صَحَّ أن ما أُخِذَ منهم يُعَدُّ فيئًا، لكونه لم تُوجِفْ عليه خيلًا، ولا ركَابًا، وإنما هو مالٌ أفاء اللَّهُ سبحانه على رسوله. 15 - باب قَتْلُ كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ 4037 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ». فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ قَالَ «نَعَمْ». قَالَ فَأْذَنْ لِى أَنْ أَقُولَ شَيْئًا. قَالَ «قُلْ». فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَةً، وَإِنَّهُ قَدْ عَنَّانَا، وَإِنِّى قَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَسْلِفُكَ. قَالَ وَأَيْضًا وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ قَالَ إِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ فَلاَ نُحِبُّ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَىِّ شَىْءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا، أَوْ وَسْقَيْنِ - وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو غَيْرَ مَرَّةٍ، فَلَمْ يَذْكُرْ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ أَوْ فَقُلْتُ لَهُ فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ فَقَالَ أُرَى فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ - فَقَالَ نَعَمِ ارْهَنُونِى. قَالُوا أَىَّ شَىْءٍ تُرِيدُ قَالَ فَارْهَنُونِى نِسَاءَكُمْ. قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ قَالَ فَارْهَنُونِى أَبْنَاءَكُمْ. قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ، فَيُقَالُ رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ. هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللأْمَةَ - قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِى السِّلاَحَ - فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَجَاءَهُ لَيْلاً وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ وَهْوَ أَخُو كَعْبٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْحِصْنِ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَأَخِى أَبُو نَائِلَةَ - وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو قَالَتْ أَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ. قَالَ إِنَّمَا هُوَ أَخِى مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعِى أَبُو نَائِلَةَ - إِنَّ الْكَرِيمَ لَوْ دُعِىَ إِلَى طَعْنَةٍ بِلَيْلٍ لأَجَابَ قَالَ وَيُدْخِلُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَعَهُ رَجُلَيْنِ - قِيلَ لِسُفْيَانَ سَمَّاهُمْ عَمْرٌو قَالَ

16 - باب قتل أبى رافع عبد الله بن أبى الحقيق

سَمَّى بَعْضَهُمْ قَالَ عَمْرٌو جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ عَمْرٌو وَجَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ - فَقَالَ إِذَا مَا جَاءَ فَإِنِّى قَائِلٌ بِشَعَرِهِ فَأَشَمُّهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمُونِى اسْتَمْكَنْتُ مِنْ رَأْسِهِ فَدُونَكُمْ فَاضْرِبُوهُ. وَقَالَ مَرَّةً ثُمَّ أُشِمُّكُمْ. فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ مُتَوَشِّحًا وَهْوَ يَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ، فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رِيحًا - أَىْ أَطْيَبَ - وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو قَالَ عِنْدِى أَعْطَرُ نِسَاءِ الْعَرَبِ وَأَكْمَلُ الْعَرَبِ قَالَ عَمْرٌو فَقَالَ أَتَأْذَنُ لِى أَنْ أَشَمَّ رَأْسَكَ قَالَ نَعَمْ، فَشَمَّهُ، ثُمَّ أَشَمَّ أَصْحَابَهُ ثُمَّ قَالَ أَتَأْذَنُ لِى قَالَ نَعَمْ. فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ قَالَ دُونَكُمْ. فَقَتَلُوهُ ثُمَّ أَتَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرُوهُ. أطرافه 2510، 3031، 3032 - تحفة 2524 - 117/ 5 4037 - قوله: (فَإنِّي قَائِلٌ بِشَعَرِهِ فَأَشَمُّهُ) قال ابن جنيِّ: القول من حديث البحر، فحدِّث عنه ما شِئْتَ ولا حرج. وهو حنفيٌّ، قرَّر حديثَ: «ذكاة الجنين ذكاة أمه»، على نظر الحنفية. ثم وَجَدْتُ في مذكرته أيضًا أنه حنفيٌّ. 16 - باب قَتْلُ أَبِى رَافِعٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى الْحُقَيْقِ وَيُقَالُ: سَلاَّمُ بْنُ أَبِى الْحُقَيْقِ، كَانَ بِخَيْبَرَ، وَيُقَالُ: فِى حِصْنٍ لَهُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ. وَقَالَ الزُّهْرِىُّ: هُوَ بَعْدَ كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ. 4038 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَهْطًا إِلَى أَبِى رَافِعٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ بَيْتَهُ لَيْلاً وَهْوَ نَائِمٌ فَقَتَلَهُ. أطرافه 3022، 3023، 4039، 4040 - تحفة 1830 4039 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أَبِى رَافِعٍ الْيَهُودِىِّ رِجَالاً مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ، وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُؤْذِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَيُعِينُ عَلَيْهِ، وَكَانَ فِى حِصْنٍ لَهُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ، فَلَمَّا دَنَوْا مِنْهُ، وَقَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَرَاحَ النَّاسُ بِسَرْحِهِمْ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لأَصْحَابِهِ اجْلِسُوا مَكَانَكُمْ، فَإِنِّى مُنْطَلِقٌ، وَمُتَلَطِّفٌ لِلْبَوَّابِ، لَعَلِّى أَنْ أَدْخُلَ. فَأَقْبَلَ حَتَّى دَنَا مِنَ الْبَابِ ثُمَّ تَقَنَّعَ بِثَوْبِهِ كَأَنَّهُ يَقْضِى حَاجَةً، وَقَدْ دَخَلَ النَّاسُ، فَهَتَفَ بِهِ الْبَوَّابُ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَدْخُلَ فَادْخُلْ، فَإِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُغْلِقَ الْبَابَ. فَدَخَلْتُ فَكَمَنْتُ، فَلَمَّا دَخَلَ النَّاسُ أَغْلَقَ الْبَابَ، ثُمَّ عَلَّقَ الأَغَالِيقَ عَلَى وَتَدٍ قَالَ فَقُمْتُ إِلَى الأَقَالِيدِ، فَأَخَذْتُهَا فَفَتَحْتُ الْبَابَ، وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُسْمَرُ عِنْدَهُ، وَكَانَ فِى عَلاَلِىَّ لَهُ، فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْهُ أَهْلُ سَمَرِهِ صَعِدْتُ إِلَيْهِ، فَجَعَلْتُ كُلَّمَا فَتَحْتُ بَابًا

أَغْلَقْتُ عَلَىَّ مِنْ دَاخِلٍ، قُلْتُ إِنِ الْقَوْمُ نَذِرُوا بِى لَمْ يَخْلُصُوا إِلَىَّ حَتَّى أَقْتُلَهُ. فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ فِى بَيْتٍ مُظْلِمٍ وَسْطَ عِيَالِهِ، لاَ أَدْرِى أَيْنَ هُوَ مِنَ الْبَيْتِ فَقُلْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ. قَالَ مَنْ هَذَا فَأَهْوَيْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ، فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ، وَأَنَا دَهِشٌ فَمَا أَغْنَيْتُ شَيْئًا، وَصَاحَ فَخَرَجْتُ مِنَ الْبَيْتِ، فَأَمْكُثُ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ دَخَلْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ مَا هَذَا الصَّوْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ. فَقَالَ لأُمِّكَ الْوَيْلُ، إِنَّ رَجُلاً فِى الْبَيْتِ ضَرَبَنِى قَبْلُ بِالسَّيْفِ، قَالَ فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أَثْخَنَتْهُ وَلَمْ أَقْتُلْهُ، ثُمَّ وَضَعْتُ ظُبَةَ السَّيْفِ فِى بَطْنِهِ حَتَّى أَخَذَ فِى ظَهْرِهِ، فَعَرَفْتُ أَنِّى قَتَلْتُهُ، فَجَعَلْتُ أَفْتَحُ الأَبْوَابَ بَابًا بَابًا حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى دَرَجَةٍ لَهُ، فَوَضَعْتُ رِجْلِى وَأَنَا أُرَى أَنِّى قَدِ انْتَهَيْتُ إِلَى الأَرْضِ فَوَقَعْتُ فِى لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ، فَانْكَسَرَتْ سَاقِى، فَعَصَبْتُهَا بِعِمَامَةٍ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ حَتَّى جَلَسْتُ عَلَى الْبَابِ فَقُلْتُ لاَ أَخْرُجُ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَعْلَمَ أَقَتَلْتُهُ فَلَمَّا صَاحَ الدِّيكُ قَامَ النَّاعِى عَلَى السُّورِ فَقَالَ أَنْعَى أَبَا رَافِعٍ تَاجِرَ أَهْلِ الْحِجَازِ. فَانْطَلَقْتُ إِلَى أَصْحَابِى فَقُلْتُ النَّجَاءَ، فَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ أَبَا رَافِعٍ. فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ «ابْسُطْ رِجْلَكَ». فَبَسَطْتُ رِجْلِى، فَمَسَحَهَا، فَكَأَنَّهَا لَمْ أَشْتَكِهَا قَطُّ. أطرافه 3022، 3023، 4038، 4040 - تحفة 1811 - 118/ 5 4040 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا شُرَيْحٌ - هُوَ ابْنُ مَسْلَمَةَ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أَبِى رَافِعٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ فِى نَاسٍ مَعَهُمْ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى دَنَوْا مِنَ الْحِصْنِ، فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ امْكُثُوا أَنْتُمْ حَتَّى أَنْطَلِقَ أَنَا فَأَنْظُرَ. قَالَ فَتَلَطَّفْتُ أَنْ أَدْخُلَ الْحِصْنَ، فَفَقَدُوا حِمَارًا لَهُمْ - قَالَ - فَخَرَجُوا بِقَبَسٍ يَطْلُبُونَهُ - قَالَ - فَخَشِيتُ أَنْ أُعْرَفَ - قَالَ - فَغَطَّيْتُ رَأْسِى كَأَنِّى أَقْضِى حَاجَةً، ثُمَّ نَادَى صَاحِبُ الْبَابِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ فَلْيَدْخُلْ قَبْلَ أَنْ أُغْلِقَهُ. فَدَخَلْتُ ثُمَّ اخْتَبَأْتُ فِى مَرْبِطِ حِمَارٍ عِنْدَ بَابِ الْحِصْنِ، فَتَعَشَّوْا عِنْدَ أَبِى رَافِعٍ وَتَحَدَّثُوا حَتَّى ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى بُيُوتِهِمْ، فَلَمَّا هَدَأَتِ الأَصْوَاتُ وَلاَ أَسْمَعُ حَرَكَةً خَرَجْتُ - قَالَ - وَرَأَيْتُ صَاحِبَ الْبَابِ حَيْثُ وَضَعَ مِفْتَاحَ الْحِصْنِ، فِى كَوَّةٍ فَأَخَذْتُهُ فَفَتَحْتُ بِهِ بَابَ الْحِصْنِ. قَالَ قُلْتُ إِنْ نَذِرَ بِى الْقَوْمُ انْطَلَقْتُ عَلَى مَهَلٍ، ثُمَّ عَمَدْتُ إِلَى أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ، فَغَلَّقْتُهَا عَلَيْهِمْ مِنْ ظَاهِرٍ، ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى أَبِى رَافِعٍ فِى سُلَّمٍ، فَإِذَا الْبَيْتُ مُظْلِمٌ قَدْ طَفِئَ سِرَاجُهُ، فَلَمْ أَدْرِ أَيْنَ الرَّجُلُ، فَقُلْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ. قَالَ مَنْ هَذَا قَالَ فَعَمَدْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ فَأَضْرِبُهُ، وَصَاحَ فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا - قَالَ - ثُمَّ جِئْتُ كَأَنِّى أُغِيثُهُ فَقُلْتُ مَا لَكَ يَا أَبَا رَافِعٍ وَغَيَّرْتُ صَوْتِى. فَقَالَ أَلاَ أُعْجِبُكَ لأُمِّكَ الْوَيْلُ، دَخَلَ عَلَىَّ رَجُلٌ فَضَرَبَنِى بِالسَّيْفِ. قَالَ فَعَمَدْتُ لَهُ أَيْضًا فَأَضْرِبُهُ أُخْرَى فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا، فَصَاحَ وَقَامَ أَهْلُهُ، قَالَ ثُمَّ جِئْتُ وَغَيَّرْتُ صَوْتِى كَهَيْئَةِ الْمُغِيثِ، فَإِذَا هُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ، فَأَضَعُ السَّيْفَ فِى بَطْنِهِ ثُمَّ

17 - باب غزوة أحد

أَنْكَفِئُ عَلَيْهِ حَتَّى سَمِعْتُ صَوْتَ الْعَظْمِ، ثُمَّ خَرَجْتُ دَهِشًا حَتَّى أَتَيْتُ السُّلَّمَ أُرِيدُ أَنْ أَنْزِلَ، فَأَسْقُطُ مِنْهُ فَانْخَلَعَتْ رِجْلِى فَعَصَبْتُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُ أَصْحَابِى أَحْجُلُ فَقُلْتُ انْطَلِقُوا فَبَشِّرُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنِّى لاَ أَبْرَحُ حَتَّى أَسْمَعَ النَّاعِيَةَ، فَلَمَّا كَانَ فِى وَجْهِ الصُّبْحِ صَعِدَ النَّاعِيَةُ فَقَالَ أَنْعَى أَبَا رَافِعٍ. قَالَ فَقُمْتُ أَمْشِى مَا بِى قَلَبَةٌ، فَأَدْرَكْتُ أَصْحَابِى قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَشَّرْتُهُ. أطرافه 3022، 3023، 4038، 4039 - تحفة 1897 - 119/ 5 4039 - قوله: (ثُمَّ عَلَّقَ الأَغَالِيقَ على وَدٍّ) "كهونئى". قوله: (وكَانَ في عَلاَلِيَّ لَهُ)، جمعُ عُلَيَّة. 17 - باب غَزْوَةِ أُحُدٍ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران: 121]. وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)} [آل عمران: 139 - 143]. وَقَوْلِهِ: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152)} [آل عمران: 152]. وَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} الآيَةَ [آل عمران: 169]. 120/ 5 4041 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ «هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ عَلَيْهِ أَدَاةُ الْحَرْبِ». طرفه 3995 - تحفة 6060 4042 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِىٍّ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حَيْوَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِى سِنِينَ، كَالْمُوَدِّعِ لِلأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ، ثُمَّ طَلَعَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ «إِنِّى بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَرَطٌ، وَأَنَا عَلَيْكُمْ شَهِيدٌ، وَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْحَوْضُ، وَإِنِّى لأَنْظُرُ إِلَيْهِ مِنْ مَقَامِى هَذَا، وَإِنِّى لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا، وَلَكِنِّى أَخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوهَا». قَالَ فَكَانَتْ آخِرَ نَظْرَةٍ نَظَرْتُهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1344، 3596، 4085، 6426، 6590 - تحفة 9956

4043 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ لَقِينَا الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ، وَأَجْلَسَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - جَيْشًا مِنَ الرُّمَاةِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ وَقَالَ «لاَ تَبْرَحُوا، إِنْ رَأَيْتُمُونَا ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ فَلاَ تَبْرَحُوا وَإِنْ رَأَيْتُمُوهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْنَا فَلاَ تُعِينُونَا». فَلَمَّا لَقِينَا هَرَبُوا حَتَّى رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ فِى الْجَبَلِ، رَفَعْنَ عَنْ سُوقِهِنَّ قَدْ بَدَتْ خَلاَخِلُهُنَّ، فَأَخَذُوا يَقُولُونَ الْغَنِيمَةَ الْغَنِيمَةَ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ عَهِدَ إِلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ لاَ تَبْرَحُوا. فَأَبَوْا، فَلَمَّا أَبَوْا صُرِفَ وُجُوهُهُمْ، فَأُصِيبَ سَبْعُونَ قَتِيلاً، وَأَشْرَفَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ أَفِى الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ فَقَالَ «لاَ تُجِيبُوهُ». فَقَالَ أَفِى الْقَوْمِ ابْنُ أَبِى قُحَافَةَ قَالَ «لاَ تُجِيبُوهُ». فَقَالَ أَفِى الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ إِنَّ هَؤُلاَءِ قُتِلُوا، فَلَوْ كَانُوا أَحْيَاءً لأَجَابُوا، فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ نَفْسَهُ فَقَالَ كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْكَ مَا يُخْزِيكَ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ أُعْلُ هُبَلْ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَجِيبُوهُ». قَالُوا مَا نَقُولُ قَالَ «قُولُوا اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ». قَالَ أَبُو سُفْيَانَ لَنَا الْعُزَّى وَلاَ عُزَّى لَكُمْ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَجِيبُوهُ». قَالُوا مَا نَقُولُ قَالَ «قُولُوا اللَّهُ مَوْلاَنَا وَلاَ مَوْلَى لَكُمْ». قَالَ أَبُو سُفْيَانَ يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، وَتَجِدُونَ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِى. أطرافه 3039، 3986، 4067، 4561 - تحفة 1812 - 121/ 5 4044 - أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ قَالَ اصْطَبَحَ الْخَمْرَ يَوْمَ أُحُدٍ نَاسٌ ثُمَّ قُتِلُوا شُهَدَاءَ. طرفاه 2815، 4618 - تحفة 2543 4045 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ أُتِىَ بِطَعَامٍ، وَكَانَ صَائِمًا فَقَالَ قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَهْوَ خَيْرٌ مِنِّى، كُفِّنَ فِى بُرْدَةٍ، إِنْ غُطِّىَ رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلاَهُ، وَإِنْ غُطِّىَ رِجْلاَهُ بَدَا رَأْسُهُ - وَأُرَاهُ قَالَ - وَقُتِلَ حَمْزَةُ وَهْوَ خَيْرٌ مِنِّى، ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ، أَوْ قَالَ أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا، وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا. ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِى حَتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ. طرفاه 1274، 1275 - تحفة 9712 4046 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فَأَيْنَ أَنَا قَالَ «فِى الْجَنَّةِ» فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ فِى يَدِهِ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. تحفة 2530 4047 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ خَبَّابٍ - رضى الله عنه - قَالَ هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَبْتَغِى وَجْهَ اللَّهِ، فَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، وَمِنَّا مَنْ مَضَى أَوْ ذَهَبَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، كَانَ مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، لَمْ يَتْرُكْ إِلاَّ نَمِرَةً، كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلاَهُ، وَإِذَا غُطِّىَ بِهَا رِجْلاَهُ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَقَالَ لَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلِهِ

الإِذْخِرَ - أَوْ قَالَ أَلْقُوا عَلَى رِجْلِهِ مِنَ الإِذْخِرِ». وَمِنَّا مَنْ قَدْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهْوَ يَهْدُبُهَا. أطرافه 1276، 3897، 3913، 3914، 4082، 6432، 6448 - تحفة 3514 - 122/ 5 4048 - أَخْبَرَنَا حَسَّانُ بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ عَمَّهُ غَابَ عَنْ بَدْرٍ فَقَالَ غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، لَئِنْ أَشْهَدَنِى اللَّهُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أُجِدُّ. فَلَقِىَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَهُزِمَ النَّاسُ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّى أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاَءِ - يَعْنِى الْمُسْلِمِينَ - وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ. فَتَقَدَّمَ بِسَيْفِهِ فَلَقِىَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فَقَالَ أَيْنَ يَا سَعْدُ إِنِّى أَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ دُونَ أُحُدٍ. فَمَضَى فَقُتِلَ، فَمَا عُرِفَ حَتَّى عَرَفَتْهُ أُخْتُهُ بِشَامَةٍ أَوْ بِبَنَانِهِ، وَبِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ مِنْ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ. طرفاه 2805، 4783 - تحفة 748 4049 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ فَقَدْتُ آيَةً مِنَ الأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ، كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ بِهَا، فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىِّ {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} [الأحزاب: 23] فَأَلْحَقْنَاهَا فِى سُورَتِهَا فِى الْمُصْحَفِ. أطرافه 2807، 4679، 4784، 4986، 4988، 4989، 7191، 7425 تحفة 3703، 3527 أ 4050 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ، يُحَدِّثُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أُحُدٍ، رَجَعَ نَاسٌ مِمَّنْ خَرَجَ مَعَهُ، وَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِرْقَتَيْنِ، فِرْقَةً تَقُولُ نُقَاتِلُهُمْ. وَفِرْقَةً تَقُولُ لاَ نُقَاتِلُهُمْ. فَنَزَلَتْ {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} [النساء: 88] وَقَالَ «إِنَّهَا طَيْبَةُ تَنْفِى الذُّنُوبَ كَمَا تَنْفِى النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ». طرفاه 1884، 4589 - تحفة 3727 - 123/ 5 وكان لا بُدَّ من وقوعها، لأن الصحابةَ كانوا رَضَوْا في بدرٍ بالمفاداة، وأن يُقْتَلُ منهم سبعون من قابل. قوله: ({وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا})، وفسَّره السيوطي بقوله: وليميِّز اللَّهُ، وكذا الإِمام الراغب. وهذا لا يزيد عندي على أمرٍ عقليَ. ومرَّ عليه الزمخشريُّ، وصاحب «المدارك»، وقد أجادا. وفصَّله مولانا شيخُ الهند في «فوائده». قلتُ: والذي تبيَّن لنا من صنيع القرآن أنه نَزَلَ بمحاوراتهم، ولم يتنحَّ في موضع عمَّا يحاورونه فيما بينهم. فالمرادُ منه رؤيةُ الشيءِ في الخارج بعد خروجه من عالم الغيب فالله تعالى، وإن كان يعلم الذين آمنوا مِمَّن ليسوا كذلك قبله أيضًا، لكنَّه أَرَادَ أن يرى في الخارج أيضًا ما قد عَلِمَهُ في عالم الغيب، على حدِّ قولك لصاحبك: إني لا

18 - باب {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون (122)} [آل عمران: 122]

أَثِقُ بك حتى أَرَى منك الأمر كذا. فالله سبحانه يَعْلَمُ الأشياءَ على تفاصيلها التي سَتَقَعُ عليها، ولكنَّه أَرَادَ أن يَرَاهَا في الخارج أيضًا، كما عَلِمَهُ. فهذا بالحقيقة إبرازُ شيءٍ من عالم الغيب إلى ساحة الوجود. قوله: ({مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ}) أي مال الغنيمة، والنَّصْرِ. 4043 - قوله: (أفي القَوْمِ مُحمَّدٌ؟ قال: لا تُجيبُوهُ. فقال: أفي القَوْمِ ابنُ أَبي قُحَافَةَ) ... إلخ. وفيه: أن الكفارَ أيضًا كانوا يَعْرِفُون أن الفضلَ بينهم بهذا الترتيب. قوله: (أعْلُ هُبَلْ)، وهو اسمُ صنمٍ أتى به عمرو بن لُحَي. وقيل: إنه كان عندهم صنمٌ اتَّخَذُوه على اسم هابيل المقتول، كعامر، وعمر. ومعنى الكلمة: أي هُبَل صِرْ عاليًا. 4049 - قوله: (فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ)، أي وجدناها مكتوبةً عنده فقط، وإلَّا فالقرآنُ كلُّه متواترٌ. وكان عثمانُ أمرهم أن يَأْتُوا بها مكتوبةً. فلذا تتبَّعُوها مكتوبةً، فوجدوها عند خُزَيْمَةَ. ووجدوا آيةً أخرى أيضًا عند أبي خُزَيْمة، فالواقعتان صحيحتان. 18 - باب {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122)} [آل عمران: 122] 4051 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِينَا {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} بَنِى سَلِمَةَ وَبَنِى حَارِثَةَ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ، وَاللَّهُ يَقُولُ {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} طرفه 4558 - تحفة 2534 4052 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ نَكَحْتَ يَا جَابِرُ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «مَاذَا أَبِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا». قُلْتُ لاَ بَلْ ثَيِّبًا. قَالَ «فَهَلاَّ جَارِيَةً تُلاَعِبُكَ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِى قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَاتٍ كُنَّ لِى تِسْعَ أَخَوَاتٍ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَجْمَعَ إِلَيْهِنَّ جَارِيَةً خَرْقَاءَ مِثْلَهُنَّ، وَلَكِنِ امْرَأَةً تَمْشُطُهُنَّ وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ. قَالَ «أَصَبْتَ». أطرافه 443، 1801، 2097، 2309، 2385، 2394، 2406، 2470، 2603، 2604، 2718، 2861، 2967، 3087، 3089، 3090، 5079، 5080، 5243، 5244، 5245، 5246، 5247، 5367، 6387 - تحفة 2535 4053 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ أَبِى سُرَيْجٍ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ فِرَاسٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما أَنَّ أَبَاهُ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا، وَتَرَكَ سِتَّ بَنَاتٍ، فَلَمَّا حَضَرَ جِذَاذُ النَّخْلِ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ وَالِدِى قَدِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ دَيْنًا كَثِيرًا، وَإِنِّى أُحِبُّ أَنْ

يَرَاكَ الْغُرَمَاءُ. فَقَالَ «اذْهَبْ فَبَيْدِرْ كُلَّ تَمْرٍ عَلَى نَاحِيَةٍ». فَفَعَلْتُ ثُمَّ دَعَوْتُهُ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ كَأَنَّهُمْ أُغْرُوا بِى تِلْكَ السَّاعَةَ، فَلَمَّا رَأَى مَا يَصْنَعُونَ أَطَافَ حَوْلَ أَعْظَمِهَا بَيْدَرًا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ «ادْعُ لَكَ أَصْحَابَكَ». فَمَا زَالَ يَكِيلُ لَهُمْ حَتَّى أَدَّى اللَّهُ عَنْ وَالِدِى أَمَانَتَهُ، وَأَنَا أَرْضَى أَنْ يُؤَدِّىَ اللَّهُ أَمَانَةَ وَالِدِى، وَلاَ أَرْجِعَ إِلَى أَخَوَاتِى بِتَمْرَةٍ، فَسَلَّمَ اللَّهُ الْبَيَادِرَ كُلَّهَا وَحَتَّى إِنِّى أَنْظُرُ إِلَى الْبَيْدَرِ الَّذِى كَانَ عَلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كَأَنَّهَا لَمْ تَنْقُصْ تَمْرَةً وَاحِدَةً. أطرافه 2127، 2395، 2396، 2405، 2601، 2709، 2781، 3580، 6250 تحفة 2344 - 124/ 5 4054 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ، وَمَعَهُ رَجُلاَنِ يُقَاتِلاَنِ عَنْهُ، عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ، كَأَشَدِّ الْقِتَالِ، مَا رَأَيْتُهُمَا قَبْلُ وَلاَ بَعْدُ. طرفه 5826 - تحفة 3843 4055 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ السَّعْدِىُّ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ يَقُولُ نَثَلَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كِنَانَتَهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ «ارْمِ فِدَاكَ أَبِى وَأُمِّى». أطرافه 3725، 4056، 4057 - تحفة 3857 4056 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ جَمَعَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ. أطرافه 3725، 4055، 4057 - تحفة 3857 4057 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَحْيَى عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ - رضى الله عنه - لَقَدْ جَمَعَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ أَبَوَيْهِ كِلَيْهِمَا. يُرِيدُ حِينَ قَالَ «فِدَاكَ أَبِى وَأُمِّى». وَهُوَ يُقَاتِلُ. أطرافه 3725، 4055، 4056 - تحفة 3857 4058 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شَدَّادٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا - رضى الله عنه - يَقُولُ مَا سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَجْمَعُ أَبَوَيْهِ لأَحَدٍ غَيْرَ سَعْدٍ. أطرافه 2905، 4059، 6184 - تحفة 10190 4059 - حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ مَا سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - جَمَعَ أَبَوَيْهِ لأَحَدٍ إِلاَّ لِسَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، فَإِنِّى سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ أُحُدٍ «يَا سَعْدُ ارْمِ، فِدَاكَ أَبِى وَأُمِّى». أطرافه 2905، 4058، 6184 - تحفة 10190 4060 و 4061 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُعْتَمِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ زَعَمَ أَبُو عُثْمَانَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَعْضِ تِلْكَ الأَيَّامِ الَّتِى يُقَاتِلُ فِيهِنَّ غَيْرُ طَلْحَةَ وَسَعْدٍ. عَنْ حَدِيثِهِمَا. حديث 4060 طرفه 3722 - تحفة 5003 حديث 4061 طرفه 3723 - تحفة 3903 4062 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ

يُوسُفَ قَالَ سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ قَالَ صَحِبْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَطَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَالْمِقْدَادَ وَسَعْدًا رضى الله عنهم فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، إِلاَّ أَنِّى سَمِعْتُ طَلْحَةَ يُحَدِّثُ عَنْ يَوْمِ أُحُدٍ طرفه 2824 - تحفة 4998 - 125/ 5 4063 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ شَلاَّءَ، وَقَى بِهَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ. طرفه 3724 - تحفة 5007 4064 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَىِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مُجَوِّبٌ عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ لَهُ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلاً رَامِيًا شَدِيدَ النَّزْعِ، كَسَرَ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، وَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ مَعَهُ بِجَعْبَةٍ مِنَ النَّبْلِ فَيَقُولُ انْثُرْهَا لأَبِى طَلْحَةَ. قَالَ وَيُشْرِفُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْظُرُ إِلَى الْقَوْمِ، فَيَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى، لاَ تُشْرِفْ يُصِيبُكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْقَوْمِ، نَحْرِى دُونَ نَحْرِكَ. وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِى بَكْرٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ، وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا تَنْقُزَانِ الْقِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا، تُفْرِغَانِهِ فِى أَفْوَاهِ الْقَوْمِ ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلآنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهِ فِى أَفْوَاهِ الْقَوْمِ، وَلَقَدْ وَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدَىْ أَبِى طَلْحَةَ إِمَّا مَرَّتَيْنِ وَإِمَّا ثَلاَثًا. أطرافه 2880، 2902، 3811 - تحفة 1041 4065 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ، فَصَرَخَ إِبْلِيسُ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَىْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ. فَرَجَعَتْ أُولاَهُمْ فَاجْتَلَدَتْ هِىَ وَأُخْرَاهُمْ فَبَصُرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ فَقَالَ أَىْ عِبَادَ اللَّهِ أَبِى أَبِى. قَالَ قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ فَقَالَ حُذَيْفَةُ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ عُرْوَةُ فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ فِى حُذَيْفَةَ بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجلَّ. بَصُرْتُ عَلِمْتُ، مِنَ الْبَصِيرَةِ فِى الأَمْرِ، وَأَبْصَرْتُ مِنْ بَصَرِ الْعَيْنِ وَيُقَالُ بَصُرْتُ وَأَبْصَرْتُ وَاحِدٌ. أطرافه 3290، 3824، 6668، 6883، 6890 - تحفة 16824، 19025 أ 4052 - قوله: (هَلْ نَكَحْتَ يا جَابِرُ) ... إلخ، وكان عمره إذ ذاك نحو خمسة عشر. وإنما كان نَكَحَ ثيِّبًا لحكمة ذكرها في الحديث. 4054 - قوله: (مَعَهُ رَجُلاَنِ يُقَاتِلاَنِ) وقد وَقَعَ نحو تلك المشاهدة لبعض المقرَّبين، وآحادٍ من الناس، لِيَعْلَمُوا أن الله يَنْصُرُ رسلَه بالغيب، ولا يَبْقَى الأمرُ غيبًا محضًا. ولو يراهم الناسُ كلهم كِفَاحًا، لم يُنَاسِبْ ذلك عالم التكليف. 4060، 4061 - قوله: (لم يَبْقَ مَعَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في بَعْضِ تِلْكَ الأَيَّامِ التي يُقَاتِلُ فِيهِنَّ غَيْرُ طَلْحَةَ، وسَعْدٍ) قلتُ: الفِرَارُ اسمٌ لترك المعركة. أمَّا إذا كان الانتشارُ في المعركة،

19 - باب قول الله تعالى: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم (155)} [آل عمران: 155].

والتقشُّع، والفِرَارُ من ناحيةٍ إلى أخرى، فلا يسمَّى ذلك فِرَارًا. ولعلَّ ما وَقَعَ منهم هو هذا دون الفِرَارِ عن المعركة. 4064 - قوله: (تُنْقِزَانِ القِرَبَ): "جهلكاتي تهين مشكون كو: دور نى كى وجه سى". وقد عزا بعضُهم إلى البخاريّ ترجمته: تخيطان، وليس بصوابٍ. لأن النقز ليس بمعنى الخياطة. وكذا ما سيفسِّره به الراوي غَلَطٌ. ثم إن الحجابَ لم يَكُنْ نَزَلَ بعدُ. على أن الرؤيةَ في قوله له: «أَرَى خَدَمَ ساقهما»، ليست قَصْدِيّةً. 4065 - قوله: (يُقَالُ: بَصُرْتُ وأَبْصَرْتُ، وَاحِدٌ) فَبَصُرَ مع كونه من كَرُمَ متعدَ، ففيه شذوذٌ. 19 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)} [آل عمران: 155]. 4066 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ حَجَّ الْبَيْتَ فَرَأَى قَوْمًا جُلُوسًا فَقَالَ مَنْ هَؤُلاَءِ الْقُعُودُ قَالُوا هَؤُلاَءِ قُرَيْشٌ. قَالَ مَنِ الشَّيْخُ قَالُوا ابْنُ عُمَرَ. فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنِّى سَائِلُكَ عَنْ شَىْءٍ أَتُحَدِّثُنِى، قَالَ أَنْشُدُكَ بِحُرْمَةِ هَذَا الْبَيْتِ أَتَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَتَعْلَمُهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَدْرٍ فَلَمْ يَشْهَدْهَا قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَتَعْلَمُ أَنَّهُ تَخَلَّفَ عَنْ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ فَلَمْ يَشْهَدْهَا قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَكَبَّرَ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ تَعَالَ لأُخْبِرَكَ وَلأُبَيِّنَ لَكَ عَمَّا سَأَلْتَنِى عَنْهُ، أَمَّا فِرَارُهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ، وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَدْرٍ فَإِنَّهُ كَانَ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَتْ مَرِيضَةً، فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ». وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ أَعَزَّ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ لَبَعَثَهُ مَكَانَهُ، فَبَعَثَ عُثْمَانَ، وَكَانَ بَيْعَةُ الرُّضْوَانِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إِلَى مَكَّةَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ الْيُمْنَى «هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ». فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ فَقَالَ «هَذِهِ لِعُثْمَانَ». اذْهَبْ بِهَذَا الآنَ مَعَكَ. أطرافه 3130، 3698، 3704، 4513، 4514، 4650، 4651، 7095 تحفة 7319 - 126/ 5 4066 - قوله: (جَاءَ رَجُلٌ) ... إلخ، ولعلَّه كان مصريًّا، لأن أول من بغى على عثمان أهل مصر. 4066 - قوله: (أنَّهُ تَخَلَّفَ عَنْ بَيْعَةِ الرُضْوَانِ، فَلَمْ يَشْهَدْهَا) ومما يتحيَّرُ منه الناظرُ من إيثار الصحابة، واتَّباع الحقِّ، وعدم التجاوز عنه: أن ابنَ عمر مع كونه ابنًا للخليفة، لَمَّا سُئِلَ عن عثمان لم يتكلَّم فيه إلَّا بخيرٍ، وذَبَّ عنه بما كفى وشفى. ولو كان لأحدٍ مثله اليوم لَحَسَدَ عليه، ولنال من عِرْضِهِ أضعاف ذلك. فهذا يَدُلَّكَ على كونهم أعدلَ أفرادِ البشرِ.

20 - باب {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد

قوله: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ) ... إلخ، واخْتُلِفَ في شأن نزوله، ولعلَّه نَزَل بعد الوقائع الثلاث التي نُقِلَتْ فيها، فَنُسِبَ إليها لتقاربها. 20 - باب {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153)} [آل عمران: 153]. تُصْعِدُونَ: تَذْهَبُونَ، أَصْعَدَ وَصَعِدَ فَوْقَ الْبَيْتِ. 4067 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ جَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ، وَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ، فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِى أُخْرَاهُمْ. أطرافه 3039، 3986، 4043، 4561 - تحفة 1837 21 - باب {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154)} [آل عمران: 154] 127/ 5 4068 - وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِى طَلْحَةَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنْتُ فِيمَنْ تَغَشَّاهُ النُّعَاسُ يَوْمَ أُحُدٍ، حَتَّى سَقَطَ سَيْفِى مِنْ يَدِى مِرَارًا، يَسْقُطُ وَآخُذُهُ، وَيَسْقُطُ فَآخُذُهُ. طرفه 4562 - تحفة 3771 22 - باب {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128)} [آل عمران: 128] قَالَ حُمَيْدٌ وَثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ شُجَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ «كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهُمْ». فَنَزَلَتْ {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}. 4069 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِىُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ مِنَ الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنَ الْفَجْرِ يَقُولُ «اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا وَفُلاَنًا». بَعْدَ مَا يَقُولُ «سَمِعَ اللَّهُ

23 - باب ذكر أم سليط

لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} إِلَى قَوْلِهِ {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}. أطرافه 4070، 4559، 7346 - تحفة 6940 4070 - وَعَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِى سُفْيَانَ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُو عَلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو وَالْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَزَلَتْ {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} إِلَى قَوْلِهِ {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}. أطرافه 4069، 4559، 7346 - تحفة 18669 23 - باب ذِكْرِ أُمِّ سَلِيطٍ 4071 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَقَالَ ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِى مَالِكٍ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - قَسَمَ مُرُوطًا بَيْنَ نِسَاءٍ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَبَقِىَ مِنْهَا مِرْطٌ جَيِّدٌ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ عِنْدَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَعْطِ هَذَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الَّتِى عِنْدَكَ. يُرِيدُونَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِىٍّ. فَقَالَ عُمَرُ أُمُّ سَلِيطٍ أَحَقُّ بِهِ. وَأُمُّ سَلِيطٍ مِنْ نِسَاءِ الأَنْصَارِ مِمَّنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ عُمَرُ فَإِنَّهَا كَانَتْ تُزْفِرُ لَنَا الْقِرَبَ يَوْمَ أُحُدٍ. طرفه 2881 - تحفة 10417 - 128/ 5 4071 - قوله: (إنَّ عُمَرَ بن الخَطَّابِ رضي الله عنه قَسَمَ مُرُوطًا بين نساءٍ من نساء أَهْلِ المَدِينَةِ، إلى قوله: يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَعْطِ هذا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم التي عِنْدَكَ، يُرِيدُونَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيَ) وثَبَتَ منه نكاح عمر من بنت عليّ، والروافضُ الملاعنةُ يُنْكِرُونَهُ. 24 - باب قَتْلُ حَمْزَةَ رضى الله عنه 4072 - حَدَّثَنِى أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِىِّ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِىِّ بْنِ الْخِيَارِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا حِمْصَ قَالَ لِى عُبَيْدُ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِى وَحْشِىٍّ نَسْأَلُهُ عَنْ قَتْلِ حَمْزَةَ قُلْتُ نَعَمْ. وَكَانَ وَحْشِىٌّ يَسْكُنُ حِمْصَ فَسَأَلْنَا عَنْهُ فَقِيلَ لَنَا هُوَ ذَاكَ فِى ظِلِّ قَصْرِهِ، كَأَنَّهُ حَمِيتٌ. قَالَ فَجِئْنَا حَتَّى وَقَفْنَا عَلَيْهِ بِيَسِيرٍ، فَسَلَّمْنَا، فَرَدَّ السَّلاَمَ، قَالَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ مُعْتَجِرٌ بِعِمَامَتِهِ، مَا يَرَى وَحْشِىٌّ إِلاَّ عَيْنَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ يَا وَحْشِىُّ أَتَعْرِفُنِى قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ لاَ وَاللَّهِ إِلاَّ أَنِّى أَعْلَمُ أَنَّ عَدِىَّ بْنَ الْخِيَارِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا أُمُّ قِتَالٍ بِنْتُ أَبِى الْعِيصِ، فَوَلَدَتْ لَهُ غُلاَمًا بِمَكَّةَ، فَكُنْتُ أَسْتَرْضِعُ لَهُ، فَحَمَلْتُ ذَلِكَ الْغُلاَمَ مَعَ أُمِّهِ، فَنَاوَلْتُهَا إِيَّاهُ، فَلَكَأَنِّى نَظَرْتُ إِلَى قَدَمَيْكَ. قَالَ فَكَشَفَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ أَلاَ تُخْبِرُنَا بِقَتْلِ حَمْزَةَ قَالَ نَعَمْ، إِنَّ حَمْزَةَ قَتَلَ طُعَيْمَةَ بْنَ عَدِىِّ بْنِ الْخِيَارِ بِبَدْرٍ، فَقَالَ لِى مَوْلاَىَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ إِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بِعَمِّى فَأَنْتَ حُرٌّ، قَالَ فَلَمَّا أَنْ

قصة الحرب مع مسيلمة

خَرَجَ النَّاسُ عَامَ عَيْنَيْنِ - وَعَيْنَيْنِ جَبَلٌ بِحِيَالِ أُحُدٍ، بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَادٍ - خَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ إِلَى الْقِتَالِ، فَلَمَّا اصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ خَرَجَ سِبَاعٌ فَقَالَ هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ قَالَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ يَا سِبَاعُ يَا ابْنَ أُمِّ أَنْمَارٍ مُقَطِّعَةِ الْبُظُورِ، أَتُحَادُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ فَكَانَ كَأَمْسِ الذَّاهِبِ - قَالَ - وَكَمَنْتُ لِحَمْزَةَ تَحْتَ صَخْرَةٍ فَلَمَّا دَنَا مِنِّى رَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِى، فَأَضَعُهَا فِى ثُنَّتِهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ وَرِكَيْهِ - قَالَ - فَكَانَ ذَاكَ الْعَهْدَ بِهِ، فَلَمَّا رَجَعَ النَّاسُ رَجَعْتُ مَعَهُمْ فَأَقَمْتُ بِمَكَّةَ، حَتَّى فَشَا فِيهَا الإِسْلاَمُ، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الطَّائِفِ، فَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَسُولًا، فَقِيلَ لِى إِنَّهُ لاَ يَهِيجُ الرُّسُلَ - قَالَ - فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا رَآنِى قَالَ «آنْتَ وَحْشِىٌّ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «أَنْتَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ». قُلْتُ قَدْ كَانَ مِنَ الأَمْرِ مَا بَلَغَكَ. قَالَ «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّبَ وَجْهَكَ عَنِّى». قَالَ فَخَرَجْتُ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ قُلْتُ لأَخْرُجَنَّ إِلَى مُسَيْلِمَةَ لَعَلِّى أَقْتُلُهُ فَأُكَافِئَ بِهِ حَمْزَةَ - قَالَ - فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ - قَالَ - فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِى ثَلْمَةِ جِدَارٍ، كَأَنَّهُ جَمَلٌ أَوْرَقُ ثَائِرُ الرَّأْسِ - قَالَ - فَرَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِى، فَأَضَعُهَا بَيْنَ ثَدْيَيْهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ - قَالَ - وَوَثَبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى هَامَتِهِ. قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ فَأَخْبَرَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ فَقَالَتْ جَارِيَةٌ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ وَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَتَلَهُ الْعَبْدُ الأَسْوَدُ. تحفة 11793، 7094 أ - 129/ 5 4072 - قوله: (وَعُبَيْدُ اللَّهِ مُعْتَجِرٌ) ... إلخ، الاعتجارُ: دهاتا باند هنا، (فأَضَعُهَا في ثُنَّتِهِ): "زير ناف جكه". قصة الحرب مع مُسَيْلِمة واعلم أن حزبَ (¬1) مُسَيْلِمة كانوا أربعين ألفًا يُحَارِبُون من وراء جدار، وجماعةُ الصحابة كانت حوله، فلم يَنْجَحُوا، فقال أبو دُجَانة: لا يعنْكَشِفُ الأمرُ حتَّى تُعَلِّقُوني على قَصَبٍ، ثم تُلْقُوني وراء الجدار، ففعلوا. فَبَارَزَ أربعين ألفًا وحده. حتى اسْتُشْهِدَ. وكَسَرَ خالدٌ الجدارَ في تلك المدَّة، ودَخَل فيه عسكرُ المسلمين، وكانوا ستة آلاف، ثم فَتَحَ اللَّهُ لهم. واعلم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يَقْتُلْ أحدًا من الكفَّار بيده الكريمة، غير أُبَيِّ بن خَلَف، فإنه كان يقول: إنِّي أُطْعِمُ فرسي كل يوم صاعًا من زبيبٍ، أُعِدُّه لقتالك - قاتله الله - فلمَّا وقعت غزوةُ أُحُدٍ، وأُذِيعَ موت رسول الله صلى الله عليه وسلّم جاء يُنَادِيه باسمه. فأراد الصحابةُ أن ¬

_ (¬1) ذكر العيني تلك القصة، ولم يَذْكُرْ قصة تسوُّر الجدار، فليراجع "عمدة القاري".

25 - باب ما أصاب النبى - صلى الله عليه وسلم - من الجراح يوم أحد

يُجِيبُوه، فمنعهم، وقال: إنه دعاني، ثم أشار إليه بُرُمْحٍ فَخَدَشَهُ، فتدهده الرجل، وجعل يَصِيحُ من ألمه، ومات بعد ثلاثٍ، كأنه حَمِمٌ. وذلك لأن أشدَّ النَّاسَ عذابًا مَنْ قتل نبيًّا، أو قلَهُ نبيٌّ. أمَّا الأوَّلُ فظاهرٌ. وأمَّا الثاني، فلأن النبيَّ كلُّه رحمةً، فمن قُتِلَ من يده، فقد خَرَجَ عن الرحمة رأسًا، فَككَرِهَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أن يَذُوقَ أحدٌ أشدَّ العذاب من أحله. نعم، كان يَقُومُ في المعركة بمكانٍ لم يَكُنْ يستطيع أن يقومَ فيه معه إلَّا أشجعهم. 25 - باب مَا أَصَابَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْجِرَاحِ يَوْمَ أُحُدٍ 4073 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ فَعَلُوا بِنَبِيِّهِ - يُشِيرُ إِلَى رَبَاعِيَتِهِ - اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَبِيلِ اللَّهِ». تحفة 14717 4074 - حَدَّثَنِى مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأُمَوِىُّ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَبِيلِ اللَّهِ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ دَمَّوْا وَجْهَ نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 4076 - تحفة 6170 26 - باب 4075 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ، وَهْوَ يُسْأَلُ عَنْ جُرْحِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّى لأَعْرِفُ مَنْ كَانَ يَغْسِلُ جُرْحَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ كَانَ يَسْكُبُ الْمَاءَ وَبِمَا دُووِىَ - قَالَ - كَانَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَغْسِلُهُ وَعَلِىٌّ يَسْكُبُ الْمَاءَ بِالْمِجَنِّ، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ أَنَّ الْمَاءَ لاَ يَزِيدُ الدَّمَ إِلاَّ كَثْرَةً أَخَذَتْ قِطْعَةً مِنْ حَصِيرٍ، فَأَحْرَقَتْهَا وَأَلْصَقَتْهَا فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ يَوْمَئِذٍ، وَجُرِحَ وَجْهُهُ، وَكُسِرَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ. أطرافه 243، 2903، 2911، 3037، 5248، 5722 - تحفة 4781 - 130/ 5 4076 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ نَبِىٌّ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ دَمَّى وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 4074 - تحفة 6170 27 - باب {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [آل عمران: 172] 4077 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)} قَالَتْ لِعُرْوَةَ يَا ابْنَ أُخْتِى كَانَ أَبُوكَ مِنْهُمُ الزُّبَيْرُ وَأَبُو بَكْرٍ، لَمَّا أَصَابَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أَصَابَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَانْصَرَفَ عَنْهُ الْمُشْرِكُونَ خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا

28 - باب من قتل من المسلمين يوم أحد، منهم: حمزة بن عبد المطلب، واليمان، وأنس بن النضر، ومصعب بن عمير

قَالَ «مَنْ يَذْهَبُ فِى إِثْرِهِمْ». فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلاً، قَالَ كَانَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ. تحفة 17208 28 - باب مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، مِنْهُمْ: حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَالْيَمَانُ، وَأَنَسُ بْنُ النَّضْرِ، وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ 4078 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ قَتَادَةَ قَالَ مَا نَعْلَمُ حَيًّا مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ أَكْثَرَ شَهِيدًا أَعَزَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ قَتَادَةُ وَحَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ قُتِلَ مِنْهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُونَ، وَيَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ سَبْعُونَ، وَيَوْمَ الْيَمَامَةِ سَبْعُونَ، قَالَ وَكَانَ بِئْرُ مَعُونَةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَيَوْمُ الْيَمَامَةِ عَلَى عَهْدِ أَبِى بَكْرٍ يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ. تحفة 1375 - 131/ 5 4079 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ «أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ». فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدٍ، قَدَّمَهُ فِى اللَّحْدِ، وَقَالَ «أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاَءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا. أطرافه 1343، 1345، 1346، 1347، 1348، 1353 - تحفة 2382 4080 - وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرًا قَالَ لَمَّا قُتِلَ أَبِى جَعَلْتُ أَبْكِى وَأَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ، فَجَعَلَ أَصْحَابُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَوْنِى وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَنْهَ، وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَبْكِيهِ أَوْ مَا تَبْكِيهِ، مَا زَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رُفِعَ». أطرافه 1244، 1293، 2816 - تحفة 3044 4081 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ جَدِّهِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - أُرَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رَأَيْتُ فِى رُؤْيَاىَ أَنِّى هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ، فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ هَزَزْتُهُ أُخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ بِهِ اللَّهُ مِنَ الْفَتْحِ وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ، وَرَأَيْتُ فِيهَا بَقَرًا وَاللَّهُ خَيْرٌ، فَإِذَا هُمُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ أُحُدٍ». أطرافه 3622، 3987، 7035، 7041 - تحفة 9043 4082 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ خَبَّابٍ - رضى الله عنه - قَالَ هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نَبْتَغِى وَجْهَ اللَّهِ، فَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى أَوْ ذَهَبَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، كَانَ مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ يَتْرُكْ إِلاَّ نَمِرَةً كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلاَهُ، وَإِذَا غُطِّىَ بِهَا رِجْلاَهُ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَقَالَ لَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ

29 - باب أحد يحبنا ونحبه

الإِذْخِرَ». أَوْ قَالَ «أَلْقُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذْخِرِ». وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهْوَ يَهْدِبُهَا. أطرافه 1276، 3897، 3913، 3914، 4047، 6432، 6448 - تحفة 3514 4079 - قوله: (لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِم، ولَمْ يُغَسَّلُوا)، والكلامُ في مسألة الصلاة على الشهيد. والمذاهبُ فيها قد مرَّت من قبل مفصَّلًا، وثَبت صلاته صلى الله عليه وسلّم على الشهيد، عند أبي داود. وثَبَتَتِ الصلاة على عثمان، وكذلك صُلِّيَ على عليَ، والحسن. 29 - باب أُحُدٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ قَالَهُ عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ: عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 132/ 5 4083 - حَدَّثَنِى نَصْرُ بْنُ عَلِىٍّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ». أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 1325 4084 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ فَقَالَ «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَإِنِّى حَرَّمْتُ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا». أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4197، 4189، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 1116 4085 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاَتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «إِنِّى فَرَطٌ لَكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّى لأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِى الآنَ، وَإِنِّى أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ - أَوْ مَفَاتِيحَ الأَرْضِ - وَإِنِّى وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِى، وَلَكِنِّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا». أطرافه 1344، 3596، 4042، 6426، 6590 - تحفة 9956 30 - باب غَزْوَةُ الرَّجِيعِ، وَرِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَبِئْرِ مَعُونَةَ وَحَدِيثِ عَضَلٍ وَالْقَارَةِ وَعَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ وَخُبَيْبٍ وَأَصْحَابِهِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ: أَنَّهَا بَعْدَ أُحُدٍ. 4086 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِى سُفْيَانَ الثَّقَفِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ - وَهْوَ جَدُّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لَحِىٍّ مِنْ هُذَيْلٍ، يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لَحْيَانَ، فَتَبِعُوهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى أَتَوْا مَنْزِلاً نَزَلُوهُ فَوَجَدُوا فِيهِ نَوَى تَمْرٍ تَزَوَّدُوهُ مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالُوا هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ. فَتَبِعُوا آثَارَهُمْ حَتَّى لَحِقُوهُمْ، فَلَمَّا انْتَهَى عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ، وَجَاءَ الْقَوْمُ فَأَحَاطُوا بِهِمْ، فَقَالُوا لَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ إِنْ نَزَلْتُمْ إِلَيْنَا أَنْ لاَ نَقْتُلَ مِنْكُمْ رَجُلاً. فَقَالَ عَاصِمٌ أَمَّا أَنَا فَلاَ أَنْزِلُ فِى ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ

أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ. فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى قَتَلُوا عَاصِمًا فِى سَبْعَةِ نَفَرٍ بِالنَّبْلِ، وَبَقِىَ خُبَيْبٌ، وَزَيْدٌ وَرَجُلٌ آخَرُ، فَأَعْطَوْهُمُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ، فَلَمَّا أَعْطَوْهُمُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ نَزَلُوا إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ حَلُّوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَرَبَطُوهُمْ بِهَا. فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ الَّذِى مَعَهُمَا هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ. فَأَبَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ، فَلَمْ يَفْعَلْ، فَقَتَلُوهُ، وَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ وَزَيْدٍ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ، فَاشْتَرَى خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَمَكَثَ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا حَتَّى إِذَا أَجْمَعُوا قَتْلَهُ اسْتَعَارَ مُوسَى مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الْحَارِثِ أَسْتَحِدَّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ، قَالَتْ فَغَفَلْتُ عَنْ صَبِىٍّ لِى فَدَرَجَ إِلَيْهِ حَتَّى أَتَاهُ، فَوَضَعَهُ عَلَى فَخِذِهِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ فَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَ ذَاكَ مِنِّى، وَفِى يَدِهِ الْمُوسَى فَقَالَ أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَاكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَكَانَتْ تَقُولُ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ، وَمَا بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ ثَمَرَةٌ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِى الْحَدِيدِ، وَمَا كَانَ إِلاَّ رِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ، فَخَرَجُوا بِهِ مِنَ الْحَرَمِ، لِيَقْتُلُوهُ فَقَالَ دَعُونِى أُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ. ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ لَوْلاَ أَنْ تَرَوْا أَنَّ مَا بِى جَزَعٌ مِنَ الْمَوْتِ، لَزِدْتُ. فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ هُوَ، ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا ثُمَّ قَالَ مَا أُبَالِى حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أَىِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِى وَذَلِكَ فِى ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ فَقَتَلَهُ، وَبَعَثَ قُرَيْشٌ إِلَى عَاصِمٍ لِيُؤْتَوْا بِشَىْءٍ مِنْ جَسَدِهِ يَعْرِفُونَهُ، وَكَانَ عَاصِمٌ قَتَلَ عَظِيمًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ، فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَىْءٍ. أطرافه 3045، 3989، 7402 - تحفة 14271 - 133/ 5 4087 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ الَّذِى قَتَلَ خُبَيْبًا هُوَ أَبُو سِرْوَعَةَ. تحفة 2542 - 134/ 5 4088 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْعِينَ رَجُلاً لِحَاجَةٍ يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ، فَعَرَضَ لَهُمْ حَيَّانِ مِنْ بَنِى سُلَيْمٍ رِعْلٌ وَذَكْوَانُ، عِنْدَ بِئْرٍ يُقَالُ لَهَا بِئْرُ مَعُونَةَ، فَقَالَ الْقَوْمُ وَاللَّهِ مَا إِيَّاكُمْ أَرَدْنَا، إِنَّمَا نَحْنُ مُجْتَازُونَ فِى حَاجَةٍ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَتَلُوهُمْ فَدَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِمْ شَهْرًا فِى صَلاَةِ الْغَدَاةِ، وَذَلِكَ بَدْءُ الْقُنُوتِ وَمَا كُنَّا نَقْنُتُ. قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَسَأَلَ رَجُلٌ أَنَسًا عَنِ الْقُنُوتِ أَبَعْدَ الرُّكُوعِ، أَوْ عِنْدَ فَرَاغٍ مِنَ الْقِرَاءَةِ قَالَ لاَ بَلْ عِنْدَ فَرَاغٍ مِنَ الْقِرَاءَةِ. أطرافه 1001، 1002، 1003، 1300، 2801، 2814، 3064، 3170، 4089، 4090، 4091، 4092، 4094، 4095، 4096، 6394، 7341 - تحفة 1050 4089 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَهْرًا بَعْدَ الرُّكُوعِ يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنَ الْعَرَبِ. أطرافه 1001، 1002، 1003، 1300، 2801، 2814، 3064، 3170، 4088، 4090، 4091، 4092، 4094، 4095، 4096، 6394، 7341 - تحفة 1354

4090 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رِعْلاً وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِى لَحْيَانَ اسْتَمَدُّوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عَدُوٍّ، فَأَمَدَّهُمْ بِسَبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ، كُنَّا نُسَمِّيهِمُ الْقُرَّاءَ فِى زَمَانِهِمْ، كَانُوا يَحْتَطِبُونَ بِالنَّهَارِ وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ، حَتَّى كَانُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قَتَلُوهُمْ، وَغَدَرُوا بِهِمْ، فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو فِى الصُّبْحِ عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِى لَحْيَانَ. قَالَ أَنَسٌ فَقَرَأْنَا فِيهِمْ قُرْآنًا ثُمِّ إِنَّ ذَلِكَ رُفِعَ بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا، أَنَّا لَقِينَا رَبَّنَا، فَرَضِىَ عَنَّا وَأَرْضَانَا. وَعَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَنَتَ شَهْرًا فِى صَلاَةِ الصُّبْحِ يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِى لَحْيَانَ. أطرافه 1001، 1002، 1003، 1300، 2801، 2814، 3064، 3170، 4088، 4089، 4091، 4092، 4094، 4095، 4096، 6394، 7341 تحفة 1203 أ، 1176 زَادَ خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ أَنَّ أُولَئِكَ السَّبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ، قُرْآنًا كِتَابًا. نَحْوَهُ. تحفة 1203 أ، 1176 4091 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسٌ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ خَالَهُ أَخٌ لأُمِّ سُلَيْمٍ فِى سَبْعِينَ رَاكِبًا، وَكَانَ رَئِيسَ الْمُشْرِكِينَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ خَيَّرَ بَيْنَ ثَلاَثِ خِصَالٍ فَقَالَ يَكُونُ لَكَ أَهْلُ السَّهْلِ، وَلِى أَهْلُ الْمَدَرِ، أَوْ أَكُونُ خَلِيفَتَكَ، أَوْ أَغْزُوكَ بِأَهْلِ غَطَفَانَ بِأَلْفٍ وَأَلْفٍ، فَطُعِنَ عَامِرٌ فِى بَيْتِ أُمِّ فُلاَنٍ فَقَالَ غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَكْرِ فِى بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ آلِ فُلاَنٍ ائْتُونِى بِفَرَسِى. فَمَاتَ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ، فَانْطَلَقَ حَرَامٌ أَخُو أُمِّ سُلَيْمٍ هُوَ {وَ} رَجُلٌ أَعْرَجُ وَرَجُلٌ مِنْ بَنِى فُلاَنٍ قَالَ كُونَا قَرِيبًا حَتَّى آتِيَهُمْ، فَإِنْ آمَنُونِى كُنْتُمْ، وَإِنْ قَتَلُونِى أَتَيْتُمْ أَصْحَابَكُمْ. فَقَالَ أَتُؤْمِنُونِى أُبَلِّغْ رِسَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُمْ وَأَوْمَئُوا إِلَى رَجُلٍ، فَأَتَاهُ مِنْ خَلْفِهِ فَطَعَنَهُ - قَالَ هَمَّامٌ أَحْسِبُهُ حَتَّى أَنْفَذَهُ - بِالرُّمْحِ، قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. فَلُحِقَ الرَّجُلُ، فَقُتِلُوا كُلُّهُمْ غَيْرَ الأَعْرَجِ كَانَ فِى رَأْسِ جَبَلٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْنَا، ثُمَّ كَانَ مِنَ الْمَنْسُوخِ إِنَّا قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِىَ عَنَّا وَأَرْضَانَا. فَدَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِمْ ثَلاَثِينَ صَبَاحًا، عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِى لَحْيَانَ وَعُصَيَّةَ، الَّذِينَ عَصَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1001، 1002، 1003، 1300، 2801، 2814، 3064، 3170، 4088، 4089، 4090، 4092، 4094، 4095، 4096، 6394، 7341 - تحفة 217 - 135/ 5 4092 - حَدَّثَنِى حِبَّانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ حَدَّثَنِى ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ لَمَّا طُعِنَ حَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ - وَكَانَ خَالَهُ - يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ قَالَ بِالدَّمِ هَكَذَا، فَنَضَحَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ، ثُمَّ قَالَ فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. أطرافه 1001، 1002، 1003، 1300، 2801، 2814، 3064، 3170، 4088، 4089، 4090، 4091، 4094، 4095، 4096، 6394، 7341 - تحفة 504

4093 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اسْتَأْذَنَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَبُو بَكْرٍ فِى الْخُرُوجِ حِينَ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الأَذَى، فَقَالَ لَهُ «أَقِمْ». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَطْمَعُ أَنْ يُؤْذَنَ لَكَ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنِّى لأَرْجُو ذَلِكَ» قَالَتْ فَانْتَظَرَهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ ظُهْرًا فَنَادَاهُ فَقَالَ «أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّمَا هُمَا ابْنَتَاىَ. فَقَالَ «أَشَعَرْتَ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِى فِى الْخُرُوجِ». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الصُّحْبَةُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الصُّحْبَةُ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِى نَاقَتَانِ قَدْ كُنْتُ أَعْدَدْتُهُمَا لِلْخُرُوجِ. فَأَعْطَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - إِحْدَاهُمَا وَهْىَ الْجَدْعَاءُ، فَرَكِبَا فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا الْغَارَ، وَهْوَ بِثَوْرٍ، فَتَوَارَيَا فِيهِ، فَكَانَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ غُلاَمًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الطُّفَيْلِ بْنِ سَخْبَرَةَ أَخُو عَائِشَةَ لأُمِّهَا، وَكَانَتْ لأَبِى بَكْرٍ مِنْحَةٌ، فَكَانَ يَرُوحُ بِهَا وَيَغْدُو عَلَيْهِمْ، وَيُصْبِحُ فَيَدَّلِجُ إِلَيْهِمَا ثُمَّ يَسْرَحُ، فَلاَ يَفْطُنُ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الرِّعَاءِ، فَلَمَّا خَرَجَ خَرَجَ مَعَهُمَا يُعْقِبَانِهِ حَتَّى قَدِمَا الْمَدِينَةَ، فَقُتِلَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ. وَعَنْ أَبِى أُسَامَةَ قَالَ قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ فَأَخْبَرَنِى أَبِى قَالَ لَمَّا قُتِلَ الَّذِينَ بِبِئْرِ مَعُونَةَ وَأُسِرَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِىُّ قَالَ لَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ مَنْ هَذَا فَأَشَارَ إِلَى قَتِيلٍ، فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ هَذَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ. فَقَالَ لَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدَ مَا قُتِلَ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى إِنِّى لأَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَرْضِ، ثُمَّ وُضِعَ. فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَبَرُهُمْ فَنَعَاهُمْ فَقَالَ «إِنَّ أَصْحَابَكُمْ قَدْ أُصِيبُوا، وَإِنَّهُمْ قَدْ سَأَلُوا رَبَّهُمْ، فَقَالُوا رَبَّنَا أَخْبِرْ عَنَّا إِخْوَانَنَا بِمَا رَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا. فَأَخْبَرَهُمْ عَنْهُمْ». وَأُصِيبَ يَوْمَئِذٍ فِيهِمْ عُرْوَةُ بْنُ أَسْمَاءَ بْنِ الصَّلْتِ، فَسُمِّىَ عُرْوَةُ بِهِ، وَمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو سُمِّىَ بِهِ مُنْذِرًا. أطرافه 476، 2138، 2263، 2264، 2297، 3905، 5807، 6079 تحفة 16832، 19025 - 136/ 5 4094 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى مِجْلَزٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَنَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَيَقُولُ «عُصَيَّةُ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ». أطرافه 1001، 1002، 1003، 1300، 2801، 2814، 3064، 3170، 4088، 4089، 4090، 4091، 4092، 4095، 4096، 6394، 7341 - تحفة 1650 4095 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا - يَعْنِى - أَصْحَابَهُ بِبِئْرِ مَعُونَةَ ثَلاَثِينَ صَبَاحًا حِينَ يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَلِحْيَانَ وَعُصَيَّةَ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ أَنَسٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الَّذِينَ قُتِلُوا أَصْحَابِ بِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنًا قَرَأْنَاهُ حَتَّى نُسِخَ بَعْدُ بَلِّغُوا قَوْمَنَا فَقَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِىَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْهُ. أطرافه 1001، 1002، 1003، 1300، 2801، 2814، 3064، 3170، 4088، 4089، 4090، 4091، 4092، 4094، 4096، 6394، 7341 - تحفة 208 - 137/ 5 4096 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ الْقُنُوتِ فِى الصَّلاَةِ فَقَالَ نَعَمْ. فَقُلْتُ كَانَ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ قَبْلَهُ. قُلْتُ فَإِنَّ فُلاَنًا أَخْبَرَنِى عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ بَعْدَهُ، قَالَ كَذَبَ إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا، أَنَّهُ كَانَ بَعَثَ نَاسًا يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ،

وَهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا إِلَى نَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَهْدٌ قِبَلَهُمْ، فَظَهَرَ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَهْدٌ، فَقَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ. أطرافه 1001، 1002، 1003، 1300، 2801، 2814، 3064، 3170، 4088، 4089، 4090، 4091، 4092، 4094، 4095، 6394، 7341 - تحفة 931 4088 - قوله: (فَدَعَا النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عليهم شَهْرًا في صَلاَةِ الغَدَاةِ) واعلم أن في القنوت تعارُضًا في روايتي أنس، أهي قبل الركوع، أو بعده؟ والجواب: أن في روايته اختصارًا، والمفصَّلة ما عنده: عن عاصم الأَحْوَل، قال: «سَأَلْتُ أنسَ بن مالكٍ عن القنوت في الصلاة، قال: نعم، فقال: قبل الركوع أو بعده؟ قال: قبله، فَقُلْتُ: إن فلانًا أَخْبَرَني عنك أنك قُلْتَ: بعد الركوع، قال: كَذَبَ، إنما قَنَتَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم بعد الركوع شهرًا، إنه بَعَثَ ناسًا يُقَالُ لهم: القُرَّاء» ... إلخ. فَظَهَرَ أن جوابَهُ بكون القنوت بعد الركوع يتعلَّقُ بالنازلة. وإذا سُئِلَ عن قنوت الوتر، أجابه بكونها قبله، فاخْتُصِرَ في السؤال من قِبَلِ الرواة، وأَوْهَمَ تَعَارُضًا. 4090 - قوله: (فَقَرَأْنَا فِيهِمْ قُرْآنًا، ثُمَّ إن ذلك رُفِعَ) قال شيخي: إن الآياتِ المنسوخةَ التلاوة أراها نازلةً في البلاغة حِذَاء المُحْكَمَاتِ. قلتُ: فتتبعتها، فوجدتها كذلك، وهكذا في «التفسير العزيزي». قوله: (قُرْآنًا: كِتَابًا) والفرق بينهما أن القرآن من صفاته تعالى، بمعنى أنه تعالى قرأ به، والكتاب هو كلامُه الذي لم يتكلَّم به، كما إنَّا قد نَقْرَأُ ونَكْتُبُ شيئًا، ثم لا نقرأه. فالتوراةُ والإِنجيلُ كتابان، والفرقان هو القرآن (¬1). 4091 - قوله: (أَوْ أَكُونُ خَلِيفَتَكَ)، ظنَّ الشقيُّ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم ملك، كسائر الملوك، ولم يَدْرِ أنه رسول الله إلى من وُجِدَ في الأرض كافةً. وذلك أمرٌ لا يتأتى فيه الشركة، ولا الاستخلاف، وإنما هو الله، يَصْطَفِي لرسالاته من شاء من عباده. 4092 - قوله: (فُزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَةِ)، وقد مرَّ أنه من باب إبقاء الحالة المحبوبة. فليس فيه أن الطهارةَ لا تُنْقَضُ بخروج الدم، وقد ذَكَرْنَاهُ مفصَّلًا في «الطهارة». 4096 - قوله: (إنَّما قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا)، وهذا يَدُلُّ على أن الأكثرَ في القنوت أنها قبل الركوع. فَيُفِيدُنا في بيانُ الجنس، وإن لم يُعَيِّنْها الراوي: أنها نازلةٌ، أو راتبةٌ. قوله: (بينهم وبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم عَهْدٌ قِبَلَهُم)، أي الذين يَقْصُدُونهم كانوا بعيدين، وكانت تَقَعُ بلادُ الكفار دونهم، ولكن كانَ لهؤلاء عهدٌ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلّم وحاصلُه: أن الطريقَ ¬

_ (¬1) قلتُ: هكذا حقَّقه مولانا محمد قاسم النانوتوي رحمه الله تعالى.

31 - باب غزوة الخندق، وهى الأحزاب

كان مأمونًا. فالظرفُ ههنا للمكان، وهذا صريحٌ في أن الغَدْرَ كان من المعاهدين، بخلاف ما سَبَقَ في الصحيح. 31 - باب غَزْوَةُ الْخَنْدَقِ، وَهْىَ الأَحْزَابُ قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: كَانَتْ فِى شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ. 4097 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَهْوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَلَمْ يُجِزْهُ، وَعَرَضَهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهْوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَجَازَهُ. طرفه 2664 - تحفة 8153 4098 - حَدَّثَنِى قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْخَنْدَقِ، وَهُمْ يَحْفِرُونَ، وَنَحْنُ نَنْقُلُ التُّرَابَ عَلَى أَكْتَادِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشُ الآخِرَهْ ... فَاغْفِرْ لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ». طرفاه 3797، 6414 - تحفة 4708 4099 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ حُمَيْدٍ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْخَنْدَقِ، فَإِذَا الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ فِى غَدَاةٍ بَارِدَةٍ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَبِيدٌ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ لَهُمْ، فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِمْ مِنَ النَّصَبِ وَالْجُوعِ قَالَ «اللَّهُمَّ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الآخِرَهْ ... فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ» فَقَالُوا مُجِيبِينَ لَهُ نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا أطرافه 2834، 2835، 2961، 3795، 3796، 4100، 6413، 7201 تحفة 563 - 138/ 5 4100 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَعَلَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ، وَيَنْقُلُونَ التُّرَابَ عَلَى مُتُونِهِمْ وَهُمْ يَقُولُونَ نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الإِسْلاَمِ مَا بَقِينَا أَبَدَا قَالَ يَقُولُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يُجِيبُهُمُ «اللَّهُمَّ إِنَّهُ لاَ خَيْرَ إِلاَّ خَيْرُ الآخِرَهْ ... فَبَارِكْ فِى الأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ». قَالَ يُؤْتَوْنَ بِمِلْءِ كَفَّى مِنَ الشَّعِيرِ فَيُصْنَعُ لَهُمْ بِإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ تُوضَعُ بَيْنَ يَدَىِ الْقَوْمِ، وَالْقَوْمُ جِيَاعٌ، وَهْىَ بَشِعَةٌ فِى الْحَلْقِ وَلَهَا رِيحٌ مُنْتِنٌ. أطرافه 2834، 2835، 2961، 3795، 3796، 4099، 6413، 7201 تحفة 1043

4101 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ جَابِرًا - رضى الله عنه - فَقَالَ إِنَّا يَوْمَ الْخَنْدَقِ نَحْفِرُ فَعَرَضَتْ كُدْيَةٌ شَدِيدَةٌ، فَجَاءُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا هَذِهِ كُدْيَةٌ عَرَضَتْ فِى الْخَنْدَقِ، فَقَالَ «أَنَا نَازِلٌ». ثُمَّ قَامَ وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ، وَلَبِثْنَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لاَ نَذُوقُ ذَوَاقًا، فَأَخَذَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمِعْوَلَ فَضَرَبَ، فَعَادَ كَثِيبًا أَهْيَلَ أَوْ أَهْيَمَ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِى إِلَى الْبَيْتِ. فَقُلْتُ لاِمْرَأَتِى رَأَيْتُ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا، مَا كَانَ فِى ذَلِكَ صَبْرٌ، فَعِنْدَكِ شَىْءٌ قَالَتْ عِنْدِى شَعِيرٌ وَعَنَاقٌ. فَذَبَحْتُ الْعَنَاقَ وَطَحَنَتِ الشَّعِيرَ، حَتَّى جَعَلْنَا اللَّحْمَ فِى الْبُرْمَةِ، ثُمَّ جِئْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْعَجِينُ قَدِ انْكَسَرَ، وَالْبُرْمَةُ بَيْنَ الأَثَافِىِّ قَدْ كَادَتْ أَنْ تَنْضَجَ فَقُلْتُ طُعَيِّمٌ لِى، فَقُمْ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَجُلٌ أَوْ رَجُلاَنِ. قَالَ «كَمْ هُوَ». فَذَكَرْتُ لَهُ، قَالَ «كَثِيرٌ طَيِّبٌ». قَالَ «قُلْ لَهَا لاَ تَنْزِعُ الْبُرْمَةَ وَلاَ الْخُبْزَ مِنَ التَّنُّورِ حَتَّى آتِىَ». فَقَالَ «قُومُوا». فَقَامَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ قَالَ وَيْحَكِ جَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَمَنْ مَعَهُمْ. قَالَتْ هَلْ سَأَلَكَ قُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ «ادْخُلُوا وَلاَ تَضَاغَطُوا». فَجَعَلَ يَكْسِرُ الْخُبْزَ وَيَجْعَلُ عَلَيْهِ اللَّحْمَ، وَيُخَمِّرُ الْبُرْمَةَ وَالتَّنُّورَ إِذَا أَخَذَ مِنْهُ، وَيُقَرِّبُ إِلَى أَصْحَابِهِ ثُمَّ يَنْزِعُ، فَلَمْ يَزَلْ يَكْسِرُ الْخُبْزَ وَيَغْرِفُ حَتَّى شَبِعُوا وَبَقِىَ بَقِيَّةٌ قَالَ «كُلِى هَذَا وَأَهْدِى، فَإِنَّ النَّاسَ أَصَابَتْهُمْ مَجَاعَةٌ». طرفاه 3070، 4102 - تحفة 2216 - 139/ 5 4102 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِى سُفْيَانَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا حُفِرَ الْخَنْدَقُ رَأَيْتُ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - خَمَصًا شَدِيدًا، فَانْكَفَأْتُ إِلَى امْرَأَتِى فَقُلْتُ هَلْ عِنْدَكِ شَىْءٌ فَإِنِّى رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَمَصًا شَدِيدًا. فَأَخْرَجَتْ إِلَىَّ جِرَابًا فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِنٌ فَذَبَحْتُهَا، وَطَحَنَتِ الشَّعِيرَ فَفَرَغَتْ إِلَى فَرَاغِى، وَقَطَّعْتُهَا فِى بُرْمَتِهَا، ثُمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ لاَ تَفْضَحْنِى بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِمَنْ مَعَهُ. فَجِئْتُهُ فَسَارَرْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا وَطَحَنَّا صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَانَ عِنْدَنَا، فَتَعَالَ أَنْتَ وَنَفَرٌ مَعَكَ. فَصَاحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ، إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُورًا فَحَىَّ هَلاً بِكُمْ». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ، وَلاَ تَخْبِزُنَّ عَجِينَكُمْ حَتَّى أَجِىءَ». فَجِئْتُ وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْدُمُ النَّاسَ حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِى، فَقَالَتْ بِكَ وَبِكَ. فَقُلْتُ قَدْ فَعَلْتُ الَّذِى قُلْتِ. فَأَخْرَجَتْ لَهُ عَجِينًا، فَبَصَقَ فِيهِ وَبَارَكَ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنَا فَبَصَقَ وَبَارَكَ ثُمَّ قَالَ «ادْعُ خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعِى وَاقْدَحِى مِنْ بُرْمَتِكُمْ وَلاَ تُنْزِلُوهَا، وَهُمْ أَلْفٌ، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدْ أَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا، وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كَمَا هِىَ، وَإِنَّ عَجِينَنَا لَيُخْبَزُ كَمَا هُوَ. طرفاه 3070، 4101 - تحفة 2263 4103 - حَدَّثَنِى عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ

رضى الله عنها {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب: 10] قَالَتْ كَانَ ذَاكَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ. تحفة 17045 4104 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْقُلُ التُّرَابَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى أَغْمَرَ بَطْنَهُ أَوِ اغْبَرَّ بَطْنُهُ يَقُولُ وَاللَّهِ لَوْلاَ اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ أَبَيْنَا أَبَيْنَا. أطرافه 2836، 2837، 3034، 4106، 6620، 7236 - تحفة 1875 - 140/ 5 4105 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى الْحَكَمُ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِىَ الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نُصِرْتُ بِالصَّبَا وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ». أطرافه 1035، 3205، 3343 - تحفة 6386 4106 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يُحَدِّثُ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحْزَابِ، وَخَنْدَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَيْتُهُ يَنْقُلُ مِنْ تُرَابِ الْخَنْدَقِ حَتَّى وَارَى عَنِّى الْغُبَارُ جِلْدَةَ بَطْنِهِ، وَكَانَ كَثِيرَ الشَّعَرِ، فَسَمِعْتُهُ يَرْتَجِزُ بِكَلِمَاتِ ابْنِ رَوَاحَةَ، وَهْوَ يَنْقُلُ مِنَ التُّرَابِ يَقُولُ اللَّهُمَّ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا ... وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا قَالَ ثُمَّ يَمُدُّ صَوْتَهُ بِآخِرِهَا. أطرافه 2836، 2837، 3034، 4104، 6620، 7236 - تحفة 1898 4107 - حَدَّثَنِى عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ - عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَوَّلُ يَوْمٍ شَهِدْتُهُ يَوْمُ الْخَنْدَقِ. تحفة 7208 4108 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ وَأَخْبَرَنِى ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ وَنَسْوَاتُهَا تَنْطُفُ، قُلْتُ قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ مَا تَرَيْنَ، فَلَمْ يُجْعَلْ لِى مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ. فَقَالَتِ الْحَقْ فَإِنَّهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ، وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ فِى احْتِبَاسِكَ عَنْهُمْ فُرْقَةٌ. فَلَمْ تَدَعْهُ حَتَّى ذَهَبَ، فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ خَطَبَ مُعَاوِيَةُ قَالَ مَنْ

كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِى هَذَا الأَمْرِ فَلْيُطْلِعْ لَنَا قَرْنَهُ، فَلَنَحْنُ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُ وَمِنْ أَبِيهِ. قَالَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَهَلاَّ أَجَبْتَهُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَحَلَلْتُ حُبْوَتِى وَهَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْكَ مَنْ قَاتَلَكَ وَأَبَاكَ عَلَى الإِسْلاَمِ. فَخَشِيتُ أَنْ أَقُولَ كَلِمَةً تُفَرِّقُ بَيْنَ الْجَمْعِ، وَتَسْفِكُ الدَّمَ، وَيُحْمَلُ عَنِّى غَيْرُ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُ مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِى الْجِنَانِ. قَالَ حَبِيبٌ حُفِظْتَ وَعُصِمْتَ. قَالَ مَحْمُودٌ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَنَوْسَاتُهَا. تحفة 6951، 7346 - 141/ 5 4109 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الأَحْزَابِ «نَغْزُوهُمْ وَلاَ يَغْزُونَنَا». طرفه 4110 - تحفة 4568 4110 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يَقُولُ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ حِينَ أَجْلَى الأَحْزَابُ عَنْهُ «الآنَ نَغْزُوهُمْ وَلاَ يَغْزُونَنَا، نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ». طرفه 4109 - تحفة 4568 4111 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ «مَلأَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا كَمَا شَغَلُونَا عَنْ صَلاَةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ». أطرافه 2931، 4533، 6396 - تحفة 10232 4112 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ جَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كِدْتُ أَنْ أُصَلِّىَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغْرُبَ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا» فَنَزَلْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ وَتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ. أطرافه 596، 598، 641، 945 - تحفة 3150 4113 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الأَحْزَابِ «مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ». فَقَالَ الزُّبَيْرُ أَنَا. ثُمَّ قَالَ «مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ». فَقَالَ الزُّبَيْرُ أَنَا. ثُمَّ قَالَ «مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ». فَقَالَ الزُّبَيْرُ أَنَا. ثُمَّ قَالَ «إِنَّ لِكُلِّ نَبِىٍّ حَوَارِيًّا، وَإِنَّ حَوَارِىَّ الزُّبَيْرُ». أطرافه 2846، 2847، 2997، 3719، 7261 - تحفة 3020 - 142/ 5 4114 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ، أَعَزَّ جُنْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَغَلَبَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، فَلاَ شَىْءَ بَعْدَهُ». تحفة 14312 4115 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا الْفَزَارِىُّ وَعَبْدَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ قَالَ

سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - يَقُولُ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الأَحْزَابِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ، اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ». أطرافه 2933، 2965، 3025، 6392، 7489 - تحفة 5154 4116 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ وَنَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنَ الْغَزْوِ، أَوِ الْحَجِّ، أَوِ الْعُمْرَةِ، يَبْدَأُ فَيُكَبِّرُ ثَلاَثَ مِرَارٍ ثُمَّ يَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونُ سَاجِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ». أطرافه 1797، 2995، 3084، 6385 - تحفة 7030، 8482 قوله: (قَالَ مُوسَى بن عُقْبَةَ: كَانَتْ في شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ) قلتُ: موسى بن عُقْبَةَ تابعيٌّ صغيرٌ، متقدِّمٌ عن محمد بن إسحاق. وفي «مغازي محمد بن إسحاق»: «أنها سنةُ خمسٍ». 4097 - قوله: (وهُوَ ابْنُ خمسَ عَشْرَةَ) ... إلخ، وهو الفاصلُ في البلوغ عند صاحبيه، وعن أبي حنيفة أقوالٌ إلى تسعة عشر. وقد تحقَّق لديَّ أن البلوغَ في الخارج قد يجاوز بعد خمسة عشر أيضًا. قوله: (بشعة) "بدمزا - كسيلا". 4100 - قوله: (بإهَالَةٍ سَنِخَةٍ): "بدبو دار حربى". ذكر الطحاويُّ في «مشكل الآثار»: أن الشيءَ الذَّائِبَ لا يَصِيرُ حرامًا بالاحتراق كالسَّمْن، والجامدَ يَصِيرُ حرامًا كاللحم المُحْتَرِقِ بالنار، وهكذا الخبز. 4101 - قوله: (فَضَرَبَ، فَعَادَ كَثِيبًا أَهْيَلَ): "تيله ريتلا"، وفي بعض الأحاديث: «أنه لمَّا ضَرَبَ الضربةَ الأولَى قال: إنِّي بُشِّرْتُ بخزائن الشام، ثم ضَرَبَ ضربةً أخرى، وقال: بُشِّرْتُ بخزائن فارس، ثم ضَرَبَ ضربةً، وقال: إنِّي بُشِّرْتُ بخزائن اليمن (¬1). قوله: (والعَجِينُ قَدِ انْكَسَرَ) "خمير توت كياتها يعنى درست هو كياتها". قوله: (ويُخَمِّرُ البُرْمَةَ والتَّنُّورَ)، ولعلَّ في التخمير سِرًّا في تحصيل البركة لم يُظْهِرْهُ. ولعلَّ هذا هو أصلُ ما اشْتُهِرَ بين الطلبة: أن عَدَّ أوراقِ الكتاب من الآخر يَمْحَقُ البركة. 4102 - قوله: (فَفَرَغَتْ إلى فَرَاغي)، أي فَرَغْتُ من ذبح بهيمةٍ، وفَرَغَتْ هي من طَحْنِ الشَّعِيرِ. قوله: (إن جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُوْرًا) والسَّوْر بالحبشية: دعوةُ الطعام. ولمَّا لم يَكُنْ بين ¬

_ (¬1) وهَكَذَا نقله الحافظُ عن النَّسائي، وأحمد بإِسنادٍ حسنٍ.

العرب، والحبشة إلَّا نهرٌ، دَخَلَ بعضُ لغات الحبشة في لسان العرب، وبعضُ لغات العرب في الحبشة. 4104 - قوله: (وإذَا أَرَادُوا فِتْنَةً، أَبَيْنَا)، أي إذا أَرَادُوا أن نَرْجِعَ على أعقابنا نأباه. قوله: (وَرَفَعَ بِهِ صَوْتَهُ: أَبَيْنَا أَبَيْنَا)، وهذا كرفع الصوت بالتأمين في الآخر. 4105 - قوله: (الصَّبَا)، "بروا". قوله: (الدَّبُورِ): "بهجوا". 4106 - قوله: (وَكَانَ كَثِيرَ الشَّعَرِ)، وليس ذلك شيئًا مُنْضَبِطًا، فَيُمْكِنُ اعتباره بالقلَّة تارةً، وبالكثرة أخرى. فاعتبره الراوي قليلًا في «الشمائل»، وههنا كثيرًا، ولا تَخَالُفَ بينهما، فإنه لا حِجْرَ في الاختلاف بين الأمور الإِضافية. 4108 - قوله: (ونَسْوَاتُهَا تَنْطُفُ)، أي ذوائبها، ولْيُحْفَظْ هذا اللفظ، فإن في «مسلم»: «أن أمَّهات المؤمنين كُنَّ قد قَصَّرْنَ أشعارَهُنَّ بعد وفاة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم حتى جَعَلْنَهَا كالوَفْرة»، وذلك لا يَجُوز عندنا. وهذا اللفظُ يَدُلُّ على أنَّهُنَّ كانت لَهُنَّ ذوائب (¬1). قوله: (فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ خَطَبَ مُعَاوِيَةُ)، وفيه تَسَامُحٌ، لأنهم اجتمعوا لذلك، فأين تفرَّقُوا عنه؟. فائدة: واعلم أن المَقْبِلي، وإبراهيم الوزير كانا زيديَّين، وكانا يُفَسِّقَان بعضَ الصحابة رضي الله تعالى عنهم لا مجموعهم. وقد طَعَنَ المَقْبِلي على البخاريِّ أيضًا. قوله: (فَلَنَحْنُ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُ، ومِنْ أَبِيهِ) واعلم أن قرابةَ الخلفاء بالنبيِّ صلى الله عليه وسلّم على عكس ترتيب الخلافة، فعليٌّ كان أقربَهم على عكس أبي بكر، ومعاويةُ أقربُ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلّم من عمر. 4111 - قوله: (حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ)، وفي الرواية التي تَلِيها: «حتَّى كادت الشَّمْسُ أن تَغْرِبَ»، وعند مسلم: «حتَّى اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ». وقد مرَّ في «الصلاة»: أن فيه دليلًا للحنفية. 4112 - قوله: (ما كِدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ)، وفي مثله خلافٌ للنحاة، ومفادُه عندي: أن عمرَ صلَّاها، ولكن بالعُسْرِ. إلَّا أن قولَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم «أنا والله ما صَلَّيْتُهَا» يقتضي أن عمرَ أيضًا لم يُصَلِّها، لأن فيه عطف التلقين، وذلك يُوجِبُ الاشتراكُ في الفعل، وعدمه. 4113 - قوله: (مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ القَوْمِ)، وكان الزمانُ زمانَ الشتاء. فَأَجَابَ الزُّبَيْرُ ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد ذَكَرْتُ في موضعٍ من هذا التعليق، عن الشيخ: أن ما عند مسلم لعلَّه حال تقصيرهنَّ في الحجِّ فتوهَّم منه الإِطلاق.

32 - باب مرجع النبى - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب ومخرجه إلى بنى قريظة ومحاصرته إياهم

كلَّ مرّةٍ: أنا، فلمَّا جاءهم، رأى أبا سفيان يَصْطَلي بطنَه من النار من البرد. قال الزُّبَيْر: لو شِئْتُ لَرَمَيْتُ بطنَه بسهمٍ، إلَّا أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان نهاني أن أَفْعَلَ أمرًا بغير إذنه، فلم أفعل. 32 - باب مَرْجَعِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الأَحْزَابِ وَمَخْرَجِهِ إِلَى بَنِى قُرَيْظَةَ وَمُحَاصَرَتِهِ إِيَّاهُمْ 4117 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمَّا رَجَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْخَنْدَقِ وَوَضَعَ السِّلاَحَ وَاغْتَسَلَ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَقَالَ قَدْ وَضَعْتَ السِّلاَحَ وَاللَّهِ مَا وَضَعْنَاهُ، فَاخْرُجْ إِلَيْهِمْ. قَالَ «فَإِلَى أَيْنَ». قَالَ هَا هُنَا، وَأَشَارَ إِلَى بَنِى قُرَيْظَةَ، فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِمْ. أطرافه 463، 2813، 3901، 4122 - تحفة 16978 4118 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى الْغُبَارِ سَاطِعًا فِى زُقَاقِ بَنِى غَنْمٍ مَوْكِبِ جِبْرِيلَ حِينَ سَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى بَنِى قُرَيْظَةَ. تحفة 821 - 143/ 5 4119 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الأَحْزَابِ «لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلاَّ فِى بَنِى قُرَيْظَةَ». فَأَدْرَكَ بَعْضُهُمُ الْعَصْرَ فِى الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ نُصَلِّى حَتَّى نَأْتِيَهَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ نُصَلِّى، لَمْ يُرِدْ مِنَّا ذَلِكَ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ. طرفه 946 - تحفة 7615 4120 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ وَحَدَّثَنِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يَجْعَلُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - النَّخَلاَتِ حَتَّى افْتَتَحَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ، وَإِنَّ أَهْلِى أَمَرُونِى أَنْ آتِىَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَسْأَلَهُ الَّذِينَ كَانُوا أَعْطَوْهُ أَوْ بَعْضَهُ. وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَعْطَاهُ أُمَّ أَيْمَنَ، فَجَاءَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَجَعَلَتِ الثَّوْبَ فِى عُنُقِى تَقُولُ كَلاَّ وَالَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لاَ يُعْطِيكَهُمْ وَقَدْ أَعْطَانِيهَا، أَوْ كَمَا قَالَتْ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لَكِ كَذَا». وَتَقُولُ كَلاَّ وَاللَّهِ. حَتَّى أَعْطَاهَا، حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ «عَشَرَةَ أَمْثَالِهِ». أَوْ كَمَا قَالَ. أطرافه 2630، 3128، 4030 - تحفة 877 4121 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - يَقُولُ نَزَلَ أَهْلُ قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَأَرْسَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى سَعْدٍ، فَأَتَى عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْمَسْجِدِ قَالَ لِلأَنْصَارِ «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ - أَوْ - خَيْرِكُمْ». فَقَالَ «هَؤُلاَءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ». فَقَالَ

تَقْتُلُ مُقَاتِلَتَهُمْ وَتَسْبِى ذَرَارِيَّهُمْ. قَالَ «قَضَيْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ». وَرُبَّمَا قَالَ «بِحُكْمِ الْمَلِكِ». أطرافه 3043، 3804، 6262 - تحفة 3960 4122 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ حِبَّانُ ابْنُ الْعَرِقَةِ، رَمَاهُ فِى الأَكْحَلِ، فَضَرَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْمَةً فِى الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ، فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْخَنْدَقِ وَضَعَ السِّلاَحَ وَاغْتَسَلَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - وَهْوَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنَ الْغُبَارِ فَقَالَ قَدْ وَضَعْتَ السِّلاَحَ وَاللَّهِ مَا وَضَعْتُهُ، اخْرُجْ إِلَيْهِمْ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَأَيْنَ». فَأَشَارَ إِلَى بَنِى قُرَيْظَةَ، فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ، فَرَدَّ الْحُكْمَ إِلَى سَعْدٍ، قَالَ فَإِنِّى أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ، وَأَنْ تُسْبَى النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ، وَأَنْ تُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ. قَالَ هِشَامٌ فَأَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ سَعْدًا قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَىَّ أَنْ أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ - صلى الله عليه وسلم - وَأَخْرَجُوهُ، اللَّهُمَّ فَإِنِّى أَظُنُّ أَنَّكَ قَدْ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَإِنْ كَانَ بَقِىَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَىْءٌ، فَأَبْقِنِى لَهُ حَتَّى أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ، وَإِنْ كُنْتَ وَضَعْتَ الْحَرْبَ فَافْجُرْهَا، وَاجْعَلْ مَوْتَتِى فِيهَا. فَانْفَجَرَتْ مِنْ لَبَّتِهِ، فَلَمْ يَرُعْهُمْ وَفِى الْمَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِى غِفَارٍ إِلاَّ الدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا يَا أَهْلَ الْخَيْمَةِ مَا هَذَا الَّذِى يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ فَإِذَا سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا، فَمَاتَ مِنْهَا رضى الله عنه. أطرافه 463، 2813، 3901، 4117 - تحفة 16978 - 144/ 5 4123 - حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَدِىٌّ أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِحَسَّانَ «اهْجُهُمْ - أَوْ هَاجِهِمْ - وَجِبْرِيلُ مَعَكَ». أطرافه 3213، 4124، 6153 - تحفة 1794 4124 - وَزَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ قُرَيْظَةَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ «اهْجُ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ مَعَكَ». أطرافه 3213، 4123، 6153 - تحفة 1794 وإنما خَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بعد الأحزاب إلى بني قُرَيْظَة، لأنهم غَدَرُوا، وأعانوا الأحزاب. 4118 - قوله: (كأَنِّي أَنْظُرُ إلى الغُبَار سَاطِعًا في زُقاقِ بني غَنْمٍ، مَوْكِب جبريل) واختلفوا في أن رؤيةَ جبرائيل عليه السلام، هل تَجُوزُ لغير النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أو لا؟ فمنهم من جوَّزها، ومنهم من أَنْكَرَهَا. والظاهرُ من هذا اللفظ: أنه لمَّا رأى الغبارَ ساطعًا، ولم يَرَ راكبًا ظنَّ أنه جبرائيل عليه السلام، ولم يَرَهُ، وذلك إذا كان في صورته. أمَّا إذا تمثَّل في

33 - باب غزوة ذات الرقاع

صورة رجلٍ، فقد رآه آخرون أيضًا، كما مرَّ في «الإِيمان» «هذا جبرائيل جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُم دينكم». والله تعالى أعلم. قوله: (مَوْكِب): "سوارى شاهانه". 4119 - قوله: (فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لا نُصَلِّي حتَّى نَأْتِيَها)، وقد مرَّ الكلامُ في اختلاف مَدَارِكِهِم فيه. ثم اعلم أنه نُسِبَ إلى الإِمام الأعظم: أن الحقَّ واحدٌ ودائرٌ، ونُسِبَ إلى صاحِبَيْهِ أنه متعدِّدٌ ظاهرًا، وباطنًا. وذَهَبَ جماعةٌ من الأصوليين إلى أن الحكمَ في كلِّ مسألةٍ من الله تعالى، والمجتهدُ مأمورٌ بابتغائه، وذلك أقربُ إلى الإِمام. وذَهَبَ جماعةٌ إلى أن لا حكم من الله تعالى في الموضع المُجْتَهَدِ فيه، ولكن المجتهِد يَحْكُمُ بالأشبه، وهذا أقربُ إلى صَاحِبَيْهِ. وذهب جماعةٌ ثالثةٌ إلى أن المُجْتَهِدَ مختارٌ فيه، حَكَم فيه بما شَاءَ. 4122 - قوله: (وفي المَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بني غِفَارٍ) ... إلخ، وقد مرَّ: أن المرادَ من المسجد ههنا المكانُ المُعَدُّ للصلاة، على ما عُرِفَ من عادته في الأسفار: أنه كان إذا نَزَلَ منزلًا، أَعَدَّ مكانًا للصلاة، فيصلِّي فيه. والرواةُ يعبِّرون به عن المسجد، وما لهم وأنظارُ الفقهاء، وإنَّما هم بصدد نقل الواقع، فإذا رَأَوْهُم يصلُّون فيه عبَّروا عنه بالمسجد، سواء كان مسجدًا في الفقه، أو لا. وحينئذٍ لا يَلْزَمُ كونها واقعةً في المسجد النبويِّ (¬1). 33 - باب غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَهْىَ غَزْوَةُ مُحَارِبِ خَصَفَةَ مِنْ بَنِى ثَعْلَبَةَ مِنْ غَطَفَانَ، فَنَزَلَ نَخْلًا. وَهْىَ بَعْدَ خَيْبَرَ، لأَنَّ أَبَا مُوسَى جَاءَ بَعْدَ خَيْبَرَ. 4125 - وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فِى الْخَوْفِ فِى غَزْوَةِ السَّابِعَةِ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ. وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْخَوْفَ بِذِى قَرَدٍ. أطرافه 4126، 4127، 4130، 4137 - تحفة 3156 - 145/ 5 4126 - وَقَالَ بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ حَدَّثَنِى زِيَادُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِى مُوسَى أَنَّ جَابِرًا ¬

_ (¬1) قلتُ: ومن حمله على المسجد النبويِّ، فلعلَّه ظنَّ أن خيمتَهُ لمَّا كانت مضروبةً في المسجد النبويِّ في غزوة الخَنْدَقِ، تَبَادَرَ ذهنه في أيام بني قُرَيْظَة أيضًا إليه، مع أن الرواةَ لم يُعَيِّنُوا مكانه في تلك الأيام، فإن بني قُرَيْظَة على نحو ستة أميالٍ من المدينة. فالظاهرُ منه هو المسجدُ المُعَدُّ للصلاة، دون المسجد النبويِّ. والله تعالى أعلم.

حَدَّثَهُمْ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِهِمْ يَوْمَ مُحَارِبٍ وَثَعْلَبَةَ. أطرافه 4125، 4127، 4130، 4137 - تحفة 3167 4127 - وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ كَيْسَانَ سَمِعْتُ جَابِرًا خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى ذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ فَلَقِىَ جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ، فَلَمْ يَكُنْ قِتَالٌ، وَأَخَافَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَصَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَىِ الْخَوْفِ. وَقَالَ يَزِيدُ عَنْ سَلَمَةَ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْقَرَدِ. أطرافه 4125، 4126، 4130، 4137 - تحفة 3130، 4540 4128 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزَاةٍ وَنَحْنُ سِتَّةُ نَفَرٍ بَيْنَنَا بَعِيرٌ نَعْتَقِبُهُ، فَنَقِبَتْ أَقْدَامُنَا وَنَقِبَتْ قَدَمَاىَ وَسَقَطَتْ أَظْفَارِى، وَكُنَّا نَلُفُّ عَلَى أَرْجُلِنَا الْخِرَقَ، فَسُمِّيَتْ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ، لِمَا كُنَّا نَعْصِبُ مِنَ الْخِرَقِ عَلَى أَرْجُلِنَا، وَحَدَّثَ أَبُو مُوسَى بِهَذَا، ثُمَّ كَرِهَ ذَاكَ، قَالَ مَا كُنْتُ أَصْنَعُ بِأَنْ أَذْكُرَهُ. كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ شَىْءٌ مِنْ عَمَلِهِ أَفْشَاهُ. تحفة 9060 4129 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَمَّنْ شَهِدَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَّى صَلاَةَ الْخَوْفِ أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ، وَطَائِفَةٌ وُجَاهَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّتِى مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا، وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَصَفُّوا وُجَاهَ الْعَدُوِّ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمِ الرَّكْعَةَ الَّتِى بَقِيَتْ مِنْ صَلاَتِهِ، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا، وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ. تحفة 4645 4130 - وَقَالَ مُعَاذٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِنَخْلٍ. فَذَكَرَ صَلاَةَ الْخَوْفِ. قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِى صَلاَةِ الْخَوْفِ. تَابَعَهُ اللَّيْثُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةِ بَنِى أَنْمَارٍ. أطرافه 4125، 4126، 4127، 4137 - تحفة 2979، 19203 4131 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِىِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ قَالَ يَقُومُ الإِمَامُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ قِبَلِ الْعَدُوِّ، وُجُوهُهُمْ إِلَى الْعَدُوِّ، فَيُصَلِّى بِالَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَقُومُونَ، فَيَرْكَعُونَ لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً وَيَسْجُدُونَ سَجْدَتَيْنِ فِى مَكَانِهِمْ، ثُمَّ يَذْهَبُ هَؤُلاَءِ إِلَى مَقَامِ أُولَئِكَ فَيَرْكَعُ بِهِمْ رَكْعَةً، فَلَهُ ثِنْتَانِ، ثُمَّ يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ سَجْدَتَيْنِ. تحفة 4645 - 146/ 5 ... - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 4645 ... - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ يَحْيَى سَمِعَ

الْقَاسِمَ أَخْبَرَنِى صَالِحُ بْنُ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلٍ حَدَّثَهُ قَوْلَهُ. تحفة 4645 4132 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ نَجْدٍ، فَوَازَيْنَا الْعَدُوَّ فَصَافَفْنَا لَهُمْ. أطرافه 942، 943، 4133، 4535 - تحفة 6842 4133 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَالطَّائِفَةُ الأُخْرَى مُوَاجِهَةُ الْعَدُوِّ، ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَقَامُوا فِى مَقَامِ أَصْحَابِهِمْ، فَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَامَ هَؤُلاَءِ فَقَضَوْا رَكْعَتَهُمْ، وَقَامَ هَؤُلاَءِ فَقَضَوْا رَكْعَتَهُمْ. أطرافه 942، 943، 4132، 4535 - تحفة 6931 4134 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى سِنَانٌ وَأَبُو سَلَمَةَ أَنَّ جَابِرًا أَخْبَرَ أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ نَجْدٍ. أطرافه 2910، 2913، 4135، 4136 - تحفة 2276، 3154 4135 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِى سِنَانٍ الدُّؤَلِىِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَفَلَ مَعَهُ، فَأَدْرَكَتْهُمُ الْقَائِلَةُ فِى وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِى الْعِضَاهِ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَحْتَ سَمُرَةٍ، فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ، قَالَ جَابِرٌ فَنِمْنَا نَوْمَةً، ثُمَّ إِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُونَا، فَجِئْنَاهُ فَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِىٌّ جَالِسٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِى، وَأَنَا نَائِمٌ فَاسْتَيْقَظْتُ، وَهْوَ فِى يَدِهِ صَلْتًا، فَقَالَ لِى مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّى قُلْتُ اللَّهُ. فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ». ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2910، 2913، 4134، 4136 - تحفة 2276 - 147/ 5 4136، 4137 - وَقَالَ أَبَانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِذَاتِ الرِّقَاعِ، فَإِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَسَيْفُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مُعَلَّقٌ بِالشَّجَرَةِ فَاخْتَرَطَهُ فَقَالَ تَخَافُنِى قَالَ «لاَ». قَالَ فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّى قَالَ «اللَّهُ». فَتَهَدَّدَهُ أَصْحَابُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَأَخَّرُوا، وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْبَعٌ وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ مُسَدَّدٌ عَنْ أَبِى عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ اسْمُ الرَّجُلِ غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ، وَقَاتَلَ فِيهَا مُحَارِبَ خَصَفَةَ. أطرافه 2910، 2913، 4134، 4135 - تحفة 3154 وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِنَخْلٍ فَصَلَّى الْخَوْفَ.

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - غَزْوَةَ نَجْدٍ صَلاَةَ الْخَوْفِ. وَإِنَّمَا جَاءَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَيَّامَ خَيْبَرَ. أطرافه 4125، 4126، 4127، 4130 - تحفة 2979، 14606 وعند البخاري، ومسلم عن أبي موسى: «أنها سُمِّيَت ذات الرِّقاع، لأنهم فَقَدُوا النِّعال، فَلَقُّوا أرجلهم بالرِّقاعِ». قلتُ: وذلك وإن كان صادقًا، لكن الأصوب: أن ذاتَ الرِّقاع جَبَلٌ، كما يُعْلَمُ من «معجم البلدان» للحموي، حيث يقول شاعرهم: حتَّى إذا كُنَّا بذات الرِّقاع والرقعة لونٌ خلاف لون الأصل، وكان الجبلُ في لونه سوادٌ وبَيَاضٌ، فَسُمِّي بذات الرِّقاع. والاعتمادُ في ذلك الباب على قول الشاعر أجدرُ وأحرى. ويُمْكِنُ أن يكونَ الأمران جميعًا، فلا تَعَارُضَ. وعند القفول منها وَقَعَتْ قصة شراء النبيِّ صلى الله عليه وسلّم من جابر بعيره، واشتهرت بليلة البعير. وقد عَلِمْتَ أنه لم يُرِدْ فيها الشراءَ حقيقةً، ولكنه أراد أن يُعِينَهُ على نوائبه، واختار صورةَ الشِّرَاء فقط. وفيها قصة صحابيَ كان في المرابطة مصلِّيًا، فرماه رجلٌ، فمضى في صلاته، ولم يَنْقُضْها، وفيها نَزَلَتْ صلاة الخوف: السنة الرابعة، وابتداء الخامسة. واعلم أنه اخْتُلِفَ في تلك الغزوةِ أنها كانت قبل خَيْبَرَ، أو بعدها، وجَنَحَ البخاريُّ إلى كونها بعدها، وخَالَفَ فيه علماءَ السِّيَر كافةً، فإنها قبلها عندهم. ثم العَجَبُ أنه قدَّمها على خَيْبَرَ وضعًا، مع جنوحه إلى كونها بعدها. قال الحافظُ (¬1): لا أدري هل تعمَّد ذلك تلسمًا لأصحاب المغازي، أو هو من تصرُّفات الرواة عنه. والمختارُ عندي: أن سفرَه صلى الله عليه وسلّم إلى ذات الرِّقاع وقع مرتين: مرَّةً قبل خَيْبَرَ في السنة الخامسة، ومرَّةً أخرى بعدها، في السابعة، كذا اختاره الحاكمُ في «الإِكليل». ويُؤَيِّدُهُ ما عند مسلم، عن جابر: «غَزَوْنَا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم قومًا من جُهَيْنَة، فقاتلونا قتالًا شديدًا» ... إلخ، وجُهَيْنَةُ هم الذين قَاتَلُوا في غزوة ذات الرِّقاع، فَدَلَّ على ثبوت القتال. وفي البخاريِّ: «أنه لم يَكُنْ فيه قتالٌ»، فلا بُدَّ من القول بتعدُّد السفر. واختارُ الحافظُ وحدتها، كما في «الفتح»، و «تلخيص الحبير». والمحقَّقُ عندي ما ذَكَرْتُ، وما خالفته إلَّا بعد وضوح الحال عندي، ثم الاستخارات من ربي عزَّ وجلَّ. ¬

_ (¬1) قال الحافظُ: لا أدري هل تعمَّد ذلك تسليمًا لأصحاب المغازي، أنها كانت قبلها، كما سيأتي. أو أن ذلك من الرواة عنه، أو إشارةٌ إلى احتمال أن تكونَ ذات الرِّقاع اسمًا لغزوتين مختلفتين، كما أشار إليه البيهقي ... إلخ.

قوله: (وَهِيَ غَزْوَةُ مُحَارِبِ (¬1) خَصَفَةَ من بَنِي ثَعْلَبَةَ)، أي مُحَارِب بن خَصَفَة (¬2)، وخَصَفَةُ ليس من بني ثَعْلَبَة، بل هو ابنُ قَيْسِ، ففيه سهوٌ. والصواب مُحَارِبُ خَصَفَةَ، وبني ثَعْلَبة بالعطف، وراجع الهامش. والصوابُ في إضافة العَلَم إلى الَعَلمِ الجوازُ إذا كانت فيه فائدة، وإن أَنْكَرَها النحاةُ. قوله: (فَنَزَلَ نَخْلًا) والنَّخْلُ (¬3) موضعٌ قريبٌ من ذات الرِّقَاع. وأمَّا النَّخْلَةُ التي صلَّى فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم صلاةَ الصبحِ، واستمع بها نفرٌ من الجِنِّ، فهي عند الطائف على ثلاثة مراحل من المدينة. قوله: (وهِيَ بَعد خَيْبَرَ، لأَنَّ أَبَا مُوسَى جَاءَ بَعْدَ خَيْبَرَ) استدلَّ منه البخاريُّ على دعواه بأمور: الأول: أن أبا موسى قد شَهِدَ ذات الرِّقاع، مع أنه لم يجيء إلَّا بعد خَيْبَرَ، فَلَزِمَ أن تكونَ ذات الرِّقاع بعد خَيْبَرَ. والثاني: بما رُوِي عن جابر: «أنه صلَّى صلاة الخوف، مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في الغزوة السابعة»، وهي ذات الرِّقاع. ولما كانت السادسة هي خَيْبَرُ، لَزِمَ منه كون ذات الرِّقاع بعدها. ومحصَّل ما نقله عن جابر، وابن عباس أمور: أنه صلَّى صلاة الخوف في ذات الرِّقاع، وأنه صلَّاها في ذات القَرَدِ، وأنه صلَّاها يوم مُحَارِبِ، وثَعْلَبَة، وأنه خرج إلى النَّخْلِ، فَدَلَّ على كون تلك المواضع متقاربة. والمعنى: أنه خَرَجَ من النَّخْل إلى ذات الرِّقاع، كما ذَكَرَهُ جابر آخرًا، فصلَّى بهم صلاةَ الخوف في ذات القَرَدِ. وسيجيءُ أن ذات القَرَد قبل خَيْبَرَ بثلاثٍ، وخَيْبَرَ في السابعة، فَثَبَتَ كون ذات الرِّقاع أيضًا في السابعة. 4125 - قوله: (أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ القطَّانُ، عن يَحْيَى بنِ أبي كَثِيرٍ) ... إلخ، وعِمْرَانُ القطَّانُ هذا هو عِمْرَانُ بن دَاوَر، وهو عِمْرَانُ العَطَّارُ. وروى أحمد في «مسنده» عن عِمْرَان العَطَّارِ هذا حديثًا في الوتر، يَدُلُّ على فصله صلى الله عليه وسلّم بين تسع الوتر بالست، والثلاث، ثم أَزَلْ أَفتِّش مَنْ هو، حتَّى رأيت في البخاريِّ: القطَّان في الصُلْب، والعطَّار في الهامش، فاستبنت أن القطَّانَ هو العطَّارُ، إلَّا أنه مشهورٌ بالقطَّانِ. ومن ههنا ظَهَرَ شَرحُ ¬

_ (¬1) قال الحافظُ: جمهورُ أهل المغازي على أن غزوةَ ذات الرِّقاع هي غزوةُ مُحَارِب، كما جَزَمَ به ابن إسحاق. وعند الواقديِّ: أنهما اثنتان، وتَبِعَهُ القطبُ الحلبي في "شرح السيرة"، والله أعلم بالصواب. (¬2) قال الحافظُ: وإنما أُضِيفَت مُحَارِب إلى خَصَفَةَ لقصد التمييز عن غيرهم من المُحَارِبين، كأنه قال: مُحَارِبُ الذين يُنْسَبُون إلى خَصَفَةَ، لا الذين يُنسَبُون إلى فِهْر، ولا غيرهم. (¬3) قال الحافظُ: هو مكانٌ من المدينة على يومين، وهو بوادٍ يُقَالُ له: شَرْح، وبذلك الوادي طوائف من قَيْس من بني فَزَارَة، وأَنْمَار، وأَشْجَع، ذكره أبو عُبَيْدة البِكري. اهـ. "فتح الباري". وقال علي: إنه موضعٌ من نَجْدٍ من أراضي غَطَفَان. وغَفَلَ من قال: إن المرادَ نَخْلٌ بالمدينة. اهـ.

حديث مسلم: «أن أبا سَلَمَةَ سأل عائشةَ عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلّم، غير أن في حديثهما: تسع ركعاتٍ قائمًا، يُوتِرُ منهنَّ اهـ. أنه على نظر الحنفية ستٌ، وثلاثٌ، وراجع له هامش رسالتي «كشف الستر» من الآخر. قوله: (في غَزْوَةِ السَّابِعَةِ)، تكلَّموا في معناه: أن السابعةَ هي الغزوةُ، ففيه إضافةُ الشيء إلى نفسه. أو المرادُ: الغزوةُ التي في السنة الرابعة. فمال الحافظُ (¬1) إلى الأوَّل، وعلى الثاني، ففيه دليلٌ للبخاريِّ صراحةً، بخلاف الأوَّل، فإنه لا يَلْزَمُ من كونها سابعةً أن تكونَ بعد خَيْبَرَ أيضًا، فإن كان فباللُّزُومِ. قوله: (وقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: صَلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم الخَوْفَ بِذِي قَرَدٍ) وذُو قَرَدٍ اسمُ ماءٍ، وهو وإن كان غير ذات الرِّقاع، إلَّا أن غرضَ المصنِّف أنها كلَّها مواضعُ متقاربةٌ، فكلُّها في سفر ذات الرِّقاع. ولما كان ذاتُ قَرَدٍ قُبَيْل خَيْبَرَ بثلاثِ، كما صرَّح به البخاريُّ في ترجمته، وهو عند مسلم أيضًا، وغزوةُ خَيْبَرَ في السابعة، لَزِمَ أن تكونَ غزوة ذات الرِّقاع أيضًا في السابعة، وهو المطلوبُ. 4126 - قوله: (عَنْ أبي مُوسَى أَنَّ جَابِرًا حَدَّثَهُمْ: صلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم) ... إلخ، وليس أبو موسى هذا هو الأشعريُّ، بل هو راوٍ آخرُ. ولمَّا كان في ذهنه أن السَّفَرَ لم يكن إلى هذا السَّمْتِ إلَّا واحدًا، وقد جاء التصريحُ عن أبي موسى: أن هذه الواقعة كانت بعد خَيْبَرَ، رَكِبَ في ذهنه أن الواقعةَ في كلِّها هي واقعةٌ ذات الرِّقاع، وتلك كلُّها أجزاؤها، وقطعاتها. وللقائل أن لا يسلِّمَ اتحاد السفر، بل يقول: إنه سافر إلى تلك المواضع أيضًا مستقلاًّ، فلا يكون فيه حُجَّةٌ للصِّنف أصلًا. ¬

_ (¬1) قال الحافظُ: غزوة السابعة، هي من إضافة الشيء إلى نفسه على رأي، أو فيه حذفٌ، تقديره: غزوة السفرة السابعة. وقال الكرْمَانيُّ، وغيره: السنة السابعة، أي من الهجرة. قلتُ: وفي هذا التقدير نظرٌ، إذ لو كان مرادًا، لكان هذا نصًّا في أن غزوةَ ذات الرِّقاع تأخَّرت بعد خَيْبَرَ، ولم يحتجِ المصنِّفُ إلى تكلُّفِ الاستدلال لذلك بقصة أبي موسى، وغير ذلك، ممَّا ذَكَرَهُ في الباب. نعم في التنصيص على أنها سابع غزوة من غزوات النبي صلى الله عليه وسلم تأييدٌ لِمَا ذَهبَ إليه البخاريُّ، من أنها كانت بعد خَيْبَرَ. فإنه إن كان المرادُ الغزوات الي خَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلَّم فيها بنفسه مطلقًا، وإن لم يُقَاتِلْ، فإنَّ السابعةَ منها تَقَعُ قبل أُحُدٍ، ولم يَذهَبْ أحدٌ إلى أن ذاتَ الرِّقَاعِ قبل أُحُدٍ، إلَّا ما تقدَّم من تردُّد موسى بن عُقْبَة، وفيه نظرٌ، لأنهم متَّفِقُون على أن صلاةَ الخوف متأخِّرةٌ عن غزوة الخَنْدَقِ، فتعيَّن أن تكونَ ذات الرِّقاع بعد بني قُرَيْظَة، فتعيَّن أن المرادَ: الغزوات التي وَقَعَ فيها القتال، والأُولى: منها بدرٌ، والثانية: أحدٌ، والثالثة: الخَنْدَقُ، والرابعة: فرَيْظَة، والخامسة: المرَيسِيع، والسادسة: خَيبَرُ، فَيَلْزَمُ من هذا أن تكونَ ذات الرِّقاع بعد خَيبَرَ، للتنصيص على أنها السابعة. فالمرادُ تاريخ الواقعة، لا عدد المغازي، وهذه العبارةُ أقربُ إلى إرادة السَّنة من العبارة التي وقعت عند أحمد، بلفظ: "وكانت صلاة الخوف في السابعة"، فإنه يصحُّ أن يكونَ التقدير في الغزوة السابعة. اهـ.

34 - باب غزوة بنى المصطلق من خزاعة وهى غزوة المريسيع

4127 - قوله: (فَلَمْ يَكْنْ قِتَالٌ) وقد مرَّ عن مسلم: فقاتلونا قتالًا شديدًا، فلا جوابَ إلَّا بالتزام تعدُّد الواقعة. فَيُقَال بثبوت القتال في سفرٍ، وبنفيه في سفر (¬1). (حجة الشافعية في جواز اقتداء المفترض بالمتنفل) 4136 - قوله: (وكان للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم أَرْبَعٌ، وللقَوْمِ رَكْعَتَيْنِ)، قد عَلِمْتَ أن فيه حجَّةً للشافعية في مسألة جواز اقتداء المُفْتَرِض بالمتنفِّل. وعَجَزَ عن جوابه مثل الزيلعيِّ، وابن الهُمَام. وحمله الطحاويُّ على زمانٍ كانت الفرائض فيه تُصَلَّى مرتين. وقد أَجَبْتُ عنه جوابًا شافيًا، بعون الله تعالى، ذكرته في البيوع، في ذيل بحث العرايا، ويَخْدِشُهُ ما عند النَّسائي من ذكر تسليم النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أيضًا بعد الركعتين. قلتُ: قد انكشف عندنا حقيقةً الأمرُ، وإذن لا نتَّبع الألفاظ، ونقول: إنه بالحقيقة تسليمٌ القوم، ونُسِبَ إلى إمامه لكونهم في إمامته، لا أنه تسليمٌ نفسه. أو يُقَالُ: إنه لمَّا انتظر صلى الله عليه وسلّم تسليم القوم، عبَّر الراوي انتظارَه للتسليم بالتسليم. وبعبارةٍ أخرى: إن التَّسْلِيمَ بعد الركعتين، وإن لم يَقَعْ من النبيِّ صلى الله عليه وسلّم حقيقةً، ولكنه لمَّا وقع من القوم خلال في صلاته عبَّر الراوي عن تسليمه. فصفةُ الصلاة فيها على رواية سَهْل بن أبي حَثْمَة، إلَّا أن الرواةَ قد يَقْصُرُون في التعبير، نظرًا إلى وضوح المراد عندهم. والله تعالى أعلم بالصواب. ومَنْ يَحْمِلُ الوقائعَ على الألفاظ، ولا يجعلها تابعةٌ للوقائع، يَهِيمُ مدَّة عمره، ولا يهتدي إلى سواء الصِّرَاط، ولكن من لم يَذُقْ لم يَدْرِ. 34 - باب غَزْوَةُ بَنِى الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ وَهْىَ غَزْوَةُ الْمُرَيْسِيعِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَذَلِكَ سَنَةَ سِتٍّ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ. وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِىِّ: كَانَ حَدِيثُ الإِفْكِ فِى غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ. 4138 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ أَنَّهُ قَالَ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَرَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْعَزْلِ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةِ بَنِى الْمُصْطَلِقِ، فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْىِ الْعَرَبِ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ وَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ، وَأَحْبَبْنَا الْعَزْلَ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ، وَقُلْنَا نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ «مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَفْعَلُوا، مَا مِنْ نَسَمَةٍ ¬

_ (¬1) قلت: ورأيت في تقرير الفاضل مولانا عبد القدير في الاعتذار عنه أنه يجوز أن يكون قتال في بعض المواضع، دون بعض. قلت: وذلك يليق بنظر البخاري.

35 - باب غزوة أنمار

كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا وَهْىَ كَائِنَةٌ». أطرافه 2229، 2542، 5210، 6603، 7409 - تحفة 4111 - 148/ 5 4139 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَزْوَةَ نَجْدٍ، فَلَمَّا أَدْرَكَتْهُ الْقَائِلَةُ وَهْوَ فِى وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ، فَنَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ وَاسْتَظَلَّ بِهَا وَعَلَّقَ سَيْفَهُ، فَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِى الشَّجَرِ يَسْتَظِلُّونَ، وَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ دَعَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجِئْنَا، فَإِذَا أَعْرَابِىٌّ قَاعِدٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ «إِنَّ هَذَا أَتَانِى وَأَنَا نَائِمٌ، فَاخْتَرَطَ سَيْفِى فَاسْتَيْقَظْتُ، وَهْوَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِى، مُخْتَرِطٌ صَلْتًا، قَالَ مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّى قُلْتُ اللَّهُ. فَشَامَهُ، ثُمَّ قَعَدَ، فَهْوَ هَذَا». قَالَ وَلَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 3154 والمُصْطَلِقُ اسمُ قبيلةٍ من خُزَاعَةَ، وكان لهم تسلُّطٌ على مكة قبل قريش، ثُمَّ لمَّا تسلَّط عليها قريش تَقَشَّعُوا حوالي مكة. قوله: (والمُرَيْسِيع): بِئْرٌ. قوله: (وقَالَ مُوسَى بن عُقْبَةَ: سَنَةً أَرْبَعٍ) قال الحافظُ: كأنه سهوٌ من قلم البخاريِّ. والذي ذكره: أنها كانت سَنَةَ خمسٍ. 4138 - قوله: (مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لا تَفْعَلُوا)، فيه بيانٌ لكون العَزْل لغوًا، وليس فيه تحريمٌ. 4139 - قوله: (فَشَامَهُ)، أي جَعَلَهُ في غِمْدِهِ. وفي لفظٍ: «أنه سَقَطَ من يده»، فهذا من اختلاف الرُّواة في الألفاظ، وقلَّما الْتُفِتَ إليه، إلَّا إذا كان مَدَارًا للمسألة. 35 - باب غَزْوَةُ أَنْمَارٍ 4140 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىِّ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةِ أَنْمَارٍ يُصَلِّى عَلَى رَاحِلَتِهِ، مُتَوَجِّهًا قِبَلَ الْمَشْرِقِ مُتَطَوِّعًا. أطرافه 400، 1094، 1099 - تحفة 2393 والأَثْمَارُ (¬1): موضعٌ عند ذات الرِّقاع. والصوابُ أن موضعَه قبل غزوة بني المُصْطَلِقِ، فلعلَّه من النُّسَّاخ، لأن قصة الإِفَكِ وقعت في غزوة بني المُصْطَلِق، فلا معنى لإِدخال غزوة بني أَنْمَارٍ بينهما. هكذا ذَكَرَهُ الحافظُ. ¬

_ (¬1) قلت: وفي الهامش: وهي قبيلة من بجيلة.

36 - باب حديث الإفك

36 - باب حَدِيثُ الإِفْكِ وَالإِفْكُ، بِمَنْزِلَةِ النَّجْسِ وَالنَّجَسِ. يُقَالُ إِفْكُهُمْ وَأفْكُهُمْ وأفْكُهُمْ، فَمَنْ قالَ: أفَكَهُمْ، يَقُولُ: صَرَفَهُمْ عَنِ الإيمَانِ وكَذَبَهُمْ، كمَا قَالَ {يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} يُصْرَفُ عَنْهُ مَنْ صُرِفَ. 4141 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا، وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ وَأَثْبَتَ لَهُ اقْتِصَاصًا، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِى حَدَّثَنِى عَنْ عَائِشَةَ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ، قَالُوا قَالَتْ عَائِشَةُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيُّهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا، خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِى غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِى، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَكُنْتُ أُحْمَلُ فِى هَوْدَجِى وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ، دَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِى أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِى، فَلَمَسْتُ صَدْرِى، فَإِذَا عِقْدٌ لِى مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِى، فَحَبَسَنِى ابْتِغَاؤُهُ، قَالَتْ وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يُرَحِّلُونِى فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِى، فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِى الَّذِى كُنْتُ أَرْكَبُ عَلَيْهِ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّى فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَهْبُلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ خِفَّةَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ وَحَمَلُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الْجَمَلَ فَسَارُوا، وَوَجَدْتُ عِقْدِى بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ دَاعٍ وَلاَ مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِى الَّذِى كُنْتُ بِهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِى فَيَرْجِعُونَ إِلَىَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِى مَنْزِلِى غَلَبَتْنِى عَيْنِى فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِىُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِىُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِى فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ، فَعَرَفَنِى حِينَ رَآنِى، وَكَانَ رَآنِى قَبْلَ الْحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِى، فَخَمَّرْتُ وَجْهِى بِجِلْبَابِى، وَاللَّهِ مَا تَكَلَّمْنَا بِكَلِمَةٍ وَلاَ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ، وَهَوَى حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا، فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِى الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ مُوغِرِينَ فِى نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، وَهُمْ نُزُولٌ - قَالَتْ - فَهَلَكَ {فِىَّ} مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِى تَوَلَّى كِبْرَ الإِفْكِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ ابْنَ سَلُولَ. قَالَ عُرْوَةُ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ كَانَ يُشَاعُ وَيُتَحَدَّثُ بِهِ

عِنْدَهُ، فَيُقِرُّهُ وَيَسْتَمِعُهُ وَيَسْتَوْشِيهِ. وَقَالَ عُرْوَةُ أَيْضًا لَمْ يُسَمَّ مِنْ أَهْلِ الإِفْكِ أَيْضًا إِلاَّ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ، وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ فِى نَاسٍ آخَرِينَ، لاَ عِلْمَ لِى بِهِمْ، غَيْرَ أَنَّهُمْ عُصْبَةٌ - كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنَّ كُبْرَ ذَلِكَ يُقَالُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ. قَالَ عُرْوَةُ كَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أَنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ، وَتَقُولُ إِنَّهُ الَّذِى قَالَ فَإِنَّ أَبِى وَوَالِدَهُ وَعِرْضِى ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِى قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، لاَ أَشْعُرُ بِشَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَهْوَ يَرِيبُنِى فِى وَجَعِى أَنِّى لاَ أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اللُّطْفَ الَّذِى كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِى، إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ «كَيْفَ تِيكُمْ» ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَلِكَ يَرِيبُنِى وَلاَ أَشْعُرُ بِالشَّرِّ، حَتَّى خَرَجْتُ حِينَ نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ مَعَ أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ، وَكَانَ مُتَبَرَّزَنَا، وَكُنَّا لاَ نَخْرُجُ إِلاَّ لَيْلاً إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا. قَالَتْ وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلِ فِى الْبَرِّيَّةِ قِبَلَ الْغَائِطِ، وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، قَالَتْ فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ وَهْىَ ابْنَةُ أَبِى رُهْمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِى، حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِى مِرْطِهَا فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ. فَقُلْتُ لَهَا بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلاً شَهِدَ بَدْرًا فَقَالَتْ أَىْ هَنْتَاهْ وَلَمْ تَسْمَعِى مَا قَالَ قَالَتْ وَقُلْتُ مَا قَالَ فَأَخْبَرَتْنِى بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ - قَالَتْ - فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِى، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِى دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ «كَيْفَ تِيكُمْ». فَقُلْتُ لَهُ أَتَأْذَنُ لِى أَنْ آتِىَ أَبَوَىَّ قَالَتْ وَأُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، قَالَتْ فَأَذِنَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقُلْتُ لأُمِّى يَا أُمَّتَاهُ مَاذَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ قَالَتْ يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِى عَلَيْكِ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا لَهَا ضَرَائِرُ إِلاَّ كَثَّرْنَ عَلَيْهَا. قَالَتْ فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ أَوَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا قَالَتْ فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، حَتَّى أَصْبَحْتُ لاَ يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ، وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِى - قَالَتْ - وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْىُ يَسْأَلُهُمَا وَيَسْتَشِيرُهُمَا فِى فِرَاقِ أَهْلِهِ - قَالَتْ - فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالَّذِى يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِى يَعْلَمُ لَهُمْ فِى نَفْسِهِ، فَقَالَ أُسَامَةُ أَهْلَكَ وَلاَ نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْرًا. وَأَمَّا عَلِىٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ. قَالَتْ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَرِيرَةَ فَقَالَ «أَىْ بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَىْءٍ يَرِيبُكِ». قَالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا رَأَيْتُ

عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ، غَيْرَ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِى الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ - قَالَتْ - فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ يَوْمِهِ، فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ وَهْوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِى مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِى عَنْهُ أَذَاهُ فِى أَهْلِى، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا، وَمَا يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ مَعِى». قَالَتْ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ أَخُو بَنِى عَبْدِ الأَشْهَلِ فَقَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْذِرُكَ، فَإِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ. قَالَتْ فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بِنْتَ عَمِّهِ مِنْ فَخِذِهِ، وَهْوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَهْوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ - قَالَتْ - وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلاً صَالِحًا، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَقَالَ لِسَعْدٍ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لاَ تَقْتُلُهُ، وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ رَهْطِكَ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ يُقْتَلَ. فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ - وَهْوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدٍ - فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ. قَالَتْ فَثَارَ الْحَيَّانِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ - قَالَتْ - فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ - قَالَتْ - فَبَكَيْتُ يَوْمِى ذَلِكَ كُلَّهُ، لاَ يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ، وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ - قَالَتْ - وَأَصْبَحَ أَبَوَاىَ عِنْدِى، وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا، لاَ يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ، وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، حَتَّى إِنِّى لأَظُنُّ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِى، فَبَيْنَا أَبَوَاىَ جَالِسَانِ عِنْدِى وَأَنَا أَبْكِى فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَىَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِى مَعِى - قَالَتْ - فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ - قَالَتْ - وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِى مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لاَ يُوحَى إِلَيْهِ فِى شَأْنِى بِشَىْءٍ - قَالَتْ - فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، يَا عَائِشَةُ إِنَّهُ بَلَغَنِى عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً، فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرِى اللَّهَ وَتُوبِى إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ». قَالَتْ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِى حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، فَقُلْتُ لأَبِى أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِّى فِيمَا قَالَ. فَقَالَ أَبِى وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقُلْتُ لأُمِّى أَجِيبِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا قَالَ. قَالَتْ أُمِّى وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لاَ أَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ كَثِيرًا إِنِّى وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الْحَدِيثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِى أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّى بَرِيئَةٌ لاَ تُصَدِّقُونِى، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى مِنْهُ بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّى، فَوَاللَّهِ لاَ أَجِدُ لِى وَلَكُمْ مَثَلاً إِلاَّ أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَالَ {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] ثُمَّ تَحَوَّلْتُ وَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِى، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِى بِبَرَاءَتِى وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ

أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ فِى شَأْنِى وَحْيًا يُتْلَى، لَشَأْنِى فِى نَفْسِى كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِىَّ بِأَمْرٍ، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِى اللَّهُ بِهَا، فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَجْلِسَهُ، وَلاَ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِنَ الْعَرَقِ مِثْلُ الْجُمَانِ وَهْوَ فِى يَوْمٍ شَاتٍ، مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَيْهِ - قَالَتْ - فَسُرِّىَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ «يَا عَائِشَةُ أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ». قَالَتْ فَقَالَتْ لِى أُمِّى قُومِى إِلَيْهِ. فَقُلْتُ وَاللَّهِ لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ، فَإِنِّى لاَ أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ - قَالَتْ - وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11] الْعَشْرَ الآيَاتِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِى بَرَاءَتِى. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ - وَاللَّهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِى قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} إِلَى قَوْلِهِ {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22] قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ بَلَى وَاللَّهِ إِنِّى لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِى. فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِى كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَقَالَ وَاللَّهِ لاَ أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا. قَالَتْ عَائِشَةُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِى، فَقَالَ لِزَيْنَبَ «مَاذَا عَلِمْتِ أَوْ رَأَيْتِ». فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْمِى سَمْعِى وَبَصَرِى، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا. قَالَتْ عَائِشَةُ وَهْىَ الَّتِى كَانَتْ تُسَامِينِى مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ - قَالَتْ - وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَهَذَا الَّذِى بَلَغَنِى مِنْ حَدِيثِ هَؤُلاَءِ الرَّهْطِ. ثُمَّ قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ وَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِى قِيلَ لَهُ ما قِيلَ لَيَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا كَشَفْتُ مِنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ. قَالَتْ ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ. أطرافه 2593، 2637، 2661، 2688، 2879، 4025، 4690، 4749، 4750، 4757، 5212، 6662، 6679، 7369، 7370، 7500، 7545 تحفة 16494، 16126، 17409، 16311 - 154/ 5 4142 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَمْلَى عَلَىَّ هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ مِنْ حِفْظِهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ قَالَ لِى الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبَلَغَكَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ فِيمَنْ قَذَفَ عَائِشَةَ قُلْتُ لاَ. وَلَكِنْ قَدْ أَخْبَرَنِى رَجُلاَنِ مِنْ قَوْمِكِ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَهُمَا كَانَ عَلِىٌّ مُسَلِّمًا فِى شَأْنِهَا، فَرَاجَعُوهُ فَلَمْ يَرْجعْ. وقَالَ: مُسَلِّمًا بلا شَكٍّ فيه وعليه، وكان في أَصْلِ العَتِيقِ كذلك. تحفة 17772، 17697 4143 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ قَالَ حَدَّثَتْنِى أُمُّ رُومَانَ - وَهْىَ أُمُّ عَائِشَةَ رضى الله

عنهما قَالَتْ بَيْنَا أَنَا قَاعِدَةٌ أَنَا وَعَائِشَةُ إِذْ وَلَجَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَتْ فَعَلَ اللَّهُ بِفُلاَنٍ وَفَعَلَ. فَقَالَتْ أُمُّ رُومَانَ وَمَا ذَاكَ قَالَتْ ابْنِى فِيمَنْ حَدَّثَ الْحَدِيثَ. قَالَتْ وَمَا ذَاكَ قَالَتْ كَذَا وَكَذَا. قَالَتْ عَائِشَةُ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ نَعَمْ. قَالَتْ وَأَبُو بَكْرٍ قَالَتْ نَعَمْ. فَخَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا، فَمَا أَفَاقَتْ إِلاَّ وَعَلَيْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ، فَطَرَحْتُ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا فَغَطَّيْتُهَا. فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا شَأْنُ هَذِهِ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَتْهَا الْحُمَّى بِنَافِضٍ. قَالَ «فَلَعَلَّ فِى حَدِيثٍ تُحُدِّثَ بِهِ». قَالَتْ نَعَمْ. فَقَعَدَتْ عَائِشَةُ فَقَالَتْ وَاللَّهِ لَئِنْ حَلَفْتُ لاَ تُصَدِّقُونِى، وَلَئِنْ قُلْتُ لاَ تَعْذِرُونِى، مَثَلِى وَمَثَلُكُمْ كَيَعْقُوبَ وَبَنِيهِ، {وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]، قَالَتْ وَانْصَرَفَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَهَا - قَالَتْ - بِحَمْدِ اللَّهِ لاَ بِحَمْدِ أَحَدٍ وَلاَ بِحَمْدِكَ. أطرافه 3388، 4691، 4751 - تحفة 18317 4144 - حَدَّثَنِى يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - كَانَتْ تَقْرَأُ {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} [النور: 15] وَتَقُولُ الْوَلْقُ الْكَذِبُ. قَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ وَكَانَتْ أَعْلَمَ مِنْ غَيْرِهَا بِذَلِكَ لأَنَّهُ نَزَلَ فِيهَا. طرفه 4752 - تحفة 16263 4145 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ذَهَبْتُ أَسُبُّ حَسَّانَ عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ لاَ تَسُبَّهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَتْ عَائِشَةُ اسْتَأْذَنَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ قَالَ «كَيْفَ بِنَسَبِى». قَالَ لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ. طرفاه 3531، 6150 - تحفة 17054، 17055 - 155/ 5 وَقَالَ مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ فَرْقَدٍ سَمِعْتُ هِشَامًا عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَبَبْتُ حَسَّانَ، وَكَانَ مِمَّنْ كَثَّرَ عَلَيْهَا. تحفة 17100 4146 - حَدَّثَنِى بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - وَعِنْدَهَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُنْشِدُهَا شِعْرًا، يُشَبِّبُ بِأَبْيَاتٍ لَهُ وَقَالَ حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ لَكِنَّكَ لَسْتَ كَذَلِكَ. قَالَ مَسْرُوقٌ فَقُلْتُ لَهَا لِمَ تَأْذَنِينَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْكِ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11]. فَقَالَتْ وَأَىُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَى. قَالَتْ لَهُ إِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ - أَوْ يُهَاجِى - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 4755، 4756 - تحفة 17643

4141 - قوله: (فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا)، وإنما كان ذلك لتطييب خاطرهُنَّ، وإلَّا فالقَسَمُ غيرُ واجبٍ عند الخروج إلى السَّفَرِ. قوله: (بَعْدَما أُنْزِلَ الحِجَابُ) ويُخَالِفُهُ بعض الألفاظ. ولكنَّك عَرَفْتَ منِّي أنِّي لا أقتحمُ في مثل هذه المواضع، وعلى الشَّارِحِين أن يتوجَّهُوا إليه. قوله: (حِينَ فَرَغْنَا)، وفيه بعض الرِّوايات: «حين خَرَجْنَا إلى البِرَازِ، فَرَجَعْتُ، ولم أَقْضِ حاجتي». فهذا مُعَارِضٌ لذاك. قوله: (تَعِسَ مِسْطَحٌ) وهو ابنُ خالةٍ لأبي بكرٍ، وتَعِسَ: أي كُبَّ بوجهه. وإنما دَعَتْ على مِسْطَحٍ عند كبوتها، لأن من طريق الإِنسان أنه إذا أهمَّه أمرٌ بتذكَّره في كلِّ شأنه، وينتقل إليه لكونه بمرأى عينيه. فلمَّا كان مِسْطَحُ أخذ نصيبه من الإِفْكِ، وكان ساءها ذلك، تذكَّرت عند كبوتها، لأن العثورَ لمَّا حَصَلَ لشغلها بهذا الهمِّ، فكأنه حَصَلَ من جهة مِسْطَح، فَدَعَتْ عليه. قوله: (فَقَالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لا تَقْتُلُهُ) وذِكْرُ سعدٍ ههنا وَهْمٌ، لأنه قُتِلَ في غزوة الخَنْدَق، وكانت قبل قصة الإِفْكِ. وإنما ثَارَ الحيَّان: الأَوْسُ، والخَزْرَجُ، لأن الخزرجيَّ زَعَمَ أن سعدًا الأوسيَّ إنما أشار بقتل الخزرجيِّ زعمًا منه أنه ليس له حامٍ، فأخذته الحميَّة، فقال: لَعَمْرِ الله لا تقتله، فعند ذلك ثار الحيَّان. ولم يَكُنْ نظرهم إلى خصوص معاملة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ما هي فلا إشكالَ فيمن جادل عن أخيه الخزرجيِّ، فإن الظاهرَ أن لا تتشتَّت كلماتهم فيمن خَاضَ في أهل النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ونال من عِرْضِهِ. ولكن الخزرجيَّ لم يَنْظُرْ إلى خصوص معاملة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ولكنه نَظَرَ إلى أن الأوسيَّ يرى أنه ضعيفٌ لا حامي له، فَلَحِقَ به، وبأهل قبيلته، هوانٌ وذلٌّ، فأخذته الحميَّةُ، فقال ما قال. وأمَّا قوله: «كَذَبْتَ»، فهو نظرًا إلى أن قوله: «إن كان من الأَوْسِ نقتله»، لم يَكُنْ عن جذر قلبٍ منه، بل لأنه زَعَمَ أن القائلَ ليس من قبيلته، بل من الخَزْرَجِ، فلو كان من الأَوْسِ لم يَقُلْ ما قال، ولِذَا قال له: كَذَبْتَ. 4141 - قوله: (وإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ، فاسْتَغْفِرِي اللَّهَ) وفي الفقهِ: أن من أَسْرَفَ على نفسه، فاقْتَرَفَ معصيةً، لا يجب عليه أن يَذْهَبَ بها إلى القاضي، وإن رآه الشهداء على ذلك الحال، وظنُّوا أنه وَقَعَ فيها اتفاقًا، ولم يتعمَّدها، ولا تعوَّدها يُسْتَحَبُّ لهم الستر أيضًا، فقولُه لها محمولٌ على الديانة. ثم إن معاملة هؤلاء الذين خَاضُوا في قصة الإِفْكِ إنما طَالَتْ، لأنه لم يَكُنْ نَزَلَ فيها حكمٌ بَعْدُ، فلمَّا نزل الوحيُ حُدَّ القاذفون حدَّهم، وانقطع الحديث.

فائدة: والحكمةُ الإِلهِيَّةُ في إجراء تلك القصة في بيت النبوة، بيانُ صبرِ النبيِّ، وثباتهِ على أحكام الشرع، وعدمِ مجاوزته عن الحدود: «فإنَّ سَعْدًا لمَّا سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلّم عن رجل يرى على امرأته رجلًا، ولم يَجِدْ عليهِ بيِّنةً: كيف يفعل؟ قال له: إنه يأتي بالبيِّنة، أو يُحَدُّ حدَّ القذف، فقال له سعدٌ: ولكنِّي واللَّهِ أضْرِبُهُ بالسيف، غير مُصْفِحٍ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم انظروا إلى غَيْرَةِ سعدٍ، وأنا أَغْيَرُ منه، والله أَغْيَرُ منِّي»، ثم نَزَلَ اللِّعَان، فَكَشَفَ اللَّهُ سبحانه أنه لم يَقُلْهُ لسعدٍ فقط، بل لما ابْتُلِيَ به ترقَّب الوحيَ بنفسه أيضًا، ولم يَعْجَلُ في أمره، ولا احتال لِدَرْئِهِ. ثُمَّ إنِّي أجد أنه ما من نبيَ إلَّا وقد ابْتُلِيَ من جهة النساء قبله أيضًا، وذلك لأنهم أشدُّ الناس بلاءً، وأشدَّه ما يأتي على المرء من قبل عشيرته، وأهل بيته. فآدمُ لاَمَهُ ربُّه من أجل حواء عليهما الصلاة والسلام. وأمَّا نوح عليه الصلاة والسلام، فلم تَكُنْ زوجتُهُ مؤمنةً. وأمَّا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فاضطر إلى الخروج من أجل الخصومة بين سارة وهاجر عليهما السلام. وكذلك ما وَقَعَ لموسى عليه الصلاة والسلام في الخُطْبَة، حيث قذفته امرأةٌ، وكان قارون أَمَرَهَا به. وقد ابْتُلِي عيسى عليه الصلاة والسلام من جهة أمِّهِ حيث اتَّهمُوها ممَّا يَعْلَمُ اللَّهُ أنها كانت بريئةً منه. ونحوه وقع للوط عليه الصلاة والسلام أيضًا. فأَصَابَ امرأته ما أَصَابَ قومه. فتلك سُنَّةٌ قد أتت على من قبله من الرُّسل أيضًا، لِيَرَى اللَّهُ سبحانه بها صبرَ أنبيائه، واستقامتَهم على الحقِّ، وثباتَهم على الدين، عليهم الصلاة والتسليم، وسيجيءُ بعضُ الكلامِ عن قريبٍ. ثم اعلم أنه يُعْلَمُ من البخاريِّ: أن حسَّانَ كان مِمَّن خَاضَ في حديث الإِفْكِ، ولكن يُعْلَمُ من أبياته أنه لم يَفِهْ به أصلًا، حيث يَمْدَحُهَا، ويُبَرِّىءُ نفسه عمَّا رُمِيَ بهِ، فيقول: كما سيجيءُ: * حَصَانٌ رَزَانٌ، ما تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ... وتُصْبِحُ غَرْثَى من لُحُومِ الغَوَافِلِ قوله: (حَصَانٌ): "عفت والى هى". قوله: (رَزَانٌ): "وقار والى هى بهارى بهر كم هى". قوله: (غَرْثَى)، أي جائعة، لأنها لا تَغْتَابُ النساءَ الغافلات. وفي قصيدته: * فإنْ كُنْتُ قد قُلْتُ الذي قد زَعَمْتُمْ، ... فلا رفعت صوتي إليّ أنامل وحَمَلَ الحافظُ: أن هذا التشبيبُ في بيته: قلتُ: كلَّا، بل هو في عائشةَ، كما يَدُلُّ

عليه سائر أباته. ثُمَّ إن الذي تولَّى كِبْرَهُ هو عبد الله بن أبيّ، رأس المنافقين، على ما اختاره المفسِّرون. ويُعْلَمُ من البخاريِّ أنه حَسَّان، كما يجيء من قول عائشة فيه: «وأيُّ عذابٍ أشدُّ من العَمَى؟» فهو عندي من باب تلقِّي المُخَاطَب بما لا يترقَّبُ، وإلَّا فالآيةُ نَزَلَتْ في عبد الله بن أبي بالاتفاق، كما قالته هي رضي الله تعالى عنها: «أنه عبد الله». وإنما غَضِبَتْ عائشةُ على عليَ، وحسَّان لأجل التسليم لا غير. والعبرةُ عندي بأخذ قول حسَّان نفسه، ولا عِبْرَةَ بما يُذَاعُ بين الناس، ويُشَاع، فإن حالَ الخبط في الأخبار معلومٌ. وبالجملة نسبة القذف إليه عندي خلافُ التحقيق، وكذا من جعله مِصْدَاقًا لقوله: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ} [النور: 11] باطلٌ عندي. والله تعالى أعلم بحقيقة الحال. 4141 - قوله: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ)، وراجع لبلاغته «شرح الأشموني للألفية». قوله: (وَهِيَ التي كانت تُسَامِينِي)، تعني به أن زَيْنَبَ هي التي كانت تساويها منزلةً عند رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلو كانت امْتَنَعَتْ عن براءتي لحقَّ لها، على سنَنِ الضَّرَائر، ولكنَّها لو رعِها ذَبَّتْ عنِّي، ولم تَقُلْ فيَّ إلَّا خيرًا. قوله: (ما كَشَفْتُ مِنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ)، يعني ما جَامَعْتُ امرأةً، وإن نَكَحَ بعد ذلك، كما يَدُلُّ عليه ما عند أَبي داود، عن أبي سعيدٍ، قال: «جاءت امرأةٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ونحن عنده، فقالت: زوجي صَفْوان بن المُعَطَّلِ، يَضْرِبُني إذا صلَّيت، ويُفَطِّرُني إذا صُمْتُ» ... إلخ. 4142 - قوله: (عن الزُّهْرِيِّ قال: قال لي الوَلِيدُ بن عَبْدِ المَلِكِ: أَبَلَغَكَ أن عَلِيًّا كَانَ فِيمَنْ قَذَفَ عَائِشَةَ؟) ... إلخ، كان لعبد الملك أربع بنين: سليمان، وهشام، والوليد، ويزيد؛ والأوَّلان صالحان، والآخران خبيثان، وكانوا كلُّهم خلفاء. قوله: (كَانَ عَلِيٌّ مُسَلِّمًا): "دهيلى"، والأحسنُ - كما في الهامش - مُسِيئًا بدله، ومعناه: "كجه همدردى كرنى والى نه تهى". وكان الوليدُ بصدد تحقيق أمر عليّ في عائشةَ، فسأل الزهريَّ عنه. وإنما لم يُجِبْهُ الزهريُّ بما يستحقُّه، وأَلاَنَ في الكلام، لأن الوليدَ كان حاكمًا، ولو كان غيره لشدَّد له في الكلام. قوله: (حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: ثنا الصمدة عن هشام) إلخ، والصمدة غلط، والصواب عبدة، فاعلمه. قوله: (ينافح) "لات مارنا" أي يدافع.

37 - باب غزوة الحديبية

37 - باب غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} الآية [الفتح: 18]. 4147 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ حَدَّثَنِى صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَأَصَابَنَا مَطَرٌ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الصُّبْحَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ «أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَقَالَ «قَالَ اللَّهُ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِى مُؤْمِنٌ بِى وَكَافِرٌ بِى، فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَبِرِزْقِ اللَّهِ وَبِفَضْلِ اللَّهِ. فَهْوَ مُؤْمِنٌ بِى، كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَجْمِ كَذَا. فَهْوَ مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ، كَافِرٌ بِى». أطرافه 846، 1038، 7503 - تحفة 3757 4148 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا - رضى الله عنه - أَخْبَرَهُ قَالَ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْبَعَ عُمَرٍ كُلُّهُنَّ فِى ذِى الْقَعْدَةِ، إِلاَّ الَّتِى كَانَتْ مَعَ حَجَّتِهِ. عُمْرَةً مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِى ذِى الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فِى ذِى الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الْجِعْرَانَةِ حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فِى ذِى الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ. أطرافه 1778، 1779، 1780، 3066 - تحفة 1393، 1416 - 156/ 5 4149 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ انْطَلَقْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ، وَلَمْ أُحْرِمْ. أطرافه 1821، 1822، 1823، 1824، 2570، 2854، 2914، 5406، 5407، 5490، 5491، 5492 - تحفة 12109 4150 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ تَعُدُّونَ أَنْتُمُ الْفَتْحَ فَتْحَ مَكَّةَ، وَقَدْ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ فَتْحًا، وَنَحْنُ نَعُدُّ الْفَتْحَ بَيْعَةَ الرُّضْوَانِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ. كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، وَالْحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ فَنَزَحْنَاهَا، فَلَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَاهَا، فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِهَا، ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ مَضْمَضَ وَدَعَا، ثُمَّ صَبَّهُ فِيهَا فَتَرَكْنَاهَا غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ إِنَّهَا أَصْدَرَتْنَا مَا شِئْنَا نَحْنُ وَرِكَابَنَا. طرفاه 3577، 4151 - تحفة 1808 4151 - حَدَّثَنِى فَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ أَبُو عَلِىٍّ الْحَرَّانِىُّ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ - رضى الله عنهما أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَنَزَلُوا عَلَى بِئْرٍ فَنَزَحُوهَا، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَى الْبِئْرَ، وَقَعَدَ عَلَى شَفِيرِهَا ثُمَّ قَالَ «ائْتُونِى بِدَلْوٍ مِنْ مَائِهَا». فَأُتِىَ بِهِ فَبَصَقَ فَدَعَا ثُمَّ قَالَ «دَعُوهَا سَاعَةً». فَأَرْوَوْا أَنْفُسَهُمْ وَرِكَابَهُمْ حَتَّى ارْتَحَلُوا. طرفاه 3577، 4150 - تحفة 1842

4152 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ، فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ النَّاسُ نَحْوَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا لَكُمْ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ بِهِ، وَلاَ نَشْرَبُ إِلَّا مَا فِى رَكْوَتِكَ. قَالَ فَوَضَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ فِى الرَّكْوَةِ، فَجَعَلَ الْمَاءُ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُونِ، قَالَ فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا. فَقُلْتُ لِجَابِرٍ كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ قَالَ لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً. أطرافه 3576، 4153، 4154، 4840، 5639 - تحفة 2242 - 157/ 5 4153 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ بَلَغَنِى أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ يَقُولُ كَانُوا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً. فَقَالَ لِى سَعِيدٌ حَدَّثَنِى جَابِرٌ كَانُوا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً الَّذِينَ بَايَعُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا قُرَّةُ عَنْ قَتَادَةَ. تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثنَا أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. أطرافه 3576، 4152، 4154، 4840، 5639 - تحفة 2257 4154 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ «أَنْتُمْ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ». وَكُنَّا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، وَلَوْ كُنْتُ أُبْصِرُ الْيَوْمَ لأَرَيْتُكُمْ مَكَانَ الشَّجَرَةِ. تَابَعَهُ الأَعْمَشُ سَمِعَ سَالِمًا سَمِعَ جَابِرًا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ. أطرافه 3576، 4152، 4153، 4840، 5639 - تحفة 2528، 2242 4155 - وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - كَانَ أَصْحَابُ الشَّجَرَةِ أَلْفًا وَثَلاَثَمِائَةٍ، وَكَانَتْ أَسْلَمُ ثُمْنَ الْمُهَاجِرِينَ. تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. تحفة 5177 4156 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ أَنَّهُ سَمِعَ مِرْدَاسًا الأَسْلَمِىَّ يَقُولُ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ - يُقْبَضُ الصَّالِحُونَ الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ، وَتَبْقَى حُفَالَةٌ كَحُفَالَةِ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ، لاَ يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِمْ شَيْئًا. طرفه 6434 - تحفة 11247 4157 و 4158 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ مَرْوَانَ وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالاَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِى بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا كَانَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الْهَدْىَ وَأَشْعَرَ وَأَحْرَمَ مِنْهَا. لاَ أُحْصِى كَمْ سَمِعْتُهُ مِنْ سُفْيَانَ حَتَّى سَمِعْتُهُ يَقُولُ لاَ أَحْفَظُ مِنَ الزُّهْرِىِّ الإِشْعَارَ وَالتَّقْلِيدَ، فَلاَ أَدْرِى - يَعْنِى - مَوْضِعَ الإِشْعَارِ وَالتَّقْلِيدِ، أَوِ الْحَدِيثَ كُلَّهُ. حديث 4157 أطرافه 1695، 2711، 2732، 4179، 4180 - تحفة 11250 حديث 4158 أطرافه 1694، 1811، 2712، 2731، 4178، 4181 - تحفة 11270

4159 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ وَرْقَاءَ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَآهُ وَقَمْلُهُ يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ فَقَالَ «أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ». قَالَ نَعَمْ. فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَحْلِقَ وَهْوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ، لَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ أَنَّهُمْ يَحِلُّونَ بِهَا، وَهُمْ عَلَى طَمَعٍ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْفِدْيَةَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُطْعِمَ فَرَقًا بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، أَوْ يُهْدِىَ شَاةً، أَوْ يَصُومَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ. أطرافه 1814، 1815، 1816، 1817، 1818، 4190، 4191، 4517، 5665، 5703، 6708 - تحفة 11114 - 158/ 5 4160 و 4161 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - إِلَى السُّوقِ، فَلَحِقَتْ عُمَرَ امْرَأَةٌ شَابَّةٌ فَقَالَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلَكَ زَوْجِى وَتَرَكَ صِبْيَةً صِغَارًا، وَاللَّهِ مَا يُنْضِجُونَ كُرَاعًا، وَلاَ لَهُمْ زَرْعٌ وَلاَ ضَرْعٌ، وَخَشِيتُ أَنْ تَأْكُلَهُمُ الضَّبُعُ، وَأَنَا بِنْتُ خُفَافِ بْنِ إِيمَاءَ الْغِفَارِىِّ، وَقَدْ شَهِدَ أَبِى الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَوَقَفَ مَعَهَا عُمَرُ، وَلَمْ يَمْضِ، ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِنَسَبٍ قَرِيبٍ. ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَعِيرٍ ظَهِيرٍ كَانَ مَرْبُوطًا فِى الدَّارِ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ غِرَارَتَيْنِ مَلأَهُمَا طَعَامًا، وَحَمَلَ بَيْنَهُمَا نَفَقَةً وَثِيَابًا، ثُمَّ نَاوَلَهَا بِخِطَامِهِ ثُمَّ قَالَ اقْتَادِيهِ فَلَنْ يَفْنَى حَتَّى يَأْتِيَكُمُ اللَّهُ بِخَيْرٍ. فَقَالَ رَجُلٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَكْثَرْتَ لَهَا. قَالَ عُمَرُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّى لأَرَى أَبَا هَذِهِ وَأَخَاهَا قَدْ حَاصَرَا حِصْنًا زَمَانًا، فَافْتَتَحَاهُ، ثُمَّ أَصْبَحْنَا نَسْتَفِىءُ سُهْمَانَهُمَا فِيهِ. تحفة 10393 4162 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ أَبُو عَمْرٍو الْفَزَارِىُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ الشَّجَرَةَ، ثُمَّ أَتَيْتُهَا بَعْدُ فَلَمْ أَعْرِفْهَا. قَالَ مَحْمُودٌ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا بَعْدُ. أطرافه 4163، 4164، 4165 - تحفة 11282 4163 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ انْطَلَقْتُ حَاجًّا فَمَرَرْتُ بِقَوْمٍ يُصَلُّونَ قُلْتُ مَا هَذَا الْمَسْجِدُ قَالُوا هَذِهِ الشَّجَرَةُ، حَيْثُ بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْعَةَ الرُّضْوَانِ. فَأَتَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ سَعِيدٌ حَدَّثَنِى أَبِى أَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَحْتَ الشَّجَرَةِ، قَالَ فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ نَسِينَاهَا، فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهَا. فَقَالَ سَعِيدٌ إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَعْلَمُوهَا وَعَلِمْتُمُوهَا أَنْتُمْ، فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ. أطرافه 4162، 4164، 4165 - تحفة 11282 - 159/ 5 4164 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا طَارِقٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَرَجَعْنَا إِلَيْهَا الْعَامَ الْمُقْبِلَ فَعَمِيَتْ عَلَيْنَا. أطرافه 4162، 4163، 4165 - تحفة 11282 4165 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ طَارِقٍ قَالَ ذُكِرَتْ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ

الْمُسَيَّبِ الشَّجَرَةُ فَضَحِكَ فَقَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى وَكَانَ شَهِدَهَا. أطرافه 4162، 4163، 4164 - تحفة 11282 4166 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَةٍ قَالَ «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ». فَأَتَاهُ أَبِى بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِى أَوْفَى». أطرافه 1497، 6332، 6359 - تحفة 5176 4167 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَخِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْحَرَّةِ وَالنَّاسُ يُبَايِعُونَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ فَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ عَلَى مَا يُبَايِعُ ابْنُ حَنْظَلَةَ النَّاسَ قِيلَ لَهُ عَلَى الْمَوْتِ. قَالَ لاَ أُبَايِعُ عَلَى ذَلِكَ أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَكَانَ شَهِدَ مَعَهُ الْحُدَيْبِيَةَ. طرفه 2959 - تحفة 5302 4168 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْمُحَارِبِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ حَدَّثَنِى - أَبِى وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ - قَالَ كُنَّا نُصَلِّى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الْجُمُعَةَ ثُمَّ نَنْصَرِفُ، وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ نَسْتَظِلُّ فِيهِ. تحفة 4512 4169 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ قُلْتُ لِسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ عَلَى أَىِّ شَىْءٍ بَايَعْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ. قَالَ عَلَى الْمَوْتِ. أطرافه 2960، 7206، 7208 - تحفة 4536 4170 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ إِشْكَابٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَقِيتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - فَقُلْتُ طُوبَى لَكَ صَحِبْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَبَايَعْتَهُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِى إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثْنَا بَعْدَهُ. تحفة 1914 - 160/ 5 4171 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ - هُوَ ابْنُ سَلاَّمٍ - عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَايَعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَحْتَ الشَّجَرَةِ. أطرافه 1363، 4843، 6047، 6105، 6652 - تحفة 2063 4172 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)} [الفتح: 1] قَالَ الْحُدَيْبِيَةُ. قَالَ أَصْحَابُهُ هَنِيئًا مَرِيئًا فَمَا لَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [الفتح: 5] قَالَ شُعْبَةُ فَقَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَحَدَّثْتُ بِهَذَا كُلِّهِ عَنْ قَتَادَةَ ثُمَّ رَجَعْتُ فَذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ أَمَّا {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ} فَعَنْ أَنَسٍ، وَأَمَّا هَنِيئًا مَرِيئًا فَعَنْ عِكْرِمَةَ. طرفه 4834 - تحفة 1270 4173 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مَجْزَأَةَ بْنِ

زَاهِرٍ الأَسْلَمِىِّ عَنْ أَبِيهِ - وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الشَّجَرَةَ - قَالَ إِنِّى لأُوقِدُ تَحْتَ الْقِدْرِ بِلُحُومِ الْحُمُرِ إِذْ نَادَى مُنَادِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَاكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ. تحفة 3618 4174 - وَعَنْ مَجْزَأَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ اسْمُهُ أُهْبَانُ بْنُ أَوْسٍ وَكَانَ اشْتَكَى رُكْبَتَهُ، وَكَانَ إِذَا سَجَدَ جَعَلَ تَحْتَ رُكْبَتِهِ وِسَادَةً. تحفة 1733 4175 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ - كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ أُتُوا بِسَوِيقٍ فَلاَكُوهُ. تَابَعَهُ مُعَاذٌ عَنْ شُعْبَةَ. أطرافه 209، 215، 2981، 4195، 5384، 5390، 5454، 5455 - تحفة 4813 4176 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ حَدَّثَنَا شَاذَانُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ قَالَ سَأَلْتُ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو - رضى الله عنه - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ هَلْ يُنْقَضُ الْوِتْرُ قَالَ إِذَا أَوْتَرْتَ مِنْ أَوَّلِهِ، فَلاَ تُوتِرْ مِنْ آخِرِهِ. تحفة 5058 4177 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسِيرُ فِى بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلاً، فَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ شَىْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا عُمَرُ، نَزَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ لاَ يُجِيبُكَ. قَالَ عُمَرُ فَحَرَّكْتُ بَعِيرِى ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامَ الْمُسْلِمِينَ، وَخَشِيتُ أَنْ يَنْزِلَ فِىَّ قُرْآنٌ، فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ بِى - قَالَ - فَقُلْتُ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِىَّ قُرْآنٌ. وَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ «لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَىَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِىَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَرَأَ {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)}». طرفاه 4833، 5012 - تحفة 10387 - 161/ 5 4178 و 4179 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ حِينَ حَدَّثَ هَذَا الْحَدِيثَ، حَفِظْتُ بَعْضَهُ، وَثَبَّتَنِى مَعْمَرٌ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ قَالاَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِى بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الْهَدْىَ، وَأَشْعَرَهُ، وَأَحْرَمَ مِنْهَا بِعُمْرَةٍ، وَبَعَثَ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ، وَسَارَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى كَانَ بِغَدِيرِ الأَشْطَاطِ، أَتَاهُ عَيْنُهُ قَالَ إِنَّ قُرَيْشًا جَمَعُوا لَكَ جُمُوعًا، وَقَدْ جَمَعُوا لَكَ الأَحَابِيشَ، وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ وَمَانِعُوكَ. فَقَالَ «أَشِيرُوا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَىَّ، أَتَرَوْنَ أَنْ أَمِيلَ إِلَى عِيَالِهِمْ وَذَرَارِىِّ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّونَا عَنِ الْبَيْتِ، فَإِنْ يَأْتُونَا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَطَعَ عَيْنًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَإِلاَّ تَرَكْنَاهُمْ مَحْرُوبِينَ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ،

خَرَجْتَ عَامِدًا لِهَذَا الْبَيْتِ، لاَ تُرِيدُ قَتْلَ أَحَدٍ وَلاَ حَرْبَ أَحَدٍ، فَتَوَجَّهْ لَهُ، فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ. قَالَ «امْضُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ». حديث 4178 أطرافه 1694، 1811، 2712، 2731، 4158، 4181 - تحفة 11270 حديث 4179 أطرافه 1695، 2711، 2732، 4157، 4180 - تحفة 11250 4180 و 4181 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنِى ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ يُخْبِرَانِ خَبَرًا مِنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ فَكَانَ فِيمَا أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْهُمَا أَنَّهُ لَمَّا كَاتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى قَضِيَّةِ الْمُدَّةِ، وَكَانَ فِيمَا اشْتَرَطَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ لاَ يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلاَّ رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، وَخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ. وَأَبَى سُهَيْلٌ أَنْ يُقَاضِىَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ عَلَى ذَلِكَ، فَكَرِهَ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ وَامَّعَضُوا، فَتَكَلَّمُوا فِيهِ، فَلَمَّا أَبَى سُهَيْلٌ أَنْ يُقَاضِىَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ عَلَى ذَلِكَ، كَاتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبَا جَنْدَلِ بْنَ سُهَيْلٍ يَوْمَئِذٍ إِلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَلَمْ يَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ إِلاَّ رَدَّهُ فِى تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَجَاءَتِ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ، فَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْىَ عَاتِقٌ، فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِى الْمُؤْمِنَاتِ مَا أَنْزَلَ. حديث 4180 أطرافه 1695، 2711، 2732، 4157، 4179 - تحفة 11252 حديث 4181 أطرافه 1694، 1811، 2712، 2731، 4158، 4178 - تحفة 11273 4182 - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَمْتَحِنُ مَنْ هَاجَرَ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ بِهَذِهِ الآيَةِ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} [الممتحنة: 12]. وَعَنْ عَمِّهِ قَالَ بَلَغَنَا حِينَ أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَرُدَّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ مَا أَنْفَقُوا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَصِيرٍ. فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ. أطرافه 2713، 2733، 4891، 5288، 7214 - تحفة 16616 4183 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - خَرَجَ مُعْتَمِرًا فِى الْفِتْنَةِ فَقَالَ إِنْ صُدِدْتُ عَنِ الْبَيْتِ، صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ أَجْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ. أطرافه 1639، 1640، 1693، 1708، 1729، 1806، 1807، 1808، 1810، 1812، 1813، 4184، 4185 - تحفة 8374 4184 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَهَلَّ وَقَالَ إِنْ حِيلَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ لَفَعَلْتُ كَمَا فَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ حَالَتْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ. وَتَلاَ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]. أطرافه 1639، 1640، 1693، 1708، 1729، 1806، 1807، 1808، 1810، 1812، 1813، 4183، 4185 - تحفة 8169 4185 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا كَلَّمَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ. وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ بَعْضَ بَنِى عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَهُ لَوْ أَقَمْتَ الْعَامَ، فَإِنِّى أَخَافُ أَنْ لاَ تَصِلَ إِلَى الْبَيْتِ. قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ

دُونَ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - هَدَايَاهُ، وَحَلَقَ وَقَصَّرَ أَصْحَابُهُ، وَقَالَ «أُشْهِدُكُمْ أَنِّى أَوْجَبْتُ عُمْرَةً». فَإِنْ خُلِّىَ بَيْنِى وَبَيْنَ الْبَيْتِ طُفْتُ، وَإِنْ حِيلَ بَيْنِى وَبَيْنَ الْبَيْتِ صَنَعْتُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ مَا أُرَى شَأْنَهُمَا إِلاَّ وَاحِدًا، أُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَوْجَبْتُ حَجَّةً مَعَ عُمْرَتِى. فَطَافَ طَوَافًا وَاحِدًا وَسَعْيًا وَاحِدًا، حَتَّى حَلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا. أطرافه 1639، 1640، 1693، 1708، 1729، 1806، 1807، 1808، 1810، 1812، 1813، 4183، 4184 - تحفة 7310، 7032، 7640 - 163/ 5 4186 - حَدَّثَنِى شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ سَمِعَ النَّضْرَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا صَخْرٌ عَنْ نَافِعٍ قَالَ إِنَّ النَّاسَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَسْلَمَ قَبْلَ عُمَرَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ عُمَرُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَرْسَلَ عَبْدَ اللَّهِ إِلَى فَرَسٍ لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ يَأْتِى بِهِ لِيُقَاتِلَ عَلَيْهِ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُبَايِعُ عِنْدَ الشَّجَرَةِ، وَعُمَرُ لاَ يَدْرِى بِذَلِكَ، فَبَايَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى الْفَرَسِ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى عُمَرَ، وَعُمَرُ يَسْتَلْئِمُ لِلْقِتَالِ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُبَايِعُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ - قَالَ - فَانْطَلَقَ فَذَهَبَ مَعَهُ حَتَّى بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَهِىَ الَّتِى يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَسْلَمَ قَبْلَ عُمَرَ. طرفاه 3916، 4187 - تحفة 7693 4187 - وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِىُّ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّاسَ كَانُوا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، تَفَرَّقُوا فِى ظِلاَلِ الشَّجَرِ، فَإِذَا النَّاسُ مُحْدِقُونَ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ، انْظُرْ مَا شَأْنُ النَّاسِ قَدْ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَجَدَهُمْ يُبَايِعُونَ، فَبَايَعَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عُمَرَ فَخَرَجَ فَبَايَعَ. طرفاه 3916، 4186 - تحفة 8238 4188 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا يَعْلَى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ اعْتَمَرَ فَطَافَ فَطُفْنَا مَعَهُ، وَصَلَّى وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَكُنَّا نَسْتُرُهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، لاَ يُصِيبُهُ أَحَدٌ بِشَىْءٍ. أطرافه 1600، 1791، 4255 - تحفة 5155 - 164/ 5 4189 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَصِينٍ قَالَ قَالَ أَبُو وَائِلٍ لَمَّا قَدِمَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ مِنْ صِفِّينَ أَتَيْنَاهُ نَسْتَخْبِرُهُ فَقَالَ اتَّهِمُوا الرَّأْىَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِى يَوْمَ أَبِى جَنْدَلٍ وَلَوْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمْرَهُ لَرَدَدْتُ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، وَمَا وَضَعْنَا أَسْيَافَنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا لأَمْرٍ يُفْظِعُنَا إِلاَّ أَسْهَلْنَ بِنَا إِلَى أَمْرٍ نَعْرِفُهُ قَبْلَ هَذَا الأَمْرِ، مَا نَسُدُّ مِنْهَا خُصْمًا إِلاَّ انْفَجَرَ عَلَيْنَا خُصْمٌ مَا نَدْرِى كَيْفَ نَأْتِى لَهُ. أطرافه 3181، 3182، 4844، 7308 - تحفة 4661 4190 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَى عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - زَمَنَ

38 - باب قصة عكل وعرينة

الْحُدَيْبِيَةِ، وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِى فَقَالَ «أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «فَاحْلِقْ، وَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوِ انْسُكْ نَسِيكَةً». قَالَ أَيُّوبُ لاَ أَدْرِى بِأَىِّ هَذَا بَدَأَ. أطرافه 1814، 1815، 1816، 1817، 1818، 4159، 4191، 4517، 5665، 5703، 6708 - تحفة 11114 4191 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْحُدَيْبِيَةِ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ، وَقَدْ حَصَرَنَا الْمُشْرِكُونَ - قَالَ - وَكَانَتْ لِى وَفْرَةٌ فَجَعَلَتِ الْهَوَامُّ تَسَّاقَطُ عَلَى وَجْهِى، فَمَرَّ بِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196]. أطرافه 1814، 1815، 1816، 1817، 1818، 4159، 4190، 4517، 5665، 5703، 6708 - تحفة 11114 38 - باب قِصَّةِ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ 4192 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا - رضى الله عنه - حَدَّثَهُمْ أَنَّ نَاسًا مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَتَكَلَّمُوا بِالإِسْلاَمِ فَقَالُوا يَا نَبِىَّ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا أَهْلَ ضَرْعٍ، وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ. وَاسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِذَوْدٍ وَرَاعٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فِيهِ، فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا نَاحِيَةَ الْحَرَّةِ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ، وَقَتَلُوا رَاعِىَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِى آثَارِهِمْ فَأَمَرَ بِهِمْ فَسَمَرُوا أَعْيُنَهُمْ، وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمْ، وَتُرِكُوا فِى نَاحِيَةِ الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا عَلَى حَالِهِمْ. قَالَ قَتَادَةُ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ يَحُثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُثْلَةِ. وَقَالَ شُعْبَةُ وَأَبَانُ وَحَمَّادٌ عَنْ قَتَادَةَ مِنْ عُرَيْنَةَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ وَأَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَدِمَ نَفَرٌ مِنْ عُكْلٍ. أطرافه 233، 1501، 3018، 4193، 4610، 5685، 5686، 5727، 6802، 6803، 6804، 6805، 6899 - تحفة 1176، 1135، 1156، 945، 1277 - 165/ 5 4193 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِىُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ وَالْحَجَّاجُ الصَّوَّافُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو رَجَاءٍ مَوْلَى أَبِى قِلاَبَةَ وَكَانَ مَعَهُ بِالشَّأْمِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ اسْتَشَارَ النَّاسَ يَوْمًا قَالَ مَا تَقُولُونَ فِى هَذِهِ الْقَسَامَةِ فَقَالُوا حَقٌّ، قَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَضَتْ بِهَا الْخُلَفَاءُ، قَبْلَكَ. قَالَ وَأَبُو قِلاَبَةَ خَلْفَ سَرِيرِهِ فَقَالَ عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ فَأَيْنَ حَدِيثُ أَنَسٍ فِى الْعُرَنِيِّينَ قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ إِيَّاىَ حَدَّثَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ. قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ مِنْ عُرَيْنَةَ. وَقَالَ أَبُو قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ مِنْ عُكْلٍ. ذَكَرَ الْقِصَّةَ. أطرافه 233، 1501، 3018، 4192، 4610، 5685، 5686، 5727، 6802، 6803، 6804، 6805، 6899 - تحفة 945، 1066

39 - باب غزوة ذات القرد

39 - باب غَزْوَةُ ذَاتِ الْقَرَدِ وَهْىَ الْغَزْوَةُ الَّتِى أَغَارُوا عَلَى لِقَاحِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ خَيْبَرَ بِثَلاَثٍ. 4194 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ يَقُولُ خَرَجْتُ قَبْلَ أَنْ يُؤَذَّنَ بِالأُولَى، وَكَانَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَرْعَى بِذِى قَرَدٍ - قَالَ - فَلَقِيَنِى غُلاَمٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ أُخِذَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ مَنْ أَخَذَهَا قَالَ غَطَفَانُ. قَالَ فَصَرَخْتُ ثَلاَثَ صَرَخَاتٍ - يَا صَبَاحَاهْ - قَالَ فَأَسْمَعْتُ مَا بَيْنَ لاَبَتَىِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ انْدَفَعْتُ عَلَى وَجْهِى حَتَّى أَدْرَكْتُهُمْ وَقَدْ أَخَذُوا يَسْتَقُونَ مِنَ الْمَاءِ، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ بِنَبْلِى، وَكُنْتُ رَامِيًا، وَأَقُولُ أَنَا ابْنُ الأَكْوَعْ ... الْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ. وَأَرْتَجِزُ حَتَّى اسْتَنْقَذْتُ اللِّقَاحَ مِنْهُمْ، وَاسْتَلَبْتُ مِنْهُمْ ثَلاَثِينَ بُرْدَةً، قَالَ وَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسُ فَقُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ قَدْ حَمَيْتُ الْقَوْمَ الْمَاءَ وَهُمْ عِطَاشٌ، فَابْعَثْ إِلَيْهِمُ السَّاعَةَ. فَقَالَ «يَا ابْنَ الأَكْوَعِ، مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ». قَالَ ثُمَّ رَجَعْنَا وَيُرْدِفُنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى نَاقَتِهِ حَتَّى دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ. طرفه 3041 - تحفة 4540 - 166/ 5 40 - باب غَزْوَةُ خَيْبَرَ 4195 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ النُّعْمَانِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ خَيْبَرَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ - وَهْىَ مِنْ أَدْنَى خَيْبَرَ - صَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ دَعَا بِالأَزْوَادِ فَلَمْ يُؤْتَ إِلاَّ بِالسَّوِيقِ، فَأَمَرَ بِهِ فَثُرِّىَ، فَأَكَلَ وَأَكَلْنَا، ثُمَّ قَامَ إِلَى الْمَغْرِبِ، فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. أطرافه 209، 215، 2981، 4175، 5384، 5390، 5454، 5455 - تحفة 4813 4196 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خَيْبَرَ فَسِرْنَا لَيْلاً، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لِعَامِرٍ يَا عَامِرُ أَلاَ تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ. وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلاً شَاعِرًا فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ يَقُولُ اللَّهُمَّ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا أَبْقَيْنَا ... وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا ... إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَبَيْنَا وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ هَذَا السَّائِقُ». قَالُوا عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ. قَالَ «يَرْحَمُهُ اللَّهُ». قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ وَجَبَتْ يَا نَبِىَّ اللَّهِ، لَوْلاَ أَمْتَعْتَنَا بِهِ. فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ، فَحَاصَرْنَاهُمْ

حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ الْيَوْمِ الَّذِى فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا هَذِهِ النِّيرَانُ عَلَى أَىِّ شَىْءٍ تُوقِدُونَ». قَالُوا عَلَى لَحْمٍ. قَالَ «عَلَى أَىِّ لَحْمٍ». قَالُوا لَحْمِ حُمُرِ الإِنْسِيَّةِ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا قَالَ «أَوْ ذَاكَ». فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ قَصِيرًا فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِىٍّ لِيَضْرِبَهُ، وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ، فَأَصَابَ عَيْنَ رُكْبَةِ عَامِرٍ، فَمَاتَ مِنْهُ قَالَ فَلَمَّا قَفَلُوا، قَالَ سَلَمَةُ رَآنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِى، قَالَ «مَا لَكَ». قُلْتُ لَهُ فِدَاكَ أَبِى وَأُمِّى، زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كَذَبَ مَنْ قَالَهُ، إِنَّ لَهُ لأَجْرَيْنِ - وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ - إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ قَلَّ عَرَبِىٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ». حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ قَالَ «نَشَأَ بِهَا». أطرافه 2477، 5497، 6148، 6331، 6891 - تحفة 4542 - 167/ 5 4197 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَتَى خَيْبَرَ لَيْلاً، وَكَانَ إِذَا أَتَى قَوْمًا بِلَيْلٍ لَمْ يُغِرْ بِهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ خَرَجَتِ الْيَهُودُ بِمَسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ، مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ». أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 734 4198 - أَخْبَرَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَبَّحْنَا خَيْبَرَ بُكْرَةً، فَخَرَجَ أَهْلُهَا بِالْمَسَاحِى، فَلَمَّا بَصُرُوا بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالُوا مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ، مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ». فَأَصَبْنَا مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ فَنَادَى مُنَادِى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، فَإِنَّهَا رِجْسٌ. أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 1457 4199 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ أُكِلَتِ الْحُمُرُ. فَسَكَتَ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَقَالَ أُكِلَتِ الْحُمُرُ. فَسَكَتَ، ثُمَّ الثَّالِثَةَ فَقَالَ أُفْنِيَتِ الْحُمُرُ. فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فِى النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ. فَأُكْفِئَتِ الْقُدُورُ، وَإِنَّهَا لَتَفُورُ بِاللَّحْمِ. أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 1458 - 168/ 5 4200 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الصُّبْحَ قَرِيبًا مِنْ خَيْبَرَ بِغَلَسٍ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ، فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ». فَخَرَجُوا يَسْعَوْنَ فِى السِّكَكِ، فَقَتَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُقَاتِلَةَ، وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ، وَكَانَ فِى السَّبْىِ صَفِيَّةُ، فَصَارَتْ إِلَى دِحْيَةَ الْكَلْبِىِّ، ثُمَّ

صَارَتْ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا. فَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ لِثَابِتٍ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ آنْتَ قُلْتَ لأَنَسٍ مَا أَصْدَقَهَا فَحَرَّكَ ثَابِتٌ رَأْسَهُ تَصْدِيقًا لَهُ. أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 301، 1015 4201 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ سَبَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صَفِيَّةَ، فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا. فَقَالَ ثَابِتٌ لأَنَسٍ مَا أَصْدَقَهَا قَالَ أَصْدَقَهَا نَفْسَهَا فَأَعْتَقَهَا. أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 1029 4202 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فَاقْتَتَلُوا، فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى عَسْكَرِهِ، وَمَالَ الآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَفِى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ لاَ يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلاَ فَاذَّةً إِلاَّ اتَّبَعَهَا، يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ، فَقِيلَ مَا أَجْزَأَ مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلاَنٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَنَا صَاحِبُهُ. قَالَ فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ، وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ - قَالَ - فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ سَيْفَهُ بِالأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ «وَمَا ذَاكَ». قَالَ الرَّجُلُ الَّذِى ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ أَنَا لَكُمْ بِهِ. فَخَرَجْتُ فِى طَلَبِهِ، ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ فِى الأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهْوَ مِنَ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ». أطرافه 2898، 4207، 6493، 6607 - تحفة 4780 - 169/ 5 4203، 4204 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ شَهِدْنَا خَيْبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ يَدَّعِى الإِسْلاَمَ «هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ». فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ أَشَدَّ الْقِتَالِ، حَتَّى كَثُرَتْ بِهِ الْجِرَاحَةُ، فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ يَرْتَابُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ أَلَمَ الْجِرَاحَةِ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى كِنَانَتِهِ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا أَسْهُمًا، فَنَحَرَ بِهَا نَفْسَهُ، فَاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَدَّقَ اللَّهُ حَدِيثَكَ، انْتَحَرَ فُلاَنٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ. فَقَالَ «قُمْ يَا فُلاَنُ فَأَذِّنْ أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ». تَابَعَهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. أطرافه 3062، 4204، 6606 - تحفة 13158، 13277 وَقَالَ شَبِيبٌ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ شَهِدْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حُنَيْنًا.

وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تَابَعَهُ صَالِحٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ الزُّبَيْدِىُّ أَخْبَرَنِى الزُّهْرِىُّ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مَنْ شَهِدَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ. قَالَ الزُّهْرِىُّ وَأَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَسَعِيدٌ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3062، 4203، 6606 - تحفة 13600، 13341، 13158 ل 4205 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ - أَوْ قَالَ لَمَّا تَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَشْرَفَ النَّاسُ عَلَى وَادٍ، فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّكْبِيرِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، إِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا وَهْوَ مَعَكُمْ». وَأَنَا خَلْفَ دَابَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَمِعَنِى وَأَنَا أَقُولُ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَقَالَ لِى «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ». قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ». قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فِدَاكَ أَبِى وَأُمِّى. قَالَ «لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ». أطرافه 2992، 6384، 6409، 6610، 7386 - تحفة 9017 - 170/ 5 4206 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ رَأَيْتُ أَثَرَ ضَرْبَةٍ فِى سَاقِ سَلَمَةَ، فَقُلْتُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ، مَا هَذِهِ الضَّرْبَةُ قَالَ هَذِهِ ضَرْبَةٌ أَصَابَتْنِى يَوْمَ خَيْبَرَ، فَقَالَ النَّاسُ أُصِيبَ سَلَمَةُ. فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَفَثَ فِيهِ ثَلاَثَ نَفَثَاتٍ، فَمَا اشْتَكَيْتُهَا حَتَّى السَّاعَةِ. تحفة 4546 4207 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ قَالَ الْتَقَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُشْرِكُونَ فِى بَعْضِ مَغَازِيهِ فَاقْتَتَلُوا، فَمَالَ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَفِى الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ لاَ يَدَعُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَاذَّةً وَلاَ فَاذَّةً إِلَّا اتَّبَعَهَا فَضَرَبَهَا بِسَيْفِهِ، فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَجْزَأَ أَحَدُهُمْ مَا أَجْزَأَ فُلاَنٌ. فَقَالَ «إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ». فَقَالُوا أَيُّنَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِنْ كَانَ هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لأَتَّبِعَنَّهُ، فَإِذَا أَسْرَعَ وَأَبْطَأَ كُنْتُ مَعَهُ. حَتَّى جُرِحَ فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ نِصَابَ سَيْفِهِ بِالأَرْضِ، وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَجَاءَ الرَّجُلُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ «وَمَا ذَاكَ». فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ». أطرافه 2898، 4202، 6493، 6607 - تحفة 4723

4208 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْخُزَاعِىُّ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ قَالَ نَظَرَ أَنَسٌ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَرَأَى طَيَالِسَةً فَقَالَ كَأَنَّهُمُ السَّاعَةَ يَهُودُ خَيْبَرَ. تحفة 1072 - 171/ 5 ے 4209 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ رضى الله عنه قَالَ كَانَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه - تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى خَيْبَرَ، وَكَانَ رَمِدًا فَقَالَ أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَحِقَ، فَلَمَّا بِتْنَا اللَّيْلَةَ الَّتِى فُتِحَتْ قَالَ «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا - أَوْ لَيَأْخُذَنَّ الرَّايَةَ غَدًا - رَجُلٌ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، يُفْتَحُ عَلَيْهِ». فَنَحْنُ نَرْجُوهَا فَقِيلَ هَذَا عَلِىٌّ، فَأَعْطَاهُ فَفُتِحَ عَلَيْهِ. طرفاه 2975، 3702 - تحفة 4543 4210 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ «لأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلاً، يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ». قَالَ فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا فَقَالَ «أَيْنَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ». فَقِيلَ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَشْتَكِى عَيْنَيْهِ. قَالَ «فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ». فَأُتِىَ بِهِ فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى عَيْنَيْهِ، وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقَالَ عَلِىٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا، فَقَالَ «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِىَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ». أطرافه 2942، 3009، 3701 - تحفة 4777 4211 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ح وَحَدَّثَنِى أَحْمَدُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِىُّ عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمْنَا خَيْبَرَ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَكَانَتْ عَرُوسًا، فَاصْطَفَاهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِنَفْسِهِ، فَخَرَجَ بِهَا، حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الصَّهْبَاءِ حَلَّتْ، فَبَنَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِى نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قَالَ لِى «آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ». فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَتَهُ عَلَى صَفِيَّةَ، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُحَوِّى لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ، فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ، وَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ. أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 1117 - 172/ 5 4212 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ يَحْيَى عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَقَامَ عَلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىٍّ، بِطَرِيقِ خَيْبَرَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، حَتَّى أَعْرَسَ بِهَا، وَكَانَتْ فِيمَنْ ضُرِبَ عَلَيْهَا الْحِجَابُ. أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 796

4213 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِى كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى حُمَيْدٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ أَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلاَثَ لَيَالٍ يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ، فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ، وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلاَ لَحْمٍ، وَمَا كَانَ فِيهَا إِلاَّ أَنْ أَمَرَ بِلاَلاً بِالأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ، فَأَلْقَى عَلَيْهَا التَّمْرَ وَالأَقِطَ وَالسَّمْنَ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ قَالُوا إِنْ حَجَبَهَا فَهْىَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهْىَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ. فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّأَ لَهَا خَلْفَهُ، وَمَدَّ الْحِجَابَ. أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2942، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 746 4214 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. وَحَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مُحَاصِرِى خَيْبَرَ فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ فِيهِ شَحْمٌ، فَنَزَوْتُ لآخُذَهُ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَاسْتَحْيَيْتُ. تحفة 9656 4215 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ وَسَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ أَكْلِ الثَّوْمِ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ. نَهَى عَنْ أَكْلِ الثَّوْمِ هُوَ عَنْ نَافِعٍ وَحْدَهُ. وَلُحُومُ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ عَنْ سَالِمٍ. أطرافه 853، 4217، 4218، 5521، 5522 - تحفة 7843، 6769 4216 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَىْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ أَكْلِ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ. أطرافه 5115، 5523، 6961 - تحفة 10263 - 173/ 5 4217 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ. أطرافه 853، 4215، 4218، 5521، 5522 - تحفة 7931 4218 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ وَسَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ. أطرافه 853، 4215، 4217، 5521، 5522 - تحفة 6769، 8116 4219 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، وَرَخَّصَ فِى الْخَيْلِ. طرفاه 5520، 5524 - تحفة 2639 4220 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى

أَوْفَى - رضى الله عنهما - أَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَإِنَّ الْقُدُورَ لَتَغْلِى - قَالَ وَبَعْضُهَا نَضِجَتْ - فَجَاءَ مُنَادِى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ تَأْكُلُوا مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ شَيْئًا وَأَهْرِيقُوهَا. قَالَ ابْنُ أَبِى أَوْفَى فَتَحَدَّثْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا لأَنَّهَا لَمْ تُخَمَّسْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ نَهَى عَنْهَا الْبَتَّةَ، لأَنَّهَا كَانَتْ تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ. أطرافه 3155، 4222، 4224، 5526 - تحفة 5164 4221 و 4222 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ عَنِ الْبَرَاءِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى رضى الله عنهم أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَصَابُوا حُمُرًا فَطَبَخُوهَا، فَنَادَى مُنَادِى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَكْفِئُوا الْقُدُورَ. حديث 4221 أطرافه 4223، 4225، 4226، 5525 - تحفة 1795 حديث 4222 أطرافه 3155، 4220، 4224، 5526 - تحفة 5174 4223 و 4224 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ وَابْنَ أَبِى أَوْفَى يُحَدِّثَانِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ وَقَدْ نَصَبُوا الْقُدُورَ أَكْفِئُوا الْقُدُورَ. حديث 4223 أطرافه 4221، 4225، 4226، 5525 - تحفة 1795 حديث 4224 أطرافه 3155، 4222، 4220، 5526 - تحفة 5174 4225 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ. أطرافه 4221، 4223، 4226، 5525 - تحفة 1795 4226 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِى زَائِدَةَ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ عَنْ عَامِرٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَمَرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةِ خَيْبَرَ أَنْ نُلْقِىَ الْحُمُرَ الأَهْلِيَّةَ نِيئَةً وَنَضِيجَةً، ثُمَّ لَمْ يَأْمُرْنَا بِأَكْلِهِ بَعْدُ. أطرافه 4221، 4223، 4225، 5525 - تحفة 1770 - 174/ 5 4227 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَامِرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لاَ أَدْرِى أَنَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ حَمُولَةَ النَّاسِ، فَكَرِهَ أَنْ تَذْهَبَ حَمُولَتُهُمْ، أَوْ حَرَّمَهُ فِى يَوْمِ خَيْبَرَ، لَحْمَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ. تحفة 5768 4228 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا. قَالَ فَسَّرَهُ نَافِعٌ فَقَالَ إِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ فَرَسٌ فَلَهُ ثَلاَثَةُ أَسْهُمٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرَسٌ فَلَهُ سَهْمٌ. طرفه 2863 - تحفة 7889 4229 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ قَالَ مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَا أَعْطَيْتَ بَنِى الْمُطَّلِبِ مِنْ خُمْسِ خَيْبَرَ، وَتَرَكْتَنَا، وَنَحْنُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْكَ. فَقَالَ «إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَىْءٌ وَاحِدٌ». قَالَ جُبَيْرٌ وَلَمْ يَقْسِمِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِبَنِى عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِى نَوْفَلٍ شَيْئًا. طرفاه 3140، 3502 - تحفة 3185

4230 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ، فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ أَنَا، وَأَخَوَانِ لِى أَنَا أَصْغَرُهُمْ، أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ، وَالآخَرُ أَبُو رُهْمٍ - إِمَّا قَالَ بِضْعٌ وَإِمَّا قَالَ - فِى ثَلاَثَةٍ وَخَمْسِينَ أَوِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِى، فَرَكِبْنَا سَفِينَةً، فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِىِّ بِالْحَبَشَةِ، فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِى طَالِبٍ فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا، فَوَافَقْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، وَكَانَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنَا - يَعْنِى لأَهْلِ السَّفِينَةِ - سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ، وَدَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، وَهْىَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَنَا، عَلَى حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - زَائِرَةً، وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلَى النَّجَاشِىِّ فِيمَنْ هَاجَرَ، فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ وَأَسْمَاءُ عِنْدَهَا، فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ مَنْ هَذِهِ قَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ. قَالَ عُمَرُ الْحَبَشِيَّةُ هَذِهِ الْبَحْرِيَّةُ هَذِهِ قَالَتْ أَسْمَاءُ نَعَمْ. قَالَ سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ، فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْكُمْ. فَغَضِبَتْ وَقَالَتْ كَلَّا وَاللَّهِ، كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ، وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ، وَكُنَّا فِى دَارِ أَوْ فِى أَرْضِ الْبُعَدَاءِ الْبُغَضَاءِ بِالْحَبَشَةِ، وَذَلِكَ فِى اللَّهِ وَفِى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَايْمُ اللَّهِ، لاَ أَطْعَمُ طَعَامًا، وَلاَ أَشْرَبُ شَرَابًا حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ كُنَّا نُؤْذَى وَنُخَافُ، وَسَأَذْكُرُ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَسْأَلُهُ، وَاللَّهِ لاَ أَكْذِبُ وَلاَ أَزِيغُ وَلاَ أَزِيدُ عَلَيْهِ. أطرافه 3136، 3876، 4233 - تحفة 9051 - 175/ 5 4231 - فَلَمَّا جَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ يَا نَبِىَّ اللَّهِ إِنَّ عُمَرَ قَالَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ «فَمَا قُلْتِ لَهُ». قَالَتْ قُلْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا. قَالَ «لَيْسَ بِأَحَقَّ بِى مِنْكُمْ، وَلَهُ وَلأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكُمْ أَنْتُمْ أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ». قَالَتْ فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ يَأْتُونِى أَرْسَالًا، يَسْأَلُونِى عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، مَا مِنَ الدُّنْيَا شَىْءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ وَلاَ أَعْظَمُ فِى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قَالَ لَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 15762 4232 - قَالَ أَبُو بُرْدَةَ قَالَتْ أَسْمَاءُ فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَإِنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنِّى. قَالَ أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى لأَعْرِفُ أَصْوَاتَ رُفْقَةِ الأَشْعَرِيِّينَ بِالْقُرْآنِ، حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ، وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِالْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ، وَمِنْهُمْ حَكِيمٌ، إِذَا لَقِىَ الْخَيْلَ - أَوْ قَالَ الْعَدُوَّ - قَالَ لَهُمْ إِنَّ أَصْحَابِى يَأْمُرُونَكُمْ أَنْ تَنْظُرُوهُمْ». تحفة 9055 4233 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ حَفْصَ بْنَ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ قَدِمْنَا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ أَنِ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، فَقَسَمَ لَنَا، وَلَمْ يَقْسِمْ لأَحَدٍ لَمْ يَشْهَدِ الْفَتْحَ غَيْرَنَا. أطرافه 3136، 3876، 4230 - تحفة 9049 4234 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ حَدَّثَنِى ثَوْرٌ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمٌ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ

- رضى الله عنه - يَقُولُ افْتَتَحْنَا خَيْبَرَ، وَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلاَ فِضَّةً، إِنَّمَا غَنِمْنَا الْبَقَرَ وَالإِبِلَ وَالْمَتَاعَ وَالْحَوَائِطَ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى وَادِى الْقُرَى، وَمَعَهُ عَبْدٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ، أَهْدَاهُ لَهُ أَحَدُ بَنِى الضِّبَابِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ حَتَّى أَصَابَ ذَلِكَ الْعَبْدَ، فَقَالَ النَّاسُ هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَلَى وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِى أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا». فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِشِرَاكٍ أَوْ بِشِرَاكَيْنِ، فَقَالَ هَذَا شَىْءٌ كُنْتُ أَصَبْتُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ». طرفه 6707 - تحفة 12916 - 176/ 5 4235 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زَيْدٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يَقُولُ أَمَا وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لَوْلاَ أَنْ أَتْرُكَ آخِرَ النَّاسِ بَبَّانًا لَيْسَ لَهُمْ شَىْءٌ، مَا فُتِحَتْ عَلَىَّ قَرْيَةٌ إِلاَّ قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ، وَلَكِنِّى أَتْرُكُهَا خِزَانَةً لَهُمْ يَقْتَسِمُونَهَا. أطرافه 2334، 3125، 4236 - تحفة 10389 4236 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِىٍّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنه - قَالَ لَوْلاَ آخِرُ الْمُسْلِمِينَ مَا فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ قَرْيَةٌ إِلاَّ قَسَمْتُهَا، كَمَا قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ. أطرافه 2334، 3125، 4235 - تحفة 10389 4237 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ وَسَأَلَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ قَالَ أَخْبَرَنِى عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ، قَالَ لَهُ بَعْضُ بَنِى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ لاَ تُعْطِهِ. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ. فَقَالَ وَاعَجَبَاهْ لِوَبْرٍ تَدَلَّى مِنْ قَدُومِ الضَّأْنِ. أطرافه 2827، 4238، 4239 - تحفة 14280 4238 - وَيُذْكَرُ عَنِ الزُّبَيْدِىِّ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُخْبِرُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِى قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبَانَ عَلَى سَرِيَّةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ قِبَلَ نَجْدٍ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَدِمَ أَبَانُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِخَيْبَرَ، بَعْدَ مَا افْتَتَحَهَا، وَإِنَّ حُزْمَ خَيْلِهِمْ لَلِيفٌ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لاَ تَقْسِمْ لَهُمْ. قَالَ أَبَانُ وَأَنْتَ بِهَذَا يَا وَبْرُ تَحَدَّرَ مِنْ رَأْسِ ضَأْنٍ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَبَانُ اجْلِسْ» فَلَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ. قَالَ أَبو عَبْدِ الله: الضَّالُ السِّدْرُ. أطرافه 2827، 4237، 4239 - تحفة 14280 - 177/ 5 4239 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى جَدِّى أَنَّ أَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ أَقْبَلَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ. وَقَالَ أَبَانُ لأَبِى هُرَيْرَةَ وَاعَجَبًا لَكَ وَبْرٌ تَدَأْدَأَ مِنْ قَدُومِ ضَأْنٍ. يَنْعَى عَلَىَّ امْرَأً أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِيَدِى، وَمَنَعَهُ أَنْ يُهِينَنِى بِيَدِهِ. أطرافه 2827، 4237، 4238 - تحفة 13086

4240 و 4241 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - بِنْتَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِى بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكَ، وَمَا بَقِىَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فِى هَذَا الْمَالِ». وَإِنِّى وَاللَّهِ لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ حَالِهَا الَّتِى كَانَ عَلَيْهَا فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِى بَكْرٍ فِى ذَلِكَ فَهَجَرَتْهُ، فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ، دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِىٌّ لَيْلاً، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ وَصَلَّى عَلَيْهَا، وَكَانَ لِعَلِىٍّ مِنَ النَّاسِ وَجْهٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِىٌّ وُجُوهَ النَّاسِ، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِى بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ يُبَايِعُ تِلْكَ الأَشْهُرَ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ أَنِ ائْتِنَا، وَلاَ يَأْتِنَا أَحَدٌ مَعَكَ، كَرَاهِيَةً لِمَحْضَرِ عُمَرَ. فَقَالَ عُمَرُ لاَ وَاللَّهِ لاَ تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَا عَسَيْتَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا بِى، وَاللَّهِ لآتِيَنَّهُمْ. فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ، فَتَشَهَّدَ عَلِىٌّ فَقَالَ إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا فَضْلَكَ، وَمَا أَعْطَاكَ، اللَّهُ وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْرًا سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْكَ، وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالأَمْرِ، وَكُنَّا نَرَى لِقَرَابَتِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَصِيبًا. حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِى بَكْرٍ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحَبُّ إِلَىَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِى، وَأَمَّا الَّذِى شَجَرَ بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَمْوَالِ، فَلَمْ آلُ فِيهَا عَنِ الْخَيْرِ، وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلاَّ صَنَعْتُهُ. فَقَالَ عَلِىٌّ لأَبِى بَكْرٍ مَوْعِدُكَ الْعَشِيَّةُ لِلْبَيْعَةِ. فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الظُّهْرَ رَقِىَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَتَشَهَّدَ وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِىٍّ، وَتَخَلُّفَهُ عَنِ الْبَيْعَةِ، وَعُذْرَهُ بِالَّذِى اعْتَذَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ، وَتَشَهَّدَ عَلِىٌّ فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِى بَكْرٍ، وَحَدَّثَ أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِى صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِى بَكْرٍ، وَلاَ إِنْكَارًا لِلَّذِى فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهِ، وَلَكِنَّا نَرَى لَنَا فِى هَذَا الأَمْرِ نَصِيبًا، فَاسْتَبَدَّ عَلَيْنَا، فَوَجَدْنَا فِى أَنْفُسِنَا، فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ وَقَالُوا أَصَبْتَ. وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَلِىٍّ قَرِيبًا، حِينَ رَاجَعَ الأَمْرَ الْمَعْرُوفَ. حديث 4240 أطرافه 3092، 3711، 4035، 6725 - تحفة 6630، 10340 أ، 6636 ب حديث 4241 أطرافه 3093، 3712، 4036، 6726 4242 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا حَرَمِىٌّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عُمَارَةُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ وَلَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ قُلْنَا الآنَ نَشْبَعُ مِنَ التَّمْرِ. تحفة 17401 4243 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ مَا شَبِعْنَا حَتَّى فَتَحْنَا خَيْبَرَ. تحفة 7207

41 - باب استعمال النبى - صلى الله عليه وسلم - على أهل خيبر

41 - باب اسْتِعْمَالُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ 4244 و 4245 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ وَأَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَعْمَلَ رَجُلاً عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا». فَقَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ {وَالصَّاعَيْنِ} بِالثَّلاَثَةِ. فَقَالَ «لاَ تَفْعَلْ، بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا». حديث 4244 أطرافه 2201، 2302، 4246، 7350 تحفة 4044 حديث 4245 أطرافه 2202، 2303، 4247، 7351 - تحفة 13096 4246، 4247 - وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنْ سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَاهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ أَخَا بَنِى عَدِىٍّ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى خَيْبَرَ فَأَمَّرَهُ عَلَيْهَا. أطرافه 2201، 2302، 4244، 7350 - تحفة 4044، 13096 وَعَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَأَبِى سَعِيدٍ مِثْلَهُ. أطرافه 2202، 2303، 4245، 7351 - تحفة 12828، 4029 42 - باب مُعَامَلَةُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَهْلَ خَيْبَرَ 4248 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ أَعْطَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ الْيَهُودَ أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا. أطرافه 2285، 2328، 2329، 2331، 2338، 2499، 2720، 3152 تحفة 7624 43 - باب الشَّاةِ الَّتِى سُمَّتْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِخَيْبَرَ رَوَاهُ عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 17022 4249 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى سَعِيدٌ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ. طرفاه 3169، 5777 - تحفة 13008 44 - باب غَزْوَةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ 4250 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُسَامَةَ عَلَى قَوْمٍ، فَطَعَنُوا فِى إِمَارَتِهِ، فَقَالَ «إِنْ تَطْعَنُوا فِى إِمَارَتِهِ، فَقَدْ طَعَنْتُمْ فِى إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ، وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ خَلِيقًا لِلإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ بَعْدَهُ». أطرافه 3730، 4468، 4469، 6627، 7187 - تحفة 7165 وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بَعَثَهُ إلى مُؤْتة، وكان سمَّى ثلاثةَ أنفارٍ، لِيُؤَمِّرَ واحدًا، إذا اسْتَشْهَدَ

45 - باب عمرة القضاء

آخر، فاستشهد زيدٌ، وجعفرُ، وعبدُ الله بن رَوَاحة رضي الله عنهم، ثم فَتَحَهَا اللَّهُ على خالدٍ. وأَخْرَجَ له البخاريُّ قصةَ مرض موته صلى الله عليه وسلّم وهي بعد موتة بكثيرةٍ، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أَمَّرَ فيها أُسامةَ، واسْتَتْبَعَ ذلك ذكر زيد أبيه أيضًا. 45 - باب عُمْرَةُ الْقَضَاءِ ذَكَرَهُ أَنَسٌ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 4251 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا اعْتَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى ذِى الْقَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ كَتَبُوا، هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. قَالُوا لاَ نُقِرُّ بِهَذَا، لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا مَنَعْنَاكَ شَيْئًا، وَلَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ «أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ». ثُمَّ قَالَ لِعَلِىٍّ «امْحُ رَسُولَ اللَّهِ». قَالَ عَلِىٌّ لاَ وَاللَّهِ لاَ أَمْحُوكَ أَبَدًا. فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْكِتَابَ، وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ، فَكَتَبَ هَذَا مَا قَاضَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لاَ يُدْخِلُ مَكَّةَ السِّلاَحَ، إِلاَّ السَّيْفَ فِى الْقِرَابِ، وَأَنْ لاَ يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ، إِنْ أَرَادَ أَنْ يَتْبَعَهُ، وَأَنْ لاَ يَمْنَعَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدًا، إِنْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا. فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى الأَجَلُ أَتَوْا عَلِيًّا فَقَالُوا قُلْ لِصَاحِبِكَ اخْرُجْ عَنَّا، فَقَدْ مَضَى الأَجَلُ. فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَبِعَتْهُ ابْنَةُ حَمْزَةَ تُنَادِى يَا عَمِّ يَا عَمِّ. فَتَنَاوَلَهَا عَلِىٌّ، فَأَخَذَ بِيَدِهَا وَقَالَ لِفَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّكِ. حَمَلَتْهَا فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِىٌّ وَزَيْدٌ وَجَعْفَرٌ. قَالَ عَلِىٌّ أَنَا أَخَذْتُهَا وَهْىَ بِنْتُ عَمِّى. وَقَالَ جَعْفَرٌ ابْنَةُ عَمِّى وَخَالَتُهَا تَحْتِى. وَقَالَ زَيْدٌ ابْنَةُ أَخِى. فَقَضَى بِهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِخَالَتِهَا وَقَالَ «الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ». وَقَالَ لِعَلِىٍّ «أَنْتَ مِنِّى وَأَنَا مِنْكَ». وَقَالَ لِجَعْفَرٍ «أَشْبَهْتَ خَلْقِى وَخُلُقِى». وَقَالَ لِزَيْدٍ «أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلاَنَا». وَقَالَ عَلِىٌّ أَلاَ تَتَزَوَّجُ بِنْتَ حَمْزَةَ. قَالَ «إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِى مِنَ الرَّضَاعَةِ». أطرافه 1781، 1844، 2698، 2699، 2700، 3184 - تحفة 1803 - 180/ 5 4252 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا سُرَيْجٌ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ ح وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ هَدْيَهُ، وَحَلَقَ رَأْسَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَقَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يَعْتَمِرَ الْعَامَ الْمُقْبِلَ، وَلاَ يَحْمِلَ سِلاَحًا عَلَيْهِمْ إِلاَّ سُيُوفًا، وَلاَ يُقِيمَ بِهَا إِلاَّ مَا أَحَبُّوا، فَاعْتَمَرَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَدَخَلَهَا كَمَا كَانَ صَالَحَهُمْ، فَلَمَّا أَنْ أَقَامَ بِهَا ثَلاَثًا أَمَرُوهُ أَنْ يَخْرُجَ، فَخَرَجَ. طرفه 2701 - تحفة 8257

4253 - حَدَّثَنِى عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ الْمَسْجِدَ فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - جَالِسٌ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ ثُمَّ قَالَ كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَرْبَعًا {إِحْدَاهُنَّ فِى رَجَبٍ}. طرفه 1775 تحفة 7384 - 181/ 5 4254 - ثُمَّ سَمِعْنَا اسْتِنَانَ عَائِشَةَ قَالَ عُرْوَةُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَلاَ تَسْمَعِينَ مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ. فَقَالَتْ مَا اعْتَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عُمْرَةً إِلاَّ وَهْوَ شَاهِدُهُ، وَمَا اعْتَمَرَ فِى رَجَبٍ قَطُّ. طرفاه 1776، 1777 تحفة 17574 4255 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ سَمِعَ ابْنَ أَبِى أَوْفَى يَقُولُ لَمَّا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَتَرْنَاهُ مِنْ غِلْمَانِ الْمُشْرِكِينَ وَمِنْهُمْ، أَنْ يُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1600، 1791، 4188 تحفة 5155 4256 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - هُوَ ابْنُ زَيْدٍ - عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ وَفْدٌ وَهَنَهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ. وَأَمَرَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ الثَّلاَثَةَ، وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلاَّ الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ. وَزَادَ ابْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعَامِهِ الَّذِى اسْتَأْمَنَ قَالَ ارْمُلُوا لِيَرَى الْمُشْرِكُونَ قُوَّتَهُمْ، وَالْمُشْرِكُونَ مِنْ قِبَلِ قُعَيْقِعَانَ. طرفه 1602 - تحفة 5438 4257 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ إِنَّمَا سَعَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِيُرِىَ الْمُشْرِكِينَ قُوَّتَهُ. طرفه 1649 - تحفة 5943 4258 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ تَزَوَّجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَيْمُونَةَ وَهْوَ مُحْرِمٌ، وَبَنَى بِهَا وَهْوَ حَلاَلٌ وَمَاتَتْ بِسَرِفَ. أطرافه 1837، 4259، 5114 - تحفة 5990 4259 - وَزَادَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى نَجِيحٍ وَأَبَانُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ تَزَوَّجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَيْمُونَةَ فِى عُمْرَةِ الْقَضَاءِ. أطرافه 1837، 4258، 5114 - تحفة 5902، 6404، 5878، 6375

46 - باب غزوة موتة من أرض الشأم

4251 - قوله: (فَكَتَبَ: هَذَا ما قَاضَى) ... إلخ، وفي إسنادِ فعلِ الكتابة إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بحثٌ: أنه إسنادٌ إلى المباشر، أو الآمر، فلم يَنْفَصِلْ بعدُ، وفي ذلك قد ابْتُلِي (¬1) القاضي أبو الوليد الباجي، وكان يدَّعي: أن هذا القدرَ من الأحرف كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم كَتَبَهُ بيده الكريمة. قلتُ: ولفظ الراوي: «وليس يُحْسِنُ الكتابةَ»، يُؤَيِّدُه أي تأييدٍ، وإن كان الأمر لا يَنْفَصِلُ منه أيضًا، فإن الرواةَ يعبِّرون بكل نحوٍ. فلا تُبْنَى عليه مسألةٌ، ولا تنقض منه مسألة، ولا يَنْكَشِفُ الأمر ما لم يَنْكَشِفْ حالُ الإِسنادِ في «كتب» أنه إلى المباشر، أو الآمر، وذلك غير مُنْكَشِفٍ. وهي في السنة السابعة بعد الهجرة النبوية. وبالجملة لمَّا ادَّعى القاضي بما ادَّعى، أَفْتَى المالكيةُ بقتله، لكونهم متشدِّدين في هذا الباب، فقالوا: إنه سَبَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم وإنما عَدُّوه سبًّا، لأن القرآنَ لقَّبه أميًّا، والكتابة خلافه. فقام للذَّبِّ عنه أحدٌ من الكباب من هذا المجلس، وقال: لا سبيلَ لكم إلى قتله، فإنه ادَّعى الكتابة معجزةً منه صلى الله عليه وسلّم فلا يُخَالِفُ ادِّعَاءَ القرآن بكونه أُميًّا، فخلَّى سبيله، بعد أن كان رهنُه قد انْغَلَقَ. 4254 - قوله: (وما اعْتَمَرَ في رَجَبٍ قَطُّ)، والرَّجَبُ ههنا مُنْصَرِفٌ لعدم إرادة المتعيَّن منه، وهي مسألة جاءني عمر، وعمر آخر يعينها. 46 - باب غَزْوَةُ مُوتَةَ مِنْ أَرْضِ الشَّأْمِ 4260 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ أَبِى هِلاَلٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِى نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى جَعْفَرٍ يَوْمَئِذٍ وَهْوَ قَتِيلٌ، فَعَدَدْتُ بِهِ خَمْسِينَ بَيْنَ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ، لَيْسَ مِنْهَا شَىْءٌ فِى دُبُرِهِ. يَعْنِى فِى ظَهْرِهِ. طرفه 4261 - تحفة 7668 - 182/ 5 ¬

_ (¬1) قال الحافظ في "فتح الباري": وقد تمسك بظاهر هذه الرواية أبو الوليد الباجي، فادعى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب بيده، بعد أن لم يكن يحسن الكتابة، فشنع عليه علماء الأندلس في زمانه، ورموه بالزندقة، وأن الذي قاله يخالف القرآن، حتى قال قائلهم شعرًا: برئت ممن شرى دنيا بآخرة ... وقال: إن رسول الله قد كتبا فجمعهم الأمير، فاستظهر الباجي عليهم بما لديه من المعرفة، وقال الباجي: هذا لا ينافي القرآن، بل يؤخذ من مفهوم القرآن، لآنه قيد النفي بما قبل ورود القرآن، قال تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} وبعد ما تحققت، وتقررت بذلك معجزته، وأمن الارتياب في ذلك، لا مانع من أن يعرف الكتابة بعد ذلك من غير تعلم، فيكون معجزة اخرى، اهـ.

4261 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةِ مُوتَةَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، وَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كُنْتُ فِيهِمْ فِى تِلْكَ الْغَزْوَةِ فَالْتَمَسْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِى طَالِبٍ، فَوَجَدْنَاهُ فِى الْقَتْلَى، وَوَجَدْنَا مَا فِى جَسَدِهِ بِضْعًا وَتِسْعِينَ مِنْ طَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ. طرفه 4260 - تحفة 7718 4262 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ وَاقِدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَعَى زَيْدًا وَجَعْفَرًا وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ فَقَالَ «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ - وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ - حَتَّى أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ». أطرافه 1246، 2798، 3063، 3630، 3757 - تحفة 820 4263 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَتْنِى عَمْرَةُ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَقُولُ لَمَّا جَاءَ قَتْلُ ابْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرِ بْنِ أَبِى طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ - رضى الله عنهم - جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ - قَالَتْ عَائِشَةُ - وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ صَائِرِ الْبَابِ - تَعْنِى مِنْ شَقِّ الْبَابِ - فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ أَىْ رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ قَالَ وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُنَّ قَالَ فَذَهَبَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَتَى فَقَالَ قَدْ نَهَيْتُهُنَّ. وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُطِعْنَهُ قَالَ فَأَمَرَ أَيْضًا فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَى فَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ غَلَبْنَنَا. فَزَعَمَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فَاحْثُ فِى أَفْوَاهِهِنَّ مِنَ التُّرَابِ» قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ تَفْعَلُ، وَمَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْعَنَاءِ. طرفاه 1299، 1305 - تحفة 17932 - 183/ 5 4264 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَيَّا ابْنَ جَعْفَرٍ قَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِى الْجَنَاحَيْنِ. طرفه 3709 - تحفة 7112 4265 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ يَقُولُ لَقَدِ انْقَطَعَتْ فِى يَدِى يَوْمَ مُوتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ، فَمَا بَقِىَ فِى يَدِى إِلاَّ صَفِيحَةٌ يَمَانِيَةٌ. طرفه 4266 - تحفة 3506 4266 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسٌ قَالَ سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ يَقُولُ لَقَدْ دُقَّ فِى يَدِى يَوْمَ مُوتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ، وَصَبَرَتْ فِى يَدِى صَفِيحَةٌ لِى يَمَانِيَةٌ. طرفه 4265 - تحفة 3506

47 - باب بعث النبى - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة

4267 - حَدَّثَنِى عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَامِرٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أُغْمِىَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ تَبْكِى وَاجَبَلاَهْ وَاكَذَا وَاكَذَا. تُعَدِّدُ عَلَيْهِ فَقَالَ حِينَ أَفَاقَ مَا قُلْتِ شَيْئًا إِلاَّ قِيلَ لِى آنْتَ كَذَلِكَ. طرفه 4268 - تحفة 5253، 11629 4268 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْثَرُ عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ أُغْمِىَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ بِهَذَا، فَلَمَّا مَاتَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ. طرفه 4267 - تحفة 5253، 11629 47 - باب بَعْثُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ إِلَى الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ 4269 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ أَخْبَرَنَا أَبُو ظَبْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْحُرَقَةِ، فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلاً مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَكَفَّ الأَنْصَارِىُّ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِى حَتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ» قُلْتُ كَانَ مُتَعَوِّذًا. فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّى لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ. طرفه 6872 - تحفة 88 4270 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ يَقُولُ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْعَ غَزَوَاتٍ، وَخَرَجْتُ فِيمَا يَبْعَثُ مِنَ الْبُعُوثِ تِسْعَ غَزَوَاتٍ، مَرَّةً عَلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ، وَمَرَّةً عَلَيْنَا أُسَامَةُ. أطرافه 4271، 4272، 4273 - تحفة 4544 - 184/ 5 4271 - وَقَالَ عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَلَمَةَ يَقُولُ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْعَ غَزَوَاتٍ، وَخَرَجْتُ فِيمَا يَبْعَثُ مِنَ الْبَعْثِ تِسْعَ غَزَوَاتٍ، عَلَيْنَا مَرَّةً أَبُو بَكْرٍ، وَمَرَّةً أُسَامَةُ. أطرافه 4270، 4272، 4273 - تحفة 4544 4272 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - قَالَ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْعَ غَزَوَاتٍ، وَغَزَوْتُ مَعَ ابْنِ حَارِثَةَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَيْنَا. أطرافه 4270، 4271، 4273 - تحفة 4544 4273 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْعَ غَزَوَاتٍ. فَذَكَرَ خَيْبَرَ وَالْحُدَيْبِيَةَ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ وَيَوْمَ الْقَرَدِ. قَالَ يَزِيدُ وَنَسِيتُ بَقِيَّتَهُمْ. أطرافه 4270، 4271، 4272 - تحفة 4544 واعلم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان أمر أُسَامَةَ مرَّةً في حياته الطيبة، ومرَّةً أخرى في مرض مَوْتِهِ.

48 - باب غزوة الفتح وما بعث حاطب بن أبى بلتعة إلى أهل مكة يخبرهم بغزو النبى - صلى الله عليه وسلم -

4269 - قوله: (فما زَالَ يُكَرِّرُهَا حتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ اليَوْم)، أي ليكون إسلامي اليوم هادمًا لِمَا سَبَقَ من الخطايا، فَتَدْخُلُ معاتبةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أيضًا فيها، ولم أُؤَاخَذُ بها أيضًا. وليستقيم في شرح نحو هذا المقولات، لئلا تَزِلَ قدم بعد ثبوتها، لأنَّ الظاهرَ منه أنه تمنَّى الكفرَ في الزمن الماضي، ورَضِيَ به، وهو كفرٌ. قلتُ: وقد عَلِمْتَ أنه ليس فيه رضاءٌ بالكفر، بل فيه إظهارٌ للحزن والحسرة، وإن كان ظاهرُ اللفظ يُشْعِرُ بالأوَّل. 4271 - قوله: (وغَزَوْتُ مَعَ ابنِ حَارِثَةَ، اسْتَعْمَلَهُ عَلَيْنَا)، أي جَعَلَهُ أميرًا، وقد يختلط فيه بعضُ الرواة، فتنبَّه له. 48 - باب غَزْوَةِ الْفَتْحِ وَمَا بَعَثَ حَاطِبُ بْنُ أَبِى بَلْتَعَةَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِغَزْوِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - 4274 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِى الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى رَافِعٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيًّا - رضى الله عنه - يَقُولُ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ فَقَالَ «انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ، فَخُذُوا مِنْهَا». قَالَ فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَةَ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ قُلْنَا لَهَا أَخْرِجِى الْكِتَابَ. قَالَتْ مَا مَعِى كِتَابٌ. فَقُلْنَا لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ، قَالَ فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِى بَلْتَعَةَ إِلَى نَاسٍ بِمَكَّةَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا حَاطِبُ مَا هَذَا». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ تَعْجَلْ عَلَىَّ، إِنِّى كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِى قُرَيْشٍ - يَقُولُ كُنْتُ حَلِيفًا وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا - وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مَنْ لَهُمْ قَرَابَاتٌ، يَحْمُونَ أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِى ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ قَرَابَتِى، وَلَمْ أَفْعَلْهُ ارْتِدَادًا عَنْ دِينِى، وَلاَ رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلاَمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ». فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِى أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ «إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى مَنْ شَهِدَ بَدْرًا قَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ السُّورَةَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} إِلَى قَوْلِهِ {فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [الممتحنة: 1]. أطرافه 3007، 3081، 3983، 4890، 6259، 6939 - تحفة 10227 - 185/ 5 4274 - قوله: (تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بالمَوَدَّةِ) يعني: "وه تو تمسى محبت نهين ركهتى - أور تم ادهرسى ركهتى هو". قوله: (حَتَّى إذا بَلَغَ الكَدِيدَ .... أَفْطَرَ) ... إلخ، والحديثُ مُشْكِلٌ على مسائلنا،

49 - باب غزوة الفتح فى رمضان

لأنه لا يَجُوزُ الفِطْر عندنَا للمسافر إذا صام. نعم له الخيار بين الفِطْر والصوم من أول النهار، فإن اخْتَارَ الصومَ وَجَبَ له الإتمام. قلتُ: وفِطْرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لم يَكُنْ من باب الرخصة للمسافر، بل هو من بابٍ آخر، وهو أن الإِفطارَ يجوز عندنا للغُزَاةِ إذا خافوا الضعف بدون فصلٍ، كما في «التاتارخانية». وسياق البخاريِّ يُرْشِدُ إليه، وأَصْرَحُ منه ما عند الترمذيِّ، فإنه يَدُلُّ على أن الإِفطارَ إنما كان على الوصف الذي ذكرنا، لا لكونه مسافرًا فقط. ثم ههنا دقيقةٌ أخرى، وهي أنه من باب ترجيح إحدى العبارتين عند التزاحم، وذلك إلى الشارع، كالصوم والجهاد ههنا، فرجَّح الشارعُ الجهادَ، ورخَّص بإِفطار الصائم. وكذا إذا تَعَارَضَ بين الجهاد والصلاة رجَّح الصلاة، وعَلَّم صلاة الخوف. وكذلك إذا تَعَارَضَتْ الصلاةُ والحجُّ، أي الوقوف بعرفة رجَّح الحجَّ، فعلَّم الجمع بين الصلاتين فاعلمه، فإنه بابٌ آخر لا يَدْخُلُ فيه القياس. 49 - باب غَزْوَةِ الْفَتْحِ فِى رَمَضَانَ 4275 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَزَا غَزْوَةَ الْفَتْحِ فِى رَمَضَانَ. قَالَ وَسَمِعْتُ ابْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ. وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسِ - رضى الله عنهما - قَالَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْكَدِيدَ - الْمَاءَ الَّذِى بَيْنَ قُدَيْدٍ وَعُسْفَانَ - أَفْطَرَ، فَلَمْ يَزَلْ مُفْطِرًا حَتَّى انْسَلَخَ الشَّهْرُ. أطرافه 1944، 1948، 2953، 4276، 4277، 4278، 4279 تحفة 5843، 18730 4276 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنِى مَعْمَرٌ قَالَ أَخْبَرَنِى الزُّهْرِىُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ فِى رَمَضَانَ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَمَعَهُ عَشَرَةُ آلاَفٍ، وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِ سِنِينَ وَنِصْفٍ مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ، فَسَارَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَكَّةَ، يَصُومُ وَيَصُومُونَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ - وَهْوَ مَاءٌ بَيْنَ عُسْفَانَ وَقُدَيْدٍ - أَفْطَرَ وَأَفْطَرُوا. قَالَ الزُّهْرِىُّ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الآخِرُ فَالآخِرُ. أطرافه 1944، 1948، 2953، 4275، 4277، 4278، 4279 - تحفة 5843 4277 - حَدَّثَنِى عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى رَمَضَانَ إِلَى حُنَيْنٍ، وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فَصَائِمٌ وَمُفْطِرٌ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ أَوْ مَاءٍ، فَوَضَعَهُ عَلَى رَاحَتِهِ أَوْ عَلَى رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى النَّاسِ فَقَالَ الْمُفْطِرُونَ لِلصُّوَّامِ أَفْطِرُوا. أطرافه 1944، 1948، 2953، 4275، 4276، 4278، 4279 - تحفة 6059 - 186/ 5

50 - باب أين ركز النبى - صلى الله عليه وسلم - الراية يوم الفتح؟

4278 - وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1944، 1948، 2953، 4275، 4276، 4277، 4279 - تحفة 6010 4279 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ، ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ فَشَرِبَ نَهَارًا، لِيُرِيَهُ النَّاسَ، فَأَفْطَرَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ. قَالَ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى السَّفَرِ وَأَفْطَرَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ. أطرافه 1944، 1948، 2953، 4275، 4276، 4277، 4278 - تحفة 5749 4276 - قوله: (وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِ سِنِينَ ونِصْفٍ) ... إلخ، واعلم أن مكَّةَ فُتِحَتْ السنةَ الثامنةَ على ما هو المشهور. وفي السِّيَرِ: أنها فُتِحَت بعد السابعة ونصف، ولا اختلافَ بينهما. فإنَّ من قال: إنها فُتِحَت في الثامنة، أراد به ابتداء الثامنة. وهو المرادُ بما في البخاريِّ من قوله: «ثمان سنين ونصف»، فإن المرادَ بثمان سنين، أوائل الثامنة، وهذه الزيادة التي على السبع هي التي عبَّر عنها الراوي بالنصف بالعطف، فصار مآله إلى ما في السِّير: أنها فُتِحَت في السابعة والنصف، أي وسط الثامنة، فاجْتَمَعَتْ الرواياتُ في ذلك. وليس المعنى: أنها فُتِحَتْ بعد تمام الثامنة، وأوائل التاسعة، كما فُهِمَ، ومن لم يَفْهَمْهُ جعل يَهْزَأُ بأحاديثَ البخاريِّ، وظَنَّ أن اعتراضَه على البخاريِّ تأييدٌ للحنفية، ولم يَدْرِ أن من سوء فعله هذا يَنْهَدِمُ أساسُ الدين، فإنَّا إذا لم نَثِقْ بأحاديث «الصحيحين»، فأنَّى نَقْتَفِي الدينَ؟ والعيادُ بالله من الزَّيْغ. مع أن الأوهامَ قد كَثُرَت في «الصحيحين» أيضًا، حتَّى صنَّف في ذلك أبو عليّ كتابًا. ومن زَعَمَ أن الثقاتِ لا يتأتَّى منهم الوهم، فقد عَجَزَ، واسْتَحْمَقَ. وبالجملة ليس مؤدَّاة: أنها فُتِحَتْ في التاسعة، فإنه غَلَطٌ قطعًا. ثم إن الصحابةَ في فتح مكَّة كانوا عشرة آلاف، وهكذا وقع في التوراة في بعض النُّسخ، إلَّا أن الممسوخين قد حَذَفُوه من بعض نسخه، لئلا يَصِيرَ الخبرُ ألصق بالنبيِّ صلى الله عليه وسلّم. 4277 - قوله: (دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ) ... إلخ، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم مفطرًا في تلك الواقعة من أوَّل النهار، وإنَّما أَرَادَ الآن أَن يُعْلِمَهُمْ أنه ليس بصائمٍ. بخلاف ما مرَّ، فإنه كان صائمًا، ثم أَفْطَرَ لِيُفْطِرُوا، ويَتَأَهَّبُوا للقتال. 50 - باب أَيْنَ رَكَزَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الرَّايَةَ يَوْمَ الْفَتْحِ؟ 4280 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا

سَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا، خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ يَلْتَمِسُونَ الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَقْبَلُوا يَسِيرُونَ حَتَّى أَتَوْا مَرَّ الظَّهْرَانِ، فَإِذَا هُمْ بِنِيرَانٍ كَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ مَا هَذِهِ لَكَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ. فَقَالَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ نِيرَانُ بَنِى عَمْرٍو. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ عَمْرٌو أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ. فَرَآهُمْ نَاسٌ مِنْ حَرَسِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَدْرَكُوهُمْ فَأَخَذُوهُمْ، فَأَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ، فَلَمَّا سَارَ قَالَ لِلْعَبَّاسِ «احْبِسْ أَبَا سُفْيَانَ عِنْدَ حَطْمِ الْخَيْلِ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ». فَحَبَسَهُ الْعَبَّاسُ، فَجَعَلَتِ الْقَبَائِلُ تَمُرُّ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - تَمُرُّ كَتِيبَةً كَتِيبَةً عَلَى أَبِى سُفْيَانَ، فَمَرَّتْ كَتِيبَةٌ قَالَ يَا عَبَّاسُ مَنْ هَذِهِ قَالَ هَذِهِ غِفَارُ. قَالَ مَا لِى وَلِغِفَارَ ثُمَّ مَرَّتْ جُهَيْنَةُ، قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَرَّتْ سَعْدُ بْنُ هُذَيْمٍ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَمَرَّتْ سُلَيْمُ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى أَقْبَلَتْ كَتِيبَةٌ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا، قَالَ مَنْ هَذِهِ قَالَ هَؤُلاَءِ الأَنْصَارُ عَلَيْهِمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَعَهُ الرَّايَةُ. فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ يَا أَبَا سُفْيَانَ الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ، الْيَوْمَ تُسْتَحَلُّ الْكَعْبَةُ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ يَا عَبَّاسُ حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمَارِ. ثُمَّ جَاءَتْ كَتِيبَةٌ، وَهْىَ أَقَلُّ الْكَتَائِبِ، فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ، وَرَايَةُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِأَبِى سُفْيَانَ قَالَ أَلَمْ تَعْلَمْ مَا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ «مَا قَالَ». قَالَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ «كَذَبَ سَعْدٌ، وَلَكِنْ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللَّهُ فِيهِ الْكَعْبَةَ، وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الْكَعْبَةُ». قَالَ وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُرْكَزَ رَايَتُهُ بِالْحَجُونِ. قَالَ عُرْوَةُ وَأَخْبَرَنِى نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، هَا هُنَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تَرْكُزَ الرَّايَةَ؟. قَالَ وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ، وَدَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ كُدَا، فَقُتِلَ مِنْ خَيْلِ خَالِدٍ يَوْمَئِذٍ رَجُلاَنِ حُبَيْشُ بْنُ الأَشْعَرِ وَكُرْزُ بْنُ جَابِرٍ الْفِهْرِىُّ. تحفة 19022، 19021، 5138 - 187/ 5 4281 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ يَقُولُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ عَلَى نَاقَتِهِ، وَهْوَ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَتْحِ يُرَجِّعُ، وَقَالَ لَوْلاَ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ حَوْلِى لَرَجَّعْتُ كَمَا رَجَّعَ. أطرافه 4835، 5034، 5047، 7540 - تحفة 9666 4282 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى حَفْصَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ زَمَنَ الْفَتْحِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ مَنْزِلٍ». أطرافه 1588، 3058، 6764 - تحفة 114

4283 - ثُمَّ قَالَ «لاَ يَرِثُ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ، وَلاَ يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُؤْمِنَ». قِيلَ لِلزُّهْرِىِّ وَمَنْ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ قَالَ وَرِثَهُ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ. قَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا. فِى حَجَّتِهِ، وَلَمْ يَقُلْ يُونُسُ حَجَّتِهِ وَلاَ زَمَنَ الْفَتْحِ. تحفة 113 - 188/ 5 4284 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْزِلُنَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ، إِذَا فَتَحَ اللَّهُ - الْخَيْفُ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ». أطرافه 1589، 1590، 3882، 4285، 7479 - تحفة 13756 4285 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَرَادَ حُنَيْنًا «مَنْزِلُنَا غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِى كِنَانَةَ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ». أطرافه 1589، 1590، 3882، 4284، 7479 - تحفة 15130 4286 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ. فَقَالَ «اقْتُلْهُ» قَالَ مَالِكٌ وَلَمْ يَكُنِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا نُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ يَوْمَئِذٍ مُحْرِمًا. أطرافه 1846، 3044، 5808 - تحفة 1527 4287 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَحَوْلَ الْبَيْتِ سِتُّونَ وَثَلاَثُمِائَةِ نُصُبٍ، فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ فِى يَدِهِ وَيَقُولُ «{جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} [الإسراء: 81]، {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49]». طرفاه 2478، 4720 - تحفة 9334 4288 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ وَفِيهِ الآلِهَةُ، فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ، فَأُخْرِجَ صُورَةُ إِبْرَاهِيمَ، وَإِسْمَاعِيلَ فِى أَيْدِيهِمَا مِنَ الأَزْلاَمِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قَاتَلَهُمُ اللَّهُ لَقَدْ عَلِمُوا مَا اسْتَقْسَمَا بِهَا قَطُّ». ثُمَّ دَخَلَ الْبَيْتَ، فَكَبَّرَ فِى نَوَاحِى الْبَيْتِ، وَخَرَجَ وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ. تَابَعَهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ. وَقَالَ وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 398، 1601، 3351، 3352 - تحفة 5995، 19102 واعلم أن الطُّلَقَاء هم الذين لم يُسْتَرَقُوا، ولم يقتلوا، بل أطلقهم النبيُّ صلى الله عليه وسلّم 4280 - قوله: (بني عَمْرٍو): أي بني قُبَاء. قوله: (فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ) ... إلخ، ولم يَكُنْ دَخَلَ في الإِسلام يومئذٍ مُخْلِصًا من قلبه، ثم صار مُخْلِصًا من بعدُ.

قوله: (احْبِسْ أَبَا سُفْيَانَ عِنْدَ حَطْمِ الخَيْلِ (¬1)) - يعني: "جهان كهورون كى بهير هووهان كهرا كرو". قوله: (كَتِيبةً كَتِيبةً): "دسته دسته"، ثم جاءت كَتِيبَةٌ، وهي أقلُّ الكتائب، فيهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم وأصحابُه. وإنَّما جَعَلَ نفسه في أقلِّها هَضْمًا لنفسه، وتجنُّبًا عن صورة التجبُّر والخيلاء، وتخشُّعًا عند ربه. وفي الروايات: «أنه لمَّا دنى من مكَّة طأطأ رأسه حتَّى أَلْزَقَهُ بعنق ناقته، وصار كهيئة الراكع والساجد، فدخل مكَّة هكذا، متذلِّلًا متواضعًا، طالبًا للنُّصْرَةِ من القويِّ العزيز، مسبِّحًا مهلِّلًا، داعيًا وهو الذي كان فَعَلَهُ عند مروره بديار ثمود. فتلك أنبياءُ اللَّهِ تعالى عليهم الصلاة والسَّلام، هم أعرفُ بآداب العُبُودِيَّةِ يَجْأَرُون إلى الله في جملة أمورهم، يَذْكُرُون الله في جملة أحوالهم، في الهزيمة والنصر سواء. حتَّى رَأَيْتُ عالمًا نصرانيًا قد أقرَّ في كتابٍ له: أن ما من دينٍ سماويَ يكون فيه ذكر الله أكثر من دين محمّد صلى الله عليه وسلّم فإنه لا تَخْلُو صفحةٌ من القرآن إلَّا وفيها اسم الله، بنحوٍ من الأنحاء، بخلاف سائر الكتب. وقد عُرِفَ من أمره صلى الله عليه وسلّم أنه كان يَذْكُرُ اللَّهَ في كلِّ أحيانه، وقد عَلِمْتَ شَرْحَهُ. قوله: (حَبَّذَا (¬2) يَوْمُ الذِّمَارِ) وهذا من، ألفاظ العَجُز، يعني: "كيا اجها هى دن بناه كا" ثم إن الحَجُون، والمُحَصَّب، والأَبْطَح، وخَيْف بني كِنانة، كلَّها اسمُ موضعٍ واحدٍ. قوله: (ودَخَلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم من كُدَا) ويقولُ راوٍ آخرَ: إنه دَخَلَ من كَدَاء: أعلى مكَّةَ، وهو الصوابُ عندي، وراجع الهامش. 4286 - قوله: (ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الكَعْبَةِ)، وكان الشَّقيُّ، من الستة الذين كانوا يَسْتَهْزِئُونَ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلّم. قوله: (ولَمْ يَكُنِ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فيما نُرَى - والله أعلم - يَوْمَئِذٍ مُحْرِمًا) فيه إشارةٌ إلى أن دخولَ مكَّةَ بدون إحرامٍ لم يَكُنْ جائزًا عندهم أيضًا، وهو مذهبُ الحنفية. 4287 - قوله: (فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ في يَدِهِ) وفي السِّيَرِ (¬3): أن تلك التصاوير ¬

_ (¬1) واضْطَرَبتْ النُّسَخُ فيه، ومعناها على ما في الكتاب: أن يَحْبِسَهُ في الموضع المتضايق الذي يتحطَّمُ فيه الخيل، أي يَدُوسُ بعضُها بعضًا، إلخ. وراجع التفصيل من "عمدة القاري". (¬2) قال الخطَّابيُّ: تمنَّى أبو سفيان أن يكونَ له يدٌ، فيحمي قومه، ويَدْفَعُ عنهم. وقيل: المرادُ هذا يوم يَلْزَمُكَ فيه حفظي، وحمايتي من أن يَنَالُني مكروهٌ. وفيه شروح أخرى بَسَطَهَا العينيُّ. (¬3) قال الحافظ: والذي يَظْهَرُ أنه مَحَا ما كان من الصور مَدْهُونًا مثلًا، وأخرج ما كان مَخْرُوطًا. اهـ "فتح الباري"، وذَكَرَهُ العينيُّ.

51 - باب دخول النبى - صلى الله عليه وسلم - من أعلى مكة

كانت منقوشةً على جدار البيت، فأمر عليًّا أن يَرْكَبَ على كاهله، ويَمْحُوَهَا، فَأَبَى أن يَفْعَلَهُ أدبًا، ولكن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يَتْرِكْهُ إلَّا أن يَرْكَبَ عليه ويَمْحُوَهَا (¬1). 4288 - قوله: (فَكَبَّرَ في نَوَاحِي البَيْتِ)، وقد مرَّ الاختلافُ في صلاته صلى الله عليه وسلّم في البيت، وما هو التحقيق فيه. 51 - باب دُخُولُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ 4289 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَقْبَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، مُرْدِفًا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَمَعَهُ بِلاَلٌ وَمَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، مِنَ الْحَجَبَةِ حَتَّى أَنَاخَ فِى الْمَسْجِدِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِىَ بِمِفْتَاحِ الْبَيْتِ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِلاَلٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، فَمَكَثَ فِيهِ نَهَارًا طَوِيلًا ثُمَّ خَرَجَ، فَاسْتَبَقَ النَّاسُ، فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ، فَوَجَدَ بِلاَلًا وَرَاءَ الْبَابِ قَائِمًا، فَسَأَلَهُ أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَشَارَ لَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِى صَلَّى فِيهِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى مِنْ سَجْدَةٍ أطرافه 397، 468، 504، 505، 506، 1167، 1598، 1599، 2988، 4400 تحفة 2037، 8537 - 189/ 5 4290 - حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ الَّتِى بِأَعْلَى مَكَّةَ. تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَوُهَيْبٌ فِى كَدَاءٍ. أطرافه 1577، 1578، 1579، 1580، 1581، 4291 - تحفة 16797، 16795 4291 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ. أطرافه 1577، 1578، 1579، 1580، 1581، 4290 - تحفة 19022 52 - باب مَنْزِلُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْفَتْحِ 4292 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى مَا أَخْبَرَنَا أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الضُّحَى غَيْرَ أُمِّ هَانِئٍ، فَإِنَّهَا ذَكَرَتْ أَنَّهُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ اغْتَسَلَ فِى بَيْتِهَا ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِىَ رَكَعَاتٍ، قَالَتْ لَمْ أَرَهُ صَلَّى صَلاَةً أَخَفَّ مِنْهَا غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ. طرفاه 1103، 1176 - تحفة 18007 وهذا هو الصوابُ، وما مرَّ كان وَهْمًا من الراوي، وقَلْبًا منه. ¬

_ (¬1) ذكر العينيُّ في مناقب علي: ومن خواصِّهِ، أي خواصّ عليّ فيما ذَكَرَهُ أبو الشَّاء: أنه كان أَقْضَى الصحابةِ، وأن رسولَ الله صلى الله عليه وسلَّم تخلَّف عن أصحابه لأجله، وأنه باب المدينة، وأنه لمَّا أراد كسر الأصنام التي في الكعبة المشرَّفة، أصعده النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِرِجْلَيْهِ على مَنْكَبَيْهِ، وأنه حاز سهم جبرئيل عليه الصلاة والسلام بتَبُوك، اهـ "عمدة القاري".

53 - باب

53 - باب 4293 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِى رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ، رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى». أطرافه 794، 817، 4967، 4968 - تحفة 17635 4294 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِى مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِمَ تُدْخِلُ هَذَا الْفَتَى مَعَنَا، وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ فَقَالَ إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ. قَالَ فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ، وَدَعَانِى مَعَهُمْ قَالَ وَمَا رُئِيتُهُ دَعَانِى يَوْمَئِذٍ إِلاَّ لِيُرِيَهُمْ مِنِّى فَقَالَ مَا تَقُولُونَ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)} [النصر: 1 - 2] حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ، إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ نَدْرِى. أَوْ لَمْ يَقُلْ بَعْضُهُمْ شَيْئًا. فَقَالَ لِى يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَكَذَاكَ تَقُولُ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَمَا تَقُولُ قُلْتُ هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْلَمَهُ اللَّهُ لَهُ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} فَتْحُ مَكَّةَ، فَذَاكَ عَلاَمَةُ أَجَلِكَ {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)} [النصر: 3] قَالَ عُمَرُ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَعْلَمُ. أطرافه 3627، 4430، 4969، 4970 - تحفة 5456، 10495 - 190/ 5 4295 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى شُرَيْحٍ الْعَدَوِىِّ أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ وَهْوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ ائْذَنْ لِى أَيُّهَا الأَمِيرُ أُحَدِّثْكَ قَوْلاً قَامَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْغَدَ يَوْمَ الْفَتْحِ، سَمِعَتْهُ أُذُنَاىَ وَوَعَاهُ قَلْبِى، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَاىَ، حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، لاَ يَحِلُّ لاِمْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلاَ يَعْضِدَ بِهَا شَجَرًا، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا فَقُولُوا لَهُ إِنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ. وَإِنَّمَا أَذِنَ لِى فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ». فَقِيلَ لأَبِى شُرَيْحٍ مَاذَا قَالَ لَكَ عَمْرٌو قَالَ قَالَ أَنَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ، إِنَّ الْحَرَمَ لاَ يُعِيذُ عَاصِيًا، وَلاَ فَارًّا بِدَمٍ، وَلاَ فَارًّا بِخَرْبَةٍ. طرفاه 104، 1832 - تحفة 12057 قَالَ أَبو عَبْدِ الله: الخَرْبَةُ البَلِيَّةُ. 4296 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ وَهْوَ بِمَكَّةَ «إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ». طرفاه 2236، 4633 - تحفة 2494 4293 - قوله: (كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يَقُولُ في رُكُوعِهِ وسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي) وإنما أَخْرَجَ هذا الحديثَ، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم بعد نزول سورة

54 - باب مقام النبى - صلى الله عليه وسلم - بمكة زمن الفتح

النصر جعل تلك الكلمات وظيفةً لنفسه، قائمًا وقاعدًا، وفي شأنه كلِّه، يتأوَّلُ قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} [النصر: 3]. وهذا يَدُلُّ على أنه ينبغي للإِنسان أن يَرْغَبُ في آخر عمره في الصالحات، أزيد ممَّا كان يَرْغَبُ فيها أولًا. وفيه أيضًا: أن بين الفتح، والمغفرة تَنَاسُبًا، فإنَّ اللَّهَ تعالى إذا عزَّ رسولَه بالفتح، دَلَّ على أن للمفتوح عليه وَجَاهَةً عند ربه، ومغفرةً وفوزًا. ويُشْكِلُ عليه ما في «الكشاف»: أن سورةَ النصر نَزَلَتْ قبل وفاته صلى الله عليه وسلّم بأربعين يومًا، وقد كانت مكَّة فُتِحَتْ في الثامنة، فكيف يَسْتَقِيمُ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} [النصر: 1]، فإن {إِذَا} للاستقبال، مع كون الفتح ماضٍ. وقد كَشَفَ عنه الرَّضِيُّ، حيث قال: إن تلك الفاء ليست جزائيةً، بل أَبْرَزَهُ في شاكلة الشرط والجزاء فقط، وفصَّلته في رسالتي «عقيدة الإِسلام في حياة عيسى عليه الصلاة والسلام». 54 - باب مَقَامُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَكَّةَ زَمَنَ الْفَتْحِ 4297 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَقَمْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرًا نَقْصُرُ الصَّلاَةَ. طرفه 1081 - تحفة 1652 - 191/ 5 4298 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ أَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَكَّةَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ. طرفاه 1080، 4299 - تحفة 6134 4299 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَقَمْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ تِسْعَ عَشْرَةَ نَقْصُرُ الصَّلاَةَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَنَحْنُ نَقْصُرُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ تِسْعَ عَشْرَةَ، فَإِذَا زِدْنَا أَتْمَمْنَا. طرفاه 1080، 4298 - تحفة 6134 4297 - قوله: (أَقَمْنَا مَعَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم عشرًا)، والظاهرُ أنه في حِجَّة الوَدَاعِ. 4298 - قوله: (أقَامَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بِمَكَّةَ تِسْعَةَ عَشَرَ)، وهذا في فتح مكَّةَ (¬1)، والإِقامةُ إذا كانت بنيَّة السَّفَر غدًا، أو بعد غدٍ لا تُوجِبُ الإِتمام، ولو كانت إلى السنين. على أن إقامتَه في هذا السفرِ مختلفٌ فيها، وما يتحقَّق بعد المراجعة إلى ألفظاه أنها كانت خمسة عشر أيام. وقد مرَّ الكلامُ فيه. وبالجملةِ: ليس في توقيت المدَّةِ شيءٌ من المرفوع لأحدٍ، ولذا اخْتَلَفُوا فيه. ¬

_ (¬1) قال الحافظُ ما حاصلُه: إن حديثَ أنسٍ كان في حِجَّةِ الوداع، وحديث ابن عبَّاس في فتح مكَّة.

55 - باب

55 - باب 4300 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ مَسَحَ وَجْهَهُ عَامَ الْفَتْحِ. طرفه 6356 - تحفة 5208 4301 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سُنَيْنٍ أَبِى جَمِيلَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا وَنَحْنُ مَعَ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ وَزَعَمَ أَبُو جَمِيلَةَ أَنَّهُ أَدْرَكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، وَخَرَجَ مَعَهُ عَامَ الْفَتْحِ. تحفة 4643 4302 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ. قَالَ قَالَ لِى أَبُو قِلاَبَةَ أَلاَ تَلْقَاهُ فَتَسْأَلَهُ، قَالَ فَلَقِيتُهُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرَّ النَّاسِ، وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ فَنَسْأَلُهُمْ مَا لِلنَّاسِ مَا لِلنَّاسِ مَا هَذَا الرَّجُلُ فَيَقُولُونَ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ أَوْحَى إِلَيْهِ، أَوْ أَوْحَى اللَّهُ بِكَذَا. فَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ الْكَلاَمَ، وَكَأَنَّمَا يُغْرَى فِى صَدْرِى، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلاَمِهِمِ الْفَتْحَ، فَيَقُولُونَ اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ، فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهْوَ نَبِىٌّ صَادِقٌ. فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلاَمِهِمْ، وَبَدَرَ أَبِى قَوْمِى بِإِسْلاَمِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حَقًّا فَقَالَ «صَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِى حِينِ كَذَا، وَصَلُّوا كَذَا فِى حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ، فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا». فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّى، لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّمُونِى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ، سِنِينَ وَكَانَتْ عَلَىَّ بُرْدَةٌ، كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّى، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَىِّ أَلاَ تُغَطُّوا عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ. فَاشْتَرَوْا فَقَطَعُوا لِى قَمِيصًا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَىْءٍ فَرَحِى بِذَلِكَ الْقَمِيصِ. تحفة 4565، 10731 ل - 192/ 5 4303 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدٍ أَنْ يَقْبِضَ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، وَقَالَ عُتْبَةُ إِنَّهُ ابْنِى. فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ فِى الْفَتْحِ أَخَذَ سَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَأَقْبَلَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَقْبَلَ مَعَهُ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ هَذَا ابْنُ أَخِى، عَهِدَ إِلَىَّ أَنَّهُ ابْنُهُ. قَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا أَخِى، هَذَا ابْنُ زَمْعَةَ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَإِذَا أَشْبَهُ النَّاسِ بِعُتْبَةَ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ لَكَ، هُوَ أَخُوكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ». مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «احْتَجِبِى مِنْهُ يَا سَوْدَةُ». لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ قَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ». وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَصِيحُ بِذَلِكَ. أطرافه 2053، 2218، 2421، 2533، 2745، 6749، 6765، 6817، 7182 تحفة 16605، 16723، 14601 ب 4304 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةِ الْفَتْحِ، فَفَزِعَ قَوْمُهَا إِلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ يَسْتَشْفِعُونَهُ، قَالَ عُرْوَةُ فَلَمَّا كَلَّمَهُ أُسَامَةُ فِيهَا تَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَتُكَلِّمُنِى فِى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ». قَالَ أُسَامَةُ اسْتَغْفِرْ لِى يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَلَمَّا كَانَ الْعَشِىُّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَطِيبًا، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ النَّاسَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمِ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا». ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ، فَقُطِعَتْ يَدُهَا، فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَتَزَوَّجَتْ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَكَانَتْ تَأْتِى بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2648، 3475، 3732، 3733، 6787، 6788، 6800 - تحفة 16694 - 193/ 5 4305، 4306 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى مُجَاشِعٌ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِأَخِى بَعْدَ الْفَتْحِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْتُكَ بِأَخِى لِتُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ. قَالَ «ذَهَبَ أَهْلُ الْهِجْرَةِ بِمَا فِيهَا». فَقُلْتُ عَلَى أَىِّ شَىْءٍ تُبَايِعُهُ قَالَ «أُبَايِعُهُ عَلَى الإِسْلاَمِ وَالإِيمَانِ وَالْجِهَادِ». فَلَقِيتُ أَبَا مَعْبَدٍ بَعْدُ وَكَانَ أَكْبَرَهُمَا فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ صَدَقَ مُجَاشِعٌ. [طرفه في: 2962]. 4307، 4308 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ انْطَلَقْتُ بِأَبِى مَعْبَدٍ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لِيُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ، قَالَ «مَضَتِ الْهِجْرَةُ لأَهْلِهَا، أُبَايِعُهُ عَلَى الإِسْلاَمِ وَالْجِهَادِ». فَلَقِيتُ أَبَا مَعْبَدٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ صَدَقَ مُجَاشِعٌ. وَقَالَ خَالِدٌ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ مُجَاشِعٍ أَنَّهُ جَاءَ بِأَخِيهِ مُجَالِدٍ. [طرفه في: 2962]. 4309 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُهَاجِرَ إِلَى الشَّأْمِ. قَالَ لاَ هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ، فَانْطَلِقْ فَاعْرِضْ نَفْسَكَ، فَإِنْ وَجَدْتَ شَيْئًا وَإِلاَّ رَجَعْتَ. أطرافه 3899، 4310، 4311 - تحفة 7392 4310 - وَقَالَ النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ فَقَالَ لاَ هِجْرَةَ الْيَوْمَ، أَوْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. أطرافه 3899، 4309، 4311 - تحفة 7392

4311 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِىُّ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِى لُبَابَةَ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ الْمَكِّىِّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ يَقُولُ لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ. أطرافه 3899، 4309، 4310 - تحفة 7392 أ 4312 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِى الأَوْزَاعِىُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ قَالَ زُرْتُ عَائِشَةَ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فَسَأَلَهَا عَنِ الْهِجْرَةِ فَقَالَتْ لاَ هِجْرَةَ الْيَوْمَ، كَانَ الْمُؤْمِنُ يَفِرُّ أَحَدُهُمْ بِدِينِهِ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مَخَافَةَ أَنْ يُفْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ الإِسْلاَمَ، فَالْمُؤْمِنُ يَعْبُدُ رَبَّهُ حَيْثُ شَاءَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ. طرفاه 3080، 3900 - تحفة 17382 - 194/ 5 4313 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى حَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَامَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَهْىَ حَرَامٌ بِحَرَامِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِى، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِى، وَلَمْ تَحْلِلْ لِى إِلَّا سَاعَةً مِنَ الدَّهْرِ، لاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَوْكُهَا، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا وَلاَ تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ». فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَّا الإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْهُ لِلْقَيْنِ وَالْبُيُوتِ، فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ «إِلَّا الإِذْخِرَ فَإِنَّهُ حَلاَلٌ». وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْكَرِيمِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِمِثْلِ هَذَا أَوْ نَحْوِ هَذَا. رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1349، 1587، 1833، 1834، 2090، 2433، 2783، 2825، 3077، 3189 - تحفة 6150، 19260 أ أخرج تحته حديثين، والغرضُ منه: أن عبد الله بن ثَعْلَبَة، وأبا جَمِيلَةَ صحابيَّان صغيران قد أدركا النبيَّ صلى الله عليه وسلّم يوم فتح مكَّة. 4302 - قوله: (فَكَأَنما يَقْرَأُ في صَدْرِي - وفي نسخةٍ - يُغْرَى في صَدْرِي - بالغين -) أي يَلْصَقُ، وهذا هو الظاهرُ، ونسخةُ الكتاب تَحْتَاجُ إلى تأويلٍ، وراجع الهامش. والظاهرُ أن يُقَالَ: إن «يقرأ» ههنا نَزَلَ منزلة اللازم. 4302 - قوله: (فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهم، وأَنا ابنُ سِتَ، أَوْ سَبْعٍ) ... إلخ. وفيه قصورٌ، إذ عمرُهُ المذكورُ (¬1) عند التحقيق كان لأخذ القرآن لا لإِمامته. وهكذا بيعته أيضًا، كان بعدما بلغ الحُلُم. وقد قصر الراوي في التعبير. وأمَّا قوله: «ألا تُغَطُّوا عنَّا أَسْتَ قارِئِكُمْ؟» فهو واردٌ عليكم، وعلينا، فنحن فيه سواء. وراجع «الإِصابة في معرفة ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد مرَّ فيه الكلامُ مبسوطًا، ثمَّ إني تَتَبَّعْتُ لأجدَ نقلًا لِمَا ذكره الشيخُ، فلم أجِدْهُ إلى الآن. ولا بُدَّ أن يكونَ في ذخيرة النقل إن شاء الله تعالى. أمَّا أنا فَلَسْت برجلٍ ممن يُعْتَدُّ تتبُّعه، لقلَّة بضاعتي من كلِّ وجهٍ، لا سِيَّما إذ كُنْتُ عديم الفرصة. وإنما أنبِّهُ على مثل هذه المواضع ليُعْتَنَى به.

الصحابة». ثم إن عمرَهُ هذا لو كان في فتح مكَّة، فما معنى قوله: «فكُنْتُ أحفظُ ذلك الكلامَ» ... إلخ (¬1). 4303 - قوله: (هُوَ أَخُوكَ يا عَبْدَ بنَ زَمْعَةَ) ... إلخ. وقد مرَّ الكلامُ فيه مفصَّلًا من قبل، فلا نُعِيدُهُ (¬2). 4304 - قوله: (أنَّ امْرَأةً سَرَقَتْ) ... إلخ، وكانت تَسْتَعِيرُ الأَمْتِعَةَ، وتَجْحَدَهَا. وقد بَحَثَ فيه الطحاويُّ. والمحقَّقُ: أنها كانت تَقْتَرِفُ النوعين، وإنما القطعُ للسرقة فقط. وقد اعْتَرَضَ بعضُهم على أن قطعَ اليد غيرُ معقولٍ، كما في شعر نُسِبَ إلى أبي العلاء المعرِّي: *يدٌ بخمس مئين عَسْجَدٍ وُدِيَتْ ... ما بَالُهَا قُطِعَتْ في رُبْعِ دِينَارٍ؟! فأجابه القاضي عبد الوهَّاب المالكي: *عِزُّ الأمانةِ أَغْلاَهَا وأَرْخَصَهَا، ... ذِلُّ الخُيَانَةِ، فافهم حِكْمَةَ الباري (¬3) 4311 - قوله: (لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ)، أي الهجرة التي كانت من مكة إلى المدينة، لأن مكَّةَ صارت دارَ الإِسلام. أمَّا الهجرةُ من دارَ الحرب إلى دار الإِسلام مطلقًا، فانْتَفَتْ اليومَ أيضًا، وذلك لعزَّة دار الإِسلام في زماننا، فأين هو لَنُهَاجِرَ إليه، فإن الأرضَ قد مُلِئَتْ ظلمًا وجَوْرًا. ¬

_ (¬1) قلتُ: على أنه لا حُجَّةَ فيه على أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلم كان يَعْلَمُهُ أيضًا، ولا أن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم كان أمرهم بذلك. وليس فيه إلا أنهم جَعَلُوهُ إمامَهُمْ، لأنهم وَجَدُوه أكثرَ قرانًا، ثم إن تلك الواقعةَ كانت فيمن كانوا حديثو عهدٍ بالإِسلام، ولم يتعلَّموا كثيرًا من الأحكام، وإنما تعلَّموا شيئًا فشيئًا من أحكام الصلاة، فَبَادَروا إليها على ما فَهِمُوا. فكيف يَلِيقُ التمسُّك في أمر الصلاة بواقعةٍ جزئيَّةٍ مجهولةِ الحالِ، مجهولةِ الوجهِ. والله تعالى أعلم. (¬2) قلت: وقد مرَّ فيما أسلفنا عن الشيخ إن إخوَتَهُ لإِقرار عبد بن زَمْعَة. وفي البخاريِّ في هذا الحديث: أنه من أجل أنه وُلِدَ على فِرَاشِهِ. فَلْيُنْظَرْ فيه. فإنه أقربُ بنظر الشافعيَّةِ. (¬3) قلتُ: وفي "فتح الباري" هكذا: صِيَانَةُ العضو أغْلاَهَا وأَرْخَصَهَا، ... خيانةُ المَالِ، فافهم حكمةَ الباري وأجاب عنه الشافعيُّ: هنَاكَ مَظْلُومَةٌ غَالَتْ بِقِيمَتِهَا ... وههنا ظَلَمَتْ هَانَتْ على الباري وأجَابَ شمسُ الدين الكُرْدِي بقوله: قُلْ لِلْمَعَرِّي: عارٌ أيما عارٍ ... جهل الفتى، وهو عن ثوب التُّقَى عاري لا تَقْدَحَنَّ زِنَادَ الشِّعْرِ عن حكمٍ، ... شعائرُ الشَّرْعِ لم تُقْدَحْ بأشعارِ فقيمةُ اليَدِ نصفُ الألف من ذَهْبٍ، ... فإن تعدَّتْ، فلا تسوَّى بدِينَارِ

56 - باب قول الله تعالى: {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم

56 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ} إِلَى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 25: 27]. 4314 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ رَأَيْتُ بِيَدِ ابْنِ أَبِى أَوْفَى ضَرْبَةً، قَالَ ضُرِبْتُهَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ حُنَيْنٍ. قُلْتُ شَهِدْتَ حُنَيْنًا قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ. تحفة 5159 4315 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رضى الله عنه وَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا عُمَارَةَ أَتَوَلَّيْتَ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَقَالَ أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ لَمْ يُوَلِّ، وَلَكِنْ عَجِلَ سَرَعَانُ الْقَوْمِ، فَرَشَقَتْهُمْ هَوَازِنُ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذٌ بِرَأْسِ بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ يَقُولُ «أَنَا النَّبِىُّ لاَ كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ». أطرافه 2864، 2874، 2930، 3042، 4316، 4317 - تحفة 1848 4316 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قِيلَ لِلْبَرَاءِ وَأَنَا أَسْمَعُ أَوَلَّيْتُمْ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ حُنَيْنٍ فَقَالَ أَمَّا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ، كَانُوا رُمَاةً فَقَالَ «أَنَا النَّبِىُّ لاَ كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ». أطرافه 2864، 2874، 2930، 3042، 4315، 4317 - تحفة 1873 - 195/ 5 4317 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ سَمِعَ الْبَرَاءَ - وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ - أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ حُنَيْنٍ فَقَالَ لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَفِرَّ، كَانَتْ هَوَازِنُ رُمَاةً، وَإِنَّا لَمَّا حَمَلْنَا عَلَيْهِمِ انْكَشَفُوا، فَأَكْبَبْنَا عَلَى الْغَنَائِمِ، فَاسْتُقْبِلْنَا بِالسِّهَامِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ آخِذٌ بِزِمَامِهَا وَهْوَ يَقُولُ «أَنَا النَّبِىُّ لاَ كَذِبْ». قَالَ إِسْرَائِيلُ وَزُهَيْرٌ نَزَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَغْلَتِهِ. أطرافه 2864، 2874، 2930، 3042، 4315، 4316 - تحفة 1873، 1806، 1838 4318 و 4319 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى لَيْثٌ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. وَحَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ وَزَعَمَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ مَرْوَانَ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَعِى مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَىَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إِمَّا السَّبْىَ، وَإِمَّا الْمَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِكُمْ». وَكَانَ أَنْظَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلاَّ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالُوا فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا. فَقَامَ رَسُولُ

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّى قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ، حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِىءُ اللَّهُ عَلَيْنَا، فَلْيَفْعَلْ». فَقَالَ النَّاسُ قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّا لاَ نَدْرِى مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِى ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ». فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا. هَذَا الَّذِى بَلَغَنِى عَنْ سَبْىِ هَوَازِنَ. حديث 4318 أطرافه 2308، 2540، 2583، 2608، 3132، 7177 - تحفة 11251 حديث 4319 أطرافه 2308، 2540، 2583، 2608، 3132، 7177 - تحفة 11271 4320 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُمَرَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. وحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا قَفَلْنَا مِنْ حُنَيْنٍ سَأَلَ عُمَرُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ نَذْرٍ كَانَ نَذَرَهُ فِى الْجَاهِلِيَّةِ اعْتِكَافٍ، فَأَمَرَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِوَفَائِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَرَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2032، 2043، 3144، 6697 - تحفة 7521 4321 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ عَنْ أَبِى مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ حُنَيْنٍ، فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ، فَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنَ الْمُشْرِكِينَ، قَدْ عَلاَ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَضَرَبْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ بِالسَّيْفِ، فَقَطَعْتُ الدِّرْعَ، وَأَقْبَلَ عَلَىَّ فَضَمَّنِى ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِى، فَلَحِقْتُ عُمَرَ فَقُلْتُ مَا بَالُ النَّاسِ قَالَ أَمْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. ثُمَّ رَجَعُوا وَجَلَسَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ». فَقُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِى ثُمَّ جَلَسْتُ - قَالَ - ثُمَّ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ فَقُمْتُ فَقُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِى ثُمَّ جَلَسْتُ قَالَ ثُمَّ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ، فَقُمْتُ فَقَالَ «مَالَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ». فَأَخْبَرْتُهُ. فَقَالَ رَجُلٌ صَدَقَ وَسَلَبُهُ عِنْدِى، فَأَرْضِهِ مِنِّى. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لاَهَا اللَّهِ، إِذًا لاَ يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيُعْطِيَكَ سَلَبَهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَدَقَ فَأَعْطِهِ». فَأَعْطَانِيهِ فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِى بَنِى سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِى الإِسْلاَمِ. أطرافه 2100، 3142، 4322، 7170 - تحفة 12132 4322 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ عَنْ أَبِى مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ نَظَرْتُ إِلَى رَجُلٍ مِنَ

الْمُسْلِمِينَ يُقَاتِلُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَآخَرُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَخْتِلُهُ مِنْ وَرَائِهِ لِيَقْتُلَهُ، فَأَسْرَعْتُ إِلَى الَّذِى يَخْتِلُهُ فَرَفَعَ يَدَهُ لِيَضْرِبَنِى، وَأَضْرِبُ يَدَهُ، فَقَطَعْتُهَا، ثُمَّ أَخَذَنِى، فَضَمَّنِى ضَمًّا شَدِيدًا حَتَّى تَخَوَّفْتُ، ثُمَّ تَرَكَ فَتَحَلَّلَ، وَدَفَعْتُهُ ثُمَّ قَتَلْتُهُ، وَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ، وَانْهَزَمْتُ مَعَهُمْ، فَإِذَا بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِى النَّاسِ، فَقُلْتُ لَهُ مَا شَأْنُ النَّاسِ قَالَ أَمْرُ اللَّهِ، ثُمَّ تَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلٍ قَتَلَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ». فَقُمْتُ لأَلْتَمِسَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلِى، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَشْهَدُ لِى فَجَلَسْتُ، ثُمَّ بَدَا لِى، فَذَكَرْتُ أَمْرَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ سِلاَحُ هَذَا الْقَتِيلِ الَّذِى يَذْكُرُ عِنْدِى فَأَرْضِهِ مِنْهُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ كَلَّا لاَ يُعْطِهِ أُصَيْبِغَ مِنْ قُرَيْشٍ، وَيَدَعَ أَسَدًا مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَدَّاهُ إِلَىَّ، فَاشْتَرَيْتُ مِنْهُ خِرَافًا فَكَانَ أَوَّلَ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِى الإِسْلاَمِ. أطرافه 2100، 3142، 4321، 7170 - تحفة 12132 - 197/ 5 لمَّا فَرَغَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عن فتح مكَّةَ ذهب إليهم، وكان الصحابةُ رضي الله تعالى عنهم إذ ذاك أكثرَ كثيرٍ، فقالوا: لا نَعْجَزُ اليومَ. وتلك هي الكلمة التي انْهَزَموا لأجلها، وإليها أَشَارَتْ الآيةُ {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} ... إلخ. وحُنَيْن: وادٍ عند الطائف، كانت تَسْكُنُ فيها هَوَازِنُ، وكانوا رُمَاةً. والسِّيَرِ: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم رمى قبضة من تُرَابٍ في وجوههم، فلم يَبْقَ منهم رجلٌ، إلَّا وقد أصاب منه في عينيه. وكانت بَغْلَتُهُ (¬1) صلى الله عليه وسلّم تَهْوِي إلى الأرض إذ كان يُرِيدُ أن يَأْخُذَ كفًّا من التُّرَاب، فإذا أَخَذَهَا قَامَتْ. 4315 - قوله: (فَأَشْهَدُ (¬2) على النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أَنَّهُ لَمْ يُوَلِّ)، والعِبْرَةُ في المعركة للأمير، وأمَّا الجيشُ، فإنه قد يكون له انتشارٌ، وتشتتٌ، وتفرُّقٌ أيضًا، ولكن العبرة بالأمير. 4317 - قوله: (وإنَّ أَبَا سُفْيَانَ آخِذٌ بِزِمَامِهَا) وهذا من فطرته السليمة، حيث أضاع عمره في هجاء النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فلمَّا أَسْلَمَ وأخلص له، أَظْهَرَ من شدَّته، وثباته في الدين ما لم يُظْهِرْهُ الآخرون، فلم يَبْرَحْ موضعه، ولم يَرُعْهُ رشقُ نبلِ هَوَازِن، حتى تَقَشَّعَ بعضُ الناس، ولكنه بَقِي مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم آخذًا بلِجَامِ بغلته. ثُمَّ إن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم بعدما فَرَغَ من حُنَيْن مَكَثَ بالجِعِرَّانة نحو خمسة عشر يومًا، يَرْقُبُهُمْ أنهم إن جاءوا مسلمين، يَرُدُّ الله ¬

_ (¬1) وعند ابن سَعْد: هذه البغلةُ هي دَلْدُلُ، وفي مسلم: "بغلته الشَّهْبَاء، يعني دُلْدُل التي أهداها المقوقس" ... إلخ "عمدة القاري". (¬2) قال النوويُّ: هذا الجوابُ من بديع الأدب، لأن تقديرَ الكلامِ: فررتم كلُّكم، فَيَدْخُلُ فيهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال البَرَاء: لا والله ما فرَّ رسولُ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم. فأوضح أن فرارَ من فرَّ لم يكن على نية الاستمرار في الفرار، وإنما انْكَشَفُوا من وقع السهام ... إلخ. "فتح الباري" ملخصًا، قلتُ: وجوابُ الشيخ يُغْنِي عن التقديرِ المذكورِ، فانظر فيه، وأَنْصِفْ. والله تعالى أعلم بالصواب.

57 - باب غزوة أوطاس

إليهم سَبْيَهُم وأموالَهم، فلم يَفْعَلُوا. حتَّى إذا قَسَمَهَا بينهم، جاءوا إليه يَطْلُبُون أموالَهم وسَبْيَهُمْ، فكان من أمرهم كما في الحديث. 57 - بابُ غَزْوَةِ أَوْطَاسٍ 4323 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا فَرَغَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ حُنَيْنٍ بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ عَلَى جَيْشٍ إِلَى أَوْطَاسٍ فَلَقِىَ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ، فَقُتِلَ دُرَيْدٌ وَهَزَمَ اللَّهُ أَصْحَابَهُ. قَالَ أَبُو مُوسَى وَبَعَثَنِى مَعَ أَبِى عَامِرٍ فَرُمِىَ أَبُو عَامِرٍ فِى رُكْبَتِهِ، رَمَاهُ جُشَمِىٌّ بِسَهْمٍ فَأَثْبَتَهُ فِى رُكْبَتِهِ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ يَا عَمِّ مَنْ رَمَاكَ فَأَشَارَ إِلَى أَبِى مُوسَى فَقَالَ ذَاكَ قَاتِلِى الَّذِى رَمَانِى. فَقَصَدْتُ لَهُ فَلَحِقْتُهُ فَلَمَّا رَآنِى وَلَّى فَاتَّبَعْتُهُ وَجَعَلْتُ أَقُولُ لَهُ أَلاَ تَسْتَحِى، أَلاَ تَثْبُتُ. فَكَفَّ فَاخْتَلَفْنَا ضَرْبَتَيْنِ بِالسَّيْفِ فَقَتَلْتُهُ ثُمَّ قُلْتُ لأَبِى عَامِرٍ قَتَلَ اللَّهُ صَاحِبَكَ. قَالَ فَانْزِعْ هَذَا السَّهْمَ فَنَزَعْتُهُ فَنَزَا مِنْهُ الْمَاءُ. قَالَ يَا ابْنَ أَخِى أَقْرِئِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - السَّلاَمَ، وَقُلْ لَهُ اسْتَغْفِرْ لِى. وَاسْتَخْلَفَنِى أَبُو عَامِرٍ عَلَى النَّاسِ، فَمَكَثَ يَسِيرًا ثُمَّ مَاتَ، فَرَجَعْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَيْتِهِ عَلَى سَرِيرٍ مُرْمَلٍ وَعَلَيْهِ فِرَاشٌ قَدْ أَثَّرَ رِمَالُ السَّرِيرِ بِظَهْرِهِ وَجَنْبَيْهِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِنَا وَخَبَرِ أَبِى عَامِرٍ، وَقَالَ قُلْ لَهُ اسْتَغْفِرْ لِى، فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِى عَامِرٍ». وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ مِنَ النَّاسِ». فَقُلْتُ وَلِى فَاسْتَغْفِرْ. فَقَالَ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُدْخَلاً كَرِيمًا». قَالَ أَبُو بُرْدَةَ إِحْدَاهُمَا لأَبِى عَامِرٍ وَالأُخْرَى لأَبِى مُوسَى. طرفاه 2884، 6383 - تحفة 9046 - 198/ 5 وهي أيضًا وادٍ عند الطائف. فَأَوْطَاسُ، وحُنَيْنُ، والطَّائِفُ، كلُّها مواضعٌ متقاربةٌ. 58 - بابُ غَزْوَةُ الطَّائِفِ في شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ، قالَهُ مُوسى بْنُ عُقْبَةَ. 4324 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ سَمِعَ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - دَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدِى مُخَنَّثٌ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أُمَيَّةَ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَدًا فَعَلَيْكَ بِابْنَةِ غَيْلاَنَ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَدْخُلَنَّ هَؤُلاَءِ عَلَيْكُنَّ». قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ الْمُخَنَّثُ هِيتٌ. حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ بِهَذَا، وَزَادَ وَهْوَ مُحَاصِرٌ الطَّائِفَ يَوْمَئِذٍ. طرفاه 5235، 5887 - تحفة 18263

4325 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى الْعَبَّاسِ الشَّاعِرِ الأَعْمَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ لَمَّا حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الطَّائِفَ فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا قَالَ «إِنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». فَثَقُلَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا نَذْهَبُ وَلاَ نَفْتَحُهُ - وَقَالَ مَرَّةً نَقْفُلُ - فَقَالَ «اغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ». فَغَدَوْا فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ فَقَالَ «إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ». فَأَعْجَبَهُمْ فَضَحِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً فَتَبَسَّمَ. قَالَ قَالَ الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الْخَبَرَ كُلَّهُ. طرفاه 6086، 7480 - تحفة 7043، 8636 4326، 4327 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدًا - وَهْوَ أَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ - وَأَبَا بَكْرَةَ - وَكَانَ تَسَوَّرَ حِصْنَ الطَّائِفِ فِى أُنَاسٍ - فَجَاءَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالاَ سَمِعْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهْوَ يَعْلَمُ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ». طرفه 6766 - تحفة 3902، 11697 - 199/ 5 وَقَالَ هِشَامٌ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ أَوْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدًا وَأَبَا بَكْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ عَاصِمٌ قُلْتُ لَقَدْ شَهِدَ عِنْدَكَ رَجُلاَنِ حَسْبُكَ بِهِمَا. قَالَ أَجَلْ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَأَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَنَزَلَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثَالِثَ ثَلاَثَةٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الطَّائِفِ. طرفه 6767 - تحفة 3852، 3902، 11697، 11673 4328 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ نَازِلٌ بِالْجِعْرَانَةِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَمَعَهُ بِلاَلٌ، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ أَلاَ تُنْجِزُ لِى مَا وَعَدْتَنِى. فَقَالَ لَهُ «أَبْشِرْ». فَقَالَ قَدْ أَكْثَرْتَ عَلَىَّ مِنْ أَبْشِرْ. فَأَقْبَلَ عَلَى أَبِى مُوسَى وَبِلاَلٍ كَهَيْئَةِ الْغَضْبَانِ فَقَالَ «رَدَّ الْبُشْرَى فَاقْبَلاَ أَنْتُمَا». قَالاَ قَبِلْنَا. ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ، وَمَجَّ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ «اشْرَبَا مِنْهُ، وَأَفْرِغَا عَلَى وُجُوهِكُمَا وَنُحُورِكُمَا، وَأَبْشِرَا». فَأَخَذَا الْقَدَحَ فَفَعَلاَ، فَنَادَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ أَنْ أَفْضِلاَ لأُمِّكُمَا. فَأَفْضَلاَ لَهَا مِنْهُ طَائِفَةً. طرفاه 188، 196 - تحفة 9061 4329 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَخْبَرَ أَنَّ يَعْلَى كَانَ يَقُولُ لَيْتَنِى أَرَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ. قَالَ فَبَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْجِعْرَانَةِ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ قَدْ أُظِلَّ بِهِ، مَعَهُ فِيهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ جَاءَهُ أَعْرَابِىٌّ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِى رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِى جُبَّةٍ بَعْدَ مَا تَضَمَّخَ بِالطِّيبِ فَأَشَارَ عُمَرُ إِلَى يَعْلَى بِيَدِهِ أَنْ تَعَالَ. فَجَاءَ يَعْلَى فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ، فَإِذَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُحْمَرُّ الْوَجْهِ، يَغِطُّ كَذَلِكَ سَاعَةً، ثُمَّ سُرِّىَ عَنْهُ فَقَالَ «أَيْنَ الَّذِى يَسْأَلُنِى عَنِ الْعُمْرَةِ آنَفًا». فَالْتُمِسَ الرَّجُلُ فَأُتِىَ بِهِ فَقَالَ «أَمَّا الطِّيبُ

الَّذِى بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَأَمَّا الْجُبَّةُ فَانْزِعْهَا، ثُمَّ اصْنَعْ فِى عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِى حَجِّكَ». أطرافه 1536، 1789، 1847، 4985 - تحفة 11836 - 200/ 5 4330 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ حُنَيْنٍ قَسَمَ فِى النَّاسِ فِى الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا، فَكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا إِذْ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسَ فَخَطَبَهُمْ فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلاَّلاً فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِى، وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللَّهُ بِى وَعَالَةً، فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ بِى». كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ. قَالَ «مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تُجِيبُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -». قَالَ كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ. قَالَ «لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ جِئْتَنَا كَذَا وَكَذَا. أَتَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ، وَتَذْهَبُونَ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى رِحَالِكُمْ، لَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَشِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِىَ الأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا، الأَنْصَارُ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ، إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِى أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى عَلَى الْحَوْضِ». طرفه 7245 - تحفة 5303 4331 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ نَاسٌ مِنَ الأَنْصَارِ حِينَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أَفَاءَ مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ، فَطَفِقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِى رِجَالاً الْمِائَةَ مِنَ الإِبِلِ فَقَالُوا يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِى قُرَيْشًا وَيَتْرُكُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ. قَالَ أَنَسٌ فَحُدِّثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَقَالَتِهِمْ، فَأَرْسَلَ إِلَى الأَنْصَارِ فَجَمَعَهُمْ فِى قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ وَلَمْ يَدْعُ مَعَهُمْ غَيْرَهُمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِى عَنْكُمْ». فَقَالَ فُقَهَاءُ الأَنْصَارِ أَمَّا رُؤَسَاؤُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، وَأَمَّا نَاسٌ مِنَّا حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ فَقَالُوا يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِى قُرَيْشًا وَيَتْرُكُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَإِنِّى أُعْطِى رِجَالاً حَدِيثِى عَهْدٍ بِكُفْرٍ، أَتَأَلَّفُهُمْ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالأَمْوَالِ وَتَذْهَبُونَ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى رِحَالِكُمْ، فَوَاللَّهِ لَمَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ رَضِينَا. فَقَالَ لَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «سَتَجِدُونَ أُثْرَةً شَدِيدَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنِّى عَلَى الْحَوْضِ». قَالَ أَنَسٌ فَلَمْ يَصْبِرُوا. أطرافه 3146، 3147، 3528، 3778، 3793، 4332، 4333، 4334، 4337، 5860، 6762، 7441 - تحفة 1541 - 201/ 5 4332 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَنَائِمَ بَيْنَ قُرَيْشٍ. فَغَضِبَتِ الأَنْصَارُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -». قَالُوا بَلَى. قَالَ «لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِىَ الأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَهُمْ». أطرافه 3146، 3147، 3528، 3778، 3793، 4331، 4333، 4334، 4337، 5860، 6762، 7441 - تحفة 1697

4333 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمَ حُنَيْنٍ الْتَقَى هَوَازِنُ وَمَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَشَرَةُ آلاَفٍ وَالطُّلَقَاءُ فَأَدْبَرُوا قَالَ «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ». قَالُوا لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، لَبَّيْكَ نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَنَزَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ». فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ، فَأَعْطَى الطُّلَقَاءَ وَالْمُهَاجِرِينَ وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا فَقَالُوا، فَدَعَاهُمْ فَأَدْخَلَهُمْ فِى قُبَّةٍ فَقَالَ «أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -»، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا لاَخْتَرْتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ». أطرافه 3146، 3147، 3528، 3778، 3793، 4331، 4332، 4334، 4337، 5860، 6762، 7441 - تحفة 1636 4334 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَمَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ «إِنَّ قُرَيْشًا حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَمُصِيبَةٍ، وَإِنِّى أَرَدْتُ أَنْ أَجْبُرَهُمْ وَأَتَأَلَّفَهُمْ أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى بُيُوتِكُمْ». قَالُوا بَلَى. قَالَ «لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِىَ الأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَ الأَنْصَارِ». أطرافه 3146، 3147، 3528، 3778، 3793، 4331، 4332، 4333، 4337، 5860، 6762، 7441 - تحفة 1244 - 202/ 5 4335 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قِسْمَةَ حُنَيْنٍ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ مَا أَرَادَ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ. فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ ثُمَّ قَالَ «رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى مُوسَى، لَقَدْ أُوذِىَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ». أطرافه 3150، 3405، 4336، 6059، 6100، 6291، 6336 - تحفة 9264 4336 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نَاسًا، أَعْطَى الأَقْرَعَ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَعْطَى نَاسًا، فَقَالَ رَجُلٌ مَا أُرِيدَ بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ وَجْهُ اللَّهِ. فَقُلْتُ لأُخْبِرَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى. قَدْ أُوذِىَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ». أطرافه 3150، 3405، 4335، 6059، 6100، 6291، 6336 - تحفة 9300 4337 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ أَقْبَلَتْ هَوَازِنُ وَغَطَفَانُ وَغَيْرُهُمْ بِنَعَمِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ، وَمَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَشَرَةُ آلاَفٍ وَمِنَ الطُّلَقَاءِ، فَأَدْبَرُوا عَنْهُ حَتَّى بَقِىَ وَحْدَهُ، فَنَادَى يَوْمَئِذٍ نِدَاءَيْنِ لَمْ يَخْلِطْ بَيْنَهُمَا، الْتَفَتَ عَنْ يَمِينِهِ، فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ». قَالُوا لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ. ثُمَّ الْتَفَتَ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ». قَالُوا لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ. وَهْوَ عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ، فَنَزَلَ فَقَالَ «أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ»، فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ، فَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ

غَنَائِمَ كَثِيرَةً، فَقَسَمَ فِى الْمُهَاجِرِينَ وَالطُّلَقَاءِ وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ إِذَا كَانَتْ شَدِيدَةٌ فَنَحْنُ نُدْعَى، وَيُعْطَى الْغَنِيمَةَ غَيْرُنَا. فَبَلَغَهُ ذَلِكَ، فَجَمَعَهُمْ فِى قُبَّةٍ، فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِى عَنْكُمْ». فَسَكَتُوا فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَلاَ تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَحُوزُونَهُ إِلَى بُيُوتِكُمْ». قَالُوا بَلَى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا لأَخَذْتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ». فَقَالَ هِشَامٌ يَا أَبَا حَمْزَةَ، وَأَنْتَ شَاهِدٌ ذَاكَ قَالَ وَأَيْنَ أَغِيبُ عَنْهُ أطرافه 3146، 3147، 3528، 3778، 3793، 4331، 4332، 4333، 4334، 5860، 6762، 7441 - تحفة 1636 - 203/ 5 كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم حَاصَرَ أهلَ الطَّائِفِ، فلم يُفْتَحْ لَهُ، فَرَجَعَ منها. 4326، 4327 - قوله: (سَمِعْتُ ... وأَبَا بَكْرَةَ، وكَانَ تَسَوَّرَ حصن الطائف)، واعلم أنه من خَرَجَ إلينا من عبيد الكُفَّارِ عُتِقَ عند إمامنا. فكان أبو بَكْرَةَ، وأصحابُه عبيدًا لأهل الطائف، فقرُّوا إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فجعلهم أحرارًا، ولم يَرُدَّهُمْ إلى مواليهم حين جاءوا يَطْلُبُونَهم، فقال له مواليهم: إنهم ما جَاءُوا عندك رغبةً في الإِسلام، ولكن فِرَارًا مِنَّا. ثم إن أَبا بَكْرَةَ غيرُ مُنْصَرِفٍ، كأبي هريرة، فإنه لمَّا جُعِلَ عَلَمًا لم يُلاَحَظْ فيه معنى الإِضافة، وصار كأنه لفظٌ واحدٌ، فلا يُلاَحَظُ فيه أن بَكْرَةَ كان ابنَهُ، فهو كأبي حَمْزَةَ، كنية أنس، وكان يجيء بتلك البَقْلَة، كذلك أبو بَكْرَةَ، سُمِّيَ به لكونه تسوَّر الحصن بالبَكْرَةِ. فتلك الأَعْلاَمُ يُعَامَلُ معها، كأنها أعلامٌ من قبل، ولذا مُنِعَ صرفُها. قوله: (مَنِ ادَّعَى إلى غَيْرِ أَبِيهِ) ... إلخ. وهذا تعريضٌ بالأمير معاوية، حيث كان يَدْعُو زيادًا أخاه، وكان مَقْذَفًا في الحروب، فكان الصحابةُ رضي الله تعالى عنهم يَدْعُونَهُ زياد ابن أبيه. 4328 - قوله: (رَدَّ البُشْرَى، فَاقْبَلاَ أَنْتُما)، واعلم أن البِشَارَةَ كالأعيانِ المحسوسةِ، فإذا لم يَقْبَلْهَا الأعرابيُّ رُدَّت إلى الآخرين. فهي وإن كانت من المعاني الصِّرْفَةِ عندنا التي لا تَصْلُحُ للتحوُّل والانتقال، ولكنها من الأعيان عند صاحب النبوة، وأرباب الحقائق. وكذلك حالُ الأعمال في نظرِ الشَّرْعِ، فإنها تَتَجَسَّدُ، كالجواهر في المَحْشَرِ. وقد تحقَّق اليومَ: أنا لأصواتَ كلَّها منذ بَدْء الزمان موجودةٌ في الجو، ولم يَتَلاَشَ منها شيءٌ. ودَعْ عنك ما حقَّقه الفلاسفةُ، فإنهم يؤمنون بما ثَبَتَ عندهم من دلائلهم الفاسدة، وهم بالأدلَّة السماوية يَكْفُرُونَ. وعَلَيْكَ بالماء النمير، والصدق البحث الذي لا تَشُوبُهُ سَفْسَطَةٌ، ولا يأتيه الباطلُ من بين يديه، ولا من خلفه. فالأعمالُ كلُّها تجيء في صورها - وسورة البقرة - وآل عمران - يتشكل بالظلة، أو كما أَخْبَرَ به الصادقُ المصدوقُ. وقد شَغَفَ الناسُ بالفلسفة دَهْرًا، ثم لم يَنْجَحُوا،

وتشبَّثْنَا بذيل الشرع، فأفلحنا، ووجدنا منه في لمحاتٍ ما لم يَجِدُوه بعد صرف الأعمار. وعندي هم أعجزُ من جاهلٍ أوتِي سلامة الفطرة، ورُزِقَ توفيقًا من ربِّه. حكايةٌ: سَمِعْتُ ببلدتي كشمير، وأنا إذ ذاك ابنُ أربع سنين: أن رجلين تكلَّما في أن العذابَ هو يكون للسجد، أو الروح؟ فاستقرَّ رأيهما على أن العذابَ لهما. ثم ضَرَبَا له مثلًا، فقالا: إن مثلَ الجسد مع الروح كمثل أعمى، وأعرج، ذَهَبَا إلى حديقةٍ لِيَجْنُوا من ثمارها، فَعَجَزَ الأعمى أن يَرَاهَا، وعَجَزَ الأعرجُ أن يَجْنِيَهَا، فتشاورا في أمرهما، فَرَكِبَ الأعرجُ على الأعمى، فجعل الأعمى يَذْهَبُ به إلى الأشجار، والأَعْرَجُ يرى الثمارَ، ويَجْنِيها. فهذا هو حالُ البدن مع الروح، فإن البدنَ بدون الروح جمادٌ لا حِرَاكَ له، والرُّوحُ بدون البدن معطَّلةٌ عن الأفعال، فاحتاج أحدُهما إلى الآخر، فلمَّا اشتركا في الكَسْبِ اشتركا في الأجر، أو الوِزْرِ أيضًا. وبعد مرور خمس وثلاثين سنة، رأيتُ في «القرطبي»، عن ابن عبَّاس عينَ ما قالاه من قطرتهما، فانظر هل يُمْكِنُ مثله من نحو أرسطو؟ كلا، ثم كلا. 4330 - قوله: (سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثْرَةً) يعني: أمَّا أنا فما، آثَرْتُ نفسي عليكم، وسَتَلْقَوْنَ بعدي أُثْرَةً، فاصبروا. قوله: (فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْني عَلَى الحَوْضِ) واعلم أن الحوضَ عند ابن القيِّم: في المحشر. واختار الحافظ: أنه بعد الصِّرَاط. وتردَّد فيه السيوطي في «البدور السافرة». والأَرْجَحُ عندي ما اختاره الحافظ. والظاهر عندي: أنه في فِنَاء الجنة بعد الحساب، لأن المواعدةَ باللقاء على الحوض تَدُلُّ على أنه بعد اختتام السفر، فإن الذين يتخلَّفون من رفقاء السفر، لا يَتَلاَقَوْنَ إلَّا بعد اختتامه. 4336 - قوله: (ما أُرِيدَ بَهَذِهِ القِسْمَةِ وَجْهُ اللَّهِ) وهذه كلمةُ كفرٌ، ولما كان قائلُها منافقًا، وكان من سُنَّتِهِم أن لا يُقْتَلُوا، أَغْمَضَ عنه، ولم يَقْتُلْهُ. وقد مرَّ فيه بعضُ الكلام: أنه من باب الجمع بين التكوين والتشريع، فإنه كان أَخْبَرَ بأن سَيَخْرُجُ من ضئضيء هذا قومٌ يَقْرَءُون القرآن ... إلخ، كما في «البخاري» مفصّلًا، فلم يُنَاسِبْ أن يَقْتُلَهُ بنفسه. وهذا بخلاف ما مرَّ عن بعض الصحابة من الأنصار عن قريبٍ: «يَغْرِفُ اللَّهُ لرسوله صلى الله عليه وسلّم يُعْطِي قريشًا، ويَتْرُكُنَا، وسيوفُنَا تَقْطُرُ من دمائهم»، فإنه إساءةٌ في التعبير فقط، مع صحةٍ في العقيدة. غير أنه حَمَلَتْهُم على ذلك غيرةٌ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلّم لمَّا فَهِمُوا من إعطائه قريشًا أنه يُؤْثِرُهم عليهم، والرقابة قد تَحْمِلُ المرءُ على مثل هذه التعبيرات. وهذا وإن كان غلطٌ منهم في حضرة النبوة، ولكنها لا رَيْبَ مما قد يُرَكِّبُها الإِنسانُ من حيث لا يريدها، ولا يدريها. وراجع للفصل بين هذه المسائل رسالتي «إكفار الملحدين»، ففيها البسطُ بما لا مزيدَ عليه.

59 - باب السرية التى قبل نجد

فإن قلتَ: إذا كان بين الصحابة المنافقون، والمُخْلِصُون، ولم تتميَّز إحدى الطائفتين من الأخرى، فكيف أمرُ الدين، الذي بَلَغَ إلينا؟ قلتُ: قد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يَعْلَمُهُمْ، وكذا بعضُ الصحابة رضي الله تعالى عنهم. إلَّا أن المصلحةَ لم تَكُنْ بإِفشاء سرِّهم، فَتُرِكُوا على إبطانهم، وحسابُهم على الله. 4337 - قوله: (أَقْبَلَتْ هَوَازِنُ وغَطَفَانُ وغَيْرُهُمْ بِنَعَمِهِمْ)، وهذا على عادتهم، فإنَّ العربَ كانوا يَذْهَبُون في الحروب بنَعَمِهِمْ أيضًا، لِيَشْرَبُوا من أَلبانها. 59 - باب السَّرِيَّةِ الَّتِى قِبَلَ نَجْدٍ 4338 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً قِبَلَ نَجْدٍ، فَكُنْتُ فِيهَا، فَبَلَغَتْ سِهَامُنَا اثْنَىْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلْنَا بَعِيرًا بَعِيرًا، فَرَجَعْنَا بِثَلاَثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا. طرفه 3134 - تحفة 7531 4338 - قوله: (ونُفِّلْنَا بَعِيرًا بَعِيرًا) واخْتُلِفَ في النَّفْلِ أنه من الخُمُسِ، أو الغنيمة. ويَجُوزُ التنفيل عندنا من الغنيمة أيضًا قبل أن تُحْرَزَ إلى دار الإِسلام، ولا يَجُوزُ بعده إلَّا من الخُمُسِ. ومن قَصَرَهُ على الخُمُسِ، فقد رَكِبَ على جبلٍ وَعْرٍ. ثم إن الحافظَ قد تصدَّى إلى بيان العدد المجموع، فَذَكَرَهُ، ولعلَّه أَخْرَجَهُ من طريق الحساب، وإلَّا فلا روايةَ فيه صراحةً فيما أعلم. والله تعالى أعلم. 60 - باب بَعْثِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ 4339 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَحَدَّثَنِى نُعَيْمٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِى جَذِيمَةَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا أَسْلَمْنَا. فَجَعَلُوا يَقُولُونَ صَبَأْنَا، صَبَأْنَا. فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ مِنْهُمْ وَيَأْسِرُ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ أَمَرَ خَالِدٌ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لاَ أَقْتُلُ أَسِيرِى، وَلاَ يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِى أَسِيرَهُ، حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْنَاهُ، فَرَفَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ فَقَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ». مَرَّتَيْنِ. طرفه 7189 - تحفة 6941 4339 - قوله: (صَبَأْنَا)، أي خَرَجْنَا عن ديننا، وقد مرَّ في أوائل الكتاب: أن الصَّابئين من هُمْ؟ وقد غَلِطَ فيه الحافظُ ابن تَيْمِيَة، فَسَهَا في شرح الآية أيضًا، كما مرَّ. وأصاب فيه الجصَّاص في «أحكام القرآن».

61 - باب سرية عبد الله بن حذافة السهمى وعلقمة بن مجزز المدلجى

قوله: (اللَّهُمَّ إنِّي أبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ، مرتين)، وذلك لِيُعْذِرَ من نفسه، ويُنْقِذَهَا من عذاب الله إن هَجَمَ عذابه على فعله هذا، والعياذ بالله من قتل المؤمن. وهذا هو فعلُ الخائفِ المشفق المبتهل، وأمَّا المغترُّ، فإنه يَطْمَئِنُّ، ويتمنَّى على الله. ثم إن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم بَعَثَ إليهم عليًّا، وأعطاهم نصف الدية لكلِّ مَنْ قُتِلَ منهم. وهذا عندي محمولٌ على نحو مصالحةٍ، فإنَّهم وإن لم يُطَالِبُوه صلى الله عليه وسلّم بشيءٍ، لكنه لم يَرْضَ أن يَهْدِرَ دَمَهُمْ. حكايةٌ (¬1): نُقِلَ أنه كان فيمن قُتِلُوا رجلٌ تائهٌ، وكان يَنْشِدُ في تلك الليلة أنه مقتولٌ في صَبِيحَتِها، فلمَّا أَصْبَحَ قُتِلَ، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «هلَّا لاَحِمْتُمُوه، ولعلَّ حبَّة لم يَكُنْ في معصيةٍ». 61 - باب سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِىِّ وَعَلْقَمَةَ بْنِ مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِىِّ وَيُقَالُ: إِنَّهَا سَرِيَّةُ الأَنْصَارِ. 4340 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً فَاسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضِبَ فَقَالَ أَلَيْسَ أَمَرَكُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُطِيعُونِى. قَالُوا بَلَى. قَالَ فَاجْمَعُوا لِى حَطَبًا. فَجَمَعُوا، فَقَالَ أَوْقِدُوا نَارًا. فَأَوْقَدُوهَا، فَقَالَ ادْخُلُوهَا. فَهَمُّوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُمْسِكُ بَعْضًا، وَيَقُولُونَ فَرَرْنَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ النَّارِ. فَمَا زَالُوا حَتَّى خَمَدَتِ النَّارُ، فَسَكَنَ غَضَبُهُ، فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، الطَّاعَةُ فِى الْمَعْرُوفِ». طرفاه 7145، 7257 - تحفة 10168 - 204/ 5 4340 - قوله: (لو دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إلى يَوْمِ القِيَامَةِ) ... إلخ، لكون فعلهم قطعيّ البطلان. وقد عَلِمْتَ أن المحلَّ إذا كان مما يَصْلُحُ للاجتهاد، لا يُعَنِّفُ عليه ¬

_ (¬1) أَخْرَجَ الحافظُ في رواية النَّسائيِّ، والبيهقيِّ بإِسنادٍ صحيحٍ من حديث ابن عبَّاس نحو هذه القصة، وقال فيها: "فقال: إنِّي لَسْتُ منهم، إنّي عَشِقْتُ امرأةٍ منهم، فَدَعُوني أنظر إليها نظرةً". وقال فيه: "فَيَضْرِبُوا عُنُقَهُ، فجاءت المرأةُ، فوقعت عليه فَشَهَقَتْ شهقةً أو شهقتين، ثم ماتت. فذكروا ذلك للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلم فقال: أما كان فيكم رجلٌ رحيمٌ". اهـ "فتح الباري". قلتُ: وفي العينيِّ، في كتاب الجهاد، عن ابن عبَّاس: "من عَشِقَ، وعَفَّ، وكَتَمَ، ومَاتَ، مات شهيدًا". اهـ. وحينئذٍ لا إشكالَ في الترحُّم له. ولكنه لا بُدَّ من القيد الذي ذَكَرَهُ الشيخُ رحمه الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب.

62 - باب بعث أبى موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع

الشارع. وأمَّا إذا كان الأمرُ ظاهرًا، ثم يَتَسَاهَلُ فيه أحدٌ يَزْجُرُ عليه، ويَغْضَبُ، كما رَأَيْتُ ههنا. ثم إنه نظيرُ ما ذَكَرْتُ في قاتل النفس: أنه يُعَذِّبُ بتلك الآلة إلى يوم (¬1) القيامة. والتخليدُ الواردُ في حقِّه هو التخليدُ إلى يوم الحشر، يعني: لا يزال يَفْعَلُهُ حتَّى يُبْعَثَ من مضجعه هذا. ومرَّ عليه الترمذيُّ، وعلَّل الحديثَ الصحيحَ، لكون التخليد ليس مذهبًا لأهل السُّنَّةِ والجماعة، وفي الحديث تصريحٌ بما قلتُ، فإنهم لو دَخَلُوهَا لكانوا من قاتلي أنفسهم. وفي الحديث: «أنهم لم يَخْرُجُوا منها إلى يوم القيامة»، فهذا هو التخليدُ. وبعبارةٍ أخرى: التخليدُ كان راجعًا إلى فعله، فَصَرَفُوه إلى نفسه، ولَطُفَ هذا التعبير، لأنه إذا لم يَزَلْ معذَّبًا في البَرْزَخ حتَّى قامت الآخرة، وانقطع البَرْزَخُ لَطُفَ التخليد فيه، فإنه كان باعتبار قيام البَرْزَخ. وإذا انْهَدَمَ نفسخ البَرْزَخِ، وآل الأمرُ إلى الآخرة انقطع عذابُه أيضًا. نعم لو انقطع العذابُ مع قيام البَرْزَخِ لناقض ما قُلْنَا، وليس كذلك. فافهم، فإن أمثال الترمذيِّ لم يُدْرِكُوا مراده، حتَّى اضْطَرُّوا إلى تعليله. وسيمرُّ عليك نظائره (¬2) وشواهده. 62 - باب بَعْثُ أَبِى مُوسَى وَمُعَاذٍ إِلَى الْيَمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ 4341 و 4342 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبَا مُوسَى وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ، قَالَ وَبَعَثَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مِخْلاَفٍ قَالَ وَالْيَمَنُ مِخْلاَفَانِ ثُمَّ قَالَ «يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا». فَانْطَلَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى عَمَلِهِ، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِذَا سَارَ فِى أَرْضِهِ كَانَ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ أَحْدَثَ بِهِ عَهْدًا، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَسَارَ مُعَاذٌ فِى أَرْضِهِ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ أَبِى مُوسَى، فَجَاءَ يَسِيرُ عَلَى بَغْلَتِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ، وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ، وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ ¬

_ (¬1) قلتُ: وهاكَ نظيرًا آخر من "مسند أحمد"، عن يَعْلَى بن مُرَّة، قال: سَمِعْتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: أيما رجلٍ ظَلَمَ شبرًا من الأرض، كلَّفه اللهُ عز وجلَّ أن يَحْفِرَهُ حتى يَبْلُغَ سبع أرضين، ثم يُطَوِّقه إلى يوم القيامة، حتى يُقْضَى بين الناس". اهـ. كذا في "المشكاة". فليس التخليدَ في قاتل النفس إلَّا للتهويل، والمرادُ ما عَلِمْتَ. (¬2) قلتُ: وأقربُ نظيرٍ له الذي وَجَدْتُ ما رواه الترمذيُّ في القدر في حديثٍ طويل: أن أوَّلَ ما خلق اللهُ القلمَ، فقال: اكْتُبْ، فقال: ما أكتب؟ قال: اكتب القدر، ما كان، وما هو كائنٌ إلى الأبد". اهـ. فَوَرَدَ عليه أن ما يكون إلى الأبد غير متناهٍ، يستحيل كتابته في الزمان المتناهي. فأجابوا عنه: أن المرادَ من الأبد، هو يوم القيامةِ لما في "الدر المنثور"، عن أبي هُرَيْرَةَ مرفوعًا، وفيه قال: "ما كان، وما هو كائنٌ إلى يوم القيامة". اهـ. وقد رواه أبو داود أيضًا، وإذا وَرَدَ أحدُ اللفظين مكانَ الآخر، دَلَّ نفسُ الحديث أن الأبدَ قد يُعْتَبَرُ إلى يوم القيامة أيضًا. وحينئذٍ ظَهَرَ معه الأبد في حديث تعذيب قاتل النفس أيضًا.

النَّاسُ، وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ قَدْ جُمِعَتْ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ، أَيَّمَ هَذَا قَالَ هَذَا رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلاَمِهِ. قَالَ لاَ أَنْزِلُ حَتَّى يُقْتَلَ. قَالَ إِنَّمَا جِىءَ بِهِ لِذَلِكَ فَانْزِلْ. قَالَ مَا أَنْزِلُ حَتَّى يُقْتَلَ فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ ثُمَّ نَزَلَ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ، كَيْفَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَالَ أَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا. قَالَ فَكَيْفَ تَقْرَأُ أَنْتَ يَا مُعَاذُ قَالَ أَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ فَأَقُومُ وَقَدْ قَضَيْتُ جُزْئِى مِنَ النَّوْمِ، فَأَقْرَأُ مَا كَتَبَ اللَّهُ لِى، فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِى كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِى. حديث 4341 أطرافه 2261، 3038، 4343، 4344، 6124، 6923، 7149، 7157، 7156، 7172 تحفة 9113 حديث 4342 طرفه 4345 - تحفة 11327 4343 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ، فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْرِبَةٍ تُصْنَعُ بِهَا، فَقَالَ «وَمَا هِىَ». قَالَ الْبِتْعُ وَالْمِزْرُ. فَقُلْتُ لأَبِى بُرْدَةَ مَا الْبِتْعُ قَالَ نَبِيذُ الْعَسَلِ، وَالْمِزْرُ نَبِيذُ الشَّعِيرِ. فَقَالَ «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ». رَوَاهُ جَرِيرٌ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ. أطرافه 2261، 3038، 4341، 4344، 6124، 6923، 7149، 7156، 7157، 7172 - تحفة 9086، 19560، 9095 - 205/ 5 4344، 4345 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - جَدَّهُ أَبَا مُوسَى، وَمُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ «يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا». فَقَالَ أَبُو مُوسَى يَا نَبِىَّ اللَّهِ، إِنَّ أَرْضَنَا بِهَا شَرَابٌ مِنَ الشَّعِيرِ الْمِزْرُ، وَشَرَابٌ مِنَ الْعَسَلِ الْبِتْعُ. فَقَالَ «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ». فَانْطَلَقَا فَقَالَ مُعَاذٌ لأَبِى مُوسَى كَيْفَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَالَ قَائِمًا وَقَاعِدًا وَعَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا. قَالَ أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ وَأَقُومُ، فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِى كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِى، وَضَرَبَ فُسْطَاطًا، فَجَعَلاَ يَتَزَاوَرَانِ، فَزَارَ مُعَاذٌ أَبَا مُوسَى، فَإِذَا رَجُلٌ مُوثَقٌ، فَقَالَ مَا هَذَا فَقَالَ أَبُو مُوسَى يَهُودِىٌّ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ. فَقَالَ مُعَاذٌ لأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ. تَابَعَهُ الْعَقَدِىُّ وَوَهْبٌ عَنْ شُعْبَةَ. وَقَالَ وَكِيعٌ وَالنَّضْرُ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. رَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ. [طرفه في: 4342]. 4346 - حَدَّثَنِى عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَائِذٍ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ يَقُولُ حَدَّثَنِى أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِىُّ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أَرْضِ قَوْمِى، فَجِئْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُنِيخٌ بِالأَبْطَحِ فَقَالَ «أَحَجَجْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ». قُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «كَيْفَ قُلْتَ». قَالَ قُلْتُ لَبَّيْكَ إِهْلاَلاً كَإِهْلاَلِكَ. قَالَ «فَهَلْ سُقْتَ مَعَكَ هَدْيًا». قُلْتُ لَمْ أَسُقْ. قَالَ «فَطُفْ بِالْبَيْتِ وَاسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حِلَّ». فَفَعَلْتُ حَتَّى مَشَطَتْ لِى امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ بَنِى قَيْسٍ، وَمَكُثْنَا بِذَلِكَ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ. أطرافه 1559، 1565، 1724، 1795، 4397 - تحفة 9008

4347 - حَدَّثَنِى حِبَّانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِىٍّ عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ «إِنَّكَ سَتَأْتِى قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِى كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمْ صَدَقَةً، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (طَوَّعَتْ) طَاعَتْ وَأَطَاعَتْ لُغَةٌ، طِعْتُ وَطُعْتُ وَأَطَعْتُ. أطرافه 1395، 1458، 1496، 2448، 7371، 7372 - تحفة 6511 - 206/ 5 4348 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ أَنَّ مُعَاذًا - رضى الله عنه - لَمَّا قَدِمَ الْيَمَنَ صَلَّى بِهِمِ الصُّبْحَ فَقَرَأَ {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125] فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لَقَدْ قَرَّتْ عَيْنُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ. زَادَ مُعَاذٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ، فَقَرَأَ مُعَاذٌ فِى صَلاَةِ الصُّبْحِ سُورَةَ النِّسَاءِ فَلَمَّا قَالَ {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} قَالَ رَجُلٌ خَلْفَهُ قَرَّتْ عَيْنُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ. تحفة 11352 4341، 4342 - قوله: (وبَعَثَ كُلَّ وَاحدٍ مِنْهُمَا على مِخْلاَفٍ) (¬1)، وهو اسمٌ لتحديد بقاعٍ عند أهل اليمن، فتسمَّى مَخَالِيف اليمن. وراجع لتفصيله «معجم البلدان» لياقوت. ومن أهم فوائد «معجمه»: أنه جمع فيه الجمعات التي كانت أُقِيمَتْ في اليمن، فلم يكتبها إلَّا في عدَّة مواضع منها. وهذا يُفِيدُ الحنفيةُ في مسألة إقامة الجمعات في الأمصار دون القرى. قوله: (أَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا) وهو مشتقٌّ من الفواق، يعني به أنه وزَّع قراءته على حصص الليل، فيقرأه حِصَّةً حِصَّةً، وجزءً جزءً. قوله: (وَقَدْ قَضَيْتُ جُزْئي مِنَ النَّوْمِ) يعني أقرأُ كلَّ ما أُرِيدُهُ مرَّةً واحدةً، ثم أنام، ولا أَقْرَأُ مثلك جزءً جزءً. ¬

_ (¬1) قال الحافظُ: المخْلاَفُ -بكسر الميم، وسكون المعجمة، وآخره فاء- هو بلغة أهل اليمن، وهو: الكُورة، والإِقليم، والرُّسْتَاق ... إلخ.

63 - باب بعث على بن أبى طالب وخالد بن الوليد رضى الله عنهما إلى اليمن قبل حجة الوداع

4343 - قوله: (والمِزْرُ نَبِيذُ الشَّعِيرِ) ومع كون هذه الأشربة من الحبوب، لمَّا سُئِلَ عنه أبو بُرْدة؛ قال: كلُّ مسكرٍ حرامٌ، فانسحب عمومُه على الأشربة كلِّها بدون تخصيص. وهذا الذي يَرِيبُني في المسألة. قوله: (كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ) وهذا هو مذهبُ الجمهور: أن كلَّ مسكرٍ مائعٍ حرامٌ، قليلُه وكثيرُه سواء، خمرًا كان أو غيره. إلَّا أن أبا حنيفة، وأبا يوسف ذهبا إلى حرمة الخمر مطلقًا، وفصَّلُوا في أشربة الحبوب. ولم أَجِدْ في هذه المسألة جوابًا شافيًا، وراجع «عقد الفريد» و «كشف الأسرار»، فقد ذكرا قيودًا في المسألة تُفِيدُنا في الباب. وراجع «البحر المحيط»، وكتاب «الناسخ والمنسوخ» لأبي بكر النحَّاس، تلميذ الطحاويِّ، وهو عند أصحاب الطبقات مثل ابن جرير الطبريِّ في المرتبة. 4348 - قوله: (لَقَدْ قَرَّتْ عَيْنُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ)، يعني: قاله رجلٌ في الصلاة لمَّا سَمِعَ مُعَاذًا يَقْرَأ في الصلاة: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125]، ولم يَكُنْ يَعْلَمُ أن الكلامَ يُفْسِدُ الصلاةَ. فراجع صحيح مسلم مع زيادةٍ فيه. 63 - باب بَعْثُ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رضى الله عنهما إِلَى الْيَمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ 4349 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانُ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِى إِسْحَاقَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه -. بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى الْيَمَنِ، قَالَ ثُمَّ بَعَثَ عَلِيًّا بَعْدَ ذَلِكَ مَكَانَهُ فَقَالَ مُرْ أَصْحَابَ خَالِدٍ، مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ أَنْ يُعَقِّبَ مَعَكَ فَلْيُعَقِّبْ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُقْبِلْ. فَكُنْتُ فِيمَنْ عَقَّبَ مَعَهُ، قَالَ فَغَنِمْتُ أَوَاقٍ ذَوَاتِ عَدَدٍ. تحفة 1899 - 207/ 5 4350 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مَنْجُوفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلِيًّا إِلَى خَالِدٍ لِيَقْبِضَ الْخُمُسَ وَكُنْتُ أُبْغِضُ عَلِيًّا، وَقَدِ اغْتَسَلَ، فَقُلْتُ لِخَالِدٍ أَلاَ تَرَى إِلَى هَذَا فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ «يَا بُرَيْدَةُ أَتُبْغِضُ عَلِيًّا». فَقُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «لاَ تُبْغِضْهُ فَإِنَّ لَهُ فِى الْخُمُسِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ». تحفة 1990 4351 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ شُبْرُمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى نُعْمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ يَقُولُ بَعَثَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْيَمَنِ بِذُهَيْبَةٍ فِى أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا، قَالَ فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ، وَأَقْرَعَ بْنِ حَابِسٍ وَزَيْدِ

الْخَيْلِ، وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلاَءِ. قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَلاَ تَأْمَنُونِى وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِى السَّمَاءِ، يَأْتِينِى خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً». قَالَ فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ، نَاشِزُ الْجَبْهَةِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، مُشَمَّرُ الإِزَارِ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، اتَّقِ اللَّهَ. قَالَ «وَيْلَكَ أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الأَرْضِ أَنْ يَتَّقِىَ اللَّهَ». قَالَ ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ، قَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ أَضْرِبُ عُنُقَهُ قَالَ «لاَ، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّى». فَقَالَ خَالِدٌ وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِى قَلْبِهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ قُلُوبَ النَّاسِ، وَلاَ أَشُقَّ بُطُونَهُمْ» قَالَ ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ وَهْوَ مُقَفٍّ فَقَالَ «إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا، لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ». وَأَظُنُّهُ قَالَ «لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ». أطرافه 3344، 3610، 4667، 5058، 6163، 6931، 6933، 7432، 7562 تحفة 4132 - 208/ 5 4352 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ عَطَاءٌ قَالَ جَابِرٌ أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلِيًّا أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ. تحفة 2457 زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ عَطَاءٌ قَالَ جَابِرٌ فَقَدِمَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ رضى الله عنه بِسِعَايَتِهِ، قَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بِمَ أَهْلَلْتَ يَا عَلِىُّ». قَالَ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فَأَهْدِ وَامْكُثْ حَرَامًا كَمَا أَنْتَ». قَالَ وَأَهْدَى لَهُ عَلِىٌّ هَدْيًا. تحفة 2457 4353، 4354 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ حَدَّثَنَا بَكْرٌ أَنَّهُ ذَكَرَ لاِبْنِ عُمَرَ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ، فَقَالَ أَهَلَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَجِّ، وَأَهْلَلْنَا بِهِ مَعَهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ «مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْىٌ فَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً». وَكَانَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - هَدْىٌ، فَقَدِمَ عَلَيْنَا عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ مِنَ الْيَمَنِ حَاجًّا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بِمَ أَهْلَلْتَ فَإِنَّ مَعَنَا أَهْلَكَ». قَالَ أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ «فَأَمْسِكْ، فَإِنَّ مَعَنَا هَدْيًا». تحفة 6657، 251 ل 4349 - قوله: (مَنْ شَاءَ منهم أَنْ يُعَقِّبَ مَعَكَ، فَلْيُعَقِّبْ، ومَنْ شَاءَ فَلْيُقْبِلْ) ... إلخ. والتعقيبُ: هو معاقبةُ الجيوش فيما بينهم، أي من شاء منهم أن يُقِيمَ هناك فَلْيَفْعَلْ، ومن شاء أن يَرْجِعَ معك، فَلْيَرْجِعْ. "تعقيب فوجون كى آبس مين مبادله كى نوبتين يعني جو وهان رهنا جاهين وهين رهين اورجووابس آنا جاهين وابس آجائين". 4350 - قوله: (وكُنْتُ أُبْغِضُ عَلِيًّا) يعني به عدم المؤانسة منه، أي: "كوئى مانوسى نه تهى".

64 - باب غزوة ذي الخلصة

قوله: (وقَدِ اغْتَسَلَ)، وزَعَمَ أنه اغْتَسَلَ من الجنابة، لأنه وطىء جاريةً قبل الخمس (¬1). 4351 - قوله: (في أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ) أي مدبوغ بالقَرَظِ. قوله: (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا)، يعني أن تلك الذُّهَيْبَة لم تُخَلَّصْ من تراب المعدن. قوله: (إنَّهُ يَخْرُجُ من ضِئْضِيء هَذَا)، وهذا هو العملُ بالتكوين، يعني لمَّا قدَّر بقاءه لم يقتله، كما فعل في ابن صيَّاد، وقال لعمر: «إن يكن هو، فلست صاحبه». أو كما قال: «يَمْرُقُون من الدين»: مرق جت سى نكل كيا والمروقُ: خروجُ شيءٍ من موضعٍ لا يكون موضعًا لخروجه، فَيُخْرُجُ منه بنحو مدافعةٍ من خلفه، كالاندلاق. قوله: (لا يُجِاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ) قيل: معناه لا يُجَاوِزُ حناجرَهم حتَّى يَدْخُلَ قلوبَهم، وقيل: لا يُجَاوِزُ حناجرَهُم فَيَصْعَدُ إلى السماء، وهذا هو الأَوْلَى. 64 - باب غَزْوَةُ ذِي الْخَلَصَةِ 4355 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ حَدَّثَنَا بَيَانٌ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ كَانَ بَيْتٌ فِى الْجَاهِلِيَّةِ يُقَالُ لَهُ ذُو الْخَلَصَةِ وَالْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَةُ وَالْكَعْبَةُ الشَّأْمِيَّةُ، فَقَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ تُرِيحُنِى مِنْ ذِى الْخَلَصَةِ». فَنَفَرْتُ فِى مِائَةٍ وَخَمْسِينَ رَاكِبًا، فَكَسَرْنَاهُ وَقَتَلْنَا مَنْ وَجَدْنَا عِنْدَهُ، فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ، فَدَعَا لَنَا وَلأَحْمَسَ. أطرافه 3020، 3036، 3076، 3823، 4356، 6089، 6333 - تحفة 3225 4356 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا قَيْسٌ قَالَ قَالَ لِى جَرِيرٌ - رضى الله عنه - قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ تُرِيحُنِى مِنْ ذِى الْخَلَصَةِ». وَكَانَ بَيْتًا فِى خَثْعَمَ يُسَمَّى الْكَعْبَةَ الْيَمَانِيَةَ، فَانْطَلَقْتُ فِى خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ، وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ، وَكُنْتُ لاَ أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَضَرَبَ فِى صَدْرِى حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِهِ فِى صَدْرِى، وَقَالَ «اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا». فَانْطَلَقَ إِلَيْهَا فَكَسَرَهَا وَحَرَّقَهَا، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ جَرِيرٍ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ. قَالَ فَبَارَكَ فِى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ. أطرافه 3020، 3036، 3076، 3823، 4355، 6089، 6333 - تحفة 3225 - 209/ 5 4357 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ تُرِيحُنِى مِنْ ذِى الْخَلَصَةِ». فَقُلْتُ بَلَى. فَانْطَلَقْتُ فِى خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ وَكُنْتُ ¬

_ (¬1) قلتُ: وفي المقام إشكالاتٌ، وقد أَجَابَ عن جملتها الحافظُ في "الفتح"، ونَقَلَ المُحَشِّي منه ما يكفي، فراجعه.

لاَ أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَضَرَبَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِى حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ يَدِهِ فِى صَدْرِى وَقَالَ «اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا». قَالَ فَمَا وَقَعْتُ عَنْ فَرَسٍ بَعْدُ. قَالَ وَكَانَ ذُو الْخَلَصَةِ بَيْتًا بِالْيَمَنِ لِخَثْعَمَ وَبَجِيلَةَ، فِيهِ نُصُبٌ تُعْبَدُ، يُقَالُ لَهُ الْكَعْبَةُ. قَالَ فَأَتَاهَا فَحَرَّقَهَا بِالنَّارِ وَكَسَرَهَا. قَالَ وَلَمَّا قَدِمَ جَرِيرٌ الْيَمَنَ كَانَ بِهَا رَجُلٌ يَسْتَقْسِمُ بِالأَزْلاَمِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَا هُنَا فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْكَ ضَرَبَ عُنُقَكَ. قَالَ فَبَيْنَمَا هُوَ يَضْرِبُ بِهَا إِذْ وَقَفَ عَلَيْهِ جَرِيرٌ فَقَالَ لَتَكْسِرَنَّهَا وَلَتَشْهَدَنَّ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَوْ لأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ. قَالَ فَكَسَرَهَا وَشَهِدَ، ثُمَّ بَعَثَ جَرِيرٌ رَجُلًا مِنْ أَحْمَسَ يُكْنَى أَبَا أَرْطَاةَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يُبَشِّرُهُ بِذَلِكَ، فَلَمَّا أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا جِئْتُ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ. قَالَ فَبَرَّكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ. تحفة 3225 واعلم أن النصارى لمَّا تسلَّطُوا على اليمين رأوا أن العربَ يَطُوفُونَ بالكعبة شرَّفها اللَّهُ تعالى، ويَحُجُونَها. فبنوا بيتًا مضاهاةً لها، وسَمَّوْهَا كعبةً يمانيةً، تمييزًا عن الكعبة شرَّفها الله تعالى، فإنها يُقَالُ لها الشامية. وقد جَمَعَ الراوي في ذي الخَلَصَةِ بين الوصفين. فقيل: إن الصوابَ اليمانيةُ فقط، ووصفُها بالشامية غَلَطٌ. ووجهُ الحافظ (¬1): الجمع أيضًا. قلتُ: قوله: «ذو الخَلَصَةِ» والكعبةُ اليمانيةُ معطوفٌ ومعطوفٌ عليه، وتمَّت العبارةُ إلى ههنا. ثم قوله: «والكعبةُ الشاميَّةُ» ليس معطوفًا على ما قبله، بل مبتدأٌ وخبرٌ، أي والكعبةُ يُقَالُ لها: الشاميةُ. وإن جَعَلْتَهُ معطوفًا، فالمعنى: إن ذا الخَلَصَةِ كانت تُدْعَى باليمانية، وكذا بالشامية تمييزرًا لها عن الكعبة المكرَّمة التي بمكَّة، فإنها كانت تُدْعَى الكعبة مطلقًا. وفي السِّيَر: أن أَبْرَهَةَ لمَّا خَرَجَ إلى مكَّةَ، وأقام بالمُزْدَلِفَةِ، قال الناسُ لعبد المطَّلب: لو كلَّمته فينا. فجاء إليه، فلمَّا رآه، وقَّره أَبْرَهَةُ، وسأله عمَّا جاء به إليه، فقال: إن أَذِنْتَ لنا خرجنا بنَعَمِنَا، وغَنَمِنَا، فلمَّا سَمِعَ منه تلك الكلمة، وعَلِمَ أنه ليس له همٌ إلَّا في إنقاذ غنمه ونَعَمِهِ، قال: إنك أحمقٌ، تكلِّمني في غنم، فقال له عبد المطَّلب: نعم، فإنه ليس لي إلَّا الغنم. وأمَّا البيتُ، فإنه يَحْفَظُهُ ربُّه بنفسه، وما لي أن أتكلَّم فيه. ¬

_ (¬1) قال الحافظُ: والذي يَظْهَرُ لي أن الذي في الرواية صوابٌ، وأنها كان يُقَالُ لها: اليمانيةُ باعتبار كونها باليمن، والشاميةُ باعتبار أنهم جعلوا بابها مقابل الشام. اهـ. ثم قال الحافظُ: وقال غيره: قوله: "والكعبةُ الشاميةُ": مبتدأ محذوفُ الخبر، تقديره هي التي بمكة. وقيل: الكعبةُ مبتدأٌ، والشاميةُ خبرُه. والجملةُ حالٌ. والمعنى: والكعبةُ هي الشاميةُ لا غير. اهـ.

65 - باب غزوة ذات السلاسل

4356 - قوله: (كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ) "خارشتى اونت كوتار كول لكاتى هين - ايساكالا كر كى جهورديا" أي أسودَ مربادًا، كالجمل الأَجْرَبِ، يُطْلَى بالقار. 65 - باب غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلاَسِلِ وَهيَ غَزْوَةُ لَخْمٍ وَجُذَامَ، قَالَهُ إِسْماعِيلُ بْنُ أَبِي خالِدٍ. وَقالَ ابْنُ إِسْحاقَ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عُرْوَةَ: هِيَ بِلاَدُ بَلِيّ، وَعُذْرَةَ، وَبَنِي القَينِ. 4358 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلاَسِلِ قَالَ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ أَىُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ «عَائِشَةُ». قُلْتُ مِنَ الرِّجَالِ قَالَ «أَبُوهَا». قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ «عُمَرُ». فَعَدَّ رِجَالاً فَسَكَتُّ مَخَافَةَ أَنْ يَجْعَلَنِى فِى آخِرِهِمْ. طرفه 3662 - تحفة 10738 - 210/ 5 وهي اسمُ ماءٍ نحو الشام. 4358 - قوله: (فَقُلْتُ: أيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ) لمَّا بعثه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أميرًا على ذات السَّلاَسِل، زَعَمَ أن له وجاهةً عند النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فسأله عن ذلك، طمعًا في أنه يفضِّلُهُ عليهم. فَعَدَّ رجالًا، ثم سَكَتَ مخافةَ أن يَجْعَلَهُ في آخرهم. وهذا شأنُ الأنبياء عليهم السَّلام، لا يتكلَّمُون إلَّا بحقَ في المَنْشَطِ، والمَكْرَهِ. 66 - باب ذَهَابُ جَرِيرٍ إِلَى الْيَمَنِ 4359 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ الْعَبْسِىُّ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ كُنْتُ بِالْبَحْرِ فَلَقِيتُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ ذَا كَلاَعٍ وَذَا عَمْرٍو، فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُ ذُو عَمْرٍو لَئِنْ كَانَ الَّذِى تَذْكُرُ مِنْ أَمْرِ صَاحِبِكَ، لَقَدْ مَرَّ عَلَى أَجَلِهِ مُنْذُ ثَلاَثٍ. وَأَقْبَلاَ مَعِى حَتَّى إِذَا كُنَّا فِى بَعْضِ الطَّرِيقِ رُفِعَ لَنَا رَكْبٌ مِنْ قِبَلِ الْمَدِينَةِ فَسَأَلْنَاهُمْ فَقَالُوا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ صَالِحُونَ. فَقَالاَ أَخْبِرْ صَاحِبَكَ أَنَّا قَدْ جِئْنَا وَلَعَلَّنَا سَنَعُودُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَرَجَعَا إِلَى الْيَمَنِ فَأَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرٍ بِحَدِيثِهِمْ قَالَ أَفَلاَ جِئْتَ بِهِمْ. فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ قَالَ لِى ذُو عَمْرٍو يَا جَرِيرُ إِنَّ بِكَ عَلَىَّ كَرَامَةً، وَإِنِّى مُخْبِرُكَ خَبَرًا، إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا كُنْتُمْ إِذَا هَلَكَ أَمِيرٌ تَأَمَّرْتُمْ فِى آخَرَ، فَإِذَا كَانَتْ بِالسَّيْفِ كَانُوا مُلُوكًا يَغْضَبُونَ غَضَبَ الْمُلُوكِ وَيَرْضَوْنَ رِضَا الْمُلُوكِ. تحفة 3229، 3546 أ 4359 - قوله: (لَئِنْ كَانَ الذي تَذْكُرُ مِنْ أَمْرِ صَاحِبِكَ، لَقَدْ مَرَّ عَلَى أَجَلِهِ منذُ

67 - باب غزوة سيف البحر، وهم يتلقون عيرا لقريش، وأميرهم أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

ثَلاَثٍ) كان ذُو عَمْرٍو كاهنًا (¬1)، فقال من كهانته ما قال، ومع هذا سَأُسَافِرُ إليه طَمَعًا في بقائه وحياته. وهذا يَدُلُّ على أن الكاهنَ لا يكون له اعتماد على خبره، وإلَّا لَمَا سافر إليه. وأمَّا قوله: «من أتى كاهنًا» ... إلخ، فهو عندي إذا أتاه يظنُّه صادقًا، وإلَّا فلا (¬2). 67 - باب غَزْوَةُ سِيفِ الْبَحْرِ، وَهُمْ يَتَلَقَّوْنَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَأَمِيرُهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ بن الجَرَّاحِ رضي الله عنه 4360 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْثًا قِبَلَ السَّاحِلِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَهُمْ ثَلاَثُمِائَةٍ، فَخَرَجْنَا وَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَنِىَ الزَّادُ فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَزْوَادِ الْجَيْشِ، فَجُمِعَ فَكَانَ مِزْوَدَىْ تَمْرٍ، فَكَانَ يَقُوتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلٌ قَلِيلٌ حَتَّى فَنِىَ، فَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُنَا إِلَّا تَمْرَةٌ تَمْرَةٌ فَقُلْتُ مَا تُغْنِى عَنْكُمْ تَمْرَةٌ فَقَالَ لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ. ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَحْرِ، فَإِذَا حُوتٌ مِثْلُ الظَّرِبِ فَأَكَلَ مِنْهَا الْقَوْمُ ثَمَانَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِضِلَعَيْنِ مِنْ أَضْلاَعِهِ فَنُصِبَا، ثُمَّ أَمَرَ بِرَاحِلَةٍ فَرُحِلَتْ ثُمَّ مَرَّتْ تَحْتَهُمَا فَلَمْ تُصِبْهُمَا. أطرافه 2483، 2983، 4361، 4362، 5493، 5494 - تحفة 3125 - 211/ 5 4361 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الَّذِى حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَمِائَةِ رَاكِبٍ أَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ نَرْصُدُ عِيرَ قُرَيْشٍ، فَأَقَمْنَا بِالسَّاحِلِ نِصْفَ شَهْرٍ فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ حَتَّى أَكَلْنَا الْخَبَطَ، فَسُمِّىَ ذَلِكَ الْجَيْشُ جَيْشَ الْخَبَطِ، فَأَلْقَى لَنَا الْبَحْرُ دَابَّةً يُقَالُ لَهَا الْعَنْبَرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ وَادَّهَنَّا مِنْ وَدَكِهِ حَتَّى ثَابَتْ إِلَيْنَا أَجْسَامُنَا، فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلاَعِهِ فَنَصَبَهُ فَعَمَدَ إِلَى أَطْوَلِ رَجُلٍ مَعَهُ - قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً ضِلَعًا مِنْ أَعْضَائِهِ فَنَصَبَهُ وَأَخَذَ رَجُلًا وَبَعِيرًا - فَمَرَّ تَحْتَهُ. قَالَ جَابِرٌ وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ نَحَرَ ثَلاَثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ نَحَرَ ثَلاَثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ نَحَرَ ثَلاَثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ نَهَاهُ. وَكَانَ عَمْرٌو يَقُولُ أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ لأَبِيهِ كُنْتُ فِى ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد شَاعَ في كثيرٍ من أعلام أهل اليمن كلمة "ذو" في أوائلها، كما في ذي يَزَن، وذي جَدَن، وذي كَلاَع، وغيرهم. واشْتَهَرَ هؤلاء بأذْوَاءِ اليمن. (¬2) قلتُ: أخرج أحمد، وأبو داود، كما في "المشكاة"، عن أبي هريرة مرفوعًا: "مَنْ أتى كاهنًا، فَصَدَّقه بما يقول .... فقد بَرىء ممَّا أُنْزِلَ على محمدٍ". وقد وَرَدَ النهيُ عند مسلم مطلقًا، وكأنه محمولٌ على حديث أبي داود، وأحمد.

68 - باب حج أبى بكر بالناس فى سنة تسع

الْجَيْشِ فَجَاعُوا. قَالَ انْحَرْ. قَالَ نَحَرْتُ. قَالَ ثُمَّ جَاعُوا قَالَ انْحَرْ. قَالَ نَحَرْتُ. قَالَ ثُمَّ جَاعُوا قَالَ انْحَرْ. قَالَ نَحَرْتُ ثُمَّ جَاعُوا قَالَ انْحَرْ. قَالَ نُهِيتُ. أطرافه 2483، 2983، 4360، 4362، 5493، 5494 - تحفة 2529، 11097 أ 4362 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا - رضى الله عنه - يَقُولُ غَزَوْنَا جَيْشَ الْخَبَطِ وَأُمِّرَ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَجُعْنَا جُوعًا شَدِيدًا فَأَلْقَى الْبَحْرُ حُوتًا مَيِّتًا، لَمْ نَرَ مِثْلَهُ، يُقَالُ لَهُ الْعَنْبَرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ، فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَظْمًا مِنْ عِظَامِهِ فَمَرَّ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ. فَأَخْبَرَنِى أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ كُلُوا. فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «كُلُوا رِزْقًا أَخْرَجَهُ اللَّهُ، أَطْعِمُونَا إِنْ كَانَ مَعَكُمْ». فَأَتَاهُ بَعْضُهُمْ فَأَكَلَهُ. أطرافه 2483، 2983، 4360، 4361، 5493، 5494 - تحفة 2558، 2836، 5045 - 212/ 5 وهذه أيضًا سَرِيَّةٌ بعثها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إلى ناحيةٍ من البحر، وأمَّر عليها أبا عُبَيْدة، وكان زاد فيها جِرَابًا من حَشَفٍ فقط. 4360 - قوله: (فإِذَا حُوتٌ مِثْلُ الظَّرِبِ) ... إلخ. وفي الروايات الآتية اسمها: عَنْبَرُ (¬1) - بدله - ولفظ: «الحوت» يُفِيدُ الحنفيةُ في مسألة حيوانات البحر. والظَّرِبُ: جبلٌ صغيرٌ. 4361 - قوله: (الخَبَط): "كيكركى بتى": أوراقُ السَّمُرَةِ. قوله: (أَنْحَرْ): "أى نحر كيا هوتا". فالأمرُ ههنا ليس بمعناه المعروف، بمعنى إحداث الفعل في الحالة الراهنة، بل هو على حدِّ قوله: اقرأ، في قصة قراءة أُسَيْد بن حَضَيْر سورة الكهف، "يعني أوبرها هوتا". 68 - باب حَجُّ أَبِى بَكْرٍ بِالنَّاسِ فِى سَنَةِ تِسْعٍ 4363 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رضى الله عنه - بَعَثَهُ فِى الْحَجَّةِ الَّتِى ¬

_ (¬1) يُقَالُ: إن العَنْبَرَ المشمومَ رجيعُ هذه الدابة. وقال ابنُ سيناء: بل المشمومُ يَخْرُجُ من البحر، وإنما يُؤْخَذُ من أجواف السمك الذي يبتلعه. ونقل الماوردي عن الشافعيِّ، قال: سَمِعْتُ من يقول: رأيت العَنْبَرَ نابتًا في البحر، ملتويًا مثل عنق الشاة. وفي البحر دابةٌ، تَأكُلُهُ، وهو سمٌّ لها، فَيَقْتُلُها فَيَقْذِفُهَا، فَيَخْرُجُ العنبرُ من بطنها. وقال الأزهريُّ: العَنْبَرُ سمكةٌ تكون بالبحر الأعظم، يَبْلُغُ طولها خمسين ذراعًا، يُقَالُ لها: بالة، وليست بعربية. قال الفرزدقُ: فَبِتْنَا كأنَّ العَنْبَرَ الورد بيننا ... وبالةُ بحرٍ فاؤها قد تخرَّما أي قد تشقَّق. اهـ "فتح الباري".

69 - باب وفد بني تميم

أَمَّرَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ يَوْمَ النَّحْرِ فِى رَهْطٍ يُؤَذِّنُ فِى النَّاسِ لاَ يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. أطرافه 369، 1622، 3177، 4655، 4656، 4657 - تحفة 6624، 12278 4364 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ كَامِلَةً بَرَاءَةٌ، وَآخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ خَاتِمَةُ سُورَةِ النِّسَاءِ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176]. أطرافه 4605، 4654، 6744 - تحفة 1814 69 - باب وَفْدُ بَنِي تَمِيمٍ 4365 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى صَخْرَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ الْمَازِنِىِّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَتَى نَفَرٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِى تَمِيمٍ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا. فَرِىءَ ذَلِكَ فِى وَجْهِهِ فَجَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْيَمَنِ فَقَالَ «اقْبَلُوا الْبُشْرَى إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ». قَالُوا قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. أطرافه 3190، 3191، 4386، 7418 - تحفة 10829 70 - باب قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: غَزْوَةُ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ بَنِي الْعَنْبَرِ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ. بَعَثَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِمْ فَأَغَارَ، وَأَصَابَ مِنْهُمْ نَاسًا، وَسَبَى مِنْهُمْ نِسَاءً. 4366 - حَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لاَ أَزَالُ أُحِبُّ بَنِى تَمِيمٍ بَعْدَ ثَلاَثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُهَا فِيهِمْ «هُمْ أَشَدُّ أُمَّتِى عَلَى الدَّجَّالِ». وَكَانَتْ فِيهِمْ سَبِيَّةٌ عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَ «أَعْتِقِيهَا فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ». وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ فَقَالَ «هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمٍ، أَوْ قَوْمِى». طرفه 2543 - تحفة 14907 - 213/ 5 4367 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ قَدِمَ رَكْبٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَمِّرِ الْقَعْقَاعَ بْنَ مَعْبَدِ بْنِ زُرَارَةَ. قَالَ عُمَرُ بَلْ أَمِّرِ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا أَرَدْتَ إِلاَّ خِلاَفِى. قَالَ عُمَرُ مَا أَرَدْتُ خِلاَفَكَ. فَتَمَارَيَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فَنَزَلَ فِى ذَلِكَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1] حَتَّى انْقَضَتْ. أطرافه 4845، 4847، 7302 - تحفة 5269 وقد كَثُرَتْ الوفودُ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في التاسعة. ولذا يُقَالُ لها: عامُ الوفود. ويَذْكُرُ المصنِّف أيضًا بعضَها.

71 - باب وفد عبد القيس

4366 - قوله: (لا أَزَالُ أُحِبُّ بني تَمِيمٍ)، وإنما كان بنو تَمِيمٍ من قوم النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان من مُضَرَ، وهؤلاء أيضًا مُضَرِيُّون. 4367 - قوله: (لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَي اللَّهِ ورَسُولِهِ) وهل هذا الفعل لازمٌ، أو متعدِّي؟ فراجع له «روح المعاني». 71 - باب وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ 4368 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِىُّ حَدَّثَنَا قُرَّةُ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - إِنَّ لِى جَرَّةً يُنْتَبَذُ لِى نَبِيذٌ، فَأَشْرَبُهُ حُلْوًا فِى جَرٍّ إِنْ أَكْثَرْتُ مِنْهُ، فَجَالَسْتُ الْقَوْمَ، فَأَطَلْتُ الْجُلُوسَ خَشِيتُ أَنْ أَفْتَضِحَ فَقَالَ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ غَيْرَ خَزَايَا وَلاَ النَّدَامَى». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ مُضَرَ، وَإِنَّا لاَ نَصِلُ إِلَيْكَ إِلاَّ فِى أَشْهُرِ الْحُرُمِ، حَدِّثْنَا بِجُمَلٍ مِنَ الأَمْرِ، إِنْ عَمِلْنَا بِهِ دَخَلْنَا الْجَنَّةَ، وَنَدْعُو بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا. قَالَ «آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، الإِيمَانِ بِاللَّهِ، هَلْ تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُعْطُوا مِنَ الْمَغَانِمِ الْخُمُسَ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ مَا انْتُبِذَ فِى الدُّبَّاءِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالْمُزَفَّتِ». أطرافه 53، 87، 523، 1398، 3095، 3510، 4369، 6176، 7266، 7556 تحفة 6524 4369 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا هَذَا الْحَىَّ مِنْ رَبِيعَةَ، وَقَدْ حَالَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، فَلَسْنَا نَخْلُصُ إِلَيْكَ إِلاَّ فِى شَهْرٍ حَرَامٍ، فَمُرْنَا بِأَشْيَاءَ نَأْخُذُ بِهَا وَنَدْعُو إِلَيْهَا مَنْ وَرَاءَنَا. قَالَ «آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، الإِيمَانِ بِاللَّهِ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ - وَعَقَدَ وَاحِدَةً - وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا لِلَّهِ خُمْسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالنَّقِيرِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ». أطرافه 53، 87، 523، 1398، 3095، 3510، 4368، 6176، 7266، 7556 تحفة 6524 - 214/ 5 4370 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو. وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرٍ أَنَّ كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَزْهَرَ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَرْسَلُوا إِلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقَالُوا اقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنَّا جَمِيعًا، وَسَلْهَا عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَإِنَّا أُخْبِرْنَا أَنَّكِ تُصَلِّيهَا، وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْهَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَكُنْتُ أَضْرِبُ مَعَ عُمَرَ النَّاسَ عَنْهُمَا. قَالَ كُرَيْبٌ فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا، وَبَلَّغْتُهَا مَا أَرْسَلُونِى، فَقَالَتْ سَلْ أُمَّ سَلَمَةَ. فَأَخْبَرْتُهُمْ، فَرَدُّونِى إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثْلِ مَا أَرْسَلُونِى إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -

72 - باب وفد بني حنيفة، وحديث ثمامة بن أثال

يَنْهَى عَنْهُمَا، وَإِنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَىَّ وَعِنْدِى نِسْوَةٌ مِنْ بَنِى حَرَامٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَصَلاَّهُمَا، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الْخَادِمَ فَقُلْتُ قُومِى إِلَى جَنْبِهِ فَقُولِى تَقُولُ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَمْ أَسْمَعْكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ فَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا. فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخِرِى، فَفَعَلَتِ الْجَارِيَةُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ، فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «يَا بِنْتَ أَبِى أُمَيَّةَ، سَأَلْتِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، إِنَّهُ أَتَانِى أُنَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ بِالإِسْلاَمِ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَشَغَلُونِى عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَهُمَا هَاتَانِ». طرفه 1233 - تحفة 17571، 9685 أ، 18207، 11279 ل 4371 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ - هُوَ ابْنُ طَهْمَانَ - عَنْ أَبِى جَمْرَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ أَوَّلُ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ بَعْدَ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ فِى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَسْجِدِ عَبْدِ الْقَيْسِ بِجُوَاثَى. يَعْنِى قَرْيَةً مِنَ الْبَحْرَيْنِ. طرفه 892 - تحفة 6529 72 - باب وَفْدِ بَنِي حَنِيفَةَ، وَحَدِيثِ ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ 4372 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِى حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِى الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ». فَقَالَ عِنْدِى خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ، إِنْ تَقْتُلْنِى تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ. حَتَّى كَانَ الْغَدُ ثُمَّ قَالَ لَهُ «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ». قَالَ مَا قُلْتُ لَكَ إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ. فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ، فَقَالَ «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ». فَقَالَ عِنْدِى مَا قُلْتُ لَكَ. فَقَالَ «أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ»، فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَىَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَىَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَىَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَىَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضُ إِلَىَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلاَدِ إِلَىَّ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِى وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ صَبَوْتَ. قَالَ لاَ، وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلاَ وَاللَّهِ لاَ يَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 462، 469، 2422، 2423 - تحفة 13007 - 215/ 5 4373 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَعَلَ يَقُولُ إِنْ جَعَلَ لِى مُحَمَّدٌ مِنْ بَعْدِهِ تَبِعْتُهُ. وَقَدِمَهَا فِى بَشَرٍ كَثِيرٍ مِنْ

قَوْمِهِ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَفِى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِطْعَةُ جَرِيدٍ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ «لَوْ سَأَلْتَنِى هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ، وَإِنِّى لأَرَاكَ الَّذِى أُرِيتُ فِيهِ مَا رَأَيْتُ، وَهَذَا ثَابِتٌ يُجِيبُكَ عَنِّى». ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُ عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّكَ أُرَى الَّذِى أُرِيتُ فِيهِ مَا أُرِيتُ». فَأَخْبَرَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ فِى يَدَىَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ، فَأَهَمَّنِى شَأْنُهُمَا، فَأُوحِىَ إِلَىَّ فِى الْمَنَامِ أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ بَعْدِى، أَحَدُهُمَا الْعَنْسِىُّ، وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةُ». طرفه في: 3621. 4374، 4375 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِخَزَائِنِ الأَرْضِ، فَوُضِعَ فِى كَفِّى سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَكَبُرَا عَلَىَّ فَأُوحِىَ إِلَىَّ أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَذَهَبَا فَأَوَّلْتُهُمَا الْكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا صَاحِبَ صَنْعَاءَ، وَصَاحِبَ الْيَمَامَةِ». أطرافه 3621، 4374، 4379، 7034، 7037 - تحفة 14707 4376 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ مَهْدِىَّ بْنَ مَيْمُونٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ الْعُطَارِدِىَّ يَقُولُ كُنَّا نَعْبُدُ الْحَجَرَ، فَإِذَا وَجَدْنَا حَجَرًا هُوَ أَخْيَرُ مِنْهُ أَلْقَيْنَاهُ وَأَخَذْنَا الآخَرَ، فَإِذَا لَمْ نَجِدْ حَجَرًا جَمَعْنَا جُثْوَةً مِنْ تُرَابٍ، ثُمَّ جِئْنَا بِالشَّاةِ فَحَلَبْنَاهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُفْنَا بِهِ، فَإِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَجَبٍ قُلْنَا مُنَصِّلُ الأَسِنَّةِ. فَلاَ نَدَعُ رُمْحًا فِيهِ حَدِيدَةٌ وَلاَ سَهْمًا فِيهِ حَدِيدَةٌ إِلاَّ نَزَعْنَاهُ وَأَلْقَيْنَاهُ شَهْرَ رَجَبٍ. تحفة 12034 4377 - وَسَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ يَقُولُ كُنْتُ يَوْمَ بُعِثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - غُلاَمًا أَرْعَى الإِبِلَ عَلَى أَهْلِى، فَلَمَّا سَمِعْنَا بِخُرُوجِهِ فَرَرْنَا إِلَى النَّارِ إِلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ. تحفة 12034 وهي قبيلةُ مُسَيْلَمَةَ. 4372 - قوله: (أسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم) وقد اسْتَشْكَلَ القاصرون لفظ: «مع»، لعدم استقامته ههنا، لأن إسلامَه لم يَكُنْ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أصلًا، فتكلَّفوا فيه، كما تكلَّفوا في قوله تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} [الصافات: 102]، حيث زَعَمُوا أنه يُوجِبُ أن تُوجَدَ قابلية السعي فيهما معًا. فقالوا: إن {مَعَهُ} متعلِّقٌ بالمصدر، لا بالفعل. فَوَرَدَ عليهم إعمال المصدر المعرَّف باللام فيما قبله، وهو مُخْتَلَفٌ فيه. قلتُ: وهذا كلُّه في غير موضعه. والحقُّ أن لفظَ: «مع» لا يقتضي إلَّا الشركة في الجملة. ومَنْ قال لك: إن المصاحبةَ فيه لا بُدَّ أن تكونَ مستمرةً، فَيَصْدُقُ لفظ «مع» إذا اجتمع إسلامه مع إسلام النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في وقتٍ ما، ولا يُوجِبُ المصاحبة المستمرة أصلًا.

73 - باب قصة الأسود العنسى

4373 - قوله: (قَدِمَ مُسَيْلَمَةُ الكَذَّابُ) ... إلخ. وقد بَحَثَ في «الفتح» أنه هل رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أو لا؟ والرواياتُ فيه مضطربةٌ. ويُتَبَادَرُ من لفظ البخاريِّ: «فأقبلَ إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم» ... إلخ، أنه رآه. قلتُ: وفي (¬1) «الفتح» نقولُ تَدُلُّ على أنه بَقِي جالسًا في خيمته، ولم يَخْرُجْ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وتكلَّم بواسطة رسوله. فالظنُّ بالشقي مثله أن يكونَ اللَّهُ سبحانه حرَّمه عن النظر إلى وجه حبيبه صلى الله عليه وسلّم فلا أُسَلِّمُ الرؤيةَ في حقِّه ما لم أَجِدْ صرائحَ الألفاظ، فإن الأليقَ بشأنه هو الحرمانُ والخسرانُ. 4376 - قوله: (سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ العُطَارِدِيَّ) ... إلخ، وهو تابعيٌّ كبيرٌ، يحكي عن قصةٍ في الجاهلية. قوله: (مُنَصِّلُ الأَسِنَّةِ) يعني: "يه مهينه الك كرنى والا هى نيزونكو" أي إن رَجَبَ يَنْزِعُ عنهم الرماح، لأنَّهم كانوا لا يغزون فيه، كفعل الروافض في المحرَّم، حيث يَحِدُونَ فيه، فَيَنْزِعُون الحلي عن نسائهم، ويَلْبَسُون ثيابًا سودًا. فائدةٌ: واعلم أن الفعلَ اللازمَ ويَجُوزُ إخراجه مجهولًا في ثلاثة مواضع: صِيمَ رمضان، وسِيرَ بزيدٍ، وسِيرَ سيرًا. ولكن الفعلَ لا يُؤَنَّثُ في الصور كلِّها. والضابطةُ: أن إسنادَه إن كان إلى ظرفٍ غير مُنْصَرِفٍ، أو إلى الجار والمجرور، أو إلى مصدره، جاز إخراجه مجهولًا. وقد جوَّزَهُ بعضُهم في المُنْصَرِفِ، وغير المُنْصَرِفِ تمسُّكًا من قوله: وقد حِيلَ بين العير والنَّزَوَان، وبين: من الظروف المُنْصَرِفَةِ. 73 - باب قِصَّةُ الأَسْوَدِ الْعَنْسِىِّ 4378 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِىُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عُبَيْدَةَ بْنِ نَشِيطٍ - وَكَانَ فِى مَوْضِعٍ آخَرَ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ - أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ ¬

_ (¬1) قلتُ: أخرج الحافظُ، عن أبي إسحاق: أنه قَدِمَ مع وفد قومه، وأنهم تَرَكُوهُ في رحالهم يَحْفَظُهَا لهم ... إلخ. وجمع الحافظُ بينه وبين ما في "الصحيح": أنه يَحْتَمِلُ أن يكونَ مُسَيْلَمَةُ قَدِمَ مرَّتين: الأولى: كان تابعًا -كما تَدُلُّ عليه رواية ابن إسحاق- والثانيةُ: كان متبوعًا، وفيها خَاطَبَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم -كما هو عند البخاريِّ- أو يُقَالُ: إن القصةَ واحدةٌ، وكانت إقامتُه في رحالهم باختياره، أنفةً منه، واستكبارًا أن يَحْضُرَ مجلسَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم. اهـ ملخَّصًا من "الفتح". قلتُ: وإنَّما حَمَلَ الشيخُ على الجنوح إلى ما في رواية ابن إسحاق، مع أن الحافظَ ضعَّفها، غايتُه إحلالُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم. فإن غيرةَ الحبِّ لم ترخِّص له أن يُسَلِّمَ فى حقِّه رؤيةَ كافرٍ لمحياه الكريم، ولله دَرُّ القائل: /غيرت ازجشم برم رؤى توديدن ندهم ... كوش رانيز حديثي تو شنيدن ندهم/ فكيف إذا كان أكفرَ كافرٍ.

74 - باب قصة أهل نجران

بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلَ فِى دَارِ بِنْتِ الْحَارِثِ، وَكَانَ تَحْتَهُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ كُرَيْزٍ، وَهْىَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَهْوَ الَّذِى يُقَالُ لَهُ خَطِيبُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَفِى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَضِيبٌ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَكَلَّمَهُ فَقَالَ لَهُ مُسَيْلِمَةُ إِنْ شِئْتَ خَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الأَمْرِ، ثُمَّ جَعَلْتَهُ لَنَا بَعْدَكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ سَأَلْتَنِى هَذَا الْقَضِيبَ مَا أَعْطَيْتُكَهُ وَإِنِّى لأَرَاكَ الَّذِى أُرِيتُ فِيهِ مَا أُرِيتُ، وَهَذَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ وَسَيُجِيبُكَ عَنِّى». فَانْصَرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3620، 4373، 7033، 7461 - تحفة 5829 ل - 217/ 5 4379 - قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنْ رُؤْيَا رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الَّتِى ذَكَرَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ذُكِرَ لِى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُرِيتُ أَنَّهُ وُضِعَ فِى يَدَىَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَفُظِعْتُهُمَا وَكَرِهْتُهُمَا، فَأُذِنَ لِى فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ». فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَحَدُهُمَا الْعَنْسِىُّ الَّذِى قَتَلَهُ فَيْرُوزُ بِالْيَمَنِ، وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ. أطرافه 3621، 4374، 4375، 7034، 7037 - تحفة 5829 وقتله الفَيْرُوز الدَّيْلَميّ الصحابيّ. وقتل مُسَيْلَمَةَ قاتلُ حمزة. وإنَّما لم يَقْتُلْهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم لئلا يُقَالَ: إنه يَقْتُلُ كلَّ من يدَّعي النبوةَ، فترك أمره إلى الله، حتَّى قُتِلَ في زمن أبي بكر. وفيه منقبةٌ لأبي بكرٍ، لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم تولَّى نَفْخَ السِّوَارَيْنِ بنفسه حتَّى طارا، ثم ظَهَرَ تأويله على يد أبي بكرٍ. ذكره في «الفتح». 74 - باب قِصَّةُ أَهْلِ نَجْرَانَ 4380 - حَدَّثَنِى عَبَّاسُ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ جَاءَ الْعَاقِبُ وَالسَّيِّدُ صَاحِبَا نَجْرَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدَانِ أَنْ يُلاَعِنَاهُ، قَالَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ لاَ تَفْعَلْ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلاَعَنَّا، لاَ نُفْلِحُ نَحْنُ وَلاَ عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا. قَالاَ إِنَّا نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَنَا، وَابْعَثْ مَعَنَا رَجُلاً أَمِينًا، وَلاَ تَبْعَثْ مَعَنَا إِلاَّ أَمِينًا. فَقَالَ «لأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلاً أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ». فَاسْتَشْرَفَ لَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ». فَلَمَّا قَامَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ». أطرافه 3745، 4381، 7254 - تحفة 3350 4381 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ عَنْ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ أَهْلُ نَجْرَانَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا ابْعَثْ لَنَا رَجُلاً أَمِينًا. فَقَالَ «لأَبْعَثَنَّ إِلَيْكُمْ رَجُلاً أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ». فَاسْتَشْرَفَ لَهُ النَّاسُ، فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ. أطرافه 3745، 4380، 7254 - تحفة 3350 4382 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ

النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ». طرفاه 3744، 7255 - تحفة 948 - 218/ 5 وكان أهل نَجْرَان جاءوا إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ليناظروه في أمر عيسى عليه الصلاة والسَّلام. فلمَّا لم يَقْبَلُوا الحقَّ دعاهم إلى المُبَاهَلَةِ. والبُهْلَةُ: اللعنةُ. والمُبَاهَلَةُ عندي كانت على جميع ما يتعلَّقُ بشأن عيسى عليه الصلاة والسلام، من براءة أمِّه، وحياتِهِ عليه الصَّلاة والسَّلام وغيرها. وقد نَقَلْتُ عبارةَ محمد بن إسحاق برمتها في رسالتي «عقيدة الإِسلام»، فهذا دليلٌ على أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قد بَاهَلَهُمْ على حياته أيضًا. ثُمَّ إن رؤساءهم أيضًا كانوا معهم، وكان اسمُ أحدهم العاقبَ، والآخر السَّيِّد، والذي فَهِمْتُ أنه على عُرْفِ (¬1) العرب، فإنَّهم كانوا يسمَّوْنَ من يكون إمام الجيش حاشرًا، والذي يكون عَقِيبه عَاقِبًا. وعلى هذا فلعلَّ السيدَ كان لقبًا لمن كان إمامهم، والعاقِبَ للذي كان في عَقِبِهِمْ. وبهذا فَلْيُشْرَحْ اسم النبيِّ صلى الله عليه وسلّم العاقب. والشارحون غَفَلُوا عن هذه المجاورة، فلم يتوجَّهُوا إليها. وحينئذٍ تسميتُه عاقبًا، بمعنى كونه على عَقِبِ الأنبياء، كما يسمَّى الآخر من الجيش عَاقِبًا، لكونه في عَقِبِهِمْ. واعلم (¬2) أن المُبَاهَلَةَ تَجُوزُ في المضايق الآن أيضًا، وقد دوَّن الدَّوَّانيُّ الشافعيُّ شرائطَهَا في رسالةٍ مستقلَّةٍ. وقد كان من دَيْدَن لعين القاديان صاحب الهذر والهذيان، والدعوةُ إلى المباهلة. وقد كان الناسُ لا يَتَبَادَرُون إليها لغناء ربِّ العالمين، فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قد كان ربُّه وَعَدَهُ بالنصر. وأمَّا نحن في هذه الحالة، والله غنيٌّ عن العالمين، وأنَّى نَعْلَمُ أنه لا يَنْصُرُ ذلك الشقيُّ استدراجًا. فدعى أذنابه - علماء ديوبند إليها - فتأخَّروا عنها لهذا. ودَعَوْهُ إلى المناظرة لِيَهْلِكَ من هَلَكَ عن بيِّنةٍ، ويحيى من حيي عن بيِّنةٍ. ولكن المخذولون المحرومون عن العلم، كانوا يَخَافُون أن يَخْرُجُوا إلينا في تلك المعركة. فلمَّا رأيناهم أنهم لا يَخْرُجُون إلَّا إلى المُبَاهَلَةِ، قَبِلْنَاها منهم أيضًا، وأرَدْنَا أن لا نَتْرُكَ لهم عذرًا. ولكنَّهم لمَّا رأوا أنا قد تأهَّبنا لها إذا هم يَنْكُثُون. فلمَّا رَجَعَ شيخُنا من مالتا - وكان بها أسيرًا منذ سنين - وسَمِعَ القصةَ غَضِبَ علينا، وقال: ما دلَّكم على أن اللَّهَ تعالى ¬

_ (¬1) هكذا وجدته في مذكرتي، وعسى أن يكونَ فيه نقصًا. وبعدُ، ما ذَكَرَهُ الشيخُ واضحٌ في معناه. (¬2) قال الحافظُ: وفيه مشروعيةُ مُبَاهَلةِ المُخَالِفِ إذا أصرَّ بعد ظهور الحُجَّةِ. وقد دعا ابنُ عبَّاسٍ إلى ذلك، ثم الأوزاعيُّ. ووقع ذلك لجماعةٍ من العلماء. وممَّا عُرِفَ بالتجربة: أنَّ من بَاهَلَ، وكان مُبْطِلًا، لا تمضي عليه سنةً من يوم المُبَاهَلَةِ. وقد وَقَعَ لي ذلك مع شخصٍ كان يتعصَّب لبعض الملاحدة، فلم يَقُمْ بعدها غيرَ شهرين. اهـ. قلت: وقد ذَكَرَ الحافظُ فيه فائدةً أخرى مهمةً تُفِيدُكَ في مبحث الإيمان، قال: وفي قصة أهل نَجْرَان أن إقرارَ الكافر بالنبوة لا يُدْخِلُهُ في الإِسلام حتَّى يَلْتَزِمَ أحكامَ الإِسلام. وهذا عينُ ما حقَّقه الشيخُ فيما مر من مباحث الإِيمان.

75 - باب قصة عمان والبحرين

ناصرُكم. فلمَّا ذَكَرْنَا له ما كان من أمرنا، وأنا لم نتقدَّم إليها إلَّا بعد أن جلَّ الخطب، سَكَنَ غضبه. 4381 - قوله: (فاسْتَشْرَفَ له النَّاسُ) حتَّى إن الشيخين أيضًا كانا يَمُرّان من بين يديه صلى الله عليه وسلّم طمعًا في أن يكونَ مِصْدَاقًا لقوله: «لأَبْعَثَنَّ إليكم رجلًا أمينًا حَقَّ أَمين». 75 - باب قِصَّةُ عُمَانَ وَالْبَحْرَيْنِ 4383 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ سَمِعَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ لَقَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا ثَلاَثًا». فَلَمْ يَقْدَمْ مَالُ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى أَبِى بَكْرٍ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - دَيْنٌ أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِى. قَالَ جَابِرٌ فَجِئْتُ أَبَا بَكْرٍ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا ثَلاَثًا». قَالَ فَأَعْطَانِى. قَالَ جَابِرٌ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَسَأَلْتُهُ، فَلَمْ يُعْطِنِى، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَلَمْ يُعْطِنِى، ثُمَّ أَتَيْتُهُ الثَّالِثَةَ فَلَمْ يُعْطِنِى، فَقُلْتُ لَهُ قَدْ أَتَيْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِى، ثُمَّ أَتَيْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِى، ثُمَّ أَتَيْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِى، فَإِمَّا أَنْ تُعْطِيَنِى، وَإِمَّا أَنْ تَبْخَلَ عَنِّى. فَقَالَ أَقُلْتَ تَبْخَلُ عَنِّى وَأَىُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ الْبُخْلِ - قَالَهَا ثَلاَثًا - مَا مَنَعْتُكَ مِنْ مَرَّةٍ إِلاَّ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَكَ. وَعَنْ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ جِئْتُهُ، فَقَالَ لِى أَبُو بَكْرٍ عُدَّهَا. فَعَدَدْتُهَا فَوَجَدْتُهَا خَمْسَمِائَةٍ، فَقَالَ خُذْ مِثْلَهَا مَرَّتَيْنِ. أطرافه 2296، 2598، 2683، 3164 - تحفة 3033، 2640 76 - باب قُدُومُ الأَشْعَرِيِّينَ وَأَهْلِ الْيَمَنِ وَقَالَ أَبُو مُوسَى، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «هُمْ مِنِّى وَأَنَا مِنْهُمْ». 4384 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالاَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِى مِنَ الْيَمَنِ، فَمَكَثْنَا حِينًا مَا نُرَى ابْنَ مَسْعُودٍ وَأُمَّهُ إِلاَّ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، مِنْ كَثْرَةِ دُخُولِهِمْ وَلُزُومِهِمْ لَهُ. طرفه 3763 - تحفة 8979 4385 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ زَهْدَمٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ أَبُو مُوسَى أَكْرَمَ هَذَا الْحَىَّ مِنْ جَرْمٍ، وَإِنَّا لَجُلُوسٌ عِنْدَهُ وَهْوَ يَتَغَدَّى دَجَاجًا، وَفِى الْقَوْمِ رَجُلٌ جَالِسٌ، فَدَعَاهُ إِلَى الْغَدَاءِ، فَقَالَ إِنِّى رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ. فَقَالَ هَلُمَّ، فَإِنِّى رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُهُ. فَقَالَ إِنِّى حَلَفْتُ لاَ آكُلُهُ. فَقَالَ هَلُمَّ أُخْبِرْكَ عَنْ

يَمِينِكَ، إِنَّا أَتَيْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَفَرٌ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ، فَاسْتَحْمَلْنَاهُ فَأَبَى أَنْ يَحْمِلَنَا فَاسْتَحْمَلْنَاهُ، فَحَلَفَ أَنْ لاَ يَحْمِلَنَا، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أُتِىَ بِنَهْبِ إِبِلٍ، فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ، فَلَمَّا قَبَضْنَاهَا قُلْنَا تَغَفَّلْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَمِينَهُ، لاَ نُفْلِحُ بَعْدَهَا أَبَدًا فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ حَلَفْتَ أَنْ لاَ تَحْمِلَنَا وَقَدْ حَمَلْتَنَا. قَالَ «أَجَلْ، وَلَكِنْ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلاَّ أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا وَتَحَلَّلتُها». أطرافه 3133، 4415، 5517، 5518، 6623، 6649، 6678، 6680، 6718، 6719، 6721، 7555 - تحفة 8990 - 219/ 5 4386 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو صَخْرَةَ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ مُحْرِزٍ الْمَازِنِىُّ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ قَالَ جَاءَتْ بَنُو تَمِيمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَبْشِرُوا يَا بَنِى تَمِيمٍ». قَالُوا أَمَّا إِذْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا. فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَجَاءَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اقْبَلُوا الْبُشْرَى إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ». قَالُوا قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. أطرافه 3190، 3191، 4365، 7418 - تحفة 10829 4387 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الإِيمَانُ هَا هُنَا». وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْيَمَنِ «وَالْجَفَاءُ وَغِلَظُ الْقُلُوبِ فِى الْفَدَّادِينَ، عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ». أطرافه 3302، 3498، 5303 - تحفة 10005 4388 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ، هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا، الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ، وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلاَءُ فِى أَصْحَابِ الإِبِلِ، وَالسَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فِى أَهْلِ الْغَنَمِ». وَقَالَ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3301، 3499، 4389، 4390 - تحفة 12396 4389 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالْفِتْنَةُ هَا هُنَا، هَا هُنَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ». أطرافه 3301، 3499، 4388، 4390 - تحفة 12921 4390 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ، أَضْعَفُ قُلُوبًا وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً، الْفِقْهُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ». أطرافه 3301، 3499، 4388، 4389 - تحفة 13757 4391 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَجَاءَ خَبَّابٌ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَيَسْتَطِيعُ هَؤُلاَءِ الشَّبَابُ أَنْ يَقْرَءُوا كَمَا تَقْرَأُ قَالَ أَمَا إِنَّكَ لَوْ شِئْتَ أَمَرْتُ بَعْضَهُمْ يَقْرَأُ عَلَيْكَ قَالَ أَجَلْ. قَالَ اقْرَأْ يَا عَلْقَمَةُ. فَقَالَ زَيْدُ بْنُ حُدَيْرٍ أَخُو زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ أَتَأْمُرُ عَلْقَمَةَ أَنْ يَقْرَأَ

وَلَيْسَ بِأَقْرَئِنَا قَالَ أَمَا إِنَّكَ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى قَوْمِكَ وَقَوْمِهِ. فَقَرَأْتُ خَمْسِينَ آيَةً مِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى قَالَ قَدْ أَحْسَنَ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مَا أَقْرَأُ شَيْئًا إِلَّا وَهُوَ يَقْرَؤُهُ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى خَبَّابٍ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ أَلَمْ يَأْنِ لِهَذَا الْخَاتَمِ أَنْ يُلْقَى قَالَ أَمَا إِنَّكَ لَنْ تَرَاهُ عَلَىَّ بَعْدَ الْيَوْمِ، فَأَلْقَاهُ. رَوَاهُ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ. تحفة 9432 وقد (¬1) كان أبو موسى الأشعريّ خَرَجَ مرَّةً يريد المدينةَ المنورةَ، فَلَعِبَتْ به الأمواجُ، ولَفَظَتْهُ إلى اليمين، ثم جاء في السنة السابعة. 4385 - قوله: (فَأَبَى أَنْ يَحْمِلَنَا) ... إلخ، وكان إذ ذاك مغضبًا، فلم يَلْبَثْ أن رَجَعَ عن قوله، وأعطاهم. قوله: (ولَكِنْ لا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا) ... إلخ، والظاهرُ أن يمينَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم هذا كان يمينَ الفَوْرِ. فينبغي أن يكونَ مَقْصُورًا على ذلك الوقت فقط، فلا حاجةَ إلى التكفير، فما معنى هذا القول؟. قلتُ: قصرُ اليمين الفور على محلِّه تخريجٌ للحنفية، وليست مسألةً متفقٌ عليها. مسألة في فقه الحنفية: أن الجلَّالةَ إذا أَنْتَنَ لحمها، وظَهَرَ ريحُ النجاسة في لحمها، تُحْبَسُ أيامًا ثم تُؤْكَلُ، وإن لم تَظْهَرْ الريحُ فيه لا بأس بأكلها. 4387 - قوله: (الإِيمَانُ ههُنَا) ... إلخ. ولذا قلَّما وقعت الحروب باليمن، وجاء أكثرُهم مسلمين طائعين. قوله: (رَبِيعَةَ، ومُضَرَ)، أمَّا ربيعةُ فمن أعمامه، وأمَّا مُضَرُ فمن أجداده صلى الله عليه وسلّم. 4388 - قوله: (أَرَقُّ أَفْئِدَةً)، وقد مرَّ الفرقُ (¬2) بين الفؤاد والقلب في أوائل الكتاب، ذيل قوله: «يرجف فؤاده». وقد توجَّه إلى الفرق بينهما في الشرح المنسوب إلى المَاتُرِيدِي على الفقه الأكبر. فالفؤادُ عندي أخصُّ من القلب، ولعلَّ المضغةَ هي القلبُ، والفؤادُ حصَّةٌ منه. وإنما توجَّهْتُ إلى بيان الفرق، لِيَنْكَشِفَ الغطاءُ عن قوله تعالى: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11)} [النجم: 11]. ¬

_ (¬1) بحث فيه الحافظ علي. (¬2) قال الخطَّابيُّ: قوله: "هم أرَقُّ أفئدةً، وألينُ قلوبًا"، أي لأن الفؤادَ غشاءُ القلب، فإِذا رقَّ نَفَذَ القولُ، وخَلَصَ إلى ما وراءه. وإذا غَلُظَ بَعُدَ وصوله إلى داخل. وإذا كان القلبُ لينًا، عَلِقَ كلُّ ما يُصَادِفُهُ. اهـ. "فتح الباري". قلتُ: ومنه وَضَحَ الفرقُ بين الفؤاد والقلب عنده. فإن شِئْتَ أن تَعْرِفَ أن أهلَ اليمن من هم، فراجع له "المعتصر"، فقد بَسَطَهُ فيه.

77 - باب قصة دوس والطفيل بن عمرو الدوسى

4391 - قوله: (عَلْقَمَة) هو من أخوال إبراهيم النَّخَعِيّ. قوله: (ثُمَّ الْتَفَتَ إلى خَبَّابٍ، وَعَلَيْهِ خَاتِمٌ مِنْ ذَهَبٍ) ... إلخ، ولا أدري ماذا وَقَعَتْ له من المغالطة في لُبْسِ خاتمِ ذهبٍ، مع كونه حرامًا (¬1). 77 - باب قِصَّةُ دَوْسٍ وَالطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِىِّ 4392 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّ دَوْسًا قَدْ هَلَكَتْ، عَصَتْ وَأَبَتْ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ. فَقَالَ «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ». طرفاه 2937، 6397 - تحفة 13665 4393 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ فِى الطَّرِيقِ: يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا ... عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الْكُفْرِ نَجَّتِ وَأَبَقَ غُلاَمٌ لِى فِى الطَّرِيقِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَايَعْتُهُ، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ إِذْ طَلَعَ الْغُلاَمُ، فَقَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ هَذَا غُلاَمُكَ». فَقُلْتُ هُوَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى. فَأَعْتَقْتُهُ. أطرافه 2530، 2531، 2532 - تحفة 14294 - 221/ 5 وهذا صحابيٌّ من قبيلة أبي هُرَيْرَة، وقد أَسْلَمَ قبله. 4393 - قوله: (عَلَى أنَّهَا مِنْ دَارَةِ الكُفْرِ نَجَّتِ). والدَّارَةُ أخصُّ من الدار، والمرادُ منها ههنا علاقةُ الكفر. 78 - باب قِصَّةِ وَفْدِ طَيِّئٍ، وَحَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ 4394 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ أَتَيْنَا عُمَرَ فِى وَفْدٍ، فَجَعَلَ يَدْعُو رَجُلًا رَجُلًا وَيُسَمِّيهِمْ فَقُلْتُ أَمَا تَعْرِفُنِى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ بَلَى، أَسْلَمْتَ إِذْ كَفَرُوا، وَأَقْبَلْتَ إِذْ أَدْبَرُوا، وَوَفَيْتَ إِذْ غَدَرُوا، وَعَرَفْتَ إِذْ أَنْكَرُوا. فَقَالَ عَدِىٌّ فَلاَ أُبَالِى إِذًا. تحفة 10606 4394 - قوله: (فَجَعَلَ يَدْعُو رَجُلًا رَجُلًا، ويُسَمِّيهم، فقلتُ: أَمَا تَعْرِفُنِي يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ؟) ... إلخ، أي لما لم يَلْتَفِتْ عمر إلى عَدِيَ - وكان ابنَ حَاتِمٍ الشهيرَ - سَاءَهُ ¬

_ (¬1) قال الحافظُ: ولعلَّه حمل النهي على التنزيه، فنبَّه ابن مسعود على أنه للتحريم، فرَجَعَ إليه مُسْرِعًا. قلتُ: وإنَّما لم يَعْبَأْ به الشيخُ، لكونه لا يَلِيقُ بجلالة قدره، مع وضوح المسألة.

79 - باب حجة الوداع

ذلك، وقال: أَمَا تَعْرِفُنِي؟ فلما أَجَابَهُ عمرُ بما في الحديث، فَرِحَ به، وقال: فلا أُبَالي إذًا (¬1). 79 - باب حَجَّةُ الْوَدَاعِ 4395 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْىٌ فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ لاَ يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا». فَقَدِمْتُ مَعَهُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلاَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «انْقُضِى رَأْسَكِ، وَامْتَشِطِى وَأَهِلِّى بِالْحَجِّ وَدَعِى الْعُمْرَةَ». فَفَعَلْتُ فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ فَقَالَ «هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ». قَالَتْ فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا. أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 16591 4396 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ فَقَدْ حَلَّ. فَقُلْتُ مِنْ أَيْنَ قَالَ هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33] وَمِنْ أَمْرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَصْحَابَهُ أَنْ يَحِلُّوا فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ. قُلْتُ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُعَرَّفِ. قَالَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَاهُ قَبْلُ وَبَعْدُ. تحفة 5921 - 222/ 5 4397 - حَدَّثَنِى بَيَانٌ حَدَّثَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ طَارِقًا عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمْتُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ «أَحَجَجْتَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «كَيْفَ أَهْلَلْتَ». قُلْتُ لَبَّيْكَ بِإِهْلاَلٍ كَإِهْلاَلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ «طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حِلَّ». فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَيْسٍ فَفَلَتْ رَأْسِى. أطرافه 1559، 1565، 1724، 1795، 4346 - تحفة 9008 4398 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ حَفْصَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يَحْلِلْنَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَقَالَتْ حَفْصَةُ فَمَا يَمْنَعُكَ فَقَالَ ¬

_ (¬1) وعند أحمد عن عَدِيِّ بن حاتم: "أتيتُ عمرَ في أُنَاسٍ من قومي، فجعل يُعْرِضُ عنِّي، فاستقبلتُه، فقلتُ: أتعرفني؟ ... إلخ. "فتح الباري".

«لَبَّدْتُ رَأْسِى وَقَلَّدْتُ هَدْيِى، فَلَسْتُ أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ هَدْيِى». أطرافه 1566، 1697، 1725، 5916 - تحفة 15800 4399 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ حَدَّثَنِى شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ اسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَدِيفُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِى شَيْخًا كَبِيرًا لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِىَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، فَهَلْ يَقْضِى أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ قَالَ «نَعَمْ». أطرافه 1513، 1854، 1855، 6228 - تحفة 5670 4400 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَقْبَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ وَهْوَ مُرْدِفٌ أُسَامَةَ عَلَى الْقَصْوَاءِ. وَمَعَهُ بِلاَلٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ حَتَّى أَنَاخَ عِنْدَ الْبَيْتِ، ثُمَّ قَالَ لِعُثْمَانَ «ائْتِنَا بِالْمِفْتَاحِ»، فَجَاءَهُ بِالْمِفْتَاحِ فَفَتَحَ لَهُ الْبَابَ، فَدَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأُسَامَةُ وَبِلاَلٌ وَعُثْمَانُ، ثُمَّ أَغْلَقُوا عَلَيْهِمِ الْبَابَ، فَمَكَثَ نَهَارًا طَوِيلاً ثُمَّ خَرَجَ، وَابْتَدَرَ النَّاسُ الدُّخُولَ، فَسَبَقْتُهُمْ فَوَجَدْتُ بِلاَلاً قَائِمًا مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ فَقُلْتُ لَهُ أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ صَلَّى بَيْنَ ذَيْنِكَ الْعَمُودَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ. وَكَانَ الْبَيْتُ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ سَطْرَيْنِ، صَلَّى بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ مِنَ السَّطْرِ الْمُقَدَّمِ، وَجَعَلَ بَابَ الْبَيْتِ خَلْفَ ظَهْرِهِ، وَاسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الَّذِى يَسْتَقْبِلُكَ حِينَ تَلِجُ الْبَيْتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ، قَالَ وَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى وَعِنْدَ الْمَكَانِ الَّذِى صَلَّى فِيهِ مَرْمَرَةٌ حَمْرَاءُ. أطرافه 397، 468، 504، 505، 506، 1167، 1598، 1599، 2988، 4289 تحفة 2037، 8259 - 223/ 5 4401 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُمَا أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حَاضَتْ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَحَابِسَتُنَا هِىَ». فَقُلْتُ إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَلْتَنْفِرْ». أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 16483، 17768 4402 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا نَتَحَدَّثُ بِحَجَّةِ الْوَدَاعِ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَظْهُرِنَا، وَلاَ نَدْرِى مَا حَجَّةُ الْوَدَاعِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ فَأَطْنَبَ فِى ذِكْرِهِ وَقَالَ «مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ، أَنْذَرَهُ نُوحٌ وَالنَّبِيُّونَ مِنْ بَعْدِهِ، وَإِنَّهُ يَخْرُجُ فِيكُمْ، فَمَا خَفِىَ عَلَيْكُمْ مِنْ شَأْنِهِ فَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْكُمْ أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ عَلَى مَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ ثَلاَثًا، إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَإِنَّهُ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ». أطرافه 3057، 3337، 3439، 6175، 7123، 7127، 7407 - تحفة 7418 4403 - «أَلاَ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِى بَلَدِكُمْ

هَذَا، فِى شَهْرِكُمْ هَذَا، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ «اللَّهُمَّ اشْهَدْ، ثَلاَثًا، وَيْلَكُمْ، أَوْ وَيْحَكُمُ، انْظُرُوا لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». أطرافه 1742، 6043، 6166، 6785، 6868، 7077 - تحفة 7418 4404 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِى زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَأَنَّهُ حَجَّ بَعْدَ مَا هَاجَرَ حَجَّةً وَاحِدَةً لَمْ يَحُجَّ بَعْدَهَا حَجَّةَ الْوَدَاعِ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَبِمَكَّةَ أُخْرَى. طرفاه 3949، 4471 - تحفة 3679 - 224/ 5 4405 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلِىِّ بْنِ مُدْرِكٍ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ جَرِيرٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِجَرِيرٍ «اسْتَنْصِتِ النَّاسَ» فَقَالَ «لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». أطرافه 121، 6869، 7080 - تحفة 3236 4406 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَةِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ، أَىُّ شَهْرٍ هَذَا» قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قَالَ «أَلَيْسَ ذُو الْحِجَّةِ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «فَأَىُّ بَلَدٍ هَذَا». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قَالَ «أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «فَأَىُّ يَوْمٍ هَذَا» قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قَالَ «أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ - قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَحْسِبُهُ قَالَ وَأَعْرَاضَكُمْ - عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِى بَلَدِكُمْ هَذَا، فِى شَهْرِكُمْ هَذَا وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، فَسَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، أَلاَ فَلاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى ضُلاَّلاً، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلاَ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يُبَلَّغُهُ أَنْ يَكُونَ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ - فَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا ذَكَرَهُ يَقُولُ صَدَقَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ - أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ. مَرَّتَيْنِ». أطرافه 67، 105، 1741، 3197، 4662، 5550، 7078، 7447 - تحفة 11682 4407 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِىُّ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ أَنَّ أُنَاسًا مِنَ الْيَهُودِ قَالُوا لَوْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِينَا لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا. فَقَالَ عُمَرُ أَيَّةُ آيَةٍ فَقَالُوا {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]. فَقَالَ عُمَرُ إِنِّى لأَعْلَمُ أَىَّ مَكَانٍ أُنْزِلَتْ، أُنْزِلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ. أطرافه 45، 4606، 7268 - تحفة 10468 - 225/ 5 4408 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَجِّ، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى يَوْمَ النَّحْرِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ وَقَالَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ مِثْلَهُ. أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 16389 4409 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ - هُوَ ابْنُ سَعْدٍ - حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ عَادَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ، أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَ بِى مِنَ الْوَجَعِ مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلاَ يَرِثُنِى إِلاَّ ابْنَةٌ لِى وَاحِدَةٌ أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَىْ مَالِى قَالَ «لاَ». قُلْتُ أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ قَالَ «لاَ». قُلْتُ فَالثُّلُثِ قَالَ «وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَلَسْتَ تُنْفِقُ نَفَقَةً تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِى فِى امْرَأَتِكَ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ آأُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِى قَالَ «إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلاً تَبْتَغِى بِهِ وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفُ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِى هِجْرَتَهُمْ، وَلاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ. لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ رَثَى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُوُفِّىَ بِمَكَّةَ». أطرافه 56، 1295، 2742، 2744، 3936، 5354، 5659، 5668، 6373، 6733 - تحفة 3890 4410 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَلَقَ رَأْسَهُ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ. طرفاه 1726، 4411 - تحفة 8454 4411 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَخْبَرَهُ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حَلَقَ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ. طرفاه 1726، 4410 - تحفة 8454 - 226/ 5 4412 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ أَقْبَلَ يَسِيرُ عَلَى حِمَارٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ بِمِنًى فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ يُصَلِّى بِالنَّاسِ، فَسَارَ الْحِمَارُ بَيْنَ يَدَىْ بَعْضِ الصَّفِّ، ثُمَّ نَزَلَ عَنْهُ، فَصَفَّ مَعَ النَّاسِ. أطرافه 76، 493، 861، 1857 - تحفة 5834 4413 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ سُئِلَ

80 - باب غزوة تبوك، وهى غزوة العسرة

أُسَامَةُ وَأَنَا شَاهِدٌ عَنْ سَيْرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّتِهِ. فَقَالَ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ. طرفاه 1666، 2999 - تحفة 104 4414 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِىِّ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا. طرفه 1674 - تحفة 3465 ولم يَظْهَرْ لي وجهُ تقديمها على غزوة تَبُوك، مع كونها في السنة التاسعة، وتلك في العاشرة. 4402 - قوله: (ولاَ نَدْرِي ما حَجَّةُ الوَدَاعِ) فلما تُوُفِّيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بعدها بقليلٍ عَرَفُوهَا. قوله: (فَحَمِدَ اللَّهَ، وأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ المَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَأَطْنَبَ في ذِكْرِهِ) وهذه القطعةُ ليست بمذكورةٍ في البخاريِّ إلَّا في هذا الموضع، وفيه دليلٌ على أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يَعْرِفُ المسيحَ الدجَّال، كما يَعْرِفُ أحدُكم أن دون الليلة غدًا. وهذا الشقيُّ المحرومُ يدَّعي أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يُؤْتَ من علمه كما هو، ثم يَهْذِي أنه قد أُعْطِي به - والعياذ بالله - وماله ولعلوم الأنبياء. وإنَّما كان يُوحِي إليه شيطانُه، فكان يظنُّه وحيَ نبوةٍ، لَعَنَهُ اللَّهُ لعنًا كبيرًا، وحَسْبُه جهنَّم وساءت مصيرًا. ثم عند البخاريِّ عن ابن عمر: «أنه بعدما رَجَعَ من عند ابن صيَّاد خَطَبَ خُطْبَةً، فذكر فيها الدَّجَّالَ، وقال: إنِّي أُنْذِرُكُمُوهُ» ... إلخ. فتبيَّن أن ابن صيَّاد لم يَكُنْ دجَّالًا معهودًا عنده، وإنما كان دجَّالًا من الدجاجلة. 4413 - قوله: (العَنَقَ): هو المشيُ الذي يتحرَّكُ منه عنق الراحلة، والنَّصُّ فوقه. 80 - باب غَزْوَةُ تَبُوكَ، وَهْىَ غَزْوَةُ الْعُسْرَةِ 4415 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ أَرْسَلَنِى أَصْحَابِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَسْأَلُهُ الْحُمْلاَنَ لَهُمْ، إِذْ هُمْ مَعَهُ فِى جَيْشِ الْعُسْرَةِ وَهْىَ غَزْوَةُ تَبُوكَ فَقُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ، إِنَّ أَصْحَابِى أَرْسَلُونِى إِلَيْكَ لِتَحْمِلَهُمْ. فَقَالَ «وَاللَّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ عَلَى شَىْءٍ». وَوَافَقْتُهُ، وَهْوَ غَضْبَانُ وَلاَ أَشْعُرُ، وَرَجَعْتُ حَزِينًا مِنْ مَنْعِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَمِنْ مَخَافَةِ أَنْ يَكُونَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَجَدَ فِى نَفْسِهِ عَلَىَّ، فَرَجَعْتُ إِلَى أَصْحَابِى فَأَخْبَرْتُهُمُ الَّذِى قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمْ أَلْبَثْ إِلاَّ سُوَيْعَةً إِذْ سَمِعْتُ بِلاَلاً يُنَادِى أَىْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ. فَأَجَبْتُهُ، فَقَالَ أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُوكَ، فَلَمَّا أَتَيْتُهُ، قَالَ «خُذْ هَذَيْنِ الْقَرِينَيْنِ - وَهَذَيْنِ الْقَرِينَيْنِ لِسِتَّةِ أَبْعِرَةٍ ابْتَاعَهُنَّ حِينَئِذٍ مِنْ سَعْدٍ - فَانْطَلِقْ بِهِنَّ إِلَى أَصْحَابِكَ فَقُلْ إِنَّ اللَّهَ - أَوْ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَحْمِلُكُمْ عَلَى هَؤُلاَءِ فَارْكَبُوهُنَّ». فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِمْ بِهِنَّ، فَقُلْتُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَحْمِلُكُمْ عَلَى

هَؤُلاَءِ وَلَكِنِّى وَاللَّهِ لاَ أَدَعُكُمْ حَتَّى يَنْطَلِقَ مَعِى بَعْضُكُمْ إِلَى مَنْ سَمِعَ مَقَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ تَظُنُّوا أَنِّى حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا لَمْ يَقُلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا لِى إِنَّكَ عِنْدَنَا لَمُصَدَّقٌ، وَلَنَفْعَلَنَّ مَا أَحْبَبْتَ. فَانْطَلَقَ أَبُو مُوسَى بِنَفَرٍ مِنْهُمْ حَتَّى أَتَوُا الَّذِينَ سَمِعُوا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْعَهُ إِيَّاهُمْ، ثُمَّ إِعْطَاءَهُمْ بَعْدُ، فَحَدَّثُوهُمْ بِمِثْلِ مَا حَدَّثَهُمْ بِهِ أَبُو مُوسَى. أطرافه 3133، 4385، 5517، 5518، 6623، 6649، 6678، 6680، 6718، 6719، 6721، 7555 - تحفة 9066 - 3/ 6 4416 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ إِلَى تَبُوكَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلِيًّا فَقَالَ أَتُخَلِّفُنِى فِى الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ قَالَ «أَلاَ تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّى بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلاَّ أَنَّهُ لَيْسَ نَبِىٌّ بَعْدِى». وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ سَمِعْتُ مُصْعَبًا. طرفه 3706 - تحفة 3931 4417 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ عَطَاءً يُخْبِرُ قَالَ أَخْبَرَنِى صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الْعُسْرَةَ قَالَ كَانَ يَعْلَى يَقُولُ تِلْكَ الْغَزْوَةُ أَوْثَقُ أَعْمَالِى عِنْدِى. قَالَ عَطَاءٌ فَقَالَ صَفْوَانُ قَالَ يَعْلَى فَكَانَ لِى أَجِيرٌ فَقَاتَلَ إِنْسَانًا فَعَضَّ أَحَدُهُمَا يَدَ الآخَرِ، قَالَ عَطَاءٌ فَلَقَدْ أَخْبَرَنِى صَفْوَانُ أَيُّهُمَا عَضَّ الآخَرَ فَنَسِيتُهُ، قَالَ فَانْتَزَعَ الْمَعْضُوضُ يَدَهُ مِنْ فِى الْعَاضِّ، فَانْتَزَعَ إِحْدَى ثَنِيَّتَيْهِ، فَأَتَيَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَهْدَرَ ثَنِيَّتَهُ. قَالَ عَطَاءٌ وَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَفَيَدَعُ يَدَهُ فِى فِيكَ تَقْضَمُهَا، كَأَنَّهَا فِى فِى فَحْلٍ يَقْضَمُهَا». أطرافه 1848، 2265، 2973، 6893 - تحفة 11837 كانت في التاسعة، وذكر الواقديُّ صاحب «المغازي»: أن الصحابةَ كانوا فيها سبعين ألفًا. فائدةٌ مهمةٌ: واعلم أنهم تكلَّمُوا في الواقديِّ، وأمره عندي أنه حاطب ليلٍ، يَجْمَعُ بين رجلٍ وخيلٍ، فيأتي بكلِّ رطبٍ ويابسٍ، صحيحٍ وسقيمٍ، وليس بكذَّابٍ، وهو متقدِّمٌ عن أحمد، وأكبرُ منه سِنًّا، ولكنه أضاعه فقدان الرفقة، وقلة ناصريه، فتكلَّم فيه من شاء. وأمَّا الدّارَقُطْنيُّ، فإنه وإن أتى بكلِّ نحوٍ من الحديث، لكنه شافعيُّ المذهب، فَكَثُرَتْ حماته، فاشتهر اشتهار الشمس في رابعة النهار، وبَقِي الواقديُّ مجروحًا، لا يَذُبُّ عنه أحدٌ، فذلك عندي من أمر الواقديِّ. أمَّا جمعه بين الضعاف والصحاح، فذلك أمرٌ لم يَنْفَرِدْ به هو، بل فعله آخرون أيضًا، والأذواقُ فيه مختلفةٌ، فمنهم من يَسِيرُ سيره، ومنهم من يَكْرَهُهُ، فلا يأتي إلَّا بالمعتبرات. 4415 - قوله: (خُذْ هذَيْنِ القَرِينَيْنِ)، كانوا يَشُدُّون بعيرين مُتَنَاسِبَيْنِ طبعًا، مُتَوَافِقَيْن

81 - باب حديث كعب بن مالك، وقول الله عز وجل: {وعلى الثلاثة الذين خلفوا}

سِنًّا في حبل واحدٍ في أصل شجرةٍ، ويُقَالُ لهما: القَرِينَان، وترجمته في الهندية: "جوت" (¬1). 81 - باب حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} 4418 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِىَ - قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ قِصَّةِ تَبُوكَ قَالَ كَعْبٌ لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةٍ غَزَاهَا إِلَّا فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ أَنِّى كُنْتُ تَخَلَّفْتُ فِى غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَدًا تَخَلَّفَ، عَنْهَا إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ، حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإِسْلاَمِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِى بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِى النَّاسِ مِنْهَا، كَانَ مِنْ خَبَرِى أَنِّى لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِى تِلْكَ الْغَزْوَةِ، وَاللَّهِ مَا اجْتَمَعَتْ عِنْدِى قَبْلَهُ رَاحِلَتَانِ قَطُّ حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِى تِلْكَ الْغَزْوَةِ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ غَزْوَةً إِلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ، غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا وَعَدُوًّا كَثِيرًا، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ، فَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِى يُرِيدُ، وَالْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَثِيرٌ، وَلاَ يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٌ - يُرِيدُ الدِّيوَانَ - قَالَ كَعْبٌ فَمَا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ إِلَّا ظَنَّ أَنْ سَيَخْفَى لَهُ مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْىُ اللَّهِ، وَغَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تِلْكَ الْغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظِّلاَلُ، وَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، فَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَىْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ فَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، فَأَقُولُ فِى نَفْسِى أَنَا قَادِرٌ عَلَيْهِ. فَلَمْ يَزَلْ يَتَمَادَى بِى حَتَّى اشْتَدَّ بِالنَّاسِ الْجِدُّ، فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِى شَيْئًا، فَقُلْتُ أَتَجَهَّزُ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ، فَغَدَوْتُ بَعْدَ أَنْ فَصَلُوا لأَتَجَهَّزَ، فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، ثُمَّ غَدَوْتُ ثُمَّ رَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، فَلَمْ يَزَلْ بِى حَتَّى أَسْرَعُوا وَتَفَارَطَ الْغَزْوُ، وَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ، وَلَيْتَنِى فَعَلْتُ، فَلَمْ يُقَدَّرْ لِى ذَلِكَ، ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد مرَّ عن الشيخ أن هذا المعنى قد رُوعِيَ فى إطلاقه على السورتين المتناسبتين أيضًا، فَدَلَّ على أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُرَاعي التناسب بين السورتين اللتين كان يَجْمَعُ بينهما في ركعةٍ من صلاة الليل فوق ما نَفْهَمُهُ. فكما أنه لا يجمع بين كل حيوانين، بل يُعَبِّرُ بينهما تَنَاسُب في الطبع والجثة، والقوة والضعف، وغيرها. كذلك جمعُه بين كل سورتين لم يَكُنْ جمعًا بين الضَّبِّ والنون، بل كان يُرَاعى بينهما تناسُبًا ما. ولذا عبَّر الراوي عنهما بالنظيرين، والقَرِينَيْنِ، فتذكَّرْهُ.

فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِى النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَطُفْتُ فِيهِمْ، أَحْزَنَنِى أَنِّى لاَ أَرَى إِلاَّ رَجُلاً مَغْمُوصًا عَلَيْهِ النِّفَاقُ أَوْ رَجُلاً مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ، فَقَالَ وَهْوَ جَالِسٌ فِى الْقَوْمِ بِتَبُوكَ «مَا فَعَلَ كَعْبٌ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى سَلِمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ وَنَظَرُهُ فِى عِطْفِهِ. فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ بِئْسَ مَا قُلْتَ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا. فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ فَلَمَّا بَلَغَنِى أَنَّهُ تَوَجَّهَ قَافِلاً حَضَرَنِى هَمِّى، وَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الْكَذِبَ وَأَقُولُ بِمَاذَا أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدًا وَاسْتَعَنْتُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِى رَأْىٍ مِنْ أَهْلِى، فَلَمَّا قِيلَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا زَاحَ عَنِّى الْبَاطِلُ، وَعَرَفْتُ أَنِّى لَنْ أَخْرُجَ مِنْهُ أَبَدًا بِشَىْءٍ فِيهِ كَذِبٌ، فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ، وَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَادِمًا، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَيَرْكَعُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ جَاءَهُ الْمُخَلَّفُونَ، فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ، وَيَحْلِفُونَ لَهُ، وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلاً فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلاَنِيَتَهُمْ، وَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ، فَجِئْتُهُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ، ثُمَّ قَالَ «تَعَالَ». فَجِئْتُ أَمْشِى حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لِى «مَا خَلَّفَكَ أَلَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ». فَقُلْتُ بَلَى، إِنِّى وَاللَّهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، لَرَأَيْتُ أَنْ سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ، وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلاً، وَلَكِنِّى وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّى لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَىَّ، وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَىَّ فِيهِ إِنِّى لأَرْجُو فِيهِ عَفْوَ اللَّهِ، لاَ وَاللَّهِ مَا كَانَ لِى مِنْ عُذْرٍ، وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ مِنِّى حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِىَ اللَّهُ فِيكَ». فَقُمْتُ وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِى سَلِمَةَ فَاتَّبَعُونِى، فَقَالُوا لِى وَاللَّهِ مَا عَلِمْنَاكَ كُنْتَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا، وَلَقَدْ عَجَزْتَ أَنْ لاَ تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَا اعْتَذَرَ إِلَيْهِ الْمُتَخَلِّفُونَ، قَدْ كَانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَكَ، فَوَاللَّهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونِى حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ فَأُكَذِّبُ نَفْسِى، ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ هَلْ لَقِىَ هَذَا مَعِى أَحَدٌ قَالُوا نَعَمْ، رَجُلاَنِ قَالاَ مِثْلَ مَا قُلْتَ، فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ مَا قِيلَ لَكَ. فَقُلْتُ مَنْ هُمَا قَالُوا مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الْعَمْرِىُّ وَهِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِىُّ. فَذَكَرُوا لِى رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا فِيهِمَا إِسْوَةٌ، فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِى، وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلاَمِنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ، فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ وَتَغَيَّرُوا لَنَا حَتَّى تَنَكَّرَتْ فِى نَفْسِى الأَرْضُ، فَمَا هِىَ الَّتِى أَعْرِفُ، فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، فَأَمَّا صَاحِبَاىَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِى بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ، وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ الْقَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلاَةَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَأَطُوفُ فِى الأَسْوَاقِ، وَلاَ يُكَلِّمُنِى أَحَدٌ، وَآتِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهْوَ فِى مَجْلِسِهِ بَعْدَ

الصَّلاَةِ، فَأَقُولُ فِى نَفْسِى هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلاَمِ عَلَىَّ أَمْ لاَ ثُمَّ أُصَلِّى قَرِيبًا مِنْهُ فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلاَتِى أَقْبَلَ إِلَىَّ، وَإِذَا الْتَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّى، حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَىَّ ذَلِكَ مِنْ جَفْوَةِ النَّاسِ مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِى قَتَادَةَ وَهْوَ ابْنُ عَمِّى وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَدَّ عَلَىَّ السَّلاَمَ، فَقُلْتُ يَا أَبَا قَتَادَةَ، أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُنِى أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَسَكَتَ، فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ فَسَكَتَ، فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ. فَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَفَاضَتْ عَيْنَاىَ وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الْجِدَارَ. قَالَ فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِى بِسُوقِ الْمَدِينَةِ إِذَا نَبَطِىٌّ مِنْ أَنْبَاطِ أَهْلِ الشَّأْمِ مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ يَقُولُ مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ، حَتَّى إِذَا جَاءَنِى دَفَعَ إِلَىَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ، فَإِذَا فِيهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِى أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ، وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلاَ مَضْيَعَةٍ، فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ. فَقُلْتُ لَمَّا قَرَأْتُهَا وَهَذَا أَيْضًا مِنَ الْبَلاَءِ. فَتَيَمَّمْتُ بِهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهُ بِهَا، حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً مِنَ الْخَمْسِينَ إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْتِينِى فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ فَقُلْتُ أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ قَالَ لاَ بَلِ اعْتَزِلْهَا وَلاَ تَقْرَبْهَا. وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَىَّ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقُلْتُ لاِمْرَأَتِى الْحَقِى بِأَهْلِكِ فَتَكُونِى عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِىَ اللَّهُ فِى هَذَا الأَمْرِ. قَالَ كَعْبٌ فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ قَالَ «لاَ وَلَكِنْ لاَ يَقْرَبْكِ». قَالَتْ إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَىْءٍ، وَاللَّهِ مَا زَالَ يَبْكِى مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا. فَقَالَ لِى بَعْضُ أَهْلِى لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى امْرَأَتِكَ كَمَا أَذِنَ لاِمْرَأَةِ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لاَ أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا يُدْرِينِى مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ فَلَبِثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ حَتَّى كَمَلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كَلاَمِنَا، فَلَمَّا صَلَّيْتُ صَلاَةَ الْفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، وَأَنَا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِى ذَكَرَ اللَّهُ، قَدْ ضَاقَتْ عَلَىَّ نَفْسِى، وَضَاقَتْ عَلَىَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ، أَبْشِرْ. قَالَ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ، وَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلاَةَ الْفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، وَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَىَّ مُبَشِّرُونَ، وَرَكَضَ إِلَىَّ رَجُلٌ فَرَسًا، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ فَأَوْفَى عَلَى الْجَبَلِ وَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنَ الْفَرَسِ، فَلَمَّا جَاءَنِى الَّذِى سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِى نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَىَّ، فَكَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا بِبُشْرَاهُ، وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ، وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا، وَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَتَلَقَّانِى النَّاسُ

فَوْجًا فَوْجًا يُهَنُّونِى بِالتَّوْبَةِ، يَقُولُونَ لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ. قَالَ كَعْبٌ حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ فَقَامَ إِلَىَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِى وَهَنَّانِى، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَىَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ، وَلاَ أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ، قَالَ كَعْبٌ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ «أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ». قَالَ قُلْتُ أَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ قَالَ «لاَ، بَلْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ». وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِى صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِ اللَّهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قُلْتُ فَإِنِّى أُمْسِكُ سَهْمِى الَّذِى بِخَيْبَرَ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا نَجَّانِى بِالصِّدْقِ، وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنْ لاَ أُحَدِّثَ إِلَّا صِدْقًا مَا بَقِيتُ، فَوَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَبْلاَهُ اللَّهُ فِى صِدْقِ الْحَدِيثِ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلاَنِى، مَا تَعَمَّدْتُ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى يَوْمِى هَذَا كَذِبًا، وَإِنِّى لأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِى اللَّهُ فِيمَا بَقِيتُ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ} إِلَى قَوْلِهِ {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 117: 119] فَوَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ بَعْدَ أَنْ هَدَانِى لِلإِسْلاَمِ أَعْظَمَ فِى نَفْسِى مِنْ صِدْقِى لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ لاَ أَكُونَ كَذَبْتُهُ، فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أَنْزَلَ الْوَحْىَ شَرَّ مَا قَالَ لأَحَدٍ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ} إِلَى قَوْلِهِ {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 95: 96]. قَالَ كَعْبٌ وَكُنَّا تَخَلَّفْنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ عَنْ أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ حَلَفُوا لَهُ، فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَأَرْجَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمْرَنَا حَتَّى قَضَى اللَّهُ فِيهِ، فَبِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118] وَلَيْسَ الَّذِى ذَكَرَ اللَّهُ مِمَّا خُلِّفْنَا عَنِ الْغَزْوِ إِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَقَبِلَ مِنْهُ. أطرافه 2757، 2947، 2948، 2949، 2950، 3088، 3556، 3889، 3951، 4673، 4676، 4677، 4678، 6255، 6690، 7225 - تحفة 11131 - 9/ 6 4418 - قوله: (فَطُفْتُ فِيهِم، أَحْزَنَنِي أَنِّي لا أَرَى إِلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا عليه النِّفَاقُ) ... إلخ، وفيه دليلٌ على ما قلتُ أوَّلًا: إن المنافقين كانوا يُعْرَفُونَ عندهم بِسِيمَاهُم، ولكن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم ير مصلحةً أن يَطْلُبَ بيِّنةً على نفاقهم، ثم يَضْرِبُ أعناقَهم. ثم إن معنى قوله: {خُلِّفُوا} [التوبة: 118] في القرآن، أي لم يُسْمَعْ عُذْرُهم، وتأخَّر (¬1) ¬

_ (¬1) نبَّه عليه الحافظُ عليّ، وبَسَطَ الكلامَ فيه، فَلْيُرَاجَعْ. وإنَّما اكتفى بالإِعلام، ولا أَبْسَطَ الكلامَ رَوْمًا للاختصار. ولا تَحْسَبُهُ هينًا، فإني عَلِمْتُهُ بعد مقاساةٍ.

82 - باب نزول النبى - صلى الله عليه وسلم - الحجر

أمرُهم. وهذا الذي فَهِمَهُ صاحب الواقعة، كما يُعْلَمُ من قوله: «قال كعب: وكنا تخلَّفنا أيُّها الثلاثةُ عن أمر أولئك الذين قَبِلَ منهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم حين خَلَفُوا له» ... إلخ، وفَهِمَ الناسُ معناه، أي تخلَّفوا عن السفر. قوله: (إنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً) ... إلخ، قاله استشارةً، كما يَلُوحُ من السياق، لا أنه وقفٌ، أو نذرٌ في الحال، لتتفرَّعَ عليه المسائل. حكايةٌ: لمَّا كان من سُنَّةِ المُبَشِّرِ أن يُعْطَى له شيئًا، كَسَى كعبٌ ثوبيه من كان بشَّرَهُ بقَبُول توبته. ومن هذا الباب: ما جرى بين الشافعيِّ، وأحمد، فإن الشافعيَّ سافر من الحجاز مرَّتين: مرَّةً إلى محمد بن الحسن، ومرَّةً إلى الإِمام أحمد، فلمَّا قَفَلَ إلى مصر رأى رؤيا: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم يقول: بشِّرْ أحمدَ على بلوى تُصِيبُهُ، فقال لأصحابه: من يقوم منكم بهذا الأمر؟ قال له المُزَنيُّ وهو خالُ الطحاويِّ: أنا. فلمَّا بَلَغَ أحمد، وبشَّره به، بكى، وقال: لعلَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم اسْتَشْعَرَ بي ضعفًا وخشوعًا، ثم نَزَعَ قميصه وأعطاه. فلمَّا رَجَعَ المُزَنيُّ إلى الشافعيِّ، وقصَّ عليه أمره، سأله أنه هل أعطاه شيئًا؟ قال: نعم، هذا قميصه. فقال له الشافعيُّ: إني لا أُجْهِدُكَ اليوم، ولا أقول: أن تسمحَ لي بقميصه. ولكن أَرْجُو منك أن تَبُلَّهُ في الماء، ثم تَعْصِرَهُ، فتعطيني عُصَارَتَهُ، ففعله. فلمَّا جاءه بالماء المطلوب شَرِبَ بعضَه، ومَسَحَ ببعضه. فهذا شأنُ الأئمة، وهداة الدين فيما بينهم رحمهم الله تعالى. 82 - باب نُزُولُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الْحِجْرَ 4419 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْحِجْرِ قَالَ «لاَ تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ». ثُمَّ قَنَّعَ رَأْسَهُ وَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أَجَازَ الْوَادِىَ. أطرافه 433، 3380، 3381، 4420، 4702 - تحفة 6942 4420 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِ الْحِجْرِ «لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ». أطرافه 433، 3380، 3381، 4419، 4702 - تحفة 7246 - أي ديار ثَمُود -. 4419 - قوله: (ثمَّ قَنَّعَ رَأْسَهُ) وكأن هذه كانت هيئةَ متعوِّذٍ من عذاب الله تعالى. وهذا عندي أصلٌ لاستحسان الطَّيْلَسَان. وحرَّر السيوطي فيه رسالةً، إلَّا أن ذهنَه لم يَنْتَقِلْ إلى هذا الاستنباط. فائدةٌ: واعلم أن دِيَارَ ثَمُودَ كانت على سيف البحر من هذا الجانب، وذهابه إلى

83 - باب

تَبُوكَ كان من غرب العرب، ولا تَقَعْ فيه تلك الديار. إلَّا أني لا أعْتَمِدُ على ما عندي من علم الجغرافية في تلك الساعة، ولا يتأتَّى الإِيرادُ إلَّا بعد الاستحضار. 83 - باب 4421 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ ذَهَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، فَقُمْتُ أَسْكُبُ عَلَيْهِ الْمَاءَ - لاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ قَالَ فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ - فَغَسَلَ وَجْهَهُ، وَذَهَبَ يَغْسِلُ ذِرَاعَيْهِ فَضَاقَ عَلَيْهِ كُمُّ الْجُبَّةِ، فَأَخْرَجَهُمَا مِنْ تَحْتِ جُبَّتِهِ فَغَسَلَهُمَا ثُمَّ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ. أطرافه 182، 203، 206، 363، 388، 2918، 5798، 5799 - تحفة 11514 4422 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ قَالَ أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ حَتَّى إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ «هَذِهِ طَابَةُ، وَهَذَا أُحُدٌ، جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ». أطرافه 1481، 1872، 3161، 3791 - تحفة 11891 4423 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالَ «إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قَالَ «وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ». طرفاه 2838، 2839 - تحفة 708 - 10/ 6 4421 - قوله: (فَقُمْتُ أَسْكُبُ عَلْيِهِ المَاءَ) وفيه زيادةٌ عند أحمد في «مسنده»: «أن المُغِيرَةَ أتى بالماء من عند امرأة، فَأَمَرَهُ أن يَسْأَلَهَا عن الماء، أنه كان في جلدٍ مدبوغٍ أو غيره»، وهذا يُفِيدُنا في مسألة المياه. 84 - باب كِتَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ 4424 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِىِّ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ مَزَّقَهُ - فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ - فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ. أطرافه 64، 2939، 7264 - تحفة 5845، 18728 4425 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ قَالَ لَقَدْ نَفَعَنِى اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَيَّامَ الْجَمَلِ، بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ قَالَ لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ

باب غزوة الحديبية

كِسْرَى قَالَ «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً». طرفه 7099 - تحفة 11660 4426 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ يَقُولُ أَذْكُرُ أَنِّى خَرَجْتُ مَعَ الْغِلْمَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ نَتَلَقَّى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً مَعَ الصِّبْيَانِ. طرفاه 3083، 4427 - تحفة 3800 4427 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ السَّائِبِ أَذْكُرُ أَنِّى خَرَجْتُ مَعَ الصِّبْيَانِ نَتَلَقَّى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ مَقْدَمَهُ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ. طرفاه 3083، 4426 - تحفة 3800 4425 - قوله: (أَيَّامَ الجَمَلِ)، وهي الحرب بين عائشةَ، وعليّ رضي الله تعالى عنهما. باب غزوة الحديبية والحديبية اسم موضع: بعضها من الحل، وبعضها من الحرم، كما ذكره الطحاوي، وكانت سنة ست، وقصتها معروفة، وإنما بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديبية، لأنه أرجف بعثمان أن أهل مكة قد قتلوه، ثم إن الصحابة رضي الله تعالى عنهم يقولون في تلك الشجرة: إنا لما قدمنا من قابل لم يتفق اثنان منا في تعيين تلك الشجرة، وفي الرواية أن عمر أمر بقطعها فاختار الشاه عبد العزيز أن أمر القطع كان لأجل أن لا يتبرك الناس بشجرة غير محققة، واختار (¬1) الحافظ أنه كان لئلا يبالغ الناس في تعظيمها، ويتجاوزوا عن حده، قلت: والصواب ما ذكره الشاه عبد العزيز، فإنه إذا فقدت تلك الشجرة، ولم تتعين، فأين التبرك بها؟ وحينئذ لا يقوم حديث القطع حجة لمحق التبركات بآثار الصالحين، بل هو من باب دفع المغلطة، لأن القطع لم يكن لمخافة التعدي، بل لئلا يغلط الناس، فيتبركوا بشجرة غير متحققة. قوله: (فجعل الماء يفور من بين أصابعه) كالعجين يخرج من بينها إذا أنت تعجنه. قوله: (وكانت أسلم ثمن المهاجرين)، وأسلم ليس من أهل مكة، فإطلاق المهاجر عليه من حيث اللغة، وإلا فالمهاجر المعروف هو من هاجر من مكة إلى المدينة، زادهما الله تعالى ¬

_ (¬1) وقد تكلم عليه الحافظ في "كتاب الجهاد - من باب البيعة في الحرب" قال: وبيان الحكمة في ذلك. وهو أن لا يحصل بها افتتان، لما وقع تحتها من الخبر، فلو بقيت لما أمن تعظيم بعض الجهال لها، حتى ربما أفضى بهم إلى اعتقاد أن لها قوة نفع أو ضرر، اهـ: ص 73 - ج 6؛ ثم قال الحافظ على: ص 315 - ج 7: ثم وجدت عند ابن سعد بإسناد صحيح عن نافع أن عمر بلغه أن قوما يأتون الشجرة، فيصلون عندها، فتوعدهم، ثم أمر بقطعها، فقطعت، اهـ. وإنما ذكرها الحافظ في سياق أن بعضًا منهم كان يعرف تلك الشجرة، كما وقع عند البخاري من حديث جابر، لو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة، فدل على أن بعضًا منهم كان يعرفها، قلت: وإن كانت هذه الرواية تؤيد الحكمة التي ذكرها الحافظ، لكنها لما كانت مجهولة عند عامتهم، رجح الشيخ ما ذكره الشاه عبد العزيز من الحكمة، والله تعالى أعلم بالصواب.

شرفًا وتكريمًا. قوله: (لا أحصي كم سمعته من سفيان، حتى سمعته يقول: لا أحفظ من الزهري الأشعار) إلخ، وهو من باب من حدث ونسي، وقد اعتبره فقهاؤنا أيضًا. فإن محمدًا جمع في "المبسوط" ما رواه عن أبي حنيفة، بلا واسطة، وفي "الجامع الصغير" ما سمعه منه بواسطة أبي يوسف، فلما عرضه عليه محمد أنكر أبو يوسف منها ستة روايات، قال: إني لا أحفظها، وكان محمد يصر عليها، فلم يعبأ الفقهاء بإنكار أبي يوسف، وقبلوا الروايات بأسرها. قوله: (وخشيت أن تأكلهم الضبع)، أي "كفتار وهندار" وليست ترجمته (بجو)، وقيل: معناه القحط، واستشهد له أيضًا ببيت جاء في -كتاب سيبويه- والمتن المتين، كأنها أرادت أنها لا تقدر على ترك الصبية وحدهن. قوله: (مرحبًا بنسب قريب) أي قريب بمن كان عمر يوقرهم، أي قريش، لا بعمر نفسه. قوله: (نستفىء) "هم بطريق فيء ابنا حصة لكاتي هين" يقول: هذا المال أخذته فيئًا. قوله: (عن سعيد بن المسيب عن أبيه)، وسعيد هذا لا يشهد لصحابته غير ابنه، ومع ذلك هو من رواة البخاري، فما اشتهر أن شرط البخاري أنه لا يخرج في صحيحه إلا ما يرويه اثنان عن اثنين، بعيد عن الصواب. قوله: (إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا) واعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما امتنع عن القتال في الحديبية لمكان المستضعفين من الولدان، والنسوان من مكة، فلو كان حاربهم لتضرر أؤلئك المسلمون، وإليه يشير قوله تعالى: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ}، وإنما سماه الله تعالى فتحًا مبينًا لتسلسل الفتوح بعده. قوله: (ليدخل المؤمنين والمؤمنات) واعلم أنهم تكلموا أولا في المناسبة بين الفتح والمغفرة، حيث جمع الله تعالى بينهما، ثم في التعليل لقوله: {لِيَغْفِرَ لَكَ} إلخ، وراجع له "روح المعاني" وسيجيء ما عندي. قوله: (هل ينقض الوتر) وإنما حدثت مسألة نقض الوتر من أجل قوله: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا" وخالفهم الجمهور وقد مر تقريره في موضعه. قوله. (فما نشيت أن صارخًا يصرخ بي) وإنما صرخ به خاصة، لأنه هو الذي اشمأزت نفسه، وأصابها في ذلك هم واضطراب، مالم يصب غيره، فأسمعه تلك الآيات خاصة، ليخفض أمره، ولا يتضجر في نفسه. قوله: (الأحابيثس) هم الذين كانوا في حوالي مكة، ممن كان قريش عاهدوهم من قبائل أخرى. قوله (أترون أن أميل على عيالهم) أي ليس أهل مكة، أو الأحابيش في بيوتهم، فهل أميل على عيال هؤلاء. قوله: (محروبين) أي مغلوبين في الحرب.

باب قصة عكل، وعرينة

قوله: (يمتحن من هاجر) يعني في تلك المدة. قوله: (وقال هشام بن عمار: ثنا الوليد بن مسلم ثنا عمر بن محمد العمري) إلخ، والعمري هنا هو الذي يروى عن أحمد في "المغني" ما حاصله، لم يذهب أحد من الأمة إلى أن من لم يقرأ الفاتحة خلف الإمام في الجهرية، فصلاته باطلة. قوله: (قدم سهل بن حنيف)، أي من جانب عليّ، استخبره الناس عن الأمر، فقال لهم: اتهموا الرأي، فلعل صلح عليّ يبنى على مصلحة، كما كان صلح الحديبية هزيمة في الظاهر، وفتحًا في الآخر. باب قصة عكل، وعرينة قوله: (أهل ضرع)، أي أهل المواشي. قوله: (أهل ريف)، أي أهل الزرع. قوله: (أبو رجاء) الهمزة فيه إن كانت أصلية، فهو منصرف، وإلا فغير منصرف، وزنه فعال. باب غزوة ذات القرد وذات قرد اسم ماء قريب من خيبر، وقد مر ذكرها في ذات الرقاع، وإن كان السفران متغايرين. باب (¬1) غزوة خيبر وكان يسكنها يهود من ذرية يوسف عليه السلام، وفيها وقعت قصة رد الشمس لعليّ، صحح حديثه الطحاوي في "مشكله"، ثم صنف فيها الحافظ ناصر الدين رسالة سماها "كشف اللبس عن حديث رد الشمس". قوله (قال يرحمه الله)، وكان الصحابة عرفوا من قبل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يستغفر لأحدهم في الحرب إلا أن يكون شهيدًا، فلما استمعوها في حقه عرفوا أنهم غير متمتعين منه بعده، ثم (¬2) إن عامر بن الأكوع هذا ليس منسوبًا إلى أبيه، بل إلى جده. فعامر عم سلمة. ومن ههنا ظهر أن سلمة أيضًا ليس ابنًا للأكوع. ¬

_ (¬1) حكى الواقدي: أن أهل خيبر سمعوا بقصده لهم، فكانوا يخرجون في كل يوم متسلحين مستعدين، فلا يرون أحدًا، حتى إذا كانت الليلة التي قدم فيها المسلمون، ناموا، فلم تتحرك لهم دابة، ولم يصح لهم ديك، وخرجوا بالمساحي طالبين مزارعهم، فوجدوا المسلمين، اهـ. فتح الباري، وإنما نقلت تلك الرواية لأمر لم أره في عامة الروايات، وفيه فائدة أيضًا. (¬2) هكذا وجدت في المذكرة على ما فيه من المحو والإثبات.

قوله: (فأصاب عين ركبته) المصاب بسيفه شهيد عندنا في الآخرة لا في الدنيا، بخلافه عند الشافعية. قوله: (أو ذاك، أي تغسلوها بعد الإراقة). وفيه دليل على أنه لا يلزم أن يكون كل أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - واجبًا، وخلافه حرامًا. ألا ترى أنه أمرهم أولًا بكسر القدور، فلما سألوه أن يهريقوها ويغسلوها مكان الكسر أجازهم به أيضًا. قوله: (فإنها رجس) فيه دليل على أن النهي كان لنجساته، ومع هذا ذهب بعضهم إلى أن النهي عنه كان لعدم القسمة. قوله: (جاءه جاء، فقال: أكلت الحمر؟ فسكت)؛ قلت: لا دليل في سكوته برهة على أنه كان جائزًا عنده أولًا، ثم نسخ، وحرم، فإن ضاق به صدرك، فقل: إنه كان أباح لهم أولًا، لما رأى بهم من الفاقة، والمخمصة، ثم نهاهم، فلا دليل فيه على إباحته مطلقًا. فائدة: وقد سمعتم أن المسائل لا ينبغي أن تؤخذ من ترتيب العبارة، ولو من القرآن، كما فعلوه في قوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} الخ، فإن اختلاف الشافعية، والحنفية فيه يبنى على الترتيب فقط، وكذلك في قوله: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} وذلك لأن استخراج الأحكام من ترتيب الآيات من المحتملات عندي. ومن هذا الباب ما نحن فيه من الحديث (¬1). قوله: (فجعل عتقها صداقها (¬2)) والعتق لا يصلح مهرًا عندنا لأنه تفويت للمالية، وليس بمال، ولئن سلمناه فهو من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -، فإن النكاح بدون المهر كان جائزًا له، وقد يستدل له من قوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} والصواب (¬3) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أمهرها، وأعتقها، ولكنها ¬

_ (¬1) ولم أحصل الكلام من هذا المقام، وكانت المذكرة غير واضحة. (¬2) قال الخطابي: قد ذهب غير واحد من العلماء إلى ظاهر هذا الحديث، ورأوا أن من أعتق أمة كان له أن يتزوجها، بأن يجعل عتقها عوضًا عن بضعها، وممن قال ذلك سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، والزهري، وهو قول أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه؛ ويحكي ذلك أيضًا، عن الأوزاعي، وكره ذلك مالك بن أنس، وقال: هذا لا يصلح، وكذلك قال أصحاب الرأي، وقال الشافعي: إذا قالت الأمة: أعتقني على أن أنكحك، وصداقي عتقي، فأعتقها على ذلك، فلها الخيار في أن تنكح، أو تدع، ويرجع عليها بقيمتها، فإن نكحته ورضيت بالقيمة التي له عليها، فلا بأس، اهـ. (¬3) ويقربه ما ذكره الخطابي عن بعضهم، قال وقال بعضهم معناه: إنه لم يجعل لها صداقًا، وإنما كانت في معنى الموهوبة التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مخصوصًا بها، إلا أنها لما استبيح نكاحها بالعتق صار العتق كالصداق لها، وهذا قول الشاعر: وأمهرن أرماحا من الحظ ذبلا أي استبحن بالرماح، فصرن كالمهيرات، وكقول الفرزدق: وذات حليل أنكحتنا رماحنا ... حلالا لمن يبنى بها لم تطلق قلت: ونظيره ما أخرجه الترمذي، وأبو داود، وابن ماجه عن وائل بن الأسقع، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تجوز المرأة ثلاث مواريث: عتيقها، ولقيطها، وولدها الذى لاعنت عنه، اهـ. =

لما عفت عن مهرها رعاية لإعتاقه إياها. فكأن العتق حل محل المهر، وهو الذي عبر عنه الراوي بقوله: جعل عتقها صداقها. وإنما حسن هذا التعبير، لأن المهر إذا لم يتعلق به إعطاء، ولا أخذ في الحس، وحل محله الإعتاق منه - صلى الله عليه وسلم -، فكأنه كان هو المهر في الحس، ولا بحث للراوي عن النظر الفقهي، وإنما ينقل ما شاهدته عيناه، ولم يشاهد، إلا أن النكاح كان بدل الإعتاق في الحس. وأما ما دار في البين من الاعتبارات، فلكونها نظرًا معنويًا، لم يلتفت إليه، وإليه يشير لفظ: جعل. فإنه للانصراف عن الأصل. فكأن العتق لم يكن مهرًا، ولكنه جعل مهرًا بنحو من الانصراف، كما في قوله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} [الزخرف: 19] وقوله تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} وقوله تعالى: {جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا}، {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا} وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لم يجعل شفاعكم فيما حرم عليكم" وقوله: "ومن جعل الله همومه همًا واحدًا" ففي كلها معنى الانصراف مراعى، ثم إنه كان أعتقها. ثم تزوجها تحصيلًا للأجرين، كما مر في "كتاب العلم". وفي الحديث لفظان: الأول: أعتقها وتزوجها؛ والثاني: جعل عتقها صداقها، والأول أقرب إلى نظر الحنفية، لأنه يدل على التزوج، بالطريق المعهود،. ومالنا أن نحمل التزوج على غير المعروف، والمعروف هو النكاح بالمهر. وأما قوله: جعل عتقها صداقها، فظاهره مؤيد للشافعية، وحاصل ما ذكرت أن وزانه وزان قوله: وخيل قد دلفت لهم بخيل ... تحية بينهم ضرب وجيع مر عليه عبد القاهر. وقرر أنه ليس من باب التشبيه، ولا من الاستعارة، بل هو من باب وضع شيء مكان شيء، وسماه بعضهم ادعاء، وليس بمرضي عندي، وقد مر تفصيله، فالإعتاق في الحديث وضح موضع المهر -كالضرب الوجيع- موضح التحية في القول المذكور، فاعلمه، ولا تعجل في إنكار ما لم تدركه. ثم ما يقول (¬1) الشافعية فيما رواه النسائي ص 86 - ج 2، عن أنس قال: تزوج أبو طلحة ¬

_ = واتفقوا على أن الملتقط لا يرث من اللقيط إلا ما يروى عن إسحاق بن راهويه، فحملوه على أن ميراثه يكون لبيت المال، ثم يكون هذا الرجل أولى بأن يصرف إليه ذلك من جانبه، إلا أن ماله لما عاد إليها -ولو بعد هذه الاعتبارات- عبر عنه الراوي بكونه ميراثًا لها، فإنه صار ملكًا لها آخرًا، كالميراث، لم تغيره هذه الاعتبارات -فالراوي لا يراعي التحويلات التي وقعت في البين، لأنها ربما تكون اعتبارات، ولكن يأخذ بالحاصل، وهو صنيعه في استقراض الحيوان بالحيوان، كما مر تقريره في "البيوع" وهذا الذي أراده من كون العتق والإسلام مهرًا. (¬1) وفي "التمهيد" قال مالك، وأبو حنيفة، وأصحابهما، والليث: لا يكون القرآن، ولا تعليمه مهرًا، وهو أولى ما قيل به في هذا الباب، لأن الفروج لا تستباح بالأموال، لقوله تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} ولذكره تعالى في النكاح -الطول- وهو المال، والقرآن ليس بمال، ولأن تعليم القرآن من المعلم والمتعلم يختلف، ولا يكاد يضبط، فأشبه المجهول، ومعنى أنكحتكها بما معك من القرآن، أي لكونه من أهل القرآن، على جهة =

أم سليم فكان صداق ما بينهما الإسلام، أسلمت أم سليم قبل أبي طلحة، فخطبها، فقالت: إني قد أسلمت، فإن أسلمت نكحتك، فأسلم، فكان صداق ما بينهما، اهـ. فهل يقول أحد بكون الإسلام صداقًا. قوله: (وفي أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل) اسمه قزبان. قوله: (ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان الخ)، وكان شيخنا يضحك من هذا اللفظ، ويقول: الإجزاء ههنا، كالإجزاء عند الدارقطني في قوله: "لا تجزىء صلاة من لم يقرأ بأم القرآن، وزعمه الشافعية أصرح حجة على أن -لا- في قوله: "لا صلاة لمن لم يقرأ" إلخ، لنفي الأصل، لا لنفي الكمال، قلت: كيف يسوغ للحنفية أن يحملوا فيه الإجزاء أيضًا على نفي الكمال؟! كما في هذا الحديث، فإن نفي الإجزاء فيه ليس إلا على نفي الكمال. قوله: (إن الرجل ليعمل) إلخ، جاء فيه بأنواع التأكيد كلها: إن ولام التأكيد، والمضارع للاستمرار التجددي، ففيه استغراق بليغ، وحينئذ يشكل أن كل من كان على هذه الصفة كيف يكون من أهل النار؟! فما معنى الاستغراق؟ قلت: تقديم المسند إليه قد يكون للندرة أيضًا، كما في قوله: إن الكذوب قد يصدق، وكذا في قوله: الشهر يكون تسعًا وعشرين، أي قد يكون، ومن هذا الباب قوله: إن الرجل ليعمل، إلخ، وإن الله ليؤيد دينه بالرجل الفاجر، فإذن لا إشكال في ندرته، ذكره عبد القاهر من فوائد تقديم المسند إليه، فرجعه. قوله: (فوضع سيفه بالأرض، وذبابه بين ثدييه) وفي رواية أنه استعجل موته بسهمه. قوله: (أربعوا على أنفسكم، أنكم لا تدعون أصم، ولا غائبًا) ليس فيه النهي عن الجهر، بل فيه كونه لغوًا، لأن الذي تدعونه أقرب إليكم من حبل الوريد، فلا تلقوا أنفسكم في العناء، ففيه إجزاء السر، لا النهي عن الجهر، وفي -البزازية والخيرية-، أن رفع الصوت بالذكر جائز، ولعلهم رفعوا أصواتهم، لأنهم علموا من قبل أن السنة عند الصعود الرفع، وعند النزول الخفض، ولكنهم لما بالغوا فيه نهاهم عنه. ثم اعلم أنه أشكل عليه قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} فإن المأمور به فيه آخر، هو المنهى عنه أولًا. فإن الجهر فقهًا هو أن تسمع من كان قريبًا منك، والمخافتة أن تسمع نفسك فقط، فما الابتغاء بين السبيلين، فإنه لا يكون إلا جهرًا. فحمله بعض على التوزيع، أي لا تجهر بصلاتك في السرية. ولا تخافت بها في الجهرية، والوجه عندي أن ¬

_ = التعظيم للقرآن، كما روى أنس بن مالك: زوج أم سليم أبا طلحة على إسلامه، وسكت عن المهر، لأنه معلوم أنه لا بد منه، وجوز الشافعي، وأصحابه أن يكون تعليم القرآن، وسورة منه مهرًا، فإن طلق قبل الدخول يرجع بنصف أجر التعليم في رواية المزني، وقال الربيع، والبويطي: بنصف مهر مثلها لأن تعليم النصف لا يوقف على حده، فإن وقف عليه جعل امرأة تعلمها، وأكثر أهل العلم لا يجيزون ما قاله الشافعي، ودعوى التعليم على الحديث دعوى باطل لا تصح، اهـ. قلت: ومن ألفاظه عند النسائي، فإن تسلم فذاك مهري، لا أسألك غيره، فأسلم، فكان ذلك مهرها.

الجهر في الآية هو الجهر اللغوي (بكارنا) وهو رفع الصوت دون الفقهي، فالمعنى أن لا تجهر بصلاتك جهرًا شديدًا، وكذلك لا تخافت بها، بحيث لا تسمع نفسك أيضًا على ما هو المخافتة لغة. بل اتخذ بين ذلك سبيلا، فيسمع أصحابك منك، فهذا القدر هو المأمور به في الآية، أي الأمر بين الأمرين، وهو معنى قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ}، وسيجيء تقريره في التفسير بوجه أبسط من هذا. قوله: (لا حول ولا قوة إلا بالله) ولما كانت تلك الكلمة من الكنوز، ويليق بها الإخفاء والستر. لم يذكر ثوابها في الأحاديث. بخلاف التسبيح، والتحميد، والتكبير. قوله: (فرأى طيالسة، كأنهم الساعة يهود خيبر) والطيلسان ثوب كان العرب يلقونه على رءوسهم، وفيه دليل على أن الطيلسان كان من سيماء اليهود، فهل يكون مكروهًا؟ فحقق السيوطي في رسالة تسمى "بكف اللسان، عن ذم لبس الطيلسان" استحبابه، وادعى أن الصالحين كانوا يستعملونه، وكتب أن الشيخ ابن الهمام كان يلبسه، أما قوله: -كأنهم الساعة يهود خيبر- فبيان للواقع فقط، بدون إشعار منه بالكراهية، وكان الشيخ كمال الدين، أبو السيوطي أوصى الشيخ ابن الهمام أن ينظر في أمر ابنه، ويتعاهده بعده، فكان السيوطي في حجره، وكان الشيخ يمسح رأسه، كأنه يتأول الحديث في ذلك، فلم يلبث الشيخ أن توفي بعد برهة، فما ينقل الشيخ السيوطي عن وقائعه، إنما هي من زمن ملازمته في تلك المدة اليسيرة. قوله: (فأعطاه، ففتح عليه) وفي "حلية الأولياء" لأبي نعيم الأصبهاني، أن الباب الذي نزعه عليٌّ يوم خيبر، ورمى به، رفعه تسعة رجال بعده، وفي روايات: أربعة رجال، وفي بعضها: اثنان، وما سوى ذلك مما اشتهرث فيه مبالغات الناس، فشطط (¬1). قوله: (حتى يكونوا مثلنا، أي مسلمين) فلا نكف عنهم القتال دونه، على حد قوله تعالى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ} الآية. قوله: (أنفذ على رسلك) لما أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - عليًا رايته يوم خيبر، بادر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالسؤال عن القتال فيهم، حتى يكونوا مثله مسلمين، فهداه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ما كان أحسن له منه، وهو أن يمهلهم حتى يدعوهم إلى الإسلام، ثم علله بقوله: فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا، إلخ؛ وليس له كثير ربط مما قبله في الظاهر، لأنه لا ينافي ما قصده عليّ، والسر فيه أن رب شيء يكون له ارتباط في الكلام من جهة السياق، والسباق، فإذا دون في الكتب رؤى غير مرتبط، ¬

_ (¬1) قال: وذكر ابن إسحاق من حديث أبي رافع، قال: خرجنا مع علي حين بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برايته، فضربه رجل من اليهود، فطرح ترسه، فتناول علي بابًا كان عند الحصن، فتترس به عن نفسه، حتى فتح الله عليه، فلقد رأيتني، وأنا في سبعة، وأنا ثامنهم نجهد، على أن نقلب ذلك الباب، فما نقلبه، وللحاكم من حديث جابر أن عليًا حمل الباب يوم خيبر، وأنه جرب بعد ذلك، فلم يحمله أربعون رجلًا، والجمع بينهما أن السبعة عالجوا قلبه، والأربيعن عالجوا حمله، والفرق بين الأمرين ظاهر، وكان اسم الحصن الذي فتحه عليّ -القموص-، وهو من أعظم حصونهم، اهـ، وقد علمت غير مرة أن الشيخ لم يكن يتصدى إلى وجوه التوفيق بين أوهام الرواة.

لفقدان السياق، ولأن نوع الارتباط في الكلام، غير نوع الارتباط في التأليف، وبتباين النوعين يجيء الخبط. قوله: (يحوي لها وراءه) كان من عادتهم أنهم يشدون ثوبًا على سنام البعير، ليأخذه من يجلس خلفه. قوله: (نهى عن متعة النساء يوم خيبر) واعلم (¬1) أن الرواية في إباحة المتعة على أنحاء، يعلم من بعضها أن إباحتها كانت في تبوك (¬2)، وفي بعضها أنها كانت في فتح مكة، وفي أخرى أنها كانت يوم خيبر، والصواب أن ذكر تبوك وهم. وإنما أحلت في فتح مكة. ثم نهي عنها، وحقق ابن القيم في "زاد المعاد" أن ذكر النهي عنها يوم خيبر لا يصح بحال، واشتبه عليه الحال، حيث كان قوله يوم خيبر متعلقًا بالنهي عن لحوم الحمر فقط، فجعله متعلقًا بالنهي عن المتعة أيضًا، كيف: وأن النساء كلهن يؤمئذ، لم يكن إلا من اليهود، والصحابة لم يكونوا يستمتعون باليهوديات، وأما من ذكرها في حجة الوداع، فقد تكلم بكلام يشبه الأغلوطات، فإن المراد منها متعة الحج، دون متعة النكاح، ثم إن المتعة هي نكاح بلفظ المتعة، بضرب مدة بلا شاهدين، بخلاف النكاح المؤقت، ويحث (¬3) هناك الشيخ ابن الهمام، وقال: إن المعاني الفقهية لا تدور ¬

_ (¬1) قلت: ومما ينبغي أن يعلم أن المتعة مما وقع فيه النسخ مرتين، كالقبلة، على ما حرره النووي، حيث قال: إنه حرمها يوم خيبر، وفي عمرة القضاء، ثم أباحها يوم الفتح للضرورة، ثم حرمها يوم الفتح أيضًا تحريمًا مؤبدًا، اهـ، وبهذا تجتمع الروايات في ذلك، قال القاضي عياض: ويحتمل ما جاء من تحريم المتعة يوم خيبر، وفي عمرة القضاء، ويوم الفتح، ويوم أوطاس أنه جدد النهي في هذه المواطن، لأن حديث تحريمها يوم خيبر صحيح، لا مطعن فيه، بل هو ثابت من رواية الثقات والأثبات، لكن في رواية سفيان أنه نهى عن المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر، فقال بعضهم: هذا الكلام فيه انفصال، ومعناه أنه حرم المتعة، ولم يبين زمن تحريمها، ثم قال: ولحوم الحمر الأهلية يوم خيبر، فيكون يوم خيبر لتحريم الحمر الأهلية خاصة، ولم يبين وقت تحريم المتعة، ليجمع بين الروايات، قال هذا القائل: هذا هو الأشبه، قال القاضي: هذا أحسن لو ساعده سائر الروايات: عن غير سفيان، إلخ، "نووي". قال الحافظ في "الفتح" الظاهر أن قوله: زمن خيبر ظرف للأمرين، وحكى البيهقي عن الحميدي أن سفيان بن عيينة كان يقول: قوله: يوم خيبر يتعلق بالحمر الأهلية، لا بالمتعة، قال البيهقي، وما قاله محتمل، يعني في روايته هذه، وأما غيره، فصرح أن الظرف يتعلق بالمتعة، اهـ. قلت: وما ذكره الحافظ عن سفيان هو الذي ذكره ابن القيم في "الهدى، في فصل المتعة" وقد بسطه من قبل في غزوة الفتح، وهو المحرر عند الشيخ. (¬2) رواه إسحاق بن راشد عن الزهري عن عبدالله بن محمد بن علي عن أبيه عن علي، قال النووي: وهذا غلط منه، ولم يتابعه أحد على هذا، رواه مالك في "الموطأ" وسفيان بن عيينة، والعمري، ويونس، وغيرهم عن الزهري، وفيه يوم خيبر. (¬3) قلت: قال الشيخ ابن الهمام: ولا دليل لهؤلاء على تعيين كون نكاح المتعة الذي أباحه - صلى الله عليه وسلم -، ثم حرمه، هو ما اجتمع فيه مادة "م - ت - ع" إلى أن قال: ولم يعرف في شيء من الآثار لفظ واحد ممن باشرها من الصحابة، بلفظ: تمتعت بك، ونحوه، اهـ. فلينظر فيه، ثم نظرت في سجود التلاوة من "فتح القدير" لأعلم ماذا إيراده في المسألة الثانية، فوجدته قد تعرض إلى المسألة، إلا أني لم أجد فيه إيرادًا عنه، فلينظر؛ فلعله يكون في تصنيف أخر له، أو وقع مني السهو، عند الأخذ عنه والله تعالى أعلم بالصواب.

على خصوص الحروف، فإذن لا فرق بين المتعة والنكاح المؤقت، لكونهما عبارتين عن معنى واحد، وقد قال نحوه في موضع آخر، وهي مسألة أداء السجدة بهيئة الركوع، وتمسك لها الحنفية بما في القرآن من قصة سجدة داود عليه الصلاة السلام، بأن القرآن عبر عن سجوده بالركوع، فدل على أن الركوع ينوب عن السجود، ونعم الاستنباط هو، لكن الشيخ لم يرض به، واعترض عليه بأن المراد من الركوع إذا كان هو السجود، فبقي لفظ -الراء، والكاف، والواو، والعين- حشوًا بمعزل عن النظر، فلا يصح التفريع المذكور؛ قلت: والصواب عندي أن الاستنباط لطيف لطيف، وبحث الشيخ ساقط، أما أولا فلأن شأن القرآن أرفع من أن لا يؤخذ بتعبيره، وأما ثانيًا، فلأنا قد رأيناهم اعتبروا بالألفاظ في باب النكاح، ولم ينظروا فيه إلى مجرد المسمى، فحكموا بانعقاد النكاح من بعض الألفاظ دون بعض، فدل على أن بعض الأحكام يدور على الألفاظ أيضًا، فسقط بحث الشيخ، ثم إن المتعة منسوخة إجماعًا، وما نسب إلى ابن عباس، فليس (¬1) بمحقق أيضًا، قلت: وما ظهر لي في هذا الباب، وإن لم يقله أحد قبلي أن المتعة بالمعنى المعروف لم تكن في الإسلام قط، ولكنها كانت نكاحًا بمهر قليل، لا بنية الاستدامة، بل بإضمار الفرقة في النفس بعد حين، والظاهر أن تحديد المهر بعشرة دراهم كان بعده. وهذا النوع من النكاح يجوز اليوم أيضًا، إلا أنه يحظر عنه ديانة، لإضمار نية الفرقة، ويؤيده ما عند الترمذي: ص 133 - ج 1 عن ابن عباس بإسناد فيه كلام، كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة، فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم، فتحفظ له متاعه، وتصلح له شيئه، فهذا صريح في أنه كان نكاحًا، مع إضمار الفرقة، وأما التخصيص بثلاثة أيام، كما في بعض الروايات، فليس لما فهموه، بل الوجه فيه أن المهاجرين لم يكونوا رخصوا في إقامتهم بمكة بعد الحج، فوق ذلك، فجاء إجازة المتعة لثلاثة أيام لهذا، لا لأن المتعة أحلت لثلاثة أيام، فليس الفرق إلا أن النكاح مع نية عدم الاستدامة كان مرخصًا في أول الأمر، ثم عاد الأمر إلى أصله كما كان، ولم يرخص فيه أيضًا؛ فهذا هو المتعة عندي، أما إن المتعة بالمعنى الذي زعموه، فما ¬

_ (¬1) قلت: روى الترمذي عنه قال: إنما كانت المتعة في أول الإسلام، حتى نزلت الآية {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} قال ابن عباس: فكل فرج سواهما، فهو حرام، وفي "المرقاة" يقول سعيد بن جبيرحين قال له: لقد سارت بفتياك الركبان، وقال فيها الشعراء، قال ابن عباس: وما ذاك؟ قال قالوا: قد قلت للشيخ لما طال مجلسه: ... يا صاح هل لك في فتوى ابن عباس؟ وهل لك في رخصة الأطراف آنسة، ... تكون مثواك حتى مصدر الناس؟ فقال: سبحان الله! ما بهذا أفتيت، وما هي إلا كالميتة، والدم، ولحم الخنزير، ولا يحل إلا للمضطر، وهكذ ذكره الخطابي في "معالم السنن" ص 193، ثم قال الخطابي: إنه سلك فيه مذهب القياس، وشبه بالمضطر إلى الطعام، وهو قياس غير صحيح، لأن الضرورة في هذا الباب لا تتحقق، كهي -في باب الطعام- الذي به قوام الأنفس، وبعدمه يكون التلف، وإنما هذا من باب غلبة الشهوة، ومصابرتها ممكنة، وقد تحسم مادتها بالصوم والعلاج، فليس أحدهما في حكم الضرورة، كالآخر. ونقل الخطابي قبيل هذا أن ابن عباس كان يتأول في إباحته للمضطر إليه بطول الغربة، وقلة اليسار، والجدة، ثم توقف عنه، وأمسك عن الفتوى به.

لا أراه أن يكون أبيح في الإسلام قط، وقال بعضهم في فسخ الحج إلى العمرة أيضًا نحوه، فأنكروه رأسًا، كما أنكرت المتعة في الإسلام، غير أني تفردت بإنكار المتعة، أما في فسخ الحج إلى العمرة، فقد سبق فيه ناس قبلي بمثله، واختار الجمهور أنه كان، ثم نسخ. قوله: (ورخص في الخيل) وهي حرام عند مالك، مباح عند الشافعي، وأحمد. ومكروها (¬1) عند فقهائنا، إما كراهة تحريم، كما هو عند محدثينا، أو كراهة تنزيه كالضب عند مشايخنا، وللثاني دليل عند أبي داود، وإسناده ليس بساقط عن خالد بن الوليد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن أكل لحوم الخيل، وفي إسناده بقية، إلا أن روايته عن الشاميين مقبولة، وهي ههنا عن الشاميين، على أن البخاري أيضًا حسن روايته في موضع، غير أن فيها تصريح بالتحديث، وههنا معنعنة، قلت: والأولى عندي أن يكون لحم الخيل، والضب، والضبع كلها بين كراهة التنزيه، والتحريم، وهذه مرتبة ذكرها صدر الإسلام أبو اليسر. قوله: (لأنها كانت تأكل العذرة) مع أنه قد مر في متن الحديث تعليله - صلى الله عليه وسلم - بكونه رجمًا، وقد أخرج ابن عباس فيه احتمالًا آخر، يجيء عند البخاري بعد ثلاثة أحاديث، قال: لا أدري أنهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أجل أنه كان حمولة الناس، فكره أن تذهب حمولتهم، أو حرم، في يوم خيبر لحم الحمر الأهلية، اهـ. فاختلف الصحابة في تعليل النهي على ثلاثة أوجه، فذهب بعضهم إلى أن النهي كان، لأنها كانت تأكل العذرة، وقال قائل: إنه لمخافة أن تذهب حمولة الناس، وقيل: بل لكونها لم تخمس، مع أنه قد مر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه أنها رجس. قوله: (قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر، للفرس سهمين، وللراجل سهمًا) وظاهره موافق للجمهور، وإمامنا متفرد فيه، وأطنب الكلام الزيلعي في -تخريج الهداية-؛ قلت: والذي يتنقح بعد المراجعة إلى الألفاظ أنه أعطى للفرس سهمين، وللفارس ثالثها، وإن كان ظاهر تقابل ¬

_ (¬1) قال الطحاوي: ففي حديث خالد النهي عن لحوم الخيل، فأما أكثر الآثار المروية في لحوم الخيل، والصحيح منها، فما روي في إباحة أكل لحومها، ثم نقل بالإسناد عن أبي حنيفة، قال: أكره لحوم الفرس، وجعل ذلك مقتضى القياس، حيث أن الأنعام المأكولة ذوات خفاف وأظلاف، والحمر الأهلية والبغال ذوات حوافر، وقد نهينا عن أكل لحومها، وكان الخيل المختلف في أكل لحومها ذوات حوافر، فكان أشبه بالحمر، والبغال، ثم نقل عن مالك أنه قال: أحسن ما سمعت فيها أنها لا تؤكل، لأنه تعالى قال: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} وقال تعالى في الأنعام: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} وقال تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} قال مالك: فذكر الله عز وجل الخيل، والبغال، والحمير للركوب والزينة، وذكر الأنعام للركوب والأكل منها، وقال مالك: وذلك الأمر عندنا، وأما أبو يوسف، ومحمد فذهبا إلى إباحة أكل لحومها، قال الطحاوي: وفيما احتج به مالك نظر، لأن كونها مخلوقة للركوب والزينة، لا ينافي كونها مخلوقة للأكل، كما قال تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} فلم يكن ذلك مانعًا أن يكون خلقهم لغير ذلك، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} وفي حديث أبي هريرة أنه بينما رجل يسوق بقرة قد حمل عليها، التفتت إليه البقرة، فقالت: إني لم أخلق لهذا، إنما خلقت للحرث، اهـ. ولم يمنع ذلك كونها مخلوقة للأكل أيضًا كذلك، فليقس عليه أمر الخيل اهـ.

الفرس بالراجل يقتضى أن يكون المراد منه الفارس بفرسه، وقد أجاب الناس عنه بأنحاء، والأقرب (¬1) عندي أن يحمل على التنفيل، وهذا الباب غير منضبط، يتخير فيه الإمام أن ينفل بما شاء إلا إذا رجع إلى دار الإسلام، فإنه ليس له أن ينفل إلا في الخمس، لتعلق حق الغانمين في أربعة. أخماس، ولنا ما عند أبي داود في حديث مجمع بن جارية، أن خيبر قسمت على أهل الحديبية، فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ثمانية عشر سهمًا، وكان الجيش ألفًا وخمسمائة، فيهم ثلاثمائة فارس فأعطى الفارس سهمين، وأعطى الراجل سهمًا، اهـ. ولا يستقيم (¬2) الحساب المذكور إلا على مذهب أبي حنيفة، لأن سهام الفرسان على تقرير الجمهور تكون تسعة، وسهام الرجالة اثنا عشر. فالمجموع يكون واحدًا وعشرين، مع أنه كان قسمه على ثمانية عشر سهمًا. فلا يكون للفارس إلا ستة أسهم، لكل مائة سهمان: فإن قلت: وما في البخاري من التقسيم يخالفه، قلت: وقد تكلمنا عليه مرة ونقول الآن: إن ماعند أبي داود، ففيه قصة مفصلة، فتدل على أن الراوي قد حفظها ألبتة، فينبغي أن تراعى أيضًا، أما المحدثون فلا بحث لهم عن هذه الأمور، وإنما همهم في النظر إلى حال الأسانيد فقط، ولا ريب أن الأسانيد أيضًا مهمة، إلا أن قصر الأنظار عليها، وقطع النظر عن القرائن، ليس من الطريق الصواب، بل قد عاد مضرة، فإذن نقول: إن ما يذكره الراوي في أبي داود، هو حال قسمة أراضي خيبر، ولما كان العقار أعز الأموال، روعي في قسمتها الأصل، ولم يسامح فيها، وأما قسمة العروض والمنقولات. فكما في البخاري: أعطي منها للفارس ثلاثة ثلاثة، لكونها مما يجري فيه التسامح، فإنها غادية ورائحة. قوله: (إنما بنو هاشم، وبنو المطلب شيء واحد) كان بنو هاشم، وبنو المطلب، ونوفل، ¬

_ (¬1) قلت: وهذا الجواب اختاره الرازي في "أحكام القرآن" وقال: إن السهم الزائد كان على وجه النفل، كما روى سلمة بن الأكوع، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعطاه في غزوة ذي قرد سهمين: سهم الفارس، والراجل، وهو كان راجلًا يومئذ، وكما روي أنه أعطى الزبير يومئذ أربعة أسهم، وهذه الزيادة كانت على وجه النفل تحريضًا لهم على إيجاف الخيل، ثم إن رواية مجمع بن جارية يعارضها ما روي عن ابن عباس، قال: قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم، إلخ، ويمكن الجمع بينهما بأن يكون قسم لبعض الفرسان سهمين، وهو المستحق، وقسم لبعضهم ثلاثة أسهم، وكان السهم الزائد على وجه النفل، وأما ما روي عن ابن عمر مرفوعًا: للفارس ثلاثة أسهم، فقط روي عنه خلافه أيضًا، ويمكن الجمع أن يكون أعطى سهمين، وهو المستحق، ثم أعطاه في غنيمة أخرى، ثلاثة أسهم، وكان الزائد على وجه النفل، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمنع المستحق، وجائز أن يتبرع بما ليس بمستحق على وجه النفل، اهـ. ملخصًا، ومختصرًا؛ قلت: واحتج العيني بروايات فيها الواقدي، مع نقل توثيقه من علماء هذا الشأن: ص 606 - ج 6 "عمدة القاري"، وقد تكلمنا عليه في الجهاد - في باب سهام الفرس وذكرنا فيه ملخص كلام المارديني، فراجعه، فإنه أيضًا مهم. (¬2) قال ابن الملك: وهذا مستقيم على قول من يقول: لكل فارس سهمان، لأن الرجالة على هذه الرواية تكون ألفًا، ومائتين، ولهم اثنا عشر سهمًا، لكل مائة سهم، وللفرسان ستة أسهم، لكل مائة سهمان، فالمجموع ثمانية عشر سهمًا، وأما على قول من قال: للفارس ثلاثة أسهم، فمشكل، لأن سهام الفرسان تسعة، وسهام الرجالة اثنا عشر، فالمجموع أحد وعشرون سهمًا.

وعبد شمس أربعة إخوة، وكان الأولان منهم حلفاء فيما بينهم، من زمن الجاهلية إلى الإسلام، وكذلك بنو نوفل، وعبد شمس كان أحدهما ردءًا للآخر، ولما لم يكن عثمان هاشميًا، ولا مطلبيًا، لم يقسم له النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: إني قسمت للمطلبي، لأن المطلبي، والهاشمي موالي بعضهم لبعض، بخلاف النوفلي، والعبدي. قوله: (ومنهم حكيم) إلخ، أي رجل حكيم (مرددانا)، فذكر من حزمه أنه كان إذا لقي العدو، ورّى بما في الحديث، واستنقذ نفسه منهم. قوله: (شراك، أو شراكين من نار) واعلم أن الشيء قد يكون موصوفًا بالنارية، ثم لا يكون صاحبه هالكًا، وذلك لخطأ في اجتهاده، أو لعارض غير ذلك، ألا ترى أن هذا الرجل قد جاء بالشراك، أو الشراكين، فقد تاب توبة نصوحًا، فكيف يكون من أصحاب النار، فهذا في الحقيقة وصف تحقق في جنسه، وإن تخلف عن خصوص هذا الموضع لعارض، ونظيره ما في -مستدرك الحاكم- أن رجلًا جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله مرة بعد أخرى، فأعطاه كل مرة فلما أدبر الرجل، قال: السؤال جمرة من النار، فمن شاء فليستقل، ومن شاء فليستكثر (بالمعنى)، فلا ريب أن شأن السؤال كان كما أخبره، أما هذا الرجل خاصة، فيمكن أن يكون عفى عنه لأمر خاص به، ونظيره مسألة قضاء القاضي بشهادة الزور، ويجيء تقريرها في محلها، فقد ورد فيه أن بعضكم ألحن من بعض في حجته، فمن أقطع له من أخيه شيئًا، فإنما أقطع له قطعة من النار، فهذا أيضًا وصف باعتبار الجنس، ويمكن أن تتخلف عنه النارية، لأجل خصوص حكم النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكنه يوصف بالنارية في الحالة الراهنة أيضًا، لا بمعنى تحقق هذا الوصف في خصوص هذا المقام. بل بمعنى تحققه في الجنس، والشيء قد يتصف باعتبار حاله في الجنس أيضًا، ومن هذا الباب قوله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها، وصف للفاتحة باعتبار تحققها في جنس صلاة المصلي، لا باعتبار المقتدى خاصة، كما قررنا سابقًا فتذكره. أما مسألة قضاء القاضي، فيجيء بيانها في آخر الكتاب. قوله: (بيانًا) (بي جائداد) وكذلك الخيار في الأراضي المفتوحة، إلى الإمام عندنا إن شاء قسمها بين الغانمين أيضًا، كالمنقولات. وإن شاء أمسكها. قوله: (كما قسم خيبر) وفي أراضي خيبر تدافع بين كلامي صاحب "الهداية"، فكتب في السير أن خيبر كان قسم بين الغانمين، وفي المزارعة أنه كان فيه خراج المقاسمة، قلت: والأرض في خراج المقاسمة تكون لمن زرعها، فدل على أن أرضه لم تكن قسمت بينهم، بل كانت باقية على أملاك أهل خيبر، وأجاب عنه شيخ الهند أن أراضيه، وإن كانت لبيت المال، ولكنه عومل معهم كما يعامل مع المالكين، فحدثت صورة خراج المقاسمة، وحاصله أن خراج المقاسمة، لم يكن حقيقة بل صورة، وراجع التفصيل من "المبسوط". قوله: (هذا قاتل ابن قوقل) وابن قوقل صحابي، وكان أبان قتله في الجاهلية. قوله: (وبر) حيوان له صوف. قوله: (قدوم الضأن) اسم جبل كان أبو هريرة يسكن عنده.

باب استعمال النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهل خيبر

قوله: (حزم) (تنك). قوله: (فوجدت) (ملال ليا). قوله: (ولم يؤذن بها) لأنها كانت أوصت به. قوله: (فهجرته، ولم تكلمه) أي في ذلك الأمر، ولكن لم يذهب الشارحون إلى هذا المعنى. ولو ذهبوا إليه لتخلصوا عن إشكال الجهال. قوله: (ولم ننفس عليك) (هم ني ريس نهين كى). قوله: (موعدك العشية للبيعة) قال الأشعري: إنه يكفي للبيعة الرجل، والرجلان، فإن كان على تأخر عن بيعة أبي بكر، فقد كان ألوف من الصحابة قد بايعوه، وأما وجه تأخر علي عن بيعته، فما في البخاري أنه أحس من أبي بكر استبدادًا في أمر الخلافة، وكان له طمع أن يدخل هو أيضًا في المشورة لقرابته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما في البخاري: ص 609 - طبع الهند-، تشهد علي، فقال. إنا قد عرفنا فضلك، وما أعطاك الله، ولم ننفس عليك خيرًا ساقه الله إليك، ولكنك استبددت علينا، الخ. وما كان لأبي بكر أن يستبد فيه، ولذا لما سمع من مقالته فاضت عيناه من شدة الوجد، ويعلم من تفسير "الإتقان" وجه آخر، وقد أخرج فيه السيوطي أثرًا، وصححه أن عليًا كان حلف بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يخرج من البيت حتى يجمع القرآن، فكان فيه إلى ستة أشهر، وهو مدة حياة فاطمة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا يدل على أن عدم خروجه إلى البيعة كان لأمر آخر. باب استعمال النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهل خيبر قوله: (بع الجمع بالدراهم) وفيه حيلة لإسقاط الربا، فهذا أصل لجواز الحيل، لا يمكن إنكاره، كما لا يمكن القول بجواز جميعها، وقد بحث فيه الفقهاء، قلت: وذلك خارج عن وسعنا، فإنا لا نقدر أن نعين مراتب الجواز وعدمه، مع القطع بجواز بعضها دون بعض، فهو موكول إلى رأي المجتهدين، وراجع لفظ الخطابي من "المشكاة"، وعقد قاضي خان بابًا مستقلًا لحيل الربا، وهو من أجلة أصحاب التصحيح، والترجيح ذكره العلامة القاسم في كتاب "التصحيح والترجيح". باب الشاة التي سمت للنبي - صلى الله عليه وسلم - وكان بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم أيضًا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك الطعام، فتوفي منهم رجل، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - بقي حيًا، واستكمل حياته التي كتبها الله له، حتى ظهر أثره في آخر عمره، فوجد منه انقطاع أبهره، وحصلت له الشهادة (¬1) الباطنية. ¬

_ (¬1) أخرج الحافظ في -باب مرض موت النبي - صلى الله عليه وسلم -- عن الواقدي قصة الشاة الي سمّت. فقال في آخرها: وعاش بعد ذلك ثلاث سنين، حتى كان وجعه الذي قبض فيه، وتوفي شهيدًا، اهـ: ص 92 - ج 8 "فتح الباري" =

85 - باب مرض النبى - صلى الله عليه وسلم - ووفاته

وكان بعضُ الصحابة رضي الله تعالى عنهم أيضًا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على ذلك الطعام، فَتُوُفِّي منهم رجلٌ، ولكن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بقي حيًّا، واستكمل حياته التي كَتَبَهَا اللهُ له، حتَّى ظَهَرَ أثره في آخر عمره، فوجد منه انقطاع أَبْهَرِهِ، وحَصَلَتْ له الشهادةُ الباطنيةُ، إذ لم تكن الشهادةُ الظاهريةُ تُنَاسِبُ له، فَأَبْدَلَهُ الله تعالى تلك بتلك. وفي "مجمع البحار (¬1) " تحت لفظ التوفِّي، ذيل تلك الحادثة: أن الصحابةَ الذين أَكَلُوا معه الشاةَ المسمومةَ، توفُّوا، فَدَلَّ على وفاة أكثر الصحابة رضي الله تعالى عنهم الآكلين، مع أن في الرواية وفاةُ رجلٍ منهم. قلتُ: إن التوفِّي بمعنى إكمال العمر، فليس التوفِّي في حقِّهم بمعنى أنهم ماتوا، بل بمعنى أنهم كمَّلُوا أعمارَهُم، وأُخِّرُوا إلى آجالهم، فاندفع التعارُض. 85 - باب مَرَضِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَوَفَاتِهِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31)} [الزمر: 30 - 31]. 4428 - وَقَالَ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِى مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ «يَا عَائِشَةُ مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِى أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ، فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِى مِنْ ذَلِكَ السَّمِّ». تحفة 16724 - 11/ 6 4429 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِى الْمَغْرِبِ بِپ (الْمُرْسَلاَتِ عُرْفًا) ثُمَّ مَا صَلَّى لَنَا بَعْدَهَا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ. طرفه 763 - تحفة 18052 ¬

_ = ملخصًا؛ قلت: قد ثبت إطلاق التوفي على الشهادة أيضًا، كما في "المشكاة" في الفصل الثالث من أشراط الساعة، برواية البيهقي عن جابر، قال: فقد الجراد في سنة من سني عمر التي توفي فيها، الخ. وقد علم أنه توفي وفاة شهادة، وكذا ورد في والد جابر أن أبي توفي، مع أن والده استشهد في أحد، أخرجه البخاري في "باب إذا وكل رجلًا أن يعطى شيئًا". (¬1) قلت وفي تكملة مجمع البحار للشيخ محمد طاهر، في مادة -وفا- وتفي أصحابه الذين أكلوا الشاة ظاهره لا يلائم ما روي أنه لم يصب أحدًا منهم بشيء. اهـ. ص 176 - ج 4؛ قلت: والذي يعلم من -الفتح- أنه توفى منهم رجل، وهو بشر بن البراء، وكان أكل مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأساغ لقمته، وأمسك بقية أصحابه، لكن عند أبي داود، والدارمي، كما في "المشكاة - من باب المعجزات" عن جابر، فأكل منها، وأكل رهط من أصحابه معه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ارفعوا أيديكم، وفيه: وتوفى أصحابه الذي أكلوا من الشاة، اهـ. ثم إنهم اختلفوا في قتل تلك اليهودية التي سمت، على عدة أقوال بسطها العيني: ص 196 - ج 7 من "كتاب الجهاد"، وتعرض إليه الحافظ في "الفتح" أيضًا، فراجعه.

4430 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يُدْنِى ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ إِنَّ لَنَا أَبْنَاءً مِثْلَهُ. فَقَالَ إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ تَعْلَمُ. فَسَأَلَ عُمَرُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} فَقَالَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْلَمَهُ إِيَّاهُ، فَقَالَ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَعْلَمُ. أطرافه 3627، 4294، 4969، 4970 - تحفة 5456 4431 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَوْمُ الْخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَعُهُ فَقَالَ «ائْتُونِى أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا». فَتَنَازَعُوا، وَلاَ يَنْبَغِى عِنْدَ نَبِىٍّ تَنَازُعٌ، فَقَالُوا مَا شَأْنُهُ أَهَجَرَ اسْتَفْهِمُوهُ فَذَهَبُوا يَرُدُّونَ عَلَيْهِ. فَقَالَ «دَعُونِى فَالَّذِى أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونِى إِلَيْهِ». وَأَوْصَاهُمْ بِثَلاَثٍ قَالَ «أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ». وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ، أَوْ قَالَ فَنَسِيتُهَا. أطرافه 114، 3053، 3168، 4432، 5669، 7366 - تحفة 5517 4432 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَفِى الْبَيْتِ رِجَالٌ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هَلُمُّوا أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ». فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ غَلَبَهُ الْوَجَعُ وَعِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ، حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ. فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ وَاخْتَصَمُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ قَرِّبُوا يَكْتُبُ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالاِخْتِلاَفَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قُومُوا». قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَكَانَ يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ لاِخْتِلاَفِهِمْ وَلَغَطِهِمْ. أطرافه 114، 3053، 3168، 4431، 5669، 7366 - تحفة 5841 - 12/ 6 4433، 4434 - حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِىُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - فِى شَكْوَاهُ الَّذِى قُبِضَ فِيهِ، فَسَارَّهَا بِشَىْءٍ، فَبَكَتْ، ثُمَّ دَعَاهَا فَسَارَّهَا بِشَىْءٍ فَضَحِكَتْ فَسَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ. فَقَالَتْ سَارَّنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ يُقْبَضُ فِى وَجَعِهِ الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ فَبَكَيْتُ، ثُمَّ سَارَّنِى فَأَخْبَرَنِى أَنِّى أَوَّلُ أَهْلِهِ يَتْبَعُهُ فَضَحِكْتُ. [طرفه في: 3623، 3624]. 4435 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ عُرْوَةَ

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّهُ لاَ يَمُوتُ نَبِىٌّ حَتَّى يُخَيَّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَسَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِى مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ وَأَخَذَتْهُ بُحَّةٌ يَقُولُ {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [النساء: 69] الآيَةَ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ. أطرافه 4436، 4437، 4463، 4586، 6348، 6509 - تحفة 16338 4436 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا مَرِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَرَضَ الَّذِى مَاتَ فِيهِ جَعَلَ يَقُولُ «فِى الرَّفِيقِ الأَعْلَى». أطرافه 4435، 4437، 4463، 4586، 6348، 6509 - تحفة 16338 4437 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ إِنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ صَحِيحٌ يَقُولُ «إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِىٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُحَيَّا أَوْ يُخَيَّرَ». فَلَمَّا اشْتَكَى وَحَضَرَهُ الْقَبْضُ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِ عَائِشَةَ غُشِىَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَفَاقَ شَخَصَ بَصَرُهُ نَحْوَ سَقْفِ الْبَيْتِ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ فِى الرَّفِيقِ الأَعْلَى». فَقُلْتُ إِذًا لاَ يُجَاوِرُنَا. فَعَرَفْتُ أَنَّهُ حَدِيثُهُ الَّذِى كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهْوَ صَحِيحٌ. أطرافه 4435، 4436، 4463، 4586، 6348، 6509 - تحفة 16480 4438 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَفَّانُ عَنْ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِى، وَمَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سِوَاكٌ رَطْبٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَأَبَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَصَرَهُ، فَأَخَذْتُ السِّوَاكَ فَقَصَمْتُهُ وَنَفَضْتُهُ وَطَيَّبْتُهُ، ثُمَّ دَفَعْتُهُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَنَّ بِهِ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَنَّ اسْتِنَانًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ، فَمَا عَدَا أَنْ فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَفَعَ يَدَهُ أَوْ إِصْبَعَهُ ثُمَّ قَالَ «فِى الرَّفِيقِ الأَعْلَى». ثَلاَثًا ثُمَّ قَضَى، وَكَانَتْ تَقُولُ مَاتَ بَيْنَ حَاقِنَتِى وَذَاقِنَتِى. أطرافه 890، 1389، 3100، 3774، 4446، 4449، 4450، 4451، 5217، 6510 - تحفة 17496 - 13/ 6 4439 - حَدَّثَنِى حِبَّانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا اشْتَكَى نَفَثَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَمَسَحَ عَنْهُ بِيَدِهِ فَلَمَّا اشْتَكَى وَجَعَهُ الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ طَفِقْتُ أَنْفِثُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، الَّتِى كَانَ يَنْفِثُ، وَأَمْسَحُ بِيَدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْهُ. أطرافه 5016، 5735، 5751 - تحفة 16707 4440 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْغَتْ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، وَهْوَ مُسْنِدٌ إِلَىَّ ظَهْرَهُ يَقُولُ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى وَارْحَمْنِى، وَأَلْحِقْنِى بِالرَّفِيقِ». طرفه 5674 - تحفة 16177

4441 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ هِلاَلٍ الْوَزَّانِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَرَضِهِ الَّذِى لَمْ يَقُمْ مِنْهُ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». قَالَتْ عَائِشَةُ لَوْلاَ ذَلِكَ لأُبْرِزَ قَبْرُهُ. خَشِىَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا. أطرافه 435، 1330، 1390، 3453، 4443، 5815 - تحفة 17346 4442 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِى بَيْتِى، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ وَهْوَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلاَهُ فِى الأَرْضِ، بَيْنَ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَأَخْبَرْتُ عَبْدَ اللَّهِ بِالَّذِى قَالَتْ عَائِشَةُ، فَقَالَ لِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ هَلْ تَدْرِى مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ الَّذِى لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ قَالَ قُلْتُ لاَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ عَلِىٌّ. وَكَانَتْ عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - تُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا دَخَلَ بَيْتِى وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ قَالَ «هَرِيقُوا عَلَىَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ لَعَلِّى أَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ». فَأَجْلَسْنَاهُ فِى مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْقِرَبِ، حَتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا بِيَدِهِ أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ قَالَتْ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَصَلَّى لَهُمْ وَخَطَبَهُمْ. أطرافه 198، 664، 665، 679، 683، 687، 712، 713، 716، 2588، 3099، 3384، 4445، 5714، 7303 - تحفة 16309، 5842 - 14/ 6 4443 و 4444 - وَأَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضى الله عنهم قَالاَ لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ وَهْوَ كَذَلِكَ يَقُولُ «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا. حديث 4443 أطرافه 435، 1330، 1390، 3453، 4441، 5815 - تحفة 16310 حديث 4444 أطرافه 436، 3454، 5816 - تحفة 5842 4445 - أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَقَدْ رَاجَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى ذَلِكَ، وَمَا حَمَلَنِى عَلَى كَثْرَةِ مُرَاجَعَتِهِ إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِى قَلْبِى أَنْ يُحِبَّ النَّاسُ بَعْدَهُ رَجُلاً قَامَ مَقَامَهُ أَبَدًا، وَلاَ كُنْتُ أُرَى أَنَّهُ لَنْ يَقُومَ أَحَدٌ مَقَامَهُ إِلاَّ تَشَاءَمَ النَّاسُ بِهِ، فَأَرَدْتُ أَنْ يَعْدِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَبِى بَكْرٍ. رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو مُوسَى وَابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 198، 664، 665، 679، 683، 687، 712، 713، 716، 2588، 3099، 3384، 4442، 5714، 7303 - تحفة 16312

4446 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَاتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَإِنَّهُ لَبَيْنَ حَاقِنَتِى وَذَاقِنَتِى، فَلاَ أَكْرَهُ شِدَّةَ الْمَوْتِ لأَحَدٍ أَبَدًا بَعْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 890، 1389، 3100، 3774، 4438، 4449، 4450، 4451، 5217، 6510 - تحفة 17531 4447 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِى حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِىُّ - وَكَانَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَحَدَ الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى وَجَعِهِ الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ، فَقَالَ النَّاسُ يَا أَبَا حَسَنٍ، كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا، فَأَخَذَ بِيَدِهِ عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ لَهُ أَنْتَ وَاللَّهِ بَعْدَ ثَلاَثٍ عَبْدُ الْعَصَا، وَإِنِّى وَاللَّهِ لأُرَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَوْفَ يُتَوَفَّى مِنْ وَجَعِهِ هَذَا، إِنِّى لأَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ الْمَوْتِ، اذْهَبْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلْنَسْأَلْهُ فِيمَنْ هَذَا الأَمْرُ، إِنْ كَانَ فِينَا عَلِمْنَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِى غَيْرِنَا عَلِمْنَاهُ فَأَوْصَى بِنَا. فَقَالَ عَلِىٌّ إِنَّا وَاللَّهِ لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمَنَعَنَاهَا لاَ يُعْطِينَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ، وَإِنِّى وَاللَّهِ لاَ أَسْأَلُهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6266 - تحفة 10197، 5131 أ، 5810 - 15/ 6 4448 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَا هُمْ فِى صَلاَةِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّى لَهُمْ لَمْ يَفْجَأْهُمْ إِلاَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ فِى صُفُوفِ الصَّلاَةِ. ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ، فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّلاَةِ فَقَالَ أَنَسٌ وَهَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِى صَلاَتِهِمْ فَرَحًا بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أَتِمُّوا صَلاَتَكُمْ، ثُمَّ دَخَلَ الْحُجْرَةَ وَأَرْخَى السِّتْرَ. أطرافه 680، 681، 754، 1205 - تحفة 1518 4449 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ أَبَا عَمْرٍو ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَىَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تُوُفِّىَ فِى بَيْتِى وَفِى يَوْمِى، وَبَيْنَ سَحْرِى وَنَحْرِى، وَأَنَّ اللَّهَ جَمَعَ بَيْنَ رِيقِى وَرِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ، دَخَلَ عَلَىَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَبِيَدِهِ السِّوَاكُ وَأَنَا مُسْنِدَةٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ السِّوَاكَ فَقُلْتُ آخُذُهُ لَكَ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ، فَتَنَاوَلْتُهُ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ وَقُلْتُ أُلَيِّنُهُ لَكَ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ، فَلَيَّنْتُهُ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ - أَوْ عُلْبَةٌ يَشُكُّ

عُمَرُ - فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِى الْمَاءِ فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ يَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ». ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ «فِى الرَّفِيقِ الأَعْلَى». حَتَّى قُبِضَ وَمَالَتْ يَدُهُ. أطرافه 890، 1389، 3100، 3774، 4438، 4446، 4450، 4451، 5217، 6510 - تحفة 16076 - 16/ 6 4450 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسْأَلُ فِى مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ يَقُولَ «أَيْنَ أَنَا غَدًا أَيْنَ أَنَا غَدًا» يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ فِى بَيْتِ عَائِشَةَ حَتَّى مَاتَ عِنْدَهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ فَمَاتَ فِى الْيَوْمِ الَّذِى كَانَ يَدُورُ عَلَىَّ فِيهِ فِى بَيْتِى، فَقَبَضَهُ اللَّهُ وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِى وَسَحْرِى، وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِى - ثُمَّ قَالَتْ - دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ وَمَعَهُ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لَهُ أَعْطِنِى هَذَا السِّوَاكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ. فَأَعْطَانِيهِ فَقَضِمْتُهُ، ثُمَّ مَضَغْتُهُ فَأَعْطَيْتُهُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَنَّ بِهِ وَهْوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِى. أطرافه 890، 1389، 3100، 3774، 4438، 4446، 4449، 4451، 5217، 6510 - تحفة 16945، 16946، 16947 4451 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَيْتِى وَفِى يَوْمِى، وَبَيْنَ سَحْرِى وَنَحْرِى، وَكَانَتْ إِحْدَانَا تُعَوِّذُهُ بِدُعَاءٍ إِذَا مَرِضَ، فَذَهَبْتُ أُعَوِّذُهُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ «فِى الرَّفِيقِ الأَعْلَى فِى الرَّفِيقِ الأَعْلَى». وَمَرَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ وَفِى يَدِهِ جَرِيدَةٌ رَطْبَةٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ بِهَا حَاجَةً فَأَخَذْتُهَا، فَمَضَغْتُ رَأْسَهَا وَنَفَضْتُهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، فَاسْتَنَّ بِهَا كَأَحْسَنِ مَا كَانَ مُسْتَنًّا ثُمَّ نَاوَلَنِيهَا فَسَقَطَتْ يَدُهُ - أَوْ سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ - فَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ رِيقِى وَرِيقِهِ فِى آخِرِ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا وَأَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الآخِرَةِ. أطرافه 890، 1389، 3100، 3774، 4438، 4446، 4449، 4450، 5217، 6510 - تحفة 16232 - 17/ 6 4452، 4453 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - أَقْبَلَ عَلَى فَرَسٍ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ حَتَّى نَزَلَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَتَيَمَّمَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُغَشًّى بِثَوْبِ حِبَرَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ وَبَكَى. ثُمَّ قَالَ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى، وَاللَّهِ لاَ يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ، أَمَّا الْمَوْتَةُ الَّتِى كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا. [طرفاه في: 1241، 1242]. 4454 - قَالَ الزُّهْرِىُّ وَحَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ وَعُمَرُ يُكَلِّمُ النَّاسَ فَقَالَ اجْلِسْ يَا عُمَرُ، فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَجْلِسَ. فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَتَرَكُوا عُمَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَمَّا بَعْدُ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ

مَاتَ، وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَىٌّ لاَ يَمُوتُ، قَالَ اللَّهُ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إِلَى قَوْلِهِ {الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144] وَقَالَ وَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ هَذِهِ الآيَةَ حَتَّى تَلاَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ فَمَا أَسْمَعُ بَشَرًا مِنَ النَّاسِ إِلاَّ يَتْلُوهَا. فَأَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلاَهَا فَعَقِرْتُ حَتَّى مَا تُقِلُّنِى رِجْلاَىَ، وَحَتَّى أَهْوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ حِينَ سَمِعْتُهُ تَلاَهَا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ مَاتَ. أطرافه 1242، 3668، 3670، 4453، 4457، 5711 تحفة 6601، 10446 أ، 6613 أ 4455 و 4456 و 4457 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِى عَائِشَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - قَبَّلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ مَوْتِهِ. حديث 4455 أطرافه 1241، 3667، 3669، 4452، 5710 - تحفة 16316 حديث 4456 طرفه 5709 - تحفة 5860 حديث 4457 أطرافه 1242، 3668، 3670، 4454، 4453، 5711 - تحفة 6631، 6600 4458 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا يَحْيَى وَزَادَ قَالَتْ عَائِشَةُ لَدَدْنَاهُ فِى مَرَضِهِ فَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ لاَ تَلُدُّونِى فَقُلْنَا كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ. فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ «أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِى». قُلْنَا كَرَاهِيَةَ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ. فَقَالَ «لاَ يَبْقَى أَحَدٌ فِى الْبَيْتِ إِلاَّ لُدَّ - وَأَنَا أَنْظُرُ - إِلاَّ الْعَبَّاسَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ». رَوَاهُ ابْنُ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 5712، 6886، 6897 - تحفة 16318، 16316، 17021، 17021 أ - 18/ 6 4459 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْصَى إِلَى عَلِىٍّ، فَقَالَتْ مَنْ قَالَهُ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَإِنِّى لَمُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِى، فَدَعَا بِالطَّسْتِ فَانْخَنَثَ فَمَاتَ، فَمَا شَعَرْتُ، فَكَيْفَ أَوْصَى إِلَى عَلِىٍّ طرفه 2741 - تحفة 15970 4460 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ طَلْحَةَ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - أَوْصَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لاَ. فَقُلْتُ كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةُ أَوْ أُمِرُوا بِهَا قَالَ أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ. طرفاه 2740، 5022 - تحفة 5170 4461 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ قَالَ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا وَلاَ عَبْدًا وَلاَ أَمَةً، إِلاَّ بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ الَّتِى كَانَ يَرْكَبُهَا، وَسِلاَحَهُ، وَأَرْضًا جَعَلَهَا لاِبْنِ السَّبِيلِ صَدَقَةً. أطرافه 2739، 2873، 2912، 3098 - تحفة 10713

4462 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا ثَقُلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - وَاكَرْبَ أَبَاهُ. فَقَالَ لَهَا «لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ». فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ يَا أَبَتَاهْ، أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، يَا أَبَتَاهْ مَنْ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ، يَا أَبَتَاهْ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ. فَلَمَّا دُفِنَ قَالَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - يَا أَنَسُ، أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - التُّرَابَ تحفة 302، 18040 أ قوله: (وقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30)}) قال اللُّغويُّون: إن المخفَّفَ لمن مات، والمشدَّدَ لمن كان حيًا وسيموت. ثم إن للواو ثلاثة معانٍ ليست عندي، وإن لم يَكْتُبْهُ النحاة، لكنها إذا ثَبَتَتْ عندي من الخارج، فلا أُبَالي بأنهم دوَّنوها أو لا. الأوَّلُ: العطفُ؛ والثاني: المعيَّة؛ والثالثُ: ما تُفِيدُ معنى أيضًا، وهو المرادُ ههنا، فالمعنى إنك ميِّتٌ وإنَّهم ميِّتُون أيضًا. وراجع له «عقيدة الإِسلام». 4428 - قوله: (انْقِطَاعَ أَبْهَرِي) والسِّرُّ في موته بأثر السُّمِّ أن تشرَّف بالشهادة الباطنية، كما مرّ. والأَبْهَرُ: عِرْقٌ خرجت من الكَبِدِ، وسَرَتْ إلى سائر الجسد. فائدةٌ: وقد علَّق شقي القاديان بقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]، وليس بشيءٍ، فإن فيه عمومًا غير مقصودٍ، وقد مرَّ فيه بعض شيءٍ. 4429 - قوله: (يقرأ في المغرب بالمرسلات) وصلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في مرض موته أربع صلوات عندي مع الجماعة، كما مرَّ مفصَّلًا. 4431 - قوله: (أَهَجَرَ) والهَجْر: الهَذَيَان، وقد شَغَبَ فيه الروافضُ الملاعنة. قلتُ (¬1): ولا شيءَ لهم فيه، فإنه قاله على طريق الإِنكار، ففيه سلبُ الهَجْرِ، لا ما يريدونه. 4432 - قوله: (لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم). واعلم أن التخريجَ قد يَخْتَلِفُ في الفعل المعروف والمجهول، فخرَّجُوا تَوَفَّى اللَّهُ زيدًا تارةً من أخذ الحقِّ، وأُخرى من استيفاء العمر، بخلاف تُوُفِّي زيدٌ - مجهولًا - فلم يخرِّجُوه إلَّا على الأوَّل. ثم ما قيل: إن «حَضَرَ». لازمٌ، فكيف أُخْرِجَ مجهولًا! مع أنه ليس من الصور الثلاثة التي يَجُوزُ فيها جعل اللازم متعدِّيًا. قلتُ: هذا جهلٌ، فإن تخريجَ المجهول لا ¬

_ (¬1) هذا الجوابُ ارتضى به القرطبيُّ، كما نقله الحافظ في "فتح الباري"، قال: إنما قاله من قاله مُنْكِرًا على من توقَّف في امتثال أمره بإِحضار الكتف والدواة. فكأنَّه قال: كيف تتوقَّف، أتظنُّ أنه كغيره يقول الهَذَيَان في مرضه؟ امتثل أمره، وأحْضِرْ له ما طلب، فإنَّه لا يقولُ إلَّا الحقّ. اهـ. وذكر له الحافظُ أجوبة أخرى، وهذا أحسَنُهَا.

يَجِبُ أن يكون على تخريج المعروف. وفي خاتمة «المفتاح» عند بيان الوصايا: أن رجلًا سأل عليًّا على جنازة رجلٍ: من المتوفِّي؟ - على صيغة اسم الفاعل - فقال له عليّ: الله تعالى، أي توفَّاه اللَّهُ تعالى. كأنَّه أصلحه، فإنه لم يُحْسِنْ في السؤال. وإنَّما كان ينبغي له أن يقولَ: المتوفَّى - على صيغة اسم المفعول -. ثم إن قراءةَ عليّ في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: 234] {يُتَوَفَّوْنَ} معروفًا؛ قلتُ: وهذا يقتضي أن يَصِحَّ إطلاقُ المتوفى المعروف أيضًا. 4433، 4434 - قوله: (فَضَحِكَتْ) وفي تلك (¬1) الرواية: «أنه ما من نبيَ إلَّا وعمره نصف عمر الذي قبله»، أو كما قال. وأخطأ الحافظُ ابن القيم في فَهْم مراده، وكذا السيوطي. فَرَجَعَ عنه في «مرقاة الصعود» وليس بصوابٍ أيضًا. والصوابُ على ما مرَّ منِّي أنه رُفِعَ وهو ابن ثمانين سنة. ومَنْ رَوَى أنه رُفِعَ وهو ابن ثلاث وثلاثين، فكأنَّه قَصَدَ معنًى آخر، وهو أن ذلك عمر أهل الجنة، والمرادُ منه بقاؤهم، ودوامُهم على تلك الحال، فَأَرَادَ أنه رُفِعَ وهو على سنِّ أهل الجنَّةِ. بمعنى: أنه لا يخلِّقه مرور الدهور، ومضي الأزمنة، فَيَبْقَى على حالٍ واحدٍ، نحو بقائهم لا تَبْلَى ثيابُهم، ولا يَفْنَى شبابُهم. وذلك لكونه في موطنٍ ليست فيه تلك التغيرات، ومن يَسْكُنْ فيها يَصِيرُ كأهل الجنة على ثلاث وثلاثين سنة، شابًا عبقريًا. فَيَنْزِلُ عليه الصَّلاة والسَّلام كما رُفِعَ، لم يَمَسَّهُ نَصَبٌ ولا وَصَبٌ، يَقْطُرُ رأسه ماءً، لأنه رُفِعَ وكان قد اغتسل، فَيَنْزِلُ كما أنه خَرَجَ من الحمَّام الآن. فبقاؤُه على سمات أهل الجنة هو الذي أراده من أراده، فليفهم. {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}. 4435 - قوله: (لا يَمُوتُ نبيٌّ حتَّى يُخَيَّرَ) نادت الأحاديثُ بتخير الأنبياءِ عليهم السَّلام، وقد كان موسى عليه الصلاة والسلام خُيِّر أن يَضَعَ يده على متن الثور، ليكونَ عمره بقدر ما سَتَرَتْهُ يده. فلو فَعَلَهُ ماذا كان عمره. ونادى القرآنُ بأنَّ نوحًا عليه الصلاة والسَّلام لَبِثَ في قومه ألفًا إلَّا خمسين عامًا. ثم هذا الشقيُّ الغنيُّ الغويُّ يَسْخَرُ بطول حياة عيسى عليه الصلاة والسَّلام، كأنَّه لم يَكُنْ عند اللعين للتخيير، ووضع اليد معنى، وكان هُزْءًا محضًا، ما أكفره. 4435 - قوله: (وأَخَذَتْهُ بُحَّةٌ): أي سُعَال. قوله: (نَفَثَ على نَفْسِهِ بالمُعَوِّذَاتِ) والثالثةُ: سورة الإِخلاص. ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد كنتُ ألَّفْتُ في تلك الرواية وما يتعلَّق بها رسالة مستقلَّةٌ بأمر الشيخ قُدِّسَ سرُّه. وجَمَعْتُ فيها جملةَ ما سَمِعْتُ منه مما يتعلَّق بعمر عيسى عليه الصلاة والسلام. وقد طُبِعَتْ، وشاعت، غير أنها عزيزةٌ اليوم.

قوله: (وأَمْسَحُ بِيَدِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلّم) وهذا من كمال عِلْمِهَا، حيث قَرَأَتْ المُعَوِّذَاتِ بنفسها، لما رأته حَصِيرًا عنها، ثم لم تَمْسَحْ بيدها. بل مَسَحَتْهُ بيده الكريمة ليكونَ أزيدَ بركةً (¬1). 4442 - قوله: (ثُمَّ خَرَجَ إلى النَّاسِ) ... إلخ. وفيه صراحةٌ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم خَرَجَ إلى الصلاة في تلك الليلة، ولا علينا أن نَفُكَّ النظمَ، ونحمله على خروجه في يومٍ آخر. 4443، 4444 - قوله: (لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى اليَهُودِ والنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ) وفي حديث الصَّلْت بن محمد قبله: «لَعَنَ اللَّهُ اليهودَ»، وليس فيه ذكر النصارى، وقد تعلَّق به شقي القاديان. وقد مرَّ ما فيه، على أنا نقول: إن النصارى متى عَبَدُوا قبر عيسى عليه الصلاة والسلام، فإن تقدَّم إليه يُكَذِّبُه التاريخ، ويبقى عارُه عليه إلى آخر الأمد، ولكن أين له الحياء. 4446 - قوله: (فَلاَ أَكْرَهُ شِدَّةَ المَوْتِ) ... إلخ، ولا دليلَ فيه على أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم شُدِّدَ في موته ما لم يُشَدَّد في موت أحدٍ. وإنما هو من باب الاعتبار، وصور التعبيرات فقط، فإنه لما رَأَتْ غِلْظَةً وخشونةً في مجاري نَفَسِهِ صلى الله عليه وسلّم عبَّرت عنه بما عبَّرت. ونحو هذه التعبيرات قد كَثُرَتْ عند أهل العُرْف في هذه المواقع، فلا تَكُنْ من الغافلين. وقد مرَّ منِّي بما لا يَحْصَى أن من أَوْجَدَ الحقائقَ نظرًا إلى الألفاظ فقط، وقطع النظرَ عمَّا في الخارج، فقد تعدَّى وظلم. 4447 - قوله: (فَقَالَ عَلِيٌّ: إنَّا واللَّهَ لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم فَمَنَعَنَاهَا، لا يُعْطِينَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ، وإنِّي واللَّهِ لا أَسْأَلُهَا) وفي «الفتح» (¬2): أن مَعْمَّرًا كان يَمْتَحِنُ تلامذته في ذلك، ويقول: أيهما كان أصوبَ رأيًا، عليّ، أم العباس؟ فكنَّا نقول: العباس، فيأبى، ويقول: لو كان أعطاها عليًّا، فمنعه الناس لكفروا. 4448 - قوله: (بينا هُمْ في صَلاَةِ الفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الاثْنَيْنِ، وأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي لَهُمْ) ... إلخ. وظاهرُ هذا الحديث: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يَخْرُجْ إليهم في تلك الصلاة. ولكن أَخْرَجَ الشافعيُّ في «الأم» بسند ابن أبي مُلَيْكَة مرسلًا: «أنه عليه الصلاة والسَّلام دَخَلَ فيها مع القوم، واقتدى بأبي بكرٍ»، وسماع ابن أبي مُلَيْكَةَ ثابتٌ من عائشة، فمرسلُه يكون في حكم المرفوع، فَيُتْرَكُ به تَبَادُر ما في البخاريِّ. ¬

_ (¬1) ونحوه رُوِي عند مالك. وعند مسلم: "لأنها كانت أعظم بَركة من يدي". وعند الطبرانيِّ: "وهي تَمْسَحُ صدرَه، وتدعو بالشفاء، فقال: ولكن أسال الله الرفيق الأعلى". ملخَّصًا من "الفتح". (¬2) نَقَلهُ الحافظُ عن عبد الرَّزَّاق، قال: كان مَعْمَرُ يقول لنا: "أيهما كان أصوبَ رأيًا؟ فنقول: العباس، فيأبى، ويقول: لو كان أعطاها عليًّا، فمنعه الناس، لكفروا"، اهـ.

4449 - قوله: (ثمَّ نَصَبَ يَدَهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: في الرَّفِيقِ الأَعْلَى) واعلم أن عبادةَ الأنبياء عليهم السَّلام ليس فيها تشبيهٌ محضٌ، كعبدة الأصنام، ولا تجريدٌ صِرْفٌ، كالفلاسفة، فهي بين التعطيل الصِّرْف، والتشبيه البحث، فكان يُشِيرُ عند دعائه إلى التجريد أيضًا. واعلم أنه مرَّ في هذا الحديث: «رفع يده، أو إصْبَعَه، ثم قال: في الرفيق الأعلى»، وفيه فائدةٌ مهمةٌ ينبغي الاعتناء بها، وهي: أن فيه إشارةً إلى أن رفعَ الإِصْبَع أيضًا من صورالدعاء. ولذا عدَّه الشيخُ ابن الهُمَام صورةً من صورها، فجوَّزه في شدَّة البرد. وعند الترمذيِّ في باب ما جاء في كراهية رفع الأيدي في المنبر في الدعاء: «أن بِشْرَ بن مروان خَطَبَ، فَرَفَعَ يديه في الدعاء، فقال عُمَارَة: قَبَحَ اللَّهُ هاتين اليدين القصيرتين، لقد رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم وما يَزِيدُ على أن يقولَ هكذا: وأَشَارَ هُشَيْمٌ بالسَّبَّابَةِ». اهـ. وحَمَلَهُ بعضُهم على أن الرفعَ كان للتفهيم على ما عَرَفُوه من عادة الخُطَبَاءِ، وذلك لعدم علمهم بكونه صورةً من صور الدعاء أيضًا، لفقدان العمل وانقطاع التعامل. والصوابُ عندي أنه كان للدعاء، كما بوَّب به الترمذيُّ، وكذلك عند البيهقيِّ كيف! وفي الحديث تصريحٌ بأن الرفعَ كان للدعاء. ولَيُحْفَظْ لفظ الترمذيِّ، فإن فيه تصريحًا بذلك. ثم إنه نُقِلَ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم رفع إصْبَعَهُ حين وُلِدَ، وقال: «الله أكبر». ولمَّا تُوُفِّي رفعها أيضًا، وقال: «اللهم الرفيق الأعلى»، فَنِعْمَتِ البدايةُ، ونَعِمْتِ النهايةُ. حيث ذَكَرَ في كلِّ حالٍ ما نَاسَبَهُ، فإن المناسبَ لأوَّل حاله كان بيان الكبرياء، لأنه لذلك وُلِدَ وكان الأليقُ بآخر شأنه الدعاءَ عند مليكه، لأنه أوان لقائه - تبارك وتعالى - فَعَمِلَ بقوله: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)} [الشرح: 7 - 8]. 4452، 4453 - قوله: (أَمَّا المَوْتَةَ التي كُتِبَتْ عَلَيْكَ، فَقَدْ مُتَّهَا)، مجهولًا مع ضمير المفعول به، وهو الطريقُ في الفعل اللازم إذا جُعِلَ متعدِّيًا بنحوٍ من التجوُّز. 4458 - قوله: (لا يَبْقَى أَحَدٌ في البَيْتِ إلَّا لُدَّ)، وإنَّما استثنى منه العبَّاسَ، إمَّا لكون عمِّ الرجل صِنْوَ أبيه، أو لكونه لم يَشْهَدْهَا، كما في الحديث أيضًا. ثم إنه لم يَنْكَشِفْ لي سرُّ الأمر باللُّدُود، حتى رأيتُ حكايةً عن شيخٍ: أن غلامًا كان يَحْضُرُ مجلسه، فَيَسْخَرُ منه، ويُسِيءُ الأدب بشأنه. وكان الشيخُ يَصْبِرُ عليه، ويتحمَّلُ أذاه، ولا يقول له شيئًا. فلم يَزَلْ ذلك طريقُه حتَّى جاءه مرَّةً، ولَطَمَ الشيخَ لَطْمَةً، فقام الشيخُ فَزِعًا، وقال لجلسائه: الطموه من ساعته، فأبطؤوا فيه، فلم يَلْبَثْ الغلامُ أن مات. فقال لهم الشيخُ: إن دَمَهُه عليكم، هلاّ تَسَارَعْتُم إلى ما كنتُ أمرتكم به، ولو فَعَلْتُم لَمَا مات الغلامُ. وذلك لأنه كان يفعل بي ما قد رأيتم، ولكنه لمَّا لَطَمَني اليومَ قامت غيرة

86 - باب آخر ما تكلم النبى - صلى الله عليه وسلم -

ربِّكم، فأردتُ أن تُسْرِعُوا إليه لِيَتُمَّ الانتقام قبل أن يَنْتَقِمَ منه ربُّ الأنام، فلو قُمْتُم حين كنتُ أمرتكم به، وما تأخَّرتم فيه، لتخلَّص الغلام عن انتقامه تعالى، ولكنَّكم أبطأتم حتى أخذه ذو البطش الشديد، فلم يُفْلِتْهُ. فبمثله أقول: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لو لم يَنْتَقِمْ لنفسه بنفسه ربما أَمْكَنَ أن يَحِلَّ عليهم غضبٌ من ربهم، أنهم كيف فَعَلُوا بنبيه أمرًا كانوا نُهُوا عنه. 4459 - قوله: (أَوْصَى إلى عَلِيَ) نعم قد أَوْصَى إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في بعض أمره، كفكِّ درعه التي كانت مرهونةً عند يهوديَ في نفقة عياله. وإن كان الروافض يُرِيدُونَ أمرًا وراءه، فهو لغوٌ وبهتانٌ. 4460 - قوله: (أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ) قيل: الباء فيه للاستعانة، فَيَرْجِعُ إلى معنى قوله: «تركت فيكم الثقلتين كتاب الله» ... إلخ. وإن كانت للصلة، فهو مفعولٌ. 86 - باب آخِرِ مَا تَكَلَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - 4463 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ يُونُسُ قَالَ الزُّهْرِىُّ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فِى رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ وَهْوَ صَحِيحٌ «إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِىٌّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُخَيَّرَ». فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِى غُشِىَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى سَقْفِ الْبَيْتِ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى». فَقُلْتُ إِذًا لاَ يَخْتَارُنَا. وَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَدِيثُ الَّذِى كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهْوَ صَحِيحٌ قَالَتْ فَكَانَتْ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا «اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى». أطرافه 4435، 4436، 4437، 4586، 6348، 6509 تحفة 16127، 17815 ل - 19/ 6 4463 - قوله: (ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى) وعند أحمد في «مسنده»، والبيهقيِّ: «أن آخر كلامه كان: فيما مَلَكَتْ أيمانكم»، وإسنادُه ليس بذاك. فالصوابُ ما في البخاريِّ. ويُمْكِنُ الجمع بينهما، بأن ما عند البيهقيِّ آخر باعتبار ما أمر الناس به، وأمَّا ما عند البخاريِّ، فآخر كلامه مطلقًا (¬1). 87 - باب وَفَاةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - 4464 و 4465 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ ¬

_ (¬1) قلت: وللناس بحث في أن الأفضل أن يكون آخر الكلام ذلك، أو كلمة الإخلاص، ولا ريب أن الأحرى بشأنه ما ثبت عنه عند وفاته، ويبقى الكلام في حق الأمة، فلينظر فيه العلماء، ولعله يكون من الألوف سعيد واحد من يشبه آخر أمره بآخر أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فيرفع يديه، كما رفع، اللهم اجعلني منهم بحرمة حبيبك المصطفى. ورسولك المجتبى صلى الله عليه وسلم.

88 - باب

عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهم أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا. حديث 4464 طرفه 4978 - تحفة 17784 حديث 4465 أطرافه 3851، 3902، 3903، 4979 - تحفة 6562 4466 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تُوُفِّىَ وَهْوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ مِثْلَهُ. أطرافه 3536 - تحفة 16541، 18731 4464، 4465 - قوله: (لَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سَنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ القُرْآنُ، وبالمَدِينَةِ عَشْرًا) ولعلَّ هذا مخرَّجٌ على قول من اختار زمن الفَتْرَةِ ثلاث سنين، فإنه نُبِّىء على رأس أربعين، وتُوُفِّي وهو ابن ثلاث وستين، فلو نقَّصت من مجموع عمره ثلاث سنين زمن الفَتْرَةِ، حصل عشر، وعشر لإِقامته بمكة والمدينة. وإنَّما أخرجنا منه زمن الفَتْرَةِ، لأن فيه قيدًا، وهو ينزل عليه القرآن. ثم إن مجموعَ عمره ستون بهذا الحساب، وهو نصف عمر المسيح عليه الصلاة والسلام، وقد مضى منه ثمانون، وبَقِي أربعون، ويَمْكُثُ في سبع منها مع المهدي عليه السلام. وأمَّا مُكْثُه في السماء، فإنما لم يُحْسَبْ من عمره، لكونه موطنًا غائبًا عنَّا، والمستقر وهو وجه الأرض. ثم إن الظاهرَ أن عمر عيسى عليه الصَّلاة والسَّلام مئة وعشرون بالحساب الشمسيِّ، وعمره صلى الله عليه وسلّم ثلاث وستين بالحساب القمريِّ، وأنه يُسَاوِي ستين بالحساب الشمسيِّ، وإذن لا يَحْتَاجُ في بيان التنصيف إلى اعتبار المذكور أيضًا، أي حذف مدَّة الفَتْرَةِ. 88 - باب 4467 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِىٍّ بِثَلاَثِينَ. {يَعْنِى صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ}. أطرافه 2068، 2096، 2200، 2251، 2252، 2386، 2509، 2513، 2916 تحفة 15948 89 - باب بَعْثُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - فِى مَرَضِهِ الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ 4468 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ اسْتَعْمَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أُسَامَةَ - فَقَالُوا فِيهِ - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ بَلَغَنِى أَنَّكُمْ قُلْتُمْ فِى أُسَامَةَ، وَإِنَّهُ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ». أطرافه 3730، 4250، 4469، 6627، 7187 - تحفة 7027 4469 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ بَعْثًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَطَعَنَ

90 - باب

النَّاسُ فِى إِمَارَتِهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنْ تَطْعُنُوا فِى إِمَارَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعُنُونَ فِى إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ بَعْدَهُ». أطرافه 3730، 4250، 4468، 6627، 7187 - تحفة 7236 90 - باب 4470 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو عَنِ ابْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنِ الصُّنَابِحِىِّ أَنَّهُ قَالَ لَهُ مَتَى هَاجَرْتَ قَالَ خَرَجْنَا مِنَ الْيَمَنِ مُهَاجِرِينَ، فَقَدِمْنَا الْجُحْفَةَ، فَأَقْبَلَ رَاكِبٌ فَقُلْتُ لَهُ الْخَبَرَ فَقَالَ دَفَنَّا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ خَمْسٍ. قُلْتُ هَلْ سَمِعْتَ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ شَيْئًا قَالَ نَعَمْ أَخْبَرَنِى بِلاَلٌ مُؤَذِّنُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ فِى السَّبْعِ فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ. تحفة 2041 - 20/ 6 4470 - قوله: (عن أبي الخَيْرِ، عن الصُّنَابِحِيِّ)، والصُّنَابِحِيُّ هذا تابعيٌّ كبيرٌ. 91 - باب كَمْ غَزَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - 4471 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ - رضى الله عنه - كَمْ غَزَوْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ سَبْعَ عَشْرَةَ. قُلْتُ كَمْ غَزَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ تِسْعَ عَشْرَةَ. طرفاه 3949، 4404 - تحفة 3679 4472 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ - رضى الله عنه - قَالَ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - خَمْسَ عَشْرَةَ. تحفة 1815 4473 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ هِلاَلٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ كَهْمَسٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سِتَّ عَشْرَةَ غَزْوَةً. تحفة 1995 4473 - قوله: (حدَّثَنَا أحمدُ بن محمَّدِ بن حَنْبَلِ) ... إلخ، واعلم أن البخاريَّ روى عن ابن مَعِين في موضعٍ من كتابه، وعن أحمد في موضعين، وقد رُوِيَ عن مالك أيضًا، قالوا: إن البخاريَّ ليس له كثير سماع عن أحمد، وذلك لأنه لمَّا كان ببغداد كان البخاريُّ صغيرَ السِّنِّ، ولمَّا جاءه مرَّةً أخرى وَجَدَه ترك التدريس، فلم يتَّفق له سماعٌ كثيرٌ. وأمَّا أبو داود، وهو أكبرُ سِنًّا في مسلمٍ، ولازمه دَهْرًا، بل إليه تَنْتَهِي روايةُ الفِقْه الحنبليِّ، وأمَّا الإِمامُ أبو حنيفة، فلا يُوجَدُ في كتابه روايةٌ عنه، نعم أَجِدُ فيه رواياتٍ عديدةً عن تلامذة تلامذته، وكذا غيرهم من الحنفية. ثم إن البخاريَّ إن لم يَأْخُذْ عنه في صحيحه، فقد أَخَذَ عن نُعَيْم بن حمَّاد. قيل: إنه من رواة تعليقات البخاريِّ. وتتبَّعْتُ له، فوجدته راويًا لمرفوعه أيضًا في موضعين،

ومضى التنبيه عليه. ونُعَيْم بن حمَّاد هذا كان يُزَوِّرُ في السُّنَّةِ. وفي مثالب أبي حنيفة، كما في تذكرته: ومع هذا أخذ عنه البخاريُّ كثيرًا في «خلق أفعال العباد». وحينئذٍ وَجَبَ علينا نؤوِّل للبخاريِّ، ونقول: معنى التزوير في السُّنَّةِ أي لتأييده. وكذا في حقِّ أبي حنيفة إنه كان يَسْتَلِذُّ بها، لا أنه كان يزوِّرُها بنفسه. وإلَّا فظاهرُه شديدٌ، فإن لم يَأْخُذْ عنه، فماذا كان؟ فإنه إن كان جَرْحًا، كان فيمن أخذ عمَّن هو دون الإِمام، بل لا يُوَازِيه، وترك الروايةَ عنه. ***

65 - كتاب تفسير القرآن

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 65 - كتاب تَفْسِيرِ القُرْآن {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}: اسْمَانِ مِنَ الرَّحْمَةِ، الرَّحِيمُ وَالرَّاحِمُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، كالعَلِيمِ وَالعَالِمِ. واعلم أنَّ أَوَّل مَنْ خدم القرآن أئمةُ النَّحْو. فللفرَّاء تفسير «في معاني القرآن»، وكذا للزَّجَّاج. وذكر الذَّهبي أنَّ الفرَّاء كان حافِظَ الحديث أيضًا. وقد أَخَذَ ابنُ جرير الطبري في تَفْسيره عن أئمة النَّحْو كثيرًا، ولذا جاء تفسيرُه عدِيمَ النَّظير، ولو كان البخاريُّ أيضًا سار سَيْرَه لكان أحسنَ، لكنه كان عنده «مجازُ القرآن» لأبي عُبَيدة مَعْمَر بن المُثنَّى، فأخذ منه تفسيرَ المُفْردات، وذلك أيضًا بدون ترتيب وتهذيب، فصار كتابُه أيضًا على وَازِن كتاب أبي عبيدةَ في سُوء الترتيب، والرِّكَّة، والإِتيان بالأقوال المرجوحة، والانتقال من مادةٍ إلى مادة، ومن سورةٍ إلى سورة، فصَعُب على الطالبين فَهْمُه. ومَنْ لا يدري حقيقةَ الحالَ يَظُنَّ أن المصنِّف أتى بها إشارةً إلى اختياره تلك الأقوالَ المرجوحةَ، مع أنه رَتَّب كتابَ التفسير كلَّه من كلام أبي عُبيدة، ولم يعرِّج إلى النَّقْد أَصلًا. وهذا الذي عرّا شقي القاديان، حيث زَعم أنَّ البخاري أشار في تَفْسِيره إلى أنَّ التَّوَفِّي بمعنى الموت، لأنه فَسَّر قوله تعالى: {مُتَوَفِّيكَ} [آل عمران: 55] بِممِيتك؛ وهذا الآخَرُ لم يوفَّق، ليفهم أنَّ الحال ليس كما زَعمه، ولكنه كان في «مجاز القرآن»، فنقله بعينه كسائر التفسير، فإِنْ كان ذلك مختارًا، كان لأبي عُبيدة لا للمصنِّف. وتفسيرُ الحاكم في «مستدَركِه» أحسنُ منه عندي. ثُم إنَّ هذا غيرُ أبي عُبيد صاحب كتاب «الأموال»، فإِنَّه متقدِّم على مَعْمَر بنِ المُثنَّى، وهو أبو عُبيد قاسم بن سَلَّام من تلامذةِ محمد بن الحسن، أَوَّل مَنْ صَنَّف في غريب الحديث. ثُم إنَّ المجاز في مصطلح القدماء ليس هو المجازَ المعروف عندنا، بل هو عبارةٌ عن موارد استعمالاتِ اللفظ، ومن ههنا سَمَّى أبو عبيدة تفسيره «بمجاز القرآن». وهذا الذي يريدُه الزَّمخشرِي من قوله: ومِن المجاز كذا، كما في «الأَساس»، ومن المجاز تُوفي زَيْدُ، أي مات، لا يريدُ به المجاز المعروف، بل كَوْن الموت من موارد استعمالاته. وقد حَقَّقْنا من قَبْل أن التوفِّي كنايةٌ في الموت، وليس بمجاز. وهكذا التأويلُ عند السَّلَف بيان المصداق، قال تعالى: {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ} [يوسف: 100] أي مِصْدَاقُها، وقوله تعالى: {وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} [يونس: 39] أي مصداقه، وهو عند المتأخرين بمعنى صَرْف الكلام عن الظاهر.

حكاية: تدلُّك على شِدَّة عنايةِ أئمةِ النَّحْو، وَوَلُوعِهم بالتفسير. اجتمع الزَّجَّاج مع المُبرّد مرةً، وكان الزجَّاج صنَّف تفسيرًا، فسأله المبرِّد عن قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ} [السجدة: 23] ما الرَّبْطُ بين الجُمْلتين؟ وهو وإنْ لم يكن ضَرُوريًّا في القرآن، لكنه ضَرُوريّ في مِثْل هذا المَوْضع، لأنه يَعُود كالجَمْع بين الضبِّ والنون. فهذا يدلُّ على أنهم كانوا يَهْتَمُّون بِمُشْكلات القرآنِ، وكانوا يعرِفُونها، ولذا سأل المبرِّد عن أَشْكل آيةٍ في هذا الباب، ثُم لا أدري ماذا أجاب عنه الزَّجَّاج، غير أني كتبت فيه شيئًا من عند نفسي. ومِن أهم ما نريدُ أن نُلقي عليك معنى التفسيرِ بالرأي، وقد بحثوا فيه بين مُطْنب ومُوجِز، مُكْثر ومُقلّ، غير أنه لا يرجع إلى كثيرِ طائل، فلم نر في نَقْله فائدةً، فدونك عِدَّة جُمَل: أنَّ التفسيرَ إذا لم يوجِب تغييرًا لمسألة، أو تبديلًا في عقيدة السَّلَف، فليس تفسيرًا بالرأي، فإِذا أوجب تغييرًا لمسألةٍ متواتِرةٍ، أو تبديلًا لعقيدةٍ مُجْمَعٍ عليها، فذلك هو التفسيرُ بالرأي، وهذا الذي يستوجِب صاحبه النَّار، ولا تتحصَّل على ما قلنا، إلَّا بعد الإطِّلاع على عاداتِ أصحابِ التفاسير. وحينئذٍ لا قَلَق فيما فَسَّره المفسِّرون من أذهانهم الثاقبة، وأفكارِهم الصحيحة. ومَنْ يطالع كُتُب التفسير يجدها مشحونةً بالتفسير بالرأي، ومَنْ حَجَر على العلماءِ أن يُبْرِزُوا معاني الكتاب بعد الإِمعان في السياق، والسباق، والنظر إلى حقائق الألفاظ، ومراعاة عقائد السَّلَف، بل ذلك حَظُّهم من الكتاب، فإِنَّهم هم الذين ينظرون في عجائبه، ويَكْشِفون الأستارَ عن وجوه دَقائقه، ويرفعون الحُجُبَ عن خبيئات حقائقه، فهذا النوعُ من التفسير بالرأي حَظُّ أُولي العِلْم، ونصيبُ العلماء المستنبطين، أما مَنْ تكلَّم فيه بدون صِحَّة الأدوات، لا عِنْده عِلْم من كلام السَّلَف والخَلَف، ولا له ذُوْقٌ بالعربية، وكان من أجلاف النَّاس، لم يَحْمِلْه على تفسيرِ كتابِ الله غيرُ الوقاحة، وقِلَّة العلم، فعليه الأَسف كلّ الأَسف، وذاك الذي يستحقُّ النَّار. ثُم اعلم أنَّ تفسيرَ المُصنِّف ليس على شاكلةِ تفسير المتأخِّرين في كَشْف المُغْلقات، وتقرير المسائل، بل قَصَد فيه إخراجَ حديثٍ مناسِبٍ متعلِّقٍ به، ولو بِوَجْه، والتفسير عِنْد مُسْلم أقلُّ قليل، وأَكْثَرُ منه عند الترمذي، وليس عند غيرِهم من الصحاح الستِّ، ولذا خُصَّت باسم الجامع، وإنما كَثُرت أحاديثُ التفسير عند الترمذي، لِخِفّة شَرْطه. أما البخاريُّ فإِنَّ له مقاصِدَ أخرى أيضًا، مع عدم مبالاته بالتَّكْرار، فجاء تفسيرُه أبسطَ من هؤلاء كلِّهم. قوله: ({الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ})، قيل: الأَوَّل أَبْلَغ من الثاني. وقيل: إن الأَوَّل عَلَمٌ بالغَلَبة؛ والثاني صفةٌ. قلتُ: إنَّ «الرحمن مهما وَجَدْناه في القرآن لم نجد معه مُتَعلَّق يتعلَّقُ به، بخلاف «الرحيم» قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [طه: 5] فلم يذكر

1 - باب ما جاء فى فاتحة الكتاب

له مفعولًا به، وقال تعالى: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128] فذكره. ولقائل أن يقول: إنَّ «الرحمن» صِفَةُ مُشَبَّهة، و «الرحيم» مبالغةٌ للفاعل، لا صفة مُشَبَّهة. ونَقَل البخاريُّ أنَّ الرحيم والراحم واحِدُ، وهو في الأَصْل عن أبي عُبيدة. وفي النقول الإِسلامية أنَّ المعروف عند بني إسماعيل كان اسمَ «الله»، وعند بني إسرائيل «الرَّحْمن»، ولذا لَمَّا نزلت التسميةُ استنكرها العربُ، وقالوا: إنَّه يريدُ الخَلْط بين الدِّنَيْن، فنزلت {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ (¬1) أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} ... إلخ [الإسراء: 110]. ومِن ههنا ظهر سِرُّ الجَمْع بين الاسمين في التسمية (¬2). قلتُ: وأما اليوم فلم أجد في التوراة من أسمائه تعالى إلَّا "يهوه"، "والوهيم"، "وأيل"، ولم أَجِد الرَّحْمن (¬3) فيه، فلا أَدْرِي ماذا أرادَه العلماءُ. ثُم أيُّ اعتمادٍ على نُسَخ التوراة مع التحريف الفاشي، فإِن كلًّا يُحرَّفُ فيها، ولا يحاشى. 1 - باب مَا جَاءَ فِى فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُمِّيَتْ أُمَّ الكِتَابِ أَنَّهُ يُبْدَأُ بِكِتَابَتِهَا فِي المَصَاحِف، وَيُبْدَأُ بِقِرَاءَتِهَا فِي الصَّلاَةِ. وَالدِّينُ: الجَزَاءُ فِي الخَيرِ وَالشَّرِّ، كَمَا تَدِينُ تُدَانُ. ¬

_ (¬1) راجع مزايا الآية من "رُوح المعاني". (¬2) قلتُ: ولما كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - آخِرَ الأنبياء، وأراد اللهُ سبحانه توحيدَ الأديان في زمانه، جمع بين اسمَيْه في التسمية، وجَمَع بين القِبْلَتَيْن في الصلاة، حيث وَجَّه النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم في بيتِ المَقْدس إلى زمن، وهو من بني إسماعيل. ويوجِّه المسيح ابن مريم عليه الصلاة والسلام إلى الكعبةِ، وهو من بني إسرائيل، ليعلم أنَّ الدينَ كلَّه لله {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115]، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعمل بشريعةِ التوراة فيما لم ينزل فيه شَرْعٌ، فكان في الجمع إعلانًا بِأَنَّ شَرْعه قد جمع الشرائِعَ كلَّها، ودينَه حاز الأديانَ أجمعها. ثم إني رأيتُ بينهما فَرْقًا لطيفًا في رسالةٍ لا أَذْكُر اسمها، ولعلَّها عقيدةُ السَّفَارِيني عن ابن القيم، أنَّ الكمال في الصِّفات قد يُعْتبر باعتبار نَفْسِها، وقد يُعتبر باعتبار تعلُّقِها بالغير، فتقول: فلانٌ عالِم كبيرٌ، ولو كان عِلْمه لا ينفع الناسَ شيئًا، فهذا مَدْحٌ له باعتبار نَفْسه، فإِذا عَلم الناسَ، ونَفَعَ غيرَه أيضًا فحينئذٍ تَمْدَحُه لا لكونِه عالمًا فقط، أي صاحب صِفَة ومَلَكة، بل لأنه يُنتفع مِن عِلْمه، وتعلّق تلك الصفةِ بالآخَرِين أيضًا، والاعتباران لا يتلازمان. إذا عَلِمت هذا، فأعلم أن الرحمن يدل على كمال رَحْمته في ذاته تعالى، والرحيم على تَعَلُّقها بالنَّاسِ أيضًا، والمعنى أن الله سبحانه هو الرَّحمن باعتبارِ ذاته، والرحيم باعتبار أنه يَرحَم العبادَ أيضًا، والجَمع بين الوَصفين هو الكمال الحقيقي. وهذا الفَرْق لطيفٌ عندي في غايته، والله تعالى أعلم بالصَّواب. (¬3) قلتُ: وفي "المشكاة" -في الفَصْل الأَوَّل من باب الحَشْر- عن أبي سعيد الخُدْري، وفيه: فأتى رَجُلٌ من اليهود، فقال: بارك الرحمنُ عليك يا أبا القاسم ... إلخ، ففيه دليلٌ على اشتهارِ هذا الاسمِ عندهم، غير أنَّ الشيخ أراد كَوْنَه في التوراة أيضًا. ثُم رأيتُ في "رُوح المعاني" عن الضَّحاك أنه قال: قال أهلُ الكتاب للرسول - صلى الله عليه وسلم -: إنَّك لتقلّ ذِكْر الرحمن، وقد أكْثَرَ اللهُ تعالى في التوراة هذا الاسمَ. اهـ. إلَّا أنَّ نَظَر الشيخ قائمٌ بعد، فإِنَّه لا يوجد اليوم في التوراة. ثُم ذَكَر الشيخُ الألوسي في إكثارِ هذا الاسمِ وَجهًا حسنًا، قال: وكأنَّ حِكْمةَ ذلك أنَّ موسى عليه الصلاة والسلام كان غضوبًا، كما دلَّت عليه الآثارُ، فأكثر له مِن ذِكْر الرحمن لِيعامِلَ أُمته بمزيدِ الرحمة. اهـ.

فائدة

وَقالَ مُجَاهِدٌ: {بِالدِّينِ} [الماعون: 1، الانفطار: 9] بِالحِسَابِ. {مَدِينِينَ} [الواقعة: 86] مُحَاسَبِينَ. 4474 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ كُنْتُ أُصَلِّى فِى الْمَسْجِدِ فَدَعَانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ أُجِبْهُ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى كُنْتُ أُصَلِّى. فَقَالَ «أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: 24] ثُمَّ قَالَ لِى لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِىَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِى الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ». ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِى، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ أَلَمْ تَقُلْ «لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِىَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِى الْقُرْآنِ». قَالَ «{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} هِىَ السَّبْعُ الْمَثَانِى وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِى أُوتِيتُهُ». أطرافه 4647، 4703، 5006 - تحفة 12047 - 21/ 6 قوله: (وسُمِّيت أُمَّ الكتاب، لأَنَّه يُبْدأ بكتابتها في المصاحف) إلخ. قلتُ (¬1): ولم يَنْكَشِف مما نقله المصنِّفُ شيءٌ. والصوابُ عندي أن الأُم في الأَصْل يقال للدجاجة التي تُقَرْقِر، لتكفت إليها أَفْراخُها، وكذا يقال: الأم، للرايةِ، لأنَّ الجيش يعودُ إليها عند الكَرِّ والفَرِّ. إذا عَلِمت هذا، فاعلم أنَّ الفاتحةَ سُمِّيت بأُمِّ الكتاب، لأنها تبقى في محلها، وكأنَّ سائرَ السُّور تجيء، وتنضم معها على سبيل البدلية، فهي متعيِّنة للقراءةِ، وسائرُها مخيَّرة، فكأنَّها كالوَتد للقراءةِ في الركعة، وبعبارةٍ أُخْرى أنه إذا أُريد حَوْزُ الأشياء في مكان تَخَيَّر له المكانَ أَوَّلًا، ليجمع فيه، فالفاتحة لهذا التعيين، ثم تحومُ سائرُ السُّورِ حَوْلَها. وسيجيءُ له مزيدُ التوضيح في «فضائل القرآن». فائدة: واعلم أنَّ الأحاديثَ قد تَرِد كاشفةً عن أنظار ذهنيةٍ، ولا يُدْرى إلى أين جَرْيُها، وكَفُّها، وطردُها، وعَكْسُها، فيظهَر بعضُها في العمل أيضًا، ويبقى بعضُها في النَّظَر فقط. ففي مِثْل هذه الأحاديثِ يَجِب النَّظر إلى العَمل أيضًا، ولا ينبغي القَصْر على اللفظ فقط، لينكشف أنه هل اعتُبر هذا النَّظَرُ في حَقِّ العمل أيضًا، أو بقي في النَّظَر فقط، كالإِيتار ¬

_ (¬1) قال الحافظ: هو كلامُ أبي عبيدة في أول "مجاز القرآن"، لكن لفظه: ولسُورِ القرآنِ أسماء: منها أن {الْحَمْدُ لِلَّهِ} تسمى أم الكتاب، لأنه يبدأ بها في أوَّل القرآن، وتعاد قراءتُها، فيقرأ بها في كل ركعة قبل السورة؛ ويقال لها: فاتحة الكتاب، لأنه يُفتتح بها في المصاحِف، فتكتب قبل الجميع اهـ. وبهذا تبيَّنَ المرادُ مما اختصره المصنِّف، اهـ. قلتُ: ومِن هنا ظَهَر معنى قَوْل الشيخ -مما نَقَله المصنِّف- وقد بسط الحافِظ في وَجْه التسمية معاني أُخَر، فليراجع.

في صلاة اللَّيل، فإِنَّه نظر، لكنه لا يُدرى إلى أين جَرْيُها، وكَفُّها. فقد أجراه بعضُهم حتى قال بِنَقْضِ الوِتْر، ومن هذا الباب قوله: «إنَّما جُعِل الإِمامُ ليؤتمَّ به»، فالائتمام نَظرٌ ذِهْني، لا يُدْرى طَرْدُها وعكسها، فاعتبره الحنفية في باب القراءة أيضًا، وجعلوه دليلًا على تَرْك الفاتحة خَلْفَ الإِمام أيضًا، وأَخَذه الشافعيةُ أَوْسع منه، ولم ينفصل الأَمْرُ بعد، ولا ينفصل. وراجع رسالتي «كَشْف السّتر». ومُحصَّل الكلام أن الأنظارَ الذهنيةَ إذا خفي طَرْدُها، وعَكْسُها، فالعبرةُ عندي بالعمل في الخارج، كيف ثبت. فنقولُ في مسألة النقض أَنَّه إنْ ثبت نَقْضُ الوِتْر عن السَّلَف نقول: إنَّ الإِيتارَ قد اعتُبر في حقِّ العمل أيضًا، وفي المسألة الثانية: إنَّ الفاتحة إن ثَبَتَ تَرْكُها خَلْفَ الإِمام نقول: إنَّه ظَهَر أَثَرُه في تَرْك القراءةِ أيضًا، وإنْ لم يثبت، كما في المسألة الأولى لا نقولُ به، ولا تُوجِب العمل من لفظ الإِتيار فقط، فإِنَّه نَظر، وشأنُه أنه لا يظهَر في العمل دائمًا، فقد يبقى في النَّظر فقط، وحينئذٍ جَرُّها إلى العمل يكونُ غَلَطًا، فاعلمه، فإِنَّه ينفعُك في كثيرٍ من المواضع، وأدعو الله تعالى أن يطعمَك منه ذواقًا. 4474 - قوله: (ألم يَقُلِ اللَّهُ: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ}) [الأنفال: 24] ... إلخ، استنبط منه اشافعيةُ أنَّ مجاوبةَ (¬1) الرسولِ غيرُ مُفْسِدةٌ للصلاةِ، ثُم استأنسوا به في مسألةِ ذي اليَدَيْن. قلتُ: وهذا الاستنباطُ يُبْنى على صورةِ ترتيب الرِّواية، بأن يكونَ اعتذارُه بكونِه في الصلاة مقدَّمًا، وتلاوته صلى الله عليه وسلّم الآيةَ مُؤخَّرًا، ولو فرضنا اعتذارَه مؤخَّرًا عن تلاوته هكذا، فدعاني رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم فلم أجبه، فقال: ألم يقلِ اللَّهُ ... إلخ، قلتُ: «يا رسولَ اللَّهِ إنِّي كُنْتُ أُصلِّي» (¬2)، سقط الاستدلال. ¬

_ (¬1) قلتُ: أما المسألة في إجابةِ المُصلي الرسولَ، فلم يبحث عنها الشيخُ، لأنه لا طائلَ تَحْته، بعدما خُتِم على النُّبوة، فإِنَّها على أيِّ جهةٍ، وعلى أيِّ صورةٍ كانت قد انتهت بانتهاءِ النُّبوةِ. غيرَ أنَّ الطحاويَّ تَعَرَّض إليها شيئًا، فأَنا ألخصها لك: قال الطحاوي بعد إخراج الروايةِ المذكورة: ففيما روينا عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إيجابَه على مَن دعاه وهو يصلِّي وإجابتَهُ، وتَرْك صلاته، وذلك أولى به من تَماديه في صلاته. فقال قائل: أفيدخُلُ في ذلك إجابةُ الرَّجُل أُمه إذا دعته وهو يصلي؟ فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعَوْنه: أنَّ ذلك غيرُ مُستَنْكَر أن يكون كذلك، لأنه قد يستطيع تَرْك صلاتِه، وإجابتَه لأُمه، لما عليه أن يُجِيبها فيه، والعود إلى صلاتِه، ولأن صلاته إذا فاتت قضاها، وبَرُّه بأُمِّه إذا فات لم يستطع قَضَاءه. وقد دلَّ على ذلك ما رُوي عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث خروح الراهب. اهـ. قلتُ: فدلَّ كلامُ الطحاوي أن مجاوبةَ الرسولِ واجِبةٌ، ولكنها تقطع الصلاةَ، لا كما زعمه الشافعيةُ، فلينظر. وحينئذٍ لا حُجَّة لهم فيه في مسألة جواز الكلام في الصلاة. (¬2) قلتُ: هكذا نقله الحافظ عن ابن التين، نَقْلًا عن الدَّاودي، أنَّ في حديث الباب تقديمًا وتأخيرًا، قال: فكأنه تأَوَّل أن مَنْ هو في الصلاة خارج عن هذا الخطاب. اهـ ثُم ردَّه الحافظ. قلتُ: فيما أتذَكَّر عن الشيخ: إنَّ في بعض ألفاظِه: يا رسولَ اللهِ، إني كنتُ أُصلِّي، ولا أعودُ إليه. أو كما قال. فيثبت ما رامه الشافعيةُ، ولكن لا تَفوت منه الفائدةُ التي نَبَّه عليها، فإِنَّه لا ريبَ في كَوْن التمسُّكِ بالترتيب ضعيفًا.

قوله: ({لِمَا يُحْيِيكُمْ}) [الأنفال: 24] فتعليمُه يُورِثُ الحياةَ. قوله: (أَعْظَمُ السور) وفي نسخةٍ: «أعظم سورة». واختلفوا في الفَرْق بين أَفْضَل رجل، وأَفْضل الرِّجالُ، فقال جماعةٌ: إنهما سواءٌ، أقول: لا، بل في قوله: أَفْضَلُ رَجُلٍ من الاستقصاء ما ليس في أفضل الرِّجال، فإِنَّ الفَضْل في الأَوَّل على كلِّ رَجُلٍ رَجُل، فهو أَشْمل من الثاني، فإِنَّ الفَضْل فيه على المجموع، وراجع له شَرْح الرَّضِي على «الكافية». ثُم إنَّ في إطلاقِ أَعْظَم السُّوَر على الفاتحة سِرًّا، وهو أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أرادَ به نَحْوَ تلافٍ لما ينشأ من سياق القرآن، فَإِنَّه قال: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} [الحجر: 87] عطف القرآن العظيم على الفاتحةِ، فدلَّ على التغايُر، وخرجت الفاتحةُ عن كَوْنها قُرآنًا عظيمًا، فأَزَاحه أنَّ الفاتحةَ أَعْظَمُ السُّورِ، لا أنها خَرَجت بهذا الإِطلاقِ عَنْ كَوْنها قُرآنًا، كما يُوهِمُه التقابُلُ، وضلَّ مَنْ أراد أَنْ يُنْكِر كَوْنَ الفاتحةَ قُرْآنًا، لئلا يَرِد عليه قولُه تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] وكان الحديث سيق على رغم هؤلاء، ثم إنَّ في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ} ... إلخ، إشارةٌ إلى الفاتحةِ وضَمِّ السورةِ، فإِنَّه ذَكَر أوَّلًا السَّبْع المثاني، وهي للفاتحة، ثُم القرآنَ العظيم، وهو سائر السُّوَر، فتنضم معها على سبيل التبادل. وترجمة الآية عندي "هم نى دين تجهكو سات آيتين جو ورد كردنى هين اور وظيفه بناينكى لائق هين أور ديا قرآن عظيم" (¬1). قوله: ({آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} [الحجر: 87] الذي أُوتِيتُه)، اختلفوا في شَرْح قوله: {وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} ... إلخ، أي في الحديث، أما الكلام فيه في الآية، فكما هو في محله، فقيل: إنه مبتدأ وخَبر. والمعنى أن ما أُوتيته هو القرآنُ العظيم. فالجملةُ الأُولى مناسِبةٌ للباب. والثانية الستطراديةٌ. وقيل: إنَّ السَّبْعَ المثاني هو القرآنُ العظيم، ففيه إطلاقُ القرآنيةِ على الفاتحة، وليس بِمُرَادٍ عندي. ¬

_ (¬1) قلتُ: وسَمِعْتُه مرة، قال: إن في المثاني إشْعارًا بتَكْرارها في كلِّ صلاة، فلا تكونُ أَقلُّ الصلاةِ إلَّا ركعتين، لأن تكْرارها في ركعةٍ غيرِ معهود، وكذا عُلِم من سياقها تعيينُ الفاتحة، وكذا ضَمّ السورة معها، وهذه المسائلُ كلُّها أقربُ إِلى مذهب الحنفية. يقول العبد الضعيف: قبل الخطَّابي في قوله: "هي السَّبْع المثاني والقرآن العظيم الذي أُوتيته"، دلالةٌ على أن الفاتحةَ هي القرآنُ العظيم، وأنَّ الواو ليست بالعاطفة التي تَفْصل بين الشيئين، وإنما هي التي تجيء بمعنى التفصيل، كقوله: {فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: 68]، وقوله: {وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة: 98] انتهى، وفيه بَحْثٌ لاحتمال أن يكونَ قوله: {وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} محذوفُ الخبرِ، والتقدير ما بعد الفاتحة مثلًا، فيكون وَصْف الفاتحة انتهى بقوله: هي السَّبْع المثاني، ثم عطف قوله: {وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} أي ما زاد على الفاتحةِ، وذَكَر ذلك رِعاية لِنَظم الآيةِ، ويكون التقديرُ: {وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} هو الذي أُوتيته، زيادةٌ على الفاتحة، كذا في "الفتح".

2 - باب {غير المغضوب عليهم ولا الضالين}

2 - باب {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} 4475 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قَالَ الإِمَامُ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فَقُولُوا آمِينَ. فَمَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». طرفه 782 - تحفة 12576 والأوَل هم اليهودُ، وإنَّما غَضِب عليهم لإِنكارِهم رسالةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وهي بديهيةٌ؛ والثاني هم النَّصارى، لِخَبْطِهم في التحقيقات العِلْمية، كمسألةِ التوحيد في التثليث، ولذا قال الحافظ ابنُ تيمية: إنَّ العالِمَ المبتدِعَ على قَدَم النَّصارى، والجَاهِلَ المبتدعَ على قَدَم اليهود (¬1). بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 2 - سورة الْبَقَرَةِ 1 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31] 4476 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَجْتَمِعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُونَ لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ أَنْتَ أَبُو النَّاسِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْجَدَ لَكَ مَلاَئِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَىْءٍ، فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا. فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ ذَنْبَهُ فَيَسْتَحِى - ائْتُوا نُوحًا فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ. فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ. وَيَذْكُرُ سُؤَالَهُ رَبَّهُ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ فَيَسْتَحِى، فَيَقُولُ ائْتُوا خَلِيلَ الرَّحْمَنِ. فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ، ائْتُوا مُوسَى عَبْدًا كَلَّمَهُ اللَّهُ وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاةَ. فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ. وَيَذْكُرُ قَتْلَ النَّفْسِ بِغَيْرِ نَفْسٍ فَيَسْتَحِى مِنْ رَبِّهِ فَيَقُولُ ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ، وَكَلِمَةَ اللَّهِ وَرُوحَهُ. فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ، ائْتُوا ¬

_ (¬1) قلتُ: ومِن ههنا عَلِمت السرَّ في تشابه أَوَاخِر هذه الأمة باليهود، فإِنَّ العِلْمَ يقلُّ في آخِر الزمان، فتركب الأُمة متنَ عمياء، وتَخْبِط خَبْطَ عشواء، فتقرب حالها مِن جهلة اليهود، إلا أَنَّها لا تكونُ مغضوبةً عليها، وتُدْرِكُها رحمةُ رَبِّها قبل ذلك، لكونها آخِرَ الأُمم وخيرَها.

مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - عَبْدًا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. فَيَأْتُونِى فَأَنْطَلِقُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ عَلَى رَبِّى فَيُؤْذَنُ {لِى} فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّى وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِى مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يُقَالُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَرْفَعُ رَأْسِى فَأَحْمَدُهُ بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ، فَيَحُدُّ لِى حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ إِلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّى - مِثْلَهُ - ثُمَّ أَشْفَعُ، فَيَحُدُّ لِى حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ {ثُمَّ أَعُودُ الثَّالِثَةَ} ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَقُولُ مَا بَقِىَ فِى النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ «إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ». يَعْنِى قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {خَالِدِينَ فِيهَا} [البقرة: 162]. أطرافه 44، 6565، 7410، 7440، 7509، 7510، 7516 تحفة 1357، 1171، 1356 - 22/ 6 واعلم أنَّ العبوديةَ هي مناطُ الخلافة عندي، وإن اختار المفسرون، أنه العِلْم، وذلك لأنَّ الخَلْق إذْ ذاك كان على ثلاثةِ أنواع: إبليس، فإِنَّه ناظر رَبَّه ولم يكن له ذلك، فصار مَطْرودًا ملعونًا؛ وملائكة اللَّهِ، فإِنهم أيضًا لم يتخلَّصوا عن إساءةِ أدبٍ، فلما تابوا عفا عنهم؛ والثالث آدَم، وهذا هو الذي لما عاتبه رَبُّه لم يتكلم بحرف، ولم يواجهه إلَّا بالبكاء، مع أن موسى عليه الصلاة والسلام لما حاجَّه في عين تلك المعصيةِ حَجّ عليه، وذلك دليلٌ على كمال عبوديته، غير أنها أَمْرٌ خَفِيٌّ، ومعنًى مستورٌ، لا يَظْهَر بها الحُجَّة على الخَصْم، وكان العِلْم أظهرَ الأشياء، لإِثبات فَضْل أَحدٍ على أحد، فاقتضت الحِكْمةُ الإِلهِيةُ أن يَخُصَّه بهذا الفَضْل أيضًا، ليرى مكانَه، ويحرِزَ مَنْزلَته، وقد فصَّلناه في غير هذا الموضع. ثُم إنَّ من سرِّ عَقْد الخلافة ظهورَ المُطيع من غيره، لأنه ليس من المخلوق أَحَدٌ مَنْ يُنْكِر طاعةَ خالِقه، وإنَّما يَشُقُّ على المخلوقِ طاعةُ المخلوقِ، لكونه من جنسه، ولذا كَبُر على إبليسٍ السجودُ لآدَم عليه السلام، فاللَّهُ سبحانه أرادَ أن يُميِّزَ المُطيعَ مِن غيره، وأَمَر الملائكةَ أن يَسْجُدوا له، فسجدوا كلُّهم، وأَبى إبليسٌ لذلك المَعْنى، ولا يزال ذاك التمييزُ يجري إلى يوم القيامة، ولنا فيه كلامٌ طويلٌ، طَوَيْنا ذِكْره. قوله: ({وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31]) والمرادُ منها أسماءُ الأشياء التي لا بدَّ من عِلْمِها، والعمومُ فيه كالعموم في قوله: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23]، ألا ترى أن اليهودَ لما سألوا عن الرُّوح، وأُجِيبوا بقوله: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] قالوا: كيف وعندنا التوراةُ فيها تفصيلٌ لكلِّ شيءٍ، فقيل لهم كما في «سيرة ابن هشام»: هي في عِلْم الله قليل، فانكشفت منه حقيقةُ الكُلِّ، وحال استغراقه؛ وبالجملة لما كان آدمُ عليه الصلاة والسلام أبا البشر، ومِنْ صُلْبه خرج العالَم، لزِم أن يَعْلم أَولًا من أسماء الأشياء ليجرِّبَها فيما بعده، وتتعلم منه ذريَّتُه، وتستعملها فيما بينها، ولا تتعطَّل عن حوائجها، فاتضح منه سرُّ تعليم الأسماء كُلِّها إيَّاها.

2 - باب

4476 - قوله: (فإِنَّه أَوَّلُ رَسُول) ... إلخ. وقد مَرَّ وَجْهُ كونِه أَوَّلَ في الأَوَّل (¬1). قوله: (فَيَدَعُني ما شاء) ... إلخ. وفي «مسند» أحمد أنه يَقَعُ في السجدة أُسبوعًا. 2 - باب قالَ مُجَاهِدٌ: {إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} [البقرة: 14]: أَصْحَابِهِمْ مِنَ المُنَافِقِينَ والمُشْرِكِينَ. {مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ} [البقرة: 19] اللَّهُ جَامِعُهُمْ. صِبْغَةٌ: دِينٌ. {عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45] عَلَى المُؤْمِنِينَ حَقًّا. قالَ مُجَاهِدٌ: {بِقُوَّةٍ} [البقرة: 63] يَعْمَلُ بِمَا فِيهِ. وَقالَ أبُو العَالِيَةِ: {مَرَضٌ} شَكٌّ. {وَمَا خَلْفَهَا} [البقرة: 66] عِبْرَةٌ لِمَنْ بَقِيَ. {لَا شِيَةَ} [البقرة: 71] لاَ بَيَاضَ. وَقالَ غَيرُهُ: {يَسُومُونَكُمْ} [البقرة: 49] يُولُونَكُمْ. الوَلاَيَةُ - مَفتُوحَةً - مَصْدَرُ الوَلاَءِ، وَهِيَ الرُّبُوبِيَّة، وإِذَا كُسِرَت الوَاوُ فَهِيَ الإِمَارَةُ. وَقالَ بَعْضُهُمُ: الحُبُوبُ الَّتي تُؤْكَلُ كُلُّهَا فُومٌ. وَقالَ قَتَادَةُ: {فَبَاءُوا} [البقرة: 90] فانْقَلَبُوا. وقال غَيرُهُ: {يَسْتَفْتِحُونَ} [البقرة: 89] يَسْتَنْصِرُونَ. {شَرَوْا} [البقرة: 102] بَاعُوا. {رَاعِنَا} [البقرة: 104] مِنَ الرُّعُونَة، إِذَا أرَادُوا أنْ يُحَمِّقُوا إِنْسَانًا قالُوا: رَاعِنًا. {لَا تَجْزِي} [البقرة: 48 - 123] لاَ تُغْنِي. {خُطُوَاتِ} [البقرة: 168] مِنَ الخَطْوِ، وَالمَعْنى: آثارَهُ. ومن عاداتِ المُصنِّف أنه يُسمِّي أَحَدًا، ثُم يقول: وقال غيرُه: كما فَعَل ههنا، فَسمَّى أَوَّلًا مجاهدًا، ثُم قال بعد عِدَّة أَسْطُر: وقال غيرُه: {يَسُومُونَكُمْ} ... إلخ [البقرة: 49]، لا يريد بذلك نَقْل الخلاف في عَيْن تلك المسألةِ، كما يتبادَر من التقابُل، ولكنه من عاداتِه أنه يقول: وغيرُه، ويكون ذلك في مسألةٍ أُخْرى غيرِ التي قَبْلَها، فَتنبَّه لها. قوله: ({رَاعِنَا} [البقرة: 104]) وكان اليهودُ إذا نَسَبُوا أَحدًا إلى الحماقةِ، قالوا له: «راعِنا». قوله: ({خُطُوَاتِ} [البقرة: 168]) من الخَطْو، والمعنى: آثارَه، واعلم أن الأَحْسنَ في تفسير البخاري في كلماتِ القرآنِ هو الإِعرابُ الحكائي. 3 - باب قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 22] 4477 - حَدَّثَنِى عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهْوَ خَلَقَكَ». قُلْتُ إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، قُلْتُ ثُمَّ أَىُّ قَالَ «وَأَنْ تَقْتُلَ ¬

_ (¬1) قلتُ: وفي أكثر طُرُق الحديث أنَّ عيسى عليه الصلاة والسلام لم يَذْكُر لنفسه ذَنبًا. وعند الترمذي في التفسير أنه قال: إني عُبِدت من دون الله، ائتوا محمدًا صلى اللهُ عليه وسلم ... إلخ.

4 - باب وقوله تعالى: {وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (57)} [البقرة: 57]

وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ». قُلْتُ ثُمَّ أَىُّ قَالَ «أَنْ تُزَانِىَ حَلِيلَةَ جَارِكَ». أطرافه 4761، 6001، 6811، 6861، 7520، 7532 - تحفة 9480 4477 - قوله: (أَنْ تُزانِيَ حَلِيلَةَ جارِك) ... إلخ، والمفاعلةُ للإشعار بِطُول معاملتِه مع زوجةِ جارِه، حتى أَفْضَى الأَمْرُ إلى الزِّنا، يعني: "ابنى همسايه كى بيوى كيساتهه معامله لكائى ركها يهان تك كه نوبت زنا كى بهو نجى" مع أنَّ المَرْجُو من الباري هو الخيرُ، ولكنه خَلَف فيه خِلافَةَ سَوْء. 4 - باب وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57)} [البقرة: 57] وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْمَنُّ صَمْغَةٌ، وَالسَّلْوَى الطَّيْرُ. 4478 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ». طرفاه 4639، 5708 - تحفة 4465 قوله: (المنَّ) نوعٌ من الصمغ "كوئى كوندهى". 4478 - قوله: (كَمَأة) "كهنبى"، والأسود منها سُمّ، والأبيض شِفاءٌ للعَيْن. 5 - باب {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58)} [البقرة: 58] رَغَدًا: وَاسِعٌ، كَثِيرٌ. 4479 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قِيلَ لِبَنِى إِسْرَائِيلَ {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: 58] فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ، فَبَدَّلُوا وَقَالُوا حِطَّةٌ، حَبَّةٌ فِى شَعَرَةٍ». طرفاه 3403، 4641 - تحفة 14680 - 23/ 6 قوله: ({حِطَّةٌ}) "كناه اتارى". وقال عِكْرمة: جَبْرَ، وَمِيكَ، وسَرَفِ: عَبْدُ؛ وإِيل: اللَّهُ. قلتُ: ورأيت عالِمًا للتوراةِ شَرَح هذه الأسماءَ بغيره، فقال: «جبرئيل» "زوروالا"، «ميكائيل» "بانى برموكل"، «إسرافيل» "صوروالا"، «زرائيل» "موت والا" (¬1). وفي ¬

_ (¬1) قلتُ: وفي آخِر مذكرة عندي: أنَّ "الجَبْر" بمعنى القوةِ، و"الميكا" بمعنى الحميم، و، "الإِسراف" بمعنى مصطفى، و"العزرا" بمعنى العُزَير. [زيادة كبد حوت] /جكر كوشه/، وقد تكلَّم عليه الحافظُ، ونَقَل فيه أقوالًا، فليراجع.

6 - باب قوله: {من كان عدوا لجبريل} [البقرة: 97]

الحديث أَنَّه: يلعبُ الحوتُ، والثَّورُ بين يدي أهلِ الجنة، فيقتل الثَّوْرُ الحوتَ بِقَرْنه، ويموتُ، ويكون ذلك نزلهم في اليوم الأول، وهكذا يقع في اليوم الثاني، فتقتل الحوتُ الثَّوْرَ، بِذَنَبِه، ويكون ذلك نُزلهم (¬1). 6 - باب قَوْلُهُ: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} [البقرة: 97] وَقَالَ عِكْرِمَةُ: جَبْرَ وَمِيكَ وَسَرَافِ: عَبْدٌ. إِيلْ: اللَّهُ. 4480 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَكْرٍ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ بِقُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِى أَرْضٍ يَخْتَرِفُ، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنِّى سَائِلُكَ عَنْ ثَلاَثٍ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِىٌّ فَمَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَمَا أَوَّلُ طَعَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَا يَنْزِعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ قَالَ «أَخْبَرَنِى بِهِنَّ جِبْرِيلُ آنِفًا». قَالَ جِبْرِيلُ قَالَ «نَعَمْ». قَالَ ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ. فَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} [البقرة: 97] أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدَ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ نَزَعَتْ». قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ، وَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلاَمِى قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ يَبْهَتُونِى. فَجَاءَتِ الْيَهُودُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَىُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللَّهِ فِيكُمْ». قَالُوا خَيْرُنَا وَابْنُ خَيْرِنَا، وَسَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا. قَالَ «أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ». فَقَالُوا أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ. فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالُوا شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا. وَانْتَقَصُوهُ. قَالَ فَهَذَا الَّذِى كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. أطرافه 3329، 3911، 3938 - تحفة 701، 5328 أ 7 - باب قَوْلِهِ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106] 4481 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - أَقْرَؤُنَا أُبَىٌّ، وَأَقْضَانَا عَلِىٌّ، وَإِنَّا لَنَدَعُ مِنْ قَوْلِ أُبَىٍّ، وَذَاكَ أَنَّ أُبَيًّا يَقُولُ لاَ أَدَعُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106] طرفه 5005 - تحفة 71، 10493 أ - 24/ 6 4481 - قوله: ({مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ}) ... إلخ، وقد مَرَّ أنَّ الآياتِ المنسوخةَ أَنْزَلُ ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد مَرَّ مِن قَبْل أن الحوتَ أصلُ حيواناتِ البحر، والثَّوْرَ أَصلُ حيواناتِ البَرِّ، فإِذا أراد اللهُ سبحانه أن يَعْدِم العالم يَعْدِمُ أَصْلَه، فَيُجْعلانِ نزلا لأهْلِ الجنة، والله تعالى أعلمُ بالصواب.

8 - باب {وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه} [البقرة: 116]

رُتْبة في الإِعجاز مِن الآياتِ المُحْكَماتِ (¬1). ثُم أنَّ ما يَزْعُمه الناسُ مَنْسُوخًا ليس بمنسوخٍ عندي، لبقاء حُكْمه في الجنس، ويكون ذلك تذكارًا لِوُرُود الحُكْم في ذلك الجنس، وإنْ رُفِع الآن عن بَعْضِ أنواعه، وعليه قراءةُ الجرِّ عندي في آية المائدة: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} فإِنَّ المَسْحَ على الأَرْجل ثابِتٌ في حال التَّخَفُّف، ولولا هذه القراءةُ لانعدمت مسألةُ المَسْح على الخُفِّ عن القرآن رأسًا، ففي تلك القراءةِ إيماءٌ إلى أنَّ الأَرْجُل قد يكون لها حَظٌّ مِن المسح أيضًا. فبقاءُ هذا الحُكْم في الجنس هو مفادُ تلك القراءةِ، وقد قَرَّرْناه في كتاب الوضوء. 8 - باب {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ} [البقرة: 116] 4482 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ اللَّهُ كَذَّبَنِى ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِى وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّاىَ فَزَعَمَ أَنِّى لاَ أَقْدِرُ أَنْ أُعِيدَهُ كَمَا كَانَ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّاىَ فَقَوْلُهُ لِى وَلَدٌ، فَسُبْحَانِى أَنْ أَتَّخِذَ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا». تحفة 6520 4483 - قوله: (وَافَقْتُ اللَّهَ في ثلاثٍ) وقد عدَّ العلماءُ موافقاتِه إلى عِشْرينَ. 9 - باب {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] {مَثَابَةً} [البقرة: 125] يَثُوبُونَ: يَرْجِعُونَ. 4483 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ وَافَقْتُ اللَّهَ فِى ثَلاَثٍ - أَوْ وَافَقَنِى رَبِّى فِى ثَلاَثٍ - قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْتَ مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَدْخُلُ عَلَيْكَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، فَلَوْ أَمَرْتَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْحِجَابِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْحِجَابِ قَالَ وَبَلَغَنِى مُعَاتَبَةُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْضَ نِسَائِهِ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِنَّ قُلْتُ إِنِ انْتَهَيْتُنَّ أَوْ لَيُبَدِّلَنَّ اللَّهُ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - خَيْرًا مِنْكُنَّ. حَتَّى أَتَيْتُ إِحْدَى نِسَائِهِ، قَالَتْ يَا عُمَرُ، أَمَا فِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا يَعِظُ نِسَاءَهُ حَتَّى تَعِظَهُنَّ أَنْتَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ} [التحريم: 5] الآيَةَ. أطرافه 402، 4790، 4916 - تحفة 10409 ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد ذهب الأشعريُّ، والباقِلانيُّ، وابنُ حِبَّان إلى المَنْع عن تفضيل بعض القرآن على بعض، لأن المَفْضُول ناقِص عن درجة الأفْضَل، وأسماءُ اللهِ تعالى وصِفاتُه لا نَقص فيها، والجمهور إلى التفضيل، وهو الذي اختاره الغَزَّالي، وحَقَّقه في "جواهر القرآن" وقال: إنك إنْ لم تكنْ تستطيع تُدْرِكه مِن نور بصيرتِك، فَقَلِّد فيه صاحِبَ الرسالة، فإنَّه قال: {يس (1)} قَلْبُ القرآن، وفاتحةُ الكتابِ أَفْضَلُ السُّوَر. ومنهم مَنْ قال: إنَّ هذا التفضيلَ راجِعٌ إلى مضاعفةِ الثوابِ والأَجْر، لا إلى نَفس النَّظْم. قلتُ: وقد عَلِمت ما حقَّقه الشيخُ، أن الآياتِ التي نُسِخت تلاوتُها دون الآياتِ المُحْكَمات في باب البلاغة. وراجع البحث في مَوْضَعه.

10 - باب قوله تعالى: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم (127)} [البقرة: 127]

وَقَالَ ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ سَمِعْتُ أَنَسًا عَنْ عُمَرَ. تحفة 10409 10 - باب قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127)} [البقرة: 127] القَوَاعِدُ: أَسَاسُهُ، وَاحِدَتُهَا قاعِدَةٌ، {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ} [النور: 60] وَاحِدُهَا قاعِدٌ. 4484 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَلَمْ تَرَىْ أَنَّ قَوْمَكِ بَنَوُا الْكَعْبَةَ وَاقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ «لَوْلاَ حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ». فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أُرَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَرَكَ اسْتِلاَمَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ، إِلاَّ أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ. أطرافه 126، 1583، 1584، 1585، 1586، 3368، 7243 - تحفة 16287 - 25/ 6 11 - باب {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: 136] 4485 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لأَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلاَ تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} الآيَةَ. طرفاه 7362، 7542 - تحفة 15405 قوله: ({الْقَوَاعِدَ} [البقرة: 127]) "نيوين". وإنَّما ذُكِر إسماعيل عليه الصلاة والسلام بالعَطْف، لأنه كان يَرْفَع الأحجارَ، وإبراهيم عليه الصلاة والسلام يَبْنِيه، فَفَصل بينهما لهذا الفَرْق. قوله: ({رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} [البقرة: 127]) ... إلخ، وقد قَدَّر المفسرون ههنا، يقولان: ربنا ... إلخ، قلتُ: وهذا إعدامٌ لِغرض القرآنِ. فاعلم أنَّ طريقَ المُؤرِّخ الحكايةُ عن الغائبات، على طَوْر نَقْل الغائب عن الغائب، وطريق القرآن أنه قد يأتي لإِحضار ما في الخارج عند المتكلم، وتصويره في ذِهْنه، كأنه واقعٌ الآن، وقد فَصَّلناه مِن قَبْل. ومَنْ يَخْلِطْ بين الطريقين يَعْجِز عن إدراكِ بَعْض معاني الأَشعار أيضًا، كقوله:

12 - باب {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (142)} [البقرة: 142]

*"خيال خواب راحت هى علاج اس بد كمانى كا ... وه كافر قبر مين مؤمن مر اشانه هلاتا هى" فقوله: "علاج اس بد كمانى كا" ليس خَبرًا عن قوله: "خيال خواب راحت هى" بل هو جملةٌ مستقِلَّةٌ، يظهر معناها عند التغيير في اللهجة. وحاصلُ البيتِ أن حبيبي يَتَّهِمُني بعد الموتِ أيضًا، فيظنُّ أَنِّي في المنامِ، فما أَصْنَعُ بسوءِ ظنِّه ذلك، حتى أَنَّه يُحَرِّكُ كاهلي لأَستيقظَ مِن نومي، وما بي مِن نومٍ، ولكني قَد مِتُّ. 12 - باب {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142)} [البقرة: 142] 4486 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ سَمِعَ زُهَيْرًا عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ، وَإِنَّهُ صَلَّى - أَوْ صَلاَّهَا - صَلاَةَ الْعَصْرِ، وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ صَلَّى مَعَهُ، فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ وَهُمْ رَاكِعُونَ قَالَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ، وَكَانَ الَّذِى مَاتَ عَلَى الْقِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ قِبَلَ الْبَيْتِ رِجَالٌ قُتِلُوا لَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 143] أطرافه 40، 399، 4492، 7252 - تحفة 1840 وراجع تفسيره في «فَتْح العزيز». 13 - باب {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] 4487 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ وَأَبُو أُسَامَةَ - وَاللَّفْظُ لِجَرِيرٍ - عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُدْعَى نُوحٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَبِّ. فَيَقُولُ هَلْ بَلَّغْتَ فَيَقُولُ نَعَمْ. فَيُقَالُ لأُمَّتِهِ هَلْ بَلَّغَكُمْ فَيَقُولُونَ مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ. فَيَقُولُ مَنْ يَشْهَدُ لَكَ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ. فَتَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ». {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] وَالْوَسَطُ الْعَدْلُ. طرفاه 3339، 7349 - تحفة 4003 - 26/ 6 أي لما كُنتم أنموذجةَ الاعتدال، فبكم يليقُ أن تكونوا مِيزانًا لانحرافِ الأُمم الآخَرِين، والوسط العدل. ومعنى التَّشْبيه: إنَّا كما جَعَلْناكم وَسَطًا في أَمْر القِبْلة، كذلك في الأُمور كلِّها.

14 - باب {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم} [البقرة: 143]

14 - باب {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 143] 4488 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - بَيْنَا النَّاسُ يُصَلُّونَ الصُّبْحَ فِى مَسْجِدِ قُبَاءٍ إِذْ جَاءَ جَاءٍ فَقَالَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قُرْآنًا أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا. فَتَوَجَّهُوا إِلَى الْكَعْبَةِ. أطرافه 403، 4490، 4491، 4493، 4494، 7251 - تحفة 7154 والأَرْجَح عندي أن المُرادَ منها بيتُ المَقْدِس. قوله: ({إِلَّا لِنَعْلَمَ} [البقرة: 143]). واعلم أن عِلْم الباري تعالى لما كان مُطابِقًا للواقع، فإِنْ كان معلومُه من الأشياءِ الخارجية أوجب عِلْمُه أن يتحقَّق ذلك الشيءُ في الخارج، كما قد عَلِمه، وإلا يَلْزم تَخَلُّفه عن الواقع، وهو مُحال، وليس في عِلْم الممكن هذا التأثيرُ: بأن يوجِب تعلُّقُه به، وجودَه في الخارج، وحينئذٍ معنى قوله: {لِنَعْلَمَ} أي ليتحقق معلومُه في الخارج، وقد مرَّ الكلام فيه مِن قَبْل. 15 - باب {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] 4489 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمْ يَبْقَ مِمَّنْ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ غَيْرِى. تحفة 881 16 - باب {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 145] 4490 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - بَيْنَمَا النَّاسُ فِى الصُّبْحِ بِقُبَاءٍ جَاءَهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَأُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ أَلاَ فَاسْتَقْبِلُوهَا. وَكَانَ وَجْهُ النَّاسِ إِلَى الشَّأْمِ فَاسْتَدَارُوا بِوُجُوهِهِمْ إِلَى الْكَعْبَةِ. أطرافه 403، 4488، 4491، 4493، 4494، 7251 - تحفة 7182 17 - باب {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [البقرة: 146 - 147] 4491 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِى صَلاَةِ الصُّبْحِ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ

18 - باب {ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير (148)} [البقرة: 148]

اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا. وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ. أطرافه 403، 4488، 4490، 4493، 4494، 7251 - تحفة 7228 - 27/ 6 18 - باب {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)} [البقرة: 148] 4492 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِى أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ - أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ - شَهْرًا، ثُمَّ صَرَفَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ. أطرافه 40، 399، 4486، 7252 - تحفة 1849 وهذا نَظَرٌ فقط، كما عَلِمت آنِفًا، إنَّ مِن الأنظار مَنْ يبقى في النظر فقط، ولا يتحقَّق في العمل، فهذا أيضًا نَظَرٌ لم يتحقَّق في العمل، إذ لا بدَّ في الصلاة من التوجُّه إلى جهة، وإنْ صحَّ اعتقادًا أنَّ الله تعالى في كلِّ جهة، فإنَّ الله متعالٍ عن الجهات، نعم قد ظهر في بعض المواضع في حق العمل أيضًا، وهو في حال التحرِّي، وفي صلاةِ الخَوْف عند شِدَّة الخَوْف، وراجع «فتح العزيز» مِنْ قوله: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: 146]. 19 - باب {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149)} [البقرة: 149] شَطْرُهُ: تِلْقَاؤُهُ. 4493 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ بَيْنَا النَّاسُ فِى الصُّبْحِ بِقُبَاءٍ إِذْ جَاءَهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، فَأُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ، فَاسْتَقْبِلُوهَا. وَاسْتَدَارُوا كَهَيْئَتِهِمْ، فَتَوَجَّهُوا إِلَى الْكَعْبَةِ وَكَانَ وَجْهُ النَّاسِ إِلَى الشَّأْمِ. أطرافه 403، 4488، 4490، 4491، 4494، 7251 - تحفة 7212 وفي تكرار الآية كلام مشهور، وتعرض إليه البيضاوي، وكتب عليه العلامة عبد الحكيم السيالكوتي شيئًا. 20 - باب {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 150] 4494 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ بَيْنَمَا النَّاسُ فِى صَلاَةِ الصُّبْحِ بِقُبَاءٍ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ، فَاسْتَقْبِلُوهَا. وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْقِبْلَةِ. أطرافه 403، 4488، 4490، 4491، 4493، 7251 - تحفة 7228

21 - باب قوله {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم (158)} [البقرة: 158]

21 - باب قَوْلِهِ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158)} [البقرة: 158] شَعَائِرُ: عَلاَماتٌ، وَاحِدَتُهَا شَعِيرَةٌ، وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الصَّفوَانُ الحَجَرُ، وَيُقَالُ: الحِجَارَةُ المُلسُ الَّتِي لاَ تُنْبِتُ شَيئًا، وَالوَاحِدَةُ صَفوَانَةٌ، بِمَعْنى الصَّفَا، وَالصَّفَا لِلجَمِيعِ. 4495 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] فَمَا أُرَى عَلَى أَحَدٍ شَيْئًا أَنْ لاَ يَطَّوَّفَ بِهِمَا. فَقَالَتْ عَائِشَةُ كَلاَّ لَوْ كَانَتْ كَمَا تَقُولُ كَانَتْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَطَّوَّفَ بِهِمَا، إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِى الأَنْصَارِ، كَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ، وَكَانَتْ مَنَاةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ، وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158]. أطرافه 1643، 1790، 4861 - تحفة 17151 4496 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. فَقَالَ كُنَّا نَرَى أَنَّهُمَا مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الإِسْلاَمُ أَمْسَكْنَا عَنْهُمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ} [البقرة: 158]. طرفه 1648 - تحفة 929 قوله: (والصَّفا لِلجَميع) ولما لم يُفَرِّق أبو عُبيد بين الجَمْع، واسم الجمع، تَبِعه المؤلِّفُ أيضًا في ذلك، فلم يفرِّق أيضًا بينهما. 22 - باب {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة: 165] أَضْدَادًا، وَاحِدُهَا نِدٌّ. 4497 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كَلِمَةً وَقُلْتُ أُخْرَى قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ». وَقُلْتُ أَنَا مَنْ مَاتَ وَهْوَ لاَ يَدْعُو لِلَّهِ نِدًّا دَخَلَ الْجَنَّةَ. طرفاه 1238، 6683 - تحفة 9255 4497 - قوله: (قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم مَنْ مات ... إلى قوله: وقلت أنا: مَنْ مات وهو لا يَدْعُو) ... إلخ، قد مَيَّز الراوي ههنا بين قوله، وبين قولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وقد يقول: إنِّي نَسِيتُها.

23 - باب {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر} إلى قوله: {عذاب أليم} [البقرة: 178]

23 - باب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ} إِلَى قَوْلِهِ: {عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 178] {عُفِيَ} [البقرة: 178]: تُرِكَ. 4498 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ كَانَ فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ الْقِصَاصُ، وَلَمْ تَكُنْ فِيهِمُ الدِّيَةُ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِهَذِهِ الأُمَّةِ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} فَالْعَفْوُ أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ فِى الْعَمْدِ {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} يَتَّبِعُ بِالْمَعْرُوفِ وَيُؤَدِّى بِإِحْسَانٍ، {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} مِمَّا كُتِبَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ. {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} قَتَلَ بَعْدَ قَبُولِ الدِّيَةِ. طرفه 6881 - تحفة 6415 - 29/ 6 4499 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ». أطرافه 2703، 2806، 4500، 4611، 6894 - تحفة 749 4500 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَكْرٍ السَّهْمِىَّ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ الرُّبَيِّعَ عَمَّتَهُ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا إِلَيْهَا الْعَفْوَ فَأَبَوْا، فَعَرَضُوا الأَرْشَ فَأَبَوْا، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَوْا إِلاَّ الْقِصَاصَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْقِصَاصِ، فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ لاَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ». فَرَضِىَ الْقَوْمُ فَعَفَوْا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ». أطرافه 2703، 2806، 4499، 4611، 6894 - تحفة 703 قد تمسَّك الشافعيةُ بالآيةِ على أنَّ الحُرَّ لا يُقْتل بالعبد، لقوله تعالى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ} [البقرة: 178] فمفهومُه أنه لا يُقْتل بالعبدِ، وعندنا لا قِصاص بين العبد ومولاه، فإِن كان عبدًا للغيرِ يُقْتل به قِصاصًا. والتمسك بالمفهوم غير معتبر عندنا، فإِنَّه ضَعيفٌ جدًا لا يليقُ أن تُناط به المسائلُ، وقد تكلَّمنا على المسألةِ مِن قَبْل. والجواب كما في «المدارك»: أَنَّ مَحَطَّ قوله تعالى ليس ما زعموه، بل معناه أنَّ الحُرَّ ولو كان شَرِيفًا يُقْتل في قِصاص الحرِّ وإنْ كان وَضِيعًا، لا كما في الجاهلية، أنَّ الشريفَ إذا قَتَل الوَضِيع لم يقتصُّوا له، وإذا كان بالعَكْس قَتَلُوا به، وكذا تُقْتل بالنَّفْس نَفْسٌ واحدةٌ لا نَفْسانِ، أو أَزْيد، كما كانوا يفعلُونَه. فائدة: واعلم أنَّ الاستغراقَ ليس من معاني اللام عندي، بل هي لامُ الجِنْس، ويُفْهم الاستغراقُ من الخارج. وهو مذهبُ الزمخشريّ، فصرَّح أنَّ اللام في قوله: {الْحَمْدُ

24 - باب {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون (183)} [البقرة: 183]

لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} للجِنْس، واعترَضَ عليه التفتازاني أنه مِن نَزْغة الاعتزال. قلتُ: غَفَل التفتازاني عن مذهبه، فإِنَّ الاستغراقَ ليس من معاني اللام عنده أَصْلا، ولذا لم يأخذها للاستغراقِ في سائر كتابه. أما الاستغراقُ في قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فإِنَّما حدث مِن أجل أَنَّ جِنْس الحمد إذا انحصر في الله تعالى، وانتفى عن غَيْره، لَزِم الاستغراقُ لا محالةَ، فهو عنده لُزومي، لا أَنَّه من مدلول اللام. ومِن ههنا ظهر الجوابُ، عَمَّا أرادُوا عليه أنَّ اللام في قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)} ... إلخ، لو لم تكن للاستغراقِ لم يَصِحَّ الاستثناءُ بعده، وذلك لأنَّه لم يُنْكر نَفْس الاستغراق، بل أَنْكَر كونَه مدلولًا للام. فالفَرْقُ أنَّ المفردَ المُحلَّى باللام، يُفيدُ الاستغراق عند جماعةٍ، وهو مدلولُه، بخلافِه عند الزمخشريِّ، فإِنَّه من لوازم الحَصْر، لا مِن مدلولِ الحَرْف. قوله: (كَسَرَت ثِنِيَّةَ جَارِيةٍ) وفي بعض الروايات أنها كَسَرت ثَنِيَّة رَجُلٍ، فما لم يَتَعَيَّن أنَّ المَجْني عليه كان رَجُلًا أو امرأة، لم يَصْلُح أن يقومَ حُجَّةً على الحنفية، في أنه لا قِصاص بين الرجل والمرأة في الأطراف؛ ومِن ههنا سَقَط إيرادُ ابن حَزْم (¬1). 24 - باب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)} [البقرة: 183] 4501 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ عَاشُورَاءُ يَصُومُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ قَالَ «مَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ». طرفاه 1892، 2000 - تحفة 8146 4502 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - كَانَ عَاشُورَاءُ يُصَامُ قَبْلَ رَمَضَانَ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ قَالَ «مَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ». أطرافه 1592، 1893، 2001، 2002، 3831، 4504 - تحفة 16444 4503 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ دَخَلَ عَلَيْهِ الأَشْعَثُ وَهْوَ يَطْعَمُ فَقَالَ الْيَوْمُ عَاشُورَاءُ. فَقَالَ كَانَ يُصَامُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ تُرِكَ، فَادْنُ فَكُلْ. تحفة 9453 - 30/ 6 4504 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كَانَ رَمَضَانُ ¬

_ (¬1) قلتُ: وسنذكر كلامَ المارديني فيه في "الدِّيات" إنْ شاء الله تعالى.

25 - باب قوله: {أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون (184)} [البقرة: 184]

الْفَرِيضَةَ، وَتُرِكَ عَاشُورَاءُ، فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ. أطرافه 1592، 1893، 2001، 2002، 3831، 4502 - تحفة 17310 4501 - قوله: (فلما نَزَل رَمَضانُ) كان رَمَضَان الفريضة، وهذا اللفظ مُشيرٌ إلى فرضيةِ عاشوراء قَبْل رمضانَ، والشافعيةُ يُنْكِرُونها، وبُوَّب عليه الطحاويُّ. 25 - باب قَوْلِهِ: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184)} [البقرة: 184] وَقالَ عَطَاءٌ: يُفطِرُ مِنَ المَرَضِ كُلِّهِ، كَمَا قالَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقالَ الحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ في المُرْضِعِ وَالحَامِلِ: إِذَا خافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ وَلَدِهِما تُفطِرَانِ ثُمَّ تَقْضِيَانِ، وَأَمَّا الشَّيخُ الكَبِيرُ إِذَا لَمْ يُطِقِ الصِّيَامَ، فَقَدْ أَطْعَمَ أَنَسٌ بَعْدَ ما كَبِرَ عامًا أَوْ عامَينِ، كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، خُبْزًا وَلحَمًا، وَأَفطَرَ. قِرَاءَةُ العَامَّةِ {يُطِيقُونَهُ} وَهُوَ أَكْثَرُ. 4505 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184]. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ، هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لاَ يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا، فَلْيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. تحفة 5945 وقد مرَّ في «الصيام» مبسوطًا أنَّ قولَه تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} [البقرة: 184] ليس بِمنسُوخٍ عندي، وبقاءُ جزئياتِ الفِدْية في المذاهب الأربعة من أجل تلك الآية، ولولا قولُهُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} لم يَبْق لتلك الجزئياتِ في الدِّين أَصْلٌ، وهذا هو السرُّ في بقاء تلك الآياتِ في التلاوة، فإِنها لا تزال معمولًا بها بنحوٍ من الوجوه، وهذا كما قلت: إنَّه لولا قراءةُ الجَرِّ في قوله: {وَأَرْجُلَكُمْ} لارتفع أَصْلُ المسح مِن القرآن. فهذه القراءةُ هي التي تركت بِذْرِ المَسْح في القرآن، ولو كان العملُ بها في صورةٍ ما، كحال التخفُّف. ثُم إنَّه قد كَثُر إطلاقُ النَّسْخ في السَّلَف، وذلك لأنهم سَمّوا تقييدَ المطلق، وتخثيصَ العام، وتأويلَ الظاهر أيضًا نَسْخًا، وقلّ عند الأُصوليين بالنسبةِ إليهم، وقد أَنكرت النَّسْخ رأسًا، بمعنى رَفْعِ الحُكْم، بحيث لا يبقى له اسمٌ، ولا أَثر في جزئيَ من الجُزئياتِ. وقد مَرَّ التفصيلُ في الصيام. 26 - باب {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] 4506 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ

27 - باب {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم} [البقرة: 187]

عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَرَأَ {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] قَالَ هِىَ مَنْسُوخَةٌ. طرفه 1949 - تحفة 8018 4507 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] كَانَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِىَ حَتَّى نَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِى بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ماتَ بُكَيرٌ قَبْلَ يَزَيدَ. تحفة 4534 - 31/ 6 27 - باب {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [البقرة: 187] 4508 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ. وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه -. لَمَّا نَزَلَ صَوْمُ رَمَضَانَ كَانُوا لاَ يَقْرَبُونَ النِّسَاءَ رَمَضَانَ كُلَّهُ، وَكَانَ رِجَالٌ يَخُونُونَ أَنْفُسَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ}. طرفه 1915 - تحفة 1805، 1900 4508 - قوله: (لا يَقْرَبُونَ النِّساءَ رَمَضَانَ كُلَّه) وفي الروايةِ (¬1) الأخرى أنهم كانوا ممنوعين من القِرْبان، وغيرِه بعد النوم. ومفهومُه أنه كان جائزًا قبله، وراجع «الهامش». 28 - باب قَوْلِهِ تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} إِلَى قَوْلِهِ: {يَتَّقُونَ} [البقرة: 187] {الْعَاكِفُ} [الحج: 25]: المُقِيمُ. 4509 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَدِىٍّ قَالَ أَخَذَ عَدِىٌّ عِقَالًا أَبْيَضَ وَعِقَالًا أَسْوَدَ حَتَّى كَانَ بَعْضُ اللَّيْلِ نَظَرَ فَلَمْ يَسْتَبِينَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، جَعَلْتُ تَحْتَ وِسَادَتِى. قَالَ «إِنَّ وِسَادَكَ إِذًا لَعَرِيضٌ أَنْ كَانَ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ وَالأَسْوَدُ تَحْتَ وِسَادَتِكَ». طرفاه 1916، 4510 - تحفة 9856 ¬

_ (¬1) نَبَّه عليه الحافظُ في "التفسير" وفَصَّله في الصيام.

29 - باب {وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون}

4510 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ أَهُمَا الْخَيْطَانِ قَالَ «إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا إِنْ أَبْصَرْتَ الْخَيْطَيْنِ». ثُمَّ قَالَ «لاَ بَلْ هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ». طرفاه 1916، 4509 - تحفة 9869 4511 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ وَأُنْزِلَتْ {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} وَلَمْ يُنْزَلْ {مِنَ الْفَجْرِ} وَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِى رِجْلَيْهِ الْخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الأَسْوَدَ، وَلاَ يَزَالُ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَهُ {مِنَ الْفَجْرِ} فَعَلِمُوا أَنَّمَا يَعْنِى اللَّيْلَ مِنَ النَّهَارِ. طرفه 1917 - تحفة 4750 - 32/ 6 وعند الطحاوي ما يدلُّ على أَنَّه كان يُعْمل به في زمان، ثُم نُسِخ. وأما عَدِيّ فعمل به بعد النَّسْخ أيضًا، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلّم ما قال، وزعمه بَعْضُهم أنه كان حَمْلًا منه على غَيْر مَحْمله، ولم يَشْرَع به أَصْلًا. 29 - باب {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} 4512 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ كَانُوا إِذَا أَحْرَمُوا فِى الْجَاهِلِيَّةِ أَتَوُا الْبَيْتَ مِنْ ظَهْرِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة: 189]. طرفه 1803 - تحفة 1816 30 - باب {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193)} [البقرة: 193] 4513 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَتَاهُ رَجُلاَنِ فِى فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالاَ إِنَّ النَّاسَ قَدْ ضُيِّعُوا، وَأَنْتَ ابْنُ عُمَرَ وَصَاحِبُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَخْرُجَ فَقَالَ يَمْنَعُنِى أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ دَمَ أَخِى. فَقَالاَ أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}؟ فَقَالَ قَاتَلْنَا حَتَّى لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ، وَكَانَ الدِّينُ لِلَّهِ، وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ، وَيَكُونَ الدِّينُ لِغَيْرِ اللَّهِ. أطرافه 3130، 3698، 3704، 4066، 4514، 4650، 4651، 7095 - تحفة 8036 4514 - وَزَادَ عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى فُلاَنٌ وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو الْمَعَافِرِىِّ أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلاً أَتَى

31 - باب قوله: {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين (195)} [البقرة: 195]

ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تَحُجَّ عَامًا وَتَعْتَمِرَ عَامًا، وَتَتْرُكَ الْجِهَادَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَدْ عَلِمْتَ مَا رَغَّبَ اللَّهُ فِيهِ قَالَ يَا ابْنَ أَخِى بُنِىَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ إِيمَانٍ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالصَّلاَةِ الْخَمْسِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ. قَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَلاَ تَسْمَعُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِى كِتَابِهِ {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: 193] قَالَ فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ الإِسْلاَمُ قَلِيلاً، فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِى دِينِهِ إِمَّا قَتَلُوهُ، وَإِمَّا يُعَذِّبُوهُ، حَتَّى كَثُرَ الإِسْلاَمُ فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ. أطرافه 3130، 3698، 3704، 4066، 4513، 4650، 4651، 7095 تحفة 7606 - 33/ 6 4515 - قَالَ فَمَا قَوْلُكَ فِى عَلِىٍّ وَعُثْمَانَ قَالَ أَمَّا عُثْمَانُ فَكَأَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَكَرِهْتُمْ أَنْ تَعْفُوا عَنْهُ، وَأَمَّا عَلِىٌّ فَابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَخَتَنُهُ. وَأَشَارَ بِيَدِهِ فَقَالَ هَذَا بَيْتُهُ حَيْثُ تَرَوْنَ. طرفه 8 - تحفة 7606 قوله: ({حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ}) أي لا تَقع فِتْنةٌ. 4514 - قوله: (أخبرني فلانٌ،) ... إلخ، وقد وقع مِثْلُه في البخاري في مَوْضعين، أو ثلاثة: أنَّ المصنِّف أَبْهم الراوي الضَّعيفَ، ولم يذكُرْه باسمه، كما ترى ههنا، فإِنَّ فلان هو ابنُ لَهِيعة، إلَّا أَنَّه لا يذكرُه إلَّا بالعطف، لينجَبِرَ ضَعْفُه من راوٍ آخَر قويّ، كما في هذا الإِسناد. ولكن لقائِلِ أن يقول: إنَّ المتنَ إذا كان بعده واحِدًا، فما الدليلُ على أنَّه مِن لَفْظ القويِّ دون الضعيف؟ وقد أجبت عنه في رسالتي «فَصْل الخطاب». 31 - باب قَوْلِهِ: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)} [البقرة: 195] التَّهْلُكَةُ وَالْهَلاَكُ وَاحِدٌ. 4516 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} قَالَ نَزَلَتْ فِى النَّفَقَةِ. تحفة 3346 حَمَله الناسُ على تَرْك الجهاد، مع أَنَّه نزل في الأَنْصار الذين أرادوا أن يَتْركوا الجِهادَ لما رأوا أنَّ الإِسلامَ قد أَعزَّه اللَّهُ، فمالوا إلى إصلاحِ زُروعِهم، وأموالهم، كما عند الترمذي مُفَصَّلًا. 4516 - قوله: (قال: نَزَلت في النَّفقةِ) أي {تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} بأنْ لا تنفقوا في الجهاد، أَو تتركوه، فإِنه أيضًا هَلَكة.

32 - باب قوله {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه} [البقرة: 196]

32 - باب قَوْلِهِ {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: 196] 4517 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِىِّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلٍ قَالَ قَعَدْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فِى هَذَا الْمَسْجِدِ - يَعْنِى مَسْجِدَ الْكُوفَةِ - فَسَأَلْتُهُ عَنْ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ فَقَالَ حُمِلْتُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِى فَقَالَ «مَا كُنْتُ أُرَى أَنَّ الْجَهْدَ قَدْ بَلَغَ بِكَ هَذَا، أَمَا تَجِدُ شَاةً». قُلْتُ لاَ. قَالَ «صُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ، وَاحْلِقْ رَأْسَكَ». فَنَزَلَتْ فِىَّ خَاصَّةً وَهْىَ لَكُمْ عَامَّةً. أطرافه 1814، 1815، 1816، 1817، 1818، 4159، 4190، 4191، 5665، 5703، 6708 - تحفة 11112 قوله: (قال: قَعَدْتُ إلى كَعْب بن عُجْرَة في هذا المسجد يعني مَسْجِد الكُوفة) ... إلخ، وقد ذكرت في رسالتي «نَيْل الفَرْقَدين» أنَّ كَعْب بن عُجْرة هذا الذي كان قاعِدًا في مَسْجد الكُوفة يُفتي النَّاس ويَسْتَفْتونَه، يَرْوي تَرْك الرَّفْع، وأَرَدْت به شُهرتَه، والتنوِيهَ بِذِكْره. 33 - باب {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196] 4518 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عِمْرَانَ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أُنْزِلَتْ آيَةُ الْمُتْعَةِ فِى كِتَابِ اللَّهِ فَفَعَلْنَاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَمْ يُنْزَلْ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهُ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا حَتَّى مَاتَ قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ. طرفه 1571 - تحفة 10872 قالَ محمَّدٌ: يُقالُ إنَهُ عُمَرُ. 34 - باب {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] 4519 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَتْ عُكَاظٌ وَمَجَنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ أَسْوَاقًا فِى الْجَاهِلِيَّةِ فَتَأَثَّمُوا أَنْ يَتَّجِرُوا فِى الْمَوَاسِمِ فَنَزَلَتْ {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} فِى مَوَاسِمِ الْحَجِّ. أطرافه 1770، 2050، 2098 - تحفة 6304 - 34/ 6 35 - باب {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: 199] 4520 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - كَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ دَانَ دِينَهَا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الْحُمْسَ، وَكَانَ سَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَأْتِىَ عَرَفَاتٍ، ثُمَّ يَقِفَ بِهَا ثُمَّ يُفِيضَ مِنْهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}. طرفه 1665 - تحفة 17195

36 - باب {ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار (201)} [البقرة: 201]

4521 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَخْبَرَنِى كُرَيْبٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ يَطَوَّفُ الرَّجُلُ بِالْبَيْتِ مَا كَانَ حَلاَلاً حَتَّى يُهِلَّ بِالْحَجِّ، فَإِذَا رَكِبَ إِلَى عَرَفَةَ فَمَنْ تَيَسَّرَ لَهُ هَدِيَّةٌ مِنَ الإِبِلِ أَوِ الْبَقَرِ أَوِ الْغَنَمِ، مَا تَيَسَّرَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ أَىَّ ذَلِكَ شَاءَ، غَيْرَ إِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ فَعَلَيْهِ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ فِى الْحَجِّ، وَذَلِكَ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنْ كَانَ آخِرُ يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ الثَّلاَثَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيَنْطَلِقْ حَتَّى يَقِفَ بِعَرَفَاتٍ مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ يَكُونَ الظَّلاَمُ، ثُمَّ لِيَدْفَعُوا مِنْ عَرَفَاتٍ إِذَا أَفَاضُوا مِنْهَا حَتَّى يَبْلُغُوا جَمْعًا الَّذِى يُتَبَرَّرُ فِيهِ، ثُمَّ لِيَذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا، أَوْ أَكْثِرُوا التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا ثُمَّ أَفِيضُوا، فَإِنَّ النَّاسَ كَانُوا يُفِيضُونَ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)} حَتَّى تَرْمُوا الْجَمْرَةَ. تحفة 6369 أخرج فيه روايةَ ابن عباس موقوفًا، ولم يُخرّجها في الحَجِّ، وفيها أشياءُ تخالِف مذهبَ الحنفيةِ، كالمُفْرِد إنْ لم يجد هَدْيًا، فعليه الصَّوْم. 4521 - قوله: (مَنْ تيسَّر لَهُ هَدِيَّةٌ) سواء كان مُفْرِدًا، أو قَارِنًا، أو مُتَمَتِّعًا. قوله: (حتى يَقِفَ بِعَرَفاتٍ مِنْ صلاةِ العَصْر) يعني أَنَّه إذا صَلَّى الظُّهر، ثُم صَلَّى العَصْر في وَقْتٍ، ثُم وَقف، فَقَد صَدق أنه وَقَف من صلاةِ العَصْر، فإِنها بَعْد الظُّهْر، وهي بعد الزوال، وهو وَقْتُ الوقوف بِعَرفةَ. فليس المرادُ وَقْتَ العَصْر في سائر الأيام، بل ما هو في هذا اليوم خاصَّةً، وليس وَقْتُه اليوم إلَّا وَقْتَ الظُّهر بعد الزَّوال. 36 - باب {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201)} [البقرة: 201] 4522 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ». طرفه 6389 - تحفة 1042 - 35/ 6 37 - باب {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} [البقرة: 204] وَقَالَ عَطَاءٌ: النَّسْلُ: الْحَيَوَانُ. 4523 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ تَرْفَعُهُ قَالَ «أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الأَلَدُّ الْخَصِمُ». طرفاه 2457، 7188 - تحفة 16248 وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 16248

38 - باب {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء} إلى: {قريب} [البقرة: 214]

38 - باب {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ} إِلَى: {قَرِيبٌ} [البقرة: 214] 4524 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى مُلَيْكَةَ يَقُولُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [يوسف: 110] خَفِيفَةً، ذَهَبَ بِهَا هُنَاكَ، وَتَلاَ {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]. فَلَقِيتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ. تحفة 5794 4525 - فَقَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ مَعَاذَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا وَعَدَ اللَّهُ رَسُولَهُ مِنْ شَىْءٍ قَطُّ إِلاَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَائِنٌ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، وَلَكِنْ لَمْ يَزَلِ الْبَلاَءُ بِالرُّسُلِ حَتَّى خَافُوا أَنْ يَكُونَ مَنْ مَعَهُمْ يُكَذِّبُونَهُمْ، فَكَانَتْ تَقْرَؤُهَا {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [يوسف: 110] مُثَقَّلَةً. أطرافه 3389، 4695، 4696 - تحفة 16353 قوله: ({وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [يوسف: 110]) فيه قراءتان: مُخَفَّفة، ومُثَقَّلة، وترجمةُ الأُولى: "اون بيغمبرون سى جهونت بولا كيا"، وترجمةُ الثانية: "وه تكذيب كئى كئى"، ولا إشْكالَ في القراءةِ الثانيةِ، لأنَّ الرُّسُلَ لما استبطأ عنهم النَّصْر ظَنُّوا أنَّ أُممهم تُكذِّبُهم. أما الكافرون فظاهِرٌ، وأما المؤمنون، فلا يُؤمن عليهم أيضًا أن يَنْقلِبوا على أعقابهم، نظرًا إلى تَخلُّف النَّصْر. ثُم إنَّ تَوْجِيهَ القراءةِ المُثقَّلة على مُخْتارِ عائشةَ بأنَّ الرُّسُلَ خَافُوا أن يُكذِّب الكُفَّارُ المؤمنينَ. فَظَنُّ التكذيبِ في حَقِّ المؤمنين، أما الأنبياءُ عليهم السلام، فكان الكفار قد كَذَّبوهم، فلا معنى للظنِّ في حَقِّهم. هذا في المُثقَّلة، أما المُخَفّفة ففيها إشكالٌ، فإنَّ الرُّسُل كانوا على عِلْم منهم أنَّ ما أخبرَ به رَبُّهم كائنٌ لا محالة، ولا يتأتَّى في حَقِّهم ظَنُّ التكذيب. قلتُ: ومَنْ ظَنَّ أن التشويشَ لا يَجْتمع مع العِلْم، فقد رَكَّب مُقدّمةً باطلة. فإِنَّ العِلم قد يطرأ عليه التشويشُ أيضًا بالنَّظَر إلى العوارض، كالتجاذب بين الأَسبابِ العارِضة، ومَنْ لا يُحِيط بالغيبِ قد يَعْرِضُ له نَحْوُ هذا التشويش، لأنه وإنْ كان يَثِقُ بالوَعْد، لكنه لما لم تأته تفاصيلُه بعد، لا تزالُ الاحتمالاتُ تشوِّشُ قَلْبه، فتلك من لوازمِ البشريَّة. فكأنَّ الرُّسُل لما استبطأ عنهم النَّصْر عَرَاهم من ضَعْف بُنْيتهم ما يَعْرُو للخائف عند ذلك، وحاشاهم أن يَعْزُوا التكذيبَ إلى الوَحْي، ولكنَّ تَرَقُّبهم النَّصْرَ، واستعجالَهم بإِيفاء الوَعْد، واضطرابهم إلى إنجازِه، نَزَل مَنْزلةَ التكذيب، تَلَقِّيًا للمخاطَب، بما لا يَتَرَقَّب، فكأنَّ اللَّهَ تعالى عظم اضطرابَهم، وجَعَله كالتكذيبِ في حَقِّهم. وهذا كما قال تعالى: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87] وما أَقْرَب الظنَّان، فهل ترى يُونُس عليه الصلاة والسلام يَتقدَّم إلى مِثْل هذا الظنِّ؟ فهذه ونَحْوُها، ودونَها، وفَوْقَها معاتباتٌ

ومناقشاتٌ، تجري مع الأنبياءِ عليهم السلام، وخواصِّ عبادِه، وذلك لغايةِ لُطْفه بهم، وقُرْبهم منه، ومن باب التهويل: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ} [طه: 121] (¬1). ثُم إنَّ ههنا سِرًّا، وهو أن تلك كلمةٌ صدرت من غايةِ لُطْفه، ونهايةِ محبَّته، وفَرْط عَلاقَتِه مع الرُّسُل، فإِنَّ الإِلزامَ لا يُعْطَى إلَّا لِمَنْ يُرْجى منه خِلافُه، أما مَنْ لا اعتمادَ لك عليه، فأَنْت لا تُلْقي له بالًا، ولا تُعَنِّفه، ولا تَلُومُه، ولا تعاتِبُه بشيءٍ، ولكنْ مَنْ كان صاحِبَ سِرِّك، وصاحِبَ نَجْواك في جهرك وسِرِّك، فأنت لا تغفر له أدنى غَفْلةٍ عنك، وتؤاخِذُه بالنَّقِير والقِطْمِير. ولو كانت تلك الكلمةُ صَدَرت من البَشَر، لقلت: إنَّه يُظْهِرُ مَلاَلَه، ويَبُثُّ قَلَقَه من حبيبه، ويلزمه أنك اضطربت، واستبطأت نَصْري، كأنك زعمت أنني كذبتك، وكنت أَرْجُو منك أن لا يَظْهَر عليك شيءٌ من ذلك، ولو بَلَغتِ القلوبُ الحناجِرَ، أو بلغت الحُلْقُوم، ولكن المَلاَل والحُزْن مما لا يناسِبُ عَزْوه إلى الله تعالى، فلا أقول: إنه أَظْهَر مَلاَله، بل أقول: إنَّ فيه إظهارًا بِلُطْفه بهم، واستنكارًا لاستبطائهم النَّصْر، وإلزامًا بكونه غيرَ متوقَّع منهم. ثُم إنَّ الله تعالى قد احتاط في ذلك بكلِّ ما أمكن، ولذا ألف الفاعل، ولم يَعْزُ ظَنَّ تكذِيبهم إلى نفسه، وإنْ أراده، ولكن طريقَ البيانِ في نحوه ليس إلَّا البِناء للمَفْعُول، وقال صاحِب المَثْنَوي: *"إين قراءت خوان كه تخفيف كذب ... اين بودكه خويش داند محتجب" فالظَّنُّ حينئذٍ بمعنى الحُكْم على اللَّهِ بما وَقَع في نَفْسه. ثُمَّ إنَّ الزَّمخشَريّ أَخَذ الظنَّ بمعنى الوَسْوَسة، تنزيهًا لجانب ابن عَبَّاس، فإِنَّه كيف يتحمَّل الظنَّ به في حقِّ الرُّسُل؟ قلتُ: الظنُّ لم يَثْبت في اللغةِ بمعنى الوسوسة، بل يقال ¬

_ (¬1) قلتُ: قال الخَطَّابي: لا شَكَّ أن ابنَ عَبَّاس لا يُجِيزُ على الرُّسُل أنها تكذِّبُ بالوَحْي، ولا يَشُكُّ في صِدْقِ المخبَرِ، فيُحْملُ كلامُه على أنه أرادَ أنهم لِطول البلاءِ عليهم، وإبطاءِ النَّصْر عنهم، وشِدّة استنجاز ما وعدوا به، توهموا أن الذي جاءهم من الوَحْي كان حُسبانًا من أنْفُسهم، وظَنُّوا عليها الغَلَطَ في تَلقِّي ما ورد عليهم من ذلك، فيكون الذي بُني له الفِعْل أَنْفُسَهم، لا الآتي بالوَحْي. والمرادُ بالكَذِب الغَلَطُ، لا حقيقةُ الكَذِب، كما يقولُ القائل، كَذَّبَتْك نَفْسُه. اهـ. قلتُ: والصوابُ في تقريرِ ابن عَبَّاس ما أخرجه الحافظ عن ابن عباس نَفسه، قال: فعند النَّسائي من طريقٍ أُخْرى عن سعيدِ بنِ جُبَير عن ابنِ عَباس في قوله: {قَدْ كُذِبُوا}، قال: استيأس الرُّسُل من إيمانِ قَوْمهم، وظَنَّ قَوْمُهم أنَّ الرُّسُل قد كذبوهم. وإسناده حَسَن. فليكن هو المعتمد في تأويلِ ما جاء عن ابن عباس في ذلك، وهو أعلم بمرادِ نَفْسه مِن غيره، إلى آخر ما ذكره. ثُم إنِّي أستغفِرُ الله لِجُرأتي على مِثل الخَطَّابي رحمه الله، وأعلى درَجَتَه في عِلِّيينَ، غيرَ أنه حملتني على ذلك فتنةٌ ابتليت بها، فَأَرَدْتُ أن أحقِّق الحقَّ عندي، لئلا يقعَ أَحَدٌ فى ضلالة، فيقع في هُوَّةٍ من النار، والعياذ بالله: وقد بَسَط الحافِظ الكلام في "سورة يوسف" فراجعه. ثُم إنَّ مْا ذَكَره الخطَّابي راجع إلى ما ذكره الشيخُ، لولا فيه حديث غلط الحسبان، مع أَنَّ له وَجْهًا، فإِنَّ التوهُّم غيرُ التحقق، والتوهم يَحْدُثُ في الأمورِ المحقَّقة عند تجاذُب الأَطْراف، غيرَ أَنَّه لا يَفْهمُه كل أحَدٍ، وفي بلادِنا شياطينُ في جُسْمان الإِنْس، يتمسّكُون بالشُّبهات، فلذا عَدَلْتُ عنه.

39 - باب {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم} الآية [البقرة: 223]

للجَانِب الراجح، وكنت مُتردِّدًا في قوله تعالى: {وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28)} [النجم: 28] وقوله تعالى: {إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا} [الجاثية: 32]، وقوله تعالى: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: 157]، وكذلك أَجِدُ القرآنَ يَذُمُّ الظنَّ في غيرِ واحدٍ من المواضع، مع أنَّ عُلُومَ المقلِّدِين كلَّها من هذا القَبِيل، حتى رأيتُ في بَعْض تصانيفِ ابنِ تيميةَ: أنَّ الظنَّ يُطْلَقُ على المرجوحِ أيضًا (¬1). 4524 - قوله: (ذَهَب بها هناك) ... إلخ، يعني حَمْلَها على قوله تعالى: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} ... إلخ [البقرة: 214]، وجعلها مِصْدَاقًا له. 39 - باب {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ} الآيَةَ [البقرة: 223] 4526 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ، فَأَخَذْتُ عَلَيْهِ يَوْمًا، فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَكَانٍ قَالَ تَدْرِى فِيمَا أُنْزِلَتْ. قُلْتُ لاَ. قَالَ أُنْزِلَتْ فِى كَذَا وَكَذَا. ثُمَّ مَضَى. طرفه 4527 - تحفة 7747 4527 - وَعَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنِى أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] قَالَ يَأْتِيهَا فِى. رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. طرفه 4526 - تحفة 7560، 8190 - 36/ 6 4528 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ سَمِعْتُ جَابِرًا - رضى الله عنه - قَالَ كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ إِذَا جَامَعَهَا مِنْ وَرَائِهَا جَاءَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ. فَنَزَلَتْ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}. تحفة 3022 وصَرَّح الرَّضِي، مع كونه شِيعيًّا أن حَرْف «أَنَّى» في القرآن ليس بمعنى أين، بل بمعنى: مِنْ أين. فهي لتعميمِ الحال، مُستَقْبلًا، أو مُستدبِرًا، مع كونِ الصِّمَاخِ واحدًا، لا لتعميمِ المكان، والعياذ بالله. ثُم إنَّ الرَّضِي لا أَدْري ماذا حالُه في المسائل، غيرَ أَنَّه كُلَّما يُسمِّي الإِمام أبا حنيفةَ، أو الإِمامَ الشافعيَّ يُسمِّيها بالعزِّ والاحترام، وهذا الذي يَرِيبُني في كونِه شِيعيًّا، فيمكنُ أن يكونَ تفضليًا، فإِنَّ احترامَ الأئمةِ ممنْ يكونُ شيعيًا يكادُ أن يكون مُحالًا. ¬

_ (¬1) قلتُ: وسمعتُ مِن شَيْخِي مَرَّةً ما هو ألطفُ منه، وهو أن العِلْمَ ما يَحْصُل لك من الواقع، ويتبعه، والظنُّ هو الخَرْص، والتخمين من جانبه، فهذا يَنشأ من ذلك الجانِب، بخلاف العِلم، فإِنَّه مِن الواقع، فاللهُ سبحانه يذم أن يجازف الرَّجُلُ في أمور الغيب، بل عليه أن يَتلقَّى ما يُتلقى مِن الوَحْي.

40 - باب {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن} [البقرة: 232]

4526 - قوله: (فَأَخَذْتُ عليه يَوْمًا) يعني أَمْسَكْتُ القرآنَ بيدي. كما يُمْسَكُ عِنْد العَرْض، فيقول نافِعٌ: إنَّ ابنَ عُمرَ كان يقرأُ القرآنَ، وكُنْت آخُذُ عليه يومًا، أي أُمْسِكُه بيدي. 4527 - قوله: (يَأْتِيها في) وإنما حَذَف المصنِّف المجرور، وهو «دُبُرُها»، لأنَّ فيه إشْكالًا، وظاهرُه أنَّ ابنَ عمرَ كان يذهَبُ إلى جوازِ الإِتيان في أدبارِ النِّساء، والعياذ بالله، وحاشاه أن يَذْهَب إلى مِثْل هذه الفاحشةِ، التي تَدَعُ الدِّيارَ بَلاَقِع. وقد تكلَّم عليه الطحاوي، وأخرج عن ابن عمرَ أنه سُئل عن التَّحْمِيض، فقال: «أو يَفْعَلُه مُسْلم!» وأراد السائل من التَّحْميض الإِتيان في الدُّبُر، فمن ظَنَّ أنه كان يرى جوازَه، فقد تكلَّم بعظيم. وقد صَرَّح ابنُ القَيِّم في «زاد المعاد» أَنَّ كُلَّ مَنْ نسب إليه جوازَ تلك الفاحشةِ من السَّلف، فمرادُه الإِتيانُ في القُبُل من جهةِ الدُّبر، دون الإِتيانِ في نَفْس الدُّبر. فنقله القَاصِرُون، ولم يُدْرِكُوا الفَرْقَ بينهما، فجعلوهما واحِدًا، فقالوا: في الدُّبر، مكان: من جهةِ الدُّبُر. ثُم إنِّي أَدَّعِي أن المؤلِّفَ إذا رأى لَفْظًا مُشْكَلًا يَحْذِفه، كما فعل ههنا، وقد فعل نَحْوَه في بعض مواضِعَ أُخْرى أيضًا. 40 - باب {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] 4529 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِىُّ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ حَدَّثَنِى مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ كَانَتْ لِى أُخْتٌ تُخْطَبُ إِلَىَّ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ حَدَّثَنِى مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ. حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ أُخْتَ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، فَتَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَخَطَبَهَا فَأَبَى مَعْقِلٌ، فَنَزَلَتْ {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}. أطرافه 5130، 5330، 5331 - تحفة 11465 41 - باب {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234)} [البقرة: 234] {يَعْفُونَ} [البقرة: 237]: يَهَبْنَ. 4530 - حَدَّثَنِى أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ حَبِيبٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} قَالَ قَدْ نَسَخَتْهَا الآيَةُ الأُخْرَى فَلِمَ تَكْتُبُهَا أَوْ تَدَعُهَا قَالَ يَا ابْنَ أَخِى، لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ. طرفه 4536 - تحفة 9815

4531 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا شِبْلٌ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} قَالَ كَانَتْ هَذِهِ الْعِدَّةُ تَعْتَدُّ عِنْدَ أَهْلِ زَوْجِهَا وَاجِبٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ} [البقرة: 240] قَالَ جَعَلَ اللَّهُ لَهَا تَمَامَ السَّنَةِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَصِيَّةً، إِنْ شَاءَتْ سَكَنَتْ فِى وَصِيَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ، وَهْوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 240] فَالْعِدَّةُ كَمَا هِىَ وَاجِبٌ عَلَيْهَا. زَعَمَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ. وَقَالَ عَطَاءٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ عِدَّتَهَا عِنْدَ أَهْلِهَا، فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، وَهْوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {غَيْرَ إِخْرَاجٍ}. قَالَ عَطَاءٌ إِنْ شَاءَتِ اعْتَدَّتْ عِنْدَ أَهْلِهِ وَسَكَنَتْ فِى وَصِيَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ}. قَالَ عَطَاءٌ ثُمَّ جَاءَ الْمِيرَاثُ فَنَسَخَ السُّكْنَى فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، وَلاَ سُكْنَى لَهَا. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ بِهَذَا. وَعَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ نَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ عِدَّتَهَا فِى أَهْلِهَا، فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ لِقَوْلِ اللَّهِ {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} نَحْوَهُ. طرفه 5344 - تحفة 5900، 19266 - 37/ 6 4532 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ جَلَسْتُ إِلَى مَجْلِسٍ فِيهِ عُظْمٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَفِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى لَيْلَى، فَذَكَرْتُ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ فِى شَأْنِ سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَلَكِنَّ عَمَّهُ كَانَ لاَ يَقُولُ ذَلِكَ. فَقُلْتُ إِنِّى لَجَرِىءٌ إِنْ كَذَبْتُ عَلَى رَجُلٍ فِى جَانِبِ الْكُوفَةِ. وَرَفَعَ صَوْتَهُ، قَالَ ثُمَّ خَرَجْتُ فَلَقِيتُ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ أَوْ مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ قُلْتُ كَيْفَ كَانَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهْىَ حَامِلٌ فَقَالَ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التَّغْلِيظَ، وَلاَ تَجْعَلُونَ لَهَا الرُّخْصَةَ لَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى. وَقَالَ أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ لَقِيتُ أَبَا عَطِيَّةَ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ. طرفه 4910 - تحفة 9544 4530 - قوله: (قال ابنُ الزُّبَيْر) ... إلخ. وحاصِلُ سؤاله أنَّ هذه الآيةَ لما كانت منسوخةً، فلم نَسَخْتُموها في المُصْحف؟ ومُحصَّل الجواب أنَّ كَوْنَها منسوخةَ الحُكْمِ، لا يُوجِب كَوْنَها منسوخَةَ التلاوةِ أيضًا. واعلم أن الترتيبَ الموجودَ عندنا في القرآنِ، كان بأَمْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وهو على ترتيبِ

ما في اللوح المحفوظ. أما ترتيبُ النُّزول فغيرُ ذلك، فإِنّه كان يَنْزِل نَجْمًا نَجْما على حسب الحوائجِ، والناسِخُ كان متأخِّرًا في ترتيب النُّزولِ قَطْعًا. أما في الترتيبِ الموجودِ الآن، فهو أيضًا كذلك، إلَّا في هذه الآيةِ، فإِنَّ العِدَّة فيها بأربعةِ أَشْهر وعَشْرًا، وفي الآية {مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} العِدَّة بالحَوْل. قال الجمهورُ: إنَّ المتوفَّى عنها زَوْجُها كانت تَعْتدُّ بالحَوْل، ثُم نسخها اللَّهُ تعالى بأربعةِ أَشْهر وعَشْرًا، مع أنَّ الناسِخَ ههنا مُقَدَّم، والمَنْسوخَ متأَخِّر، وهذا مُشْكِل، فإِنَّهم قالوا: إنَّه ثَبَت بالاستقراءِ أنَّ الناسِخ في القرآن متأخِّرٌ عن المنسوخِ، فلو سَلَّمنا أن استقراءهم تامُّ، وَرَدت عليهم هاتان الآيتانِ. أقول: وقد مَرَّ معنا أنه ما من آيةٍ إلَّا وهي مُحْكَمةٌ في بَعْضِ جُزْئياتِا، وهذا الذي يقولُه الراوي، أن هاتين الآيتين مُحْكَمتانِ. وحاصِلُه: أَنَّه نزل أَوّلًا: أنْ يُوصِي الزَّوْجُ أقرباءه أن لا يُخرِجوا زوجَتَه من بيتِه إلى سَنة، ثُم نزلت الآيةُ الأُخرى، وأُمِرتْ بِتَربُّصِ أربعةِ أَشْهُر وعَشْرًا، وتحتمت العِدةُ، لا يُزادُ عليها ولا يُنْقص منها. أما الأشهرُ الستةُ الباقية، فهي محيَّرةٌ فيها، إنْ شاءت سكنت في هذا البيت، وإنْ شاءت خرجت؛ ثُم إن اختارت أن تَمْكُث في البيت حتى تتمَّ حَوْلًا كامِلًا، يقال للوَرَثة: أنْ لا يُخْرجُوها إلى مُدَّتها. ومُحصَّله أن التربُّصَ بأربعةِ أَشْهر وعَشْرًا مُتَحَتِّم، وواجِبٌ من جهة الشَّرْع. والباقي سنةٌ موسَّعة، فكلتا الآيتين عند هؤلاء السَّلف محكمتان. هذا كلامٌ في العِدّة، أما في السُّكْنى ففيه أيضًا خِلافٌ: فقال الحنفيةُ: لا سُكْنى لها، ولها الإِرْثُ ولكنها تعتدُّ في البيت، وعليها أُجْرَتُه، أما المُطلّقة فلها السُّكْنى مُطْلقًا، وكانت السُّكْنى لازمةً إلى تلك القضيةِ، ثُم نَسَخَتْها آيةُ التوارِث. [معنى الإِحداد وأحكامه] ثُم إنَّ الإِحدادَ واجِبٌ للمتوفَّى عنها زَوْجُها، وللمُطَلَّقة كِلْتَيْهِما، وهو عبارةٌ عَنْ تَرْك الزينةِ، والمَنْع من الخروج من بيت العِدَّة، فبيتُ العِدَّة لازِمٌ في عِدَّةِ الوفاة أيضًا، لكن مِن جهةِ الإِحداد، لا مِن جِهة لُزوم السُّكْنى، ولذا تجب أُجْرَتُه عليها، لا على الزَّوْج المتوفَّى. ولا يخفى عليك أنَّ أَمْرَ السُّكْنى أخفُّ عند ابن عباس، فإِنْ خرجت منها بِعُذْر يسير يَسَعُ لها، بخلافِه عِنْدنا، فإِنَّها حَقٌّ لاَزِم، فلا يجوزُ لها الخُروجُ إلَّا بالأعذار المُدَوَّنةِ في الفِقه. قوله: (عن مُجاهِد) ... إلخ. وهؤلاء أيضًا، إلَّا أنَّ عِدَّة الحَوْل نزلت بعد آيةِ التربُّصِ، وهي مُستحقّةٌ، خلافًا للجمهور. قوله: (وسَكَنَتْ في وَصِيَّتها) أي الوصية التي أوصى لها زَوْجُها في حَقِّها.

42 - باب {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} [البقرة: 238]

قوله: (غَيْرَ إخْرَاج)، أي لا يُخْرِجها وَرَثَةُ الزَّوْج، فإِنْ خَرَجت هي بِنَفْسها، فذلك أمْرٌ آخَرُ. قوله: (قال ابنُ عباس) وكان كلامُه رضي اللَّهُ تعالى عنه يَحْتَمِلُ أن يُحْمل على أنَّ الخِفَّةَ عنده راجِعةٌ إلى ما زاد على أربعةِ أَشْهُرٍ وعَشْرًا، لكن ظهَر بعد الإِمْعان في كلامه أنَّ نَفْس السُّكْنى عنده ليس بلازمٍ، فلها الخروجُ بأَعْذَار يسيرةٍ. قوله: (ولا سُكْنى لها) كما هو عندنا. 4532 - قوله: (فذكَرْتُ حَدِيثَ عَبْدِ الله بنِ عُتْبةَ) ... إلخ، وهو ابنُ أَخ لِعَبْد اللَّهِ بنِ مَسْعود. وقِصَّتُه أنَّ تلك المرأةَ كانت حاملةً عند وفاةِ زَوْجِها، فلما وَضَعتْ حَكَم النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بانقضاءِ عِدَّتِها، ولم يَأْمُرْها أن تتربَّصَ أبْعَدَ الأَجَلَيْن. وراجع له «التوضيح» و «التلويح». 42 - باب {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] 4533 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. ح وحَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ «حَبَسُونَا عَنْ صَلاَةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ مَلأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ أَوْ أَجْوَافَهُمْ - شَكَّ يَحْيَى - نَارًا». أطرافه 2931، 4111، 6396 - تحفة 10232 - 38/ 6 والصلاةُ الوُسْطى (¬1) هي صلاةُ العَصْر، عند أبي حنيفة. وهي صلاةٌ عُرِضت على الأُمم السابقةِ، فضيَّعُوها، فأُمِرْنا بحفاظتها، ولنا الأَجْرُ مَرَّتَيْن، كما عند مُسْلم. وقال الشافعيُّ: إنَّها الفَجْر. ولعلَّه نَظَر إلى عَجُز الآيةِ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}، وعنده القنوتُ في الفَجْر، فتناسبت الجملتانِ على مَذْهبه. 43 - باب {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]: أَي مُطِيعِينَ 4534 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ عَنْ أَبِى عَمْرٍو الشَّيْبَانِىِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِى الصَّلاَةِ يُكَلِّمُ أَحَدُنَا أَخَاهُ فِى حَاجَتِهِ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)} فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ. طرفه 1200 - تحفة 3661 ¬

_ (¬1) جمع الدمياطي في ذلك جُزءًا مَشْهورًا سماه "كَشْف الغَطَا عن الصلاةِ الوُسْطَى" ذكره الحافظ.

44 - باب {فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون (239)} [البقرة: 239]

وقد ذَكَر الجصَّاص في القُنوت كلامًا أَحْسَنَ من الكُلِّ. فراجعه. 44 - باب {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239)} [البقرة: 239] وَقالَ ابْنُ جُبَيرٍ: {كُرْسِيُّهُ} [البقرة: 255] عِلمُهُ. يُقَالُ: {بَسْطَةً} [البقرة: 247] زِيَادَةً وَفَضْلًا. {أَفْرِغْ} [البقرة: 250] أَنْزِل. {وَلَا يَئُودُهُ} [البقرة: 255] لاَ يُثْقِلُهُ، آدَنِي: أَثْقَلَنِي، وَالآدُ وَالأَيدُ: القُوَّةُ. السِّنَةُ: نُعَاسٌ. {يَتَسَنَّهْ} [البقرة: 259] يَتَغَيَّرْ. {فَبُهِتَ} [البقرة: 258] ذَهَبَتْ حُجَّتُهُ. {خَاوِيَةٌ} [البقرة: 259] لاَ أَنِيسَ فِيهَا. {عُرُوشِهَا} أَبْنِيَتُهَا. السِّنَةُ نُعَاسٌ. {نُنْشِزُهَا} [البقرة: 259] نُخْرِجُهَا. {إِعْصَارٌ} [البقرة: 266] ريحٌ عاصِفٌ تَهُبُّ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، كَعَمُودٍ فِيهِ نَارٌ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {صَلْدً} [البقرة: 264] لَيسَ عَلَيهِ شَيءٌ. وَقالَ عِكْرِمَةُ: {وَابِلٌ} [البقرة: 264 - 265] مَطَرٌ شَدِيدٌ. الطَّلُّ النَّدَى، وهذا مَثَلُ عَمَلِ المُؤْمِن. {يَتَسَنَّهْ} [البقرة: 259] يَتَغَيَّرْ. 4535 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ صَلاَةِ الْخَوْفِ قَالَ يَتَقَدَّمُ الإِمَامُ وَطَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ فَيُصَلِّى بِهِمِ الإِمَامُ رَكْعَةً، وَتَكُونُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ لَمْ يُصَلُّوا، فَإِذَا صَلَّوُا الَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً اسْتَأْخَرُوا مَكَانَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا وَلاَ يُسَلِّمُونَ، وَيَتَقَدَّمُ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا فَيُصَلُّونَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَنْصَرِفُ الإِمَامُ وَقَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَيَقُومُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ فَيُصَلُّونَ لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً بَعْدَ أَنْ يَنْصَرِفَ الإِمَامُ، فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ قَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ هُوَ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالاً، قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ، أَوْ رُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِى الْقِبْلَةِ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا. قَالَ مَالِكٌ قَالَ نَافِعٌ لاَ أُرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ إِلاَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 942، 943، 4132، 4133 - تحفة 8384 - 39/ 6 قوله: ({كُرْسِيُّهُ} عِلْمُهُ) وهذا مخالِفٌ للقَوْل المشهور، والمشهورُ أنَّ الكُرْسيَّ جِسْمُ تحت العَرْش. 4535 - قوله: (صَلُّوا رِجالًا قِيامًا على أَقْدَامِهِم) وهذا هو مذهبُ الحنفيةِ، ولا صلاةَ عندهم ماشيًا، وفَسَّر الشافعيةُ قولَه: «رجالا» بماشِيًا. 45 - باب {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا [البقرة: 240] 4536 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالاَ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قُلْتُ لِعُثْمَانَ هَذِهِ الآيَةُ الَّتِى فِى الْبَقَرَةِ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} إِلَى قَوْلِهِ {غَيْرَ إِخْرَاجٍ}

46 - باب {وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى} [البقرة: 260]

[البقرة: 240] قَدْ نَسَخَتْهَا الأُخْرَى، فَلِمَ تَكْتُبُهَا قَالَ تَدَعُهَا. يَا ابْنَ أَخِى لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ. قَالَ حُمَيْدٌ أَوْ نَحْوَ هَذَا. طرفه 4530 - تحفة 9815 46 - باب {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} [البقرة: 260] فصُرْهُنَّ: قَطِّعْهُنَّ. 4537 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَسَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] أطرافه 3372، 3375، 3387، 4694، 6992 - تحفة 15313، 13325 سأل عن كيفيةِ الإِحياء دونَ نَفْس الإِحياء. والذي يجِب الإيِمانُ به هو نفسُ الإِحياءِ، أما كيفيتُه فخارِجُ عن الإِيمان، كما أَنَّه يجِب علينا أن نُؤمن بالحَشْر والقيامةِ، أما بكيفيتِها فلا. 4537 - ({نَحْنُ أَحَقُّ بالشَّكِّ}) ... إلخ. قال العلماءُ: معناه (¬1) أنه لم يَشُكُّ، ولكنه سألَ عن كيفيةِ الإِحياءِ، ونحنُ أَحْرَصُ عليها منه، ولو كان شَكَّ لكَّنا أَحَقَّ به منه أيضًا. 47 - باب قَوْلِهِ: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [البقرة: 266] 4538 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى مُلَيْكَةَ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ وَسَمِعْتُ أَخَاهُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِى مُلَيْكَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - يَوْمًا لأَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَ تَرَوْنَ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ) قَالُوا اللَّهُ أَعْلَمُ. فَغَضِبَ عُمَرُ فَقَالَ قُولُوا نَعْلَمُ أَوْ لاَ نَعْلَمُ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِى نَفْسِى مِنْهَا شَىْءٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ عُمَرُ يَا ابْنَ أَخِى قُلْ وَلاَ تَحْقِرْ نَفْسَكَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ضُرِبَتْ مَثَلًا لِعَمَلٍ. قَالَ عُمَرُ أَىُّ عَمَلٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِعَمَلٍ. قَالَ عُمَرُ لِرَجُلٍ غَنِىٍّ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ لَهُ الشَّيْطَانَ فَعَمِلَ بِالْمَعَاصِى حَتَّى أَغْرَقَ أَعْمَالَهُ. {فَصُرْهُنَّ} [البقرة: 260] قَطِّعْهُنَّ. تحفة 10602، 10506، 5802، 5871 4538 - قوله: (قال عمرُ) ... إلخ. سأل ابن عباس عن غَرَضِه ما هو؟. ¬

_ (¬1) وراجع له "المعتصر".

48 - باب {لا يسألون الناس إلحافا} [البقرة: 273]

48 - باب {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273] يَقَالُ: أَلحَفَ عَلَيَّ، وَأَلَحَّ عَلَيَّ، وَأَحْفَانِي بِالمَسْأَلَةِ. {فَيُحْفِكُمْ} [محمد: 37] يُجْهِدْكُمْ. 4539 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِى شَرِيكُ بْنُ أَبِى نَمِرٍ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى عَمْرَةَ الأَنْصَارِىَّ قَالاَ سَمِعْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِى تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَلاَ اللُّقْمَةُ وَلاَ اللُّقْمَتَانِ. إِنَّمَا الْمِسْكِينُ الَّذِى يَتَعَفَّفُ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ يَعْنِى قَوْلَهُ تعالى {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273]. طرفاه 1476، 1479 - تحفة 14221، 13603 - 40/ 6 49 - باب {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] المَسُّ: الجُنُونُ. 4540 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمَّا نَزَلَتِ الآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِى الرِّبَا قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِى الْخَمْرِ. أطرافه 459، 2084، 2226، 4541، 4542، 4543 - تحفة 17636 50 - باب {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا} [البقرة: 276] يُذْهِبُهُ 4541 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ أَبَا الضُّحَى يُحَدِّثُ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لَمَّا أُنْزِلَتِ الآيَاتُ الأَوَاخِرُ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَلاَهُنَّ فِى الْمَسْجِدِ، فَحَرَّمَ التِّجَارَةَ فِى الْخَمْرِ. أطرافه 459، 2084، 2226، 4540، 4542، 4543 - تحفة 17636 51 - باب {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279] فَاعْلَمُوا 4542 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا أُنْزِلَتِ الآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ قَرَأَهُنَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمَسْجِدِ، وَحَرَّمَ التِّجَارَةَ فِى الْخَمْرِ. أطرافه 459، 2084، 2226، 4540، 4541، 4543 - تحفة 17636 52 - باب {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280)} [البقرة: 280] 4543 - وَقَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ وَالأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا أُنْزِلَتِ الآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَهُنَّ عَلَيْنَا، ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِى الْخَمْرِ. أطرافه 459، 2084، 2226، 4540، 4541، 4542 - تحفة 17636

53 - باب {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} [البقرة: 281]

علَّم القرآنُ أن يُمْهِل البائعُ المشتري إن كان مُعْسِرًا، ولم يُعَلِّمه أن يأخذَ بكلِّ ما ظَفِر به من مالِ المُشْتري. ولذا حَمَلْتُ حديثَ الإِفلاس على الدِّيانة دون القضاءِ، وقد مرَّ تقريره. 53 - باب {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281] 4544 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - آيَةُ الرِّبَا. تحفة 5771 54 - باب {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 284] 4545 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِىُّ حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَرِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّهَا قَدْ نُسِخَتْ {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} الآيَةَ. طرفه 4546 - تحفة 7450 - 41/ 6 4545 - قوله: (قال: نَسَخَتْها الآيةُ التي بَعْدَها) قد عَلِمت الاختلافَ في معنى النَّسخ، وأنَّ النَّسْخَ عند السَّلف أعمُّ. وقد أطلق النَّسْخُ ههنا على الإِجمال، وأَنْكَرْت النَّسخ رأسًا، فإِنَّه ليست آيةٌ تكونُ مُحْكَمةَ التلاوةِ، ثُمَّ تَخْلُو عن فائدة ما. 55 - باب {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} [البقرة: 285] وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {إِصْرًا} [البقرة: 286] عَهْدًا. وَيُقَالُ: {غُفْرَانَكَ} [البقرة: 285] مَغْفِرَتَكَ. {وَاغْفِرْ لَنَا} [البقرة: 286]. 4546 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا رَوْحٌ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَرِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَحْسِبُهُ ابْنَ عُمَرَ - {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} قَالَ نَسَخَتْهَا الآيَةُ الَّتِى بَعْدَهَا. طرفه 4545 - تحفة 7450 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 3 - سورة آلِ عِمْرَانَ تُقَاةً وَتَقِيَّةً وَاحِدَةٌ. {صِرٌّ} [آل عمران: 117] بَرْدٌ. {شَفَا حُفْرَةٍ} [آل عمران: 103] مِثْلُ شَفَا الرَّكِيَّةِ، وَهُوَ حَرْفُهَا. {تُبَوِّئُ} [آل عمران: 121] تَتَّخذُ مُعَسْكَرًا. المُسَوَّمُ: الَّذِي لَهُ سِيمَاءٌ بِعَلاَمَةٍ أَوْ بِصُوفَةٍ أَوْ بِمَا كانَ. {رِبِّيُّونَ} [آل عمران: 146] الجَمِيعُ وَالوَاحِدُ رِبِّيٌّ. {تَحُسُّونَهُمْ} [آل عمران: 152] تَسْتَأْصِلُونَهُمْ قَتْلًا. {غُزًّى} [آل عمران: 156] وَاحِدُهَا غازٍ. {سَنَكْتُبُ} [آل عمران: 181] سَنَحْفَظُ. {نُزُلًا} [آل عمران: 198] ثَوَابًا، وَيَجُوزُ: وَمُنْزَلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، كَقَوْلِكَ: أَنْزَلتُهُ.

1 - باب {منه آيات محكمات} [آل عمران: 7]

وَقالَ مُجَاهِدٌ: {وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ} [آل عمران: 14] المُطَهَّمَةُ الحِسَانُ. وَقالَ ابْنُ جُبَيرٍ: {وَحَصُورًا} [آل عمران: 39] لاَ يَأْتِي النِّسَاءَ. وَقالَ عكْرِمَةُ: {مِنْ فَوْرِهِمْ} [آل عمران: 125] مِنْ غَضَبِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} [الأنعام: 95] النُّطْفَةُ تَخْرُجُ مَيِّتَةً، وَيُخْرِجُ مِنْهَا الحَيَّ. {وَالْإِبْكَارِ} [آل عمران: 41] أَوَّلُ الفَجْرِ، وَالعَشِيُّ: مَيلُ الشَّمْسِ - أُرَاهُ - إِلَى أَنْ تَغْرُبَ. 1 - باب {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} [آل عمران: 7] وَقالَ مُجَاهِدٌ: الحَلاَلُ وَالحَرَامُ. {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: 7] يُصَدِّق بَعْضُهُ بَعْضًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ} [البقرة: 26]. وَكقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} [يونس: 100]، وَكَقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} [محمد: 17]. {زَيْغٌ} شَكٌّ. {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} المُشْتَبِهَاتِ. {وَالرَّاسِخُونَ} يَعْلَمُونَ {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} [آل عمران: 7]. 42/ 6 4547 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِىُّ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ تَلاَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَذِهِ الآيَةَ {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7] قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ، فَاحْذَرُوهُمْ». تحفة 17460 قوله: ({وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: 7] يُصَدِّق بَعْضُه بَعْضًا) ... إلخ، وللتَّشَابُه عِنْد السَّلَف تفسيران: والمشهور منهما ما يحتاج في فهم معناه إلى غَوْرٍ وفَحْص، فإِنْ أُدْرك فذاك، وإلَّا يُفوَّضُ عِلْمه إلى الله تعالى؛ والثاني: الآياتُ التي تُصَدِّقُ باعتبارِ معانيها آياتٍ أُخْرى، ومنه {كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} [الزمر: 23]. والقرآنُ باعتبار المعنى الأول بَعْضُه مُحْكَم، وبعضُه مُتَشابِه، وباعتبارِ المعنى الثاني كلُّه مُتَشابِه، أي مُصدِّقٌ بَعْضُه لبعض، ولذا وصفه اللَّهُ تعالى به في قوله: {كِتَابًا مُتَشَابِهًا} فثبت الإِطلاقان مِن القرآن، فإن قوله تعالى: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} على الإِطلاق، وقوله تعالى: {كِتَابًا مُتَشَابِهًا} على الثاني. وإنَّما حَمَلنا الآيةَ الأُولى على الإِطلاقِ الأَوَّل، لكون المتشابهاتِ فيها قِسِيمًا للمُحْكمات. ثُم إنَّ البُخاري أَخَذ المُتَشابِه في الترجمةِ بالمعنى غيرِ المشهورِ، وأخرج الحديثَ للمعنى الأَوَّل المشهورِ، أي مُبْهم المراد، ومَنْ لا يدري المعنيين يَقْلَق فيه. وإنَّما فَسَّر مجاهدٌ قوله: {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} بكونه مُصَدِّقًا بَعْضُه لبعض، لأنه ليس عنده في القرآن

2 - باب {وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم} [آل عمران: 36]

شيءٌ يكون مُبْهمَ المرادِ، فَجَمَلَه على معنى التصديقِ. وهذا التفسيرُ ليس بمختارٍ عند الجمهور، وكذا تفسيرُه للمُحْكمات بالحلال والحرام. فالمُحْكم ما أُحْكم مرادُه، والمتشابِه ما أُبْهم مرادُه، ولعلَّ المصنِّفَ أخرج تفسيرَ مجاهد في الترجمةِ إشارةً إلى الخلاف فيه، وإلَّا فالمختارُ عنده أيضًا هو المعنى المشهورُ. والدليل عليه أنه أخرج الحديث للجمهورِ، ولو كان المختارُ عنده تفسيرَ مجاهد، لما أخرج الحديثَ الذي يؤيدُ الجمهور، بل أخرج ما يوافِقُ مجاهدًا. ثُم إنَّ الخلافَ في تأويل المتشابِه بين الحنفيةِ والشافعيةِ مشهورٌ، ولا يرجعُ إلى كثيرٍ طائل. فإِنَّ المُثْبِت أراد الظنَّ، والنافي أراد اليقين. وتكلَّم عليه ابنُ تيمية في سورة الفاتحةِ، وحَقَّق أنه ليس في القرآن شيءٌ لا نعلم مرادَه أصلًا، نعم لا نَحْكُم بكونِه مرادًا عند الله تعالى أيضًا. قلتُ: وذلك في القرآن كلِّه، ولا يختصُّ بالمتشابِه فقط. 2 - باب {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36] 4548 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ وَالشَّيْطَانُ يَمَسُّهُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُ، إِلاَّ مَرْيَمَ وَابْنَهَا». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}. طرفاه 3286، 3431 - تحفة 13276 3 - باب {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ} لاَ خَيْرَ {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77] مُؤْلِمٌ مُوجِعٌ، مِنَ الأَلَمِ، وَهْوَ فِى مَوْضِعِ مُفْعِلٍ 4549، 4550 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ يَمِينَ صَبْرٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ. قَالَ فَدَخَلَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَقَالَ مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ قُلْنَا كَذَا وَكَذَا. قَالَ فِىَّ أُنْزِلَتْ كَانَتْ لِى بِئْرٌ فِى أَرْضِ ابْنِ عَمٍّ لِى قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بَيِّنَتُكَ أَوْ يَمِينُهُ» فَقُلْتُ إِذًا يَحْلِفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانٌ». طرفه 2356 4551 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ - هُوَ ابْنُ أَبِى هَاشِمٍ - سَمِعَ هُشَيْمًا أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ

عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - أَنَّ رَجُلاً أَقَامَ سِلْعَةً فِى السُّوقِ فَحَلَفَ فِيهَا لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطَهُ. لِيُوقِعَ فِيهَا رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَنَزَلَتْ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إِلَى آخِرِ الآيَةِ. طرفاه 2088، 2675 - تحفة 5151 4552 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِىِّ بْنِ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا تَخْرِزَانِ فِى بَيْتٍ - أَوْ فِى الْحُجْرَةِ - فَخَرَجَتْ إِحْدَاهُمَا وَقَدْ أُنْفِذَ بِإِشْفًى فِى كَفِّهَا، فَادَّعَتْ عَلَى الأُخْرَى، فَرُفِعَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَذَهَبَ دِمَاءُ قَوْمٍ وَأَمْوَالُهُمْ». ذَكِّرُوهَا بِاللَّهِ وَاقْرَءُوا عَلَيْهَا {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ}. فَذَكَّرُوهَا فَاعْتَرَفَتْ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ». أطرافه 2514، 2668 - تحفة 5792 قوله: ({أَلِيمٌ}) مؤلمٌ، موجِعٌ، من الأَلَم. وفَسَّره السُّيوطي بالبناء للمفعول، مُؤْلَم، وهو الأرجح، لأنه ألغُ. وتَرْجَمه الشاه عبد القادر: دردناك لا درد رسان، ثم لينظرَ في أنَّ ترجمته: دردناك على تخريج السُّيوطي أَخْذُ الفَعِيل بمعنى المفعول، أو على تخريجِ الفاعل في: اللَّابِن، والتَّامِر، أي ذو لَبَنٍ، وذو تَمْر. وحينئذٍ الأَليم معناه ذو أَلَم، وترجمته أيضًا تكون: "دردناك". 4549، 4550 - قوله: (بَيِّنَتُك، أو يَمينُهُ) واستدلَّ منه الحنفيةُ على أن سبيلَ الفَصْل هو ذاك، وليس هناك شِقٌّ ثالثٌ، وقد قَرَّرْناه مِن قِبل، ووافَقَنا الإِمامُ البخاريُّ أيضًا على ذلك، وهو ظاهرُ القرآن، فإِنَّه قال: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] ولم يتعرَّض إلى اليمينِ مع الشاهد. 4552 - قوله: (قال ابنُ عباس: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم اليمينُ على المدَّعَى عليه) وقد رواه البيهقيُّ والنوويُّ تامًّا، هكذا: «البينةُ للمدَّعِي، واليمينُ على المدَّعَى عليه». وادَّعى الحنفيةُ أن فيه قَصْرًا. وحَرَّر السُّيوطي أنَّ تعريفَ الطرفين يفيدُ القَصْر. وثبت عندي بالاستقراء أنَّ لام الجِنْس إذا كانت في طَرَفٍ وحَرْف، يُعيَّنُ القَصْر في طرفٍ آخَر. فهذا التركيبُ أيضًا يفيدُ القَصْر. وحروفُ القَصْرِ عندي هذه: الباء، واللام ومِن، وإلى، وفي، وعن، وعلى، كقوله تعالى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ} [البقرة: 178]، وكقولهم: والأَمْرُ من اللَّهِ، والأَمْرُ إلى اللَّهِ، والكَرَم في العرب، والرَّمْي عن القوس، واليمينُ على المدَّعَى عليه، والحمد. فهذه سبعةُ حروفٍ، مع أمثلتها، وقد مرَّ عن الزَّمخشري أن قوله: الحمدُ مُفِيدٌ للقَصْر، وأن اللام فيه للجِنْس دون الاستغراق، وهو الصواب عندي، نعم الاستغراقُ يَلْزمُه. فإِنَّه إذا ثبت انحصارُ جِنْس

4 - باب {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله} [آل عمران: 64] سواء: قصد

الحمد تعالى، لَزِم الاستغراقُ لا محالةَ، فإِنَّ فردًا من أفراد الحمدِ لو تحقق في غيره تعالى، ثبت جِنْسُه في غيره تعالى، فيبطل الحَصْرُ، وإذا لم يَثْبُت فردٌ منه لغيرِه تعالى، فقد ثبت جميعُ إفرادِه له تعالى، وذلك هو المعنى من الاستغراق، والاستغراق عنده يكونُ في العموم الأُصولي. أي صيغ الجَمْع، أما المِفردُ فأنَّى يجيء فيه ذلك؟ نعم إنْ ثبت، فَمِن أَجْل اختصاص الطبيعة، أي طبيعة الجِنْس، فذلك أَمْرٌ آخَرُ. قوله: (الكَذِب) "جهونت"، والكذب مَصْدَر. 4 - باب {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ} [آل عمران: 64] سَوَاءٌ: قَصْدٌ فَقَالَ هِرَقْلُ هَلْ هَا هُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِى يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىٌّ فَقَالُوا نَعَمْ. قَالَ فَدُعِيتُ فِى نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ، فَأُجْلِسْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِى يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىٌّ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَقُلْتُ أَنَا. فَأَجْلَسُونِى بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِى خَلْفِى، ثُمَّ دَعَا بِتُرْجُمَانِهِ فَقَالَ قُلْ لَهُمْ إِنِّى سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِى يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىٌّ، فَإِنْ كَذَبَنِى فَكَذِّبُوهُ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ وَايْمُ اللَّهِ، لَوْلاَ أَنْ يُؤْثِرُوا عَلَىَّ الْكَذِبَ لَكَذَبْتُ. ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ سَلْهُ كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ قَالَ قُلْتُ هُوَ فِينَا ذُو حَسَبٍ. قَالَ فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قَالَ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ قُلْتُ لاَ. قَالَ أَيَتَّبِعُهُ أَشْرَافُ النَّاسِ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ قَالَ قُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ. قَالَ يَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ قَالَ قُلْتُ لاَ بَلْ يَزِيدُونَ. قَالَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ، بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، سَخْطَةً لَهُ قَالَ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ قَالَ قُلْتُ تَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالاً، يُصِيبُ مِنَّا وَنُصِيبُ مِنْهُ. قَالَ فَهَلْ يَغْدِرُ قَالَ قُلْتُ لاَ وَنَحْنُ مِنْهُ فِى هَذِهِ الْمُدَّةِ لاَ نَدْرِى مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا. قَالَ وَاللَّهِ مَا أَمْكَنَنِى مِنْ كَلِمَةٍ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ. قَالَ فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ قُلْتُ لاَ. ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُ إِنِّى سَأَلْتُكَ عَنْ حَسَبِهِ فِيكُمْ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو حَسَبٍ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِى أَحْسَابِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ فِى آبَائِهِ مَلِكٌ

فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ فَقُلْتُ لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ، وَسَأَلْتُكَ عَنْ أَتْبَاعِهِ أَضُعَفَاؤُهُمْ أَمْ أَشْرَافُهُمْ فَقُلْتَ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ يَذْهَبَ فَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ إِذَا خَالَطَ بَشَاشَةَ الْقُلُوبِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ فَزَعَمْتَ أَنَّكُمْ قَاتَلْتُمُوهُ فَتَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سِجَالاً، يَنَالُ مِنْكُمْ وَتَنَالُونَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى، ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لاَ يَغْدِرُ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لاَ تَغْدِرُ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، فَقُلْتُ لَوْ كَانَ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ قُلْتُ رَجُلٌ ائْتَمَّ بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ. قَالَ ثُمَّ قَالَ بِمَ يَأْمُرُكُمْ قَالَ قُلْتُ يَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالْعَفَافِ. قَالَ إِنْ يَكُ مَا تَقُولُ فِيهِ حَقًّا فَإِنَّهُ نَبِىٌّ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، وَلَمْ أَكُ أَظُنُّهُ مِنْكُمْ، وَلَوْ أَنِّى أَعْلَمُ أَنِّى أَخْلُصُ إِلَيْهِ لأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ، وَلَيَبْلُغَنَّ مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمَىَّ. قَالَ ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَهُ، فَإِذَا فِيهِ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّى أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلاَمِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ، وَ {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ} إِلَى قَوْلِهِ {اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64]. فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ ارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ عِنْدَهُ، وَكَثُرَ اللَّغَطُ، وَأُمِرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا قَالَ فَقُلْتُ لأَصْحَابِى حِينَ خَرَجْنَا لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِى كَبْشَةَ، أَنَّهُ لَيَخَافُهُ مَلِكُ بَنِى الأَصْفَرِ فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَىَّ الإِسْلاَمَ. قَالَ الزُّهْرِىُّ فَدَعَا هِرَقْلُ عُظَمَاءَ الرُّومِ فَجَمَعَهُمْ فِى دَارٍ لَهُ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، هَلْ لَكُمْ فِى الْفَلاَحِ وَالرَّشَدِ آخِرَ الأَبَدِ، وَأَنْ يَثْبُتَ لَكُمْ مُلْكُكُمْ قَالَ فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِقَتْ، فَقَالَ عَلَىَّ بِهِمْ. فَدَعَا بِهِمْ فَقَالَ إِنِّى إِنَّمَا اخْتَبَرْتُ شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكُمُ الَّذِى أَحْبَبْتُ. فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ. أطرافه 7، 51، 2681، 2804، 2941، 2978، 3174، 5980، 6260، 7196، 7541 - تحفة 4850 - 46/ 6 4553 - قوله: (فإِذا فِيه: بِسْم اللَّهِ الرَّحْمن الرَّحِيم) وعند ابنِ أبي شَيْبة أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يَكْتُب في أَوَّل أَمْره: باسمك اللهم، ثم بِسْم الله، ولما نزلت سورةُ النَّمل جعل يَكْتُب: «بسم الله الرحمن الرحيم».

5 - باب {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} إلى {به عليم} [آل عمران: 92]

5 - باب {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} إِلَى {بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران: 92] 4554 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِىٍّ بِالْمَدِينَةِ نَخْلاً، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءٍ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، فَلَمَّا أُنْزِلَتْ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قَامَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِى إِلَىَّ بَيْرُحَاءٍ وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَخْ، ذَلِكَ مَالٌ رَايِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَايِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّى أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِى الأَقْرَبِينَ». قَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِى أَقَارِبِهِ وَبَنِى عَمِّهِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ «ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ». حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ «مَالٌ رَايِحٌ». أطرافه 1461، 2318، 2752، 2758، 2769، 4555، 5611 - تحفة 204 4555 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَأُبِىٍّ، وَأَنَا أَقْرَبُ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لِى مِنْهَا شَيْئًا. أطرافه 1461، 2318، 2752، 2758، 2769، 4554، 5611 - تحفة 510 قوله: (حدَّثني يَحْيَى بن يَحْيى) قال القَسْطلَّاني: هو النَّيْسابوري. 6 - باب {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 93] 4556 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ قَدْ زَنَيَا، فَقَالَ لَهُمْ «كَيْفَ تَفْعَلُونَ بِمَنْ زَنَى مِنْكُمْ». قَالُوا نُحَمِّمُهُمَا وَنَضْرِبُهُمَا. فَقَالَ «لاَ تَجِدُونَ فِى التَّوْرَاةِ الرَّجْمَ». فَقَالُوا لاَ نَجِدُ فِيهَا شَيْئًا. فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ كَذَبْتُمْ {فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} فَوَضَعَ مِدْرَاسُهَا الَّذِى يُدَرِّسُهَا مِنْهُمْ كَفَّهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَطَفِقَ يَقْرَأُ مَا دُونَ يَدِهِ وَمَا وَرَاءَهَا، وَلاَ يَقْرَأُ آيَةَ الرَّجْمِ، فَنَزَعَ يَدَهُ عَنْ آيَةِ الرَّجْمِ فَقَالَ مَا هَذِهِ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَالُوا هِىَ آيَةُ الرَّجْمِ. فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا قَرِيبًا مِنْ حَيْثُ مَوْضِعُ الْجَنَائِزِ عِنْدَ الْمَسْجِدِ، فَرَأَيْتُ صَاحِبَهَا يَجْنَأُ عَلَيْهَا يَقِيهَا الْحِجَارَةَ. أطرافه 1329، 3635، 6819، 6841، 7332، 7543 - تحفة 8458 - 47/ 6

نزلت في واقعةِ زِنا يهوديَ (¬1)، ولَعلَّها في السَّنة الرابعة. ثُم قيل: إنَّ الذين جاءوه كانوا يهودَ فَدَك. وقيل: يهود خَيْبر، تشاوَرُوا فيما بينهم أَنْ يرفعوا أَمْرَه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لِما كانوا يَرَوْن أَنَّ في دِينه اليُسْر، وكان ذلك مِن حَمقِهم، حيث أرادوا أن يسترخِصُوا برُخَص الدِّين، قبل أن يدخلُوا فيه، ولم يعلموا أنه يتولَّى قاره، مَنْ يتولَّى حاره. 4556 - قوله: (فرأَيْتُ صاحِبَها يَجْنأُ عَلَيْها) وغَرَضُ الراوي التنبيهُ على إصابةِ رأي النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في حَقِّهم، فإِنَّ وقايَته لها عن الحجارة، وحنوه عليها، يدلُّ على صحة أَمْرِ الزِّنا. ثُم إنَّ في الحديثِ معركةً للقوم، وهي أنَّ الإِسلام شرط عند إمامِنا، فكيف رَجَم النبيُّ صلى الله عليه وسلّم اليهوديَّ واليهوديةَ، مع كونِهما كافرَين؟ وذهب الشافعيُّ ¬

_ (¬1) نقل في "المعتصر" أولًا قِصَّة زِنا اليهودي واليهودية، وذكر أنَّ الرَّجل الذين جاؤوا به من عُلمائهم كان ابن صوريا، فذكر الحديث على خلاف ما في عامة الروايات شيئًا. ثُم قال: قيل: إنها مُحْكمة، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إنما رَجَم اليهوديَّ باختيارِه أن يَرجُمه، وكان له أَن لا يرجمه، لقوله: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} [النساء: 63] وخالفهم آخرُون، فقالوا: هي منسوخة لقوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة: 49] رُوي عن ابن عباس، قال: نُسِخت من المائدة آيتانِ: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42] فردهم إلى أحكامِهم، فنزلت {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} قال: فأَمَر رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أن يَحْكُم بينهم على كتابِنا، وحُكْم مَنْ بعده - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، كَحُكْم النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. فإن قلنا: بأنَّها منسوخةٌ، فالحُكْم بينهم مُفْتَرَضٌ واجِب، وإنْ لم نقل بذلك، فالحُكْم بينهم هو الأَوْلى مِن الإِعراض عنهم، لأنه إذا حَكَم بينهم، فقد سَلِم على القَوْلين، لأنه فَعَل الواجبَ، أو الجائز، وإنْ لم يحكم بينهم، فقد ترك فَرْضًا واجِبًا عليه، على أَحَد القوْلين، فالأوْلى به أن يَفْعل. وقوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ} يحتمل معناه: إنْ تحاكَموا إليك، ويحتمل: إنْ وَقَفْت على ما يُوجب لك الحُكْم عليه، وإنْ لم يتحاكموا إليك. ثُم أَخْرج حديثًا يدلُّ على أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُحَاكِم بينهم من غير أنْ يتحاكَمُوا إليه. ثم قال: ومَنْ ذهب إلى تَرْكِ الرَّجْم في أَهْل الذمَّة، وهم أبو حنيفةَ، والثَّوْرِي، وزُفَر، وأبو يُوسُف، ومحمد رحمهم الله تعالى، قال: إنَّ الحُكْم فى التوراة الرَّجْم، أحصن، أو لم يُحصن، على ما يدل عليه ظاهِرُ الآثار، مِن غيرِ اشتراط الإِحصان، وكان ذلك قَبْل أن يُنزِل اللهُ تعالى في كتابه في حَدِّ الزِّنا ما أنزل من الإِمساك في البيوت، والإِيذاء، ثُم نسخه بما فى سُورةِ النُّور، وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: "خُذُوا عنى، قد جعل اللهُ لهنَّ سبيلًا: البِكْر تُجْلد، وتُنْفى؛ والثَّيبُ تُجْلَد، وتُرجم"، فَبيَّن حَدَّ كلِّ صِنْف. وقال عبدُ الله بنُ عمر: مَنْ أَشرك بالله، فليس بِمُحْصن، بعد أنْ عَلِم بِرَجْم رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مَنْ كان رَجَمه مِن اليهود، وإذا لم يكونوا مُحْصَنين، لم يكونوا مَرْجُومين. وذكر عن مالك أنَّ النَّصْراني إذا أَسْلم، ثُم زَنَى، وهو متزوِّجٌ في النصرانيةِ، لا يكونُ مُحْصَنًا حتى يطأَ زَوْجته بعد الإِسلام، وإذا كان كذلك دلَّ على أنَّ مِن أسبابِ الإِحصان التي يجب بها الرَّجْمُ في الزنا الإِسلام. اهـ مختصرًا؛ وفيه رَوى ابنُ معقل بن مقرن سأله ابنُ مسعود فقال: أَمَتي زَنَت، قال: اجلدها خمسينَ، قال: إنها لم تُحْصَن، قال: أليستْ مُسْلِمة؟ قال: بلى، قال: فإِسلامُها إحصانُها، اهـ: قلتُ: ونحوه رُوي عن ابن مسعود في "مسند" الإِمام للخَوارِزْمي، وفيه عن إبراهيم، قال: لا يُحْصَن المسلمُ باليهوديةِ، ولا النصرانيةِ، ولا يُحْصن إلَّا بالمسلمة. اهـ: قال محمد: وبه نأخُذُ، وهو قولُ أبي حنيفةَ، وفيه عنه الذي يتزوَّج في الشِّرْك، ويدخُل بامرأته، ثم أسلم بعد ذلك، ثُم يَزْني، أنه لا يُرْجم حتى يُحْصَن بامرأةٍ مُسْلمةٍ. اهـ.

إلى أنَّ الكافر أيضًا يُرْجم، وفيه تفصيلُ عند المالكية؛ وبالجملة الحديثُ وارِدٌ على الحنفية. ثُم إنَّ ابن أبي شَيْبَة أفرد كتابًا سَمَّاه «كتاب الردّ على أبي حنيفة» وعدَّد فيه مسائلَ الحنفيةِ التي تُناقِضُ الأحاديثَ عنده، وبلغ عددُها زهاءَ مئة وأربعة، وبدأ كتابه بهذا الحديث. والعجب أنه لم يَعُدَّ فيه مسألةَ الجهر بآمين، والإِخفاء، وتَرْك الرَّفْع، ولا مسألةَ تَرْك الفاتحةِ خَلفَ الإِمام. وقد أجاب العلامةُ القاسم بنُ قُطْلُوبغا عن كتابه، ولكنه مفقود، لا يوجد ثُمَّ إنَّ الطحاوي أجاب عن حديثِ الباب، وأصاب. وحاصله أنَّ شَرْط الإِحصان في شَرْعنا نَزَل بعد هذه القضيةِ، فالقضايا التي كانت قَبْلها لا ترد عليها، وكان رَجْمُه إذ ذاك بِحُكْم التوراة. ولم يكن فيه شَرْطُ الإِحصان. قلتُ: ويُعلم من «فتح الباري» أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يعملُ بشريعةِ التوراةِ، فيما لم ينزل فيه شَرْعُه قَبْل الفَتْح، ثُم خالف بعده. وإنما أخذت هذا التاريخ من «فتح الباري»، وإلَّا فأَصْل الحديث موجودٌ في البخاري أيضًا. ثُم هل يسمَّى ذلك عَملًا بالشريعة الموسوية، أَم عملًا بشريعتِه؟ فهذان اعتباران. فإن قلت: إنَّه إذا عَمِل به فقد صارت شريعتُه أيضًا، فيكون عَملًا بشريعةِ نفسه، وإن اعتبرت أنَّ شَرْعه لما لم ينزل فيه بعد، وإنما عَمِل بالشريعةِ الموسوية، يقال: إنَّه عَمِل بشريعتهم، ولا حَجْر في كلا الاعتبارين، والأَمْرُ فيه سَهْلٌ. واعلم أنَّ القرآن قد هَدي في تلك الآياتِ إلى أَمْرٍ هامّ، كادَت نَفْس النبيِّ أنْ تتردَّد فيه، وهو أنَّ الكفَّار إنْ ترافعوا إليه في أمْر، فماذا ينبغي له أنْ يفعل؟ إما أن يَحْكم بشريعته، فهم لا يلتزمُونَها، أو يُعْرِض عنهم، ولا يَحْكُم بشيءٍ، فذلك أيضًا غيرُ مناسِبٍ، وإمَّا أن يَحْكُم بِشَرْعهم، فهو أيضًا مَحَلُّ تردُّد، فعلَّمه القرآنُ أَنَّك بين خِيرَتَيْن: إنْ شِئت أنْ تُعْرض عنهم فأَعْرض، وإنْ أردت أن تَحْكُم بينهم فاحكم بما عندك، فإِن عَمِلوا به فبها، وإلَّا فالإِثْمُ عليهم. ولنا أنْ نقولَ: إنَّ في إلزامِ شَرْعهم عليهم، وإغرائهم على العملِ به، إجراءَ شَرْعٍ سماويَ، وهو أَوْلى مِن إفناء حَقَ وإعدامه. ولذا لما جاءوا إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ألزمهم بالتوراةِ، فاضطروا إلى العَمَلِ به، ولا رَيْب في أنه أَوْلى من أن لا يعملوا بِشَرْعهم، ولا بِشَرْعه صلى الله عليه وسلّم فإِنَّ شَرْعهم أيضًا حقٌّ في الجملة، وإنْ نُسِخه بعد نزول شَرْعنا. وهذا إنْ سلَّمناه أنَّ القضية بعد نُزول شَرْعنا، وإلَّا فالأَمْر أَظْهر. ولذا قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بعد الرجم: إنِّي أَحْييت حُكْمًا من الشريعة الموسوية (¬1)، على أنَّ اليهودِيَّيْن كانا مُحْصَنَينِ بِحُكْم ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: ولَفْظه في "الفتح" زاد في حديث أبي هريرة: فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "فإنِّي أَحْكُم بما في =

التوراةِ، فإِنَّهما لو كانا غَيْرَ مُحْصنَين لكانا باعتبار شَرْعِنا، ولكنهما لم يكونا لَيُقرّا بعدمِ إحصانهما من أَجْلِ شريعتنا، فإِذا ثبت إحصانُهما عند شَرْعِهما حلَّت بهما عقوبةُ الرجم. وههنا وَجْهٌ آخَر أيضًا، وهو أَنَّه ناسب تنفيذ الرَّجْم لانعقادِ صورةِ المناظرة بينه صلى الله عليه وسلّم وبينهم، فإِنَّهم كانوا يُنْكِرُون كَوْنَ الرَّجْم شريعتَهم، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يَدَّعِيه، كالإِخبار بالغيبِ، فلما خرج في التوراة كما كان أخبر به، ناسب إجراؤه أيضًا، وإذن لا يكون رَجْمُه من باب تنفيذِ الحُكْم عليهم، بما في كتابهم، ولا من باب الحُكْم عليهم بِشَرْعه، بل يكون ذلك لداعيةِ المقام، فيقتصر على مَوْرِده، وإنْ شِئت جَمعت هذه الأعذارَ كلَّها، ولذا ذَكَرْت هذه الأُمورَ، لِتعلم أنَّ المقام قد احتفَّ بعوارِضَ شَتَّى، ولم يبق مُنْكَشِف الحال، فحينئذٍ جاز لنا التفصِّي عنه بِنَحْوٍ من المقال. بقي إقامةُ البرهانِ على اشتراط الإِسلام في الإِحصان، فنقولُ: إنَّهُ رُوي عن عبد الله بن عمر: مَنْ أشرك بالله، فليس بِمُحْصَن. ورجالُه ثِقاتٌ، وإسنادُه قويٌّ (¬1)، إلَّا أنَّ الحافِظ مال إلى وَقْفه، وتصدَّى الحاكمُ إلى إثبَاتِ رَفْعه. قلتُ: والذي يَحْكُم به الوجدانُ أنه مَوْقُوفٌ، لأنَّ مَذْهب ابنِ عمرَ عدمُ جواز المناكحةِ مع أهل الكتاب، على خلاف الجمهور، وقال: إنَّهم مُشْركون، وأيُّ شِرْك أعظمُ مِن ادِّعائهم أبناءَ للَّهِ تعالى. فكأَنَّ أهلَ الكتاب الذين يعتقدون بالبنوةِ وغيرِها كفارٌّ عنده، وليس أولئك مِن أهلِ الكتاب الذين أباح لنا القرآنُ مناكحتَهُم، لأنَّه شَرَط فيهم الإِحصانَ، وهؤلاء مُشْركون، لا يوجد فيهم شَرْطُ الإِحصان، وإذا انتفى الشَّرْط، انتقى المَشْروط. فلما عَلِمت من مذهبه ذلك، ظَنَنْت أنه لا يَبْعُد أن يكون: مَنْ أَشْرك بالله فليس بِمُحْصن، موقوفًا عليه. ولنا ما أخرجه الشيخُ علاء الدين في «الجَوْهر النَّقي» (¬2): أنَّ عمرو بنَ العاص أراد ¬

_ = التوراة". وفي حديث البراء: "اللهم إني أَوَّل مَن أحيا أَمْرَك إذ أماتوه" ... إلخ. قلتُ: إلَّا أنَّ الحافظ ضعَّفه، وقال: إنَّ في سنده رَجُلًا مُبْهمًا. ثُم إنَّ الحافظ وَعَد في سورةِ آل عمران أنه يتكلم على قوله: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ} [آل عمران: 93] في الحُدود، فراجعته، فوجدت في كتاب المحارِبين من أهل الكُفْر والردَّة تكلم فيه على قِصْة رَجْم اليهودِيَّين مبسوطًا، فراجعه في باب: أحكام أهل الذِّمة، وإحصانهم إذا زنوا، ورُفِعوا إلى الإِمام. (¬1) حَكى البيهقيُّ روايةَ ابنِ عمرَ من وجهين، ثُم حكى عن الدارقُطْني أن الصواب أنهما موقوفانِ، فجاء العلامة المارديني، وأجاب عن إيرادِه، وقال: إذا رَفَع الثِّقةُ حديثًا لا يضرُّه وَقْفُ مَنْ وَقَفه، فظهر أن الصواب في الحديثين الرَّفْعُ. اهـ "الجَوْهر النقي" مُلخَّصًا. قلتُ: وقد أخرجه الشيخُ ابنُ الهُمَام أيضًا عن "مُسْند" إسحاق بن رَاهُويه. (¬2) قلتُ: ولم أجده في "الجَوْهر النَّقي" فلعله مِن سقط قلمي، أو خطأ بصري. أما مذهبُ ابنِ عمر فسيجيء عند البخاريّ في باب قول الله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] وفيه أنه سُئِل عن نِكاح النصرانية، أو اليهودية، فقال: إن اللهَ حرَّم المشركاتِ، وله أن يُجيب عن الآيةِ أن الله سبحانه جَوَّز نِكاحَ الكتابيات بِقَيْد الإِحصان، والمُشْركة ليست بِمُحْصنة. وسيجيء تفصيلُه في صُلْب الصفحة إن شاء الله تعالى.

أن يتزوَّج كتابيةً، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «تزوَّجْها، ولكنها لا تُحْصِنك». وإسنادُه حسن، وفيه عبدُ الباقي بن قَانِع من الحُفَّاظ، شيخٌ للدارقطني، والحاكم، وله «مسند»، و «تاريخ» فقوله: «إنَّها لا تُحْصِنُك»، إنما يَصِح إذا لم تكن مُحْصَنة هي بِنَفْسها، لاشْتراط إحصانِ الزَّوجين في الرَّجم. وقد مرَّ معنا أنه لا بدَّ من النظر في معنى الإِحصان، فقد أَخَذه القرآنُ أيضًا، ولكنَّ الفقهاء جَزَّءوه، فجعلوا في الرَّجم غيرَ ما اعتبروه في القَذْف. فلينظر فيه أنه هل للفقهاءِ حقُّ في تجزئةِ لَفْظ القرآنِ، وقد وضع له السَّرخْسي فَصْلًا مُستقلاًّ في «المبسوط» فليراجع. ثم إنَّ هذه الآياتِ في باب الرجم، ولكنَّ القرآنَ لم يصرِّح به فيه، وكذا لم يُصرَّح به في سورةِ النُّور. وقد نَقَل الرَّازي عن الخوارج أنهم يُنْكرون الرَّجْم، ويتشبَّثُون بأنَّ القرآن لم يَذْكره في مَوْضعِ، فتفاقم الأَمْرُ، لأنه لا ينبغي للقرآنِ أن يكون تعبيرُه بحيث تَتغيَّرُ المسألةُ من عمومه، وإطلاقه، فإِنَّه كتابُ لا يزيغ به إلَّا هؤلاء، فيختار من التعبيرات أعلاها، بحيث لا يَبْقَى فيها للجانِب المخالِف مَساغٌ، وحينئذ لا بدَّ لِتَرْكه التصريحَ بالرَّجْم من نُكتةٍ. فاعلم أنَّ نَظْم القرآنِ إذا كان يُفْهم أنَّ تلك الآيةَ نزلت في قضيةِ كذا، ثُم لم تكن تل القضيةُ مذكورةً فيها، فالذي تَحْكُم به شريعةُ الإِنصاف أنْ يكون هذا الحديثُ الذي فيه تلك القِصَّةُ في حُكْم القرآنِ، لأنَّ القرآنَ بَنَى نَظْمَه عليه، وأشار من عبارتِه إليه، فلا بدَّ من اعتباره، وحينئذٍ لا حاجةَ إلى تصريحه بالرَّجْمِ، إذ كَفَى عنه الحديثُ، فأَغْنَى عن ذكره، وسيجيء في «أبواب الحدود» بعض كلام. ثُم اعلم أنَّ الله تعالى ذَكَر في «المائدة» في تلك القِصَّةَ بَعْضَ أوصافهم، لا بأس أن نتعرَّض إليها شيئًا، فقال: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} [المائدة: 41]، والمرادُ منه التبديلُ في المراد، مع إبقاء الكلماتِ على حالها، وهذا بعينِه يركبه لعين القاديان، فيقول: نُؤمن بلفظِ خاتَم النبيِّين، ثُم الوَقِح يدَّعِي النبوة بتغييرِ مرادِه، وتحريف الكَلِم من بَعْد مواضعه. ثُم قال تعالى: {يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} [المائدة: 41] ... إلخ، يعني أنَّ حُكْم هذا الرسولِ إنْ كان حَسَب ما تريدُون، فَخُذُوه؛ فأشار إلى الواقعةِ في الخارج، وإنْ لم يَبْسُطها. قوله: ({سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ}) استئناف. قوله: ({أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ}) أي يأكلون الرَّشْوة في الحُكْم. قوله: ({فَإِنْ جَاءُوكَ}) ... إلخ، وكان هذا مَوْضِعَ تردُّدٍ للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم فهذاه القرآنُ إلى أمرين: أَيّهما شاء فَعَل.

7 - باب {كنتم خير أمة أخرجت للناس} [آل عمران: 110]

قوله: ({وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ}) وراجع الفَرْق بينهما في «مقدمة ابن خلدون». ومُحصَّل الآياتِ والأحاديثِ عندي أنّ اليهودَ يُعَاقبون على أَمْرَين: على تَرْكِهم ما في التوراةِ، وتَرْكِهم الإِيمانَ بمحمدٍ صلى الله عليه وسلّم كِلَيْهما. تنبيه: واعلم أن ههنا قِصّتين: قِصَّة الرَّجم، وقِصَّة أَخْذ القِصَاص من الوَضِيع دون الشريف. واختلطت على بَعْضِ المفسرين، فنقل بعضُهم قِصَّة القِصاص تحت القِصَّة الأُولى، وهذا غَلَطٌ. 7 - باب {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] 4557 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} قَالَ خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ، تَأْتُونَ بِهِمْ فِى السَّلاَسِلِ فِى أَعْنَاقِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِى الإِسْلاَمِ. طرفه 3010 - تحفة 13435 فهذه الأُمة تُكْرِه الناسَ على الإِسلام، ومعنى قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256] أن الدِّينَ خَيْرٌ مَحْ، والإكرَاه فيه بمنزلةِ عدم الإِكراه، فلا تَخَالُفَ. 8 - باب {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} [آل عمران: 122] 4558 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ فِينَا نَزَلَتْ {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} قَالَ نَحْنُ الطَّائِفَتَانِ بَنُو حَارِثَةَ وَبَنُو سَلِمَةَ، وَمَا نُحِبُّ - وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً وَمَا يَسُرُّنِى - أَنَّهَا لَمْ تُنْزَلْ لِقَوْلِ اللَّهِ {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} طرفه 4051 - تحفة 2534 9 - باب {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] 4559 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فِى الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنَ الْفَجْرِ يَقُولُ «اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا وَفُلاَنًا». بَعْدَ مَا يَقُولُ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} إِلَى قَوْلِهِ {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}. رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ. أطرافه 4069، 4070، 7346 - تحفة 6940، 6806 4560 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ يَدْعُوَ لأَحَدٍ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَرُبَّمَا قَالَ إِذَا قَالَ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ

10 - باب قوله {والرسول يدعوكم في أخراكم} [آل عمران: 153]

هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِى رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ وَاجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ». يَجْهَرُ بِذَلِكَ وَكَانَ يَقُولُ فِى بَعْضِ صَلاَتِهِ فِى صَلاَةِ الْفَجْرِ «اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا». لأَحْيَاءٍ مِنَ الْعَرَبِ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} الآيَةَ. أطرافه 797، 804، 1006، 2932، 3386، 4598، 6200، 6393، 6940 تحفة 13109، 15133 - 48/ 6 وفي الحديث تَصْريحٌ بِكَوْنِ القُنوتِ في صلاةٍ جَهْرية. 10 - باب قَوْلِهِ {وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ} [آل عمران: 153] وَهُوَ تَأُنِيثُ آخِرِكُمْ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} [التوبة: 52] فَتْحًا أَوَ شَهَادَةً. 4561 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ جَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ، وَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ، فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِى أُخْرَاهُمْ، وَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرُ اثْنَىْ عَشَرَ رَجُلاً. أطرافه 3039، 3986، 4043، 4067 - تحفة 1837 11 - باب قَوْلِهِ: {أَمَنَةً نُعَاسًا} [آل عمران: 154] 4562 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَالَ غَشِيَنَا النُّعَاسُ وَنَحْنُ فِى مَصَافِّنَا يَوْمَ أُحُدٍ - قَالَ - فَجَعَلَ سَيْفِى يَسْقُطُ مِنْ يَدِى وَآخُذُهُ، وَيَسْقُطُ وَآخُذُهُ. طرفه 4068 - تحفة 3771 12 - باب قَوْلِهِ: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)} [آل عمران: 172] القَرْحُ: الجِرَاحُ، اسْتَجَابُوا: أَجابُوا، يَسْتجِيبُ: يُجِيبُ. 13 - باب {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [آل عمران: 173] 4563 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ - أُرَاهُ قَالَ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ أُلْقِىَ فِى النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَالُوا {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173]. طرفه 4564 - تحفة 6456 4564 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ آخِرَ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ حِينَ أُلْقِىَ فِى النَّارِ حَسْبِىَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. طرفه 4563 - تحفة 6456 - 49/ 6

14 - باب {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير} [آل عمران: 180]

14 - باب {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [آل عمران: 180] سَيُطَوَّقُونَ: كَقَوْلِكَ طَوَّقْتُهُ بِطَوْقٍ. 4565 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ - هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ - عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ، مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ شُجَاعًا أَقْرَعَ، لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ - يَعْنِى بِشِدْقَيْهِ - يَقُولُ أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُكَ». ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ. أطرافه 1403، 4659، 6957 - تحفة 12820 15 - باب {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} [آل عمران: 186] 4566 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَرَاءَهُ، يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِى بَنِى الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ - قَالَ - حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ، ابْنُ سَلُولَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ فَإِذَا فِى الْمَجْلِسِ أَخْلاَطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ وَالْمُسْلِمِينَ، وَفِى الْمَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ لاَ تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا. فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِمْ ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ أَيُّهَا الْمَرْءُ، إِنَّهُ لاَ أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ، إِنْ كَانَ حَقًّا، فَلاَ تُؤْذِينَا بِهِ فِى مَجْلِسِنَا، ارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ، فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَاغْشَنَا بِهِ فِى مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ. فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ، فَلَمْ يَزَلِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَنُوا، ثُمَّ رَكِبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - دَابَّتَهُ فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ». يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ «قَالَ كَذَا وَكَذَا». قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ عَنْهُ، فَوَالَّذِى أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ، لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالْحَقِّ الَّذِى أَنْزَلَ عَلَيْكَ، لَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبُحَيْرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُونَهُ بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا أَبَى اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِى أَعْطَاكَ اللَّهُ شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ ما رَأَيْتَ. فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا

16 - باب {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا} [آل عمران: 188]

أَمَرَهُمُ اللَّهُ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الأَذَى قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} [آل عمران: 186] الآيَةَ، وَقَالَ اللَّهُ {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: 109] إِلَى آخِرِ الآيَةِ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَأَوَّلُ الْعَفْوَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ، حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَدْرًا، فَقَتَلَ اللَّهُ بِهِ صَنَادِيدَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ قَالَ ابْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَعَبَدَةِ الأَوْثَانِ هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ. فَبَايَعُوا الرَّسُولَ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الإِسْلاَمِ فَأَسْلَمُوا. أطرافه 2987، 5663، 5964، 6207 - تحفة 105 - 50/ 6 16 - باب {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا} [آل عمران: 188] 4567 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ رِجَالاً مِنَ الْمُنَافِقِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْغَزْوِ تَخَلَّفُوا عَنْهُ، وَفَرِحُوا بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اعْتَذَرُوا إِلَيْهِ وَحَلَفُوا، وَأَحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا، فَنَزَلَتْ {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} الآيَةَ. تحفة 4170 4568 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْ لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ فَرِحَ بِمَا أُوتِىَ، وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ، مُعَذَّبًا، لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ إِنَّمَا دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَهُودَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَىْءٍ، فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ، وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ، فَأَرَوْهُ أَنْ قَدِ اسْتَحْمَدُوا إِلَيْهِ بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيمَا سَأَلَهُمْ، وَفَرِحُوا بِمَا أُوتُوا مِنْ كِتْمَانِهِمْ، ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} كَذَلِكَ حَتَّى قَوْلِهِ {يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} [آل عمران: 187 - 188]. تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. تحفة 6284 - 51/ 6 حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ مَرْوَانَ بِهَذَا. تحفة 5414 17 - باب قَوْلِهِ {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190] 4569 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى نَمِرٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بِتُّ عِنْدَ خَالَتِى

18 - باب {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض} [آل عمران: 191]

مَيْمُونَةَ، فَتَحَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ أَهْلِهِ سَاعَةً ثُمَّ رَقَدَ، فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ قَعَدَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)}، ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَاسْتَنَّ، فَصَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ أَذَّنَ بِلاَلٌ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ. أطرافه 117، 138، 183، 697، 698، 699، 726، 728، 859، 1198، 4570، 4571، 4572، 5919، 6215، 6316، 7452 - تحفة 6355 4569 - قوله: (فلما كانَ ثُلُثُ اللَّيلِ الآخِرُ قَعَدَ) والصواب كما في طريق مَخْرَمة بن سُلَيمان عن كُرَيْب، أنه قام إذا انتصف اللَّيلُ، أو قَبْله بقليل، أو بعدَه بقليلِ، ولا يقول فيه: الثُّلُث، إلَّا شَرِيك بن عبد الله بن أبي نَمِر عن كُرَيب، وهو مُتَّهمٌ بِسُوء الحِفْظ. 18 - باب {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: 191] 4570 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بِتُّ عِنْدَ خَالَتِى مَيْمُونَةَ فَقُلْتُ لأَنْظُرَنَّ إِلَى صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَطُرِحَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وِسَادَةٌ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى طُولِهَا، فَجَعَلَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ قَرَأَ الآيَاتِ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ آلِ عِمْرَانَ حَتَّى خَتَمَ، ثُمَّ أَتَى شَنًّا مُعَلَّقًا، فَأَخَذَهُ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى، فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِى، ثُمَّ أَخَذَ بِأُذُنِى، فَجَعَلَ يَفْتِلُهَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ. أطرافه 117، 138، 183، 697، 698، 699، 726، 728، 859، 1198، 4569، 4571، 4572، 5919، 6215، 6316، 7452 - تحفة 6362 - 52/ 6 19 - باب {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192)} [آل عمران: 192] 4571 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْىَ خَالَتُهُ قَالَ فَاضْطَجَعْتُ فِى عَرْضِ الْوِسَادَةِ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَهْلُهُ فِى طُولِهَا، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ، أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ، أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَعَلَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الآيَاتِ الْخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى، فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِى، وَأَخَذَ بِأُذُنِى بِيَدِهِ الْيُمْنَى يَفْتِلُهَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ. أطرافه 117، 138، 183، 697، 698، 699، 726، 728، 859، 1198، 4569، 4570، 4572، 5919، 6215، 6316، 7452 - تحفة 6362

20 - باب {ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان} [آل عمران: 193] الآية

20 - باب {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ} [آل عمران: 193] الآيَةَ 4572 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْىَ خَالَتُهُ قَالَ فَاضْطَجَعْتُ فِى عَرْضِ الْوِسَادَةِ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَهْلُهُ فِى طُولِهَا، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ، أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ، أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَلَسَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الآيَاتِ الْخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِى، وَأَخَذَ بِأُذُنِى الْيُمْنَى يَفْتِلُهَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ ثُمَّ، اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ. أطرافه 117، 138، 183، 697، 698، 699، 726، 728، 859، 1198، 4569، 4570، 4571، 5919، 6215، 6316، 7452 - تحفة 6362 - 53/ 6 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 4 - سورة النِّسَاءِ قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {يَسْتَنْكِفَ} [النساء: 172]: يَسْتَكْبِرُ. قِوَامًا: قِوَامُكُمْ مِنْ مَعَايِشِكُمْ. {لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15] يَعْنِي الرَّجْمَ للِثَّيِّبِ، وَالجَلدَ لِلبِكْرِ. وَقالَ غَيرُهُ: {مَثْنَى وَثُلَاثَ} [النساء: 3] يَعْنِي اثْنَتَينِ وَثَلاَثًا وَأَرْبَعًا، وَلاَ تُجَاوِزُ العَرَبُ رُباعَ. قوله: ({مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} يعني اثنتين وثلاثًا وأَربعًا، ولا تجاوز العربُ رُباعَ) قد عَرَفْتَ في البقرةِ أنَّ المصنِّف يقولُ مِثل هذا الكلامِ، ويُتوهم منه أنه يريدُ بيانَ الخلاف في المسألة، مع أنَّ قوله هذا لا يكونُ في المسألةِ المذكورةِ، بل يُذْكر منه مسألةٌ جديدةٌ لا تتعلَّقُ بما قَبْلَها. فهذا من طريقِه ودَأبه، تعلَّمه من أبي عبيدةَ. ثُم إنَّ الشَّوْكاني جَوَّز المناكحةَ إلى تِسْع نُسْوة تَمسُّكًا بهذه الآية. فإِنَّ المَثْنَى والثَّلاث خمسةٌ، والرُّباع معها تِسْعةٌ، فهذا غَلَطٌ فاحِشٌ. 1 - باب {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} [النساء: 3] 4573 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَجُلاً كَانَتْ لَهُ يَتِيمَةٌ فَنَكَحَهَا، وَكَانَ لَهَا عَذْقٌ، وَكَانَ يُمْسِكُهَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْ نَفْسِهِ شَىْءٌ فَنَزَلَتْ فِيهِ {وَإِنْ خِفْتُمْ

2 - باب {ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا} [النساء: 6]

أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} أَحْسِبُهُ قَالَ كَانَتْ شَرِيكَتَهُ فِى ذَلِكَ الْعَذْقِ وَفِى مَالِهِ. أطرافه 2494، 2763، 4574، 4600، 5064، 5092، 5098، 5128، 5131، 5140، 6965 - تحفة 17041 4574 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى}. فَقَالَتْ يَا ابْنَ أُخْتِى، هَذِهِ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِى حَجْرِ وَلِيِّهَا، تَشْرَكُهُ فِى مَالِهِ وَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا، فَيُرِيدُ وَلِيُّهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، بِغَيْرِ أَنْ يُقْسِطَ فِى صَدَاقِهَا، فَيُعْطِيَهَا مِثْلَ مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ، فَنُهُوا عَنْ أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ، إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ، وَيَبْلُغُوا لَهُنَّ أَعْلَى سُنَّتِهِنَّ فِى الصَّدَاقِ، فَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ. قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ وَإِنَّ النَّاسَ اسْتَفْتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} [النساء: 127] قَالَتْ عَائِشَةُ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِى آيَةٍ أُخْرَى {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] رَغْبَةُ أَحَدِكُمْ عَنْ يَتِيمَتِهِ حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ الْمَالِ وَالْجَمَالِ قَالَتْ فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوا عَنْ مَنْ رَغِبُوا فِى مَالِهِ وَجَمَالِهِ فِى يَتَامَى النِّسَاءِ، إِلاَّ بِالْقِسْطِ، مِنْ أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ إِذَا كُنَّ قَلِيلاَتِ الْمَالِ وَالْجَمَالِ. أطرافه 2494، 2763، 4573، 4600، 5064، 5092، 5098، 5128، 5131، 5140، 6965 - تحفة 16493 - 54/ 6 واعلم أنَّ عائشةَ فَسَّرت قوله تعالى: {وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ} (النساء: 127) بِحَذْف الصِّلة، أي ترغبون عن أنْ تَنْكِحُوهن، وللنُّحاة تَحْثٌ في أنه هل يجوزُ حَذْف حَرْف يكون مُغيِّرًا للمعنى أَم لا؟. 4573 - قوله: (كانَتْ شَريكَتَه) يعني أنه كان بين الرَّجُل، وبين مولاتِه شَرِكةٌ أيضًا. 4574 - قوله: (بغَيْر أن يُقْسط في صَدَاقِها) أي بأن لا يُعْطِيها مَهْرَها الذي هو مهرُها. قوله: (فأمِرُوا أن يَنْكِحوا ما طابَ لهم) أي من النِّساء، التي سوى مَوْلاتِه، فقيَّدَت عائشةُ بذلك القَيْد. قوله: (فَنُهوا - أن يَنْكِحُوا - عَنْ مَنْ رَغِبُوا) ... إلخ، وحرف «عن» ههنا غَلَطٌ، والصواب: أَنْ ينكحوا مَنْ رَغِبوا ... إلخ. 2 - باب {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [النساء: 6] {وَبِدَارًا} [النساء: 6] مُبَادَرَةً. {أَعْتَدْنَا} [النساء: 18] أَعْدَدْنَا، أَفْعَلْنَا مِنَ الْعَتَادِ. 4575 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فِى قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ

3 - باب {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه} [النساء: 8]

بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] أَنَّهَا نَزَلَتْ فِى مَالِ الْيَتِيمِ إِذَا كَانَ فَقِيرًا، أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْهُ مَكَانَ قِيَامِهِ عَلَيْهِ، بِمَعْرُوفٍ. طرفاه 2212، 2765 - تحفة 16980 3 - باب {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} [النساء: 8] 4576 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ الأَشْجَعِىُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ} قَالَ هِىَ مُحْكَمَةٌ وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ. تَابَعَهُ سَعِيدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. طرفه 2759 - تحفة 6102 4576 - قوله: (قال: هي مُحْكَمةٌ) أي المسألة، كما في الآية، ولكنَّ الناسَ تَرَكُوا العملَ بها. 4 - باب {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11] 4577 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ مُنْكَدِرٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ عَادَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ فِى بَنِى سَلِمَةَ مَاشِيَيْنِ فَوَجَدَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ أَعْقِلُ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهُ، ثُمَّ رَشَّ عَلَىَّ، فَأَفَقْتُ فَقُلْتُ مَا تَأْمُرُنِى أَنْ أَصْنَعَ فِى مَالِى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَنَزَلَتْ {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}. أطرافه 194، 5651، 5664، 5676، 6723، 6743، 7309 - تحفة 3060، 55/ 6 5 - باب {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء: 12] 4578 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ وَرْقَاءَ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ الْمَالُ لِلْوَلَدِ، وَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، فَنَسَخَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ، فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وَجَعَلَ لِلأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ وَالثُّلُثَ، وَجَعَلَ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنَ وَالرُّبُعَ، وَلِلزَّوْجِ الشَّطْرَ وَالرُّبُعَ. طرفاه 2747، 6739 - تحفة 5901 6 - باب {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} [النساء: 19] الآيَةَ وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [النساء: 19] لاَ تَقْهَرُوهُنَّ. {حُوبًا} [النساء: 2] إِثْمًا. {تَعُولُوا} [النساء: 3] تَمِيلُوا. {نِحْلَةً} [النساء: 4] النِّحْلَةُ الْمَهْرُ. 4579 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ الشَّيْبَانِىُّ وَذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ السُّوَائِىُّ وَلاَ أَظُنُّهُ ذَكَرَهُ إِلاَّ

7 - باب {ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون} [النساء: 33] الآية

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} [النساء: 19] قَالَ كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ، إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا، وَإِنْ شَاءُوا زَوَّجُوهَا، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجُوهَا، فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِى ذَلِكَ. طرفه 6948 - تحفة 6100، 5982 7 - باب {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} [النساء: 33] الآيَةَ وَقَالَ مَعْمَرٌ: {مَوَالِيَ}: أَوْلِيَاءَ وَرَثَةً، {عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ}: هُوَ مَوْلَى الْيَمِينِ، وَهْوَ الْحَلِيفُ، وَالْمَوْلَى أَيْضًا ابْنُ الْعَمِّ وَالْمَوْلَى الْمُنْعِمُ الْمُعْتِقُ، وَالْمَوْلَى الْمُعْتَقُ، وَالْمَوْلَى الْمَلِيكُ، وَالْمَوْلَى مَوْلًى فِى الدِّينِ. 4580 - حَدَّثَنِى الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ إِدْرِيسَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} قَالَ وَرَثَةً. {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَرِثُ الْمُهَاجِرُ الأَنْصَارِىَّ دُونَ ذَوِى رَحِمِهِ لِلأُخُوَّةِ الَّتِى آخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُمْ فَلَمَّا نَزَلَتْ {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} نُسِخَتْ، ثُمَّ قَالَ {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} مِنَ النَّصْرِ، وَالرِّفَادَةِ وَالنَّصِيحَةِ، وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاثُ وَيُوصِى لَهُ. سَمِعَ أَبُو أُسَامَةَ إِدْرِيسَ، وَسَمِعَ إِدْرِيسُ طَلْحَةَ. طرفاه 2292، 6747 - تحفة 5523 - 56/ 6 4580 - قوله: ({وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ}) ... إلخ. لم يَدْخُل ابنُ عباس في تفسيره بعد، ولكنه تلا الآيةَ، ثُم شرع في بيانِ القصة ما كانت؟ فَذَكَر أن الأنصارَ كانوا يُعْطون إرْثَهم للمهاجرِين عند مَقْدَمهم من مكةَ للمُؤاخاةِ (¬1)، فلما نزلت: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} ... إلخ، نُسِخت المؤاخاةِ. وأما ما بقي تحت قوله: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} فهو باقٍ إلى الآن أيضًا لم يُنْسخ منه شيءٌ، إلَّا أنَّ الناس تَركوا العملَ بها. 8 - باب {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء: 40] يَعْنِى زِنَةَ ذَرَّةٍ. 4581 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ أُنَاسًا فِى زَمَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «نَعَمْ، هَلْ ¬

_ (¬1) قال الحافظ: حَمَلها ابنُ عباس على مَنْ آخَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بينهم، وحَمَلها غيرُه على أَعم من ذلك، فأسْند الطبري عنه، قال: كان الرجلُ يُحَالف الرَّجُلَ ليس بينهما نَسَبُ، فيرثُ أحدُهما الآخَرَ، فُنسِخ ذلك. اهـ: "فتح الباري" وقُدِّم الكلام فيه في "باب الكَفَالة".

تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ، ضَوْءٌ لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ». قَالُوا لاَ. قَالَ «وَهَلْ تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، ضَوْءٌ لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ». قَالُوا لاَ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا كَمَا تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا، إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ. فَلاَ يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ مِنَ الأَصْنَامِ وَالأَنْصَابِ إِلَّا يَتَسَاقَطُونَ فِى النَّارِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ، بَرٌّ أَوْ فَاجِرٌ وَغُبَّرَاتُ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَيُدْعَى الْيَهُودُ فَيُقَالُ لَهُمْ مَنْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ. فَيُقَالُ لَهُمْ كَذَبْتُمْ، مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلاَ وَلَدٍ، فَمَاذَا تَبْغُونَ فَقَالُوا عَطِشْنَا رَبَّنَا فَاسْقِنَا. فَيُشَارُ أَلاَ تَرِدُونَ، فَيُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ كَأَنَّهَا سَرَابٌ، يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَتَسَاقَطُونَ فِى النَّارِ، ثُمَّ يُدْعَى النَّصَارَى، فَيُقَالُ لَهُمْ مَنْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ الْمَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ. فَيُقَالُ لَهُمْ كَذَبْتُمْ، مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلاَ وَلَدٍ. فَيُقَالُ لَهُمْ مَاذَا تَبْغُونَ فَكَذَلِكَ مِثْلَ الأَوَّلِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ، أَتَاهُمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ فِى أَدْنَى صُورَةٍ مِنَ الَّتِى رَأَوْهُ فِيهَا، فَيُقَالُ مَاذَا تَنْتَظِرُونَ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ. قَالُوا فَارَقْنَا النَّاسَ فِى الدُّنْيَا عَلَى أَفْقَرِ مَا كُنَّا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ نُصَاحِبْهُمْ، وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ رَبَّنَا الَّذِى كُنَّا نَعْبُدُ. فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ لاَ نُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا. مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا». أطرافه 22، 4919، 6560، 6574، 7438، 7439 - تحفة 4172 - 57/ 6 4581 - قوله: (تُضَارُّون) قرأ من الضرر، والضَّيْر، أي الظُّلم، والمرادُ منه الزحمةُ، ومن الغرائب ما نقله الحافظ في «الفتح» أنَّ شيطانَ عيسى عليه الصلاة والسلام يَمْثُل لهم في المَحْشر، ويدخلُ معهم في النَّار، وإسنادُه قويُّ، ولا أَدْري ما المرادُ من شيطانِ عيسى عليه الصلاة والسلام، هل هو القرينُ أم أهواؤهم تتمثل شيطانًا؟ وقد سأَلني بعضُ النَّاس أنه هل يجوزُ عندك إلقاءُ شَبَهِ عيسى عليه الصلاة والسلام على غَيْرِه؟ قلتُ: ليس فيه عندي نَقْل إلَّا عن بني إسرائيل، ولما حُجِر على الشقي التمثُّل به، فجاز أن يُحْجر إلقاءُ شَبَهِه على غيرهم أيضًا. وأما تفسيرُ الآيةِ: {وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} فقد ذكرت مُرادَها، بما يغني عن التَّكرار، فراجع التفصيل في رسالتي «عقيدة الإِسلام»، وحاشيتها «تحية الإِسلام». قوله: (أتاهم ربُّ العالمين في أَدْنَى صُورة) ... إلخ. قد مرَّ معنا في أَوَّل الكتاب أنَّ الرُّؤية (¬1) في المَحْشَر تكون للتجلياتِ دون رؤيةِ الذات، ورؤيةُ التجلياتِ أيضًا تُسمَّى ¬

_ (¬1) أراد به الشيخ توجيه الأحاديث التي يتوهم منها أنها تَرِد عليه، فإِنَّ الظاهر منها رؤيةُ الذَّات عينها، دون رؤية التجليات، فأجاب عنه: أن رؤية التجليات هي المعبر عنها برؤية الذات في حضرته تعالى، كالرؤية في حَقِّ زيد، وعمرو، لا يعنون بها رؤيةَ عَيْنِه، بمعنى ذاتِه المجردة، مع قطع النَّظر عن العوارض، بل العوارضُ اللازمةُ تُعتبر =

9 - باب {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا (41)} [النساء: 41]

برؤية الذات. فإِنَّك ترى زيدًا في لباس، ثُم تقولُ إنَّك رأيتَ زيدًا، ولا تقولُ إنك رأيتَ ثَوْب زيد، فإِنَّ رُؤية كلِّ أحدِ بِحَسَبه، فكذلك الرؤيةُ في اللَّهِ تعالى، عبارةٌ عن رؤيةِ تجلياتِه عند الشيخ الأكبر، فالصورةُ عندي نحو تجلَ، وفَسَّرها الناسُ بالصِّفة؛ قلتُ: كَلَّا، لأنَّ تغيرَها موجودٌ في نصِّ الحديث، أن الله تعالى يأتيهم ثانيًا في صورةٍ يَعْرِفُونها ... إلخ، فلو كان المرادُ من الصورةِ الصِّفَةَ يلزم التَّغَيُّرُ في الصِّفَة، وهو مُحال، فالمراد هو التجلّي، وسنذكرُ بَحْثَ التجلّي في آخِر الكتاب إن شاء الله تعالى، وقد مَرَّ شيئًا أيضًا، فيقول: أنا رَبُّكم، فيه تقديمٌ وتأخير. 9 - باب {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41)} [النساء: 41] المُخْتَالُ وَالخَتَّالُ وَاحِدٌ. {نَطْمِسَ وُجُوهًا} [النساء: 47]: نُسَوِّيَهَا حَتَّى تَعُودَ كَأَقْفَائِهِمْ، طَمَسَ الكِتَابَ مَحَاهُ، {سَعِيرًا} [النساء: 55]: وُقُودًا. 4582 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ يَحْيَى بَعْضُ الْحَدِيثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اقْرَأْ عَلَىَّ». قُلْتُ آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ «فَإِنِّى أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِى». فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى بَلَغْتُ {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ ¬

_ = كالعدمِ في المخاطبات، فَتسمى رؤيةُ الذات معها رؤيةً لِعَين الذاتِ. ثُم تكلَّم على معنى الصورةِ على خلاف ما ذهب إليه عامَّة الشُّرَّاح. وحاصِله أنَّ الصورةَ على معناها، غيرَ أنَّ تلك ليست ثابتة لله تعالى، بل صِفَة للتجلِّي، وهو مخلوقٌ مُنْفصل عن حضرته تعالى. وقد مرَّ أَنَّ التجلي أمورٌ تنصبُ بين العبدِ ورَبِّه، لمعرفةِ اللهِ سبحانه شيئًا، فإِنَّ معرفةَ عينِ الذاتِ مُتعذرَةٌ، والأنظارُ عن التحديقِ إليها كليلةٌ، وسيأتي بَسطه في باب الاستئذان بما يكفي ويَشفِي. قلتُ: والشيخُ الأجَلُّ المجدِّد السَّرْهِنْدي ذَهب إلى رؤيةِ الذاتِ عَيْنِها، وقال بارتفاع الحُجُب بأَسْرِها عن الله سبحانه، حتى رداء الكِبْرياء، وإزارِ العظمةِ أيضًا، ولا رَيْب أنها ظاهِرُ الشرع، وبسطها في مكتوباتِه، فليراجع. واعلم أن ما ذكره الشيخُ قُدِّس سِرُّه في تحقيق حَيِّز جهنَّم والجنة؛ وتجسُّد المعاني، وعدد العوالم، وغيرها من أمور الحقائق كُلِّها من هذا القبيل، فإِن لكلِّ آيةِ ظهرًا وبطنًا، ومَنْ لا يميز بين فَنِّ وفن، يجعل كلًّا منه قَطْعيًا. وقد مرَّ في -كتاب الإِيمان- أن موضوعَ عِلْم الكلام الإِكفارُ بالقطعيات، على خلاف موضوع الفقهاء، فما بالُ موضوعِ أرباب الحقائق، فإِنَّها إما كُشوفٌ، أو خَرْصٌ وظنون، تُقبل إنْ لم تخالف ظَاهِرَ الشرع، وإنما استحسن الخَوْض فيها، لأنَّ مَنْ لا خبرةَ لهم بتلك العُلوم، قد عَجِزوا عن شَرْح كثيرٍ من الأحاديث، ووقعوا في التأويلات البعيدةِ، فإِذا استُعين بها فيها ظهر المقصودُ بدون تأويل، كيف لا! وأنَّ الشَرْع قد تَعرَّض إلى هذه الأبواب أيضًا، فلا يمكن فَهْمُها إلَّا لأرْبابها، وإنما لكل فَنٍّ رجال. وإنما نبهتك على هذه الدقيقةِ، لتقدر منازِلَ المسائل، فتأخذ ما فهمت منها، وتترك ما عَجِزت عن فهمها، ولا تطيل اللسانَ على أرباب العلوم، على جَهْل منك، والله المستعان.

10 - باب قوله {وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط} [النساء: 43]

وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41)} قَالَ «أَمْسِكْ». فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. أطرافه 5049، 5050، 5055، 5056 - تحفة 9402 4582 - قوله: (فإِذا عَيْنَاه تَذْرِفَان) وَجْه البكاء أنه قال: رَبِّ كيف أشهد على مَنْ لم أشاهده كذا في «الفتح». ثم أخرج الحافِظ أحاديثَ عَرْض الأعمال، فَيَحْصُل العِلْمُ إجمالًا. 10 - باب قَوْلِهِ {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43] {صَعِيدًا} [النساء: 43] وَجْهَ الأَرْضِ. وَقالَ جابِرٌ: كَانَتِ الطَّوَاغِيتُ الَّتِي يَتَحَاكَمَونَ إِلَيْهَا: في جُهَيْنَةَ وَاحِدٌ، وَفِي أَسْلَمَ وَاحِدٌ، وَفِي كُلِّ حَيّ وَاحِدٌ، كُهَّانٌ يَنْزِلُ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ. وَقالَ عُمَرُ: الْجِبْتُ السِّحْرُ، وَالطَّاغُوتُ الشَّيْطَانُ. وَقالَ عِكْرِمَةُ: الْجِبِتُ بِلِسَانِ الحَبَشَةِ شَيْطَانٌ، وَالطَّاغُوتُ الْكاهِنُ. 4583 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ هَلَكَتْ قِلاَدَةٌ لأَسْمَاءَ فَبَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى طَلَبِهَا، رِجَالاً فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ وَلَيْسُوا عَلَى وُضُوءٍ. وَلَمْ يَجِدُوا مَاءً، فَصَلَّوْا وَهُمْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ. يَعْنِى آيَةَ التَّيَمُّمِ {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} ذَوِي الأَمْرِ. أطرافه 334، 336، 3672، 3773، 4607، 4608، 5164، 5250، 5882، 6844، 6845 - تحفة 17060 4584 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}. قَالَ نَزَلَتْ فِى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِىٍّ، إِذْ بَعَثَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَرِيَّةٍ. تحفة 5651 وقد تكلَّمنا عليه في التيمم، وأنَّ آيةَ المائدةِ نزلت أولًا عند البخاري، وآيةَ النِّساء عند ابن كثير. ثُم إنَّ الحديثَ الذي أخرجه المصنِّفُ مناسِبٌ للمائدةِ، إلا أنه أخرجه في النِّساء نَظرًا إلى اتحادِ المسألةِ. 11 - باب {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65] 4585 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ خَاصَمَ الزُّبَيْرُ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فِى شَرِيجٍ مِنَ الْحَرَّةِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ». فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ

12 - باب {فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين} [النساء: 69]

أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ فَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ ثُمَّ قَالَ «اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ، ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ». وَاسْتَوْعَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِى صَرِيحِ الْحُكْمِ حِينَ أَحْفَظَهُ الأَنْصَارِىُّ، كَانَ أَشَارَ عَلَيْهِمَا بِأَمْرٍ لَهُمَا فِيهِ سَعَةٌ. قَالَ الزُّبَيْرُ فَمَا أَحْسِبُ هَذِهِ الآيَاتِ إِلَّا نَزَلَتْ فِى ذَلِكَ {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65]. أطرافه 2360، 2361، 2362، 2708 - تحفة 3634 - 58/ 6 12 - باب {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ} [النساء: 69] 4586 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَا مِنْ نَبِىٍّ يَمْرَضُ إِلَّا خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ». وَكَانَ فِى شَكْوَاهُ الَّذِى قُبِضَ فِيهِ أَخَذَتْهُ بُحَّةٌ شَدِيدَةٌ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} [النساء: 69] فَعَلِمْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ. أطرافه 4435، 4436، 4437، 4463، 6348، 6509 - تحفة 16338 وفَسَّره العلماءُ بِتَفْسيرَيْن. فالبيضاويُّ فَسَّره بالحُكَّام. وبَعْضُهم فَسَّره بالعلماء، ولهم على ذلك أَثَرٌ عن ابن مسعود. قال البَيْضَاويُّ: إنَّ العلماءَ ليسوا بِقِسْمٍ مُستقلّ، لكونِهم ناقلين فقط، فهؤلاء قد دخلوا في قوله: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} نعم الحُكَّام قِسْمٌ مُستقلّ، فالتفسيرُ بهم أَوْلى. وعندي (¬1) العلماءُ أيضًا مِن أُولي الأَمْر. وقد أَطال الرَّازي الكلامَ في تفسيره، واستنبط منه الأُصولَ الأربعةَ، أما كتابُ الله والسُّنة فظاهِرٌ، وأما الإِجماع فداخل في قوله: {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}، وأما القياس ففي قوله: {فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} وقد أصاب الرَّازي في ذلك. ومنهم مَنْ أَنْكر كَوْنَ العلماء أُولي الأَمْرِ. قلتُ: كيف وقد أُطْلق عليهم في قوله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} فالعلماءُ أيضًا مِن أولي الأَمْر، وقد مر معناه أنَّ بَعْضَ المباحات قد تصيرُ واجباتٍ بأَمْر الحُكَّام، لكونهم من أُولي الأَمْر، وقد أمرنا بإِطاعتهم أيضًا، إلا أنَّ وجوبَها يَقْتَصِر على زمن وِلايتهم. ¬

_ (¬1) قلتُ: قاد الطحاوي في "مُشْكِل الآثار"، بعدما أخرج الحديث عن عمر: إن المرادَ بالمستنبطين المذكورين في الآية المذكورةِ فيهم، هم أُولو الخَيْر والعِلْم، الذين تُؤخذ منهم أمورُ الدِّين. ثُم أخرج نحوه عن جابر، وعطاء، ومَيْمُون بن مِهْران: أَن أُولي الأَمْر هم أَهْلُ الفِقْه والعِلْم. ثُم نقل حديثًا عن ابن عباس، يدلُّ على أن قوله تعالى: {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} نزل في عبد الله بن حُذَافة، وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثه أميرًا على سَرِيّة، وكذلك رُوي عن أبي هريرة أنهم أُمراءُ السَّرايا، ثُم أجابَ أنَّ أُولي المأمورين بطاعتهم هم مَنْ هذه صِفَتُهم، أي أَهْل الفِقْه والعلم، أمراءَ كانوا أَو غيرَ أمراءَ. انتهى مختصرًا.

13 - باب قوله: {وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء} الآية [النساء: 75]

13 - باب قَوْلُهُ: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ} الآية [النساء: 75] 4587 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ أَنَا وَأُمِّى مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ. أطرافه 1357، 4588، 4597 - تحفة 5864، 5868 أ 4588 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ تَلاَ {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ} [النساء: 98] قَالَ كُنْتُ أَنَا وَأُمِّى مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ. وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {حَصِرَتْ} [النساء: 90] ضَاقَتْ {تَلْوُوا} [النساء: 135] أَلْسِنَتَكُمْ بِالشَّهَادَةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ الْمُرَاغَمُ الْمُهَاجَرُ. رَاغَمْتُ هَاجَرْتُ قَوْمِى. {مَوْقُوتًا} [النساء: 103] مُوَقَّتًا وَقْتَهُ عَلَيْهِمْ. أطرافه 1357، 4587، 4597 - تحفة 5797 والمُسْتَضْعف بحسب التصريف هم الذين ضَعَّفَهم الأعداءُ، فالمعنى: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ} في سبيل اللَّهِ، وفي سبيل المستضعفين، لِتُخَلِّصوهم من أيدي الكُفَّار. 14 - باب {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} [النساء: 88] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَدَّدَهُمْ، فِئَةٌ: جَمَاعَةٌ. 59/ 6 4589 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالاَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أُحُدٍ، وَكَانَ النَّاسُ فِيهِمْ فِرْقَتَيْنِ فَرِيقٌ يَقُولُ اقْتُلْهُمْ. وَفَرِيقٌ يَقُولُ لاَ فَنَزَلَتْ {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} وَقَالَ «إِنَّهَا طَيْبَةُ تَنْفِى الْخَبَثَ كَمَا تَنْفِى النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ». طرفاه 1884، 4050 - تحفة 3727 15 - باب {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ} أيْ أَفشَوْهُ. {يَسْتَنْبِطُونَهُ} [النساء: 83] يَسْتَخْرِجُونَهُ. {حَسِيبًا} [النساء: 86] كافِيًا. {إِلَّا إِنَاثًا} [النساء: 117] يعني المَوَاتَ، حَجَرًا أَوْ مَدَرًا، وَما أَشْبَهَهُ {مَرِيدًا} [النساء: 117] مُتَمَرِّدًا، {فَلَيُبَتِّكُنَّ} [النساء: 119] بَتَّكَهُ قَطَّعَهُ. {قِيلًا} [النساء: 122] وَقَوْلًا وَاحِدٌ. {طَبَعَ} [النساء: 155] خُتِمَ. قوله: (إلا إناثًا، الموات حجرًا، أو مدرًا) وإنما قال لهم: إناثًا، ليكون أكثرهم أسماء المؤنث، غير اللات، فإنه مذكور، إن أخذناه من لات يليت، وإن كانت التاء فيه للتأنيث، كما

16 - باب {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم} [النساء: 93]

في المناة، لكان أيضًا مؤنثًا (¬1). 16 - باب {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93] 4590 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ {آيَةٌ} اخْتَلَفَ فِيهَا أَهْلُ الْكُوفَةِ، فَرَحَلْتُ فِيهَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} هِىَ آخِرُ مَا نَزَلَ وَمَا نَسَخَهَا شَىْءٌ. أطرافه 3855، 4762، 4763، 4764، 4765، 4766 - تحفة 5621 ويُعْلم من «الأَدب المفرد» للبخاري أنَّ ابن عباس لا يقول بالخلودِ حقيقةً، ولكنه قال ما قال سَدًّا للذرائع (¬2). 17 - باب {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء: 94] السِّلْمُ وَالسَّلَمُ وَالسَّلاَمُ وَاحِدٌ. 4591 - حَدَّثَنِى عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}. قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَانَ رَجُلٌ فِى غُنَيْمَةٍ لَهُ فَلَحِقَهُ الْمُسْلِمُونَ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا غُنَيْمَتَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِى ذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ {عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} تِلْكَ الْغُنَيْمَةُ. قَالَ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ السَّلاَمَ. تحفة 5940 18 - باب {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 95] 4592 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِىُّ أَنَّهُ رَأَى مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فِى الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمْلَى عَلَيْهِ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهْوَ يُمِلُّهَا عَلَىَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَوْ أَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ لَجَاهَدْتُ - وَكَانَ ¬

_ (¬1) وقال الحَمَوي فيْ "مُعْجم البلدان": اللَّات يجوزُ أن يكون مِن لاتَ يليته، إذا صَرَفه عن الشيء، كأنهم يريدُون أن تَصْرِف عنهم الشَّرّ، ويجوز أن يكون مِن لات يَليت، وأَلَت في معنى النقص، لت ألت ألحق، أي أحيله. وقيل: وَزْن اللَّات على اللفظ: فعة، والأصل: فعله، لويه، حذفت الياء، فبقيت لوه، وفتحت لمجاورة الياء، وانقلبت الفاء، وهي مشتقة من لويت الشيء إذا أقمت عليه، وقيل: أصلها لوهة، فعلة من لاه السراب يلوه، إذا لمع، وبرق، وقلبت الواو ألفًا لسكونِها، وانفتاح ما قبلها، وحذفوا الهاء لكثرة الاستعمال، واستثقال الجَمْع بين الهاءين، وهو اسم صنم كانت تعبد. اهـ. وراجع أحوال تلك الصَّنم مبسوطة في "المعجم". (¬2) قلت: ونظيرُه ما رُوي عن ابن مسعود في التيمم للجُنُب، وقد كشفَتهُ مكالمتهُ مع أبي موسى، كما مرَّ.

19 - باب {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها} الآية [النساء: 97]

أَعْمَى - فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِى، فَثَقُلَتْ عَلَىَّ حَتَّى خِفْتُ أَنْ تُرَضَّ فَخِذِى، ثُمَّ سُرِّىَ عَنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} طرفه 2832 - تحفة 3739 - 60/ 6 4593 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَيْدًا فَكَتَبَهَا، فَجَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَشَكَا ضَرَارَتَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}. أطرافه 2831، 4594، 4990 - تحفة 1877 4594 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ادْعُوا فُلاَنًا». فَجَاءَهُ وَمَعَهُ الدَّوَاةُ وَاللَّوْحُ أَوِ الْكَتِفُ فَقَالَ «اكْتُبْ لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ». وَخَلْفَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا ضَرِيرٌ. فَنَزَلَتْ مَكَانَهَا {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}. أطرافه 2831، 4593، 4990 - تحفة 1818 4595 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ ح وَحَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْكَرِيمِ أَنَّ مِقْسَمًا مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} عَنْ بَدْرٍ وَالْخَارِجُونَ إِلَى بَدْرٍ. طرفه 3954 - تحفة 6492 قال العلماءُ: وإنَّما نزل قوله: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} لإِيضاح البيانِ، وإلَّا فالقاعِدُ لا يُقال إلا لِمن قعد باختياره، وإنما يقال للمعذُور: المُقْعد، دون القاعد. 19 - باب {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} الآيَة [النساء: 97] 4596 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ وَغَيْرُهُ قَالاَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو الأَسْوَدِ قَالَ قُطِعَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ، فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَخْبَرْتُهُ، فَنَهَانِى عَنْ ذَلِكَ أَشَدَّ النَّهْىِ، ثُمَّ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ يُكَثِّرُونَ سَوَادَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْتِى السَّهْمُ فَيُرْمَى بِهِ، فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ فَيَقْتُلُهُ أَوْ يُضْرَبُ فَيُقْتَلُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: 97] الآيَةَ. رَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ. طرفه 7085 - تحفة 6210 - 61/ 6 20 - باب {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98)} [النساء: 98] 4597 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ

21 - باب {فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم} [النساء: 99]

عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ} قَالَ كَانَتْ أُمِّى مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ. أطرافه 1357، 4587، 4588 - تحفة 5797 21 - باب {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} [النساء: 99] 4598 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الْعِشَاءَ إِذْ قَالَ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ». ثُمَّ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ «اللَّهُمَّ نَجِّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِى رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ نَجِّ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ نَجِّ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ نَجِّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ». أطرافه 797، 804، 1006، 2932، 3386، 4560، 6200، 6393، 6940 تحفة 15370 22 - باب {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ} [النساء: 102] 4599 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - {إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى} قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفِ كَانَ جَرِيحًا. تحفة 5653 ولِمِثْل هذه الآيةِ اعتبر الشافعيُّ المَطَرَ، والمَرَض عُذْرَين في الجَمْع بين الصلاتَيْن، وغيرِه. 23 - باب قَوْلِهِ: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ} [النساء: 127] 4600 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} إِلَى قَوْلِهِ {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ}. قَالَتْ هُوَ الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ الْيَتِيمَةُ، هُوَ وَلِيُّهَا وَوَارِثُهَا، فَأَشْرَكَتْهُ فِى مَالِهِ حَتَّى فِى الْعِذْقِ، فَيَرْغَبُ أَنْ يَنْكِحَهَا، وَيَكْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا رَجُلاً، فَيَشْرَكُهُ فِى مَالِهِ بِمَا شَرِكَتْهُ فَيَعْضُلَهَا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {شِقَاقَ} [النساء: 35] تَفَاسُدٌ. أطرافه 2494، 2763، 4573، 4574، 5064، 5092، 5098، 5128، 5131، 5140، 6965 - تحفة 16817 - 62/ 6 24 - باب {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} [النساء: 128] هَوَاهُ فِى الشَّىْءِ يَحْرِصُ عَلَيْهِ. {كَالْمُعَلَّقَةِ} [النساء: 129] لاَ هِىَ أَيِّمٌ، وَلاَ ذَاتُ زَوْجٍ. {نُشُوزًا} بُغْضًا. 4601 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ

25 - باب {إن المنافقين في الدرك الأسفل} [النساء: 145]

أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء: 128]. قَالَتِ الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ الْمَرْأَةُ لَيْسَ بِمُسْتَكْثِرٍ مِنْهَا يُرِيدُ أَنْ يُفَارِقَهَا فَتَقُولُ أَجْعَلُكَ مِنْ شَأْنِى فِى حِلٍّ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِى ذَلِكَ. أطرافه 2450، 2694، 5206 - تحفة 16971 25 - باب {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ} [النساء: 145] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَسْفَلَ النَّارِ، {نَفَقًا} [الأنعام: 35] سَرَبًا. 4602 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ كُنَّا فِى حَلْقَةِ عَبْدِ اللَّهِ فَجَاءَ حُذَيْفَةُ حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ لَقَدْ أُنْزِلَ النِّفَاقُ عَلَى قَوْمٍ خَيْرٍ مِنْكُمْ. قَالَ الأَسْوَدُ سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: 145] فَتَبَسَّمَ عَبْدُ اللَّهِ، وَجَلَسَ حُذَيْفَةُ فِى نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ فَتَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ، فَرَمَانِى بِالْحَصَا، فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ حُذَيْفَةُ عَجِبْتُ مِنْ ضَحِكِهِ، وَقَدْ عَرَفَ مَا قُلْتُ، لَقَدْ أُنْزِلَ النِّفَاقُ عَلَى قَوْمٍ كَانُوا خَيْرًا مِنْكُمْ، ثُمَّ تَابُوا فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. تحفة 3302 4602 - قوله: (لقد أُنْزِل النِّفَاق) ... إلخ. ليس تعريضًا إلى أَحَد. قوله: (كنَّا في حَلَقةِ عَبْدِ اللَّهِ) نُقِل عن عليَ أنه قال: لو عَلِمْتُ رَجُلًا أَعْلمَ بالكتاب مني لضربتُ إليه أكبادَ الإبل، ولكن لا أَعْلَمُه، اللهم إلَّا أن يكون ابنَ أُمِّ عَبْد. 26 - باب قَوْلِهِ {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ} إِلَى قَوْلِهِ {وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163)} [النساء: 163] 4603 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى الأَعْمَشُ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا يَنْبَغِى لأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى». طرفاه 3412، 4804 - تحفة 9266 4604 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا هِلاَلٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى فَقَدْ كَذَبَ». أطرافه 3415، 3416، 4631، 4805 - تحفة 14234 - 63/ 6 27 - باب {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: 176] وَالكَلاَلَةُ: مَنْ لَمْ يَرِثْهُ أَبٌ أَوِ ابْنٌ، وَهُوَ مَصْدَرٌ، مِنْ تَكَلَّلَهُ النَّسَبُ. 4605 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ

5 - سورة المائدة

- رضى الله عنه - قَالَ آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ {بَرَاءَةٌ}، وَآخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ {يَسْتَفْتُونَكَ} أطرافه 4364، 4654، 6744 تحفة 1870 الكَلالةُ في اللغة التعب "تهك جانا"، والمرادُ منه المُوَرِّث الذي ليس له وَارِثٌ من أصوله وفروعه، أو الوارِثُ الذي يكون على تلك الشاكلةِ، فلا يكونُ له غيرُ الحواشي. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 5 - سورة الْمَائِدَةِ 1 - باب {حُرُمٌ} [المائدة: 1] وَاحِدُهَا حَرَامٌ. {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} [المائدة: 13]: بِنَقْضِهِمْ. {الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ} [المائدة: 21] جَعَلَ اللَّهُ. {تَبُوءَ} [المائدة: 29] تَحْمِلَ. {دَائِرَةٌ} [المائدة: 52] دَوْلَةٌ. وَقالَ غَيرُهُ: الإِغْرَاءُ التَّسْلِيطُ. {أُجُورَهُنَّ} [المائدة: 5] مُهُورَهُنَّ. قالَ سُفيَانُ: مَا فِي القُرْآنِ آيَةٌ أشَدُّ عَلَيَّ مِنْ: {لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [المائدة: 68]. مَخْمَصَةٌ مَجَاعَةٌ. {وَمَنْ أَحْيَاهَا} [المائدة: 32] يَعْنِي مَنْ حَرَّمَ قَتْلَها إِلَّا بِحَقَ حَيِيَ النَّاسُ مِنْهُ جَمِيعًا. {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48] سَبِيلًا وَسُنَّةً. فَإنْ عُثِرَ: ظَهَرَ. الأَوْلَيانِ: واحِدُهُما أَوْلى. قوله: (قال سفيان: ما في القرآن آيةٌ أَشَدُّ عليّ من: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ}) وذلك لأنه زَعَم أنه خِطابٌ للمسلمين، وأنهم مأمُورُون بالعملِ بالتوراةِ أيضًا إلا ما نَهَى عنه. وقال المفسِّرُون: إنه خطابٌ لأَهْل الكتاب، وحاصِله أنكم زعمتُم الإِيمانَ بالتوراةِ والإِنجيلِ كافيًا لِنَجاتِكم، كلَّا حتى تُؤمنوا بما أُنزل إليكم مِن القرآنِ أيضًا. 2 - باب قَوْلِهِ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مَخْمَصَةٍ} [المائدة: 3] مَجَاعَةٌ. 4606 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَتِ الْيَهُودُ لِعُمَرَ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ آيَةً لَوْ نَزَلَتْ فِينَا لاَتَّخَذْنَاهَا عِيدًا. فَقَالَ عُمَرُ إِنِّى لأَعْلَمُ حَيْثُ أُنْزِلَتْ، وَأَيْنَ أُنْزِلَتْ، وَأَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أُنْزِلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَإِنَّا وَاللَّهِ بِعَرَفَةَ - قَالَ سُفْيَانُ وَأَشُكُّ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَمْ لاَ - {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}. أطرافه 45، 4407، 7268 - تحفة 10468

3 - باب قوله {فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا} [المائدة: 6]

3 - باب قَوْلِهِ {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6] تَيَمَّمُوا: تَعَمَّدُوا. {آمِّينَ} [المائدة: 2] عامِدِينَ، أَمَّمْتُ وَتَيَمَّمْتُ وَاحِدٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَامَسْتُمُ} [النساء: 43] وَ {تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 236 - 237 والأحزاب: 49] وَ {اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23]، وَالإِفضَاءُ: النِّكاحُ. 4607 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِى، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْتِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالُوا أَلاَ تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِالنَّاسِ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِى قَدْ نَامَ، فَقَالَ حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ قَالَتْ عَائِشَةُ فَعَاتَبَنِى أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، وَجَعَلَ يَطْعُنُنِى بِيَدِهِ فِى خَاصِرَتِى، وَلاَ يَمْنَعُنِى مِنَ التَّحَرُّكِ إِلاَّ مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى فَخِذِى، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ مَا هِىَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِى بَكْرٍ. قَالَتْ فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِى كُنْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا الْعِقْدُ تَحْتَهُ. أطرافه 334، 336، 3672، 3773، 4583، 4608، 5164، 5250، 5882، 6844، 6845 - تحفة 17519 - 64/ 6 4608 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - سَقَطَتْ قِلاَدَةٌ لِى بِالْبَيْدَاءِ وَنَحْنُ دَاخِلُونَ الْمَدِينَةَ، فَأَنَاخَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَزَلَ، فَثَنَى رَأْسَهُ فِى حَجْرِى رَاقِدًا، أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَكَزَنِى لَكْزَةً شَدِيدَةً وَقَالَ حَبَسْتِ النَّاسَ فِى قِلاَدَةٍ. فَبِى الْمَوْتُ لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ أَوْجَعَنِى، ثُمَّ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَيْقَظَ وَحَضَرَتِ الصُّبْحُ فَالْتُمِسَ الْمَاءُ فَلَمْ يُوجَدْ فَنَزَلَتْ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 6] الآيَةَ. فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ لَقَدْ بَارَكَ اللَّهُ لِلنَّاسِ فِيكُمْ يَا آلَ أَبِى بَكْرٍ، مَا أَنْتُمْ إِلاَّ بَرَكَةٌ لَهُمْ. أطرافه 334، 336، 3672، 3773، 4583، 4607، 5164، 5250، 5882، 6844، 6845 تحفة 17509 4 - باب قَوْلِهِ {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24] 4609 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مُخَارِقٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ شَهِدْتُ مِنَ الْمِقْدَادِ ح وَحَدَّثَنِى حَمْدَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ حَدَّثَنَا الأَشْجَعِىُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُخَارِقٍ عَنْ طَارِقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ الْمِقْدَادُ يَوْمَ بَدْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لاَ نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ

5 - باب {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا} إلى قوله: {أو ينفوا من الأرض} [المائدة: 33]

لِمُوسَى {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} وَلَكِنِ امْضِ وَنَحْنُ مَعَكَ. فَكَأَنَّهُ سُرِّىَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَرَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُخَارِقٍ عَنْ طَارِقٍ أَنَّ الْمِقْدَادَ قَالَ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3952 - تحفة 9318 - 65/ 6 5 - باب {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} إِلَى قَوْلِهِ: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: 33] المُحَارَبَةُ لِلَّهِ: الكُفرُ بِهِ. 4610 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنِى سَلْمَانُ أَبُو رَجَاءٍ مَوْلَى أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا خَلْفَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَذَكَرُوا وَذَكَرُوا فَقَالُوا وَقَالُوا قَدْ أَقَادَتْ بِهَا الْخُلَفَاءُ، فَالْتَفَتَ إِلَى أَبِى قِلاَبَةَ وَهْوَ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَقَالَ مَا تَقُولُ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ أَوْ قَالَ مَا تَقُولُ يَا أَبَا قِلاَبَةَ قُلْتُ مَا عَلِمْتُ نَفْسًا حَلَّ قَتْلُهَا فِى الإِسْلاَمِ إِلاَّ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ، أَوْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ بِكَذَا وَكَذَا. قُلْتُ إِيَّاىَ حَدَّثَ أَنَسٌ قَالَ قَدِمَ قَوْمٌ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَكَلَّمُوهُ فَقَالُوا قَدِ اسْتَوْخَمْنَا هَذِهِ الأَرْضَ. فَقَالَ «هَذِهِ نَعَمٌ لَنَا تَخْرُجُ، فَاخْرُجُوا فِيهَا، فَاشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا». فَخَرَجُوا فِيهَا فَشَرِبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا وَاسْتَصَحُّوا، وَمَالُوا عَلَى الرَّاعِى فَقَتَلُوهُ، وَاطَّرَدُوا النَّعَمَ، فَمَا يُسْتَبْطَأُ مِنْ هَؤُلاَءِ قَتَلُوا النَّفْسَ وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَخَوَّفُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ. فَقُلْتُ تَتَّهِمُنِى قَالَ حَدَّثَنَا بِهَذَا أَنَسٌ. قَالَ وَقَالَ يَا أَهْلَ كَذَا إِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا أُبْقِىَ هَذَا فِيكُمْ أَوْ مِثْلُ هَذَا. أطرافه 233، 1501، 3018، 4192، 4193، 5685، 5686، 5727، 6802، 6803، 6804، 6805، 6899 - تحفة 945 وأكثرُ العلماءِ إلى أنَّ الآيةَ في قُطَّاع الطريقِ، والبُغاة، سواء كانوا مُسْلمين، أو كافرين، مع اتفاقِهم على أَنَّها نَزلت في العُرَنِيِّين، وكانوا كافرين. وذلك لأَنَّهم فَهِموا أن النصَّ إذا لم يَأخذ الكُفْر في العنوان، بل أدار الحُكْمَ على تلك الجرائمِ، فينبغي أنْ يُناط بها الحُكْم أيضًا، دون خُصوص الكُفْر. وحَمَلها البخاريُّ على الكُفْر والارتداد، وقد نبهناك في الإِيمان أنَّ النَّظر يَتردَّد في مِثْله، فمنهم مَنْ ينظر إلى المَوْرِدِ، ومنهم مَنْ ينظر إلى ألفاظِ النَّص. فظاهِرُ النصِّ يفيدُ الحنفيةَ في مسألة كَوْنِ الحدودِ كَفَّاراتٍ، فإِنَّ الله سبحانه أَرْصَد لهم عذابَ الآخِرة، مع إقامةِ الحدِّ عليهم، فَعُلِم أنها ليست بكفاراتٍ، وإنْ راعينا أنَّ الآيةَ في حَقِّ الكفار خرجت عما نَحْنُ فيه، فإِنَّ المسألة في حَقِّ المؤمنين، أما في حَقِّ الكُفّار، فلم يذهب أحدٌ إلى كَوْنِها مكفِّرَاتٍ في حَقِّهم. وقد بَسَطنا الكلامَ مع ماله وعليه في الإِيمان.

6 - باب قوله {والجروح قصاص} [المائدة: 45]

قوله: (أنْ يُقَتَّلُوا، أو يُصَلَّبوا) ... إلخ. فللإِمام أربعُ اختياراتٍ فيهم، وزاد في «الكنز» اثنين آخَرَين، فالمجموعَ ست، والأَكْثر في الشَّرْع القَتْل أوّلًا، ثُم الصَّلْب. 6 - باب قَوْلِهِ {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] 4611 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا الْفَزَارِىُّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَسَرَتِ الرُّبَيِّعُ - وَهْىَ عَمَّةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَطَلَبَ الْقَوْمُ الْقِصَاصَ، فَأَتَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْقِصَاصِ. فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ لاَ وَاللَّهِ لاَ تُكْسَرْ سِنُّهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ». فَرَضِىَ الْقَوْمُ وَقَبِلُوا الأَرْشَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ». أطرافه 2703، 2806، 4499، 4500، 6894 - تحفة 766، 565 أ - 66/ 6 فالقِصاصُ في بعض الجُروح عندنا أيضًا. وراجع له القُدُوري. 7 - باب {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67] 4612 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - كَتَمَ شَيْئًا مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَقَدْ كَذَبَ، وَاللَّهُ يَقُولُ {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} الآيَةَ. أطرافه 3234، 3235، 4855، 7380، 7531 - تحفة 17613 8 - باب قَوْلِهِ: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [المائدة: 89] 4613 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنِ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} فِى قَوْلِ الرَّجُلِ لاَ وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ. طرفه 6663 - تحفة 17177 4614 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ أَبَاهَا كَانَ لاَ يَحْنَثُ فِى يَمِينٍ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ لاَ أَرَى يَمِينًا أُرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلاَّ قَبِلْتُ رُخْصَةَ اللَّهِ، وَفَعَلْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ. طرفه 6621 - تحفة 17255 واليمينُ عندنا: مُنْعقِدةٌ. وغَمُوسٌ، ولَغْوٌ. فإِنْ كان على أَمْر ماضٍ كاذبًا عمدًا، فهو غموسٌ، وإلَّا فهو لَغْو، وليس من أحكامِهما البَرُّ، والحِنْثُ. واللغو عند الشافعية: ما يَسْبِقُ على اللسان مِن قولهم: لا والله، بلى والله، كما في روايةِ عائشةَ، وعَمَّمه الشيخُ في «فتح القدير» فدخل تفسيرُهم أيضًا في تفسيرنا.

9 - باب قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم} [المائدة: 87]

9 - باب قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: 87] 4615 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه قَالَ كُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَيْسَ مَعَنَا نِسَاءٌ فَقُلْنَا أَلاَ نَخْتَصِى فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ، فَرَخَّصَ لَنَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ نَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ بِالثَّوْبِ، ثُمَّ قَرَأَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ}. طرفاه 5071، 5075 - تحفة 9538 4615 - قوله: (فَرَخَّص لنا بعد ذلك أَنْ نتزوَّجَ المرأةَ بالثَّوْب) هذا الذي كنتُ أقوله: إن المتعةَ بالمعنى المشهور لم تُشْرع في الإِسلام قط، وإنما كان النِّكاح بمهرٍ قليل، مع إضمارِ الفُرْقة في النَّفْس، أُبيح لهم أَوَّلًا، ثُم نُسِخ، فلا فرق في الصورةِ، كما هو صريحٌ في رواية ابنِ مسعودٍ هذه. 10 - باب قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [المائدة: 90] وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الأَزْلاَمُ: القِدَاحُ يَقْتَسِمُونَ بِهَا في الأُمُورِ، وَالنُّصُبُ: أَنْصَابٌ يَذْبَحُونَ عَلَيهَا. وَقالَ غَيرُهُ: الزَّلَمُ: القِدْحُ لاَ رِيشَ لَهُ، وَهُوَ وَاحِدُ الأَزْلاَمِ، وَالاِسْتِقْسَامُ: أَنْ يُجِيلَ القِدَاحَ، فَإِنْ نَهَتْهُ انْتَهى، وَإِنْ أَمَرَتْهُ فَعَلَ مَا تَأْمُرُهُ، وَقَدْ أَعْلَمُوا القِدَاحَ أَعْلاَمًا، بِضُرُوبٍ يَسْتَقْسِمُونَ بِهَا، وَفَعَلتُ مِنْهُ قَسَمْتُ، وَالقُسُومُ المَصْدَرُ. 4616 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَإِنَّ فِى الْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ لَخَمْسَةَ أَشْرِبَةٍ، مَا فِيهَا شَرَابُ الْعِنَبِ. طرفه 5579 - تحفة 7771 4617 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - مَا كَانَ لَنَا خَمْرٌ غَيْرُ فَضِيخِكُمْ هَذَا الَّذِى تُسَمُّونَهُ الْفَضِيخَ. فَإِنِّى لَقَائِمٌ أَسْقِى أَبَا طَلْحَةَ وَفُلاَنًا وَفُلاَنًا إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ وَهَلْ بَلَغَكُمُ الْخَبَرُ فَقَالُوا وَمَا ذَاكَ قَالَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ. قَالُوا أَهْرِقْ هَذِهِ الْقِلاَلَ يَا أَنَسُ. قَالَ فَمَا سَأَلُوا عَنْهَا وَلاَ رَاجَعُوهَا بَعْدَ خَبَرِ الرَّجُلِ. أطرافه 2464، 4620، 5580، 5582، 5583، 5584، 5600، 5622، 7253 تحفة 1001 4618 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ قَالَ صَبَّحَ أُنَاسٌ غَدَاةَ أُحُدٍ الْخَمْرَ فَقُتِلُوا مِنْ يَوْمِهِمْ جَمِيعًا شُهَدَاءَ، وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِهَا. طرفاه 2815، 4044 - تحفة 2543

11 - باب {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا} إلى قوله: {والله يحب المحسنين} [المائدة: 93]

4619 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِىُّ أَخْبَرَنَا عِيسَى وَابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِى حَيَّانَ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ - رضى الله عنه - عَلَى مِنْبَرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهْىَ مِنْ خَمْسَةٍ، مِنَ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْعَسَلِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ، وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ. أطرافه 5581، 5588، 5589، 7337 - تحفة 10538 قوله: ({النُّصُبِ}) (¬1) أَنْصَاب يَذْبحون عليها. واعلم أنَّ ترجمته في الهندية ليست الأوثان. "بت"، بل هي عبارةٌ عن أحجارٍ كانوا يذبحون عليها الحيواناتِ لغيرِ الله، وكانت حَوْل البيت أحجارٌ يَذْبحون عندها، فَيَصُبُّون عليها دماءَ الذبائح، وترجمه الشاه عبد القادر "تهان" وتقول الهنودُ مكانَ حَرْقِ أمواتهم: "استهان". 4616 - قوله: (نَزَلَ تحريمُ الخَمْر) ... إلخ. هذا صريحٌ في مذهب الجُمْهور، وادَّعى الحنفيةُ أنَّ خَمْر العِنَب كانت فيهم أيضًا، إلا أنها كانت قليلةً جدًا، والخَمْر عندهم مختصَّةٌ بِخَمْر العِنَب. 11 - باب {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} إِلَى قَوْلِهِ: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة: 93] 4620 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ الْخَمْرَ الَّتِى أُهْرِيقَتِ الْفَضِيخُ. وَزَادَنِى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِى النُّعْمَانِ قَالَ كُنْتُ سَاقِىَ الْقَوْمِ فِى مَنْزِلِ أَبِى طَلْحَةَ فَنَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى. فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ اخْرُجْ فَانْظُرْ مَا هَذَا الصَّوْتُ قَالَ فَخَرَجْتُ فَقُلْتُ هَذَا مُنَادٍ يُنَادِى أَلاَ إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ. فَقَالَ لِى اذْهَبْ فَأَهْرِقْهَا. قَالَ فَجَرَتْ فِى سِكَكِ الْمَدِينَةِ. قَالَ وَكَانَتْ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الْفَضِيخَ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ قُتِلَ قَوْمٌ وَهْىَ فِى بُطُونِهِمْ قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا}. أطرافه 2464، 4617، 5580، 5582، 5583، 5584، 5600، 5622، 7253 تحفة 292 - 68/ 6 12 - باب قَوْلِهِ: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] 4621 - حَدَّثَنَا مُنْذِرُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَارُودِىُّ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ، قَالَ «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا». قَالَ فَغَطَّى ¬

_ (¬1) هكذا ذكر في العيني، وقد مَرَّ نَصُّه، فراجعه في "عُمْدة القاري".

13 - باب {ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام} [المائدة: 103] {وإذ قال الله} [المائدة: 116] يقول قال الله. {وإذ} ها هنا صلة.

أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وُجُوهَهُمْ لَهُمْ خَنِينٌ، فَقَالَ رَجُلٌ مَنْ أَبِى قَالَ فُلاَنٌ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}. رَوَاهُ النَّضْرُ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ شُعْبَةَ. أطرافه 93، 540، 749، 6362، 6468، 6486، 7089، 7090، 7091، 7294، 7295 - تحفة 1608 4622 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتِهْزَاءً، فَيَقُولُ الرَّجُلُ مَنْ أَبِى وَيَقُولُ الرَّجُلُ تَضِلُّ نَاقَتُهُ أَيْنَ نَاقَتِى فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ هَذِهِ الآيَةَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} حَتَّى فَرَغَ مِنَ الآيَةِ كُلِّهَا. تحفة 5411 13 - باب {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} [المائدة: 103] {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ} [المائدة: 116] يَقُولُ قَالَ اللَّهُ. {وَإِذْ} هَا هُنَا صِلَةٌ. الْمَائِدَةُ: أَصْلُهَا مَفْعُولَةٌ، كَعِيشَةٍ رَاضِيَةٍ، وَتَطْلِيقَةٍ بَائِنَةٍ، وَالْمَعْنَى: مِيدَ بِهَا صَاحِبُهَا مِنْ خَيْرٍ، يُقَالُ مَادَنِى يَمِيدُنِى. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {مُتَوَفِّيكَ} [آل عمران: 55] مُمِيتُكَ. 4623 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ الْبَحِيرَةُ الَّتِى يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ فَلاَ يَحْلُبُهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ. وَالسَّائِبَةُ كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لآلِهَتِهِمْ لاَ يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَىْءٌ. قَالَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِىَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِى النَّارِ، كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ». وَالْوَصِيلَةُ النَّاقَةُ الْبِكْرُ تُبَكِّرُ فِى أَوَّلِ نِتَاجِ الإِبِلِ، ثُمَّ تُثَنِّى بَعْدُ بِأُنْثَى. وَكَانُوا يُسَيِّبُونَهُمْ لِطَوَاغِيتِهِمْ إِنْ وَصَلَتْ إِحْدَاهُمَا بِالأُخْرَى لَيْسَ بَيْنَهُمَا ذَكَرٌ. وَالْحَامِ فَحْلُ الإِبِلِ يَضْرِبُ الضِّرَابَ الْمَعْدُودَ، فَإِذَا قَضَى ضِرَابَهُ وَدَعُوهُ لِلطَّوَاغِيتِ وَأَعْفَوْهُ مِنَ الْحَمْلِ فَلَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ شَىْءٌ وَسَمَّوْهُ الْحَامِىَ. وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ سَمِعْتُ سَعِيدًا قَالَ يُخْبِرُهُ بِهَذَا قَالَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ. وَرَوَاهُ ابْنُ الْهَادِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -.طرفه 3521 - تحفة 13177، 18726 - 69/ 6 4624 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى يَعْقُوبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْكَرْمَانِىُّ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «رَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَرَأَيْتُ عَمْرًا يَجُرُّ قُصْبَهُ، وَهْوَ أَوَّلُ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ». أطرافه 1044، 1046، 1047، 1050، 1056، 1058، 1064، 1065، 1066، 1212، 3203، 5221، 6631 - تحفة 16717 قوله: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يقولُ: قال الله، «وإذ» ها هنا صِلَةٌ) أي زائدةٌ، وهذا لفظ

أبي عبيدة بِعَيْنه، ولما لم يظهَر له فيه وَجْه، جعله صِلَةً. وقد تكلمنا عليه في رسالتنا: «عقيدة الإِسلام» (¬1). قوله: ({المائدة أَصْلُها مفعولةٌ) ... إلخ. قلتُ: ولو جعلته الفاعل ذي كذا، لتخلَّصت من التأويل، فإنَّه يُبْنَى من الجامد أيضًا. قوله: (وقال ابنُ عَبَّاس: {مُتَوَفّيكَ} [آل عمران: 55] مُمِيتُك) (¬2). واعلم أنه ليس في نَقْلٍ إسلامي أن عيسى عليه الصلاة والسلام أُمِيتَ، ثُم رُفِع، غير أنه يُرْوى عن وَهْب ¬

_ (¬1) ومُلَخَّصه أن "إذ" ههنا ليست زائدة، بل هي لاستحضار صورةِ الواقعة، وهو قد يكون بتعبير الشيء الماضي بصيغةِ المستقبل، وسَمَّوه حكايةَ الحال، والاستحضار، وينشدون فيه قوله: فَمَنْ يُنْكِر وجودَ الغول منكم، ... أخبر عن يقين، بل عيان بأني قد لقيت الغول تهوى، ... بسهب، كالصحيفة صحصحان فأضربه فأدهشه، فخرت ... صريعًا لليدين، وللجران فقوله: فأضربه، وأدهشه أخرج بصيغة الحال، مع كونِه ماضيًا استحضارًا لتلك الصورةِ عند المخاطب فكأنَّه فرض ما كان قد مضى واقِعًا الآن عند المخاطَب، وعَبَّر عنه بما يُعبِّر عنه الحال الحاضر رعايةً لذلك المعنى، وقد يكون ذلك الاستحضار بتعبير المستقبل بصيغة الماضي، ولذلك الاستحضار تُستعمل لفظ "إذ" وليس الأَمْر كما فَهِمه النُّحاة، أنَّ حَرْف الشَّرْط يَقْلِبُ الماضي مستقبلًا، بل مُؤدَّاه أنه إذا دخل على الماضي أفاد الاستحضارَ، بمعنى تصوير المستقبل ماضيًا عندك. وتوضيحُه أن ذلك التصوير في الماضي إنما يتأتَّى بِفَرْض الواقع في الزمان الحال، وفيما قلنا يَحصُل بِفَرْض المتكلِّم نَفسِه في الزمان الماضي، كأنك عنده، وتشاهد هناك ما وقع ماضيًا ومستقبلًا. وتفصيلُه أن الواقع المستقبل قد يكون مُمتدًا، ينقضي شيئًا فشيئًا، جزءً فجزءً، فهذه الجملةً وإن كانت في المستقبل، إلا أن بَعضَ أجزائه ماضٍ بالنسبةِ إلى ما قَبله، وبَعض أجزائه مستقبل بالنسبة إلى ما بعده لا محالة. فأنت إذا تريدُ أن تستحضرَ هذا التقضي، والمُضِي، والاستقبال بين أجزائه عند المخاطَب، تعتبره كأنه في الزمان الماضي يشاهده، فتستعمل صيغةَ الماضي لما هو ماضٍ عند ذاك، وفي معاينتك الفرضيةِ تلك، وإنْ كان جميعُه مستقبلًا بالنظر إلى الواقع، وهذا كَقَولك: سيجيءُ زيدٌ عندك غدًا، فإِذا جاءك، فرحِّب به وأكرمه. فيجيءُ زيدٌ. وإنْ كان مترقَّبًا واقعًا في الغد، إلا أنك صَورت المخاطَب قائمًا في المستقبل، وتريدُ أنه إذا وقع مجيئه في المستقبل ومضى؛ ماذا عليك بعده، وهو الإِكرام مَثَلًا، تلقى عليه ما ستقع في صورةِ الماضي، لكونه ماضيًا إذ ذاك، فليس أن الماضي انقلب إلى معنى الاستقبال، ولكنك اتقلت من الحال إلى زمنِ الاستقبال، فيما تشاهدُ هناك ماضيًا لا يعبَّر عنه إلَّا بالماضي. ومحصَّل الكلام أن الأجزاء المتأخرة في المستقبل ماضيةٌ بالنسبة إلى الأجزاء المتقدِّمة بلا مِرْية، فيعبر عنها بالمُضِي لا محالة، لعبرتك المُضي، والاستقبال هناك، باعتبار تقصي تلك الأجزاء، وإن كانت جملتها مستقبلة باعتبار وقوعها في الخارج. وقد تَنبَّه له ابنُ الحاجب في قولهم: سِرت، حتى أدخلَ البلد. بصيغةِ المضارع، وقال: إنَّ الدخولَ مستقبلٌ بالنسبةِ إلى السَّير، وإن لم يكن بالنسبةِ إلى زمن المتكلم، ولكنه لم يتنبَّه له هو ولا غيره فيما قلنا، هذا ما فهمته، وراجع الأمثلة مع البسط في الرسالة. (¬2) قلتُ: وكنتُ مُتَحَيِّرًا فيه، فإِنَّ قوله: {مُتَوَفّيكَ} ليس في المائدة، فمن أين هذا التفسير؟ فرأيت في "الفتح"، قال الحافظ: هذه اللفظةُ إنما هي في سورة آل عمران، فكأن بعضَ الرواةِ ظَنَّها من سورة المائدة فكتبها فيها، أو ذَكَرها المصنِّف ههنا لمناسبةِ قوله: في هذه السورة: {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي} ... إلخ. وحينئذٍ زال القَلَقُ.

فائدة

بن مُنبِّه، فعلم أنهم أخذوه من النقول القديمة، نعم قاله تابعيُّ من المسلمين أيضًا. وقد ثبت عنه بأسانيدَ أصحَّ منه تفسيرُ: {مُتَوَفِّيكَ} برافِعِك إلى السماء. ولَئن سلّمناه، ففيه تقديمٌ وتأخيرٌ، فالمذكور مُقدَّمًا ذِكْرًا، مُؤخّرٌ صِدْقًا، كما قرره الزمخرشيُّ في قوله تعالى: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: 43] حيث ذَكَر فيه السجودَ مقدَّمًا على الركوعِ، مع كَوْنه مؤخَّرًا في الواقع، فقال: إنَّ السجودَ لم يكن في صلاتهم، فأَمَرها به، ثُم أَرْدَفه بأَمْر الركوع قَبْلَه، لئلا يُتوهّم الاقتصارُ على السجود. والمعنى أن اسجدي واركعي قَبْله أيضًا. فهكذا قوله: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} [آل عمران: 55] أي الآن، {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55] قَبْلَه أيضًا، وهو معنى الواو عندي. ثم إنك قد عَلِمت أن التَّوفِّي مُستعملٌ فيما وُضِع له عند القرآنِ، وكِنايةٌ عند البُلَغاء الذين أدركوا العَلاقةَ، ومجازٌ متفرِّعٌ على الكنايةِ عند العوام. فإِنَّ اللفظ إذا اشتهر في معنى آخَر، وصارت العلاقةُ نَسْيًا مَنْسيًّا، يقال له: المجازُ المتفرِّع على الكناية. زعم القاديان - لعنه الله - أنَّ الإِمام البخاريَّ أخذ تفسيرَ ابن عباس إِشارةً إلى وفاة عيسى عليه الصلاة والسلام - قَاتَلَهُ اللَّهُ - ما أكثرَ افتراءه على السَّلف. أما عَلِم أنه أَخَذ تفسيرَه من «مجاز القرآن»، فنقله بما فيه، بدون جُنوح إلى جُرْح وقَدْح، ثُم إنَّه لم يُوفّق لأنْ ينظر أنه جعل «إذ» للاستقبال، فكيف يذهب إلى الوفاةِ، ونحو هذه الخرافاتِ، أَغْنى عن الردِّ. 4623 - قوله: (رأَيتُ عَمْرَو بنَ عامِر) ... إلخ. ويقال له: عَمْرو بن لحيّ، قيل: إنَّه أَوَّلُ مَنْ أَفْسد الدِّينَ الإِبراهيمي، وهو مَنْ أتى بِهُبل من العراقِ. قوله: (الوَصِيلَةُ: النَّاقة البِكْرُ، تُبَكِّرُ في أَوَّلِ نِتَاجِ الإِبلِ، ثُم تُثَنِّي بَعْدُ بأُنْثَى) أي وهي النَّاقة التي تَلِد بأنثيين، ولا يكون بينهما ذَكَر. قوله: (والحَام) قيل: إنَّه مِن الحَامِي، وهو الذي يُحْمَى عن حَمْل الأَثقال. فلا أَدْرِي هل أَجْرُوا عليه مسألةَ الترخيم، أو ماذا؟ وقُرىء بالضمِّ أيضًا، والحام أيضًا، ولا يَصِحُّ فيه التخريجُ المَذْكُور أَصْلًا. فائدة: واعلم أنَّ الإِهلالَ لغيرِ الله تعالى، وإنْ كان فِعْلًا حرامًا، لكنَّ الحيوانَ المهل حلالٌ إنْ ذَكَّاه بشرائطه، وكذا الحُلْوان التي يُتقرَّبُ بها للأوثان أيضًا جائزةٌ على الأَصْل. أما السَّوائب، فتكلَّموا فيها أنها تَخْرُج بعد التقرُّب من مِلْك صاحِبها، أو لا؟ فراجعه في الفِقْه. 4625 - قوله: (إنَّ أَوَّل الخَلاَئِقِ يُكْسى) ... إلخ، واختصَّ إبراهيمُ عليه الصلاة والسلام بالكُسوة أوَّلًا، لأَنَّه أَوَّلُ مَنْ جُرِّد في سبيل الله، واستثنى موسى عليه الصلاة

14 - باب {وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد} [المائدة: 117]

والسلام من الصَّعْقَة، لأَنَّه جُوزي بِصَعْقَة الطُّور، وحُفِظ عيسى عليه الصلاة والسلام من نَزْغَة الشيطانِ عَقِب الولادةِ للدُّعاء، حيث قال: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36]. ثُم إنَّ الحافظ أَتَى (¬1) بروايةٍ تدُلُّ على أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أيضًا يُكْسى معه أو قَبْلَه، ولكنه لم يأتِ في المسّ بروايةٍ، فتلك أنبياءُ اللَّهِ تعالى على خصائصهم، ومنازِلهم عند اللَّهِ. قوله: (فيُؤْخَذُ بهم ذَاتَ الشمَال) وهؤلاء عندي (¬2) كلُّ مَن ابتدع مِن أُمَّته صلى الله عليه وسلّم لأنَّ الكَوْثَر عندي تُمثل للشريعة، والشَّرْع أيضًا الحَوْضُ لغةً، فلا نصيبَ فيه لِمَن ابتدع في الدِّين، وإنما يَرِثُه المُتَّقون مِن أُمَّته. 14 - باب {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المائدة: 117] 4625 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا - ثُمَّ قَالَ - {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104] إِلَى آخِرِ الآيَةِ - ثُمَّ قَالَ - أَلاَ وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلاَئِقِ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، أَلاَ وَإِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِى فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُصَيْحَابِى. فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} [المائدة: 117] فَيُقَالُ إِنَّ هَؤُلاَءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ». أطرافه 3349، 3447، 4626، 4740، 6524، 6525، 6526 - تحفة 5622 - 70/ 6 15 - باب قَوْلِهِ: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118] 4626 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ، وَإِنَّ نَاسًا يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} إِلَى قَوْلِهِ {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 117 - 118]. أطرافه 3349، 3447، 4625، 4740، 6524، 6525، 6526 - تحفة 5622 ¬

_ (¬1) وليراجع "الفتح"، فقد مر أنَّ فيه روايةً تدل ُّعلى كِسوته بعد إبراهيم عليه السلام، وليست عندي الآنَ نُسْخةٌ - "الفتح" -. (¬2) وإليه ذهب أبو عُمر، وقد مَرَّت عبارتُه في العَيْني.

6 - سورة الأنعام

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 6 - سُورَةُ الأَنْعَامِ قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ} [الأنعام: 23] مَعْذِرَتُهُمْ. {مَعْرُوشَاتٍ} [الأنعام: 141] ما يُعْرَشُ مِنَ الكَرْمِ وَغَيرِ ذلِكَ. {حَمُولَةً} [الأنعام: 142] ما يُحْمَلُ عَلَيهَا. {وَلَلَبَسْنَا} [الأنعام: 9] لَشَبَّهْنَا. {وَيَنْأَوْنَ} [الأنعام: 26] يَتَبَاعَدُونَ. {تُبْسَلَ} [الأنعام: 70] تُفضَحَ. {أُبْسِلُوا} [الأنعام: 70] أُفضِحُوا. {بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ} [الأنعام: 93]: البَسْطُ الضَّرْبُ. {اسْتَكْثَرْتُمْ} [الأنعام: 128] أَضْلَلتُمْ كَثيرًا. {ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ} [الأنعام: 136]: جَعَلُوا لِلَّهِ مِنْ ثَمَرَاتِهِمْ وَمالِهِمْ نَصِيبًا، وَلِلشَّيطَانِ وَالأَوْثَانِ نَصِيبًا. أَكِنَّةً: واحدُها كِنَانٌ. {أَمَّا اشْتَمَلَتْ} [الأنعام: 143 - 144]، يَعْنِي هَل تَشْتَمِلُ إِلَّا عَلَى ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى، فَلِمَ تُحَرِّمُونَ بَعْضًا وَتُحِلُّونَ بَعْضًا؟ {مَسْفُوحًا} [الأنعام: 145] مُهْرَاقًا. {وَصَدَفَ} [الأنعام: 157] أَعْرَضَ. أُبْلِسُوا: أُويِسُوا، و {أُبْسِلُوا} [الأنعام: 70] أُسْلِمُوا. {سَرْمَدًا} [القصص: 71 - 72] دائِمًا. {اسْتَهْوَتْهُ} [الأنعام: 71] أَضَلَّتْهُ. {تَمْتَرُونَ} [الأنعام: 2] تَشُكُّونَ. {وَقْرًا} [الأنعام: 25] صَمَمٌ. وَأَمَّا الوِقْرُ: الحِمْلُ. {أَسَاطِيرُ} [الأنعام: 25] وَاحِدُهَا أُسْطُورَةٌ وَإِسْطَارَةٌ، وَهيَ التُّرَّهَاتُ. {بِالْبَأْسَاءِ} [الأنعام: 42] مِنَ البَأْسِ، وَيَكُونُ مِنَ البُؤْسِ. {جَهْرَةً} [الأنعام: 47] مُعَايَنَةً. الصُّوَرُ جَمَاعَةُ صُورَةٍ، كَقَوْلِهِ سُورَةٌ وَسُوَرٌ. {مَلَكُوتَ} [الأنعام: 75] مُلكَ، مِثْلُ: رَهَبُوتٍ خَيرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ، وَيَقُولُ: تُرْهَبُ خَيرٌ مِنْ أَنْ تُرْحَمَ. {جَنَّ} [الأنعام: 76] أَظْلَمَ، تَعَالَى: عَلا. وإنْ تَعْدِلْ: تُقْسِطْ. لا يُقْبَلُ منها في ذلك اليَوْمِ. يُقَالُ: عَلَى اللَّهِ حُسْبَانُهُ أَي حِسَابُهُ، وَيُقَالُ: {حُسْبَانًا} [الأنعام: 96] مَرَامِيَ، وَ {رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} [الملك: 5]، {فَمُسْتَقَرٌّ} [الأنعام: 98] في الصُّلبِ، {وَمُسْتَوْدَعٌ} [الأنعام: 98] في الرَّحِمِ. القِنْوُ: العِذْقُ، وَالاِثْنَانِ قِنْوَانِ، وَالجَمَاعَةُ أَيضًا قِنْوَانٌ، مِثْلُ صِنْوٍ وَ {صِنْوَانٌ} [الرعد: 4]. قوله: ({أَمَّا اشْتَمَلَتْ} [الأنعام: 143] يعني: هل تَشْتَمِل) ... إلخ. وفي كُتُب النَّحْو أن «أم» تخريجه «أهل»، إلَّا أنَّ هذا التخريجَ ليس بمرادٍ ههنا، بل بيانٌ لمؤدَّاه فقط. قوله: ({الصُّوَرِ} جَمَاعَةُ صورةٍ) وهذا مِنْ رأي أبي عُبيدة، فإِنَّ الأرواح كلَّها في الصُّور عنده، فإِذا نُفِخ في الصُّور رجعت إلى أجسادِها. وعند الشيخ الأَكْبر أنَّ السمواتِ السَّبْعَ والأَرَضين كذلك في الصُّور، كما في «الدر المنثور» أيضًا. وحينئذٍ صَحَّ كَوْنُ الأرواحِ بمقَرِّها، مع كونِها في الصُّور، فإِنَّ العالم إذا كان بمجموعِه في الصُّور صُدِّق أنَّ الأرواحَ في الصُّور، وصُدِّق أَنَّها في مقارِّها أيضًا. ولذا أقولُ: إنَّ الدنيا بِحَذَافيرِها حَيِّز جَهنَّم، ومِن ههنا تَرى القرآنَ مهْما توجَّه إلى ذِكْر تخريبِ العالم، ذَكَر السمواتِ والأَرَضِينَ فقط، ولا يتعرَّض إلى غيرِها شيئًا. وقال ابنُ القَيِّم في كتاب «الروح»: إنَّه ليس للأرواحِ مُستَقرٌّ خاصٌّ، غيرَ أن بَعْضَها مسترِيحةٌ، وبَعْضَها هائمةٌ، إلا أنَّ لكلَ منها تَعَلُّقًا بِجَسدِها، تَعَلُّقَ الإِنسانِ بِوَطَنه، وإنْ دار في الآفاقِ وسار.

1 - باب {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو} [الأنعام: 59]

ثُم إنَّ ما قاله أبو عبيدة صوابٌ، لكنَّه لا توافِقُه اللغةُ، لأنَّ الصُّورةَ تُجْمع على صُوَرٍ، لا على سكون الواو، وليس الصُّور بمعنى الصورة، بقي أنَّ الفارق بين مُفْردِه وجَمْعه تاء، فينبغي أن يكونَ اسمَ جَمْع، لا جَمْعًا، فهذا مِن مصطلحنا، والبخاريُّ غيرُ مُتقيِّدٍ به، وقد مرَّ أن المصنِّف لا يفرِّق بينهما. 1 - باب {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام: 59] 4627 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَفَاتِحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34]». أطرافه 1039، 4697، 4778، 7379 - تحفة 6798 - 71/ 6 2 - باب قَوْلِهِ: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65] {يَلْبِسَكُمْ} [الأنعام: 65] يَخْلِطَكُمْ، مِنَ الاِلْتِبَاسِ. {يَلْبِسُوا} [الأنعام: 82] يَخْلِطُوا. {شِيَعًا} [الأنعام: 65] فِرَقًا. 4628 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ». قَالَ {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قَالَ «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَذَا أَهْوَنُ». أَوْ «هَذَا أَيْسَرُ». طرفاه 7313، 7406 تحفة 2516 4628 - قوله: (هذا أَهْوَنُ) ولما عَلِم النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أَنَّ أَحَدَها كائنٌ لا محالةَ، اختار الأَهْون، ومِنْ ههنا عُلِم أَنَّ حرف - «أو» - كما يكون لِمَنْع الجَمْع، كذلك يكون لِمَنْع الخُلُو أيضًا، ولذا تعوَّذ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في كلِّ مرة، واختار الثالث لِعِلْمه أن أَحدَها كائنٌ لا محالةَ، فاحفظه، فإِنَّه يُفِيدُك في مسألة قضاء اليمين مع الشاهد، لأن قوله: «بَيِّنَتك، أو يمينُه» كما يُفيدُ مَنْع الجَمْع، كذلك يفيدُ مَنْع الخُلُو أيضًا، وحينئذٍ يكونُ حُجَّةً للحنفيةِ في أنه لا قضاءَ باليمينِ مع الشاهد. وقد قَرَّرناه مِن قَبْل مبسوطًا. 3 - باب {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] 4629 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} قَالَ أَصْحَابُهُ وَأَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ فَنَزَلَتْ {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] أطرافه 32، 3360، 3428، 3429، 4776، 6918، 6937 تحفة 9420

4 - باب قوله: {ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين} [الأنعام: 86]

4 - باب قَوْلِهِ: {وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 86] 4630 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِىٍّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ يَعْنِى ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا يَنْبَغِى لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى». أطرافه 3395، 3413، 7539 - تحفة 5421 4631 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا يَنْبَغِى لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى». أطرافه 3415، 3416، 4604، 4805 - تحفة 12272 5 - باب قَوْلِهِ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90] 4632 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى سُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ أَنَّ مُجَاهِدًا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ أَفِى «{ص}» سَجْدَةٌ فَقَالَ نَعَمْ. ثُمَّ تَلاَ {وَوَهَبْنَا} إِلَى قَوْلِهِ {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} ثُمَّ قَالَ هُوَ مِنْهُمْ. زَادَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَسَهْلُ بْنُ يُوسُفَ عَنِ الْعَوَّامِ عَنْ مُجَاهِدٍ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ نَبِيُّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّنْ أُمِرَ أَنْ يَقْتَدِىَ بِهِمْ. أطرافه 3421، 4806، 4807 - تحفة 6397، 6416 - 72/ 6 قال الشيخُ الأَكْبر: إنَّه فَرق بين قوله: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} وبَيْن قوله: فَبِهم اقتده، فإِنَّ الثاني يدلُّ على كَوْن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم تابِعًا لهم، بخلاف الأول، ولذا عَدل عنه إلى أَمْرِ الاقتداءِ بالهُدَى، وهو الطريق. والاقتداءُ في الطريقِ لا يُوجِب التبعيةَ من كلِّ وَجْهٍ. 4632 - قوله: (أفي {ص} سَجْدَةٌ) زعَم الشافعيةُ أنَّ الحديثَ حُجَّةٌ لهم، وقال الزَّيْلَعي: إنَّه حُجَّةٌ للحنفيةِ. وقد مرَّ تمامُ الكلام في مَوْضِعه، فلا نعيدُه. 6 - باب قَوْلِهِ: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا} [الأنعام: 146] الآيَةَ وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {كُلَّ ذِي ظُفُرٍ}: البَعِيرُ وَالنَّعَامَةُ. {الْحَوَايَا} [الأنعام: 146] المَبْعَرُ. وَقالَ غَيرُهُ: هَادُوا: صَارُوا يَهُودًا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {هُدْنَا} [الأعراف: 156] تُبْنَا، هَائِدٌ تَائِبٌ. 4633 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ قَالَ عَطَاءٌ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ، لَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوهَا». طرفاه 2236، 4296 - تحفة 2494 وَقالَ أَبُو عاصِمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيدِ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ: كَتَبَ إِلَيَّ عَطَاءٌ: سَمِعْتُ جابِرًا عَنِ النبي صلى الله عليه وسلّم

7 - باب قوله: {ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن} [الأنعام: 151]

وفي «نور الأنوار» أَنَّ الخنزيرَ كان حلالًا في الشريعة العِيسويةِ، قلتُ: كلاّ، بل ذلك من اجتهادِ علمائِم، فإنَّهم اختلفوا في تفسير ذِي الظُّفُر. فقال اليهودُ: إنَّ الخنزيرَ منه، وأَنْكَره أَهْلُ الإِنجيل، فَأَحلُّوه. قوله: ({والحوايا}) "آنت". 7 - باب قَوْلِهِ: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأنعام: 151] 4634 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ «لاَ أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلاَ شَىْءَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ، لِذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ». قُلْتُ سَمِعْتَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ وَرَفَعَهُ قَالَ نَعَمْ. أطرافه 4637، 5220، 7403 - تحفة 9287 والغِيرةُ اسمُ للانفعالِ الذي يأخذُ المرءَ عندما يتعدَّى أَحَدٌ على محارِمه، كذلك اللَّهُ سبحانه لا يُحِبّ أن يتلوَّث عَبْدُه في معصيةٍ، وهو معنى قوله: «لا أَحَدَ أَغْيَرُ مِن اللَّهِ»، وإلا فالانفعالاتُ كلُّها مُحالاتٌ في حَضْرَته تعالى، وتَقدَّس. 8 - باب {وَكِيلٌ} [الأنعام: 102] حَفِيظٌ وَمُحِيطٌ بِهِ. {قُبُلًا} [الأنعام: 111] جَمْعُ قَبِيلٍ، وَالمَعْنى: أَنَّهُ ضُرُوبٌ لِلعَذَابِ، كُلُّ ضَرْبٍ مِنْهَا قَبِيلٌ. {زُخْرُفَ الْقَوْلِ} [الأنعام: 112] كُلُّ شَيءٍ حَسَّنْتَهُ وَوَشَّيتَهُ، وَهُوَ بَاطِلٌ، فَهُوَ زُخْرُفٌ. {وَحَرْثٌ حِجْرٌ} [الأنعام: 138] حَرَامٌ، وَكُلُّ مَمْنُوعٍ فَهْوَ حِجْرٌ مَحْجُورٌ وَالحِجْرُ كُلُ بِنَاءٍ بَنَيتَهُ، وَيُقَالُ للأُنْثَى مِنَ الخَيلِ: حِجرٌ ويقال لِلعَقْلِ: حِجرٌ وَحِجًى، وَأَمَا الحِجْرُ فَمَوْضِعُ ثَمُودَ، وَما حَجَّرْتَ عَلَيهِ مِنَ الأَرْضِ فَهُوَ حِجْرٌ، وَمِنْهُ سُمِّيَ حَطِيمُ البَيتِ حِجْرًا، كَأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ مَحْطُومٍ، مِثْلُ: قَتِيل مِنْ مَقْتُولٍ، وَأَمَّا حَجْرُ اليَمامَةِ فَهُوَ مَنْزِلٌ. قوله: (وما حَجَّرْتَ [عليه] مِن الأَرْض) "جس زمين كى بار كرى". قوله: (ومِنْه سُمِّي حَطِيمُ البيتِ حِجْرًا) أخذ المصنِّف الفَعِيل من المفعول، مع أَنَّهُ لا اشتقاقَ بينهما عندهم، ولكنَّ البخاريَّ يتوسَّع في هذه الأمور كثيرًا، ويريدُ به نظائِرَ اشتقاقِه. 9 - باب قَوْلِهِ: {هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ} [الأنعام: 150] لُغَةُ أَهْلِ الحِجَازِ: هَلُمَّ لِلوَاحِدِ وَالاِثْنَينِ وَالجَمِيعِ. 10 - باب {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} [الأنعام: 158] 4635 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ حَدَّثَنَا أَبُو

زُرْعَةَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا، فَذَاكَ حِينَ {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ} [الأنعام: 158]». أطرافه 85، 1036، 1412، 3608، 3609، 4636، 6037، 6506، 6935، 7061، 7115، 7121 - تحفة 14897 4636 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ، وَذَلِكَ حِينَ لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا». ثُمَّ قَرَأَ الآيَةَ. أطرافه 85، 1036، 1412، 3608، 3609، 4635، 6037، 6506، 6935، 7061، 7115، 7121 - تحفة 14716 واستدلَّ به الزمخشريُّ لمذهبه، وقال: إنَّ الآيةَ تدلُّ على أنَّ الإِيمانَ بدون عَمَل صالح غيرُ نافع. قلتُ: وبناؤُه على أن تقديرَ الآيةِ هكذا: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} وذلك لأنَّ المعطوفَ يَسُدّ مَسَدَّ المعطوف عليه، أما إنَّ أيَّ قَدْرٍ يُؤخذ من المعطوف عليه، فهو إلى الناظر، فَأَخَذ الزمخشريُّ: {آمَنَتْ} من المعطوف عليه، وقَدَّره في المعطوف، وحينئذٍ حاصِلُها أنَّ النَّفْس التي لم تُؤمن قَبْل طلوعِ الشَّمْس إنْ آمَنَت بعده لا يَنْفَعُها إيمانُها، أو كانت آمَنَت مِنْ قَبْل، ولم تكن كَسَبت عَملًا صالحًا، لا ينفعها إيمانُها أيضًا. فالإِيمانُ بعده غيرُ مقبولٍ، وكذا الإِيمانُ بدون عملٍ صالح قَبْلَه غيرُ نافع، وهذا هو المقصودُ. وقد أجاب عنه العلماءُ قديمًا كابنِ الحاجب في «أماليه»، ومِن معاصِرِيه ابنُ المُنير في حاشيةِ «الكشاف» - وكانت بينهما مُكاتبةٌ، وكذا التفتازاني في حاشيته على «الكشاف»، وأَقْدَمُ منه الطِّيبي، وجوابُه أَلْطَفُ وأَشْفَى. وأقول: إنَّ حَرْف - «أو» - ههنا في سياق النَّفي، فيفيدُ السَّلْب الكُلِّي، كما في قوله تعالى: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24]، وتقديرُها عندي: يومَ يأتي بَعْضُ آياتِ رَبِّك، لا ينفعُ نفسًا إيمانُها لم تكن آمَنت مِنْ قبل، أو لم تكن كَسَبت في إيمانها خَيْرًا، فمآلُها إلى انتفاءِ الإِيمانِ، والعمل الصالح جميعًا، أي لم يكن عندها هذا، ولا ذاك، وعَدَم النَّفْع لمن لا يكون عنده شيءٌ من الإِيمان، والعَمَل أَمْرُ مُجْمعٌ عليه (¬1). وأُجيب أيضًا أنَّ الآيةَ في اليوم الذي تَطْلُع فيه الشَّمسُ من المَغْرب، فلا ينفع فيه الإِيمانُ بدون العملِ. ومفهومُه أنه يُعْتبر قَبْلَه. وذلك ما أردناه، وراجع رسالتي «فصل الخطاب» -ذيل البيان في فصاعدًا-. ¬

_ (¬1) قلتُ: وحينئذٍ لا بدَّ مِن بيانِ نكتةٍ للتعرُّضِ إلى خصوصِ هذا اليوم، فإِنَّ عدمَ النَّفْع عند الخُلُو عن الإِيمان، والأعمال عامٌّ لا اختصاصَ له بيومٍ دون يوم، ولم يتفق لي فيه مراجعةٌ إلى الشيخ.

7 - سورة الأعراف

والثالث - وهو المشهورُ -: أنَّ فيه لَفًّا ونَشْرًا مُرتَّبًا. وفي اللَّفِّ تقديرٌ هكذا: يوم يأتي بعضُ آياتِ رَبِّك، لا ينفع نَفْسًا إيمانُها، ولا كَسْبُها، لم تكن آمَنَت مِن قَبْل، أو لم تكن كَسَبت في إيمانِها خيرًا. فالمعنى أنَّ الإِيمانَ في ذلك اليوم لا يُغْني عن الإِيمانِ الواجب، وكذلك العمل الصالح عن العمل الصالح، فكلٌّ من الإِيمانِ والعملِ الصالح في مَرْتَبة من اللَّف والنَّشر. وراجع له «رُوح المعاني» و «فتح الباري». بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 7 - سُورَةُ الأَعْرَافِ قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَرِيشًا} [الأعراف: 26] المَالُ. {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55]: في الدُّعاءِ وَفي غَيرِهِ. {عَفَواْ} [الأعراف: 95]: كَثُرُوا وَكَثُرَتْ أَمْوَالُهُمْ. {الْفَتَّاحُ} [سبأ: 26]: القَاضِي. {افْتَحْ بَيْنَنَا} [الأعراف: 89]: اقْضِ بَينَنَا. {نَتَقْنَا الْجَبَلَ} [الأعراف: 171]: رَفَعْنَا. {فَانْبَجَسَتْ} [الأعراف: 160]: انْفَجَرَتْ. {مُتَبَّرٌ} [الأعراف: 139]: خُسْرَانٌ. {آسَى} [الأعراف: 93]: أَحْزَنُ. {تَأْسَ} [المائدة: 26، 68]: تَحْزَنْ. وَقالَ غَيرُهُ: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} [الأعراف: 12] يَقُولُ: ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ. {يَخْصِفَانِ} [الأعراف: 22]: أَخَذَا الخِصَافَ مِنْ وَرَقِ الجَنَّةِ، يُؤَلِّفَانِ الوَرَقَ يَخْصِفَانِ الوَرَقَ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ. {سَوْآتِهِمَا} [الأعراف: 20] كِنَايَةٌ عَنْ فَرْجَيهِمَا. {وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأعراف: 24] هو هَا هُنَا إِلَى القِيَامَةِ، وَالحِينُ عِنْدَ العَرَبِ مِنْ سَاعَةٍ إِلَى ما لاَ يُحْصى عَدَدُهَا. الرِّيَاشُ وَالرِّيشُ وَاحِدٌ، وَهُوَ ما ظَهَرَ مِنَ اللِّبَاسِ. {وَقَبِيلُهُ} [الأعراف: 27] جِيلُهُ الَّذِي هُوَ مِنْهُمْ. {ادَّارَكُوا} [الأعراف: 38] اجْتَمَعُوا. وَمَشَاقُّ الإِنْسَانِ وَالدَّابَّةِ كُلُّهُمْ يُسَمَّى سُمُومًا، وَاحِدُهَا سَمٌّ، وَهيَ: عَينَاهُ وَمَنْخِرَاهُ وَفَمُهُ وَأُذُنَاهُ وَدُبُرُهُ وَإِحْلِيلُهُ. {غَوَاشٍ} [الأعراف: 41] ما غُشُّوا بِهِ. {نَشْرًا} (¬1) [57] مُتَفَرِّقَةً. {نَكِدًا} [الأعراف: 58] قَلِيلًا. {يَغْنَوْا} [الأعراف: 92] يَعِيشُوا. {حَقِيقٌ} [الأعراف: 105] حَقٌّ. {وَاسْتَرْهَبُوهُمْ} [الأعراف: 116] مِنَ الرَّهْبَةِ. {تَلْقَفُ} [الأعراف: 117] تَلقَمُ. {طَائِرُهُمْ} [الأعراف: 131] حَظُّهُمْ. طُوفانٌ: مِنَ السَّيلِ، وَيُقَالُ لِلمَوْتِ الكَثِيرِ الطُّوفانُ. {وَالْقُمَّلَ} [الأعراف: 133] الحُمْنَانُ يُشْبِهُ صِغَارَ الحَلَمِ. عُرُوشٌ وَعَرِيشٌ: بِنَاءٌ. {سُقِطَ} [الأعراف: 149] كُلُّ مَنْ نَدِمَ فَقَدْ سُقِطَ في يَدِهِ. الأَسْبَاطُ قَبَائِلُ بَنِي إِسْرَائِيلَ. {يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} [الأعراف: 163] يَتَعَدَّوْنَ لَهُ، يُجَاوِزُونَ. {وَلَا تَعْدُ} [الكهف: 28] تُجَاوِزْ. {شُرَّعًا} [الأعراف: 163]: شَوَارِعَ. {بَئِيسٍ} [الأعراف: 165] شَدِيدٍ. {أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ} [الأعراف: 176] قَعَدَ وَتَقَاعَسَ. {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ} [الأعراف: 182] أيْ نَأْتِيهِمْ مِنْ مَأْمَنِهِمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} [الحشر: 2]. {مِنْ جِنَّةٍ} [الأعراف: 184] مِنْ جُنُونٍ. {فَمَرَّتْ بِهِ} [الأعراف: 189]: اسْتَمَرَّ بِهَا الحَمْلُ فَأَتَمَّتْهُ. {يَنْزَغَنَّكَ} [الأعراف: 200] يَسْتَخِفَّنَّكَ. {طَيفٌ} (¬2) [201] مُلِمٌّ بِهِ لَمَمٌ، وَيُقَالُ: {طَائِفٌ} [الأعراف: 201] وَهُوَ وَاحِدٌ. {يَمُدُّونَهُمْ} [الأعراف: 202] يُزَيِّنُونَ. {وَخِيفَةً} [الأعراف: 205] خَوْفًا، وَخُفيَةً مِنَ الإِخْفَاءِ. ¬

قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: (¬1) في قراءة حفص: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ (بُشْرًا) بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} [الأعراف: 57] (¬2) في قراءة حفص: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ (طَائِفٌ) مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 201]

1 - باب {إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن} [الأعراف: 33]

{وَالْآصَالِ} [الأعراف: 205] وَاحِدُهَا أَصِيلٌ، ما بَينَ العَصْرِ إِلَى المَغْرِبِ، كَقَوْلِهِ: {بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5)} [الفرقان: 5]. قوله: (وقال وغيرُه: أَنْ لا تَسْجُد) وقد مر أنَّ «غيره» يكونُ في حديثٍ آخَرَ، ولا يتعلَّق بما كان قَبْله، والمصنِّف جعل «لا» زائدة، وإني أَنْكَرتُ كونَها زائدةً رأسًا، كما قرروه في قوله: «لا أُقْسم»، فإِنَّ «لا» ههنا ليست بزائدةٍ، بل لنفي ما قَبْلَها، وكذلك معنى «لا» ههنا يَظْهَرُ من ترجمتها في الهندية: "كس نى تجهكو منع كياكه تو سجده نه كرى" فالنَّفْي فيه على مَحلِّه، ولو تنبَّهُوا على تلك المحاورةِ لما احتاجوا إلى القَوْل بالزيادةِ. قوله: (مَشَاقُّ الإِنسان) "سوراخ". قوله: (الحُمنان) "جييرى". قوله: (صِغَار الحَلَم) "جهوتى جيجرى". قوله: (يَسْتَخِفّنَّك) "بهسلائى". 1 - باب {إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعراف: 33] 4637 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ، وَرَفَعَهُ. قَالَ «لاَ أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، فَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ، فَلِذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ». أطرافه 4634، 5220، 7403 - تحفة 9287 2 - باب {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 143] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَرِنِي: أَعْطِنِي. 4638 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ لُطِمَ وَجْهُهُ وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِكَ مِنَ الأَنْصَارِ لَطَمَ وَجْهِى. قَالَ «ادْعُوهُ». فَدَعَوْهُ قَالَ «لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى مَرَرْتُ بِالْيَهُودِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ. فَقُلْتُ وَعَلَى مُحَمَّدٍ وَأَخَذَتْنِى غَضْبَةٌ فَلَطَمْتُهُ. قَالَ «لاَ تُخَيِّرُونِى مِنْ بَيْنِ الأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِى أَفَاقَ قَبْلِى أَمْ جُزِىَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ». أطرافه 2412، 3398، 6916، 6917، 7427 - تحفة 4405 - 75/ 6 4638 - قوله: (أَمْ جُوزى بِصَعْقَة الطُّورِ) وقد مَرَّ الإِشكالُ فيه، والجواب عنه.

3 - باب {المن والسلوى} [الأعراف: 160]

3 - باب {الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} [الأعراف: 160] 4639 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ وَمَاؤُهَا شِفَاءُ الْعَيْنِ». طرفاه 4478، 5708 - تحفة 4465 4 - باب {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158] 4640 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالاَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاَءِ بْنِ زَبْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ كَانَتْ بَيْنَ أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ مُحَاوَرَةٌ، فَأَغْضَبَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ عُمَرُ مُغْضَبًا، فَاتَّبَعَهُ أَبُو بَكْرٍ يَسْأَلُهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ، فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى أَغْلَقَ بَابَهُ فِى وَجْهِهِ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَنَحْنُ عِنْدَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَّا صَاحِبُكُمْ هَذَا فَقَدْ غَامَرَ». قَالَ وَنَدِمَ عُمَرُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ فَأَقْبَلَ حَتَّى سَلَّمَ وَجَلَسَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَصَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْخَبَرَ. قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِى صَاحِبِى هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِى صَاحِبِى إِنِّى قُلْتُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقْتَ». طرفه 3661 - تحفة 10941 قَالَ أَبُو عَبْدِ الله: غَامَرَ: سَبَقَ بالخَيْرِ. 4640 - قوله: (كانت بيني، وبَيْنَ أبي بَكْر مُحاوَرةٌ)، أي مراجعةٌ في الكلام، ولَعلَّها كانت في غيرِ مَجْلِس النبيِّ صلى الله عليه وسلّم قوله: (أَمَّا صاحِبُكُم هذا فَقَدْ غامَرَ) أي خَاصَم. وأَصْلُه النزولُ في الماء الكثير، والمرادُ منه ههنا الخصومةُ، وما فَسَّر به المحشيِّ فغلطٌ. قوله: (هَلْ أَنْتُم تَارِكُوا لي صَاحِبي) قال الرَّاوي: إنَّ الصحابةَ رضي الله تعالى عنهم لم يكونوا يُخَاصِمُونَه بعد ذلك.

5 - باب قوله: {حطة} [الأعراف: 161]

5 - باب قَوْلِهِ: {حِطَّةٌ} [الأعراف: 161] 4641 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قِيلَ لِبَنِى إِسْرَائِيلَ {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} فَبَدَّلُوا فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ وَقَالُوا حَبَّةٌ فِى شَعَرَةٍ». طرفاه 3403، 4479 - تحفة 14697 - 76/ 6 6 - باب {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)} [الأعراف: 199] العُرْفُ: المَعْرُوفُ. 4642 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ، وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولاً كَانُوا أَوْ شُبَّانًا. فَقَالَ عُيَيْنَةُ لاِبْنِ أَخِيهِ يَا ابْنَ أَخِى، لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأَمِيرِ فَاسْتَأْذِنْ لِى عَلَيْهِ. قَالَ سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَاسْتَأْذَنَ الْحُرُّ لِعُيَيْنَةَ فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ هِىْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، فَوَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ، وَلاَ تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ. فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ بِهِ، فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)} وَإِنَّ هَذَا مِنَ الْجَاهِلِينَ. وَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلاَهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ. طرفه 7286 - تحفة 5852، 10511 4643 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} قَالَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلاَّ فِى أَخْلاَقِ النَّاسِ. طرفه 4644 - تحفة 5277 4644 - وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَأْخُذَ الْعَفْوَ مِنْ أَخْلاَقِ النَّاسِ. أَوْ كَمَا قَالَ. طرفه 4643 - تحفة 5277 4642 - قوله: (قَدِم عُيَيْنَهُ بنُ حِصْن بنِ حُذَيفةَ) وهذا الذي قال فيه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بِئْس أخو العشيرةِ، فكان ارتدَّ من بعد، ثم أَسْلم، وكان ابنُ أخيه من القُرَّاء، فجاء عند عمرَ إن كان ابن أخيه قارئًا، فكان كما في الحديث. 4644 - قوله: (أنْ يَأْخُذَ العَفْوَ) وهذا تفسيرٌ آخَر، أي أَعْرِض عَمَّا عليه النَّاس مِن أَرْذَل الأخلاقِ، وخُذ بأَحْسَنِها.

8 - سورة الأنفال

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 8 - سُورة الأنْفَال 1 - باب قَوْلُهُ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: 1] قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الأَنْفَالُ: المَغَانِمُ. قالَ قُتَادَةُ: {رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46] الحَرْبُ. يُقَالُ: نَافِلَةٌ عَطِيَّةٌ. 77/ 6 4645 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - سُورَةُ الأَنْفَالِ قَالَ نَزَلَتْ فِى بَدْرٍ. {الشَّوْكَةِ} [الأنفال: 7] الحَدُّ. {مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9] فَوْجًا بَعْدَ فَوْجٍ، رَدِفَنِي وَأَرْدَفَنِي: جاءَ بَعْدِي. {ذُوقُواْ} [الأنفال: 50] بَاشِرُوا وَجَرِّبُوا، وَلَيسَ هذا مِنْ ذَوْقِ الفَمِ. {فَيَرْكُمَهُ} [الأنفال: 37] يَجْمَعهُ. شَرِّدْ فَرِّقْ. {وَإِن جَنَحُواْ} [الأنفال: 61] طَلَبُوا. السِّلْمُ والسَّلْمُ والسَّلامُ واحدٌ. {يُثْخِنَ} [الأنفال: 67] يَغْلِبَ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {مُكَاءً} إِدْخالُ أَصَابِعِهِمْ في أَفوَاهِهِمْ. {وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: 35] الصَّفِيرُ. {لِيُثْبِتُوكَ} [الأنفال: 30] لِيَحْبِسُوكَ. أطرافه 4029، 4882، 4883 - تحفة 5454 وتَردَّد المُفَسِّرون في أنَّ استغفارَ الكفارِ هل يَنْفَعُ لهم، أو لا؟ قلتُ: والمرادُ من الاستغفار ههنا أنهم يَدْعُون رَبَّهم. والمسألةُ في أدعيةِ الكُفَّار أنَّها يمكنُ أن تُسْتجاب. في التِّرمذي - وصححه: أنَّ يأجوج ومأجوج يَحْفرون السَّدَّ كلَّ يوم، ثُم يتركونه عند ما يرق النهار، فإِذا جاءُوه من الغد، وجدوه كما كان، فإِذا جاء وَعْدُ رَبِّك، قالوا: نحفر بقيته غدًا إنْ شاء الله تعالى، فلا يعودُ إلى أصله، بل يبقى كذلك محفورًا، فيحفرونه ذلك اليوم. فدلَّ على قَبُول دعائهم. ثُم إنَّ ابنَ كثير أَنْكَر رَفْعه، وقال: أَخَذه أبو هريرةَ عن كَعْب الأَحْبار، ولم يأخذْهُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وقد مَرَّ أنه ليس في القرآن شيءٌ يدلُّ على أنَّ السدَّ مانِعٌ من خُروجِهم، وكذا ليس في المرفوع حديثٌ يُشَاكِل هذا المعنى، غيرَ ما عند الترمذيِّ، وأَنْكَر رَفْعُه ابنُ كثير، كما حكينا عنه. 2 - باب {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22)} [الأنفال: 22] 4646 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ

3 - باب {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون (24)} [الأنفال: 24]

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22)} قَالَ هُمْ نَفَرٌ مِنْ بَنِى عَبْدِ الدَّارِ. تحفة 6402 3 - باب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)} [الأنفال: 24] اسْتَجِيبُوا: أَجِيبُوا. لِمَا يُحْيِيكُمْ: يُصْلِحُكُمْ. 4647 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ أُصَلِّى فَمَرَّ بِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَانِى فَلَمْ آتِهِ حَتَّى صَلَّيْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ «مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِىَ أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} ثُمَّ قَالَ لأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِى الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ». فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيَخْرُجَ فَذَكَرْتُ لَهُ. أطرافه 4474، 4703، 5006 - تحفة 12047 وَقَالَ مُعَاذٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خُبَيْبٍ سَمِعَ حَفْصًا سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا، وَقَالَ هِىَ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} السَّبْعُ الْمَثَانِى. تحفة 12047 4 - باب قَوْلِهِ {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32)} [الأنفال: 32] قالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ما سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى مَطَرًا في القُرْآنِ إِلَّا عَذَابًا، وَتُسَمِّيهِ العَرَبُ الغَيثَ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا} [الشورى: 28]. تحفة 18773 ج - 78/ 6 4648 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ - هُوَ ابْنُ كُرْدِيدٍ صَاحِبُ الزِّيَادِىِّ - سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَبُو جَهْلٍ {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} فَنَزَلَتْ {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} الآيَةَ. طرفه 4649 - تحفة 979 5 - باب {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)} [الأنفال: 33] 4649 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا

6 - باب {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} [الأنفال: 39]

أَبِى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ الزِّيَادِىِّ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَهْلٍ {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} فَنَزَلَتْ {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} الآيَةَ. طرفه 4648 - تحفة 979 6 - باب {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39] 4650 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا حَيْوَةُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَجُلاً جَاءَهُ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَلاَ تَسْمَعُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِى كِتَابِهِ {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9] إِلَى آخِرِ الآيَةِ، فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ لاَ تُقَاتِلَ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ فِى كِتَابِهِ. فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِى أَغْتَرُّ بِهَذِهِ الآيَةِ وَلاَ أُقَاتِلُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَغْتَرَّ بِهَذِهِ الآيَةِ الَّتِى يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93] إِلَى آخِرِهَا. قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [الأنفال: 39]. قَالَ ابْنُ عُمَرَ قَدْ فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ كَانَ الإِسْلاَمُ قَلِيلاً، فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِى دِينِهِ، إِمَّا يَقْتُلُوهُ وَإِمَّا يُوثِقُوهُ، حَتَّى كَثُرَ الإِسْلاَمُ، فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ، فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يُوَافِقُهُ فِيمَا يُرِيدُ قَالَ فَمَا قَوْلُكَ فِى عَلِىٍّ وَعُثْمَانَ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ مَا قَوْلِى فِى عَلِىٍّ وَعُثْمَانَ أَمَّا عُثْمَانُ فَكَانَ اللَّهُ قَدْ عَفَا عَنْهُ، فَكَرِهْتُمْ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ، وَأَمَّا عَلِىٌّ فَابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَخَتَنُهُ. وَأَشَارَ بِيَدِهِ وَهَذِهِ ابْنَتُهُ أَوْ بِنْتُهُ حَيْثُ تَرَوْنَ. أطرافه 3130، 3698، 3704، 4066، 4513، 4514، 4651، 7095 تحفة 7606 - 79/ 6 4651 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا بَيَانٌ أَنَّ وَبَرَةَ حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا أَوْ إِلَيْنَا ابْنُ عُمَرَ، فَقَالَ رَجُلٌ كَيْفَ تَرَى فِى قِتَالِ الْفِتْنَةِ. فَقَالَ وَهَلْ تَدْرِى مَا الْفِتْنَةُ كَانَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ الدُّخُولُ عَلَيْهِمْ فِتْنَةً، وَلَيْسَ كَقِتَالِكُمْ عَلَى الْمُلْكِ. أطرافه 3130، 3698، 3704، 4066، 4513، 4514، 4650، 7095 - تحفة 7059 والنفل في القرآن بمعنى الغنيمة، كما في الفقه. 4651 - قوله: (وكانَ الدُّخُولُ عَلَيهم) والأَوْلى «فيهم»، أي تَخَلّفهم في الكُفّار. 7 - باب {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65)} [الأنفال: 65] 4652 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - لَمَّا نَزَلَتْ {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} فَكُتِبَ عَلَيْهِمْ أَنْ لاَ يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ - فَقَالَ سُفْيَانُ غَيْرَ مَرَّةٍ أَنْ لاَ يَفِرَّ عِشْرُونَ مِنْ مِائَتَيْنِ - ثُمَّ نَزَلَتِ

8 - باب {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا} الآية [الأنفال: 66]

{الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} [الأنفال: 66] الآيَةَ، فَكَتَبَ أَنْ لاَ يَفِرَّ مِائَةٌ مِنْ مِائَتَيْنِ - زَادَ سُفْيَانُ مَرَّةً - نَزَلَتْ {حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ} [الأنفال: 65]. قَالَ سُفْيَانُ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَأُرَى الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىَ عَنِ الْمُنْكَرِ مِثْلَ هَذَا. طرفه 4653 - تحفة 6305 وهذه المسألةُ كانت في أَوَّلِ الإِسلام، ثُم نزلَ التخفيفُ، فلم يكن يجوزُ لِمُسْلم أن يَفِرَّ مِن عشرةِ كُفَّار، وفي «فتح الباري»: إنَّ هذه النسبةَ كانت في السِّلاح، أما اليوم فهي بالضعْف، فلا يجوزُ فرارُ عَشْرٌ من المسلمين بِعِشْرين، وكذلك لو كان عندهم ضعْف سلاحِنا. قوله: (وقال ابنُ شُبْرُمةَ: وأُرَى الأَمْرَ بالمعروفِ، والنَّهْيَ عنِ المُنْكَرِ مِثْلَ هذا) وابنُ شُبْرُمة قاضي الكوفة، وهذا استنباطٌ منه. وفي قاضيخان: إذا تيقّن أنَّ الأَمْرَ بالمعروفِ، والنَّهيَ عن المُنْكر لا يَنْفَعُ في هذا الزمانِ، جاز له التَّرْك، وإنْ كانت العزيمةُ فيهما. 8 - باب {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} الآيَةَ [الأنفال: 66] 4653 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِىُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ أَخْبَرَنِى الزُّبَيْرُ بْنُ خِرِّيتٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: 65] شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حِينَ فُرِضَ عَلَيْهِمْ أَنْ لاَ يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ، فَجَاءَ التَّخْفِيفُ فَقَالَ {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: 66]. قَالَ فَلَمَّا خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنَ الْعِدَّةِ نَقَصَ مِنَ الصَّبْرِ بِقَدْرِ مَا خُفِّفَ عَنْهُمْ. طرفه 4652 - تحفة 6088 - 80/ 6 4653 - قوله: (فلمَّا خَفَّف اللَّهُ عَنْهم من العِدَّة، نَقَص من الصَّبْر) بقول: إنَّه إذا كان في العدة شدة، كان في المسلمين ثبات وسورة، فإِذا خفف في العدة. فتروا في الشدة، وانكسرت سورتهم أيضًا. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 9 - سُورَةُ بَرَاءَةَ {وَلِيجَةً} [16] كُلُّ شَيءٍ أَدْخَلتَهُ في شَيءٍ. {الشُّقَّةُ} [42]: السَّفَرُ. الخَبَالُ الفَسَادُ، وَالخَبَالُ المَوْتُ. {وَلاَ تَفْتِنّى} [49] لاَ تُوَبِّخْنِي. {كَرْهًا} وَ {كَرْهًا} [53] وَاحِدٌ. {مُدَّخَلًا} [57] يُدْخَلُونَ فِيهِ. {يَجْمَحُونَ} [57] يُسْرِعُونَ. {وَالْمُؤْتَفِكَاتِ} [70]

1 - باب قوله: {براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين (1)} [التوبة: 1]

ائْتَفَكَتْ انْقَلَبَتْ بِهَا الأَرْضُ. {أَهْوَى} [النجم: 53] أَلقَاهُ في هُوَّةٍ. {عَدْنٍ} [72] خُلدٍ، عَدَنْتُ بِأَرْضٍ أَي أَقَمْتُ، وَمِنْهُ مَعْدِنٌ، وَيُقَالُ: في مَعْدِنِ صِدْقٍ، في مَنْبَتِ صِدْقٍ. {الْخَوالِفِ} [93] الخَالِفُ الَّذِي خَلَفَنِي فَقَعَدَ بَعْدِي، وَمِنْهُ: يَخْلُفُهُ في الغَابِرِينَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكونَ النِّسَاءُ مِنَ الخَالِفَةِ، وَإِنْ كانَ جَمْعَ الذُّكُورِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ عَلَى تَقْدِيرِ جَمْعِهِ إِلَّا حَرْفانِ: فارسٌ وَفَوَارِسُ، وَهَالِكٌ وَهَوَالِكُ. {الْخَيْراتِ} [88] وَاحِدُهَا خَيرَةٌ، وَهيَ الفَوَاضِلُ. {مُرْجَوْنَ} مُؤَخَّرُونَ، الشَّفَا: شَفِيرٌ، وَهُوَ حَدُّهُ، وَالجُرُفُ: ما تَجَرَّفَ مِنَ السُّيُولِ وَالأَوْديَةِ. {هَارٍ} [109] هَائِرٍ، {لأَوَّاهٌ} [114]: شَفَقًا وَفَرَقًا وَقالَ الشَّاعِرُ: * إِذَا مَا قُمتُ أَرْحَلُهَا بِلَيلٍ ... تَأَوَّهُ آهَةَ الرَّجُلِ الحَزِينِ يُقَالُ: تَهَوَّرَتِ البِئْرُ: إِذا انْهَدَمَتْ، وانْهَارَ مِثْلُهُ. قوله: ({والخَوَالِفُ} الخالِفُ: الذي خَلَفَني، فَقَعَد بَعْدِي)، وحينئذٍ الخوالِفُ جَمْع مُذَكَّر. قوله: (ويَجُوزُ أنْ يكونَ النِّساءُ) أي يجوزُ أن يكونَ جَمْعًا مؤنثًا أيضًا. قوله: (وإنْ كانَ جَمْعَ الذُّكُور) إلخ. وفي العبارة رِكَّةٌ، فإِنَّه أَخَذ الخوالِفَ - وفي أَوَّلِ العبارةِ - جَمْعًا مُذكّرًا، ثُم عَبَّر عنه، كأنه أمْرٌ مَفْروض، فقال: وإنْ كان جَمْعَ الذُّكُور إلخ. قوله: (والجُرُف) وهو الشطُّ الذي يخرُجُ الطينُ مِن تَحْتِه، لِشِدَّةِ جَرْية الماءِ. قوله: (هَارٍ هائِرٍ) ... إلخ، ففيه قَلْبٌ، فصار هارى، ثُم حُذِفت الهمزةُ، وصار {هَارٍ}. 1 - باب قَوْلِهِ: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1)} [التوبة: 1] أَذَانٌ: إِعْلامٌ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أُذُنٌ} [61] يُصَدِّقُ. {تُطَهّرُهُمْ وَتُزَكّيهِمْ بِهَا} [103] وَنَحْوُهَا كَثِيرٌ، وَالزَّكاةُ: الطَّاعَةُ وَالإِخْلاَصُ. {لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [فُصِّلَت: 7] لاَ يَشْهَدُونَ أَنْ لاَ إِلهَ إِلَّا اللَّهُ. {يُضَاهُونَ} [30] يُشَبِّهُونَ. 4654 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - يَقُولُ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176] وَآخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةٌ. أطرافه 4364، 4605، 6744 - تحفة 1870 وكان النبيُّ بعث عَلِيًّا بهذه الآياتِ في السَّنةِ التاسعة، لينادي بها في الناس، فنادى بها على يوم النَّحْر أَهْل مِنَى. وفي المقام إشْكالٌ عويصٌ، لم يأتِ فيه أَحَدٌ بما يشفي الصُّدُور، وقد تعرَّض إليه السُّيوطي شيئًا، ولكن جوابه خَفِي، لا يدرِكُه كلُّ أَحَد، ولي فيه مُذكّرةٌ مستقلَّةٌ، ذكرتُ فيها ما تحرَّر عندي.

2 - باب قوله {فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين (2)} [التوبة: 2]

2 - باب قَوْلِهِ {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2)} [التوبة: 2] سِيحُوا: سِيرُوا. 4655 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَنِى أَبُو بَكْرٍ فِى تِلْكَ الْحَجَّةِ فِى مُؤَذِّنِينَ، بَعَثَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ يُؤَذِّنُونَ بِمِنًى أَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِىٌّ يَوْمَ النَّحْرِ فِى أَهْلِ مِنًى بِبَرَاءَةَ، وَأَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. أطرافه 369، 1622، 3177، 4363، 4656، 4657 تحفة 6624، 12278، 18599 - 81/ 6 3 - باب قَوْلِهِ: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 3] آذَنَهُمْ: أَعْلَمَهُمْ. 4656 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَعَثَنِى أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فِى تِلْكَ الْحَجَّةِ فِى الْمُؤَذِّنِينَ، بَعَثَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ يُؤَذِّنُونَ بِمِنًى أَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. قَالَ حُمَيْدٌ ثُمَّ أَرْدَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِىٌّ فِى أَهْلِ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ بِبَرَاءَةَ، وَأَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. أطرافه 369، 1622، 3177، 4363، 4655، 4657 - تحفة 6624، 12278، 18599 4 - باب {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 4] 4657 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - بَعَثَهُ فِى الْحَجَّةِ الَّتِى أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهَا قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِى رَهْطٍ يُؤَذِّنُ فِى النَّاسِ أَنْ لاَ يَحُجَّنَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ.

5 - باب {فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم} [التوبة: 12]

فَكَانَ حُمَيْدٌ يَقُولُ يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ. مِنْ أَجْلِ حَدِيثِ أَبِى هُرَيْرَةَ. أطرافه 369، 1622، 3177، 4363، 4655، 4656 تحفة 6624، 12278، 18599 - 82/ 6 5 - باب {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ} [التوبة: 12] 4658 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ فَقَالَ مَا بَقِىَ مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ الآيَةِ إِلاَّ ثَلاَثَةٌ، وَلاَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ إِلاَّ أَرْبَعَةٌ. فَقَالَ أَعْرَابِىٌّ إِنَّكُمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - تُخْبِرُونَا فَلاَ نَدْرِى فَمَا بَالُ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يَبْقُرُونَ بُيُوتَنَا وَيَسْرِقُونَ أَعْلاَقَنَا. قَالَ أُولَئِكَ الْفُسَّاقُ، أَجَلْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلاَّ أَرْبَعَةٌ. أَحَدُهُمْ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَوْ شَرِبَ الْمَاءَ الْبَارِدَ لَمَا وَجَدَ بَرْدَهُ. تحفة 3330 4658 - قوله: (ما بقي من أصحاب هذه الآية إِلَّا ثلاثةٌ ولا مِن المنافقينَ إلا أَرْبعةٌ) وهذا يَدُلُّك ثانيًا على أنَّ المنافقين كانوا مَعْرُوفين بينَ الصحابةِ رضي الله تعالى عنهم بأَعْيانِهم. إلا أنهم لم يكونوا يتعرَّضُون لهم، لئلا يشتهرَ في الناسِ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم يَقْتُلُ أصحابَه. 6 - باب قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34] 4659 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَكُونُ كَنْزُ أَحَدِكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ». أطرافه 1403، 4565، 6957 - تحفة 13732 4660 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ مَرَرْتُ عَلَى أَبِى ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ فَقُلْتُ مَا أَنْزَلَكَ بِهَذِهِ الأَرْضِ قَالَ كُنَّا بِالشَّأْمِ فَقَرَأْتُ {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34] قَالَ مُعَاوِيَةُ مَا هَذِهِ فِينَا، مَا هَذِهِ إِلاَّ فِى أَهْلِ الْكِتَابِ. قَالَ قُلْتُ إِنَّهَا لَفِينَا وَفِيهِمْ. طرفه 1406 - تحفة 11916 7 - باب قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35)} [التوبة: 35] 4661 - وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تُنْزَلَ الزَّكَاةُ، فَلَمَّا أُنْزِلَتْ جَعَلَهَا اللَّهُ طُهْرًا لِلأَمْوَالِ. طرفه 1404 - تحفة 6711

8 - باب قوله: {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم} [التوبة: 36]

8 - باب قَوْلِهِ: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة: 36] القَيِّمُ: هُوَ القَائِمُ. 83/ 6 4662 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا، أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ، ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ». أطرافه 67، 105، 1741، 3197، 4406، 5550، 7078، 7447 - تحفة 11682 9 - باب قَوْلِهِ: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40] نَاصِرُنَا. السَّكِينَةُ: فَعِيلَةٌ مِنَ السُّكُونِ. 4663 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ حَدَّثَنَا أَنَسٌ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْغَارِ، فَرَأَيْتُ آثَارَ الْمُشْرِكِينَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ رَفَعَ قَدَمَهُ رَآنَا. قَالَ «مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا». طرفاه 3653، 3922 - تحفة 6583 4664 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ حِينَ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ قُلْتُ أَبُوهُ الزُّبَيْرُ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ، وَخَالَتُهُ عَائِشَةُ، وَجَدُّهُ أَبُو بَكْرٍ، وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ. فَقُلْتُ لِسُفْيَانَ إِسْنَادُهُ. فَقَالَ حَدَّثَنَا، فَشَغَلَهُ إِنْسَانٌ وَلَمْ يَقُلِ ابْنُ جُرَيْجٍ. طرفاه 4665، 4666 - تحفة 5799 4665 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ وَكَانَ بَيْنَهُمَا شَىْءٌ فَغَدَوْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ أَتُرِيدُ أَنْ تُقَاتِلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَتُحِلُّ حَرَمَ اللَّهِ. فَقَالَ مَعَاذَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَبَنِى أُمَيَّةَ مُحِلِّينَ، وَإِنِّى وَاللَّهِ لاَ أُحِلُّهُ أَبَدًا. قَالَ قَالَ النَّاسُ بَايِعْ لاِبْنِ الزُّبَيْرِ. فَقُلْتُ وَأَيْنَ بِهَذَا الأَمْرِ عَنْهُ أَمَّا أَبُوهُ فَحَوَارِىُّ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، يُرِيدُ الزُّبَيْرَ، وَأَمَّا جَدُّهُ فَصَاحِبُ الْغَارِ، يُرِيدُ أَبَا بَكْرٍ، وَأُمُّهُ فَذَاتُ النِّطَاقِ، يُرِيدُ أَسْمَاءَ، وَأَمَّا خَالَتُهُ فَأُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، يُرِيدُ عَائِشَةَ، وَأَمَّا عَمَّتُهُ فَزَوْجُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، يُرِيدُ خَدِيجَةَ، وَأَمَّا عَمَّةُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَدَّتُهُ، يُرِيدُ صَفِيَّةَ، ثُمَّ عَفِيفٌ فِى الإِسْلاَمِ، قَارِئٌ لِلْقُرْآنِ. وَاللَّهِ إِنْ وَصَلُونِى وَصَلُونِى مِنْ قَرِيبٍ، وَإِنْ

10 - باب قوله: {والمؤلفة قلوبهم} [التوبة: 60]

رَبُّونِى رَبَّنِى أَكْفَاءٌ كِرَامٌ، فَآثَرَ التُّوَيْتَاتِ وَالأُسَامَاتِ وَالْحُمَيْدَاتِ، يُرِيدُ أَبْطُنًا مِنْ بَنِى أَسَدٍ بَنِى تُوَيْتٍ وَبَنِى أُسَامَةَ وَبَنِى أَسَدٍ، إِنَّ ابْنَ أَبِى الْعَاصِ بَرَزَ يَمْشِى الْقُدَمِيَّةَ، يَعْنِى عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، وَإِنَّهُ لَوَّى ذَنَبَهُ، يَعْنِى ابْنَ الزُّبَيْرِ. طرفاه 4664، 4666 - تحفة 5799 - 84/ 6 4666 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ دَخَلْنَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ أَلاَ تَعْجَبُونَ لاِبْنِ الزُّبَيْرِ قَامَ فِى أَمْرِهِ هَذَا فَقُلْتُ لأُحَاسِبَنَّ نَفْسِى لَهُ مَا حَاسَبْتُهَا لأَبِى بَكْرٍ وَلاَ لِعُمَرَ، وَلَهُمَا كَانَا أَوْلَى بِكُلِّ خَيْرٍ مِنْهُ، وَقُلْتُ ابْنُ عَمَّةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ أَبِى بَكْرٍ، وَابْنُ أَخِى خَدِيجَةَ، وَابْنُ أُخْتِ عَائِشَةَ فَإِذَا هُوَ يَتَعَلَّى عَنِّى وَلاَ يُرِيدُ ذَلِكَ فَقُلْتُ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنِّى أَعْرِضُ هَذَا مِنْ نَفْسِى، فَيَدَعُهُ، وَمَا أُرَاهُ يُرِيدُ خَيْرًا، وَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ لأَنْ يَرُبَّنِى بَنُو عَمِّى أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ يَرُبَّنِى غَيْرُهُمْ. طرفاه 4664، 4665 - تحفة 5799 4665 - قوله: (قال: حَدَّثني يَحْيَى بنُ مَعِين) ... إلخ. فائدة: قال الذهبيُّ: إنَّ ابنَ مَعِين حنفيُّ، وترك أربعين صُندوقًا في خدمةِ الحديث بعده، ولكنه لما تكلَّم في الشافعيِّ رماه الناسُ بالتعصُّب، وقد أُجيب عنه في «طبقات الشافعية» حتى قال قائل منهم: إنَّ ابن إدريس هذا ليس هو الشافعيّ، بل هو رجلٌ آخَرُ. قلتُ: أما ابن إدريس هذا، فليس إلَّا الشافعيّ، وإنْ كان الصواب أنَّ ابنَ مَعِين لم يَعْرِف قَدْر الشافعي، فإِنَّه أَجَلُّ مِن أن يتكلَّم فيه مِثْلُ ابنِ مَعِين. 4665 - قوله: (وأين بهذَا الأَمْرِ عنه) إلخ، يعني: "هين كهان بازر هونكا ابن زبير سى جنكى يه مناقب هين". قوله: (يَمْشِي القُدَمِيَّةَ) يشيرُ إلى فُتُوحِه، فإِنَّ عبد الملك لم يزل في تَقَدُّمٍ من أَمْره، إلى أن استنقذ العراقُ من ابن الزُّبير، وقتل أخاه مصعبًا، ثُم جَهَّز العساكر إلى ابن الزبير بمكةَ، فكان من الأَمْر ما كان. ولم يزل أَمْرُ ابنِ الزُّبير في تأخُّر، إلى أَنْ قُتِل رضي الله تعالى عنه، وهذا الذي يريده من قوله: «وأنه لوى ذنبه»، يعني به ابن الزبير. 4666 - قوله: (يَتَعلَّى عنِّي) "او نجى بنتى هين". قوله: (ولا يرينو لك) أي لا يُبالي بطاعتي له. 10 - باب قَوْلِهِ: {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} [التوبة: 60] قالَ مُجَاهِدٌ: يَتَأَلَّفُهُمْ بِالعَطِيَّةِ. 4667 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِى نُعْمٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ بُعِثَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِشَىْءٍ، فَقَسَمَهُ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ وَقَالَ

11 - باب قوله: {الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين} [التوبة: 79]

«أَتَأَلَّفُهُمْ». فَقَالَ رَجُلٌ مَا عَدَلْتَ. فَقَالَ «يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ». أطرافه 3344، 3610، 4351، 5058، 6163، 6931، 6933، 7432، 7562 تحفة 4132 11 - باب قَوْلِهِ: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 79] يَلمِزُونَ: يَعِيبُونَ. وَ {جُهْدَهُمْ} وَ {جُهْدَهُمْ} [79] طَاقَتَهُمْ. 4668 - حَدَّثَنِى بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ قَالَ لَمَّا أُمِرْنَا بِالصَّدَقَةِ كُنَّا نَتَحَامَلُ فَجَاءَ أَبُو عَقِيلٍ بِنِصْفِ صَاعٍ، وَجَاءَ إِنْسَانٌ بِأَكْثَرَ مِنْهُ، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِىٌّ عَنْ صَدَقَةِ هَذَا، وَمَا فَعَلَ هَذَا الآخَرُ إِلاَّ رِئَاءً. فَنَزَلَتْ {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} الآيَةَ. أطرافه 1415، 1416، 2273، 4669 - تحفة 9991 4669 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قُلْتُ لأَبِى أُسَامَةَ أَحَدَّثَكُمْ زَائِدَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُ بِالصَّدَقَةِ، فَيَحْتَالُ أَحَدُنَا حَتَّى يَجِىءَ بِالْمُدِّ، وَإِنَّ لأَحَدِهِمِ الْيَوْمَ مِائَةَ أَلْفٍ. كَأَنَّهُ يُعَرِّضُ بِنَفْسِهِ. أطرافه 1415، 1416، 2273، 4668 - تحفة 9991 - 85/ 6 12 - باب قَوْلِهِ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] 4670 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا تُوُفِّىَ عَبْدُ اللَّهِ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ يُكَفِّنُ فِيهِ أَبَاهُ فَأَعْطَاهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّىَ عَلَيْهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيُصَلِّىَ فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُصَلِّى عَلَيْهِ وَقَدْ نَهَاكَ رَبُّكَ أَنْ تُصَلِّىَ عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا خَيَّرَنِى اللَّهُ فَقَالَ {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} وَسَأَزِيدُهُ عَلَى السَّبْعِينَ». قَالَ إِنَّهُ مُنَافِقٌ. قَالَ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84]. أطرافه 1269، 4672، 5796 - تحفة 7826 4671 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ دُعِىَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيُصَلِّىَ عَلَيْهِ فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَثَبْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُصَلِّى عَلَى ابْنِ أُبَىٍّ وَقَدْ قَالَ يَوْمَ كَذَا كَذَا وَكَذَا قَالَ أُعَدِّدُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ،

13 - باب قوله: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره} [التوبة: 84]

فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ «أَخِّرْ عَنِّى يَا عُمَرُ». فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ قَالَ «إِنِّى خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ، لَوْ أَعْلَمُ أَنِّى إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ يُغْفَرْ لَهُ لَزِدْتُ عَلَيْهَا». قَالَ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمْ يَمْكُثْ إِلاَّ يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتِ الآيَتَانِ مِنْ بَرَاءَةَ {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} إِلَى قَوْلِهِ {وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 84] قَالَ فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأَتِى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. طرفه 1366 - تحفة 10509 - 86/ 6 13 - باب قَوْلِهِ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] 4672 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ لَمَّا تُوُفِّىَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّنَهُ فِيهِ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى عَلَيْهِ، فَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِثَوْبِهِ فَقَالَ تُصَلِّى عَلَيْهِ وَهْوَ مُنَافِقٌ وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُمْ. قَالَ «إِنَّمَا خَيَّرَنِى اللَّهُ أَوْ أَخْبَرَنِى فَقَالَ {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] فَقَالَ سَأَزِيدُهُ عَلَى سَبْعِينَ». قَالَ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَصَلَّيْنَا مَعَهُ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (84)} أطرافه 1269، 4670، 5796 - تحفة 7809 14 - باب قَوْلِهِ: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95)} [التوبة: 95] 4673 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ تَبُوكَ وَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنْ نِعْمَةٍ بَعْدَ إِذْ هَدَانِى أَعْظَمَ مِنْ صِدْقِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ لاَ أَكُونَ كَذَبْتُهُ فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أُنْزِلَ الْوَحْىُ {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ} إِلَى {الْفَاسِقِينَ}. أطرافه 2757، 2947، 2948، 2949، 2950، 3088، 3556، 3889، 3951، 4418، 4676، 4677، 4678، 6255، 6690، 7225 - تحفة 11131 15 - باب قَوْلِهِ: {يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ}، {الْفَاسِقِينَ (96)}، {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102)} [التوبة: 102] 4674 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ - هُوَ ابْنُ هِشَامٍ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَحَدَّثَنَا عَوْفٌ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَنَا «أَتَانِى اللَّيْلَةَ آتِيَانِ فَابْتَعَثَانِى، فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ، فَتَلَقَّانَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ قَالاَ لَهُمُ اذْهَبُوا فَقَعُوا فِى ذَلِكَ النَّهْرِ.

16 - باب قوله: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} [التوبة: 113]

فَوَقَعُوا فِيهِ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ، فَصَارُوا فِى أَحْسَنِ صُورَةٍ قَالاَ لِى هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ، وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ قَالاَ أَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنٌ وَشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبِيحٌ فَإِنَّهُمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ». أطرافه 845، 1143، 1386، 2085، 2791، 3236، 3354، 6096، 7047 تحفة 4630 - 87/ 6 16 - باب قَوْلِهِ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 113] 4675 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَىْ عَمِّ قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ». فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ يَا أَبَا طَالِبٍ، أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ». فَنَزَلَتْ {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113)}. أطرافه 1360، 3884، 4772، 6681 - تحفة 11281 17 - باب قَوْلِهِ {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117)} 4676 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ قَالَ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ - وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِىَ - قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ فِى حَدِيثِهِ {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118] قَالَ فِى آخِرِ حَدِيثِهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِى صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمْسِكْ بَعْضَ مَالِكَ، فَهْوَ خَيْرٌ لَكَ». أطرافه 2757، 2947، 2948، 2949، 2950، 3088، 3556، 3889، 3951، 4418، 4673، 4677، 4678، 6255، 6690، 7225 - تحفة 11131 - 88/ 6 18 - باب {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118)} [التوبة: 118] 4677 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ أَنَّ الزُّهْرِىَّ حَدَّثَهُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، وَهْوَ أَحَدُ الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةٍ غَزَاهَا قَطُّ غَيْرَ غَزْوَتَيْنِ غَزْوَةِ الْعُسْرَةِ وَغَزْوَةِ

19 - باب {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين (119)} [التوبة: 119]

بَدْرٍ. قَالَ فَأَجْمَعْتُ صِدْقَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضُحًى، وَكَانَ قَلَّمَا يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ سَافَرَهُ إِلاَّ ضُحًى وَكَانَ يَبْدَأُ بِالْمَسْجِدِ، فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ، وَنَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كَلاَمِى وَكَلاَمِ صَاحِبَىَّ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْ كَلاَمِ أَحَدٍ مِنَ الْمُتَخَلِّفِينَ غَيْرِنَا، فَاجْتَنَبَ النَّاسُ كَلاَمَنَا، فَلَبِثْتُ كَذَلِكَ حَتَّى طَالَ عَلَىَّ الأَمْرُ، وَمَا مِنْ شَىْءٍ أَهَمُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَمُوتَ فَلاَ يُصَلِّى عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ يَمُوتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَكُونَ مِنَ النَّاسِ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ، فَلاَ يُكَلِّمُنِى أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَلاَ يُصَلِّى عَلَىَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَوْبَتَنَا عَلَى نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ بَقِىَ الثُّلُثُ الآخِرُ مِنَ اللَّيْلِ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ، وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مُحْسِنَةً فِى شَأْنِى مَعْنِيَّةً فِى أَمْرِى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أُمَّ سَلَمَةَ تِيبَ عَلَى كَعْبٍ». قَالَتْ أَفَلاَ أُرْسِلُ إِلَيْهِ فَأُبَشِّرَهُ قَالَ «إِذًا يَحْطِمَكُمُ النَّاسُ فَيَمْنَعُونَكُمُ النَّوْمَ سَائِرَ اللَّيْلَةِ». حَتَّى إِذَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةَ الْفَجْرِ آذَنَ بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا، وَكَانَ إِذَا اسْتَبْشَرَ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةٌ مِنَ الْقَمَرِ، وَكُنَّا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ الَّذِينَ خُلِّفُوا عَنِ الأَمْرِ الَّذِى قُبِلَ مِنْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ اعْتَذَرُوا حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ لَنَا التَّوْبَةَ، فَلَمَّا ذُكِرَ الَّذِينَ كَذَبُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْمُتَخَلِّفِينَ، وَاعْتَذَرُوا بِالْبَاطِلِ، ذُكِرُوا بِشَرِّ مَا ذُكِرَ بِهِ أَحَدٌ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ {يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 94] الآيَةَ. أطرافه 2757، 2947، 2948، 2949، 2950، 3088، 3556، 3889، 3951، 4418، 4673، 4676، 4678، 6255، 6690، 7225 - تحفة 11131 - 89/ 6 4677 - قوله: (وما مِن شيءٍ أَهَمُّ إليَّ، مِن أَنْ أَمُوتَ، فلا يُصلِّي عليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم؟ وفيه دليلٌ على أنه كان مِن سُنّة المنافقين أنهم كانوا لا يصلّون عليهم، فعلم أنهم كانوا معروفين بينهم بسيماهُم. 19 - باب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)} [التوبة: 119] 4678 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - وَكَانَ قَائِدَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ قِصَّةِ تَبُوكَ. فَوَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَبْلاَهُ اللَّهُ فِى صِدْقِ الْحَدِيثِ أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلاَنِى، مَا تَعَمَّدْتُ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى يَوْمِى هَذَا كَذِبًا، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ} إِلَى قَوْلِهِ {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 117 - 119]. أطرافه 2757، 2947، 2948، 2949، 2950، 3088، 3556، 3889، 3951، 4418، 4673، 4676، 4677، 6255، 6690، 7225 - تحفة 11131 20 - باب قَوْلِهِ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)} [التوبة: 128]: مِنَ الرَّأْفَةِ 4679 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ السَّبَّاقِ

أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىَّ - رضى الله عنه - وَكَانَ مِمَّنْ يَكْتُبُ الْوَحْىَ قَالَ أَرْسَلَ إِلَىَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ وَعِنْدَهُ عُمَرُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ عُمَرَ أَتَانِى فَقَالَ إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِالنَّاسِ، وَإِنِّى أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ فِى الْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرْآنِ، إِلاَّ أَنْ تَجْمَعُوهُ، وَإِنِّى لأَرَى أَنْ تَجْمَعَ الْقُرْآنَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ لِعُمَرَ كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عُمَرُ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ. فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِى فِيهِ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ لِذَلِكَ صَدْرِى، وَرَأَيْتُ الَّذِى رَأَى عُمَرُ. قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعُمَرُ عِنْدَهُ جَالِسٌ لاَ يَتَكَلَّمُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ وَلاَ نَتَّهِمُكَ، كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْىَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ. فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفَنِى نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَىَّ مِمَّا أَمَرَنِى بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ قُلْتُ كَيْفَ تَفْعَلاَنِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ أَزَلْ أُرَاجِعُهُ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِى لِلَّذِى شَرَحَ اللَّهُ لَهُ صَدْرَ أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقُمْتُ فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ وَالأَكْتَافِ وَالْعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى وَجَدْتُ مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِىِّ، لَمْ أَجِدْهُمَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} [التوبة: 128] إِلَى آخِرِهِمَا. وَكَانَتِ الصُّحُفُ الَّتِى جُمِعَ فِيهَا الْقُرْآنُ عِنْدَ أَبِى بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ. تَابَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَاللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَقَالَ مَعَ أَبِى خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِىِّ. وَقَالَ مُوسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ مَعَ أَبِى خُزَيْمَةَ. وَتَابَعَهُ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ. وَقَالَ أَبُو ثَابِتٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ وَقَالَ مَعَ خُزَيْمَةَ، أَوْ أَبِى خُزَيْمَةَ. أطرافه 2807، 4049، 4784، 4986، 4988، 4989، 7191، 7425 تحفة 3729، 6594، 10439، 3527 أ - 90/ 6 4679 - قوله: (أَجْمعُه من الرِّقاع، والأكتافِ، والعُسُب) والعُسُب جريدُ النَّخْلِ، كانوا ينزعون عنها قِشْرَها، فيبدوا من تحتها أبيض، فيكتبون عليها. فائدة: في جَمع القرآن: وقد ذكر العلماءُ أنَّ القرآنَ كلَّه كان جُمِع في عَهْد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم حتى القراءات أيضًا. وذهب بعضُ المحققين إلى أن ترتيبَ السُّور أيضًا توقيفي، والأكثرون إلى أن ترتيبَ السور اجتهادي. وأما ذُو النُّورين فلم يَزِد إلَّا أنه أَخَذ ما في العرضة الأخيرةِ وترك ما كان سواها، ثُم أخذ بقوله وأرسل إلى البلاد، ومِن ذلك سُمِّي جامِعًا للقرآنِ، لا بمعنى أنَّ القرآن لم يكن مجموعًا قَبْله أَصْلًا.

10 - سورة يونس

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 10 - سُورَة يُونُسَ 1 - باب وقال ابن عباس: {فَاخْتَلَطَ} [يونس: 24]. فَنَبَتَ بِالْمَاءِ مِنْ كُلِّ لَوْنٍ. وَ {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ} [يونس: 68]. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ} [يونس: 2] مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ مُجَاهِدٌ خَيْرٌ. يُقَالُ {تِلْكَ آيَاتُ} [يونس: 1] يَعْنِى هَذِهِ أَعْلاَمُ الْقُرْآنِ وَمِثْلُهُ. {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: 22] الْمَعْنَى بِكُمْ. {دَعْوَاهُمْ} [يونس: 10] دُعَاؤُهُمْ {أُحِيطَ بِهِمْ} [يونس: 22] دَنَوْا مِنَ الْهَلَكَةِ {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} [البقرة: 81] فَاتَّبَعَهُمْ وَأَتْبَعَهُمْ وَاحِدٌ. {عَدْوًا} [يونس: 90] مِنَ الْعُدْوَانِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ {يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ} [يونس: 11] قَوْلُ الإِنْسَانِ لِوَلَدِهِ وَمَالِهِ إِذَا غَضِبَ اللَّهُمَّ لاَ تُبَارِكْ فِيهِ وَالْعَنْهُ {لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} [يونس: 11] لأُهْلِكُ مَنْ دُعِىَ عَلَيْهِ وَلأَمَاتَهُ. {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى} [يونس: 26] مِثْلُهَا حُسْنَى {وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] مَغْفِرَةٌ. {الْكِبْرِيَاءُ} [يونس: 78] الْمُلْكُ. 91/ 6 قال ابن عباس: (فاختلط) واعلم أنَّ مرادَ ما في الصُّلب قد لا يَتَمُّ ما لا ينضمُّ معه ما في «الهامش»، كما رأيت ههنا. فأَصْلُ العبارة هكذا: (فاختلط به نباتُ الأَرْض) إلَّا أن النُّسّاخ كتبوا: (نبات الأَرْض) على «الهامش»، فانخرم مرادُ الصُّلْب. قوله: ({أَحْسَنُوا الْحُسْنَى}، مِثْلُها {وَزِيَادَةٌ} مَغْفِرةٌ) أي المرادُ من «الحُسْنى» مِثْلُها، والمرادُ من «الزيادة» المغفرة. 2 - باب {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90)} [يونس: 90] {نُنَجِّيكَ} [يونس: 92] نُلْقِيكَ عَلَى نَجْوَةٍ مِنَ الأَرْضِ، وَهْوَ النَّشَزُ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ. 4680 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ وَالْيَهُودُ تَصُومُ عَاشُورَاءَ فَقَالُوا هَذَا يَوْمٌ ظَهَرَ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِهِ «أَنْتُمْ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْهُمْ، فَصُومُوا». أطرافه 2004، 3397، 3943، 4737 - تحفة 5450 واعلم أنَّ إيمانَ البأس غيرُ معتبر. وفَسَّره الجمهورُ بالإِيمان عند الدخول في

مقدماتِ النَّزْع، أو الإِيمان عند مشاهدةِ عذاب الاستئصال. ولما كان فرعونُ قد أدركه العَرَقُ، فشاهد عذابَ الاستئصال، فإِيمانُه إيمانُ بأس، وذلك غيرُ مُعْتَبَر. أما إنه قد كان دخل في النَّزْع أو لا، فالله تعالى أعلم به. وكيف ما كان إيمانُه غيرُ معتبرٍ عند الجمهور. وقال الشيخ الأكبر (¬1): إنَّ إيمانه معتَبرٌ، كما في «الفتوحات» و «الفصوص». قلتُ: ولعلَّ ¬

_ (¬1) قال الشيخ الأكبر في الباب السابع والستين ومائة ما حاصِلُه: إن اللهَ تعالى لما علم أنه قد طُبع على كل قلب مظْهرٌ للجبروت والكبرياء، وأن فرعون في نفسه أذلُّ الأذلاء، أمَرَ موسى وهارون عليهما السلام أن يعاملاه بالرحمة واللِّينِ لمناسبةِ باطنِه، واستنزال ظاهره من جبروتِه وكبريائه، فقال سبحانه: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ} [طه: 44]، و"لعل "، و"عسى" من الله تعالى واجبتان، فيتذكَّر بما يقابله من اللين والمسكنة ما هو عليه في باطنه، ليكون الظاهرُ والباطن على السواء، فما زالت تلك الخميرةُ معه، تعمل في باطنه مع الترجِّي الإِلهي الواجب فيه وقوعُ المترجِّي، ويتقوى حُكْمها إلى حين انقطاع يأسه من أتباعه، وحال الغرق بينه وبين أطماعه لجأ إلى ما كان مستترًا في باطنه من الذِّلة والافتقار، ليتحقَّقَ عند المؤمنين وقوعُ الرجاء الإِلهي، فقال: {آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: 90] فرفع الإِشكال من الإِشكال، كما قالت السحرةُ لما آمنت: {آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122)} [الأعراف: 121 - 122] أي الذي يدعوان إليه، فجاءت بذلك لِدَفْع الارتياب، ورَفْع الإِشكال، وقوله: {وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} خطاب منه للحقِّ تعالى، لعلمه أنه سبحانه يسمعه، ويراه. فخاطبه الحقُّ بلسانِ الغيب، وسمعه: {آلْآنَ} أظهرت ما قد كنت تعلمه، {وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} لأَتباعك، وما قال له: وأنت من المفسدين، فهي كلمةُ بُشْرى له، عرفنا بها، لنرجو رحمته، مع إسرافنا وإجرامنا. ثُم قال سبحانه: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} [يونس: 92] يعني لتكونَ النجاة لمن يأتي بعدك آيةٌ، أي علامةً، إذا قال ما قلته، تكونُ له النجاةُ مِثْلَ ما كانت لك، وما في الآية أن بأسَ الآخرةِ لا يرتفع، وأن إيمانَه لم يقبل، وإنما فيها أنَّ بأس الدنيا لا يرتفعُ عمن نَزَل به إذا آمن في حال نزوله إلَّا قومَ يونس عليه السلام، فقوله سبحانه: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} [يونس: 92] بمعنى أن العذاب لا يتعلق إلَّا بظاهرك، وقد أريت الخَلْقَ نجاته من العذاب، فكان ابتداءُ الغرق عذابًا، فصار الموت فيه شهادةً خالصة برؤيةٍ لم يتخلَّلها معصيةٌ، فقُبِض على أَفْضل عَمَل، وهو التلفُّظ بالإِيمان، كلُّ ذلك حتى لا يَقْنُط أَحدٌ من رحمة الله تعالى، والأعمال بخواتيمها، فلم يزل الإِيمانُ بالله تعالى يجولُ في باطنه، وقد حال الطابع الإِلهي الذاتي في الخَلْق بين الكبرياء واللطائف الإِنسانية، فلم يدخلها قَطُّ كِبْرِياء، وأما قوله تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} [غافر: 85] فكلامُ محقَّق في غايةِ الوضوح، فإِن النافِعَ هو اللهُ تعالى، فما نَفَعهم إلا هو سبحانه، وقوله عز وجل: {سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ} [غافر: 85] فيعني بذلك الإِيمان عند رؤية البأس غير المعتاد، وقد قال تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [الرعد: 15] فغايةُ هذا الإِيمانِ أن يكون كَرْهًا، وقد أضافه الحقُّ سبحانه إليه. والكراهةُ محلُّها القَلْب، والإِيمانُ كذلك، والله تعالى لا يأخذُّ العَبْدَ بالأعمال الشاقَّة عليه، من حيث ما يجدُه من المشقةِ فيها، بل يضاعِف له فيها الأَجْر، وأما في هذا الموطن فالمشقةُ منه بعيدةٌ، بل جاء طَوْعًا في إيمانه، وما عاش بعد ذلك، بل قبض، ولم يؤخر، لئلا يرجعَ إلى ما كان عليه من الدَّعْوى، ولو قبض ركاب البحر الذين قال سبحانه فيهم: {ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 67] عند نجاتهم لماتوا مُوحِّدين، وقد حصَلت لهم النجاة. ثم قوله تعالى في تتميم قصته هذه: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ} [يونس: 92] على معنى قد ظهرت نجاتُك آية، أي علامة على حصولِ النجاة، فَغَفَل أكثر الناس عن هذه الآية، فقضوا على المؤمن بالشقاء. وأما قوله تعالى: {فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} [هود: 98] فليس فيه أن يدخلها معهم، بل قال جلَّ وعلا: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 46] ولم يقل: أدخلوا =

إيمانَ البأس عنده مُفَسّر بالإِيمان عند الدخول في مقدّمات النَّزْع فقط. فَمَن شاهد عذابَ الاستئصال، وآمن لا يكون إيمانُه إيمانَ بأسٍ عنده، وإذ لا دليلَ على دخوله في مقدّمات النَّزْع، بل كلماته قد تُشْعر بخلافه. فإِذن ينبغي أن يُعْتبر إيمانُه على اصطلاحه. ولكنْ ذبَّ عنه الشيخُ الشَّعْراني، وهو من أكبر مُعْتَقديه، فقال: إنَّ كثيرًا عن عباراتِ «الفتوحات» مدسوسةٌ، وتلك المسألة أيضًا منها، لأن نسخة «الفتوحات» لابن السويكين موجدةٌ عندي، وليس فيها ما نسبوه إليه. قلتُ: وابن السويكين هذا حَنَفي المذهب. وقد أبدى الشيخُ عبدُ الحقَّ في الشَّرْح الفارسي تعارُضًا بين كلامَي الشيخِ الأكبر. وحرر الدَّوَّاني رسالة في حمايته. وردَّ عليه على القاري في رساله سماها «فِرّ العَوْن من مُدّعي إيمان فِرْعون». وتكلم عليها بحر العلوم أيضًا في «شرح المَثْنَوي»، وحاصل مقاله: أنَّ إيمانَه معتبَرٌ عنده من حيثُ رَفْعُ الكفر، وإن كان غيرَ مُعْتَبر من حيثُ التوبةُ. وعندي رسالةٌ للبمباني في تلك المسألة، وكذا للمُلاّ محمود نفوري، فما أتيا فيها بشيءٍ يشفي الصُّدور. والبمباني هذا مُصنِّف «منتخب الحسامي»، و «الخير الجاري» وهو من علماء القرن الحادي عَشَر. والذي أظن أنه من كلام الشيخ الأكبر وإنْ أنكره الشَّعْراني، لأني أَعْرف طريقَه، وأُميِّزُ كلامَه من غيره. وأما المسألة فهي عندي، كما ذهب إليه الجمهورُ، لأَنِّي أرى أَنَّ كُفْره قد تواتر بين الملّة على البسيطة كلها، حتى سارت به الأمثال (¬1). بقي قومُ يُونس، ¬

_ = فرعونَ وآلَه، ورحمةُ الله تعالى أَوْسَعُ مِن أن لا يقبل إيمانَ المضطر، وأي اضطرار أعظم من اضطرار فرعونَ في حال الغرق، والله تبارك وتعالى يقول: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62] فقرن دعاءَ المضطر بالإجابة، وكَشْف السوء عنه، وهذا آمن لله تعالى خالصًا، وما دعاه في البقاء في الحياة الدنيا خَوْفًا من العوارض، وأن يحالَ بينه وبين هذا الإِخلاص الذي جاءه في هذه الحال، فرجح جانب لقاءِ الله تعالى على البقاء بالتلفظ بالإِيمان، وجعل ذلك الغَرَقَ نكالَ الآخرة والأولى، فلم يكن عذابه أكثرَ من غمِّ الماء الأُجاج، وقبضه على أحسن صفة، وهذا هو الذي يعطيه ظاهرُ اللفظ، وهو معنى قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (26)} [النازعات: 26] يعني في أَخْذه نَكال الآخرة والأُولى. وقَدَّم سبحانه ذِكر الآخرةِ على الأُولى ليعلم أنَّ ذلك العذاب، أعني عذاب الغَرَق، هو نَكال الآخرة، وهذا هو الفضل العظيم، انتهى. (¬1) قال الشيخ الألوسي: وبالجملةِ ظواهِرُ الآي صريحةٌ في كُفر فِرعونَ، وعدمِ قَبول إيمانِهِ، ومن ذلك قوله سبحانه: {وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38) وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39) فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)} [العنكبوت: 38 - 40] فإِنَّه ظاهِرٌ في استمرار فرعونَ على الكُفْر والمعاصي الموجبة لما حلَّ به، كما يدلُّ عليه التعبيرُ بـ: "كان" والفعل المضارع، ومع الإِيمان لا استمرار، على أن نَظْمه في سِلْك مَنْ ذُكر معه ظاهِرٌ أيضًا في المدعي. وقد صَرحوا أيضًا بأن إيمانَ البأس واليأس غيرُ مقبول، ولا شك على أنَّ إيمانَ المخذول كان من ذلك القبيل، وإنكاره مكابرة، وقد حُكي =

فالنصُّ شاهِدُ على اعتبار إيمانِهم بعد مشاهدةِ عذابِ الاستئصال أيضًا، فإِما أَنْ يُقال بالتخصيصِ، أو تحرُّر المسألة على نحو آخر، وهو على ما أقول: إنَّ قومًا إذا آمنوا عند إحاطةِ عذاب الاستئصال، فلا يَخْلُو إما أن يُكْشف ذلك العذابُ عنهم، أو لا، فإِنْ كُشِف كما كُشف عن قومِ يُونس عليه السلام يُعتبرُ به، وإن لم يُكْشَف حتى هلكوا فيه لا يُعْتبر، نحو فرعون، وحينئذٍ يندفِعُ الإِشكال. ومن ههنا ظهر الجوابُ عما يَرِد على روايةِ الترمذي: أن جبرئيل، لما رآه يقول: لا إله إلا الله دَسَّ الطينَ في فيه خشيةَ أنْ تُدْرِكه الرحمةُ. والاعتراض عليه بوجهين. الأول: أنه سعى في كُفْر رَجُلٍ، وهو رضاءٌ بالكُفْر، فكيف ساغ له؟!. والثاني: أن إيمانَه في هذا الحينِ إنْ كان مُعْتبرًا، فلم حالَ دونَه، وإلَّا فما الفائدةُ في الدسِّ؟. قلتُ: أما الجواب عن الأَوَّل: فبأنَّ الدعاءَ بسوءِ الخاتمة جائِزٌ في حقِّ مَنْ كان يؤذي المؤمنين (¬1)، ويَقْعد لهم كلَّ مَرْصد، كما نُقِل ذلك عن إمامنا، بل هو صريحٌ في ¬

_ = الإِجماع على عَدم القَبول، ومستندُهم فيه الكتابُ والسنة. وفي "الزواجر" أنه على تقدير التسليم لا يضرُّنا ذلك في دَعْوى إجماع الأمة على كُفْر فرعون، لأنا لم نَحْكُم بكفره لأَجْل إيمانه عند البأس فحسب، بل لما انضمَّ إليه مِن أنه لم يؤمن بالله تعالى إيمانًا صحيحًا، بل كان تقليدًا مَحْضًا، بدليل قوله: {إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} [يونس: 90] فكأنه اعترف بأنه لا يعرفُ اللهَ تعالى. وأيضًا لا بدَّ في إسلام الدَّهْري ونحوه ممن قَدْ دان بشيء أن يقر ببطلانِ ذلك الشيء الذي كفَر به، فلو قال: آمنتُ بالذي لا إله غيرُه لم يكن مسلمًا، وفرعونُ لم يعترف ببطلان ما كان كَفَر به مِن نفي الصانع، وادعاء الإلهية لنفسه الخبيثة. وعلى التنزل، فالإِجماعُ مُنْعقدٌ على أن الإِيمانَ بالله تعالى مع عدم الإِيمان بالرسول لا يصح، والسحرةُ تعرَّضوا في إيمانهم للإِيمان بموسى عليه السلام، بقولهم: {آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122)} [الأعراف: 121 - 122] ويرشِدك إلى بعضِ ذلك قوله تعالى: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ} ... إلخ [يونس: 91]، مع أنه لا يخفى أنه لو صحَّ إيمانه وإسلامه، لكان الأَنسَب بمقام الفضلِ الذي طمح إليه نَظَرُ الشيخ الأكبر، أن يقال له: آلان نقبلُك ونكرمك، لاستلزام صحة إيمانه رضا الحق عنه ... إلخ. "روح المعاني" ملخصًا مع تغيير. ثم إنَّ الشيخ الألوسي قد أجاب عن كل ما ذكره الشيخ الأكبر في ذلك، مَنْ شاء فليراجع تفسيرَه. (¬1) واستدل بعضُهم بالآيةِ على أن الدعاءَ على شَخْص بالكُفْر لا يُعَدّ كُفْرًا إذا لم يكن على وَجْه الاستحسان للكفر، بل كان على وَجْه التمني لِينتقمَ اللهُ تعالى من ذلك الشخص، ويشدّد الانتقام، وإلى هذا ذهب شيخ الإِسلام خواهر زاده. فقولُهم: الرِّضا بِكُفْر الغير كُفْرٌ، ليس على إطلاقه عنده، بل هو مقيدٌ بما إذا كان على وَجْه الاستحسان، لكن قال صاحب "الذخيرة": قد عثرنا على روايةٍ عن أبي حنيفةَ أن الرِّضا بِكُفْر الغيرِ كُفْر، من غير تفصيل، والمنقول عن عَلَم الهُدى أبي منصور الماتريدي التفصيل، ففي المسألة اختلاف: قيل: والمعوّل عليه أنَّ الرضا بالكُفْر من حيث إِنه كُفْر كُفْر، وأن الرِّضا به لا من هذه الحيثيةِ، بل من حيثُ كونه سببًا للعذاب الأليم، أو كونه أثرًا من آثار قضاءِ الله وقَدَرِه مثلًا، ليس بِكُفْر. ويؤَيِّدُه ما في الحديث الصحيح في فَتْح مكة: ان ابنَ أبي السَّرْح أتى به عثمانُ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقال: يا رسولَ اللهِ بايعه، فكفَّ - صلى الله عليه وسلم - يده عن بَيْعتِه، ونظر إليه ثلاثَ =

11 - سورة هود عليه الصلاة والسلام

قول موسى عليه الصلاة والسلام: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: 88]، وأما الجواب عن الثاني: فإِنَّا نختارُ أن إيمانَه لم يكن مُعْتبرًا في ذلك الحين، لكنه خشي أن يُكْشَف عنه العذابُ، كما كُشِف عن قَوْم يُونس، فيعتبر إيمانُه كما اعتُبِر منهم، على ما حَرَّرنا، على أنَّ الرحمةَ ليست تحت القواعد، فخشي أَنْ تُدْرِكه الرحمةُ بلا موجِب (¬1). ومِن ههنا ظهر الجوابُ عَمَّا ذكره الشيخُ الأكبر، أنه وإنْ آمن بعد مشاهدةِ عذابِ الاستئصال، لكنه لم يُكْشف عنه، بل هلك فيه أيضًا، فكيف يُعْتبر به؟ وقد يُجاب بأنَّ قوله: {آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} [يونس: 90] دليلٌ على أنه كان في قَلْبه غشًا بعد، ولذا أحال على بني إسرائيل، ولم يقل: آمنت بالله، صراحةً. قلتُ: وهذا ليس بشيءٍ، فإِنه إذا ثبت عنده أنَّ الدِّين دينُهم، وجَرَّب ذلك الآن، ناسب له أن يُحِيل على دينهم، وحينئذ لا يكونُ قَوْلُه من باب جواب المنافقين في القبور: سمعنا الناس يقولون قولًا فقلنا، بل يكون من باب قول السَّحَرةِ: {آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى} [طه: 70]. قوله: (نُنَجِّيك بِبَدَنِك) وصَدَق اللَّهُ، حيث خرج اليوم جَسَدُه كما هو، وكان عند فراعنةِ مصر دواءٌ يَطْلُون به الأمواتَ، فتحفظ الأَبْدَان عن الفسادِ، ولذا كانت العرب يُحَنّطون عند القتال، كما مَرَّ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 11 - سُورَةُ هُودٍ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَصِيبٌ: شَدِيدٌ، لا جَرَمَ: بَلى. وَقالَ غَيْرُهُ: وَحاقَ: نَزَلَ، يَحِيقُ: يَنْزِلُ، يَؤوسٌ: فَعُولٌ مِنْ يَئِسْتُ، وقالَ مُجاهِدٌ: تَبْتَئِسْ: تَحْزَنْ، يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ شَكٌّ وَاللهفْتِراءٌ فِي الْحَقِّ، لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ: مِنَ الله إِنِ اسْتَطاعُوا. ¬

_ = مرات، كل ذلك يَأبى أن يبايعَه، فبايعه بعد الثلاث. ثُم أقبل - صلى الله عليه وسلم - على أصحابِه، فقال: أما كان فيكم رجلٌ رشيدٌ، يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته، فيقتُلُه؛ قالوا: وما يدرينا يا رسولَ الله ما في نَفْسِك؟ أَلا ما أومأت إلينا بعينك؟، فقال عليه الصلاة والسلام: إنه لا ينبغي لنبيٍّ أنْ يكون له خائنةُ الأعين. وقد أخرجه ابنُ أبي شَيْبة، وأبو داود، والنَّسائي، وابن مَرْدُويه عن سَعد بن أبي وَقَّاص، وهو معروفٌ في السِّير، فإِنَّه ظاهِرٌ في أنَّ التوقُّف مُطْلقًا ليس -كما قالوه- كُفرًا، فليتأمل، مختصرًا "روح المعاني". (¬1) قال بعضُ المحقِّقين: إنما فعل جبرئيلُ عليه السلام ما فعل غَضَبًا عليه لما صَدَر منه، وخَوْفًا أنه إذا كَرَّر ذلك رُبما قُبِل منه على سبيل خَرْق العادة، لِسِعة بحر الرحمة الذي يستغرقُ كلَّ شيء. وأما الرِّضاء بالكُفْر، فالحق إنه ليس بِكُفر مطلقًا، بل إذا استُحْسن، وإنما الكُفْر رضاءٌ بِكُفْر نفسه، كما في التأويلات لِعَلَم الهُدَى. اهـ "روح المعَاني".

1 - باب {ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور (5)} [هود: 5]

وَقالَ أَبُو مَيسَرَةَ: الأَوَّاهُ: الرَّحِيمُ بِالحَبَشَةِ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {بَادِىءَ الرَّأْي} [27] ما ظَهَرَ لَنَا. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {الْجُودِىّ} [44] جَبَلٌ بِالجَزِيرَةِ. وَقالَ الحَسَنُ: {إِنَّكَ لأَنتَ الْحَلِيمُ} [87] يَسْتَهْزِؤُونَ بِهِ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أَقْلِعِي} [44] أَمْسِكِي. {عَصِيبٌ} [77]: شَدِيدٌ. {لاَ جَرَمَ} [22]: بَلَى، {وَفَارَ التَّنُّورُ} [40] نَبَعَ المَاءُ، وَقالَ عِكْرِمَةُ: وَجْهُ الأَرْضِ. قوله: ({ولا جَرَم}: بلى) (¬1) هذا حاصل معناه، وأصل معناه: لا انقطاعَ. 1 - باب {أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (5)} [هود: 5] وَقَالَ غَيرُهُ: {وَحَاقَ} [8]: نَزَلَ، {يَحِيقُ} [فاطر: 43]: يَنْزِلُ. {يَؤُوسٌ} [9]: فَعُولٌ، مِنْ يَئِسْتُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَبْتَئِسْ} [36]: تَحْزَنْ. {يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} [5]: شَكٌّ وامْتِرَاءٌ فِي الحَقِّ. {لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ} [5]: مِنَ اللَّهِ إِنِ اسْتَطَاعُوا. 4681 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ (أَلاَ إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِى صُدُورُهُمْ) قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ أُنَاسٌ كَانُوا يَسْتَحْيُونَ أَنْ يَتَخَلَّوْا فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ، وَأَنْ يُجَامِعُوا نِسَاءَهُمْ فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ، فَنَزَلَ ذَلِكَ فِيهِمْ. طرفاه 4682، 4683 - تحفة 6440 4682 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَأَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ (أَلاَ إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِى صُدُورُهُمْ) قُلْتُ يَا أَبَا الْعَبَّاسِ مَا تَثْنَوْنِى صُدُورُهُمْ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يُجَامِعُ امْرَأَتَهُ فَيَسْتَحِى أَوْ يَتَخَلَّى فَيَسْتَحِى فَنَزَلَتْ {أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ}. طرفاه 4681، 4683 - تحفة 6440 - 92/ 6 4683 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ {أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ} [هود: 5] وَقَالَ غَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {يَسْتَغْشُونَ} يُغَطُّونَ رُءُوسَهُمْ. {سِىء بِهِمْ} [77]، سَاءَ ظَنُّهُ بِقَوْمِهِ، {وَضَاقَ بِهِمْ} [77] بِأَضْيَافِهِ. {بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} [81] بِسَوَادٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أُنِيبُ} [88] أَرْجِعُ. طرفاه 4681، 4682 - تحفة 6306 قيل: نزلت في مبالغتِهم في التَّستُّر عند الجماع. وقيل: في مبالغتهم في التستر ¬

_ (¬1) راجع تحقيقه في "روح المعاني".

2 - باب قوله: {وكان عرشه على الماء} [هود: 7]

عند البَوْل والبَرَاز، فهداهم الله تعالى إلى القَصْد والسَّداد، ونهاهم عن التعمُّقِ بما لم يُكلَّفوا به، فإِنه جَهْلٌ وسَفَه، وليس من الاستحياء في شيءٍ. وقد يُفَسَّر أن المرادَ منه الانثناءُ المعنويُّ، وهو الانحرافُ عن الحقِّ. قوله: (يَثْنون) من باب الافعيعال، فيكون {صُدُورُهُمْ} فاعلًا، لأن هذا الباب لازِمٌ أبدًا، ثُم إنه قيل: لا معنى للتستُّر مِن الله، فإِنه تعالى ليس يُحْجَبُ منه شيء، فاللباس والتعرِّي عنده سواء. وأجيب أنَّ معناه أنَّ الله تعالى يُحِبّ المستورَ، ويمقُت العُرْيان. وبالجملة هَدَى القرآنَ إلى أنَّ الإِفراطَ في تَحَفُّظ حدودِ الشَّرْع حَمَقٌ، كما أنَّ التجاوزَ عنها ظُلْم وعَسْف، ولما كان كَشْفُ العورةِ كبيرةً بين الناس، ومذمومًا في حال التخلِّي، فَلْيُقْتصر عليه، فَمَن زاد على هذا أو نَقَص فقد تَعدَّى وظَلَم، قال تعالى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 229]. 2 - باب قَوْلِهِ: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: 7] 4684 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ - وَقَالَ - يَدُ اللَّهِ مَلأَى لاَ تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ - وَقَالَ - أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِى يَدِهِ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَبِيَدِهِ الْمِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ». {اعْتَرَاكَ} [هود: 54] افْتَعَلْتَ مِنْ عَرَوْتُهُ أَىْ أَصَبْتُهُ، وَمِنْهُ يَعْرُوهُ وَاعْتَرَانِى {آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} [هود: 56] أَىْ فِى مِلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ. {عَنِيدٍ} [هود: 59] وَعَنُودٌ وَعَانِدٌ وَاحِدٌ، هُوَ تَأْكِيدُ التَّجَبُّرِ، {وَاسْتَعْمَرَكُمْ} [هود: 61] جَعَلَكُمْ عُمَّارًا، أَعْمَرْتُهُ الدَّارَ فَهْىَ عُمْرَى جَعَلْتُهَا لَهُ. {نَكِرَهُمْ} [هود: 70] وَأَنْكَرَهُمْ وَاسْتَنْكَرَهُمْ وَاحِدٌ {حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود: 73] كَأَنَّهُ فَعِيلٌ مِنْ مَاجِدٍ. مَحْمُودٌ مِنْ حَمِدَ. {سِجِّيلٍ} [هود: 82] الشَّدِيدُ الْكَبِيرُ. سِجِّيلٌ وَسِجِّينٌ وَاللاَّمُ وَالنُّونُ أُخْتَانِ، وَقَالَ تَمِيمُ بْنُ مُقْبِلٍ *وَرَجْلَةٍ يَضْرِبُونَ الْبَيْضَ ضَاحِيَةً ... ضَرْبًا تَوَاصَى بِهِ الأَبْطَالُ سِجِّينَا أطرافه 5352، 7411، 7419، 7496 - تحفة 13740 أخبرَ الشَّرْع عن أَوَّل المخلوقِ أنه على الماء، والعرش، وأما الترتيب بين هذين ماذا هو، فلا عِلْم لنا. ثم إنَّه رُوِي عن ابن عباس أنَّ الله سبحانه خَلَق كلَّ شيء من الماء، وذلك إما بتلطيفه، أو بتكشيفه، فلا إشكال في الكُلّية. وبُرْهِن في الفلسفة الجديدة أن مادةَ العالم هي السَّدِيم (¬1)، وهو عندي قريبٌ من العَمادِ الوارد في الحديث: «كانَ في ¬

_ (¬1) وراجع تفصيله في "روح المعاني".

3 - باب {وإلى مدين أخاهم شعيبا} [الأعراف: 85]

عَماءٍ ما فوقه هواء، وما تحته هواء» والصواب عند الجمهور قاطبةً أن العَرْش مُحْدَث على رَغْم ما قال ابنُ تيميةَ، فإِنَّه ذهب إلى قِدَمه بالنَّوْع، وقال ابنُ القيم في «نُونيته»: *والله كان وليس شيءٌ غَيرُه ... سبحانه جَلَّ العظيم الشان *واللَّهُ خالِقُ كلِّ شيءٍ غيره ... ما ربُّنا والخَلْقُ مقترنانِ *لسنا نقولُ كما يقولُ المُلْحِدُ الزِّ ... نْدِيقُ صَاحِبُ منطقِ اليونان: *بدوام هذا العالمِ المشهو ... دِ والأرواح، وليس بفان! [إلى آخر ما قال] فقلت: *وإذا الحوادثُ لا نفاذَ لها فلا ... يصل المضاء لحادثِ الابان *وكغابرٍ ماضٍ، وما من فارقٍ ... فاثبت، فإِنَّ الكُفْر في الخزلان *وهو ابن سيناء القرمطي غدا مدى ... شرك الردى وشريطة الشيطان *والعرش أيضًا حادث عند الورى ... ومن الخطاء حكاية الدُّوّاني [إلى آخر القصيدة] قوله: (هو تأكيِدُ التجبُّر) أي مبالغة الكِبَر. قوله: (واللامُ والنُّونُ أُخْتَانِ) أي بينهما تبادل: *ورَجْلَةٍ يَضْرِبُونَ البَيْضَ ضَاحِيةً ... ضَرْبًا تَوَاصى به الأَبطالُ سِجِّينَا أور "مارتى هين سرون براس حال مين كه كهلى هون ايسى ماركه وصيت كى هواو سكى بها درون نى سخت وصيت". قوله: (ظَهَرْتَ بحاجَتي) "تونى ميرى حاجت كوبس بشت دالديا". قوله: (أو وعاءً تَسْتَظْهِرُ بهِ) "ياوه برتن جسى تو كمركى بيجهى دالدى". 3 - باب {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} [الأعراف: 85] أي إِلَى أَهْلِ مَدْيَنَ، لأَنَّ مَدْيَنَ بَلَدٌ، وَمِثْلُهُ {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] {وَاسْأَلِ العِيرَ}، يَعْنِي أَهْلَ القَرْيَةِ وَالعِيرِ. {وَرَآءكُمْ ظِهْرِيًّا} يَقُولُ: لَمْ تَلتَفِتُوا إِلَيهِ، وَيُقَالُ إِذَا لَمْ يَقْضِ الرَّجلُ حاجَتَهُ: ظَهَرْتَ بِحَاجَتِي وَجَعَلتَنِي ظِهْرِيًّا، وَالظِّهْرِيُّ هَا هُنَا: أَنْ تَأْخُذَ مَعَكَ دَابَّةً أَوْ وِعاءً تَسْتَظْهِرُ بِهِ. أَرَاذِلُنَا: سُقَّاطُنَا، إِجْرَامِي: هُوَ مَصْدَرٌ مِنْ أَجْرَمْتُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: جَرَمْتُ. {الْفُلْكِ} [37] وَالفَلَكُ وَاحِدٌ، وَهيَ السَّفِينَة وَالسُّفُنُ. {مُجْرَاهَا} [41] مَدْفَعُهَا، وَهُوَ مَصْدَرُ أَجْرَيتُ، وَأَرْسَيتُ: حَبَسْتُ، وَيُقْرَأُ: {مُرْسَاهَا} مِنْ رَسَتْ هِيَ، {وَمَجْرَاهَا} مِنْ جَرَتْ هِيَ. {وَمُجْرِيهَا وَمُرْسِيهَا}، مِنْ فُعِلَ بِهَا، الرَّاسِيَاتُ: ثَابِتَاتٌ. 93/ 6

4 - باب قوله: {ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين} [هود: 18]

4 - باب قَوْلِهِ: {وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] وَاحِدُ الأَشْهَادِ شَاهِدٌ، مِثْلُ: صَاحِبٍ وَأَصْحَابٍ. 4685 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَهِشَامٌ قَالاَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ قَالَ بَيْنَا ابْنُ عُمَرَ يَطُوفُ إِذْ عَرَضَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ - أَوْ قَالَ يَا ابْنَ عُمَرَ - سَمِعْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى النَّجْوَى فَقَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يُدْنَى الْمُؤْمِنُ مِنْ رَبِّهِ - وَقَالَ هِشَامٌ يَدْنُو الْمُؤْمِنُ - حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ، فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ تَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا يَقُولُ أَعْرِفُ، يَقُولُ رَبِّ أَعْرِفُ مَرَّتَيْنِ، فَيَقُولُ سَتَرْتُهَا فِى الدُّنْيَا وَأَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ ثُمَّ تُطْوَى صَحِيفَةُ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الآخَرُونَ أَوِ الْكُفَّارُ فَيُنَادَى عَلَى رُءُوسِ الأَشْهَادِ {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ}». وَقَالَ شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ. أطرافه 2441، 6070، 7514 - تحفة 7096 5 - باب قَوْلِهِ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102] {الرّفْدُ الْمَرْفُودُ} [99]: العَوْنُ المعِينُ، رَفَدْتُهُ أَعَنْتُهُ. {تَرْكَنُواْ} [113] تَمِيلُوا. {فَلَوْلاَ كَانَ} [116]: فَهَلَّا كانَ. {أُتْرِفُواْ} [116]: أُهْلِكُوا. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [106] شَدِيدٌ وَصَوْتٌ ضَعِيفٌ. 4686 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِى لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ». قَالَ ثُمَّ قَرَأَ {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)}. تحفة 9037 - 94/ 6 6 - باب قَوْلِهِ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114] وَزُلَفًا: سَاعاتٍ بَعْدَ سَاعاتٍ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ المُزْدَلِفَةُ، الزُّلَفُ: مَنْزِلَةٌ بَعْدَ مَنْزِلَةٍ، وَأَمَّا {زُلْفَى} [ص: 40] فَمَصْدَرٌ مِنَ القُرْبى، ازْدَلَفُوا: اجْتَمَعُوا، {وَأَزْلَفْنَا} [الشعراء: 64] جَمَعْنَا. 4687 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ - هُوَ ابْنُ زُرَيْعٍ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ

12 - سورة يوسف عليه الصلاة والسلام

يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)} [هود: 114]. قَالَ الرَّجُلُ أَلِىَ هَذِهِ قَالَ «لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِى». طرفه 526 - تحفة 9376 وأما زلفى فمصدر من القربى، يعني «زُلَفى» مَصْدر، كما أنَّ القُرْبَى مَصْدَر. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 12 - سُورَةُ يُوسُفَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ وَقالَ فُضَيلٌ: عَنْ حُصَينٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {مُتْكًا} [31] الأُتْرُجُّ، قالَ فُضَيلٌ: الأُتْرُجُّ بِالحَبَشِيَّةِ مُتْكًا. وَقالَ ابْنُ عُيَينَةَ: عَنْ رَجُلٍ، عن مُجَاهِدٍ: مُتْكًا: كُلُّ شَيءٍ قُطِعَ بِالسِّكِّينِ. وَقالَ قَتَادَةُ: {لَذُو عِلْمٍ} [68]: عامِلٌ بِمَا عَلِمَ. وَقالَ ابْنُ جُبَيرٍ: {صُوَاعَ} [72] مَكُّوكُ الفَارِسِيِّ الَّذِي يَلتَقِي طَرَفَاهُ، كانَتْ تَشْرَبُ بِهِ الأَعاجِمُ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {تُفَنّدُونِ} (94) تُجَهِّلُونِ. وَقالَ غَيرُهُ: {غَيَابَتِ} [10 - 15] كَلُّ شَيءٍ غَيَّبَ عَنْكَ شَيئًا فَهُوَ غَيَابَةٌ. وَالجُبُّ: الرَّكِيَّةُ الَّتِي لَم تُطْوَ. {بِمُؤْمِنٍ لَّنَا} [17] بِمُصَدِّقٍ. {أَشُدَّهُ} [22] قَبْلَ أَنَّ يَأْخُذَ في النُّقْصَانِ، يُقَالُ: بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغُوا أَشُدَّهُمْ وَقالَ بَعْضُهُمْ: وَاحِدُهَا شَدٌّ. وَالمُتَّكَأُ: ما اتَّكَأْتَ عَلَيهِ لِشَرَابٍ أَوْ لِحَدِيثٍ أَوْ لِطَعَامٍ، وَأَبْطَلَ الَّذِي قالَ الأُتْرُجُّ، وَلَيسَ في كَلاَمِ العَرَبِ الأُتْرُجُّ، فَلَمَّا احْتُجَّ عَلَيهِمْ بِأَنَّهُ المُتَّكَأُ مِنْ نَمَارِقَ، فَرُّوا إِلَى شَرّ مِنْهُ، فَقَالُوا: إِنَّمَا هُو المُتْكُ، سَاكِنَةَ التَّاءِ، وَإِنَّمَا المُتْكُ طَرَفُ البَظْرِ، وَمِنْ ذلِكَ قِيَل لَهَا: مَتْكاءُ وَابْنُ المَتْكَاءِ، فَإِنْ كانَ ثَمَّ أُتْرُجٌّ فَإِنَّهُ بَعْدَ المُتَّكَإِ. {شَغَفَهَا} [30] يُقَالُ: إِلَى شِغَافِهَا، وَهُوَ غِلاَفُ قَلبِهَا، وَأَمَّا شَعَفَهَا فَمِنَ المَشْعُوفِ. {أَصْبُ} [33] أَمِيلُ، {أَضْغَاثُ أَحْلَمٍ} [44] ما لاَ تَأْوِيلَ لَهُ، وَالضِّغْثُ: مِلءُ اليَدِ مِنْ حَشِيشٍ وَما أَشْبَهَهُ، وَمِنْهُ: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا} [ص: 44] لاَ مِنْ قَوْلِهِ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ، وَاحِدُهَا ضِغْثٌ. {وَنَمِيرُ} [65] مِنَ المِيرَةِ. {وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ} [65] ما يَحْمِلُ بَعِيرٌ. {أَوَى إِلَيهِ} [69] ضَمَّ إِلَيهِ. {السِّقَايَةَ} [70] مِكْيَالٌ. {اسْتَيْأَسُواْ} [80] يَئِسُوا: {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} [87] مَعْنَاهُ الرَّجاء. {خَلَصُواْ نَجِيّا} [80] اعتَزَلُوا نَجِيًّا والجَمِيعُ انْجِيَةٌ يَتَنَاجَوْنَ الوَاحِدُ نَجِيٌّ وَالاِثْنَانِ وَالجَمِيعُ نَجِيٌّ وَأنْجِيَةٌ. {تَفْتَأُ} [85] لاَ تَزَالُ. {حَرَضًا} مُحْرَضًا، يُذِيبُكَ الهَمُّ. {تَحَسَّسُوا} [87]: تَخَبَّرُوا. {مُّزْجَاةٍ} [88]: قَلِيلَةٍ. {غَاشِيَةٌ مّنْ عَذَابِ اللَّهِ} (107) عامَّةٌ مُجَلِّلَةٌ. 95/ 6 قوله: (والمُتَّكَأُ) أي مَوْضع الجلوس من الإتِّكاء، وفي قراءة شاذة: {متكا}، وفُسِّر بالأَتْرُجُّ، وفي الهندية: "بجورا". وقيل: «متك» اسمٌ لِفَرْج المرأة، ويقال للمرأة

1 - باب قوله: {ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق} [يوسف: 6]

عظيمةِ الفَرْج: المتكاء، وردَّه أبو عبيدة. ونقله البخاريُّ في كتابه ثلاثَ مراتٍ. قلتُ: وهو مِمَّا يُسْتَبْشَعُ نَقْلُه أيضًا. قوله: (فَرُّوا إلى شَرَ مِنْه) أي إنما عدل هؤلاء إلى توجيهه، فأخذوه مِن المُتْك، بمعنى طَرَف البَظْر، ليكون قريبًا من معناه المشهور، أي ما اتكأت عليه لشرابٍ أو لطعام، فوقعوا في شَرَ من الأَوَّل، وأَقْبح منه. قوله: (فإِنْ كان ثَمَّ أُتْرُجٌّ، فإِنَّه بَعْد المُتَّكَإِ) يعني أَنَّ أَكْلَه لا يكون إلَّا بَعْد الجُلُوس. قوله: (كلّ شيءٍ قُطِع) أي التمر. قوله: ({صُوَاعَ} مَكُّوك الفارسيِّ، الذي يَلْتَقي طَرَفاه) يعني به ظَرْفًا يكون واسعًا مِن أسفله، وضَيِّقًا من أعلاه. هكذا: واعلم أنَّ الصُّواعَ المَذْكُورَ في القرآنِ أَكْبَرُ مِن صَاع الشافعيةِ بِمرَّاتٍ، وهذا يَنْفع الحنفيةَ، وقد حَقَّقْناه مِن قَبْل مُفَصَّلًا. قوله: (الرَّكِيَّةُ التي لم تُطْوَ) "جسكى ميند نهو". قوله: ({أَشُدَّهُ} قَبْل أن يَأخُذ في النُّقْصان) فإِذا جاوز الأَرْبَعين، فقد أَخَذ في النُّقْصان. 1 - باب قَوْلِهِ: {وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ} [يوسف: 6] 4688 - وَقَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْكَرِيمُ بْنُ الْكَرِيمِ بْنِ الْكَرِيمِ بْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ». طرفاه 3382، 3390 - تحفة 7205 4688 - قوله: (قال: «الكريم، ابنُ الكريم، ابن الكريم، ابن الكريم») أي له أربعةُ بطونٍ من النُّبوّة، فيوسفُ عليه الصلاة والسلام أربعٌ من أجدادِه أنبياءُ عليهم الصلاة والسلام، ولذا فسره بقوله: يوسف نبيُّ الله ابنُ نبيِّ الله ابنِ نبيِّ اللَّهِ ابنِ خليلِ الله، فهو ابنُ يعقوبَ ابن إسحاقَ بن إبراهيم عليهم السلام. 2 - باب قَوْلِهِ: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7)} [يوسف: 7] 4689 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ النَّاسِ أَكْرَمُ قَالَ «أَكْرَمُهُمْ عِنْدَ

3 - باب قوله: {قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل} [يوسف: 18]

اللَّهِ أَتْقَاهُمْ». قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ «فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِىُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِىِّ اللَّهِ ابْنِ نَبِىِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ». قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ «فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِى». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ «فَخِيَارُكُمْ فِى الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِى الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا». تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. أطرافه 3353، 3374، 3383، 3490 - تحفة 12987 3 - باب قَوْلِهِ: {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} [يوسف: 18] سَوَّلَتْ: زَيَّنَتْ. 4690 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. قَالَ وَحَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِىُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِىُّ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا فَبَرَّأَهَا اللَّهُ، كُلٌّ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِى اللَّهَ وَتُوبِى إِلَيْهِ». قُلْتُ إِنِّى وَاللَّهِ لاَ أَجِدُ مَثَلاً إِلاَّ أَبَا يُوسُفَ {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] وَأَنْزَلَ اللَّهُ {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ} [النور: 11] الْعَشْرَ الآيَاتِ. أطرافه 2593، 2637، 2661، 2688، 2879، 4025، 4141، 4749، 4750، 4757، 5212، 6662، 6679، 7369، 7370، 7500، 7545 تحفة 16494، 16708، 16126، 17409، 16311 - 96/ 6 4691 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ قَالَ حَدَّثَتْنِى أُمُّ رُومَانَ وَهْىَ أُمُّ عَائِشَةَ قَالَتْ بَيْنَا أَنَا وَعَائِشَةُ أَخَذَتْهَا الْحُمَّى، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَعَلَّ فِى حَدِيثٍ تُحُدِّثَ». قَالَتْ نَعَمْ وَقَعَدَتْ عَائِشَةُ قَالَتْ مَثَلِى وَمَثَلُكُمْ كَيَعْقُوبَ وَبَنِيهِ {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]. أطرافه 3388، 4143، 4751 - تحفة 18317 4691 - قوله: (حَدَّثني مَسْرُوقُ بنُ الأَجْدَع، قال: حَدَّثَتْني أُمُّ رُومانَ) وقد بحث الحافظُ في «الفتح» في لقاءِ مَسْروقٍ أُمّ رُومان، لأنَّ مَسْرُوقًا تابعيٌّ، وماتت أُمُّ رُومان بعهدٍ أقدمَ منه. 4 - باب قَوْلِهِ: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} [يوسف: 23] وَقالَ عِكْرِمَةُ: هَيتَ لَكَ: بِالحَوْرَانِيَّةِ: هَلُمَّ. وَقالَ ابْنُ جُبَيرٍ: تَعَالَهْ. 4692 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ {هَيْتَ لَكَ} قَالَ وَإِنَّمَا نَقْرَؤُهَا كَمَا

5 - باب قوله: {فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم (50) قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن

عُلِّمْنَاهَا {مَثْوَاهُ} [يوسف: 21] مُقَامُهُ {وَأَلْفَيَا} [يوسف: 25] وَجَدَا {أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ} [الصافات: 69] {أَلْفَيْنَا} [البقرة: 170] وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (12)} [الصافات: 12] تحفة 9265 4693 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا أَبْطَئُوا عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالإِسْلاَمِ قَالَ «اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ» فَأَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ حَصَّتْ كُلَّ شَىْءٍ حَتَّى أَكَلُوا الْعِظَامَ حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مِثْلَ الدُّخَانِ قَالَ اللَّهُ {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10)} [الدخان: 10] قَالَ اللَّهُ {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} [الدخان: 15] أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ مَضَى الدُّخَانُ وَمَضَتِ الْبَطْشَةُ. أطرافه 1007، 1020، 4767، 4774، 4809، 4820، 4821، 4822، 4823، 4824، 4825 - تحفة 9574 - 97/ 6 قوله: (حوران) بلد بالشام، ومنه الحَوْرَانيَّةِ. 4693 - قوله: ({يَوْمَ تَأْتِى السَّمَآء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} [الدخان: 10]) ذهب ابنُ مسعود إلى أنَّ المرادَ من الدُّخَان هو ما كانت قريشٌ تراه كهيئةِ الدّخان من الجُوع، حين أخذتهم السِّنةُ، لقوله: {إنَّا كاشِفُوا العذابِ قليلًا أنكم عائدُون} (الدخان: 15) فإِنَّ اللَّهَ تعالى أخبر عن معاودَتِهم بعد الكَشْف عنهم، فإِن كان المرادُ منه ما هو مِن أشراط الساعةِ، كما اختاره الجمهور، فحينئذٍ لا تكونُ المعاودةُ إلَّا في المَحْشَر، وأجاب عنه الجمهورُ أنَّ قولَه: {إِنَّا كَاشِفُواْ الْعَذَابِ قَلِيلًا} جُمْلةٌ مستأنفةٌ، لا تتعلَّق بالدُّخانِ. 5 - باب قَوْلِهِ: {فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50) قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ} [يوسف: 50 - 51] وَحاشَ وَحاشى: تَنْزِيهٌ وَاسْتِثْنَاءٌ. {حَصْحَصَ} [51] وَضَحَ. 4694 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا، لَقَدْ كَانَ يَأْوِى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِى السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لأَجَبْتُ الدَّاعِىَ، وَنَحْنُ أَحَقُّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لَهُ {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260]. أطرافه 3372، 3375، 3387، 4537، 6992 - تحفة 13325، 15313 4694 - قوله: (لقد كان يأوي إلى رُكْنٍ شديدٍ) أي فئةٍ عظيمةٍ عزيزةٍ، يعني: "جتها

6 - باب قوله: {حتى إذا استيأس الرسل} [يوسف: 110]

جسكى بناه لون" وقد كان الأَحْرى بشأنِه أن يأوي إلى اللَّهِ تعالى (¬1). قوله: (لو لَبِثْتُ في السِّجْن ما لَبِث يوسُفُ لأَجَبْت) أشار إلى مقامِ العبوديةِ لنَفْسه. قوله: (ونحن أَحَقُّ) ... إلخ. وقد مَرَّ شَرْحُه. أما قوله: {أَوَلَمْ تُؤْمِن} ... إلخ [البقرة: 260]، فمن باب تَلَقِّي المخاطَب بما لا يترقب (¬2). 6 - باب قَوْلِهِ: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} [يوسف: 110] 4695 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَهُ وَهُوَ يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} قَالَ قُلْتُ أَكُذِبُوا أَمْ كُذِّبُوا قَالَتْ عَائِشَةُ كُذِّبُوا. قُلْتُ فَقَدِ اسْتَيْقَنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبُوهُمْ فَمَا هُوَ بِالظَّنِّ قَالَتْ أَجَلْ لَعَمْرِى لَقَدِ اسْتَيْقَنُوا بِذَلِكَ. فَقُلْتُ لَهَا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا قَالَتْ مَعَاذَ اللَّهِ لَمْ تَكُنِ الرُّسُلُ تَظُنُّ ذَلِكَ بِرَبِّهَا. قُلْتُ فَمَا هَذِهِ الآيَةُ. قَالَتْ هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ الَّذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَصَدَّقُوهُمْ، فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْبَلاَءُ، وَاسْتَأْخَرَ عَنْهُمُ النَّصْرُ حَتَّى اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ مِمَّنْ كَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ وَظَنَّتِ الرُّسُلُ أَنَّ أَتْبَاعَهُمْ قَدْ كَذَّبُوهُمْ جَاءَهُمْ نَصْرُ اللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ. أطرافه 3389، 4525، 4696 - تحفة 16497 4696 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ فَقُلْتُ لَعَلَّهَا {كُذِبُوا} [يوسف: 110] مُخَفَّفَةً. قَالَتْ مَعَاذَ اللَّهِ. أطرافه 3389، 4525، 4695 - تحفة 16482 - 98/ 6 قد مرَّ الكلامُ فيه، وقد تكلَّم ابنُ القَيِّم في «بدائع الفوائد» على أنَّ الله تعالى إذا أخبر بأَمْرٍ أنه يكون كذا، فهل يَبْقى الجانبُ المخالفُ بعده تحت قدرته تعالى أَم لا؟ فراجعه إن كان بك شَغَفٌ بمسألةِ إمكان الكذب. ثم اعلم أنَّ نزاع مَن نازع فيه ليس في وقوع الكذب، فإِنَّهُ مُحالٌ في جَنَابه تعالى إجماعًا. والفَرْقُ بين الامتناع بالذات، وبالغير قليلُ الجدوى. لأنك إنْ لاحظت الغيرَ من أَوّل الأَمْر يرجعُ الامتناعُ إلى ¬

_ (¬1) قلت: وإنما صدرت منه تلك الكلمة لضعف بنية البشر، قال تعالى: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}. (¬2) قلت: إن في سؤال الله تعالى إياه دفع لما كادت توسوس به نفسه أن قوله: {كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى}، يمكن أن يكون صدر منه، لشك عرض في صدره، والعياذ بالله، فأزاحه أنه كان على برد صدر. ولم يحمله على هذا السؤال إلا هو، ولكنه كان سائلًا عما قد يسأل عنه الخليل خليله، وهكذا فعله القرآن في قصص الأنبياء عليهم السلام، حيث برأهم عن أوهام كادت أن تسري إليهم، لولا أن تعرض إليها القرآن، فإن بني إسرائيل كانوا قد حرفوا في قصصهم كثيرًا، ونسبوا إليهم ما لا يليق بشأنهم، فقص الله علينا من أمرهم أعلى ما كانت عليه، لنكون على نور من ربنا، فالناس في ضيق في هذه الآيات، وأنا بحمد الله تعالى في شرح صدر، وزيادة فى الإيمان، والله يقول الحق، وهو يهدي السبيل.

[فائدة]

الذات، وإن لاحظته خارجًا يبقى الإِمكانُ بالنَّظر إلى الذات، فلا بد أنْ يُحرَّر الخلاف. فأقول: إنَّ القائلين بالإِمكان لم يريدُوا بِقَوْلهم، إلا أنَّ الله تعالى إذا أخبر بقيامِ زَيْدٍ، ولا يكون إلَّا صادِقًا، مُطَابِقًا لما في الخارج، فهل تبقى بعد ذلك تعالى قُدْرةٌ، على تأليفِ كلامٍ بخِلافه أَم لا؟ فمنهم مَنْ قال: إنَّ القدرةَ ثابتةٌ بالطرفين، فهو قادرٌ على تأليفِه كما كان، وإخبارُه لا يَسْلُبُ عنه القدرةَ على تأليفِ كلامٍ خِلافِه، نعم إنه لا يتكلم به، فإِنَّ الاتِّصافَ بالكَذِب مُحالٌ، وإنما الكلامُ في الفَرْض فقط، ومنهم مَن زعم أنه يَسْلُب القدرةَ عنه. ثُم التخلُّف في الوعيد متفَقٌ عليه عند المتكلمين، لكونه مبنيًا على الكَرَم، ومنبِئًا عن سخاءِ صاحبه، وإنما الكلامُ في التخلف في الوَعْد، فراجعه في كُتُب الكلام. [فائدة] قوله: «إنَّ نساءك ينشدنك العَدْل»، من باب تلقي المُخَاطَب بما لا يَتآقَّب، وقول الخارجي: «هذه قِسمةٌ لم يرد بها وَجْهُ الله»، على الحقيقة، فأَوجب الكُفْر، فتنبه له ولا تَخْلِط بين مقامٍ ومقام، فإِن عَجِزت عن التمييز، فكن من العوام ولا تقم في هذا المقام، تستريح ولا تلام، ونسأل الله حُسْنُ الخاتمة، وخير الختام. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 13 - سُورَةُ الرَّعْدِ قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ} [14]: مَثَلُ المُشْرِكِ الَّذِي عَبَدَ مَعَ اللَّهِ إِلهًا غَيرَهُ، كَمَثَلِ العَطْشَانِ الَّذِي يَنْظُرُ إِلَى خَيَالِهِ في المَاءِ مِنْ بَعِيدٍ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ وَلاَ يَقْدِرُ. وَقالَ غَيرُهُ: {سَخَّرَ} (2) ذَلَّلَ، {مُّتَجَاوِراتٌ} [4] مُتَدَانِيَاتٌ. {الْمَثُلَاتُ} [6] وَاحِدُهَا مَثُلَةٌ، وَهيَ الأَشْبَاهُ وَالأَمْثَالُ. وَقالَ: {إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْاْ} [يونس: 102]، {بِمِقْدَارٍ} [8] بِقَدَرٍ، {مُعَقِّبَاتٌ} [11] مَلاَئِكَةٌ حَفَظَةٌ، تُعَقِّبُ الأُولَى مِنْهَا الأُخْرَى، وَمِنْهُ قِيلَ العَقِيبُ، يُقَالُ: عَقَّبْتُ في إِثْرهِ. {الْمِحَالِ} [13] العُقُوبَةُ. {كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء} [14]: لِيَقْبِضَ عَلَى المَاءِ. {رَّابِيًا} [17] مِنْ رَبَا يَرْبُو. {أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ} [17]: المَتَاعُ ما تَمَتَّعْتَ بِهِ. {جُفَاءً} [17] أَجْفَأَتِ القِدْرُ، إِذَا غَلَتْ فَعَلاَهَا الزَّبَدُ، ثُمَّ تَسْكُنُ فَيَذْهَبُ الزَّبَدُ بِلاَ مَنْفَعَةٍ، فَكَذلِكَ يُمَيَّزُ الحَقُّ مِنَ البَاطِلِ. {الْمِهَادُ} [18] الفِرَاشُ، {وَيَدْرَءُونَ} [22] يَدْفَعُونَ، دَرَأْتُهُ عَنِّي دَفَعْتُهُ. {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} [24] أَي يَقُولُونَ: سَلاَمٌ عَلَيكُمْ. {وَإِلَيْهِ مَتَابِ} [30] تَوْبَتِي. {أَفَلَمْ يَيْأَسِ} [الرعد: 31] لَمْ يَتَبَيَّنْ. {قَارِعَةٌ} [31] دَاهِيَةٌ. {فَأَمْلَيْتُ} [32] أَطَلتُ، مِنَ المَلِيِّ وَالمُلاَوَةِ، وَمِنْهُ {مَلِيًّا} [مريم: 46] وَيُقَالُ

1 - باب قوله: {الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام} [الرعد: 8]

لِلوَاسِعِ الطَّوِيلِ مِنَ الأَرْضِ: مَلًى مِنَ الأَرْضِ. {أَشَقُّ} [34] أَشَدُّ مِنَ المَشَقَّةِ. {مُعَقّبَ} [41] مُغَيِّرٌ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {مُّتَجَوِاراتٌ} [4] طَيِّبُهَا، وَخَبِيثُهَا السِّبَاخُ. {صِنْوانٌ} [4]: النَّخْلَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ في أَصْلٍ وَاحِدٍ، {وَغَيْرُ صِنْوانٍ} [4] وَحْدَهَا. {بِمَاءٍ واحِدٍ} [4] كَصَالِحِ بَنِي آدَمَ وَخَبِيثِهِمْ، أَبُوهُمْ وَاحِدٌ. {السَّحَابَ الثّقَالَ} [12] الَّذِي فِيهِ المَاءُ. {كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ} [14]: يَدْعُو المَاءَ بِلِسَانِهِ، وَيُشِيرُ إِلَيهِ بِيَدِهِ، فَلاَ يَأْتِيهِ أَبَدًا. {فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} [17] تَمْلأُ بَطْنَ وَادٍ. {زَبَدًا رَّابِيًا} [17] زَبَدُ السَّيلِ. {زَبَدٌ مّثْلُهُ} [17]: خَبَثُ الحَدِيدِ وَالحِليَةِ. 1 - باب قَوْلِهِ: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ} [الرعد: 8] {وَغِيضَ} [هود: 44] نُقِصَ. 4697 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ اللَّهُ لاَ يَعْلَمُ مَا فِى غَدٍ إِلاَّ اللَّهُ، وَلاَ يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ إِلاَّ اللَّهُ وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِى الْمَطَرُ أَحَدٌ إِلاَّ اللَّهُ، وَلاَ تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ اللَّهُ». أطرافه 1039، 4627، 4778، 7379 تحفة 7249 - 99/ 6 قوله: (يَنْظُر إلى خَيَالِه في الماء) أي عَكْسه، وشَبَحه في الماء. قوله: (مُعَقِّبات) ملائكةٌ حَفَظةٌ، تَعْقُب الأُولى منها الأُخْرى. والأولى، وإنْ كان مُقدَّمًا في العبارة، لكنه يكون مُؤخرًا في الخارج. وذكر الشيخ الأكبر أنَّ المرادَ من المُعَقِّبات في قوله: {مُعَقِّبَاتٌ} لا يَخِيب قائلهن، هي التسبيحاتُ دُبُرَ الصلوات، لا لكونِها يُسبَّح بها دُبُر الصلوات، بل لكونها حافِظةً لقارئها حين يُبْعث من قبره، فيكون اللَّهُ أَكْبر عن يمينه، وسبحانَ الله عن يَسارِه، ولا إله إلا الله قُدَّامَه، والحمد خَلْفَه. وذلك لأنَّ الحَمْد عنده في آخِر الأُمور، كالحَمْد بعد الطعام، وكقوله تعالى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 10]، ومِن ههنا سُمِّيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أحمدُ، ومحمدًا، لكونه آخِرَ النَّبِيِّين. قوله: (الزَّبَد) "ميل وغيره". قوله: (مُتَجَاوِرَاتٌ) طيبها وخَبِيثُها، أي كلاهما مُخْتلِطانِ. قوله: (ويُشيرُ إليه بِيَدِه، فلا يَأتِيه أَبَدًا) يعني أن الماءَ لا يأتِيه بالإِشارات فقط، ما لم يذهب إليه، ويغرِفُ منه.

14 - سورة إبراهيم عليه الصلاة والسلام

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 14 - سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَادٍ} [الرعد: 7] دَاعٍ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {صَدِيدٍ} [16] قَيحٌ وَدَمٌ. وَقالَ ابْنُ عُيَينَةَ: {اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [6]: أَيَادِيَ اللَّهِ عِنْدَكُمْ وَأَيَّامَهُ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {مّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} [34]: رَغِبْتُمْ إِلَيهِ فِيهِ. {وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا} [3] يَلتَمِسُونَ لَهَا عِوَجًا. {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ} [7] أَعْلَمَكُمْ، آذنَكُمْ. {رَدُّوا أَيدِيَهُمْ في أَفوَاهِهِمْ} [9] هذا مَثَلٌ: كَفُّوا عَمَّا أُمِرُوا بِهِ. {مَّقَامِى} [14] حَيثُ يُقِيمُهُ اللَّهُ بَينَ يَدَيهِ. {مِنْ وَرَائِهِ} [16] قُدَّامِهِ. {لَكُمْ تَبَعًا} [21] وَاحِدُهَا تَابِعٌ، مِثْلُ غَيَبٍ وَغائِبٍ. {بِمُصْرِخِكُمْ} [22] اسْتَصْرَخَنِي اسْتَغَاثَني. {يَسْتَصْرِخُهُ} [القصص: 18] مِنَ الصُّرَاخِ. {وَلاَ خِلَالٌ} [31] مَصْدَرُ خالَلتُهُ خِلاَلًا، وَيَجُوزُ - أَيضًا - جَمْعُ خُلَّةٍ وَخِلاَلٍ. {اجْتُثَّتْ} [26] اسْتُؤْصِلَتْ. قوله: (ولا خِلاَل) جمع خُلَّة، وخِلال أما قوله: «جمع خُلّة»، فصحيحٌ، وأما قوله: «وخِلال»، فقد جاء ذِكْره استطرادًا، ومِثْله وقع كثيرًا في كتابه. 1 - باب قَوْلِهِ: {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} [إبراهيم: 24 - 25] 4698 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَخْبِرُونِى بِشَجَرَةٍ تُشْبِهُ أَوْ كَالرَّجُلِ الْمُسْلِمِ لاَ يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا وَلاَ وَلاَ وَلاَ، تُؤْتِى أُكْلَهَا كُلَّ حِينٍ». قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَوَقَعَ فِى نَفْسِى أَنَّهَا النَّخْلَةُ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لاَ يَتَكَلَّمَانِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، فَلَمَّا لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هِىَ النَّخْلَةُ». فَلَمَّا قُمْنَا قُلْتُ لِعُمَرَ يَا أَبَتَاهُ وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ وَقَعَ فِى نَفْسِى أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَكَلَّمَ قَالَ لَمْ أَرَكُمْ تَكَلَّمُونَ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ أَوْ أَقُولَ شَيْئًا. قَالَ عُمَرُ لأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا. أطرافه 61، 62، 72، 131، 2209، 5444، 5448، 6122، 6144 تحفة 7827 - 100/ 6 4698 - قوله: (ولا، ولا، ولا) وراجع تفسيره في «الهامش»، وقوله تعالى: {تُؤْتِى أُكُلَهَا} جُمْلَةٌ على حِدَة. 2 - باب {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم: 27] 4699 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ قَالَ سَمِعْتُ

3 - باب {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا} [إبراهيم: 28]

سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ فِى الْقَبْرِ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}». طرفه 1369 - تحفة 1762 3 - باب {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا} [إبراهيم: 28] أَلَمْ تَعْلَمْ؟ كَقَوْلِهِ: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ} [24]. {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ} [البقرة: 243]. {الْبَوَارِ} [28] الهَلاَكُ، بَارَ يَبُورُ بَوْرًا {قَوْمًا بُورًا} [الفرقان: 18]: هَالِكِينَ. 4700 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا} [28] قَالَ هُمْ كُفَّارُ أَهْلِ مَكَّةَ. طرفه 3977 - تحفة 5946 يريدُ المصنِّف أنَّ المعنى في كلَ من: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ} و {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ} سواءٌ، يعني ألم تَعْلم. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 15 - سُورَةُ الحِجْرِ وَقال مُجَاهدٌ: {صِرطٌ عَلَىَّ مُسْتَقِيمٌ} [41] الحَقُّ يَرْجِعُ إِلَى اللَّهِ وَعَلَيهِ طَرِيقُهُ. {لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ}: على الطَّريقِ. وَقَالَ ابْن عَبَّاسٍ: {لَعَمْرُكَ} [72] لَعَيشُكَ. {قَوْمٌ مُّنكَرُونَ} [62] أَنْكَرَهُمْ لُوطٌ. وَقالَ غَيرُهُ: {كِتَابٌ مَّعْلُومٌ} [4] أَجَلٌ. {لَّوْ مَا تَأْتِينَا} [7] هَلَّا تَأْتِينَا. {شِيَعٌ} [10] أُمَمٌ، وَلِلأَوْلِيَاءِ أَيضَا شِيَعٌ. وَقالَ ابْنُ عبَّاسٍ: {يُهْرَعُونَ} [هود: 78] مُسْرِعِينَ. {لِلمُتَوَسِّمِينَ} [75] لِلنَّاظِرِينَ. {سُكّرَتْ} [15] غُشِّيَتْ. {بُرُوجًا} [16] مَنَازِلَ لِلشَّمْسِ وَالقَمَرِ. {لَوَاقِحَ} [22] مَلاَقِحَ مُلقِحَةً. {حَمَإٍ} [26] جَمَاعَةُ حَمْأَةٍ، وَهُوَ الطِّينُ المُتَغَيِّرُ، وَالمَسْنُونُ: المَصْبُوبُ. {تَوْجَلْ} [53] تَخَف. {دَابِرُ} [66] آخِرَ. {لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ}: الإِمَامُ كُلُّ ما ائْتَمَمْتَ وَاهْتَدَيتَ بِهِ. {الصَّيْحَةُ} [83] الهَلَكَةُ. قوله: (لواقح) بمعنى المَلاَقِح، والتخريج فيه كما في قوله: ومختبط مما تطيح الطوائح. قوله: (كالسلسلة) يحتمل أن يكون صَوْتًا للوَحْي، أو أَجْنِحة المَلَك، وقد مَرّ مفصلًا. قوله: (قالوا للذين) وينبغي الوَقْف عليه، لأنَّ صِلَته مَحْذوفةٌ، أي قال الذين هم في السماء الفَوْق للذين تحتهم.

1 - باب {إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين (18)} [الحجر: 18]

1 - باب {إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18)} [الحجر: 18] 4701 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِى السَّمَاءِ ضَرَبَتِ الْمَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَالسِّلْسِلَةِ عَلَى صَفْوَانٍ - قَالَ عَلِىٌّ وَقَالَ غَيْرُهُ صَفْوَانٍ - يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ، قَالُوا لِلَّذِى قَالَ الْحَقَّ وَهْوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ، فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُو السَّمْعِ، وَمُسْتَرِقُو السَّمْعِ هَكَذَا وَاحِدٌ فَوْقَ آخَرَ - وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ، وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُمْنَى، نَصَبَهَا بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ - فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ الْمُسْتَمِعَ، قَبْلَ أَنْ يَرْمِىَ بِهَا إِلَى صَاحِبِهِ، فَيُحْرِقَهُ وَرُبَّمَا لَمْ يُدْرِكْهُ حَتَّى يَرْمِىَ بِهَا إِلَى الَّذِى يَلِيهِ إِلَى الَّذِى هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ حَتَّى يُلْقُوهَا إِلَى الأَرْضِ - وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ حَتَّى تَنْتَهِىَ إِلَى الأَرْضِ - فَتُلْقَى عَلَى فَمِ السَّاحِرِ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ فَيَصْدُقُ، فَيَقُولُونَ أَلَمْ يُخْبِرْنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا يَكُونُ كَذَا وَكَذَا، فَوَجَدْنَاهُ حَقًّا لِلْكَلِمَةِ الَّتِى سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ». أطرافه 4701 م، 4800، 7481 تحفة 14249 - 101/ 6 حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ. وَزَادَ الْكَاهِنِ. وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ فَقَالَ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ وَقَالَ عَلَى فَمِ السَّاحِرِ. قُلْتُ لِسُفْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ. قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ لِسُفْيَانَ إِنَّ إِنْسَانًا رَوَى عَنْكَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَيَرْفَعُهُ أَنَّهُ قَرَأَ فُزِّعَ. قَالَ سُفْيَانُ هَكَذَا قَرَأَ عَمْرٌو. فَلاَ أَدْرِى سَمِعَهُ هَكَذَا أَمْ لاَ. قَالَ سُفْيَانُ وَهْىَ قِرَاءَتُنَا. أطرافه 4701، 4800، 7481 - تحفة 14249 وقد ثَبَت اليوم انشقاقُ الشُّهُب، وأنها تَنْفَلق فِلْقَة فِلْقَة، فلا حاجةَ في رَمْي الشُّهُب إلى تَمحُّل، كما ذكره البَيْضاوي، فإِنَّه على ظاهرِه، كما أخبر به القُرْآن. 2 - باب قَوْلِهِ: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80)} [الحجر: 80] 4702 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لأَصْحَابِ الْحِجْرِ «لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلاَ تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ». أطرافه 433، 3380، 3381، 4419، 4420 تحفة 7246 3 - باب قَوْلِهِ: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87)} [الحجر: 87] 4703 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ

4 - باب قوله {الذين جعلوا القرآن عضين (91)} [الحجر: 91]

الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ مَرَّ بِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أُصَلِّى فَدَعَانِى فَلَمْ آتِهِ حَتَّى صَلَّيْتُ ثُمَّ أَتَيْتُ فَقَالَ «مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِىَ». فَقُلْتُ كُنْتُ أُصَلِّى. فَقَالَ «أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 24] ثُمَّ قَالَ أَلاَ أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِى الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ» فَذَهَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِيَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَذَكَّرْتُهُ فَقَالَ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} هِىَ السَّبْعُ الْمَثَانِى وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِى أُوتِيتُهُ». أطرافه 4474، 4647، 5006 تحفة 12047 - 102/ 6 4704 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُمُّ الْقُرْآنِ هِىَ السَّبْعُ الْمَثَانِى وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ». تحفة 13014 4 - باب قَوْلِهِ {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91)} [الحجر: 91] {المُقْتَسِمِينَ} [90] الَّذِينَ حَلَفُوا، وَمِنْهُ: {لاَ أُقْسِمُ} [البلد: 1] أَي أُقْسِمُ، وَتُقْرَأُ {لأُقْسِمُ} {وَقَاسَمَهُمَا} [الأعراف: 21] حَلَفَ لَهُمَا وَلَمْ يَحْلِفَا لَهُ. وَقالَ مُجَاهِدُ: {تَقَاسَمُواْ} [النمل: 49] تَحَالَفُوا. 4705 - حَدَّثَنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91)} [الحجر: 91] قَالَ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ، جَزَّءُوهُ أَجْزَاءً، فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ. طرفاه 3945، 4706 - تحفة 5463 قوله: (قَاسَمهُما حَلَف لهما، ولم يَحْلِفَا له) يريدُ أنَّ المفاعَلةَ ههنا ليست للشَّرِكة، بل للتعدِيةِ فقط. 4705 - قوله: (فآمَنُوا بِبَعْضِه) وقد يدورُ بالبالِ أنَّ الدوران في التقليدَ بين الأئمة أيضًا يَدْخُل فيه، فإِنَّ مَثَلَه مَثَلُ مَنْ جمع بين عدد التسبيحاتِ الوارد، فجعل يقرأ أحدى الكلماتِ خَمْسًا وعشرين، وأُخْراها ثلاثًا وثلاثين، ثُم زعم أنه عَمِل بكلِّها، مع أنه باطل. لأنه أراد أن يعمل بكلَ منها، ولزِمه أن يَتْرك كُلَّها، فهكذا مَنْ جعل يَدُور في المذاهب الأربعة، فيعمل بهذا في جزء، وبهذا في جُزءٍ آخَر. فلا أَجِد مَثَلَه إلا كَمَثَل مَنْ جمع بين عدد التسبيحات. والسرُّ فيه أنَّ المسائلَ الاجتهادية قد تُبْنى على أصولٍ متعارِضة بين الأئمةِ، ومَنْ لا خبرةَ له بتلك الأصولِ، ويَنْظُر إلى سَطْح تلك المسائل، فيراها غيرَ متعارضةٍ، فيعمل بتلك مرةً، وبهذه أخرى، ولا يَدْري أنه بالعملِ بهما قد وقع في وَرْطَة التعارض من حيثُ لا يدريه. نعم مَنْ كان له مَلَكةٌ بأُصولهم وتَنبُّه تامٌّ، فيجوزُ له أن يتخيَّر مِن المسائل ما يشاء، ويعمل بما رآه أَقْرب إلى الحديث، وأَنَّى هم اليوم بِفُرُوعهم، وليس عندي فَنُّ أَصْعبَ مِن الفِقْه، حتى أنِّي في الفنونِ كلِّها ذو رَأْي وتجربة، أَحْكم بما أريد، وأنتخب من أقوالهم ما أريد، وأفْترع الآراء من عندي لا أحتاج إلى تقليد أحد،

5 - باب قوله: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين (99)} [الحجر: 99]

ولكني في الفِقْه مقلِّد بحت، ليس لي رَأي سوى الروايةِ، ولذا قد يَصْعُب عليَّ الإِفتاءُ. فإِنَّ الناس لا يكون عندهم إلَّا قَوْلٌ واحد، ويكون عندي فيه أقوال عن الإِمام، أو عن المشايخ، والتصحيح قد يختلف، ولست من أصحاب الترجيح، وحينئذٍ أُفتي بما يَقْرُب من مذاهب الأئمة، وآثارِ السَّلَف، والسُّنة. 4706 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى ظَبْيَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - {كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90)} [الحجر: 90] قَالَ آمَنُوا بِبَعْضٍ وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. طرفاه 3945، 4705 - تحفة 5401 5 - باب قَوْلِهِ: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)} [الحجر: 99] قالَ سَالِمٌ: اليَقِينُ المَوْتُ. أي قِطَعًا قِطَعًا. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 16 - سورة النَّحْلِ {رُوحُ الْقُدُسِ} [102] جِبْرِيلُ. {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193)} [الشعراء: 193]. {فِى ضَيْقٍ} [127] يُقَالُ: أَمْرٌ ضَيْقٌ وَضَيِّقٌ، مِثْلُ هَيْنٍ وَهَيِّنٍ، وَلَيْنٍ وَلَيِّنٍ، وَمَيْتٍ وَمَيِّتٍ. قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {تَتَفَيَّأُ ظِلاَلهُ} [48] تَتَهَيَّأُ. {سُبُلَ رَبّكِ ذُلُلًا} [69] لاَ يَتَوَعَّرُ عَلَيهَا مَكانٌ سَلَكَتْهُ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {فِى تَقَلُّبِهِمْ} [46]. اخْتِلاَفِهِم. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {تَمِيدَ} [15] تَكَفَّأُ. {مُّفْرَطُونَ} [62] مَنْسِيُّونَ. وَقالَ غَيرُهُ: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءانَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [98] هذا مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ، وَذلِكَ أَنَّ الاسْتِعَاذَةَ قَبْلَ القِرَاءَةِ، وَمَعْنَاهَا: الاِعْتِصَامُ بِاللَّهِ. {قَصْدُ السَّبِيلِ} [9] البَيَانُ، الدِّفءُ: ما اسْتَدْفَأْتَ. {تُرِيحُونَ} [6] بِالعَشَيِّ، وَ {تَسْرَحُونَ} [6]، بِالغَدَاةِ، {بِشِقّ} [7] يَعْنِي المَشَقَّةَ. {عَلَى تَخَوُّفٍ} [47] تَنَقُّصٍ. {الأنْعَامِ لَعِبْرَةً} [66]، وَهيَ تُؤَنَّثُ وَتُذَكَّرُ، وَكَذلِكَ النَّعَمُ. الأَنْعَامُ: جَمَاعَةُ النَّعَمِ. أَكْنانًا وَاحِدُهَا كِنٌّ مِثْلُ حِمْلٍ وَأَحْمَالٍ، {سَرَابِيلَ}: قُمصٌ تَقِيكُمُ الحَرَّ، وأَمَّا سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ فَإِنَّهَا الدُّرُوعُ. {دَخَلًا بَيْنَكُمْ} [92 - 94] كُلُّ شَيءٍ لَمْ يَصِحَّ فَهْوَ دَخَلٌ. قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَحَفَدَةً} [72] مَنْ وَلَدَ الرَّجُلُ. السَّكَرُ: ما حُرِّمَ مِنْ ثَمَرَتِهَا، وَالرِّزْقُ الحَسَنُ: ما أَحَلَّ اللَّهُ. وَقالَ ابْنُ عُيَينَةَ، عَنْ صَدَقَةَ: {أَنكَاثًا} [92] هِيَ خَرْقاءُ، كانَتْ إِذَا أَبْرَمَتْ غَزْلَهَا نَقضَتْهُ.

1 - باب قوله تعالى: {ومنكم من يرد إلى أرذل العمر} [النحل: 70]

وَقالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الأُمَّةُ مُعَلِّمُ الخَيرِ، وَالقَانِتُ المُطِيعُ. 1 - باب قَوْلِهِ تَعالَى: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} [النحل: 70] 4707 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُوسَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأَعْوَرُ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه -. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَدْعُو «أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ وَالْكَسَلِ، وَأَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ». أطرافه 2823، 6367، 6371 - تحفة 913 قوله: ({فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} هذا مقدَّم ومُؤَخَّر، وذلك أنَّ الاستعاذَةَ قَبْل القراءة) ... إلخ. واعلم أن تقديرَ الإِرادة بعد «إذا» مُطّرِد في لغةِ العربِ، كما صرَّح به «المُغْني» وهو اثنان: مصري، وخضراوي، وكلاهما نَحْويان، والمراد ههنا هو الأَوَّل، ونسب إلى مالك، التعوُّذ بعد القراءة، كما في ظاهر الآية، وهذا عجيبٌ. ومَرَّ عليه القاضي أبو بكر بن العربي وقَرَّره وجَعَله لطيفًا. قوله: ({شَاكِلَتِهِ}) هي الحال التي شابهت صِفَة الإِنسان، وشاكلها، لأنَّ بين ظاهرِ الإِنسان وباطِنه تشاكلًا، وتناسُبًا. قوله: (كُلُّ شيء لم يَصِحَّ، فَهُوَ دَخَلٌ) "يعني هروه شى جو تهيك نه هووه كهوت هى". قوله: (السَّكَر: ما حُرِّم من ثمرَتِها) أخذه المُصنِّف بمعنى المُسْكر، ولذا فَسَّره بما حرم، وتَمسَّك به الحنفية، وقالوا: إنه ذكَرَه في مَوْضع الامتنانِ، والحرامُ مما لا يُمْتنَّ به، فكأنهم نظروا إلى تَشَابُه السَّكَر، والسُّكَّر في اللفظ، فقالوا بالاشتقاق. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 17 - سُورَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ 4708 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفِ وَمَرْيَمَ إِنَّهُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلاَدِى. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ} [الإسراء: 51] قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَهُزُّونَ. وَقَالَ غَيْرُهُ نَغَضَتْ سِنُّكَ أَيْ تَحَرَّكَتْ. طرفاه 4739، 4994 - تحفة 9395 1 - باب {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الإسراء: 4] أَخْبَرْنَاهُمْ أَنَّهُمْ سَيُفسِدُونَ، وَالقَضَاءُ عَلَى وُجُوهٍ: {وَقَضَى رَبُّكَ} [23] أَمَرَ رَبُّكَ. وَمِنْهُ الحُكْمُ: {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ} [يونس: 93]، وَمِنْهُ الخَلقُ: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاواتٍ}

2 - باب قوله: {أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام} [الإسراء: 1]

[فصلت: 12]، {نَفِيرًا} [6] مَنْ يَنْفِرُ مَعَهُ. {وَلِيُتَبّرُواْ} يُدَمِّرُوا {مَا عَلَوْاْ} [7]. {حَصِيرًا} [8] مَحْبِسًا، مَحْصَرًا، {حَقَّ} [16] وَجَبَ. {مَّيْسُورًا} [28] لَيِّنًا. {خَطَئًا} [31] إِثْمًا، وَهُوَ اسْمٌ مِنْ خَطِئْتَ، وَالخَطَأُ - مَفتُوحٌ - مَصْدَرُهُ مِنَ الإِثُمِ، خَطِئْتُ بِمَعْنَى أَخْطَأْتُ. {تَخْرِقَ} [37] تَقْطَعَ. {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} [47] مَصْدَرٌ مِنْ نَاجَيتُ، فَوَصَفَهُمْ بِهَا، وَالمَعْنى: يَتَنَاجَوْنَ. {وَرُفَاتًا} [49، 98] حُطامًا. {وَاسْتَفْزِزْ} [64] اسْتَخِفَّ. {بِخَيْلِكَ} [64] الفُرْسَان، وَالرَّجْلُ: الرَّجَّالَةُ، وَاحِدُهَا رَاجِلٌ، مِثْلُ صَاحِبٍ وَصَحْبٍ، وَتَاجِرٍ وَتَجْرٍ. {حَاصِبًا} [68] الرِّيحُ العَاصِفُ، وَالحَاصِبُ أَيضًا: ما تَرْمِي بِهِ الرِّيحُ، وَمِنْهُ: {حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: 98]، يُرْمى بِهِ في جَهَنَّمَ، وَهُوَ حَصَبُهَا، وَيُقَالُ: حَصَبَ في الأَرْضِ: ذَهَبَ، وَالحَصَبُ: مُشْتَقٌّ مِنَ الحَصْبَاءِ وَالحِجَارَةِ. {تَارَةً} [69] مَرَّةً، وَجَماعَتُهُ تِيَرَةٌ وَتَارَاتٌ. {لأَحْتَنِكَنَّ} [62] لأَسْتَأْصِلَنَّهُمْ، يُقَالُ: احْتَنَكَ فُلاَنٌ ما عِنْدَ فُلاَنٍ مِنْ عِلمٍ اسْتَقْصَاهُ. {طَائِرَهُ} [13] حَظَّهُ. قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلُّ سُلطَانٍ في القُرْآنِ فَهُوَ حُجَّةٌ. {وَلِىٌّ مَّنَ الذُّلّ} [111] لَمْ يُحَالِف أَحَدًا. 2 - باب قَوْلِهِ: {أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء: 1] 4709 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ بِإِيلِيَاءَ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَأَخَذَ اللَّبَنَ قَالَ جِبْرِيلُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ، لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ. أطرافه 3394، 3437، 5576، 5603 تحفة 13323 4710 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لَمَّا كَذَّبَنِى قُرَيْشٌ قُمْتُ فِى الْحِجْرِ، فَجَلَّى اللَّهُ لِى بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ». زَادَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ «لَمَّا كَذَّبَنِى قُرَيْشٌ حِينَ أُسْرِىَ بِى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ». نَحْوَهُ. (قَاصِفًا) رِيحٌ تَقْصِفُ كُلَّ شَىْءٍ. طرفه 3886 - تحفة 3151 3 - باب {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] {قَاصِفًا} [69] رِيحٌ تَقْصِفُ كُلَّ شَيءٍ. كَرَّمْنَا وَأَكْرَمْنَا وَاحِدٌ. {ضِعْفَ الْحَيَاةِ} [75] عَذَابَ الحَيَاةِ وَعَذَابَ المَمَاتِ. {خِلَافَكَ} [76] وَخَلفَكَ سَوَاءٌ {وَنَاءَ} [83] تَبَاعَدَ، {شَاكِلَتِهِ} [84] نَاحِيَتِهِ، وَهيَ مِنْ شَكْلِهِ. {صَرَّفْنَا} [41] وَجَّهْنَا. {قَبِيلًا} [92] مُعَايَنَةً

4 - باب قوله: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها} الآية [الإسراء: 16]

وَمُقَابَلَةً، وَقِيلَ: القَابِلَةُ لأَنَّهَا مُقَابِلَتُهَا، وَتَقْبَلُ وَلَدَهَا. {خَشْيَةَ الإِنفَاقِ} [100]، أَنْفَقَ الرَّجُلُ أَمْلَقَ، وَنَفِقَ الشَّيءُ ذَهَبَ. {قَتُورًا} [100] مُقَتِّرًا. {لِلأَذْقَانِ} [107، 109] مُجْتَمَعُ اللَّحْيَينِ، وَالوَاحِدُ ذَقَنٌ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {مَّوفُورًا} [63] وَافِرًا، {تَبِيعًا} [69] ثَائِرًا، وَقالَ ابْنُ عَبُّاسٍ: نَصِيرًا. {خَبَتْ} [97] طَفِئَتْ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَلاَ تُبَذّرْ} [26] لاَ تُنْفِقْ في البَاطِلِ. {ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ} [28] رِزْقٍ. {مَثْبُورًا} [102] مَلعُونًا. {وَلاَ تَقْفُ} [36] لاَ تَقُل. {فَجَاسُواْ} تَيَمَّمُوا. يُزْجِي الفُلكَ: يُجْرِي الفُلكَ. {يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ} [107 - 109] لِلوُجُوهِ. 4 - باب قَوْلِهِ: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} الآيَةَ [الإسراء: 16] 4711 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا نَقُولُ لِلْحَىِّ إِذَا كَثُرُوا فِى الْجَاهِلِيَّةِ أَمِرَ بَنُو فُلاَنٍ. حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَقَالَ أَمِرَ. تحفة 9307 5 - باب {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3)} [الإسراء: 3] 4712 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِلَحْمٍ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً ثُمَّ قَالَ «أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ذَلِكَ يُجْمَعُ النَّاسُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِى صَعِيدٍ وَاحِدٍ، يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِى، وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ، فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لاَ يُطِيقُونَ وَلاَ يَحْتَمِلُونَ فَيَقُولُ النَّاسُ أَلاَ تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ أَلاَ تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ عَلَيْكُمْ بِآدَمَ فَيَأْتُونَ آدَمَ عليه السلام فَيَقُولُونَ لَهُ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ. وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلاَئِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا فَيَقُولُ آدَمُ إِنَّ رَبِّى قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ نَهَانِى عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِى نَفْسِى نَفْسِى، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِى، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ، فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُونَ يَا نُوحُ إِنَّكَ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَقَدْ سَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ فَيَقُولُ إِنَّ رَبِّى عَزَّ وَجَلَّ قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِى دَعْوَةٌ دَعَوْتُهَا عَلَى قَوْمِى نَفْسِى نَفْسِى نَفْسِى اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِى، اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُونَ يَا إِبْرَاهِيمُ، أَنْتَ نَبِىُّ اللَّهِ وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ فَيَقُولُ لَهُمْ إِنَّ رَبِّى قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَن

يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّى قَدْ كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلاَثَ كَذَبَاتٍ - فَذَكَرَهُنَّ أَبُو حَيَّانَ فِى الْحَدِيثِ - نَفْسِى نَفْسِى نَفْسِى، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِى اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى، فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُونَ يَا مُوسَى أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، فَضَّلَكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلاَمِهِ عَلَى النَّاسِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ فَيَقُولُ إِنَّ رَبِّى قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّى قَدْ قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُومَرْ بِقَتْلِهَا، نَفْسِى نَفْسِى نَفْسِى، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِى، اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى، فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُونَ يَا عِيسَى أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَكَلَّمْتَ النَّاسَ فِى الْمَهْدِ صَبِيًّا اشْفَعْ لَنَا أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ فَيَقُولُ عِيسَى إِنَّ رَبِّى قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ - وَلَمْ يَذْكُرْ ذَنْبًا - نَفْسِى نَفْسِى نَفْسِى، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِى اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولُونَ يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَخَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ فَأَنْطَلِقُ فَآتِى تَحْتَ الْعَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّى عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَىَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِى ثُمَّ يُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِى، فَأَقُولُ أُمَّتِى يَا رَبِّ، أُمَّتِى يَا رَبِّ فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْبَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ، ثُمَّ قَالَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَحِمْيَرَ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى». طرفاه 3340، 3361 - تحفة 14927 - 107/ 6 قوله: (وهو اسمٌ من خَطِئتَ)، وللاسم عند النحاة نحوُ خمسةِ معانِ، فيقال: إنه اسمٌ، أي ليس بِمَصْدر؛ ويقال: إنه اسمُ فِعْل، أي ليس بِفِعْل؛ ويقال: هذا اسمٌ، أي ليس بِصِفَة ... إلى غير ذلك. قوله: (فَوَصَفَهُم بها) أي على طريقِ المبالغة، كما في: زَيْدٌ عَدْل، كذلك وَصَفَهم بالنَّجْوى في قوله: {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} [الإِسراء: 47]. قوله: (لأحتَنِكنَّ) "رسادو نكا منه مين" وما ذكره المصنِّفُ حَاصِلُ معناه. قوله: (قال ابنُ عَبَّاس: كُلُّ سُلْطان في القرآن) أي هذا اللفظ في جميعِ مواضِع القرآن بمعنى الحُجَّة. قوله: ({شَاكِلَتِهِ} ناحِيَتِه، وهي مِن شَكْلِهِ) يعني أنها مُشتقَّة منه. قوله: (نَفِقَ الشيءُ) "جيز نكل كئى". قوله: (ثائِرًا) مَنْ يأخذ الثَّأرَ والقِصَاص.

6 - باب قوله {وآتينا داوود زبورا} [الإسراء: 55]

4711 - قوله: (كُنَّا نقُولُ للحَيِّ إذا كَثُرُوا في الجاهليةِ: أُمِر بَنُو فُلان) ولكن هذا المعنى لا يناسب ههنا، لأن قوله: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} ... إلخ [الإِسراء: 16]، ليس منه. 4712 - قوله: (ثَلاثَ كَذَبات) وهي كلُّها كانت تَوْرية، ولكنه عَظُم أَمْرُها. قوله: (إنيِّ قد قَتَلْتُ نَفْسًا لم أُومَر بِقَتْلها) ... إلخ. وقد مَرَّ معنا أن حَرْبيًا لو اعتمد على مُسْلم أَنَّه لا يقتُله، لا يجوزُ للمسلم قَتْلُه، ما لم يَنْبِذ إليه على سواء، وقد فَهِمته من حديثٍ في «الجامع الصغير» وفيه لفظ: «أمن من سمع»، وضَبَطه الناسُ من الأفعال، فَغَلِطوا في شَرْحه. قوله: (ولَم يَذْكُر ذَنْبًا) وعند الترمذي أنه قال: إني عَبَدت مِن دونِ الله. قوله: (يا محمَّدُ، أَدْخِل مِن أُمَّتِك) ... إلخ. هذه القِطْعةُ في الشفاعة الصُّغْرى، وكانت الأُولى في الكُبْرى، لِفَتْح باب الحساب؛ وحاصِله أنَّ العالم بمجموعِه إذا احتاج إلى شَافِعٍ، لم يُسْر عنهم ما رابهم غيرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وإذا وصل الأَمْرُ إلى كلَ من الأمم، تكفَّلَ كُلُّ نبيَ لأُمَّتِه، يعني: "جب مجموع دنيا كاكام آياتواس كى لئى آب منتخب هوئى - اورجب ابنى ابنى امم كاكام آياتو بهران كى نبى". 6 - باب قَوْلِهِ {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [الإسراء: 55] 4713 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خُفِّفَ عَلَى دَاوُدَ الْقِرَاءَةُ، فَكَانَ يَأْمُرُ بِدَابَّتِهِ لِتُسْرَجَ، فَكَانَ يَقْرَأُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ». يَعْنِى الْقُرْآنَ. طرفاه 2073، 3417 - تحفة 14725 4713 - قوله: (فكانَ يَقْرَأ قَبْل أن يَفْرُغَ) أي مُعْجِزة، وفي روايةٍ: أنه كانَ يَفْرُغ من قراءته فيما بين أن يَضَع قَدَمَيه في الركابين، وذكر السُّيوطي عن بعض الأولياء أنه كان يَخْتِم القرآنَ تِسْعِ مراتٍ في يوم وليلةٍ. وكان الشيخُ السهروردي يَفْعَلُه ستينَ مرةً في يوم، ويُحْكى عَنْ ثقة أنَّ الشاه إسماعيل خَتَمه بعد العَصْر إلى الغروب مع ترتيلٍ، وهو بين أيدي الناس. وعند الترمذي في كتاب الدعوات: أن عمرَ بن هَانِي كان يُصلِّي أَلفَ سجدةٍ كُلَّ يوم، ويسبِّح مئة ألف تسبيحة. وصنَّفَ ابنُ كثير رسالة في متعلقات القرآن، ووضع فيها فَصْلًا جَمَع فيه أسماءَ الذين ختموا القرآن في يومٍ وليلة، أو دُونه. فالحكايةُ في مِثْله قد تواترت، بحيث لا يُسَوَّغ الإِنكار الإِنكار، ولكن مَنْ يُحْرَم عن الخيرِ يجعل رزقه أنه يكذب بالكراماتِ، والبركات، ويزعمه مُستحيلًا. ثُم هذه المسألة تُسمَّى عند الصوفية بِطَيِّ الزَّمان. أما طَيّ المكان، فهو مُسَلَّم بلا نكير، ففي «الفتوحات»: أنَّ الجَوْهريّ أجنب مرةً، فذهب إلى نَهْرٍ لِيَغْتَسِل، فَنَعَس فيه، فإِذا هو يرى في المنام أنه دخل بغداد، وتزوَّج فيها امرأةً، وولدت منه أولادًا، فإِذا هَبَّ

من نَوْمه، رجع إلى بيتِه، ولم يَمْض بعد ذلك مُدَّةٌ، إذ جاءته امرأةٌ من بغداد، تَدَّعِي أنه نكحها، وهؤلاء صبيانٌ منه. ومَرَّ عليه العارف الجامي في «النفخات»، وأغمض عنه، وأنكره الشيخ المجدد. قلتُ: لا استحالةَ فيه، فهو مِن باب طيِّ الزمان عندي (¬1). ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وعليه حَمَل الشيخُ سَفَره - صلى الله عليه وسلم - في ليلة المعراج، فيقول في قصيدته في الإِسراء: وأبدى له طيّ الزمان، فعاقه ... رويدًا عن الأحوال حتاه ما أجرى ولا بأس لو أتحفناك بِرُمتها، فإِنها احتوت على علومٍ في الإِسراء، وفَصل في أَمْر الرؤية، وكشف عن اختلافهم فيها، وجَمع بين الرواياتِ، وشَرح للآيات، ورَفْع للتشتُّت في نَظمها، وأحكام لكونه في اليقظة، وذَبّ عمن أنكره فيها، وكل ذلك على رغم أنف لعين القاديان وأمثاله من الملعونين. تَبارك مَنْ أسرى، وأَعْلى بِعَبْده ... إلى المسجد الأقصى، إلى الأُفق الأَعلى إلى سَبْع أطباقٍ، إلى سِدْرة، كذا ... إلى رفرف أبهى، إلى نَزْلةٍ أُخرى وسَوّى له من حَفْلة مَلَكيّة ... ليشهد مِن آياتِ نعمته الكُبْرى بُراقٌ يساوي خطوه مَدَّ طَرفه ... أُتيح له، واختِير في ذلك المَسْرى وأبدى له طَيَّ الزمانِ، فعاقه ... رويدًا عن الأحوال، حتاه ما أجرى هنا موطن فوق الزمان ثباته ... على حالة ليست به غير تترى، وكان لجبريلَ الأمينِ سفارةٌ ... وصادف ما أولى لرتبته المولى، نعم طائر القدس المنيع بشأوه ... خوافيه تطوى وطن السر، أو أخفى وكان عِيانا يقظةً، لا يشوبُه ... منام، ولا قد كان من عالم الرؤيا قد التمس الصديق ثُم، فلم يجد ... وصحّح (*) عن شدادٍ البيهقي كذا رأى رَبَّه لما دنَى بِفُؤادِه ... ومنه سرى للعين ما زاغ لا يطغى رأى نورَه أنَّى يراه مؤمل ... وأوحى إليه عند ذاك بما أَوْحَى بحثنا، فآل البَحْثُ إثباتَ رؤيةٍ ... لحضرته صلَّى عليه، كما يرضى وسلم تسليما كثيرًا مباركًا ... كما بالتحيات العُلَى ربه حتى، كما اختاره الحَبْرُ ابنُ عمِّ نبيِّنا ... وأحمد من بين الأئمةِ قد قوى، فقال إذا ما المروزي استبانه: ... رآه رأي المولى، فسبحان مَنْ أَسْرَى رواه أبو ذَرّ بسان قد رأيته ... وأني أراه ليس للنفي، بل ثنيا، نعم رؤية ربّ الجليل حقيقة ... يقال له (**): الرؤيا بالسنة الدنيا، وإلا، فمرأى جبرائيل عوادة ... وليس بديعًا شكله، كان، أو أوفى، وذلك في التنزيل من نظم نجمه ... إذا ما رعى الراعي، ومغزاه قد وفى، وكان ببعض ذكر جبريل فانسرى ... إلى كله، والطول في البحث قد عنى، وكان إلى الأَقْصى سرى، ثُم بعده ... عُروجًا بجسم، إن من حضرة أخرى، عروجًا إلى أن ظللته ضبابةٌ ... ويغشى من الأنوار إياه ما يغشى، (*) قال الشيخ: وهي في "الزوائد" وقد صححها منه في "الدلائل"، كما في "شَرح المواهب". (**) كما في "فتح الباري" في أول التعبير. =

7 - باب {قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا (56)} [الإسراء: 56]

7 - باب {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56)} [الإسراء: 56] 4714 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ {إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} [الإسراء: 57] قَالَ كَانَ نَاسٌ مِنَ الإِنْسِ يَعْبُدُونَ نَاسًا مِنَ الْجِنِّ، فَأَسْلَمَ الْجِنُّ، وَتَمَسَّكَ هَؤُلاَءِ بِدِينِهِمْ. زَادَ الأَشْجَعِىُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ. {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ}. طرفه 4715 - تحفة 9337 8 - باب قَوْلِهِ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} [الإسراء: 57] الآيَةَ 4715 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - فِى هَذِهِ الآيَةِ {الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} قَالَ نَاسٌ مِنَ الْجِنِّ يُعْبَدُونَ فَأَسْلَمُوا. طرفه 4714 - تحفة 9337 4715 - قوله: (كان ناسٌ (¬1) من الجِنِّ كانوا يَعْبدون، فأَسْلَمُوا) أي يتقرَّبون بهم، ويجعلونهم وسيلةً إلى اللَّهِ تعالى، أي واسطة للتقرُّب، فثبتت الوسيلةُ في اللغةِ، بمعنى التقرُّب أيضًا. وحينئذٍ سقط بَحْثُ الحافظِ ابن تيميةَ، فإِنه أنكر كَوْنَ الوسيلة بمعنى التقرُّب، أما إنَّ التقرُّب إلى أين يُعتبر؛ فذلك بَحْثٌ آخَر. 9 - باب {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60] 4716 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنه - {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} قَالَ هِىَ رُؤْيَا عَيْنٍ أُرِيَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ} [الإسراء: 60] شَجَرَةُ الزَّقُّومِ. طرفاه 3888، 6613 - تحفة 6167 - 108/ 6 وإنما جَمَعَ القرآنُ بين الرؤيا والزَّقُّوم، لأنَّ أبا جهل كان يستهزِىءُ بهما. ¬

_ = ويسمع للأقلام ثُم صريفها ... ويشهد عينًا ما له الربّ قد سوى، ومَنْ غض فيه من هنات تفلسف ... على جرف هار يقارف أن يردى، كمن كان من أولاد مأجوج، فادعى ... نبوته بالغيّ، والبغي، والعدوى، ومَنْ يتبع في الدين أهواء نفسه ... على كفره فليعبد اللات والعُزى لله درُّه ما أبرعَ كلامَه، وما أحسنَ انسجامَه، رحمه الله تعالى، وأعلى درجَتَه في عِلِّيين. (¬1) قلتُ: وراجع له "آكام المرجان".

10 - باب قوله: {إن قرآن الفجر كان مشهودا} [الإسراء: 78]

10 - باب قَوْلِهِ: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] قالَ مُجَاهِدٌ: صَلاَةَ الفَجْرِ. 4717 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فَضْلُ صَلاَةِ الْجَمِيعِ عَلَى صَلاَةِ الْوَاحِدِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً، وَتَجْتَمِعُ مَلاَئِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةُ النَّهَارِ فِى صَلاَةِ الصُّبْحِ». يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} أطرافه 176، 445، 477، 647، 648، 659، 2119، 3229 تحفة 15279، 13274 11 - باب قَوْلِهِ: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] 4718 - حَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ آدَمَ بْنِ عَلِىٍّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضى الله عنهما يَقُولُ إِنَّ النَّاسَ يَصِيرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جُثًا، كُلُّ أُمَّةٍ تَتْبَعُ نَبِيَّهَا، يَقُولُونَ يَا فُلاَنُ اشْفَعْ، حَتَّى تَنْتَهِىَ الشَّفَاعَةُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَلِكَ يَوْمَ يَبْعَثُهُ اللَّهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ. طرفه 1475 - تحفة 6644 4719 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِى حَمْزَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاَةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِى وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ». رَوَاهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 614 - تحفة 3046، 6706 12 - باب {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81)} [الإسراء: 81] يَزْهَقُ: يَهْلِكُ. 4720 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ وَحَوْلَ الْبَيْتِ سِتُّونَ وَثَلاَثُمِائَةِ نُصُبٍ فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ فِى يَدِهِ وَيَقُولُ {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}، {جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49]. طرفاه 2478، 4287 - تحفة 9334 13 - باب {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} [الإسراء: 85] 4721 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَرْثٍ وَهْوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَسِيبٍ إِذْ مَرَّ الْيَهُودُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ، فَقَالَ مَا

14 - باب {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} [الإسراء: 110]

رَابَكُمْ إِلَيْهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ يَسْتَقْبِلُكُمْ بِشَىْءٍ تَكْرَهُونَهُ فَقَالُوا سَلُوهُ فَسَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ فَأَمْسَكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقُمْتُ مَقَامِى، فَلَمَّا نَزَلَ الْوَحْىُ قَالَ {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)}. أطرافه 125، 7297، 7456، 7462 - تحفة 9419 - 109/ 6 14 - باب {وَلَا تَجْهَرْ (¬1) بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] 4722 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فِى قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} قَالَ نَزَلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُخْتَفٍ بِمَكَّةَ، كَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ فَإِذَا سَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} أَىْ بِقِرَاءَتِكَ، فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ، فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ، {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} عَنْ أَصْحَابِكَ فَلاَ تُسْمِعُهُمْ {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}. أطرافه 7490، 7525، 7547 - تحفة 5451 4723 - حَدَّثَنِى طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أُنْزِلَ ذَلِكَ فِى الدُّعَاءِ. طرفاه 6327، 7526 - تحفة 16892 واعلم أنَّ الآيةَ أَشْكَلت على العلماء، فإنَّ الجَهْر في الفِقْه إسماعُ الغير، والسرَّ إسماعُ النَّفْس، وإِذن ماذا يكون السبيلُ بين السَّبِيلَين؟ والوجه عندي أنَّ الجَهْر المنهيَّ عنه محمولٌ على اللغة، وهو أَرْفَعُ من الجَهْرِ الفِقْهي، على حدَّ قَوْله تعالى: {وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ} [الحجرات: 2] أي بِرَفْع الصوت على عادةِ الأَعْراب، ومَحَطُّ الآيةِ التحذيرُ عن طَرَفي الإِفراط والتفريط، والمعنى لا تَجْهَر كُلَّ الجهر، ولا تخافت كلَّ المخافتة، واتخذ لقراءتك سبيلًا بين ذلك، حسب ما ناسب في الصلوات من الجَهْر والسر. فالمنهيُّ عنه الإِفراطُ في الجهر، والتفريط فيه، فإِذَن السبيلُ المأمورُ به هو عينُ الجَهْر الفِقْهي، وإن كان غيرَ الجَهْرِ المعروفِ في اللغة. أما وجوبُ الجَهْر في الجهرية، والإِسرار في السِّرِّيَّة، فذلك أَمْرٌ مَعْلومٌ من الخارج، لا أُحِبُّ أن أُدْخِله تحت النصِّ، فإِنه أَمْرٌ مختَلَفٌ فيه، فليكن حَسَب ما تقرَّر عندهم من الدلائل الخارجية، وهو المَلْحَظ عندي في قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ} [الأعراف: 205] فهذا النهي أيضًا يَنْصَبّ على الإِفراط فيه، ولذا وَصَفه بقوله: {مِنَ الْقَوْلِ} فدخلت فيه الصلواتُ الخَمْس أيضًا على ¬

_ (¬1) كما في "فتح الباري" من أول التعبير.

18 - سورة الكهف

طريق نَظِيره. ولما كانت الآيةُ الأُولى مُركَّبةً من قَضَيَّتَين سالِبَتَيْن، دَعت الضرورةُ إلى مُوجَبة، للامتثال بها، فزاد فيها قَوْله: {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} وعيّن منه ما كان المرادُ، بخلاف الآية الثانية، فإِنَّ طرفًا منها إيجابيٌّ، وهو قوله: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ} فاكتفى به، فاقتصر فيها على النهي عن الإِفراط فقط. وبالجملةِ مُحصَّل الآيتينِ النهيُ عن غايةِ الجهر، وغاية الإِسرار، والأمُر باتخاذ سبيلٍ بين سبيلين في الصلوات الخَمْس، بما ناسب منها. ثُم إنِّي عَدَلْت إلى هذا التفسيرِ لتخرج الآيةُ عن مسألةٍ مختَلَفٍ فيها، وهي وجوب الجَهْر في الجهرية، والإِسرار في السِّرِّية، فإِن الأئمة الأخر ذَهبوا إلى سُنِّيته. وإنْ كان المصلِّي منفرِدًا، ففيه خلافٌ بين الحنفيةِ أيضًا، ففي قَوْلٍ هو مُخيَّر، فهؤلاء جعلوا الجَهْرَ من خصائصِ الجماعة، فإِذا كانت المسألةُ حالها هذا، فسرت الآية بما سمعت، لئلا تدل على مطلوبيةِ الجَهْر، والإِسرار، وقد عَلِمت مِن قبل أنَّ عائشةَ حَمَلَتها على الدُّعاء، ولَعلَّه لذلك العسر الذي عَلِمته آنفًا، والله تعالى أعلم. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 18 - سُورَةُ الكَهْفِ وَقالَ مُجَاهِدٌ: {تَّقْرِضُهُمْ} [17] تَتْرُكُهُمْ. {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ} [34] ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ، وَقالَ غَيرُهُ: جَمَاعَةُ الثَّمَرِ. {بَاخِعٌ} [6] مُهْلِكٌ. {أَسِفًا} [6] نَدَمًا. {الْكَهْفِ} [9] الفَتْحُ في الجَبَلِ. {وَالرَّقِيمِ} [9] الكِتَابُ. {مَّرْقُومٌ} [المطففين: 20] مَكْتُوبٌ، مِنَ الرَّقْمِ. {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ} [14] أَلهَمْنَاهُمْ صَبْرًا. {لَوْلا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا} [القصص: 10]، {شَطَطًا} [14] إِفرَاطًا. {الوَصِيد} [18] الفِنَاءُ، جَمْعُهُ: وَصَائِدُ وَوُصُدٌ. وَيُقَالُ الوَصيدُ البَابُ. {مُّؤْصَدَةٌ} [البلد: 20] مُطْبَقَةٌ، آصَدَ البَابَ وَأَوْصَدَ. {بَعَثْنَاهُمْ} [19] أَحْيَينَاهُمْ. {أَزْكَى} [19] أَكْثَرُ، وَيُقَالُ: أَحَلُّ، وَيُقَالُ: أَكْثَرُ رَيعًا. قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمِ} [33] لَمْ تَنْقُصْ. وَقالَ سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَالرَّقِيمِ} اللَّوْحُ مِنْ رَصَاصٍ، كَتَبَ عامِلُهُمْ أَسمَاءَهُمْ، ثمَّ طَرَحَهُ في خِزَانَتِهِ، فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى آذَانِهِمْ فَنَامُوا. وَقالَ غَيرُهُ: وَأَلَتْ تَئِلُ تَنْجُو، وَقالَ مُجَاهِدٌ: {مَوْئِلًا} [58] مَحْرِزًا. {لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا} [101] لاَ يَعْقِلُونَ. 1 - باب قَوْلِهِ: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54] 4724 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنَا أَبِى

2 - باب {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا (60)} [الكهف: 60]

عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَلِىُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِىٍّ أَخْبَرَهُ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ قَالَ «أَلاَ تُصَلِّيَانِ». {رَجْمًا بِالْغَيْبِ} [22] لَمْ يَسْتَبِنْ. {فُرُطًا} [28] نَدَمًا. {سُرَادِقُهَا} [29] مِثْلُ السُّرَادِقِ، وَالحُجْرَةِ الَّتِي تُطِيفُ بِالفَسَاطِيطِ. {يُحَاوِرُهُ} [34 - 37] مِنَ المُحَاوَرَةِ. {لاكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} [38] أَي لكِنْ أَنَا هُوَ اللَّه رَبِّي، ثُمَّ حَذَفَ الأَلِفَ وَأَدْغَمَ إِحْدَى النُّونَينِ في الأُخْرَى. {وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا} يقول: بينهما نَهَرًا. {زَلَقًا} [40] لاَ يَثْبُتُ فِيهِ قَدَمٌ. {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ} [44] مَصْدَرُ الوَلِيِّ. {عُقْبًا} [44] عاقِبَة وَعُقْبَى وَعُقْبَةً وَاحِدٌ، وَهيَ الآخِرَةُ. {قُبُلًا} [55] وَقِبَلًا، وقَبَلًا: اسْتِئْنَافًا. {لِيُدْحِضُواْ} [56] لِيُزِيلُوا، الدَّحْضُ الزَّلَقُ. أطرافه 1127، 7347، 7465 - تحفة 10070 2 - باب {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60)} [الكهف: 60] زَمَانًا وَجَمْعُهُ أَحْقَابٌ. 4725 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ نَوْفًا الْبَكَالِىَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ الْخَضِرِ لَيْسَ هُوَ مُوسَى صَاحِبَ بَنِى إِسْرَائِيلَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ حَدَّثَنِى أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ مُوسَى قَامَ خَطِيبًا فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ أَىُّ النَّاسِ أَعْلَمُ فَقَالَ أَنَا فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ إِنَّ لِى عَبْدًا بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ قَالَ مُوسَى يَا رَبِّ فَكَيْفَ لِى بِهِ قَالَ تَأْخُذُ مَعَكَ حُوتًا فَتَجْعَلُهُ فِى مِكْتَلٍ، فَحَيْثُمَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَهْوَ ثَمَّ، فَأَخَذَ حُوتًا فَجَعَلَهُ فِى مِكْتَلٍ ثُمَّ انْطَلَقَ، وَانْطَلَقَ مَعَهُ بِفَتَاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ، حَتَّى إِذَا أَتَيَا الصَّخْرَةَ وَضَعَا رُءُوسَهُمَا فَنَامَا، وَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فِى الْمِكْتَلِ، فَخَرَجَ مِنْهُ، فَسَقَطَ فِى الْبَحْرِ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ سَرَبًا، وَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنِ الْحُوتِ جِرْيَةَ الْمَاءِ فَصَارَ عَلَيْهِ مِثْلَ الطَّاقِ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ، نَسِىَ صَاحِبُهُ أَنْ يُخْبِرَهُ بِالْحُوتِ، فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتَهُمَا، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا قَالَ وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِى أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّى نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ، وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ عَجَبًا قَالَ فَكَانَ لِلْحُوتِ سَرَبًا وَلِمُوسَى وَلِفَتَاهُ عَجَبًا فَقَالَ مُوسَى ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِى فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا قَالَ رَجَعَا يَقُصَّانِ آثَارَهُمَا حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى ثَوْبًا، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى.

3 - باب قوله: {فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا (61)}

فَقَالَ الْخَضِرُ وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلاَمُ قَالَ أَنَا مُوسَى. قَالَ مُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ قَالَ نَعَمْ أَتَيْتُكَ لِتُعَلِّمَنِى مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا. قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِى صَبْرًا، يَا مُوسَى إِنِّى عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لاَ تَعْلَمُهُ أَنْتَ وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَكَ اللَّهُ لاَ أَعْلَمُهُ. فَقَالَ مُوسَى {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا}، فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ، {فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا}، فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَمَرَّتْ سَفِينَةٌ فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمْ، فَعَرَفُوا الْخَضِرَ، فَحَمَلُوهُ بِغَيْرِ نَوْلٍ فَلَمَّا رَكِبَا فِى السَّفِينَةِ، لَمْ يَفْجَأْ إِلاَّ وَالْخَضِرُ قَدْ قَلَعَ لَوْحًا مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ بِالْقَدُومِ. فَقَالَ لَهُ مُوسَى قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ، عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73)}». قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَكَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا قَالَ وَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ فَنَقَرَ فِى الْبَحْرِ نَقْرَةً، فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ مَا عِلْمِى وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلاَّ مِثْلُ مَا نَقَصَ هَذَا الْعُصْفُورُ مِنْ هَذَا الْبَحْرِ ثُمَّ خَرَجَا مِنَ السَّفِينَةِ، فَبَيْنَا هُمَا يَمْشِيَانِ عَلَى السَّاحِلِ، إِذْ أَبْصَرَ الْخَضِرُ غُلاَمًا يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَ الْخَضِرُ رَأْسَهُ بِيَدِهِ فَاقْتَلَعَهُ بِيَدِهِ فَقَتَلَهُ. فَقَالَ لَهُ مُوسَى {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} قَالَ وَهَذَا أَشَدُّ مِنَ الأُولَى، {قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76 فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} - قَالَ مَائِلٌ - فَقَامَ الْخَضِرُ فَأَقَامَهُ بِيَدِهِ فَقَالَ مُوسَى قَوْمٌ أَتَيْنَاهُمْ فَلَمْ يُطْعِمُونَا، وَلَمْ يُضَيِّفُونَا، لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا. قَالَ {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} إِلَى قَوْلِهِ {ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} [الكهف: 78 - 82]. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَدِدْنَا أَنَّ مُوسَى كَانَ صَبَرَ حَتَّى يَقُصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ خَبَرِهِمَا». قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا، وَكَانَ يَقْرَأُ وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ. أطرافه 74، 78، 122، 2267، 2728، 3278، 3400، 3401، 4726، 4727، 6672، 7478 - تحفة 39 - 112/ 6 3 - باب قَوْلِهِ: {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61)} مَذْهَبًا، يَسْرُبُ يَسْلُكُ، وَمِنْهُ: {وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} [الرعد: 10]. 4726 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَغَيْرَهُمَا قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ عَنْ سَعِيدٍ قَالَ إِنَّا لَعِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِى بَيْتِهِ، إِذْ قَالَ سَلُونِى قُلْتُ أَىْ أَبَا عَبَّاسٍ - جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ - بِالْكُوفَةِ رَجُلٌ قَاصٌّ يُقَالُ لَهُ نَوْفٌ،

يَزْعُمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ، أَمَّا عَمْرٌو فَقَالَ لِى قَالَ قَدْ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، وَأَمَّا يَعْلَى فَقَالَ لِى قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِى أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مُوسَى رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - قَالَ ذَكَّرَ النَّاسَ يَوْمًا حَتَّى إِذَا فَاضَتِ الْعُيُونُ، وَرَقَّتِ الْقُلُوبُ وَلَّى، فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ أَىْ رَسُولَ اللَّهِ هَلْ فِى الأَرْضِ أَحَدٌ أَعْلَمُ مِنْكَ قَالَ لاَ، فَعَتَبَ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَى اللَّهِ قِيلَ بَلَى قَالَ أَىْ رَبِّ فَأَيْنَ قَالَ بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قَالَ أَىْ رَبِّ اجْعَلْ لِى عَلَمًا أَعْلَمُ ذَلِكَ بِهِ». فَقَالَ لِى عَمْرٌو قَالَ «حَيْثُ يُفَارِقُكَ الْحُوتُ». وَقَالَ لِى يَعْلَى قَالَ «خُذْ نُونًا مَيِّتًا حَيْثُ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، فَأَخَذَ حُوتًا فَجَعَلَهُ فِى مِكْتَلٍ فَقَالَ لِفَتَاهُ لاَ أُكَلِّفُكَ إِلاَّ أَنْ تُخْبِرَنِى بِحَيْثُ يُفَارِقُكَ الْحُوتُ. قَالَ مَا كَلَّفْتَ كَثِيرًا فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ} [الكهف: 60] يُوشَعَ بْنِ نُونٍ - لَيْسَتْ عَنْ سَعِيدٍ - قَالَ فَبَيْنَمَا هُوَ فِى ظِلِّ صَخْرَةٍ فِى مَكَانٍ ثَرْيَانَ، إِذْ تَضَرَّبَ الْحُوتُ، وَمُوسَى نَائِمٌ، فَقَالَ فَتَاهُ لاَ أُوقِظُهُ حَتَّى إِذَا اسْتَيْقَظَ نَسِىَ أَنْ يُخْبِرَهُ، وَتَضَرَّبَ الْحُوتُ، حَتَّى دَخَلَ الْبَحْرَ فَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنْهُ جِرْيَةَ الْبَحْرِ حَتَّى كَأَنَّ أَثَرَهُ فِى حَجَرٍ - قَالَ لِى عَمْرٌو هَكَذَا كَأَنَّ أَثَرَهُ فِى حَجَرٍ، وَحَلَّقَ بَيْنَ إِبْهَامَيْهِ وَاللَّتَيْنِ تَلِيانِهِمَا - لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا قَالَ قَدْ قَطَعَ اللَّهُ عَنْكَ النَّصَبَ - لَيْسَتْ هَذِهِ عَنْ سَعِيدٍ - أَخْبَرَهُ، فَرَجَعَا فَوَجَدَا خَضِرًا - قَالَ لِى عُثْمَانُ بْنُ أَبِى سُلَيْمَانَ - عَلَى طِنْفِسَةٍ خَضْرَاءَ عَلَى كَبِدِ الْبَحْرِ - قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ - مُسَجًّى بِثَوْبِهِ قَدْ جَعَلَ طَرَفَهُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ، وَطَرَفَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، وَقَالَ هَلْ بِأَرْضِى مِنْ سَلاَمٍ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مُوسَى. قَالَ مُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَمَا شَأْنُكَ قَالَ جِئْتُ لِتُعَلِّمَنِى مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا. قَالَ أَمَا يَكْفِيكَ أَنَّ التَّوْرَاةَ بِيَدَيْكَ، وَأَنَّ الْوَحْىَ يَأْتِيكَ، يَا مُوسَى إِنَّ لِى عِلْمًا لاَ يَنْبَغِى لَكَ أَنْ تَعْلَمَهُ وَإِنَّ لَكَ عِلْمًا لاَ يَنْبَغِى لِى أَنْ أَعْلَمَهُ، فَأَخَذَ طَائِرٌ بِمِنْقَارِهِ مِنَ الْبَحْرِ وَقَالَ وَاللَّهِ مَا عِلْمِى وَمَا عِلْمُكَ فِى جَنْبِ عِلْمِ اللَّهِ إِلاَّ كَمَا أَخَذَ هَذَا الطَّائِرُ بِمِنْقَارِهِ مِنَ الْبَحْرِ، حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِى السَّفِينَةِ وَجَدَا مَعَابِرَ صِغَارًا تَحْمِلُ أَهْلَ هَذَا السَّاحِلِ إِلَى أَهْلِ هَذَا السَّاحِلِ الآخَرِ عَرَفُوهُ، فَقَالُوا عَبْدُ اللَّهِ الصَّالِحُ - قَالَ قُلْنَا لِسَعِيدٍ خَضِرٌ قَالَ نَعَمْ - لاَ نَحْمِلُهُ بِأَجْرٍ، فَخَرَقَهَا وَوَتَدَ فِيهَا وَتِدًا. قَالَ مُوسَى {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} - قَالَ مُجَاهِدٌ مُنْكَرًا - {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} كَانَتِ الأُولَى نِسْيَانًا وَالْوُسْطَى شَرْطًا وَالثَّالِثَةُ عَمْدًا قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِى مِنْ أَمْرِى عُسْرًا، لَقِيَا غُلاَمًا فَقَتَلَهُ - قَالَ يَعْلَى قَالَ سَعِيدٌ - وَجَدَ غِلْمَانًا يَلْعَبُونَ، فَأَخَذَ غُلاَمًا كَافِرًا ظَرِيفًا فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ بِالسِّكِّينِ. قَالَ {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ} لَمْ تَعْمَلْ بِالْحِنْثِ - وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَرَأَهَا زَكِيَّةً زَاكِيَةً مُسْلِمَةً كَقَوْلِكَ غُلاَمًا زَكِيًّا - {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ} فَأَقَامَهُ - قَالَ سَعِيدٌ بِيَدِهِ هَكَذَا - وَرَفَعَ يَدَهُ فَاسْتَقَامَ - قَالَ

4 - باب قوله: {فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا (62)} [الكهف: 62]

يَعْلَى - حَسِبْتُ أَنَّ سَعِيدًا قَالَ فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ فَاسْتَقَامَ، {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} - قَالَ سَعِيدٌ أَجْرًا نَأْكُلُهُ - {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ}، وَكَانَ أَمَامَهُمْ - قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ - يَزْعُمُونَ عَنْ غَيْرِ سَعِيدٍ أَنَّهُ هُدَدُ بْنُ بُدَدٍ، وَالْغُلاَمُ الْمَقْتُولُ، اسْمُهُ يَزْعُمُونَ جَيْسُورٌ {مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا}، فَأَرَدْتُ إِذَا هِىَ مَرَّتْ بِهِ أَنْ يَدَعَهَا لِعَيْبِهَا، فَإِذَا جَاوَزُوا أَصْلَحُوهَا فَانْتَفَعُوا بِهَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ سَدُّوهَا بِقَارُورَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِالْقَارِ، كَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ، وَكَانَ كَافِرًا فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا، أَنْ يَحْمِلَهُمَا حُبُّهُ عَلَى أَنْ يُتَابِعَاهُ عَلَى دِينِهِ فَأَرَدْنَا أَنْ يُبَدِّلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً لِقَوْلِهِ {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} وَأَقْرَبَ رُحْمًا هُمَا بِهِ أَرْحَمُ مِنْهُمَا بِالأَوَّلِ، الَّذِى قَتَلَ خَضِرٌ وَزَعَمَ غَيْرُ سَعِيدٍ أَنَّهُمَا أُبْدِلاَ جَارِيَةً، وَأَمَّا دَاوُدُ بْنُ أَبِى عَاصِمٍ فَقَالَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ إِنَّهَا جَارِيَةٌ. أطرافه 74، 78، 122، 2267، 2728، 3278، 3400، 3401، 4725، 4727، 6672، 7478 - تحفة 39 - 115/ 6 4 - باب قَوْلِهِ: {فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62)} [الكهف: 62] إِلَى قَوْلِهِ: {عَجَبًا} [63]، {صُنْعًا} [104] عَمَلًا. {حِوَلًا} [108] تَحَوُّلًا. {قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (64)} [64]، {إِمْرًا} [71] وَ {نُّكْرًا} [74] دَاهِيَةً. {يَنقَضَّ} [77] يَنْقَاضُ كَمَا تَنْقَاضُ السِّنُّ. {لَتَخِذْتَ} [77] وَاتَّخَذْتَ وَاحِدٌ. {رُحْمًا} [81] مِنَ الرُّحْمِ، وَهيَ أَشَدُّ مُبَالَغَةً مِنَ الرَّحْمَةِ، وَنَظنُّ أَنَّهُ مِنَ الرَّحِيمِ، وَتُدْعى مَكَّةُ أُمَّ رُحْمٍ، أَيِ الرَّحْمَةُ تَنْزِلُ بِهَا. 4727 - حَدَّثَنِى قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ نَوْفًا الْبَكَالِىَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ لَيْسَ بِمُوسَى الْخَضِرِ. فَقَالَ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ حَدَّثَنَا أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَامَ مُوسَى خَطِيبًا فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ فَقِيلَ لَهُ أَىُّ النَّاسِ أَعْلَمُ قَالَ أَنَا، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ، وَأَوْحَى إِلَيْهِ بَلَى عَبْدٌ مِنْ عِبَادِى بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ قَالَ أَىْ رَبِّ كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَيْهِ قَالَ تَأْخُذُ حُوتًا فِى مِكْتَلٍ فَحَيْثُمَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَاتَّبِعْهُ قَالَ فَخَرَجَ مُوسَى، وَمَعَهُ فَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَمَعَهُمَا الْحُوتُ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَنَزَلاَ عِنْدَهَا قَالَ فَوَضَعَ مُوسَى رَأْسَهُ فَنَامَ - قَالَ سُفْيَانُ وَفِى حَدِيثِ غَيْرِ عَمْرٍو قَالَ - وَفِى أَصْلِ الصَّخْرَةِ عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا الْحَيَاةُ لاَ يُصِيبُ مِنْ مَائِهَا شَىْءٌ إِلاَّ حَيِىَ، فَأَصَابَ الْحُوتَ مِنْ مَاءِ تِلْكَ الْعَيْنِ، قَالَ فَتَحَرَّكَ، وَانْسَلَّ مِنَ الْمِكْتَلِ، فَدَخَلَ الْبَحْرَ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ مُوسَى قَالَ لِفَتَاهُ {آتِنَا غَدَاءَنَا} [الكهف: 62] الآيَةَ قَالَ وَلَمْ يَجِدِ النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ مَا أُمِرَ بِهِ، قَالَ لَهُ فَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ} [63] الآيَةَ قَالَ فَرَجَعَا يَقُصَّانِ فِى آثَارِهِمَا،

5 - باب قوله: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا (103)} [الكهف: 103]

فَوَجَدَا فِى الْبَحْرِ كَالطَّاقِ مَمَرَّ الْحُوتِ، فَكَانَ لِفَتَاهُ عَجَبًا، وَلِلْحُوتِ سَرَبًا قَالَ فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، إِذْ هُمَا بِرَجُلٍ مُسَجًّى بِثَوْبٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى قَالَ وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلاَمُ فَقَالَ أَنَا مُوسَى. قَالَ مُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ قَالَ نَعَمْ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِى مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا. قَالَ لَهُ الْخَضِرُ يَا مُوسَى إِنَّكَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَكَهُ اللَّهُ لاَ أَعْلَمُهُ، وَأَنَا عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ اللَّهُ لاَ تَعْلَمُهُ. قَالَ بَلْ أَتَّبِعُكَ. قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِى فَلاَ تَسْأَلْنِى عَنْ شَىْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا، فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى السَّاحِلِ فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ فَعُرِفَ الْخَضِرُ فَحَمَلُوهُمْ فِى سَفِينَتِهِمْ بِغَيْرِ نَوْلٍ - يَقُولُ بِغَيْرِ أَجْرٍ - فَرَكِبَا السَّفِينَةَ قَالَ وَوَقَعَ عُصْفُورٌ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ، فَغَمَسَ مِنْقَارَهُ الْبَحْرَ فَقَالَ الْخَضِرُ لِمُوسَى مَا عِلْمُكَ وَعِلْمِى وَعِلْمُ الْخَلاَئِقِ فِى عِلْمِ اللَّهِ إِلاَّ مِقْدَارُ مَا غَمَسَ هَذَا الْعُصْفُورُ مِنْقَارَهُ قَالَ فَلَمْ يَفْجَأْ مُوسَى، إِذْ عَمَدَ الْخَضِرُ إِلَى قَدُومٍ فَخَرَقَ السَّفِينَةَ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ، عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا {لَقَدْ جِئْتَ} [الكهف: 71] الآيَةَ فَانْطَلَقَا إِذَا هُمَا بِغُلاَمٍ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ فَقَطَعَهُ. قَالَ لَهُ مُوسَى {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74)} قَالَ {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} إِلَى قَوْلِهِ {فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا فَأَقَامَهُ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّا دَخَلْنَا هَذِهِ الْقَرْيَةَ، فَلَمْ يُضَيِّفُونَا وَلَمْ يُطْعِمُونَا، {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا}. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَدِدْنَا أَنَّ مُوسَى صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا». قَالَ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا، وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ كَافِرًا. أطرافه 74، 78، 122، 2267، 2728، 3278، 3400، 3401، 4725، 4726، 6672، 7478 - تحفة 39 - 117/ 6 5 - باب قَوْلِهِ: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103)} [الكهف: 103] 4728 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ مُصْعَبٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبِى {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103)} هُمُ الْحَرُورِيَّةُ قَالَ لاَ، هُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، أَمَّا الْيَهُودُ فَكَذَّبُوا مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - وَأَمَّا النَّصَارَى كَفَرُوا بِالْجَنَّةِ وَقَالُوا لاَ طَعَامَ فِيهَا وَلاَ شَرَابَ، وَالْحَرُورِيَّةُ {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} [البقرة: 27]، وَكَانَ سَعْدٌ يُسَمِّيهِمُ الْفَاسِقِينَ. تحفة 3936 6 - باب {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} [الكهف: 105] الآيَةَ 4729 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّهُ لَيَأْتِى الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ وَقَالَ

فائدة

اقْرَءُوا {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} [الكهف: 105]». وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ مِثْلَهُ. تحفة 13877 واعلم (¬1) أنَّ في أصحاب الكهف قولان، قيل: هم أصحابُ الرَّقِيم، وإنما سُمِّي بهم، لأنَّ مَلِكًا من الملوك كان كَتَب كِتابًا، ووضعه هناك. فسُمُّوا بأصحابِ الرَّقِيم، وقيل: هو غيرُ أولئك. قوله: (وقال ابن عباس: {أُكُلَهَا}) وتفسيرُه على «الهامش» - أي من طَبْع الهند، أي ثمرها، وهذا مما قلت: إنَّ مرادَ الصُّلب قد لا يَتِم إلَّا بَعْد انضمام ما في «الهامش»، وهذا عجيب. قوله: ({جَدَلاَ}) والجَدَل هو التعلُّل بالحِيَل، من إضمار تَرْك العمل في النَّفْس "يعنى كرنا يوهى نهين بهانى بناتى هين". 4726 - قوله: (وحَلَّق بين إبهَامَيْه) ... إلخ، وإنما فعله ليرى صورته. قوله: (وَتَد) "دات لكادى". فائدة: واعلم أنَّ معلوماتِ الباري تعالى غيرُ متناهية، والأُمورُ غير المتناهيةِ عند الباري جَلَّ مَجْدُه موجودةٌ، وهو الحقُّ عندي. ونقل الصَّدْر الشيرازي عن ابن سيناء أنه ذهب في حِكْمة الإِشراق إلى تناهي عِلْمه تعالى؛ قلتُ: وهو كُفْرٌ قطعًا، ثُم إنَّ العلماءَ بعد تَسْلِيمهم عدمَ تناهي معلوماتِه تعالى، لم يُجِيبوا عما يَرِد عليه من جريانِ براهينِ التسَلْسل؛ قلتُ: أما حديثُ التسلسل فباطِلٌ بِنَفْسه، ولم يقم برهانٌ قَويٌّ بَعْدُ على بُطْلان التسلسل، إلا على تَسَلْسل العِلَل، فإِنه مُحال، وقد بسطته في رسالتي «في حدوث العالم». قوله: (غُلامًا كافِرًا) وإنما وصفه الراوي بالكافر، لأنَّ الخَضِر عليه الصلاة والسلام كان نزع اللَّحم عن كَتِفه، فإذا فيه مكتوب: طُبِع يومَ طُبِع كافرًا، أما مسألة نجاةِ أطفالِ المشركين والمسلمين، فقد مَرَّت مبسوطةً. ¬

_ (¬1) روى البخاريُّ عن عائشةَ أنها نزلت في الدُّعاء، وقد يُجْمع بأنها نزلت في الدُّعاء داخلَ الصلاةِ، كما يدل عليه لَفْظ ابنِ جرير. وقد روى ابنُ مَرْدُويه عن أبي هريرةَ: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا صلَّى عند البيت رَفَع صوتَه بالدُّعاء. قال الطبري: ولا يَبْعُد أن يكونَ المرادُ: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} أي بقراءتك فيها نهارًا، {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} - لَيْلًا -. قيل: الآيةُ في الدعاء، وهي منسوخةٌ بقوله: {تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأنعام: 63] ملخصًا من "الكمالين"، وراجع له "روح المعاني". وراجع له العَيني، وقد ذكرنا كلام ياقوت فيما سبق، فراجعه، فإنَّه مهم.

فائدة

قوله: (هُدَدُ بنُ بُدَدَ) اسم مَلِك، وهذا الاسمُ مَوْجودٌ في التوراة بعد، فإِن تَعقَّب عليه نصرانيّ، ويقول: إنَّ تلك القصةَ ليست في التوراةِ، فدلَّ على أنها لا أَصْلَ لها. قلنا: وجودُ اسم هذا المَلِك يدلُّ على أنَّ لها أَصْلًا في التوراةِ أيضًا، وإنْ لم تُذْكر بتمامِها، ثُم أيُّ اعتداد بالتوراةِ إذا ثبت تحريفُها، واشتهر فيها ما اشتهر. قوله: (بالْقَار) وترجمته: "تاركول"، ومَنْ قال: إنه: "رال" فقد غَلِط. 4727 - قوله: (فَأصاب الحوتَ مِن ماءِ تِلْكَ العَيْن) أي عند أَيْلة، عند جبل سِيناء، ويقال لها اليوم: العَقَبة، وهو المراد من {مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ}، ومَنْ قال: إنه مُجْتمَع الفُرات، ودجْلة، فليس بصحيح، وقد مَرَّ في العلم. فائدة: وقد عُلِمَ من تلك القصةِ عقيدةُ أُولي العَزْم من الرُّسُل، ماذا قَدْرُ عِلْم العبد بِجَنْب عِلْم الله تعالى، أما عقيدةُ موسى، والخَضِر عليهما السلام فبقوله: «ما نقص من علم الله» ... إلخ، وأما عقيدة نبينا صلى الله عليه وسلّم فمن قوله: «لوددنا أن موسى صبر، حتى يقص علينا من أمرهما». 4728 - قوله: (وأَمَّا النَّصَارى، كَفَرُوا بالجَنَّة) واعلم أنَّ مذهبَ النَّصارى في الجَنَّة أَقْرب إلى مذهب الفلاسفة، فالجنة عندهم رُوحانيةٌ صِرْفة، وتوهم ذلك عبارة في الإِنجيل أيضًا، لكنه أيُّ عباءةٍ بها بعد ثُبوتِ التحريف، والتنسيخ، كيف! وأنها من أصول الدين، فلا يُسوَّغ فيهما الاختلاغ بين الأديان السماوية، فإِنها في الأُصولِ، والعقائد واحدةٌ، وإن تفاوتت في الفُروع. فائدة: واعلم أن في إنجيل «برنباس» عِلْمًا غزيرًا، وأَصْلُه مفقودٌ لا يوجد اليوم، غير أَنِّي أظنُّ أَنَّه أَلَّفه بَعْضٌ من المسلمين، وذلك لأَنِّي لا أجِد فيه فَصْلًا إلَّا ينتهي إلى ذِكْر النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فيلوح منه كأنَّ هذا الإنجيلَ بأَسْره أُلِّف له صلى الله عليه وسلّم وهذا يدلُّ على أَنَّه أَلَّفه أَحَدٌ من المسلمين. 4729 - قوله: ({فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ وَزْنًا}) يعني مع كونِ الكُفَّار لِحيما شَحِيما في الدنيا، ليس لأعمالهم وَزْنٌ عند الله تعالى، وقد استُدلَّ منه على وَزْن الأشخاص أيضًا، والصوابُ أنَّ المراد منه وَزْن الأعمال فقط، وإنما تعرض إلى عَدَم وَزْن أنفسهم إشارةً إلى أنهم ممن لا عباءةً بهم عند الله فكأنهم لا وَزْن لهم.

19 - سورة مريم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 19 - سُورَةُ مَرْيَم قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَبْصِرْ بِهِمْ وَأَسْمِعْ، اللَّهُ يَقُولُهُ، وَهُمُ اليَوْمَ لاَ يَسْمَعُونَ وَلاَ يُبْصِرُونَ، {فِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ} [38]: يَعْنِي قَوْلَهُ {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} [38]: الكُفَّارُ يَوْمَئِذٍ أَسْمَعُ شَيءٍ وَأَبْصَرُهُ. {لأرْجُمَنَّكَ} [46]: لأَشْتِمَنَّكَ. {وَرِءيًا} [74] مَنْظَرًا. وَقَالَ أَبُو وائِلٍ: عَلِمَتْ مَرْيَمُ أَنَّ التَّقِيَّ ذُو نُهْيَةٍ، حتى قالتْ: {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا}. وَقالَ ابْنُ عُيَينَةَ: {تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [83] تُزْعِجُهُمْ إِلى المَعَاصِي إِزْعاجًا. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {إِدًّا} [89] عِوَجًا. قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وِرْدًا} [86]: عِطَاشًا. {أَثَاثًا} [74] مالًا. {إِدًّا} [89] قَوْلًا عَظِيمًا. {رِكْزًا} [98] صَوْتًا. وقال غَيْرُهُ: {غَيًّا} [59] خُسْرَانًا. {وَبُكِيًّا} [58] جَمَاعَةُ بَاكٍ. {صِلِيًّا} [70] صَلِيَ يَصْلَى. {نَدِيًّا} [73] وَالنَّادِي وَاحِدٌ: مَجْلِسًا. 1 - باب قَوْلِهِ: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} [مريم: 39] 4730 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ فَيُنَادِى مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا فَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، ثُمَّ يُنَادِى يَا أَهْلَ النَّارِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا فَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، فَيُذْبَحُ ثُمَّ يَقُولُ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ، خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ ثُمَّ قَرَأَ {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} وَهَؤُلاَءِ فِى غَفْلَةٍ أَهْلُ الدُّنْيَا {وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (39)} [مريم: 39]. تحفة 4002 - 118/ 6 2 - باب قَوْلِهِ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} [مريم: 64] 4731 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِجِبْرِيلَ «مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا فَنَزَلَتْ {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا}. طرفاه 3218، 7455 - تحفة 5505

3 - باب قوله: {أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا} [مريم: 77]

3 - باب قَوْلِهِ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} [مريم: 77] 4732 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سَمِعْتُ خَبَّابًا قَالَ جِئْتُ الْعَاصِىَ بْنَ وَائِلٍ السَّهْمِىَّ أَتَقَاضَاهُ حَقًّا لِى عِنْدَهُ، فَقَالَ لاَ أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ فَقُلْتُ لاَ حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ. قَالَ وَإِنِّى لَمَيِّتٌ ثُمَّ مَبْعُوثٌ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ إِنَّ لِى هُنَاكَ مَالاً وَوَلَدًا فَأَقْضِيكَهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} [مريم: 77] رَوَاهُ الثَّوْرِىُّ وَشُعْبَةُ وَحَفْصٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ. أطرافه 2091، 2275، 2425، 4733، 4734، 4735 - تحفة 3520 4 - باب قَوْلِهِ: {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78)} [مريم: 78] 4733 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ كُنْتُ قَيْنًا بِمَكَّةَ، فَعَمِلْتُ لِلْعَاصِى بْنِ وَائِلِ السَّهْمِىِّ سَيْفًا، فَجِئْتُ أَتَقَاضَاهُ فَقَالَ لاَ أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ. قُلْتُ لاَ أَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ، ثُمَّ يُحْيِيَكَ. قَالَ إِذَا أَمَاتَنِى اللَّهُ ثُمَّ بَعَثَنِى، وَلِى مَالٌ وَوَلَدٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78)} [مريم: 77 - 78]. قَالَ مَوْثِقًا. لَمْ يَقُلِ الأَشْجَعِىُّ عَنْ سُفْيَانَ سَيْفًا وَلاَ مَوْثِقًا. أطرافه 2091، 2275، 2425، 4732، 4734، 4735 - تحفة 3520 - 119/ 6 لَمْ يَقُلِ الأَشْجَعِيُّ عَنْ سُفيَانَ: سَيفًا، وَلاَ مَوْثِقًا. 5 - باب {كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79)} [مريم: 79] 4734 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ أَبَا الضُّحَى يُحَدِّثُ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ كُنْتُ قَيْنًا فِى الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ لِى دَيْنٌ عَلَى الْعَاصِى بْنِ وَائِلٍ قَالَ فَأَتَاهُ يَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ لاَ أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ فَقَالَ وَاللَّهِ لاَ أَكْفُرُ حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ ثُمَّ تُبْعَثَ. قَالَ فَذَرْنِى حَتَّى أَمُوتَ ثُمَّ أُبْعَثَ، فَسَوْفَ أُوتَى مَالاً وَوَلَدًا، فَأَقْضِيكَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77)} [مريم: 77] أطرافه 2091، 2275، 2425، 4732، 4733، 4735 - تحفة 3520 6 - باب قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80)} [مريم: 80] وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الْجِبَالُ هَدًّا} [90] هَدْمًا. 4735 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ كُنْتُ رَجُلاً قَيْنًا، وَكَانَ لِى عَلَى الْعَاصِى بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ لِى لاَ أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ. قَالَ قُلْتُ لَنْ أَكْفُرَ بِهِ حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ.

قَالَ وَإِنِّى لَمَبْعُوثٌ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ فَسَوْفَ أَقْضِيكَ إِذَا رَجَعْتُ إِلَى مَالٍ وَوَلَدٍ. قَالَ فَنَزَلَتْ {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78) كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80)} [مريم: 77 - 80]. أطرافه 2091، 2275، 2425، 4732، 4733، 4734 - تحفة 3520 قوله: (قال ابن عباس: {أَبْصِر بهم وأَسْمِع}: اللَّهُ يَقُولُه) ... إلخ. يشيرُ إلى تأويلِ وُرُود فِعْل التعجُّب في القرآن، فإِنَّ الظاهِرَ أنَّ الله تعالى لا يأخُذه عَجَبٌ، فما معنى صِيغ التعجب في حَقِّه؟ فحرر فيه السُّيوطي رسالةً، وقال: إنَّ صِيغ التعجُّب قد تَنْسلِخُ عن معناها، وإنْ كانت في الأَصْل لتلعجب، وحينئذ صَحَّ وُقوعُها (¬1) في القرآنِ بدونِ إشْكَال. قوله: ({عِتِيًّا}) وتفسيره في «الهامش». وقد سَمِعت أنَّ المصنِّف لم يُحْسن في تلخيص مجاز القرآن، ثُم لم يتوجَّه إليه صاحِبُ النسخة أيضًا، فصار ضغثًا على إبالة، ولذا أَشْكل فَهْمُه على الطَّلَبَة. 4730 - قوله: (ويُؤتَى بالموتِ كهيئةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ) ... إلخ. ويتولى ذَبْحه يَحْيى عليه السلام، ثُم ما الحِكْمةُ فيه؟ فاللَّهُ سبحانه أَعْلمُ بأسرارِ مُبْدَعاته، وحكم غرائِبه، ويمكن أن يُقال: إنَّ اسمَهُ لما كان مُشتقًّا من الحياة، ناسب له ذَبْح الموت. فإِنْ قلت: إنَّ الموتَ معنى، فكيف يُذْبح؟! قلتُ: رَحِمك اللَّهُ إذا مَرَرت بأَمْرٍ من عالم الغيب، فلا تَضْرب له مَثلًا. أما سَمِعت أن الكليَّ الطبعي عند المَعْقُوليين، موجودٌ في الخارج، بل محسوسٌ عند بَعْضِهم. وتفصيله أنَّ زيدًا، وعمرًا، وكذا غيرَهما من أفرادِ الإِنسان موجودون في الخارج، فأخذوا من هؤلاء الأفرادِ مفهومًا يُوصَف بكونِه صادِقًا على الكثيرين، وهو الكُليّ المَنْطِقي، ثُم إنَّ هذه الأفرادَ لما كانت موجودةً في الخارج لا بد أن تكون الإِنسانيةُ أيضًا فيه، وإلَّا لَزِم أن لا يكون زيدٌ موجودًا في الخارج، لانتفاء جزئه، فلزِم وجودُ الكليّ الطبعي في الخارج. قال ابنُ سيناء: إنَّ نِسبةَ الكلي الطبعي إلى أفرادِه، ليست كنِسْبةِ الأب إلى أبنائه، بل كنسبةِ الآباء إلى أبنائهم قلتُ: مرادُه أنَّ الكليَّ بتمامِه موجودٌ في كلَ مِن أفراده، لا أنه موجودٌ في مجموع أفرادِه بوجود واحدٍ، فكما أنَّ الكليَّ الطبعي موجودٌ عندهم في ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد مَرّ ما فيه عند الشيخ، ومُلَخَّصُه أنَّ الله تعالى يحاور عبادَه حسب ما يتعارفون فيما بينهم، فيذكر التعجُّب فيما يتعجبون منه، ويذكر الضَّحك فيما يضحكون منه، ليعرفوا ذلك منه من غير تمثيل، ولا تشبيه، وَيكلوا الكَيْف إلى الله عَزَّ وجل، فإِنَّ الحقَّ أن كلَّ ما ورد به الشَّرْعِ، فهو ثابِت في جَنابه تعالى، نعم لا بدّ أن يُنزَّه جَنابُه مما يجب التنزيهُ له، وآخِرُ ما استقرَّ عليه رأيُ الشيخ أنَّ كلَّ ذلك تجلياتٌ، وسيردُ عليك تفصيلُه إنْ شاء الله تعالى، بما يكفي ويشفي.

الخارج، بل محسوسٌ عند بَعْضِهم، فهكذا الحالُ في تَجسُّد الموتِ يومَ الحَشْر. أما وَجْه تمثُّلِهِ في صورة الكبش، فلعله لما قالوا: إنَّ للكَبْش مناسبةً بالموت، وللفرس من الحياة، ولذا صار الكَبْشُ فِدْيةً للموت، فَيُذْبح عنه، كما ذُبِح عن إسماعيل عليه الصلاة والسلام، أو لكون أكثرَ ذبائهم هو الكبش. ثُم إنَّ في ذَبْح الموت نداءً على الخلود، وعدمَ فناء الطائفتين أبدًا، لكنهم مع ذلك تَفَرَّقُوا في الجهنميين على سبعة أقوال: منها - وهو غيرُ مشهورِ - أنهم بعد أَحْقَاب يَعْلَمُها اللَّهُ تعالى يَنْعَدِمُون: قلتُ: لا أقول فيهم بالفَناء، ولا بالعدم، ولكن أعتقدُ فيهم بالاستثناء الذي ورد به القرآنُ، وهو قوله: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} (¬1)، أما إنه ماذا مِصْدَاقُه؟ فأَكِلُ عِلْمَه إلى الله تعالى، ولا أقول: إنَّه فِناءً أو غيره، فاعتقد بالخلودِ، كما نصَّ عليه القرآنُ، وأبوح بالاستثناء، كما باح به، ولا أُفسِّره، ولا أُفصِّله وأؤمن به على إيهامه، ما ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وقد اضْطَربتِ كَلماتهم في الاستثناء، فلم أر فيه شيئًا شافيًا بعد، إلَّا ما ذكره الشاه عبدُ القادر في "فوائده" حيث قال: إنَّ الله تعالى ذَكَر الاستثناء، لِيُعْلم أنَّ أَمْرهم لم يخرج عن المشيئة بعد، وإنْ سبق القَوْل فيهم بالخلود، وذلك لأنه أحال أمرهم ههنا على المشيئة، وقد عَلِمناها من القرآن، أنه قد سبقت بالخلودِ في حَقِّهم، فَنَبَّه على أنَّ خلودهم فيها لا يكون لخروجِ أَمْرهم من يد الله سبحانه، بل هم تحت المشيئة بعد، لو أراد أن يُخْرِجهم من النار لَفَعل، ولكنه قد أَخبرنا أنه قد شاء خلودهم فلا يخرجهم منها أبدًا: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النساء: 56]. ثُم رأيته في "روح المعاني" وهذا نَصّه: قال الشيخ الأَلوسي: والأَوْجه أن يقال: إنَّ الاستثناء في المَوضِعين مبني على الفَرْض والتقدير، فمعنى {إِلَّا مَا شَاءَ} إن شاء، أي لو فرض أنَّ اللهَ تعالى شاء إخرَاجَهم من النار، أو الجنة في زمان، لكان مسْتَثنى من مُدَّة خلودهم، لكن ذلك لا يَقَع لدلالةِ القواطع على عَدَم وقوعه. اهـ "روح المعاني". ثم قال: ولعلَّ النكتةَ في هذا الاستثناء - على ما قيل - إرشادُ العباد إلى تفويضِ الأمور إليه جَل شَأنُه، وإعلامهم بأنها منوطةً بمشيئته جلَّ وعلا، يَفْعَل ما يشاء، ويحكم ما يريدُ. وذكر بَعْضُ الأفاضل أنَّ فائدته دَفْعُ توهُّم كَوْن الخلود أمرًا واجبًا عليه تعالى لا يمكن له سبحانه نَقضُه، كما ذهب إليه المعتزلةُ، حيث أخبر به جلَّ وعلا، مؤكدًا. اهـ ملخصًا. وقد كان عالمانِ - من علماء روسيا - جاءا إلى حَضْرةِ الشيخ، وسألاه عن تلك الآيةِ، ما الوَجْهُ فيها؟ فأجاب الشيخ - وأنا أسمع، كما ذكرت في الصُّلْب - وقال: لم أكن أُحِبَّ أن تسألاني عن وَجهها، وإذ قد سألتماني عنها، فاسمعا: إني أعتقد بالخلودِ فيهم، على مذهب الجمهور، وأعتقد بالاستثناء كما نَطَق به النص، ولا أفسره، ولا أعين مِصدَاقَه. فسبحان الله ما أَحْكَم مَدارِكَه، فلما سَمِعت من جوابِه تحيَّزت من علومه، وديانته، ولم يكن أوَّل أعجوبة رأيتُ منه، بَرّد الله تعالى مضجعه، وَرَفَعَه في أعلى علِّيين. فإن قلت: ماذا يكون مِصداقُ الاستثناء، بناء على مختار الشيخ؟ قلتُ: إنْ كُنت لا بد سائلًا عنه، فاسمع، إنه كما ذكره العلامة الأَلوسي عن بعضهم: إنَّ الاستثناء من الضمير المتقدم، إلَّا أنَّ الحُكْم الخلودُ في عذاب النار، وكذا يقال فيما بعد: إنَّ الحُكْم فيهِ الخلودُ في نعيم الجنة، وأهلُ النار ينقلبون منها إلى الزَّمْهَرِير، وغيره من العذاب أحيانًا، وكذلك أهلُ الجَنَّة ينعمون بما هو أعلى منها، كالاتصال بجناب القُدْس، والفوز برضوان الله تعالى، الذي هو أكبر، وما يتفضل به عليهم، سوى ثوابِ الجَنَّة، مما لا يعرِف كُنْهه إلَّا هو سبحانه وتعالى. وقد ردّه الطِّيبي، كما بَسَطه فيه.

20 - سورة طه

كان مرادّه، عند ربِّي عز وجل. وما نقلوا فيه عن عمرَ، وابنِ مسعود، وأبي هريرة، فلعلَّ أَصْلَه في حَقِّ العصاة، وما يلوح منه من كَوْنِه في حَقِّ الكُفّار، فلعله من خَبْط الرواةِ عندي. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 20 - سورة طه قالَ ابْنُ جُبَيرٍ والضَّحَّاكُ: بِالنَّبَطِيَّةِ {طه (1)} [1] يَا رَجُلُ. وقال مُجاهدٌ: أَلقى: صنع. يُقَالُ: كُلُّ ما لَمْ يَنْطِقْ بِحَرْفٍ، أَوْ فِيهِ تَمْتَمَةٌ، أَوْ فَأْفَأَةٌ، فَهيَ عُقْدَةٌ، {أَزْرِي} [31] ظَهْرِي. {فَيُسْحِتَكُم} [61] يُهْلِكَكُمْ. {المُثْلَى} [63] تَأْنِيثُ الأَمثَلِ، يَقُولُ: بِدِينِكُمْ، يُقَالُ: خُذِ المُثْلَى: خُذِ الأَمْثَلَ. {ثُمَّ ائْتُواْ صَفًّا} [64] يُقَالُ: هَل أَتَيتَ الصَّفَّ اليَوْمَ، يَعْنِي المُصَلَّى الَّذِي يُصَلى فِيهِ. {فَأَوْجَسَ} [67] أَضْمَرَ خَوْفًا، فَذَهَبَتِ الوَاوُ مِنْ {خِيفَةً} [67] لِكَسْرَةِ الخَاءِ. {فِى جُذُوعِ} [71] أَي عَلَى جُذُوعِ. {خَطْبُكَ} [95] بَالُكَ. {مِسَاسَ} [97] مَصْدَرُ ماسَّهُ مِسَاسًا. {لَنَنسِفَنَّهُ} [97] لَنَذْرِيَنَّهُ. {قاعًا} [106] يَعْلُوهُ المَاءُ، وَالصَّفصَفُ المسْتَوِي مِنَ الأَرْضِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أَوْزَارًا}: أثقالًا {مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ} [87]: الْحُلِىُّ الَّذِى اسْتَعَارُوا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ. {فَقَذَفْنَاهَا} [87] فَأَلْقَيْنَاهَا، {أَلْقَى} [87] صَنَعَ. {فَنَسِىَ} [88] مُوسَى - هُمْ يَقُولُونَهُ: أَخْطَأَ - الرَّبَّ. {أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا} [89] الْعِجْلُ. {هَمْسًا} [108] حِسُّ الأَقْدَامِ. {حَشَرْتَنِى أَعْمَى} [124] عَنْ حُجَّتِي. {وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا} [125] فِى الدُّنْيَا. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ {أَمْثَلُهُمْ} [104] أَعْدَلُهُمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {هَضْمًا} [112] لاَ يُظْلَمُ فَيُهْضَمُ مِنْ حَسَنَاتِهِ {عِوَجًا} [107] وَادِيًا. {أَمْتًا} [107] رَابِيَةً {سِيرَتَهَا} [21] حَالَتَهَا {الأُولَى} [21] {النُّهَى} [54] التُّقَى. {ضَنْكًا} [124] الشَّقَاءُ {هَوَى} [81] شَقِىَ {بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [12] الْمُبَارَكِ {طُوًى} [12] اسْمُ الْوَادِى {بِمَلْكِنَا} [87] بِأَمْرِنَا {مَكَانًا سِوًى} [58] مَنْصَفٌ بَيْنَهُمْ. {يَبَسًا} [77] يَابِسًا {عَلَى قَدَرٍ} [40] مَوْعِدٍ {وَلَا تَنِيَا} [42] لا تَضْعُفَا. يَفْرُطَ: عُقُوبَةً. 120/ 6 1 - باب قَوْلِهِ: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41)} [طه: 41] 4736 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مَهْدِىُّ بْنُ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْتَقَى آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ مُوسَى لآدَمَ أَنْتَ الَّذِى أَشْقَيْتَ النَّاسَ وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ لَهُ آدَمُ أَنْتَ الَّذِى اصْطَفَاكَ اللَّهُ

2 - باب {ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى (77) فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم (78) وأضل فرعون قومه وما هدى} [طه: 77 - 79]

بِرِسَالَتِهِ، وَاصْطَفَاكَ لِنَفْسِهِ وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ التَّوْرَاةَ قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَوَجَدْتَهَا كُتِبَ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِى قَالَ نَعَمْ. فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى». {الْيَمُّ} [39] الْبَحْرُ. أطرافه 3409، 4738، 6614، 7515 - تحفة 14507 2 - باب {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى} [طه: 77 - 79] 4737 - حَدَّثَنِى يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، وَالْيَهُودُ تَصُومُ عَاشُورَاءَ، فَسَأَلَهُمْ، فَقَالُوا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِى ظَهَرَ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ فَصُومُوهُ». أطرافه 2004، 3397، 3943، 4680 - تحفة 5450 - 121/ 6 3 - باب قَوْلِهِ: {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} [طه: 117] 4738 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ النَّجَّارِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «حَاجَّ مُوسَى آدَمَ، فَقَالَ لَهُ أَنْتَ الَّذِى أَخْرَجْتَ النَّاسَ مِنَ الْجَنَّةِ بِذَنْبِكَ وَأَشْقَيْتَهُمْ. قَالَ قَالَ آدَمُ يَا مُوسَى أَنْتَ الَّذِى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلاَمِهِ أَتَلُومُنِى عَلَى أَمْرٍ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِى أَوْ قَدَّرَهُ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِى». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى». أطرافه 3409، 4736، 6614، 7515 - تحفة 15361 قوله: (قال ابنُ جُبَير: بالنَّبَطِيَّة - أي بالحبشية - {طه (1)} يا رَجُلُ) وهذه قراءةٌ أيضًا. وقيل: معناه ضَعْ الرِّجْل على الرِّجْل، كما في التفسير لابن كثير. وفي مقدمة «الدُّرّ المختار»: أنَّ الإِمام أبا حنيفة صلَّى مرةً في الحرم، واضِعًا إحدى رِجْليه على الأُخْرى، نصف القرآن على هذه، ونصفًا آخَر على هذه، فقيل عليه: إنه خلافُ السُّنَّة. قلتُ: ولعلَّ القائلَ لم يطَّلع على هذا المعنى، وإلَّا لما تكلَّم بِمِثْله. قوله: ({قاعًا} يَعْلُوهُ الماءُ) أي الصافيةُ من الأرض، يَعْلُوها الماءُ. قوله: ({مَكانًا سِوىً} مُنْصَفٌ بَيْنَهم) أي يَقْطع نِصْفَه هو، ويقطع نَصْفَه هذا. قوله: ({عَلَى قَدَرٍ} مَوْعِد) أي فهو في معنى مَوْعِد. 4736 - قوله: (التقى آدَمُ وَمُوسى) وإنما أتاحت القدرةُ تلك المحاورةَ بين موسى، وآدمَ عليهما السلام، لِيعلم أن آدم عليه الصلاة والسلام كان عنده جوابٌ شافٍ عن أَكْل الشجرة، إلا أنه لم يُواجِه به رَبَّه تَعَبُّدًا، فلما دار هذا السؤالُ بينه وبين ابنه موسى عليه الصلاة والسلام أفحمه، واحتجَّ عليه، ومِن هذا جُعِل خليفةَ الله، وهو جهةُ

الفَضْل فيه عندي، يعني العبدية، وفَهِم عامَّتُهُم أنها العِلْم. قلتُ: وهي أيضًا فَرْع العبدية، فهي أَرْفَعُ المقامات، وأحَبُّها عند رَبِّك، ولكن الشيطان لما قال له رَبُّه: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ} [ص: 75] وجعل يُجاري معه، فَلُعِن إلى الأَبد. ثُم إنَّه لم يكن مِن أبنائه مَنْ يَجْتَرِىءُ أنْ يسأل أباه عن أَكْل الشجرةِ غيرَ موسى عليه السلام، فإِنَّه كان في طَبْعِه شِدَّة، فَنُصِب للمناظَرة لذلك، وهذا ليس إساءةً للأَدب، ولكنه من اختلافِ الطبائع. فإن قلت: إنَّ آدمَ عليه الصلاة والسلام تَمَسَّك بالتقدير، ولم يُجوِّزه العلماءُ في محل الاعتذار. وأجيب بأنَّ الممنوع إنما هو ما كان في دار التكليف، وتلك المناظرةُ وقعت بعد الخروج عنه؛ وتقريره عندي أنَّ التقديرَ لم نَعْلَمه إلَّا بعد النَّظر إلى الدلائل، وإِخْبار الشَّرْع. وأما في العِيان والحُسبان، فليست عندنا إلَّا سلسلةُ الأسباب، والمُسبَّبات، فالتشبُّثُ بها هو الذي يليقُ بأساس هذا العالم، وليس من النصفة في شيءٍ، أنه إذا عَرَض له شيءٌ من أَمْرِ دنياه، جعل هَمّه في الأسباب، وإذا جاءه أَمْرٌ مِن دِينه تشبث بالتقدير، واحتال به. وبالجملة لما لم يكن التقديرُ ظاهِرًا لم يكن التَّمسُّكُ به جائزًا، لأنه خَرْقٌ لهذا العالم المشهود، الذي بُني أَمْرُه على سلسلة الأسباب، وفِرَارًا إلى عالم التقدير، وأَنَّى هم في هذه النشأة؟ وبعبارة أخرى: لا نُنْكِرُ كَوْنَ المؤثِّر بالذات هو التقدير، ولا نقول: إنَّ الأسبابَ هي المُؤثِّرة حقيقةً، بل نقول: إنَّ تأثيرَها في المُسبَّبات أيضًا مُقَدَّر، لكنَّ التقديرَ لما حُجِب عنا، لم يَبْق في السطح إلَّا الأَسبابُ وتأثيرُها وخَفِي التقديرُ وتأثيرُه، فآل الأَمْر إلى مباشرةِ الأَسْباب، وبها ارتبطت المُسبَّبات، فَنَقَض تلك السلسلةَ الظاهِرَةَ. والأَخْذ بالسِّلْسلة الباطِنة، مع كونِه في عالمِ الأَسْباب ليس إلَّا جَدَلٌ، ألا ترى أَنه لا لُزومَ عَقْلًا عندهم إلا في لوازم الماهية، وتلك انتزاعيةٌ، أما لوازِمُ الوجودِ، فلم يَقُم دليلٌ على عدم إمكان انْفِكاكها بعد، فآل أَمْرُها أيضًا إلى التقدير. فإِذا باشَرْت الأسبابَ في الأمور كُلِّها، لِفُقدان التلازم بينها وبين مُسبَّباتِها، فما منعك أَنْ تُباشِرَها لِعُقْباك، إذ باشرتها لأُولاك؟!. نعم إذا خَرَجت من عالَم الأسبابِ إلى عالَم يَظْهَر فيه التقديرُ، وتتعطل الأسبابُ، فَلَك أَنْ تَتمَسَّك به، كما فَعَل آدمُ عليه السلام. هذا تقرير ما قالوا، وأجودُ الأجوبةِ ما ذكره الحافظ ابنُ تَيْميةَ أنَّ التمسُّك بالتقدير على نحوين: الأول: للاجتِرَاء على المعاصي، ودَفْع المَعَرَّة عن نَفْسه، ولا رَيْبَ أنه قبيحٌ جِدًا، كيف وأنه اقترفَ الذُّنوبَ، ثُم لم يستحي مِن رَبِّه عز وجل، وذلك لا يجوزُ قَطْعًا، والثاني: ما يكون لتسليةِ النَّفْسِ، والاعتذار عما صَدَر منه، فهذا مُسْتَحْسن، فَمَن أسرف على نَفْسه، وفرط منه ما فَرَطَ، فاضطرَبت نَفْسه، فجعل يُسلِّي هُمُومَه، ويسر

21 - سورة الأنبياء

أحزانه من تذكر التقدير، فهذا تَمسُّكٌ منه، لِتَسْلية النَّفْس لا للتشجع على المعاصي، وقِلَّة المبالاة بها، ومِن هذا النَّحْو كان تَمسُّك آدَم عليه الصلاة والسلام (¬1). بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 21 - سُورَةُ الأَنْبِيَاءِ 4739 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَنِى إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفُ وَمَرْيَمُ وَطَهَ وَالأَنْبِيَاءُ هُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلاَدِى. [طرفه في: 4708 ]. وَقالَ قَتَادَةُ: {جُذَاذًا} [58] قَطَّعَهُنَّ. وَقالَ الحَسَنُ: {فِى فَلَكٍ} [33] مِثْلِ فَلكَةِ المِغْزَلِ، {يُسَبّحُونَ} [33] يَدُورُونَ. قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {نَفَشَتْ} [78] رَعَتْ ليلًا. {يُصْحَبُونَ} [43] يُمْنَعونَ. {أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} [92] قالَ: دِينُكُمْ دِينٌ وَاحِدٌ. وَقالَ عِكْرِمَةُ: {حَصَبُ} [98] حَطَبُ بِالحَبَشِيَّةِ. وَقالَ غَيرُهُ: {أَحَسُّواْ} [12] تَوَقَّعُوهُ، مِنْ أَحْسَسْتُ. {خَامِدِينَ} [15] هَامِدِينَ. {وَحَصِيدٌ} [هود: 100] مُسْتَأْصَلٌ، يَقَعُ عَلَى الوَاحِدِ وَالاِثْنَينِ وَالجَمِيعِ. {وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ} [19] لاَ يَعْيُونَ، وَمِنْهُ: {حَسِيرٌ} [الملك: 4] وَحَسَرْتُ بَعِيرِي. {عَميِقٍ} [الحج: 27] بَعِيدٍ. {نُكِسُواْ} [65] رُدُّوا. {صَنْعَةَ لَبُوسٍ} [80] الدُّرُوعُ. {وَتَقَطَّعُواْ أَمْرَهُمْ} [93] اخْتَلَفُوا. الحَسِيسُ وَالحِسُّ وَالجَرْسُ وَالهَمْسُ وَاحِدٌ، وَهُوَ مِنَ الصَّوْتِ الخفِيِّ. {ءاذَنَّاكَ} [فصلت: 47] أَعْلَمْنَاكَ. {ءاذَنتُكُمْ} [109] إِذَا أَعْلَمْتَهُ، فَأَنْتَ وَهوَ {عَلَى سَوَآء} [109]: لَمْ تَغْدِرْ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ} [13] تُفهَمُونَ. {ارْتَضَى} [28] رَضِيَ، {التَّمَثِيلُ} [52] الأَصْنَامُ. {السّجِلّ} [104] الصَّحِيفة. 1 - باب {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا} [الأنبياء: 104] 4740 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ شَيْخٍ مِنَ النَّخَعِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَطَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} ثُمَّ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، أَلاَ إِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِى، فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِى فَيُقَالُ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: ولكن لما كان المَحَلُّ مَحلَّ المناظرة، صارت صورتُه صورةَ الاعتذار الممنوع، ومَنْ درى حقيقةَ الحال علم أَنَّه أراد أن يُنْقِذ نَفْسَه منه، بلا جِدال، وَيبُثُّ شكْواه إلى اللهِ المتعال، لئلا يخجَل يوم النكال.

22 - سورة الحج

فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ} إِلَى قَوْلِهِ {شَهِيدٌ} [المائدة: 117] فَيُقَالُ إِنَّ هَؤُلاَءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ». أطرافه 3349، 3447، 4625، 4626، 6524، 6525، 6526 - تحفة 5622 قوله: (فَلْكَةِ) وترجمته: "تكلى كاد مكرا". قوله: ({كُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}) واعلم أنَّ ظاهِرَ القرآنِ أنَّ النجومَ تَتَحرَّك بِنَفْسِهما، بدون تَوسُّط الفلك، وذلك الذي ثبت اليوم عندهم؛ وحينئذٍ أفلاكها بمعنى دوائرها، ثُم السمواتُ أجسامٌ، لا كما تُقَلْقِل به أهلُ الفلسفة الجديدة، أنها مُنْتَهى النَّظر فقط. ثُمّ السَّموات كلّها فوق النجومِ، وإنما النجومُ سابحةٌ في الجوِّ. قوله: ({ءاذَنتُكُمْ} إذا أَعْلَمْتَه، فأنت وهو {عَلَى سَوَآء} فلم تَغْدِر) يعني: "جب تونى ابنى مخاطب كوبورى اطلاع ديدى توتونى غدرته كيا". 4740 - قوله: (فَيُوخَذُ بهم ذاتَ الشِّمالِ) وقد مرَّ معنا أنَّ الحوض عندي بعد الصراط. فالنبيُّ صلى الله عليه وسلّم يرى من وراء الصِّراط طائفةً تُطْردُ عن حَوْضه، بأن لا تُتْرك أن تُجاوِز الصِّراط، فتخلص إليه، فيقولُ: أُصَيْحابي، فيقال له ... إلخ، ولا بُعْد في النَّظَر إليهم مِن بُعْد بعيد، فإِنَّه من أُمور الآخِرة، وكم مِن عجائب فيها مِثْله، ولك أن تُجِيب عنه على مُخْتار الشاه عبد العزيز: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لا يَزَال يختلِفُ بين هذه المواضعِ إلى أن تُحاسب أُمّتُه جميعًا، فصحَّ كَوْنُه في المَحْشر، وكَوْنُه على الحَوْض معًا، وقد مَرَّ تَفْصِيله. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 22 - سُورَةُ الحَجِّ وَقالَ ابْنُ عُيَينَةَ: {الْمُخْبِتِينَ} [34] المُطْمَئِنِّينَ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ في: {إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِى أُمْنِيَّتِهِ} [52] إِذَا حَدَّثَ أَلقَى الشَّيطَانُ في حَدِيثِهِ، فَيُبْطِلُ اللَّهُ ما يُلقِي الشَّيطَانُ وَيُحْكِمُ آيَاتِهِ، وَيُقَالُ: أُمْنِيَّتُهُ: قِرَاءَتُهُ، {إِلَّا أَمَانِىَّ} [البقرة: 78] يَقْرَأُونَ وَلاَ يَكْتُبُونَ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {مَشِيدٍ} [45] بِالقَصَّةِ. وَقالَ غَيرُهُ: {يَسْطُونَ} [72] يَفرُطُونَ، مِنَ السَّطْوَةِ، وَيُقَالُ: {يَسْطُونَ} يَبْطُشُونَ. {وَهُدُواْ إِلَى الطَّيّبِ مِنَ الْقَوْلِ} [24] أُلهِمُوا. قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {بِسَبَبٍ} [15] بِحَبْلٍ إِلَى سَقْفِ البَيتِ. {تَذْهَلُ} [2] تُشْغَلُ. 1 - باب {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} [الحج: 2] 4741 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ

2 - باب {ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة} إلى قوله: {ذلك هو الضلال البعيد} [الحج: 11 - 12]

عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا آدَمُ. يَقُولُ لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيُنَادَى بِصَوْتٍ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ. قَالَ يَا رَبِّ وَمَا بَعْثُ النَّارِ قَالَ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ - أُرَاهُ قَالَ - تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ فَحِينَئِذٍ تَضَعُ الْحَامِلُ حَمْلَهَا وَيَشِيبُ الْوَلِيدُ (وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ)». فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى تَغَيَّرَتْ وُجُوهُهُمْ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، وَمِنْكُمْ وَاحِدٌ، ثُمَّ أَنْتُمْ فِى النَّاسِ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِى جَنْبِ الثَّوْرِ الأَبْيَضِ، أَوْ كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِى جَنْبِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ، وَإِنِّى لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». فَكَبَّرْنَا ثُمَّ قَالَ «ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». فَكَبَّرْنَا ثُمَّ قَالَ «شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». فَكَبَّرْنَا. وقَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الأَعْمَشِ {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} [الحج: 2] وَقَالَ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ. وَقَالَ جَرِيرٌ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ {سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى}. أطرافه 3348، 6530، 7483 - تحفة 4005 - 123/ 6 2 - باب {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ} إِلَى قَوْلِهِ: {ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ} [الحج: 11 - 12] {وَأَتْرَفْنَاهُمْ} [المؤمنون: 33] وَسَّعْنَاهُمْ. 4742 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} [الحج: 11] قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يَقْدَمُ الْمَدِينَةَ، فَإِنْ وَلَدَتِ امْرَأَتُهُ غُلاَمًا، وَنُتِجَتْ خَيْلُهُ قَالَ هَذَا دِينٌ صَالِحٌ. وَإِنْ لَمْ تَلِدِ امْرَأَتُهُ وَلَمْ تُنْتَجْ خَيْلُهُ قَالَ هَذَا دِينُ سُوءٍ. تحفة 5556 3 - باب قَوْلِهِ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] 4743 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو هَاشِمٍ عَنْ أَبِى مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - أَنَّهُ كَانَ يُقْسِمُ فِيهَا إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} نَزَلَتْ فِى حَمْزَةَ وَصَاحِبَيْهِ، وَعُتْبَةَ وَصَاحِبَيْهِ يَوْمَ بَرَزُوا فِى يَوْمِ بَدْرٍ. رَوَاهُ سُفْيَانُ عَنْ أَبِى هَاشِمٍ. وَقَالَ عُثْمَانُ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى هَاشِمٍ عَنْ أَبِى مِجْلَزٍ قَوْلَهُ. أطرافه 3966، 3968، 3969 - تحفة 11974، 19526 4744 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجْثُو بَيْنَ يَدَىِ الرَّحْمَنِ لِلْخُصُومَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ قَيْسٌ وَفِيهِمْ نَزَلَتْ {هَذَانِ

خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} قَالَ هُمُ الَّذِينَ بَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ عَلِىٌّ وَحَمْزَةُ وَعُبَيْدَةُ وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ. طرفاه 3965، 3967 - تحفة 10256 - 124/ 6 قوله: (وقال ابن عباسٍ {فِى أُمْنِيَّتِهِ}) ... إلخ. وترجمته عندي هكذا: "كوئى نبى نهين هى كه جسى اميدنه باندهى هو ابنى امت كى متعلق كه او نكو هدايت هوكى توشيطان نى اون لو كونكى قلوب مين زيغ بيدا كركى او نكى آرزو كو بوارنه هونى دياهو اور اوسمين كهندت نه دالدى هو". واعلم أنَّ قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} ... إلخ، أَشْكَل على المُفَسِّرِين (¬1)، فاختلفوا فيه على آراء، حتى إنَّ بَعْضَهم ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وقد تكلَّم عليها الشاه عبد القادر في "فوائده" وأجاد فيه، وكذا تكلَّم عليها شيخُ الشريعة والطريقة، حَكِيم الأُمة مولانا أَشْرف عَلي، في تفسيره "بيان القرآن" أقرب مما ذكره الشيخ، مع فَرْقٍ يسير، وما اختاره الشيخ مَذْكُورُ في كتاب "الإبريز" ولا بأس أن نُتْحِفك بأصْله: قال نورُها الذي يُشيرُ إليه: هو أنً اللهَ تعالى ما أرسل مِن رسولٍ، ولا بَعَث نَبِيًا من الأنبياء إلى أُمّة من الأُمَمِ، إلَّا وذلك الرسولُ يتمنَّى الإِيمانَ لأُمته، وُيحبُّه لهم، ويرغب فيه، ويَحْرِص عليه غايةَ الحِرْص، ويعالجهم عليه أشدَّ المعالجة، ومِن جُمْلتهم في ذلك نَبِيُّنا، - صلى الله عليه وسلم - الذي قال له الربُّ سبحانه وتعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الكهف: 6]، وقال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103]، وقال تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس: 99] إلى غير ذلك من الآيات المتضمِّنة لهذا المعنى، ثُم الأمة تختلف، كما قال تعالى: {وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ} [البقرة: 253]، فأما مَن كفر فقد أَلْقى إليه الشيطانُ الوَساوِسَ القادحةَ له في الرسالة، الموجِبَة لِكُفْره، وكذا المؤمن أيضًا لا يَخْلو مِن وساوس، لأنها لازِمةٌ للإِيمان بالغَيْب في الغالب، وإنْ كانت تَخْتَلِف في النَّاس بالقِلّة والكَثْرة، وبحسب المتعلقات. إذا تقرَّر هذا، فمعنى {تَمَنَّى} أنه يتمنى الإِيمانَ لأُمته، وُيحِبّ لهم الخَيْر والرشد والصلاح والنجاح، فهذه أُمنيةُ كلِّ رسول ونبيٍّ. وإلقاءُ الشيطانِ فيها يكون بما يلقيه في قلوب أُمَّة الدعوةِ من الوساوس الموجِبة لكُفْر بَعْضِهم، وَيرْحَم الله المؤمنين، فينسخ ذلك مِن قُلُوبهم، ويَحْكِمُ فيها الآياتِ الدَّالة على الوَحْدانية والرِّسالة؛ وُيبقي ذلك عزّ وجلَّ في قلوبِ المنافقين والكافرين، لَيِفْتَتِنوا به، فخرج من هذا أنَّ الوساوس تُلْقى أوّلًا في قلوب الفَرِيقين معًا، غير أنها لا تَدوم على المؤمنين، وتدوم على الكافِرين. اهـ. وقال الشاه عبد القادر في "فوائده" ما تَعريبُهُ: إنَّ النبيَّ له حُكم من اللهِ تعالى، وذلك لا تَفَاوتَ فيه، وحُكم يكون من حديثِ نَفْسه، ويتمناه هو مِن عنده، وذلك الذي قد يتخلَّف عن الواقع، وقد يكون مُطابِقًا له: أما الأَوّل: فالخلافُ فيه مُستَحِيل، وذلك كما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رؤيا، فذهب وَهلُه إلى أنه داخِل مَكَّة عامئذٍ، فجاء تأويلُه في العام القابل، وكما أنَّ اللهَ تعالى وَعَده بالنَّصر والغَلَبة على الكُفّار، فذهب وَهْلُه إلى أنه في هذه الحَرب، فالله سبحانه وتعالى يُعَلم نَبِيَّه أنَّ القَدْر الذي كان مِن حُكْم اللهِ لم يتخلَّف عن الواقِع، ولا يتجاوَزُ الواقعَ عنه، والذي تمنَّاه وكانت أُمنيته، فقد يكون في الخارج أيضًا - كما تمنَّاه - وقد لا يكون. اهـ. وقد كُنتْ مُضطَّربًا في تفسير تلك الآية لما رأيْتُ أنَّ كثيرًا من الأغمار يتعلَّقون بها، فما كُنتُ أَجِد لهم جوابًا شافيًا، فإِنَّ وَضع الأشياء على مَحالها لا يمكن إلَّا مِمَّن يُرْزق قَلبًا سليمًا، فسألت الشيخ عن وَجهِها، فدلني على كتاب "الإِبريز" هذا، فإِذا طالعتُه فَرج عني هَمي، وزال قَلَقي، والحمد لله، ولقد راجعت ما أجاب به القومُ أيضًا، إلا أني ما استملحت غيره، فالجواب هو الجواب، فإن ذُقْته أيضًا فأجزني وصِلني بدعوةٍ صالحة، والله تعالى أعلم بحقائقِ الأمور.

نَقَل قِصَّة الغرانيق تحت هذه الآية، وقد تَكَلَّمنا على تلك القِصَّة مَبْسوطًا في أبواب سجودِ القرآن، أما وَجْه الآيةِ، فأَقُول: إنَّ تمني الأنبياءِ عليهم السلام عبارةٌ عما تتحدَّثُ به أنْفُسهم في حَقِّ إيمانِ أُممهم، أنهم لو آمنوا كلّهم، وإلقاءَ الشيطان فيها عبارةٌ عن إغوائه إياهم، وصَدِّهم عن سبيلِ الإِيمان، فلا يؤمنون حسب أُمْنِيتهم، وهذه محاوَرةٌ بليغَةٌ، يقال: فلان أَلقى في أُمنيتي، أي حال بيني وبينها، ثم اللَّهُ يَفْعل فيهم ما هو فاعل، فيؤمِنُ مَنْ قُدِّر لهم الإِيمانُ، ولا ينجحُ فيهم اللَّعِين. وأما مَن قُدِّرت له الشقاوةُ فيتبعونه فيكفرون، وهو معنى قوله: {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ} [الحج: 52]. قوله: (بِسَبَب) والسَّبَبُ هو الحَبْلُ المتدلِّي، ومنه استُعْمِل للمعنى المعروف. قوله: (تَذْهَلُ) فَيَذْهَلْ الخليلُ عن خَلِيله عِنْد نَفْخ الصُّور، ولا يلتفِت أَحَدُ إلى أَحَدٍ. 4741 - قوله: (فَيُنَادَى بصَوْتٍ) ثَبَت منه الصَّوْتُ. 4741 - قوله: (وما بَعْثُ النارِ؟ قال: [مِن] كُلِّ أَلْفٍ - أراه قال - تسع مئة، وتسعة وتسعين) ... إلخ. واعلم أنَّ الرواياتِ مختلِفَةٌ في بيان نِسْبة المُسْلمين، وبَعْث النار. ففي رواية، كما عند البخاري، وفي أُخرى نسبة المئة من تسعةٍ وتسعين، والتوفيقُ بينهما أن النِّسبة في تلك الروايةِ هي ما بين الكفّار والمسلمين. وأما ما عند البخاري، فهي بعد ضَمّ يأجوج ومأجوج معهم، ويَشْهد له ما عند الترمذي في التفسير: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم ذكر لهم الحديثَ على نحو ما عند البخاري، ثُم قال: «إنَّكم لمع خليقتين، ما كانتا مع شيءٍ إلَّا كثرتاه: يأجوج ومأجوج، ومَنْ مات من بني آدم، وبني إبليس» اهـ. فدلَّ على أنَّ النِّسبة المذكورةَ بعد انضمام قومٍ يأجوج ومأجوج مع الكفّار. قوله: (فحينئذٍ تَضَعُ الحامِل حَمْلَها) ... إلخ. فإِن قلت: وحينئذٍ تلك الأهوالُ والأحوال تكون في المَحْشر مع أنه ليست هناك حاملة، ولا مُرْضِعة؛ قلتُ: لا ريبَ أنَّ صَدْر الآية في الأهوال عند النفخ، لكن القيامةَ في عُرْف الشَّرْع تطلق من نَفْخ الصُّور إلى دُخول الجنةِ، فكانت صدر الآية في المبادىء، وإنَّما قُرئت في القيامة جَرْيًا على هذا العُرْف، فلا يلزم وجودُها في المحشر. قوله: (إنِّي لأَرجو أن تكونوا رُبُعَ أهلِ الجَنَّة. فكبَّرنا، ثُم قال: ثُلُثَ أَهْل الجنَّة. فكبَّرنا، ثُم قال: شَطْرَ أهْل الجنَّة، فكبرنا) قلتُ: وهذا نظيرُ قِصَّة المعراج في تخفيف الصلاة، فإِنه لا نَسْخ فِيها أصلًا، ولكنه إلقاءٌ للمرادِ على المخاطَب نَجْمًا نَجْمًا، كما فعل النبيُّ صلى الله عليه وسلّم ههنا. وذلك كما ترى أَوْقَعُ عند النَّفْس، وأَطْيبُ لها من إلقائه دُفْعةً واحدة، وقد بسطناه من قبل.

23 - سورة المؤمنين

4742 - قوله: (فإِن وَلَدتِ امرأتُهُ غُلامًا، ونُتِجَتْ خَيْله، قال: هذا دِينٌ صالِح) أي كان مَبْلَغُ عِلْمهم، وقُصارى أمانيهم هي الدنيا فقط. 4743 - قوله: (نَزَلَتْ في: حَمْزَة وصاحِبَيْه، وعُتْبةَ وصاحِبَيه) يعني حَمزة وصاحبيه من جانب المسلمين، وعُتْبة وصاحبيه من جهة الكفار. قوله: ({اخْتَصَمُواْ فِى رَبّهِمْ}) يعني: "خدا تمهارا هى يا همارا" أي إنَّ الله سبحانه مولاكم، أو مَوْلًى للمُسْلِمين. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 23 - سُورَةُ المُؤْمِنِينَ قالَ ابْنُ عُيَينَةَ: {سَبْعَ طَرَآئِقَ} [17] سَبْعَ سَماوَاتٍ، {لَهَا سَابِقُونَ} [61] سَبَقَتْ لَهُمُ السَّعَادَةُ. {وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [60] خائِفِينَ. قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ} [36] بَعِيدٌ بَعِيدٌ. {فَاسْأَلِ الْعَآدّينَ} [113] المَلاَئِكَةَ. {لَنَاكِبُونَ} [74] لَعَادِلُونَ. {كَالِحُونَ} [104] عابِسُونَ. {مِن سُلَالَةٍ} [12] الوَلَدُ، وَالنُّطْفَةُ السُّلاَلَةُ. وَالجِنَّةُ وَالجُنُونُ وَاحِدٌ. وَالغُثَاءُ الزَّبَدُ، وَما ارْتَفَعَ عَنِ المَاءِ، وَمَا لاَ يُنْتَفَعُ بِهِ. {يَجْأَرُونَ} [64] يَرْفَعُونَ أصْوَاتَهُمْ كما تَجْأَرُ البَقَرَةُ. {عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [66] رَجَعَ على عَقِبَيهِ {سَامِرًا} [67] مِنَ السَّمَرِ، وَالجَمِيعُ السُّمَّارُ، وَالسَّامِرُ هَا هُنَا في مَوْضِعِ الجَمْعِ. {تُسْحَرُونَ} [89] تَعْمَوْنَ، مِنَ السِّحْرِ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 24 - سُورَةُ النُّورِ {مِنْ خِلاَلِهِ} [43] مِنْ بَينِ أَضْعَافِ السَّحَابِ، {سَنَا بَرْقِهِ} [43] الضِّيَاءُ. {مُذْعِنِينَ} [49] يُقَالُ لِلمُسْتَخْذِي مُذْعِنٌ. {أَشْتَاتًا} [61] وَشَتَّى وَشَتَاتٌ وَشَتٌّ وَاحِدٌ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا} [1] بَيَّنَّاهَا. وَقالَ غَيرُهُ: سُمِّيَ القُرْآنُ لِجَمَاعَةِ السُّوَرِ، وَسُمِّيَتِ السُّورَةُ لأَنَّهَا مَقْطُوعَةٌ مِنَ الأُخْرَى، فَلَمَّا قُرِنَ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ سُمِّيَ قُرْآنًا. وَقالَ سَعْدُ بْنُ عِيَاضٍ الثُّمالِيُّ: المِشْكاةُ: الكُوَّةُ بِلِسَانِ الحَبَشَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)} [القيامة: 17] تَأْلِيفَ بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ. {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18)} [القيامة: 18]: فَإِذَا جَمَعْنَاهُ وَأَلَّفنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، أَي ما جُمِعَ فِيهِ، فَاعْمَل بِمَا أَمَرَكَ وَانْتَهِ عَمَّا نَهَاكَ اللَّهُ. وَيُقَالُ: لَيسَ لِشِعْرِهِ قُرْآنٌ، أَي تَأْلِيفٌ. وَسُمِّيَ الفُرْقانَ، لأَنَّهُ يُفَرِّقُ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ. وَيُقَالُ لِلمَرْأَةِ: ما قَرَأَتْ بِسَلًا قَطُّ،

1 - باب قوله عز وجل: {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين (6)} [النور: 6]

أَي لَمْ تَجْمَعْ في بَطْنِهَا وَلَدًا. وَقالَ: {وَفَرَضْنَهَا} [1] أَنْزَلنَا فِيهَا فَرَائِضَ مُخْتَلِفَةً، وَمَنْ قَرَأَ: {وَفَرَضْنَهَا} يَقُولُ: فَرَضْنَا عَلَيكُمْ وَعَلَى مَنْ بَعْدَكُمْ. قالَ مُجَاهِدٌ: {أَوِ الطّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ} [31] لَمْ يَدْرُوا، لِمَا بِهِمْ مِنَ الصِّغَرِ. وَقَالَ الشَّعْبيُّ: أُولِي الإِرْبةِ مَنْ لَيْسَ لَهْ إِرْبٌ، وَقالَ مُجاهِدٌ: لا يُهِمُّهُ إِلا بَطْنُهُ وَلا يُخافُ عَلَى النِّساءِ، وَقَالَ طَاوُسٌ: هُوَ الأَحْمَقُ الَّذي لا حاجَةَ لَهُ فِي النِّساءِ. 1 - باب قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6)} [النور: 6] 4745 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ عُوَيْمِرًا أَتَى عَاصِمَ بْنَ عَدِىٍّ وَكَانَ سَيِّدَ بَنِى عَجْلاَنَ فَقَالَ كَيْفَ تَقُولُونَ فِى رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ سَلْ لِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ فَأَتَى عَاصِمٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَسَائِلَ، فَسَأَلَهُ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَرِهَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا، قَالَ عُوَيْمِرٌ وَاللَّهِ لاَ أَنْتَهِى حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ فَجَاءَ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجُلٌ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ فِيكَ وَفِى صَاحِبَتِكَ». فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمُلاَعَنَةِ بِمَا سَمَّى اللَّهُ فِى كِتَابِهِ، فَلاَعَنَهَا ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ حَبَسْتُهَا فَقَدْ ظَلَمْتُهَا، فَطَلَّقَهَا، فَكَانَتْ سُنَّةً لِمَنْ كَانَ بَعْدَهُمَا فِى الْمُتَلاَعِنَيْنِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «انْظُرُوا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ عَظِيمَ الأَلْيَتَيْنِ خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ فَلاَ أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُحَيْمِرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ فَلاَ أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا، إِلَّا قَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا». فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِى نَعَتَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ تَصْدِيقِ عُوَيْمِرٍ، فَكَانَ بَعْدُ يُنْسَبُ إِلَى أُمِّهِ. أطرافه 423، 4746، 5259، 5308، 5309، 6854، 7165، 7166، 7304 تحفة 4805 قوله: (يقال للمستخذي) أي المطيع. قوله: (المشكاة) الكوة، وهي الطاق غير النافذ. قوله: (فلما قرن بعضه ببعض، سمي قرآنًا) قلت: القرآن بمعنى "نشست" ومنه يقال: ليس لشعره قرآن، يعني "نشست درست نهين". قوله: (لجماعة السور) أي أطلق عليه القرآن بعد جمع السورة. قولى: ({لَمْ يَظْهَرُوا} لم يدروا، لما بهم من الصغر) أي لم يدروا ما يدريه البالغ من النساء.

واعلم أنَّ في اللِّعان مباحِثَ: الأول: في شأنِ نُزُوله، ويُرْوى في ذلك قِصَّتان: قِصَّة هلال بن أُمَية، وقُذْفه زَوْجَته؛ والثانية: قِصَّة عُويْمر العَجْلاني. قال الشارحون: إنهما متقارِبتان، ونزلت الآيةُ بعدهما. البحث الثاني: في ماهيةِ اللعان: فهي شهاداتٌ، مُؤكَّداتٌ بالأَيمان، وذِكْر الشهادة في النصِّ يؤيِّدُنا، وعند الشافعية هي أَيْمانٌ مؤكَّدات بالشهادات. فيشترطُ عندنا في المتلاعنين أهليةُ الشهادة، ولا يُشترط عندهم، لكونه عبارةً عن الأَيْمان، ولا يُشْترط فيه أهليةُ الشهادة عند أَحَد. والثالث: في حِكْمة إقامة بابٍ جديد، مع أنه ليس إلَّا قَذْفًا، فينبغي أن يُغْني عنه بابُ حدّ القذف. فاعلم أنَّ الحاجةَ إنما دعت إليه، لأنَّ للمرءِ غَيْرةً على زوجته ليست على غيرها، وذلك أَمْرٌ فِطْري لا يُلام عليه، فإِنْ وَجَد رَجُلًا مع أجنبيةٍ يَخْبُث بها، يُسوّغ له أَنْ يصبر، أو يأتي بأربعة شهداء، بخلاف زوجته، فإِنَّ الغيور لا يستطيعُ الصَّبرَ عليه، وطلبُ الشُّهداء أشدُّ عليه في مِثْل هذا الحين. فهل عليه أن يبلغه إلى القاضي، أم كيف يفعل؟ فإِنه إنْ يتكلَّم يتكلَّم بأَمْرٍ عظيم، لا تتركونه إلَّا بالحدِّ، وإنْ يسكت يسكت على أَمْر عظيم، والموتُ ألذُّ دونه، فإِنْ قتله فتقتلونه، فَأَخْرج له الشَّرْع سَبيلًا ومَخْرجًا، فأقام له بابًا وهو اللِّعان. وحُكْمه التفريقُ بعده، وذلك لأنَّ الأَمْر إذا لم يَنْكَشف، لِيُحدَّ الزَّوْج حَدَّ القَذْف، أو المرأةُ حدَّ الزِّنا، ليس إلى الاجتماع والتلفيق بعد هذا الادِّعاء من سبيل، فتعيَّن التفريقُ، وشُرِع اللِّعان. والرابع: أن التفريقَ يكون من نَفْس اللعان. أو يحتاج إلى القاضي؟ فاعلم أنَّ اللِّعان لا يحتاجُ إلى تفريق القاضي عند الشافعيِّ، وعندنا لا بدَّ منه وكأنَّ ذلك بديهي فإِن الشَّرْع لِمَ دَعَى المتلاعِنَين إلى مَجْلس القضاء، لو لم يكن لقضائه مَدْخلٌ فيه فإِن دعوتهما إلى مَجْلِسه إذن لَغْوٌ والخلافُ فيه على عَكْس ما في الإِيلاء، فإِن الفُرْقة فيه تَجِب عندنا بمجرد مُضي المُدَّة، وعند الشافعيِّ بتفريق القاضي، أي فَيُجْبِره بعده إمَّا على الرجوع، أو على الطلاق. قلنا: إنَّ القرآن ضَرَب في الإِيلاء مدةً مِن قِبله، فإِذا مضت حَلَّت الفُرْقة بنفس الإِيلاء. فإِنَّ المدَّة تمضي وهي قاعِدةٌ في بيتها، فلا حاجة فيه إلى مَجْلس القضاء، فلم يظهر فيه لقضائه دَخلٌ، بخلاف اللعان. أما كون الإِيلاءِ تفريقًا، مع أنه لا لَفْظ فيه يُبنىء عن التفريقِ، فأجاب عنه صاحبُ «الهداية» أنَّ الإِيلأَ كان طلاقًا في الجاهلية، فقرَّره الشَّرْع على ما كان في حقِّ التفريق.

والحاصل أنَّ اللِّعان لما كان في المَحْكَمة، جاءت الفُرْقة فيها أيضًا من قبل القاضي، بخلاف الإيلاء، فإِنه يقومُ مقامَ الطلاقِ بنفسه، ويتم في بيته، فاسْتَغْنى عن تَفْريقه. قلتُ: ولما جَعَل القرآنُ اللِّعان عبارةً عن الشهادات، عُلم أن فيه مدخلًا للقضاء، فإِنَّ الشهاداتِ لا تُسمع إلَّا بمجلسه. ومن ههنا عُلِم أنَّ التفريقَ في اللِّعان من باب القضاء، فلا يتولى به غيرُه، بخلاف الإِيلاء، فإِنه من الدِّياناتِ، فيجري حُكْمه في كلِّ زمان. قلتُ: ولو اجتمع المسلمونَ اليوم أيضًا، وفَرَّقوا بين المتلاعِنَين، كما يُفرِّق القاضي، وَسِع لهم، حيث يقومون مَقامه، كما في سائر المعاملات. والخامس (¬1): أَنَّه هل يجوزُ للزوج أن يَقْتل الزاني حين يراه يَزْني بامرأته، فقد مرّ معنا أنه يَحِلُّ له ديانةً. ثُم إنْ بلغ أَمْرُه إلى القاضي يَقْتله قِصاصًا إنْ عَجِز عن إقامةِ البيِّنة على الزِّنا. والسادس: مسألةُ المَشْرِقية والمَغْربي. واعلم أنه قد ذكرنا مِن قبل أن الولدَ عندنا يتبع الفراشَ، وهو عندنا عبارةٌ عن النِّكاح دون الوقاع. فإِذا تزوَّج مغربيٌّ مشرقيةً، وأتت بالولدِ في ستةِ أَشْهر، يثبت نَسَبُه منه، وقد جعلَها الناسُ أُضحوكةً، وقالوا: كيف يَثْبت النَّسَبُ مع امتناع الوطء في الصورة المذكورة! فاشترط له الشافعيةُ إمكانَ الوقاع أيضًا، وعَجِز ابنُ الهُمام عن جوابه. قلتُ: أما اشتراطُ إمكان الوقاع فلا عبرةَ به عندنا، كيف وليس على القاضي أن يَطَّلع على سرائر الناس. أما النِّكاح فهو أَمْرٌ يكون على رءُوس الخلائق، يَعْلَمُه كلُّ أَحَد، بخلافِ الوطء، وفي مِثْله يُدار الحُكْم على الأسباب الظاهرة. أَمَّا استبعادُهم ثبوتَ النَّسَب، فيبنى على تَناسي باب اللِّعان، كما قيل: حَفِظْت شيئًا وغابت عنك أَشْياء. فإِنَّه يَجِب على الزَّوْج شَرْعًا أن يلاعِنَ امرأتَه إنْ عَلِم أنَّ ولدَها ليس منه، فإِذا أقام ¬

_ (¬1) ذكر النوويُّ في شرح "مسلم": قد اختلف العلماءُ فيمَنْ قتل رجلًا، وزعم أنه قد وجده زَنَى بامرأته، فقال جمهورُهم لا يُقْبل قولُه، ويلزمه القِصاص، إلا أنْ تقومَ بذلك بينةٌ، أو يعترفَ ورثةُ القتيل. والبينةُ أربعةٌ من عدولِ الرجال يشهدون على نَفس الزِّنا، ويكون القتيل مُحْصَنًا، وأما فيما بَيْنه وبين الله تعالى، فإِنْ كان صادِقًا فلا شيء عليه، وهو الصوابُ. اهـ. ولكنَّ مذهبَ الحنفية - على ما سمعته من الشيخ - إباحةُ القتل في حينِ الزِّنا. أما بعد ذلك فلا يَحِلّ له ذلك، وهو مَحْمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فليغيِّرْه بيده فالتغييرُ باليدِ يَقْتصر على حين مباشرتِه بالمعصية.

له الشَّرْع بابًا، وأهدره هو وتَرك اللِّعان الواحبَ عليه، فما للقاضي أن ينفي ولدَها عنه، أليس مَنْ رضي بالضَّرر أَوْلى أن يقطع عنه النَّظَر، وقد ذكرناه مِن قبل (¬1). 4745 - قوله: (فَكرِهَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم المسائِل) وإنما كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يَكْره إشاعةَ هذا النَّحْو من المسائل، لِبَشَاعتها وشناعتها. قوله: (فَطَلَّقَها) وظاهرُه أَنَّه طَلَّقها الآن، وفي طريق آخَر أنه كان طَلَّقها ثلاثًا، قَبْل أن يسأله صلى الله عليه وسلّم كَيْفَما كان التطليقُ ثلاثًا بلفظٍ واحدٍ بدعةٌ عندنا، وعند أحمد وإنْ وَقَعْن، وليست ببدعةٍ كَيْفَما عند الإِمام البخاريِّ، والشافعيِّ، وحينئذٍ يَرِدُ علينا تقريرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم عليه، فأجاب (¬2) عنه السَّرْخسي أنَّ التفريقَ في الصورة المَذْكُورة لما تَعَيَّن حُكْمًا لِلِّعان، صار تطليقُه كالعدم، فإِنه لو لم يطلِّقها لَفَرَّق النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بينهما، فكان ذلك أمرًا كائنًا لا محالةَ، طَلَّقها أو لم يُطلِّقها. لا سيما عند الشافعيةِ، فإِنَّ اللِّعان عندهم بِنَفْسه موجِبٌ للتفريق، وتقريرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في مِثْله، لا يوجِب كَوْنه مَشْرُوعًا، فإِنا قد عَلِمنا من الخارج كَوْنَها بِدْعةً عند النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وإذا كان تَطْلِيقُه ههنا، كالعدم، لم يكن تقريرُه عليه تشريعًا، فكأنه لم يلتفت إليه، ولم يُلق به بالًا، لكونه مما لا يعبأ به. وقد تَفَرَّد الحافظُ ابنُ تيميةَ وتلميذُه ابنُ القيم وذهبا إلى أنها واحِدةٌ، بل يُتوهّم من بعض المواضع أنها لا تقع أَصْلًا، وقد عَرَض إليه ابنُ الهُمَام في «الفتح». أما إنَّ السُّنَّة فيه التفريقُ دون الجمع، فلنا فيه صريحُ النصِّ، قال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] أي مرةً بعد مرةٍ، وهذا هو حَقُّه، وليس معناه اثنتين، كما زَعَم. ثُم أَقُولُ: إنَّ الطلاقَ البائنَ قد يكون جائزًا، وكذا الطلاق في الحَيْض، وإنْ لم يُحرِّرُوه، وقد استنبطته أنا من عبارةِ محمد في الخُلْع، قال: إنَّ الخُلْع جائزٌ عند نُشوزِ الزوج في حال الحَيْض أيضًا. ومعلومٌ أنَّ الخُلْع ليس إلَّا طلاقًا بائنًا، فلزم جوازُ البائن عنده عند الضرورة. فاستفدت منه أنه إذا جَوَّز الخُلْع عند الضرورة، وهو طلاقٌ بائنٌ، لَزِمه أن يُجوِّز الطَّلاقَ في حال الحَيْض أيضًا لعدم الفارق، وكذا الطلاقات الثلاث أيضًا. فإِذن ظهر الجوابُ عَمّا في الحديث بِوَجْهٍ آخَر، ومِن ههنا ظهر الجوابُ عن طلاق إسماعيل عليه السلام امرأتَه طلاقًا بائنًا، فإِنه لما علم أن أباه قد أَمَره بِفِرَاقها، وأزمع أنْ ¬

_ (¬1) قلتُ: وما لهم يعترضون علينا، مع أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الولَدُ للفراش، وللعاهِر الحَجَر" واردٌ في عين هذه القضية، فإِنَّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - جعل ابنَ وليدة زَمْعة أخًا لعبد بنِ زَمْعَة، ولم يُلْحق نَسَبه إِلى عُتْبة مع كونه واطئًا. وأوضح منه ما أخرجه أبو داود عن عمرو بن شُعَيب عن أبيه عن جَدِّه، قال: قام رجلٌ، فقال: يا رسولَ الله إنَّ فلانًا ابني، عاهرت بأُمِّه في الجاهليةِ. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الولَدُ للفِرَاش، وللعاهر الحَجَر". ثُم إنَّ معناه أنَّ العاهِرَ ليس له شيءٌ، لما أخرج الحافظ في "الفتح": وفي فَم العاهِر الحَجَر، وليس معناه الرَّجْم، وإن كان مُحْتَمِلًا. (¬2) وقال ابنُ رُشْد أيضًا نحوه. وأما الموضع الثاني: فإِنَّ مالِكًا ذهب إلى أن المُطلِّقَ ثلاثًا بِلَفْظٍ واحدٍ، مُطلِّقٌ لغير سُنَّة. وذهب الشافعيُّ إلى أنه مُطلق للسُّنّة. وسبب الاختلافِ معارضةُ إقرارِه عليه الصلاة والسلام للمطلِّق بين يديه ثلاثًا في لفظةٍ واحدةٍ، لمفهوم الكتاب في حُكْم الطَّلْقة الثالثة؛ والحديث الذي احتجَّ به الشافعيُّ هو ما ثبت مِن أن العَجْلاني طَلَّق زوجته ثلاثًا بحضرةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الفراغ من المُلاعنة، قال: فلو كان بِدْعة لما أقرَّه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. وأما مالِكٌ فلما رأى أنَّ المطلِّق بِلَفْظ الثَّلاث، رَافِعُ للرُّخْصة التي جعلها الله في العدد، قال فيه: إنه ليس للسُّنّة. واعتذر أصحابُه عن الحديث، بأن المتلاعِنَين عنده، قد وقعت الفُرْقة بينهما مِن قبل التلاعن نفسه، فوقع الطلاقُ على غير مَحلِّه، فلم يَتَّصِف لا بِسُنَّة ولا بِبِدْعة. وقولُ مالك - والله أَعْلم - أظهرُ ههنا من قول الشافعي. اهـ "بداية المجتهد" من الباب الثاني، في معرفة الطلاق السُّنِّي من البِدْعي - ص 56 - ج 2: وأما بعدها فليس له إلَّا أنْ يرفع أَمره إلى القاضي. وظاهرُ عبارة النوويّ أنه يجوز له قَتْلُه، ولو بعد الخروج عن الزِّنا بِزَمن، فَلْيحرَّر المذاهب. وقد مر معنا عن الشيخ العَيْني في شَرْح حديث: "مَنْ قتل دون ماله، فهو شهيدٌ"، أنه يجوز له قَتْل السارق بعد الخروج عن دارِه أيضًا، فلينظر فيه.

2 - باب {والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين (7)} [النور: 7]

لا يرجِع إليها ثانيًا، بَتَّ طلاقها، والبائن في مِثْله ينبغي أن يكون جائزًا عندنا أيضًا، كالخُلْع في الحيض عند محمد، وقد ذكرناه من قبل. قوله: (فكانت سُنَّةً) أي التفريق بين المتلاعِنَين، دون التَّطْليق. قوله: (وَحَرَةٌ) حيوانٌ يُشْبِه الجِرْباء. قوله: (يُنْسَبُ إلى أُمِّه) وبُحِث في الفِقْه ما المراد منه، هل قامت الأُمّ مقام الأَب في حَقِّ الإِرث، أو المراد قَطع نِسْبته من الأب فقط؟. قوله: (فإِنْ جاءت به أُحَيْمِر) ... إلخ. وكانت تلك حلية الزَّاني. 2 - باب {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7)} [النور: 7] 4746 - حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا رَأَى مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمَا مَا ذُكِرَ فِى الْقُرْآنِ مِنَ التَّلاَعُنِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ قُضِىَ فِيكَ وَفِى امْرَأَتِكَ». قَالَ فَتَلاَعَنَا، وَأَنَا شَاهِدٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَفَارَقَهَا فَكَانَتْ سُنَّةً أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ وَكَانَتْ حَامِلًا، فَأَنْكَرَ حَمْلَهَا وَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى إِلَيْهَا، ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ فِى الْمِيرَاثِ أَنْ يَرِثَهَا، وَتَرِثَ مِنْهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا. أطرافه 423، 4745، 5259، 5308، 5309، 6854، 7165، 7166، 7304 تحفة 4805 - 126/ 6 باب: "قوله: (والخامسة أن لعنة الله عليه) " قال ابن نجيم - صاحب البحر -: إن اللعنة صغيرة، قلت " ولعله ذهب إليه، لأنه رأى أن هذا اللفظ يجري بين المسلمين في باب اللعان. فيكون صغيرة لا محالة، وليس بشيء، فإن الشرع إنما وضعه بين المتلاعنين. لكون أقبح لفظ عند الشرع، فلعلهما يكرهان ذلك، فيضطران إلى بيان ما هو الحق، تحرزًا عن تلفظهما به، ولذا

قال: أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟ فاستعمال هذا اللفظ ليس لهوانه، وخفته، بل لعظمه عند الشرع، فهو لأجل انكشاف الحال، لا كما فهمه. ولذا عدل القرآن في المباهلة عن لفظ اللعان، وإن فسروها باللعان، لكن المباهلة في الأصل هو الدعاء. قوله: (ففارقها) وقد تخبط الراوي فيه. وما بعده يدل على أن المراد به سنة التفريق، كما قال، فكانت سنة أن يفرق بين المتلاعنين. قوله: (فأنكر حملها) ولا لعان عندنا بنفي الحمل (¬1)، لعدم تقرر سببه، فإن الحمل وجوده وعدمه لا يتحقق قبل الوضع، فلعله يكون انتفاخًا، أو داء آخر، فإن اضطر الزوج إلى اللعان، عليه أن يمسك عنه حتى تضع حملها، وقد تكلم ابن الهمام (¬2) عن المذهب في "الفتح" ونقل عن أحمد أن تلك المرأة كانت وضعت حملها، والرواة فيه مضطربون، فذكر بعضهم اللعان، حال الحمل، وبعضهم بعد وضعه، وإذن في قوله: فأنكر بحملها، تسامح، وله جواب آخر، فصلته في مذكرتي. فائدة: وقد استدل منه الطحاوي على مسألة قضاء القاضي بشهادة الزور، فاعلم أولًا أنهم قالوا: إن امرأة لو ادعت على رجل أنه نكحها، وأتت عليه ببينة، ثم قضى به القاضي، حل له وطؤها، فاعترض عليه الخصوم، بأن فيه تمكينًا للأجنبي من الأجنبية، وهو زنا؛ قلت: وأين هم من تخريج الحنفية، فإنهم قالوا: إن للقاضي ولاية عامة، فيقوم قضاؤه مقام العقد، حتى شرط بعضهم حضور الشاهدين أيضًا، وما ذلك إلا لتكون شاكلته شاكلة العقد بعينها، وإلا فحضور الشاهدين لا يشترط القضاء، وهذا القول، وإن كان مرجوحًا عندهم، إلا أني ذكرته لتتقدر فيه ¬

_ (¬1) قال الطحاوي: مَذْهب أبي حنيفة أنه إذا نفى حَمْلَها لا يُلاعن، لأنه يجوز أن لا يكون حَمْلًا، ولهذا لو كانت أَمته حامِلًا فقالا لِعَبْده: إن كانت أَمَتي حامِلًا، فأنت حُرّ: فمات أبو العبد قبل أن تَضَع، لا يرثه العبدُ في قولهم جميعًا، فقد لا يكون حَمْلًا، فلا يستحق العِتْق. وإنما نَفَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الولَدَ، لأنه عَلِم بالوحي وُجُودَه، ولهذا قال: "إنْ جاءت به كذا، فهذا لفلان" ... الحديث. اهـ. هكذا فكره المارديني، ثُم أخذ يُجيب عن الآيات التي تَرد على مَذْهبنا، ثُم نقل عن أبي بَكْر الرَّازي. قال: وإنما تُردُّ الجاريةُ بِعَيْب الحَمْل إذا قال النِّساء: هي حُبْلى، لأن الردَّ بالعيب ثبت مع الشُّبهةِ، كسائر الحقوق التي لا تُسْقطها الشبهةُ، والحدّ لا يجوزُ إثباتُه بالشبهةِ. اهـ. "الجَوْهر النَّقي". (¬2) قال الشيخ ابنُ الهُمام: وهلال لم يكن قذفها بِنَفْي الحمل، بل بالزنا. قال: وجدتُ شَرِيك ابنَ سُحْماء على بطنها، يزني بها. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "انظروا، فإِن جاءت به كذا، إلى آخِر ما قدمناه. فانظره، كان إما لِعِلْمه صلَى اللهُ عليه وسلم بِحَمْلها من طريق الوَحْي، اْو لأن اللِّعان تأخَّر حتى ظهر الحَمْل: وكذا أنكر أحمدُ بن حنبل لِعانَ هلال بالحَمْل، قاله ابنُ الجوزي. على أن كونَ لعانِهما كان قَبْل الوضْع معارَضٌ، فقد قدمنا - في "الصحيحين" - عن ابن عباس ما يفيدُ أنه كان بعد وَضْعها، وهو قوله: فقال - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم بين"، فوضعت شَبيهًا بالذي ذَكَر زوجُها أنه وجده عند أهله، فلاعن رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما. فلا يستدلُّ بأحدهما بعينه، لأن التعارُض يوجِب التوقف، اهـ "فتح القدير"؛ قلتُ: لا ريبَ أنَّ الشيخَ ابنَ الهُمام بسط المسألة، وقررها أحسنَ تقرير، وجُلّ بَحْثه ما أومأ إليه الطحاوي، كما نقلنا عبارته عن "الجَوهر النقي" غير أنه لا بد من مراجعته أيضًا.

ملحظ الحنفية، أنه في حكم العقد عندهم، فأين فيه التمكين على الزنا؟! ثم في المسألة قيود، ذكرها أرباب الشروح: منها كونه في العقود والفسوق، دون الأملاك المرسلة، وقررها الطحاوي، أن العقود والفسوق إنشاءات، فيثبتها القضاء، بخلاف الأملاك المرسلة، فإنها أخبار، فلا يؤثر فيها القضاء، لأنه يمكن إثبات ما هو ثابت. وأما ما قد وقع وثبت، فلا يمكن إثباته، لأنه قد تقرر في الخارج على جهة، ولا أثر للقضاء في إثباته، ولا تغييره. هذا توضيح المسألة، وأما تقرير استدلال الطحاوي (¬1)، فبأن الزوجان لما كتما الواقع، ولم يكشفاه في اللعان، قام الشرع بالتفريق بينهما من الولاية العامة، كذلك أقمنا القضاء مقام التزويج، فيما ادعت المرأة على رجل بالنكاح، وأتت عليه بالبينة، فكما أن تفريقه ينفذ قضاء وديانة، كذلك فلينفذ تزويجه أيضًا من غير فارق؛ قلت (¬2): وهذا القياس عندي قياس مع الفارق، لأن الحكم في اللعان لم يوافق أحدًا من الخصمين، فإنه لم يحكم بما اقتضاه كلام الزوج. وكذلك لم يحكم بما اقتضاه كلام الزوجة، أعني حد الزنا، أو القذف، ولكن حكم بالتفريق، وهو حكم ثالث من جانب الشرع، بخلاف مسألة التزويج، فإنه على وفق أحد الزوجين، فهذا فارق عندي. قولى: (البينة، أو حد في ظهرك) وإنما أمره بأحد الأمرين لا محالة، لأنه لم تكن نزلت سنة اللعان بعد، فكان الحكم هو هذا. وإن كان للزوج عذر في عدم قدرته على السكوت، عند رؤية مثل هذه الشناعة، ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما اضطره إلى أحد هذين، لأنه كان له سبيل دون ذلك بأن يطلقها، فيفارقها، ولا يجهر به في مجلس القاضي، ويتقي به من ميسم السوء، ولكنه لم يفعل، وأبى إلا أن يأتي به في مجلس القضاء، وهذا يدل على أنه لا يريد فراقها أيضًا، ثم يتكلم بأمر ليس له الاستمتاع بها بعده، وحينئذ فليعد نفسه لإحدى العقوبتين: إما لهذا، وإما لذاك. ¬

_ (¬1) ونَصُّ عبارته هكذا: قال الطحاوي، بعد سَرْد رواياتِ اللِّعان: فقد عَلِمنا أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لو عَلِم الكاذِب منهما بعينِه لم يفرِّق بينهما، ولم يُلاعِن، ولو عَلِم أن المرأةَ صادقةٌ لحدَّ زوجها بِقَذْفه إياها، ولو عَلِم أنَّ الزوج صادقٌ لحدَّ المرأةَ بالزنا الذي كان منهما، فلما خَفِي الصادِق منهما على الحاكِم، وَجَب حُكم آخر، فَحَرُم الفَرْج على الزَّوْج في الباطن والظاهر، ولم يرد ذلك إلى حُكم الباطن، فلما شهدا في المتلاعِنَين ثبت أن كذلك الفرق كلها (*)، والقضاء بما ليس فيه تمليكُ أموالِ أنه على حُكْم الظاهر، لا على حُكْم الباطن، وإن حُكْم القاضي يحدث في ذلك التحريم، والتحليل في الظاهر والباطن جميعًا، إلى آخر ما قال. قلتُ: ولعلَّ في قوله: "فلما شهدا" ... إلخ، سقط من النُّسّاخ، فاختل المرادُ، ففكر أنت من نَفْسك أيضًا، وسنقرره في آخر الكتاب أبسط من هذا إن شاء الله تعالى. (¬2) قلتُ: ولم أجد في مذكرتي غيرَ هذا الحرف، فلينظر فيه أنه هل يمكن أن يُعتبر هذا القَدْر من الفرق فارِقًا أَو لا؟. (*) هكذا في الأصل [المصحح].

3 - باب {ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين (8)} [النور: 8]

قوله: (لكان لي ولها شأن) أي لأقمت عليها الحد، وفيه دليل على أن القاضي إذا قضى بأمر صار مبرمًا، ولم يصلح للنقض، ولا حجة فيه على عبرة القافة، فإن التعبير المذكور من باب المحاورات. قوله: (فانتفى من ولدها) اختلف فيه الرواة، فقال بعضهم: إن اللعان في تلك القصة كان بنفي الحمل، وقال بعضهم: بنفي الولد، والثاني لا يرد علينا، نعم إن كان بنفي الحمل فهذا يخالفنا، فما لم يتعين أحد اللفظين لم يجب علينا الجواب. فائدة: لا يقال: ورد في بعض ألفاظ تلك القصة أنها قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، وفيه تصديق للزوج، وإقرار بالزنا، فينبغي أن يجب عليها الحد، لأنا نقول: إنه ليس بصريح فيما قلت، بل يجوز أن يكون مراده أني كيف أصدقك، وكيف أفر بالزنا، فأفضح قومي، فلا تصديق فيه صراحة، والحد يندرىء بالشبهات. 3 - باب {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8)} [النور: 8] 4747 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْبَيِّنَةَ أَوْ حَدٌّ فِى ظَهْرِكَ». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلاً يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ. فَجَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْبَيِّنَةَ وَإِلاَّ حَدٌّ فِى ظَهْرِكَ» فَقَالَ هِلاَلٌ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنِّى لَصَادِقٌ، فَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِى مِنَ الْحَدِّ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} فَانْصَرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَجَاءَ هِلاَلٌ، فَشَهِدَ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ». ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ فَلَمَّا كَانَتْ عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَقَّفُوهَا، وَقَالُوا إِنَّهَا مُوجِبَةٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَتَلَكَّأَتْ وَنَكَصَتْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا تَرْجِعُ ثُمَّ قَالَتْ لاَ أَفْضَحُ قَوْمِى سَائِرَ الْيَوْمِ، فَمَضَتْ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَبْصِرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ سَابِغَ الأَلْيَتَيْنِ خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَهْوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ». فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْلاَ مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَكَانَ لِى وَلَهَا شَأْنٌ». طرفاه 2671، 5307 - تحفة 6225 4 - باب قَوْلِهِ: {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)} [النور: 9] 4748 - حَدَّثَنَا مُقَدَّمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَمِّى الْقَاسِمُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَجُلاً رَمَى امْرَأَتَهُ فَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فِى زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَلاَعَنَا كَمَا قَالَ اللَّهُ، ثُمَّ قَضَى بِالْوَلَدِ لِلْمَرْأَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ. أطرافه 5306، 5313، 5314، 5315، 6748 - تحفة 8086 - 127/ 6

5 - باب قوله: {إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم} [النور: 11]

5 - باب قَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11] {أَفَّاك} [الشعراء: 222] كَذَّابٌ. 4749 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ} [النور: 11] قَالَتْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ. أطرافه 2593، 2637، 2661، 2688، 2879، 4025، 4141، 4690، 4750، 4757، 5212، 6662، 6679، 7369، 7370، 7500، 7545 - تحفة 16649 6 - باب {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا} إلى قوله: {الْكَاذِبُونَ} [النور: 13] [النور: 12، 13] 4750 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكُلٌّ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ الَّذِى حَدَّثَنِى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِى غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِى، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ مَا نَزَلَ الْحِجَابُ، فَأَنَا أُحْمَلُ فِى هَوْدَجِى وَأُنْزَلُ فِيهِ فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ، وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ قَافِلِينَ آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِى أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِى، فَإِذَا عِقْدٌ لِى مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِى وَحَبَسَنِى ابْتِغَاؤُهُ وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِى، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِى، فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِى الَّذِى كُنْتُ رَكِبْتُ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّى فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يُثْقِلْهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا تَأْكُلُ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ خِفَّةَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِى بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ، وَلَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلاَ مُجِيبٌ، فَأَمَمْتُ مَنْزِلِى الَّذِى كُنْتُ بِهِ وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِى فَيَرْجِعُونَ إِلَىَّ فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِى مَنْزِلِى غَلَبَتْنِى عَيْنِى فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِىُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِىُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ، فَأَدْلَجَ فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِى، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ، فَأَتَانِى فَعَرَفَنِى حِينَ رَآنِى، وَكَانَ يَرَانِى قَبْلَ الْحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِى فَخَمَّرْتُ وَجْهِى بِجِلْبَابِى، وَاللَّهِ مَا كَلَّمَنِى كَلِمَةً وَلاَ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ، حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ عَلَى يَدَيْهَا

فَرَكِبْتُهَا فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِى الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ، بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِى نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِى تَوَلَّى الإِفْكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ ابْنَ سَلُولَ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِى قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، لاَ أَشْعُرُ بِشَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَهْوَ يَرِيبُنِى فِى وَجَعِى أَنِّى لاَ أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اللَّطَفَ الَّذِى كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِى، إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ «كَيْفَ تِيكُمْ». ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَاكَ الَّذِى يَرِيبُنِى، وَلاَ أَشْعُرُ حَتَّى خَرَجْتُ بَعْدَ مَا نَقَهْتُ، فَخَرَجَتْ مَعِى أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ، وَهْوَ مُتَبَرَّزُنَا، وَكُنَّا لاَ نَخْرُجُ إِلاَّ لَيْلاً إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلِ فِى التَّبَرُّزِ قِبَلَ الْغَائِطِ، فَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ، وَهْىَ ابْنَةُ أَبِى رُهْمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِى، قَدْ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِى مِرْطِهَا فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ. فَقُلْتُ لَهَا بِئْسَ مَا قُلْتِ أَتَسُبِّينَ رَجُلاً شَهِدَ بَدْرًا قَالَتْ أَىْ هَنْتَاهُ، أَوَلَمْ تَسْمَعِى مَا قَالَ قَالَتْ قُلْتُ وَمَا قَالَ فَأَخْبَرَتْنِى بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِى، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِى وَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَعْنِى سَلَّمَ ثُمَّ قَالَ «كَيْفَ تِيكُمْ». فَقُلْتُ أَتَأْذَنُ لِى أَنْ آتِىَ أَبَوَىَّ قَالَتْ وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، قَالَتْ فَأَذِنَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجِئْتُ أَبَوَىَّ فَقُلْتُ لأُمِّى يَا أُمَّتَاهْ، مَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ قَالَتْ يَا بُنَيَّةُ، هَوِّنِى عَلَيْكَ فَوَاللَّهِ، لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلاَّ كَثَّرْنَ عَلَيْهَا. قَالَتْ فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا قَالَتْ فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لاَ يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ، وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ حَتَّى أَصْبَحْتُ أَبْكِى فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْىُ، يَسْتَأْمِرُهُمَا فِى فِرَاقِ أَهْلِهِ، قَالَتْ فَأَمَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالَّذِى يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِى يَعْلَمُ لَهُمْ فِى نَفْسِهِ مِنَ الْوُدِّ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَهْلَكَ، وَمَا نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَإِنْ تَسْأَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قَالَتْ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَرِيرَةَ فَقَالَ «أَىْ بَرِيرَةُ، هَلْ رَأَيْتِ عَلَيْهَا مِنْ شَىْءٍ يَرِيبُكِ». قَالَتْ بَرِيرَةُ لاَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِى الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَعْذَرَ يَوْمَئِذٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ ابْنِ سَلُولَ، قَالَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ عَلَى الْمِنْبَرِ «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِى مِنْ رَجُلٍ، قَدْ بَلَغَنِى أَذَاهُ فِى أَهْلِ بَيْتِى، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً، مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ

عَلَى أَهْلِى إِلاَّ مَعِى». فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الأَنْصَارِىُّ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ، إِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ، ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ، أَمَرْتَنَا، فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ، قَالَتْ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهْوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلاً صَالِحًا، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَقَالَ لِسَعْدٍ كَذَبْتَ، لَعَمْرُ اللَّهِ لاَ تَقْتُلُهُ، وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَهْوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدٍ، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ كَذَبْتَ، لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ، فَتَثَاوَرَ الْحَيَّانِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، قَالَتْ فَمَكُثْتُ يَوْمِى ذَلِكَ لاَ يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، قَالَتْ فَأَصْبَحَ أَبَوَاىَ عِنْدِى - وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا لاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ وَلاَ يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ - يَظُنَّانِ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِى، قَالَتْ فَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِى وَأَنَا أَبْكِى، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَىَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِى مَعِى، قَالَتْ فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ قَالَتْ وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِى مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا، لاَ يُوحَى إِلَيْهِ فِى شَأْنِى، قَالَتْ فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِى عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِى اللَّهَ وَتُوبِى إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ إِلَى اللَّهِ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ». قَالَتْ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَقَالَتَهُ، قَلَصَ دَمْعِى حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، فَقُلْتُ لأَبِى أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا قَالَ. قَالَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لأُمِّى أَجِيبِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَتْ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لاَ أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ، إِنِّى وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الْحَدِيثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِى أَنْفُسِكُمْ، وَصَدَّقْتُمْ بِهِ فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّى بَرِيئَةٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى بَرِيئَةٌ لاَ تُصَدِّقُونِى بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى مِنْهُ بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّى، وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لَكُمْ مَثَلاً إِلاَّ قَوْلَ أَبِى يُوسُفَ قَالَ {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] قَالَتْ ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِى، قَالَتْ وَأَنَا حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّى بَرِيئَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِى بِبَرَاءَتِى، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ فِى شَأْنِى وَحْيًا يُتْلَى، وَلَشَأْنِى فِى نَفْسِى كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِىَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِى اللَّهُ بِهَا، قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ، وَهْوَ فِى يَوْمٍ شَاتٍ مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِى يُنْزَلُ عَلَيْهِ، قَالَتْ فَلَمَّا سُرِّىَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُرِّىَ عَنْهُ وَهْوَ يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أَوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا «يَا عَائِشَةُ، أَمَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدْ بَرَّأَكِ». فَقَالَتْ أُمِّى قُومِى إِلَيْهِ.

حديث الإفك

قَالَتْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ، لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلاَ أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ. وَأَنْزَلَ اللهُ {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ} [النور: 11] الْعَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللهُ هَذَا فِى بَرَاءَتِى قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رضى الله عنه - وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ، وَفَقْرِهِ وَاللَّهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِى قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ، فَأَنْزَلَ اللهُ {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22)} [النور: 22] قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَلَى، وَاللَّهِ إِنِّى أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لِى، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِى كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ وَاللَّهِ لاَ أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا. قَالَتْ عَائِشَةُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْأَلُ زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِى، فَقَالَ «يَا زَيْنَبُ مَاذَا عَلِمْتِ أَوْ رَأَيْتِ». فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحْمِى سَمْعِى وَبَصَرِى، مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا. قَالَتْ وَهْىَ الَّتِى كَانَتْ تُسَامِينِى مِنْ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَصَمَهَا اللهُ بِالْوَرَعِ، وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ مِنْ أَصْحَابِ الإِفْكِ. أطرافه 2593، 2637، 2661، 2688، 2879، 4025، 4141، 4690، 4749، 4757، 5212، 6662، 6679، 7369، 7370، 7500، 7545 تحفة 16126، 16311، 16708، 17409 - 132/ 6 حديث الإِفك وقد تكلمنا عليه مرة، ونبهناك فيما مر على أن مصداق الآية عند عائشة عبد الله بن أبي، ونسب إليها بعض الرواة أنه حسان بن ثابت، كما مر من الصحيح، وهو بعيد عن الصواب عندي، فإذا بلوت من حال الرواة ما رأيت، فليعدل أن اتباع الواقع أولى، أم الوقوف على الألفاظ، ثم إني أتردد فيما رواه الترمذي أيضًا أن حسان حد حد القذف، كيف! ولم يثبت عندي القذف منه، واعلم أن العلماء قالوا: إن الشرك قد وجد في بعض بيوت الأنبياء عليهم السلام، كما في بيت نوح عليه الصلاة والسلام، وامرأة لوط عليه الصلاة والسلام، أما نحو تلك الفاحشة فلا، قلت؛ وقد مر مني أن أمثال تلك الأمور قد تبتلى بها الأنبياء عليهم السلام أيضًا، ليرى ثباتهم ومكانهم من الاستقامة، ويعلم الناس أنهم ليسوا ممن أقاموا الحد على وضيعهم، ودفعوه عن عظيمهم، ولذا لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك شيء من التساهل، ولكنه لم يزل يفتش أمرها حتى برأها الله من فوق العرش، وأنزلت في شأنها سورة تتلى، فظهر من ذلك استقامته، وثباته في الدين، ولذا قال تعالى: {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ} فإن نحو هذا الإرجاف كان مظنة شر، يظنه أحد، فأزاحه، وقد مر أن الأنبياء عليهم السلام قد ابتلوا من جهة النساء من قبله أيضًا، فآدم، ونوح، وإبراهيم، ولوط، وموسى، وعيسى عليه السلام وقد أوذوا من جهتهن، أما يوسف عليه السلام فقد ابتلى بما ابتلى (¬1). ¬

_ (¬1) قلتُ: أشدُّ الناس بلاءً الأنبياءُ، ثُم الأمْثل فالأمثل، فقدِّر في نفسك أنه ما الفرقُ بين ابتلاء يُوسُفَ عليه الصلاة والسلام، بامرأةٍ، وابتلاء نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - في أحبِّ أَهْله، أي هذين تَراهُ أشد؟ ثُم اللهُ برّأ نبيه يوسُفَ عليه الصلاة والسلام، وزوجةُ نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - كلاهما، وهل بين البراءتين فَرْقُ؟ فقد تكلَّم الناسُ فيه بكلماتٍ لا أُحِبّ أن أتكلَّم بها.

7 - باب قوله: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم (14)} [النور: 14]

4750 - قوله: (والنِّساء سِوَاها كثِيرٌ)، ولعل عليًا تكلم بمثله، لمحاورة جرت بين فاطمة، وبين عائشة قبله. 7 - باب قَوْلِهِ: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14)} [النور: 14] وَقَالَ مُجَاهِدٌ {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ} [النور: 15] يَرْوِيهِ بَعْضُكُمْ عَنْ بَعْضٍ، {تُفِيضُونَ} [يونس: 61] تَقُولُونَ. 4751 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ أُمِّ رُومَانَ أُمِّ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لَمَّا رُمِيَتْ عَائِشَةُ خَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا. أطرافه 3388، 4143، 4691 - تحفة 18318 4751 - قوله: (لَما رُمِيَتْ عائشةُ) أي قُذِفت. 8 - باب {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15)} [النور: 15] 4752 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقْرَأُ {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ}. طرفه 4144 - تحفة 16249 4752 - قوله: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ) مِن ولق، أي كذب. 9 - باب {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16)} [النور: 16] 4753 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ اسْتَأْذَنَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَبْلَ مَوْتِهَا عَلَى عَائِشَةَ، وَهْىَ مَغْلُوبَةٌ قَالَتْ أَخْشَى أَنْ يُثْنِىَ عَلَىَّ. فَقِيلَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمِنْ وُجُوهِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَتِ ائْذَنُوا لَهُ. فَقَالَ كَيْفَ تَجِدِينَكِ قَالَتْ بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ. قَالَ فَأَنْتِ بِخَيْرٍ - إِنْ شَاءَ اللهُ - زَوْجَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يَنْكِحْ بِكْرًا غَيْرَكِ، وَنَزَلَ عُذْرُكِ مِنَ السَّمَاءِ. وَدَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ خِلاَفَهُ فَقَالَتْ دَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَثْنَى عَلَىَّ وَوَدِدْتُ أَنِّى كُنْتُ نِسْيًا مَنْسِيًّا. طرفاه 3771، 4754 - تحفة 5801 - 133/ 6 4754 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنه - اسْتَأْذَنَ عَلَى عَائِشَةَ نَحْوَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ نِسْيًا مَنْسِيًّا. طرفاه 3771، 4753 - تحفة 6329 4753 - قوله: (أَخْشَى أن يُثْني عليَّ) وكانت محتضرة، فكرهت الثناء في مِثْل هذا المقام.

10 - باب قوله: {يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا} [النور: 17]

قوله: (مِن وُجُوه الناس) أي له وجاهة عند الناس. قوله: (قالت: بِخَيْرٍ إنِ اتَّقَيْت) تعني أن خيريتها منوطَةٌ بالتقوى بالنصِّ، قال الله تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} والمراد منه عندي، إن كانت إحداكن ذا حظ "اكرتم مين سى كوئى قسمت والى هوئى". قوله: (كُنْت نَسْيًا مَنسيًّا) وترجمة الشاه عبد القادر "بهولى بسرى"، ولا ترجمة لهذا التكرار غيرها، فلله دره. 10 - باب قَوْلُهُ: {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا} [النور: 17] 4755 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ جَاءَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا قُلْتُ أَتَأْذَنِينَ لِهَذَا قَالَتْ أَوَلَيْسَ قَدْ أَصَابَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ. قَالَ سُفْيَانُ تَعْنِى ذَهَابَ بَصَرِهِ. فَقَالَ *حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ قَالَتْ لَكِنْ أَنْتَ .... طرفاه 4146، 4756 - تحفة 17643 11 - باب {وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18)} [النور: 18] 4756 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ دَخَلَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ عَلَى عَائِشَةَ فَشَبَّبَ وَقَالَ *حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ قَالَتْ لَسْتَ كَذَاكَ. قُلْتُ تَدَعِينَ مِثْلَ هَذَا يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ} [النور: 11] فَقَالَتْ وَأَىُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَى وَقَالَتْ وَقَدْ كَانَ يَرُدُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 4146، 4755 - تحفة 17643 12 - باب {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (20)} [النور: 19 - 20] تَشِيعُ: تَظْهَرُ. {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22)} [النور: 22] 134/ 6 4757 - وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا ذُكِرَ مِنْ شَأْنِى الَّذِى ذُكِرَ وَمَا عَلِمْتُ بِهِ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِىَّ خَطِيبًا، فَتَشَهَّدَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ أَشِيرُوا عَلَىَّ فِى أُنَاسٍ أَبَنُوا أَهْلِى، وَايْمُ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِى مِنْ سُوءٍ، وَأَبَنُوهُمْ بِمَنْ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَطُّ، وَلاَ يَدْخُلُ بَيْتِى قَطُّ إِلاَّ وَأَنَا حَاضِرٌ، وَلاَ غِبْتُ فِى سَفَرٍ إِلاَّ غَابَ مَعِى». فَقَامَ

سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ ائْذَنْ لِى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ نَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى الْخَزْرَجِ، وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ رَهْطِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَقَالَ كَذَبْتَ، أَمَا وَاللَّهِ، أَنْ لَوْ كَانُوا مِنَ الأَوْسِ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ تُضْرَبَ أَعْنَاقُهُمْ. حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ شَرٌّ فِى الْمَسْجِدِ، وَمَا عَلِمْتُ فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِى وَمَعِى أُمُّ مِسْطَحٍ. فَعَثَرَتْ وَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ. فَقُلْتُ أَىْ أُمِّ تَسُبِّينَ ابْنَكِ وَسَكَتَتْ ثُمَّ عَثَرَتِ الثَّانِيَةَ فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا تَسُبِّينَ ابْنَكِ ثُمَّ عَثَرَتِ الثَّالِثَةَ فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ. فَانْتَهَرْتُهَا، فَقَالَتْ وَاللَّهِ مَا أَسُبُّهُ إِلاَّ فِيكِ. فَقُلْتُ فِى أَىِّ شَأْنِى قَالَتْ فَبَقَرَتْ لِى الْحَدِيثَ فَقُلْتُ وَقَدْ كَانَ هَذَا قَالَتْ نَعَمْ وَاللَّهِ، فَرَجَعْتُ إِلَى بَيْتِى كَأَنَّ الَّذِى خَرَجْتُ لَهُ لاَ أَجِدُ مِنْهُ قَلِيلاً وَلاَ كَثِيرًا، وَوُعِكْتُ فَقُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسِلْنِى إِلَى بَيْتِ أَبِى. فَأَرْسَلَ مَعِى الْغُلاَمَ، فَدَخَلْتُ الدَّارَ فَوَجَدْتُ أُمَّ رُومَانَ فِى السُّفْلِ وَأَبَا بَكْرٍ فَوْقَ الْبَيْتِ يَقْرَأُ. فَقَالَتْ أُمِّى مَا جَاءَ بِكِ يَا بُنَيَّةُ فَأَخْبَرْتُهَا وَذَكَرْتُ لَهَا الْحَدِيثَ، وَإِذَا هُوَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا مِثْلَ مَا بَلَغَ مِنِّى، فَقَالَتْ يَا بُنَيَّةُ خَفِّضِى عَلَيْكِ الشَّأْنَ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ، لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، لَهَا ضَرَائِرُ، إِلاَّ حَسَدْنَهَا وَقِيلَ فِيهَا. وَإِذَا هُوَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا مَا بَلَغَ مِنِّى، قُلْتُ وَقَدْ عَلِمَ بِهِ أَبِى قَالَتْ نَعَمْ. قُلْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ نَعَمْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتَعْبَرْتُ وَبَكَيْتُ، فَسَمِعَ أَبُو بَكْرٍ صَوْتِى وَهْوَ فَوْقَ الْبَيْتِ يَقْرَأُ، فَنَزَلَ فَقَالَ لأُمِّى مَا شَأْنُهَا قَالَتْ بَلَغَهَا الَّذِى ذُكِرَ مِنْ شَأْنِهَا. فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، قَالَ أَقْسَمْتُ عَلَيْكِ أَىْ بُنَيَّةُ إِلاَّ رَجَعْتِ إِلَى بَيْتِكِ، فَرَجَعْتُ. وَلَقَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْتِى، فَسَأَلَ عَنِّى خَادِمَتِى فَقَالَتْ لاَ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا عَيْبًا إِلاَّ أَنَّهَا كَانَتْ تَرْقُدُ حَتَّى تَدْخُلَ الشَّاةُ فَتَأْكُلَ خَمِيرَهَا أَوْ عَجِينَهَا. وَانْتَهَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَقَالَ اصْدُقِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ فَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلاَّ مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ الأَحْمَرِ. وَبَلَغَ الأَمْرُ إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِى قِيلَ لَهُ، فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا كَشَفْتُ كَنَفَ أُنْثَى قَطُّ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُتِلَ شَهِيدًا فِى سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَتْ وَأَصْبَحَ أَبَوَاىَ عِنْدِى، فَلَمْ يَزَالاَ حَتَّى دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ صَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ وَقَدِ اكْتَنَفَنِى أَبَوَاىَ عَنْ يَمِينِى وَعَنْ شِمَالِى، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ، إِنْ كُنْتِ قَارَفْتِ سُوءًا أَوْ ظَلَمْتِ، فَتُوبِى إِلَى اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ مِنْ عِبَادِهِ». قَالَتْ وَقَدْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَهْىَ جَالِسَةٌ بِالْبَابِ فَقُلْتُ أَلاَ تَسْتَحِى مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ أَنْ تَذْكُرَ شَيْئًا. فَوَعَظَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَالْتَفَتُّ إِلَى أَبِى فَقُلْتُ أَجِبْهُ. قَالَ فَمَاذَا أَقُولُ فَالْتَفَتُّ إِلَى أُمِّى فَقُلْتُ أَجِيبِيهِ. فَقَالَتْ أَقُولُ مَاذَا فَلَمَّا لَمْ يُجِيبَاهُ تَشَهَّدْتُ فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قُلْتُ أَمَّا بَعْدُ فَوَاللَّهِ لَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّى لَمْ أَفْعَلْ. وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَشْهَدُ إِنِّى لَصَادِقَةٌ، مَا

13 - باب {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} [النور: 31]

ذَاكَ بِنَافِعِى عِنْدَكُمْ، لَقَدْ تَكَلَّمْتُمْ بِهِ وَأُشْرِبَتْهُ قُلُوبُكُمْ، وَإِنْ قُلْتُ إِنِّى فَعَلْتُ. وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى لَمْ أَفْعَلْ، لَتَقُولُنَّ قَدْ بَاءَتْ بِهِ عَلَى نَفْسِهَا، وَإِنِّى وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِى وَلَكُمْ مَثَلاً - وَالْتَمَسْتُ اسْمَ يَعْقُوبَ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ - إِلاَّ أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَالَ (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) وَأُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ سَاعَتِهِ فَسَكَتْنَا، فَرُفِعَ عَنْهُ وَإِنِّى لأَتَبَيَّنُ السُّرُورَ فِى وَجْهِهِ وَهْوَ يَمْسَحُ جَبِينَهُ وَيَقُولُ «أَبْشِرِى يَا عَائِشَةُ، فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتَكِ». قَالَتْ وَكُنْتُ أَشَدَّ مَا كُنْتُ غَضَبًا فَقَالَ لِى أَبَوَاىَ قُومِى إِلَيْهِ. فَقُلْتُ وَاللَّهِ لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلاَ أَحْمَدُهُ وَلاَ أَحْمَدُكُمَا، وَلَكِنْ أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِى أَنْزَلَ بَرَاءَتِى، لَقَدْ سَمِعْتُمُوهُ، فَمَا أَنْكَرْتُمُوهُ وَلاَ غَيَّرْتُمُوهُ. وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ أَمَّا زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِدِينِهَا، فَلَمْ تَقُلْ إِلاَّ خَيْرًا، وَأَمَّا أُخْتُهَا حَمْنَةُ فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِى يَتَكَلَّمُ فِيهِ مِسْطَحٌ وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَالْمُنَافِقُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ، وَهْوَ الَّذِى كَانَ يَسْتَوْشِيهِ وَيَجْمَعُهُ، وَهْوَ الَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ هُوَ وَحَمْنَةُ قَالَتْ فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ لاَ يَنْفَعَ مِسْطَحًا بِنَافِعَةٍ أَبَدًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ يَعْنِى أَبَا بَكْرٍ {وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ} - يَعْنِى مِسْطَحًا - إِلَى قَوْلِهِ {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22] حَتَّى قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَلَى وَاللَّهِ يَا رَبَّنَا إِنَّا لَنُحِبُّ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا، وَعَادَ لَهُ بِمَا كَانَ يَصْنَعُ. أطرافه 2593، 2637، 2661، 2688، 2879، 4025، 4141، 4690، 4749، 4750، 5212، 6662، 6679، 7369، 7370، 7500، 7545 - تحفة 16798 - 136/ 6 13 - باب {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] 4758 - وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ يُونُسَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلَ، لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهِ. طرفه 4759 - تحفة 16721 4759 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - كَانَتْ تَقُولُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} أَخَذْنَ أُزْرَهُنَّ فَشَقَّقْنَهَا مِنْ قِبَلِ الْحَوَاشِى فَاخْتَمَرْنَ بِهَا. طرفه 4758 - تحفة 17851 - 137/ 6 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 25 - سُورَةُ الفُرْقانِ قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَبَآء مَّنثُورًا} [23] ما تَسْفِي بِهِ الرِّيحُ. {مَدَّ الظّلَّ} [45] ما بَينَ طُلوعِ الفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمسِ. {سَاكِنًا} [45] دَائِمًا. {عَلَيْهِ دَلِيلًا} [45] طُلُوعُ الشَّمْسِ. {خِلْفَةً} [62] مَنْ فاتَهُ مِنَ اللَّيلِ عَمَلٌ أَدْرَكَهُ بِالنَّهَارِ، أَوْ فاتَهُ بِالنَّهَارِ أَدْرَكَهُ بِاللَّيلِ. وَقالَ

1 - باب قوله: {الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا} [الفرقان: 34]

الحَسَنُ: {هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوجِنَا} [74]: في طَاعَةِ اللَّهِ، وَما شَيءٌ أَقَرَّ لِعَينِ المُؤْمِنِ أَنْ يَرَى حَبِيبَهُ في طَاعَةِ اللَّهِ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {ثُبُورًا} [13] وَيلًا. وَقالَ غَيرُهُ: {السَّعِيرُ} مُذَكَّرٌ، وَالتَّسَعُّرُ وَالاِضْطِرَامُ التَّوَقُّدُ الشَّدِيدُ. {تُمْلَى عَلَيْهِ} [5] تُقْرَأُ عَلَيهِ، مِنْ أَمْلَيتُ وَأَمْلَلتُ. {الرَّسّ} [38] المَعْدِنُ، جَمْعُهُ رِسَاسٌ. {مَا يَعْبَأُ} [77] يُقَالُ: مَا عَبَأْتُ بِهِ شَيئًا، لاَ يُعْتَدُّ بِهِ. {غَرَامًا} [65] هَلاَكًا. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {وَعَتَوْاْ} [21] طَغَوْا. وَقالَ ابْنُ عُيَينَةَ: {عَاتِيَةٍ} [الحاقة: 6] عَتَتْ عَنِ الخُزَّانِ. قوله: (عَتَت على الخُزَّان) أي الملائكة الموكلون على الهواء. 1 - باب قَوْلِهِ: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان: 34] 4760 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِىُّ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه -. أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ «أَلَيْسَ الَّذِى أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فِى الدُّنْيَا قَادِرًا عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». قَالَ قَتَادَةُ بَلَى وَعِزَّةِ رَبِّنَا. طرفه 6523 - تحفة 1296 4760 - قوله: (قال: يا نبيَّ اللَّهِ كيف يُحشر الكافر على وَجْهِه؟) واعلم أن المتنورين الذين لا يؤمنون بآيات الله، وهم بهفوات أوروبا يؤمنون، قد استبعدوا مَنْطِق الأعضاء في المَحْشر، مع أن زعماءهم قد أقروا اليوم بسريان البصرِ في سائر الجسد، فلا يستبعد منهم أن يقروا بسريان النُّطق أيضًا، ولو بعد حين. 2 - باب قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)} [الفرقان: 68] الْعُقُوبَةَ 4761 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى مَنْصُورٌ وَسُلَيْمَانُ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مَيْسَرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ وَحَدَّثَنِى وَاصِلٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلْتُ - أَوْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ أَكْبَرُ قَالَ «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهْوَ خَلَقَكَ». قُلْتُ ثُمَّ أَىٌّ قَالَ «ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ. قُلْتُ ثُمَّ أَىٌّ قَالَ «أَنْ تُزَانِىَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ». قَالَ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الفرقان: 68]. أطرافه 4477، 6001، 6811، 6861، 7520، 7532 - تحفة 9480، 9311 - 138/ 6 4762 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى الْقَاسِمُ بْنُ أَبِى بَزَّةَ أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ هَلْ لِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا مِنْ

3 - باب قوله: {يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا (69)} [الفرقان: 69]

تَوْبَةٍ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}. فَقَالَ سَعِيدٌ قَرَأْتُهَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا قَرَأْتَهَا عَلَىَّ. فَقَالَ هَذِهِ مَكِّيَّةٌ نَسَخَتْهَا آيَةٌ مَدَنِيَّةٌ، الَّتِى فِى سُورَةِ النِّسَاءِ. أطرافه 3855، 4590، 4763، 4764، 4765، 4766 - تحفة 5599 4763 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْكُوفَةِ فِى قَتْلِ الْمُؤْمِنِ، فَرَحَلْتُ فِيهِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ نَزَلَتْ فِى آخِرِ مَا نَزَلَ وَلَمْ يَنْسَخْهَا شَىْءٌ. أطرافه 3855، 4590، 4762، 4764، 4765، 4766 - تحفة 5621 4764 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93] قَالَ لاَ تَوْبَةَ لَهُ. وَعَنْ قَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ {لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68] قَالَ كَانَتْ هَذِهِ فِى الْجَاهِلِيَّةِ. أطرافه 3855، 4590، 4762، 4763، 4765، 4766 تحفة 5624 4764 - قوله: (كانت هذه في الجاهليةِ) يعني أنها فيمَن قَتَل في الجاهلية ثُم أسلم، وأما مَن قتل مُسلمًا وهو مسلم فلا جزاء له إلَّا جهنم. وقد مرَّ أنه خِلافُ الجمهور، مع احتمال كونه سدًّا للذرائع عنده، كما يلوح من «الأَدب المفرد» للبخاري. 3 - باب قَوْلِهِ: {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69)} [الفرقان: 69] 4765 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قَالَ ابْنُ أَبْزَى سَلِ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93] وَقَوْلِهِ {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} حَتَّى بَلَغَ {إِلَّا مَنْ تَابَ} [الفرقان: 68 - 70] فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ أَهْلُ مَكَّةَ فَقَدْ عَدَلْنَا بِاللَّهِ وَقَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَتَيْنَا الْفَوَاحِشَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} إِلَى قَوْلِهِ {غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 70] أطرافه 3855، 4590، 4762، 4763، 4764، 4766 - تحفة 5624 4 - باب {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)} [الفرقان: 70] 4766 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ أَمَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى أَنْ أَسْأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93]، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ لَمْ يَنْسَخْهَا شَىْءٌ. وَعَنْ {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} قَالَ نَزَلَتْ فِى أَهْلِ الشِّرْكِ. أطرافه 3855، 4590، 4762، 4763، 4764، 4765 - تحفة 5624 - 139/ 6 5 - باب {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} [الفرقان: 77]: هَلَكَةً 4767 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ خَمْسٌ قَدْ مَضَيْنَ الدُّخَانُ وَالْقَمَرُ وَالرُّومُ وَالْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} أطرافه 1007، 1020، 4693، 4774، 4809، 4820، 4821، 4822، 4823، 4824، 4825 - تحفة 9576

26 - سورة الشعراء

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 26 - سُورَةُ الشُّعَرَاءِ وَقالَ مُجَاهِدٌ: {تَعْبَثُونَ} [128] تَبْنُونَ. {هَضِيمٌ} [148] يَتَفَتَّتُ إِذَا مُسَّ. {مُسَحَّرِينَ}: المَسْحُورِينَ. {لَيْكَةُ} [176] وَالأَيكَةُ جَمْعُ أَيكَةٍ، وَهيَ جَمْعُ شَجَرٍ. {يَوْمِ الظُّلَّةِ} [189] إِظْلاَلُ العَذَابِ إِيَّاهُمْ. {مَّوْزُونٍ} [الحجر: 19] مَعْلُومٍ. {كَالطَّوْدِ} [63] الجَبَلِ. وقَالَ غَيْرُهُ: {لَشِرْذِمَةٌ} [54] طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ. {فِى السَّاجِدِينَ} [219] المُصَلِّينَ. قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} [129] كَأَنَّكُمْ. الرِّيعُ: الأَيفَاعُ مِنَ الأَرْضِ، وَجَمْعُهُ رِيَعَةٌ وَأَرْيَاعٌ، وَاحِدُ الرِّيَعَةِ. {مَصَانِعَ} [129] كُلُّ بِنَاءٍ فَهْوَ مَصْنَعَةٌ. {فَرِهِينَ} [149] مَرِحِينَ، {فارِهِينَ} بِمَعْنَاهُ، وَيُقَالُ: فارِهِينَ حاذِقِينَ. {تَعْثَوْاْ} [183] أَشَدُّ الفَسَادِ، عاثَ يَعِيثُ عَيثًا. {وَالْجِبِلَّةَ} [184] الخَلقُ، جُبِلَ خُلِقَ، وَمِنْهُ جُبُلًا وَجِبِلًا وَجَبْلًا يَعْنِي الخَلقَ. قالَهُ ابنُ عَبَّاسٍ. قوله: ({هَضِيمٌ} الحشيش الذي يتفتت إِذا مُسَّ) "وه كهاس جو جهو نيسى بهر جاوى". قوله: (الأَيْكة جَمْعُ أيْكَة) هي شجرةٌ يقال للواحدةِ: أَيْكة، وللأشجار الكثيرة {الأَيْكَةِ}، فبيّن مفرده، وجَمعه فرق باللَّام. قوله: (وقال ابنُ عباس: {لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} كأَنَّكُم) إشارةٌ إلى الجواب عن الإِشكال المشهور، أن التمنِّي والترجِّي محالٌ في جنابه تعالى. فما معنى ألفاظ الترجِّي، ونحوه؟ فأجاب عنه أنه في القرآن بمعنى كأَنَّكُم. قوله: (بقاع) "يكسار ميدان" مستوى من الأرض. 4768 - قوله: (رَأى أباه) أي آذر، وذهب جماعة إلى أنه عَمُّه. 1 - باب {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87)} [الشعراء: 87] 4768 - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنِ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - رَأَى أَبَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ الْغَبَرَةُ وَالْقَتَرَةُ». الْغَبَرَةُ هِىَ الْقَتَرَةُ. طرفاه 3350، 4769 - تحفة 14324 4769 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا أَخِى عَنِ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ

قوله: وأنذر عشيرتك الأقربين

أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِى أَنْ لاَ تُخْزِنِى يَوْمَ يُبْعَثُونَ فَيَقُولُ اللَّهُ إِنِّى حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ». طرفاه 3350، 4768 - تحفة 13024 - 140/ 6 قَوْلُهُ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ} [الشعراء: 214 - 215] أَلِنْ جانِبَكَ. 4770 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} [الشعراء: 214] صَعِدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الصَّفَا فَجَعَلَ يُنَادِى «يَا بَنِى فِهْرٍ، يَا بَنِى عَدِىٍّ». لِبُطُونِ قُرَيْشٍ حَتَّى اجْتَمَعُوا، فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ رَسُولاً لِيَنْظُرَ مَا هُوَ، فَجَاءَ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ فَقَالَ «أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً بِالْوَادِى تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِىَّ». قَالُوا نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلاَّ صِدْقًا. قَالَ «فَإِنِّى نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ». فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا فَنَزَلَتْ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2)} أطرافه 1394، 3525، 3526، 4801، 4971، 4972، 4973 تحفة 5594 4771 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} [الشعراء: 214] قَالَ «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لاَ أُغْنِى عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِى عَبْدِ مَنَافٍ، لاَ أُغْنِى عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لاَ أُغْنِى عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ، لاَ أُغْنِى عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِى مَا شِئْتِ مِنْ مَالِى، لاَ أُغْنِى عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا». تَابَعَهُ أَصْبَغُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. طرفاه 3527، 2753 - تحفة 13156، 15328، 15164، 13348 قيل: إنَّ إبراهيم عليه الصلاة والسلام كيف تقدم إلى الشفاعة، مع علمه أن لا شفاعة في الكافر؟ قلتُ: وقد ثبت عندي أنَّ الشفاعة تنفعُ في الكفَّار أيضًا، غير أنها لا تفيد النجاة وإنْ أفادت تخفيفًا في العذاب. وحينئذٍ جاز له أن يشفع لأبيه، كما أن أبا طالب يُخفّف له في العذاب ببرِكةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فيجعل في ضَحْضَاح من النار. واختار الشيخ الأكبر أنَّ أَهْلَ النار يصيرون ناريّي الطَّبْعت، بعد مدد يَعْلَمُها الله تعالى، فلا يبقى لهم بالعذاب حِسٌّ ولا ألم، وهو معنى قوله: «سبقت رحمتي غضبي». وقد أجبنا عنه في غَيْر واحد من المواضع، من تقريرنا هذا.

27 - سورة النمل

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 27 - سُورَة النَّمْلِ {الْخَبْء} [25] ما خَبَأْتَ، {لَّا قِبَلَ} [37] لاَ طَاقَةَ. {الصَّرْحَ} [44] كُلُّ مِلاَطٍ اتُّخِذَ مِنَ القَوَارِيرِ، وَالصَّرْحُ: القَصْرُ، وَجَمَاعَتُهُ صُرُوحٌ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [23] سَرِيرٌ كَرِيمٌ، حُسْنُ الصَّنْعَةِ وَغَلاَءُ الثَّمَنِ. {مُسْلِمَيْنِ} [38] طَائِعِينَ. {رَدِفَ} [72] اقْتَرَبَ. {جَامِدَةً} [88] قائِمَةً. {أَوْزِعْنِى} [19] اجْعَلنِي. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {نَكّرُواْ} [41] غَيِّرُوا. {وَأُوتِينَا الْعِلْمَ} [42] يَقُولُهُ سُلَيمانُ. الصَّرْحُ بِرْكَةُ ماءٍ، ضَرَبَ عَلَيهَا سُلَيمانُ قَوَارِيرَ، أَلبَسَهَا إِيَّاهُ. قوله: (مِلاطٌ) "بخته فرش". قوله: (والصرح بِرْكَة) أي حَوْض. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 28 - سُورَةُ القَصَصِ {كُلُّ شَىْء هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [88] إِلَّا مُلكَهُ، وَيُقَالُ: إِلَّا ما أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {الأَنبَاءُ} [66] الحُجَجُ. 1 - باب قَوْلِهِ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56] 4772 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَجَدَ عِنْدَهِ أَبَا جَهْلٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَقَالَ «أَىْ عَمِّ قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ». فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيُعِيدَانِهِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَاللَّهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 113] وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِى أَبِى طَالِبٍ، فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [56]. قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أُوْلِى الْقُوَّةِ} [76] لاَ يَرْفَعُهَا، العُصْبَةُ مِنَ الرِّجالِ. {لَتَنُوأُ} [76] لَتُثْقِلُ. {فَارِغًا} [10] إِلَّا مِنْ ذِكْرِ مُوسى. {الْفَرِحِينَ} [76] المَرِحِينَ، {قُصّيهِ} [11] اتَّبِعِي أَثَرَهُ، وَقَدْ يَكُونُ: أَنْ يَقُصَّ الكَلاَمَ {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ} [يوسف: 3]. {عَن جُنُبٍ} [11]

2 - باب {إن الذي فرض عليك القرآن} الآية [القصص: 85]

عَنْ بُعْدٍ، عَنْ جَنَابَةٍ وَاحِدٌ، وَعَنِ اجْتِنَابٍ أَيضًا. {يَبْطِشَ} [19] وَيَبْطُشُ. {يَأْتَمِرُونَ} [20] يَتَشَاوَرُونَ. العُدْوَانُ وَالعَدَاءُ وَالتَّعَدِّي وَاحِدٌ. {آنَسَ} [29] أَبْصَرَ. الجِذْوَةُ قِطْعَةٌ غَلِيظَةٌ مِنَ الخَشَبِ لَيسَ فِيهَا لَهَبٌ، وَالشِّهَابُ فِيهِ لَهَبٌ، وَالحَيَّاتُ أَجْنَاسٌ: الجَانُّ، وَالأَفاعِي، وَالأَسَاوِدُ. {رِدْأً} مُعِينًا، قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {يُصَدّقُنِى} [34]. وَقالَ غَيرُهُ: {سَنَشُدُّ} [35] سنُعِينُكَ، كُلَّمَا عَزَّزْتَ شَيئًا فَقَدْ جَعَلت لَهُ عَضُدًا. مَقْبُوحِينَ: مُهْلَكِينَ. {وَصَّلْنَا} [51] بَيَّنَّاهُ وَأَتْمَمْنَاهُ. {يُجْبَى} [57] يُجْلَبُ. {بَطِرَتْ} [58] أَشِرَتْ. {فِى أُمّهَا رَسُولًا} [59] أُمُّ القُرَى مَكَّةُ وَما حَوْلَهَا. {تَكُنْ} [69] تُخْفِي، أَكْنَنْتُ الشَّيءَ أَخْفَيتُهُ، وَكَنَنْتُهُ أَخْفَيتُهُ وَأَظْهَرْتُهُ. {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ} [82] مِثْلُ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ: يُوَسِّعُ عَلَيهِ، وَيُضَيِّقُ عَلَيهِ. قوله: ({قُصّيهِ} اتَّبِعي أَثَرَه، وقد يكون: أَنْ يقُصَّ الكلام) يعني قد يكون بمعنى القِصَّة. أطرافه 1360، 3884، 4675، 6681 - تحفة 11281 - 142/ 6 قوله: ({وَيْكَأَنَّ اللَّهَ} مِثل: {أَلَمْ تَرَ أَنَّآ}) قيل: إن «ويكأن» أَصْلُه: وَي، وكَأنَّ، وقيل: وَيْكَ، وأنّ. 2 - باب {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} الآيَةَ [القصص: 85] 4773 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا يَعْلَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الْعُصْفُرِىُّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القصص: 85] قَالَ إِلَى مَكَّةَ. تحفة 6094 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 29 - سُورَةُ العَنْكَبُوتِ قالَ مُجَاهِدٌ: {وَكَانُواْ مُسْتَبْصِرِينَ} [38] ضَلَلَةً. وقَالَ غَيْرُهُ: الحَيَوَانُ والحَيُّ واحدٌ. {وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ} [11] عَلِمَ اللهُ ذلِكَ، إِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ فَلَيَمِيزُ اللهُ، كَقَوْلِهِ: {لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ} [الأنفال: 37]. {وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ} [13] أَوْزَارًا مَعَ أَوْزَارِهِمْ. قوله: ({مُسْتَبْصِرِينَ} ضلالة) والضلالة ليست تفسيرًا له، وإنما ذكرها مناسبًا لما في الأول. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 30 - سُورَةُ الم غُلِبَتِ الرُّومُ {فَلاَ يَرْبُواْ} [39]: مَنْ أَعْطَى يَبْتَغِي أَفضَلَ فَلاَ أَجْرَ لَهُ فِيهَا. قالَ مُجَاهِدٌ: {يُحْبَرُونَ}

1 - باب {لا تبديل لخلق الله} [الروم: 30] لدين الله

[15] يُنَعَّمُونَ، {يَمْهَدُونَ} [44] يُسَوُّونَ المَضَاجِعَ. {الْوَدْقَ} [48] المَطَرُ. قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [28] في الآلِهَةِ، وَفِيهِ. {تَخَافُونَهُمْ} [28] أَنْ يَرِثُوكُمْ كما يَرِثُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا. {يُصَدَّعُونَ} [43] يَتَفَرَّقُونَ. {فَاصْدَعْ} [الحجر: 94]. وَقالَ غَيرُهُ: {ضَعْفٍ} [54] وَضَعْفٌ لُغَتَانِ. وَقالَ مُجَاهَدٌ: {السُّوأَى} [10] الإِسَاءَةُ جَزَاءُ المُسِيئِينَ. 4774 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ وَالأَعْمَشُ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ يُحَدِّثُ فِى كِنْدَةَ فَقَالَ يَجِىءُ دُخَانٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَأْخُذُ بِأَسْمَاعِ الْمُنَافِقِينَ وَأَبْصَارِهِمْ، يَأْخُذُ الْمُؤْمِنَ كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ. فَفَزِعْنَا، فَأَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَكَانَ مُتَّكِئًا، فَغَضِبَ فَجَلَسَ فَقَالَ مَنْ عَلِمَ فَلْيَقُلْ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ. فَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لاَ يَعْلَمُ لاَ أَعْلَمُ. فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86)} [ص: 86] وَإِنَّ قُرَيْشًا أَبْطَئُوا عَنِ الإِسْلاَمِ فَدَعَا عَلَيْهِمِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اللَّهُمَّ أَعِنِّى عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ، فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى هَلَكُوا فِيهَا، وَأَكَلُوا الْمَيْتَةَ وَالْعِظَامَ وَيَرَى الرَّجُلُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ»، فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ جِئْتَ تَأْمُرُنَا بِصِلَةِ الرَّحِمِ، وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا فَادْعُ اللَّهَ، فَقَرَأَ {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10)} إِلَى قَوْلِهِ {عَائِدُونَ} [الدخان: 10 - 15] أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمْ عَذَابُ الآخِرَةِ إِذَا جَاءَ ثُمَّ عَادُوا إِلَى كُفْرِهِمْ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} [الدخان: 16] يَوْمَ بَدْرٍ وَلِزَامًا يَوْمَ بَدْرٍ {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2)} إِلَى {سَيَغْلِبُونَ} [الروم: 1 - 3] وَالرُّومُ قَدْ مَضَى. أطرافه 1007، 1020، 4693، 4767، 4809، 4820، 4821، 4822، 4823، 4824، 4825 - تحفة 9574 - 143/ 6 1 - باب {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30] لِدِينِ اللَّهِ خَلقُ الأَوَّلِينَ: دِينُ الأَوَّلِينَ، وَالفِطْرَةُ الإِسْلاَمُ. 4775 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ» ثُمَّ يَقُولُ {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [الروم: 30] أطرافه 1358، 1359، 1385، 6599 - تحفة 15317 وقد أخذ المصنِّفُ الفِطْرة بمعنى الإِسلام، وقد مَرَّ ما هو الصوابُ عندنا. فائدة مشهور أن الحافظ ابن تيمية لم يكن حاذقًا في النحو. ورحل إليه أبو حيان، حتى

31 - سورة لقمان

إذا بلغه بعد ضَرْب الأكباد، سأله عن بعض مسائل النحو، واستشهد له بكلام سيبويهٍ، فقال له ابنُ تيمية: إن سيبويهٍ قد سها في سبعةَ عشرَ مَوْضعًا، فغضب عليه أبو حَيّان، وقام من مَجْلسه. ثم لم يزل بعد ذلك يَهْجُوه. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 31 - سُورَةُ لُقْمَانَ {لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] 4776 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ) شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالُوا أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّهُ لَيْسَ بِذَاكَ، أَلاَ تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لاِبْنِهِ {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]». أطرافه 32، 3360، 3428، 3429، 4629، 6918، 6937 - تحفة 9420 - 144/ 6 1 - باب قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: 34] 4777 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ أَبِى حَيَّانَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ يَمْشِى فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الإِيمَانُ قَالَ «الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَلِقَائِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الآخِرِ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الإِسْلاَمُ قَالَ «الإِسْلاَمُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِىَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الإِحْسَانُ قَالَ «الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ قَالَ «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا إِذَا وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ رَبَّتَهَا، فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، وَإِذَا كَانَ الْحُفَاةُ الْعُرَاةُ رُءُوسَ النَّاسِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا فِى خَمْسٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} [لقمان: 34]». ثُمَّ انْصَرَفَ الرَّجُلُ فَقَالَ «رُدُّوا عَلَىَّ». فَأَخَذُوا لِيَرُدُّوا فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا. فَقَالَ «هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ دِينَهُمْ». طرفه 50 - تحفة 14929 4778 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ» ثُمَّ قَرَأَ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}. أطرافه 1039، 4627، 4697، 7379 - تحفة 7425

32 - سورة تنزيل السجدة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 32 - سُورَةُ تَنْزِيل السَّجْدَةِ وَقالَ مُجَاهِدٌ: {مَهِينٌ} [8] ضَعِيفٍ: نُطْفَةُ الرَّجُلِ. {ضَلَلْنَا} [10] هَلَكْنَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الْجُرُزُ} [27] الَّتِى لاَ تُمْطَرُ إِلَّا مَطَرًا لاَ يُغْنِى عَنْهَا شَيْئًا. {يَهْدِ} [26] يُبَيِّنُ. 1 - باب قَوْلِهِ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ} [السجدة: 17] 4779 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَعْدَدْتُ لِعِبَادِى الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}. وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ اللهُ مِثْلَهُ. قِيلَ لِسُفْيَانَ رِوَايَةً. قَالَ فَأَىُّ شَىْءٍ قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ قَرَأَ أَبُو هُرَيْرَةَ قُرَّاتِ أَعْيُنٍ. أطرافه 3244، 4780، 7498 تحفة 13675، 12509 - 145/ 6 4780 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الأَعْمَشِ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «يَقُولُ اللهُ تَعَالَى أَعْدَدْتُ لِعِبَادِى الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، ذُخْرًا، بَلْهَ مَا أُطْلِعْتُمْ عَلَيْهِ». ثُمَّ قَرَأَ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)} [السجدة: 17]. أطرافه 3244، 4779، 7498 - تحفة 12487 قوله: ({مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}) "آنكهو نكى تهندك". 4780 - قوله: (بِلْه) بمعنى غير، يستعمل في الاستثناء المُنْقَطِع، كما في «المُغْني». واعلم أنَّ القِصَص المنقولةَ فيه كُلُّها أباطيلُ (¬1) وتُرَّهَات. والذي صحَّ عندنا من ¬

_ (¬1) قال بعدما ردَّ على القِصَص التي نُقِلت في ذلك: والذي أشار إليه جماعةٌ من أهل التحقيق في هذه القصة أنه تبارك وتعالى أوْحى إليه أنّه سيتزوجها، وذلك لحكمةٍ اقتضتْها الإِرادة الإِلهية، فهذا الذي عاتبه اللهُ على إخفائه من زيد. وروى ابنُ أبي حاتم عن طريق السُّدّي أنه - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يُزوِّجها زيدًا، فكرهت ذلك، ثُم إنها رَضِيت به، فزوَّجَها إياه. ثُم أَعلم اللهُ نبيَّه بعدُ أنها مِن أزواجه، فكان يستحيي أن يَأْمُره بطلاقِها، وكان لا يزال يكون بين زيدٍ وزينب ما يكون بين الناس، فأَمره أن يُمسِك عليه زَوْجه، وكان يَخْشى النَّاس أن يعيبوا عليه، ويقولوا: تزوَّج امرأةَ ابنه. ورُوي أيضًا عن عليِّ بن الحسين قال: أَعْلَم اللهُ نبيَّه أن زينب ستكونُ من أزواجه قبل أن يتزوَّجها، فلما أتاه زيدٌ يَشْكُوها، قال: اتقِ اللهَ، وأمسك عليك زوجك. قال الله تعالى: قد أخبرتك أني زوجتكها: =

خبره أنه كان بين زيدٍ، وزينب منافرة، فكان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يُحِب أن يُمْسِكها وينصحه بذلك، وينهاه عن فِراقها، وكان يُضْمِر في نفسه أنه إن أسمعه ما يكره، فإِنه يتزوَّجُها بنفسه، وذلك لأنَّ زيدًا كان مطعونًا في نَسَبه، وكانت زينبُ فيهم ذاتَ نَسَب، وإنما رضيت بالتزوُّجِ منه لِوَجْه النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فقط، فلما أزمع زيدٌ على أن يطلِّقها، تحدَّثت نَفْسه أن يُكْرِمها بتزوُّجها جَبْرًا لهذا الإِيحاش والهوان. وكان في تزوُّج النبيِّ صلى الله عليه وسلّم إياها تلافيًا لما صدر منه على أتم وجه. غير أن تزوُّجَ امرأةِ المُتَبَنَّى كان عندهم شَيْنًا، فأراد الله سبحانه أن لا يبقى في أزواج أدعيائهم حَرَج، فأنكحه إياها بعد طلاقِها، وليس فيه شيء يخالِفُ شَأنه وقُدْسه. ونظيرُه أنه تلا آيَة التخيير على عائشةَ، وكان يحب في نَفْسه أن لا تختار إلَّا نَفْسه المباركة والدار الآخرة، ولا تَرْكن إلى الدنيا، فتلا آيةَ التخيير في الظاهر، وأضمر أن تُؤثر نَفْسه والدار الآخِرة، فكذلك ههنا، كان يصرُّ عليه أن يُمْسِكها مع التطلُّع إلى سبيلٍ يَسْكُن به خاطِرْها إنْ جفا عليها وفارقِها. وهذا الذي قاله تبارك وتعالى: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ} فأيّ شيء أبداه بعده غير أمْر النكاح. فهذه هي القِصَّة، ثُم زيدت عليها مئة كذبة، فجاءت كما ترى تَقْشَعِر منها الجلود. وراجع «الكمالين (¬1) - الحاشية للجلالين -». وقد مر معنا أن في أَنْكِحةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كلّها سرًا من أسرار رَبّانية، كما رأيت في نِكاح زينبَ، فإِنَّه عُلِم منه جوازُ النِّكاح من حليلةِ المُتبنَّى بعد الطلاق، وكان العربُ يتحرَّجون عنه، فلولا ذلك لبقي هذا الحَرَجُ في الدِّين. ولما كان أكثرُ تعليماتِ الأنبياء ¬

_ = {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} قال القرطبي: قال علماؤنا: قَوْلُ علي بن الحسين أَحْسن ما قيل في الآية، وهو الذي عليه أَهْلُ التحقيقِ من المفسرين، والعلماء الراسخين، كالزُّهري، والقاضي أبو بكر بن العلاء، والقاضي أبو بكر بن العربي، وغيرهم. ذكر هذا كلَّه العلامة عبدُ الرؤوف المُناوي في "شرح الألفية" للعراقي "الكمالين على حاشية الجلالين" من سورة الأحزاب. (¬1) قلتُ: وقد يخطر بالبال أنَّ الله سبحانه إنما زَوَّجها في السماء، وتكفل بنكاحها لأمْرين: الأول: لما فيه من تلافٍ لجفاء زيد عليها، مع أنها قد كانت رضيت بالنكاحِ لأمْر النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فلما آثَرَت هي رضاءه على رضائها، كافأها اللهُ بما كان أحْسنَ لها من الدنيا وما فيها، كما استرجعت أُمُّ سَلَمة بعد وفاةِ زوجها، فعوضها اللهُ بما لم تكن نَفْسُها توسوس إليها أبدًا، وهو التزوج بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. والثاني: أنَّ فيه غايةَ إكرامِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإِنه لما كانت نَفسُه تشمئزُّ منه نظرًا إلى عادةِ العرب، وقد كانوا يبتغون له مطعنًا يطعنون به، ليصدوا الناسَ عن ذِكْر اللهِ، فالله سبحانه زَوَّجه إياها، وتولى بنفسه لئلا يتجشم هو لمباشرة العقد، ويظهر أنه لم يتقدم إليه، ولكنَّ مولاه وربّه زَوَّجه، فرضي به. وهذا كما ترى بين الناس، أن الأب إذا رأى في أَمْرِ مصلحةً لابنه يمضي فيه، ويباشره بنفسه، ولا يترقب إلى مباشرة الابن بنفسه، ولا يجبره عليه أيضًا، فإِنه يكون أعلمَ بعاقبته، والله سبحانه أعظم، وأوفر شفقة، وأكثر حقًا، فهو أحق به، بل لا حق إلا لله سبحانه جل وعز، والله تعالى أعلم بالصواب.

33 - سورة الأحزاب

عليهم السلام عَملًا لا قولًا فقط، قدر أن يطلِّقها زيدٌ، ثُم ينكحها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم ولم يكتف ببيانِ المسألة فقط. قوله: (إِنَاهُ: إدْرَاكُهُ) "جيز بك كئى". بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 33 - سُورَةُ الأَحْزَابِ وَقالَ مُجَاهِدٌ: {صَيَاصِيهِمْ} [26] قُصُورِهِمْ. {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}. 4781 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِهِ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6] فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ تَرَكَ مَالًا فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا، فَإِنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضِيَاعًا فَلْيَأْتِنِى وَأَنَا مَوْلاَهُ». أطرافه 2298، 2398، 2399، 5371، 6731، 6745، 6763 - تحفة 13604 1 - باب {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: 5] 4782 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا كُنَّا نَدْعُوهُ إِلَّا زَيْدَ ابْنَ مُحَمَّدٍ حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ}. تحفة 7021 - 146/ 6 2 - باب {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)} [الأحزاب: 23] {نَحْبَهُ}: عَهْدَهُ. {أَقْطَارِهَا} [14] جَوَانِبُهَا. {الفِتْنَةَ لأَتَوْهَا} [14] لأَعْطَوْهَا. 4783 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ نُرَى هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِى أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23]. طرفاه 2805، 4048 - تحفة 506 4784 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ لَمَّا نَسَخْنَا الصُّحُفَ فِى الْمَصَاحِفِ فَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الأَحْزَابِ، كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَؤُهَا، لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ إِلَّا مَعَ خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِىِّ، الَّذِى جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}. أطرافه 2807، 4049، 4679، 4986، 4988، 4989، 7191، 7425 - تحفة 3703 قوله: ({صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}) "ثابت قدم رهى اور شهيد هو كئى".

3 - باب قوله: {قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا} [الأحزاب: 28]

قوله: (قريبًا) الفعيل إن كان نعتًا ففيه فَرْقٌ بين المؤنث والمُذكَّر، وإن كان ظَرْفًا أو بدلًا فلا فرق بينهما، أما إذا كان ظَرْفًا فظاهِرٌ، فإِنَّ التذكير والتأنيث في الظرف سواء. وأما قوله: «أو بدلًا»، فهو أيضًا بمعنى الظَّرف، وإلَّا فهو مُضِرّ، وإنّما نقله المصنِّف من كتاب أبي عُبيدة فقط. 3 - باب قَوْلِهِ: {قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 28] وقَالَ مَعْمَرٌ: التَّبَرُّجُ: أَنْ تُخْرِجَ مَحَاسِنَهَا. {سُنَّةَ اللَّهِ} [الأحزاب: 62] اسْتَنَّهَا: جَعَلَهَا. 4785 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ رضى الله عنها زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَهَا حِينَ أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُخَيِّرَ أَزْوَاجَهُ، فَبَدَأَ بِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنِّى ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلاَ عَلَيْكِ أَنْ تَسْتَعْجِلِى حَتَّى تَسْتَأْمِرِى أَبَوَيْكِ»، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَىَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِى بِفِرَاقِهِ، قَالَتْ ثُمَّ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ قَالَ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} [الأحزاب: 28]». إِلَى تَمَامِ الآيَتَيْنِ فَقُلْتُ لَهُ فَفِى أَىِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَىَّ فَإِنِّى أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ. طرفه 4786 - تحفة 17767 4 - باب قَوْلِهِ: {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)} [الأحزاب: 29] وَقَالَ قَتَادَةُ: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: 34] الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ. 4786 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ بَدَأَ بِى فَقَالَ «إِنِّى ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلاَ عَلَيْكِ أَنْ لاَ تَعْجَلِى حَتَّى تَسْتَأْمِرِى أَبَوَيْكِ». قَالَتْ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَىَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِى بِفِرَاقِهِ، قَالَتْ ثُمَّ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} إِلَى {أَجْرًا عَظِيمًا}». قَالَتْ فَقُلْتُ فَفِى أَىِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَىَّ فَإِنِّى أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، قَالَتْ ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَ مَا فَعَلْتُ. تَابَعَهُ مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو سُفْيَانَ الْمَعْمَرِىُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ. طرفه 4785 - تحفة 17767، 16632 - 147/ 6

5 - باب قوله: {وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه} [الأحزاب: 37]

5 - باب قَوْلِهِ: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} [الأحزاب: 37] 4787 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} نَزَلَتْ فِى شَأْنِ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ. طرفه 7420 - تحفة 296 6 - باب قَوْلِهِ: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} [الأحزاب: 51] قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {تُرْجِى} تُؤَخِّرُ، {أَرْجِهْ} [الأعراف: 111] [الشعراء: 36] أَخِّرْهُ. 4788 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ هِشَامٌ حَدَّثَنَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كُنْتُ أَغَارُ عَلَى اللاَّتِى وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَقُولُ أَتَهَبُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} قُلْتُ مَا أُرَى رَبَّكَ إِلاَّ يُسَارِعُ فِى هَوَاكَ. طرفه 5113 - تحفة 16799 4789 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ عَنْ مُعَاذَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسْتَأْذِنُ فِى يَوْمِ الْمَرْأَةِ مِنَّا بَعْدَ أَنْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ}. فَقُلْتُ لَهَا مَا كُنْتِ تَقُولِينَ قَالَتْ كُنْتُ أَقُولُ لَهُ إِنْ كَانَ ذَاكَ إِلَىَّ فَإِنِّى لاَ أُرِيدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ أُوثِرَ عَلَيْكَ أَحَدًا. تَابَعَهُ عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ سَمِعَ عَاصِمًا. تحفة 17965 - 148/ 6 7 - باب قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} [الأحزاب: 53] يُقَالُ: إِنَاهُ: إِدْرَاكُهُ، أَنَى يَأْنِي أَنَاةً. {لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} [63]: إِذَا وَصَفتَ صِفَةَ المُؤَنَّثِ قُلتَ: قَرِيبَةً، وَإِذَا جَعَلتَهُ

ظَرْفًا وَبَدَلًا، وَلَمْ تُرِدِ الصِّفَةَ، نَزَعْتَ الهَاءَ مِنَ المُؤَنَّثِ، وَكَذلِكَ لَفظُهَا في الوَاحِدِ والاِثْنينِ وَالجَمِيعِ، لِلذَّكَرِ وَالأُنْثى. 4790 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَدْخُلُ عَلَيْكَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، فَلَوْ أَمَرْتَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْحِجَابِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْحِجَابِ. أطرافه 402، 4483، 4916 - تحفة 10409 4791 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِىُّ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى يَقُولُ حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ دَعَا الْقَوْمَ، فَطَعِمُوا ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ وَإِذَا هُوَ كَأَنَّهُ يَتَهَيَّأُ لِلْقِيَامِ فَلَمْ يَقُومُوا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَامَ، فَلَمَّا قَامَ قَامَ مَنْ قَامَ، وَقَعَدَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِيَدْخُلَ فَإِذَا الْقَوْمُ جُلُوسٌ ثُمَّ إِنَّهُمْ قَامُوا، فَانْطَلَقْتُ فَجِئْتُ فَأَخْبَرْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُمْ قَدِ انْطَلَقُوا، فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ، فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ فَأَلْقَى الْحِجَابَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} [الأحزاب: 53] الآيَةَ أطرافه 4792، 4793، 4794، 5154، 5163، 5166، 5168، 5170، 5171، 5466، 6238، 6239، 6271، 7421 - تحفة 1651 - 149/ 6 4791 - قوله: (كَأَنَّه يتهيَّأُ للقِيَام) وهذه توريةٌ فِعلًا، كالأُحْجِية، فإِنها قد تكونُ قوليةً، وهي مشهورةٌ، وقد تكون فعليةً، وفيها حكاية الجامي، وخسرو: كان الأميرُ خسرو مشهورًا في ضَرْب الأحاجي، فجاء رجلٌ من عنده إلى الجامي، فسأله: هل عندك شيءٌ من أَحَاجي خسرو؟ قال: مِن أي نوع تريد، فعلية أم قولية؟ ولم يكن الجامي سمع الفِعلية قَبْله. فقال له: الفعلية. فقام الرجل، ثُم صار شِبْه الراكِع، ثُم نفض لحيتَه. فتبسَّم الجامي، وقال: تريدُ إدريسُ؟ قال: نعم. وحَلُّها أن قيامَه كان إشارةً إلى الألف، ثُم الرُّكوعَ إلى الدال، ثُم نَفْض اللِّحيةِ إلى ريس. وذلك لأنَّ اللِّحية يقال لها بالفارسية: «ريش»، فأشار بالنَّفْض إلى حَذْف نقطها، فبقي ريس. 4792 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَذِهِ الآيَةِ آيَةِ الْحِجَابِ، لَمَّا أُهْدِيَتْ زَيْنَبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَتْ مَعَهُ فِى الْبَيْتِ، صَنَعَ طَعَامًا، وَدَعَا الْقَوْمَ، فَقَعَدُوا يَتَحَدَّثُونَ، فَجَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْرُجُ، ثُمَّ يَرْجِعُ، وَهُمْ قُعُودٌ يَتَحَدَّثُونَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} إِلَى قَوْلِهِ: {مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53] فَضُرِبَ الْحِجَابُ، وَقَامَ الْقَوْمُ. أطرافه 4791، 4793، 4794، 5154، 5163، 5166، 5168، 5170، 5171، 5466، 6238، 6239، 6271، 7421 - تحفة 955 4793 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ

أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ بُنِىَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِزَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ بِخُبْزٍ وَلَحْمٍ فَأُرْسِلْتُ عَلَى الطَّعَامِ دَاعِيًا فَيَجِىءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، ثُمَّ يَجِىءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، فَدَعَوْتُ حَتَّى مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُو فَقُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُوهُ قَالَ ارْفَعُوا طَعَامَكُمْ، وَبَقِىَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ يَتَحَدَّثُونَ فِى الْبَيْتِ، فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَانْطَلَقَ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَقَالَ «السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ». فَقَالَتْ وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فَتَقَرَّى حُجَرَ نِسَائِهِ كُلِّهِنَّ، يَقُولُ لَهُنَّ كَمَا يَقُولُ لِعَائِشَةَ، وَيَقُلْنَ لَهُ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ رَجَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا ثَلاَثَةُ رَهْطٍ فِى الْبَيْتِ يَتَحَدَّثُونَ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - شَدِيدَ الْحَيَاءِ، فَخَرَجَ مُنْطَلِقًا نَحْوَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَمَا أَدْرِى آخْبَرْتُهُ أَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الْقَوْمَ خَرَجُوا، فَرَجَعَ حَتَّى إِذَا وَضَعَ رِجْلَهُ فِى أُسْكُفَّةِ الْبَابِ دَاخِلَةً وَأُخْرَى خَارِجَةً أَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ، وَأُنْزِلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ. أطرافه 4791، 4792، 4794، 5154، 5163، 5166، 5168، 5170، 5171، 5466، 6238، 6239، 6271، 7421 - تحفة 1046 4793 - قوله: (فَتَقَرَّى) "هرايك كى حجره كى سامنى كئى". 4794 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِىُّ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه قَالَ أَوْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ بَنَى بِزَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ فَأَشْبَعَ النَّاسَ خُبْزًا وَلَحْمًا ثُمَّ خَرَجَ إِلَى حُجَرِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ صَبِيحَةَ بِنَائِهِ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِنَّ وَيَدْعُو لَهُنَّ وَيُسَلِّمْنَ عَلَيْهِ وَيَدْعُونَ لَهُ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ رَأَى رَجُلَيْنِ جَرَى بِهِمَا الْحَدِيثُ، فَلَمَّا رَآهُمَا رَجَعَ عَنْ بَيْتِهِ، فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلاَنِ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجَعَ عَنْ بَيْتِهِ وَثَبَا مُسْرِعَيْنِ، فَمَا أَدْرِى أَنَا أَخْبَرْتُهُ بِخُرُوجِهِمَا أَمْ أُخْبِرَ فَرَجَعَ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ، وَأَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ وَأُنْزِلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ سَمِعَ أَنَسًا عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 4791، 4792، 4793، 5154، 5163، 5166، 5168، 5170، 5171، 5466، 6238، 6239، 6271، 7421 - تحفة 702، 795 - 150/ 6 4795 - حَدَّثَنِى زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ خَرَجَتْ سَوْدَةُ بَعْدَ مَا ضُرِبَ الْحِجَابُ لِحَاجَتِهَا، وَكَانَتِ امْرَأَةً جَسِيمَةً لاَ تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا، فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ يَا سَوْدَةُ أَمَا وَاللَّهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا، فَانْظُرِى كَيْفَ تَخْرُجِينَ، قَالَتْ فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَيْتِى، وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى. وَفِى يَدِهِ عَرْقٌ فَدَخَلَتْ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِى فَقَالَ لِى عُمَرُ كَذَا وَكَذَا. قَالَتْ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ وَإِنَّ الْعَرْقَ فِى يَدِهِ مَا وَضَعَهُ فَقَالَ «إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ». أطرافه 146، 147، 5237، 6240 - تحفة 16805

8 - باب قوله: {إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليما (54) لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن واتقين الله إن الله كان على كل شيء شهيدا (55)} [الأحزاب: 54 - 55]

8 - باب قَوْلِهِ: {إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (54) لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (55)} [الأحزاب: 54 - 55] 4796 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اسْتَأْذَنَ عَلَىَّ أَفْلَحُ أَخُو أَبِى الْقُعَيْسِ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَقُلْتُ لاَ آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ فِيهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّ أَخَاهُ أَبَا الْقُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِى، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِى امْرَأَةُ أَبِى الْقُعَيْسِ، فَدَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِى الْقُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَكَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَمَا مَنَعَكِ أَنْ تَأْذَنِى عَمُّكِ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِى، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِى امْرَأَةُ أَبِى الْقُعَيْسِ. فَقَالَ «ائْذَنِى لَهُ فَإِنَّهُ عَمُّكِ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ». قَالَ عُرْوَةُ فَلِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا تُحَرِّمُونَ مِنَ النَّسَبِ. أطرافه 2644، 5103، 5111، 5239، 6156 - تحفة 16481 - 151/ 6 9 - باب قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} [الأحزاب: 56] قالَ أَبُو العَالِيَةِ: صَلاَةُ اللَّهِ: ثَنَاؤُهُ عَلَيهِ عِنْدَ المَلاَئِكَةِ، وَصَلاَةُ المَلاَئِكَةِ: الدُّعاءُ. قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُصَلُّونَ: يُبَرِّكُونَ. {لَنُغْرِيَنَّكَ} [60] لَنُسَلِّطَنَّكَ. 4797 - حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ - رضى الله عنه - قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا السَّلاَمُ عَلَيْكَ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ فَكَيْفَ الصَّلاَةُ قَالَ «قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». طرفاه 3370، 6357 - تحفة 11113 4798 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا التَّسْلِيمُ فَكَيْفَ نُصَلِّى عَلَيْكَ قَالَ «قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ». قَالَ أَبُو صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ «عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ». طرفه 6358 - تحفة 4093 قالَ أَبُو صَالِحٍ، عَنِ اللَّيثِ: «عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ محَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ». حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِىُّ عَنْ يَزِيدَ وَقَالَ «كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ». تحفة 4093

10 - باب قوله: {لا تكونوا كالذين آذوا موسى} [الأحزاب: 69]

والمرادُ منه عندنا الإِناثُ دون الذُّكُور. وفي أثر: «لا يغرنَّكم - سورة النور - فإنها في الإِناث، دون الذكور» (¬1). قوله: (كما صَلَّيت على آل إبراهيم) واعلم أنَّ العلماء قد تكلَّموا في هذا التشبيه، فإِن المُشبَّهَ به يجب أن يكون أَقْوى، فيلزم كونُه عليه الصلاة والسلام أَسْبَقَ وأَحقَّ بالصلاة من النبيِّ صلى الله عليه وسلّم والجواب أن فيه اقتباسًا من القرآن، وقد صلَّى الملائكةُ ههنا على إبراهيم عليه السلام بتلك الصيغةِ، فاقتبسه الحديثُ منه، قال تعالى: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} (¬2) [هود: 73]. 10 - باب قَوْلِهِ: {لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى} [الأحزاب: 69] 4799 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدٍ وَخِلاَسٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (69)} طرفاه 278، 3404 تحفة 12242، 14480، 12302 - 152/ 6 ¬

_ (¬1) قلتُ: روى معناه ابنُ أبي شيبة في "مصنفه" عن سعيد بن المسيّب، وحديث عبد الأعلى عن الحسن أنه كَرِه أن يدخل المملوكُ على مولاتِه بغير إِذنها. إلا أنه يُشْكل عليه أنه لا فائدة إذن في الاستثناء، لظهور عدم الحجاب من النساء والحل أن الحجاب مع النساء الكافرات، كالحجاب من الأجانب في شرعنا، فيجب الستر عنهن أيضًا، إلا ما ظهر منها. هكذا أفاده بعضُ أفاضل العصر، ثُم رأيت في مذكرة عن الشيخ عندي: أَنَّ الوَجْه والكَفّين لما لم تكن من العورةِ على المذهب، فلا بأس بِكَشْفها عند عبدها أيضًا، فلا حاجةَ إلى حَمْل الآيةِ على الإِناث، فلتكن في الذكور، ولا إِشكال، فإن قلت: وإذ جاز كشف هذه الأعضاء مطلقًا، فما معنى التخصيص والاستثناء؟ قلتُ: ومَن ادَّعى أن القرآن رغبهن في كشفها، ولكن السياق في إبداء الزينة عند مَنْ يُباح له ضرورةً، أما من لا ضرورةَ فيهم، فالسنة فيهم كما ذكرها في آية أخرى، وهي إدناء الجلباب، لأن ذلك أستر لها، وإن جاز لها كشفها أيضًا، إلا أنه لما كان قد ينجر إلى الفتن، حرض القرآن بسترها في عامة الأحوال، وهو معنى قوله: إذا كان عند مكاتب أحدكن، وفاء فلتحتجب، فإنه لم تبق لها حاجة إلى رفع الحجاب منه، فعادت السنة فيه كما في الأجانب. وإنما قلتُ: إنَّ كشف الوَجْه جائز لولا الفتنةُ، لحديث فضل بن عباس، وشابة في الحج، فصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - وَجْهَه عنها، وقال: خشيت أن يقع بينهما الشيطان، فافهم، وتشكرْ، فإن ذلك من نفائس الشيخ، استفدته من كلماته الطيبة. (¬2) وسمعت من حضرة الشيخ رحمه الله نكتة أُخرى، وهي أنها جوابٌ عن سلامِه الذي أرسل إلينا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة المعراج، وأنَّ الجنة قيعان، وغراسها سُبحان الله، فنصلِّي عليه لذلك. قلتُ: وهناك نكاتٌ أخرى ذكرها القومُ: منها أن معنى التشبيه أنه تقدمت منك الصلاةُ على إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فنسأل منك الصلاة على محمد، وعلى آل محمد، بطريق الأولى، لأن الذي يثبت للفاضل، يثبت للأَفْضل بالطريق الأوْلى، ومحصل الجواب أن التشبيهَ ليس من باب إلحاقِ الكامل بالأكمل، بل من باب التهييج ونحوه، أو مِن باب حالِ ما لا يُعرف بما يُعْرف، فلا يلزم أن يكون المُشبَّهُ به أقْوى، وقد ذكرنا جوابًا للعيني، فيما مر، فراجعه من "الهامش".

34 - سورة سبأ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 34 - سُورَةُ سَبَأ يُقَالُ: {مُعَاجِزِينَ} [5، 38] مُسَابِقِينَ {بِمُعْجِزِينَ} [الأنعام: 134] بِفَائِتِينَ. مُعَاجِزِينَ مُغَالِبِينَ، {مُعَاجِزِيَّ} مُسابِقيَّ. {سَبَقُوا} [الأنفال: 59] فَاتُوا. {لاَ يُعْجِزُونَ} [الأنفال: 59] لاَ يَفُوتُونَ. {يَسْبِقُونَا} [العنكبوت: 4] يُعْجِزُونَا، قَوْلُهُ {بِمُعْجِزِينَ} بِفَائِتِينَ وَمَعْنَى {مُعَاجِزِينَ} مُغَالِبِينَ يُرِيدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُظْهِرَ عَجْزَ صَاحِبِهِ. {مِعْشَارٌ} [45] عُشْرٌ. الأُكُلُ: الثَّمَرُ. {بَاعِدْ} وَبَعِّدْ وَاحِدٌ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {لاَ يَعْزُبُ} [3] لاَ يَغِيبُ. {الْعَرِمِ} [16] السَّدُّ، ماءٌ أَحْمَرُ، أَرْسَلَهُ اللهُ في السَّدِّ، فَشَقَّهُ وَهَدَمَهُ، وَحَفَرَ الوَادِيَ، فَارْتَفَعَتَا عَنِ الجَنْبَينِ، وَغابَ عَنْهُمَا المَاءُ فَيَبِسَتَا، وَلَمْ يَكُنِ المَاءُ الأَحْمَرُ مِنَ السَّدِّ، وَلكِنْ كانَ عَذَابًا أَرْسَلَهُ اللهُ عَلَيهِمْ مِنْ حَيثُ شَاءَ. وَقالَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ: {الْعَرِمِ} المُسَنَّاةُ بِلَحْنِ أَهْلِ اليَمَنِ. وَقالَ غَيرُهُ: العَرِمُ الوَادِي. السَّابِغَاتُ: الدُّرُوعُ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {يُجَازَى} [17] يُعَاقَبُ. {أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ} [46] بطَاعَةِ اللَّهِ. {مَثْنَى وَفُرَادَى} [46] وَاحِدٌ وَاثْنَينِ. {التَّنَاوُشُ} [52] الرَّدُّ مِنَ الآخِرَةِ إِلَى الدُّنْيَا. {وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} [54] مِنْ مالٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ زَهْرَةٍ. {بِأَشْيَاعِهِم} [54] بِأَمْثَالِهِمْ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {كَالْجَوَابِ} [13] كالجَوْبَةِ مِنَ الأَرْضِ، الخَمْطُ: الأَرَاكُ. وَالأَثَلُ: الطَّرْفاءُ. {الْعَرِمِ} [16] الشَّدِيدُ. 1 - باب {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ: 23] 4800 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ إِنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِى السَّمَاءِ ضَرَبَتِ الْمَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ، قَالُوا لِلَّذِى قَالَ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ، وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ - وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِكَفِّهِ فَحَرَفَهَا وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ - فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ ثُمَّ يُلْقِيهَا الآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوِ الْكَاهِنِ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا، وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ، فَيُقَالُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا

2 - باب: {إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد} [سبأ: 46]

فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِى سَمِعَ مِنَ السَّمَاءِ». أطرافه 4701، 4701 م، 7481 - تحفة 14249 - 153/ 6 2 - باب: {إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} [سبأ: 46] 4801 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ صَعِدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الصَّفَا ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ «يَا صَبَاحَاهْ» فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ قَالُوا مَا لَكَ قَالَ «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ يُصَبِّحُكُمْ أَوْ يُمَسِّيكُمْ أَمَا كُنْتُمْ تُصَدِّقُونِى». قَالُوا بَلَى. قَالَ «فَإِنِّى نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ». فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ تَبًّا لَكَ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}. أطرافه 1394، 3525، 3526، 4770، 4971، 4972، 4973 - تحفة 5594 قوله: ({مُعَاجِزين} مُغَالبين) ... إلخ. يريدُ توجِيهَ المفاعلةِ. قوله: (العَرِم) ... إلخ. "دها نكين رهكئين أور بانى نكل كيا". قوله: ({الْعَرِمِ} المُسنَّاة، بِلَحْن أهْلِ اليمن)، يعني: "لغة أهل يمن مين بانى كى بند كو كهتى هين". قوله: ({كَالْجَوَابِ} كالجوبة مِن الأَرْض) "زمين كهليان كيطرح". قوله: (الخَمْط) "بيلو". قوله: (أَثَل) "جهاؤ". بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 35 - سُورَةُ المَلاَئِكَةِ [فَاطِر] قالَ مُجَاهِدٌ: القِطْمِيرُ: لِفَافَةُ النَّوَاةِ. {مُثْقَلَةٌ} [18] مُثَقَّلَةٌ. وَقالَ غَيرُهُ: {الْحَرُورُ} [21] بِالنَّهَارِ مَعَ الشَّمْسِ، وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الحَرُورُ: بِاللَّيلِ، وَالسَّمُومُ بِالنَّهَارِ. {وَغَرَابِيبُ سُودٌ} [27] أَشَدُّ سَوَادٍ الغِرْبِيبُ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 36 - سُورَةُ يس وَقالَ مُجَاهِدٌ: {فَعَزَّزْنَا} [14] شَدَّدْنَا. {يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} [30] كانَ حَسْرَةً عَلَيهِمُ اسْتِهْزَاؤُهُمْ بِالرُّسُلِ. {أَن تدْرِكَ القَمَرَ} [40]: لاَ يَسْتُرُ ضَوْءُ أَحَدِهِما ضَوْءَ الآخَرِ، وَلاَ يَنْبَغِي لَهُمَا ذلِكَ. {سَابِقُ النَّهَارِ} [40] يَتَطَالَبَانِ حَثِيثَينِ. {نَسْلَخُ} [37] نُخْرِجُ أَحَدَهُما مِنَ الآخَرِ، وَيَجْرِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. {مّن مِّثْلِهِ} [42] مِنَ الأَنْعَامِ. {فَكِهُونَ}

[55] مُعْجَبُونَ. {جُندٌ محْضَرُونَ} [75] عِنْدَ الحِسَابِ. وَيُذْكَرُ عَنْ عِكْرِمَةَ: {الْمَشْحُونِ} [41] المُوقَرُ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {طَائِرُكُمْ} [19] مَصَائِبُكُمْ. {يَنسِلُونَ} [51] يَخْرُجُونَ. {مَّرْقَدِنَا} [52] مَخْرَجِنَا. {أَحْصَيْنَاهُ} [12] حَفِظْنَاهُ. {مَكَانَتِهِمْ} [67] وَمَكَانُهُمْ وَاحِدٌ. قوله: ({يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} كان حسرةً عليهم استهزاؤهم بالرُّسُل) يريد دَفْع توهُّم - عسى أن يتوهم - أن حرفَ النداء يدلُّ على نداء الله تعالى الحسرةَ، ولا معنى له. فأجاب أن الحسرةَ إنما هي على العباد، وقد تقدّم معنا أن حرف النداء لم يُوضع للإِقبال عليه في لغة العرب. نَبَّه عليه ابنُ الحاجب في «الكافية». قوله: (المُوقَرُ) "لدى هوئى". قوله: ({مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا}) قيل: إنَّ الكُفَّار في العذاب، فأين المَرْقَد؟ والجواب: أن الأرواح يُصْعَقن بعد النَّفخ أربعينَ سنةً، ثُم يفقن بعد نفخةِ الإِحياء، فذلك قولهم: {مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا}، وهكذا عند البخاري عن أبي هريرة: في باب قوله: {وَنُفِخَ فِى الصُّورِ}. قوله: ({وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا}) واعلم أنَّ قدماءَ الفرسفة ذهبوا إلى أنَّ الفَلَك متحركٌ، والأَرْضَ ساكنةٌ (¬1). وتحقق الآن بعد المشاهداتِ بالآلات، أن المتحرِّك هو الأَرْضُ، وأن السياراتِ سوابحُ في الجوِّ، وأن الشمسَ متحرِّكةٌ بِمِحْورِها، لا تزول عنها من الشرق إلى الغرب، كما ترى في المرئي، وإنما تتراءى متحركةً من أجل حركةِ الأرض. واستدلوا عليها أنَّ في الشمس غبشات، ومشاعيل. وتلك الغبشات نشاهِدُها تارةً بمرأَى منا، ثُم تذهب وتختفي عنا حتى تغيب. ثُم تبدو كذلك بعد زمان. فليس ذلك إلَّا لحرَكَتِها على محورها، فإِذا قابلتنا تلك الغبشات منها، رأيناها، وإذا استدبرت اختفت عنا. ثُم إنهم سَمُّوا الكلف في الشمس بالغبشات، والحصة المستنيرة بالمشاعيل، وكان الفلاسفةُ في القديم أيضًا قد شاهدوا الكلف في الشمس، إلا أنه لم يكن تَحقَّق لهم أنه ما هو؟ والآن تحقَّق أنها حفرات في عمقِ آلاف فراسخ، فطاح ما كانوا يَدَّعون في القديم من استحالة الخرق والالتئام في الأجسام الأثيرية، ولو كان اليوم هؤلاء أحياءً ¬

_ (¬1) قلتُ: وفي مذكرة عندي أنَّ كونَ الأرض ساكنة لكونها فِراشًا ومقعدًا لنا، والأليق بالفراش هو الاستقرار والسكون، لا أدَّعي أنه دليلٌ على سُكُونها، ولكنه ظنٌّ مِنِّي، نظرًا إلى الترتيب الطبعي، والله تعالى أعلم بحقيقةِ الحال.

لشاهدوه أيضًا، ولكنهم كفروا بآيات الله، واتبعوا أهواءهم، فهم اليوم في الوَيْل والثُّبور. ثُم إنَّ أَهْلَ الفلسفةِ الجديدة زعموا أن للشمس حركةً أُخْرى، وهي أنها مع نظامها ذاهبةٌ إلى جهةِ الفَوْق، ولكنها لم تتحقَّق عندهم بعد. وأما الأُولى - وهي الحركة المحورية - فقد اتفقوا عليها. قلتُ: والذي لا نَشُكّ فيه أن الشمسَ في مشاهدتنا هي المتحركة، أما إن تلك المشاهدة لأجل حركة الأرض لشيء آخَر، فلا نبحثُ عنه الآن، ولكنا نتكلم أَوّلًا على أن الذي ثبت في مشاهدة ومضت لهم على تلك دهور، حتى إنه لم يبق منهم أَحَدٌ إلاّ وهو يَزْعم أن الشمس متحرِّكة، وأُشربت به قلوبهم، ورسخ في بواطنهم، فهل يناسب للشَّرْع أن ينقض مشاهدَتهمن تلك عند المخاطبة معهم، أو يجاري معهم، كأنَّ ما عندهم أيضًا نَحْوٌ من نفس الأمر. فلو كان هناك هَيِّن لَيِّنٌ، لقلت له: إنَّ الأصوب هو المماشاة معهم، وعدم النقض لمشاهدتهم، وفرضها أيضًا نحوًا من نفس الأمر، لأنه لو كان الشرعُ بنى كلامه في الكونيات على الواقع حقيقة، لبقي القرآنُ مكذَّبًا عندهم، إلى أن يظهر لهم الواقع أيضًا، كما هو عنده، كمسألة الحركةِ هذه، فإِنه لو كان القرآنُ صَدَع بحركة الأَرض مثلًا، لبقي مكذَّبًا فيمن مضوا من الفلاسفة، لعدم ثبوتِها عندهم وإنْ صَدَّقه الناسُ اليوم، وكذلك لو صَرَّح بحركة الفلك لصدَّقه القدماء ألبتة، ولكن صار اليوم مُكَذّبًا، لا يعتقد به أحدٌ لثبوتها عندهم بخلافه، فأغمض القرآنُ عن نحو تلك الكونياتِ التي لا يتعلق له بها غرض في أعمالنا، ليسوِّي أَمْره عند هؤلاء، ولا تحول تلك المباحث بينه وبين إيمانهم، ولَعَمْري هذا هو الأحسن. وإذَن تحصَّل أن تلك المشاهدةَ الدائمةَ أيضًا نحوٌ من نفس الأمر، ألا ترى أنَّ المُبْصَرَات عندهم عُدَّت من البديهياتِ، مع أن البَاصِرة تَغْلَطُ كثيرًا، فإِن أثبتوا اليوم غلطًا في البصر، وأن المتحرِّكة في الواقع هي الأرض، فأي شيء سَوَّوه، فإنه أَمْرٌ ثابت عند القدماء أيضًا، فأَنْصف من نفسك؛ أنه هل يناسِب للنبيِّ أن يقع في تلك المهملات، أو يُعْرِض عنها، ويفرض ما عندهم أيضًا نحوًا من نفس الأمر فَدَع عنك أن الشمسَ متحرِّكة، أو الأرض، وخذ بما في مشاهدتك، فإِنَّ مِن حُسْن إسلامِ المرءِ تَرْكُه ما لا يعنيه. ألا ترى أنَّ الوَزْن والمِقْدَار لم تبق له اليومَ حقيقةٌ، فإِنَّ الشيء الواحد يختلفُ خِفَّةً وثِقَلًا باعتبار وَزْنه على الأرض، وفي الهواء، وفوق ذلك، ثم فوق ذلك، فإنه كلما يَبْعُد عن مركزه، يزداد ثِقَلًا، لِشِدَّة انجدابه إلى مركزه، وكلما يَقْرب منه يزيد خِفَّةً. وكذلك القَدْر أيضًا بقي مُهْملًا لا ندري ما هو؟ فإِنا نرى شيئًا صغيرًا بالآلات، كأنه أعظمُ مِن أعظمَ منه بألفِ مَرّةٍ، فنشاهد الصغيرَ كبيرًا، والبعيدَ قريبًا، فأي شيءٍ بقي الوَزْن والقَدْر، وقد حَقَّق الأَوّلون أن المرئي هو اللون دون الجسد، فكما أنك جاعِلٌ نحوًا من

نفس الأمر لهذه الأشياء لا محالة، مع عدم تقررها على أمرٍ كذلك، فافرض في أَمْر الحركة أيضًا. فلتكن مشاهدَتُكَ هي نَفْس الأَمْر لها. وبالجملةِ إذًا لم ندركِ الحقيقةَ في شيء، ولكن ما ثبت عندنا هو الذي فرضناه حقيقةً، فتارة تلك، وتارة تلك، فلا ندري ماذا يكشف من العجائب والحقائق، يوم يكونُ البصرُ حديدًا. وكم من أشياء تَظْهَر صوابًا، وكم منها تبقى غَلَطًا، فلنفوِّض الآن حقائقَ الأشياء إلى الله تعالى، وأُفوِّض أمري إلى الله، إن الله بصيرٌ بالعباد. وأما اليوم، فلنقل: إن الهَيْآت التي يشاهِدُها العوامُّ من الطلوع والغروب، والاستواء والجري، كلُّها في نفس الأمر، فإِنهم قد وضعوا لتلك الهَيآتِ أسامي مختلفةً، فإِما أن نسلم أساميهم تلك، أو نردّها عليهم، ولا يكون إلا زيغًا، وتلك الهيئةُ المشهورةُ اعتبر بها الشاعر في قوله: *"كردون بشتى كه خم شده ازبهر ركوع ... خورشيد رخى كه سر بسجود است اينجا" فقد شاهد هذا الشاعر من الشمس ثلاث هيآت: هيئة العقدة، وتلك عند طلوعها؛ وهيئة القيام، وهي عند الاستواء، ولذا يقال لها: قائمُ الظهيرة؛ وهيئة السجود، وتلك عند الغروب. وقد أحسن فيه، فإِنَّ ما كان في مشاهدتنا، وبين أعيُنِنا كيف نَهْدِرُها ولا نعتبِر بها، فهكذا ما نشاهد من مَشْيها من الشرق إلى الغرب، سماه أهل العُرْف جَرْيًا، أعني أنهم لا يبحثون عن جريها في حاق الواقع، فليكن في الخارج ما كان، ولكن البحث أن تلك الهيئةَ المشهورةَ المبصرة، هل نعتبر بها في مرتبة أَم لا؟ فاعتبره أَهْلُ العُرْف، وسَمّوه جَرْيًا وحركة لها، وإذن لا تكون حركتها عبارةً إلا عن تلك الهيئةِ المشهودة، لا بالمعنى الذي قال به الفلاسفة. وإذَن البحثُ في أن القوة المحرِّكة، هل هي في الشمس أو الأرض، صار لغوًا، فلتكن أينما كانت، لا نبحث عنها، ولكنا نسمي تلك الهيآت البديهية الثابتة، عند البُلْه، والصِّبيان، والمجانين بأساميها المعروفة عند العوام، فنقول: طلعت الشمسُ، وقامت، وغربت، والشرع أضاف على هذه الثلاثِ رابعًا، وهي السجود، ولا ريبَ أنَّ تلك الهيئةَ قائمةٌ مدى الدَّهر، سواء كانت الشمسُ متحرِّكةً أو الأرض، ومن هذا الباب سجودُ الظلال في القرآن، فإِنه سَمَّى هيئةَ كونِها ملقاةً على الأرض، بسجودها، وتلك محسوسةٌ مَنْ يُنْكرها، فهي سجودُها؛ وبالجملة العبرةُ بالمشاهدة، وعَدُّها أيضًا نحوًا من الواقع هو الأصلحُ للنَّاس، لا نقضُها رعايةً للمتفلسفين والزائغين. هذا ما لدي ما فيه من الرأي، وهو المرادُ مما قاله البيضاوي، ولا يَبْعُد أن يكون صوابًا أن مستقرَّها يوم القيامة، فلا تزال تجري إلى أن تستقرَّ، وذلك حين يريدُ اللهُ سبحانه أن يستأصل عمارةَ الدُّنيا، فيلقِيها في جهنَّم، ومَنْ لم يبلغ كُنْهه، جعله من زيغ فلسفته، وزعم أنه

فائدة

ما حمله على هذا التأويل إلا استبعادُه سجودَ الشمس كلَّ يوم، والأمر ما عَلِمت. بقي حديث سجود الشمس، أنها تذهب كلَّ يوم تَحْت العرش، وتستأذِنْ رَبَّها للسجود، فيؤذن لها، حتى إذا قَرُبت القيامةُ لا يؤذن لها، ويقال لها: اطلعي من حيث أتيت، وحينئذٍ تَطْلُع من مَغْرِبها، وذلك هو مستقرُّها، فهو نوع من الاقتباس عندي. فاسمع لذلك مني مقدّمةً، وهي أن الحديث إذا التقى مع الآية في موضع، لا يكون منه شَرْحُه اللفظي، وتفسيرُه على نحو ما شاع عندنا من بيان معانيه، ومباحثه خاصّة، بل قد يكون ذلك نحوًا من الاقتباس فقط، وهذا مليح جدًا. فإِنَّ الإِنسان إذا انتقل من الحديثِ إلى الآية بنحوِ مناسبةٍ يرتاح قلبُه، وتستلذ به نَفْسُه. فلم يَقْصِد في حديث السجود شَرْحَ قوله: {تَجْرِي} لينطبق عليه حَذْوًا بحذو، ولكنه نَوْعُ اقتباسٍ. فما اختاره البيضَاويُّ يحوم حولَ الصواب إن شاء الله تعالى، وراجع «روح المعاني». فائدة: واعلم أنَّ عُلوم الصوفيةِ إنما تهتز لها النَّفْس، لأنها تُؤخذ من الإِحساسات الخارجية والمواجيد الصحيحة، فتؤثر في القلوب أَثَر السهام، بخلاف علوم العلماء، فإنها تُبْنى على الدلائل العقلية الصِّرفة، فكثيرًا ما تحتوي على الأغلاط. 1 - باب قَوْلِهِ: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38)} [يس: 38] 4802 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمَسْجِدِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَقَالَ «يَا أَبَا ذَرٍّ أَتَدْرِى أَيْنَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ». قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38)}». أطرافه 3199، 4803، 7424، 7433 - تحفة 11993 4803 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} قَالَ «مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ». أطرافه 3199، 4802، 7424، 7433 - تحفة 11993 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 37 - سُورَةُ الصَّافَّاتِ وَقالَ مُجَاهِدٌ: {وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} [سبأ: 53] مِنْ كُلِّ مَكانٍ. {وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ} [8] يُرْمَوْنَ. {وَاصِبٌ} [9] دَائِمٌ. {لَّازِبٍ} [11] لاَزِمٌ. {تَأْتُونَنَا عَنِ

1 - باب قوله: {وإن يونس لمن المرسلين (139)} [الصافات: 139]

الْيَمِينِ} [28] يَعْنِي الحقَّ، الكُفَّارُ تَقُولُهُ لِلشَّيطَانِ. {غَوْلٌ} [47] وَجَعُ بَطْنٍ. {يُنزِفُونَ} [47] لاَ تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ. {قَرِينٌ} [51] شَيطانٌ. {يُهْرَعُونَ} [70] كَهَيئَةِ الهَرْوَلَةِ. {يَزِفُّونَ} [94] النَّسَلاَنُ في المَشْيِ. {وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا} [158]، قالَ كُفَّارُ قُرَيشٍ: المَلاَئِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، وَأُمَّهَاتُهُمْ بَنَاتُ سَرَوَاتِ الجِنِّ، وَقالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} [158]، سَتُحْضَرُ لِلحِسَابِ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} [165] المَلاَئِكَةُ. {صِراطِ الْجَحِيمِ} [23] {سَوَاء الْجَحِيمِ} [55]: وَوَسَطِ الجَحِيمِ. {لَشَوْبًا} [67] يُخْلَطُ طَعَامُهُمْ وَيُسَاطُ بِالحَمِيمِ. {مَّدْحُورًا} [الأعراف: 18] مَطْرُودًا. {بَيْضٌ مَّكْنُونٌ} [49] اللُّؤْلُؤُ المَكْنُونُ. {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِى الأخِرِينَ (78)} [78، 108، 129]، يُذْكَرُ بِخَيرٍ. {يَسْتَسْخِرُونَ} [14] يَسْخَرُونَ. {بَعْلًا} [125] رَبًّا. الأَسْبَابُ: السَّمَاءُ. 1 - باب قَوْلِهِ: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139)} [الصافات: 139] 4804 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا يَنْبَغِى لأَحَدٍ أَنْ يَكُونَ خَيْرًا مِنِ ابْنِ مَتَّى». طرفاه 3412، 4603 تحفة 9266 - 155/ 6 4805 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ مِنْ بَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى فَقَدْ كَذَبَ». أطرافه 3415، 3416، 4604، 4631 تحفة 14234 قوله: ({وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ}) وقد مر معنا أنَّ الأصل في الصفِّ هم الملائكةُ ولذا ورد في الحديث أنَّ صفوفَكم على صفوفِ الملائكة أو كما قال واعلم أنه جرت مناظرةٌ بين الجُرْجاني والتَّفْتَازاني في جواب السائل من التائب حين أخبر أن رَجُلًا تاب من مكَّةَ فقال التفتازاني إن حقَّ الجوابِ التائبُ زيدٌ وقال الجُرْجاني إنه زيدٌ التائب فمن كان حصل له هذا البحثُ يدرك القصر في قوله {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} كيف هو؟. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 38 - سُورَةُ ص 1 - باب 4806 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْعَوَّامِ قَالَ سَأَلْتُ مُجَاهِدًا عَنِ السَّجْدَةِ فِى ص قَالَ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ

2 - باب قوله: {وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب} [ص: 35]

فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90] وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْجُدُ فِيهَا. أطرافه 3421، 4632، 4807 - تحفة 6416 4807 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِىُّ عَنِ الْعَوَّامِ قَالَ سَأَلْتُ مُجَاهِدًا عَنْ سَجْدَةِ {ص} فَقَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ أَيْنَ سَجَدْتَ فَقَالَ أَوَمَا تَقْرَأُ {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} [الأنعام: 84] {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} فَكَانَ دَاوُدُ مِمَّنْ أُمِرَ نَبِيُّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَقْتَدِىَ بِهِ، فَسَجَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. {عُجَابٌ} [5] عَجِيبٌ. القِطُّ: الصَّحِيفَةُ، هُوَ هَا هُنَا صَحِيفَةُ الحَسَنَاتِ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {في عِزَّةٍ} [2] مُعَازِّينَ. {الْمِلَّةِ الأخِرَةِ} [7] مِلَّة قُرَيشٍ. الاِخْتِلاَقُ: الكَذِبُ. {الأسْبَابَ} [10] طُرُقُ السَّمَاءِ في أَبْوَابِهَا. {جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ} [11]: يَعْنِي قُرَيشًا. {أُوْلَئِكَ الأحْزَابُ} [13] القُرُونُ المَاضِيَةُ. {فَوَاقٍ} [15] رُجُوعٍ. {قِطَّنَا} [16] عَذَابَنَا. {اتَّخَذْنَاهُمْ سُخْرِيًّا} [63] أَحَطْنَا بِهِمْ. {أَتْرَابٌ} [52] أَمْثَالٌ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الأَيْدِ} [17] القُوَّة في العِبَادَةِ. {الأَبْصَارُ} [45] البَصَرُ في أَمْرِ اللَّهِ. {حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِي} [32] مِنْ ذِكْرِ. {طَفِقَ مَسْحًا} [33] يَمْسَحُ أَعْرَافَ الخَيلِ وَعَرَاقِيبَهَا. {الأَصْفَادِ} [38] الوَثَاقِ. أطرافه 3421، 4632، 4806 - تحفة 6416 2 - باب قَوْلِهِ: {وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [ص: 35] 4808 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَىَّ الْبَارِحَةَ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - لِيَقْطَعَ عَلَىَّ الصَّلاَةَ، فَأَمْكَنَنِى اللَّهُ مِنْهُ وَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِى الْمَسْجِدِ حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِى سُلَيْمَانَ رَبِّ هَبْ لِى مُلْكًا لاَ يَنْبَغِى لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى». قَالَ رَوْحٌ فَرَدَّهُ خَاسِئًا. أطرافه 461، 1210، 3284، 3423 - تحفة 14384 - 156/ 6 3 - باب قَوْلِهِ: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86] 4809 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لاَ يَعْلَمُ اللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86)} وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنِ

39 - سورة الزمر

الدُّخَانِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَعَا قُرَيْشًا إِلَى الإِسْلاَمِ فَأَبْطَئُوا عَلَيْهِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ أَعِنِّى عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ»، فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ فَحَصَّتْ كُلَّ شَىْءٍ حَتَّى أَكَلُوا الْمَيْتَةَ وَالْجُلُودَ حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ يَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ دُخَانًا مِنَ الْجُوعِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11)} [الدخان: 10 - 11] قَالَ فَدَعَوْا {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (13) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (14) إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15)} [الدخان: 12 - 15] أَفَيُكْشَفُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ فَكُشِفَ ثُمَّ عَادُوا فِى كُفْرِهِمْ، فَأَخَذَهُمُ اللهُ يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ اللهُ تَعَالَى {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)} [الدخان: 16]. أطرافه 1007، 1020، 4693، 4767، 4774، 4820، 4821، 4822، 4823، 4824، 4825 - تحفة 9574 قوله: ({طَفِقَ مَسْحًا} يَمْسَحُ أعرافَ الخَيْل) ... إلخ، قيل: معنى المَسْح الذَّبْح، وقيل: إمرار اليد. ولو ثبت عندنا أن ذبح الحيوانات بمثل نية صحيحة هذه لا يجوزُ أيضًا، لِجَزْمِنا بأنَّ المَسْح ههنا بمعنى الإِمرار، ولكنه لم يَثْبُت عندنا بعد، فاستوى الاحتمالاتِ عندنا. وترجمة الشاه عبد القادر "جهارنا". قوله: ({وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}) والتكلُّف أن يتقوَّل ما لا يَعْلَمُهُ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 39 - سُورَةُ الزُّمَرِ وَقالَ مُجَاهِدٌ: {أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ} [24]: يُجَرُّ عَلَى وَجْهِهِ في النَّارِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [فصلت: 40] {ذِى عِوَجٍ} [28] لَبْسٍ. {وَرَجُلًا سَلَمًا لّرَجُلٍ} [29]: صَالحًا، مَثَلٌ لإلاهِهِمُ البَاطِلِ، وَالإِلهِ الحَقِّ. {وَيُخَوّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ} [36] بِالأَوْثَانِ. خَوَّلنَا: أَعْطَينَا. {وَالَّذِى جَاء بِالصّدْقِ} [33] القُرْآنِ {وَصَدَّقَ بِهِ} [33] الْمُؤْمِنُ يَجِىءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ: هَذَا الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، عَمِلْتُ بِمَا فِيهِ. {مُتَشَاكِسُونَ} [29] الرجل الشَّكِسُ: الْعَسِرُ لاَ يَرْضَى بِالإِنْصَافِ. {وَرَجُلًا سِلْمًا} [29] وَيُقَالُ {سَالِمًا}: صَالِحًا. {اشْمَأَزَّتْ} [45] نَفَرَتْ. {بِمَفَازَتِهِمْ} [61] مِنَ الْفَوْزِ. {حَافِّينَ} [75] أَطَافُوا بِهِ، مُطِيفِينَ، بِحِفَافَيْهِ: بِجَوَانِبِهِ. {مُتَشَابِهًا} لَيْسَ مِنَ الاِشْتِبَاهِ، وَلَكِنْ يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا فِى التَّصْدِيقِ. 157/ 6 قوله: (الشَّكِسُ: العَسِرُ) ... إلخ. "درشت خوآدمى". قوله: ({مُتَشَابِهًا} ليس من الاشتِبَاه) ... إلخ. وقد مَرَّ أنه في القرآن بِمعْنَيَينِ، وذكره ههنا بالمعنى الثاني.

1 - باب قوله: {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} [الزمر: 53]

1 - باب قَوْلِهِ: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53] 4810 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ يَعْلَى إِنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا، فَأَتَوْا مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا إِنَّ الَّذِى تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً. فَنَزَلَ {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68] وَنَزَلَ {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}. تحفة 5652 أَشكلت الآيةُ من حيث تضمُّنُها مغفرةَ الشِّرْك أيضًا، فأَوَّلُوها بما لا أرضى به. وعندي أن الآيةَ ليس فيها حُكْمٌ بالمغرفة، بل بيانٌ لشأنِه تعالى، وإنْ لم يظهر في حقِّ المشركين، لسبق إرادةِ التَّعْذيب في حَقِّهم، وعليه قوله صلى الله عليه وسلّم «فإِنَّه لا صلاةَ لمن لم يقرأ بها» فهذا شأنٌ لها، ولو لم يتحقَّق في حقِّ المقتدي، وقد قررناه مِرارًا. 2 - باب قَوْلِهِ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الزمر: 67] 4811 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ، إِنَّا نَجِدُ أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الْخَلاَئِقِ عَلَى إِصْبَعٍ، فَيَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ. فَضَحِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الْحَبْرِ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الزمر: 67]. أطرافه 7414، 7415، 7451، 7513 - تحفة 9404 - 158/ 6 زعم أرسطا طاليس المَخْذُول، أن قُدرةَ الباري عز اسمُه منحصِرةٌ فيما تحت فَلَك الأفلاك، ثُم ذكر طولَه وعَرْضَه، فكأنه أراد أن يَذْرَع قُدرةَ العزيز الحميد، والعياذ بالله، وَيْلٌ له، ثُم وَيْل له. 4811 - قوله: (فضحك النبيُّ صلى الله عليه وسلّم حتى بَدَت نواجِذُه، تصديقًا لقولِ الحَبْر، ثُم قَرَأَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}) وفيه إشكالٌ من حيث إِن قراءته صلى الله عليه وسلّم {وما قدروا ا} ... إلخ، يدلُّ على غوايَتِهم، وهذا يناقِضُ ما مرَّ من التصديق منه. قلتُ: إنه صَدَّقهم فيما يترشَّح من كلامهم من عظمتِهِ تعالى، وردَّ عليهم ما فيه من إساءةِ التعبير. وهذا كما سأل النبيُّ صلى الله عليه وسلّم جاريةً عن اللَّهِ، فقالت: في السماء، فشهد بإِسلامِها، لأنه عَلِم

3 - باب قوله: {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون (67)} [الزمر: 67]

ما في ذِهْنِها من عظمتِهِ تعالى، ولم يزاحمها في نسبةِ المكانِ إلى الله تعالى، فإِنَّ العوامَّ جُبِلوا على نِسبةِ الله تعالى إلى تلك الجهةِ، فأغضى عنها، وإنما ردَّ فيما نحن فيه، لكونِ المخَاطب حَبْرًا يهودِيًا، يَدَّعي عِلْم الكتاب (¬1). 3 - باب قَوْلِهِ: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)} [الزمر: 67] 4812 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَقْبِضُ اللهُ الأَرْضَ، وَيَطْوِى السَّمَوَاتِ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ». أطرافه 6519، 7382، 7413 - تحفة 15195 4 - باب قَوْلِهِ: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68)} [الزمر: 68] 4813 - حَدَّثَنِى الْحَسَنُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِى زَائِدَةَ عَنْ عَامِرٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنِّى أَوَّلُ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ بَعْدَ النَّفْخَةِ الآخِرَةِ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى مُتَعَلِّقٌ بِالْعَرْشِ فَلاَ أَدْرِى أَكَذَلِكَ كَانَ أَمْ بَعْدَ النَّفْخَةِ». تحفة 13541 4814 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ». قَالُوا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا قَالَ أَبَيْتُ. قَالَ أَرْبَعُونَ سَنَةً قَالَ أَبَيْتُ. قَالَ أَرْبَعُونَ شَهْرًا. قَالَ ¬

_ (¬1) قلتُ: ويمكن أن يقال: إنَّ قوله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} لا يتعلق بما قبله، وليس الردَّ على كلام الحَبْر، بل للنَّعي على ما صدر منهم من العُتُو والفساد، وما فَرَّطوا في حق التوراة والأنبياء عليهم السلام فيما مضى، مع إقرارِهم بعظمةِ شأنه تعالى، فهذا مما يُتَعجَّب منه، أنهم يُقرُّون بنحوه، ثم يعزون إلى اللهِ سبحانه ما لا يليقُ بشأنِه، ويكذبون رسولَه، ويقتلون أنبياءه عليهم السلام. فأيّ قدر قدروه، وكأني أريد أنه انتقالٌ من حالةٍ إلى حالة أُخرى، لئلا يُتوهم من تصديقه إياهم كَوْنُهم على الحقِّ، فإن ما عندهم من الحقِّ أقلُّ قليل، بحِذَاء ما عندهم من العقائد الباطلة، والأعمال الصالحة، والله تعالى أعلم بالصواب. ثُم إنَّ الشيخ ذكر وَجْهَ تخصيصِ الطيِّ بالسماء، والقَبْض بالأرض، ولم أفهمه، ولا أدركته مما عندي من تقاريره. فأقول من جانبي: إنَّ الأجْرام الفَلَكية لعلها تَصْلُح للطيِّ بمادتها، بخلاف الأرض، فإِنها تتفتَّت، فلا يناسِبُها إلَّا القَبْض، فاِن كان صوابًا فمن الله، وإن كان غيرَ ذلك فمني، ومن الشيطان. ثُم رأيت في آخِر تقرير ألقاه علينا الشيخُ: أنَّ طيَّ السماواتِ يُومىء بكونِها متخلخلةً، وقَبْضَ الأرض يشيرُ إِلى كونها صلبة، غيرَ متخلخلة، فلله الحمد، فإِن ما ذكرته أيضًا راجع إليه.

40 - سورة المؤمن

أَبَيْتُ. " وَيَبْلَى كُلُّ شَىْءٍ مِنَ الإِنْسَانِ إِلاَّ عَجْبَ ذَنَبِهِ، فِيهِ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ ". طرفه 4935 - تحفة 12371 4814 - قوله: (بين النَّفْخَتَين أربعون) وهذا ما قلنا أَوّلًا. قوله: (ويَبْلى كلُّ شيء من الإِنسانِ إلا عَجْبَ ذَنْبه) دلَّ على أن بنية الإِنسان هي عَجْبُ ذَنْبه، أعني بها بنيةً كبنية البيت، فإِن البيت أوّل ما ترفع منه بنيته، ثُم ترفع العبارة منها. فانحل ما بُحِث في عِلْم الكلام في تحقيق ماذا يكون منه الإِعادة في المَحْشر. ومعنى الإِعادة عندي الحَشْر بحيث يعرفه في المحشر مَنْ كان يعرفه في الدنيا، ولا بحث لي عن أجزائه، كم فنيت منها، وكم بقيت. فإِنه قليلُ الجدوى، وقد اختلفوا في مناط تحفظ الوحدة الشخصية في الأشياء: فذكر ابنُ سيناء، أنَّ الوحدة الشخصيةَ في الإِنسان محفوظةٌ بنفسه الناطقة. قلتُ: وهذا ليس بشيء، أما أَوّلًا فلأن في نفس ثبوت النفس المجردة ألفَ كلام. ولم يقم دليلٌ بعد على وجودِها، ولئن سلمناه فما سبيل الاستحفاظ فيما لا نفس له، كالنباتات، والجمادات، فإِن لها أيضًا وحدةً شخصية، مع أنها لا نفس لها اتفاقًا. وقد مَرّ عليه شارِحُ «التجريد»، فراجع ما ذكره. ودلَّ عليه الحديثُ أنه عَجْبُ الذنب في الإِنسان، ولذا يبلى منه كلُّ شيء، إلا هذا، ولعله لتحفظ وحدته الشخصية. والحاصل أن الضروري في الإِعادة هو أن يَعْرف أهلُ المشاهدة أنَّ زيدًا بعد الإِعادة هو الذي كان في الدنيا بعينه، ألا ترى أنا نقول له: زيدًا في الدنيا، بعد الاستحالات العديدة، والتغيرات الشديدة أيضًا، ولا وَجْه له إلا أنا نَحْكم عليه بعد تلك التغيرات أنه هو الذي رأيناه قبلها، فدلَّ على أن الضروري في تحفظ الوحدة، هو كَوْنه بهذه الصفة لا غير، فاعلمه، واغتنم، وقد ذكرناه في «الجنائز» أبسط من هذا. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 40 - سُورَةُ المُؤْمِنِ قالَ مُجَاهِدٌ: «حم» مَجَازُهَا مَجَازُ أَوَائِلِ السُّوَرِ، وَيُقَالُ: بَل هُوَ اسْمٌ؛ لِقَوْلِ شُرَيحِبْنِ أَبِي أَوْفَى العَبْسِيِّ: * يُذَكِّرُنِي حامِيمَ وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ ... فَهَلَّا تَلاَ حامِيمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ {الطَّوْلِ} [3] التَّفَضُّلُ. {دَاخِرِينَ} [60] خاضِعِينَ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {إِلَى النَّجَاةِ} [41] الإِيمَانِ. {لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ} [43]: يَعْنِي الوَثَنَ. {يُسْجَرُونَ} [72] تُوقَدُ بِهِم النَّارُ. {تَمْرَحُونَ} [75] تَبْطَرُونَ.

41 - سورة حم السجدة

وَكانَ العَلاَءُ بْنُ زِيَادٍ يُذَكِّرُ النَّارَ، فَقَالَ رَجُلٌ: لِمَ تُقَنِّطُ النَّاسَ؟ قالَ: وَأَنَا أَقْدِرُ أَنْ أُقَنِّطَ النَّاسَ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53]، وَيَقُولُ: {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} [43]، وَلكِنَّكُمْ تحِبُّونَ أَنْ تُبَشَّرُوا بِالجَنَّةِ عَلَى مَسَاوِىءِ أَعْمَالِكُمْ، وَإِنَّمَا بَعَثَ اللهُ مُحَمَّدًاصلى الله عليه وسلّم مُبَشِّرًا بِالجَنَّةِ لِمَنْ أَطَاعَهُ، وَمُنْذِرًا بِالنَّارِ مَنْ عَصَاهُ. 4815 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَخْبِرْنِى بِأَشَدِّ مَا صَنَعَ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ، إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِى مُعَيْطٍ، فَأَخَذَ بِمَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَوَى ثَوْبَهُ فِى عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِهِ، وَدَفَعَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} [غافر: 28]. طرفاه 3678، 3856 - تحفة 8884 ے قوله: (يُذَكِّرُني حامِيمَ، والرُّمْحَ شَاجِرٌ ...... ) ... إلخ، فقوله: «حم» ههنا مفعولٌ للفِعْل، فدلَّ على كون الحروفِ المقطعات أسماءً للسُّور، كما هو رأيُ سيبويهٍ، وهو المختار عندي. قوله: (ليس لهُ دَعْوةٌ، يعني الوَثَن) بيان لمرجع الضَّمير المجرور. قوله: (فأقْبَل أبو بَكْرٍ فأخَذَ بِمَنْكِبِه) وكان مِن أَشجَعِهم (¬1). بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 41 - سُورَةُ حم السَّجْدَةِ وَقالَ طَاوُسٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {ائْتِيَا طَوْعًا} [11] أَعْطِيَا. {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [11] أَعْطَينَا. وَقالَ المِنْهَالُ، عَنْ سَعِيدٍ قالَ: قالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسِ: إِنِّي أَجِدُ في القُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ؛ قالَ: {فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ} [المؤمنون: 101]، {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ} [الصافات: 27]، {وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء: 42]، {وَاللَّهِ رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23]، فَقَدْ كَتَمُوا في هذهِ الآيَةِ. وَقالَ: {أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا} إِلَى قَوْلِهِ: ¬

_ (¬1) قلتُ: ويؤيده ما جرى بينه وبين عمرَ في قتال المرتدِّين، حيث قال لِعُمرَ: أجبارٌ في الجاهلية، وخَوَّارٌ في الإِسلام!.

{دَحَاهَا} [النازعات: 27 - 30]. فَذَكَرَ خَلقَ السَّمَاءِ قَبْلَ خَلقِ الأَرْضِ، ثُمَّ قالَ: {أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} إِلَى: {طَائِعِينَ} [فصلت: 9 - 11] فَذَكَرَ فِي هذِهِ خَلقَ الأَرْضِ قَبْلَ السَّمَاءِ. وَقَالَ تعالى: {وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [النساء: 96] {عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 56] {سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 58]. فَكَأَنَّهُ كانَ ثُمَّ مَضى؟. فَقَالَ: {فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ} [المؤمنون: 101] في النَّفخَةِ الأُولَى، ثُمَّ يُنْفَخُ في الصُّورِ: {فَصَعِقَ مَن فِى السَّمَاوتِ وَمَن فِى الأرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللهُ} [الزمر: 68] فَلاَ أَنْسَابَ بَينَهُمْ عَنْدَ ذلِكَ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ، ثُمَّ في النَّفخَةِ الآخِرَةِ: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ (27)} [الصافات: 27]. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23]، {وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ} [النساء: 42] فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لأَهْلِ الإِخْلاَصِ ذُنُوبَهُمْ، وَقالَ المُشْرِكُونَ: تَعَالَوْا نَقُولُ لَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ، فَخُتِمَ عَلَى أَفوَاهِهِمْ، فَتَنْطِقُ أَيدِيهِمْ، فَعِنْدَ ذلِكَ عُرِفَ أَنَّ اللَّهَ لاَ يُكْتَمُ حَدِيثًا، وَعِنْدَهُ: {يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ} [النساء: 42] الآيَةَ. وَخَلَقَ الأَرْضَ في يَوْمَينِ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ في يَوْمَينِ آخَرَينِ، ثُمَّ دَحا الأَرْضَ، وَدَحْوُهَا: أَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا المَاءَ وَالمَرْعى، وَخَلَقَ الجِبَالَ وَالجِمَالَ وَالآكامَ وَما بَينَهُمَا في يَوْمَينِ آخَرَينِ، فَذلِكَ قَوْلُهُ: {دَحَاهَا} [النازعات: 30]. وَقَوْلُهُ: {خَلَقَ الأرْضَ فِى يَوْمَيْنِ} [9] فَجُعِلَتِ الأَرْضُ وَما فِيهَا مِنْ شَيءٍ في أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَخُلِقَتِ السَّماوَاتُ في يَوْمَينِ. {وَكَانَ اللهُ غَفُورًا} [النساء: 96] سمَّى نَفسَهُ ذلِكَ، وَذلِكَ قَوْلُهُ، أَي لَمْ يَزَل كَذلِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ شَيئًا إِلَّا أَصَابَ بِهِ الَّذِي أَرَادَ، فَلاَ يَخْتَلِف عَلَيكَ القُرْآنُ، فَإِنَّ كُلاًّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. ... حدثني يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أَنِيسَةَ، عَنِ المِنْهالِ بِهَذا. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {مَمْنُونٍ} [8] مَحْسُوبٍ. {أَقْواتَهَا} [10] أَرْزَاقَهَا. {فِى كُلّ سَمَاء أَمْرَهَا} [12] مِمَّا أَمَرَ بِهِ. {نَّحِسَاتٍ} [16] مَشَائِيمَ. {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء} [25]: قَرَنَّاهُمْ بِهِمْ. {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ} [30] عِنْدَ المَوْتِ. {اهْتَزَّتْ} [39] بِالنَّبَاتِ {وَرَبَتْ} [39] ارْتَفَعَتْ. وَقالَ غَيرُهُ: {مّنْ أَكْمَامِهَا} [47] حِينَ تَطْلُعُ. {لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} [50] بِعَمَلِي أَي أَنَا مَحْقُوقٌ بِهذا. {سَوَاء لّلسَّائِلِينَ} [10] قَدَّرَهَا سَوَاءً. {فَهَدَيْنَاهُمْ} [17] دَلَلنَاهُمْ عَلَى الخَيرِ وَالشَّرِّ، كَقَوْلِهِ: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ (10)} [البلد: 10]، وكَقَوْلِهِ: {هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} [الإنسان: 3]، وَالهُدَى الَّذِي هُوَ الإِرْشَادُ بِمَنْزِلَةِ أَسْعَدْنَاهُ، مِنْ ذلِكَ قَوْلُهُ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ

1 - باب: {وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين (23)} [فصلت: 23]

اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90]، {يُوزَعُونَ} [19] يُكَفَّوْنَ. {مّنْ أَكْمَامِهَا} [47] قِشْرُ الكُفُرَّى هِيَ الكُمُّ. وقَالَ غَيْرُهُ: ويُقالُ للعِنَبِ إذا خَرَجَ أيضًا كافُورٌ وكُفُرَّى. {وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [34] القَرِيبُ. {مِن مَّحِيصٍ} [48] حاصَ عَنْهُ: حاد. {مِرْيَةٍ} [54] وَمُرْيَةٌ وَاحِدٌ، أَيِ امْتِرَاءٌ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {اعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ} [40] الوَعِيدُ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [34] الصَّبْرُ عِنْدَ الغَضَبِ وَالعَفوُ عِنْدَ الإِسَاءَةِ، فَإِذَا فَعَلُوهُ عَصَمَهُمُ اللهُ، وَخَضَعَ لَهُمْ عَدُوُّهُمْ: {كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [34]. قَوْلُهُ: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22)} [فصلت: 22] 4816 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ} الآيَةَ كَانَ رَجُلاَنِ مِنْ قُرَيْشٍ وَخَتَنٌ لَهُمَا مِنْ ثَقِيفَ، أَوْ رَجُلاَنِ مِنْ ثَقِيفَ وَخَتَنٌ لَهُمَا مِنْ قُرَيْشٍ فِى بَيْتٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَتُرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ حَدِيثَنَا قَالَ بَعْضُهُمْ يَسْمَعُ بَعْضَهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَئِنْ كَانَ يَسْمَعُ بَعْضَهُ لَقَدْ يَسْمَعُ كُلَّهُ. فَأُنْزِلَتْ {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ} الآيَةَ. طرفاه 4817، 7521 - تحفة 9335 1 - باب: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)} [فصلت: 23] 4817 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِىٌّ - أَوْ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِىٌّ - كَثِيرَةٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ قَلِيلَةٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ فَقَالَ أَحَدُهُمْ أَتُرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ قَالَ الآخَرُ يَسْمَعُ إِنْ جَهَرْنَا وَلاَ يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَيْنَا. وَقَالَ الآخَرُ إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا فَإِنَّهُ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ} [فصلت: 22] الآيَةَ. وَكَانَ سُفْيَانُ يُحَدِّثُنَا بِهَذَا فَيَقُولُ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ أَوِ ابْنُ أَبِى نَجِيحٍ أَوْ حُمَيْدٌ أَحَدُهُمْ أَوِ اثْنَانِ مِنْهُمْ، ثُمَّ ثَبَتَ عَلَى مَنْصُورٍ، وَتَرَكَ ذَلِكَ مِرَارًا غَيْرَ وَاحِدَةٍ. قَوْلُهُ {فَإِن يَصْبِرُواْ فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ} الآيَةَ [24]. طرفاه 4816، 7521 - تحفة 9335 حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بِنَحْوِهِ. تحفة 9335 - 162/ 6

والمضاف إليه ههنا للتمييز عن «حم التنزيل». قوله: (قال رَجُلٌ لابنِ عَبَّاس: إني أجِدُ في القرآنِ أشياءَ تَخْتَلِفُ عليَّ) ... إلخ. وحاصله عِدَّةُ إشكالاتِ سُئل عنها ابنُ عباس: الأول: أنَّ القرآنَ أخْبر بأنَّ الأنسابَ لا تَنْفَعُ في المحْشر، وأنه لا يقع فيها تساؤلٌ، فناقضه في مَوْضع آخر وأخبر بالتساؤل، والقِيل والقال، والبحث والجدال. فأجاب عنه أنهما ألوانٌ وأطوار، فتارة يرمون بالصِّمات، وتَحِقُّ عليهم كلمةُ الإِنصات، فلم تسمع لهما صوت، وحينًا يتساءلون فيما بينهم، فلا خلاف بين وقوع التساؤل ونفيه. والثاني: أنّهُ يُعْلم من بعضِ الآياتِ أنَّ خَلْق الأَرْض مُقدَّم على خَلْق السماء، ومِنْ بعضِها بالعكس. والجواب أن نَفْسَ الأرضِ مُقدَّمةٌ على السماء، ودَحْوُها متأخِّرٌ عن تسويةِ السموات، فهي متقدِّمة من وَجْه، ومتأخِّرة من وَجْهٍ، فصح الأمران. قلتُ: وهذا الجوابُ غيرُ تامَ، كما أشار إليه في «جامع البيان» في تفسير سورة النازعات. وتعرَّض إليه الشاه عبدُ القادر في ثلاثة مواضع، ولم يأت بما يشفي الصدور، نعم تعرض إليه الشاه عبد العزيز في «فتح العزيز» وهو مُفيدٌ. وحاصِلُ ما ذكره أنَّ مادة الأرضِ والسموات كانتا مُخْتلِطَتَين أَوّلًا، فميز الله سبحانه بينهما، ثُم سَوَّى السموات، ثُم دحا الأرض. فتسويةُ السمواتِ بعد مادتها، ودَحْوُ الأرض بعد تسويةِ السماء. والثالث: أن صِفاتِ الله تعالى أَزَليَّةٌ، فكيف تستقيمُ صِيغُ الماضي في نحو قوله تعالى: {وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}. قلتُ: ولم أتحصّل الجوابَ من ألفاظه التي عند البخاري، وذلك لعدم إدراكِنا مصطلحاتِ السَّلَف، ولعل مرادَه أن تلك الصِّيغ وإن كانت للمُضِي، لكنها إذا استعملت في الصِّفات الإِلهية تكون لإِفادة مُضِي التسمية فقط. فلا تَخالُفَ بين قِدَم الصفات، وصِيغ الماضي (¬1). وحاصل الجواب أن الاسمَ قدِيمٌ، والتسمية به ماضٍ. ولاحظ هناك مسألةَ التكوين أيضًا، فإِنَّ الأشاعرة أنكروها، وزعموا أن في تَعلُّقِ الصِّفات السَّبْع غناءً عن القَوْل بصفةِ التكوين، وإليه مال ابنُ الهُمام في «المسايرة» و «التحرير»، وحينئذ تكون أسماؤه تعالى كلُّها انتزاعيةً عندهم، والماتريدية أدرجوها تحت صفةِ التكوين، فيكون اسمه «العزيز» و «الحكيم» أيضًا داخِلًا تحت التكوين، ويستقيمُ أسلوبُ القرآن، ولكنه لا بد أن يقال: إن تلك الأسماءَ قديمةٌ، نعم تعلُّقاتها حادِثة. ¬

_ (¬1) قلت: وليراجع تفسيره، فإِنَّ الكلام في حَيِّز الخفاء بعد، ولم أجد فرصةً للمراجعة، وليراجع "مُشْكلات القرآن" للشيخ.

فائدة

والرابع: أنَّ الله حَكَى عن المشركين أَوّلًا: {أَنَّهم لا يكتمون اللَّهَ حَدِيثًا} [النِّساء: 42]، ثُم أخبر عن قولهم: {مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأَنعام: 23]، وهل هذا إلا كِتمانٌ لِشِرْكهم؟ وجوابه أن النفيَ بيانٌ لما سيظهر آخِرًا، وينتهي إليه الأمر، فإِنَّهم إذا كتموا تَنْطِق أعضاؤهم بما كسبوا، فأيّ شيء يكتمون بعده، وهذا معنى قوله: «وعند ذلك عُرِف أنَّ اللَّهَ لا يكتُمُ حديثًا»، أي وعند ذلك يتبين، ويظهر اب بات كهلى كى. فهذه أربعةُ أَسئلة، مع تقرير أجوبتها. فائدة: وقد تُكلّم في الفلسفةِ على أنه لا قوّةَ في الفاعل باعتبار مفعولِه، بخلاف المادة، فإِنَّ فيها استعدادًا للصُّوَرِ، وقالوا: إنَّ نِسبةَ الفِعْل إلى فاعله وجوبيةٌ، ونسبة المستعِدّ إلى المستعَدِّ له إمكانيةٌ. قلتُ: أرادوا بذلك بيان تفاوت الأنظار فقط، سواء كانت له ثمرةٌ في الخارج أو لا. قوله: (مَشَائِيم) جَمْع شُؤم. قوله: (مَحْقُوق) "سزاوار". قوله: ({وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ (10)}) يمكن أن يكون المصنِّفُ تعرَّض إلى معنى الهداية. قوله: (والهُدَى الذي هو الإِرشَادُ) فهذه مُوصلةٌ إلى البغية، والأُولى بمعنى إراءة الطريقِ، وراجع له «ميرايساغوجي». بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 42 - سُورَةُ حم عسق [الشُّورَى] وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {عَقِيمًا} [50]: لاَ تَلِدُ. {رُوحًا مّنْ أَمْرِنَا} [52] القُرْآنُ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ} [11]: نَسْلٌ بَعْدَ نَسْلٍ. {لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا} [15] لاَ خُصُومَةَ. {طَرْفٍ خَفِيِّ} [45] ذَلِيلٍ. وَقالَ غَيرُهُ: {فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} [33] يَتَحَرَّكْنَ وَلاَ يَجْرِينَ في البَحْرِ. {شَرَعُواْ} [21] ابْتَدَعُوا. 1 - باب قوله: {إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] 4818 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ سَمِعْتُ طَاوُسًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما -. أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ {إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قُرْبَى آلِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ

43 - سورة حم الزخرف

عَجِلْتَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا كَانَ لَهُ فِيهِمْ قَرَابَةٌ فَقَالَ إِلَّا أَنْ تَصِلُوا مَا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ مِنَ الْقَرَابَةِ. طرفه 3497 - تحفة 5731 4818 - قوله: ({إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى}) حاصل تفسيرِ سعيد بنِ جُبير أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم سألهم عن مراعاة أهل قرابته. وحاصل تفسيرِ ابن عباس سألهم عن مراعاةِ نفسه، لأَجْل قرابتِه في جميعِ البطون (¬1). بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 43 - سُورَةُ حم الزُّخْرُفِ وَقالَ مُجَاهِدٌ: {عَلَى أُمَّةٍ} [22 - 23] عَلَى إِمامٍ. {وَقِيلِهِ يا رَبّ} [88] تَفسِيرُهُ: أَيَحْسبُون أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ، وَلاَ نَسْمَعُ قِيلَهُمْ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وحِدَةً} [33]: لَوْلاَ أَنْ جَعَلَ النَّاسَ كُلَّهُمْ كُفَّارًا، لَجَعَلتُ لِبُيُوتِ الكُفَّارِ {سُقُفًا مّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ} [33] مِنْ فِضَّةٍ، وَهيَ دَرَجٌ، وَسُرُرَ فِضَّةٍ. {مُّقَرَّنِينَ} [13] مُطِيقِينَ. {آسَفُونَا} [55] أَسْخَطُونَا. {يَعْشُ} [36] يَعْمى. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذّكْرَ} [5]: أَي تُكَذِّبُونَ بِالقُرْآنِ، ثُمَّ لاَ تُعَاقَبُونَ عَلَيهِ؟ {وَمَضَى مَثَلُ الأوَّلِينَ} [8]: سُنَّةُ الأَوَّلِينَ. {مُّقَرَّنِينَ} [13] يَعْنِي الإِبِلَ وَالخَيلَ وَالبِغَالَ وَالحَمِيرَ. {يُنَشَّأُ فِى الْحِلْيَةِ} [18] الجَوَارِي، جَعَلتمُوهُنَّ لِلرَّحْمن وَلَدًا، فَكَيفَ تَحْكُمُونَ؟ {لَوْ شَاء الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} [20]: يَعْنُونَ الأَوْثَانَ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: {مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ} [20] الأَوْثَانُ، إِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ. {فِى عَقِبِهِ} [28] وَلَدِهِ. {مُقْتَرِنِينَ} [53] يَمْشُونَ مَعًا. {سَلَفًا} [56] قَوْمُ فِرْعَوْنَ سَلَفًا لِكُفَّارِ أُمَّةِ مُحَمَّدِ صلى الله عليه وسلّم {وَمَثَلًا} [56] عِبْرَةً. {يَصُدُّونَ} [57] يَضِجُّونَ. {مُبْرِمُونَ} [79] مُجْمِعُونَ. {أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [81] أَوَّلُ المُؤْمِنِينَ. {إِنَّنِى بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ} [26] العَرَبُ تَقُولُ: نَحْنُ مِنْكَ البَرَاءُ وَالخَلاَءُ، الوَاحِدُ وَالاِثْنَانِ وَالجَمِيعُ، مِنَ المُذَكَّرِ وَالمُؤَنَّثِ، يُقَالُ فِيهِ: بَرَاءٌ، لأَنَّهُ مَصْدَرٌ، وَلَوْ قالَ: بَرِيءٌ، لَقِيل في الاِثْنَينِ: بَرِيئانِ، وَفي الجَمِيعِ: بَرِيئُونَ، وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّنِي بَرِيءٌ، بِاليَاءِ. وَالزُّخْرُفُ: الذَّهَبُ. {مَّلَائِكَةً فِى الأرْضِ يَخْلُفُونَ} [60] يَخْلُفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. ¬

_ (¬1) قلتُ: قال الحافظ: والحاصل أن سعيدَ بنَ جُبير، ومَنْ وافقه حملوا الآيةَ على أمر المخاطَبِين، بأن يوادّوا أقارِبَ النبيِّ صلى الله عليه وسلَّم من أَجْلِ القرابةِ التي بينهم وبينه، فعلى الأول الخِطاب عامٌّ لجميع المكلَّفين، وعلى الثاني الخطاب خاصٌّ بِقُرَيش.

44 - سورة الدخان

قَوْلُهُ: {وَنَادَوْاْ يمَلِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [77] قَالَ: إِنّكُمْ مَاكثُونَ. 4819 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}. طرفاه 3230، 3266 - تحفة 11838 وَقالَ قَتَادَةُ: {مَثَلًا للآخِرِينَ} [56] عِظَةً. وَقالَ غَيرُهُ: {مُّقَرَّنِينَ} [13] ضَابِطِينَ، يُقَالُ: فُلاَنٌ مُقْرِنٌ لِفُلاَنٍ ضَابِطٌ لَهُ. وَالأَكْوَابُ: الأَبَارِيقُ الَّتِي لاَ خَرَاطِيمَ لَهَا. وَقالَ قَتَادَةُ: {فِى أُمِّ الْكِتَبِ} [4]، جُمْلَةِ الكِتَابِ، أَصْلِ الكِتَابِ. {أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [81]: أَي ما كانَ، فَأَنَا أَوَّلُ الآنِفِينَ، وَهُمَا لُغَتَانِ: رَجُلٌ عابِدٌ وَعَبِدٌ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: وَقالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ. وَيُقَالُ: {أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} الجَاحِدِينَ، مِنْ عَبِدَ يَعْبَدُ. {أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذّكْرَ صَفْحًا أَن كُنتُمْ قَوْمًا مُّسْرِفِينَ} [5] مُشْرِكِينَ، وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ هذا القُرْآنَ رُفِعَ حَيثُ رَدَّهُ أَوَائِلُ هذهِ الأُمَّةِ لَهَلَكُوا. {فَأَهْلَكْنَآ أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الأوَّلِينَ (8)} [8] عُقُوبَةُ الأَوَّلِينَ. {جُزْأً} [15] عِدْلًا. قوله: ({وقِيله}) قلتُ: أشكل وَجْه قراءةِ الجر، فحملها الزَّمخشري على أن الواو للقسم، وقرره الشاه عبد القادر. وعندي هي واو المَعِيّة بدون تشريك، وقد فصلته ذيلَ آيةِ الوضوء عند بيان القراءتين في قوله: {وَأَرْجُلَكُمْ}، أما قراءة النصب، فهي النصب، فهي على ظاهر الأَمْر، كما ذهب إليه البخاري. قوله: (العَرَبُ تَقُولُ: نحنُ مِنْك البَرَاءُ) ... إلخ. أي استعملوه مَصْدرًا، فلا تظهر فيه التثنية، والجمع، والإِفراد، وكذا التذكير والتأنيث. قوله: ({جُزْأً} عِدْلا) "همسر". بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 44 - سُورَةُ الدُّخَانِ وَقالَ مُجَاهِدٌ: {رَهْوًا} [24] طَرِيقًا يَابِسًا، {عَلَى العَالَمِينَ} [32] عَلَى مَنْ بَينَ ظَهْرَيهِ. {فَاعْتِلُوهُ} [47] ادْفَعُوهُ. {وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ} [54] أَنْكَحْنَاهُمْ حُورًا عِينًا يَحَارُ فِيهَا الطَّرْفُ. {تَرْجُمُونِ} [20] القَتْلُ. وَرَهْوًا سَاكِنًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {كَالْمُهْلِ} [45] أَسْوَدُ كَمُهْلِ الزَّيتِ. وَقالَ غَيرُهُ: {تَبِعَ} [37] مُلُوكُ اليَمَنِ، كُلُّ واحِدٍ مِنْهُمْ يُسَمَّى تُبَّعًا، لأَنَّهُ يَتْبَعُ صَاحِبَهُ، وَالظِّلُّ يُسَمَّى تُبَّعًا، لأَنَّهُ يَتْبَعُ الشَّمْسَ.

1 - باب {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين (10)} [الدخان: 10]

1 - باب {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10)} [الدخان: 10] قالَ قَتَادَةُ: {فَارْتَقِبْ} [10]: فَانْتَظِرْ. 4820 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ مَضَى خَمْسٌ الدُّخَانُ وَالرُّومُ وَالْقَمَرُ وَالْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ. أطرافه 1007، 1020، 4693، 4767، 4774، 4809، 4821، 4822، 4823، 4824، 4825 - تحفة 9576 2 - باب {يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11)} [الدخان: 11] 4821 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّمَا كَانَ هَذَا لأَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا اسْتَعْصَوْا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - دَعَا عَلَيْهِمْ بِسِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ، فَأَصَابَهُمْ قَحْطٌ وَجَهْدٌ حَتَّى أَكَلُوا الْعِظَامَ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الْجَهْدِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11)} [الدخان: 10 - 11] قَالَ فَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَسْقِ اللَّهَ لِمُضَرَ، فَإِنَّهَا قَدْ هَلَكَتْ. قَالَ «لِمُضَرَ إِنَّكَ لَجَرِىءٌ». فَاسْتَسْقَى فَسُقُوا. فَنَزَلَتْ {إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} [الدخان: 15] فَلَمَّا أَصَابَتْهُمُ الرَّفَاهِيَةُ عَادُوا إِلَى حَالِهِمْ حِينَ أَصَابَتْهُمُ الرَّفَاهِيَةُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)} [الدخان: 16] قَالَ يَعْنِى يَوْمَ بَدْرٍ. أطرافه 1007، 1020، 4693، 4767، 4774، 4809، 4820، 4822، 4823، 4824، 4825 - تحفة 9574 3 - باب قوله تعالى: {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12)} [الدخان: 12] 4822 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ تَقُولَ لِمَا لاَ تَعْلَمُ اللَّهُ أَعْلَمُ، إِنَّ اللَّهَ قَالَ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86)} [ص: 86] إِنَّ قُرَيْشًا لَمَّا غَلَبُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتَعْصَوْا عَلَيْهِ قَالَ «اللَّهُمَّ أَعِنِّى عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ». فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ أَكَلُوا فِيهَا الْعِظَامَ وَالْمَيْتَةَ مِنَ الْجَهْدِ، حَتَّى جَعَلَ أَحَدُهُمْ يَرَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الْجُوعِ. قَالُوا {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12)} [الدخان: 12] فَقِيلَ لَهُ إِنْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَادُوا. فَدَعَا رَبَّهُ فَكَشَفَ عَنْهُمْ، فَعَادُوا، فَانْتَقَمَ اللَّهُ مِنْهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} إِلَى قَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ {إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} [الدخان: 10 - 16] أطرافه 1007، 1020، 4693، 4767، 4774، 4809، 4820، 4821، 4823، 4824، 4825 - تحفة 9574 - 165/ 6 4 - باب {أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (13)} [الدخان: 13] الذِّكْرُ وَالذِّكْرَى وَاحِدٌ. 4823 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا دَعَا

5 - باب {ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون (14)} [الدخان: 14]

قُرَيْشًا كَذَّبُوهُ وَاسْتَعْصَوْا عَلَيْهِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ أَعِنِّى عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ». فَأَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ حَصَّتْ - يَعْنِى - كُلَّ شَىْءٍ حَتَّى كَانُوا يَأْكُلُونَ الْمَيْتَةَ فَكَانَ يَقُومُ أَحَدُهُمْ فَكَانَ يَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ مِثْلَ الدُّخَانِ مِنَ الْجَهْدِ وَالْجُوعِ ثُمَّ قَرَأَ {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11)} حَتَّى بَلَغَ {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} [الدخان: 10 - 15] قَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ وَالْبَطْشَةُ الْكُبْرَى يَوْمَ بَدْرٍ. أطرافه 1007، 1020، 4693، 4767، 4774، 4809، 4820، 4821، 4822، 4824، 4825 - تحفة 9574 5 - باب {ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (14)} [الدخان: 14] 4824 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ وَمَنْصُورٍ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86)} [ص: 86] فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا رَأَى قُرَيْشًا اسْتَعْصَوْا عَلَيْهِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ أَعِنِّى عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ». فَأَخَذَتْهُمُ السَّنَةُ حَتَّى حَصَّتْ كُلَّ شَىْءٍ حَتَّى أَكَلُوا الْعِظَامَ وَالْجُلُودَ - فَقَالَ أَحَدُهُمْ حَتَّى أَكَلُوا الْجُلُودَ وَالْمَيْتَةَ - وَجَعَلَ يَخْرُجُ مِنَ الأَرْضِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ فَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ أَىْ مُحَمَّدُ إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُمْ فَدَعَا ثُمَّ قَالَ «تَعُودُوا بَعْدَ هَذَا». فِى حَدِيثِ مَنْصُورٍ ثُمَّ قَرَأَ {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10)} إِلَى {عَائِدُونَ} [الدخان: 10 - 15] أَيُكْشَفُ عَذَابُ الآخِرَةِ فَقَدْ مَضَى الدُّخَانُ وَالْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ وَقَالَ أَحَدُهُمُ الْقَمَرُ وَقَالَ الآخَرُ الرُّومُ. أطرافه 1007، 1020، 4693، 4767، 4774، 4809، 4820، 4821، 4822، 4823، 4825 - تحفة 9574 - 166/ 6 6 - باب {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)} [الدخان: 16] 4825 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ خَمْسٌ قَدْ مَضَيْنَ اللِّزَامُ وَالرُّومُ وَالْبَطْشَةُ وَالْقَمَرُ وَالدُّخَانُ. أطرافه 1007، 1020، 4693، 4767، 4774، 4809، 4820، 4821، 4822، 4823، 4824 - تحفة 9576 قوله: ({وَزَوَّجْنَاهُم} أَنْكَحْنَاهُمْ) قيل: إن المؤمنين ينكحون الحُورَ في الجنة، وقيل: بل يُباح لهم الاستمتاعُ بهنَّ بدون نِكاح. وأشار المصنِّف بتفسيره إلى أن المرجَّح عنده هو التزويجُ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 45 - سُورَةُ الجَاثِيَةِ {جَاثِيَةً} [28]: مُسْتَوْفِزِينَ عَلَى الرُّكَبِ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {نَسْتَنسِخُ} [29] نَكْتُبُ. {نَنسَاكُمْ} [34] نَتْرُكُكُمْ.

1 - باب {وما يهلكنا إلا الدهر} [الجاثية: 24] الآية

1 - باب {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24] الآيَةَ 4826 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُؤْذِينِى ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِى الأَمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ». طرفاه 6181، 7491 - تحفة 13131 قوله: (مُسْتَوْفِزِين) "سر سرى نشست". 4826 - قوله: (وأنا الدَّهْر) وشَرْحُه المشهور: أنَّ ابنَ آدم يزعمُ أن الدَّهْر هو الذي يجلب إليه الدوائر، فإِذا ابتُلي به يَسُبّه سَبًّا، ولا يدري أن الجالب هو اللهُ تعالى، فكأنه يَسُبّ اللَّهَ عز وجل، فإن الأمر بيده، يقلِّب الليلَ والنهار. وقال الشيخ الأكبر: إنَّ الدَّهْر من الأسماء الحُسْنى، وإذن يكون شأنًا من شؤونه تعالى، وفِعْلًا من أفعاله. وذَكَر الرازي وظيفةَ بعض المشايخ «يا دهر»، «يا ديهار»، «يا ديهور»، ولو وجدت هذا اللفظ في الكتب السابقة لَرَكَنْت إلى كونِه منها. وذكر صاحب «القاموس» أيضًا أنه يحتمل أن يكونَ من أسمائه تعالى، وهو من معتقدي الشيخ الأكبر. وكذا الإِمام أبي حنيفة أيضًا، كما في «طبقات الفَيْرُوز آبادي» - رسالة صُنِّفت في طبقات الحنفية. قلتُ: إنَّ العالم بِأَسره تحت أسمائه تعالى عند الشيخ الأكبر، فليكن الزمانُ تحت اسم الدَّهْر، فيطلقُ الزمانُ فيما بيننا على عالَم الإِمكان، وإذا جاءت حضرةُ الوجوب لا نقولُ فيها الزمان، بل نطلقُ فيها لَفْظ الدَّهْر، وحينئذ تقسيمُ المَعِية إلى الزمانية، والسَّرْمديةِ، والدهرية صحيحٌ في الجملة، وإنْ كان تفسيرُ المَعِية الدهريةَ عندي، غير ما في المشهور. وفي «الشمس البازغة»: أن قَومًا ذهبوا إلى إنكار الباري سبحانه، وقالوا بالدَّهْر فَحَسْب، بالله خابوا وخسروا. فائدة: صنف صاحبُ «القاموس» رسالة سماها «بسفر السعادة» وقد بالغ فيها، فادَّعى التواتر في مسألة رفع السَّبّابة ورَفْع اليدين، مع أنه لا يوجد في المسألة الأُولى أزيدُ من ثلاثة أحاديث، وفي الثانية نحو العشرين، وأما ما ادَّعى من أنها نحو مئتين، فلا أَصْلَ له. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 46 - سُورَةُ الأَحْقَافِ وَقالَ مُجَاهِدٌ: {تُفِيضُونَ} [8] تَقُولُونَ. وَقالَ بَعْضُهُمْ: أَثَرَةٍ وَأُثْرَةٍ وَ {أَثَرَةٍ} [4] بَقِيَّة عِلمٍ.

1 - باب {والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين (17)} [الأحقاف: 17]

وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {بِدْعًا مّنَ الرُّسُلِ} [9]: لَسْتُ بِأَوَّلِ الرُّسُلِ. وَقالَ غَيرُهُ: {أَرَأَيْتُمْ} [4] هذهِ الأَلِفُ إِنَّمَا هِيَ تَوَعُّدٌ، إِنْ صَحَّ ما تَدَّعُونَ لاَ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ، وَلَيسَ قَوْلُهُ: {أَرَأَيْتُمْ} بِرُؤْيَةِ العَينِ، إِنَّمَا هُوَ: أَتَعْلَمُونَ، أَبَلَغَكُمْ أَنَّ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ خَلَقُوا شَيئًا؟. 1 - باب {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17)} [الأحقاف: 17] 4827 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ قَالَ كَانَ مَرْوَانُ عَلَى الْحِجَازِ اسْتَعْمَلَهُ مُعَاوِيَةُ، فَخَطَبَ فَجَعَلَ يَذْكُرُ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، لِكَىْ يُبَايِعَ لَهُ بَعْدَ أَبِيهِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ شَيْئًا، فَقَالَ خُذُوهُ. فَدَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ فَقَالَ مَرْوَانُ إِنَّ هَذَا الَّذِى أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي}. فَقَالَتْ عَائِشَةُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِينَا شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ إِلاَّ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عُذْرِى. تحفة 17692 - 167/ 6 2 - باب قوله: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24)} [الأحقاف: 24] قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عارِضٌ: السَّحَابُ. 4828 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن عيسى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو أَنَّ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَاحِكًا حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ، إِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ. طرفه 6092 - تحفة 16136 4829 - قَالَتْ وَكَانَ إِذَا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيحًا عُرِفَ فِى وَجْهِهِ. قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْغَيْمَ فَرِحُوا، رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْمَطَرُ، وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عُرِفَ فِى وَجْهِكَ الْكَرَاهِيَةُ. فَقَالَ «يَا عَائِشَةُ مَا يُؤْمِنِّى أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ فَقَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا». طرفه 3206 - تحفة 16136 قوله: (أرأيتُم) ليس للاستفهام، بل للوَعِيد. 4827 - قوله: (فقال له عبدُ الرحمن بن أبي بَكْر شيئًا) ... إلخ. أي قال عبدُ الرحمن: أن بيعوا على سنة كِسْرى وقَيْصر، حين رآهم يقولون: بيعوا على سنة أبي بكر وعمر، فلما سمعوا مقالته قالوا: خذوه.

47 - سورة محمد صلى الله عليه وسلم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 47 - سُورَةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم {أَوْزَارَهَا} [4] آثَامَهَا، حَتَّى لاَ يَبْقَى إِلَّا مُسْلِمٌ. {عَرَّفَهَا} [6] بَيَّنَهَا. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا} [11] وَلِيُّهُمْ. {عَزَمَ الأَمْرُ} [21] جَدَّ الأَمْرُ. {فَلاَ تَهِنُواْ} [35] لاَ تَضْعُفُوا. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أَضْغَانَهُمْ} [29] حَسَدَهُمْ. {آسِنٍ} [15] مُتَغَيِّرٍ. 1 - باب {وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22] 4830 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِى مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِى مُزَرَّدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ لَهَا مَهْ. قَالَتْ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ. قَالَ أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ. قَالَتْ بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ فَذَاكِ لَكِ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)} [محمد: 22]. أطرافه 4831، 4832، 5987، 7502 - تحفة 13382 - 168/ 6 4831 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عَمِّى أَبُو الْحُبَابِ سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ بِهَذَا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {فَهَلْ عَسَيْتُمْ}. أطرافه 4830، 4832، 5987، 7502 - تحفة 13382 4832 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِى الْمُزَرَّدِ بِهَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {فَهَلْ عَسَيْتُمْ}». أطرافه 4830، 4831، 5987، 7502 - تحفة 13382 قوله: ({عَزَمَ الأَمْرُ} جَدَّ الأَمْر) "كام بخته هو كيا". قوله: (فأَخَذَت بِحَقْو الرَّحْمن) وفي قاضيخان: مَن ادَّعى أنه رأى رَبَّه في المنام، فإِنه لا يكفر، لأنه نحوٌ من التجلِّي، كما في «حجة الله البالغة». قلتُ: والذي يخطر بالبال - وإن لم يكن له بال - أن تَجَلِّيه الذي يُعبر عنه بالرؤية لا يكون إلَّا في صورة الإِنسان، أو الأنوار، أعني به ما يعبر عنه الرائي، أنه رأى رَبَّه، وأما غيرُ ذلك من التجليات، مما لا يُقال فيها إنها رؤيةٌ تعالى، فيمكن بكل نحوٍ. واستدل عليهم الشيخُ الأكبر من قوله في حديث الدجَّال: إنَّ رَبَّكم ليس بأعور، مع ما في بعض الروايات أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أشار إلى عَيْنِه، فإِنَّه يُشْعر بأنه تعالى لو تَجلَّى في صورةٍ لكان في صورةِ الإِنسانِ الكامل، غير فاقد للعين. وهذا الشقيُّ يكون أعورَ العين اليُمنى،

48 - سورة الفتح

فكيف يمكن أن يكون رَبًّا. ولولا تجلِّيه في صورة الإِنسان لما كان لقوله: «وإنَّ ربَّكم ليس بأعوَر» وَجْهٌ لطيف. وحينئذ ظهر معنى قوله: «حَقْو الرحمن»، فإِنَّه أيضًا تجلَّى على نحو ما يراه الرائي في منامه. قلتُ: وهذا كما ترى كله من اختلاف العالمين "يه سب كارستانى اختلاف عالمين كى هى بهت سى جهان ركهى هوئى هين". واعلم أن التجلِّي عبارةٌ عن أمور إلهية، تَضْعُف عن مشاهدتها بِنيةُ البشر، ويَكِلُّ عن إدراكها البصرُ، فَتُقام صورٌ تليق بِبِنيته لتقرِّبه من عالم الغيب، وتفيدُه معرفةً وبصيرةً بس يه سمان باندهنا اوريه بيرايه مشاهده بهى تجلى هى. وثبتت رؤيةُ الباري تعالى في رواية الترمذي، وروى في تلك الرواية (¬1) في الخارج الرؤيةَ على هيئةِ شابٍ أَمْرد. وتصدَّى له البيهقيُّ، وليس بصواب، وكثيرًا ما أراهم يزعمُون أنَّ كلَّ الصيدِ في جوف القرى، فإِذا لم يدركوا أمرًا إذا هم يُنْكرون، كالزمخشري، فإِنه يحمل جميعَ المتشابهات على الاستعارات، والذي يُناسب أن تُصْرف الأمورُ إلى أهلها، ثُم لا ينازعه فيها. والفقهاء أيضًا خَفَّفُوا أَمْر الرؤية. وبالجملةِ ما أشبهت رؤيته تعالى في المحْشَر برؤيتك إياه في المنام، وإنْ تفاوتت الرؤيتان قوةً وضَعْفًا. لا أريد به أنَّ الرؤيةَ في المَحْشر ليست على الحقيقةِ، بل نحو من المجاز، سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحقّ، إنما أريدُ الاشتراك بين المرئي، أنه التجلِّي في المحلين، وإن كان تَجلِّيه في المَحْشر أَقْوى وأَقْوى مما في المنام، والله يَدْري ما بينهما من التفاوت في الكيفيات، ولكنَّ هذا التجلي هو المعبر عن رؤية الذاتِ عندي، فلا يخالف ألفاظَ الحديث. وقد مرّ معنا أنه مختارُ الشيخ الأَكْبر أيضًا، وتَبِعْتُه في ذلك، وقد تكلَّمنا عليه في مواضع، فراع المواضِعَ كلَّها، وإياك وأن تعزو إلي ما لم أُرِدْه. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 48 - سُورَةُ الفَتْحِ قَالَ مُجَاهدٌ: بُورًا هَالِكِينَ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {سِيمَاهُمْ فِى وُجُوهِهِمْ} [29] السَّحْنَةُ، وَقالَ مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ: التَّوَاضُعُ. {شَطْأَهُ} [29] فِرَاخَهُ. {فَاسْتَغْلَظَ} [29] غَلُظَ. {سُوقِهِ} [29] السَّاقُ حامِلَةُ الشَّجَرَةِ. ¬

_ (¬1) وسنخرجها في الهامش في "باب الاستئذان" إن شاء الله تعالى.

1 - باب {إنا فتحنا لك فتحا مبينا (1)} [الفتح: 1]

وَيُقَالُ: {دَائِرَةُ السَّوْء} [6]، كَقَوْلِكِ: رَجُلُ السَّوْءِ، وَدَائِرَةُ السُّوءِ: العَذَابُ. {يُعَزِّروهُ} [9] يَنْصُرُوهُ. {شَطْأَهُ} [29] شَطْءُ السُّنْبُلِ، تُنْبِتُ الحَبَّةُ عَشْرًا، أَوْ ثَمَانِيًا، وَسَبْعًا، فَيَقْوَى بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، فَذَاكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَآزَرَهُ} [29] قَوَّاهُ، وَلَوْ كانَتْ وَاحِدَةً لَمْ تَقُمْ عَلَى سَاقٍ، وَهُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللهُ لِلنبي صلى الله عليه وسلّم إِذْ خَرَجَ وَحْدَهُ، ثُمَّ قَوَّاهُ بِأَصْحَابِهِ، كما قَوَّى الحَبَّةَ بِمَا يُنْبِتُ مِنْهَا. 1 - باب {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)} [الفتح: 1] 4833 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسِيرُ فِى بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلاً، فَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ شَىْءٍ، فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فُلَمْ يُجِبْهُ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثَكِلَتْ أُمُّ عُمَرَ، نَزَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، كُلَّ ذَلِكَ لاَ يُجِيبُكَ. قَالَ عُمَرُ فَحَرَّكْتُ بَعِيرِى، ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامَ النَّاسِ، وَخَشِيتُ أَنْ يُنْزَلَ فِىَّ الْقُرْآنُ، فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ بِى فَقُلْتُ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِىَّ قُرْآنٌ. فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ «لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَىَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِىَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ». ثُمَّ قَرَأَ {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)}. طرفاه 4177، 5012 - تحفة 10387 - 169/ 6 4834 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)} قَالَ الْحُدَيْبِيَةُ. طرفه4172 - تحفة 1270 4835 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ قَرَأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ سُورَةَ الْفَتْحِ فَرَجَّعَ فِيهَا. قَالَ مُعَاوِيَةُ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَحْكِىَ لَكُمْ قِرَاءَةَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لَفَعَلْتُ. أطرافه 4281، 5034، 5047، 7540 - تحفة 9666 قوله: (سِيماهُم في وُجُوهِهم) السَّحْنَة "هره". قوله: (حامِلَةُ الشَّجرةِ) "كيهون كاتنه". 4833 - قوله: (كانَ يَسِيرُ في بَعْضِ أَسْفَارِه)، أي مَقْفَله من الحديبية. 2 - باب قَوْلُهُ: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2)} [الفتح: 2] 4836 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا زِيَادٌ أَنَّهُ سَمِعَ الْمُغِيرَةَ يَقُولُ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ فَقِيلَ لَهُ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ «أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا». طرفاه 1130، 6471 - تحفة 11498

3 - باب {إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا} [الفتح: 8]

4837 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ سَمِعَ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ «أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا». فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ، فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ. أطرافه 1118، 1119، 1148، 1161، 1168 - تحفة 16400 أَشكلَ تعليلُ الفتح بالمغفرة. قلتُ: ولعلَّ بين الشُّكْر والمغفرة تناسبًا معنويًا، فيوضع أحدهما مَوْضع الآخر. ألا ترى أنه وَضَع الاستغفارَ دُبُرَ الصلوات، وإلَّا فالظاهر أن مَوْضِعَه مَوْضع الشكر، ثم ظهر أن خيرَ الدنيا والآخرة، كالتوءَمين في حقِّ الأنبياء عليهم السلام، فإِذا أصابهم اللهُ تعالى بخيرٍ من الدنيا يعطف عليهم بخيرٍ من الآخرة أيضًا في ذلك الآن. وحينئذ ظهر وَجْه قِران الفتح بالمغفرة، فإِن الفتح نعمةٌ دنيوية، ولا تتحقق في حقِّ الأنبياء عليهم السلام، إلا أن تَشُوبها نعمةٌ أُخرى من النعم الأَخْروية، فأخبر بالمغفرةِ بما تقدّم وما تأخّر. وهذا كما قارن بينهما في سورة النَّصْر، فأَمره بالاستغفار عند الفتح ليغفر له، غير أنه ابتدأ ههنا بِبُشْرى المغفرة. وبالجملةِ لا تخلو نعمةٌ دنيويةٌ فيهم إلَّا وتصاحِبُها نعمةٌ أُخرى من النّعم الأخروية. ولو أمعنت النَّظر فيه لَذُقْت المعنى. نعم، ومَنْ لم يذق لم يدر؛ وراجع له «رُوح المعاني». 4837 - قوله: (فلما كَثُر لَحْمهُ صلَّى جالسًا، فإِذا أرادَ أَنْ يركع قام فقرأَ، ثُم ركع) وهذه القطعةُ ليست عند المصنِّف إلَّا في هذا الموضع، ولم يترجم عليها المصنف أيضًا. وقد عَلِمت أنه إذا لم يَخْتر جانبًا لا يترجم له، وإنْ كان اللفظَ المناسب له عنده. 3 - باب {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الفتح: 8] 4838 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ هِلاَلِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضى الله عنهما - أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ الَّتِى فِى الْقُرْآنِ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45)} قَالَ فِى التَّوْرَاةِ يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِى وَرَسُولِى سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ وَلاَ سَخَّابٍ بِالأَسْوَاقِ وَلاَ يَدْفَعُ السَّيِّئَةَ بِالسَّيِّئَةِ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَيَفْتَحَ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا. طرفه 2125 - تحفة 8886 - 170/ 6

4 - باب {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين} [الفتح: 4]

4 - باب {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح: 4] 4839 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ، وَفَرَسٌ لَهُ مَرْبُوطٌ فِى الدَّارِ، فَجَعَلَ يَنْفِرُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ فَنَظَرَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، وَجَعَلَ يَنْفِرُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ بِالْقُرْآنِ». طرفاه 3614، 5011 - تحفة 1819 قوله: (فقال: تلك السكينة) قلتُ: وهذا من باب التَّمثُّل. 5 - باب {إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] 4840 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ. أطرافه 3576، 4152، 4153، 4154، 5639 - تحفة 2528 4841 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ صُهْبَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِىِّ إِنِّى مِمَّنْ شَهِدَ الشَّجَرَةَ، نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْخَذْفِ. طرفاه 5479، 6220 - تحفة 9663 4842 - وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبَانَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُغَفَّلِ الْمُزَنِىِّ فِى الْبَوْلِ فِى الْمُغْتَسَلِ. تحفة 9663 4843 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ - رضى الله عنه - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ. أطرافه 1363، 4171، 6047، 6105، 6652 - تحفة 2063 4844 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ السُّلَمِىُّ حَدَّثَنَا يَعْلَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى ثَابِتٍ قَالَ أَتَيْتُ أَبَا وَائِلٍ أَسْأَلُهُ فَقَالَ كُنَّا بِصِفِّينَ فَقَالَ رَجُلٌ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ. فَقَالَ عَلِىٌّ نَعَمْ. فَقَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ - يَعْنِى الصُّلْحَ الَّذِى كَانَ بَيْنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُشْرِكِينَ - وَلَوْ نَرَى قِتَالاً لَقَاتَلْنَا، فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ أَلَيْسَ قَتْلاَنَا فِى الْجَنَّةِ وَقَتْلاَهُمْ فِى النَّارِ قَالَ «بَلَى». قَالَ فَفِيمَ أُعْطِى الدَّنِيَّةَ فِى دِينِنَا، وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا. فَقَالَ «يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَنِى اللَّهُ أَبَدًا». فَرَجَعَ مُتَغَيِّظًا، فَلَمْ يَصْبِرْ حَتَّى جَاءَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ قَالَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا. فَنَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ. أطرافه 3181، 3182، 4189، 7308 - تحفة 4661 - 171/ 6 4841 - قوله: (الخَذْف) "بينثى مارنا". 4844 - قوله: (اتهِمُوا أَنْفُسَكم) أي لا تعتمدوا عليها، ولا تثقوا بها وُثُوقًا.

49 - سورة الحجرات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 49 - سُورَةُ الحُجُرَاتِ وَقالَ مُجَاهِدٌ: {لاَ تُقَدّمُواْ} [1] لاَ تَفتَاتُوا عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلّم حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ عَلَى لِسَانِهِ. {امْتَحَنَ} [3] أَخْلَصَ. {تَنَابَزُواْ} [11] يُدْعى بِالكُفرِ بَعْدَ الإِسْلاَمِ. {يَلِتْكُمْ} [14] يَنْقُصكُمْ، أَلَتْنَا: نَقَصْنَا. 1 - باب {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2] الآيَةَ {تَشْعُرُونَ} [2] تَعْلَمُونَ، وَمِنْهُ الشَّاعِرُ. 4845 - حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِىُّ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ كَادَ الْخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلِكَا - أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ - رضى الله عنهما - رَفَعَا أَصْوَاتَهُمَا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ رَكْبُ بَنِى تَمِيمٍ، فَأَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ أَخِى بَنِى مُجَاشِعٍ، وَأَشَارَ الآخَرُ بِرَجُلٍ آخَرَ - قَالَ نَافِعٌ لاَ أَحْفَظُ اسْمَهُ - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ مَا أَرَدْتَ إِلاَّ خِلاَفِى. قَالَ مَا أَرَدْتُ خِلاَفَكَ. فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فِى ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} الآيَةَ. قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَمَا كَانَ عُمَرُ يُسْمِعُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ، يَعْنِى أَبَا بَكْرٍ. أطرافه 4367، 4847، 7302 - تحفة 5269 4846 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ أَنْبَأَنِى مُوسَى بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - افْتَقَدَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَعْلَمُ لَكَ عِلْمَهُ. فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسًا فِى بَيْتِهِ مُنَكِّسًا رَأْسَهُ فَقَالَ لَهُ مَا شَأْنُكَ. فَقَالَ شَرٌّ. كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، وَهْوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. فَأَتَى الرَّجُلُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ كَذَا وَكَذَا - فَقَالَ مُوسَى - فَرَجَعَ إِلَيْهِ الْمَرَّةَ الآخِرَةَ بِبِشَارَةٍ عَظِيمَةٍ فَقَالَ «اذْهَبْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَلَكِنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ». طرفه 3613 - تحفة 1612 - 172/ 6 2 - باب {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)} [الحجرات: 4] 4847 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ قَدِمَ رَكْبٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَمِّرِ الْقَعْقَاعَ بْنَ مَعْبَدٍ. وَقَالَ عُمَرُ بَلْ أَمِّرِ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا أَرَدْتَ إِلَى - أَوْ إِلاَّ - خِلاَفِى. فَقَالَ عُمَرُ مَا أَرَدْتُ خِلاَفَكَ. فَتَمَارَيَا حَتَّى

3 - باب قوله: {ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم} [الحجرات: 5]

ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَنَزَلَ فِى ذَلِكَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1] حَتَّى انْقَضَتِ الآيَةُ. أطرافه 4367، 4845، 7302 - تحفة 5269 3 - باب قَوْلِهِ: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [الحجرات: 5] قوله: ({لاَ تُقَدّمُواْ}) ... إلخ. أي بل فُوِّضُوا أمورَكم إليه. قوله: (النبذ بالألقاب) "جر". 4846 - قوله: (أنا أعلمُ لَك عِلْمَه) أي أنا آتِيك بِخَبَرِه. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 50 - سُورَةُ ق {رَجْعُ بَعِيدٌ} [3] رَدٌّ، {فُرُوجٍ} [6] فُتُوقٍ، وَاحِدُهَا فَرْجٌ. {مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [16] في حَلقِهِ، الحَبْلُ: حَبْلُ العَاتِقِ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {مَا تَنقُصُ الأرْضَ} [4] مِنْ عِظَامِهِمْ. {تَبْصِرَةً} [8] بَصِيرَةً. {وَحَبَّ الْحَصِيدِ} [9] الحِنْطَةُ، {بَاسِقَاتٍ} [10] الطِّوَالُ. {أَفَعَيِينَا} [15] أَفَأَعْيَا عَلَينَا، {وَقَالَ قَرِينُهُ} [23] الشَّيطَانُ الَّذِي قُيِّضَ لَهُ. {فَنَقَّبُواْ} [36] ضَرَبُوا. {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ} [37] لاَ يُحَدِّثُ نَفسَهُ بِغَيرِهِ. حِينَ أَنْشَأَكُمْ وَأَنْشَأَ خَلقَكُمْ. {رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [18] رَصَدٌ. {سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} [21] المَلَكانِ: كاتِبٌ وَشَهِيدٌ، {شَهِيدٌ} [37] شَاهِدٌ بِالقَلبِ. {لُغُوبٌ} [38] النَّصَبُ. وَقالَ غَيرُهُ: {نَّضِيدٌ} [10] الكُفُرَّى ما دَامَ في أَكْمَامِهِ، وَمَعْنَاهُ: مَنْضُودٌ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ أَكْمَامِهِ فَلَيسَ بِنَضِيدٍ، في {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} [الطور: 49] {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [40] كانَ عاصِمٌ يَفتَحُ الَّتِي في (ق) وَيَكْسِرُ الَّتِي في (الطُّورِ)، وَيُكْسَرَانِ جَمِيعًا وَيُنْصَبَانِ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {يَوْمُ الْخُرُوجِ} [42] يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ القُبُورِ. 1 - باب قوله: {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق: 30] 4848 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا حَرَمِىٌّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُلْقَى فِى النَّارِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ. حَتَّى يَضَعَ قَدَمَهُ فَتَقُولُ قَطِ قَطِ». طرفاه 6661، 7384 - تحفة 1279 4849 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ الْحِمْيَرِىُّ سَعِيدُ بْنُ

2 - باب {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب} [ق: 39]

يَحْيَى بْنِ مَهْدِىٍّ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ وَأَكْثَرُ مَا كَانَ يُوقِفُهُ أَبُو سُفْيَانَ «يُقَالُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ فَيَضَعُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدَمَهُ عَلَيْهَا فَتَقُولُ قَطِ قَطِ». طرفاه 4850، 7449 تحفة 14485 4850 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَقَالَتِ النَّارُ أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ. وَقَالَتِ الْجَنَّةُ مَا لِى لاَ يَدْخُلُنِى إِلاَّ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ. قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْجَنَّةِ أَنْتِ رَحْمَتِى أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِى. وَقَالَ لِلنَّارِ إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابٌ أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِى. وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِلْؤُهَا، فَأَمَّا النَّارُ فَلاَ تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رِجْلَهُ فَتَقُولُ قَطٍ قَطٍ قَطٍ. فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلاَ يَظْلِمُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا». طرفاه 4849، 7449 - تحفة 14704 2 - باب {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39] 4851 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا لَيْلَةً مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَقَالَ «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا، لاَ تُضَامُونَ فِى رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا». ثُمَّ قَرَأَ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ}. أطرافه 554، 573، 7434، 7435، 7436 - تحفة 3223 4852 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَرَهُ أَنْ يُسَبِّحَ فِى أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا. يَعْنِى قَوْلَهُ {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: 40]. تحفة 6403 - 174/ 6 قوله: (أَفَأَعْيا علينا) "كيايه بات همسى نا ممكن هو كئى". قوله: (ما دام في أَكْمامِه) "يعني جب تك غنجه هو". قوله: (يكسران جَمِيعًا ويُنْصَبَان) لَفْظ النَّصْب مُسْتعملٌ في البناء والإِعراب معًا. 4848 - قوله: (حَتَّى يَضَعَ قَدَمَهُ) قال علماءُ البيان: والمرادُ منه الخَيْبةُ وعدمُ العمل بمتمناه، وهو عندي نحوٌ من التجلِّي، فإِنه على أنحاه، وأَوّلُها تجلِّي السَّاق، وذلك في المَحْشر للتعريف، لأنَّ جبهةَ المسلمين كانت تَقَع على قَدَميه عزَّ وجلَّ عند السجود، كما في الحديث، فلم تكن واسطَتُها من الحضرة الإِلهية إلَّا بالساق، ولذا

51 - سورة والذاريات

اختص للتعريف من بين سائر التجليات؛ وأما تجلِّي القدم، فهو للغضب؛ وأما تجلِّي الحَقْو، فقد مَرَّ يوم الميثاق؛ وأما تجلِّي الوَجْه فيكون في الجنة، وهو أعلاها (¬1). قوله: (وأمّا الجنَّةُ: فإِنَّ اللَّهَ يُنْشِيءُ لَها خَلْقًا) ... إلخ. وفي مَوْضعٍ آخَر: أَنْشأ الخَلْقَ للنَّار. وتوجه الشارحون إلى التوفيق بينهما؛ قلتُ: وذلك وَهْم قَطْعًا، والصواب إنشاءُ الخَلْق للجنَّة، ثُم لا يدري عَدَدَهم إلا اللهُ، ومِن ههنا ظهر الجواب: أَنَّ غايةَ العالمَ هي العبادة، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، والظاهر أن لا تتخلّفَ غايتُه تعالى، ولا أَقلَّ مِن أن تكونَ أغلبَ، مع أن الأغلب في الدنيا هو الكفر. قلتُ: إن العالم كلَّه بقضه وقضيضه في التسبيح غير الثَّقَلَين، فلو سلَّمنا كثرة الغاية، فلم تتخلف أيضًا. وقد وضعنا عليه مُذكرةً، وهذا القَدْر لا يكفي ولا يَشْفي، وسيجيء في «الذاريات» شيء آخر. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 51 - سُورَةُ والذَّارِيَاتِ قالَ عَلِيٌّ عَلَيهِ السَّلاَمُ: الذَّارِيَاتُ: الرِّيَاحُ. وَقالَ غَيرُهُ: {تَذْرُوهُ} [الكهف: 45] تُفَرِّقُهُ. {وَفِى أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ} [21] تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ في مَدْخَلٍ وَاحِدٍ، وَيَخْرُجُ مِنْ مَوْضِعَينِ. {فَرَاغَ} [26] فَرَجَعَ. {فَصَكَّتْ} [29] فَجَمَعَتْ أَصَابعَهَا، فَضَرَبَتْ جَبْهَتَهَا. وَالرَّمِيمُ: نَبَاتُ الأَرْضِ إِذَا يَبِسَ وَدِيسَ. {لَمُوسِعُونَ} [47] أَي لَذُو سَعَةٍ، وكَذلِكَ: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ} [البقرة: 236]، يَعْنِي القَوِيَّ. {زَوْجَيْنِ} [49] الذَّكَرَ وَالأُنْثى، وَاخْتِلاَفُ الأَلوَانِ: حُلوٌ وحامِضٌ، فَهُمَا زَوْجانِ. {فَفِرُّواْ إِلَى اللَّهِ} [50] مِنَ اللَّهِ إِلَيهِ. {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [56] ما خَلَقْتُ أَهْلَ السَّعَادَةِ مِنْ أَهْلِ الفَرِيقَينِ إِلَّا لِيُوَحِّدُونِ، وَقالَ بَعْضُهُمْ: خَلَقَهُمْ لِيَفعَلُوا، فَفَعَلَ بَعْضٌ، وَتَرَكَ بَعْضٌ، وَلَيسَ فِيهِ حُجَّةٌ لأَهْلِ القَدَرِ. وَالذَّنُوبُ: الدَّلوُ العَظِيمُ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {صَرَّةٍ} [29] صَيحَةٍ. {ذَنُوبًا} [59] سَبِيلًا. العَقِيمُ: الَّتِي لاَ تَلِدُ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَالحُبُكُ: اسْتِوَاؤُهَا وَحُسْنُهَا. {فِى غَمْرَةٍ} [11] في ضَلاَلَتِهِمْ يَتَمادَوْنَ. وَقالَ غَيرُهُ: {وَتَوَاصَوْاْ} [53] تَوَاطَؤُوا. وَقالَ: {مُّسَوَّمَةً} [34] مُعَلَّمَةً، مِنَ السِّيما. قُتِلَ الإِنْسَانُ: لُعِنَ. ¬

_ (¬1) قلت: فهو للرضاء، على خلاف تجلِّي القدم، والله تعالى أعلم بحقيقةِ الحال.

فائدة

قوله: (وليس فيه حُجَّةٌ لأَهْل القَدَر) تمسك أهلُ القَدَر على كونِ أفعالِ العباد مخلوقةً لهم: بأَنَّ الله سبحانه كان خَلَقَهم للعبادة، ففعل بعضُهم وأَبى عنها بعضُهم، فدلَّ على أن أفعالَهم باختيارهم إن شاءوا خَلَقُوها، وإن أرادوا لم يخلقوها. ثُم المؤلف لم يتعرَّض إلى جوابِه، واكتفى بالرد الجملي فقط. وأجاب عنه الحافظُ (¬1) ابنُ القيِّم: أنَّ الغاية غايتان: غايةٌ تراد منهم، وتلك هي العبادةُ، ولا بِدْع في تخلّفها، وإن كانت خيريتهم فيها؛ وغاية يريدُها الله تعالى، وليست تلك هي العبادةَ ليستحيلَ تخلّفها. وكأنَّ الصَّعْقة صارت من خواصّ الصُّور، متى نُفِخ صَعِق منه الناسُ، حتى يُنْفخ للإِحياء. قوله: (بين النفختين أربعون) وهذا ما قلنا أولًا. قوله: (ويبلى كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه) دل على أن بنية الإنسان هي عجب ذنبه، أعني بها بنية كبنية البيت، فإن البيت أول ما ترفع منه بنيته، ثم ترفع العبارة منها، فانحل ما بحث في علم الكلام في تحقيق ماذا يكون منه الإعادة في المحشر، ومعنى الإعادة عندي الحشر، بحيث يعرفه في المحشر من كان يعرفه في الدنيا، ولا بحث لي عن أجزائه، كم فنيت منها، وكم بقيت، فإنه قليل الجدوى، وقد اختلفوا في مناط تحفظ الوحدة الشخصية في الأشياء، فذكر ابن سيناء، أن الوحدة الشخصية في الإنسان محفوظة بنفسه الناطقة، قلت: وهذا ليس بشيء، أما أولًا فلأن في نفس ثبوت النفس المجردة ألف كلام. ولم يقم دليل بعد على وجودها، ولئن سلمناه فما سبيل الاستحفاظ فيما لا نفس له، كالنباتات، والجمادات، فإن لها أيضًا وحدة شخصية، مع أنها لا نفس لها اتفاقًا، وقد مر عليه شارح التجريد، فراجع ما ذكره، ودل عليه الحديث أنه عجب الذنب في الإنسان، ولذا يبلى منه كل شيء، إلا هذا، ولعله لتحفظ وحدته الشخصية، والحاصل أن الضروري في الإعادة هو أن يعرف أهل المشاهدة أن زيدًا بعد الإعادة هو الذي كان في الدنيا بعينه، ألا ترى أنا نقول له: زيدًا في الدنيا، بعد الاستحالات العديدة. والتغيرات الشديدة أيضًا، ولا وجه له إلا أنا نحكم عليه بعد تلك التغيرات أنه هو الذي رأيناه قبلها، فدل على أن الضروري في تحفظ الوحدة، هو كونه بهذه الصفة لا غير، فاعلمه، واغتنم، وقد ذكرناه في "الجنائز" أبسط من هذا. فائدة: وليعلم أن هذا الإِشكالَ عَقْليٌّ مَحْض، ولا مدخل فيه للآية، أعني أن يُبْنى على ¬

_ (¬1) فراجعه من "بدائع الفوائد"، نَبَّه عليه الشيخُ في "مُشْكِلات القرآن".

52 - سورة الطور

انضمامِ مقدِّمة عقبيةٍ أُخْرى. أما الآية، فلم تُخْبر إلا بالغايةِ أنها العبادةُ، وذلك معلومٌ عند الخواص والعوام، لا ينازع فيه أحدٌ، وإنما نشأ الإِشكالُ من جهةِ العَقْل، وهو تخلُّف غايتِه تعالى. ولك أن نقول: إن الغايةَ إما تشريعيةٌ، أو تكوينيةٌ، والمحال هو تَخلُّف الغايةِ التكوينيةِ دون الشرعية، والمتخلفة هي الغايةُ الشرعية دون التكوينية. فإِنَّ العبادة غايةٌ شرعيةٌ لا تكوينيةٌ. وأجاب عنه الشاه رفيعُ الدِّين أنها غايةُ النوع لا للأشخاص، فحينئذٍ لا بد أن لا يخلو نوعُ الإِنسان عن العبادة. أما وجودُها في سائر أفرادِه فغيرُ لازم، نعم إذا خلا النوعُ بِأَسْره عن الغايةِ يَنْقَرض العالم أيضًا، ويضرب عليه بالرحيل (¬1). بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 52 - سُورَةُ الطُّورِ وَقالَ قَتَادَةُ: {مُّسْطُورٍ} [2] مَكْتُوبٍ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: الطُّورُ: الجَبَلُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ. {رَقّ مَّنْشُورٍ} [3] صَحِيفَةٍ. {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} [5] سَماءٌ. {الْمَسْجُورِ} [6] المُوقَدِ، وَقالَ الحَسَنُ: تُسْجَرُ حَتَّى يَذْهَبَ ماؤُهَا فَلاَ يَبْقَى فِيهَا قَطْرَةٌ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {أَلَتْنَاهُمْ} [21] نَقَصْنَا. وَقالَ غَيرُهُ: {تَمُورُ} [9] تَدُورُ، {أَحْلَامُهُمْ} [32] العُقُولُ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الْبِرَّ} [28] اللَّطِيفُ. {كِسَفًا} [44] قِطْعًا. {الْمَنُونِ} [30] المَوْت. وَقالَ غَيرُهُ: {يَتَنَازَعُونَ} [23] يَتَعَاطَوْنَ. ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد تتحدّث نفسي بأن ما يجب تَحقُّقُه هو وجودُ تلك الغايةِ قبل انقراض العالم، لا وجودُها في كلِّ عصر وزمان، وبالله الذي لا إله إلا هو لا تفنى الدنيا ما لم يدخل الإِسلام في كل بيت مَدَر وَوَبَر، ويكون الدين كلّه لله، فذلك كائن لا محالة قبل اختتام نشأة الدنيا، وإذا تحققت الغايةُ حان الرحيل، فما ترى في الفيج الأعوج، فهذه كلُّها كالمبادىء لتلك الغايةِ، فإِذا صلح العالم بعد هياط ومياط لتلك الغاية يُقْضى الأمر. ألا ترى أنَّ الغايةَ تكون الخبز فقط، ثم ماذا تجمع لها من الأسباب، تجمع له الحطب وتوقد النار، وتعجن العجين. ومَن لا يدري لا يفقه المناسبةَ بين إحراق الحطب، وبين الخبز، والعاقل يدري أن كلَّ ذلك تمهيد للخَبْز، فلا تزال تزاول أسبابها من طلوع الشمس إلى أن يشتد النهار، حينئذ ترى غايتك مقبلة إليك، فتبتهج في نفسك، فإِذا حصلت تطفىء النار، وتخرج عن كل ما كنت تزاولُه. فهكذا فَلْيُقَس في أَمْر العبادة، أنَّ الدنيا منذ بدأت ذاهبةٌ إلى تحصيل تلك الغاية، حتى إذا آن أن تثمر شجرتُها، ختمت النبوة، وتبقى المبشرات، وكذلك لما جاء نصرُ الله والفتح، وتمت غايةُ بعثةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وأذن بالرحيل، حتى إذا لم يبق إلا حثالة من الناس، تقوم عليهم الساعة؛ وبالجملة تلك الغايةُ تدريجيةٌ لا دفعية، ليلزم حصولُها في كلِّ عَصْر وزمان، بل الإِنسان والجنّ يتدرّجان إليها، فإِذا حصلت تقومُ عليهم الساعة، والله تعالى أعلم.

1 - باب

1 - باب 4853 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى أَشْتَكِى فَقَالَ «طُوفِى مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ، وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ». فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ يَقْرَأُ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ. أطرافه 464، 1619، 1626، 1633 - تحفة 18262 - 175/ 6 4854 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثُونِى عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِى الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الآيَةَ {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37)} [الطور: 35 - 37] كَادَ قَلْبِى أَنْ يَطِيرَ. قَالَ سُفْيَانُ فَأَمَّا أَنَا فَإِنَّمَا سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ يُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِى الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ. لَمْ أَسْمَعْهُ زَادَ الَّذِى قَالُوا لِى. أطرافه 765، 3050، 4023 - تحفة 3189 قوله: ({يَتَنَازَعُونَ} يَتَعاطون) والتنازع بمعنى التعاطي لغةٌ فاشيةٌ، ولا يَبْعُد أن يكون قوله صلى الله عليه وسلّم «مالي أنازعُ القرآنَ» من هذا الباب. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 53 - سُورَةُ النَّجْمِ وَقالَ مُجَاهِدٌ: {ذُو مِرَّةٍ} [6] ذُو قُوَّةٍ. {قَابَ قَوْسَيْنِ} [9] حَيثُ الوَتَرُ مِنَ القَوْسِ. {ضِيزَى} [22] عَوْجاءُ. {وَأَكْدَى} [34] قَطَعَ عَطَاءَهُ. {رَبُّ الشِّعْرَى} [49] هُوَ مِرْزَمُ الجَوْزَاءِ. {الَّذِي وَفَّى} [37] وَفَّى ما فُرِضَ عَلَيهِ. {أَزِفَتِ الأَزِفَةُ (57)} [57] اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ. {سَامِدُونَ} [61] البَرْطَمَةُ، وَقالَ عِكْرِمَةُ: يَتَغنَّوْنَ، بِالحِمْيَرِيَّةِ. وَقالَ إِبْرَاهِيمُ: {أَفَتُمَارُونَهُ} [12] أَفَتُجَادِلُونَهُ، وَمَنْ قَرَأَ: {أَفَتَمْارُونَهُ} يَعْنِي أَفَتَجْحَدُونَهُ. {مَا زَاغَ الْبَصَرُ} [17] بَصَرُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلّم {وَما طَغى} [17] وَلاَ جاوَزَ ما رَأَى. {فَتَمَارَوْاْ} [القمر: 36] كَذَّبُوا. وَقالَ الحَسَنُ: {إِذَا هَوَى} [1] غابَ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أَغْنَى وَأَقْنى} [48] أَعْطَى فَأَرْضى. 1 - باب 4855 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ - رضى الله عنها - يَا أُمَّتَاهْ هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - رَبَّهُ فَقَالَتْ

2 - باب {فكان قاب قوسين أو أدنى (9)} [النجم: 9]

لَقَدْ قَفَّ شَعَرِى مِمَّا قُلْتَ، أَيْنَ أَنْتَ مِنْ ثَلاَثٍ مَنْ حَدَّثَكَهُنَّ فَقَدْ كَذَبَ، مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ. ثُمَّ قَرَأَتْ {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)} [الأنعام: 103]. {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: 51] وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِى غَدٍ فَقَدْ كَذَبَ ثُمَّ قَرَأَتْ {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} [لقمان: 34] وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ كَتَمَ فَقَدْ كَذَبَ ثُمَّ قَرَأَتْ {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67] الآيَةَ، وَلَكِنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فِى صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ. أطرافه 3234، 3235، 4612، 7380، 7531 - تحفة 17613 - 176/ 6 2 - باب {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9)} [النجم: 9] حَيْثُ الْوَتَرُ مِنَ الْقَوْسِ. 4856 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ قَالَ سَمِعْتُ زِرًّا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)} [النجم: 9 - 10] قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ. طرفاه 3232، 4857 - تحفة 9205 3 - باب قَوْلِهِ: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)} [النجم: 10] 4857 - حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ قَالَ سَأَلْتُ زِرًّا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)} قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ. طرفاه 3232، 4856 - تحفة 9205 4 - باب {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)} [النجم: 18] 4858 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)} [النجم: 18] قَالَ رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ قَدْ سَدَّ الأُفُقَ. طرفه 3233 - تحفة 9429 5 - باب {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19)} [النجم: 19] 4859 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ حَدَّثَنَا أَبُو الْجَوْزَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما فِى قَوْلِهِ {اللَّاتَ وَالْعُزَّى} كَانَ الَّلاَتُ رَجُلاً يَلُتُّ سَوِيقَ الْحَاجِّ. تحفة 5366 4860 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِى حَلِفِهِ وَاللاَّتِ وَالْعُزَّى. فَلْيَقُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُقَامِرْكَ. فَلْيَتَصَدَّقْ». أطرافه 6107، 6301، 6650 - تحفة 12276

6 - باب {ومناة الثالثة الأخرى (20)} [النجم: 20]

6 - باب {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)} [النجم: 20] 4861 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ سَمِعْتُ عُرْوَةَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقَالَتْ إِنَّمَا كَانَ مَنْ أَهَلَّ بِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ الَّتِى بِالْمُشَلَّلِ لاَ يَطُوفُونَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] فَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُسْلِمُونَ. قَالَ سُفْيَانُ مَنَاةُ بِالْمُشَلَّلِ مِنْ قُدَيْدٍ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ نَزَلَتْ فِى الأَنْصَارِ كَانُوا هُمْ وَغَسَّانُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ. مِثْلَهُ. وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الأَنْصَارِ مِمَّنْ كَانَ يُهِلُّ لِمَنَاةَ - وَمَنَاةُ صَنَمٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ - قَالُوا يَا نَبِىَّ اللَّهِ كُنَّا لاَ نَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ تَعْظِيمًا لِمَنَاةَ. نَحْوَهُ. أطرافه 1643، 1790، 4495 - تحفة 16438، 16510، 16654 - 177/ 6 7 - باب {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)} [النجم: 62] 4862 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ سَجَدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالنَّجْمِ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ. تَابَعَهُ ابْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ. وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ عُلَيَّةَ ابْنَ عَبَّاسٍ. طرفه 1071 - تحفة 5996 4863 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِىٍّ أَخْبَرَنِى أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ أَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ فِيهَا سَجْدَةٌ {وَالنَّجْمِ}. قَالَ فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَسَجَدَ مَنْ خَلْفَهُ، إِلَّا رَجُلًا رَأَيْتُهُ أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَسَجَدَ عَلَيْهِ، فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا، وَهْوَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ. أطرافه 1067، 1070، 3853، 3972 - تحفة 9180 قوله: ({قَابَ قَوْسَيْنِ}) أي حيث الوتر من القوس، هكذا: والصواب (¬1) عندي أن تعيينَ الأمكنةِ عند نزولهم في السَّفَر كان بالسياط والقسي، ¬

_ (¬1) وهذا الذي شرح به الشيخُ عبدُ الحقّ الدهلوي رحمه الله تعالى قولَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - "مَوْضِع سوط في الجنة، خير من الدنيا وما فيها". فراجع "اللمعات". وفَسَّره في "المعتصر" بمعنى آخر وقال: أي مَوْضع سوط، مما أُوتي مَنْ أدخل الجنة، خيرُ من الدنيا وما فيها. إذ لا منفعةَ في ذلك المقدار من الجنة، كما يقول الرجل: شِبْرٌ مِن =

فإِذا نزل أَحَدُهم في مكانٍ ألقى سَوْطه وقوسَه، ليكون ذلك مكانَه بعد نُزُولِه، وعليه قول النبي صلى الله عليه وسلّم «موضع سوط في الجنةِ، خيرٌ من الدنيا وما فيها» فالقاب هو قَدْرُ القوس، وأريد به بيانُ غايةِ قُرْبه صلى الله عليه وسلّم حتى كان على قَدْر قَوْسين أو أَدنى من ذلك، وحينئذ لا حاجةَ إلى تأويلٍ في معنى الإِضافة، حيث قيل: إنَّ أصله قابي قوس، ثُم نقل تثنية المضافِ إلى المضاف إليه، وذلك عندهم واسع، وعلى ما قلنا غنية عنه، ولما علمت مِن عادات العرب بأَنَّ لك وَجْهَ تَعرُّضِه إلى ذِكْر القوسين في الآية والسَّوْط في الحديث. قوله: (قِسْمةٌ ضِيزَى) "تير هى تقسيم". قوله: (الجَوْزاء) نجم، وخلفه شِعْري يقال: إنه أعظمُ من الشمس، مستنير في غايته، وترجمته: "برنى". 4855 - قوله: (لقد قَفَّ له شَعْرِي) وما رُوي أن عائشةَ سألت النبيَّ صلى الله عليه وسلّم عن سورة النجم، فقال: «ذاك جبرئيلُ عليه الصلاة والسلام»، فلا ينفصل منه الأَمْر، فإِنه رأى في تلك الليلةِ جبرئيل أيضًا. واعلم أنَّ الاختلافَ في الرؤية إنما ينتهي إلى الآيةِ، ووَجْه الإِشكالِ فيها أن بَعْضَها يتعلّقُ بمعاملةِ جبرئيل عليه الصلاة والسلام قَطْعًا، وبَعْضَها من ربِّ العزّة. ومن ههنا دارت الأنظار في قوله: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11)} أنه يتعلّق بجبرئيلِ عليه الصلاة والسلام، أو بالله عز اسمه. فإِذا عَلِمنا أنه سَرَى في ذلك اجتهادُهم لم يبق لنا قَلَقٌ، وأخذنا بما كان أقربَ عندنا إِلى نظم النصِّ. والصواب عندنا أنه صلى الله عليه وسلّم رأى رَبَّه ليلةَ المعراج، وفي قوله: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: 103] نفي للإِحاطة، لا لنفس الرؤية، ولا يلزم منه نفيُ رؤيتِه في المَحْشر أيضًا، إلا أنه لما كانت رؤية قلبٍ ونظرٍ معًا، صدق الأمران. وعند القسطلاني: ولعله عن ابنِ مسعود، أو ابن عباس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «قام قلبي مقامَ العينين»، وتلك الرؤيةُ هي مصداقُ قوله: {الآيةَ الكُبْرى} [النازعات: 20]. 4858 - قوله: (رَفْرَفًا) "آرائش محل كى". قوله: ({أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19)}) وكانت وظيفةً للعربِ عند الطواف: واللات والعُزَّى، ومناةَ الثالثةَ الأُخرى تلك الغرانيقُ العُلى. وأنَّ شفاعتهن لَتُرْتجى. كما في «المعجم» لياقوت الحَمَوِي، ودونك عبارة «المعجم» (¬1). ¬

_ = داري أحبُّ إلي من كذا وكذا، ليس على أنه ليس له إلَّا شِبرٌ منها، وإنما يعني ذلك المقدار من الدار التي هي له. فقد رُوي أن أدنى أهلِ الجنة منزلة يُعطى مِثلَ الدنيا وعُشرَ أمثالِها. اهـ، ولكن ظهر عندنا حوار العرب، فالحمل عليه أَوْلى، والله تعالى أعلم بالصواب. (¬1) هذه من زوائد التعليق، وأدخلناها في الأصل، ولكن لا حرج، فليتنبه، [المصحح].

قال: «العُزّى» بضم أوله في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19)} اللات: صنم كان لثقيف، والعزَّى: سَمُرة كانت لغَطَفَان يعبدُونها، وكانوا بَنوا عليها بيتًا، وأقاموا لها سَدَنةً، فبعث النبيُّ صلى الله عليه وسلّم خالدَ بنَ الوليد إليها، فهدم البيتَ، وأحرق السَّمُرة. والعزَّى تأنيثُ الأَعَزّ، مِثْل الكبرى تأنيثُ الأكبر. والأَعزّ بمعنى العزيز، والعُزّى بمعنى العزيزة ..... وقال ابن حبيب: العُزَّى شجرةٌ كانت بنخلةٍ، عندها وَثنٌ تعبدُه غَطَفان، وسَدَنَتُها من بني حرمة بن مُرّة .... قال أبو المُنْذر - بعد ذِكْر مَناة، واللاّت: ثُمّ اتخذوا العُزّى، وهي أحدثُ من اللاّت، ومَناة. وذلك أني سَمِعْتُ العرب سَمْت بها عَبْد العُزّى، فوجدت تَمِيم بنَ مرّ، سَمّى ابنه زيدَ مَناة بنَ تميم بن مرّ بن أدّ بن طابخة، وعبد مَناة بن أدّ. وباسم اللات، سَمّى ثعلبة بن عكابة ابنه تيم اللات؛ وتيم اللات بن رفيدة بن ثور، وزيد اللات بن رفيدة بن ثور بن وبرة بن مر بن أد بن طابخة، وتيم اللات بن النمر بن قاسط؛ وعبد العُزّى بن كعب بن سعد بن زيد مَناة بن تميم. فهي أَحْدَثُ من الأولين. وعَبْد العُزَّى بن كعب من أقدم ما سُمّت به العرب، وكان الذي اتخذ العُزَّى ظالم بن أسعد، كانت بوادٍ من نخلةِ الشامية، يقال له: حواض، بإِزاء الغمير، عن يمين المصعد إلى العراق من مكة، وذلك فوق ذات عِرْق إلى البستان بتسعة أميال، فبنى عليها بسًا - يريد بيتًا - وكانوا يسمعون فيه الصَّوْتَ، وكانت العرب وقُريش تسمّى بها عبد العُزَّى، وكانت أعظمَ الأصمان عندَ قُريش، وكانوا يَزُورُونها، ويهدون لها، ويتقرَّبون عندها بالذبائح. قال أبو المُنْذر: وقد بَلَغنا أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم ذكرها يومًا، فقال: لقد اهتديت للعُزَّى شاة عفراء، وأنا على دين قومي، وكانت قريشٌ تطوفُ بالكعبةِ، وتقول: واللاّت والعُزّى، ومَناة الثالثة الأُخْرى. فإنهن الغَرَانِيقُ العُلَى، وأنَّ شفاعَتَهن لَتُرتَجى، وكانوا يقولون: بنات الله عز وجل، وهن يَشْفَعن إليه، فلما بُعِث رسول الله صلى الله عليه وسلّم أُنزل عليه: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} ما أنزل الله بها من سلطان، وكانت قريشٌ قد حمت لها شعبًا من وادي حراض، يقال له: سقام، يضاهئون به حَرَم الكعبةِ، وقد ذكر سقام في موضعه من هذا الكتاب؛ والعُزّى، يقول درهم بن زيد الأوسي: إني وربِّ العُزّى السعيدة والله الذي دون بيته سرف وكان لها مَنْحَرٌ يَنْحَرُون فيه هداياهم، يقال له: الغَيْغَب، وقد ذكر في موضعه أيضًا، وكانت قريشٌ تخصصها بالإِعظام، فلذلك يقول زيد بن عمرو بن نفيل. وكانت قد تألّه في الجاهلية، وترك عبادتها وعبادة غيرها من الأصنام:

*تركت اللات والعُزّى جميعًا، ... كذلك يفعل الجلد الصبور *فلا العُزّى أدين ولا ابنتها، ... ولا صنمى بني عمرو أزور *ولا هبلا أزور وكان ربا ... لنا في الدهر إذ حلمي صغير وكانت سُدنةُ العُزّى بني شَيْبان بن جابر بن مُرّة بن عبس بن رِفاعة بن الحارث بن عتبة بن سُلَيم بن منصور، وكانوا حُلَفاء بني الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، وكان آخِرَ مَنْ سدَنها منهم دبيةُ بن حزمي السّلَمي، وله يقول أبو خراش الهُذلي، وكان قدم عليه، فحذاه نعلين جديدتين .... فقال: *حذاني بعد ما خدمت نعالي ... دبية أنه نعم الخليل *مقابلتين من صلوى مشب ... من الثيران وصلها جميل *فنعم معرس الأضياف تزجى ... رحالهم شامية بليل *يقاتل جمعهم بمكللات ... من البرني يرعيها الجميل فلم تزل العُزّى كذلك حتى بعث اللهُ نَبِيّه صلى الله عليه وسلّم فعابَها وغيرها من الأصنام، ونهاهم عن عبادَتِهم، ونزل القرآن فيها، فاشتد ذلك على قُريش. ومَرِض أبو أُحَيْحة سعيد بن العاصي بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف مَرَضه الذي مات فيه، فدخل عليه أبو لَهب يعودُه، فوجده يبكي، فقال له: ما يبكيك يا أبا أُحيحة، أمِن الموتِ تَبكي ولا بد منه؟ فقال: لا، ولكني أخاف ألا تعبدوا العُزَّى بعدي. فقال له أبو لهب: ما عُبِدت في حياتِك لأَجْلِك، ولا تُتْرك عبادتُها بعدك لموتِك، فقال أبو أُحَيْحة: الآن عَلِمت أنَّ لي خليفةً، وأعجبه شدة نصبه في عبادتها. قال أبو المُنْذر: وكان سعيد بن العاصي أَبو أُحَيحة يَعْتَمُّ بمكةَ، فإِذا اعتمَّ لم يعتمَّ أحدٌ بلون عِمامته. قال أبو المُنْذر: حدثني أَبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: كانت العُزَّى شيطانةً تأتي ثلاثَ سَمُرات ببطن نخلة، فلما افتتح النبيُّ صلى الله عليه وسلّم مَكّةَ بعث خالدَ بنَ الوليد، فقال له: إئت بطنَ نَخْلة، فإِنك تَجِدُ ثلاثَ سَمُرات، فأَعْضِد الأُولى، فأتاها فَعَضَدَها، فلما عاد إليه قال: هل رأيت شيئًا؟ قال: لا، قال: فأعضِد الثانية، فأتاها فعضَدها، فلما عاد إليه، قال: هل رأيت شيئًا؟ قال: لا، قال: فأعْضِد الثالثة، فأتاها، فإِذا هو بخناسةٍ نافشة شعرها، واضعة يديها على عاتِقِا، تصرف بأنيابها، وخلفها دبية بن حزمى السلمي، ثُم الشَّيباني، وكان سادِنَها، فلما نظر إلى خالد قال: *فيا عز شدى شدة لا تكذبي ... على خالد ألقى الخمار، وشمري *فإِنك إلا تقتلي اليوم خالدًا ... تبوئي بذل عاجل وتنصري فقال خالد: *يا عز كفرانك لا سبحانك، ... إني رأيتُ اللَّهَ قد أهانك

ثُمّ ضربها فقلق رأسها، فإِذا هي حممة، ثُم عَضَد الشجر، وقتل دبية السّادِن، وفيه يقول أبو خراش الهُذلي، يرثيه: *ما لدبية منذ اليوم لم أره ... وسط الشروب ولم يلمم ولم يطف *لو كان حيًا لغاداهم بمترعة ... من الرواويق من شيزى بنى الهطف *ضخم الرماد عظيم القدر جفنته ... حين الشتاء لحوض المنهل اللقف قال هشام: يطف من الطوَفان، أو من طاف يطيف، والهطف: بطن من عمرو بن أسد. واللقف: الحوض المنكسر الذي يغلب أصله الماء، فيتثلم يقال: قد لقف الحوض، ثُم أتى النبيّ صلى الله عليه وسلّم فأخبره قال: تلك العُزّى، ولا عُزّى بعدها للعَرَب، أما إنها لن تعبد بعد اليوم، قال: ولم تكن قريش بمكّة، ومن أقام بها من العرب يعظمون شيئًا من الأصنام إعظامَهُم العُزّى، ثُم اللاّت، ثُم مناة. فأما العُزّى فكانت قريشٌ تَخُصّها دون غيرِها بالهدية والزيارة، وذلك فيما أظن لِقُرْبها كان منها. وكانت ثِقِيف تَخُصّ اللاّت كخاصّة قريش العُزّى، وكانت الأوس والخزرج تَخُصّ مناة، كخاصة هؤلاء الآخرين، وكلهم كان مُعظِّمًا لها، ولم يكونوا يرون في الخمسةِ الأَصنام التي دفعها عَمْرو بن لحي، وهي التي ذَكَرها الله تعالى في القرآن المجيد، حيث قال: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} كرأيهم في هذه، ولا قريبًا من ذلك، فظننت أنَّ ذلك كان لِبُعْدها منهم، وكانت قريش تُعظِّمها، وكانت غنى وباهلة يعبدونها معهم، فبعث النبيُّ صلى الله عليه وسلّم خالد بن الوليد فقطع الشجرة، وهدم البيت، وكسر الوثن، انتهى «معجم البلدان». ولذا استتبعت السورة ذكرها، وإلاّ فلا مناسبة لِذِكْر هؤلاء ههنا. 4860 - قوله: (مَنْ حَلَف فقال في حَلِفِه: واللاّت والعُزَّى) أي مَنْ كان حديثَ عهد بالإِسلام مثلًا، فسبق إلى لسانِه هذا الحَلِف، فليكافئه بكلمةِ التوحيد. قوله: (ومَنْ قال لصاحِبِه: تعال أُقامِرْك فليتصدَّق) قال الطحاوي (¬1) في «مُشْكِله»: إنَّ المراد من التصدُّق تصدُّقُ هذا المال الذي أخرجه للقِمار، فأوْلى له أن يصرِفه في ¬

_ (¬1) قال الخطابي: "فليتصدق" أي بالمال الذي كان يريدُ أن يُقامِر به، وقيل: بصدقةٍ ما لِتُكفِّر عنه القول الذي جرى على لسانه. قال النووي: وهذا هو الصواب، وعليه يدلُّ ما في رواية مسلم، فليتصدق بشيء، اهـ "فتح الباري". ثم رأيت في "المعتصر" قال: فليتصدق بالقِمار، وذلك أن القِمار حرامٌ، وسبيلُ المتقامِرين إخراجُ كل من ماله ما يقامِرُ به، فأَمر أن يَصْرِف ما أخرجه للمعْصِيةِ في الطاعة التي هي قربةٌ إلى الله تعالى، ووسيلة لديه، ليكون ذلك كفارة لما حاول أن يَصرِف فيه مما هو حرام، لا أن يتصدّق من الحاصل بالقِمار، فإِنه حرام غير مقبول، له حُكْم الغُلول، وتسميتُه بالقِمار تسميةُ الشيء باسم ما قَرُب منه، كتسميتهم ابن إبراهيم ذَبِيحًا، ومثله كثيرًا، وحُكْم ما قامر به الردّ إلى صاحِبه، أو إلى وَرَثته، فإِن لم يقدر يتصدق به عنه، لا عن نفسه، والله تعالى أعلم.

54 - سورة اقتربت الساعة

الصَّدقة مكانَ القِمار، وكنا نفهم قبله أنَّ المرادَ به التصدّقُ بمال، كالتصدق بالدينار عند إتيان الحائض، تلافيًا لما صدر منه الإثم من قول: «تعال أُقامِرْك». بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 54 - سُورَةُ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ قالَ مُجَاهِدٌ: {مُّسْتَمِرٌّ} [2] ذَاهِبٌ. {مُزْدَجَرٌ} [4] مُتَنَاهٍ. {وَازْدُجِرَ} [9] فَاسْتُطِيرَ جُنُونًا. {وَدُسُرٍ} [13] أَضْلاَعُ السَّفِينَةِ. {لّمَن كَانَ كُفِرَ} [14] يَقُولُ: كُفِرَ لَهُ جَزَاءً مِنَ اللَّهِ. {مُّحْتَضَرٌ} [28] يَحْضُرُونَ المَاءَ. وَقالَ ابْنُ جُبَيرٍ: {مُهْطِعِينَ} [8] النَّسَلاَنُ: الخَبَبُ السِّرَاعُ. وَقالَ غَيرُهُ: {فَتَعَاطَى} [29] فَعَاطَهَا بِيَدِهِ فَعَقَرَهَا. {الْمُحْتَظِرِ} [31] كَحِظَارٍ مِنَ الشَّجَرِ مُحْتَرِقٍ. {وَازْدُجِرَ} [9] افتُعِلَ مِنْ زَجَرْتُ. {كَفَرَ} [14] فَعَلنَا بِهِ وَبِهِمْ ما فَعَلنَا جَزَاءً لِمَا صُنِعَ بِنُوحٍ وَأَصْحَابِهِ. {مُسْتَقَرٌّ} [3] عَذَابٌ حَقٌّ. يُقَالُ: {الأَشَرُ} المَرَحُ وَالتَّجَبُّرُ. قوله: ({وَازْدُجِرَ} فاستطير) وأما قوله: «جُنُوبًا». فهو على حِدَة. قوله: (أضْلاع السفينة) خشباتها "كشتى كى تختى". قوله: (كحِظارٍ من الشجرة مُحترقٍ) "جيسى باردر ختون كى جل كئى هو". 1 - باب {وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا} [القمر: 1 - 2] 4864 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ وَسُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِرْقَتَيْنِ، فِرْقَةً فَوْقَ الْجَبَلِ وَفِرْقَةً دُونَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اشْهَدُوا». أطرافه 3636، 3869، 3871، 4865 - تحفة 9336 4865 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَصَارَ فِرْقَتَيْنِ، فَقَالَ لَنَا «اشْهَدُوا، اشْهَدُوا». أطرافه 3636، 3869، 3871، 4864 - تحفة 9336 4866 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى بَكْرٌ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ فِى زَمَانِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 3638، 3870 - تحفة 5831 4867 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ

2 - باب {تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر (14) ولقد تركناها آية فهل من مدكر (15)} [القمر: 14 - 15]

قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلَ أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ. أطرافه 3637، 3868، 4868 - تحفة 1297 4868 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ فِرْقَتَيْنِ. أطرافه 3637، 3868، 4867 - تحفة 1266 وقد ثبت اليوم الخرق والالتئام، والانشقاق، وانفطار كلها في الأجرام السماوية. وفي «تاريخ فرشته» أنه رأى الانشقاقَ مَلِكٌ بالهند أيضًا. يُسمّى: "راجه. وجبال" وعلى اسمه سميت بلدة "بهوبال". قلتُ: وقد نعلم أنَّ الشمس تَنْكَسِف في كلّ سنة، أو سنتين إلى ساعة، أو ساعتين، أو أزيد. وربما لا يكون به شعورٌ للناس. حتى إنها تنجلي أيضًا، مع كونه معاملةً في النهار. فلو فرضنا أن الانشقاقَ لم تُنْقل رؤيتُه عن أحد، فماذا الإِشكال فإِنه معاملة في الليل. ثُم ليست طويلة، بل الانشقاق والالتئام حصل في لَمحةٍ يسيرةٍ، فانتبه له مَنْ استشهدوا به، ولم يره مَنْ كانوا في الأطراف، ولا استحالة فيه. ثُم اعلم (¬1) أنه وَقَع في بعض الروايات: انشقّ القَمَرُ مَرّتين، مكان قوله: «فِرْقَتَين»، مع أن القمر لم ينشقَّ إلَّا مرة، فحمله الشارحون على معنى فِرْقَتين. 2 - باب {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (14) وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15)} [القمر: 14 - 15] قَالَ قَتَادَةُ: أَبْقَى اللهُ سَفِينَةَ نُوحٍ حَتَّى أَدْرَكَهَا أَوَائِلُ هَذِهِ الأُمَّةِ. 4869 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ ¬

_ (¬1) قال الحافظ، بعدما تكلم على الروايات في ذلك: ووقع في نَظْم السيرةِ لشيخِنا الحافظ أبي الفضل: وانشقّ مَرّتين بالإِجماع، ولا أعرف مَن جزم من علماء الحديثِ بتعدّد الانشقاق في زَمنه - صلى الله عليه وسلم - ولم يتعرض لذلك أحَدٌ من شُرّاح الصحيحين. وتكلّم ابنُ القَيِّم على هذه الرواية، فقال: المَرّات يرادُ بها الأفعالُ تارةً، والأعيانُ أخرى، والأَوّل أكثر، ومِن الثاني، انشقّ القَمَرُ مَرّتين. وقد خفي على بعضِ النّاس، فادّعى أنَّ انشقاقَ القمر وقع مَرّتين، وهذا مما يَعْلَمُ أهلُ الحديث، والسِّير أنه غلط، فإِنه لم يقع إلَّا مَرّة واحدة. وقد قال العِماد بنُ كثير في الرواية التي فيها: مرتين، نظر، ولعل قائلها أراد فِرْقتين. قلتُ: وهذا الذي لا يَتَّجه غيرُه، جَمْعًا بين الرواياتِ، ثم راجعت نَظْم شيخِنا، فوجدته يحتل التأويلَ المذكور، ولفظه: فصار فرقتين: فرقة علت ... وفرقة للطود منه نزلت وذاك مرتين بالإِجماع ... والنصّ والتواتر السماع فجمع بين قوله: "فِرْقتين"، وبين قوله "مرتين"، فيمكن أن يتعلق قوله: بالإِجماع بأصل الانشقاق، لا بالتعدد، مع أنَّ في نقل الإِجماع في نَفس الانشقاق نظرًا.

3 - باب {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر (17)} [القمر: 17 - 22 - 32 - 40]

عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} أطرافه 3341، 3345، 3376، 4870، 4871، 4872، 4873، 4874 تحفة 9179 3 - باب {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17)} [القمر: 17 - 22 - 32 - 40] قالَ مُجَاهِدٌ: يَسَّرْنَا: هَوَّنَّا قِرَاءَتَهُ. 4870 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}. أطرافه 3341، 3345، 3376، 4869، 4871، 4872، 4873، 4874 تحفة 9179 4 - باب {أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (20) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (21)} [القمر: 20 - 21] 4871 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً سَأَلَ الأَسْوَدَ {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} أَوْ مُذَّكِرٍ فَقَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يَقْرَؤُهَا {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} قَالَ وَسَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَؤُهَا {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} دَالاً. أطرافه 3341، 3345، 3376، 4869، 4870، 4872، 4873، 4874 - تحفة 9179 5 - باب {فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (31) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (32)} [القمر: 31 - 32] 4872 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَرَأَ {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} الآيَةَ. أطرافه 3341، 3345، 3376، 4869، 4870، 4871، 4873، 4874 تحفة 9179 - 179/ 6 6 - باب {وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ (38) فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (39)} [القمر: 38 - 39] 4873 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَرَأَ {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}. أطرافه 3341، 3345، 3376، 4869، 4870، 4871، 4872، 4874 تحفة 9179 7 - باب {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (51)} [القمر: 51] 4874 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَهَلْ مِنْ مُذَّكِرٍ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} أطرافه 3341، 3345، 3376، 4869، 4870، 4871، 4872، 4873 تحفة 9179 8 - باب قَوْلِهِ: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)} [القمر: 45] 4875 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ وُهَيْبٍ

9 - باب قوله: {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر (46)} [القمر: 46]

حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَهْوَ فِى قُبَّةٍ يَوْمَ بَدْرٍ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ تَشَأْ لاَ تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ». فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ فَقَالَ حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ. وَهْوَ يَثِبُ فِى الدِّرْعِ، فَخَرَجَ وَهْوَ يَقُولُ «{سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)}». أطرافه 2915، 3953، 4877 - تحفة 6054 9 - باب قَوْلِهِ: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46)} [القمر: 46] يَعْنِى مِنَ الْمَرَارَةِ. 4876 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى يُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ قَالَ إِنِّى عِنْدَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ لَقَدْ أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - بِمَكَّةَ، وَإِنِّى لَجَارِيَةٌ أَلْعَبُ {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46)}. طرفه 4993 - تحفة 17691 4877 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَهْوَ فِى قُبَّةٍ لَهُ يَوْمَ بَدْرٍ «أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ أَبَدًا». فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ وَقَالَ حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْ أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ. وَهْوَ فِى الدِّرْعِ فَخَرَجَ وَهْوَ يَقُولُ «{سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46)} [القمر: 45 - 46]». أطرافه 2915، 3953، 4875 - تحفة 6054 - 180/ 6 واعلم (¬1) أنَّ بعضًا مِن هذه الأمة قد شاهدوا أضلاعَ سفينةِ نوح عليه السلام على الجُوديّ. قوله: (يَثِبُ في الدِّرْع) أي فَرِح حتى تغيَّرَت مِشْيتُه شيئًا عما كانت عليه. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 55 - سُورَةُ الرَّحْمنِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {بِحُسْبَانٍ} كحُسْبَان الرحى. وَقَالَ غَيْرُهُ: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ} [9]، يُرِيدُ لِسَانَ الْمِيزَانِ. {وَالْعَصْفُ}: بَقْلُ الزَّرْعِ إِذَا قُطِعَ مِنْهُ شَىْءٌ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ فَذَلِكَ الْعَصْفُ، وَالرَّيْحَانُ: رِزْقُهُ، وَالْحَبُّ: الَّذِى يُؤْكَلُ مِنْهُ، وَالرَّيْحَانُ: فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ الرِّزْقُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْعَصْفُ يُرِيدُ: الْمَأْكُولَ مِنَ الْحَبِّ، وَالرَّيْحَانُ: النَّضِيجُ الَّذِى لَمْ ¬

_ (¬1) أخرج ابنُ أبي حاتم من طريق سعيد عن قَتادة، قال: أبقى اللهُ السفينةَ في أرض الجزيرة عبرةً وآيةً، حتى نظر إليها أوائل هذه الأمة نظرًا، وكم مِن سفينةٍ بعدها، فصارت رمادًا، اهـ "فتح الباري".

يُؤْكَلْ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْعَصْفُ وَرَقُ الْحِنْطَةِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْعَصْفُ التِّبْنُ. وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ: الْعَصْفُ أَوَّلُ مَا يَنْبُتُ، تُسَمِّيهِ النَّبَطُ: هَبُورًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْعَصْفُ وَرَقُ الْحِنْطَةِ، وَالرَّيْحَانُ الرِّزْقُ، وَالْمَارِجُ: اللَّهَبُ الأَصْفَرُ وَالأَخْضَرُ الَّذِى يَعْلُو النَّارَ إِذَا أُوقِدَتْ. وَقالَ بَعْضُهُمْ عَنْ مُجَاهِدٍ: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ} [17] لِلشَّمْسِ: في الشِّتَاءِ مَشْرِقٌ، وَمَشْرِقٌ في الصَّيفِ، {وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [17] مَغْرِبُهَا في الشِّتَاءِ وَالصَّيفِ. {لَّا يَبْغِيَانِ} لاَ يَخْتَلِطَانِ. {المُنْشَآتُ} [24] ما رُفِعَ قِلْعُهُ مِنَ السُّفُنِ، فَأَمَّا ما لَمْ يُرْفَعْ قِلْعُهُ فَلَيسَ بِمُنْشَأَةٍ. وقَالَ مُجَاهِدٌ: {كَالْفَخَّارِ} كَمَا يُصْنَعُ الفَخَّارُ {الشُّوَاظ} لَهَبٌ من نار. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {وَنُحَاسٌ} [35] الصُّفرُ يُصَبُّ عَلَى رُؤُوسِهِمْ، يُعَذَّبُونَ بِهِ. {خَافَ مَقَامَ رَبّهِ}: يَهُمُّ بِالمَعْصِيَةِ فَيَذْكُرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَيَتْرُكُهَا. {مُدْهَآمَّتَانِ (64)} سَوْدَاوَانِ مِنَ الرِّيِّ. {صَلْصَالٍ} طِينٍ خُلِطَ بِرَمْلٍ فَصَلصَلَ كَمَا يُصَلصِلُ الفَخَّارُ، وَيُقَالُ: مُنْتِنٌ، يُرِيدُونَ بِهِ: صَلَّ، يُقَالُ: صَلصَالٌ، كَمَا يُقَالُ: صَرَّ البَابُ عِنْدَ الإِغْلاَقِ وَصَرْصَرَ، مِثْلُ كَبْكَبْتُهُ يَعْنِي كَبَبْتُهُ، {فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} قالَ بَعْضُهُمْ: لَيسَ الرُّمَّانُ وَالنَّخْلُ بِالفَاكِهَةِ، وَأَمَّا العَرَبُ فَإِنَّهَا تَعُدُّهَا فاكِهَةً، كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَواتِ والصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238]، فَأَمَرَهُمْ بِالمُحافَظَةِ عَلَى كُلِّ الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ أَعادَ العَصْرَ تَشْدِيدًا لَهَا، كَمَا أُعِيدَ النَّخْلُ وَالرُّمَّانُ، وَمِثْلُهَا: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِى السَّمَاواتِ وَمَن فِى الأَرْضِ} [الحج: 18]. ثُمَّ قَالَ: {وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} [الحج: 18]: وَقَدْ ذَكَرَهُمْ فِى أَوَّلِ قَوْلِهِ: {مَنْ فِى السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِى الأَرْضِ}. وَقَالَ غَيْرُهُ: {أَفْنَانٍ} أَغْصَانٍ. {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ}: مَا يُجْتَنَى قَرِيبٌ. وَقَالَ الْحَسَنُ: {فَبِأَىِّ آلاَءِ} نِعَمِهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: {رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَعْنِى الْجِنَّ وَالإِنْسَ. وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِى شَأْنٍ} [29]: يَغْفِرُ ذَنْبًا، وَيَكْشِفُ كَرْبًا، وَيَرْفَعُ قَوْمًا، وَيَضَعُ آخَرِينَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {بَرْزَخٌ} [20]: حَاجِزٌ، الأَنَامُ: الْخَلْقُ {نَضَّاخَتَانِ}: فَيَّاضَتَانِ. {ذُو الْجَلاَلِ} ذُو الْعَظَمَةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: {مَارِجٌ} [15] خَالِصٌ مِنَ النَّارِ، يُقَالُ: مَرَجَ الأَمِيرُ رَعِيَّتَهُ إِذَا خَلَّاهُمْ يَعْدُو بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، مَرَجَ أَمْرُ النَّاسِ، {مَرِيجٍ} [ق: 5] مُلْتَبِسٌ {مَرَجَ} [19] اخْتَلَطَ الْبَحْرَانِ، مِنْ مَرَجْتَ دَابَّتَكَ تَرَكْتَهَا. {سَنَفْرُغُ لَكُمْ} [31] سَنُحَاسِبُكُمْ، لاَ يَشْغَلُهُ شَىْءٌ عَنْ شَىْءٍ، وَهْوَ مَعْرُوفٌ فِى كَلاَمِ الْعَرَبِ، يُقَالُ: لأَتَفَرَّغَنَّ لَكَ، وَمَا بِهِ شُغْلٌ، يَقُولُ لآخُذَنَّكَ عَلَى غِرَّتِكَ. 181/ 6 قوله: (والعَصْفُ: بَقْل الزَّرْع) "كهاس كهيتى كى". قوله: (وقال أبو مالك: العَصْف: أَوَّل ما يَنْبُتُ) "يعنى كهيتى كاانكور".

حكاية

قوله: (تُسَمِّيهِ النَّبَط: هَبُورًا) أي يقال له: هَبُور بالحبشة. قوله: (يَعْلُو النَّار) أي الجَمْرة. قوله: (الصُّفْر) "بيتل". قوله: (سَوْدَاوان مِن الرِّيِّ) "سبزهين سياهى نمامارى شادابى كى". قوله: (كما يقال: صَرَّ البابُ عند الإِغلاقِ وصَرْصَر) أي مضاعف ثلاثي، اتخذ من مضاعف رباعي. قوله: (وقال بَعْضُهم: ليس الرُّمَّانُ، والنَّخْل بالفاكِهَةِ) أراد البخاريُّ أنَّ ذِكْرَ الرُّمَّان بعد الفاكهة تَخْصِيصٌ بعد تعميم. فإِنْ قال أَحَدُ: إنَّ العَطْف يدلّ على التَّغاير، فأجاب عنه أنه على حَدّ قوله تعالى: {حَفِظُواْ عَلَى الصَّلَاواتِ والصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] فكما أن العَطْف لم يُوجِب تغايُر بينهما. كذلك فيما نحن فيه أيضًا. ولعلَّ أبا حنيفةَ اختار في تفسير الفاكهة عُرْفَ أهلِ الكوفة، ولعلها عندهم ما يكون للتَّفكُّه، دون التَّغذّي، والشافعيُّ اعتبر اللغةَ. فهذا الخِلافُ يَرجع إلى النَّظر لا غير. قوله: ({كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} يَغْفِرُ ذَنْبًا، ويَكْشِفُ كَرْبًا) ... إلخ. وهو أَثَرٌ، وثبت مرفوعًا أيضًا لكنه ضعيفٌ، وفيه: أن شؤونه عبارةٌ عن أفعاله وتصرُّفاته في هذا العالم، فلا يكون قائمًا بالباري عَزّ اسمُه، بل تكون منفصلةً عنه، وإنْ كان المرادُ منها نحوَ النزول، والضحك، وأمثالهما. لكان فيه إِشعارٌ بقيام الحوادث بِذَاته تعالى، فإِنَّ النزول، والضحك، وغيرَها حادِثٌ لا محالة، كما يقوله ابن تيميةَ. وعندي هذا التعبير - وإن أَوّلنا كلامَه بمصداقه فمع هذا - ممّا لا يليقُ بِجَنَابه تعالى، ولعل مرتبة الشؤون بعد الذّاتِ والصِّفات، وعند الشيخ المجدد السَّرهندي بين الذّات والصِّفات. وسيجيء فيها الكلام في أواخر البخاري. حكاية: حُكي أن رَجُلًا كان أوتي جَدَلًا، فكان يُفْحِم العلماءَ، فجلس مَرّةً في مجلس كان فيه أبو حنيفة أيضًا، وهو صغيرُ السن، فسأل العلماء: أنّ رَبّكم ماذا يفعل الآن؟ فما دَرُوا بما يجيبون له، فقام إمامنا، وقال: أنا أُجيب، ولكن انزل عن المنبر، فإِنك سائل وأنا مجيب، فصعد المِنْبر وقال: إنه فعل الآن ما رأيت، فأُنزلك عن المِنْبر، وأقعدني مقعدَك، فَبُهِت الرَّجُل. قوله: ({سَنَفْرُغُ لَكُمْ}) قد مَرّ وَجْهُه بِوَجْهٍ أَدقّ وأَلْطَف، والمصنف حمله على الكناية.

1 - باب قوله: {ومن دونهما جنتان (62)} [الرحمن: 62]

1 - باب قَوْلِهِ: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62)} [الرحمن: 62] 4878 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْعَمِّىُّ حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِىُّ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلاَّ رِدَاءُ الْكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِى جَنَّةِ عَدْنٍ». طرفاه 4880، 7444 تحفة 9135 4878 - قوله: (إلاّ رداءُ الكِبْر على وَجْهه) لا يريدُ بذلك رَفْعَ الحُجُب كُلِّها غير الرداء، لما عند مسلم: «أن الله سبحانه لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه»، بل معناه أن رداءه هو الكِبْرياء، وهي الآن كما كان. 2 - باب {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72)} [الرحمن: 72] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: حُورٌ: سُودُ الْحَدَقِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَقْصُورَاتٌ: مَحْبُوسَاتٌ، قُصِرَ طَرْفُهُنَّ وَأَنْفُسُهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ. {قَاصِرَاتٌ} [56] لاَ يَبْغِينَ غَيْرَ أَزْوَاجِهِنَّ. 4879، 4880 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِىُّ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ فِى الْجَنَّةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ، عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلاً، فِى كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ، مَا يَرَوْنَ الآخَرِينَ يَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْمُؤْمِنُونَ». «وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ كَذَا آنِيَتُهُمَا، وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلاَّ رِدَاءُ الْكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِى جَنَّةِ عَدْنٍ». طرفاه 4878، 7444 تحفة 9135 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 56 - سُورَةُ الوَاقِعَةِ وَقالَ مُجَاهِدٌ: {رُجَّتِ} [4] زُلزِلَتْ. {وَبُسَّتِ} [5] فُتَّتْ ولُتَّتْ كَمَا يُلَتُّ السَّوِيقُ. المَخْضُودُ: المُوقَرُ حَمْلًا، وَيُقَالُ أَيضًا: لاَ شَوْكَ لَهُ. {مَّنْضُودٍ} [29] المَوْزُ. وَالعُرُبُ: المحَبَّبَاتُ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ. {ثُلَّةٌ} [39 - 40] أُمَّةٌ. {يَحْمُومٍ} [43] دُخانٌ أَسْوَدُ. {يُصِرُّونَ} [46] يُدِيمُونَ. {الْهِيمِ} [55] الإِبِلُ الظِّمَاءُ. {لَمُغْرَمُونَ} [66] لَمُلزَمُونَ. {فَرَوْحٌ} [89] جَنَّةٌ وَرَخاءٌ. {وَرَيْحَانٌ} [89] الرِّزْقُ. {وَنُنْشِئَكُمْ} [61]: في أَيِّ خَلقٍ نَشَاءُ. وَقالَ غَيرُهُ: {تَفَكَّهُونَ} [65] تَعْجَبُونَ. {عُرُبًا} [37] مُثَقَّلَةً، وَاحِدُهَا عَرُوبٌ، مِثْلُ صَبُورٍ وَصُبُرٍ، يُسَمِّيهَا أَهْلُ مَكَّةَ العَرِبَةَ، وَأَهْلُ المَدِينَةِ الغَنِجَةَ، وَأَهْلُ العِرَاقِ الشَّكِلَةَ.

1 - باب قوله: {وظل ممدود (30)} [الواقعة: 30]

وَقَالَ فِي: {خَافِضَةٌ} [3] لِقَوْمٍ إِلَى النَّارِ. وَ {رَافِعَةٌ} [3] إِلَى الْجَنَّةِ. {مَوْضُونَةٍ} [5] مَنْسُوجَةٍ، وَمِنْهُ: وَضِينُ النَّاقَةِ. وَالْكُوبُ: لاَ آذَانَ لَهُ وَلاَ عُرْوَةَ. وَالأَبَارِيقُ: ذَوَاتُ الآذَانِ وَالْعُرَى. {مَسْكُوبٍ} [31] جَارٍ. {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34)} [34] بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ. {مُتْرَفِينَ} [45] مُتَمَتِّعِينَ {مَدِينِينَ} محاسبين. {مَا تُمْنُونَ} [58] هِىَ النُّطْفَةُ فِى أَرْحَامِ النِّسَاءِ. {لِلْمُقْوِينَ} [73] لِلْمُسَافِرِينَ. وَالْقِيُّ الْقَفْرُ. {بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [75] بِمُحْكَمِ الْقُرْآنِ، وَيُقَالُ: بِمَسْقِطِ النُّجُومِ إِذَا سَقَطْنَ، وَمَوَاقِعُ وَمَوْقِعٌ وَاحِدٌ. {مُدْهِنُونَ} [81] مُكَذِّبُونَ، مِثْلُ: {لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9]، {فَسَلاَمٌ لَكَ} [91] أَىْ مُسَلَّمٌ لَكَ: إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَأُلْغِيَتْ إِنَّ وَهْوَ مَعْنَاهَا، كَمَا تَقُولُ: أَنْتَ مُصَدَّقٌ، مُسَافِرٌ عَنْ قَلِيلٍ، إِذَا كَانَ قَدْ قَالَ: إِنِّى مُسَافِرٌ عَنْ قَلِيلٍ، وَقَدْ يَكُونُ كَالدُّعَاءِ لَهُ، كَقَوْلِكَ: فَسَقْيًا مِنَ الرِّجَالِ، إِنْ رَفَعْتَ السَّلاَمَ، فَهْوَ مِنَ الدُّعَاءِ. {تُورُونَ} [71] تَسْتَخْرِجُونَ، أَوْرَيْتُ: أَوْقَدْتُ. {لَغْوًا} [25] بَاطِلاً. {تَأْثِيمًا} [25] كَذِبًا. 183/ 6 قوله: (المَوْز) "كيلا". قوله: ({عُرُبًا} مُثَقَّلة) يعني بضم الراء. قوله: ({خَافِضَةٌ} لقومٍ إلى النَّار). قوله: ({ورافعة} إلى الجنةِ) وهي عندي على ظاهِرِها، فإِنَّ جَهنَّم في الأَسْفل، والجنّةَ في الأعلى كما مر مِن قَبْل، ولا أريدُ به العِزّ والذّل. قوله: (لا آذان له) أي لا خرطوم له. قوله: (أي مُسَلَّم لك) ونائبٌ فاعِلُه قوله: «إنَّك مِن أَصحابِ اليمين». قوله: (إنْ رَفَعْ السَّلام) أي سلامٌ لك، فهو دعاءٌ في الوَجْهين. 1 - باب قَوْلِهِ: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30)} [الواقعة: 30] 4881 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ فِى الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِى ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لاَ يَقْطَعُهَا، وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30)}». طرفه 3252 - تحفة 13698 قوله: ({وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30)}) وهي طُوبى في فِناء الجَنَّة يخرجُ إليها أَهْلُ الجَنَّة للتنزُّه. وقيل: إنها شجرةٌ في منزلةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ثُم انشعبت أفنانُها في سائر منازلِ أهل الجنة، فإِن كان هذا صوابًا، فهي عندي الوسيلةُ لا غير.

57 - سورة الحديد

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 57 - سُورَةُ الحَدِيدِ قالَ مُجَاهِدٌ: {جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ} [7] مَعَمَّرِينَ فِيهِ. {مّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [9] مِنَ الضَّلاَلَةِ إِلَى الهُدَى. {وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [25] جُنَّةٌ وَسِلاَحٌ. {مَوْلَاكُمْ} [15] أَوْلَى بِكُمْ. {لّئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} [29]: لِيَعْلَمَ أَهْلُ الكِتَابِ، يُقَالُ: الظَّاهِرُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ عِلمًا، وَالبَاطِنُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ عِلمًا. {أَنْظِرونَا} [13] انْتَظِرُونَا. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 58 - سُورَةُ المُجادِلَةِ وَقالَ مُجَاهِدٌ: {يُحَآدُّونَ} [20] يُشَاقُّونَ اللَّهَ. {كُبِتُواْ} [5] أُخْزِيُوا، مِنَ الخِزْيِ. {اسْتَحْوَذَ} [19] غَلَبَ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 59 - سُورَةُ الحَشْرِ {الْجَلاَء} [3]: الإِخْرَاجُ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ. 4882 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ سُورَةُ التَّوْبَةِ قَالَ التَّوْبَةُ هِىَ الْفَاضِحَةُ، مَا زَالَتْ تَنْزِلُ وَمِنْهُمْ وَمِنْهُمْ، حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهَا لَمْ تُبْقِ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلاَّ ذُكِرَ فِيهَا. قَالَ قُلْتُ سُورَةُ الأَنْفَالِ. قَالَ نَزَلَتْ فِى بَدْرٍ. قَالَ قُلْتُ سُورَةُ الْحَشْرِ. قَالَ نَزَلَتْ فِى بَنِى النَّضِيرِ. أطرافه 4029، 4645، 4883 - تحفة 5454 4883 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - سُورَةُ الْحَشْرِ قَالَ قُلْ سُورَةُ النَّضِيرِ. أطرافه 4029، 4645، 4882 - تحفة 5454 وهو عند النُّحاة من قَبِيل: عَلَفْتُها تِبْنًا وماءً باردًا، وعند علماء المعاني مَحمولٌ على الاستعارةِ. 1 - باب {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} [الحشر: 5] نَخْلَةٍ: مَا لَمْ تَكُنْ عَجْوَةً أَوْ بَرْنِيَّةً. 184/ 6

2 - باب {ما أفاء الله على رسوله} [الحشر: 6 - 7]

4884 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَرَّقَ نَخْلَ بَنِى النَّضِيرِ وَقَطَعَ، وَهْىَ الْبُوَيْرَةُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)}. أطرافه 2326، 3021، 4031، 4032 - تحفة 8267 2 - باب {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [الحشر: 6 - 7] 4885 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ - غَيْرَ مَرَّةٍ - عَنْ عَمْرٍو عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِى النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا لَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ، فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاصَّةً، يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْهَا نَفَقَةَ سَنَتِهِ، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِىَ فِى السِّلاَحِ وَالْكُرَاعِ، عُدَّةً فِى سَبِيلِ اللَّهِ. أطرافه 2904، 3094، 4033، 5357، 5358، 6728، 7305 - تحفة 10631 3 - باب {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7] 4886 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُوتَشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِى أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجَاءَتْ فَقَالَتْ إِنَّهُ بَلَغَنِى أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ. فَقَالَ وَمَا لِى لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ هُوَ فِى كِتَابِ اللَّهِ فَقَالَتْ لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ. قَالَ لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ، أَمَا قَرَأْتِ {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}. قَالَتْ بَلَى. قَالَ فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ. قَالَتْ فَإِنِّى أَرَى أَهْلَكَ يَفْعَلُونَهُ. قَالَ فَاذْهَبِى فَانْظُرِى. فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ فَلَمْ تَرَ مِنْ حَاجَتِهَا شَيْئًا، فَقَالَ لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا جَامَعَتْنَا. أطرافه 4887، 5931، 5939، 5943، 5948 - تحفة 9450، 9644 4887 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ ذَكَرْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ حَدِيثَ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْوَاصِلَةَ فَقَالَ سَمِعْتُهُ مِنِ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَ حَدِيثِ مَنْصُورٍ. أطرافه 4886، 5931، 5939، 5943، 5948 - تحفة 9450، 9644 - 185/ 6 4 - باب {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} [الحشر: 9] 4888 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ رضى الله عنه أُوصِى الْخَلِيفَةَ بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَأُوصِى الْخَلِيفَةَ بِالأَنْصَارِ الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُهَاجِرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَعْفُوَ عَنْ مُسِيئِهِمْ. أطرافه 1392، 3052، 3162، 3700، 7207 تحفة 10618

5 - باب قوله: {ويؤثرون على أنفسهم} [الحشر: 9] الآية

5 - باب قَوْلِهِ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الحشر: 9] الآية الخَصَاصَةُ: الفَاقَةُ. {الْمُفْلِحُونَ}: الفَائِزُونَ بِالخُلُودِ، الفَلاَحُ: البَقَاءُ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ: عَجِّل. وَقالَ الحَسَنُ: {حَاجَةً} [9] حَسَدًا. 4889 - حَدَّثَنِى يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ الأَشْجَعِىُّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَنِى الْجَهْدُ فَأَرْسَلَ إِلَى نِسَائِهِ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُنَّ شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ رَجُلٌ يُضَيِّفُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ يَرْحَمُهُ اللَّهُ». فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ لاِمْرَأَتِهِ ضَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ تَدَّخِرِيهِ شَيْئًا. قَالَتْ وَاللَّهِ مَا عِنْدِى إِلاَّ قُوتُ الصِّبْيَةِ. قَالَ فَإِذَا أَرَادَ الصِّبْيَةُ الْعَشَاءَ فَنَوِّمِيهِمْ، وَتَعَالَىْ فَأَطْفِئِى السِّرَاجَ وَنَطْوِى بُطُونَنَا اللَّيْلَةَ. فَفَعَلَتْ ثُمَّ غَدَا الرَّجُلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لَقَدْ عَجِبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ - أَوْ ضَحِكَ - مِنْ فُلاَنٍ وَفُلاَنَةَ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9]. طرفه 3798 - تحفة 13419 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 60 - سُورَةُ المُمْتَحنَةِ وَقالَ مُجَاهِدٌ: {لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً} [5] لاَ تُعَذِّبْنَا بِأَيدِيهِمْ، فَيَقُولُونَ: لَوْ كانَ هؤُلاَءِ عَلَى الْحَقِّ ما أَصَابَهُمْ هذا. {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [10] أُمِرَ أَصْحَابُ النبي صلى الله عليه وسلّم بِفِرَاق نِسَائِهِمْ، كُنَّ كَوَافِرَ بِمَكَّةَ. 1 - باب {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: 1] 4890 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ حَدَّثَنِى الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى رَافِعٍ كَاتِبَ عَلِىٍّ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيًّا - رضى الله عنه - يَقُولُ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ فَقَالَ «انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ فَخُذُوهُ مِنْهَا». فَذَهَبْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَةَ فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ فَقُلْنَا أَخْرِجِى الْكِتَابَ فَقَالَتْ مَا مَعِى مِنْ كِتَابٍ. فَقُلْنَا لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ. فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا فَأَتَيْنَا بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِى بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِمَّنْ بِمَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا هَذَا يَا حَاطِبُ». قَالَ لاَ تَعْجَلْ عَلَىَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى كُنْتُ امْرَأً مِنْ قُرَيْشٍ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِمَكَّةَ فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِى مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَصْطَنِعَ

2 - باب {إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات} [الممتحنة: 10]

إِلَيْهِمْ يَدًا يَحْمُونَ قَرَابَتِى وَمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ كُفْرًا وَلاَ ارْتِدَادًا عَنْ دِينِى. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ». فَقَالَ عُمَرُ دَعْنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَقَالَ «إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ». قَالَ عَمْرٌو وَنَزَلَتْ فِيهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ} [الممتحنة: 1] قَالَ لاَ أَدْرِى الآيَةَ فِى الْحَدِيثِ أَوْ قَوْلُ عَمْرٍو. حَدَّثَنَا عَلِىٌّ قِيلَ لِسُفْيَانَ فِى هَذَا فَنَزَلَتْ {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي} قَالَ سُفْيَانُ هَذَا فِى حَدِيثِ النَّاسِ حَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍو وَمَا تَرَكْتُ مِنْهُ حَرْفًا وَمَا أُرَى أَحَدًا حَفِظَهُ غَيْرِى. أطرافه 3007، 3081، 3983، 4274، 6259، 6939 - تحفة 10227 - 186/ 6 2 - باب {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} [الممتحنة: 10] 4891 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَمْتَحِنُ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ بِهَذِهِ الآيَةِ، بِقَوْلِ اللَّهِ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} إِلَى قَوْلِهِ {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الممتحنة: 12]. قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ بَايَعْتُكِ». كَلاَمًا وَلاَ وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِى الْمُبَايَعَةِ، مَا يُبَايِعُهُنَّ إِلاَّ بِقَوْلِهِ «قَدْ بَايَعْتُكِ عَلَى ذَلِكَ». تَابَعَهُ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ. أطرافه 2713، 2733، 4182، 5288، 7214 تحفة 16616، 16507، 16409، 17925، 16697، 16640 - 187/ 6 3 - باب {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} [الممتحنة: 12] 4892 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَ عَلَيْنَا {أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [الممتحنة: 12] وَنَهَانَا عَنِ النِّيَاحَةِ، فَقَبَضَتِ امْرَأَةٌ يَدَهَا فَقَالَتْ أَسْعَدَتْنِى فُلاَنَةُ أُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَهَا. فَمَا قَالَ لَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا فَانْطَلَقَتْ وَرَجَعَتْ فَبَايَعَهَا. طرفاه 1306، 7215 - تحفة 18120 4893 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ سَمِعْتُ الزُّبَيْرَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} [الممتحنة: 12] قَالَ إِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ شَرَطَهُ اللَّهُ لِلنِّسَاءِ. تحفة 6089 4894 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِىُّ حَدَّثَنَاهُ قَالَ

61 - سورة الصف

حَدَّثَنِى أَبُو إِدْرِيسَ سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَتُبَايِعُونِى عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلاَ تَزْنُوا وَلاَ تَسْرِقُوا». وَقَرَأَ آيَةَ النِّسَاءِ - وَأَكْثَرُ لَفْظِ سُفْيَانَ قَرَأَ الآيَةَ - «فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ اللَّهُ فَهْوَ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ». تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ فِى الآيَةِ. أطرافه 18، 3892، 3893، 3999، 6784، 6801، 6873، 7055، 7199، 7213، 7468 - تحفة 5094 4895 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِى ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ مُسْلِمٍ أَخْبَرَهُ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ شَهِدْتُ الصَّلاَةَ يَوْمَ الْفِطْرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَكُلُّهُمْ يُصَلِّيهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدُ، فَنَزَلَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ حِينَ يُجَلِّسُ الرِّجَالَ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَشُقُّهُمْ حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ مَعَ بِلاَلٍ فَقَالَ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} [الممتحنة: 12] حَتَّى فَرَغَ مِنَ الآيَةِ كُلِّهَا ثُمَّ قَالَ حِينَ فَرَغَ «أَنْتُنَّ عَلَى ذَلِكَ». وَقَالَتِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ لَمْ يُجِبْهُ غَيْرُهَا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لاَ يَدْرِى الْحَسَنُ مَنْ هِىَ. قَالَ «فَتَصَدَّقْنَ!» وَبَسَطَ بِلاَلٌ ثَوْبَهُ فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ الْفَتَخَ وَالْخَوَاتِيمَ فِى ثَوْبِ بِلاَلٍ. أطرافه 98، 863، 962، 964، 975، 977، 979، 989، 1431، 1449، 5249، 5880، 5881، 5883، 7325 - تحفة 5698 - 188/ 6 4895 - قوله: (فَنَزل نبيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم) واستنبط منه الحاكِمُ أنه كان بمكانٍ عالٍ، ومَوْضع مُرْتفعٍ، ولم يكن المنبر بُني بعدُ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 61 - سُورَةُ الصَّفِّ وَقالَ مُجَاهِدٌ: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [14] مَنْ يَتَّبِعُنِي إِلَى اللَّهِ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مَّرْصُوصٌ} [4] مُلصَقٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَقالَ غَيرُهُ: بِالرَّصَاصِ. 1 - باب قَوْلُهُ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6] 4896 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ لِى أَسْمَاءً، أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِى الَّذِى يَمْحُو اللَّهُ بِىَ الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِى يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِى، وَأَنَا الْعَاقِبُ». طرفه 3532 - تحفة 3191 قوله: ({يَأْتِى مِن بَعْدِى اسْمُهُ أَحْمَدُ}) وقد مَرّ من قبل ما يتعلق باسمه «أحمد»، وأنه لمَ بَشَّر

62 - سورة الجمعة

بذلك الاسم، مع أن اسمه المشهور محمد صلى الله عليه وسلّم واسمُه في التوراة «ماد ماد»، والمراد منه محمد صلى الله عليه وسلّم وقرأ بعضهم «موذموذ» وهو غَلَطٌ عندي، وأصلخِ عندي «مئدمئد»، وحينئذٍ يمكن أن يكونَ موسى بَشَّر به باسمِه محمد، وعيسى عليه الصلاة والسلام باسمه أحمدَ صلى الله عليه وسلّم. 4896 - قوله: (وأنا العاقِب) واعلم أن السَّيد في لغةِ العرب لمن يكون أَمَام الجيش، ومَنْ يكون خَلْفَه يسمونه عاقِبًا وحاشرًا، وعلى هذه المحاورة جاء اسمُه العاقب، أي لكونِه آخِرًا من سلسلة الأنبياء عليهم السلام، وسها مَنْ لم يُرَاع هذه المحاورة عند شَرْح اسمه صلى الله عليه وسلّم. قوله: (يُحْشَر الناسُ عَلَى قَدَمي) واعلم أن كَوْنَه صلى الله عليه وسلّم حاشِرًا وعاقبًا، وإنما هو باعتبارِ المعنى، وأما باعتبار الحِسِّ فيكون أمامَهم لكونِه أَوَّلَهم بَعْثًا من القبر، فكيف يمكن أن يكون حاشِرًا حِسًّا أيضًا. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 62 - سُورَةُ الجُمُعَةِ 1 - باب قَوْلُهُ: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة: 3] وَقَرَأَ عُمَرُ: فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ. 4897 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} قَالَ قُلْتُ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ حَتَّى سَأَلَ ثَلاَثًا، وَفِينَا سَلْمَانُ الْفَارِسِىُّ، وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ ثُمَّ قَالَ «لَوْ كَانَ الإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ - أَوْ رَجُلٌ - مِنْ هَؤُلاَءِ». طرفه 4898 - تحفة 12917 - 189/ 6 4898 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ أَخْبَرَنِى ثَوْرٌ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلاَءِ». طرفه 4897 تحفة 12917 2 - باب {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً} [الجمعة: 11] 4899 - حَدَّثَنِى حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ وَعَنْ أَبِى سُفْيَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ أَقْبَلَتْ عِيرٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَثَارَ النَّاسُ إِلاَّ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا}. أطرافه 936، 2058، 2064 - تحفة 2239، 2292

63 - سورة المنافقين

قوله: ({وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ}) "أورد وسرى جوابهى نهين ملحق هوئى ارو آكى هونى والى هين" لأن «لما» للتوقع عندهم. وحاصِلُ الحديث أنَّ الدِّين لا يَنْحصر في العرب، بل يكون في العجم أيضًا. 4898 - قوله: (لَنَالَهُ رِجالٌ - أو رجل - من هؤلاء) والظاهِر أنَّ المرادَ منه هم العلماءُ الكِبار الذين أقامهم اللهُ تعالى لِنُصرةِ دِينه من العجم. وقال السيوطي: إنَّ فيه مَنْقبةً عظيمةً للإِمام أبي حنيفة. قلتُ: ولكنَّ لفظ الجمع يأباه، ومَحْمل هذه الأحاديث هم حَمَلةُ الشريعة في العجم، ولا ريب أن هؤلاء كَثُروا في العجم، حتى إن أصحاب «الصِّحاح» كلهم من العجم. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 63 - سُورَةُ المُنَافِقِين 1 - باب قَوْلِهِ: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} إِلَى: {لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] 4900 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ كُنْتُ فِى غَزَاةٍ فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ يَقُولُ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ وَلَوْ رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِهِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا. الأَذَلَّ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّى أَوْ لِعُمَرَ فَذَكَرَهُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَانِى فَحَدَّثْتُهُ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ وَأَصْحَابِهِ فَحَلَفُوا مَا قَالُوا فَكَذَّبَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَصَدَّقَهُ فَأَصَابَنِى هَمٌّ لَمْ يُصِبْنِى مِثْلُهُ قَطُّ، فَجَلَسْتُ فِى الْبَيْتِ فَقَالَ لِى عَمِّى مَا أَرَدْتَ إِلَى أَنْ كَذَّبَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَقَتَكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} فَبَعَثَ إِلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَ فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ يَا زَيْدُ». أطرافه 4901، 4902، 4903، 4904 - تحفة 3678 2 - باب {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} [المنافقون: 2] يَجْتَنُّونَ بِهَا 4901 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ مَعَ عَمِّى فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ ابْنَ سَلُولَ يَقُولُ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا. وَقَالَ أَيْضًا لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّى فَذَكَرَ عَمِّى لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ وَأَصْحَابِهِ، فَحَلَفُوا مَا قَالُوا، فَصَدَّقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَذَّبَنِى، فَأَصَابَنِى هَمٌّ لَمْ يُصِبْنِى مِثْلُهُ، فَجَلَسْتُ فِى بَيْتِى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} إِلَى قَوْلِهِ: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ} إِلَى قَوْلِهِ

3 - باب قوله: {ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون (3)} [المنافقون: 3]

{لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا} [المنافقون: 1 - 8] فَأَرْسَلَ إِلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَهَا عَلَىَّ ثُمَّ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ». أطرافه 4900، 4902، 4903، 4904 - تحفة 3678 - 190/ 6 3 - باب قَوْلِهِ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3)} [المنافقون: 3] 4902 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِىَّ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ. وَقَالَ أَيْضًا لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ. أَخْبَرْتُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَمَنِى الأَنْصَارُ، وَحَلَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ مَا قَالَ ذَلِكَ، فَرَجَعْتُ إِلَى الْمَنْزِلِ فَنِمْتُ فَدَعَانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ». وَنَزَلَ {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا} [المنافقون: 7] الآيَةَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِى زَائِدَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ زَيْدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 4900، 4901، 4903، 4904 - تحفة 3683، 3672 4 - باب {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (4)} [المنافقون: 4] 4903 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ أَصَابَ النَّاسَ فِيهِ شِدَّةٌ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ لأَصْحَابِهِ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ. وَقَالَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ. فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ فَسَأَلَهُ، فَاجْتَهَدَ يَمِينَهُ مَا فَعَلَ، قَالُوا كَذَبَ زَيْدٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَقَعَ فِى نَفْسِى مِمَّا قَالُوا شِدَّةٌ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقِى فِى {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} فَدَعَاهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِيَسْتَغْفِرَ لَهُمْ فَلَوَّوْا رُءُوسَهُمْ. وَقَوْلُهُ {خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} قَالَ كَانُوا رِجَالاً أَجْمَلَ شَىْءٍ. أطرافه 4900، 4901، 4902، 4904 - تحفة 3678 - 191/ 6 5 - باب قَوْلِهِ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (5)} [المنافقون: 5] حَرَّكُوا، اسْتَهْزَؤُوا بِالنبي صلى الله عليه وسلّم، وُيَقْرَأُ بِالتَّخْفِيفِ مِنْ: لَوْيَتُ. 4904 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَمِّى فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ ابْنَ سَلُولَ يَقُولُ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا، وَلَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّى، فَذَكَرَ عَمِّى لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَانِى فَحَدَّثْتُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ وَأَصْحَابِهِ فَحَلَفُوا مَا قَالُوا، وَكَذَّبَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَصَدَّقَهُمْ، فَأَصَابَنِى غَمٌّ لَمْ يُصِبْنِى مِثْلُهُ قَطُّ، فَجَلَسْتُ فِى

6 - باب قوله: {سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين (6)} [المنافقون: 6]

بَيْتِى وَقَالَ عَمِّى مَا أَرَدْتَ إِلَى أَنْ كَذَّبَكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَقَتَكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون: 1] وَأَرْسَلَ إِلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَهَا وَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ». أطرافه 4900، 4901، 4902، 4903 - تحفة 3678 6 - باب قَوْلِهِ: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (6)} [المنافقون: 6] 4905 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا فِى غَزَاةٍ - قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً فِى جَيْشٍ - فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ يَا لَلأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرِىُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ. فَسَمِعَ ذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا بَالُ دَعْوَى جَاهِلِيَّةٍ» قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ. فَقَالَ «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ». فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ فَقَالَ فَعَلُوهَا، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ. فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِى أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «دَعْهُ لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ» وَكَانَتِ الأَنْصَارُ أَكْثَرَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، ثُمَّ إِنَّ الْمُهَاجِرِينَ كَثُرُوا بَعْدُ. قَالَ سُفْيَانُ فَحَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍو قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرًا كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 3518، 4907 - تحفة 2525 - 192/ 6 7 - باب قَوْلِهِ: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} وَيَتَفَرَّقُوا {وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7)} [المنافقون: 7] 4906 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ حَزِنْتُ عَلَى مَنْ أُصِيبَ بِالْحَرَّةِ فَكَتَبَ إِلَىَّ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَبَلَغَهُ شِدَّةُ حُزْنِى يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَلأَبْنَاءِ الأَنْصَارِ» - وَشَكَّ ابْنُ الْفَضْلِ فِى أَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الأَنْصَارِ - فَسَأَلَ أَنَسًا بَعْضُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَقَالَ هُوَ الَّذِى يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَذَا الَّذِى أَوْفَى اللَّهُ لَهُ بِأُذُنِهِ». تحفة 3656 8 - باب {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون: 8] 4907 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ

فائدة

سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ كُنَّا فِى غَزَاةٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ يَا لَلأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرِىُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ. فَسَمَّعَهَا اللَّهُ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا هَذَا». فَقَالُوا كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ يَا لَلأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرِىُّ يَالَلْمُهَاجِرِينَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ». قَالَ جَابِرٌ وَكَانَتِ الأَنْصَارُ حِينَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَكْثَرَ، ثُمَّ كَثُرَ الْمُهَاجِرُونَ بَعْدُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ أَوَقَدْ فَعَلُوا، وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضى الله عنه دَعْنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «دَعْهُ لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ». طرفاه 3518، 4905 تحفة 2525 - 193/ 6 قوله: (والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) قال صاحب «التلخيص»: معناه لكاذبون في الشهادة، أو التسمية، أو المشهود به في زَعْمهم. قلتُ: هذا باطِلٌ يرده الحديث، وهكذا المرءُ إذا أتى في غير فَنِّه يأتي بالعجائب. فالصوابُ في الجواب ما يُستفاد مما أخرجه المصنِّف عن زيد بن أرقم، قال: كُنْت في غزاة، فسمعت عبدَ الله بنَ أُبَي يقول: لا تُنْفِقوا على مَنْ عندَ رسول الله حتى يَنْفَضُّوا من حوله، ولو رجعنا مِن عنده لَيُخْرِجَنّ الأعزُّ منها الأَذَلَّ، فذكرت ذلك لعمِّي، أو لِعُمَرَ، فذكره للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم فدعاني، فحدثته، فأرسل رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم إلى عبدِ الله بن أُبَي، وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فكذَّبني رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم وصَدَّقه ... إلخ. وفي تلك القصة نزلت الآيةُ، وأُخْبر النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إنّهم لكاذِبون، أي فيما حلفوا لك أنهم ما قالوا، فاللَّهُ سبحانه كَذَّبهم في حَلِفِهم، لا فيما ذكره صاحِبُ «التَّلْخيص». قوله: ({لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ}) فالتلويةُ عَن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كُفْر، بخلافِ غيره، فدلَّ على أن فِعْلًا واحدًا يمكن أن يكونَ كفرًا، وغير كُفْر بالنسبةِ إلى الشخصين. 4906 - قوله: (فكَتَب إلى زيدٍ بنِ أَرْقَم) ... إلخ. أي يُعزِّيني، ثُم قال أَنس ما حاصله: إنَّ زيدًا ممن صَدَّقه اللهُ تعالى فيما قال لابنِ أُبَي. فائدة: وعن سعيد بن المسيّب عند الدارمي في «مسنده»: أنَّ يزيدَ لما أحل حرم الله المدينة، وجعل يسفك فيها دماء المسلمين، ألقيت نفسي في المسجد النبوي، كأني مجنون، وما بي من جنون، ولكن أردت منه الاتقاء عن شر يزيد، فكنت أسمع يومئذٍ صوت الأذان من الروضة المطهرة، وعد ذلك من مناقب سعيد؛ قلتُ: وقد مرّ معنا ما في القبور من الأحوال، فتذكره.

64 - سورة التغابن

4905 - قوله: (دَعْه، لا يتحدَّثُ النّاسُ أنَّ محمدًا يَقْتلُ أصحابَه) هذا هو السرُّ في عدمِ قَتْل النبيِّ صلى الله عليه وسلّم المنافقين، مع علمه بأعيانِهم، كما نَبّهناك فيما مرّ. وليس الأَمر أنَّ المنافقين كانوا مختلِطين بين أصحابه صلى الله عليه وسلّم بحيث يرتفع التمييزُ أَصْلًا، ولكنه كان يُسامِحُهُم لِمِثْل هذه المصلحة، فاندفع ما أورد عليه، فافهم. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 64 - سُورَةُ التَّغَابُنِ وَقالَ عَلقَمَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [11] هُوَ الَّذِي إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ رَضِيَ وَعَرَفَ أَنَّهَا مِنَ اللَّهِ. وقَالَ مُجَاهِدٌ: التَّغَابُنُ غَبْنُ أَهْلِ الجَنَّةِ أَهْلَ النَّارِ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 65 - سُورَةُ الطَّلاَقِ وَقالَ مُجَاهِدٌ: {وَبَالَ أَمْرِهَا} [9] جَزَاءَ أَمْرِهَا. {إِنِ ارْتَبْتُمْ} [4]: إِنْ لَمْ تَعْلَمُوا أَتحيضُ أَمْ لا تَحيضُ. فَاللائي قَعَدْنَ عَنِ الْمَحيضِ وَاللائي لَمْ يَحِضْنَ بَعْدُ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ. 1 - باب 4908 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَغَيَّظَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «لِيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فَتِلْكَ الْعِدَّةُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ». أطرافه 5251، 5252، 5253، 5258، 5264، 5332، 5333، 7160 تحفة 6885 2 - باب {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: 4] وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ: وَاحِدُهَا: ذَاتُ حَمْلٍ. 4909 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ جَالِسٌ عِنْدَهُ فَقَالَ أَفْتِنِى فِى امْرَأَةٍ وَلَدَتْ

بَعْدَ زَوْجِهَا بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ آخِرُ الأَجَلَيْنِ. قُلْتُ أَنَا {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِى - يَعْنِى أَبَا سَلَمَةَ - فَأَرْسَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ غُلاَمَهُ كُرَيْبًا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُهَا فَقَالَتْ قُتِلَ زَوْجُ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةِ وَهْىَ حُبْلَى، فَوَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَخُطِبَتْ فَأَنْكَحَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ أَبُو السَّنَابِلِ فِيمَنْ خَطَبَهَا. طرفه 5318 - تحفة 18206، 17785 أ - 194/ 6 4910 - وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ كُنْتُ فِى حَلْقَةٍ فِيهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى لَيْلَى وَكَانَ أَصْحَابُهُ يُعَظِّمُونَهُ، فَذَكَرَ آخِرَ الأَجَلَيْنِ فَحَدَّثْتُ بِحَدِيثِ سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ فَضَمَّزَ لِى بَعْضُ أَصْحَابِهِ. قَالَ مُحَمَّدٌ فَفَطِنْتُ لَهُ فَقُلْتُ إِنِّى إِذًا لَجَرِىءٌ إِنْ كَذَبْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَهْوَ فِى نَاحِيَةِ الْكُوفَةِ. فَاسْتَحْيَا وَقَالَ لَكِنَّ عَمَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَاكَ. فَلَقِيتُ أَبَا عَطِيَّةَ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ فَسَأَلْتُهُ فَذَهَبَ يُحَدِّثُنِى حَدِيثَ سُبَيْعَةَ فَقُلْتُ هَلْ سَمِعْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فِيهَا شَيْئًا فَقَالَ كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التَّغْلِيظَ وَلاَ تَجْعَلُونَ عَلَيْهَا الرُّخْصَةَ. لَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}. طرفه 4532 - تحفة 9544، 15890 ل قوله: (ليراجعها، ثُم يمسكها) وهذا صريحٌ في أن تطليقَ (¬1) ابنِ عمر امرأتَه في الحيض اعتُبر طَلاقًا، مع كونه بدعةً، فكيف يقول ابنُ تيميةَ ما يقول؟ وقد مَرّ، ثُم الرجوع عنه واجِبٌ، كما في «الهداية»، وهو ظاهر الحديث، وقيل: مستحبُّ، والأَوّل أرجح. 4908 - قوله: (حتى تَطْهُرَ، ثُم تحيض) ... إلخ. وللرواة فيه اختلافُ، وهو الوجهان للحنفية، فقيل: إنّه يُطلِّقها في الطُّهر الذي بعد الحَيْضة الأُولى، كما عند أبي داود، وقيل: بل ينبغي له أن يُمْهِلَها حتى تمضِي حيضتان، ثُم يُطَلِّقها في الطُّهر الذي ¬

_ (¬1) قال ابن رشد: أما المسألة الأُولى: فإِن الجمهور إنما صاروا إلى أن الطلاق إن وقع في الحيض اعتد به وكان طلاقًا، لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عمر: مُره فليراجِعْها. قالوا: والرَّجعة لا تكون إلَّا بعد طلاق. ورَوى الشافعيُّ عن مسلم بن خالد عن ابن جُرَيج أنهم أرسلوا إلى نافع يسألونه: هل حسبت تطليقة ابن عمرَ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم. ورُوي أنه الذي كان يُفْتي به ابنُ عمرَ، وأما مَنْ لم ير هذا الطلاقَ واقِعًا، فإِنه اعتمد عمومَ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كلّ - فعل أو - عمل ليس عليه أمرنا، فهو ردٌّ". وقالوا: أَمْرُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بِرَدّه يُشْعر بعدمِ نفوذه، ووقوعه؛ وبالجملةِ فسببُ الاختلاف، هل الشروط التي اشترطها الشَّرْع في الطلاق السُّنّي هي شروطُ صحةٍ وإجزاء، أم شروط كمال وتمام؟ فَمَن قال: شروط إجزاء، قال: لا يقع الطلاق الذي عُدِم هذه الصفة، ومَنْ قال: شروط كمال وتمام، قال: يقع. ويُنْدب إلى أنْ يقعَ كامِلًا، ولذلك مَنْ قال بوقوع الطلاق وجبره على الرجعة، فقد تناقض، فتدبر ذلك. اهـ: "بداية المجتهد".

بعدهما. وتَعرَّض صاحب «الهداية» إلى حِكْمة التراخي، وراجع «بداية المجتهد» لابن رشد (¬1). 4908 - قوله: (فتلك العِدَّةُ، كما أَمَره اللهُ) ... إلخ. إشارةٌ إلى قوله: {فَطَلّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} واستدل (¬2) منه الشافعية على كونِ القروء بمعنى الأَطهار، فإِن التطليقَ في الطُّهر بالإِجماع، وقد جعله القرآنُ عِدّةً لهن، فدلّ على أنَّ العِدّة بالأطهار. وأجاب عنه الزَّمْخَشريُّ: أنَّ اللام فيه للاستقبال، فيكون التَّطْلِيقُ في الطُّهر، وعِدّتها بَعْدَه في الحَيْض، وتؤيدُه قراءة: «قبل عدتهن». والجواب عندي (¬3): أنَّ العِدّة عِدَّتان: عِدّة الرجال، وهي للتطلِيق؛ وعدَّة النِّساء، وهي للتربُّص، كما في «المبسوط». والمذكور في الآية عِدّة الرِّجال - كما أشار إليه الطحاوي - دون عِدَّة النساء، وهي في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، فالرِّجال أُمِرُوا أن ينظروا متى يُطلِّقُوها، وهو الأَطْهار، والنِّساء أُمرن: أن يتربَّصْن بأنفسهن ثلاثةَ حِيض، واللام فيه للظرفية، ولذا خاطب في «سورة الطَّلاق» الرجال، وقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، وفي «سورة النساء» النِّساء، فقال: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} ... إلخ. وبالجملة قَسَم العِدَّة بين الرِّجال والنِّساء في السورتين، وبيّن لهما ما كان عليهما مِن إحصاء عِدّتهما. 4909 - قوله: (فقال ابنُ عباس: آخِرُ الأَجَلَيْن) ... إلخ. والسَّلَف مُخْتلفون بين آيةِ عِدّة الحاملة، وآية عِدّة المُتوفَّى عنها زَوْجُها: فمنهم مَنْ ذهب إلى أنَّ بينهما عُمومًا وخصوصًا مِن وَجْه؛ والجمهور إلى أنَّ وَضْع الحَمْل هو العِدَّة، سواء كان قريبًا أم بعيدًا، وهو مذهبُ ابن مسعود. ¬

_ (¬1) قال ابنُ رُشْد: وأما المسألة الثالثة: وهي متى يوقع الطلاق بعد الإِجبار؟ فإِنَّ من اشترط في ذلك أَنْ يُمْسِكها حتى تطهر، ثُم تحيض، ثُم تطهر، فإِنما صار لذلك، لأنه المنصوص عليه في حديث ابن عمرَ المتقدّم. قالوا: والمعنى في ذلك لِتصحَّ الرَّجعة بالوطء في الطُّهر الذي بعد الحيض، لأنه لو طَلَّقها في الطُّهر الذي بعد الحَيْضة لم يكن عليها من الطلاق الآخر عِدّة، لأنه كان يكون كالمُطَلِّق قبل الدخول؛ وبالجملة فقالوا: إنَّ مِن شَرْط الرَّجْعة وجودَ زمانٍ يَصِحُّ فيه الوطءُ، وعلى هذا التعليلِ يكون من شروط طلاقِ السُّنة أن يطلِّقها في طُهر لم يطلِّق في الحيضة التي قبله، وهو أَحَدُ الشروطِ المُشْتَرطة عند مالك في طلاق السُّنة، فيما ذكره عبد الوهاب؛ وأما الذين لم يشترطوا ذلك، فإِنهم صاروا إلى ما رَوى يونس بن جبير، وسعيد بن جبير، وابن سيرين، ومَنْ تابعهم عن ابن عمر في هذا الحديث، أنه قال: يراجعها، فإِذا طَهُرت طلقها إنْ شاء، وقالوا: المعنى في ذلك أنه أُمر بالرجوع عقوبة له، لأنه طَلّق في زمانٍ كُرِه له فيه الطلاق، فإِذا ذهب ذلك الزمان، وقع منه الطلاقُ على وَجْه غير مكروهٍ. فسببُ اختلافهم تعارُضُ الآثارِ في هذه المسألة، وتعارض مفهوم العِلّة. اهـ "بداية المجتهد". (¬2) وقد قَرّره ابنُ رشد في "بداية المجتهد". (¬3) وسيأتي تحقيقه في كتاب الطلاق أبسط منه إن شاء الله تعالى.

66 - سورة التحريم

قوله: (أنا مع ابنِ أَخي) وهذه محاورةٌ. 4910 - قوله: (فَذَكَر آخِر) أي جَرَت تلك المسألةُ. قوله: (فَضَمَّزَ لي) وهو إخراجُ الصوتِ، بضم الشَّفَتين، كشِبه الضُّراط. قلتُ: فظهر منه أنَّ الجُزْء الواحِد، قد يَدْخُل تحت أَصْلَين، فتختلف فيه الأنظار، أنه بأَيِّ الأَصْلين أقرب؟ وهذه هي مقاسمةُ الأُصول، وهي من وظيفةِ المجتهد. قوله: (فَلَقِيتُ أبا عَطِيَّةَ مالك بنَ عامر) وعند ابن أبي شَيْبة في «مُصَنَّفه»: أنَّ أصحاب ابنِ مسعود لم يكونوا يَرَوْن الفاتحةَ خَلْف الإِمام. وفي إسناده مالك بنُ عمارة، وهو رَجُلٌ مجهولٌ لا يُعْرف. قلتُ: نُسخةُ المصنِّف سقيمةٌ جدًا، يمكن أن يكون هو مالك بن عامر، فتحرّف إلى عمارة. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 66 - سُورَةُ التحريم 1 - باب {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)} [التحريم: 1] 4911 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنِ ابْنِ حَكِيمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ فِى الْحَرَامِ يُكَفِّرُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]. طرفه 5266 - تحفة 5648 4912 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَشْرَبُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ وَيَمْكُثُ عِنْدَهَا فَوَاطَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ عَنْ أَيَّتُنَا دَخَلَ عَلَيْهَا فَلْتَقُلْ لَهُ أَكَلْتَ مَغَافِيرَ إِنِّى أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ. قَالَ «لاَ وَلَكِنِّى كُنْتُ أَشْرَبُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ فَلَنْ أَعُودَ لَهُ وَقَدْ حَلَفْتُ لاَ تُخْبِرِى بِذَلِكِ أَحَدًا». أطرافه 5216، 5267، 5268، 5431، 5599، 5614، 5682، 6691، 6972 تحفة 16322 2 - باب {تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2)} 4913 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يُحَدِّثُ أَنَّهُ قَالَ مَكَثْتُ سَنَةً أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنْ آيَةٍ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَسْأَلَهُ هَيْبَةً لَهُ، حَتَّى خَرَجَ حَاجًّا فَخَرَجْتُ

3 - باب {وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير (3)} [التحريم: 3]

مَعَهُ فَلَمَّا رَجَعْتُ وَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَدَلَ إِلَى الأَرَاكِ لِحَاجَةٍ لَهُ - قَالَ - فَوَقَفْتُ لَهُ حَتَّى فَرَغَ سِرْتُ مَعَهُ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَزْوَاجِهِ فَقَالَ تِلْكَ حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ. قَالَ فَقُلْتُ وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لأُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ هَذَا مُنْذُ سَنَةٍ، فَمَا أَسْتَطِيعُ هَيْبَةً لَكَ. قَالَ فَلاَ تَفْعَلْ مَا ظَنَنْتَ أَنَّ عِنْدِى مِنْ عِلْمٍ فَاسْأَلْنِى، فَإِنْ كَانَ لِى عِلْمٌ خَبَّرْتُكَ بِهِ - قَالَ - ثُمَّ قَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا فِى الْجَاهِلِيَّةِ مَا نَعُدُّ لِلنِّسَاءِ أَمْرًا، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِنَّ مَا أَنْزَلَ وَقَسَمَ لَهُنَّ مَا قَسَمَ - قَالَ - فَبَيْنَا أَنَا فِى أَمْرٍ أَتَأَمَّرُهُ إِذْ قَالَتِ امْرَأَتِى لَوْ صَنَعْتَ كَذَا وَكَذَا - قَالَ - فَقُلْتُ لَهَا مَالَكِ وَلِمَا هَا هُنَا فِيمَا تَكَلُّفُكِ فِى أَمْرٍ أُرِيدُهُ. فَقَالَتْ لِى عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ مَا تُرِيدُ أَنْ تُرَاجَعَ أَنْتَ، وَإِنَّ ابْنَتَكَ لَتُرَاجِعُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ. فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ مَكَانَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ فَقَالَ لَهَا يَا بُنَيَّةُ إِنَّكِ لَتُرَاجِعِينَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ. فَقَالَتْ حَفْصَةُ وَاللَّهِ إِنَّا لَنُرَاجِعُهُ. فَقُلْتُ. تَعْلَمِينَ أَنِّى أُحَذِّرُكِ عُقُوبَةَ اللَّهِ وَغَضَبَ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - يَا بُنَيَّةُ لاَ يَغُرَّنَّكِ هَذِهِ الَّتِى أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا حُبُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِيَّاهَا - يُرِيدُ عَائِشَةَ - قَالَ ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ لِقَرَابَتِى مِنْهَا فَكَلَّمْتُهَا. فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ دَخَلْتَ فِى كُلِّ شَىْءٍ، حَتَّى تَبْتَغِى أَنْ تَدْخُلَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَزْوَاجِهِ. فَأَخَذَتْنِى وَاللَّهِ أَخْذًا كَسَرَتْنِى عَنْ بَعْضِ مَا كُنْتُ أَجِدُ، فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهَا، وَكَانَ لِى صَاحِبٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِذَا غِبْتُ أَتَانِى بِالْخَبَرِ، وَإِذَا غَابَ كُنْتُ أَنَا آتِيهِ بِالْخَبَرِ، وَنَحْنُ نَتَخَوَّفُ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ غَسَّانَ، ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسِيرَ إِلَيْنَا، فَقَدِ امْتَلأَتْ صُدُورُنَا مِنْهُ، فَإِذَا صَاحِبِى الأَنْصَارِىُّ يَدُقُّ الْبَابَ فَقَالَ افْتَحِ افْتَحْ. فَقُلْتُ جَاءَ الْغَسَّانِىُّ فَقَالَ بَلْ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ. اعْتَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَزْوَاجَهُ. فَقُلْتُ رَغَمَ أَنْفُ حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ. فَأَخَذْتُ ثَوْبِىَ فَأَخْرُجُ حَتَّى جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَشْرُبَةٍ لَهُ يَرْقَى عَلَيْهَا بِعَجَلَةٍ، وَغُلاَمٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَسْوَدُ عَلَى رَأْسِ الدَّرَجَةِ فَقُلْتُ لَهُ قُلْ هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَأَذِنَ لِى - قَالَ عُمَرُ - فَقَصَصْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَذَا الْحَدِيثَ، فَلَمَّا بَلَغْتُ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ تَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإِنَّهُ لَعَلَى حَصِيرٍ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَىْءٌ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، وَإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا مَصْبُوبًا، وَعِنْدَ رَأْسِهِ أَهَبٌ مُعَلَّقَةٌ فَرَأَيْتُ أَثَرَ الْحَصِيرِ فِى جَنْبِهِ فَبَكَيْتُ فَقَالَ «مَا يُبْكِيكَ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الآخِرَةُ». أطرافه 89، 2468، 4914، 4915، 5191، 5218، 5843، 7256، 7263 تحفة 10512 - 196/ 6 3 - باب {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3)} [التحريم: 3] فِيهِ عَائِشَةُ، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -.

4914 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ حُنَيْنٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ الْمَرْأَتَانِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمَا أَتْمَمْتُ كَلاَمِى حَتَّى قَالَ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ. أطرافه 89، 2468، 4913، 4915، 5191، 5218، 5843، 7256، 7263 تحفة 10512 واختُلف في شأن نزولها: فعند النَّسائي أنها نزلت على تحريم ماريةَ؛ وعند البخاري على تحريم العَسَل. ورَجَّح الحافظ ههنا النَّسائي على البخاري، وذهب جماعةُ إلى أنَّ القصص فيه متقاربةٌ، ونزلت السورةُ بعدها. ثُم إنَّ تحريم الحلال يمينٌ عندنا، فإِنَّ الله سبحانه سَمّى تحريم الحلال يمينًا، فقال: {قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} فسماه يمينًا. وأجاب عنه النوويُّ: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم كان حَلَف في القِصّة بصيغةِ اليمين أيضًا، فاليمين هو ذلك. قلتُ: هَب، ولكنا لا نَهْدِرُ ألفاظَ القرآن، فإِنه لم يعدل عن جعل التحريم يمينًا، فاعتبرناه، فإِن كانت القصة في أيديهم، فمنطوقُ القرآنِ بأيدينا، وكفانا به قدوةً وإمامًا؛ وبالجملة دَارَ النظر فيه بين أن يُؤخذ بعنوان القرآنِ، أم بما في الواقع، والنظران هما الرأيان. 4911 - قوله: (في الحَرَامِ: يُكْفَرُ) ذهب (¬1) مالك والشافعي إلى أنَّ مَنْ حَرُمت عليه زوجتُه فله أحكام، أما مَنْ حرم عليه غيرُها فليس له حُكْم، فإِنّ الحلال لا يصيرُ حرامًا بتحريم أَحَد، وعندنا هو يمين. وعن أحمد روايتان. وذهب ابنُ القيِّم إلى أن ذلك الشيء يحرم عليه تحريمًا وقتيًا حتى يُكَفِّر، وعندنا يَحْنَث بأكله، بدون أن يَحْرُم عليه. 4912 - قوله: (أَكَلْتَ مَغَافِيرَ) قال الزَّمخشريّ: وهمزة الاستفهام قد تُحْذف ومعناها يُفْهم من نغمة الصوت. وهو حَسَنٌ جدًا، وإنْ لم يتعرّض إليه النُّحاة. 4913 - قوله: (حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَه غضبانَ)، لا بدّ فيه من التقسيم، فإِنَّ بعض أنحاء الغضب يكون كُفْرًا، وبعضَها لا. قوله: ({فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ}) "مدد كار". قوله: ({وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ})، أي أبو بكر، وعمر، ولا أدري ما الداعيةُ لهذا الإِعظام (¬2). ¬

_ (¬1) وتكلم عليه ابنُ رشد في "بداية المجتهد" فراجِعْهُ. (¬2) قلتُ: ولعله أيضًا من باب تلقي المخاطب بما لا يترقّب يعني تراجعنه أيها النساء، كأنه ليس له مَوْلى، ولأنّ الكلام يُؤثّر في النِّساء في أزواجهم، ويحملنهن على الغيرة، فلا يرجعن إلى مِثْله. =

4 - باب قوله: {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما} [التحريم: 4]

4913 - قوله: (يَرْقَى عليها بِعَجَلةٍ) العجلة "لكر مين باى دال ديتى هين" شبه الأرجوحة. 4 - باب قَوْلِهِ: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] صَغَوْتُ وَأَصْغَيتُ: مِلتُ. {وَلِتَصْغَى} [الأنعام: 113] لِتَمِيلَ. {وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ} [4] عَوْنٌ، تَظَاهَرُونَ: تَعَاوَنُونَ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ} [6] أَوْصُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ بِتَقْوى اللَّهِ وَأَدِّبُوهُمْ. 197/ 6 4915 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ حُنَيْنٍ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَظَاهَرَتَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمَكُثْتُ سَنَةً فَلَمْ أَجِدْ لَهُ مَوْضِعًا، حَتَّى خَرَجْتُ مَعَهُ حَاجًّا، فَلَمَّا كُنَّا بِظَهْرَانَ ذَهَبَ عُمَرُ لِحَاجَتِهِ فَقَالَ أَدْرِكْنِى بِالْوَضُوءِ فَأَدْرَكْتُهُ بِالإِدَاوَةِ، فَجَعَلْتُ أَسْكُبُ عَلَيْهِ وَرَأَيْتُ مَوْضِعًا فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ الْمَرْأَتَانِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَمَا أَتْمَمْتُ كَلاَمِى حَتَّى قَالَ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ. أطرافه 89، 2468، 4913، 4914، 5191، 5218، 5843، 7256، 7263 تحفة 10512 قَوْلُهُ: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)} [التحريم: 5] 4916 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - اجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْغَيْرَةِ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُنَّ عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ. أطرافه 402، 4483، 4790 - تحفة 10409 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 67 - سُورَةُ تَبَارَكَ الَّذي بِيَدِهِ المُلْكُ التَّفَاوُتُ: الاِخْتِلاَفُ، وَالتَّفَاوُتُ وَالتَّفَوُّتُ وَاحِدٌ. {تَمَيَّزُ} [8] تَقَطَّعُ. {مَنَاكِبِهَا} [15] جَوَانِبِهَا. {تَدْعُونَ} [27] وَتَدْعُونَ، مِثْلُ تَذَّكَّرُونَ وَتَذْكُرُونَ. {وَيَقْبِضْنَ} [19] يَضْرِبْنَ بِأَجْنِحَتِهِنَّ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {صَافَّاتٍ} [19] بَسْطُ أَجْنِحَتِهنَّ. {وَنُفُورٍ} [21] الكُفُورُ. ¬

_ = هذا، وخوفُ المجادلين لا يُرَخّص لي بَسطه، لا تحسب أَنّي ذكرت أمرًا أغمض عنه الشيخ، بل كان شيخي وَرِعًا عالمًا، لا يدخل في أمورٍ تكون من قَبيل الغيوب، وكان يراه رَجْمًا بالغيب، ورَمْيًا في الليل، ولا يتكلم إلا إذا كان عنده نَقل، أو إيماءٌ من السلف، أو النظم، أو الوجدان. أما أنا فكإِبل لا زِمام له، ولا خِطام، فأقتحم فيما ليس لي بحق، وذلك هو الفَرْق بين الجاهل والعالم.

68 - سورة ن والقلم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 68 - سُورَةُ ن وَالقَلَمِ وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَتَخَافَتُونَ: يَنْتَجُونَ السِّرَارَ والكَلامَ الخَفيَّ. وَقالَ قَتَادَةُ: {حَرْدٍ} [25] جِدّ في أَنْفُسِهِمْ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَضَالُّونَ} [26] أَضْلَلنَا مكانَ جَنَّتِنَا. وَقالَ غَيرُهُ: {كَالصَّرِيمِ} [20] كالصُّبْحِ انْصَرَمَ مِنَ اللَّيلِ، وَاللَّيلِ انْصَرَمَ مِنَ النَّهَارِ، وَهُوَ أَيضًا: كُلُّ رَمْلَةٍ انْصَرَمَتْ مِنْ مُعْظَمِ الرَّمْلِ، وَالصَّرِيمُ أَيضًا المَصْرُومُ، مِثْلُ: قَتِيلٍ وَمَقْتُولٍ. 1 - باب {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13)} [القلم: 13] 4917 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13)} قَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ لَهُ زَنَمَةٌ مِثْلُ زَنَمَةِ الشَّاةِ. تحفة 6412 - 198/ 6 4918 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ الْخُزَاعِىَّ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ، أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ». طرفاه 6071، 6657 - تحفة 3285 قوله: (كُلُّ رَمْلةٍ) ... إلخ. يعني "ريت كاتيله جو كت كياهو برى تبلى سى". 4917 - قوله: (زَنَمَةِ الشَّاةِ)، كانوا يقطعون أُذن الشاةِ، ويتركون شيئًا منها، فَتَبقى معلَّقة، ثُم يقال: زَنِيم لمن لم يكن مِن القومِ، وكان دَخَل فيهم. 4918 - قوله: (جَوّاظ) "منه بهت". 4918 - قوله: ({عُتُلٍ}) "اكهر". قوله: ({يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}) وهو تجلَ. واعلم أنَّ الرَّجل يرى الأمورَ القدسيةَ الغَيْبيةَ التي ليست مادية، كالرؤيا، وتسمّى تجليًا "امور قدسية غيبيه جومادى نهين هين اس كاسمان باندها جاوى مشاهده كيلئى يه تجلى هى". 2 - باب {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] 4919 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ

69 - سورة الحاقة

يَسْجُدُ فِى الدُّنْيَا رِئَاءً وَسُمْعَةً، فَيَذْهَبُ لِيَسْجُدَ فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا». أطرافه 22، 4581، 6560، 6574، 7438، 7439 - تحفة 4179 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 69 - سُورَةُ الحَاقَّةِ {عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} [21] يُرِيدُ: فِيهَا الرِّضَا. {الْقَاضِيَةَ} [27] المَوْتَةَ الأُولَى الَّتِي مُتُّهَا ثُمَّ أُحْيَا بَعْدَهَا. {مّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [47] أَحَدٌ يَكُونُ لِلجَمْعِ وَلِلوَاحِدِ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الْوَتِينَ} [46] نِيَاطُ القَلبِ. قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {طَغى} [11] كَثُرَ، وَيُقَالُ: {بِالطَّاغِيَةِ} [5] بِطُغْيَانِهِمْ، وَيُقَالُ: طَغَتْ عَلَى الخُزَّانِ كَمَا طَغى المَاءُ عَلَى قَوْمِ نُوحٍ. قوله: (أَحَدٌ يكون للجَمْع) قلتُ: الأَحَد مُفْرد، لكنه في سياقِ النَّفي يفيدُ الاستغراق. قوله: ({الْوَتِينَ} نِياطُ القَلْب) أي هي عِرْق يتعلق القلبُ بها. واعلم أن لعين القَاديان قد تمسّك بها على صِدْقه، بأنه لو كان كاذِبًا لقطع منه الوَتِين أيضًا. قلتُ: أين هذا اللعين مِن الآية. فإِنّ فيهما قطع الوتين، لمن تقوّل على الله من الأنبياء الصادقين، وأما الكاذبون فهم خارجون عن الخطاب، فإِنّ العقوبة إنما تَحُل بمن كان صاحب سِرِّك، وعَيْبتك، وكَرشك، ولا تمهله أنت حتى يكذِّب عليك أَلْف كذبة، بخلاف مَنْ كان عَدوًا لك، فإِنّك تستدرِجُه على حين غَفْلة، فتأخذه أَخْذَة الأسف. فالأنبياءُ عليهم السلام لو كَذبوا على الله والعياذ بالله، لهلكوا معًا، وذلك لأنَّ الله تعالى إذا صَدّقهم بإِظهار المعجزات على أيديهم، فلو تَرَكهم يكذبون عليه، لكان فيه تلبيسٌ على النَّاس بين الحقّ والباطل، فالناس في أمن منهم، يعلمون أنَّ ما يقولونه يكون حَقًّا ومصدّقًا من الله، وحينئذٍ لو افترى على الله، ثُم لا ينتقم اللهُ منه، فما الإِثمُ عليهم لو أطاعوه في مفترياتِهم. فظهر أنَّ الخِطاب في الآية مع الرُّسل والأنبياء عليهم السلام، دون الكاذبين والدجاجلة، فإِنّ الربّ متى صَدّقهم، وإنّما اللّوم والشَّين على مَنْ صَدّقوه بدون سابقيةِ أَمْره في كتابٍ ولا سُنّة، ولا تصديقَ رَبِّهم من فوق العَرْش، فأي لَبْس، لو تركه يتقوّل على الله حتى يكونَ إجحافُه مرّةً واحدة. فهذا المعيارُ للصادقين دون الكاذبين، على أنَّ في الآية إخبارًا بإِرادة جزئية في حقّ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لا استدلالًا على صِدْقه بِسُنّة كُلّية في الأنبياء، يعني أنَّ هذا النبيَّ الذي تحسبونه كاذبًا، لو تقوّل علينا،

لفعلنا في حَقِّه ما فعلنا، فتلك أخبارٌ بإِرادته تعالى فيه، وليس فيها استدلالٌ بحياته، وبقائه سالمًا على صِدْقه. وكم مِن فَرْق بين الأخبار عن إرادة جزئية، وبين الاستدلال بِسُنّة كلية ألا ترى أنَّ الضمير فيها للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم فما خاطبه اللهُ به نفسه الكريمة، لا يجب أن يتحقّق في غيره (¬1). ¬

_ (¬1) قلتُ: وليست شاكلتها شاكلةَ آياتِ الأحكام، فإِن المتبادر منها العمومُ. لأنَّ النبيِّ ينزل للتشريعِ لا غير، بخلاف تلك الآية، فإِنّ شاكِلَتها شاكلةَ قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] أفتراها عامّة لسائر الأمم، فكما أن الله تعالى أخبره بِعِصْمَته، أخبره بِقَطْع وَتينه عند التقوّل عليه، فافهم، ولن تفهم حتى يريد الله لك الخير، ويكون بين جنبيك قلبٌ سليم، والله تعالى أعلم. ثم ما تفعل بقوله تعالى: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} [القلم: 44] فإِنّ الله تعالى قد أخبر بإمهال الظالمين أيضًا، فإن كنْت فَهِمًا لَقِنًا، فافهم الفَرْق بين الراسخ والذائغ والمطيع، والعاصي، فَسنّته مع الخواصّ المؤاخذة، وسُنَّته مع الظالمين الإِمهال. ثم إنَّ وعيدَ القَطع ليس لاحتمال خيانةٍ هناك، والعياذ بالله، كيف! وأنبياء الله عليهم السلام يُطبعون على أداءِ أمانةِ رَبّهم، وخَشيتهم إيّاه في سِرِّهم وجَهرهم. فزوال الجبل عَن مَحَله يكون أهونَ من تَزَلزُل الرسول عما طُبع عليه. وإنّما يُفْرض في حَقِّهم بَعْضُ ما لا يليقُ بشأنهم، نظرًا إلى ضَعْف بنيةِ البشر، أي إنَّ بنيتهم بنيةُ البشر، ضعيفة أن تستقِرّ على مكانها مع تلك القوادح، إلا أنّ الربّ جل مَجدُه لما تكفل لهم بالعِصمة فرض تلك الأمورَ فيهم، كفرض المحال، وهذا هو الفرق بين بنية المَلَك وبنية الرسل. فإِن بنية المَلَك تَأبى عن هذه الأمور بالنَّظر إلى الذات، بخلاف بنية النبيّ، فإِنها من مادة ضعيفةٍ، لكن الرب تبارك وتعالى إذا حماها عن الاقتحام فيما لا يريد، فإِنها تساوق، بل تزيد على بنية المَلَك قوة، فالفَرض في حَقِّهم لا يكون على طَوْر فَرْض المناطقة: الإِنسان حمارًا، بل بيانًا لِضعَف البنية، وأنهم برسالتهم لم ينسلخوا عن البشرية، ولكن مع كمال البشرية قد حفظهم اللهُ تعالى، وهو معنى قوله في سؤال عائشة: "أمعك شيطان؟ قال: نعم، ولكنه أَسلم"، كما هو عند مسلم. وبالجملة ليس الوعيدُ في آية التقوّل لاحتمال خيانة، كيف! وهو محال بعد حفاظة الربّ تبارك وتعالى، فَفِيه توكِيدٌ لِصِدْقه، لا تهديدٌ على تَقَوْله، والعياذ بالله، ولذا قال: {بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ} فما يأتيه الأنبياءُ عليهم السلام لا يشوبه شيءٌ من الكذب، ولكنه نحوُ استدلالٍ على حقيقةٍ من جهة التكوين، ويكون الكذبُ مَنْفيًا عن جُزْئه، كما يكون عن كُله، ولا يكون على حَدّ قولهم: للأَكثر حُكْم الكل، وجُملةُ الكلام أنه خطابٌ كخطابه مع عيسى عليه الصلاة والسلام في المحشر: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [المائدة: 116] ليس فيه الاستفهامُ، لخفاءٍ في أَمْر عيسى عليه الصلاة والسلام، بل للتشديدِ على أمته، وتوفيرًا لحظ العدل، وقد رأيتُ أنَّ الله تعالى قد يتكلم مع أصفيائه كلامًا يترشح من أطرافه شآبيب الألطاف، والجاهل إذا لم يَذُقه من نفسه يزعمه تهديدًا لهم، ولا يحسب أن المقصودَ منه يكون إفحامَ الكَفَرة وإلزامهم، ولكن لشدةِ جَهلهم لا يُحِبْ أن يخاطبهم به في صريح القول، فيخاطب رسوله بما كان يريدُ أن يخاطبهم به، فكأنه يتكلَّم معه، ويسمعهم في أثناء مخاطبته مع رسوله، ما هم له أَهل، ولذا قد تَجِد شاكلة القرآن في مخاطبته مع الرسل بما يستحيلُ عليهم. ومن هذا الباب قوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] فإن المقصودَ منه بيان حبط أعمال المخاطَبِين، ولكنه لما تَرَك عنهم الخِطَاب - ولا بد له من بيان حقيقةِ الأَمر - خاطب رسوله ما كان يريد أَن يخاطبهم به، وهذا أوكد وأبلغ، فإِنه لما أعلن عن حُبوط عمل خواصّه، فكيف بمن لا يُدَانيهم في المنزلة، بل هم على نقاضتهم، ولهذا السر قد يشدد في قوالب الألفاظ، ليتنبه السامع أن هذا التشدد لا يناسب ظاهر حاله، فينتقل منه إلى أنه خطابَ مع آخرين، ومَن لا يدري أساليبَ الكلام، لا يذوقُ ما قلنا، ولعلك ضَجِرت من طُول بقبقتي، فالسلامُ عليك.

70 - سورة سأل سائل

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 70 - سُورَةُ سَأَلَ سَائِلٌ الفَصِيلَةُ: أَصْغَرُ آبَائِهِ القُرْبى، إِلَيهِ يَنْتَمِي مَنِ انْتَمى. {لِلشَّوَى} [16] اليَدَانِ وَالرِّجْلاَنِ وَالأَطْرَافُ، وَجِلدَةُ الرَّأْسِ يُقَالُ لَهَا شَوَاةٌ، وَما كانَ غَيرَ مَقْتَلٍ فَهُوَ شَوىً. وَالعِزُونَ: الجَمَاعَاتُ، وَوَاحِدُهَا عِزَةٌ. قوله: (والفَصِيلة: أَصْغَرُ آبائه القُرْبَى) ... إلخ. ويقال لأكبرهم: الشَّعْب. قوله: (وما كان غيرَ مَقْتلٍ، فهو شَوىً) أي ما كان من أطراف الإِنسان ما لو أصابتها ضَرْبةٌ لم يمت فهي شَوىً. 1 - باب {وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23] 4920 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - صَارَتِ الأَوْثَانُ الَّتِى كَانَتْ فِى قَوْمِ نُوحٍ فِى الْعَرَبِ بَعْدُ، أَمَّا وُدٌّ كَانَتْ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ، وَأَمَّا سُوَاعٌ كَانَتْ لِهُذَيْلٍ، وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمُرَادٍ ثُمَّ لِبَنِى غُطَيْفٍ بِالْجُرُفِ عِنْدَ سَبَا، وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ، وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ، لآلِ ذِى الْكَلاَعِ. أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِى كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا، وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ فَفَعَلُوا فَلَمْ تُعْبَدْ حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ. تحفة 5923 حاصِلُه أن تلك الأوثانَ التي كانت في قومِ نوحٍ عليه السلام وصلت بعينها إلى العَرَب. قلتُ: ولا بُعْد فيه، لأنَّ نوحًا عليه الصلاة والسلام كان في العراقِ، وهي كانت تحت مَمْلكةِ العرب، ويقال لها: عِراق العَرَب، فلا عجب منه. ويؤيدُه أن عَمْرو بن لحي الذي هو أعلأّل مَن سَنَّ عبادةَ الأوثان في العرب، كان جاء بِوَثَن من العراق، وكان اسْمُه هُبَل؛ والظاهر أنَّ العرب هم الذين كانوا نَحَتُوا هذه الأصنامَ، لا أنها انتقلت من العراق إليهم، غير أنهم نحتوها للمقاصِد التي قصدها أهلُ العراب، وذلك لأَنّا نَجِد في أهل الهند أيضًا أصنامًا على تلك الأسامي بعينها، وراجع لها «ترجمة القرآن» للمَوْلَوي، فيروز الذين الدسكوي، فإنّه قد ذكر فيها أسماءها بالهندية، ثُم إنَّهم كانوا أعدوها للحوائج الخاصة؛ فالوَدّ: من المودة، وكانوا نحتوها لِجَلْب الخير بينهم؛ والسُّواع: من الساعة، وهي التي فَوّضوا إليها الموت؛ ويَغُوث: وهي ما كان تَغِيث الناس في شدائدهم؛ ويَعُوق: وهي ما كانت تمنعُ وتعوقُ عنهم المصائبَ؛ والنَّسْر: كانت على شَكْل النَّسْر.

71 - سورة: {إنآ أرسلنآ}

وإذ قد عَلِمت أنَّ تلك الأصنام كانت عند العرب أيضًا، فلا حاجةَ إلى جواب ما أُورِد أن تلك الأصنام كيف يمكن أن تكون ما كانت عند قَوْم نوحٍ عليه الصلاة والسلام، مع مُضِي الأَعْصَار، وطُول العهود. على أنه لا بُعْد فيه، فإِنَّ نُوحًا عليه السلام كان في بلاد المَوْصِل، وإبراهيم عليه الصلاة والسلام كان في بَابِل، وليست بينهما مسافةٌ كثيرةٌ، وكذا طُول العهد لا ينافي ذلك، مع أنك قد علمت أنها أسماءٌ وصفيةٌ لا أَعلام. فما كانت عند العرب أيضًا تُسمّى بتلك الأسماء للاتحاد في المقاصِد، فلا يلزم أن تكون تلك بعينِها ما عند قومِ نُوح عليه الصلاة والسلام، ومما ذكرنا لك من مقاصدها ومعانيها ظهر لك أن ما ذكره الراوي في أَمْر هؤلاء بعيدٌ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 71 - سُورَةُ: {إِنَّآ أَرْسَلْنَآ} {أَطْوَارًا} [14] طَوْرًا كَذَا وَطَوْرًا كَذَا، يُقَالُ: عَدَا طَوْرَهُ أَي قَدْرَهُ. وَالكُبَّارُ أَشَدُّ مِنَ الكُبَارِ، وَكَذلِكَ جُمَّالٌ وَجَمِيلٌ لأَنَّهَا أَشَدُّ مُبَالَغَةً، وَكُبارٌ الكَبِيرُ، وَكُبَارًا أَيضًا بِالتَّخْفِيفِ، وَالعَرَبُ تَقُولُ: رَجُلٌ حُسَّانٌ وَجُمَّالٌ، وَحُسَانٌ، مُخَفَّفٌ، وَجُمَالٌ، مُخَفَّفٌ. {دَيَّارًا} [26] مِنْ دَوْرٍ، وَلكِنَّهُ فَيعَالٌ مِنَ الدَّوَرَانِ، كَمَا قَرَأَ عُمَرُ: الحَيُّ القَيَّامُ، وَهيَ مِ تَبَارًا} [28] هَلاَكًا. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مَّدْرَارًا} [11] يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا. {وَقَارًا} [13] عَظَمَةً. قوله: ({دَيَّارًا}) يعني أَحَدًا "كوئى نرهى بستى والا". بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 72 - سُورَةُ {قُلْ أُوحِىَ إِلَيَّ} قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لِبَدًا} [19] أَعْوَانًا. 1 - باب 4921 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ فَقَالُوا مَا لَكُمْ فَقَالُوا حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا

73 - سورة المزمل

الشُّهُبُ. قَالَ مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلَّا مَا حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا فَانْظُرُوا مَا هَذَا الأَمْرُ الَّذِى حَدَثَ. فَانْطَلَقُوا فَضَرَبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا يَنْظُرُونَ مَا هَذَا الأَمْرُ الَّذِى حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ. قَالَ فَانْطَلَقَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِنَخْلَةَ، وَهْوَ عَامِدٌ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَهْوَ يُصَلِّى بِأَصْحَابِهِ صَلاَةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ تَسَمَّعُوا لَهُ فَقَالُوا هَذَا الَّذِى حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ. فَهُنَالِكَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا يَا قَوْمَنَا {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} [الجن: 1 - 2]. وَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 1] وَإِنَّمَا أُوحِىَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ. طرفه 773 - تحفة 5452 - 200/ 6 يقول ابنُ عباس: إنَّ الجِنَّ لم يلقوا النبيَّ صلى الله عليه وسلّم في تلك المرّةِ، ولا قالوا له شيئًا، وإنَّما أُوحي إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم من قَوْلهم. وقال ابنُ مسعود: إنَّه آذَنته شجرةٌ كانت هناك. وهو الصوابُ عندي، لأنَّ ابن عباس كان إذ ذاك صغيرَ السِّنِّ، فالعبرةُ بقولِ ابن مسعود (¬1). بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 73 - سُورَةُ المُزَّمِّلِ وَقالَ مُجَاهِدٌ: {وَتَبَتَّلْ} [8] أَخْلِصْ. وَقالَ الحَسَنُ: {أَنكَالًا} [12] قُيُودًا. {مُنفَطِرٌ بِهِ} [18] مُثَقَّلَةٌ بِهِ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {كَثِيبًا مَّهِيلًا} [14] الرَّمْلُ السَّائِلُ. {وَبِيلًا} [16] شَدِيدًا. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 74 - سُورَةُ المُدَّثِّرِ قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {عَسِيرٌ} [9] شَدِيدٌ. {قَسْوَرَةٍ} [51] رِكْزُ النَّاسِ وَأَصْوَاتُهُمْ، وَقالَ أَبُو هُرَيرَةَ: الأَسَدُ، وَكُلُّ شَدِيدٍ قَسْوَرَةٌ. {مُّسْتَنفِرَةٌ} [50] نَافِرَةٌ مَذْعُورَةٌ. 1 - باب 4922 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَلِىِّ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ سَأَلْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَوَّلِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ. قَالَ {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)} [المدثر: 1] قُلْتُ يَقُولُونَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} [العلق: 1] فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهما عَنْ ذَلِكَ وَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ الَّذِى قُلْتَ فَقَالَ جَابِرٌ لاَ ¬

_ (¬1) قلتُ: وراجع له "آكام المَرْجَان" وليست النسخةُ موجودةً عندي الآن، غير أنه وَضَع لذلك فَصْلًا.

2 - باب قوله: {قم فأنذر (2)} [المدثر: 2]

أُحَدِّثُكَ إِلاَّ مَا حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «جَاوَرْتُ بِحِرَاءٍ، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِى هَبَطْتُ فَنُودِيتُ فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينِى فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَنَظَرْتُ عَنْ شِمَالِى فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَنَظَرْتُ أَمَامِى فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَنَظَرْتُ خَلْفِى فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَرَأَيْتُ شَيْئًا، فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَقُلْتُ دَثِّرُونِى وَصُبُّوا عَلَىَّ مَاءً بَارِدًا - قَالَ - فَدَثَّرُونِى وَصَبُّوا عَلَىَّ مَاءً بَارِدًا قَالَ فَنَزَلَتْ {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3)} [المدثر: 1 - 3]». أطرافه 4، 3238، 4923، 4924، 4925، 4926، 4954، 6214 تحفة 3152 - 201/ 6 2 - باب قَوْلُهُ: {قُمْ فَأَنْذِرْ (2)} [المدثر: 2] 4923 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ وَغَيْرُهُ قَالاَ حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهما عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «جَاوَرْتُ بِحِرَاءٍ». مِثْلَ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَلِىِّ بْنِ الْمُبَارَكِ. أطرافه 4، 3238، 4922، 4924، 4925، 4926، 4954، 6214 تحفة 3152 3 - باب {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3)} [المدثر: 3] 4924 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا حَرْبٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ سَأَلْتُ أَبَا سَلَمَةَ أَىُّ الْقُرْآنِ أُنْزِلَ أَوَّلُ فَقَالَ {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} فَقُلْتُ أُنْبِئْتُ أَنَّهُ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} [العلق: 1] فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَىُّ الْقُرْآنِ أُنْزِلَ أَوَّلُ فَقَالَ {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)} فَقُلْتُ أُنْبِئْتُ أَنَّهُ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} فَقَالَ لاَ أُخْبِرُكَ إِلاَّ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «جَاوَرْتُ فِى حِرَاءٍ فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِى، هَبَطْتُ فَاسْتَبْطَنْتُ الْوَادِىَ فَنُودِيتُ، فَنَظَرْتُ أَمَامِى وَخَلْفِى وَعَنْ يَمِينِى وَعَنْ شِمَالِى فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى عَرْشٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَقُلْتُ دَثِّرُونِى وَصُبُّوا عَلَىَّ مَاءً بَارِدًا، وَأُنْزِلَ عَلَىَّ {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3)} [المدثر: 1 - 3]». أطرافه 4، 3238، 4922، 4923، 4925، 4926، 4954، 6214 تحفة 3152 4 - باب {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4)} [المدثر: 4] 4925 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. وَحَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ فَأَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْىِ فَقَالَ فِى حَدِيثِهِ «فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِى إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِى جَاءَنِى بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِىٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَجَئِثْتُ مِنْهُ رُعْبًا فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ زَمِّلُونِى زَمِّلُونِى. فَدَثَّرُونِى فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)} إِلَى {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5)} [المدثر: 1 - 5]- قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلاَةُ - وَهْىَ الأَوْثَانُ». أطرافه 4، 3238، 4922، 4923، 4924، 4926، 4954، 6214 تحفة 3152 - 202/ 6

5 - باب: {والرجز فاهجر (5)} [المدثر: 5]

5 - باب: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5)} [المدثر: 5] يُقَالُ: الرِّجْزُ وَالرِّجْسُ: العَذَابُ. 4926 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْىِ «فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِى سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ بَصَرِى قِبَلَ السَّمَاءِ، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِى جَاءَنِى بِحِرَاءٍ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِىٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَجَئِثْتُ مِنْهُ حَتَّى هَوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ، فَجِئْتُ أَهْلِى فَقُلْتُ زَمِّلُونِى زَمِّلُونِى. فَزَمَّلُونِى فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)} إِلَى قَوْلِهِ {فَاهْجُرْ (5)} [المدثر: 1 - 5]» - قَالَ أَبُو سَلَمَةَ وَالرِّجْزَ الأَوْثَانَ - «ثُمَّ حَمِىَ الْوَحْىُ وَتَتَابَعَ». أطرافه 4، 3238، 4922، 4923، 4924، 4925، 4954، 6214 تحفة 3152 واعلم أنه قد تكلَّمنا على المُزَّمِّل، وأنه لا تستقيم فيها البدليةُ بين قوله: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)} [المزمل: 2] ... إلخ، وأنه ماذا فيه من الجواب عندنا، فراجعه. قوله: (نافرة) "كهبرائى هوئى بها كنى والى". 4922 - قوله: (سألت جابِرَ بنَ عبد الله رضي الله عنهما عن ذلك) ... إلخ. واعلم أنَّ أَوَّل ما نزلت مِن السُّور هي المُدّثِّر عند جابر؛ والصوابُ أنها سورة «اقرأ». قلت: وقد رام الحافِظُ التطبيقَ بينهما، وليس بشيءٍ عندي، بل هو خلافُ الواقع، لأنَّ جابرًا قد جَزَم بِكَوْن المُدّثر أَوَّل نزولا، وحينئذٍ فالتوجِيهُ من جانِبه توجِيهٌ بما لا يرضى به قائِلُه، وذلك لأنَّ الرواة إنما يُعبِّرُون عَمّا في ذِهْنهم من المعنى، وربما لا يكون لهم خبرةٌ بما عند الآخَر، فلا يراعونه أصلًا، كيف وإنَّما الواجب عليهم ما بلغ عِنْدهم، فإِذا لم يُبلِّغهم إلاّ ما بلغوا لم يجِب عليهم مراعاتِه أَصْلًا، غير أنَّ اللاّحق إذا وجد المادّةَ المتناقضةَ في الطرفين، يجب عليه أن يتحرَّى الصوابَ، ويتتبّع التوجيهاتِ، فتلك تكون مِن جهته، ولذا تراها ربما تختلف على الألفاظ، ولا تأتي عليها، وهذا النحو ليس إلَّا لعدم مراعاتِهم إياها، فمن زَعَم يؤوِّل قولَهم بما يُشْعر أنهم عَلِموا حال الألفاظ جُمْلةً، فقد بَعُد عن الصواب؛ فليس عند جابر إلَّا أنَّ المُدّثر أول نزولًا، وذلك هو المحقَّق عنده، ولا نبحث عن وُجوهه وأسبابه، فلتكن ما كانت. وإذن فالتطبيق بين قوله، وبين مَنْ روى أَوّلية سورة اقرأ حَمْلٌ عليه ما لا يتحمّله هو، فَمَن أراد من الشارحين أن يوجِد التطبيقَ من قِبل جابر فقد أبعد، نعم إنْ أراده لنفسه ومن قِبَله، فهذا أَمْرٌ لا حَجْر فيه ولا ضيق. 4925 - قوله: (قَبْل أن تُفْترض) أي قبل أن تفترض الخَمْس، وإلَّا فالصلاتانِ عندي كانتا فَرِيضَتَين منذ بدء الإِسلام، كما حَرّرنا من قبل، وقد تكلَّمنا على ألفاظ هذه السور في أول الكتاب.

75 - سورة القيامة

قوله: ({لاَ تُحَرّكْ بِهِ لِسَانَكَ}) ... إلخ. قد عَلِمت أنه لا ارتباط له بما قبله، لأن باقي السياق في المَحْشر. والأَوْلى في مِثله عندي أن يوفر حَظُّ القرآن أَوّلًا، ثُم ينظر إلى الحديثِ فإِن أتى عليه فذاك، وإلاّ فلا يُقْصر عليه، وقد مَرّ الكلام مبسوطًا مِن قَبْل. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 75 - سُورَةُ القِيَامَةِ 1 - باب وَقَوْلُهُ: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16)} [القيامة: 16] وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {سُدًى} [36] هَمَلًا. {لِيَفجُرَ أَمامَهُ} [5] سَوْفَ أَتُوبُ، سَوْفَ أَعْمَلُ. {لاَ وَزَرَ} [11] لاَ حِصْنَ. 4927 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِى عَائِشَةَ - وَكَانَ ثِقَةً - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْىُ حَرَّكَ بِهِ لِسَانَهُ - وَوَصَفَ سُفْيَانُ - يُرِيدُ أَنْ يَحْفَظَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16)} [القيامة: 16]. أطرافه 5، 4928، 4929، 5044، 7524 تحفة 5637 2 - باب {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)} [القيامة: 17] 4928 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِى عَائِشَةَ أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} قَالَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَانَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} - يَخْشَى أَنْ يَنْفَلِتَ مِنْهُ - {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)} أَنْ نَجْمَعَهُ فِى صَدْرِكَ، {وَقُرْآنَهُ} أَنْ تَقْرَأَهُ {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} يَقُولُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)} [القيامة: 18 - 19] أَنْ نُبَيِّنَهُ عَلَى لِسَانِكَ. أطرافه 5، 4927، 4929، 5044، 7524 تحفة 5637 - 203/ 6 3 - باب: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18)} [القيامة: 18] قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَرَأْنَاهُ: بَيَّنَّاهُ، فَاتَّبِعْ: اعْمَل بِهِ. 4929 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِى عَائِشَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِى قَوْلِهِ {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16)} قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا نَزَلَ جِبْرِيلُ بِالْوَحْىِ، وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ فَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ وَكَانَ يُعْرَفُ مِنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الآيَةَ الَّتِى فِى {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1)} {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)} قَالَ عَلَيْنَا أَنْ نَجْمَعَهُ فِى صَدْرِكَ، وَقُرْآنَهُ {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18)} فَإِذَا أَنْزَلْنَاهُ فَاسْتَمِعْ {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)} [القيامة: 19] عَلَيْنَا أَنْ نُبَيِّنَهُ

76 - سورة {هل أتى على الإنسان}

بِلِسَانِكَ - قَالَ - فَكَانَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ أَطْرَقَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَرَأَهُ كَمَا وَعَدَهُ اللَّهُ. {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34)} [القيامة: 34] تَوَعُّدٌ. أطرافه 5، 4927، 4928، 5044، 7524 - تحفة 5637 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 76 - سُورَةُ {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ} يُقَالُ مَعْنَاهُ: أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ، وَهَل: تَكُونُ جَحْدًا، وَتَكُونُ خَبَرًا، وَهذا مِنَ الخَبَرِ، يَقُولُ: كانَ شَيئًا، فَلَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا، وَذلِكَ مِنْ حِينِ خَلَقَهُ مِنْ طِينٍ إِلَى أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ. {أَمْشَاجٍ} [2] الأَخْلاَطُ، ماءُ المَرْأَةِ وَماءُ الرَّجُلِ، الدَّمُ وَالعَلَقَةُ، وَيُقَالُ إِذَا خُلِطَ: مَشِيجٌ، كَقَوْلِكَ لَهُ: خَلِيطٌ، وَمَمْشُوجٌ مِثْلُ: مَخْلُوطٍ. وَيُقَالُ: {سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا} [4] وَلَمْ يُجْرِهِ بَعْضُهُمْ. {مُسْتَطِيرًا} [7] مُمْتَدًّا البَلاَءُ. وَالقَمْطَرِيرُ: الشَّدِيدُ، يُقَالُ: يَوْمٌ قَمْطَرِيرٌ وَيَوْمٌ قُمَاطِرٌ، وَالعَبُوسُ وَالقَمْطَرِيرُ وَالقُمَاطِرُ، وَالعَصِيبُ: أَشَدُّ ما يَكُونُ مِنَ الأَيَّامِ في البَلاَءِ. وَقالَ مَعْمَرٌ: {أَسْرَهُمْ} [28] شِدَّةُ الخَلقِ، وَكُلُّ شَيءٍ شَدَدْتَهُ مِنْ قَتَبٍ فَهُوَ مَأْسُورٌ. قوله: ({لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا}) قلتُ: وأَصْل التراع بين المعتزلة والمتكلمين: أنَّ الشيء يطلق عند المعتزلة في حال عَدَمِه أيضًا، وعند المتكلِّمين باعتبارِ الوجود فقط، فلا يكون المعدومُ عندهم شيئًا. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 77 - سُورَةُ وَالمُرْسَلاَتِ وَقالَ مُجَاهِدٌ: {جِمَالاَتٌ} [33] حِبَالٌ. {ارْكَعُواْ} [48] صَلُّوا، لا يَرْكَعُونَ: لاَ يُصَلُّونَ. وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لاَ يَنطِقُونَ} [35]. {وَاللَّهِ رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23]، {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْواهِهِمْ} [يس: 65]، فَقَالَ: إِنَّهُ ذُو أَلوَانٍ، مَرَّةً يَنْطِقُونَ، وَمَرَّةً يُخْتَمُ عَلَيهِمْ. 4930 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ {وَالْمُرْسَلاَتِ}، وَإِنَّا لَنَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ فَخَرَجَتْ حَيَّةٌ، فَابْتَدَرْنَاهَا فَسَبَقَتْنَا فَدَخَلَتْ جُحْرَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وُقِيَتْ شَرَّكُمْ، كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا». أطرافه 1830، 3317، 4931، 4934 - تحفة 9455

1 - باب قوله: {إنها ترمي بشرر كالقصر (32)} [المرسلات: 32]

4931 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مَنْصُورٍ بِهَذَا. وَعَنْ إِسْرَائِيلَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ. وَتَابَعَهُ أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ. وَقَالَ حَفْصٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ. قَالَ يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَارٍ إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ {وَالْمُرْسَلاَتِ} فَتَلَقَّيْنَاهَا مِنْ فِيهِ وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا إِذْ خَرَجَتْ حَيَّةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَيْكُمُ اقْتُلُوهَا». قَالَ فَابْتَدَرْنَاهَا فَسَبَقَتْنَا - قَالَ - فَقَالَ «وُقِيَتْ شَرَّكُمْ، كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا». تحفة 9163، 9447، 9175 1 - باب قَوْلِهِ: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32)} [المرسلات: 32] 4932 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32)} قَالَ كُنَّا نَرْفَعُ الْخَشَبَ بِقَصَرٍ ثَلاَثَةَ أَذْرُعٍ أَوْ أَقَلَّ، فَنَرْفَعُهُ لِلشِّتَاءِ فَنُسَمِّيهِ الْقَصَرَ. طرفه 4933 - تحفة 5817 2 - باب قَوْلِهِ: {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ (33)} [المرسلات: 33] 4933 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - {تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} كُنَّا نَعْمِدُ إِلَى الْخَشَبَةِ ثَلاَثَةَ أَذْرُعٍ وَفَوْقَ ذَلِكَ، فَنَرْفَعُهُ لِلشِّتَاءِ فَنُسَمِّيهِ الْقَصَرَ. {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} حِبَالُ السُّفْنِ تُجْمَعُ حَتَّى تَكُونَ كَأَوْسَاطِ الرِّجَالِ. طرفه 4932 - تحفة 5817 - 205/ 6 3 - باب: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (35)} [المرسلات: 35] 4934 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَارٍ إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ {وَالْمُرْسَلاَتِ}، فَإِنَّهُ لَيَتْلُوهَا وَإِنِّى لأَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا، إِذْ وَثَبَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اقْتُلُوهَا». فَابْتَدَرْنَاهَا فَذَهَبَتْ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وُقِيَتْ شَرَّكُمْ، كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا». قَالَ عُمَرُ حَفِظْتُهُ مِنْ أَبِى فِى غَارٍ بِمِنًى. أطرافه 1830، 3317، 4930، 4931 - تحفة 9163 قوله: ({بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ}) "كسى تى كهاوه جهونبرا جسكى جهت كوهاتهه لك جاوى - اوكسى تى كهابرى برى محل".

78 - سورة {عم يتسآءلون (1)}

4933 - قوله: ({كأنّه جِمالتٌ صُفْرٌ} حِبال السُّفن) أي هي حِبال السُّفن. قوله: (تُجْمَع حتى تكونَ كأَوْساط الرِّجال) يعني "جيسى آدميو نكى كمر". بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 78 - سُورَةُ {عَمَّ يَتَسَآءلُونَ (1)} قالَ مُجَاهِدٌ: {لاَ يَرْجُونَ حِسَابًا} [27] لاَ يَخَافُونَهُ. {لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا} [37] لاَ يُكَلِّمُونَهُ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ. صَوَابًا: حَقًّا في الدُّنْيَا وعَمِلَ بِهِ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَهَّاجًا} [13] مُضِيئًا. وقَالَ غَيْرُهُ: {وَغَسَّاقًا} غَسَقَتْ عَيْنُهُ ويَغْسِقُ الجُرْحُ: يَسِيلُ كأنّهُ الغَسَاق والغَسِق وَاحِدٌ. {عَطَاءً حِسَابًا} [36]، جَزَاءً كافِيًا، أَعْطَانِي ما أَحْسَبَنِي، أَي كَفَانِي. 1 - باب {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18)} [النبأ: 18] زُمَرًا 4935 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ». قَالَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا قَالَ أَبَيْتُ. قَالَ أَرْبَعُونَ شَهْرًا قَالَ أَبَيْتُ. قَالَ أَرْبَعُونَ سَنَةً قَالَ أَبَيْتُ. قَالَ «ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً. فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ لَيْسَ مِنَ الإِنْسَانِ شَىْءٌ إِلاَّ يَبْلَى إِلاَّ عَظْمًا وَاحِدًا وَهْوَ عَجْبُ الذَّنَبِ، وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفه 4814 - تحفة 12508 - 206/ 6 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 79 - سُورَةُ {وَالنَّازِعَاتِ} وَقالَ مُجَاهِدٌ: {الآيَةَ الكُبْرَى} [20] عَصَاهُ وَيَدُهُ. يُقَالُ النَّاخِرَةُ وَالنَّخِرَةُ سَوَاءٌ، مِثْلُ الطَّامِعِ وَالطَّمِعِ، وَالبَاخِلِ وَالبَخِيلِ. وَقالَ بَعْضُهُمُ: النَّخِرَةُ البَالِيَةُ، وَالنَّاخِرَةُ: العَظْمُ المُجَوَّفُ الَّذِي تَمُرُّ فِيهِ الرِّيحُ فَيَنْخَرُ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الْحَفِرَةِ} [10] الَّتِي أَمْرُنَا الأَوَّلُ، إِلَى الحَيَاةِ. وَقالَ غَيرُهُ: {أَيَّانَ مُرْسَاهَا} [42] مَتَى مُنْتَهَاهَا، وَمُرَسى السَّفِينَةِ حَيثُ تَنْتَهِي. 1 - باب 4936 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ بِإِصْبَعَيْهِ هَكَذَا بِالْوُسْطَى وَالَّتِى تَلِى الإِبْهَامَ «بُعِثْتُ وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ». {الطَّامَّةُ} [النازعات: 34] تَطُمُّ عَلى كُلِّ

80 - سورة {عبس}

شَىءٍ. طرفاه 5301، 6503 - تحفة 4740 قوله: (وقال ابنُ عَبّاس: {الْحَافِرَةِ}) "جووابس كردى اوّل أمر كيطرف". 4936 - قوله: (بعثتُ أنا، والساعة كهاتَين) واعلم أنه رُوي عن ابن عباس أن عُمُرَ الدنيا سبعة آلاف (¬1) سَنة، وهو موقوفٌ، والمرفوعُ عنه معلولٌ، وقد مضت منها ستةُ آلاف مِن زمن آدمَ عليه الصلاة والسلام إلى زَمَن نَبِيِّنا صلى الله عليه وسلّم ثُم قد مضت ألفُ سنةٍ وشيءٌ بعده صلى الله عليه وسلّم فينبغي أن تقوم القيامةُ بهذا الحساب، لأنه لا يبقى من عُمُرها إلَّا ألف. قلتُ: إنَّ الأَلْف الذي هو مُدَّتنا من ذلك الحساب: هو ما يبقى فيه الإِسلامُ عزيزًا، ويعيش فيه أهلُه رغيدًا، لا أنه ليس لنا إلَّا ذلك. وثبت من التاريخ أنه لم يزل أَمْرُ أهل الإِسلام بعد الألف إلا في ذُلّ وتشتت. ويؤيدُه ما عند أبي داود: أن أمته صلى الله عليه وسلّم لا تعجز عن نصف يوم ... إلخ. وفيه زيادة: فإِن قام لهم أَمْرُهم بعده يَتِم يومًا، إلا أنَّ الحافظ حَكَم عليه بالوَضْع، ورأيت في «جامع الثَّوري»، أو «ابن عيينة» أنَّ المشهور في السَّلف مجموع عُمر الدنيا كان خمسين ألفَ سنةٍ، وإليهِ «يومىءُ القرآنُ في قوله: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4]، وذلك لأنَّ الدنيا تُعاد في المَحْشر عندي من أَوّلها إلى آخِرها، وهذا عندي مجموع عُمرها، مع ما مر منه قبل آدم عليه الصلاة والسلام أيضًا. والذي في أَثر ابنِ عباس هو لِما بعد آدمَ عليه الصلاة والسلام فقط، وقد ذكر ابنُ جرير لذلك حِسابًا، وثبت اليوم أنه خطأٌ كلُّه. قوله: (والصُّحُفَ مُطَهَّرَةً) يعني أن النعتَ فيه بحال متعلقةٍ، لأنَّ الصحف مطهرة بنفسها، فلا معنى لوقوع التطهيرِ عليها، وإنما هو باعتبارِ متعلّق الصّحف، أي الملائكة. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 80 - سُورَةُ {عَبَسَ} {عَبَسَ} [عبس: 1] كَلَحَ وَأَعْرَضَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: {مُطَهَّرَةٍ} [14]، لاَ يَمَسُّهَا إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، وَهُمُ الْمَلاَئِكَةُ، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} [النازعات: 5] جَعَلَ الْمَلاَئِكَةَ وَالصُّحُفَ مُطَهَّرَةً، لأَنَّ الصُّحُفَ يَقَعُ عَلَيْهَا التَّطْهِيرُ، فَجُعِلَ التَّطْهِيرُ لِمَنْ حَمَلَهَا أَيْضًا. {سَفَرَةٍ} الْمَلاَئِكَةُ، وَاحِدُهُمْ سَافِرٌ، سَفَرْتُ أَصْلَحْتُ بَيْنَهُمْ، وَجُعِلَتِ الْمَلاَئِكَةُ إِذَا نَزَلَتْ بِوَحْىِ اللَّهِ وَتَأْدِيَتِهِ - كَالسَّفِيرِ الَّذِى يُصْلِحُ بَيْنَ الْقَوْمِ. وَقَالَ غَيْرُهُ {تَصَدَّى} ¬

_ (¬1) وراجع لعمر الدنيا "روح المعاني"، فقد بسط الكلامَ فيه.

81 - سورة {إذا الشمس كورت (1)}

تَغَافَلَ عَنْهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لَمَّا يَقْضِ} لاَ يَقْضِى أَحَدٌ مَا أُمِرَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {تَرْهَقُهَا} تَغْشَاهَا شِدَّةٌ. {مُسْفِرَةٌ} مُشْرِقَةٌ. {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ}. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَتَبَةٍ، {أَسْفَارًا}: كُتُبًا. {تَلَهَّى} تَشَاغَلَ. يُقَالُ: وَاحِدُ الأَسْفَارِ سِفْرٌ. 4937 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَمِعْتُ زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى يُحَدِّثُ عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَثَلُ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهْوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ، وَمَثَلُ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهْوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهْوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ، فَلَهُ أَجْرَانِ». تحفة 16102 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 81 - سُورَةُ {إِذَا الشَّمْسُ كُوّرَتْ (1)} {انكَدَرَتْ} [2] انْتَثَرَتْ. وَقالَ الحَسَنُ: {سُجّرَتْ} [6] ذَهَبَ ماؤُهَا فَلاَ يَبْقى قَطْرَةٌ، وَقالَ مُجَاهِدٌ: {الْمَسْجُورِ} [الطور: 6] المَمْلُوءُ، وَقالَ غَيرُهُ: {سُجّرَتْ} أَفضى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، فَصَارَتْ بَحْرًا وَاحِدًا. وَالخُنَّسُ: تَخْنِسُ في مُجْرَاهَا: تَرْجِعُ، وَتَكْنِسُ: تَسْتَتِرُ كما تَكْنِسُ الظِّبَاءُ. {تَنَفَّسَ} [18] ارْتَفَعَ النَّهَارُ. وَالظَّنِينُ: المُتَّهَمُ، وَالضَّنِينُ يَضَنُّ بِهِ. وَقالَ عُمَرُ: {النُّفُوسُ زُوّجَتْ} [7] يُزَوَّجُ نَظِيرَهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ قَرَأَ: {احْشُرُواْ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْواجَهُمْ} [الصافات: 22]، {عَسْعَسَ} [17] أَدْبَرَ. قوله: (والظَّنِين: المُتَّهم، والضَّنِين يضَنُّ به) أي ما يكون أحرى أن يضن به، وفيه دليل على أن الضاد والظاء مخرجهما قريب، ولذا ثبتت القراءتان بالضاد، والظاء (¬1). قوله: ({زُوّجَتْ}) المرادُ منه ضَمُّ النظير إلى نظيرِه، وإلَّا فأين النِّكاح في المَحْشر. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 82 - سُورَةُ {إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ (1)} وَقالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيمٍ {فُجّرَتْ} [3] فاضَتْ. وَقَرَأَ الأَعْمَشُ وَعاصِمٌ: {فَعَدَلَكَ} [7] بِالتَّخْفِيفِ، وَقَرَأَهُ أَهْلُ الحِجَازِ بِالتَّشْدِيدِ، وَأَرَادَ: مُعْتَدِلَ الخَلقِ، وَمَنْ خَفَّفَ يَعْنِي: {فِى أَيِّ صُورَةٍ} [8] شَاءَ: إِمَّا حَسَنٌ، وَإِمَّا قَبِيحٌ، وَطَوِيلٌ وَقَصِيرٌ. ¬

_ (¬1) قلتُ: يريد الشيخُ أن الضاد أقربُ من الظاء تَلفُّظًا، فيقرأ قوله: {وَلَا الضَّالِّينَ} شبه الظاء، لا شبه الدال، كما شاع في أهل الهِنْد، وكتبت فيه رسائل، حتى زعموا أن قراءته شبه الدّال من أمارات التقليد، وقراءته شبه الظاء من سيماءِ عدم التقليد، مع أن المدون في كُتُبنا خِلافُه.

83 - سورة {ويل للمطففين (1)}

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 83 - سُورَةُ {وَيْلٌ لّلْمُطَفِّفِينَ (1)} وَقالَ مُجَاهِدٌ: {بَلْ رَانَ} [14] ثَبْتُ الخَطَايَا. {ثُوّبَ} [36] جُوزِيَ. الرَّحِيقُ: الخَمْرُ. {خِتَامُهُ مِسْكٌ}: طِينُهُ. التَّسْنِيمُ: يَعْلُو شَرَابَ أَهْلِ الجَنةِ. وَقالَ غَيرُهُ: المُطَفِّفُ لاَ يُوَفِّي غَيرَهُ. 1 - باب {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)} [المطففين: 6] 4938 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «{يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)} [المطففين: 6] حَتَّى يَغِيبَ أَحَدُهُمْ فِى رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ». طرفه 6531 - تحفة 8379 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 84 - سُورَةُ {إِذَا السَّمَآء انشَقَّتْ (1)} قالَ مُجَاهِدٌ: {كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ} [الحاقة: 25] يَأْخُذُ كِتَابَهُ مَنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ. {وَسَقَ} [17] جَمَعَ مِنْ دَابَّةٍ. {ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ} [14] لاَ يَرْجِع إِلَينَا. 1 - باب {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} [الانشقاق: 8] 4939 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى مُلَيْكَةَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ح. حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى يُونُسَ حَاتِمِ بْنِ أَبِى صَغِيرَةَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ إِلاَّ هَلَكَ». قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاءَكَ، أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} [الانشقاق: 7 - 8]. قَالَ «ذَاكَ الْعَرْضُ يُعْرَضُونَ، وَمَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ هَلَكَ». أطرافه 103، 6536، 6537 - تحفة 16254، 16232، 17463، 16231 - 208/ 6 2 - باب {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (19)} [الانشقاق: 19] 4940 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ النَّضْرِ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ عَنْ

85 - سورة البروج

مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (19)} [الانشقاق: 19] حَالاً بَعْدَ حَالٍ، قَالَ هَذَا نَبِيُّكُمْ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 6382 قوله: ({لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (19)}) ... إلخ. وهذا كما قيل: لم يَزَل النُّورُ المحمَّديُّ، ينتقل من صُلْب أب إلى أب، حتى ظهر من آمِنة. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 85 - سُورَةُ البُرُوجِ قالَ مُجَاهِدٌ: {الاْخْدُودِ} [4] شَقٌّ في الأَرْضِ. {فُتِنُواْ} [10] عَذَّبُوا. وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الوَدُودُ: الحَبِيبُ، المَجِيدُ: الكَرِيمُ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 86 - سُورَةُ الطَّارِقِ هُوَ النَّجْمُ، وَما أَتاكَ لَيْلًا فَهُوَ طَارِقٌ. {النَّجْمُ الثَّاقِبُ}: الْمُضِيءُ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {ذَاتِ الرَّجْعِ} [11] سَحَابٌ يَرْجِعُ بِالمَطَرِ. {ذَاتِ الصَّدْعِ} [12] الأَرْضُ تَنْصَدِعُ بِالنَّبَاتِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَقَوْلٌ فَصْلٌ} لَحَقٌّ {لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} إِلَّا عَليها حافِظٌ. إعلم أنه ليست في القرآن آيةٌ تدلُّ على حركة السموات، بقي قَوْلُه: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11) وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12)} فمعناه أنَّ السماء ينزل منه المطرُ، والأرض يَنْبت منها النباتُ، هكذا فَسّره الزمخشري، نعم فيها حركةُ النُّجوم، كما في قوله: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ} [يس: 38] فنسب الجريانَ إلى الشَّمس، ثُم هي بحسب الحِسّ أو بحسب الواقع في الخارج، فذلك بَحْثٌ آخر، وقد فَرَغنا منه في موضعه، فراجعه في «سورة يس»، وقد ذكرنا قبله أيضًا. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 87 - سُورَةُ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {قَدَّرَ فَهَدَى} [3]: قَدَّرَ لِلإِنْسَانِ الشَّقَاءَ والسَّعَادَةَ، وَهَدَى الأَنْعَامَ لِمَرَاتِعِهَا. 4941 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَجَعَلاَ يُقْرِئَانِنَا الْقُرْآنَ، ثُمَّ جَاءَ عَمَّارٌ وَبِلاَلٌ وَسَعْدٌ ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِى

88 - سورة {هل أتاك حديث الغاشية (1)}

عِشْرِينَ ثُمَّ جَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَىْءٍ فَرَحَهُمْ بِهِ، حَتَّى رَأَيْتُ الْوَلاَئِدَ وَالصِّبْيَانَ يَقُولُونَ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ قَدْ جَاءَ. فَمَا جَاءَ حَتَّى قَرَأْتُ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} [الأعلى: 1] فِى سُوَرٍ مِثْلِهَا. تحفة 1879 - 209/ 6 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 88 - سُورَةُ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)} وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ (3)} [3] النَّصَارَى. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {عَيْنٍ آنِيَةٍ (5)} [5] بَلَغَ إِنَاهَا وَحانَ شُرْبُهَا. {حَمِيمٍ آنٍ} [الرحمن: 44] بَلَغَ إِنَاهُ. {لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً} [11] شتْمًا. الضَّرِيعُ: نَبْتٌ يُقَالُ لَهُ الشِّبْرِقُ، يُسَمِّيهِ أَهْلُ الحِجَازِ الضَّرِيعَ إِذَا يَبِسَ، وَهُوَ سَمٌّ. {بِمُسَيطِرٍ} [22] بِمُسَلَّطٍ، وَيُقْرَأُ بِالصَّادِ وَالسِّينِ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {إِيَابَهُمْ} [25] مَرْجِعَهُمْ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 89 - سُورَةُ {وَالْفَجْرِ (1)} وَقالَ مُجَاهِدٌ: {وَالْوَتْرِ} [3] اللهُ. {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} [7] القَدِيمَةِ، وَالعِمَادُ أَهْلُ عَمُودٍ لاَ يُقِيمُونَ. {سَوْطَ عَذَابٍ} [13] الَّذِي عُذِّبُوا بِهِ. {أَكْلًا لَّمًّا} [19] السَّفُّ. وَ {جَمًّا} [20] الكَثِيرُ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: كُلُّ شَيءٍ خَلَقَهُ فَهُوَ شَفعٌ، السَّمَاءُ شَفعٌ، وَالوتْرُ: اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. وَقالَ غَيرُهُ: {سَوْطَ عَذَابٍ} [13] كَلِمَةٌ تَقُولُهَا العَرَبُ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ العَذَابِ يَدْخُلُ فِيهِ السَّوْطُ. {لَبِالْمِرْصَادِ} [14] إِلَيهِ المَصِيرُ. {تَحَاضُّونَ} [18] تُحَافِظُونَ، و {تَحُضُّونَ} تَأْمُرُونَ بِإِطْعَامِهِ. {الْمُطْمَئِنَّةُ} [27] المُصَدِّقَةُ بِالثَّوَابِ. وَقالَ الحَسَنُ: {يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ} [27]: إِذَا أَرَادَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ قَبْضَهَا اطْمَأَنَّتْ إِلَى اللَّهِ وَاطْمَأَنَّ اللهُ إِلَيهَا، وَرَضِيَتْ عَنِ اللَّهِ وَرَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَأَمَرَ بِقَبْضِ رُوحِهَا، وَأَدْخَلَهَا اللهُ الجَنَّةَ، وَجَعَلَهُ مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ. وَقالَ غَيرُهُ: {جَابُواْ} [9] نَقَبُوا، مِنْ جَيبِ القَمِيصِ: قُطِعَ لَهُ جَيبٌ، يَجُوبُ الفَلاَةَ يَقْطَعُهَا. {لّمَا} (19) لَمَمْتُهُ أَجْمَعَ: أَتَيتُ عَلَى آخِرِهِ. قوله: ({إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7)} القَدِيمة) "برانى بستيون والى". قوله: (السَّفُّ) "بها نكنا". قوله: (السَّماءُ شَفْعٌ) أي إنَّ له نظيرًا، وإلَّا فالسماوات سَبْعُ فكيف تكون شَفْعًا!.

90 - سورة {لا أقسم}

قوله: (لممتُهُ أَجْمَعَ: أَتَيْتُ على آخِرِه) "اوسكوسارامين نى لى هى ليا". بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 90 - سُورَةُ {لاَ أُقْسِمُ} وَقالَ مُجَاهِدٌ: {بِهَذَا الْبَلَدِ} [2] مَكَّةَ، لَيسَ عَلَيكَ ما عَلَى النَّاسِ فِيهِ مِنَ الإِثْمِ. {وَوَالِدٍ} [3] آدَمَ، {وَمَا وَلَدَ} [3]، {لِبَدًا} [6] كَثِيرًا. وَ {النَّجْدَينِ} [10] الخَيرُ وَالشَّرُّ، {مَسْغَبَةٍ} [14] مَجَاعَةٍ. {مَتْرَبَةٍ} [16] السَّاقِطُ في التُّرَابِ، يُقَالُ: {فَلاَ اقتَحَمَ الْعَقَبَةَ} [11]، فَلَمْ يَقْتَحِمِ العَقَبَةَ في الدُّنْيَا، ثُمَّ فَسَّرَ العَقَبَةَ فَقَالَ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِى يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14)} [12 - 14]. {فِي كَبَدٍ}: شِدَّةٍ. قوله: (فلم يَقْتَحِم العَقَبةَ في الدُّنيا) "نهين جرها مصائب بردنيامين". بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 91 - سُورَةُ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)} وَقالَ مُجاهِدٌ: {ضُحَاهَا} ضَوْؤُها. {إِذَا تَلاهَا} تَبِعَها. و {طَحَاهَا} دَحاها. {دَسَّاهَا} أَغْواها. {فَأَلْهَمَهَا} عَرَّفَها الشَّقاءَ وَالسَّعادَةَ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {بِطَغْوَاهَا} [11] بِمَعَاصِيهَا. {وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا} [15] عُقْبَى أَحَدٍ. 4942 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ وَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِى عَقَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «{إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (12)} [الشمس: 12] انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزِيزٌ عَارِمٌ، مَنِيعٌ فِى رَهْطِهِ، مِثْلُ أَبِى زَمْعَةَ». وَذَكَرَ النِّسَاءَ فَقَالَ «يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ يَجْلِدُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ، فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ». ثُمَّ وَعَظَهُمْ فِى ضَحِكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَةِ وَقَالَ «لِمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ». وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مِثْلُ أَبِى زَمْعَةَ عَمِّ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ». أطرافه 3377، 5204، 6042 - تحفة 5294 4942 - قوله: (عارِمٌ) شرير. قوله: (ثم يُضَاجِعُها) و «ثُم» ههنا لبيان عاقبةِ الحال، كما مَرّ في قوله صلى الله عليه وسلّم «لا يبولن أَحَدُكم في الماء الذي لا يجري، ثم يغتسل منه». وقد قَرَّرناه مِن قبل، وقد فَهِمه الطِّيبي.

92 - سورة {والليل إذا يغشى (1)}

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 92 - سُورَةُ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1)} وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {بِالحُسْنَى} [9] بِالخَلَفِ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {ترَدَّى} [11] ماتَ. وَ {تَلظَّى} [14] تَوَهَّجُ، وَقَرَأَ عُبَيدُ بْنُ عُمَيرٍ: تَتَلَظَّى. 1 - باب {وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2)} [الليل: 2] 4943 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ دَخَلْتُ فِى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ الشَّأْمَ فَسَمِعَ بِنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ فَأَتَانَا فَقَالَ أَفِيكُمْ مَنْ يَقْرَأُ فَقُلْنَا نَعَمْ. قَالَ فَأَيُّكُمْ أَقْرَأُ فَأَشَارُوا إِلَىَّ فَقَالَ اقْرَأْ. فَقَرَأْتُ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} [الليل: 1 - 3]. قَالَ أَنْتَ سَمِعْتَهَا مِنْ فِى صَاحِبِكَ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ وَأَنَا سَمِعْتُهَا مِنْ فِى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهَؤُلاَءِ يَأْبَوْنَ عَلَيْنَا. أطرافه 3287، 3742، 3743، 3761، 4944، 6278 - تحفة 10955 2 - باب {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3)} [الليل: 3] 4944 - حَدَّثَنَا عُمَرُ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قَدِمَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى أَبِى الدَّرْدَاءِ فَطَلَبَهُمْ فَوَجَدَهُمْ فَقَالَ أَيُّكُمْ يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُلُّنَا. قَالَ فَأَيُّكُمْ يَحْفَظُ وَأَشَارُوا إِلَى عَلْقَمَةَ. قَالَ كَيْفَ سَمِعْتَهُ يَقْرَأُ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1)}. قَالَ عَلْقَمَةُ {الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى}. قَالَ أَشْهَدُ أَنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ هَكَذَا، وَهَؤُلاَءِ يُرِيدُونِى عَلَى أَنْ أَقْرَأَ {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3)} وَاللَّهِ لاَ أُتَابِعُهُمْ. أطرافه 3287، 3742، 3743، 3761، 4943، 6278 - تحفة 10955 - 211/ 6 3 - باب قَوْلُهُ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5)} [الليل: 5] 4945 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ فِى جَنَازَةٍ فَقَالَ «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نَتَّكِلُ فَقَالَ «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ». ثُمَّ قَرَأَ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6)} [الليل: 6] إِلَى قَوْلِهِ {لِلْعُسْرَى} [الليل: 5 - 10]. أطرافه 1362، 4946، 4947، 4948، 4949، 6217، 6605، 7552 تحفة 10167 4 - باب قَوْلِهِ: {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6)} [الليل: 6] حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى

5 - باب {فسنيسره لليسرى (7)} [الليل: 7]

عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. تحفة 10167 5 - باب {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)} [الليل: 7] 4946 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أَنَّهُ كَانَ فِى جَنَازَةٍ فَأَخَذَ عُودًا يَنْكُتُ فِى الأَرْضِ فَقَالَ «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ أَوْ مِنَ الْجَنَّةِ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نَتَّكِلُ قَالَ «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6)} [الليل: 5 - 6] الآيَةَ. قَالَ شُعْبَةُ وَحَدَّثَنِى بِهِ مَنْصُورٌ فَلَمْ أُنْكِرْهُ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ. أطرافه 1362، 4945، 4947، 4948، 4949، 6217، 6605، 7552 تحفة 10167 6 - باب قَوْلِهِ: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8)} [الليل: 8] 4947 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِىٍّ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ». فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نَتَّكِلُ قَالَ «لاَ، اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ». ثُمَّ قَرَأَ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)} إِلَى قَوْلِهِ {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)} [الليل: 5 - 10]. أطرافه 1362، 4945، 4946، 4948، 4949، 6217، 6605، 7552 تحفة 10167 - 212/ 6 4947 - قوله: (وما مِنْكم من أَحَدٍ إلاّ وقد كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِن الجَنّة، ومَقْعَدُهُ من النَّار) وفي حديث صحيح: «أنَّ لكل رجلٍ مقعدينِ، مقعد من الجنة، ومقعد من النار»؛ قلتُ: وعندي أن هذين متقابِلان، فمقعده من الجنَّةِ فوق السموات، ومقعده من جهنم تحتها، حِذاءَ مقعده من الجنة. فهذان على نقطتين متقابلتين، لو وصل بينهما خَطٌّ لاتَّصل. أما كون إحداهما فوق السموات، والأُخرى تحتها، فعلى ما مرّ مِن أنَّ الجنةَ فوقَ السموات، وأنَّ جهنَّم تحتها، فمن أَعْطَى وصدَّق بالحُسْنى، يرتقي إلى منزلة مِن الجنّة، ومَنْ بخل واستغنى وكذّب بالحُسْنى، يسقط في جهنَّم، بخطٍ يحاذي منزلته تلك، والعياذ بالله. 7 - باب قَوْلِهِ: {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9)} [الليل: 9] 4948 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا فِى جَنَازَةٍ فِى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ، وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ فَنَكَّسَ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ ثُمَّ قَالَ «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ وَمَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلاَّ كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَإِلاَّ قَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً». قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا

8 - باب {فسنيسره للعسرى (10)} [الليل: 10]

وَنَدَعُ الْعَمَلَ فَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ. قَالَ «أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاءِ». ثُمَّ قَرَأَ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6)} [الليل: 5 - 6] الآيَةَ. أطرافه 1362، 4945، 4946، 4947، 4949، 6217، 6605، 7552 تحفة 10167 4948 - قوله: (ومعه مِخْصَرَةٌ) هي عصًى تبلغ الخاصِرةَ. 8 - باب {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)} [الليل: 10] 4949 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى جَنَازَةٍ فَأَخَذَ شَيْئًا فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِ الأَرْضَ فَقَالَ «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ قَالَ «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ». ثُمَّ قَرَأَ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6)} الآيَةَ. أطرافه 1362، 4945، 4946، 4947، 4948، 6217، 6605، 7552 تحفة 10167 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 93 - سُورَةُ {وَالضُّحَى (1)} وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {إِذَا سَجى} اسْتَوَى. وَقالَ غَيرُهُ: أَظْلَمَ وَسَكَنَ. {عائِلًا} ذُو عِيَالٍ. باب {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} (3) قوله: ({وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2)} استَوى) وراجع البحث في متعلّق «إذا» في «شرح الكافية» للرَّضِي. ثُم لا أدري مِن أين فَسَّر المصنَّف قوله: {سَجى} بقوله: «استوى»، فإِنَّ معناه أَظْلم. 1 - باب {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} [الضحى: 3] 4950 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ جُنْدُبَ بْنَ سُفْيَانَ - رضى الله عنه - قَالَ اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ يَا مُحَمَّدُ إِنِّى لأَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ، لَمْ أَرَهُ قَرِبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} [الضحى: 1 - 3]. أطرافه 1124، 1125، 4951، 4983 - تحفة 3249 4950 - قوله: (إني لأَرجو أن يكون شيطانُك قد تَرَكَكَ) وفي رواية بعدها: «ما

2 - باب قوله: {ما ودعك ربك وما قلى (3)} [الضحى: 3]

أَرَى صاحِبَك إلَّا أبطأَك». وقد مر معنا أنهما امرأتانِ: الأولى كافرةٌ، وهي امرأةُ أبي لهب، كما يدلُّ عليه تعبيرُها السُّوء: والثانية: أمّ المؤمنين، كما يدلّ عليه تصديرُها بقولها: «يا رسولَ الله»، فهذا الخطابُ يليقُ بشأنها، فتنبه، فإِنَّ سياقَها عند البخاري من قيام الليل مُوهم بخلاف المراد، وقد نَبَّهناك ههنا أيضًا. 2 - باب قَوْلُهُ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} [الضحى: 3] تُقْرَأُ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ: ما تَرَكَكَ رَبُّكَ، وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ما تَرَكَكَ وَما أَبْغَضَكَ. 4951 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ جُنْدَبًا الْبَجَلِىَّ قَالَتِ امْرَأَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أُرَى صَاحِبَكَ إِلاَّ أَبْطَأَكَ. فَنَزَلَتْ {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)}. أطرافه 1124، 1125، 4950، 4983 - تحفة 3249 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 94 - سُورَةُ {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ} وَقالَ مُجَاهِدٌ: {وِزْرَكَ} [2] في الجَاهِلِيَّةِ. {أَنْقَضَ} [3] أَثْقَلَ. {مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [5 - 6]: قالَ ابْنُ عُيَينَةَ: أي مَعَ ذلِكَ العُسْرِ يُسْرًا آخَرَ، كَقَوْلِهِ: {هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} [التوبة: 52]، وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَينِ. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {فَانصَبْ} [7] في حاجَتِكَ إِلَى رَبِّكَ. وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {أَلَمْ نَشْرَحْ} [1] شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ للإِسْلاَمِ. قوله: (لن يغلبَ عُسْرٌ يُسْرَيْن) كنا نرى أنَّ الموعود يسران في الدنيا، فظهر من الحديث أنَّ المرادَ منه يُسْرٌ في الدنيا، ويُسْرٌ في الآخِرة. 95 - سُورَةُ {وَالتِّينِ} وَقالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ التِّينُ وَالزَّيتُونُ الَّذِي يَأْكُلُ النَّاسُ. يُقَالُ: {فَمَا يُكَذّبُكَ} [7] فَمَا الَّذِي يُكَذِّبُكَ بِأَنَّ النَّاسَ يُدَانُونَ بِأَعْمَالِهِمْ؟ كَأَنَّهُ قالَ: وَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى تَكْذِيبِكَ بِالثَّوَابِ وَالعِقَابِ؟. قوله: (والتين والزيتون) إشارةٌ إلى نبوةِ عيسى عليه السلام لكثرة هاتين الثَّمَرَتين في مَبْعَثِه. وقد مرّ عليه الشاه عبد العزيز في «فتح العزيز»، ونقل روايةً عن صفيةَ: أنها ذهبت

1 - باب

إلى بيتِ المقدس بعد وفاةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فصعدت على جبل هناك، وقالت: بُعِثَ عيسى عليه الصلاة والسلام من ههنا. قلتُ: وفيه دليلٌ على عظمةِ عِلْمها، ولعلها تَعلَّمته من النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فإِن قلت: إنَّها كانت من يهود، فلعلها تَعَلّمت ما تعلمت من تلقائهم. قلتُ: كيف وأن اليهود كانوا أعداءً لعيسى عليه الصلاة والسلام، فما كانوا ليفتشوا عن إخباره عليه الصلاة والسلام، ويحققوها من الناس، فالظاهر أَنَّها تعلّمت من جهة النبي صلى الله عليه وسلّم وفيه إشارةٌ إلى ثلاثِ نبوات. أما نبوةُ عيسى عليه الصلاة والسلام فقد عَلِمتها، ونبوة موسى عليه الصلاة والسلام، فأشار إليه بقوله: {وَطُورِ سِينِينَ (2)}؛ ونبوة خاتم الأنبياء عليهم السلام، فأشار إليها بالبلدِ الأمينِ، الذي هو مَكّة. أما الجواب (¬1) عن معنى القَسَم بهذه الأشياء، فقد مَرّ معنا غيرَ مَرّةٍ: أنَّ النحاةَ لو لم يُسمّوا الواو في مثل هذه المواضع بواو القسم لاسترحنا عن هذه الإِشكالات، فإِنَّ الواو فيها ليست إلَّا للاستشهاد، وإفادة التأكيد، والسرّ فيه أن الخلائِقَ لما كانت حقيرةً ذليلةً بين يَدَي رَبِّها، دلّ حَلِفهم باسمه المبارك على عظمته تعالى، بخلاف عَكْسه، فلا يدلُّ حَلِفه تعالى بشيء على عظمةِ ذلك الشيء، بل يكون للمعنى المفاد من الحَلِف، وهو التأكيد، وحينئذٍ لو ترجموه: "تين كى شهادت اورزيتون كى شهادت ... " إلخ، ولم يترجموه بترجمة اليمين، لما ورد شيءٌ. وكان الأَوْلى للنُّحاة أن يُسمُّوها بتسميةٍ أخرى، ولم يُسمّوها بواو القسم. 1 - باب 4952 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَدِىٌّ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ فِى سَفَرٍ فَقَرَأَ فِى الْعِشَاءِ فِى إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ. {تَقْوِيمٍ} [4] الْخَلْقِ. أطرافه 767، 769، 7546 - تحفة 1791 - 214/ 6 4952 - قوله: (فقرأ في العشاءِ في إحْدَى الرَّكْعتين بالتِّين والزَّيْتُون) أي قرأ «بالتين» في الركعة الأُولى. و «بإِنا أنزلناه» في الثانية (¬2). ¬

_ (¬1) وفي مذكرة للشيخ: وعن ابن مسعود أنه قال: إنما أَقْسم اللهُ بهذه الأشياء ليعجب بها المخلوقين، ويعرفهم قدرته، لعظم شأنها عندهم، ولدلالتها على خالقها، اهـ: "فتح الباري" فكأن القَسَم في اللغة مجردُ اعتناء بالمُقسَم به. (¬2) قلتُ: وفيه إشعار بحذف السورة في الأُخريين، لأنه لم يتعرض إلى سورةٍ فيها، مع تَعرُّضه إليها في الأوليين، والله تعالى أعلم بالصواب.

96 - سورة {اقرأ باسم ربك الذى خلق (1)}

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 96 - سُورَةُ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ (1)} وَقالَ قُتَيبَةُ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيىبْنِ عَتِيقٍ، عَنِ الحَسَنِ قالَ: اكْتُبْ في المُصْحَفِ في أَوَّلِ الإِمامِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، وَاجْعَل بَينَ السُّورَتَينِ خَطًّا. وَقالَ مُجَاهِدٌ: {نَادِيَهُ} [17] عَشِيرَتَهُ. وَ {الزَّبَانِيَةَ} [18] المَلاَئِكَةَ، وَقالَ مَعْمَرٌ: {الرُّجْعى} [8] المَرْجِعُ. {لَنَسْفَعًا} [15] لَنَأْخُذَنْ، وَلَنَسْفَعَنْ بِالنُّونِ، وَهيَ الخَفِيفَةُ، سَفَعْتُ بِيَدِهِ: أَخَذْتُ. 1 - باب 4953 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. وحَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِى رِزْمَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ سَلْمَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ كَانَ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِى النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلاَّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاَءُ فَكَانَ يَلْحَقُ بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - قَالَ وَالتَّحَنُّثُ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِىَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ بِمِثْلِهَا، حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهْوَ فِى غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ اقْرَأْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا أَنَا بِقَارِئٍ». قَالَ «فَأَخَذَنِى فَغَطَّنِى حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجُهْدُ ثُمَّ أَرْسَلَنِى. فَقَالَ اقْرَأْ. قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَأَخَذَنِى فَغَطَّنِى الثَّانِيِةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجُهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى. فَقَالَ اقْرَأْ. قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَأَخَذَنِى فَغَطَّنِى الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجُهْدُ ثُمَّ أَرْسَلَنِى. فَقَالَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)}». الآيَاتِ إِلَى قَوْلِهِ {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} [العلق: 1 - 5] فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ «زَمِّلُونِى زَمِّلُونِى». فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ قَالَ لِخَدِيجَةَ «أَىْ خَدِيجَةُ مَا لِى، لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِى». فَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ. قَالَتْ خَدِيجَةُ كَلاَّ أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِى الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ وَهْوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخِى أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِىَّ وَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِىَ فَقَالَتْ خَدِيجَةُ يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ. قَالَ

2 - باب قوله: {خلق الإنسان من علق (2)} [العلق: 2]

وَرَقَةُ يَا ابْنَ أَخِى مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَبَرَ مَا رَأَى. فَقَالَ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى، لَيْتَنِى فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِى أَكُونُ حَيًّا. ذَكَرَ حَرْفًا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَمُخْرِجِىَّ هُمْ». قَالَ وَرَقَةُ نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا أُوذِىَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِى يَوْمُكَ حَيًّا أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّىَ، وَفَتَرَ الْوَحْىُ، فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3، 3392، 4955، 4956، 4957، 6982 - تحفة 16540، 16706 - 215/ 6 4954 - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىَّ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْىِ قَالَ فِى حَدِيثِهِ «بَيْنَا أَنَا أَمْشِى سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ بَصَرِى، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِى جَاءَنِى بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِىٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ فَفَرِقْتُ مِنْهُ فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ زَمِّلُونِى زَمِّلُونِى». فَدَثَّرُوهُ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5)} [المدثر: 1 - 5]. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ وَهْىَ الأَوْثَانُ الَّتِى كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَعْبُدُونَ. قَالَ ثُمَّ تَتَابَعَ الْوَحْىُ. أطرافه 4، 3238، 4922، 4923، 4924، 4925، 4926، 6214 - تحفة 315 2 - باب قَوْلِهِ: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)} [العلق: 2] 4955 - حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)}. أطرافه 3، 3392، 4953، 4956، 4957، 6982 - تحفة 16540 - 216/ 6 3 - باب قَوْلِهِ: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)} [العلق: 3] 4956 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ ح وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ قَالَ مُحَمَّدُ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها. أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ جَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)} [العلق: 1 - 4]. أطرافه 3، 3392، 4953، 4955، 4957، 6982 - تحفة 16637، 16540 4 - باب {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)} [العلق: 4] 4957 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ عُرْوَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - فَرَجَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ «زَمِّلُونِى زَمِّلُونِى». فَذَكَرَ الْحَدِيثَ أطرافه 3، 3392، 4953، 4955، 4956، 6982 - تحفة 16540 قوله: (عَلَّمك ما لم تَكُن تَعْلَم) والموصول ههنا للجنس، فإِنَّ النُّحاة قسموا

5 - باب قوله تعالى: {كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية (15) ناصية كاذبة خاطئة (16)} [العلق: 15 - 16]

الموصول إلى ما قسموا إليه اللام من الجنس، وغيره. واعلم أنَّ حقيقةَ الغَيْب لا يعلَمُها إلَّا الله سبحانه، أو مَنْ أراد أن يظهره عليه، فإذا كانت تلك الحقيقةُ بجنسها مختصةً بحضرته تعالى، فإِذن تَحَقُّقُ فَرْدٍ، منها في غيره تعالى لا يكون إلَّا خَرْقًا للعادة، والكلام في مثله يجري على الإِبهام والإِجمال، وتفصيله: أنَّ التعرّض إلى الكُلّ، أو البعض إنما يُناسِب في مَحلِّ يختلف فيه الحُكْم بين الكلّ والبعض، أما إذا لم يختلف الحكم بينهما، فالتعرّض إلى كلِّه أو بَعْضِه لَغْوٌ، بل ينبغي أن يَرِد فيه الحُكْم على نَفْس الجِنْس، كالغَيْب مَثَلًا، فإِنَّ بَعْضَه أيضًا خارِقٌ للعادة مِثْلُ كلّه، فالتعرض فيه إلى بيان بَعْضِه أو كُلِّه لَغْوٌ. إذا علمت هذا، فاعلم أنَّ الله سبحانه منّ على نبيه صلى الله عليه وسلّم بأَلْف أَلْف غُيوب، لا يدري قَدْرَها إلَّا هو، إلا أَنَّ بَعْضَه لما كان خَارِقًا نحو كلّه، لم يتعرّض إلى كُلِّه، أو بَعْضِه، وذكره بالموصول المفيد لمعنى الجنس. ومَنْ لا يدريه من الأغبياء يجعل الجِنْس مُستغرقًا، ويَزْعمُ أنه لم يبق من الغيب شيءٌ إلا قد أعطاه إياه، وتلك غباوةٌ رَكبها مِن عند نفسه، فليركبها: {وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُورٍ} (¬1). قوله: ({عَلَّمَ بِالْقَلَمِ}) والقلم والقراءة ههنا على نَحْو ما يُعْطى الغلامُ من أدوات الكتابة، ويَحْضُر في المدرسة بين يدي أستاذه، وقد أشبعنا الكلامَ في أجزاء الحديث في أَوّل الكتاب. 5 - باب قوله تعالى: {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16)} [العلق: 15 - 16] 4958 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِىِّ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ أَبُو جَهْلٍ لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يُصَلِّى عِنْدَ الْكَعْبَةِ لأَطَأَنَّ عَلَى عُنُقِهِ. فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لَوْ فَعَلَهُ لأَخَذَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ». تَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ. تحفة 6148 ¬

_ (¬1) قلتُ: وهو شاكِلةُ قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث رؤية الربِّ: "فعلمت ما بين السماوات والأرض"، فإِن جنسه لما كان أَمْرًا خارِقًا ذكره بالإِبهام. فإِن غيره، بل هو نفسه قبل وَضْع اليد لم يكن يعلم ما الذي يختصم فيه الملائكةُ، فكان جِنْسه مجهولًا، فلما وَضَع الربُّ تبارك وتعالى يَدَه الكريمة، تجلَّى له كُلُّ شيء من هذا الجنس، واليه أشير في الحديث في تفسيرها بالكفارات والدرجات، وأما ما لا تَعلُّق له بعلوم الأنبياءِ عليهم السلام، فلا ذِكْر له فيه، ولا نُنْكر أن يكون أعطى من هذا النوع أيضًا، لكنا نتكلم في الإِحاطة والاستغراق، فحاشا لله أن يساويه أحَدٌ مِن خَلْقه في ذاته، أو صِفةٍ من صفاته، والعياذ بالله من الزيغ والجهل.

97 - سورة إنا أنزلناه

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 97 - سُورَةُ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ يُقَالُ: المَطْلَعُ: هُوَ الطُّلُوعُ، وَالمَطْلِعُ: المَوْضِعُ الَّذِي يُطْلَعُ مِنْهُ. {أَنزَلْنَاهُ} [1] الهَاءُ كِنَايَةٌ عَنِ القُرْآنِ. {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} مَخْرَجَ الجَمِيعِ، وَالمُنْزِلُ هُوَ اللهُ، وَالعَرَبُ تُؤَكِّدُ فِعْلَ الوَاحِدِ فَتَجْعَلُهُ بِلَفظِ الجَمِيعِ، لِيَكُونَ أَثْبَتَ وَأَوْكَدَ. قوله: (الهاءِ كِنايةٌ عن القُرْآن) أراد به الضميرَ في قوله: {إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ}. قوله: (والعرب تؤكد فِعْل الواحِدِ، فتجعلُه بِلفْظ الجميع، ليكون أثبت، وأَوْكد) قلتُ: وليس هذا إلا في كتاب أبي عبيدة، ولم يذهب أحدٌ من النحاة إلى أن صيغة جمْع المتكلم للتأكد، والمفسرون عامّة سلكوا فيه مَسْلَك التأويل. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 98 - سُورَةُ {لَّمْ يَكُنْ} {مُنفَكّينَ} [1] زَائِلِينَ. {قَيِّمَةٌ} القَائِمَةُ. {دِينُ القَيّمَةِ} [5] أَضَافَ الدِّينَ إِلى المُؤَنَّثِ. 1 - باب 4959 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأُبَىٍّ. «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِى أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البينة: 1]». قَالَ وَسَمَّانِى قَالَ «نَعَمْ». فَبَكَى. أطرافه 3809، 4960، 4961 - تحفة 1247 - 217/ 6 4959 - قوله: (إن اللَّهَ أَمَرني أَنْ أقرأ عَلَيك) والسرُّ فيه أنَّ الله سبحانه لما قدر أن يجعله أقرأ من بينهم، أمره أن يقرأ عليه رسوله مَرّة أيضًا ليتصل السَّند من أبيّ إلى ربّ العالمين، فليلقبه بالأقرأ (¬1). 2 - باب 4960 - حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأُبَىٍّ «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِى أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ». قَالَ أُبَىٌّ آللَّهُ سَمَّانِى لَكَ قَالَ «اللهُ سَمَّاكَ لِى». فَجَعَلَ أُبَىٌّ يَبْكِى. قَالَ قَتَادَةُ فَأُنْبِئْتُ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ}. أطرافه 3809، 4959، 4961 - تحفة 1400 ¬

_ (¬1) وتكلم عليه في "المعتصر" أيضًا، وما ذكره الشيخ أَلْطف.

99 - سورة {إذا زلزلت الأرض زلزالها (1)}

4961 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى دَاوُدَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمُنَادِى حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لأُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِى أَنْ أُقْرِئَكَ الْقُرْآنَ». قَالَ آللَّهُ سَمَّانِى لَكَ قَالَ «نَعَمْ». قَالَ وَقَدْ ذُكِرْتُ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ «نَعَمْ». فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ. أطرافه 3809، 4959، 4960 - تحفة 1201 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 99 - سُورَةُ {إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ زِلْزَالَهَا (1)} 1 - باب قَوْلِهِ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)} [الزلزلة: 7] يُقَالُ: {أَوْحَى لَهَا} [5] أَوْحى إِلَيهَا، وَوَحى لَهَا وَوَحى إِلَيهَا وَاحِدٌ. 4962 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَيْلُ لِثَلاَثَةٍ، لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِى لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَأَطَالَ لَهَا فِى مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِى طِيَلِهَا ذَلِكَ فِى الْمَرْجِ وَالرَّوْضَةِ، كَانَ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِىَ بِهِ كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ فَهْىَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَجْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِى رِقَابِهَا وَلاَ ظُهُورِهَا فَهْىَ لَهُ سِتْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِئَاءً وَنِوَاءً فَهْىَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ. فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْحُمُرِ. قَالَ «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَىَّ فِيهَا إِلاَّ هَذِهِ الآيَةَ الْفَاذَّةَ الْجَامِعَةَ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} [الزلزلة: 7 - 8] أطرافه 2371، 2860، 3646، 4963، 7356 - تحفة 12316 - 218/ 6 2 - باب {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} [الزلزلة: 8] 4963 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْحُمُرِ فَقَالَ «لَمْ يُنْزَلْ عَلَىَّ فِيهَا شَىْءٌ إِلاَّ هَذِهِ الآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} [الزلزلة: 7 - 8]». أطرافه 2371، 2860، 3646، 4962، 7356 تحفة 12316 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 100 - سُورَةُ: {وَالْعَادِيَاتِ} وَقالَ مُجَاهِدٌ: الكَنُودُ: الكَفُورُ. يُقَالُ: {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4)} [4] رَفَعْنَا بِهِ غُبَارًا.

101 - سورة: {القارعة (1)}

{لِحُبّ الْخَيْرِ} [8] مِنْ أَجْلِ حُبِّ الخَيرِ. {لَشَدِيدٌ} [8] لَبَخِيلٌ، وَيُقَالُ لِلبَخِيلِ: شَدِيدٌ. {وَحُصّلَ} [10] مُيِّزَ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 101 - سُورَةُ: {الْقَارِعَةُ (1)} {كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} [4] كَغَوْغَاءِ الجَرَادِ، يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا، كَذلِكَ النَّاسُ يَجُولُ بَعْضُهُمْ في بَعْضٍ. {كَالْعِهْنِ} [5] كَأَلوَانِ العِهْنِ، وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: كالصُّوفِ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 102 - سُورَةُ {أَلْهَاكُمُ} وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {التَّكَّاثُرُ} [1] مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 103 - سُورَةُ {وَالْعَصْرِ (1)} وَقالَ يَحْيى: الدَّهْرُ، أَقْسَمَ بِهِ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 104 - سُورَةُ {وَيْلٌ لّكُلّ هُمَزَةٍ} {الْحُطَمَةُ} [4] اسْمُ النَّارِ، مِثْلُ: {سَقَرَ} [القمر: 48 - المدثر: 26، 27، 42]، و {لَظَى} [المعارج: 15]. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 105 - سُورَةُ {أَلَمْ تَرَ} قَالَ مُجَاهِدٌ: {أَلَمْ تَرَ} أَلَمْ تَعْلَمْ. قالَ مُجَاهِدٌ: {أَبَابِيلَ} [3] مُتَتَابِعَةً مُجْتَمِعَةً. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مّن سِجّيلٍ} [4] هِيَ سَنْكِ وَكِل. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 106 - سُورَةُ {لإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1)} وَقالَ مُجَاهِدٌ: {لإِيلَافِ} [1] أَلِفُوا ذلِكَ، فَلاَ يَشُقُّ عَلَيهِمْ في الشِّتَاءِ وَالصَّيفِ.

107 - سورة {أرأيت}

{وَآمَنَهُمْ} [4] مِنْ كُلِّ عَدُوِّهِمْ في حَرَمِهِمْ. قالَ ابْنُ عُيَينَةَ: لإِيلاَفِ: لِنِعْمَتِي عَلَى قُرَيشٍ. قوله: (والجار يتعلق من قوله: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ} ومع ذلك هما سورتان) وقد وقع مِثْلُه في القرآنِ، فإِنَّ صَعُب عليك فَهْمُه، فلك أن تقدّر فَعْلًا آخَر مُناسبًا للمقام، وراجع «الكشاف». بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 107 - سورة {أَرَأَيْتَ} وَقالَ مُجَاهِدٌ: {يَدْعُ} (2) يَدْفَعُ عَنْ حَقِّهِ، يُقَالُ: هُوَ مِنْ دَعَعْتُ. {يَدْعُونَ} [الطور: 13] يُدْفَعُونَ. {سَاهُونَ} [5] لاَهُونَ. وَ {الْمَاعُونَ} [7] المَعْرُوفُ كُلُّهُ، وَقالَ بَعْضُ العَرَبِ: المَاعُونُ: المَاءُ، وَقالَ عِكْرِمَة: أَعْلاَهَا الزَّكاةُ المَفرُوضَةُ، وَأَدْنَاهَا عارِيَّةُ المَتَاعِ. قوله: ({الْمَاعُونَ}) "جوكام مروت كى هوتى هين". بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 108 - سُورَةُ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {شَانِئَكَ} (3) عَدُوَّكَ. 1 - باب 4964 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا عُرِجَ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى السَّمَاءِ قَالَ «أَتَيْتُ عَلَى نَهَرٍ حَافَتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ مُجَوَّفًا فَقُلْتُ مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ». أطرافه 3570، 5610، 6581، 7517 - تحفة 1299 4965 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْكَاهِلِىُّ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ أَبِى عُبَيْدَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَ سَأَلْتُهَا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} قَالَتْ نَهَرٌ أُعْطِيَهُ نَبِيُّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - شَاطِئَاهُ عَلَيْهِ دُرٌّ مُجَوَّفٌ آنِيَتُهُ كَعَدَدِ النُّجُومِ. رَوَاهُ زَكَرِيَّاءُ وَأَبُو الأَحْوَصِ وَمُطَرِّفٌ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ. تحفة 17795 4966 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ فِى الْكَوْثَرِ هُوَ الْخَيْرُ الَّذِى أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. قَالَ أَبُو بِشْرٍ قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَإِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهَرٌ فِى الْجَنَّةِ. فَقَالَ

109 - سورة: {قل يا أيها الكافرون (1)}

سَعِيدٌ النَّهَرُ الَّذِى فِى الْجَنَّةِ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِى أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. طرفه 6578 - تحفة 5458 واعلم أنَّ الكَوْثر أصلُه في الجنة، ثُم جيء به إلى فِناء الجَنّة، فهو دون الصِّراط، فإِنه لما كان أَصْلُه في الجنة، فالظاهر أنه لا يكون إلَّا في حواليها. وهذه أيضًا قرينةٌ على كَوْن الحَوْض وراء الصِّراط، لأنَّ ماء الكوثر يغط في الحوض، أما المَحْشر فهو تلك الأَرْضُ المسكونةُ بِعَيْنها. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 109 - سُورَةُ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} يُقَالُ: {لَكُمْ دِينَكُمْ} الكُفرُ، {وَلِيَ دِينِ} [6] الإِسْلاَمُ، وَلَمْ يَقُل دِينِي، لأَنَّ الآيَاتِ بِالنُّونِ، فَحُذِفَتِ اليَاءُ، كما قالَ: {يَهْدِيَنِ} [الشعراء: 78]، {وَيَشْفِينِ} [الشعراء: 80]. وَقالَ غَيرُهُ: {لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} [2] الآنَ، وَلاَ أُجِيبُكُمْ فِيما بَقِيَ مِنْ عُمُرِي. {وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3)} [3 - 5] وَهُمُ الَّذِينَ قالَ: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا} [المائدة: 64، 68]. وقد مَرَّ ابنُ القَيِّم في «بدائع الفوائد» على التكرار في هذه الآية، وقد تَوَجَّه إليه البخاري أيضًا، فحمل إحْدَى الجملتين على الحال، والأُخرى على الاستقبال. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 110 - سُورَةُ: {إِذَا جَآء نَصْرُ اللَّهِ} 1 - باب 4967 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةً بَعْدَ أَنْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} إِلاَّ يَقُولُ فِيهَا «سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى». أطرافه 794، 817، 4293، 4968 - تحفة 17635 2 - باب 4968 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِى رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى». يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ. أطرافه 794، 817، 4293، 4967 - تحفة 17635

3 - باب {ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا (2)} [النصر: 2]

3 - باب {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)} [النصر: 2] 4969 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ - رضى الله عنه - سَأَلَهُمْ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} قَالُوا فَتْحُ الْمَدَائِنِ وَالْقُصُورِ قَالَ مَا تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ أَجَلٌ أَوْ مَثَلٌ ضُرِبَ لِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - نُعِيَتْ لَهُ نَفْسُهُ. أطرافه 3627، 4294، 4430، 4970 - تحفة 5481، 10495 4 - باب قوله: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)} [النصر: 3] تَوَّابٌ عَلَى العِبَادِ، وَالتَّوَّابُ مِنَ النَّاسِ التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ. 4970 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِى مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ، فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ فِى نَفْسِهِ فَقَالَ لِمَ تُدْخِلُ هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ فَقَالَ عُمَرُ إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ عَلِمْتُمْ. فَدَعَا ذَاتَ يَوْمٍ - فَأَدْخَلَهُ مَعَهُمْ - فَمَا رُئِيتُ أَنَّهُ دَعَانِى يَوْمَئِذٍ إِلاَّ لِيُرِيَهُمْ. قَالَ مَا تَقُولُونَ فِى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} فَقَالَ بَعْضُهُمْ أُمِرْنَا نَحْمَدُ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرُهُ، إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا. وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَقَالَ لِى أَكَذَاكَ تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ لاَ. قَالَ فَمَا تَقُولُ قُلْتُ هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْلَمَهُ لَهُ، قَالَ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} وَذَلِكَ عَلاَمَةُ أَجَلِكَ {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)}. فَقَالَ عُمَرُ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَقُولُ. أطرافه 3627، 4294، 4430، 4969 - تحفة 5456، 10495 - 221/ 6 والمرادُ من الفَتْح ههنا فَتْحُ مكة، وفي سورة الفتح صُلْح الحديبية؛ ثُم إنَّ في السورة إيذانًا بوفاةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لتمامية ما بُعِث له، كما نَبّه عليه ابنُ عباس. وهذا كما أُشير إلى وفاةِ عيسى عليه الصلاة والسلام في قوله: {يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55] أي إنّي رافعك الآن إليّ، ومتوفيك بعد تمامية ما فَوَّضْتُه إليك، فإِن بشارةَ الوفاة قبل انصرام الخدمات إنذارٌ، ومعلوم أنه قد بقيت له عدة خدمات مُهِمّة، فيلزم أن يكون حَيًّا، فإِذا أتمها الله على يديه، فحينئذ يموتُ كما مات النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بعد الفراغ عما فُوّض إليه، وهذا على وَجْه، وفي الآية وجوه أُخرى، وأخرى؛ وأُخرى بسطناها في رسالتنا «عقيدة الإِسلام في حياة عيسى عليه الصلاة والسلام». قوله: ({فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ}) وهو عندي اختصارٌ من الجملتين، سبحان الله، والحمد، وما ذكر فيه السّيوطي ليس بمرضي عندي.

111 - سورة {تبت يدا أبي لهب وتب (1)}

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 111 - سورَةُ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)} {تَبَابٍ} [غافر: 37] خُسْرَانٌ. {تَتْبِيبٍ} [هود: 101] تَدْمِيرٌ. 1 - باب 4971 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} [الشعراء: 214] وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا فَهَتَفَ «يَا صَبَاحَاهْ». فَقَالُوا مَنْ هَذَا، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ. فَقَالَ «أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً تَخْرُجُ مِنْ سَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِىَّ». قَالُوا مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا. قَالَ «فَإِنِّى نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ». قَالَ أَبُو لَهَبٍ تَبًّا لَكَ مَا جَمَعْتَنَا إِلاَّ لِهَذَا ثُمَّ قَامَ فَنَزَلَتْ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)} وَقَدْ تَبَّ هَكَذَا قَرَأَهَا الأَعْمَشُ يَوْمَئِذٍ. أطرافه 1394، 3525، 3526، 4770، 4801، 4972، 4973 - تحفة 5594 2 - باب قَوْلِهِ: {وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2)} [المسد: 1 - 2] 4972 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ إِلَى الْبَطْحَاءِ فَصَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ فَنَادَى «يَا صَبَاحَاهْ». فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ فَقَالَ «أَرَأَيْتُمْ إِنْ حَدَّثْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ مُصَبِّحُكُمْ أَوْ مُمَسِّيكُمْ، أَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونِى». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ «فَإِنِّى نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ». فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا تَبًّا لَكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} إِلَى آخِرِهَا. أطرافه 1394، 3525، 3526، 4770، 4801، 4971، 4973 تحفة 5594 - 222/ 6 3 - باب قَوْلِهِ: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3)} [المسد: 3] 4973 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَبُو لَهَبٍ تَبًّا لَكَ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا فَنَزَلَتْ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}. أطرافه 1394، 3525، 3526، 4770، 4801، 4971، 4972 - تحفة 5594 4 - باب {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4)} [المسد: 4] وَقالَ مُجَاهِدٌ: {حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [4] تَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ. {فِى جِيدِهَا حَبْلٌ مّن مَّسَدٍ} [5] يُقَالُ: مِنْ مَسَدٍ: ليفِ المُقْلِ، وَهيَ السِّلسِلَةُ الَّتِي في النَّارِ. قوله: (لِيف المُقْل) "كوكل كى جهال" لأنه يَأخُذ النَّار بالسُّرْعة.

112 - سورة {قل هو الله أحد (1)}

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 112 - سُورَةُ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (1)} يُقَالُ: لاَ يُنَوَّنُ {أَحَدٍ} أَي وَاحِدٌ. 1 - باب 4974 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ اللهُ كَذَّبَنِى ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِى وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّاىَ فَقَوْلُهُ لَنْ يُعِيدَنِى كَمَا بَدَأَنِى، وَلَيْسَ أَوَّلُ الْخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَىَّ مِنْ إِعَادَتِهِ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّاىَ فَقَوْلُهُ اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا، وَأَنَا الأَحَدُ الصَّمَدُ لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لِى كُفْأً أَحَدٌ». طرفاه 3193، 4975 - تحفة 13733 2 - باب قَوْلِهِ: {اللهُ الصَّمَدُ (2)} [الإخلاص: 2] وَالعَرَبُ تُسَمِّي أَشْرَافَهَا الصَّمَدَ، قالَ أَبُو وَائِلٍ: هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي انْتَهى سُودَدُهُ. 4975 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَالَ اللهُ كَذَّبَنِى ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِى وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، أَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّاىَ أَنْ يَقُولَ إِنِّى لَنْ أُعِيدَهُ كَمَا بَدَأْتُهُ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّاىَ أَنْ يَقُولَ اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا، وَأَنَا الصَّمَدُ الَّذِى لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لِى كُفُؤًا أَحَدٌ». طرفاه 3193، 4974 - تحفة 14735 3 - باب {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} كُفُؤًا وَكَفِيئًا وَكِفَاءً: وَاحِدٌ قوله: ({أَحَدٍ}) ترجمته: يكانه، فَهُوَ وَصْف باعتبارِ ذاته تعالى، والواحد من جملة العدد، فكلنا واحد لا اثنان، فالواحد يدل على وجودِ غيرِه سواه، بخلاف لفظ أَحَد، ولذا وَصَفه به، فإِنه كان ولم يكن شيءٌ غَيْرُه (¬1). وراجع «الإتقان» للفَرْق بين أَحَد وبين واحد. ¬

_ (¬1) قلت: وإليه أشار الشيخ في نونيته: ومن الصفات حياته، وبقاؤه ... ومن الخصائص، كيف يشتركان! أحد، فلم يك غيره في غابر، ... صمد بقي بالملك، والسلطان لا بد أن في الكون تظهر وحدة ... من غير ما ثانٍ، وكلٌّ فان صفة له خلق، كذلك وحدة، ... كصفاته العُظمى، فلا يقفان =

فائدة مهمة

قوله: (يقال: لا يُنَوّن {أَحَدًا}) إلخ، على حَدّ قول الشاعر: لا ذَاكر الله إلَّا قليلًا قوله: ({الصَّمَدُ}) ترجمته: "نرادهر بى نياز ومستقل - «أدهر» بيج مين لتكاهوا". فائدة مهمة: واعلم أنه قد تتحدث بعضُ النفوس أن لو كان القرآنُ على شاكلةِ البراهين المنطقية، مُطّردة منعكسة، ويزعمونه زينًا للقرآن، ولا يدرون أن ذلك شَيْن له، فإِنه طريقُ الفلسفة المجهولة المستحدَثة، والقرآن نزل بحوار عرب العرباء، وهم لا يتكلمون فيما بينهم، إلا بالخطابة، فلو كان القرآنُ نزل على أمانيّهم، لعجز عن فَهْمه أكثرُ الناس، ولانسَدّ عليهم بابُ الهداية. نعم تتضمن تلك الخطابةُ براهينَ قاهرة، على دَاويه، فلو أراد أَحَدُ أن يستنبطها منه لَفَعل، ولكن لا تكون تلك من مَدْلولاتِه، وإن كانت من مراميه، فلا تَصْلح تلك الأشياءُ أن تُسمَّى تفسيرًا للقرآن، كيف وأنه لم ينزل إلَّا بِلُغتهم ومحاورَتهم، وهم لا يعرفون ذلك، أما لو سَمّيتها فوائد وزوائد، فلا بأس به. وبالجملة إنَّ مادة تلك الأشياء، وإنْ كانت في القرآن، لكنها لا تليقُ أن تُسمّى تفسيرًا، ولذا أقول: إنَّ ما اختاره التفتازاني في قوله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ} ... إلخ أنه خطابة، وليس بِبُرهان هو الصواب. ومَنْ أراد أن يَقْلبه في قوالب البراهين، فقد أَحسَن ¬

_ = فهذه الأبيات في أحديته تعالى، ودونك منها أبياتًا أخرى كصفاته، فإِنَّ الفَنَّ خَيْرُ كُلّه: فعل، وفرع من جلالة ذاته، ... لولاه ماذا شاب من نقصان والكون لولا كان مظهر فعله ... وصفاته لم يبد من كتمان بدأ الزمان بعالم الأجسام ... فيما عداه تصرف الأزمان، فالممكنات لأصلها معدومة، ... وله الغنى في كل شأن شان دع علةً معلولها من شأنها ... زوجان: هذي أول، ذا ثان لا بائنًا منها، وكان تنزلا ... فالله مُبدع سائر الأكوان من أمره مهما أراد، فقال: كن، ... سبحانه من مبدىء ديان وله بالفارسية في هذا الباب: / آن كس كه بابداع زمان رفت نفهميد ... كز عمر حق اين حصه بمخلوق ببخشيد/ / جون واحد حق است بهر مرتبه بايد ... نى مرتبة ذهن كه يك كفت بتعديد/ وكان للشيخ شغف بمسألةِ التوحيد، وإثبات الصانع، وحدوثِ العالم، وله في ذلك رسائل أبهى من الدُّرر، وأزهى من الغُرر، والشيخ كان يباهي بها في عمره، وسمعته يقول: ولقد أتيت في تلك الرسائل ما لم يأت بها الدَّواني، وأمثالُه، فهل لك في تلك الرسائل، فتشتريها بأرْخص ثمن.

113 - سورة: {قل أعوذ برب الفلق (1)}

أيضًا، إلَّا أنا لا نسمِّيه تفسيرًا. وإنما يَذُوق ما قلنا مَنْ كان له يدٌ في فنون البلاغة، ومَنْ كان ارتاض بالفنون العقلية، فإِنه يشمئز منه، ويمل، فليفعل، فإِن الحق أحقُّ أن يُتّبع. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 113 - سُورَةُ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ (1)} وَقالَ مُجَاهِدٌ: {الْفَلَقِ} الصُّبْحُ، و {غَاسِقٍ} اللَّيلُ. {إِذَا وَقَبَ} [3] غُرُوبُ الشَّمْسِ؛ يُقَالُ: أَبْيَنُ مِنْ فَرَقِ وَفَلَقِ الصُّبْحِ. {وَقَبَ} إِذَا دَخَلَ في كُلِّ شَيءٍ وَأَظْلَمَ. 4976 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ وَعَبْدَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ سَأَلْتُ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ عَنِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فَقَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ قِيلَ لِى فَقُلْتُ فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 4977 - تحفة 19 قوله: (فقال: قيل لي فقلت) واعلم أنه نُسِب إلى ابن مسعود أن المُعَوّذتين لم تكونا عنده من القرآن، وكان يقول: إنهما نزلتا للحوائج الوقتيةِ، كالتعوذ، فهما وظيفتانِ وقتيتان على شاكلةِ سائر الوظائف والأدعية، فلا يجوز إدخالُهما في القرآن، وكان يتمسك له مِن قوله: {قُلْ}، فإِنه يدل على تعليمه إياه، على طريق سائر الأدعية. فأجاب عنه زِرّ بن حُبَيش، وهو تلميذ ابنِ مسعود. وحاصله أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال له جبرئيلُ عليه الصلاة والسلام: {قُلْ} فقال كما أَمَره، فنحن أيضًا نقول كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم على أن {قُلْ} في سورة الإِخلاص أيضًا. وبالجملة كان الخلافُ بينهما كالخلافِ في الرَّمَل في الحج، زعمه بَعْضُهم سُنةً وقتية، والجمهور على أنه سُنّة مستمرة، فهكذا كان ابنُ مسعود يراهما وظيفةً وقتية، لا أنه كان يُنْكر كَونَهما مُنْزَلَتين من السماء. وبحث فيه الحافظُ، وآل إلى أنه لم يكن يُنْكر قرآنيتِه، ولكنه كان يُنْكر كتابته في المصحف. ومَرّ عليه (¬1) بحرُ العلوم في «شَرْح مُسَلَّم ¬

_ (¬1) قال في "الإِتقان": الأغلب على الظَنِّ أنّ نَقْل هذا المذهب عن ابن مسعود نَقْلُ باطل، وفيه نَقْل عن القاضي أبي بكر أنه لم يَصحّ هذا النَّقل عنه، ولا حُفِظ عنه. ونقل عن النووي في "شرح المهذب": أجمع المسلمونَ على أن المعوّذتين والفاتحة من القرآن، وأن مَنْ جحد شيئًا منها كَفَر، وما نُقِل عن ابن مسعود باطلٌ غيرُ صحيح. وفيه أيضًا قال ابنُ حَزْم: هذا كَذِب على ابن مسعود مَوْضُوع، وإنما صح عنه قراءةُ عاصم عن زِرّ عنه، وفيهما المعوذتان والفاتحة. فما قال الشيخ ابنُ حجر في شرح صحيح البخاري: إنه قد صحّ عن ابن مسعود إنكارُ ذلك، باطلٌ لا يلتفت إليه، والذي صَحّ عنه ما روى أحمد، وابنُ حِبان أنه كان لا يكتب المعوّذتين في مُصْحفه، ثُم إنه كان يَقْتدي في كل شهر رمضان في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة التراويحِ، والإِمام يقرأهما، ولم يُنْكر عليه قَطّ، فَنِسبةُ الإِنكار غَلَط، وهذا شاهِدٌ قوي على عدم الصحة. ثم إنَّ سند عاصم هكذا: أنه قرأ على أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب، وقرأ على أبي مريم زِرّ بن حُبيش الأسدي، وعلى سعيد بن عَيّاش الشيباني، وقرأ =

114 - سورة: {قل أعوذ برب الناس (1)}

الثُّبوت»، تحت تعريف القرآن، وقال: إنَّ سلسلة القراءةِ التي تبلغ اليوم إلى ابن مسعود نجد فيها المعوّذتَين بالاتفاق؛ وحينئذ ينبغي أن يؤول في النقل المذكور (¬1). بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 114 - سُورَةُ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ النَّاسِ (1)} وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {الْوَسْوَاسِ} [4] إِذَا وُلِدَ خَنَسَهُ الشَّيطَانُ، فَإِذَا ذُكِرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَهَبَ، وَإِذَا لَمْ يُذْكَرِ اللهُ ثَبَثَ عَلَى قَلبِهِ. 4977 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ أَبِى لُبَابَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ وَحَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ زِرٍّ قَالَ سَأَلْتُ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ قُلْتُ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ أُبَىٌّ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِى قِيلَ لِى. فَقُلْتُ، قَالَ فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 4976 - تحفة 19 ... ¬

_ = هؤلاء على عبد الله بن مسعود، وقرأ هو على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. ولعاصم سندٌ آخَر أيضًا، هو أنه قرأ سعيد، وزِر على أمير المؤمنين عثمان، وعلى أمير المؤمنين علي، وعلى أبيّ بن كعب، وهم قرؤوا على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد ظهر بهذا السند الصحيح الذي اتفق على صحته الأُمة أن ابن مسعود قرأ على أصحابه المذكورين قراءة عاصم، وفيها المعوذتان والفاتحة. ثُم اعلم أنَّ سند حمزةَ أيضًا ينتهي إلى ابن مسعود، وفي قراءته أيضًا المعوذتان والفاتحة. واعلم أن سند الكسائي ينتهي إلى ابن مسعود، لأنه قرأ على حمزةَ، ومِثله ينتهي سند خلف - الذي من العشرة - إلى ابن مسعود، فإِنه قرأ على سليم، وهو على حمزةَ، وإسناد القراء العشرة أصحُّ الأسانيد بإِجماع الأمة، وتلقى الأمة له بِقبولها. وقد ثبت بالأسانيد الصحاح أنَّ قراءة عاصم، وقراءة حمزةَ، وقراءة الكسائي، وقراءة خلف كلها تنتهي إلى ابنِ مسعود في هذه القراءات المعوذتان، والفاتحة جزء من القرآن، وداخل فيه، فنسبةُ إنكارِ كونها من القرآن إليه غَلَط فاحِش. ومَنْ أسند الإِنكارَ إلى ابن مسعود فلا يُعبأ بسنده، عند معارضةِ هذه الأسانيدِ الصحيحة بالإِجماع، والمتلقاة بالقبول عند العلماء الكرام، بل والأُمة كلها كافة. اهـ: "فواتح الرحموت". (¬1) قلتُ: وقد وَجَدت لجوابه تقريرًا آخَر عن الشيخ فيما كتبه عنه الفاضل عبد القدير، قد وقع الشيخُ ابنُ الهمام فيه في التشويش، وما سنح له ما يشفي الصدور، فتحير في تحرير الأصول، وأنا أقول: إنه لا يُنْكر كونَهما من التأليف السماوي، والوحي الإِلهي، وإنما كان زَعمه أنهما ممتازان من القرآن، في باب القرآنية، كما أن البسملة عندنا كذلك، فحالهما عنده كحالها عندنا، حيث نُسلم أنها آيةٌ من القرآن، ومع ذلك نقول: إنه خارج من بابه، ولهذا امتازت ببعض الأمور، كعدم الجَهْر به، حيث يجهر، وغير ذلك، وكم مِن فرق بين إنكار كونهِ من الوحي المتلو، وبين كونها خارجةً ممتازةً عن الغير، لبعض الأُمور المختصّة.

66 - كتاب فضائل القرآن

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 66 - كتاب فَضَائِلِ القُرْآنِ 1 - باب كَيْفَ نُزُولُ الْوَحْىِ، وَأَوَّلُ مَا نَزَلَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمُهَيْمِنُ: الأَمِينُ، الْقُرْآنُ أَمِينٌ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ قَبْلَهُ. 4978 و 4979 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَتْنِى عَائِشَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ رضى الله عنهم قَالاَ لَبِثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا. حديث 4478 طرفه 4464 - تحفة 17784 حديث 4479 أطرافه 3851، 3902، 3903، 4465 - تحفة 6562 4980 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ أُنْبِئْتُ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ فَجَعَلَ يَتَحَدَّثُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأُمِّ سَلَمَةَ «مَنْ هَذَا». أَوْ كَمَا قَالَ قَالَتْ هَذَا دِحْيَةُ. فَلَمَّا قَامَ قَالَتْ وَاللَّهِ مَا حَسِبْتُهُ إِلاَّ إِيَّاهُ حَتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يُخْبِرُ خَبَرَ جِبْرِيلَ أَوْ كَمَا قَالَ، قَالَ أَبِى قُلْتُ لأَبِى عُثْمَانَ مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا. قَالَ مِنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. طرفه 3634 - تحفة 101، 18144 - 224/ 6 4981 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِىٌّ إِلاَّ أُعْطِىَ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِى أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَىَّ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفه 7274 - تحفة 14313 4982 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَابَعَ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ وَفَاتِهِ حَتَّى تَوَفَّاهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ الْوَحْىُ، ثُمَّ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدُ. تحفة 1507 4983 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ جُنْدَبًا يَقُولُ اشْتَكَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ يَا مُحَمَّدُ مَا أُرَى شَيْطَانَكَ إِلاَّ قَدْ تَرَكَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} [الضحى: 1 - 3]. أطرافه 1124، 1125، 4950، 4951 - تحفة 3249 4981 - قوله: (ما مِنْ نبيَ مِن الأنبياء إلَّا أُعْطِي ما مِثْلُه آمَن عليه البَشَرُ) ما

2 - باب نزل القرآن بلسان قريش والعرب

موصولةٌ، ومثلُهُ مبتدأٌ، وآمَن عليه البَشَرُ خبرُهُ، والمبتدأ مع خبرِه صِلةٌ للموصول. والمعنى أنَّ كلَّ نبيِّ أُعطي من المعجزات ما ناسبَ زمانَه، ليؤمن به البشرُ في زمانه. واعلم أنَّ «على» لم يوجد في صلة الإيمان إلَّا في هذا الحديث، فاختار الطيبيُّ التَّضْمِين. قلتُ: والحديثُ ليس بحُجَّةٍ عندي في باب اللغة، لِفُشُوّ الراويةِ بالمعنى، فلا حاجةَ إلى الجواب. 2 - باب نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ وَالْعَرَبِ {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: 2]، {بِلِسَانٍ عَرَبِىّ مُّبِينٍ (195)} [الشعراء: 195]. 4984 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ وَأَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ فَأَمَرَ عُثْمَانُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنْ يَنْسَخُوهَا فِى الْمَصَاحِفِ وَقَالَ لَهُمْ إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِى عَرَبِيَّةٍ مِنْ عَرَبِيَّةِ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهَا بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا. طرفاه 3506، 4987 - تحفة 9783 4985 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ. وَقَالَ مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ قَالَ أَخْبَرَنِى صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ يَعْلَى كَانَ يَقُولُ لَيْتَنِى أَرَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ الْوَحْىُ، فَلَمَّا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْجِعْرَانَةِ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ قَدْ أَظَلَّ عَلَيْهِ وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِى رَجُلٍ أَحْرَمَ فِى جُبَّةٍ بَعْدَ مَا تَضَمَّخَ بِطِيبٍ فَنَظَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَاعَةً فَجَاءَهُ الْوَحْىُ فَأَشَارَ عُمَرُ إِلَى يَعْلَى أَنْ تَعَالَ، فَجَاءَ يَعْلَى فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ فَإِذَا هُوَ مُحْمَرُّ الْوَجْهِ يَغِطُّ كَذَلِكَ سَاعَةً ثُمَّ سُرِّىَ عَنْهُ فَقَالَ «أَيْنَ الَّذِى يَسْأَلُنِى عَنِ الْعُمْرَةِ آنِفًا». فَالْتُمِسَ الرَّجُلُ فَجِىءَ بِهِ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَمَّا الطِّيبُ الَّذِى بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَأَمَّا الْجُبَّةُ فَانْزِعْهَا ثُمَّ اصْنَعْ فِى عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِى حَجِّكَ». أطرافه 1536، 1789، 1847، 4329 - تحفة 11836 - 225/ 6 3 - باب جَمْعِ الْقُرْآنِ 4986 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَرْسَلَ إِلَىَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عِنْدَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - إِنَّ عُمَرَ أَتَانِى فَقَالَ إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ وَإِنِّى أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ بِالْمَوَاطِنِ، فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرْآنِ وَإِنِّى أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ. قُلْتُ لِعُمَرَ كَيْفَ تَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ عُمَرُ هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ. فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِى

بحث نفيس في الفرق بين: السحر، والمعجزة، والكرامة

حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِى لِذَلِكَ، وَرَأَيْتُ فِى ذَلِكَ الَّذِى رَأَى عُمَرُ. قَالَ زَيْدٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لاَ نَتَّهِمُكَ، وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْىَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفُونِى نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَىَّ مِمَّا أَمَرَنِى مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ قُلْتُ كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِى حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِى لِلَّذِى شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ - رضى الله عنهما - فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الْعُسُبِ وَاللِّخَافِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِى خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِىِّ لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرَهُ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} [التوبة: 128] حَتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةَ، فَكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِى بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ - رضى الله عنه -. أطرافه 2807، 4049، 4679، 4784، 4988، 4989، 7191، 7425 تحفة 3729، 6594، 10439 - 226/ 6 4987 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يُغَازِى أَهْلَ الشَّأْمِ فِى فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلاَفُهُمْ فِى الْقِرَاءَةِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكْ هَذِهِ الأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِى الْكِتَابِ اخْتِلاَفَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِى إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِى الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِى الْمَصَاحِفِ وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلاَثَةِ إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِى شَىْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِى الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ الْقُرْآنِ فِى كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ. أطرافه 3506، 4984 - تحفة 9783 4988 - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِى خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ فَقَدْتُ آيَةً مِنَ الأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ بِهَا فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىِّ {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] فَأَلْحَقْنَاهَا فِى سُورَتِهَا فِى الْمُصْحَفِ. أطرافه 2807، 4049، 4679، 4784، 4986، 4989، 7191، 7425 - تحفة 3703 بَحْثٌ نَفِيسٌ في الفَرْق بين: السِّحْر، والمُعْجِزة، والكرامة واعلم أنَّ مَن أرادَ أن يتحصَّل على الفَرْق بينهما حتى يدرِكَه، كالحسِّياتِ والمشاهَدات، فقد أَتْعَب نَفْسه، كيف وفي بُنْيةِ هذا العالم التلبيسُ والتخليط، ولو تميَّز الحقُّ عن الباطلِ، بحيث لا يشوبُه رَيْبٌ، لما احتِيج إلى القيامةِ، وإنما تقومُ القيامةُ

للفَصْل بين الخبيثِ والطيِّبِ، قال تعالى: {ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأنعام: 60]، وإذن لا يكونُ التمييزُ بينهما إلَّا علميًا، فاعلم أنَّ الدنيا مجموعةُ الأضداد، كالظُّلمة والنُّور، والظل والحَرُور، والطَّيِّب والخَبِيث، والكُفْر والإِيمان، فإِذا نظرنا أنها بُسِطت على هذا المِنْوال، عَلِمنا أنه لا بدَّ أن تكون فيها نفوسٌ على نقاضة المُرْسَلين. فإِنَّ لكل شيءٍ ضِدًّا، وأضداد هؤلاء الطائفةِ لا تكون إلَّا مِن جِنْسهم من الدجاجلة. ثُم إذا عَلِمنا المعجزةَ، وهي حقيقةٌ قُدْسيَّةٌ، يُظْهرُها الله على أيدي المقدسين، عَلِمنا أنه لا بدَّ أن يكونَ هناك شيءٌ على مناقضَتِها أيضًا، وهو السِّحْر. ثم المعجزةُ على نحْوين: حِسِّيّة أو عِلْمية. أما الحسِّية، كاليدِ البيضاء، أو العصا، فقد مضت بصاحِبها. أما العِلْمية فهي باقيةٌ إلى يوم التناد. ولو أَمْعَنت النَّظرَ لَعَلِمت أن المعجزةَ الحِسِّية أيضًا تنتهي إلى العِلْم أو العَقْل، وذلك لأنَّه لا سبيلَ إلى التمييزِ بين المعجزةِ والسِّحْر، ولو كانت حِسِّيةً إلَّا بالعِلْم والعَقْل، فعلم أنَّ انتهاءَ المعجزةِ الحِسّية أيضًا إلى العِلْم والعقل، دون المشاهدة. فإِذا دريت أَنَّ الفَرْق بينهما عَقْلي وعِلْمي، حتى بين الحسِّية والسِّحْر أيضًا، فأقول: إنهما يَفْتَرِقان عِلْمًا، بحيث لا يكادُ يلتبس على أحدٍ. فإنَّ الفَرْق إما يكونُ من جهةِ الفاعل، أو المادَّة، أو الغاية، وذلك بأنواعها متحقِّقٌ ههنا. أما الأَوَّل: فالساحِرُ يكونُ خبيثَ النَّفْس، رديءَ الأخلاق، مُتلبِّسًا بالخبائث. وأما صاحبُ المعجزة: فيكونُ طَيِّبَ النَّفْس، حسنَ المَلَكة، شريفَ الأخلاق، ذَكي الطَّبْع، بعيدًا عن الأَرْجاس؛ وأما مِن جهةِ المادة، فمادةُ السِّحر كلُّها تُبنى على الخُبْث، كالاستمداد بالشياطين والأرواحِ الخبيثة، والذهاب إلى جماجم الأمواتِ، واستعمال عظامٍ نَخِرة، بخلاف المعجزةِ، فإِنَّها في أَغْلب الأحوالِ تَصْدُر بلا سبب، كاليدِ البيضاء، والعصا، فتلك لا مادّةَ لها، وما تَصْدُر عن سببٍ لا تكونُ مادَّتُها غيرَ القدس والطهارة، كقراءةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بكلمات في طعام، والبركةِ منها؛ أما الصورة، فإِنَّما تأتي على المادة كيف كانت، فهي أيضًا تتبعها. بقيت الغايةُ فهي على ظاهرِ الأَمْر. هذا في الفَرْق بين السِّحْر، والمعجزة. أما الفَرْقُ بين الكرامةِ والمعجزة: فبأن الكرامةَ تحتاجُ إلى صَرْفِ هِمَّة الولي، فللكَسْب والاكتساب دخلٌ فيها، بخلاف المعجزةِ، فإِنَّها لا تَحْتاج إلى صَرْف الهِمَّة. وقراءةُ الكلماتِ شيءٌ آخَرُ، وإنَّما نعني مِن صَرْف الهِمَّة عزيمةَ صاحبها، وكذا لا دخل فيها للرياضات والاكتساب، فإِنَّها إما أن تكونَ من الدُّعاء، أو بدونِ سابقيةِ أَمْر، بخلافِ الكراماتِ فإِنَّها مُمْكِنةُ الحُصُولِ بالرياضاتِ؛ أما المعجزة فكما قال تعالى: {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ} الآية [الأنعام: 35]. وراجع «فتح العزيز» عند تفسير قوله: {يُعَلّمُونَ النَّاسَ السّحْرَ} [البقرة: 102].

4 - باب كاتب النبي - صلى الله عليه وسلم -

4987 - قوله: (وأمَرَ بما سِوَاه من القرآنِ في كلِّ صحيفةٍ، ومصحف أن يُحْرَق) والإِحراقُ ههنا لِدَفْع الاختلاف، وهو جائزٌ. 4 - باب كَاتِبِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - 4989 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ ابْنَ السَّبَّاقِ قَالَ إِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ أَرْسَلَ إِلَىَّ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - قَالَ إِنَّكَ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْىَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاتَّبِعِ الْقُرْآنَ. فَتَتَبَّعْتُ حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ أَبِى خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِىِّ لَمْ أَجِدْهُمَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرَهُ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} [التوبة: 128] إِلَى آخِرِهِ. أطرافه 2807، 4049، 4679، 4784، 4986، 4988، 7191، 7425 تحفة 3729، 6594 - 227/ 6 4990 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 95] قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ادْعُ لِى زَيْدًا وَلْيَجِئْ بِاللَّوْحِ وَالدَّوَاةِ وَالْكَتِفِ - أَوِ الْكَتِفِ وَالدَّوَاةِ - ثُمَّ قَالَ «اكْتُبْ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ}» وَخَلْفَ ظَهْرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنِى فَإِنِّى رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ فَنَزَلَتْ مَكَانَهَا {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} أطرافه 2831، 4593، 4594 تحفة 1818 4990 - قوله: (فَنَزَلَتْ مَكَانَها: {لَّا يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ}) ... إلخ. فيه دليلٌ على ما قاله الأُصوليون من نزولِ الكلمة الناقصةِ، فإن المقصودَ كان قوله: {غَيْرُ أُوْلِى الضَّرَرِ} [النساء: 95] إلا أنَّ الآيةَ تُلِيت تامةً مع زيادة: {غَيْرُ أُوْلِى الضَّرَرِ}. 5 - باب أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ 4991 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَقْرَأَنِى جِبْرِيلُ عَلَى حَرْفٍ فَرَاجَعْتُهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ وَيَزِيدُنِى حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ». طرفه 3219 - تحفة 5844 4992 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِىَّ حَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِى حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِى الصَّلاَةِ فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ فَلَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ فَقُلْتُ مَنْ

6 - باب تأليف القرآن

أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِى سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ. قَالَ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقُلْتُ كَذَبْتَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ إِنِّى سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ بِسُورَةِ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَرْسِلْهُ اقْرَأْ يَا هِشَامُ». فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ الَّتِى سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ». ثُمَّ قَالَ «اقْرَأْ يَا عُمَرُ». فَقَرَأْتُ الْقِرَاءَةَ الَّتِى أَقْرَأَنِى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ». أطرافه 2419، 5041، 6936، 7550 - تحفة 10642، 10591 - 228/ 6 قيل: إنَّ عددَ السبعةِ للتكْثِير، وقيل: للتحديدِ. وراجع الزُّرقاني - «شَرْح الموطأ» - والقَسْطلَّاني، ففيهما أنَّ تلك الاختلافاتِ كلَّها راجِعةٌ إلى السعةِ، وقد تكلمنا عليه مُفَصَّلًا مِن قَبْل (¬1). 6 - باب تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ 4993 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ وَأَخْبَرَنِى يُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ قَالَ إِنِّى عِنْدَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - إِذْ جَاءَهَا عِرَاقِىٌّ فَقَالَ أَىُّ الْكَفَنِ خَيْرٌ قَالَتْ وَيْحَكَ وَمَا يَضُرُّكَ قَالَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَرِينِى مُصْحَفَكِ. قَالَتْ لِمَ قَالَ لَعَلِّى أُوَلِّفُ الْقُرْآنَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُقْرَأُ غَيْرَ مُؤَلَّفٍ. قَالَتْ وَمَا يَضُرُّكَ أَيَّهُ قَرَأْتَ قَبْلُ، إِنَّمَا نَزَلَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ سُورَةٌ مِنَ الْمُفَصَّلِ فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الإِسْلاَمِ نَزَلَ الْحَلاَلُ وَالْحَرَامُ، وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَىْءٍ لاَ تَشْرَبُوا الْخَمْرَ. لَقَالُوا لاَ نَدَعُ الْخَمْرَ أَبَدًا. وَلَوْ نَزَلَ. لاَ تَزْنُوا. لَقَالُوا لاَ نَدَعُ الزِّنَا أَبَدًا. لَقَدْ نَزَلَ بِمَكَّةَ عَلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - وَإِنِّى لَجَارِيَةٌ أَلْعَبُ {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46)} [القمر: 46] وَمَا نَزَلَتْ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ إِلَّا وَأَنَا عِنْدَهُ. قَالَ فَأَخْرَجَتْ لَهُ الْمُصْحَفَ فَأَمْلَتْ عَلَيْهِ آىَ السُّوَرِ. طرفه 4876 - تحفة 17691 4994 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفِ وَمَرْيَمَ وَطَهَ وَالأَنْبِيَاءِ إِنَّهُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ وَهُنَّ مِنْ تِلاَدِى. طرفاه 4708، 4739 - تحفة 9395 4995 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ سَمِعَ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - قَالَ تَعَلَّمْتُ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ) قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 1879 - 229/ 6 ¬

_ (¬1) قلتُ: قد كنتُ وَعَدْتُك فيما مَرَّ أن سوفَ أَبْسُطُ الكلامَ فِيه في التفسير، وما نسيتُه بعدُ، ولكن عاقتني عنه عوائقُ، والمرء إذا كان في نيته الإِيفاء، ثُم لم يُوف، فإِنَّه لا يُلام.

7 - باب: كان جبريل يعرض القرآن على النبى - صلى الله عليه وسلم -

4996 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَدْ عَلِمْتُ النَّظَائِرَ الَّتِى كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَؤُهُنَّ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ فِى كُلِّ رَكْعَةٍ. فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ وَدَخَلَ مَعَهُ عَلْقَمَةُ وَخَرَجَ عَلْقَمَةُ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ عِشْرُونَ سُورَةً مِنْ أَوَّلِ الْمُفَصَّلِ عَلَى تَأْلِيفِ ابْنِ مَسْعُودٍ آخِرُهُنَّ الْحَوَامِيمُ. طرفاه 775، 5043 - تحفة 9248 4993 - قوله: (فإِنَّه يُقْرأُ غيرَ مُؤَلَّف) كان أهلُ العراق يقرءونَ القرآنَ على تأليفِ ابن مسعود، فأشار هذا العِرَاقي إلى مُصْحَفه، وعَرَض إليه، ولم يكن ابنُ مسعودٍ تَرَك قراءتَه بعد تأليفِ عثمانَ أيضًا، وذلك لأنَّ عثمانَ لم يُدْخِلْه في جَمْع القرآن، فَحَزِن له، فقال لأَهْل العراق: اكتُموا مصاحِفَكم، فإِنَّ اللَّهَ تعالى يقول: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161]- كما رواه الترمذي - فردَّت عليه عائشةُ أَنَّه أيضًا مُؤلف، ثم انتقلت إلى بيانِ أَمْر آخَر، وهو أنَّ ترتيبَ النزولِ إنما هو باعتبارِ يُسْرِ الناس. فإِنَّ السُّوَرَ المكيَّةَ أكثرُها في بيانِ العقائد، والمَدَنِيَّةَ أكثرُها في الأحكامِ فَرُوعي التخفيفُ على الناس في ترتيب نزول القرآن، حتى إذا رسخَ الإِسلامُ في بواطنهم، وخفَّ عليهم التعبُّدُ بالشَّرْع، نزلت السُّوَرُ بالأحكام، وذلك في المدينةِ. 4996 - قوله: (قد عَلِمْتُ النَّظائِرَ) وفي لَفْظ: القَرَائن، دلَّ على تَناسُبٍ بين السورتين اللتين كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يُقْرُن بينهما. وقد مرّ معنا تحقيقُ لفظ القرائن، وأنه لا مَمْسكَ فيه لمن قال: إنَّ الوِتْر ركعةٌ من الليل. قوله: (وآخِرُهنَّ الحَوامِيمُ) يعني - حم وإلى سورتين - السُّوَر التي في أولها «حم»، فالألف واللام ترجمتها في الهندية: "والا". 7 - باب: كَانَ جِبْرِيلُ يَعْرِضُ الْقُرْآنَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقالَ مَسْرُوقٌ، عَنْ عائِشَةَ، عَنْ فاطِمَةَ عَلَيهَا السَّلاَمُ: أَسَرَّ إِلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم «أَنَّ جِبْرِيلَ يُعَارِضُنِي بِالقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ، وَإِنَّهُ عارَضَنِي العَامَ مَرَّتَينِ، وَلاَ أُرَاهُ إِلَّا حَضَرَ أَجَلِي». تحفة 17615، 18040 4997 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِى شَهْرِ رَمَضَانَ لأَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَاهُ فِى كُلِّ لَيْلَةٍ فِى شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ. أطرافه 6، 1902، 3220، 3554 - تحفة 5840 4998 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ يَعْرِضُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الْقُرْآنَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، فَعَرَضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ

8 - باب القراء من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -

فِى الْعَامِ الَّذِى قُبِضَ، وَكَانَ يَعْتَكِفُ كُلَّ عَامٍ عَشْرًا فَاعْتَكَفَ عِشْرِينَ فِى الْعَامِ الَّذِى قُبِضَ {فِيهِ}. طرفه 2044 - تحفة 12844 وفي هذه الروايةِ قال: «إنَّ عُمُرَ كلِّ نبيَ نَصْفُ عُمُرَ الذي كان قَبْله». وهو في «المستدرك» وقد تكلَّمنا عليه مُفصَّلًا. وفي روايةٍ: «أنَّ أَهْلَ الجنةِ يكونون أبناءَ ثلاثٍ وثلاثينَ، على ميلادِ عيسى عليه الصلاة والسلام». ومرادُه كونُهم على حال المتشابه، مِثْل عيسى عليه الصلاة والسلام في السماء، فإِنَّهمن يَشِبُّون، فلا يَشِيبون فيها أبدًا، كما أن عيسى عليه السلام لم يَتَغيَّر مع طول الزمان، وينزل كما رُفِع، بدون أن يَلْحَقه نَصَبٌ. 8 - باب الْقُرَّاءِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - 4999 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ ذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ لاَ أَزَالُ أُحِبُّهُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَسَالِمٍ وَمُعَاذٍ وَأُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ». أطرافه 3758، 3760، 3806، 3808 - تحفة 8932 5000 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ خَطَبَنَا عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً، وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى مِنْ أَعْلَمِهِمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَمَا أَنَا بِخَيْرِهِمْ. قَالَ شَقِيقٌ فَجَلَسْتُ فِى الْحِلَقِ أَسْمَعُ مَا يَقُولُونَ فَمَا سَمِعْتُ رَادًّا يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ. تحفة 9257 - 230/ 6 5001 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ كُنَّا بِحِمْصَ فَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ سُورَةَ يُوسُفَ، فَقَالَ رَجُلٌ مَا هَكَذَا أُنْزِلَتْ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَحْسَنْتَ. وَوَجَدَ مِنْهُ رِيحَ الْخَمْرِ فَقَالَ أَتَجْمَعُ أَنْ تُكَذِّبَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَتَشْرَبَ الْخَمْرَ. فَضَرَبَهُ الْحَدَّ. تحفة 9423 5002 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ - رضى الله عنه - وَاللَّهِ الَّذِى لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلاَّ أَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ أُنْزِلَتْ وَلاَ أُنْزِلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلاَّ أَنَا أَعْلَمُ فِيمَ أُنْزِلَتْ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنِّى بِكِتَابِ اللَّهِ تُبَلِّغُهُ الإِبِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ. تحفة 9577 5003 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ. تَابَعَهُ الْفَضْلُ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ. أطرافه 3810، 3996، 5004 تحفة 1401، 508

9 - باب فاتحة الكتاب

5004 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى ثَابِتٌ الْبُنَانِىُّ وَثُمَامَةُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَاتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو زَيْدٍ. قَالَ وَنَحْنُ وَرِثْنَاهُ. أطرافه 3810، 3996، 5003 تحفة 453، 508 5005 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ أُبَىٌّ أَقْرَؤُنَا وَإِنَّا لَنَدَعُ مِنْ لَحَنِ أُبَىٍّ، وَأُبَىٌّ يَقُولُ أَخَذْتُهُ مِنْ فِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ أَتْرُكُهُ لِشَىْءٍ قَالَ اللهُ تَعَالَى {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106]. أطرافه 4481 - تحفة 71، 10493 أ 5000 - قوله: (فجلَسْتُ في الحِلَقِ، أسمعُ ما يقولون) أي لأَسمع ما يقولون في جواب ما قاله ابنُ مسعود، فلم أرَ أحدًا منهم رَدَّ قوله، بل سلّموا كلهم. 5001 - قوله: (وَجَدَ رِيحَ الخَمْر) وإنما وقع ذلك من ابنِ مسعودِ، حين ذهب إلى الشام، وفيه مسألتان: الأُولى: أنه لا حدَّ عندنا بِوِجْدانِ ريحِ الخَمْر فقط، لأنَّ الحدودَ تَنْدَرِىء بالشُّبهاتِ، وله أنْ يقول: إنما سقيتها كرهًا أو غيره، فإِنْ أَقرَّ، فالحدُّ لإِقْرَاره، لا لأَجل الرِّيح؛ والثانية: أن الحدَّ للإِمام، فكيف أقامَه ابنُ مسعود، ولنا فيه أَثَرُ عليَ. 5003 - قوله: (مَنْ جَمَع القرآنَ على عَهْد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم؟ قال: أربعةٌ كُلُّهم مِن الأَنْصار) واعلم أنَّ القرآنَ جَمَعَهُ غيرُهم أيضًا، وهم كثيرونَ، وإنما يَذْكرُ الرواةُ أعدادًا مُعَيَّنة، بحسب قَيْدٍ في نِيَّتهم، فَيُرَى في الظَّاهر أنهم أرادوا الحَصْر مُطْلقًا. 9 - باب فَاتِحَةِ الْكِتَابِ 5006 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِى خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ كُنْتُ أُصَلِّى فَدَعَانِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ أُجِبْهُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى كُنْتُ أُصَلِّى. قَالَ «أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: 24] ثُمَّ قَالَ أَلاَ أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِى الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ». فَأَخَذَ بِيَدِى فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ نَخْرُجَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ قُلْتَ لأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ. قَالَ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} [الفاتحة: 2] هِىَ السَّبْعُ الْمَثَانِى وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِى أُوتِيتُهُ». أطرافه 4474، 4647، 4703 تحفة 12047 - 231/ 6 5007 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا وَهْبٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ مَعْبَدٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ كُنَّا فِى مَسِيرٍ لَنَا فَنَزَلْنَا فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ فَقَالَتْ إِنَّ سَيِّدَ الْحَىِّ سَلِيمٌ، وَإِنَّ نَفَرَنَا غُيَّبٌ فَهَلْ مِنْكُمْ رَاقٍ فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مَا كُنَّا نَأْبُنُهُ بِرُقْيَةٍ فَرَقَاهُ فَبَرَأَ فَأَمَرَ لَهُ بِثَلاَثِينَ شَاةً وَسَقَانَا لَبَنًا فَلَمَّا رَجَعَ قُلْنَا لَهُ أَكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً أَوْ كُنْتَ تَرْقِى قَالَ لاَ مَا رَقَيْتُ إِلاَّ بِأُمِّ الْكِتَابِ. قُلْنَا لاَ تُحْدِثُوا شَيْئًا حَتَّى نَأْتِىَ - أَوْ

نَسْأَلَ - النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ذَكَرْنَاهُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «وَمَا كَانَ يُدْرِيهِ أَنَّهَا رُقْيَةٌ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِى بِسَهْمٍ». أطرافه 2276، 5736، 5749 - تحفة 4302 وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ حَدَّثَنِى مَعْبَدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ بِهَذَا. تحفة 4302 5006 - قوله: (قال: {الْحَمْدُ للَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ (2)} هي السَّبْعُ المَثانِي والقُرْآنُ العَظِيمُ) ... إلخ. وقد ألقينا عليك في التَّفْسير أنه يقال لها: أُمُّ الكِتاب، لأنَّ الأُمَّ في اللُّغةِ هي الدجاجةُ التي تُقَرْقِرُ لتجمعَ إليها أفراخَها، ثُم قيل لِلِّواء: الأُمّ، لاجتماع الجيشِ إليها عند الكَرِّ والفَرِّ، فإِنَّه ينبغي في الحَرْب مكانًا يجتمعونَ إليه عند الضَّرُورةِ، ويكون مَرْجِعًا لهم عند الذهاب والإِياب، وعليه تسميةُ الفاتحةِ بأُمِّ الكتاب، فإِنَّ الكتاب يذهب منها ويَرْجِعُ إليها، فهي المَرْجِع، كاللواء والأُم. أما في القراءة، فهو ظاهرٌ، فإِنَّها مُتعَيّنة، كأَنها في مَوْضِعها، وسائر الكتابِ يَنْضمُّ معها بَدَلًا، فكأَنَّها أُمٌّ للقراءة، حيث تبتدأُ السُّوَر منها، ثُم تَرْجِع إليها في الرَّكْعة الثانيةِ، ولذا سُمِّيت بالمَثاني، أي لكونها مُتكرِّرَةً متعينة، بخلاف سائر السُّور، فإِنَّها واجِبةٌ عندنا على التخيير، وهي الشَّاكلة في الأحاديثِ، فقال: «لا صلاةَ لمن لم يقرأ بفاتحةِ الكتاب فصاعِدًا»، وفي بعض الألفاظ: «وما تيسر»، فجعل الفاتحةَ واجِبةً بعينها، وسائر السُّوَر مُخَيَّرة، فعبر عنها بقوله: «فصاعدًا» تارةً، وبقوله: «ما تيسر» أُخْرى، وعليه قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87)} [الحجر: 87]، فعبَّر عن سائرِ الكِتابِ سواها بالقرآنِ العظيم، وعَبَّر عن الفاتحة بالسَّبْع المثاني، فكانت الفاتحةُ واجِبةً عَيْنًا، والقرآنُ العظيمُ واجِبًا مخيَّرًا، يقرأ منه ما تيسَّر. وحينئذٍ ففيه إشارةٌ إلى وجوبِ ضَمِّ السُّورَةِ أيضًا، لأَنَّك قد عَلِمت فيما مرَّ أنَّ ما قَبْل «فصاعدًا»، وما بعده يستويان في الوجوبِ وعدمِه، وعلى هذا وجوبُ السورةِ متعيّن في الحديث، لأن وجوبَ الفاتحةِ مما لا يُنْكر، والتسويةُ بين ما قَبْل «فصاعدًا» وما بعده مما قد اشتُهر، فلزِم الوجوبُ فيهما، غيرَ أنَّ الفاتحةَ واجبةٌ عَيْنًا، والسورةَ واجبةٌ بدَلًا، وإذا اتحدت شاكِلةُ القرآنِ والحديث، لزِم الاتحادُ بين مفادِ الشاكلتين أيضًا، وهو وجوبُ ضمِّ السورة. ثُم إن في وَصْف الفاتحةِ بالمَثاني إشارةً إلى أنَّ الصلاةِ شَفْع، لأنَّه لما وَصَفها به، عَلِم أنها حيثما تُقْرأ تقرأ مكررةً، لَتتَّصِف بالمثاني، ولا تَكرارَ في ركعةٍ واحدةٍ اتفاقًا، فلا يكونُ أقلُّ الصلاةِ إلَّا مَثْنى، فكونُ الركعةِ صلاةً برأسِها منفيٌّ في نظر الشَّارع، وقد قَرَّرناه في الوِتْر بأبسطِ وَجْه، ثُم لما لم تكن في الثلاثيةِ رَكْعةٌ رابعةٌ، وضع العَقْدةَ على الثانيةِ، وختم على الثالثةِ. وقد مَرَّ معنا أن القرآنَ العظيمَ في نصِّ القرآنِ عبارةٌ عن سائرِ الكتاب غيرَ السَّبْع المثاني، بخلافه في الحديث، فإِنَّه ليس من باب عَطْف الخاصّ

10 - باب فضل البقرة

علي العام، كما فهمه الحافظ، بل القرآنُ العظيمُ هو السَّبْعُ المثاني، وذلك لأنَّ القرآنَ إذا عَبَّر عن الفاتحةِ بالسَّبْع المثاني، وعن سائر الكتابِ بالقرآنِ العظيم، أَوْهَم عَدَم شمولِ هذا العُنوان للفاتحةِ، فجاء الحديثُ، واستدركه، وقال: إنَّ السَّبْع المثاني هو القرآنُ، فلا يتوهمنَّ أحَدٌ من عَطْف القرآنِ عليها أَنَّها ليست قرآنًا، بل هي القرآنُ العظيم. وبالجملة المزايا والنكاتُ في القرآنِ والحديث مختلِفةٌ، ولولا الاعتباراتُ لبطلت الحِكْمةُ، وهذه أمورٌ ذَوْقيَّة لا براهينَ، ويَذُوقُها مَنْ يرجع إلى وجدانه بِمَلَكَةٍ راسخةٍ، وبَرْد صَدْر، وعَدْلٍ ونِصَفة، فتأمل (¬1). وقد جعل بَعْضُهم الفاتحةَ أَمًّا باعتبارِ جامِعيةِ مضامينها، فكأنها تَجْمَعُ القرآنَ كلَّه إليها، وذلك أيضًا نظر، ولتكن النكات كلتاهما، فإِنَّه لا تَزَاحُم بينها، بل يزيدُ حُسْنًا إلى حُسْن، كقوله: *يزيدُك وَجْهُه حُسْنًا ... إذا ما زِدْته نَظَرًا 10 - باب فَضْلُ الْبَقَرَةِ 5008 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ .... أطرافه 4008، 5009، 5040، 5051 - تحفة 9999 5009 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِى لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ. أطرافه 4008، 5008، 5040، 5051 - تحفة 9999 - 232/ 6 5010 - وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ وَكَّلَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ فَأَتَانِى آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَصَّ الْحَدِيثَ فَقَالَ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِىِّ لَنْ يَزَالَ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَدَقَكَ وَهْوَ كَذُوبٌ ذَاكَ شَيْطَانٌ». طرفاه 2311، 3275 - تحفة 14482 قوله: (كَفَتَاهُ) أي عن حقِّ القرآن، فإِنَّه ما من امرىء مُسْلمٍ، إلَّا وحق عليه أن يأتي بجزءٍ منه في اللَّيل، فمن قرأهما كَفَتاه عن هذا الحقِّ، ولا يُطالِبه القرآنُ فيه. 5009 - قوله: (عن أبي مَسْعُود) ... إلخ، وعند محمد بي «كتاب الآثار» ابنُ ¬

_ (¬1) قلتُ: وإنما ذكرتُ كلامَه مرَّة أُخرى، لأنه قد كان بعضُ الفوائد فات مني في التفسير، ثُم وجدتُها في تقرير آخَر كنت أَمْليتها عنه في سالفٍ من الزمان، وأردت أنْ لا أَضنَّ به، فأفدتُك به، وأعدتُ بَعْضَ الكلماتِ الماضية، لأنَّ بعض التعبيراتِ قد تكون أَوْضَح من بعض، وأن العَوْدَ أَحْمدُ، وقد فعلت نحوَهُ في بعض المواضع أيضًا، فلا تحسب أني أذكرُها سَهْوًا، بل ذكرتُها عَمدًا لبعض فوائدَ، يعلمها الناظِرُ، والله تعالى أعلم بالصواب.

11 - باب فضل الكهف

مسعود، وبقيَّةُ الرواة ثِقاتٌ في الإِسنادين. وروى محمدٌ عن أبي حنيفةَ بهذا الإِسناد أنَّ الوِتْر ثلاثُ رَكعاتٍ، وذَكَر لها ثلاثَ سُوَر، فاعلمه. 11 - باب فَضْلُ الْكَهْفِ 5011 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ وَإِلَى جَانِبِهِ حِصَانٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ فَجَعَلَتْ تَدْنُو وَتَدْنُو وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ «تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ بِالْقُرْآنِ». طرفاه 3614، 4839 - تحفة 1836 5011 - قوله: (بِشَطَنَينِ) "دور سيان جو كهورى كى تهوى كى نيجى باندهتى هين". قوله: (سَحابَةٌ) وهذه تُمثِّلُ السكينةَ، أراد اللهُ سبحانه أن يُرِيها، ولعل تلك الدَّوِي كانت من تسبيحِ الملائكةِ، ولا بُعْد في التمثُّل، فإِنَّه قد ذَكَر ابنُ خلدون أن المُشَعْبذين يُنْزلون الشيءَ أَوَّلًا في متخيلتهم، ثُم يُنْزِلونه من القوةِ المخيلة إلى الخارج، ولكنه لا ثباتَ له إلَّا بِصَرْف هِمَّتهم، فإِذا كَفّوا هِمتَهم عنه انعدم. قلتُ: وإذا تمثَّلت المعاني في الدنيا، فَلِما الاستبعادُ عنه في الآخرة؟. 12 - باب فَضْلُ سُورَةِ الْفَتْحِ 5012 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسِيرُ فِى بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلاً فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ شَىْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَقَالَ عُمَرُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ نَزَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَ مَرَّاتٍ كُلَّ ذَلِكَ لاَ يُجِيبُكَ، قَالَ عُمَرُ فَحَرَّكْتُ بَعِيرِى حَتَّى كُنْتُ أَمَامَ النَّاسِ وَخَشِيتُ أَنْ يَنْزِلَ فِىَّ قُرْآنٌ فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ - قَالَ - فَقُلْتُ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِىَّ قُرْآنٌ - قَالَ - فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ «لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَىَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِىَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ». ثُمَّ قَرَأَ {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)} [الفتح: 1]. طرفاه 4177، 4833 - تحفة 10387 13 - باب فَضْلِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} فيه عمرةُ عنْ عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - 5013 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ رَجُلاً سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} [الإخلاص: 1] يُرَدِّدُهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -

فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ». طرفاه 6643، 7374 - تحفة 4104 - 233/ 6 5014 - وَزَادَ أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَخْبَرَنِى أَخِى قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ أَنَّ رَجُلاً قَامَ فِى زَمَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ مِنَ السَّحَرِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} لاَ يَزِيدُ عَلَيْهَا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا أَتَى رَجُلٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ. تحفة 11073 5015 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ وَالضَّحَّاكُ الْمَشْرِقِىُّ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضى الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِهِ «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِى لَيْلَةٍ». فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ «اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ الْقُرْآنِ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ مُرْسَلٌ وَعَنِ الضَّحَّاكِ الْمَشْرِقِىِّ مُسْنَدٌ. تحفة 3959، 4082 5013 - قوله: (وكأنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّها) أي كأنَّ الناقِلَ تقالَّ فِعْل القارىء. قوله: (إنَّها لَتَعْدِل ثُلُثَ القُرْآن) والإِشكالُ فيه، والجوابُ عنه مشهورٌ، فإِنَّ المرادَ أنَّ ثوابَ: {قُلْ هُوَ اللهُ} الأَصْلي مع التضعيفي يساوي الثوابَ الأَصْلي لِثُلُثِ القرآن. أَما الثوابُ الإِنعامي لِثُلُث القرآنِ فيزيدُ عليه، بأَضعاف ذلك، وأَوَّل ما رأيت هذا الجوابَ في كلام القُرْطبي، وقد مرَّ عليه الدَّوَّاني أيضًا في «أنموذجة العلوم» وقَرَّرَه. قلتُ: ولنوضِّح ذلك بِمثال، وهو أنَّ رجلًا استأجَر أَجيرًا، وقال له: أُعطيك أُجرةَ نحو عَشرةِ رِجال، فكما أنه لا يَفْهَم منه إلَّا أنه يُعْطي له ما يساوي أُجرةَ العشرةِ الأصلية، فكذلك فيما نحن فيه، لا يُعْطى له مِن قراءة: {قُلْ هُوَ اللهُ} إلَّا مِثْل أَجْر ثُلُث القرآن الأَصلي، إنما يستحقُّ أَجْرَه الإِنعامي إذا قرأ الثُّلُث في الخارج. وأما مَنْ قرأ: {قُلْ هُوَ اللهُ} ثلاثَ مراتٍ، فإِنَّه لم يقرأ في الخارج إلَّا هذه، ولم يقرأ ثُلُثَ القرآنِ، فكيف يحرز أَجْرَه الإِنعامي وإنما جَرى ذِكْر ثُلُث القرآنِ لبيانِ الحساب فقط، فأَجْرُه لا يكون إلا بِقَدْر عَمَلِه، ولم يعمل في الخارج، إلا أنه قرأ السورةَ ثلاثَ مراتٍ، فلا يستحقُّ إلَّا أَجْرَها، دون أَجْرِ ثُلُثِ القرآن التضعيفي، فإِنَّ التَّضْعيفَ إنما يُعتبر فيما خَرج من القوةِ إلى الفِعْل، ودخل في الوجود، ولم يَدْخل فيه غيرُ {قُلْ هُوَ اللهُ} فيعتبر تضعيفُها فقط، وأما ثُلُث القرآن فقط اعتبر لبيانِ الحساب فقط، ولا مغالطةَ فيما ذكرنا مِن مِثال المستأجر، لأَنَّ الأُجْرة هناك حِسِّيةٌ، يَعْلَمها كُلُّ أَحَد، بخلافِها فيما نحن فيه، فإِنَّها معنويةٌ، فالتُبس الحال، وأوهم أنه يحرز أَجْرَ ثُلُثِ القرآنِ مُطْلقًا. وصَنَّف ابنُ تيميةَ في حَلِّ مِثْل هذه الأحاديثِ كتابًا مستقلًا.

14 - باب فضل المعوذات

وحاصله أن تلك المفاضلَة بحسب جاميعةِ المضامين، والمعاني، وعلوم القرآن، فلم يَحْمِلْه على الثوابِ، فمعنى قوله: «إنَّها لَتَعْدلُ ثُلُثَ القرآنِ»، أي إنَّ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ قد حازَت من العلومِ ما حازت ثُلُثَ القرآنِ. قلتُ: والوَجْه ما ذكره القُرْطبي، أما ما ذكره ابنُ تيميةَ فَيصلُح أن يكونَ سببًا لتضعيف هذا الأَجْر، أي إنَّما يُعْطى لهذه السورةِ ذلك الثوابُ المضاعفُ، لاشتمالها على مضامينَ، ومعاني تُوجَد في ثُلُث القرآنِ. 14 - باب فَضْلِ الْمُعَوِّذَاتِ 5016 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا. أطرافه 4439، 5735، 5751 تحفة 16589 5017 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} وَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)} وَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. طرفاه 5748، 6319 تحفة 16537 - 234/ 6 15 - باب نُزُولِ السَّكِينَةِ وَالْمَلاَئِكَةِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ 5018 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ قَالَ بَيْنَمَا هُوَ يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَفَرَسُهُ مَرْبُوطٌ عِنْدَهُ إِذْ جَالَتِ الْفَرَسُ فَسَكَتَ فَسَكَتَتْ فَقَرَأَ فَجَالَتِ الْفَرَسُ، فَسَكَتَ وَسَكَتَتِ الْفَرَسُ ثُمَّ قَرَأَ فَجَالَتِ الْفَرَسُ، فَانْصَرَفَ وَكَانَ ابْنُهُ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا فَأَشْفَقَ أَنْ تُصِيبَهُ فَلَمَّا اجْتَرَّهُ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى مَا يَرَاهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ حَدَّثَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ». قَالَ فَأَشْفَقْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى وَكَانَ مِنْهَا قَرِيبًا فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَانْصَرَفْتُ إِلَيْهِ فَرَفَعْتُ رَأْسِى إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ الْمَصَابِيحِ فَخَرَجَتْ حَتَّى لاَ أَرَاهَا. قَالَ «وَتَدْرِى مَا ذَاكَ». قَالَ لاَ. قَالَ «تِلْكَ الْمَلاَئِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ وَلَوْ قَرَأْتَ لأَصْبَحَتْ يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا لاَ تَتَوَارَى مِنْهُمْ». قَالَ ابْنُ الْهَادِ وَحَدَّثَنِى هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ. تحفة 149

16 - باب من قال لم يترك النبى - صلى الله عليه وسلم - إلا ما بين الدفتين

16 - باب مَنْ قَالَ لَمْ يَتْرُكِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَّا مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ 5019 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَشَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما فَقَالَ لَهُ شَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ أَتَرَكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ شَىْءٍ قَالَ مَا تَرَكَ إِلَّا مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ. قَالَ وَدَخَلْنَا عَلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ مَا تَرَكَ إِلَّا مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ. تحفة 5824، 19329 ردٌّ على الروافض، حيثُ زَعَم الملاعِنةُ أنَّ عثمانَ نَقَص من القرآنِ. 17 - باب فَضْلِ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلاَمِ (¬1) 5020 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَثَلُ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ وَالَّذِى لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالتَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلاَ رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِى لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ وَلاَ رِيحَ لَهَا». أطرافه 5059، 5427، 7560 - تحفة 8981 - 235/ 6 5021 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا أَجَلُكُمْ فِى أَجَلِ مَنْ خَلاَ مِنَ الأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ الْعَصْرِ وَمَغْرِبِ الشَّمْسِ، وَمَثَلُكُمْ وَمَثَلُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالًا، فَقَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِى إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ فَعَمِلَتِ الْيَهُودُ فَقَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِى مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى الْعَصْرِ فَعَمِلَتِ النَّصَارَى، ثُمَّ أَنْتُمْ تَعْمَلُونَ مِنَ الْعَصْرِ إِلَى الْمَغْرِبِ بِقِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، قَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَقَلُّ عَطَاءً، قَالَ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ قَالُوا لاَ قَالَ فَذَاكَ فَضْلِى أُوتِيهِ مَنْ شِئْتُ». أطرافه 557، 2268، 2269، 3459، 7467، 7533 - تحفة 7166 والأحاديثُ في هذا الباب كثيرةٌ، ولعلها لم تكن على شَرْطه، فأخرج حديثًا من غيرِ هذا الباب. 5020 - قوله: (كالأُتْرُجَّةِ) ... إلخ. الطَّعْمُ باعتبارِ الباطن، والريحُ بحسب الظاهرِ، فَشَبَّه قارىء القرآنِ بالأُتْرُجَّة في ظاهرِه وباطِنِه. ¬

_ (¬1) قلتُ: وفي "المشكاة": "وفَضْل كلامِ الله تعالى على سائر الكلام، كفَضْل الله على خَلْقه". رواه الترمذي، والدارمي، والبيهقي في "شعب الإِيمان"، وقال الترمذي: هذا حديث حسنُ غريب. قال الشارح: فيه إيماءٌ إلى أنَّ القرآنَ قديمٌ غيرُ مخلوق. قلتُ: وذلك لقوله: كفَضْل اللهِ على خَلْقِه، فقابل بينَ الكلامِ، والخَلْقِ، فدلَّ على أن كلامَه ليس بمخلوقٍ.

18 - باب الوصاة بكتاب الله عز وجل

18 - باب الْوَصَاةِ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ 5022 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى أَوْصَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لاَ. فَقُلْتُ كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةُ، أُمِرُوا بِهَا وَلَمْ يُوصِ قَالَ أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ. طرفاه 2740، 4460 تحفة 5170 19 - بابٌ: «مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآنِ» وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [العنكبوت: 51]. 5023 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَمْ يَأْذَنِ اللهُ لِشَىْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ». وَقَالَ صَاحِبٌ لَهُ يُرِيدُ يَجْهَرُ بِهِ. أطرافه 5024، 7482، 7544 تحفة 15224 5024 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا أَذِنَ اللهُ لِشَىْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِىِّ أَنْ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ». قَالَ سُفْيَانُ تَفْسِيرُهُ يَسْتَغْنِى بِهِ. أطرافه 5023، 7482، 7544 تحفة 15144، 15224 - 236/ 6 قوله: ({يُتْلَى عَلَيْهِمْ}) واعلم أنَّ الكاتب غَلِط ههنا، فكتب - الآية - ثُم ذَكَر تمام الآية أيضًا. قوله: (مَنْ لم يتغنَّ) ... إلخ. قال ابنُ الأَعرابي - إمام اللغة - في «تفسيره»: مَنْ لم يضع القرآنَ مَوْضِع غناءه ... إلخ. وتفصيله (¬1): أنَّ المرء إذا اعتاد بالغناء يغلب عليه ولا يستطيعُ أن يتركه، ولذا ترى المُغني لا يزال يُدَنْدنُ في كلِّ وقت، فَعَلَّمه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أن الذي عليه أن يَكُفَّ عنه، ويجعل القرآنَ دندنته وغناءه، حتى يأخذَ القرآنُ مأخَذَه، ويغلب عليه كغلبته، ويجلو به أحزانه وهمومه، كجلائه منه، فهو على حَدِّ قوله: *وخيل قد دلفت لهم بخيل ... تحية بينهم ضرب وجيع أي وَضْع شيء مكان شيء، وقد قَرَّرناه سابقًا. قيل: الكلام على ظاهره، ولا بأس بِحُسْن (¬2) الصوت إذا احترز اللَّحْن والتغيير في ¬

_ (¬1) قال ابنُ الأعرابي: كانت العربُ تتَغنَّى بالرُّكْبانِيِّ - هو نشيدٌ بالمدّ والتمطيط - إذا ركبت، وإذا جلست في الأَفْنية، وعلى أكثر أحوالها، فلما نزل القرآنُ أحبَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن تكون هِجيراهم بالقرآن مكان التغنِّي بالرُّكْباني. كذا في "النهاية". (¬2) قلتُ: وعن طاوُس مُرْسلًا، قال: سُئِل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: أي الناس أَحسنُ صوتًا للقرآن، وأحسنُ قراءة؟ قال: "مَنْ إذا سَمِعته يقرأُ أُرِيت أنه يَخْشى الله". قال طاوس: وكان طَلْقٌ كذلك. كذا في "المشكاة" عن الدَّارِمي. =

20 - باب اغتباط صاحب القرآن

الإِعراب. وقيل (¬1): التغني بمعنى الاستغناء، كما في حديث تقسيم الخيل: تغنيًا، وتعفُّفًا. وأُجيب أن الحديث ليس بحجَّةٍ في باب اللغة، إلا عند مالك. وفَسَّره الراوي أولًا بالاستغناء، ثُم فَسّر الاستغناء بالجهر، وهذا عجيبٌ، وهذا التفسير غير مرتبط. 5024 - قوله: (ما أَذِن للنبيِّ) قيل: المرادُ بالنبيِّ هو نبيُّنا صلى الله عليه وسلّم وقيل: غيرُه. ويوجدُ في الخارج لَفْظ «العبد» مكان: «النبيّ»، فيكون الحديثُ واردًا فيه بوجهين، أو يكون الترجيحُ للبخاريِّ، وقد عقدتُ فَصْلًا في رسالتي «فَصْل الخطاب» أَنَّه لا تبلغُ على السموات إلَّا صوتانِ: صوتُ المؤذِّن، وقارىء القرآن. 20 - باب اغْتِبَاطِ صَاحِبِ الْقُرْآنِ 5025 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ حَسَدَ إِلَّا عَلَى اثْنَتَيْنِ، رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الْكِتَابَ وَقَامَ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ، وَرَجُلٌ أَعْطَاهُ اللهُ مَالًا فَهْوَ يَتَصَدَّقُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ». طرفه 7529 - تحفة 6852 5026 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ حَسَدَ إِلَّا فِى اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ فَقَالَ لَيْتَنِى أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِىَ فُلاَنٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا فَهْوَ يُهْلِكُهُ فِى الْحَقِّ فَقَالَ رَجُلٌ لَيْتَنِى أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِىَ فُلاَنٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ». طرفاه 7232، 7528 - تحفة 12397 21 - باب خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ 5027 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عَنْ عُثْمَانَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ». قَالَ وَأَقْرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِى إِمْرَةِ عُثْمَانَ حَتَّى كَانَ الْحَجَّاجُ، قَالَ وَذَاكَ الَّذِى أَقْعَدَنِى مَقْعَدِى هَذَا. طرفه 5028 - تحفة 9813 5028 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ ¬

_ = أما القراءة الممنوعة، فكما عنده عن حذيفة -مرفوعًا-: "اقرؤوا القرآنَ بِلُحُون العرب وأصواتِهم، وإياكم ولُحونَ أَهلِ العِشْق، ولُحونَ أَهل الكتابَيْن، وسيجيءُ بعدي قَوْمٌ يُرجِّعون بالقرآن ترجيعَ الغِناء والنَّوح، لا يجاوزُ حناجرَهم، مفتونة قلوبُهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم". رواه البيهقي في "شعب الإِيمان"، ورَزِين في "كتابه". (¬1) اختاره في "المعتصر"، والحَمْل عليه أَوْلى، لأنه سيق لِذَمِّ تاركه. اهـ. والأَوْجه ما عَلِمت.

22 - باب القراءة عن ظهر القلب

السُّلَمِىِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ أَفْضَلَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ». طرفه 5027 - تحفة 9813 5029 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - امْرَأَةٌ فَقَالَتْ إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا لِى فِى النِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ». فَقَالَ رَجُلٌ زَوِّجْنِيهَا. قَالَ «أَعْطِهَا ثَوْبًا». قَالَ لاَ أَجِدُ. قَالَ «أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ». فَاعْتَلَّ لَهُ. فَقَالَ «مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». قَالَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ «فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». أطرافه 2310، 5030، 5087، 5121، 5126، 5132، 5135، 5141، 5149، 5150، 5871، 7417 تحفة 4670 - 237/ 6 22 - باب الْقِرَاءَةِ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ 5030 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ لأَهَبَ لَكَ نَفْسِى فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا. فَقَالَ «هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَىْءٍ». فَقَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا». فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا. قَالَ «انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ». فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِى - قَالَ سَهْلٌ مَا لَهُ رِدَاءٌ - فَلَهَا نِصْفُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَىْءٌ وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ شَىْءٌ». فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى طَالَ مَجْلِسُهُ ثُمَّ قَامَ فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُوَلِّيًا فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِىَ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ «مَاذَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». قَالَ مَعِى سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا عَدَّهَا قَالَ «أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». أطرافه 2310، 5029، 5087، 5121، 5126، 5132، 5135، 5141، 5149، 5150، 5871، 7417 - تحفة 4778 5030 - قوله: (ولو خَاتَمًا من حَدِيد) قيل: إنَّ خاتَمًا من حديد ممنوعٌ. وأُجيب عنه أنه إذا كان مفًا جاز. ثم رأيتُ في حديثٍ: أنَّ الخاتَم المف جائز، فرأيت أن الاحتمال المذكورَ صحيحٌ. 5030 - قوله: (بما معك من القرآن) ومعناه عندنا بِلَحَاظ ما عندك من القرآن، وعند الشافعيةِ بِعِوض ما عندك من القرآن، وعند الترمذيِّ - في فضيلة {إِذَا زُلْزِلَتِ} - عن أَنس بنِ مالك: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال لِرَجُلٍ من أصحابه: «هل تزوجت يا فُلان؟ قال: لا والله يا رسولَ الله، ولا عندي ما أتزوَّجُ به. قال: أليس معك: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (1)}؟ قال: بلى، ثُلُث القرآن إلى أن سأله عن سورةٍ، ثُم قال في الآخِر: تَزوَّج تزوج» اهـ.

23 - باب استذكار القرآن وتعاهده

وحاصله عندي: أَنَّك صرْت أَهلًا للتزوج، فإِنَّ الرَّجُل ينكح إما لِماله، أو لِعِلمه، وإذ لم يكن عنده من مالٍ، فُتِّش عن عِلْمه، فإِذا وجده ذا عِلْم عَلِم أنه صار أَهْلًا للتزوُّج، فقال له: «تَزوَّج تزوّج» فالناسُ حملُوه على المَهْر، وفهمت أنه قدر أنه هل يتزوَّج مِثْلُه لمثلها؟ فلما وجده صالحًا قال له: ملكتها بما معك من القرآن، فهذا بابٌ آخَر. وهذا على نحو ما تقول اليوم: إنَّ ابنك صار ما شاء اللهُ عالِمًا، فهلَّا زوجته، كيف وأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قد كان أَمَره أوّلًا بابتغاء شيءٍ من الأموال ليكونَ مهرَها، فلما لم يجد عنده شيئًا اكتفى في الحال بِصَلاحه. ولك أن تَحْمِله على الخصوصية، لما في «سُنن سعيد بن منصور»: ولا يكون مَهْرًا لأحدٍ بعدك». إلَّا أن إسنادَه (¬1) ضعيف. 23 - باب اسْتِذْكَارِ الْقُرْآنِ وَتَعَاهُدِهِ 5031 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ». تحفة 8368 - 238/ 6 5032 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بِئْسَ مَا لأَحَدِهِمْ أَنْ يَقُولَ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ بَلْ نُسِّىَ، وَاسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ». طرفه 5039 - تحفة 9295 حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ مِثْلَهُ. تَابَعَهُ بِشْرٌ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ شُعْبَةَ. وَتَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدَةَ عَنْ شَقِيقٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 9285، 9295 5033 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَعَاهَدُوا الْقُرْآنَ فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنَ الإِبِلِ فِى عُقُلِهَا». تحفة 9062 5032 - قوله: (بِئْس ما لأَحَدِهم أَنْ يقول: نسيتُ آيةَ كَيْتَ وكَيْتَ، بل نُسِّي) يعني أما إذا ارتكبت معصيةً، وأُنسيت القرآنَ، فلا تَجْهر بها، فإِنك إن فات عنك الاستذكارُ ¬

_ (¬1) قلتُ: ويؤيدُه قولُه عند البخاري: "أتقرأهن عن ظَهْر قلبك؟ قال: نعم. قال: اذهب، فقد ملكتها بما معك من القرآن". فدلَّ على أنه راعى كونه حافِظًا للقرآن. وأما لو جعله عوضًا لم يسأله عن كونه يقرأه عن ظَهْر قلب، أو غير ذلك. وقد تكلمنا عليه في "المغازي" وأتينا بنُقُولٍ جيدة عن العلماء، فراجعها في "الهامش"، فإِنها مهمةٌ، وسنذكر بعض النقول الجديدة فى "النكاح" إن شاء الله تعالى، فانتظرها.

24 - باب القراءة على الدابة

والاستظهارُ به، فلا يَفُت عنك الأَدَبُ، وهو أنْ لا يَنْسُب النِّسيانُ إلى نفسه، ليدلَّ على تجاسره، بل يقول: نُسِّي، كأنه مِن سببٍ سماوي. وقد صَنَّف الدَّوَاني رسالةً في تعداد الكبائر، وعَدَّ فيها نِسيانَ القرآن منها. قلتُ: وأخذت من «الفتاوى البَزَّارِية» أنه كان يقرأ القرآنَ من المصحف، ولم يكن حافظًا، ثُم نسيه، فهو أيضًا كبيرة. 24 - باب الْقِرَاءَةِ عَلَى الدَّابَّةِ 5034 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو إِيَاسٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَهْوَ يَقْرَأُ عَلَى رَاحِلَتِهِ سُورَةَ الْفَتْحِ. أطرافه 4281، 4835، 5047، 7540 - تحفة 9666 25 - باب تَعْلِيمِ الصِّبْيَانِ الْقُرْآنَ 5035 - حَدَّثَنِى مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ إِنَّ الَّذِى تَدْعُونَهُ الْمُفَصَّلَ هُوَ الْمُحْكَمُ، قَالَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ وَقَدْ قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ. طرفه 5036 - تحفة 5460 5036 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - جَمَعْتُ الْمُحْكَمَ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لَهُ وَمَا الْمُحْكَمُ قَالَ الْمُفَصَّلُ. طرفه 5035 - تحفة 5460 26 - بابُ نِسْيَانِ القُرْآنِ، وَهَل يَقُولُ: نَسِيتُ آيةَ كَذَا وَكَذَا؟ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأعلى: 6 - 7]. 5037 - حَدَّثَنَا رَبِيعُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا زَائِدَةُ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً يَقْرَأُ فِى الْمَسْجِدِ فَقَالَ «يَرْحَمُهُ اللَّهُ لَقَدْ أَذْكَرَنِى كَذَا وَكَذَا آيَةً مِنْ سُورَةِ كَذَا». حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا عِيسَى عَنْ هِشَامٍ وَقَالَ أَسْقَطْتُهُنَّ مِنْ سُورَةِ كَذَا. تَابَعَهُ عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَعَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ. [طرفه في: 2655]. 5038 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً يَقْرَأُ فِى سُورَةٍ بِاللَّيْلِ فَقَالَ «يَرْحَمُهُ اللَّهُ لَقَدْ أَذْكَرَنِى كَذَا وَكَذَا آيَةً كُنْتُ أُنْسِيتُهَا مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا». أطرافه 2655، 5037، 5042، 6335 تحفة 16807 5039 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ

27 - باب من لم ير بأسا أن يقول: سورة البقرة، وسورة كذا وكذا

قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا لأَحَدِهِمْ يَقُولُ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ. بَلْ هُوَ نُسِّىَ». طرفه 5032 - تحفة 9295 27 - باب مَنْ لَمْ يَرَ بَأْسًا أَنْ يَقُولَ: سُورَةُ الْبَقَرَةِ، وَسُورَةُ كَذَا وَكَذَا 5040 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَلْقَمَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَ بِهِمَا فِى لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ». أطرافه 4008، 5008، 5009، 5051 - تحفة 9999، 10000 5041 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِىِّ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِى حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ فَإِذَا هُوَ يَقْرَؤُهَا عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِى الصَّلاَةِ فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى سَلَّمَ فَلَبَبْتُهُ فَقُلْتُ مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِى سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ قَالَ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقُلْتُ لَهُ كَذَبْتَ فَوَاللَّهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَهُوَ أَقْرَأَنِى هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِى سَمِعْتُكَ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَقُودُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا وَإِنَّكَ أَقْرَأْتَنِى سُورَةَ الْفُرْقَانِ. فَقَالَ «يَا هِشَامُ اقْرَأْهَا». فَقَرَأَهَا الْقِرَاءَةَ الَّتِى سَمِعْتُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَكَذَا أُنْزِلَتْ». ثُمَّ قَالَ «اقْرَأْ يَا عُمَرُ». فَقَرَأْتُهَا الَّتِى أَقْرَأَنِيهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَكَذَا أُنْزِلَتْ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ». أطرافه 2419، 4992، 6936، 7550 - تحفة 10642، 10591 - 240/ 6 5042 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَارِئًا يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ فِى الْمَسْجِدِ فَقَالَ «يَرْحَمُهُ اللَّهُ لَقَدْ أَذْكَرَنِى كَذَا وَكَذَا آيَةً، أَسْقَطْتُهَا مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا». أطرافه 2655، 5037، 5038، 6335 - تحفة 17109 فيه ردٌّ على مَن زعم أنَّ في تسمية سُورة البقرة إساءة أدب، وليقل: السورة التي يُذْكر فيها البقرةُ. قيل: إنَّ الحَجّاج الظالم كان يمنع منه. 28 - باب التَّرْتِيلِ فِى الْقِرَاءَةِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 44]. وَقَوْلِهِ: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [الإسراء: 106]. وَما يُكْرَهُ أَنْ يُهَذَّ كَهَذِّ الشِّعْرِ. {فِيهَا يُفْرَقُ} [الدُّخَان: 4] يُفَصَّلُ. قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَرَقْنَاهُ: فَصَّلنَاهُ.

29 - باب مد القراءة

5043 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا مَهْدِىُّ بْنُ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا وَاصِلٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ غَدَوْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ رَجُلٌ قَرَأْتُ الْمُفَصَّلَ الْبَارِحَةَ. فَقَالَ هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، إِنَّا قَدْ سَمِعْنَا الْقِرَاءَةَ وَإِنِّى لأَحْفَظُ الْقُرَنَاءَ الَّتِى كَانَ يَقْرَأُ بِهِنَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثَمَانِىَ عَشْرَةَ سُورَةً مِنَ الْمُفَصَّلِ وَسُورَتَيْنِ مِنْ آلِ حم. طرفاه 775، 4996 - تحفة 9312 5044 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِى عَائِشَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فِى قَوْلِهِ {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16)} [القيامة: 16] قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا نَزَلَ جِبْرِيلُ بِالْوَحْىِ وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ فَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ وَكَانَ يُعْرَفُ مِنْهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ الآيَةَ الَّتِى فِى {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1)} {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)} فَإِنَّ عَلَيْنَا أنْ نَجْمَعَهُ في صَدْرِكَ وَقُرْآنَهُ {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18)} [القيامة: 16 - 18] فَإِذَا أَنْزَلْنَاهُ فَاسْتَمِعْ {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)} [القيامة: 19] قَالَ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نُبَيِّنَهُ بِلِسَانِكَ. قَالَ وَكَانَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ أَطْرَقَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَرَأَهُ كَمَا وَعَدَهُ اللهُ. أطرافه 5، 4927، 4928، 4929، 7524 - تحفة 5637 وأصلُ الترتيلِ هو القراءة بحيث أن لا تنقطع الحروفُ، وتخرج من مخارجها، وأما ما اشتهر اصطِلاح القراء من الترتيل والحَدْر، فذاك مُراعىً أيضًا. قوله: ({لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [الإسراء: 106]) فالقرآنُ لم ينزل إلينا دَفْعةً واحدةً، وكذلك لم يُلْق إلينا مرادُه مرةً واحدة، فلا ينبغي للناس أن يتعجَّلوا في نزوله، أو في بيان مراده. قوله: (يهزون) أي لا يراعون الترتيلَ فيه. 29 - باب مَدِّ الْقِرَاءَةِ 5045 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ الأَزْدِىُّ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ قِرَاءَةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ كَانَ يَمُدُّ مَدًّا. طرفه 5046 - تحفة 1145 - 241/ 6 5046 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سُئِلَ أَنَسٌ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ كَانَتْ مَدًّا. ثُمَّ قَرَأَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)}، يَمُدُّ بِبِسْمِ اللَّهِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحْمَنِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحِيمِ. طرفه 5045 - تحفة 1409 واعلم أنَّ مسائلَ التجويدِ كلَّها مأخوذةٌ من اللغة، ولم أَر في اللغة للمدِّ بابًا، فلا أدري مِن أين أخذوه؟ وقد تصدَّى له السُّيوطي، فلم يأت فيه إلَّا بحديثٍ واحد فقط وبالجملةِ إنْ كان المدُّ بالمعنى المذكور عندهم ثابتًا في اللغة، فَلِمَ لم يأخذوه؟ وإن كان صوتًا فقط، فالأَوْلى أن يأخذوا أَوَّلًا باللغةِ فيه.

30 - باب الترجيع

30 - باب التَّرْجِيعِ 5047 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو إِيَاسٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ وَهْوَ عَلَى نَاقَتِهِ - أَوْ جَمَلِهِ - وَهْىَ تَسِيرُ بِهِ وَهْوَ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَتْحِ أَوْ مِنْ سُورَةِ الْفَتْحِ قِرَاءَةً لَيِّنَةً يَقْرَأُ وَهْوَ يُرَجِّعُ. أطرافه 4281، 4835، 5034، 7540 - تحفة 9666 5047 - قوله: (يَقْرَأُ وهو يُرجِّع) ولم يكن التَّرْجِيعُ مقصودًا، ولكنه حَدَث من حركةِ الدَّابّة. 31 - باب حُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ 5048 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِىُّ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ جَدِّهِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ «يَا أَبَا مُوسَى لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ». تحفة 9068 5048 - قوله: (لَقَد أُوتِيتَ مِزْمارًا مِن مزاميرِ آلِ دَاودَ) والشارحون أرادوا منه حُسْنَ الصَّوت فقط. قلتُ: بل مرادُه فوق ذلك، وهو أنَّ المزامير في الزَّبُور حَلّت محل السُّور من القرآن، فترى فيه في مبدإ كلِّ حَمْد مزمورة مزمورة، كما يكتبُ في القرآن السورة السورة. فالمرمورةُ في الزَّبُور كالسورةِ من القرآن، وإذن ليس التَّشْبِيه على معنى حُسْن الصَّوْت فقط. 32 - باب مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْمَعَ الْقُرْآنَ مِنْ غَيْرِهِ 5049 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه قَالَ قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اقْرَأْ عَلَىَّ الْقُرْآنَ». قُلْتُ آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ «إِنِّى أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِى». أطرافه 4582، 5050، 5055، 5056 - تحفة 9402 فيه دليلٌ على أنَّ الاستماع أَفْضلُ، فليستمع المقتدي قراءةَ إمامِه أيضًا، ولا ينازِعُه فيها. 33 - باب قَوْلِ الْمُقْرِئِ لِلْقَارِئِ حَسْبُكَ 5050 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اقْرَأْ عَلَىَّ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ «نَعَمْ». فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ الآيَةِ {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41)} [النساء:

34 - باب: فى كم يقرأ القرآن

41] قَالَ «حَسْبُكَ الآنَ». فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. أطرافه 4582، 5049، 5055، 5056 - تحفة 9402 نَبّه المصنِّف على أَمْرٍ مهم، فإِنَّ القرآن خَيْرُ مَحْض، لا يجترىء الإِنسانُ أن يقول لقارئه: لا تقرأه، أو انْتَهِ عنه. ومع ذلك فإِنه قد يُضْطّر إليه، فكان ذلك مَوْضعًا يُتحيّر فيه، فأجاب عنه أن ذلك سائغٌ له. 5050 - قوله: (فإِذا عيناه تَذْرِفان) وقد مَرّ وَجْه البكاء أنه قال: كيف أشهدُ عليهم ولم أشاهدهم؟ فقيل: إنه تُعْرض الأعمالُ عليك، والعَرْض عِلْم إجمالي. واعلم أنَّ حقَّ الشهادة أن تكون عن مشاهدةٍ، ولهذا تأخَّر عنها عيسى عليه الصلاةُ والسلام، وقال: {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} (¬1) [المائدة: 117] لا تَسْتدعي أن تكون بعد مُشاهدةِ جُمْلتها، بل تكفي مشاهدةُ البعض، ويدخل فيها الباقي تَبَعًا، أو تكون بِعَرْض الأعمال. أما عيسى عليه الصلاةُ والسلام فهو بِصَدَر أداءِ الشهادة للزَّمن الذي كان هو فيهم، فلا تنافي بين أداءِ شهادةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وعدم أداء عيسى عليه الصلاةُ والسلام، فافهم. 34 - باب: فِى كَمْ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: 20]. 5051 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ لِى ابْنُ شُبْرُمَةَ نَظَرْتُ كَمْ يَكْفِى الرَّجُلَ مِنَ الْقُرْآنِ فَلَمْ أَجِدْ سُورَةً أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثِ آيَاتٍ، فَقُلْتُ لاَ يَنْبَغِى لأَحَدٍ أَنْ يَقْرَأَ أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثِ آيَاتٍ. قَالَ عَلِىٌّ قَالَ سُفْيَانُ أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ أَخْبَرَهُ عَلْقَمَةُ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ وَلَقِيتُهُ وَهْوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَذَكَرَ قَوْلَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّ مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِى لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ». [طرفه في: 4008]. 5052 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ أَنْكَحَنِى أَبِى امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ فَكَانَ يَتَعَاهَدُ كَنَّتَهُ فَيَسْأَلُهَا عَنْ بَعْلِهَا فَتَقُولُ نِعْمَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَطَأْ لَنَا فِرَاشًا وَلَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا مُذْ أَتَيْنَاهُ فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ذَكَرَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «الْقَنِى بِهِ». فَلَقِيتُهُ بَعْدُ فَقَالَ «كَيْفَ تَصُومُ». قَالَ كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ «وَكَيْفَ تَخْتِمُ». قَالَ كُلَّ لَيْلَةً. قَالَ «صُمْ فِى كُلِّ شَهْرٍ ¬

_ (¬1) قلتُ: فليس فيه نفيًا لعلمه بحالهم، فيجوز أن يكون أعلم بهم، ولكن الشهادة لما كانت عبارة عن الإِخبار بالمشاهدة، ولم يشاهد هؤلاء المفترين، تنحى عنها، وقال: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} وحينئذ اندفع ما زعمه - لعين القاديان - ومن يعلم خرافاته، ومزخرفاته يفهم الجواب مما قلنا.

ثَلاَثَةً وَاقْرَإِ الْقُرْآنَ فِى كُلِّ شَهْرٍ». قَالَ قُلْتُ أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ «صُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فِى الْجُمُعَةِ». قُلْتُ أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ «أَفْطِرْ يَوْمَيْنِ وَصُمْ يَوْمًا». قَالَ قُلْتُ أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ «صُمْ أَفْضَلَ الصَّوْمِ صَوْمِ دَاوُدَ صِيَامَ يَوْمٍ وَإِفْطَارَ يَوْمٍ وَاقْرَأْ فِى كُلِّ سَبْعِ لَيَالٍ مَرَّةً». فَلَيْتَنِى قَبِلْتُ رُخْصَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَذَاكَ أَنِّى كَبِرْتُ وَضَعُفْتُ فَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ السُّبْعَ مِنَ الْقُرْآنِ بِالنَّهَارِ وَالَّذِى يَقْرَؤُهُ يَعْرِضُهُ مِنَ النَّهَارِ لِيَكُونَ أَخَفَّ عَلَيْهِ بِاللَّيْلِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَقَوَّى أَفْطَرَ أَيَّامًا وَأَحْصَى وَصَامَ مِثْلَهُنَّ كَرَاهِيةَ أَنْ يَتْرُكَ شَيْئًا فَارَقَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِى ثَلاَثٍ وَفِى خَمْسٍ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى سَبْعٍ. أطرافه 1131، 1152، 1153، 1974، 1975، 1976، 1977، 1978، 1979، 1980، 3418، 3419، 3420، 5053، 5054، 5199، 6134، 6277 - تحفة8916 5052 - قوله: (كَرَاهِيةَ أن يَتْرُك شيئًا فَارَق النبيَّ صلى الله عليه وسلّم عليه) فإِنَّ في تَرْك شيءٍ كان يَفْعلُه في زمن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم تشاؤمًا ظاهرًا، فأبقى الحساب الذي كان عليه في زَمنه صلى الله عليه وسلّم أعني الإِفطارَ في نِصْف الشهر، والصوم في النِّصف، وإن غَيَّر طريقَه حسبما تيسَّر له. 5053 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فِى كَمْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ». أطرافه 1131، 1152، 1153، 1974، 1975، 1976، 1977، 1978، 1979، 1980، 3418، 3419، 3420، 5052، 5054، 5199، 6134، 6277 تحفة 8962 - 243/ 6 5054 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ شَيْبَانَ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى بَنِى زُهْرَةَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ - قَالَ وَأَحْسِبُنِى قَالَ - سَمِعْتُ أَنَا مِنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اقْرَإِ الْقُرْآنَ فِى شَهْرٍ». قُلْتُ إِنِّى أَجِدُ قُوَّةً حَتَّى قَالَ «فَاقْرَأْهُ فِى سَبْعٍ وَلاَ تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ». أطرافه 1131، 1152، 1153، 1974، 1975، 1976، 1977، 1978، 1979، 1980، 3418، 3419، 3420، 5052، 5053، 5199، 6134، 6277 تحفة 8962 والحديث لم ينحط فيه إلى ما دون سبعةٍ، وهذا عند المصنِّف، وأما في الخارج فقد صحَّ في ثلاثة أيام أيضًا، ولكنه ليس بحجَّة عليه، فإِنه يأتي بما يكون على شَرْطه. ثُم إنه ثبت عن بعض السَّلف - أي الصحابة، والتابعين - أنهم كانوا يَخْتِمون القرآنَ تِسْعَ مرات في يومٍ أيضًا، أما الأولياء فهم أَكْثر كثير. وكتب الشيخ عبدُ الحق أنَّ الشيخ بهاء الدين زكريا، كان يَخْتِم عنده ثلاث مئة وستين ختمًا كلَّ يوم، فإِذا شاهدنا ذلك عن السَّلف إلى الخَلَف تعسر علينا أن نَرْمِيهم بمخالفةِ حديثٍ صريح عَنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلّم والعياذ بالله، وهم أَوَّلُ مَن عَمِلوا به. ولكنا سنذكُرُ لك أمرًا ينفعُك في مواضع، وقد ألقيناه عليك مِن قبل أيضًا، وهو أن الشيء إذا كان خيرًا مَحْضًا، وعبادةً خالصة، ومع ذلك لا يكون للشارع بدّ من النهي عنه

في بعض الأحيان لبعض المصالح، ففي مِثْله تتجاذبُ الأطراف، كما رأيت في الفاتحة خَلْفَ الإِمام، فإِنّه نهى عنها، وقد نهى، ومع ذلك ترى رَشَحاتِ الرُّخصةِ باقيةً، وكصوم الدَّهْر، فإِنَّه نَهى عنه، ثُم تترشح الرُّخصةُ أيضًا من التشبيه في بيان فَضْل صَوْم الدَّهْر الحكمي، وكالصلاة في الأوقات المكروهة، فإِن الأحاديث قد صَحَّت في النهي عنها، ثُم تجد فيها رُخَصًا من الشارع، فلا تستقرُّ الأحاديثُ في نحو تلك الأمورِ على وتيرةٍ واحدة، بحيث أن تَسْتمر بالأَمْر بها، أو النهي عنها، ولكن تارةً وتارةً، وما ذلك إلا لتجاذُب الأطراف، وتنازُع الأنظار. ومِن ههنا ترى الأئمةَ اختلفوا في هذه المواضع غيرَ الصوم يومَ النَّحْر، فإِنَّهم اتفقوا على كونِه منهيًا عنه، وأما في سائرها فكما رأيتَ الحالَ، وهذا الذي أراده عليٌّ لما ذهب إلى صلاة العيد، فرأى رجلًا يصلِّي بالمُصلَّى، فقيل له: ألا تنهاه؟ قال: أخاف أَنْ أدخل في قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10)} [العلق: 9 - 10] غير أني لم أَرَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم يصليها. وذلك لأنَّ الصلاة خيرٌ موضوع، والإِنسانُ قد يتردَّد في أن ينهى عنها. ثُم مرَّ ابنُ عباس على مِثْل ذلك، ونهى أن تُصلّى النوافل في المسجد، وتلا قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ} ... إلخ [الأحزاب: 36]، فهل وجدت المعنى، وهل دريت ما أراد هذان، جَبَلا العِلم؟ والذي يظهر أن ابن عباس نظر إلى أنَّ للشارع ولايةً خاصة على أن يمنع عن عبادة أيضًا، وأما عليٌّ فنَظرُه أَوْسع منه. فهكذا الحال في مسألة ختم القرآن، فإِنه عبادةٌ في أقل من ثلاثة أيضًا، فكيف ينهى عنها، ثم إنَّ الخَتْم (¬1) في أقلّ منه يوجِب الهزَّ غالبًا، وهو منهي عنه، فذلك يرجَّح المنعُ، فلم يستقر الشَّرْع فيه على شيء لذلك، ولا سبيل فيه إلَّا إلى تقسيم الأحوال، فإِن قَدِر على الخَتْم في يوم، أو أقلّ منه مع تصحيح الحروف وحصور القلب فله فيه فْضْل، وإلَّا لا ينبغي له أن يَلْعب بكتاب الله، وأولى له أن يقرأه على مُكْث وقلبه يرغبُ فيه، ويتركه وهو في هذا الحال، لا أن يملَّ منه. وإنما المناسب لوظيفةِ الحديث الاستمرارُ بالنهي عنه لسدِّ الذرائع. ومن ههنا تَتبيَّنُ مسألةٌ أُصوليةٌ للحنفية، أن النهي عن الأفعالِ الشرعية مقرر للمشروعية، بشرط أن تكون تلك العبادةُ بديهيةً واضحة. 5054 - قوله: (ولا تَزِد على ذلك) وفي طُرُقه لَفْظٌ عند النسائي يحتاج إلى الشرح ¬

_ (¬1) ويؤيدُه ما أخرجه الترمذي، وأبو داود، والدارمي عن عبد الله بن عَمْرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث"، كذا في "المشكاة".

35 - باب البكاء عند قراءة القرآن

فلينظر (¬1) فيه. كما قد وقع سَهْوٌ من راوٍ عن أبي داود، فذكر ليلةَ القَدْر في الأشفاع مع أنها في الأوتار، فإِنه غَلِط فيه، فحمل الشَّهر على ثلاثين، وجعل الأوتار كلها أشفاعًا، مع أن الشهر فيه كان مفروضًا بتسعٍ وعشرين. وإذا انكشف الأَمْرُ استُغْني عن تأويله، فإِنه وجدنا في غير واحدٍ من الأحاديث أن ليلة القَدْر هي في الأوتار، فما نبالي بما عبر به راوٍ واحد. 35 - باب الْبُكَاءِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ 5055 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ يَحْيَى بَعْضُ الْحَدِيثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ الأَعْمَشُ وَبَعْضُ الْحَدِيثِ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَعَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اقْرَأْ عَلَىَّ». قَالَ قُلْتُ أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ «إِنِّى أَشْتَهِى أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِى». قَالَ فَقَرَأْتُ النِّسَاءَ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41)} [النساء: 41]. قَالَ لِى «كُفَّ - أَوْ أَمْسِكْ -». فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَذْرِفَانِ. أطرافه 4582، 5049، 5050، 5056 - تحفة 9402، 9587 5056 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اقْرَأْ عَلَىَّ». قُلْتُ أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ «إِنِّى أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِى». أطرافه 4582، 5049، 5050، 5055 - تحفة 9402 36 - باب مَنْ رَايَا بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ تَأَكَّلَ بِهِ أَوْ فَخَرَ بِهِ 5057 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ عَلِىٌّ رضى الله عنه سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَأْتِى فِى آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفاه 3611، 6930 - تحفة 10121 - 244/ 6 5058 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ ¬

_ (¬1) يقول العبد الضعيف: وقد ذكرته مبسوطًا في الصيام، مع ما له وما عليه نَقْلًا عن "المعتصر".

37 - باب: «اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم»

الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَخْرُجُ فِيكُمْ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلاَتَكُمْ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ، وَعَمَلَكُمْ مَعَ عَمَلِهِمْ، وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينَ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَنْظُرُ فِى النَّصْلِ فَلاَ يَرَى شَيْئًا، وَيَنْظُرُ فِى الْقِدْحِ فَلاَ يَرَى شَيْئًا، وَيَنْظُرُ فِى الرِّيشِ فَلاَ يَرَى شَيْئًا، وَيَتَمَارَى فِى الْفُوقِ». أطرافه 3344، 3610، 4351، 4667، 6163، 6931، 6933، 7432، 7562 تحفة 4421 5059 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمُؤْمِنُ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَعْمَلُ بِهِ كَالأُتْرُجَّةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَالْمُؤْمِنُ الَّذِى لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَعْمَلُ بِهِ كَالتَّمْرَةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلاَ رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِى لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالْحَنْظَلَةِ، طَعْمُهَا مُرٌّ - أَوْ خَبِيثٌ - وَرِيحُهَا مُرٌّ». أطرافه 5020، 5427، 7560 تحفة 8981 37 - بابٌ: «اقْرَؤُوا القُرْآنَ ما ائْتَلَفَتْ عَلَيهِ قُلُوبُكُمْ» 5060 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ الْجَوْنِىِّ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ قُلُوبُكُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ». أطرافه 5061، 7364، 7365 - تحفة 3261 5061 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بْنُ أَبِى مُطِيعٍ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ الْجَوْنِىِّ عَنْ جُنْدَبٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ». تَابَعَهُ الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَبَانُ. وَقَالَ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ سَمِعْتُ جُنْدَبًا قَوْلَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ عُمَرَ قَوْلَهُ، وَجُنْدَبٌ أَصَحُّ وَأَكْثَرُ. أطرافه 5060، 7364، 7365 تحفة 3261، 10489 - 245/ 6 5062 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ آيَةً، سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خِلاَفَهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «كِلاَكُمَا مُحْسِنٌ فَاقْرَآ - أَكْبَرُ عِلْمِى قَالَ - فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَأَهْلَكَهُمْ». طرفاه 2410، 3476 تحفة 9591 كنا نرى أن معنى قوله: «وإذا اختلفتم فقوموا عنه»، أي مللتم عن قراءته، ثُم تَبيّن من الروايات أنَّ مراد الائتلافِ والاختلافِ هو ظهورُ النزاع في مجلس القراءة وعدمُه، أي اقرءوا القرآن ما دامت القلوبُ مؤتلفةً بَعْضُها ببعض، فإِذا ظهر بين المجلس اختلافٌ وانشقاق فتعوذوا بالله، وقوموا.

67 - كتاب النكاح

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 67 - كتاب النِّكَاح 1 - بابُ التَّرْغِيبِ في النِّكاح لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ النّسَآء} [النساء: 3]. 5063 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ أَبِى حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. قَالَ أَحَدُهُمْ أَمَّا أَنَا فَإِنِّى أُصَلِّى اللَّيْلَ أَبَدًا. وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ. وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّى لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّى أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّى وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِى فَلَيْسَ مِنِّى». تحفة 745 - 2/ 7 5064 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: 3]. قَالَتْ يَا ابْنَ أُخْتِى، الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِى حَجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ فِى مَالِهَا وَجَمَالِهَا، يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّةِ صَدَاقِهَا، فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فَيُكْمِلُوا الصَّدَاقَ، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ. أطرافه 2494، 2763، 4573، 4574، 4600، 5092، 5098، 5128، 5131، 5140، 6965 - تحفة 16693 - 3/ 7 5063 - قوله: (فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم) أي قالوا ذلك في أنفسهم، تأويلًا لما بلغهم من قِلّة عبادة النبي صلى الله عليه وسلّم حسب ما قدّروه في أنفسهم. 2 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ لأَنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ». وَهَلْ يَتَزَوَّجُ مَنْ لاَ أَرَبَ لَهُ فِى النِّكَاحِ؟! 5065 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ بِمِنًى فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ لِى إِلَيْكَ حَاجَةً. فَخَلَيَا فَقَالَ عُثْمَانُ هَلْ لَكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِى أَنْ نُزَوِّجَكَ بِكْرًا، تُذَكِّرُكَ

3 - باب من لم يستطع الباءة فليصم

مَا كُنْتَ تَعْهَدُ، فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى هَذَا أَشَارَ إِلَىَّ فَقَالَ يَا عَلْقَمَةُ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهْوَ يَقُولُ أَمَا لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ لَقَدْ قَالَ لَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ». طرفاه 1905، 5066 - تحفة 9417 قال الخطابي: أصلُه الموضِعُ الذي يتبوأه، ويأوى إليه، والمراد به النكاحُ وحقوقُ الزوجية من المَهْر وغيرها كلّها. وقيل: المراد به الجِماع. قلتُ: وحينئذ لا يلائمه آخِرُ الحديث، لأنَّ الحديثَ هكذا: «مَن استطاع منكم الباءةَ، فليتزوج، ومَنْ لم يستطع فعليه بالصوم» ... إلخ، فلو أردنا من الباءةِ الجماع، كان المعنى مَنْ لم يستطع الجماع فعليه بالصوم، ومعلومٌ أنه إذن لا حاجةَ له إلى الصوم، لأن الحاجةَ إليه لانكسارِ الشهوة، ومَنْ لا يقدر على الجماع يستغني عنه لا محالة. 5065 - قوله: (قال: كُنْت مع عبدِ الله، فَلَقِيَهُ عثمانُ بِمنَى) ... إلخ، كان بين عثمانَ وعبد الله بن مسعود شيءٌ، لأن عثمان لم يُدْخِله في جَمْع القرآن، فلما لَقِيه أراد أن يجبر خاطِرَه فدعاه وتكلَّم معه، كأنه يناجي به، ولم يكن المقصود إلَّا إرضاءه، فلما استشعر به ابنُ مسعود، ورأى أنه ليس له حاجةٌ مخصوصة، أشار علقمة، ودعاه عنده ... إلخ. 3 - باب مَنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الْبَاءَةَ فَلْيَصُمْ 5066 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَارَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - شَبَابًا لاَ نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهُ - صلى الله عليه وسلم - «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ». طرفاه 1905، 5065 تحفة 9385 4 - باب كَثْرَةِ النِّسَاءِ 5067 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ قَالَ حَضَرْنَا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ جَنَازَةَ مَيْمُونَةَ بِسَرِفَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذِهِ زَوْجَةُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا رَفَعْتُمْ نَعْشَهَا فَلاَ تُزَعْزِعُوهَا وَلاَ تُزَلْزِلُوهَا وَارْفُقُوا، فَإِنَّهُ كَانَ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - تِسْعٌ، كَانَ يَقْسِمُ لِثَمَانٍ وَلاَ يَقْسِمُ لِوَاحِدَةٍ. تحفة 5914 - 4/ 7 5068 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِى لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَهُ تِسْعُ نِسْوَةٍ. وَقَالَ

5 - باب من هاجر أو عمل خيرا لتزويج امرأة فله ما نوى

لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 1186 [طرفه في: 268]. 5069 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْحَكَمِ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ رَقَبَةَ عَنْ طَلْحَةَ الْيَامِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قَالَ لِى ابْنُ عَبَّاسٍ هَلْ تَزَوَّجْتَ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَتَزَوَّجْ فَإِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَكْثَرُهَا نِسَاءً. تحفة 5525 5067 - قوله: (كان يَقْسِم لثمانٍ، ولا يَقْسِم لواحدةٍ) وتلك كانت سَوْدة. 5068 - قوله: (كان يطوفُ على نسائه في ليلةٍ واحدةٍ (¬1)). 5 - باب مَنْ هَاجَرَ أَوْ عَمِلَ خَيْرًا لِتَزْوِيجِ امْرَأَةٍ فَلَهُ مَا نَوَى 5070 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْعَمَلُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لاِمْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ». أطرافه 1، 54، 2529، 3898، 6689، 6953 - تحفة 10612 6 - باب تَزْوِيجِ الْمُعْسِرِ الَّذِى مَعَهُ الْقُرْآنُ وَالإِسْلاَمُ فِيهِ سَهْلٌ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 5071 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَيْسَ لَنَا نِسَاءٌ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ نَسْتَخْصِى فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ. طرفه 5075 - تحفة 9538 5071 - قوله: (أَلاَ نَسْتَخْصي؟ فنهانا عن ذلك) فالاختصاء حرام، والتبتل مكروه. ¬

_ (¬1) قلتُ: واستشكله الشارحون لكونه خلافَ القَسْم، فقيل: إنَّ القَسْم لم يكن واجبًا عليه، وإنما كان ألزمه على نفسه من نفسه. وقيل: إن ذلك بعد خَتْم الدورةِ، وذلك جائزٌ، لأنه ليس فيه معنى يخالِفُ القَسْم، ونعم ما أجاب عنه شيخي، فقال: لا ندري متى كان ذلك، والراوي وإنْ عَبّر بشاكلة العادة، لكنا لم نعلم من الخارج أن يكون ذلك من عادةِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما تَحقَّق لنا أنها واقعةٌ واحدة فقط، وتلك في حَجَّته، فإِنه لما أَحْرم، وعلم تماديه إلى آوان الفراغ، أراد أن يَقضي حاجَتَهن، فطاف عليهن في تلك الليلة. ولا نعلم كَوْنَه عادةً للنبي - صلى الله عليه وسلم - أَصْلًا، وإذا لم تنفصل إلَّا واقعة، فليفرزها عن البحث ولا حاجة إلى الجواب عنه. قلتُ: وإنما يذوقه مَنْ رُزِق علمًا، ثُم كان ذا تجربة، أما مَنْ حَفِظ القواعد، فإنه يَعْجِز عنه لمكان - كان - فإِنه عهد للعادة عنده، ومَنْ جرب الرواة وأوهامهم والتوسع في تعبيراتهم، فإِنه يراها غنيمةً باردةً.

7 - باب قول الرجل لأخيه: انظر أي زوجتى شئت حتى أنزل لك عنها

7 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ لأَخِيهِ: انْظُرْ أَيَّ زَوْجَتَىَّ شِئْتَ حَتَّى أَنْزِلَ لَكَ عَنْهَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ. 5072 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَآخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِىِّ وَعِنْدَ الأَنْصَارِىِّ امْرَأَتَانِ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ فَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِى أَهْلِكَ وَمَالِكَ دُلُّونِى عَلَى السُّوقِ، فَأَتَى السُّوقَ فَرَبِحَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَشَيْئًا مِنْ سَمْنٍ فَرَآهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ فَقَالَ «مَهْيَمْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ». فَقَالَ تَزَوَّجْتُ أَنْصَارِيَّةً. قَالَ «فَمَا سُقْتَ». قَالَ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». أطرافه 2049، 2293، 3781، 3937، 5148، 5153، 5155، 5167، 6082، 6386 - تحفة 675 - 5/ 7 8 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّبَتُّلِ وَالْخِصَاءِ 5073 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ يَقُولُ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لاَخْتَصَيْنَا. طرفه 5074 - تحفة 3856 5074 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ يَقُولُ لَقَدْ رَدَّ ذَلِكَ - يَعْنِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عُثْمَانَ، وَلَوْ أَجَازَ لَهُ التَّبَتُّلَ لاَخْتَصَيْنَا. طرفه 5073 - تحفة 3856 5075 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَيْسَ لَنَا شَىْءٌ فَقُلْنَا أَلاَ نَسْتَخْصِى فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ الْمَرْأَةَ بِالثَّوْبِ، ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87)} [المائدة: 87]. طرفه 5071 - تحفة 9538 5076 - وَقَالَ أَصْبَغُ أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى رَجُلٌ شَابٌّ وَأَنَا أَخَافُ عَلَى نَفْسِى الْعَنَتَ وَلاَ أَجِدُ مَا أَتَزَوَّجُ بِهِ النِّسَاءَ، فَسَكَتَ عَنِّى، ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَسَكَتَ عَنِّى ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَسَكَتَ عَنِّى ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا أَنْتَ لاَقٍ، فَاخْتَصِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ ذَرْ». تحفة 15331

9 - باب نكاح الأبكار

5075 - قوله: (ثُم رَخَّص لنا أن نَنْكِحَ المرأةَ بالثوبِ) ومن ههنا نُسِب إلى ابنِ مسعود جوازُ المتعة، مع أنه لا حاجةَ إلى حَمْل التزوج على نِكاح المتعة، بل هو على المعروف. أما ذِكْر الثوب فلكونه مَهْرًا مُعجَّلًا. 9 - باب نِكَاحِ الأَبْكَارِ وَقَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِعَائِشَةَ: لَمْ يَنْكِحِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِكْرًا غَيْرَكِ. تحفة 5801 - 6/ 7 5077 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ لَوْ نَزَلْتَ وَادِيًا وَفِيهِ شَجَرَةٌ قَدْ أُكِلَ مِنْهَا، وَوَجَدْتَ شَجَرًا لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا، فِى أَيِّهَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيرَكَ قَالَ «فِى الَّذِى لَمْ يُرْتَعْ مِنْهَا». تَعْنِى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا. تحفة 16948 5078 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُرِيتُكِ فِى الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ، إِذَا رَجُلٌ يَحْمِلُكِ فِى سَرَقَةِ حَرِيرٍ فَيَقُولُ هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَأَكْشِفُهَا فَإِذَا هِىَ أَنْتِ، فَأَقُولُ إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ». أطرافه 3895، 5125، 7011، 7012 - تحفة 16810 5078 - قوله: (إن يكن هذا مِن عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِه) أي إنْ يكن هذا هو تعبير الرؤيا من الله تعالى يُمْضه كذلك، وإنْ أراد منها غيرَ ما في الظاهر، فهو أعلم به. فرؤيا الأنبياءِ وحيٌ وإن احتاجت إلى التعبيرِ، فالتردُّدُ ليس إلَّا في تعبيرها. 10 - باب الثَّيِّبَاتِ وَقَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ: قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لاَ تَعْرِضْنَ عَلَىَّ بَنَاتِكُنَّ وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ». 5079 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَفَلْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ غَزْوَةٍ فَتَعَجَّلْتُ عَلَى بَعِيرٍ لِى قَطُوفٍ، فَلَحِقَنِى رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِى، فَنَخَسَ بَعِيرِى بِعَنَزَةٍ كَانَتْ مَعَهُ، فَانْطَلَقَ بَعِيرِى كَأَجْوَدِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ الإِبِلِ، فَإِذَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا يُعْجِلُكَ». قُلْتُ كُنْتُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرُسٍ. قَالَ «بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا». قُلْتُ ثَيِّبٌ. قَالَ «فَهَلاَّ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ». قَالَ فَلَمَّا ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ قَالَ «أَمْهِلُوا حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلاً - أَىْ عِشَاءً - لِكَىْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ». أطرافه 443، 1801، 2097، 2309، 2385، 2394، 2406، 2470، 2603، 2604، 2718، 2861، 2967، 3087، 3089، 3090، 4052، 5080، 5243، 5244، 5245، 5246، 5247، 5367، 6387 تحفة 2342 5080 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَارِبٌ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهما يَقُولُ تَزَوَّجْتُ فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا تَزَوَّجْتَ». فَقُلْتُ تَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا. فَقَالَ «مَا لَكَ وَلِلْعَذَارَى وَلِعَابِهَا». فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فَقَالَ

11 - باب تزويج الصغار من الكبار

عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَلاَّ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ». أطرافه 443، 1801، 2097، 2309، 2385، 2394، 2406، 2470، 2603، 2604، 2718، 2861، 2967، 3087، 3089، 3090، 4052، 5079، 5243، 5244، 5245، 5246، 5247، 5367، 6387 - تحفة 2580، 2550 11 - باب تَزْوِيجِ الصِّغَارِ مِنَ الْكِبَارِ 5081 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عِرَاكٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ عَائِشَةَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ إِنَّمَا أَنَا أَخُوكَ، فَقَالَ «أَنْتَ أَخِى فِى دِينِ اللَّهِ وَكِتَابِهِ وَهْىَ لِى حَلاَلٌ». تحفة 16373، 19011 - 7/ 7 12 - باب إِلَى مَنْ يَنْكِحُ، وَأَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ، وَمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَخَيَّرَ لِنُطَفِهِ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ 5082 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ صَالِحُو نِسَاءِ قُرَيْشٍ، أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِى صِغَرِهِ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِى ذَاتِ يَدِهِ». طرفاه 3434، 5365 - تحفة 13753 13 - باب اتِّخَاذِ السَّرَارِىِّ، وَمَنْ أَعْتَقَ جَارِيَتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا 5083 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ صَالِحٍ الْهَمْدَانِىُّ حَدَّثَنَا الشَّعْبِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ عِنْدَهُ وَلِيدَةٌ فَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، وَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِى فَلَهُ أَجْرَانِ، وَأَيُّمَا مَمْلُوكٍ أَدَّى حَقَّ مَوَالِيهِ وَحَقَّ رَبِّهِ فَلَهُ أَجْرَانِ». قَالَ الشَّعْبِىُّ خُذْهَا بِغَيْرِ شَىْءٍ قَدْ كَانَ الرَّجُلُ يَرْحَلُ فِيمَا دُونَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَعْتَقَهَا ثُمَّ أَصْدَقَهَا». أطرافه 97، 2544، 2547، 2551، 3011، 3446 - تحفة 9107، 9114 5084 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلاَّ ثَلاَثَ كَذَبَاتٍ بَيْنَمَا إِبْرَاهِيمُ مَرَّ بِجَبَّارٍ وَمَعَهُ سَارَةُ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - فَأَعْطَاهَا هَاجَرَ قَالَتْ كَفَّ اللَّهُ يَدَ الْكَافِرِ وَأَخْدَمَنِى آجَرَ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَتِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِى مَاءِ السَّمَاءِ. أطرافه 2217، 2635، 3357، 3358، 6950 - تحفة 14419، 14412 5085 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلاَثًا يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىٍّ فَدَعَوْتُ

14 - باب من جعل عتق الأمة صداقها

الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ فَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلاَ لَحْمٍ، أُمِرَ بِالأَنْطَاعِ فَأَلْقَى فِيهَا مِنَ التَّمْرِ وَالأَقِطِ وَالسَّمْنِ فَكَانَتْ وَلِيمَتَهُ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَقَالُوا إِنْ حَجَبَهَا فَهْىَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهْىَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّى لَهَا خَلْفَهُ وَمَدَّ الْحِجَابَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ. أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 577 - 8/ 7 وقد علمت أَنَّ نفس الإِعتاق يَصْلُح مَهْرًا عند الشافعي، ولا يصلح عندنا. والرواةُ يذكرون واقعةَ صفيَّةَ على لفظين: الأول: وجعل عِتْقَها صَدَاقها، وهذا العنوان أقربُ إليهم، وقد يفصلون العِتْق عن التزوّج، فيقولون: أعتقها وتزوَّجها، وهو أَصْرحُ للحنفيةِ. 8084 - قوله: (فتلك أُمُّكم يا بني ماءِ السماء) يعني أنكم تتعاظمون في أنفسكم، وتلك أُمُّكم. 14 - باب مَنْ جَعَلَ عِتْقَ الأَمَةِ صَدَاقَهَا 5086 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ وَشُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْتَقَ صَفِيَّةَ، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا. تحفة 291، 912 15 - باب تَزْوِيجِ الْمُعْسِرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 32]. 5087 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ أَهَبُ لَكَ نَفْسِى قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَعَّدَ النَّظَرَ فِيهَا وَصَوَّبَهُ ثُمَّ طَأْطَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأْسَهُ فَلَمَّا رَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا. فَقَالَ «وَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَىْءٍ». قَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ «اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا». فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لاَ وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ». فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِى - قَالَ سَهْلٌ مَا لَهُ رِدَاءٌ فَلَهَا نِصْفُهُ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَىْءٌ وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ شَىْءٌ». فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى إِذَا طَالَ مَجْلِسُهُ قَامَ فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُوَلِّيًا فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِىَ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ «مَاذَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». قَالَ مَعِى سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا عَدَّدَهَا. فَقَالَ «تَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». أطرافه 2310، 5029، 5030، 5121، 5126، 5132، 5135، 5141، 5149، 5150، 5871، 7417 - تحفة 4718 - 9/ 7

16 - باب الأكفاء فى الدين

16 - باب الأَكْفَاءِ فِى الدِّينِ وَقَوْلِهِ: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54)} [الفرقان: 54] 5088 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - تَبَنَّى سَالِمًا، وَأَنْكَحَهُ بِنْتَ أَخِيهِ هِنْدَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَهْوَ مَوْلًى لاِمْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، كَمَا تَبَنَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - زَيْدًا، وَكَانَ مَنْ تَبَنَّى رَجُلاً فِى الْجَاهِلِيَّةِ دَعَاهُ النَّاسُ إِلَيْهِ وَوَرِثَ مِنْ مِيرَاثِهِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} إِلَى قَوْلِهِ {وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: 5] فَرُدُّوا إِلَى آبَائِهِمْ، فَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ أَبٌ كَانَ مَوْلًى وَأَخًا فِى الدِّينِ، فَجَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِىِّ ثُمَّ الْعَامِرِىِّ - وَهْىَ امْرَأَةُ أَبِى حُذَيْفَةَ - النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ مَا قَدْ عَلِمْتَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. طرفه 4000 - تحفة 16467 5089 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ لَهَا «لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الْحَجَّ». قَالَتْ وَاللَّهِ لاَ أَجِدُنِى إِلاَّ وَجِعَةً. فَقَالَ لَهَا «حُجِّى وَاشْتَرِطِى، قُولِى اللَّهُمَّ مَحِلِّى حَيْثُ حَبَسْتَنِى». وَكَانَتْ تَحْتَ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ. تحفة 16811 5090 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ». تحفة 14305 5091 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ قَالَ مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا تَقُولُونَ فِى هَذَا». قَالُوا حَرِىٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ يُسْتَمَعَ. قَالَ ثُمَّ سَكَتَ فَمَرَّ رَجُلٌ مِنَ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ «مَا تَقُولُونَ فِى هَذَا». قَالُوا حَرِىٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لاَ يُنْكَحَ وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لاَ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لاَ يُسْتَمَعَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا». طرفه 6447 - تحفة 4720 - 10/ 7 قوله: ({فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا}) {نَسَبًا} أي "ددهيال"، {وَصِهْرًا} "سُسرال". 5088 - قوله: (فَذَكَر الحَدِيث) وهو أنه أَمَرها أن تُرْضِعه، وكان سالمًا إذ ذاك كبيرًا. وحَمَله العلماءُ على الخصوصيةِ، وإلا فالرضاعةُ من المجاعة. 5089 - قوله: (حُجِّي واشتَرِطِي) وقد عَلِمت أن المُصنّف خالف الشافعي في

17 - باب الأكفاء فى المال وتزويج المقل المثرية

مسألة الاشتراط، فأخرج هذا الحديث الصريحَ من كتاب الحج، وأدخله في النكاح، وهذا من تصرفاته البديعة في كتابه. 5090 - قوله: (فاظفر بذات الدين) أي الناس يهتمون بالمال والجمال، وأما أنت فاظفَر بذاتِ الدِّين. 5091 - قوله: (هذا خيرٌ مِن مِلء الأَرْض مِثْلَ هذا) ولم أر التكثير والمبالغة مِثْله في الحديث إلا نادرًا. 17 - باب الأَكْفَاءِ فِى الْمَالِ وَتَزْوِيجِ الْمُقِلِّ الْمُثْرِيَةَ 5092 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} [النساء: 3] قَالَتْ يَا ابْنَ أُخْتِى هَذِهِ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِى حَجْرِ وَلِيِّهَا فَيَرْغَبُ فِى جَمَالِهَا وَمَالِهَا، وَيُرِيدُ أَنْ يَنْتَقِصَ صَدَاقَهَا، فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا فِى إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ، قَالَتْ وَاسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} إِلَى {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] فَأَنْزَلَ اللَّهُ لَهُمْ أَنَّ الْيَتِيمَةَ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ وَمَالٍ رَغِبُوا فِى نِكَاحِهَا وَنَسَبِهَا فِى إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَإِذَا كَانَتْ مَرْغُوبَةً عَنْهَا فِى قِلَّةِ الْمَالِ وَالْجَمَالِ تَرَكُوهَا وَأَخَذُوا غَيْرَهَا مِنَ النِّسَاءِ، قَالَتْ فَكَمَا يَتْرُكُونَهَا حِينَ يَرْغَبُونَ عَنْهَا فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهَا إِذَا رَغِبُوا فِيهَا إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهَا وَيُعْطُوهَا حَقَّهَا الأَوْفَى فِى الصَّدَاقِ. أطرافه 2494، 2763، 4573، 4574، 4600، 5064، 5098، 5128، 5131، 5140، 6965 - تحفة 16557 18 - باب مَا يُتَّقَى مِنْ شُؤْمِ الْمَرْأَةِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ} [التغابن: 14]. 5093 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَمْزَةَ وَسَالِمٍ ابْنَىْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الشُّؤْمُ فِى الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالْفَرَسِ». أطرافه 2099، 2858، 5094، 5753، 5772 - تحفة 6699، 6911 5094 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْقَلاَنِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ ذَكَرُوا الشُّؤْمَ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِى شَىْءٍ فَفِى الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ». أطرافه 2099، 2858، 5093، 5753، 5772 - تحفة 7423 5095 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنْ كَانَ فِى شَىْءٍ فَفِى الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمَسْكَنِ». طرفه 2859 - تحفة 4745 - 11/ 7

19 - باب الحرة تحت العبد

5096 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِىِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِىَّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا تَرَكْتُ بَعْدِى فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ». تحفة 99 19 - باب الْحُرَّةِ تَحْتَ الْعَبْدِ 5097 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ فِى بَرِيرَةَ ثَلاَثُ سُنَنٍ عَتَقَتْ فَخُيِّرَتْ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبُرْمَةٌ عَلَى النَّارِ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ خُبْزٌ وَأُدْمٌ مِنْ أُدْمِ الْبَيْتِ فَقَالَ «لَمْ أَرَ الْبُرْمَةَ». فَقِيلَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ، وَأَنْتَ لاَ تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ قَالَ «هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ». أطرافه 456، 1493، 2155، 2168، 2536، 2560، 2561، 2563، 2564، 2565، 2578، 2717، 2726، 2729، 2735، 5279، 5284، 5430، 6717، 6751، 6754، 6758، 6760 - تحفة 17449 وفي الحديث مسألةُ خِيار العِتْق، والروايات في زَوْج بريرةَ مختلفةٌ، ومال البخاري إلى كونِه عبدًا عند العِتْق. قلتُ: ولا يخالِفُنا الحديثُ على هذا التقدير، فإنْ ثبت كونُه حرًا كان حجةً لنا؛ وبالجملةِ الحديثُ حجةٌ لنا على تقدير، ولا يخالفنا على تقدير. وقد عارضه العينيُّ، فأتى بأسماء الرواة الذين قالوا: إنه كان حُرًّا، وادَّعى أنهم أكثرُ عددًا مِمَّن رَوَوا كونَه عبدًا، وقد سخر ههنا ابنُ القَيِّم على تفقّه صاحبِ «الهداية». أقول: والأَوْلى أن يُؤخذ بِتفقّه الطحاوي، وقد ذكرنا كلَّه من قبل (¬1). ¬

_ (¬1) راجع "المعتصر": عن عائشة أنَّ زَوج بريرة كان حرًا، ورُوي عنها أنه كان عبدًا. واحتجَّ مَنْ رَجّح كونه عبدًا بما رُوي عن عائشة أنه كان لها غلامٌ وجارية، زوجان. فقالت: يا رسول الله، إني أريد أن أعتقهما. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ابدئي بالرجل قبل المرأة"، ففيه أن الأَمة لا خيار لها إذا أُعتقت، وزَوْجُها حر، ولكن لا شك أن الزوجين كانا غيرَ بريرة وزوجها. ومُحالٌ أن يأمر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بما فيه الحياطة لأحدِ الزوجين، وإبطال حقّ الآخر، وهو خِيار العِتْق الثابِت لها في شَرْعه. فالمعنى في ذلك، هو أن عائشةَ لما استشارته، أَمَرها بِعِتْق أعظمهما ثوابًا، وهو إعتاق الذِّكر وإرجاء أمر الجارية، لترى فيها بين حبسها وبين الصلة بها لأرحامَهَا، كما في حديث مُرّة بن كعب، وكما رُوي عن ميمونَة أنها أعتقت وليدة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: "لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك". وعن ابن عباس أنه كان عبدًا، ولم يختلف عنه في ذلك كما اختلف عن عائشة. والتوفيق أن الحريةَ تكون بعد العبودية من غير عَكْس، فجعل عبدًا، ثُم جعل حرًا بعد ذلك، في الحال التي خيرت الزوجةُ بين المقام عنده وبين الفراق، دفعًا للتعارض. وما رُوي عن جرير، عن هشام، عن أبيه عن عائشةَ، قالت: "كان زوج بريرةَ عبدًا، ولو كان حُرًا لما خيرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، لا يرد ما ذكرناه، إذ لا نعلمَ من المتكلم من رواة هذا الحديث: هل هو عائشة أو مَن دونها؟ ولما لم نعلم، فنجعله قولَ صحابيِّ لا مخالِفَ له. قال القاضي: ويعارِضُه ما روي عنها أنه كان حُرًا. واحتمل أن يكون قول التابعي رواه عنها، أو من دونه، فيقابلُ قولُه بقولِ طاوس: إنَّ لها الخيار، وإن كان زوجها رجلًا من قريش، ثُم نظرنا فوجدنا مولى الأَمة له أن يزوِّجها حُرًا أو عبدًا، كالأب يزوج الصغيرة مَن شاء، ثم لا يكون لها بعد البلوغ خِيار، سواء كان الزوج حُرًا، أو عبدًا، فينبغي أن يستوي الحالان: الأَمة. ولا خلاف في أن لها الخيارَ إذا كان =

20 - باب لا يتزوج أكثر من أربع

20 - باب لاَ يَتَزَوَّجُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 2]. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الحُسَينِ عَلَيهِمَا السَّلاَمُ: يَعْنِي مَثْنَى أَوْ ثُلاَثَ أَوْ رُبَاعَ. وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {أُوْلِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر: 1]. يَعْنِي مَثْنَى أَوْ ثُلاَثَ أَوْ رُبَاع. 5098 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} [النساء: 3]. قَالَتِ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ وَهْوَ وَلِيُّهَا، فَيَتَزَوَّجُهَا عَلَى مَالِهَا، وَيُسِىءُ صُحْبَتَهَا، وَلاَ يَعْدِلُ فِى مَالِهَا، فَلْيَتَزَوَّجْ مَا طَابَ لَهُ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهَا مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ. أطرافه 2494، 2763، 4573، 4574، 4600، 5064، 5092، 5128، 5131، 5140، 6965 - تحفة 17076 21 - باب {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23] وَيَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ. 5099 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِى بَيْتِ حَفْصَةَ، قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِى بَيْتِكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أُرَاهُ فُلاَنًا». لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ. قَالَتْ ¬

_ = عبدًا، فكذا إذا كان حُرًا، ومَن فَرق بينهما قال: إنما جعل لها الخيار إذا كان عبدًا، لأنه لا يستطيع تزويج بناتِها، ولا تَحْصِينها. والحق إنَّ العِلّة هي مِلْكها نفسها، بخلاف الصغيرة، لأن بالبلوغ لا تملك نفسها. وقيل: العِلة إنما هي نُقصان قرينةِ الزَّوْج عن مرتبتها بالحُرِّية الحاصلة لها، والله أعلم. وفي "الجوهر": وإذ اختلفتِ الآثار في زوجها وجب حَملُها على وَجْه لا تضادَّ فيه. والحرية تَعْقُب الرقَّ ولا ينعكس، فثبت أنه كان حُرًا عندما خيرت عبدًا قبله، ومَنْ أخبر بعبوديته لم يعلم بحريته قبل ذلك. وقال ابنُ حَزم ما ملخصه: إنه لا خلاف أن مَن شَهِد بالحرية يُقدّم على مَنْ شهد بالرقِّ، لأن عنده زيادةَ عِلْم. ثُم لو لم يختلف أنه كان عبدًا، هل جاء في شيءٍ من الأخبار أنه عليه الصلاة والسلام إنما خَيَّرها، لأنها تحت عبد؟ هذا لا يَجِدُونه أبدًا؛ فلا فَرق بين مَن يَدَّعي أنه خَيَّرها، لأنه كان عبدًا وبين مَنْ يَدَّعي أنه خَيَّرها، لأنه كان أسود، واسمُه مُغِيثٌ. فالحق إذًا إنه إِنما خَيَّرها لكونها أُعتقت، فوجب تخييرُ كلِّ مُعتَقة، ولأنه رُوي في بعض الآثار أنه عليه الصلاة والسلام، قال لها: مَلَكت نَفْسَك، فاختاري، كذا في "التمهيد"، فكُل مَنْ ملكت نَفْسَها تختار، سواء كانت تحت حر، أو عبد، وإلى هذا ذهب ابنُ سِيرين، وطاوس، والشَّعبي. ذكر ذلك عبدُ الرّزْاق بأسانيدَ صحيحةٍ، وأخرجه ابن أبي شَيبة عن النَّخَعي، ومجاهد. وحكاه الخَطابي عن حَمّاد، والثوري، وأصحاب الرأي، وفي "التهذيب": للطبري، وبه قال مكحول. وفي "الاستذكار" أنه قولُ ابن المسيب أيضًا، اهـ. قلتُ: وفي كلام ابنِ حَزْم تَنْبيه على أنَّ الخبر قد يَرِد بحُكْم، ولا يكون فيه بيانٌ لِعِلّته، ثم يجيء واحِدٌ منهم، ويخرّج عِلّته من جانبه، ويسده إلى النصّ، كما مَرّ في حديث ابن عمرَ أنه رأى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مسْتدِبرَ الكعبة، فذلك منصوصٌ. أما أنه يُبنى على الفَرْق بين البيوت والصَّحارى، فذلك اجتهادٌ، وزعموه أَن الحديث نَصّ على ذلك، فكذلك التخيير فيما نحن فيه منصوصٌ، أما إنه لكون زوجها عبدًا، فذلك اجتهاد منهم، فافهم.

عَائِشَةُ لَوْ كَانَ فُلاَنٌ حَيًّا، لِعَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ دَخَلَ عَلَىَّ فَقَالَ «نَعَمِ الرَّضَاعَةُ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلاَدَةُ». طرفاه 2646، 3105 - تحفة 17900 - 12/ 7 5100 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قِيلَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَلاَ تَزَوَّجُ ابْنَةَ حَمْزَةَ قَالَ «إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِى مِنَ الرَّضَاعَةِ». وَقَالَ بِشْرُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ قَتَادَةَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ مِثْلَهُ. طرفه 2645 - تحفة 5378 5101 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِى سُفْيَانَ أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ انْكِحْ أُخْتِى بِنْتَ أَبِى سُفْيَانَ فَقَالَ «أَوَتُحِبِّينَ ذَلِكَ». فَقُلْتُ نَعَمْ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِى فِى خَيْرٍ أُخْتِى. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَحِلُّ لِى». قُلْتُ فَإِنَّا نُحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ بِنْتَ أَبِى سَلَمَةَ. قَالَ «بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ». قُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ «لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِى فِى حَجْرِى مَا حَلَّتْ لِى إِنَّهَا لاَبْنَةُ أَخِى مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِى وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ فَلاَ تَعْرِضْنَ عَلَىَّ بَنَاتِكُنَّ وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ». قَالَ عُرْوَةُ وَثُوَيْبَةُ مَوْلاَةٌ لأَبِى لَهَبٍ كَانَ أَبُو لَهَبٍ أَعْتَقَهَا فَأَرْضَعَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ أُرِيَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بِشَرِّ حِيبَةٍ قَالَ لَهُ مَاذَا لَقِيتَ قَالَ أَبُو لَهَبٍ لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ غَيْرَ أَنِّى سُقِيتُ فِى هَذِهِ بِعَتَاقَتِى ثُوَيْبَةَ. أطرافه 5106، 5107، 5123، 5372 - تحفة 15875، 15883 وقد ذكرنا مسألة الرَّضَاعة (¬1) مِن قبل، والمصنف وافقنا في المسألة، وجعل عمومَ ¬

_ (¬1) وذكرها صاحب "الاستذكار" أنه قولُ علي، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وابن المسيب، والحسن، ومجاهد، وعروة، وعطاء، وطاوس، ومكحول، والزُّهري، وقَتادة، والحَكَم، وحَمَّاد، وأبي حنيفة، ومالك، وأصحابهما، والثَّوري، والليث، والأَوْزاعي، والطَّبري. وقال الليث: أجمعَ المسلمون على قليل الرضاعَ وكثيره يُحرِّم في المدة. كذا في "الجوهر النقي": وفي دَعْوى الإِجماع نظر، ذكره هو. وفي "المعتصر": رُوي أن ابن عُمر سُئِل عن المَصّة والمَصّتين، فقال: لا تصلح، فقيل له: إنَّ ابن الزبير لا يرى بها بأسًا، فقال: يقول الله تعالى: {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ}. قضاءُ الله أحقُ من قضاء ابن الزبير، ثُم فقهاءُ الأمصار جميعًا، على هذا القَوْل من أهل المدينة، وأهل الكوفة، إلَّا قليلًا منهم، اهـ. وراجع تمام البحث في الكتابين المذكورين، فإِن هذه الحاشيةَ لا تسع التفصيلَ، نعم ذكر ابنُ العربي نكتةً، قال: إنَّ للحنفية نكتةً نعتني بها من تعلُّقهم بالقرآنِ، قالوا: الرّضاع وَصْف ثبت بنفس الفعل دون الكثير منهم، وهذا معلومٌ عربيةً وشرعًا، ولما قال: {أَرْضَعْنَكُمْ} ارتبط التحريمُ بالرضاع مُطلقًا، فمن قدره بعدُ، يحاول التمثيلَ بتقدير مُدّة السفر، وبتقدير أيام الحيض. فإِن قيل: هذا جائزٌ بدليل لا يخبر الواحد، لأنه زيادةٌ، والزيادةُ نَسْخ، وخَبرُ الواحد لا يَنْسخُ القرآن. قلنا: ليس هذا بزيادةٍ، ولا نَسْخ وإنما تخصيصُ اللفظ، وخصّ من عمومه، كما عمل في قوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5]، وأمثاله. اهـ. وفي "المعالم": إلا أنَّ أكثر الفقهاء قد ذهبوا إلى أَنَّ القليل من الرّضاع وكثيرَه مُحرِّم. اهـ. وراجع حديث المَصَّة والمَصَّتين "حاشية السِّندهي على النسائي"، فإِنّ له جوابًا عنده.

22 - باب من قال لا رضاع بعد حولين

القرآنِ معمولًا به، وترك مذهب الشافعيِّ، فإنه وَقَّت بخمس رضعات مُشْبِعات في أوقاتٍ مُخْتلفة جائعات، ووقت أحمدُ بثلاثٍ قلنا: وإذا ثبت النَّسْخ في الجِنْس، فالظاهر النَّسْخُ رأسًا. 5099 - قوله: (الرَّضَاعةُ، تُحرِّم ما تحرِّمُ الوِلادَةُ) أحال حديثَ مُحرَّمات الرِّضاع على مُحرَّمات النَّسب، وقد بسطها الفقهاءُ، وضبطها صدرُ الشريعة في أربعة ألفاظ: الأُصول، والفروع، وجميع فروعِ أصلِ القريب، وصُلْبيات أَصْلِ البعيد، ونقحت محرمات الصِّهر في بيت: *وزوجةُ الفَرْع والأصول ... وأم عرس وابنة المدخول فأُصول الواطىء وفروعه تَحْرُم على الموطوءة، وكذا أصولها وفروعها تَعْرُم على الواطىء. ومرَّ أنَّ ابن الهُمام أورد على الضابطةِ المذكورةِ: امرأة الابن الرَّضَاعي، ومَرّ الجواب عنه أيضًا، فلا تفيدُه. قوله: (هذا رجلٌ يستأذِنُ في بيتِك) ... إلخ. قيل: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قد كان أخبرها مَرَّةً عن المسألة في العمِّ بقوله: «إنهُ عَمّك فليلج عليك، تَرِبت يمينُك»، فماذا كانت تستفته. وفي «الموطأ» لمالك: أنها إذا أرادت أن يَأذَن رَجُلًا بالدخول عليها بعث به إلى بناتِ أُختها، دون بنات أخيها، وفيه مسألة لبن الفحل، وقد مر الكلام فيها. وأُجيب عن الأَوّل أنَّ للعم الرَّضاعي صورًا، فلعلها عَلِمت بَعْضَها دون بَعْض. 5100 - قوله: (ابنةُ أخِي من الرَّضَاعة) وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وحمزةُ ارتضعا على ثُوَيبةَ جاريةِ أبي لهب. 5101 - قوله: (أو تُحِبين ذلك؟) استخبرها أَوَّلًا عَمَّا في صدرها، ثُم عَلَّمها المسألة. وهذا نظيرُ قوله: «أتحلفون» - في القسامة - فإِنّه لم يُوجِّه اليمين إليهم أَوّلًا، ولكنه كان على نَحْو الاستخبار عما عندهم، لينكروا عنه من فطرتهم، فينصرف اليمين إلى المُدّعى عليهم لا محالة، لأنه إذا لم تكن عندهم بينةٌ، وهم لا يَحْلِفون، سواء كان عليهم أو لا، فما السبيلُ إلَّا إلى صَرْف اليمين إلى المُدَّعى عليهم. قوله: (غيرَ أنِّي سُقِيت في هذه بِعَتَاقَتِي ثُوَيبة) فيه دليلٌ أنَّ طاعاتِ الكفار تنفع شيئًا، ولو لم تدرأ العذابَ، كما مهدت فيما مر. 22 - باب مَنْ قَالَ لاَ رَضَاعَ بَعْدَ حَوْلَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233]. وَما يُحَرِّمُ مِنْ قَلِيلِ الرَّضَاعِ وَكَثِيرِهِ.

23 - باب لبن الفحل

5102 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَشْعَثِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا رَجُلٌ، فَكَأَنَّهُ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ فَقَالَتْ إِنَّهُ أَخِى. فَقَالَ «انْظُرْنَ مَا إِخْوَانُكُنَّ، فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ». طرفه 2647 - تحفة 17658 وافق فيه الجمهور وخالف أبا حنيفة. وما أجاب بِه صاحب «الهداية» ههنا فهو رَكِيكٌ جدًا، فإِنه جعل أَثَر عائشة منقصًا للمُدّة، فراجعه، فإِنه ليس تخْصِيصًا، بل يُشْبه النَّسْخ، لأن القرآنَ ذكر فيه العددَ دون العُموم، ليقال: إِنَّ أَثَرها مُخَصِّص. وبحث فيه ابنُ الهُمام في «الفتح»، واختار مَذْهب الصَّاحِبين. وأجاب عنه الزَّمْخَشري أنَّ المرادَ مِن الحمل حَمْلُه على الأيدي، فصار ثلاثونَ شهرًا كلّها مُدَّة الرَّضاعة، وبعدها الفِصال، لأن الولد يُحْمل على الأيدي زَمَنَ الرَّضاعة. وعندي أَصْل المُدةِ هي سنتانِ كما ظهرت في مسألة حِلّ أَخْذ الأُجرة للأم المُطَلّقة. فما خفي في مُدّة الرَّضاعة انكشف في مُدّة الأُجرة، وسِتّة أشهر من تتمّتها لتمرين الأَكْل. فإِنَّ النصّ لم يخاطِبه بالتمرين في السنتين، وبعدهما لا بد له مِن مُدّة يُمرّن فيها على أَكْل الطعام من النصِّ (¬1). فعلم أَنَّ السنتين ليستا مِن المدّة التي لا تجوز الزيادةُ عليها، ولو كان كذلك لأخذها الحديثُ، ولدارت عليها الأَحْكام، مع أَنَّا لم نجد لها في عامّة الأحاديث ذِكْرًا، بل أكثرها على شَاكِلةِ قوله: «إنما الرضاعة من المجاعة». فهذا أَقْربُ وأَوْضح القرائن على عَدَم كونها مَدارًا، ولك أن تقول: معناه حَمْلُه ما يكون في الخارج، وفِصَاله ثلاثونَ شهرًا، وإنما أبهم مُدّة الحَمْل لكونها غَيْرُ مُتعيِّنة في الخارج، وقد تكلَّمنا عليه فيما مَرَّ بِوَجْهٍ أبسط من هذا وأوضح، فراجعه. 23 - باب لَبَنِ الْفَحْلِ (¬2) 5103 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِى الْقُعَيْسِ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا - وَهْوَ عَمُّهَا مِنَ ¬

_ (¬1) قلتُ: ونظيرُه ما تمسّك محمدٌ به من قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187] على أنَّ الجنابةَ لا تُنافي الصَّوْم، فإِنَّ النصَّ أباح لنا تلك الأشياءَ إلى أوانِ التبيّن، ولم يأمرنا بالامتناع عنها قُبيل التبين مُدَّةً يتمكن فيها الجُنُب من الاغتسال، فَعَلِمنا أنَّ الجنابةَ لا تُنافي الصوم، لأنها تجتمع مع جزء من الصومِ لا محالة. فهكذا أباح لنا الإِرضاعَ إلى سنتين، ولم يأمرنا في تلك المدة بالتمرين، فخرجت مُدّةُ التمرين من ضرورة المقام، لأنها لا بدّ منها، وإنما لم يُعَيِّنها لكونها مختلفةً، ولذا اختلف الأئمة فيها، والله تعالى أعلم بالصواب. (¬2) قال ابنُ العربي: قد استقر الأَمْرُ على التحريم بِلَبن الفَحْل في الأخبار والأمصار، فليس أَحَدٌ يقضي بغيره، وانعقد الإِجماعُ على التحريم به، وهو الحق الذي لا إشكال فيه.

24 - باب شهادة المرضعة

الرَّضَاعَةِ - بَعْدَ أَنْ نَزَلَ الْحِجَابُ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرْتُهُ بِالَّذِى صَنَعْتُ، فَأَمَرَنِى أَنْ آذَنَ لَهُ. أطرافه 2644، 4796، 5111، 5239، 6156 - تحفة 16597 - 13/ 7 وقد ذكرنا مَالَه، وما عليه فيما مرّ، وكذا الباب الآتي، وتكلَّمنا عليه في كتاب العلم، فراجعه. 24 - باب شَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ 5104 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ عُقْبَةَ لَكِنِّى لِحَدِيثِ عُبَيْدٍ أَحْفَظُ قَالَ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، فَجَاءَتْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ أَرْضَعْتُكُمَا. فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ تَزَوَّجْتُ فُلاَنَةَ بِنْتَ فُلاَنٍ فَجَاءَتْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ لِى إِنِّى قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا. وَهْىَ كَاذِبَةٌ فَأَعْرَضَ، فَأَتَيْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ، قُلْتُ إِنَّهَا كَاذِبَةٌ. قَالَ «كَيْفَ بِهَا وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا، دَعْهَا عَنْكَ» وَأَشَارَ إِسْمَاعِيلُ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى يَحْكِى أَيُّوبَ. أطرافه 88، 2052، 2640، 2659، 2660 - تحفة 9905 25 - باب مَا يَحِلُّ مِنَ النِّسَاءِ وَمَا يَحْرُمُ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {حُرّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ} إِلَى آخِرِ الآيَتَينِ إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 23 - 24] وَقَالَ أَنَسٌ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النّسَاءِ} ذَوَاتُ اْلأَزْوَاجِ الحَرَائِرُ حَرَامٌ {إِلَّا مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ}، لاَ يَرَى بَأْسًا أَنْ يَنْزِعَ الرَّجُلُ جارِيَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ. وَقالَ: {وَلاَ تَنْكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ما زَادَ عَلَى أَرْبَعِ فَهُوَ حَرَامٌ، كَأُمِّهِ وَابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ. 5105 - وَقَالَ لَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِى حَبِيبٌ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَرُمَ مِنَ النَّسَبِ سَبْعٌ، وَمِنَ الصِّهْرِ سَبْعٌ. ثُمَّ قَرَأَ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} الآيَةَ. وَجَمَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بَيْنَ ابْنَةِ عَلِىٍّ وَامْرَأَةِ عَلِىٍّ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ لاَ بَأْسَ بِهِ. وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ مَرَّةً ثُمَّ قَالَ لاَ بَأْسَ بِهِ. وَجَمَعَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ بَيْنَ ابْنَتَىْ عَمٍّ فِى لَيْلَةٍ، وَكَرِهَهُ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ لِلْقَطِيعَةِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَحْرِيمٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] وَقَالَ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذَا زَنَى بِأُخْتِ امْرَأَتِهِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ. وَيُرْوَى عَنْ يَحْيَى الْكِنْدِىِّ عَنِ الشَّعْبِىِّ وَأَبِى جَعْفَرٍ، فِيمَنْ يَلْعَبُ بِالصَّبِىِّ إِنْ أَدْخَلَهُ فِيهِ، فَلاَ يَتَزَوَّجَنَّ أُمَّهُ، وَيَحْيَى هَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ، لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذَا زَنَى بِهَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ. وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى نَصْرٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ حَرَّمَهُ. وَأَبُو نَصْرٍ هَذَا لَمْ يُعْرَفْ بِسَمَاعِهِ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَيُرْوَى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَالْحَسَنِ وَبَعْضِ أَهْلِ الْعِرَاقِ تَحْرُمُ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لاَ تَحْرُمُ حَتَّى يُلْزِقَ بِالأَرْضِ يَعْنِى يُجَامِعَ. وَجَوَّزَهُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةُ وَالزُّهْرِىُّ. وَقَالَ الزُّهْرِىُّ قَالَ عَلِىٌّ لاَ تَحْرُمُ. وَهَذَا مُرْسَلٌ. تحفة 5482، 6283، 6570، 19319، 18877 - 14/ 7 فضبط القرآنُ المُحرَّماتِ النَّسَبيةَ في سبعة ألفاظ. قوله: (إلَّا ما ملكت أَيْمانُكم) لا يُرَى بأسًا أن ينزع الرَّجُل جارِيتَه من عَبْده، تَمسّك به أنس على مسألتين خلافَ الجمهورِ: فذهب إلى أنَّ المَوْلى يملك التفريقَ كما يملك التزويجَ عند الجمهور، فله ولايةُ الإِجبار عنده في الطَّرفين؛ وذهب إلى أنَّ الشِّراء مُبْطلٌ للنِّكاح، فإِنَّ الشِّراء مُوجِبٌ للمِلْك، والمملوكة حلالٌ بالنصِّ، قال تعالى: {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} ومِن لوازِم الحِلِّ بطلان النِّكاح لا محالة. وللجمهور خلافٌ في المسألتين، وتأويله الجمهور على أنَّ المرادَ منه ما ملكت أيمانُكم في الغَزْو على طَوْر السَّبي. ثم الفقهاءُ اختلفوا في مَناطِ الفُرْقة، أنه تبايُن الدارينِ أو السَّبي؟. قلتُ: والمتبادر من النصِّ أنه السَّبي، فعنوان النصِّ أَقْربُ إلى الشافعيةِ، وقد كُنت عَلَّقت عليه تَذْكرةً ذكرت فيها الوَجْه للحَنَفيةِ، ويظهَرُ منها التفصِّي عن استدلال أَنَس أيضًا (¬1). 5105 - قوله: (عن ابنُ عباس: إذا زَنى بأُخْتِ امرأته) لما فَرَغ من المُحرّماتِ من جهةِ النَّسَب، والصِّهر، والجمع، وتعرّض إلى مسألةِ الزِّنا؛ فاعلم أنَّ حُرْمةَ المصاهرة تثبت عندنا بالزِّنا ودواعيه، ولم يذهب إليه ابن عباس. ورُوي عن محمد أنَّ مَنْ زنى بأختِ زوجته، فلا يطأ زوجته حتى تَحِيضَ حيضةً، توقيًا عن الجمع. قوله: (ويُرْوى عن يَحْيى الكِنْدِيِّ عن الشَّعبي، وأبي جَعْفر: فيمن يَلْعَبُ بالصَّبيِّ، وأَدْخَله فيه، فلا يتزوَّجَنَّ أُمِّه) فهؤلاء قد سبقوا الحنفية حيث أثبتوا الحُرْمة مِن اللواطة أيضًا. قوله: (وقال عِكْرمة:) ... إلخ. فلم يذهب هو أيضًا إلى إثباتِ الحُرْمة من الزنا، إلا أنَّ المصنِّف تكلَّم في إسنادِ بالانقطاع. قوله: (يُرْوى عن عِمران بن حُصَين، وجابر بن زَيْد، والحسن، وبَعْض أَهْل العراق - وهم الحنفية تَحْرُم عليه). قوله: (وقال أبو هريرة: لا تَحْرُمُ عليه حَتَّى يُلزِق بالأرض، يعني بجامع) وجوّلإه ابنُ المسيّب، وعُروة، والزُّهري، فلم يذهبوا إلى إثباتِ الحُرْمة؛ وبالجملةِ ثبت فيها ¬

_ (¬1) قلت: لم أفز بها بعد.

26 - باب {وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن} [النساء: 23]

الاختلافُ في السَّلَف، فأثبتها إمامُنا، وأنكرها الآخَرُون قلتُ: أما المرفوعُ فلا فَصْل فيه، بقي الآثار، فقد جمعها الشيخُ علاء الدين في «الجَوْهر النَّقي» (¬1). 26 - باب {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الدُّخُولُ وَالمَسِيسُ وَاللِّمَاسُ هُوَ الجِمَاعُ. وَمَنْ قالَ: بَنَاتُ وَلَدِهَا مِنْ بَنَاتِهِ في التَّحْرِيمِ، لِقَوْلِ النبي صلى الله عليه وسلّم لأُمِّ حَبِيبَةَ: «لاَ تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ». وَكَذلِكَ حلائل وَلَدِ اْلأَبْنَاءِ هنَّ حَلاَئِلُ اْلأَبْنَاءِ. وَهَل تُسَمَّى الرَّبِيبَةَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ في حَجْرِهِ؟ وَدَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم رَبِيبَةً لَهُ إِلَى مَنْ يَكْفُلُهَا، وَسَمَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم ابْنَ ابْنَتِهِ ابْنًا. 5106 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِى بِنْتِ أَبِى سُفْيَانَ قَالَ «فَأَفْعَلُ مَاذَا». قُلْتُ تَنْكِحُ. قَالَ «أَتُحِبِّينَ». قُلْتُ لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَرِكَنِى فِيكَ أُخْتِى. قَالَ «إِنَّهَا لاَ تَحِلُّ لِى». قُلْتُ بَلَغَنِى أَنَّكَ تَخْطُبُ. قَالَ «ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِى مَا حَلَّتْ لِى، أَرْضَعَتْنِى وَأَبَاهَا ثُوَيْبَةُ، فَلاَ تَعْرِضْنَ عَلَىَّ بَنَاتِكُنَّ وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ». وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنَا هِشَامٌ دُرَّةُ بِنْتُ أَبِى سَلَمَةَ. أطرافه 5101، 5107، 5123، 5372 تحفة 15875، 15883 - 15/ 7 قوله: (وهل تُسمَّى الرَّبِيبة، وإنْ لم تكن في حَجْرِه) أي إنَّ بنتَ زوجتِه ربيبةُ في كلِّ حال، سواء كانت في حَجْره، أو حَجْرِ غيره. قوله: (وسَمَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم ابنَ ابنتِهِ ابنًا) وهذا الذي أراده الفقهاءُ من قوله: وإنْ عَلَوا. قوله: (لَوْ لَم تَكُن رَبِيبتي ما حَلَّت لي) أي لو لم تكن رَبِيبتي أيضًا، ما حلَّت لي أيضًا، فسقط البحثُ من قولنا أيضًا. 27 - باب {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 23] 5107 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ ¬

_ (¬1) نقله عن سَعِيد بن المسيب، وأبي سَلَمة بن عبد الرحمن، وعُروة بن الزبير، والحسن، وعِمران بن حُصَين، وعطاء، وطَاوُس، وقَتادة، وأبي هاشم، ومجاهد، والنَّخَعي، والشَّعبي، وابن مُغَفَّل، وعِكْرمة، والثَّوري: وفي "المعالم": وهو مذهبُ أصحابِ الرأي، والأوْزاعي، وأحمد. وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "واحتجبي منه يا سَودةُ"، حجّةٌ لهم، لأنه لما رأى الشبه بعُتْبة عَلِم أنه من مائه، فأجراه في التحريم مجرى النَّسَب، وأَمَرها بالاحتجاب منه. وفي "أحكام القرآن": لا أَرى هو قول سالم بن عبد الله، وسليمان بن يَسار، وحَمّاد، وأبي حنيفةَ، وأصحابه. اهـ، حذفنا أسانيدَها رَوْمًا للاختصار.

28 - باب لا تنكح المرأة على عمتها

عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ انْكِحْ أُخْتِى بِنْتَ أَبِى سُفْيَانَ. قَالَ «وَتُحِبِّينَ». قُلْتُ نَعَمْ، لَسْتُ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِى فِى خَيْرٍ أُخْتِى. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَحِلُّ لِى». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَتَحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِى سَلَمَةَ. قَالَ «بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ». فَقُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «فَوَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ فِى حَجْرِى مَا حَلَّتْ لِى إِنَّهَا لاَبْنَةُ أَخِى مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِى وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ فَلاَ تَعْرِضْنَ عَلَىَّ بَنَاتِكُنَّ وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ». أطرافه 5101، 5106، 5123، 5372 - تحفة 15883، 15875 وهذه هي حُرْمة الجَمْع. والضابطة (¬1) فيه عندنا أنه لا يجوزُ الجَمْع بين كلِّ امرأتين لو فُرِضت إحداهُما ذَكَرًا لم تحِلّ لها النِّكاح بالأُخْرى، ويُشْترطُ ذلك أن يتصوّر من الطرفين. وأورد عليه ابن القَيِّم في «أعلام الموقعين» قال: وهي زيادةٌ على الكتاب من خَبرِ الواحد. وهو ساقِطٌ عندي، لأنَّ هذا مَجْمعٌ عليه فلم يبقَ خبرًا واحدًا. وقد مرَّ أنَّ خَبر الواحِدُ عِند المُحدِّثين ما كان له سَنَدٌ دون المشهور، وعند الأصوليين هو ما لم يُتلقَ بالقَبول في عهد السَّلف، فإِن تُلقِي فهو مشهورٌ. فهم قَسَمُوا الخبرَ باعتبار التلقِّي وعدمِه، فبالتلقي يصيرُ الخبرُ عندهم مشهورًا، فتجوز به الزيادةُ على الكتاب، على أنه متواترٌ عَملًا وإن لم يكن متواترًا سندًا، لأنَّ السند عبارةٌ عمن عمن، وفي تواتر الطبقة يكون أَخْذ الطبقة عن الطبقة، وثالثًا أنه ليس من باب الزيادةِ، بل تنقيحٌ للمناط، لقوله: {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} فافهم. 28 - باب لاَ تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا 5108 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ عَنِ الشَّعْبِىِّ سَمِعَ جَابِرًا رضى الله عنه قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا. وَقَالَ دَاوُدُ وَابْنُ عَوْنٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. تحفة 2345، 13539 ¬

_ (¬1) ذكرها في "المعتصر"، وقد ذكرها فقهاؤنا، قال بعد رواية الحديث في ذلك: لأنَّ كلَّ واحدة منهما لو كانت رَجُلًا لم يحِل له التزوُّجُ بالأُخرى، فلم يصلح أن يَجْمع بينهما بتزويج. وذهب بعضٌ إلى أنَّ معنى الجَمْع بين العَمَّتين، وبين الخالتين إنما كان لأن إحداهما سُمِّيت باسم الأُخرى بالمجاورة. كما قيل: العُمران لأبي بكر وعمر، ولا يُحْمل الكلامُ على هذا إلا عند الضرورةِ إليه، ولا ضرورة، وقد رُوي عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن تُنْكح المرأةُ على عَمتها أو على خالتها؛ ونهى أن تُنكح على ابنة أخيها، وابنة أختها؛ نهى أن تنكح الكُبْرى على الصُّغرى، أو الصغرى على الكبرى. ومعنى ذلك عندنا - والله أعلم - على الكُبرى وعلى الصّغرى في النَّسب، كما قيل في الولاء: الولاء لكبر، يراد بذلك الكُبر في النَّسَب.

29 - باب الشغار

5109 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلاَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا». طرفه 5110 - تحفة 13812 5110، 5111 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَالْمَرْأَةُ وَخَالَتُهَا. فَنُرَى خَالَةَ أَبِيهَا بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ؛ لأَنَّ عُرْوَةَ حَدَّثَنِى عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ. أطرافه 2644، 4796، 5103، 5239، 6156 تحفة 16737 29 - باب الشِّغَارِ (¬1) 5112 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الشِّغَارِ، وَالشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآخَرُ ابْنَتَهُ، لَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ. طرفه 6960 - تحفة 8323 وهو في اللغةِ أن يَبُول الكَلْبُ بِرَفْع إحدى رجليه. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: أجمع العلماء أنَّ نِكاح الشِّغار لا يجوز، ولكن اختلفوا في صِحّته: ومَذْهبُ الإِمام أبي حنيفةَ أنه يصح ويجِب مَهْرُ المِثْل، وذهب البعضُ إلى البطلان. وأصلُ الخلاف في مسألةٍ أُصولية، وهي أنَّ النهي عن الأفعال الشرعية يوجِب البطلان أو لا؟ فَمَن ذهب إلى أنه يوجب البُطلان اختار بطلان الشغار أيضًا، ومن لا فلا. ويقول الإِمام أبو حنيفة: إنَّ ما كان فيه من معنى الفساد فقد أصلحناه، وكافيناه بإِيجاب مَهْر المِثل، فلا وَجْه للفساد أصلًا، ولا نَجِد من حال الصحابة رضي الله تعالى عنهم أنهم تعاملوا مع المَنْهي عنه معاملةَ الباطل دائمًا. 30 - باب هَلْ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لأَحَدٍ 5113 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ مِنَ اللَّائِى وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ عَائِشَةُ أَمَا تَسْتَحِى الْمَرْأَةُ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لِلرَّجُلِ فَلَمَّا نَزَلَتْ {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} [الأحزاب: 51] قُلْتُ يَا ¬

_ (¬1) قال ابن العربي في "شَرْح الترمذي": في الشغار ثلاثةُ أوْجُه: الأول مِن شغر الكَلْب، إذا رَفَع رِجْله لِيَبُول، فكأنه إذا فعل ذلك كان علامة على قُوّته على الفساد، فيكون معناه على هذا: نهي عن نكاح الكلب، كما قال: العائد في هديته، كالكلب يعود في قيئه: الثاني: أن الشِّغار النفر، كأنه نفر عن طريق الحقّ: والثالث: أنه يقال: بَلَدُ شاغِر، إذا كان خاليًا عن المناظر، وهذا النكاح قد خَلا عن المُحلِّل، وهو المهر. اهـ، وقد ذكر الخطَّابي له معنى غريبًا يلائم مَذْهَبَه من بطلان نِكاح الشِّغار، فراجعه في "المعالم".

31 - باب نكاح المحرم

رَسُولَ اللَّهِ مَا أَرَى رَبَّكَ إِلاَّ يُسَارِعُ فِى هَوَاكَ. رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْمُؤَدِّبُ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ وَعَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ يَزِيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. طرفه 4788 - تحفة 17239، 17342، 17186، 17049 - 16/ 7 31 - باب نِكَاحِ الْمُحْرِمِ 5114 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - تَزَوَّجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُحْرِمٌ. أطرافه 1837، 4258، 4259 - تحفة 5376 32 - باب نَهْىِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ آخِرًا 5115 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ سَمِعَ الزُّهْرِىَّ يَقُولُ أَخْبَرَنِى الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ وَأَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِمَا أَنَّ عَلِيًّا - رضى الله عنه - قَالَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ زَمَنَ خَيْبَرَ. أطرافه 4216، 5523، 6961 - تحفة 10263 5116 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ فَرَخَّصَ فَقَالَ لَهُ مَوْلًى لَهُ إِنَّمَا ذَلِكَ فِى الْحَالِ الشَّدِيدِ وَفِى النِّسَاءِ قِلَّةٌ أَوْ نَحْوَهُ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَعَمْ. تحفة 6532 5117 و 5118 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالاَ كُنَّا فِى جَيْشٍ فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُمْ أَنْ تَسْتَمْتِعُوا فَاسْتَمْتِعُوا». حديث 5117 تحفة 2230 حديث 5118 تحفة 4531 5119 - وَقَالَ ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ حَدَّثَنِى إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَيُّمَا رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ تَوَافَقَا فَعِشْرَةُ مَا بَيْنَهُمَا ثَلاَثُ لَيَالٍ فَإِنْ أَحَبَّا أَنْ يَتَزَايَدَا أَوْ يَتَتَارَكَا تَتَارَكَا». فَمَا أَدْرِى أَشَىْءٌ كَانَ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَبَيَّنَهُ عَلِىٌّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ مَنْسُوخٌ. تحفة 4519 5115 - قوله: (نهى عن المُتْعة، وعن لحوم الحُمُر الأهلية زمنَ خَيْبر) وعَلّله المحدثون، فإِنه كان في فَتْح مكة دون خيبر، وفيه زيادةٌ عند مسلم، وهي ثلاثة أيام قود مرّ معنا أن هذه الزيادة عندي ليست لكونِ المتعة رُخِّصت لهم في تلك المدّة كما فهموه، بل لأن المهاجِرَ لم تكن له رُخْصةٌ في الإِقامة بمكّة إلاّ بهذا القَدْر. فتلك الزيادةُ ناظِرةٌ إلى هذا الحديث لا لما فهموه. وحينئذٍ يأتي الحديث على ما اخترت في المتعة، ويختار الرجلُ بعدها بين أن يُطلِّقها وبين أن يذهب بها إلى المدينةِ، فإِنها زوجته.

33 - باب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح

33 - باب عَرْضِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا عَلَى الرَّجُلِ الصَّالِحِ 5120 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَرْحُومٌ قَالَ سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِىَّ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَنَسٍ وَعِنْدَهُ ابْنَةٌ لَهُ، قَالَ أَنَسٌ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسَهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَكَ بِى حَاجَةٌ، فَقَالَتْ بِنْتُ أَنَسٍ مَا أَقَلَّ حَيَاءَهَا وَاسَوْأَتَاهْ وَاسَوْأَتَاهْ. قَالَ هِىَ خَيْرٌ مِنْكِ رَغِبَتْ فِى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا. طرفه 6123 - تحفة 468 - 17/ 7 5121 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ أَنَّ امْرَأَةً عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوِّجْنِيهَا. فَقَالَ «مَا عِنْدَكَ». قَالَ مَا عِنْدِى شَىْءٌ. قَالَ «اذْهَبْ فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ». فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لاَ وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا، وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِى وَلَهَا نِصْفُهُ - قَالَ سَهْلٌ وَمَا لَهُ رِدَاءٌ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَمَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَىْءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَىْءٌ». فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى إِذَا طَالَ مَجْلَسُهُ قَامَ فَرَآهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَاهُ أَوْ دُعِى لَهُ فَقَالَ «مَاذَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». فَقَالَ مَعِى سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا لِسُوَرٍ يُعَدِّدُهَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمْلَكْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». أطرافه 2310، 5029، 5030، 5087، 5126، 5132، 5135، 5141، 5149، 5150، 5871، 7417 - تحفة 4758 34 - باب عَرْضِ الإِنْسَانِ ابْنَتَهُ أَوْ أُخْتَهُ عَلَى أَهْلِ الْخَيْرِ 5122 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يُحَدِّثُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِىِّ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتُوُفِّىَ بِالْمَدِينَةِ - فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَتَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ فَقَالَ سَأَنْظُرُ فِى أَمْرِى. فَلَبِثْتُ لَيَالِىَ ثُمَّ لَقِيَنِى فَقَالَ قَدْ بَدَا لِى أَنْ لاَ أَتَزَوَّجَ يَوْمِى هَذَا. قَالَ عُمَرُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ زَوَّجْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ. فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَىَّ شَيْئًا، وَكُنْتُ أَوْجَدَ عَلَيْهِ مِنِّى عَلَى عُثْمَانَ، فَلَبِثْتُ لَيَالِىَ ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ، فَلَقِيَنِى أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَىَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَىَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ شَيْئًا. قَالَ عُمَرُ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِى أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ عَلَىَّ إِلاَّ أَنِّى كُنْتُ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ ذَكَرَهَا، فَلَمْ أَكُنْ لأُفْشِىَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَوْ تَرَكَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبِلْتُهَا. أطرافه 4005، 5129، 5145 - تحفة 6612، 10523 - 18/ 7 5123 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ

35 - باب قول الله جل وعز: {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله} الآية إلى قوله: {غفور حليم} [البقرة: 235]

أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّكَ نَاكِحٌ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِى سَلَمَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَعَلَى أُمِّ سَلَمَةَ لَوْ لَمْ أَنْكِحْ أُمَّ سَلَمَةَ مَا حَلَّتْ لِى، إِنَّ أَبَاهَا أَخِى مِنَ الرَّضَاعَةِ». أطرافه 5101، 5106، 5107، 5372 - تحفة 15875، 15883 35 - باب قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ} الآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة: 235] أَكْنَنْتُمْ: أَضْمَرْتُمْ، وَكُلُّ شَىْءٍ صُنْتَهُ فَهْوَ مَكْنُونٌ. 5124 - وَقَالَ لِى طَلْقٌ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} يَقُولُ إِنِّى أُرِيدُ التَّزْوِيجَ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّهُ تَيَسَّرَ لِى امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ. وَقَالَ الْقَاسِمُ يَقُولُ إِنَّكِ عَلَىَّ كَرِيمَةٌ، وَإِنِّى فِيكِ لَرَاغِبٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَسَائِقٌ إِلَيْكِ خَيْرًا. أَوْ نَحْوَ هَذَا. وَقَالَ عَطَاءٌ يُعَرِّضُ وَلاَ يَبُوحُ يَقُولُ إِنَّ لِى حَاجَةً وَأَبْشِرِى، وَأَنْتِ بِحَمْدِ اللَّهِ نَافِقَةٌ. وَتَقُولُ هِىَ قَدْ أَسْمَعُ مَا تَقُولُ. وَلاَ تَعِدُ شَيْئًا وَلاَ يُوَاعِدُ وَلِيُّهَا بِغَيْرِ عِلْمِهَا، وَإِنْ وَاعَدَتْ رَجُلاً فِى عِدَّتِهَا ثُمَّ نَكَحَهَا بَعْدُ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ الْحَسَنُ {لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} [البقرة: 235] الزِّنَا. وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: 235] تَنْقَضِى الْعِدَّةُ. تحفة 6426 رخّص القرآنُ بالتعريض ونهى عن التصريح، وذلك لأنّ في التصريح به غمطًا لحقِّ الزوج السابق، وفي النَّهي عن التعريض أيضًا إِعدامًا لمصالح كثيرةٍ لها، فورد الشرع بِأَمْر بين الأمرين رعايةً للطرفين. ثُم ما ذكره المصنّف من أمثلةِ التعريض، وإنْ كان بعضُها صريحًا في المعنى المراد، كقوله: إني أريد التزويج، لكنه سماه معاريضَ لكون مراتبِ التعريض مُبهمةً، فهي إلى المجتهد، يجعل منها معاريض ما شاء وصرائح ما شاء؛ قلتُ: وفيه دليلٌ على خلاف ما رامه الحافظ ابنُ تيمية، فإِنه أباح له التعريض بأمْر نهى عن التصريح به، فدلّ على أنّ الشيء قد يكون مَنْهيًا عنه، ثُم يجوز بعد اعتبارات. 5124 - قوله: (وإنَّ اللَّهَ لسائِقٌ إليك خيرًا) أي زوجًا مِثْلي. قوله: (وإن وَاعَدَت رَجُلًا في عِدّتها، ثُم نَكَحَها بَعْد، لم يُفرَّق بينهما) قلتُ: فلينظر فيه مَنْ ذهب إلى بطلان الشغار، فإنه يجب عليه أن يقول ببطلان نِكاحه أيضًا، فخرج أنَّ النهي ليس للبطلان دائمًا. 36 - باب النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ قَبْلَ التَّزْوِيجِ 5125 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «رَأَيْتُكِ فِى الْمَنَامِ يَجِىءُ بِكِ الْمَلَكُ فِى سَرَقَةٍ

37 - باب من قال: لا نكاح إلا بولى

مِنْ حَرِيرٍ فَقَالَ لِى هَذِهِ امْرَأَتُكَ. فَكَشَفْتُ عَنْ وَجْهِكِ الثَّوْبَ، فَإِذَا أَنْتِ هِىَ فَقُلْتُ إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ». أطرافه 3895، 5078، 7011، 7012 - تحفة 16859 - 19/ 7 5126 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ لأَهَبَ لَكَ نَفْسِى. فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَىْ رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا. فَقَالَ «هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَىْءٍ». قَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا». فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا. قَالَ «انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ». فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِى - قَالَ سَهْلٌ مَا لَهُ رِدَاءٌ - فَلَهَا نِصْفُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَىْءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ شَىْءٌ». فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى طَالَ مَجْلَسُهُ ثُمَّ قَامَ فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُوَلِّيًا فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِىَ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ «مَاذَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». قَالَ مَعِى سُورَةَ كَذَا وَسُورَةَ كَذَا وَسُورَةَ كَذَا. عَدَّدَهَا. قَالَ «أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». أطرافه 2310، 5029، 5030، 5087، 5121، 5132، 5135، 5141، 5149، 5150، 5871، 7417 - تحفة 4778 37 - باب مَنْ قَالَ: لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِىٍّ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232] فَدَخَلَ فِيهِ الثِّيَّبُ، وَكَذلِكَ البِكْرُ. وَقالَ: {وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ} [البقرة: 221] وَقالَ: {وَأَنْكِحُواْ الأيَامَى مِنْكُمْ} [النور: 32]. 5127 - قَالَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النِّكَاحَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ، يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ أَوِ ابْنَتَهُ، فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا، وَنِكَاحٌ آخَرُ كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا أَرْسِلِى إِلَى فُلاَنٍ فَاسْتَبْضِعِى مِنْهُ. وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا، وَلاَ يَمَسُّهَا أَبَدًا، حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِى تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِذَا أَحَبَّ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِى نَجَابَةِ الْوَلَدِ، فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ نِكَاحَ الاِسْتِبْضَاعِ، وَنِكَاحٌ آخَرُ يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا. فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ، وَمَرَّ عَلَيْهَا لَيَالِىَ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا تَقُولُ لَهُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِى كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ، وَقَدْ وَلَدْتُ فَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلاَنُ. تُسَمِّى مَنْ أَحَبَّتْ بِاسْمِهِ، فَيَلْحَقُ

بِهِ وَلَدُهَا، لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ بِهِ الرَّجُلُ. وَنِكَاحُ الرَّابِعِ يَجْتَمِعُ النَّاسُ الْكَثِيرُ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ لاَ تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا وَهُنَّ الْبَغَايَا كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ تَكُونُ عَلَمًا فَمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا حَمَلَتْ إِحْدَاهُنَّ وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا وَدَعَوْا لَهُمُ الْقَافَةَ ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِى يَرَوْنَ فَالْتَاطَ بِهِ، وَدُعِىَ ابْنَهُ لاَ يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ هَدَمَ نِكَاحَ الْجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ، إِلاَّ نِكَاحَ النَّاسِ الْيَوْمَ. تحفة 16711 - 20/ 7 5128 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127]. قَالَتْ هَذَا فِى الْيَتِيمَةِ الَّتِى تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ، لَعَلَّهَا أَنْ تَكُونَ شَرِيكَتَهُ فِى مَالِهِ، وَهْوَ أَوْلَى بِهَا، فَيَرْغَبُ أَنْ يَنْكِحَهَا، فَيَعْضُلَهَا لِمَالِهَا، وَلاَ يُنْكِحَهَا غَيْرَهُ، كَرَاهِيَةَ أَنْ يَشْرَكَهُ أَحَدٌ فِى مَالِهَا. أطرافه 2494، 2763، 4573، 4574، 4600، 5064، 5092، 5098، 5131، 5140، 6965 - تحفة 17265 5129 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنِ ابْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِىِّ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ تُوُفِّىَ بِالْمَدِينَةِ - فَقَالَ عُمَرُ لَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ. فَقَالَ سَأَنْظُرُ فِى أَمْرِى. فَلَبِثْتُ لَيَالِىَ ثُمَّ لَقِيَنِى فَقَالَ بَدَا لِى أَنْ لاَ أَتَزَوَّجَ يَوْمِى هَذَا. قَالَ عُمَرُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ. أطرافه 4005، 5122، 5145 - تحفة 6612، 10523 - 21/ 7 5130 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232] قَالَ حَدَّثَنِى مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ قَالَ زَوَّجْتُ أُخْتًا لِى مِنْ رَجُلٍ فَطَلَّقَهَا، حَتَّى إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا جَاءَ يَخْطُبُهَا، فَقُلْتُ لَهُ زَوَّجْتُكَ وَفَرَشْتُكَ وَأَكْرَمْتُكَ، فَطَلَّقْتَهَا، ثُمَّ جِئْتَ تَخْطُبُهَا، لاَ وَاللَّهِ لاَ تَعُودُ إِلَيْكَ أَبَدًا، وَكَانَ رَجُلاً لاَ بَأْسَ بِهِ وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تُرِيدُ أَنَّ تَرْجِعَ إِلَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} فَقُلْتُ الآنَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ. أطرافه 4529، 5330، 5331 - تحفة 11465 واعلم أن ههنا مسألتين: الأولى: أنَّ النِّكاح لا ينعقِدُ إلاّ بِرِضى الوليِّ وإجازته، وإليه ذهب مالك، والشافعيّ، وأحمد؛ والثانية: أنَّ النِّساء لا أهليةَ فيهن للإِنكاح، فلا ينعقِدُ النكاح بمبارتيهن، وإنْ أجازه الوليّ ألفَ مَرّة. فمحصَّل مذهب الجمهور أنَّ رِضَى الولي مُقدّمٍ على رِضى المولية، وكذا العقد الذي هو عبارةٌ عن الإِيجاب والقَبول، لا يَصْلُح إلا للرِّجال، فإِنْ عَقَدت النِّكاح بِنَفْسها لم يَنْعَقِد، وإنْ رضي به الوليُّ أيضًا. وذهب صاحِبا أبي حنيفةَ إلى اشتراط الولي فقط. فالضروريُّ عندهما رِضى الولي، سواء صدر النِّكاح بعبارته، أو بعبارتها، فإِن عقدت هي بنفسها بعد تحصيل رِضى الولي انعقد عندهما.

قلتُ: وليت شِعري مِن أين فَهِموا أن الحديث حُجّة لهم في المسألة الثانية أيضًا، فإِن أَقْصى ما يدلُّ عليه الحديثُ لغةً هو أنَّ رِضَى الوليِّ وشركته أَمْر ضروري، وأنَّ النِّكاح لا يكون إلَّا بشهودِهِ، سواء لحقته إجازةٌ سابقةٌ أو لاحقة، وسواء صَدَر النِّكاح من عبارةِ المولية أو وَلِيِّها. فالحديثُ إنْ كان حُجَّةً، ففي المسألة الأُولى، وأما المسألة الثانية فلا مِساس له بها. كيف وحديثُ عائشةَ: «أيما امرأة نُكِحت بغير إذْن وَلِيِّها، فنكاحُها باطِلٌ» ... إلخ، صريحٌ في أنَّ الضَّروري هو إذْنُ الوليّ لا عبارتُه، ثم لا نُنْكِره أيضًا، فإِنَّ الحنفية قد أَقَرُّوا به في بعض المواضع، فقالوا: لو نكحت في غيرِ كفء بغير إذْن الوليّ، بطل نِكاحُها في رواية الحسن بن زِياد عن أبي حنيفةَ، وإن كان ظاهر الرواية خلافه، ثُم للوليِّ ولايةُ الفَسْخ بالمرافعة إلى القاضي في ظاهر الرواية أيضًا. وبالجملةِ ليس فيه ما يدلُّ على أنَّ النِّكاح لا يَنْعَقِدُ إلَّا بِلسان الرِّجال، ولا حرف، اللهم إلا أن يُقال: إنَّهم أخذوه نظرًا إلى العُرْف، فإِن انصرام أمورِ النِّساء لا يكون إلا بالأولياء في العُرْف، أو يقال: إنَّ حديث: «لا نِكاح إلاّ بوليّ»، لما كان مُصدّرًا بنفي النِّكاح، والنكاح عبارةٌ عن العقد، زعموا أنَّ معناه: عَقْد النِّكاح لا يكون إلا بالأولياء، والعقدُ عبارةٌ عن الإِيجاب والقُبول، فخرج أنَّ الإِيجابَ والقَبول في باب النِّكاح ليس إلَّا إلى الرجال، وأما قوله: «الأَيّم أحقُّ بنفسها» ... إلخ، فإِنّهم حملُوه على أنَّ الوليَّ مأمُورٌ بتحصيل رضاء موليته. هذا نضد الحديثين عندهم، وستعف ما هو عندنا. ومذهب أبي حنيفة أن رضى المُولّية مقدَّم عند تعارض الرِّضاءين، مع كونِها مأمورةً بتحصيل رِضى الولي، وكذا المُولَّى مأمورٌ بتحصيل رضائها، فلم يستبدَّ به واحدٌ منها، فإِنه أَمْرٌ خطيرٌ لا بد فيه (¬1) ¬

_ (¬1) قال الشيخ الشاه ولي الله: اعلم أنه لا يجوزُ أن يحكم في النكاح النساء خاصّة، لِنُقْصان عَقْلهن، وسوء فِكْرهن، فكثيرًا ما لا يهتدين إلى المصلحةِ، ولعدم حماية الحسب منهن غالبًا، فربما رَغِبن في غير الكُفء، وفي ذلك عارٌ على قومها، فوجب للأولياء شيء من هذا الباب، لتنسد المفسدة. وأيضًا السُّنة الفاشية في الناس مِن قَبْل ضرورة جبليّة: أن يكون الرِّجال قَوّامين على النساء، ويكون بيدهم الحَلّ والعقد، وعليهم النَّفقات، وإنما النساء عوان بأيديهم، وهو قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} وفي اشتراط الوليِّ في النكاح تنويه بِأمْرهم، واستبدادُ النِّساء بالنكاح وَقاحة منهنَّ منشؤها قِلةُ الحياء، واقتضابٌ على الأولياء، وعدمُ اكتراث لهم. وأيضًا يَجِب أن يُميّز النِّكاح عن السِّفاح بالتشهير، وأحقّ التشهير أن يحضرَه أولياؤها. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنكح الثيب حتى تستأمر، ولا البكر حتى تستأذن، وإذنها الصموت"، وفي رواية: "البكر يستأذنها أبوها". أقول: لا يجوز أيضًا أن يُحكّم الأولياءُ فقط، فإِنهم لا يعرفون ما تَعْرف المرأة من نفسها، ولأن حارّ العقد وقارَّه راجِعٌ إليها، والاستئمار طَلَبٌ أن تكون هي الآمِرة صريحًا، والاستئذان طلبٌ أن تَأذن ولا تمنع، وأدناه السكوت، وإنما المرادُ استئذانُ البكر البالغة دون الصغيرة، كيف! ولا رَأي لها، وقد زَوّج أبو بكر الصديق عائشةَ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي بِنْتُ ست سنين، اهـ "حجة الله البالغة".

من اجتماع الرضاءين، ثُم لما كان اشتراطُ رِضى النِّساء لِحقّهن في أَنفسهن، فَدّمه على رِضى الولي. وقد صَرّح الحنفيةُ باستحباب شهودِ الولي في بعض المواضع، وبوجوبه في بعض، فإِن عَضَل الوليُّ، ولم يرض بحيلةٍ، فالمسألة فيه عند الشافعية أن يَعْزِله القاضي، ويقيم وليًا آخَر مقامَه ليتولى أَمْرَ نكاحها. وقال الحنفية: إن نَكَحت كُفؤًا بِمَهْر مِثْلها، فالمتعنت هو الوليّ، فلا يُعبأ به ولا يُبالي بأمره، نعم إن نكحت من غير كفئها، أو بأَقلَّ مِن مَهْر مِثْلها، فللولي أن يرافع أَمْرَها إلى القاضي، ويفسخَه ليدفع عن نفسه العار. هذا هو تحرير المذاهب. والحديث حُجّة لهم في المسألة الأُولى. فنقول أَوّلًا: إنَّ ما تقرر بعد البحث أنَّ الحديث حسن، حتى صَحَّحه بَعْضُهم أيضًا، إلا أنه لم يكن على شَرْط المُصَنّف، فأدخله في ترجمة الباب، ولم يُخرِّجه في المسانيد. وأما جوابه عند الحنفية في القوم، فَليُرَاجع في مواضعه. أما أنا فأذكر لك ما سنح لي، ولا بد له مِن تمهيد مقدّمة، وهي أنه قد تَقرَّر عندنا مِن سَيْر طريق الشارع: أنّ كلَّ أَمْر يقوم بجماعةٍ يُراعى فيه حالُ الطرفين، والأحاديثُ فيه تَرِد في الجانبين، وذلك هو الأَصْلح لإِقامة النَّظْم. فالصوابُ في هذه المواضِعَ أن تُجْمع أحاديثُ الطرفين، ويُؤْخَذ المرادُ مِن مجموعها. ومَنْ يقصر نظرُه على حديثِ الجانب الواحد، فإِنه لا يُدْرك من مرادِ الشارع إلا شطرًا منه، ولن يأتي على تمامه، كيف وتمام مراده ليس إلاّ في المجموع. ونأتيك بأربعة أَمْثلة من هذا الباب: فالأوّل: معاملة الزَّكاة، فإِنها تقومُ على المُعْطي والعامل، فالأحاديث فيها على هذه الشاكلةِ فقال لأصحاب الأموال - كما في «المِشكاة»: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم: «سيأتيكم ركيبٌ مبغضون - أي العاملون - وإنما تبغضونهم لأَخْذهم الزكاة من أموالكم، فإِن جاءوكم فَرحِّبوا بهم، وخلوا بينهم وبين ما يبتغون، فإِن عدلوا فلأنفسهم، وإنْ ظلموا فعليهم، وأرضوهم، فإِن تمام زكاتِكم رضاهم، وليدعُوا لكم» رواه أبو داود. وعنده أيضًا عن جرير بن عبد الله قال: جاء ناسٌ - يعني من الأعراب - إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلّم فقالوا: إنَّ أُناسًا من المصدقين يأتونا، فيظلمونا. فقال: «أرضوا مصدقيكم. يا رسول الله، وإنْ ظلمونا؟ قال: أرضوا مصدقيكم وإنْ ظُلمتم»، وفي حديثٍ آخر عنده عن بشير بن الخصاصية، قال: قلنا: إنَّ أهل الصدقةِ يعتدُون علينا، أَفَنكْتُم من أموالنا بِقَدْر ما يعتدون؟ قال: «لا»؛ ولما خاطب العاملين قال لهم: «وإياكم وكرائمَ أموالِهم، واتقِ دعوةَ المظلوم، فإِنها ليس بينها وبين الله حِجابٌ». وقال: «المعتدي في الصدقة كما نعها» اهـ. فانظر الآن كيف وجدت الحدِيثَين، وهل ترك الأحاديث في الأَوّل لصاحب الأموال حقًا؟ فإِن وفيت حَقّها في الألفاظ ساغ لك أن تقول: إنَّ رضاهم من تمامية

الزكاة بأي نحوٍ كان، وأنه يجوز لهم الظُّلم أيضًا، فما بكرائم الأموال؟ ثُم إنْ صَرَفت النَّظر إلى الأحاديث في العاملين، وجدت أنّهم لا حقَّ لهم في أموالهم الكلايمة، ومَنْ يتعدَّى منهم كان عليه مِثْل وِزْر المانع، فكيف بِمَن ظلم عليهم والوَجْه أنَّ الأحاديثَ في مِثْل هذه تخرَّج على التشديد في الجانبين، لتكون أحفظَ لحدود الله، فيقف كلٌّ منهما على حِدَة، وهذا هو الطريق في جميع أحاديث الوَعْد والوعيد، فإِنها تَرِد مُرسلةً عن القيود والشروط لتكون أرغب، وأهيب. ومَنْ لا يراعيه يَزْعمُ الكلامَ ناقِصًا، ثم يزيد عليه القيودَ مِن قِبَله كالإِصلاح له. وهذا السّلف لم يكونوا يتقدمون إلى مِثْله، بل كانوا يكرهون التأويل (¬1). ودونك نظيرًا آخَرَ من باب الصلاة، فقال للرجال: «لا تمنعوا النِّساء حظوظَهن من المساجد» - أو كما قال - كأنه يُرَغِّبهن في الإِتيان إلى الجماعات، فلما خاطبهنَّ قال: «إنَّ صلاةَ إحداكُنَّ في مخدعها خيرٌ من صلاتها في بيتها» - أو كما قال. فذكر أنَّ أفضل صلاتهن ما كانت أخفى عن الأعين. وخُذ نظيرًا ثالثًا من باب إطاعة الأمير، فإِنه لما خاطب النَّاس أمرهم بإِطاعةِ الأمراء، وإنْ أُمِّر عليهم عَبْدٌ حبشيٌّ، مجدع الأطراف، إلا أن يروا كُفْرًا بواحًا. ثُم لما انصرف إلى الأُمراء، وَعَدهم بالنَّار، حتى خِيف عليهم أن لا يَنْجوا منها رأسًا برأس. وهاك نظيرًا آخَر تكميلًا للأربعة: ما جاء في التشديد في السؤال، فإِنه قال للناس: إنَّ للسائل حقًا ولو جاء راكبًا على فرس، ولما تَوجَّه على السائلين جعل سؤالهم خموشًا، أو خدوشًا، أو كدوحًا في وجهه (¬2). وإذا أَتْقَنت تلك النظائر من الشَّارع: فاعلم أنَّ الأحاديث في أَمْر النكاح أيضًا ¬

_ (¬1) أخرج الترمذي في أبواب البر والصلة، في باب ما جاء في رحمةِ الصبيان: قال عليٌّ بن المَدِيني: قال يحيى بنُ سَعيد: كان سفيان الثوريُّ يُنْكِرُ هذا التفسيرَ: ليس منا، ليس مِثْلنا. وقال النووي: وكان سفيانُ بن عيينةَ يكره قولَ مَنْ يفسر: ليس على هَدْينا، ويقول: بئس هذا القول، يعني بل يُمسك عن تأويله ليكون أوقعَ في النفوس، وأبلغ في الزَّجْر. (¬2) قلتُ: وخُذ مني علاوة، وعد هذا طارفًا مع تليدك: ما عند الترمذي في حق الزوج على المرأة، فإِن الأحاديث بلغت فيه إلى الوعيد بالنار، ولما التفتَ الشارع على الأزواج، قال لهم: "أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلقًا، وخيارُكم خيارُكم لأهله". ومَنْ أراد الزيادةَ عليه لم يتعب نفسه، فإن المجال واسع، ونحوه قوله - صلى الله عليه وسلم - النهي عن الصلاة في الأوقات المكروهة، مع قوله عند الترمذي في "كتاب الحج": "يا بني عبد مناف لا تَمْنعوا أحدًا طاف بهذا البيت، وصلّى أيةَ ساعة شاء من ليل أو نهار"، فإِن هذا الحديث مخالفٌ للحنفية، ولم أر جوابه أحسنَ مما قرره الحافظ فضل الله التوربشتي الحنفي في شرحه على "المصابيح" فراجعه.

وردت بالوجهين، ألا ترى أنه لما خاطب النساء أخبرهن أن لأوليائهن حقًا عليهن، حتى خيف منها أن لا يبقى لهن حَقٌّ في أنفسهن، وهذا في نحو قوله: «أيما امرأةٍ نكحت بغير إذْن وَلِيها، فنكاحُها باطلٌ باطِلٌ باطِلٌ». فليس في تكرار «باطل باطل» غير المبالغة، وتأكد مطلوبية الإذْن، والغرض مخرج على ما قلنا بعينه. فاعرف مدارِكَ الكلام، أبصرك اللهُ، وزادك بصرًا وبصيرة؛ ولما تَوجَّه إلى الأولياء قال لهم: «إنَّ الأَيِّم أحقُّ بنفسها مِن وَليها، كأن الأولياءَ ليس لهم دَخْل في البين، وإنما سلك الحديثُ في هذه المواضع مسلك الإِجمال، لما عَلِمت أن هذا هو الأنفعُ في الناس، وأَدْعى لهم إلى العمل. ولعلك عَلِمت الأن أن مرادَ الشارع في المجموع، وإنما أُدِّي في كلَ من الحديثين شطر شطر، فمن تَمسّك بواحدٍ منهما فكأنه لم يأخذ إلَّا بشطرِ المراد، وهذا الذي يلوحُ من كلام الطرفين. فإِنَّ الشافعية جعلوا حديثَ: «لا نِكاح إلا لوليّ» حجةً لهم، وأَوّلوا في حديث: «الأَيِّم أحقُّ» ... الخ، كأنه يخالفهم. وكذا يَظهَر من كلام الحنفيةِ أنَّ حديث: «الأَيِّم أَحقُّ» ... إلخ، حُجةٌ لهم، وحديث: «لا نِكاح إلَّا بوليّ يخالِفُهم»، فهم يطلبون عنه مَخْلصًا، والأَمْر على ما قَرّرت: أنَّ مراد الشَّارع في المجموع، وإنَّما فصل في مراده، وألقى على كلَ من الفريقين قطعةً قطعة لإِقامة النَّظم، ولا سبيل إليه إلاّ أن يُرْشد الأولياءَ لِطلب رِضاهنّ، وتؤمر النِّساء بشركة الأولياء، فلا يفتتن النِّساء على الأولياء، ولا يضيّق الرجال على النساء. وليس الأَمْر أنهما حديثانِ متعارِضان، لِتطلب له صورةُ التوفيق. وبعبارة أخرى إنَّ حديث: «لا نِكاح إلَّا بولي»، لم يرد فيما تعارَضَ فيه الرضاءانِ، وإنَّما هو في بيانِ منشأ الشَّارع: وهو أنَّ المُولية مأمورةٌ بتحصيل رِضاه، كما أنه مأمورٌ بتحصيلِ رضاها، فإِذا توافق الرضاءان تحقق منشؤه. أما إذا تعارَضا، فهل يقدّم رضاها على رضاه أو بالعكس؟ ففيه قوله: «الأَيِّم أحقُّ بِنَفسها مِن وليها، والنظر المعنويُّ يؤيدُه، فإِنها إذا نكحت من كفئها بمهر مِثْلها، ثُم لم يرض الولي، عُلِم أنه مُتعنِّت، فأيّ عبرةٍ به، وحينئذ يظهر حَقُّها الذي هو حَقّها، وفيه حديث: «الأيِّم أحقُّ» ... إلخ. واهتديت إلى هذا الجواب من لفظِ محمد رحمه الله تعالى، وإذ ثبت أن الحديثَ لا يدلُّ إلاّ على إذْن الولي، ظهر أن تمسّكهم به على المسألةِ الثانية تطاوُل. ثُم هل اشتراطُ الإِذْن لكونه حقًّا للوليّ أَم نظرًا إلى المُولية؟ فالنظرُ فيه دائرٌ: فذهب الجمهورُ إلى أنه لكونه حَقّه؛ وذهب أبو حنيفة أنه نظرًا للمولية، لنقصان عقلهن وسوء فِكْرهن، فكثيرًا ما لا يهتدين إِلى المصلحةِ، ولعدم حمايةِ الحسب منهنَّ غالبًا، فربما رَغِبن في غير الكُفء، وفي ذلك عارٌ على قومها، فاشترط الإِذنَ لِتنْسدَّ المفسدةُ. فإِن

كان الأَمْرُ كذلك، فالنَّظرُ يَحْكُم أن يُقدّم رضاؤها على رضائه، إنْ تعارض الرضاءان (¬1)، فليمعن النَّظر في هذا الحَرْف: فإن ثبت أنَّ إثبات الولاية لِكونها حقَّ الوليّ قَوِي مَذْهَبُهم، وإن ثبت أنه لكونها نظريةً، تأيّدَ مذهبُنا. ثُم اعلم أنَّ الوِلاية وِلايتان: ولايةُ إجبار، وولاية استحباب. والأُولى عندنا في الصغيرة، أما الكبيرةُ فلا إجبار عليها. ومعنى الإِجبار نفاذُ النِّكاح عليها بدون رضاها، دون جَبْرها على النِّكاح. وفَرّق الشافعية بالبَكارة، والثيابة: فجعلوا ولايةَ الإِجبار في الباكرة دون الثيب، ولم يعبأوا بالصِّغر والكِبر. وعلى هذا لا إجبارَ عندهم على الثَّيّب الصغيرة، وعندنا عليها ولايةُ الإِجبار لِصِغَرها. فالصورُ أربعٌ، ذكرها صاحِب «الهِداية»، وفصل الخلافية عن غيرها. قلتُ: لا ريبَ أنَّ المؤثر هو الصِّغر، ولا دخل فيها للثيابة والبَكَارة، ولذا أفتى السُّبْكي - مع كونه شافعيًا - على مسألةِ أبي حنيفة، ولم ير في البَكارة البالغة ولايةَ الإِجبار. هذا كلامٌ في شَرْح الحديثين، أما دلائلُ الحنفية فقد بسطه الشارحون، فراجعه (¬2). ¬

_ (¬1) قلتُ: ولعلهم لا ينازعوننا في أن الولايةَ في الأموال ليست إلا من باب النَّظر، فلتكن كذلك في باب الأنفس. ولعل هذا هو الذي عناه الطحاوي، فقال: وأما النظر في ذلك، فإنا قد رأينا المرأة قبل بلوغها يجوزُ أمْر والدِها عليها في بُضْعها ومالها، فيكون العَقْدُ في ذلك كلِّه إليه لا إليها، وحُكمه في ذلك كلّه حُكْم واحِد غير مختلف، فإِذا بلغت فكلّ قد أجمع أنَّ ولايته على ما لها قد ارتفعت، وأنَّ ما كان من العقد عليها في مالها في صِغَرها قد عاد إليها. فالنظر على ذلك أن يكون كذلك العَقْد على بُضْعِها يخرجُ ذلك من يدِ أبيها بِبلوغها ... إلخ. (¬2) واعلم أن الكلام في حجج الحنفيةِ، وأجوبة الخصوم طويل جدًا، لا يليق بهذه الحاشية، غير أني أشير إلى نبذة مما ذكره العلامة المارديني، قال: وقولُه - صلى الله عليه وسلم -: "ولا تُنْكح البكْر حتى تُستأذن"، دليلٌ على أنَّ البِكْر البالغ لا يجبرها أبوها ولا غيرُه. قال شارح "العمدة": وهو مذهبُ أبيَ حنيفة، وتمسُّكه بالحديث قويَ، لأنه أقربُ إلى العموم في لفظ البِكر، وربما يزادُ على ذلك بأن يُقال: الاستئذانُ إنما يكون في حَقِّ مَنْ له إذنٌ، ولا إذن للصغيرةِ، فلا تكون داخلةٌ تحت الإِرادة، ويختصُّ الحديثُ بالبالغين، فيكون أقربَ إلى التناولِ. وقال ابنُ المُنْذرِ: وهو قولٌ عامّ - أي الحديث المذكور -، وكل مَنْ عقد على خلافِ ما شرع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو باطل. اهـ؛ وقوله عليه السلام في حديث ابن عباس: "والبكر يستأذنها أبوها"، صريحٌ في أن الأب لا يجبر البِكْر البالغ، فترك الشافعيُّ منطوقَ هذه الأدلةِ، واستدل بمفهوم الحديث: "الثيبُ أحقّ بنفسها"؛ وقال: هذا يدلُّ على أن البِكْر بخلافها. وقال ابنُ رُشْد: العمومُ أوْلى من المفهوم بلا خلاف، لا سيما في حديث مُسْلم: "البِكْر يستأمِرُها أبوها"، وهو نصٌ في موضع الخلاف. وقال ابنُ حَزْم: ما نعلم لمن أجَاب على البكْر البالغةِ، إنكاح أبيها لها بغير أَمْرِها، متعلّقا أصْلًا. وذهب ابنُ جرير أيضًا إلى أن البكْر البالغة لا تُجْبر. وأَجاب عن حديث: "الأيِّم أحق بنفسها"، بأنَّ الأيِّم مَنْ لا زوج له، رجلًا أو امرأة، بِكْرًا أو ثيبًا، لقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ} [النور: 32] وكرّر ذِكْر البكر بقوله: "والبكر تستأذن، وإذْنها صِماتها"، للفَرْق بين الإِذنين؛ إذْن الثيّب، وإذن البكر. =

38 - باب إذا كان الولى هو الخاطب

5127 - قوله: (نِكاحَ الاستِبْضَاع) والاستِبْضَاع طَلَبُ الجِماع. 38 - باب إِذَا كَانَ الْوَلِىُّ هُوَ الْخَاطِبَ وَخَطَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ امْرَأَةً هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِهَا، فَأَمَرَ رَجُلًا فَزَوَّجَهُ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ لأُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ قَارِظٍ: أَتَجْعَلِينَ أَمْرَكِ إِلَىَّ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ قَدْ تَزَوَّجْتُكِ. وَقَالَ عَطَاءٌ: لِيُشْهِدْ أَنِّى قَدْ نَكَحْتُكِ، أَوْ لِيَأْمُرْ رَجُلًا مِنْ عَشِيرَتِهَا. وَقَالَ سَهْلٌ: قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: أَهَبُ لَكَ نَفْسِي، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا. 5131 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فِى قَوْلِهِ {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} [النساء: 127] إِلَى آخِرِ الآيَةِ، قَالَتْ هِىَ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِى حَجْرِ الرَّجُلِ، قَدْ شَرِكَتْهُ فِى مَالِهِ، فَيَرْغَبُ عَنْهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَيَكْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا غَيْرَهُ، فَيَدْخُلَ عَلَيْهِ فِى مَالِهِ، فَيَحْبِسُهَا، فَنَهَاهُمُ اللهُ عَنْ ذَلِكَ. أطرافه 2494، 2763، 4573، 4574، 4600، 5064، 5092، 5098، 5128، 5140، 6965 - تحفة 17206 5132 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ كُنَّا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - جُلُوسًا فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ تَعْرِضُ نَفْسَهَا عَلَيْهِ ¬

_ = ومَن أَوّل الأَيِّم بالثيب أخطأ في تأويله، وخالف سَلَف الأمة وخَلَفها في إجازتهم لوالدِ الصغيرة تزويجها، بكرًا كانت أو ثَيبًا من غير خلاف. وفي "التمهيد" -ملخصًا-: قال أبو حنيفة، وأصحابُه، والثوريّ، والأَوزاعي، والحسن بن حي، وأبو ثور، وأبو عُبيد: لا يجوز للأب أن يزوّج بنته البالغة، بكرًا أو ثيبًا، إلّا بإذنها، والأَيم التي لا بَعل لها، بِكرًا أو ثيبًا، فحديثُ: "الأَيِّم أحقُّ بِنَفْسها"، وحديث: "لا تُنْكح البِكر حتى تسَتأذنَ"، على عمومهما، وخُصَّ منهما الصغيرة بقصةِ عائشة: ثم قال المارديني: وحمْلُ المؤامرة على استطابة النفس خروجٌ عن الظاهر من غيرِ دليل، بل قوله: "يستأمرها أبوها" خبرٌ في معنى الأمر، وحديث: "لا تُنكح البكر حتى تُستأمر"، يدل على ذلك، وكذا رده عليه الصلاة والسلام إكفاح الأب، في حديث جرير بن حازم، وغيره. ولو ساغ هذا التأويل لساغ في قوله عليه الصلاة والسلام في الصحيح: "لا تنكح الثيب حتى تستأمر". اهـ مختصرًا. قال صاحب "الاستذكار": كان الزهري يقول: إذا تزوّجت المرأةُ بغير إذنِ وَليها جاز، وهو قولُ الشَّعبي، وأبي حنيفةَ، وزُفَر. وعند ابن أبي شيبةَ عن علي كان إذا رُفع إليه رجل تزوّج امرأة بغيرِ وليّ فدخل بها، أمضاه، اهـ. وفي "المعتصر": وعن عائشةَ قالت: "سألت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجاريةِ يُنكِحُها أهلها، أتستأمر أم لا؟ قال: نعم تستأمر" ... إلخ. وعن عدِي الكندي عن أبيه مرفوعًا، قال: "الثيب تُعرِب عن نفسها، والبِكر رضاها صَمْتها. اهـ ملخصًا، وإنما زَفَفت إليك هذه الجُملَ خاصة، لكونها عزيزة في الباب، وإنما يعرفها المجرِّبُ دون الحكيم، وقد تَعرّض إليه الطحاوي في "معاني الآثار" فأجاد، وكذا الشيخ ابنُ الهُمام في "الفتح"، وكذا الحافظ فضل الله التوربشتي في شَرْح "المصابيح"، غير أنه لا يمكن تلخيصُ كلماتِهم في هذا المختصر، بل لا يليق، وقد ذكر فيها الشيخ أشياء في درس الترمذي، فعليك به من موضعه، وليس كلُّ الصيد في جوف الفرى.

39 - باب إنكاح الرجل ولده الصغار

فَخَفَّضَ فِيهَا النَّظَرَ وَرَفَعَهُ فَلَمْ يُرِدْهَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ زَوِّجْنِيهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «أَعِنْدَكَ مِنْ شَىْءٍ». قَالَ مَا عِنْدِى مِنْ شَىْءٍ. قَالَ «وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ». قَالَ وَلاَ خَاتَمًا مِنَ حَدِيدٍ وَلَكِنْ أَشُقُّ بُرْدَتِى هَذِهِ فَأُعْطِيهَا النِّصْفَ، وَآخُذُ النِّصْفَ. قَالَ «لاَ، هَلْ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَىْءٌ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «اذْهَبْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». أطرافه 2310، 5029، 5030، 5087، 5121، 5126، 5135، 5141، 5149، 5150، 5871، 7417 - تحفة 4739 - 22/ 7 كابن العَمِّ بِبِنْت عَمِّه، وحينئذ هل يكفي له اللفظُ الواحد، أو يجب اللفظان؟ فليراجع له «الكنز». وأما ما في حديث البُخاري من قوله: «قد تَزَوجتك»، ففيه لفظ واحد فقط. ثُم في «الهداية» أنَّ إحدى الصِّيغتين إذا كانت للأَمر، والأُخْرى للماضي، انعقد النِّكاح. ثُم للمشايخ فيه بَحْث، وهو: أن صِيغَةَ الأَمْر منهما إيجابٌ والماضي قَبول، أو أنها توكيلٌ والماضي يقوم مَقامَ الإِيجاب والقَبول؟ وليراجع له «البحر الرائق». 39 - باب إِنْكَاحِ الرَّجُلِ وَلَدَهُ الصِّغَارَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4]، فَجَعَلَ عِدَّتَهَا ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ قَبْلَ البُلُوغِ. 5133 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَزَوَّجَهَا وَهْىَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ وَهْىَ بِنْتُ تِسْعٍ، وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعًا. أطرافه 3894، 3896، 5134، 5156، 5158، 5160 - تحفة 16910 لقوله تعالى: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4]، فجعل عِدَّتَها ثلاثةَ أشهر قبل البلوغ، فجعل اللهُ سبحانه عِدّة غيرِ الحائض ثلاثةَ أشهر، ومعلوم أنها لا تَعتدُّ إلا بعد النِّكاح، ثُم الطلاق. والظاهر أنَّ الصَّغير لا يُنْكِحه إلا أبوه، فظهرت الترجمةُ. 40 - باب تَزْوِيجِ الأَبِ ابْنَتَهُ مِنَ الإِمَامِ وَقَالَ عُمَرُ: خَطَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَىَّ حَفْصَةَ فَأَنْكَحْتُهُ. 5134 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَزَوَّجَهَا وَهْىَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، وَبَنَى بِهَا وَهْىَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ. قَالَ هِشَامٌ وَأُنْبِئْتُ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَهُ تِسْعَ سِنِينَ. أطرافه 3894، 3896، 5133، 5156، 5158، 5160 - تحفة 17290 41 - باب السُّلْطَانُ وَلِىٌّ بِقَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». 5135 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ إِنِّى وَهَبْتُ مِنْ نَفْسِى. فَقَامَتْ طَوِيلاً

42 - باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها

فَقَالَ رَجُلٌ زَوِّجْنِيهَا، إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ. قَالَ «هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَىْءٍ تُصْدِقُهَا». قَالَ مَا عِنْدِى إِلَّا إِزَارِى. فَقَالَ «إِنْ أَعْطَيْتَهَا إِيَّاهُ جَلَسْتَ لاَ إِزَارَ لَكَ، فَالْتَمِسْ شَيْئًا». فَقَالَ مَا أَجِدُ شَيْئًا. فَقَالَ «الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدِ». فَلَمْ يَجِدْ. فَقَالَ «أَمَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَىْءٌ». قَالَ نَعَمْ سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا لِسُوَرٍ سَمَّاهَا. فَقَالَ «زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». أطرافه 2310، 5029، 5030، 5087، 5121، 5126، 5132، 5141، 5149، 5150، 5871، 7417 - تحفة 4742 - 23/ 7 والسلطانُ قد يكون وَليًا في فِقْهنا أيضًا، كما إذا لم يكن له العَصَبة بنفسه. 42 - باب لاَ يُنْكِحُ الأَبُ وَغَيْرُهُ الْبِكْرَ وَالثَّيِّبَ إِلَّا بِرِضَاهَا 5136 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ وَلاَ تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ إِذْنُهَا قَالَ «أَنْ تَسْكُتَ». طرفاه 6968، 6970 تحفة 15425 5137 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ قَالَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ أَبِى عَمْرٍو مَوْلَى عَائِشَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْبِكْرَ تَسْتَحِى. قَالَ «رِضَاهَا صَمْتُهَا». طرفاه 6946، 6971 - تحفة 16075 والظاهر أنه أشارَ إلى مُوافَقَتِه لأبي حنيفة، أنَّ وِلاية الإِجبار تنقطع بالبلوغ، لأنَّ الصغيرة لا وِلاية لها على نفسها، فهي مستثناةٌ عَقْلًا. 5136 - قوله: (حتى تُسْتأمر) فَرْق الحديثُ (¬1) في اللفظ، فَوَضَع الاستئذانَ في البكر، والاستئمارَ في الثَّيّب، والسرُّ فيه أنه لا بد في الأَيِّم مِن الإِذن قَوْلًا، بخلاف البِكْر، فإِنه يكفي لها السكوتُ أيضًا. 43 - باب إِذَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهْىَ كَارِهَةٌ، فَنِكَاحُهُ مَرْدُودٌ 5138 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُجَمِّعٍ ابْنَىْ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِذَامٍ الأَنْصَارِيَّةِ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهْىَ ثَيِّبٌ، فَكَرِهَتْ ذَلِكَ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَدَّ نِكَاحَهُ. أطرافه 5139، 6945، 6969 - تحفة 15824 5139 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا يَحْيَى أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُ ¬

_ (¬1) قلت: وقد مَرّ آنِفًا ما ذكر فيه الشاه وليّ الله قدس سره في "حجة الله" فراجعه.

44 - باب تزويج اليتيمة

أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ وَمُجَمِّعَ بْنَ يَزِيدَ حَدَّثَاهُ أَنَّ رَجُلًا يُدْعَى خِذَامًا أَنْكَحَ ابْنَةً لَهُ. نَحْوَهُ. أطرافه 5138، 6945، 6969 - تحفة 15824 لم يقيده ههنا بالصغيرةِ مع كونه لازِمًا، وصَرَّح بالبُطلان، على خلافِ الشافعيِّ. 5138 - قوله: (إنَّ أباها زَوَّجها، وهي ثَيِّب) وذكر الآخَرُون أنها كانت بِكرًا، فلم ينفصل منه شيء (¬1). 44 - باب تَزْوِيجِ الْيَتِيمَةِ (¬2) لِقَوْلِهِ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا} [النساء: 3]، وَإِذَا قالَ لِلوَلِيِّ: زَوِّجْنِي فُلاَنَةَ، فَمَكُثَ سَاعَةً، أَوْ قَالَ: ما مَعَكَ؟ فَقَالَ: مَعِي كَذَا وَكَذَا، أَوْ لَبِثَا، ثُمَّ قالَ: زَوَّجْتُكَهَا، فَهُوَ جائزٌ. فِيهِ سَهْلٌ، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلّم. 5140 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَ لَهَا يَا أُمَّتَاهْ {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا} إِلَى {مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] قَالَتْ عَائِشَةُ يَا ابْنَ أُخْتِى هَذِهِ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِى حَجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ فِى جَمَالِهَا وَمَالِهَا، وَيُرِيدُ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ صَدَاقِهَا، فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ. إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِى إِكْمَالِ الصَّدَاقِ وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ، قَالَتْ عَائِشَةُ اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللهُ {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} إِلَى {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ فِى هَذِهِ الآيَةِ أَنَّ الْيَتِيمَةَ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ مَالٍ وَجَمَالٍ، رَغِبُوا فِى نِكَاحِهَا وَنَسَبِهَا وَالصَّدَاقِ، وَإِذَا كَانَتْ مَرْغُوبًا عَنْهَا فِى قِلَّةِ الْمَالِ وَالْجَمَالِ، تَرَكُوهَا وَأَخَذُوا غَيْرَهَا مِنَ النِّسَاءِ - قَالَتْ - فَكَمَا يَتْرُكُونَهَا حِينَ يَرْغَبُونَ عَنْهَا، فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهَا إِذَا رَغِبُوا فِيهَا، إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهَا وَيُعْطُوهَا حَقَّهَا الأَوْفَى مِنَ الصَّدَاقِ. أطرافه 2494، 2763، 4573، 4574، 4600، 5064، 5092، 5098، 5128، 5131، 6965 - تحفة 16474، 16557 - 24/ 7 وهي التي لا أب لها، ولا وليَّ لها، فإِذا مات أبو الصغيرة ولا وليّ، فلا سبيلَ للنِّكاح حتى تَحِيض، وكذلك عند الشافعيّ، فإِنه إذا لم تكن عنده ولايةُ الإِجبار على الثَّيب الصغيرة، عَضَلَت عن النكاح ما لم تبلغ، لأنها إما أن تَعْقِد نكاحَها بنفسها، فالنكاح لا ينعقد عندهم بعبارة النساء، وإما أن يعقد عليها وَليُّها، فليس له وِلايةُ الإِجبار. قوله: (فَمَكُثَ ساعةً) أي لم يتبدّل المَجْلِس. قوله: (أو قال: ما مَعَك) فالمجلس لا يتبدّل بهذا القول، وحينئذ يرتبِطُ القَبول مع الإِيجاب، لكونِهما في مجلس واحدٍ. ¬

_ (¬1) وراجع له "الجَوْهِر النَّقي". (¬2) وراجع "الجَوْهر النَّقي".

45 - باب إذا قال الخاطب للولي: زوجني فلانة، فقال: قد زوجتك بكذا وكذا، جاز النكاح، وإن لم يقل للزوج: أرضيت أو قبلت

45 - باب إِذَا قَالَ الْخَاطِبُ لِلْوَلِيِّ: زَوِّجْنِي فُلاَنَةَ، فَقَالَ: قَدْ زَوَّجْتُكَ بِكَذَا وَكَذَا، جَازَ النِّكَاحُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلزَّوْجِ: أَرَضِيتَ أَوْ قَبِلْتَ 5141 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا فَقَالَ «مَا لِى الْيَوْمَ فِى النِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوِّجْنِيهَا. قَالَ «مَا عِنْدَكَ». قَالَ مَا عِنْدِى شَىْءٌ. قَالَ «أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ». قَالَ مَا عِنْدِى شَىْءٌ. قَالَ «فَمَا عِنْدَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». قَالَ عِنْدِى كَذَا وَكَذَا. قَالَ «فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». أطرافه 2310، 5029، 5030، 5087، 5121، 5126، 5132، 5135، 5149، 5150، 5871، 7417 - تحفة 4670 وهي المسألةُ التي ذكرناها: أنَّ إحدى الصِّيغَتين إذا كانت صيغةَ الأَمْر، والأُخْرى صيغةَ الماضي، فماذا تخريجه فيه؟. 46 - باب لاَ يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَدَعَ 5142 - حَدَّثَنَا مَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ نَافِعًا يُحَدِّثُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ يَقُولُ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلاَ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ. طرفاه 2139، 2156 - تحفة 7778 5143 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَأْثُرُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا إِخْوَانًا». أطرافه 6064، 6066، 6724 - تحفة 13636 5144 - «وَلاَ يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، حَتَّى يَنْكِحَ، أَوْ يَتْرُكَ». أطرافه 2140، 2148، 2150، 2151، 2160، 2162، 2723، 2727، 5152، 6601 - تحفة 13636 47 - باب تَفْسِيرِ تَرْكِ الْخِطْبَةِ 5145 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يُحَدِّثُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ قَالَ عُمَرُ لَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ. فَلَبِثْتُ لَيَالِىَ ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَقِيَنِى أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِى أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ إِلاَّ أَنِّى قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ ذَكَرَهَا فَلَمْ أَكُنْ لأُفْشِىَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا. تَابَعَهُ يُونُسُ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَابْنُ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ. أطرافه 4005، 5122، 5129 - تحفة 6612، 10523 - 25/ 7

48 - باب الخطبة

يعني أنَّ القرائن الدَّالةَ على إرادةِ تَرْك التزوج كافيةٌ، ولا يحتاج إلى أن يصرِّح به أيضًا. 5145 - قوله: (ولو تَرَكَها لَقَبِلْتُها) قاله أبو بكر لعمرَ. بقي أن أبا بكر كيف عَلِم أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم تارِكُها؟ قلتُ: بهذه القرائن التي يعرف بها الدّنيا. 48 - باب الْخُطْبَةِ 5146 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ جَاءَ رَجُلاَنِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَخَطَبَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا». طرفه 5767 - تحفة 6727 وهي مُستحبَّةٌ، إلا أنَّ الحديث فيه ليس على شَرْطه، فأتى بحديثٍ في الجنس. 5146 - قوله: (إنَّ من البيانِ لَسِحْرًا) يحتمل أن يكونَ مَدْحًا، كما يحتمل أن يكون ذَمًّا. 49 - باب ضَرْبِ الدُّفِّ فِى النِّكَاحِ وَالْوَلِيمَةِ 5147 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ قَالَ قَالَتِ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذٍ ابْنِ عَفْرَاءَ. جَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَخَلَ حِينَ بُنِىَ عَلَىَّ، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِى كَمَجْلِسِكَ مِنِّى، فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَاتٌ لَنَا يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِى يَوْمَ بَدْرٍ، إِذْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ وَفِينَا نَبِىٌّ يَعْلَمُ مَا فِى غَدٍ. فَقَالَ «دَعِى هَذِهِ، وَقُولِى بِالَّذِى كُنْتِ تَقُولِينَ». طرفه 4001 - تحفة 15832 ويُستفاد من تكملة «فتح القدير» جوازُ الطَّبل أيضًا، لأنّه لا حَظَّ فيه للنَّفْس، وإنما يتلذّذ به مَنْ مُسِخ طَبْعُه، وهو المختار عندي، وإنْ كان فيه خلاف للشاه محمد إسحاق، فظهر أن المناط على حَظِّ الطبائع السليمة. 50 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4] وَكَثْرَةِ الْمَهْرِ، وَأَدْنَى مَا يَجُوزُ مِنَ الصَّدَاقِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20] وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ} [البقرة: 236]. وَقالَ سَهْلٌ: قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم «وَلَوْ خاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ». 5148 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ، فَرَأَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَشَاشَةَ الْعُرْسِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ إِنِّى تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ. وَعَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. أطرافه 2049، 2293، 3781، 3937، 5072، 5153، 5155، 5167، 6082، 6386 - تحفة 1024، 1265 والظاهر أنه اختار مَذْهب الشافعي في عدم تعيينِ المَهْر، وقال أبو حنيفة: لا مَهْر

أقل من عشرةِ دراهمَ. إلا أنَّ في إسناده حجاجَ بن أَرطاة، وحَسّن الترمذيُّ حديثَه في غير واحد مِن المواضع من كتابه، وإن كان المحدِّثون لا يعتبرون بتحسينه، أما أنا فأعتمد بتحسينه، وذلك لأنَّ الناس عامّة ينظرون إلى صورةِ الإِسناد فقط، والترمذيُّ ينظر إلى حاله في الخارج أيضًا، وهذا الذي ينبغي، والقَصْر على الإِسناد فقط قصور، والطَّعْن فيه أنه كان يَشْرب النبيذ. قلتُ: ولا جَرْح به عند أهل الكوفة، فإِنه حلالٌ عندهم. وقالوا أيضًا: إنَّه كان مُتكبّرًا؛ قلتُ: دعوها، فإِنها كلمةٌ مُنْتِنة، واتركوا سائرَ الناس عز وجل. وقالوا: إنه كان يَترك الجماعة؛ قلتُ: نعم هذا الجرح شديدٌ، إلاّ أنه نُقل عن مالك أنه لم يأت المسجدَ النبويَّ إلى ثلاثينَ سنةً، فَسُئل عنه. فأجاب: أنَّ كلّ أَحَدٍ لا يقدر على إظهارِ عُذْره، فحسنه العلماءُ على جوابه، كما في «التذكرة»؛ قلتُ: نعم، وذلك لأنه كان إمَامًا عظيمًا أَتَاه الله عِلْمًا وحِكْمة، وقَبولًا، فنكسوا رءوسهم. أما الحَجّاج فكان رَجُلًا من الرجال، فتكأكأوا عليه كالتكأكؤ على ذي جِنّة. ثُم الشيخُ ابنُ الهُمام أتى بحديثٍ في تقدير المَهْر في باب الكفاءة، وهذا من زياداتِه على الزَّيلعي، وقد زاد عليه في موضع آخَر، وإلَّا فجميع كتابِه مأخوذةٌ من الزَّيلعي، ولم يأت عليه بشيءٍ جديدٍ، ونقل الشيخُ تصحيحَه عن الحافظ بُرْهان الدِّين الحَلَبي، إلا أنه لم يكن عنده إسنادُه، ثُم ذكر الشَّيخ ابنُ الهُمام أنَّ بَعْضًا من أصحابه جاء بسندِه (¬1) من عندِ الحافظ ابنِ حَجَر، والحديث بذلك السَّند ليس أَقلَّ من الحَسَن. قلتُ: وأَكْبر ظَنِّي أن هذا البَعْضَ الذي جاء بسنده، - هو تلميذُه ابنُ أمير الحاج - وهو نِصاب القَطْع، في باب السَّرقة عندنا (¬2). ¬

_ (¬1) قلتُ: وهذه صورةُ ما ذكره الشيخ ابنُ الهُمام لإِسنادِ حديثِ المَهْر، قال: ثُم وجدنا في شَرْح البخاري للشيخ بُرهان الدِّين الحلبي: ذَكَر أن البغوي قال: إنه حَسَنٌ، وقال فيه: رواه ابنُ أبي حاتم من حديث جابر عن عمرو بن عبد الله الأوْدي بِسنده. ثُم وجدنا عند بَعْضِ أصحابنا صورةَ السَّند عن الحافظ قاضي القضاة العَسْقلاني، الشهير بابن حجر. قال ابنُ أبي حاتم: حدثنا عَمْرو بن عبد الله الأودي: حدثنا وَكيع عن عَبَّاد بن منصور، قال: حدثنا القاسم بن محمد، قال: سَمِعت جابرًا رضي الله عنه يقول: قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ولا مَهْر أَقلُّ من عشرة ... الحديث الطويل. قال الحافظ: إنه بهذا الإِسناد حَسَنٌ، ولا أَقَلّ منه. اهـ كذا في "فتح القدير" في فَصْل الكفاءة. (¬2) قال الخطّابي في "المعالم": وقال أصحابُ الرأي: أقلّه عشرةُ دَراهمَ، وقَدّروه بما يُقطع فيه يدُ السّارق عندهم، وزعموا أنَّ كلَّ واحدٍ منهما إتلافُ عُضو. اهـ وذكر ابنُ رُشْد: قال ابن شُبْرُمة: هو خمسةُ دراهم، لأنّه النصاب عنده أيضًا في السَّرِقة، ثُم قال ابنُ رُشْد: وقد احتجَّت الحنفيةُ بما رُوي عن جابر مرفوعًا: أنه قال: لا مَهْر بأقلَّ من عشرةِ دراهمَ، ولو كان هذا ثابتًا لكان رافِعًا لموضِع الخلاف. اهـ: "بداية المجتهد". قلتُ: وقد عَلِمت تحسينَ هذه الروايةِ آنِفًا، وراجع كلام ابن رُشْد مُفَصّلًا، فإِنّ فيه فوائد.

وله حديثٌ قويٌّ عند النَّسائي، والرأي فيه عندي أنَّ المَهْر، وكذا نِصار السَّرقة كانا قَليلين في أَوَّل الإسلام، لعسر حال المسلمين، فلما وَسَّع الله تعالى عليهم زِيد في المهر ونِصاب السرقة أيضًا، حتى استقرَّ الأَمْر على عشرةِ دراهمَ فيهما، فلا نَسْخ عندي. وحينئذٍ جاز أن يكون نَحْوُ خاتم حديد تمامَ المَهْر في زمن، ولك أن تحمله على المُعَجّل أيضًا. فالصُّورُ كلُّها معمولةٌ بها عندي، وإن انتهى الأَمْر إلى العشرةِ (¬1). ¬

_ (¬1) قلتُ: وفي المقام مباحثُ نفيسةٌ ذكرها القاضي أبو بكر بنُ العربي في "شرح الترمذي" أهديها إليك لتنتفع بها، ثُم لتنفع الناس، فإِنّ خيرَ الناسِ مَنْ ينفع الناس: قال ابنُ العربي رحمه الله تعالى: وقد اختلف الناسُ في ذلك على سَبعة أقوال: الأَوّل: لا مَهْر أَقل من أربعينَ، قاله النخعي؛ الثاني: لا مَهْر أقل من دينار. قاله أبو حنيفة؛ الثالث: لا مَهر أقل من خمسةِ دراهم، قاله ابن شُبرمة؛ الرابع: لا مَهْر أقلُّ من رُبع دينار، قاله مالك؛ وقال الدَّاودي: تَعَرَّقْتُ أبا عبد الله، أي قلت بمذهبِ أهل العراق. وقال الأَوْزاعي، وابن وَهب: درهم، وهو الخامس؛ السادس: قِيراط، قاله ربيعة. وقال الشافعيُّ وجماعةُ أهل المدينة: وما تراضى عليه الأهَلون، وهو كل ما جاز أن يكون ثَمنًا، أو أُجرة، حتى الموزون، ورُوي مِثله عن ابن عباس. وقد روى مالك حديث الموهوبة، وأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال للذي سأله أن يزوِّجها منه: التمس ولو خاتمًا مِن حديد، ودرهمًا من حديد، أو قَدْرها بما يكون خَاتمًا لا يساوي رُبع دينار. إما لا جوابَ عنه لأحد، ولا عُذْر فيه، وإما أنَّ المحقِّقين من علمائنا نظروا إلى قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] فمنع اللهُ القادِرَ على الطَّولِ من نكاح الأمة. ولو كان الطَّول درْهمًا ما تَعذَّر على أحَد، وكذلك ثلاثة دَراهمَ، لا تتعذَّر على أَحد. على أنَّ الناس اختلفوا في الطَّول، فمنهم مَن قال: هو القدرةُ على نِكاح الحُرّة، ومَنْ قال: الطَّول هو وجودُ الحُرّة تحته، ويحتمل أن يُراد حقوق الحرة من الإِنفاق والكِسوة، فلا يدخلُ محتمل آيةٍ على نصّ حديث ذَكَره الأئمةُ في الصِّحاح. وقد ذكر أبو عيسى بعد ذكر قليل الصَّداق حديث عُمرَ: أَلا لا تغالوا في صدقاتِ النِّساء، فإنها لو كانت مَكرمةٌ عند الله، لكان أَوْلى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ما عَلِمت أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَصْدَقَ لِعدّة من نسائه أكثَرَ من ثماني عشرةَ أوقيةً. وزاد أبو عيسى: ولا امرأة. زاد النَّسائي: وأنّ رَجُلًا ليغلي بصداق امرأته، حتى لا يكون لها حرارةٌ في نفسه، وحتى يقول لك: عَلّق القرفة. وذُكر عن عائشةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أعظمُ النِّساء بركةً أَيسرُهنَّ مَؤونةً". وروى مسلمٌ: أنْ رَجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني تَزوجت امرأةً من الأَنْصار، قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: هل نظرت إليها، فإنَّ في أعين الأنصار شيئًا؟ قال: قد نظرت إليها. قال: على كم تَزوَّجتها؟ قال: على أربعةِ أواقٍ. فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: أَرْبع أواق، فكأن تَنحِتون الفِضَّة من عرض هذا الجبل، ما عندنا نعطيك، ولكن عسى أن نَبْعثك في بَعْث تصيبُ منه ذلك، فبعث ذلك الرجل فيهم. وفي "أحكام القرآن" تمامُ بيانه. فأما معنى الحديث الذي ذكره، ففيه عُشرون تكملة: الأولى: أنَّ المرأة وهبت نفسها بغيرِ صَدَاق، وذلك لا يكون إلَّا للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. واختلف الناس في وَجْه ذلك، فمنهم مَن قال: إنها أعطته نَفسها بغير صَدَاق، وذلك لا يكون إلا للنبي - صلى الله عليه وسلم - خَاصّة، ومنهم مَن قال: إن هو إلا أنها عقدت نِكاحها منه، على معنى النِّكاح بِلَفظ الهِبة. وقال ابنُ المسيب: لو أعطاها سوطًا لحلَّت له. وقال وكيعٌ: لو رضيت بسوط كان مَهرَها. والصحيح أنها أرادت هِبةَ النفس بغير عِوض، لاعتقادها أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أَوْلى بالمؤمنين من أنفسهم، وأنه يختصُّ في النكاح بأشياء كثيرة لا تجوز لغيره، وهذا منها، فقد تَزوَج صفيةَ بغير صَداق. الثاني: أنَّ النِّكاح بلفظ الهِبة جائز، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في آخره: مَلَّكتكَها، وزوجتُكها، وأَنكَحْتُكَها، وهذا كله في الصحيح، ويقتضي أنه ليس للنِّكاح لفظ مخصوص، فإِنه بعبارة - كما قال بعض أصحاب الشافعي - وإنما هو عَقْد =

........................... ¬

_ = تراضٍ، فما فُهِم منه الرضى جاز. وأما أبو حنيفة فجعله بكلِّ لَفظٍ ويقتضي التمليكَ على التأبيد، وهذا تعلق باللفظ، وليس له عندنا معنًى بحال، بل لو قال: وحللت لك، أو أَبَحْت لك، لجاز. وذكر بعضُ أصحابنا: لمالك أن النِّكاح بِلَفْظ الهِبة لا يجوز، وليس الأَمْر كما زعم، إنما قال: عند مالك لا تكونُ الهِبةُ لأَحدٍ بعد النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، يعني الموهوبة، لقوله: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 50] أما إنه قد روى عن المغيرةَ، ومحمد بن دينار مِثْل مَذهب الشافعي. وتحقيقُ القول فيه: إنه إذا قال له: وَهَبتك، إن أراد نكحتك، وقابله الآخر، كذلك جاز. وإنْ قصد الآخَرُ صَداقًا، فكأنه شَرَط حَطَّ الصَّداق، وذلك بمنزلته لو صرح، فقال: بلا صَداق، وفيه قولان: أحدهما: يَفسخ بكلِّ حال؛ الثاني. أنه يفسخ قَبل الدُّخول خاصَّة. وقال عامْةُ العلماء: الشَّرْط لا يَضُرُّ بالعَقْد، والنكاح صحيح. وقد بَيناه في مسائل الخلاف. الثالث: أنَّ فيه خِطبة المرأةِ لنفسها، إذا كان المخطوبُ مِمن يرْغب في صلاحه، وقد قالت بِنْتُ أنس لأنس، حين سمعته يُحدْث بهذا الحديث: "واسوأتاه". قال: هي خيرٌ منك، رَغِبت في النبي - صلى الله عليه وسلم -، فَعَرَضت نَفْسُها عليه. الرابع: حديث يَعْقُوب بن عبدِ الرحمن عن أبي حازم هذا، أنها قالت: جئت لأهب نفسي لك، فصعد النظر فيها وصَوبه. ويحتمل أنها كَلَّمته قَبْل الحجاب مُتلففةً، وأن ذلك كان جائزًا، فإنه يدخلُ في باب نظر الرجل إلى المرأة التي يريد أن يتزوجها. فإِنك إنْ لم ترد نِكاح المرأةِ، لم يَجُز لك النَّظر إليها بارزةَ الوَجْه، ولا متلففة، فترى منها القامة، والهبة خاصّة. الخامس: "التمس ولو خاتمًا من حديد"، الخاتم من الحديد الذي يتزين به، قيمتُه أكبرُ من وزنه، وقد قَرَّرْنا في تلخيص الملخص فوائد أربعة في تقرير مالك له، وقلنا: إنَّ الأعيان المالية، والمنافع المبتذلةَ يجوزُ استيفاؤها بغير عِوض، فجاز أن يُستباح بكل عِوض، والبُضْع لا يُباح إلَّا بِعِوض بيانًا لخطره، فيقدر بيانًا لخطره. وذكرنا مَأخَذًا ثانيًا، وهو أن الصَّداق حَقُّ الله، فوجب تقديرُه. وهذه الأصولُ لا تَرد بألفاظٍ من الأحاديث محتملة، يعارضها مِثلُها من القرآن، كما بيناه، والله أعلم. السادس: قوله: "إن أعطيتها إزارَك، جلست لا إزار لك"، دليلٌ على مِلك المرأة الصَّداق بنفس العقد، ولا خلاف فيه لاتفاق الأُمة على جواز التصرّف فيه، وترتب على هذا فروعٌ من مسائل الفقه، سيأتي بيانها. السابع: أنَّ ما لا يمكن تسلِيمُه لا يكون صَداقًا، لأنه لو سَلَّمه لم كشِف. الثامن: إنَّ فيه وجوبَ تعجيل المَهْر، أو شيء منه، لأنه لو لم يوجب ذلك، لازمه إياه، وأرجاه عليه. التاسع: ذِكره لخاتم الحديد كان قَبل النهي عنه، وقوله: "إنّه حِلية أَهْل النار"، فنسخ النهي جوازه له، والأحاديث في ذلك صحاح وإن لم تكن في الصحيح، ويعضده إجماعُ الأُمة على تركه عملًا. العاشر: إنَّ هذا يحتمل أن يكون زمانَ جوازِ الاستمتاع بالنساء، كما قال جابر: كُنا نستمتع على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقبضة من الطعام، ثم نَسخ اللهُ المتعة، وصَداقها. الحادي عشر: أنَّ مِن العلماء من قال: إنما جوازُها بِفَضل حِفْظ القرآن، أو سُورٍ منه، كما رُوي عن أُم سُلَيم: أنه خَطَبها أبو طلحة، فقالت: والله يا أبا طلحةَ ما مِثْلك يُردّ، ولكنك رجلٌ كافر، وأنا امرأةٌ مُسْلمة، ولا يَحِل لي أن أتزوَّجك فإِن تُسلم فذلك مَهري، ولا أسألك غيرَه، فأسلم، فكان ذلك مَهْرَها. قال ثابت: فما سَمِعنا بامرأةٍ قَطّ كانت أكرمَ مهرًا من أُمِّ سُليَم، فدخل بها، فولدت له. الثاني عشر: ومن العلماء مَن قال: إنما زَوّجها على أن يُعلّمها سورًا من القرآن. وفي حديث أبي داود: "فقم فعلِّمها عشرين آيةً"، فكأنها كانت إجازة، وكرهه مالك، ولم يجزه أبو حنيفة، ومنعه ابنُ القاسم، وقال: يفسخ قبل البناء، ويثبت بعده. ودار كلامُ أصبغ على أنه إنْ نزل مَضى. قاله مالك، وأَشْهب، وابن المواز. ولو كان جُعْلًا، =

فائدة

فائدة واعلم أنَّ الحافِظُ بُرهان الدِّين الحلبي الحنفي يقالُ له: ابنُ السِّبْط العجمي أيضًا، وهو متأخِّرٌ عن الزَّيْلعي بقليل. وهذا الذي كان الحافِظ ابنُ حجر فَوَّض إليه جميعَ كُتُبه ليستفيدَ منها ما شاء، إلا أنَّ مصنَّفاتِه ضاعت في زمن تيمر، وكان الظالم أَحْرَقها بين عَيْنيه، ليزيدَه حُزْنًا وحَسْرةً، فإِنَّا وإنّا إليه راجعون. 51 - باب التَّزْوِيجِ عَلَى الْقُرْآنِ وَبِغَيْرِ صَدَاقٍ 5149 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ يَقُولُ سَمِعْتُ ¬

_ = فقال يحيى عن ابن القاسم: لا يجوز، ولا نراه على أنه إن نزل مضى، ولا حَدّ منه. وقال الشافعي: جاز ذلك في تقسيم القرآن. والصحيح جوازُه بالتعليم، لأنَّ قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فما معك"، يريد العِوض. وفي رواية أبي داود: معي سورةُ البقرة، والتي تليها. وقد روى يحيى بن مضر عن مالك بن أنس في الذي أمره النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَنْكح بما معه من القرآن، أن ذلك في أُجرته على تعليمها، وبذلك جاز أَخْذ الأجرة على تعليمه، وهذا المعنى الثالث عشر، وبالوجهين قال الشافعي، وإسحاق. وإذا جاز أن يُؤخذ عنه العِوض جاز أن يكون عِوضًا، وقد أجازه مالِك من هذه الجهة، فلزمه منسوخٌ بقوله: "لا نِكاح إلا بولي، وشاهدي عَدل"، وهذه سَقْطة، أين شروط النّسخ؟ كلُّها معدومةٌ: هذا الحديث صحيح، والذي ذكره باطل. ولا نعلمُ - لو كان صحيحًا - المتقدِّم من المتأخر، ولا تعارُض بينهما، فكيف يُطلق لسانَه فيما لم يُحكم بيانه، ولا أَوضح برهانه. والسادس عشر: ما رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نظر في صِفته، فلما رآه مُسلمًا قد جمع من القرأن جُمْلة، زَوَّجه منها فعرَّس، وأرجأ الصَّداق إلى المَيسرة، وهذا حَسَنٌ، إلا أن الظاهر يخالِفُه. السابع عشر: معنَى، ذكرَ أبو عيسى حديث في عِتق النبي - صلى الله عليه وسلم - صَفِيّة، وجعل عِتقها صَدَاقها، قال به أحمد بن حنبل. قنا له: قيل للراوي: ما أمهرها؟ قال: أمهرها نَفْسَها. أخبرنا ابن الطيوري: أخبرنا الدارقطني: أخبرنا يحيى بنُ إسماعيل، ومحمد بن مخلد: حدثنا علي بن أحمد السَّواق: حدثنا بشر بن موسى عمن يعْتق جاريته، ثم يتزوّجها، فقال: ألم يعتق رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صفيةَ بنت حيي بن أخطب، وخوَيريةَ بنتَ الحارث بن أبي ضِرار، وجعل عِتقها مهرَها، وتزوجها، وأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قد خُصّ في النكاح والنساء باتفاق مِنّا ومنك بمعانٍ لا تجوز لغيره، فلا يَحِل لأحد أن يأجز في النكاح للنبيِّ، فهو له جائز، وأما في غير ذلك فهو أُسوة. الثامن عشر: كانوا يقولون في الحديث الصحيح: "إنّ مَنْ تزوّج معتقةً، كمن رَكِب دابته"، وهذا صحيح من وَجْه، ويلزم لو قلنا يركبها بغير صَداق، وأما إذا قلنا بوجوب الصَّداق، فقد خرج عن هذا التمثيل، وصار المعتِق كأَحَد المسلمين. وإنما يلزم ذلك لأي أَحَدٍ لزومًا لا محيص عنه، فإِن أراد أن يخرج عن ذلك بِفِعْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فالنبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، مخصوصٌ، وحديث أبي موسى يقتضي أن زواجَ الأمة المعتقة فيه فَضْل كبير، والذي يُرتِّب عليه أَجره مرتين في هذه المسألة. التاسع عشر: في وجوب التَّضعِيف، وذلك كأنَّ مَن أَدّى من العباد حَق الله تعالى آتاه الله أَجره المعلومَ بأَضْعافه، فإِذا جاء به العبدُ، ولم يُقصِّر في شيء من حَق مولاه، أعطاه الله على وفائه بحق مولاه، مِثل ما يعطيه على وفائه بحقِّ رَبِّه بأضعافه، كل ذلك في الماليين، فافهمه. الموفى عشرين: هذا كلُّه يدلُّ على تأكيدِ الصَّداق، وقَصْده، وجَعْله أصلًا في العقد، ولو لم يكن له خَطَر ما كان عليه هذا الأَمْرُ كُله مبنيًا. اهـ.

52 - باب المهر بالعروض وخاتم من حديد

سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِىَّ يَقُولُ إِنِّى لَفِى الْقَوْمِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ قَامَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ فَرَ فِيهَا رَأْيَكَ فَلَمْ يُجِبْهَا شَيْئًا ثُمَّ قَامَتْ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ فَرَ فِيهَا رَأْيَكَ فَلَمْ يُجِبْهَا شَيْئًا ثُمَّ قَامَتِ الثَّالِثَةَ فَقَالَتْ إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ فَرَ فِيهَا رَأْيَكَ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْكِحْنِيهَا. قَالَ «هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَىْءٍ». قَالَ لاَ. قَالَ «اذْهَبْ فَاطْلُبْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ». فَذَهَبَ فَطَلَبَ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ. فَقَالَ «هَلْ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَىْءٌ». قَالَ مَعِى سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا. قَالَ «اذْهَبْ فَقَدْ أَنْكَحْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». أطرافه 2310، 5029، 5030، 5087، 5121، 5126، 5132، 5135، 5141، 5150، 5871، 7417 - تحفة 4689 - 26/ 7 52 - باب الْمَهْرِ بِالْعُرُوضِ وَخَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ 5150 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِرَجُلٍ «تَزَوَّجْ وَلَوْ بِخَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ». أطرافه 2310، 5029، 5030، 5087، 5121، 5126، 5132، 5135، 5141، 5149، 5871، 7417 - تحفة 4684 53 - باب الشُّرُوطِ فِى النِّكَاحِ وَقَالَ عُمَرُ: مَقَاطِعُ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ. وَقَالَ الْمِسْوَرُ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِى مُصَاهَرَتِهِ فَأَحْسَنَ، قَالَ: «حَدَّثَنِى فَصَدَقَنِى، وَوَعَدَنِى فَوَفَى لِى». 5151 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَحَقُّ مَا أَوْفَيْتُمْ مِنَ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ». طرفه 2721 - تحفة 9953 54 - باب الشُّرُوطِ الَّتِى لاَ تَحِلُّ فِى النِّكَاحِ (¬1) وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لاَ تَشْتَرِطِ الْمَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا. ¬

_ (¬1) وقد تكلَّم ابنُ العربي في معناه في "شرح الترمذي" فراجعه. قال الإِمام أبو بكر بن العربي رحمه الله: الشروط في النكاح على قسمين: أحدهما: أن يكون مِن حقوق الزوجين الخالصة، أو أن يكون من حقوقِ الله سبحانه؛ فإِن كان من حقوقِ الزَّوجين جاز إسقاطُه، ولم يؤثِّر في النِّكاح، وهل يلزم ذلك أم لا؟ لاختلاف الناس في ذلك: فقال مالك: يجزئه الوفاء به؛ وقال الشافعي، وأحمد، وإسحاق يلزمُ الوفاء به، وقال عليُّ بن أبي طالب: شَرْطُ اللهِ قبل شَرْطِهما، وبه قال سُفيان. وهذا لا يلزم، لأن الله تعالى لم يشرط ذلك لنفسه سبحانه، وإنما جعله حَقًا للزوج، فيسقط بإِذنه في بعض الأحيان، فجاز أن يسقط بإِذنه في عموم الأزمان. قال ابنُ العربي: تحقيقُه: إِنَّ الله نهى عن بَيْع وشَرْط، وسيأتي تحقيقُه إن شاء الله؛ وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أحقَّ الشُّروط أن يُوفى به ما استحللتم به الفروج"، وقال: "المسلمونَ عند شُرُوطهم"، معناه أنَّ هناك يظهر الإِسلام =

55 - باب الصفرة للمتزوج

5152 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ زَكَرِيَّاءَ - هُوَ ابْنُ أَبِى زَائِدَةَ - عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تَسْأَلُ طَلاَقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا، فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا». أطرافه 2140، 2148، 2150، 2151، 2160، 2162، 2723، 2727، 5144، 6601 - تحفة 14955 واعلم أنَّ الشَّرْع قد بالغ في إيفاء ما وعد به في النِّكاح، لكونه من باب المروءةِ وسلامةِ فِطْرة الإِنسان. والشيء إذا كان من معالي الأخلاق يُحرِّض عليه الشَّرْع، لأن الإِسلام جاء مُتمِّمًا لمكارِم الأخلاق. وفي الفِقْه أن النكاح لا يَبْطُل بالشرط الفاسد، بل يَصِح النِّكاح، ويَبْطُل الشَّرْطُ الفاسد. ثُم إنَّ الفقهاء فرقوا بين التقييد والتعليق، وراجع الفرق بين قوله: إنْ كُنتَ عالمًا فقد زَوَّجتك، وبين قوله: وَوَّجْتك على أنك عالِمٌ. وقد تَعَرَّض إليه صاحِبُ «الهداية» أيضًا، والعجب أنه التبس على صاحب «تنوير الأبصار» مع أن الفَرْق المذكورَ دائرٌ في سائر الفِقْه. 55 - باب الصُّفْرَةِ لِلْمُتَزَوِّجِ (¬1) وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 5153 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ ¬

_ = والعمل بمقتضى الدِّين، وأغرب ما في الباب أن نعين أن تشترط المرأةُ أن لا يتزوج عليها، وأن ذلك لجائز، فإنها إذا تأذت بذلك، فلا أن تدخل في إيذائه، وقد قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ بني المغيرة استأذنوني في أن يُنْكحوا ابنةَ أبي جهل عليَّ بنَ أبي طالب، وأني لا آذَن، ثُم لا آذن. وما لي تحريمُ ما أحلّ الله، وأنَّ فاطمةَ بضعةٌ مني، يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها، والله لا تَجْتمع بنت رسول الله، وبنت عدو الله، إلا أن يريد ابنُ أبي طالب أن يطلق، ويتزوجها". وفي هذا الحديث بدائع، وسترونها في موضعها إن شاء الله: منها في الباب قوله: "وما لي تحريمُ ما أحل اللهُ"، ولكنه لما كان أَمرًا يؤذي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لم يَجُز بحال، وليس فيه تحريمُ ما أحل الله مِن جمع زَوجين، ولكن إنما كان فيه عرض إذايةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَنَعه، وللمسلمة أن تمنع من إذاية غيرها. قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسأل المرآة طلاقَ أختها، لتكفىء في صَحفتها، فإِن لها ما قُدِّر لها منها، أن تقول: لا أتزوجك، إلا أن تطلق فُلانة"، وهذا مُحرّم طلبُه عليها، وجائز فِعله للزوج، وتفصيل الشروط في نفسها، وتصريف إدخالها على العقد مَذكور في مسائل الفِقه، والضابط في هذه العارضة ما أشرنا إليه من قبل. (¬1) وفي شَرْح الترمذي: قال ابنُ العربي: وفي الحديث: أنّه رأى عليه أَثَر صُفْرة، وذلك لا يكون إلّا بعد الدخول. حتى لقد رُوي عن يَعْلى بنِ مُرّة، قال: مَررتُ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنا متخلّق بالزَّعفران. فقال لي: "يا يَعْلى، هل لك امرأةٌ؟ قلت: لا. قال: اذهب فاغْسله"؛ روي أنها كانت صُفْرةَ زعفران. وقد جَوّز علماؤنا صباغَ صُفْرة الزَّعفران للرجال والنساء، لحديث ابن عُمر في "الموطأ" وغيره: وقال ابن شَعْبان: يجوزُ التخلّق بالزعفران في الشارب دون الجسد، ومنعه أبو حنيفة، والشافعي على الإطلاق. وقد كان عمرُ يصبغ ثيابَه ولحيَته بالصُّفرة، وكذلك ابنه عبد الله، وكان ابنُه عبد الله يصبغ بالزعفران نَصًّا. وثبت أن ابنَ عُمرَ كان يصفر لحيته بالخلوق، وأن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُصفّر بها لحيته. وفي لفظ آخر: بالوَرْس؛ والزعفران، وإنْ كانت صُفْرة لا تنفض عن الجسد كالصَّفراء، فلا خلاف في جوازها. وسيأتي تحقيقُ القَوْل فيها إن شاء الله.

56 - باب

مَالِكٍ رضى الله عنه أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ «كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا». قَالَ زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». أطرافه 2049، 2293، 3781، 3937، 5072، 5148، 5155، 5167، 6082، 6386 - تحفة 736 - 27/ 7 فإن كانت الصُّفْرَة صُفْرة الزَّعْفران، فهي حرامٌ على الرِّجال، فإِن انتقلت إليه من ثواب امرأته، فهي عَفْوٌ. 56 - باب 5154 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أَوْلَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِزَيْنَبَ فَأَوْسَعَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا فَخَرَجَ - كَمَا يَصْنَعُ إِذَا تَزَوَّجَ - فَأَتَى حُجَرَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ يَدْعُو وَيَدْعُونَ لَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ فَرَأَى رَجُلَيْنِ فَرَجَعَ لاَ أَدْرِى آخْبَرْتُهُ أَوْ أُخْبِرَ بِخُرُوجِهِمَا. أطرافه 4791، 4792، 4793، 4794، 5163، 5166، 5168، 5170، 5171، 5466، 6238، 6239، 6271، 7421 - تحفة 801 57 - باب كَيْفَ يُدْعَى لِلْمُتَزَوِّجِ 5155 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - هُوَ ابْنُ زَيْدٍ - عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ قَالَ «مَا هَذَا». قَالَ إِنِّى تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ «بَارَكَ اللهُ لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». أطرافه 2049، 2293، 3781، 3937، 5072، 5148، 5153، 5167، 6082، 6386 - تحفة 288 58 - باب الدُّعَاءِ لِلنِّسَاءِ اللَّاتِي يَهْدِينَ الْعَرُوسَ وَلِلْعَرُوسِ 5156 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تَزَوَّجَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَتْنِى أُمِّى فَأَدْخَلَتْنِى الدَّارَ، فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِى الْبَيْتِ فَقُلْنَ عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ. أطرافه 3894، 3896، 5133، 5134، 5158، 5160 - تحفة 17113 والعِرْس - بالكسر - أَوْلى من العُرْس، لأنه بالضمِّ الهديةِ الطعام. واعلم أن في الترجمة إشْكالًا، فإِن المتبادِر من الترجمة كونُهن مدعواتٍ فهن، لا كونهن داعياتٍ، مع أن المراد منه كَوْنُهن داعياتٍ، وهذا هو في الحديث. فقال الحافظ (¬1): إنَّ المراد، مِن ¬

_ (¬1) وفي "فتح الباري": وظاهر هذا الحديث مخالِفٌ للترجمةِ، فإِن فيه دعاءَ النِّسوة لمن أهدى العَروس لا الدعاء لهنَّ. وقد استشكل ابنُ التِّين، فقال: لم يذكر في الباب الدعاء للنسوة، ولَعلّه أراد كيف صفَةُ دعائهن للعَرُوس، لكن اللفظ لا يساعد على ذلك. وقال الكِرْماني: الأم هي الهادية للعَرُوس المجهِّزة، فهنَّ دعون لها ولمن معها، وللعروس، حيث قُلْن: على الخير جئتُن، أو قَدِمتُنّ على الخير. قال: ويحتمل أن تكون اللامُ في النسوة للاختصاص، أي الدعاء المختصّ بالنِّسوة اللاتي يهدين، ولكن يلزم منه المخالفةُ بين اللام التي للعروس، لأنها بمعنى المدعو لها، والتي في النسوة، لأنها الداعيةُ، وفي جواز مِثْله خلاف. انتهى. والجوابُ الأوّل أحسنُ ما تُوجّه به الترجمة. =

59 - باب من أحب البناء قبل الغزو

النساء هي أُمّ رومان. قلتُ: فَلزمه أن يريد من الجمع إياها فقط، وفيه ما فيه. قلتُ: إنَّ اللام بعد المصدر قد تدخل على الفاعل أيضًا، كما صرح به الأشموني في باب فعلى التعجب، فحينئذ النِّساء كلّها مهديات وداعيات، فلا يلزم إطلاقُ الجمع على الواحد، وإليه تلوحُ الترجمة الآتية. وحينئذٍ لا حاجةَ إلى التأويل الذي ذكره الحافِظُ. 5156 - قوله: (وعلى خيرِ طائرٍ) "اجهى نصيبى بر". 59 - باب مَنْ أَحَبَّ الْبِنَاءَ قَبْلَ الْغَزْوِ 5157 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «غَزَا نَبِىٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ فَقَالَ لِقَوْمِهِ لاَ يَتْبَعْنِى رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ وَهْوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِىَ بِهَا وَلَمْ يَبْنِ بِهَا». طرفه 3124 - تحفة 14677 60 - باب مَنْ بَنَى بِامْرَأَةٍ وَهْيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ 5158 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ تَزَوَّجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَائِشَةَ وَهْىَ ابْنَةُ سِتٍّ وَبَنَى بِهَا وَهْىَ ابْنَةُ تِسْعٍ وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعًا. أطرافه 3894، 3896، 5133، 5134، 5156، 5160 - تحفة 16910 - 28/ 7 61 - باب الْبِنَاءِ فِي السَّفَرِ 5159 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلاَثًا يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىٍّ فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ، فَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلاَ لَحْمٍ، أَمَرَ بِالأَنْطَاعِ فَأُلْقِىَ فِيهَا مِنَ التَّمْرِ وَالأَقِطِ وَالسَّمْنِ فَكَانَتْ وَلِيمَتَهُ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ فَقَالُوا إِنْ حَجَبَهَا فَهْىَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهْىَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّى لَهَا خَلْفَهُ وَمَدَّ الْحِجَابَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ. أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 577 ¬

_ = وحاصِلُه أنَّ مرادَ البخاري بالنسوة مَن يهدي العروس، سواء كُن قليلًا أو كثيرًا، وإنَّ مَن حضر ذلك يدعو لمن أَحْضَر العروس، ولم يرد الدعاءُ للنِّسوة الحاضرات في البيت، قَبْل أن تأتي العروسُ. ويُحْتمل أن تكون اللامُ بمعنى الباء، على حَذْف، أي المختصّ بالنسوة؛ ويحتمل أن الألف واللام بدل من المضاف إليه، والتقدير دعاءُ النسوة الداعياتِ للنسوةِ المهديات. ويُحتمل أن تكون بمعنى "مِن"، أي الدعاء الصادر من النِّسوة. وعند أبي الشيخ في كتاب النكاح من طريق يزيد بن حفصة، عن أبيه، عن جدْه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بجوارٍ، بناحية بني جدره، وهُنَّ يَقُلن: فحيونا نحييكم. فقال: "قلن: حيانا اللهُ، وحياكم"، فهذا فيه دعاءٌ للنسوةِ اللاتي يهدين العروس.

62 - باب البناء بالنهار بغير مركب ولا نيران

62 - بابُ الْبِنَاءِ بِالنَّهَارِ بِغَيْرِ مَرْكَبٍ وَلاَ نِيرَانٍ 5160 - حَدَّثَنِى فَرْوَةُ بْنُ أَبِى الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ تَزَوَّجَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَتْنِى أُمِّى فَأَدْخَلَتْنِى الدَّارَ، فَلَمْ يَرُعْنِى إِلاَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضُحًى. أطرافه 3894، 3896، 5133، 5134، 5156، 5158 - تحفة 17113 أي كما كان أهلُ الجاهلية يفعلونه. قلتُ: اللهو في النكاح وإن كان لغوًا لكنه يُغمض عنه، بخلاف الرُّسوم في الموت، والفرق قد مرّ. فائدة: البِدعة ما اخترعها صاحِبُها بِحُسْن نية، فالتبست بالشرع. وراجع لها «إيضاح الحقّ الصريح» للشاه إسماعيل، و «كتاب الاعتصام» للشاطبي. بقي ما حُكْم تلك البدعة؟ فنظر الحنفية فيها على التفكيك، فقالوا: إنه يُثاب على صباحةِ نِيّته، ويعاقب على قباحةِ الابتداع، كالصلاة في الأوقات المكروهة، وكالصوم في يوم النَّحر في قول، وفي قول آخر: إنه لا ثوابَ له فيه أصلًا، وهو المختار عندي. وإذن ما يقرءون الكلماتِ الطيباتِ، والقرآن في رسومِ البدعات، يكون فيها أَجْرٌ بِقَدْر نياتِهم الحسنةِ، مع لزوم القباحة. 63 - باب الأَنْمَاطِ وَنَحْوِهَا لِلنِّسَاءِ 5161 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَلِ اتَّخَذْتُمْ أَنْمَاطًا». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَّى لَنَا أَنْمَاطٌ. قَالَ «إِنَّهَا سَتَكُونُ». طرفه 3631 - تحفة 3029 5161 - قوله: (قال: إنها ستكُون) ... إلخ؛ قلتُ: وقد تعارض فيه اجتهادُ جابر، واجتهادُ زوجته، فزعمت أن النبيّ صلى الله عليه وسلّم لما كان أخبرنا بالأنماط، فلا بد لنا منها، فلا نُميطُها، وذهب اجتهادُ جابر إلى أن إِخباره بأَمْر لا يوجِب كونه مطلوبًا أيضًا. قوله: (الأنماط) "جها لردار رومال". 64 - باب النِّسْوَةِ اللاَّتِى يَهْدِينَ الْمَرْأَةَ إِلَى زَوْجِهَا 5162 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا زَفَّتِ امْرَأَةً إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا عَائِشَةُ مَا كَانَ مَعَكُمْ لَهْوٌ فَإِنَّ الأَنْصَارَ يُعْجِبُهُمُ اللَّهْوُ». تحفة 16763 وفيه إيماء إلي أنَّ المصنِّف أراد فيما مر قوله: الدعاء للنساء معنى الجمع. ولذا

65 - باب الهدية للعروس

خالفت الحافِظ في شرح الترجمة، فإِنه أراد مِن النساء أُمُّ رومان فقط، وتَرَكْتُه على معناه. 65 - باب الْهَدِيَّةِ لِلْعَرُوسِ 5163 - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ - وَاسْمُهُ الْجَعْدُ - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ مَرَّ بِنَا فِى مَسْجِدِ بَنِى رِفَاعَةَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا مَرَّ بِجَنَبَاتِ أُمِّ سُلَيْمٍ دَخَلَ عَلَيْهَا فَسَلَّمَ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَرُوسًا بِزَيْنَبَ فَقَالَتْ لِى أُمُّ سُلَيْمٍ لَوْ أَهْدَيْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَدِيَّةً فَقُلْتُ لَهَا افْعَلِى. فَعَمَدَتْ إِلَى تَمْرٍ وَسَمْنٍ وَأَقِطٍ، فَاتَّخَذَتْ حَيْسَةً فِى بُرْمَةٍ، فَأَرْسَلَتْ بِهَا مَعِى إِلَيْهِ، فَانْطَلَقْتُ بِهَا إِلَيْهِ فَقَالَ لِى «ضَعْهَا». ثُمَّ أَمَرَنِى فَقَالَ «ادْعُ لِى رِجَالاً - سَمَّاهُمْ - وَادْعُ لِى مَنْ لَقِيتَ». قَالَ فَفَعَلْتُ الَّذِى أَمَرَنِى فَرَجَعْتُ فَإِذَا الْبَيْتُ غَاصٌّ بِأَهْلِهِ، فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى تِلْكَ الْحَيْسَةِ، وَتَكَلَّمَ بِهَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ جَعَلَ يَدْعُو عَشَرَةً عَشَرَةً، يَأْكُلُونَ مِنْهُ، وَيَقُولُ لَهُمُ «اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلْيَأْكُلْ كُلُّ رَجُلٍ مِمَّا يَلِيهِ». قَالَ حَتَّى تَصَدَّعُوا كُلُّهُمْ عَنْهَا، فَخَرَجَ مِنْهُمْ مَنْ خَرَجَ، وَبَقِىَ نَفَرٌ يَتَحَدَّثُونَ قَالَ وَجَعَلْتُ أَغْتَمُّ، ثُمَّ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَ الْحُجُرَاتِ، وَخَرَجْتُ فِى إِثْرِهِ فَقُلْتُ إِنَّهُمْ قَدْ ذَهَبُوا. فَرَجَعَ فَدَخَلَ الْبَيْتَ، وَأَرْخَى السِّتْرَ، وَإِنِّى لَفِى الْحُجْرَةِ، وَهْوَ يَقُولُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} [الأحزاب: 53]. قَالَ أَبُو عُثْمَانَ قَالَ أَنَسٌ إِنَّهُ خَدَمَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ سِنِينَ. أطرافه 4791، 4792، 4793، 4794، 5154، 5166، 5168، 5170، 5171، 5466، 6238، 6239، 6271، 7421 - تحفة 513 - 29/ 7 وقد أجاز الفقهاءُ الغِناء في العُرْس للجواري الصغيرة، مع شروطه. 66 - باب اسْتِعَارَةِ الثِّيَابِ لِلْعَرُوسِ وَغَيْرِهَا 5164 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلاَدَةً، فَهَلَكَتْ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِى طَلَبِهَا، فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلاَةُ فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَلَمَّا أَتَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ. فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ، إِلاَّ جَعَلَ لَكِ مِنْهُ مَخْرَجًا، وَجُعِلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةٌ. أطرافه 334، 336، 3672، 3773، 4583، 4607، 4608، 5250، 5882، 6844، 6845 - تحفة 16802 67 - باب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ 5165 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَا لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَقُولُ حِينَ

68 - باب الوليمة حق

يَأْتِى أَهْلَهُ بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنِى الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، ثُمَّ قُدِّرَ بَيْنَهُمَا فِى ذَلِكَ، أَوْ قُضِىَ وَلَدٌ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا». أطرافه 141، 3271، 3283، 6388، 7396 - تحفة 6349 - 30/ 7 68 - باب الْوَلِيمَةُ حَقٌّ (¬1) وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». ¬

_ (¬1) وفي المقام مباحث، تعرض إليها ابنُ العربي، ونأتيك ببعضها. قال: الأطعمةُ السندسية طعامُ الأملاك. الوليمة: طعامُ العُرس. الخرس: طعام الولادة؛ العَقِيقة: طعام حَلق رأس المولود؛ الغزيرة: طعام الخِتان؛ الوضيمة: طعام الخاتم؛ النقيعة: طعام القادم من السفر؛ الوكيدة: طعام بناء الدار؛ النجعة: طعام الزائر؛ الترل: ما يقدم قبل الطعام؛ المائدة: كلّ طعام يُدعى إليه ما كان؛ الأحكام فيه فيها عشرونَ مسألة: الأُولى: الوليمة حَق، قد بينا في مواضع معنى الحق، منها ما تقدم في هذه العارضة، وأراد بالحقِّ ههنا الواجب، كما قال في المتعة حق. وأراد بالحقية في الوليمة حَقية المكارمةِ والأُلفة والاستحباب، لا طعام الفرضية. وقد واظب النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عليها مواظبة أدخلتها في السُّنة. الثانية: في قَدْرها: ليس فيها حدْ، وقد أَولم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بشاة على زينب، وهي أكبرُ وليمة. وفي "الصحيح" أنه أَوْلم على بعضهن بِمُدَّين من شعير. وروى أبو عيسى حديثَ وليمته على صفيةَ بسويق وتمر في السفر. الثالثة: أنه يُولم في السَّفر، كما يولِمُ في الحضر، وليس من القربات التي يؤثر السفر في إسقاطها. الرابعة: هل إجابةُ الدعوة لازمٌ أم لا؟ فيه أقوال: الأول: أنه واجبٌ على العموم في كلِّ دعوة، قاله المبتدع عُبيد الله بن الحسن العنبري، وتابعه مثله؛ الثاني: أنه تَجِب، الإِجابة في العُرْس خاصْة، وهو ظاهر كلام الشافعي، وغيرها من الأطعمة، وكيد، ولا أعصيه كما أعصيه في وليمة العُرْس. ورأيت أصحابنا يحكون أنْ مالِكًا يوجِب إجابة دعوة الوليمة. وحديث ابن عمر الذي صححه أبو عيسى: "ائتوا الدعوةَ إذا دعيتم"، ورُوي: "أجيبوا الدعوةَ". وقد روى مالك عن أبي هريرة: "شَرُّ الطعام طعامٌ يُدعى له الأغنياء، ويترك المساكين. ومَنْ لم يجب الدعوة، فقد عصى اللهَ ورسولَه". وقوله: "أولم، ولو بشاة"، إيجابُ الوليمة، فإذا وجبت الوليمة، فقد وجبت الدعوةُ. وقد تعلّق البخاري في ذلك بقوله في "الصحيح": فكوا العاني، وأجيبوا الداعي، وعُودوا المريض". وذكر عن البراء بن عَازِب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بِسَبع: فذكر إجابةَ الداعي. وهذه كلها ظواهر، منها ما يختص بالوليمة، ومنها ما يَعُم كلَّ دعوة. قال ابنُ العربي: أما الذي يَصحّ في هذا كلَّه عند النظر -والله أعلم-: أن إجابة الدعوة واجِبةٌ إذا خلصت نيةُ الداعي، وخلصت وليمتُه عما لا يرضى الله، ولما عُدِم هذا سقط الوجوب عن الخَلْق، بل حرم عليهم، على ما يأتي بيانه إن شاء الله، فلا معنى للإِطناب في ذلك، وعن هذا عَبر أبو هريرة، بقوله: "شَرُّ الطعام طعامُ الوليمة، يُدعى له الأغنياءُ، ويترك المساكين". فهذا ابتداءُ الفساد، وأعقب ذلك بقوله: "ومَن لم يجب الدعوةَ فقد عصى اللهَ ورسوله". وهو كلامُ أبي هريرة، لاعتقاده -كما بينا- أنَّ الأمر على الوجوب. فأمّا قولُهم: شَرُّ الطعام، فإنه قد أَسْنده جماعةٌ، وقد بَينه الخطيبُ أبو بكر في كتاب "الفصل والوصل"، والإِشكال في أنه من قول أبي هريرة، ولو كان من قولِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما روى مَعْمر عن الزهري وغيره، لكان من المعجزات، لأنَّ الأمر كذلك وقع بعده. الثانية: أنه قال: "أجيبوا الداعي"، وهذا عامٌّ، ومن الدعوات من تكون إجابته فَرْضًا، ومنه ما تكون مستحبةً، على قَدْر حال المَدْعو إليه، فقد يدعو للنصر مظلومًا، ولدفع الخلة محتاج؛ وللوليمة، وليست لهما. وقد جمع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في ذلك بين أمورٍ سبع: منها الواجب، ومنها المندوب، ويأتي بيانها في موضعها إن شاء الله. =

5166 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ¬

_ = الثالثة: أنه قال الحسن: دُعي عثمان بن أبي العاص إلى طعام خِتان فأَبى أن يُجيب، وقال: ما كُنا نُدْعى إليه على عهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وهذه إشارة إلى مسألةٍ من أصول الفقه، وهي: حَمْل الألفاظ على مَقْتضى العربيةِ، أو على عُرْف الشَّرْع؟ فرأى عثمانُ أن هذا لم يكن مُعتادًا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يتناوله أمره، إذ لو كان مرادًا له إذًا لما أغفله أهل زمانه، فضلًا ولا دعاءً، ولا إجابة. الرابعة: فائدة الدعوة والإِجابة: هي تختلف باختلاف المقصود، إذ الغرضُ من الوليمة إعلانُ النكاح، إذ هذه شهادتُه، لا تفتقر الشهادةُ عندنا إلى بَيِّنة، وإنما هو الإِعلان ليخرج عن حد السر الذي هو الزِّنا. وفائدته في سائر الأطعمة على قَدْره: فالخِتان يُدعى فِيه بتمام النعمةِ في إقامة سُنن إبراهيم عليه السلام؛ وطعام القادم ليحمد الله على السلامة، بما يكون من إظهار النّعمة صلة للصاحب، وصدقة على الفقير الغريب، وغيره، وطعام السابع في العقيقة يأتي بيانه إن شاء الله. وطعام الدار للداعي في رَفْع بيوتها، والضيف مِثْلها. الخامسة: يأكل إن كان مُفْطرًا، وإن كان صائمًا فليصل، أي يدعو، كما في الحديث. وقد كان ابنُ عمر يأتي الدعوة في العُرْس، وهو صائم. خَرّجه البخاري، وقال أصبغ: إنْ كان صائمًا فليس عليه إجابةٌ. يريد يدعو في موضعه. السادسة: اتفق العلماء على أنه إذا رأى مُنْكرًا، أو خاف أن يراه أنه لا يجب. ورأى ابنُ مسعود صورةً في البيت فرجع. خرّجه البخاري. كما فعل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. قال البخاري: ودعا ابنُ عمرَ أبا أيوب، فرأى في البيت سترًا على الجدار. فقال ابنُ عمر: غلبنا عليه النِّساء، فقال: مَنْ كنت أخشى عليه، فلم أكن أخشى عليك، والله لا أطعم لكم طعامًا، ورجع. خَرّجه البخاري. ويحتمل أن يكون فيه صورة، كما رجع النبيُ - صلى الله عليه وسلم - لبيتِ عائشة، لأَجْل غرفة التصاوير. السابعة: إذا كان هنالك لعب ولهو: قال مالك: إذا كان خفيفًا لم يرجع وحضره، وهو الحق، وبه قال الشافعي، وأبو حنيفة. وروى أصبغ عن ابن وَهْب عن مالك: لا ينبغي لذي الهيئة أن يحضر مَوطنًا فيه لهو. وهذا فاسد، وبه قال محمد بن الحسن. الثامنة: فإِن جاء مَن لم يُدْع، فلا يدخل إلّا بإذن. والأَصل في ذلك الحديث الصحيح الذي ذكره أبو عيسى، والأئمة عن أبي شُعيب، مولى اللحام: أخبرنا أبو المعالي ثابت بن بندار، وأنا أسمع، وأقرأ: أخبرنا البرقاني، قالا: قال لنا الإِسماعيلي أبو بكر إبراهيم الحافظ: إنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي شُعيب: "إنه اتبعنا رجلٌ لم يك معنا حين دعوتنا، فإِن أَذِنْت له دخل". وقال في حديث جابر: "يا أهلَ الخندق إنَّ جابرًا صنع لكم في هلابكم". ولم يكن جابر دعاهم، لأن الذي أتبعهم في دار أبي شُعَيب كان يأكُل من الطعام الغلم. وفي حديث جابر أكلوا مِن طعام البركة، فبقي لجابر طعامٌ بحاله. التاسعة: الوليمة يومٌ واحد. وقال ابن حبيب: لا بأس أن يُولم سبعةَ أيام. وَجْه الأول: أنها وليمةُ محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ الثاني: أنها أيام عُرْس، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "للبِكر سَبْع، وللثيّب ثلاثٌ"، ولو صحّ حديثُ ابن مسعود أنَّ اليوم الثالث رياءٌ وسمعة، لكان أَصْلًا، وقد قيل به. وكان الحسنُ لا يجيب في اليوم الثالث، وقد عَمِل ابنُ سيرين ثمانيةَ أيام، ودعا أُبَي بن كعب في بعضها. العاشرة: إذا قلنا إن تِكرار الوليمة، فقد قال ابنُ حبيب: يكون الذين يأكلون في المرة التي بعد التي قبلها متغايرين، فإِن كانوا أولئك بأعيانهم كانت مباهاةً. وأرى أن تكرارهم جائزٌ، إذ الأعمال بالنيات. الحادية عشر: السُّنة في الوليمة أن تكون بعد البناء، وطعام ما قبل البناء لا يقال له: وليمةٌ عربية. وعجبًا لبعض شيوخنا، قال: يحتمل أن يكون قولُ النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الرحمن بن عوف: "أَوْلم" قبل البناء، وهذا رجل جاهل بالعربية، لا يسمّي وليمته، إلَّا ما كان قبل البناء. اهـ ملخصًا، "شرح الترمذي".

69 - باب الوليمة ولو بشاة

قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ كَانَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ مَقْدَمَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، فَكَانَ أُمَّهَاتِى يُوَاظِبْنَنِى عَلَى خِدْمَةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَدَمْتُهُ عَشْرَ سِنِينَ، وَتُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً، فَكُنْتُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِشَأْنِ الْحِجَابِ حِينَ أُنْزِلَ، وَكَانَ أَوَّلَ مَا أُنْزِلَ فِى مُبْتَنَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِزَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ، أَصْبَحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَا عَرُوسًا، فَدَعَا الْقَوْمَ فَأَصَابُوا مِنَ الطَّعَامِ، ثُمَّ خَرَجُوا وَبَقِىَ رَهْطٌ مِنْهُمْ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَطَالُوا الْمُكْثَ، فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ وَخَرَجْتُ مَعَهُ لِكَىْ يَخْرُجُوا، فَمَشَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَشَيْتُ، حَتَّى جَاءَ عَتَبَةَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُمْ خَرَجُوا فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ فَإِذَا هُمْ جُلُوسٌ لَمْ يَقُومُوا، فَرَجَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَرَجَعْتُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ عَتَبَةَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، وَظَنَّ أَنَّهُمْ خَرَجُوا، فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ فَإِذَا هُمْ قَدْ خَرَجُوا فَضَرَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنِى وَبَيْنَهُ بِالسِّتْرِ، وَأُنْزِلَ الْحِجَابُ. أطرافه 4791، 4792، 4793، 4794، 5154، 5163، 5168، 5170، 5171، 5466، 6238، 6239، 6271، 7421 - تحفة 1519 وهذا لَفْظُ الحديث، جعله ترجمةً لعدم كونِه على شَرْطه. فعند التِّرمذي: «طعامُ أَوّل يوم حَقٌّ، وطعامُ يوم الثاني سُنّة، وطعامُ يوم الثالث سُمعة» ... إلخ. ونحوه عند أبي داود في باب: كم تُستحب الوليمة، من كتاب الأطعمة. وقد ثبت فيه الحديثُ إلى سبعةِ أيام، كما ستجيء إليه الإِشارةُ في ترجمة المصنِّف، وفي حديث آخر: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم نهى عن طعام المباراةِ. ثُم فَسّرها بطعامٍ يُدْعى له الأغنياءُ دون الفقراء. 69 - باب الْوَلِيمَةِ وَلَوْ بِشَاةٍ 5167 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ «كَمْ أَصْدَقْتَهَا». قَالَ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. وَعَنْ حُمَيْدٍ سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ نَزَلَ الْمُهَاجِرُونَ عَلَى الأَنْصَارِ فَنَزَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عَلَى سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ فَقَالَ أُقَاسِمُكَ مَالِى وَأَنْزِلُ لَكَ عَنْ إِحْدَى امْرَأَتَىَّ. قَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِى أَهْلِكَ وَمَالِكَ. فَخَرَجَ إِلَى السُّوقِ فَبَاعَ وَاشْتَرَى فَأَصَابَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ فَتَزَوَّجَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». أطرافه 2049، 2293، 3781، 3937، 5072، 5148، 5153، 5155، 6082، 6386 تحفة 678 - 31/ 7 5168 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَا أَوْلَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى شَىْءٍ مِنْ نِسَائِهِ، مَا أَوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ أَوْلَمَ بِشَاةٍ. أطرافه 4791، 4792، 4793، 4794، 5154، 5163، 5166، 5170، 5171، 5466، 6238، 6239، 6271، 7421 - تحفة 287 5169 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْتَقَ صَفِيَّةَ، وَتَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا بِحَيْسٍ. أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 912 5170 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ بَيَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ بَنَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِامْرَأَةٍ فَأَرْسَلَنِى فَدَعَوْتُ رِجَالاً إِلَى الطَّعَامِ. أطرافه 4791، 4792، 4793، 4794، 5154، 5163، 5166، 5168، 5171، 5466، 6238، 6239، 6271، 7421 - تحفة 257

70 - باب من أولم على بعض نسائه أكثر من بعض

5169 - قوله: (أَعْتَقَ صَفِيّة وتَزوَّجها، وجعل عِتْقَها صَدَاقها) وهذا العنوان أقربُ إلى نظر الحنفية، كما مرّ. 70 - باب مَنْ أَوْلَمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ 5171 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ ذُكِرَ تَزْوِيجُ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ عِنْدَ أَنَسٍ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْلَمَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَائِهِ مَا أَوْلَمَ عَلَيْهَا أَوْلَمَ بِشَاةٍ. أطرافه 4791، 4792، 4793، 4794، 5154، 5163، 5166، 5168، 5170، 5466، 6238، 6239، 6271، 7421 - تحفة 287 71 - باب مَنْ أَوْلَمَ بِأَقَلَّ مِنْ شَاةٍ 5172 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورِ ابْنِ صَفِيَّةَ عَنْ أُمِّهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ أَوْلَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ. تحفة 15907 72 - باب حَقِّ إِجَابَةِ الْوَلِيمَةِ وَالدَّعْوَةِ، وَمَنْ أَوْلَمَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوَهُ وَلَمْ يُوَقِّتِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا وَلاَ يَوْمَيْنِ. 5173 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا دُعِىَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا». طرفه 5179 - تحفة 8339 5174 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى مَنْصُورٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فُكُّوا الْعَانِىَ، وَأَجِيبُوا الدَّاعِىَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ». أطرافه 3046، 5373، 5649، 7173 - تحفة 9001 5175 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنِ الأَشْعَثِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - أَمَرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِفْشَاءِ السَّلاَمِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِى، وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ، وَعَنْ آنِيَةِ الْفِضَّةِ، وَعَنِ الْمَيَاثِرِ، وَالْقَسِّيَّةِ، وَالإِسْتَبْرَقِ وَالدِّيبَاجِ. تَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَالشَّيْبَانِىُّ عَنْ أَشْعَثَ فِى إِفْشَاءِ السَّلاَمِ. أطرافه 1239، 2445، 5635، 5650، 5838، 5849، 5863، 6222، 6235، 6654 - تحفة 1916 - 32/ 7 5176 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ دَعَا أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِىُّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى عُرْسِهِ، وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ يَوْمَئِذٍ خَادِمَهُمْ وَهْىَ الْعَرُوسُ، قَالَ سَهْلٌ تَدْرُونَ مَا سَقَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْقَعَتْ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا أَكَلَ سَقَتْهُ إِيَّاهُ. أطرافه 5182، 5183، 5591، 5597، 6685 - تحفة 4709

73 - باب من ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله

وفي «الهدايةِ» في غير موضعِه: أنّ الإِجابة واجِبة. والوَجْه في تأكد الإِجابة عندي صيانةُ الطعام عن الإِضاعة. فإِن المضيف يُكْثر الطعام في الولائم، ويتكلّف فيه في أيام الضيافة، فلو تَخلّف الناس عنه لتضرّر به صاحبُهُ. على أن من طريق الناس أنهم يتأخّرون عن دعوة النكاح خاصّة، سَخطةً لما كان جرى بينه وبينهم فيما سبق، فإِنهم يعلمون أنّ صاحب الطعام ليس له بُدّ من الدعوة لهم، فيضطر لا محالة إلى إرضائهم، بخلافه في غير تلك الأيام، فإِنَّ له أن يغمض عنهم، وليست هكذا دعوةُ النكاح، لأنه يلحقه العار من عدم شركة أهل قبيلته فيها، فيضطر إلى إرضائهم لا محالة، ولذا حَرّض الشَّرْع أن يجيبها، ولا يمتنع عنها. قوله: (ومَنْ أَوْلم سبعةَ أَيّام) ... إلخ. إشارةٌ إلى الأحاديث التي فيها تلك المُدّة. 5176 - قوله: (أَنْقَعَت له تمرَاتٍ من الليل) ... إلخ. وكان مِن دأب العَرَب شُرْب النَّقِيع بعد الطعام. 73 - باب مَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ 5177 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى لَهَا الأَغْنِيَاءُ، وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ، وَمَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 13955 74 - باب مَنْ أَجَابَ إِلَى كُرَاعٍ 5178 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ لأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِىَ إِلَىَّ ذِرَاعٌ لَقَبِلْتُ». طرفه 2568 - تحفة 13405 75 - باب إِجَابَةِ الدَّاعِي فِي الْعُرْسِ وَغَيْرِهَا 5179 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَجِيبُوا هَذِهِ الدَّعْوَةَ إِذَا دُعِيتُمْ لَهَا». قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَأْتِى الدَّعْوَةَ فِى الْعُرْسِ وَغَيْرِ الْعُرْسِ وَهْوَ صَائِمٌ. طرفه 5173 - تحفة 8466 76 - باب ذَهَابِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ إِلَى الْعُرْسِ 5180 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَبْصَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نِسَاءً وَصِبْيَانًا مُقْبِلِينَ مِنْ

77 - باب هل يرجع إذا رأى منكرا فى الدعوة

عُرْسٍ، فَقَامَ مُمْتَنًّا فَقَالَ «اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ». طرفه 3785 - تحفة 1052 5180 - قوله: (فقام مُمتنًا) أي احسان كرتى هوئى وفي نسخة: «ممتثلًا». وقد مر معنا الكلام في أنه متى يجوز القيام ومتى لا يجوز. وقد حَرّر السيوطي رسالة في جواز القيام المروج في المولود المشهور، ورد عليه في «المدخل». 77 - باب هَلْ يَرْجِعُ إِذَا رَأَى مُنْكَرًا فِى الدَّعْوَةِ وَرَأَى ابْنُ مَسْعُودٍ صُورَةً فِى الْبَيْتِ فَرَجَعَ. وَدَعَا ابْنُ عُمَرَ أَبَا أَيُّوبَ، فَرَأَى فِى الْبَيْتِ سِتْرًا عَلَى الْجِدَارِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: غَلَبَنَا عَلَيْهِ النِّسَاءُ، فَقَالَ: مَنْ كُنْتُ أَخْشَى عَلَيْهِ فَلَمْ أَكُنْ أَخْشَى عَلَيْكَ، وَاللَّهِ لاَ أَطْعَمُ لَكُمْ طَعَامًا، فَرَجَعَ. 33/ 7 5181 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ، فَعَرَفْتُ فِى وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، مَاذَا أَذْنَبْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا بَالُ هَذِهِ النِّمْرِقَةِ». قَالَتْ فَقُلْتُ اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ». وَقَالَ «إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِى فِيهِ الصُّوَرُ لاَ تَدْخُلُهُ الْمَلاَئِكَةُ». أطرافه 2105، 3224، 5957، 5961، 7557 - تحفة 17559 وفيه حكايةُ في «شرح الوِقاية» من باب الحظر والإِباحة: أن أبا حنيفة دُعي إلى طعام كان فيه من مُنْكرات الأُمور، فأجاب إليه مرة، ولم يجبه أخرى، ورجع من الطريق، وكان أبو يوسف معه فسأله عنه، فقال له: إني إذ كنتُ أجبتُه لم أكن مقتدىً للنَّاس، فلما جُعِلت قدوةً رجعت من الطريق لئلا يتأسوا بي في مثله أيضًا. فَعُلم أن لا كلية فيه، بل الأَمْر على التارات، فقد تكون الإِجابةُ أصلحَ تخلصًا عن الفتنة، إذا لم تكن فيه مفسدة، وقد يكون الاحترازُ أَوْلى. 78 - باب قِيَامِ الْمَرْأَةِ عَلَى الرِّجَالِ فِى الْعُرْسِ وَخِدْمَتِهِمْ بِالنَّفْسِ 5182 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ لَمَّا عَرَّسَ أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِىُّ دَعَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابَهُ، فَمَا صَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا وَلاَ قَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ إِلاَّ امْرَأَتُهُ أُمُّ أُسَيْدٍ، بَلَّتْ تَمَرَاتٍ فِى تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا فَرَغَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الطَّعَامِ أَمَاثَتْهُ لَهُ فَسَقَتْهُ، تُتْحِفُهُ بِذَلِكَ. أطرافه 5176، 5183، 5591، 5597، 6685 - تحفة 4752 أي تخدُم المرأةُ، وزوجةُ الرجل بنفسها أضيافَ زوجها. 5182 - قوله: (أماثته له) الإِماثة: الطّرْح في الماء حتى يَنْحل.

79 - باب النقيع والشراب الذى لا يسكر فى العرس

79 - باب النَّقِيعِ وَالشَّرَابِ الَّذِى لاَ يُسْكِرُ فِى الْعُرْسِ 5183 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِىُّ عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ أَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِىَّ دَعَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لِعُرْسِهِ، فَكَانَتِ امْرَأَتُهُ خَادِمَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَهْىَ الْعَرُوسُ، فَقَالَتْ أَوْ قَالَ أَتَدْرُونَ مَا أَنْقَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْقَعَتْ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ فِى تَوْرٍ. أطرافه 5176، 5182، 5591، 5597، 6685 - تحفة 4779 80 - باب الْمُدَارَاةِ مَعَ النِّسَاءِ، وَقَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا الْمَرْأَةُ كَالضِّلَعِ» 5184 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمَرْأَةُ كَالضِّلَعِ، إِنْ أَقَمْتَهَا كَسَرْتَهَا، وَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَفِيهَا عِوَجٌ». طرفاه 3331، 5186 - تحفة 13841 - 34/ 7 أي الإِغماض على تقصيراتِ النِّساء، ويقال في محاورة الأردوية "طرح دنيا خاطر تواضع كرنا". 5184 - قوله: (إن استَمْتَعْت بها استمتعت بها وفيها عِوَجٌ) ويُسْتنبط منه أن نظامًا إذا احتوى على خلل، وكان في إصلاحه خشية النقض رأسًا، ناسب ترك التعرض له، والاستمتاع به على عِوَجه، فإِن تعذّر فتركه أَوْلى. 81 - باب الْوَصَاةِ بِالنِّسَاءِ 5185 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِىُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِى جَارَهُ». أطرافه 6018، 6136، 6138، 6475 - تحفة 13434 5186 - «وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَىْءٍ فِى الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا». طرفاه 3331، 5184 - تحفة 13434 5187 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا نَتَّقِى الْكَلاَمَ وَالاِنْبِسَاطَ إِلَى نِسَائِنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - هَيْبَةَ أَنْ يُنْزَلَ فِينَا شَىْءٌ فَلَمَّا تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - تَكَلَّمْنَا وَانْبَسَطْنَا. تحفة 7156 82 - باب {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6] 5188 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَهْوَ مَسْئُولٌ وَالرَّجُلُ

83 - باب حسن المعاشرة مع الأهل

رَاعٍ عَلَى أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَهْىَ مَسْئُولَةٌ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ». أطرافه 893، 2409، 2554، 2558، 2751، 5200، 7138 تحفة 7528 83 - باب حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ مَعَ الأَهْلِ (¬1) 5189 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ قَالاَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ ¬

_ (¬1) يقول الجامع عفا الله عنه: إن حديث أُم زَرْع لما كَان شهيرًا في الطلبة باعتبار عسر الترجمة فرأيت أن أترجمه في الأردوية يسيرًا لهم، وبعضه من لفظ الشيخ بعينه: بهلى عورت بولى كه ميراخاوند كوشت هى اونت لاغر كاوه بهى ركها هو جوتى بر بها ركى نه راسته آسان هي كه جوئى بر جرها جاوى نه وه كوشت هى اليسا فربه هى كه اوسكى لائى كى خاطر مصيبت بهرى جاوى. دوسرى نى كها كه مين اوسكى خبرنه بهيلاؤنكى درتى هون كه نه جهور بيتهون اوسكو اكر ذكر كرون توذكر كرونكى اس كاعجر وبجر (اصل مين ضعيفى مين جوكانتهين جسم مين بيدا هوجائى هين يارك بررك جره جاتى هى اوسى عجر وبجر كهتى هين مكريهان عيوب مراد هين) تيسرى بولى كه ميراخاوند لمباتر نكاهى أكربات اكرون تو طلاق ملتى هى اورخاموش رهون تو معلق رهتى هون. جوتهى نى كماكه ميرا شوهر تهامه كى رات كى طرح (معتدل) هى نه كرم زيادة نه بهت تهند انه زيادة خوف نه بهت اكتانا. بانجوين نى كها كه ميرا شوهر اكر كهر مين آثى توجيتاسا او رجب باهر جاوى توشير (اوراليسا شريف المزاج) كه جوكهر مين هون اوسكى كوئى بازبرس نهين كرتا. جهتى نى كهاكه ميراشوهر (اليسا كهاؤهى) كه اكركهاوى توسب ليبت جاوى اوراكر بثى توسب جت كرجاوى او رجب ليتى توا كيلاهي كبرى مين لبت جاوى اوراد هر كوهاته بهى نهين برها تاكه دريافت كزى دكه كو. ساتوين نى كهاكه ميرا شوهر كمراء هى يا عاجز سينه سى دبانى والا عورت كوهر عيب اوسكى لئى عيب هى سربهور دى يازخمى كردى يادونون هى كركذرى. آتهوين نى كها كه ميرا شوهر جهونا ادس كا ايساهى جيسا جهونا خركوش كا، يعنى (نازك بدن هى) خوشبو اوسكى آيسى هى جيسا كه زرنب كى خوشبو (ايك قسم كى كهانس هى). نوين بولى كه ميرا شوهرا ونجى تعميرون والالمبى برتلى والا اوربهت راكه والاهي كهراوس كا مجلس كى قريب هى يعني (ذى رائى شخص هى). دسوبن تى كهاكه ميرى شوهر كانام مالك مي اوربهلا مالك كى كيا تعريف كرون جومدائح ذهن مين آسكين اونسى بالاترا وسكى اونت هين كه بهت هوتى هين اينى تهان براوركم هين كه جائين صيح كوجرا كاه مين آورجب سنتى هين آوازجنك كى تويقين كرليتى هين كه اب وه ذبح هونى والى هين. كيارهوين نى كها كه ميرا شوهرا ابو ذرع هى اوراس كاكيا كهنا كه ميرى كانون كوزيور سى بو جهل كرديا اورميرى بازوْن كو جربى سى بركرديا اور مجهى اس قدر خوش ركها كه اوسكى داد دينى لكاميرى طرف ميرا نفس ايسى كهرانى ميراوسنى باياجو بمشكل جند بكر يون والا تهابهرايسى خوش حال خاندان مين لا ياجو كهورون كى آوازوالى اوركجاوه كى آوازوالى، (يعني اونكى بهان كهورى اونت سب) تهى دائين جلانى والى بيل اوراناج بهئكنى والى آدمى (سبهى اونكى بهان) تهى (دائس او منق سى مراد كهيتى كاسامان هى) اوسكى يهان مين بولتى توميرى عيب جيى كوئى نه كرنا اورسوتى نوصبح كرديتي اورباتى بيتى تونهايت اطمنيان سى بيتى (فقح الطائر اسى كهتى مين كه برنده بانى بى كراوير سراتهائى مراد جمله اموريين اطمنيان هى) ابو ذرع كى مان =

يُونُسَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً، فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لاَ يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا. قَالَتِ الأُولَى زَوْجِى لَحْمُ جَمَلٍ، غَثٌّ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ، لاَ سَهْلٍ فَيُرْتَقَى، وَلاَ سَمِينٍ فَيُنْتَقَلُ. قَالَتِ الثَّانِيَةُ زَوْجِى لاَ أَبُثُّ خَبَرَهُ، إِنِّى أَخَافُ أَنْ لاَ أَذَرَهُ، إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ. قَالَتِ الثَّالِثَةُ زَوْجِى الْعَشَنَّقُ، إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ. قَالَتِ الرَّابِعَةُ زَوْجِى كَلَيْلِ تِهَامَةَ، لاَ حَرٌّ، وَلاَ قُرٌّ، وَلاَ مَخَافَةَ، وَلاَ سَآمَةَ. قَالَتِ الْخَامِسَةُ زَوْجِى إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ، وَلاَ يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ. قَالَتِ السَّادِسَةُ زَوْجِى إِنْ أَكَلَ لَفَّ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ، وَإِنِ اضْطَجَعَ الْتَفَّ، وَلاَ يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ، قَالَتِ السَّابِعَةُ زَوْجِى غَيَايَاءُ أَوْ عَيَايَاءُ طَبَاقَاءُ، كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ، شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلاًّ لَكِ. قَالَتِ الثَّامِنَةُ زَوْجِى الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ. قَالَتِ التَّاسِعَةُ زَوْجِى رَفِيعُ الْعِمَادِ، طَوِيلُ النِّجَادِ، عَظِيمُ الرَّمَادِ، قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِ. قَالَتِ الْعَاشِرَةُ زَوْجِى مَالِكٌ وَمَا مَالِكٌ، مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ قَلِيلاَتُ الْمَسَارِحِ، وَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ. قَالَتِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ زَوْجِى أَبُو زَرْعٍ فَمَا أَبُو زَرْعٍ أَنَاسَ مِنْ حُلِىٍّ أُذُنَىَّ، وَمَلأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَىَّ، وَبَجَّحَنِى فَبَجِحَتْ إِلَىَّ نَفْسِى، وَجَدَنِى فِى أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ، فَجَعَلَنِى فِى أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلاَ أُقَبَّحُ وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ، أُمُّ أَبِى زَرْعٍ فَمَا أُمُّ أَبِى زَرْعٍ عُكُومُهَا رَدَاحٌ، وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ. ¬

_ = يعني ميرى خوشدا من تووه بهى بهت لائق عورت تهى اوسكى جامه دان سب يهر يور رهتى اوسكا كهر كشاده ابو ذرع كابيتاوه بهى خوب تها اوسكى خواب كاه جيسى كهينجئى كى جكه هو كهجور كى شاخ كى (يعني جهربرى جسم كا) (خوراك اس قدركم) كه بيت بهردى اس كا ايك دست جارماه كى بجى كا ابو ذرع كى بيئى تووه بهى سبحان الله ابنى والدين كى فرمانبر دار (فربة ايسى كه) بهراؤايني جادركا (صورت وسيرت ايسى كه) اينى سوكن كيلئى به (هر وقت) باعث غيظ وغضب ابو ذرع كى ياندى نووه بهى قابل تعريف نه يهبيلاتى همارى باتون كوبهيلانى كى طورسى اورنه كهائا دالثى همازى ذخيره مين اورنه بهرتى همارى كهر كوخس وخاشاك سى ايكدن ايساهوا كه ابو ذرع باهر نكلا ايسى وقت جبكه دودهـ كى برتن بلوئى جارهى تهى باهر نكل كركيا ويكهتا هى كه ايك هورت هى حسبكى ساته جيتى كى سى دو بجى هين جوكهيل رهى هين اوسكى كوكه كى نيحى سى دو انارون سى (مراوسرينون كابرا هوناهى كه اوسكى وجه سى كمر كى نيحى اسقدر جكه خالى تهى) اوسى ديكهكرا اوسى مجهى طلاق ديدى اوراوس سى نكاح كرليا اوسكى بعد بهرمين نى نكاح كيا ايك شريف شخص سى جو سوار هوتاتها تيزرو كهورى يراورهاته مين خطى نيزه ركهتا تهاوة رات كى وقت لى آيا مجهبر بهت سى مويشى اورديثى مجهكو هر قسم كى مويشى سى ايك ايك جورا اوركها كة اى ام ذرع خود بهى كها اررابنى اقارب كوبهى ذخيرة يهومجا (يعني احسان كرنى كى اجازت دى) الخ. واعلم أن في ترجمة هذا الحديث وحل لغاته كلامٌ طويل، لم أر جَمْعه، ولا بسطه، وإنما ذكرت ترجمته على بعض الوجوه الذي ذهب إليه الشارحون، وسمعته من شيخي في درس الكتاب، وإن شئت تفصيل المقام، فراجع شرح علي القاري، والمُناوي على "الشمائل" للترمذي.

84 - باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها

ابْنُ أَبِى زَرْعٍ، فَمَا ابْنُ أَبِى زَرْعٍ مَضْجِعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ، وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ، بِنْتُ أَبِى زَرْعٍ فَمَا بِنْتُ أَبِى زَرْعٍ طَوْعُ أَبِيهَا، وَطَوْعُ أُمِّهَا، وَمِلْءُ كِسَائِهَا، وَغَيْظُ جَارَتِهَا، جَارِيَةُ أَبِى زَرْعٍ، فَمَا جَارِيَةُ أَبِى زَرْعٍ لاَ تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا، وَلاَ تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا، وَلاَ تَمْلأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا، قَالَتْ خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالأَوْطَابُ تُمْخَضُ، فَلَقِىَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ، فَطَلَّقَنِى وَنَكَحَهَا، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا، رَكِبَ شَرِيًّا وَأَخَذَ خَطِّيًّا وَأَرَاحَ عَلَىَّ نَعَمًا ثَرِيًّا، وَأَعْطَانِى مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا وَقَالَ كُلِى أُمَّ زَرْعٍ، وَمِيرِى أَهْلَكِ. قَالَتْ فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَىْءٍ أَعْطَانِيهِ مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِى زَرْعٍ. قَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كُنْتُ لَكِ كَأَبِى زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامٍ وَلاَ تُعَشِّشُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَعْضُهُمْ فَأَتَقَمَّحُ. بِالْمِيمِ، وَهَذَا أَصَحُّ. تحفة 16354 - 36/ 7 5190 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ الْحَبَشُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ، فَسَتَرَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أَنْظُرُ، فَمَا زِلْتُ أَنْظُرُ حَتَّى كُنْتُ أَنَا أَنْصَرِفُ فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ تَسْمَعُ اللَّهْوَ. أطرافه 454، 455، 950، 988، 2906، 3529، 5236 - تحفة 16651 قوله: (فاقْدُرُوا قَدْرَ الجاريةِ الحديثةِ السِّنِّ تَسْمَعُ اللَّهو) يعني تسمع تلك الجارية اللهو. واعلم أنَّ هذه القصة قَبْل نزول الحجاب على أنّ النظر إلى الوَجْه جائزٌ على المذهب، وإنما نهى عنه المتأخرون لفساد الزمان. 84 - باب مَوْعِظَةِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ لِحَالِ زَوْجِهَا 5191 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى ثَوْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) حَتَّى حَجَّ وَحَجَجْتُ مَعَهُ، وَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِإِدَاوَةٍ، فَتَبَرَّزَ، ثُمَّ جَاءَ فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنْهَا فَتَوَضَّأَ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - اللَّتَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) قَالَ وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، هُمَا عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ. ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الْحَدِيثَ يَسُوقُهُ قَالَ كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِى مِنَ الأَنْصَارِ فِى بَنِى أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهُمْ مِنْ عَوَالِى الْمَدِينَةِ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِمَا حَدَثَ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْوَحْىِ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الأَنْصَارِ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ

نِسَاءِ الأَنْصَارِ، فَصَخِبْتُ عَلَى امْرَأَتِى فَرَاجَعَتْنِى فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِى قَالَتْ وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيُرَاجِعْنَهُ، وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ. فَأَفْزَعَنِى ذَلِكَ وَقُلْتُ لَهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ. ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَىَّ ثِيَابِى فَنَزَلْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ لَهَا أَىْ حَفْصَةُ أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ قَالَتْ نَعَمْ. فَقُلْتُ قَدْ خِبْتِ وَخَسِرْتِ، أَفَتَأْمَنِينَ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ لِغَضَبِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَهْلِكِى لاَ تَسْتَكْثِرِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ تُرَاجِعِيهِ فِى شَىْءٍ، وَلاَ تَهْجُرِيهِ، وَسَلِينِى مَا بَدَا لَكِ، وَلاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أَوْضَأَ مِنْكِ، وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ عَائِشَةَ - قَالَ عُمَرُ وَكُنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ الْخَيْلَ لِغَزْوِنَا، فَنَزَلَ صَاحِبِى الأَنْصَارِىُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ، فَرَجَعَ إِلَيْنَا عِشَاءً فَضَرَبَ بَابِى ضَرْبًا شَدِيدًا وَقَالَ أَثَمَّ هُوَ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ قَدْ حَدَثَ الْيَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ. قُلْتُ مَا هُوَ، أَجَاءَ غَسَّانُ قَالَ لاَ بَلْ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَهْوَلُ، طَلَّقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نِسَاءَهُ. فَقُلْتُ خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ، قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ، فَجَمَعْتُ عَلَىَّ ثِيَابِى فَصَلَّيْتُ صَلاَةَ الْفَجْرِ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَشْرُبَةً لَهُ، فَاعْتَزَلَ فِيهَا، وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَإِذَا هِىَ تَبْكِى فَقُلْتُ مَا يُبْكِيكِ أَلَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ هَذَا أَطَلَّقَكُنَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لاَ أَدْرِى هَا هُوَ ذَا مُعْتَزِلٌ فِى الْمَشْرُبَةِ. فَخَرَجْتُ فَجِئْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِى بَعْضُهُمْ، فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ الْمَشْرُبَةَ الَّتِى فِيهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لِغُلاَمٍ لَهُ أَسْوَدَ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ. فَدَخَلَ الْغُلاَمُ فَكَلَّمَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ كَلَّمْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَذَكَرْتُكَ لَهُ، فَصَمَتَ. فَانْصَرَفْتُ حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَجِدُ فَجِئْتُ فَقُلْتُ لِلْغُلاَمِ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ. فَدَخَلَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ. فَرَجَعْتُ فَجَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَجِدُ فَجِئْتُ الْغُلاَمَ فَقُلْتُ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ. فَدَخَلَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَىَّ فَقَالَ قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ. فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا - قَالَ - إِذَا الْغُلاَمُ يَدْعُونِى فَقَالَ قَدْ أَذِنَ لَكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ، قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ. فَرَفَعَ إِلَىَّ بَصَرَهُ فَقَالَ «لاَ». فَقُلْتُ اللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ أَسْتَأْنِسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ رَأَيْتَنِى، وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَتَبَسَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ رَأَيْتَنِى وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ لَهَا لاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ عَائِشَةَ فَتَبَسَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - تَبَسُّمَةً أُخْرَى، فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ، فَرَفَعْتُ بَصَرِى فِى بَيْتِهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِى بَيْتِهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلاَثَةٍ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ، فَإِنَّ فَارِسًا وَالرُّومَ قَدْ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ، وَأُعْطُوا الدُّنْيَا وَهُمْ

85 - باب صوم المرأة بإذن زوجها تطوعا

لاَ يَعْبُدُونَ اللَّهَ. فَجَلَسَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ مُتَّكِئًا. فَقَالَ «أَوَفِى هَذَا أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، إِنَّ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلُوا طَيِّبَاتِهِمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِى. فَاعْتَزَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نِسَاءَهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَكَانَ قَالَ «مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا». مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حِينَ عَاتَبَهُ اللَّهُ، فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَبَدَأَ بِهَا فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ كُنْتَ قَدْ أَقْسَمْتَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وَإِنَّمَا أَصْبَحْتَ مِنْ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَعُدُّهَا عَدًّا. فَقَالَ «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ». فَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً. قَالَتْ عَائِشَةُ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى آيَةَ التَّخَيُّرِ فَبَدَأَ بِى أَوَّلَ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ فَاخْتَرْتُهُ، ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ كُلَّهُنَّ فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ. أطرافه 89، 2468، 4913، 4914، 4915، 5218، 5843، 7256، 7263 تحفة 10507، 17596، 16227 أ، 16306 أ - 38/ 7 "خاوند كى معامله مين باب ابتى بيئى كو نصيحت كرى". 5191 - قوله: (لا تُراجِعِيه) "جواب بهير كنر دى". قوله: (أي حَفْصة، أتغاضِبُ إحداكُنَ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم؟ ... إلخ، والمغاضبة في حَقِّ الأزواج خلافُ الأَوْلى، أما في حقِّ غيرهن فتبلغ إلى الكُفْر. وهذا كما أخذ موسى عليه الصلاة والسلاملحيةَ هارونَ عليه السلام، ولو تقدّم أحدٌ غيْره إلى مِثْله لَكَفَر. فالشيء الواحدُ يكون موجِبًا للكفر باعتبار دون اعتبار. 85 - باب صَوْمِ الْمَرْأَةِ بِإِذْنِ زَوْجِهَا تَطَوُّعًا 5192 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ». أطرافه 2066، 5195، 5360 - تحفة 14688 - 39/ 7 86 - باب إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا 5193 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ أَنْ تَجِىءَ لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ». طرفاه 3237، 5194 - تحفة 13404 5194 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ». طرفاه 3237، 5193 - تحفة 12897 5193 - قوله: (لَعَنتها الملائكةُ) فإِنهم موكلون على إصلاحِ الأمور، فإِن أتى أحدٌ بطاعةٍ يدعون له، وإن ارتكب معصيةً يلعنونه.

87 - باب لا تأذن المرأة فى بيت زوجها لأحد إلا بإذنه

87 - باب لاَ تَأْذَنُ الْمَرْأَةُ فِى بَيْتِ زَوْجِهَا لأَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ 5195 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلاَ تَأْذَنَ فِى بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ نَفَقَةٍ عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّى إِلَيْهِ شَطْرُهُ». وَرَوَاهُ أَبُو الزِّنَادِ أَيْضًا عَنْ مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ فِى الصَّوْمِ. أطرافه 2066، 5192، 5360 - تحفة 13729، 13390 5195 - قوله: (وما أنفَقَت من نفقةٍ من غير أَمْرِهِ) أي غير أمره الصريح وإن علمت برضاه دلالةً، وإلاّ ينبغي أن لا يكون لها أجْرٌ أصلًا. 88 - باب 5196 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ أَخْبَرَنَا التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قُمْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَكَانَ عَامَّةَ مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِينُ، وَأَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ، غَيْرَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، وَقُمْتُ عَلَى بَابِ النَّارِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاءُ». طرفه 6547 - تحفة 100 قوله: (فكان عامّةُ مَنْ دخلها المساكينُ، وأصحابُ الجدِّ محبوسون) وعند الترمذي أن فقراء المهاجرين يدخلون الجَنّة قبل أغنيائهم بخمس مئة عام، وكنت أقمتُ دَهْرًا على أن هذا التقدّم لمقاساتهم الأحزان، والمصابرةِ على المصائب، ثُم رأيتُ بعد زمانٍ أن بابَ الجنة الذي يدخل منه المساكينُ غيرُ باب الأغنياء، فإِذا رآهم الأغنياءُ تسارعوا إليه ليدخلوه أيضًا، فيقال لهم: ائتوا من بابكم، فيأتونه، فيتأخّرون عنهم بتلك المدة. وذلك لأنَّ المسافة بين البابين خمس مئة سنة، ومِثل هذه النكات كثير في الآخرة (¬1). ثُم اعلم أنَّ يومًا من الآخرة كألف سَنةٍ من الدنيا، وأما يومُ الحشْر خاصّة، فخمسونَ ألفَ سنة. واختلف المفسِّرُون في تأويل قوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)} [المعارج: 4]. فقيل: هو يوم الحَشْر، وقيل: هو مسافةُ العالم العُلوي، والسّفلي، قلتُ: إلاّ أن الحساب لا يستقيمُ على هذا التقدير، لما في البخاري: «إِنَّ للجنّةِ مئة درجة، ما بين كلّ درجة مسيرةُ خمس مئة سنة»، فحصل مجموع المسافة «خمسون ألفَ سَنةٍ» لدرجات الجنة فقط، وبقيت مسافةُ السّموات السبع، والأرض خارجة عنها. وإن حملناه على المسافةِ التي بين السموات فلا يستقيم ¬

_ (¬1) قلتُ: قال في "قوت المغتذي": قال حَرْب: قال سُفيان: إنَّ للجنة ثمانيةَ أبواب، ما بين كلِّ خمس مائة عام، لكل باب أَهْل، فينسى الغنيُّ بابه، فيجيء لباب غيره، فيقول البواب: ارجع لبابك، فيرجع لتلك المسافة. اهـ.

89 - باب كفران العشير وهو الزوج، وهو الخليط، من المعاشرة

أيضًا، كما هو ظاهر، وإذن ينبغي أن تكون تلك مسافةَ الجنةِ فقط، والجَنّة سَقْفُها العَرْش، وقاعدتُها السماءُ السابعة، فتلك المسافةُ من مقعر العَرْش إلى سطح السماء السابعة؛ وقد قررنا ذلك مِن قَبْل أيضًا، وكذا إنَّ المسافةَ من مقعر العَرْش إلى الفلك السابع علاقة الجنة، وأما السموات السبع والأرضون كذلك، فهي علاقةُ جهنَّم، تُسجّر فيها جهنم، فكأن الآخرة فوق السموات، وتلك هي الدنيا. ولذا أرى: القرآنُ متى يذكر الاندكاكَ والانفطار يَخصُّه بالسموات، والجبال وغيرها ولا يذكر لما فوقها شيئًا (¬1). أما قوله تعالى: {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47] فحقّ العربية فيه عندي، أنَّ معناه ما يُعَدّ عند رَبِّك يومًا ينبسط بعينه في تلك الدار على ألف سنة، فإِن البساطة تُناسِب الحضرةَ الإِلهية، فيكون عنده يومٌ، وعندنا ألفُ سَنة. وأما على ما فَهِمه الناس من مراده، فينبغي أن يكون الكلامُ هكذا: وإنّ ألفَ سنة يومٌ عند ربك. وراجع له الفَرْق بين قولهم: زَيْدُ الأمير، والأميرُ زَيْد، بل أقول: إنَّ الزمان من الأَزَل إلى الأبد لمحةٌ عند رَبِّك، لأجل البساطة في حضرته تعالى. 5196 - قوله: (وقُمْتُ على بابِ النَّار، فإِذا عامّة مَنْ دخلها النِّساءُ) وقد مَرّ معنا أنَّ مشاهدته تلك ليست كُلِّيةً، بل مشاهدةٌ جزئية تقتصر على هذه الحال فقط. ويؤيدُه ما عند البخاري: «اطلعت في الجنة فرأيتُ أكثرَ أهلِها الفقراء، واطلعت في النار فرأيتُ أكثر أهلها النساء» اهـ. ففيه إشعار بأنها مشاهدتُه إذ ذاك، ولو أراد الضابطةَ الكلية لقال: «الرِّجال»، بدل: «الفقراء»، ليستقيم تقابُلُه بالنساء، ولكنه ذَكَر الفقراء من جانب، وذكر النِّساء من جانب، فظهر أنه لم يُرِد بيانَ الضابطة. 89 - باب كُفْرَانِ الْعَشِيرِ وَهْوَ الزَّوْجُ، وَهْوَ الْخَلِيطُ، مِنَ الْمُعَاشَرَةِ فِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 5197 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسُ مَعَهُ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا ¬

_ (¬1) قلتُ: ولا يزعُمنّ جاهِلٌ: أن الشيخ كان يُنْكر خَلْق الجنة أو النّار، حاشا وكلا، بل كان يقرّ بهما على صِفَتَيْهما عند أهل السنّة والجماعة، إلا أنه قد كان يَتكلّم على طريق أرباب الحقائق، ولا بُعْد على طَوْرهم أن يكون هذا الحَيّزُ الذي نحن فيه الآن حَيّزًا لجهنم غدًا، كيف! وقد سمعناه مِرارًا ينبه عليه، ويقول: لا تنسبوا إلى ما لم أُرِد، فإِنَّ الجنة مخلوقةٌ عندي، والنار كذلك، وهكذا الجنة تزين في كل رمضان، والنار أيضًا توقد في زمانه، فكيف يناسب أن يُعْزا إليه بما صَرّح بخلافه، ولكنَّ الرجل إذا تكلم في فَنِّ، فعلى مخاطِبه أن يَفْهمه من ذلك الفنّ، ونعوذ بالله من زَيْغ الزائغين، وانتحالِ المُنْتحِلين.

90 - باب «لزوجك عليك حق»

طَوِيلاً، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شَيْئًا فِى مَقَامِكَ هَذَا، ثُمَّ رَأَيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ. فَقَالَ «إِنِّى رَأَيْتُ الْجَنَّةَ - أَوْ أُرِيتُ الْجَنَّةَ - فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا وَلَوْ أَخَذْتُهُ لأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا، وَرَأَيْتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ مَنْظَرًا قَطُّ وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ». قَالُوا لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «بِكُفْرِهِنَّ». قِيلَ يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ قَالَ «يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، وَلَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ». أطرافه 29، 431، 748، 1052، 3202 - تحفة 5977 - 40/ 7 5198 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ أَبِى رَجَاءٍ عَنْ عِمْرَانَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اطَّلَعْتُ فِى الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِى النَّارِ، فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ». تَابَعَهُ أَيُّوبُ وَسَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ. أطرافه 3241، 6449، 6546 - تحفة 10873 5197 - قوله: (إني رأيتُ الجنة) ... إلخ. واعلم أنَّ في تمثُّل الجنة والنار واقعتين: واقعة في صلاة الكسوف، وواقعة أُخرى حين ضَجّره الناسُ بالأسئلة، فقعد على المنبر، وقال لهم: «سلوني ما بدا لكم، ما دمت في مقامي هذا»، وليس فيهما أن نظره نَفَذ إلى الجنة والنار، بل قال: إن الجنة والنار هما اللّتان تَمثَّلتا، فمن أراد إثباتَ عالم المِثال، فتلك مادتُه من الصحيحين. 90 - باب «لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقٌّ» قَالَهُ أَبُو جُحَيْفَةَ، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 5199 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا عَبْدَ اللَّهِ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ». قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَلاَ تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا». أطرافه 1131، 1152، 1153، 1974، 1975، 1976، 1977، 1978، 1979، 1980، 3418، 3419، 3420، 5052، 5053، 5054، 6134، 6277 تحفة 8960 - 41/ 7 91 - باب الْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِى بَيْتِ زَوْجِهَا 5200 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ

92 - باب قول الله تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض} إلى قوله: {إن الله كان عليا كبيرا} [النساء: 34]

عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالأَمِيرُ رَاعٍ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». أطرافه 893، 2409، 2554، 2558، 2751، 5188، 7138 - تحفة 8478 92 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء: 34] 5201 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ آلَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا وَقَعَدَ فِى مَشْرُبَةٍ لَهُ فَنَزَلَ لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ آلَيْتَ عَلَى شَهْرٍ. قَالَ «إِنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ». أطرافه 378، 689، 732، 733، 805، 1114، 1911، 2469، 5289، 6684 تحفة 679 93 - باب هِجْرَةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نِسَاءَهُ فِى غَيْرِ بُيُوتِهِنَّ وَيُذْكَرُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ رَفْعُهُ: «غَيْرَ أَنْ لاَ تُهْجَرَ إِلاَّ فِى الْبَيْتِ». وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. 5202 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِىٍّ أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حَلَفَ لاَ يَدْخُلُ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ شَهْرًا، فَلَمَّا مَضَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا غَدَا عَلَيْهِنَّ أَوْ رَاحَ فَقِيلَ لَهُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ حَلَفْتَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا قَالَ «إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا». طرفه 1910 - تحفة 18201 5203 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْفُورٍ قَالَ تَذَاكَرْنَا عِنْدَ أَبِى الضُّحَى فَقَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ أَصْبَحْنَا يَوْمًا وَنِسَاءُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَبْكِينَ، عِنْدَ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ أَهْلُهَا، فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا هُوَ مَلآنُ مِنَ النَّاسِ فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَصَعِدَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِى غُرْفَةٍ لَهُ، فَسَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، ثُمَّ سَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، ثُمَّ سَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَنَادَاهُ فَدَخَلَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ فَقَالَ «لاَ وَلَكِنْ آلَيْتُ مِنْهُنَّ شَهْرًا». فَمَكَثَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ. تحفة 6455 - 42/ 7 وإنما هاجر معنا في غيرِ بيوتهن، لأنَّ مهاجَرة النِّساء في بيوتهن أشقُّ عليهن، فاعتزل عنهنَّ، وقد مَرّ معنا أن أزواجَه كنَّ تِسعًا، فإِذا هاجر كُلاًّ منهن ثلاثةً ثلاثةً، حصل سبعةُ وعشرونَ، من ضَرْب ثلاثةٍ في تسع، بقي يومان، فهاجَر فيهما تَكْميلًا للشَّهر، فسقط ما قيل: إنَّ المهاجرة فوق ثلاثة مبنى عليه، فكيف فعلها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم؟! وقد ذكرناه من قبل أيضًا.

94 - باب ما يكره من ضرب النساء

5203 - قوله: (فقال: لا، ولكن آلَيْتُ مِنْهنّ شَهْرًا)، دَلّ حديثُ ابنِ عباس هذا على أنَّ الدخل في جلوسه على المَشْربة، كان للإِيلاء فقط، لا كما فَهِمه الحافِظ أنه كان الأَجْل الجحوش والسقوط عن الفرس أيضًا. وقد مرّ معنا أنهما واقِعتانِ في زمانين، جمعهما الراوي في الذِّكر فقط، خلافًا لما زعمه الحافظ، نظرًا إلى الاشتراط في جلوس النبيِّ في المَشْربة فيهما، وقد فَصّلناه من قبل، وهذه الرواية تؤيّدُ ما ذكرت. 94 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ ضَرْبِ النِّسَاءِ وَقَوْلِهِ: {وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34] ضَرْبًا غَيرَ مُبَرِّحٍ. 5204 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَجْلِدُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ، ثُمَّ يُجَامِعُهَا فِى آخِرِ الْيَوْمِ». أطرافه 3377، 4942، 6042 - تحفة 5294 قد رَخَّص به الفقهاءُ أيضًا إذا كان ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح، وكذا يجوز للوالد أنْ يضرب وَلَده. وأما التغيير باليد فهو مُقْتصِر على ما كان الرَّجُل في المُنْكر، فإِذا خرج عنه ليس له ذلك، ولكن يَرْفع أَمْرَه إلى القاضي؛ فإِما أن يُعزِّره هو، أو يتركه. واختلفوا في ضَرْب الأستاذ لتلامذته، هل له في حَقّ أَم لا؟ والكُلّ لو ضَرَبوا مِن غير حَقّ، أُوخِذُوا به. 95 - باب لاَ تُطِيعُ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فِى مَعْصِيَةٍ 5205 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ عَنِ الْحَسَنِ - هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ - عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ زَوَّجَتِ ابْنَتَهَا فَتَمَعَّطَ شَعَرُ رَأْسِهَا، فَجَاءَتْ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَتْ إِنَّ زَوْجَهَا أَمَرَنِى أَنْ أَصِلَ فِى شَعَرِهَا. فَقَالَ «لاَ إِنَّهُ قَدْ لُعِنَ الْمُوصِلاَتُ». طرفه 5934 - تحفة 17849 5205 - قوله: (تمعَّط) "سركى بال اركئى جيجك كى بيمارى كى وجه سى". 96 - باب {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء: 128] 5206 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} قَالَتْ هِىَ الْمَرْأَةُ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ، لاَ يَسْتَكْثِرُ مِنْهَا فَيُرِيدُ طَلاَقَهَا، وَيَتَزَوَّجُ غَيْرَهَا، تَقُولُ لَهُ أَمْسِكْنِى وَلاَ تُطَلِّقْنِى، ثُمَّ تَزَوَّجْ غَيْرِى، فَأَنْتَ فِى حِلٍّ مِنَ النَّفَقَةِ عَلَىَّ وَالْقِسْمَةِ لِى، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128]. أطرافه 2450، 2694، 4601 - تحفة 17201، 17209 أ

97 - باب العزل

97 - باب الْعَزْلِ 5207 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 5208، 5209 - تحفة 2460 5208 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ سَمِعَ جَابِرًا رضى الله عنه قَالَ كُنَّا نَعْزِلُ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ. طرفاه 5207، 5209 - تحفة 2468 5209 - وَعَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ. طرفاه 5207، 5208 - تحفة 2468 5210 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ أَصَبْنَا سَبْيًا فَكُنَّا نَعْزِلُ فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَوَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ قَالَهَا ثَلاَثًا مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلاَّ هِىَ كَائِنَةٌ». أطرافه 2229، 2542، 4138، 6603، 7409 - تحفة 4111 - 43/ 7 حقّق الشَّرْع كَوْنه لغوًا، وكفّ لسانه عن النهي عنه. 98 - باب الْقُرْعَةِ بَيْنَ النِّسَاءِ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا 5211 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا خَرَجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَطَارَتِ الْقُرْعَةُ لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَانَ بِاللَّيْلِ سَارَ مَعَ عَائِشَةَ يَتَحَدَّثُ، فَقَالَتْ حَفْصَةُ أَلاَ تَرْكَبِينَ اللَّيْلَةَ بَعِيرِى وَأَرْكَبُ بَعِيرَكِ تَنْظُرِينَ وَأَنْظُرُ، فَقَالَتْ بَلَى فَرَكِبَتْ فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى جَمَلِ عَائِشَةَ وَعَلَيْهِ حَفْصَةُ فَسَلَّمَ عَلَيْهَا ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلُوا وَافْتَقَدَتْهُ عَائِشَةُ، فَلَمَّا نَزَلُوا جَعَلَتْ رِجْلَيْهَا بَيْنَ الإِذْخِرِ وَتَقُولُ يَا رَبِّ سَلِّطْ عَلَىَّ عَقْرَبًا أَوْ حَيَّةً تَلْدَغُنِى، وَلاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقُولَ لَهُ شَيْئًا. تحفة 17462 99 - باب الْمَرْأَةِ تَهَبُ يَوْمَهَا مِنْ زَوْجِهَا لِضَرَّتِهَا، وَكَيْفَ يُقْسِمُ ذَلِكَ 5212 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ بِيَوْمِهَا وَيَوْمِ سَوْدَةَ. أطرافه 2593، 2637، 2661، 2688، 2879، 4025، 4141، 4690، 4749، 4750، 4757، 6662، 6679، 7369، 7370، 7500، 7545 - تحفة 16897 100 - باب الْعَدْلِ بَيْنَ النِّسَاءِ {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَاسِعًا حَكِيمًا} [النساء: 129 - 130].

101 - باب إذا تزوج البكر على الثيب

رخَّص القرآنُ بتزوّج الأربع من النساء، مع بيان عدم رضائه به، لتعذُّر العَدْل بينهنَّ (¬1). 101 - باب إِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ 5213 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَكِنْ قَالَ السُّنَّةُ إِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاَثًا. طرفه 5214 - تحفة 944 وعلم أنَّ الفقهاء الثلاثة قالوا: إنَّ الجديدةَ إنْ كانت بِكْرًا يقيم عندها سَبْعَ ليال، وإن كانت ثَيِّبًا فثلاثًا، ولا تكون تلك المدةُ محسوبةً من القَسْم. ولكن يسوي بينهم بعد ذلك. وعندنا الجديدةُ والقديمةُ سواءٌ في القَسْم. وأما قوله: «إذا تَزوَّج البِكْر على الثَّيّب أقام عندها سبعًا، ثُم قَسم»، فمعناه عندنا أَنْ يَقْسم لهن كلّهن بسبعٍ في تلك الدورة، وهكذا، فليفهم في الثَّيّب، ولنا ما عند (¬2) النَّسائي من قوله صلى الله عليه وسلّم لأُمِّ سَلَمة: «إنْ شِئْتِ سَبَّعتُ لك، وإنْ سبعت لك، سَبَّعت لنسائي». وهو عند الطحاوي أيضًا. 102 - باب إِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى الْبِكْرِ 5214 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ وَخَالِدٌ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مِنَ السُّنَّةِ إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا وَقَسَمَ، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى الْبِكْرِ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاَثًا ثُمَّ قَسَمَ. قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ ¬

_ (¬1) قلتُ: ومن ههنا تبيّن سِرُّ آخَر في جواز فوق الأرْبع للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - دون الأُمة، فإنَّهم لا يقدِرون على العَدْل فيما فوق الأربع، بخلاف النبيِّ فلم توجد في حَقّه عِلَّة المَنْع، وله وجوهٌ أُخَر أَيضًا ذَكَرها القَوْم، ولا نذكُرها لغرابةِ المقام. (¬2) قال الشيخ الخطّابي: السَّبع في البكر، والثلاث في الثَّيّب حَقُّ العَقْد خصوصًا، لا يحاسبان على ذلك، ولكن يكون لهما عفوًا بلا قِصاص. ثُم أجاب عن رواية النسائي، وقال: ليس فيه دليلٌ على سقوط حَقّها الواجب لها إذا لم يُسبع لها، وهو الثلاث التي هي بمعنى التسويغ لها، ولو كان ذلك بمعنى التبدئةِ، ثُم يُحاسب عليها، لم يكن للتخييرِ معنًى، لأنَّ الإِنسان لا يُخيّر بين جميع الحَقّ وبين بَعْضِه، على أنه بمعنى التخصيص. قال الشيخ: ويُشبِه أن يكونَ هذا من المعروفِ الذي أَمَر اللهُ تعالى به في قوله: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19]، وذلك أن البِكر لما فيها من الخفر والحياء، تحتاج إلى فَضل إمهال، وصَبر، وحُسن تأنٍ ورِفْق، ليتوصل الزَّوج إلى الأدبِ منها؛ والثَّيْب قد جرْبت الأزواج، وارتاضت بصحبةِ الرجال، فالحاجة إلى ذلك في أمرها أقل، إلا أنها تُختصّ بالثلاث مَكرمة لها، وتأسيسًا للألفة فيما بينه وبينها، والله تعالى أعلم. اهـ "معالم". قلتُ: وإنما نقلت عبارةَ الشيخ لِتُقدّر منازلَ العلماء، وأنهم ليسوا بعاجزين في موضع، وإنْ كان الظاهر أنّ الشيخ لم يقدر على جواب روايةِ النسائي، ولا ريب، أنه حُجّةٌ صريحةٌ للحنفية، وللتأويل مساغ، ولكن أين هذا من ذاك!.

103 - باب من طاف على نسائه فى غسل واحد

وَلَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ إِنَّ أَنَسًا رَفَعَهُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ وَخَالِدٍ قَالَ خَالِدٌ وَلَوْ شِئْتُ قُلْتُ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 5213 - تحفة 944 - 44/ 7 103 - باب مَنْ طَافَ عَلَى نِسَائِهِ فِى غُسْلٍ وَاحِدٍ 5215 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِى اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ. أطرافه 268، 284، 5068 - تحفة 1186 وقد ذكرنا ما يتعلق به فيما مَرّ مِرَارًا. 104 - باب دُخُولِ الرَّجُلِ عَلَى نِسَائِهِ فِى الْيَوْمِ 5216 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا انْصَرَفَ مِنَ الْعَصْرِ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ، فَيَدْنُو مِنْ إِحْدَاهُنَّ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ، فَاحْتَبَسَ أَكْثَرَ مَا كَانَ يَحْتَبِسُ. أطرافه 4912، 5267، 5268، 5431، 5599، 5614، 5682، 6691، 6972 تحفة 17104 5216 - قوله: (فدخل على حَفْصَة) قلت: وهو وَهْم من الراوي، فإِن تلك القِصّة كانت في بيت زينب، ولا دَخْل فيها لحفصةَ. 105 - باب إِذَا اسْتَأْذَنَ الرَّجُلُ نِسَاءَهُ فِى أَنْ يُمَرَّضَ فِى بَيْتِ بَعْضِهِنَّ فَأَذِنَّ لَهُ 5217 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسْأَلُ فِى مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ «أَيْنَ أَنَا غَدًا أَيْنَ أَنَا غَدًا». يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ فِى بَيْتِ عَائِشَةَ حَتَّى مَاتَ عِنْدَهَا. قَالَتْ عَائِشَةُ فَمَاتَ فِى الْيَوْمِ الَّذِى كَانَ يَدُورُ عَلَىَّ فِيهِ فِى بَيْتِى، فَقَبَضَهُ اللَّهُ، وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِى وَسَحْرِى، وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِى. أطرافه 890، 1389، 3100، 3774، 4438، 4446، 4449، 4450، 4451، 6510 - تحفة 16946، 16947 106 - باب حُبِّ الرَّجُلِ بَعْضَ نِسَائِهِ أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ 5218 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنهم - دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ فَقَالَ يَا بُنَيَّةِ لاَ يَغُرَّنَّكِ هَذِهِ الَّتِى أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا حُبُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِيَّاهَا - يُرِيدُ عَائِشَةَ - فَقَصَصْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَبَسَّمَ. أطرافه 89، 2468، 4913، 4914، 4915، 5191، 5843، 7256، 7263 تحفة 10512 واعلم أنَّ المساواةَ بين النِّساء إنَّما اعتُبرت في النفقة والبيتوتة وأمثالِها، دون الحقِّ والجِماع، ومِثْلِهما، فإِن الحُبّ يُبْنى على الكمالات، ولا اختيار فيه للرَّجل، ولذا كانت

107 - باب المتشبع بما لم ينل، وما ينهى من افتخار الضرة

عائشةُ حبيبةَ النبي صلى الله عليه وسلّم قال الصحابة رضي الله تعالى عنهم: «أخذنا نِصْف العِلْم عن عائشة»، وهذا، وإنْ كان على نحو المبالغةِ، لكنه يُشْعر بأن كمالاتِها بلغت في الذرْوَة العليا (¬1). 107 - باب الْمُتَشَبِّعِ بِمَا لَمْ يَنَلْ، وَمَا يُنْهَى مِنِ افْتِخَارِ الضَّرَّةِ 5219 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ حَدَّثَتْنِى فَاطِمَةُ عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِى ضَرَّةً، فَهَلْ عَلَىَّ جُنَاحٌ إِنْ تَشَبَّعْتُ مِنْ زَوْجِى غَيْرَ الَّذِى يُعْطِينِى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَىْ زُورٍ». تحفة 15745 - 45/ 7 فالجملةُ الأُولى عامٌّ للنَّاس كافَّةً؛ والثانية في حَقّ الضرائر خاصّة، ومعنى قوله النبيِّ صلى الله عليه وسلّم «كلابِس ثوبي زُور»، إحاطةُ الزُّور به، فإِن المرء إذا لبس ثوبين ستر نفسه من القَرْن إلى القدم، والمراد كونُه كاذبًا، بل كَذِبًا من الفوق إلى التحت. ويحتمل أن يجعل له الكذب ثَوبين في جَهنَّم، على طَوْر التمثيل، كما أن النائحة تُقَمّص قميصًا من قَطِران. فائدة: واعلم أنه طال نزاعُهم في قوله تعالى: {فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ} [النحل: 112] إنّ فيه استعارةً، أو استعارتين، فإِن الملائم للِّباس هو أَلْبَس، والجُوع أَذَاق. قلتُ: وقد يدور بالبال أن الجُوع والخوف لا يَبْعُد أن يكونا لباسين في جهنّم، كالزور، وكما في حديث النائحة. 108 - باب الْغَيْرَةِ وَقَالَ وَرَّادٌ، عَنِ الْمُغِيرَةِ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِى لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفِحٍ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّى». تحفة 11538 5220 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ، وَمَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ». أطرافه 4634، 4637، 7403 - تحفة 9256 ¬

_ (¬1) قلتُ: أشار به البخاري إلى التفصيل فيما بين ما يدخل في القَسْم، وما لا يدخل فيه، فاعلمه، وانظر في تراجمه تجد ما قلنا إنْ شاء الله تعالى.

5221 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَرَى عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ تَزْنِى يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا». أطرافه 1044، 1046، 1047، 1050، 1056، 1058، 1064، 1065، 1066، 1212، 3203، 4624، 6631 - تحفة 17159 5222 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّهِ أَسْمَاءَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ شَىْءَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ» وَعَنْ يَحْيَى أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 15726 5223 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِىَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ». تحفة 15431، 15377 5224 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ تَزَوَّجَنِى الزُّبَيْرُ، وَمَا لَهُ فِى الأَرْضِ مِنْ مَالٍ، وَلاَ مَمْلُوكٍ، وَلاَ شَىْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ، وَغَيْرَ فَرَسِهِ، فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ، وَأَسْتَقِى الْمَاءَ، وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ وَأَعْجِنُ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِى مِنَ الأَنْصَارِ وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِى أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَأْسِى، وَهْىَ مِنِّى عَلَى ثُلُثَىْ فَرْسَخٍ، فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِى فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَدَعَانِى ثُمَّ قَالَ «إِخْ إِخْ». لِيَحْمِلَنِى خَلْفَهُ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ، وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ، وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ، فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى قَدِ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى، فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ فَقُلْتُ لَقِيَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَى رَأْسِى النَّوَى، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَنَاخَ لأَرْكَبَ، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ. فَقَالَ وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَىَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ. قَالَتْ حَتَّى أَرْسَلَ إِلَىَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ يَكْفِينِى سِيَاسَةَ الْفَرَسِ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِى. طرفه 3151 - تحفة 15725، 3649 أ - 46/ 7 5225 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتِ الَّتِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ، فَجَمَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِى كَانَ فِى الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ «غَارَتْ أُمُّكُمْ»، ثُمَّ حَبَسَ الْخَادِمَ حَتَّى أُتِىَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِى هُوَ فِى بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِى كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِى بَيْتِ الَّتِى كَسَرَتْ. طرفه 2481 م - تحفة 569 5226 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ

109 - باب غيرة النساء ووجدهن

مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «دَخَلْتُ الْجَنَّةَ - أَوْ أَتَيْتُ الْجَنَّةَ - فَأَبْصَرْتُ قَصْرًا فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا قَالُوا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَهُ فَلَمْ يَمْنَعْنِى إِلاَّ عِلْمِى بِغَيْرَتِكَ». قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى يَا نَبِىَّ اللَّهِ أَوَعَلَيْكَ أَغَارُ. طرفاه 3679، 7024 - تحفة 3065 5227 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جُلُوسٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى فِى الْجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا قَالَ هَذَا لِعُمَرَ. فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا». فَبَكَى عُمَرُ وَهْوَ فِى الْمَجْلِسِ ثُمَّ قَالَ أَوَعَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغَارُ. أطرافه 3242، 3680، 7023، 7025 تحفة 13336 - 47/ 7 قوله: (واللَّهُ أَغْيرُ مِنِّي) واعلم أنَّ كلَّ ما لا يكون مُطَّرِدًا يفوِّضُه الشَّرْع إلى الله جَلّ ذِكْره. 5220 - قوله: (حَرَّم الفواحِشَ) فكما أن أحدَكم يكره الفاحِشَة في أهله، كذلك الله سبحانه يَكْرَهُها في خَلْقِه كافّة. 109 - باب غَيْرَةِ النِّسَاءِ وَوَجْدِهِنَّ 5228 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّى رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَىَّ غَضْبَى». قَالَتْ فَقُلْتُ مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ فَقَالَ «أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّى رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ لاَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ غَضْبَى قُلْتِ لاَ وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ». قَالَتْ قُلْتُ أَجَلْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَهْجُرُ إِلاَّ اسْمَكَ. طرفه 6078 - تحفة 16803 5229 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، لِكَثْرَةِ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِيَّاهَا وَثَنَائِهِ عَلَيْهَا، وَقَدْ أُوحِىَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ لَهَا فِى الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ. أطرافه 3816، 3817، 3818، 6004، 7484 - تحفة 17253 وله أربعةُ مصادِرَ: وجدانًا، وَوَجْدًا، وموجودة، ووجودًا. وباعتبار مصادره الأربعة تختلف معانيه، والمناسب لترجمةِ المصنّف: وموجودتُهنّ، بمعنى الغضب، بدل: «وجدهن»، فإِن الواجد ترجمته: "دل بهرآنا" وليس بمناسب ههنا. 5229 - قوله: (بِبَيْتٍ لها في الجَنّة مِن قَصَب)، و «القصب»: كلّ شيء له جَوْف، والمراد منه ههنا الدُّرُّ المجوّف.

110 - باب ذب الرجل عن ابنته فى الغيرة والإنصاف

110 - باب ذَبِّ الرَّجُلِ عَنِ ابْنَتِهِ فِى الْغَيْرَةِ وَالإِنْصَافِ 5230 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ وَهْوَ عَلَى الْمِنْبَرِ «إِنَّ بَنِى هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوا فِى أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ فَلاَ آذَنُ، ثُمَّ لاَ آذَنُ، ثُمَّ لاَ آذَنُ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِى طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِى وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ، فَإِنَّمَا هِىَ بَضْعَةٌ مِنِّى، يُرِيبُنِى مَا أَرَابَهَا وَيُؤْذِينِى مَا آذَاهَا». هَكَذَا قَالَ. أطرافه 926، 3110، 3714، 3729، 3767، 5278 - تحفة 11267 111 - باب يَقِلُّ الرِّجَالُ وَيَكْثُرُ النِّسَاءُ وَقَالَ أَبُو مُوسَى، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «وَتَرَى الرَّجُلَ الْوَاحِدَ، يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً، يَلُذْنَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ». 5231 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِىُّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ لأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يُحَدِّثُكُمْ بِهِ أَحَدٌ غَيْرِى، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَيَكْثُرَ الْجَهْلُ وَيَكْثُرَ الزِّنَا، وَيَكْثُرَ شُرْبُ الْخَمْرِ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ». أطرافه 80، 81، 5577، 6808 تحفة 1374 - 48/ 7 5231 - قوله: (يُرْفَع العِلْم) وعند النسائي يَكْثُر العِلْم، وهو وَهْم عندي، وإنْ كان شيخي، شيخ الهند، ذكر له تأويلًا أيضًا، وقد ذكرناه فيما مرَّ. 5231 - قوله: (حتى يكونَ لخمسينَ امرأةً القَيِّمُ الواحِدُ)، وقد روى الحافِظُ فيه قيدًا في موضع آخر، وهو قيد الصالح، ثُم غَفل عنه الحافظ عند شَرْح الحديث، ولو حضره لم يَرِد إشْكال، فإن القَيّم الصالح يعز جدًا في كلِّ عصر، فكيف في إبَّان الساعةِ. 112 - باب لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ ذُو مَحْرَمٍ، وَالدُّخُولُ عَلَى الْمُغِيبَةِ 5232 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ. قَالَ «الْحَمْوُ الْمَوْتُ». تحفة 9958 5233 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِى مَحْرَمٍ». فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ امْرَأَتِى خَرَجَتْ حَاجَّةً وَاكْتُتِبْتُ فِى غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا. قَالَ «ارْجِعْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ». أطرافه 1862، 3006، 3061 - تحفة 6514

113 - باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس

113 - باب مَا يَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ عِنْدَ النَّاسِ 5234 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَلاَ بِهَا فَقَالَ «وَاللَّهِ إِنَّكُنَّ لأَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ». طرفاه 3786، 6645 - تحفة 1634 114 - باب مَا يُنْهَى مِنْ دُخُولِ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْمَرْأَةِ 5235 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عِنْدَهَا وَفِى الْبَيْتِ مُخَنَّثٌ، فَقَالَ الْمُخَنَّثُ لأَخِى أُمِّ سَلَمَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أُمَيَّةَ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَدًا أَدُلُّكَ عَلَى ابْنَةِ غَيْلاَنَ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَدْخُلَنَّ هَذَا عَلَيْكُنَّ». طرفاه 4324، 5887 - تحفة 18263 5235 - قوله: (فقال المُخَنَّث) وهو على صيغةِ اسم الفاعل أَفْصَح. 115 - باب نَظَرِ الْمَرْأَةِ إِلَى الْحَبَشِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ غَيْرِ رِيبَةٍ 5236 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِىُّ عَنْ عِيسَى عَنِ الأَوْزَاعِىِّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتُرُنِى بِرِدَائِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِى الْمَسْجِدِ، حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّذِى أَسْأَمُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ الْحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ. أطرافه 454، 455، 950، 988، 2906، 3529، 5190 - تحفة 16513 - 49/ 7 116 - باب خُرُوجِ النِّسَاءِ لِحَوَائِجِهِنَّ 5237 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِى الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ لَيْلاً فَرَآهَا عُمَرُ فَعَرَفَهَا فَقَالَ إِنَّكِ وَاللَّهِ يَا سَوْدَةُ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا، فَرَجَعَتْ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، وَهْوَ فِى حُجْرَتِى يَتَعَشَّى، وَإِنَّ فِى يَدِهِ لَعَرْقًا، فَأُنْزِلَ عَلَيْهِ فَرُفِعَ عَنْهُ وَهُوَ يَقُولُ «قَدْ أَذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَوَائِجِكُنَّ». أطرافه 146، 147، 4795، 6240 - تحفة 17103 117 - باب اسْتِئْذَانِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِى الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ 5238 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةُ أَحَدِكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلاَ يَمْنَعْهَا». أطرافه 865، 873، 899، 900 - تحفة 6823

118 - باب ما يحل من الدخول والنظر إلى النساء فى الرضاع

118 - باب مَا يَحِلُّ مِنَ الدُّخُولِ وَالنَّظَرِ إِلَى النِّسَاءِ فِى الرَّضَاعِ 5239 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ جَاءَ عَمِّى مِنَ الرَّضَاعَةِ فَاسْتَأْذَنَ عَلَىَّ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ «إِنَّهُ عَمُّكِ فَأْذَنِى لَهُ» قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِى الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِى الرَّجُلُ. قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّهُ عَمُّكِ فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ». قَالَتْ عَائِشَةُ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ ضُرِبَ عَلَيْنَا الْحِجَابُ. قَالَتْ عَائِشَةُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلاَدَةِ. أطرافه 2644، 4796، 5103، 5111، 6156 - تحفة 17168 119 - باب لاَ تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا 5240 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُبَاشِرِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا، كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا». طرفه 5241 - تحفة 9305 5241 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُبَاشِرِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا». طرفه 5240 - تحفة 9252 - 50/ 7 120 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ: لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى نِسَائِي 5242 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ بِمِائَةِ امْرَأَةٍ، تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ غُلاَمًا، يُقَاتِلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَلَمْ يَقُلْ وَنَسِىَ، فَأَطَافَ بِهِنَّ، وَلَمْ تَلِدْ مِنْهُنَّ إِلاَّ امْرَأَةٌ نِصْفَ إِنْسَانٍ». قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ أَرْجَى لِحَاجَتِهِ». أطرافه 2819، 3424، 6639، 6720، 7469 - تحفة 13518 121 - باب لاَ يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلاً إِذَا أَطَالَ الْغَيْبَةَ، مَخَافَةَ أَنْ يُخَوِّنَهُمْ أَوْ يَلْتَمِسَ عَثَرَاتِهِمْ 5243 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَكْرَهُ أَنْ يَأْتِىَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ طُرُوقًا. أطرافه 443، 1801، 2097، 2309، 2385، 2394، 2406، 2470، 2603، 2604، 2718، 2861، 2967، 3087، 3089، 3090، 4052، 5079، 5080، 5244، 5245، 5246، 5247، 5367، 6387 - تحفة 2577 5244 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ

122 - باب طلب الولد

الشَّعْبِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَطَالَ أَحَدُكُمُ الْغَيْبَةَ فَلاَ يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلًا». أطرافه 443، 1801، 2097، 2309، 2385، 2394، 2406، 2470، 2603، 2604، 2718، 2861، 2967، 3087، 3089، 3090، 4052، 5079، 5080، 5243، 5245، 5246، 5247، 5367، 6387 - تحفة 2343 واعلم أنَّ الشَّرع كما يكره الدّياثةَ، كذلك يكره التَّجَسُّس أيضًا، فللنهي عن التطرُّق مَحلّ، وكذا للنهي عن الدّياثةِ أيضًا مَحَلٌّ آخَر، ثُم إنه ذَكَر الحكمةَ في النهي عن التطرق بنفسه، وهي امتشاط الشَّعِثَة، واستحداد المُغِيبة. واعلم أنَّ اللفظ في حقِّ النساء، وإن كان الاستحدادَ، لكنَّ الفقهاءَ صَرَّحوا بأن الأَوْلى فيهن استعمالُ النُّورَة (¬1). وكأنَّ المرادَ منه، ما يقومُ مقامَ الاستحداد في حَقِّهن. 122 - باب طَلَبِ الْوَلَدِ 5245 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ سَيَّارٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةٍ، فَلَمَّا قَفَلْنَا تَعَجَّلْتُ عَلَى بَعِيرٍ قَطُوفٍ فَلَحِقَنِى رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِى، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا يُعْجِلُكَ». قُلْتُ إِنِّى حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ. قَالَ «فَبِكْرًا تَزَوَّجْتَ أَمْ ثَيِّبًا». قُلْتُ بَلْ ثَيِّبًا. قَالَ «فَهَلَّا جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ». قَالَ فَلَمَّا قَدِمْنَا ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ فَقَالَ «أَمْهِلُوا حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلًا - أَىْ عِشَاءً - لِكَىْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ». قَالَ وَحَدَّثَنِى الثِّقَةُ أَنَّهُ قَالَ فِى هَذَا الْحَدِيثِ «الْكَيْسَ الْكَيْسَ يَا جَابِرُ». يَعْنِى الْوَلَدَ. أطرافه 443، 1801، 2097، 2309، 2385، 2394، 2406، 2470، 2603، 2604، 2718، 2861، 2967، 3087، 3089، 3090، 4052، 5079، 5080، 5243، 5244، 5246، 5247، 5367، 6387 - تحفة 2342 5246 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَيَّارٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا دَخَلْتَ لَيْلًا فَلاَ تَدْخُلْ عَلَى أَهْلِكَ حَتَّى تَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ وَتَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ». قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَعَلَيْكَ بِالْكَيْسِ الْكَيْسِ». تَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ وَهْبٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْكَيْسِ. أطرافه 443، 1801، 2097، 2309، 2385، 2394، 2406، 2470، 2603، 2604، 2718، 2861، 2967، 3087، 3089، 3090، 4052، 5079، 5080، 5243، 5244، 5245، 5247، 5367، 6387 - تحفة 2342، 3130 أ - 51/ 7 5245 - قوله: (الكَيْسَ الكَيْسَ يا جابرُ) يريد أن قَصْدَ قضاءِ الشهوة سَفاهةٌ، والنَّظر إلى الطَلَب الولد كَياسةٌ. 123 - باب تَسْتَحِدُّ الْمُغِيبَةُ وَتَمْتَشِطُ الشَّعِثَةُ 5247 - حَدَّثَنِى يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةٍ، فَلَمَّا قَفَلْنَا كُنَّا قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ تَعَجَّلْتُ عَلَى بَعِيرٍ لِى قَطُوفٍ، فَلَحِقَنِى رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِى فَنَخَسَ بَعِيرِى بِعَنَزَةٍ كَانَتْ مَعَهُ، ¬

_ (¬1) قلتُ: وإليه يشير قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "فَضْل عائشة على النِّساء، كَفَضل الثَّريد على سائر الطعام".

124 - باب {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن} إلى قوله: {لم يظهروا على عورات النساء} [النور: 31]

فَسَارَ بَعِيرِى كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ الإِبِلِ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ. قَالَ «أَتَزَوَّجْتَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «أَبِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا». قَالَ قُلْتُ بَلْ ثَيِّبًا. قَالَ «فَهَلَّا بِكْرًا تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ». قَالَ فَلَمَّا قَدِمْنَا ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ، فَقَالَ «أَمْهِلُوا حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلًا - أَىْ عِشَاءً - لِكَىْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ، وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ». أطرافه 443، 1801، 2097، 2309، 2385، 2394، 2406، 2470، 2603، 2604، 2718، 2861، 2967، 3087، 3089، 3090، 4052، 5079، 5080، 5243، 5244، 5245، 5246، 5367، 6387 - تحفة 2342 124 - باب {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} إِلَى قَوْلِهِ: {لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: 31] 5248 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ اخْتَلَفَ النَّاسُ بِأَىِّ شَىْءٍ دُووِىَ جُرْحُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ، فَسَأَلُوا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِىَّ، وَكَانَ مِنْ آخِرِ مَنْ بَقِىَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ وَمَا بَقِىَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّى، كَانَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ تَغْسِلُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَعَلِىٌّ يَأْتِى بِالْمَاءِ عَلَى تُرْسِهِ، فَأُخِذَ حَصِيرٌ، فَحُرِّقَ فَحُشِىَ بِهِ جُرْحُهُ. أطرافه 243، 2903، 2911، 3037، 4075، 5722 تحفة 4688 والمرادُ من الزينةِ الوَجْهُ والكَفّان، وفي القدمين روايتان، وأخّرت الأُخْرى للتوسعةِ على النّاس، والعورةُ عندنا داخل الصلاة وخارجَها للأقارب والأجانب كلُّها سواء، فجاز لها كَشْفُ الوَجْه أيضًا إذا لم تكن فتنةٌ. فإِن قيل: إنَّ هذه هي التي كانت محال الفتنةِ، وهي التي استثنيت في الشَّرْع. أقول: حَفِظتَ شيئًا، وغابَت عنك أشياءُ، أفلا نظرت إلى أنَّ الدنيا فيها فقراءُ الناس أيضًا، فلو أُمرت نساؤهن بستر هذه الأعضاء أيضًا ليتعطَّلن عن حوائجهنَّ. نعم ينبغي أن يُمْعن النَّظر في وجه اختيار عنوان إبداء الزينة، فإِنَّ الأجانبَ ليسوا لمحالّ لإِبداء الزينة، والظاهر أن يكون العنوان هكذا: ولا يبدين كَفّهن وأرجلَهن ... إلخ. فالجوابُ أنَّ سِياق القرآنِ كان في حقِّ البُعول، وذِكْر الزينة في حَقِّهن لَطِيفٌ، وكذا في حقِّ المحارم، فمحطُّه جوازُ كَشْف هذه المواضع أمام بَعْلها، لا جواز كَشْفها أمام الأجانب أيضًا، فإِنَّ كَشْفها وإنْ كان جائزًا عند الأجانب أيضًا، لكنه مما لم يَقْصده القرآنُ، نعم لو قصده لم يناسب العنوان المذكور. ولَمَا كان القرآنُ بصددِ بيانِ ما يليقُ كَشْفه عند بَعْله، أَخَذ العنوان المذكور، ولا رَيْب أنه مناسِب له جدًا، فلما جاز كَشْفُ الزينة للبَعْل دَخَل أَهْلُ البيت تَبَعًا (¬1). ¬

_ (¬1) قلتُ: ولذا بدأ الاستثناء بالبَعْل، ثُم ذَكَر سائر المحارم بالعَطْف، وذلك لأصالةِ البَعْل في حَقِّ الكَشْف، وتبعيتهم فيه.

125 - باب {والذين لم يبلغوا الحلم منكم} [النور: 58]

125 - باب {وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ} [النور: 58] 5249 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - سَأَلَهُ رَجُلٌ شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْعِيدَ أَضْحًى أَوْ فِطْرًا قَالَ نَعَمْ لَوْلاَ مَكَانِى مِنْهُ مَا شَهِدْتُهُ - يَعْنِى مِنْ صِغَرِهِ - قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا وَلاَ إِقَامَةً، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَرَأَيْتُهُنَّ يَهْوِينَ إِلَى آذَانِهِنَّ وَحُلُوقِهِنَّ يَدْفَعْنَ إِلَى بِلاَلٍ، ثُمَّ ارْتَفَعَ هُوَ وَبِلاَلٌ إِلَى بَيْتِهِ. أطرافه 98، 863، 962، 964، 975، 977، 979، 989، 1431، 1449، 4895، 5880، 5881، 5883، 7325 - تحفة 5816 - 52/ 7 5249 - قوله: (ثم ارتَفَع هو، وبِلال) أي ذهب. 126 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ: هَلْ أَعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ؟ وَطَعْنِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ فِى الْخَاصِرَةِ عِنْدَ الْعِتَابِ 5250 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ عَاتَبَنِى أَبُو بَكْرٍ وَجَعَلَ يَطْعُنُنِى بِيَدِهِ فِى خَاصِرَتِى فَلاَ يَمْنَعُنِى مِنَ التَّحَرُّكِ إِلاَّ مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِى. أطرافه 334، 336، 3672، 3773، 4583، 4607، 4608، 5164، 5882، 6844، 6845 - تحفة 17519 ***

68 - كتاب الطلاق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 68 - كتاب الطلاق وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} [الطلاق: 1] 1 - باب {أَحْصَيْنَاهُ} [يس: 12]: حَفِظْنَاهُ وَعَدَدْنَاهُ. وَطَلاَقُ السُّنَّةِ: أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيرِ جِمَاعٍ، وَيُشْهِدَ شَاهِدَينِ. 5251 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِى أَمَرَ اللهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ». أطرافه 4908، 5252، 5253، 5258، 5264، 5332، 5333، 7160 - تحفة 8336 قوله: ({فَطَلّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}) لا شَكَّ أن الظاهر فيه أنَّ اللام للوَقْت، فتكون العِدّة بالأطهار فصار التبادُر إلى الشافعية. إلَّا أنَّ السَّرَخْسي قال: العِدّة عدتان (¬1): عِدّة الرِّجال، وهي عِدّة التطليق، أي أن يطلقها الرَّجُل في طُهْر خالٍ عن الجماع. فهذه مما يجبُ على الرّجل تَعاهُدُها؛ والثانية: عِدّة النِّساء، وتلك بالحِيض، ولذا عَبّر عنها القرآن ¬

_ (¬1) قلتُ: وعند البخاري في حديث الباب: أن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَر ابنَ عُمر حين طَلَّق امرأته حائضًا أن يراجِعَها، ثُم ليمسِكْها حتى تَطْهُر، ثُم تَحِيض، ثُم تَطْهر، ثُم إن شاء أمسك بعد ذلك، وإنْ شاء طَلّق قبل أن يَمس. فتلك العِدّة التي أمَر اللهُ أن تُطلق لها النِّساء. اهـ ففيه إيماءٌ إلى قوله تعالى: {فَطَلّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، وأنَّ العِدَّة فيه عِدّةُ التطليق، لا عدّة النساء. قال الطحاوي في "شرح معاني الآثار": ليس المرادُ ههنا بالعِدّة هو العدّةَ المصطلحةَ، بل عِدّة طلاقِ النساء، أي وَقْته. وليس ما يكون عِدَّة تطلق لها النِّساء، يجب أن تكون العِدّة التي تعتد بها النِّساء، ثُم قَوّاه أنَّ مذهب عمرَ أنّ القُرء هو الحَيْض، مع أنه راويه -بالمعنى-. قلت: فقد أشار فيه الطحاوي إلى أن العِدّة عِدّتان: عِدّة تَطْليق، وهي إلى الزوج؛ وعِدّة التربُّص، وهي إلى النِّساء، فافهم. وفي "البِناية": إِن مذهبنا مَنْقولٌ عن الخلفاء الأربعة، والعبادلة، وأُبي بن كَعْب، ومعاذ بن جبل، وأبي الدّرداء، وعُبادة بن الصّامت، وزَيْد بن ثابت، وأبي موسى الأشعري. وزاد أبو داود، والنّسائي: مَعْبِد الجِهَني، وعبد الله بن قَيْس رضي الله تعالى عنهم. وقال أحمد: كنت أقول: الأقراء: الأطْهار، ثم وقفت بِقَوْل الأكابر.

2 - باب إذا طلقت الحائض يعتد بذلك الطلاق

بالقُروء حين خاطب النساء، ولما تَوجَّه إلى الرجال، وذكر تطليقَهم الذي هو فَعْلهم، قال: لِعِدَّتِهنّ، فظهر تعدُّدُ العِدّتَين من اختلاف السياقين، إلَّا أنَّ عدّة الرِّجال لما لم تُذْكر في عامة كُتُب الفِقْه تبادَر الذِّهن إلى العِدّة المعروفة، وهي عِدّة النِّساء، فلا علينا أن نَحْملها على عِدّة الرجال بعد ما تعرّض إليها القرآن. وقد أقرّ ابنُ القَيّم بقوةِ مذهب الإِمام الأعظم، وقال (¬1): إنَّ أحمد أيضًا مالَ إليه بآخِره. 2 - باب إِذَا طُلِّقَتِ الْحَائِضُ يُعْتَدُّ بِذَلِكَ الطَّلاَقِ 5252 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ قَالَ طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ عُمَرُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لِيُرَاجِعْهَا». قُلْتُ تُحْتَسَبُ قَالَ «فَمَهْ». وَعَنْ قَتَادَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا». قُلْتُ تُحْتَسَبُ قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ. أطرافه 4908، 5251، 5253، 5258، 5264، 5332، 5333، 7160 تحفة 6653، 8573 - 53/ 7 5253 - وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ حُسِبَتْ عَلَىَّ بِتَطْلِيقَةٍ. أطرافه 4908، 5251، 5252، 5258، 5264، 5332، 5333، 7160 - تحفة 7064 وهذه هي المسألةُ التي أنكرها ابنُ تيمية. فإِنه قال: إنه لا يُعتدّ بالطلاق في حال الحَيْض، مع أن ابنَ عُمر الذي هو صاحب تلك الواقعة أقرّ باعتدادها. وتأوّل ابنُ تيمية قوله: فَمَه، أنه بمعنى كفّ، يعني هت. وقوله: «إنْ عَجَز واستَحْمق»، بأنَّ الشَّرع لا يتغيّر بتغييره، وإذا كان حُكْم الشَّرْع فيه أنّ الطلاق في الحَيْض لا يُعْتبر، فهل يمكن تغييرُه، واعتبارُه بتطليقه، وحَمَقِه؟ وقال الجمهور: إنّ «ما» استفهامية، ومعناه ما المانع من احتسابه؟ وهل تُهدر أحكامُ الشَّرع بعجزه وحَمَقه؟ بل يعتبر بطلاقِه قَطْعًا، فعكس ابنُ تيميةَ مرادَه إلى ما رأيت، قلتُ (¬2): وإذا تأوّل ابنُ تيميةَ في هذه الألفاظ، فماذا ينصع في قوله: «حسبت عليّ بتطليقة؟ فإِنه صريحٌ في عِبْرتها، إلاّ أنه من طريقِه أنه إذا مَرّ بلفظ لا يُسوّغ فيه تأويله، يُغْمض عنه. ¬

_ (¬1) قال ابنُ رُشْد: وممن قال: إنَّ الأقراء هي الحِيض: أما مِن فُقهاء الأمصار: فأبو حنيفة، والثَّوري، والأَوْزاعي، وابن أبي لَيْلى، وجماعة؛ وأما من الصحابة: فعليٌّ، وعُمرُ بنُ الخَطّاب، وابن مسعود، وأبو موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهم. وحكى الأثْرم عن أحمدَ أنه قال: الأكابر مِن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون: الأقراء هي الحِيض، وحكى أيضًا عن الشَّعبي أنه قولُ أحدَ عشرَ، أو اثني عشرَ من أصحاب رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. وأما أحمدُ بن حنبل، فاختلفت الروايةُ عنه، إلى آخره. ثُم قال ابن رُشْد: وأَقوى ما تمسّك به الفريقُ الثاني -أي الحنفية- أن العِدّة إنما شُرِعت لبراءةِ الرَّحِم، وبراءتها إنما تكون بالحيض، لا بالأطْهار، ولذلك كان عِدّة مَنَ ارتفع الحيضُ عنها بالأيام. فالحيضُ هو سببُ العِدة، بالأقراء، فوجب أن تكون الأقراءُ هي الحِيضَ. ثم قال: ومذهبُ الحنفية أظهرُ من جهة المعنى، وحُجّتُهم من جهة المسموعِ متساويةٌ، أو قريب من متساوية. اهـ "بداية المجتهد". (¬2) قلتُ: وراجع ما ذكره ابنُ رُشد، وقد نقلنا نَصّه في سورة الطلاق وراجع "المعالم".

3 - باب من طلق وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق

3 - باب مَنْ طَلَّقَ وَهَلْ يُوَاجِهُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِالطَّلاَقِ 5254 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ سَأَلْتُ الزُّهْرِىَّ أَىُّ أَزْوَاجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ ابْنَةَ الْجَوْنِ لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَدَنَا مِنْهَا قَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ. فَقَالَ لَهَا «لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الْحَقِى بِأَهْلِكِ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ أَبِى مَنِيعٍ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَنَّ عُرْوَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ. تحفة 16512 5255 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَسِيلٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِى أُسَيْدٍ عَنْ أَبِى أُسَيْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ يُقَالُ لَهُ الشَّوْطُ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطَيْنِ فَجَلَسْنَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اجْلِسُوا هَا هُنَا». وَدَخَلَ وَقَدْ أُتِىَ بِالْجَوْنِيَّةِ، فَأُنْزِلَتْ فِى بَيْتٍ فِى نَخْلٍ فِى بَيْتٍ أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ وَمَعَهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةٌ لَهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «هَبِى نَفْسَكِ لِى». قَالَتْ وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ. قَالَ فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ فَقَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ. فَقَالَ «قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ». ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ «يَا أَبَا أُسَيْدٍ اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا. طرفه 5257 - تحفة 11191 5256، 5257 - وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّيْسَابُورِىُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَبِى أُسَيْدٍ قَالاَ تَزَوَّجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أُمَيْمَةَ بِنْتَ شَرَاحِيلَ، فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا فَكَأَنَّهَا كَرِهَتْ ذَلِكَ فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ أَنْ يُجَهِّزَهَا وَيَكْسُوَهَا ثَوْبَيْنِ رَازِقِيَّيْنِ. طرفه 5637 - تحفة 11195، 4794 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِى الْوَزِيرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ حَمْزَةَ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ بِهَذَا. طرفه 5255 - تحفة 4794، 11191 5258 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى غَلَّابٍ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ. فَقَالَ تَعْرِفُ ابْنَ عُمَرَ إِنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ فَأَتَى عُمَرُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَإِذَا طَهُرَتْ فَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا، قُلْتُ فَهَلْ عَدَّ ذَلِكَ طَلاَقًا قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ. أطرافه 4908، 5251، 5252، 5253، 5264، 5332، 5333، 7160 تحفة 8573 - 54/ 7 5254 - قوله: (أعوذ باللَّهِ منك) وإنما قالت ما قالت، لأَنّها لم تعرف أنّ هذا هو النبيُّ صلى الله عليه وسلّم ثم ما زالت تقول: إني كنتُ شقية، ونُقل أنها ماتت فاتِرة العَقْل (¬1): ¬

_ (¬1) قلتُ: ولعل ذلك من شؤم ما صَدَر من قولها: "أعوذ بالله مِنْك"، وقولها: "وهل تهب الملكة" ... إلخ، أو يكون لِوَجْه الهمّ، أو لغيره.

فائدة

5255 - قوله: (رازِقيَّتَيْن) نوعٌ من الثياب أعطاها متعةً. فائدة: واعلم أنَّ رافضيًا من الروافض طَبع رسالةً، ذكر فيها إيراداتٍ على الإِسلام، فَعدَّ منها هذا الحديثَ، وقِصّة زيد بن عَمرو بن نُفَيل، وقد ذكرناها مع جوابها من قبل. قوله: (في بيتِ أُمَيْمةَ بِنْتِ النُّعْمان بنِ شَرَاحِيل) ... إلخ. جعلها الراوي بِنْت شَرَاحيل، ويَخْتَلُّ به النسب، فراجع البحث في «فتح الباري». 4 - باب مَنْ أَجَازَ طَلاَقَ الثَّلاَثِ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]. وَقالَ ابْنُ الزُّبَيرِ في مَرِيضٍ طَلَّقَ: لاَ أَرَى أَنْ تَرِثَ مَبْتُوتَتُهُ. وَقالَ الشَّعْبِيُّ: تَرِثُهُ، وَقالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: تَزَوَّجُ إِذَا انْقَضَتِ العِدَّةُ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: أَرَأَيتَ إِنْ ماتَ الزَّوجُ الآخَرُ؟ فَرَجَعَ عَنْ ذلِكَ. 5259 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِىَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلاَنِىَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِىٍّ الأَنْصَارِىِّ، فَقَالَ لَهُ يَا عَاصِمُ أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ سَلْ لِى يَا عَاصِمُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَ عَاصِمٌ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ جَاءَ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ يَا عَاصِمُ مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عَاصِمٌ لَمْ تَأْتِنِى بِخَيْرٍ، قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَسْأَلَةَ الَّتِى سَأَلْتُهُ عَنْهَا. قَالَ عُوَيْمِرٌ وَاللَّهِ لاَ أَنْتَهِى حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَسَطَ النَّاسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ وَفِى صَاحِبَتِكَ فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا». قَالَ سَهْلٌ فَتَلاَعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ عُوَيْمِرٌ كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَكَانَتْ تِلْكَ سُنَّةُ الْمُتَلاَعِنَيْنِ. أطرافه 423، 4745، 4746، 5308، 5309، 6854، 7165، 7166، 7304 تحفة 4805 - 55/ 7 5260 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ امْرَأَةَ رِفَاعَةَ الْقُرَظِىِّ جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَنِى فَبَتَّ طَلاَقِى، وَإِنِّى نَكَحْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ الْقُرَظِىَّ، وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ الْهُدْبَةِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَعَلَّكِ

تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِى إِلَى رِفَاعَةَ، لاَ، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِى عُسَيْلَتَهُ». أطرافه 2639، 5261، 5265، 5317، 5792، 5825، 6084 - تحفة 16551 5261 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاَثًا، فَتَزَوَّجَتْ فَطَلَّقَ فَسُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَحِلُّ لِلأَوَّلِ قَالَ «لاَ، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا كَمَا ذَاقَ الأَوَّلُ». أطرافه 2639، 5260، 5265، 5317، 5792، 5825، 6084 - تحفة 17536 واعلم أنَّ الطلاق البِدعي ينقسم عندنا إلى قسمين: بِدعي من حيثُ الوقتُ، وهو في زمان الحَيْض، وبِدَعي من حيثُ العددُ. وأما عند الشافعيِّ (¬1) فلا بِدعي عنده مِن حيثُ العددُ، فلا يكونُ الجَمْع بين الطلاقاتِ الثلاث بِدعةً عنده، وإليه مال المصنّف، خلافًا للجُمهور. وقال داود الظاهري: إن جَمْعها في لفظ يقع واحدًا أيضًا، وهذا الذي ذهب إليه ابنُ تيميةَ. واختاره غيرُ المقلِّدين أيضًا، وتمسّك البُخاري بقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} وَوَجْه الاستدلالِ منه ذكره المُحشِّي. قلتُ: الآية حُجّة عليه لا له، فإِنه ليس معنى قوله: {مَرَّتَانِ} اثنتين، بل معناه مَرّة بعد مرة. وذلك لأنَّ التثنيةَ على نحوين: الأول: نحو زيدان تثنية لِزَيد، والثاني تثنية ما فيه تاء الواحدة، ويُسمّى تثنيةَ التكرير، كما في قوله تعالى: {فارجِع البَصَر كَرَّتَين} وكالمرةِ والمَرَّتان، ومعناه مَرّة بعد مرة، فحصل فيه معنى التثنية مع مراعاةِ الوحدة، كذا فَهِمه الزَّمخشريّ. ومن ههنا زال الإِشكال المشهور، أن التاء في المرة للوحدة، فكيف بتاء التثنية منها؟ والجواب أنها بمعنى التكرير. وإذَن دَلّت الآيةُ على التفريق، لا على الاجتماع الذي هو مقصودُ المصنِّف. قوله: ({فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ}) أي الرَّجْعة عنها. قوله: ({أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}) وهو تَرْك الرَّجْعة، وقوله تعالى: {فَإِن طَلَّقَهَا} ... إلخ، طلاقٌ ثالِثٌ عندنا. ومُحصَّل الآيةِ أن الله سبحانه ذَكَر أولا طَلْقتين، وحُكُمهما، فذَكَر أنه واحد بعد واحد، وأنهما يَعْقُبهما الرَّجعة، وأنهما قد يكونان بمال، وقد يكونان بغير مال، وسمى الطلاق بالمال خُلْعًا. ولما فَرَغ من بيان أحكامِهما، شَرَع في ذِكْر الثالث، وقال: {فَإِن طَلَّقَهَا} ... إلخ، فتلك لا رجعة بعدها، هذا ما عندنا. وقال الشافعيُّ: إنَّ الطلاقَ الثالثَ هو قوله: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}. فالمراد منه عنده ¬

_ (¬1) وراجع "معالم السنن"، وهو مُهم مع تقرير، لكون الجمع بين الطلقاتِ بِدْعة، كما هو مذهبنا.

الطلاقُ. ويؤيِّدُه ما عند أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلّم سُئل عن الثَّالثِ، فقال: إنّه تسريحٌ بإِحسان. قلتُ: وفي إسناده لين، على أَنّي قد جَرّبت من صنع الحنفية مع القرآنِ أنهم يُعطون أوّلًا حَقّ سياق النّظم، فإن التأَمَ الحديثُ به فيها، وإلاّ يُؤوّلون في الحديث. ولما أوجب سياقُ النَّظْم ههنا أن يكون التسريحُ بإِحسان عبارةً عن تَرْك الرَّجْعة، قالوا به. فإِنَّ القرآن بصددِ بيانِ أحكام الطَّلْقتين، وهي أن المرءَ يتخيّر بعدهما بين الرَّجعة وتَرْكها، فذكرها، وهذه هو اللغة في التسريح بإِحسان، وهو الذي أراده القرآن في غيرِ واحدٍ من المواضع، فقال: {فَتَعَالَيْنَ أُمَتّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأَحزاب: 28]، وقال: {وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأَحزاب: 49] ولم يُرِد به طلاقًا ثالثًا في موضع، فلا علينا أن لا نحمله على الطلاق في هذه الآية أيضًا. بقي تأويلُ الحديث، فلنا أن نَقُولَ: معناه إنَّ الطلاق الثالث يجتمع مع التسريح أيضًا، لا أنه عَيْنُه، فَإِنَّ تَرْك الرجوعِ قد يُجامِعُه التطليق أيضًا؛ وبالجملة (¬1) مدلولُه اللغوي ليس إلا تَرْكُ الرجوع، نعم ذلك قد يجتمع مع التطليقِ أيضًا؛ فالطلاق ليس بمقصودٍ منه وإنْ جامعه، وإنما ذكره من قوله: {فَإِن طَلَّقَهَا} وإلا يلزم أن يكون قوله: {فَإِن طَلَّقَهَا} رابِعًا، كما قَرّره الأُصُوليون. قوله: (قال ابنُ الزُّبير في مريض طلق: لا أرى أن تَرِث مَبْتُوتتُه) ولها الإِرث عندنا في الرَّجعي، وما ذكره ابنُ الزّبير لا هو يخالفنا ولا يوافِقنا. قوله: (وقال الشَّعبي: ترثه) وهو تابعي جليلُ القَدْر، يقول: إنَّ زوجة الفارّ تَرِث بكلِّ حالٍ. قوله: (فقال ابن شُبْرُمة: تتزوج إذا انقضت العِدّة؟ قال: نعم، قال: إنْ مات الزوجُ الآخر، فرجع عن ذلك) وحاصلُ إيرادِ ابن شُبرُمة أنه يلزم على هذا التقدير أن ترث مِن زَوْجين معًا، فيما إذا طَلّق المريضُ وانقضت العِدّة، ثُم تزوّجت زَوْجًا آخَر، ثُم مات الزَّوجُ الأَوّل والآخر في يومٍ واحد. فرجع الشَّعبي عن فَتواه، وقال: تَرِثه ما دامت في العِدّة، لا بعدها. 5259 - قوله: (فطلَّقها ثَلاثًا) واستدل منه البخاريُّ على أنه جَمَع بينها في اللّفظ، ولم يُنْكر عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فدلّ على عدم كونها بِدْعة؛ قلتُ: أوّلًا: فبأن التطابُقَ بين ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد رأيتُ تعبيرًا آخَر لتأويل حديث أبي داود في تقرير الفاضل مولانا عبد القدير، قال: إنَّ الحديث ذَكَر بعضَ مصاديقِ ذلك المعنى، إذ المعنى اللغويُّ عامٌّ يشمل الطلاقَ وغيره. اهـ، قلتُ: ولعله أيضًا ناظِرٌ إلى ما قلنا، لأنه عَبّر عن التسريح المجامع للتطليق بكونه فَرْدًا له، ومعنى عمومِه لغة أنه لا ينافي التطليق، فقد يتحقق معه التطليق وقد لا يتحقق، فأمعن النظر فيه، هل يرجع مراده إلى ما قلنا، أو له مَحْمل آخَر، وإنما حملناه على ما قلنا، لأن في حمله على خلافه قَلقًا، فافهم.

5 - باب من خير نساءه

الحكايةِ والمَحْكي عنه في الصّفة أيضًا ليس بضروري، يمكن أن يكون طَلّقها في الخارج متفرِّقًا، وعبر عنه الراوي ثلاثًا، أخذًا بالحاصل، ولا بُعْد فيه. ولأنها (¬1) لما وَقعت الفُرْقة بنفس اللِّعان - كما هو مذهبُ الشافعي - لم يصادف تطليقُه إياها محلَّه، فكان هَدْرًا، فلم يعبأ بها. وإذَن لا تقرير فيه أيضًا، فإِنه لو صادف مَحلّه، ثُم سكت عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم لكان تقريرًا منه، وأما إذا كان فِعْلُه عَبثًا، وتطليقه كالعَدم، فأغمض عنه، وأما ثالثًا: فبأن الفُرقة وإن لم تقع عندنا بنفس اللعان، لكنها قد استحقّتها، وعلى شرف منها، ومعلومٌ أنها لا سبيلَ لها إليه بعد اللِّعان، ففي مِثْله يجوز تطليقُه ثلاثًا عندنا أيضًا، لأنه إذا انقطع احتمالُ العَوْد، ولم تبق مَظِنّة الرجوع، فلا بدعة في تطلِيقِها ثلاثًا. واستنبطت ذلك مما رُوي عن محمد أنّ الخُلْع في الحَيْض جائز، مع كونِ الخُلْع طلاقًا بائنًا، وهو بِدْعة، ولا سيما في الحَيْض، فإِذا جاز البائن في الحَيْض عند تحتم عدم الرجوع، جاز الثلاثُ أيضًا بجامع يأسِ الرَّجعة فيهما، فلا فَرْق، إلاّ أن هذا بائنٌ خفيفًا، وذلك غليظًا، وليس بفارق. وقد ذكرناه من قبل مَرّتين، ففكر فيه. 5 - باب مَنْ خَيَّرَ نِسَاءَهُ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 28]. 5262 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاخْتَرْنَا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَلَمْ يَعُدَّ ذَلِكَ عَلَيْنَا شَيْئًا. طرفه 5263 - تحفة 17634 5263 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَامِرٌ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الْخِيَرَةِ، فَقَالَتْ خَيَّرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَفَكَانَ طَلاَقًا قَالَ مَسْرُوقٌ لاَ أُبَالِى أَخَيَّرْتُهَا وَاحِدَةً أَوْ مِائَةً بَعْدَ أَنْ تَخْتَارَنِى. طرفه 5262 - تحفة 17614 وللاختيار عندنا أَحْكامٌ، ذكرها الفُقهاء في فصل مُستقلّ، وذهب (¬2) بعضُ السّلف أن في اختيارها الزوج أيضًا طلاقًا، وليس مَذْهبًا للجُمْهور. ¬

_ (¬1) وقد مَرّ نحوه عن ابن رُشْد: "بداية المجتهد"، وقد ذَكَرْنا عبارته في سورة النور، وذكر نحوه العلاّمَة المارديني، قال: مذهبهم أن الفُرقة بنفس اللِّعان، فطلق في غير موضع الطلاق فلم يصادف نفاذًا، ولا محلًا مملوكًا، لأنه طَلّقها وهي بائن منه. والشافعيّ لا يلحق البائن لبائن، فلذلك استغنى عليه الصلاة والسلام عن الإِنكار عليه. اهـ "الجَوهر النقي". (¬2) وراجع له "الجَوْهر النقي".

6 - باب إذا قال فارقتك أو سرحتك

6 - باب إِذَا قَالَ فَارَقْتُكِ أَوْ سَرَّحْتُكِ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَسَرّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 49]. وَقالَ: {وَأُسَرّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 28]. وَقالَ: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]. وَقالَ: {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2]. وَقالَتْ عائِشَةُ: قَدْ عَلِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ. شَرَع في الكنايات، وهي عندنا بوائنُ، وعند الشافعية رواجِعُ، وذلك لأنهم أخذوها كناياتٍ على مصطلح علماء البيان، فيكون العامل لَفْظُ التطليق، ولا يقع منه إلَّا رجعيًا، وهي عندنا كناياتٌ على اصطلاح الأصوليين، أي باعتبار استتار المراد، فالعوامل فيها ألفاظها، وهي ألفاظ البينونة، فقلنا بموجباتها، وقد قررناها من قبل. وراجع «شَرْح الوقاية»، فإِنه جعلها على ثلاثة أقسام. 7 - باب مَنْ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَىَّ حَرَامٌ وَقالَ الحَسَنُ: نِيَّتُهُ. وَقالَ أَهْلُ العِلمِ: إِذَا طَلَّقَ ثَلاَثًا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيهِ، فَسَمَّوْهُ حَرَامًا بِالطَّلاَقِ وَالفِرَاقِ، وَلَيسَ هذا كالَّذِي يُحَرِّمُ الطَّعَامَ، لأَنَّهُ لاَ يُقَالُ لِطَعَامِ الحِلِّ حَرَامٌ، وَيُقَالُ لِلمُطَلَّقَةِ حَرَامٌ. وَقَالَ في الطَّلاَقِ ثَلاَثًا: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}. 56/ 7 5264 - وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سُئِلَ عَمَّنْ طَلَّقَ ثَلاَثًا قَالَ لَوْ طَلَّقْتَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَنِى بِهَذَا، فَإِنْ طَلَّقْتَهَا ثَلاَثًا حَرُمَتْ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَكَ. أطرافه 4908، 5251، 5252، 5253، 5258، 5332، 5333، 7160 تحفة 8277 5265 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ فَتَزَوَّجَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ فَطَلَّقَهَا، وَكَانَتْ مَعَهُ مِثْلُ الْهُدْبَةِ فَلَمْ تَصِلْ مِنْهُ إِلَى شَىْءٍ تُرِيدُهُ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ طَلَّقَهَا فَأَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ زَوْجِى طَلَّقَنِى، وَإِنِّى تَزَوَّجْتُ زَوْجًا غَيْرَهُ فَدَخَلَ بِى، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلاَّ مِثْلُ الْهُدْبَةِ فَلَمْ يَقْرَبْنِى إِلاَّ هَنَةً وَاحِدَةً، لَمْ يَصِلْ مِنِّى إِلَى شَىْءٍ، فَأَحِلُّ لِزَوْجِى الأَوَّلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَحِلِّينَ لِزَوْجِكِ الأَوَّلِ حَتَّى يَذُوقَ الآخَرُ عُسَيْلَتَكِ، وَتَذُوقِى عُسَيْلَتَهُ». أطرافه 2639، 5260، 5261، 5317، 5792، 5825، 6084 - تحفة 17200

8 - باب {لم تحرم ما أحل الله لك} [التحريم: 1]

قد ذكرنا أَنَّ لَفْظ الحرام (¬1) مُؤثِّر في النساء عندنا، وعند غيرنا، أما في غير النِّساء، كالطعام، والشراب، فيؤثر فيه أيضًا عندنا، بخلاف الشافعي، فإِنه لا أثرَ له في غير ما عنده. وتفرّد ابنُ عباس، حيث أنكر تأثيرَه في النساء وغيرها سواء. قوله: (وقال الحسن: نَيّته) أي ما نوى يمينًا، أو طلاقًا، أو ظهارًا، وهو أصلُ مذهبنا وإن أفتى المتأخرون بكونِه طلاقًا. قوله: (وقال أهلُ العِلم: إذا طَلَّق ثلاثًا)، فقد حَرُمت عليه، فَسمّوه حرامًا، أي إذا أطلقوا لَفْظ الحرام في الطلقاتِ الثلاث، فلو قال أحدٌ لَفْظ الحرام بعينه، ينبغي أن يكونَ مُؤثِّرًا أيضًا. قوله: (وليس هذا كالذي يحرم الطَّعام) ... إلخ. وافق فيه الشافعي، ولم يجعل له في غير النساء حُكْمًا، واستدل عليه بأن الشَّرْع لم يضع لتحريمِ الطعام بابًا، بخلاف تحريم النساء. 5264 - قوله: (كان ابنُ عُمرَ إذا سُئل عَمَّن طَلَّق ثلاثًا، قال: لو طَلَّقت مَرّةً، أو مَرّتين) وفي الخارج (¬2) أنه كان يقول له: عصيت ربك، ووجه مناسبته مما قبله بينه المُحَشِّي. 8 - باب {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ} [التحريم: 1] 5266 - حَدَّثَنِى الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ سَمِعَ الرَّبِيعَ بْنَ نَافِعٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ إِذَا حَرَّمَ امْرَأَتَهُ لَيْسَ بِشَىْءٍ. وَقَالَ {لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]. طرفه 4911 - تحفة 5648 5267 - حَدَّثَنِى الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ زَعَمَ عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ، وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلًا، فَتَوَاصَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ أَنَّ أَيَّتَنَا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلْتَقُلْ إِنِّى أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ «لاَ بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ وَلَنْ أَعُودَ ¬

_ (¬1) قال العلامة المارديني: ذهب الشافعي إلى أنه إذا قال لزوجته، أو أمته: أنت عليَّ حرام، ونوى تحريم عينِها، تلزمه كفارةُ يمين بنفس اللفظ، ولا يكون يمينًا. وإن قال ذلك لطعام، أو لشراب، أو نحوهما، فهو لغْوٌ، ولا شيء عليه بتناوُله. "الجَوْهر النَّقي". (¬2) رواه ابن أبي شَيبة، كما في "الجَوْهر النَّقي".

9 - باب لا طلاق قبل النكاح

لَهُ». فَنَزَلَتْ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} إِلَى {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ} [التحريم: 1 - 4] لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ، {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ} [التحريم: 3] لِقَوْلِهِ «بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً». أطرافه 4912، 5216، 5268، 5431، 5599، 5614، 5682، 6691، 6972 تحفة 16322 - 57/ 7 5268 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِى الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ الْعَسَلَ وَالْحَلْوَاءَ، وَكَانَ إِذَا انْصَرَفَ مِنَ الْعَصْرِ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ، فَيَدْنُو مِنْ إِحْدَاهُنَّ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ، فَاحْتَبَسَ أَكْثَرَ مَا كَانَ يَحْتَبِسُ، فَغِرْتُ فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لِى أَهْدَتْ لَهَا امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِهَا عُكَّةً مِنْ عَسَلٍ، فَسَقَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُ شَرْبَةً، فَقُلْتُ أَمَا وَاللَّهِ لَنَحْتَالَنَّ لَهُ. فَقُلْتُ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ إِنَّهُ سَيَدْنُو مِنْكِ، فَإِذَا دَنَا مِنْكِ فَقُولِى أَكَلْتَ مَغَافِيرَ فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ لاَ. فَقُولِى لَهُ مَا هَذِهِ الرِّيحُ الَّتِى أَجِدُ مِنْكَ فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ سَقَتْنِى حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ فَقُولِى لَهُ جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ. وَسَأَقُولُ ذَلِكَ، وَقُولِى أَنْتِ يَا صَفِيَّةُ ذَاكِ. قَالَتْ تَقُولُ سَوْدَةُ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ قَامَ عَلَى الْبَابِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أُبَادِيَهُ بِمَا أَمَرْتِنِى بِهِ فَرَقًا مِنْكِ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهَا قَالَتْ لَهُ سَوْدَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَلْتَ مَغَافِيرَ قَالَ «لاَ». قَالَتْ فَمَا هَذِهِ الرِّيحُ الَّتِى أَجِدُ مِنْكَ. قَالَ «سَقَتْنِى حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ». فَقَالَتْ جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ فَلَمَّا دَارَ إِلَىَّ قُلْتُ لَهُ نَحْوَ ذَلِكَ، فَلَمَّا دَارَ إِلَى صَفِيَّةَ قَالَتْ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَلَمَّا دَارَ إِلَى حَفْصَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ أَسْقِيكَ مِنْهُ. قَالَ «لاَ حَاجَةَ لِى فِيهِ». قَالَتْ تَقُولُ سَوْدَةُ وَاللَّهِ لَقَدْ حَرَمْنَاهُ. قُلْتُ لَهَا اسْكُتِى. أطرافه 4912، 5216، 5267، 5431، 5599، 5614، 5682، 6691، 6972 تحفة 17104 5266 - قوله: (إذا حَرَّم امرأته ليس بشيءٍ) وذلك مِن تَفَرُّد ابنِ عَبّاس. 5267 - قوله: (فتواصيتُ أنا، وحَفْصة) ... إلخ، قد أصاب الراوي ههنا في بيان الحزب "تولى" فإِنّ حَفْصةَ كانت في حِزْب عائشة، وقد كان أخطأ فيه مَرّة، وكذا جعل قِصّة العسل ههنا في بيت زينب، وهو الصوابُ، وكان جَعَلها أَوّلًا في بيتِ حَفْصَة، وهو خطأ. 9 - باب لاَ طَلاَقَ قَبْلَ النِّكَاحِ وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (49)} [الأحزاب: 49]. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: جَعَلَ اللهُ الطَّلاَقَ بَعْدَ النِّكاحِ. وَيُرْوَى في ذلِكَ عَنْ عَلِيَ وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيرِ، وَأَبِي بَكْر بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، وَعُبَيدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأَبَانَ بْنِ عُثْمانَ، وَعَلِيِّ بْنِ حُسَينٍ، وَشُرَيحٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ، وَالقاسِمِ وَسَالِمٍ وَطَاوُسٍ، وَالحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ، وَعَطَاءٍ، وَعَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، وَجابِرِ بْنِ زَيدٍ، وَنَافِعِ بْنِ جُبَيرٍ، وَمُحمَّدِ بْنِ

10 - باب إذا قال لامرأته وهو مكره: هذه أختي، فلا شىء عليه

كَعْبٍ، وَسُلَيمانَ بْنِ يَسَارٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَاْلقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، وَعَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، وَالشَّعْبِيِّ: أَنَّهَا لاَ تَطْلُقُ. وهو المسألةُ عندنا، إلَّا إذا أضافه إلى المِلْك، أو سببه. وعند الشافعية لا تأثير للتعليق مطلقًا، سواء أضافه إلى المِلك، أو إلى سببه، فلا طلاق ولا تعليق عندهم إلَّا بعد تحقُّق النكاح، والأَصْل فيه أنَّ الحنفية نظروا إلى تناسبٍ بين الشرط والجزاء، فإِذا وجدوهما متناسِبَين، قالوا بتأثير التعليق، وإلَّا فلا. وإذ لا تَناسُب في قوله: إن دخلتِ الدَّار، فأنت طالق للأَجنبية، فإِنه لا حَقّ له عليها تَنْجِيزًا، أو تعليقًا قالوا ببطلانه، بخلاف ما إذا أضاف طلاقها إلى زمانٍ (¬1) صَلَح للطلاق، كالنِّكاح، وهذا كما قالوا في الكَفالة: إنَّ تعليقها بنحو: إنْ هَبّت الريح، مهمل، بخلاف إن ركب عليك دَيْن، فإِنه معتبر. 10 - باب إِذَا قَالَ لاِمْرَأَتِهِ وَهْوَ مُكْرَهٌ: هَذِهِ أُخْتِي، فَلاَ شَىْءَ عَلَيْهِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِسَارَةَ: هَذِهِ أُخْتِي، وَذَلِكَ فِى ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ». وقد جمع البخاريُّ ههنا من السَّلف أسماءً كثيرة، والسبب في ذلك أنه وقع مِثْله في زمن ابن عبد الملك، فاستفتى علماءَ زمانه، فاجتمعت عنده فُتياهم على عدم تأثيره، فنقلها البخاريُّ، ومَنْ أراد أن يجمع أسامي الذين أجابوا على وَفْق مذهب الحنفية، فليراجع «الجَوْهر النَّقي» (¬2)، و «الزَّيلعي»، و «العيني». ¬

_ (¬1) قلتُ: أخرج الطحاويّ عن هشام بن سعد أنه قال لابنِ شِهاب، وهو يذاكره: هذا النحوُ طلاقُ مَنْ لم يَنْكح، وعتق مَنْ لم يملك، ألم تبلغ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا طلاقَ قبل النِّكاح، ولا عِتْق قبل مِلك؟ قال ابنُ شهاب: بلى، قد قاله رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، لكن أنزلتموه على خلاف ما أراد رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، إنما هو أن يَذْكر الرجلُ المرأةَ، فيقال له: تَزوّجها، فيقول: هي طالقٌ ألبتة. فهذا ليس بشيء، فأما مَنْ قال: إن تزوجت فلانةً فهي طالق ألبتة، فإنما طَلَّقها حين تزوّجها، أو قال: هي حُرةٌ إن اشتريتها، فإِنما أعتقها حين اشتراها. "مُشْكل الآثار"، ثم بسط الكلام فيه، وأفاض من علومه مما يتحيّر منها الناظرُ، حتى ختم كلامَه باستدلالٍ من القرآن، فقال: ثم وجدنا اللهَ تعالى قد قال في كتابه: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ} إلى قوله: {وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: 75 - 77] وكان ما كان منهم بقولهم: {لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} مما قد أوجب عليهم إذا آتاهم ما وعدوه أن يفعلوه فيه إذا آتاهم إياه، وكان ذلك بخلافِ قولهم فيما لا يملكون، فمثل ذلك قولُ الرجل: إنْ تزوجت فلانةً فهي طالق، خلاف حُكْمه، إذا قال: هي طالق، ولم يقل: إذا تزوجتها، وبالله نسأله التوفيق، اهـ، وفي العبارة بَعْضُ قلق. (¬2) وفي "الاستذكار" قيل لابنِ شهاب: أليس قد جاء: "لا طلاق قبل نكاح، ولا عتق قبل الملك؟ " فقال: إنما ذلك إذا قال: فلانةٌ طالق، ولا يقول: إنْ تزوّجتها، وأما إن قال: إنْ تزوّجتها فهي طالق، فهو كما قال إذا وقع النِّكاح وقع الاطلاق. وبهذا قال مَكْحول، وأبو حنيفة، وأصحابه، وعثمان البتيِّ؛ ورُوي عن الأَوْزاعي، والثَّوري؛ وفي "موطأ" مالك بلغه: أنَّ عمرَ، وابنه، وعبدَ الله بن مسعود، وسالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسليمان بن يَسار، وابن شِهاب، كانوا يقولون: إذا حلف الرَّجل بطلاق المرأة قبل أنْ يَنكِحها، ثُم أَثِم، ولعل لفظ "أثم" سهو: إن ذلك لازمٌ له إذا نَكَحها. =

قلتُ: ولنا ما عن عمر عند مالك في «موطئه» (¬1)، وهو وإنْ كان في الظِّهار، لكن ¬

_ = وقال صاحب "الاستذكار": لا أعلم أنه رُوي عن عمرَ في الطلاق قبل النِّكاح شيءٌ صحيح، وإنّما روي عنه فيمن ظاهرَ مِن امرأةٍ إن تَزوَّجها، أنه لا يَقربها إن تزوجها حتى يُكفِّر، وجائز أن يُقاس على هذا الطلاق؛ وحكى أبو بكر الرَّازي هذا القَوْلَ عن عمرَ، والنَّخَعي، والشَّعبي، ومجاهد، وعمر بن عبد العزيز، قال: واتفق الجميعُ على أنَّ النَّذر لا يصحُّ، إلَّا في مِلك، وإنَّ مَن قال: إن رزقني الله ألفًا، فللَّه عليَّ أن أتصدق بمائة منها، أنه ناذِرٌ في مِلك، حيث أضافه إليه، وإن لم يكن مالكًا في الحال، ولو قال لأمّته: إن وَلَدتِ ولدًا، فهو حرٌّ فولدت، عَتَق وإن لم يكن مالِكًا حالَ القَول، لأنه أضاف العِتق إلى المِلك، وإن لم يكن مالِكًا في الحال، وفي "مِشكلِ الحديث" للطحاوي: وقال عليه الصلاة والسلام لعمرَ: "حَبّس الأَصل، وسَبل الثمرة". فدل على جواز العقود فيما لم يَمْلكه وَقْت العقد، بل فيما يستأنف. وأجمعوا على أنه إِن أوْصى بثُلث مالِه أنه يُعتبر وقت الموت، لا وقت الوصية، وقال الله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} فهذا نظيرُ: إن تزوجت فلانة فهي طالق. وفي "الاستذكار": لم يختلف عن مالك أنه إن عَمّم لا يلزمه، وإنْ سَمى امرأة أو أرضًا، أو قبيلة لَزِمه، وبه قال ابن أبي لَيلى، والحسن بن صالح، والنَّخَعي، والشَّعبي، والأَوزاعي، والليث؛ ورُوي عن الثَّوري، وخَرّج وكيع عن الأسود: أنه طَلّق امرأة؛ إن تزوجها، فسأل ابنَ مسعود، فقال: أعلمها بالطلاقِ ثُم تزوّجها. يعني أنه كان قد تزوجها، إذ سأل ابن مسعود فأجابه بهذا، وتكون عنده على اثنين إن تزوجها؛ ورُوي عنه فيمن قال: إنْ تزوجت فلانة، فهي طالق، أنه كما قال. وقال ابنُ أبي شَيبةَ: حدثنا عبدُ الله بن نُمير، وأبو أسامة عن يحيى بن سعيد، قال: كان القاسم، وسالم، وعمرُ بنُ عبد العزيز يَرَوْن الطلاقَ جائزًا عليه إذا عيّن. قال: وحدثنا أبو أسامة عن عمر بن حمزة أنه سأل القاسم بن محمد، وسالمًا، وأبا بكر بن عبد الرحمن، وأبا بكر بن محمد بن عمرو بن حَزم، وعبد الله بن عبد الرحمن عن رجل، قال: يومَ أتزوّج فلانة فهي طالق، قال: فهي طالق. وقال أيضًا: حدثنا إسماعيل بن عُلَية عن عبد الله، قلت لسالم بن عبد الله: رجلُ قال: وكل امرأة يتزوّجها فهي طالق، وكلّ جارية يشتريها فهي حرة، فقال: أما أنا فلو كنت، لم أَنْكِح، ولم أشتر. ثم ذكر البيهقي عن ابن عباس أنه استدل على عدم الوقوع بقوله تعالى: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: 49]، قلت: الآية دَلت على أنه إذا وُجِد النكاح، ثم طَلّق قبل المسيس، فلا عِدة، ولم تتعرض الآية لصورة النزاع أصلًا، اهـ "الجَوهر النقي". قال الشيخ في درس الترمذي: مَنْ فَرق بين المُعينة وغيرها، والمضافة إلى بلدة وغيرها، فكأنه أَراد أنَّ مَن أطلق في التعليق ولم يقيده بقيد، فقد حَجَر النِّكاح على نَفْسه مُطلقًا، فينبغي أن لا يُعْتبر بقوله، أما مَن خَصّص بوقت، أو بلدةٍ، فلا بأس أن نعْمل قوله، فاِن فيه إعمالًا لقوله مع عدم حَجْر الئكاح على نفسه. ثم وجدته في "بداية المجتهد" قال: وأما الفَرق بين التعميم والتخصيص فاستحسانٌ مَبني على المصلحة، وذلك أنه إذا عَمّم فأوجبنا عليه التعميم، لم يجد سبيلًا إلى النِّكاح الحلال، فكان ذلك عنَتًا به، وحَرَجًا، وكأنه من باب نَذر المعصية؛ وأما إذا خَصص، فليس الأمر كذلك إذا ألزمناه الطلاق. اهـ. (¬1) أخرج مالك عن سعيد بن عَمْرو بن سُليم الزُّرقي أنه سأل القاسم بن محمد عن رَجُل طَلّق امرأة إنْ هو تَزوّجها، قال: فقال القاسم بن محمد: إنّ رجلًا جعل امرأةً عليه كظهر أُمه إنْ هو تزوّجها، فأمره عمرُ بنُ الخَطّاب إنْ هو تزوّجها، لا يقربها حتى يُكفِّر كفارةَ المتظاهر. اهـ. ثُم رأيت أن الشيخ ابنَ الهُمام أيضًا قد تَمسّك به، وقال: فقد صرح عمرُ بصحةِ تعليقِ الظهار بالملك، ولم ينكر عليه أحد، فكان إجماعًا. كذا في "فتح القدير"؛ قلتُ: وقد عَلِمت أنه سبقه أبو عمر، فذكره في "الاستذكار" كما نقله العلامة المارديني في "الجَوْهر النقي"، وقد رأيت نَصّه آنِفًا.

11 - باب الطلاق فى الإغلاق، والمكره، والسكران والمجنون وأمرهما، والغلط والنسيان فى الطلاق والشرك وغيره

إذا صحَّ الظهار في الأجنبية، فلا وَجْه أن لا يصحَّ تعليقُ الطلاقِ فيها. 11 - باب الطَّلاَقِ فِى الإِغْلاَقِ، وَالْمُكْرَهِ، وَالسَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ وَأَمْرِهِمَا، وَالْغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ فِى الطَّلاَقِ وَالشِّرْكِ وَغَيْرِهِ لِقَوْلِ النبي صلى الله عليه وسلّم: «اْلأَعْمَالُ بِالنّيةِ، وَلِكُلِّ امْرِىءٍ ما نَوَى». وَتَلاَ الشَّعْبِيُّ: {لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286]، وَما لاَ يَجُوزُ مِنْ إِقْرَارِ المُوَسْوِسِ. وَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم لِلَّذِي أَقَرَّ عَلَى نَفسِهِ: «أَبِكَ جُنُونٌ؟» وَقالَ عَلِيٌّ: بَقَرَ حَمْزَةُ خَوَاصِرَ شَارِفَيَّ، فَطَفِقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم يَلومُ حَمْزَةَ، فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ مُحْمَرَّةٌ عَينَاهُ، ثُمَّ قالَ حَمْزَةُ: هَل أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لأَبِي، فَعَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ، فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ. وَقالَ عُثْمانُ: لَيسَ لِمَجْنُونٍ وَلاَ لِسَكْرَانَ طَلاقٌ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَلاَقُ السَّكْرَانِ وَالمُسْتكْرَهِ لَيسَ بِجَائِزٍ. وَقالَ عُقْبَةُبْنُ عامِرٍ: لاَ يَجُوزُ طَلاَقُ المُوَسْوِسِ. وَقالَ عَطَاءٌ: إِذَا بَدَأَ بِالطَّلاَقِ فَلَهُ شَرْطُهُ. وَقالَ نَافعٌ: طَلَّق رَجُلٌ امْرَأَتَهُ البتَّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنْ خَرَجَتْ فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَلَيسَ بِشَيءٍ. وَقالَ الزُّهْرِيُّ فِيمَنْ قالَ: إِنْ لَمْ أَفعَل كَذَا وَكَذَا فَامْرأَتِي طَالِقٌ ثَلاَثًا، يُسْئَلُ عَمَّا قالَ وَعَقَدَ عَلَيهِ قَلبُهُ حِينَ حَلَفَ بِتِلك اليَمِينِ؟ فَإِنْ سَمَّى أَجَلًا أَرَادَهُ وَعَقَدَ عَلَيهِ قَلبُهُ حِينَ حَلَفَ، جُعِلَ ذلِكَ في دِينِهِ وَأَمانَتِهِ. وَقالَ إِبْرَاهِيمُ: إِنْ قالَ: لاَ حاجَةَ لِي فِيكِ، نِيَّتُهُ، وَطَلاَقُ كُلِّ قَوْمٍ بِلِسَانِهِمْ. وَقالَ قَتَادَةُ: إِذَا قالَ: إِذَا حَمَلتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثًا، يَغْشَاهَا عِنْدَ كُلَّ طُهْرٍ مَرَّةً، فَإِنِ اسْتَبَانَ حَملُهَا فَقَدْ بَانَتْ. وَقال الحَسَنُ: إِذَا قال: الحَقي بِأَهْلِكِ، نِيَّتُهُ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الطَّلاقُ عَنْ وَطَرٍ، وَالعَتَاقُ ما أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللهِ. وَقالَ الزُّهْرِيُّ: إِنْ قالَ: ما أَنْتِ بِامْرَأَتِي، نِيَّتُهُ، وَإِنْ نَوَى طَلاَقًا فَهُوَ ما نَوَى. وَقالَ عَلِيٌّ: أَلَمْ تَعلَمْ أَنَّ القَلَمَ رُفعَ عَنْ ثَلاَثَةٍ: عَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يُدْرِكَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيقِظَ. وَقالَ عَليٌّ: وَكُلُّ الطَّلاَق جائِزٌ، إِلَّا طَلاَقَ المَعْتُوهِ. 59/ 7 5269 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِى مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ». قَالَ قَتَادَةُ إِذَا طَلَّقَ فِى نَفْسِهِ فَلَيْسَ بِشَىْءٍ. طرفاه 2528، 6664 - تحفة 12896 5270 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِى الْمَسْجِدِ فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ زَنَى. فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى لِشِقِّهِ الَّذِى أَعْرَضَ فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، فَدَعَاهُ فَقَالَ «هَلْ بِكَ جُنُونٌ هَلْ أُحْصِنْتَ». قَالَ نَعَمْ. فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ جَمَزَ حَتَّى أُدْرِكَ بِالْحَرَّةِ فَقُتِلَ. أطرافه 5272، 6814، 6816، 6820، 6826، 7168 - تحفة 3149

5271 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَى رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِى الْمَسْجِدِ فَنَادَاهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الأَخِرَ قَدْ زَنَى - يَعْنِى نَفْسَهُ - فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ الَّذِى أَعْرَضَ قِبَلَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الأَخِرَ قَدْ زَنَى فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ الَّذِى أَعْرَضَ قِبَلَهُ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَتَنَحَّى لَهُ الرَّابِعَةَ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ فَقَالَ «هَلْ بِكَ جُنُونٌ». قَالَ لاَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ». وَكَانَ قَدْ أُحْصِنَ. أطرافه 6815، 6825، 7167 - تحفة 15158، 13148 5272 - وَعَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىَّ قَالَ كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّى بِالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ جَمَزَ حَتَّى أَدْرَكْنَاهُ بِالْحَرَّةِ، فَرَجَمْنَاهُ حَتَّى مَاتَ. أطرافه 5270، 6814، 6816، 6820، 6826، 7168 - تحفة 3169 - 60/ 7 والإِغلاق لفظ حديث ابن ماجه، واختُلف في شَرْحه، قيل: هو الإِكراه، وقيل: الجنون، والمتبادِر من لفظه هو الأَوّل، والأكثرون في طلاق المُكْره، إلى أنه لا يقع، ويقع (¬1) عندنا. ومَرّ عليه السُّهيلي في «الروض الأُنف» وصرح أنَّ الوَجْه الفِقْهي يؤيِّدُه، وقَوّى مذهب الحنفية. قلتُ: وقد رَخّص الحنفية بالتوريةِ (¬2)، فاعتبروا توريتَه ديانةً وقضاءً، فقد أخرجوا له سبيلًا، إلَّا أنه إذا عجز واستحمق هو، ولم يعمل بما رُخِّص به، فكيف لا نعتبرُ بطلاقه؟ وراجع «شرح الوِقاية» (¬3). قوله: (السَّكْران) "نشه والا"، وليست ترجمته "بيوش"، ولنا في السُّكر من الحَرَام قولان، فإِن كان من الحلالِ لا يقعُ طلاقُه، قولًا واحدًا. قوله: (والغَلَط) وهو الخطأ، أي أراد أن يسبِّح اللَّهَ، فسبق على لسانه ذِكْر الطلاق. ¬

_ (¬1) وفي "البِناية" و"عُمدة القاري" أنَّ مَذْهبنا مذهبُ عُمر، وعلي، وعبد الله بن عُمر رضي الله عنهم، وبه قال الشَّعبي، وابنُ جُبير، والنَّخعي، والزُّهري، وسعيد بن المُسيَّب، وشُرَيح القاضي، وأبو قِلابة، وقَتادة، والثَّوري، وراجع "المعالم". (¬2) قال الخطّابي: قال أصحابُ الشافعي في الكُره: إنما لا يمضي طلاقُه إذا وَرّى عنه بشيء، مثل أن ينوي طلاقًا من وَثاق، أو نحوه، كما يُكْره على الكُفْر، فيؤدِّي وهو يعتقِدُ بقلبه الإِيمان. اهـ "معالم". قلتُ: وحينئذ فليحرر الفَرْق بينه وبيننا. (¬3) قال ابن رُشد: وسببُ الخلافِ هل المُطلّقِ من قبل الإِكراه مختارٌ أم ليس بمختار؟ لأنه ليس يُكْره على اللفظ إذا كان اللفظُ إنما يقع باختيارِه، والمُكْره على الحقيقةِ، هو الذي لم يكن له اختيار في إيقاع شيءِ أصلًا. اهـ "بداية المجتهد". وراجع "الجَوْهر النَّقي".

قوله: (والنسيان) واستُشكلت على بَعْضهم صورةُ النِّسيان، وذَكَر له في «البحر» صورًا، نحو أن يقول: إن أجزتُ لك أن تذهبي إلى بيتِ فُلان، فأنت طالق، فنسي وأجاز. قوله: (والشِّرك) وإنما أضافه لكونه لفظًا قرآنيًا، إلا أنه مُقيّد بكونِ قلبه مطمئنًا بالإِيمان. قوله: (الأعمال بالنية) وقد علمت أنَّ الحديث في بيان أن نوعَ الأعمال من تَنَوُّع النيات، فإِيراده ههنا في غير موضعه. قوله: (وتلا الشَّعبي: {لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أو أَخطَأْنَا}) ... إلخ، ولذا سبق مني أنَّ النِّسيان والخطأ اعتُبر في الشَّرْع عُذْرًا، أزيدُ مما اعتبره الحنفيةُ في فِقْههم. قوله: (والمُوَسوس) المَجْنُون، أو المَعْتوه، والعَتْه أخفُّ من الجنون، وضَبْطُه مُشْكِل. قوله: (أَبِك جُنونٌ) فدلّ على أن الجُنون مُسْقِط. قوله: (إذا بدأ بالطلاقِ فله شَرْطُه) يعني لا فَرْق بين تقديمِ الشَّرط وتأخِيره، ولا تناسب له في سلسلة المسائل. قوله: (يُسْأل عَمّا قال) يعني ما أراد مِن قوله: كذا وكذا. وفي الكنز أن في قوله: لا آكُل طعامًا بلفظ عام قولان: قيل: لا يُعتبر فيه الخُصوص، وقال الخَصّاف (¬1): يُعتبر ديانةً. قوله: (فإِنْ سَمّى أَجَلًا) ... إلخ. والنيةُ عندنا تَعْمل في الملفوظ فقط، فهذا مخالِفٌ لنا، لأن بيانَ الأَجَل تقييدٌ لا تخصيص. قوله: (جُعِل ذلك في دِينِه) هذا هو الدِّيانة التي تُقابل القضاء. ¬

_ (¬1) قلتُ: وفي "الدُّرِّ المختار" من كتاب الإِيمان: إنْ أكلتُ، أو شرِبتُ، أو لبستُ، أو نكحت، ونحو ذلك، فعبدي حُرّ، ونوى مُعَيّنًا أي خبزًا، أو لبنًا، أو قطنًا مثلًا، لم يصدّق أَصْلًا، فَيَحْنَث بما أكل، وشرب، وقيل: يُدَيَّن، كما لو نوى: كلّ الأطعمة، وكل مياه العالم، حتى لا يحنث أصلًا، ولو ضم: إن أكلت طعامًا، أو شربت شرابًا، أو لبست ثوبًا دُيِّن، وقال: تخصيص العام يَصِح ديانة إجماعًا، فلو قال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق، ثم قال: نويت من بلد كذا لا يصدّق قضاء، وكذا مَنْ غَصَب دراهمَ إنسان، فلما استحلفه الخَصْم عامًّا، نوى خاصًّا، به يفتى، خلافًا للخَصّاف. وفي "الوالولجية". متى حَلّفه الظالم، أو أخذ بِقَول الخَصّاف، فلا بأس به. وقالوا: النِّية للحالف، ولو بِطلاقٍ، وعِتاق، وكذا بالله لو مظلومًا، وإنْ ظالمًا فللمُسْتَحلِف، ولا تعلّق للقضاءِ في اليمين بالله. انتهى، ففيه تصريحٌ بجواز تخصيصِ العام ديانةً.

12 - باب الخلع وكيف الطلاق فيه

قوله: (لا حاجةَ لي فيك) ولا يقع منه الطلاق عندنا وإنْ نواه، وَوَجْهه في "البحر". قوله: (وقال ابن عباس: الطلاق عن وَطَر) أي يكون بحاجةٍ، ولا يكون بلا وَجْه. قوله: (والعَتاق ما أُريد به وَجْههُ الله) فلو قال: أنت حُرُّ للشيطان، عَتَق عندنا، أما قوله: للشيطان، فلغوٌ. قوله: (وقال عليّ: ألم تعلم) ... إلخ، وهي القِصّة التي قال فيها عمرُ: لولا عليٌّ لهلك عمرُ، وتفصيل القصة: أنَّ عمرَ أمَر برجمِ امرأةٍ، فاستقبلها عليٌّ، فأخذها، وذهب بها إلى عمرَ، وقال: ألم تعلم ... إلخ. قلتُ: والوَجْهُ عندي أن عمرَ لم يُدْرك جنونَها، وإلا فالرَّجْم على المجنونةِ بديهي البطلان، وذلك لأن في الرواية أنه لما أَمَر برجمِها كانت تَضْحك. فقال عليٌّ: لعلّ في عقلها فُتورًا. ولا تحزن باختلاف الرواة، بأنه كان في الرواية الأولى؛ أنّ عليًا استقبلها، ثم ذهب بها إلى عمرَ، وفي رواية أخرى: أنه كان قاعدًا عنده وَقْت القضاء، ورآها ضاحِكةً، فإِن ذلك معروفٌ فيما بينهم، وعليك بالقَدْر المشترك. 5269 قوله: (إذا طَلَّق في نفسه، فليس بشيء) وهو مَذْهبنا، بل كلُّ شيء يتلفظ به لا يتعلق بتصوره في ذِهْنه، حُكمٌ عندنا، ما لم تسمعه أذناه، كالقراءة في الصلاة. 12 - باب الْخُلْعِ (¬1) وَكَيْفَ الطَّلاَقُ فِيهِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: 229]، وَأَجازَ عُمَرُ الخُلعَ دُونَ السُّلطَانِ. وَأَجازَ عُثْمانُ الخُلعَ دُونَ عِقَاصِ رَأْسِهَا. وَقالَ طَاوُسٌ: {إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: 229] فِيما افتَرَضَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ في العِشْرَةِ وَالصُّحْبَةِ، وَلَمْ يَقُل قَوْلَ السُّفَهَاءِ: لاَ يَحِلُّ حَتَّى تَقُولَ لاَ أَغْتَسِلُ لَكَ مِنْ جَنَابَةٍ. 5273 - حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ جَمِيلٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِىُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتُبُ عَلَيْهِ فِى خُلُقٍ وَلاَ دِينٍ، وَلَكِنِّى أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِى الإِسْلاَمِ. فَقَالَ ¬

_ (¬1) أخرج المارديني عن -مصنف ابن أبي شيبة- عن عمران بن حصين، وابن مسعود يقولان في التي تفدي من زوجها: لها طلاق ما كانت في عدتها، ورجال هذا السند على شرط الجماعة، وفي "الاستذكار" هو قولُ أبي حنيفةَ، والثوري، والأَوْزاعي، وابن المُسيّب، وشُرَيح، وطاوس، والزُّهري، وظاهر الكتاب يشهد لهذا القول. اهـ، ثُم قَرره، كما هو مشهور في كتب أصول الفقه، وراجع له "بداية المجتهد" فإِنه مهم.

رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ». قَالَتْ نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اقْبَلِ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً». أطرافه 5274، 5275، 5276، 5277 - تحفة 6052 5274 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِىُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ أُخْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ بِهَذَا، وَقَالَ «تَرُدِّينَ حَدِيقَتَهُ». قَالَتْ نَعَمْ. فَرَدَّتْهَا وَأَمَرَهُ يُطَلِّقْهَا. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَطَلِّقْهَا. أطرافه 5273، 5275، 5276، 5277 تحفة 19111 5275 - وَعَنِ ابْنِ أَبِى تَمِيمَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى لاَ أَعْتُبُ عَلَى ثَابِتٍ فِى دِينٍ وَلاَ خُلُقٍ، وَلَكِنِّى لاَ أُطِيقُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ». قَالَتْ نَعَمْ. أطرافه 5273، 5274، 5276، 5277 تحفة 6006 5276 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْمُخَرِّمِىُّ حَدَّثَنَا قُرَادٌ أَبُو نُوحٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَنْقِمُ عَلَى ثَابِتٍ فِى دِينٍ وَلاَ خُلُقٍ، إِلاَّ أَنِّى أَخَافُ الْكُفْرَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ». فَقَالَتْ نَعَمْ. فَرَدَّتْ عَلَيْهِ، وَأَمَرَهُ فَفَارَقَهَا. أطرافه 5273، 5274، 5275، 5277 - تحفة 6006 - 61/ 7 5277 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ جَمِيلَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. أطرافه 5273، 5274، 5275، 5276 - تحفة 6006 ل، 19111 ل لعله أشار إلى الخِلاف في الخُلْع، أنه طلاقٌ بائن، أو فَسْخ، كما هو روايةٌ عند الشافعية. قوله: (أجاز عمرُ الخُلْع دون السلطان) يعني أنَّ الخُلْع يحتاجُ إلى القضاءِ أَو لا. قوله: (وأجاز عثمانُ الخُلع دون عِقَاص رأسها) أي لو خالعه بما خالعه بمالها كلَّه، حتى أنه لم يبق لها غيرُ عِقَاصها، جاز أيضًا. قوله: (ولم يقل قَوْل السفهاء) ... إلخ، هذا من مقولةِ المُصنِّف، يعني أن طاوسًا أجاز الخُلْع عند إقامةِ حدود الله، ولم يقل كما قال بعضُ السفهاء: إنه لا يجوز له الخُلْع حتى تقولَ المرأةُ: لا أغتسل لك من جنابةٍ، فحينئذ تكون ناشِزةً، ويجوز الخُلْع. 5273 - قوله: (ثابت بن قَيْس ما أعتب عليه) وكانت تحته بِنْتُ أُبَي، وكانت جميلةً، وكان ثابتٌ أدم قصيرًا. قوله: (وطَلِّقها تطليقةً) والظاهر أنه مِن صريح لَفْظ الطلاق، وليس بلفظِ الخُلْع، إلا أن الطلاقَ بالمال، والخلع كلاهما طلاقٌ بائن.

13 - باب الشقاق وهل يشير بالخلع عند الضرورة

13 - باب الشِّقَاقِ وَهَلْ يُشِيرُ بِالْخُلْعِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {خَبِيرًا} [النساء: 35]. 5278 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ بَنِى الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوا فِى أَنْ يَنْكِحَ عَلِىٌّ ابْنَتَهُمْ، فَلاَ آذَنُ». أطرافه 926، 3110، 3714، 3729، 3767، 5230 تحفة 11267 في فِقْه (¬1) المالكية: أنَّ للحَكَمين خيارًا بالتفريق، فإِذا فَرّقا، فلا خِيار للزوجين، وهو حيلةٌ لمن فُقِد أزواجُهن، وتركهن كالمعلقة. وإنما للحَكَمين عندنا المكالمةُ في الصّلح وغيره فقط، قلتُ: وتبادر القرآن إلى المالكية، ولذا قال أبو بكر بن العربي المالكي: إنْ الآيةَ أقعدُ بمذهبهم. 14 - باب لاَ يَكُونُ بَيْعُ الأَمَةِ طَلاَقًا 5279 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ كَانَ فِى بَرِيرَةَ ثَلاَثُ سُنَنٍ، إِحْدَى السُّنَنِ أَنَّهَا أُعْتِقَتْ، فَخُيِّرَتْ فِى زَوْجِهَا. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْبُرْمَةُ تَفُورُ بِلَحْمٍ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ خُبْزٌ وَأُدْمٌ مِنْ أُدْمِ الْبَيْتِ فَقَالَ «أَلَمْ أَرَ الْبُرْمَةَ فِيهَا لَحْمٌ». قَالُوا بَلَى، وَلَكِنْ ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، وَأَنْتَ لاَ تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ. قَالَ «عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ». أطرافه 456، 1493، 2155، 2168، 2536، 2560، 2561، 2563، 2564، 2565، 2578، 2717، 2726، 2729، 2735، 5097، 5284، 5430، 6717، 6751، 6754، 6758، 6760 - تحفة 17449 يريد خلافَ ما تفردَ به أَنَس. 15 - باب خِيَارِ الأَمَةِ تَحْتَ الْعَبْدِ 5280 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَهَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَأَيْتُهُ عَبْدًا يَعْنِى زَوْجَ بَرِيرَةَ. أطرافه 5281، 5282، 5283 - تحفة 6189 5281 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ذَاكَ مُغِيثٌ عَبْدُ بَنِى فُلاَنٍ - يَعْنِى زَوْجَ بَرِيرَةَ - كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتْبَعُهَا فِى سِكَكِ الْمَدِينَةِ، يَبْكِى عَلَيْهَا. أطرافه 5280، 5282، 5283 - تحفة 5998 5282 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْدًا أَسْوَدَ يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ، عَبْدًا لِبَنِى ¬

_ (¬1) هكذا فَضله ابنُ رُشْد في "بداية المجتهد".

16 - باب شفاعة النبى - صلى الله عليه وسلم - فى زوج بريرة

فُلاَنٍ، كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ وَرَاءَهَا فِى سِكَكِ الْمَدِينَةِ. أطرافه 5280، 5281، 5283 - تحفة 5998 خالف أبا حنيفة، وجعل لها الخِيَارَ إن كانت تحت العبد، وإن كانت تحت الحُرِّ فلا خيار لها، وراجع «الحاشية»، و «العيني». 16 - باب شَفَاعَةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى زَوْجِ بَرِيرَةَ 5283 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِى، وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعَبَّاسٍ «يَا عَبَّاسُ أَلاَ تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا». فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ رَاجَعْتِهِ». قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْمُرُنِى قَالَ «إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ». قَالَتْ لاَ حَاجَةَ لِى فِيهِ. أطرافه 5280، 5281، 5282 - تحفة 6048 - 62/ 7 17 - باب 5284 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ أَنَّ عَائِشَةَ أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِىَ بَرِيرَةَ، فَأَبَى مَوَالِيهَا إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطُوا الْوَلاَءَ، فَذَكَرَتْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». وَأُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِلَحْمٍ فَقِيلَ إِنَّ هَذَا مَا تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ». حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَزَادَ فَخُيِّرَتْ مِنْ زَوْجِهَا. أطرافه 456، 1493، 2155، 2168، 2536، 2560، 2561، 2563، 2564، 2565، 2578، 2717، 2726، 2729، 2735، 5097، 5279، 5430، 6717، 6751، 6754، 6758، 6760 - تحفة 15930 18 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} [البقرة: 221] 5285 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ نِكَاحِ النَّصْرَانِيَّةِ وَالْيَهُودِيَّةِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْمُشْرِكَاتِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَلاَ أَعْلَمُ مِنَ الإِشْرَاكِ شَيْئًا أَكْبَرَ مِنْ أَنْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ رَبُّهَا عِيسَى، وَهْوَ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ. تحفة 8305 5285 - قوله: (إنَّ ابنَ عُمر كان إذا سُئِل عن نِكاح النصرانية، أو اليهودية، قال: إنَّ الله حَرَّم المشركاتِ) ... إلخ، وهذا مما تضرر به ابنُ عمرَ في عدم إباحة النكاح بالكتابية. وأجاب الجمهورُ أن القرآن أباح لنا نِكاحَهنّ، مع العلم بأنهنَّ مشركاتٌ، فكأنّ هذا النوع اختص من المشركين بأحكام على حِدَة، ولعله يقول: إنَّ القرآن، قَيّد جوازَ نِكاح الكتابيات بالإِحصان. ومَنْ دَعَى نِدًا، وقال: ثالثُ ثلاثة، فإِنه ليس بِمُحْصَن. 19 - باب نِكَاحِ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْمُشْرِكَاتِ وَعِدَّتِهِنَّ 5286 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ.

20 - باب إذا أسلمت المشركة أو النصرانية تحت الذمى أو الحربي

وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى مَنْزِلَتَيْنِ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُؤْمِنِينَ، كَانُوا مُشْرِكِى أَهْلِ حَرْبٍ يُقَاتِلُهُمْ وَيُقَاتِلُونَهُ، وَمُشْرِكِى أَهْلِ عَهْدٍ لاَ يُقَاتِلُهُمْ وَلاَ يُقَاتِلُونَهُ، وَكَانَ إِذَا هَاجَرَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لَمْ تُخْطَبْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ، فَإِذَا طَهُرَتْ حَلَّ لَهَا النِّكَاحُ، فَإِنْ هَاجَرَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ رُدَّتْ إِلَيْهِ، وَإِنْ هَاجَرَ عَبْدٌ مِنْهُمْ أَوْ أَمَةٌ فَهُمَا حُرَّانِ وَلَهُمَا مَا لِلْمُهَاجِرِينَ. ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ مِثْلَ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ وَإِنْ هَاجَرَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ أَهْلِ الْعَهْدِ لَمْ يُرَدُّوا، وَرُدَّتْ أَثْمَانُهُمْ. تحفة 5924، 5974 - 63/ 7 5287 - وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَتْ قَرِيبَةُ بِنْتُ أَبِى أُمَيَّةَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَطَلَّقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِى سُفْيَانَ، وَكَانَتْ أُمُّ الْحَكَمِ ابْنَةُ أَبِى سُفْيَانَ تَحْتَ عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ الْفِهْرِىِّ فَطَلَّقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ الثَّقَفِىُّ. تحفة 5924 أي ما الحكم فيما إِذا أسْلم أحدُ الزَّوْجَين؟ قلنا: إنْ كان الزَّوْجانِ في دار الإِسلام يُعْرض الإِسلامُ على الآخَر، فإِن أسلم هو أيضًا، فهما على نِكاحهما، وإلَّا بانت منه؛ وإنْ كانا في دار الحرب، لم تقع الفُرْقة حتى تحيضَ ثلاثَ حِيض، وقرره صاحب «الهداية»: إنَّ عَرْض الإِسلام لما تعذَّر لانقطاع وِلاية العرض، وتبايُنِ الدَّارين، ولم يهاجر هو أيضًا، ولا بدّ من الفُرقة رَفْعًا للفساد، أقمنا شرطها وهو مُضي الحيضِ مقام السبب، وإذا خرجت المرأةُ إلينا مُهاجِرةً وقعت البينونةُ بمجرد المهاجَرة، ولا عِدّة عليها. 5287 - قوله: (لم تُخطب حتى تَحِيض وتَطهر) وهو مذهبُ أبي حنيفة. ثُم إنها ليست بِعِدّة عندنا. قوله: (وإن هاجر عبد منهم، أو أمة، فهما حُرّان) وهو مذهبُ أبي حنيفةَ. قوله: (ثُم ذكر من أهل العهد مثل حديث مجاهد) وحديثُ مجاهد ذكره عَقِيبه، وليعلم أن ما نقله المصنِّف من الآثار تفيد الحنفية في أنه لا عِدّة عليها. 20 - باب إِذَا أَسْلَمَتِ الْمُشْرِكَةُ أَوِ النَّصْرَانِيَّةُ تَحْتَ الذِّمِّىِّ أَوِ الْحَرْبِيِّ وَقالَ عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ خالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا أَسْلَمَتِ النَّصْرَانِيَّةُ قبْلَ زَوْجِهَا بِسَاعةٍ حَرُمَتْ عَلَيهِ. وَقالَ دَاوُدُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ: سُئِلَ عَطَاءٌ: عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِ العَهْدِ أَسْلَمَتْ، ثُمَّ أَسْلَمَ زَوْجُهَا في العِدَّةِ، أَهِيَ امْرَأَتُهُ؟ قالَ: لاَ، إِلَّا أَنْ تشَاءَ هِيَ بِنِكاحٍ جَدِيدٍ وَصَدَاقٍ. وَقالَه مُجَاهِدٌ: إِذَا أَسْلَمَ في العِدَّةِ يَتَزَوَّجُهَا. وَقالَ اللهُ تَعَالَى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10]. وَقالَ الحَسَنُ وَقَتَادَةُ في مَجُوسِيَّينِ أَسْلَمَا: هُمَا عَلَى نِكاحِهِمَا، وَإِذَا سَبَقَ أَحَدُهُما صَاحِبَهُ وَأَبى الآخَرُ بَانَتْ، لاَ سَبِيلَ لَهُ عَلَيهَا. وَقالَ ابْنُ جُرَيجٍ: قُلتُ لِعَطَاءٍ: امْرَأَةٌ مِنَ المُشْرِكِينَ جاءَتْ إِلَى المُسْلِمِينَ،

21 - باب قول الله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا}: رجعوا {فإن الله غفور رحيم (226) وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم (227)}

أَيُعَاوَضُ زَوْجُهَا مِنْهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 10]. قال: لاَ، إِنَّما كانَ ذاكَ بَينَ النبي صلى الله عليه وسلّم وَبَينَ أَهْلِ العَهْدِ. وقالَ مُجَاهِدٌ: هذا كلُّهُ في صُلحٍ بَينَ النبي صلى الله عليه وسلّم وَبَينَ قُرَيشٍ. 5288 - حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِى يُونُسُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ كَانَتِ الْمُؤْمِنَاتُ إِذَا هَاجَرْنَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْتَحِنُهُنَّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ قَالَتْ عَائِشَةُ فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْمِحْنَةِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَقْرَرْنَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِنَّ قَالَ لَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «انْطَلِقْنَ فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ»، لاَ وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ، غَيْرَ أَنَّهُ بَايَعَهُنَّ بِالْكَلاَمِ، وَاللَّهِ مَا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى النِّسَاءِ إِلاَّ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ يَقُولُ لَهُنَّ إِذَا أَخَذَ عَلَيْهِنَّ «قَدْ بَايَعْتُكُنَّ». كَلاَمًا. أطرافه 2713، 2733، 4182، 4891، 7214 تحفة 16558، 16697 - 64/ 7 واعلم أنَّ الذِّمي أو العربي ليسا بِلَقَبين من حيثُ المذهب، بل هما لقبان من تلقاء الدَّار. قوله: (عن ابن عباس إذا أسلمت النصرانيةُ قبل زَوْجِها بساعة، حَرُمت عليه) فقال بالحرمة بدون عَرْض الإِسلام أو غيره، وهو مختارُ البخاري، فيقطع الفُرقة بلا مُهْلة. قوله: (إذا أسلم في العِدّة يتزوّجان) فاعتبر بالعِدّة. قوله: (في مجوسِيّين أسلما) أي أسلما معًا، فهما على نِكاحِهما، وهو المذهبُ عندنا، ولا عبرةَ بالنَّظر المنطقي، بأن صورة إسلامهما معًا متعذِّر، فلا بدّ من التقدّم، ولو يسيرًا، لأنَّ التقدّم مِثْله ساقِطٌ لا يُعتبر به. قوله: (وإذا سبق أَحَدُهما صاحِبه، وأَبى الآخَرُ بانت) ... إلخ، وهذا يشيرُ إلى عَرْض الإِسلامِ أيضًا، لأنه أدارَ البينونةَ على الإِباء، والإِباء يُشْعر بِعَرْض الإِسلام عنده أيضًا. 5288 - قوله: (فَقَد أقرَّ بالمِحْنةِ) صلى الله عليه وسلّم بندى أحكام شرح كى "أي التقيّد والتعبُّد" بالشَّرْع. 21 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا}: رجعوا {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)} 5289 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ عَنْ أَخِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ آلَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ نِسَائِهِ، وَكَانَتِ انْفَكَّتْ

رِجْلُهُ فَأَقَامَ فِى مَشْرُبَةٍ لَهُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ نَزَلَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ آلَيْتَ شَهْرًا. فَقَالَ «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ». أطرافه 378، 689، 732، 733، 805، 1114، 1911، 2469، 5201، 6684 تحفة 679 5290، 5291 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضى الله عنهما كَانَ يَقُولُ فِى الإِيلاَءِ الَّذِى سَمَّى اللهُ لاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدَ الأَجَلِ إِلَّا أَنْ يُمْسِكَ بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يَعْزِمَ بِالطَّلاَقِ، كَمَا أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَقَالَ لِى إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ يُوقَفُ حَتَّى يُطَلِّقَ، وَلاَ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلاَقُ حَتَّى يُطَلِّقَ. وَيُذْكَرُ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِىٍّ وَأَبِى الدَّرْدَاءِ وَعَائِشَةَ وَاثْنَىْ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 8390 واعلم أنَّ الشَّرْع اعتُبِر الإِيلاء بما دونَ أربعة أشهر يمينًا كسائر الأَيْمان، ولم يدخل فيه بنفسه، فإِذا حلف بالمدةِ المذكورة، فكأنّه أراد الحَيْف عليها، فجعل له بابًا، وبنى له أَحْكامًا، فإِن جامَع المولى في المدّة عليه كفارةُ يمينه، وإنْ بَرّ فيه، ولم يُجامع بانَت منه بلا تفريق القاضي. وقال الآخَرُون: إنَّ القاضي يُجْبر عليه بعد مُضي المُدّة. إما أن بفيء، أو يُفرِّق القاضي بينهما، فإِن فاء عليه كفارةُ يمينه، وأَتَى البخاريُّ بآثارٍ على خلاف مذهب الحنفية. قلتُ: والأَصْل أن المَدار فيه على التفَقّه (¬1)، وقد مَرّ معنا أن سطح الإِيلاء يقتضي أن لا يحتاج الفُرقة فيه إلى قضاءِ القاضي، وذلك لأنه ضَرَب فيه مُدّة، ومُضي تلك المدّةِ لا يحتاجُ إلى القضاء، بل ذلك أَمْر يَتِم وهي في بيتها أيضًا، بخلاف اللِّعان، كما قَرّرناه. ولما تبينت أن المسألة سَرى فيها الاجتهادُ، لم أتأثر مِن تعديد المصنِّف أسماء السَّلف. وراجع (¬2) من الشروح أسماء مَنْ وافقنا مِن السَّلف. ¬

_ (¬1) ذكره ابنُ رُشْد، فقال: وأما أبو حنيفة فإِنه اعتمد في ذلك تشبيه هذه المدةِ بالعِدّة الرجعية، إذ كانت العِدة إنما شُرِعت لئلا يقعَ منه ندم؛ وبالجملةَ فَشَبّهوا الإِيلاء بالطلاق الرجعي، وشبهوا المُدّة بالعدّة، وهو شَبَهٌ قوي، وقد رُوي ذلك عن ابن عباس. اهـ "بداية المجتهد". (¬2) قال العلامة المارديني بعدما تكلم في أسانيد ما رُوي عنه ابن مسعود: وظهر بهذا كلِّه أن ابن مسعود يرى وقوعَ الطَّلاق، بمعنى المدة، ولهذا قال صاحب "الاستذكار": هو مذهبُه المحفوظ عنه. وقال ابنُ أبي شيبة عن علي، قال: إذا مضت أربعةُ أشهر، فهي تطليقةٌ بائنةٌ، ومثله رَوى عنه ابنُ حَزْم، والطحاوي؛ وروى ابنُ أبي شَيبة عن ابن عمرَ، وابن عباس نحوه. وفي "الأشراف" لابن المُنْذر: كذا قال ابنُ عباس، وابن مسعود. ورُوي ذلك عن عثمانَ بن عَفّان، وعلي، وزَيْد بن ثابت، وابنِ عمرَ. ونقل صاحِب "الاستذكار" نحوه عن هؤلاء، وقال: هو قولُ أبي بكر بن عبد الرحمن، وهو الصحيح عن ابن المسيب، ولم يختلف فيه عن ابن مسعود. وقاله الأوزاعي، ومَكْحول، والكوفيون، وأبو حنيفة، وأصحابه، والثَّوري، والحسن بن صالح، وبه قال عطاءُ، وجابر بن زَيْدٍ، ومحمد ابن الحنفية، وابن سِيرين، وعِكرمة، ومَسْروق، وقَبِيصة بن ذؤيب، والحسن، والنَّخَعي. وذَكَره مالك عن مرْوان بن الحَكَم، وأخرج ابن أبي شيبةَ نحوه عن أبي سَلَمة، وسالم. اهـ مختصرًا، مع خلاف الأسانيد: "الجَوْهر النقي".

22 - باب حكم المفقود فى أهله وماله

5291 - قوله: (يُوقَف) ... إلخ، أي يَحْضُر عند القاضي. قوله: (ليفيء) أو يُفَرّق بينهما (¬1). 22 - باب حُكْمِ الْمَفْقُودِ فِى أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَقالَ ابْنُ المُسَيَّبِ: إِذَا فُقِدَ في الصَّفِّ عِنْدَ القِتَالِ تَرَبَّصُ امْرَأَتُهُ سَنَةً. وَاشْتَرَى ابْنُ مَسْعُودٍ جارِيَةً، وَالتَمَسَ صَاحِبَهَا سَنَةً، فَلَمْ يَجِدْهُ، وَفُقِدَ، فَأَخَذَ يُعْطِي الدِّرْهَمَ وَالدِّرْهَمَينِ، وَقالَ: اللَّهُمَّ عَنْ فُلاَنٍ فإِنْ أَبَى فُلانٌ فلي وَعَلَيَّ، وَقالَ: هَكَذَا فَافعَلوا بِاللُّقَطَةِ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ. وَقالَ الزُّهْريُّ في اْلأَسِيرِ يُعْلَمُ مَكانُهُ: لاَ تَتَزَوَّجُ امْرَأَتُهُ، وَلاَ يُقْسَمُ مالُهُ، فَإِذَا انْقَطَعَ خَبَرُهُ فَسُنَّتُهُ سُنَّةُ المَفقُودِ. 5292 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الْغَنَمِ فَقَالَ «خُذْهَا، فَإِنَّمَا هِىَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ». وَسُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الإِبِلِ، فَغَضِبَ وَاحْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ، وَقَالَ «مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا الْحِذَاءُ وَالسِّقَاءُ، تَشْرَبُ الْمَاءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا». وَسُئِلَ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ «اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، وَعَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ مَنْ يَعْرِفُهَا، وَإِلَّا فَاخْلِطْهَا بِمَالِكَ». قَالَ سُفْيَانُ فَلَقِيتُ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ - قَالَ سُفْيَانُ وَلَمْ أَحْفَظْ عَنْهُ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا - فَقُلْتُ أَرَأَيْتَ حَدِيثَ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ فِى أَمْرِ الضَّالَّةِ، هُوَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ نَعَمْ. قَالَ يَحْيَى وَيَقُولُ رَبِيعَةُ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ. قَالَ سُفْيَانُ فَلَقِيتُ رَبِيعَةَ فَقُلْتُ لَهُ. أطرافه 91، 2372، 2427، 2428، 2429، 2436، 2438، 6112 تحفة 3763 - 65/ 7 ويُحْكم عندنا بموتِه بموتِ أقرانِه، ثُم يجري الإِرثُ في ماله. وفي «الهداية»: أنه هو الأَقيسُ، وقد قَدَّره بَعْضُهم بتسعينَ، وغيره. وأما عند مالك فينتظر أربعَ سنين، ثُم يُحكم بموتِه، وبه يفتي علماءُ زماننا. ونقل الشاميُّ مَذْهب مالك، ثُم لم ينقل شرائطه ¬

_ (¬1) قال ابنُ رُشْد: أما اختلافُهم هل تَطْلق بانقضاءِ الأربعة أَشهر نفسها، أم لا تطلق؟ وإنما الحُكْم أن يوقف، فإِما فاء، وإما طَلّق. فإِنَّ مالكًا، والشافعي، وأحمد، وأبا ثور، وداود، والليث ذهبوا إلى أنه يوقف بعد انقضاء الأربعة الأشهر، فإِما فاء، وإما طَلق، وهو قول علي، وابن عمرَ، وإن كان قد رُوي عنهما غيرُ ذلك، لكن الصحيح هو هذا. وذهب أبو حنيفة، وأصحابُه، والثّوري، وبالجملة الكُوفيون إلى أنّ الطلاق يقع بانقضاء الأربعةِ أشهر إلَّا أن يوفيء فيها، وهو قولُ ابن مسعود، وجماعةِ من التابعين، وسبب الخلاف هل هو قوله تعالى: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي فإِن فاؤوا قَبل انقضاء الأربعة أَشهر، أو بعدها، فَمَن فَهِم منه قَبْل انقضائها، قال: يَقَعُ الطلاقُ، ومعنى العَزْم عنده في قوله تعالى: {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} أن لا يفيء حتى تنقضي المُدّة. فَمَن فَهِم من اشتراط الفيئة اشتراطَها بعد انقضاء المدة، قال: معنى قوله: {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ} أي باللفظ {فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} الخ. "بداية المجتهد".

عنده، والناس اليوم يفتون بمذهبه، ولا يراعون شرائطَه المدونة عندهم. فهؤلاء لا يعملون بمذهبهم، ولا بمذهبه، وإنما اعتَبَر مالك أربعَ سنين، لأنه أكثرُ مُدّة الحمل عنده، فعليها أن تنتظر تلك المدة، وتستبرىء فيها رَحِمها، ثُم إنه فَصْل في تلك المدةِ، بكون المفقود في المعركة، أو القَحْط، أو الوباء، ليغلب هلاكُه، إلى غير ذلك من التفاصيل. والناس يُفتون بلا مراعاةِ تلك الشرائط (¬1). واعلم أن مسائلَ الأئمة على ثلاثة أقسام: الأول: ما تتناقض في الظاهر أيضًا، مثلًا: وجوب الفُرْقة في مسألةٍ عند إمام، وعَدَمه عند إمام. فهذان الحُكْمان متناقضان ظاهرًا. والثانية: ما ائتلف سطحاها، واختلف مبناها، كما ترى فيما نحن فيه، فإِن مَبْنى عبرةِ المدّة المذكورة - عند مالك - كونُها أكثرَ مدّة الحَمْل، ثم التفريق بعده، لكونه مما ¬

_ (¬1) قال ابنُ رُشد: واختلفوا في المفقود الذي تُجهل حياتُه، أو موتُه في أرض الإِسلام؟ فقال مالك: يُضْرب لامرأتِه أربعُ سنين من يوم أن تَرْفع أَمْرَها إلى الحاكم، فإِذا انتهى الكَشْف عن حياته أو موته، فَجُهِل ذلك، ضَرب لها الحاكِم الأَجَل، فإِذا انتهى اعتدّت عِدْة الوفاة أربعةَ أشهر وعشرًا، وحلّت. قال: وأما مالُه فلا يورَث، حتى يأتي عليه من الزمان ما يُعلم أن المفقودَ لا يعيش إلى مِثْله غالبًا، فقيل: سبعون، وقيل: ثمانونَ، وقيل: تسعون، وقيل: مائة، فيمن غاب وهو دون هذه الأسنان. ورُوي هذا القولُ عن عمرَ بن الخطاب، وهو مرويٌّ أيضًا عن عثمانَ، وبه قال الليث. وقال الشافعي، وأبو حنيفة، والثوري: لا تَحِلّ امرأةُ المفقود حتى يَصِحّ مَوْته. وقولُهم مَرويّ عن علي، وابن مسعود. والمفقود عند المحصلين من أصحاب مالك أربعة: مفقود في أرض الإِسلام، وَقَع الخلافُ فيه: ومفقود في أرض الحرب؛ ومفقود في حروب الإِسلام -أعني فيما بينهم-؛ ومفقود في حروب الكفار. والخلاف عن مالك، وعن أصحابه في الثلاثة أصناف من المفقودين كثير، فأما المفقود في بلاد الحرب، فَحكمُه عندهم حُكم الأسير، لا تتزوج امرأته، ولا يُقسم ماله حتى يَصحّ موتُه، ما خلا أَشهبَ، فإنه حَكَم له بِحُكم المفقود في أرض المسلمين. وأما المفقود في حروب المسلمين، فقال: إنَ حُكمه حُكْمُ المقتول، دون تَلوم، وقيل: يتلوم له بحسب بُعد المَوضِع الذي كانت فيه المعركة، وقُربِه، وأقصى الأجل في ذلك سَنة. وأما المفقودُ في حروب الكُفار ففيه في المذهب أربعةُ أقوال، قيل: حُكْمه حُكم الأَسير، وقيل: حُكْمه حُكم المقتول بعد تلوم سَنة، إلا أن يكون بموضع لا يخفى أَمرُه، فيُحكم له بِحُكم المفقود في حروب المسلمين وفتنهم. والقول الثالث: إنَّ حُكمه حُكْم المفقود في بلاد المسلمين. والرابع: حُكمه حُكم المقتول في زوجته، وحُكم المفقود في أرض المسلمين في ماله، أعني يعمر، وحينئذٍ يُورَث. وهذه الأقاويل كلّها مبناها على تجويز النظر بحسب الأَصلح في الشرع، وهو الذي يُعرف بالقياس المرسل، وبين العلماء فيه اختلافُ، أعني بين القائلين بالقياس. اهـ "بداية المجتهد". وفي "المُدَونة الكبرى" من باب ضَرب أجَل المفقود: قلت: أرأيت امرأةَ المفقود، أتعتدُّ الأربع سنين في قول مالك بغير أمر السلطان؟ قال: قال مالك: لا، قال مالك: وإن أقامت عشرينَ سنة، ثم رفعت أَمرها إلى السلطان نظر فيها، وكتب إلى مَوضعه الذي خرج إليه، فإذا يئس منه ضَرَب لها من تلك الساعة أربعَ سنين. فقيل لمالك: هل تعتدُ بعد الأَربع سنين عِدّة الوفاة أربعةَ أشهرَ وعشرًا، من غير أن يأمرَها السلطان بذلك؟ قال: نعم، ما لها وما للسلطان في الأربعة أشهر وعشرًا التي هي العدة. اهـ.

23 - باب الظهار، وقول الله تعالى: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها} إلى قوله {فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا} [المجادلة: 1 - 4].

يتولى به الحاكم عنده مُطلقًا. وللحنفية خلافٌ فيهما، فإِن أكثرَ مدّة الحمل عندنا سنتان، وأم التفريق من القاضي فليس عندنا إلا في باب اللعان. والثالثة: ما لا تَناقُض فيه في الظاهر، ولا في المَبْنى، إلا أن بينهما شَبَه التناقض، والتناقض بأنواعه لا يُحْتمل في الدِّين. فَمَن يفتي بمذهب مالك في مسألة المفقود يلزم عليه التناقض من حيثُ لا يدريه، فإِنه يفتي بمذهبه، ولا يشعر بأنه قد التزم في ضمنه كونَ أَكْثر مُدّةِ الحمل سنتين، وأربع سنين معًا، وكذا لا يشعر بأنه ابتُلي في التناقض في مسألة التفريق، ولو دراه لَعَلِم أنه بإِفتائه هذا قد هَدم أبوابًا من فِقْه الحنفية، وإن زعم في الظاهر أنه لم يخالفه إلَّا في تلك الجزئيةِ. فلمسائلِ الأئمة سليلةٌ وارتباط فيما بينهما، وليست على طريق البخت والاتفاقِ، والاطلاعُ على أصولها، ودَرْكُ مبناها، مما يعز في هذا الزمان، فليحذر في مثل هذه المواضع، ولينظر في أن له حقًا لذلك أَوْ لا، وإنّما هو لمن كان عنده عِلْمٌ بمسائل الأئمة، ومبناها، وذَوْقٌ بمدارك الفقهاء ومغزاهم، وإلَّا فهو رَكِبَ مَتْن عمياء، وخَبط خَبْط عشواء. قوله: (اللهم عن فلانٍ، فإِن أتى، فَلي، وعليَّ)، أي فإِن أتى صاحِبُها، فأَجْرُ التصدُّق لي، والغرامة عليّ. وعلم منه ما كان طريقُ الإِثابة عند السلف، فاعلمه، فإنه مهم. أقول: فحينئذٍ لا حاجةَ في إيصال ثوابِ العبادات إِلاّ أَنْ يقال: إني أَصُوم عن فلان، وأَهَبُ ثوابَه لفلان، فأَرْسله مني مثلًا، فالطريق المأثور، كما هو المذكور. 23 - باب الظِّهَارِ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} إِلَى قَوْلِهِ {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: 1 - 4]. وَقَالَ لِي إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ: أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ ظِهَارِ الْعَبْدِ، فَقَالَ: نَحْوَ ظِهَارِ الْحُرِّ، قَالَ مَالِكٌ: وَصِيَامُ الْعَبْدِ شَهْرَانِ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ: ظِهَارُ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، مِنَ الْحُرَّةِ وَالأَمَةِ، سَوَاءٌ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: إِنْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَتِهِ فَلَيْسَ بِشَىْءٍ، إِنَّمَا الظِّهَارُ مِنَ النِّسَاءِ. وَفِى الْعَرَبِيَّةِ {لِمَا قَالُوا} أَىْ فِيمَا قَالُوا، وَفِى بَعْضِ مَا قَالُوا، وَهَذَا أَوْلَى، لأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَدُلَّ عَلَى الْمُنْكَرِ وَقَوْلِ الزُّورِ. دخل في باب الظهار. قوله: (وقال الحسنُ: ظِهار الحرّ) ... إلخ. وهي مسألة (¬1) أنَّ الطلاق بالرِّجال، أو بالنِّساء؟ وراجع له الفِقْه. ¬

_ (¬1) قال ابن رُشد: وأما اختلافُهم في اعتبار نقص عدد الطلاق البائن بالرِّق، فمنهم مَنْ قال: المعتبر فيه الرجال، فإِذا كان الزوج عبدًا كان طلاقُه البائن الطلقة الثانية، سواء كانت الزوجةُ حرةً، أو أَمَة. وبهذا قال مالك، والشافعيّ، ومن الصحابة عثمانُ بن عفان، وزيدُ بن ثابت، وابنُ عباس، وإن كان اختلف عنده في ذلك، =

فائدة

قوله: (إنما الظهار من النساء) أي الحرائر. واعلم أن الظاهري تكلَّم في وجوب الكفارة في الظهار، فقال: إنْ قلنا: عليه أن يأتي امرأته، ثُم يكفِّر عن ظهاره، يلزم أن يجبر على إتيان ما كان حَرَّم هو على نَفْسه بنفسه، وإنْ قلنا: إنه يكفِّر أَوّلًا، ثُم يَقْرَب امرأته، فلا وَجْه له، فإِنه لم يَكْسب ذنبًا بعدُ لنوجِب عليه الكفارةَ، وإن قال الشافعيةُ بجواز تقديم الكفارة في اليمين، لكن الحنفية خالفوهم، ولم يوجِبُوا الكفارةَ إلَّا بعد الحِنْث لذلك المحذور. قلتُ: والجواب أن العَوْد عندنا مُفَسّر بالعَزْم على القُرْبان، فإِن القُرْبان لا يَصْلُح له مِن أجل ظهاره، فأقيم عَزْمُ القُربان مقامَ القُربان، وعلّق به الكفارة. والعجب من الظاهري حيث فَسّره بالمعاودة إلى هذا القول مرة أخرى، وليت شِعري ما حمله على ذلك، مع أنَّ القرآن نعى على قوله الأَوّل، وجعله مُنْكرًا من القول وزورًا، وعاقبه بالكفارةِ، وهذا يحمله على المعاودةِ إليه مَرّة أخرى. ثُم العجب على العجب أَنَّ قَوْله: في المَرّة الأُولى إذا لم يكن موجِبًا للكفارة عنده، فكيف يكون موجِبًا في المرة الثانية؟ إن هذا لمن عجب. قوله: ({لِمَا قَالُواْ}) فَسّره البُخاري بقوله: «فيما قالوا»، فإِنَّ الله تعالى ما كان ليأمرَه أن يعودَ لمثله ثانيًا، وقد نعى عليه أوّلًا. واستدلَّ منه الطحاوي على أن النهيَ لا يقتضي البُطلانَ، فإِنَّ الله سبحانه مع تشنيعِه على الظهار وَضَع له أَحْكامًا، فدلّ على أنَّ الشيء يكون منهيًا عنه، ثم تكون له أحكامُ عند الشَّرْع. فائدة: واعلم أنه جرت مناظرةٌ بين الطبراني وبين محمد بن داود في مسألة: وكانا جالِسين على أَرضٍ يابسةٍ، إذ مَرّ بهما ابنُ العميد، وأوقف دابته عليهما، فما بالا به، ¬

_ = لكن الأشهر عنه هو هذا القول. ومنهم مَنْ قال: إنَّ الاعتبار في ذلك هو بالنساء، فإذا كانت الزوجةُ أَمة كان طلاقُها البائن الطلقة الثانية، سواء كان الزَّوج عبدًا أو حرًا، وممن قال بهذا القول من الصحابة علي، وابنُ مسعود، ومن فقهاء الأمصار أبو حنيفة، وغيرُه. وفي المسألة قولٌ أشذّ من هذين، وهو: أن الطلاق يُعتبر برق مَن رق منهما، قال ذلك عثمانُ البتّي، وغيره، ورُوي عن ابنِ عمر. وسبب هذا الاختلاف: هل المؤثر في هذا هو رق المرأة، أو رقّ الرجل؟ فمن قال: التأثير في هذا لمن بيده الطلاق، قال: يُعتبر بالرجال؛ ومَنْ قال: التأثير في هذا للذي يقع عليه الطلاق، قال: هو حُكم من أحكام المطلقة، فشبهوها بالعِدة. وقد أجمعوا على أن العِدَّة بالنساء، أي نقصانها تابع لرق النساء، واحتج الفريق الأَوّل بما روي عن ابن عباس مَرفوعًا إلى النبي عليه الصلاة والسلام: أنه قال: "الطلاق بالرِّجال، والعدة بالنِّساء". إلا أنه حديث لم يثبت في الصحاح. وأما مَن اعتبر مَنْ رَق منهما، فإِنه جعل سببَ ذلك هو الرقُّ مُطلقًا، ولم يجعل سببَ ذلك لا الذُّكورية، ولا الأُنوثية، مع الرقِّ. اهـ "بداية المجتهد". وقد تكلّمنا في المسألة فيما مرّ مبسوطًا، مع التنبيه على تَفَقُّه صاحب "الهداية"، والطحاوي، فراجعه. وراجع "المعالم" للخطّابي.

24 - باب الإشارة فى الطلاق والأمور

وبقيا على ما كان يجري بينهما، حتى مضى لحاجته. وابنُ العميد هذا من وُزراء الخلافةِ العَبّاسية، أديبٌ كبير، كان عَضُد الدولة دعاه إلى الوزارةِ، فأجابه إني أحتاج إلى أَربع مئة مِن الإِبل تَحْمِلُ كُتبي، وكان في زمنه أديبٌ آخرَ، يُسمّى أبا إسحاق، وكان صابئيًا، وكان وزيرًا للسَّلْطنة السُّلْجُوقية، ثم أَسْلم بعده، وكان بُعَد أَفْضَل منه، وكان ابنُ العميد، يقول: لم تبق في نفسي حاجةٌ، إلَّا أن يقول لي أبو إسحاق: يا أستاذ، والفصل في حقهما، كما قيل: إن الصابئي يَكْتب كما يُراد، وابنَ العميد يَكْتب كما يُريد. قلتُ: وبينهما بونٌ بعيد. ثُم إنَّ البخاري خالف الظاهريَّ، ولم يُرد مِن العودِ ما أراده الظاهريُّ مع كونه رفيقَه، ومنه تَعلّم قوله: «لفظي بالقرآنِ مخلوق»، وكان الظاهري سافر إلى أحمدَ، فلما بلغه أَبَى أن يلاقِيه، وقال: لا أُحِبّ الملاقاةِ بِمَنْ قال بِخَلْق القرآن. قلتُ: وكان البخاري أيضًا سافر إليه، إلا أنه تُوفِّي قبل أن يَبْلُغه، ولو بلغه لردّه خائبًا، كما ردّ الظاهري، لاشتراكهما في المقولة (¬1). 24 - باب الإِشَارَةِ فِى الطَّلاَقِ وَالأُمُورِ وَقالَ ابْنُ عُمَرَ: قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم «لاَ يُعَذِّبُ اللهُ بِدَمْعِ العَينِ، وَلكِنْ يُعَذِّبُ بِهذا». فَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ. وَقالَ كَعْبُبْنُ مالِكٍ: أَشَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم إِلَيَّ أَي: «خُذِ النِّصْفَ». وَقالَتْ أَسْمَاءُ: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم في الكُسُوفِ، فَقُلتُ لِعَائِشَةَ: ما شَأْنُ النَّاسِ؟ - وَهيَ تُصَلِّي - فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى الشَّمْسِ، فَقُلتُ: آيَةٌ؟ فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا: أَنْ نَعَمْ. وَقالَ أَنَسٌ: أَوْمَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم بِيَدِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوْمَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم بِيَدِهِ: «لاَ حَرَجَ». وَقالَ أَبُو قَتَادَةَ: قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم في الصَّيدِ لِلمُحْرِمِ: «آحَدٌ مِنْكُمْ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيهَا، أَوْ أَشَارَ إِلَيهَا؟» قالُوا: لاَ، قالَ: «فَكُلُوا». 5293 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى بَعِيرِهِ، وَكَانَ كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ، وَكَبَّرَ. وَقَالَتْ زَيْنَبُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فُتِحَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ». وَعَقَدَ تِسْعِينَ. أطرافه 1607، 1612، 1613، 1632 - تحفة 6050 ¬

_ (¬1) قلتُ: وراجع "بداية المجتهد"، فإِنه بسط في معنى العود مع بيان مذاهبِ الأئمة في ذلك. وقال المارديني: والمشهور عن مالك أنه العَزْم على الوطء، وهو مذهب أبي حنيفة، وأحمد. وذكر النووي أنَّ أبا حاتم القَزْويني حكاه قَوْلًا عن القديم للشافعي، وقال القاضي إسماعيل: إذا قَصَد الوَطء فقد قصد إبطالَ ما كان منه من التحريم، فقد عاد في ذلك القول، كما يقال: عاد في هبته، أي رجع عنها. وما ذهب إليه الشافعيُّ من تفسيره بالإِمساك استضعفه إسماعيل، وغيره، وردُّوه بأشياء. "الجَوْهر النّقي"، وراجع بسط تلك الأشياء منه.

5294 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «فِى الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ قَائِمٌ يُصَلِّى، فَسَأَلَ اللَّهَ خَيْرًا، إِلاَّ أَعْطَاهُ». وَقَالَ بِيَدِهِ، وَوَضَعَ أَنْمَلَتَهُ عَلَى بَطْنِ الْوُسْطَى وَالْخِنْصَرِ. قُلْنَا يُزَهِّدُهَا. طرفاه 935، 6400 - تحفة 14467 5295 - وَقَالَ الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ عَدَا يَهُودِىٌّ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى جَارِيَةٍ، فَأَخَذَ أَوْضَاحًا كَانَتْ عَلَيْهَا وَرَضَخَ رَأْسَهَا، فَأَتَى بِهَا أَهْلُهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْىَ فِى آخِرِ رَمَقٍ، وَقَدْ أُصْمِتَتْ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ قَتَلَكِ فُلاَنٌ». لِغَيْرِ الَّذِى قَتَلَهَا، فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لاَ، قَالَ فَقَالَ لِرَجُلٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِى قَتَلَهَا، فَأَشَارَتْ أَنْ لاَ، فَقَالَ «فَفُلاَنٌ». لِقَاتِلِهَا فَأَشَارَتْ أَنْ نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرُضِخَ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ. أطرافه 2413، 2746، 6876، 6877، 6879، 6884، 6885 - تحفة 1631 5296 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْفِتْنَةُ مِنْ هَا هُنَا». وَأَشَارَ إِلَى الْمَشْرِقِ. أطرافه 3104، 3279، 3511، 7092، 7093 - تحفة 7163 5297 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى قَالَ كُنَّا فِى سَفَرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ لِرَجُلٍ «انْزِلْ فَاجْدَحْ لِى». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمْسَيْتَ. ثُمَّ قَالَ «انْزِلْ فَاجْدَحْ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمْسَيْتَ إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا. ثُمَّ قَالَ «انْزِلْ فَاجْدَحْ». فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُ فِى الثَّالِثَةِ، فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَشْرِقِ فَقَالَ «إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ». أطرافه 1941، 1955، 1956، 1958 - تحفة 5163 - 67/ 7 5298 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ نِدَاءُ بِلاَلٍ - أَوْ قَالَ أَذَانُهُ - مِنْ سَحُورِهِ، فَإِنَّمَا يُنَادِى أَوْ قَالَ يُؤَذِّنُ لِيَرْجِعَ قَائِمُكُمْ». وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ كَأَنَّهُ يَعْنِى الصُّبْحَ أَوِ الْفَجْرَ، وَأَظْهَرَ يَزِيدُ يَدَيْهِ ثُمَّ مَدَّ إِحْدَاهُمَا مِنَ الأُخْرَى. طرفاه 621، 7247 - تحفة 9375 5299 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُنْفِقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ، مِنْ لَدُنْ ثَدْيَيْهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا، فَأَمَّا الْمُنْفِقُ فَلاَ يُنْفِقُ شَيْئًا إِلاَّ مَادَّتْ عَلَى جِلْدِهِ حَتَّى تُجِنَّ بَنَانَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ، وَأَمَّا الْبَخِيلُ فَلاَ يُرِيدُ يُنْفِقُ إِلاَّ لَزِمَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَوْضِعَهَا، فَهْوَ

25 - باب اللعان

يُوسِعُهَا فَلاَ تَتَّسِعُ». وَيُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ إِلَى حَلْقِهِ. أطرافه 1443، 1444، 2917، 5797 - تحفة 13638 وهي معتبرةٌ عندنا في عدد الطلاق، لا في نَفْس الطلاق، وقد مَرّت الجزئية في «الأشباه والنظائر». وقد اعتبر بها البخاري في الطلاق، وغيره، إلا أنه أتَى بالأُمور البينية لا من باب الحُكْم والقضاء، وكلامنا في الثاني دون الأَوّل. 5295 - قوله: (فَرُضِخ رأسُه بين حَجَرَين) قد فَسّر الراوي ههنا، وأتى بتمام القصة، فلا إشكال في الرَّضخ، وقد أجمل في بعض المواضع، فذكر الرَّضْخ، ولم يذكر اعترافًا منه، وحينئذ يُشْكل الرّضخ بقول جاريته فقط، ولا سيما إذا كانت في سياق الموت، وذلك لأنه قد مَرّ معنا مِرارًا، أن الرواة لا بَحْث لهم عن تخريج المسائل، وتصحيح التفريعات، وإنما هم بِصَدد نَقْل القصة فقط، فلا يأتون بالألفاظ ناظرين إلى المسائل المختلفة، وإنما هو مِن أفعال المجتهد، وأما الراوي فلا عناية له، إلى أنه كيف القِصاص، وهل يُشترط فيها لمماثلةُ أو لا؟ فتنبه. 25 - باب اللِّعَانِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 6 - 9]. فَإِذَا قَذَفَ اْلأَخْرَسُ امْرَأَتَهُ، بِكِتَابَةٍ أَوْ إِشَارَةٍ أَوْ بِإِيمَاءٍ مَعْرُوفٍ، فَهُوَ كالمُتَكَلِّمِ، لأَنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قَدْ أَجازَ اْلإِشَارَةَ في الفَرَائِضِ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَهْل الحِجَازِ وَأَهْلِ العِلمِ، وَقالَ اللهُ تَعَالَى: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29)} [مريم: 29] وَقالَ الضَّحَّاكُ: {إِلَّا رَمْزًا} [آل عمران: 41] إِشَارَةً، وَقالَ بَعْضُ النَّاسِ: لاَ حَدَّ وَلاَ لِعَانَ، ثُمَّ زَعَمَ: أَنَّ الطَّلاَقَ بِكِتَابٍ أَوْ إِشَارَةٍ أَوْ إِيمَاءٍ جائزٌ، وَلَيسَ بَينَ الطَّلاَقِ وَالقَذْفِ فَرْقٌ. فَإِنْ قالَ: القَذْفُ لاَ يَكُونُ إِلَّا بِكَلاَمٍ، قِيلَ لَهُ: كَذلِكَ الطَّلاَقُ لاَ يَجُوزُ إِلَّا بِكَلاَمٍ. وَإِلَّا بَطَلَ الطَّلاَقُ وَالقَذْفُ، وَكَذلِكَ العِتْقُ، وَكَذلِكَ اْلأَصَمُّ يُلاَعِنُ. وَقالَ الشَّعْبِيُّ وَقَتَادَةُ: إِذَا قالَ أَنْتِ طَالِقٌ، فَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ، تَبِينُ مِنْهُ بِإِشَارَتِهِ. وَقالَ إِبْرَاهِيمُ: اْلأَخْرَسُ إِذَا كَتَبَ الطَّلاَقَ بِيَدِهِ لَزِمَهُ. وَقالَ حَمَّادٌ: اْلأَخْرَسُ وَاْلأَصَمُّ إِنْ قالَ بِرَأْسِهِ جازَ. 5300 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الأَنْصَارِ». قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «بَنُو النَّجَّارِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ بَنُو عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ بَنُو سَاعِدَةَ». ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ، فَقَبَضَ أَصَابِعَهُ، ثُمَّ بَسَطَهُنَّ كَالرَّامِى بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ «وَفِى كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ». تحفة 1656 5301 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ أَبُو حَازِمٍ سَمِعْتُهُ مِنْ سَهْلِ بْنِ

سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَذِهِ مِنْ هَذِهِ أَوْ كَهَاتَيْنِ». وَقَرَنَ بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى. طرفاه 4936، 6503 - تحفة 4691 5302 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا». يَعْنِى ثَلاَثِينَ، ثُمَّ قَالَ «وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا». يَعْنِى تِسْعًا وَعِشْرِينَ يَقُولُ، مَرَّةً ثَلاَثِينَ وَمَرَّةً تِسْعًا وَعِشْرِينَ. طرفاه 1908، 1913 - تحفة 6668 5303 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ قَالَ وَأَشَارَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ نَحْوَ الْيَمَنِ «الإِيمَانُ هَا هُنَا - مَرَّتَيْنِ - أَلاَ وَإِنَّ الْقَسْوَةَ وَغِلَظَ الْقُلُوبِ فِى الْفَدَّادِينَ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ». أطرافه 3302، 3498، 4387 - تحفة 10005 5304 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِى الْجَنَّةِ هَكَذَا». وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا. طرفه 6005 - تحفة 4710 قوله: (فإِذا قذف الأخرس امرأته بكتابته) ولا تَثْبت الحدودُ عندنا بهذه الأشياءِ لشبهةٍ فيها، والحدود تندرىء بالشُبهات. قوله: (وقال بعضُ الناس) ... إلخ. يريد به الحنفية. وحاصل كلامِه أن أبا حنيفة يَعْتبر الكتابةَ، والإِيماء، والإِشارة في بابِ الطلاق، ولا يعتبِرُها في القَذْف، ولا فرق بينهما، لكونهما من جنس الكلام. والجواب أنَّ الطلاق أيضًا لا يَقَع عندنا بالإِشارة، كما علمت، نعم لو طَلّق باللفظ، ثُم أشار بالأصابع إلى العدد يُعتبر، وأما الكتابة فإِن وقع بها الطلاق، لكنه لا يُعتبر بها عند الجحود، فهو من باب الدِّيانة دون القضاء. وأما قولُه بعدم الفَرْق فلا نسلِّمه، كيف واللِّعان والقَذْف من الحدود، وهي مما تَنْدرىء بالشُّبهات، بخلاف الطلاق. قوله: (قال القَذْف لا يكون) ... إلخ. وقد سقطت منه حَرْف «إن»، أي إن قال: القَذْف لا يكون ... إلخ. قوله: (قال إبراهيم: الأَخْرس إذا كَتب الطلاقَ بيده لَزِمه) والكِتابة عندنا على أنحاء: مُستبينةُ، وغيرُ مستبينة، كالكتابة على الهواء والماء. والأُولى إما مرسومةٌ، أو غيرُ مرسومة، والثانية لا عبرة بها، لأنها لا تَعْرى عن شبهةٍ، بخلاف الأُولى. قوله: (وقال حَمَّاد) ... إلخ. أرادَ به التدافُعَع بين كلامِ أبي حنيفة، وكلامِ شيخه حَمّاد بن أبي سليمان. واعلم أنَّ حَمّادًا أيضًا ممن رُمي بالإِرجاء، كأبي حنيفة، فلا أدري ما وَجْهُ كَفّارة المُحدِّثين من أبي حنيفة دون حَمّاد، فإِن المحذور مُشْتَرك.

26 - باب إذا عرض بنفى الولد

26 - باب إِذَا عَرَّضَ بِنَفْىِ الْوَلَدِ 5305 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وُلِدَ لِى غُلاَمٌ أَسْوَدُ. فَقَالَ «هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «مَا أَلْوَانُهَا». قَالَ حُمْرٌ. قَالَ «هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَأَنَّى ذَلِكَ». قَالَ لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ. قَالَ «فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ». طرفاه 6847، 7314 - تحفة 13242 - 69/ 7 5305 - قوله: (وُلِد لي غلامٌ أَسْوَدُ) فكأَنَّ الرَّجُل عَرّض بنفي ولده، ولكن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يعبأ بِتَعْريضه، ولم يجعل له حُكْمًا؛ قلتُ: والتعريضُ كالإِيماء، والإِشارة بالقذف، وعَدّهما البخاري كالصريح، فلزمه أن يقول باللعانِ في صورة التعريض أيضًا. 27 - باب إِحْلاَفِ الْمُلاَعِنِ 5306 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ قَذَفَ امْرَأَتَهُ فَأَحْلَفَهُمَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا. أطرافه 4748، 5313، 5314، 5315، 6748 - تحفة 7626 28 - باب يَبْدَأُ الرَّجُلُ بِالتَّلاَعُنِ 5307 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ، فَجَاءَ فَشَهِدَ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ». ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ. طرفاه 2671، 4747 - تحفة 6225 29 - باب اللِّعَانِ، وَمَنْ طَلَّقَ بَعْدَ اللِّعَانِ 5308 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِىَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلاَنِىَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِىٍّ الأَنْصَارِىِّ فَقَالَ لَهُ يَا عَاصِمُ أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ سَلْ لِى يَا عَاصِمُ عَنْ ذَلِكَ. فَسَأَلَ عَاصِمٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا، حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ جَاءَهُ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ يَا عَاصِمُ مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عَاصِمٌ لِعُوَيْمِرٍ لَمْ تَأْتِنِى بِخَيْرٍ، قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَسْأَلَةَ الَّتِى سَأَلْتُهُ عَنْهَا. فَقَالَ عُوَيْمِرٌ وَاللَّهِ لاَ أَنْتَهِى حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا. فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَسَطَ النَّاسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ فَقَالَ رَسُولُ

30 - باب التلاعن في المسجد

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ أُنْزِلَ فِيكَ وَفِى صَاحِبَتِكَ فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا». قَالَ سَهْلٌ فَتَلاَعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ تَلاَعُنِهِمَا قَالَ عُوَيْمِرٌ كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا. فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَكَانَتْ سُنَّةَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ. أطرافه 423، 4745، 4746، 5259، 5309، 6854، 7165، 7166، 7304 تحفة 4805 - 70/ 7 يريد أنَّ الثلاثَ المتواليات ليست بِدعةً. 30 - باب التَّلاَعُنِ فِي الْمَسْجِدِ 5309 - حَدَّثَنَا يَحْيَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنِ الْمُلاَعَنَةِ وَعَنِ السُّنَّةِ فِيهَا عَنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَخِى بَنِى سَاعِدَةَ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِى شَأْنِهِ مَا ذَكَرَ فِى الْقُرْآنِ مِنْ أَمْرِ الْمُتَلاَعِنَيْنِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ قَضَى اللَّهُ فِيكَ وَفِى امْرَأَتِكَ». قَالَ فَتَلاَعَنَا فِى الْمَسْجِدِ وَأَنَا شَاهِدٌ، فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا. فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ فَرَغَا مِنَ التَّلاَعُنِ، فَفَارَقَهَا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ذَاكَ تَفْرِيقٌ بَيْنَ كُلِّ مُتَلاَعِنَيْنِ». قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَكَانَتِ السُّنَّةُ بَعْدَهُمَا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ، وَكَانَتْ حَامِلاً، وَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى لأُمِّهِ، قَالَ ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ فِى مِيرَاثِهَا أَنَّهَا تَرِثُهُ وَيَرِثُ مِنْهَا مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ فِى هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ قَصِيرًا كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، فَلاَ أُرَاهَا إِلاَّ قَدْ صَدَقَتْ وَكَذَبَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ أَعْيَنَ ذَا أَلْيَتَيْنِ، فَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا». فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى الْمَكْرُوهِ مِنْ ذَلِكَ. أطرافه 423، 4745، 4746، 5259، 5308، 6854، 7165، 7166، 7304 تحفة 4805 واعلم أنَّ القضاء عندنا مِن العبادات، فَيُقْعد له في المسجد، ووافقنا فيه البخاري، إلَّا أنَّ الجُنُب، والحائضة لا يَحْضُرانِ المسجد. فقال: ذاك تفريقٌ بين كلِّ متلاعنين، وهو مُدْرجٌ، ليس من كلامِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم. 31 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ» 5310 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ ذُكِرَ التَّلاَعُنُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِىٍّ فِى ذَلِكَ قَوْلاً، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يَشْكُو إِلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، فَقَالَ عَاصِمٌ مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا إِلاَّ لِقَوْلِى، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِى وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا قَلِيلَ اللَّحْمِ سَبْطَ

32 - باب صداق الملاعنة

الشَّعَرِ، وَكَانَ الَّذِى ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَ أَهْلِهِ خَدْلًا آدَمَ كَثِيرَ اللَّحْمِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ بَيِّنْ». فَجَاءَتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِى ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ، فَلاَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُمَا. قَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ فِى الْمَجْلِسِ هِىَ الَّتِى قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ رَجَمْتُ هَذِهِ». فَقَالَ لاَ تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِى الإِسْلاَمِ السُّوءَ» قَالَ أَبُو صَالِحٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ خَدِلًا. أطرافه 5316، 6855، 6856، 7238 - تحفة 6328 - 71/ 7 وفي الحديث مسائل: الأُولى: أنَّ اللِّعان لا يكون عندنا بنفي الحَمْل، فإِن الحَمْل محتمل، واللعان حَدّ. فإِنْ أرادَ اللِّعان، عليه أن يَنْتظر الوَضْع، فإِذا وضعت لاعن، ونَفَى النَّسَب. وذهب أحمدُ إلى أنه يجوزُ نَفْي النَّسب إذا قَوِيت آثارُ الحَمْل، خِلافًا لسائر الأئمة. والثانية: أنَّ قَذْف الملاعنة هل يُوجِب الحدَّ أو لا؟ فقال به الحجازيون، وأنكره الحنفية، وحديثُ أبي داود حُجّةٌ لهم. وعَجز ابنُ الهُمام عن جوابه، وقد أجبت عنه بما مر، كما مر. والثالثة: أنه هل تَجِب لها نفقةُ عِدّتها أو لا؟ فأثبتها الحنفية، ويرد عليهم حديثُ أبي داود، ففيه تصريحٌ بسقوط نفقتها (¬1). والرابعة: أنَّ التفريق فيه يحتاج إلى القَضاء أو لا، فعندنا يحتاجُ إلى القضاء، كما يقول الراوي في الحديث الثاني: فَفَرّق بينهما. 32 - باب صَدَاقِ الْمُلاَعَنَةِ 5311 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ رَجُلٌ قَذَفَ امْرَأَتَهُ فَقَالَ فَرَّقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَخَوَىْ بَنِى الْعَجْلاَنِ، وَقَالَ «اللهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ». فَأَبَيَا. وَقَالَ «اللهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبُ». فَأَبَيَا. فَقَالَ «اللهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ» فَأَبَيَا فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. قَالَ أَيُّوبُ فَقَالَ لِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ إِنَّ فِى الْحَدِيثِ ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد بسطنا مَسائلَ اللِّعان في سورة النّور والجواب عن حديث الترمذي في تقرير الترمذي. ثم لي ههنا إشكالٌ قوي، وهو أنه ما الفرق بين اللِّعان والقذف؟ حيث اعتبر الحنفيةُ إكذاب النفس في باب اللعان فقالوا: إنْ أكْذَب نفسه ثبت النَّسَب منه، ولَحِقه الوَلد، فكأنهم ذهبوا إلى رَفْع حُكْم اللعان بعد الإِكذاب بخلاف القَذْف، فإِن شهادته لا تُقبِل وإنْ أَكْذَب نفسه، ولم أدر بينهما فَرْقا من جهةِ المعنى. أما كونُ ردّ الشهادة مِن تماميةِ حَدّه، فذلك أَمْرٌ معروفٌ، إنما أريدُ الفَرْق من جهة معنى مُؤثر، ولعل اللهَ يُحْدِث بعد ذلك أمرًا. وراجع له "بداية المجتهد"، فإنه مهم.

33 - باب قول الإمام للمتلاعنين: «إن أحدكما كاذب فهل منكما تائب؟»

شَيْئًا لاَ أَرَاكَ تُحَدِّثُهُ قَالَ قَالَ الرَّجُلُ مَالِى قَالَ قِيلَ لاَ مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَقَدْ دَخَلْتَ بِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَهْوَ أَبْعَدُ مِنْكَ. أطرافه 5312، 5349، 5350 - تحفة 7050 33 - باب قَوْلِ الإِمَامِ لِلْمُتَلاَعِنَيْنِ: «إِنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟» 5312 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الْمُتَلاَعِنَيْنِ، فَقَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلْمُتَلاَعِنَيْنِ «حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ، لاَ سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا». قَالَ مَالِى قَالَ «لاَ مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا، فَهْوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا، فَذَاكَ أَبْعَدُ لَكَ». قَالَ سُفْيَانُ حَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍو. وَقَالَ أَيُّوبُ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ رَجُلٌ لاَعَنَ امْرَأَتَهُ فَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ - وَفَرَّقَ سُفْيَانُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى - فَرَّقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَخَوَىْ بَنِى الْعَجْلاَنِ، وَقَالَ «اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ». ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. قَالَ سُفْيَانُ حَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍو وَأَيُّوبَ كَمَا أَخْبَرْتُكَ. أطرافه 5311، 5349، 5350 تحفة 7050، 7051 - 72/ 7 34 - باب التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ 5313 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَّقَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ قَذَفَهَا، وَأَحْلَفَهُمَا. أطرافه 4748، 5306، 5314، 5315، 6748 - تحفة 7806 5314 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لاَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. أطرافه 4748، 5306، 5313، 5315، 6748 - تحفة 8160 35 - باب يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِالْمُلاَعِنَةِ 5315 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لاَعَنَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ، فَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ. أطرافه 4748، 5306، 5313، 5314، 6748 - تحفة 8322 5315 - قوله: (وألحقَ الوَلَدَ بالمرأةِ) فعلم أنَّ اللِّعان في تلك القِصّةِ لم يكن من نفي الحَمْلِ، بل كان عندها وَلَد. وقد مرّ معناه أنّ الرواة فيه مُضْطّربون، فقالوا تارة: إنه لاعَن في حال الحَمْل، وهذا العنوان وارِدٌ على الحنفية؛ وتارة أُخرى أنه لاعَنَها بعد الولادة، وهذا يؤيّدُ الحنفيةَ، وليس من الإِنصاف الجمودُ على ألفاظ الرواة.

36 - باب قول الإمام: اللهم بين

36 - باب قَوْلِ الإِمَامِ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ 5316 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ ذُكِرَ الْمُتَلاَعِنَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِىٍّ فِى ذَلِكَ قَوْلاً، ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، فَقَالَ عَاصِمٌ مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا الأَمْرِ إِلاَّ لِقَوْلِى. فَذَهَبَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِى وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا قَلِيلَ اللَّحْمِ سَبْطَ الشَّعَرِ، وَكَانَ الَّذِى وَجَدَ عِنْدَ أَهْلِهِ آدَمَ خَدْلاً كَثِيرَ اللَّحْمِ جَعْدًا قَطَطًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ بَيِّنْ». فَوَضَعَتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِى ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَ عِنْدَهَا، فَلاَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُمَا، فَقَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ فِى الْمَجْلِسِ هِىَ الَّتِى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَرَجَمْتُ هَذِهِ». فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لاَ تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ السُّوءَ فِى الإِسْلاَمِ. أطرافه 5310، 6855، 6856، 7238 - تحفة 6328 37 - باب إِذَا طَلَّقَهَا ثَلاَثًا، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ زَوْجًا غَيْرَهُ، فَلَمْ يَمَسَّهَا 5317 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. ح. حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِىَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، ثُمَّ طَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَتْ آخَرَ فَأَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَتْ لَهُ أَنَّهُ لاَ يَأْتِيهَا، وَإِنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ إِلاَّ مِثْلُ هُدْبَةٍ فَقَالَ «لاَ حَتَّى تَذُوقِى عُسَيْلَتَهُ، وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ». أطرافه 2639، 5260، 5261، 5265، 5792، 5825، 6084 تحفة 17317، 17073 - 73/ 7 يعني لا بُدّ للعَوْد إلى الزِّوْج الأَوّل [من] دخول الزوج الثاني، ولا يكفي له النِّكاح فقط. 38 - باب {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ} [الطلاق: 4] قالَ مُجَاهِدٌ: إِنْ لَمْ تَعْلَمُوا يَحِضْنَ أَوْ لاَ يَحِضْنَ، وَاللائِي قَعَدْنَ عَنِ الحَيضِ، وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ: {فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: 4]. 39 - باب {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] 5318 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِى

40 - باب قول الله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [البقرة: 228]

سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَسْلَمَ يُقَالُ لَهَا سُبَيْعَةُ كَانَتْ تَحْتَ زَوْجِهَا، تُوُفِّىَ عَنْهَا وَهْىَ حُبْلَى، فَخَطَبَهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ، فَأَبَتْ أَنْ تَنْكِحَهُ، فَقَالَ وَاللَّهِ مَا يَصْلُحُ أَنْ تَنْكِحِيهِ حَتَّى تَعْتَدِّى آخِرَ الأَجَلَيْنِ. فَمَكُثَتْ قَرِيبًا مِنْ عَشْرِ لَيَالٍ ثُمَّ جَاءَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «انْكِحِى». طرفه 4909 - تحفة 18273 5319 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ يَزِيدَ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَتَبَ إِلَيْهِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى ابْنِ الأَرْقَمِ أَنْ يَسْأَلَ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةَ كَيْفَ أَفْتَاهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ أَفْتَانِى إِذَا وَضَعْتُ أَنْ أَنْكِحَ. طرفه 3991 - تحفة 15890 5320 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا، بِلَيَالٍ فَجَاءَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تَنْكِحَ، فَأَذِنَ لَهَا، فَنَكَحَتْ. تحفة 11272 فهي الآيسة. قوله: (واللائي لم يَحِضْن) وهي الصغيرةُ، ولم يأخذ الحنفيةُ بِمُمْتَدّة الطُّهْر، فلما استُفْتوا بها اضطروا إلى الافتاءِ بِمَذْهب مالك. 40 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] وَقالَ إِبْرَاهِيمُ فِيمَنْ تَزَوَّجَ في العِدَّةِ، فَحَاضَتْ عِنْدَهُ ثَلاَثَ حِيَضٍ: بَانَتْ مِنَ اْلأَوَّلِ، وَلاَ تَحْتَسِبُ بِهِ لِمَنْ بَعْدَهُ، وَقالَ الزُّهْرِيُّ: تَحْتَسِبُ. وَهذا أَحَبُّ إِلَى سُفيَانَ - يَعْنِي قَوْلَ الزُّهْرِيِّ. وَقالَ مَعْمَرٌ: يُقَالُ: أَقْرَأَتِ المَرْأَةُ إِذَا دَنَا حَيضُهَا، وَأَقْرَأَتْ إِذا دَنَا طُهْرُهَا، وَيُقَالُ: ما قَرَأَتْ بِسَلًى قَطُّ، إِذَا لَمْ تَجْمَعْ وَلَدًا في بَطْنِهَا. قوله: (وقال إبراهيم، فيمن تزوج في العدة، فحاضت عنده ثلاث حيض: بانت من الأول، ولا يحتسب به لمن بعده، وقال الزهري: يحتسب، وهذا أحب إلى سفيان) واعلم أَوّلًا أنه قد طال نزاعهم في معنى القُروء: فَفَسّرها الحنفية بالحِيض، ولشافعية بالأطهار. والأَمْر عندي قريبٌ من السواء، وليس بينهم إلا اختلافُ التخريج، فإِن العِدّة تنقضي بثلاثِ حِيض، وطُهرين، وطهر ناقص عند الكل، فإِذا مضت تلك المدةُ، فقد خرجت عَمّا عليها من تلقاء العدة إجماعًا بيننا وبينهم، نعم اختلفا أنّ المؤثّر في المُضي هو ثلاثُ حِيض، أو الأطهار، وليس هذا إلَّا اختلافَ الأنظار. ونَقَل ابنُ القَيّم عن أحمدَ أنه فَسّر القروء بالطَّمْث في آخِر عُمُره، وصَوّبه. وقال قطرب تلميذُ سِيبويه: إنَّ القُرء في اللغة هو الاجتماعُ للإِخراج، فأُطلق على

41 - باب قصة فاطمة بنت قيس

الطُّهر نظرًا إلى أَوّل الحال، أي لأن الدّمَ يجتمع فيه، وعلى الطَّمث نَظرًا إلى آخِر الحال، لأنَّ الدَّمَ يَخْرج فيه، كذا في تفسير الرّازي (¬1)، ذيل قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185]، وقال ما قال إبراهيمُ، فمعناه أنَّ امرأةً كانت تعتدّ من طلاق، فتزوجها رجلٌ آخر، فوطأها بشبهةِ العَقْد، فوجبت لها عِدّةٌ أُخرى، فهل تعتدُّ لكلَ عِدّة مستقلة، أو تحتسب بقية العدة منهما؟ فذهب إبراهيمُ إلى أنَّ عليها عدّتين، ولا تخرج من ثلاث حِيض، إلَّا مِن الأُولى، ولا تحتسب تلك عَمّا وجب عليها بَعْدَها. وقال الزُّهري: بل تحتسب بقيةَ العِدّة منهما، وما فضلت تُتِمها بعد العِدّة الأُولى، نحو إنْ كانت وطئت بعد حيض تتربّص ثلاثةَ حِيض أُخرى، وتحتسب الحيضتان منهما، وتخرج من عِدّة الزَّوج الأَوّل، لِمُضِي نِصابها، ويبقى عليها حَيْض آخَر من عدة الزوج الثاني، فتعتد هذه أيضًا، وحينئذ تخرج من العِدّتين. وهكذا المسألةُ عندنا، فإِن مبناها على التداخل، ومن ههنا طاح ما أورده الأغبياء على الحنفية مِن وجوبِ العِدّة على مَنْ نكحت محرمًا، فَوُطِئت. 41 - باب قِصَّةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ وَقوْلِهِ عَزَّ وَجلَّ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} إِلَى قَوْلِهِ: {بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: 6 - 7]. ¬

_ (¬1) قال الرّازي: قال الزَّجاج، وأبو عُبيدة: إنه مأخوذٌ من القُرء، وهو الجَمْع. قال عمرو: هجان اللون لم تقرأ جنينا أي لم تجمع في رَحْمها ولدًا. ومن هذا الأَصل قُرءُ المرأةِ، وهو أيامُ اجتماع الدم في رَحِمها، فَسُمّي القرآن قرآنًا، لأنه يَجْمع السور، وَيضُمّها؛ وثالثها: قولُ قطرب، وهو أنه سُمي قرآنًا، لأنّ القارىء يكتبه، وعند القراءة، كأنه يُلقيه من فِيه أخذًا من قول العرب: ما قرأت الناقةُ سلى قط، أي ما رمت بوَلد، وما أسقطت ولدًا قط، وما طرحت. وسُمي الحيض قرء لهذا التأويل، فالقرآن يَلفِظه القارىء مِن فيه، ويلقيه، فسُمّي قرآنًا. يقول العبد الضعيف: وقال ابنُ رُشْد في "مقدّماته"، في بيان الأقراء ما هي: إنَّ القُرء مأخوذٌ من قَرَيت الماء في الحوض، أي جمعتُه فيه، والرَّحم يجمعه في مُدّة الطهر، ثُم يمجه في مدة الحيض، وموضع الخلاف إنما هو هل تَحِل المرأة بِدُخولها في الدمّ الثالث، أو بانقضاء آخره، فمن قال: إنّ الأقراءَ هي الأطهار، يقول: إنها تَحِل بدخولها في الدم، ومَنْ قال: إنَّها الحيض يقول: إنها لا تَحِل، حتى يتم الحيض. اهـ. قلتُ: ومعلومٌ أن الجَمْع لا يكون إلّا للخروج عَقِيبه، فالحيض يُجمع أَوّلًا، ثم يُطْرح ثانيًا، فَمِن ناظرٍ إلى أوّله، ومِن ناظِرٍ إلى آخِر حاله، ولذا نَبّه الشيخُ على أن الاختلاف فيه اختلافُ الأنظار، ما أدق نَظرَه رحمه الله تعالى، وإليه يُشير ابنُ رُشْد، والله تعالى أعلم بالصّواب، ومِن ههنا اندفع ما يقال: إن العِدّة تنقضي بمجرد دخولِ الحيضة الثالثةِ عندهم، ولا تنقضي عندنا حتى تَتِم، فبقي الخلاف.

5321 و 5322 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَذْكُرُ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ طَلَّقَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ، فَانْتَقَلَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَرْوَانَ وَهْوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ اتَّقِ اللَّهَ وَارْدُدْهَا إِلَى بَيْتِهَا. قَالَ مَرْوَانُ فِى حَدِيثِ سُلَيْمَانَ إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَكَمِ غَلَبَنِى. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَوَمَا بَلَغَكِ شَأْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ لاَ يَضُرُّكَ أَنْ لاَ تَذْكُرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ. فَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ إِنْ كَانَ بِكِ شَرٌّ فَحَسْبُكِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ مِنَ الشَّرِّ. حديث 5321 أطرافه 5323، 5325، 5327 - تحفة 16137، 17560 حديث 5322 أطرافه 5324، 5326، 5328 - تحفة 18022، 18035 5323 و 5324 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ مَا لِفَاطِمَةَ أَلاَ تَتَّقِى اللَّهَ، يَعْنِى فِى قَوْلِهَا لاَ سُكْنَى وَلاَ نَفَقَةَ. حديث 5323 أطرافه 5321، 5325، 5327 - تحفة 17492 حديث 5324 أطرافه 5322، 5326، 5328 5325، 5326 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِىٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ لِعَائِشَةَ أَلَمْ تَرَيْنَ إِلَى فُلاَنَةَ بِنْتِ الْحَكَمِ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا الْبَتَّةَ فَخَرَجَتْ. فَقَالَتْ بِئْسَ مَا صَنَعَتْ. قَالَ أَلَمْ تَسْمَعِى فِى قَوْلِ فَاطِمَةَ قَالَتْ أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ لَهَا خَيْرٌ فِى ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ. وَزَادَ ابْنُ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَابَتْ عَائِشَةُ أَشَدَّ الْعَيْبِ وَقَالَتْ إِنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ فِى مَكَانٍ وَحِشٍ فَخِيفَ عَلَى نَاحِيَتِهَا، فَلِذَلِكَ أَرْخَصَ لَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 5321، 5323، 5327 - تحفة 17480، 18035، 18033 ل واعلم (¬1) أنَّ المطلقةَ إما رجعية، أو مبتوتة. واتفقوا في الرجعية أنَّ لها النفقةَ، والسُّكْنى، والكلام في المبتوتة الحائل، فقال الإِمام الأَعْظم: إن لها السُّكْنى والنفقةُ أيضًا، وقال مالك، والشافعي: لها السُّكْنى دون النَّفقة، وقال أحمد: لا سُكْنى لها، ولا نفقةَ. والظاهر أنَّ المُصنِّف وافق الشافعيّ، ويحتمل أن يكون وافق أَبا حنيفةَ. أما أحمد، فلم يوافِقه أصلًا، وظاهر الحديث يؤيدُ أحمد، فاشتركنا كلّنا - غير أحمد - في الجواب عنه في السُّكْنى، وانفردنا في أَمْر النَّفَقة خَاصّة. فقالوا: إنَّ نفي السُّكنى لكونها ناشِزة، أو كانت بذيئةً تطيل لسانَها على أحمائها، فليست السُّكْنى منفيةً رأسًا، بل منفيةٌ في هذه الواقعة الجزئية، لما قلنا. وفي الأَحاديث أعذارٌ أُخرى أيضًا، مَنْ شاء فليراجعها من مَظانِّها. ¬

_ (¬1) وراجع له "الجَوْهر النّقي"، وقد ذَكَر الشيخُ تمام الكلام في درس الترمذي فليراجع، وبسط الكلام فيه ابنُ رشد في "بداية المجتهد"، وقال في آخِر البحث: فلذلك الأوْلى في هذه المسألة إما أن يقال: إن لها الأمرين جميعًا مَصِيرًا إلى ظاهرِ الكتاب، والمعروف من السُّنة، وإما أن يُخَصّص هذا العمومُ بحديث فاطمةَ المذكور، وأما التفريق بين إيجاب النفقة والسُّكْنى، فعسيرٌ، وَوَجْه عُسْره ضَعْفُ دَليله. اهـ "بداية المجتهد".

42 - باب المطلقة إذا خشى عليها فى مسكن زوجها أن يقتحم عليها، أو تبذو على أهلها بفاحشة

وقال مالك في وجوب السُّكْنى: إنَّ القرآن أَوْجَب السُّكْنى للمعتدة، ولم يؤم فيه بتفصيلٍ بين الرجعية والمبتوتة، فإِذا لم يتعرّض إليه القرآنُ في موضع، ساغ لنا أن نَتَمسّك بالإِطلاق، فإِنّ الحُكْم إذا وَرَد عامًّا أو مُطْلقًا في مَحْلّ، وعلم المجتهدُ التّناسُبَ بين الوَصْف والحُكْم، يجوز له أن يَتَمسّك مِن مِثْل هذا الإِطلاق والعُموم. وأما وجوبُ النَّفقة، فَتَفَقّه الإِمام فيه أنها في حَبْس الزَّوْج، فَتَجِب لها النفقةُ لا محالة. أما فاطمةُ فَأَمْرها أنَّ زَوْجَها كان أعطاها نَفَقَتها، كما عند الترمذي، إلا أنها كانت تَستقِلّها، فمعنى قوله: «لا نَفِقَة»، أي لا نَفَقة لك غير ما أُعْطِيت، فإِنَّ النفقةَ عندنا بحالِ الزوجين. ولقائل أن يقول: إنَّ النَّفَقة في المنكوحة إذا سقطت بالنُّشُوز، فينبغي أن تَسْقط في المبتوتة الناشزة أيضًا، إلَّا أنَّ سقوطها في المنكوحة إنما هو إذا خرجت من بيتِ زَوْجها. ولنا ما عن عُمر، فإِنه ردّ على فاطمةَ، وأفتى، كما اختاره الحنفيةُ، وقال: لا نَتْرك كتابَ اللَّهِ وسُنّة رسوله لقول امرأةٍ لا ندرِي أذكرت أم نَسِيت، كذا في مسلم. ومَرّ عليه أحمدُ، وتَبسّم، وقال: أين ذلك في كتاب الله وسُنة رسوله قلتُ: وعند الطحاوي: قال عمرُ: سَمِعت رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم يقول: لها السُّكْنى والنَّفقة اهـ. وفيه راوٍ حَسّنه بَعْضُهم، وتكلّم فيه بَعْضُهم، فالإِسناد عندي حسن. وأخرجه البيهقي أيضًا، إلاّ أنهم متى كانوا ليسلموه؟ وفي حديث عائشة الآتي حين قيل لها في شأن فاطمة، قالت: لا يَضُرّك، وفي روايةٍ أخرى عند الطحاوي: «تلك امرأةٌ أفتنت الناس». 42 - باب الْمُطَلَّقَةِ إِذَا خُشِىَ عَلَيْهَا فِى مَسْكَنِ زَوْجِهَا أَنْ يُقْتَحَمَ عَلَيْهَا، أَوْ تَبْذُوَ عَلَى أَهْلِهَا بِفَاحِشَةٍ 5327 و 5328 - وَحَدَّثَنِى حِبَّانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ. حديث 5327 أطرافه 5321، 5323، 5325 تحفة 16530 حديث 5328 أطرافه 5322، 5324، 5326 - تحفة 18033 أشار إلى تَرْك مذهب أحمد، وذكر تَوْجِيهين لنفي السُّكنى. قوله: (أو تَبْذُو على أَهله) ... إلخ. والمرادُ من الأهل أقاربُ الزَّوْج، والمراد من الفاحشة البذاءة. 43 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] مِنَ الْحَيْضِ وَالْحَبَلِ 5329 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَنْفِرَ إِذَا صَفِيَّةُ عَلَى بَابِ خِبَائِهَا كَئِيبَةً، فَقَالَ لَهَا «عَقْرَى - أَوْ حَلْقَى - إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا أَكُنْتِ أَفَضْتِ يَوْمَ

44 - باب {وبعولتهن أحق بردهن} [البقرة: 228]

النَّحْرِ». قَالَتْ نَعَمْ. قَالَ «فَانْفِرِى إِذًا». أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 15927 44 - باب {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228] في العِدَّةِ، وَكَيفَ يُرَاجِعُ المَرْأَةَ إِذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَينِ. 5330 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ زَوَّجَ مَعْقِلٌ أُخْتَهُ فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً. أطرافه 4529، 5130، 5331 تحفة 11465 5331 - وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ أَنَّ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ كَانَتْ أُخْتُهُ تَحْتَ رَجُلٍ فَطَلَّقَهَا، ثُمَّ خَلَّى عَنْهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ خَطَبَهَا فَحَمِىَ مَعْقِلٌ مِنَ ذَلِكَ أَنَفًا فَقَالَ خَلَّى عَنْهَا وَهْوَ يَقْدِرُ عَلَيْهَا، ثُمَّ يَخْطُبُهَا فَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232] إِلَى آخِرِ الآيَةِ، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَ عَلَيْهِ، فَتَرَكَ الْحَمِيَّةَ وَاسْتَقَادَ لأَمْرِ اللَّهِ. أطرافه 4529، 5130، 5330 تحفة 11465 5332 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنهما - طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ وَهْىَ حَائِضٌ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُرَاجِعَهَا، ثُمَّ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ عِنْدَهُ حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضِهَا، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا حِينَ تَطْهُرُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُجَامِعَهَا، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِى أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ لأَحَدِهِمْ إِنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهَا ثَلاَثًا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْكَ، حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ. وَزَادَ فِيهِ غَيْرُهُ عَنِ اللَّيْثِ حَدَّثَنِى نَافِعٌ قَالَ ابْنُ عُمَرَ لَوْ طَلَّقْتَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، فَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَنِى بِهَذَا. أطرافه 4908، 5251، 5252، 5253، 5258، 5264، 5333، 7160 تحفة 8277 - 76/ 7 5332 - قوله: (إن كنتَ طَلَّقتها) ... إلخ، أي لو كنت طَلّقتها مَرّةً أو مرتين، لكان لك الرجعة، فإِذا طلقتها ثلاثًا فقد وَقَعْن، ولا يحل لك الرجعة وعصيت. 45 - باب مُرَاجَعَةِ الْحَائِضِ 5333 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ حَدَّثَنِى يُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ، فَسَأَلَ عُمَرُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا، ثُمَّ يُطَلِّقَ مِنْ قُبُلِ عِدَّتِهَا، قُلْتُ فَتَعْتَدُّ بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ. أطرافه 4908، 5251، 5252، 5253، 5258، 5264، 5332، 7160 تحفة 8573 5333 - قوله: (مِن قُبُلِ عِدَّتِها) وهي قراءة شاذّة أيضًا. وعند مسلم أحاديثُ تترى في أن تلك التطليقة حُسِبت عن ابنِ عمر.

46 - باب تحد المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا

46 - باب تُحِدُّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَقالَ الزُّهْرِيُّ: لاَ أَرَى أَنْ تَقْرَبَ الصَّبِيَّةُ المُتَوَفَّى عَنْهَا الطِّيبَ، لأَنَّ عَلَيهَا العِدَّةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ هَذِهِ الأَحَادِيثَ الثَّلاَثَةَ. 5334 - قَالَتْ زَيْنَبُ دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ تُوُفِّىَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ خَلُوقٌ أَوْ غَيْرُهُ فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً، ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ وَاللَّهِ مَا لِى بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، غَيْرَ أَنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا». أطرافه 1280، 1281، 5339، 5345 - تحفة 15874 5335 - قَالَتْ زَيْنَبُ فَدَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ حِينَ تُوُفِّىَ أَخُوهَا، فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَتْ أَمَا وَاللَّهِ مَا لِى بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا». طرفه 1282 - تحفة 15879 5336 - قَالَتْ زَيْنَبُ وَسَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَتِى تُوُفِّىَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَتَكْحُلُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ». مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ لاَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا هِىَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِى الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِى بِالْبَعَرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ». طرفاه 5338، 5706 - تحفة 18259 - 77/ 7 5337 - قَالَ حُمَيْدٌ فَقُلْتُ لِزَيْنَبَ وَمَا تَرْمِى بِالْبَعَرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ فَقَالَتْ زَيْنَبُ كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّىَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشًا، وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا، وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ، ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَائِرٍ فَتَفْتَضُّ بِهِ، فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَىْءٍ إِلَّا مَاتَ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعَرَةً فَتَرْمِى، ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ. سُئِلَ مَالِكٌ مَا تَفْتَضُّ بِهِ قَالَ تَمْسَحُ بِهِ جِلْدَهَا. أي إن كانت صبيةً، فعليها الإِحداد أيضًا. ثُم إنَّ الإِحداد (¬1) عند الجمهور ليس إلاّ على المُتوفّى عنها زَوْجها، وهو عندنا على المطلّقة أيضًا، ولم يذهب إليه أَحَدٌ من السلف غير إبراهيم النَّخَعي. ¬

_ (¬1) وراجع تفصيله في "بداية المجتهد".

47 - باب الكحل للحادة

5336 - قوله: (أَفَتَكْحُلُها) وإنما لم يرخص لها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في الاكتحال، لعدم ثُبوت حاجتها إليه عنده، وإلا فالاكتحال بالعُذْر جائز. 5337 - قوله: (فَقَلَّمَا تَفْتضُّ بشيءٍ إلَّا ماتَ) وهذا من عجاب التقدير، حيث يَجْري حسب ظنون الناس، فإِن ترتب الموت على الافتضاض مما لا يُعْقل فيه التسبيب، وهذا كجري النِّيل عند إلقاء جارية، كما وقع في زمن عمرَ ولعلّ أهلَ الجاهلية كانوا يَزْعمُونها أَمْرًا سماويًا، فسار التقدير أيضًا معهم. 47 - باب الْكُحْلِ لِلْحَادَّةِ 5338 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهَا أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّىَ زَوْجُهَا فَخَشُوا عَلَى عَيْنَيْهَا فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَأْذَنُوهُ فِى الْكُحْلِ فَقَالَ «لاَ تَكَحَّلْ قَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَمْكُثُ فِى شَرِّ أَحْلاَسِهَا أَوْ شَرِّ بَيْتِهَا، فَإِذَا كَانَ حَوْلٌ فَمَرَّ كَلْبٌ رَمَتْ بِبَعَرَةٍ، فَلاَ حَتَّى تَمْضِىَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ». طرفاه 5336، 5706 - تحفة 18259 5339 - وَسَمِعْتُ زَيْنَبَ ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ تُحَدِّثُ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا». أطرافه 1280، 1281، 5334، 5345 - تحفة 15874 5340 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرٌ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ نُهِينَا أَنْ نُحِدَّ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثٍ إِلاَّ بِزَوْجٍ. أطرافه 313، 1278، 1279، 5341، 5342، 5343 - تحفة 18103 قلتُ: وهذا كما أنَّ يأجوجَ ومأجوجَ بعد فسادهم في الأرض يقولون: لقد حاربنا مَنْ في الأرض، فلنحارب مَنْ في السماء، فتردُّ عليهم سهامُهُم مخضوبةً دَمًا، فهذا أيضًا مماشاةُ التقدير، حَسَب ظنونهم الفاسدة، ويتعلق به ما في الحديث القدسي: «أنا عند ظَنّ عبدي بي» ... إلخ. 48 - باب الْقُسْطِ لِلْحَادَّةِ عِنْدَ الطُّهْرِ 5341 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلاَ نَكْتَحِلَ، وَلاَ نَطَّيَّبَ، وَلاَ نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، إِلاَّ ثَوْبَ عَصْبٍ، وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا عِنْدَ الطُّهْرِ إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا فِى نُبْذَةٍ مِنْ كُسْتِ أَظْفَارٍ، وَكُنَّا نُنْهَى عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: القُسْطُ وَالكُسْتُ مِثْلُ الكافُورِ والقَافُورِ. نُبْذَةٌ قِطْعَةٌ. أطرافه 313، 1278، 1279، 5340، 5342، 5343 تحفة 18117، 18122 - 78/ 7

49 - باب تلبس الحادة ثياب العصب

وهو على قسمين: حُلوٌ، ومُرٌّ؛ والمُرُّ منه يُجْلب من كَشْمير، والحُلو من القسطنطينية. 49 - باب تَلْبَسُ الْحَادَّةُ ثِيَابَ الْعَصْبِ 5342 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا لاَ تَكْتَحِلُ وَلاَ تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلاَّ ثَوْبَ عَصْبٍ». أطرافه 313، 1278، 1279، 5340، 5341، 5343 - تحفة 18134 5343 - وَقَالَ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَتْنَا حَفْصَةُ حَدَّثَتْنِى أُمُّ عَطِيَّةَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَلاَ تَمَسَّ طِيبًا إِلاَّ أَدْنَى طُهْرِهَا إِذَا طَهُرَتْ، نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ وَأَظْفَارٍ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: القُسْطُ وَالكُسْتُ مِثْلُ الكافُورِ والقَافُورِ. أطرافه 313، 1278، 1279، 5340، 5341، 5342 - تحفة 18134 50 - باب {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} إِلَى قَوْلِهِ {بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة: 234] 5344 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا شِبْلٌ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} قَالَ كَانَتْ هَذِهِ الْعِدَّةُ تَعْتَدُّ عِنْدَ أَهْلِ زَوْجِهَا وَاجِبًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ} [البقرة: 240] قَالَ جَعَلَ اللَّهُ لَهَا تَمَامَ السَّنَةِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَصِيَّةً إِنْ شَاءَتْ سَكَنَتْ فِى وَصِيَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ، وَهْوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} فَالْعِدَّةُ كَمَا هِىَ، وَاجِبٌ عَلَيْهَا، زَعَمَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ. وَقَالَ عَطَاءٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ عِدَّتَهَا عِنْدَ أَهْلِهَا، فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {غَيْرَ إِخْرَاجٍ}. وَقَالَ عَطَاءٌ إِنْ شَاءَتِ اعْتَدَّتْ عِنْدَ أَهْلِهَا، وَسَكَنَتْ فِى وَصِيَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ لِقَوْلِ اللَّهِ {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ}. قَالَ عَطَاءٌ ثُمَّ جَاءَ الْمِيرَاثُ فَنَسَخَ السُّكْنَى، فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، وَلاَ سُكْنَى لَهَا. طرفه 4531 - تحفة 5900، 19266 5345 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حَدَّثَنِى حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ ابْنَةِ أَبِى سُفْيَانَ لَمَّا جَاءَهَا نَعِىُّ أَبِيهَا دَعَتْ بِطِيبٍ، فَمَسَحَتْ ذِرَاعَيْهَا وَقَالَتْ مَا لِى بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ. لَوْلاَ أَنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ

51 - باب مهر البغي والنكاح الفاسد

ثَلاَثٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا». أطرافه 1280، 1281، 5334، 5339 تحفة 15874 - 79/ 7 قال عطاء: ثُم جاء الميراثُ، فنسخ السُّكْنى ... إلخ. فلا سُكنى لها من جهة الميراث، لتعلّق حَقّ الوَرَثة بها، إلا أنهم إذا أرادوا وفاءَ وصيةِ الزَّوج، فعليهم أن يُعطوا لها السُّكْنى أيضًا، كما أوصى بها. 51 - باب مَهْرِ الْبَغِيِّ وَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَقالَ الحَسَنُ: إِذَا تَزَوَّجَ مُحَرَّمَةً وَهُوَ لاَ يَشْعُرُ، فُرِّقَ بَينَهُمَا وَلَهَا ما أَخَذَتْ، وَلَيسَ لَهَا غَيرُهُ، ثُمَّ قالَ بَعْدُ: لَهَا صَدَاقُهَا. 5346 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ، وَمَهْرِ الْبَغِىِّ. أطرافه 2237، 2282، 5761 - تحفة 10010 5347 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْوَاشِمَةَ، وَالْمُسْتَوْشِمَةَ، وَآكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ، وَنَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَكَسْبِ الْبَغِىِّ، وَلَعَنَ الْمُصَوِّرِينَ. أطرافه 2086، 2238، 5945، 5962 - تحفة 11811 5348 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كَسْبِ الإِمَاءِ. طرفه 2283 - تحفة 13427 قوله: (قال الحسنُ: إذا تزوج محرمة، وهو لا يشعر، فرق بينهما، ولها ما أخذت، وليس لها غيره، ثم قال بعد: تعطيها صداقها) يعني كان يقولُ أَوّلًا: إنه لا صَداقَ لها، ولكن لها ما أخذت فقط. ثُم قال من بعد: إنه يُعْطيها الصَّداق، فلينظر فيه مَنْ يطعنون على أبي حنيفة في إيجاب المَهْر بنكاح المُحَرَّمة، وقد افترى مَنْ زعم أنه لا إثْم فيه عندنا. فائدة واعلم أنه قد يدُورُ بالبال أن الفَرق بين كَسْب البَغي ومَهْرِها: أنَّ الكَسْب ما جاءت به الزانيةُ، سواء كان أُجْرةً للزِّنا، أو غيرَه، وعلى مولاها أن يحتاط فيه، لأنه لا يشعر أنه مِن أي جهة، ومَهْر البغي هو أجرةُ الزِّنا خاصّةً. 52 - باب الْمَهْرِ لِلْمَدْخُولِ عَلَيْهَا، وَكَيْفَ الدُّخُولُ، أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْمَسِيسِ 5349 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ رَجُلٌ قَذَفَ امْرَأَتَهُ فَقَالَ فَرَّقَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَخَوَىْ بَنِى

53 - باب المتعة للتى لم يفرض لها

الْعَجْلاَنِ وَقَالَ «اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ». فَأَبَيَا، فَقَالَ «اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ». فَأَبَيَا، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. قَالَ أَيُّوبُ فَقَالَ لِى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ فِى الْحَدِيثِ شَىْءٌ لاَ أَرَاكَ تُحَدِّثُهُ قَالَ قَالَ الرَّجُلُ مَالِى. قَالَ «لاَ مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَقَدْ دَخَلْتَ بِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَهْوَ أَبْعَدُ مِنْكَ». أطرافه 5311، 5312، 5350 - تحفة 7050 يشيرُ إلى أنَّ المهر يتأكّد بالخُلوة الصحيحةِ، وأنه فَرق بين الصحيحة والفاسدة. 53 - باب الْمُتْعَةِ لِلَّتِى لَمْ يُفْرَضْ لَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} إِلَى قَوْلِهِ {إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: 236 - 237] وَقَوْلِهِ {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241) كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (242)} [البقرة: 241 - 242]، وَلَمْ يَذْكُرِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم في المُلاَعَنَةِ مُتْعَةً حِينَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا. 5350 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِلْمُتَلاَعِنَيْنِ «حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ، أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ، لاَ سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَالِى. قَالَ «لاَ مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا، فَهْوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا، فَذَاكَ أَبْعَدُ وَأَبْعَدُ لَكَ مِنْهَا». أطرافه 5311، 5312، 5349 - تحفة 7051 والصُّور أَرْبَعُ، ذكرها في «الهداية» وهي واجبة للمطلَّقة التي لم يُسمّ لها المهر، ولم يدخل بها. ***

69 - كتاب النفقات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 69 - كتاب النَّفَقَات 1 - باب فَضْلِ النَّفَقَةِ عَلَى الأَهْلِ {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [البقرة: 219 - 220]. وَقالَ الحَسَنُ: العَفوُ: الفَضْلُ. 5351 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الأَنْصَارِىَّ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ فَقُلْتُ عَنِ النَّبِىِّ فَقَالَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُ نَفَقَةً عَلَى أَهْلِهِ وَهْوَ يَحْتَسِبُهَا، كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً». طرفاه 55، 4006 - تحفة 9996 5352 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ اللَّهُ أَنْفِقْ يَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ». أطرافه 4684، 7411، 7419، 7496 - تحفة 13846 5353 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «السَّاعِى عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ». طرفاه 6006، 6007 - تحفة 12914 5354 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِى وَأَنَا مَرِيضٌ بِمَكَّةَ، فَقُلْتُ لِى مَالٌ أُوصِى بِمَالِى كُلِّهِ قَالَ «لاَ». قُلْتُ فَالشَّطْرُ قَالَ «لاَ». قُلْتُ فَالثُّلُثُ قَالَ «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً، يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِى أَيْدِيهِمْ، وَمَهْمَا أَنْفَقْتَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا فِى فِى امْرَأَتِكَ، وَلَعَلَّ اللَّهَ يَرْفَعُكَ، يَنْتَفِعُ بِكَ نَاسٌ وَيُضَرُّ بِكَ آخَرُونَ». أطرافه 56، 1295، 2742، 2744، 3936، 4409، 5659، 5668، 6373، 6733 - تحفة 3880 - 81/ 7 2 - باب وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الأَهْلِ وَالْعِيَالِ 5355 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا تَرَكَ غِنًى، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ». تَقُولُ الْمَرْأَةُ إِمَّا أَنْ تُطْعِمَنِى وَإِمَّا

3 - باب حبس نفقة الرجل قوت سنة على أهله، وكيف نفقات العيال

أَنْ تُطَلِّقَنِى. وَيَقُولُ الْعَبْدُ أَطْعِمْنِى وَاسْتَعْمِلْنِى. وَيَقُولُ الاِبْنُ أَطْعِمْنِى، إِلَى مَنْ تَدَعُنِى فَقَالُوا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ لاَ هَذَا مِنْ كِيسِ أَبِى هُرَيْرَةَ. أطرافه 1426، 1427، 1428، 5356 - تحفة 12366 5356 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ». أطرافه 1426، 1427، 1428، 5355 - تحفة 13187 5355 - قوله: (إما أنْ تُطْعِمني، وإما أَن تُطَلِّقَني) ... إلخ. دَلّ على الحصر في الصورتين، فلا سبيل لها إلى التفريق بإِعسار الزَّوج، كما هو مذهبُ أبي حنيفة. وهل كان السَّلفُ إلَّا معسرين، فكيف يمكن أن يكون إعْسارُ الزوج موجِبًا للتفريق ولا أعرف من السَّلف مَنْ كان ذهب إليه، إلَّا سعيد بن المسيَّب، وفيه توسيع عند مالك. 3 - باب حَبْسِ نَفَقَةِ الرَّجُلِ قُوتَ سَنَةٍ عَلَى أَهْلِهِ، وَكَيْفَ نَفَقَاتُ الْعِيَالِ 5357 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ قَالَ لِى مَعْمَرٌ قَالَ لِى الثَّوْرِىُّ هَلْ سَمِعْتَ فِى الرَّجُلِ يَجْمَعُ لأَهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ أَوْ بَعْضِ السَّنَةِ قَالَ مَعْمَرٌ فَلَمْ يَحْضُرْنِى، ثُمَّ ذَكَرْتُ حَدِيثًا حَدَّثَنَاهُ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِىُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَبِيعُ نَخْلَ بَنِى النَّضِيرِ، وَيَحْبِسُ لأَهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ. أطرافه 2904، 3094، 4033، 4885، 5358، 6728، 7305 - تحفة 10634 5358 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ذَكَرَ لِى ذِكْرًا مِنْ حَدِيثِهِ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ مَالِكٌ انْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ، إِذْ أَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا فَقَالَ هَلْ لَكَ فِى عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ يَسْتَأْذِنُونَ قَالَ نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمْ - قَالَ - فَدَخَلُوا وَسَلَّمُوا فَجَلَسُوا، ثُمَّ لَبِثَ يَرْفَا قَلِيلاً فَقَالَ لِعُمَرَ هَلْ لَكَ فِى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ قَالَ نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمَا، فَلَمَّا دَخَلاَ سَلَّمَا وَجَلَسَا، فَقَالَ عَبَّاسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِى وَبَيْنَ هَذَا. فَقَالَ الرَّهْطُ عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا، وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ. فَقَالَ عُمَرُ اتَّئِدُوا أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِى بِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ». يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَفْسَهُ. قَالَ الرَّهْطُ قَدْ قَالَ ذَلِكَ. فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ذَلِكَ قَالاَ قَدْ قَالَ ذَلِكَ. قَالَ عُمَرُ فَإِنِّى أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - فِى هَذَا الْمَالِ بِشَىْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ، قَالَ اللَّهُ {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ} إِلَى قَوْلِهِ

4 - باب وقال الله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة} إلى قوله {بما تعملون بصير}

قَدِيرٌ (6)} [الحشر: 6] فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ وَلاَ اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ، لَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ، حَتَّى بَقِىَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِىَ، فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَعَمِلَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَيَاتَهُ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ قَالُوا نَعَمْ. قَالَ لِعَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ قَالاَ نَعَمْ. ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا وَلِىُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَبَضَهَا أَبُو بَكْرٍ يَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنْتُمَا حِينَئِذٍ - وَأَقْبَلَ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ - تَزْعُمَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَذَا وَكَذَا، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ فِيهَا صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ أَنَا وَلِىُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ، فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جِئْتُمَانِى وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ، جِئْتَنِى تَسْأَلُنِى نَصِيبَكَ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، وَأَتَى هَذَا يَسْأَلُنِى نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقُلْتُ إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلاَنِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِمَا عَمِلَ بِهِ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَبِمَا عَمِلْتُ بِهِ فِيهَا، مُنْذُ وُلِّيتُهَا، وَإِلاَّ فَلاَ تُكَلِّمَانِى فِيهَا فَقُلْتُمَا ادْفَعْهَا إِلَيْنَا بِذَلِكَ. فَدَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ فَقَالَ الرَّهْطُ نَعَمْ. قَالَ فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ قَالاَ نَعَمْ. قَالَ أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّى قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ، فَوَالَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ أَقْضِى فِيهَا قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ، حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهَا. أطرافه 2904، 3094، 4033، 4885، 5357، 6728، 7305 تحفة 5135، 5136، 10632، 3644، 10633، 6611، 3914، 9834، 3915، 9724 ل، 10258 ل - 83/ 7 دلّ على أنه لا يخالِف التوكّل. 5358 - قوله: (قالا: قَدْ قال ذلك) وترجمته: كها تو هى، وإنَّما يؤتى بِمِثْل هذا الكلام فِيما كان المخاطَب يصدَّق القَوْل، ويؤوله بغير تأويله عند المتكلِّم، ففي هذا القولِ دلالةٌ على أنَّ ابن عباس، وعليًا كانا يُضْمِران في أنفسِهما تأويلًا. قوله: (نَخْل بني النَّضِير) والمرادُ منها ثمارها، وإنما يعبر عن الثمار بالنَّخيل، لأنَّ الأشجار تبقى في حفاظةِ المشتري إلى مدّة مديدة، وهي أَوّان الخرافة، فَتُنسب الأشجارُ إليها، مع أنه ليس له إلاّ ثمارها، فمن ههنا حدث هذا التعبيرُ. 4 - باب وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} إِلَى قَوْلِهِ {بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} وَقالَ: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15]. وَقَالَ: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} إِلَى قَوْلِهِ: بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)} [الطلاق: 6 - 7] وَقالَ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: نَهى اللهُ أَنْ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلِدَهَا، وَذلِكَ أَنْ تَقُولَ

5 - باب نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجها، ونفقة الولد

الوَالِدَةُ: لَسْتُ مُرْضِعَتَهُ، وَهيَ أَمْثَلُ لَهُ غِذَاءً، وَأَشْفُقُ عَلَيهِ وَأَرْفَقُ بِهِ مِنْ غَيرِهَا، فَلَيسَ لَهَا أَنْ تَأْبى، بَعْدَ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ نَفسِهِ ما جَعَلَ اللهُ عَلَيهِ، وَلَيسَ لِلمَوْلُودِ لَهُ أَنْ يُضَارَّ بِوَلَدِهِ وَالِدَتَهُ، فَيَمْنَعَهَا أَنْ تُرْضِعَهُ ضِرَارًا لَهَا إِلَى غَيرِهَا، فَلاَ جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يَسْتَرْضِعَا عَنْ طِيبِ نَفسِ الوَالِدِ وَالوَالِدَةِ، {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} بَعْدَ أَنْ يَكونَ ذلِكَ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ. {وَفِصَالُهُ} [لقمان: 14]: فِطَامُهُ. وحَمَله الحنفيةُ على استحقاق الأُم أجرة الرِّضاع، وادّعيت مِن قِبل نفسي أن الحَوْلين أصلُ مُدّة الرِّضاع، وستة أشهر علاوةٌ عليها، يحتاج إليها لتمرين الصَّبي على الطعام وغيره. بقي قولُه تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15]، فهو محمولٌ عندي على مدة الفِصال فقط، ومعناه حَمْله ما يكون ... إلخ. وإنما لم آخذ ستة أشهر للحمل، لكونها نادرةً، ولا يلطف حَمْلُ الآية على الأَشذُّ الأندر، والذي يلصق بالقلب، إما أن يُؤخذ بأكثرِ مدةِ الحَمْل، أو بما يكون كثيرَ الوقوع، وستةِ أشهر ليست منهما. ثُم إنْ أخذنا الأَقلَّ من الحَمْل ناسب أن نَأخذ بالأَقلّ من الفصال أيضًا. وبالجملةِ أَخْذُ أقلّ مدةِ الحَمْل من جانب، وأكثر مُدّة الفِصال من جانب، غيرُ مرضي عندي، فلذا عدلت عنه إلى ما سَمِعْت آنِفًا، وقد مرّ الكلام فيه مُفَصّلًا. 5 - باب نَفَقَةِ الْمَرْأَةِ إِذَا غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَنَفَقَةِ الْوَلَدِ 5359 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ جَاءَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَىَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِى لَهُ عِيَالَنَا قَالَ «لاَ إِلاَّ بِالْمَعْرُوفِ». أطرافه 2211، 2460، 3825، 5364، 5370، 6641، 7161، 7180 تحفة 16715 - 84/ 7 5360 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ كَسْبِ زَوْجِهَا عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِهِ». أطرافه 2066، 5192، 5195 - تحفة 14695 5359 - قوله: (قال: لا، إلا بالمعروف) ... إلخ، وقد مَرّ معناه ما فيه خلافٌ بين الشافعيةِ مِن كونِه قضاءً، أو ديانةً، ولم يتكلّم فيه الحنفيةُ، غير أنهم قالوا: إنَّ للقاضي أن يَحْكُم في المنقولاتِ، وليس له في العَقَار حُكْم. 6 - باب عَمَلِ الْمَرْأَةِ فِى بَيْتِ زَوْجِهَا 5361 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى الْحَكَمُ عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى حَدَّثَنَا عَلِىٌّ أَنَّ فَاطِمَةَ - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَشْكُو إِلَيْهِ مَا تَلْقَى فِى يَدِهَا

7 - باب خادم المرأة

مِنَ الرَّحَى، وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيقٌ فَلَمْ تُصَادِفْهُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ - قَالَ - فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا نَقُومُ فَقَالَ «عَلَى مَكَانِكُمَا». فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنِى وَبَيْنَهَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى بَطْنِى فَقَالَ «أَلاَ أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا - أَوْ أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا - فَسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ، فَهْوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ». أطرافه 3113، 3705، 5362، 6318 - تحفة 10210 7 - باب خَادِمِ الْمَرْأَةِ 5362 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى يَزِيدَ سَمِعَ مُجَاهِدًا سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى لَيْلَى يُحَدِّثُ عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ أَنَّ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَقَالَ «أَلاَ أُخْبِرُكِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْهُ، تُسَبِّحِينَ اللَّهَ عِنْدَ مَنَامِكِ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَتَحْمَدِينَ اللَّهَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَتُكَبِّرِينَ اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ». - ثُمَّ قَالَ سُفْيَانُ إِحْدَاهُنَّ أَرْبَعٌ وَثَلاَثُونَ - فَمَا تَرَكْتُهَا بَعْدُ، قِيلَ وَلاَ لَيْلَةَ صِفِّينَ قَالَ وَلاَ لَيْلَةَ صِفِّينَ. أطرافه 3113، 3705، 5361، 6318 - تحفة 10220 8 - باب خِدْمَةِ الرَّجُلِ فِى أَهْلِهِ 5363 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُ فِى الْبَيْتِ قَالَتْ كَانَ فِى مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا سَمِعَ الأَذَانَ خَرَجَ. طرفاه 676، 6039 - تحفة 15929 - 85/ 7 9 - باب إِذَا لَمْ يُنْفِقِ الرَّجُلُ، فَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْخُذَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا بِالْمَعْرُوفِ 5364 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وَلَيْسَ يُعْطِينِى مَا يَكْفِينِى وَوَلَدِى، إِلاَّ مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهْوَ لاَ يَعْلَمُ فَقَالَ «خُذِى مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ». أطرافه 2211، 2460، 3825، 5359، 5370، 6641، 7161، 7180 تحفة 17314 10 - باب حِفْظِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِى ذَاتِ يَدِهِ وَالنَّفَقَةِ 5365 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ نِسَاءُ قُرَيْشٍ - وَقَالَ الآخَرُ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ - أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِى صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِى ذَاتِ يَدِهِ». وَيُذْكَرُ عَنْ مُعَاوِيَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 3434، 5082 - تحفة 13525، 13681

11 - باب كسوة المرأة بالمعروف

11 - باب كِسْوَةِ الْمَرْأَةِ بِالْمَعْرُوفِ 5366 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ آتَى إِلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حُلَّةً سِيَرَاءَ فَلَبِسْتُهَا، فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِى وَجْهِهِ فَشَقَّقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِى. طرفاه 2614، 5840 - تحفة 10099 12 - باب عَوْنِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِى وَلَدِهِ 5367 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ هَلَكَ أَبِى وَتَرَكَ سَبْعَ بَنَاتٍ أَوْ تِسْعَ بَنَاتٍ فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً ثَيِّبًا فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تَزَوَّجْتَ يَا جَابِرُ». فَقُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ «بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا». قُلْتُ بَلْ ثَيِّبًا. قَالَ «فَهَلاَّ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ، وَتُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ». قَالَ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ هَلَكَ وَتَرَكَ بَنَاتٍ، وَإِنِّى كَرِهْتُ أَنْ أَجِيئَهُنَّ بِمِثْلِهِنَّ، فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً تَقُومُ عَلَيْهِنَّ وَتُصْلِحُهُنَّ. فَقَالَ «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ». أَوْ قَالَ خَيْرًا. أطرافه 443، 1801، 2097، 2309، 2385، 2394، 2406، 2470، 2603، 2604، 2718، 2861، 2967، 3087، 3089، 3090، 4052، 5079، 5080، 5243، 5244، 5245، 5246، 5247، 6387 - تحفة 2512 13 - باب نَفَقَةِ الْمُعْسِرِ عَلَى أَهْلِهِ 5368 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ فَقَالَ هَلَكْتُ. قَالَ «وَلِمَ». قَالَ وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِى فِى رَمَضَانَ. قَالَ «فَأَعْتِقْ رَقَبَةً». قَالَ لَيْسَ عِنْدِى. قَالَ «فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ». قَالَ لاَ أَسْتَطِيعُ. قَالَ «فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ لاَ أَجِدُ. فَأُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ فَقَالَ «أَيْنَ السَّائِلُ». قَالَ هَا أَنَا ذَا. قَالَ «تَصَدَّقْ بِهَذَا». قَالَ عَلَى أَحْوَجَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا فَضَحِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ قَالَ «فَأَنْتُمْ إِذًا». أطرافه 1936، 1937، 2600، 6087، 6164، 6709، 6710، 6711، 6821 تحفة 12275 - 86/ 7 14 - باب {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] وَهَل عَلَى المَرْأَةِ مِنْهُ شَيءٌ؟ {وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ} إِلَى قَوْلِهِ: {صِراطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [النحل: 76]. 5369 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لِى مِنْ أَجْرٍ فِى بَنِى أَبِى سَلَمَةَ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْهِمْ، وَلَسْتُ بِتَارِكَتِهِمْ هَكَذَا وَهَكَذَا، إِنَّمَا هُمْ بَنِىَّ. قَالَ «نَعَمْ لَكِ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ». طرفه 1467 تحفة 18265

15 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم -: «من ترك كلا أو ضياعا فإلى»

5370 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ هِنْدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ فَهَلْ عَلَىَّ جُنَاحٌ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِينِى وَبَنِىَّ قَالَ «خُذِى بِالْمَعْرُوفِ». أطرافه 2211، 2460، 3825، 5359، 5364، 6641، 7161، 7180 - تحفة 16909 15 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَرَكَ كَلاًّ أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَىَّ» 5371 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الْمُتَوَفَّى عَلَيْهِ الدَّيْنُ، فَيَسْأَلُ «هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ فَضْلاً». فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ وَفَاءً صَلَّى، وَإِلاَّ قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ». فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ قَالَ «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّىَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَىَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ». أطرافه 2298، 2398، 2399، 4781، 6731، 6745، 6763 - تحفة 15216 - 87/ 7 16 - باب الْمَرَاضِعِ مِنَ الْمَوَالِيَاتِ وَغَيْرِهِنَّ 5372 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ انْكِحْ أُخْتِى ابْنَةَ أَبِى سُفْيَانَ. قَالَ «وَتُحِبِّينَ ذَلِكَ». قُلْتُ نَعَمْ لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِى فِى الْخَيْرِ أُخْتِى. فَقَالَ «إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَحِلُّ لِى». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ إِنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ دُرَّةَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ. فَقَالَ «ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ». فَقُلْتُ نَعَمْ. قَالَ فَوَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِى فِى حَجْرِى مَا حَلَّتْ لِى، إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِى مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِى وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ، فَلاَ تَعْرِضْنَ عَلَىَّ بَنَاتِكُنَّ وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ». وَقَالَ شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ عُرْوَةُ ثُوَيْبَةُ أَعْتَقَهَا أَبُو لَهَبٍ. أطرافه 5101، 5106، 5107، 5123 - تحفة 15875، 15883 والمَرَاضِع جَمْع مُرْضِع، بخلاف القياس، كاللواقح والطوائح؛ وللعلماء في صحة لَفْظ المَوَالِيات كلامٌ، فإِن المَوْلى مَصْدر ميمي، ولا يأتي فيه التذكيرُ والتأنيث، فإِنهما من خواص المُشتقّات. وإنْ قلنا: إنَّها مؤنّث مَوْلى، اسم المفعول، فهما لفظان، أي المَوْلى المصدر الميمي، والمَوْلى اسم المفعول، وإن أخذناه من باب الأفعال، فلا يطابِقُ مراده، لأنه أراد منها الجواري، وكيف ما كان، ليس جَمْع المَوْلى إلاّ الموالي، فإِن قلنا: إنَّ المواليات جَمْع الجَمْع، فلا بدّ له من دليل. وحاصِل ترجمة المصنِّف الإِشارة إلى ما ورد في حديث أنَّ للرِّضاع تأثيرًا في الولد، وخصائله، والحديث ضعيفٌ إسنادًا. 5372 - قوله: (لو لم تكن رَبيبتي في حَجْري ما حَلَّت لي) أي ما حَلّت أيضًا، فاندفع الإِشكالُ، وتصدَّى الشارحون إلى جوابِه، فرَاجِعه.

70 - كتاب الأطعمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 70 - كتاب ُ الأَطْعِمَة 1 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 57] وَقَوْلِهِ: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 267]، وَقَوْلِهِ: {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51]. 5373 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ، وَفُكُّوا الْعَانِىَ». قَالَ سُفْيَانُ وَالْعَانِى الأَسِيرُ. أطرافه 3046، 5174، 5649، 7173 - تحفة 9001 5374 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ طَعَامٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى قُبِضَ. تحفة 13423 5375 - وَعَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَصَابَنِى جَهْدٌ شَدِيدٌ فَلَقِيتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَاسْتَقْرَأْتُهُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، فَدَخَلَ دَارَهُ وَفَتَحَهَا عَلَىَّ، فَمَشَيْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ، فَخَرَرْتُ لِوَجْهِى مِنَ الْجَهْدِ وَالْجُوعِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ عَلَى رَأْسِى فَقَالَ «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ». فَقُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. فَأَخَذَ بِيَدِى فَأَقَامَنِى، وَعَرَفَ الَّذِى بِى، فَانْطَلَقَ بِى إِلَى رَحْلِهِ، فَأَمَرَ لِى بِعُسٍّ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ «عُدْ يَا أَبَا هِرٍّ». فَعُدْتُ فَشَرِبْتُ، ثُمَّ قَالَ «عُدْ». فَعُدْتُ فَشَرِبْتُ حَتَّى اسْتَوَى بَطْنِى فَصَارَ كَالْقِدْحِ - قَالَ - فَلَقِيتُ عُمَرَ وَذَكَرْتُ لَهُ الَّذِى كَانَ مِنْ أَمْرِى وَقُلْتُ لَهُ تَوَلَّى اللَّهُ ذَلِكَ مَنْ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْكَ يَا عُمَرُ، وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَقْرَأْتُكَ الآيَةَ وَلأَنَا أَقْرَأُ لَهَا مِنْكَ. قَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ لأَنْ أَكُونَ أَدْخَلْتُكَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِى مِثْلُ حُمْرِ النَّعَمِ. طرفاه 6246، 6452 - تحفة 13425 - 88/ 7 5375 - قوله: (حتى استوى بطني) ترجمته: "يهانتك كه ميرابيت تن كيا". 2 - باب التَّسْمِيَةِ عَلَى الطَّعَامِ وَالأَكْلِ بِالْيَمِينِ 5376 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنِى أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ كَيْسَانَ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ أَبِى سَلَمَةَ يَقُولُ كُنْتُ غُلاَمًا فِى حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَتْ يَدِى تَطِيشُ فِى الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا غُلاَمُ سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ». فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِى بَعْدُ. طرفاه 5377، 5378 - تحفة 10688

فائدة

والأحاديثُ تَقْتضي أن تكونَ التسميةُ واجبةً على الطعام، لأنها تدل على مَضَرّةٍ عظيمة بتركها، ومع ذلِك لم يذهب إليه أَحَدٌ إلَّا الشافعي في روايةٍ شاذّة، كما في «شرح المنهاج»، وقد علمت فيما سلف أنَّ الفقهاء لم يُثْبِتوا الوجوب بمثل هذه الأمور المعنوية، وإنما علّقوه بالخطاب، أو النكير على التارك. فائدة: واعلم أنَّ الذهبي كَتَب كتابًا إلى ابن تيمية: إنك تَزْعُم أنك كتبت عقائِدَ السَّلف في رسائلك، وهذا غَلَطٌ، فإِنه مِن آرائك، وكنتُ قد نَصَحْتُك في سالف الزمان أن لا تُطالع الفلسفةَ، فأَبيت إلا أن تفعلَه، فَسُمًّا شَرِبته، فسمى الذهبي الفسلفةَ: سُمًّا. 3 - باب الأَكْلِ مِمَّا يَلِيهِ وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلْيَأْكُلْ كُلُّ رَجُلٍ مِمَّا يَلِيهِ». 5377 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدِّيلِىِّ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ أَبِى نُعَيْمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِى سَلَمَةَ - وَهْوَ ابْنُ أُمِّ سَلَمَةَ - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَكَلْتُ يَوْمًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَعَامًا فَجَعَلْتُ آكُلُ مِنْ نَوَاحِى الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كُلْ مِمَّا يَلِيكَ». طرفاه 5376، 5378 - تحفة 10688 5378 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ أَبِى نُعَيْمٍ قَالَ أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِطَعَامٍ وَمَعَهُ رَبِيبُهُ عُمَرُ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ فَقَالَ «سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ». طرفاه 5376، 5377 - تحفة 19524، 10688 4 - باب مَنْ تَتَبَّعَ حَوَالَىِ الْقَصْعَةِ مَعَ صَاحِبِهِ، إِذَا لَمْ يَعْرِفْ مِنْهُ كَرَاهِيَةً 5379 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِطَعَامٍ صَنَعَهُ - قَالَ أَنَسٌ - فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَأَيْتُهُ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَىِ الْقَصْعَةِ - قَالَ - فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ. قال عمر بن أبي سلمة: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - "كُل بيمينك". أطرافه 2092، 5420، 5433، 5435، 5436، 5437، 5439 - تحفة 198 - 89/ 7 5 - باب التَّيَمُّنِ فِى الأَكْلِ وَغَيْرِهِ 5380 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِى طُهُورِهِ وَتَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ. وَكَانَ قَالَ بِوَاسِطٍ قَبْلَ هَذَا فِى شَأْنِهِ كُلِّهِ. أطرافه 168، 426، 5854، 5926 - تحفة 17657

6 - باب من أكل حتى شبع

6 - باب مَنْ أَكَلَ حَتَّى شَبِعَ 5381 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لأُمِّ سُلَيْمٍ لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَعِيفًا أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَىْءٍ فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخْرَجَتْ خِمَارًا لَهَا فَلَفَّتِ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ ثَوْبِى وَرَدَّتْنِى بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَذَهَبْتُ بِهِ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ». فَقُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «بِطَعَامٍ». قَالَ فَقُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمَنْ مَعَهُ «قُومُوا». فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالنَّاسِ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مِنَ الطَّعَامِ مَا نُطْعِمُهُمْ. فَقَالَتِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِىَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَقْبَلَ أَبُو طَلْحَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى دَخَلاَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَلُمِّى يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا عِنْدَكِ». فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ فَأَمَرَ بِهِ فَفُتَّ وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً لَهَا فَأَدَمَتْهُ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ قَالَ «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ». فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ». فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ». فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ أَذِنَ لِعَشَرَةٍ، فَأَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا، وَالْقَوْمُ ثَمَانُونَ رَجُلاً. أطرافه 422، 3578، 5450، 6688 - تحفة 200 - 90/ 7 5382 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَحَدَّثَ أَبُو عُثْمَانَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثِينَ وَمِائَةً، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ». فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوُهُ، فَعُجِنَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَبَيْعٌ أَمْ عَطِيَّةٌ أَوْ - قَالَ - هِبَةٌ». قَالَ لاَ بَلْ بَيْعٌ. قَالَ فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً فَصُنِعَتْ، فَأَمَرَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِسَوَادِ الْبَطْنِ يُشْوَى، وَايْمُ اللَّهِ مَا مِنَ الثَّلاَثِينَ وَمِائَةٍ إِلاَّ قَدْ حَزَّ لَهُ حُزَّةً مِنْ سَوَادِ بَطْنِهَا، إِنْ كَانَ شَاهِدًا أَعْطَاهَا إِيَّاهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا خَبَأَهَا لَهُ، ثُمَّ جَعَلَ فِيهَا قَصْعَتَيْنِ فَأَكَلْنَا أَجْمَعُونَ وَشَبِعْنَا، وَفَضَلَ فِى الْقَصْعَتَيْنِ، فَحَمَلْتُهُ عَلَى الْبَعِيرِ. أَوْ كَمَا قَالَ. طرفاه 2216، 2618 - تحفة 9689 5383 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ شَبِعْنَا مِنَ الأَسْوَدَيْنِ التَّمْرِ وَالْمَاءِ. طرفه 5442 - تحفة 17860 5381 - قوله: (وَرَدَّتْني) أي جَعَلَتْ بَعْضَه ردائي. قوله: (سمعته منه عودًا وبَدءًا) أي سَمِعتُه مَرّتين.

7 - باب {ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج} إلى قوله: {لعلكم تعقلون} [النور: 61]

7 - باب {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} إِلَى قَوْلِهِ: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [النور: 61] 5384 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ سَمِعْتُ بُشَيْرَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولُ حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خَيْبَرَ، فَلَمَّا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ - قَالَ يَحْيَى وَهْىَ مِنْ خَيْبَرَ عَلَى رَوْحَةٍ - دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِطَعَامٍ، فَمَا أُتِىَ إِلاَّ بِسَوِيقٍ، فَلُكْنَاهُ فَأَكَلْنَا مِنْهُ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، فَصَلَّى بِنَا الْمَغْرِبَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. قَالَ سُفْيَانُ سَمِعْتُهُ مِنْهُ عَوْدًا وَبَدْءًا. أطرافه 209، 215، 2981، 4175، 4195، 5390، 5454، 5455 - تحفة 4813 8 - باب الْخُبْزِ الْمُرَقَّقِ، وَالأَكْلِ عَلَى الْخِوَانِ وَالسُّفْرَةِ 5385 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أَنَسٍ وَعِنْدَهُ خَبَّازٌ لَهُ فَقَالَ مَا أَكَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خُبْزًا مُرَقَّقًا وَلاَ شَاةً مَسْمُوطَةً حَتَّى لَقِىَ اللَّهَ. طرفاه 5421، 6457 - تحفة 1406 - 91/ 7 5386 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ يُونُسَ - قَالَ عَلِىٌّ هُوَ الإِسْكَافُ - عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ مَا عَلِمْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَكَلَ عَلَى سُكُرُّجَةٍ قَطُّ، وَلاَ خُبِزَ لَهُ مُرَقَّقٌ قَطُّ، وَلاَ أَكَلَ عَلَى خِوَانٍ. قِيلَ لِقَتَادَةَ فَعَلَى مَا كَانُوا يَأْكُلُونَ قَالَ عَلَى السُّفَرِ. طرفاه 5415، 6450 - تحفة 1444 5387 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِى حُمَيْدٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَبْنِى بِصَفِيَّةَ فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ أَمَرَ بِالأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ فَأُلْقِىَ عَلَيْهَا التَّمْرُ وَالأَقِطُ وَالسَّمْنُ. وَقَالَ عَمْرٌو عَنْ أَنَسٍ بَنَى بِهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِى نِطَعٍ. أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 746، 1117 5388 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ كَانَ أَهْلُ الشَّأْمِ يُعَيِّرُونَ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُونَ يَا ابْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ. فَقَالَتْ لَهُ أَسْمَاءُ يَا بُنَىَّ إِنَّهُمْ يُعَيِّرُونَكَ بِالنِّطَاقَيْنِ، هَلْ تَدْرِى مَا كَانَ النِّطَاقَانِ إِنَّمَا كَانَ نِطَاقِى شَقَقْتُهُ نِصْفَيْنِ، فَأَوْكَيْتُ قِرْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِأَحَدِهِمَا، وَجَعَلْتُ فِى سُفْرَتِهِ آخَرَ، قَالَ فَكَانَ أَهْلُ الشَّأْمِ إِذَا عَيَّرُوهُ بِالنِّطَاقَيْنِ يَقُولُ إِيهًا وَالإِلَهْ. تِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا. طرفاه 2979، 3907 - تحفة 15731، 5289 أ، 15735 5389 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أُمَّ حُفَيْدٍ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ حَزْنٍ - خَالَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ - أَهْدَتْ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - سَمْنًا وَأَقِطًا وَأَضُبًّا، فَدَعَا بِهِنَّ فَأُكِلْنَ عَلَى مَائِدَتِهِ، وَتَرَكَهُنَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -

9 - باب السويق

كَالْمُسْتَقْذِرِ لَهُنَّ، وَلَوْ كُنَّ حَرَامًا مَا أُكِلْنَ عَلَى مَائِدَةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ أَمَرَ بِأَكْلِهِنَّ. أطرافه 2575، 5402، 7358 - تحفة 5448 قوله: (السُّفَرة) ما يُوضَع عليه الطعامُ من جلد، والخِوان هو الصيني من خَشب، وليس بطوالة منبر، ولا بمنضدة تصلى الله عليه وسلّم ئى. 5386 - قوله: (على سُكْرُجَةٍ) صحافٌ صِغار، يوضع فيها ألوانٌ من الطعام، والمراد نفي الألوان من طعامه. قوله: (ولا أكَلَ على خِوَان) وهو لفظٌ فارسي، وحرف الواو لا تتلفظ في الفارسية، فإِذا عُرِّبت تُلُفّظ بها. 5388 - قوله: (وتلك شَكَاةٌ ظَاهِر عَنْك عارُها) وأَوّل البيت: وعَيَّرني الواشون أني أُحِبُّها. والمعنى: أنكم تعدون حبي إياها قَدْحًا، وهو عندي مَدْح، فقولوا ما أنتم قائلون، فإِن عارَه زائلٌ عني. 5389 - قوله: (مائدة) "تيائى" وأَصْلُه من إيران، فإِن كان عندهم الطوالةُ أُمكن ترجمتُه بها أيضًا، وإلا فهي منضدة، أما العربُ فلم يكن لهم طوالة. وحاصِل ما عَلّمنا الشَّرْع في الأكل أن نأكل الطعام على شيءٍ مبسوطٍ على الأرض، ولا نأكله على شيءٍ مرتفع، فإِننا محتاجون إليه، وليس هو يحتاج إلينا. 9 - باب السَّوِيقِ 5390 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالصَّهْبَاءِ - وَهْىَ عَلَى رَوْحَةٍ مِنْ خَيْبَرَ - فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ، فَدَعَا بِطَعَامٍ فَلَمْ يَجِدْهُ إِلاَّ سَوِيقًا، فَلاَكَ مِنْهُ فَلُكْنَا مَعَهُ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ، ثُمَّ صَلَّى وَصَلَّيْنَا، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. أطرافه 209، 215، 2981، 4175، 4195، 5384، 5454، 5455 تحفة 4813 - 92/ 7 10 - باب مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَأْكُلُ حَتَّى يُسَمَّى لَهُ فَيَعْلَمُ مَا هُوَ 5391 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الأَنْصَارِىُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ الَّذِى يُقَالُ لَهُ سَيْفُ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى مَيْمُونَةَ - وَهْىَ خَالَتُهُ وَخَالَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ - فَوَجَدَ عِنْدَهَا ضَبًّا مَحْنُوذًا، قَدِمَتْ بِهِ أُخْتُهَا حُفَيْدَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ مِنْ نَجْدٍ، فَقَدَّمَتِ الضَّبَّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ قَلَّمَا يُقَدِّمُ يَدَهُ لِطَعَامٍ حَتَّى يُحَدَّثَ بِهِ وَيُسَمَّى لَهُ، فَأَهْوَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ إِلَى الضَّبِّ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ النِّسْوَةِ الْحُضُورِ أَخْبِرْنَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا قَدَّمْتُنَّ لَهُ، هُوَ الضَّبُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَرَفَعَ رَسُولُ

11 - باب طعام الواحد يكفى الاثنين

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ عَنِ الضَّبِّ، فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ أَحَرَامٌ الضَّبُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «لاَ وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِى فَأَجِدُنِى أَعَافُهُ». قَالَ خَالِدٌ فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكَلْتُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْظُرُ إِلَىَّ. طرفاه 5400، 5537 - تحفة 3504 5391 - قوله: (ضَبًّا مَحْنُوذًا) (¬1) أي مشويًا على حجر. 11 - باب طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِى الاِثْنَيْنِ 5392 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «طَعَامُ الاِثْنَيْنِ كَافِى الثَّلاَثَةِ، وَطَعَامُ الثَّلاَثَةِ كَافِى الأَرْبَعَةِ». تحفة 13804 12 - باب الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِى مِعًى وَاحِدٍ فيه أبو هريرة عن النبي. 5393 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يَأْكُلُ حَتَّى يُؤْتَى بِمِسْكِينٍ يَأْكُلُ مَعَهُ، فَأَدْخَلْتُ رَجُلًا يَأْكُلُ مَعَهُ فَأَكَلَ كَثِيرًا فَقَالَ يَا نَافِعُ لاَ تُدْخِلْ هَذَا عَلَىَّ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِى مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِى سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ». طرفاه 5394، 5395 - تحفة 8517 والمراد من «مُعىً» تدويره، وفي الطب أنه ستةُ تدويراتٍ سَمّوا كلًا منها باسم، فأين تلك السابعة؟ وقد أجاب عنه الطحاوي (¬2) في «مُشْكله» أن السابعة هي المعدة، أطلق عليها مِعًى تغليبًا. وحاصِل الحديث أنَّ الكافر يأكل الكثيرَ، والمؤمنَ القليل. 13 - باب الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِى مِعًى وَاحِدٍ فيه أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 5394 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَأْكُلُ فِى مِعًى وَاحِدٍ، وَإِنَّ الْكَافِرَ - أَوِ الْمُنَافِقَ فَلاَ أَدْرِى أَيَّهُمَا قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ - يَأْكُلُ فِى سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ». وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ ¬

_ (¬1) قال الخَطَّابي: المحنوذ المشوي، ويقال: هو ما شُوِي بالرضف، وهى الحجارة المحماة، ومن هذا قولُه سبحانه: {جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود: 69]، اهـ "معالم". (¬2) قلتُ: وقد راجعت نسخة "المُشْكِل" ولم أجده فيه على ما أحفظه الآن، وليست عندي نسخة حين تسويدِ هذه السُّطور، فليراجع.

14 - باب الأكل متكئا

حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِثْلِهِ. طرفاه 5393، 5395 - تحفة 8046 - 93/ 7 5395 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ كَانَ أَبُو نَهِيكٍ رَجُلًا أَكُولًا فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الْكَافِرَ يَأْكُلُ فِى سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ». فَقَالَ فَأَنَا أُومِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ. طرفاه 5393، 5394 - تحفة 7357 5396 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَأْكُلُ الْمُسْلِمُ فِى مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِى سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ». طرفه 5397 - تحفة 13847 5397 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَأْكُلُ أَكْلًا كَثِيرًا، فَأَسْلَمَ فَكَانَ يَأْكُلُ أَكْلًا قَلِيلًا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَأْكُلُ فِى مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرَ يَأْكُلُ فِى سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ». طرفه 5396 - تحفة 13412 14 - باب الأَكْلِ مُتَّكِئًا 5398 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ عَلِىِّ بْنِ الأَقْمَرِ سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ آكُلُ مُتَّكِئًا». طرفه 5399 - تحفة 11801 5399 - حَدَّثَنِى عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ الأَقْمَرِ عَنْ أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِرَجُلٍ عِنْدَهُ «لاَ آكُلُ وَأَنَا مُتَّكِئٌ». طرفه 5398 - تحفة 11801 ونَبّه الخَطَّابي (¬1) على أنَّ المراد من الاتكاء الجلوس مُطمئنًا، بأي نحوٍ كان، ¬

_ (¬1) قال الشيخ الخَطّابي: يَحْسَب أكثرُ العامّة إنَّ المتكىء هو المائل، المعتَمِد على أَحَد شِقّيه، لا يعرفون غيره، وكان بَعْضُهم يتأوّل هذا الكلام على مذهب الطب، ودَفْع الضَّرر عن البدن، إذ كان معلومًا أن الآكِل مائلًا على أحَد شِقّيه، لا يكاد يَسْلم من ضَغْطٍ ينالُه في مجاري طعامه، فلا يسغه، ولا يسهل نزوله إلى معدته. قال: وليس معنى الحديث ما ذهبوا إليه، وإنما المتكىء ههنا هو المعتَمِد على الوطىء الذي تحته، وكلَّ مَن استوى قاعدًا على وطىء، فهو متكىء، والاتكاء مأخوذٌ من الوكأ، وَوَزْنه الافتعال منه، فالمتكىء هو الذي أوكى مقعدته، وشَدّها بالقعود على الوطىء الذي تحته، والمعنى: أني إذا أكلت لم أقعد متمكِّنًا على الأوطية والوسائد، فعلى مَنْ يريد أن يستكثر من الأطعمة، ويتوسع في الألوان، ولكني آكُل علقةٌ، وآخُذ من الطعام بلغة، فيكون قعودي مستوفزًا له، وروي أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يأكل مقعيًا. ويقول: أنا عبدُ آكُل كما يأكل العبد. اهـ "معالم السنن". قال العلّامة المارديني: وما قاله الخَطّابي فيه بعد، كذا قال ابن الجَوزي، وما أدري لأي معنًى عَدَل عن المعنى الأول مع شهرته، وصِحة معناه. اهـ: "الجَوهر النقي". قلتُ: والخَطّابي هو العُمدةُ في هذا الباب، والله تعالى أعلم بالصَّواب.

15 - باب الشواء وقول الله تعالى: {جاء بعجل حنيذ} [هود: 69] أى مشوى.

والخَطّابي فَقِيهٌ مُعْتدلُ المِزاج، إمامُ فَنّ الكلام، والفِقْه، وغريبِ الحديث، من المئة الرابعة، متقدّم على البيهقي، وقد كتب شيئًا مُهِمًّا في شَرْحه، وهو أن مجتهدًا كاملًا لو أَكْفَر أحدًا من قياسه، لاتّبعناه فيه، كالأئمةِ الأربعةِ، ففهمت منه أنه مُعْتدل المِزاج، لأنه اعتبر بالأئمة الأربعة، وحمل نفسه على تقليدِهم في أَمْر الإِكفار. 15 - باب الشِّوَاءِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود: 69] أَىْ مَشْوِىٍّ. 5400 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِضَبٍّ مَشْوِىٍّ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ لِيَأْكُلَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ ضَبٌّ، فَأَمْسَكَ يَدَهُ، فَقَالَ خَالِدٌ أَحَرَامٌ هُوَ قَالَ «لاَ، وَلَكِنَّهُ لاَ يَكُونُ بِأَرْضِ قَوْمِى، فَأَجِدُنِى أَعَافُهُ». فَأَكَلَ خَالِدٌ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْظُرُ. قَالَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ. طرفاه 5391، 5537 - تحفة 3504 أي اللحم المشوي، ولعل الكباب أيضًا داخلٌ فيه. 16 - باب الْخَزِيرَةِ قالَ النَّضْرُ: الخَزِيرَةُ مِنَ النُّخَالَةِ، وَالحَرِيرَةُ مِنَ اللَّبَنِ. 5401 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِىُّ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الأَنْصَارِ - أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أَنْكَرْتُ بَصَرِى وَأَنَا أُصَلِّى لِقَوْمِى، فَإِذَا كَانَتِ الأَمْطَارُ سَالَ الْوَادِى الَّذِى بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ، لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ آتِىَ مَسْجِدَهُمْ فَأُصَلِّىَ لَهُمْ، فَوَدِدْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّكَ تَأْتِى فَتُصَلِّى فِى بَيْتِى، فَأَتَّخِذُهُ مُصَلًّى. فَقَالَ «سَأَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». قَالَ عِتْبَانُ فَغَدَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ، فَاسْتَأْذَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَذِنْتُ لَهُ فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ، ثُمَّ قَالَ لِى «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّىَ مِنْ بَيْتِكَ». فَأَشَرْتُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَيْتِ فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَكَبَّرَ، فَصَفَفْنَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ وَحَبَسْنَاهُ عَلَى خَزِيرٍ صَنَعْنَاهُ، فَثَابَ فِى الْبَيْتِ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ ذَوُو عَدَدٍ فَاجْتَمَعُوا، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ مُنَافِقٌ لاَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُلْ، أَلاَ تَرَاهُ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ». قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ قُلْنَا فَإِنَّا نَرَى وَجْهَهُ وَنَصِيحَتَهُ إِلَى الْمُنَافِقِينَ. فَقَالَ «فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. يَبْتَغِى بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ ثُمَّ سَأَلْتُ الْحُصَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِىَّ أَحَدَ بَنِى

17 - باب الأقط

سَالِمٍ وَكَانَ مِنْ سَرَاتِهِمْ عَنْ حَدِيثِ مَحْمُودٍ فَصَدَّقَهُ. أطرافه 424، 425، 667، 686، 838، 840، 1186، 4009، 4010، 6423، 6938 - تحفة 9750 17 - باب الأَقِطِ وَقالَ حُمَيدٌ: سَمِعْتُ أَنَسًا: بَنَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم بِصَفِيَّةَ، فَأَلقَى التَّمْرَ وَاْلأَقِطَ وَالسَّمْنَ. وَقالَ عَمْرُوبْنُ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَنَسٍ: صَنَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم حَيسًا. 5402 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَهْدَتْ خَالَتِى إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ضِبَابًا وَأَقِطًا وَلَبَنًا، فَوُضِعَ الضَّبُّ عَلَى مَائِدَتِهِ، فَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُوضَعْ وَشَرِبَ اللَّبَنَ، وَأَكَلَ الأَقِطَ. أطرافه 2575، 5389، 7358 - تحفة 5448 - 95/ 7 5402 - قوله: (فَوُضِع الضَّبُّ على مائدتِه) أي سفرته، فإِنه لم يأكل على مائدة قَطّ، ومِثْل تلك التوسيعات غيرُ نادرةٍ في الرواة. 18 - باب السِّلْقِ وَالشَّعِيرِ 5403 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ إِنْ كُنَّا لَنَفْرَحُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ تَأْخُذُ أُصُولَ السِّلْقِ، فَتَجْعَلُهُ فِى قِدْرٍ لَهَا، فَتَجْعَلُ فِيهِ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ، إِذَا صَلَّيْنَا زُرْنَاهَا فَقَرَّبَتْهُ إِلَيْنَا، وَكُنَّا نَفْرَحُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، وَمَا كُنَّا نَتَغَدَّى وَلاَ نَقِيلُ إِلاَّ بَعْدَ الْجُمُعَةِ، وَاللَّهِ مَا فِيهِ شَحْمٌ وَلاَ وَدَكٌ. أطرافه 938، 939، 941، 2349، 6248، 6279 - تحفة 4784 5403 - قوله: (شَحْم) هو الجامِدُ والذائب، يقال له: الوَدَك. 19 - باب النَّهْسِ وَانْتِشَالِ اللَّحْمِ 5404 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ تَعَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَتِفًا، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. طرفاه 207، 5405 - تحفة 6437 5405 - وَعَنْ أَيُّوبَ وَعَاصِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ انْتَشَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَرْقًا مِنْ قِدْرٍ فَأَكَلَ، ثُمَّ صَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. طرفاه 207، 5404 - تحفة 6008، 6136 20 - باب تَعَرُّقِ الْعَضُدِ 5406 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا

21 - باب قطع اللحم بالسكين

أَبُو حَازِمٍ الْمَدَنِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَ مَكَّةَ. أطرافه 1821، 1822، 1823، 1824، 2570، 2854، 2914، 4149، 5407، 5490، 5491، 5492 - تحفة 12099 5407 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ السَّلَمِىِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ يَوْمًا جَالِسًا مَعَ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَنْزِلٍ فِى طَرِيقِ مَكَّةَ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَازِلٌ أَمَامَنَا، وَالْقَوْمُ مُحْرِمُونَ وَأَنَا غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَأَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا وَأَنَا مَشْغُولٌ أَخْصِفُ نَعْلِى، فَلَمْ يُؤْذِنُونِى لَهُ، وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّى أَبْصَرْتُهُ، فَالْتَفَتُّ فَأَبْصَرْتُهُ فَقُمْتُ إِلَى الْفَرَسِ فَأَسْرَجْتُهُ. ثُمَّ رَكِبْتُ وَنَسِيتُ السَّوْطَ وَالرُّمْحَ فَقُلْتُ لَهُمْ نَاوِلُونِى السَّوْطَ وَالرُّمْحَ. فَقَالُوا لاَ وَاللَّهِ لاَ نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَىْءٍ. فَغَضِبْتُ فَنَزَلْتُ فَأَخَذْتُهُمَا، ثُمَّ رَكِبْتُ فَشَدَدْتُ عَلَى الْحِمَارِ فَعَقَرْتُهُ، ثُمَّ جِئْتُ بِهِ وَقَدْ مَاتَ فَوَقَعُوا فِيهِ يَأْكُلُونَهُ، ثُمَّ إِنَّهُمْ شَكُّوا فِى أَكْلِهِمْ إِيَّاهُ وَهُمْ حُرُمٌ، فَرُحْنَا وَخَبَأْتُ الْعَضُدَ مَعِى، فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ «مَعَكُمْ مِنْهُ شَىْءٌ». فَنَاوَلْتُهُ الْعَضُدَ فَأَكَلَهَا حَتَّى تَعَرَّقَهَا، وَهْوَ مُحْرِمٌ. قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ وَحَدَّثَنِى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ مِثْلَهُ. أطرافه 1821، 1822، 1823، 1824، 2570، 2854، 2914، 4149، 5406، 5490، 5491، 5492 - تحفة 12099، 12120 - 96/ 7 21 - باب قَطْعِ اللَّحْمِ بِالسِّكِّينِ 5408 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ أَبَاهُ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ فِى يَدِهِ، فَدُعِىَ إِلَى الصَّلاَةِ فَأَلْقَاهَا وَالسِّكِّينَ الَّتِى يَحْتَزُّ بِهَا، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. أطرافه 208، 675، 2923، 5422، 5462 - تحفة 10700 ويجوزُ القَطْع "بوتى بنا". 22 - باب مَا عَابَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - طَعَامًا 5409 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ مَا عَابَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - طَعَامًا قَطُّ، إِنِ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ، وَإِنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ. طرفه 3563 - تحفة 13403 23 - باب النَّفْخِ فِى الشَّعِيرِ 5410 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ أَنَّهُ سَأَلَ سَهْلاً هَلْ رَأَيْتُمْ فِى زَمَانِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - النَّقِىَّ قَالَ لاَ. فَقُلْتُ فَهَلْ كُنْتُمْ تَنْخُلُونَ الشَّعِيرَ قَالَ لاَ وَلَكِنْ كُنَّا نَنْفُخُهُ. طرفه 5413 - تحفة 4764

24 - باب ما كان النبى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يأكلون

24 - باب مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ يَأْكُلُونَ 5411 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبَّاسٍ الْجُرَيْرِىِّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا بَيْنَ أَصْحَابِهِ تَمْرًا، فَأَعْطَى كُلَّ إِنْسَانٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ، فَأَعْطَانِى سَبْعَ تَمَرَاتٍ إِحْدَاهُنَّ حَشَفَةٌ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِنَّ تَمْرَةٌ أَعْجَبَ إِلَىَّ مِنْهَا، شَدَّتْ فِى مَضَاغِى. طرفاه 5441، 5441 م - تحفة 13617 5412 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ سَعْدٍ قَالَ رَأَيْتُنِى سَابِعَ سَبْعَةٍ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا لَنَا طَعَامٌ إِلاَّ وَرَقُ الْحُبْلَةِ - أَوِ الْحَبَلَةِ - حَتَّى يَضَعَ أَحَدُنَا مَا تَضَعُ الشَّاةُ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِى عَلَى الإِسْلاَمِ، خَسِرْتُ إِذًا وَضَلَّ سَعْيِى. طرفاه 3728، 6453 - تحفة 3913 5413 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ سَأَلْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ فَقُلْتُ هَلْ أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - النَّقِىَّ فَقَالَ سَهْلٌ مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - النَّقِىَّ مِنْ حِينَ ابْتَعَثَهُ اللَّهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ. قَالَ فَقُلْتُ هَلْ كَانَتْ لَكُمْ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنَاخِلُ قَالَ مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُنْخُلاً مِنْ حِينَ ابْتَعَثَهُ اللَّهُ حَتَّى قَبَضَهُ. قَالَ قُلْتُ كَيْفَ كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ الشَّعِيرَ غَيْرَ مَنْخُولٍ قَالَ كُنَّا نَطْحَنُهُ وَنَنْفُخُهُ، فَيَطِيرُ مَا طَارَ وَمَا بَقِىَ ثَرَّيْنَاهُ فَأَكَلْنَاهُ. طرفه 5410 - تحفة 4785 - 97/ 7 5414 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ، فَدَعَوْهُ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَشْبَعْ مِنَ الْخُبْزِ الشَّعِيرِ. تحفة 13020 5415 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا مُعَاذٌ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ يُونُسَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ مَا أَكَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى خِوَانٍ، وَلاَ فِى سُكْرُجَةٍ، وَلاَ خُبِزَ لَهُ مُرَقَّقٌ. قُلْتُ لِقَتَادَةَ عَلَى مَا يَأْكُلُونَ قَالَ عَلَى السُّفَرِ. طرفاه 5386، 6450 - تحفة 1444 5416 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ طَعَامِ الْبُرِّ ثَلاَثَ لَيَالٍ تِبَاعًا، حَتَّى قُبِضَ. طرفه 6454 - تحفة 15986 5411 - قوله: (فلم يَكُن فِيهِنَّ تَمرةٌ أَعْجبَ إليَّ مِنْها شَدَّت في مَضاغي) "يعني مجهكو وهى رجهى معلوم هوئى كيونكه يرتك جبتى رهى". 5412 - قوله: (وَرَقُ الحُبْلَة) "بيلوكى بثى".

25 - باب التلبينة

25 - باب التَّلْبِينَةِ 5417 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ مِنْ أَهْلِهَا فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَ، إِلاَّ أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا، أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَّتِ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَتْ كُلْنَ مِنْهَا فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «التَّلْبِينَةُ مَجَمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ، تَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ». طرفاه 5689، 5690 - تحفة 16539 نوع من الحريرة تُتّخذ مِن اللبن. 5417 - قوله: (مُجِمَّةٌ) أي مريحة. 26 - باب الثَّرِيدِ 5418 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجَمَلِىِّ عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِىِّ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ». أطرافه 3411، 3433، 3769 - تحفة 9029 5419 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى طُوَالَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ». طرفاه 3770، 5428 - تحفة 970 - 98/ 7 5420 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ أَبَا حَاتِمٍ الأَشْهَلَ بْنَ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ دَخَلْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى غُلاَمٍ لَهُ خَيَّاطٍ، فَقَدَّمَ إِلَيْهِ قَصْعَةً فِيهَا ثَرِيدٌ - قَالَ - وَأَقْبَلَ عَلَى عَمَلِهِ - قَالَ - فَجَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ - قَالَ - فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُهُ فَأَضَعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ - قَالَ - فَمَا زِلْتُ بَعْدُ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ. أطرافه 2092، 5379، 5433، 5435، 5436، 5437، 5439 - تحفة 503 27 - باب شَاةٍ مَسْمُوطَةٍ، وَالْكَتِفِ وَالْجَنْبِ 5421 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ قَالَ كُنَّا نَأْتِى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - وَخَبَّازُهُ قَائِمٌ قَالَ كُلُوا فَمَا أَعْلَمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَغِيفًا مُرَقَّقًا حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ، وَلاَ رَأَى شَاةً سَمِيطًا بِعَيْنِهِ قَطُّ. طرفاه 5385، 6457 - تحفة 1406 5422 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِىِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَدُعِىَ إِلَى الصَّلاَةِ، فَقَامَ فَطَرَحَ السِّكِّينَ فَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. أطرافه 208، 675، 2923، 5408، 5462 - تحفة 10700

28 - باب ما كان السلف يدخرون فى بيوتهم وأسفارهم من الطعام واللحم وغيره

28 - باب مَا كَانَ السَّلَفُ يَدَّخِرُونَ فِى بُيُوتِهِمْ وَأَسْفَارِهِمْ مِنَ الطَّعَامِ وَاللَّحْمِ وَغَيْرِهِ وقالت عَائِشَةُ وأَسْمَاءُ: صَنَعْنَا لِلنبي صلى الله عليه وسلّم وَأَبِي بَكْرٍ سُفرَةً. 5423 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ أَنَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الأَضَاحِىِّ فَوْقَ ثَلاَثٍ قَالَتْ مَا فَعَلَهُ إِلاَّ فِى عَامٍ جَاعَ النَّاسُ فِيهِ، فَأَرَادَ أَنْ يُطْعِمَ الْغَنِىُّ الْفَقِيرَ، وَإِنْ كُنَّا لَنَرْفَعُ الْكُرَاعَ فَنَأْكُلُهُ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ. قِيلَ مَا اضْطَرَّكُمْ إِلَيْهِ فَضَحِكَتْ قَالَتْ مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ خُبْزِ بُرٍّ مَأْدُومٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ بِهَذَا. أطرافه 5438، 5570، 6687 - تحفة 16165 5424 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الْهَدْىِ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْمَدِينَةِ. تَابَعَهُ مُحَمَّدٌ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَقَالَ حَتَّى جِئْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ لاَ. أطرافه فى 1719، 2980، 5567 - تحفة 2469، 2453 - 99/ 7 29 - باب الْحَيْسِ 5425 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِى عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى طَلْحَةَ «الْتَمِسْ غُلاَمًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِى». فَخَرَجَ بِى أَبُو طَلْحَةَ، يُرْدِفُنِى وَرَاءَهُ، فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كُلَّمَا نَزَلَ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ». فَلَمْ أَزَلْ أَخْدُمُهُ حَتَّى أَقْبَلْنَا مِنْ خَيْبَرَ، وَأَقْبَلَ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىٍّ قَدْ حَازَهَا، فَكُنْتُ أَرَاهُ يُحَوِّى وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ أَوْ بِكِسَاءٍ، ثُمَّ يُرْدِفُهَا وَرَاءَهُ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ صَنَعَ حَيْسًا فِى نِطَعٍ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَدَعَوْتُ رِجَالاً فَأَكَلُوا، وَكَانَ ذَلِكَ بِنَاءَهُ بِهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى إِذَا بَدَا لَهُ أُحُدٌ قَالَ «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ». فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا مِثْلَ مَا حَرَّمَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِى مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ». أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 1117 30 - باب الأَكْلِ فِى إِنَاءٍ مُفَضَّضٍ 5426 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ أَبِى سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى لَيْلَى أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ حُذَيْفَةَ فَاسْتَسْقَى فَسَقَاهُ مَجُوسِىٌّ. فَلَمَّا وَضَعَ الْقَدَحَ فِى يَدِهِ رَمَاهُ بِهِ وَقَالَ لَوْلاَ أَنِّى نَهَيْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلاَ مَرَّتَيْنِ. كَأَنَّهُ يَقُولُ

31 - باب ذكر الطعام

لَمْ أَفْعَلْ هَذَا، وَلَكِنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلاَ الدِّيبَاجَ وَلاَ تَشْرَبُوا فِى آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلاَ تَأْكُلُوا فِى صِحَافِهَا، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِى الدُّنْيَا وَلَنَا فِى الآخِرَةِ». أطرافه 5632، 5633، 5831، 5837 - تحفة 3373 وعن مولانا الجَنْجُوهي أنّ كل ما يُعَد من الظروف لا يجوز استعمالُه للرجال، والنساء سواء، وعلى هذا ينبغي أن لا يجوز "كموى كاكيس ادرآرسى". والإِناء إذا كان مُضَبّبًا مِن فِضّة يجوز الشُّرب منه إذا اتّقي مَوْضع الفِضّة. 31 - باب ذِكْرِ الطَّعَامِ 5427 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِى لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ لاَ رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِى لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ، لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ». أطرافه 5020، 5059، 7560 - تحفة 8981 - 100/ 7 5428 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ». طرفاه 3770، 5419 - تحفة 970 5429 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ مِنْ وَجْهِهِ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ». طرفاه 1804، 3001 - تحفة 12572 32 - باب الأُدْمِ 5430 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ كَانَ فِى بَرِيرَةَ ثَلاَثُ سُنَنٍ، أَرَادَتْ عَائِشَةُ أَنْ تَشْتَرِيَهَا فَتُعْتِقَهَا، فَقَالَ أَهْلُهَا، وَلَنَا الْوَلاَءُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لَوْ شِئْتِ شَرَطْتِيهِ لَهُمْ، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». قَالَ وَأُعْتِقَتْ فَخُيِّرَتْ فِى أَنْ تَقِرَّ تَحْتَ زَوْجِهَا أَوْ تُفَارِقَهُ، وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا بَيْتَ عَائِشَةَ وَعَلَى النَّارِ بُرْمَةٌ تَفُورُ، فَدَعَا بِالْغَدَاءِ فَأُتِىَ بِخُبْزٍ وَأُدْمٍ مِنْ أُدْمِ الْبَيْتِ فَقَالَ «أَلَمْ أَرَ لَحْمًا». قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَكِنَّهُ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَأَهْدَتْهُ لَنَا. فَقَالَ هُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا، وَهَدِيَّةٌ لَنَا». أطرافه 456، 1493، 2155، 2168، 2536، 2560، 2561، 2563، 2564، 2565، 2578، 2717، 2726، 2729، 2735، 5097، 5279، 5284، 6717، 6751، 6754، 6758، 6760 - تحفة 17449 وهو والأُدْم "سالن"، وفي فِقْهنا هو كلّ شيء يؤتدم به الخبز.

33 - باب الحلواء والعسل

33 - باب الْحَلْوَاءِ وَالْعَسَلِ 5431 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِىُّ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ. أطرافه 4912، 5216، 5267، 5268، 5599، 5614، 5682، 6691، 6972 تحفة 16796 5432 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى الْفُدَيْكِ عَنِ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كُنْتُ أَلْزَمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لِشِبَعِ بَطْنِى حِينَ لاَ آكُلُ الْخَمِيرَ، وَلاَ أَلْبَسُ الْحَرِيرَ، وَلاَ يَخْدُمُنِى فُلاَنٌ وَلاَ فُلاَنَةُ، وَأُلْصِقُ بَطْنِى بِالْحَصْبَاءِ، وَأَسْتَقْرِئُ الرَّجُلَ الآيَةَ وَهْىَ مَعِى كَىْ يَنْقَلِبَ بِى فَيُطْعِمَنِى، وَخَيْرُ النَّاسِ لِلْمَسَاكِينِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِى طَالِبٍ، يَنْقَلِبُ بِنَا فَيُطْعِمُنَا مَا كَانَ فِى بَيْتِهِ، حَتَّى إِنْ كَانَ لَيُخْرِجُ إِلَيْنَا الْعُكَّةَ لَيْسَ فِيهَا شَىْءٌ، فَنَشْتَقُّهَا فَنَلْعَقُ مَا فِيهَا. طرفه 3708 - تحفة 13021 - 101/ 7 وهو كلُّ شيء حلو. 34 - باب الدُّبَّاءِ 5433 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَتَى مَوْلًى لَهُ خَيَّاطًا، فَأُتِىَ بِدُبَّاءٍ، فَجَعَلَ يَأْكُلُهُ، فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّهُ مُنْذُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُهُ. أطرافه 2092، 5379، 5420، 5435، 5436، 5437، 5439 - تحفة 503 35 - باب الرَّجُلِ يَتَكَلَّفُ الطَّعَامَ لإِخْوَانِهِ 5434 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ قَالَ كَانَ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو شُعَيْبٍ، وَكَانَ لَهُ غُلاَمٌ لَحَّامٌ فَقَالَ اصْنَعْ لِى طَعَامًا أَدْعُو رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَامِسَ خَمْسَةٍ، فَدَعَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَامِسَ خَمْسَةٍ، فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّكَ دَعَوْتَنَا خَامِسَ خَمْسَةٍ وَهَذَا رَجُلٌ قَدْ تَبِعَنَا، فَإِنْ شِئْتَ أَذِنْتَ لَهُ، وَإِنْ شِئْتَ تَرَكْتَهُ». قَالَ بَلْ أَذِنْتُ لَهُ. أطرافه 2081، 2456، 5461 - تحفة 9990 36 - باب مَنْ أَضَافَ رَجُلاً إِلَى طَعَامٍ وَأَقْبَلَ هُوَ عَلَى عَمَلِهِ 5435 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ النَّضْرَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ غُلاَمًا أَمْشِى مَعَ رَسُولِ

37 - باب المرق

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى غُلاَمٍ لَهُ خَيَّاطٍ، فَأَتَاهُ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ وَعَلَيْهِ دُبَّاءٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ - قَالَ - فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ جَعَلْتُ أَجْمَعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ - قَالَ - فَأَقْبَلَ الْغُلاَمُ عَلَى عَمَلِهِ. قَالَ أَنَسٌ لاَ أَزَالُ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ بَعْدَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَنَعَ مَا صَنَعَ. أطرافه 2092، 5379، 5420، 5433، 5436، 5437، 5439 - تحفة 503 "يعنى ميز بان كى سانى مهمان نى كهانار كها ادرميز بان انى ذهندى مين لكارها". 37 - باب الْمَرَقِ 5436 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَنَّ خَيَّاطًا دَعَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، فَذَهَبْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَّبَ خُبْزَ شَعِيرٍ وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ، فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَىِ الْقَصْعَةِ، فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ بَعْدَ يَوْمِئِذٍ. أطرافه 2092، 5379، 5420، 5433، 5435، 5437، 5439 - تحفة 198 - 102/ 7 38 - باب الْقَدِيدِ 5437 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِمَرَقَةٍ فِيهَا دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ، فَرَأَيْتُهُ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ يَأْكُلُهَا. أطرافه 2092، 5379، 5420، 5433، 5435، 5436، 5439 - تحفة 198 5438 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا فَعَلَهُ إِلاَّ فِى عَامٍ جَاعَ النَّاسُ، أَرَادَ أَنْ يُطْعِمَ الْغَنِىُّ الْفَقِيرَ، وَإِنْ كُنَّا لَنَرْفَعُ الْكُرَاعَ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَمَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ خُبْزِ بُرٍّ مَأْدُومٍ ثَلاَثًا. أطرافه 5423، 5570، 6657 - تحفة 16165 كانوا يقدن اللحم، ثُم يُلْقونه في الشمس حتى يَيْبس، ثُم يَدّخِرونه ويأكلونه متى احتاجوا إليه. 39 - باب مَنْ نَاوَلَ أَوْ قَدَّمَ إِلَى صَاحِبِهِ عَلَى الْمَائِدَةِ شَيْئًا قالَ: وقالَ ابْنُ المبَارَكِ: لاَ بأْسَ أَنْ يُنَاوِلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَلاَ يُنَاولُ مِنْ هذهِ المَائِدةِ إِلَى مائِدةٍ أُخْرَى. 5439 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِطَعَامٍ صَنَعَهُ - قَالَ أَنَسٌ - فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ، فَقَرَّبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خُبْزًا مِنْ شَعِيرٍ وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ - قَالَ أَنَسٌ - فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوْلِ

40 - باب الرطب بالقثاء

الصَّحْفَةِ، فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ. وَقَالَ ثُمَامَةُ عَنْ أَنَسٍ، فَجَعَلْتُ أَجْمَعُ الدُّبَّاءَ بَيْنَ يَدَيْهِ. أطرافه 2092، 5379، 5420، 5433، 5435، 5436، 5437 - تحفة 198، 503 يعني إنَّ الناس إذا قعدوا على طعامٍ حِلقًا حلقًا، فيجوز لأصحابِ حلقةٍ واحدة أن يناول أحدُهما الآخَر مما عندهم من الطعام، ولا يجوز لصاحب حِلْقة أن يناوله لصاحب حِلقة أُخرى، إلا أن يستأذن المضيف. 40 - باب الرُّطَبِ بِالْقِثَّاءِ 5440 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالْقِثَّاءِ. طرفاه 5447، 5449 - تحفة 5219 41 - باب 5441 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبَّاسٍ الْجُرَيْرِىِّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ تَضَيَّفْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ سَبْعًا، فَكَانَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ يَعْتَقِبُونَ اللَّيْلَ أَثْلاَثًا، يُصَلِّى هَذَا، ثُمَّ يُوقِظُ هَذَا. وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنِ أَصْحَابِهِ تَمْرًا، فَأَصَابَنِى سَبْعُ تَمَرَاتٍ إِحْدَاهُنَّ حَشَفَةٌ. طرفاه 5411 م، 5441 - تحفة 13617 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَنَا تَمْرًا فَأَصَابَنِى مِنْهُ خَمْسٌ أَرْبَعُ تَمَرَاتٍ وَحَشَفَةٌ، ثُمَّ رَأَيْتُ الْحَشَفَةَ هِىَ أَشَدُّهُنَّ لِضِرْسِى. طرفاه 5411، 5441 - تحفة 13617 - 103/ 7 42 - باب الرُّطَبِ وَالتَّمْرِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25)} [مريم: 25]. 5442 - وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورِ ابْنِ صَفِيَّةَ حَدَّثَتْنِى أُمِّى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ شَبِعْنَا مِنَ الأَسْوَدَيْنِ التَّمْرِ وَالْمَاءِ. طرفه 5383 تحفة 17860 5443 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى رَبِيعَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهما قَالَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ يَهُودِىٌّ وَكَانَ يُسْلِفُنِى فِى تَمْرِى إِلَى الْجِدَادِ، وَكَانَتْ لِجَابِرٍ الأَرْضُ الَّتِى بِطَرِيقِ رُومَةَ فَجَلَسَتْ، فَخَلاَ عَامًا فَجَاءَنِى الْيَهُودِىُّ عِنْدَ الْجَدَادِ، وَلَمْ أَجُدَّ مِنْهَا

43 - باب أكل الجمار

شَيْئًا، فَجَعَلْتُ أَسْتَنْظِرُهُ إِلَى قَابِلٍ فَيَأْبَى، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لأَصْحَابِهِ «امْشُوا نَسْتَنْظِرْ لِجَابِرٍ مِنَ الْيَهُودِىِّ». فَجَاءُونِى فِى نَخْلِى فَجَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُكَلِّمُ الْيَهُودِىَّ فَيَقُولُ أَبَا الْقَاسِمِ لاَ أُنْظِرُهُ. فَلَمَّا رَأَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ فَطَافَ فِى النَّخْلِ، ثُمَّ جَاءَهُ فَكَلَّمَهُ فَأَبَى فَقُمْتُ فَجِئْتُ بِقَلِيلِ رُطَبٍ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَىِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَكَلَ ثُمَّ قَالَ «أَيْنَ عَرِيشُكَ يَا جَابِرُ». فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ «افْرُشْ لِى فِيهِ». فَفَرَشْتُهُ فَدَخَلَ فَرَقَدَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَجِئْتُهُ بِقَبْضَةٍ أُخْرَى فَأَكَلَ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَ فَكَلَّمَ الْيَهُودِىَّ فَأَبَى عَلَيْهِ فَقَامَ فِى الرِّطَابِ فِى النَّخْلِ الثَّانِيَةَ ثُمَّ قَالَ «يَا جَابِرُ جُدَّ وَاقْضِ». فَوَقَفَ فِى الْجَدَادِ فَجَدَدْتُ مِنْهَا مَا قَضَيْتُهُ وَفَضَلَ مِنْهُ فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَشَّرْتُهُ فَقَالَ «أَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ». عُرُوشٌ وَعَرِيشٌ: بِناءٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَعْرُوشاتٍ ما يُعَرَّشُ مِنَ الكُرُوم وَغَيْرُ ذلِكَ، يُقالُ عُرُوشُها أَبْنِيَتُها. قالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسماعِيلَ فَخَلا لَيْسَ عِنْدِي مُقَيداً، ثُمَّ قالَ: فَجَلَّى لَيْسَ فِيهِ شَكٌّ. تحفة 2213 5443 - قوله: (فَجَلَسَت) أي لم تُثْمر. قوله: (أَين عَرِيشُك) "تيرى". 43 - باب أَكْلِ الْجُمَّارِ 5444 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى مُجَاهِدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - جُلُوسٌ إِذْ أُتِىَ بِجُمَّارِ نَخْلَةٍ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ لَمَا بَرَكَتُهُ كَبَرَكَةِ الْمُسْلِمِ». فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَعْنِى النَّخْلَةَ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ هِىَ النَّخْلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. ثُمَّ الْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا عَاشِرُ عَشَرَةٍ أَنَا أَحْدَثُهُمْ فَسَكَتُّ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هِىَ النَّخْلَةُ». أطرافه 61، 62، 72، 131، 2209، 4698، 5448، 6122، 6144 تحفة 7389 - 104/ 7 44 - باب الْعَجْوَةِ 5445 - حَدَّثَنَا جُمْعَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ أَخْبَرَنَا عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ تَصَبَّحَ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً لَمْ يَضُرُّهُ فِى ذَلِكَ الْيَوْمِ سُمٌّ وَلاَ سِحْرٌ». أطرافه 5768، 5769، 5779 - تحفة 3895 45 - باب الْقِرَانِ فِى التَّمْرِ 5446 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ قَالَ أَصَابَنَا عَامُ سَنَةٍ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَرَزَقَنَا تَمْرًا، فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَمُرُّ بِنَا وَنَحْنُ نَأْكُلُ وَيَقُولُ لاَ تُقَارِنُوا فَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْقِرَانِ. ثُمَّ يَقُولُ إِلاَّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ أَخَاهُ. قَالَ شُعْبَةُ الإِذْنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ. أطرافه 2455، 2489، 2490 - تحفة 6667

46 - باب القثاء

46 - باب الْقِثَّاءِ 5447 - حَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالْقِثَّاءِ. طرفاه 5440، 5449 - تحفة 5219 47 - باب بَرَكَةِ النَّخْلِ 5448 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةٌ تَكُونُ مِثْلَ الْمُسْلِمِ، وَهْىَ النَّخْلَةُ». أطرافه 61، 62، 72، 131، 2209، 4698، 5444، 6122، 6144 تحفة 7389 48 - باب جَمْعِ اللَّوْنَيْنِ أَوِ الطَّعَامَيْنِ بِمَرَّةٍ 5449 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالْقِثَّاءِ. طرفاه 5440، 5447 - تحفة 5219 49 - باب مَنْ أَدْخَلَ الضِّيفَانَ عَشَرَةً عَشَرَةً، وَالْجُلُوسِ عَلَى الطَّعَامِ عَشَرَةً عَشَرَةً 5450 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْجَعْدِ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أَنَسٍ. وَعَنْ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسٍ. وَعَنْ سِنَانٍ أَبِى رَبِيعَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ أُمَّهُ عَمَدَتْ إِلَى مُدٍّ مِنْ شَعِيرٍ، جَشَّتْهُ وَجَعَلَتْ مِنْهُ خَطِيفَةً، وَعَصَرَتْ عُكَّةً عِنْدَهَا، ثُمَّ بَعَثَتْنِى إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَيْتُهُ وَهْوَ فِى أَصْحَابِهِ فَدَعَوْتُهُ قَالَ «وَمَنْ مَعِى». فَجِئْتُ فَقُلْتُ إِنَّهُ يَقُولُ، وَمَنْ مَعِى، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا هُوَ شَىْءٌ صَنَعَتْهُ أُمُّ سُلَيْمٍ، فَدَخَلَ فَجِىءَ بِهِ وَقَالَ «أَدْخِلْ عَلَىَّ عَشَرَةً». فَدَخَلُوا فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ قَالَ «أَدْخِلْ عَلَىَّ عَشَرَةً». فَدَخَلُوا فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ قَالَ «أَدْخِلْ عَلَىَّ عَشَرَةً». حَتَّى عَدَّ أَرْبَعِينَ، ثُمَّ أَكَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَامَ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ هَلْ نَقَصَ مِنْهَا شَىْءٌ. أطرافه 422، 3578، 5381، 6688 - تحفة 898، 516، 1467 - 105/ 7 50 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الثُّومِ وَالْبُقُولِ فِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلّم. 5451 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ قِيلَ لأَنَسٍ مَا سَمِعْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الثُّومِ فَقَالَ «مَنْ أَكَلَ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا». طرفه 856 - تحفة 1040 5452 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَطَاءٌ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - زَعَمَ

51 - باب الكباث، وهو ثمر الأراك

عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا، أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا». أطرافه 854، 855، 7359 - تحفة 2485 إن كان نتنه في الفم كره الجلوس في مجالس الذكر، وإلا فلا. 51 - باب الْكَبَاثِ، وَهْوَ ثَمَرُ الأَرَاكِ 5453 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَرِّ الظَّهْرَانِ نَجْنِى الْكَبَاثَ فَقَالَ «عَلَيْكُمْ بِالأَسْوَدِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ أَيْطَبُ». فَقَالَ أَكُنْتَ تَرْعَى الْغَنَمَ قَالَ «نَعَمْ، وَهَلْ مِنْ نَبِىٍّ إِلَّا رَعَاهَا». طرفه 3406 - تحفة 3155 "الكبات" وهو ورق الأراك، والصواب كما في الهامش، وهو تمر الأراك، لا ورقه. 52 - باب الْمَضْمَضَةِ بَعْدَ الطَّعَامِ 5454 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خَيْبَرَ، فَلَمَّا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ دَعَا بِطَعَامٍ فَمَا أُتِىَ إِلاَّ بِسَوِيقٍ، فَأَكَلْنَا فَقَامَ إِلَى الصَّلاَةِ، فَتَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا. أطرافه 209، 215، 2981، 4175، 4195، 5384، 5390، 5455 - تحفة 4813 5455 - قَالَ يَحْيَى سَمِعْتُ بُشَيْرًا يَقُولُ حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خَيْبَرَ، فَلَمَّا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ - قَالَ يَحْيَى وَهْىَ مِنْ خَيْبَرَ عَلَى رَوْحَةٍ - دَعَا بِطَعَامٍ فَمَا أُتِىَ إِلاَّ بِسَوِيقٍ، فَلُكْنَاهُ فَأَكَلْنَا مَعَهُ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّى بِنَا الْمَغْرِبَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. وَقَالَ سُفْيَانُ كَأَنَّكَ تَسْمَعُهُ مِنْ يَحْيَى. أطرافه 209، 215، 2981، 4175، 4195، 5384، 5390، 5454 تحفة 4813 - 106/ 7 53 - باب لَعْقِ الأَصَابِعِ وَمَصِّهَا قَبْلَ أَنْ تُمْسَحَ بِالْمِنْدِيلِ 5456 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَهَا». تحفة 5942 54 - باب الْمِنْدِيلِ 5457 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ، فَقَالَ لاَ قَدْ كُنَّا زَمَانَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ نَجِدُ مِثْلَ ذَلِكَ مِنَ الطَّعَامِ إِلاَّ قَلِيلاً، فَإِذَا نَحْنُ وَجَدْنَاهُ لَمْ يَكُنْ لَنَا مَنَادِيلُ، إِلاَّ أَكُفَّنَا وَسَوَاعِدَنَا وَأَقْدَامَنَا، ثُمَّ نُصَلِّى وَلاَ نَتَوَضَّأُ. تحفة 2251

55 - باب ما يقول إذا فرغ من طعامه

55 - باب مَا يَقُولُ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ 5458 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، غَيْرَ مَكْفِىٍّ، وَلاَ مُوَدَّعٍ وَلاَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، رَبَّنَا». طرفه 5459 - تحفة 4856 5459 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ - وَقَالَ مَرَّةً إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ - قَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى كَفَانَا وَأَرْوَانَا، غَيْرَ مَكْفِىٍّ، وَلاَ مَكْفُورٍ - وَقَالَ مَرَّةً الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّنَا، غَيْرَ مَكْفِىٍّ، وَلاَ مُوَدَّعٍ - وَلاَ مُسْتَغْنًى، رَبَّنَا». طرفه 5458 - تحفة 4856 قوله: (غير مكفي) "يعني كفايت نهين كيكئي اس طعام كي يعني هم اسكى حق كوبورانه كرسكي أورهمارا شكر بورانه برسكا". قوله: (ولا مودع) "نه جهورا كياكيونله بهر همين اسكى احتياج نه بريكى". قوله: (ولا مستغني عنه) "تواسلئي كها هي كه كهانيسى بي نيازى متوهم نهو". وقوله: (غير مكفور) يدل على أنه يحتمل أن تكون الضمائر كلها إلى الله تعالى، وقد جعلها إلى الطعام. 56 - باب الأَكْلِ مَعَ الْخَادِمِ 5460 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدٍ - هُوَ ابْنُ زِيَادٍ - قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ فَلْيُنَاوِلْهُ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ، أَوْ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ، فَإِنَّهُ وَلِىَ حَرَّهُ وَعِلاَجَهُ». طرفه 2557 - تحفة 14390 وكان أبو هريرة يعد قطعات اللحم لما كان خادمه يجيء به من السوق، فلما جلس للطعام كان يأمر خادمه أيضًا بالجلوس معه، فسئل عنه مرة: إنك تعد قطعات اللحم أو لا، ثم لا تتركه حتى يأكل معك، فماذا؟ فقال: ذلك أنقى للصدر، فلا يذهب الوهم إلى أنه أخذ منه شيئًا أم لا. 57 - باب الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ مِثْلُ الصَّائِمِ الصَّابِرِ فِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 58 - باب الرَّجُلِ يُدْعَى إِلَى طَعَامٍ فَيَقُولُ: وَهَذَا مَعِي وَقالَ أَنَسٌ: إِذَا دَخَلتَ عَلَى مُسْلِمٍ لاَ يُتَّهَمُ، فَكُل مِنْ طَعَامِهِ وَاشْرَبْ مِنْ شَرَابِهِ. 107/ 7

59 - باب إذا حضر العشاء فلا يعجل عن عشائه

5461 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىُّ قَالَ كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُكْنَى أَبَا شُعَيْبٍ، وَكَانَ لَهُ غُلاَمٌ لَحَّامٌ، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِى أَصْحَابِهِ، فَعَرَفَ الْجُوعَ فِى وَجْهِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَهَبَ إِلَى غُلاَمِهِ اللَّحَّامِ فَقَالَ اصْنَعْ لِى طَعَامًا يَكْفِى خَمْسَةً، لَعَلِّى أَدْعُو النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَامِسَ خَمْسَةٍ. فَصَنَعَ لَهُ طُعَيِّمًا، ثُمَّ أَتَاهُ فَدَعَاهُ، فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَبَا شُعَيْبٍ إِنَّ رَجُلًا تَبِعَنَا فَإِنْ شِئْتَ أَذِنْتَ لَهُ، وَإِنْ شِئْتَ تَرَكْتَهُ». قَالَ لاَ بَلْ أَذِنْتُ لَهُ. أطرافه 2081، 2456، 5434 - تحفة 9990 هل له أن يشفع لأمه. قوله: (قال أنس: إذا دخلت على مسلم لا يتهم، فكل من طعامه) الخ، وراجع مسائله من الطريقة المحمدية. 59 - باب إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ فَلاَ يَعْجَلْ عَنْ عَشَائِهِ 5462 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ أَبَاهُ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ فِى يَدِهِ، فَدُعِىَ إِلَى الصَّلاَةِ فَأَلْقَاهَا وَالسِّكِّينَ الَّتِى كَانَ يَحْتَزُّ بِهَا، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. أطرافه 208، 675، 2923، 5408، 5422 - تحفة 10700 5463 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ». طرفه 672 - تحفة 956، 7524 5464 - وَعَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ. وَعَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ تَعَشَّى مَرَّةً وَهْوَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الإِمَامِ. طرفاه 673، 674 - تحفة 7524 5465 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ وَحَضَرَ الْعَشَاءُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ». قَالَ وُهَيْبٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامٍ «إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ». طرفه 671 - تحفة 16916، 17293، 17318 60 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} [الأحزاب: 53] 5466 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَنَسًا قَالَ أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِالْحِجَابِ كَانَ أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ

يَسْأَلُنِى عَنْهُ، أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَرُوسًا بِزَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ وَكَانَ تَزَوَّجَهَا بِالْمَدِينَةِ، فَدَعَا النَّاسَ لِلطَّعَامِ بَعْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَلَسَ مَعَهُ رِجَالٌ بَعْدَ مَا قَامَ الْقَوْمُ، حَتَّى قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمَشَى وَمَشَيْتُ مَعَهُ، حَتَّى بَلَغَ بَابَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُمْ خَرَجُوا فَرَجَعْتُ مَعَهُ، فَإِذَا هُمْ جُلُوسٌ مَكَانَهُمْ، فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ الثَّانِيَةَ، حَتَّى بَلَغَ بَابَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، فَإِذَا هُمْ قَامُوا، فَضَرَبَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ سِتْرًا، وَأُنْزِلَ الْحِجَابُ. أطرافه 4791، 4792، 4793، 4794، 5154، 5163، 5166، 5168، 5170، 5171، 6238، 6239، 6271، 7421 - تحفة 1505 - 108/ 7 ***

71 - كتاب العقيقة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 71 - كتاب العَقِيقَة (¬1) 1 - باب تَسْمِيَةِ الْمَوْلُودِ غَدَاةَ يُولَدُ، لِمَنْ لَمْ يَعُقَّ عَنْهُ، وَتَحْنِيكِهِ 5467 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنِى بُرَيْدٌ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ وُلِدَ لِى غُلاَمٌ، فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ، فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ وَدَفَعَهُ إِلَىَّ، وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ أَبِى مُوسَى. طرفه 6198 - تحفة 9057 5468 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِصَبِىٍّ يُحَنِّكُهُ، فَبَالَ عَلَيْهِ، فَأَتْبَعَهُ الْمَاءَ. أطرافه 222، 6002، 6355 - تحفة 17321 5469 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ قَالَتْ فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَنَزَلْتُ قُبَاءً فَوَلَدْتُ بِقُبَاءٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَضَعْتُهُ فِى حَجْرِهِ، ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ تَفَلَ فِى فِيهِ فَكَانَ أَوَّلَ شَىْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ حَنَّكَهُ بِالتَّمْرَةِ، ثُمَّ دَعَا لَهُ فَبَرَّكَ عَلَيْهِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِى الإِسْلاَمِ، فَفَرِحُوا بِهِ فَرَحًا شَدِيدًا، لأَنَّهُمْ قِيلَ لَهُمْ إِنَّ الْيَهُودَ قَدْ سَحَرَتْكُمْ فَلاَ يُولَدُ لَكُمْ. طرفه 3909 - تحفة 15727 - 109/ 7 5470 - حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ ابْنٌ لأَبِى طَلْحَةَ يَشْتَكِى، ¬

_ (¬1) قال ابن رشد: أما حكمها فذهبت طائفة، منهم الظاهرية إلى أنها واجبةٌ، وذهب الجمهور إلى أنها سنة، وذهب أبو حنيفة إلى أنها ليست فرضًا، ولا سنة. وقد قيل: إن تحصيلَ مذهبه أنها عنده تطوع. وسببُ اختلافهم تعارض مفهوم الآثار في هذا الباب. وذلك أن ظاهر حديث سَمُرة، وهو قول النبيِّ عليه الصلاة والسلام: "كل غلام مرتهن بعقيقته، تُذبح عنه يوم سابعه، ويُماط عنه الأذى"، يقتضي الوجوبَ وظاهر قوله عليه الصلاة والسلام، وقد سئل عن العقيقة: فقال: "لا أحبُّ العقوق، ومن ولد له ولدٌ فأحبَّ أنْ ينسَك عن ولده فليفعل"، يقتضي الندبَ، أو الإِباحة، فمن فهمَ منه الندب قال: العقيقة سنة، ومن فهم الإِباحة قال: ليست بسنة، ولا فرض. اهـ ص 395، وص 396 - ج 2، ثم بسط أحكامها، فليراجع.

2 - باب إماطة الأذى عن الصبى فى العقيقة

فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ، فَقُبِضَ الصَّبِىُّ فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ مَا فَعَلَ ابْنِى قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ هُوَ أَسْكَنُ مَا كَانَ. فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ الْعَشَاءَ فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَصَابَ مِنْهَا، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَتْ وَارِ الصَّبِىَّ. فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ «أَعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا». فَوَلَدَتْ غُلاَمًا قَالَ لِى أَبُو طَلْحَةَ احْفَظْهُ حَتَّى تَأْتِىَ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَى بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَرْسَلَتْ مَعَهُ بِتَمَرَاتٍ، فَأَخَذَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَمَعَهُ شَىْءٌ». قَالُوا نَعَمْ تَمَرَاتٌ. فَأَخَذَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَضَغَهَا، ثُمَّ أَخَذَ مِنْ فِيهِ فَجَعَلَهَا فِى فِى الصَّبِىِّ، وَحَنَّكَهُ بِهِ، وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ. طرفه 1301 - تحفة 233 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسٍ وَسَاقَ الْحَدِيثَ. تحفة 1459 2 - باب إِمَاطَةِ الأَذَى عَنِ الصَّبِىِّ فِى الْعَقِيقَةِ 5471 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ مَعَ الْغُلاَمِ عَقِيقَةٌ. وَقَالَ حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ وَقَتَادَةُ وَهِشَامٌ وَحَبِيبٌ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ سَلْمَانَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ عَاصِمٍ وَهِشَامٍ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنِ الرَّبَابِ عَنْ سَلْمَانَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ سَلْمَانَ قَوْلَهُ. طرفه 5472 - تحفة 4485 5472 - وَقَالَ أَصْبَغُ أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ حَدَّثَنَا سَلْمَانُ بْنُ عَامِرٍ الضَّبِّىُّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَعَ الْغُلاَمِ عَقِيقَةٌ، فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى». طرفه 5471 - تحفة 4485 حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ قَالَ أَمَرَنِى ابْنُ سِيرِينَ أَنْ أَسْأَلَ الْحَسَنَ مِمَّنْ سَمِعَ حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ مِنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ. تحفة 4579 - 110/ 7 وهي مستحبةٌ، كما في «عالمكيرية». وفي «البدائع»: إنها منسوخة. قلتُ: وإنما حملتْه عليه عبارة محمد في «موطئه» قال محمد: العقيقة بلغنا أنها كانت في الجاهلية، وقد جُعلت في أول الإِسلام، ثم نَسخَ الأضحى كل ذبحٍ كان قبله ... إلخ. فلم أزل أترددُ في مراد الإِمام، حتى رأيت في كتاب «الناسخ والمنسوخ» عن الطحاوي أن محمدًا قال في بعض أماليه: إن العقيقة غير مرضية. ثم تبين لي مرادُه، أنه كان يكرهُ اسم العقيقة، لأنه يوهم العقوق، ولكونه من أسماء الجاهلية، ولأنهم كانوا

3 - باب الفرع

يفعلون عند العقيقة بعضَ المحظورات، كتلطخ الأشعار بدم الحيوان، مع ورود الحديثِ في النهي عن ذلك الاسم أيضًا، فكان مرادُه هذا. ثم لا أدري ماذا وقع الخَبْط في النقل، حتى نُسب إليه نسخُ العقيقة رأسًا، وليت شعري ما وجه عدم تَغييرِ هذا الاسم بعد، مع نهي الحديث عنه، فينبغي أنْ لا يُجعل لفظه المبهم حاويًا على العقيقة أيضًا، بل مرادُه نسخُ دماء الجاهلية، كالرجبية، والعتيرة. ثم عند الترمذي حديث: «أن الغلام مرتهن بعقيقته»، وأجود شروحه ما ذكره أحمد (¬1). وحاصله: أن الغلامَ إذا لم يعق عنه، فمات لم يشفعْ لوالديه. ثم إن الترمذي أجاز بها إلى يوم إحدى وعشرين. قلتُ: بل يجوز إلى أن يموت، لما رأيت في بعض الروايات أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم عق عن نفسه بنفسه. والسر في العقيقة أنَّ الله أعطاكم نفسًا، فقربوا له أنتم أيضًا بنفس، وهو السر في الأضحية. ولذا اشترطت سلامة الأعضاء في الموضعين، غير أن الأضحية سنوية، وتلك عُمْرية. 3 - باب الْفَرَعِ 5473 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ أَخْبَرَنَا الزُّهْرِىُّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ فَرَعَ وَلاَ عَتِيرَةَ». وَالْفَرَعُ أَوَّلُ النِّتَاجِ، كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لَطِوَاغِيتِهِمْ، وَالْعَتِيرَةُ فِى رَجَبٍ. طرفه 5474 - تحفة 13269 كان تأكدًا في أول الإِسلام، ثم وسع فيها بعده، وكان أهل الجاهلية يذبحونها لأصنامهم، وأما أهل الإِسلام فما كانوا ليفعلوه إلا تعالى، فلما فُرضت الأُضحية نُسخ الفَرَع وغيره، فمن شاء ذبح، ومن شاء لم يذبح. 4 - باب الْعَتِيرَةِ 5474 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِىُّ حَدَّثَنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ فَرَعَ وَلاَ عَتِيرَةَ». قَالَ وَالْفَرَعَ أَوَّلُ نِتَاجٍ كَانَ يُنْتَجُ لَهُمْ، كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِطَوَاغِيتِهِمْ، وَالْعَتِيرَةُ فِى رَجَبٍ. طرفه 5473 - تحفة 13127 ... ¬

_ (¬1) هكذا ذكره الخَطَّابي عن أحمد في "معالم السنن" ص 285 - ج 4.

72 - كتاب الذبائح والصيد والتسمية على الصيد

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 72 - كتاب الذَّبَائِحِ وَالصَّيدِ وَالتَّسْمِيَةِ عَلَى الصَّيد 1 - باب ُ قَوْلِ الله: {حُرّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} إلى قَوْلِهِ: {فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} [المائدة: 3] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} الآيةَ، [المائدة: 94] وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} [المائدة: 1] إِلى قَوْلِهِ: {فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} [المائدة: 3]. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {العُقُودُ} [المائدة: 1] العُهُودُ، ما أُحِلَّ وَحُرِّمَ {إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} الخِنْزِيرُ. {يَجْرِمَنَّكُمْ} [المائدة: 2] يَحْمِلَنَّكُمْ. {شَنَآنُ} [المائدة: 2]: عَدَاوَةُ. {وَالْمُنْخَنِقَةُ} تُخْنَقُ فَتَمُوتُ. {وَالْمَوْقُوذَةُ} تُضْرَبُ بِالخَشَبِ يُوقِذُهَا فَتَمُوتُ. {وَالْمُتَرَدّيَةُ}: تَتَرَدَّى مِنَ الجَبَلِ، {وَالنَّطِيحَةُ} تُنْطَحُ الشَّاةُ، فَمَا أَدْرَكْتَهُ يَتَحَرَّكُ بِذَنَبِهِ أَوْ بِعَينِهِ فَاذْبَحْ وَكُل. 5475 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَيْدِ الْمِعْرَاضِ قَالَ «مَا أَصَابَ بِحَدِّهِ فَكُلْهُ، وَمَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَهْوَ وَقِيذٌ». وَسَأَلْتُهُ عَنْ صَيْدِ الْكَلْبِ فَقَالَ «مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ فَكُلْ، فَإِنَّ أَخْذَ الْكَلْبِ ذَكَاةٌ، وَإِنْ وَجَدْتَ مَعَ كَلْبِكَ أَوْ كِلاَبِكَ كَلْبًا غَيْرَهُ فَخَشِيتَ أَنْ يَكُونَ أَخَذَهُ مَعَهُ، وَقَدْ قَتَلَهُ، فَلاَ تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا ذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تَذْكُرْهُ عَلَى غَيْرِهِ». أطرافه 175، 2054، 5476، 5477، 5483، 5484، 5485، 5486، 5487، 7397 - تحفة 9860 - 111/ 7 2 - باب صَيْدِ الْمِعْرَاضِ وَقالَ ابْنُ عُمَرَ في المَقْتُولَةِ بِالبُنْدُقَةِ: تِلكَ المَوْقُوذَةُ. وَكَرِهَهُ سَالِمٌ وَالقَاسِمُ وَمُجَاهِدٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَعَطَاءٌ وَالحَسَنُ. وَكَرِهَ الحَسَنُ رَمْيَ البُنْدُقَةِ في القُرَى وَاْلأَمْصَارِ، وَلاَ يَرَى بَأْسًا فِيما سِوَاهُ. 5476 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِىِّ قَالَ سَمِعْتُ عَدِىَّ بْنَ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْمِعْرَاضِ فَقَالَ «إِذَا أَصَبْتَ بِحَدِّهِ فَكُلْ، فَإِذَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَقَتَلَ فَإِنَّهُ وَقِيذٌ، فَلاَ تَأْكُلْ». فَقُلْتُ أُرْسِلُ كَلْبِى. قَالَ «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَسَمَّيْتَ، فَكُلْ». قُلْتُ فَإِنْ أَكَلَ قَالَ «فَلاَ تَأْكُلْ، فَإِنَّهُ لَمْ يُمْسِكْ عَلَيْكَ، إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ». قُلْتُ أُرْسِلُ كَلْبِى فَأَجِدُ مَعَهُ كَلْبًا آخَرَ. قَالَ «لاَ تَأْكُلْ، فَإِنَّكَ إِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ، وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى آخَرَ». أطرافه 175، 2054، 5475، 5477، 5483، 5484، 5485، 5486، 5487، 7397 - تحفة 9863

3 - باب ما أصاب المعراض بعرضه

(وقال ابن عمر في المقتولة بالبُندقة) ... إلخ، والبُندقة: طينةٌ مدورةٌ مجففة، يرمى بها عن الجلاهق "غلة"، ويدخل فيه الرصاص أيضًا (¬1). 3 - باب مَا أَصَابَ الْمِعْرَاضُ بِعَرْضِهِ 5477 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نُرْسِلُ الْكِلاَبَ الْمُعَلَّمَةَ. قَالَ «كُلْ مَا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ». قُلْتُ وَإِنْ قَتَلْنَ قَالَ «وَإِنْ قَتَلْنَ». قُلْتُ وَإِنَّا نَرْمِى بِالْمِعْرَاضِ. قَالَ «كُلْ مَا خَزَقَ، وَمَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَلاَ تَأْكُلْ». أطرافه 175، 2054، 5475، 5476، 5483، 5484، 5485، 5486، 5487، 7397 - تحفة 9878 4 - باب صَيْدِ الْقَوْسِ وَقالَ الحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ: إِذَا ضَرَبَ صَيدًا، فَبَانَ مِنْهُ يَدٌ أَوْ رِجْلٌ، لاَ يَأْكُلُ الَّذِي بَانَ وَيَأْكُلُ سَائِرَهُ. وَقالَ إِبْرَاهِيمُ: إِذَا ضَرَبْتَ عُنُقَهُ أَوْ وَسَطَهُ فَكُلهُ. وَقالَ اْلأَعْمَشُ، عَنْ زَيدٍ: اسْتَعْصى عَلَى رَجُلٍ مِنْ آلِ عَبْدِ اللهِ حِمَارٌ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَضْرِبُوهُ حَيثُ تَيَسَّرَ، دَعُوا ما سَقَطَ مِنْهُ وَكُلُوهُ. 5478 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِىُّ عَنْ أَبِى إِدْرِيسَ عَنْ أَبِى ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِىِّ قَالَ قُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَفَنَأْكُلُ فِى آنِيَتِهِمْ وَبِأَرْضِ صَيْدٍ، أَصِيدُ بِقَوْسِى وَبِكَلْبِى الَّذِى لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ، وَبِكَلْبِى الْمُعَلَّمِ، فَمَا يَصْلُحُ لِى قَالَ «أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلاَ تَأْكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا، وَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ غَيْرَ مُعَلَّمٍ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ». طرفاه 5488، 5496 - تحفة 11875 - 112/ 7 (وقال الحسن، وإبراهيم: إذا ضرب صيدًا فبان منه يد) وراجع فيه تفصيل «الهداية» (¬2). ¬

_ (¬1) واعلم أنه نُسب إلى المالكية جوازُ الصيد بالرصاص، بدون تذكية، ويعلم مما ذكره ابن رُشد خلافُه، فراجعه من ص 389 - ج 2 "بداية المجتهد" فإنه لم يذكر فيه خلافًا بين الأئمة الثلاثة، فليحرر المقام. أما أنا فراكبٌ على مطايا العجلة، أُنبه على مواضع التنبيه، وأفوض التنقيح، والتحقيق إلى أربابه. (¬2) قال صاحب "الهداية": ولنا قوله عليه الصلاة والسلام: ما أبين من الحي فهو ميت ذَكَرَ الحيَّ مطلقًا، فيتصرفُ إلى الحيِّ حقيقة وحكمًا. والعضو المبان بهذه الصفة، لأن المبان منه حيٌّ حقيقة، لقيام الحياة فيه، وكذا حكمًا، لأنه تتوهم سلامته بعد هذه الجراحة، ولهذا اعتبره الشرع. حتى لو وقع في الماء، وفيه حياة بهذه الصحفة، يحرُم. =

5 - باب الخذف والبندقة

قوله: (استعصى) أي صار وحشيًا. 5 - باب الْخَذْفِ وَالْبُنْدُقَةِ 5479 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ - وَاللَّفْظُ لِيَزِيدَ - عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَخْذِفُ فَقَالَ لَهُ لاَ تَخْذِفْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْخَذْفِ - أَوْ كَانَ يَكْرَهُ الْخَذْفَ - وَقَالَ «إِنَّهُ لاَ يُصَادُ بِهِ صَيْدٌ وَلاَ يُنْكَى بِهِ عَدُوٌّ، وَلَكِنَّهَا قَدْ تَكْسِرُ السِّنَّ وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ». ثُمَّ رَآهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَخْذِفُ فَقَالَ لَهُ أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْخَذْفِ. أَوْ كَرِهَ الْخَذْفَ، وَأَنْتَ تَخْذِفُ لاَ أُكَلِّمُكَ كَذَا وَكَذَا. طرفاه 4841، 6220 - تحفة 9659 6 - باب مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ 5480 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ مَاشِيَةٍ أَوْ ضَارِيَةٍ، نَقَصَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطَانِ». طرفاه 5481، 5482 - تحفة 7221 5481 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِى سُفْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ سَالِمًا يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبٌ ضَارٍ لِصَيْدٍ أَوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ، فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ». طرفاه 5480، 5482 - تحفة 6750 5482 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ ضَارٍ، نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ». طرفاه 5480، 5481 - تحفة 8376 وكلب الماشية ما يُقتنى لحفظها. والكلب الضَّارِي هو كلب الصيد من الضراوة، ¬

_ = وقوله: أُبينَ بالذكاة، قلنا: حال وقوعه لم تقع ذكاة، لبقاء الروح في الباقي، وعند زواله لا تظهرُ في المُبان، لعدم الحياة فيه. ولا نعنيه لزوالها بالانفصال، فصار هذا الحرف هو الأصل، أن المبان من الحي حقيقةً وحكمًا لا يحل. والمبانُ من الحيِّ صورةً لا حكمًا يحل. وذلك بأن يبقى في المُبان منه حياةٌ بقدر ما يكون في المذبوح، فإنَّه حياةٌ صورةً لا حكمًا. ولهذا لو وقع في الماء، وبه هذا القدر من الحياة، أو تردَّى من جبل، أو سطح، لا يحرم، فتُخرَّج عليه المسائل؛ فنقول: إذا قطع يدًا، أو رِجلًا، أو فخذًا، أو ثلاثة مما يلي القوائم، أو أقل من نصف الرأس، يحرُم المُبان، ويحِلُّ المُبان منه، لأنه يتوهم بقاءٌ الحياة في الباقي، ولو قدَّه نِصفين، أو قطعه أثلاثًا، والأكثرُ مما يلي العَجزُ، أو قطع نصف رأسه، أو أكثر منه، يحِلُّ المبان، والمبان منه، لأن المبان منه حي صورةً لا حكمًا، إذ لا يتوهم بقاءُ الحياة بعد هذا الجرح. انتهى، ص 510. وخرج من هذه الجزئيات أنَّ الوقيع، والقوي من الجزأين مُبانٌ منه، والآخر مُبانٌ.

7 - باب إذا أكل الكلب

وترجمته "جسى دهت هو شكاركى" ثم الكلاب التي رُخص باقتنائها، وإن لم تُوجب نقصًا من عمل صاحبه، إلا أن الظاهر أنَّ الملائكة لا يدخلون بيوتًا فيها تلك. 7 - باب إِذَا أَكَلَ الْكَلْبُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: 4] الصَّوَائِدُ وَالكَوَاسِبُ. {اجْتَرَحُواْ} [الجاثية: 21] اكْتَسَبُوا. {تُعَلّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {سَرِيعُ الْحِسَابِ} [المائدة: 4]. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنْ أَكَلَ الكَلبُ فَقَدْ أَفسَدَهُ، إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفسِهِ، وَاللهُ يَقُولُ: {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ} فَتُضْرَبُ وَتُعَلَّمُ حَتَّى تَتْرُكَ. وَكَرِهَهُ ابْنُ عُمَرَ. وَقالَ عَطَاءٌ: إِنْ شَرِبَ الدَّمَ وَلَمْ يَأْكُل فَكُل. 5483 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ بَيَانٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ إِنَّا قَوْمٌ نَصِيدُ بِهَذِهِ الْكِلاَبِ. فَقَالَ «إِذَا أَرْسَلْتَ كِلاَبَكَ الْمُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ، فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ، وَإِنْ قَتَلْنَ إِلَّا أَنْ يَأْكُلَ الْكَلْبُ، فَإِنِّى أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمْسَكَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ خَالَطَهَا كِلاَبٌ مِنْ غَيْرِهَا فَلاَ تَأْكُلْ». أطرافه 175، 2054، 5475، 5476، 5477، 5484، 5485، 5486، 5487، 7397 - تحفة 9855 - 113/ 7 قال عطاء: إنْ شربَ الدم، ولم يأكل -أي اللحم- فَكُل، فرخَّصَ عطاءٌ بأكله. 8 - باب الصَّيْدِ إِذَا غَابَ عَنْهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً 5484 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَسَمَّيْتَ فَأَمْسَكَ وَقَتَلَ، فَكُلْ، وَإِنْ أَكَلَ فَلاَ تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِذَا خَالَطَ كِلاَبًا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهَا فَأَمْسَكْنَ وَقَتَلْنَ فَلاَ تَأْكُلْ، فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِى أَيُّهَا قَتَلَ، وَإِنْ رَمَيْتَ الصَّيْدَ فَوَجَدْتَهُ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، لَيْسَ بِهِ إِلَّا أَثَرُ سَهْمِكَ، فَكُلْ، وَإِنْ وَقَعَ فِى الْمَاءِ فَلاَ تَأْكُلْ». أطرافه 175، 2054، 5475، 5476، 5477، 5483، 5485، 5486، 5487، 7397 - تحفة 9862 5485 - وَقَالَ عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ دَاوُدَ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَدِىٍّ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، يَرْمِى الصَّيْدَ فَيَقْتَفِرُ أَثَرَهُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلاَثَةَ، ثُمَّ يَجِدُهُ مَيِّتًا وَفِيهِ سَهْمُهُ قَالَ «يَأْكُلُ إِنْ شَاءَ». أطرافه 175، 2054، 5475، 5476، 5477، 5483، 5484، 5486، 5487، 7397 - تحفة 9859 وكتب الحنفيةُ لجوازه سبعةَ شرائط، لا توجد كلها إلا في الزَّيْلعي (¬1). ¬

_ (¬1) قلت: وفي "الكنز" إن وقعَ سهمٌ بصيد، فتحامل -أي تكلف في المشي، أو الطيران- وغاب، وهو في طلبه حلَّ، وإن قعد عن طلبه، ثم أصابه ميتًا، لا. قال الزيلعي: وجعل قاضي خان: في "فتاويه" من شرط حلِّ الصيد أن لا يتوارى عن بصره، وإليه أشار صاحب "الهداية"، انتهى مختصرًا، وهذا كما ترى، ليست فيه تلك الشروط السبعة المذكورة، فلعله وقع خَبْط في الضبط، فكانت المسألة من باب، ونقلتها إلى باب، أو أخطأت في اسم الكتاب، فليحقق.

9 - باب إذا وجد مع الصيد كلبا آخر

9 - باب إِذَا وَجَدَ مَعَ الصَّيْدِ كَلْبًا آخَرَ 5486 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أُرْسِلُ كَلْبِى وَأُسَمِّى فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَسَمَّيْتَ، فَأَخَذَ فَقَتَلَ فَأَكَلَ فَلاَ تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ». قُلْتُ إِنِّى أُرْسِلُ كَلْبِى أَجِدُ مَعَهُ كَلْبًا آخَرَ، لاَ أَدْرِى أَيُّهُمَا أَخَذَهُ. فَقَالَ «لاَ تَأْكُلْ فَإِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى غَيْرِهِ». وَسَأَلْتُهُ عَنْ صَيْدِ الْمِعْرَاضِ فَقَالَ «إِذَا أَصَبْتَ بِحَدِّهِ، فَكُلْ، وَإِذَا أَصَبْتَ بِعَرْضِهِ فَقَتَلَ، فَإِنَّهُ وَقِيذٌ، فَلاَ تَأْكُلْ». أطرافه 175، 2054، 5475، 5476، 5477، 5483، 5484، 5485، 5487، 7397 - تحفة 9863 - 114/ 7 10 - باب مَا جَاءَ فِى التَّصَيُّدِ 5487 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنِى ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ بَيَانٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ إِنَّا قَوْمٌ نَتَصَيَّدُ بِهَذِهِ الْكِلاَبِ. فَقَالَ «إِذَا أَرْسَلْتَ كِلاَبَكَ الْمُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ، فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ، إِلاَّ أَنْ يَأْكُلَ الْكَلْبُ، فَلاَ تَأْكُلْ فَإِنِّى أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ خَالَطَهَا كَلْبٌ مِنْ غَيْرِهَا، فَلاَ تَأْكُلْ». أطرافه 175، 2054، 5475، 5476، 5477، 5483، 5484، 5485، 5486، 7397 - تحفة 9855 5488 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ حَيْوَةَ. وَحَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ قَالَ سَمِعْتُ رَبِيعَةَ بْنَ يَزِيدَ الدِّمَشْقِىَّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِىَّ - رضى الله عنه - يَقُولُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ الْكِتَابِ، نَأْكُلُ فِى آنِيَتِهِمْ، وَأَرْضِ صَيْدٍ أَصِيدُ بِقَوْسِى، وَأَصِيدُ بِكَلْبِى الْمُعَلَّمِ، وَالَّذِى لَيْسَ مُعَلَّمًا، فَأَخْبِرْنِى مَا الَّذِى يَحِلُّ لَنَا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ «أَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكَ بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ الْكِتَابِ، تَأْكُلُ فِى آنِيَتِهِمْ، فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَ آنِيَتِهِمْ، فَلاَ تَأْكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا ثُمَّ كُلُوا فِيهَا، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكَ بِأَرْضِ صَيْدٍ، فَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ، فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، ثُمَّ كُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ، فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، ثُمَّ كُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الَّذِى لَيْسَ مُعَلَّمًا فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ، فَكُلْ». طرفاه 5478، 5496 - تحفة 11875 5489 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى هِشَامُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَسَعَوْا عَلَيْهَا حَتَّى لَغِبُوا، فَسَعَيْتُ عَلَيْهَا حَتَّى أَخَذْتُهَا، فَجِئْتُ بِهَا إِلَى أَبِى طَلْحَةَ، فَبَعَثَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِوَرِكِهَا وَفَخِذَيْهَا فَقَبِلَهُ. طرفاه 2572، 5535 - تحفة 1629 - 115/ 7 5490 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا كَانَ

11 - باب التصيد على الجبال

بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ تَخَلَّفَ مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ مُحْرِمِينَ، وَهْوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَرَأَى حِمَارًا وَحْشِيًّا، فَاسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ، ثُمَّ سَأَلَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطًا، فَأَبَوْا فَسَأَلَهُمْ رُمْحَهُ فَأَبَوْا فَأَخَذَهُ ثُمَّ شَدَّ عَلَى الْحِمَارِ، فَقَتَلَهُ فَأَكَلَ مِنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَى بَعْضُهُمْ، فَلَمَّا أَدْرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ «إِنَّمَا هِىَ طُعْمَةٌ أَطْعَمَكُمُوهَا اللَّهُ». أطرافه 1821، 1822، 1823، 1824، 2570، 2854، 2914، 4149، 5406، 5407، 5491، 5492 - تحفة 12131 5491 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ مِثْلَهُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ «هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَىْءٌ». أطرافه 1821، 1822، 1823، 1824، 2570، 2854، 2914، 4149، 5406، 5407، 5490، 5492 - تحفة 12120 التصييد "شكار كوهى مشغله بنا لينا"، كرهه في «الأشباه والنظائر». 5488 - قوله: (فاغسلوها، ثم كلوا فيها) وليُمعَن النظرُ فيه، فإنَّه يُشعر بعبرة بعض الأوهام، وبأن قولَهم: إن الأصل في الأشياء الطهارة، ليس على إطلاقه. 11 - باب التَّصَيُّدِ عَلَى الْجِبَالِ 5492 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو أَنَّ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ وَأَبِى صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَهُمْ مُحْرِمُونَ وَأَنَا رَجُلٌ حِلٌّ عَلَى فَرَسٍ، وَكُنْتُ رَقَّاءً عَلَى الْجِبَالِ، فَبَيْنَا أَنَا عَلَى ذَلِكَ إِذْ رَأَيْتُ النَّاسَ مُتَشَوِّفِينَ لِشَىْءٍ، فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ، فَإِذَا هُوَ حِمَارُ وَحْشٍ فَقُلْتُ لَهُمْ مَا هَذَا قَالُوا لاَ نَدْرِى. قُلْتُ هُوَ حِمَارٌ وَحْشِىٌّ. فَقَالُوا هُوَ مَا رَأَيْتَ. وَكُنْتُ نَسِيتُ سَوْطِى فَقُلْتُ لَهُمْ نَاوِلُونِى سَوْطِى. فَقَالُوا لاَ نُعِينُكَ عَلَيْهِ. فَنَزَلْتُ فَأَخَذْتُهُ، ثُمَّ ضَرَبْتُ فِى أَثَرِهِ، فَلَمْ يَكُنْ إِلاَّ ذَاكَ، حَتَّى عَقَرْتُهُ، فَأَتَيْتُ إِلَيْهِمْ فَقُلْتُ لَهُمْ قُومُوا فَاحْتَمِلُوا. قَالُوا لاَ نَمَسُّهُ. فَحَمَلْتُهُ حَتَّى جِئْتُهُمْ بِهِ، فَأَبَى بَعْضُهُمْ، وَأَكَلَ بَعْضُهُمْ، فَقُلْتُ أَنَا أَسْتَوْقِفُ لَكُمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَدْرَكْتُهُ فَحَدَّثْتُهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ لِى «أَبَقِىَ مَعَكُمْ شَىْءٌ مِنْهُ». قُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ «كُلُوا فَهْوَ طُعْمٌ أَطْعَمَكُمُوهَا اللَّهُ». أطرافه 1821، 1822، 1823، 1824، 2570، 2854، 2914، 4149، 5406، 5407، 5490، 5491 - تحفة 12131، 12133 - 116/ 7 12 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: 96] وَقالَ عُمَرُ: صَيدُهُ ما اصطِيدَ، {وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96] ما رَمى بِهِ. وَقالَ أَبُو بَكْرٍ: الطَّافِي حَلاَلٌ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَعَامُهُ مَيتَتُهُ، إِلَّا ما قَذِرْتَ مِنْهَا، وَالجِرِّيُّ لاَ تَأْكُلُهُ اليَهُودُ، وَنَحْنُ نَأْكُلُهُ. وَقالَ شُرَيحٌ، صَاحِبُ النبي صلى الله عليه وسلّم كُلُّ شَيءٍ في البَحْرِ مَذْبُوحٌ. وَقالَ عَطَاءٌ: أَمَّا الطَّيرُ فَأَرَى أَنْ يَذْبَحَهُ. وَقالَ ابْنُ جُرَيجٍ: قُلتُ لِعَطَاءٍ: صَيدُ اْلأَنْهَارِ وَقِلاَتِ السَّيلِ، أَصَيدُ بَحْرٍ هو؟ قالَ: نَعَمْ، ثمَّ تَلاَ: {هذا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهذا مِلحٌ أُجاجٌ

وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا} [فاطر: 12] وَرَكِبَ الحَسَنُ عَلَيهِ السَّلاَمُ عَلَى سَرْجٍ مِنْ جُلُودِ كِلاَبِ المَاءِ. وَقالَ الشَّعْبِيُّ: لَوْ أَنَّ أَهْلِي أَكَلُوا الضَّفَادِعَ لأَطْعَمْتُهُمْ. وَلَمْ يَرَ الحَسَنُ بِالسُّلَحْفَاةِ بَأْسًا. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُل مِنْ صَيدِ البَحْرِ نَصْرَانِيَ أَوْ يَهُودِيَ أَوْ مَجُوسِيَ. وَقالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ في المُرْيِ: ذَبَحَ الخَمْرَ النِّينَانُ وَالشَّمْسُ. 5493 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا - رضى الله عنه - يَقُولُ غَزَوْنَا جَيْشَ الْخَبَطِ وَأُمِّرَ أَبُو عُبَيْدَةَ فَجُعْنَا جُوعًا شَدِيدًا فَأَلْقَى الْبَحْرُ حُوتًا مَيِّتًا لَمْ يُرَ مِثْلُهُ يُقَالُ لَهُ الْعَنْبَرُ فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَظْمًا مِنْ عِظَامِهِ فَمَرَّ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ. أطرافه 2483، 2983، 4360، 4361، 4362، 5494 - تحفة 2558 5494 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ بَعَثَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَمِائَةِ رَاكِبٍ وَأَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ نَرْصُدُ عِيرًا لِقُرَيْشٍ فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ حَتَّى أَكَلْنَا الْخَبَطَ، فَسُمِّىَ جَيْشَ الْخَبَطِ وَأَلْقَى الْبَحْرُ حُوتًا يُقَالُ لَهُ الْعَنْبَرُ فَأَكَلْنَا نِصْفَ شَهْرٍ وَادَّهَنَّا بِوَدَكِهِ حَتَّى صَلَحَتْ أَجْسَامُنَا قَالَ فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلاَعِهِ فَنَصَبَهُ فَمَرَّ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ، وَكَانَ فِينَا رَجُلٌ فَلَمَّا اشْتَدَّ الْجُوعُ نَحَرَ ثَلاَثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ ثَلاَثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ نَهَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ. أطرافه 2483، 2983، 4360، 4361، 4362، 5493 - تحفة 2529 وللشافعي في حيوانات البحر استرسال عظيم (¬1). حتى رُوي عنه أنَّ جميع ما في البحر حلالٌ، حتى الإِنسان أيضًا. وفي روايته نظائر ما هو حلال في البر، حلال في البحر أيضًا، وما لا يوجد نظيرُه من البر، فهو حلال أيضًا. وظني أنهم تمسكوا فيه بالعمومات غير المقصودة لا غير. والمراد من صيد البحر عندهم مَصِيْد البحر. قال الحنفية: إن المراد منه فعلُ الاصطياد، لأن المُحرمَ لما مُنع عن فعل الاصطياد في البر من إحرامه، فالظاهر أنَّ ما أُحل له من البحر هو الصيد أيضًا دون المصيد. على أن الله لم يجعل الصيدَ كلَّه طعامًا، بل جعل منه طعامًا، فقال: {وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ} [المائدة: 96] فلم يجعل كله طعامًا، فدل على أن ليس صيدُ البحر كله طعامًا. قوله: (وقال أبو بكر: الطافي حلال) قلتُ: وأثره عندي بعشرة طرق، وفي لفظه اضطراب، ثم الطافي ما مات حتْفَ أنفِه، وطفا على الماء. ولا بد أنْ يُستثنى منه ما طفا على الماء، بسبب ظاهر، نحو الضرب بالعصا، وغيره. ولنا ما عند أبي داود في الأطعمة عن جابر بن عبد الله مرفوعًا: «ما مات فيه وطفا، فلا تأكلوه». وصحح أبو داود وقفَه. قوله: (إلا ما قذرت منها) بأن كان تغيَّرَ، أو فَسَدَ. ¬

_ (¬1) ورتب ابن رشد تلك المسائلَ أحسنَ ترتيب، فراجعها من "بداية المجتهد": ص 397 الى: ص 403 - ج 2، ومسألة الطافي من: ص 398 - ج 2، وراجع معه "الجوهر النقي". من: ص 216، وص 224، وص 225 - ج 2.

13 - باب أكل الجراد

قوله: (والجريث لا تأكله اليهود، ونحن نأكله) ولا ندري ترجمة الجريث بالهندية، والناس يقولون: إنه "جهيدكا" ولي تردد، في كونه نوعًا من الحوت. قوله: (قلات السيل) "سيل آئى اوركهين كول سى نكل كئى". قوله: (وركب الحسن عليه السلام على سرج من جلود كلاب الماء)، والجلود تطهر عندنا بالدِّباغة، فلا حُجة فيه. وجملة الكلام أنه ليس عند البخاري في حل حيوانات البحر غير قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} وتفسيره قد علمت. وراجع لها «روح المعاني»، وليس عنده من المرفوع شيء، فأخرج الأثار فقط. قوله: (كل من صيد البحر، وإن صاده نصراني) وذلك لأنه لا يشترط فيه الذكاة. قوله: (وقال أبو الدرداء في المُرِي: ذبح الخمر النينان، والشمس) المُرِي "آب كامه" وبالهندية "كانجى"، كانوا يلقون الحيتان في الخمر، فتنقلب خلًا. فقال المصنف: إن الخمر ذبحها النينان، والشمس، أي أحلَّها. ووافقنَا فيه أبو داود، وقال: تخليل الخمر جائز. وقال الشافعي: إن تخللت بدون علاج جاز، وإلا لا. 5493 - قوله: (فألقى البحر حوتًا ميتًا)، وليس كذلك، بل ألقاه البحر خارِجَه، فماتت في البر، لعدم الماء، فليست تلك الطافي. 13 - باب أَكْلِ الْجَرَادِ 5495 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى يَعْفُورٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - قَالَ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْعَ غَزَوَاتٍ أَوْ سِتًّا، كُنَّا نَأْكُلُ مَعَهُ الْجَرَادَ. قَالَ سُفْيَانُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَإِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى يَعْفُورٍ عَنِ ابْنِ أَبِى أَوْفَى سَبْعَ غَزَوَاتٍ. تحفة 5182 - 117/ 7 14 - باب آنِيَةِ الْمَجُوسِ وَالْمَيْتَةِ 5496 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِى رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِىُّ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا بِأَرْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَنَأْكُلُ فِى آنِيَتِهِمْ، وَبِأَرْضِ صَيْدٍ، أَصِيدُ بِقَوْسِى، وَأَصِيدُ بِكَلْبِى الْمُعَلَّمِ، وَبِكَلْبِى الَّذِى لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكَ بِأَرْضِ أَهْلِ كِتَابٍ فَلاَ تَأْكُلُوا فِى آنِيَتِهِمْ، إِلاَّ أَنْ لاَ تَجِدُوا بُدًّا، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا بُدًّا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكُمْ بِأَرْضِ صَيْدٍ، فَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ، فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ، فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الَّذِى لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ، فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ، فَكُلْهُ». طرفاه 5478، 5488 - تحفة 11875 5497 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ

15 - باب التسمية على الذبيحة، ومن ترك متعمدا

الأَكْوَعِ قَالَ لَمَّا أَمْسَوْا يَوْمَ فَتَحُوا خَيْبَرَ أَوْقَدُوا النِّيرَانَ، قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَى مَا أَوْقَدْتُمْ هَذِهِ النِّيرَانَ». قَالُوا لُحُومِ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ. قَالَ «أَهْرِيقُوا مَا فِيهَا، وَاكْسِرُوا قُدُورَهَا». فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقَالَ نُهَرِيقُ مَا فِيهَا وَنَغْسِلُهَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوْ ذَاكَ». أطرافه 2477، 4196، 6148، 6331، 6891 - تحفة 4542 15 - باب التَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبِيحَةِ، وَمَنْ تَرَكَ مُتَعَمِّدًا قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ نَسِيَ فَلاَ بَأْسَ. وَقالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121] وَالنَّاسِي لاَ يُسَمَّى فاسِقًا. وَقَوْلُهُ: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام: 121]. 5498 - حَدَّثَنِى مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِذِى الْحُلَيْفَةِ، فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ، فَأَصَبْنَا إِبِلاً وَغَنَمًا، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى أُخْرَيَاتِ النَّاسِ، فَعَجِلُوا فَنَصَبُوا الْقُدُورَ، فَدُفِعَ إِلَيْهِمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَ بِالْقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، وَكَانَ فِى الْقَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللَّهُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا نَدَّ عَلَيْكُمْ فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا». قَالَ وَقَالَ جَدِّى إِنَّا لَنَرْجُو - أَوْ نَخَافُ - أَنْ نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا، وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى، أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ فَقَالَ «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْهُ، أَمَّا السِّنُّ عَظْمٌ وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ». أطرافه 2488، 2507، 3075، 5503، 5506، 5509، 5543، 5544 تحفة 3561 - 118/ 7 والظاهر أنه وَافق فيه أبا حنيفة. وقال الشافعي: إن تركها عامدًا لا بأس أيضًا. 16 - باب مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَالأَصْنَامِ 5499 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - يَعْنِى ابْنَ الْمُخْتَارِ - أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ لَقِىَ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ بِأَسْفَلِ بَلْدَحٍ، وَذَاكَ قَبْلَ أَنْ يُنْزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْوَحْىُ، فَقَدَّمَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُفْرَةً فِيهَا لَحْمٌ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ إِنِّى لاَ آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ، وَلاَ آكُلُ إِلاَّ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ. طرفه 3826 - تحفة 7028 5499 - قوله: (فقدم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلّم سفرة فيها لحم) وهذه النُّسخة أخف مما في الهامش، أي قدم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقد مرت هذه الرواية من قبل، فما كانت ههنا على الهامش، داخلة هناك في الصُّلب. وإنما قدم إليه لحمًا ذُبح على النُّصُب، لأن الزمان كان زمن الجاهلية، فلم يكن يعلم أنه هل يأكله، أو لا؟ فليس في تلك النُّسخة

17 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم -: «فليذبح على اسم الله»

إلا الإعانة على الأكل، بخلاف ما في الهامش، فإنَّها تُوهم على أكل النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أيضًا. 17 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ» 5500 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ سُفْيَانَ الْبَجَلِىِّ قَالَ ضَحَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُضْحِيَّةً ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا أُنَاسٌ قَدْ ذَبَحُوا ضَحَايَاهُمْ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَلَمَّا انْصَرَفَ رَآهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُمْ قَدْ ذَبَحُوا قَبْلَ الصَّلاَةِ فَقَالَ «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ كَانَ لَمْ يَذْبَحْ حَتَّى صَلَّيْنَا فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ». أطرافه 985، 5562، 6674، 7400 - تحفة 3251 18 - باب مَا أَنْهَرَ الدَّمَ مِنَ الْقَصَبِ وَالْمَرْوَةِ وَالْحَدِيدِ 5501 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ سَمِعَ ابْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ يُخْبِرُ ابْنَ عُمَرَ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ جَارِيَةً لَهُمْ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا بِسَلْعٍ، فَأَبْصَرَتْ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا مَوْتًا، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا، فَقَالَ لأَهْلِهِ لاَ تَأْكُلُوا حَتَّى آتِىَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَسْأَلَهُ، أَوْ حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْهِ مَنْ يَسْأَلُهُ. فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ بَعَثَ إِلَيْهِ فَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِأَكْلِهَا. أطرافه 2304، 5502، 5504 - تحفة 11134 - 119/ 7 5502 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِى سَلِمَةَ أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ تَرْعَى غَنَمًا لَهُ بِالْجُبَيْلِ الَّذِى بِالسُّوقِ وَهْوَ بِسَلْعٍ، فَأُصِيبَتْ شَاةٌ، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا، فَذَكَرُوا لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَهُمْ بِأَكْلِهَا. أطرافه 2304، 5501، 5504 - تحفة 11134 5503 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رَافِعٍ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ لَنَا مُدًى. فَقَالَ «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلْ، لَيْسَ الظُّفُرَ وَالسِّنَّ، أَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ، وَأَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ». وَنَدَّ بَعِيرٌ فَحَبَسَهُ فَقَالَ «إِنَّ لِهَذِهِ الإِبِلِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا هَكَذَا». أطرافه 2488، 2507، 3075، 5498، 5506، 5509، 5543، 5544 - تحفة 3561 والمراد من القَصَب الليت؛ والمراد من المروة ما فيه غرار بعد الكسر. 19 - باب ذَبِيحَةِ الْمَرْأَةِ وَالأَمَةِ 5504 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنٍ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ امْرَأَةً ذَبَحَتْ شَاةً بِحَجَرٍ، فَسُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَ بِأَكْلِهَا. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ يُخْبِرُ عَبْدَ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبٍ بِهَذَا. أطرافه 2304، 5501، 5502 - تحفة 11134، 15681

20 - باب لا يذكى بالسن والعظم والظفر

5505 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ سَعْدٍ - أَوْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ - أَخْبَرَهُ أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا بِسَلْعٍ، فَأُصِيبَتْ شَاةٌ مِنْهَا، فَأَدْرَكَتْهَا فَذَبَحَتْهَا بِحَجَرٍ، فَسُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «كُلُوهَا». تحفة 4451، 11134 20 - باب لاَ يُذَكَّى بِالسِّنِّ وَالْعَظْمِ وَالظُّفُرِ 5506 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كُلْ - يَعْنِى - مَا أَنْهَرَ الدَّمَ إِلَّا السِّنَّ وَالظُّفُرَ». أطرافه 2488، 2507، 3075، 5498، 5503، 5509، 5543، 5544 تحفة 3561 - 120/ 7 وفصل فيه الحنفية، فإنْ كان السن والظُّفُر قائمين لا يذكي بهما، وإن كانا منفصلين، وأنهرا الدم جاز. 21 - باب ذَبِيحَةِ الأَعْرَابِ وَنَحْوِهِمْ 5507 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ حَفْصٍ الْمَدَنِىُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ قَوْمًا قَالُوا لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَا بِاللَّحْمِ لاَ نَدْرِى أَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لاَ فَقَالَ «سَمُّوا عَلَيْهِ أَنْتُمْ وَكُلُوهُ». قَالَتْ وَكَانُوا حَدِيثِى عَهْدٍ بِالْكُفْرِ. تَابَعَهُ عَلِىٌّ عَنِ الدَّرَاوَرْدِىِّ. وَتَابَعَهُ أَبُو خَالِدٍ وَالطُّفَاوِىُّ. طرفاه 2057، 7398 - تحفة 16762، 17033، 16950، 17235 أي الجهلاء الذين يتوهم فيهم ترك التسمية تهاونًا، أو لجهلهم بالمسائل، وليس معنى قوله: سموا عليه أنتم، وكلوه، أن التسمية ليست بواجبة، بل معناه أن احملوا أنتم حالهم على أعدل الأحوال، وسموا أنتم قبل الأكل، فإن محل تسميتكم الآن، فلا تغفلوا عنها، وأما تحل تسميتهم فكان عند الذبح، والظاهر من حالهم أنهم قد أتوا بما وجب عليهم. 22 - باب ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَشُحُومِهَا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَغَيْرِهِمْ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ} [المائدة: 5]. وَقالَ الزُّهْرِيُّ: لاَ بَأْسَ بِذبِيحَةِ نَصَارَى العَرَبِ، وَإِنْ سَمِعْتَهُ يُسَمِّي لِغَيرِ اللهِ فَلاَ تَأْكُل، وَإِنْ لَمْ تَسْمَعْهُ فَقَدْ أَحَلَّهُ اللهُ وَعَلِمَ كُفرَهُمْ. وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيَ نَحْوُهُ. وَقالَ الحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ: لاَ بَأْسَ بِذَبِيحَةِ اْلأَقْلَفِ. وقَالَ ابْنُ عبَّاس: طَعَامُهُمْ ذَبائِحُهُمْ. 5508 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مُحَاصِرِينَ قَصْرَ خَيْبَرَ، فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ فِيهِ شَحْمٌ، فَنَزَوْتُ لآخُذَهُ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ. طرفه 3153 - تحفة 9656

23 - باب ما ند من البهائم فهو بمنزلة الوحش

وإنما زاد لفظ الشحوم، لأنها كانت حُرِّمت عليهم، فهل تسري تلك الحرمة إلى ذبيحتهم أيضًا أو لا؟ فقال: لا، لأن الذكاةَ تستدعي الأهليةَ في الذابح، لا الحِلَّة في حقه أيضًا. وفيه إشعارٌ بأن المشرع المحمديَّ يتحملُ وجود الكتابي. قوله (¬1): ({وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ}) أي شريعة الإِنصافِ تحكُم أنْ يقولَ أهلُ الكتاب بحِليَّة ذبيحتنا أيضًا، إذا قلنا بحِليَّة ذبيحتهم، فهذه نَصْفة، سواء عملوا بها، أو لا. وحينئذ لا يرد أنه ما الفائدة في قوله: {وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ} لأنهم لا يَدِينُون بشرعنا، وذلك لأنه على طريقِ عرض خُطة عدل التي ينبغي أنْ يَعدِلَ إليها كل ذي مُروءة، كما وقع في صُلح الحُدَيْبِيَة، من رد مهورِ النِّساء اللاتي هاجرن إلى دار الإِسلام، أو ذهبن إليهم من نساء المسلمين، فكان هذا الشرطُ على ما يقتضيه العدل والإِنصاف. فإِنا إذا نردُّ إليهم ما أنفقوا على نسائهم، فما لهم لا يردون إلينا ما أنفقنا على نسائنا؟! فهذا الاشتراط أيضًا كان على الفطرة السليمة، وإنْ لم يفُوا بها. قوله: (وقال الزهري) ... إلخ، يقول: إنه لا فرقَ بين العرب، وبني إسرائيل، إذا كانا نصرانيَّين، فتحل ذبيحتهما. قوله: (لا بأس بذبيحة الأقلف) رفعُ توهم - عسى أن يُتوهم - أنَّ في الذكاة شرط المِلة، والأقلفُ يخالف ملتَه، فينبغي أن لا تجوز ذبيحته. 23 - باب مَا نَدَّ مِنَ الْبَهَائِمِ فَهْوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَحْشِ وَأَجازهُ ابْنُ مَسْعُودٍ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسِ: ما أَعْجَزَكَ مِنَ البَهَائِمِ مِمَّا في يَدَيكَ فَهُوَ كالصَّيدِ وَفي بَعِيرٍ تَرَدَّى في بِئْرٍ: مِنْ حَيثُ قَدَرْتَ عَلَيهِ فَذَكِّهِ. وَرَأَى ذلِكَ عَلِيٌّ وَابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ. 5509 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لاَقُو الْعَدُوِّ غَدًا، وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدًى فَقَالَ «اعْجَلْ أَوْ أَرِنْ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ». وَأَصَبْنَا نَهْبَ إِبِلٍ وَغَنَمٍ فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لِهَذِهِ الإِبِلِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَإِذَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا شَىْءٌ، فَافْعَلُوا بِهِ هَكَذَا». أطرافه 2488، 2507، 3075، 5498، 5503، 5506، 5543، 5544 تحفة 3561 - 121/ 7 5509 - قوله: (أعجل أو أرن) وأصله: إئرن، فصار بالتعليل: إيرن، وإن كتبوه: أرن. ¬

_ (¬1) وراجع له "بداية المجتهد" من: ص 284 وص 385 - ج 2. فقد فصل فيه تفصيلًا حسنًا.

24 - باب النحر والذبح

24 - باب النَّحْرِ وَالذَّبْحِ وَقالَ ابْنُ جُرَيجٍ، عَنْ عَطاءٍ: لاَ ذَبْحَ وَلاَ مَنْحَرَ إِلَّا في المَذْبَحِ وَالمَنْحَرِ. قُلتُ: أَيَجْزِي ما يُذْبَحُ أَنْ أَنْحَرَهُ؟ قالَ: نَعَمْ، ذَكَرَ اللهُ ذَبْحَ البَقَرَةِ، فَإِنْ ذَبَحْتَ شَيئًا يُنْحَرُ جازَ، وَالنَّحْرُ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَالذَّبْحُ قَطْعُ اْلأَوْدَاجِ. قُلتُ: فَيُخَلِّفُ اْلأَوْدَاجَ، حَتَّى يَقْطَعَ النِّخَاعَ؟ قالَ: لاَ إِخالُ. وَأَخْبَرَنِي نَافِعٌ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ نَهى عَنِ النَّخْعِ، يَقُولُ: يَقْطَعُ ما دُونَ العَظْمِ، ثُمَّ يَدَعُ حَتَّى يَمُوتَ. وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً} [البقرة: 67]. وَقالَ: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} [البقرة: 71]. وَقالَ سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الذَّكاةُ في الحَلقِ وَاللَّبَّةِ. وَقالَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَنَسٌ: إِذَا قَطَعَ الرَّأْسَ فَلاَ بَأْسَ. 5510 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَتْنِى فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ امْرَأَتِى عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ نَحَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَسًا فَأَكَلْنَاهُ. أطرافه 5511، 5512، 5519 - تحفة 15746 5511 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ سَمِعَ عَبْدَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ ذَبَحْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَسًا وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ فَأَكَلْنَاهُ. أطرافه 5510، 5512، 5519 - تحفة 15746 5512 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِى بَكْرٍ قَالَتْ نَحَرْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَسًا فَأَكَلْنَاهُ. تَابَعَهُ وَكِيعٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ فِى النَّحْرِ. أطرافه 5510، 5511، 5519 - تحفة 15746 والنحر في الإِبل، والبط فقط، وفي غيرهما الذَّبح، فإنْ عكس لا بأس. ثم النحر في اللَّبَّة، والذبح عند اللَّحْيين. قوله: (قلت: فيخلف الأوداج حتى يقطع النخاع، قال: لا إخال) يعني إذا قطع الأوداج، فقطع النخاع أيضًا، فهل لقطع النخاع حكم؟ قال: لا، فإنَّ الضروري قطعُ الأوداج فقط. 5510 - قوله: (نحرنا على عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فرسًا، فأكلناه) ورُوي عند أبي داود (¬1) النهيُّ عن لحوم الفرس، ولكن المصنَّف لا يُبالي في الصحيح بما لا يكونُ على شرطه. ¬

_ (¬1) فعند أبي داود بإسناد سعِيد بن شَبيب، وحَيْوَة بن شُريح الحمصي، قال: أخبرنا عن ثور بن يزيد، عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معدي كرب، عن أبيه، عن جده، عن خالد بن الوليد: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكلِ لحوم الخيلِ، والبِغالِ، والحمير" ... إلخ: ص 175 - ج 2 قال المارديني: أخرجه أبو داود، وسكت عنه، فهو حسن، ثم أطال الكلام في تحسينه، فراجع "الجوهر".

25 - باب ما يكره من المثلة والمصبورة والمجثمة

25 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الْمُثْلَةِ وَالْمَصْبُورَةِ وَالْمُجَثَّمَةِ 5513 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ أَنَسٍ عَلَى الْحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ، فَرَأَى غِلْمَانًا - أَوْ فِتْيَانًا - نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا. فَقَالَ أَنَسٌ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ. تحفة 1630 5514 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَغُلاَمٌ مِنْ بَنِى يَحْيَى رَابِطٌ دَجَاجَةً يَرْمِيهَا، فَمَشَى إِلَيْهَا ابْنُ عُمَرَ حَتَّى حَلَّهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ بِهَا وَبِالْغُلاَمِ مَعَهُ فَقَالَ ازْجُرُوا غُلاَمَكُمْ عَنْ أَنْ يَصْبِرَ هَذَا الطَّيْرَ لِلْقَتْلِ، فَإِنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ تُصْبَرَ بَهِيمَةٌ أَوْ غَيْرُهَا لِلْقَتْلِ. تحفة 7077 - 122/ 7 5515 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ فَمَرُّوا بِفِتْيَةٍ أَوْ بِنَفَرٍ نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا، فَلَمَّا رَأَوُا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا عَنْهَا، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ مَنْ فَعَلَ هَذَا إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَعَنَ مَنْ فَعَلَ هَذَا. تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ عَنْ شُعْبَةَ. تحفة 7054 حَدَّثَنَا الْمِنْهَالُ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ لَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ مَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ. وَقَالَ عَدِىٌّ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 5562، 7054 5516 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ نَهَى عَنِ النُّهْبَةِ وَالْمُثْلَةِ. طرفه 2474 - تحفة 9674 أي قطع القوائم، والكُرَاع عند الذبح. 26 - باب الدَّجَاجِ 5517 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ زَهْدَمٍ الْجَرْمِىِّ عَنْ أَبِى مُوسَى - يَعْنِى الأَشْعَرِىَّ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ دَجَاجًا. أطرافه 3133، 4385، 4415، 5518، 6623، 6649، 6678، 6680، 6718، 6719، 6721، 7555 - تحفة 8990 5518 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ أَبِى تَمِيمَةَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ زَهْدَمٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ هَذَا الْحَىِّ مِنْ جَرْمٍ إِخَاءٌ، فَأُتِىَ بِطَعَامٍ فِيهِ لَحْمُ دَجَاجٍ، وَفِى الْقَوْمِ رَجُلٌ جَالِسٌ أَحْمَرُ فَلَمْ يَدْنُ مِنْ طَعَامِهِ قَالَ ادْنُ فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ مِنْهُ. قَالَ إِنِّى رَأَيْتُهُ أَكَلَ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ، فَحَلَفْتُ أَنْ لاَ آكُلَهُ. فَقَالَ ادْنُ أُخْبِرْكَ - أَوْ أُحَدِّثْكَ - إِنِّى أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ، فَوَافَقْتُهُ وَهْوَ غَضْبَانُ، وَهْوَ يَقْسِمُ نَعَمًا مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ فَاسْتَحْمَلْنَاهُ

27 - باب لحوم الخيل

فَحَلَفَ أَنْ لاَ يَحْمِلَنَا، قَالَ «مَا عِنْدِى مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ». ثُمَّ أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِنَهْبٍ مِنْ إِبِلٍ فَقَالَ «أَيْنَ الأَشْعَرِيُّونَ أَيْنَ الأَشْعَرِيُّونَ». قَالَ فَأَعْطَانَا خَمْسَ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى، فَلَبِثْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ، فَقُلْتُ لأَصْحَابِى نَسِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمِينَهُ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمِينَهُ لاَ نُفْلِحُ أَبَدًا. فَرَجَعْنَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا اسْتَحْمَلْنَاكَ، فَحَلَفْتَ أَنْ لاَ تَحْمِلَنَا فَظَنَنَّا أَنَّكَ نَسِيتَ يَمِينَكَ. فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ هُوَ حَمَلَكُمْ، إِنِّى وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللهُ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ، وَتَحَلَّلْتُهَا». أطرافه 3133، 4385، 4415، 5517، 6623، 6649، 6678، 6680، 6718، 6719، 6721، 7555 - تحفة 8990 - 123/ 7 27 - باب لُحُومِ الْخَيْلِ 5519 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَكَلْنَاهُ. أطرافه 5510، 5511، 5512 - تحفة 15746 5520 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهم - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، وَرَخَّصَ فِى لُحُومِ الْخَيْلِ. طرفاه 4219، 5524 - تحفة 2639 وهي إما مكروهة تنزيهًا، أو تحريمًا، كالضَّبِّ (¬1)، وكان مولانا شيخ الهند يختارُ التَّنزِيْه في الخيل، والتحريمَ في الضَّبِّ. 28 - باب لُحُومِ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ فِيهِ: عَنْ سَلَمَةَ، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلّم. 5521 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَالِمٍ وَنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ. أطرافه 853، 4215، 4217، 4218، 5522 - تحفة 6769، 8049 5522 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ. تَابَعَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَالِمٍ. أطرافه 853، 4215، 4217، 4218، 5521 - تحفة 7931، 6769، 8174 5523 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ¬

_ (¬1) قال الطحاوي في "شرح معاني الآثار": وقد كره قوم آكل الضب، منهم أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى. واختار في "مشكله" ص 280 - ج 40 بعد إخراج أحاديث النهي والإِباحة أن أحاديثَ الإِباحة متأخرةٌ، فلا يكون مكروهًا، ثم لم ينسُبه الطحاوي إلى أبي حنيفة، فلعله مختاره فقط. والله تعالى أعلم بالصواب، والجمع أيضًا ممكن.

29 - باب أكل كل ذى ناب من السباع

وَالْحَسَنِ ابْنَىْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنهم - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْمُتْعَةِ عَامَ خَيْبَرَ وَلُحُومِ حُمُرِ الإِنْسِيَّةِ. أطرافه 4216، 5115، 6961 - تحفة 10263 5524 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، وَرَخَّصَ فِى لُحُومِ الْخَيْلِ. طرفاه 4219، 5520 - تحفة 2639 5525 و 5526 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عَدِىٌّ عَنِ الْبَرَاءِ وَابْنِ أَبِى أَوْفَى رضى الله عنهم قَالاَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ. حديث 5525 أطرافه 4221، 4223، 4225، 4226 - تحفة 1795 حديث 5526 أطرافه 3155، 4220، 4222، 4224 - تحفة 5174 5527 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا إِدْرِيسَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا ثَعْلَبَةَ قَالَ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لُحُومَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ. تَابَعَهُ الزُّبَيْدِىُّ وَعُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. وَقَالَ مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ وَالْمَاجِشُونُ وَيُونُسُ وَابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِىِّ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كُلِّ ذِى نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ. تحفة 11876 5528 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِىُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ أُكِلَتِ الْحُمُرُ، ثُمَّ جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ أُكِلَتِ الْحُمُرُ. ثُمَّ جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ أُفْنِيَتِ الْحُمُرُ. فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فِى النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، فَإِنَّهَا رِجْسٌ. فَأُكْفِئَتِ الْقُدُورُ وَإِنَّهَا لَتَفُورُ بِاللَّحْمِ. أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 1458 5529 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ حُمُرِ الأَهْلِيَّةِ فَقَالَ قَدْ كَانَ يَقُولُ ذَاكَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِىُّ عِنْدَنَا بِالْبَصْرَةِ، وَلَكِنْ أَبَى ذَاكَ الْبَحْرُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَرَأَ {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145]. تحفة 3422، 5381 29 - باب أَكْلِ كُلِّ ذِى نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ (¬1) 5530 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى إِدْرِيسَ ¬

_ (¬1) اعترض أبو بكر الرازي في "أحكام القرآن" على الشافعي بما ملخصه أنه عليه الصلاة والسلام لم يعتبر هذا، بل جَعلَ كونه ذا نابٍ من السباع، وذا مخلب من الطير، علمًا على التحريم، فلا يزاد عليه، ولا ينقص منه، ولأن الخطابَ بالتحريم لم يختص بالعرب، فاعتبارُ ما يَستقذره لا دليل عليه. ثم إنه إن اعتبر استقذارَ جميع العرب، فجميعهم لم يستقذروا الحيات، والعقارب، والأسد، والذئب، والفأر، بل الأعراب يَستطِيْبُون هذه الأشياء، وإن اعتبر بعضهم، ففيه أمران: =

30 - باب جلود الميتة

الْخَوْلاَنِىِّ عَنْ أَبِى ثَعْلَبَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِى نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ. تَابَعَهُ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَالْمَاجِشُونُ عَنِ الزُّهْرِىِّ. تحفة 11874 واعلم أن الأسنانَ، ثنايا، ورَبَاعِيات، وأنياب، وأضراس. والأنياب دندان نيش كذا في «شرح الوقاية». والمراد من ذي ناب من يجرحُ منها، إلا فلكل حيوان أنياب. واعلم أنَّ الله تعالى حصرَ المحرَّمَات في موضعين من القرآن، فقال: {قُل لا أَجِدُ فِى مَآ أُوْحِىَ إِلَىَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام: 145] إلخ، وراجع له «الفوائد» للشاه عبد القادر. وقد مر في المغازي مرفوعًا: «أن حرمةَ الخمرِ لكونها رِجسًا». وإن اختلفت الرواة في تعليله من قبلهم، فقيل: لكونها جلالة، وقيل: لكونها غنيمة لم تُقْسَم. 30 - باب جُلُودِ الْمَيْتَةِ 5531 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ فَقَالَ «هَلَّا اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا». قَالُوا إِنَّهَا مَيِّتَةٌ. قَالَ «إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا». أطرافه 1492، 2221، 5532 - تحفة 5839 - 125/ 7 5532 - حَدَّثَنَا خَطَّابُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَجْلاَنَ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَنْزٍ مَيْتَةٍ فَقَالَ «مَا عَلَى أَهْلِهَا لَوِ انْتَفَعُوا بِإِهَابِهَا». أطرافه 1492، 2221، 5531 - تحفة 5446 31 - باب الْمِسْكِ 5533 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَمُ فِى اللَّهِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَلْمُهُ يَدْمَى، اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ وَالرِّيحُ رِيحُ مِسْكٍ». طرفاه 237، 2803 - تحفة 14912 ¬

_ = أحدهما: أن الخطابَ لجميعهم، فكيف يُعتبر بعضهم. والثاني: لم كان استقذارُ البعض المُستقذَر أولى من اعتبارِ البعض المُستَطيَب؟!. وزعم أنه أباح الضَّبُع، والثعلب، لأن العرب كانت تأكله. وقد كانت تأكل الغراب، والحِدَأة، والأسد، إن لم يكن فيهم من يمتنع من ذلك. واعتباره ما يَعدُو على الناس إن أراد في سائر أحواله، فذلك لا يوجد في الغُراب، والحِدَأة والحية، وقد حرمها، والأسد قد لا يعدُو إذا شَبعَ. وإن أراد العدو في بعض الأحوال، فالجمل الهائجُ قد يعدو على الإنسان، وكذا الثور، ولم يعتبر ذلك هو، ولا غيره، والسِّنَّور لا يعدو اهـ: ص 224 وص 225 - ج 2 "الجوهر النقي".

32 - باب الأرنب

5534 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً». طرفه 2101 - تحفة 9059 5534 - قوله: (مثل الجليس الصالح) ... إلخ. وحاصله: أن تأثير المجالسة كائنٌ لا محالة، قصدت، أو لم تقصد، كحامل المسك، فإنَّ ريحَه تصيبُه لا محالة. 32 - باب الأَرْنَبِ 5535 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا وَنَحْنُ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَسَعَى الْقَوْمُ فَلَغَبُوا، فَأَخَذْتُهَا فَجِئْتُ بِهَا إِلَى أَبِى طَلْحَةَ فَذَبَحَهَا، فَبَعَثَ بِوَرِكَيْهَا - أَوْ قَالَ بِفَخِذَيْهَا - إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَبِلَهَا. طرفاه 2572، 5489 - تحفة 1629 33 - باب الضَّبِّ 5536 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الضَّبُّ لَسْتُ آكُلُهُ وَلاَ أُحَرِّمُهُ». تحفة 7219 5537 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْتَ مَيْمُونَةَ فَأُتِىَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ فَقَالَ بَعْضُ النِّسْوَةِ أَخْبِرُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ. فَقَالُوا هُوَ ضَبٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَرَفَعَ يَدَهُ، فَقُلْتُ أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ «لاَ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِى فَأَجِدُنِى أَعَافُهُ». قَالَ خَالِدٌ فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكَلْتُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْظُرُ. طرفاه 5391، 5400 - تحفة 3504 - 126/ 7 34 - باب إِذَا وَقَعَتِ الْفَأْرَةُ (¬1) فِي السَّمْنِ الْجَامِدِ أَوِ الذَّائِبِ 5538 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يُحَدِّثُهُ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ فَأْرَةً وَقَعَتْ فِى سَمْنٍ ¬

_ (¬1) وقد تكلم عليه ابن رُشد في "بداية المجتهد"، وقال الشيخ الخَطَّابي: فيه دليل على أن المعائعاتِ لا تزال بها النجاسات، وذلك أنها إذا لم تَدفع عن نفسها النجاسة، فلأَن لا تدفع عن غيرها أولى؛ وقوله: "لا تقربوه"، يَحتملُ وجهين: =

فَمَاتَتْ، فَسُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْهَا فَقَالَ «أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوهُ». قِيلَ لِسُفْيَانَ فَإِنَّ مَعْمَرًا يُحَدِّثُهُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. قَالَ مَا سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ يَقُولُ إِلَّا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ مِرَارًا. أطرافه 235، 236، 5539، 5540 - تحفة 18065، 13287 أ 5539 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ الدَّابَّةِ تَمُوتُ فِى الزَّيْتِ وَالسَّمْنِ وَهْوَ جَامِدٌ أَوْ غَيْرُ جَامِدٍ، الْفَأْرَةِ أَوْ غَيْرِهَا قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِفَأْرَةٍ مَاتَتْ فِى سَمْنٍ، فَأَمَرَ بِمَا قَرُبَ مِنْهَا فَطُرِحَ ثُمَّ أُكِلَ، عَنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. أطرافه 235، 236، 5538، 5540 - تحفة 19399، 18065، 18987 5540 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ - رضى الله عنهم - قَالَتْ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِى سَمْنٍ فَقَالَ «أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوهُ». أطرافه 235، 236، 5538، 5539 - تحفة 18065 نُسب إلى المصنِّفِ أنه اختار مذهبَ مالك، فالسمنُ لا يكون نجسًا عنده بوقوع ¬

_ = أحدهما: لا تقربوه أكلًا وطعمًا، ولا يحرم الانتفاع به من غير هذا الوجه استصْبَاحًا وبيعًا، ممن يُستصبح به، ويدهن به السفن، ونحوها. ويَحتملُ أنْ يكون النهي في ذلك عامًا على الوجوه كلها. وقد اختلف الناس في الزيت إذا وقعت فيه نجاسةٌ، فذهب نفر من أصحاب الحديث إلى أنه لا ينتفع به على وجه من الوجوه لقوله: "لا تقربوه"، واستدلوا فيه أيضًا بما رُوي في بعض الأخبار أنه قال: "أريقوه". وقال أبو حنيفة: هو نجسٌ، لا يجوز أكله وشربه، ويجوزُ بيعُه، والاستصباحُ به. وقال الشافعي: لا يجوز أكله، ولا بيعه، ويجوزُ الاستصباح به ... إلخ، "معالم السنن" ص 258 - ج 4. وروى الطحاوي في "مشكله" عن أبي هريرة: "وإن كان ذائبًا، أو مائعًا، فاستصبحُوا به، فاستنفعوا به"، ذكر هذا الحديث صاحب "التمهيد" أيضًا اهـ. "الجوهر النقي" ص 229 - ج 2 وفي -قواعد ابن رُشد- اختلفوا في بيع الزيت النجس، ونحوه بعد اتفاقهم على تحريم أكله، فمنعه مالك، والشافعي، وجوزه أبو حنيفة، وابن وَهْب إذا بُيِّن ورُوي عن ابن عباس، وابن عمر أنهم جوزوا بيعَه ليستصبحَ به. وفي مذهب مالك جواز الاستصباح به، وعمل الصابون، مع تحريم بيعه، وأجازه الشافعي أيضًا، مع تحريم ثمنه، وهذا كله ضعيف ... إلخ. وفي "نوادر الفقهاء" لابن بنت نعيم: أجمع الصحابة رضي الله تعالى عنهم على جوازِ بيعِ زيت ونحوه تنجس بموت شيء فيه، إذا بُيِّن ذلك. وفي "التمهيد" وقال آخرون: ينتفع بالزيتِ الذي تقع فيه الميتة بالبيع، ولكل شيءٍ، ما عدا الأكل، ويبيعُه ويُبَيِّن. وممن قال بذلك أبو حنيفة، وأصحابه، والليث بن سعد، ورُوي عن أبي موسى الأشعري، قال: "لا تأكلوه، وبيعوه، وبَيِّنوا لمن تبيعونه منه، ولا تبيعوه من المسلمين". وفي "التجريد" للقُدُوْرِي: الناس يتبايعون السِّرجِين للزرع في سائر الأزمان من غير نكير، وقد كان يُباع قبل الشافعي، ولا نعلمُ أحدًا من الفقهاءِ منع بيعَه قبله. وقال ابن حزم: وممن أجاز بيع المائع تقع فيه النجاسة والانتفاع به: علي، وابن مسعود، وابن عمر، وأبو موسى الأشعري، وأبو سعيد الخُدري، والقاسم، وسالم، وعطاء، والليث، وأبو حنيفة، وسفيان وإسحاق، وغيرهم رضي الله تعالى عنهم اهـ: ص 19 - ج 2 "الجوهر النقي" ملخصًا، ومغيرًا.

35 - باب الوسم والعلم فى الصورة

فأرة مطلقًا، سواء كان جامدًا، أو مائعًا، فإن كان مائعًا يُطرحُ من موضعِ الوقوعِ خمس غَرْفات ثم يؤكل. قلتُ: ولا ينبغي أنْ يُنسب إليه مثل هذا القول، وقد مر أنه اختار الروايةَ غير المشهورة عن أحمد. وهي الفرقُ بين النجاسة الجامدة والمائعة، فالأولى لا تنجُسُ، سواء وقعت في الجامد، أو الذائب، وتنجُسُ الثانية. وعليها حُمل تبويبُ المصنف في الطهارة بوقوع الفأرة أولًا، فإنَّها نجاسة جامدة، وبالبول في الماء الراكد ثانيًا، فإنَّه نجاسةٌ مائعة، فكأنه أشار بالفرق بينهما. وتأويلُ هذه الترجمة عندي أنه ذكر فيها الجامدَ، لكون الحديث فيه عنده، فإنَّ اتقاء ما حولَها لا يمكنُ إلا في الجامد. ثم ذكر الذائبَ، ولم يذكر حكمه، لينظر فيه الناظر. أما الزُّهري فإنَّه وإن سُئل عن السمن مطلقًا، لكنه لم يُجب إلا عن الجامد، ولم يذكر للمائعِ حُكمًا. وذلك لأن حديثَ البُخاري يدُل بمفهومِه على أنَّ المائعَ يتنجَّس، فلا ينبغي أن يعزوَ إلى المصنف ما يُخالِفُ مفهومَ الحديثِ عنده. ثم إن هذا المفهوم أخرجه النسائي منطوقًا أيضًا، «فإنْ كان مائعًا فلا تقربوه»، وصححه الذُّهْلي شيخ مسلم، فدل مفهومُ حديث البخاري، ومنطوق حديث النسائي، على أنَّ السمنَ المائعَ يتنجَّسُ بوقوع النجاسة. هذا ما عندي، فإنْ أبيت إلا أن تنسبَ إليه طهارةَ السمن في الصورتين، فلا بد لك أنْ تؤوِّل حديثَ البخاري، بأن أمر الاتقاء عنده محمول على الاستحباب، وحديث النسائي بأنه معلول عنده، كما نقله الترمذي عنه. إلا أنه أين يقع من تصحيح شيخه الذُّهْلي، والنسائي على ما اشترطه في كتابه. وقد مر الكلام مبسوطًا في الطهارة. 35 - باب الْوَسْمِ وَالْعَلَمِ فِى الصُّورَةِ 5541 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ حَنْظَلَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ تُعْلَمَ الصُّورَةُ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُضْرَبَ. تَابَعَهُ قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا الْعَنْقَزِىُّ عَنْ حَنْظَلَةَ وَقَالَ تُضْرَبُ الصُّورَةُ. تحفة 6753 5542 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِأَخٍ لِى يُحَنِّكُهُ، وَهْوَ فِى مِرْبَدٍ لَهُ، فَرَأَيْتُهُ يَسِمُ شَاةً - حَسِبْتُهُ قَالَ - فِى آذَانِهَا. طرفاه 1502، 5824 - تحفة 1632 36 - باب إِذَا أَصَابَ قَوْمٌ غَنِيمَةً، فَذَبَحَ بَعْضُهُمْ غَنَمًا أَوْ إِبِلاً، بِغَيْرِ أَمْرِ أَصْحَابِهِمْ، لَمْ تُؤْكَلْ لحديثِ رَافِعٍ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلّم. وَقالَ طَاوُسٌ وَعِكْرِمَةُ: في ذَبِيحَةِ السَّارِقِ: اطْرَحُوهُ.

37 - باب إذا ند بعير لقوم، فرماه بعضهم بسهم فقتله، فأراد إصلاحهم، فهو جائز

5543 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ قُلْتُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّنَا نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا، وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى. فَقَالَ «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلُوا، مَا لَمْ يَكُنْ سِنٌّ وَلاَ ظُفُرٌ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفْرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ». وَتَقَدَّمَ سَرَعَانُ النَّاسِ فَأَصَابُوا مِنَ الْغَنَائِمِ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى آخِرِ النَّاسِ فَنَصَبُوا قُدُورًا فَأَمَرَ بِهَا فَأُكْفِئَتْ وَقَسَمَ بَيْنَهُمْ وَعَدَلَ بَعِيرًا بِعَشْرِ شِيَاهٍ، ثُمَّ نَدَّ بَعِيرٌ مِنْ أَوَائِلِ الْقَوْمِ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ خَيْلٌ فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللَّهُ. فَقَالَ «إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ فَمَا فَعَلَ مِنْهَا هَذَا فَافْعَلُوا مِثْلَ هَذَا». أطرافه 2488، 2507، 3075، 5498، 5503، 5506، 5509، 5544 تحفة 3561 - 127/ 7 قوله: (قال طاوس، وعكرمة: ذبيحة السارق اطرحوه). واعلم أن المصنفَ ترجم ههنا على حديث رافع بما رأيت، فقال: لم تؤكل، مع أنَّ الحرمةَ ليست فيه إلا لكونه غنيمةً لم تُقسم. وهذا مفيدٌ لنا في هبة المُشَاع. وترجم فيما مر بجواز هبة المُشَاع، وهذا - كما ترى - تناقضٌ بيِّنٌ، فإنَّ حرمتَه إذا كانت ههنا لكونه مُشَاعًا، وجب أن تتحقَّقَ في هبة المُشَاع أيضًا لتلك العلة بعينها، إلا أن يقال في وجه الفرق: إنه ليس في هبة المُشَاع نَهْب، بخلاف الغنيمة، فإنَّ فيها نهبًا لأموال الناس، فافترقا. أما المسألة في حيوانٍ مشترَكٍ، أو مغصوب ذبح أنه حلالٌ، ولا يحلُّ أكله كذا في «الدر المختار»، ورد عليه الشامي، ويُعلم من عبارة المصنف أنَّه ميتةٌ. وفي «الدر المختار» أن حيوانًا مذبوحًا لو وجد على سطح الماء، فإنَّه لا يُؤكل، وهو عندي مردود، وقد أفتيت في كَشْمِير بخلافه. وقد مر فيما سبق. 37 - باب إِذَا نَدَّ بَعِيرٌ لِقَوْمٍ، فَرَمَاهُ بَعْضُهُمْ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، فَأَرَادَ إِصْلاَحَهُمْ، فَهْوَ جَائِزٌ لِخَبَرِ رَافِعٍ، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلّم. 5544 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِىُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ فَنَدَّ بَعِيرٌ مِنَ الإِبِلِ - قَالَ - فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ، قَالَ ثُمَّ قَالَ «إِنَّ لَهَا أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَكُونُ فِى الْمَغَازِى وَالأَسْفَارِ فَنُرِيدُ أَنْ نَذْبَحَ فَلاَ تَكُونُ مُدًى قَالَ «أَرِنْ مَا نَهَرَ - أَوْ أَنْهَرَ - الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلْ، غَيْرَ السِّنِّ وَالظُّفُرِ، فَإِنَّ السِّنَّ عَظْمٌ، وَالظُّفُرَ مُدَى الْحَبَشَةِ». أطرافه 2488، 2507، 3075، 5498، 5503، 5506، 5509، 5543 - تحفة 3561 أي لم يُرد إضاعةَ المالِ، ولكن قَصَدَ الإِصلاح.

38 - باب أكل المضطر

38 - باب أَكْلِ الْمُضْطَرِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 172 - 173] وَقَالَ: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 3] وَقَوْلُهُ: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118) وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119)} [الأنعام: 118 - 119]. وقولُهُ جَلَّ وعَلا: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145)} [الأنعام: 145]. قَالَ ابن عباس: مهداقًا وقال: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (114) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (115)} [النحل: 114 - 115]}. 128/ 7 ***

73 - كتاب الأضاحي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 73 - كتابُ الأضاحي 1 - بابُ سُنَّةِ الأُضْحِيَّةِ وقالَ ابْنُ عُمَرَ: هِيَ سُنَّةٌ وَمَعْرُوفٌ. 5545 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ زُبَيْدٍ الإِيَامِىِّ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِى يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّىَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، مَنْ فَعَلَهُ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلُ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِى شَىْءٍ». فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ وَقَدْ ذَبَحَ فَقَالَ إِنَّ عِنْدِى جَذَعَةً. فَقَالَ «اذْبَحْهَا وَلَنْ تَجْزِىَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». قَالَ مُطَرِّفٌ عَنْ عَامِرٍ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاَةِ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ». أطرافه 951، 955، 965، 968، 976، 983، 5556، 5557، 5560، 5563، 6673 - تحفة 1769 5546 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا ذَبَحَ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاَةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ». أطرافه 954، 984، 5549، 5561 - تحفة 1455 - 129/ 7 2 - باب قِسْمَةِ الإِمَامِ الأَضَاحِىَّ بَيْنَ النَّاسِ 5547 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ بَعْجَةَ الْجُهَنِىِّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِىِّ قَالَ قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَصْحَابِهِ ضَحَايَا، فَصَارَتْ لِعُقْبَةَ جَذَعَةٌ. فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَارَتْ جَذَعَةٌ. قَالَ «ضَحِّ بِهَا». أطرافه 2300، 2500، 5555 - تحفة 9910 3 - باب الأُضْحِيَّةِ لِلْمُسَافِرِ وَالنِّسَاءِ 5548 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهَا وَحَاضَتْ بِسَرِفَ، قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَ مَكَّةَ وَهْىَ تَبْكِى فَقَالَ «مَا لَكِ أَنَفِسْتِ». قَالَتْ نَعَمْ. قَالَ «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِى مَا يَقْضِى الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِى بِالْبَيْتِ». فَلَمَّا كُنَّا بِمِنًى أُتِيتُ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ مَا هَذَا قَالُوا ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَزْوَاجِهِ بِالْبَقَرِ. أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5559، 6157، 7229 - تحفة 17482

4 - باب ما يشتهى من اللحم يوم النحر

وهي غير واجبة عليه (¬1). واستدل المصنف من لفظ «ضحى»، وإلا فالظاهر أنها كانت هَدْيًا، كما بينه محمد في «موطئه». 4 - باب مَا يُشْتَهَى مِنَ اللَّحْمِ يَوْمَ النَّحْرِ 5549 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ النَّحْرِ «مَنْ كَانَ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَلْيُعِدْ». فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْمُ - وَذَكَرَ جِيرَانَهُ - وَعِنْدِى جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ شَاتَىْ لَحْمٍ. فَرَخَّصَ لَهُ فِى ذَلِكَ، فَلاَ أَدْرِى أَبَلَغَتِ الرُّخْصَةُ مَنْ سِوَاهُ أَمْ لاَ، ثُمَّ انْكَفَأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى كَبْشَيْنِ فَذَبَحَهُمَا، وَقَامَ النَّاسُ إِلَى غُنَيْمَةٍ فَتَوَزَّعُوهَا أَوْ قَالَ فَتَجَزَّعُوهَا. أطرافه 954، 984، 5546، 5561 - تحفة 1455 5 - باب مَنْ قَالَ الأَضْحَى يَوْمَ النَّحْرِ 5550 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ، أَىُّ شَهْرٍ هَذَا». قُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ «أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةِ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «أَىُّ بَلَدٍ هَذَا». قُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ «أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «فَأَىُّ يَوْمٍ هَذَا». قُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ «أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ - قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَحْسِبُهُ قَالَ - وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِى بَلَدِكُمْ هَذَا فِى شَهْرِكُمْ، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، أَلاَ فَلاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى ضُلَّالًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلاَ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ أَنْ يَكُونَ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ ¬

_ (¬1) قلت: وقد تكلم عليه المارديني، وأجاب عما تمسك به الشافعي من حديث أم سَلَمة: "إذا دخل العشر، فأراد أحدكم أن يُضحي" ... الحديث. ثم قال: فيه دلالة على أن الضحية ليست بواجبة، لقوله عليه الصلاة والسلام: "فأراد أحدكم أن يضحي". قال المارديني: وذكر الإِرادة في حديث أم سلمة لا ينفي الوجوب، لأن الإِرادةَ شرطٌ لجميع الفرائض، وليس كل أحد يريد التضحية. وقد استعمل ذلك في الواجبات، كقولهم: من أراد الحج فليُلَبِّ، وكقوله عليه الصلاة والسلام: "من أراد الجمعة فليغتسل" اهـ: ص 219 - ج 2. قلت: وإنما اعتنيت بهذا النقل ليفيدك في باب الحج -في وجوب الإِحرام على من دخل الحرم- نوى أحد النسكين أولًا، خلافًا للشافعي، وراجع "بداية المجتهد": ص 366 - ج 2.

6 - باب الأضحى والمنحر بالمصلى

سَمِعَهُ - وَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا ذَكَرَهُ قَالَ صَدَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ - أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ». أطرافه 67، 105، 1741، 3197، 4406، 4662، 7078، 7447 تحفة 11682 - 130/ 7 6 - باب الأَضْحَى وَالْمَنْحَرِ بِالْمُصَلَّى 5551 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَنْحَرُ فِى الْمَنْحَرِ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ يَعْنِى مَنْحَرَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 982، 1710، 1711، 5552 - تحفة 7882 5552 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ كَثِيرِ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَذْبَحُ وَيَنْحَرُ بِالْمُصَلَّى. أطرافه 982، 1710، 1711، 5551 - تحفة 8261 7 - باب فِى أُضْحِيَّةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِكَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، وَيُذْكَرُ سَمِينَيْنِ وَقالَ يَحْيى بْنُ سَعِيدٍ: سَمِعْتُ أَبَا أُمامَةَ بْنَ سَهْلٍ قالَ: «كُنَّا نُسَمِّنُ اْلأُضْحِيَّةَ بِالمَدِينَةِ، وَكانَ المُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ. 5553 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُضَحِّى بِكَبْشَيْنِ وَأَنَا أُضَحِّى بِكَبْشَيْنِ. أطرافه 5554، 5558، 5564، 5565، 7399 - تحفة 1030 5554 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ. تَابَعَهُ وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ وَحَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ. أطرافه 5553، 5558، 5564، 5565، 7399 - تحفة 957، 1455 - 131/ 7 5555 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ ضَحَايَا، فَبَقِىَ عَتُودٌ فَذَكَرَهُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ضَحِّ أَنْتَ بِهِ». أطرافه 2300، 2500، 5547 - تحفة 9955 8 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى بُرْدَةَ: «ضَحِّ بِالْجَذَعِ مِنَ الْمَعَزِ، وَلَنْ تَجْزِىَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» 5556 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ عَنْ عَامِرٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ ضَحَّى خَالٌ لِى يُقَالُ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ قَبْلَ الصَّلاَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عِنْدِى دَاجِنًا جَذَعَةً مِنَ الْمَعَزِ. قَالَ «اذْبَحْهَا وَلَنْ تَصْلُحَ لِغَيْرِكَ». ثُمَّ قَالَ «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ

9 - باب من ذبح الأضاحى بيده

الصَّلاَةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ». تَابَعَهُ عُبَيْدَةُ عَنِ الشَّعْبِىِّ وَإِبْرَاهِيمَ. وَتَابَعَهُ وَكِيعٌ عَنْ حُرَيْثٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ. وَقَالَ عَاصِمٌ وَدَاوُدُ عَنِ الشَّعْبِىِّ عِنْدِى عَنَاقُ لَبَنٍ. وَقَالَ زُبَيْدٌ وَفِرَاسٌ عَنِ الشَّعْبِىِّ عِنْدِى جَذَعَةٌ. وَقَالَ أَبُو الأَحْوَصِ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنَاقٌ جَذَعَةٌ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ عَنَاقٌ جَذَعٌ، عَنَاقُ لَبَنٍ. أطرافه 951، 955، 965، 968، 976، 983، 5545، 5557، 5560، 5563، 6673 - تحفة 1769 5557 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ ذَبَحَ أَبُو بُرْدَةَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَبْدِلْهَا». قَالَ لَيْسَ عِنْدِى إِلاَّ جَذَعَةٌ - قَالَ شُعْبَةُ وَأَحْسِبُهُ قَالَ - هِىَ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ. قَالَ «اجْعَلْهَا مَكَانَهَا، وَلَنْ تَجْزِىَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». وَقَالَ حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ عَنَاقٌ جَذَعَةٌ. أطرافه 951، 955، 965، 968، 976، 983، 5545، 5556، 5560، 5563، 6673 - تحفة 1920 9 - باب مَنْ ذَبَحَ الأَضَاحِىَّ بِيَدِهِ 5558 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ ضَحَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا يُسَمِّى وَيُكَبِّرُ، فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ. أطرافه 5553، 5554، 5564، 5565، 7399 - تحفة 1250 10 - باب مَنْ ذَبَحَ ضَحِيَّةَ غَيْرِهِ وَأَعانَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ في بَدَنَتِهِ. وَأَمَرَ أَبُو مُوسى بَنَاتِهِ أَنْ يُضَحِّينَ بِأَيدِيهِنَّ. 132/ 7 5559 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِسَرِفَ وَأَنَا أَبْكِى، فَقَالَ «مَا لَكِ أَنَفِسْتِ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ اقْضِى مَا يَقْضِى الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِى بِالْبَيْتِ». وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ. أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 6157، 7229 - تحفة 17482 جاز إذا لم يكن صاحبها يحسن الذبح. 11 - باب الذَّبْحِ بَعْدَ الصَّلاَةِ 5560 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى زُبَيْدٌ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ فَقَالَ «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ مِنْ يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّىَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ هَذَا فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ نَحَرَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ يُقَدِّمُهُ لأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِى شَىْءٍ». فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أُصَلِّىَ، وَعِنْدِى جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ. فَقَالَ «اجْعَلْهَا مَكَانَهَا، وَلَنْ تَجْزِىَ أَوْ تُوفِىَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». أطرافه 951، 955، 965، 968، 976، 983، 5545، 5556، 5557، 5563، 6673 - تحفة 1769

12 - باب من ذبح قبل الصلاة أعاد

12 - باب مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ أَعَادَ 5561 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَلْيُعِدْ». فَقَالَ رَجُلٌ هَذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْمُ - وَذَكَرَ مِنْ جِيرَانِهِ فَكَأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَذَرَهُ - وَعِنْدِى جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْنِ فَرَخَّصَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ أَدْرِى بَلَغَتِ الرُّخْصَةُ أَمْ لاَ، ثُمَّ انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ - يَعْنِى فَذَبَحَهُمَا - ثُمَّ انْكَفَأَ النَّاسُ إِلَى غُنَيْمَةٍ فَذَبَحُوهَا. أطرافه 954، 984، 5546، 5549 - تحفة 1455 5562 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ سَمِعْتُ جُنْدَبَ بْنَ سُفْيَانَ الْبَجَلِىَّ قَالَ شَهِدْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّىَ فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ». أطرافه 985، 5500، 6674، 7400 - تحفة 3251 5563 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ عَامِرٍ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ «مَنْ صَلَّى صَلاَتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، فَلاَ يَذْبَحْ حَتَّى يَنْصَرِفَ». فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَعَلْتُ. فَقَالَ «هُوَ شَىْءٌ عَجَّلْتَهُ». قَالَ فَإِنَّ عِنْدِى جَذَعَةً هِىَ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّتَيْنِ آذْبَحُهَا قَالَ «نَعَمْ، ثُمَّ لاَ تَجْزِى عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». قَالَ عَامِرٌ هِىَ خَيْرُ نَسِيكَتِهِ. أطرافه 951، 955، 965، 968، 976، 983، 5545، 5556، 5557، 5560، 6673 - تحفة 1769 - 133/ 7 5561 - قوله: (وذكر هنة من جيوانه) أي حاجته. 13 - باب وَضْعِ الْقَدَمِ عَلَى صَفْحِ الذَّبِيحَةِ 5564 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُضَحِّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صَفْحَتِهِمَا، وَيَذْبَحُهُمَا بِيَدِهِ. أطرافه 5553، 5554، 5558، 5565، 7399 - تحفة 1412 14 - باب التَّكْبِيرِ عِنْدَ الذَّبْحِ 5565 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ ضَحَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا. أطرافه 5553، 5554، 5558، 5564، 7399 - تحفة 1427 15 - باب إِذَا بَعَثَ بِهَدْيِهِ لِيُذْبَحَ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ شَىْءٌ 5566 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ أَتَى عَائِشَةَ، فَقَالَ لَهَا يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ رَجُلاً يَبْعَثُ بِالْهَدْىِ إِلَى

16 - باب ما يؤكل من لحوم الأضاحى وما يتزود منها

الْكَعْبَةِ، وَيَجْلِسُ فِى الْمِصْرِ، فَيُوصِى أَنْ تُقَلَّدَ بَدَنَتُهُ، فَلاَ يَزَالُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ مُحْرِمًا حَتَّى يَحِلَّ النَّاسُ. قَالَ فَسَمِعْتُ تَصْفِيقَهَا مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ فَقَالَتْ لَقَدْ كُنْتُ أَفْتِلُ قَلاَئِدَ هَدْىِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَبْعَثُ هَدْيَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِمَّا حَلَّ لِلرِّجَالِ مِنْ أَهْلِهِ، حَتَّى يَرْجِعَ النَّاسُ. أطرافه 1696، 1698، 1699، 1700، 1701، 1702، 1703، 1704، 1705، 2317 - تحفة 17616 16 - باب مَا يُؤْكَلُ مِنْ لُحُومِ الأَضَاحِىِّ وَمَا يُتَزَوَّدُ مِنْهَا 5567 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الأَضَاحِىِّ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْمَدِينَةِ، وَقَالَ غَيْرَ مَرَّةٍ لُحُومَ الْهَدْىِ. أطرافه 1719، 2980، 5424 - تحفة 2469 5568 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ابْنَ خَبَّابٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ كَانَ غَائِبًا، فَقَدِمَ فَقُدِّمَ إِلَيْهِ لَحْمٌ. قَالَ وَهَذَا مِنْ لَحْمِ ضَحَايَانَا. فَقَالَ أَخِّرُوهُ لاَ أَذُوقُهُ. قَالَ ثُمَّ قُمْتُ فَخَرَجْتُ حَتَّى آتِىَ أَخِى قَتَادَةَ - وَكَانَ أَخَاهُ لأُمِّهِ، وَكَانَ بَدْرِيًّا - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ حَدَثَ بَعْدَكَ أَمْرٌ. طرفه 3997 تحفة 11072، 4095 أ - 134/ 7 5569 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلاَ يُصْبِحَنَّ بَعْدَ ثَالِثَةٍ وَفِى بَيْتِهِ مِنْهُ شَىْءٌ». فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنَا عَامَ الْمَاضِى قَالَ «كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا فَإِنَّ ذَلِكَ الْعَامَ كَانَ بِالنَّاسِ جَهْدٌ فَأَرَدْتُ أَنْ تُعِينُوا فِيهَا». تحفة 4545 5570 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ الضَّحِيَّةُ كُنَّا نُمَلِّحُ مِنْهُ، فَنَقْدَمُ بِهِ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ «لاَ تَأْكُلُوا إِلاَّ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ». وَلَيْسَتْ بِعَزِيمَةٍ، وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ يُطْعِمَ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. أطرافه 5423، 5438، 6687 - تحفة 17940 5571 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ أَنَّهُ شَهِدَ الْعِيدَ يَوْمَ الأَضْحَى مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - فَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ نَهَاكُمْ عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ الْعِيدَيْنِ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَيَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ وَأَمَّا الآخَرُ فَيَوْمٌ تَأْكُلُونَ نُسُكَكُمْ. طرفه 1990 - تحفة 10663 5572 - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ ثُمَّ شَهِدْتُ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ

عِيدَانِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْتَظِرَ الْجُمُعَةَ مِنْ أَهْلِ الْعَوَالِى فَلْيَنْتَظِرْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ. تحفة 9845 5573 - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ ثُمَّ شَهِدْتُهُ مَعَ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ، فَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَاكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا لُحُومَ نُسُكِكُمْ فَوْقَ ثَلاَثٍ. وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى عُبَيْدٍ نَحْوَهُ. تحفة 10330، 10663، 9845 5574 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُوا مِنَ الأَضَاحِىِّ ثَلاَثًا». وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَأْكُلُ بِالزَّيْتِ حِينَ يَنْفِرُ مِنْ مِنًى، مِنْ أَجْلِ لُحُومِ الْهَدْىِ. تحفة 6921 - 135/ 7 5568 - (إنه قد حدث بعدَك أمر ... إلخ)، أي رخصة في ادِّخار لحومِها. 5572 - قوله: (إن هذا قد اجتمع لكم فيه عِيدان، فمن أحب أن ينتظرَ الجمعة من أهل العوالي، فلينتظر، ومن أحبَّ أن يرجع، فقد أذنت له) وفيه دليل قوي لأبي حنيفة أنْ لا جمعةَ على أهل القرى، وأما علي فحديثه حجةٌ لنا خاصة، وهذا عثمان، ونحوه عن عمر أيضًا. ... تم الجزء الخامس من "فيض الباري على صحيح البخاري" ويليه -إن شاء الله تعالى- الجزء السادس، وأوله: "كتاب الأشربة"

74 - كتاب الأشربة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 74 - كِتَابُ الأَشْرِبَة 1 - باب قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90] 5575 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِى الدُّنْيَا، ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا، حُرِمَهَا فِى الآخِرَةِ». تحفة 8359 5576 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ بِإِيلِيَاءَ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ، وَلَبَنٍ فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا، ثُمَّ أَخَذَ اللَّبَنَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ، وَلَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ. تَابَعَهُ مَعْمَرٌ وَابْنُ الْهَادِ وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَالزُّبَيْدِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ. أطرافه 3394، 3437، 4709، 5603 تحفة 13157، 13203، 13270، 13316، 13323، 13255 5577 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثًا لاَ يُحَدِّثُكُمْ بِهِ غَيْرِى قَالَ «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَظْهَرَ الْجَهْلُ، وَيَقِلَّ الْعِلْمُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَتُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً قَيِّمُهُنَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ». أطرافه 80، 81، 5231، 6808 - تحفة 1374 5578 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَابْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولاَنِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَزْنِى الزَّانِى حِينَ يَزْنِى وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُحَدِّثُهُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ثُمَّ يَقُولُ كَانَ أَبُو بَكْرٍ يُلْحِقُ مَعَهُنَّ «وَلاَ يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ، يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ أَبْصَارَهُمْ فِيهَا حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهْوَ مُؤْمِنٌ». أطرافه 2475، 6772، 6810 - تحفة 13329، 15320، 14863 - 136/ 7 واعلم أنَّ الأشربة الأربعة حرامٌ مطلقًا عند الأئمة الأربعة، وفي غيرها خلافٌ.

2 - باب الخمر من العنب

فذهب الجمهور إلى أنَّ ما أسكر كثيره، فقليله حرام. وفصل فيه أبو حنيفة: والوجه فيه أن للخمر إطلاقان: عام، وخاص: فالأول: يقال لكل مسكر، والثاني: لعصير العنب خاصة، إذا غلى واشتد، كالورد، فإنَّه يُطلق على كل زَهْر، ذي رائحة، ويطلق على الخاص أيضًا نازبو فالخمر عند أبي حنيفة هو الخاص فقط. ويُعلم من «الأم» للشافعي أنَّ من قصر الحرمة على الأشربة الأربعة. يقول: إن القليلَ من غيرها ليس بمسكر، وحينئذ يمكن للحنفية أن يدَّعوا أنه غيرُ داخلٍ في موضوع القضية: «كل مسكر حرام»، فإنَّ المرادَ من المسكرِ هو الذي أسكرَ بالفعل. واستحسنه ابن رُشد، في قوله: كل شراب أسكر، وزعم أنه فيما أسكر بالفعل. قلتُ: وإنما استحسنه ابن رُشد، مع كونه فقيهًا عظيمًا، لأن عَرَبيَّتَه ناقصة. ومرادُ الحديث أنَّ كل شرابٍ من شأنه السُّكر فهو حرامٌ، سواء أسكر بالفعل أم لا. وقد تبين لي بعد مرور الدهر أنَّ مراد الحديث، كما ذهب إليه الجمهور، وإذن لا أصرف الأحاديث عن ظاهرها. ثم اعلم أن تحرير مذهب الحنفية ليس كما قالوه: إن غير الأشربة الأربعة حلال، بقدر التقوِّي على العبادة، بل الأحسن عندي كما أقول: إن غيرها حرام عندنا أيضًا، إلا بقدر التقوِّي على العبادة، دون التلهي، هذا في القليل، أما إذا أسكرَ فهو حرام بالإِجماع. والفرق بين التعبيرين أجلى من أنْ يُذكر، فإنَّ الأصلَ في التعبير الأول هو الحلة، فتقومُ الأحاديث على مناقضة المذهب. أما على التعبير الثاني، فالأصل الحرمة، كما في الأحاديث، ويبقى القدرُ القليل تحت الاستثناء. 5575 - قوله: (حرمها في الآخرة) ذهب جماعةٌ إلى أن شاربَ الخمر لا يشربُها في الجنة أيضًا، وإن دخلها بعد المغفرة. والجنة وإن كان فيها كل ما تشتهيه الأنفس، إلا أنه لا يشتهيها. 5577 - قوله: (حتى يكون خمسين امرأة قيمهن رجل واحد) وقد مر معنا أنَّ في بعض الروايات قيد «الصالح»، فلا إشكال. ثم إنه يمكن أن يكونَ المراد من القيِّم غير الزوجِ، ممن يقوم على أمور الناس، ويسعى لهم. 5578 - قوله: (ولا ينتهب نهبة ذات شرف)، أي المال النفيس، يرفعُ الناس إليه أبصارهم فيها حين ينتهبها "اورلوك ديكهتى ره جائين". 2 - باب الْخَمْرُ مِنَ الْعِنَبِ 5579 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ - هُوَ ابْنُ مِغْوَلٍ - عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ لَقَدْ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، وَمَا بِالْمَدِينَةِ مِنْهَا شَىْءٌ. طرفه 4616 - تحفة 8402

3 - باب نزل تحريم الخمر وهى من البسر والتمر

5580 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِىِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ حُرِّمَتْ عَلَيْنَا الْخَمْرُ حِينَ حُرِّمَتْ وَمَا نَجِدُ - يَعْنِى بِالْمَدِينَةِ - خَمْرَ الأَعْنَابِ إِلاَّ قَلِيلاً، وَعَامَّةُ خَمْرِنَا الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ. أطرافه 2464، 4617، 4620، 5582، 5583، 5584، 5600، 5622، 7253 تحفة 494 5581 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِى حَيَّانَ حَدَّثَنَا عَامِرٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَامَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ أَمَّا بَعْدُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهْىَ مِنْ خَمْسَةٍ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْعَسَلِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ، وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ. أطرافه 4619، 5588، 5589، 7337 - تحفة 10538 3 - باب نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهْىَ مِنَ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ 5582 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ أَسْقِى أَبَا عُبَيْدَةَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ مِنْ فَضِيخِ زَهْوٍ وَتَمْرٍ فَجَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ. فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ قُمْ يَا أَنَسُ فَأَهْرِقْهَا. فَأَهْرَقْتُهَا. أطرافه 2464، 4617، 4620، 5580، 5583، 5584، 5600، 5622، 7253 تحفة 207 5583 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ كُنْتُ قَائِمًا عَلَى الْحَىِّ أَسْقِيهِمْ - عُمُومَتِى وَأَنَا أَصْغَرُهُمُ - الْفَضِيخَ، فَقِيلَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ. فَقَالُوا أَكْفِئْهَا. فَكَفَأْتُهَا. قُلْتُ لأَنَسٍ مَا شَرَابُهُمْ قَالَ رُطَبٌ وَبُسْرٌ. فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَنَسٍ وَكَانَتْ خَمْرَهُمْ. فَلَمْ يُنْكِرْ أَنَسٌ. وَحَدَّثَنِى بَعْضُ أَصْحَابِى أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ كَانَتْ خَمْرَهُمْ يَوْمَئِذٍ. أطرافه 2464، 4617، 4620، 5580، 5582، 5584، 5600، 5622، 7253 تحفة 874 - 137/ 7 5584 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ حَدَّثَنَا يُوسُفُ أَبُو مَعْشَرٍ الْبَرَّاءُ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ الْخَمْرَ حُرِّمَتْ، وَالْخَمْرُ يَوْمَئِذٍ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ. أطرافه 2464، 4617، 4620، 5580، 5582، 5583، 5600، 5622، 7253 تحفة 252 5582 - قوله: (الفضيخ) "كجلى هوئى". قوله: (زهو) "كدرائى هوى". 5583 - قوله: (وكانت خمرهم) دلت الإِضافة إلى الأشخاص، أن الخمرَ تكون من غير العنب أيضًا. واعلم أن إطلاقات الصحابة رضي الله تعالى عنهم تدل على أن الخمرَ عندهم يُطلق على كل مائع مُسكرٍ، ولذا يأمرون بإِكفاء كل مسكر. 4 - باب الْخَمْرُ مِنَ الْعَسَلِ، وَهْوَ الْبِتْعُ وَقَالَ مَعْنٌ: سَأَلْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنِ الْفُقَّاعِ، فَقَالَ: إِذَا لَمْ يُسْكِرْ فَلاَ بَأْسَ. وَقَالَ ابْنُ الدَّرَاوَرْدِىِّ: سَأَلْنَا عَنْهُ فَقَالُوا: لاَ يُسْكِرُ، لاَ بَأْسَ بِهِ.

5 - باب ما جاء فى أن الخمر ما خامر العقل من الشراب

5585 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْبِتْعِ فَقَالَ «كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهْوَ حَرَامٌ». طرفاه 242، 5586 - تحفة 17764 5586، 5587 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْبِتْعِ وَهْوَ نَبِيذُ الْعَسَلِ، وَكَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَشْرَبُونَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهْوَ حَرَامٌ». طرفاه 242، 5585 - تحفة 17764 وَعَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَنْتَبِذُوا فِى الدُّبَّاءِ، وَلاَ فِى الْمُزَفَّتِ». وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُلْحِقُ مَعَهَا الْحَنْتَمَ وَالنَّقِيرَ. تحفة 1500 5 - باب مَا جَاءَ فِى أَنَّ الْخَمْرَ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ مِنَ الشَّرَابِ 5588 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِى حَيَّانَ التَّيْمِىِّ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ خَطَبَ عُمَرُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، وَهْىَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْعَسَلِ، وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ، وَثَلاَثٌ وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يُفَارِقْنَا حَتَّى يَعْهَدَ إِلَيْنَا عَهْدًا الْجَدُّ وَالْكَلاَلَةُ وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا. قَالَ قُلْتُ يَا أَبَا عَمْرٍو فَشَىْءٌ يُصْنَعُ بِالسِّنْدِ مِنَ الرُّزِّ. قَالَ ذَاكَ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ قَالَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ. وَقَالَ حَجَّاجُ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَبِى حَيَّانَ مَكَانَ الْعِنَبِ الزَّبِيبَ. أطرافه 4619، 5581، 5589، 7337 - تحفة 10538 - 138/ 7 5589 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ قَالَ الْخَمْرُ يُصْنَعُ مِنْ خَمْسَةٍ مِنَ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْعَسَلِ. أطرافه 4619، 5581، 5588، 7337 - تحفة 10538 5588 - قوله: (فشيء يصنع بالسند من الرز) "يعني ايك شىء جهيى سنده مين جاول د الكربناتى هين". 6 - باب مَا جَاءَ فِيمَنْ يَسْتَحِلُّ الْخَمْرَ وَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ 5590 - وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ الْكِلاَبِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الأَشْعَرِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو عَامِرٍ - أَوْ أَبُو مَالِكٍ - الأَشْعَرِىُّ وَاللَّهِ مَا كَذَبَنِى سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِى أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ - يَعْنِى الْفَقِيرَ - لِحَاجَةٍ فَيَقُولُوا ارْجِعْ

7 - باب الانتباذ فى الأوعية والتور

إِلَيْنَا غَدًا. فَيُبَيِّتُهُمُ اللهُ وَيَضَعُ الْعَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». تحفة 12161، 12065 وعرض الشاه ولي الله ههنا على أبي حنيفة. 5590 - قوله: (وقال هشام بن عمار) ... إلخ، هذا مبدأ الإِسناد، فينبغي أن يُكتب بالقلم الجلي. والفرقُ بين المعازف والملاهي: أن الملاهي ما تضربُ باليد، والمعازفُ بالفم. 7 - باب الاِنْتِبَاذِ فِى الأَوْعِيَةِ وَالتَّوْرِ 5591 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلًا يَقُولُ أَتَى أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِىُّ فَدَعَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى عُرْسِهِ، فَكَانَتِ امْرَأَتُهُ خَادِمَهُمْ وَهْىَ الْعَرُوسُ. قَالَتْ أَتَدْرُونَ مَا سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْقَعْتُ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ فِى تَوْرٍ. أطرافه 5176، 5182، 5183، 5597، 6685 - تحفة 4779 8 - باب تَرْخِيصِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الأَوْعِيَةِ وَالظُّرُوفِ بَعْدَ النَّهْىِ 5592 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الظُّرُوفِ فَقَالَتِ الأَنْصَارُ إِنَّهُ لاَ بُدَّ لَنَا مِنْهَا. قَالَ «فَلاَ إِذًا». وَقَالَ خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ بِهَذَا. تحفة 2240 حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفيَانُ بِهذا. وَقالَ فِيهِ: لَمَّا نَهى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ اْلأَوْعِيَةِ. 5593 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِى مُسْلِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِى عِيَاضٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الأَسْقِيَةِ قِيلَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَجِدُ سِقَاءً فَرَخَّصَ لَهُمْ فِى الْجَرِّ غَيْرِ الْمُزَفَّتِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِهَذَا وَقَالَ فِيهِ لَمَّا نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الأَوْعِيَةِ. تحفة 8895 - 139/ 7 5594 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ. حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ بِهَذَا. تحفة 10032 5595 - حَدَّثَنِى عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قُلْتُ لِلأَسْوَدِ هَلْ سَأَلْتَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَمَّا يُكْرَهُ أَنْ يُنْتَبَذَ فِيهِ فَقَالَ نَعَمْ قُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَمَّا نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُنْتَبَذَ فِيهِ قَالَتْ نَهَانَا فِى ذَلِكَ أَهْلَ الْبَيْتِ أَنْ نَنْتَبِذَ فِى الدُّبَّاءِ

9 - باب نقيع التمر ما لم يسكر

وَالْمُزَفَّتِ. قُلْتُ أَمَا ذَكَرْتِ الْجَرَّ وَالْحَنْتَمَ قَالَ إِنَّمَا أُحَدِّثُكَ مَا سَمِعْتُ، أَفَأُحَدِّثُ مَا لَمْ أَسْمَعْ تحفة 15989 5596 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْجَرِّ الأَخْضَرِ. قُلْتُ أَنَشْرَبُ فِى الأَبْيَضِ قَالَ لاَ. تحفة 5166 5593 - قوله: (عن عبد الله بن عمرو قال: لما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الأسقية) ... إلخ، وعكس فيه الراوي قطعًا، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم ينه عن الأسقية، ولكنه نهى أولًا عن الجِرَار، ثم رخص فيها أيضًا، فينبغي أن يكون لفظ الجِرَار مكان الأسقية. وقد علمت من صنع المحدثينَ أنهم ينظرون إلى حال الإِسناد فقط، ولا يُراعون المعنى، فيحكُمون على إسنادٍ صحيحٍ بالصحة، بدون إمعانٍ في معنى متنه، كما رأيت في الحديث المذكور. 9 - باب نَقِيعِ التَّمْرِ مَا لَمْ يُسْكِرْ 5597 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِىُّ عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ أَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِىَّ دَعَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لِعُرْسِهِ، فَكَانَتِ امْرَأَتُهُ خَادِمَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَهْىَ الْعَرُوسُ. فَقَالَتْ مَا تَدْرُونَ مَا أَنْقَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْقَعْتُ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ فِى تَوْرٍ. أطرافه 5176، 5182، 5183، 5591، 6685 - تحفة 4779 10 - باب الْبَاذَقِ وَمَنْ نَهَى عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ مِنَ الأَشْرِبَةِ وَرَأَى عُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَمُعَاذٌ شُرْبَ الطِّلاَءِ عَلَى الثُّلُثِ. وَشَرِبَ الْبَرَاءُ وَأَبُو جُحَيْفَةَ عَلَى النِّصْفِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ اشْرَبِ الْعَصِيرَ مَا دَامَ طَرِيًّا. وَقَالَ عُمَرُ وَجَدْتُ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ رِيحَ شَرَابٍ، وَأَنَا سَائِلٌ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ يُسْكِرُ جَلَدْتُهُ. 5598 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى الْجُوَيْرِيَةِ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْبَاذَقِ. فَقَالَ سَبَقَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - الْبَاذَقَ، فَمَا أَسْكَرَ فَهْوَ حَرَامٌ. قَالَ الشَّرَابُ الْحَلاَلُ الطَّيِّبُ. قَالَ لَيْسَ بَعْدَ الْحَلاَلِ الطَّيِّبِ إِلاَّ الْحَرَامُ الْخَبِيثُ. تحفة 5410 - 140/ 7 5599 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ. أطرافه 4912، 5216، 5267، 5268، 5431، 5614، 5682، 6691، 6972 تحفة 16796 وهو معرب "باده" أي شراب. قوله: (شرب الطلاء على الثلث) واعلم أنَّ العصير إذا طُبخ حتى إذا ذهب ثلثاه أمِنَ من الفسادِ، ولا يسكر أيضًا، وكذلك لا يتخلل أيضًا، فالمقصود من هذا الطبخ

هو دَوامُه، وحفظه عن التغيُّر والفسادِ، والسُّكر (¬1). قوله: (وشرب البراء، وأبو جحيفة على النصف) ... إلخ، واعلم أن المنصَّفَ حرامٌ، لكونه مُسكرًا (¬2). قوله: (فإن كان يسكر جلدته) وقصته: أن ابني عمر كانا ذهبا إلى المصر للجهاد، وكان الأميرُ فيها عمرو بن العاص، فشربَ عُبيد الله طلاءً يظنُّه غير مسكرٍ، فسكِرَ، وكان عمر قد أحل الطِّلاء لأهل الشام، كما علمت، فقال له عبد الله: إنك أمير، والحد إليك، فلو حدَدْتَه على وجه لا يُعرف به أحد، ففعل. فلما بلغ ذلك عمر، قال: يا عمرو بن العاص كنتُ أثقُ بك، ولكن أخطأتَ فيما ظننتُ فيك، فدعا عبد الله، وكان عليلًا، فحدَّه، فتوفِّيَ فيه، وإنما حده عمر على السكر لا على شرب الطِّلاء، فإنَّه كان أحلَّه لأهل الشام. وقد علمت من كلام الحافظ الاختلاف في أنواع العنب. وما نُقل أنه ضربَ الحدَّ على قبرِه بعد وفاتِه، فغلطٌ. 5598 - قوله: (سبق محمد الباذق) ... إلخ، أي إن هذه الأسماء فشتْ بعده، ولم تكن في زمن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وإنما مهد لنا ضابطةً كلية، فخذوا منها أحكام الباذق، وغيرها. ¬

_ (¬1) كما يدل عليه أثر عمر عند مالك في "موطئه في كتاب الأشربة: ص 358" عن محمود بن لبيد الأنصاري أن عمر بن الخطاب حين قدم الشام، فشكى إليه أهل الشام وباءَ الأرض، وثقلها، وقالوا: لا يُصلحنا إلا هذا الشراب، فقال عمر: "اشربوا العسل"، فقال رجل من أهل الأرض: هل لك أن تجعلَ لنا من هذا الشراب شيئًا لا يُسكر؟ قال: "نعم"، فطبخوا حتى ذهب منه الثلثين، وبقي الثلاث، فأتوا به عمر، فأدخل فيه عمر إصبعه، ثم رفع يده، فتبعها، يتمطط (1) /تار جهور تى تهى/، فقال: "هذا الطلاء مثل طلاء الإِبل"، فأمرهم عمر أن يشربوه، فقال له عُبادة بن الصامت: "أحللتها، والله، فقال عمر: كلا، وآلله، اللهم إني لا أحل شيئًا حرمته عليهم، ولا أحرم شيئًا أحللته لهم" اهـ. وقول عُبادة، إما مبنيٌّ على ظنِّ أنه يبقى حرامًا بعد الطبخ أيضًا، أو أنَّ عمر لما رخص لهم في القليل منه، خاف تجاوزهم عن الحد، ووقوعهم في القدرِ الكثير أيضًا، فقال ما قال. ثم إن المطبوخ المذكور إن كان حلالًا مطلقًا لعدم الإِسكار فيه، فلا حجة لنا فيه، وإن كان الكثير منه مُسكرًا، فهو حُجة لنا في جواز الشرب من المثلث، بقدر ما لم يسكر. هكذا في بعض تذكرتي. (¬2) فقال الحافظ: والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف أعناب البلاد. فقد قال ابن حزم: إنه شَاهَدَ من العصيرِ ما إذا طُبخ إلى الثلث ينعقدَ، ولا يصير مسكرًا أصلًا، ومنه ما إذا طبخ إلى النصف كذلك، ومنه ما إذا طبخ إلى الربع كذلك، بل قال: إنه شَاهَد منه ما يصير رُبًا خائرًا لا يُسكر، ومنه ما لو طُبخ لا يبقى غير ربعه لا يخثر، ولا ينفك السكر عنه. قال: فوجب أنْ يُحمل ما ورد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم من أمر الطِّلاء، على ما لا يُسكر بعد الطبخ، وقد ثبت عن ابن عباس: "أن النارَ لا تُحلُّ شيئًا، ولا تحرمه"، أخرجه النسائي من طريق عنه، وقال: إنه يريد بذلك ما نقل عنه في الطِّلاء، وأخرج أيضًا من طريق طَاوس، قال: هو الذي يصيرُ مثل العسل، ويؤكل، ويصبُّ عليه الماء، فُيشرب اهـ: ص 51 - ج 10.

11 - باب من رأى أن لا يخلط البسر والتمر إذا كان مسكرا، وأن لا يجعل إدامين فى إدام

قوله: (قال: الشراب الحلال الطيب) ولا يُفهم معناه، إلا بتغيير النغمة، يعني أليس الباذق حلالًا طيبًا؟ وحاصل جواب ابن عباس أنَّ الأشياءَ على نوعين: حلال طيب، وحرام خبيث، فإذا لم يكن الباذقُ من الأول، كان من الثاني ضرورةً. 11 - باب مَنْ رَأَى أَنْ لاَ يَخْلِطَ الْبُسْرَ وَالتَّمْرَ إِذَا كَانَ مُسْكِرًا، وَأَنْ لاَ يَجْعَلَ إِدَامَيْنِ فِى إِدَامٍ 5600 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ إِنِّى لأَسْقِى أَبَا طَلْحَةَ وَأَبَا دُجَانَةَ وَسُهَيْلَ ابْنَ الْبَيْضَاءِ خَلِيطَ بُسْرٍ وَتَمْرٍ إِذْ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، فَقَذَفْتُهَا وَأَنَا سَاقِيهِمْ وَأَصْغَرُهُمْ، وَإِنَّا نَعُدُّهَا يَوْمَئِذٍ الْخَمْرَ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ سَمِعَ أَنَسًا. أطرافه 2464، 4617، 4620، 5580، 5582، 5583، 5584، 5622، 7253 تحفة 1360، 1319 5601 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا - رضى الله عنه - يَقُولُ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَالْبُسْرِ وَالرُّطَبِ. تحفة 2451 5602 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ التَّمْرِ وَالزَّهْوِ، وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، وَلْيُنْبَذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ. تحفة 12107 وإنما نهى عنه لتسارُعِ الفساد فيه، فالنهي فيه لسدِّ الذرائع. 12 - باب شُرْبِ اللَّبَنِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النحل: 66]. 5603 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَقَدَحِ خَمْرٍ. أطرافه 3394، 3437، 4709، 5576 - تحفة 13323 5604 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ سَمِعَ سُفْيَانَ أَخْبَرَنَا سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَيْرًا مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ يُحَدِّثُ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ قَالَتْ شَكَّ النَّاسُ فِى صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ عَرَفَةَ، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ بِإِنَاءٍ فِيهِ لَبَنٌ فَشَرِبَ. فَكَانَ سُفْيَانُ رُبَّمَا قَالَ شَكَّ النَّاسُ فِى صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ عَرَفَةَ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أُمُّ الْفَضْلِ. فَإِذَا وُقِفَ عَلَيْهِ قَالَ هُوَ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ. أطرافه 1658، 1661، 1988، 5618، 5636 - تحفة 18054 5605 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ وَأَبِى سُفْيَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ اللَّهِ قَالَ جَاءَ أَبُو حُمَيْدٍ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ مِنَ النَّقِيعِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَّ خَمَّرْتَهُ وَلَوْ أَنْ تَعْرُضَ عَلَيْهِ عُودًا». طرفه 5606 - تحفة 2234، 2299 - 141/ 7

13 - باب استعذاب الماء

5606 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ يَذْكُرُ - أُرَاهُ - عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ أَبُو حُمَيْدٍ - رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ - مِنَ النَّقِيعِ بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَّ خَمَّرْتَهُ، وَلَوْ أَنْ تَعْرُضَ عَلَيْهِ عُودًا». وَحَدَّثَنِى أَبُو سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا. طرفه 5605 - تحفة 2233، 2312 5607 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَكَّةَ وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مَرَرْنَا بِرَاعٍ وَقَدْ عَطِشَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَحَلَبْتُ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ فِى قَدَحٍ، فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ، وَأَتَانَا سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ فَدَعَا عَلَيْهِ، فَطَلَبَ إِلَيْهِ سُرَاقَةُ أَنْ لاَ يَدْعُوَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَرْجِعَ فَفَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2439، 3615، 3652، 3908، 3917 - تحفة 6587 5608 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نِعْمَ الصَّدَقَةُ اللِّقْحَةُ الصَّفِىُّ مِنْحَةً، وَالشَّاةُ الصَّفِىُّ مِنْحَةً، تَغْدُو بِإِنَاءٍ، وَتَرُوحُ بِآخَرَ». طرفه 2629 - تحفة 13754 5609 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَرِبَ لَبَنًا فَمَضْمَضَ وَقَالَ «إِنَّ لَهُ دَسَمًا». طرفه 211 - تحفة 5833 5610 - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «رُفِعْتُ إِلَى السِّدْرَةِ فَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ، نَهَرَانِ ظَاهِرَانِ، وَنَهَرَانِ بَاطِنَانِ، فَأَمَّا الظَّاهِرَانِ النِّيلُ وَالْفُرَاتُ، وَأَمَّا الْبَاطِنَانِ فَنَهَرَانِ فِى الْجَنَّةِ فَأُتِيتُ بِثَلاَثَةِ أَقْدَاحٍ، قَدَحٌ فِيهِ لَبَنٌ، وَقَدَحٌ فِيهِ عَسَلٌ، وَقَدَحٌ فِيهِ خَمْرٌ، فَأَخَذْتُ الَّذِى فِيهِ اللَّبَنُ فَشَرِبْتُ فَقِيلَ لِى أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ أَنْتَ وَأُمَّتُكَ». قَالَ هِشَامٌ وَسَعِيدٌ وَهَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الأَنْهَارِ نَحْوَهُ، وَلَمْ يَذْكُرُوا ثَلاَثَةَ أَقْدَاحٍ. أطرافه 3570، 4964، 6581، 7517 - تحفة 1281، 11202 - 142/ 7 13 - باب اسْتِعْذَابِ الْمَاءِ 5611 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِىٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالاً مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ مَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرَحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ. قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا نَزَلَتْ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإِنَّ أَحَبَّ مَالِى إِلَىَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ

14 - باب شرب اللبن بالماء

فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَخٍ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ - أَوْ رَايِحٌ شَكَّ عَبْدُ اللَّهِ - وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ وَإِنِّى أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِى الأَقْرَبِينَ». فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِى أَقَارِبِهِ وَفِى بَنِى عَمِّهِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى رَايِحٌ. أطرافه 1461، 2318، 2752، 2758، 2769، 4554، 4555 - تحفة 204 14 - باب شُرْبِ اللَّبَنِ بِالْمَاءِ 5612 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَرِبَ لَبَنًا، وَأَتَى دَارَهُ فَحَلَبْتُ شَاةً فَشُبْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْبِئْرِ، فَتَنَاوَلَ الْقَدَحَ فَشَرِبَ، وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِىٌّ، فَأَعْطَى الأَعْرَابِىَّ فَضْلَهُ، ثُمَّ قَالَ «الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ». أطرافه 2352، 2571، 5619 - تحفة 1564 5613 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنْ كَانَ عِنْدَكَ مَاءٌ بَاتَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فِى شَنَّةٍ، وَإِلاَّ كَرَعْنَا». قَالَ وَالرَّجُلُ يُحَوِّلُ الْمَاءَ فِى حَائِطِهِ - قَالَ - فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِى مَاءٌ بَائِتٌ فَانْطَلِقْ إِلَى الْعَرِيشِ - قَالَ - فَانْطَلَقَ بِهِمَا، فَسَكَبَ فِى قَدَحٍ، ثُمَّ حَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ دَاجِنٍ لَهُ - قَالَ - فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ شَرِبَ الرَّجُلُ الَّذِى جَاءَ مَعَهُ. طرفه 5621 - تحفة 2250 - 143/ 7 15 - باب شَرَابِ الْحَلْوَاءِ وَالْعَسَلِ وَقَالَ الزُّهْرِىُّ: لاَ يَحِلُّ شُرْبُ بَوْلِ النَّاسِ لِشِدَّةٍ تَنْزِلُ، لأَنَّهُ رِجْسٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 5]، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِى السَّكَرِ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ. 5614 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْجِبُهُ الْحَلْوَاءُ وَالْعَسَلُ. أطرافه 4912، 5216، 5267، 5268، 5431، 5599، 5682، 6691، 6972 تحفة 16796 فائدة: واعلم أن المصنف ختم باب الأشربة، وكان الظنُّ به أنه يشدِّدُ فيه الكلامَ في حق الحنفية، ولكنه مرّ ساكتًا، ولم يُعرِّض بشيء. والنسائي وضع كتاب الأشربة في آخر كتابه، وشدَّد فيه الكلام، فلما رأيت تذكرته، وجدتُ فيها أنه كان متهمًا بشرب النبيذ، وحينئذ تبين لي السرُّ في تغليظه، وعلمت أنه يذبُّ عن نفسه.

قلتُ (¬1): ولما كانت المسألة شهيرةً بين الأنام، أردت أن أزفَّ إليك بعض النقول المهمة في ذلك، واستوعبت غررها، وأرجو من الله سبحانه أن لا تتأسف على فقد شيء بعدها، وإنما أَعرض عنها الشيخ، لما لاح له الجُنُوح إلى مذهب الجمهور. قال في «المعتصر»: عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «كل شراب أسكر فهو حرام». وعنها قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن البِتْع، فقال: «كل شراب أسكر فهو حرام». وعن أبي موسى أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لما بعث معاذًا، وأبا موسى، إلى اليمن، قال له أبو موسى: «إن شرابًا يُصنع في أرضنا من العسل، يقال له: البِتْع، ومن الشعير، يقال له: المِزْر». فقال صلى الله عليه وسلّم «كل مسكر حرام». ولما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن البِتْع، فجاوب بقوله: «كل شراب أسكر فهو حرام» احتمل أن يكون ذلك على الشراب المُسكر كثيرُه، فيكون حرامًا إذا أسكر، لا إذا لم يُسكر. واحتمل أن يكون قليله وكثيره حرامًا، فنظرنا فوجدنا من رواية أبي إسحاق عن أبي بُردة عن أبيه، قال: «بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنا، ومعاذًا إلى اليمن، فقلت: إنك بعثتنا إلى أرضٍ كثير شراب أهلها»، فقال: «اشربا، ولا تشربا مسكرًا». وعنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى اليمن، فقلنا: «إن بها شرابًا يصنع من الشعير والبُر، يُسمّى المِذْر ومن العسل يسمى: البِتْع»، قال: «اشربوا، ولا تشربوا مسكرًا»، أو قال: «لا تسكروا» ففيها إطلاق الشرب، والنهي عن المسكر. فعقلنا أنَّ السكرَ المراد في الأحاديث السابقة هو ما يُسكر من تلك الأشربة، لا ما لا يسكر منها. وعن أبي موسى، قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلّم ومعاذًا إلى اليمن، فقلت: «يا رسول الله، أفتنا بشرابين كنا نصنعهما باليمن: البِتْع من العسل، ينبذ حتى يشتد؛ والمِزْر من الشعير والذرة، ينبذ حتى يشتد»؛ قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلّم أعطي جوامع الكلم بخواتمه، فقال: «حرام كل مسكر، أسكر عن الصلاة» فعاد إلى أنه لا يُمنع القليل من الشراب الذي يسكر كثيره، فإنَّ القليل لا يُسكر عن الصلاة. وارتفع التضاد بين الآثار، وامتنعَ شُرب ما يُسكر منها، وحل شُرب ما لا يسكر منها. ومنه عن ابن عباس، قال: «حرمت الخمر لعينها، والسكر من كل شراب». وعنه: «حرمت الخمر لعينها، القليل منها، والكثير، والسكر من كل شراب»؛ رَوى ذلك مِسْعَر بن كِدَام، وأبو حنيفة، وابن شبرمة، والثوري عن أبي عون، عن عبد الله بن شداد، عن ابن شداد، ورواه شُعبة عن مِسْعر بهذا الإِسناد، فقال فيه: والمسكر من كل شراب، بخلاف ما رواه عنه وكيع، وأبو نُعيم، وجرير، وثلاثة أولى بالحفظ من واحد. ¬

_ (¬1) هذا من قوله - إلى قوله: من فضيلة الجامع، كان في التعليق، أدرجناه في صلب الكتاب (المصحح).

مع أن شُعبة كثيرًا ما يحدِّثُ بالشيء على ما يظن أنه معناه، وليس في الحقيقة معناه، فيحوِّلُ الحديثَ إلى ضده، كما في حديث توريث الخال. فقال فيه: «والخال وارث من لا وارث له، يرث ماله، ويعقل عنه. وإنما هو «يرث ماله، ويفك عانيه». كذلك رواه غيره من الرواة، وسيأتي. ومن ذلك حديث أنس: «أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم نهى أن يتزعفر الرجل»، وحدث هو به: «نهى عن التزعفر»، وهما مختلفان، لأن نهيه عن التزعفر يدخل فيه الرجال والنساء، بخلاف قوله: نهى أن يتزعفر الرجل. اهـ «المعتصر». وفي «العَرْف الشذي» - تقديره للترمذي، ضبطه الفاضل محمد جراع زيد مجده - مع بعض تغيير في العبارة، وتخريج الأحاديث مني، قال: إن هذه المسألة لم أجد فيها ما يَشفي الصدور، ونَقَلَ أنَّ الكَرْخِي صنفَ في هذه المسألة كتابًا مستقلًا، لكنا ما وجدناه. واعلم أن الخمر عند أبي حنيفة، وأبي يوسف: عصير العنب إذا غلا "جوش مارا"، واشتد "تيزهئوا اوراتها"، وقذف بالزبد؛ وأحكامه عشرة مذكورة في «الهداية»: منها أن مستحلَّها كافر، وأنها نجسةٌ غليظة، وأن قليلها وكثيرها حرام، وأن شاربَها محدودٌ، أَسَكِرَ، أم لا، وسواها أشربةٌ ثلاثة أخرى، قليلها وكثيرها حرام. وفي رواية: نجسة خفيفة، وفي رواية: غليظة. أحدها: الطِّلاء، وهو عصير العنب المطبوخ الذي لم يُطبخ ثلثاه واشتد، والخمر لا يُطبخ، وللطِّلاء تفسير آخر، وثانيها: السَّكَر؛ والثالث: النَّقِيع، وهذه الثلاثة، والخمر تسمى بالأشربة الأربعة، ويكون قليلها، وكثيرها حرامًا، ولا يطلق لفظ الخمر إلا على الأول من الأربعة. وأما ما سواها فيتخذ النبيذ من كل شيء من الحبوب، والثمار، الألبان، وتسمى هذه الأقسام بالأنبذة، وحكمها ما ذكروا: أن القليل - أي القدر - غير المُسكر منها حلال إذا كان بقصد التقوّي على العبادة، وحرام بقصد التلهي، والكثير - أي القدر - المُسكر منها حرام. وهذا مذهب الشيخين، وَوَكيع بن الجراح، وسفيان الثوري، ولعل سفيان رجع عنه. وفي «الهداية» عن الأوزاعي أيضًا وفاقُ أبي حنيفة في الجملة، وبعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم أيضًا، وإن تأولت الخصومُ أقوالهم، وأئمة آخرون أيضًا مُوَافِقُون للشيخين في الجملة. وأما الشافعي، وأحمد، ومالك، ومحمد بن الحسن، وجمهور الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فذهبوا إلى أنَّ المُسكر المائع من كل شيءٍ يحرُم قليله وكثيره، أسكر أم لم يُسكر، والمسكر الجامد ليس بخمر. وأفتى أرباب الفتوى منا بقول محمد بن الحسن. وأما أرباب اللغة فيشيدون بأقوال أئمتهم، ذكر صاحب «القاموس» الشافعي معنى

الخمر موافق الجمهور، وذكر مذهب أبي حنيفة بقيل. وذكر الزمخشري معناه على وَفق أَبي حنيفة، وقال: ليس في اللغة إلا هذا المعنى. ومن المعلوم أن الزمخشري أحذقُ من صاحب «القاموس»، لأنه إمام اللغة. أقول: إن أصل معنى الخمر لغةً ما قال أبو حنيفة، ولكنه مُستعملٌ في معنى الحجازيين أيضًا، والمعنيان على الحقيقة، ويمكن للجمهور أن يقول: إن الشارع لما ذكر حُكم ما زعمتموه خمرًا، وحُكمَ غيره واحدًا، فأي اعتراض؟ ونظير استعمال الخمر في المعنيين لفظ «كل» في الفارسية - معناه "بهول كلاب" - إذا استعمل مطلقًا، وإذا استعمل مقيدًا فالاعتبار للقيد نحو (كل نركس)، أو غيره، والاستعمالان حقيقيان. هذا ما بدا لي في شواهد أبي حنيفة من اللغة، قال المتنبي: * .................. فإن في الخمر معنى ليس في العنب وقال أبو الأسود الدُّؤلي أستاذ الحسنين: * دع (¬1) الخمرَ يشربها الغُواة، فإِنني ... أخذتُ أخاها، مغنيًا بمكانها * فإِنْ لم تَكُنْه، أو يَكُنْها، فإِنه ... أخُوْها، غذتْه أمه بلِبَانِها ويقول شاعر آخر متدين: *وإني لأكرهَ تشديدَ الرواةِ لنا ... فيه، ويعجبني قول ابن مسعود قال ابن مسعود بمثل ما قال أبو حنيفة، ثم أقول، مغيِّرًا عبارتهم، لا غرضهم: ولعل ذلك يجدي شيئًا، قالوا: إن ما سوى الأشربة الأربعة حلال قليله، على قصد التقوّي على العبادة، ويحرُم على قصد التلهي، وأقول مغيرًا عبارتهم: إن ما سوى الأربعة حرام، إلا قدرَ قليل، بقصد التقوّي على العبادة، والفرقُ أن عبارتَهم تُشعر أنَّ الأصلَ الإِباحة، والحرمةَ بعارض التَّلهي، وعلى ما قلت، تُشعر بأن الأصلَ الحُرمة، وإنما الحلالُ قدر قليل بقصد التقوّي على العبادة، فإِذن يكون التقوِّي مثل التداوي، فيُحوَّلُ الأمر إلى باب التداوي، ولا تكون الأحاديث الوافرة مخالفةً لأبي حنيفة. وهذا يكون شبيه قولنا: إن الميتة حرامٌ إلا عند الاضطرار، فيكون التقوي على العبادة مخصوصًا، ومستثنى، ونطالب دليلَ التخصيص، فسأبينه، فيكون جميع أحاديث «المسكر حرامٌ» على ظاهرها، مثل أن يقال: إن الميتة حرامٌ، وفي كتب الحنفية أنَّ شُربَ الماء على حكاية شُرب الخمر حرام، ووجدتُ لقولهم هذا دليلًا، قول أبي هريرة مثل قولنا في «مدخل ابن الحَاج المالكي». ¬

_ (¬1) قال العلامة المارديني: جعل أبو الأسود الطِّلاء أخًا للخمر، وأخو الشيء غيره، وأراد إنهما معًا من الكَرْم اهـ: ص 189 - ج 2. الجوهر النقي، قلت: تمسك به المارديني على نفي اسم الخمر عن الطِّلاء (من الجامع).

وقال بعض الحنفية: إنَّ كلَّ محرمٍ بعضُ جنسه حلالٌ، فيكون النبيذ حلالًا لكونه من جنس الخمر الذي هو حرامٌ، وله نظائر، كالحرير، فإنَّه حرام، ويجوزُ منه قدر أربعة أصابع للرجال، وكذلك الذهب، والفضة، ووجدت لقولهم دليلًا من قول بعض السلف عن بعض أهل البيت، أنهم ذكروا مثل ما ذكره بعض الحنفية، وقال: إن نهر طالوت كان كثيره حرامًا، وقليله حلالًا، فعلم أنَّ لقول ذلك البعض من الحنفية أصلًا. وأما أدلة الحنفية، فمنها ما أخرجه أبو داود: في باب الأوعية: حدثنا وَهْب بن بقية، عن خالد، عن عوف، عن أبي القَمُوص زيد بن علي، قال: حدثني رجل كان من الوفد الذين وَفَدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم من عبد القيس، يحسبُ عوف أنَّ اسمه قيس بن النعمان، فقال: «لا تشربوا في نقير، ولا مُزَفّت، ولا دباء ولا حَنْتَم، واشربوا في الجلد الموكأ، فإن اشتد فاكسروه بالماء، فإن أعياكم، فأهريقوه»، وسنده جيد. وقيل في الجواب: إن الاشتداد الغلظة، لا الإِسكار، وهذا مهملٌ، لأن الاشتدادَ المستعمل في المسكرات، والأنبذة بمعنى المُسكر، كما في مسلم: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، ومحمد بن أحمد بن أبي خلف، واللفظ لابن أبي خلف، قالا: أخبرنا زكريا بن عدي، قال: أخبرنا عبيد الله، وهو ابن عمر، عن زيد بن أبي أُنَيسة، عن سعيد بن أَبي بُردة: حدثنا أبو بُردة عن أبيه، قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلّم ومعاذًا إلى اليمن، فقال: «ادعوا الناس، وبشِّرا ولا تنفِّرا، ويسِّرا ولا تعسرا»، قال: فقلت: «يا رسول الله أفتنا في شرابين، كنا نصنعهما باليمن: البِتْع، وهو من العسل، ينبذ حتى يشتد، والمِزْر، وهو من الذرة، والشعير، ينبذ حتى يشتد، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم قد أعطي جوامع الكلم بخواتمه، فقال: «أنهى عن كل مسكر، أسكر عن الصلاة». وقيل: إن المراد بالاشتداد الحموضة. وأقول: أيُّ فائدة في الإِهراق في هذه الصورة؟ فإنَّ دفعَ الحموضة ممكن بالماء أيضًا، والماء المختلط بالنبيذ يكون أصلح من الماء القَرَاح، فأيُّ نفع في الإِهراق؟. ولأبي حنيفة آثار عن عمر في «موطأ مالك»: مالك عن داود بن الحُصين، عن واقد بن عمر ابن سعد بن معاذ: أنه أخبره عن محمود بن لبيد الأنصاري: أنَّ عمر بن الخطاب حين قَدِم الشام، فشكى إليه أهلُ الشام وباءَ الأرض، وثقلها، وقالوا: لا يُصلحنا إلا هذا الشراب، فقال عمر: «اشربوا العسل»، فقالوا: لا يُصلحنا العسل، فقال رجل من أهل الأرض: هل لك أن تجعلَ لنا من هذا الشراب شيئًا لا يُسكر؟ قال: «نعم»، فطبخوا حتى ذهب منه الثلثان، وبقي الثلث، فأتوا به عمر، فأدخل عمر فيه إصبعه، ثم رفع يده، فتبعها يتمطط، فقال: «هذا الطِّلاء، هذا مثل طلاء الإِبل»، فأمرهم

عمر أن يشربوه، فقال له عُبادة بن الصامت: «أحللتها والله»، فقال عمر: «كلا والله، اللهم إني لا أحلُّ لهم شيئًا حرمتَه عليهم، ولا أحرِّمُ عليهم شيئًا أحللته لهم». وله أيضًا ما في الطحاوي أثر عمر الفاروق عن فهد، قال: حدثنا عمر بن حفص، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا الأعمش، قال: حَدَّثني إبراهيم، عن همام بن الحارث، عن عمر: أنه كان في سفر، فأتي بنبيذ، فشرب منه، فقطَّب، ثم قال: «إن نبيذ الطائف له غرام»، فذكر شِدةً لا أحفظها، ثم دعا بماء فصب عليه، ثم شرب، بسند صحيح. وفي الطحاوي لفظ: «وله غرام» - بالغين المعجمة - وهو غَلَطٌ. والصحيح - بالعين المهملة - كما قال النحاس في كتاب «الناسخ والمنسوخ» تلميذ الطحاوي، وهو الذي أجاب عن أدلتنا جميعها من جانب الجمهور. وقال الحافظ: إن هذا أصح الآثار، وفيه: حدثنا رَوْح بن الفرج، قال: حدثنا عمرو بن خالد، قال: حدثنا زهير، قال: حدثنا أبو إسحاق عن عمر، وابن ميمون مثله، وزاد، قال عمر: وكان يقول: «إنا نشرب من هذا النبيذ شرابًا يقطع لحوم الإِبل في بطونها، من أن يؤذينا»، قال: «وشربت من نبيذه، فكان أشدَّ النبيذ»، وفيه: حدثنا ابن أبي داود، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثنا عقيل عن ابن شهاب، أنه قال: أخبرني معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان الليثي أن أباه عبد الرحمن بن عثمان. قال: صحبت عمر بن الخطاب إلى مكة، فأَهدَى له ركب من ثقيف سطيحتين من نبيذ، - والسطيحة: فوق الإِدَاوة، ودون المَزَادة - قال عبد الرحمن: فشرب عمر إحداهما، ولم يشرب الأخرى حتى اشتد ما فيه، فذهب عمر، فشرب منه، فوجده قد اشتد، فقال: «اكسروه بالماء»؛ وأسانيد الكل صحاح، وفي سند الثالث معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان الليثي، وهو سهو من الكاتب، والصحيح: التيمي، وله آثار أخر في «كتاب الآثار» لمحمد بن الحسن قوية السند. وأجاب عنه الجمهور، وبعض الأجوبة نافذ لا البعض الآخر، وأجاب الحافظ عما أخرجه أبو داود في «الفتح» بأن الاشتداد لم يكن واقعًا، بل كان خوف الاشتداد، ولقوله: «نفاذ»، سيما إذا كان في الدارقطني عن أبي هريرة، لفظ: «خشية الاشتداد»، وأما جواب أثر «الموطأ» نقول: إن ذكر الإِسكار ليس فيه، فالجواب أنَّ مراد عُبادة، أن نبيذ التمر، أو العنب لا يكون دائمَ البقاء، إلا أن يصير خمرًا، أو خلا، وإذا طبخ، فيصير دائمَ البقاء، فإما يصير خلًا، وهو حلال، أو خمرًا فيكون حرامًا، والناس يشربونه على إفتائك، ويكون حلوًا. فالحاصل أنه يصير مسكرًا بعد مدة يسيرة، فيشربه الناس، ويزعمون أنه حلوٌ، ويُسكرهم هذا، فهذا الأثَرَ لم يتعرض إليه الحافظ، لكنه تعرَّض إلى آثار الطحاوي،

والجواب بأن المراد من الشِّدة الحموضة فبيعدٌ، وأما قول: إن الشدةَ شدة الحلاوة، فخلاف ما يُستعمل الاشتداد في المسكرات. فالحاصل أن الحافظَ لم يتيسر له الجوابُ من آثار الطحاوي، وأقول: إن الباب باب النصوص من القرآن، والأحاديث، وضرويات الدين، فلا بد من محامل تلك الآثار، ولكنها تكفي للاعتذار من جانب أبي حنيفة، وما في النسائي عن راو أن نبيذَ عمر كان صار خلًا، فإنَّما هو رأيُه. وأقول: إن عصير العنب، والتمر لو كان مُزًّا وقَارِصًا، فلا منع فيه، والله أعلم، ولا يمكن قول الحافظ في المرفوع، محملًا لآثار الطحاوي عن عمر، فإنَّ في الألفاظ تصريحًا أنه صار مشتدًا، لا أنه قرُب إلى الاشتداد، ولأبي حنيفة أثر آخر أيضًا، وهو أن رجلًا شرب النبيذ من نِحية. الفاروق الأعظم، وأسكر، فحُدَّ، فقال: يا أمير المؤمنين إني شربت من شنتك، فقال عمر: «حددتك من الإِسكار». أخبرنا عبد الرزاق حدثنا ابن جريج، قال: أخبرني إسماعيل أنَّ رجلًا عبَّ في شراب لعمر بن الخطاب رضي الله عنه بطريق المدينة، فسكِرَ، فتركه عمر حتى أفاق، فحدَّه، ثم أوجعه عمر بالماء، فشرب منه، قالَ: ونبذ نافع بن الحارث لعمر بن الخطاب في المزاد، وهو عامل له على مكة، فاستأخر عمر حتى عَدَا الشرابُ طورَه، فدعا، فوجده شدييدًا، فصنعه في الجِفان، فأوجعه بالماء، ثم شرب، وسقى الناس. وأعلى الأشياء لأبي حنيفة ما أخرجه الطحاوي مرفوعًا: حدثنا علي بن معبد، قال: حدثنا يونس، قال: حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن أبي بردة ابن أبي موسى عن أبيه، قالَ: «بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنا، ومعاذًا إلى اليمن، فقلنا: يا رسول الله إن بها شرايين يصنعان من البر، والشعير: أحدهما يقال له: المِزر، والآخر يقال له: البِتع، فما نشرب؟» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «اشربا، والا تسكرا»، ويمكن أن يقال: إن المراد «باشربا» الأنبذة لا الماء، أو اللبن، أو غيرهما، لكن في الطحاوي، والنسائي «ولا تسكرا» فلا حجة لنا. وقال النسائي: إن لفظ: «ولا تسكرا» وَهَم الراوي، والفرق بين: «لا تسكرا»، ولا تشربا مسكرًا ... إلخ، واضحٌ، ولكن ما حكم به النسائي بأنه وهم الراوي غير متيقن. وأطنب الطحاوي في المسألة، ما لا يوجد في غيره، ورأيت في كتاب أن النسائي كان رُمي بشرب النبيذ على مذهب العراقيين، ولعله أطنب الكلام لهذا الاتهام، ولم أجد الشفاء فيما ذكر أهل كتبنا، لكن في «العقد الفريد» شيءٌ زائدٌ على ما في كتبنا، فإِنَّه نقل توسيعًا في النبيذ عن السلف الكبار، وإني لم أجد رواية عن الشيخين موافقة لمحمد،

واقعة

ولو وجدت لقطعت بها، وإن كانت شاذة، ولكني لم أجد مع التتبع الكثير، وأما ما وقع في نظم ابن وهبان، فزعمَه بعض العلماء أنه مرويٌ عن الشيخين موافق محمد، والحال أنه ليس مراده ما زعموه، بل مراده أن وقوعَ الطلاق مروى عن الثلاثة، لا حكم النهي على القدر القليل من الأشربة، فادره، فإنه زل فيه الأقدام، ومن نظم ابن وهبان قوله: * ويمنع عن بيع الدخان، وأوقعوا ... طلاقًا لمن من مسكر المحب يسكر، * وعن كلهم يروى، وأفتى محمد ... بتحريم ما قد قل، وهو المحرر وزعموه أن المروى عن الكل تحريم ما قد قل، والحال أنَّ المروىَ هو وقوع الطلاق. واقعة: في «شرح الهداية» أن أبا حفص الكبير أفتى بحرمة النبيذ، فقيل له: خالفت أبا حنيفة، فقال: ما خالفته، فإنَّه يحرمُ إذا كان للتلهي، وأهل الزمان يشربونه على التلهي. واعلم أنّ ما ذكرتُ من حجج الحنفية أكثر مما ذكره مصنفونا، ومع ذلك أعترفُ أنَّ العمل ينبغي بما قال الجمهور، ومحمد بن الحسن، وأعلى ما وجدت عن أبي حنيفة، وأبي يوسف ما في شروح «الهداية» قال أبو حنيفة: لو أعطيت جميع ما في الدنيا، ومثلها لأشرب قطرة نبيذ، فلا أشربه، فإنَّه مختلفٌ فيه، ولو أعطيت جميع ما في الدنيا لأحرم النبيذ، لا أحرمه، لأنه مختلف فيه. هذا أعلى ما في الباب، وأعلى ما يشفي الصدور، وعن أبي يوسف (¬1) ما رواه أبو جعفر النَّحاس في كتاب «الناسخ والمنسوخ» قال أبو يوسف: وفي نفسي من هذه الفُتيا، كأمثال الجبال، ولكن عادة البلد، - أي الكوفة - هذا، والله أعلم، وعلمه أتم. وراجع «المبسوط» من - الرابع والعشرين -، قوله: «كل مسكر حرام». قال صاحب «الهداية»: إن ابن مَعِين قدحَ في هذه الجُملة. قال الزيلعي: لم أجد قدحَ ابن مَعِين، ومر ¬

_ (¬1) يقول الجامع عفا الله عنه: قال الحسن بن مالك: سمعت الشافعي يسأل أبا يوسف، هل في نفسك شيء من النبيذ؟ فقال أبو يوسف: كيف لا يكون في نفسي شيء من النبيذ، وقد اختلف فيه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم! وفي نفسي منه مثل الجبل، قال الحسن بن أبي مالك: إذا وضع النبيذ، وأراد الشاربُ أن يسكرَ منه، فالقليل منه حرام، كالكثير، وهو قول أبي حنيفة اهـ. "مسند الخوارزمي" ص 207 - ج 2؛ قلت: وفيه دليل على أن شرب القليل إذا كان للسكر فهو أيضًا حرامٌ، عند أبي حنيفة، وهو تأويل حسن، لما رُوي في الأحاديث من النهي عن القليل والكثير، وفيه عن ابن عباس قال: حرمت الخمرَ قليلها وكثيرها، وما بلغ السكر من كل شراب اهـ. ص 207 - ج 2؛ قال المارديني: قال ابن حزم: صحيح، وفي "التهذيب" للطبري عن ابن عباس، قال: حرم الله الخمرَ بعينها، والسكر من كل شراب. اهـ مختصرًا ص 189 - ج 2 "الجوهر النقي".

الفرق بين الخمر والنبيذ

عليه الحافظ، وقال: إن الحافظ جمال الدين الزَّيْلعي أكثرُهم تتبُّعًا، وهو يعترف بأنه لم يجد قدحَ ابن معين. وأقول أنا أيضًا: لم أجد قدحَ ابن معين، نعم، قدحُ إبراهيم النَّخَعي موجود في «كتاب الآثار» لمحمد بن الحسن، إلا أني رأيت في «مسند الخوارزمي» (¬1)، وله مهارةٌ كاملة، واطلاع تام، وفيه نقل قدحَ يحيى بن مَعِين، لكنه لم يذكر مأخذه ولو ذكره لكان أولى وأفيد. انتهى مع تغيير في العبارة، وتخريج للأحاديث. واعلم أن مسألة المسكرات عسيرة جدًا من حيث تواترَ الأحاديث في جانب الجمهور، فليس لنا للتأويله مساغٌ إلا بنوع من التَّمحل، ولذا أعرض عنها الشيخ، وقد كان نبهنا في درس الترمذي على أنه تعرض إليها الفاضل شهاب الدين أحمد، المعروف بابن عبد ربه الأندلسي في كتابه «العقد الفريد» فلم يتفق لنا المراجعة إليه، حتى حان تسويد هذه الأوراق، وحينئذ أردنا أن نأتيك بملخص منه، فإنَّه قد أطال فيه الكلام، ونتحفك منه بقدر ما يتعلق بموضوعنا إن شاء الله تعالى. الفرق بين الخمر والنَّبيذ أولُ ذلك أن تحريم الخمر مجمعٌ عليه، لا اختلاف فيه بين اثنين من الأئمة والعلماء، وتحريمُ النبيذ مختفٌ فيه بين الأكابر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم والتابعين، حتى لقد اضطر محمد بن سيرينَ - مع علمه، وورعه - أن يسأل عبيدة السلماني عن النبيذ، فقال له عبيدة، - ممن أدرك أبا بكر، وعمر: فما ظنك بشيءٍ اختلف فيه الناس، وأصحاب النبيِّ عليه الصلاة والسلام متوافرون، فمن بين مطلِقٍ له، ومحظِّرٍ عليه، وكل ¬

_ (¬1) قلت: وراجعت له -المسند- فلم أجده فيه، ولكن فيه عن إبراهيم، وأبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، أنه قال: قول الناس: كل مسكر حرام، خطأ من الناس، إنما أرادوا أن يقولوا: السكر حرام من كل شراب اهـ "مسند الخوارزمي"، وليس عندي "كتاب الآثار" لمحمد، فليراجع، فلعله وقع فيه سهوٌ من الجامع، والله تعالى أعلم، ثم رأيت في "بداية المجتهد" قال يحيى بن معين هذا -كل شراب أسكر فهو حرام-: أصح حديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم المسكر، اهـ: 403 - ج 2، ثم إن مقولة يحيى بن معين هذه نقلها مولانا عبد الحي في - السعاية وبسط الكلام فيها؛ والجواب عنه، فليراجع؛ وراجع لما ذكره الشيخ من الآثار "الجوهر النقي" من: ص 190، وص 192 - ج 2؛ وقال ابن رشد: أما الخمر فإنهم اتفقوا على تحريم قليلها وكثيرها، أعني التي هي من عصير العنب، وأما الأنبذة فإنهم اختلفوا في القليل منها الذي لا يسكر، وأجمعوا أن المسكر منها حرام، فقال جمهور فقهاء الحجاز، وجمهور المحدثين: قليل الأنبذة وكثيرها المسكرة حرام، وقال العراقيون، إبراهيم النخعي من التابعين، وسفيان الثوري، وابن أبي ليلى، وشريك، وابن شبرمة، وأبو حنيفة، وسائر فقهاء الكوفيين، وأكثر علماء البصريين: إن المحرم من سائر الأنبذة المسكرة السكر نفسه لا العين، اهـ "بداية المجتهد" ص 403 - ج 2، وراجع البسط منه، فإنه قرر للحنفية تقريرًا حسنًا جدًا، ونبه الخطابي في "المعالم" على فائدة في قوله: كل ما خامر الحقل من شراب فهو خمر، قال: وفيه إثبات القياس، وإلحاق حكم الشيء بنظيره، وفيه دليل على جواز إحداث الاسم للشيء من طريق الاشتقاق بعد أن لم يكن، اهـ: ص 262 - ج 4.

مناقضة ابن قتيبة في قوله في الأشربة

واحدٍ منهم مقيم الحججَ لمذهبه، والشواهد على قوله؟، والنبيذ: كل ما ينبذ في الدُّباء، والمُزَفَّت، فاشتد حتى يُسكر كثيره، وما لم يشتد فلا يُسمَّى نبيذًا، كما أنه ما لم يُعمل من عصيرِ العنب حتى يشتدَ، لا يسمى خمرًا، كما قال الشاعر: * نبيذ، إذا مرّ الذباب بدنّه ... تعطر، لو خر الذباب وقيدا وقيل لسفيان الثوري، وقد دعا بنبيذ، فشرب منه، ووضَعَه بين يديه: يا أبا عبد الله اخشى الذباب أن تقعَ في النبيذ، قال: قبَّحَه الله إن لم يذبَّ عن نفسه. وقال حفص بن غياث: كنت عند الأعمش، وبين يديه نبيذٌ، فاستأذن عليه قوم من طلبةِ الحديث، فسترتُه، فقال لي: لم سترتُه؟ فكرهت أن أقول: لئلا يراه من يدخل، فقلت: كرهتُ أن يقعَ فيه الذباب، فقال لي: هيهات، إنه أمنعُ من ذلك جانبًا، ولو كان النبيذ هو الخمر التي حرمها الله في كتابه، ما اختلف في تحريمه اثنان من الأمة. حدث محمد بن وضاح، قال: سألت حسنونًا، فقلت: ما تقول فيمن حلف بطلاق زوجته: إن المطبوخَ من عصيرِ العنب هو الخمر التي حرمها الله في كتابه؟ قال: بانت زوجته منه. وذكر ابن قُتيبة في «كتاب الأَشربة» أن الله تعالى حرم علينا الخمرَ بالكتاب، والمسكرَ بالسنة، فكان فيه فُسحة، فما كان محرمًا بالكتاب، فلا يحلُّ منه، لا قليل، ولا كثير، وما كان محرمًا بالسنة، فإنَّ فيه فُسحة، أو بعضه، كالقليل من الديباج، والحرير يكون في الثوب. والحرير محرمٌ بالسنة، وكالتفريط في صلاة الوتر، وركعتي الفجر، وهما سُنة، فلا نقول: إن تاركَها كتاركِ الفرائض من الظهر والعصر. وقد استأذن عبد الرحمن بن عَوف رسول الله صلى الله عليه وسلّم في لباسِ الحريرِ لبلية كانت به، وأذن لعرفجة بن سعد - وكان أصيبَ أنفه يوم الكلاب - باتخاذ أنفٍ من الذهب. وقد جعلَ الله فيما أحل عِوَضًا مما حرَّم، فحرم الربا، وأحل البيع، وحرم السِّفاح، وأحل النكاح، وحرم الديباج وأحل الوشى، وحرم الخمر، وأحل النبيذ غير المسكر. والمسكر منه ما أسكرك. مناقضة ابن قتيبة في قوله في الأشربة قال في - كتابه - فإنْ قال قائلٌ: إن المنكرَ هي الأشربة المسكرة، أكذَبَه النظر، لأن القَدَحَ (¬1) الأخير إنما أسكر بالأول، وكذلك اللقمة الأخيرة، إنما أشبعت بالأولى. ومن ¬

_ (¬1) قلت: روى الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان عن حماد عن إبراهيم أنه قال في الرجل يشرب النبيذ حتى يسكرَ منه، قال: القَدَحُ الأخير الذي سكرَ منه هو الحرام اهـ ص 192 - ج 2 جامع المسند، للخوارزمي.

قال: السكر حرام، قال: فإنَّما ذلك مجاز من القول، وإنما يريدُ ما يكون منه السكر حرام، وكذلك التُّخَمة حرام. وهذا الشاهد الذي استشهد في تحريمه، قليلٌ ما أسكرَ كثيره، وتشبيه ذلك بالتخمة شاهد عليه لا شاهد له. لأن الناس مجمعونَ على أن قليلَ الطعام الذي تكون منه التُّخَمة حلال، وأن التخمة حرام، وكذلك ينبغي أنْ يكون قليلُ النبيذ الذي يسكر كثيره حلالًا، وكثيره حرامًا، وأن الشُّربة الأخيرة المسكرة هي المحرَّمة. ومثل الأربعة أقدام، التي يُسكر منها القَدَح الرابع. مثل أربعة رجال اجتمعوا على رجل، فشجه أحدهم مُوْضِحةً، ثم شجه الثاني منقِّلة، ثم شجه الثالث مأمُومة، ثم أقبل الرابع فأجهز عليه، فلا نقول: إن الأول هو قاتله، ولا الثاني، ولا الثالث، وإنما قتله الرابع الذي أجهز عليه، وعليه القود. وذكر ابن قتيبة في كتابه بعد أن ذكر اختلافَ الناس في النبيذ، وما أدلى به كل قومٍ من الحجة، فقال: وأعدلُ القولِ عندي أنَّ تحريمَ الخمر بالكتاب، وتحريمَ النبيذ بالسنة، وكراهية ما تغير، وخدر من الأشربة تأديبٌ. ثم زعم في هذا الكتاب بعينه أن الخمرَ نوعان: فنوع منهما أجمع على تحريمه، وهو خمر العنب من غير أنْ تمسَّه نارٌ، لا يحل منه لا قليل، ولا كثير، ونوع آخر مختلفٌ فيه، وهو نبيذُ الزبيب إذا اشتد، ونبيذ التمر إذا صلب، ولا يسمى سَكَرًا إلا نبيذ التمر خاصة. وقال بعض الناس: نبيذ التمر حِلٌّ، وليس بخمرٍ، واحتجوا بقول عمر: فما انتزع بالماء فهو حلال، وما انتزع بغير الماء، فهو حرام. قال ابن قُتيبة: وقال آخرون: هو خمرٌ، حرام كله، وهذا هو القول عندي، لأن تحريمَ الخمر نزل، وجمهور الناس مختلفة، وكلها يقعُ عليها هذا الاسم في ذلك الوقت. وذكر أن أبا موسى قال: خمر المدينة من البُسْر والتمر، وخمر أهل فارس العنب، وخمر أهل اليمن من البِتْع: وهو نبيذ العسل، وخمر الحبشة السكركة، وهي من الذرة، وخمر التمر يقال لها: البِتْع، والفَضيخ؛ وذكروا أن عمر قال: «الخمر من خمسة أشياء: من البرُّ، والشعيرُ، والتمر، والزبيبُ، والعسل، والخمر ما خامر العقل»؛ ولأهل اليمن أيضًا شراب من الشعير يقال له: المِزْر، ويزعم ههنا ابن قُتيبة أن هذه الأشربة كلها خمر، وقال: هذا هو القول عندي. وقد تقدم له في صدر الكتاب أن النبيذَ لا يُسمى نبيذًا حتى يشتد، وسكر كثيره، كما أنَّ عصيرَ العنب لا يُسمى خمرًا، حتى يشتد، وأن صدر هذه الأمة، والأئمة في الدين لم يختلفوا في شيءٍ كاختلافهم في النبيذ وكيفيته، ثم قال فيما حكم بين الفريقين: أما الذين ذهبوا إلى تحرمه كله، ولم يفرقوا بين الخمر، وبين نبيذ التمر، وبين ما

ومن احتجاج المحلين للنبيذ

طبخ، وبين ما أُنقع، فإنَّهم غَلَوا في القول جدًا، ونَحَلُوا قومًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم البدريين، وقومًا من خيار التابعين، وأئمة من السلف المتقدمين، شربُ الخمر، وزينوا ذلك بأن قالوا: شربوها على التأويل، وغلطوا في ذلك، فاتهموا القومَ، ولم يتهموا نظرهم، ونحلوهم الخطأ، وبرَّءوا أنفسَهم منه. فعجبتُ منه، كيف يَعِيبُ هذا المذهب، ثم يتقلده، ويطعنُ على قائله، ثم يقول به. إلا أني نظرتُ إلى كتابه، فرأيته قد طال جدًا، فأحسبه أُنسي في آخره، ما ذهب إليه في أوله، والقول الأول من قوله، هو المذهب الصحيح، الذي تأنس إليه القلوب، وتقبله العقول، لا قوله الآخر الذي غلط فيه - «العقد الفريد». ومن احتجاج المحلين للنبيذ ما رواه مالك بن أنس في «موطئه» من حديث أبي سعيد الخُدري أنه قدمَ من سفر، فقُدِّم إليه لحم من لحوم الأضاحي، فقال: «ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلّم نهاكم عن هذا بعد ثلاثة أيام؟» فقالوا: «قد كان بعدك من رسول الله صلى الله عليه وسلّم فيها أمر»، فخرج إلى الناس فسألهم، فأخبروه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «كنت نهيتُكم عن لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام، فكلوا وادَّخِروا، وتصدَّقوا، وكنت نهيتكم عن الانتباذ في الدُّباء، والمُزَفَّت، فانتبذوا، وكل مسكر حرام، وكنت نهيتُكم عن زيارة القبور، فزوروها، ولا تقولوا هجرًا»، والحديثان صحيحان، رواهما مالك بن أنس، وأثبتهما في «موطئه» وإنما هو ناسخ ومنسوخ. وإنما كان نهيه أن ينتبذوا في الدُّباء والمُزَفَّت، نهيًا عن النبيذَ الشديد، لأن الأشربة فيهما تشتد، ولا معنى للدباء، والمزفت غير هذا «وقوله بعد هذا: «كنت نهيتكم عن الانتباذ، فانتبذوا، وكل مسكر حرام» إباحة لما كان حَظَّر عليه من النبيذ الشديد، وقوله صلى الله عليه وسلّم «كل مسكر حرام» ينهاكم بذلك أن تشربوا حتى تسكروا، وإنما المُسكر ما أسكرك، ولا يُسمَّى القليلُ الذي لا يُسكرُ مسكرًا، ولو كان ما يُسكر كثيره يسمى قليله مسكرًا، ما أباح لنا منه شيئًا. والدليل على ذلك أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم شربَ من سِقاية العباس، فوجده شديدًا، فقطَّب بين حاجبيه، ثم دعا بذنوب من ماء زمزم، فصب عليه، ثم قال: «إذا اغتلمت أشربتكم، فأكسروها بالماء» ولو كان حرامًا لأراقه، ولما صب عليه ماءً، ثم شربه. وقالوا في قول رسول الله صلى الله عليه وسلّم «كل خمر مسكر، هو ما أسكر الفَرْقُ منه، فملء الكف حرام»: هذا كله منسوخٌ، نَسَخَه شربه للصُّلب يوم حجة الوداع. قالوا: ومن الدليل على ذلك أنه كان ينهى وفدَ عبد القيس عن شرب المُسكر،

فوفدوا إليه بعد، فرآهم مصفرةً ألوانهم، سيئةً حالهم، فسألهم عن قِصتهم، فأعلموه أنه كان لهم شرابٌ فيه قِوَام أبدانهم، فمنعهم من ذلك، فأذن لهم في شُربه. وأن ابن مسعود قال: «شهدنا التحريم، وشهدتم، وشهدنا التحليل، وغتبتم»، وأنه كان يشربُ الصُّلب من نبيذ التمر، حتى كثرت الروايات به عنه، واشتهرت، وأذيعت، واتبعه عامة التابعين من الكوفيين، وجعلوه أعظم حججهم، وقال في ذلك شاعرهم: * مَنْ ذا يُحرِّم ماءَ المُزْن خالطَة ... في جوفِ خابية، ماء العناقيد * إني لأكرَه تشديدَ الرواةِ لنا ... فيه، ويعجبني قولَ ابن مسعود وإنما أراد أنهم كانوا يعمدون إلى الرُّبِّ الذي ذهب ثلثاه، وبقي ثلثه، فيزيدون عليه من الماء قدر ما ذهب منه، ثم يتركونه حتى يغلي، ويسكن جأشه، ثم يشربونه، وكان عمر يشرب على طعامه الصُّلب، ويقول: «يقطع هذا اللحم في بطوننا»؛ واحتجوا بحديث زيد بن أخرم عن أبي داود، عن شعبة، عن مِسْعَر بن كَدَام، عن ابن عون الثقفي، عن عبد الله بن شداد، عن ابن عباس أنه قال: «حُرِّمت الخمرُ بعينها، والمسكر من كل شراب»، وبحديث رواه عبد الرحمن بن سليمان، عن يزيد بن أبي زياد، عن عكرمة، عن ابن عباس: «أن النبي صلى الله عليه وسلّم طاف، وهو شاكٍ على بعيرٍ، ومعه مِحْجَن، فلما مر بالحجر استلمه بالمحجن، حتى إذا انقضى طوافه، نزل فصلى ركعتين ثم أتى السقاية»، فقال: «أسقوني من هذا»، فقال له العباس: «ألا نسقيك مما يصنع في البيوت؟» قال: «ولكن أسقوني مما يشرب الناس»، فأتي بقَدَح من نبيذ، فذاقه، فقطَّب، وقال: «هلموا، فصبوا فيه الماء»، ثم قال: «زد فيه مرة، أو مرتين، أو ثلاثًا»، ثم قال: «إذا صنع أحد منكم هكذا، فانصعوا به هكذا». والحديث رواه يحيى بن اليمان، عن الثوري، عن منصور بن خالد، عن سعيد عن أبي مسعود الأنصاري، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم عطش، وهو يطوف بالبيت، فأتي بنبيذ من السِّقاية، فشمَّه، فقطَّب، ثم دعا بِذَنُوب من ماء زمزم، فصب عليه، ثم شربه، فقال له رجل: «أحرام هذا يا رسول الله؟» فقال: «لا»، وقال الشَّعبي: شربَ أعرابيٌّ من إِذَاوة عمر، فأغشى، فحدَّه عمر، وإنما حده للسَّكر لا للشرب. ودخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على قوم يشربونَ، ويوقدون في الأخصاص، فقال: «نهيتكم عن معاقرَة الشراب، فعاقرتم، وعن الإِيقاد في الأخصاص، فأوقدتم»، وهم بتأديبهم، فقالوا: «يا أمير المؤمنين، نَهاك الله عن التجسس، فتجسَّست، ونهاك عن الدخول بغير إذن فدخلت، فقال: «هاتان بهاتين»، وانصرف، وهو يقول: «كل الناس أفقه منك يا عمر». وإنما نهاهم عن المُعَاقرة، وإدمان الشراب حتى يَسكروا، ولم ينههم عن الشَراب. وأصل المعاقرة مِن عقر الحوض، وهو مقام الشاربة. ولو كان عنده

حدث إسحاق بن راهويه

ما شربُوا حرامًا، لحدَّهم؛ وبلغه عن عامل له بميسان، أنه قال: * ألا أبلغ الحسناء أن حليلها ... بميسان يسقى في زجاج، وحنتم * إذا شئت غنتنى دهاقين قرية، ... وصناجة تشدو على كل ميسم، * فإن كنت ندمانى، فبالأكبر اسقني، ... ولا تسقني بالأصغر المتثلم، * لعل أمير المؤمنين يسوؤه، ... تنادمنا في الجوسق المتهدم فقال: إي والله، أنه ليسوؤُني ذلك، فَعَزَله، وقال: «والله لا عمل لي عملا أبدًا»، وإنما أنكر عليه المُدَام، وشربه بالكبير، والصنج، والرقص، وشغله باللهو، عما فوض إليه من أمور الرعية، ولو كان ما شرب عنده خمرًا لحدَّه. محمد بن وضاح، عن سعيد بن نصر، عن يسار عن جعفر، قال: سمعت مالك بن دينار، وسئل عن النبيذ أحرام هو؟ فقال: أنظر ثمنَ التمرِ من أين هو، ولا تسأل عن النبيذ أحلالٌ هو، أم حرام وعوتب سعيد بن زيد في النبيذ، فقال: أما أنا فلا أدعه حتى يكونَ شر عملي. وقيل لمحمد بن واسع: أتشربُ النبيذ؟ فقال: نعم، فقيل: وكيف تشربه؟ فقال: عند غدائي، وعشائي، وعند ظمئي، قيل: فما تركت منه؟ قال: النكاة، ومحادثة الإِخوان. وقال المأمون: اشرب النبيذ ما استبشعته، فإذا سُهل عليك، فدعه. وإنما أراد به أنه يَسهُلُ على شاربه إذا أخذَ في الإِسكار. وقيل لسعيد بن أسلم: أتشرب النبيذ؟ فقال: لا، قيل: ولم؟ قال: تركت كثيره، وقليله للناس. وكان سفيان الثوري يشرب النبيذَ الصُّلب الذي تحمرُّ منه وجنَتَاه؛ واحتجوا من جهةِ النَّظر أنَّ الأشياءَ كلها حلال، إلا ما حرَّم الله. قالوا: فلا نُزيلُ نفس الجلال بالاختلاف، ولو كان المحلِّلون فِرقة من الناس، فكيف وهم أكثر الفِرق؛ وأهل الكوفة أجمعوا على التحليل، لا يختلفون فيه، وتلوا قول الله عز وجل: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ}. حدث إسحاق بن رَاهُويهَ قال: سمعت وكيعًا، يقول: النبيذ أحلُّ من الماء، وعابه بعض الناس في ذلك، وقالوا: كيف يكون أحلَّ من الماء، وهو وإن كان حلالًا، فهو بمنزلة الماء. وليس على وكيع في هذا الموضِعِ عيبٌ، ولا يرجِعُ عليه فيه كذبٌ، لأن كلمتَه خرجت مخرج كلامِ العربِ في مبالغتهم، كما يقولون: هو أشهرَ من الصبح، وأسرع من البرق، وأبعد من النجم، وأحلى من العسل، وأحر من النار. ولم يكن أحدٌ من الكوفيين يحرِّمُ النبيذ غير عبد الله بن إدريس، وكان بذلك معيبًا؛ وقيل لابن إدريس: مَنْ خيارُ أهل الكوفة؟ فقال: هؤلاء الذين يشربون النبيذَ، قيل:

حديث شبابة

وكيف وهم يشربون ما يحرُم عندك، قال: ذلك مبلَغُهم من العلم. وكان ابن المبارك يكره شرب النبيذِ، ويخالِفُ فيه رأيَ المشايخ، وأهل البصرة. قال أبو بكر بن عياش: من أين جئت بهذا القول في كراهيتكَ النبيذَ، ومخالفتك أهل بلدك؟ قال: هو شيءٌ اخترته لنفسي، قلتُ: فتُعيبُ من شَرِبه؟ قال: لا، قلت: أنت، وما اخترت. وكان عبد الله بن داود يقول: ما هو عندي، وماء الفرات إلا سواء؛ وكان يقول: أكره إدارة القَدَح، وأكره نقيع الزيبيب، وأكره المُعتَّقَ، قال: ومن أدار القَدَح لم يجز شهادته. وشهد رجل عند سوار القاضي، فردَّ شهادَتَه، لأنه كان يشربُ النبيذ، فقال: * أما الشرابُ، فإني غيرُ تارِكه، ... ولا شهادةَ لي، ما عَاش سوار حديث شبابة قال: حدثني غسان بن أبي صباح الكوفي، عن أبي سلمة يحيى بن دينار، عن أبي المظهر الوراق، قال: بينما زيد بن علي في بعض أزِقَّة الكوفة، إذ مر به رجل من الشيعة، فدعاه إلى منزله، وأحضر طعامًا، فتسامعت به الشيعة، فدخلوا عليه حتى غصَّ المجلس بهم، فأكلوا معه، ثم استسقى، فقيل له: أيُّ الشراب نسقيك يا ابن رسول الله؟ قال: أصلُبه وأشدُّه، فأتوه بعتيق من نبيذ، فشرب، وأدار العس عليهم، فشربوا، ثم قالوا: يا ابن رسول الله لو حدثتنا في هذا النبيذ بحديث رويته عن أبيك عن جدك، فإنَّ العلماءَ يختلفون فيه، قال: «نعم، حدثني أبي عن جدي أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: لتركبنَّ طبقة بني إسرائيل حذو القذة بالقذة، والنعل بالنعل، ألا وإن الله ابتلى بني إسرائيل بنهر طالوت، أحل منه الغَرْفة، والغرفتين، وحرم منه الرَّي، وقد ابتلاكم بهذا النبيذ، أحل منه القليل، وحرم منه الكثير»، وكان أهل الكوفة يسمون النبيذ نهر طالوت؛ وقال فيه شاعرهم: * أشرب على طرب من نهر طالوت ... حمراء صافية في لون ياقوت * من كف ساحرة العينين شاطرة ... تربى على سحر هارون ومارت * لها تماوت ألحاظ إذا نظرت ... فنار قلبك من تلك التماويت 16 - باب الشُّرْبِ قَائِمًا 5615 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنِ النَّزَّالِ قَالَ أَتَى عَلِىٌّ - رضى الله عنه - عَلَى بَابِ الرَّحَبَةِ، فَشَرِبَ قَائِمًا فَقَالَ إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُ أَحَدُهُمْ أَنْ يَشْرَبَ وَهْوَ قَائِمٌ، وَإِنِّى رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَ كَمَا رَأَيْتُمُونِى فَعَلْتُ. طرفه 5616 - تحفة 10293 5616 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ سَمِعْتُ النَّزَّالَ بْنَ

17 - باب من شرب وهو واقف على بعيره

سَبْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ قَعَدَ فِى حَوَائِجِ النَّاسِ فِى رَحَبَةِ الْكُوفَةِ حَتَّى حَضَرَتْ صَلاَةُ الْعَصْرِ، ثُمَّ أُتِىَ بِمَاءٍ فَشَرِبَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَذَكَرَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ، ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَهُ وَهْوَ قَائِمٌ ثُمَّ قَالَ إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ الشُّرْبَ قَائِمًا وَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُ. طرفه 5615 - تحفة 10293 5617 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ شَرِبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمًا مِنْ زَمْزَمَ. طرفه 1637 - تحفة 5767 وهو من الآداب فقط، وأظنُّ أنْ لا يزيدَ على الكراهةِ التنزيهية. 5616 - قوله: (عن علي بن أبي طالب أنه صلى الظهر) وهذه الرواية عند الطحاوي أيضًا، وفيها أنه مسح على الرجلين. قلت: وهذا في الوضوء على الوضوء. 17 - باب مَنْ شَرِبَ وَهْوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ 5618 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنَّهَا أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِقَدَحِ لَبَنٍ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَشَرِبَهُ. زَادَ مَالِكٌ عَنْ أَبِى النَّضْرِ عَلَى بَعِيرِهِ. أطرافه 1658، 1661، 1988، 5604، 5636 - تحفة 18054 18 - باب الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ فِى الشُّرْبِ 5619 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ بِمَاءٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِىٌّ وَعَنْ شِمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَشَرِبَ، ثُمَّ أَعْطَى الأَعْرَابِىَّ، وَقَالَ «الأَيْمَنَ الأَيْمَنَ». أطرافه 2352، 2571، 5612 - تحفة 1528 - 144/ 7 19 - باب هَلْ يَسْتَأْذِنُ الرَّجُلُ مَنْ عَنْ يَمِينِهِ فِى الشُّرْبِ لِيُعْطِىَ الأَكْبَرَ 5620 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ. فَقَالَ لِلْغُلاَمِ «أَتَأْذَنُ لِى أَنْ أُعْطِىَ هَؤُلاَءِ». فَقَالَ الْغُلاَمُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ أُوثِرُ بِنَصِيبِى مِنْكَ أَحَدًا. قَالَ فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى يَدِهِ. أطرافه 2351، 2366، 2451، 2602، 2605 - تحفة 4744 20 - باب الْكَرْعِ فِى الْحَوْضِ 5621 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ، فَسَلَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَصَاحِبُهُ، فَرَدَّ الرَّجُلُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى.

21 - باب خدمة الصغار الكبار

هْىَ سَاعَةٌ حَارَّةٌ، وَهْوَ يُحَوِّلُ فِى حَائِطٍ لَهُ - يَعْنِى الْمَاءَ - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنْ كَانَ عِنْدَكَ مَاءٌ بَاتَ فِى شَنَّةٍ وَإِلاَّ كَرَعْنَا». وَالرَّجُلُ يُحَوِّلُ الْمَاءَ فِى حَائِطٍ فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِى مَاءٌ بَاتَ فِى شَنَّةٍ. فَانْطَلَقَ إِلَى الْعَرِيشِ فَسَكَبَ فِى قَدَحٍ مَاءً، ثُمَّ حَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ دَاجِنٍ لَهُ، فَشَرِبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ أَعَادَ، فَشَرِبَ الرَّجُلُ الَّذِى جَاءَ مَعَهُ. طرفه 5613 - تحفة 2250 21 - باب خِدْمَةِ الصِّغَارِ الْكِبَارَ 5622 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ قَائِمًا عَلَى الْحَىِّ أَسْقِيهِمْ - عُمُومَتِى وَأَنَا أَصْغَرُهُمُ - الْفَضِيخَ، فَقِيلَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ. فَقَالَ أَكْفِئْهَا. فَكَفَأْنَا. قُلْتُ لأَنَسٍ مَا شَرَابُهُمْ قَالَ رُطَبٌ وَبُسْرٌ. فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَنَسٍ وَكَانَتْ خَمْرَهُمْ. فَلَمْ يُنْكِرْ أَنَسٌ. وَحَدَّثَنِى بَعْضُ أَصْحَابِى أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ كَانَتْ خَمْرَهُمْ يَوْمَئِذٍ. أطرافه 2464، 4617، 4620، 5580، 5582، 5583، 5584، 5600، 7253 تحفة 874 22 - باب تَغْطِيَةِ الإِنَاءِ 5623 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ - أَوْ أَمْسَيْتُمْ - فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَحُلُّوهُمْ، فَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا، وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهَا شَيْئًا وَأَطْفِئُوا، مَصَابِيحَكُمْ». أطرافه 3280، 3304، 3316، 5624، 6295، 6296 - تحفة 2446 - 145/ 7 5624 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ إِذَا رَقَدْتُمْ، وَغَلِّقُوا الأَبْوَابَ، وَأَوْكُوا الأَسْقِيَةَ، وَخَمِّرُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ - وَأَحْسِبُهُ قَالَ - وَلَوْ بِعُودٍ تَعْرُضُهُ عَلَيْهِ». أطرافه 3280، 3304، 3316، 5623، 6295، 6296 - تحفة 2492 23 - باب اخْتِنَاثِ الأَسْقِيَةِ 5625 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ اخْتِنَاثِ الأَسْقِيَةِ. يَعْنِى أَنْ تُكْسَرَ أَفْوَاهُهَا فَيُشْرَبَ مِنْهَا. طرفه 5626 - تحفة 4138 5626 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَى عَنِ اخْتِنَاثِ الأَسْقِيَةِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ مَعْمَرٌ أَوْ غَيْرُهُ هُوَ الشُّرْبُ مِنْ أَفْوَاهِهَا. طرفه 5625 - تحفة 4138

24 - باب الشرب من فم السقاء

24 - باب الشُّرْبِ مِنْ فَمِ السِّقَاءِ 5627 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ قَالَ لَنَا عِكْرِمَةُ أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَشْيَاءَ قِصَارٍ حَدَّثَنَا بِهَا أَبُو هُرَيْرَةَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الشُّرْبِ مِنْ فَمِ الْقِرْبَةِ أَوِ السِّقَاءِ، وَأَنْ يَمْنَعَ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِى دَارِهِ. طرفاه 2463، 5628 - تحفة 14245 5628 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُشْرَبَ مِنْ فِى السِّقَاءِ. طرفاه 2463، 5627 - تحفة 14245 5629 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الشُّرْبِ مِنْ فِى السِّقَاءِ. تحفة 6056 - 146/ 7 25 - باب التَّنَفُّسِ فِى الإِنَاءِ 5630 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَتَنَفَّسْ فِى الإِنَاءِ، وَإِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَمْسَحْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَإِذَا تَمَسَّحَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَتَمَسَّحْ بِيَمِينِهِ». طرفاه 153، 154 - تحفة 12105 26 - باب الشُّرْبِ بِنَفَسَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ 5631 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ قَالاَ حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ أَنَسٌ يَتَنَفَّسُ فِى الإِنَاءِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، وَزَعَمَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَتَنَفَّسُ ثَلاَثًا. تحفة 498 27 - باب الشُّرْبِ فِى آنِيَةِ الذَّهَبِ 5632 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى قَالَ كَانَ حُذَيْفَةُ بِالْمَدَايِنِ فَاسْتَسْقَى، فَأَتَاهُ دِهْقَانٌ بِقَدَحِ فِضَّةٍ، فَرَمَاهُ بِهِ فَقَالَ إِنِّى لَمْ أَرْمِهِ إِلاَّ أَنِّى نَهَيْتُهُ فَلَمْ يَنْتَهِ، وَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَانَا عَنِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالشُّرْبِ فِى آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَقَالَ «هُنَّ لَهُمْ فِى الدُّنْيَا وَهْىَ لَكُمْ فِى الآخِرَةِ». أطرافه 5426، 5633، 5831، 5837 - تحفة 3373 28 - باب آنِيَةِ الْفِضَّةِ 5633 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى قَالَ خَرَجْنَا مَعَ حُذَيْفَةَ وَذَكَرَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَشْرَبُوا فِى آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلاَ تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَالدِّيبَاجَ، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِى الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِى الآخِرَةِ». أطرافه 5426، 5632، 5831، 5837 - تحفة 3373

29 - باب الشرب في الأقداح

5634 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الَّذِى يَشْرَبُ فِى إِنَاءِ الْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِى بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ». تحفة 18182 5635 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِى، وَإِفْشَاءِ السَّلاَمِ، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ، وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ، وَعَنِ الشُّرْبِ فِى الْفِضَّةِ - أَوْ قَالَ آنِيَةِ الْفِضَّةِ - وَعَنِ الْمَيَاثِرِ وَالْقَسِّىِّ، وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالإِسْتَبْرَقِ. أطرافه 1239، 2445، 5175، 5650، 5838، 5849، 5863، 6222، 6235، 6654 - تحفة 1916 - 147/ 7 5634 - قوله: (إنما يجرجر) "كهونت كهونت دالنا". 29 - باب الشُّرْبِ فِي الأَقْدَاحِ 5636 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَالِمٍ أَبِى النَّضْرِ عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ أَنَّهُمْ شَكُّوا فِى صَوْمِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ عَرَفَةَ، فَبُعِثَ إِلَيْهِ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَهُ. أطرافه 1658، 1661، 1988، 5604، 5618 تحفة 18054 30 - باب الشُّرْبِ مِنْ قَدَحِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَآنِيَتِهِ وَقالَ أَبُو بُرْدَةَ: قالَ لِي عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلاَمٍ: أَلاَ أَسْقِيكَ في قَدَحٍ شَرِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم فيهِ. 5637 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ ذُكِرَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - امْرَأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ، فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِىَّ أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهَا فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَقَدِمَتْ فَنَزَلَتْ فِى أُجُمِ بَنِى سَاعِدَةَ، فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى جَاءَهَا فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَإِذَا امْرَأَةٌ مُنَكِّسَةٌ رَأْسَهَا، فَلَمَّا كَلَّمَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ. فَقَالَ «قَدْ أَعَذْتُكِ مِنِّى». فَقَالُوا لَهَا أَتَدْرِينَ مَنْ هَذَا قَالَتْ لاَ. قَالُوا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ لِيَخْطُبَكِ. قَالَتْ كُنْتُ أَنَا أَشْقَى مِنْ ذَلِكَ. فَأَقْبَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ حَتَّى جَلَسَ فِى سَقِيفَةِ بَنِى سَاعِدَةَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، ثُمَّ قَالَ «اسْقِنَا يَا سَهْلُ». فَخَرَجْتُ لَهُمْ بِهَذَا الْقَدَحِ فَأَسْقَيْتُهُمْ فِيهِ، فَأَخْرَجَ لَنَا سَهْلٌ ذَلِكَ الْقَدَحَ فَشَرِبْنَا مِنْهُ. قَالَ ثُمَّ اسْتَوْهَبَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعْدَ ذَلِكَ فَوَهَبَهُ لَهُ. طرفه 5256 - تحفة 4751 5638 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ

31 - باب شرب البركة والماء المبارك

عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ قَالَ رَأَيْتُ قَدَحَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَ قَدِ انْصَدَعَ فَسَلْسَلَهُ بِفِضَّةٍ قَالَ وَهْوَ قَدَحٌ جَيِّدٌ عَرِيضٌ مِنْ نُضَارٍ. قَالَ قَالَ أَنَسٌ لَقَدْ سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى هَذَا الْقَدَحِ أَكْثَرَ مِنْ كَذَا وَكَذَا. قَالَ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ إِنَّهُ كَانَ فِيهِ حَلْقَةٌ مِنْ حَدِيدٍ فَأَرَادَ أَنَسٌ أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهَا حَلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو طَلْحَةَ لاَ تُغَيِّرَنَّ شَيْئًا صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَرَكَهُ. طرفه 3109 - تحفة 935، 1463 - 148/ 7 5638 - قوله: (عريض من نضار) والنضار خشب جيد. 31 - باب شُرْبِ الْبَرَكَةِ وَالْمَاءِ الْمُبَارَكِ 5639 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ قَدْ رَأَيْتُنِى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ حَضَرَتِ الْعَصْرُ وَلَيْسَ مَعَنَا مَاءٌ غَيْرَ فَضْلَةٍ فَجُعِلَ فِى إِنَاءٍ، فَأُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِهِ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَفَرَّجَ أَصَابِعَهُ ثُمَّ قَالَ «حَىَّ عَلَى أَهْلِ الْوُضُوءِ، الْبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ». فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَتَفَجَّرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، فَتَوَضَّأَ النَّاسُ وَشَرِبُوا، فَجَعَلْتُ لاَ آلُو مَا جَعَلْتُ فِى بَطْنِى مِنْهُ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ بَرَكَةٌ. قُلْتُ لِجَابِرٍ كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ قَالَ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ. تَابَعَهُ عَمْرٌو عَنْ جَابِرٍ. وَقَالَ حُصَيْنٌ وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً. وَتَابَعَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ جَابِرٍ. أطرافه 3576، 4152، 4153، 4154، 4840 - تحفة 2242، 2528 ***

75 - كتاب المرضى والطب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 75 - كتاب المَرْضَى والطِّب 1 - باب مَا جَاءَ فِي كَفَّارَةِ الْمَرَضِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123]. 5640 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ الْمُسْلِمَ إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا». تحفة 16477 5641، 5642 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ». تحفة 4165، 14230 - 149/ 7 5643 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَالْخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ تُفَيِّئُهَا الرِّيحُ مَرَّةً، وَتَعْدِلُهَا مَرَّةً، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ كَالأَرْزَةِ لاَ تَزَالُ حَتَّى يَكُونَ انْجِعَافُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً». وَقَالَ زَكَرِيَّاءُ حَدَّثَنِى سَعْدٌ حَدَّثَنَا ابْنُ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 11133 5644 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ مِنْ بَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الْخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ كَفَأَتْهَا، فَإِذَا اعْتَدَلَتْ تَكَفَّأُ بِالْبَلاَءِ، وَالْفَاجِرُ كَالأَرْزَةِ صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً حَتَّى يَقْصِمَهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ». طرفه 7466 - تحفة 14239 5645 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ أَبَا الْحُبَابِ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ». تحفة 13383 نقل عن الشافعي في «المسامرة»: أنَّ الصبر ليس بشرط في كون المصائب

2 - باب شدة المرض

كفارات، نعم، إن صبر يُضاعف له الأجر. وقال: إن المصائبَ بمنزلة العذاب، فإنَّه مكفرٌ مطلقًا. كذلك المصائب أيضًا نوعٌ من العذاب، فلا يشترط فيها الصبر، بل تلك في المسلم للكفارة وضعًا. قلت: ونحوه عندي الحرُّ والقر، فإنَّه يكفرُ أيضًا، وإليه يشير قوله: ما يصيبُ المسلِمَ من نَصَبٍ، ولا وَصَبٍ، ولا هم، ولا حُزن، ولا أذى، ولا غم ... إلخ». 5641 - قوله: (النصب): التعب. قوله: (والوَصَب): الحرارة في البدن، سواء كانت من الحمى أو غيره. قوله: (والهم): ما يهمك. قوله: (والحزن) في الماضي. قوله: (والغم): ما تغتم له "كهتن". 5643 - قوله: (كالخامة) يقال: خامة الزرع أول ما ينبت على ساقٍ واحد. قوله: (الأرزة) صنوبر "جيتر". 5643 - قوله: (والبلاء): الامتحان "آزمائش" والبلاء بالفارسية معناه المصيبة، وكذلك الجفاء في العربية البدوية "كنوارين" وفي الفارسية بمعنى الظلم. 2 - باب شِدَّةِ الْمَرَضِ 5646 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ. حَدَّثَنِى بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشَدَّ عَلَيْهِ الْوَجَعُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 17609 5647 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَرَضِهِ وَهْوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، وَقُلْتُ إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا. قُلْتُ إِنَّ ذَاكَ بِأَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ. قَالَ «أَجَلْ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، إِلاَّ حَاتَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطَايَاهُ، كَمَا تَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ». أطرافه 5648، 5660، 5661، 5667 - تحفة 9191 3 - باب أَشَدُّ النَّاسِ بَلاَءً الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ 5648 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يُوعَكُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا. قَالَ «أَجَلْ إِنِّى أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلاَنِ

4 - باب وجوب عيادة المريض

مِنْكُمْ». قُلْتُ ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ قَالَ «أَجَلْ ذَلِكَ كَذَلِكَ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَهَا، إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا». أطرافه 5647، 5660، 5661، 5667 - تحفة 9191 - 150/ 7 5648 - قوله: (شوكة فما فوقها) وراجع له البيضاوي من قوله تعالى: {مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26]. وقد تكلمت عليه في رسالتي «فصل الخطاب» في حديث: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»، فما فوقها، أو فصاعدًا. وهو عند اللغويين لتعيينِ ما قبله، مع التخيير فيما بعده. وهذا لغير الحنفية في وجوب ضم السورة، فيمكن أن يكونَ التخييرُ فيه راجعًا إلى كمية السورة، لا إلى نفسِها، فالتخيير يكون في طولها وقصرها، وحينئذٍ لا يُخالفنا. ثم أهل اللغة نظرًا إلى ما شاع فيه قوله: فصاعدًا عندهم، ولم ينظروا إلى الاستعمال الشرعي، فكيف ما كان يثبتُ وجوب السورة بدلائله، فإذا ثبتَ وجوبَه يتعينُ قوله: فصاعدًا، فيما قلنا، ولا بد. 4 - باب وُجُوبِ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ 5649 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ، وَفُكُّوا الْعَانِىَ». أطرافه 3046، 5174، 5373، 7173 - تحفة 9001 5650 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، نَهَانَا عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ، وَلُبْسِ الْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالإِسْتَبْرَقِ، وَعَنِ الْقَسِّىِّ، وَالْمِيثَرَةِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَتْبَعَ الْجَنَائِزَ، وَنَعُودَ الْمَرِيضَ، وَنُفْشِىَ السَّلاَمَ. أطرافه 1239، 2445، 5175، 5635، 5838، 5849، 5863، 6222، 6235، 6654 - تحفة 1916 5 - باب عِيَادَةِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ 5651 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ مَرِضْتُ مَرَضًا، فَأَتَانِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِى وَأَبُو بَكْرٍ وَهُمَا مَاشِيَانِ، فَوَجَدَانِى أُغْمِىَ عَلَىَّ، فَتَوَضَّأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ صَبَّ وَضُوءَهُ عَلَىَّ، فَأَفَقْتُ فَإِذَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَصْنَعُ فِى مَالِى كَيْفَ أَقْضِى فِى مَالِى فَلَمْ يُجِبْنِى بِشَىْءٍ حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ. أطرافه 194، 4577، 5664، 5676، 6723، 6743، 7309 - تحفة 3028 6 - باب فَضْلِ مَنْ يُصْرَعُ مِنَ الرِّيحِ 5652 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عِمْرَانَ أَبِى بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَطَاءُ بْنُ أَبِى رَبَاحٍ قَالَ قَالَ لِى ابْنُ عَبَّاسٍ أَلاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى. قَالَ

7 - باب فضل من ذهب بصره

هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ إِنِّى أُصْرَعُ، وَإِنِّى أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِى. قَالَ «إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ». فَقَالَتْ أَصْبِرُ. فَقَالَتْ إِنِّى أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لاَ أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا. تحفة 5952 - 151/ 7 حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ أَنَّهُ رَأَى أُمَّ زُفَرَ تِلْكَ، امْرَأَةٌ طَوِيلَةٌ سَوْدَاءُ عَلَى سِتْرِ الْكَعْبَةِ. تحفة 19060 وفسره بعضهم بإِصابة الجن. وآخرون بداءٍ يُسمَّى مركى. وأهل العرف يعبرون: بصَرَع الجن، عن صرع الريح. والظاهر أن المراد ههنا هو الداء المشهور، لأن إلمامَ الجن لا يكون إلا من عشق، أو إيذاء، وحينئذ لا يليق تحريض النبي صلى الله عليه وسلّم إياها على الصبر. 7 - باب فَضْلِ مَنْ ذَهَبَ بَصَرُهُ 5653 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ اللَّهَ قَالَ إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِى بِحَبِيبَتَيْهِ فَصَبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجَنَّةَ». يُرِيدُ عَيْنَيْهِ. تَابَعَهُ أَشْعَثُ بْنُ جَابِرٍ وَأَبُو ظِلاَلٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 1118، 230، 1643 8 - باب عِيَادَةِ النِّسَاءِ الرِّجَالَ وَعَادَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ، مِنَ الأَنْصَارِ. 5654 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلاَلٌ - رضى الله عنهما - قَالَتْ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا قُلْتُ يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ وَيَا بِلاَلُ كَيْفَ تَجِدُكَ قَالَتْ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ *كُلُّ امْرِىءَ مُصَبَّحٌ في أَهْلِهِ ... وَالمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ وَكانَ بِلاَلٌ إِذَا أَقْلَعَتْ عَنْهُ يَقُولُ: *أَلاَ لَيتَ شِعْرِي هَل أَبِيتَنَّ لَيلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ *وَهَل أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مِجَنَّةٍ ... وَهَل تَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، اللَّهُمَّ وَصَحِّحْهَا، وَبَارِكْ لَنَا فِى مُدِّهَا وَصَاعِهَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ». أطرافه 1889، 3926، 5677، 6372 - تحفة 17158، 2049 ب 9 - باب عِيَادَةِ الصِّبْيَانِ 5655 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَاصِمٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا

10 - باب عيادة الأعراب

عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ ابْنَةً لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ وَهْوَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَسَعْدٍ وَأُبَىٍّ نَحْسِبُ أَنَّ ابْنَتِى قَدْ حُضِرَتْ فَاشْهَدْنَا فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا السَّلاَمَ وَيَقُولُ «إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَمَا أَعْطَى وَكُلُّ شَىْءٍ عِنْدَهُ مُسَمًّى فَلْتَحْتَسِبْ وَلْتَصْبِرْ». فَأَرْسَلَتْ تُقْسِمُ عَلَيْهِ، فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقُمْنَا، فَرُفِعَ الصَّبِىُّ فِى حَجْرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ فَفَاضَتْ عَيْنَا النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «هَذِهِ رَحْمَةٌ وَضَعَهَا اللهُ فِى قُلُوبِ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ، وَلاَ يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ إِلَّا الرُّحَمَاءَ». أطرافه 1284، 6602، 6655، 7377، 7448 - تحفة 98 - 152/ 7 5655 - قوله: (إن ابنتي قد حضرت) ... إلخ، وفي الهامش: «الابن»، بدل: «البنت»، وهو الصواب. ثم إن هذا الولد كان قد دخل في النَّزْع، فأحياه الله تعالى بركة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ففيه معجزة إحياء الميت. ولعلماء ذكروا فيها رواية، أو روايتين، وهاتان أيضًا ضعيفتان، فالأَولى أن يَتمسكَ بهذه الرواية. نعم، بقي شيء، وهو أنه هل يمكن عود الحياة بعد الدخول في النَّزْع، أو لا؟ فإن ثبت أنه لا يمكن، ثبت في حياةَ هذا الابن كانت معجزةً للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم وإلا لا، لكن المثبت عندهم أن العودَ ممكن، كما مر مني تحقيقه (¬1). 10 - باب عِيَادَةِ الأَعْرَابِ 5656 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِىٍّ يَعُودُهُ - قَالَ - وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ فَقَالَ لَهُ «لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللهُ». قَالَ قُلْتَ طَهُورٌ، كَلَّا بَلْ هِىَ حُمَّى تَفُورُ - أَوْ تَثُورُ - عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ الْقُبُورَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَنَعَمْ إِذًا». أطرافه 3616، 5662، 7470 - تحفة 6055 11 - باب عِيَادَةِ الْمُشْرِكِ 5657 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ غُلاَمًا لِيَهُودَ كَانَ يَخْدُمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَرِضَ. فَأَتَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُهُ فَقَالَ «أَسْلِمْ». فَأَسْلَمَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ لَمَّا حُضِرَ أَبُو طَالِبٍ جَاءَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1356 - تحفة 295 ¬

_ (¬1) قلت: حياته بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا خارق للعادة، فإنَّ ما حصل من جهة الأسباب، إن حصل بدونها، فهو أيضًا معجزة، فإن شَغَبَ فيه الخصوم، فدعهم في غمراتهم ساهون.

12 - باب إذا عاد مريضا، فحضرت الصلاة فصلى بهم جماعة

12 - باب إِذَا عَادَ مَرِيضًا، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى بِهِمْ جَمَاعَةً 5658 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ يَعُودُونَهُ فِى مَرَضِهِ فَصَلَّى بِهِمْ جَالِسًا فَجَعَلُوا يُصَلُّونَ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمِ اجْلِسُوا، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ «إِنَّ الإِمَامَ لَيُؤْتَمُّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِنْ صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ الْحُمَيْدِىُّ هَذَا الْحَدِيثُ مَنْسُوخٌ لأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - آخِرَ مَا صَلَّى صَلَّى قَاعِدًا وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامٌ. أطرافه 688، 1113، 1236 - تحفة 17315 13 - باب وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الْمَرِيضِ 5659 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا الْجُعَيْدُ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ أَنَّ أَبَاهَا قَالَ تَشَكَّيْتُ بِمَكَّةَ شَكْوًا شَدِيدًا، فَجَاءَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِى، فَقُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ إِنِّى أَتْرُكُ مَالاً وَإِنِّى لَمْ أَتْرُكْ إِلاَّ ابْنَةً وَاحِدَةً، فَأُوصِى بِثُلُثَىْ مَالِى وَأَتْرُكُ الثُّلُثَ فَقَالَ «لاَ». قُلْتُ فَأُوصِى بِالنِّصْفِ وَأَتْرُكُ النِّصْفَ قَالَ «لاَ». قُلْتُ فَأُوصِى بِالثُّلُثِ وَأَتْرُكُ لَهَا الثُّلُثَيْنِ قَالَ «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ». ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ، ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِى وَبَطْنِى ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا وَأَتْمِمْ لَهُ هِجْرَتَهُ». فَمَا زِلْتُ أَجِدُ بَرْدَهُ عَلَى كَبِدِى فِيمَا يُخَالُ إِلَىَّ حَتَّى السَّاعَةِ. أطرافه 56، 1295، 2742، 2744، 3936، 4409، 5354، 5668، 6373، 6733 تحفة 3953 - 153/ 7 5660 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يُوعَكُ فَمَسِسْتُهُ بِيَدِى فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَجَلْ إِنِّى أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلاَنِ مِنْكُمْ». فَقُلْتُ ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَجَلْ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى مَرَضٌ فَمَا سِوَاهُ إِلاَّ حَطَّ اللَّهُ لَهُ سَيِّئَاتِهِ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا». أطرافه 5647، 5648، 5661، 5667 - تحفة 9191 5660 - قوله: (أذى: مرض) وفي الهامش: من مرض، فالناسخُ كتبَ العامِلُ على الهامش، وأعرب في الصُّلب، باعتبار الهامش، ومثله كثيرٌ في تلك النسخة. 14 - باب مَا يُقَالُ لِلْمَرِيضِ وَمَا يُجِيبُ 5661 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَرَضِهِ فَمَسِسْتُهُ وَهْوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا فَقُلْتُ إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، وَذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ. قَالَ

15 - باب عيادة المريض، راكبا وماشيا، وردفا على الحمار

«أَجَلْ، وَمَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى إِلاَّ حَاتَّتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ كَمَا تَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ». أطرافه 5647، 5648، 5660، 5667 - تحفة 9191 5662 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ يَعُودُهُ فَقَالَ «لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». فَقَالَ كَلاَّ بَلْ حُمَّى تَفُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ كَيْمَا تُزِيرَهُ الْقُبُورَ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَنَعَمْ إِذًا». أطرافه 3616، 5656، 7470 - تحفة 6055 5661 - قوله: (كما تحات ورق الشجرة) شبَّه الخطايا بالوَرَق، لكونها من العوارض الخارجية، فتحط كحط الورق، وأمثال الأنبياء مما ينبغي الاعتناء بها، لأنها تُنبىء عن حقائق، وليست تخييلًا فقط. 15 - باب عِيَادَةِ الْمَرِيضِ، رَاكِبًا وَمَاشِيًا، وَرِدْفًا عَلَى الْحِمَارِ 5663 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَى إِكَافٍ عَلَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ وَرَاءَهُ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ فَسَارَ حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ، وَفِى الْمَجْلِسِ أَخْلاَطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ، وَفِى الْمَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ، قَالَ لاَ تُغَيِّرُوا عَلَيْنَا فَسَلَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَوَقَفَ وَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ يَا أَيُّهَا الْمَرْءُ إِنَّهُ لاَ أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ إِنْ كَانَ حَقًّا، فَلاَ تُؤْذِنَا بِهِ فِى مَجْلِسِنَا، وَارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاغْشَنَا بِهِ فِى مَجَالِسِنَا فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ فَلَمْ يَزَلِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى سَكَتُوا فَرَكِبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - دَابَّتَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ لَهُ «أَىْ سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ». يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ. قَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ فَلَقَدْ أَعْطَاكَ اللَّهُ مَا أَعْطَاكَ وَلَقَدِ اجْتَمَعَ أَهْلُ هَذِهِ الْبَحْرَةِ أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ فَلَمَّا رَدَّ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِى أَعْطَاكَ شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ الَّذِى فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ. أطرافه 2987، 4566، 5964، 6207 - تحفة 105 - 154/ 7 5664 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدٍ - هُوَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ - عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِى لَيْسَ بِرَاكِبِ بَغْلٍ وَلاَ بِرْذَوْنٍ. أطرافه 194، 4577، 5651، 5676، 6723، 6743، 7309 - تحفة 3021

16 - باب قول المريض إني وجع، أو وارأساه، أو اشتد بي الوجع

16 - باب قَوْلِ الْمَرِيضِ إِنِّي وَجِعٌ، أَوْ وَارَأْسَاهْ، أَوِ اشْتَدَّ بِي الْوَجَعُ وَقَوْلِ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83]. 5665 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ وَأَيُّوبَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ - رضى الله عنه. مَرَّ بِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أُوقِدُ تَحْتَ الْقِدْرِ فَقَالَ «أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ». قُلْتُ نَعَمْ. فَدَعَا الْحَلاَّقَ فَحَلَقَهُ ثُمَّ أَمَرَنِى بِالْفِدَاءِ. أطرافه 1814، 1815، 1816، 1817، 1818، 4159، 4190، 4191، 4517، 5703، 6708 - تحفة 11114 - 155/ 7 5666 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَبُو زَكَرِيَّاءَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ وَارَأْسَاهْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ذَاكِ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَىٌّ، فَأَسْتَغْفِرُ لَكِ وَأَدْعُو لَكِ». فَقَالَتْ عَائِشَةُ وَاثُكْلِيَاهْ، وَاللَّهِ إِنِّى لأَظُنُّكَ تُحِبُّ مَوْتِى، وَلَوْ كَانَ ذَاكَ لَظَلِلْتَ آخِرَ يَوْمِكَ مُعَرِّسًا بِبَعْضِ أَزْوَاجِكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهْ لَقَدْ هَمَمْتُ أَوْ أَرَدْتُ أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ وَابْنِهِ، وَأَعْهَدَ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُونَ أَوْ يَتَمَنَّى الْمُتَمَنُّونَ، ثُمَّ قُلْتُ يَأْبَى اللَّهُ وَيَدْفَعُ الْمُؤْمِنُونَ، أَوْ يَدْفَعُ اللَّهُ وَيَأْبَى الْمُؤْمِنُونَ». طرفه 7217 - تحفة 17561 5667 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يُوعَكُ فَمَسِسْتُهُ فَقُلْتُ إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا. قَالَ «أَجَلْ كَمَا يُوعَكُ رَجُلاَنِ مِنْكُمْ». قَالَ لَكَ أَجْرَانِ قَالَ «نَعَمْ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى مَرَضٌ فَمَا سِوَاهُ إِلاَّ حَطَّ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا». أطرافه 5647، 5648، 5660، 5661 - تحفة 9191 5668 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِى مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِى زَمَنَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقُلْتُ بَلَغَ بِى مَا تَرَى وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلاَ يَرِثُنِى إِلاَّ ابْنَةٌ لِى أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَىْ مَالِى قَالَ «لاَ». قُلْتُ بِالشَّطْرِ قَالَ «لاَ». قُلْتُ الثُّلُثُ قَالَ «الثُّلُثُ كَثِيرٌ، أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ وَلَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ أُجِرْتَ عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِى فِى امْرَأَتِكَ». أطرافه 56، 1295، 2742، 2744، 3936، 4409، 5354، 5659، 6373، 6733 تحفة 3890 5666 - قوله: (لقد هممت، أو أردت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه، وأعهد أن يقول القائلون) ... إلخ، وفيه دليل على أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لو كتب شيئًا في حديث القِرْطاس لكتبَ خلافةَ أبي بكر، ولكنه لم يكتب، لأنه علم أنَّ الله يأبى، ويدفع المؤمنين، إلا أبا بكر. ولأنه لو استخلفَ، ثم خَالفه الناس لوقعوا في العذاب.

17 - باب قول المريض قوموا عنى

5668 - قوله: (إنك إن تذر ورثتك أغنياء) ... إلخ، وفي «الترغيب والترهيب» مرفوعًا: «أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم رأى رجلًا جاءه ملكُ الموت يقبض روحَه، وكان قلبُ الرجل معلقًا بخدمة أبويه، فقامت مبرَّته لوالديه، تدفعه، حتى دفع اللهُ عنه الموت»، وفي إسناده بشر بن الوليد الكنفي، حنفي المذهب، تلميذ خاص لأبي يوسف. ودل الحديث على أنَّ بعض المراحل البينية تتدفعُ بالدفع، وإن كان الوقتُ المحتوم لا يتقدم، ولا يتأخر. وانحل من هذه الرواية ما في الأحاديث، أن البِرَّ يزيدُ في العمر، فزيادة البر إنما هي في المراحل البينية، فلولا بره لمات ساعتئذٍ، ولكن بِرَّه لوالديه أخره متاعًا إلى حين وقيل: معنى زيادةُ البر في العمر أنه يُعطى له ثمانون مثلًا، لأن الله يريدُ أن يستعملَه في البر. 17 - باب قَوْلِ الْمَرِيضِ قُومُوا عَنِّى 5669 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ وَحَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَفِى الْبَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هَلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ». فَقَالَ عُمَرُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْوَجَعُ وَعِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ، حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ فَاخْتَصَمُوا، مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَالَ عُمَرُ فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالاِخْتِلاَفَ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قُومُوا». قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ مِنِ اخْتِلاَفِهِمْ وَلَغَطِهِمْ. أطرافه 114، 3053، 3168، 4431، 4432، 7366 - تحفة 5841 - 156/ 7 18 - باب مَنْ ذَهَبَ بِالصَّبِيِّ الْمَرِيضِ لِيُدْعَى لَهُ 5670 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ - هُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ - عَنِ الْجُعَيْدِ قَالَ سَمِعْتُ السَّائِبَ يَقُولُ ذَهَبَتْ بِى خَالَتِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَ أُخْتِى وَجِعٌ فَمَسَحَ رَأْسِى وَدَعَا لِى بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ وَقُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلَ زِرِّ الْحَجَلَةِ. أطرافه 190، 3540، 3541، 6352 تحفة 3794 19 - باب تَمَنِّي الْمَرِيضِ الْمَوْتَ 5671 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِىُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى

20 - باب دعاء العائد للمريض

الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ فَاعِلاً فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ أَحْيِنِى مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِى، وَتَوَفَّنِى إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِى». طرفاه 6351، 7233 - تحفة 441 5672 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى خَبَّابٍ نَعُودُهُ وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعَ كَيَّاتٍ فَقَالَ إِنَّ أَصْحَابَنَا الَّذِينَ سَلَفُوا مَضَوْا وَلَمْ تَنْقُصْهُمُ الدُّنْيَا وَإِنَّا أَصَبْنَا مَا لاَ نَجِدُ لَهُ مَوْضِعًا إِلاَّ التُّرَابَ وَلَوْلاَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ، ثُمَّ أَتَيْنَاهُ مَرَّةً أُخْرَى وَهْوَ يَبْنِى حَائِطًا لَهُ فَقَالَ إِنَّ الْمُسْلِمَ لَيُوجَرُ فِى كُلِّ شَىْءٍ يُنْفِقُهُ إِلاَّ فِى شَىْءٍ يَجْعَلُهُ فِى هَذَا التُّرَابِ. أطرافه 6349، 6350، 6430، 6431، 7234 - تحفة 3518 - 157/ 7 5673 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ». قَالُوا وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «لاَ، وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِى اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَلاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَزْدَادَ خَيْرًا، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعْتِبَ». أطرافه 39، 6463، 7235 - تحفة 12932، 12933 5674 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُسْتَنِدٌ إِلَىَّ يَقُولُ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى وَارْحَمْنِى وَأَلْحِقْنِى بِالرَّفِيقِ». طرفه 4440 - تحفة 16177 5673 - قوله: (فسددوا، وقاربوا) "بلند بروازى مت كرو باس باس آجاؤ" وهذا اللفظ من السهل الممتنع. قوله: (فلعله أن يستعتب) "شايد خدا تعالى رجوع كى صورت نكالى أورده توبه كرلى". 5674 - قوله: (وألحقني بالرفيق الأعلى) وفي رواية: «الملأ الأعلى»، ولا نزاع في أن لهم تدبيرًا في هذا العالم، فخرج من الدعاء بالإِلحاق معهم، أن أرواح الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والمكملين أيضًا لفعل التدبير مثلهم، فمن أراد أن يتكلم فيه فلينظر فيه. 20 - باب دُعَاءِ الْعَائِدِ لِلْمَرِيضِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ بِنْتُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهَا: قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا». تحفة 3953 5675 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ

21 - باب وضوء العائد للمريض

عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أَتَى مَرِيضًا - أَوْ أُتِىَ بِهِ - قَالَ «أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِى لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا». قَالَ عَمْرُو بْنُ أَبِى قَيْسٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَأَبِى الضُّحَى إِذَا أُتِىَ بِالْمَرِيضِ، وَقَالَ جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى الضُّحَى وَحْدَهُ، وَقَالَ إِذَا أَتَى مَرِيضًا. أطرافه 5743، 5744، 5750 - تحفة 17603، 17638 21 - باب وُضُوءِ الْعَائِدِ لِلْمَرِيضِ 5676 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ دَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا مَرِيضٌ فَتَوَضَّأَ فَصَبَّ عَلَىَّ أَوْ قَالَ صُبُّوا عَلَيْهِ فَعَقَلْتُ فَقُلْتُ لاَ يَرِثُنِى إِلاَّ كَلاَلَةٌ، فَكَيْفَ الْمِيرَاثُ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ. أطرافه 194، 4577، 5651، 5664، 6723، 6743، 7309 - تحفة 3043 22 - باب مَنْ دَعَا بِرَفْعِ الْوَبَاءِ وَالْحُمَّى 5677 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلاَلٌ قَالَتْ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا فَقُلْتُ يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ وَيَا بِلاَلُ كَيْفَ تَجِدُكَ قَالَتْ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ *كُلُّ امْرِىءٍ مُصَبَّحٌ في أَهْلِهِ ... وَالمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ وَكانَ بِلاَلٌ إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ فَيَقُولُ: *أَلاَ لَيتَ شِعْرِي هَل أَبِيتَنَّ لَيلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ *وَهَل أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مِجَنَّةٍ ... وَهَل يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ وَصَحِّحْهَا وَبَارِكْ لَنَا فِى صَاعِهَا وَمُدِّهَا وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ». أطرافه 1889، 3926، 5654، 6372 - تحفة 17158، 2049 ب - 158/ 7 ***

76 - كتاب الطب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 76 - كِتَاب الطبِّ 1 - باب مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً 5678 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِىُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَطَاءُ بْنُ أَبِى رَبَاحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً». تحفة 14197 2 - باب هَلْ يُدَاوِي الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ أَوِ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ 5679 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ خَالِدِ بْنِ ذَكْوَانَ عَنْ رُبَيِّعَ بِنْتِ مُعَوِّذٍ ابْنِ عَفْرَاءَ قَالَتْ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَسْقِى الْقَوْمَ، وَنَخْدُمُهُمْ، وَنَرُدُّ الْقَتْلَى وَالْجَرْحَى إِلَى الْمَدِينَةِ. طرفاه 2882، 2883 - تحفة 15834 3 - باب الشِّفَاءُ فِي ثَلاَثٍ 5680 - حَدَّثَنِى الْحُسَيْنُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ حَدَّثَنَا سَالِمٌ الأَفْطَسُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ «الشِّفَاءُ فِى ثَلاَثَةٍ شَرْبَةِ عَسَلٍ، وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ، وَكَيَّةِ نَارٍ، وَأَنْهَى أُمَّتِى عَنِ الْكَىِّ». رَفَعَ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ الْقُمِّىُّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْعَسَلِ وَالْحَجْمِ. طرفه 5681 - تحفة 5509، 6420 - 159/ 7 5681 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ أَبُو الْحَارِثِ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ عَنْ سَالِمٍ الأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الشِّفَاءُ فِى ثَلاَثَةٍ شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ كَيَّةٍ بِنَارٍ، وَأَنْهَى أُمَّتِى عَنِ الْكَىِّ». طرفه 5680 - تحفة 5509 5680 - قوله: (شربة عسل) ... إلخ، وحاصله: أن المرضَ الصفراوي يكثر في أرض العرب، فتفيدُ فيه شَرْبة عسل، وشَرْطةُ المحجم في الأمراض الجلدية ومن خواصِّ العسل أنه حار، فإذا شيبَ بماءٍ صار باردًا. ومن شربَ عسلًا فأحسن حرارة، ينبغي له أن يغتسِلَ، فإنَّه تذهب عنه تلك الحرارة، بإِذن الله تعالى.

4 - باب الدواء بالعسل

قوله: (أنهى أمتي عن الكيّ) وذلك لأنَّ وَسْم البدنِ بالنار تشاؤم. قوله: (ورواه القمى عن ليث) والقمي هذا متهم بالتشيع، وأخرج عنه البخاري تعليقًا. وأخرج عن آخرين ممن اتُّهموا بالخروج أيضًا، وهؤلاء أكثر ممن اتهموا بالرفض، ولكنهم كلهم صدوق في اللهجة، عدول. وذلك لأنَّ الخوارجَ أصدقُ من الروافض، فإنَّ الزلة العلمية لا تُسقط بها العدالة، بخلاف الكذب فالخوارجُ تُقبل روايتهم، إن لم يثبت كذبهم، لأنهم رَكِبُوا غلطًا علميًا، بخلاف الروافض، فإنَّ مبناهم على الكذب والزورِ، وهذا في باب الرواية أشدُّ الجروح. 4 - باب الدَّوَاءِ بِالْعَسَلِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: 69]. 5682 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْجِبُهُ الْحَلْوَاءُ وَالْعَسَلُ. أطرافه 4912، 5216، 5267، 5268، 5431، 5599، 5614، 6691، 6972 تحفة 16796 5683 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنْ كَانَ فِى شَىْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ - أَوْ يَكُونُ فِى شَىْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ - خَيْرٌ فَفِى شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ تُوَافِقُ الدَّاءَ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِىَ». أطرافه 5697، 5702، 5704 - تحفة 2340 5684 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَخِى يَشْتَكِى بَطْنَهُ. فَقَالَ «اسْقِهِ عَسَلاً». ثُمَّ أَتَى الثَّانِيَةَ فَقَالَ «اسْقِهِ عَسَلاً». ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ فَعَلْتُ. فَقَالَ «صَدَقَ اللَّهُ، وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ، اسْقِهِ عَسَلاً». فَسَقَاهُ فَبَرَأَ. طرفه 5716 - تحفة 4251 5683 - قوله: (أو لذعة بنار توافق الداء) والمراد من اللذعة: الكيّ، وترجمته "سوزش" ودل قيدُ موافق الداء أنها شرطٌ للشفاء، فلا يلزم أن يفيدَ العسلُ في كل داء. 5684 - قوله: (صدق الله، وكذب بطن أخيك) والصدق والكذب ههنا من صفاتِ الفعل. 5 - باب الدَّوَاءِ بِأَلْبَانِ الإِبِلِ 5685 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بْنُ مِسْكِينٍ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَاسًا كَانَ بِهِمْ سَقَمٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ آوِنَا وَأَطْعِمْنَا فَلَمَّا

6 - باب الدواء بأبوال الإبل

صَحُّوا قَالُوا إِنَّ الْمَدِينَةَ وَخِمَةٌ. فَأَنْزَلَهُمُ الْحَرَّةَ فِى ذَوْدٍ لَهُ فَقَالَ «اشْرَبُوا أَلْبَانَهَا». فَلَمَّا صَحُّوا قَتَلُوا رَاعِىَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتَاقُوا ذَوْدَهُ، فَبَعَثَ فِى آثَارِهِمْ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنْهُمْ يَكْدُمُ الأَرْضَ بِلِسَانِهِ حَتَّى يَمُوتَ. قَالَ سَلاَّمٌ فَبَلَغَنِى أَنَّ الْحَجَّاجَ قَالَ لأَنَسٍ حَدِّثْنِى بِأَشَدِّ عُقُوبَةٍ عَاقَبَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَدَّثَهُ بِهَذَا. فَبَلَغَ الْحَسَنَ فَقَالَ وَدِدْتُ أَنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْهُ. أطرافه 233، 1501، 3018، 4192، 4193، 4610، 5686، 5727، 6802، 6803، 6804، 6805، 6899 - تحفة 437 - 160/ 7 6 - باب الدَّوَاءِ بِأَبْوَالِ الإِبِلِ 5686 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ نَاسًا اجْتَوَوْا فِى الْمَدِينَةِ فَأَمَرَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَلْحَقُوا بِرَاعِيهِ - يَعْنِى الإِبِلَ - فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَلَحِقُوا بِرَاعِيهِ فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، حَتَّى صَلَحَتْ أَبْدَانُهُمْ فَقَتَلُوا الرَّاعِىَ وَسَاقُوا الإِبِلَ، فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَعَثَ فِى طَلَبِهِمْ، فَجِىءَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ. قَالَ قَتَادَةُ فَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْحُدُودُ. أطرافه 233، 1501، 3018، 4192، 4193، 4610، 5685، 5727، 6802، 6803، 6804، 6805، 6899 - تحفة 1402، 19291 فيه صراحة بأن شرب أبوال الإِبل وألبانها في قصة العُرَنِيِّين، كان مبنيًا على التداوي، لا على طهارتها، كما ذهب إليه مالك. والتداوي بالمحرم جائز عندنا، على ما علمت تقريره. والتداوي بالأشياء الطاهرة ظاهر، ولبن الإِبل، وغيره فيه سواء، فلا معنى لتخصيصه. 5685 - قوله: (وددت أنه لم يحدثه) وذلك لأن الحَجَّاج كان يتتبَّعُ مثلَ هذه الأشياء. 7 - باب الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ 5687 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ خَرَجْنَا وَمَعَنَا غَالِبُ بْنُ أَبْجَرَ فَمَرِضَ فِى الطَّرِيقِ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَهْوَ مَرِيضٌ، فَعَادَهُ ابْنُ أَبِى عَتِيقٍ فَقَالَ لَنَا عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الْحُبَيْبَةِ السَّوْدَاءِ، فَخُذُوا مِنْهَا خَمْسًا أَوْ سَبْعًا فَاسْحَقُوهَا، ثُمَّ اقْطُرُوهَا فِى أَنْفِهِ بِقَطَرَاتِ زَيْتٍ فِى هَذَا الْجَانِبِ وَفِى هَذَا الْجَانِبِ، فَإِنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْنِى أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ هَذِهِ الْحَبَّةَ السَّوْدَاءَ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلاَّ مِنَ السَّامِ». قُلْتُ وَمَا السَّامُ قَالَ الْمَوْتُ. تحفة 16268 5688 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -

8 - باب التلبينة للمريض

يَقُولُ «فِى الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلاَّ السَّامَ». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَالسَّامُ الْمَوْتُ، وَالْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ الشُّونِيزُ. تحفة 15219، 13210 وهو الشونيز، وفي الهندية "كلونجى" وهو غير حب النيل، والشبرم، فإنَّه سُم حارٌ جدًا، وترجمته كالادانه وبعضهم ترجم الحبة السوداء به، وهو غلطٌ. وقد كتب جالينوس في الشونيز أربعين فائدة، ومالنا ولجالينوس، وإنما هو دواءٌ من ربنا، ينتفع به من توكل عليه، وفوض أمرَه إليه. فائدة: كتب السيوطي أنه كان إذا فات عنه التهجد مرض، وكتب أنه زار النبيَّ صلى الله عليه وسلّم اثني وعشرين مرة في اليقظة، ومع ذلك ردَّ على السخاوي، وأغلظ في الكلام، وصنف رسالة سماها «الكاوي على رأس السخاوي» مع أن السخاوي كان أعلم منه. 8 - باب التَّلْبِينَةِ لِلْمَرِيضِ 5689 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا كَانَتْ تَأْمُرُ بِالتَّلْبِينِ لِلْمَرِيضِ وَلِلْمَحْزُونِ عَلَى الْهَالِكِ، وَكَانَتْ تَقُولُ إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ التَّلْبِينَةَ تُجِمُّ فُؤَادَ الْمَرِيضِ، وَتَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ». طرفاه 5417، 5690 - تحفة 16539 - 161/ 7 5690 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِى الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَأْمُرُ بِالتَّلْبِينَةِ وَتَقُولُ هُوَ الْبَغِيضُ النَّافِعُ. طرفاه 5417، 5689 - تحفة 17115 9 - باب السَّعُوطِ 5691 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ وَاسْتَعَطَ. أطرافه 1835، 1938، 1939، 2103، 2278، 2279، 5694، 5695، 5699، 5700، 5701 - تحفة 5709 10 - باب السَّعُوطِ بِالْقُسْطِ الْهِنْدِيِّ والْبَحْرِيِّ وَهُوَ الْكُسْتُ، مِثْلُ الْكَافُورِ، وَالْقَافُورِ، مِثْلُ {كُشِطَتْ} [التكوير: 11] وَقُشِطَتْ: نُزِعَتْ، وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: قُشِطَتْ. 5692 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْعُودِ الْهِنْدِىِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ. يُسْتَعَطُ بِهِ مِنَ الْعُذْرَةِ، وَيُلَدُّ بِهِ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ». أطرافه 5713، 5715، 5718 - تحفة 18343

11 - باب أي ساعة يحتجم

5693 - وَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِابْنٍ لِى لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ فَبَالَ عَلَيْهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَرَشَّ عَلَيْهِ. طرفه 223 - تحفة 18342 ل والسَّعوط: هو الإِقطار في الأنف، واللدود ما يُلقى من أحد جانبي الفم، والقُسط الهندي ما يحصل من كشمير. والمراد منه "كت" والعود الهندي "اكر" وليس بمراد ههنا، فليُتنبه، فإنَّه مضرٌ. 5692 - قوله: (يستعط به من العذرة) ويقال له بالفارسية: سقوط اللَّهاة، وبالهندية كاك كرنا، وغمزها بالإِصبع العلاق والأعلاق، ويقال له: الدَّغْر أيضًا وكان علاج العُذْرة عندهم بالغمز، حتى يخرج منها الدم، فعلمهم النبيُّ صلى الله عليه وسلّم علاجًا أسهل، وأنفع. ثم إن المراد من ذات الجنب هو الغير الحقيقي الذي يعرض باحتقانِ الرياح الفاسدة في الصدر، دون الحقيقي الذي يَحدثُ من التورم، فإن العودَ الهندي يضره، وينفع في الأول. ويقال له بالهندية: "باؤكولا". 11 - باب أَيَّ سَاعَةٍ يَحْتَجِمُ وَاحْتَجَمَ أَبُو مُوسَى لَيْلاً. 5694 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ احْتَجَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ صَائِمٌ. أطرافه 1835، 1938، 1939، 2103، 2278، 2279، 5691، 5695، 5699، 5700، 5701 - تحفة 5989 لعله يُشير إلى حديث عند أبي داود، فيه تفصيل الأيام للاحتجام، وهذا حديث ضعيف، ولكن ذكر له ابن سيناء حمةً حسنة، فقال: إن الأخلاط الطيبة في أول النصف تكون على الظاهر، والرديئة في الباطن، على عكس النِّصف الثاني، فتخرجُ المادةُ الفاسدة من الاحتجاج في النصف الآخر، لكونها في الظاهر، بخلافِ الاحتجام في النصف الأول. 12 - باب الْحَجْمِ فِى السَّفَرِ وَالإِحْرَامِ قَالَهُ ابْنُ بُحَيْنَةَ، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 5695 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ احْتَجَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُحْرِمٌ. أطرافه 1835، 1938، 1939، 2103، 2278، 2279، 5691، 5694، 5699، 5700، 5701 - تحفة 5939، 5737 13 - باب الْحِجَامَةِ مِنَ الدَّاءِ 5696 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَجْرِ الْحَجَّامِ فَقَالَ احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَجَمَهُ

14 - باب الحجامة على الرأس

أَبُو طَيْبَةَ، وَأَعْطَاهُ صَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ، وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ فَخَفَّفُوا عَنْهُ، وَقَالَ «إِنَّ أَمْثَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ وَالْقُسْطُ الْبَحْرِىُّ». وَقَالَ «لاَ تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالْغَمْزِ مِنَ الْعُذْرَةِ، وَعَلَيْكُمْ بِالْقُسْطِ». أطرافه 2102، 2210، 2277، 2280، 2281 - تحفة 709 - 162/ 7 5697 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو وَغَيْرُهُ أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ أَنَّ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - عَادَ الْمُقَنَّعَ ثُمَّ قَالَ لاَ أَبْرَحُ حَتَّى تَحْتَجِمَ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ فِيهِ شِفَاءً». أطرافه 5683، 5702، 5704 - تحفة 2340 14 - باب الْحِجَامَةِ عَلَى الرَّأْسِ 5698 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجَ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ بُحَيْنَةَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ بِلَحْىِ جَمَلٍ مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ، وَهْوَ مُحْرِمٌ، فِى وَسَطِ رَأْسِهِ. طرفه 1836 - تحفة 9156 5699 - وَقَالَ الأَنْصَارِىُّ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ فِى رَأْسِهِ. أطرافه 1835، 1938، 1939، 2103، 2278، 2279، 5691، 5694، 5695، 5700، 5701 - تحفة 6226 15 - باب الْحَجْمِ مِنَ الشَّقِيقَةِ وَالصُّدَاعِ 5700 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ احْتَجَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى رَأْسِهِ وَهْوَ مُحْرِمٌ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ بِمَاءٍ يُقَالُ لَهُ لَحْىُ جَمَلٍ. أطرافه 1835، 1938، 1939، 2103، 2278، 2279، 5691، 5694، 5695، 5699، 5701 - تحفة 6226 5701 - وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ وَهْوَ مُحْرِمٌ فِى رَأْسِهِ مِنْ شَقِيقَةٍ كَانَتْ بِهِ. أطرافه 1835، 1938، 1939، 2103، 2278، 2279، 5691، 5694، 5695، 5699، 5700، - تحفة 6226 5702 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْغَسِيلِ قَالَ حَدَّثَنِى عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنْ كَانَ فِى شَىْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِى شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ لَذْعَةٍ مِنْ نَارٍ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِىَ». أطرافه 5683، 5697، 5704 - تحفة 2340 16 - باب الْحَلْقِ مِنَ الأَذَى 5703 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ كَعْبٍ هُوَ ابْنُ عُجْرَةَ قَالَ أَتَى عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَنَا أُوقِدُ تَحْتَ بُرْمَةٍ، وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَنْ رَأْسِى فَقَالَ «أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ

17 - باب من اكتوى أو كوى غيره، وفضل من لم يكتو

«فَاحْلِقْ وَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةً، أَوِ انْسُكْ نَسِيكَةً». قَالَ أَيُّوبُ لاَ أَدْرِى بِأَيَّتِهِنَّ بَدَأَ. أطرافه 1814، 1815، 1816، 1817، 1818، 4159، 4190، 4191، 4517، 5665، 6708 - تحفة 11114 - 163/ 7 17 - باب مَنِ اكْتَوَى (¬1) أَوْ كَوَى غَيْرَهُ، وَفَضْلِ مَنْ لَمْ يَكْتَوِ 5704 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْغَسِيلِ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرًا عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنْ كَانَ فِى شَىْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ شِفَاءٌ فَفِى شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِىَ». أطرافه 5683، 5697، 5702 - تحفة 2340 5705 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لاَ رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ. فَذَكَرْتُهُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «عُرِضَتْ عَلَىَّ الأُمَمُ، فَجَعَلَ النَّبِىُّ وَالنَّبِيَّانِ يَمُرُّونَ مَعَهُمُ الرَّهْطُ، وَالنَّبِىُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، حَتَّى رُفِعَ لِى سَوَادٌ عَظِيمٌ، قُلْتُ مَا هَذَا أُمَّتِى هَذِهِ قِيلَ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ. قِيلَ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ. فَإِذَا سَوَادٌ يَمْلأُ الأُفُقَ، ثُمَّ قِيلَ لِى انْظُرْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا فِى آفَاقِ السَّمَاءِ فَإِذَا سَوَادٌ قَدْ مَلأَ الأُفُقَ قِيلَ هَذِهِ أُمَّتُكَ وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ هَؤُلاَءِ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ، ثُمَّ دَخَلَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ فَأَفَاضَ الْقَوْمُ وَقَالُوا نَحْنُ الَّذِينَ آمَنَّا بِاللَّهِ، وَاتَّبَعْنَا رَسُولَهُ، فَنَحْنُ هُمْ أَوْ أَوْلاَدُنَا الَّذِينَ وُلِدُوا فِى الإِسْلاَمِ فَإِنَّا وُلِدْنَا فِى الْجَاهِلِيَّةِ. فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ فَقَالَ هُمُ الَّذِينَ لاَ يَسْتَرْقُونَ، وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ، وَلاَ يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ». فَقَالَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «نَعَمْ». فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ أَمِنْهُمْ أَنَا قَالَ «سَبَقَكَ عُكَّاشَةُ». أطرافه 3410، 5752، 6472، 6541 - تحفة 5493، 10830 واعلم أنَّ الكيَّ وإن كان نافعًا، إلا أن الشرع قد نهى عنه، فخرج منه أنه لا تعارضَ بين كون الشيء نافعًا، ومنهيًا عنه وبعبارة أخرى أن النهي عن الشيء لا يُوجب أن لا يكون في المنهى عنه فائدة. وهذا كالخمر، فإن القرآنَ قد نهى عنها، مع إقراره بالمنافع فيها واستبعده القاضي أبو بكر بن العربي، فحمل منافعَ الخمر على منافع التجارة، وقد تكلمنا عليه من قبل مبسوطًا. 5705 - قوله: (لا رقية إلا من عين) ... إلخ، وترجمته بالفارسية افسون وبالهندية منتر إلا أن المناسب ههنا دم لأن منتر مختص بما اشتمل على كلمات غير مشروعة. وإنما رخص بها في العين، والعمة، لظهور تأثيرها فيهما، وليس لهما ¬

_ (¬1) وراجع لحديث عمران بن حصين في النهي عن الكي "معالم السنن" ص 218، وص 219 - ج 4.

18 - باب الإثمد والكحل من الرمد

علاجٌ غير الرقية. أما العين فكثير منهم ينكرونه ولا يحسبونه شيئًا مؤثرًا (¬1). وأما الحمة، فإن كان لها علاج عندهم، لكنه لا يتيسر لكل أحد ويتألم المرء من الحمة تألّمًا شديدًا والرقية تؤثر فيه على ما شَهِدت به التجربة. قوله: (لا يسترقون) والأحسن في ترجمته "منتر" لكون الرقية ههنا في سياق النفي. قوله: (ولا يتطيرون) وكرهه الرشرع، واستحب الفَأْل (¬2)، لأن من تفاءل، وأحسن ظنه بربه، يُرجى له أن يُعامل معه ربه حسب ظنه، فإنَّه عند ظن عبدِه به. قوله: ({وَعَلَى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}) فالتوكل هو الدعامة في هذا الباب وقد قدمنا من تقسيم الغزالي في الأسباب. أن النوعَ الذي يترتبُ عليه المسبب ضرورةً عادة، كالأكل للجوع، يجب عليه مباشرتها، والتوكل فيها بأن يتركها معصية. وأما النوع الذي تترتب المسبَّبَات عليه غالبًا، فتركه ليس بضروري أيضًا، كالدواء للمرض بقي النوع الذي قد يترتب عليه المسبب، وقد يتخلف عنه، فهذا مما يعدُّ تركُه توكلًا. ثم التطير مكروه في نفسه أيضًا، مع قطعِ النظر عن كونه خلافَ التوكل. ثم رأيتُ نقلًا عن أحمد أن تركَ الأسباب أصلًا ليس من التوكل في شيء، وفي حديث ابن ماجه: «إنكم لو توكلتم على الله حقَّ التوكل، لغدوتم خِماصًا، ولرحتم بِطَانًا، كالطيور» - بالمعنى - وهذا يدل على العبرة بهذا النوع أيضًا. فلم أزل أترددُ فيه حتى رأيت عن أحمد أن الطيورَ أيضًا تباشر الأسباب، فيطيرون في طلب الرزق، غير أن أسبابَ طلبِ الرزقِ ليست عندهم، مثلُها عندنا، ولكنهم لا يتعطَّلون عن مباشرة الأسباب التي تليق بشأنهم، وهي الطيران مثلًا. وحينئذ اندفع الإِشكال. ومع هذا أقول: إن ترك الأسبابِ مطلقًا أيضًا نوع من التوكل، لكنه توكل أخصِّ الخواص. 18 - باب الإِثْمِدِ وَالْكُحْلِ مِنَ الرَّمَدِ فِيهِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ. 5706 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّىَ زَوْجُهَا فَاشْتَكَتْ عَيْنَهَا، فَذَكَرُوهَا ¬

_ (¬1) وراجع له "زاد المعاد" من باب الطب، فإنه بسط فيه الكلام، وحقق تأثيرها، وأثرها، وأجاد فيه. (¬2) قال الخَطَّابي: قد أعلم النبي صلى الله عليه وسلم أن الفأل إنما هو أنْ يسمعَ الإِنسانُ الكلمة الحسنة، فيفأل بها، أي يتبرك بها، ويتأملها على المعنى الذي يُطابق اسمها، واستحب الفأل بالكلمة الحسنة يسمعها من ناحية حسن الظن بالله اهـ ص 235 - ج 4. "معالم السنن" مختصرًا.

19 - باب الجذام

لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَذَكَرُوا لَهُ الْكُحْلَ، وَأَنَّهُ يُخَافُ عَلَى عَيْنِهَا، فَقَالَ «لَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَمْكُثُ فِى بَيْتِهَا فِى شَرِّ أَحْلاَسِهَا - أَوْ فِى أَحْلاَسِهَا فِى شَرِّ بَيْتِهَا - فَإِذَا مَرَّ كَلْبٌ رَمَتْ بَعْرَةً، فَلاَ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا». طرفاه 5336، 5338 - تحفة 18259 - 164/ 7 19 - باب الْجُذَامِ 5707 - وَقَالَ عَفَّانُ حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ وَلاَ هَامَةَ وَلاَ صَفَرَ، وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ». أطرافه 5717، 5757، 5770، 5773، 5775 - تحفة 13377 5707 - قوله: (لا عدوى) واعلم أنَّ الأشاعرة زعموا أن العالم بأسره ذخيرة للأشياء الغير مرتبطة فقط، ليس فيه سببٌ، ولا مسبب، ولا تأثير، وأثر، وإنما حكم الناس بسلسلة التسبيب، نظرًا إلى القِران بين الشيئين فإذا نظروا إلى أن هذين الشيئين، يوجدان معًا على سبيل الأغلب، حكموا بكون واحد منهما سببًا، والآخر مُسببًا، فلا إحراق في النار، ولا إغراق في الماء، فكأنهم هدروا سلسلَة الأسبابِ كلها. وهذا ما في آخر سُلَّم العلوم، أن ترتُّبَ النتيجة عند الأشعري على سبيل العادة فقط، بدون تسبيب في نفس الأمر، حتى نُسب إليهم أنَّ من قال بالتسبيب فقد كفر، كذا في «روح المعاني». قلتُ: ولا أظن بالأشعري أن يكون هدر سلسلَة الأسباب بأسرها، وإن نُسب إليه ذلك، فهو عندي من المسامحات في النقول وقال الشيخ الماتريدى: إن في الأشياء خواصٌّ، وهي مؤثرة بإِذن الله تعالى، والسببية والمُسبَّبية في الأشياء أيضًا من جعلِ الله تعالى، وهذا هو الصواب. إذا علمت هذا، فاعلم أنهم اختلفوا في شرح الحديث، فقيل: إن نفي العدوى محمول على الطَّبع، أي لا عدوى بالطبع، أما بجعل الله تعالى فهو ثابت. وذكروا له شروحًا أخر أيضًا، والأصوب ما ذكره ابن القيم في «زاد المعاد»: أن العدوى المنفى، هو اتباع الأوهامِ فقط، بدون تسبيبٍ في البَيْن، كما يزعمه هنود أهل الهند. وترجمته على حسب مراده، اركر بيمارى لك جانا فلا عدوى عند الشرع وأما قوله: «ولا طِيرة»، فلكونه غير مفيد، لا يجلب شيئًا، ولا يرد شيئًا. قوله: (لا هامة) الأصوب أن يُقرأ - بتخفيف الميم -: نوع من الطائر كان العربُ يزعَمون أنه إذا تصوت في موضعٍ يذره يَلْقَع، فرده الشرع أن هذا الزعم باطلٌ، ولا دخل له في العمارة والتَّخريب.

20 - باب المن شفاء للعين

قوله: (ولا صفر) كان عندهم أنَّ ماهية الجوع دود يتحرك في البطن، فردَّه الشرعُ أيضًا، وذكر له البخاري معنى آخر، كما يجيء في ترجمة الباب، فقال: هو داء يأخذُ البطن. قوله: (فرّ من المجذوم) فيه رعاية للتسبيب؛ قلت: وإذ قد اعتبرَه الشرع مرةً، فكيف يهدُرُه أخرى. 20 - باب الْمَنُّ شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ 5708 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ». قَالَ شُعْبَةُ وَأَخْبَرَنِى الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِىِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ شُعْبَةُ لَمَّا حَدَّثَنِى بِهِ الْحَكَمُ لَمْ أُنْكِرْهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ. طرفاه 4478، 4639 - تحفة 4465 والأسود من الكمأة مضر، فإنَّه سُمٌّ. 21 - باب اللَّدُودِ 5709، 5710، 5711 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى مُوسَى بْنُ أَبِى عَائِشَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - قَبَّلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مَيِّتٌ. حديث 5709 طرفه 4456 تحفة 5860 حديث 5710 أطرافه 1241، 3667، 3669، 4452، 4455 - تحفة 16316 حديث 5711 أطرافه 1242، 3668، 3670، 4453، 4454، 4457 - تحفة 6600، 6631 5712 - قَالَ وَقَالَتْ عَائِشَةُ لَدَدْنَاهُ فِى مَرَضِهِ، فَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا، أَنْ لاَ تَلُدُّونِى. فَقُلْنَا كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ. فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ «أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِى». قُلْنَا كَرَاهِيَةَ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ. فَقَالَ «لاَ يَبْقَى فِى الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلاَّ لُدَّ - وَأَنَا أَنْظُرُ - إِلاَّ الْعَبَّاسَ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ». أطرافه 4458، 6886، 6897 - تحفة 16318 5713 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ أُمِّ قَيْسٍ قَالَتْ دَخَلْتُ بِابْنٍ لِى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ أَعْلَقْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْعُذْرَةِ فَقَالَ «عَلَى مَا تَدْغَرْنَ أَوْلاَدَكُنَّ بِهَذَا الْعِلاَقِ عَلَيْكُنَّ بِهَذَا الْعُودِ الْهِنْدِىِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ، مِنْهَا ذَاتُ الْجَنْبِ يُسْعَطُ مِنَ الْعُذْرَةِ، وَيُلَدُّ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ». فَسَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ يَقُولُ بَيَّنَ لَنَا اثْنَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا خَمْسَةً. قُلْتُ لِسُفْيَانَ فَإِنَّ مَعْمَرًا يَقُولُ أَعْلَقْتُ عَلَيْهِ. قَالَ لَمْ يَحْفَظْ أَعْلَقْتُ عَنْهُ، حَفِظْتُهُ مِنْ فِى الزُّهْرِىِّ. وَوَصَفَ سُفْيَانُ الْغُلاَمَ يُحَنَّكُ بِالإِصْبَعِ وَأَدْخَلَ سُفْيَانُ فِى حَنَكِهِ، إِنَّمَا يَعْنِى رَفْعَ حَنَكِهِ بِإِصْبَعِهِ، وَلَمْ يَقُلْ أَعْلِقُوا عَنْهُ شَيْئًا. أطرافه 5692، 5715، 5718 - تحفة 18343 - 165/ 7

22 - باب

5713 - قوله: (أعلقت عليه) تردد أهل اللغة في صلته، أنها عن، أو على، وهذا الذي أراده الراوي. 22 - باب 5714 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَيُونُسُ قَالَ الزُّهْرِىُّ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاشْتَدَّ وَجَعُهُ، اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ فِى أَنْ يُمَرَّضَ فِى بَيْتِى، فَأَذِنَّ، فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، تَخُطُّ رِجْلاَهُ فِى الأَرْضِ بَيْنَ عَبَّاسٍ وَآخَرَ. فَأَخْبَرْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ هَلْ تَدْرِى مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ الَّذِى لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ قُلْتُ لاَ. قَالَ هُوَ عَلِىٌّ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ مَا دَخَلَ بَيْتَهَا وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ «هَرِيقُوا عَلَىَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ، لَعَلِّى أَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ». قَالَتْ فَأَجْلَسْنَاهُ فِى مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْقِرَبِ، حَتَّى جَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ. قَالَتْ وَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَصَلَّى لَهُمْ وَخَطَبَهُمْ. أطرافه 198، 664، 665، 679، 683، 687، 712، 713، 716، 2588، 3099، 3384، 4442، 4445، 7303 - تحفة 16309، 5842 5714 - قوله: (فصب عليه من تلك القرب، حتى جعل يشير إلينا أن قد فعلتن، قالت: وخرج إلى الناس، فصلى لهم، وخطبهم) هذا الذي قلت: إن النبي صلى الله عليه وسلّم خرج إليهم في العشاء، وأي حاجة لنا أن ننقض تلك السلسلة، فنقول: لعله خرج في غير تلك الصلاة. فائدة: واعلم أنَّ أهلَ اللغة يكتبون أسماءَ الأمراض بإِزاء العوارض، لأن تلك العوارض في مشاهدتهم، ولا يكون لهم بحث عن أسبابها، وإنما هو فعلُ الطبيب، فإن الضحك عندهم موضوعٌ لهيئة تعرض للرجل عند إدراك الأمور الغريبة، وأما سببه ماذا هو، فلا بحث لهم عنه، - والذي تحقق لي أنه يحدث بوثَبةٍ في الرئة - كذلك الشرع يُطلق أسماءَ المبادىء على ما في الظاهر، كالنِّيل، والفُرَات، كانا اسمين للمبدأين، فأطلقهما على نهرين ظاهرين أيضًا، فاعلمه. 23 - باب الْعُذْرَةِ 5715 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أُمَّ قَيْسٍ بِنْتَ مِحْصَنٍ الأَسَدِيَّةَ - أَسَدَ خُزَيْمَةَ، وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ اللاَّتِى بَايَعْنَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْىَ أُخْتُ عُكَّاشَةَ - أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِابْنٍ لَهَا، قَدْ أَعْلَقَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْعُذْرَةِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَى مَا تَدْغَرْنَ أَوْلاَدَكُنَّ بِهَذَا الْعِلاَقِ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْعُودِ الْهِنْدِىِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ مِنْهَا ذَاتُ الْجَنْبِ». يُرِيدُ الْكُسْتَ، وَهْوَ الْعُودُ

24 - باب دواء المبطون

الْهِنْدِىُّ. وَقَالَ يُونُسُ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَلَّقَتْ عَلَيْهِ. أطرافه 5692، 5713، 5718 - تحفة 18343 24 - باب دَوَاءِ الْمَبْطُونِ 5716 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّ أَخِى اسْتَطْلَقَ بَطْنُهُ. فَقَالَ «اسْقِهِ عَسَلاً». فَسَقَاهُ. فَقَالَ إِنِّى سَقَيْتُهُ فَلَمْ يَزِدْهُ إِلاَّ اسْتِطْلاَقًا. فَقَالَ «صَدَقَ اللَّهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ». تَابَعَهُ النَّضْرُ عَنْ شُعْبَةَ. طرفه 5684 - تحفة 4251 - 166/ 7 25 - باب لاَ صَفَرَ، وَهْوَ دَاءٌ يَأْخُذُ الْبَطْنَ 5717 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرُهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ عَدْوَى وَلاَ صَفَرَ وَلاَ هَامَةَ». فَقَالَ أَعْرَابِىٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا بَالُ إِبِلِى تَكُونُ فِى الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ فَيَأْتِى الْبَعِيرُ الأَجْرَبُ فَيَدْخُلُ بَيْنَهَا فَيُجْرِبُهَا. فَقَالَ «فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ». رَوَاهُ الزُّهْرِىُّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَسِنَانِ بْنِ أَبِى سِنَانٍ. أطرافه 5707، 5757، 5770، 5773، 5775 - تحفة 15189، 13489، 15499 26 - باب ذَاتِ الْجَنْبِ 5718 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أُمَّ قَيْسٍ بِنْتَ مِحْصَنٍ، وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ اللاَّتِى بَايَعْنَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْىَ أُخْتُ عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِابْنٍ لَهَا قَدْ عَلَّقَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْعُذْرَةِ فَقَالَ «اتَّقُوا اللَّهَ، عَلَى مَا تَدْغَرُونَ أَوْلاَدَكُمْ بِهَذِهِ الأَعْلاَقِ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْعُودِ الْهِنْدِىِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ، مِنْهَا ذَاتُ الْجَنْبِ». يُرِيدُ الْكُسْتَ يَعْنِى الْقُسْطَ، قَالَ وَهْىَ لُغَةٌ. أطرافه 5692، 5713، 5715 - تحفة 18343 5719، 5720، 5721 - حَدَّثَنَا عَارِمٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ قُرِئَ عَلَى أَيُّوبَ مِنْ كُتُبِ أَبِى قِلاَبَةَ، مِنْهُ مَا حَدَّثَ بِهِ وَمِنْهُ مَا قُرِئَ عَلَيْهِ، وَكَانَ هَذَا فِى الْكِتَابِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ وَأَنَسَ بْنَ النَّضْرِ كَوَيَاهُ، وَكَوَاهُ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِهِ. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ أَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الأَنْصَارِ أَنْ يَرْقُوا مِنَ الْحُمَةِ وَالأُذُنِ. قَالَ أَنَسٌ كُوِيتُ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَىٌّ، وَشَهِدَنِى أَبُو طَلْحَةَ وَأَنَسُ بْنُ النَّضْرِ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو طَلْحَةَ كَوَانِى. طرفه 5719 - تحفة 959

27 - باب حرق الحصير ليسد به الدم

27 - باب حَرْقِ الْحَصِيرِ لِيُسَدَّ بِهِ الدَّمُ 5722 - حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِىُّ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ لَمَّا كُسِرَتْ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْبَيْضَةُ، وَأُدْمِىَ وَجْهُهُ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَكَانَ عَلِىٌّ يَخْتَلِفُ بِالْمَاءِ فِى الْمِجَنِّ، وَجَاءَتْ فَاطِمَةُ تَغْسِلُ عَنْ وَجْهِهِ الدَّمَ، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - الدَّمَ يَزِيدُ عَلَى الْمَاءِ كَثْرَةً عَمَدَتْ إِلَى حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهَا وَأَلْصَقَتْهَا عَلَى جُرْحِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَقَأَ الدَّمُ. أطرافه 243، 2903، 2911، 3037، 4075، 5248 - تحفة 4781 - 167/ 7 28 - باب الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ 5723 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَطْفِئُوهَا بِالْمَاءِ». قَالَ نَافِعٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ اكْشِفْ عَنَّا الرِّجْزَ. طرفه 3264 - تحفة 8369 5724 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - كَانَتْ إِذَا أُتِيَتْ بِالْمَرْأَةِ قَدْ حُمَّتْ تَدْعُو لَهَا، أَخَذَتِ الْمَاءَ فَصَبَّتْهُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ جَيْبِهَا قَالَتْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُنَا أَنْ نَبْرُدَهَا بِالْمَاءِ. تحفة 15744 5725 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ». طرفه 3263 - تحفة 17326 5726 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْحُمَّى مِنْ فَوْحِ جَهَنَّمَ، فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ». طرفه 3262 - تحفة 3562 29 - باب مَنْ خَرَجَ مِنْ أَرْضٍ لاَ تُلاَيِمُهُ 5727 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ نَاسًا أَوْ رِجَالاً مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَتَكَلَّمُوا بِالإِسْلاَمِ وَقَالُوا يَا نَبِىَّ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا أَهْلَ ضَرْعٍ، وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ، وَاسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِذَوْدٍ وَبِرَاعٍ وَأَمَرَهُمْ، أَنْ يَخْرُجُوا فِيهِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَانْطَلَقُوا حَتَّى كَانُوا نَاحِيَةَ الْحَرَّةِ، كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ، وَقَتَلُوا رَاعِىَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِى آثَارِهِمْ، وَأَمَرَ بِهِمْ فَسَمَرُوا أَعْيُنَهُمْ وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمْ وَتُرِكُوا فِى نَاحِيَةِ الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا عَلَى حَالِهِمْ. أطرافه 233، 1501، 3018، 4192، 4193، 4610، 5685، 5686، 6802، 6803، 6804، 6805، 6899 - تحفة 1176 - 168/ 7

30 - باب ما يذكر في الطاعون

30 - باب مَا يُذْكَرُ فِي الطَّاعُونِ 5728 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى حَبِيبُ بْنُ أَبِى ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ سَعْدًا عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا». فَقُلْتُ أَنْتَ سَمِعْتَهُ يُحَدِّثُ سَعْدًا وَلاَ يُنْكِرُهُ قَالَ نَعَمْ. طرفاه 3473، 6974 - تحفة 84 5729 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغَ لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الأَجْنَادِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَصْحَابُهُ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِأَرْضِ الشَّأْمِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ عُمَرُ ادْعُ لِى الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ. فَدَعَاهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّأْمِ فَاخْتَلَفُوا. فَقَالَ بَعْضُهُمْ قَدْ خَرَجْتَ لأَمْرٍ، وَلاَ نَرَى أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعَكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ نَرَى أَنْ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ. فَقَالَ ارْتَفِعُوا عَنِّى. ثُمَّ قَالَ ادْعُوا لِى الأَنْصَارَ. فَدَعَوْتُهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ، فَسَلَكُوا سَبِيلَ الْمُهَاجِرِينَ، وَاخْتَلَفُوا كَاخْتِلاَفِهِمْ، فَقَالَ ارْتَفِعُوا عَنِّى. ثُمَّ قَالَ ادْعُ لِى مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْفَتْحِ. فَدَعَوْتُهُمْ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمْ عَلَيْهِ رَجُلاَنِ، فَقَالُوا نَرَى أَنْ تَرْجِعَ بِالنَّاسِ، وَلاَ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ، فَنَادَى عُمَرُ فِى النَّاسِ، إِنِّى مُصَبِّحٌ عَلَى ظَهْرٍ، فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ أَفِرَارًا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ فَقَالَ عُمَرُ لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ، نَعَمْ نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ إِبِلٌ هَبَطَتْ وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ، إِحْدَاهُمَا خَصِبَةٌ، وَالأُخْرَى جَدْبَةٌ، أَلَيْسَ إِنْ رَعَيْتَ الْخَصْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ، وَإِنْ رَعَيْتَ الْجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ قَالَ فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَكَانَ مُتَغَيِّبًا فِى بَعْضِ حَاجَتِهِ فَقَالَ إِنَّ عِنْدِى فِى هَذَا عِلْمًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ». قَالَ فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ ثُمَّ انْصَرَفَ. طرفاه 5730، 6973 - تحفة 9721 - 169/ 7 5730 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ، فَلَمَّا كَانَ بِسَرْغَ بَلَغَهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّأْمِ، فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ». طرفاه 5729، 6973 - تحفة 9720

5731 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ الْمَسِيحُ وَلاَ الطَّاعُونُ». طرفاه 1880، 7133 - تحفة 14642 5732 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ حَدَّثَتْنِى حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ قَالَتْ قَالَ لِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَحْيَى بِمَا مَاتَ قُلْتُ مِنَ الطَّاعُونِ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ». طرفه 2830 - تحفة 1728 5733 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَالْمَطْعُونُ شَهِيدٌ». أطرافه 653، 720، 2829 - تحفة 12577 وراجع فيه «الدر المختار». واعلم أنَّ في قول عمر: «نفر من قدر الله إلى قدر الله»، علمًا، ثم أوضحه هو بنفسه، أنك إذا رعيت إبلك في هذا الوادي مرة، وفي هذا مرة، فهل تعده فرارًا من القدر، فإذا أنت لا تعدُّ أمورَك في ليلك ونهارك خلافًا للقدر، فمالك تعد الخروجَ من البلد المطعون فرارًا من القدر، فنحن في الأحوال كلها في حيطة التقدير، أقمنا أو خرجنا (¬1). ثم إن النهيَ عن الخروج مطلقٌ في أكثر الأحاديث، وفيه قيدٌ مفيد في حديث ابن عباس الآتي: «فلا تخرجوا فرارًا منه»، وكثيرًا ما يكون القيدُ مذكورًا في بعض الطرق، ويغفُل عنه الناس، ويقعون في الإِشكالات. ثم إنك قد علمت أن عدم دخول الدجال في المدينة متيقنٌ، أما الطاعون فلم يدخل بعدُ فيها، وهو المرجو فيما يأتي. وقيد إن شاء الله تعالى، يرجع إلى الطاعون دون دخول الدجال، وفي حديث - أظن أنَّ إسناده ضعيف - أن الجنَّ ينتشرون في أيام الطاعون، ويطعنون في مغابن الناس، ولذا يرى الناس رؤيا تخوفهم وتحزنهم. حكاية: سأل ملك كشمير، مولانا أحمد الكشميري عن التقدير، وقال: "تقدير بركردد" فقال له: "اكردر تقدير ماشد". 5729 - قوله: (إني مصبح على ظهر)، "مين وابسم هوؤنكا ادهرسى جدهر سى آيا هون". قوله: (له عدوتان) - "اوسكى دو كناره هون". ¬

_ (¬1) وروى أحمد، والترمذي، وابن ماجه عن أبي خزامة عن أبيه، قال: قلت: يا رسول الله أرأيت رقي تسترقِيها، ودواء نتداوى به، وتقاة نتقيها، هل ترد من قدر الله شيئًا؟ قال: "هي من قدرِ الله" كذا في "المشكاة".

31 - باب أجر الصابر فى الطاعون

31 - باب أَجْرِ الصَّابِرِ فِى الطَّاعُونِ 5734 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِى الْفُرَاتِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا أَخْبَرَتْنَا أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الطَّاعُونِ فَأَخْبَرَهَا نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ فَيَمْكُثُ فِى بَلَدِهِ صَابِرًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ». تَابَعَهُ النَّضْرُ عَنْ دَاوُدَ. طرفاه 3474، 6619 - تحفة 17685 - 170/ 7 5734 - قوله: (مثل أجر شهيد) فإنه وإن لم يقتل في المعركة، لكنه أرى من نفسه ثَبَاتًا، ورضي بما كتب الله له. 32 - باب الرُّقَى بِالْقُرْآنِ وَالْمُعَوِّذَاتِ 5735 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ فِى الْمَرَضِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أَنْفِثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ، وَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا. فَسَأَلْتُ الزُّهْرِىَّ كَيْفَ يَنْفِثُ قَالَ كَانَ يَنْفِثُ عَلَى يَدَيْهِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ. أطرافه 4439، 5016، 5751 - تحفة 16638 33 - باب الرُّقَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 5736 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ أَبِى الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَوْا عَلَى حَىٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَلَمْ يَقْرُوهُمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ لُدِغَ سَيِّدُ أُولَئِكَ فَقَالُوا هَلْ مَعَكُمْ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ رَاقٍ فَقَالُوا إِنَّكُمْ لَمْ تَقْرُونَا، وَلاَ نَفْعَلُ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلاً. فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعًا مِنَ الشَّاءِ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَيَجْمَعُ بُزَاقَهُ، وَيَتْفِلُ، فَبَرَأَ، فَأَتَوْا بِالشَّاءِ، فَقَالُوا لاَ نَأْخُذُهُ حَتَّى نَسْأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلُوهُ فَضَحِكَ وَقَالَ «وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ، خُذُوهَا، وَاضْرِبُوا لِى بِسَهْمٍ». أطرافه 2276، 5007، 5749 - تحفة 4249 34 - باب الشَّرْطِ فِى الرُّقْيَةِ بِقَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ 5737 - حَدَّثَنِى سِيدَانُ بْنُ مُضَارِبٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَاهِلِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ الْبَصْرِىُّ - هُوَ صَدُوقٌ - يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ الْبَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الأَخْنَسِ أَبُو مَالِكٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَرُّوا بِمَاءٍ فِيهِمْ لَدِيغٌ - أَوْ سَلِيمٌ - فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ

35 - باب رقية العين

مِنْ أَهْلِ الْمَاءِ فَقَالَ هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ إِنَّ فِى الْمَاءِ رَجُلاً لَدِيغًا أَوْ سَلِيمًا. فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى شَاءٍ، فَبَرَأَ، فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ فَكَرِهُوا ذَلِكَ وَقَالُوا أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا. حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ». تحفة 5798 - 171/ 7 35 - باب رُقْيَةِ الْعَيْنِ 5738 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَمَرَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ أَمَرَ أَنْ يُسْتَرْقَى مِنَ الْعَيْنِ. تحفة 16199 5739 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عَطِيَّةَ الدِّمَشْقِىُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِىُّ أَخْبَرَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى فِى بَيْتِهَا جَارِيَةً فِى وَجْهِهَا سَفْعَةٌ فَقَالَ «اسْتَرْقُوا لَهَا، فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ». وَقَالَ عُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ عَنِ الزُّبَيْدِىِّ. تحفة 18266، 19016 36 - باب الْعَيْنُ حَقٌّ 5740 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْعَيْنُ حَقٌّ». وَنَهَى عَنِ الْوَشْمِ. طرفه 5944 - تحفة 14696 37 - باب رُقْيَةِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ 5741 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الرُّقْيَةِ مِنَ الْحُمَةِ فَقَالَتْ رَخَّصَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الرُّقْيَةَ مِنْ كُلِّ ذِى حُمَةٍ. تحفة 16011 38 - باب رُقْيَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - 5742 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَثَابِتٌ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ ثَابِتٌ يَا أَبَا حَمْزَةَ اشْتَكَيْتُ. فَقَالَ أَنَسٌ أَلاَ أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ بَلَى. قَالَ «اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ مُذْهِبَ الْبَاسِ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِى لاَ شَافِىَ إِلاَّ أَنْتَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا». تحفة 1034 5743 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ

39 - باب النفث فى الرقية

مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُعَوِّذُ بَعْضَ أَهْلِهِ، يَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيَقُولُ «اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ الْبَاسَ، اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِى، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا». قَالَ سُفْيَانُ حَدَّثْتُ بِهِ مَنْصُورًا فَحَدَّثَنِى عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ. أطرافه 5675، 5744، 5750 - تحفة 17603، 17638 - 172/ 7 5744 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَرْقِى يَقُولُ «امْسَحِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، بِيَدِكَ الشِّفَاءُ، لاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ أَنْتَ». أطرافه 5675، 5743، 5750 - تحفة 17252 5745 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ لِلْمَرِيضِ «بِسْمِ اللَّهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا. بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، يُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا». طرفه 5746 - تحفة 17906 5746 - حَدَّثَنِى صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِى الرُّقْيَةِ «تُرْبَةُ أَرْضِنَا، وَرِيقَةُ بَعْضِنَا، يُشْفَى سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبِّنَا». طرفه 5745 - تحفة 17906 وترجمتُه فيما وافقت الشرع "دم" وفيما خالفته "منتر". 5744 - قوله: (أمسح البأس) - "بأس كوبو بخهه دى يعنى دور كردى". 5746 - قوله: (تربة أرضنا)، ولعله كان يُحلِّق بِها حول الدُّمَّل، أو يضمِّدُ عليه. قوله: (ريقة بعضنا)، ولعله كان بعض ريقتنا، فوقع فيه قلب، رعاية للسجع. قوله: (النفث) والنفث هو الذي فيه أجزاء من الرِّيق أيضًا. 39 - باب النَّفْثِ فِى الرُّقْيَةِ 5747 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفِثْ حِينَ يَسْتَيْقِظُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَيَتَعَوَّذْ مِنْ شَرِّهَا، فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ». وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ وَإِنْ كُنْتُ لأَرَى الرُّؤْيَا أَثْقَلَ عَلَىَّ مِنَ الْجَبَلِ، فَمَا هُوَ إِلاَّ أَنْ سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فَمَا أُبَالِيهَا. أطرافه 3292، 6984، 6986، 6995، 6996، 7005، 7044 - تحفة 12135 5748 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ نَفَثَ فِى كَفَّيْهِ بِـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} وَبِالْمُعَوِّذَتَيْنِ جَمِيعًا، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، وَمَا بَلَغَتْ يَدَاهُ مِنْ جَسَدِهِ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَلَمَّا اشْتَكَى كَانَ يَأْمُرُنِى أَنْ

40 - باب مسح الراقي الوجع بيده اليمنى

أَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ. قَالَ يُونُسُ كُنْتُ أَرَى ابْنَ شِهَابٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ إِذَا أَتَى إِلَى فِرَاشِهِ. طرفاه 5017، 6319 - تحفة 16707 - 173/ 7 5749 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ أَبِى الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ رَهْطًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - انْطَلَقُوا فِى سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حَتَّى نَزَلُوا بِحَىٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَاسْتَضَافُوهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَىِّ، فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَىْءٍ لاَ يَنْفَعُهُ شَىْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلاَءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ قَدْ نَزَلُوا بِكُمْ، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَىْءٌ. فَأَتَوْهُمْ فَقَالُوا يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، فَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَىْءٍ، لاَ يَنْفَعُهُ شَىْءٌ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ شَىْءٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَعَمْ، وَاللَّهِ إِنِّى لَرَاقٍ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلاً. فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ، فَانْطَلَقَ فَجَعَلَ يَتْفُلُ وَيَقْرَأُ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} حَتَّى لَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِى مَا بِهِ قَلَبَةٌ. قَالَ فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِى صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ اقْسِمُوا. فَقَالَ الَّذِى رَقَى لاَ تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِىَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِى كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا. فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرُوا لَهُ فَقَالَ «وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ أَصَبْتُمُ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِى مَعَكُمْ بِسَهْمٍ». أطرافه 2276، 5007، 5736 - تحفة 4249 5747 - قوله: (الرؤيا من الله) والتقسيم ههنا ثنائي، وفي بعض الأحاديث ثلاثي ثم إن الحديث لم يعط ههنا ضابطةً كلية لمعرفة أنواع الرؤيا، ولكن هَدى إلى أَمَارة تنفعُ في ذلك، فقال: ما كان سَطحُه مباركًا، فهو من الله، وما كان سطحه مشوهًا، فهو من الشيطان، وليس ذلك كلية، فلا طرد عليها، ولا عكس، فلا نقض برؤيا في أحد، ونحوها. فائدة: ذكر الرازي حكاية ذيل قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26)} ... إلخ [الجن: 26]: إن امرأة أخبرت الملك عن أمرِ بالغيب، فوقع كما كانت أخبرت به، فجاء الشوكاني، وعدَّه من زيغ فلسفته. قلت: وَاعجبًا له، أعجز أنْ يعلمَ أنَّ للأخبار من الغيب ستة وأربعين فنًا عندهم، على أن بعضهم تكون له مناسبة فطريةً بالغيوب، فيُخبر عنها، ويقع كما أخبر به. وإن شئت التفصيل، فراجع «المقدمة» لابن خلدون، ونعم ما قيل: المرء إذا أتى في غير فنِّه أتى بالعجائب. 40 - باب مَسْحِ الرَّاقِي الْوَجَعَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى 5750 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعَوِّذُ بَعْضَهُمْ

41 - باب فى المرأة ترقى الرجل

يَمْسَحُهُ بِيَمِينِهِ «أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِى، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا». فَذَكَرْتُهُ لِمَنْصُورٍ فَحَدَّثَنِى عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ بِنَحْوِهِ. أطرافه 5675، 5743، 5744 - تحفة 17603، 17638 41 - باب فِى الْمَرْأَةِ تَرْقِى الرَّجُلَ 5751 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنْفِثُ عَلَى نَفْسِهِ فِى مَرَضِهِ الَّذِى قُبِضَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أَنَا أَنْفِثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ، فَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا. فَسَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ كَيْفَ كَانَ يَنْفِثُ قَالَ يَنْفِثُ عَلَى يَدَيْهِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ. أطرافه 4439، 5016، 5735 - تحفة 16638 - 174/ 7 42 - باب مَنْ لَمْ يَرْقِ 5752 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا فَقَالَ «عُرِضَتْ عَلَىَّ الأُمَمُ فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِىُّ مَعَهُ الرَّجُلُ وَالنَّبِىُّ مَعَهُ الرَّجُلاَنِ، وَالنَّبِىُّ مَعَهُ الرَّهْطُ، وَالنَّبِىُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَرَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ أُمَّتِى، فَقِيلَ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ. ثُمَّ قِيلَ لِى انْظُرْ. فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَقِيلَ لِى انْظُرْ هَكَذَا وَهَكَذَا. فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَقِيلَ هَؤُلاَءِ أُمَّتُكَ، وَمَعَ هَؤُلاَءِ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ». فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَلَمْ يُبَيَّنْ لَهُمْ، فَتَذَاكَرَ أَصْحَابُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا أَمَّا نَحْنُ فَوُلِدْنَا فِى الشِّرْكِ، وَلَكِنَّا آمَنَّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَكِنْ هَؤُلاَءِ هُمْ أَبْنَاؤُنَا، فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «هُمُ الَّذِينَ لاَ يَتَطَيَّرُونَ، وَلاَ يَسْتَرْقُونَ، وَلاَ يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ». فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «نَعَمْ». فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ أَمِنْهُمْ أَنَا فَقَالَ «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ». أطرافه 3410، 5705، 6472، 6541 - تحفة 5493 43 - باب الطِّيَرَةِ 5753 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ، وَالشُّؤْمُ فِى ثَلاَثٍ فِى الْمَرْأَةِ، وَالدَّارِ، وَالدَّابَّةِ». أطرافه 2099، 2858، 5093، 5094، 5772 - تحفة 6982 5754 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ طِيَرَةَ، وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ». قَالُوا وَمَا الْفَأْلُ قَالَ «الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ». طرفه 5755 - تحفة 14110 - 175/ 7

44 - باب الفأل

5753 - قوله: (لا عدوى) نفيٌ لاتباع الأوهام. والعدوى ثابتة في الأقوام كلها، غير أهل الإِسلام أما ملابسة المجذوم، فهو من التَّسبيُّبِ، وقد أجاب الحافظ عن تعارض الحديثين في نفي العدوى، والفرار من المجذوم، بالوجهين. ونقل جوابًا عن الشيخ عمرو بن الصلاح. قلت: والحق أحق أنْ يُتَّبع أنَّ الحافظ حافظٌ فنَّه، ولا ريب، أما إن السببية الطبعية، ماذا هي في الفلسفة؟ وماذا ارتباطها بالقدرة؟ وأنها هل يمكن اجتماعها مع القدرة أو لا؟ فتلك أمور لا يعرفها الحافظ، ولم أدر من تصنيف من تصانيفه أنه كانت له يد في الفلسفة، وهكذا لابن تيمية أيضًا. فإنَّه، وإن كان متبحرًا فيها، لكن كلامَه أيضًا منتشرٌ، ليس كالحاذِق في الفن، وقال الصفدي فيه: إن علمَه أكبرُ من عقله. 44 - باب الْفَأْلِ 5755 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ طِيَرَةَ، وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ». قَالَ وَمَا الْفَأْلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ». طرفه 5754 - تحفة 14110 5756 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِى الْفَأْلُ الصَّالِحُ، الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ». طرفه 5776 - تحفة 1358 45 - باب لاَ هَامَةَ 5757 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ حَدَّثَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ أَخْبَرَنَا أَبُو حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ عَدْوَى، وَلاَ طِيَرَةَ، وَلاَ هَامَةَ، وَلاَ صَفَرَ». أطرافه 5707، 5717، 5770، 5773، 5775 - تحفة 12834 46 - باب الْكَهَانَةِ 5758 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى فِى امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ اقْتَتَلَتَا، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ، فَأَصَابَ بَطْنَهَا وَهْىَ حَامِلٌ، فَقَتَلَتْ وَلَدَهَا الَّذِى فِى بَطْنِهَا فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَضَى أَنَّ دِيَةَ مَا فِى بَطْنِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ، فَقَالَ وَلِىُّ الْمَرْأَةِ الَّتِى غَرِمَتْ كَيْفَ أَغْرَمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لاَ شَرِبَ، وَلاَ أَكَلَ، وَلاَ نَطَقَ، وَلاَ اسْتَهَلَّ، فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلّ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ». أطرافه 5759، 5760، 6740، 6904، 6909، 6910 - تحفة 15196

47 - باب السحر

5759 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ امْرَأَتَيْنِ رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ فَطَرَحَتْ جَنِينَهَا، فَقَضَى فِيهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ. أطرافه 5758، 5760، 6740، 6904، 6909، 6910 - تحفة 15245 5760 - وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى فِى الْجَنِينِ يُقْتَلُ فِى بَطْنِ أُمِّهِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ. فَقَالَ الَّذِى قُضِىَ عَلَيْهِ كَيْفَ أَغْرَمُ مَنْ لاَ أَكَلَ، وَلاَ شَرِبَ، وَلاَ نَطَقَ، وَلاَ اسْتَهَلَّ، وَمِثْلُ ذَلِكَ بَطَلْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ». أطرافه 5758، 5759، 5904، 6740، 6909، 6910 - تحفة 18727 - 176/ 7 5761 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِىِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ. أطرافه 2237، 2282، 5346 - تحفة 10010 5762 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَاسٌ عَنِ الْكُهَّانِ. فَقَالَ «لَيْسَ بِشَىْءٍ». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَا أَحْيَانًا بِشَىْءٍ فَيَكُونُ حَقًّا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الْحَقِّ، يَخْطَفُهَا مِنَ الْجِنِّىِّ، فَيَقُرُّهَا فِى أُذُنِ وَلِيِّهِ، فَيَخْلِطُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ». قَالَ عَلِىٌّ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مُرْسَلٌ، الْكَلِمَةُ مِنَ الْحَقِّ. ثُمَّ بَلَغَنِى أَنَّهُ أَسْنَدَهُ بَعْدَهُ. أطرافه 3210، 3288، 6213 - تحفة 17349 وهي قد تكون خِلقةً، كما ذكره ابن خلدون وفي «شرح الأسباب»: أن المجنون قد يحصل له الكشفُ أيضًا. 5758 - قوله: (غرة عبد، أو أمة) واعلم أن الجنينَ إن سقط ميتًا، فالدِّية فيه خمس مئة درهم، سواء كان ذكرًا، أو أنثى. وإن سقط حيًا فديته كدية الرجل، إن كان ذكرًا، ودية المرأة إن كان أنثى والغُرَّة في الأصل للفرس، والبغل، ثم يقال لخمس مئة درهم: قيمة له وفي رواية أخرى - أو وليدة - ولعله عمل به أيضًا، فأخذت وليدة في الجنين، ولكن آخر ما استقر عليه العمل فيه، بخمس مائة درهم. 5762 - قوله: (تلك الكلمة من الحق) تعرَّض الحديثُ إلى وجه واحد للكهانة، ولها وجوه أخر أيضًا، فصَّلها ابن خلدون. 47 - باب السِّحْرِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ

مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة: 102]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [طه: 69] وَقَوْلِهِ: {أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} [الأنبياء: 3]. وَقَوْلِهِ: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: 66]، وَقَوْلِهِ: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)} [الفلق: 4]، وَالنَّفَّاثَاتُ: السَّوَاحِرُ. {تُسْحَرُونَ} [المؤمنون: 89] تُعَمَّوْنَ. 5763 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ مِنْ بَنِى زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّىْءَ وَمَا فَعَلَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهْوَ عِنْدِى لَكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا ثُمَّ قَالَ «يَا عَائِشَةُ، أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِى فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، أَتَانِى رَجُلاَنِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِى، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَىَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ فَقَالَ مَطْبُوبٌ. قَالَ مَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ. قَالَ فِى أَىِّ شَىْءٍ قَالَ فِى مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ. قَالَ وَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِى بِئْرِ ذَرْوَانَ». فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَجَاءَ فَقَالَ «يَا عَائِشَةُ كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ، أَوْ كَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلِهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ أَسْتَخْرِجُهُ قَالَ «قَدْ عَافَانِى اللَّهُ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ شَرًّا». فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ. تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَأَبُو ضَمْرَةَ وَابْنُ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ هِشَامٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ فِى مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ. يُقَالُ الْمُشَاطَةُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الشَّعَرِ إِذَا مُشِطَ، وَالْمُشَاقَةُ مِنْ مُشَاقَةِ الْكَتَّانِ. أطرافه 3175، 3268، 5765، 5766، 6063، 6391 تحفة 16765، 16812، 16928، 17022، 17134، 17145 - 177/ 7 والمبحوث عنه هو السحر الذي مادته كفر، وما في الفقه فهو أعمُّ منه، لأنهم عدوا "مسمريزم" أيضًا من السحر. ويقال له الآن: التنويم المغناطيسي، وهذا شيءٌ مغايرٌ للسحر الذي نحن بصدده، وهو ما يكون فيه الاستعانة بالجن، ويتركب من كلمات غير مشروعة ومن ظنَّ أن الملكين هاروتَ وماروتَ أُنزل عليهما السحر، فقد توهَّم من القرآن بذكر ما أنزل إليهما، السحر، وإلا فلا لفظَ في القرآن يدل عليه والذي أخبر به أنه كان أمرًا أُنزل عليهم يعلمُ عملَ السحر في التفريق بين الزوجين، وهو أشد أنواع السحر، وهو الذي سحرَ به اليهود النبي صلى الله عليه وسلّم. وإنما قال: {فَلاَ تَكْفُرْ}، لأن الأشياء المباحة أيضًا قد تترتب عليها المعصية، نحو من قرأ سورة المزمل لإِهلاك أعدائه، فالسببُ حلالٌ بلا مِرية، والمسبَّبُ حرام بلا فِرية، فحينئذ يُطلق الحرامُ على قراءة السورة أيضًا من أجل النية الفاسدة، فإذا شاعت قراءةُ السورِ المحترمة للأمور المحرمة فيما بيننا أيضًا، فلنا أن نقول: إن ما أُنزل إليهم

48 - باب الشرك والسحر من الموبقات

أيضًا كان من هذا القَبيل، فكانت مادة كلاميهما جائزةٌ غير مشتمِلة على شيء من الكفر، إلا أنهما كانا يمنعانِ عنه لجعلهم إياه وسيلةً إلى الحرام. فائدة: واعلم أن هناك سبيلين: سبيل سنة، وتلك ليلها ونهارها سواء، وسبيل رياضة، وهذا قد يكون مشروعًا، وقد يكون غير مشروع، وقد يكون مباحًا، ثم قد يشتركُ الكلُّ في النتيجة، أي ما يحصلُ من أحدها يحصل من الآخر أيضًا، إلا أنَّ قبول القبول لا تهب إلا باتباع الرسول، وإن ترتب في بعض الأحيان على رياضة غير مشروعة، مباحة في نفسها أيضًا. ثم للعلماء بحث في أنَّ السحر هل يؤثر في تغيير الماهية أم لا؟ وظاهر قوله تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: 66] أن سحرَهم كان تخييلًا فقط، مع بقاء العصى، والحبال على ماهياتها. 5763 - قوله: (نقاعة الحناء) "جيسى مينهدى كابانى سرخ هو". قوله: (طلعها كأنه رؤوس الشياطين) ولولا هذا التشبيه لأنكرتُ كونَ تشبيهات القرآن من قبيل التخييل. 48 - باب الشِّرْكُ وَالسِّحْرُ مِنَ الْمُوبِقَاتِ 5764 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اجْتَنِبُوا الْمُوبِقَاتِ الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ». طرفاه 2766، 6857 - تحفة 12915 49 - باب هَلْ يَسْتَخْرِجُ السِّحْرَ وَقالَ قَتَادَةُ: قُلتُ لِسَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ: رَجُلٌ بِهِ طِبٌّ، أَوْ يُؤَخَّذُ عَنِ امْرَأَتِهِ، أَيُحَلُّ عَنْهُ أَوْ يُنَشَّرُ؟ قالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ، إِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِ اْلإِصْلاَحَ، فَأَمَّا ما يَنْفَعُ فَلَمْ يُنْهَ عَنْهُ. 5765 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ أَوَّلُ مَنْ حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ جُرَيْجٍ يَقُولُ حَدَّثَنِى آلُ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ فَسَأَلْتُ هِشَامًا عَنْهُ فَحَدَّثَنَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُحِرَ حَتَّى كَانَ يَرَى أَنَّهُ يَأْتِى النِّسَاءَ وَلاَ يَأْتِيهِنَّ. قَالَ سُفْيَانُ وَهَذَا أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ السِّحْرِ إِذَا كَانَ كَذَا. فَقَالَ «يَا عَائِشَةُ أَعَلِمْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِى فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، أَتَانِى رَجُلاَنِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِى، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَىَّ، فَقَالَ الَّذِى عِنْدَ رَأْسِى لِلآخَرِ مَا بَالُ الرَّجُلِ قَالَ مَطْبُوبٌ. قَالَ وَمَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ، رَجُلٌ مِنْ بَنِى زُرَيْقٍ حَلِيفٌ لِيَهُودَ، كَانَ مُنَافِقًا. قَالَ وَفِيمَ قَالَ فِى مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ. قَالَ وَأَيْنَ قَالَ فِى جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، تَحْتَ رَعُوفَةٍ، فِى

50 - باب السحر

بِئْرِ ذَرْوَانَ». قَالَتْ فَأَتَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْبِئْرَ حَتَّى اسْتَخْرَجَهُ فَقَالَ «هَذِهِ الْبِئْرُ الَّتِى أُرِيتُهَا، وَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ، وَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ». قَالَ فَاسْتُخْرِجَ، قَالَتْ فَقُلْتُ أَفَلاَ أَىْ تَنَشَّرْتَ. فَقَالَ «أَمَا وَاللَّهِ فَقَدْ شَفَانِى، وَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ شَرًّا». أطرافه 3175، 3268، 5763، 5766، 6063، 6391 تحفة 17042، 16928 - 178/ 7 واعلم أنَّ في نقض الهيئة التركيبية للسحر أثرًا في إبطاله. قوله: (أو ينشر) "يعني بندهى هوئى مردكو كهولنا"، وفي الهامش: أن سحر الكفار في الحرب جاز للمسلمين أيضًا أنْ يسحُروهم، كذا روى عن أحمد. ولعل هذا في السحر الذي لا يكون جائزًا، فإنْ كان مركبًا من كلمات شركية، فالظاهر المنعُ مطلقًا، ولعل الإِباحة فيما لم يكن مركبًا من كلمات كذلك، وإن لم يكن جائزًا لموجباتٍ أُخر. 5765 - قوله: (حتى كان يرى أنه يأتي النساء، ولا يأتيهن) فاحفظ هذا اللفظ، فإنَّه صريح في أن السحر كان في أمور النساء، ولم يكن له تعلق بأمور الشرع، وفي أكثر الألفاظ إيهامٌ، كما في الرواية الآتية، ففيها: أنه فعل الشيء، وما فعله، وفي الرواية الماضية: يخيل إليه أنه يفعل الشيء، وما فعله، فسبق إلى بعضهم الإِطلاق، نظرًا إلى اللفظ، فجعل يؤوله، حتى أن أبا بكر الجصاص أنكر هذا الحديث رأسًا، واتضح مما قلنا أن الحديثَ صحيحٌ، وأنه يتعلق بأمور النِّساء خاصة، ولا يمس غير هذا الباب. 5765 - قوله: (تحت رعوفة) صخرة تنزل في أسفل البئر إذا حُفرت، ليجلس عليها الذي ينظِّفُ البئر. 50 - باب السِّحْرِ 5766 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سُحِرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّىْءَ وَمَا فَعَلَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهْوَ عِنْدِى دَعَا اللَّهَ وَدَعَاهُ، ثُمَّ قَالَ «أَشَعَرْتِ يَا عَائِشَةُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِى فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ». قُلْتُ وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «جَاءَنِى رَجُلاَنِ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِى وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَىَّ، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ قَالَ مَطْبُوبٌ. قَالَ وَمَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، الْيَهُودِىُّ مِنْ بَنِى زُرَيْقٍ. قَالَ فِيمَا ذَا قَالَ فِى مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ. قَالَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِى بِئْرِ ذِى أَرْوَانَ». قَالَ فَذَهَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى الْبِئْرِ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَعَلَيْهَا نَخْلٌ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَ «وَاللَّهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ، وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَأَخْرَجْتَهُ قَالَ «لاَ، أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِى اللَّهُ وَشَفَانِى، وَخَشِيتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا». وَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ. أطرافه 3175، 3268، 5763، 5765، 6063، 6391 - تحفة 16812

51 - باب من البيان سحرا

51 - باب مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا 5767 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّهُ قَدِمَ رَجُلاَنِ مِنَ الْمَشْرِقِ، فَخَطَبَا، فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا - أَوْ - إِنَّ بَعْضَ الْبَيَانِ لَسِحْرٌ». طرفه 5146 - تحفة 6727 - 719/ 7 52 - باب الدَّوَاءِ بِالْعَجْوَةِ لِلسِّحْرِ 5768 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ أَخْبَرَنَا هَاشِمٌ أَخْبَرَنَا عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنِ اصْطَبَحَ كُلَّ يَوْمٍ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً، لَمْ يَضُرُّهُ سَمٌّ وَلاَ سِحْرٌ ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ». وَقَالَ غَيْرُهُ «سَبْعَ تَمَرَاتٍ». أطرافه 5445، 5769، 5779 - تحفة 3895 5769 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ سَعْدٍ سَمِعْتُ سَعْدًا - رضى الله عنه - يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ تَصَبَّحَ سَبْعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً، لَمْ يَضُرُّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سَمٌّ وَلاَ سِحْرٌ». أطرافه 5445، 5768، 5779 - تحفة 3895 53 - باب لاَ هَامَةَ 5770 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ عَدْوَى، وَلاَ صَفَرَ، وَلاَ هَامَةَ». فَقَالَ أَعْرَابِىٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا بَالُ الإِبِلِ تَكُونُ فِى الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ، فَيُخَالِطُهَا الْبَعِيرُ الأَجْرَبُ فَيُجْرِبُهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ». أطرافه 5707، 5717، 5757، 5773، 5775 - تحفة 15273 5771 - وَعَنْ أَبِى سَلَمَةَ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ بَعْدُ يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ». وَأَنْكَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَدِيثَ الأَوَّلِ قُلْنَا أَلَمْ تُحَدِّثْ أَنَّهُ لاَ عَدْوَى فَرَطَنَ بِالْحَبَشِيَّةِ. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ فَمَا رَأَيْتُهُ نَسِىَ حَدِيثًا غَيْرَهُ. طرفه 5774 - تحفة 15273 5771 - قوله: (الممرض) هو الصاحب (¬1) الذي سارحته مرضى، وعلى خلافه - المُصِحَ -. ¬

_ (¬1) قال الخطابي: الممرض: الذي مرضت ماشيتُه، والمصح: هو صاحب الصحاح منها، كما قيل: رجل مضعف، إذا كانت دوابه ضِعافًا، ومقو، إذا كانت أقوياء وليس المعنى في النهي عن هذا الصنيع من أنَّ المرضى تعدى الصحاح، ولكن الصِّحَاح إذا مرضت، بإذن الله، وتقديره، وقع في نفس صاحبه أن ذلك إنما كان من قبل العَدْوى، فيفتِنَه ذلك، ويشكِّكَه في أمره، فأمر باجتنابه، المباعدة عنه لهذا المعنى اهـ. ص 234 - ج 4. "معالم السنن".

54 - باب لا عدوى

5771 - قوله: (قال أبو سلمة: فما رأيته نسي حديثًا غيره) قلتُ: ولا ندري أنه نسي، أو لم يكن عنده بينهما تعارضٌ، نعم، ظنَّ الراوي أن حديثيه متعارضان، ولا يلزمُ منه أن يكونا متعارضين عنده أيضًا. 54 - باب لاَ عَدْوَى 5772 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَحَمْزَةُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ عَدْوَى، وَلاَ طِيَرَةَ، إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِى ثَلاَثٍ فِى الْفَرَسِ، وَالْمَرْأَةِ، وَالدَّارِ». أطرافه 2099، 2858، 5093، 5094، 5753 - تحفة 6982، 6699 5773 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ عَدْوَى». أطرافه 5707، 5717، 5757، 5770، 5775 - تحفة 15161 5774 - قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُورِدُوا الْمُمْرِضَ عَلَى الْمُصِحِّ». طرفه 5771 - تحفة 15161 - 180/ 7 5775 - وَعَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سِنَانُ بْنُ أَبِى سِنَانٍ الدُّؤَلِىُّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ عَدْوَى». فَقَامَ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ أَرَأَيْتَ الإِبِلَ تَكُونُ فِى الرِّمَالِ أَمْثَالَ الظِّبَاءِ فَيَأْتِيهِ الْبَعِيرُ الأَجْرَبُ فَتَجْرَبُ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ». أطرافه 5707، 5717، 5757، 5770، 5773 - تحفة 13489 5776 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ عَدْوَى، وَلاَ طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِى الْفَأْلُ». قَالُوا وَمَا الْفَأْلُ قَالَ «كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ». طرفه 5756 - تحفة 1259 55 - باب مَا يُذْكَرُ فِى سَمِّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَوَاهُ عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 16724 5777 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَاةٌ فِيهَا سَمٌّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اجْمَعُوا لِى مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنَ الْيَهُودِ». فَجُمِعُوا لَهُ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى سَائِلُكُمْ عَنْ شَىْءٍ فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِىَّ عَنْهُ». فَقَالُوا نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَبُوكُمْ». قَالُوا أَبُونَا فُلاَنٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَذَبْتُمْ بَلْ أَبُوكُمْ فُلاَنٌ». فَقَالُوا صَدَقْتَ وَبَرِرْتَ. فَقَالَ «هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِىَّ عَنْ شَىْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ». فَقَالُوا نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَذَبْنَاكَ عَرَفْتَ كَذِبَنَا كَمَا عَرَفْتَهُ فِى أَبِينَا. قَالَ لَهُمْ رَسُولُ

56 - باب شرب السم والدواء به وبما يخاف منه والخبيث

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَهْلُ النَّارِ». فَقَالُوا نَكُونُ فِيهَا يَسِيرًا، ثُمَّ تَخْلُفُونَنَا فِيهَا. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اخْسَئُوا فِيهَا، وَاللَّهِ لاَ نَخْلُفُكُمْ فِيهَا أَبَدًا». ثُمَّ قَالَ لَهُمْ «فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِىَّ عَنْ شَىْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ». قَالُوا نَعَمْ. فَقَالَ «هَلْ جَعَلْتُمْ فِى هَذِهِ الشَّاةِ سُمًّا». فَقَالُوا نَعَمْ. فَقَالَ «مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ». فَقَالُوا أَرَدْنَا إِنْ كُنْتَ كَذَّابًا نَسْتَرِيحُ مِنْكَ، وَإِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ. طرفاه 3169، 4249 - تحفة 13008 56 - باب شُرْبِ السُّمِّ وَالدَّوَاءِ بِهِ وَبِمَا يُخَافُ مِنْهُ والخَبِيثِ 5778 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ ذَكْوَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهْوَ فِى نَارِ جَهَنَّمَ، يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسَمُّهُ فِى يَدِهِ، يَتَحَسَّاهُ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِى يَدِهِ، يَجَأُ بِهَا فِى بَطْنِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا». طرفه 1365 - تحفة 12394 - 181/ 7 5779 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيرٍ أَبُو بَكْرٍ أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنِ اصْطَبَحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَةٍ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سَمٌّ وَلاَ سِحْرٌ». أطرافه 5445، 5768، 5769 - تحفة 3895 5778 - قوله: (في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا) وقد مر أن التخليدَ عندي راجعٌ إلى زمان قيام البرزخ، على نظير ما يُفعل بمن كان كذابًا، فيُشق شِدْقيه إلى يوم القيامةِ. 57 - باب أَلْبَانِ الأُتُنِ 5780 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىِّ عَنْ أَبِى ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِىِّ رضى الله عنه قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِى نَابٍ مِنَ السَّبُعِ. قَالَ الزُّهْرِىُّ وَلَمْ أَسْمَعْهُ حَتَّى أَتَيْتُ الشَّأْمَ. تحفة 11874 5781 - وَزَادَ اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ وَسَأَلْتُهُ هَلْ نَتَوَضَّأُ أَوْ نَشْرَبُ أَلْبَانَ الأُتُنِ أَوْ مَرَارَةَ السَّبُعِ أَوْ أَبْوَالَ الإِبِلِ. قَالَ قَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَتَدَاوَوْنَ بِهَا، فَلاَ يَرَوْنَ بِذَلِكَ بَأْسًا، فَأَمَّا أَلْبَانُ الأُتُنِ فَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ لُحُومِهَا، وَلَمْ يَبْلُغْنَا عَنْ أَلْبَانِهَا أَمْرٌ وَلاَ نَهْىٌ، وَأَمَّا مَرَارَةُ السَّبُعِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىُّ أَنَّ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِىَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِى نَابٍ مِنَ السَّبُعِ. تحفة 19399 ب، 11874

58 - باب إذا وقع الذباب فى الإناء

5781 - قوله: (أو مرارة السبع) وطريق التداوي بها أنهم كانوا يلفُّونَها حول الإِصبع إذا خرج فيها الدُّمَّل "انكل بير مين بته لبتيتتى هين". قوله: (قد كان المسلمون يتداوون بها) وهذا صريح في أنَّ شُرب الأبوال كان على طريق التداوي، لا بناءً على طهارتها، كما ذهب إليه مالك، وقد ذكرناه من قبلُ مبسوطًا. 58 - باب إِذَا وَقَعَ (¬1) الذُّبَابُ فِى الإِنَاءِ 5782 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ مَوْلَى بَنِى تَيْمٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ مَوْلَى بَنِى زُرَيْقٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِى إِنَاءِ أَحَدِكُمْ، فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ، ثُمَّ لْيَطْرَحْهُ، فَإِنَّ فِى أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً وَفِى الآخَرِ دَاءً». طرفه 3320 - تحفة 14126 وقد مر منا أن الغمسَ إنما هو إذا لم يكن الشيءُ حارًا، فإنَّه إذا كان حارًا شديدًا، كالشاء، فإنَّ الغمسَ لا يزيده إلا شرًا. وكذلك قد ذكرنا التفصيل فيما إذا طار من موضعٍ نجس، ووقع في الماء، فراجعه. ... ¬

_ (¬1) قال الخَطَّابي: فيه من الفقه أن أجسامَ الحيوان طاهرة، إلا ما دلت عليه السنة من الكلب، ولما ألحق به في معناه، وفيه دليل على أن ما لا نفس له سائلة إذا مات في الماء القليل، لم ينجسه. وذلك أن غمس الذبابِ في الإِناء قد يأتي عليه، فلو كان نجَّسَه إذا مات فيه، لم يأمره بذلك لما فيه من تنجيسِ الطعام، وتضييع المال، وهذا قول عامة العلماء، إلا أن الشافعي قد علق القولَ فيه، فقال في أحد قوليه: إن ذلك ينجسه؛ وقد روى عن يحيى بن أبي كثير أنه قال في العقرب يموت في الماء: إنها تنجَّسُه، وعامة أهل العلم على خلافه. وقد تكلم على هذا الحديث بعض من لا خلاق له، وقال: كيف يكون هذا! وكيف يجتمع الداء، والشفاء في جناحي الذبابة! وكيف تعلم ذلك من نفسها، حتى تقدمَ جناح الداء، وتؤخر جناح الشفاء، وما أربها إلى ذلك؟ قلتُ: وهذا سؤال جاهل، أو متجاهل، وأن الذي يجدُ نفسه ونفوس عامة الحيوان، قد جمع فيها بين الحرارة والبرودة، والرطوبة واليبوسة، وهي أشياء متضادة، إذا تلاقت تفاسدت، ثم يرى أن الله سبحانه قد ألف بينها، وقهرها على الاجتماع، وجعل منها قوى الحيوان التي بها بقاؤُها، وصلاحُها، لجدير أن لا ينكرَ اجتماع الداء والشفاء في جزأين من حيوان واحدٍ، وأن الذي ألهم النحلة أن تتخذ البيت العجيب الصنعة، وأن تعسل فيه، وألهم الذرة أن تكتسب قوتها، وتدخره لأوان حاجتها إليه، هو الذي خلق الذبابة، وجعل لها الهداية إلى أن تقدم جَناحًا، وتؤخر جناحًا، لما أراد من الابتلاء الذي هو مدرجة التعبد، والامتحان الذي هو مِضمَارُ التكليف، وفي كل شيء عبرة وحكمة، وما يذكر إلا أولو الألباب اهـ "معالم السنن".

77 - كتاب اللباس

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 77 - كتاب اللِّباس 1 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا، فِى غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلاَ مَخِيلَةٍ». وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كُلْ مَا شِئْتَ وَالْبَسْ مَا شِئْتَ، مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ. 182/ 7 5783 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ يُخْبِرُونَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَنْظُرُ اللهُ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ». أطرافه 3665، 5784، 5791، 6062 - تحفة 8358، 7227، 6726 قوله: (في غير إسراف، ولا مخيلة)، المخيلة ترجمته "ابنى جكه خيال كبر". قوله: (ما شئت) حرف «ما» للتوقيت. قوله: (ما أخطأتك اثنتان) أي ما دام أخطأتك اثنتان. 5783 - قوله: (من جرّ ثوبه خيلاء) وجرُّ الثوب ممنوعٌ عندنا مطلقًا، فهو إذن من أحكام اللباس، وقصرَ الشافعيةُ النهي على قيد المخيلة (¬1)، فإن كان الجرُّ بدون التكبر، فهو جائز، وإذن لا يكون الحديث من أحكام اللباس والأقرب ما ذهب إليه الحنفية، لأن الخُيَلاء ممنوع في نفسه، ولا اختصاص له بالجرِّ، وأما قوله صلى الله عليه وسلّم لأبي بكر: «إنك لست ممن يجر إزاره خيلاء»، ففيه تعليلٌ بأمر مناسب، وإن لم يكن مناطًا فعلة الإِباحة فيه عدمُ الاستمساكِ إلا بالتعهد، إلا أنه زاد عليه بأمر يفيد الإِباحة، ويؤكدها. ولعل المصنف أيضًا يوافقنا، فإنَّه أخرج الحديث في اللباس، وسؤال أبي بكر أيضًا يؤيد ما قلنا، فإنَّه يدلُّ على أنه حملَ النهي على العموم، ولو كان عنده قيدُ الخيلاء مناطًا للنهي، لما كان لسؤاله معنًى. والتعليل بأمر مناسب طريقٌ معهود. ولنا أن نقول أيضًا: إن جرّ الإِزار ¬

_ (¬1) قال الخَطَّابي: إنما نهى عن الإِسبال لما فيه من النخوة والكِبْر، ثم قال: وقد روينا أن أبا بكر استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يسقطُ من الإِزار، فرخص له في ذلك، وقال: "لست منهم"، وكان السبب في ذلك ما علمه من نقاء سِرِّه، وأنه لا يقصد به الخُيَلاء والكِبر، وكان رجلًا نحيفًا، قليل اللحم، وكان لا يستمسكُ إزاره إذا شدَّه على حَقوه، فإذا سقط إزارَه جرَّه، فرخص له رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وعَذَرَه اهـ. ص 195، وص 196 - ج 4، "معالم السنن". وراجع معه: ص 197 - ج 4 أيضًا.

2 - باب من جر إزاره من غير خيلاء

خيلاء ممنوعٌ لمن يتمسك إزاره، فليس المحطُّ الخيلاء فقط (¬1). 2 - باب مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ مِنْ غَيْرِ خُيَلاَءَ 5784 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَحَدَ شِقَّىْ إِزَارِى يَسْتَرْخِى، إِلَّا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَسْتَ مِمَّنْ يَصْنَعُهُ خُيَلاَءَ». أطرافه 3665، 5783، 5791، 6062 - تحفة 7026 5785 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ وَنَحْنُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ يَجُرُّ ثَوْبَهُ مُسْتَعْجِلًا، حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ وَثَابَ النَّاسُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَجُلِّىَ عَنْهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا وَقَالَ «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَصَلُّوا وَادْعُوا اللَّهَ حَتَّى يَكْشِفَهَا». أطرافه 1040، 1048، 1062، 1063 - تحفة 11661 3 - باب التَّشْمِيرِ فِي الثِّيَابِ 5786 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا ابْنُ شُمَيْلٍ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِى زَائِدَةَ أَخْبَرَنَا عَوْنُ بْنُ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ فَرَأَيْتُ بِلاَلًا جَاءَ بِعَنَزَةٍ فَرَكَزَهَا، ثُمَّ أَقَامَ الصَّلاَةَ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ فِى حُلَّةٍ مُشَمِّرًا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ إِلَى الْعَنَزَةِ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ وَرَاءِ الْعَنَزَةِ. أطرافه 187، 376، 495، 499، 501، 633، 634، 3553، 3566، 5859 تحفة 11816 - 183/ 7 وترجمته "ارسنا". 4 - باب مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ فَهْوَ فِى النَّارِ 5787 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِى النَّارِ». تحفة 12961 5 - باب مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلاَءِ 5788 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَنْظُرُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا». تحفة 13843 ¬

_ (¬1) ولا بعد أن يكون تعميمًا للثياب الجائزات، وإنما لطف التعميم للاستثناء فيها فيما بعد، وهو قوله: ما أخطأتك اثنتان: سرف، ومخيلة، فكأنه قال: إلبس ما شئت، مما أحل الله لك من الثياب، ما دمت تجتنب عن الإسراف، والمخيلة. قلت: وهذا يدلك ثانيًا على أن جر الإزار نفسه فيه مخيلة، والله تعالى أعلم بالصواب.

6 - باب الإزار المهدب

5789 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - أَوْ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِى فِى حُلَّةٍ، تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ، إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ، فَهْوَ يَتَجَلَّلُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». تحفة 14386 5790 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ، خُسِفَ بِهِ، فَهْوَ يَتَجَلَّلُ فِى الأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». تَابَعَهُ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَلَمْ يَرْفَعْهُ شُعَيْبٌ عَنِ أَبَي هُرَيْرَةَ. طرفه 3485 - تحفة 6868، 6998، 6858 حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ أَخْبَرَنَا أَبِى عَنْ عَمِّهِ جَرِيرِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَلَى بَابِ دَارِهِ فَقَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ. تحفة 12913 5791 - حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ لَقِيتُ مُحَارِبَ بْنَ دِثَارٍ عَلَى فَرَسٍ وَهْوَ يَأْتِى مَكَانَهُ الَّذِى يَقْضِى فِيهِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَحَدَّثَنِى فَقَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مَخِيلَةً، لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». فَقُلْتُ لِمُحَارِبٍ أَذَكَرَ إِزَارَهُ قَالَ مَا خَصَّ إِزَارًا وَلاَ قَمِيصًا. تَابَعَهُ جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَزَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ. وَتَابَعَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَقُدَامَةُ بْنُ مُوسَى عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ». أطرافه 3665، 5783، 5784، 6062 تحفة 7409، 6669، 6726، 6744، 8282، 7026، 6783، 6793 - 184/ 7 وفي الحديث الخامس من هذا الباب قصة مُحَارِب بن دِثَار، وهو قاضي المدينة، وروى عنه أحمد في «مسنده» أنه رأى ابن عمر يرفعُ يديه في صلاته، فسأله عنه، فقال له ابن عمر: إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلّم يفعله. قلتُ: فإنْ سلمنا أنَّ رفعَ اليدين كان هو السنة الشهيرة، ولم يكن فيهم من كان يتركه، فما معنى سؤال محارب إياه، وهو قاضي المدينة؟ بلى، فيه دليل على أن الرفعَ كان أمرًا غريبًا، حتى استغربه من كان قاضيًا في بلد الرسول صلى الله عليه وسلّم فافهم. 6 - باب الإِزَارِ الْمُهَدَّبِ وَيُذْكَرُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ مُحمَّدٍ، وَحَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيدٍ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ: أَنَّهُمْ لَبِسُوا ثِيَابًا مُهَدَّبَةً. 5792 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِىِّ رَسُولَ

7 - باب الأردية

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا جَالِسَةٌ وَعِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى كُنْتُ تَحْتَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِى فَبَتَّ طَلاَقِى، فَتَزَوَّجْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مَعَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلاَّ مِثْلُ هَذِهِ الْهُدْبَةِ. وَأَخَذَتْ هُدْبَةً مِنْ جِلْبَابِهَا، فَسَمِعَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ قَوْلَهَا وَهْوَ بِالْبَابِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، قَالَتْ فَقَالَ خَالِدٌ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلاَ تَنْهَى هَذِهِ عَمَّا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ وَاللَّهِ مَا يَزِيدُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى التَّبَسُّمِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِى إِلَى رِفَاعَةَ، لاَ، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِى عُسَيْلَتَهُ». فَصَارَ سُنَّةً بَعْدُ. أطرافه 2639، 5260، 5261، 5265، 5317، 5825، 6084 - تحفة 16476 "جها لردار لنكى" والشيءُ إذا انقطع رواجُه في الناس لا تكاد تدري حقيقته، كالليف، فإنَّه غير مستعملٍ في الحشو في ديارنا، فتحير في تحقيقه بعضهم. وحقيقته هذا درخت كهجور كيساتهه ايك جالى هوتى هى اوسى كوت كرتكيه مين بهرتى هين، وكذلك يُشكل الأمرُ عند تبدُّلِ الاصطلاح كالجيب، فإنَّه عند العرب بمعنى كريبان، وفي أهل الهند بمعنى اكليسة وكالخف، فإِنه عند العرب من الجلد، وترجمته في الفارسية موزه مع أنه في اصطلاحنا يكون من الكِرْبَاس، ولا يقطع فيه السفر، بل يستعمل لحفظِ الرجل من القرِّ والحر، والغبار والتراب، وغيرها. وكالقميص فإِنَّها عند العرب ثوب سابغ، يضربُ الكعبين، وفي ديارنا قصير جدًا، يضربُ الفخذين، ومن لا يدري الاصطلاحين يظنُّ أنَّ قميصَ صحابة النبي صلى الله عليه وسلّم أيضًا كان إلى الفخذين، ثم إنه قد ذكرنا التنبيهَ عن الشيخ ابن الهُمَام أن القميصَ ما يكون جيبُها على الصدر، والدِّرع ما يكون جيبها على الكتفين. ومن ههنا ظهر السر في أنَّ الفقهاء يذكرون في باب الجنائز القُمُصَ للرجالغ والدُّرُوع للنساء. 7 - باب الأَرْدِيَةِ وَقالَ أَنَسٌ: جَبَذَ أَعْرَابِيٌّ رِدَاءَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلّم. 5793 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عَلِىُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِىٍّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا - رضى الله عنه - قَالَ فَدَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِرِدَائِهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِى، وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ الَّذِى فِيهِ حَمْزَةُ، فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنُوا لَهُمْ. أطرافه 2089، 2375، 3091، 4003 - تحفة 10069 8 - باب لُبْسِ الْقَمِيصِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى حِكايَةً عَنْ يُوسُفَ: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا} [يوسف: 93].

9 - باب جيب القميص من عند الصدر وغيره

5794 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الْقَمِيصَ، وَلاَ السَّرَاوِيلَ، وَلاَ الْبُرْنُسَ، وَلاَ الْخُفَّيْنِ، إِلاَّ أَنْ لاَ يَجِدَ النَّعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْ مَا هُوَ أَسْفَلُ مِنَ الْكَعْبَيْنِ». أطرافه 134، 366، 1542، 1838، 1842، 5803، 5805، 5806، 5847، 5852 - تحفة 7535 - 185/ 7 5795 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ أَتَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ قَبْرَهُ، فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، وَوُضِعَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ، وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. أطرافه 1270، 1350، 3008 - تحفة 2531 5796 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا تُوُفِّىَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ جَاءَ ابْنُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِى قَمِيصَكَ أُكَفِّنْهُ فِيهِ، وَصَلِّ عَلَيْهِ، وَاسْتَغْفِرْ لَهُ، فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ، وَقَالَ «إِذَا فَرَغْتَ فَآذِنَّا». فَلَمَّا فَرَغَ آذَنَهُ، فَجَاءَ لِيُصَلِّىَ عَلَيْهِ، فَجَذَبَهُ عُمَرُ فَقَالَ أَلَيْسَ قَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تُصَلِّىَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80]. فَنَزَلَتْ {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] فَتَرَكَ الصَّلاَةَ عَلَيْهِمْ. أطرافه 1269، 4670، 4672 - تحفة 8139 9 - باب جَيْبِ الْقَمِيصِ مِنْ عِنْدِ الصَّدْرِ وَغَيْرِهِ 5797 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَثَلَ الْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدِّقِ، كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ، قَدِ اضْطُرَّتْ أَيْدِيهِمَا إِلَى ثُدِيِّهِمَا وَتَرَاقِيهِمَا، فَجَعَلَ الْمُتَصَدِّقُ كُلَّمَا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ انْبَسَطَتْ عَنْهُ حَتَّى تَغْشَى أَنَامِلَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ، وَجَعَلَ الْبَخِيلُ كُلَّمَا هَمَّ بِصَدَقَةٍ قَلَصَتْ، وَأَخَذَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ بِمَكَانِهَا. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا فِى جَيْبِهِ، فَلَوْ رَأَيْتَهُ يُوَسِّعُهَا وَلاَ تَتَوَسَّعُ. تَابَعَهُ ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ فِى الْجُبَّتَيْنِ. وَقَالَ حَنْظَلَةُ سَمِعْتُ طَاوُسًا سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ جُبَّتَانِ. وَقَالَ جَعْفَرٌ عَنِ الأَعْرَجِ جُبَّتَانِ. أطرافه 1443، 1444، 2917، 5299 - تحفة 13517، 13638، 13520، 13684 10 - باب مَنْ لَبِسَ جُبَّةً ضَيِّقَةَ الْكُمَّيْنِ فِي السَّفَرِ 5798 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو الضُّحَى قَالَ حَدَّثَنِى مَسْرُوقٌ قَالَ حَدَّثَنِى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَالَ انْطَلَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -

11 - باب لبس جبة الصوف في الغزو

لِحَاجَتِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ، فَتَلَقَّيْتُهُ بِمَاءٍ، فَتَوَضَّأَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَأْمِيَّةٌ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ، فَذَهَبَ يُخْرِجُ يَدَيْهِ مِنْ كُمَّيْهِ فَكَانَا ضَيِّقَيْنِ، فَأَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ الْجُبَّةِ، فَغَسَلَهُمَا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَعَلَى خُفَّيْهِ. أطرافه 182، 203، 206، 363، 388، 2918، 4421، 5799 تحفة 11528 - 186/ 7 11 - باب لُبْسِ جُبَّةِ الصُّوفِ فِي الْغَزْوِ 5799 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ فِى سَفَرٍ فَقَالَ «أَمَعَكَ مَاءٌ». قُلْتُ نَعَمْ. فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَمَشَى حَتَّى تَوَارَى عَنِّى فِى سَوَادِ اللَّيْلِ، ثُمَّ جَاءَ فَأَفْرَغْتُ عَلَيْهِ الإِدَاوَةَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُخْرِجَ ذِرَاعَيْهِ مِنْهَا حَتَّى أَخْرَجَهُمَا مِنْ أَسْفَلِ الْجُبَّةِ، فَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ أَهْوَيْتُ لأَنْزِعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ «دَعْهُمَا، فَإِنِّى أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ، فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا». أطرافه 182، 203، 206، 363، 388، 2918، 4421، 5798 - تحفة 11514 أخرج المصنفُ هذا الحديث قبله أيضًا، وترجم عليه باب من لبس جبة، ثم ترجم عليه من لبس جبة الصوف لزيادةِ الصوف عنده في هذا الطريق، وفيه دليلٌ على كون زيادة الثقة مقبولة عنده. 12 - باب الْقَبَاءِ وَفَرُّوجِ حَرِيرٍ وَهُوَ القَبَاءُ، وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي لَهُ شَقٌّ مِنْ خَلفِهِ. 5800 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَقْبِيَةً، وَلَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةَ شَيْئًا فَقَالَ مَخْرَمَةُ يَا بُنَىَّ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَقَالَ ادْخُلْ فَادْعُهُ لِى. قَالَ فَدَعَوْتُهُ لَهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْهَا فَقَالَ «خَبَأْتُ هَذَا لَكَ». قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ رَضِىَ مَخْرَمَةُ. أطرافه 2599، 2657، 3127، 5862، 6132 - تحفة 11268 5801 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ أُهْدِىَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرُّوجُ حَرِيرٍ، فَلَبِسَهُ، ثُمَّ صَلَّى فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا كَالْكَارِهِ لَهُ ثُمَّ قَالَ «لاَ يَنْبَغِى هَذَا لِلْمُتَّقِينَ». تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ عَنِ اللَّيْثِ، وَقَالَ غَيْرُهُ فَرُّوجٌ حَرِيرٌ. طرفه 375 - تحفة 9959 والقَبَاء ما كان مشقوقًا من الأمام، والفَرُّوج خلافُه. 5801 - قوله: (لا ينبغي هذا للمتقين) الكراهة لكونه من حرير، لا لكونه فَرُّوجًا.

13 - باب البرانس

13 - باب الْبَرَانِسِ 5802 - وَقَالَ لِى مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ رَأَيْتُ عَلَى أَنَسٍ بُرْنُسًا أَصْفَرَ مِنْ خَزٍّ. تحفة 884 - 187/ 7 5803 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَلْبَسُوا الْقُمُصَ، وَلاَ الْعَمَائِمَ، وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ، وَلاَ الْبَرَانِسَ، وَلاَ الْخِفَافَ، إِلاَّ أَحَدٌ لاَ يَجِدُ النَّعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، وَلاَ تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلاَ الْوَرْسُ». أطرافه 134، 366، 1542، 1838، 1842، 5794، 5805، 5806، 5847، 5852 - تحفة 8325 5802 - قوله: (برنسًا أخضر من خز) والخز غير الحرير، وهو وَبرَ حيوان يجلب من بلاد الروس، وإنما يكون ممنوعًا إذا خالطه الحرير، وهو المراد عند الفقهاء أما القزُّ فهو الأبْرَيْسم. 14 - باب السَّرَاوِيلِ 5804 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ». أطرافه 1740، 1841، 1843، 5853 - تحفة 5375 5805 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ إِذَا أَحْرَمْنَا. قَالَ «لاَ تَلْبَسُوا الْقَمِيصَ، وَالسَّرَاوِيلَ، وَالْعَمَائِمَ وَالْبَرَانِسَ، وَالْخِفَافَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ نَعْلاَنِ، فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، وَلاَ تَلْبَسُوا شَيْئًا مِنَ الثِّيَابِ مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلاَ وَرْسٌ». أطرافه 134، 366، 1542، 1838، 1842، 5794، 5803، 5806، 5847، 5852 تحفة 7634 15 - باب الْعَمَائِمِ 5806 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الْقَمِيصَ، وَلاَ الْعِمَامَةَ، وَلاَ السَّرَاوِيلَ، وَلاَ الْبُرْنُسَ، وَلاَ ثَوْبًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ، وَلاَ وَرْسٌ، وَلاَ الْخُفَّيْنِ، إِلاَّ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُمَا فَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ». أطرافه 134، 366، 1542، 1838، 1842، 5794، 5803، 5805، 5847، 5852 - تحفة 6817 قال الشيخ شمس الدين الجَزَري: تتبعت قدر عِمامة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فتبين من كلام الشيخ محيى الدين النووي أنها كانت على أنحاء: ثلاثة أذرع، وسبعة، واثنتي عشر، من الذِّراعِ الشرعي، وهو النِّصفُ من ذراعنا. وتلك الأخيرة كانت للعيدين.

16 - باب التقنع

16 - باب التَّقَنُّعِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: خَرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ عِصَابَةٌ دَسْمَاءُ. وَقَالَ أَنَسٌ: عَصَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَأْسِهِ حَاشِيَةَ بُرْدٍ. 5807 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَى رِسْلِكَ، فَإِنِّى أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِى». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَوَ تَرْجُوهُ بِأَبِى أَنْتَ قَالَ «نَعَمْ». فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لِصُحْبَتِهِ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَبَيْنَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ فِى بَيْتِنَا فِى نَحْرِ الظَّهِيرَةِ فَقَالَ قَائِلٌ لأَبِى بَكْرٍ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُقْبِلاً مُتَقَنِّعًا، فِى سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِدًا لَهُ بِأَبِى وَأُمِّى، وَاللَّهِ إِنْ جَاءَ بِهِ فِى هَذِهِ السَّاعَةِ إِلاَّ لأَمْرٍ. فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَأْذَنَ، فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ حِينَ دَخَلَ لأَبِى بَكْرٍ «أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ». قَالَ إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَإِنِّى قَدْ أُذِنَ لِى فِى الْخُرُوجِ». قَالَ فَالصُّحْبَةُ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «نَعَمْ». قَالَ فَخُذْ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَى رَاحِلَتَىَّ هَاتَيْنِ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بِالثَّمَنِ». قَالَتْ فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الْجِهَازِ، وَضَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِى جِرَابٍ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِى بَكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا، فَأَوْكَتْ بِهِ الْجِرَابَ، وَلِذَلِكَ كَانَتْ تُسَمَّى ذَاتَ النِّطَاقِ، ثُمَّ لَحِقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ ثَوْرٌ، فَمَكُثَ فِيهِ ثَلاَثَ لَيَالٍ يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ، وَهْوَ غُلاَمٌ شَابٌّ لَقِنٌ ثَقِفٌ، فَيَرْحَلُ مِنْ عِنْدِهِمَا سَحَرًا، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ، فَلاَ يَسْمَعُ أَمْرًا يُكَادَانِ بِهِ إِلاَّ وَعَاهُ، حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلاَمُ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ، فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ تَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ، فَيَبِيتَانِ فِى رِسْلِهَا حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ، يَفْعَلُ ذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِى الثَّلاَثِ. أطرافه 476، 2138، 2263، 2264، 2297، 3905، 4093، 6079 تحفة 16653 - 188/ 7 17 - باب الْمِغْفَرِ 5808 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ. أطرافه 1846، 3044، 4286 - تحفة 1527 18 - باب الْبُرُودِ وَالْحِبَرَةِ وَالشَّمْلَةِ وَقَالَ خَبَّابٌ: شَكَوْنَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ. 5809 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنْتُ أَمْشِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِىٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِىٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِى مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِى عِنْدَكَ. فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ ضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. طرفاه 3149، 6088 - تحفة 205 - 189/ 7 5810 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ بِبُرْدَةٍ - قَالَ سَهْلٌ هَلْ تَدْرِى مَا الْبُرْدَةُ قَالَ نَعَمْ هِىَ الشَّمْلَةُ، مَنْسُوجٌ فِى حَاشِيَتِهَا - قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى نَسَجْتُ هَذِهِ بِيَدِى أَكْسُوكَهَا. فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا لإِزَارُهُ، فَجَسَّهَا رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اكْسُنِيهَا. قَالَ «نَعَمْ». فَجَلَسَ مَا شَاءَ اللَّهُ فِى الْمَجْلِسِ، ثُمَّ رَجَعَ، فَطَوَاهَا ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ مَا أَحْسَنْتَ، سَأَلْتَهَا إِيَّاهُ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لاَ يَرُدُّ سَائِلاً. فَقَالَ الرَّجُلُ وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهَا إِلاَّ لِتَكُونَ كَفَنِى يَوْمَ أَمُوتُ. قَالَ سَهْلٌ فَكَانَتْ كَفَنَهُ. أطرافه 1277، 2093، 6036 - تحفة 4783 5811 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِى زُمْرَةٌ هِىَ سَبْعُونَ أَلْفًا، تُضِىءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ الْقَمَرِ». فَقَامَ عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الأَسَدِىُّ يَرْفَعُ نَمِرَةً عَلَيْهِ قَالَ ادْعُ اللَّهَ لِى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. فَقَالَ «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ». ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ «سَبَقَكَ عُكَاشَةُ». طرفه 6542 - تحفة 13159 5812 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قُلْتُ لَهُ أَىُّ الثِّيَابِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ الْحِبَرَةُ. طرفه 5813 - تحفة 1395 5813 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا مُعَاذٌ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضى الله عنه - قَالَ كَانَ أَحَبُّ الثِّيَابِ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَلْبَسَهَا الْحِبَرَةَ. طرفه 5812 - تحفة 1353 - 190/ 7 5814 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ تُوُفِّىَ سُجِّىَ بِبُرْدٍ حِبَرَةٍ. تحفة 17765 البرد: رداء من الكِبْرَاس، أو ثياب من اليمن، والحِبَرة أيضًا من اليمن، إلا أنها مخططة والشَّمْلة: رداء من صوف؛ والنَّمِرة: هي الشَّمْلة البَلْقاء.

19 - باب الأكسية والخمائص

5810 - قوله: (قال سهل: هل تدرون ما البردة؟ قال: نعم، هي الشملة) إلخ؛ قلت: وما ذكره الراوي يخالف اللغة. 19 - باب الأَكْسِيَةِ وَالْخَمَائِصِ 5815 و 5816 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضى الله عنهم قَالاَ لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهْوَ كَذَلِكَ «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا. حديث 5815 أطرافه 435، 1330، 1390، 3453، 4441، 4443 - تحفة 16310 حديث 5816 أطرافه 436، 3454، 4444 - تحفة 5842 5817 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى خَمِيصَةٍ لَهُ لَهَا أَعْلاَمٌ، فَنَظَرَ إِلَى أَعْلاَمِهَا نَظْرَةً، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ «اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِى هَذِهِ إِلَى أَبِى جَهْمٍ، فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِى آنِفًا عَنْ صَلاَتِى، وَائْتُونِى بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِى جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ غَانِمٍ مِنْ بَنِى عَدِىِّ بْنِ كَعْبٍ». طرفاه 373، 752 - تحفة 16403 5818 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ قَالَ أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا عَائِشَةُ كِسَاءً وَإِزَارًا غَلِيظًا فَقَالَتْ قُبِضَ رُوحُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى هَذَيْنِ. طرفه 3108 - تحفة 17693 الكساء: رداء من صوف، وهي الخَميصة إذا كانت خمسة أذرع. وتُنسب تارةً إلى بني حُرَيث، فيقال لها: خميصة حُرَيثية. 20 - باب اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ 5819 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ خُبَيْبٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْمُلاَمَسَةِ، وَالْمُنَابَذَةِ، وَعَنْ صَلاَتَيْنِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ، وَأَنْ يَحْتَبِىَ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ، لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَىْءٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ، وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ. أطرافه 368، 584، 588، 1993، 2145، 2146، 5821 - تحفة 12265 5820 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ لِبْسَتَيْنِ وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ، نَهَى عَنِ الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ فِى الْبَيْعِ، وَالْمُلاَمَسَةُ لَمْسُ الرَّجُلِ ثَوْبَ الآخَرِ بِيَدِهِ بِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَارِ، وَلاَ يُقَلِّبُهُ إِلاَّ بِذَلِكَ، وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَنْبِذَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ بِثَوْبِهِ، وَيَنْبِذَ الآخَرُ ثَوْبَهُ، وَيَكُونَ ذَلِكَ بَيْعَهُمَا، عَنْ غَيْرِ نَظَرٍ وَلاَ تَرَاضٍ، وَاللِّبْسَتَيْنِ اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ،

21 - باب الاحتباء في ثوب واحد

وَالصَّمَّاءُ أَنْ يَجْعَلَ ثَوْبَهُ عَلَى أَحَدِ عَاتِقَيْهِ، فَيَبْدُو أَحَدُ شِقَّيْهِ لَيْسَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ، وَاللِّبْسَةُ الأُخْرَى احْتِبَاؤُهُ بِثَوْبِهِ وَهْوَ جَالِسٌ، لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَىْءٌ. أطرافه 367، 1991، 2144، 2147، 5822، 6284 - تحفة 4087 - 191/ 7 21 - باب الاِحْتِبَاءِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ 5821 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ لِبْسَتَيْنِ أَنْ يَحْتَبِىَ الرَّجُلُ فِى الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَىْءٌ، وَأَنْ يَشْتَمِلَ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ، لَيْسَ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ، وَعَنِ الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ. أطرافه 368، 584، 588، 1993، 2145، 2146، 5819 - تحفة 13822 5822 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنِى مَخْلَدٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ، وَأَنْ يَحْتَبِىَ الرَّجُلُ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ، لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَىْءٌ. أطرافه 367، 1991، 2144، 2147، 5820، 6284 - تحفة 4140 22 - باب الْخَمِيصَةِ السَّوْدَاءِ 5823 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ سَعِيدِ بْنِ فُلاَنٍ - هُوَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ - عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ صَغِيرَةٌ فَقَالَ «مَنْ تَرَوْنَ نَكْسُو هَذِهِ». فَسَكَتَ الْقَوْمُ قَالَ «ائْتُونِى بِأُمِّ خَالِدٍ». فَأُتِىَ بِهَا تُحْمَلُ فَأَخَذَ الْخَمِيصَةَ بِيَدِهِ فَأَلْبَسَهَا وَقَالَ «أَبْلِى وَأَخْلِقِى». وَكَانَ فِيهَا عَلَمٌ أَخْضَرُ أَوْ أَصْفَرُ فَقَالَ «يَا أُمَّ خَالِدٍ هَذَا سَنَاهْ». وَسَنَاهْ بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنٌ. أطرافه 3071، 3874، 5845، 5993 - تحفة 15779 5824 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا وَلَدَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ قَالَتْ لِى يَا أَنَسُ انْظُرْ هَذَا الْغُلاَمَ فَلاَ يُصِيبَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَغْدُوَ بِهِ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يُحَنِّكُهُ. فَغَدَوْتُ بِهِ، فَإِذَا هُوَ فِى حَائِطٍ وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ حُرَيْثِيَّةٌ، وَهْوَ يَسِمُ الظَّهْرَ الَّذِى قَدِمَ عَلَيْهِ فِى الْفَتْحِ. طرفاه 1502، 5542 - تحفة 1459 23 - باب ثِيَابِ الْخُضْرِ 5825 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ الْقُرَظِىُّ، قَالَتْ عَائِشَةُ وَعَلَيْهَا خِمَارٌ أَخْضَرُ. فَشَكَتْ إِلَيْهَا، وَأَرَتْهَا خُضْرَةً بِجِلْدِهَا، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنِّسَاءُ يَنْصُرُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا قَالَتْ عَائِشَةُ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَا يَلْقَى الْمُؤْمِنَاتُ، لَجِلْدُهَا أَشَدُّ خُضْرَةً مِنْ ثَوْبِهَا. قَالَ وَسَمِعَ أَنَّهَا قَدْ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَ وَمَعَهُ ابْنَانِ لَهُ مِنْ غَيْرِهَا. قَالَتْ وَاللَّهِ مَا لِى إِلَيْهِ مِنْ ذَنْبٍ، إِلاَّ أَنَّ مَا مَعَهُ لَيْسَ بِأَغْنَى عَنِّى مِنْ هَذِهِ. وَأَخَذَتْ هُدْبَةً مِنْ ثَوْبِهَا،

24 - باب الثياب البيض

فَقَالَ كَذَبَتْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى لأَنْفُضُهَا نَفْضَ الأَدِيمِ، وَلَكِنَّهَا نَاشِزٌ تُرِيدُ رِفَاعَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ تَحِلِّى لَهُ - أَوْ لَمْ تَصْلُحِى لَهُ - حَتَّى يَذُوقَ مِنْ عُسَيْلَتِكِ». قَالَ وَأَبْصَرَ مَعَهُ ابْنَيْنِ فَقَالَ «بَنُوكَ هَؤُلاَءِ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «هَذَا الَّذِى تَزْعُمِينَ مَا تَزْعُمِينَ، فَوَاللَّهِ لَهُمْ أَشْبَهُ بِهِ مِنَ الْغُرَابِ بِالْغُرَابِ». أطرافه 2639، 5260، 5261، 5265، 5317، 5792، 6084 تحفة 17402، 19102 ب 24 - باب الثِّيَابِ الْبِيضِ 5826 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِىُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ قَالَ رَأَيْتُ بِشِمَالِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَبِيَمِينِهِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ يَوْمَ أُحُدٍ، مَا رَأَيْتُهُمَا قَبْلُ وَلاَ بَعْدُ. طرفه 4054 - تحفة 3843 5827 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا الأَسْوَدِ الدِّيلِىَّ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ أَبْيَضُ وَهْوَ نَائِمٌ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَقَدِ اسْتَيْقَظَ فَقَالَ «مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ. ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ». قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ». قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ». قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِى ذَرٍّ». وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا قَالَ وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِى ذَرٍّ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ قَبْلَهُ، إِذَا تَابَ وَنَدِمَ وَقَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ. غُفِرَ لَهُ. أطرافه 1237، 1408، 2388، 3222، 6268، 6443، 6444، 7487 تحفة 11930 - 193/ 7 5827 - قوله: (وعليه ثوب أبيض، وهو نائم) ... إلخ؛ قلتُ: ولعل قوله: «وهو نائم»، وَهَمٌ من الراوي، وليس في عامة حديث أبي ذر. وهذا الحديث أخرجه المصنف في كتاب الرقاق أيضًا، وتكلم الشارحون هناك أنه حديث أبي الدرداء، أو حديث أبي ذر، وقد روى الحديث عنها على معنًى واحد، ثم رجع أنه حديث أبي ذر. قوله: (قال أبو عبد الله: هذا عند الموت، أو قبله إذا تاب، وندم، وقال: لا إله إلا الله غفر له ما كان قبله) (¬1)، وهذا يدل على أنَّ الزنا، والسرقة في قوله: «وإن زنى، ¬

_ (¬1) قلت: ويخطر ببالي أن الشرع جعلَ نفس الجرِّ مخيلة، فإن الذين يجرون ثيابهم لا يجرون إلا تكبرًا وفخرًا، وكذلك جربنا في زماننا أيضًا، وإن لم يكن في زماننا كذلك، فإنه قد كان في العرب، وقد كان وإذن هو من باب إقامةِ السببِ مُقام المُسبب، كالنوم، فإنه ليس بحدث، ولكنه سببٌ لاسترخاء المفاصل، وأنه لا يخلو عن خروج شيء منه غالبًا، فأقيم النومُ الذي هو سبب مُقام الحدث. وكالسفر، فإنَّه أيضًا أنيب مناب المشقة، وكالمباشرة الفاحشة، فإنَّها سببٌ لخروج شيء عادة، فأُدير الحكم على المباشرة، فهكذا جر الثوب، فإنَّ سبَبه المخيلة، وهي أمر خفي يتعسر إدراكها، كالمشقة في باب السفر، والحدث في النوم، وخروج شيء في المباشرة الفاحشة، فأدير الحكمُ على جرِّ الثوب. =

25 - باب لبس الحرير وافتراشه للرجال، وقدر ما يجوز منه

وإن سرق»، ماضيان عنده ومعناه، وإن كان زنى، وسرق فيما مضى، وليس معناه أنه يدخل الجنة، وإن استمر على زناه، وسرقته. 25 - باب لُبْسِ الْحَرِيرِ وَافْتِرَاشِهِ لِلرِّجَالِ، وَقَدْرِ مَا يَجُوزُ مِنْهُ 5828 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِىَّ أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ وَنَحْنُ مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ بِأَذْرَبِيجَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْحَرِيرِ، إِلَّا هَكَذَا، وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ اللَّتَيْنِ تَلِيَانِ الإِبْهَامَ قَالَ فِيمَا عَلِمْنَا أَنَّهُ يَعْنِى الأَعْلاَمَ. أطرافه 5829، 5830، 5834، 5835 - تحفة 10597 5829 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَانَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إِلَّا هَكَذَا، وَصَفَّ لَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِصْبَعَيْهِ. وَرَفَعَ زُهَيْرٌ الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةَ. أطرافه 5828، 5830، 5834، 5835 - تحفة 10597 5830 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ كُنَّا مَعَ عُتْبَةَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يُلْبَسُ الْحَرِيرُ فِى الدُّنْيَا، لَمْ يُلْبَسْ مِنْهُ شَيءٌ فِى الآخِرَةِ». أطرافه 5828، 5829، 5834، 5835 - تحفة 10597 حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، وَأَشَارَ أَبُو عُثْمَانَ بِإِصْبَعَيْهِ الْمُسَبِّحَةِ وَالْوُسْطَى. تحفة 10597 5831 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى قَالَ كَانَ حُذَيْفَةُ بِالْمَدَايِنِ فَاسْتَسْقَى، فَأَتَاهُ دِهْقَانٌ بِمَاءٍ فِى إِنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ فَرَمَاهُ بِهِ وَقَالَ إِنِّى لَمْ أَرْمِهِ إِلَّا أَنِّى نَهَيْتُهُ فَلَمْ يَنْتَهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالْحَرِيرُ وَالدِّيبَاجُ هِىَ لَهُمْ فِى الدُّنْيَا، وَلَكُمْ فِى الآخِرَةِ». أطرافه 5426، 5632، 5633، 5837 - تحفة 3373 5832 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - قَالَ شُعْبَةُ فَقُلْتُ أَعَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ شَدِيدًا عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِى الدُّنْيَا فَلَنْ يَلْبَسَهُ فِى الآخِرَةِ». تحفة 1031 5833 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ ¬

_ = على أنا قد جربنا أنَّ للظاهر تأثيرًا في الباطن، ومن هذا الباب تحسين الأسماء، فمن جرَّ ثوبه لا يأمنُ أن يسريَ الكِبرُ إلى باطنه، ألا ترى أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "اجعلوا أزركم على أنصاف سيقانكم، فإن أبيتم فلا حق لكم في الكعبين" -بالمعنى- فدل على أن الحديثَ من أحكام اللباس، وأنه لا حق لنا فيما دون الكعبين. وهذا التعبير يُشعر بنفي التخصيص بالمخيلة، وغيرها. وأوضح منه أنه لم يرخص للنساء في إرخاء ذيولهن، فوق شبر، مع شدة احتياجهن إليه، وسؤالهن عنه، ولم يفصل لهن بالمخيلة، أو غيرها.

الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ يَقُولُ قَالَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِى الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِى الآخِرَةِ». تحفة 5257 - 194/ 7 5834 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى ذُبْيَانَ خَلِيفَةَ بْنِ كَعْبٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِى الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِى الآخِرَةِ». وَقَالَ لَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ يَزِيدَ قَالَتْ مُعَاذَةُ أَخْبَرَتْنِى أُمُّ عَمْرٍو بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ سَمِعَ عُمَرَ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 5828، 5829، 5830، 5835 - تحفة 10483 5835 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الْحَرِيرِ فَقَالَتِ ائْتِ ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَلْهُ. قَالَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ سَلِ ابْنَ عُمَرَ. قَالَ فَسَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو حَفْصٍ - يَعْنِى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِى الدُّنْيَا مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ فِى الآخِرَةِ». فَقُلْتُ صَدَقَ وَمَا كَذَبَ أَبُو حَفْصٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا حَرْبٌ عَنْ يَحْيَى حَدَّثَنِى عِمْرَانُ. وَقَصَّ الْحَدِيثَ. أطرافه 5828، 5829، 5830، 5834 - تحفة 10548 وفصل الحنفية في الحرير شيئًا، فجعلوا الحرام هو اللبس (¬1). 5828 - قوله: (وأشار بإِصبعيه) وعند مسلم (¬2): إجازة إلى أربع، وعليه ينفى الاعتماد، وهو حكم الذهب المقطع ذرى، ثم هذا المقدار في العَرْض، وأما في الطول فيجوز مطلقًا. هذا في الأعلام الكبيرة، أما إذا كانت صغيرة متباعدة، فلا بأس بها، وإن كانت متقاربة، بحيث تُرى للناظر من بعيد، كأنها متصلة، لم تجز. 5832 - قوله: (فلن يلبسه في الآخرة) ومن مثل هذا الحديث أخذ من أخذ أن ¬

_ (¬1) قلت: وفي تقرير آخر أنَّ قولَ البخاري يدل على أن الحديث عنده في الكافر إذا مات على الكلمة، أو في المسلم إذا تاب وندمَ عند الموت؛ قلت: والتنبيهان يجتمعان. وما ذكرت أولًا أهمُّ وأفيد، والله تعالى أعلم بالصواب. (¬2) قلت: وفي "الكنز" وحل توسُّدُه، وافتراشه، ولبس ما سَدَاه حرير، ولُحمته قطن، أو خز، وعكسه حل في الحرب فقط، وكره إلباس ذهب، وحرير صبيًا، ولا الخرقة لوضوء ومخاط والرتم: هو خيطٌ يُعقد على الأصابع للتذكر. وفي الهامش، وفي "الجامع الصغير": يُكره حمل الخرقة التي يمسح بها العرق، لأنها بدعةٌ محدثة، وتشبه زي الأعاجم، والأول هو الأصح اهـ قلت: والتعليل يُشعر بأن الكراهة لمعنى آخر، لا لكونها من الحرير. قلت: فعند مسلم عن سُويد بن غَفَلة أن عمر بن الخطاب خطب بالجابية، فقال: "نهى نبي الله صلى عليه وسلم عن لُبس الحرير، إلا موضع إصبعين، أو ثلاث، أو أربع"، اهـ. قال النووي: وقد قدمنا أن الثقة إذا انفرد برفع ما وقفه الأكثرون كان الحكم لروايته، وحكم بأنه مرفوعٌ على الصحيح الذي عليه الفقهاء، والأصوليون، ومحققو المحدثين، وهذا من ذاك: ص 192 - ج 2.

26 - باب مس الحرير من غير لبس

لابس الحرير في الدنيا لا يلبسه في الجنة أيضًا، ولا ريب أنه كلام يغرى بالقلب. قوله: (فقلت: أعن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فقال - شديدًا: عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم) أي غضبَ على هذا السؤال، وقال بالشدة، ورفع الصوت: «عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم». 26 - باب مَسِّ الْحَرِيرِ مِنْ غَيْرِ لُبْسٍ وَيُرْوَى فِيهِ عَنِ الزُّبَيدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلّم. تحفة 1533 5836 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ أُهْدِىَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثَوْبُ حَرِيرٍ، فَجَعَلْنَا نَلْمُسُهُ، وَنَتَعَجَّبُ مِنْهُ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَتَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا». قُلْنَا نَعَمْ. قَالَ «مَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِى الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ هَذَا». أطرافه 3249، 3802، 6640 - تحفة 1810 27 - باب افْتِرَاشِ الْحَرِيرِ وَقَالَ عَبِيدَةُ: هُوَ كَلُبْسِهِ. تحفة 18998 أ 5837 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَانَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نَشْرَبَ فِى آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَأَنْ نَأْكُلَ فِيهَا، وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ، وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ. أطرافه 5426، 5632، 5633، 5831 - تحفة 3373 28 - باب لُبْسِ الْقَسِّيِّ وَقالَ عاصِمٌ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قالَ: قُلتُ لِعَلِيٍّ: ما القَسِّيَّةُ؟ قالَ: ثِيَابٌ أَتَتْنَا مِنَ الشَّأْمِ، أَوْ مِنْ مِصْرَ، مُضَلَّعَةٌ فِيهَا حَرِيرٌ فِيهَا أَمْثَالُ اْلأَتْرُجِّ، وَالمِيثَرَةُ: كانَتِ النِّسَاءُ تَصْنَعُهُ لِبُعُولَتِهِنَّ، مِثْلَ القَطَائِفِ يُصَفِّرْنَهَا. وَقالَ جَرِيرٌ: عَنْ يَزِيدَ في حَدِيثِهِ: القَسِّيَّةُ: ثِيَابٌ مُضَلَّعَةٌ يُجَاءُ بِهَا مِنْ مِصْرَ فِيهَا الحَرِيرُ، وَالمِيثَرَةُ: جُلُودُ السِّبَاعِ. قالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: عاصِمٌ أَكْثَرُ وَأَصَحُّ في المِيثَرَةِ. تحفة 10318، 6691 ل - 195/ 7 5838 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِى الشَّعْثَاءِ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ ابْنِ عَازِبٍ قَالَ نَهَانَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْمَيَاثِرِ الْحُمْرِ وَالْقَسِّىِّ. أطرافه 1239، 2445، 5175، 5635، 5650، 5849، 5863، 6222، 6235، 6654 - تحفة 1916 القس: قرية بمصر. قوله: (مضلعة) "جورى دهارى دار أور اوسبر ترنج كى نقش". قوله: (أمثال القطائف) - "وه كبرا جسمين بهراؤ هو اورسينى سنى شكن بركئى هون".

29 - باب ما يرخص للرجال من الحرير للحكة

قوله: (والميثرة) وهي في اللغة: ما يُحشى بهنَّ الثياب "بهراؤكى جيز". كانت النساء يصنعنَ عليه الأعلام، ثم يصفرنها. وما في الرواية: «المِيثرة: جلود السباع»، فليس بصحيح، ثم اختُلف في علة النهي عنها، قيل: إن المياثر كان لونها أرجوانية، فنهي لأجل اللون، وقيل: إنها كانت من الجرير، فالنهي لكونها من الحرير. قوله: (وقال جرير عن يزيد) ... إلخ، ويزيد الراوي هذا هو الذي يَروي ترك الرفع. قيل: إنه من رواة التعليقات دون المسانيد. قلت: فهل يجوز التعليق عن الكذابين، وإلا فما الفائدة في هذا الاعتذار. قوله: (عاصم أكثر) وهذا أيضًا يروى الترك. وحاصلُ كلام المصنف أنَّ النهيَ عن المياثر ليس لأجل الحرير، بل لأجل اللون (¬1). 29 - باب مَا يُرَخَّصُ لِلرِّجَالِ مِنَ الْحَرِيرِ لِلْحِكَّةِ 5839 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ رَخَّصَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ فِى لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحِكَّةٍ بِهِمَا. أطرافه 2919، 2920، 2921، 2922 - تحفة 1264 30 - باب الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ 5840 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ح وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ كَسَانِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حُلَّةً سِيَرَاءَ، فَخَرَجْتُ فِيهَا، فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِى وَجْهِهِ، فَشَقَّقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِى. طرفاه 2614، 5366 - تحفة 10099 5841 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِى جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ - رضى الله عنه - رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ تُبَاعُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ ابْتَعْتَهَا، تَلْبَسُهَا لِلْوَفْدِ إِذَا أَتَوْكَ وَالْجُمُعَةِ. قَالَ «إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ». وَأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ حُلَّةَ سِيَرَاءَ حَرِيرٍ، كَسَاهَا إِيَّاهُ فَقَالَ عُمَرُ كَسَوْتَنِيهَا وَقَدْ سَمِعْتُكَ تَقُولُ فِيهَا مَا قُلْتَ فَقَالَ «إِنَّمَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ لِتَبِيعَهَا أَوْ تَكْسُوَهَا». أطرافه 886، 948، 2104، 2612، 2619، 3054، 5981، 6081 - تحفة 7633 5842 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ رَأَى عَلَى أُمِّ كُلْثُومٍ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بُرْدَ حَرِيرٍ سِيَرَاءَ. تحفة 1494 - 196/ 7 ¬

_ (¬1) يقول الجامع: قال الخَطَّابي: وقد ورد فيه النهي لما في ذلك من السَّرفَ، وليست من لباس الرجال، وإنما سميت به المراكب مياثر لوثارَتِها، ولبنها، وكانت من مراكب الحجم اهـ ص 191 - ج 4 "معالم السنن".

31 - باب ما كان النبى - صلى الله عليه وسلم - يتجوز من اللباس والبسط

31 - باب مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَجَوَّزُ مِنَ اللِّبَاسِ وَالْبُسْطِ 5843 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَبِثْتُ سَنَةً وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَظَاهَرَتَا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَعَلْتُ أَهَابُهُ، فَنَزَلَ يَوْمًا مَنْزِلاً فَدَخَلَ الأَرَاكَ، فَلَمَّا خَرَجَ سَأَلْتُهُ فَقَالَ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ - ثُمَّ قَالَ - كُنَّا فِى الْجَاهِلِيَّةِ لاَ نَعُدُّ النِّسَاءَ شَيْئًا، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ وَذَكَرَهُنَّ اللَّهُ، رَأَيْنَا لَهُنَّ بِذَلِكَ عَلَيْنَا حَقًّا، مِنْ غَيْرِ أَنْ نُدْخِلَهُنَّ فِى شَىْءٍ مِنْ أُمُورِنَا، وَكَانَ بَيْنِى وَبَيْنَ امْرَأَتِى كَلاَمٌ فَأَغْلَظَتْ لِى فَقُلْتُ لَهَا وَإِنَّكِ لَهُنَاكِ. قَالَتْ تَقُولُ هَذَا لِى وَابْنَتُكَ تُؤْذِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَيْتُ حَفْصَةَ فَقُلْتُ لَهَا إِنِّى أُحَذِّرُكِ أَنْ تَعْصِى اللَّهَ وَرَسُولَهُ. وَتَقَدَّمْتُ إِلَيْهَا فِى أَذَاهُ، فَأَتَيْتُ أُمَّ سَلَمَةَ فَقُلْتُ لَهَا. فَقَالَتْ أَعْجَبُ مِنْكَ يَا عُمَرُ قَدْ دَخَلْتَ فِى أُمُورِنَا، فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَنْ تَدْخُلَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَزْوَاجِهِ، فَرَدَّدَتْ، وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِذَا غَابَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَشَهِدْتُهُ أَتَيْتُهُ بِمَا يَكُونُ، وَإِذَا غِبْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَشَهِدَ أَتَانِى بِمَا يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ مَنْ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدِ اسْتَقَامَ لَهُ، فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَلِكُ غَسَّانَ بِالشَّأْمِ، كُنَّا نَخَافُ أَنْ يَأْتِيَنَا، فَمَا شَعَرْتُ إِلاَّ بِالأَنْصَارِىِّ وَهْوَ يَقُولُ إِنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ. قُلْتُ لَهُ وَمَا هُوَ أَجَاءَ الْغَسَّانِىُّ قَالَ أَعْظَمُ مِنْ ذَاكَ، طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نِسَاءَهُ. فَجِئْتُ فَإِذَا الْبُكَاءُ مِنْ حُجَرِهَا كُلِّهَا، وَإِذَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ صَعِدَ فِى مَشْرُبَةٍ لَهُ، وَعَلَى بَابِ الْمَشْرُبَةِ وَصِيفٌ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ اسْتَأْذِنْ لِى. فَدَخَلْتُ فَإِذَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى حَصِيرٍ قَدْ أَثَّرَ فِى جَنْبِهِ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ مِرْفَقَةٌ مِنْ أَدَمٍ، حَشْوُهَا لِيفٌ، وَإِذَا أُهُبٌ مُعَلَّقَةٌ وَقَرَظٌ، فَذَكَرْتُ الَّذِى قُلْتُ لِحَفْصَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَالَّذِى رَدَّتْ عَلَىَّ أُمُّ سَلَمَةَ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَبِثَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ نَزَلَ. أطرافه 89، 2468، 4913، 4914، 4915، 5191، 5218، 7256، 7263 تحفة 10512 - 197/ 7 5844 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَتْنِى هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتِ اسْتَيْقَظَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ اللَّيْلِ وَهْوَ يَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الْفِتْنَةِ، مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْخَزَائِنِ، مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ، كَمْ مِنْ كَاسِيَةٍ فِى الدُّنْيَا عَارِيَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». قَالَ الزُّهْرِىُّ وَكَانَتْ هِنْدٌ لَهَا أَزْرَارٌ فِى كُمَّيْهَا بَيْنَ أَصَابِعِهَا. أطرافه 115، 1126، 3599، 6218، 7069 - تحفة 18290 5844 - قوله: (وكانت هند لها أزرار في كميها بين أصابعها) "يعنى اسى عورت نى انكليون كى درميان كهنديان لكادى تهين تاكه صرف انكليان ننكى هون اور بقيه مستور رهى".

32 - باب ما يدعى لمن لبس ثوبا جديدا

32 - باب مَا يُدْعَى لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا 5845 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَتْنِى أُمُّ خَالِدٍ بِنْتُ خَالِدٍ قَالَتْ أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ قَالَ «مَنْ تَرَوْنَ نَكْسُوهَا هَذِهِ الْخَمِيصَةَ». فَأُسْكِتَ الْقَوْمُ. قَالَ «ائْتُونِى بِأُمِّ خَالِدٍ». فَأُتِىَ بِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَلْبَسَهَا بِيَدِهِ وَقَالَ «أَبْلِى وَأَخْلِقِى». مَرَّتَيْنِ فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَلَمِ الْخَمِيصَةِ، وَيُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَىَّ وَيَقُولُ «يَا أُمَّ خَالِدٍ هَذَا سَنَا». وَالسَّنَا بِلِسَانِ الْحَبَشِيَّةِ الْحَسَنُ. قَالَ إِسْحَاقُ حَدَّثَتْنِى امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِى أَنَّهَا رَأَتْهُ عَلَى أُمِّ خَالِدٍ. أطرافه 3071، 3874، 5823، 5993 - تحفة 15779 33 - باب التَّزَعْفُرِ لِلرِّجَالِ 5846 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ. تحفة 1056 34 - باب الثَّوْبِ الْمُزَعْفَرِ 5847 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِوَرْسٍ أَوْ بِزَعْفَرَانٍ. أطرافه 134، 366، 1542، 1838، 1842، 5794، 5803، 5805، 5806، 5852 - تحفة 7160 35 - باب الثَّوْبِ الأَحْمَرِ 5848 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ سَمِعَ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَرْبُوعًا، وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِى حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْهُ. طرفاه 3551، 5901 - تحفة 1869 36 - باب الْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ 5849 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ أَمَرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعٍ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَنَهَانَا عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالْقَسِّىِّ، وَالإِسْتَبْرَقِ، وَمَيَاثِرِ الْحُمْرِ. أطرافه 1239، 2445، 5175، 5635، 5650، 5838، 5863، 6222، 6235، 6654 تحفة 1916 - 198/ 7 37 - باب النِّعَالِ السِّبْتِيَّةِ وَغَيْرِهَا 5850 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ سَعِيدٍ أَبِى مَسْلَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا أَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِى نَعْلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. طرفه 386 - تحفة 866

38 - باب يبدأ بالنعل اليمنى

5851 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا. قَالَ مَا هِىَ يَا ابْنَ جُرَيْجٍ قَالَ رَأَيْتُكَ لاَ تَمَسُّ مِنَ الأَرْكَانِ إِلاَّ الْيَمَانِيَيْنِ، وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ، وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْهِلاَلَ، وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى كَانَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَمَّا الأَرْكَانُ فَإِنِّى لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمَسُّ إِلاَّ الْيَمَانِيَيْنِ، وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ فَإِنِّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِى لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا، وَأَمَّا الصُّفْرَةُ فَإِنِّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصْبُغُ بِهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا وَأَمَّا الإِهْلاَلُ فَإِنِّى لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ. أطرافه 166، 1514، 1552، 1609، 2865 - تحفة 7316 5852 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِزَعْفَرَانٍ أَوْ وَرْسٍ، وَقَالَ «مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ». أطرافه 134، 366، 1542، 1838، 1842، 5794، 5803، 5805، 5806، 5847 - تحفة 7226 5853 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِزَارٌ فَلْيَلْبَسِ السَّرَاوِيلَ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَعْلاَنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ». أطرافه 1740، 1841، 1843، 5804 - تحفة 5375 38 - باب يَبْدَأُ بِالنَّعْلِ الْيُمْنَى 5854 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ سَمِعْتُ أَبِى يُحَدِّثُ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِى طُهُورِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَتَنَعُّلِهِ. أطرافه 168، 426، 5380، 5926 - تحفة 17657 - 199/ 7 39 - باب يَنْزِعُ نَعْلَ الْيُسْرَى 5855 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيَمِينِ وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ، لِتَكُنِ الْيُمْنَى أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ». تحفة 13800 40 - باب لاَ يَمْشِي فِى نَعْلٍ وَاحِدٍ 5856 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَمْشِى أَحَدُكُمْ فِى نَعْلٍ وَاحِدَةٍ لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا، أَوْ لِيَنْعَلْهُمَا جَمِيعًا». تحفة 13814

41 - باب قبالان فى نعل ومن رأى قبالا واحدا واسعا

41 - باب قِبَالاَنِ فِى نَعْلٍ وَمَنْ رَأَى قِبَالاً وَاحِدًا وَاسِعًا 5857 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ - رضى الله عنه - أَنَّ نَعْلَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لَهَا قِبَالاَنِ. طرفاه 3107، 5858 - تحفة 1392 5858 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ قَالَ خَرَجَ إِلَيْنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ بِنَعْلَيْنِ لَهُمَا قِبَالاَنِ، فَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِىُّ هَذِهِ نَعْلُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 3107، 5857 - تحفة 460، 1123 42 - باب الْقُبَّةِ الْحَمْرَاءِ مِنْ أَدَمٍ 5859 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَرُ بْنُ أَبِى زَائِدَةَ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِى قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ، وَرَأَيْتُ بِلاَلاً أَخَذَ وَضُوءَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسُ يَبْتَدِرُونَ الْوَضُوءَ، فَمَنْ أَصَابَ مِنْهُ شَيْئًا تَمَسَّحَ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا أَخَذَ مِنْ بَلَلِ يَدِ صَاحِبِهِ. أطرافه 187، 376، 495، 499، 501، 633، 634، 3553، 3566، 5786 تحفة 11816 5860 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ح وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَرْسَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الأَنْصَارِ، وَجَمَعَهُمْ فِى قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ. أطرافه 3146، 3147، 3528، 3778، 3793، 4331، 4332، 4333، 4334، 4337، 6762، 7441 - تحفة 1561، 1499 43 - باب الْجُلُوسِ عَلَى الْحَصِيرِ وَنَحْوِهِ 5861 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَحْتَجِرُ حَصِيرًا بِاللَّيْلِ فَيُصَلِّى، وَيَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ فَيَجْلِسُ عَلَيْهِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَثُوبُونَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ حَتَّى كَثُرُوا فَأَقْبَلَ فَقَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ خُذُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دَامَ وَإِنْ قَلَّ». أطرافه 729، 730، 924، 1129، 2011، 2012 - تحفة 17720 - 200/ 7 44 - باب الْمُزَرَّرِ بِالذَّهَبِ 5862 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّ أَبَاهُ مَخْرَمَةَ قَالَ لَهُ يَا بُنَىَّ إِنَّهُ بَلَغَنِى أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدِمَتْ عَلَيْهِ أَقْبِيَةٌ فَهْوَ يَقْسِمُهَا، فَاذْهَبْ بِنَا إِلَيْهِ، فَذَهَبْنَا فَوَجَدْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَنْزِلِهِ، فَقَالَ لِى يَا بُنَىَّ ادْعُ لِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْظَمْتُ ذَلِكَ. فَقُلْتُ أَدْعُو لَكَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا بُنَىَّ إِنَّهُ لَيْسَ بِجَبَّارٍ. فَدَعَوْتُهُ فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْ دِيبَاجٍ مُزَرَّرٌ بِالذَّهَبِ، فَقَالَ «يَا مَخْرَمَةُ هَذَا خَبَأْنَاهُ لَكَ». فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ. أطرافه 2599، 2657، 3127، 5800، 6132 - تحفة 11268

45 - باب خواتيم الذهب

صرح محمد في «السير الكبير»: أن أزرار الذهب جائز. وقال مولانا الجنجوهي: إن ما كان منها مخيطًا بالثوب فهو جائزٌ، فكونه تابعًا للثوب، وما كان منفصلًا عنه، فإنَّه لا يجوز "والزر كهندى". 45 - باب خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ 5863 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ نَهَانَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ سَبْعٍ نَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ - أَوْ قَالَ حَلْقَةِ الذَّهَبِ - وَعَنِ الْحَرِيرِ، وَالإِسْتَبْرَقِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ، وَالْقَسِّىِّ، وَآنِيَةِ الْفِضَّةِ، وَأَمَرَنَا بِسَبْعٍ بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَرَدِّ السَّلاَمِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِى، وَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ. أطرافه 1239، 2445، 5175، 5635، 5650، 5838، 5849، 6222، 6235، 6654 - تحفة 1916 5864 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ نَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ. وَقَالَ عَمْرٌو أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعَ النَّضْرَ سَمِعَ بَشِيرًا مِثْلَهُ. تحفة 12214 5865 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، وَجَعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِى كَفَّهُ، فَاتَّخَذَهُ النَّاسُ، فَرَمَى بِهِ، وَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ أَوْ فِضَّةٍ. أطرافه 5866، 5867، 5873، 5876، 6651، 7298 - تحفة 8170 46 - باب خَاتَمِ الْفِضَّةِ 5866 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَجَعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِى كَفَّهُ، وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. فَاتَّخَذَ النَّاسُ مِثْلَهُ، فَلَمَّا رَآهُمْ قَدِ اتَّخَذُوهَا رَمَى بِهِ، وَقَالَ «لاَ أَلْبَسُهُ أَبَدًا». ثُمَّ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، فَاتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ الْفِضَّةِ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَلَبِسَ الْخَاتَمَ بَعْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ، حَتَّى وَقَعَ مِنْ عُثْمَانَ فِى بِئْرِ أَرِيسَ. أطرافه 5865، 5867، 5873، 5876، 6651، 7298 - تحفة 7832 - 201/ 7 5866 - قوله: (حتى وقع من عثمان الفضة في بئر أريس) ومن ذلك اليوم ظهرت الفتن. 47 - باب 5867 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ

اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَلْبَسُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَنَبَذَهُ فَقَالَ «لاَ أَلْبَسُهُ أَبَدًا». فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ. أطرافه 5865، 5866، 5873، 5876، 6651، 7298 - تحفة 7243 5868 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ رَأَى فِى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ يَوْمًا وَاحِدًا، ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ اصْطَنَعُوا الْخَوَاتِيمَ مِنْ وَرِقٍ وَلَبِسُوهَا، فَطَرَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمَهُ، فَطَرَحَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ. تَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَزِيَادٌ وَشُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ ابْنُ مُسَافِرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَرَى خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ. تحفة 1554، 1475، 1484، 1502 5868 - قوله: (فطرح رسول الله صلى الله عليه وسلّم خاتمه)، وأخطأ الراوي ههنا، فذكر طرحَ خواتيمهم الفضة، مع أن الطرحَ كان لخواتيم الذهب. وإذا تبينَ لنا خطؤُه، فالتأويل (¬1) خلاف الواقع والحاصل: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان أولًا اتخذ خاتمًا من ذهب، فتبعه الناس في ذلك، فطرح الخاتم، ثم اتخذ خاتمًا من فضة، ولم يطرحه وعند مسلم: وفي يد رسول ¬

_ (¬1) قال النووي تبعًا للقاضي عياض: هذا الحديث رواه عن الزهري جماعة من الثقات، لكن اتفق حفاظ الحديث على أن ابن شهاب وَهَمَ فيه، وغلط، لأن المعروف عند غيره من أهل الحديث أن الخاتم الذي طرحه النبيُّ صلى الله عليه وسلم إنما هو خاتم الذهب، لا خاتم الوَرِق، وكذا نقل القسطلَّاني في "فتح الباري" عن أكثر أئمة الحديث أنَّ الزهريَ وَهَمَ فيه. قال: ومنهم من تَأوَّله، وأجاب عن هذا الوَهَم بأجوبة، أقربها ما اختاره الشيخ من أنه يُحتمل أنه اتخذَ خاتمَ الذهب للزينة، فلما تتابع الناس فيه، وافق تحريمه، فطرحه، ولذا قال: "لا ألبسه أبدًا"، كما سيأتي، وطرح الناس خواتيمهم تبعًا له. وصرح بالنهي عن لبس خاتم الذهب، ثم احتج الى الخاتم، لأجل الختم به، فاتخذه من الفضة، ونقش عليه اسمه الكريم، فتبعه الناس أيضًا في ذلك. فرمى به حتى رمى الناس كلهم تلك الخواتيم المنقوشة على اسمه، لئلا تفوت مصلحة النقش بوقوع الاشتراك، فلما عدمت خواتيمهم برميها، رجع إلى خاتمه الخاص به، فصار يختم به، ويشير إلى ذلك قوله، في رواية عبد العزيز بن صهيب عن أنس عند البخاري: إنا اتخذنا خاتمًا، ونقشنا فيه نقشًا، فلا ينقش عليه أحد، فلعل بعض من لم يبلغه النهي. أو بعض من بلغه النهي ممن لم يرسخ في قلبه الإيمان من منافق ونحوه، اتخذوا، فنقشوا، فوقع ما وقع، ويكون نشأ له غضب ممن تشبه له في ذلك النقش، أهـ. قلت: وفيه بعدُ، كما ترى، ولذا أعرض عنه الشيخ رحمه الله تعالى: ثم إن الملا علي القاري، ذكر له تأويلًا آخر من عند نفسه، ورآه حسنًا، إلا أني ما ذقتها كذوقِهِ، ولذا تركت ذكره وفي "شرح الشمائل" قال في "شرعة الإِسلام": التختم بالعقيق، والفضة، سنة. قال شارحه: ينبغي أن يُعلم أن التختم بالعقيقِ، قيل: حرام لكونه حجرًا، وهو المختارُ عند أبي حنيفة، وقل بجواز التختم بالعقيق، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تختَّموا بالعقيق، فإنَّه مبارك، وليس بحجر"، كذا في "شرح الوقاية". قلت: قال القاري في غير هذا الموضع: إنه خبرٌ ضعيف، وكذا ما روي أنَّ التختمَ بالياقوت الأصفر يمنع الطاعون، ثم في كلام شارح "شرعة الإِسلام": أن العبرة للحلقة لا للفص، حتى يجوز أن يكونَ الفصُّ من الحجر، والحلقة من الفضة، ولكنه لذي سلطان، أي ذي غلبة، وحكومة، مثل القضاة والسلاطين، فتركه لغير ذوي الحكومة أحبّ، لكونه زينة محضة، بخلاف الحكام، لأنهم يحتاجون إلى الختم في الأحكام. هذا ملخص ما ذكره القاري في "شرح الشمائل" ملتقطًا من المواضع، مع تلخيص، ذكرته ليكون على ذكر لبعض مسائل الخاتم.

48 - باب فص الخاتم

الله صلى الله عليه وسلّم خاتمًا من ورق يومًا واحدًا، قال: فصنع الناسُ الخواتم من وَرِق، فلبسوه، فطرح النبيُّ صلى الله عليه وسلّم خاتمه ... إلخ. وهذا أيضًا وَهَمٌ، والصواب ما ذكرنا، والله تعالى أعلم بالصواب. 48 - باب فَصِّ الْخَاتَمِ 5869 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ قَالَ سُئِلَ أَنَسٌ هَلِ اتَّخَذَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمًا قَالَ أَخَّرَ لَيْلَةً صَلاَةَ الْعِشَاءِ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَكَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ. قَالَ «إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا وَنَامُوا، وَإِنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا فِى صَلاَةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا». أطرافه 572، 600، 661، 847 - تحفة 804 5870 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ حُمَيْدًا يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ خَاتَمُهُ مِنْ فِضَّةٍ وَكَانَ فَصُّهُ مِنْهُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ سَمِعَ أَنَسًا عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 65، 2938، 5872، 5874، 5875، 5877، 7162 - تحفة 773، 791 قال بعض الرواة: إن فصَّ خاتم النبي صلى الله عليه وسلّم كان حبشيًا وقال آخرون: إنه كان من الفضة فقال قائل بالتعدد، وذهب ذاهب، إلى أن المراد من كونه حبشيًا، أنه كان على صنعة الحبشة. 49 - باب خَاتَمِ الْحَدِيدِ 5871 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلاً يَقُولُ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ جِئْتُ أَهَبُ نَفْسِى. فَقَامَتْ طَوِيلاً فَنَظَرَ وَصَوَّبَ، فَلَمَّا طَالَ مُقَامُهَا فَقَالَ رَجُلٌ زَوِّجْنِيهَا، إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ. قَالَ «عِنْدَكَ شَىْءٌ تُصْدِقُهَا». قَالَ لاَ. قَالَ «انْظُرْ». فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ وَاللَّهِ إِنْ وَجَدْتُ شَيْئًا. قَالَ «اذْهَبْ فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ». فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ قَالَ لاَ وَاللَّهِ وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ. وَعَلَيْهِ إِزَارٌ مَا عَلَيْهِ رِدَاءٌ. فَقَالَ أُصْدِقُهَا إِزَارِى فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِزَارُكَ إِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَىْءٌ، وَإِنْ لَبِسْتَهُ لَمَ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَىْءٌ». فَتَنَحَّى الرَّجُلُ فَجَلَسَ فَرَآهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُوَلِّيًا فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِىَ فَقَالَ «مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». قَالَ سُورَةُ كَذَا وَكَذَا لِسُوَرٍ عَدَّدَهَا. قَالَ «قَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». أطرافه 2310، 5029، 5030، 5087، 5121، 5126، 5132، 5135، 5141، 5149، 5150، 7417 - تحفة 4718 - 202/ 7 50 - باب نَقْشِ الْخَاتَمِ 5872 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى رَهْطٍ أَوْ أُنَاسٍ مِنَ

51 - باب الخاتم في الخنصر

الأَعَاجِمِ، فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُمْ لاَ يَقْبَلُونَ كِتَابًا إِلاَّ عَلَيْهِ خَاتَمٌ، فَاتَّخَذَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَكَأَنِّى بِوَبِيصِ أَوْ بِبَصِيصِ الْخَاتَمِ فِى إِصْبَعِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ فِى كَفِّهِ. أطرافه 65، 2938، 5870، 5874، 5875، 5877، 7162 - تحفة 1185 5873 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ، وَكَانَ فِى يَدِهِ، ثُمَّ كَانَ بَعْدُ فِى يَدِ أَبِى بَكْرٍ، ثُمَّ كَانَ بَعْدُ فِى يَدِ عُمَرَ، ثُمَّ كَانَ بَعْدُ فِى يَدِ عُثْمَانَ، حَتَّى وَقَعَ بَعْدُ فِى بِئْرِ أَرِيسَ، نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. أطرافه 5865، 5866، 5867، 5876، 6651، 7298 - تحفة 7942 وكان نقش خاتم عمر: كفى بالموت واعظًا، وكان خاتمه هذا للأمور الدينية. وكان نقش خاتم أبي حنيفة، قل الخير، وإلا فليصمت، فدل على أنهم لم يكونوا ينقشون في خواتيمهم أساميهم. 51 - باب الْخَاتَمِ فِي الْخِنْصَرِ 5874 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَنَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمًا قَالَ «إِنَّا اتَّخَذْنَا خَاتَمًا، وَنَقَشْنَا فِيهِ نَقْشًا، فَلاَ يَنْقُشْ عَلَيْهِ أَحَدٌ». قَالَ فَإِنِّى لأَرَى بَرِيقَهُ فِى خِنْصَرِهِ. أطرافه 65، 2938، 5870، 5872، 5875، 5877، 7162 - تحفة 1044 - 203/ 7 52 - باب اتِّخَاذُ الْخَاتَمِ لِيُخْتَمَ بِهِ الشَّيْءُ، أَوْ لِيُكْتَبَ بِهِ إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ 5875 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا أَرَادَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ قِيلَ لَهُ إِنَّهُمْ لَنْ يَقْرَءُوا كِتَابَكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَخْتُومًا. فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، وَنَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. فَكَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِى يَدِهِ. أطرافه 65، 2938، 5870، 5872، 5874، 5877، 7162 - تحفة 1256 53 - باب مَنْ جَعَلَ فَصَّ الْخَاتَمِ فِي بَطْنِ كَفِّهِ 5876 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اصْطَنَعَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، جَعَلَ فَصَّهُ فِى بَطْنِ كَفِّهِ إِذَا لَبِسَهُ، فَاصْطَنَعَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ، فَرَقِىَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ «إِنِّى كُنْتُ اصْطَنَعْتُهُ، وَإِنِّى لاَ أَلْبَسُهُ». فَنَبَذَهُ فَنَبَذَ النَّاسُ. قَالَ جُوَيْرِيَةُ وَلاَ أَحْسِبُهُ إِلاَّ قَالَ فِى يَدِهِ الْيُمْنَى. أطرافه 5865، 5866، 5867، 5873، 6651، 7298 - تحفة 7632

54 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا ينقش على نقش خاتمه»

54 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَنْقُشُ عَلَى نَقْشِ خَاتَمِهِ» 5877 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، وَنَقَشَ فِيهِ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. وَقَالَ «إِنِّى اتَّخَذْتُ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ، وَنَقَشْتُ فِيهِ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. فَلاَ يَنْقُشَنَّ أَحَدٌ عَلَى نَقْشِهِ». أطرافه 65، 2938، 5870، 5872، 5874، 5875، 7162 - تحفة 1013 55 - باب هَلْ يُجْعَلُ نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلاَثَةَ أَسْطُرٍ 5878 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - لَمَّا اسْتُخْلِفَ كَتَبَ لَهُ، وَكَانَ نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلاَثَةَ أَسْطُرٍ. مُحَمَّدٌ سَطْرٌ، وَرَسُولُ سَطْرٌ، وَاللَّهِ سَطْرٌ. أطرافه 1448، 1450، 1451، 1453، 1454، 1455، 2487، 3106، 6955 تحفة 502، 6582 5879 - قال أَبُو عبدِ الله وَزَادَنِي أَحْمَدُ حَدَّثَنَا الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ خَاتَمُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى يَدِهِ، وَفِى يَدِ أَبِى بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَفِى يَدِ عُمَرَ بَعْدَ أَبِى بَكْرٍ، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ جَلَسَ عَلَى بِئْرِ أَرِيسَ - قَالَ - فَأَخْرَجَ الْخَاتَمَ، فَجَعَلَ يَعْبَثُ بِهِ فَسَقَطَ قَالَ فَاخْتَلَفْنَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ مَعَ عُثْمَانَ فَنَنْزَحُ الْبِئْرَ فَلَمْ نَجِدْهُ. تحفة 502، 6582 56 - باب الْخَاتَمِ لِلنِّسَاءِ وَكَانَ عَلَى عَائِشَةَ خَوَاتِيمُ ذَهَبٍ. 5880 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ. وَزَادَ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فَأَتَى النِّسَاءَ فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ الْفَتَخَ وَالْخَوَاتِيمَ فِى ثَوْبِ بِلاَلٍ. أطرافه 98، 863، 962، 964، 975، 977، 979، 989، 1431، 1449، 4895، 5249، 5881، 5883، 7325 - تحفة 5698 - 204/ 7 57 - باب الْقَلاَئِدِ وَالسِّخَابِ لِلنِّسَاءِ يَعْنِي قِلاَدَةً مِنْ طِيبٍ وَسُكٍّ. 5881 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ عِيدٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، لَمْ يُصَلِّ قَبْلُ وَلاَ بَعْدُ، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تَصَدَّقُ بِخُرْصِهَا وَسِخَابِهَا. أطرافه 98، 863، 962، 964، 975، 977، 979، 989، 1431، 1449، 4895، 5249، 5880، 5883، 7325 - تحفة 5558

58 - باب استعارة القلائد

قال صاحب: «مخزن الأدوية»: إنه عُصارة الشجرة المسماة بآنوله، كانت تجلب إلى العرب، فيتخذون منها السِّخَاب. "آنو له كاعصاره خشك كركى عرب كوجاتاتها وه اوسكى دانه بناكرهار بناتى تهى وه سخاب تها". 58 - باب اسْتِعَارَةِ الْقَلاَئِدِ 5882 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ هَلَكَتْ قِلاَدَةٌ لأَسْمَاءَ، فَبَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى طَلَبِهَا رِجَالاً، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ وَلَيْسُوا عَلَى وُضُوءٍ وَلَمْ يَجِدُوا مَاءً، فَصَلَّوْا وَهُمْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ. زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ. أطرافه 334، 336، 3672، 3773، 4583، 4607، 4608، 5164، 5250، 6844، 6845 - تحفة 17060، 16990 59 - باب الْقُرْطِ للنِّساءِ وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَرَهُنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم بِالصَّدَقَةِ، فَرَأَيتُهُنَّ يَهْوِينَ إِلَى آذَانِهِنَّ وَحُلُوقِهِنَّ. 5883 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَدِىٌّ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى يَوْمَ الْعِيدِ رَكْعَتَيْنِ، لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلاَلٌ فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِى قُرْطَهَا. أطرافه 98، 863، 962، 964، 975، 977، 979، 989، 1431، 1449، 4895، 5249، 5880، 5881، 7325 - تحفة 5558 60 - باب السِّخَابِ لِلصِّبْيَانِ 5884 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِىُّ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى يَزِيدَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى سُوقٍ مِنْ أَسْوَاقِ الْمَدِينَةِ فَانْصَرَفَ فَانْصَرَفْتُ فَقَالَ «أَيْنَ لُكَعُ - ثَلاَثًا - ادْعُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِىٍّ». فَقَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ يَمْشِى وَفِى عُنُقِهِ السِّخَابُ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ هَكَذَا، فَقَالَ الْحَسَنُ بِيَدِهِ، هَكَذَا فَالْتَزَمَهُ فَقَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أُحِبُّهُ، فَأَحِبَّهُ، وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَمَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَىَّ مِنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ بَعْدَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا قَالَ. طرفه 2122 - تحفة 14634 - 205/ 7 ذهب مالك إلى جواز الحُليِّ للصبيان، ما داموا صبيانًا، وهذا منه توسيع عظيم لم يذهب إليه أحد.

61 - باب المتشبهون بالنساء، والمتشبهات بالرجال

61 - باب الْمُتَشَبِّهُونَ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتُ بِالرِّجَالِ 5885 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ. تَابَعَهُ عَمْرٌو أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ. طرفاه 5886، 6834 - تحفة 6188 62 - باب إِخْرَاجِ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ مِنَ الْبُيُوتِ 5886 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالْمُتَرَجِّلاَتِ مِنَ النِّسَاءِ وَقَالَ «أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ». قَالَ فَأَخْرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فُلاَنًا، وَأَخْرَجَ عُمَرُ فُلاَنًا. طرفاه 5885، 6834 - تحفة 6240 5887 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَنَّ عُرْوَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهَا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عِنْدَهَا وَفِى الْبَيْتِ مُخَنَّثٌ، فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ أَخِى أُمِّ سَلَمَةَ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنْ فُتِحَ لَكُمْ غَدًا الطَّائِفُ، فَإِنِّى أَدُلُّكَ عَلَى بِنْتِ غَيْلاَنَ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَدْخُلَنَّ هَؤُلاَءِ عَلَيْكُنَّ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ يَعْنِى أَرْبَعَ عُكَنِ بَطْنِهَا، فَهْىَ تُقْبِلُ بِهِنَّ، وَقَوْلُهُ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ. يَعْنِى أَطْرَافَ هَذِهِ الْعُكَنِ الأَرْبَعِ، لأَنَّهَا مُحِيطَةٌ بِالْجَنْبَيْنِ حَتَّى لَحِقَتْ وَإِنَّمَا قَالَ بِثَمَانٍ. وَلَمْ يَقُلْ بِثَمَانِيَةٍ. وَوَاحِدُ الأَطْرَافِ وَهْوَ ذَكَرٌ، لأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ ثَمَانِيَةَ أَطْرَافٍ. طرفاه 4324، 5235 - تحفة 18263 63 - باب قَصِّ الشَّارِبِ وَكانَ ابْنُ عُمَرُ يُحْفِي شَارِبَهُ، حَتَّى يُنْظَرَ إِلَى بَيَاضِ الجِلدِ، وَيَأْخُذُ هذَيْنِ، يَعْنِي بَينَ الشَّارِبِ وَاللِّحْيَةِ. 5888 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ حَنْظَلَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ أَصْحَابُنَا عَنِ الْمَكِّىِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مِنَ الْفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ». طرفه 5890 - تحفة 7654 - 206/ 7 5889 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِىُّ حَدَّثَنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رِوَايَةً «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ - أَوْ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ - الْخِتَانُ، وَالاِسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ». طرفاه 5891، 6297 - تحفة 13126

64 - باب تقليم الأظفار

القس: "كم كرنا" وليس معناه: "كترنا" وإن قَرُبا في المِصداق. قال الطحاوي (¬1): إن خال المُزَني كان يقص شواربه من أصلها. هو النهك والإِحفاء ولا أظنه إلا أن يكون تعلَّمه من الشافعي وهكذا كان يفعل صاحبا أبي حنيفة ثم القص يُحتمل أن يكون بالحلق، ويُحتمل أن يكونَ بالمبالغة في القص من المِقْراض. ونقل عن مالك (¬2) أنه كان يرى الحلقَ مثلة ولهذا أمنعُ عن الحلق، وأُفتي بقصها من المِقْراض أما القص إلى الإِطار فهو أيضًا جائز، وإن كان الأفضل هو القص (¬3). هذا في العرض، أما في الطول، فنُقل عن عمر أنه كان يترك سبالتيه، ولم يكن يقصهما، وفيه إيماء إلى كونِ عمل العامة بخلافه قلت: وبعمل عمر نقتدي، فلا ينبغي قصر السبالتين. قوله: (ويأخذ هذين) والمراد منهما الشِّدقان، دون الفنكين، فإنَّ قطعَ الأشعار التي على وسط الشَّفة السُّفلى، أي العَنْفقة، بدعة، ويقال لها: "ريش بجه". 64 - باب تَقْلِيمِ الأَظْفَارِ 5890 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ ¬

_ (¬1) قلت: ولم أجده في "معاني الآثار" ولم أر فيه أنه عزا شيئًا إلى خاله، نعم فيه أن الإِحفاء أفضل من القص، ثم أيده بالنظر في الحلق والقصر في باب الحج، وقال: فالنظرُ على ذلك أن يكونَ كذلك حكم الشارب قصه حسن، وإحفاؤه أحسن وأفضل. وهذا مذهب أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى ثم ذكر جماعة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا يُحفون شواربهم، منهم ابن عمر، أنه كان يُحفي شاربه، حتى إن الجلد ليُرى، وفي لفظ: كأنه ينتفه. ثم قال: فدل ذلك على أنَّ قصَّ الشارب من الفِطرَة، وهو مما لا بد منه، وإن ما بعد ذلك من الإِحفاء هو أفضل. وفيه من إصابة الخير ما ليس في القص اهـ: ص 334 - ج 2، قلت: وليُراجع إليه مرة أخرى، فإن القلمَ يزل، والفكر يجنى، والبصر يخطىء. (¬2) ذكر البيهقي فيه عن عبد العزيز الأويسي، قال: ذكر مالك إحفاء بعض الناس شواربهم، فقال: ينبغي أن يُضرب من صنع ذلك، فليس حديث النبي عليه الصلاة والسلام في الإِحفاء، ولكن يُبدي حرف الشفتين والفم. قال مالك: حلق الشارب بِدعةٌ، ظهرت في الناس. قال البيهقي: كأنه حملَ الإِحفاءَ -المأمور به في الجزء عن- على الأخذ من الشارب، بالجز دون الحلق، وإنكاره وقع للحلقَ، دون الإِحفاء، والوَهَم وقع من الراوي عنه في إنكار الإحفاء مطلقًا؛ قلت قول مالك: ولكن يبدي حرف الشفتين والفم، معناه ويترك الباقي، وذلك دليل على أنه أنكر الإحفاء مطلقًا سواء كان بالحلق، أو بالجز، فلا وهم من الراوي، ويدل عليه ما حكى ابن القاسم عنه أنه قال: إحفاء الشارب عندي مثلة، وقوله في "الموطأ": يؤخذ من الشارب حتى يبدو طرف الشفة، وهو الإطار، ولا يجزه، فيمثل بنفسه، اهـ: ص 44 - ج 1 - من أبواب الوضوء - "الجوهر النقي". (¬3) واعلم أنهم اختلفوا في اللحية ما الأفضل فيها؟ فقيل: تقصير ما زادت على القبضة، كما في "كتاب الآثار" لمحمد؛ وقيل: بل الإِعفاء أفضل مطلقًا، أما قطع ما دون ذلك، فحرامٌ إجماعًا، بين الأئمة رحمهم الله تعالى، هذا خلاصة ما في تقرير الفاضل عبد القدير.

65 - باب إعفاء اللحى

حَنْظَلَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مِنَ الْفِطْرَةِ حَلْقُ الْعَانَةِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ». طرفه 5888 - تحفة 7654 5891 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ الْخِتَانُ، وَالاِسْتِحْدَادُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الآبَاطِ». طرفاه 5889، 6297 - تحفة 13104 5892 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ، وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ». وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَجَّ أَوِ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ. طرفه 5893 - تحفة 8236 5892 - قوله: (وكان ابن عمر إذا حج، واعمتر قبض على لحيته، فما فضل أخذه) وعند الترمذي: «أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يأخذ لحيته من طولها وعرضِها»، ورواته ثقات، ثم إن لفظَ الحديث: «في الإِبط النتف»، إلا أنه نُقل عن الشافعي أنه قال: إنا نتأذى بالنتف، فنحن نحلقها. 65 - باب إِعْفَاءِ اللِّحَى 5893 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «انْهَكُوا الشَّوَارِبَ، وَأَعْفُوا اللِّحَى». طرفه 5892 - تحفة 8047 5893 - قوله: (واعفوا اللحى) واللحية ما على اللَّحيين، وكذلك في الهندية "دار هى" مشتقٌ من "داره" لكونها نابتة على الأضراس. أما الأشعار التي على الخدين فليست من اللحية لغةً؛ وإن كره الفقهاءُ أخذَها، لأنه إن كان بالحديد، فذلك يوجبُ الخشونة في الخدين، وإن كان بالنتف، فإنَّه يُضعف البصرَ. 66 - باب مَا يُذْكَرُ فِى الشَّيْبِ 5894 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا أَخَضَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَمْ يَبْلُغِ الشَّيْبَ إِلاَّ قَلِيلاً. طرفاه 3550، 5895 - تحفة 1460 5895 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ سُئِلَ أَنَسٌ عَنْ خِضَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ مَا يَخْضِبُ، لَوْ شِئْتُ أَنْ أَعُدَّ شَمَطَاتِهِ فِى لِحْيَتِهِ. طرفاه 3550، 5894 - تحفة 293

67 - باب الخضاب

5896 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ أَرْسَلَنِى أَهْلِى إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ - وَقَبَضَ إِسْرَائِيلُ ثَلاَثَ أَصَابِعَ - مِنْ فِضَّةٍ فِيهِ شَعَرٌ مِنْ شَعَرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ إِذَا أَصَابَ الإِنْسَانَ عَيْنٌ أَوْ شَىْءٌ بَعَثَ إِلَيْهَا مِخْضَبَهُ، فَاطَّلَعْتُ فِى الْجُلْجُلِ فَرَأَيْتُ شَعَرَاتٍ حُمْرًا. طرفاه 5897، 5898 - تحفة 18196 - 207/ 7 5897 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا سَلاَّمٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَأَخْرَجَتْ إِلَيْنَا شَعَرًا مِنْ شَعَرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَخْضُوبًا. طرفاه 5896، 5898 - تحفة 18196 5898 - وَقَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا نُصَيْرُ بْنُ أَبِى الأَشْعَثِ عَنِ ابْنِ مَوْهَبٍ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَرَتْهُ شَعَرَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَحْمَرَ. طرفاه 5896، 5897 - تحفة 18196 5895 - قوله: (إنه لم يبلغ ما يخضب) وترجمته "رنك دينا" لا "سياه كرنا". 5896 - قوله: (وقبض إسرائيل ثلاث أصابع من قصة) وترجمة القَصَّة "جتيا" لا تناسب ههنا، والمراد منه أنَّ قدرَ الأشعارِ كان بثلاث أصابع. 67 - باب الْخِضَابِ 5899 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لاَ يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ». طرفه 3462 - تحفة 13480، 15142 68 - باب الْجَعْدِ 5900 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ، وَلاَ بِالْقَصِيرِ، وَلَيْسَ بِالأَبْيَضِ الأَمْهَقِ، وَلَيْسَ بِالآدَمِ، وَلَيْسَ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ، وَلاَ بِالسَّبْطِ، بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةً، وَلَيْسَ فِى رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ. طرفاه 3547، 3548 - تحفة 833 5901 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ فِى حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِى عَنْ مَالِكٍ إِنَّ جُمَّتَهُ لَتَضْرِبُ قَرِيبًا مِنْ مَنْكِبَيْهِ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، مَا حَدَّثَ بِهِ قَطُّ إِلاَّ ضَحِكَ. تَابَعَهُ شُعْبَةُ شَعَرُهُ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ. طرفاه 3551، 5848 - تحفة 1802، 1869

5902 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أُرَانِى اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَرَأَيْتُ رَجُلاً آدَمَ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ، لَهُ لِمَّةٌ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ اللِّمَمِ، قَدْ رَجَّلَهَا، فَهْىَ تَقْطُرُ مَاءً مُتَّكِئًا عَلَى رَجُلَيْنِ، أَوْ عَلَى عَوَاتِقِ رَجُلَيْنِ، يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَسَأَلْتُ مَنْ هَذَا فَقِيلَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ. وَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ جَعْدٍ، قَطَطٍ، أَعْوَرِ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، فَسَأَلْتُ مَنْ هَذَا فَقِيلَ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ». أطرافه 3440، 3441، 6999، 7026، 7128 - تحفة 8373 - 208/ 7 5903 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَضْرِبُ شَعَرُهُ مَنْكِبَيْهِ. طرفه 5904 - تحفة 1396 5904 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ كَانَ يَضْرِبُ شَعَرُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَنْكِبَيْهِ. طرفه 5903 - تحفة 1396 5905 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنْ شَعَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ كَانَ شَعَرُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجِلاً، لَيْسَ بِالسَّبِطِ، وَلاَ الْجَعْدِ، بَيْنَ أُذُنَيْهِ وَعَاتِقِهِ. طرفه 5906 - تحفة 1144 5906 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ضَخْمَ الْيَدَيْنِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَكَانَ شَعَرُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجِلاً، لاَ جَعْدَ، وَلاَ سَبِطَ. طرفه 5905 - تحفة 1144 5907 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ضَخْمَ الْيَدَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ حَسَنَ الْوَجْهِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ وَلاَ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَكَانَ بَسِطَ الْكَفَّيْنِ. تحفة 1149 5908، 5909 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. أَوْ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ضَخْمَ الْقَدَمَيْنِ، حَسَنَ الْوَجْهِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ. تحفة 15496 5910 - وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - شَثْنَ الْقَدَمَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ. تحفة 1339 5911، 5912 - وَقَالَ أَبُو هِلاَلٍ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ. أَوْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ضَخْمَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ شَبَهًا لَهُ. تحفة 2572 5913 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فَذَكَرُوا الدَّجَّالَ فَقَالَ إِنَّهُ مَكْتُوبٌ

69 - باب التلبيد

بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ أَسْمَعْهُ قَالَ ذَاكَ وَلَكِنَّهُ قَالَ «أَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَانْظُرُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ، وَأَمَّا مُوسَى فَرَجُلٌ آدَمُ جَعْدٌ، عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ مَخْطُومٍ بِخُلْبَةٍ، كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ إِذِ انْحَدَرَ فِى الْوَادِى يُلَبِّى». طرفاه 1555، 3355 - تحفة 6400 - 209/ 7 واعلم أنه كُرِه للرجل أنْ يجعلَ أشعاره ضفائر، فإنْ قسمها بدون ضَفْر جاز، كما فعله النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في فتح مكة، وقد ذكر الراوي أشعاره صلى الله عليه وسلّم فيه أطول من الجُمَّة أيضًا. وراجع الترمذي. 5902 - قوله: (يطوف بالبيت) ليس المراد من طواف الدَّجال الطواف المصطلح، بل عبَّر الراوي عن دورانه حول البيت بالطواف، وإن لم يكن طوافًا فِقهًا، نعم، كان عيسى عليه الصلاة والسلام يطوف على العُرف المعهود، وكان الدَّجال يدور خلفَه، لتجسس حاله، وإنما كان خلفَه، لأنه لا يُدعان له أنْ يتقدَّمه، فإنَّه لو تقدمه لا نذاب وآخر ما حُكم به وجداني أنَّ ذكرَ الطوافِ في تلك الرواية وَهَم من الراوي، كما هو عند القاضي عِياض، نقله النووي. وقد ذكرناه مرة من قبل. 5913 - قوله: (إذا انحدر في الوادي يلبى) وحمله الشارحوه على استحضار الأمر الماضي، وعندي هو محمولٌ على حقيقته، فرآه موسى عليه الصلاة والسلام ليلة المِعراج يصلي. وقد مر مني أن أرواح الكُمَّل لا تتعطل عن العبادات في القبور أيضًا. 69 - باب التَّلْبِيدِ 5914 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ - رضى الله عنه - يَقُولُ مَنْ ضَفَّرَ فَلْيَحْلِقْ، وَلاَ تَشَبَّهُوا بِالتَّلْبِيدِ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُلَبِّدًا. أطرافه 1540، 1549، 5915 - تحفة 6856، 10530 5915 - حَدَّثَنِى حِبَّانُ بْنُ مُوسَى وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالاَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُهِلُّ مُلَبِّدًا يَقُولُ «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ». لاَ يَزِيدُ عَلَى هَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ. أطرافه 1540، 1549، 5914 - تحفة 6976 5916 - حَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا بِعُمْرَةٍ، وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ قَالَ «إِنِّى لَبَّدْتُ رَأْسِى، وَقَلَّدْتُ هَدْيِى، فَلاَ أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ». أطرافه 1566، 1697، 1725، 4398 - تحفة 15800 5914 - قوله: (من ضفر، فليحلق، ولا تشبهوا بالتلبيد) وكان من مذهب عمر أن

70 - باب الفرق

من لبَّد رَأسه لا يكفيه القصر (¬1)، وعليه أنْ يحلق، فقال: لا تضفروا شعركم، كالملبدين، فإنَّه مكروهٌ في غير الإِحرام، مندوب فيه. 70 - باب الْفَرْقِ 5917 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ، وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ أَشْعَارَهُمْ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ، فَسَدَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نَاصِيَتَهُ، ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ. طرفاه 3558، 3944 - تحفة 5836 5918 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالاَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِى مَفَارِقِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُحْرِمٌ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فِى مَفْرِقِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 271، 1538، 5923 - تحفة 15928 71 - باب الذَّوَائِبِ 5919 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ عَنْبَسَةَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ ح. وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ خَالَتِى، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَهَا فِى لَيْلَتِهَا - قَالَ - فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ - قَالَ - فَأَخَذَ بِذُؤَابَتِى فَجَعَلَنِى عَنْ يَمِينِهِ. أطرافه 117، 138، 183، 697، 698، 699، 726، 728، 859، 992، 1198، 4569، 4570، 4571، 4572، 6215، 6316، 7452 - تحفة 5455 - 210/ 7 حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ بِهَذَا، وَقَالَ بِذُؤَابَتِى أَوْ بِرَأْسِى. تحفة 5455 "بتى هوئى بال" أي الشَّعر الذي سَوَّاه بالمشط، والضفائر جمع ضَفِيرة، وهي: الشعر المنسوجة عرضًا. وفي «العالمكيرية»: إنها مكروهة قلت: يجبُ تأويله بما إذا كانت كذوائب المتصوفة اليوم، وإلا فهي ثابتة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أيضًا، كما عند الترمذي. ¬

_ (¬1) قال الحافظ: وأما قول عمر، فحمله ابن بَطَّال على أن المراد مَنْ أراد الإِحرام، فَضَفَرَ شعرَه ليمنعه من الشَّعث، لم يجزْ له أن يُقصر، لأنه فعلَ ما يُشبه التلبيد الذي أوجب الشارعُ فيه الحلق. وكان عمر يرى أنَّ من لبد رأسه في الإِحرام تعيَّنَ عليه الحلقُ والنُّسُك، ولا يجزئه التقصير، فشبه من ضَفَرَ رأسَه بمن لبَّده، فلذلك أمر من ضَفَر أن يحلق. ويُحتملُ أنْ يكونَ عمر أراد الأمرَ بالحلق عند الإِحرام، حتى لا يحتاج إلى التلبيد، ولا إلى الضفر، أي مَنْ أرادَ أن يضفِر، أو يُلبد، فليحلق، فهو أولى من أن يضفِر، أو يلبد، ثم إذا أراد بعد ذلك التقصيرَ، لم يصل إلى الأخذ من سائر النواحي، كما في السنة اهـ: ص 280 - ج 10.

72 - باب القزع

72 - باب الْقَزَعِ 5920 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنِى مَخْلَدٌ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حَفْصٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ نَافِعٍ أَخْبَرَهُ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَى عَنِ الْقَزَعِ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ قُلْتُ وَمَا الْقَزَعُ فَأَشَارَ لَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ إِذَا حَلَقَ الصَّبِىَّ وَتَرَكَ هَا هُنَا شَعَرَةً وَهَا هُنَا وَهَا هُنَا. فَأَشَارَ لَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى نَاصِيَتِهِ وَجَانِبَىْ رَأْسِهِ. قِيلَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ فَالْجَارِيَةُ وَالْغُلاَمُ قَالَ لاَ أَدْرِى هَكَذَا قَالَ الصَّبِىِّ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَعَاوَدْتُهُ فَقَالَ أَمَّا الْقُصَّةُ وَالْقَفَا لِلْغُلاَمِ فَلاَ بَأْسَ بِهِمَا وَلَكِنَّ الْقَزَعَ أَنْ يُتْرَكَ بِنَاصِيَتِهِ شَعَرٌ، وَلَيْسَ فِى رَأْسِهِ غَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ شَقُّ رَأْسِهِ هَذَا وَهَذَا. طرفه 5921 - تحفة 8243 5921 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْقَزَعِ. طرفه 5920 - تحفة 7202 وهو شعر الرأس إذا حُلِقَ بعضه. وتُرك بعضه، سُمِّي به (¬1)، تشبيهًا بالسحاب المتفرِّق. 5920 - قوله: (أما القصة، والقفا للغلام، فلا بأس بهما) فأجازه هذا الراوي إذا كان في جوانب الرأس، والقفا، ومنع عنه الحنفية مطلقًا فيجب عليه، إما أن يحلق مطلقًا، أو يترك مطلقًا، ولا يجوز له حلقُ البعض، وتركُ البعض مطلقًا. 73 - باب تَطْيِيبِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا بِيَدَيْهَا 5922 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ طَيَّبْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِى لِحُرْمِهِ، وَطَيَّبْتُهُ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ. أطرافه 1539، 1754، 5928، 5930 - تحفة 17529 74 - باب الطِّيبِ فِي الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ 5923 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أُطَيِّبُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِأَطْيَبِ مَا يَجِدُ، حَتَّى أَجِدَ وَبِيصَ الطِّيبِ فِى رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ. أطرافه 271، 1538، 5918 - تحفة 16010 - 211/ 7 ¬

_ (¬1) قال الخطابي: أصل القزع قطع السحاب المتفرقة، شبه به تفاريق الشعر في رأسه إذا حلق بعضه، وأبقى بعضه، -بطخارير السحاب- اهـ: ص 211 - ج 4 "معالم السنن".

75 - باب الامتشاط

75 - باب الاِمْتِشَاطِ 5924 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ مِنْ جُحْرٍ فِى دَارِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَحُكُّ رَأْسَهُ بِالْمِدْرَى فَقَالَ «لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَنْظُرُ لَطَعَنْتُ بِهَا فِى عَيْنِكَ، إِنَّمَا جُعِلَ الإِذْنُ مِنْ قِبَلِ الأَبْصَارِ». طرفاه 6241، 6901 - تحفة 4806 5924 - قوله: (بالمدرى) وهو مِشطُ الحديد. قوله: (لطعنت بها في عينك) قال الشافعية: بظاهر الحديث، فلو فقأ عينه لا جَزَاء عليه وتعارض الكتابان في نقل مذهب الحنفية، ففي واحد: أن عليه القصاص، وفي آخر: كمذهب الشافعية. 76 - باب تَرْجِيلِ الْحَائِضِ زَوْجَهَا 5925 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا حَائِضٌ. أطرافه 295، 296، 301، 2028، 2031، 2046 - تحفة 16604 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ. تحفة 17154 77 - باب التَّرْجِيلِ 5926 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ مَا اسْتَطَاعَ فِى تَرَجُّلِهِ وَوُضُوئِهِ. أطرافه 168، 426، 5380، 5854 - تحفة 17657 والتَّرجل في الرأس، والتسريح في اللحية. 78 - باب مَا يُذْكَرُ فِي الْمِسْكِ 5927 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِى، وَأَنَا أَجْزِى بِهِ، وَلَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ». أطرافه 1894، 1904، 7492، 7538 - تحفة 13278 79 - باب مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الطِّيبِ 5928 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ

80 - باب من لم يرد الطيب

عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كُنْتُ أُطَيِّبُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ إِحْرَامِهِ بِأَطْيَبِ مَا أَجِدُ. أطرافه 1539، 1754، 5922، 5930 - تحفة 16365 80 - باب مَنْ لَمْ يَرُدَّ الطِّيبَ 5929 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرُدُّ الطِّيبَ، وَزَعَمَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لاَ يَرُدُّ الطِّيبَ. طرفه 2582 - تحفة 499 81 - باب الذَّرِيرَةِ 5930 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَوْ مُحَمَّدٌ عَنْهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ سَمِعَ عُرْوَةَ وَالْقَاسِمَ يُخْبِرَانِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدَىَّ بِذَرِيرَةٍ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ، لِلْحِلِّ وَالإِحْرَامِ. أطرافه 1539، 1754، 5922، 5928 - تحفة 16377، 17545 - 212/ 7 "جراءته". 82 - باب الْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ 5931 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ، وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ تَعَالَى، مَالِى لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِى كِتَابِ اللَّهِ {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7]. أطرافه 4886، 4887، 5939، 5943، 5948 - تحفة 9450 83 - باب وَصْلِ الشَّعَرِ 5932 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِى سُفْيَانَ عَامَ حَجَّ وَهْوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَهْوَ يَقُولُ - وَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعَرٍ كَانَتْ بِيَدِ حَرَسِىٍّ - أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذِهِ وَيَقُولُ «إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَ هَذِهِ نِسَاؤُهُمْ». أطرافه 3468، 3488، 5938 - تحفة 11407 5933 - وَقَالَ ابْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ، وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ». تحفة 14219 5934 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُسْلِمِ بْنِ يَنَّاقٍ يُحَدِّثُ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ جَارِيَةً مِنَ

84 - باب المتنمصات

الأَنْصَارِ تَزَوَّجَتْ، وَأَنَّهَا مَرِضَتْ فَتَمَعَّطَ شَعَرُهَا، فَأَرَادُوا أَنْ يَصِلُوهَا فَسَأَلُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ». تَابَعَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ عَائِشَةَ. طرفه 5205 - تحفة 17849 5935 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَتْنِى أُمِّى عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ إِنِّى أَنْكَحْتُ ابْنَتِى، ثُمَّ أَصَابَهَا شَكْوَى فَتَمَرَّقَ رَأْسُهَا، وَزَوْجُهَا يَسْتَحِثُّنِى بِهَا أَفَأَصِلُ رَأْسَهَا فَسَبَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ. طرفاه 5936، 5941 - تحفة 15740 5936 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنِ امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ قَالَتْ لَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ. طرفاه 5935، 5941 - تحفة 15747 - 213/ 7 5937 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ، وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ». قَالَ نَافِعٌ الْوَشْمُ فِى اللِّثَةِ. أطرافه 5940، 5942، 5947 - تحفة 7930 5938 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَدِمَ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ آخِرَ قَدْمَةٍ قَدِمَهَا، فَخَطَبَنَا فَأَخْرَجَ كُبَّةً مِنْ شَعَرٍ قَالَ مَا كُنْتُ أَرَى أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا غَيْرَ الْيَهُودِ، إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سَمَّاهُ الزُّورَ. يَعْنِى الْوَاصِلَةَ فِى الشَّعَرِ. أطرافه 3468، 3488، 5932 - تحفة 11418 5937 - قوله: (الوشم في اللثة) أي في اللثة، فلا يختصُّ باللثة. 84 - باب الْمُتَنَمِّصَاتِ 5939 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ لَعَنَ عَبْدُ اللَّهِ الْوَاشِمَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ. فَقَالَتْ أُمُّ يَعْقُوبَ مَا هَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَمَا لِىَ لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ، وَفِى كِتَابِ اللَّهِ. قَالَتْ وَاللَّهِ لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُهُ. قَالَ وَاللَّهِ لَئِنْ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]. أطرافه 4886، 4887، 5931، 5943، 5948 - تحفة 9450، 9644 85 - باب الْمَوْصُولَةِ 5940 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ لَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ، وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ. أطرافه 5937، 5942، 5947 - تحفة 8048

86 - باب الواشمة

5941 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَنَّهُ سَمِعَ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْمُنْذِرِ تَقُولُ سَمِعْتُ أَسْمَاءَ قَالَتْ سَأَلَتِ امْرَأَةٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَتِى أَصَابَتْهَا الْحَصْبَةُ، فَامَّرَقَ شَعَرُهَا، وَإِنِّى زَوَّجْتُهَا أَفَأَصِلُ فِيهِ فَقَالَ «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمَوْصُولَةَ». طرفاه 5935، 5936 - تحفة 15747 5942 - حَدَّثَنِى يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْوَاشِمَةُ وَالْمُوتَشِمَةُ، وَالْوَاصِلَةُ وَالْمُسْتَوْصِلَةُ». يَعْنِى لَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 5937، 5940، 5947 - تحفة 7688 5943 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ، وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ، مَا لِى لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِى كِتَابِ اللَّهِ. أطرافه 4886، 4887، 5931، 5939، 5948 - تحفة 9450 - 214/ 7 5941 - قوله: (أصابتها الحصبة) "جيجك سى برا - «هاكرا كالا كرا» ". قوله: (فامرق) والإِدغام في باب الانفعال جائز، إلا أن الحديثَ ليس حجةً في اللغة. 86 - باب الْوَاشِمَةِ 5944 - حَدَّثَنِى يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْعَيْنُ حَقٌّ». وَنَهَى عَنِ الْوَشْمِ. طرفه 5740 - تحفة 14696 حَدَّثَنِى ابْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِىٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ ذَكَرْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ حَدِيثَ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ سَمِعْتُهُ مِنْ أُمِّ يَعْقُوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَ حَدِيثِ مَنْصُورٍ. تحفة 9450، 9644 5945 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ رَأَيْتُ أَبِى فَقَالَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ، وَثَمَنِ الْكَلْبِ، وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ، وَالْوَاشِمَةِ وَالْمُسْتَوْشِمَةِ. أطرافه 2086، 2238، 5347، 5962 - تحفة 11811 87 - باب الْمُسْتَوْشِمَةِ 5946 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ أُتِىَ عُمَرُ بِامْرَأَةٍ تَشِمُ فَقَامَ فَقَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ مَنْ سَمِعَ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْوَشْمِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقُمْتُ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَا سَمِعْتُ. قَالَ مَا سَمِعْتَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ تَشِمْنَ وَلاَ تَسْتَوْشِمْنَ». تحفة 14909

88 - باب التصاوير

5947 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ، وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ. أطرافه 5937، 5940، 5942 - تحفة 8137 5948 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ. مَا لِى لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِى كِتَابِ اللَّهِ. أطرافه 4886، 4887، 5931، 5939، 5943 - تحفة 9450 88 - باب التَّصَاوِيرِ 5949 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِى طَلْحَةَ - رضى الله عنهم - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَدْخُلُ الْمَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ تَصَاوِيرُ». وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ سَمِعْتُ أَبَا طَلْحَةَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3225، 3226، 3322، 4002، 5958 - تحفة 3779 - 215/ 7 وفي الرواية اضطراب في الألفاظ ولما لم ينفصل فيه أمر عند المصنف، بوب على اللفظين، وذلك من دأبه، حيث يضع الترجمتين حسب اللفظين، فيما لم يتعينُ عنده أحدُ اللفظين، كما فعل في قوله صلى الله عليه وسلّم «إذا أمَّنَ الإِمامُ فأمِّنُوا»، فأخرجه في باب الصلاة، ورُوي فيه لفظ القارىء في الدعوات، مكان الإِمام، فبوب عليه أيضًا وهكذا فعله في حديث إنظارِ المُعسر، إلا أني نبَّهتُك على أنها صنيعه هذا في إقامة الترجمتين في حديث إنظار المعسر، ليس بجيد، بخلاف حديث التأمين، والفرق قد ذكرناه. 5949 - قوله: (لا تدخل الملائكة) وعدمُ دخولهم من الأمور التكوينية، فلا بحث لهم عن كون تلك التصاوير جائزة، أو غير جائزة، ولعلهم لا يدخلون بيتًا فيه تصاوير مطلقًا. 89 - باب عَذَابِ الْمُصَوِّرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ 5950 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ مُسْلِمٍ قَالَ كُنَّا مَعَ مَسْرُوقٍ فِى دَارِ يَسَارِ بْنِ نُمَيْرٍ، فَرَأَى فِى صُفَّتِهِ تَمَاثِيلَ فَقَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ». تحفة 9575 5951 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ». طرفه 7558 - تحفة 7807

90 - باب نقض الصور

5951 - قوله: (إن الذين يصنعون هذه الصور) ولينظر في هذا اللفظ، ليتضح أن لفظَ الصورةِ هل يختصُّ بالحيوانات فقط، أو يُستعمل في غيرها أيضًا. والظاهر أنَّ أغلب استعماله في الحيوانا وعليه قوله صلى الله عليه وسلّم في الصفحة الآتية، وما بعدها: «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة» اهـ. فدل على أن الصورة في ذهن الشارع تُستعمل للحيوانات، وإلا فلا بأس بصورة الشجرة. 90 - باب نَقْضِ الصُّوَرِ 5952 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - حَدَّثَتْهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِى بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلاَّ نَقَضَهُ. تحفة 17424 5953 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ أَبِى هُرَيْرَةَ دَارًا بِالْمَدِينَةِ فَرَأَى أَعْلاَهَا مُصَوِّرًا يُصَوِّرُ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِى، فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً، وَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً». ثُمَّ دَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ حَتَّى بَلَغَ إِبْطَهُ فَقُلْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَشَىْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مُنْتَهَى الْحِلْيَةِ. طرفه 7559 - تحفة 14906، 14912 أ 91 - باب مَا وُطِئَ مِنَ التَّصَاوِيرِ 5954 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ - وَمَا بِالْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ أَفْضَلُ مِنْهُ - قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ سَفَرٍ وَقَدْ سَتَرْتُ بِقِرَامٍ لِى عَلَى سَهْوَةٍ لِى فِيهَا تَمَاثِيلُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَتَكَهُ وَقَالَ «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ». قَالَتْ فَجَعَلْنَاهُ وِسَادَةً أَوْ وِسَادَتَيْنِ. أطرافه 2479، 5955، 6109 - تحفة 17483 - 216/ 7 5955 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ سَفَرٍ، وَعَلَّقْتُ دُرْنُوكًا فِيهِ تَمَاثِيلُ، فَأَمَرَنِى أَنْ أَنْزِعَهُ، فَنَزَعْتُهُ. أطرافه 2479، 5954، 6109 - تحفة 16968 5956 - وَكُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ. أطرافه 250، 261، 263، 273، 299، 7339 - تحفة 16968 وحاصله كون التصاوير مُمتَهنة. واعلم أن فعلَ التصوير حرامٌ مطلقًا - أي تصوير الحيوان - سواء كانت صغيرة أو كبيرة، مجسمة أو مسطحة، ممتهنة أو موقرة، وإنما الكلام في نفس التصوير، أي الصورة، فيعلم من «الكبير - شرح المنية»: أن الصغيرة هي التي لا تبدو للناظر أعضاؤُها، وإلا فهي كبيرة.

92 - باب من كره القعود على الصورة

5954 - قوله: (قرام) "بتلى جادر". قوله: (سهوة) طاق. قوله: (فجعلناه وسادتين) ولم تتنقح المسألة من هذا اللفظ أيضًا، لأن صدرَ الحديثِ يدلُّ على أن الإِباحة لأجل الهتْك، وآخره يدل على أن الإِباحة لكونها مُمتنهة، لأنه لا دليل في جعلِها وسادتين، على انشقاق تلك التصاوير أيضًا. 92 - باب مَنْ كَرِهَ الْقُعُودَ عَلَى الصُّورَةِ 5957 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ. فَقُلْتُ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِمَّا أَذْنَبْتُ. قَالَ «مَا هَذِهِ النُّمْرُقَةُ». قُلْتُ لِتَجْلِسَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا. قَالَ «إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ. وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لاَ تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ الصُّورَةُ». أطرافه 2105، 3224، 5181، 5961، 7557 - تحفة 17559 5958 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِى طَلْحَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لاَ تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ الصُّورَةُ». قَالَ بُسْرٌ ثُمَّ اشْتَكَى زَيْدٌ فَعُدْنَاهُ، فَإِذَا عَلَى بَابِهِ سِتْرٌ فِيهِ صُورَةٌ فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ رَبِيبِ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَلَمْ يُخْبِرْنَا زَيْدٌ عَنِ الصُّوَرِ يَوْمَ الأَوَّلِ. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَلَمْ تَسْمَعْهُ حِينَ قَالَ إِلاَّ رَقْمًا فِى ثَوْبٍ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو - هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ - حَدَّثَهُ بُكَيْرٌ حَدَّثَهُ بُسْرٌ حَدَّثَهُ زَيْدٌ حَدَّثَهُ أَبُو طَلْحَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3225، 3226، 3322، 4002، 5949 - تحفة 3775 ترجم عليه أولًا بما وُطِىء من التصاوير، وأشار بها إلى جواز التصاوير التي توطأ، ثم ترجم عليه بكراهة القعود، وهذا يدل على عدم الجواز مطلقًا. وتفصيله أن قول عائشة: «فجعلناه وسادتين»، يدل على أن التصاويرَ إذا كانت مُمتنهة توطأ، جازت، وقول النبي صلى الله عليه وسلّم «إن أصحاب هذه الصور يعذبون»، حين قالت له عائشة: «إني اشتريت نُمرقة، لتجلس عليها» ... إلخ، بظاهره يدل على عدم جواز التصاوير مطلقًا، أي سواء كانت مُمتنهة، أو لا، لأنها صرحت بأنها اشترتها للجلوس والامتهان، ومع ذلك منعها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عنها. ولما لم يتضح للبخاري سبيل إلى التوفيق بينهما، ترجم أولًا بالجواز، وثانيًا بالكراهة، لعدم الانفصال عنده. فإِما أن يقال: إن مختار المصنف هو الأول، أي الجواز إذا كانت مُمتنهة، وإنما ترجم ثانيًا، إشارة إلى أنه لو ذهبَ ذاهبٌ إلى عدمِ الجوازِ مطلقًا، نظرًا إلى كراهةِ القُعود، فكان له مساغٌ أيضًا، وإن لم يكن ذلك مختارًا له، ولذا

صدَّرَها: بمن كره ... إلخ. أو يقال: إنه أشار إلى الفرق بين الوطء، والجلوس، فإن في الدوس والوطء امتهانًا لها، فتجوز، بخلاف الجلوس عليها، فإنَّه أخف من الوطء، فلا تجوز أو يقال: إنهما واقعتان، إلا أنه بعيدٌ، لأنه يُستبعد كلَّ البعدِ أن يكون النبيُّ صلى الله عليه وسلّم كره أمرًا أشد الكراهة، ثم كانت عائشة عادت إلى مثلها، فلا بد أن تكون هاتان واقعةٌ واحدة. قلتُ: إن المصنف، وإن لم يتضح له سبيل التوفيق، لكني أقول: إن عائشة لما قالت له: «إني اشتريتها لتجلس عليها»، انتقل النبيُّ صلى الله عليه وسلّم من مؤلة التصاوير إلى مسألة عمر التصوير، وذلك لأنه لو سكت عليه لجاز أن يَتوهم أحدٌ أن تلك التصاوير إذا كانت جائزة، فلعله يجوز عملها أيضًا، ولا ريب أنه ينبغي للنبيِّ أن يزيح مثل هذه الأوهام، لئلا تفضي إلى الأغلاط، فنبَّه على أن تلك التصاوير وإن جازت لامتهانها، لكنَّ عملَها حرام، كما إذا لم تكن مُمتنهة. ألا ترى إلى قوله: «إن أصحاب هذه الصور» ... إلخ، فلم يقل في التصاوير شيئًا، ولكنه ذكر الوعيدَ فيمن صورها. أما قوله: «وأن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه الصور»، فليس حكمًا على تلك التصاوير المعينة، بل حكمًا على جنسها، وإن لم يتحقق في هذا الفرد. ثم إنك قد علمت أنَّ في المسألة عندنا تفصيلًا، ويُشعر به كلام محمد، ويُشير إلى بعض هذه التفاصيل ما عند النسائي في باب التصاوير عن أبي هريرة، قال: «استأذن جبريل عليه السلام على النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فقال: أدخل، فقال: كيف أدخل وفي بيتك سِترٌ، وفيه تصاوير، فإِما أن تقطع رأسها، أو تجعل بساطًا يوطأ» اهـ. ففيه دليل على أن التصاوير إذا قطعت رءُوسها، فصارت كهيئة الشجرة، أو جعلت فراشًا توطأ، لا بأس بها، وإن كان حديث البخاري يُوهم الإِطلاق في عدم الجواز، وقد ذكرنا وجهه. 5958 - قوله: (إلا رقمًا في ثوب)، وظاهره أنَّ التصاوير إذا كانت منقوشةً جازت، وأن لا يكون الحرام منها، إلا المجسمة مع أنه ليس كذلك، فلا بد من جمع سائر قطعات الحديث في هذا الباب لتتم المسألة، والاقتصار على بعض دون بعض قصورٌ. وعند النسائي: أن جبرئيل عليه السلام كان واعد النبيَّ صلى الله عليه وسلّم بالزيارة، فلم يأته على الموعد، فاعتذر عنه، وقال: إنه كان في البيت جرو كلب، فأمر بإِخراجه، ثم أمر برش الماء على موضعه واعتبر المالكية هذا الرش مسألة في سائر النجاسات المشكوكة، فالحكم عندهم فيها أنه يرش عليها، وإذا كانت متيقنة غسلت، خلافًا لسائر الأئمة، وفيها رواية في التصوير أيضًا.

93 - باب كراهية الصلاة فى التصاوير

93 - باب كَرَاهِيَةِ الصَّلاَةِ فِى التَّصَاوِيرِ 5959 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ قِرَاَمٌ لِعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمِيطِى عَنِّى، فَإِنَّهُ لاَ تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ لِى فِى صَلاَتِى». طرفه 374 - تحفة 1053 94 - باب لاَ تَدْخُلُ الْمَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ 5960 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَرُ - هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ - عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَعَدَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - جِبْرِيلُ فَرَاثَ عَلَيْهِ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَقِيَهُ، فَشَكَا إِلَيْهِ مَا وَجَدَ، فَقَالَ لَهُ «إِنَّا لاَ نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلاَ كَلْبٌ». طرفه 3227 - تحفة 6784 - 217/ 7 95 - باب مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ 5961 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ، فَعَرَفَتْ فِى وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، مَاذَا أَذْنَبْتُ قَالَ «مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ». فَقَالَتِ اشْتَرَيْتُهَا لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ - وَقَالَ - إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِى فِيهِ الصُّوَرُ لاَ تَدْخُلُهُ الْمَلاَئِكَةُ». أطرافه 2105، 3224، 5181، 5957، 7557 - تحفة 17559 5961 - قوله: (أحيوا ما خلقتم) أي إني كنت أنا المصور، فكان التصوير من عملي المختص بي، فإذا حكيتموه، فانفخوا فيه الروح أيضًا. 96 - باب مَنْ لَعَنَ الْمُصَوِّرَ 5962 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ اشْتَرَى غُلاَمًا حَجَّامًا فَقَالَ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ، وَثَمَنِ الْكَلْبِ، وَكَسْبِ الْبَغِىِّ، وَلَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ وَالْمُصَوِّرَ. أطرافه 2086، 2238، 5347، 5945 - تحفة 11811 97 - باب مَنْ صَوَّرَ صُورَةً كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ 5963 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ سَمِعْتُ

98 - باب الارتداف على الدابة

النَّضْرَ بْنَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ يُحَدِّثُ قَتَادَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُمْ يَسْأَلُونَهُ وَلاَ يَذْكُرُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى سُئِلَ فَقَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِى الدُّنْيَا كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ». طرفاه 2225، 7042 - تحفة 6536 98 - باب الاِرْتِدَافِ عَلَى الدَّابَّةِ 5964 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ، عَلَى إِكَافٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ وَرَاءَهُ. أطرافه 2987، 4566، 5663، 6207 - تحفة 105 99 - باب الثَّلاَثَةِ عَلَى الدَّابَّةِ 5965 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ اسْتَقْبَلَهُ أُغَيْلِمَةُ بَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَحَمَلَ وَاحِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَالآخَرَ خَلْفَهُ. طرفاه 1798، 5966 - تحفة 6053 - 218/ 7 100 - باب حَمْلِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ غَيْرَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقالَ بَعْضُهُمْ: صَاحِب الدَّابَّةِ أَحقُّ بِصَدْرِ الدَّابَّةِ، إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ. 5966 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ذُكِرَ الأَشَرُّ الثَّلاَثَةُ عِنْدَ عِكْرِمَةَ فَقَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ حَمَلَ قُثَمَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَالْفَضْلَ خَلْفَهُ، أَوْ قُثَمَ خَلْفَهُ، وَالْفَضْلَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَيُّهُمْ شَرٌّ أَوْ أَيُّهُمْ خَيْرٌ. طرفاه 1798، 5965 - تحفة 6007 5966 - قوله: (ذكر الأشر الثلاثة عند عكرمة) أي إذا ركب ثلاثة على دابة، فأيهم أشر منهم. وحاصلُ جوابِه أنَّه لا تحديدَ فيه، إنما ذلك بقدرِ طاقة الدابة، فإذا كانت قويةً تحمل الثلاثة بدون تعب، لا بأس به. 101 - باب إِرْدَافِ الرَّجُلِ خَلْفَ الرَّجُلِ 5967 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْسَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ إِلاَّ أَخِرَةُ الرَّحْلِ فَقَالَ «يَا مُعَاذُ». قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ «يَا مُعَاذُ». قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ «يَا مُعَاذُ». قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ «هَلْ تَدْرِى مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ». قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا». ثُمَّ سَارَ سَاعَةً

102 - باب إرداف المرأة خلف الرجل

ثُمَّ قَالَ «يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ». قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. فَقَالَ «هَلْ تَدْرِى مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوهُ». قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ». أطرافه 2856، 6267، 6500، 7373 - تحفة 11308 5967 - قوله: (ما حق العباد على الله) قال الشيخ ابن الهُمَام: ولم نتحصل معناه، فإنَّه ليس لأحد على الله حق. واعلم أن المُعتزلَة أوجبوا على الله سبحانه أن يتقيدَ بم هو مستحسنٌ عند العقل، ويتحرز عما هو مستهجنٌ عنده، فهؤلاء جعلوا لأَحكم الحاكمين أيضًا قواعد يجب عليه أنْ لا يخالفُها، والعياذ بالله. وذهب المتكلمون إلى أن الله تعالى لا يجب عليه شيءٌ. قلتُ: فلنفرض ههنا مراتب بعضها فوق بعض، فما قاله المتكلمون حق بلا مِرية، ولكنه في مرتبة، ولا حق على الله في تلك المرتبة لأحد، أما إذا تنزلت عنها إلى مرتبة دُونها، وهي أن الله سبحانه وعد عباره أن لا يعذبهم إذا لم يشركوا به، فذلك حقٌّ عليه أن ينجزَ ما وعده، وهذا على نحو قوله: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54] فلا حقَّ على الله قبل الوعد، وعليه حقٌّ إذا وعد. وحينئذٍ ظهر معنى ما عَجَزَ الشيخ عن إدراكه، وظهر أنه لا يخالفُ مذهب المتكلمين أيضًا. وهذا عندي أشبهُ بنزاعهم في حُسن الأشياء، وقُبحها. فقيل: إنه عقليٌّ، وقيل: شرعيٌّ، يجعل الشارع. قلتُ: وهذا النزاع أيضًا باعتبار المرتبتين، وكلاهما على الحقِّ، ففي مرتبة كذا، وفي مرتبة كذا، فلو تكلمت في المرتبة العليا لوجدت أنَّ الحُسن والقبح في الأشياء، يجعل الله سبحانه، ولا بدّ، فكلام الأشْعرِي صوابٌ، وإن نزلت إلى مرتبة دُونها، وراعيت الأمرَ بعد أمرِ الشارع، ونهيه، وجدت أنهما عقليان، فإنَّه من المحال أن يأمرَ الشرعُ بشيءٍ لا يكون فيه حُسن، أو ينهى عن شيء لا يكون فيه قبح، فصح كلام الماتُرِيْدِي أيضًا. وبعبارة أخرى: إن تكلمت في علم الكلام، فالأصوب باعتبارِ موضوعِ الفنِّ نظرُ الأشعري، وإن تكلمت في علم الشرع، فالأقرب كلام الماتريدي، لأن نظر المتكلمين في المرتبة العُليا، ونظر أهل الشرع في المرتبة الدُّنيا، وهي بعد ورود الشرع، فصح النظرانِ، ولم يبق نزاعٌ، ولا دِفاعٌ. والحمد العزيز العليم. 102 - باب إِرْدَافِ الْمَرْأَةِ خَلْفَ الرَّجُلِ 5968 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ

103 - باب الاستلقاء ووضع الرجل على الأخرى

أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ خَيْبَرَ، وَإِنِّى لَرَدِيفُ أَبِى طَلْحَةَ وَهْوَ يَسِيرُ وَبَعْضُ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَدِيفُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ عَثَرَتِ النَّاقَةُ فَقُلْتُ الْمَرْأَةَ. فَنَزَلْتُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّهَا أُمُّكُمْ». فَشَدَدْتُ الرَّحْلَ وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا دَنَا أَوْ رَأَى الْمَدِينَةَ قَالَ «آيِبُونَ تَائِبُونَ، عَابِدُونَ لِرَبِّنَا، حَامِدُونَ». أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 6185، 6363، 6369، 7333 - تحفة 1654 - 219/ 7 103 - باب الاِسْتِلْقَاءِ وَوَضْعِ الرِّجْلِ عَلَى الأُخْرَى 5969 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ أَبْصَرَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَضْطَجِعُ فِى الْمَسْجِدِ، رَافِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى. طرفاه 475، 6287 - تحفة 5298 ***

78 - كتاب الأدب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 78 - كتاب الأَدَب 1 - باب البِرِّ والصِّلَةِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} [العنكبوت: 8] 5970 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عَيْزَارٍ أَخْبَرَنِى قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِىَّ يَقُولُ أَخْبَرَنَا صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ - قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ «الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا». قَالَ ثُمَّ أَىُّ قَالَ «ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ». قَالَ ثُمَّ أَىّ قَالَ «الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ». قَالَ حَدَّثَنِى بِهِنَّ وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِى. أطرافه 527، 2782، 7534 - تحفة 9232 - 2/ 8 قال صاحب «المغرب»: إن الأدب اسم لكلِّ رياضة محمودة، يتخرج بها الرجل إلى كلِّ فضيلةٍ من الفضائل، وترجمته في الهندية "تميز". ويقال للفن المخصوص: الأدب، لأنه كان في زمن سلاطين الإِسلام وسيلةً إلى حُسن التقرير، والتحرير، وكتابة الفرامين، إلى غير ذلك من المَلَكات الحسنة، مما لا بد لحُضَّار مجالسهم. 2 - باب مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ 5971 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ شُبْرُمَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِى قَالَ «أُمُّكَ». قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ «أُمُّكَ». قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ «أُمُّكَ». قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ «ثُمَّ أَبُوكَ». وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ مِثْلَهُ. تحفة 14905، 14893، 14925 5971 - قوله: (قال: أمك) أمره ببرِّ أمه ثلاث مرات، ثم بأبيه في المرة الرابعة، فدلَّ على تقدُّمها قي حق البر. والفصل فيه أن الأمَّ أولى بالخِدمة، والأب أولى بالتوقير والتعظيم. 3 - باب لاَ يُجَاهِدُ إِلاَّ بِإِذْنِ الأَبَوَيْنِ 5972 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ وَشُعْبَةَ قَالاَ حَدَّثَنَا حَبِيبٌ ح.

4 - باب لا يسب الرجل والديه

قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْعَبَّاسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أُجَاهِدُ. قَالَ «لَكَ أَبَوَانِ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ». طرفه 3004 - تحفة 8634 - 3/ 8 4 - باب لاَ يَسُبُّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ 5973 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالَ «يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أَمَّهُ». تحفة 8618 5973 - قوله: (فيسب أباه) ولما كان سب الأب بلا واسطة مستبعدًا في زمن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم احتاج في تصويره إلى تكلف، فجعَلَه سابًا لأبيه بواسطة سبِّه أب رجل آخر، فإنَّه ينجر إلى سب أبيه بنفسه، ففيه دليل على أنَّ النبيَّ ربما لا يريد الاستقصاء بالجزئيات التي هي آتية في الغابر، كما ترى فيما نحن فيه، حيث عدل في تصوير السبِّ إلى التسبيب، مع أنه لا يحتاج في زماننا إلى تصوير، فإنَّ الرجلَ يسبُّ أباه اليوم كِفَاحًا، وقاحة بلا واسطة، فمن ادعى أنَّ الجُزئيات بأسرها حاضرةٌ عند النبيَّ، حضورها عند خالقها، فقد افترى إثمًا عظيمًا، ولو استقصى الأبناء بالجزئيات كلها، لكان حقُّ الجوابِ أنه، وإن لم يكن اليوم هكذا، لكنه كائنٌ، ولم يحتجِ في تصويره إلى تسبيب. 5 - باب إِجَابَةِ دُعَاءِ مَنْ بَرَّ وَالِدَيْهِ 5974 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا ثَلاَثَةُ نَفَرٍ يَتَمَاشَوْنَ أَخَذَهُمُ الْمَطَرُ، فَمَالُوا إِلَى غَارٍ فِى الْجَبَلِ، فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ، فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْظُرُوا أَعْمَالاً عَمِلْتُمُوهَا لِلَّهِ صَالِحَةً، فَادْعُوا اللَّهَ بِهَا لَعَلَّهُ يَفْرُجُهَا. فَقَالَ أَحَدُهُمُ اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِى وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَلِى صِبْيَةٌ صِغَارٌ كُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ، فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ فَحَلَبْتُ بَدَأْتُ بِوَالِدَىَّ أَسْقِيهِمَا قَبْلَ وَلَدِى، وَإِنَّهُ نَاءَ بِىَ الشَّجَرُ فَمَا أَتَيْتُ حَتَّى أَمْسَيْتُ، فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ، فَجِئْتُ بِالْحِلاَبِ فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا، أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا مِنْ نَوْمِهِمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَبْدَأَ بِالصِّبْيَةِ قَبْلَهُمَا، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَىَّ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِى وَدَأْبَهُمْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ لَنَا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ، فَفَرَجَ اللَّهُ لَهُمْ فُرْجَةً حَتَّى يَرَوْنَ مِنْهَا السَّمَاءَ. وَقَالَ الثَّانِى اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَتْ لِى ابْنَةُ عَمٍّ، أُحِبُّهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، فَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا، فَأَبَتْ حَتَّى آتِيَهَا

6 - باب عقوق الوالدين من الكبائر

بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَسَعَيْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِائَةَ دِينَارٍ، فَلَقِيتُهَا بِهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ، وَلاَ تَفْتَحِ الْخَاتَمَ. فَقُمْتُ عَنْهَا، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا مِنْهَا فَفَرَجَ لَهُمْ فُرْجَةً. وَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنِّى كُنْتُ اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقِ أَرُزٍّ فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قَالَ أَعْطِنِى حَقِّى. فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَقَّهُ، فَتَرَكَهُ وَرَغِبَ عَنْهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيَهَا، فَجَاءَنِى فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَظْلِمْنِى، وَأَعْطِنِى حَقِّى. فَقُلْتُ اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ الْبَقَرِ وَرَاعِيهَا. فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَهْزَأْ بِى. فَقُلْتُ إِنِّى لاَ أَهْزَأُ بِكَ، فَخُذْ ذَلِكَ الْبَقَرَ وَرَاعِيَهَا. فَأَخَذَهُ فَانْطَلَقَ بِهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ مَا بَقِىَ، فَفَرَجَ اللَّهُ عَنْهُمْ». أطرافه 2215، 2272، 2333، 3465 - تحفة 7494 - 4/ 8 6 - باب عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْكَبَائِرِ قالَهُ ابْنُ عَمْرٍو عَنِ النبي صلى الله عليه وسلّم. 5975 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ وَرَّادٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَمَنْعَ وَهَاتِ، وَوَأْدَ الْبَنَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ». أطرافه 844، 1477، 2408، 6330، 6473، 6615، 7292 - تحفة 11536 5976 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْوَاسِطِىُّ عَنِ الْجُرَيْرِىِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ». قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ». وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ «أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ، أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ». فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى قُلْتُ لاَ يَسْكُتُ. أطرافه 2654، 6273، 6274، 6919 - تحفة 11679 5977 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْكَبَائِرَ، أَوْ سُئِلَ عَنِ الْكَبَائِرِ فَقَالَ «الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ». فَقَالَ «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ - قَالَ - قَوْلُ الزُّورِ - أَوْ قَالَ - شَهَادَةُ الزُّورِ». قَالَ شُعْبَةُ وَأَكْثَرُ ظَنِّى أَنَّهُ قَالَ «شَهَادَةُ الزُّورِ». طرفاه 2653، 6871 - تحفة 1077 - 5/ 8 7 - باب صِلَةِ الْوَالِدِ الْمُشْرِكِ 5978 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَخْبَرَنِى أَبِى أَخْبَرَتْنِى أَسْمَاءُ ابْنَةُ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ أَتَتْنِى أُمِّى رَاغِبَةً فِى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -

8 - باب صلة المرأة أمها ولها زوج

فَسَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - آصِلُهَا قَالَ «نَعَمْ». قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: 8]. أطرافه 2620، 3183، 5979 - تحفة 15724 8 - باب صِلَةِ الْمَرْأَةِ أُمَّهَا وَلَهَا زَوْجٌ 5979 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى هِشَامٌ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ قَدِمَتْ أُمِّى وَهْىَ مُشْرِكَةٌ فِى عَهْدِ قُرَيْشٍ وَمُدَّتِهِمْ، إِذْ عَاهَدُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ أَبِيهَا، فَاسْتَفْتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ إِنَّ أُمِّى قَدِمَتْ وَهْىَ رَاغِبَةٌ قَالَ «نَعَمْ صِلِى أُمَّكِ». أطرافه 2620، 3183، 5978 - تحفة 15724 5980 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ يَعْنِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَةِ. أطرافه 7، 51، 2681، 2804، 2941، 2978، 3174، 4553، 6260، 7196، 7541 - تحفة 4850 9 - باب صِلَةِ الأَخِ الْمُشْرِكِ 5981 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ رَأَى عُمَرُ حُلَّةَ سِيَرَاءَ تُبَاعُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْتَعْ هَذِهِ، وَالْبَسْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَإِذَا جَاءَكَ الْوُفُودُ. قَالَ «إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ». فَأُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهَا بِحُلَلٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ بِحُلَّةٍ فَقَالَ كَيْفَ أَلْبَسُهَا وَقَدْ قُلْتَ فِيهَا مَا قُلْتَ قَالَ «إِنِّى لَمْ أُعْطِكَهَا لِتَلْبَسَهَا، وَلَكِنْ تَبِيعُهَا أَوْ تَكْسُوهَا». فَأَرْسَلَ بِهَا عُمَرُ إِلَى أَخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ. أطرافه 886، 948، 2104، 2612، 2619، 3054، 5841، 6081 - تحفة 7214 10 - باب فَضْلِ صِلَةِ الرَّحِمِ 5982 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ عُثْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِى بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِى الْجَنَّةَ. ح. طرفاه 1396 م، 5983 - تحفة 3491 - 6/ 8 5983 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا بَهْزٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ وَأَبُوهُ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمَا سَمِعَا مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ - رضى الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِى بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِى الْجَنَّةَ. فَقَالَ الْقَوْمُ مَالَهُ مَالَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَرَبٌ مَالَهُ». فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَعْبُدُ اللَّهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِى الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، ذَرْهَا». قَالَ كَأَنَّهُ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ. طرفاه 1396 م، 5982 - تحفة 3491

11 - باب إثم القاطع

11 - باب إِثْمِ الْقَاطِعِ 5984 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ إِنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ». تحفة 3190 12 - باب مَنْ بُسِطَ لَهُ فِي الرِّزْقِ بِصِلَةِ الرَّحِمِ 5985 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْنٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِى رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِى أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ». تحفة 13070 5986 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِى رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِى أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ». طرفه 2067 - تحفة 1516 5985 - قوله: (أن ينسأ له في أثره) والنسأ هو: التأخير، وهذا لا يكون إلا إذا ثال عُمْره، فإنَّه كلما طالَ عُمْره طال أثره. وقد مر منا أنَّ لذوي الأرحام دخلًا في وجوده، ففي خدمتهم دخل في زيادة عمره، ثم إن تلك التغيرات في المراتب التحتانية، وأما المرتبة الأخيرة، فهي كائنةٌ على ما كانت، وهذا الذي قاله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] فالمحو والإِثبات في المراتب التحتانية، وقد عد الشاه ولي الله قُدِّسَ سره للتقدير نحو خمسَ مراتب، وهي تزيد عليها عندي وبالجملة المراتب التحتانية فيها تقديرات مستأنفة. 13 - باب مَنْ وَصَلَ وَصَلَهُ اللَّهُ 5987 - حَدَّثَنِى بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِى مُزَرِّدٍ قَالَ سَمِعْتُ عَمِّى سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ، قَالَتِ الرَّحِمُ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ. قَالَ نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ. وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ. قَالَتْ بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ فَهْوَ لَكِ». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)} [محمد: 22]. أطرافه 4830، 4831، 4832، 7502 - تحفة 13382 - 7/ 8 5988 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الرَّحِمَ سُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ اللَّهُ مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ». تحفة 12823

14 - باب يبل الرحم ببلالها

5989 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِى مُزَرِّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الرَّحِمُ شِجْنَةٌ، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعْتُهُ». تحفة 17351 5989 - قوله: (الرحم شجنة) الشَّجْنَة: عروقُ الشجرة المشتبكة، فكذلك الرحم، خَرَجَ من اسم الرحمن، فصار قريبًا من الاشتقاق النحوي. 14 - باب يَبُلُّ الرَّحِمَ بِبَلاَلِهَا 5990 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - جِهَارًا غَيْرَ سِرٍّ يَقُولُ «إِنَّ آلَ أَبِى» - قَالَ عَمْرٌو فِى كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ بَيَاضٌ - لَيْسُوا بِأَوْلِيَائِى، إِنَّمَا وَلِيِّىَ اللَّهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ. زَادَ عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ بَيَانٍ عَنْ قَيْسٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - «وَلَكِنْ لَهُمْ رَحِمٌ أَبُلُّهَا بِبَلاَلِهَا». يَعْنِى أَصِلُهَا بِصِلَتِهَا. تحفة 10744 وهذه محاورة يُراد بها صِلة الرحم، وترجمته بالهندية "سينجنا". 5990 - قوله: (إن آل أبى) حذف المضافَ إليه عمدًا، والمعنى إن آل أبي طالب ... إلخ. قوله: (وببلائها) لا أعرف له وجهًا أي إن البِلال له معنًى صحيح، أما البَلاء فليس له ههنا معنى صحيح. 15 - باب لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِىء 5991 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ وَالْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو وَفِطْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - وَقَالَ سُفْيَانُ لَمْ يَرْفَعْهُ الأَعْمَشُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَرَفَعَهُ حَسَنٌ وَفِطْرٌ - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الْوَاصِلُ الَّذِى إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا». تحفة 8915 أي إذا كافأه وساواه في الصلة، فليس بواصل، إنما الواصل من سبَق عليه في الصِّلة، وأربى فيها. 16 - باب مَنْ وَصَلَ رَحِمَهُ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ 5992 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا

17 - باب من ترك صبية غيره حتى تلعب به، أو قبلها أو مازحها

فِى الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صِلَةٍ وَعَتَاقَةٍ وَصَدَقَةٍ، هَلْ لِى فِيهَا مِنْ أَجْرٍ. قَالَ حَكِيمٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ». وَيُقَالُ أَيْضًا عَنْ أَبِى الْيَمَانِ أَتَحَنَّثُ. وَقَالَ مَعْمَرٌ وَصَالِحٌ وَابْنُ الْمُسَافِرِ أَتَحَنَّثُ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ التَّحَنُّثُ التَّبَرُّرُ، وَتَابَعَهُمْ هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ. أطرافه 1436، 2220، 2538 - تحفة 3432 - 8/ 8 5992 - قوله: (أسلمت على ما أسلفت) وهذا بناءً على أن قُرُبات الكافر معتبرةٌ كلها. وقد مهدناه من قبل بقي الكلامُ في أنه هل يُقام له الميزان، أو لا؟ فرأيت عن الماتريدي أنه سُئل عن الكافر، هل يقام له الميزان؟ فسكت، ثم أجاب في المرة الثانية أنه يقام له ميزان التمييز، وإن لم تعدل له كِفة الحسنات والسيئات. وفهمت منه أنَّ الكافرَ، وإن لم يكن لأعماله وزنٌ، إلا أنه يُميز بين من كثرتْ سيئاته، وبين من قلّت، ذكره في «شرح عقائد السبكي». 17 - باب مَنْ تَرَكَ صَبِيَّةَ غَيْرِهِ حَتَّى تَلْعَبَ بِهِ، أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ مَازَحَهَا 5993 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَتْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ أَبِى وَعَلَىَّ قَمِيصٌ أَصْفَرُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «سَنَهْ سَنَهْ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَهْىَ بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنَةٌ. قَالَتْ فَذَهَبْتُ أَلْعَبُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ، فَزَجَرَنِى أَبِى. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «دَعْهَا». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَبْلِى وَأَخْلِقِى، ثُمَّ أَبْلِى وَأَخْلِقِى، ثُمَّ أَبْلِى وَأَخْلِقِى». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَبَقِيَتْ حَتَّى ذَكَرَ. يَعْنِى مِنْ بَقَائِهَا. أطرافه 3071، 3874، 5823، 5845 - تحفة 15779 5993 - قوله: (حتى ذكر) أي بقيت تلك الابنة حيًا، وبقي ذلك الثوب أيضًا. 18 - باب رَحْمَةِ الْوَلَدِ وَتَقْبِيلِهِ وَمُعَانَقَتِهِ وَقَالَ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ: أَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم إِبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ. 5994 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مَهْدِىٌّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى يَعْقُوبَ عَنِ ابْنِ أَبِى نُعْمٍ قَالَ كُنْتُ شَاهِدًا لاِبْنِ عُمَرَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ. فَقَالَ مِمَّنْ أَنْتَ فَقَالَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ. قَالَ انْظُرُوا إِلَى هَذَا، يَسْأَلُنِى عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَسَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «هُمَا رَيْحَانَتَاىَ مِنَ الدُّنْيَا». طرفه 3753 - تحفة 7300 5995 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَتْهُ قَالَتْ جَاءَتْنِى امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ تَسْأَلُنِى، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِى غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَأَعْطَيْتُهَا، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، ثُمَّ

19 - باب جعل الله الرحمة مائة جزء

قَامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ «مَنْ يَلِى مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ شَيْئًا فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ». طرفه 1418 - تحفة 16350 5996 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو قَتَادَةَ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِى الْعَاصِ عَلَى عَاتِقِهِ، فَصَلَّى فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ رَفَعَهَا. طرفه 516 - تحفة 12124 5997 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْحَسَنَ بْنَ عَلِىٍّ وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِىُّ جَالِسًا. فَقَالَ الأَقْرَعُ إِنَّ لِى عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا. فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ». تحفة 15167 - 9/ 8 5998 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ». تحفة 16913 5999 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - قَدِمَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْىٌ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْىِ قَدْ تَحْلُبُ ثَدْيَهَا تَسْقِى، إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِى السَّبْىِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَتَرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِى النَّارِ». قُلْنَا لاَ وَهْىَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لاَ تَطْرَحَهُ. فَقَالَ «اللَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا». تحفة 10388 5996 - قوله: (فإذا ركع وضع - أي أُمامه - وإذا رفع رفعها) وكانت تلك الصلاة فريضةً، قلتُ: للشافعية فماذا تصنعون الآن برفع اليدين، فإنه لا يمكن في هذه الصورة. 5999 - قوله: (قد تجلب ثديها بالسقى) "دوده سى اوسكابستان بهر كياتها". 19 - باب جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ 6000 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا، وَأَنْزَلَ فِى الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ، حَتَّى تَرْفَعَ الْفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ». طرفه 6469 - تحفة 13161 6000 - قوله: (فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق) وفيه رائحة من وحدة الوجود، لأنه يدل على أنَّ تلك الرحمة عينها جعلت بين العباد، مع أنها كانت جزءً من أجزاء

20 - باب قتل الولد خشية أن يأكل معه

رحمة الرب، فما كان للربِّ جل مجده، صارت للعباد بعينها وهل الوحدة المذكورة ممكنة أو لا؟ فالوجه أنها ممكنة، إلا أن الغُلو فيها غلوٌ. وقد أنكر عنها الشيخ المجدد السَّرهندي في «مكتوباته» وفي «العبقات» أن بطاقةً وجدت من تحت وسادة حضرة الشيخ المجدد، فوجد فيها مكتوبًا: إن آخر ما انكشف على، هو أن وحدة الوجود حقٌّ. قلتُ: وفيه احتمال بعد، ما لم يثبت من جهة صاحب الشرع، وكيف ما كان، ليست المسألة مما تصلح أن تدخل في العقائد. 20 - باب قَتْلِ الْوَلَدِ خَشْيَةَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَهُ 6001 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ قَالَ «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهْوَ خَلَقَكَ». ثُمَّ قَالَ أَىُّ قَالَ «أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَكَ». قَالَ ثُمَّ أَىُّ قَالَ «أَنْ تُزَانِىَ حَلِيلَةَ جَارِكَ». وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68]. أطرافه 4477، 4761، 6811، 6861، 7520، 7532 - تحفة 9480 21 - باب وَضْعِ الصَّبِيِّ فِي الْحِجْرِ 6002 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَضَعَ صَبِيًّا فِى حِجْرِهِ يُحَنِّكُهُ، فَبَالَ عَلَيْهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ. أطرافه 222، 5468، 6355 - تحفة 17321 - 10/ 8 22 - باب وَضْعِ الصَّبِيِّ عَلَى الْفَخِذِ 6003 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَارِمٌ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا تَمِيمَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ يُحَدِّثُهُ أَبُو عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْخُذُنِى فَيُقْعِدُنِى عَلَى فَخِذِهِ، وَيُقْعِدُ الْحَسَنَ عَلَى فَخِذِهِ الأُخْرَى، ثُمَّ يَضُمُّهُمَا ثُمَّ يَقُولُ «اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمَا فَإِنِّى أَرْحَمُهُمَا». وَعَنْ عَلِىٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ التَّيْمِىُّ فَوَقَعَ فِى قَلْبِى مِنْهُ شَىْءٌ، قُلْتُ حَدَّثْتُ بِهِ كَذَا وَكَذَا، فَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ أَبِى عُثْمَانَ، فَنَظَرْتُ فَوَجَدْتُهُ عِنْدِى مَكْتُوبًا فِيمَا سَمِعْتُ طرفاه 3735، 3747 - تحفة 102 23 - باب حُسْنُ الْعَهْدِ مِنَ الإِيمَانِ 6004 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَلَقَدْ هَلَكَتْ

24 - باب فضل من يعول يتيما

قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِى بِثَلاَثِ سِنِينَ، لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا، وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِى الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، وَإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ ثُمَّ يُهْدِى فِى خُلَّتِهَا مِنْهَا. أطرافه 3816، 3817، 3818، 5229، 7484 - تحفة 16815 "يعنى مراسم جسكى ساته قائم هووكى اوسكابها وجب تك وجه انقطاع قائم نهو". 24 - باب فَضْلِ مَنْ يَعُولُ يَتِيمًا 6005 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِى الْجَنَّةِ هَكَذَا». وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى. طرفه 5304 - تحفة 4710 6005 - قوله: (أنا وكافل اليتيم) وقد مر أنه من باب قوله: «المرء مع من أحب»، إلا أنه يرشد إلى خصوصية زائدة، مع الكافل. 25 - باب السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ 6006 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «السَّاعِى عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ كَالَّذِى يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ». طرفاه 5353، 6007 - تحفة 18818 6006 م - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِىِّ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ تحفة 12914 - 11/ 8 6006 - قوله: (الساعي على الأرملة) والوجه فيه أنه جعلَ أوقاتَه معمورةً من السعي عليها، فجوزي بأن كُتب له أجر من جَعل أوقاته معمورةً بالعبادة، فكان كالصائم القائم لا يفتُر. 26 - باب السَّاعِي عَلَى الْمِسْكِينِ 6007 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «السَّاعِى عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ - وَأَحْسِبُهُ قَالَ، يَشُكُّ الْقَعْنَبِىُّ - كَالْقَائِمِ لاَ يَفْتُرُ، وَكَالصَّائِمِ لاَ يُفْطِرُ». طرفاه 5353، 6006 - تحفة 12914 27 - باب رَحْمَةِ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ 6008 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَبِى

28 - باب الوصاة بالجار

سُلَيْمَانَ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ أَتَيْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، فَظَنَّ أَنَّا اشْتَقْنَا أَهْلَنَا، وَسَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا فِى أَهْلِنَا، فَأَخْبَرْنَاهُ، وَكَانَ رَفِيقًا رَحِيمًا فَقَالَ «ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ، وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِى أُصَلِّى، وَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ». أطرافه 628، 630، 631، 658، 685، 819، 2848، 7246 - تحفة 11182 6009 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِى بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ فَقَالَ الرَّجُلُ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِى كَانَ بَلَغَ بِى، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلأَ خُفَّهُ، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ، فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِى الْبَهَائِمِ أَجْرًا. فَقَالَ «فِى كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ». أطرافه 173، 2363، 2466 - تحفة 12574 6010 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى صَلاَةٍ وَقُمْنَا مَعَهُ، فَقَالَ أَعْرَابِىٌّ وَهْوَ فِى الصَّلاَةِ اللَّهُمَّ ارْحَمْنِى وَمُحَمَّدًا، وَلاَ تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا. فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِلأَعْرَابِىِّ «لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعًا». يُرِيدُ رَحْمَةَ اللَّهِ. تحفة 15166 6011 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِى تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى». تحفة 11627 - 12/ 8 6012 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ غَرَسَ غَرْسًا فَأَكَلَ مِنْهُ إِنْسَانٌ أَوْ دَابَّةٌ إِلاَّ كَانَ لَهُ صَدَقَةً». طرفه 2320 - تحفة 1431 6013 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ». طرفه 7376 - تحفة 3211 6011 - قوله: (تعاطفهم) "مهربانى". 28 - باب الْوَصَاةِ بِالْجَارِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} إِلَى قَوْلِهِ: {مُخْتَالًا فَخُورًا} [النساء: 36]. 6014 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ

29 - باب إثم من لا يأمن جاره بوايقه

قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا زَالَ يُوصِينِى جِبْرِيلُ بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ». تحفة 17947 6015 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِى بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ». تحفة 7421 29 - باب إِثْمِ مَنْ لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ {يُوبِقْهُنَّ} [الشورى: 34] يُهلِكْهُنَّ. {مَّوْبِقًا} [الكهف: 52] مَهْلِكًا. 6016 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى شُرَيْحٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ». قِيلَ وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الَّذِى لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ». تَابَعَهُ شَبَابَةُ وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى. وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَشُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. تحفة 12060 30 - باب لاَ تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا 6017 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ - هُوَ الْمَقْبُرِىُّ - عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لاَ تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ». طرفه 2566 - تحفة 14315 - 13/ 8 31 - باب «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ» 6018 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ». أطرافه 5185، 6136، 6138، 6475 - تحفة 12843 6019 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِى شُرَيْحٍ الْعَدَوِىِّ قَالَ سَمِعَتْ أُذُنَاىَ وَأَبْصَرَتْ عَيْنَاىَ حِينَ تَكَلَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ». قَالَ وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَالضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهْوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ». طرفاه 6135، 6476 - تحفة 12056

32 - باب حق الجوار في قرب الأبواب

32 - باب حَقِّ الْجِوَارِ فِي قُرْبِ الأَبْوَابِ 6020 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو عِمْرَانَ قَالَ سَمِعْتُ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِى جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِى قَالَ «إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا». طرفاه 2259، 2595 - تحفة 16163 33 - باب كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ 6021 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ». تحفة 3081 6022 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى بُرْدَةَ بْنِ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ». قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ «فَيَعْمَلُ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ». قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ «فَيُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ». قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ «فَيَأْمُرُ بِالْخَيْرِ». أَوْ قَالَ «بِالْمَعْرُوفِ». قَالَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ «فَيُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ، فَإِنَّهُ لَهُ صَدَقَةٌ». طرفه 1445 - تحفة 9087 34 - باب طِيبِ الْكَلاَمِ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ». 14/ 8 6023 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ ذَكَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - النَّارَ، فَتَعَوَّذَ مِنْهَا وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ، فَتَعَوَّذَ مِنْهَا، وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ - قَالَ شُعْبَةُ أَمَّا مَرَّتَيْنِ فَلاَ أَشُكُّ - ثُمَّ قَالَ «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ». أطرافه 1413، 1417، 3595، 6539، 6540، 6563، 7443، 7512 تحفة 9853 35 - باب الرِّفْقِ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ 6024 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ وَعَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ. قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَهْلاً يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِى الأَمْرِ كُلِّهِ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ». أطرافه 2935، 6030، 6256، 6395، 6401، 6927 - تحفة 16492 6025 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ

36 - باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضا

أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِى الْمَسْجِدِ، فَقَامُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لا تُزْرِمُوهُ». ثُمَّ دَعَا بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَصُبَّ عَلَيْهِ. أطرافه 219، 221، 221 م - تحفة 290 36 - باب تَعَاوُنِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا 6026 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ بُرَيْدِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى جَدِّى أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا». ثُمَّ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. طرفاه 481، 2446 - تحفة 9040 وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسًا إِذْ جَاءَ رَجُلٌ يَسْأَلُ أَوْ طَالِبُ حَاجَةٍ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ «اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا، وَلْيَقْضِ اللهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا شَاءَ». أطرافه 1432، 6028، 7476 - تحفة 9036 37 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85)} [النساء: 85] كِفلٌ: نَصِيبٌ. قالَ أَبُو مُوسى: {كِفْلَيْنِ} [الحديد: 28] أَجْرَينِ، بِالحَبَشِيَّةِ. 6027، 6028 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَتَاهُ السَّائِلُ أَوْ صَاحِبُ الْحَاجَةِ قَالَ «اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا، وَلْيَقْضِ اللهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مَا شَاءَ». أطرافه 1432، 6027، 7476 - تحفة 9036 - 15/ 8 6027 - قوله: (وليقض الله) ... إلخ. وله شرحان: الأول: أن اشفعوا أنتم، سواء أَقُبِل منكم أو لا؛ والثاني: أن ما بلغكم من التعليم، فهو تعليم إلهي (¬1). 38 - باب لَمْ يَكُنِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا 6029 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ سَمِعْتُ مَسْرُوقًا قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو. حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو حِينَ قَدِمَ مَعَ مُعَاوِيَةَ إِلَى الْكُوفَةِ فَذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا، وَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ أَخْيَرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ خُلُقًا». أطرافه 3559، 3759، 6035 - تحفة 8933 6030 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ يَهُودَ أَتَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ. ¬

_ (¬1) لم أفهم ماذا مراده، ولكن ذكر له الشارحون معنى آخر، فليراجع.

39 - باب حسن الخلق والسخاء، وما يكره من البخل

فَقَالَتْ عَائِشَةُ عَلَيْكُمْ، وَلَعَنَكُمُ اللَّهُ، وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ. قَالَ «مَهْلاً يَا عَائِشَةُ، عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ، وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ». قَالَتْ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ «أَوَلَمْ تَسْمَعِى مَا قُلْتُ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ، فَيُسْتَجَابُ لِى فِيهِمْ، وَلاَ يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِىَّ». أطرافه 2935، 6024، 6256، 6395، 6401، 6927 - تحفة 16233 6031 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا أَبُو يَحْيَى هُوَ فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِلاَلِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمْ يَكُنِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَبَّابًا وَلاَ فَحَّاشًا وَلاَ لَعَّانًا، كَانَ يَقُولُ لأَحَدِنَا عِنْدَ الْمَعْتَبَةِ «مَا لَهُ، تَرِبَ جَبِينُهُ». طرفه 6046 - تحفة 1646 6032 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلاً اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا رَآهُ قَالَ «بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ، وَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ». فَلَمَّا جَلَسَ تَطَلَّقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا انْطَلَقَ الرَّجُلُ قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ حِينَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ قُلْتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ تَطَلَّقْتَ فِى وَجْهِهِ وَانْبَسَطْتَ إِلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا عَائِشَةُ مَتَى عَهِدْتِنِى فَحَّاشًا، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ». طرفاه 6054، 6131 - تحفة 16754 - 16/ 8 6031 - قوله: (ترب جبينه) وهذا كما تقول الأم لولدانها بالهندية: "ناك ركر". 39 - باب حُسْنِ الْخُلُقِ وَالسَّخَاءِ، وَمَا يُكْرَهُ مِنَ الْبُخْلِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِى رَمَضَانَ. وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ لَمَّا بَلَغَهُ مَبْعَثُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ لأَخِيهِ: ارْكَبْ إِلَى هَذَا الْوَادِى فَاسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ، فَرَجَعَ فَقَالَ: رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الأَخْلاَقِ. 6033 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - هُوَ ابْنُ زَيْدٍ - عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ النَّاسِ وَأَجْوَدَ النَّاسِ وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ النَّاسُ قِبَلَ الصَّوْتِ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ سَبَقَ النَّاسَ إِلَى الصَّوْتِ وَهْوَ يَقُولُ «لَنْ تُرَاعُوا، لَنْ تُرَاعُوا». وَهْوَ عَلَى فَرَسٍ لأَبِى طَلْحَةَ عُرْىٍ مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ، فِى عُنُقِهِ سَيْفٌ فَقَالَ «لَقَدْ وَجَدْتُهُ بَحْرًا». أَوْ «إِنَّهُ لَبَحْرٌ». أطرافه 2627، 2820، 2857، 2862، 2866، 2867، 2908، 2968، 2969، 3040، 6212 - تحفة 289، 301 أ 6034 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرًا - رضى الله عنه - يَقُولُ مَا سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ شَىْءٍ قَطُّ فَقَالَ لاَ. تحفة 3024 6035 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو يُحَدِّثُنَا إِذْ قَالَ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا، وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاَقًا». أطرافه 3559، 3759، 6029 - تحفة 8933

6036 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِبُرْدَةٍ. فَقَالَ سَهْلٌ لِلْقَوْمِ أَتَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ فَقَالَ الْقَوْمُ هِىَ شَمْلَةٌ. فَقَالَ سَهْلٌ هِىَ شَمْلَةٌ مَنْسُوجَةٌ فِيهَا حَاشِيَتُهَا - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكْسُوكَ هَذِهِ. فَأَخَذَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَلَبِسَهَا، فَرَآهَا عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَ هَذِهِ فَاكْسُنِيهَا. فَقَالَ «نَعَمْ». فَلَمَّا قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لاَمَهُ أَصْحَابُهُ قَالُوا مَا أَحْسَنْتَ حِينَ رَأَيْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَهَا مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ إِيَّاهَا، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لاَ يُسْأَلُ شَيْئًا فَيَمْنَعَهُ. فَقَالَ رَجَوْتُ بَرَكَتَهَا حِينَ لَبِسَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَعَلِّى أُكَفَّنُ فِيهَا. أطرافه 1277، 2093، 5810 - تحفة 4765 - 17/ 8 6037 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ، وَيُلْقَى الشُّحُّ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ». قَالُوا وَمَا الْهَرْجُ قَالَ «الْقَتْلُ، الْقَتْلُ». أطرافه 85، 1036، 1412، 3608، 3609، 4635، 4636، 6506، 6935، 7061، 7115، 7121 - تحفة 12282 6038 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ سَمِعَ سَلاَّمَ بْنَ مِسْكِينٍ قَالَ سَمِعْتُ ثَابِتًا يَقُولُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ - رضى الله عنه - قَالَ خَدَمْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا قَالَ لِى أُفٍّ. وَلاَ لِمَ صَنَعْتَ وَلاَ أَلاَّ صَنَعْتَ. طرفاه 2768، 6911 - تحفة 436 6037 - قوله: (يتقارب الزمان) قيل: المراد به قِلة البركة في الأيام. وقيل: الزمان: الساعة، وتقاربها دنوّها، أي تدنو الساعة. وقيل: المراد به قصر الزمان في نفسه، فتكون ساعتنا اليوم أقصر مما كانت فيما مضى، وبهذا الحساب فليقس اليوم، والأسبوع، والشهر، والسنة. لا يقال: إن مقدار اليوم الآتي أيضًا بأربع وعشرين ساعة، كما كان، فلو حملنا التقارب على قصر الأيام في أنفسها، لزم أن تكون الأيام في زماننا بعشرين ساعة، مثلًا، لأنا نقول: المراد من قصر الأيام قصر الساعات أيضًا ولو كان باعتبار الكمية، لا قصرها بمعنى نُقصانها، من حيث العدد. وتلك الساعات لما قصرت لزمَ قِصر الأيام لا محالة، وكذلك قِصر الشهر والسنة، وإنما لا حسَّ لنا بذلك، لأن السبيلَ إلى معرفة الطُّولِ والقصر، كانت تلك الساعة، فلما قصرت هي بعينها، مع بقاء أعدادها، اشتبه الحال، والتبس طول الأيام الماضية من قصر الأيام الحاضرة. ولا استحالة فيه عند سلطان العقل أيضًا، لأنه ثبت اليوم أن كل شيء فيه الاندراس، لا بد له أن يتدرج إلى الاختتام يومًا ما وبهذا استدل جالينوس على حدوث العالم، فإنه لما رأى فيه أمارات الاندراس، ذهب إلى حُدُوثه لا محالة، كذا في «شرح عقائد الجلالي». أما حديث الفلاسفة من دوام الأجرام الأثيرية، وعدم تغيُّرها، فحمقٌ جلي، وقد

40 - باب كيف يكون الرجل في أهله

ثبت اليوم خلافه بالمشاهدات، ثم إن أرسطا طاليس قد أنكر كون المادة للمسوات، فهي عنده صور جسمية فقط، وإنما المادة عنده فيما فيه الاستحالة، وما لا استحالة فيه لا مادة فيه، ولما اختار استحالة الخرق والالتئام في السموات لم يضع فيها مادة أيضًا، وإنما قال بها ابن سينا فقط، وحينئذ فالحديث محمول على حقيقته. قوله: (ما الهرج؟ قال: القتل) إنما فسره به أخذًا بالحاصل، وإلا فالهرج معناه "كربر". 40 - باب كَيْفَ يَكُونُ الرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ 6039 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُ فِى أَهْلِهِ قَالَتْ كَانَ فِى مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ. طرفاه 676، 5363 - تحفة 15929 41 - باب الْمِقَةِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى 6040 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا، فَأَحِبَّهُ. فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِى جِبْرِيلُ فِى أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا، فَأَحِبُّوهُ. فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِى أَهْلِ الأَرْضِ». طرفاه 3209، 7485 - تحفة 14640 والمِقَة: المحبة، وقد ورد هذا اللفظ في بعض الروايات، فأخذه في الترجمة لهذا، والجار والمجرور بعده، فاعل له. وصرح الأُشْمُوني أن الجار والمجرور بعد المصدر، يصلح فاعلًا ومفعولًا. 42 - باب الْحُبِّ فِي اللَّهِ 6041 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَجِدُ أَحَدٌ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ حَتَّى يُحِبَّ الْمَرْءَ، لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ، وَحَتَّى أَنْ يُقْذَفَ فِى النَّارِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْكُفْرِ، بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ، وَحَتَّى يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا». أطرافه 16، 21، 6941 - تحفة 1255 43 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)} [الحجرات: 11] 6042 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ

44 - باب ما ينهى من السباب واللعن

اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَضْحَكَ الرَّجُلُ مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ الأَنْفُسِ وَقَالَ «بِمَ يَضْرِبُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ ضَرْبَ الْفَحْلِ، ثُمَّ لَعَلَّهُ يُعَانِقُهَا». وَقَالَ الثَّوْرِىُّ وَوُهَيْبٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ «جَلْدَ الْعَبْدِ». أطرافه 3377، 4942، 5204 - تحفة 5294 - 18/ 7 6043 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِنًى «أَتَدْرُونَ أَىُّ يَوْمٍ هَذَا». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «فَإِنَّ هَذَا يَوْمٌ حَرَامٌ، أَفَتَدْرُونَ أَىُّ بَلَدٍ هَذَا». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «بَلَدٌ حَرَامٌ، أَتَدْرُونَ أَىُّ شَهْرٍ هَذَا». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «شَهْرٌ حَرَامٌ». قَالَ «فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِى شَهْرِكُمْ هَذَا فِى بَلَدِكُمْ هَذَا». أطرافه 1742، 4403، 6166، 6785، 6868، 7077 - تحفة 7418 44 - باب مَا يُنْهَى مِنَ السِّبَابِ وَاللَّعْنِ 6044 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ». تَابَعَهُ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ. طرفاه 48، 7076 - تحفة 9299 6045 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ أَنَّ أَبَا الأَسْوَدِ الدِّيلِىَّ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَرْمِى رَجُلٌ رَجُلاً بِالْفُسُوقِ، وَلاَ يَرْمِيهِ بِالْكُفْرِ، إِلاَّ ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كَذَلِكَ». طرفه 3508 - تحفة 11929 6046 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا هِلاَلُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاحِشًا وَلاَ لَعَّانًا وَلاَ سَبَّابًا، كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْمَعْتَبَةِ «مَا لَهُ، تَرِبَ جَبِينُهُ». طرفه 6031 - تحفة 1646 6047 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلاَمِ فَهْوَ كَمَا قَالَ، وَلَيْسَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَذْرٌ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَىْءٍ فِى الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنًا فَهْوَ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهْوَ كَقَتْلِهِ». أطرافه 1363، 4171، 4843، 6105، 6652 - تحفة 2062 - 19/ 8 6048 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى عَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ اسْتَبَّ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَغَضِبَ أَحَدُهُمَا، فَاشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى انْتَفَخَ وَجْهُهُ وَتَغَيَّرَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -

«إِنِّى لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِى يَجِدُ». فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ. فَقَالَ أَتُرَى بِى بَأْسٌ أَمَجْنُونٌ أَنَا اذْهَبْ. طرفاه 3282، 6115 - تحفة 4566 6049 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ قَالَ أَنَسٌ حَدَّثَنِى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيُخْبِرَ النَّاسَ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَتَلاَحَى رَجُلاَنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ، فَتَلاَحَى فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ وَإِنَّهَا رُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالْتَمِسُوهَا فِى التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ». طرفاه 49، 2023 - تحفة 5071 6050 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنِ الْمَعْرُورِ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ رَأَيْتُ عَلَيْهِ بُرْدًا وَعَلَى غُلاَمِهِ بُرْدًا فَقُلْتُ لَوْ أَخَذْتَ هَذَا فَلَبِسْتَهُ كَانَتْ حُلَّةً، وَأَعْطَيْتَهُ ثَوْبًا آخَرَ. فَقَالَ كَانَ بَيْنِى وَبَيْنَ رَجُلٍ كَلاَمٌ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً، فَنِلْتُ مِنْهَا فَذَكَرَنِى إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِى «أَسَابَبْتَ فُلاَنًا». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «أَفَنِلْتَ مِنْ أُمِّهِ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ». قُلْتُ عَلَى حِينِ سَاعَتِى هَذِهِ مِنْ كِبَرِ السِّنِّ قَالَ «نَعَمْ، هُمْ إِخْوَانُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ جَعَلَ اللَّهُ أَخَاهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ يُكَلِّفُهُ مِنَ الْعَمَلِ مَا يَغْلِبُهُ، فَإِنْ كَلَّفَهُ مَا يَغْلِبُهُ فَلْيُعِنْهُ عَلَيْهِ». طرفاه 30، 2545 - تحفة 11980 6044 - قوله: (سباب المؤمن فسوق) وقد مر منا نكتة تعبير السباب بالفسوق، والقتال بالكفر. 6045 - قوله: (لا يرمي رجل رجلًا بالفسوق، ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه) ذهب الغزالي من الشافعية، والسَّرَخْسِي من الحنفية، إلى أنَّ من رمى أخاه بكلمة بالكفر، فقد كفر هو بنفسه حقيقة. وفي «الدر المختار» أنه لا يوجب كفرًا إذا قالها سبًا، نعم، إن قالها جادًا، فكما قال الغزالي والسرخسي. أقول: والذي تبين لي أن الكلمةَ إذا خرجت من الفم لا تزال تطلب محلًا لوقوعها، فإِما أن تذهب إلى من قيل لها، إن كان مستحقًا لها، أو ترجع إلى صاحبها إن لم يكن كذلك، كالكُجَّة "كيند" إذا ضربته على مكان سهل، لا يرجع إليك بشيء، وإن ضربته على مكان صلب، يرجع إليك بضربة مثلها فهذا هو حال تلك الكلمة، وليس كما نزعم أنها كلمة خرجت من الفم، وتلاشت في الهواء، وحينئذٍ فإن رجع إلى صاحبها لا بد لها أن تُورِثَ فيه ردغة من تلك الكلمة. أعني أنه يتلطخ بتلك، كما يتلطخ الجِدارُ بالطينة، فتلك اللطخة مد مستقل، يقر به العقل السليم، وإن لم يكن الفقهاء أخذوها، لعلم كونها ملائمة لموضوعهم.

45 - باب ما يجوز من ذكر الناس، نحو قولهم: الطويل والقصير

وبالجملة الارتداد إليه، وإن أفضى إلى اللطخة، والردغة التي هي من آثار تلك الكلمة نفسها، إلا أنه لا يصحح حمل الكفر على صاحبها، فتلك أيضًا مرتبة دون الكفر، وإنما انتقل ذهني إليه، لحديث آخر، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلّم فيمن لعن أحدًا: «إن لعنته (¬1) لا تزال تلتمس محلًا بين السماء والأرض، فإن وجدت وقعت عليه، وإلا ترجع إلى قائلها، فتلطخ به» - أو كما قال -. قلتُ: وتلك اللطخة لا تزيدُ على التفضيح، والتقبيح، لا أنها توجب كونه ملعونًا. وعند مسلم: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان في بعض أسفاره مع أصحاب له، إذ لعن أحدهم إبله، فأمر النبي صلى الله عليه وسلّم بإِرساله، وعدم الركوب عليه، مع أنه نحو من التسييب، ولا نظير له في الشرع، ولكنه أمره به، لأن اللعنة تلطخت به، تلطُّخَ الطينة بالجدار، فأورثَ فيه قُبحًا، أخرجه عن كونه صالحًا للركوب عليه. فكأنه أخبرهم أن الملعونَ لا ينبغي أن يكون مركوبًا للمسلم، فنبَّه على القُبح فقط، لا أنه صار ملعونًا وبالجملة أحكام الفقهاء تتعلق بالظاهر، وأما ما يتعلق بالنظر المعنوي، فهم قلَّما يبحثون عنه، ولما لم توجب تلك اللَّطخةُ أثرًا في صاحبها في الظاهر، تركوا ذِكرها، فتركهم ليس بناءً على نفيهم، بل لعدم كونها من موضوعهم. 6047 - قوله: (من حلف على ملة غير الإِسلام) ... إلخ، وقد مر شرحه. 45 - باب مَا يَجُوزُ مِنْ ذِكْرِ النَّاسِ، نَحْوَ قَوْلِهِمُ: الطَّوِيلُ وَالْقَصِيرُ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟». وَمَا لاَ يُرَادُ بِهِ شَيْنُ الرَّجُلِ. 20/ 8 6051 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ صَلَّى بِنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ فِى مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا، وَفِى الْقَوْمِ يَوْمَئِذٍ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ، وَخَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ فَقَالُوا قَصُرَتِ الصَّلاَةُ. وَفِى الْقَوْمِ رَجُلٌ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُوهُ ذَا الْيَدَيْنِ فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتْ. فَقَالَ «لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تَقْصُرْ». قَالُوا بَلْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «صَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ». فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ، ثُمَّ وَضَعَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ. أطرافه 482، 714، 715، 1227، 1228، 1229، 7250 - تحفة 14580 أي إن كانت تلك الكلمات تُستعمل لتعريف أحد، وتفيد معرفتَه، جازت، إذا لم يتأذ بها صاحبها. فمن كان معروفًا بالطويل، ثم ذكره أحد في غَيبته، لم يدخل في ¬

_ (¬1) ذكره في "المشكاة" من باب اللعان.

46 - باب الغيبة

الغِيبة، ونحوه: ذو اليدين، كما في الحديث، فإنَّه كان رجل يزاول الأمور بيديه، فاشتُهر بذي اليدين. وعامة الناس يستعملون أيمانهم، ويتركون شمائلهم في عامة الأفعال. ثم إن بعض تلك الأسامي عجيب، كالضعيف، فإنَّه اسم لراو، مع كونه ثقة عندهم، وإنما كان اشتهر عندهم بالضعيف، لكونه ضعيفًا في الأمور الدنيوية، وإلا فلا وجه له، وكذا: ضال، اسم لراو آخر، مع كونه طيبًا، وثقةً عندهم. 46 - باب الْغِيبَةِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12]. 6052 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يُحَدِّثُ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِى كَبِيرٍ، أَمَّا هَذَا فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَأَمَّا هَذَا فَكَانَ يَمْشِى بِالنَّمِيمَةِ». ثُمَّ دَعَا بِعَسِيبٍ رَطْبٍ، فَشَقَّهُ بِاثْنَيْنِ، فَغَرَسَ عَلَى هَذَا وَاحِدًا وَعَلَى هَذَا وَاحِدًا ثُمَّ قَالَ «لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا، مَا لَمْ يَيْبَسَا». أطرافه 216، 218، 1361، 1378، 6055 - تحفة 5747 وتعريفها بأوجز الكلمات، مع فخامة المعنى ما عند الترمذي: أنها ذِكركَ أخاك بما يكره. وقد ذكر الشامي فيهال المستثنيات، وملخصًا يرجع عندي إلى كلمة واحدة، وهي أنَّ الغيبة هي التي كانت لتبريدِ الصدر (¬1)، والتلذذ بها، وجعلها شغلًا. أما إذا كان بصدد ذكر حوادث الأيام، وصروفها، فذكر فيه أشياء، لا يكون من الغيبة المحظورة، ولذا ترجم البخاري بعده: باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والرِّيب. *شر الورى بمساوى الناس مشتغل، ... مثل الذباب يراعي موضع العلل 6052 - قوله: (وأما هذا فكان يمشي بالنميمة) وإنما أتى بحديث النميمة، مع كون الترجمة في الغيبة، لكونهما متقاربتين، ولأن في بعض الألفاظ لفظ: الغيبة أيضًا. قوله: (ثم دعا بعسيب رطب، فشقه اثنين) وفي بعض الروايات أنه دعا بعسيبين. قلتُ: والأدخلُ في الإِعجاز هو شقُّه، ثم غرزُه. 47 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ». 6053 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى أُسَيْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ بَنُو النَّجَّارِ». أطرافه 3789، 3790، 3807 - تحفة 11200 ¬

_ (¬1) وراجع له شرح علي القاري "للشمائل" من حديث: "بئس أخو العشيرة"، وهو مهمٌ.

48 - باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب

48 - باب مَا يَجُوزُ مِنِ اغْتِيَابِ أَهْلِ الْفَسَادِ وَالرِّيَبِ 6054 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ قَالَتِ اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ائْذَنُوا لَهُ بِئْسَ، أَخُو الْعَشِيرَةِ أَوِ ابْنُ الْعَشِيرَةِ». فَلَمَّا دَخَلَ أَلاَنَ لَهُ الْكَلاَمَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْتَ الَّذِى قُلْتَ، ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الْكَلاَمَ قَالَ «أَىْ عَائِشَةُ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ - أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ - اتِّقَاءَ فُحْشِهِ». طرفاه 6032، 6131 - تحفة 16754 - 21/ 8 والمراد من أهل الرِّيب المتهمون بالفساد. 49 - باب النَّمِيمَةُ مِنَ الْكَبَائِرِ 6055 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ بَعْضِ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِى قُبُورِهِمَا فَقَالَ «يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِى كَبِيرَةٍ، وَإِنَّهُ لَكَبِيرٌ، كَانَ أَحَدُهُمَا لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِى بِالنَّمِيمَةِ». ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا بِكِسْرَتَيْنِ أَوْ ثِنْتَيْنِ، فَجَعَلَ كِسْرَةً فِى قَبْرِ هَذَا، وَكِسْرَةً فِى قَبْرِ هَذَا، فَقَالَ «لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا». أطرافه 216، 218، 1361، 1378، 6052 - تحفة 6424 50 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّمِيمَةِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11)} [القلم: 11]، {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)} [الهمزة: 1] يَهْمِزُ وَيَلْمِزُ: يَعِيبُ. 6056 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامٍ قَالَ كُنَّا مَعَ حُذَيْفَةَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ رَجُلًا يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إِلَى عُثْمَانَ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ». تحفة 3386 قوله: (الهمزة): هو الطعان. قوله: (واللمزة) "عيب جين". 6056 - قوله: (لا يدخل الجنة قتات) والفرق بين القتات والنمام، أن النَّمام من يُحضر القضيةَ وينقلها، والقتات من يسمعُ من حديث مَنْ لا يعلمُ به، ثم ينقل ما سمعه. وكذا الفرقُ بين الغِيبة والنميمة، أن الغيبةَ ذكره في غَيبته بما يكره، والنميمة (¬1) نقل حال ¬

_ (¬1) قلت: إذا علمت الفرق بين الغيبة والنميمة، فينبغي للمحدث أنْ يُمعن النظرَ في لفظ الحديث، هل هو الغِيبة، أو النميمة، لأنه تعلق بها العذاب، ومعلوم أن إحداهما أشدُّ من الأخرى، ولا يلزم من كون العذاب على النميمة كونه على الغيبة أيضًا، فإِنْ تعيَّنَ أحدُ اللفظين، فذاك، وإلا فالأمر مشكل والله تعالى أعلم.

51 - باب قول الله تعالى: {واجتنبوا قول الزور} [الحج: 30]

الشخص لغيره، على جهة الإِفساد من غير رضاه، سواء كان بعلمه، أو بغير علمه. 51 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30] 6057 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ». قَالَ أَحْمَدُ أَفْهَمَنِى رَجُلٌ إِسْنَادَهُ. طرفه 1903 - تحفة 13018، 14321 52 - باب مَا قِيلَ فِى ذِي الْوَجْهَيْنِ 6058 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَجِدُ مِنْ شَرِّ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ ذَا الْوَجْهَيْنِ، الَّذِى يَأْتِى هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ». طرفاه 3494، 7179 - تحفة 12372 53 - باب مَنْ أَخْبَرَ صَاحِبَهُ بِمَا يُقَالُ فِيهِ 6059 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِسْمَةً، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَاللَّهِ مَا أَرَادَ مُحَمَّدٌ بِهَذَا وَجْهَ اللَّهِ. فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ، فَتَمَعَّرَ وَجْهُهُ وَقَالَ «رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى، لَقَدْ أُوذِىَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ». أطرافه 3150، 3405، 4335، 4336، 6100، 6291، 6336 - تحفة 9264 - 22/ 8 54 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّمَادُحِ 6060 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ سَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً يُثْنِى عَلَى رَجُلٍ وَيُطْرِيهِ فِى الْمِدْحَةِ فَقَالَ «أَهْلَكْتُمْ - أَوْ قَطَعْتُمْ - ظَهْرَ الرَّجُلِ». طرفه 2663 - تحفة 9056 6061 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ خَيْرًا، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَيْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ - يَقُولُهُ مِرَارًا - إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا لاَ مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ أَحْسِبُ كَذَا وَكَذَا. إِنْ كَانَ يُرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَحَسِيبُهُ اللَّهُ، وَلاَ يُزَكِّى عَلَى اللَّهِ أَحَدًا». قَالَ وُهَيْبٌ عَنْ خَالِدٍ «وَيْلَكَ». طرفاه 2662، 6162 - تحفة 11678 55 - باب مَنْ أَثْنَى عَلَى أَخِيهِ بِمَا يَعْلَمُ وَقَالَ سَعْدٌ: ما سَمِعْتُ النبي صلى الله عليه وسلّم يَقُولُ لأحَدٍ يَمْشِي عَلَى اْلأَرْضِ: «إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ»، إِلَّا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ سَلاَمٍ.

56 - باب قول الله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون (90)} [النحل: 90]

6062 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ ذَكَرَ فِى الإِزَارِ مَا ذَكَرَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ إِزَارِى يَسْقُطُ مِنْ أَحَدِ شِقَّيْهِ. قَالَ «إِنَّكَ لَسْتَ مِنْهُمْ». أطرافه 3665، 5783، 5784، 5791 - تحفة 7026 واعلم أن المصنفَ بوَّبَ أولًا بكراهة التمادح، ولما علم أن إطلاقَها غيرُ مراد، بوَّب ثانيًا، ليدل على استثناءٍ فيه، كما كان فعله في الغيبة والنميمة، حيث أشار فيهما إلى استثناءٍ، بعد كونهما من الكبائر. 56 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)} [النحل: 90] وَقَوْلِهِ: {إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [يونس: 23] {ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ} [الحج: 60] وَتَرْكِ إِثَارَةِ الشَّرِّ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ. 6063 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَكَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كَذَا وَكَذَا يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَأْتِى أَهْلَهُ وَلاَ يَأْتِى، قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَالَ لِى ذَاتَ يَوْمٍ «يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ أَفْتَانِى فِى أَمْرٍ اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، أَتَانِى رَجُلاَنِ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رِجْلَىَّ وَالآخَرُ عِنْدَ رَأْسِى، فَقَالَ الَّذِى عِنْدَ رِجْلَىَّ لِلَّذِى عِنْدَ رَأْسِى مَا بَالُ الرَّجُلِ قَالَ مَطْبُوبٌ. يَعْنِى مَسْحُورًا. قَالَ وَمَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ. قَالَ وَفِيمَ قَالَ فِى جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ فِى مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ، تَحْتَ رَعُوفَةٍ فِى بِئْرِ ذَرْوَانَ». فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «هَذِهِ الْبِئْرُ الَّتِى أُرِيتُهَا كَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلِهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ، وَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ». فَأَمَرَ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأُخْرِجَ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَهَلاَّ - تَعْنِى - تَنَشَّرْتَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ شَفَانِى، وَأَمَّا أَنَا فَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا». قَالَتْ وَلَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى زُرَيْقٍ حَلِيفٌ لِيَهُودَ. أطرافه 3175، 3268، 5763، 5765، 7566، 6391 - تحفة 16928 - 23/ 8 6063 - قوله: (يخيل إليه أنه يأتي أهله ولا يأبى) وفيه تصريحٌ بأن السحرَ كان في حق النساء خاصة، وما يتوهم العمومُ فيه من بعض ألفاظِ الرواة، فليحمله على هذا التخصيص، كما نبهناك غيرَ مرة. قوله: (قال: مطبوب، يعني مسحورًا) واعلم أن الفرق بين المُعجزة والسحر، أن السحر يحتاجُ إلى بقاء توجه نفس الساحر، والتفاته إليه، وتعلق عزيمته به، فإِذا غَفَل عنه، بطل أثره، بخلاف المعجزة، فإِنها أغنى عنه. وفي حكاية ذكرها مولانا الرومي في «المَثْنَوِي» أن غلامًا سأل أباه عن موسى عليه الصلاة والسلام أنه ساحر، أو ماذا؟ قال: وما هو بساحر، فقال له ابنه: وبم

57 - باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر

علمت؟ قال: اذهب إليه، فإذا صادفتُه نائمًا فخذ عصاه، فإنْ كان ساحرًا يبقي عصاه كما كان، وإلا ينقلب ثعبانًا، فذهب إليه، وجعل يجر عصاه، فانقلب ثعبانًا، فكاد الغلام أن يهلِك. ثم ما قلت: إن السحرَ يبطلُ من انقطاع توجه الساحر، لا ينافي بقاء بعض آثاره، كالمرض، والصحة، وإنما أُريد به بطلانُه، حيث تأثيره في انقلاب الماهية، كجعل الدراهم دنانير، فتلك الدراهم لا تزال تخيل دنانير، ما دام توجيهه باقيًا إليها، فإذا انقطع، تعود في المنظر، كما كانت، ولذا تراهم يحتاجون إلى تجديد سحرهم في الأيام الخاصة، ليقوى أثره. قوله: (فهلا تعني، تنشرت) والمراد بالنشر ههنا نشر حديث السحر، أي إنه مسحور، وسحرَه فلانٌ مثلًا، مع أن اللغة فيه أنه مأخوذٌ من النشرة، وهي: الترقية، أي إبطال أثر السحر بالرُّقية، فاستعمله الراوي في غير محله. 57 - باب مَا يُنْهَى عَنِ التَّحَاسُدِ وَالتَّدَابُرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)} [الفلق: 5]. 6064 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا». أطرافه 5143، 6066، 6724 - تحفة 14686 6065 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ». طرفه 6076 - تحفة 1501 58 - باب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: 12] 6066 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا». أطرافه 5143، 6064، 6724 - تحفة 13806

59 - باب ما يكون من الظن

59 - باب مَا يَكُونُ مِنَ الظَّنِّ 6067 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا أَظُنُّ فُلاَنًا وَفُلاَنًا يَعْرِفَانِ مِنْ دِينِنَا شَيْئًا». قَالَ اللَّيْثُ كَانَا رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ. طرفه 6068 - تحفة 16550 - 24/ 8 6068 - حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بِهَذَا وَقَالَتْ دَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا وَقَالَ «يَا عَائِشَةُ مَا أَظُنُّ فُلاَنًا وَفُلاَنًا يَعْرِفَانِ دِينَنَا الَّذِى نَحْنُ عَلَيْهِ». طرفه 6067 - تحفة 16550 60 - باب سَتْرِ الْمُؤْمِنِ عَلَى نَفْسِهِ 6069 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «كُلُّ أُمَّتِى مُعَافًى إِلاَّ الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْمَجَانَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلاً، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ، فَيَقُولَ يَا فُلاَنُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ». تحفة 12911 6070 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِى النَّجْوَى قَالَ «يَدْنُو أَحَدُكُمْ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ فَيَقُولُ عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا. فَيَقُولُ نَعَمْ. وَيَقُولُ عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا. فَيَقُولُ نَعَمْ. فَيُقَرِّرُهُ ثُمَّ يَقُولُ إِنِّى سَتَرْتُ عَلَيْكَ فِى الدُّنْيَا، فَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ». أطرافه 2441، 4685، 7514 - تحفة 7096 6069 - قوله: (المجانة) "بى باكى". قوله: (إلا المجاهرين) هو الفاسق المعلن، أتى بفاحشة، ثم أشاعها بين الناس، تهورًا ووقاحة. 6070 - قوله: (حتى يقنع كنفه) والكنفُ اسم الجزء من بدن الإِنسان، وهو ما تحت الإِبط، وأطلق في حضرته تعالى أيضًا، وقد مر مني أن أمثاله كلها محمولة عندي على التجليات، بدون تأويل. 61 - باب الْكِبْرِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {ثَانِيَ عِطْفِهِ} [الحج: 9]: مُسْتَكْبِرٌ فِى نَفْسِهِ، عِطْفُهُ: رَقَبَتُهُ. 6071 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِىُّ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الْخُزَاعِىِّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ، كُلُّ ضَعِيفٍ

62 - باب الهجرة

مُتَضَاعِفٍ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ، أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ». طرفاه 4918، 6657 - تحفة 3285 6072 - وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ كَانَتِ الأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ. تحفة 785 وهو عند التحقيق نفخ من الشيطان، فيرى نفسَه أكبر في عينيه مما كان، ويحقِرُ أخاه أما ذكر الأوصاف التي أعطِيَها بدون إكبار، وتحقير، فليس من الكبر في شيء، بل ربما يكون من باب تحديث النِّعمة. 62 - باب الْهِجْرَةِ وَقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ». 25/ 8 6073 و 6074 و 6075 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عَوْفُ بْنُ مَالِكِ بْنِ الطُّفَيْلِ - هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ وَهْوَ ابْنُ أَخِى عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لأُمِّهَا - أَنَّ عَائِشَةَ حُدِّثَتْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ فِى بَيْعٍ أَوْ عَطَاءٍ أَعْطَتْهُ عَائِشَةُ وَاللَّهِ لَتَنْتَهِيَنَّ عَائِشَةُ، أَوْ لأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا. فَقَالَتْ أَهُوَ قَالَ هَذَا قَالُوا نَعَمْ. قَالَتْ هُوَ لِلَّهِ عَلَىَّ نَذْرٌ، أَنْ لاَ أُكَلِّمَ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَبَدًا. فَاسْتَشْفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَيْهَا، حِينَ طَالَتِ الْهِجْرَةُ فَقَالَتْ لاَ وَاللَّهِ لاَ أُشَفِّعُ فِيهِ أَبَدًا، وَلاَ أَتَحَنَّثُ إِلَى نَذْرِى. فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ كَلَّمَ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، وَهُمَا مِنْ بَنِى زُهْرَةَ، وَقَالَ لَهُمَا أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ لَمَّا أَدْخَلْتُمَانِى عَلَى عَائِشَةَ، فَإِنَّهَا لاَ يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْذُرَ قَطِيعَتِى. فَأَقْبَلَ بِهِ الْمِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مُشْتَمِلَيْنِ بِأَرْدِيَتِهِمَا حَتَّى اسْتَأْذَنَا عَلَى عَائِشَةَ فَقَالاَ السَّلاَمُ عَلَيْكِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، أَنَدْخُلُ قَالَتْ عَائِشَةُ ادْخُلُوا. قَالُوا كُلُّنَا قَالَتْ نَعَمِ ادْخُلُوا كُلُّكُمْ. وَلاَ تَعْلَمُ أَنَّ مَعَهُمَا ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَلَمَّا دَخَلُوا دَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْحِجَابَ، فَاعْتَنَقَ عَائِشَةَ وَطَفِقَ يُنَاشِدُهَا وَيَبْكِى، وَطَفِقَ الْمِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ يُنَاشِدَانِهَا إِلاَّ مَا كَلَّمَتْهُ وَقَبِلَتْ مِنْهُ، وَيَقُولاَنِ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَمَّا قَدْ عَلِمْتِ مِنَ الْهِجْرَةِ، فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ. فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَى عَائِشَةَ مِنَ التَّذْكِرَةِ وَالتَّحْرِيجِ طَفِقَتْ تُذَكِّرُهُمَا نَذْرَهَا وَتَبْكِى وَتَقُولُ إِنِّى نَذَرْتُ، وَالنَّذْرُ شَدِيدٌ. فَلَمْ يَزَالاَ بِهَا حَتَّى كَلَّمَتِ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَأَعْتَقَتْ فِى نَذْرِهَا ذَلِكَ أَرْبَعِينَ رَقَبَةً. وَكَانَتْ تَذْكُرُ نَذْرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَتَبْكِى، حَتَّى تَبُلَّ دُمُوعُهَا خِمَارَهَا. طرفاه 3503، 3505 - تحفة 17426، 11279، 18952، 9685 ل 6076 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ

63 - باب ما يجوز من الهجران لمن عصى

اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ». طرفه 6065 - تحفة 1530 - 26/ 8 6077 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِى يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ». طرفه 6237 - تحفة 3479 أي ترك الكلام. 6073 - قوله: (قالت: هو على نذر) الضمير للشأن. قوله: (فتبكي حتى تبل دموعها خمارها) وهذا حالها في مهاجرة ابن الزبير. وأما في قِصة الجمل، فكانت تناظرُ مَنْ كان يكلمها فيها. 63 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ الْهِجْرَانِ لِمَنْ عَصَى وَقَالَ كَعْبٌ، حِينَ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: وَنَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلاَمِنَا، وَذَكَرَ خَمْسِينَ لَيْلَةً. 6078 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى لأَعْرِفُ غَضَبَكِ وَرِضَاكِ». قَالَتْ قُلْتُ وَكَيْفَ تَعْرِفُ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «إِنَّكِ إِذَا كُنْتِ رَاضِيَةً قُلْتِ بَلَى وَرَبِّ مُحَمَّدٍ. وَإِذَا كُنْتِ سَاخِطَةً قُلْتِ لاَ وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ». قَالَتْ قُلْتُ أَجَلْ لَسْتُ أُهَاجِرُ إِلاَّ اسْمَكَ. طرفه 5228 - تحفة 17056 فعل فيه مثلَ ما فعل في الغِيبة والنميمة، فترجم أولًا بالهجرة، وذكر ما ورد فيها من الوعيد، ثم نبَّه على أن فيها استثناءً أيضًا. 64 - باب هَلْ يَزُورُ صَاحِبَهُ كُلَّ يَوْمٍ، أَوْ بُكْرَةً وَعَشِيًّا 6079 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَىَّ إِلاَّ وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْهِمَا يَوْمٌ إِلاَّ يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَرَفَىِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَبَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ فِى بَيْتِ أَبِى بَكْرٍ فِى نَحْرِ الظَّهِيرَةِ قَالَ قَائِلٌ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا جَاءَ بِهِ فِى هَذِهِ السَّاعَةِ إِلاَّ أَمْرٌ. قَالَ «إِنِّى قَدْ أُذِنَ لِى بِالْخُرُوجِ». أطرافه 476، 2138، 2263، 2264، 2297، 3905، 4093، 5807 تحفة 16653، 16552 يُشير إلى أنه لا بأس بالزيارة في كل يوم. وأغمض عما رُوي من قوله صلى الله عليه وسلّم «زُرْ غِبًّا، تزدد حُبًا»، قيل: أصله عند الطبراني، وهو حديث ضعيف، وإن لم يكن موضوعًا.

65 - باب الزيارة، ومن زار قوما فطعم عندهم

65 - باب الزِّيَارَةِ، وَمَنْ زَارَ قَوْمًا فَطَعِمَ عِنْدَهُمْ وَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فِى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَكَلَ عِنْدَهُ. 6080 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَارَ أَهْلَ بَيْتٍ فِى الأَنْصَارِ فَطَعِمَ عِنْدَهُمْ طَعَامًا، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَمَرَ بِمَكَانٍ مِنَ الْبَيْتِ، فَنُضِحَ لَهُ عَلَى بِسَاطٍ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَدَعَا لَهُمْ. طرفاه 670، 1179 - تحفة 234 - 27/ 8 66 - باب مَنْ تَجَمَّلَ لِلْوُفُودِ 6081 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ قَالَ لِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَا الإِسْتَبْرَقُ قُلْتُ مَا غَلُظَ مِنَ الدِّيبَاجِ وَخَشُنَ مِنْهُ. قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يَقُولُ رَأَى عُمَرُ عَلَى رَجُلٍ حُلَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ فَأَتَى بِهَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْتَرِ هَذِهِ فَالْبَسْهَا لِوَفْدِ النَّاسِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ. فَقَالَ «إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ». فَمَضَى فِى ذَلِكَ مَا مَضَى، ثُمَّ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ إِلَيْهِ بِحُلَّةٍ فَأَتَى بِهَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ بَعَثْتَ إِلَىَّ بِهَذِهِ، وَقَدْ قُلْتَ فِى مِثْلِهَا مَا قُلْتَ قَالَ «إِنَّمَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ لِتُصِيبَ بِهَا مَالًا». فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَكْرَهُ الْعَلَمَ فِى الثَّوْبِ لِهَذَا الْحَدِيثِ. أطرافه 886، 948، 2104، 2612، 2619، 3054، 5841، 5981 - تحفة 7033 قال الشيخ ابن الهمام في «الفتح» (¬1): إن الجَمالَ غير الزينة، فإنَّ التزين يكونُ من الأوصاف الرديئة، بخلاف الجمالِ، فإنَّه من الخِصال الحميدة. ثم فرق أنَّ الزينةَ هو جلبُ الحُسن والتطرية، ليكون له منظرًا حسنًا عند الخلائق، بخلاف الجمالِ فإنَّه اكتسابُ الحُسنِ، لئلا يكون قبيحَ المنظر، ومشارًا إليه بالأصابع، حتى يُضرب به مثلٌ بين الناس. 67 - باب الإِخَاءِ وَالْحِلْفِ وَقَالَ أَبُو جُحَيْفَةَ: آخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِى الدَّرْدَاءِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ آخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنِى وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ. 6082 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَآخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». أطرافه 2049، 2293، 3781، 3937، 5072، 5148، 5153، 5155، 5167، 6386 - تحفة 802 ¬

_ (¬1) وأذكر عن الشيخ أنه في باب الصيام.

68 - باب التبسم والضحك

6083 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَبَلَغَكَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ حِلْفَ فِى الإِسْلاَمِ». فَقَالَ قَدْ حَالَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ فِى دَارِى. طرفاه 2294، 7340 - تحفة 930 واعلم أن إخوة الإِسلام، وحِلْفَه فوق سائر الأخوات، والمحالفات، ثم إن احتاج إليها فهي جائزة. 68 - باب التَّبَسُّمِ وَالضَّحِكِ وَقَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ: أَسَرَّ إِلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَضَحِكْتُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ اللَّهَ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى. 6084 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِىَّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَبَتَّ طَلاَقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ، فَجَاءَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَهَا آخِرَ ثَلاَثِ تَطْلِيقَاتٍ، فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مَعَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلاَّ مِثْلُ هَذِهِ الْهُدْبَةِ، لِهُدْبَةٍ أَخَذَتْهَا مِنْ جِلْبَابِهَا. قَالَ وَأَبُو بَكْرٍ جَالِسٌ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَابْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ بِبَابِ الْحُجْرَةِ لِيُؤْذَنَ لَهُ، فَطَفِقَ خَالِدٌ يُنَادِى أَبَا بَكْرٍ، يَا أَبَا بَكْرٍ أَلاَ تَزْجُرُ هَذِهِ عَمَّا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا يَزِيدُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى التَّبَسُّمِ ثُمَّ قَالَ «لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِى إِلَى رِفَاعَةَ، لاَ، حَتَّى تَذُوقِى عُسَيْلَتَهُ، وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ». أطرافه 2639، 5260، 5261، 5265، 5317، 5792، 5825 - تحفة 16631 - 28/ 8 6085 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَسْأَلْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِهِ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ تَبَادَرْنَ الْحِجَابَ، فَأَذِنَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَخَلَ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَضْحَكُ فَقَالَ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى فَقَالَ «عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاَءِ اللاَّتِى كُنَّ عِنْدِى، لَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ تَبَادَرْنَ الْحِجَابَ». فَقَالَ أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِنَّ فَقَالَ يَا عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِى وَلَمْ تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَ إِنَّكَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِيهٍ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا إِلاَّ سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ». طرفاه 3294، 3683 - تحفة 3918 6086 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى الْعَبَّاسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ لَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالطَّائِفِ قَالَ «إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ

اللَّهُ». فَقَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ نَبْرَحُ أَوْ نَفْتَحَهَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَاغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ». قَالَ فَغَدَوْا فَقَاتَلُوهُمْ قِتَالاً شَدِيدًا وَكَثُرَ فِيهِمُ الْجِرَاحَاتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ». قَالَ فَسَكَتُوا فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ كُلَّهُ بِالْخَبَرِ. طرفاه 4325، 7480 - تحفة 8636، 7043 - 29/ 8 6087 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَى رَجُلٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ هَلَكْتُ وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِى فِى رَمَضَانَ. قَالَ «أَعْتِقْ رَقَبَةً». قَالَ لَيْسَ لِى. قَالَ «فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ». قَالَ لاَ أَسْتَطِيعُ. قَالَ «فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ لاَ أَجِدُ. فَأُتِىَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ - قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْعَرَقُ الْمِكْتَلُ فَقَالَ «أَيْنَ السَّائِلُ تَصَدَّقْ بِهَا». قَالَ عَلَى أَفْقَرَ مِنِّى وَاللَّهِ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنَّا. فَضَحِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ. قَالَ «فَأَنْتُمْ إِذًا». أطرافه 1936، 1937، 2600، 5368، 6164، 6709، 6710، 6711، 6821 تحفة 12275 6088 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنْتُ أَمْشِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِىٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِىٌّ فَجَبَذَ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً - قَالَ أَنَسٌ فَنَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ - ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِى مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِى عِنْدَكَ. فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. طرفاه 3149، 5809 - تحفة 205 6089 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ مَا حَجَبَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلاَ رَآنِى إِلاَّ تَبَسَّمَ فِى وَجْهِى. طرافه 3020، 3036، 3076، 3823، 4355، 4356، 6333 - تحفة 3224 6090 - وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ أَنِّى لاَ أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِى صَدْرِى وَقَالَ «اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا». طرفاه 3035، 3822 - تحفة 3224 6091 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحِى مِنَ الْحَقِّ، هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ غُسْلٌ إِذَا احْتَلَمَتْ قَالَ «نَعَمْ إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ». فَضَحِكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ أَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَبِمَ شَبَهُ الْوَلَدِ». أطرافه 130، 282، 3328، 6121 - تحفة 18264 6092 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو أَنَّ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مُسْتَجْمِعًا قَطُّ ضَاحِكًا حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ، إِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ. طرفه 4828 - تحفة 16136 - 30/ 8 6093 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ. وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه أَنَّ

69 - باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين (119)} [التوبة: 119] وما ينهى عن الكذب

رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهْوَ يَخْطُبُ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ قَحَطَ الْمَطَرُ فَاسْتَسْقِ رَبَّكَ، فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ وَمَا نَرَى مِنْ سَحَابٍ، فَاسْتَسْقَى فَنَشَأَ السَّحَابُ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ مُطِرُوا حَتَّى سَالَتْ مَثَاعِبُ الْمَدِينَةِ، فَمَا زَالَتْ إِلَى الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ مَا تُقْلِعُ، ثُمَّ قَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ فَقَالَ غَرِقْنَا فَادْعُ رَبَّكَ يَحْبِسْهَا عَنَّا. فَضَحِكَ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا». مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا. فَجَعَلَ السَّحَابُ يَتَصَدَّعُ عَنِ الْمَدِينَةِ يَمِينًا وَشِمَالاً، يُمْطَرُ مَا حَوَالَيْنَا، وَلاَ يُمْطِرُ مِنْهَا شَىْءٌ، يُرِيهِمُ اللَّهُ كَرَامَةَ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإِجَابَةَ دَعْوَتِهِ. أطرافه 932، 933، 1013، 1014، 1015، 1016، 1017، 1018، 1019، 1021، 1029، 1033، 3582، 6342 - تحفة 1203، 1438 6085 - قوله: (يا عدوات أنفسهن) وإنما يصلح مخاطبة أمهاتِ المؤمنين بمثل تلك الكلمات لعمر، فإِنه كان له عند الله ورسوله مكانًا لم يكن لغيره، وما كان لنا أن نتكلمَ فيهن بمثلها، فإِنا نحن في جلجتنا، ثم إنهن لما شددن له في القول، وتركن الأدب في شأنه، وقلن: «أنت أفظ وأغلظ»، كافأه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وذكر له منقبه، وقال: «ما لقيك الشيطان تسلك فجًا، إلا سلك فجًا غير فجك»، فهذا نحو تلاف لما سبق على لسانهنَّ، في شأنه رضي الله تعالى عنه. 6088 - قوله: (ثم أمر له بعطاء) فهذا فعله ههنا، ولما ذهبت إليه فاطمة تشكو إليه مما تلقى من الرحى، لم يأمرها إلا بتسبيحات، علَّمَها إياها. 6092 - قوله: (مستجمعًا) "جم كرهنسنا يعنى دل لكاكر هنسنا". 69 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)} [التوبة: 119] وَمَا يُنْهَى عَنِ الْكَذِبِ 6094 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِى إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِى إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا، وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِى إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِى إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ، حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا». تحفة 9301 6095 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِى سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِى عَامِرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ». أطرافه 33، 2682، 2749 - تحفة 14341 6096 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «رَأَيْتُ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِى قَالاَ الَّذِى رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يَكْذِبُ بِالْكَذْبَةِ تُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». أطرافه 845، 1143، 1386، 2085، 2791، 3236، 3354، 4674، 7047 تحفة 4630 - 31/ 8

70 - باب فى الهدى الصالح

قال أبو حيان: إن لفظ «مع» للمشاركة زمانًا، أو مكانًا، وقد مر مني أنه للمشاركة في الجملة، ولو بوجه، كما قررناه في آية الوضوء، عند بيان واو المعية، فتذكره. 6094 - قوله: (إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة) دل الحديثُ (¬1) على باب من أبواب الحقائق. وهو أنَّ العبدَ لا يزال يقطعُ مدى عُمْره، إما طريقًا إلى الجنة، أو النار، فبيَّنه، وبين أحد الموضعين له مسافة طويلة، أو قصيرة، يسلكها الرجل مدة حياته، حتى إذا قطعها بتمامها مات، وبلغَ منزِله فدخوله في أحدهما ليس بغتة، ما يُتوهم، بل مضى عُمْره هو سفره إلى أحدهما، حتى لا يكون انقطاعُ أبْهَره، وانقطاع سفره إلا في زمان واحد. وإليه يشير ما رُوي في أبواب القدر، أنَّ العبدَ يأتي بالحسنات، حتى لا يكون بينه وبين الجنة إلا قدر شبر ... الحديث فحياته في الدنيا قَطْعٌ لما بينه وبين منزلِهِ ويؤيده ما روى أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان جالسًا في مجلس، إذ سمع صوت صخرة سقطت، فقال: «تلك صخرة ألقيت من شفير جهنم، بلغت قعرها بعد سبعين سنة»، فلما خرجوا من عنده سمعوا أنَّ منافقًا مات، وذلك كان عمره، فكأن هذا المنافق كان يقطعُ سفرَه في تلك المدة إلى موضعه من النار، حتى إذا قطعَه مات، وبلغ المنزل (¬2). 70 - باب فِى الْهَدْىِ الصَّالِحِ 6097 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قُلْتُ لأَبِى أُسَامَةَ حَدَّثَكُمُ الأَعْمَشُ سَمِعْتُ شَقِيقًا قَالَ سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ يَقُولُ إِنَّ أَشْبَهَ النَّاسِ دَلاًّ وَسَمْتًا وَهَدْيًا بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَبْنُ أُمِّ عَبْدٍ، مِنْ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ، لاَ نَدْرِى مَا يَصْنَعُ فِى أَهْلِهِ إِذَا خَلاَ. طرفه 3762 - تحفة 3345 6098 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُخَارِقٍ سَمِعْتُ طَارِقًا قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْىِ هَدْىُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 7277 - تحفة 9320 6096 - قوله: (فيصنع به إلى يوم القيامة) فكما كان هذا جَزَاء للكذاب في برزخه إلى قيام البرزخ، وهو إلى يوم القيامة، كذلك حالُ قاتلِ النفس، يُفعل به ما يفعل إلى ¬

_ (¬1) وأمثال تلك الكلمات أحرى أنْ تُسمَّى بطن الحديث، فإن لكل حديث ظهرًا، وبطنًا، وقد تعرض إليه الشيخ في أكثر المواضع، فالظهر على موضعه، والبطن على موضعه فاحفظه في جملة المواضع. ومن هذا الباب تحقيقه في محل الجنة، والنار، وتجسد المعاني، وأمثالها، فاعلمه. (¬2) قلت: ولعله قوله تعالى: {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} وحينئذٍ ليس قوله تعالى على تأويل أو مجاز، بل هو على ظاهره، فليفهمه، ومن لم يكن طالع أسفارَ الحقائق، لا يدرك كُنه ما حققه الشيخ.

71 - باب الصبر على الأذى

يوم القيامة. وهو معنى التخليد في حقه، وهو خلود العذاب، ما دام البرزخ قائمًا. وأما بعد انعدامه. وحدوث عالم الآخرة، فأمره إلى الله تعالى، وقد خفي على أمثال الترمذي مرادَه، فعلله في «جامعه» وقد قررناه مرارًا. ويُستفاد من مثل هذه الألفاظ، أنَّ الأحاديثَ قد تتعرضُ إلى حال الأموات إلى قيام الساعة، كائنًا ما كان حالُه بعدَها. 71 - باب الصَّبْرِ عَلَى الأَذَى وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]. 6099 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى الأَعْمَشُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ أَحَدٌ - أَوْ لَيْسَ شَىْءٌ - أَصْبَرَ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ لَيَدْعُونَ لَهُ وَلَدًا، وَإِنَّهُ لَيُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ». طرفه 7378 - تحفة 9015 6100 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ شَقِيقًا يَقُولُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قِسْمَةً كَبَعْضِ مَا كَانَ يَقْسِمُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَاللَّهِ إِنَّهَا لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ. قُلْتُ أَمَّا أَنَا لأَقُولَنَّ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَيْتُهُ وَهْوَ فِى أَصْحَابِهِ فَسَارَرْتُهُ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ وَغَضِبَ، حَتَّى وَدِدْتُ أَنِّى لَمْ أَكُنْ أَخْبَرْتُهُ ثُمَّ قَالَ «قَدْ أُوذِىَ مُوسَى بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَصَبَرَ». أطرافه 3150، 3405، 4335، 4336، 6059، 6291، 6336 - تحفة 9264 6099 - قوله: (ليس شيء أصبر على أذى سمعه من الله) حرف «من» تفضيلي، أي أصبرُ من الله. 72 - باب مَنْ لَمْ يُوَاجِهِ النَّاسَ بِالْعِتَابِ 6101 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَتْ عَائِشَةُ صَنَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا فَرَخَّصَ فِيهِ فَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنِ الشَّىْءِ أَصْنَعُهُ، فَوَاللَّهِ إِنِّى لأَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً». طرفه 7301 - تحفة 17640 6102 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ - هُوَ ابْنُ أَبِى عُتْبَةَ مَوْلَى أَنَسٍ - عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِى خِدْرِهَا، فَإِذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ عَرَفْنَاهُ فِى وَجْهِهِ. طرفاه 3562، 6119 - تحفة 4107 - 32/ 8 73 - باب مَنْ كَفَّرَ أَخَاهُ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ، فَهْوَ كَمَا قَالَ 6103 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالاَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ

74 - باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا

الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهِ أَحَدُهُمَا». وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 14970 6104 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ. فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا». تحفة 7233 6105 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلاَمِ كَاذِبًا فَهْوَ كَمَا قَالَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَىْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ، وَلَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهْوَ كَقَتْلِهِ». أطرافه 1363، 4171، 4843، 6047، 6652 - تحفة 2062 أي بغير منشأ. وقد أطلق الغزالي في إكفار من أكفر أخاه، والمتأخرون إلى كونه إن قالها سابًا شاتمًا لم يكفر، وإن كان من عقيدته ذلك، فهو كافرٌ. وعندي هذا من باب آخر، فإنْ رمى تلك الكلمة على أحد، مثلِ رمي الحجارة، فلا بدّ لها، إما أن ترجع إلى قائلها، إن لم يكن المقولُ له محلًا لها، أو تلزِقُ به، إن كان محلًا لها. ولا يوجبُ ذلك كفرًا غير الردغة، كردغة الطينة، ولا يورث فيه شيئًا غير التقبيح، إلا أنَّ تلك الحقيقة لما لم تذكر في الفقه، لم تتبادر إليها أذهان العامة، وهذا معنى قوله: «فقد باء به أحدهما»؛ وأما قوله: «ومن رمى مؤمنًا بكفر، فهو كقتله»، فمعناه أن الكفرَ، من أسباب القتلِ، فمن أكفَرَه، فقد نصبَه موضعَ القتلِ لا مَحَالة. 74 - باب مَنْ لَمْ يَرَ إِكْفَارَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مُتَأَوِّلاً أَوْ جَاهِلاً وَقَالَ عُمَرُ لِحَاطِبٍ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ». 6106 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَادَةَ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا سَلِيمٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ - رضى الله عنه - كَانَ يُصَلِّى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ يَأْتِى قَوْمَهُ فَيُصَلِّى بِهِمُ الصَّلاَةَ، فَقَرَأَ بِهِمُ الْبَقَرَةَ - قَالَ - فَتَجَوَّزَ رَجُلٌ فَصَلَّى صَلاَةً خَفِيفَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاذًا فَقَالَ إِنَّهُ مُنَافِقٌ. فَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا قَوْمٌ نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا، وَنَسْقِى بِنَوَاضِحِنَا، وَإِنَّ مُعَاذًا صَلَّى بِنَا الْبَارِحَةَ، فَقَرَأَ الْبَقَرَةَ فَتَجَوَّزْتُ، فَزَعَمَ أَنِّى مُنَافِقٌ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ أَنْتَ - ثَلاَثًا - اقْرَأْ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)} وَ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} وَنَحْوَهَا». أطرافه 700، 701، 705، 711 - تحفة 2548 - 33/ 8

75 - باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله عز وجل

6107 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ فَقَالَ فِى حَلِفِهِ بِاللاَّتِ وَالْعُزَّى. فَلْيَقُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُقَامِرْكَ، فَلْيَتَصَدَّقْ». أطرافه 4860، 6301، 6650 - تحفة 12276 6108 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّهُ أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِى رَكْبٍ وَهْوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَنَادَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ، وَإِلاَّ فَلْيَصْمُتْ». أطرافه 2679، 3836، 6646، 6648 - تحفة 8289 وهذه من التراجم المهمة جدًا، ومعنى قوله: «متأولًا»، أي كان عنده وجهٌ لإِكفارِهِ. قوله: (أو جاهلًا) أي بحكم ما قال. أو بحال المقولِ فيه. والفتوى على أنه لا يكفر، كما أطلقه عمر في صحابي شهدَ بدرًا، فإنَّه كان له عنده وجه. 6106 - قوله: (فزعم أني منافق) وإنما زعمه معاذ كذلك، لأنه دخل في الصلاة، ثم خرج منها قبل أن يُتِمَّها معاذ. وقد مر مني أن هذه واقعةٌ واحدةٌ فقط، ولم يكن التكرار من عادة معاذ، وإنما وقعت له مرةً واحدةً، وله رواية عند أبي داود أيضًا، ثم وجدت إليه إشارة من كلام أحمد أيضًا، وراجع تفصيله من موضعه. 6107 - قوله: (من حلف منكم، فقال: واللات والعزى) أي كان حديث عهد بالجاهلية، فأراد أن يحلف بالله، فجرى على لسانه: واللات، والعُزَّى، على عادته في الكفر، فليقل: لا إله إلا الله ومرّ عليه النووي، وقال: إنه تجب فيه الكفارة، وينعقد اليمين عند الحنفية، والعجب من الشيخ بدر الدين العيني، حيث نقله، ثم لم يردَّ عليه، مع أنه غَلطٌ يذرُ البلاذَ بلا قِع وحاشا للحنفية أن يقولوا بمثله أبدًا. نعم إن كان توهمٌ من المسألة الأخرى لنا، فهذا أمر آخر، وهي أنَّ اليمينَ ينعقدُ عندنا بقوله: إن فعلت كذا، فأنا يهودي، وبينهما بَوْنٌ بعيدٌ، لأنَّ المسألة الأخيرة لا تدلُّ إلا على كون اليهودية والنصرانية أشنعُ عنده، ولذا أراد بها الإِقناع عن الحنث. ثم إن فَعَلَه، وهو يعلم أنه لا يصير كافرًا بذلك الفعل، لا يحكمُ عليه بالكفر، وإن علم أنه يُوجب الكفر، ثم تقدم إليه يحكمُ بالكفر عندنا. 75 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ الْغَضَبِ وَالشِّدَّةِ لأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ وَقَالَ اللَّهُ تعالى: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 73]. 6109 - حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ

عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَفِى الْبَيْتِ قِرَامٌ فِيهِ صُوَرٌ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ، ثُمَّ تَنَاوَلَ السِّتْرَ فَهَتَكَهُ، وَقَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُصَوِّرُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ». أطرافه 2479، 5954، 5955 - تحفة 17551 6110 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَى رَجُلٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنِّى لأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلاَةِ الْغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلاَنٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا قَالَ فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَطُّ أَشَدَّ غَضَبًا فِى مَوْعِظَةٍ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ قَالَ فَقَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الْمَرِيضَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ». أطرافه 90، 702، 704، 7159 - تحفة 10004 6111 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى رَأَى فِى قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ نُخَامَةً، فَحَكَّهَا بِيَدِهِ، فَتَغَيَّظَ ثُمَّ قَالَ «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ فِى الصَّلاَةِ فَإِنَّ اللَّهَ حِيَالَ وَجْهِهِ، فَلاَ يَتَنَخَّمَنَّ حِيَالَ وَجْهِهِ فِى الصَّلاَةِ». تحفة 7635 - 34/ 8 6112 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنَا رَبِيعَةُ بْنُ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ «عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ اسْتَنْفِقْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قَالَ «خُذْهَا، فَإِنَّمَا هِىَ لَكَ، أَوْ لأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَضَالَّةُ الإِبِلِ قَالَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ - أَوِ احْمَرَّ وَجْهُهُ - ثُمَّ قَالَ «مَالَكَ وَلَهَا، مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا». أطرافه 91، 2372، 2427، 2428، 2429، 2436، 2438، 5292 - تحفة 3763 6113 - وَقَالَ الْمَكِّىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - قَالَ احْتَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حُجَيْرَةً مُخَصَّفَةً أَوْ حَصِيرًا، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى فِيهَا، فَتَتَبَّعَ إِلَيْهِ رِجَالٌ وَجَاءُوا يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ، ثُمَّ جَاءُوا لَيْلَةً فَحَضَرُوا وَأَبْطَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْهُمْ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ وَحَصَبُوا الْبَابَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مُغْضَبًا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا زَالَ بِكُمْ صَنِيعُكُمْ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُكْتَبُ عَلَيْكُمْ، فَعَلَيْكُمْ بِالصَّلاَةِ فِى بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ خَيْرَ صَلاَةِ الْمَرْءِ فِى بَيْتِهِ، إِلاَّ الصَّلاَةَ الْمَكْتُوبَةَ». طرفاه 731، 7290 - تحفة 3698 6112 - قوله: (وجاءوا يصلون بصلاته) وهذه العبارة تُومىءُ شيئًا إلى أن تلك صلاة كانت بحيث لو أرادوا أن لا يصلوها لم يصلوها، لكونهم صلوها في المسجد

76 - باب الحذر من الغضب

مرةً، فتلك صلاتهم كانت لإِحراز بكرةِ صلاة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فقط، ولا تناسُب هذه العبارة، فيما كان الإِمام والمقتدي مفترضين، فذقه من نفسك، ونحوه قد جاء في صلاة معاذ. وفي قِصة السقوط عن الفرس، فيفيدك في تعيين صلاة معاذ خلفه صلى الله عليه وسلّم والصحابة رضي الله تعالى عنهم في قصة السقوط، ما كانت نافلة، أريد بها البركة، أو كانت فريضةً أُريد بها براءةُ الذمة. 76 - باب الْحَذَرِ مِنَ الْغَضَبِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37)} [الشورى: 37]. و {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)} [آل عمران: 134]. 6114 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِى يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ». تحفة 13238 6115 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ قَالَ اسْتَبَّ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ عِنْدَهُ جُلُوسٌ، وَأَحَدُهُمَا يَسُبُّ صَاحِبَهُ مُغْضَبًا قَدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ لَوْ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ». فَقَالُوا لِلرَّجُلِ أَلاَ تَسْمَعُ مَا يَقُولُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ إِنِّى لَسْتُ بِمَجْنُونٍ. طرفاه 3282، 6048 - تحفة 4566 - 35/ 8 6116 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ - هُوَ ابْنُ عَيَّاشٍ - عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْصِنِى. قَالَ «لاَ تَغْضَبْ». فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ «لاَ تَغْضَبْ». تحفة 12846 77 - باب الْحَيَاءِ 6117 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى السَّوَّارِ الْعَدَوِىِّ قَالَ سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِى إِلاَّ بِخَيْرٍ». فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ مَكْتُوبٌ فِى الْحِكْمَةِ إِنَّ مِنَ الْحَيَاءِ وَقَارًا، وَإِنَّ مِنَ الْحَيَاءِ سَكِينَةً. فَقَالَ لَهُ عِمْرَانُ أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَتُحَدِّثُنِى عَنْ صَحِيفَتِكَ. تحفة 10877 6118 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَجُلٍ وَهْوَ يُعَاتَبُ فِى الْحَيَاءِ يَقُولُ إِنَّكَ لَتَسْتَحْيِى. حَتَّى كَأَنَّهُ يَقُولُ قَدْ أَضَرَّ بِكَ. فَقَالَ

78 - باب إذا لم تستح فاصنع ما شئت

رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ». طرفه 24 - تحفة 6873 6119 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مَوْلَى أَنَسٍ - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى عُتْبَةَ - سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِى خِدْرِهَا. طرفاه 3562، 6102 - تحفة 4107 78 - باب إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ 6120 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ». طرفاه 3483، 3484 - تحفة 9982 79 - باب مَا لاَ يُسْتَحْيَا مِنَ الْحَقِّ لِلتَّفَقُّهِ فِى الدِّينِ 6121 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحِى مِنَ الْحَقِّ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ غُسْلٌ إِذَا احْتَلَمَتْ فَقَالَ «نَعَمْ إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ». أطرافه 130، 282، 3328، 6091 - تحفة 18264 - 36/ 8 6122 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ، لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَلاَ يَتَحَاتُّ». فَقَالَ الْقَوْمُ هِىَ شَجَرَةُ كَذَا. هِىَ شَجَرَةُ كَذَا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ هِىَ النَّخْلَةُ. وَأَنَا غُلاَمٌ شَابٌّ فَاسْتَحْيَيْتُ، فَقَالَ «هِىَ النَّخْلَةُ». وَعَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنَا خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ فَحَدَّثْتُ بِهِ عُمَرَ فَقَالَ لَوْ كُنْتَ قُلْتَهَا لَكَانَ أَحَبَّ إِلَىَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا. أطرافه 61، 62، 72، 131، 2209، 4698، 5444، 5448، 6144 تحفة 7413، 6694 6123 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مَرْحُومٌ سَمِعْتُ ثَابِتًا أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - تَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسَهَا فَقَالَتْ هَلْ لَكَ حَاجَةٌ فِىَّ فَقَالَتِ ابْنَتُهُ مَا أَقَلَّ حَيَاءَهَا. فَقَالَ هِىَ خَيْرٌ مِنْكِ، عَرَضَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَفْسَهَا. طرفه 5120 - تحفة 468 80 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا» وَكَانَ يُحِبُّ التَّخْفِيفَ وَالْيُسْرَ عَلَى النَّاسِ. 6124 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالَ لَهُمَا «يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا،

81 - باب الانبساط إلى الناس

وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا». قَالَ أَبُو مُوسَى يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا بِأَرْضٍ يُصْنَعُ فِيهَا شَرَابٌ مِنَ الْعَسَلِ، يُقَالُ لَهُ الْبِتْعُ، وَشَرَابٌ مِنَ الشَّعِيرِ، يُقَالُ لَهُ الْمِزْرُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ». أطرافه 2261، 3038، 4341، 4343، 4344، 6923، 7149، 7156، 7157، 7172 - تحفة 9086 6125 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا، وَسَكِّنُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا». طرفه 69 - تحفة 1694 6126 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلاَّ أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِنَفْسِهِ فِى شَىْءٍ قَطُّ، إِلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ بِهَا لِلَّهِ. أطرافه 3560، 6786، 6853 - تحفة 16595 - 37/ 8 6127 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ كُنَّا عَلَى شَاطِئِ نَهْرٍ بِالأَهْوَازِ قَدْ نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ، فَجَاءَ أَبُو بَرْزَةَ الأَسْلَمِىُّ عَلَى فَرَسٍ، فَصَلَّى وَخَلَّى فَرَسَهُ، فَانْطَلَقَتِ الْفَرَسُ، فَتَرَكَ صَلاَتَهُ وَتَبِعَهَا حَتَّى أَدْرَكَهَا، فَأَخَذَهَا ثُمَّ جَاءَ فَقَضَى صَلاَتَهُ، وَفِينَا رَجُلٌ لَهُ رَأْىٌ، فَأَقْبَلَ يَقُولُ انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ تَرَكَ صَلاَتَهُ مِنْ أَجْلِ فَرَسٍ. فَأَقْبَلَ فَقَالَ مَا عَنَّفَنِى أَحَدٌ مُنْذُ فَارَقْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ إِنَّ مَنْزِلِى مُتَرَاخٍ فَلَوْ صَلَّيْتُ وَتَرَكْتُ لَمْ آتِ أَهْلِى إِلَى اللَّيْلِ. وَذَكَرَ أَنَّهُ صَحِبَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَأَى مِنْ تَيْسِيرِهِ. طرفه 1211 - تحفة 11593 6128 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ ح وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِى الْمَسْجِدِ، فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ لِيَقَعُوا بِهِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «دَعُوهُ، وَأَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ - أَوْ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ - فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ». طرفه 220 - تحفة 14111 6127 - قوله: (فترك صلاته وتبعها) وقد مر من قبل في تلك الرواية بعينها أنَّه لم يكن قطعَ صلاتَه، ولكنه كان ينجرُّ مع فرسِه كلما انطلق فرسُه. وأخرجه محمد في «السير الكبير»، وفيه زيادة مفيدة، فليراجع. وإنما عبر الراوي الانجرار بالترك، فهذا حال الرواية في التعبيرات. قوله: (وفينا رجل له رأي) أي كان خارجيًا. 81 - باب الاِنْبِسَاطِ إِلَى النَّاسِ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: خَالِطِ النَّاسَ وَدِينَكَ لاَ تَكْلِمَنَّهُ. وَالدُّعَابَةِ مَعَ الأَهْلِ.

82 - باب المداراة مع الناس

6129 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ إِنْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَيُخَالِطُنَا حَتَّى يَقُولَ لأَخٍ لِى صَغِيرٍ «يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ». طرفه 6203 - تحفة 1692 6130 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ لِى صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِى، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ، فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَىَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِى. تحفة 17198 قوله: (ودينك لا تكلمنه) أي لك مخالطتهم، بشرطِ أن لا يحصل في دينِك خللٌ. 6129 - قوله: (يا أبا عمير) وقد كان النبي صلى الله عليه وسلّم كنّاه به، مع كونه صبيًا، فدل على جوازِ تكنية الصبي بمثل هذا. 6129 - قوله: (النغير) ترجمته: "لال". 6130 - قوله: (كنت ألعب بالبنات) وفي «القنية»: أن البنات جائزة، وكانت حقيقتها في القديم أنهم كانوا يأخذون ثوبًا، ويشدونَه في الوسط، فكانت لا تحي عن صورة وشكل، ولم تكن كبناتنا اليوم، فإنَّها تماثيل كالأصنام، فلا تجوز قطعًا. قوله: (ينقمعن) "بهجتى تهين". 82 - باب الْمُدَارَاةِ مَعَ النَّاسِ وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ: إِنَّا لَنَكْشِرُ فِى وُجُوهِ أَقْوَامٍ، وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ. 38/ 8 6131 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ حَدَّثَهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ. أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ فَقَالَ «ائْذَنُوا لَهُ فَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ». أَوْ «بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ». فَلَمَّا دَخَلَ أَلاَنَ لَهُ الْكَلاَمَ. فَقُلْتُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْتَ مَا قُلْتَ، ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ فِى الْقَوْلِ. فَقَالَ «أَىْ عَائِشَةُ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ تَرَكَهُ - أَوْ وَدَعَهُ - النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ». طرفاه 6032، 6054 - تحفة 16754 6132 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أُهْدِيَتْ لَهُ أَقْبِيَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ مُزَرَّرَةٌ بِالذَّهَبِ، فَقَسَمَهَا فِى نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَعَزَلَ مِنْهَا وَاحِدًا لِمَخْرَمَةَ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ «خَبَأْتُ هَذَا لَكَ». قَالَ أَيُّوبُ بِثَوْبِهِ أَنَّهُ يُرِيهِ إِيَّاهُ، وَكَانَ فِى خُلُقِهِ شَىْءٌ. رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ وَقَالَ حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ قَدِمَتْ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَقْبِيَةٌ. أطرافه 2599، 2657، 3127، 5800، 5862 - تحفة 11268 قال القاضي أبو بكر بن العربي: المداراة هو الانبساط، وطلاقة الوجه، مع

83 - باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين

تحفظ دينه والمداهنةُ هو الانبساط، مع ضياع دينه (¬1). 6132 - قوله: (مزرَّرة بالذهب) والزِّر ترجمته "تكمه وكهندى" لا "بتن". 83 - باب لاَ يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ وَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لاَ حَكِيمَ إِلَّا ذُو تَجْرِبَةٍ. 6133 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «لاَ يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ». تحفة 13205 يعني من شأن المؤمن أنْ لا يلدغَ من جُحر واحد مرتين، فكأنه يكون معتبرًا من الحوادث، لا كالفساق، لا يُبالي بشيء وإن أُفرغت عليه المصائب، وأُقيمت عليه الحدود، ويبتلى بالفتن، فالمؤمن يكون فَطِنًا متيقظًا، يتقي مواضع التُّهم، وإذا ابتُلي مرةً بشر لا يأتيه ثانيًا، حتى لا يكون مطعنًا للناس. وهذا لا ينافي كونه أبله، فإن ترجمته ساده ويقابله جالاك وليست ترجمته بيوقوف فالمؤمن لا يكون خَدَّاعًا (¬2). ويتَّضحُ ما قلنا من النظرِ إلى موردِه أنَّ رجلًا جاء أسيرًا إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في بدر، ولم تكن عنده فديةٌ، فاستحق القتلَ، فتحيَّر وجَزِع، وقال: إنَّ لي صبية، ليس لهم قيمٌ غيري، فأحسن إليَّ، أحسن اللهُ إليك، فتركه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وعفا عنه. فلما رجع إلى مكة، نكث على عقبيه، وجعل يهجو النبيَّ صلى الله عليه وسلّم فاتفق أن أسر في غزوةٍ أُخرى، فأمر بالقتل، فجعلَ يَجزَع، ويسألُ العفو، وحينئذٍ قال له النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «لا يلدغ المؤمن» ... إلخ. 84 - باب حَقِّ الضَّيْفِ 6134 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ عَنْ ¬

_ (¬1) قلت: وقد تعرض الشاه عبد العزيز إلى الفرق بينهما، ذيل قوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9] فأجاد، وحاصله يرجع إلى ما ذكره الشيخ عن القاضي، إلا أن تعبيره -على ما أتذكر- أن المداراة هي المسامحة في الأمور البينية، والمداهنة هي المساهلة في الأمور الدينية، فإن الإِغضاء والإِغماض في أمور الدين يُشعر بتساهلٍ في الدين، والسماحة في أمر نفسه، تدل على كرمه، وسعة صدره، وشتان بين مشرق ومغرب. (¬2) قلت: وعند الترمذي عن أبي هريرة مرفوعًا: "المؤمن غِرٌ كريمٌ، والفاجر خِبٌّ لئيم": ص 18 - ج 2، وشرحه كما في "اللمعات" إن المؤمنَ ينخدعُ لانقياده ولينه، وهو ضد الخب، أي لم يجرب الأمور، فهو سليم الصدرِ، وحَسنُ الظنِّ بالناس، يريد به أن المؤمنَ المحمودَ من طبعه الغَرَارة، وقلة الفِطنة للشر، وترك البحث عنه. وليس ذلك جهلًا منه، ولكنه كرمٌ، وحُسن خُلق، كما يدل عليه قوله: "كريم"، وَصَفَه بالكرم، ولكن الجاهل هو الذي لا يعرف أنَّه ينخدعُ لكرمه، مع علمه بخداعه، وفسادِ طويته، فاعلمه. كيف! وأنه ينظر بنور الله، ولا أحد أعقل، وأفرس من العبد المؤمن، فإنَّ الكيِّسَ من دَان نفسَه. والله تعالى أعلم.

85 - باب إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه

يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ». قُلْتُ بَلَى. قَالَ «فَلاَ تَفْعَلْ، قُمْ وَنَمْ، وَصُمْ وَأَفْطِرْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّكَ عَسَى أَنْ يَطُولَ بِكَ عُمُرٌ، وَإِنَّ مِنْ حَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا فَذَلِكَ الدَّهْرُ كُلُّهُ». قَالَ فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَىَّ فَقُلْتُ فَإِنِّى أُطِيقُ غَيْرَ ذَلِكَ. قَالَ «فَصُمْ مِنْ كُلِّ جُمُعَةٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ». قَالَ فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَىَّ قُلْتُ أُطِيقُ غَيْرَ ذَلِكَ. قَالَ «فَصُمْ صَوْمَ نَبِىِّ اللَّهِ دَاوُدَ». قُلْتُ وَمَا صَوْمُ نَبِىِّ اللَّهِ دَاوُدَ قَالَ «نِصْفُ الدَّهْرِ». أطرافه 1131، 1152، 1153، 1974، 1975، 1976، 1977، 1978، 1979، 1980، 3418، 3419، 3420، 5052، 5053، 5054، 5199، 6277 تحفة 8960 - 39/ 8 6134 - قوله: (فصم من كل جمعة) أي أسبوع. قوله: (يقال: زور، وهؤلاء زور) الخ، أي إن هذه مصادر، ولا جمع فيها، ولا تثنية. 85 - باب إِكْرَامِ الضَّيْفِ وَخِدْمَتِهِ إِيَّاهُ بِنَفْسِهِ وَقَوْلِهِ: {ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} [الذاريات: 24]. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يُقَالُ: هُوَ زَوْرٌ، وَهؤُلاَءِ زَوْرٌ وَضَيفٌ، وَمَعْنَاهُ أَضْيَافُهُ وَزُوَّارُهُ، لأَنَّهَا مَصْدَرٌ، مِثْلُ قَوْمٍ رِضًا وَعَدْلٍ. ويُقَالُ: ماءٌ غَوْرٌ، وَبِئْرٌ غَوْرٌ، ومَاءَانِ غَوْرٌ، وَمِيَاهٌ غَوْرٌ. وَيُقَالُ: الغَوْرُ الغَائِرُ لاَ تَنَالُهُ الدِّلاَءُ، كُلُّ شَيءٍ غُرْتَ فِيهِ فَهُوَ مَغَارَةٌ، {تَّزَاوَرُ} [الكهف: 17]: تَمِيلُ، مِنَ الزَّوَرِ، وَالأَزْوَرُ: الأَمْيَلُ. 6135 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى شُرَيْحٍ الْكَعْبِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَالضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهْوَ صَدَقَةٌ، وَلاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِىَ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرِجَهُ». طرفاه 6019، 6476 - تحفة 12056 حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ مِثْلَهُ وَزَادَ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ». تحفة 12056 6136 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِىٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ». أطرافه 5185، 6018، 6138، 6475 - تحفة 12835 6137 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى

86 - باب صنع الطعام والتكلف للضيف

الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ فَلاَ يَقْرُونَنَا فَمَا تَرَى، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِى لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِى يَنْبَغِى لَهُمْ». طرفه 2461 - تحفة 9954 6138 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ». أطرافه 5185، 6018، 6136، 6475 - تحفة 15272 - 40/ 8 فخذوا منهم حق الضيف ... إلخ، قيل: إنه محمولٌ على عُرفهم، فإنَّ ذلك كان عُرفَهم. وقيل: إنه محمول على معاهدة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم من أهل الذمة بذلك، يدل عليه ما نقله الزَّيْلعي من خطوط النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في آخر كتابه. 86 - باب صُنْعِ الطَّعَامِ وَالتَّكَلُّفِ لِلضَّيْفِ 6139 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ آخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِى الدَّرْدَاءِ. فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً فَقَالَ لَهَا مَا شَأْنُكِ قَالَتْ أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِى الدُّنْيَا. فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا فَقَالَ كُلْ فَإِنِّى صَائِمٌ. قَالَ مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ. فَأَكَلَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ فَقَالَ نَمْ. فَنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ فَقَالَ نَمْ. فَلَمَّا كَانَ آخِرُ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ قُمِ الآنَ. قَالَ فَصَلَّيَا فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِى حَقٍّ حَقَّهُ. فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَدَقَ سَلْمَانُ». أَبُو جُحَيْفَةَ وَهْبٌ السُّوَائِىُّ، يُقَالُ وَهْبُ الْخَيْرِ. طرفه 1968 - تحفة 11815 87 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الْغَضَبِ وَالْجَزَعِ عِنْدَ الضَّيْفِ 6140 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِىُّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما أَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَضَيَّفَ رَهْطًا فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ دُونَكَ أَضْيَافَكَ فَإِنِّى مُنْطَلِقٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَافْرُغْ مِنْ قِرَاهُمْ قَبْلَ أَنْ أَجِىءَ. فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَأَتَاهُمْ بِمَا عِنْدَهُ فَقَالَ اطْعَمُوا. فَقَالُوا أَيْنَ رَبُّ مَنْزِلِنَا قَالَ اطْعَمُوا. قَالُوا مَا نَحْنُ بِآكِلِينَ حَتَّى يَجِىءَ رَبُّ مَنْزِلِنَا. قَالَ اقْبَلُوا عَنَّا قِرَاكُمْ، فَإِنَّهُ إِنْ جَاءَ وَلَمْ تَطْعَمُوا لَنَلْقَيَنَّ مِنْهُ. فَأَبَوْا فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يَجِدُ عَلَىَّ، فَلَمَّا جَاءَ تَنَحَّيْتُ عَنْهُ

88 - باب قول الضيف لصاحبه: والله لا آكل حتى تأكل

فَقَالَ مَا صَنَعْتُمْ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ. فَسَكَتُّ ثُمَّ قَالَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ. فَسَكَتُّ فَقَالَ يَا غُنْثَرُ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ تَسْمَعُ صَوْتِى لَمَّا جِئْتَ. فَخَرَجْتُ فَقُلْتُ سَلْ أَضْيَافَكَ. فَقَالُوا صَدَقَ أَتَانَا بِهِ. قَالَ فَإِنَّمَا انْتَظَرْتُمُونِى، وَاللَّهِ لاَ أَطْعَمُهُ اللَّيْلَةَ. فَقَالَ الآخَرُونَ وَاللَّهِ لاَ نَطْعَمُهُ حَتَّى تَطْعَمَهُ. قَالَ لَمْ أَرَ فِى الشَّرِّ كَاللَّيْلَةِ، وَيْلَكُمْ مَا أَنْتُمْ لِمَ لاَ تَقْبَلُونَ عَنَّا قِرَاكُمْ هَاتِ طَعَامَكَ. فَجَاءَهُ فَوَضَعَ يَدَهُ فَقَالَ بِاسْمِ اللَّهِ، الأُولَى لِلشَّيْطَانِ. فَأَكَلَ وَأَكَلُوا. أطرافه 602، 3581، 6141 - تحفة 9688 - 41/ 8 88 - باب قَوْلِ الضَّيْفِ لِصَاحِبِهِ: وَاللهِ لاَ آكُلُ حَتَّى تَأْكُلَ فِيهِ حَدِيثُ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 6141 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما جَاءَ أَبُو بَكْرٍ بِضَيْفٍ لَهُ أَوْ بِأَضْيَافٍ لَهُ، فَأَمْسَى عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا جَاءَ قَالَتْ أُمِّى احْتَبَسْتَ عَنْ ضَيْفِكَ - أَوْ أَضْيَافِكَ - اللَّيْلَةَ. قَالَ مَا عَشَّيْتِهِمْ فَقَالَتْ عَرَضْنَا عَلَيْهِ - أَوْ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا أَوْ - فَأَبَى، فَغَضِبَ أَبُو بَكْرٍ فَسَبَّ وَجَدَّعَ وَحَلَفَ لاَ يَطْعَمُهُ، فَاخْتَبَأْتُ أَنَا فَقَالَ يَا غُنْثَرُ. فَحَلَفَتِ الْمَرْأَةُ لاَ تَطْعَمُهُ حَتَّى يَطْعَمَهُ، فَحَلَفَ الضَّيْفُ - أَوِ الأَضْيَافُ - أَنْ لاَ يَطْعَمَهُ أَوْ يَطْعَمُوهُ حَتَّى يَطْعَمَهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ كَأَنَّ هَذِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ فَدَعَا بِالطَّعَامِ فَأَكَلَ وَأَكَلُوا فَجَعَلُوا لاَ يَرْفَعُونَ لُقْمَةً إِلاَّ رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا، فَقَالَ يَا أُخْتَ بَنِى فِرَاسٍ مَا هَذَا فَقَالَتْ وَقُرَّةِ عَيْنِى إِنَّهَا الآنَ لأَكْثَرُ قَبْلَ أَنْ نَأْكُلَ فَأَكَلُوا وَبَعَثَ بِهَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ أَنَّهُ أَكَلَ مِنْهَا. أطرافه 602، 3581، 6140 - تحفة 9688 89 - باب إِكْرَامِ الْكَبِيرِ، وَيَبْدَأُ الأَكْبَرُ بِالْكَلاَمِ وَالسُّؤَالِ 6142 و 6143 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ - عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ مَوْلَى الأَنْصَارِ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَسَهْلَ بْنَ أَبِى حَثْمَةَ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ أَتَيَا خَيْبَرَ فَتَفَرَّقَا فِى النَّخْلِ، فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ، فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَحُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَكَلَّمُوا فِى أَمْرِ صَاحِبِهِمْ فَبَدَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ أَصْغَرَ الْقَوْمِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كَبِّرِ الْكُبْرَ». - قَالَ يَحْيَى لِيَلِىَ الْكَلاَمَ الأَكْبَرُ - فَتَكَلَّمُوا فِى أَمْرِ صَاحِبِهِمْ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَتَسْتَحِقُّونَ قَتِيلَكُمْ - أَوْ قَالَ صَاحِبَكُمْ - بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْكُمْ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْرٌ لَمْ نَرَهُ. قَالَ «فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ فِى أَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَوْمٌ كُفَّارٌ. فَوَدَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ قِبَلِهِ. قَالَ سَهْلٌ فَأَدْرَكْتُ نَاقَةً مِنْ تِلْكَ الإِبِلِ، فَدَخَلَتْ مِرْبَدًا لَهُمْ فَرَكَضَتْنِى بِرِجْلِهَا. قَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يَحْيَى عَنْ بُشَيْرٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ

90 - باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه

يَحْيَى حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ مَعَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ بُشَيْرٍ عَنْ سَهْلٍ وَحْدَهُ. أطرافه 2702، 3173، 6898، 7192 - تحفة 4644، 3551 - 42/ 2 6144 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَخْبِرُونِى بِشَجَرَةٍ مَثَلُهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ، تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا، وَلاَ تَحُتُّ وَرَقَهَا». فَوَقَعَ فِى نَفْسِى أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ وَثَمَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَلَمَّا لَمْ يَتَكَلَّمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هِىَ النَّخْلَةُ». فَلَمَّا خَرَجْتُ مَعَ أَبِى قُلْتُ يَا أَبَتَاهْ وَقَعَ فِى نَفْسِى أَنَّهَا النَّخْلَةُ. قَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَهَا لَوْ كُنْتَ قُلْتَهَا كَانَ أَحَبَّ إِلَىَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا. قَالَ مَا مَنَعَنِى إِلاَّ أَنِّى لَمْ أَرَكَ وَلاَ أَبَا بَكْرٍ تَكَلَّمْتُمَا، فَكَرِهْتُ. أطرافه 61، 62، 72، 131، 2209، 4698، 5444، 5448، 6122 - تحفة 8187 90 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ الشِّعْرِ وَالرَّجَزِ وَالْحُدَاءِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهُ وَقَوْلِهِ تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)} [الشعراء: 224 - 227]. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِى كُلِّ لَغْوٍ يَخُوضُونَ. 6145 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً». تحفة 59 6146 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ سَمِعْتُ جُنْدَبًا يَقُولُ بَيْنَمَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْشِى إِذْ أَصَابَهُ حَجَرٌ فَعَثَرَ فَدَمِيَتْ إِصْبَعُهُ فَقَالَ «هَلْ أَنْتِ إِلاَّ إِصْبَعٌ دَمِيتِ ... وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ». طرفه 2802 - تحفة 3250 - 43/ 8 6147 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِىٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ أَلاَ كُلُّ شَىْءٍ مَا خَلاَ اللَّهَ بَاطِلُ». وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِى الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ. طرفاه 3841، 6489 - تحفة 14976 6148 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خَيْبَرَ فَسِرْنَا لَيْلاً، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لِعَامِرِ بْنِ الأَكْوَعِ أَلاَ تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ، قَالَ وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلاً شَاعِرًا، فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ يَقُولُ

* اللَّهُمَّ لَوْلاَ أَنْتَ ما اهْتَدَينَا ... وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّينَا * فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ ما اقْتَفَينَا ... وَثَبِّتِ اْلأَقْدَامَ إِنْ لاَقَينَا * وَأَلقِيَنْ سَكِينَةً عَلَينَا ... إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَينَا * وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَينَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ هَذَا السَّائِقُ». قَالُوا عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ. فَقَالَ «يَرْحَمُهُ اللَّهُ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ وَجَبَتْ يَا نَبِىَّ اللَّهِ، لَوْ أَمْتَعْتَنَا بِهِ. قَالَ فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ الْيَوْمَ الَّذِى فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا هَذِهِ النِّيرَانُ، عَلَى أَىِّ شَىْءٍ تُوقِدُونَ». قَالُوا عَلَى لَحْمٍ. قَالَ «عَلَى أَىِّ لَحْمٍ». قَالُوا عَلَى لَحْمِ حُمُرٍ إِنْسِيَّةٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَهْرِقُوهَا وَاكْسِرُوهَا». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا قَالَ «أَوْ ذَاكَ». فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ فِيهِ قِصَرٌ، فَتَنَاوَلَ بِهِ يَهُودِيًّا لِيَضْرِبَهُ، وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ فَأَصَابَ رُكْبَةَ عَامِرٍ فَمَاتَ مِنْهُ، فَلَمَّا قَفَلُوا قَالَ سَلَمَةُ رَآنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَاحِبًا. فَقَالَ لِى «مَا لَكَ». فَقُلْتُ فِدًى لَكَ أَبِى وَأُمِّى زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ. قَالَ «مَنْ قَالَهُ». قُلْتُ قَالَهُ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ وَفُلاَنٌ وَأُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ الأَنْصَارِىُّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَذَبَ مَنْ قَالَهُ، إِنَّ لَهُ لأَجْرَيْنِ - وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ - إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ، قَلَّ عَرَبِىٌّ نَشَأَ بِهَا مِثْلَهُ». أطرافه 2477، 4196، 5497، 6331، 6891 - تحفة 4542 - 44/ 8 6149 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ وَمَعَهُنَّ أُمُّ سُلَيْمٍ فَقَالَ «وَيْحَكَ يَا أَنْجَشَةُ، رُوَيْدَكَ سَوْقًا بِالْقَوَارِيرِ». قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ فَتَكَلَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِكَلِمَةٍ، لَوْ تَكَلَّمَ بَعْضُكُمْ لَعِبْتُمُوهَا عَلَيْهِ قَوْلُهُ «سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ». أطرافه 6161، 6202، 6209، 6210، 6211 - تحفة 949 وأنكر الأخفش أن يكون الرَّجَز شعرًا. واعلم أنَّ للشعر مادةً، وصورة: فمادته المضامين المَخِيلة، كقول المنطقيين: العسلُ مهوعة، والخمر ياقوتية سَيَّالة، ويسمونه القضايا الشعرية، فيُحدث من ذلك انبساطًا في النفس، أو انقباضًا، ولا يُوجب ذلك أن يكونَ في الخارج أيضًا، كقلك، وبهذا المعنى قال تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: 69] أي لا ينبغي للنبيِّ أن يحتوي كلامَه على المضامين المَخِيلة الصرفة، التي لا حقيقة تحتها، وإنما هي لانبساط النفس، ونشاطها لا غير، وإنَّما الأليقُ بشأنها أنَّ يتعرض إلى الحقائق الواقعية. دون الاعتباريات المحضة. ولذا كدت أنكر أن يكونَ في القرآن تشبيهًا مَخِيلًا، لولا رأيت قوله: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} فإنه تشبيه مَخِيلٌ. ومن ههنا اندفع أن المصنف بوَّب بالشعر، ثم لم

91 - باب هجاء المشركين

يأت بشرع، فإنَّه أخرجَ تحته قوله صلى الله عليه وسلّم «سوقك بالقوارير» فسمَّاه شعرًا من حيث كون مادته مادة الشعر. ثم ليسأل الذين يُثبتون العلم الكلي للنبي صلى الله عليه وسلّم ماذا حالهم في قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَهُ الشّعْرَ}؟ فإن القرآن يُنادي بأنه لم يُعط له علم الشعر، فما بالهم الآن؟. 6146 - قوله: (وهل أنت إلا إصبع دميت) وهذا رَجَزٌ، ثم لما كان بغير قصدٍ منه، لم يكن شعرًا. 6148 - قوله: (قل عربي نشأ بها مثله) أي في جزيرة العرب. 6149 - قوله: (رويدك، سوقك بالقوارير) أي أمهل، وسُق بالمطايا، كما تُساق إذا حُمل عليها القوارير، فقيل في مراده: إن المرادَ من القوارير النساء، فإنَّ القوارير، كما تتكسر بأدنى صدمة تصيبُها، كذلك النساء تتأثر قلوبهنَّ بأدنى شيء. وإذا أنت حسنُ الصوت، فلا تُسمع صوتَك إياهنَّ، فتفتتن قلوبهن، ولا بأس بتلك التشبيهات، إذا كانت تكشفُ عن حقيقة. وقد وقع مثلُه للتَّفْتَازاني، حيث غلط في الإِعراب، القارىء في درسه، فجعل سائرَ الطلبة يضحكون منه، فتحيرَ القارىء، ولم بتنبَّه عما فَرَطَ منه. فَأَوْمَأَ إليه العلامة بغمصِ أحد عينيه، أن اضْمُمْ العينَ على تلك الحقيقة، فافهم. 91 - باب هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ 6150 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَكَيْفَ بِنَسَبِى». فَقَالَ حَسَّانُ لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ الْعَجِينِ. وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ذَهَبْتُ أَسُبُّ حَسَّانَ عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ لاَ تَسُبُّهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 3531، 4145 - تحفة 17054، 17055 6151 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ الْهَيْثَمَ بْنَ أَبِى سِنَانٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ فِى قَصَصِهِ يَذْكُرُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ أَخًا لَكُمْ لاَ يَقُولُ الرَّفَثَ». يَعْنِى بِذَاكَ ابْنَ رَوَاحَةَ قَالَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ ... إِذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنَ الْفَجْرِ سَاطِعُ أَرَانَا الْهُدَى بَعْدَ الْعَمَى فَقُلُوبُنَا ... بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ يَبِيتُ يُجَافِى جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ ... إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْكَافِرِينَ الْمَضَاجِعُ تَابَعَهُ عُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ الزُّبَيْدِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدٍ وَالأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. طرفه 1155 - تحفة 14804، 13257، 13960 - 45/ 8 6152 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ

92 - باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر حتى يصده عن ذكر الله والعلم والقرآن

قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىَّ يَسْتَشْهِدُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَيَقُولُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَا حَسَّانُ أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَعَمْ. طرفاه 453، 3212 - تحفة 3402، 15155، 15261 6153 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِحَسَّانَ «اهْجُهُمْ - أَوْ قَالَ هَاجِهِمْ - وَجِبْرِيلُ مَعَكَ». أطرافه 3213، 4123، 4124 - تحفة 1794 92 - باب مَا يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ عَلَى الإِنْسَانِ الشِّعْرُ حَتَّى يَصُدَّهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَالْعِلْمِ وَالْقُرْآنِ 6154 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا». تحفة 6754 6155 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحًا يَرِيهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا». تحفة 12364 قال مولانا: إنَّ الشعرَ، والشِّطْرَنْجَ، والاصطيادَ من أقبح الأشياء، لأنَّ الإِنسانَ يشتغلُ بها، فيَغْفُل عن ذكر الله، وعن الصلاة. واعلم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لما سُئِل عن الشعر، قال: «إنه كلامٌ، حسنُه حسنٌ، وقبيحُه قبيحٌ». ولذا أراد المصنِّفُ أنْ يُشيرَ إلى تفصيلٍ فيه، فأشار إلى أنَّ المذمومَ منه ما يغلِبُ على الإِنسان، فيصُدَّه عن ذكر الله تعالى. وقد أكثر المصنِّفُ في كتاب الأدب التقسيمَ على الحالات، ما لم يفعل في سائر الأبواب، فبوَّب بالغِيبة، وفصَّل فيها، فبوَّب بالنميمة، وقسَّمها على الحالات. وبالجملة نبَّه في أكثرِ الأبواب أنَّه لا كليَّة في هذا الباب، ولكن الأمرَ يتوزَّعُ فيه على الحالات. 93 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «تَرِبَتْ يَمِينُكَ»، وَ: «عَقْرَى حَلْقَى» 6156 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِى الْقُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ عَلَىَّ بَعْدَ مَا نَزَلَ الْحِجَابُ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لاَ آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّ أَخَا أَبِى الْقُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِى، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِى امْرَأَةُ أَبِى الْقُعَيْسِ. فَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ

94 - باب ما جاء فى زعموا

اللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِى، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِى امْرَأَتُهُ. قَالَ «ائْذَنِى لَهُ، فَإِنَّهُ عَمُّكِ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ». قَالَ عُرْوَةُ فَبِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ. أطرافه 2644، 4796، 5103، 5111، 5239 - تحفة 16563 6157 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَرَادَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَنْفِرَ فَرَأَى صَفِيَّةَ عَلَى بَابِ خِبَائِهَا كَئِيبَةً حَزِينَةً لأَنَّهَا حَاضَتْ فَقَالَ «عَقْرَى حَلْقَى - لُغَةُ قُرَيْشٍ - إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا» ثُمَّ قَالَ «أَكُنْتِ أَفَضْتِ يَوْمَ النَّحْرِ». يَعْنِى الطَّوَافَ قَالَتْ نَعَمْ. قَالَ «فَانْفِرِى إِذًا». أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 7229 - تحفة 15927 - 46/ 8 94 - باب مَا جَاءَ فِى زَعَمُوا 6158 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِى طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِى طَالِبٍ تَقُولُ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ، وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ «مَنْ هَذِهِ». فَقُلْتُ أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِى طَالِبٍ. فَقَالَ «مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ». فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غَسْلِهِ قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِىَ رَكَعَاتٍ، مُلْتَحِفًا فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ ابْنُ أُمِّى أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا قَدْ أَجَرْتُهُ فُلاَنُ بْنُ هُبَيْرَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ». قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ وَذَاكَ ضُحًى. أطرافه 280، 357، 3171 - تحفة 18018 وفيه الحديث: «بِئْسَ مَطِيَّةُ الرجلِ زَعَمُوا (¬1)، فإنَّ الإِنسانَ إذا أراد أن يتكلَّم بأمرٍ ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد ذَكَرَ الطحاويُّ معناه في "مشكل الآثار"، فتأمَّلنا ما رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصفه "زَعَمُوا" بما وصفها به، وذكرهُ إيَّاها أنها بِئْس مَطِيَّة الرجل، فوجدنا "زَعَمُوا" لم يجيء في القرآن إِلَّا في الأخبار عن المذمومين بأشياء مذمومةٍ، كانت منهم، فمن ذلك قوله تعالى: (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا) ثم اتبع ذلك بقوله: (بلى وربي لتبعثن، ثم لتنبؤن بما عملتم). ومن ذلك قوله تعالى: (قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله) ثم اتبع ذلك بإخباره بعجزهم، إن دعوهم بذلك، بقوله تعالى: (فلا يملكون كشف الضر عنكم، ولا تحويلا). ومن ذلك قوله تعالى: (وما نرى معكم شفعائكم الذين زعمتم، أنهم فيكم شركاء). ثم رد عليهم بقواه تعالى: (لقد تقطع بينكم) الآية، ومن ذلك قوله تعالى: (أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون). ومن ذلك قوله تعالى: (ألم ترى إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل اليك، وما أنزل من قبلك) الآية. وكلُّ هذه الأشياء، فإِخبارٌ من الله بها عن قوم مذمومين في أحوالٍ لهم مذمومةٍ، وبأقوالٍ كانت منهم، وكانوا فيها كاذبين مُفتَرِين على الله تعالى. فكان مكروهًا لأحدٍ من الناس، لزومُ أخلاق المذمومين في أخلاقهم، الكافرين في أديانهم، الكاذبين في أقوالهم. وكان الأولى بأهل الإِيمان، لزومُ أخلاق المؤمنين الذين سَبَقُوهم بالإِيمان، وما كانوا عليه من المذاهب المحمودةِ، والأقوالِ الصادقةِ التي حَمَدَهم الله تعالى عليها، رضوان الله تعالى عليهم ورحمته، وبالله التوفيق.

95 - باب ما جاء فى قول الرجل: ويلك

يَعْلَمُ أنه كذبٌ، يُصَدِّرُهُ بتلك الكلمة، ويقول: زَعَمَ الناسُ كذلك. كأنَّه لا يَحْمِلُهُ على نفسه، ويَعْزُوه إلى الناسِ، احترازًا عن صريح الكذب والزور. فالمعنى: أنَّ تلك الكلمة آلةٌ لإشاعة الزور، كما أن المَطِيَّةَ آلةٌ لقطع السفر. فإذا أراد الرجلُ أن لا يمشي على أقدامه، رَكِبَ راحلتَهُ، وذهب. كذلك إذا أراد أن يتكلَّم بالكذب، ولا يَحْمِلُهُ على نفسه، قال: زَعَمُوا، فأجرى الكذبَ بين الناس. والمصنِّفُ لم يخرِّج الحديثَ في النهي عنه، بل أخرج حديثًا فيه: «أن أمَّ هانىء تكلَّمت بِها، وقالت: زَعَمَ ابنُ أمِّي ... » إلخ. والحاصلُ أن النهيَ في موضعه، والإِباحةَ في موضعها، ولا كليَّةَ في مثل هذه الأبواب. 95 - باب مَا جَاءَ فِى قَوْلِ الرَّجُلِ: وَيْلَكَ 6159 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ «ارْكَبْهَا». قَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ «ارْكَبْهَا». قَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ «ارْكَبْهَا وَيْلَكَ». طرفاه 1690، 2754 - تحفة 1408 6160 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ لَهُ «ارْكَبْهَا». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ «ارْكَبْهَا وَيْلَكَ». فِى الثَّانِيَةِ أَوْ فِى الثَّالِثَةِ. أطرافه 1689، 1706، 2755 - تحفة 13801 6161 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِىِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَأَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ، وَكَانَ مَعَهُ غُلاَمٌ لَهُ أَسْوَدُ، يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ، يَحْدُو، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَيْحَكَ يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدَكَ بِالْقَوَارِيرِ». أطرافه 6149، 6202، 6209، 6210، 6211 - تحفة 300، 949 6162 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَثْنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «وَيْلَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ أَخِيكَ - ثَلاَثًا - مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَادِحًا لاَ مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ أَحْسِبُ فُلاَنًا - وَاللَّهُ حَسِيبُهُ - وَلاَ أُزَكِّى عَلَى اللَّهِ أَحَدًا. إِنْ كَانَ يَعْلَمُ». طرفاه 2662، 6061 - تحفة 11678 - 47/ 8 6163 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَالضَّحَّاكِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ بَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْسِمُ ذَاتَ يَوْمٍ قِسْمًا فَقَالَ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ - رَجُلٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ - يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ. قَالَ «وَيْلَكَ مَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ». فَقَالَ عُمَرُ ائْذَنْ لِى فَلأَضْرِبْ عُنُقَهُ. قَالَ «لاَ، إِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمُرُوقِ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَلاَ

يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ، يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ إِحْدَى يَدَيْهِ مِثْلُ ثَدْىِ الْمَرْأَةِ، أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَشْهَدُ لَسَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَشْهَدُ أَنِّى كُنْتُ مَعَ عَلِىٍّ حِينَ قَاتَلَهُمْ، فَالْتُمِسَ فِى الْقَتْلَى، فَأُتِىَ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِى نَعَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3344، 3610، 4351، 4667، 5058، 6931، 6933، 7432، 7562 تحفة 4421، 4081 6164 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ «وَيْحَكَ». قَالَ وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِى فِى رَمَضَانَ. قَالَ «أَعْتِقْ رَقَبَةً». قَالَ مَا أَجِدُهَا. قَالَ «فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ». قَالَ لاَ أَسْتَطِيعُ. قَالَ «فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ مَا أَجِدُ. فَأُتِىَ بِعَرَقٍ فَقَالَ «خُذْهُ فَتَصَدَّقْ بِهِ». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَى غَيْرِ أَهْلِى فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا بَيْنَ طُنُبَىِ الْمَدِينَةِ أَحْوَجُ مِنِّى. فَضَحِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ قَالَ «خُذْهُ». تَابَعَهُ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ وَيْلَكَ. أطرافه 1936، 1937، 2600، 5368، 6087، 6709، 6710، 6711، 6821 تحفة 12275 - 48/ 8 6165 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِىُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِى عَنِ الْهِجْرَةِ. فَقَالَ «وَيْحَكَ إِنَّ شَأْنَ الْهِجْرَةِ شَدِيدٌ، فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَهَلْ تُؤَدِّى صَدَقَتَهَا». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا». أطرافه 1452، 2633، 3923 - تحفة 4153 6166 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ سَمِعْتُ أَبِى عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَيْلَكُمْ - أَوْ وَيْحَكُمْ قَالَ شُعْبَةُ شَكَّ هُوَ - لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». وَقَالَ النَّضْرُ عَنْ شُعْبَةَ وَيْحَكُمْ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ وَيْلَكُمْ أَوْ وَيْحَكُمْ. أطرافه 1742، 4403، 6043، 6785، 6868، 7077 - تحفة 7418 6167 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ قَائِمَةٌ قَالَ «وَيْلَكَ وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا». قَالَ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا إِلاَّ أَنِّى أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ «إِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ». فَقُلْنَا وَنَحْنُ كَذَلِكَ. قَالَ «نَعَمْ». فَفَرِحْنَا يَوْمَئِذٍ فَرَحًا شَدِيدًا، فَمَرَّ غُلاَمٌ لِلْمُغِيرَةِ وَكَانَ مِنْ أَقْرَانِى فَقَالَ «إِنْ أُخِّرَ هَذَا فَلَنْ يُدْرِكَهُ الْهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ».

وَاخْتَصَرَهُ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ أَنَسًا عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3688، 6171، 7153 - تحفة 1404، 1268 6159 - قوله: (رَأَى رَجُلًا يسوقُ بَدَنَةً)، إن كان هذا التعبيرُ محفوظًا، ففيه إيماءٌ إلى أن البَدَنَةَ صارت عندهم عُرْفًا للهَدْي. فكانوا يقولونها في الهَدْي، إبلًا كان، أو بقرةً، وإن كانت البَدَنَةُ تختصُّ بالإِبل عند أهل اللغة. وحينئذٍ يَسَعُ الحنفية أن يقولوا: إنه كان يُسْتَعْمَلُ فيما بينهم في الهَدْي مطلقًا، وإن كان مخصوصًا بالإِبل لغةً. 6163 - قوله: (فَقَالَ عُمَرُ: ائْذَنْ لي، فَلأَضْرِبْ عُنُقَهُ، قَالَ: لاَ) ... إلخ، فيه عملٌ بالتكوين، أي لمَّا قدَّر اللهُ سبحانه أن يكونَ من ضِئْضِيء هذا الرجلِ قومٌ، ذكر أوصافَهم في الحديث، أَعْرَضَ عن قتله، وإن كان التشريعُ فيه القتلَ، وهذا لا يَسُوغُ إلَّا للنبيِّ خاصةً، فإنه يُكَلَّم من رواء حِجَابٍ، ويطَّلِعُ التكوينَ من غير ارتيابٍ. ثم في الروايات أنه أمر بقتله أيضًا، وهذا على التشريع، فطلبوه، فلم يجِدُوه. وإنَّما أمر بالقتل، مع عِلمه أن قومًا يَخْرُجُون من نَسْلِهِ، لأنَّه عَلِمَ أنه إن قدَّر اللهُ سبحانه خروجَهم، لا يَصُدُّ عن تقديره أمرٌ، فلا يتمكَّنون من قتله. وهكذا وقع، فإنَّهم طلبوه ليقتلوه، فلم يَجِدُوه. أو حُمِلَ التكوينُ على أن القومَ المَوْصُوفُون يَخْرُجُون من رجلٍ يُضَاهِيهِ في الصفات، لا هذا الرجل خاصةً. 6166 - قوله: (لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا) ... إلخ، وهذا عندي على التشبيه، وإن لم يسلِّمه النحاةُ. وذلك لأنَّ قتالَ المسلم كفرٌ بنصِّ الحديث، والقتالُ ثمرةٌ لاختلاف الأديان، فإنَّ المسلمُ لا يَقْتُلُ إلَّا الكافرَ، والكافرُ لا يَقْتُلُ إلَّا المسلمَ. فإذا ضرب المسلمُ رقبةَ أخيه، فقد فعل فِعْلًا يَفْعَلُه الكفرةُ، فَلَحِقَ بهم بهذا التشبيه. 6167 - قوله: (إِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ) واعلم أنَّ رُبُطَ المحبة لا بدَّ أن يَجُرَّ صاحبَها إلى من يُحِبُّه. أمَّا أن يُقْعِدُه مَقْعَدَ من يُحِبُّه، فذلك غيرُ لازمٍ، فالمعيةُ أمرٌ وسيعٌ. نعم قوله: «أنا، وكافلُ اليتيم هكذا، يُشْعِرُ بها فوق ما قلنا، ويُومِيءُ بمزيد القُرْبِ. وذلك لأنَّه أراد بيانَ منزلة كافل اليتيم منه، فأتى بألفاظٍ زائدةٍ تَدُلُّ عليها. والمعيَّةُ لا تَدُلُّ إلَّا على الشَّرِكَةِ مطلقًا. قوله: (إِنْ أُخِّرَا هَذا، فَلَنْ يُدْرِكَهُ الهَرَمُ، حتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ) قال الصدرُ الشِّيرَازِيّ: إنَّ الساعةَ ساعةٌ صغرى، وهي بموته. وساعةٌ وسطى، وهي بموت أقرانه. وساعةٌ كبرى، وهي من نفخ الصور. والمرادُ ههنا الصغرى، أو الوسطى. والمعنى: ما لكم وللساعة الكبرى، وإن ساعتُكم التي آتيةٌ عليكم هي بموت أقارنكم. ويُؤَيِّدُه ما عند البخاريِّ في باب سكرات الموت: «لا يُدْرِكُهُ الموتَ حتَّى تقومَ عليكم ساعتُكم». قال هشام: يعني موتهم، ففيه بيانُ أن المرادَ من الساعة الساعةُ الوسطى.

96 - باب علامة حب الله عز وجل لقوله تعالى: {إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} [آل عمران: 31]

96 - باب عَلاَمَةِ حُبِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِقَوْلِهِ تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31] 6168 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ». طرفه 6169 - تحفة 9262 6169 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَقُولُ فِى رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ». تَابَعَهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ وَأَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6168 - تحفة 9262 - 49/ 8 6170 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ قِيلَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الرَّجُلُ يُحِبُّ الْقَوْمَ وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ قَالَ «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ». تَابَعَهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ. تحفة 9002 6171 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مَتَّى السَّاعَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «مَا أَعْدَدْتَ لَهَا». قَالَ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ صَلاَةٍ وَلاَ صَوْمٍ وَلاَ صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّى أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ». أطرافه 3688، 6167، 7153 - تحفة 844 6170 - قوله: (وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ)، «ولمَّا»: للتوقُّع، ومعناه: لم يَلْحَق بهم، ولكنه يرجو لحوقَهم. 97 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ: اخْسَأْ 6172 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاِبْنِ صَائِدٍ «قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا فَمَا هُوَ». قَالَ الدُّخُّ. قَالَ «اخْسَأْ». تحفة 6320 6173 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ انْطَلَقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ، حَتَّى وَجَدَهُ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فِى أُطُمِ بَنِى مَغَالَةَ، وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيَّادٍ يَوْمَئِذٍ الْحُلُمَ، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ظَهْرَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ «أَتَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ». فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ

98 - باب قول الرجل مرحبا

أَتَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ فَرَضَّهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ». ثُمَّ قَالَ لاِبْنِ صَيَّادٍ «مَاذَا تَرَى». قَالَ يَأْتِينِى صَادِقٌ وَكَاذِبٌ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا». قَالَ هُوَ الدُّخُّ. قَالَ «اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ». قَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَأْذَنُ لِى فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنْ يَكُنْ هُوَ لاَ تُسَلَّطُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ فَلاَ خَيْرَ لَكَ فِى قَتْلِهِ». أطرافه 1354، 3055، 6618 - تحفة 6849 - 50/ 8 6174 - قَالَ سَالِمٌ فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ انْطَلَقَ بَعْدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ الأَنْصَارِىُّ يَؤُمَّانِ النَّخْلَ الَّتِى فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَّقِى بِجُذُوعِ النَّخْلِ، وَهْوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنِ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، وَابْنُ صَيَّادٍ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ فِى قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْرَمَةٌ أَوْ زَمْزَمَةٌ، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَتَّقِى بِجُذُوعِ النَّخْلِ، فَقَالَتْ لاِبْنِ صَيَّادٍ أَىْ صَافِ - وَهْوَ اسْمُهُ - هَذَا مُحَمَّدٌ. فَتَنَاهَى ابْنُ صَيَّادٍ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ». أطرافه 1355، 2638، 3033، 3056 - تحفة 6849 6175 - قَالَ سَالِمٌ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى النَّاسِ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ «إِنِّى أُنْذِرُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ وَقَدْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ، وَلَكِنِّى سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلاً لَمْ يَقُلْهُ نَبِىٌّ لِقَوْمِهِ، تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ». أطرافه 3057، 3337، 3439، 4402، 7123، 7127، 7407 - تحفة 6849 قَالَ أَبُو عَبْدِ الله: خَسَأْتُ الكَلْبَ بَعَّدْتُهُ، خَاسِئِينَ مُبْعَدِينَ. وترجمته "دهتكارا جاوى". 6173 - قوله: (فَرَضَّهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم)، والرَّضُّ: هو القبضُ لغةً، ولكنِّي لم أر في روايته أن يكونَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أخذه، فقبضه. قوله: (إنْ يَكُنْ هُوَ، لا تُسَلَّطُ عَلَيْهِ)، هذا أيضًا عملٌ بالتكوين، على أنه كان غلامًا لم يحتلم إذ ذاك. فائدة: كتب الحِفْني: أنَّ اسمَ الدَّجَّال الأكبر: صافن بن صياد - بالنون - ولكني أشكُّ في النسخة. يمكن أن يكونَ اسمُه: صافي، فانحرف إلى: صافن، فدلَّ على اتحاد اسميهما، أي هذا الدَّجَّال، والدَّجَّال الأكبر. ثم الحِفْني من علماء القرن الثاني عشر. 6174 - قوله: (يَخْتِلُ): "داؤ كرنا". 98 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ مَرْحَبًا وَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ: «مَرْحَبًا بِابْنَتِى». وَقَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: جِئْتُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ».

99 - باب ما يدعى الناس بآبائهم

6176 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَرْحَبًا بِالْوَفْدِ الَّذِينَ جَاءُوا غَيْرَ خَزَايَا وَلاَ نَدَامَى». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا حَىٌّ مِنْ رَبِيعَةَ وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مُضَرُ، وَإِنَّا لاَ نَصِلُ إِلَيْكَ إِلَّا فِى الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ فَصْلٍ نَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ، وَنَدْعُو بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا. فَقَالَ «أَرْبَعٌ وَأَرْبَعٌ أَقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَآتُوا الزَّكَاةَ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَأَعْطُوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَلاَ تَشْرَبُوا فِى الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْمُزَفَّتِ». أطرافه 53، 87، 523، 1398، 3095، 3510، 4368، 4369، 7266، 7556 تحفة 6524 - 51/ 8 6176 - قوله: (فَقَالَ: أَرْبَعٌ، وأَرْبَعٌ: أَقِيمُوا الصَّلاَةَ، وآتُوا الزَّكَاةَ) وأخرجه البخاريُّ، وفيه: «الإِيمانُ بالله شهادةُ أن لا إلهَ إلَّا الله - وعقد واحدةً - وإقامُ الصلاة، وإيتاءُ الزكاة». فانظر إن ما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم علَّمه إياهم بالعقد، أي الشهادة. ترك الراوي ههنا ذكرَه رأسًا. 99 - باب مَا يُدْعَى النَّاسُ بِآبَائِهِمْ 6177 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْغَادِرُ يُرْفَعُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ». أطرافه 3188، 6178، 6966، 7111 - تحفة 8166 6178 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الْغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ». أطرافه 3188، 6177، 6966، 7111 - تحفة 7232 قيل: إنَّ الناسَ يُدْعَوْن بأمهاتهم، ولكنَّ المذكورَ في الحديث الدعوةُ باسم الأب، كما قال: «هذه غَدْرَةُ (¬1) فلان بن فلان». ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد تعلَّق أذناب -لعين القاديان- المتنبِّي الكاذب بقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "لو عاش إبراهيمُ، لكان صدِّيقًا نبيًا" وزَعَمُوا أن النبوَّةَ لم تُخْتَمْ بعدُ، فلو عاش إبراهيمُ لكان نبيًا. ولم يُوَفَّقوا أن يَفْهَمُوا أنه لو قُضِيَ أن يكونَ بعده نبيٌّ لعاش ابنه. فالمانعُ عن نبوته عيشه، والمانِعُ عن عيشهِ وبقائِه، ختمُ النبوة، وهذا الذي أراده عامر الشعبي عند الترمذي في قول الله: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم). قال: ما كان ليعيش له فيكم ولد ذكر، اهـ، يريد التناسب بين كونه غير أب لأحد من رجالكم، وبين كونه خاتم النبيين، فأخبر أنه لا ينبغي له أن يعيش ابنه حتى يبلغ عمر النبوة، فإنه لو عاش لكان نبيًا، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان خاتم الأنبياء، فكيف يليق به أن يكون له ابن كذلك، فلو قدر الله تعالى بعده نبيًا عاش ابنه، ولما قدره صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء توفى ابنه، وهو صغير، فانظر الكتاب والسنة كيف يصدق بعضه بعضًا، وهذا اللعين يدعي النبوة، ولا يأتي إلا بالأغلوطات، ونعوذ بالله العلي العظيم من الزيغ والزندقة.

100 - باب لا يقل: خبثت نفسي

100 - باب لاَ يَقُلْ: خَبُثَتْ نَفْسِي 6179 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِى. وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِى». تحفة 16914 6180 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِى، وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِى». تَابَعَهُ عُقَيْلٌ. تحفة 4656 واعلم أن القباحةَ في اللفظ قد تَحْدُثخ من استعماله في الموارد القبيحة، كالبليد، فإنَّه لا يوازي الحمارَ في الشناعة، مع أنَّ المرادَ منهما واحدٌ. أَرَ ترى أنك إذا قلت لأحدٍ: أيُّها البليدُ، فإنه لا يَنْقَبِضُ منه، كانقباضه من: أيُّها الحمارُ؟ فدلَّ على أن الطبائعَ تَنْقَبِضُ عند لفظٍ يختصُّ في الاستعمال بالموارد القبيحة، وإن كان معناه قريبًا من لفظٍ آخر ليس على هذه الصفة. 101 - باب لاَ تَسُبُّوا الدَّهْرَ 6181 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَالَ اللَّهُ يَسُبُّ بَنُو آدَمَ الدَّهْرَ، وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِى اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ». طرفاه 4826، 7491 - تحفة 15312 6182 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُسَمُّوا الْعِنَبَ الْكَرْمَ، وَلاَ تَقُولُوا خَيْبَةَ الدَّهْرِ. فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ». طرفه 6183 - تحفة 15282 واعلم أنَّه ما من شيءٍ في هذا العالم إلَّا وله مبدأٌ في العالم المجرَّد، غير أنَّ ما في هذا العالم يُسمَّى خَلْقًا، فمبدأُ الزمان عند ربك هو الدَّهْرُ. وقال الشيخُ الأكبرُ: إنَّه من الأسماء الحُسْنَى. وفي «تفسير الرازي»: أنه تلقَّى وظيفةً من أحد مشايخه: يا دهر، يا ديهار، يا ديهور. 102 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّمَا الْكَرْمُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ» وَقَدْ قَالَ: «إِنَّمَا الْمُفْلِسُ الَّذِى يُفْلِسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». كَقَوْلِهِ: «إِنَّمَا الصُّرَعَةُ الَّذِى يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ». كَقَوْلِهِ: «لاَ مُلْكَ إِلاَّ لِلَّهِ». فَوَصَفَهُ بِانْتِهَاءِ الْمُلْكِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمُلُوكَ أَيْضًا فَقَالَ «{إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا} [النمل: 34]». 6183 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ

103 - باب قول الرجل: فداك أبي وأمي

الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَيَقُولُونَ الْكَرْمُ، إِنَّمَا الْكَرْمُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ». طرفاه 6182 - تحفة 13141 - 52/ 8 والكَرْمُ: العنبُ، والرجلُ الكريم، ففيه اصطلاحٌ لفظيٌّ، فيكون في مرتبة الاستحباب، ولا دَخْلَ للتحريم. قوله: (لاَ مُلْكَ إِلَّا لِلَّهِ) وحاصلُ كلامه أنَّ لفظَ: «لا»، قد يكونُ لنفي الأصل، وقد يكونُ لنفي الكمال، وقد أنكرتُ - تبعًا للتَفْتَازَانيِّ في «المطول» - أن يكونَ حرفُ «لا» موضوعًا لنفي الكمال، فمدلولُه ليس إلَّا نفي الأصل. فالوجهُ في مثل هذه المواضع: أن الناقصَ يَنْزِلُ منزلةَ المعدوم، فيُسْتَعْمَلُ له ما يُسْتَعْمَلُ للمعدوم، فيجتمعُ الاعتباران في المآل، وإنَّما الكلامُ في المدلول. 103 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ: فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي فِيهِ الزُّبَيْرُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 6184 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِى سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُفَدِّى أَحَدًا غَيْرَ سَعْدٍ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ «ارْمِ فَدَاكَ أَبِى وَأُمِّى». أَظُنُّهُ يَوْمَ أُحُدٍ. أطرافه 2905، 4058، 4059 - تحفة 10190 104 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ: جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا. 6185 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ أَقْبَلَ هُوَ وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - صَفِيَّةُ، مُرْدِفَهَا عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَلَمَّا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَثَرَتِ النَّاقَةُ، فَصُرِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمَرْأَةُ، وَأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ - قَالَ أَحْسِبُ - اقْتَحَمَ عَنْ بَعِيرِهِ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ، هَلْ أَصَابَكَ مِنْ شَىْءٍ. قَالَ «لاَ وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْمَرْأَةِ». فَأَلْقَى أَبُو طَلْحَةَ ثَوْبَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَقَصَدَ قَصْدَهَا، فَأَلْقَى ثَوْبَهُ عَلَيْهَا فَقَامَتِ الْمَرْأَةُ، فَشَدَّ لَهُمَا عَلَى رَاحِلَتِهِمَا فَرَكِبَا، فَسَارُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ - أَوْ قَالَ أَشْرَفُوا عَلَى الْمَدِينَةِ - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «آيِبُونَ تَائِبُونَ، عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ». فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُهَا حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ. أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6363، 6369، 7333 - تحفة 1654 105 - باب أَحَبِّ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ 6186 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ

106 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «سموا باسمى ولا تكتنوا بكنيتي»

- رضى الله عنه - قَالَ وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ فَقُلْنَا لاَ نَكْنِيكَ أَبَا الْقَاسِمِ وَلاَ كَرَامَةَ. فَأَخْبَرَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «سَمِّ ابْنَكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ». أطرافه 3114، 3115، 3538، 6187، 6189، 6196 - تحفة 3034 106 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «سَمُّوا بِاسْمِى وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي» قَالَهُ أَنَسٌ، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 6187 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ فَقَالُوا لاَ نَكْنِيهِ حَتَّى نَسْأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «سَمُّوا بِاسْمِى، وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى». أطرافه 3114، 3115، 3538، 6186، 6189، 6196 - تحفة 2244 - 53/ 8 6188 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «سَمُّوا بِاسْمِى، وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى». أطرافه 110، 3539، 6197، 6993 - تحفة 14434 6189 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ فَقَالُوا لاَ نَكْنِيكَ بِأَبِى الْقَاسِمِ، وَلاَ نُنْعِمُكَ عَيْنًا. فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ «أَسْمِ ابْنَكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ». أطرافه 3114، 3115، 3538، 6186، 6187، 6196 - تحفة 3034 107 - باب اسْمِ الْحَزْنِ 6190 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَاهُ جَاءَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا اسْمُكَ». قَالَ حَزْنٌ. قَالَ «أَنْتَ سَهْلٌ». قَالَ لاَ أُغَيِّرُ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِى. قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ فَمَا زَالَتِ الْحُزُونَةُ فِينَا بَعْدُ. طرفه 6193 - تحفة 11283 حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمَحْمُودٌ قَالاَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ بِهَذَا. تحفة 3400 108 - باب تَحْوِيلِ الاِسْمِ إِلَى اسْمٍ أَحْسَنَ مِنْهُ 6191 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ أُتِىَ بِالْمُنْذِرِ بْنِ أَبِى أُسَيْدٍ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ وُلِدَ، فَوَضَعَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَأَبُو أُسَيْدٍ جَالِسٌ، فَلَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِشَىْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَمَرَ أَبُو أُسَيْدٍ بِابْنِهِ فَاحْتُمِلَ مِنْ فَخِذِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَفَاقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَيْنَ الصَّبِىُّ». فَقَالَ أَبُو أُسَيْدٍ قَلَبْنَاهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «مَا اسْمُهُ». قَالَ فُلاَنٌ. قَالَ «وَلَكِنْ أَسْمِهِ الْمُنْذِرَ». فَسَمَّاهُ يَوْمَئِذٍ الْمُنْذِرَ. تحفة 4753

109 - باب من سمى بأسماء الأنبياء

6192 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ زَيْنَبَ كَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ، فَقِيلَ تُزَكِّى نَفْسَهَا. فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَيْنَبَ. تحفة 14667 6193 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ قَالَ جَلَسْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَحَدَّثَنِى أَنَّ جَدَّهُ حَزْنًا قَدِمَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ «مَا اسْمُكَ». قَالَ اسْمِى حَزْنٌ. قَالَ «بَلْ أَنْتَ سَهْلٌ». قَالَ مَا أَنَا بِمُغَيِّرٍ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِى. قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ فَمَا زَالَتْ فِينَا الْحُزُونَةُ بَعْدُ. طرفه 6190 - تحفة 3400، 18710 - 54/ 8 6191 - قوله: (فَاسْتَفَاقَ) أي لمَّا فَرَغَ عن شُغْلِهِ الذي كان فيه، توجَّه، والتفت إليه. فاحفظه، فإنَّه يَنْفَعُكَ في آخر البخاريِّ للتنظير. 9192 - قوله: (كَانَ اسْمُهَا بَرَّةً) ... إلخ، ليس في اسم زينب، وبَرَّة تضادٌّ، ولا اصطلاحٌ، لِمَا كان يترشَّحُ من اسم بَرَّةَ من التزكية. ولكنه لمَّا لم يُحِبَّ اسمَ بَرَّةَ، غيَّره، وسمَّاها زينبَ. 109 - باب مَنْ سَمَّى بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ وَقَالَ أَنَسٌ: قَبَّلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِبْرَاهِيمَ، يَعْنِى ابْنَهُ. 6194 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قُلْتُ لاِبْنِ أَبِى أَوْفَى رَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ ابْنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مَاتَ صَغِيرًا، وَلَوْ قُضِىَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - نَبِىٌّ عَاشَ ابْنُهُ، وَلَكِنْ لاَ نَبِىَّ بَعْدَهُ. تحفة 5158 6195 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ قَالَ لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِى الْجَنَّةِ». طرفاه 1382، 3255 - تحفة 1796 6196 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «سَمُّوا بِاسْمِى، وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى، فَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ». وَرَوَاهُ أَنَسٌ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3114، 3115، 3538، 6186، 6187، 6189 - تحفة 2244 6197 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «سَمُّوا بِاسْمِى وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى، وَمَنْ رَآنِى فِى الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِى، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَمَثَّلُ صُورَتِى، وَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». أطرافه 110، 3539، 6188، 6993 - تحفة 12852

110 - باب تسمية الوليد

6198 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ وُلِدَ لِى غُلاَمٌ، فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ، فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ، وَدَفَعَهُ إِلَىَّ، وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ أَبِى مُوسَى. طرفه 5467 - تحفة 9057 6199 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عِلاَقَةَ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ قَالَ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ. رَوَاهُ أَبُو بَكْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 1043، 1060 - تحفة 11499 6194 - قوله: (لَوْ قُضِيَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلّم نَبِيٌّ عَاشَ ابْنُهُ) واعلم أن الراوي ليس بصدد بيان التلازم بين هذين الأمرين، ولكنَّه نبَّه على التناسب بينهما. 6197 - قوله: (لا يَتَمَثَّلُ صُورَتِي) ومن هذا الباب قولُه تعالى: {وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: 157] فلا يوجبُ ذلك أن يكونَ هناك رجلٌ آخر مشبَّهًا به في الواقع. وقد مرَّ تقريره من قبل مفصَّلًا. 110 - باب تَسْمِيَةِ الْوَلِيدِ 6200 - أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا رَفَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ «اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِى رَبِيعَةَ، وَالْمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ». أطرافه 797، 804، 1006، 2932، 3386، 4560، 4598، 6393، 6940 تحفة 13132 - 55/ 8 وفي حديثٍ ساقطِ الإِسناد النهيُ عن التسمية باسم الوليد، فإنَّه اسمٌ لفرعون هذه الأمة. ولمَّا كان الحديثُ فيه ضعيفًا، أجازَ المصنِّفُ التسميةَ به. 111 - باب مَنْ دَعَا صَاحِبَهُ فَنَقَصَ مِنِ اسْمِهِ حَرْفًا وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَبَا هِرٍّ». 6201 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا عَائِشَ هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ». قُلْتُ وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. قَالَتْ وَهْوَ يَرَى مَا لاَ نَرَى. أطرافه 3217، 3768، 6249 - تحفة 17766 6202 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ فِى الثَّقَلِ وَأَنْجَشَةُ غُلاَمُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَسُوقُ

112 - باب الكنية للصبى قبل أن يولد للرجل

بِهِنَّ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَنْجَشَ، رُوَيْدَكَ، سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ». أطرافه 6149، 6161، 6209، 6210، 6211 - تحفة 949 112 - باب الْكُنْيَةِ لِلصَّبِىِّ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ لِلرَّجُلِ 6203 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِى أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ - قَالَ أَحْسِبُهُ فَطِيمٌ - وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ «يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ». نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ، فَرُبَّمَا حَضَرَ الصَّلاَةَ وَهُوَ فِى بَيْتِنَا، فَيَأْمُرُ بِالْبِسَاطِ الَّذِى تَحْتَهُ فَيُكْنَسُ وَيُنْضَحُ، ثُمَّ يَقُومُ وَنَقُومُ خَلْفَهُ فَيُصَلِّى بِنَا. طرفه 6129 - تحفة 1692 6203 - قوله: (يُقَالُ لَهُ: أَبُو عُمَيْرٍ)، فكنَّاه بذلك، وهو صغيرٌ، ولا كذبَ فيه. فدلَّ على أن للكلام أنحاءً، وإذن صار الكذبُ والصدقُ أمرًا عُرْفيًا. أَلاَ ترى أن البخاريَّ لمَّا امتحنه الناسُ وسألوه عن أحاديثَ، لم يمرُّوا على حديثٍ منها إلَّا قال لهم: لا أدري، حتَّى إذا أتمُّوها بيَّن الصوابَ من الغلط، وميَّز اللبنَ عن الرَّغْوَة؟ فلم يكن في قوله: لا أدري كذبٌ أصلًا. وقد أكثر الغزالي في «الإِحياء» في ذكر أنواع الكلام في باب حفظ اللسان، وأتى بأمثلةٍ لا كذبَ فيها، مع كونها داخلةً تحت الكذب على المشهور. قوله: (فَرُبَّمَا حَضَرَ الصَّلاَةَ، وهُوَ في بَيْتِنَا)، هذا التعبيرُ بعينه أتى به الراوي في قصة السقوط عن الفرس. ولمَّا كان المرادُ من الصلاة هناك هي النافلةُ، احتمل أن يكونَ المرادُ في قصة السقوط أيضًا هي هذه، فهذا نظيرٌ لذلك الاحتمال. ثم أقولُ: إنَّ الراوي لم يُحْسِنْ في هذا التعبير، فإنَّ الأحرى به هي الفريضةُ، لكون أوقاتِها متعينةً. بخلاف النافلة، فإنَّ وقتَها لمَّا لم يكن متعيِّنًا، لم يُحْسِنْ فيها قولَه: «حضر الصلاةَ». وَكذا قوله: «ربما» في غير موضعه، فإنَّها واقعةٌ واحدةٌ، لا أنَّها كانت عادةً له. 113 - باب التَّكَنِّى بِأَبِى تُرَابٍ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ كُنْيَةٌ أُخْرَى 6204 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ إِنْ كَانَتْ أَحَبَّ أَسْمَاءِ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - إِلَيْهِ لأَبُو تُرَابٍ، وَإِنْ كَانَ لَيَفْرَحُ أَنْ يُدْعَى بِهَا، وَمَا سَمَّاهُ أَبُو تُرَابٍ إِلاَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - غَاضَبَ يَوْمًا فَاطِمَةَ فَخَرَجَ فَاضْطَجَعَ إِلَى الْجِدَارِ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَجَاءَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتْبَعُهُ، فَقَالَ هُوَ ذَا مُضْطَجِعٌ فِى الْجِدَارِ فَجَاءَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَامْتَلأَ ظَهْرُهُ تُرَابًا، فَجَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ ظَهْرِهِ يَقُولُ «اجْلِسْ يَا أَبَا تُرَابٍ». أطرافه 441، 3703، 6280 - تحفة 4697 - 56/ 8

114 - باب أبغض الأسماء إلى الله

114 - باب أَبْغَضِ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ 6205 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَخْنَى الأَسْمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلاَكِ». طرفه 6206 - تحفة 13761 6206 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رِوَايَةً قَالَ «أَخْنَعُ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ - وَقَالَ سُفْيَانُ غَيْرَ مَرَّةٍ أَخْنَعُ الأَسْمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ - رَجُلٌ تَسَمَّى بِمَلِكِ الأَمْلاَكِ». قَالَ سُفْيَانُ يَقُولُ غَيْرُهُ تَفْسِيرُهُ شَاهَانْ شَاهْ. طرفه 6205 - تحفة 13672 6205 - قوله: (أَخْنَى الأَسْمَاءِ): "ذليل ترين أسماء". ثم قد مرَّ مني التردُّد في أنَّ الخَنَا يختصُّ بهذا الاسم فقط، أو يَعُمُّ كلَّ اسمٍ يكون على وِزَانِهِ، كقاضي القضاة. وأوَّلُ من لُقِّب به من الأمة القاضي أبو يوسف، فلو ثَبَتَ أن لقبَه ذلك كان قد بَلَغَ أذنيه، لثَبَتَ جوازُه، لأنَّ مِثْلَه لا يمكن أن يَسْكُتَ على المنكر، وإلَّا فالتردُّدُ فيه باقٍ. فائدة: واعلم أن المشهورَ على الألسنة: أن الأسماءَ تَنْسَلِخُ عن معنى الخبرية قطعًا، وليس بصحيحٍ، فإنَّها، وإن لم تكن كالأخبار الصريحة، ولكن يبقى فيها إيماءٌ إلى الخبرية. ولذا كان مَلِكُ الأملاك من أَخْنَى الأسماء، ولو انْسَلَخَ عن معنى الخبرية أصلًا، لَمَا كان أَخْنَى. نعم قد يَنْكَشِفُ ذلك في المواضع، وكما في مَلِك الأملاك، وقد لا يَنْكَشِفُ، كما في التكنِّي بأبي عُمَيْر. فذلك من باب المراتب في الشيء، كما قرَّرناه سابقًا. قوله: (مَنْدُوحَةٌ)، أي متَّسَعٌ ومَفَرٌّ. أرادَ المصنِّفُ من المعاريض: التورية، أي التكلُّم بكلامٍ لا يَفْهَمُ المخاطَبُ ما أراد منه المتكلِّمُ، وما يَفْهَمُ منه يَظُنُّهُ صادقًا باعتباره، ولام يُرِدْ تعريضَ علماء البيانُ. ثم أخرجَ حديثَ القوارير. 115 - باب كُنْيَةِ الْمُشْرِكِ وَقَالَ مِسْوَرٌ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إِلاَّ أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِى طَالِبٍ». 6207 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ وَأُسَامَةُ وَرَاءَهُ، يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِى بَنِى حَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَسَارَا حَتَّى مَرَّا بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ

116 - باب المعاريض مندوحة عن الكذب

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ، فَإِذَا فِى الْمَجْلِسِ أَخْلاَطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ، وَفِى الْمُسْلِمِينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ خَمَّرَ ابْنُ أُبَىٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ وَقَالَ لاَ تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا. فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِمْ، ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ أَيُّهَا الْمَرْءُ لاَ أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ إِنْ كَانَ حَقًّا، فَلاَ تُؤْذِنَا بِهِ فِى مَجَالِسِنَا، فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاغْشَنَا فِى مَجَالِسِنَا فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ. فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْفِضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَابَّتَهُ فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَىْ سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ - يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ - قَالَ كَذَا وَكَذَا». فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ أَىْ رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِى أَنْتَ، اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ، فَوَالَّذِى أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالْحَقِّ الَّذِى أَنْزَلَ عَلَيْكَ، وَلَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبَحْرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ وَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِى أَعْطَاكَ شَرِقَ بِذَلِكَ فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ. فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الأَذَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [آل عمران: 186] الآيَةَ، وَقَالَ {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} [البقرة: 109] فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَأَوَّلُ فِى الْعَفْوِ عَنْهُمْ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ حَتَّى أَذِنَ لَهُ فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَدْرًا، فَقَتَلَ اللَّهُ بِهَا مَنْ قَتَلَ مِنْ صَنَادِيدِ الْكُفَّارِ، وَسَادَةِ قُرَيْشٍ، فَقَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ مَنْصُورِينَ غَانِمِينَ مَعَهُمْ أُسَارَى مِنْ صَنَادِيدِ الْكُفَّارِ وَسَادَةِ قُرَيْشٍ قَالَ ابْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ فَبَايِعُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الإِسْلاَمِ فَأَسْلَمُوا. أطرافه 2987، 4566، 5663، 5964 - تحفة 105 - 57/ 8 6208 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَىْءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ قَالَ «نَعَمْ هُوَ فِى ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، لَوْلاَ أَنَا لَكَانَ فِى الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ». طرفاه 3883، 6572 - تحفة 5128 116 - باب الْمَعَارِيضُ مَنْدُوحَةٌ عَنِ الْكَذِبِ وَقَالَ إِسْحَاقُ: سَمِعْتُ أَنَسًا: مَاتَ ابْنٌ لأَبِى طَلْحَةَ، فَقَالَ: كَيْفَ الْغُلاَمُ؟ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: هَدَأَ نَفَسُهُ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدِ اسْتَرَاحَ، وَظَنَّ أَنَّهَا صَادِقَةٌ. 58/ 8 6209 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِىِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ

117 - باب قول الرجل للشىء، ليس بشىء، وهو ينوي أنه ليس بحق

النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَسِيرٍ لَهُ فَحَدَا الْحَادِى، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ارْفُقْ يَا أَنْجَشَةُ، وَيْحَكَ، بِالْقَوَارِيرِ». أطرافه 6149، 6161، 6202، 6210، 6211 - تحفة 443 6210 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ وَأَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ فِى سَفَرٍ، وَكَانَ غُلاَمٌ يَحْدُو بِهِنَّ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «رُوَيْدَكَ يَا أَنْجَشَةُ، سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ». قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ يَعْنِى النِّسَاءَ. أطرافه 6149، 6161، 6202، 6209، 6211 - تحفة 300، 949 6211 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ كَانَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حَادٍ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ، وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «رُوَيْدَكَ يَا أَنْجَشَةُ، لاَ تَكْسِرِ الْقَوَارِيرَ». قَالَ قَتَادَةُ يَعْنِى ضَعَفَةَ النِّسَاءِ. أطرافه 6149، 6161، 6202، 6209، 6210 - تحفة 1397 6212 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَزَعٌ فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَسًا لأَبِى طَلْحَةَ فَقَالَ «مَا رَأَيْنَا مِنْ شَىْءٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا». أطرافه 2627، 2820، 2857، 2862، 2866، 2867، 2908، 2968، 2969، 3040، 6033 - تحفة 1238 6212 - وقوله: (ما رأينا من شيءٍ)، مع أنه كان رأى شيئًا من الأشياء لا مَحَالة، فيكونُ المرادُ شيئًا يُعْتَدُّ به، فسمَّاها معاريضَ، مع أنَّها ليست من المعاريض في شيءٍ، وذلك لكونه ليس من فَنِّه، نعم لو أتى عليه مثلُ الزمخشريّ، لكشف عن حقيقته. وبالجملة: مرادُ المصنِّف أنَّ المعاريضَ وأمثالَها، ليست من الكذب في شيءٍ، ولكنَّها أنواعٌ من الكلام. 117 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ لِلشَّىْءِ، لَيْسَ بِشَىْءٍ، وَهْوَ يَنْوِي أَنَّهُ لَيْسَ بِحَقٍّ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - للقَبْرَيْنِ: "يُعَذَّبانِ بِلا كَبيرٍ وإِنَّهُ لَكَبِيرٌ". 6213 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ يَقُولُ قَالَتْ عَائِشَةُ سَأَلَ أُنَاسٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْكُهَّانِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسُوا بِشَىْءٍ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَانًا بِالشَّىْءِ يَكُونُ حَقًّا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّىُّ، فَيَقُرُّهَا فِى أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ». أطرافه 3210، 3288، 5762، 7561 - تحفة 17349 118 - باب رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18)}

119 - باب نكت العود في الماء والطين

[الغاشية: 17 - 18] وَقَالَ أَيُّوبُ: عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: رَفَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ. تحفة 16232 6214 - حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ أَخْبَرَنِى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «ثُمَّ فَتَرَ عَنِّى الْوَحْىُ، فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِى سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِى إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِى جَاءَنِى بِحِرَاءٍ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِىٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ». أطرافه 4، 3238، 4922، 4923، 4924، 4925، 4926، 4954 - تحفة 3152 - 59/ 8 6215 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى شَرِيكٌ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بِتُّ فِى بَيْتِ مَيْمُونَةَ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَهَا، فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ أَوْ بَعْضُهُ قَعَدَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَقَرَأَ {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190]. أطرافه 117، 138، 183، 697، 698، 699، 726، 728، 859، 992، 1198، 4569، 4570، 4571، 4572، 5919، 6316، 7452 - تحفة 6355 119 - باب نَكْتِ الْعُودِ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ 6216 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَنْ أَبِى مُوسَى أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ، وَفِى يَدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عُودٌ يَضْرِبُ بِهِ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَفْتِحُ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». فَذَهَبْتُ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ، فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ «افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». فَإِذَا عُمَرُ، فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ آخَرُ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ «افْتَحْ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ أَوْ تَكُونُ». فَذَهَبْتُ فَإِذَا عُثْمَانُ، فَفَتَحْتُ لَهُ، وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِى قَالَ. قَالَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. أطرافه 3674، 3693، 3695، 7097، 7262 - تحفة 9018 ولمَّا ثَبَتَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لا يكونُ مخالفًا للوقار والمتانة. 120 - باب الرَّجُلِ يَنْكُتُ الشَّىْءَ بِيَدِهِ فِى الأَرْضِ 6217 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ وَمَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى جَنَازَةٍ فَجَعَلَ يَنْكُتُ الأَرْضَ بِعُودٍ، فَقَالَ «لَيْسَ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ فُرِغَ مِنْ مَقْعَدِهِ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ». فَقَالُوا أَفَلاَ نَتَّكِلُ قَالَ «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ». {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5)} [الليل: 5] الآيَةَ». أطرافه 1362، 4945، 4946، 4947، 4948، 4949، 6605، 7552 - تحفة 10167 - 60/ 8 6217 - قوله: (فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ)، أي لستم في مُكْنَةٍ من فعل شيءٍ، وتركِه من عند أنفسكم. وإنَّما هو أمرٌ مقدَّرٌ، فتفعلون وتتركون ما قُدِّرَ لكم. وذلك يكون مُيَسَّرًا لكم،

121 - باب التكبير والتسبيح عند التعجب

فلا يأتي منكم خلافُه. فالاتكالُ، وترك الجهد في الأعمال عبثٌ. 121 - باب التَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ عِنْدَ التَّعَجُّبِ 6218 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَتْنِى هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اسْتَيْقَظَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْخَزَائِنِ، وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْفِتَنِ، مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجَرِ - يُرِيدُ بِهِ أَزْوَاجَهُ - حَتَّى يُصَلِّينَ، رُبَّ كَاسِيَةٍ فِى الدُّنْيَا، عَارِيَةٍ فِى الآخِرَةِ». وَقَالَ ابْنُ أَبِى ثَوْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ قَالَ قُلْتُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - طَلَّقْتَ نِسَاءَكَ قَالَ «لاَ». قُلْتُ اللَّهُ أَكْبَرُ. أطرافه 115، 1126، 3599، 5844، 7069 - تحفة 18290 6219 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَزُورُهُ وَهْوَ مُعْتَكِفٌ فِى الْمَسْجِدِ فِى الْعَشْرِ الْغَوَابِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً مِنَ الْعِشَاءِ ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، فَقَامَ مَعَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْلِبُهَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ الَّذِى عِنْدَ مَسْكَنِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بِهِمَا رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ نَفَذَا، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّمَا هِىَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَىٍّ». قَالاَ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا. قَالَ «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنِ ابْنِ آدَمَ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّى خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِى قُلُوبِكُمَا». أطرافه 2035، 2038، 2039، 3101، 3281، 7171 - تحفة 15901، 19129 فأباح المصنِّفُ إخراجَ الأذكار عن معناها واستعمالها في غيره، وهو ثابتٌ في السَّلَفِ ثبوتًا لا مردَّ له. وحينئذٍ ينبغي أن يؤوَّلَ ما في «الدر المختار»: أن الطلبةَ إن اصطلحوا على أن يُكَبِّرُوا، أو يسبِّحُوا عند ختم الدرس، فهو مكروهٌ، لأنَّه إخراجُ الذكر عن مدلوله. نعم إن كان أخراجُه إلى محل ممتهنٍ، فله وجهٌ، كما ذكره الحنفيةُ: إن السائلَ إن ذكر اسمَ الله على الباب، لا يقولُ السامعُ: جلَّ جلاله، أو كلمةً تدلُّ على عظمته تعالى، وإن كان أدرًا في عامة الأحوال، وذلك لأنَّه قال باسمه في موضعٍ لم يكن له ذلك. 122 - باب النَّهْىِ عَنِ الْخَذْفِ 6220 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ صُهْبَانَ الأَزْدِىَّ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِىِّ قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْخَذْفِ وَقَالَ «إِنَّهُ لاَ

123 - باب الحمد للعاطس

يَقْتُلُ الصَّيْدَ، وَلاَ يَنْكَأُ الْعَدُوَّ، وَإِنَّهُ يَفْقَأُ الْعَيْنَ، وَيَكْسِرُ السِّنَّ». طرفاه 4841، 5479 - تحفة 9663 وفي حكمه القوس: "غليل". 123 - باب الْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ 6221 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ عَطَسَ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ، فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ «هَذَا حَمِدَ اللَّهَ، وَهَذَا لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ». طرفه 6225 - تحفة 872 - 61/ 8 6221 - قوله: (وهَذَا لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ). حكاية: اتَّهمَ الناسُ قاضيًا بالرِّشْوَةِ في عهد الرشيد، فجيء به بين يديه، إذ عَطَسَ الرشيدُ، فشمَّته الناسُ، ولم يشمِّته القاضي. فسأله إنك لِمَ لم تشمِّتني، وقد شمَّتني الناسُ؟ قال: إنَّك لم تَحْمَد اللَّهَ. فقال له: اذهب إلى قضائك، فإنَّ من لا يَجُودُ بكلمةٍ، لا يَغْصِبُ أموالَ النَّاسِ. 124 - باب تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ إِذَا حَمِدَ اللَّهَ فِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ. 6222 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ أَمَرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِى، وَرَدِّ السَّلاَمِ، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ - أَوْ قَالَ حَلْقَةِ الذَّهَبِ - وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالسُّنْدُسِ، وَالْمَيَاثِرِ. أطرافه 1239، 2445، 5175، 5635، 5650، 5838، 5849، 5863، 6235، 6654 - تحفة 1916 125 - باب مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْعُطَاسِ وَمَا يُكْرَهُ مِنَ التَّثَاؤُبِ 6223 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ، فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ، وَأَمَّا التَّثَاوُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِذَا قَالَ هَا. ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ». طرفاه 3289، 6226 - تحفة 14322 126 - باب إِذَا عَطَسَ كَيْفَ يُشَمَّتُ 6224 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ

127 - باب لا يشمت العاطس إذا لم يحمد الله

اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ. وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ. فَإِذَا قَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ. فَلْيَقُلْ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ». تحفة 12818 127 - باب لاَ يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ إِذَا لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ 6225 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِىُّ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ عَطَسَ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ. فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَمَّتَّ هَذَا وَلَمْ تُشَمِّتْنِى. قَالَ «إِنَّ هَذَا حَمِدَ اللَّهَ، وَلَمْ تَحْمَدِ اللَّهَ». طرفه 6221 - تحفة 872 128 - باب إِذَا تَثَاوَبَ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فِيهِ 6226 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ وَحَمِدَ اللَّهَ كَانَ حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ. وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا تَثَاوَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَثَاءَبَ ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ». طرفاه 3289، 6223 - تحفة 14322 - 62/ 8 6226 - قوله: (ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ) لمَّا يَرَاه تابعًا، ومسخَّرًا له. ***

79 - كتاب الاستئذان

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 79 - كتاب الاستئذان 1 - باب بَدْءِ السَّلاَمِ 6227 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ، طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ جُلُوسٌ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ، فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ. فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ. فَقَالُوا السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ، فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الآنَ». طرفه 3326 - تحفة 14702 أي كيف ظَهَرَ السلامُ في الكون، وكيف وُجِدَ من كَتْمِ العدمِ؟ والمرادُ به ظهورُ ذلك النوع، فيحوي على بقائه أيضًا، كما مرَّ تقريره في بَدْءِ الوحي. وإذن لا يقتصرُ على الأحوال الابتدائية فقط. 6227 - قوله: (خَلَقَ اللهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ)، والصوابُ أن الضميرَ راجعٌ إلى اللَّهَ تعالى لِمَا في بعض الطُّرُق: «على صورة الرحمن». وإذن أشكلَ شرحُهُ. فقال القاضي أبو بكر بن العربي: إن المرادَ من الصورة الصفةُ، والمعنى: أنَّ اللَّهَ تعالى خلق آدمَ على صفاته. وتفصيلُه أنه وضع في بني آدم أُنْمُوذَجًا من الصفات الإِلهية، وليس من الكائنات أحدٌ مَنْ يكون مظهرًا كاملًا لتلك الصفات، إلَّا هو. أَلاَ ترى أنَّ صفةَ العلم التي هي من أخصِّ الصفات لا توجدُ إلَّا في الإِنسان؟ فإنَّ سائِرَ الحيوانات ليس فيها إلَّا قوةً مَخِيلةً. وقيل: الغرضُ من إسناد الصورة إلى نفسه، مجرَّدُ التشريف والتكريم، على ما يَنْطِقُ به النصُّ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)} [التين: 4]. وليس المرادُ منه: أنَّ تعالى أيضًا صورة. وقال الشيخُ الأكبرُ: الصورةُ على معناها، ومغزى الحديث: أنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى لو تنزَّل إلى عالم الناسوت، لكان في صورة الإِنسان، فإنَّ ذلك صورتُه في هذا العالم، لو كانت. أَلاَ ترى أنه أسندَ إلى نفسه: العينَ، والقدمَ، والأصابعَ، والوجهَ، والساقَ، واليدَ، والحَقْوَ، واليمينَ، والقبضةَ، والرداءَ، والإِزارَ، إسنادًا شائعًا في القرآن والحديث، ولا ريب أنَّها هي حِلْيَةُ الإِنسان؟ فلو فرضنا فرضَ المُحَال أنَّ اللَّهَ تعالى لو

كان نازلًا في العالم الناسوتي، لَمَا كانت حِلْيَتُهُ إلَّا حليةَ الإِنسان. وإليه يُشِيرُ قولُه صلى الله عليه وسلّم في حديث الدَّجَّال: «إنه أعورُ العين اليمنى، وربُّكم ليس بأعور». فلو تجلَّى ربُنا جلَّ وعلا في هذا العالم لم يكن أعور، فإنَّه ليس من حِلْيَةِ الإِنسانِ الصحيح. ثم إنَّ الشيخَ الأكبرَ ذكر في موضعٍ من كتابه: أن للصورة معاني، فمنها أنه يُرَادُ منها الأوامر والنواهي، فهذا قريبٌ ممَّا ذكره ابن العربيِّ، بيدَ أنه أراد منها الصفاتِ مطلقًا، وأراد الشيخُ الأكبرُ هذه الأشياء خاصةً. هذا ملخَّصُ ما ذكروه إلى الآن، ثم تَنَاقَلُوه في الشروح. والذي تبيَّن لي: أنَّ الصورةَ على نحوين: الأولى: ما كانت قائمةً بذاته تعالى، حاكيةً عنه جلَّ مجده. وتلك ليست بمرادةٍ ههنا، بل يَجِبُ نفيُها عنه، ولا مادةَ لها في السمع. والثانيةُ: ما ليست قائمةً بذاته تعالى، ولكنَّه تعالى علَّمنا إيَّاها في كتابه، أنَّها صورتُه، فأسندَ إليه: الوجهَ، واليدَ، والساقَ، واقدمَ، والأصابعَ، وأمثالَها. لا أَقُولُ إنَّه أثبتها لنفسه، ولكن أقولُ: إنه أسندَها إليه، وكم من فرقٍ بينهما ثم أقولُ: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10] كما قاله هو، ولا أقولُ: إنَّ يدًا. فإن كنتَ ممَّن يقوم بالفرق بينهما، فادره. ولقد أجاد البخاريُّ حيث سمَّاها في كتابه نعوتًا، لا صفاتٍ، لكونها غيرَ معانٍ زائدةٍ على الذات، فهي الحِلْيَةُ. وسمَّاها المتكلِّمون صفاتٍ سمعيةً، وسمَّوْا نحوَ القدرةِ والإِرادةِ صفاتٍ عقليةً، فجعلوا مرجعَها إلى الصفات أيضًا، فصارت معاني زائدةً على الذات، كما هو مقتضى معنى الصفة. بخلاف الصورة، والحلْيَةِ، فإنها من الذات، لا معاني زائدة عليها. ولعلَّك عَلِمْتَ أن في تسميتها صفاتٍ - كما سمَّاها المتكلِّمون تفويتٌ لغرضِ الشارع، وإخلاءُ هذه الألفاظ عن معانيها. وأحسنَ البخاريُّ في تسميتها نعوتًا، فلم يَدُلَّ على كونها زائدةً على الذات. نعم لا بُدَّ من تقييدها بكونها وراءَ عقولِنا، وخيالِنا، وأوهامِنا، ثم وراءَ، ووراءَ، وبما شِئْتَ من التنزيهات ممَّا يُسَاعِدُك فيها خيالُك. فهذه النعوتُ التي كلَّت الأنظارُ والأفكارُ عن إدراكها هي صورتُه تعالى، وإرجاعُها إلى معنى الصفات، سلخٌ عن معناها. وليست تلك على حدِّ ما زَعَمَهُ الفلاسفةُ، أي ما تَحْصُلُ بإِحاطة الحدِّ والحدودِ. فإن تلك الصورةَ لا تختصُّ بشيءٍ دون شيء، مع أنَّ الله تعالى ذكرها في موضع الامتنان، وقال: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [غافر: 64] فدلَّ على معنى زائدٍ فيها، فالتصويرُ أمرٌ مُغَايِرٌ

للخلق. وما ذكروه من الإِحاطة داخلٌ في الخلق، فلا يَظْهَرُ في العطفِ لطفٌ، مع أنه قال: «خلقكم»، «وصوَّركم» ... إلخ. فجاء بالعطف تنبيهًا على تغايُرِهما. فاللَّهُ سبحانه يتجلَّى في هذه النعوت التي نَعَتَ بها نفسه في الدنيا والآخرة، فإنَّ الحِلْيَةَ المرضيةَ له هي التي نَعَتَ بها نفسَه بِنفسِه، ففيها تكونُ الرؤيةُ، وهي التي تسمَّى برؤية الرَّبِّ جلَّ مجده. أَلاَ ترى أنك إذا رأيتَ ربَّك في المنام، تيقَّنتَ أنَّكَ رأيتَ الرَّبَّ عزَّ برهانه، مع علمكَ أنه ليس ربَّك، وهذا لأنَّكَ تنفي كونَ تلك الصورة ربًّا، مع إذعانكَ بكون المجلَّى فيها ربَّك عزَّ سلطانه. فكأنَّكَ في بيانك هذا تنفي المثلَ له، وتريدُ المَرْمَى. وإذ قد ورد في الحديث: «أنَّ المؤمنين يَرَوْنَ ربهم في المحشر في صورة يعرفون بها»، فما الدليلُ على أنه ليست برؤيته؟ بل هو رؤيةٌ محقَّقةٌ فوق رؤيتك إيَّاه في المنام، ثم أَزْيَد، وأَزْيَد. وبالجملة (¬1) لا يُمْكِنُ الوصولُ للعبد إلى جَنَابه تعالى إلَّا بوساطة تلك الصورة، فإنَّ اللَّهَ تعالى غنيٌ عن العالمين. وتحقيقُه: أن صورةَ الشيء ما تُعْرَفُ بها شخصيةُ الشيء، ولا ريبَ أن الأدخلَ فيه هو الوجه، ولذا أظنُّ أن غالبَ استعمال الصورة في الوجه، لأنَّه هو مبدأ التمييز والمعرفة كثيرًا. ولذا قَلَّما يُسْتَعْمَلُ لفظُ الصورة في الجمادات والنباتات خاصةً، وذلك لأنَّها ممَّا يُسْتَغْنَى عن معرفة أشخاصها. وإنَّما نحتاجُ إلى معرفة الشخصية في الحيوانات، أمَّا النباتاتُ والجماداتُ فليس لنا بشخصياتها عرضٌ. ثم لمَّا كان الأقدمُ في المعرفة هو الإِنسانُ، كان أقدمَ في إطلاق الصورة عليه أيضًا، ثم الحيوانات، ثم الأشجار. أمَّا السماءُ والأرضُ، فهي مبسوطةٌ كالمادة، لا يَسْأَلُ عن صورها أحدٌ. ولما كان اللهُ سبحانه غايةَ الغايات، ومنتهى المطالب، ومقصودَ العوالم كافةً، وكان في أقصى مراتب التجرُّد والتنزُّه، احتاج الناسُ لمعرفته إلى صورةٍ يَعْرِفُون بها ربَّهم، لأن الماديَّ المظلمَ المتدنسَ بأنواع الظلمات. لا يَبْلُغُ شَأْوَ المجرَّد، وإن تجرَّد، وإن تجرَّد. فلا يَحْصُلُ له نسبة الرائي، والمرئي بينه وبين الله تعالى إلَّا بقَدْرِ ما يتمكَّن ¬

_ (¬1) واعلم أن الشيخَ الألُوسيّ قد تكلَّم في تحقيق الرؤيا، وبَسَطَه جدًا، فراجعه من تفسيره: ص 242 إلى: ص 244 - ج 3، ثم ذكر عن حُجَّة الإِسلام الغزالي في شرح قوله عليه الصلاة والسلام: "من رآني في المنام ... ". إلخ: أنه ليس المرادُ بقوله عليه الصلاة والسلام: "فقد رآني". رؤيةَ الجسم، بل رؤيةَ المِثَال الذي صار آلةً يتأدَّى بها المعنى الذي في نفسه إليه. ثم ذكر أن النفسَ غير المِثَال المتخيَّل، فالشكلُ المرئي ليس روحَه صلى الله عليه وسلم، ولا شخصَه، بل مِثَالَه على التحقيق. وكذا رؤيتُه سبحانه نومًا، فإنَّ ذاتَه تعالى منزهةٌ عن الشكل والصورة، لكن تنتهي تعريفاته تعالى إلى العبد بواسطة مثالٍ محسوسٍ، من نورٍ، أو غيرِه، وهو آلةٌ حقًّا في قوله، واسطةً في التعريف. فقولُ الرائي: رأيتُ اللهَ نومًا، لا يعني به أنه رأى ذاتَه تعالى اهـ: ص 244 - ج 3.

من إدراكه، وينالُ من نعوته، ويَبْلُغُ مبلغَهما. فلا يمكن الوصولُ للإِنسان إلى ربِّه جلَّ مجده إلَّا بوساطة الصور. ولولا تلك، لوجدته يَؤُسًا قَنُوطًا، محرومًا عن الرؤية: *كيف الوصولُ إلى سعاد، ودونها، ... قُلَلُ الجِبال، ودونهن حتوفُ؟! وبالجملة لم يُخُبِرْنا ربُّنا تبارك وتعالى إلَّا بتلك الحِلْيَةِ، وعلَّلنا بها. فلا علمَ لنا إلَّا ما علمتنا، فنحن نهتدِ بها. فإن تعسَّر عليك إسنادُ الصورة إلى جَنَابه تعالى، وتراه خلافَ التنزيه، فاعلم أنَّ منشأَة أنَّك تَزْعُمُ اتحادَ الصورة مع زيِّها دائمًا، ولا تتعقَّلُ انفكاكَها عن الذات. وليس ذلك إلَّا لأنَّك مَارَسْتَ صورةَ الإِنسانِ، فرأيتَها قائمةً به، غيرَ منفصلةٍ عنه. مع أنَّ صورةَ الإِنسان أيضًا غيرُه، بل ما من شيءٍ إلَّا وصورتُه تُغَايِرُهُ. وإنَّما نحن أجسادٌ من عالم الناسوت، فالتبس الحالُ فينا. ويدُلُّكَ على ما قلنا، أنك إذا رأيتَ المرآةَ وجدتَ فيها صورتَك؛ مع انعدام زِيِّ الصورة منها، فَدَلَّ على أنَّ الصورةَ قد تنفكُّ عن زِيِّها. ولولا ذلك لَمَا وَسِعَكَ أن تقولَ: إنَّك رأيتَ صورتَكَ في المرآة. فلمَّا أقرَّ به أهلُ العُرْفِ، عُلِمَ أنَّ صورتَك غيرُك، وقد تنفكُّ عنكَ أيضًا، إلَّا أنَّك كنتَ من عالم الناسوت، فضاهت صورتُك بنفسك. وهكذا في العلم، فإنَّه لا يَحْصُلُ فيه إلَّا صورةَ الشيء، دون الذات بعينها، وهي التي تسمَّى صورتُه الذهنيةُ. ثم ههنا دقيقةٌ أخرى، وهي: أنه لا يَحْصُلُ لزيدٍ علمُ عمروٍ، بل لا يمكنُ أن يَحْصُلَ له علمُه، ما لم يكن عمرو من ملابسات زيدٍ بنوعٍ من التعمُّل، أعني به حصولَ نسبةٍ خاصةٍ بين زيدٍ وعمروٍ، حتى يُعَدَّ من صفات زيدٍ ومتعلقاتِه، وذلك بحصول صورته في الذهن. فإذا حَصَلَت صورتُه في ذهنه، وقامت به صار عمرو من ملابساته مثل صفاته، وحينئذَ يَحْصُلُ له علمُهُ. وهكذا الحالُ في المرآة، فإنَّها لا تُرِيكَ صورتَكَ حتَّى تكونَ قائمًا بها قيامَ الأوصاف بموصوفاتها، وهو بقيام شَبَحِكَ فيها. فإذا حَصَلَ فيها شبحُكَ، وصِرْتَ من ملابساتها، بنحوٍ من التعمُّل كصورة عمرٍو لزيدٍ، جَعَلتْ تُرِيكَ صورتَك. وإنَّما الفرقُ بين الصورتين: أن الذِّهْنَ تَنْطَبِعُ فيه صورةُ المعقولات والحسيَّات، والمرآةَ لا تَنْطَبِعُ فيها الأمورُ المحسوسات. ولعلَّك عَلِمْتَ أنه لا بُدَّ لرؤية نفسه من نوع اثنينية، فما لم تَقُمْ تلك الاثنينيةُ بين المرء ونفسه، ولا يُمْكِنُ له رؤيتها. وحينئذٍ عُلِمَ أنَّه لا بُدَّ للإِنسان أن يكونَ مخلوقًا على صورته. فإنَّ العالمَ كلَّه كالمرايا لحضرة الرَّبِّ تعالى، والمتجلي فيها هو اللهُ سبحانه، وهي مسألةُ التجلِّي. وما أقربُ حال الشَّبَح وزِيِّه بالصورة وزيِّها. فكما أنَّ الشَّبَحَ غيرُ زيِّ الشَّبَحِ، وينفكُّ عنه. هكذا فليفهم صورة الرحمن، فإنَّها غيرُ قائمةٍ بالباري تعالى، ومنفصلةٌ عنه. إلَّا أنَّه

لا يمكن رؤيةُ تلك الصورة من نفسها بنفسها، ما لم تقع الاثنينيةُ بين الرائي والمرئي، فخلق اللهُ تعالى الإِنسانَ، ليكونَ مظهرًا ومرآةً لصورته، ويتجلَّى فيه حتَّى يَظْهَرَ أمرُهُ في الأكوان، ويقالُ: إنَّ الإِنسانَ خُلِقَ على صورة الرحمن. وإلَّا فما للإِنسان أن يكونَ مظهرًا له، كما هو. وما للممكن أن تتجلَّى فيه صورةُ الرحمن كما هي. ولكن تلك أمثالٌ وأوهامٌ، ترتاحُ بها نفوسُ الصُّبَّة الهائمة، فيُعَلِّلون بها أنفسَهم، واللَّهُ تعالى أعلى وأجلُّ، وَسِعَ كرسيَّه السمواتِ والأرضَ، ولا يَؤُدُه حفظُهُما، وهو العليُّ العظيمُ (¬1). ¬

_ (¬1) قلتُ: هذه مسألةٌ دقيقةً جدًا، بل أدقُّ المسائلَ من باب الحقائق. لم أَفُزْ بحاشيةٍ تَلِيقُ بها في هذه العُجَالة، إلَّا ما ذكره بعضُ المحققين، فَخُذْها منِّي راضيًا مرضيًا. قال: أقول مستمسكًا بحبل الله الوثيق، ومستمدًّا ممن بيده ملكوت التحقيق: كما أنَّ القرآنَ عند أهل السنة من حيث حقيقته التي هي الكلامُ النفسيُّ القديمُ القائمُ بذات الله سبحانه، لم يكن في الأزَلِ ظاهرًا في صورة الأصوات والحروفِ الملفوظةِ، ولا في صورة الحروفِ المكتوبةِ، ولا المخيَّلةِ في الأذهان البشرية، ثم ظهر في تلك الصور جميعًا، فيما لا يزال، مع كونه منزَّهًا عن أن يكونَ حالًا في شيءٍ منها، ومن مُحَالها من حيث حقيقتُه. وإنَّما الحالُ فيها -أي في مُحَالها- صورُه ومظاهرُه. ولذلك لم يَلْزَمْ أن يكونَ ذا صورةٍ، ولا حَادِثًا، ولا عَرَضًا غير قارِّ الذات، ولا جَوْهرًا، مع ظهوره في تلك المظاهر التي منها جواهرٌ، كظهور الحروفِ المنقوشةِ في نحو الأحجار الموضوعة في جدران المساجد وغيرها، ومنها أعراضٌ، كالحروفِ الملفوظةِ، والمخيَّلةِ. فكذلك، فَلْيُفْهَم ظهورُ الحقِّ سبحانه وتعالى في المظاهر المختلفة التي يُعْرَفُ بعضُها، وُينْكَرُ بعضها. فإنَّه سبحانه، وإن ظهر في أي مظهر شاء، متى شاء، لمن شاء، فإنَّه من حيث حقيقتُه، وذاتُه الذي ليس كمثله شيءٌ، منزَّهٌ عن كل صورةٍ في كل حالٍ، حتَّى في حال ظهوره في أيِّ مظهرٍ شاء. كما أنَّ الكلامَ النفسيّ منزَّهٌ عن كلِّ صورةٍ من تلك الصورِ الملفوظةِ، والمخيَّلةِ، والمكتوبةِ في كلِّ حالٍ، حتى في حال ظهوره فيها، مع كون تلك الصور كلِّها قرآنًا، حقيقةً شرعيةً، معلومةً في الدين ضرورةً لا مجازًا، وإن كانت دلائلَ على الكلامِ النفسيِّ. فكذلك إذا تجلَّى الحقُّ في أيِّ صورةٍ شاء، فهو حقيقةٌ، وإن كان منزَّها عن الصورة من حيث ذاتُه، فإنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "رأيتُ ربِّي الليلةَ في أحسن صورةٍ ... " الحديثَ. وقال: "أتاني الليلةَ ربِّي تبارك وتعالى في أحسن صورةٍ ... " الحديث وقال: "أما إنِّي سأحدثُكم ما حَبَسَني عنكم الغداةَ، أنِّي قُمْتُ فتوضأت، فصلَّيتُ، ما قُدّرَ لي، فَنَعَستُ في صلاتي حتَّى استثقلتُ، فإذا أنا بربِّي تبارَك وتعالى في أحسن صورة" الحديثَ. وقال: "رأيتُ ربِّي في صورة شابٌّ له وَفْرَةٌ". رواه الطبراني في السنة، عن ابن عبَّاسٍ. ونُقِلَ عن ابن أبي زُرْعة الرازي أنه قال: هو حديثٌ صحيحٌ، كذا في "الجامع الكبير" للسيوطي. وفيه أيضًا: "رأيتُ ربِّي في المنام في سورة شابٌّ مُوَفِر في الخَضر، عليه نعلان من ذهبٍ، وعلى وجهه فراشٌ من ذهبٍ". رواه الطبراني في السنة، عن أمِّ الطُّفَيْل، امرأةِ أُبَيِّ بن كعب. وفيه أيضًا: "رأيتُ ربِّي في حظيرٍ من الفردوس، في صورة شابٌّ، عليه تاجٌ يَلْمَعُ البصرَ". رواه الطبراني في السنة، عن مُعَاذ ابن عَفْرَاء. وفي "الجامع الكبير" عن الطبراني، وصحَّحه، عن حُذَيْفَة [بن] اليمان، قال: "سَمِعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: رأيت ربي عز وجل الليلةَ في صورة شابٌّ، له وَفْرَةٌ، وفي رجليه نعلان من ذهبٍ، وعلى وجهه فراشٌ من ذهبٍ، وعلى رأسه تاجٌ يَلمَعُ البِصرَ". انتهى. فقد أطلق على الظاهر: "في أحسن صورةٍ"، "وفي صورة شابٌّ" موصوفٍ بالصفات المذكورة أنَّه ربُّه تبارك وتعالى. كما أطلق على الآتي في الصورة التي تُعْرَفُ، وتُنْكَرُ، أنه اللهُ في الأحاديث السالفة - أي في إتيانه تعالى =

ثم أَحْسَبُ أن التجلِّي لا يكون إلَّا فيما أطلقه على نفسه من النور، والوجه، وغيرِهما. وما لم يَرِدْ النصُّ بإِطلاقه عليه تعالى، فلعلَّه لا يكونُ فيه التجلِّي أيضًا. وقد تجلَّى ربُّنا تبارك وتعالى لموسى عليه الصلاة والسلام مرتين: مرَّةً في الجَذْوَةِ في شجرةٍ حين ذهابه إلى بني إسرائيل، ومرةً أخرى حين رَجَعَ عنهم، وذلك حين سأل ربَّه أن يتجلَّى له، فيراه بعينيه هاتين، فَنُودِي {لَنْ تَرَانِي} [الأعراف: 143]: *تَجَلَّى، ولم يُكْشَفْ كسُبحاتِ وجهه ... كمثل تجلِّي النور في جبل (¬1) الطور *وكان حجابُ النور نورًا، وظلمةً ... ومن بين غيبٍ، والشهادةُ أَوْرَى *فيذهب ما قد كان عنوانٌ بينه، ... ويبقى به مرآه في حكمٍ مستورٍ ¬

_ = في المحشر، فَيَعْرِفُونَه مرةً، ويُنْكِرُونَه أخرى -والأصلُ في الإِطلاق الحقيقةُ، ولا ضرورةَ تدعو إلى العدول عنها، فإنَّه سبحانه، وإن ظهر في أيِّ صورةٍ شاء، فهو تعالى منزَّهٌ عن كل صورةٍ، في كلِّ حالٍ، من حيث ذاتُه. فالظاهرُ في الصورة هو الرَّبُّ حقيقةٌ شرعيةً بلا إشكالٍ. ومما يَنُصُّ على ذلك حديث أبي موسى السابق الذي فيه: "فَيَنْصَرِفُ اللهُ عنهم، وهو اللهُ تبارك وتعالى يأتيهم ... ". والحديثَ. ومن ههنا يتَّضِحُ ما ذكره بعضُ المحققين في حديث حُذَيْفَة الذي رواه الطبرانيُّ السابق آنفًا. وقد استنكر بعضُ العلماء هذا الحديث، وما كان ينبغي له الاستنكارُ، وذلك لأنَّ للحقّ تبارك وتعالى تجلِّيًا في خِزَانة الخيال، في صورةٍ طبيعيةٍ، بصفاتٍ طبيعيةٍ، فيرى النائمُ في نومه تجسُّد المعاني في صورة المحسوسات، هذه حقيقةُ الخيال. فتجسُّدُ ما ليس من شأنه أن يكونَ جسدًا، لا تُعْطِي حضرتَه إلَّا ذلك. فحضرةُ الخيال أوسع الحضرات، إذ فيها يَظْهَرُ وجودُ المُحَال، فإنَّ اللهَ سبحانه لا يَقْبَلُ الصورةَ، وقد ظَهَرَ بالصورةِ في هذه الحضرة. انتهى. ومعنى قوله: إن اللهَ لا يَقْبَلُ الصورةَ، أنَّه لا يتقيَّدُ بالصورة، وإن ظَهَر فيها. والحاصل: إذا كان الحقُّ له أن يَظهَرَ في أيِّ مظهرٍ شاء، على أيِّ هيئةٍ شاء، مع كونه منزَّهًا عن كلِّ صورةٍ في كلِّ حالٍ، لم يَبقَ إشكالٌ في تجلِّيه في أحسن صوره للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، وفي صورة الشابِّ المذكورِ في عالم الخيال، ولا في تجلِّيه لأهل الموقف في المظاهر المختلفةِ: إمَّا في عالم المِثَال، كما يَدُلُّ عليه حديثُ ابن مسعودٍ السابق الذي عند ابن أبي شَيْبَةَ، والطبرانيِّ، والحاكم، وغيرهم: "ثم يتمثَّلُ الله للخلق، فَيَلْقَاهُم ... " الحديث. وحديث ابن مسعودٍ أيضًا، عند الدارقطنيِّ، والطبرانيُ، والحاكم، وغيرهم: "ويبقى أهلُ الإسلام جُثُومًا، فيتمثَّلُ لهم الربُّ تعالى، فيأتيهم، فيقول ... " الحديثَ. أو فيما هو أعمُّ من ذلك، كما يَدُلُّ عليه حديثُ أبي هريرة الذي عند ابن جرير، والطبرانيِّ، والبيهقيِّ، وغيرهم، السابق: "فإذا لم يَبقَ إلَّا المؤمنون، وفيهم المنافقون، جاءهم اللهُ فيما شاء من هيئة ... " الحديثَ. وحديث أبي سعيدٍ عند الشيخين: "ثم يتبدَّى الله لنا في صورةٍ غير صورته التي كنَّا رأيناه فيها أوَّل". وحديث أبي موسى الأشعريِّ عند الطبرانيِّ: "فيتجلَّى لهم تبارك وتعالى". وحديثُ أبي هريرة: "ويتجلَّى لهم من عظمته ما يَعْرِفُون أنَّه ربُّهم"، إلى غير ذلك. وإذا تحققت أنَّ لله تعالى أن يجيءَ، ويتجلَّى في أيِّ هيئةٍ شاء، مع أن ليس كمثله شيءٌ. فإذًا الذي جاءنا بأنَّ اللهَ تعالى ليس كمثله شيءٌ، هو الذي جاءنا بالمتشابهات، التي منها هذه الأحاديثُ، وما في معناها. وحيث إنَّ الأصلَ في الإِطلاق الحقيقةُ، ولا يُعْدَلُ عنها إلَّا بضرورةٍ، وفد تبيَّن بما قرَّرناه أنَّه لا ضرورةَ تدعو إلى العدول عنها، لم يَبقَ عندك إشكالٌ في شيءٍ من المتشابهات الواردة في الكتاب والسنة على كثرتها أصلًا، بإِذن الله تعالى. (¬1) في نسخة: شجر الطور.

2 - باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا

والظلمةُ فيه من لفظ الحديث، وإنَّما أتى به لِيَكْشِفَ به معنى الحِجَاب، فإنَّه لا حِجَابية في النور، فعبَّر عن معنى الحِجَابية بالظلمة. ثم إنَّك قد سَمِعْتَ منَّا في أمر الصورة ما سَمِعْتَ، فاسمع الآن ما ذَكَرَهُ الماتريديُّ في الكلام النفسيِّ، فإنه قال: إنَّه غيرُ مسموعٍ، خلافًا للأشعريِّ، فذهب إلى أنَّه مسموعٌ. وحينئذٍ، فالكلامُ المسموعُ من الشجرة عند الماتريديِّ، كان مخلوقًا للَّهِ تعالى، فهل تتعقَّل انفصالَ الكلام عن المتكلِّم؟ وإن كنتَ عَقِلْتَه، وفَهِمْتَهُ، فهلَّا قِسْتَ عليه أمرَ الصورة، ليتجلَّى لك الحالُ؟. ثم إنَّ تجلِّي الوجه عندي يكون في الجنَّةِ، وتجلِّي الساق في المحشر، وهذا يَعْرِفُهُ المؤمنون. وتجلِّي القدم لخيبة جهنَّم، والله تعالى أعلمُ بحقيقة الحال. وبالجملة: الرؤيا عبارةٌ عن رؤية تلك التجلِّيات (¬1). 2 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29)} [النور: 27 - 29]. وقالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي الحَسَنِ لِلحَسَنِ: إِنَّ نِسَاءَ العَجَمِ يَكْشِفنَ صُدُورَهُنَّ ورُؤُوسَهُنَّ؟ قالَ: اصْرِف بَصَرَكَ عَنْهُنَّ، يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور: 30] وَقالَ قَتَادَةُ: عَمَّا لاَ يَحِلُّ لَهُمْ. {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: 31] {خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ} [غافر: 19] مِنَ النَّظَرِ إِلَى ما نُهِيَ عَنْهُ. وَقالَ الزُّهْرِيُّ في النَّظَرِ إِلَى الَّتِي لَمْ تَحِضْ مِنَ النِّسَاءِ: لاَ يَصْلُحُ النَّظَرُ إِلَى شَيءٍ مِنْهُنَّ، مِمَّنْ يُشْتَهى النَّظَرُ إِلَيهِنَّ، وَإِنْ كانَتْ صَغِيرَةً، وَكَرِهَ عطَاءٌ النَّظَرَ إِلَى الجَوَارِي يُبَعْنَ بِمَكَّةَ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَشْتَرِيَ. ¬

_ (¬1) قلتُ: هذا مبحثٌ دقيقٌ جدًّا يتعلَّق بذاته وصفاته تعالى، وأفسحتُ من كلام الشيخ بِقدْرِ ما عَقِلْتُ. وأنا أَخْشى ممَّا أقتحمُ فيه، إلَّا أني لم أجد منه بُدًّا، فها أنا أستغفر اللهَ العظيمَ على ما فَرَطَ منِّي من الخطأ في هذا المطلب، وأدعوه أن لا يُؤَاخِذْني بما لا يَضُره، وأدعوه دعاءَ المسكين، وابتهلُ إليه ابتهالَ المذنبِ الذليلِ، والمشفقِ المعترفِ بذنبه، وأدعوه دعاءَ البائس الفقير، والمضطرِ الضريرِ. اللَّهُمَّ هذا الدعاءُ، وعليك الإِجابةُ، فإنَّك أنت المستغاثُ، وأنت المستعانُ، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا بك.

3 - باب السلام اسم من أسماء الله تعالى

6228 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ يَوْمَ النَّحْرِ خَلْفَهُ عَلَى عَجُزِ رَاحِلَتِهِ، وَكَانَ الْفَضْلُ رَجُلًا وَضِيئًا، فَوَقَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلنَّاسِ يُفْتِيهِمْ، وَأَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ وَضِيئَةٌ تَسْتَفْتِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، وَأَعْجَبَهُ حُسْنُهَا، فَالْتَفَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَأَخْلَفَ بِيَدِهِ فَأَخَذَ بِذَقَنِ الْفَضْلِ، فَعَدَلَ وَجْهَهُ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِى الْحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِى شَيْخًا كَبِيرًا، لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِىَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، فَهَلْ يَقْضِى عَنْهُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ قَالَ «نَعَمْ». أطرافه 1513، 1854، 1855، 4399 - تحفة 5670 6229 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا. فَقَالَ «إِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ». قَالُوا وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ». طرفه 2465 - تحفة 4164 قوله: (وَكَرِهَ عَطَاءٌ النَّظَرَ إِلَى الجَوَارِي يُبَعْنَ بِمَكَّةَ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَشْتَرِيَ)، وعن محمد بن سلَّام في فقه الحنفية: أنه لا حرمةَ لنساء الكفَّار، فإنهنَّ قد هَتَكْنَ حُرَمَهُنَّ بأنفسهنَّ، فلا بأسَ في وقوع البصر عليهن. قلتُ: ومرادُه من النظر هو النظرُ لا عن عمدٍ. أمَّا إن كان عن عمدٍ، فلا يجوز (¬1). 3 - باب السَّلاَمُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86]. 6230 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قُلْنَا السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ عِبَادِهِ، السَّلاَمُ عَلَى جِبْرِيلَ، السَّلاَمُ عَلَى مِيكَائِيلَ، السَّلاَمُ عَلَى فُلاَنٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ، فَإِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ فِى الصَّلاَةِ فَلْيَقُلِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِىُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا ¬

_ (¬1) قلتُ: لا يُقَالُ: إنه لا يَظْهَرُ حينئذٍ لتخصيص نساء الكفار معنىً، فإنَّ الحكمَ فيه في نساء المؤمنين أيضًا كذلك، لأنَّا نقولُ: إن الفرقَ بين الطائفتين بالمراتب، فالأمرُ أوسعُ في حقِّ نساء الكفَّار، وأوكدُ في نساء المؤمنين، فافهم.

4 - باب تسليم القليل على الكثير

وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ ذَلِكَ أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِى السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ثُمَّ يَتَخَيَّرْ بَعْدُ مِنَ الْكَلاَمِ مَا شَاءَ». أطرافه 831، 835، 1202، 6265، 6328، 7381 - تحفة 9245 - 64/ 8 4 - باب تَسْلِيمِ الْقَلِيلِ عَلَى الْكَثِيرِ 6231 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ، وَالْمَارُّ عَلَى الْقَاعِدِ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ». أطرافه 6232، 6233، 6234 - تحفة 14679 5 - باب تَسْلِيمِ الرَّاكِبِ عَلَى الْمَاشِي 6232 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زِيَادٌ أَنَّهُ سَمِعَ ثَابِتًا مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِى، وَالْمَاشِى عَلَى الْقَاعِدِ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ». أطرافه 6231، 6233، 6234 - تحفة 12226 6 - باب تَسْلِيمِ الْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ 6233 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زِيَادٌ أَنَّ ثَابِتًا أَخْبَرَهُ - وَهْوَ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِى وَالْمَاشِى عَلَى الْقَاعِدِ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ». أطرافه 6231، 6232، 6234 - تحفة 12226 وجملةُ الأمر في هذه الأبواب: أنَّ الشارعَ راعى فيها الجانبين، فحرَّض الماشي أن يُسَلِّم على القاعد، والراكبَ على الرَّاجِل، لئلَّا يَسْرِي الكِبَرُ إلى صاحبه. وحرَّض القليلَ أن يُسَلِّم على الكثير رعايةً للتعظيم. فقد يُقْصَدُ من التسليم نقضُ كِبَرِهِ، حيث يُخَافُ منه الكِبَرُ. وقد يُرَادُ تعظيمُ المسلَّم عليه، حيث يكون موضعَهُ. وهما نظران. 7 - باب تَسْلِيمِ الصَّغِيرِ عَلَى الْكَبِيرِ 6234 - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ، وَالْمَارُّ عَلَى الْقَاعِدِ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ». أطرافه 6231، 6232، 6233 - تحفة 14225 8 - باب إِفْشَاءِ السَّلاَمِ 6235 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِى الشَّعْثَاءِ عَنْ

9 - باب السلام للمعرفة وغير المعرفة

مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعٍ بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَنَصْرِ الضَّعِيفِ، وَعَوْنِ الْمَظْلُومِ، وَإِفْشَاءِ السَّلاَمِ، وَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ، وَنَهَى عَنِ الشُّرْبِ فِى الْفِضَّةِ، وَنَهَانَا عَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ، وَعَنْ رُكُوبِ الْمَيَاثِرِ، وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالْقَسِّىِّ، وَالإِسْتَبْرَقِ. أطرافه 1239، 2445، 5175، 5635، 5650، 5838، 5849، 5863، 6222، 6654 - تحفة 1916 - 65/ 8 9 - باب السَّلاَمِ لِلْمَعْرِفَةِ وَغَيْرِ الْمَعْرِفَةِ 6236 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ قَالَ «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ، وَعَلَى مَنْ لَمْ تَعْرِفْ». طرفاه 12، 28 - تحفة 8927 6237 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيَصُدُّ هَذَا، وَيَصُدُّ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِى يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ». وَذَكَرَ سُفْيَانُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. طرفه 6077 - تحفة 3479 10 - باب آيَةِ الْحِجَابِ 6238 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ مَقْدَمَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، فَخَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرًا حَيَاتَهُ، وَكُنْتُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِشَأْنِ الْحِجَابِ حِينَ أُنْزِلَ، وَقَدْ كَانَ أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ يَسْأَلُنِى عَنْهُ، وَكَانَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ فِى مُبْتَنَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِزَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ، أَصْبَحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَا عَرُوسًا فَدَعَا الْقَوْمَ، فَأَصَابُوا مِنَ الطَّعَامِ ثُمَّ خَرَجُوا، وَبَقِىَ مِنْهُمْ رَهْطٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَطَالُوا الْمُكْثَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ وَخَرَجْتُ مَعَهُ كَىْ يَخْرُجُوا، فَمَشَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى جَاءَ عَتَبَةَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، ثُمَّ ظَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُمْ خَرَجُوا فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ فَإِذَا هُمْ جُلُوسٌ لَمْ يَتَفَرَّقُوا، فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَجَعْتُ مَعَهُ، حَتَّى بَلَغَ عَتَبَةَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَظَنَّ أَنْ قَدْ خَرَجُوا، فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، فَإِذَا هُمْ قَدْ خَرَجُوا، فَأُنْزِلَ آيَةُ الْحِجَابِ، فَضَرَبَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ سِتْرًا. أطرافه 4791، 4792، 4793، 4794، 5154، 5163، 5166، 5168، 5170، 5171، 5466، 6239، 6271، 7421 - تحفة 1563 - 66/ 8 6239 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ أَبِى حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - زَيْنَبَ دَخَلَ الْقَوْمُ فَطَعِمُوا، ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ فَأَخَذَ كَأَنَّهُ يَتَهَيَّأُ لِلْقِيَامِ فَلَمْ يَقُومُوا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَامَ، فَلَمَّا قَامَ قَامَ مَنْ قَامَ

11 - باب الاستئذان من أجل البصر

مِنَ الْقَوْمِ وَقَعَدَ بَقِيَّةُ الْقَوْمِ، وَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ لِيَدْخُلَ، فَإِذَا الْقَوْمُ جُلُوسٌ، ثُمَّ إِنَّهُمْ قَامُوا فَانْطَلَقُوا فَأَخْبَرْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ، فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ فَأَلْقَى الْحِجَابَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ، وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} [الأحزاب: 53] الآيَةَ. أطرافه 4791، 4792، 4793، 4794، 5154، 5163، 5166، 5168، 5170، 5171، 5466، 6238، 6271، 7421 - تحفة 1651 قَال أَبُو عَبْدِ اللهِ: فِيهِ مِنَ الفِقْهِ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْذِنْهُمْ حينَ قامَ وَخَرَجَ، وَفِيهِ أَنَهُ تَهَيَّأَ لِلقِيامِ وَهُوَ يُريدُ أَنْ يَقُومُوا. [طرفه في: 4791]. 6240 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - احْجُبْ نِسَاءَكَ. قَالَتْ فَلَمْ يَفْعَلْ، وَكَانَ أَزْوَاجُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْرُجْنَ لَيْلاً إِلَى لَيْلٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ، خَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، وَكَانَتِ امْرَأَةً طَوِيلَةً فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهْوَ فِى الْمَجْلِسِ فَقَالَ عَرَفْتُكِ يَا سَوْدَةُ. حِرْصًا عَلَى أَنْ يُنْزَلَ الْحِجَابُ. قَالَتْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آيَةَ الْحِجَابِ. أطرافه 146، 147، 4795، 5237 - تحفة 16495 11 - باب الاِسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ 6241 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِىُّ حَفِظْتُهُ كَمَا أَنَّكَ هَا هُنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ اطَّلَعَ رَجُلٌ مِنْ جُحْرٍ فِى حُجَرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ فَقَالَ «لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ لَطَعَنْتُ بِهِ فِى عَيْنِكَ، إِنَّمَا جُعِلَ الاِسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ». طرفاه 5924، 6901 - تحفة 4806 6242 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ مِنْ بَعْضِ حُجَرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِشْقَصٍ - أَوْ بِمَشَاقِصَ - فَكَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَخْتِلُ الرَّجُلَ لِيَطْعُنَهُ. طرفاه 6889، 6900 - تحفة 1078 - 67/ 8 12 - باب زِنَا الْجَوَارِحِ دُونَ الْفَرْجِ 6243 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمْ أَرَ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِنْ قَوْلِ أَبِى هُرَيْرَةَ. حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِى، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ». طرفه 6612 - تحفة 13573 ذهب طائفةٌ من العلماء إلى أن النظرَ إلى غير المحرَّمة، ولمسَهَا من الصغائر. قلتُ: والأحاديثُ قد وردت بالوعيد فيمن نَظَرَ إلى أجنبيةٍ نظرَ شهوةٍ، فيكون من

13 - باب التسليم والاستئذان ثلاثا

الكبائر. وما قيل: إنَّ وسائلَ الكبائر صغائرُ، فليس على إطلاقه، ولا بُدَّ فيه من تفصيلٍ. أمَّا نظرُ فضل بن عبَّاسٍ إلى امرأةٍ من خَثْعَم، فلم يكن من هذا الباب، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم صَرَفَ وَجْهَه خَشْيَةَ أن يَدْخُلَ الشيطانُ بينهما. فدلَّ على أنَّه لم يكن بلغ نظرُه هذا المَبْلَغ بعدُ، ولكنَّه صَرَفَ وجهَه قبل أن يَبْلُغَ مَبْلَغَهُ. 6243 - قوله: (مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ باللَّمَمِ) يريدُ ابنُ عبَّاسٍ أن يستفيدَ من حديث أبي هريرة هذا تفسِيرَ قوله تعالى: {إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: 32]، فجعل دواعي الزِّنَّا، وما يقعُ من الرجل في سلسلة الزِّنَّا من المعاصي كلَّها صغائرَ ولممًا، فإن غشي الزنا تُحْسَبُ كلُّها من الزنا، وتنقلب كبائرَ، وإلَّا فهي صغائرُ تَصْلُحُ أن تُغْفَرَ له، ويُعْفَى عنها. فاستفاد منه بعضُهم تعريفَ الصغيرة، وقال: إنَّ المعاصي على نحوين: منها ما تقعُ تمهيدًا، ومنها ما تكون مَقْصَدًا. فالتي تقعُ في السلسلة، وتكون وسيلةً لتحصيل منتهاها، هي الصغائرُ، وذلك المنتهى هو الكبيرةُ. قلتُ: ولا بُدَّ فيه من تنبيهٍ، وهو أن السمعَ، والبصرَ، والنظرَ قد تَصِيرُ مقصورةً أيضًا، وذلك حين يَعْجَزُ عن المنتهى - أعني الزنا - فيرضى بتلك الأمور، ويجعلها مقصورةً لحظِّ نفسه، وحينئذٍ لا ريب في كونها كبيرةً. نعم إن أتى بها في سلسلة الزنا، ثم امتنع عنه مخافةَ ربِّه جلَّ وعلا، فَيَنْزِلُ امتناعُه عن الزنا منزلةَ التوبة، ويُرْجَى له أن تُغْفَرَ له تلك السلسلة بأسرها، إذا أَتْبَعَهَا بحسنةٍ، فإنَّ الحسناتِ يُذْهِبْنَ السيئاتِ. أمَّا الحديثُ، فهو في الدواعي التي تكونُ مبادئًا للزنا، وقد سَمِعْتُ أنَّها إذا كانت في سلسلةٍ غيرِ مقصودةٍ بأنفسها، فهي صغائرُ، ولممٌ، فإن غشي الزنا - والعياذ بالله - أخذ بالأوَّل والآخر، ويُحْسَبُ الكلُّ من الزنا، وتكون كبائرَ. فإن جَعَلَها مقصودةً، كما إذا عَشِقَ امرأةً، فَجَعَلَ يلتذُّ بالنظر والسمع، صارت كبائرَ في حقِّه، لكونها حينئذٍ مقصودةً. ومن ههنا عُلِمَ أن معصيةً واحدةً تختلف صغيرةً وكبيرةً، لحال الفاعلين. قوله: (قال أبو عبد الله: أَرَادَ عمرُ التثبُّتَ، لا أن لا يُجِيزَ خبرَ الواحدِ)، وذلك لأنَّ عمرَ رواه بنفسه أيضًا، كما عند الترمذيِّ، فكيف جاز له أن يتردَّدَ فيه؟ غير أنه لم يكن عنده هذا التفصيل، فأراد التثبُّتَ فيه. 13 - باب التَّسْلِيمِ وَالاِسْتِئْذَانِ ثَلاَثًا 6244 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا سَلَّمَ سَلَّمَ ثَلاَثًا، وَإِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلاَثًا. طرفاه 94، 95 - تحفة 500 6245 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ عَنْ بُسْرِ بْنِ

14 - باب إذا دعى الرجل فجاء هل يستأذن

سَعِيدٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ كُنْتُ فِى مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الأَنْصَارِ إِذْ جَاءَ أَبُو مُوسَى كَأَنَّهُ مَذْعُورٌ فَقَالَ اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عُمَرَ ثَلاَثًا، فَلَمْ يُؤْذَنْ لِى فَرَجَعْتُ فَقَالَ مَا مَنَعَكَ قُلْتُ اسْتَأْذَنْتُ ثَلاَثًا، فَلَمْ يُؤْذَنْ لِى فَرَجَعْتُ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلاَثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، فَلْيَرْجِعْ». فَقَالَ وَاللَّهِ لَتُقِيمَنَّ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ. أَمِنْكُمْ أَحَدٌ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ وَاللَّهِ لاَ يَقُومُ مَعَكَ إِلاَّ أَصْغَرُ الْقَوْمِ، فَكُنْتُ أَصْغَرَ الْقَوْمِ، فَقُمْتُ مَعَهُ فَأَخْبَرْتُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنِى ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ عَنْ بُسْرٍ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ بِهَذَا. طرفاه 2062، 7353 - تحفة 3970 14 - باب إِذَا دُعِىَ الرَّجُلُ فَجَاءَ هَلْ يَسْتَأْذِنُ قالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلّم قالَ: «هُوَ إِذْنُهُ». تحفة 14672 6246 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ أَخْبَرَنَا مُجَاهِدٌ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ دَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَجَدَ لَبَنًا فِى قَدَحٍ فَقَالَ «أَبَا هِرٍّ الْحَقْ أَهْلَ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ إِلَىَّ». قَالَ فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ، فَأَقْبَلُوا فَاسْتَأْذَنُوا فَأُذِنَ لَهُمْ، فَدَخَلُوا. طرفاه 5375، 6452 - تحفة 14344 - 68/ 8 قلتُ: وينبغي أن يُنْظَرَ فيه إلى الأحوال أيضًا، فإن كان الداعي جالسًا في النساء، لا بُدَّ له من الاستئذان مرَّةً ثانيةً، ولم يَكْفِ له دعوتُه. 15 - باب التَّسْلِيمِ عَلَى الصِّبْيَانِ 6247 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَيَّارٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِىِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه أَنَّهُ مَرَّ عَلَى صِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُهُ. تحفة 438 16 - باب تَسْلِيمِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ، وَالنِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ 6248 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ قَالَ كُنَّا نَفْرَحُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. قُلْتُ وَلِمَ قَالَ كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ تُرْسِلُ إِلَى بُضَاعَةَ - قَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ نَخْلٍ بِالْمَدِينَةِ - فَتَأْخُذُ مِنْ أُصُولِ السِّلْقِ فَتَطْرَحُهُ فِى قِدْرٍ، وَتُكَرْكِرُ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ، فَإِذَا صَلَّيْنَا الْجُمُعَةَ انْصَرَفْنَا وَنُسَلِّمُ عَلَيْهَا فَتُقَدِّمُهُ إِلَيْنَا، فَنَفْرَحُ مِنْ أَجْلِهِ، وَمَا كُنَّا نَقِيلُ وَلاَ نَتَغَدَّى إِلاَّ بَعْدَ الْجُمُعَةِ. أطرافه 938، 939، 941، 2349، 5403، 6279 - تحفة 4727 6249 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا عَائِشَةُ

17 - باب إذا قال: من ذا؟ فقال أنا

هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلاَمَ». قَالَتْ قُلْتُ وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، تَرَى مَا لاَ نَرَى. تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. تَابَعَهُ شُعَيْبٌ. وَقَالَ يُونُسُ وَالنُّعْمَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ وَبَرَكَاتُهُ. أطرافه 3217، 3768، 6201 - تحفة 17766 6248 - قوله: (كَانَتْ لنا عَجُوزٌ تُرْسِلُ إلى بُضَاعَةَ) ... إلخ، وهذا ما قلتُ لكم: إن بئرَ بُضَاعَةَ كانت تُسْقَى منها البساتين. وليس التصريحُ باسمها - البُضَاعة - إلَّا في هذا الموضع. وهذا الذي أراده الطحاويُّ من الجريان، أي كان الماءُ يُسْقَى منها، فلم يكن يستقرُّ فيها، فكان ماؤها جاريًا بهذا المعنى. ولمَّا لم يُدْرِك مرادَه بعضُهم اعترض عليه، وقال: إنَّها كانت قليلةَ الماء، ولم تكن عينًا، فكأنَّهم حَمَلُوه على الجريان من طرفٍ إلى طرفٍ، وكان مرادُه رحمه الله النبوعَ من التحت، والاستقاء من الفوق، فَسَخِرُوا به من قلَّةِ علمهم. ثم إنِّي لم أر أحدًا من الشارحين توجَّه إلى هذه الرواية، وكان لا بُدَّ لكون جريانها ثابتًا من البخاريِّ، غير أن الحمويَّ ذكرها في «معجم البلدان». 17 - باب إِذَا قَالَ: مَنْ ذَا؟ فَقَالَ أَنَا 6250 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرًا - رضى الله عنه - يَقُولُ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى دَيْنٍ كَانَ عَلَى أَبِى فَدَقَقْتُ الْبَابَ فَقَالَ «مَنْ ذَا». فَقُلْتُ أَنَا. فَقَالَ «أَنَا أَنَا». كَأَنَّهُ كَرِهَهَا. أطرافه 2127، 2395، 2396، 2405، 2601، 2709، 2781، 3580، 4053 تحفة 3042 18 - باب مَنْ رَدَّ فَقَالَ عَلَيْكَ السَّلاَمُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «رَدَّ الْمَلاَئِكَةُ عَلَى آدَمَ السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ». 6251 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ فِى نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ». فَرَجَعَ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ. فَقَالَ «وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ فَارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ». فَقَالَ فِى الثَّانِيَةِ أَوْ فِى الَّتِى بَعْدَهَا عَلِّمْنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِىَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِى صَلاَتِكَ كُلِّهَا». وَقَالَ

19 - باب إذا قال: فلان يقرئك السلام

أَبُو أُسَامَةَ فِى الأَخِيرِ «حَتَّى تَسْتَوِىَ قَائِمًا». أطرافه 757، 793، 6252، 6667 - تحفة 12983 - 69/ 8 6252 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى سَعِيدٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا». أطرافه 757، 793، 6251، 6667 - تحفة 14304 6251 - قوله: (ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا)، وفيه دليلٌ على جَلْسَةِ الاستراحة. إلَّا أنَّ البخاريَّ أشار إلى شذوذه، فإنَّ أبا أُسَامةَ لم يذكرها، وذكر بدلها: «حتى تستوي قائمًا»، فاختلفَ الروايةُ فيها، إثباتًا ونفيًا. 19 - باب إِذَا قَالَ: فُلاَنٌ يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ 6253 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ قَالَ سَمِعْتُ عَامِرًا يَقُولُ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - حَدَّثَتْهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهَا «إِنَّ جِبْرِيلَ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ». قَالَتْ وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. أطرافه 3217، 3768، 6201، 6249 تحفة 17727 20 - باب التَّسْلِيمِ فِى مَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلاَطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ 6254 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ أَخْبَرَنِى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَكِبَ حِمَارًا عَلَيْهِ إِكَافٌ، تَحْتَهُ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ، وَأَرْدَفَ وَرَاءَهُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَهْوَ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِى بَنِى الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَذَلِكَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ حَتَّى مَرَّ فِى مَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلاَطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ، وَفِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ، وَفِى الْمَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ ثُمَّ قَالَ لاَ تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا. فَسَلَّمَ عَلَيْهِمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ أَيُّهَا الْمَرْءُ لاَ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا، إِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا، فَلاَ تُؤْذِنَا فِى مَجَالِسِنَا، وَارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ، فَمَنْ جَاءَكَ مِنَّا فَاقْصُصْ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ اغْشَنَا فِى مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ. فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَتَوَاثَبُوا، فَلَمْ يَزَلِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُخَفِّضُهُمْ، ثُمَّ رَكِبَ دَابَّتَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ «أَىْ سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ». يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ قَالَ كَذَا وَكَذَا قَالَ اعْفُ عَنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاصْفَحْ فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَاكَ اللَّهُ الَّذِى أَعْطَاكَ، وَلَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبَحْرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُونَهُ بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِى أَعْطَاكَ شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ، فَعَفَا عَنْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 105 - 70/ 8

21 - باب من لم يسلم على من اقترف ذنبا، ولم يرد سلامه، حتى تتبين توبته، وإلى متى تتبين توبة العاصي

21 - باب مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَى مَنِ اقْتَرَفَ ذَنْبًا، وَلَمْ يَرُدَّ سَلاَمَهُ، حَتَّى تَتَبَيَّنَ تَوْبَتُهُ، وَإِلَى مَتَى تَتَبَيَّنُ تَوْبَةُ الْعَاصِي وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: لاَ تُسَلِّمُوا عَلَى شَرَبَةِ الْخَمْرِ. 6255 - حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ تَبُوكَ وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كَلاَمِنَا، وَآتِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَأَقُولُ فِى نَفْسِى هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلاَمِ أَمْ لاَ حَتَّى كَمَلَتْ خَمْسُونَ لَيْلَةً، وَآذَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى الْفَجْرَ. أطرافه 2757، 2947، 2948، 2949، 2950، 3088، 3556، 3889، 3951، 4418، 4673، 4676، 4677، 4678، 6690، 7225 - تحفة 11131 يريدُ أن السلامَ، وإن كان مشروعًا على من عُرِفَ، ومن لم يُعْرَف، إلَّا أنَّه قد يُتْرَكُ تعزيرًا، فلا يُسَلَّم على الفاسقِ المِعْلِنِ. أمَّا السلامُ على الكافر، فقيل: يجوزُ له البدايةُ بالسلام عند الحاجة. فإن كان بين جماعات المسلمين، فالأمرُ ظاهرٌ، غيرَ أنَّه ينوي بتسليمه المسلمين. 22 - باب كَيْفَ يُرَدُّ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ السَّلاَمُ 6256 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكَ. فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَهْلاً يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِى الأَمْرِ كُلِّهِ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَقَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ». أطرافه 2935، 6024، 6030، 6395، 6401، 6927 - تحفة 16468 - 71/ 8 6257 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمُ الْيَهُودُ فَإِنَّمَا يَقُولُ أَحَدُهُمُ السَّامُ عَلَيْكَ. فَقُلْ وَعَلَيْكَ». طرفه 6928 - تحفة 7248 6258 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ». طرفه 6926 - تحفة 1081 23 - باب مَنْ نَظَرَ فِى كِتَابِ مَنْ يُحْذَرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِيَسْتَبِينَ أَمْرُهُ 6259 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ قَالَ حَدَّثَنِى حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ وَأَبَا مَرْثَدٍ الْغَنَوِىَّ وَكُلُّنَا فَارِسٌ فَقَالَ

24 - باب كيف يكتب الكتاب إلى أهل الكتاب

«انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا امْرَأَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ مَعَهَا صَحِيفَةٌ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِى بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ». قَالَ فَأَدْرَكْنَاهَا تَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ لَهَا حَيْثُ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ قُلْنَا أَيْنَ الْكِتَابُ الَّذِى مَعَكِ قَالَتْ مَا مَعِى كِتَابٌ. فَأَنَخْنَا بِهَا، فَابْتَغَيْنَا فِى رَحْلِهَا فَمَا وَجَدْنَا شَيْئًا، قَالَ صَاحِبَاىَ مَا نَرَى كِتَابًا. قَالَ قُلْتُ لَقَدْ عَلِمْتُ مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالَّذِى يُحْلَفُ بِهِ لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لأُجَرِّدَنَّكِ. قَالَ فَلَمَّا رَأَتِ الْجِدَّ مِنِّى أَهْوَتْ بِيَدِهَا إِلَى حُجْزَتِهَا وَهْىَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ فَأَخْرَجَتِ الْكِتَابَ - قَالَ - فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا حَمَلَكَ يَا حَاطِبُ عَلَى مَا صَنَعْتَ». قَالَ مَا بِى إِلاَّ أَنْ أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَا غَيَّرْتُ وَلاَ بَدَّلْتُ، أَرَدْتُ أَنْ تَكُونَ لِى عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِى وَمَالِى، وَلَيْسَ مِنْ أَصْحَابِكَ هُنَاكَ إِلاَّ وَلَهُ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ. قَالَ «صَدَقَ فَلاَ تَقُولُوا لَهُ إِلاَّ خَيْرًا». قَالَ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِى فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. قَالَ فَقَالَ «يَا عُمَرُ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ». قَالَ فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ وَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. أطرافه 3007، 3081، 3983، 4274، 4890، 6939 - تحفة 10169 - 72/ 8 والنظرُ إلى كتاب أحدٍ ممنوعٌ، كما عند أبي داود، فقال المصنِّفُ: إنَّه جائزٌ عند الحاجة. 6259 - قوله: (فَلَمَّا رَأَتِ الجِدَّ مِنِّي)، أي لمَّا عَلِمَت أنِّي لا أَتْرِكْه، إلَّا أن أُجَرِّدَهَا، وأني فاعلٌ ذلك لا مَحَالة ... إلخ. 24 - باب كَيْفَ يُكْتَبُ الْكِتَابُ إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ 6260 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِى نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَكَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ، فَأَتَوْهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُرِئَ فَإِذَا فِيهِ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، السَّلاَمُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ». أطرافه 7، 51، 2681، 2804، 2941، 2978، 3174، 4553، 5980، 7196، 7541 - تحفة 4850 25 - باب بِمَنْ يُبْدَأُ فِى الْكِتَابِ 6261 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلاً مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا، فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ

26 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم -: «قوموا إلى سيدكم»

أَبِيهِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «نَجَرَ خَشَبَةً، فَجَعَلَ الْمَالَ فِى جَوْفِهَا، وَكَتَبَ إِلَيْهِ صَحِيفَةً مِنْ فُلاَنٍ إِلَى فُلاَنٍ». أطرافه 1498، 2063، 2291، 2404، 2430، 2734 - تحفة 13630، 14982 26 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ» 6262 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ أَهْلَ قُرَيْظَةَ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ فَأَرْسَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِ فَجَاءَ فَقَالَ «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ». أَوْ قَالَ «خَيْرِكُمْ». فَقَعَدَ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «هَؤُلاَءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ». قَالَ فَإِنِّى أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ. فَقَالَ «لَقَدْ حَكَمْتَ بِمَا حَكَمَ بِهِ الْمَلِكُ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَفْهَمَنِى بَعْضُ أَصْحَابِى عَنْ أَبِى الْوَلِيدِ مِنْ قَوْلِ أَبِى سَعِيدٍ إِلَى حُكْمِكَ. أطرافه 3043، 3804، 4121 - تحفة 3960 - 73/ 8 27 - باب الْمُصَافَحَةِ وَقالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: عَلَّمَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم التشَهُّدَ، وَكَفِّي بَينَ كَفَّيهِ. وَقَالَ كَعْب بْنُ مالِكٍ: دَخَلتُ المَسْجِدَ، فَإِذَا بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلّم، فَقَامَ إِلَيَّ طَلحَةُ بْنُ عُبَيدِ اللهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأَنِي. 6263 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ قُلْتُ لأَنَسٍ أَكَانَتِ الْمُصَافَحَةُ فِى أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ نَعَمْ. تحفة 1405 6264 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى حَيْوَةُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. طرفاه 3694، 6632 - تحفة 9670 واعلم أن كمالَ السنة فيها أن تكونَ باليدين، ويتأدَّى أصلُ السنة من يدٍ واحدةٍ أيضًا. وقد بوَّب البخارِيُّ بُعَيْدَة: باب الأخذ باليدين. ثم الذين يَدَّعون العملَ بالحديث، يُنْكِرُون التصافحَ باليدين. ولمَّا لم يكن في ذلك عند المصنِّف حديثٌ على شرطه، أخرجَ حديثَ ابن مسعودٍ في التشهُّد، فاكتفى عن الاستشهاد على النوع باللاستشهاد على الجنس، فإنَّ التصافحَ في حديثه كان عند التعليم دون التسليم، وهذا غير ذاك. نعم أخرج لها أثرين. ثم للتصافح باليدين حديثٌ مرفوعٌ أيضًا، كما في «الأدب المفرد». وأراد المدرِّسون أن يستدلُّوا عليه من حديث ابن مسعودٍ هذا، فقالوا: أمَّا كونُ التصافح فيه باليدين من جهة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فالحديثُ نصٌّ فيه. وأمَّا كونُه كذلك من جهة ابن مسعودٍ، فالراوي وإن اكتفى بذكر يده الواحدة، إلَّا أنَّ المرجوَّ منه أنه لم يكن لِيُصَافِحَهُ

28 - باب الأخذ باليدين

بيده الواحدة، والنبيُّ صلى الله عليه وسلّم قد صافحه بيديه الكريمتين، فإنه يُسْتَبْعَدُ من مثله أن لا يَبْسُطَ يديه للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم وقد يكون النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بَسَطَ له يديه، غيرَ أنَّ الراوي لم يَذْكُرْه، لعدم كون غرضه متعلِّقًا بذلك. ولا ريبَ أن الرواةَ يختلِفون في التعبيرات، فيخرِّجون عباراتِهم على الاعتبارت، فمنهم من يفصِّلُ المُجْمَلَ، ومنهم من يُجْمِلُ المفصَّلَ. ثم الواحدُ قد يرتكبُه أيضًا، وحينئذٍ لا بدعَ في كون مصافحة ابن مسعود أيضًا باليدين. 6264 - قوله: (وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ) فيه: أن أخذَه بيده لم يكن للمصافحة، بل هو للتأنيس إلَّا أن تَرْقَى على الجنس، وتقولَ: إن المصافَحَة أيضًا للتأنيس. واعلم أن التصافحَ عند الملاقاة توكيدٌ للتسليم القوليِّ، فإنَّ التسليمَ إيذانٌ بالأمن قولًا، والتصافحُ نحوُ بَيْعَةٍ، وتلقينٌ على ذلك، ليكونَ كلٌّ من المتلاقِيَيْن على أمنٍ من صاحبه. وهذا كما قدَّمنا في مفتتح الكتاب: أنَّ العربَ في الجاهلية كانوا يفعلون ما يفعلون من القتلِ والغارات، حتَّى كانت تنقطعُ الطرقُ، وتنسدُّ السُّبُلُ، فلم يكونوا يتمكَّنون أن يَخْرُجُوا بالأمن إلَّا في الأشهر الحُرُمِ. فلمَّا جاء اللهُ بالإِسلام، وضع السلامةَ بينهم، وبدَّلهم من بعد خوفهم أمنًا، وجعل بإِزائه لفظَ الإِسلام، ليكونَ كلٌّ من المتلاقِيَيْن على الأمن من صاحبه. ولعلَّ هذا المعنى مراعًى في التصافح أيضًا، لأنَّه نوعُ بيعةٍ على ذلك، وتوكيدٌ لِمَا تلفَّظاه بالتسليم. ثم إنَّ أوَّلَ المصافحة بدأ من أهل اليمن، حين جاءوا إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم واستقبالُ الحجر الأسود أيضًا مصافحةٌ، لِمَا في الحديث: «أن الحجرَ يمينُ الله في الأرض»، فكان استقبالُه كالمصافحة، فافهم. 28 - باب الأَخْذِ بِالْيَدَيْنِ وَصَافَحَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ابْنَ الْمُبَارَكِ بِيَدَيْهِ. 6265 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سَيْفٌ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَخْبَرَةَ أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ عَلَّمَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَفِّى بَيْنَ كَفَّيْهِ التَّشَهُّدَ، كَمَا يُعَلِّمُنِى السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِىُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. وَهْوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا، فَلَمَّا قُبِضَ قُلْنَا السَّلاَمُ. يَعْنِى عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 831، 835، 1202، 6230، 6328، 7381 - تحفة 9338 قوله: (وصَافَحَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ابْنَ المُبَارَكِ بِيَدَيْهِ)، وابنُ المُبَارَك من الذين تفقَّهوا

29 - باب المعانقة، وقول الرجل: كيف أصبحت؟

على أبي حنيفةَ. والمصنِّفُ لم يُدْرِك حمَّادًا، وإنَّما سَمِعَه بواسطة أبيه، ولم يَذْكُر حديثًا سَمِعَهُ بواسطة أبيه غيرَه. 6265 - قوله: (فَلَمَّا قُبِضَ، قُلْنَا: السَّلاَمُ - يعني - عَلَى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم). قلتُ: ولم تعمل بها لأمَّةُ، كما ذكره السُّبْكيُّ في «شرح المنهاج» مع أن فيه اضطرابًا. وراجع له «فتح الباري». وقد تشبَّث به البعضُ الذين يدَّعون العملَ بالحديث على ما رَكِبُوا في أذهانهم. قلتُ: ولا مُسْكَةَ لهم فيه، أَلاَ يَرَوْنَ أنَّ تركَ الخطاب لو كان لِمَا فَهِمُوه، فهلَّا كان الخطابُ في حياته مقصورًا في المسجد النبويِّ بحضرته؟ وما كان حالُه في سائر المساجدِ؟ ثم ما كان حالُه في سائر البلادُ؟ ولو سلَّمنا أن صيغةَ الخطاب لم يكونوا يأتون بها في التشهُّد إلَّا بمسجده صلى الله عليه وسلّم فهل كانوا يُسْمِعُونَها إيَّاه أيضًا، أو كانوا يُخَافِتُون بها؟ فإن كانوا يُخَافِتُون، ولم يكونوا يَجْهَرُون بها حتَّى يسمعَها صلى الله عليه وسلّم فماذا تعلُّقهم به غير التعلُّل؟ وماذا كان لو تركها بعضُهم عن اجتهادهم؟ فإن الأمَّةَ قد أتت بها تواتر طبقةٍ بعد طبقةٍ، فطاح ما شَغَبُوا به. 29 - باب الْمُعَانَقَةِ، وَقَوْلِ الرَّجُلِ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ 6266 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنِى أَبِى عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا - يَعْنِى ابْنَ أَبِى طَالِبٍ - خَرَجَ مِنْ عِنْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - خَرَجَ مِنْ عِنْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى وَجَعِهِ الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ فَقَالَ النَّاسُ يَا أَبَا حَسَنٍ كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا فَأَخَذَ بِيَدِهِ الْعَبَّاسُ فَقَالَ أَلاَ تَرَاهُ أَنْتَ وَاللَّهِ بَعْدَ الثَّلاَثِ عَبْدُ الْعَصَا وَاللَّهِ إِنِّى لأُرَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَيُتَوَفَّى فِى وَجَعِهِ، وَإِنِّى لأَعْرِفُ فِى وُجُوهِ بَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْمَوْتَ، فَاذْهَبْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَنَسْأَلَهُ فِيمَنْ يَكُونُ الأَمْرُ فَإِنْ كَانَ فِينَا عَلِمْنَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِى غَيْرِنَا أَمَرْنَاهُ فَأَوْصَى بِنَا. قَالَ عَلِىٌّ وَاللَّهِ لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَمْنَعُنَا لاَ يُعْطِينَاهَا النَّاسُ أَبَدًا، وَإِنِّى لاَ أَسْأَلُهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبَدًا. طرفه 4447 - تحفة 5810، 5131 أ، 10197 - 74/ 8 30 - باب مَنْ أَجَابَ بِـ «لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ» 6267 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ مُعَاذٍ قَالَ أَنَا رَدِيفُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «يَا مُعَاذُ». قُلْتُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ. ثُمَّ قَالَ مِثْلَهُ ثَلاَثًا

31 - باب لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه

«هَلْ تَدْرِى مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا». ثُمَّ سَارَ سَاعَةً فَقَالَ «يَا مُعَاذُ». قُلْتُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ «هَلْ تَدْرِى مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ». أطرافه 2856، 5967، 6500، 7373 - تحفة 11308 حَدَّثَنَا هُدْبَةُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنْ مُعَاذٍ بِهَذَا. تحفة 11308 6268 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا وَاللَّهِ أَبُو ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ كُنْتُ أَمْشِى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَرَّةِ الْمَدِينَةِ عِشَاءً اسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ فَقَالَ «يَا أَبَا ذَرٍّ مَا أُحِبُّ أَنَّ أُحُدًا لِى ذَهَبًا يَأْتِى عَلَىَّ لَيْلَةٌ أَوْ ثَلاَثٌ عِنْدِى مِنْهُ دِينَارٌ، إِلاَّ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ، إِلاَّ أَنْ أَقُولَ بِهِ فِى عِبَادِ اللَّهِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا». وَأَرَانَا بِيَدِهِ. ثُمَّ قَالَ «يَا أَبَا ذَرٍّ». قُلْتُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «الأَكْثَرُونَ هُمُ الأَقَلُّونَ إِلاَّ مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا». ثُمَّ قَالَ لِى «مَكَانَكَ لاَ تَبْرَحْ يَا أَبَا ذَرٍّ حَتَّى أَرْجِعَ». فَانْطَلَقَ حَتَّى غَابَ عَنِّى، فَسَمِعْتُ صَوْتًا فَخَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عُرِضَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَرَدْتُ أَنْ أَذْهَبَ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَبْرَحْ». فَمَكُثْتُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْتُ صَوْتًا خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عُرِضَ لَكَ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَكَ فَقُمْتُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَانِى، فَأَخْبَرَنِى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِى لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ. قَالَ «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ». قُلْتُ لِزَيْدٍ إِنَّهُ بَلَغَنِى أَنَّهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ. فَقَالَ أَشْهَدُ لَحَدَّثَنِيهِ أَبُو ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ. قَالَ الأَعْمَشُ وَحَدَّثَنِى أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ نَحْوَهُ. وَقَالَ أَبُو شِهَابٍ عَنِ الأَعْمَشِ «يَمْكُثُ عِنْدِى فَوْقَ ثَلاَثٍ». أطرافه 1237، 1408، 2388، 3222، 5827، 6443، 6444، 7487 تحفة 11915، 10933 - 75/ 8 6268 - قوله: (اسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ)، وينبغي الاعتمادُ عليه. وما ذكره الراوي أوَّلًا أنَّ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم قال له ما قال، فكأنَّه وَهْمٌ. قوله: (وقَالَ الأَعْمَشُ)، أي جعله حديثَ أبي الدَّرْدَاء، وهو مرجوحٌ. والراجحُ: أنَّه حديثُ أبي ذرَ. 31 - باب لاَ يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ 6269 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ، ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ». طرفاه 911، 6270 - تحفة 8386 32 - باب {إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا} [المجادلة: 11] الآيَةَ 6270 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ

33 - باب من قام من مجلسه أو بيته ولم يستأذن أصحابه، أو تهيأ للقيام ليقوم الناس

عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُقَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ وَيَجْلِسَ فِيهِ آخَرُ، وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَكْرَهُ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ، ثُمَّ يُجْلِسَ مَكَانَهُ. طرفاه 911، 6269 - تحفة 7898 33 - باب مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ أَوْ بَيْتِهِ وَلَمْ يَسْتَأْذِنْ أَصْحَابَهُ، أَوْ تَهَيَّأَ لِلْقِيَامِ لِيَقُومَ النَّاسُ 6271 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ أَبِى يَذْكُرُ عَنْ أَبِى مِجْلَزٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ دَعَا النَّاسَ طَعِمُوا ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ - قَالَ - فَأَخَذَ كَأَنَّهُ يَتَهَيَّأُ لِلْقِيَامِ فَلَمْ يَقُومُوا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَامَ، فَلَمَّا قَامَ قَامَ مَنْ قَامَ مَعَهُ مِنَ النَّاسِ، وَبَقِىَ ثَلاَثَةٌ، وَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ لِيَدْخُلَ فَإِذَا الْقَوْمُ جُلُوسٌ، ثُمَّ إِنَّهُمْ قَامُوا فَانْطَلَقُوا - قَالَ - فَجِئْتُ فَأَخْبَرْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُمْ قَدِ انْطَلَقُوا، فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ، فَأَرْخَى الْحِجَابَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} إِلَى قَوْلِهِ {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)} [الأحزاب: 53]. أطرافه 4791، 4792، 4793، 4794، 5154، 5163، 5166، 5168، 5170، 5171، 5466، 6238، 6239، 7421 - تحفة 1651 - 76/ 8 كما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فعل في قصة وليمة زينبَ، إلَّا أنَّ الناسَ لم يَفْهَمُوه، ولم يَبْرَحُوا قاعدين حتَّى سَئِمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم ونَزَلَ الحِجَابُ. 34 - باب الاِحْتِبَاءِ بِالْيَدِ وَهُوَ الْقُرْفُصَاءُ 6272 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى غَالِبٍ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِىُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ مُحْتَبِيًا بِيَدِهِ هَكَذَا. تحفة 8260 35 - باب مَنِ اتَّكَأَ بَيْنَ يَدَىْ أَصْحَابِهِ قَالَ خَبَّابٌ: أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً، قُلْتُ: أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ؟ فَقَعَدَ. 6273 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِىُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ». قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ». أطرافه 2654، 5976، 6274، 6919 - تحفة 11679 6274 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرٌ مِثْلَهُ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ «أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ». فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ. أطرافه 2654، 5976، 6273، 6919 - تحفة 11679

36 - باب من أسرع فى مشيه لحاجة أو قصد

فإن كان كبيرًا في السِّنِّ منهم، لا بأسَ به. وإن كان مساويًا، فله أن يتحرَّى ما فيه الفضلُ. قال الغزالي: إذا صدقت الأُلْفَةُ رُفِعَت الكُلْفَةُ (¬1). 36 - باب مَنْ أَسْرَعَ فِى مَشْيِهِ لِحَاجَةٍ أَوْ قَصْدٍ 6275 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ حَدَّثَهُ قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْعَصْرَ، فَأَسْرَعَ، ثُمَّ دَخَلَ الْبَيْتَ. أطرافه 851، 1221، 1430 - تحفة 9906 37 - باب السَّرِيرِ 6276 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى وَسْطَ السَّرِيرِ، وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ تَكُونُ لِىَ الْحَاجَةُ، فَأَكْرَهُ أَنْ أَقُومَ فَأَسْتَقْبِلَهُ فَأَنْسَلُّ انْسِلاَلًا. أطرافه 382، 383، 384، 508، 511، 512، 513، 514، 515، 519، 997، 1209 - تحفة 17642، 17646 "جارائى - جوكى"، أي يطلق عليهما. 38 - باب مَنْ أُلْقِىَ لَهُ وِسَادَةٌ 6277 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدٌ. وَحَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو الْمَلِيحِ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ أَبِيكَ زَيْدٍ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَحَدَّثَنَا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ذُكِرَ لَهُ صَوْمِى، فَدَخَلَ عَلَىَّ، فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَجَلَسَ عَلَى الأَرْضِ، وَصَارَتِ الْوِسَادَةُ بَيْنِى وَبَيْنَهُ، فَقَالَ لِى «أَمَا يَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «خَمْسًا». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «سَبْعًا». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «تِسْعًا». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «إِحْدَى عَشْرَةَ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «لاَ صَوْمَ فَوْقَ صَوْمِ دَاوُدَ، شَطْرَ الدَّهْرِ، صِيَامُ يَوْمٍ، وَإِفْطَارُ يَوْمٍ». أطرافه 1131، 1152، 1153، 1974، 1975، 1976، 1977، 1978، 1979، 1980، 3418، 3419، 3420، 5052، 5053، 5054، 5199، 6134 تحفة 8969 - 77/ 8 6278 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّهُ قَدِمَ الشَّأْمَ. وَحَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ ذَهَبَ عَلْقَمَةُ إِلَى الشَّأْمِ، فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِى جَلِيسًا. ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد اتَّفق لي أنِّي اجتمعت مع الشيخ في حجرةٍ، في نحر الظهيرة، وكان الحر شديدًا، فاضطجع الشيخُ، ولم أزل أنا جالسًا للأدب من الشيخ، إذ أحسَّ بي الشيخُ، فالتفتَ إليَّ مبتسمًا، وقال: إن الغُلُوَ في المباسطة إساءةٌ للأدب، وإن الإِفراط في التعظيم عبادةٌ، ثم اضطجع على هيئته، ولم يتكلَّم بحرفٍ غيرَه. ولعمري، إنِّي وجدت من جملته هذه كأني حملتُ أوقارًا من العلوم، فما نَسِيتُ من حظِّه بعدُ.

39 - باب القائلة بعد الجمعة

فَقَعَدَ إِلَى أَبِى الدَّرْدَاءِ فَقَالَ مِمَّنْ أَنْتَ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ. قَالَ أَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِى كَانَ لاَ يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ - يَعْنِى حُذَيْفَةَ - أَلَيْسَ فِيكُمْ - أَوْ كَانَ فِيكُمُ - الَّذِى أَجَارَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الشَّيْطَانِ - يَعْنِى عَمَّارًا - أَوَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ السِّوَاكِ وَالْوِسَادِ - يَعْنِى ابْنَ مَسْعُودٍ - كَيْفَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقْرَأُ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1)} [الليل: 1]. قَالَ وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى. فَقَالَ مَا زَالَ هَؤُلاَءِ حَتَّى كَادُوا يُشَكِّكُونِى، وَقَدْ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3287، 3742، 3743، 3761، 4943، 4944 - تحفة 10956 39 - باب الْقَائِلَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةَ 6279 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ كُنَّا نَقِيلُ وَنَتَغَدَّى بَعْدَ الْجُمُعَةِ. أطرافه 938، 939، 941، 2349، 5403، 6248 - تحفة 4683 40 - باب الْقَائِلَةِ فِي الْمَسْجِدِ 6280 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ مَا كَانَ لِعَلِىٍّ اسْمٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَبِى تُرَابٍ، وَإِنْ كَانَ لَيَفْرَحُ بِهِ إِذَا دُعِىَ بِهَا، جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْتَ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِى الْبَيْتِ فَقَالَ «أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ». فَقَالَتْ كَانَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ شَىْءٌ، فَغَاضَبَنِى فَخَرَجَ فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لإِنْسَانٍ «انْظُرْ أَيْنَ هُوَ» فَجَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ فِى الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُضْطَجِعٌ، قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ، فَأَصَابَهُ تُرَابٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُهُ عَنْهُ - وَهْوَ يَقُولُ «قُمْ أَبَا تُرَابٍ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ». أطرافه 441، 3703، 6204 - تحفة 4714 - 78/ 8 41 - باب مَنْ زَارَ قَوْمًا فَقَالَ عِنْدَهُمْ 6281 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ كَانَتْ تَبْسُطُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نِطَعًا فَيَقِيلُ عِنْدَهَا عَلَى ذَلِكَ النِّطَعِ - قَالَ - فَإِذَا نَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَتْ مِنْ عَرَقِهِ وَشَعَرِهِ، فَجَمَعَتْهُ فِى قَارُورَةٍ، ثُمَّ جَمَعَتْهُ فِى سُكٍّ - قَالَ - فَلَمَّا حَضَرَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الْوَفَاةُ أَوْصَى أَنْ يُجْعَلَ فِى حَنُوطِهِ مِنْ ذَلِكَ السُّكِّ - قَالَ - فَجُعِلَ فِى حَنُوطِهِ. تحفة 507 6282 و 6283 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا ذَهَبَ إِلَى قُبَاءٍ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ، وَكَانَتْ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَدَخَلَ يَوْمًا فَأَطْعَمَتْهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَضْحَكُ. قَالَتْ فَقُلْتُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ «نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَىَّ غُزَاةً فِى سَبِيلِ اللَّهِ،

42 - باب الجلوس كيفما تيسر

يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ، مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ». - أَوْ قَالَ «مِثْلُ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ». شَكَّ إِسْحَاقُ - قُلْتُ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. فَدَعَا ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَضْحَكُ فَقُلْتُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَىَّ، غُزَاةً فِى سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ، مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ». أَوْ «مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ». فَقُلْتُ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. قَالَ «أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ». فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ زَمَانَ مُعَاوِيَةَ، فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ، فَهَلَكَتْ. حديث 6282 أطرافه 2788، 2799، 2877، 2894، 7001 تحفة 199 حديث 6283 أطرافه 2789، 2800، 2878، 2895، 2924، 7002 - تحفة 18307 42 - باب الْجُلُوسِ كَيْفَمَا تَيَسَّرَ 6284 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ لِبْسَتَيْنِ، وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ، وَالاِحْتِبَاءِ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ، لَيْسَ عَلَى فَرْجِ الإِنْسَانِ مِنْهُ شَىْءٌ، وَالْمُلاَمَسَةِ، وَالْمُنَابَذَةِ. تَابَعَهُ مَعْمَرٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِى حَفْصَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ. أطرافه 367، 1991، 2144، 2147، 5820، 5822 - تحفة 4154 - 79/ 8 43 - باب مَنْ نَاجَى بَيْنَ يَدَىِ النَّاسِ، وَمَنْ لَمْ يُخْبِرْ بِسِرِّ صَاحِبِهِ، فَإِذَا مَاتَ أَخْبَرَ بِهِ 6285، 6286 - حَدَّثَنَا مُوسَى عَنْ أَبِى عَوَانَةَ حَدَّثَنَا فِرَاسٌ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ حَدَّثَتْنِى عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ إِنَّا كُنَّا أَزْوَاجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَهُ جَمِيعًا، لَمْ تُغَادَرْ مِنَّا وَاحِدَةٌ، فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - تَمْشِى، لاَ وَاللَّهِ مَا تَخْفَى مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ قَالَ «مَرْحَبًا بِابْنَتِى». ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ سَارَّهَا فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا، فَلَمَّا رَأَى حُزْنَهَا سَارَّهَا الثَّانِيَةَ إِذَا هِىَ تَضْحَكُ. فَقُلْتُ لَهَا أَنَا مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ خَصَّكِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالسِّرِّ مِنْ بَيْنِنَا، ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِينَ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلْتُهَا عَمَّا سَارَّكِ قَالَتْ مَا كُنْتُ لأُفْشِىَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سِرَّهُ. فَلَمَّا تُوُفِّىَ قُلْتُ لَهَا عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِى عَلَيْكِ مِنَ الْحَقِّ لَمَّا أَخْبَرْتِنِى. قَالَتْ أَمَّا الآنَ فَنَعَمْ. فَأَخْبَرَتْنِى قَالَتْ أَمَّا حِينَ سَارَّنِى فِى الأَمْرِ الأَوَّلِ، فَإِنَّهُ أَخْبَرَنِى أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ بِالْقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً «وَإِنَّهُ قَدْ عَارَضَنِى بِهِ الْعَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلاَ أَرَى الأَجَلَ إِلاَّ قَدِ اقْتَرَبَ، فَاتَّقِى اللَّهَ وَاصْبِرِى، فَإِنِّى نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكَ». قَالَتْ فَبَكَيْتُ بُكَائِى الَّذِى رَأَيْتِ، فَلَمَّا رَأَى جَزَعِى سَارَّنِى الثَّانِيَةَ قَالَ «يَا فَاطِمَةُ أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِى سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ - أَوْ - سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ». أطرافه 3623، 3624، 3625، 3715، 4433 - تحفة 17615 يشيرُ إلى قوله صلى الله عليه وسلّم «لا يَتَنَاجى اثنان دون ثالثٍ»، فإنَّ ذلك يُحْزِنُ صاحبَه، فإنه ربَّما

44 - باب الاستلقاء

يَظُنُّ أن ذلك التناجي في أمرٍ من أموره. فإذا كان بين أظهر الناس، فلا بَأسَ به. 44 - باب الاِسْتِلْقَاءِ 6287 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمَسْجِدِ مُسْتَلْقِيًا، وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى. طرفاه 475، 5969 - تحفة 5298 واعلم أن وضعَ إحدى رجليه على الأخرى إنَّما نُهِيَ عنه إذا خاف كشفَ العورة، وإلَّا فلا بأسَ به. 45 - باب لاَ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى}. إِلَى قَوْلِهِ: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [المجادلة: 9 - 10] وَقَوْلُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)} إِلَى قَوْلِهِ {وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المجادلة: 12 - 13]. 80/ 8 6288 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ. وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا كَانُوا ثَلاَثَةٌ فَلاَ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ». تحفة 8372 46 - باب حِفْظِ السِّرِّ 6289 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَسَرَّ إِلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سِرًّا فَمَا أَخْبَرْتُ بِهِ أَحَدًا بَعْدَهُ، وَلَقَدْ سَأَلَتْنِى أُمُّ سُلَيْمٍ فَمَا أَخْبَرْتُهَا بِهِ. تحفة 879 47 - باب إِذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثَةٍ فَلاَ بَأْسَ بِالْمُسَارَّةِ وَالْمُنَاجَاةِ 6290 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا كُنْتُمْ ثَلاَثَةً فَلاَ يَتَنَاجَى رَجُلاَنِ دُونَ الآخَرِ، حَتَّى تَخْتَلِطُوا بِالنَّاسِ، أَجْلَ أَنْ يُحْزِنَهُ». تحفة 9302 6291 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا قِسْمَةً فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ. قُلْتُ أَمَا وَاللَّهِ لآتِيَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَيْتُهُ وَهْوَ فِى مَلأٍ، فَسَارَرْتُهُ فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ، ثُمَّ قَالَ «رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى مُوسَى، أُوذِىَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ». أطرافه 3150، 3405، 4335، 4336، 6059، 6100، 6336 - تحفة 9264

48 - باب طول النجوى

48 - باب طُولِ النَّجْوَى {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} [الإسراء: 47]: مَصْدَرٌ مِنْ نَاجَيْتُ، فَوَصَفَهُمْ بِهَا، وَالْمَعْنَى: يَتَنَاجَوْنَ. 6292 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ وَرَجُلٌ يُنَاجِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمَا زَالَ يُنَاجِيهِ حَتَّى نَامَ أَصْحَابُهُ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى. طرفاه 642، 643 - تحفة 1023 49 - باب لاَ تُتْرَكُ النَّارُ فِى الْبَيْتِ عِنْدَ النَّوْمِ 6293 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَتْرُكُوا النَّارَ فِى بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ». تحفة 6814 - 81/ 8 6294 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ احْتَرَقَ بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَهْلِهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَحُدِّثَ بِشَأْنِهِمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ هَذِهِ النَّارَ إِنَّمَا هِىَ عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ». تحفة 9048 6295 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ كَثِيرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «خَمِّرُوا الآنِيَةَ وَأَجِيفُوا الأَبْوَابَ، وَأَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا جَرَّتِ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْتِ». أطرافه 3280، 3304، 3316، 5623، 5624، 6296 - تحفة 2476 6294 - قوله: (احْتَرَقَ بَيْتٌ بالمَدِينَةِ عَلَى أَهْلِهِ) وهذه محاورةٌ تُقَالُ عند احتراق البيت، ولا توجبُ احتراقُ الأهل أيضًا. 50 - باب إِغْلاَقِ الأَبْوَابِ بِاللَّيْلِ 6296 - حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ أَبِى عَبَّادٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ بِاللَّيْلِ إِذَا رَقَدْتُمْ، وَغَلِّقُوا الأَبْوَابَ، وَأَوْكُوا الأَسْقِيَةَ، وَخَمِّرُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ». - قَالَ هَمَّامٌ وَأَحْسِبُهُ قَالَ - «وَلَوْ بِعُودٍ». أطرافه 3280، 3304، 3316، 5623، 5624، 6295 - تحفة 2492 51 - باب الْخِتَانِ بَعْدَ الْكِبَرِ وَنَتْفِ الإِبْطِ 6297 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قُزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ الْخِتَانُ، وَالاِسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ». طرفاه 5889، 5891 - تحفة 13104 6298 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِى حَمْزَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَ ثَمَانِينَ سَنَةً،

52 - باب كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك

وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ». مُخَفَّفَةً. حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ وَقَالَ «بِالْقَدُّومِ» وهو موضعٌ مشدّدٌ. طرفه 3356 - تحفة 13765، 13876 6299 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِثْلُ مَنْ أَنْتَ حِينَ قُبِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَنَا يَوْمَئِذٍ مَخْتُونٌ. قَالَ وَكَانُوا لاَ يَخْتِنُونَ الرَّجُلَ حَتَّى يُدْرِكَ. طرفه 6300 - تحفة 5589 6300 - وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قُبِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا خَتِينٌ. طرفه 6299 - تحفة 5589 - 82/ 8 6299 - قوله: (وكَانُوا لا يَخْتِنُونَ الرَّجُلَ حَتَّى يُدْرِكَ) واعلم أن الاختتانَ قبل البلوغ. وأمَّا بعده، فلا سبيلَ إليه. وكان الشاهُ إسحاق رحمه الله تعالى يُفْتِي باختتان من أسلم من الكفَّار، ولو كان بالغةً، فاتَّفق مرَّةً أن أسلمَ كافرٌ كَهُولٌ، فأمره بالاختتان، فاختتن، ثم مات فيه. فلذا [لا] أتوسَّعُ فيه، ولا آمرُ به البالغَ، فإنه يُؤْذِي كثيرًا، وربَّما يُفْضِي إلى الهلاك. أمَّا قبل البلوغ، فلا توقيتَ فيه، وهو المرويُّ عن الإِمام الأعظم أبي حنيفةَ. وما يُسْتَفَادُ من حال السلف أنَّهم كانوا يختتنون عند شعور الصبيِّ، وكانوا يؤخِّرون فيه تأخيرًا حسنًا. والأحسنُ عندي أن يُعَجَّلَ فيه، ويُخْتَتَنَ قبل سِنِّ الشعور، فإنه أيسرُ. أمَّا قولُ ابن عبَّاسٍ أنه كان مختونًا حين قُبِضَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فَيَدُلُّ على التأخير الشديد. ومعنى قوله: «أنا يومئذٍ مختونٌ». أي في الحال الراهنة، لا أنه يَحْكِي عن اختتانه في الماضي. 52 - باب كُلُّ لَهْوٍ بَاطِلٌ إِذَا شَغَلَهُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ، وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [لقمان: 6]. 6301 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ فَقَالَ فِى حَلِفِهِ بِاللاَّتِ وَالْعُزَّى. فَلْيَقُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُقَامِرْكَ. فَلْيَتَصَدَّقْ». أطرافه 4860، 6107، 6650 - تحفة 12276 وترجمة اللعب: "كهيل"، واللهو: "دهندا". وحقيقتُه أن من شيمة المرء أنه إذا اطْمَأَنَّ وشَبِعَ بطنُه، ورآه أنها ستغنى جعل يَنْهَمِمْ في اللذائذ، ويَحْظَى بالمعازف والملاهي، مع أن الفراغَ نعمةٌ أيّ نعمةٍ فكان الواجبُ عليه أن يَرْغَبَ عن هذا الباطل.

53 - باب ما جاء فى البناء

53 - باب مَا جَاءَ فِى الْبِنَاءِ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ إِذَا تَطَاوَلَ رِعَاءُ الْبَهْمِ فِى الْبُنْيَانِ». 6302 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ - هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ - عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَيْتُنِى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بَنَيْتُ بِيَدِى بَيْتًا، يُكِنُّنِى مِنَ الْمَطَرِ، وَيُظِلُّنِى مِنَ الشَّمْسِ، مَا أَعَانَنِى عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ. تحفة 7076 6303 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَاللَّهِ مَا وَضَعْتُ لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ، وَلاَ غَرَسْتُ نَخْلَةً، مُنْذُ قُبِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ سُفْيَانُ فَذَكَرْتُهُ لِبَعْضِ أَهْلِهِ قَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ بَنَى بَيْتًا. قَالَ سُفْيَانُ قُلْتُ فَلَعَلَّهُ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَبْنِىَ. تحفة 7358 ے واعلم أنَّك لا تَجِدُ الشرعَ إلَّا وهو يَدُمُّ البناءَ، حتَّى أنَّه ذَمَّ تزخرفَ المساجد أيضًا، وجعل التباهي فيها من أَمَارات الساعة. وذلك هو منصبُه، فإنه لا يقولُ لنا إلَّا نُصْحًا نصيحًا، ولا يبيِّنُ لنا إلَّا حقًّا حقيقًا، فسدَّ علينا سُبُلَ الشياطين من كل جانبٍ. فلو كان وسَّع فيه من أوَّل الأمر، لبلغ اليوم حالهم إلى حدَ لا يُقَاس، فإنَّهم إذا فعلوا بعد هذا التضييق ما فعلوا، فلو كان الأمرُ موسَّعًا مصرَّحًا، لرأيتَ الحالَ ما كان. فلذا لم يَرِدْ الشرعُ فيه بالتوسيع. إلَّا أنه يجب علينا أن لا نَهْدِرَ المصالحَ الشرعيةَ، فقد رأينا اليومَ أن المساجدَ لو كانت على حالها في السلف، ونحن في دار الكفر، لانهدمت ألوفٌ منها، ولَمَا وجدتَ لها اليومَ رَسْمًا ولا اسمًا. فالأنسبُ لنا اليومَ أن نُجَصِّصَ المساجدَ، لتكونَ شعائر الله هي العليا، ولا تندرسُ بمرور الأيام، فَيَغْصِبَها الكفَّارُ، ويَجْعَلُوها نَسْيًا مَنْسِيًّا. والله تعالى أعلم. ***

80 - كتاب الدعوات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 80 - كتاب الدّعَوات وقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]. وقد صُنِّفَ فيها «عمل اليوم والليلة» لابن السُّنِّي، وكتاب «الأذكار» للنووي، «والحصن الحصين». ثم الدعاءُ في عُرْف القرآن، والحديث أُطْلِقَ على معنيين: الأوَّلُ: ذكره تعالى، ثم اشتهر في زماننا في طلب الحاجة. والثاني: هو الدعوةُ مطلقًا، كقوله: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63]. فائدةٌ: وليُعْلَم أن تحسينَ المتأخِّرين، وتصحيحهم، لا يوازي تحسينَ المتقدِّمين، فإنهم كانوا أعرفُ بحال الرواة لقُرْبِ عهدهم بهم، فكانوا يَحْكُمُون ما يَحْكُمُون به بعد تثبُّتٍ تامَ، ومعرفةٍ جزئيةٍ أمَّا المتأخِّرون، فليس عندهم من أمرهم غير الأثر بعد العين، فلا يَحْكُمُون إلَّا بعد مطالعة أحوالهم في الأوراق. وأنت تَعْلَمُ أنه كم من فرقٍ بين المجرِّب والحكيم؟ وما يغني السوادُ الذي في البياض عند المتأخِّرين عمَّا عند المتقدِّمين من العلم على أحوالهم، كالعيان. فإنَّهم أدركوا الرواة بأنفسهم، فاسْتَغْنَوْا عن التساؤلِ، والأخذِ عن أفواه الناس، فهؤلاء أعرفُ الناسِ، فبهم العبرةُ. وحينئذٍ إن وجدتَ النووي مثلًا يتكلَّم في حديثٍ، والترمذيّ يحسِّنه، فعليكَ بما ذهب إليه الترمذيُّ، ولم يُحْسِن الحافظُ في عدم قَبُول تحسين الترمذيِّ، فإن مبناه على القواعد لا غير، وحكمُ الترمذيِّ، يبني على الذوق والوِجْدَان الصحيح. وإنَّ هذا هو العلم، وإنَّما الضوابطُ عصا الأعمى. ونعم ما ذكره الشيخُ المجدِّد السَّرْهَنْدِي: إن روحَ القرآن هي المتشابهات، وذلك لأنَّ المحكماتِ تتعلَّق بما يجب على الإِنسان، والمتشابهاتِ تحكي عن معاملات الرحمن، فما يكون قَدْرُ المحكمات بجنب المتشابهات، إلَّا كالقطرة بجنب البحر. فهكذا أقولُ: إن روحَ الحديث هي الأدعيةُ، فمن كان قد عَرَفَه فقد عَرَفَه، ومن لم يَعْرِفْه، فَلْيَعْرِفْه الآن. ثم لا يخفى عليك أن شأنَ النبيِّ أرفعُ، فإنَّه ينبِّه على الحقائق

1 - باب ولكل نبى دعوة مستجابة

الغامضة في شاكلة الخَطَابة، فيكون لكلامه ظهرٌ وبطنٌ، ولذا يَشْتَرِكُ العوامُّ والخواصُّ في الاستفادة منه. ولو اشتمل على الخَطَابة فقط، لم يَسْتَفِد منه أصحابُ النظر. وإن اقتصرَ على بيان الحقائق فقط، لم يُدْرِكْه ألوفٌ من الناسِ. فجاء كلامُه جامعًا بين الشأنين، يستوي في الاستفادة منه الخواصُّ والعوامُّ، ولا يتأتَّى هذا الجمعُ إلَّا من النبيِّ. فإنَّ السطحيَّ لا يستطيعُ أن يُمْسِكَ البطونَ، والمدقِّقَ لا يتمكَّن بالاقتصار على الظهور. ثم إن بابَ الأدعية لا يزال يجري حتى في الجنة أيضًا. أمَّا الأحكامُ، فإِنَّها تنتهي بانتهاء نشأة الدنيا. فكم من فرقٍ بين الفاني والباقي، وأنَّى يلتقي السُهَيْل مع السُّها، والثُّرَيَّا مع الثَّرَى؟!. 1 - باب وَلِكُلِّ نَبِىٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ 6304 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لِكُلِّ نَبِىٍّ دَعْوَةٌ يَدْعُو بِهَا، وَأُرِيدُ أَنْ أَخْتَبِئَ دَعْوَتِى شَفَاعَةً لأُمَّتِى فِى الآخِرَةِ». طرفه 7474 - تحفة 13845 6305 - وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ قَالَ مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ أَبِى عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كُلُّ نَبِىٍّ سَأَلَ سُؤْلاً - أَوْ قَالَ لِكُلِّ نَبِىٍّ دَعْوَةٌ قَدْ دَعَا بِهَا - فَاسْتُجِيبَ، فَجَعَلْتُ دَعْوَتِى شَفَاعَةً لأُمَّتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ». تحفة 880 - 83/ 8 يعني أنه يُعْطَى كلُّ نبيَ دعوةً، فيستجاب لها البتَّة. فإن شاء دعا بها خيرًا، وإن شاء دعا بها هَلَكَةَ أمته. 6305 - قوله: (فَجَعَلْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي). حكايةٌ: كان البلعمُ الباعوز من الزُّهَّاد، ولمَّا خالف موسى عليه الصلاة والسلام صار مطرودًا. وقصتُه: أن اللَّهَ سبحانه كان أكرمه بثلاث دعواتٍ مستجاباتٍ، فَغَضِبَ على زوجته مرَّةً، فدعا عليها أن تُمْسَخَ كلبةً، فَمُسِخَت، ودخلت بين الكلاب. فقال له أبناؤه: لِمَ صَنَعْتَ هذا؟ فادعُ اللَّهَ لها أن تصيرَ إنسانًا، فدعا لها، فصارت إنسانًا. ثم غَضِبَ عليها مرَّةً أخرى، فدعا عليها، فَمُسِخَت. فهذا أمرخ دعواته الثلاث، أنفقها في زوجته. وهذا هو الفرق بين المحروم والمرحوم، والسعيد والشقي. 2 - باب أَفْضَلِ الاِسْتِغْفَارِ وقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)} [نوح: 10 - 12] {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ

3 - باب استغفار النبى - صلى الله عليه وسلم - فى اليوم والليلة

ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135)} [آل عمران: 135]. 6306 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ كَعْبٍ الْعَدَوِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «سَيِّدُ الاِسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّى، لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِى وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَىَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِى، اغْفِرْ لِى، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ». قَالَ «وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِىَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهْوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، فَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ». طرفه 6323 - تحفة 4815 واعلم أنه قد نبَّه الشيخُ شمس الدين الجَزَرِيّ على الفرق بين التوبة والاستغفار، بأنَّ التوبةَ لا تكون إلَّا لنفسه، بخلاف الاستغفار، فإنه يكونُ لنفسه ولغيره. وبأنَّ التوبةَ: هي الندمُ على ما فَرَطَ منه في الماضي، والعزمُ على الامتناع عنه في المستقبل. والاستغفارَ: طلبُ الغفران لِمَا صَدَرَ منه، ولا يَجِبُ فيه العزمُ في المستقبل. 6306 - قوله: (سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ)، وكتب بعضُهم أنه يُنَاسِبُ للمرء أن يقرأَه تارةً بين ركعتين الفجر، وفرضه. 3 - باب اسْتِغْفَارِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ 6307 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «وَاللَّهِ إِنِّى لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِى الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً». تحفة 15168 4 - باب التَّوْبَةِ قَالَ قَتَادَةُ: {تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: 8]: الصَّادِقَةُ النَّاصِحَةُ. 6308 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ «إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ». فَقَالَ بِهِ هَكَذَا قَالَ أَبُو شِهَابٍ بِيَدِهِ فَوْقَ أَنْفِهِ. ثُمَّ قَالَ «لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلًا، وَبِهِ مَهْلَكَةٌ، وَمَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ نَوْمَةً، فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلَتُهُ، حَتَّى اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَرُّ

5 - باب الضجع على الشق الأيمن

وَالْعَطَشُ أَوْ مَا شَاءَ اللهُ، قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِى. فَرَجَعَ فَنَامَ نَوْمَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ». تَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَجَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ سَمِعْتُ الْحَارِثَ. وَقَالَ شُعْبَةُ وَأَبُو مُسْلِمٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عُمَارَةَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. تحفة 9190، 9178 - 84/ 8 6309 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَحَدَّثَنَا هُدْبَةُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَقَدْ أَضَلَّهُ فِى أَرْضِ فَلاَةٍ». تحفة 1403 5 - باب الضَّجْعِ عَلَى الشِّقِّ الأَيْمَنِ 6310 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ، حَتَّى يَجِىءَ الْمُؤَذِّنُ فَيُؤْذِنَهُ. أطرافه 626، 994، 1123، 1160، 1170 - تحفة 16652 وهو من قوم الأنبياء عليهم السلام، لأنَّ القلبَ في الشِّقِّ الأيسر، فلا يزال يتعلَّق في تلك الضَّجْعَة، ولا يَغْرَقُ في النوم. وأمَّا الأطباءُ، فاختاروا النومَ على الشِّقِّ الأيسر، فإنه أنفعُ للصحة. ولمَّا كان نظرُ الأنبياء عليهم السلام في عالم الآخرة، اختاروا ما كان أنفعَ فيه. وكان هم الأطباء في صحة البدن فقط، فاختاروا ما كان أنفعَ لها. وكم من فرقٍ بين النظرين، فهذا يزيدُ في بهاء الروح، ونور القلب، وبشاشة الإِيمان. وهذا يُورِثُ السِّمَنَ في البدن، والكسلَ في الأعضاء، والسآمَة في العبادة. وعند أبي داود: «أن نومَ الأنبياء يكون بالاستلقاء، انتظارًا للوحي. أمَّا النومُ على البطن منكوسًا، فتلك ضَجْعَة أهل النار». أعاذنا الله منها. 6 - باب إِذَا بَاتَ طَاهِرًا 6311 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ مَنْصُورًا عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِى الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وَضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، وَقُلِ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِى إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِى إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِى إِلَيْكَ، رَهْبَةً وَرَغْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِى أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ. فَإِنْ مُتَّ مُتَّ

7 - باب ما يقول إذا نام

عَلَى الْفِطْرَةِ، فَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ». فَقُلْتُ أَسْتَذْكِرُهُنَّ وَبِرَسُولِكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ. قَالَ «لاَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ». أطرافه 247، 6313، 6315، 7488 - تحفة 1763 - 85/ 8 7 - باب مَا يَقُولُ إِذَا نَامَ 6312 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ «بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا». وَإِذَا قَامَ قَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ». أطرافه 6314، 6324، 7394 - تحفة 3308 6313 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالاَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ سَمِعَ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ رَجُلاً. وَحَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِىُّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْصَى رَجُلاً فَقَالَ «إِذَا أَرَدْتَ مَضْجَعَكَ فَقُلِ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِى إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِى إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِى إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِى إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِى أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ. فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ». أطرافه 247، 6311، 6315، 7488 - تحفة 1876 6312 - قوله: (الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا)، وقد نبَّهناك فيما مرَّ: أن الحياةَ عبارةٌ عن أفعالها، والموتَ عن تعطُّلها. ولمَّا كان الإِنسانُ معطَّلًا في النوم عن أفعال الحياة، أُطْلِقَ الموتُ على النوم. 8 - باب وَضْعِ الْيَدِ الْيُمْنَى تَحْتَ الْخَدِّ الأَيْمَنِ 6314 - حَدَّثَنِى مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِىٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ ثُمَّ يَقُولُ «اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا». وَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ». أطرافه 6312، 6324، 7394 - تحفة 3308 9 - باب النَّوْمِ عَلَى الشِّقِّ الأَيْمَنِ 6315 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا الْعَلاَءُ بْنُ الْمُسَيَّبِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ نَامَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِى إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِى إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِى إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِى إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِى أَنْزَلْتَ، وَنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ قَالَهُنَّ ثُمَّ مَاتَ

10 - باب الدعاء إذا انتبه بالليل

تَحْتَ لَيْلَتِهِ مَاتَ عَلَى الْفِطْرَةِ». {وَاسْتَرْهَبُوهُمْ} [الأعراف: 116] مِنَ الرَّهْبَةِ، {مَلَكُوتَ} [الأنعام: 75] مُلْكٌ مَثَلُ رَهَبُوتٌ خَيْرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ، تَقُولُ تَرْهَبُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرْحَمَ. أطرافه 247، 6311، 6313، 7488 - تحفة 1913 - 86/ 8 10 - باب الدُّعَاءِ إِذَا انْتَبَهَ بِاللَّيْلِ 6316 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِىٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ بِتُّ عِنْدَ مَيْمُونَةَ فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَى حَاجَتَهُ، غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ فَأَتَى الْقِرْبَةَ فَأَطْلَقَ شِنَاقَهَا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءًا بَيْنَ وُضُوءَيْنِ لَمْ يُكْثِرْ، وَقَدْ أَبْلَغَ، فَصَلَّى، فَقُمْتُ فَتَمَطَّيْتُ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَرَى أَنِّى كُنْتُ أَتَّقِيهِ، فَتَوَضَّأْتُ، فَقَامَ يُصَلِّى، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِأُذُنِى فَأَدَارَنِى عَنْ يَمِينِهِ، فَتَتَامَّتْ صَلاَتُهُ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ - وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ - فَآذَنَهُ بِلاَلٌ بِالصَّلاَةِ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، وَكَانَ يَقُولُ فِى دُعَائِهِ «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِى قَلْبِى نُورًا، وَفِى بَصَرِى نُورًا، وَفِى سَمْعِى نُورًا، وَعَنْ يَمِينِى نُورًا، وَعَنْ يَسَارِى نُورًا، وَفَوْقِى نُورًا، وَتَحْتِى نُورًا، وَأَمَامِى نُورًا، وَخَلْفِى نُورًا، وَاجْعَلْ لِى نُورًا». قَالَ كُرَيْبٌ وَسَبْعٌ فِى التَّابُوتِ. فَلَقِيتُ رَجُلاً مِنْ وَلَدِ الْعَبَّاسِ فَحَدَّثَنِى بِهِنَّ، فَذَكَرَ عَصَبِى وَلَحْمِى وَدَمِى وَشَعَرِى وَبَشَرِى، وَذَكَرَ خَصْلَتَيْنِ. أطرافه 117، 138، 183، 697، 698، 699، 726، 728، 859، 1198، 4569، 4570، 4571، 4572، 5919، 6215، 7452 - تحفة 6352 6317 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِى مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَبِكَ آمَنْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ، وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ - أَوْ - لاَ إِلَهَ غَيْرُكَ». أطرافه 1120، 7385، 7442، 7499 - تحفة 5702 - 87/ 8 6316 - قوله: (غَسَلَ وَجْهَهُ ويَدَيْهِ)، هذا وضوءٌ ناقضٌ للنوم، وقد عَلِمْتَ سابِقًا أنَّ للوضوء أنحاءً، فهذا نوعٌ منها. قوله: (اللَّهُمَّ اجْعَلْ في قَلْبِي نُورًا)، وفي «الصحيح» لابن خزيمة: «أنَّ هذا الدعاءَ قرأه بعد سُنَّة الفجر في طريقه إلى المسجد، لا داخلَ الصلاة. ويُسَمَّى: دعاء النور. قوله: (قَالَ كُرَيْبٌ: وسَبْعٌ في التَّابُوتِ) قيل: المرادُ من التابوت: هو صدرُ الرجل، أي والسبعُ محفوظٌ في صدري، لكنه بعيدٌ. والأقربُ أن المرادَ منه الصندوق،

11 - باب التكبير والتسبيح عند المنام

أي لا أحفظُ ذلك السبع عن ظهر قلبٍ، ولكنَّه في الصندوق عندي. وفي الرواية: «ثم أَخْرَجَهُ منه، وأَخْبَرَهم به». 11 - باب التَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ عِنْدَ الْمَنَامِ 6318 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ عَلِىٍّ أَنَّ فَاطِمَةَ - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - شَكَتْ مَا تَلْقَى فِى يَدِهَا مِنَ الرَّحَى، فَأَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَسْأَلُهُ خَادِمًا، فَلَمْ تَجِدْهُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ. قَالَ فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْتُ أَقُومُ فَقَالَ «مَكَانَكِ». فَجَلَسَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِى فَقَالَ «أَلاَ أَدُلُّكُمَا عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ، إِذَا أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا، أَوْ أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا، فَكَبِّرَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، فَهَذَا خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ». وَعَنْ شُعْبَةَ عَنْ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ التَّسْبِيحُ أَرْبَعٌ وَثَلاَثُونَ. أطرافه 3113، 3705، 5361، 5362 - تحفة 10210، 19293 6318 - قوله: (قَالَ: التَّسْبِيحُ أَرْبَعٌ وثَلاَثُوْنَ) وفي الروايات المشهورة: أنَّ تلك عدد الكبير، دون التسبيح، تكميلًا للمئة. وفي بعض الروايات: أنَّ التسبيحَ عشرًا، وكذلك التحميدُ والتكبيرُ، فصار المجموعُ ثلاثين. وليس هذا بصفةٍ مستقلةٍ، ولكنَّه وهمٌ من بعض الرواة، فإنه قسَّم ما كان عددَ إحدى الكلمات على الثلاث. فصار كلٌّ منها بعد حذف الكسر عشرًا، وعشرًا، وكان ذلك بالحقيقة عددًا لكلَ منها. وإنَّما يصدِّقه المجرِّبُ دون الحكيم، فافهم. 12 - باب التَّعَوُّذِ وَالْقِرَاءَةِ عِنْدَ الْمَنَامِ 6319 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ نَفَثَ فِى يَدَيْهِ، وَقَرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ، وَمَسَحَ بِهِمَا جَسَدَهُ. طرفاه 5017، 5748 - تحفة 16537 13 - باب 6320 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ، فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِى مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِى، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِى فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ الصَّالِحِينَ». تَابَعَهُ أَبُو ضَمْرَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. وَقَالَ يَحْيَى وَبِشْرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَرَوَاهُ

14 - باب الدعاء نصف الليل

مَالِكٌ وَابْنُ عَجْلاَنَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 7393 - تحفة 13012، 13037، 12984، 14306 - 88/ 8 6320 - قوله: (فَلْنْقُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ)، لأنَّ البيوتَ إذ ذاك كانت مظلمةً، لم يكن فيها النورُ والمصابيحُ، ولا كانت فُسْحَةٌ في الثياب، فأمر بنفض داخلة الإِزار، لئلا تُؤْذِيه الهوامُّ. 14 - باب الدُّعَاءِ نِصْفَ اللَّيْلِ 6321 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ وَأَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَتَنَزَّلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِى فَأُعْطِيَهُ، وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ». طرفاه 1145، 7494 - تحفة 13463، 15241 6321 - قوله: (قال: يَتَنَزَّلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وتَعَالَى) ترجم المصنِّفُ بالنصف، وأخرجه له حديثَ الثُّلُث، إشارةً إلى أن الحديثَ في النصف أيضًا. ثم الحافظُ تصدَّى إلى الترجيح. والوجه عندي: أنَّ للنزول أنحاءً: فنحوٌ منه على النصف، ونحوٌ على الثُّلُثين، ونحوٌ على الثُّلُث الأخير. وقد عَلِمْتَ أن هذا النزولَ عبارةٌ عن تعلُّق الرحمة عند المتكلِّمين. والذي تبيَّن الديَّ أنه نحوٌ من تجلِّي الربِّ عزَّ برهانُه، وجلَّ سلطانُه. 15 - باب الدُّعَاءِ عِنْدَ الْخَلاَءِ 6322 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ الْخَلاَءَ قَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ». طرفه 142 - تحفة 1022 16 - باب مَا يَقُولُ إِذَا أَصْبَحَ 6323 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «سَيِّدُ الاِسْتِغْفَارِ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّى لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، خَلَقْتَنِى وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِى، فَاغْفِرْ لِى، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ. إِذَا قَالَ حِينَ يُمْسِى فَمَاتَ دَخَلَ الْجَنَّةَ - أَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ - وَإِذَا قَالَ حِينَ يُصْبِحُ فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ». مِثْلَهُ. طرفه 6306 - تحفة 4815

17 - باب الدعاء فى الصلاة

6324 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ قَالَ «بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَمُوتُ وَأَحْيَا». وَإِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ قَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا، وَإِلَيْهِ النُّشُورُ». أطرافه 6312، 6314، 7394 - تحفة 3308 6325 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ «اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا». فَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ». طرفه 7395 - تحفة 11910 - 89/ 8 17 - باب الدُّعَاءِ فِى الصَّلاَةِ 6326 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلِّمْنِى دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِى صَلاَتِى. قَالَ «قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِى مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِى، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ». طرفاه 834، 7388 - تحفة 6606 وَقَالَ عَمْرٌو عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ إِنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 6606 6327 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] أُنْزِلَتْ فِى الدُّعَاءِ. طرفاه 4723، 7526 - تحفة 17178 6328 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نَقُولُ فِى الصَّلاَةِ السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ، السَّلاَمُ عَلَى فُلاَنٍ. فَقَالَ لَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ «إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ، فَإِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِى الصَّلاَةِ فَلْيَقُلِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ إِلَى قَوْلِهِ الصَّالِحِينَ. فَإِذَا قَالَهَا أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ فِى السَّمَاءِ وَالأَرْضِ صَالِحٍ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الثَّنَاءِ مَا شَاءَ». أطرافه 831، 835، 1202، 6230، 6265، 7381 - تحفة 9296 6327 - قوله: ({وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} أُنْزِلَتْ في الدُّعَاءِ) وذلك من اجتهاد عائشة لمَّا رأت أن الدعاءَ لا يَجْهَرُ به، مع أن الألسنةَ تتحرَّك عنده، فلم تجد مِصْدَاقَه غيرَ الدعاء، فحملته عليه. ومن ههنا عُلِمَ أن التفسيرَ بالرأي كان بين السلف، إلَّا أنَّ المذمومَ منه ما كان بدون إصلاح الأدوات، وعُلِمَ ما يَحْتَاجُ، وقد فصَّلناه سابقًا.

18 - باب الدعاء بعد الصلاة

18 - باب الدُّعَاءِ بَعْدَ الصَّلاَةِ 6329 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا وَرْقَاءُ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ. قَالَ «كَيْفَ ذَاكَ». قَالَ صَلَّوْا كَمَا صَلَّيْنَا، وَجَاهَدُوا كَمَا جَاهَدْنَا، وَأَنْفَقُوا مِنْ فُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، وَلَيْسَتْ لَنَا أَمْوَالٌ. قَالَ «أَفَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَمْرٍ تُدْرِكُونَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَتَسْبِقُونَ مَنْ جَاءَ بَعْدَكُمْ، وَلاَ يَأْتِى أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا جِئْتُمْ، إِلاَّ مَنْ جَاءَ بِمِثْلِهِ، تُسَبِّحُونَ فِى دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ عَشْرًا، وَتَحْمَدُونَ عَشْرًا، وَتُكَبِّرُونَ عَشْرًا». تَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ سُمَىٍّ وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلاَنَ عَنْ سُمَىٍّ وَرَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ. وَرَوَاهُ جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ. وَرَوَاهُ سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 843 - تحفة 12584، 12563، 12579، 12315، 10931، 12801 - 90/ 8 6330 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كَتَبَ الْمُغِيرَةُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِى سُفْيَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ فِى دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ إِذَا سَلَّمَ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِىَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ». وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ سَمِعْتُ الْمُسَيَّبَ. أطرافه 844، 1477، 2408، 5975، 6473، 6615، 7292 - تحفة 11535 لا ريبَ أن الأدعيةَ دُبُر الصلوات قد تواترت تواترًا لا يُنْكَرُ. أمَّا رفعُ الأيدي، فثبت بعد النافلة مرَّةً، أو مرَّتين، فألحق بها الفقهاءُ المكتوبةَ أيضًا. وذهب ابن تَيْمِيَة، وابن القيِّم إلى كونه بدعةً. بقي أن المواظبةَ على أمرٍ لم يَثْبُت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم إلَّا مرَّةً، أو مرَّتين، كيف هي؟ فتلك هي الشاكلةُ في جميع المستحَبَّات، فإنها تَثْبُتُ طورًا فطورًا، ثم الأمةُ تواظبُ عليها. نعم نَحْكُمُ بكونها بدعةً إذا أفضى الأمرُ إلى النكير على من تَرَكَهَا. 6329 - قوله: (تُسَبِّحُونَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ عَشْرًا)، وقد مرَّ أنه وهمٌ. وما عند مسلمٍ من تقسيم ثلاثٍ وثلاثين على الكلمات الثلاث، فأيضًا من هذا الباب. وأمَّا الشارحون، فَجَعَلُوه صفةً من الصفات، وإن كان الواقعُ يأبى عنه. وقد عَلِمْتَ أنَّ النظرَ إلى الواقع أولى من مراعاة الألفاظ فقط. 6330 - قوله: (لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ) ... إلخ، ونقل النوويُّ الوقفَ بعد قوله: «لا شريكَ له». وحينئذٍ لا تكرارَ في قوله: «له المُلْكُ». 19 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] وَمَنْ خَصَّ أَخَاهُ بِالدُّعَاءِ دُونَ نَفْسِهِ وَقَالَ أَبُو مُوسَى: قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِى عَامِرٍ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ».

6331 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ مَوْلَى سَلَمَةَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خَيْبَرَ، قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَيَا عَامِرُ لَوْ أَسْمَعْتَنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ. فَنَزَلَ يَحْدُو بِهِمْ يُذَكِّرُ. تَاللَّهِ لَوْلاَ اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا. وَذَكَرَ شِعْرًا غَيْرَ هَذَا، وَلَكِنِّى لَمْ أَحْفَظْهُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ هَذَا السَّائِقُ». قَالُوا عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ. قَالَ «يَرْحَمُهُ اللَّهُ». وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْلاَ مَتَّعْتَنَا بِهِ، فَلَمَّا صَافَّ الْقَوْمَ قَاتَلُوهُمْ، فَأُصِيبَ عَامِرٌ بِقَائِمَةِ سَيْفِ نَفْسِهِ فَمَاتَ، فَلَمَّا أَمْسَوْا أَوْقَدُوا نَارًا كَثِيرَةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا هَذِهِ النَّارُ عَلَى أَىِّ شَىْءٍ تُوقِدُونَ». قَالُوا عَلَى حُمُرٍ إِنْسِيَّةٍ. فَقَالَ «أَهْرِيقُوا مَا فِيهَا، وَكَسِّرُوهَا». قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ نُهَرِيقُ مَا فِيهَا وَنَغْسِلُهَا قَالَ «أَوْ ذَاكَ». أطرافه 2477، 4196، 5497، 6148، 6891 - تحفة 4542 6332 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَتَاهُ رَجُلٌ بِصَدَقَةٍ قَالَ «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ فُلاَنٍ». فَأَتَاهُ أَبِى فَقَالَ «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِى أَوْفَى». أطرافه 1497، 4166، 6359 - تحفة 5176 - 91/ 8 6333 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ جَرِيرًا قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ تُرِيحُنِى مِنْ ذِى الْخَلَصَةِ». وَهْوَ نُصُبٌ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ يُسَمَّى الْكَعْبَةَ الْيَمَانِيَةَ. قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى رَجُلٌ لاَ أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَصَكَّ فِى صَدْرِى فَقَالَ «اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا». قَالَ فَخَرَجْتُ فِى خَمْسِينَ مِنْ أَحْمَسَ مِنْ قَوْمِى - وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ فَانْطَلَقْتُ فِى عُصْبَةٍ مِنْ قَوْمِى - فَأَتَيْتُهَا فَأَحْرَقْتُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا أَتَيْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا مِثْلَ الْجَمَلِ الأَجْرَبِ. فَدَعَا لأَحْمَسَ وَخَيْلِهَا. أطرافه 3020، 3036، 3076، 3823، 4355، 4356، 6089 - تحفة 3225 6334 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَسٌ خَادِمُكَ. قَالَ «اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ». أطرافه 1982، 6344، 6378، 6380 - تحفة 1267 6335 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً يَقْرَأُ فِى الْمَسْجِدِ فَقَالَ «رَحِمَهُ اللَّهُ، لَقَدْ أَذْكَرَنِى كَذَا وَكَذَا آيَةً أَسْقَطْتُهَا فِى سُورَةِ كَذَا وَكَذَا». أطرافه 2655، 5037، 5038، 5042 - تحفة 17046 6336 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَسْمًا فَقَالَ رَجُلٌ إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ. فَأَخْبَرْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَغَضِبَ حَتَّى رَأَيْتُ الْغَضَبَ فِى وَجْهِهِ وَقَالَ «يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى، لَقَدْ أُوذِىَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ». أطرافه 3150، 3405، 4335، 4336، 6059، 6100، 6291 - تحفة 9264

20 - باب ما يكره من السجع فى الدعاء

أمَّا الكلامُ في الصلاة على غير الأنبياء عليهم السلام، فقد ذكرناه مِرَارًا. 6334 - قوله: (اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ)، كانت تلك الدعوة بعد النافلة، ورَفَعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فيها يديه. 20 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ السَّجْعِ فِى الدُّعَاءِ 6337 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلاَلٍ أَبُو حَبِيبٍ حَدَّثَنَا هَارُونُ الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَدِّثِ النَّاسَ كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ أَبَيْتَ فَمَرَّتَيْنِ، فَإِنَّ أَكْثَرْتَ فَثَلاَثَ مِرَارٍ وَلاَ تُمِلَّ النَّاسَ هَذَا الْقُرْآنَ، وَلاَ أُلْفِيَنَّكَ تَأْتِى الْقَوْمَ وَهُمْ فِى حَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِهِمْ فَتَقُصُّ عَلَيْهِمْ، فَتَقْطَعُ عَلَيْهِمْ حَدِيثَهُمْ فَتُمِلُّهُمْ، وَلَكِنْ أَنْصِتْ، فَإِذَا أَمَرُوكَ فَحَدِّثْهُمْ وَهُمْ يَشْتَهُونَهُ، فَانْظُرِ السَّجْعَ مِنَ الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ، فَإِنِّى عَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابَهُ لاَ يَفْعَلُونَ إِلاَّ ذَلِكَ. يَعْنِى لاَ يَفْعَلُونَ إِلاَّ ذَلِكَ الاِجْتِنَابَ. تحفة 6090 - 92/ 8 إن كان السجعُ من انسجام الطبع، فلا بأسَ به. وإن تُكلِّف، كُرِهَ، والانسجامُ: سيلانُ الطبعِ. 21 - باب لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ، فَإِنَّهُ لاَ مُكْرِهَ لَهُ 6338 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ، وَلاَ يَقُولَنَّ اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِى. فَإِنَّهُ لاَ مُسْتَكْرِهَ لَهُ». طرفه 7464 - تحفة 994 6339 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِى، إِنْ شِئْتَ. لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ، فَإِنَّهُ لاَ مُكْرِهَ لَهُ». طرفه 7477 - تحفة 13813 22 - باب يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَعْجَلْ 6340 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ يَقُولُ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِى». تحفة 12929 23 - باب رَفْعِ الأَيْدِى فِى الدُّعَاءِ وَقَالَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِىُّ: دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ. وَقَالَ

24 - باب الدعاء غير مستقبل القبلة

ابْنُ عُمَرَ: رَفَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ». 6341 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَشَرِيكٍ سَمِعَا أَنَسًا عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ. طرفاه 1031، 3565 - تحفة 1660، 910 24 - باب الدُّعَاءِ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةِ 6342 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا. فَتَغَيَّمَتِ السَّمَاءُ وَمُطِرْنَا، حَتَّى مَا كَادَ الرَّجُلُ يَصِلُ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَلَمْ تَزَلْ تُمْطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ، فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنَّا، فَقَدْ غَرِقْنَا. فَقَالَ «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا». فَجَعَلَ السَّحَابُ يَتَقَطَّعُ حَوْلَ الْمَدِينَةِ، وَلاَ يُمْطِرُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ. أطرافه 932، 933، 1013، 1014، 1015، 1016، 1017، 1018، 1019، 1021، 1029، 1033، 3582، 6093 - تحفة 1438 - 93/ 8 25 - باب الدُّعَاءِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ 6343 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى هَذَا الْمُصَلَّى يَسْتَسْقِى، فَدَعَا وَاسْتَسْقَى ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَقَلَبَ رِدَاءَهُ. أطرافه 1005، 1011، 1012، 1023، 1024، 1025، 1026، 1027، 1028 تحفة 5297 26 - باب دَعْوَةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لِخَادِمِهِ بِطُولِ الْعُمُرِ وَبِكَثْرَةِ مَالِهِ 6344 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا حَرَمِىٌّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَتْ أُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ خَادِمُكَ أَنَسٌ ادْعُ اللَّهَ لَهُ. قَالَ «اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ». أطرافه 1982، 6334، 6378، 6380 - تحفة 1267 27 - باب الدُّعَاءِ عِنْدَ الْكَرْبِ 6345 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُو عِنْدَ الْكَرْبِ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ». طرفاه 6346، 7431 - تحفة 5420 6346 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِى عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ

28 - باب التعوذ من جهد البلاء

أَبِى الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ «لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ، وَرَبُّ الأَرْضِ، وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ». وَقَالَ وَهْبٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ. طرفاه 6345، 7431 - تحفة 5420 وفي ذَيْلهِ حكايةٌ (¬1) عن أبي بكر الجَصَّاص عن الحافظ في «الفتح»: أن شيخًا من مشايخ الطريقة حُبِسَ في زمانه، فعلَّمه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في المنام أن يَدْعُوَ بهذا الدعاء، فدعا به، فأُرْسِلَ. 28 - باب التَّعَوُّذِ مِنْ جَهْدِ الْبَلاَءِ 6347 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِى سُمَىٌّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَعَوَّذُ مِنْ جَهْدِ الْبَلاَءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ. قَالَ سُفْيَانُ الْحَدِيثُ ثَلاَثٌ زِدْتُ أَنَا وَاحِدَةً، لاَ أَدْرِى أَيَّتُهُنَّ هِىَ. طرفه 6616 - تحفة 12557 29 - باب دُعَاءِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى» 6348 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فِى رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ وَهْوَ صَحِيحٌ «لَنْ يُقْبَضَ نَبِىٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُخَيَّرُ». فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِى، غُشِىَ عَلَيْهِ سَاعَةً، ثُمَّ أَفَاقَ فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السَّقْفِ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى». قُلْتُ إِذًا لاَ يَخْتَارُنَا، وَعَلِمْتُ أَنَّهُ الْحَدِيثُ الَّذِى كَانَ يُحَدِّثُنَا، وَهْوَ صَحِيحٌ. قَالَتْ فَكَانَتْ تِلْكَ آخِرَ ¬

_ (¬1) قلتُ: وفي "الفتح": قال ابن بطال: حدَّثني أبو بكر الرازي -هو الجصَّاص- قال: كنتُ بآصْبَهَان عند أبي نُعَيْم أكتبَ الحديثَ وهناك شيخٌ يُقَالُ له: أبو بكر بن علي، عليه مدارُ الفُتْيَا. فَسُعِي به عند السلطان، فسُجِنَ. فرأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في المنام، وجبرائيل عن يمينه يُحَرِّكُ شفتيه بالتسبيح، لا يَفْتُرُ. فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: قل لأبي بكر بن عليّ: يدعو بدعاء الكَرْب الذي في "صحيح البخاري" حتى يفرِّجَ اللهُ عنه. قال: فأصبحتُ، فأخبرتُه، فدعا به، فلم يَكُنْ إلَّا قليلًا حتَّى أُخْرِجَ اهـ: ص 115 - ج 11. قلت: ولعل الشيخَ نقل تلك الحكاية، لكونها دالَّةً على مَنقَبَة الرازي، وهو حنفيٌّ. ثم إن قلتَ: إنه ليس في دعاء الكَرب كلمة دعوةٍ، بل هو ذكرٌ، فَيَكْفِيك في جوابه ما أنشده أُمَيَّة بن أبي الصَّلْت، كما في "الفتح": أأذَكرُ حاجتي، أم قد كَفَاني ... حِبَاؤك، إنَّ شيمتَكَ الحِبَاءُ؟ إذا أئْنَى عليك المرءُ يومًا ... كفاه من تعرُّضك الثناءُ

30 - باب الدعاء بالموت والحياة

كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا «اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى». أطرافه 4435، 4436، 4437، 4463، 4586، 6509 تحفة 16127، 16546، 17815 ل - 94/ 8 30 - باب الدُّعَاءِ بِالْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ 6349 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ أَتَيْتُ خَبَّابًا وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعًا قَالَ لَوْلاَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ. أطرافه 5672، 6350، 6430، 6431، 7234 - تحفة 3518 6350 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسٌ قَالَ أَتَيْتُ خَبَّابًا وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعًا فِى بَطْنِهِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لَوْلاَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ. أطرافه 5672، 6349، 6430، 6431، 7234 - تحفة 3518 6351 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ مُتَمَنِّيًا لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ أَحْيِنِى مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِى، وَتَوَفَّنِى إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِى». طرفاه 5671، 7233 - تحفة 991 31 - باب الدُّعَاءِ لِلصِّبْيَانِ بِالْبَرَكَةِ، وَمَسْحِ رُؤُوسِهِمْ وَقَالَ أَبُو مُوسَى: وُلِدَ لِى غُلاَمٌ وَدَعَا لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْبَرَكَةِ. 6352 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنِ الْجَعْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ ذَهَبَتْ بِى خَالَتِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَ أُخْتِى وَجِعٌ. فَمَسَحَ رَأْسِى، وَدَعَا لِى بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلَ زِرِّ الْحَجَلَةِ. أطرافه 190، 3540، 3541، 5670 - تحفة 3794 6353 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى أَيُّوبَ عَنْ أَبِى عَقِيلٍ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ بِهِ جَدُّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِشَامٍ مِنَ السُّوقِ أَوْ إِلَى السُّوقِ فَيَشْتَرِى الطَّعَامَ، فَيَلْقَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ عُمَرَ فَيَقُولاَنِ أَشْرِكْنَا فَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ دَعَا لَكَ بِالْبَرَكَةِ. فَرُبَّمَا أَصَابَ الرَّاحِلَةَ كَمَا هِىَ، فَيَبْعَثُ بِهَا إِلَى الْمَنْزِلِ. طرفه 2502 - تحفة 9669، 5261، 6721 - 95/ 8 6354 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ وَهُوَ الَّذِى مَجَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى وَجْهِهِ وَهْوَ غُلاَمٌ مِنْ بِئْرِهِمْ. أطرافه 77، 189، 839، 1185، 6422 - تحفة 11235 6355 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ

32 - باب الصلاة على النبى - صلى الله عليه وسلم -

عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُؤْتَى بِالصِّبْيَانِ فَيَدْعُو لَهُمْ، فَأُتِىَ بِصَبِىٍّ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ إِيَّاهُ، وَلَمْ يَغْسِلْهُ. أطرافه 222، 5468، 6002 - تحفة 16972 6356 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهُ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ - وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ مَسَحَ عَنْهُ - أَنَّهُ رَأَى سَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ يُوتِرُ بِرَكْعَةٍ. طرفه 4300 - تحفة 5208 6356 - قوله: (إنَّهُ رَأَى سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يُوتِرُ بِرَكْعَةٍ) وراجع مناظرتَه فيه مع ابن مسعود من رسالتي «كشف الستر». 32 - باب الصَّلاَةِ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - 6357 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى لَيْلَى قَالَ لَقِيَنِى كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ أَلاَ أُهْدِى لَكَ هَدِيَّةً، إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ عَلَيْنَا فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّى عَلَيْكَ قَالَ «فَقُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». طرفاه 3370، 4797 - تحفة 11113 6358 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِىُّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا السَّلاَمُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّى قَالَ «قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ». طرفه 4798 - تحفة 4093 33 - باب هَلْ يُصَلَّى عَلَى غَيْرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103]. 6359 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنِ ابْنِ أَبِى أَوْفَى قَالَ كَانَ إِذَا أَتَى رَجُلٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِصَدَقَتِهِ قَالَ «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ». فَأَتَاهُ أَبِى بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِى أَوْفَى». أطرافه 1497، 4166، 6332 - تحفة 5176 - 96/ 8 6360 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِىُّ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّى عَلَيْكَ قَالَ «قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ

34 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة»

حَمِيدٌ مَجِيدٌ». طرفه 3369 - تحفة 11896 34 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ آذَيْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَرَحْمَةً» 6361 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اللَّهُمَّ فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْ ذَلِكَ لَهُ قُرْبَةً إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». تحفة 13333 وكانت تلك دعوته صلى الله عليه وسلّم من أدعيته العامَّة. أعني أنه كان له دعاءٌ خاصٌّ، ودعاءٌ عامٌّ يجعله تلافيًا للحقوق العامة، وإن لم يكن عليه حقٌّ لأحدٍ، إلَّا أنه كان يدعو حسب شأنه الرفيع، ومنزلته الرفيعة. 35 - باب التَّعَوُّذِ مِنَ الْفِتَنِ 6362 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَحْفَوْهُ الْمَسْأَلَةَ فَغَضِبَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ «لاَ تَسْأَلُونِى الْيَوْمَ عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ بَيَّنْتُهُ لَكُمْ». فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ يَمِينًا وَشِمَالاً، فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ لاَفٌّ رَأْسَهُ فِى ثَوْبِهِ يَبْكِى، فَإِذَا رَجُلٌ كَانَ إِذَا لاَحَى الرِّجَالَ يُدْعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبِى قَالَ «حُذَافَةُ»، ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ فَقَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - رَسُولاً، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا رَأَيْتُ فِى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَالْيَوْمِ قَطُّ، إِنَّهُ صُوِّرَتْ لِى الْجَنَّةُ وَالنَّارُ حَتَّى رَأَيْتُهُمَا وَرَاءَ الْحَائِطِ». وَكَانَ قَتَادَةُ يَذْكُرُ عِنْدَ الْحَدِيثِ هَذِهِ الآيَةَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101]. أطرافه 93، 540، 749، 4621، 6468، 6486، 7089، 7090، 7091، 7294، 7295 - تحفة 1362 36 - باب التَّعَوُّذِ مِنْ غَلَبَةِ الرِّجَالِ 6363 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِى عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى طَلْحَةَ «الْتَمِسْ لَنَا غُلاَمًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِى». فَخَرَجَ بِى أَبُو طَلْحَةَ يُرْدِفُنِى وَرَاءَهُ، فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كُلَّمَا نَزَلَ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ». فَلَمْ أَزَلْ أَخْدُمُهُ حَتَّى أَقْبَلْنَا مِنْ خَيْبَرَ، وَأَقْبَلَ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىٍّ قَدْ حَازَهَا، فَكُنْتُ أَرَاهُ يُحَوِّى وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ أَوْ كِسَاءٍ ثُمَّ يُرْدِفُهَا وَرَاءَهُ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ صَنَعَ حَيْسًا فِى نِطَعٍ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَدَعَوْتُ رِجَالاً فَأَكَلُوا، وَكَانَ ذَلِكَ بِنَاءَهُ بِهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى بَدَا لَهُ أُحُدٌ قَالَ «هَذَا جُبَيْلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ». فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا

37 - باب التعوذ من عذاب القبر

مِثْلَ مَا حَرَّمَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِى مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ». أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6369، 7333 - تحفة 1117 - 97/ 8 37 - باب التَّعَوُّذِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ 6364 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ سَمِعْتُ أُمَّ خَالِدٍ بِنْتَ خَالِدٍ - قَالَ وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا سَمِعَ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرَهَا - قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. طرفه 1376 - تحفة 15780 38 - باب التَّعَوُّذِ مِنْ الْبُخْلِ 6365 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ مُصْعَبٍ كَانَ سَعْدٌ يَأْمُرُ بِخَمْسٍ وَيَذْكُرُهُنَّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِهِنَّ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا يَعْنِى فِتْنَةَ الدَّجَّالِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ». أطرافه 2822، 6370، 6374، 6390 - تحفة 3932 6366 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَتْ عَلَىَّ عَجُوزَانِ مِنْ عُجُزِ يَهُودِ الْمَدِينَةِ فَقَالَتَا لِى إِنَّ أَهْلَ الْقُبُورِ يُعَذَّبُونَ فِى قُبُورِهِمْ، فَكَذَّبْتُهُمَا، وَلَمْ أُنْعِمْ أَنْ أُصَدِّقَهُمَا، فَخَرَجَتَا وَدَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَجُوزَيْنِ وَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ «صَدَقَتَا، إِنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ عَذَابًا تَسْمَعُهُ الْبَهَائِمُ كُلُّهَا». فَمَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ فِى صَلاَةٍ إِلاَّ تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. أطرافه 1049، 1055، 1372 - تحفة 17611 - 98/ 8 39 - باب التَّعَوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ 6367 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ». أطرافه 2823، 4707، 6371 - تحفة 873 6365 - قوله: (وأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا - يَعْنِي فِتْنَةَ الدَّجَّالِ -)، وقد فسَّر هناك الراوي ما هو المرادُ من فتنة الدنيا. وفي عامة الروايات: «فتنة المحيا، والممات». والظاهرُ أنَّه هو المرادُ. 40 - باب التَّعَوُّذِ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ 6368 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ،

41 - باب الاستعاذة من الجبن والكسل

وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ عَنِّى خَطَايَاىَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِى مِنَ الْخَطَايَا، كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِى وَبَيْنَ خَطَايَاىَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ». أطرافه 832، 833، 2397، 6375، 6376، 6377، 7129 - تحفة 17292 41 - باب الاِسْتِعَاذَةِ مِنَ الْجُبْنِ وَالْكَسَلِ كُسَالى وكَسَالى واحدٌ. 6369 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ أَبِى عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ». أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 7333 - تحفة 1115 42 - باب التَّعَوُّذِ مِنَ الْبُخْلِ الْبُخْلُ وَالْبَخَلُ وَاحِدٌ، مِثْلُ الْحُزْنِ وَالْحَزَنِ. 6370 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنِى غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ - رضى الله عنه - كَانَ يَأْمُرُ بِهَؤُلاَءِ الْخَمْسِ، وَيُحَدِّثُهُنَّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ». أطرافه 2822، 6365، 6374، 6390 - تحفة 3932 - 99/ 8 43 - باب التَّعَوُّذِ مِنْ أَرْذَلِ الْعُمُرِ {أَرَاذِلُنَا} [هود: 27] أَسْقَاطُنَا. 6371 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَعَوَّذُ يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ». أطرافه 2823، 4707، 6367 - تحفة 1054 44 - باب الدُّعَاءِ بِرَفْعِ الْوَبَاءِ وَالْوَجَعِ 6372 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ، كَمَا حَبَّبْتَ إِلَيْنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِى مُدِّنَا وَصَاعِنَا». أطرافه 1889، 3926، 5654، 5677 - تحفة 16915

45 - باب الاستعاذة من أرذل العمر، ومن فتنة الدنيا، وفتنة النار

6373 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ عَادَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ شَكْوَى، أَشْفَيْتُ مِنْهَا عَلَى الْمَوْتِ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَ بِى مَا تَرَى مِنَ الْوَجَعِ، وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلاَ يَرِثُنِى إِلَّا ابْنَةٌ لِى وَاحِدَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَىْ مَالِى قَالَ «لاَ». قُلْتُ فَبِشَطْرِهِ قَالَ «الثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللَّهِ، إِلَّا أُجِرْتَ، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِى فِى امْرَأَتِكَ». قُلْتُ أَأُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِى قَالَ «إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلًا تَبْتَغِى بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، إِلَّا ازْدَدْتَ دَرَجَةً وَرِفْعَةً وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفُ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ، وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِى هِجْرَتَهُمْ، وَلاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ». قَالَ سَعْدٌ رَثَى لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَنْ تُوُفِّىَ بِمَكَّةَ. أطرافه 56، 1295، 2742، 2744، 3936، 4409، 5354، 5659، 5668، 6733 تحفة 3890 45 - باب الاِسْتِعَاذَةِ مِنْ أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَفِتْنَةِ النَّارِ 6374 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ مُصْعَبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ تَعَوَّذُوا بِكَلِمَاتٍ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَعَوَّذُ بِهِنَّ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَعَذَابِ الْقَبْرِ». أطرافه 2822، 6365، 6370، 6390 - تحفة 3932 - 100/ 8 6375 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَغْرَمِ وَالْمَأْثَمِ، اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ النَّارِ وَفِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَشَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَشَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَاىَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِى مِنَ الْخَطَايَا، كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِى وَبَيْنَ خَطَايَاىَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ». أطرافه 832، 833، 2397، 6368، 6376، 6377، 7129 - تحفة 17260 6375 - قوله: (مِنْ عَذَابِ النَّارِ وفِتْنَةِ النَّارِ) أمَّا عذابُ النار، فهو معلومٌ. بقي أن فتنةَ النار ماذا؟ فالمرادُ منها الفتنةُ التي هي سببُ النار. فالإِضافةُ من إضافة السبب إلى المُسَبِّب. 46 - باب الاِسْتِعَاذَةِ مِنْ فِتْنَةِ الْغِنَى 6376 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ أَبِى مُطِيعٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَالَتِهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَتَعَوَّذُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْغِنَى،

47 - باب التعوذ من فتنة الفقر

وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ». أطرافه 832، 833، 2397، 6368، 6375، 6377، 7129 - تحفة 16953 47 - باب التَّعَوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ 6377 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَشَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَشَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ قَلْبِى بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِى مِنَ الْخَطَايَا، كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِى وَبَيْنَ خَطَايَاىَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ». أطرافه 832، 833، 2397، 6368، 6375، 6376، 7129 - تحفة 17199 6377 - قوله: (بِمَاءِ الثَّلْجِ والبَرَدِ (¬1))، يعني: أنَّ هذه المياه لا مَصْرِفَ لها عند الناس، فيا رب، فاصرفها في تبريد خطاياي. 48 - باب الدُّعَاءِ بِكَثْرَةِ الْمَالِ والوَلَدِ مَعَ الْبَرَكَةِ 6378، 6379 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَسٌ خَادِمُكَ ادْعُ اللَّهَ لَهُ قَالَ «اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ». وَعَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ مِثْلَهُ. أطرافه 1982، 6334، 6344، 6380 تحفة 18322 - 101/ 8 49 - باب الدُّعَاءِ بِكَثْرَةِ الوَلَدِ مَعَ الْبَرَكَةِ 6380 و 6381 - حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - قَالَ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ أَنَسٌ خَادِمُكَ. قَالَ «اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ». حديث 6380 أطرافه 1982، 6343، 6344، 6378 - تحفة 1267 حديث 6381 طرفه 6379 50 - باب الدُّعَاءِ عِنْدَ الاِسْتِخَارَةِ ¬

_ (¬1) قال الحافظُ ابن القيِّم: سألتُ شيخَ الإِسلام ابن تَيْمِيَة عن معنى دعاء النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهُمَّ طهِّرني من خطاياي بالماء، والثلج، والبَرَدِ". وفي لفظٍ آخر: "والماء البارد". وكيف تُطَهَّرُ الخطايا بذلك؟ والحارَّ أبلغُ في الإِنقاء؟ فقال: الخطايا تُوجبُ للقلب حرارةً، ونجاسةً، وضَعْفًا. فإنَّ الخطايا بمنزلة الحطب الذي يَمُدُّ النار ويُوقِدُها. ولهذا كلَّما كثُرَت الخطايا اشتدت نارُ القلب، وضَعْفُه. والماءُ يَغْسِلُ الخبث، ويُطْفِىءُ النارَ. فإن كان باردًا، أوْرَثَ الحسمَ صلاةً وقوَّةً. فإن كان معه ثلجٌ وبَرَدٌ، كان أقوى في التبريد، وصلابةِ الجسمِ وشدَّتِهِ، فكان أذهبَ لأثر الخطايا. هذا معنى كلامه، وهو محتاجٌ إلى مزيد بيان وشرح. كذا في "إغاثة اللهفان".

51 - باب الدعاء عند الوضوء

6382 - حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو مُصْعَبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى الْمَوَالِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمُنَا الاِسْتِخَارَةَ فِى الأُمُورِ كُلِّهَا كَالسُّورَةِ مِنَ الْقُرْآنِ «إِذَا هَمَّ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِى فِى دِينِى وَمَعَاشِى وَعَاقِبَةِ أَمْرِى - أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِى وَآجِلِهِ - فَاقْدُرْهُ لِى، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِى فِى دِينِى وَمَعَاشِى وَعَاقِبَةِ أَمْرِى - أَوْ قَالَ فِى عَاجِلِ أَمْرِى وَآجِلِهِ - فَاصْرِفْهُ عَنِّى وَاصْرِفْنِى عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِىَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِى بِهِ. وَيُسَمِّى حَاجَتَهُ». طرفاه 1162، 7390 - تحفة 3055 51 - باب الدُّعَاءِ عِنْدَ الْوُضُوءِ 6383 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِى عَامِرٍ». وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ مِنَ النَّاسِ». طرفاه 2884، 4323 - تحفة 9046 52 - باب الدُّعَاءِ إِذَا عَلاَ عَقَبَةً 6384 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ فَكُنَّا إِذَا عَلَوْنَا كَبَّرْنَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، وَلَكِنْ تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا». ثُمَّ أَتَى عَلَىَّ وَأَنَا أَقُولُ فِى نَفْسِى لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. فَقَالَ «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ قُلْ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ فَإِنَّهَا. كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ». أَوْ قَالَ «أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ هِىَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ، لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ». أطرافه 2992، 4205، 6409، 6610، 7386 - تحفة 9017 - 102/ 8 6384 - قوله: (ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ)، ليس فيه نفيُ الجهر مطلقًا. ولكنَّه لمَّا رأى النَّاسَ مجهودين من أجل شدَّة الجهر، أَرْشَدَهم إلى ما كان أرفقَ، وأيسرَ لهم، وهو الجهرُ المتوسطُ، وعلَّمهم أنَّ لا حاجةَ إلى الجهر المُفْرِطِ، فإنهم لا يَدْعُون أصمَّ ولا غائبًا. 53 - باب الدُّعَاءِ إِذَا هَبَطَ وَادِيًا فِيهِ حَدِيثُ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. [طرفه في: 2993]

54 - باب الدعاء إذا أراد سفرا أو رجع

54 - باب الدُّعَاءِ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَوْ رَجَعَ فِيهِ يَحْيَى بْنُ أَبي إِسْحَاق عَنْ أَنَسٍ. 6385 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الأَرْضِ ثَلاَثَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ، عَابِدُونَ لِرَبِّنَا، حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ». أطرافه 1797، 2995، 3084، 4116 - تحفة 8332 55 - باب الدُّعَاءِ لِلْمُتَزَوِّجِ 6386 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ رَأَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ فَقَالَ «مَهْيَمْ». أَوْ «مَهْ». قَالَ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. فَقَالَ «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». أطرافه 2049، 2293، 3781، 3937، 5072، 5148، 5153، 5155، 5167، 6082 - تحفة 288 6387 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ هَلَكَ أَبِى وَتَرَكَ سَبْعَ - أَوْ تِسْعَ - بَنَاتٍ، فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَزَوَّجْتَ يَا جَابِرُ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا». قُلْتُ ثَيِّبًا. قَالَ «هَلاَّ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ، أَوْ تُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ». قُلْتُ هَلَكَ أَبِى فَتَرَكَ سَبْعَ - أَوْ تِسْعَ - بَنَاتٍ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَجِيئَهُنَّ بِمِثْلِهِنَّ، فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً تَقُومُ عَلَيْهِنَّ. قَالَ «فَبَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكَ». لَمْ يَقُلِ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرٍو «بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكَ». أطرافه 443، 1801، 2097، 2309، 2385، 2394، 2406، 2470، 2603، 2604، 2718، 2861، 2967، 3087، 3089، 3090، 4052، 5079، 5080، 5243، 5244، 5245، 5246، 5247، 5367 - تحفة 2512، 2563، 2531 56 - باب مَا يَقُولُ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ 6388 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِىَ أَهْلَهُ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِى ذَلِكَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا». أطرافه 141، 3271، 3283، 5165، 7396 - تحفة 6349 - 103/ 8 57 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «رَبَّنَا آتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً» 6389 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ». طرفه 4522 - تحفة 1042

58 - باب التعوذ من فتنة الدنيا

58 - باب التَّعَوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا 6390 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِى الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمُنَا هَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ كَمَا تُعَلَّمُ الْكِتَابَةُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ نُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَعَذَابِ الْقَبْرِ». أطرافه 2822، 6365، 6370، 6374 - تحفة 3932 59 - باب تَكْرِيرِ الدُّعَاءِ 6391 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُنْذِرٍ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طُبَّ حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ قَدْ صَنَعَ الشَّىْءَ وَمَا صَنَعَهُ، وَإِنَّهُ دَعَا رَبَّهُ ثُمَّ قَالَ «أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِى فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ». فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «جَاءَنِى رَجُلاَنِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِى، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَىَّ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ قَالَ مَطْبُوبٌ. قَالَ مَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ. قَالَ فِيمَا ذَا قَالَ فِى مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ. قَالَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِى ذَرْوَانَ، وَذَرْوَانُ بِئْرٌ فِى بَنِى زُرَيْقٍ». قَالَتْ فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَ «وَاللَّهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ، وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ». قَالَتْ فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهَا عَنِ الْبِئْرِ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَهَلاَّ أَخْرَجْتَهُ قَالَ «أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِى اللَّهُ، وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا». زَادَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَاللَّيْثُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سُحِرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَا وَدَعَا وَسَاقَ الْحَدِيثَ. أطرافه 3175، 3268، 5763، 5765، 5766، 6063 تحفة 16766، 17134، 17145 - 104/ 8 6391 - قوله: (فَهَلَّا أَخْرَجْتَهُ) وكان الراوي ذكر أوَّلًا: «هلَّا تَنَشَّرْتَهُ»، بدل: «أخرجته»، وقد نبَّهناك على كونه في غير محله. 60 - باب الدُّعَاءِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ». وَقَالَ: «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِى جَهْلٍ». وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الصَّلاَةِ: «اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا». حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128]. 6392 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنِ ابْنِ أَبِى خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - قَالَ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الأَحْزَابِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ، اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ». أطرافه 2933، 2965، 3025، 4115، 7489 - تحفة 5154

61 - باب الدعاء للمشركين

6393 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا قَالَ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ». فِى الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنْ صَلاَةِ الْعِشَاءِ قَنَتَ «اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِى رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ». أطرافه 797، 804، 1006، 2932، 3386، 4560، 4598، 6200، 6940 تحفة 15429 6394 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ فَأُصِيبُوا، فَمَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَجَدَ عَلَى شَىْءٍ مَا وَجَدَ عَلَيْهِمْ، فَقَنَتَ شَهْرًا فِى صَلاَةِ الْفَجْرِ وَيَقُولُ «إِنَّ عُصَيَّةَ عَصَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ». أطرافه 1001، 1002، 1003، 1300، 2801، 2814، 3064، 3170، 4088، 4089، 4090، 4091، 4092، 4094، 4095، 4096، 7341 - تحفة 931 6395 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ الْيَهُودُ يُسَلِّمُونَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُونَ السَّامُ عَلَيْكَ. فَفَطِنَتْ عَائِشَةُ إِلَى قَوْلِهِمْ فَقَالَتْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَهْلاً يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِى الأَمْرِ كُلِّهِ». فَقَالَتْ يَا نَبِىَّ اللَّهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا يَقُولُونَ قَالَ «أَوَلَمْ تَسْمَعِى أَنِّى أَرُدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَأَقُولُ وَعَلَيْكُمْ». أطرافه 2935، 6024، 6030، 6256، 6401، 6927 - تحفة 16630 - 105/ 8 6396 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَقَالَ «مَلأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا، كَمَا شَغَلُونَا عَنْ صَلاَةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ». وَهْىَ صَلاَةُ الْعَصْرِ. أطرافه 2931، 4111، 4533 - تحفة 10232 61 - باب الدُّعَاءِ لِلْمُشْرِكِينَ 6397 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَدِمَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ دَوْسًا قَدْ عَصَتْ وَأَبَتْ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا. فَظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ يَدْعُو عَلَيْهِمْ، فَقَالَ «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ». طرفاه 2937، 4392 - تحفة 13695 المرادُ به الدعاءُ لهم للإِسلام. أمَّا الدعاءُ بالنفع الدنيويِّ لهم، فهو أيضًا جائزٌ. 62 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ» 6398 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكَ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ «رَبِّ اغْفِرْ لِى خَطِيئَتِى وَجَهْلِى وَإِسْرَافِى فِى أَمْرِى كُلِّهِ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّى، اللَّهُمَّ اغْفِرْ

63 - باب الدعاء فى الساعة التى فى يوم الجمعة

لِى خَطَايَاىَ وَعَمْدِى وَجَهْلِى وَهَزْلِى، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِى، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ، وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ». وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ وَحَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ بْنِ أَبِى مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6399 - تحفة 9116، 9140 6399 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَبِى مُوسَى وَأَبِى بُرْدَةَ - أَحْسِبُهُ - عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى خَطِيئَتِى وَجَهْلِى وَإِسْرَافِى فِى أَمْرِى، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّى، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى هَزْلِى وَجِدِّى وَخَطَاىَ وَعَمْدِى، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِى». طرفه 6398 - تحفة 9116، 9140 63 - باب الدُّعَاءِ فِى السَّاعَةِ الَّتِى فِى يَوْمِ الْجُمُعَةِ 6400 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «فِى الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ وَهْوَ قَائِمٌ يُصَلِّى يَسْأَلُ خَيْرًا إِلاَّ أَعْطَاهُ». وَقَالَ بِيَدِهِ قُلْنَا يُقَلِّلُهَا يُزَهِّدُهَا. طرفاه 935، 5294 - تحفة 14406 - 106/ 8 64 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «يُسْتَجَابُ لَنَا فِى الْيَهُودِ، وَلاَ يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِينَا» 6401 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ الْيَهُودَ أَتَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكَ. قَالَ «وَعَلَيْكُمْ». فَقَالَتْ عَائِشَةُ السَّامُ عَلَيْكُمْ، وَلَعَنَكُمُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْكُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَهْلاً يَا عَائِشَةُ، عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ، وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ أَوِ الْفُحْشَ». قَالَتْ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ «أَوَلَمْ تَسْمَعِى مَا قُلْتُ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ، فَيُسْتَجَابُ لِى فِيهِمْ، وَلاَ يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِىَّ». أطرافه 2935، 6024، 6030، 6256، 6395، 6927 - تحفة 16233 65 - باب التَّأْمِينِ 6402 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِىُّ حَدَّثَنَاهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَمَّنَ الْقَارِئُ فَأَمِّنُوا، فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تُؤَمِّنُ، فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». طرفه 780 - تحفة 13136 6402 - قوله: (إذَا أَمَّنَ القَارِيءُ) أخرج لفظَ: «القاريء» في الدعوات، لعمومه في الصلاة، وغيرها. وأخرج لفظَ: «الإِمام» في الصلاة، لاختصاصه بالاصلاة. ولمَّا لم يتبيَّن له أيَّ اللفظين من النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ترجم عليهما، نظرًا إلى تغايُر مفهوم اللفظين.

66 - باب فضل التهليل

قلتُ: ولعلَّ لفظَه صلى الله عليه وسلّم هو «الإِمامُ». وأمَّا «القاريء»، فروايتُه بالمعنى. أو يُقَالُ: إنَّ الحديثَ صَدَرَ عنه مرَّتين: مرَّةً في هذا المعنى، ومرَّةً أخرى بذلك. 66 - باب فَضْلِ التَّهْلِيلِ 6403 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ. فِى يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ، حَتَّى يُمْسِىَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ رَجُلٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْهُ». طرفه 3293 - تحفة 12571 6404 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِى زَائِدَةَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ مَنْ قَالَ عَشْرًا كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ. قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِى زَائِدَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ رَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ مِثْلَهُ. فَقُلْتُ لِلرَّبِيعِ مِمَّنْ سَمِعْتَهُ فَقَالَ مِنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ. فَأَتَيْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ فَقُلْتُ مِمَّنْ سَمِعْتَهُ فَقَالَ مِنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى. فَأَتَيْتُ ابْنَ أَبِى لَيْلَى فَقُلْتُ مِمَّنْ سَمِعْتَهُ فَقَالَ مِنْ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ يُحَدِّثُهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ أَبِى أَيُّوبَ قَوْلَهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ دَاوُدَ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ أَبِى أَيُّوبَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ الرَّبِيعِ قَوْلَهُ. وَقَالَ آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ سَمِعْتُ هِلاَلَ بْنَ يَسَافٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَوْلَهُ. وَقَالَ الأَعْمَشُ وَحُصَيْنٌ عَنْ هِلاَلٍ عَنِ الرَّبِيعِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَوْلَهُ. وَرَوَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِىُّ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 3471 - 107/ 8 6403 - قوله: (مَنْ قَالَ: لاَ إِلهَ إلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ... في يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ، كانت لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ) ... إلخ. والرواياتُ فيه مختلفةٌ، ففي بعضها: «ستُّ رقابٍ»، وعند الترمذيِّ: «ثوبُ رقبةٍ»، من القول مرَّة وفي بعضها: «أربعُ رقابٍ من ولد إسماعيل»، لقولها عشر مرَّاتٍ. فجمع الحافظُ بينهما: أن روايةَ الستِّ مرجوحةٌ، وروايةَ الأربعِ مقيَّدةً بكونها من ولد إسماعيل. فالأربعُ منها توازي عشرًا من غيرها. وحمل روايةَ الترمذيِّ على كونها من

67 - باب فضل التسبيح

باب الحسنات بعشرٍ أمثالها. والذي تبيَّن لي أنَّ أصلَ الثواب، كما عند الترمذيِّ، أي ثواب عتق رقبةٍ، بقولها مرَّة. أمَّا ما عند البخاريِّ: «ثواب عشر رقابٍ»، لقولها مئة مرَّةٍ، فهو حديثٌ آخر، ووعدٌ مُسْتَأْنَفٌ، وفيه سلسلةُ الحسنات، فثوابُ العشر إنَّما هو مع أجورٍ أُخَر من غير هذا النوع (¬1). 67 - باب فَضْلِ التَّسْبِيحِ 6405 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ. فِى يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ». تحفة 12578 6406 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِى الْمِيزَانِ، ¬

_ (¬1) قلت: هكذا وجدتُ في مذكرتي، ولا أثق بما كَتَبْتُ عند الدرس، فالذي وجدتُ في "الفتح" من هذا الموضع مغايَرٌ لِمَا ذكرناه عن الشيخ. قال الحافظُ بعدما أكثرَ الرواياتِ في هذا الباب، وبسط الكلامَ فيها: إن اختلافَ هذه الروايات في عدد الرقاب، مع اتحاد المَخْرج، يقتضي الترجيحَ بينهما. فالأكثرُ على ذكر الأربعة، ويُجْمَعُ بينه وبين حديث أبي هريرة بذكر عشرةٍ، لقولها مائة، فيكون مقابلُ كل عشر مرَّاتٍ رقبةً، من قبل المضاعفة. فيكون لكلِّ مرَّةٍ بالمضاعفة رقبةٌ، وهي مع ذلك لمطلق الرقاب. ومع كون وصف الرقبة من بني إسماعيل، يكون مقابلُ العشرة من غيرهم أربعةً منهم، لأنَّهم أشرفُ من غيرهم من العرب، فضلًا عن العجم. وأمَّا ذكرُ رقبةٍ بالإِفراد في حديث أبي أيوب، فشاذٌ، والمحفوظُ أربعةٌ كما بيَّنته هكذا في نسخة "الفتح"، ولعلَّ فيه سهوًا. ثم ذكر الحافظُ جوابًا آخر عن القرطبي، وحاصلُه: أنه محمولٌ على اختلاف أحوال الذاكرين في القيام بحقِّ هذه الكلمات، ولم نَجِدْ فيه لستِّ رقابٍ روايةً، ولا تعرُّضًا إليه للجمع. أمَّا روايةُ الترمذيِّ في ثواب رقبةٍ من قولها مرَّة، فلم نجدها في ذيل باب فضل التهليل، والذي وجدناه فيه: "من قال في دُبُرِ صلاة الفجر، وهو ثان رجليه، قبل أن يتكلَّم: لا إله إلا الله ... إلخ، عشر مراتٍ كُتِبَتْ له عشرُ حسناتِ ... " إلخ: ص 185 - ج 2، وليس فيه ذكرُ عشر رقاب، ولا في روايه من هذا الباب. وكذا فيه سلسلة الأجور، كما في حديث البخاريِّ، سواء بسواءٍ. نعم فيه قيد كونها دُبُرَ الصلوات، وكونه ثَانِيًا رِجْلَيْهِ، وليس هذا في حديث أبي هريرة عند البخاريِّ، فَليُحَرَّر. ثم يَرِدُ على ما جمع به الحافظ روايةُ البخاريِّ الآتيةُ بُعَيْدَ تلك الرواية من هذا الباب، وفيه: "من قال: عشرًا، كان كَمَن أعتق رقبةٍ من وَلَدِ إسماعيل". ولا ريبَ أن نسبةَ العشرة إلى الرقبة، كنسبة المائة إلى العشرة، فَلَزِمَ أن يكونَ عشرُ رقاب أيضًا من وَلَد إسماعيل. إلَّا أن الحافظَ أخرجه بلفظ مسلمٍ، وفيه بدله: "كان كمن أعتق أربعة أنفسٍ"، وحينئذٍ يَظَهَرُ الجوابُ. ثم وجدتُ عند الترمذي قُبَيلَ باب فضل التوبة والاستغفار: ص 192 - ج 2 عن عِمَارةَ بن شَبِيبٍ السَّبَائي مرفوعًا: "من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلْكُ، وله الحمدُ، يحيي ويميتُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، عشر مرَّاتٍ على أثر المغرب، بَعَثَ الله له مُسَلَّحَةً يَحفَظُونَه من الشيطان، حتى يُصْبحَ، وكتب عَشر حسناتٍ موجباتٍ، ومحى عنه عشرَ سيئاتٍ موبقاتٍ، وكانت له بعَدْلِ عشر رقباتٍ مؤمناتٍ". قال الترمذيُّ: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ. فيمكنُ أن يكونَ الشيخُ أراد هذه الرواية. وبالجملة فَلْيحَرَّر الكلامَ من هذا الموضع.

68 - باب فضل ذكر الله عز وجل

حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ». طرفاه 6682، 7563 - تحفة 14899 وفي حديثٍ آخر: «أن من قال مرَّةً: سبحان الله، تُغْرَسُ له شجرةٌ في الجنة». وطلبُ التوفيق في مثل هذين الحديثين في غير محله، فإنَّ الذي يُورِثُ الاضطرابَ هو أن يكونَ اختلافُ الأجرين لعملٍ واحدٍ من جنسٍ واحدٍ. أمَّا إذا كان من جنسين، فلا اضطرابَ، والتوفيقُ بينهما بعيدٌ عن الصواب. 6405 - قوله: (سُبْحَانَ اللَّهِ، وبِحَمْدِهِ)، وقد تكلَّم المفسِّرون في هذه الواو، حتَّى ذهب الخطَّابيُّ إلى أنها واوُ الاستعانة، والحمدُ بمعنى التوفيق. نقله الطِيبيُّ في «شرح المشكاة»، وهو كما ترى. والوجهُ عندي أنهما جملتان مختصرتان، والواوُ بينهما للعطف. فالتسبيحُ بمعناه، والحمدُ بمعناه، ثم عَطَفَ أحدَهما على الآخر، هكذا ذَكَرَه الزَّبِيدِي في «شرح الإِحياء»، وهو الأصوبُ عندي. 68 - باب فَضْلِ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ 6407 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَثَلُ الَّذِى يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِى لاَ يَذْكُرُ مَثَلُ الْحَىِّ وَالْمَيِّتِ». تحفة 9064 6408 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لِلَّهِ مَلاَئِكَةً يَطُوفُونَ فِى الطُّرُقِ، يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ. قَالَ فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا. قَالَ فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ مَا يَقُولُ عِبَادِى قَالُوا يَقُولُونَ يُسَبِّحُونَكَ، وَيُكَبِّرُونَكَ، وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ. قَالَ فَيَقُولُ هَلْ رَأَوْنِى قَالَ فَيَقُولُونَ لاَ وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ. قَالَ فَيَقُولُ وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِى قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا، وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا. قَالَ يَقُولُ فَمَا يَسْأَلُونِى قَالَ يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ. قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا. قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا، وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا، وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً. قَالَ فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ قَالَ يَقُولُونَ مِنَ النَّارِ. قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لاَ وَاللَّهِ مَا رَأَوْهَا. قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا، وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً. قَالَ فَيَقُولُ فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ. قَالَ يَقُولُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ فِيهِمْ فُلاَنٌ لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ. قَالَ هُمُ الْجُلَسَاءُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ». رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ وَلَمْ

69 - باب قول لا حول ولا قوة إلا بالله

يَرْفَعْهُ. وَرَوَاهُ سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 12342، 12802، 12400 - 108/ 8 وراجع معنى التفضيل من رسالة الشاه عبد العزيز في تفضيل الشيخين، فإنَّه قد كفى وشفى. 6408 - قوله: (فَيَحُقُّونَهُم بِأَجْنِحَتِهِمْ)، وفي الحديث: «أنَّهم يُحِيطُون بهم، كالهالة بالقمر، على شاكلة الدائرة». واعلم (¬1) أن ذكرَ الله يُحْدِثُ دائرةً حول الذاكر، كما أنَّك تَقْذِفُ حجرًا في الماء، فترى الأمواجَ تتلاطمُ من حوله، تَمْتَدُّ بِقَدْرِ قوة الرامي، وضَعْفِها. فكما أن الماءَ يتحرَّكُ مدى الحركة، كذلك حالُ الأشياءِ التي تشملها دائرةُ الذكر، فإنَّها تصيرُ ذاكرةً. ونُقِلَ عن الشعرانيِّ أنه جلس مرَّةً يَذْكُرُ الله، فرأى أن ما من شيءٍ حوله إِلَّا جَعَلَ يَذْكُرُ اللَّهَ، حتى إذا أَصْبَحَ رأى أن ذكرَه قد استغرقَ الأرضَ بضواحيها، ولم يبقَ شيءٌ إلَّا كان يُسَاعِدُه في الذكر. وهو معنى قول النبيِّ صلى الله عليه وسلّم «هُمُ القومُ، لا يَشْقَى جَليسُهُم»، فإنَّه بجلوسه بين الذاكرين صار مشمولًا بالذكر، والذاكرين، فكان معهم. والسِّرُّ فيه: أن ذكرَ الله حياةٌ، فلا يَبْلُغَ شيئًا إلَّا يُحْدِثُ فيه حياةً، وحينئذٍ تَتَّسِعُ دائرةُ الذكر بِقَدْرِ اتساع صوت الذاكر، حتَّى تَصِيرَ الأشياءُ كلُّها حول الذاكر أحياءً ذاكرين. وإن كنتَ قد ذُقْتَ حلاوةَ ما ألقينا عليكَ، تبيَّنت معنى تسبيح الجبال، والطير، مع داود عليه الصلاة والسلام، كما أخبر به القرآنُ. وهو أن داودَ عليه الصلاة والسلام لم يكن يَذْكُرُ ويُسَبِّحُ ربَّه، إلَّا جَعَلَ ما حوله من الجبال والطير يُسَبِّحُ معه، لدخوله في حلقة ذكره. وإذا كان نبيًا من الأنبياء عليهم السلام، كان ذكرُه أيضًا بِقَدْرِ مرتبته، فكانت الأشياءُ تتأثَّرُ منه، ما لا تتأثَّرُ بذكر أحد. ولمَّا أراد اللهُ سبحانه أن يُسْمِعَهُم من ذكرهم، أَسْمَعَهُم إعجازًا. وهو فعَّالٌ لِمَا يشاءُ، ويَحْكُمُ ما يريدُ. 69 - باب قَوْلِ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ 6409 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ أَخَذَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى عَقَبَةٍ - أَوْ قَالَ فِى ثَنِيَّةٍ، قَالَ - فَلَمَّا عَلاَ عَلَيْهَا رَجُلٌ نَادَى فَرَفَعَ صَوْتَهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ. ¬

_ (¬1) قلتُ: وهذا ما أخرجه الترمذيُّ في الحج ص 102 عن سَهْل بن سعدٍ مرفوعًا: "ما من مسلمِ يلبِّي إلَّا لبَّى من عن يمينه وشماله: من حجرٍ، أو شجرٍ، أو مَدَرٍ، حتَّى تَنْقَطِعَ الأرضُ من ههنا وههنا" اهـ. ويمكن أن يكونَ ما رواه البخاري عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ في الأذان أيضًا نظيرَه. قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَسْمَعُ مدى صوت المؤذِّن جِنٌّ، ولا إِنْسٌ، ولا شيءٌ إلَّا شَهِدَ له يومَ القيامة". وروى مثله أبو داود، وابن ماجه، والنَّسائي، وأحمد.

70 - باب لله عز وجل مائة اسم غير واحد

قَالَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى بَغْلَتِهِ قَالَ «فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا». ثُمَّ قَالَ «يَا أَبَا مُوسَى - أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزِ الْجَنَّةِ». قُلْتُ بَلَى. قَالَ «لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ». أطرافه 2992، 4205، 6384، 6610، 7386 - تحفة 9017 قوله: (لاَ حَوْلَ)، أي عن الاتقاء عن المعصية. قوله: (وَلاَ قُوَّةَ)، أي على الطاعة. 6409 - قوله: (فَلَمَّا عَلاَ عَلَيْهَا رَجُلٌ، نَادَى، فَرَفَعَ صَوْتَهُ: لاَ إِلهَ إِلَّا اللهُ، واللَّهُ أَكْبَرُ) واعلم أنَّهم اختلفوا في أن هذا الذكرَ في حال الصعود أو بعده. وفي هذا اللفظ تصريحٌ أنه أتى به بعدما علا الثَّنِيَّةَ. 70 - باب لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ مِائَةُ اسْمٍ غَيْرَ وَاحِدٍ 6410 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْنَاهُ مِنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رِوَايَةً قَالَ «لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا، مِائَةٌ إِلَّا وَاحِدًا، لاَ يَحْفَظُهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَهْوَ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ». طرفاه 2736، 7392 - تحفة 13674 - 109/ 8 وإنَّمَا نَقَصَ واحدٌ من المئة إبقاءً للوترية. قوله: (قال أبو عبد الله: من أَحْصَاهَا: من حَفِظَهَا) اختلفوا في معنى الإِحصاء، فقال الصوفيةُ: هو التخلُّق بتلك الأسماء. وذهب العلماءُ إلى أن المرادَ هو الثاني، وبه جَزَمَ البخاريُّ. قلتُ: وهو الأصوبُ، لأنَّ النبيَّ إذا علَّم دعاءً، أو ذكرًا، يُرَادُ به حِفْظُه دون التخلُّق به. نعم لو تفضَّل اللهُ على أحدٍ في ضِمْنِهِ، وأحدثَ فيه آثارًا من أسمائه، فذلك أمرٌ آخر. فإنَّه، وإن كانت سعادةً عظمى، لكنَّه بِمَعْزِلٍ عن معنى الحديث (¬1). ¬

_ (¬1) قلتُ: ولعل ما ذهب إليه الصوفيةُ بطنَه، وما اختاره العلماءُ ظهرَه، فإِذا اجتمع الظهرُ مع بطنهِ، وبطنُه مع ظهر، فأنعما. ثم إنَّ ههنا مباحثَ تعرَّض إليها الحافظُ، نذكرها بغاية اختصارٍ: الأول: أنَّه ليس المرادُ بذكر تلك الأسماء حصرَها في هذا العدد، فحكى القاضي أبو بكر بن العربيِّ عن بعضهم: أنَّ لله ألفَ اسم. ونَقَلَ الفخرُ الرازي عن بعضهم: أن لله تعالى أربعةَ آلاف اسم، استأثر بعلم ألفٍ منها، وأَعْلَمَ الملائكةَ بالبقية، والأنبياءَ بألفين منها، وسائرَ النَّاس بألف، وهذه دعوى تَحْتَاجُ إلى دليلٍ. وابن حَزمٍ ممن ذهب إلى الحصرِ في العدد المذكور، خلافًا للجمهور، وقال: لو جاز أن يكونَ له اسمٌ زائدٌ على العدد المذكور، لَزِمَ أن يكونَ له مائة اسمٍ، فَيَبطُلُ قوله: "مائةٌ، إلَّا واحدةً". وأجاب عنه الجمهورُ: بأن الحصرَ المذكورَ باعتبار الوعدَ المذكورِ في حفظها، فهو كقولك: لزيدٍ ألفُ درهمٍ، =

71 - باب الموعظة ساعة بعد ساعة

71 - باب الْمَوْعِظَةِ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ 6411 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ قَالَ كُنَّا نَنْتَظِرُ عَبْدَ اللَّهِ إِذْ جَاءَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَقُلْنَا أَلاَ تَجْلِسُ قَالَ لاَ وَلَكِنْ أَدْخُلُ فَأُخْرِجُ إِلَيْكُمْ صَاحِبَكُمْ، وَإِلَّا جِئْتُ أَنَا. فَجَلَسْتُ فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِهِ فَقَامَ عَلَيْنَا فَقَالَ أَمَا إِنِّى أَخْبَرُ بِمَكَانِكُمْ، وَلَكِنَّهُ يَمْنَعُنِى مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِى الأَيَّامِ، كَرَاهِيَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا. طرفاه 68، 70 - تحفة 9254 أخرج تحته حديثًا في إسناده يَزِيدُ بن معاوية، وهو تابعيٌّ، وليس بالأمير المعروف. ... ¬

_ = أعدَّها للصدقة، فإنَّه لا يَدُلُّ على أن عنده هذا العددَ فحسب. ثم قيل: إنَّ أسماءَ اللهَ تعالى مائةٌ، استأثر الله منها بواحدٍ، وهو الاسمُ الأعظمُ، فلم يُطلِعْ عليه أحدًا. فكأنَّه قيل: مائةٌ، لكن واحدٌ منها عند الله. وجزم السُّهَيْلي أن ليس الاسمُ الذي يُكَمِّلُ المائةَ مخفيًا، بل هو اسمُ الجلالة، وقال: الأسماءُ الحسنى مائةٌ على عدد درجات الجنة، والذي يُكَمِّلُ المائة: ويُؤَيِّدُه قولُه تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180]، فإذا كانت الأسماءُ الحسنى تعالى، كانت غيرَه، وزائدةً عليه. والأسماءُ الحسنى تسعةٌ وتسعون، وباسم الله - تَكْمُل المائةُ. ثم ذكر الحافظُ ههنا بحثًا نفيسًا في كون الاسم عينَ المُسَمَّى، أو غيرَه؟ وتركناه خوفًا للإِطناب. ثم إنَّ من أهم ما نريد الإِلمامَ به أن روايةَ الترمذيِّ التي فيها تفصيلُ تلك الأسماء، وإن كانت أقربَ إلى الصحة، لكن الرواةُ مختلفون فيها بعدُ، ولذا عَدَلَ الحافظُ عنها، وأتى بتلك الأعداد من طُرُقٍ صحَّت عنده، ثم عدَّدها. فأردتُ أن أَسْرُدَها، كما سَرَدَهَا الحافظُ، رجاءَ أن يتغمَّدني اللهُ بغفرانه، ببركة أسمائه الحسنى، ولِيَحْفَظَهَا من أراد الزيادةَ، والحسنى: اللهُ، الرَّحمنُ، الرَّحِيمُ، المَلِكُ، القُدُّوسُ، السَّلاَمُ، المُؤْمِنُ، المُهَيْمِنُ، العزيمُ، الجبَّارُ، المتكبِّرُ، الخالِقُ، البارِيءُ، المصوِّرُ، الغفَّارُ، القهَّارُ، التوَّابُ، الوهَّابُ، الخلَّاقُ، الرزَّاقُ، الفتَّاحُ، الحليمُ، العليمُ، العظيمُ، الواسعُ، الحكيمُ، الحيُّ، القيُّومُ، السميعُ، البصيرُ، اللطيفُ، الخبيرُ، العليُّ، الكبيرُ، المحيطُ، القديرُ، المَوْلَى، النصيرُ، الكريمُ، الرقيبُ، القريبُ، المجيبُ، الوكيلُ، الحسيبُ، الحفيظُ، المقيتُ، الودودُ، المجيدُ، الوارثُ، الشهيدُ، الوَلِيُّ، الحميدُ، الحقُّ، المبينُ، القويُّ، المتينُ، الغنيُّ، المالكُ، الشديدُ، القادرُ، المُقْتَدِرُ، القاهرُ، الكافي، الشاكرُ، المستعانُ، الفاطرُ، البديعُ، الغافرُ، الأوَّلُ، الآخِرُ، الظاهرُ، الباطنُ، الكفيلُ، الغالبُ، الحَكَمُ، العَالِمُ، الرفيعُ، الحافظُ، المنتقمُ، القائمُ، المُحْيي، الجامعُ، المليكُ، المتعالٍ، النورُ، الهادي، الغفورُ، الشكورُ، العَفُوُّ، الرؤوفُ، الأَكْرَمُ، الأَعْلَى، البرُ، الحفيُّ، الربُّ، الإِلهُ، الواحدُ، الأحدُ، الصمدُ، الذي لم يَلِدْ، ولم يُولَدْ، ولم يكن له كُفُوًا أحدٌ.

81 - كتاب الرقاق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 81 - كتاب الرِّقاق 1 - باب الصِّحَّة والفَرَاغُ وَلاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشُ الآخِرَةِ 6412 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ - هُوَ ابْنُ أَبِى هِنْدٍ - عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ». قَالَ عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِىُّ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِنْدٍ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. تحفة 5666 6413 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشُ الآخِرَهْ، فَأَصْلِحِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ». أطرافه 2834، 2835، 2961، 3795، 3796، 4099، 4100، 7201 تحفة 1593 6414 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِىُّ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْخَنْدَقِ وَهْوَ يَحْفِرُ وَنَحْنُ نَنْقُلُ التُّرَابَ وَيَمُرُّ بِنَا فَقَالَ «اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشُ الآخِرَهْ، فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ». تَابَعَهُ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. طرفاه 3797، 4098 - تحفة 4737 2 - باب مَثَلِ الدُّنْيَا فِى الآخِرَةِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [الحديد: 20]. 110/ 8 6415 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَوْضِعُ سَوْطٍ فِى الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَغَدْوَةٌ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». أطرافه 2794، 2892، 3250 - تحفة 4716 والمرادُ به الأحاديثُ التي تُحْدِثُ في القلب لينًا ورِقَّةً. 3 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «كُنْ فِى الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ» 6416 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو الْمُنْذِرِ

4 - باب في الأمل وطوله

الطُّفَاوِىُّ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ قَالَ حَدَّثَنِى مُجَاهِدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَنْكِبِى فَقَالَ «كُنْ فِى الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ». وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ إِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ. تحفة 7386 والغريبُ من هو في دار الغربة. وعابرُ سبيلٍ من هو في قطع السبيل. وحاصلُ الحديث أن لا تَجْعَلُوا الدنيا وطنًا، وموضعَ قرارٍ، بل عُدُّوها دارَ غربةٍ. 4 - باب فِي الأَمَلِ وَطُولِهِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: 185]. {بِمُزَحْزِحِهِ} [البقرة: 96]: بمُبَاعِدِهِ؛ وقَوْلِهِ: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3)} [الحجر: 3]. وَقَالَ عَلِيٌّ: ارْتَحَلَتِ الدُّنْيَا مُدْبِرَةً، وَارْتَحَلَتِ الآخِرَةُ مُقْبِلَةً، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ، وَلاَ تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلاَ حِسَابَ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلاَ عَمَلَ. 6417 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ مُنْذِرٍ عَنْ رَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ خَطَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَطًّا مُرَبَّعًا، وَخَطَّ خَطًّا فِى الْوَسَطِ خَارِجًا مِنْهُ، وَخَطَّ خُطُطًا صِغَارًا إِلَى هَذَا الَّذِى فِى الْوَسَطِ، مِنْ جَانِبِهِ الَّذِى فِى الْوَسَطِ وَقَالَ «هَذَا الإِنْسَانُ، وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ - أَوْ قَدْ أَحَاطَ بِهِ - وَهَذَا الَّذِى هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ، وَهَذِهِ الْخُطُطُ الصِّغَارُ الأَعْرَاضُ، فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا، وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا». تحفة 9200 - 111/ 8 6418 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ خَطَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خُطُوطًا فَقَالَ «هَذَا الأَمَلُ وَهَذَا أَجَلُهُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَهُ الْخَطُّ الأَقْرَبُ». تحفة 214 6417 - قوله: (مِنْ جَانِبِهِ الذي في الوَسَطِ) وهذا التعبيرُ ناقصٌ، والأوَّلُ منه ما في موضغَ آخر: أن تلك الخطوط كانت من الخارج إلى الداخل. 5 - باب مَنْ بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً، فَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ فِى الْعُمُرِ لِقَوْلِهِ: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر: 37]. 6419 - حَدَّثَنِى عَبْدُ السَّلاَمِ بْنُ مُطَهَّرٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ مَعْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْغِفَارِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً». تَابَعَهُ أَبُو حَازِمٍ وَابْنُ عَجْلاَنَ عَنِ الْمَقْبُرِىِّ. تحفة 13071، 12959، 13048

6 - باب العمل الذى يبتغى به وجه الله تعالى

6420 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَزَالُ قَلْبُ الْكَبِيرِ شَابًّا فِى اثْنَتَيْنِ فِى حُبِّ الدُّنْيَا، وَطُولِ الأَمَلِ». قَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدٌ وَأَبُو سَلَمَةَ. تحفة 13324، 15322 6421 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَكْبَرُ ابْنُ آدَمَ وَيَكْبَرُ مَعَهُ اثْنَانِ حُبُّ الْمَالِ، وَطُولُ الْعُمُرِ». رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ. تحفة 1361، 1258 6421 - قوله: (يَكْبَرُ ابنُ آدَمَ، ويَكْبَرُ مَعَهُ اثْنَانِ: حُبُّ المَالِ، وطُولِ العُمُرِ)، وإن كان القياسُ أن تَقِلَّ رغبتُه في المال، والعمر كلَّما كَبِرَ، لكنَّه يكونُ أرغبَ فيهما من زمن شبابه. 6 - باب الْعَمَلِ الَّذِى يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ سَعْدٌ. 6422 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ وَزَعَمَ مَحْمُودٌ أَنَّهُ عَقَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ وَعَقَلَ مَجَّةً مَجَّهَا مِنْ دَلْوٍ كَانَتْ فِى دَارِهِمْ. أطرافه 77، 189، 839، 1185، 6354 - تحفة 11235 6423 - قَالَ سَمِعْتُ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصَارِىَّ ثُمَّ أَحَدَ بَنِى سَالِمٍ قَالَ غَدَا عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لَنْ يُوَافِىَ عَبْدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. يَبْتَغِى بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ». أطرافه 424، 425، 667، 686، 838، 840، 1186، 4009، 4010، 5401، 6938 - تحفة 9750 - 112/ 8 6424 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى مَا لِعَبْدِى الْمُؤْمِنِ عِنْدِى جَزَاءٌ، إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، ثُمَّ احْتَسَبَهُ إِلاَّ الْجَنَّةُ». تحفة 13004 7 - باب مَا يُحْذَرُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَالتَّنَافُسِ فِيهَا 6425 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ كَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِى بِجِزْيَتِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلاَءَ بْنَ الْحَضْرَمِىِّ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ

مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِهِ فَوَافَتْهُ صَلاَةَ الصُّبْحِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا انْصَرَفَ تَعَرَّضُوا لَهُ فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآهُمْ وَقَالَ «أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ بِقُدُومِ أَبِى عُبَيْدَةَ، وَأَنَّهُ جَاءَ بِشَىْءٍ». قَالُوا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا، كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُلْهِيَكُمْ كَمَا أَلْهَتْهُمْ». طرفاه 3158، 4015 - تحفة 10784 6426 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاَتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «إِنِّى فَرَطُكُمْ وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّى وَاللَّهِ لأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِى الآنَ، وَإِنِّى قَدْ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ - أَوْ مَفَاتِيحَ الأَرْضِ - وَإِنِّى وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِى، وَلَكِنِّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا». طرفاه 1344، 3596، 4042، 4085، 6590 - تحفة 9956 - 113/ 8 6427 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ أَكْثَرَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مَا يُخْرِجُ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ». قِيلَ وَمَا بَرَكَاتُ الأَرْضِ قَالَ «زَهْرَةُ الدُّنْيَا». فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ هَلْ يَأْتِى الْخَيْرُ بِالشَّرِّ فَصَمَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَعَلَ يَمْسَحُ عَنْ جَبِينِهِ فَقَالَ «أَيْنَ السَّائِلُ». قَالَ أَنَا. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ لَقَدْ حَمِدْنَاهُ حِينَ طَلَعَ ذَلِكَ. قَالَ «لاَ يَأْتِى الْخَيْرُ إِلاَّ بِالْخَيْرِ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَإِنَّ كُلَّ مَا أَنْبَتَ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ، إِلاَّ آكِلَةَ الْخَضِرَةِ، أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ، فَاجْتَرَّتْ وَثَلَطَتْ وَبَالَتْ، ثُمَّ عَادَتْ فَأَكَلَتْ، وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ حُلْوَةٌ، مَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ وَوَضَعَهُ فِى حَقِّهِ، فَنِعْمَ الْمَعُونَةُ هُوَ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ، كَانَ الَّذِى يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ». طرفاه 921، 1465، 2842 - تحفة 4166 6428 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَمْرَةَ قَالَ حَدَّثَنِى زَهْدَمُ بْنُ مُضَرِّبٍ قَالَ سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَيْرُكُمْ قَرْنِى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ». قَالَ عِمْرَانُ فَمَا أَدْرِى قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ قَوْلِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا «ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَخُونُونَ وَلاَ يُؤْتَمَنُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلاَ يَفُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ». أطرافه 2651، 3650، 6695 - تحفة 10827 6429 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِىءُ مِنْ بَعْدِهِمْ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَتُهُمْ أَيْمَانَهُمْ وَأَيْمَانُهُمْ شَهَادَتَهُمْ». أطرافه 2652، 3651، 6658 - تحفة 9403

8 - باب قول الله تعالى: {يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور (5) إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه لي

6430 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ خَبَّابًا وَقَدِ اكْتَوَى يَوْمَئِذٍ سَبْعًا فِى بَطْنِهِ وَقَالَ لَوْلاَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِالْمَوْتِ، إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مَضَوْا وَلَمْ تَنْقُصْهُمُ الدُّنْيَا بِشَىْءٍ، وَإِنَّا أَصَبْنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا لاَ نَجِدُ لَهُ مَوْضِعًا إِلاَّ التُّرَابَ. أطرافه 5672، 6349، 6350، 6431، 7234 - تحفة 3518 - 114/ 8 6431 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِى قَيْسٌ قَالَ أَتَيْتُ خَبَّابًا وَهْوَ يَبْنِى حَائِطًا لَهُ فَقَالَ إِنَّ أَصْحَابَنَا الَّذِينَ مَضَوْا لَمْ تَنْقُصْهُمُ الدُّنْيَا شَيْئًا، وَإِنَّا أَصَبْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ شَيْئًا، لاَ نَجِدُ لَهُ مَوْضِعًا إِلاَّ التُّرَابَ. أطرافه 5672، 6349، 6350، 6430، 7234 - تحفة 3518 6432 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ خَبَّابٍ - رضى الله عنه - قَالَ هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1276، 3897، 3913، 3914، 4047، 4082، 6448 - تحفة 3514 6425 - قوله: (ما الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُم)، وفيه دليلٌ على أن تقديمَ المفعول يفيدُ القصر. قوله: (ولكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُم) «ولكن» ههنا لإِفادة قصر القلب. 6426 - قوله: (وإِنِّي واللَّهِ لأَنْظُرُ إلى حَوْضي) وإنَّما تعرَّض إلى نظره إلى الحوض على عادة العرب، أنَّهم إذا نزلوا منزلًا اهتموا بالماء أوَّلًا، فقال: إنِّي ذاهبٌ إلى حوضي، فالحقوا بي بعد إتمام سفركم. وقد مرَّ أن حوضَه وراء الصِّرَاط. 8 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)} [فاطر: 5 - 6] جَمْعُهُ سُعُرٌ، قَالَ مُجَاهِدٌ: الْغَرُورُ: الشَّيْطَانُ. 6433 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْقُرَشِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى مُعَاذُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ ابْنَ أَبَانَ أَخْبَرَهُ قَالَ أَتَيْتُ عُثْمَانَ بِطَهُورٍ وَهْوَ جَالِسٌ عَلَى الْمَقَاعِدِ، فَتَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأَ وَهْوَ فِى هَذَا الْمَجْلِسِ، فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ «مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ هَذَا الْوُضُوءِ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». قَالَ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَغْتَرُّوا». أطرافه 159، 160، 164، 1934 - تحفة 9797 6433 - قوله: (وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم لا تَغْتَرُّوا) أخرج المصنِّفُ حديثَ عثمان هذا مِرَارًا، وليس هذا اللفظُ إلَّا ههنا. والمرادُ به حملُ المغفرةِ المذكورةِ على الإِطلاق، مع كونها مشروطةً بإِتيان الفرائض. فالحديثُ واردٌ في فضائل الأعمال دون الفرائض. ولمَّا

9 - باب ذهاب الصالحين

أطلقَ المغفرةَ في اللفظ، صار الموضعُ موضعَ اغترارٍ، فاحترس عنه، وقال: «لا تغتَرُّوا». 9 - باب ذَهَابِ الصَّالِحِينَ ويُقَالُ: الذِّهَابُ المَطَرُ. 6434 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ بَيَانٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ عَنْ مِرْدَاسٍ الأَسْلَمِىِّ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ، وَيَبْقَى حُفَالَةٌ كَحُفَالَةِ الشَّعِيرِ أَوِ التَّمْرِ، لاَ يُبَالِيهِمُ اللَّهُ بَالَةً». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يُقَالُ حُفَالَةٌ وَحُثَالَةٌ. طرفه 4156 - تحفة 11247 10 - باب مَا يُتَّقَى مِنْ فِتْنَةِ الْمَالِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15]. 6435 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِىَ رَضِىَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ». طرفاه 2886، 2887 - تحفة 12848 - 115/ 8 6436 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لَوْ كَانَ لاِبْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لاَبْتَغَى ثَالِثًا، وَلاَ يَمْلأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ». طرفه 6437 - تحفة 5918 6437 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لَوْ أَنَّ لاِبْنِ آدَمَ مِثْلَ وَادٍ مَالاً لأَحَبَّ أَنَّ لَهُ إِلَيْهِ مِثْلَهُ، وَلاَ يَمْلأُ عَيْنَ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ». قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَلاَ أَدْرِى مِنَ الْقُرْآنِ هُوَ أَمْ لاَ. قَالَ وَسَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ ذَلِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ. طرفه 6436 - تحفة 5918 6438 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْغَسِيلِ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِمَكَّةَ فِى خُطْبَتِهِ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ «لَوْ أَنَّ ابْنَ آدَمَ أُعْطِىَ وَادِيًا مَلأً مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ ثَانِيًا، وَلَوْ أُعْطِىَ ثَانِيًا أَحَبَّ إِلَيْهِ ثَالِثًا، وَلاَ يَسُدُّ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ». تحفة 5267

11 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم -: «هذا المال خضرة حلوة»

6439 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْ أَنَّ لاِبْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَادِيَانِ، وَلَنْ يَمْلأَ فَاهُ إِلاَّ التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ». تحفة 1508 6440 - وَقَالَ لَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أُبَىٍّ قَالَ كُنَّا نَرَى هَذَا مِنَ الْقُرْآنِ حَتَّى نَزَلَتْ {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)} [التكاثر: 1]. تحفة 7 6436 - قوله: (لَوْ كَانَ لابنِ آدَمَ وَادِيَان) ... إلخ، كانت تلك آيةً من القرآن، ثم نُسِخَت بعد نزول سورة {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)}. 11 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «هَذَا الْمَالُ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ» وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [آل عمران: 14]. قَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ إِنَّا لاَ نَسْتَطِيعُ إِلاَّ أَنْ نَفْرَحَ بِمَا زَيَّنْتَهُ لَنَا، اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ أَنْ أُنْفِقَهُ فِى حَقِّهِ. 116/ 8 6441 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ يَقُولُ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْطَانِى، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى، ثُمَّ قَالَ «هَذَا الْمَالُ - وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ قَالَ لِى يَا حَكِيمُ - إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِطِيبِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِى يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى». أطرافه 1472، 2750، 3143 - تحفة 3431، 3426 قوله: (قَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ إنَّا لا نَسْتَطِيعُ)، يعني إذا لم نستطع أن لا نَنْفَسَ في المال والبنين، فوفقنا يا ربّ أن نُنْفِقَهَا في سُبُلِ الخير. 12 - باب مَا قَدَّمَ مِنْ مَالِهِ فَهْوَ لَهُ 6442 - حَدَّثَنِى عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِىُّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلاَّ مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ. قَالَ «فَإِنَّ مَالَهُ مَا قَدَّمَ، وَمَالُ وَارِثِهِ مَا أَخَّرَ». تحفة 9192

13 - باب المكثرون هم المقلون

13 - باب الْمُكْثِرُونَ هُمُ الْمُقِلُّونَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16)} [هود: 15 - 16]. 6443 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِى فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمْشِى وَحْدَهُ، وَلَيْسَ مَعَهُ إِنْسَانٌ - قَالَ - فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يَمْشِىَ مَعَهُ أَحَدٌ - قَالَ - فَجَعَلْتُ أَمْشِى فِى ظِلِّ الْقَمَرِ فَالْتَفَتَ فَرَآنِى فَقَالَ «مَنْ هَذَا». قُلْتُ أَبُو ذَرٍّ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ «يَا أَبَا ذَرٍّ تَعَالَهْ». قَالَ فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً فَقَالَ «إِنَّ الْمُكْثِرِينَ هُمُ الْمُقِلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلاَّ مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، فَنَفَحَ فِيهِ يَمِينَهُ وَشِمَالَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَوَرَاءَهُ، وَعَمِلَ فِيهِ خَيْرًا». قَالَ فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً فَقَالَ لِى «اجْلِسْ هَا هُنَا». قَالَ فَأَجْلَسَنِى فِى قَاعٍ حَوْلَهُ حِجَارَةٌ فَقَالَ لِى «اجْلِسْ هَا هُنَا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ». قَالَ فَانْطَلَقَ فِى الْحَرَّةِ حَتَّى لاَ أَرَاهُ فَلَبِثَ عَنِّى فَأَطَالَ اللُّبْثَ، ثُمَّ إِنِّى سَمِعْتُهُ وَهْوَ مُقْبِلٌ وَهْوَ يَقُولُ «وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى». قَالَ فَلَمَّا جَاءَ لَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاءَكَ مَنْ تُكَلِّمُ فِى جَانِبِ الْحَرَّةِ مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَرْجِعُ إِلَيْكَ شَيْئًا. قَالَ «ذَلِكَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - عَرَضَ لِى فِى جَانِبِ الْحَرَّةِ، قَالَ بَشِّرْ أُمَّتَكَ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى قَالَ نَعَمْ. قَالَ قُلْتُ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى قَالَ نَعَمْ، وَإِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ». قَالَ النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ وَحَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِى ثَابِتٍ وَالأَعْمَشُ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ بِهَذَا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدِيثُ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ مُرْسَلٌ، لاَ يَصِحُّ، إِنَّمَا أَرَدْنَا لِلْمَعْرِفَةِ، وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ أَبِى ذَرٍّ. قِيلَ لأَبِى عَبْدِ اللَّهِ حَدِيثُ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ قَالَ مُرْسَلٌ أَيْضًا لاَ يَصِحُّ، وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ أَبِى ذَرٍّ. وَقَالَ اضْرِبُوا عَلَى حَدِيثِ أَبِى الدَّرْدَاءِ هَذَا. إِذَا مَاتَ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. عِنْدَ الْمَوْتِ. أطرافه 1237، 1408، 2388، 3222، 5827، 6268، 6444، 7487 تحفة 11915 - 117/ 8 6443 - قوله: (قُلْتُ: يا جِبْرِيلُ، وإنْ سَرَقَ وإنْ زَنَى؟ قَالَ: نَعَمْ) في هذه الرواية: أن هذه الألفاظَ دارت أوّلًا بين النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وبين جبرئيل عليه السلام، ثم دارت بينه، وبين أبي ذَرَ، بخلاف عامة الطُّرُق. قوله: (اضْرِبُوا على حَديثِ أَبي الدَّرْدَاءِ) أي خُطُّوا عليه. قوله: (قال أبو عبد الله: هذا إذا مات، وقال: لا إله إلا الله عند الموت). لمَّا

14 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما أحب أن لى مثل أحد ذهبا»

استشكلَ المصنِّفُ النجاةَ مع ارتكاب الزنا، والسرقة، حمله على أن المرادَ من الزنا والسرقةِ الذي قد تاب منه، فإذا تابَ منه قبل الموت، وقال الكلمة، فذلك يَدْخُلُ الجنةَ. والذي تبيَّن لي أن الحديثَ سِيقَ لبيان أن المؤمنَ العاصي يَدْخُلُ الجنة آخرًا، وإنما عبَّر كذلك في اللفظ، لأنَّ الكافرَ لا يَدْخُلُها أبدًا حتى يَلِجَ الجملُ في سَمِّ الخياط. وإذا كان المؤمنُ العاصي دَاخِلَها، ولو بعدالتعذيب يسيرًا، صحَّ الإِطلاقُ في التعبير. فالدخولُ في الجنة، أو تحريمُ النار عليه، كلُّه بالنظر إلى حال الكافر. ولمَّا تعلَّم الناسُ المسألةَ في المؤمن المُسْرِفِ، وتقرَّرت في أذهانهم، صارت عندهم كالبديهيّ، فَزَعَمُوا أنَّها لا تحتاج إلى تنبيهٍ، مع أنه لو لم يُعَلِّمنا لَمَا عَلِمْنَا: {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: 43]. فهذا هو المرادُ عندي، والله تعالى أعلم بالصواب. 14 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا أُحِبُّ أَنَّ لِى مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا» 6444 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ قَالَ أَبُو ذَرٍّ كُنْتُ أَمْشِى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَرَّةِ الْمَدِينَةِ فَاسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ فَقَالَ «يَا أَبَا ذَرٍّ». قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «مَا يَسُرُّنِى أَنَّ عِنْدِى مِثْلَ أُحُدٍ هَذَا ذَهَبًا، تَمْضِى عَلَىَّ ثَالِثَةٌ وَعِنْدِى مِنْهُ دِينَارٌ، إِلاَّ شَيْئًا أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ، إِلاَّ أَنْ أَقُولَ بِهِ فِى عِبَادِ اللَّهِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا». عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ. ثُمَّ مَشَى فَقَالَ «إِنَّ الأَكْثَرِينَ هُمُ الأَقَلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا - عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ - وَقَلِيلٌ مَا هُمْ». ثُمَّ قَالَ لِى «مَكَانَكَ لاَ تَبْرَحْ حَتَّى آتِيَكَ». ثُمَّ انْطَلَقَ فِى سَوَادِ اللَّيْلِ حَتَّى تَوَارَى فَسَمِعْتُ صَوْتًا قَدِ ارْتَفَعَ، فَتَخَوَّفْتُ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَرَضَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَرَدْتُ أَنْ آتِيَهُ فَذَكَرْتُ قَوْلَهُ لِى «لاَ تَبْرَحْ حَتَّى آتِيَكَ» فَلَمْ أَبْرَحْ حَتَّى أَتَانِى، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتًا تَخَوَّفْتُ، فَذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ «وَهَلْ سَمِعْتَهُ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَانِى فَقَالَ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ». قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ». أطرافه 1237، 1408، 2388، 3222، 5827، 6268، 6443، 7487 تحفة 11915 - 118/ 8 6445 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ يُونُسَ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ كَانَ لِى مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا لَسَرَّنِى أَنْ لاَ تَمُرَّ عَلَىَّ ثَلاَثُ لَيَالٍ وَعِنْدِى مِنْهُ شَىْءٌ، إِلاَّ شَيْئًا أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ». طرفاه 2389، 7228 - تحفة 14116 15 - باب الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55)} إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ

16 - باب فضل الفقر

دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ} [المؤمنون: 55 - 63]. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ يَعْمَلُوهَا، لاَ بُدَّ مِنْ أَنْ يَعْمَلُوهَا. 6446 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ». تحفة 12845 16 - باب فَضْلِ الْفَقْرِ 6447 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ أَنَّهُ قَالَ مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٍ «مَا رَأْيُكَ فِى هَذَا». فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ، هَذَا وَاللَّهِ حَرِىٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ. قَالَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا رَأْيُكَ فِى هَذَا». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ، هَذَا حَرِىٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لاَ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لاَ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لاَ يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا». طرفه 5091 - تحفة 4720 - 119/ 8 6448 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ عُدْنَا خَبَّابًا فَقَالَ هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَجْرِهِ، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ نَمِرَةً فَإِذَا غَطَّيْنَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلاَهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نُغَطِّىَ رَأْسَهُ، وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذْخِرِ، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهْوَ يَهْدُبُهَا. أطرافه 1276، 3897، 3913، 3914، 4047، 4082، 6432 - تحفة 3514 6449 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اطَّلَعْتُ فِى الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِى النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ». تَابَعَهُ أَيُّوبُ وَعَوْفٌ، وَقَالَ صَخْرٌ وَحَمَّادُ بْنُ نَجِيحٍ عَنْ أَبِى رَجَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. أطرافه 3241، 5198، 6546 - تحفة 10873، 6317 6450 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَمْ يَأْكُلِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى خِوَانٍ حَتَّى مَاتَ، وَمَا أَكَلَ خُبْزًا مُرَقَّقًا حَتَّى مَاتَ. طرفاه 5386، 5415 - تحفة 1174 6451 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَقَدْ تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا فِى رَفِّى مِنْ شَىْءٍ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ، إِلاَّ شَطْرُ شَعِيرٍ فِى رَفٍّ لِى، فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى طَالَ عَلَىَّ، فَكِلْتُهُ، فَفَنِىَ. طرفه 3097 - تحفة 16800

17 - باب كيف كان عيش النبى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وتخليهم من الدنيا

6449 - قوله: (فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ). وفي حديثٍ آخر: «إنَّ لكلِّ رجلٍ من أهل الجنة زوجان»، وحينئذٍ كونهن أكثرَ أهل النار مشكلٌ. ووجه التفصِّي عنه: أن المرادُ من الزوجين: من الحور العين، لا من بنات آدم. على أن المرادَ من الكثرةِ الكثرةُ في نفسها. ثم ليس فيه حكمٌ كليٌّ، بل فيه بيانُ المشاهدة الجزئية إذ ذاك. وقد مرَّ مفصَّلًا من قبل. 17 - باب كَيْفَ كَانَ عَيْشُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ، وَتَخَلِّيهِمْ مِنَ الدُّنْيَا 6452 - حَدَّثَنِى أَبُو نُعَيْمٍ بِنَحْوٍ مِنْ نِصْفِ هَذَا الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ آللَّهِ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِنْ كُنْتُ لأَعْتَمِدُ بِكَبِدِى عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لأَشُدُّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِى مِنَ الْجُوعِ، وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمُ الَّذِى يَخْرُجُونَ مِنْهُ، فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، مَا سَأَلْتُهُ إِلاَّ لِيُشْبِعَنِى، فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بِى عُمَرُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، مَا سَأَلْتُهُ إِلاَّ لِيُشْبِعَنِى، فَمَرَّ فَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بِى أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآنِى وَعَرَفَ، مَا فِى نَفْسِى وَمَا فِى وَجْهِى ثُمَّ قَالَ «أَبَا هِرٍّ». قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «الْحَقْ». وَمَضَى فَتَبِعْتُهُ، فَدَخَلَ فَاسْتَأْذَنَ، فَأَذِنَ لِى، فَدَخَلَ فَوَجَدَ لَبَنًا فِى قَدَحٍ فَقَالَ «مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ». قَالُوا أَهْدَاهُ لَكَ فُلاَنٌ أَوْ فُلاَنَةُ. قَالَ «أَبَا هِرٍّ». قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «الْحَقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ لِى». قَالَ وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الإِسْلاَمِ، لاَ يَأْوُونَ إِلَى أَهْلٍ وَلاَ مَالٍ، وَلاَ عَلَى أَحَدٍ، إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، وَأَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا، فَسَاءَنِى ذَلِكَ فَقُلْتُ وَمَا هَذَا اللَّبَنُ فِى أَهْلِ الصُّفَّةِ كُنْتُ أَحَقُّ أَنَا أَنْ أُصِيبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا، فَإِذَا جَاءَ أَمَرَنِى فَكُنْتُ أَنَا أُعْطِيهِمْ، وَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَنِى مِنْ هَذَا اللَّبَنِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - بُدٌّ، فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ فَأَقْبَلُوا، فَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ، وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ الْبَيْتِ قَالَ «يَا أَبَا هِرٍّ». قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «خُذْ فَأَعْطِهِمْ». قَالَ فَأَخَذْتُ الْقَدَحَ فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَىَّ الْقَدَحَ، فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَىَّ الْقَدَحَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَىَّ الْقَدَحَ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ رَوِىَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ، فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ فَنَظَرَ إِلَىَّ فَتَبَسَّمَ فَقَالَ «أَبَا هِرٍّ». قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ». قُلْتُ صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «اقْعُدْ فَاشْرَبْ». فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ. فَقَالَ «اشْرَبْ». فَشَرِبْتُ، فَمَا زَالَ يَقُولُ «اشْرَبْ». حَتَّى قُلْتُ لاَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا. قَالَ «فَأَرِنِى». فَأَعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَسَمَّى، وَشَرِبَ الْفَضْلَةَ. طرفه 5375، 6246 - تحفة 14344 - 121/ 8

18 - باب القصد والمداومة على العمل

6453 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ إِنِّى لأَوَّلُ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، وَرَأَيْتُنَا نَغْزُو، وَمَا لَنَا طَعَامٌ إِلاَّ وَرَقُ الْحُبْلَةِ وَهَذَا السَّمُرُ، وَإِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ، مَا لَهُ خِلْطٌ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِى عَلَى الإِسْلاَمِ، خِبْتُ إِذًا وَضَلَّ سَعْيِى. طرفاه 3728، 5412 - تحفة 3913 6454 - حَدَّثَنِى عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ طَعَامِ بُرٍّ ثَلاَثَ لَيَالٍ تِبَاعًا حَتَّى قُبِضَ. طرفه 5416 - تحفة 15986 6455 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ - هُوَ الأَزْرَقُ - عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ عَنْ هِلاَلٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا أَكَلَ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - أَكْلَتَيْنِ فِى يَوْمٍ، إِلاَّ إِحْدَاهُمَا تَمْرٌ. تحفة 17347 6456 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ فِرَاشُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَدَمٍ، وَحَشْوُهُ مِنْ لِيفٍ. تحفة 17254 6457 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ كُنَّا نَأْتِى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَخَبَّازُهُ قَائِمٌ وَقَالَ كُلُوا فَمَا أَعْلَمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَغِيفًا مُرَقَّقًا، حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ، وَلاَ رَأَى شَاةً سَمِيطًا بِعَيْنِهِ قَطُّ. أطرافه 5385، 5421 - تحفة 1406 6458 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ يَأْتِى عَلَيْنَا الشَّهْرُ مَا نُوقِدُ فِيهِ نَارًا، إِنَّمَا هُوَ التَّمْرُ وَالْمَاءُ، إِلاَّ أَنْ نُؤْتَى بِاللُّحَيْمِ. أطرافه 2567، 6459 - تحفة 17327 6459 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ ابْنَ أُخْتِى إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلاَلِ ثَلاَثَةَ أَهِلَّةٍ فِى شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ فِى أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَارٌ. فَقُلْتُ مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ قَالَتِ الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ إِلاَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ لَهُمْ مَنَائِحُ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَبْيَاتِهِمْ، فَيَسْقِينَاهُ. طرفاه 2567، 6458 - تحفة 17352 - 122/ 8 6460 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ ارْزُقْ آلَ مُحَمَّدٍ قُوتًا». تحفة 14898 18 - باب الْقَصْدِ وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ 6461 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَشْعَثَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ

سَمِعْتُ مَسْرُوقًا قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَىُّ الْعَمَلِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتِ الدَّائِمُ. قَالَ قُلْتُ فَأَىَّ حِينٍ كَانَ يَقُومُ قَالَتْ كَانَ يَقُومُ إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ. أطرافه 1132، 6462 - تحفة 17659 6462 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الَّذِى يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ. أطرافه 1132، 6461 - تحفة 17169 6463 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَنْ يُنَجِّىَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ». قَالُوا وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «وَلاَ أَنَا، إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِى اللَّهُ بِرَحْمَةٍ، سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاغْدُوا وَرُوحُوا، وَشَىْءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ. وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا». أطرافه 39، 5673، 7235 - تحفة 13029 6464 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ، وَأَنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ أَدْوَمُهَا إِلَى اللَّهِ، وَإِنْ قَلَّ» طرفه 6467 - تحفة 17775 6465 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ «أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ». وَقَالَ «اكْلَفُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ». طرفاه 1969، 1970 - تحفة 17718 6466 - حَدَّثَنِى عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ قُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَيْفَ كَانَ عَمَلُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الأَيَّامِ قَالَتْ لاَ، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَطِيعُ. طرفه 1987 - تحفة 17406 - 123/ 8 6467 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، فَإِنَّهُ لاَ يُدْخِلُ أَحَدًا الْجَنَّةَ عَمَلُهُ». قَالُوا وَلاَ، أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِى اللَّهُ بِمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ». قَالَ أَظُنُّهُ عَنْ أَبِى النَّضْرِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ. وَقَالَ عَفَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «سَدِّدُوا وَأَبْشِرُوا». وَقَالَ مُجَاهِدٌ سَدَادًا {سَدِيدًا} [النساء: 9] صِدْقًا. طرفه 6464 - تحفة 17775، 17714 6468 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -

19 - باب الرجاء مع الخوف

صَلَّى لَنَا يَوْمًا الصَّلاَةَ، ثُمَّ رَقِىَ الْمِنْبَرَ فَأَشَارَ بِيَدِهِ قِبَلَ قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ «قَدْ أُرِيتُ الآنَ - مُنْذُ صَلَّيْتُ لَكُمُ الصَّلاَةَ - الْجَنَّةَ وَالنَّارَ مُمَثَّلَتَيْنِ فِى قُبُلِ هَذَا الْجِدَارِ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ». أطرافه 93، 540، 749، 4621، 6362، 6486، 7089، 7090، 7091، 7294، 7295 - تحفة 1647 والقصدُ: هو تركُ الإِفراطِ والتفريطِ، وأصلُه: الذهابُ نحو المقصد بدون اعوجاج، وميل إلى الأطراف. ومن لوازمه: سلوكُ وسط الطريق، وبهذا اسْتُعْمِلَ في الاعتدال. 19 - باب الرَّجَاءِ مَعَ الْخَوْفِ وَقَالَ سُفْيَانُ: مَا فِى الْقُرْآنِ آيَةٌ أَشَدُّ عَلَىَّ مِنْ: {لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [المائدة: 68]. تحفة 18773 د 6469 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِى عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، وَأَرْسَلَ فِى خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً، فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِى عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْأَسْ مِنَ الْجَنَّةِ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِى عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النَّارِ». طرفه 6000 - تحفة 13005 حكايةٌ: رُوِيَ عن رجلٍ مشغوفٍ بالمعقول: أن معناه: اطرِحوا الخوفَ في طرفٍ، والرجاءَ في طرفٍ. فلمَّا بَلغني مقالتُه، قلتُ: سبحان الله كلا، بل معناه أن أَوْرِثُوا الخشيةَ في قلوبكم من طرفٍ، وتَرَجَّوْا أنفسَكم من رحمة الله من طرفٍ آخر، ثم اسلكوا الطريقَ. فهذان جناحان لمن أراد الطيرانَ إلى الجنة. 6469 - قوله: (إنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ) أي آثارها. 20 - باب الصَّبْرِ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]. وَقَالَ عُمَرُ: وَجَدْنَا خَيْرَ عَيْشِنَا بِالصَّبْرِ. 6470 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُنَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَسْأَلْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلاَّ أَعْطَاهُ حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُمْ حِينَ نَفِدَ كُلُّ شَىْءٍ أَنْفَقَ بِيَدَيْهِ «مَا يَكُنْ عِنْدِى مِنْ خَيْرٍ لاَ أَدَّخِرْهُ عَنْكُمْ، وَإِنَّهُ مَنْ يَسْتَعِفَّ يُعِفُّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَلَنْ تُعْطَوْا عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ». طرفه 1469 - تحفة 4152 - 124/ 8

21 - باب {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} [الطلاق: 3]

6471 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عِلاَقَةَ قَالَ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى حَتَّى تَرِمَ - أَوْ تَنْتَفِخَ - قَدَمَاهُ فَيُقَالُ لَهُ، فَيَقُولُ «أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا». طرفاه 1130، 4836 - تحفة 11498 21 - باب {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3] قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: مِنْ كُلِّ مَا ضَاقَ عَلَى النَّاسِ. 6472 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ حُصَيْنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ كُنْتُ قَاعِدًا عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِى سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ، هُمُ الَّذِينَ لاَ يَسْتَرْقُونَ، وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ». أطرافه 3410، 5705، 5752، 6541 - تحفة 5493 أي فهو حسبُه من كلِّ مضيقٍ، وهو معنى ما قاله الرَّبِيعُ، كما في الكتاب. 22 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ قِيلَ وَقَالَ 6473 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُغِيرَةُ وَفُلاَنٌ وَرَجُلٌ ثَالِثٌ أَيْضًا عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى الْمُغِيرَةِ أَنِ اكْتُبْ إِلَىَّ بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمُغِيرَةُ أَنِّى سَمِعْتُهُ يَقُولُ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلاَةِ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ». ثَلاَثَ مَرَّاتٍ قَالَ وَكَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ، وَمَنْعٍ وَهَاتِ، وَعُقُوقِ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدِ الْبَنَاتِ. وَعَنْ هُشَيْمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ وَرَّادًا يُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 844، 1477، 2408، 5975، 6330، 6615، 7292 - تحفة 11535 23 - باب حِفْظِ اللِّسَانِ وقَوْلِ النبي صلى الله عليه وسلّم: «وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ». وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)} [ق: 18]. 125/ 8 6474 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِىٍّ سَمِعَ أَبَا حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ يَضْمَنْ لِى مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ». طرفه 6807 - تحفة 4736 6475 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ

24 - باب البكاء من خشية الله

بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أَوْ لِيَصْمُتْ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ». أطرافه 5185، 6018، 6136، 6138 - تحفة 15131 6476 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا لَيْثٌ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِى شُرَيْحٍ الْخُزَاعِىِّ قَالَ سَمِعَ أُذُنَاىَ وَوَعَاهُ قَلْبِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ جَائِزَتُهُ». قِيلَ مَا جَائِزَتُهُ قَالَ «يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أَوْ لِيَسْكُتْ». طرفاه 6019، 6135 - تحفة 12056 6477 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا، يَزِلُّ بِهَا فِى النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ». طرفه 6478 - تحفة 14283 6478 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِى ابْنَ دِينَارٍ - عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لاَ يُلْقِى لَهَا بَالاً، يَرْفَعُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لاَ يُلْقِى لَهَا بَالاً يَهْوِى بِهَا فِى جَهَنَّمَ». طرفه 6477 - تحفة 12821 24 - باب الْبُكَاءِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ 6479 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ، رَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ». أطرافه 660، 1423، 6806 - تحفة 12264 - 126/ 8 25 - باب الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ 6480 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِىٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يُسِىءُ الظَّنَّ بِعَمَلِهِ، فَقَالَ لأَهْلِهِ إِذَا أَنَا مُتُّ فَخُذُونِى فَذَرُّونِى، فِى الْبَحْرِ فِى يَوْمٍ صَائِفٍ، فَفَعَلُوا بِهِ، فَجَمَعَهُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى الَّذِى صَنَعْتَ قَالَ مَا حَمَلَنِى إِلاَّ مَخَافَتُكَ. فَغَفَرَ لَهُ». طرفاه 3452، 3479 - تحفة 3312 6481 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ أَبِى حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ رَجُلاً فِيمَنْ كَانَ سَلَفَ أَوْ قَبْلَكُمْ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً وَوَلَدًا - يَعْنِى أَعْطَاهُ قَالَ - فَلَمَّا حُضِرَ قَالَ لِبَنِيهِ أَىَّ أَبٍ كُنْتُ قَالُوا خَيْرَ أَبٍ. قَالَ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْتَئِرْ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا - فَسَّرَهَا قَتَادَةُ لَمْ يَدَّخِرْ - وَإِنْ يَقْدَمْ عَلَى اللَّهِ يُعَذِّبْهُ فَانْظُرُوا، فَإِذَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِى، حَتَّى إِذَا صِرْتُ فَحْمًا فَاسْحَقُونِى - أَوْ

26 - باب الانتهاء عن المعاصي

قَالَ فَاسْهَكُونِى - ثُمَّ إِذَا كَانَ رِيحٌ عَاصِفٌ فَأَذْرُونِى فِيهَا. فَأَخَذَ مَوَاثِيقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَرَبِّى فَفَعَلُوا فَقَالَ اللَّهُ كُنْ. فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ، ثُمَّ قَالَ أَىْ عَبْدِى مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ قَالَ مَخَافَتُكَ - أَوْ فَرَقٌ مِنْكَ - فَمَا تَلاَفَاهُ أَنْ رَحِمَهُ اللَّهُ». فَحَدَّثْتُ أَبَا عُثْمَانَ فَقَالَ سَمِعْتُ سَلْمَانَ غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ فَأَذْرُونِى فِى الْبَحْرِ. أَوْ كَمَا حَدَّثَ. وَقَالَ مُعَاذٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ عُقْبَةَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 3478، 7508 - تحفة 4499 أ، 4247 26 - باب الاِنْتِهَاءِ عَنِ الْمَعَاصِي 6482 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَثَلِى وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِى اللَّهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَالَ رَأَيْتُ الْجَيْشَ بِعَيْنَىَّ، وَإِنِّى أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ فَالنَّجَا النَّجَاءَ. فَأَطَاعَتْهُ طَائِفَةٌ فَأَدْلَجُوا عَلَى مَهْلِهِمْ فَنَجَوْا، وَكَذَّبَتْهُ طَائِفَةٌ فَصَبَّحَهُمُ الْجَيْشُ فَاجْتَاحَهُمْ». طرفه 7283 - تحفة 9065 6483 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّمَا مَثَلِى وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ جَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِى تَقَعُ فِى النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا، فَجَعَلَ يَنْزِعُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَقْتَحِمْنَ فِيهَا، فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، وَهُمْ يَقْتَحِمُونَ فِيهَا». تحفة 13767 - 127/ 8 6484 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ». طرفه 10 - تحفة 8834 6482 - قوله: (أَنَا النَّذِيرُ العُرْبَانُ)، وهذا على عادتهم، أنَّهم إذا رَأَوْا ذُعْرًا نَزَعُوا ثيابَهم، وحرَّكوها على ذروة جبلٍ، لِيَعْلَمَ الناسُ أن هناك مُفْزِعًا، فيأخذوا على أسلحتهم وأمتعتهم. 6483 - قوله: (فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ) فيه أنَّ موضعَ الأخذِ هو الحُجْزَةُ، فلتكم هي معقد اليدين في الصلاة دون الصدر. 27 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» 6485 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - كَانَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا». طرفه 6637 - تحفة 13217

28 - باب حجبت النار بالشهوات

6486 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا». أطرافه 93، 540، 749، 4621، 6362، 6468، 7089، 7090، 7091، 7294، 7295 تحفة 1608 28 - باب حُجِبَتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ 6487 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «حُجِبَتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ، وَحُجِبَتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ». تحفة 13851 وفيه شرحان: الأوَّلُ: أنَّ اللهَ جعل حِجَابُ النار هي الشهواتُ، فهي محجوبةٌ عن أعين النَّاسِ، فلا يَرَوْنَ إلَّا حِجَابَها، وهي الشهواتُ، فيقتحمونها، فإذا اقتحموها يدخلون النَّارَ. على عكس حال الجنة، فإنَّ المرئي منها المكارهُ، فلا يَقْرَبُونَها، مخافةً لها، فَيُحْرَمُون عمَّا كان محجوبًا دونها، وهي الجنةُ. هذا شرحُ الجمهور. وذهب القاضي أبو بكر بن العربيّ إلى أن النَّارَ بنفسها حِجَابٌ للشهوات، والشهواتُ محجوبةٌ منها، فهم لا يَرَوْنَ إلَّا الشهواتِ. كشبكة الصيَّاد، فإنها تكونُ مستوةً، والحبةُ التي ألقاها للطير باديةً، فإذا قَصَدَ الطيرُ أن يَكْكُلَ الجبةَ يقع في شبكتها قبل وصوله إليها. فهكذا حالُ النَّر والشهوات، فإنَّهم يَرَوْنَ الشهواتِ، دون النار التي حولها، كالشبكة، فلا يمكن لهم الوصولُ إليها إلَّا باقتحام النار، فإذا قَصَدُوا إليها وَقَعُوا في النار، على عكس حال الجنة. فالحديثُ عنده من باب قوله: وقد حِيلَ بين العير والنَّزَوَان، أي وقع الحيلولةُ. فمعنى قولِهِ صلى الله عليه وسلّم «حُجِبت النارُ» عنده، أي وقع الحِجَابُ بالنار. قلتُ: والظاهرُ عندي أنَّ الشرحَيْن صحيحان، أمَّا شرحُ ابن العربيّ فباعتبار نشأة الدنيا ولا ريبَ أن النَّاسَ في الدنيا يتحمَّلُون المكارهَ، فهم قد دَخَلُوا فيها، والجنةُ خارجةٌ عنها، فهي الآن كالحِفَاف للمكاره. فنسبةُ الجنة والمكاره ما دامت تلك النشألة قائمةً، كنسبة الشَّبكة والحبَّة، فإنَّ الشَّبكةَ تكون خارجةً، والحبَّةَ داخلةً. كذلك حالُ بني آدم الآن، فإنَّهم قد دَخَلُوا في المصائب، وأمَّا إذا قامت القيامةُ، وبلغ الناسُ منازلَهم من الجنة، والنار، يَنْعَكِسُ الحالُ حينئذٍ، فإن الشهواتِ والمكارهَ تصير خارجةً وخِفَافًا، والجنةَ والنارَ التي دخلوها محفوفةً، وحينئذٍ يَظْهَرُ شرحُ الجمهور. والحاصلُ: أنَّ شرحَ ابن العربيِّ أصوبُ بالنظر إلى الحالة الراهنة، وشرحَ الجمهور أقربُ بالنظر إلى عالم الآخرة. فهما نظران لا غير، وإن كان الأسبقُ إلى الذهن شرحَ

29 - باب «الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك»

الجمهور، فشرحُهم أسبقُ، وشرحُ القاضي ألطفُ (¬1). 29 - باب «الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ» 6488 - حَدَّثَنِى مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ وَالأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ». تحفة 9308، 9269 6489 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَصْدَقُ بَيْتٍ قَالَهُ الشَّاعِرُ أَلاَ كُلُّ شَىْءٍ مَا خَلاَ اللَّهَ بَاطِلُ». طرفاه 3841، 6147 - تحفة 14976 30 - باب لِيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ، وَلاَ يَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ 6490 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ فِى الْمَالِ وَالْخَلْقِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ». تحفة 13852 - 128/ 8 31 - باب مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ أَوْ بِسَيِّئَةٍ 6491 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا جَعْدٌ أَبُو عُثْمَانَ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِىُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا يَرْوِى عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً». تحفة 6318 6491 - قوله: (فَلَمْ يَعْمَلْهَا) أي بالاختيار، وقد تكلَّمنا عليه مفصَّلًا من قبل. 32 - باب مَا يُتَّقَى مِنْ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ 6492 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مَهْدِىٌّ عَنْ غَيْلاَنَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ ¬

_ (¬1) قلتُ: وحاصلُه: أن اعتبارَ الخارجِ والداخلِ يختلفُ باعتبار الرجل في نفسه، كحال الجهات، فإنَّها تختلفُ بتقلُّب الرجل، فإن اعتبرتَ نفسكَ في جانب المصائب، تبقى الجنةُ خارجة عنك، كما هو الآن. وإن اعتددتَ نفسكَ في جانب الجنة، تكون المصائبُ خارجة لكونك الآن في الجنة. وهذا يكون في عالم الآخرة إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلمُ بالصواب.

33 - باب الأعمال بالخواتيم، وما يخاف منها

إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالاً هِىَ أَدَقُّ فِى أَعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعَرِ، إِنْ كُنَّا نَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُوبِقَاتِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِى بِذَلِكَ الْمُهْلِكَاتِ. تحفة 1129 33 - باب الأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ، وَمَا يُخَافُ مِنْهَا 6493 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ نَظَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى رَجُلٍ يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ الْمُسْلِمِينَ غَنَاءً عَنْهُمْ فَقَالَ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا». فَتَبِعَهُ رَجُلٌ فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى جُرِحَ، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ. فَقَالَ بِذُبَابَةِ سَيْفِهِ، فَوَضَعَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، فَتَحَامَلَ عَلَيْهِ، حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّمَا الأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا». أطرافه 2898، 4202، 4207، 6607 - تحفة 4754 - 129/ 8 34 - باب الْعُزْلَةُ رَاحَةٌ مِنْ خُلاَّطِ السُّوءِ 6494 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ حَدَّثَهُ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ النَّاسِ خَيْرٌ قَالَ «رَجُلٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَرَجُلٌ فِى شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ». تَابَعَهُ الزُّبَيْدِىُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ وَالنُّعْمَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَطَاءٍ أَوْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ يُونُسُ وَابْنُ مُسَافِرٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2786 - تحفة 4151، 4142، 15638 6495 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا الْمَاجِشُونُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَأْتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ خَيْرُ مَالِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ الْغَنَمُ، يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ». أطرافه 19، 3300، 3600، 7088 - تحفة 4103 أي يعتزل عن الناس، فيستريحُ عن اختلاط فُسَّاق الناس. 35 - باب رَفْعِ الأَمَانَةِ 6496 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا هِلاَلُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا ضُيِّعَتِ

الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ». قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ، فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ». طرفه 59 - تحفة 14233 6497 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثَيْنِ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ، حَدَّثَنَا «أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِى جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ». وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا قَالَ «يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى أَثَرُهَا مِثْلَ الْمَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا، وَلَيْسَ فِيهِ شَىْءٌ، فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ فَلاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّى الأَمَانَةَ، فَيُقَالُ إِنَّ فِى بَنِى فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِينًا. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ مَا أَعْقَلَهُ وَمَا أَظْرَفَهُ وَمَا أَجْلَدَهُ. وَمَا فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، وَلَقَدْ أَتَى عَلَىَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالِى أَيَّكُمْ بَايَعْتُ لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا رَدَّهُ الإِسْلاَمُ، وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَىَّ سَاعِيهِ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَمَا كُنْتُ أُبَايِعُ إِلاَّ فُلاَنًا وَفُلاَنًا». قَالَ الْفِرَبْرِىُّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ حَدَّثْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَاصِمٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ يَقُولُ قَالَ الأَصْمَعِىُّ وَأَبُو عَمْرٍو وَغَيْرُهُمَا جَذْرُ قُلُوبِ الرِّجَالِ الْجَذْرُ الأَصْلُ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ، وَالْوَكْتُ أَثَرُ الشَّىْءِ الْيَسِيرُ مِنْهُ، وَالْمَجْلُ أَثَرُ الْعَمَلِ فِى الْكَفِّ إِذَا غَلُظَ. طرفاه 7086، 7276 - تحفة 3328 - 130/ 8 6498 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّمَا النَّاسُ كَالإِبِلِ الْمِائَةُ لاَ تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً». تحفة 6853 وقد مرَّ أنها صفةٌ من صفات القلب، بها يعتمد الناسُ على صاحبها، ولا يكونون منه في ريبٍ وريبةٍ. وهي لونُ الإِيمان، مقدَّمةٌ عليه، ولذا اشْتُقَّ منها اسمُ الإِيمان. 6497 - قوله: (الوَكْتِ): "سياه داغ". قوله: (المَجْلِ): "آبله". واعلم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم ضَرَبَ لهم مثلًا لرفعِ الأمانة أوَّلًا، ثم ذكر مِثَالًا لإِيضاح تمثيله، فقال: كجمرٍ دَحْرَجْتَهُ ... إلخ. ثم اختلف الشارحون أنَّ التشبيهَ للأمانة الزائلة، أو الباقية، وهما وجهان، وراجع الطِيبيَّ. قوله: (ولَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ) ... إلخ، هذا من قول حُذيْفَة. 6498 - قوله: (رَاحِلَةً) قال ابن قُتَيْبَةَ: إنه للمذكَّر والمؤنَّث سواءٌ، والمشهورُ أنَّ التاءَ فيه للتأنيث.

36 - باب الرياء والسمعة

36 - باب الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ 6499 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِى سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ. وَحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ جُنْدَبًا يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرَهُ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِى يُرَائِى اللَّهُ بِهِ». طرفه 7152 - تحفة 3257 37 - باب مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ 6500 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْسَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ إِلاَّ آخِرَةُ الرَّحْلِ فَقَالَ «يَا مُعَاذُ». قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ «يَا مُعَاذُ». قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ «يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ». قُلْتُ «لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ «هَلْ تَدْرِى مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ». قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ، وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا». ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ «يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ». قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ «هَلْ تَدْرِى مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوهُ». قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ». أطرافه 2856، 5967، 6267، 7373 - تحفة 11308 - 131/ 8 38 - باب التَّوَاضُعِ 6501 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - كَانَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نَاقَةٌ. قَالَ وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا الْفَزَارِىُّ وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَتْ نَاقَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تُسَمَّى الْعَضْبَاءَ، وَكَانَتْ لاَ تُسْبَقُ، فَجَاءَ أَعْرَابِىٌّ عَلَى قَعُودٍ لَهُ فَسَبَقَهَا، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَقَالُوا سُبِقَتِ الْعَضْبَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ لاَ يَرْفَعَ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ وَضَعَهُ». تحفة 663، 768، 683 6502 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ حَدَّثَنِى شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى نَمِرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِى وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَىْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِى يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِى يَمْشِى بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِى لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِى لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ

عَنْ شَىْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِى عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ». تحفة 14222 6501 - قوله: (فاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى المُسْلِمِينَ) أي ساءهم ذلك، وتفجَّروا في أنفسهم، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلّم «فقيهٌ واحدٌ أشدُّ على الشيطان» ... إلخ، أي إنَّ الشيطانَ يَسُوؤه وجودَ فقيهٍ واحدٍ. وليس معنى شدته عليه غلبتَه عليه، كما زُعِمَ. 6502 - قوله: (مَنْ عَادَى لي وَلِيًّا) وإنَّما قال: «من عادى لي»، ولم يَقُل: «وليًا لي»، تفخيمًا لشأن العداوة، لأنَّ في الأوَّل إيذانًا بأن عداوةَ وليَ كأنَّها عداوةُ الله تعالى، بخلاف الثاني. قوله: (وما يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِليَّ بالنَّوَافِلِ) ... إلخ. وههنا بحثٌ للصوفية في فضل القُرْب بالنوافل، والقُرْب بالفرائض. فقالوا: إن العبدَ في القُرْبِ الأوَّل يصيرُ جارحةً جلَّ مجده، والله سبحانه نفسه يكون جاريحةً لعبده في القُرْبِ الثاني. وذلك لأنَّ الفرائضَ مفروضةٌ من الله تعالى على عباده، وليس لهم بُدٌّ من الإِتيان بها، فكانوا فيها كالجارحة للرجل. وأمَّا النوافلُ، فالعبدُ يأتي بها بطوعها، من دون عزمٍ عليه، فإذا تقرَّب بها إلى الله تعالى كان اللهُ له كالجارحة. قلتُ: أمَّا كونُ الله تعالى جارحةً للعبد في القرب بالنوافل، فذلك نصُّ الحديث. وأمَّا ما ذكروه في القرب بالفرائض، فلا لفظَ له في الحديث، إلَّا أنَّهم أخذوه بالمقابلة. والذي تبيَّن لي أن القربَ في الفرائض أَزْيَدُ وأكملُ، فإنه يَجْلِبُ المحبوبيةَ له تعالى من أوَّل الأمر. بخلاف القُرْب في النوافل، فإنها تَجْلِبُ المحبوبيةَ تدريجًا، وإن كانت ثمرتُها في الانتهاء أيضًا هي المحبوبيةُ. ولكن ما يَحْصُلُ من النوافل آخرًا يَحْصُلُ من الفرائضِ أوَّلًا، فأنَّى يستويان وإليه تُرْشِدُ ألفاظُ الحديث، فإنَّه قال في الفرائض: «ما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أَحَبَّ إليَّ ممَّا افترضتُ عليه»، فجعل مفروضَه أحبَّ إليه من أوَّل الأمر، وجعل ثمرتَه القربَ. بخلاف النوافل، فإنَّ القُرْبَ منها تدريجيٌّ، يتدرَّجُ العبدُ إليه شيئًا فشيئًا. وبالجملةِ أنَّهما في النتيجة سواء، وهي المحبوبيةُ، غير أنَّها تْحْصُلُ بالفرائض أوَّلًا، وبالنوافل ثانيًا. قوله: (كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ بِهِ) ومرَّ عليه الذهبيُّ في «الميزان»، وقال: لولا هيبةُ الجامع لقلتُ فيه: سبحان الله. وكان الذهبيُّ لم يتعلَّم علمَ المنطق. قلتُ: إذا صَحَّ الحديثُ، فَلْيَضَعْهُ على الرأس والعين، وإذا تعالى شيءٌ منه عن الفهم، فَلْيَكِلْهُ إلى أصحابه، وليس سبيلُه ىٌّ يُجَرِّحَ فيه. أمَّا علماءُ الشريعة فقالوا: معناه أنَّ جوارحَ العبد تصيرُ تابعةً للمرضاة الإِلهية، حتَّى

لا تتحرَّك إلَّا على ما يرضى به ربُّه. فإذا كانت غايةُ سمعِه وبصرِه وجوارحِه كلِّها هو اللهُ سبحانه، فحينئذٍ صَحَّ أن يقالَ: إنه لا يَسْمَعُ إلَّا له، ولا يتكلَّمُ إلَّا له، فكأنَّ اللَّهَ سبحانه صار سمعَه وبصرَه. قلتُ: وهذا عدولٌ عن حقِّ الألفاظ، لأنَّ قولَه: «كنتُ سمعَه»، بصيغة المتكلِّم، يَدُلُّ على أنَّه لم يبق من المتقرِّب بالنوافل إلَّا جسدُه وشبحُه، وصار المتصرِّفُ فيه الحضرةَ الإِلهيةَ فحسب، وهو الذي عناه الصوفية بالفناء في الله، أي الانسلاخ عن داوي نفسه، حتى لا يكونَ المتصرِّفُ فيه إلَّا هو. وفي الحديث لمعةٌ إلى وَحْدَةِ الوجود. وكان مشايخُنا مولعين بتلك المسألة إلى زمن الشاه عبد العزيز. أمَّا أنا، فلستُ بمتشدِّدٍ فيها: *ومن عَجَبٍ أنَّى أَحِنُّ إليهم ... وأسألُ عنهم دائمًا، وهم معي! *وتبكيهم عيني، وهم في سوادِها، ... وتَشْتَاقُهم روحي، وهم بين أَضْلُعي فائدةٌ: لا بأسَ أن نعودَ إلى مبحث التجلِّي، وإن ذكرناه مِرَارًا. فاعلم أن التجلِّي ضروبٌ وأمثالٌ تقام وتُنْصَبُ بين الرب وعبده، لمعرفته تعالى. فتلك مخلوقةٌ، وهي التي تسمَّى برؤية الرب جلَّ مجده، وهذا كما في القرآن العزيز في قصة موسى عليه الصلاة والسلام: {فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ} [النمل: 8]، فالمرئي، والمَشَاهدُ لم يكن إلَّا النارَ، دون الرب جلَّ مجده، ولكنَّ اللَّهَ سبحانه لمَّا تجلَّى فيها قال: {يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ} [القصص: 30]. وما رأيتُ لفظًا موهمًا في سائر القرآن أزيدَ من هذا، فانظر فيه أنه كيف سَمِعَ صوتًا من النار {إِنِّي أَنَا اللَّهُ}، فهو نارٌ. ثم صَحَّ قولُه: {إِنِّي أَنَا اللَّهُ} أيضًا. فالمتكلِّمُ في المرئي كان هو الشجرة، ثم أسند تكلُّمَها إلى الله تعالى، وذلك لأنَّ الربَّ جلَّ مجدُه لمَّا تجلَّى فيها، صارت الواسطةُ لمعرفته إيَّاه هي الشجرةُ، فأخذ المتجلَّى فيه حكمَ المتجلِّي بنفسه بنحو تجريدٍ. وهذا الذي قلنا فينا سبق: أنَّ المرئي في التجلِّي لا تكون إلَّا الصورَ، والمرمى يكون هو الذات. وإنَّما تجلَّى ربُّه في النَّار لحاجة موسى عليه الصلاة والسلام إليها، ولو كانت له حاجةٌ إلى غيرها لرآه في غيرها: *فرآه نارًا، وهو نورٌ ... في الملوك، وفي العَسَس *لو جاء يَطْلُبُ غيرَه ... لرآه فيه، وما انْتَكَس فأمثالُ تلك الأحاديث عندي تَرْجِعُ إلى مسألة التجلِّي. فإن فَهِمْتَ معنى التجلِّي، كما هو حقُّه، وبلغت مَبْلَغَهُ، فدع الأمثالَ والصورَ المنصوبةَ، وارق إلى ربِّك حنيفًا. فإنَّه إذا صَحَّ للشجرة أن ينافي فيها: بـ {إِنِّي أَنَا اللَّهُ}، فما بالُ المتقرِّب بالنوافل أن لا يكونَ

اللهُ سمعَه وبصرَه. كيف وأن ابن آدم الذي خُلِقَ على صورة الرحمن ليس بأَدْوَن من شجرة موسى عليه الصلاة والسلام (¬1). قوله: (وَمَا تَرَدَّدْتُ (¬2) عَنْ شَيْءٍ أنا فَاعِلُهُ) ... إلخ، لا ريبَ أن التردُّدَ في جَنَابه ¬

_ (¬1) قلتُ: ولمَّا كان بحثُ التجلي يتعلَّق بالأمور الإِلهيةِ، كفَفْتُ فيه عِنَان القلم، حتَّى لا يَجْمَع بين رَطْبٍ ويابسٍ، واهتممتُ أن لا آتي فيه بألفاظٍ، إلَّا ما جاءت في الحديث. ومع ذلك فقد سَبَقَ مني ما ليس لي بحقٍّ. وها أنا أستغفرُ اللهَ العظيمَ، وأطْلُبُ غفرانَه لكلِّ ما فَرَطَ مني خطأً، أو عمدًا. وعليكَ أن تتأمَّلَ تلك المباحث بعين التحقيق، فإنَّها لا تَنْحُلُّ بالعلوم الظاهرةِ فقط ما لم تَرْجِعْ إلى كُتُبِ الصوفية، فإنَّ لكلِّ فنٍّ رجالًا، فلا تَعُدَّها تافهًا. وما كنتُ أريدُ أن أسوِّدَها مخافةَ الجلاء، ثم سَنَحَ لي أن أسمحَ بها، لعلَّه تكونُ من المائة راحلةٌ. ورُبَّ مُبلَّغَ أَوْعَى من سامع، وإن كلمةَ الحكمة ضالةُ الحكيم. فأَرْجُو من الحكيم أن يأخُذَ منِّي ضالَّتَه، ويَصِلَني بدعواتٍ صالحةٍ، تَلْحَقُني في حياتي، وبعد مماتي. (¬2) قلتُ: قال الحافظُ فضل الله التُّورِبِشتيّ في "شرح المصابيح"، من باب ذكر الله عزَّ وجلَّ، والتقرب إليه: إنَّ أهلَ العلم أوَّلوه على ترديد الأسباب والوسائط، منهم أبو سليمان الخطَّابيّ، وجعلوا قصةَ موسى عليه السلام مع مَلَكِ الموت إسنادًا لقولهم. وآزرَهُ بعضُهم بما جاء في الأثر من حديث إبراهيم، خليل الرحمن عليه السلام، والمَلَكِ الذي مُثل له صورةَ شيخٍ فانٍ، وفيه شهرةٌ عند أصحاب الأقاصيص. والذي قالوا هو الوجهُ، إلَّا أنَّه على هذا الوجه لا يَشْفِي غليلَ من لم يَرِدْ مواردَ المعاني المصبوبةِ في قوالب المتشابهات، فَيلتَبِسُ عليه القولُ المرويُّ عن صاحب الشريعة. من أمر اللهِ الذي لا سلطانَ للتشابه عليه، ولا مدخلَ للتردُّدَ فيه، بالأمر المرئيِّ عمَّن يأتيه الجهل بالندم والبَدَاء، ويَصْرف عن أنحائه اختلافَ الآراء. وإذ قد عرفنا أن قوله: "ما تردَّدتُ في شيءٍ أنا فاعلُه"، مرتَّبٌ عليه: "وهو يَكْرَهُ الموتَ، وأنا أكْرَهُ مَسَاءَتَهُ". وعرفنا من غير هذا الحديث: أن اللهَ تعالى يُرْفِقُ بعبدِه المؤمنِ، ويَلْطُفُ به عند الموت، حتَّى يُزِيلُ عنه كراهةَ الموت، وذلك في الحديث المتَّفَق على صحته عن عُبَادة بن الصَّامِت، وعائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله تعالى عنها، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّا لَنَكرَهُ الموتَ، قال: ليس ذاك، ولكنَّ المؤمنَ إذا حَضَرَهُ الموتُ بُشِّرَ برضوان الله، وكرامتِه، فليس شيءٌ أحبَّ إليه مِمَّا أمامه". فَعَلِمْنَا أن المرادَ من لفظ "التردُّد" في هذا الحديث إزالةُ كراهةِ الموتِ عن العبدِ المؤمنِ، بلطائف يُحْدِثُهَا اللهُ له، ويُظْهِرُهَا حتَّى تَذْهبَ الكراهةُ التي في نفسه بما يتحققُ عنده من البشرى برضوان الله وكرامته. وهذه الحالةُ يتقدَّمَها أحوالٌ كثيرةٌ، من مرضٍ، وهرمٍ، وفاقةٍ، وزَمَانةٍ، وشدَّةِ بلاءٍ، يهوِّنُ على العبد مفارقةَ الدنيا، ويَقطَعُ عنها علاقتَه، حتَّى إذا أيِس عنها، تحقَّق رجاؤه بما عند الله، فاشتاقَ إلى دار الكرامة. فأخذُ المؤمنِ عمَّا تثبَّت به من حُبِّ الحياةَ شيئًا فشيئًا بالأسباب التي أشرنا إليها، يُضَاهي فعلَ المتردِّد من حيث الضَّعَةُ، فعبَّر عنه بالتردُّد. ولمَّا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - هو المُخْبِرُ عن الله، وعن صفاته، وعن أفعاله بأمورٍ غيرِ معهودةٍ، لا يَكَادُ السامعُ يَعْرِفُهَا على ما هي عليه، أُذِنَ له أن يُعَبِّرَ عنها بألفاظٍ مستعملةٍ في أمورٍ معهودةٍ، تعريفًا للأمة، وتوقيفًا لهم، بالمجاز عن الحقيقة، وتقريبًا لِمَا ينأى عن الأفهام، وتقريرًا لِمَا يَضِيقُ عن الإِفصاح به نطاق البيان، وذلك بعد أن عرَّفهم ما يَجُوزُ على الله، وما لا يَجُوزُ اهـ. ولا بأسَ أن نأتيَكَ بكلام هذا الجِهبِذ في هذا الباب من موضع آخر، يُعِينُكَ في فَهْم هذا المعنى، ويوضِّح لك مزيدَ إيضاح، قال الحافظُ التُّورِبِشتِي في شرح حديث أنسٍ، رواه مسلم مرفوعًا: "للهِ أفرحُ بتوبة عبده ... " إلخ. إنا نقولُ هذا القولَ، وَأَمثالَه إذا أضِيفَ إلى الله سبحانه، وقد عُرِفَ أنَّه مِمَّا يَتَعَارَفه الناس في نعوت بني آدم، على ما تقدَّم في غير هذا الموضع. أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد بيانَ المعاني الغائبة، ولم يُطَاوِعْه فيه لفظٌ موضوعٌ لذلك، فله أن يأتيَ فيه بما يتَّضِحُ دونه المعنى المراد. =

تعالى مُحَالٌ، ولكنَّه جيء به على شأن خاطر عباده، لِيَعْلَمُوا ما قدْرِهم عند ربِّهم. وليس له لفظٌ لمثل هذا الموضع في عالمهم إلَّا هو، فحادثهم بحسب مجاري عُرْفِهم. هذا بحسب الجليِّ من النظر، وعند تدقيق النظر يَظْهَرُ أنَّ التفاتَه تعالى إلى أمرين متعارضين هو الذي عَنَى بالتردُّد، وعَبَّر عنه. فإنَّ اللَّهَ تعالى يتوجَّه أوَّلًا إلى توفِّي العبد، ثم إلى مَلاَلة العبد من موته، ولا بدَّ له منه في الدنيا، فكأنَّه مادةُ التردُّد للعبد. فإنَّ العبدَ إذا تردَّدَ فيما تتعارضُ فيه الجهات، فلا يَسْنَحُ له الترجيح، فيحدث له فيه التردُّد لا مَحَالَةَ. واللَّهُ سبحانه بريءٌ عن التردُّد، ولكنَّه عبَّر عنه في اللفظ، لكونه مادتَه عندهم. وبعبارةٍ أخرى: إنص العبدَ يكره موتَه، ومَلَكُ الموت يجيء لتوفَّاه، فحدث صورة التصادم والتقابل، وتلك الصورة سُمِّيت بالتردُّد، وإلَّا فلا تردُّد في جَنَابِه تعالى، فإنَّه فعَّالٌ لِمَا يَشَاءُ، وحاكمٌ لِمَا يريدُ ثم إنَّ تلك الصورة أيضًا في المواطن التحتانية، وأمَّا في الفوق، فلا شيءَ منه. وهذا كما في الحديث: «إن البلأَ يَنْزِلُ من السماء، وتَصْعَدُ الصدقةُ إليه، فلا يزالان يَتَصَارَعَان إلى يوم القيامة، حتى لا يَنْزِلَ هذا، ولا يَصْعَدَ هذا»، أو كما قال. فأمعن النظرَ فيه، هل يُوهِمُ في الظاهر أن الصدقةَ تَرُدُّ من القَدَرِ شيئًا. والوجهُ فيه: أنَّ هذا التصارعَ إنَّما هو في عالم الأسباب، وأمَّا عند ربك فقد جَفَّ القلمُ بما هو كائنٌ، وقد عُلِمَ من قبل أنَّ هذا البلاءَ يُرَدُّ عنه لأجل صدقته. ولمَّا كان ردّه من صدقته، لا بدَّ أن يَظْهَرَ هذا التعليقُ أيضًا في موطنٍ، وهو كما في الحديث. فهكذا لا تردُّد عند ربِّك أصلًا، ولكن لمَّا كانت مادةُ التردُّدَ ممَّا تتجاذبُ فيها الجهاتُ، وهي متحقِّقةٌ فيما نحن فيه، عبَّر عنه بالتردُّد بحسب هذا الموطن، مع أنَّه لا تردُّد عند ربك، فإنَّه لا صباحَ عنده ولا مساءَ، فافهم (¬2). ¬

_ = ولما أراد أن يبيِّن للعباد أن التوبةَ عندهم تقعُ عند الله بأحسن موقع، عبَّر عنه بالفرح الذي عرفوه من أنفسهم في أَسْنَى الأشياء، وأحبَّها إليهم، ليهتدوا إلى المعنى المراد منه، ذوقًا وحالًا، وذلك بعد أن عرَّفهم أنَّ إطلاقَ تلك الألفاظ في صفات الله سبحانه على ما يتعارفونه في نعوتِهم غيرُ جائزٍ. وهذا بابٌ يُعرَفُ به كثيرٌ من وجوه المتشابهات. ولا يَجُوزُ لأحدٍ أن يَتَعَاطَى هذا النوعَ في كلامه، ويتَّسِعَ فيه إلَّا للنبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فإنَّه يجُوزُ له ما لا يَجُوزُ لغيره، لبراءة نطقه عن الهَذي، ولأنَّه لا يُقْدِمُ على ذلك إلَّا بإذنٍ من الله، وهذه رتبةٌ لا تنبغي إلَّا له - صلى الله عليه وسلم - اهـ. قلتُ: وهذا أحدُ الوجهين للشيخ في تأويل المتشابهات. ولَعَمرِي إنَّه لَوَجهٌ يَكشِفُ عن وجوهِ كثيرٍ من المتشابهات، وتَطْمَئِنُّ به القلوبُ، وتَنشَطُ به الآذانُ، والأذهانُ. والوجهُ الآخرُ له: أنها محمولةٌ على التجلّي. وهذا الوجهُ، وإن كان أحكمَ، لكنَّه لدقته وغموضِه لا يَفْهَمه كثيرٌ من الناس. أمَّا أنا العبدُ الذليلُ الحقيرُ الذي قد اغترف من بعض فُضَالَتِهِ، أُدْرِكُ بعضه إن شاء الله تعالى، وعَرَفْتُ أن ثاني الوجهين هو الأقربُ، وإنَّما ذكرته تحديثًا بنعمة ربي، لا غير. وما ذلك إلَّا من فضل ربي، ثم من بركات ملازمة شيخي، وإلَّا فإني أدري أني أنا أنا، اللهُمَّ إني أعوذ بكَ من شرِّ الشيطان وشركه. قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: الهامش التالي وقع في المطبوع في ص 280، فنقلته لموضعه الصحيح هنا (¬2) قلتُ: ومثلُ هذه المباحث قد وقعت في هذا التقرير كثيرًا، فَسَرِّح النظرَ فيها، ولا تَسْأَم من إغلاقها ونُبُوِّها عن الأذهان، فإنها عسيرةُ الحلِّ، ويَضِيقُ في مثلها نطاق البيان، فتزدادُ عُسْرًا إلى عُسْرها. ولستُ بأديبٍ أريبٍ، لأُلْبِسَهَا قوالبَ الألفاظ كما ينبغي، ولكن جهدُ المُقَلِ دموعُها. وإنا أنبِّه عليها، لأنَّ فيها علومًا لا تُدْرَكُ بعد ضرب الأكباد، وقد فَهِمْتُ منها ما شاء ربي أن أَفْهَمَهُ، لكن لا يساعدني القلمُ لأدائها، فعليكَ أن تتفكَّرَ فيها من نفسك. وسَيُحْدِثُ ربي بعد عُسْرٍ يُسْرًا، إن شاء الله تعالى.

39 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «بعثت أنا والساعة كهاتين»

39 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ» {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [النحل: 77]. 6503 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ هَكَذَا». وَيُشِيرُ بِإِصْبَعَيْهِ فَيَمُدُّ بِهِمَا. طرفاه 4936، 5301 - تحفة 4762 6504 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ - هُوَ الْجُعْفِىُّ - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ وَأَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ». تحفة 1253، 1698 6505 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ». يَعْنِى إِصْبَعَيْنِ. تَابَعَهُ إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى حَصِينٍ. تحفة 12847، 12834 أ - 132/ 8 40 - باب 6506 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ فَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ، فَذَلِكَ حِينَ {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158]، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلاَنِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا فَلاَ يَتَبَايَعَانِهِ وَلاَ يَطْوِيَانِهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ فَلاَ يَطْعَمُهُ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهْوَ يَلِيطُ حَوْضَهُ فَلاَ يَسْقِى فِيهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلاَ يَطْعَمُهَا». أطرافه 85، 1036، 1412، 3608، 3609، 4635، 4636، 6037، 6935، 7061، 7115، 7121 - تحفة 13749 41 - باب «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ» 6507 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ». قَالَتْ عَائِشَةُ أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ إِنَّا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ. قَالَ «لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ، فَلَيْسَ شَىْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا حُضِرَ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ، فَلَيْسَ شَىْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ». اخْتَصَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَعَمْرٌو عَنْ شُعْبَةَ. وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ سَعْدٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 5070، 16103 6508 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ

42 - باب سكرات الموت

أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ». تحفة 9053 6509 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فِى رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ وَهْوَ صَحِيحٌ «إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِىٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُخَيَّرُ». فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ، وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِى، غُشِىَ عَلَيْهِ سَاعَةً، ثُمَّ أَفَاقَ، فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السَّقْفِ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى». قُلْتُ إِذًا لاَ يَخْتَارُنَا، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَدِيثُ الَّذِى كَانَ يُحَدِّثُنَا بِهِ - قَالَتْ - فَكَانَتْ تِلْكَ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَوْلُهُ «اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى». أطرافه 4435، 4436، 4437، 4463، 4586، 6348 تحفة 16127، 16546، 17815 ل - 133/ 8 واعلم أنَّ الحديثَ كان ظاهرًا في معناه، ولم يكن فيه غموضٌ، لأنَّه لا بحثَ فيه من الكراهة وعدمها عند خصوص الموت. وإنَّما معناه على حدِّ ما يقوله أهلُ العرف أيضًا، ولكنَّ الصِّدِّيقةَ عائشةَ لمَّا حَمَلَتْهُ على خصوص الموت، أشكلَ عليها الأمرُ، والنبيُّ صلى الله عليه وسلّم أجابها على سبيل المجاراة معها، أو على سبيل التنزُّل، فَسَلِمَ السؤالُ في هذا الجزئيِّ أيضًا. ثم ذِكْرُ الجواب على هذا التقدير أيضًا، لا أنَّ الحديثَ واردٌ فيما يُحِبُّه المؤمنُ عند موته بخصوصه. ومن ههنا عُلِمَ أن ما ذكره الغزالي من سلبِ الإِيمانِ عن بعض أهل البِدَعِ عند الاحتضارِ صوابٌ - والعياذ باللَّه - وذلك لأنَّ المبتدعَ إذا رأى أماراتِ العذاب يكره لقاءَ لربِّ جلَّ مجده، فيكره اللهُ أيضًا لقاءَه، فَيَسْلُب إيمانَه. ولأنَّه إذا أمضى حياتَه في البِدَعِ، وظهرت له حقائقُها عند موته، فيجدها معاصي، يَحْدُثُ له التردُّدُ في سائر الدين، لعلَّه يكون كلُّه كذلك، فَيَسْلُب إيمانَه. أعاذنا اللهُ منه، وأماتنا على الملَّة البيضاء الحنيفية. 42 - باب سَكَرَاتِ الْمَوْتِ 6510 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ أَبَا عَمْرٍو ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - كَانَتْ تَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهَ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ - أَوْ عُلْبَةٌ فِيهَا مَاءٌ، يَشُكُّ عُمَرُ - فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِى الْمَاءِ، فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ وَيَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ». ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ «فِى الرَّفِيقِ الأَعْلَى». حَتَّى قُبِضَ وَمَالَتْ يَدُهُ. أطرافه 890، 1389، 3100، 3774، 4438، 4446، 4449، 4450، 4451، 5217 تحفة 16077 6511 - حَدَّثَنِى صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ

43 - باب نفخ الصور

رِجَالٌ مِنَ الأَعْرَابِ جُفَاةً يَأْتُونَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَسْأَلُونَهُ مَتَى السَّاعَةُ، فَكَانَ يَنْظُرُ إِلَى أَصْغَرِهِمْ فَيَقُولُ «إِنْ يَعِشْ هَذَا لاَ يُدْرِكْهُ الْهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْكُمْ سَاعَتُكُمْ». قَالَ هِشَامٌ يَعْنِى مَوْتَهُمْ. تحفة 17072 6512 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِىٍّ الأَنْصَارِىِّ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ فَقَالَ «مُسْتَرِيحٌ، وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ قَالَ «الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلاَدُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ». طرفه 6513 - تحفة 12128 6513 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ حَدَّثَنِى ابْنُ كَعْبٍ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مُسْتَرِيحٌ، وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ، الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ». طرفه 6512 - تحفة 12128 - 134/ 8 6514 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللهُ - صلى الله عليه وسلم - «يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلاَثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى مَعَهُ وَاحِدٌ، يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ، وَيَبْقَى عَمَلُهُ». تحفة 940 6515 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ غُدْوَةً وَعَشِيًّا، إِمَّا النَّارُ وَإِمَّا الْجَنَّةُ، فَيُقَالُ هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى تُبْعَثَ». أطرافه 1379، 3240 - تحفة 7556 6516 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا». طرفه 1393 - تحفة 17576 6510 - قوله: (إنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ) ليس فيه أنَّ سكراتِ الموت كانت أشدَّ على النبيِّ صلى الله عليه وسلّم مما تكون على سائر الناس، وإنَّما ذكرت عائشةُ ما ذكرت من سكراتها تعبيرًا عرفيًا. وقد ذكرناه سابقًا مفصَّلًا. 43 - باب نَفْخِ الصُّورِ قَالَ مُجَاهِدٌ: الصُّورُ كَهَيْئَةِ الْبُوقِ، {زَجْرَةٌ} [الصافات: 19] صَيْحَةٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {النَّاقُورِ} [المدثر: 8] الصُّورُ، {الرَّاجِفَةُ} [النازعات: 6] النَّفْخَةُ الأُولَى، وَ {الرَّادِفَةُ} [النازعات: 7] النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ. 6517 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ

44 - باب يقبض الله الأرض

شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالأَعْرَجِ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ اسْتَبَّ رَجُلاَنِ، رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ الْمُسْلِمُ وَالَّذِى اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى الْعَالَمِينَ. فَقَالَ الْيَهُودِىُّ وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ، قَالَ فَغَضِبَ الْمُسْلِمُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَلَطَمَ وَجْهَ الْيَهُودِىِّ، فَذَهَبَ الْيَهُودِىُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُخَيِّرُونِى عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ فِى أَوَّلِ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِى أَكَانَ مُوسَى فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِى، أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ». أطرافه 2411، 3408، 3414، 6518، 7428، 7472 - تحفة 15127، 13956 6518 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَصْعَقُ النَّاسُ حِينَ يَصْعَقُونَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ قَامَ، فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بِالْعَرْشِ، فَمَا أَدْرِى أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ». رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2411، 3408، 3414، 6517، 7428، 7472 - تحفة 13774، 4405 - 135/ 8 44 - باب يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ رَوَاهُ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 8548 6519 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ، وَيَطْوِى السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ». أطرافه 4812، 7382، 7413 - تحفة 13322 6520 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَكُونُ الأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً، يَتَكَفَّؤُهَا الْجَبَّارُ بِيَدِهِ، كَمَا يَكْفَأُ أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِى السَّفَرِ، نُزُلاً لأَهْلِ الْجَنَّةِ». فَأَتَى رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ بَارَكَ الرَّحْمَنُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، أَلاَ أُخْبِرُكَ بِنُزُلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ «بَلَى». قَالَ تَكُونُ الأَرْضُ خُبْزَةً وَاحِدَةً كَمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَظَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْنَا، ثُمَّ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ أَلاَ أُخْبِرُكَ بِإِدَامِهِمْ قَالَ إِدَامُهُمْ بَالاَمٌ وَنُونٌ. قَالُوا وَمَا هَذَا قَالَ ثَوْرٌ وَنُونٌ يَأْكُلُ مِنْ زَائِدَةِ كَبِدِهِمَا سَبْعُونَ أَلْفًا. تحفة 4169 6521 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ كَقُرْصَةِ نَقِىٍّ». قَالَ سَهْلٌ أَوْ غَيْرُهُ لَيْسَ فِيهَا مَعْلَمٌ لأَحَدٍ. تحفة 4748 6519 - قوله: (قَالَ: يَقْبِضُ اللهُ الأَرْضَ، ويَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ) ... إلخ. ولمَّا

45 - باب كيف الحشر

كانت الأرضُ مجتمعةً غيرَ مجوَّفةٍ، ناسب قبضها، بخلاف السماء، فإنها مبسوطةٌ ومنشورةٌ نشرَ الثياب، فناسبَ معها الطيُّ. فَوَضَح وجهُ ذكر القبض مع الأرض، والطيِّ مع السماء. كذا ذكره اصدر الشِّيرَازِيّ. 6520 - قوله: (تَكُونُ الأَرْضُ يَوْمَ القِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً) ... إلخ. واعلم أن مستقرَ الأقدام يومَ القيامة، لا يكون إلَّا الأرضَ، أو الصراطَ، أو الجنةَ، ثم اللهُ تعالى يُطَنِّبُ الصراط من أرض الساعة إلى الجنة، ويأمرُ العبادَ أن يَتْرُكُوا أرضَه، فيتوجَّهون إلى الصراط، فمنهم هالكٌ في جهنَّمَ، ومنهم عابرٌ إلى الجنَّة. وحينئذٍ تكون الأرضُ خُبْزَةً واحدةً، نُزُلًا لأهل الجنَّة. قوله: (بَالامٌ ونُونٌ) وقد اخْتُلِفَ في ضبط - بالام - على أوجهٍ. والصوابُ أنَّه لفظٌ عبرانيٌّ معناه الثور، كما فسَّر به اليهوديُّ. فإن بقي الاختلافُ فيه، ففي تَلَفُّظِهِ. 6521 - قوله: (لَيْسَ فيها مَعْلَمٌ لأَحَدٍ)، وذلك بعد تبديل الأرض. وفيه قولان: ذهبَ بعضُهم إلى تبديل الذات، والآخرون إلى تبديل الصفات. 45 - باب كَيْفَ الْحَشْرُ 6522 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلاَثِ طَرَائِقَ، رَاغِبِينَ رَاهِبِينَ وَاثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ، وَثَلاَثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَأَرْبَعَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَعَشَرَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَيَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ، تَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا، وَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا، وَتُمْسِى مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسَوْا». تحفة 13521 - 136/ 8 6523 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِىُّ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ كَيْفَ يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ قَالَ «أَلَيْسَ الَّذِى أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فِى الدُّنْيَا قَادِرًا عَلَى أَنَّ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». قَالَ قَتَادَةُ بَلَى وَعِزَّةِ رَبِّنَا. طرفه 4760 - تحفة 1296 6524 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّكُمْ مُلاَقُو اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً مُشَاةً غُرْلاً». قَالَ سُفْيَانُ هَذَا مِمَّا نَعُدُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 3349، 3447، 4625، 4626، 4740، 6525، 6526 - تحفة 5583 6525 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ «إِنَّكُمْ مُلاَقُو اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً». أطرافه 3349، 3447، 4625، 4626، 4740، 6524، 6526 - تحفة 5583

6526 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَامَ فِينَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ فَقَالَ «إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104] الآيَةَ، وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلاَئِقِ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، وَإِنَّهُ سَيُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِى، فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ. فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُصَيْحَابِى. فَيَقُولُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} إِلَى قَوْلِهِ {الْحَكِيمُ} [المائدة: 117 - 118] قَالَ فَيُقَالُ إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ». أطرافه 3349، 3447، 4625، 4626، 4740، 6524، 6525 - تحفة 5622 6527 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِى صَغِيرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ حَدَّثَنِى الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً» قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ. فَقَالَ «الأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُهِمَّهُمْ ذَاكِ». تحفة 17461 6528 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى قُبَّةٍ فَقَالَ «أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». قُلْنَا نَعَمْ. قَالَ «تَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». قُلْنَا نَعَمْ. قَالَ «أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». قُلْنَا نَعَمْ. قَالَ «وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنِّى لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْجَنَّةَ لاَ يَدْخُلُهَا إِلاَّ نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَمَا أَنْتُمْ فِى أَهْلِ الشِّرْكِ إِلاَّ كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِى جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ أَوْ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِى جِلْدِ الثَّوْرِ الأَحْمَرِ». طرفه 6642 - تحفة 9483 - 137/ 8 6529 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ آدَمُ، فَتَرَاءَى ذُرِّيَّتُهُ فَيُقَالُ هَذَا أَبُوكُمْ آدَمُ. فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ. فَيَقُولُ أَخْرِجْ بَعْثَ جَهَنَّمَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ. فَيَقُولُ يَا رَبِّ كَمْ أُخْرِجُ فَيَقُولُ أَخْرِجْ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا أُخِذَ مِنَّا مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، فَمَاذَا يَبْقَى مِنَّا قَالَ «إِنَّ أُمَّتِى فِى الأُمَمِ كَالشَّعَرَةِ الْبَيْضَاءِ فِى الثَّوْرِ الأَسْوَدِ». تحفة 12922 6522 - قوله: (وأَرْبَعَةٌ على بَعِيرٍ) ... إلخ، يكون ذلك عقبةً. قوله: (وتَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمْ النَّارُ) ... إلخ. واعلم أنه قد اختلطت القطعتان على الرواة عند سَرْدِ هذه الأحاديث: قطعةُ الحشر عند إبَّان الساعة، وقطعةُ الحشر إلى أرض الحساب يوم القيامة، فأورثَ انتشارًا، واختلالًا، كما يَظْهَرُ بالرجوع إلى الأحاديث المفصَّلَةِ من هذا الباب.

46 - باب قوله عز وجل: {إن زلزلة الساعة شيء عظيم} [الحج: 1] {أزفت الآزفة (57)} [النجم: 57] {اقتربت الساعة} [القمر: 1]

فاختار الطِيبيُّ: أن المرادَ من هذه النَّار هي النَّارُ التي تَحْشُرُ الناسَ عند إبَّان الساعة. وأمَّا قوله: «يُحْشَرُ النَّاسُ» ... إلخ في أول الحديث، فهو ذكرٌ لأحوال الحشر بعد الساعة، فكان الراوي بصدد ذكر أحوال القيامة، فانتقل إلى ذكر بعض مقدماتها، فذكره آخرًا. ثم شيَّده الطِيبيُّ بقرائنَ وشواهدَ، بسطها في كتابه، وأتى عليه بروايةٍ من «صحيح البخاري». وذهب الحافظ ابن حَجَر إلى أنَّ المجموعَ أحوالَ الحشر بعد الساعة، وتكلَّف فيه. والروايةُ التي استشهد بها الطِيبيُّ من البخاريِّ أنكرها الحافظُ، وقال: لم نَجِدْها في البخاريِّ. قلتُ: وتلك الرواية موجودةٌ في النسخة التي بين أيدينا، فإنَّها الروايةُ الثانيةُ من الباب الذي نحن فيه. فلا أدري أوقع منه سهوٌ، أم لم تكن تلك في نسخته (¬1)؟ والأرجحُ عندي ما ذهب إليه الطِيبيُّ. 6524 - قوله: (هَذَا مِمَّا يَعُدُّ أنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سَمِعَهُ مِنَ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم)، وذلك لأنَّه كان من صِغَار الصحابة. 46 - باب قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج: 1] {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (57)} [النجم: 57] {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} [القمر: 1] 6530 - حَدَّثَنِى يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَقُولُ اللهُ يَا آدَمُ. فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِى يَدَيْكَ. قَالَ يَقُولُ أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ. قَالَ وَمَا بَعْثُ النَّارِ قَالَ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ. فَذَاكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، وَتَرَى النَّاسَ سَكْرَى وَمَا هُمْ بِسَكْرَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ». فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا يَا رَسُولُ اللَّهِ أَيُّنَا الرَّجُلُ قَالَ «أَبْشِرُوا، فَإِنَّ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفٌ وَمِنْكُمْ رَجُلٌ - ثُمَّ قَالَ - وَالَّذِى نَفْسِى فِى يَدِهِ إِنِّى لأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». قَالَ فَحَمِدْنَا اللَّهَ وَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى فِى يَدِهِ إِنِّى لأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ ¬

_ قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: الهامش التالي وقع في المطبوع في ص 289، فنقلته لموضعه الصحيح هنا (¬1) قلتُ: قال الطِيبيُّ بعدما بسط الكلامَ فيما اختاره: إن هذا ما سَنَحَ لي على سبيل الاجتهاد. ثم رأيتُ في "صحيح البخاري"، في باب المحشر: "يُحْشَرُ الناسُ يومَ القيامةِ على ثلاثِ طَرَائِقَ"، فَعَلِمْتُ من ذلك: أنَّ الذي ذهب إليه الإِمامُ التُّورِبِشْتِيّ هو الحقُّ الذى لا مَحِيدَ عنه. قال الحافظُ: ولم أقف في شيءٍ من طرق الحديث الذي أخرجه البخاريُّ على لفظِ: "يوم القيامة"، لا في "صحيحه"، ولا في غيره. كذا في "الفتح". أقولُ: وقد سَمِعْتُ أنَّه موجودٌ في نسختنا.

47 - باب قول الله تعالى: {ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون (4) ليوم عظيم (5) يوم يقوم الناس لرب العالمين (6)} [المطففين: 4 - 6]

الْجَنَّةِ، إِنَّ مَثَلَكُمْ فِى الأُمَمِ كَمَثَلِ الشَّعَرَةِ الْبَيْضَاءِ فِى جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ أَوِ الرَّقْمَةِ فِى ذِرَاعِ الْحِمَارِ». أطرافه 3348، 4741، 7483 - تحفة 4005 - 138/ 8 6530 - قوله: (مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعِينَ، وتِسْعَةً وتِسْعِينَ)، وقد يُذْكَرُ الحسابُ في الأحاديث غير ذلك. والتوفيقُ بينهما: أنَّ أحدَ الحسابين بالنظر إلى المشركين فقط، والآخرَ باعتبار أعداد يأجوج ومأجوج معهم، كما يُشْعِرُ به حديثُ الترمذيِّ. وقد مرَّ تفصيله مِرَارًا. 6530 - قوله: (الرَّقْمَةِ): هي لحمةٌ في مقدَّم حافر الحمار. 47 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)} [المطففين: 4 - 6] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [البقرة: 166] قَالَ الْوُصُلاَتُ فِى الدُّنْيَا. 6531 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) قَالَ «يَقُومُ أَحَدُهُمْ فِى رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ». طرفه 4938 - تحفة 7743 6532 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَعْرَقُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ فِى الأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا، وَيُلْجِمُهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ آذَانَهُمْ». تحفة 12919 48 - باب الْقِصَاصِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهيَ الحَاقَّةُ، لأَنَّ فِيهَا الثَّوَابَ وَحَوَاقَّ اْلأُمُورِ، الحَقَّةُ وَالحَاقَّة وَاحِدٌ، وَالقَارِعَةُ وَالغَاشِيَةُ وَالصَّاخَّةُ، وَالتَّغَابُنُ: غَبْنُ أَهْلِ الجَنَّةِ أَهْلَ النَّارِ. 6533 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ بِالدِّمَاءِ». طرفه 6864 - تحفة 9246 6534 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ». طرفه 2449 - تحفة 13011 6535 - حَدَّثَنِى الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الحجر: 47] قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِىِّ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ

49 - باب من نوقش الحساب عذب

الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَخْلُصُ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ، فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيُقَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِى الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِى دُخُولِ الْجَنَّةِ، فَوَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لأَحَدُهُمْ أَهْدَى بِمَنْزِلِهِ فِى الْجَنَّةِ مِنْهُ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِى الدُّنْيَا». طرفه 2440 - تحفة 4257 - 139/ 8 6535 - قوله: (فَيُحْبَسُونَ على قَنْطَرَةٍ) ... إلخ، والقنطرةُ: قطعةٌ أخرى في آخر الصراط. 49 - باب مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ 6536 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ». قَالَتْ قُلْتُ أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} [الانشقاق: 8]. قَالَ «ذَلِكِ الْعَرْضُ». أطرافه 103، 4939، 6537 - تحفة 16254 حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. وَتَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ وَأَيُّوبُ وَصَالِحُ بْنُ رُسْتُمٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 16250، 16260، 16231، 16239، 16254 6537 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِى صَغِيرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ حَدَّثَنِى الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَتْنِى عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ هَلَكَ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} [الانشقاق: 7 - 8] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا ذَلِكِ الْعَرْضُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُنَاقَشُ الْحِسَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ عُذِّبَ». أطرافه 103، 4939، 6536 - تحفة 17463 6538 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ «يُجَاءُ بِالْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا أَكُنْتَ تَفْتَدِى بِهِ فَيَقُولُ نَعَمْ. فَيُقَالُ لَهُ قَدْ كُنْتَ سُئِلْتَ مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ ذَلِكَ». طرفاه 3334، 6557 - تحفة 1359، 1182 6539 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى خَيْثَمَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَسَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَيْسَ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، ثُمَّ يَنْظُرُ فَلاَ يَرَى شَيْئًا قُدَّامَهُ، ثُمَّ يَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَّقِىَ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ». أطرافه 1413، 1417، 3595، 6023، 6540، 6563، 7443، 7512 تحفة 9853 - 140/ 8

50 - باب يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب

6540 - قَالَ الأَعْمَشُ حَدَّثَنِى عَمْرٌو عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اتَّقُوا النَّارَ». ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ، ثُمَّ قَالَ «اتَّقُوا النَّارَ». ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ ثَلاَثًا، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ». أطرافه 1413، 1417، 3595، 6023، 6539، 6563، 7443، 7512 تحفة 9852 6536 - قوله: (واعلم أن الراوي قد أخلَّ بترتيب الحديث المذكور في الباب، فإنَّ سؤالَ عائشةَ إنَّما يترتَّب على قوله: «من حُوسِبَ») ... إلخ. وبه يلتئم جوابُه، بأنَّ الحسابَ اليسيرَ هو العَرْضُ. وأمَّا إذا كان لفظُه: «من نُوقِشَ» ... إلخ، فلا يتوجَّه عليه سؤالٌ، ولا جوابٌ. والترتيبُ على وجهه، كما مرَّ في الصحيح من حديث القاسم بن محمد، عن عائشة. 50 - باب يَدْخُلُ الْجَنَّةَ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ 6541 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ. وَحَدَّثَنِى أَسِيدُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُصَيْنٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عُرِضَتْ عَلَىَّ الأُمَمُ، فَأَخَذَ النَّبِىُّ يَمُرُّ مَعَهُ الأُمَّةُ، وَالنَّبِىُّ يَمُرُّ مَعَهُ النَّفَرُ، وَالنَّبِىُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْعَشَرَةُ، وَالنَّبِىُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْخَمْسَةُ، وَالنَّبِىُّ يَمُرُّ وَحْدَهُ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ هَؤُلاَءِ أُمَّتِى قَالَ لاَ وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ. فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ. قَالَ هَؤُلاَءِ أُمَّتُكَ، وَهَؤُلاَءِ سَبْعُونَ أَلْفًا قُدَّامَهُمْ، لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلاَ عَذَابَ. قُلْتُ وَلِمَ قَالَ كَانُوا لاَ يَكْتَوُونَ، وَلاَ يَسْتَرْقُونَ، وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ». فَقَامَ إِلَيْهِ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. قَالَ «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ». ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ قَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. قَالَ «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ». أطرافه 3410، 5705، 5752، 6472 - تحفة 5493 6542 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِى زُمْرَةٌ هُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا، تُضِىءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ». وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الأَسَدِىُّ يَرْفَعُ نَمِرَةً عَلَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. قَالَ «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ». ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. فَقَالَ «سَبَقَكَ عُكَّاشَةُ». طرفه 5811 - تحفة 13332 - 141/ 8 6543 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِى سَبْعُونَ أَلْفًا أَوْ سَبْعُمِائَةِ أَلْفٍ - شَكَّ فِى أَحَدِهِمَا - مُتَمَاسِكِينَ، آخِذٌ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، حَتَّى يَدْخُلَ أَوَّلُهُمْ وَآخِرُهُمُ

51 - باب صفة الجنة والنار

الْجَنَّةَ، وَوُجُوهُهُمْ عَلَى ضَوْءِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ». طرفاه 3247، 6554 - تحفة 4763 6544 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ حَدَّثَنَا نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يَقُومُ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ يَا أَهْلَ النَّارِ لاَ مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ الْجَنَّةِ لاَ مَوْتَ، خُلُودٌ». طرفه 6548 - تحفة 7681 6545 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يُقَالُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ خُلُودٌ لاَ مَوْتَ. وَلأَهْلِ النَّارِ يَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ لاَ مَوْتَ». تحفة 13773 51 - باب صِفَةِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ زِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ»، {عَدْنٍ} [التوبة: 72] خُلْدٌ، عَدَنْتُ بِأَرْضٍ: أَقَمْتُ، وَمِنْهُ الْمَعْدِنُ، {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ} [القمر: 55] فِى مَنْبِتِ صِدْقٍ. 6546 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ أَبِى رَجَاءٍ عَنْ عِمْرَانَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اطَّلَعْتُ فِى الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ وَاطَّلَعْتُ فِى النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ». أطرافه 3241، 5198، 6449 - تحفة 10873 6547 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قُمْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَكَانَ عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِينَ، وَأَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ، غَيْرَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، وَقُمْتُ عَلَى بَابِ النَّارِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاءُ». طرفه 5196 - تحفة 100 6548 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا صَارَ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ إِلَى النَّارِ، جِىءَ بِالْمَوْتِ حَتَّى يُجْعَلَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ يُذْبَحُ، ثُمَّ يُنَادِى مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ لاَ مَوْتَ، يَا أَهْلَ النَّارِ لاَ مَوْتَ، فَيَزْدَادُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَرَحًا إِلَى فَرَحِهِمْ. وَيَزْدَادُ أَهْلُ النَّارِ حُزْنًا إِلَى حُزْنِهِمْ». طرفه 6544 - تحفة 7424 - 142/ 8 6549 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ. يَقُولُونَ لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ. فَيَقُولُ هَلْ رَضِيتُمْ فَيَقُولُونَ وَمَا لَنَا لاَ نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ. فَيَقُولُ أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالُوا يَا رَبِّ وَأَىُّ شَىْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ فَيَقُولُ أُحِلُّ عَلَيْكُمْ

رِضْوَانِى فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا». طرفه 7518 - تحفة 4162 6550 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ أُصِيبَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ وَهْوَ غُلاَمٌ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَةَ حَارِثَةَ مِنِّى، فَإِنْ يَكُ فِى الْجَنَّةِ أَصْبِرْ وَأَحْتَسِبْ، وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى تَرَى مَا أَصْنَعُ. فَقَالَ «وَيْحَكِ - أَوَهَبِلْتِ - أَوَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِىَ جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ لَفِى جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ». أطرافه 2809، 3982، 6567 - تحفة 564 6551 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا الْفُضَيْلُ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا بَيْنَ مَنْكِبَىِ الْكَافِرِ مَسِيرَةُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ لِلرَّاكِبِ الْمُسْرِعِ». تحفة 13420 6552 - وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ فِى الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِى ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ، لاَ يَقْطَعُهَا». تحفة 4773 6553 - قَالَ أَبُو حَازِمٍ فَحَدَّثْتُ بِهِ النُّعْمَانَ بْنَ أَبِى عَيَّاشٍ فَقَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَعِيدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ فِى الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ الْجَوَادَ الْمُضَمَّرَ السَّرِيعَ مِائَةَ عَامٍ، مَا يَقْطَعُهَا». تحفة 4391 - 143/ 8 6554 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِى سَبْعُونَ أَوْ سَبْعُمِائَةِ أَلْفٍ - لاَ يَدْرِى أَبُو حَازِمٍ أَيُّهُمَا قَالَ - مُتَمَاسِكُونَ، آخِذٌ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، لاَ يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ، وُجُوهُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ». طرفاه 3247، 6543 - تحفة 4715 6555 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ الْغُرَفَ فِى الْجَنَّةِ كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ فِى السَّمَاءِ». تحفة 4726 6556 - قَالَ أَبِى فَحَدَّثْتُ النُّعْمَانَ بْنَ أَبِى عَيَّاشٍ فَقَالَ أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ يُحَدِّثُ وَيَزِيدُ فِيهِ «كَمَا تَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الْغَارِبَ فِى الأُفُقِ الشَّرْقِىِّ وَالْغَرْبِىِّ». طرفه 3256 - تحفة 4389 6557 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِى الأَرْضِ مِنْ شَىْءٍ أَكُنْتَ تَفْتَدِى بِهِ فَيَقُولُ نَعَمْ. فَيَقُولُ أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِى صُلْبِ آدَمَ أَنْ لاَ تُشْرِكَ بِى شَيْئًا فَأَبَيْتَ إِلاَّ أَنْ تُشْرِكَ بِى». طرفاه 3334، 6538 - تحفة 1071

6558 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ كَأَنَّهُمُ الثَّعَارِيرُ». قُلْتُ مَا الثَّعَارِيرُ قَالَ الضَّغَابِيسُ. وَكَانَ قَدْ سَقَطَ فَمُهُ فَقُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَبَا مُحَمَّدٍ سَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَخْرُجُ بِالشَّفَاعَةِ مِنَ النَّارِ». قَالَ نَعَمْ. تحفة 2514 6559 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بَعْدَ مَا مَسَّهُمْ مِنْهَا سَفْعٌ، فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، فَيُسَمِّيهِمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَهَنَّمِيِّينَ». طرفه 7450 - تحفة 1415 6560 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ يَقُولُ اللَّهُ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرَجُونَ قَدِ امْتُحِشُوا وَعَادُوا حُمَمًا، فَيُلْقَوْنَ فِى نَهَرِ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِى حَمِيلِ السَّيْلِ - أَوْ قَالَ - حَمِيَّةِ السَّيْلِ». وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلَمْ تَرَوْا أَنَّهَا تَنْبُتُ صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً». أطرافه 22، 4581، 4919، 6574، 7438، 7439 - تحفة 4407 - 144/ 8 6561 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَرَجُلٌ تُوضَعُ فِى أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَةٌ يَغْلِى مِنْهَا دِمَاغُهُ». طرفه 6562 - تحفة 11636 6562 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ عَلَى أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ يَغْلِى مِنْهُمَا دِمَاغُهُ، كَمَا يَغْلِى الْمِرْجَلُ وَالْقُمْقُمُ». طرفه 6561 - تحفة 11636 6563 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ النَّارَ فَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا، ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ فَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ». أطرافه 1413، 1417، 3595، 6023، 6539، 6540، 7443، 7512 - تحفة 9853 6564 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِىُّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ «لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُجْعَلُ فِى ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ، يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغْلِى مِنْهُ أُمُّ دِمَاغِهِ». طرفه 3885 - تحفة 4094

6565 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُونَ لَوِ اسْتَشْفَعْنَا عَلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا. فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ أَنْتَ الَّذِى خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلاَئِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّنَا. فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ وَيَقُولُ - ائْتُوا نُوحًا أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ. فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ - ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ الَّذِى اتَّخَذَهُ اللَّهُ خَلِيلاً. فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ - ائْتُوا مُوسَى الَّذِى كَلَّمَهُ اللَّهُ فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ، فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ - ائْتُوا عِيسَى فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ، ائْتُوا مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَقَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ فَيَأْتُونِى فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّى، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِى مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُقَالُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَرْفَعُ رَأْسِى، فَأَحْمَدُ رَبِّى بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِى، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِى حَدًّا، ثُمَّ أُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَقَعُ سَاجِدًا مِثْلَهُ فِى الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ حَتَّى مَا بَقِىَ فِى النَّارِ إِلاَّ مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ». وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ عِنْدَ هَذَا أَىْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ. أطرافه 44، 4476، 7410، 7440، 7509، 7510، 7516 - تحفة 1436 - 145/ 8 6566 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، يُسَمَّوْنَ الْجَهَنَّمِيِّينَ». تحفة 10871 6567 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُمَّ حَارِثَةَ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ هَلَكَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ، أَصَابَهُ غَرْبُ سَهْمٍ. فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْتَ مَوْقِعَ حَارِثَةَ مِنْ قَلْبِى، فَإِنْ كَانَ فِى الْجَنَّةِ لَمْ أَبْكِ عَلَيْهِ، وَإِلاَّ سَوْفَ تَرَى مَا أَصْنَعُ. فَقَالَ لَهَا «هَبِلْتِ، أَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِىَ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ فِى الْفِرْدَوْسِ الأَعْلَى». أطرافه 2809، 3982، 6550 - تحفة 579 6568 - وَقَالَ «غَدْوَةٌ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ أَوْ مَوْضِعُ قَدَمٍ مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى الأَرْضِ، لأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَمَلأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا - يَعْنِى الْخِمَارَ - خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». طرفاه 2792، 2796 - تحفة 579 - 146/ 8 6569 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَدْخُلُ أَحَدٌ الْجَنَّةَ إِلاَّ أُرِىَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، لَوْ أَسَاءَ، لِيَزْدَادَ شُكْرًا، وَلاَ يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ إِلاَّ أُرِىَ مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، لَوْ أَحْسَنَ، لِيَكُونَ عَلَيْهِ حَسْرَةً». تحفة 13763

6570 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ «لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لاَ يَسْأَلَنِى عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. خَالِصًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ». طرفه 99 - تحفة 13001 6571 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى لأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا، وَآخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ كَبْوًا، فَيَقُولُ اللَّهُ اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ. فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلأَى، فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلأَى، فَيَقُولُ اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ. فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلأَى. فَيَقُولُ يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلأَى، فَيَقُولُ اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ، فَإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا. أَوْ إِنَّ لَكَ مِثْلَ عَشَرَةِ أَمْثَالِ الدُّنْيَا. فَيَقُولُ تَسْخَرُ مِنِّى، أَوْ تَضْحَكُ مِنِّى وَأَنْتَ الْمَلِكُ». فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، وَكَانَ يُقَالُ ذَلِكَ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً. طرفه 7511 - تحفة 9405 6572 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنِ الْعَبَّاسِ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَىْءٍ. طرفاه 3883، 6208 - تحفة 5128 6549 - قوله: (أُحِلَّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي) ويُسْتَفَادُ منه أن مقامَ الرضا فوق جميع المقامات. 6558 - قوله: (كَأَنَّهُمْ الثَّعَارِيرُ) ترجمته: "كهيرى". شبَّههم بها في الضَّعْفِ والاضمحلال. 6558 - قوله: (وَكَانَ قَدْ سَقَطَ فَمُهُ) يقول الراوي: إن أسنانَ شيخه كانت سقطت، فما يُعْطِي الحروفَ حقَّها، فكان يتعسَّر عليه التلفُّظُ بالضَّغَابيس، والثَّعَارِير. 6560 - قوله: (حَمِيلِ السَّيْلِ): "مكبا". وأمَّا حمية السَّيْلِ، فَغلطٌ ليس له معنى. 6562 - قوله: (المِرْجَلُ): إناءٌ من حَجَرٍ، يُطْبَخُ فيه الطعامُ. قوله: (القُمْقُمُ) من الزجاج. ووجهُ التشبيه حركةُ القمقمة عند الغليان، فهكذا يتحرَّكُ منه دماغُهُ. 6564 - قوله: (فَيُجْعَلُ في ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ): "تهتيلى آك"، وفيه أنَّ هذا عذابَه

52 - باب الصراط جسر جهنم

بعد الساعة. وفي الحديث المارِّ: إنَّ ذاك هو عذابُه في الحالة الراهنة. أقولُ: ولعلَّ حصةً منه تَظْهَرُ بعد الساعة (¬1). واعلم أنَّه قد يَسْتَشْكِلُ اختلافُ العذاب بين أصحاب النار، مع اتحاد المحل، فإنَّ الأحاديثَ تُخْبِرُ بأنَّ جهنَّم هوَّةٌ تتوقَّد نارًا، فكيف يكون تعذيبُ بعضِهم بشراكٍ من نارٍ، وبعضِهم من نعليهِ من نارٍ فقط؟ والجوابُ على ما سبق منِّي من التحقيق: أنَّ أعمالَ الرجل هي نعيمُه وجحيمُه، فلا يعذَّب فيها إلَّا بِقَدْرِ أعماله. وأعمالُ كلَ منهم مختلفةٌ لا تقوم إلَّا بمن اكتسبها، فكذلك عذابُه ونارُه. وحينئذٍ صار الاختلافُ في العذاب معقولًا. ومن ههنا عُلِمَ أنَّ رجلًا من أهل الجنَّة لو دخل النَّارَ لا تَضُرُّه النار شيئًا، فإِنما التعذيبُ من أعماله، وليس عنده من تلك الأعمال، فما للنار أن تؤثِّرَ فيه. وبالجملة من كل أبعدَ من المعاصي في الدنيا، كان أبعدَ عن النار في الآخرة، وكذلك بالعكس. لا أقولُ: إنَّ جهنَّم ليس فيها نارٌ، بل هي خاليةٌ الآن - والعياذ بالله - بل أقولُ: إنَّ أعمالَ الناسِ الآن أيضًا نارٌ لو انكشف الغِطَاءُ. وقد قلتُ في قصيدةٍ لي طويلةٍ في مسألة القدر: *ففي الآن نارٌ ما تورَّطتَ ههنا، ... ولكن سترًا حَالَ سوف يَزُول 6570 - قوله: (أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لا إِلهَ إلَّا اللهُ خَالِصًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ) وهذا القيدُ لا بُدَّ منه، ولكن الراوي قد يَحْذِفُهُ، فليعتبره في جميع المواضع. ثم في أحاديثَ أخرى: أنَّ الأسعدَ بها هو أهلُ الكبيرة. ولا تناقضَ، فإن المرادَ من الأوَّل هو الذي شفاعتُه نائلةٌ إيَّاه، ومن الثاني الذي هي أنفعُ فيه. 52 - باب الصِّرَاطُ جَسْرُ جَهَنَّمَ 6573 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى سَعِيدٌ وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُمَا عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَحَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أُنَاسٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ «هَلْ تُضَارُّونَ فِى الشَّمْسِ، لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ». ¬

_ قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: الهامش التالي وقع في المطبوع في ص 294، فنقلته لموضعه الصحيح هنا (¬1) قلتُ: ما يَظْهَرُ في البَرْزَخِ أنموذجٌ مما قُدِّرَ له بعد الساعة. فكونُه في الضَّحْضَاح الآن أيضًا صحيحٌ، فإنَّه لا يكون حظَّه في البَرْزَخِ إلَّا ما يكون له في الآخرة، إلَّا أنَّه أنموذجةٌ منه فيه. ويمكن أن يكونَ مرادُ الشيخ هو هذا، والله تعالى أعلمُ بالصواب.

قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «هَلْ تُضَارُّونَ فِى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ». قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ، يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ فَيَقُولُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ، فَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِى غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِى يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا أَتَانَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِى الصُّورَةِ الَّتِى يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا، فَيَتْبَعُونَهُ وَيُضْرَبُ جِسْرُ جَهَنَّمَ». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ، وَدُعَاءُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وَبِهِ كَلاَلِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، أَمَا رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ». قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أَنَّهَا لاَ يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلاَّ اللَّهُ، فَتَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، مِنْهُمُ الْمُوبَقُ، بِعَمَلِهِ وَمِنْهُمُ الْمُخَرْدَلُ، ثُمَّ يَنْجُو، حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مِنَ النَّارِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ، مِمَّنْ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، أَمَرَ الْمَلاَئِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوهُمْ، فَيَعْرِفُونَهُمْ بِعَلاَمَةِ آثَارِ السُّجُودِ، وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنِ ابْنِ آدَمَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيُخْرِجُونَهُمْ قَدِ امْتُحِشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءٌ يُقَالُ لَهُ مَاءُ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ فِى حَمِيلِ السَّيْلِ، وَيَبْقَى رَجُلٌ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ قَدْ قَشَبَنِى رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِى ذَكَاؤُهَا، فَاصْرِفْ وَجْهِى عَنِ النَّارِ فَلاَ يَزَالُ يَدْعُو اللَّهَ. فَيَقُولُ لَعَلَّكَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ أَنْ تَسْأَلَنِى غَيْرَهُ. فَيَقُولُ لاَ وَعِزَّتِكَ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ. فَيَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ يَا رَبِّ قَرِّبْنِى إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ. فَيَقُولُ أَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ أَنْ لاَ تَسْأَلْنِى غَيْرَهُ، وَيْلَكَ ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ. فَلاَ يَزَالُ يَدْعُو. فَيَقُولُ لَعَلِّى إِنْ أَعْطَيْتُكَ ذَلِكَ تَسْأَلَنِى غَيْرَهُ. فَيَقُولُ لاَ وَعِزَّتِكَ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ. فَيُعْطِى اللَّهَ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ أَنْ لاَ يَسْأَلَهُ غَيْرَهُ، فَيُقَرِّبُهُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا رَأَى مَا فِيهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ رَبِّ أَدْخِلْنِى الْجَنَّةَ. ثُمَّ يَقُولُ أَوَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ أَنْ لاَ تَسْأَلَنِى غَيْرَهُ، وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ لاَ تَجْعَلْنِى أَشْقَى خَلْقِكَ. فَلاَ يَزَالُ يَدْعُو حَتَّى يَضْحَكَ، فَإِذَا ضَحِكَ مِنْهُ أَذِنَ لَهُ بِالدُّخُولِ فِيهَا، فَإِذَا دَخَلَ فِيهَا قِيلَ تَمَنَّ مِنْ كَذَا. فَيَتَمَنَّى، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ تَمَنَّ مِنْ كَذَا. فَيَتَمَنَّى حَتَّى تَنْقَطِعَ بِهِ الأَمَانِىُّ فَيَقُولُ لَهُ هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً. طرفاه 806، 7437 - تحفة 13151، 14213 - 148/ 8 6574 - قَالَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ جَالِسٌ مَعَ أَبِى هُرَيْرَةَ، لاَ يُغَيِّرُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ «هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَفِظْتُ «مِثْلُهُ مَعَهُ». أطرافه 22، 4581، 4919، 6560، 7438، 7439 تحفة 4045، 4156 6573 - قوله: (فَيَأْتِيهِمْ اللهُ في الصُّورَةِ التي يَعْرِفُونَ)، وقد مرَّ أن الرؤيةَ لا تكون

53 - باب فى الحوض

إلَّا للصورة، وليست صورتُه تعالى عندنا إلَّا ما أخبرنا بها هو. وأمَّا ما كان من صورته تعالى عنده، وفي العالم الفوقاني، فلا علمَ لنا بها. "صورت بتلانا ايساهى جيساكه كهتى هين كه مكان كانقشه ديديا". قوله: (وحَرَّمَ اللهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنِ ابن آدَمَ أَثَرَ السُّجُودِ)، وفيه بحثٌ للنوويِّ، والحافظِ: أنَّ المرادَ منه هو الوجهُ فقط، أو جميعُ أعضاء السجود. وهذا الذي نبَّهت عليه الآن: أنَّ النارَ هي أعمالُ الرجل. أَلاَ ترى كيف صارت تلك الأعضاء محفوظةً عن النار، مع كونها مُغْرَقةً في النار؟. وبالجملة لمَّا وجدنا اختلافًا بين رجلٍ ورجلٍ في العذاب في محلَ واحدٍ، ثم اختلافًا بين عضوٍ وعضوٍ في التعذيب من رجلٍ واحدٍ، عَلِمْنَا أن ليس التعذيبُ إلَّا بأمرٍ من تلقائه. ولكنَّهم لم يُوَفَّقُوا لفَهْمِ هذا البديهي، فإذا هم يتردَّدون. 53 - باب فِى الْحَوْضِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} [الكوثر: 1] وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ: قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ». 6575 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ». طرفاه 6576، 7049 - تحفة 9263 6576 - وَحَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَلَيُرْفَعَنَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ ثُمَّ لَيُخْتَلَجُنَّ دُونِى فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِى. فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ». تَابَعَهُ عَاصِمٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ. وَقَالَ حُصَيْنٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 6575، 7049 - تحفة 9292، 9276، 3341 - 149/ 8 6577 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَمَامَكُمْ حَوْضٌ كَمَا بَيْنَ جَرْبَاءَ وَأَذْرُحَ». تحفة 8158 6578 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنه - قَالَ الْكَوْثَرُ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ الَّذِى أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. قَالَ أَبُو بِشْرٍ قُلْتُ لِسَعِيدٍ إِنَّ أُنَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهَرٌ فِى الْجَنَّةِ. فَقَالَ سَعِيدٌ النَّهَرُ الَّذِى فِى الْجَنَّةِ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِى أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. طرفه 4966 - تحفة 5458، 5567 6579 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «حَوْضِى مَسِيرَةُ شَهْرٍ، مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلاَ يَظْمَأُ أَبَدًا». تحفة 8841 6580 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ قَدْرَ حَوْضِى كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَصَنْعَاءَ مِنَ الْيَمَنِ، وَإِنَّ فِيهِ مِنَ الأَبَارِيقِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ». تحفة 1558 6581 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَحَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِى الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ الْمُجَوَّفِ قُلْتُ مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِى أَعْطَاكَ رَبُّكَ. فَإِذَا طِينُهُ - أَوْ طِيبُهُ - مِسْكٌ أَذْفَرُ». شَكَّ هُدْبَةُ. أطرافه 3570، 4964، 5610، 7517 - تحفة 1413 6582 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيَرِدَنَّ عَلَىَّ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِى الْحَوْضَ، حَتَّى عَرَفْتُهُمُ اخْتُلِجُوا دُونِى، فَأَقُولُ أَصْحَابِى. فَيَقُولُ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ». تحفة 1069 6583 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، مَنْ مَرَّ عَلَىَّ شَرِبَ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا، لَيَرِدَنَّ عَلَىَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِى، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ». طرفه 7050 - تحفة 4767 - 150/ 8 6584 - قَالَ أَبُو حَازِمٍ فَسَمِعَنِى النُّعْمَانُ بْنُ أَبِى عَيَّاشٍ فَقَالَ هَكَذَا سَمِعْتَ مِنْ سَهْلٍ فَقُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ لَسَمِعْتُهُ وَهْوَ يَزِيدُ فِيهَا «فَأَقُولُ إِنَّهُمْ مِنِّى. فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِى». وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {فَسُحْقًا} [الملك: 11] بُعْدًا، يُقَالُ {سَحِيقٍ} [الحج: 31] بَعِيدٌ، وَأَسْحَقَهُ أَبْعَدَهُ. طرفه 7051 - تحفة 4390 6585 - وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ الْحَبَطِىُّ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَرِدُ عَلَىَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِى فَيُحَلَّئُونَ عَنِ الْحَوْضِ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِى. فَيَقُولُ إِنَّكَ لاَ عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى». طرفه 6586 - تحفة 13352 6586 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ

«يَرِدُ عَلَى الْحَوْضِ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِى فَيُحَلَّئُونَ عَنْهُ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِى. فَيَقُولُ إِنَّكَ لاَ عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى». وَقَالَ شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيُجْلَوْنَ. وَقَالَ عُقَيْلٌ فَيُحَلَّئُونَ. وَقَالَ الزُّبَيْدِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6585 - تحفة 15581، 14602، 14105، 13352 6587 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى هِلاَلٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا أَنَا قَائِمٌ إِذَا زُمْرَةٌ، حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِى وَبَيْنِهِمْ فَقَالَ هَلُمَّ. فَقُلْتُ أَيْنَ قَالَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ. قُلْتُ وَمَا شَأْنُهُمْ قَالَ إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى. ثُمَّ إِذَا زُمْرَةٌ حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِى وَبَيْنِهِمْ فَقَالَ هَلُمَّ. قُلْتُ أَيْنَ قَالَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ. قُلْتُ مَا شَأْنُهُمْ قَالَ إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى. فَلاَ أُرَاهُ يَخْلُصُ مِنْهُمْ إِلاَّ مِثْلُ هَمَلِ النَّعَمِ». تحفة 14238 - 151/ 8 6588 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ خُبَيْبٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا بَيْنَ بَيْتِى وَمِنْبَرِى رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِى عَلَى حَوْضِى». أطرافه 1196، 1888، 7335 - تحفة 12267 6589 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكَ قَالَ سَمِعْتُ جُنْدَبًا قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ». تحفة 3265 6590 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاَتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «إِنِّى فَرَطٌ لَكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّى وَاللَّهِ لأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِى الآنَ، وَإِنِّى أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ - أَوْ مَفَاتِيحَ الأَرْضِ - وَإِنِّى وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِى، وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا». أطرافه 1344، 3596، 4042، 4085، 6426 - تحفة 9956 6591 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حَرَمِىُّ بْنُ عُمَارَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّهُ سَمِعَ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَذَكَرَ الْحَوْضَ فَقَالَ «كَمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَصَنْعَاءَ». تحفة 3287 6592 - وَزَادَ ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ حَارِثَةَ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَوْلَهُ حَوْضُهُ مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَالْمَدِينَةِ. فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَوْرِدُ أَلَمْ تَسْمَعْهُ قَالَ الأَوَانِى. قَالَ لاَ. قَالَ الْمُسْتَوْرِدُ تُرَى فِيهِ الآنِيَةُ مِثْلَ الْكَوَاكِبِ. تحفة 3287، 11257 6593 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ

عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى عَلَى الْحَوْضِ حَتَّى أَنْظُرُ مَنْ يَرِدُ عَلَىَّ مِنْكُمْ، وَسَيُؤْخَذُ نَاسٌ دُونِى فَأَقُولُ يَا رَبِّ مِنِّى وَمِنْ أُمَّتِى. فَيُقَالُ هَلْ شَعَرْتَ مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ وَاللَّهِ مَا بَرِحُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ». فَكَانَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَرْجِعَ عَلَى أَعْقَابِنَا أَوْ نُفْتَنَ عَنْ دِينِنَا. {أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ} [المؤمنون: 66] تَرْجِعُونَ عَلَى الْعَقِبِ. طرفه 7048 - تحفة 15719 - 152/ 8 ے 6577 - قوله: (كَمَا بَيْنَ جَرْبَاءَ وأَذْرُحَ) وهاتان قريتان من الشام متصلتان، فنبَّه الشارحون على أنَّ المعطوفَ الآخرَ لـ «بين» قد سقط من الراوي. فليستا بيانًا للمَبْدَأِ والمنتهى، بل بيانًا للمبدأ فقط. 6586 - قوله: (فَيُحَلَّؤُونَ): أي يُطْرَدُون. 6587 - قوله: (إلَّا مِثْلُ هَمَلِ النَّعَمِ) والمرادُ منه أنَّ النَّعَمَ التي ليس لها راعٍ قلَّما تهتدي إلى الطريق السويِّ، بل يَخْبِطُ أكثرُهم، فَتَضِلّ، فتهلك. ***

82 - كتاب القدر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 82 - كتاب القَدَر 1 - باب فِى الْقَدَرِ 6594 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَنْبَأَنِى سُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ فِى بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ بِرِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَشَقِىٌّ، أَوْ سَعِيدٌ، فَوَاللَّهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ - أَوِ الرَّجُلَ - يَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا غَيْرُ بَاعٍ أَوْ ذِرَاعٍ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا غَيْرُ ذِرَاعٍ أَوْ ذِرَاعَيْنِ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فَيَدْخُلُهَا». قَالَ آدَمُ إِلاَّ ذِرَاعٌ. أطرافه 3208، 3332، 7454 - تحفة 9228 6595 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَكَّلَ اللَّهُ بِالرَّحِمِ مَلَكًا فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ نُطْفَةٌ، أَىْ رَبِّ عَلَقَةٌ، أَىْ رَبِّ مُضْغَةٌ. فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَقْضِىَ خَلْقَهَا قَالَ أَىْ رَبِّ ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى أَشَقِىٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَمَا الرِّزْقُ فَمَا الأَجَلُ فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ فِى بَطْنِ أُمِّهِ». تحفة 1080 واعلم أنَّ القَدَرَ حصل من مجموع الإِرادة والقدرة، والإِرادةُ عند المتكلِّمين عبارةٌ عن تخصيص بعض المقدورات ببعض الأوقات، وهي صفةٌ تتعلَّق بجانبي الشيء - الوجود والترك - وأنكرها الفلاسفةُ. وما ذكره الصدر في «الأسفار»، وابن رشد في «التهافت»: أنَّ الفلاسفةَ أيضًا قائلون بصفة الإِرافة، فإنَّه تمويهٌ بلا مِرْيَةٍ، وخِدَاعٌ بلا فِرْيةٍ، لأنَّ ما ذُكِرَ أنَّ الإِرادةَ عندهم تختصُّ بجانب الوجود. قلتُ: وهل عندهم في جانب الترك إرادةٌ أيضًا أو لا؟ فإن أقرُّوا بها، فذلك مذهبُ المتكلِّمين بعينه، على أنَّه يكذِّبهم شاهدُ الوجود، فإنَّهم لا يقولون بها. وإن كان الثاني، فقد كفانا عن افتضاحهم، فإنَّ جانبَ الترك إذا لم يَدْخُل تحت القدرة، فذلك عينُ الجبر، فإنَّ القَدَرَ إن شاء فعل، وإن لم يشأ لم يَفْعَلْ.

2 - باب جف القلم على علم الله

وأمَّا الإِمكانُ بالذات مع الامتناع بالغير، فقد أَحْدَثَهُ ابنُ سينا، وكان التقسيمُ عند قدمائهم ثُنَائِيًّا، ممكِنًا، أو ممتنعًا. فالممكِنُ ما يوجدُ مرَّةً، ويَنْعَدِمُ أخرى. وما لا يَخْرُجُ من حَيِّز العدم إلى بقعة الوجود لا يُسَمَّى عندهم ممكنًا. فإنَّ المبحوثَ عنه عندهم كانت المراتبَ الخارجيةَ، والإِمكانُ بالذات مع الامتناع بالغير مرتبةٌ عقليةٌ. فإنَّ الممكنَ إذا صار ممتنعًا بالنظر إلى الغير، فقد تَسَاوَقَ الممتنعُ بالذات في عدم خروجه إلى الوجود، وإن كان يفارقه في النظر العقليِّ. ثم إنَّ هذا الغيرَ إن اعتبرته في ذات الشيءِ فذاك أيضًا يعودُ إلى الامتناع الذاتيِّ. نعم لو اعتبرته خارجةً، خرج قسمٌ ثالث. وبالجملة: هذا القسمُ من مخترعات ابن سينا، ثم إنَّ العبدَ عند أهل السُّنة مختارٌ، وإن كان مجبورًا في وصف الاختيار، فإنه مودَعٌ فيه، كالماء في القُمْقُمَة، فعاد مجبورًا من وجهٍ أيضًا، وذلك هو الجبرُ مع الاختيار. بقي الاختيار المستقلُّ، بحيث لا يكون مستندًا إلى قادرٍ، فهو مُحَالٌ في حقِّه، فإنَّ وجودَه نفسَه ليس له حقيقةٌ وتقوُّمٌ، إلَّا بعد اعتبار حيثية الاستناد، فكيف بصفاته؟ ولي فيه نظمٌ طويلٌ، قد ذكرتُ بعضَه سابقًا. 2 - باب جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ وقَوْلُهُ: {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية: 23]. وَقالَ أَبُو هُرَيرَةَ: قالَ لِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «جَفَّ القَلَمُ بِمَا أَنْتَ لاَقٍ». قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: 61] سَبَقَتْ لَهُمُ السَّعَادَةُ. 6596 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرِّشْكُ قَالَ سَمِعْتُ مُطَرِّفَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ يُحَدِّثُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُعْرَفُ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ قَالَ «نَعَمْ». قَالَ فَلِمَ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ قَالَ «كُلٌّ يَعْمَلُ لِمَا خُلِقَ لَهُ - أَوْ لِمَا يُسِّرَ لَهُ -». طرفه 7551 - تحفة 10859 - 153/ 8 قال الشارحون: المرادُ من كتابة القلم ما هو كائنٌ إلى الساعة، وذلك متناهٍ، فلا إيراد. 3 - باب اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ 6597 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَوْلاَدِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ». طرفه 1383 - تحفة 5449 6598 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِى عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَرَارِىِّ

4 - باب {وكان أمر الله قدرا مقدورا} [الأحزاب: 38]

الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ». طرفاه 1384، 6600 - تحفة 14212 6599 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ، كَمَا تُنْتِجُونَ الْبَهِيمَةَ، هَلْ تَجِدُونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ حَتَّى تَكُونُوا أَنْتُمْ تَجْدَعُونَهَا». أطرافه 1358، 1359، 1385، 4775 - تحفة 14709 قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ وَهْوَ صَغِيرٌ قَالَ «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ». طرفاه 1384، 6598 - تحفة 14709 قد مرَّ الكلامُ مفصَّلًا في أطفال المشركين، وأن ابنَ تَيْمِيَةَ نَسَبَ إلى البخاريِّ أنَّه قائلٌ بنجاتهم، واستدلَّ له بهذه الترجمة. قلتُ: بل هي دالَّةٌ على نقيضه، لأنَّ ظاهرَها أنَّه اختار التوقُّفَ. 4 - باب {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38] 6600 - 6601 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَسْأَلِ الْمَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا، وَلْتَنْكِحْ، فَإِنَّ لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا». أطرافه 2140، 2148، 2150، 2151، 2160، 2162، 2723، 2727، 5144، 5152 - تحفة 13819 6602 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ إِحْدَى بَنَاتِهِ وَعِنْدَهُ سَعْدٌ وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ وَمُعَاذٌ أَنَّ ابْنَهَا يَجُودُ بِنَفْسِهِ. فَبَعَثَ إِلَيْهَا «لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلِلَّهِ مَا أَعْطَى، كُلٌّ بِأَجَلٍ، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ». أطرافه 1284، 5655، 6655، 7377، 7448 - تحفة 98 6603 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَيْرِيزٍ الْجُمَحِىُّ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ رَجُلٌ مِنِ الأَنْصَارِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نُصِيبُ سَبْيًا وَنُحِبُّ الْمَالَ، كَيْفَ تَرَى فِى الْعَزْلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَإِنَّكُمْ تَفْعَلُونَ ذَلِكَ، لاَ عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَفْعَلُوا، فَإِنَّهُ لَيْسَتْ نَسَمَةٌ كَتَبَ اللَّهُ أَنْ تَخْرُجَ إِلاَّ هِىَ كَائِنَةٌ». أطرافه 2229، 2542، 4138، 5210، 7409 - تحفة 4111 - 154/ 8 6604 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لَقَدْ خَطَبَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خُطْبَةً، مَا تَرَكَ فِيهَا شَيْئًا إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلاَّ ذَكَرَهُ، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ، إِنْ كُنْتُ لأَرَى الشَّىْءَ قَدْ نَسِيتُ، فَأَعْرِفُ مَا يَعْرِفُ الرَّجُلُ إِذَا غَابَ عَنْهُ فَرَآهُ فَعَرَفَهُ. تحفة 3340 6605 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى

5 - باب العمل بالخواتيم

عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا جُلُوسًا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ عُودٌ يَنْكُتُ فِى الأَرْضِ وَقَالَ «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ قَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ أَوْ مِنَ الْجَنَّةِ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَلاَ نَتَّكِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «لاَ اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ» ثُمَّ قَرَأَ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5)} [الليل: 5] الآيَةَ. أطرافه 1362، 4945، 4946، 4947، 4948، 4949، 6217، 7552 - تحفة 10167 6604 - قوله: (لَقَدْ خَطَبَنَا النبيُّ صلى الله عليه وسلّم خُطْبَةً، ما تَرَكَ فيها شيئًا إلى قِيَامِ السَّاعَةِ إلَّا ذَكَرَهُ). واعلم أنَّ العمومَ قد يكون مدلولًا، ولا يكون مقصودًا، وهذا هو عمومٌ غيرُ مقصودٍ، فاعلمه. فإنَّه قد زلَّت فيه الأقدامُ، وتحيَّرت منه الأحلامُ. أَلاَ ترى إلى قوله تعالى: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23] كيف العمومُ فيه؟ فإذا دَرَيْتَ أنَّ العمومَ قد لا يكون مقصودًا، فلا تتعلَّق بالألفاظ. 5 - باب الْعَمَلُ بِالْخَوَاتِيمِ 6606 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ يَدَّعِى الإِسْلاَمَ «هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ». فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ مِنْ أَشَدِّ الْقِتَالِ، وَكَثُرَتْ بِهِ الْجِرَاحُ فَأَثْبَتَتْهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ الَّذِى تَحَدَّثْتَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ قَدْ قَاتَلَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ أَشَدِّ الْقِتَالِ، فَكَثُرَتْ بِهِ الْجِرَاحُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ». فَكَادَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ يَرْتَابُ فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ إِذْ وَجَدَ الرَّجُلُ أَلَمَ الْجِرَاحِ فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى كِنَانَتِهِ، فَانْتَزَعَ مِنْهَا سَهْمًا فَانْتَحَرَ بِهَا، فَاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَدَّقَ اللَّهُ حَدِيثَكَ، قَدِ انْتَحَرَ فُلاَنٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا بِلاَلُ قُمْ فَأَذِّنْ، لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ». أطرافه 3062، 4203، 4204 - تحفة 13277 - 155/ 8 6607 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَعْظَمِ الْمُسْلِمِينَ غَنَاءً عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِى غَزْوَةٍ غَزَاهَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَظَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا». فَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، وَهْوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، حَتَّى جُرِحَ فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَجَعَلَ ذُبَابَةَ سَيْفِهِ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مُسْرِعًا فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ «وَمَا ذَاكَ». قَالَ قُلْتَ لِفُلاَنٍ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَيْهِ». وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِنَا غَنَاءً عَنِ

6 - باب إلقاء النذر العبد إلى القدر

الْمُسْلِمِينَ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لاَ يَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا جُرِحَ اسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَقَتَلَ نَفْسَهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ». أطرافه 2898، 4202، 4207، 6493 - تحفة 4754 6 - باب إِلْقَاءِ النَّذْرِ الْعَبْدَ إِلَى الْقَدَرِ 6608 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النَّذْرِ قَالَ «إِنَّهُ لاَ يَرُدُّ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ». طرفاه 6692، 6693 - تحفة 7287 6609 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَأْتِى ابْنَ آدَمَ النَّذْرُ بِشَىْءٍ لَمْ يَكُنْ قَدْ قَدَّرْتُهُ، وَلَكِنْ يُلْقِيهِ الْقَدَرُ وَقَدْ قَدَّرْتُهُ لَهُ، أَسْتَخْرِجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ». طرفه 6694 - تحفة 14685 7 - باب لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ 6610 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزَاةٍ فَجَعَلْنَا لاَ نَصْعَدُ شَرَفًا، وَلاَ نَعْلُو شَرَفًا، وَلاَ نَهْبِطُ فِى وَادٍ، إِلاَّ رَفَعْنَا أَصْوَاتَنَا بِالتَّكْبِيرِ - قَالَ - فَدَنَا مِنَّا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا». ثُمَّ قَالَ «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ، أَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلِمَةً هِىَ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ، لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ». أطرافه 2992، 4205، 6384، 6409، 7386 - تحفة 9017 - 156/ 8 8 - باب الْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ {عَاصِمٍ} [هود: 43]: مانِعٌ. قالَ مُجَاهِدٌ: {سَدًّا} [القيامة: 36]: عَنِ الحَقِّ، يَتَرَدَّدُونَ في الضَّلاَلَةِ، {دَسَّاهَا} [الشمس: 10] أَغْوَاهَا. 6611 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا اسْتُخْلِفَ خَلِيفَةٌ إِلاَّ لَهُ بِطَانَتَانِ بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْخَيْرِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ». طرفه 7198 - تحفة 4423 9 - باب {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95)} [الأنبياء: 95] {أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} [هود: 36] {وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: 27]. وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ النُّعْمَانِ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَحِرْمٌ بِالْحَبَشِيَّةِ وَجَبَ.

10 - باب {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس} [الإسراء: 60]

6612 - حَدَّثَنِى مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِى، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ، وَيُكَذِّبُهُ». وَقَالَ شَبَابَةُ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6243 - تحفة 13573 10 - باب {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60] 6613 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60] قَالَ هِىَ رُؤْيَا عَيْنٍ أُرِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. قَالَ {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} [الإسراء: 60] قَالَ هِىَ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ. طرفاه 3888، 4716 - تحفة 6167 - 157/ 8 11 - باب تَحَاجَّ آدَمُ وَمُوسَى عِنْدَ اللَّهِ 6614 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ لَهُ مُوسَى يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةِ. قَالَ لَهُ آدَمُ يَا مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلاَمِهِ، وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ، أَتَلُومُنِى عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَ اللَّهُ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِى بِأَرْبَعِينَ سَنَةً. فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» ثَلاَثًا. قَالَ سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. أطرافه 3409، 4736، 4738، 7515 - تحفة 13529 12 - باب لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَى اللَّهُ 6615 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ أَبِى لُبَابَةَ عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ اكْتُبْ إِلَىَّ مَا سَمِعْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ خَلْفَ الصَّلاَةِ. فَأَمْلَى عَلَىَّ الْمُغِيرَةُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ خَلْفَ الصَّلاَةِ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِىَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ». وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى عَبْدَةُ أَنَّ وَرَّادًا أَخْبَرَهُ بِهَذَا. ثُمَّ وَفَدْتُ بَعْدُ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَسَمِعْتُهُ يَأْمُرُ النَّاسَ بِذَلِكَ الْقَوْلِ. أطرافه 844، 1477، 2408، 5975، 6330، 6473، 7292 - تحفة 11535 13 - باب مَنْ تَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ وَسُوءِ الْقَضَاءِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2)} [الفلق: 1 - 2]. 6616 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ

14 - باب {يحول بين المرء وقلبه} [الأنفال: 24]

عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلاَءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ». طرفه 6347 - تحفة 12557 14 - باب {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال: 24] 6617 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَثِيرًا مِمَّا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَحْلِفُ «لاَ وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ». طرفاه 6628، 7391 - تحفة 7024 6618 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ حَفْصٍ وَبِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالاَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لاِبْنِ صَيَّادٍ «خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا». قَالَ الدُّخُّ. قَالَ «اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ». قَالَ عُمَرُ ائْذَنْ لِى فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. قَالَ «دَعْهُ، إِنْ يَكُنْ هُوَ فَلاَ تُطِيقُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ فَلاَ خَيْرَ لَكَ فِى قَتْلِهِ». أطرافه 1354، 3055، 6173 - تحفة 6932 - 158/ 8 15 - باب {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التوبة: 51] قَضَى قَالَ مُجَاهِدٌ: {بِفَاتِنِينَ} [الصافات: 162] بِمُضِلِّينَ إِلاَّ مَنْ كَتَبَ اللَّهُ أَنَّهُ يَصْلَى الْجَحِيمَ، {قَدَّرَ فَهَدَى} [الأعلى: 3] قَدَّرَ الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ، وَهَدَى الأَنْعَامَ لِمَرَاتِعِهَا. 6619 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِىُّ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِى الْفُرَاتِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الطَّاعُونِ فَقَالَ «كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، مَا مِنْ عَبْدٍ يَكُونُ فِى بَلَدٍ يَكُونُ فِيهِ، وَيَمْكُثُ فِيهِ، لاَ يَخْرُجُ مِنَ الْبَلَدِ، صَابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يُصِيبُهُ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ». طرفاه 3474، 5734 - تحفة 17685 16 - باب {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: 43] {لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [الزمر: 57] 6620 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ - هُوَ ابْنُ حَازِمٍ - عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْخَنْدَقِ يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ وَهْوَ يَقُولُ «وَاللَّهِ لَوْلاَ اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلاَ صُمْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا وَالْمُشْرِكُونَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا ... إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا». أطرافه 2836، 2837، 3034، 4104، 4106، 7236 - تحفة 1826

83 - كتاب الأيمان والنذور

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 83 - كتاب الأَيمَانِ وَالنذُور 1 - باب قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89)} [المائدة: 89] 6621 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - لَمْ يَكُنْ يَحْنَثُ فِى يَمِينٍ قَطُّ، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ وَقَالَ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتُ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ، وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِى. طرفه 4614 - تحفة 16974، 6633 - 159/ 8 6622 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ لاَ تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُوتِيتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، وَأْتِ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ». أطرافه 6722، 7146، 7147 - تحفة 9695 6623 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ غَيْلاَنَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى رَهْطٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ أَسْتَحْمِلُهُ فَقَالَ «وَاللَّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ، وَمَا عِنْدِى مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ». قَالَ ثُمَّ لَبِثْنَا مَا شَاءَ اللهُ أَنْ نَلْبَثَ، ثُمَّ أُتِىَ بِثَلاَثِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى فَحَمَلَنَا عَلَيْهَا فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قُلْنَا أَوْ قَالَ بَعْضُنَا وَاللَّهِ لاَ يُبَارَكُ لَنَا، أَتَيْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَسْتَحْمِلُهُ، فَحَلَفَ أَنْ لاَ يَحْمِلَنَا ثُمَّ حَمَلَنَا، فَارْجِعُوا بِنَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنُذَكِّرُهُ، فَأَتَيْنَاهُ فَقَالَ «مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ، بَلِ اللهُ حَمَلَكُمْ، وَإِنِّى وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللهُ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِى، وَأَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ». أَوْ «أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِى». أطرافه 3133، 4385، 4415، 5517، 5518، 6649، 6678، 6680، 6718، 6719، 6721، 7555 - تحفة 9122

2 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم -: «وايم الله»

6624 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». أطرافه 238، 876، 896، 2956، 3486، 6887، 7036، 7495 تحفة 14707 - 160/ 8 6625 - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَاللَّهِ لأَنْ يَلِجَّ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِى أَهْلِهِ آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يُعْطِىَ كَفَّارَتَهُ الَّتِى افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْهِ». طرفه 6626 - تحفة 14712 6626 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ يَعْنِى ابْنَ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنِ اسْتَلَجَّ فِى أَهْلِهِ بِيَمِينٍ فَهْوَ أَعْظَمُ إِثْمًا، لِيَبَرَّ». يَعْنِى الْكَفَّارَةَ. طرفه 6625 - تحفة 14256 قوله: ({لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ}) ... إلخ. الأيمانُ اللغوُ عندنا: الحَلِفُ على أمرٍ ماضٍ ظنًا أنَّه صادقٌ فيه. وعند الشافعية: هي ما تجري على اللسان من قولهم: لا والله، وبلى والله. قال الشيخُ ابن الهُمَام (¬1): وما ذهب إليه الشافعيةُ داخلٌ في تعريفنا أيضًا. 6622 - قوله: (فَكَفِّرْ عن يَمِينَكَ، وأْتِ الَّذي هُوَ خَيْرٌ) والكفَّارةُ عندنا بعد الحنْثِ. وعند الشافعية: جاز العكس أيضًا. قلتُ: أمَّا الحديثُ، فلا فصلَ فيه، فإنَّ الراوي لا يستقرُّ فيه على لفظه، فقد يقدِّم التكفيرَ، وبد يؤخِّر، فليفوِّضه إلى التفقُّه. 6625 - قوله: (لأنْ يَلِجَّ أَحَدُكُمْ) أي يُصرَّ. "هت كرى". وحاصلُه أنَّ الإِثمَ في الإِصرار على مثل هذه اليمين أزيدُ من الحِنْثِ، ثم أداءُ كفَّارته. 2 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «وَايْمُ اللَّهِ» 6627 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْثًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَطَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِى إِمْرَتِهِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِى إِمْرَتِهِ فَقَدْ ¬

_ (¬1) قلت: قال الشيخُ ابن الهُمَام ما نصُّه: فسَّره محمد بما ذُكِرَ، وهو مرويٌّ عن ابن عباسٍ، وبه قال أحمدُ. وقال الشافعيُّ: كل يمينٍ صدرت عن قصدٍ في الماضي وفي المستقبل، وهو روايةٌ عن أحمد. وقال الشعبيُّ، ومسروقٌ: لغوُ اليمين أن يَحْلِفَ على معصيةٍ، فَيَتْرُكَها لاغيًا بيمينه. وقال سعيدُ بن جُبَيْر: أن يُحَرِّمَ على نفسه ما أحلَّ اللهُ له من قولٍ، أو عملٍ. والأصحُّ: أنَّ اللغوَ بالتفسيرين الأولين، وكذا الثالث متفقٌ على عدم المؤاخذة به في الآخرة، وكذا في الدنيا بالكفَّارة. انتهى مختصرًا جدًا: ص 6 - ج 4. وهذا كما ترى ينادي بأعلى نداء: أنَّ التفسيرَ الثاني الذي هو مختارُ الشافعى يشتركُ في عدم المؤاخذة، مع التفسير الأول عند أصحابنا أيضًا. قلت: وكذا صرَّح به في "التوضيح والتلويح"، فراجعه من باب المعارضة والترجيح: ص 106 - ج 2.

3 - باب كيف كانت يمين النبى - صلى الله عليه وسلم -

كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ، فِى إِمْرَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ بَعْدَهُ». أطرافه 3730، 4250، 4468، 4469، 7187 - تحفة 7124 3 - باب كَيْفَ كَانَتْ يَمِينُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ سَعْدٌ: قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ». وَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لاَهَا اللَّهِ إِذًا. يُقَالُ: وَاللَّهِ وَبِاللَّهِ وَتَاللَّهِ. 6628 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَتْ يَمِينُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ». طرفاه 6617، 7391 - تحفة 7024 6629 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلاَ قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلاَ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ». طرفاه 3121، 3619 - تحفة 2204 6630 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلاَ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلاَ قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ». أطرافه 3027، 3120، 3618 - تحفة 13165 6631 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً». أطرافه 1044، 1046، 1047، 1050، 1056، 1058، 1064، 1065، 1066، 1212، 3203، 4624، 5221 - تحفة 17078 - 161/ 8 6632 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى حَيْوَةُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ إِلاَّ مِنْ نَفْسِى. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ». فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ نَفْسِى. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الآنَ يَا عُمَرُ». طرفاه 3694، 6264 - تحفة 9670 6633 و 6634 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَحَدُهُمَا اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ. وَقَالَ الآخَرُ وَهْوَ أَفْقَهُهُمَا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَائْذَنْ لِى أَنْ أَتَكَلَّمَ. قَالَ «تَكَلَّمْ». قَالَ إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا - قَالَ مَالِكٌ وَالْعَسِيفُ الأَجِيرُ - زَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَأَخْبَرُونِى أَنَّ عَلَى ابْنِى الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَجَارِيَةٍ لِى، ثُمَّ إِنِّى

سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِى أَنَّ مَا عَلَى ابْنِى جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَا وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ عَلَيْكَ». وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا، وَأُمِرَ أُنَيْسٌ الأَسْلَمِىُّ أَنْ يَأْتِىَ امْرَأَةَ الآخَرِ، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا، فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا. حديث 6633 أطرافه 2315، 2695، 2724، 6827، 6833، 6835، 6842، 6859، 7193، 7258، 7260، 7278 - تحفة 14106 حديث 6634 أطرافه 2314، 2649، 2696، 2725، 6828، 6831، 6836، 6843، 6860، 7194، 7259، 7279 - تحفة 3755 6635 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى يَعْقُوبَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ أَسْلَمُ وَغِفَارُ وَمُزَيْنَةُ وَجُهَيْنَةُ خَيْرًا مِنْ تَمِيمٍ وَعَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَغَطَفَانَ وَأَسَدٍ، خَابُوا وَخَسِرُوا». قَالُوا نَعَمْ. فَقَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّهُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ». طرفاه 3515، 3516 - تحفة 11680 6636 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَعْمَلَ عَامِلاً فَجَاءَهُ الْعَامِلُ حِينَ فَرَغَ مِنْ عَمَلِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِىَ لِى. فَقَالَ لَهُ «أَفَلاَ قَعَدْتَ فِى بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ فَنَظَرْتَ أَيُهْدَى لَكَ أَمْ لاَ». ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشِيَّةً بَعْدَ الصَّلاَةِ فَتَشَهَّدَ وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ الْعَامِلِ نَسْتَعْمِلُهُ، فَيَأْتِينَا فَيَقُولُ هَذَا مِنْ عَمَلِكُمْ، وَهَذَا أُهْدِىَ لِى. أَفَلاَ قَعَدَ فِى بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَنَظَرَ هَلْ يُهْدَى لَهُ أَمْ لاَ، فَوَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَغُلُّ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئًا، إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا جَاءَ بِهِ لَهُ رُغَاءٌ، وَإِنْ كَانَتْ بَقَرَةً جَاءَ بِهَا لَهَا خُوَارٌ، وَإِنْ كَانَتْ شَاةً جَاءَ بِهَا تَيْعَرُ، فَقَدْ بَلَّغْتُ». فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ حَتَّى إِنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى عُفْرَةِ إِبْطَيْهِ. قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ وَقَدْ سَمِعَ ذَلِكَ مَعِى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلُوهُ. أطرافه 925، 1500، 2597، 6979، 7174، 7197 - تحفة 11895 - 162/ 8 6637 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ - هُوَ ابْنُ يُوسُفَ - عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً». طرفه 6485 - تحفة 14799 6638 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنِ الْمَعْرُورِ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ فِى ظِلِّ الْكَعْبَةِ «هُمُ الأَخْسَرُونَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، هُمُ الأَخْسَرُونَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ» قُلْتُ مَا شَأْنِى أَيُرَى فِىَّ شَىْءٌ مَا شَأْنِى فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ وَهْوَ يَقُولُ، فَمَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَسْكُتَ، وَتَغَشَّانِى مَا شَاءَ اللَّهُ، فَقُلْتُ مَنْ هُمْ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الأَكْثَرُونَ أَمْوَالاً، إِلاَّ مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا». طرفه 1460 - تحفة 11981 6639 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «قَالَ سُلَيْمَانُ لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً، كُلُّهُنَّ تَأْتِى بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ. فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَطَافَ عَلَيْهِنَّ جَمِيعًا، فَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلاَّ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ، وَايْمُ الَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. لَجَاهَدُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ». أطرافه 2819، 3424، 5242، 6720، 7469 - تحفة 13731 - 163/ 8 6640 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ أُهْدِىَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - سَرَقَةٌ مِنْ حَرِيرٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَتَدَاوَلُونَهَا بَيْنَهُمْ، وَيَعْجَبُونَ مِنْ حُسْنِهَا وَلِينِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَتَعْجَبُونَ مِنْهَا». قَالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدٍ فِى الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْهَا». لَمْ يَقُلْ شُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ». أطرافه 3249، 3802، 5836 - تحفة 1861، 1810، 1878 6641 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ إِنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ مِمَّا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ أَخْبَاءٍ - أَوْ خِبَاءٍ - أَحَبَّ إِلَىَّ أَنْ يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ أَخْبَائِكَ - أَوْ خِبَائِكَ، شَكَّ يَحْيَى - ثُمَّ مَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ أَهْلُ أَخْبَاءٍ - أَوْ خِبَاءٍ - أَحَبَّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ أَخْبَائِكَ أَوْ خِبَائِكَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَأَيْضًا وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ». قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَىَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِى لَهُ قَالَ «لاَ إِلاَّ بِالْمَعْرُوفِ». أطرافه 2211، 2460، 3825، 5359، 5364، 5370، 7161، 7180 تحفة 16715 6642 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُضِيفٌ ظَهْرَهُ إِلَى قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ يَمَانٍ إِذْ قَالَ لأَصْحَابِهِ «أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». قَالُوا بَلَى. قَالَ «أَفَلَمْ تَرْضَوْا أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». قَالُوا بَلَى. قَالَ «فَوَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنِّى لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». طرفه 6528 - تحفة 9483 6643 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلاً سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يُرَدِّدُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ». طرفاه 5013، 7374 - تحفة 4104 - 164/ 8 6644 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَتِمُّوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، فَوَالَّذِى نَفْسِى

4 - باب لا تحلفوا بآبائكم

بِيَدِهِ إِنِّى لأَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِ ظَهْرِى إِذَا مَا رَكَعْتُمْ وَإِذَا مَا سَجَدْتُمْ». طرفاه 419، 742 - تحفة 1410 6645 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهَا أَوْلاَدٌ لَهَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّكُمْ لأَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ». قَالَهَا ثَلاَثَ مِرَارٍ. طرفاه 3786، 5234 - تحفة 1634 4 - باب لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ 6646 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهْوَ يَسِيرُ فِى رَكْبٍ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ فَقَالَ «أَلاَ إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ، أَوْ لِيَصْمُتْ». أطرافه 2679، 3836، 6108، 6648 - تحفة 8387 6647 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ سَالِمٌ قَالَ ابْنُ عُمَرَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ». قَالَ عُمَرُ فَوَاللَّهِ مَا حَلَفْتُ بِهَا مُنْذُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاكِرًا وَلاَ آثِرًا. قَالَ مُجَاهِدٌ {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} [الأحقاف: 4] يَأْثُرُ عِلْمًا. تَابَعَهُ عُقَيْلٌ وَالزُّبَيْدِىُّ وَإِسْحَاقُ الْكَلْبِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ سَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عُمَرَ. تحفة 10518، 6818، 6952 6648 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهُ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ». أطرافه 2679، 3836، 6108، 6646 - تحفة 7216 6649 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ وَالْقَاسِمِ التَّمِيمِىِّ عَنْ زَهْدَمٍ قَالَ كَانَ بَيْنَ هَذَا الْحَىِّ مِنْ جَرْمٍ وَبَيْنَ الأَشْعَرِيِّينَ وُدٌّ وَإِخَاءٌ، فَكُنَّا عِنْدَ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ طَعَامٌ فِيهِ لَحْمُ دَجَاجٍ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِى تَيْمِ اللَّهِ أَحْمَرُ كَأَنَّهُ مِنَ الْمَوَالِى، فَدَعَاهُ إِلَى الطَّعَامِ فَقَالَ إِنِّى رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ، فَحَلَفْتُ أَنْ لاَ آكُلَهُ. فَقَالَ قُمْ فَلأُحَدِّثَنَّكَ عَنْ ذَاكَ، إِنِّى أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ فَقَالَ «وَاللَّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ، وَمَا عِنْدِى مَا أَحْمِلُكُمْ». فَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِنَهْبِ إِبِلٍ فَسَأَلَ عَنَّا. فَقَالَ «أَيْنَ النَّفَرُ الأَشْعَرِيُّونَ». فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى، فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قُلْنَا مَا صَنَعْنَا حَلَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَحْمِلُنَا وَمَا عِنْدَهُ مَا يَحْمِلُنَا ثُمَّ حَمَلَنَا، تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمِينَهُ، وَاللَّهِ لاَ نُفْلِحُ أَبَدًا، فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا لَهُ إِنَّا أَتَيْنَاكَ لِتَحْمِلَنَا فَحَلَفْتَ أَنْ لاَ تَحْمِلَنَا، وَمَا عِنْدَكَ مَا تَحْمِلُنَا. فَقَالَ «إِنِّى لَسْتُ أَنَا حَمَلْتُكُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ، وَاللَّهِ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلاَّ

5 - باب لا يحلف باللات والعزى ولا بالطواغيت

أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا». أطرافه 3133، 4385، 4415، 5517، 5518، 6623، 6678، 6680، 6718، 6719، 6721، 7555 - تحفة 8990 - 165/ 8 5 - باب لاَ يُحْلَفُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى (¬1) وَلاَ بِالطَّوَاغِيتِ 6650 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِى حَلِفِهِ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى. فَلْيَقُلْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ. وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُقَامِرْكَ. فَلْيَتَصَدَّقْ». أطرافه 4860، 6107، 6301 - تحفة 12276 6650 - قوله: (مَنْ حَلَفَ، فقال في حَلِفِهِ: باللَّاتِ والعُزَّى)، أي لكونه حديثَ عهدٍ بالجاهلية، فجرى على لسانه بعد الإِسلام ما كان اعتادَ به في الجاهلية، فَلْيَقُل: لا إلهَ إلَّا الله، تلافيًا لِمَا سَبَقَ منه. 6650 - قوله: (ومَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ، فَلْيَتَصَدَّقْ)، وقد مرَّ من الطحاويِّ: أنَّ المرادَ من التصدُّق تصدُّقُه بما حَصَلَ من المقامرة. 6 - باب مَنْ حَلَفَ عَلَى الشَّىْءِ وَإِنْ لَمْ يُحَلَّفْ 6651 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اصْطَنَعَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ وَكَانَ يَلْبَسُهُ، فَيَجْعَلُ فَصَّهُ فِى بَاطِنِ كَفِّهِ، فَصَنَعَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ ثُمَّ إِنَّهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَنَزَعَهُ، فَقَالَ «إِنِّى كُنْتُ أَلْبَسُ هَذَا الْخَاتِمَ وَأَجْعَلُ فَصَّهُ مِنْ دَاخِلٍ». فَرَمَى بِهِ ثُمَّ قَالَ «وَاللَّهِ لاَ أَلْبَسُهُ أَبَدًا». فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ. أطرافه 5865، 5866، 5867، 5873، 5876، 7298 - تحفة 8281 - 166/ 8 7 - باب مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى مِلَّةِ الإِسْلاَمِ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ حَلَفَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ». وَلَمْ يَنْسُبْهُ ¬

_ (¬1) قال الخطَّابيُّ: فيه دليل على أنَّ الحالفَ باللَّاتِ لا يَلْزَمُه كفَّارةُ اليمين، وإنما يَلْزَمُه الإِنابةُ والاستغفارُ. وفي معناها إذا قال: أنا يهوديٌّ، أو نصرانيٌّ، أو بريءٌ من الإِسلام إن فَعَلْتَ كذا، وكذا، وهو قولُ مالكٍ، والشافعيِّ، وأبي عُبَيْد. وقال النَّخَعِيُّ، وأبو حنيفة، وأصحابُه: إذا قال: هو يهوديُّ إن فعل كذا، فَحنِثَ، كان عليه الكفَّارةُ. وكذلك قال الأوزاعيُّ، وسفيانُ الثوريِّ. وقولُ أحمد بن حنبل، وإسحاق بن رَاهُوَيه، نحو ذلك. وقوله: "من قال لصاحبه: تعال أُقَامِرُك، فليتصدَّق"، معناه فليتصدَّق بقدر ما جعله حَظْرًا في القمار، اهـ: ص 45 - ج 4، "معالم السنن". قلتُ: أمَّا كلامُ الطحاوي في "مشكله"، فقد ذكرنا نصَّه فيما مرَّ. بقي ما ذكره الخطَّابيُّ في قوله: هو يهوديٌ إن فعلت كذا. فلنا فيه خلافٌ، لِمَا ذَكَرَة ابن رُشْدٍ أنَّ من رأى أنَّ الأَيْمَانَ تَنْعَقِدُ بكل ما عظم الشرعُ حرمتَه، قال: فيها الكفَّارةُ، لأن الحَلِفَ بالتعظيم كالحَلِفِ بتركِ التعظيم، وذلك أنَّه كما يجب التعظيمُ يجب أن لا يُتْرَكَ التعظيمُ. فكما أن من حَلَفَ بوجوب حقِّ الله عليه لَزِمَه، كذلك من حَلَفَ ترك وجوبه لَزِمَه. اهـ: ص 350 - ج 2 "بداية المجتهد".

8 - باب لا يقول: ما شاء الله وشئت، وهل يقول أنا بالله ثم بك؟

إِلَى الْكُفْرِ. 6652 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ مِلَّةِ الإِسْلاَمِ فَهْوَ كَمَا قَالَ - قَالَ - وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَىْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ، وَلَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهْوَ كَقَتْلِهِ». أطرافه 1363، 4171، 4843، 6047، 6105 - تحفة 2062 8 - باب لاَ يَقُولُ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ، وَهَلْ يَقُولُ أَنَا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ؟ 6653 - وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى عَمْرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ ثَلاَثَةً فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ، فَبَعَثَ مَلَكًا فَأَتَى الأَبْرَصَ فَقَالَ تَقَطَّعَتْ بِى الْحِبَالُ، فَلاَ بَلاَغَ لِى إِلاَّ بِاللَّهِ، ثُمَّ بِكَ». فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. طرفه 3464 - تحفة 13602 فإنَّ الواوَ للشركة، ولكنَّه يقولُ: ثم شِئْتَ، لِيَدُلَّ على التراخي. وهذا من باب تهذيب الألفاظ، لا من باب التحريم، ولذا وَقَعَ في بعض المواضع: واو العطف أيضًا. 9 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} [الأنعام: 109] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَتُحَدِّثَنِّى بِالَّذِى أَخْطَأْتُ فِى الرُّؤْيَا، قَالَ: «لاَ تُقْسِمْ». 6654 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ الْبَرَاءِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ أَمَرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ. أطرافه 1239، 2445، 5175، 5635، 5650، 5838، 5849، 5863، 6222، 6235 - تحفة 1916 6655 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أُسَامَةَ أَنَّ ابْنَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَسَعْدٌ وَأُبَىٌّ أَنَّ ابْنِى قَدِ احْتُضِرَ فَاشْهَدْنَا. فَأَرْسَلَ يَقْرَأُ السَّلاَمَ وَيَقُولُ «إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَمَا أَعْطَى وَكُلُّ شَىْءٍ عِنْدَهُ مُسَمًّى فَلْتَصْبِرْ وَتَحْتَسِبْ». فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ، فَقَامَ وَقُمْنَا مَعَهُ، فَلَمَّا قَعَدَ رُفِعَ إِلَيْهِ، فَأَقْعَدَهُ فِى حَجْرِهِ وَنَفْسُ الصَّبِىِّ تَقَعْقَعُ، فَفَاضَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ سَعْدٌ مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «هَذَا رَحْمَةٌ يَضَعُهَا اللَّهُ فِى قُلُوبِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ». أطرافه 1284، 5655، 6602، 7377، 7448 - تحفة 98 - 167/ 8 6656 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَمُوتُ لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ،

10 - باب إذا قال: أشهد بالله، أو: شهدت بالله

تَمَسُّهُ النَّارُ، إِلاَّ تَحِلَّةَ الْقَسَمِ». طرفه 1251 - تحفة 13234 6657 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنِى غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ، كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعَّفٍ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ، وَأَهْلِ النَّارِ كُلُّ جَوَّاظٍ عُتُلٍّ مُسْتَكْبِرٍ». طرفاه 4918، 6071 - تحفة 3285 10 - باب إِذَا قَالَ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ، أَوْ: شَهِدْتُ بِاللَّهِ 6658 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ النَّاسِ خَيْرٌ قَالَ «قَرْنِى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِىءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ». قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَكَانَ أَصْحَابُنَا يَنْهَوْنَا وَنَحْنُ غِلْمَانٌ أَنْ نَحْلِفَ بِالشَّهَادَةِ وَالْعَهْدِ. أطرافه 2652، 3651، 6429 - تحفة 9403 11 - باب عَهْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ 6659 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ وَمَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ، لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَوْ قَالَ أَخِيهِ لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَهُ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} [آل عمران: 77]. أطرافه 2356، 2416، 2515، 2666، 2669، 2673، 2676، 4549، 6676، 7183، 7445 - تحفة 9244، 9304 6660 - قَالَ سُلَيْمَانُ فِى حَدِيثِهِ فَمَرَّ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ فَقَالَ مَا يُحَدِّثُكُمْ عَبْدُ اللَّهِ قَالُوا لَهُ فَقَالَ الأَشْعَثُ نَزَلَتْ فِىَّ، وَفِى صَاحِبٍ لِى، فِى بِئْرٍ كَانَتْ بَيْنَنَا. أطرافه 2357، 2417، 2516، 2667، 2670، 2677، 4550، 6677، 7184 تحفة 158 12 - باب الْحَلِفِ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَكَلِمَاتِهِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ». وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «يَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِى عَنِ النَّارِ، لاَ وَعِزَّتِكَ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا». وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «قَالَ اللَّهُ: لَكَ ذَلِكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ». وَقَالَ أَيُّوبُ: «وَعِزَّتِكَ لاَ غِنَى بِ عَنْ بَرَكَتِكَ». 168/ 8 6661 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ فَتَقُولُ قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ. وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ». رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ. طرفاه 4848، 7384 - تحفة 1295، 1279 13 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ: لَعَمْرُ اللَّهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَعَمْرُكَ: لَعَيْشُكَ.

14 - باب {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم (225)} [البقرة: 225]

6662 - حَدَّثَنَا الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ح وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِىُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ قَالَ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ، وَكُلٌّ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ - فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ. أطرافه 2593، 2637، 2661، 2688، 2879، 4025، 4141، 4690، 4749، 4750، 4757، 5212، 6679، 7369، 7370، 7500، 7545 تحفة 16494، 16708، 16126، 17409، 16311 14 - باب {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)} [البقرة: 225] 6663 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ} قَالَ قَالَتْ أُنْزِلَتْ فِى قَوْلِهِ لاَ، وَاللَّهِ بَلَى وَاللَّهِ. طرفه 4613 - تحفة 17316 15 - باب إِذَا حَنِثَ نَاسِيًا فِي الأَيْمَانِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} [الأحزاب: 5]. وَقَالَ {لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ} [الكهف: 73]. 6664 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِى عَمَّا وَسْوَسَتْ أَوْ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ». طرفاه 2528، 5269 - تحفة 12896 6665 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَوْ مُحَمَّدٌ عَنْهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ حَدَّثَنِى عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ إِذْ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ كُنْتُ أَحْسِبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَذَا وَكَذَا قَبْلَ كَذَا وَكَذَا. ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْتُ أَحْسِبُ كَذَا وَكَذَا لِهَؤُلاَءِ الثَّلاَثِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ» لَهُنَّ كُلِّهِنَّ يَوْمَئِذٍ، فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ قَالَ «افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ». أطرافه 83، 124، 1736، 1737، 1738 - تحفة 8906 6666 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - زُرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ. قَالَ «لاَ حَرَجَ». قَالَ آخَرُ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ. قَالَ «لاَ حَرَجَ». قَالَ آخَرُ ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ. قَالَ «لاَ حَرَجَ». أطرافه 84، 1721، 1722، 1723، 1734، 1735 - تحفة 5906 6667 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ

عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ الْمَسْجِدَ يُصَلِّى وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَجَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ». فَرَجَعَ فَصَلَّى، ثُمَّ سَلَّمَ فَقَالَ «وَعَلَيْكَ، ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ». قَالَ فِى الثَّالِثَةِ فَأَعْلِمْنِى. قَالَ «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ، وَاقْرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ، سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِىَ وَتَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِىَ قَائِمًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِى صَلاَتِكَ كُلِّهَا». أطرافه 757، 793، 6251، 6252 - تحفة 12983 6668 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِى الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ هَزِيمَةً تُعْرَفُ فِيهِمْ، فَصَرَخَ إِبْلِيسُ أَىْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ، فَرَجَعَتْ أُولاَهُمْ فَاجْتَلَدَتْ هِىَ وَأُخْرَاهُمْ، فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ فَقَالَ أَبِى أَبِى. قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا انْحَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ عُرْوَةُ فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ فِى حُذَيْفَةَ مِنْهَا بَقِيَّةٌ حَتَّى لَقِىَ اللَّهَ. أطرافه 3290، 3824، 4065، 6883، 6890 - تحفة 17114 - 170/ 8 6669 - حَدَّثَنِى يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عَوْفٌ عَنْ خِلاَسٍ وَمُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا وَهْوَ صَائِمٌ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ». طرفه 1933 - تحفة 12303، 14479 6670 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ قَالَ صَلَّى بِنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ فِى الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ، فَمَضَى فِى صَلاَتِهِ، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ انْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ، وَسَجَدَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَسَلَّمَ. أطرافه 829، 830، 1224، 1225، 1230 - تحفة 9154 6671 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ عَبْدِ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بِهِمْ صَلاَةَ الظُّهْرِ، فَزَادَ أَوْ نَقَصَ مِنْهَا - قَالَ مَنْصُورٌ لاَ أَدْرِى إِبْرَاهِيمُ وَهِمَ أَمْ عَلْقَمَةُ - قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقَصُرَتِ الصَّلاَةُ أَمْ نَسِيتَ قَالَ «وَمَا ذَاكَ». قَالُوا صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ فَسَجَدَ بِهِمْ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ «هَاتَانِ السَّجْدَتَانِ لِمَنْ لاَ يَدْرِى، زَادَ فِى صَلاَتِهِ أَمْ نَقَصَ، فَيَتَحَرَّى الصَّوَابَ، فَيُتِمُّ مَا بَقِىَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ». أطرافه 401، 404، 1226، 7249 - تحفة 9451 6672 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ حَدَّثَنَا أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - {قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73)} [الكهف: 73] قَالَ «كَانَتِ الأُولَى مِنْ

16 - باب اليمين الغموس

مُوسَى نِسْيَانًا». أطرافه 74، 78، 122، 2267، 2728، 3278، 3400، 3401، 4725، 4726، 4727، 7478 - تحفة 39 6673 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كَتَبَ إِلَىَّ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ قَالَ قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَكَانَ عِنْدَهُمْ ضَيْفٌ لَهُمْ فَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يَذْبَحُوا قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ، لِيَأْكُلَ ضَيْفُهُمْ، فَذَبَحُوا قَبْلَ الصَّلاَةِ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الذَّبْحَ. فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِى عَنَاقٌ جَذَعٌ، عَنَاقُ لَبَنٍ هِىَ خَيْرٌ مِنْ شَاتَىْ لَحْمٍ. فَكَانَ ابْنُ عَوْنٍ يَقِفُ فِى هَذَا الْمَكَانِ عَنْ حَدِيثِ الشَّعْبِىِّ، وَيُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَيَقِفُ فِى هَذَا الْمَكَانِ وَيَقُولُ لاَ أَدْرِى أَبَلَغَتِ الرُّخْصَةُ غَيْرَهُ أَمْ لاَ. رَوَاهُ أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 951، 955، 965، 968، 976، 983، 5545، 5556، 5557، 5560، 5563 - تحفة 1455 ل، 1769 - 171/ 8 6674 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ جُنْدَبًا قَالَ شَهِدْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى يَوْمَ عِيدٍ ثُمَّ خَطَبَ ثُمَّ قَالَ «مَنْ ذَبَحَ فَلْيُبَدِّلْ مَكَانَهَا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ». أطرافه 985، 5500، 5562، 7400 - تحفة 3251 وصورةُ الحِنْثِ ناسيًا أن يعلِّقَ الحِنْثَ على شيءٍ، ثم يأتي بالشرط ناسيًا. وعندنا فيه الكفَّارةُ، كما في حال الذكر. وأثرُ النسيان في رفع الإِثم، دون الحكم. وذهبَ البخاريُّ إلى نفي الكفَّارة أيضًا، ولم يأتِ بشيءٍ من هذا الباب، بل أخرج أحاديثَ من غير هذا الباب، فلا حُجَّةَ علينا. 16 - باب الْيَمِينِ الْغَمُوسِ {وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (94)} [النحل: 94] دَخَلاً: مَكْرًا وَخِيَانَةً. 6675 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا فِرَاسٌ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْكَبَائِرُ الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ». طرفاه 6870، 6920 - تحفة 8835 قوله: ({وَلاَ تَتَّخِذُواْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ}) والدَّخَلُ: "كهوت"، وهو أن يَحْلِفَ على أمرٍ لئلَّا يَسُوغَ له فَعلُه. 17 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77)} [آل عمران: 77] وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224)} [البقرة: 224]. وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا

18 - باب اليمين فيما لا يملك، وفى المعصية وفي الغضب

إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (95)} [النحل: 95]. {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا} [النحل: 91]. 6676 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ، يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إِلَى آخِرِ الآيَةِ. أطرافه 2356، 2416، 2515، 2666، 2669، 2673، 2676، 4549، 6659، 7183، 7445 - تحفة 9244 6677 - فَدَخَلَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ فَقَالَ مَا حَدَّثَكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالُوا كَذَا وَكَذَا. قَالَ فِىَّ أُنْزِلَتْ، كَانَتْ لِى بِئْرٌ فِى أَرْضِ ابْنِ عَمٍّ لِى فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «بَيِّنَتُكَ أَوْ يَمِينُهُ». قُلْتُ إِذًا يَحْلِفُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ، وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ، يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِىَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». أطرافه 2357، 2417، 2516، 2667، 2670، 2677، 4550، 6660، 7184 تحفة 158 - 172/ 8 قوله: ({وَلاَ تَجْعَلُواْ اللَّهَ عُرْضَةً}) ... إلخ. قيل: معناه: لا تَجْعَلُوا اللَّهَ غرضًا لأيمانكم، فتَحْلِفُوا به كلَّ حينٍ. وقيل: معناه: أن تَحْلِفُوا أن لا تفعلوا، فتُعَلِّلُوا، وتقولوا: قد حَلَفْنَا. وترجمةُ «العُرْضَة» حينئذٍ: "آر - اوت". 18 - باب الْيَمِينِ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ، وَفِى الْمَعْصِيَةِ وَفِي الْغَضَبِ 6678 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ أَرْسَلَنِى أَصْحَابِى إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَسْأَلُهُ الْحُمْلاَنَ فَقَالَ «وَاللَّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ عَلَى شَىْءٍ». وَوَافَقْتُهُ وَهْوَ غَضْبَانُ فَلَمَّا أَتَيْتُهُ قَالَ «انْطَلِقْ إِلَى أَصْحَابِكَ فَقُلْ إِنَّ اللَّهَ - أَوْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَحْمِلُكُمْ». أطرافه 3133، 4385، 4415، 5517، 5518، 6623، 6649، 6680، 6718، 6719، 6721، 7555 - تحفة 9066 6679 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ح وَحَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِىُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِىُّ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ قَالَ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِمَّا قَالُوا - كُلٌّ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ} [النور: 11] الْعَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا فِى بَرَاءَتِى. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ - وَاللَّهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا، بَعْدَ الَّذِى قَالَ لِعَائِشَةَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى} [النور: 22] الآيَةَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَلَى وَاللَّهِ إِنِّى لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِى. فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِى كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَقَالَ وَاللَّهِ لاَ أَنْزِعُهَا عَنْهُ أَبَدًا. أطرافه 2593، 2637، 2661، 2688، 2879، 4025، 4141، 4690، 4749، 4750، 4757، 5212، 6662، 7369، 7370، 7500، 7545 تحفة 16494، 16708، 16126، 17409، 16311

19 - باب إذا قال: والله لا أتكلم اليوم، فصلى، أو قرأ، أو سبح، أو كبر، أو حمد، أو هلل، فهو على نيته

6680 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ زَهْدَمٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ، فَوَافَقْتُهُ وَهْوَ غَضْبَانُ فَاسْتَحْمَلْنَاهُ، فَحَلَفَ أَنْ لاَ يَحْمِلَنَا ثُمَّ قَالَ «وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللهُ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا». أطرافه 3133، 4385، 4415، 5517، 5518، 6623، 6649، 6678، 6718، 6719، 6721، 7555 - تحفة 8990 - 173/ 8 وقد مرَّ الكلامُ فيه. وأن التحقيقَ فيه عندي أن المؤثِّرَ عندي هو تناسبُ الأمرين، فإذا كان الأمران متناسبين يُعْتَبَرُ تعليقُهما، ويؤثِّر لا مَحَالَةَ. وإن كانا غيرَ ملائمين يَلْغُو. كما إذا قال للأجنبية: إن دخلتِ الدَّارَ فأنتِ طالقٌ، فإنَّه لا ملاءمةَ بين دخول الأجنبية والطلاق، فلا يُعْتَبَرُ أصلًا، بخلاف ما إذا أضافه إلى النكاح. قوله: (وفي المَعْصِيَةِ، في الغَضَبِ) واعلم أنَّ اليمينَ في المعصيةِ ينبغي أن لا يَنْعَقِدَ (¬1) عن أئمتنا الثلاثة، على ما هو المحرَّر عندي، لأنَّ لصحة النَّذْر شرائطَ: منها أن يكونَ من جنسه واجبًا، فلا تنعقد في المعصية. فإِذا لم تنعقد في المعصية، ينبغي أن لا تجب فيها الكفَّارةُ أيضًا، على ما هو المشهورُ من شرائطها في كُتُبِ الحنفية. إلَّا أن الشيخَ ابن الهُمَام نَقَلَ عن الطحاويِّ أنَّ فيه الكفَّارةَ، وإن لَزِمَهُ الحِنْثُ. وكذا وضع محمدٌ بابًا في «موطأه»، وصرَّح فيه أن من نَذَرَ بذبح ولده، عليه أن يَحْنَثَ، ويَذْبَحَ شاةً. فلا أدري أنَّ هذا هو مختارُهما فقط، أو تعدَّدت الرواياتُ عن صاحب المذهب. ثم إنَّ مسألةَ النَّذْرِ قريبٌ من مسألة اليمين. وذهب أحمدُ في النَّذْرِ بالمعصية أنَّه ينعقدُ، ويجب عليه الحِنْثُ والكفَّارةُ. وتمسَّك بما عند الترمذيِّ: «لا نَذْرَ في معصيةٍ، وكفَّارتُه كفَّارةُ يمينٍ». ومحملُه عند الحنفية عندي: أنَّ الضميرَ فيه يَرْجِعُ إلى مطلق النَّذْرِ دون النَّذْرِ في المعصية بخصوصه. هذا في النَّذْرِ، أمَّا في اليمين، فاتفقوا على أن الحِنْثَ فيه واجبٌ. 19 - باب إِذَا قَالَ: وَاللَّهِ لاَ أَتَكَلَّمُ الْيَوْمَ، فَصَلَّى، أَوْ قَرَأَ، أَوْ سَبَّحَ، أَوْ كَبَّرَ، أَوْ حَمِدَ، أَوْ هَلَّلَ، فَهْوَ عَلَى نِيَّتِهِ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَفْضَلُ الْكَلاَمِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، ¬

_ (¬1) قال الخطابيُّ: قال أبو حنيفة، وأصحابُه، وسفيانُ الثوريِّ: إذا نَذَرَ في معصيةٍ، فكفَّارتُه كفَّارةُ يمينٍ، واحتجَّوا في ذلك بحديث الزهريِّ، عن عائشةَ مرفوعًا، قال: "لا نَذْرَ في معصيةٍ، وكفَّارتُه كفَّارةُ يمينٍ" قال الخطابيُّ: لو صَحَّ هذا الحديث، لكان القولُ به واجبًا، والمصير إليه لازمًا. ثم بَسَطَ الكلامَ فيما يتعلَّق بإِسناده، فراجعه من "معالم السنن" ص 54 - ج 4 وذكر ابنُ رُشْدٍ نحوه عن ابن عبد البَرِّ في "بداية المجتهد": ص 362 - ج 1 وتصدَّى إلى تحسينه العلَّامةُ المَردِينيّ في "الجوهر النقي". وقد ذكر له الشيخُ في تقرير الترمذيِّ أشياءٌ لا بُدَّ من النظر إليها، فراجع "العرف الشذي"، ولا تَطْمَعْ في العلم براحة الجسم.

20 - باب من حلف أن لا يدخل على أهله شهرا، وكان الشهر تسعا وعشرين

وَاللَّهُ أَكْبَرُ». قَالَ أَبُو سُفْيَانَ كَتَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى هِرَقْلَ: {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64]. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {كَلِمَةَ التَّقْوَى} [الفتح: 26]: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ. 6681 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «قُلْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ كَلِمَةً. أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ». أطرافه 1360، 3884، 4675، 4772 - تحفة 11281 6682 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِى الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ». طرفاه 6406، 7563 - تحفة 14899 6683 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَلِمَةً وَقُلْتُ أُخْرَى «مَنْ مَاتَ يَجْعَلُ لِلَّهِ نِدًّا أُدْخِلَ النَّارَ». وَقُلْتُ أُخْرَى مَنْ مَاتَ لاَ يَجْعَلُ لِلَّهِ نِدًّا أُدْخِلَ الْجَنَّةَ. طرفاه 1238، 4497 - تحفة 9255 وهذه الترجمةُ لا توافقنا بتمامها إلَّا على قول الخَصَّاف، فإنَّه اعتبر نيةَ التخصيص في العموم ديانةً وقضاءً، وأمَّا على المشهور، فنيةُ التخصيص لا تعتبر في العامِّ قضاءً، وإن اعْتُبِرت ديانةً. 20 - باب مَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَدْخُلَ عَلَى أَهْلِهِ شَهْرًا، وَكَانَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ 6684 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ آلَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ نِسَائِهِ، وَكَانَتِ انْفَكَّتْ رِجْلُهُ، فَأَقَامَ فِى مَشْرُبَةٍ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ نَزَلَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ آلَيْتَ شَهْرًا. فَقَالَ «إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ». أطرافه 378، 689، 732، 733، 805، 1114، 1911، 2469، 5201، 5289 تحفة 679 21 - باب إِنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَشْرَبَ نَبِيذًا، فَشَرِبَ طِلاَءً أَوْ سَكَرًا أَوْ عَصِيرًا لَمْ يَحْنَثْ فِي قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ بِأَنْبِذَةٍ عِنْدَه 6685 - حَدَّثَنِى عَلِىٌّ سَمِعَ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِى حَازِمٍ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ صَاحِبَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْرَسَ فَدَعَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لِعُرْسِهِ، فَكَانَتِ الْعَرُوسُ خَادِمَهُمْ. فَقَالَ سَهْلٌ لِلْقَوْمِ هَلْ تَدْرُونَ مَا سَقَتْهُ قَالَ أَنْقَعَتْ لَهُ تَمْرًا فِى تَوْرٍ مِنَ اللَّيْلِ، حَتَّى أَصْبَحَ عَلَيْهِ فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ. أطرافه 5176، 5182، 5183، 5591، 5597 - تحفة 4709 - 174/ 8

22 - باب إذا حلف أن لا يأتدم، فأكل تمرا بخبز، وما يكون من الأدم

6686 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنْ سَوْدَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ مَاتَتْ لَنَا شَاةٌ فَدَبَغْنَا مَسْكَهَا ثُمَّ مَا زِلْنَا نَنْبِذُ فِيهِ حَتَّى صَارَتْ شَنًّا. تحفة 15896 والنبيذُ على ما في «شرح العقائد» للنسفي: أن يُلْقي تميراتٍ في الماء، فيحلُّوا حتَّى تَظْهَرَ فيه الحموضةُ. ولم أر اشتراط الحموضةِ في كتابٍ غيره. والطِّلاَءُ: أن يَحْتَرِقَ ثلثاه بالطبخ. والسَّكرُ: هو الماءُ الخارجُ من النخل بدون تفصيلٍ. وأمَّا العصيرُ، فهو ماءٌ معتصَرٌ. قوله: (لَمْ يَحْنَثْ في قَوْلِ النَّاسِ) ... إلخ، وأرادَ من قوله: «بعض الناس» الإِمامَ أبا حنيفة. وليس مقصودُه ههنا الردَّ عليه، ولكنَّ غرضَه أن اسمَ النبيذِ هل يَتَنَاوَلُ هذه الأشربة أيضًا؟ فإن كان العرفُ ذلك تناوله لا مَحَالة، فإنَّ مبنى الأَيْمَان على العُرْفِ. ولا بَحْثَ ههنا عن حِلِّه وحرمته. 22 - باب إِذَا حَلَفَ أَنْ لاَ يَأْتَدِمَ، فَأَكَلَ تَمْرًا بِخُبْزٍ، وَمَا يَكُونُ مِنَ الأُدْمِ 6687 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ خُبْزِ بُرٍّ مَأْدُومٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ بِهَذَا. تحفة 16165 6688 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لأُمِّ سُلَيْمٍ لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَعِيفًا أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَىْءٍ فَقَالَتْ نَعَمْ. فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخَذَتْ خِمَارًا لَهَا، فَلَفَّتِ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَهَبْتُ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ». فَقُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمَنْ مَعَهُ «قُومُوا». فَانْطَلَقُوا، وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ. فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَيْسَ عِنْدَنَا مِنَ الطَّعَامِ مَا نُطْعِمُهُمْ. فَقَالَتِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِىَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو طَلْحَةَ حَتَّى دَخَلاَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَلُمِّى يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا عِنْدَكِ». فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ - قَالَ - فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِذَلِكَ الْخُبْزِ فَفُتَّ، وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً لَهَا فَأَدَمَتْهُ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ قَالَ «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ». فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا،

23 - باب النية في الأيمان

ثُمَّ قَالَ «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ». فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا، وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ أَوْ ثَمَانُونَ رَجُلاً. أطرافه 422، 3578، 5381، 5450 - تحفة 200 - 175/ 8 والإِدَامُ عندنا ما يُؤْتَدَمُ به، فلا يكون إلَّا رَطْبًا. وأطلقه المصنِّفُ على اليابس أيضًا، ولا ضيرَ فيه، فلعلَّه كان عُرْفُ أهل الكوفة في زمن فقهائنا. وقد عَلِمْتَ أنَّ مبني الأيمان عندنا على العُرْف. 23 - باب النِّيَّةِ فِي الأَيْمَانِ 6689 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِىَّ يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لاِمْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ». أطرافه 1، 54، 2529، 3898، 5070، 6953 - تحفة 10612 واعلم أن المسألةَ في نية التخصيص في العامِّ ما سَمِعْتَ آنفًا. وأمَّا تقييدُ المطلق، فلم يتعرَّضوا له في كتبنا. وهناك قسمٌ ثالثٌ، وهو مراتبُ الشيء. والمسمَّى هل يَصْلُحُ إرادةَ بعضها دون بعضٍ، كما في قوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ} [البقرة: 222]، فإنَّ مرتبتَه القوصى منه عينُ ما كان اليهود يفعلونها. وكنهى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم عن الاستمتاع عمَّا تحت الإِزار، أو موضع الطَّمْث، فالرأيُ فيه عندي عبرةُ النية في كلِّها. ومراتبُ المُسَمَّى، وإن لم تُذْكَر في عامة الكُتُبِ، لكنَّها يمكن أن تندرجَ في تعريف المطلق لصدر الشريعة. وأمَّا ما ذكره الشيخُ ابن الهُمَام في تعريفه، فلا يندرجُ فيه أصلًا، بل يحتاجُ إلى أن يُفْرَزَ له اصطلاحٌ جديدٌ. ونُقِلَ عن سيبويه، كما في «شرح الجامع الصغير»: أن الفعلَ ليس بعامَ، ولا خاصَ، بل هو مطلقٌ. وقال النحاةُ: إنَّه جنسٌ، والجنسُ أيضًا يُطْلَقُ على القليل والكثير. 24 - باب إِذَا أَهْدَى مَالَهُ عَلَى وَجْهِ النَّذْرِ وَالتَّوْبَةِ 6690 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِىَ - قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ فِى حَدِيثِهِ {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118] فَقَالَ فِى آخِرِ حَدِيثِهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنِّى أَنْخَلِعُ مِنْ مَالِى صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهْوَ خَيْرٌ لَكَ». أطرافه 2757، 2947، 2948، 2949، 2950، 3088، 3556، 3889، 3951، 4418، 4673، 4676، 4677، 4678، 6255، 7225 - تحفة 11131

25 - باب إذا حرم طعامه

25 - باب إِذَا حَرَّمَ طَعَامَهُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 1 - 2]، وَقَوْلُهُ: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: 87]. 6691 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ زَعَمَ عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَزْعُمُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلاً، فَتَوَاصَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ أَنَّ أَيَّتَنَا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلْتَقُلْ إِنِّى أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ «لاَ بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَلَنْ أَعُودَ لَهُ». فَنَزَلَتْ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1]، {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ} [التحريم: 4]، لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ، {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} [التحريم: 3] لِقَوْلِهِ «بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً». وَقَالَ لِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى عَنْ هِشَامٍ «وَلَنْ أَعُودَ لَهُ، وَقَدْ حَلَفْتُ، فَلاَ تُخْبِرِى بِذَلِكَ أَحَدًا». أطرافه 4912، 5216، 5267، 5268، 5431، 5599، 5614، 5682، 6972 تحفة 16322 - 176/ 8 واعلم أن تحريمَ الحلال يمينٌ عندنا، خلافًا للشافعيِّ، ولم يُفصِح المصنِّفُ بجنوحه إلى أحدٍ من المذهبين. ثم ظاهرُ القرآن لأبي حنيفة، فإنَّه سمَّى التحريمَ المذكورَ يمينًا. وأجاب عنه الشافعيةُ: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان حَلَفَ في هذه الواقعة أيضًا، كما يَدُلُّ عليه قوله في تلك الرواية: «وقد حَلَفْتُ، فل تُخْبِري بذلك أحدًا»، ويحئنذٍ جاز أن يقولَ قولَه تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] راجعًا إلى هذا اليمين. وللحنفية أن يَعَضُّوا على نظم النصِّ بالنواجذ، فإنَّه لما فرَّع على التحريم المذكورِ التحلُّلَ، دَلَّ على ما قلنا. 26 - باب الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: 7]. 6692 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْحَارِثِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ أَوَلَمْ يُنْهَوْا عَنِ النَّذْرِ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ النَّذْرَ لاَ يُقَدِّمُ شَيْئًا، وَلاَ يُؤَخِّرُ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِالنَّذْرِ مِنَ الْبَخِيلِ». طرفاه 6608، 6693 - تحفة 7071 6693 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النَّذْرِ وَقَالَ «إِنَّهُ لاَ يَرُدُّ شَيْئًا، وَلَكِنَّهُ يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ». طرفاه 6608، 6692 - تحفة 7287

27 - باب إثم من لا يفي بالنذر

6694 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَأْتِى ابْنَ آدَمَ النَّذْرُ بِشَىْءٍ لَمْ يَكُنْ قُدِّرَ لَهُ، وَلَكِنْ يُلْقِيهِ النَّذْرُ إِلَى الْقَدَرِ قَدْ قُدِّرَ لَهُ، فَيَسْتَخْرِجُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ، فَيُؤْتِى عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ يُؤْتِى عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ». طرفه 6609 - تحفة 13759 27 - باب إِثْمِ مَنْ لاَ يَفِي بِالنَّذْرِ 6695 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو جَمْرَةَ حَدَّثَنَا زَهْدَمُ بْنُ مُضَرِّبٍ قَالَ سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَيْرُكُمْ قَرْنِى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ - قَالَ عِمْرَانُ لاَ أَدْرِى ذَكَرَ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا بَعْدَ قَرْنِهِ - ثُمَّ يَجِىءُ قَوْمٌ يَنْذُرُونَ وَلاَ يَفُونَ، وَيَخُونُونَ وَلاَ يُؤْتَمَنُونَ، وَيَشْهَدُونَ وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ». أطرافه 2651، 3650، 6428 - تحفة 10827 28 - باب النَّذْرِ فِى الطَّاعَةِ {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (270)} [البقرة: 270]. 177/ 8 6696 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلاَ يَعْصِهِ». طرفه 6700 - تحفة 17458 29 - باب إِذَا نَذَرَ، أَوْ حَلَفَ أَنْ لاَ يُكَلِّمَ إِنْسَانًا فِى الْجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ أَسْلَمَ 6697 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى نَذَرْتُ فِى الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. قَالَ «أَوْفِ بِنَذْرِكَ». أطرافه 2032، 2043، 3144، 4320 - تحفة 7933 والنَّذْرُ في الجاهلية لا يَلْزَمُ عندنا، فلا يَجِبُ الوفاءُ به، والحديثُ محمولٌ على الاستحباب. 30 - باب مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ وَأَمَرَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَةً، جَعَلَتْ أُمُّهَا عَلَى نَفْسِهَا صَلاَةً بِقُبَاءٍ، فَقَالَ صَلِّي عَنْهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ. 6698 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ الأَنْصَارِىَّ اسْتَفْتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ، فَتُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ. فَأَفْتَاهُ أَنْ يَقْضِيَهُ عَنْهَا، فَكَانَتْ سُنَّةً بَعْدُ. طرفاه 2761، 6959 - تحفة 5835

31 - باب النذر فيما لا يملك وفى معصية

6699 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى بِشْرٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَتَى رَجُلٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُ إِنَّ أُخْتِى نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ وَإِنَّهَا مَاتَتْ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَاقْضِ اللَّهَ، فَهْوَ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ». طرفاه 1852، 7315 - تحفة 5457 قوله: (صَلِّي عَنْهَا) وهذا عندنا محمولٌ على الإِثابة دون النيابة. 31 - باب النَّذْرِ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ وَفِى مَعْصِيَةٍ 6700 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلاَ يَعْصِهِ». طرفه 6696 - تحفة 17458 6701 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ لَغَنِىٌّ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ». وَرَآهُ يَمْشِى بَيْنَ ابْنَيْهِ. وَقَالَ الْفَزَارِىُّ عَنْ حُمَيْدٍ حَدَّثَنِى ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ. طرفه 1865 - تحفة 392 6702 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ بِزِمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَقَطَعَهُ. أطرافه 1620، 1621، 6703 - تحفة 5704 - 178/ 8 6703 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى سُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ أَنَّ طَاوُسًا أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ وَهْوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ بِإِنْسَانٍ يَقُودُ إِنْسَانًا بِخِزَامَةٍ فِى أَنْفِهِ، فَقَطَعَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَقُودَهُ بِيَدِهِ أطرافه 1620، 1621، 6702 - تحفة 5704 6704 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا أَبُو إِسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلاَ يَقْعُدَ وَلاَ يَسْتَظِلَّ وَلاَ يَتَكَلَّمَ وَيَصُومَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ». قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 5991 32 - باب مَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ أَيَّامًا، فَوَافَقَ النَّحْرَ أَوِ الْفِطْرَ 6705 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا حَكِيمُ بْنُ أَبِى حُرَّةَ الأَسْلَمِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ نَذَرَ أَنْ لاَ يَأْتِىَ عَلَيْهِ يَوْمٌ إِلاَّ صَامَ، فَوَافَقَ يَوْمَ أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ.

33 - باب هل يدخل فى الأيمان والنذور الأرض والغنم والزروع والأمتعة

فَقَالَ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] لَمْ يَكُنْ يَصُومُ يَوْمَ الأَضْحَى وَالْفِطْرِ، وَلاَ يَرَى صِيَامَهُمَا. طرفاه 1994، 6706 - تحفة 6697 6706 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ نَذَرْتُ أَنْ أَصُومَ كُلَّ يَوْمِ ثَلاَثَاءَ أَوْ أَرْبِعَاءَ مَا عِشْتُ، فَوَافَقْتُ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ النَّحْرِ. فَقَالَ أَمَرَ اللهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ، وَنُهِينَا أَنْ نَصُومَ يَوْمَ النَّحْرِ. فَأَعَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ مِثْلَهُ، لاَ يَزِيدُ عَلَيْهِ. طرفاه 1994، 6705 - تحفة 6723 6704 - قوله: (مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ، ولْيَسْتَظِلَّ، ولْيَقْعُدْ، ولْيُتِمَّ صَوْمَهُ)، فأمره بوفاء ما كان طاعةً من نَذْرِه، وما لم تكن منه طاعةً، فألغاه. ولم أر فيه ذكرَ الكفَّارةِ في طريقٍ. 33 - باب هَلْ يَدْخُلُ فِى الأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ الأَرْضُ وَالْغَنَمُ وَالزُّرُوعُ وَالأَمْتِعَةُ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَالَ عُمَرُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: أَصَبْتُ أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ؟ قَالَ: «إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا». وَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أَحَبُّ أَمْوَالِي إِلَىَّ بَيْرُحَاءَ لِحَائِطٍ لَهُ، مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ. تحفة 10557 - 179/ 8 6707 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِىِّ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ خَيْبَرَ فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلاَ فِضَّةً إِلَّا الأَمْوَالَ وَالثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ، فَأَهْدَى رَجُلٌ مِنْ بَنِى الضُّبَيْبِ يُقَالُ لَهُ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غُلاَمًا يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ، فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى وَادِى الْقُرَى حَتَّى إِذَا كَانَ بِوَادِى الْقُرَى بَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سَهْمٌ عَائِرٌ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّاسُ هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَلَّا وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِى أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ، لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ، لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا». فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ النَّاسُ جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ - أَوْ - شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ». طرفه 4234 - تحفة 12916 وراجع مسائلَه من مسائلَ شتَّى من كتاب القضاء من «الهداية». ثم إنَّ هذه من مسائل النية. وفي كُتُبِ الفقه: من قال لامرأته: أنت بائنٌ، فعلى ما نوى من البينونة الصغرى، أو الكبرى. ولو قال: أنتِ طالقٌ، ونوى ثنتين، لغا. وذلك (¬1) لأنَّ ثنتين عددٌ، واللفظُ لا يحتمله. بخلاف البينونة الكبرى، أو الصغرى، فإنَّها من مراتب الشيء. وقد نبَّهتك على أن مراتبَ الشيء، وإن لم يتعرَّض إليها الأصوليون، إلَّا أنها تُسْتَفَادُ من بعض مسائل الفقه، وهذه منها. ¬

_ (¬1) قال الشيخُ رحمه الله: واعلم أنَّ هذه مسألة لم أر شرحَها إلَّا في "شرح المنار" لبحر العلوم، بالفارسية، وهو عندي لا يوجد، وهو أعزُّ شروحٍ، وأجودُه، وأبينُه فى مسائل الأصول.

84 - كتاب كفارات الأيمان

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 84 - كتاب كَفَّارَاتِ الأَيمَان 1 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89]. وَمَا أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ نَزَلَتْ: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ: مَا كَانَ فِى الْقُرْآنِ: أَوْ أَوْ، فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ، وَقَدْ خَيَّرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كَعْبًا فِى الْفِدْيَةِ. 6708 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ أَتَيْتُهُ يَعْنِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ادْنُ». فَدَنَوْتُ فَقَالَ «أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ». وَأَخْبَرَنِى ابْنُ عَوْنٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ صِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، وَالنُّسُكُ شَاةٌ، وَالْمَسَاكِينُ سِتَّةٌ. أطرافه 1814، 1815، 1816، 1817، 1818، 4159، 4190، 4191، 4517، 5665، 5703 - تحفة 11114 قوله: (ما كَانَ في القُرْآنِ: أَوْ، أوْ، فَصَاحبُهُ بالخِيَارِ) ... إلخ، قلتُ: وليس ذلك مُطَّرِدًا. 2 - باب قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2)} [التحريم: 2] مَتَى تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْغَنِىِّ وَالْفَقِيرِ 180/ 8 6709 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ سَمِعْتُهُ مِنْ فِيهِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ هَلَكْتُ. قَالَ «مَا شَأْنُكَ». قَالَ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِى فِى رَمَضَانَ. قَالَ «تَسْتَطِيعُ تُعْتِقُ رَقَبَةً». قَالَ لاَ. قَالَ «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ». قَالَ لاَ. قَالَ «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ لاَ. قَالَ «اجْلِسْ». فَجَلَسَ فَأُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ - وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ الضَّخْمُ - قَالَ «خُذْ هَذَا، فَتَصَدَّقْ بِهِ». قَالَ أَعَلَى أَفْقَرَ مِنَّا، فَضَحِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ قَالَ «أَطْعِمْهُ عِيَالَكَ». أطرافه 1936، 1937، 2600، 5368، 6087، 6164، 6710، 6711، 6821 تحفة 12275

3 - باب من أعان المعسر فى الكفارة

3 - باب مَنْ أَعَانَ الْمُعْسِرَ فِى الْكَفَّارَةِ 6710 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ هَلَكْتُ. فَقَالَ «وَمَا ذَاكَ». قَالَ وَقَعْتُ بِأَهْلِى فِى رَمَضَانَ. قَالَ «تَجِدُ رَقَبَةً». قَالَ لاَ. قَالَ «هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ». قَالَ لاَ. قَالَ «فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ لاَ. قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِعَرَقٍ - وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ فِيهِ تَمْرٌ - فَقَالَ «اذْهَبْ بِهَذَا، فَتَصَدَّقْ بِهِ». قَالَ عَلَى أَحْوَجَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا. ثُمَّ قَالَ «اذْهَبْ، فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ». أطرافه 1936، 1037، 2600، 5368، 6087، 6164، 6709، 6711، 6821 تحفة 12275 4 - باب يُعْطِى فِى الْكَفَّارَةِ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ، قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا 6711 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ هَلَكْتُ. قَالَ «وَمَا شَأْنُكَ». قَالَ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِى فِى رَمَضَانَ. قَالَ «هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً». قَالَ لاَ. قَالَ «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ». قَالَ لاَ. قَالَ «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ لاَ أَجِدُ. فَأُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ فَقَالَ «خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ». فَقَالَ أَعَلَى أَفْقَرَ مِنَّا مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَفْقَرُ مِنَّا. ثُمَّ قَالَ «خُذْهُ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ». أطرافه 1936، 1037، 2600، 5368، 6087، 6164، 6709، 6710، 6821 تحفة 12275 - 181/ 8 5 - باب صَاعِ الْمَدِينَةِ وَمُدِّ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَبَرَكَتِهِ، وَمَا تَوَارَثَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذَلِكَ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ 6712 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِىُّ حَدَّثَنَا الْجُعَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كَانَ الصَّاعُ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مُدًّا وَثُلُثًا بِمُدِّكُمُ الْيَوْمَ فَزِيدَ فِيهِ فِى زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. طرفاه 1859، 7330 - تحفة 3795 6713 - حَدَّثَنَا مُنْذِرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْجَارُودِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ - وَهْوَ سَلْمٌ - حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْطِى زَكَاةَ رَمَضَانَ بِمُدِّ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُدِّ الأَوَّلِ، وَفِى كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِمُدِّ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ أَبُو قُتَيْبَةَ قَالَ لَنَا مَالِكٌ مُدُّنَا أَعْظَمُ مِنْ مُدِّكُمْ وَلاَ نَرَى الْفَضْلَ إِلاَّ فِى مُدِّ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ لِى مَالِكٌ لَوْ جَاءَكُمْ أَمِيرٌ فَضَرَبَ مُدًّا أَصْغَرَ مِنْ مُدِّ

النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِأَىِّ شَىْءٍ كُنْتُمْ تُعْطُونَ قُلْتُ كُنَّا نُعْطِى بِمُدِّ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَفَلاَ تَرَى أَنَّ الأَمْرَ إِنَّمَا يَعُودُ إِلَى مُدِّ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 8389 6714 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِى مِكْيَالِهِمْ وَصَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ». طرفاه 2130، 7331 - تحفة 203 6712 - قوله: (كَانَ الصَّاعُ عَلَى عَهْدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم مُدًّا وثُلُثًا بِمُدِّكُمْ اليَوْمَ) ... إلخ. واعلم أنه لا خلافَ بين الحنفية والشافعية أنَّ الصاعَ أربعةُ أمدادٍ، إنَّما الخلافُ في مقدار المُدِّ. فذهبَ الشافعيُّ، ومالكٌ، وأبو يوسف إلى أنه رَطْلٌ وثُلُثٌ، فيكونُ الصاعُ خمسةَ أرْطَالٍ، وثُلُثًا. وذهب أبو حنيفة، ومحمد إلى أنه رطلان، وحينئذٍ يكون الصاعُ ثمانيةُ أَرْطَالٍ وكان قَدْرُ المُدِّ والصاعِ قد ازداد في زمن السَّائِب على ما كان في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بكثيرٍ، فصار المُدُّ أربعةَ أرطالٍ، والصاعُ ستةَ عشرةَ رطلًا، ضِعْفَ ما عند العراقيين، وثلاثةَ أضعافِ ما عند الحجازيين. ولم يكن هذا الصاعُ مستعملًا في زمن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بخلاف صاع العراقيين، والحجازيين، فإنَّهما كانا موجودين في زمن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وإن كان أحدُهما أكثرَ من الآخر. والسِّرُّ فيه: أن أرزاقَ الناس، والحبوبَ كانت قليلةً في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فلمَّا كَثُرَت في عهد السائب زيدَ في مقدار المُدِّ والصاع، مع بقاء ارسم على حاله. وهذا كتفاوت سير في بلادنا، كم ترى فيه فرقًا في بمبمىء، وبشاور مع اتحاد الاسم بعينه. ولذا قيَّده الراوي بقوله: «بمُدِّكم اليومَ»، كأنَّه يُشِيرُ إلى زيادة مُدِّه، فإنَّ مُدَّه اليومَ، وثُلُثَهُ ساوى تمامَ صاع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وهذا الحسابُ لا يستقيمُ إلَّا إذا كان المُدُّ في عهده أربعةَ أرطالٍ، فيكون الصاعُ ستةَ عشرةَ رَطْلًا. ولمَّا زادَ الثُّلُثُ على المُدِّ، وثُلُثُ لمُدِّ رطلٌ وثُلثٌ، خَرَجَ أن صاعَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كان خمسةَ أرطالٍ، وثُلُثًا، كما ذكره ابن بطَّال في «الهامش». 6713 - قوله: (كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْطِي زَكَاةَ رَمَضَانَ بِمُدِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم المُدِّ الأَوَّلِ) يقولُ الشافعيةُ: إنص المُدَّ الأوَّلَ هو رطلٌ وثُلُثٌ. وللحنفية أن يدَّعوا بثبوت صاعهم أيضًا في زمن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وحينئذٍ يَسُوغُ لهم أن يَحْمِلُوه على مذهبهم. قوله: (قَالَ أبو قُتَيْبَةَ: قال لَنَا مَالِكٌ: مُدُّنَا أَعْظَمُ مِنْ مُدِّكُم) قال الحافظُ: إنَّ المرادَ منه العُظْمَ بحسب البركة، وذلك لأنَّه خشي أن لا يَثْبُت في قدر الصاع في متن المدينة اختلافٌ، فَيَثْبُتُ صاعُ الحنفية عند أهل المدينة. ولذا نُسِبَ صاعُنا إلى الحجَّاج، وسمَّاه حَجَّاجِيًّا، مع أنه ثَبَتَ عن عمر. فحمله على أنَّ المرادَ منه عمرُ بن عبد العزيز. ولَعَمْرِي أنه صنيعٌ لا ينفع الدينَ.

6 - باب قول الله تعالى: {أو تحرير رقبة} [المائدة: 89]

قلتُ: وقد صرَّح مالك (¬1): أن المرادَ منه الزيادةُ في المقدار، دون البركة فقط. فراجع ظهار «الموطأ»، وفيه: أنَّ المُدَّ الواجبَ في سائر المواضع هو ما كان في عهده صلى الله عليه وسلّم أمَّا في الظهار فما حدث اليوم. فكأنَّه اعتبر في الظِّهَار الاسمَ، وفي سائر المواضع القَدْرَ، وقد عَلِمْتَ أن الاسمَ لا يختلف باختلاف القَدْرِ. قوله: (وقَالَ لي مَالِكٌ: لَوْ جَاءَكُم أَمِيرٌ، فَضَرَبَ مُدًّا أصْغَرَ مِنْ مُدِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بأيِّ شيءٍ كُنْتُم تُعْطُونَ؟) ... إلخ، أي لو كان المُدُّ نَقَصَ من مدِّه صلى الله عليه وسلّم لَمَا كنتم أعطيتموه في حقوق الله، فكذلك إذا زاد عليه. وبالجملة: إنَّ المَدَارَ في أداء الحقوق ليس إلَّا على المُدِّ الذي كان بعهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم سواء زاد بعده، أو نَقَصَ. وكان النَّاسُ إذ ذاك يُعْطَون مُدَّهم على ما كان عندهم، فإن كان مُدُّهم زائدًا أعطوا من هذا الزائد، وإن كان ناقصًا فمن الناقص، على نحو ما ذَكَرَه ابنُ الهُمَام: أنَّ الدِّرْهَمَ المعتبرَ في باب الزكاة هو ما كان رائحًا عند أهل البلدة، بشرط أن لم يكن ناقصًا ممَّا كان بعهده صلى الله عليه وسلّم وجعلَ مالكُ المدارَ في المُدِّ على مُدِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في الصورتين جميعًا. والله تعالى أعلم بالصواب. 6 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: 89] وَأَيُّ الرِّقَابِ أَزْكَى. 6715 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِى غَسَّانَ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ سَعِيدٍ ابْنِ مَرْجَانَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً، أَعْتَقَ اللهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنَ النَّارِ، حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ». طرفه 2517 - تحفة 13088 7 - باب عِتْقِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ فِى الْكَفَّارَةِ، وَعِتْقِ وَلَدِ الزِّنَا وَقَالَ طَاوُسٌ: يُجْزِئُ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ. ¬

_ (¬1) قلتُ: وكنتُ أُسْرِحُ طرفي في ظهار "الموطأ"، فما كنتُ أجدُ ما نَسَبَ إليه الشيخُ علي ما في مذكرتي، حتَّى وجدتُ بعضَه في آخر أبواب الزكاة، في مكيلة زكاة الفطر. قال مالك: "والكفَّاراتُ كلُّها، وزكاةُ الفطر، وزكاةُ العَشُور، كلُّ ذلك بالمُدِّ الأصغر مُدِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلَّا الظهار، فإنَّ الكفَّارةَ فيه بالمدِّ الأعظم، مدِّ هشامٍ" اهـ: ص 124 وهذا كما ترى صريحٌ في أن المُدَّ الذي حَدَثَ بزمانه لم يكن أعظمَ بركةٍ فقط، بل كان أعظمَ قدرًا أيضًا. وإنَّما أوَّله الحافظُ بما أوَّل لِيُثْبِتَ أنَّ الصاعَ بالمدينة لم يتبدَّل قطُّ، ولم يكن صاعُهم إلَّا صاعَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فأرادَ بالأعظمية البركةَ فقط، وقد عَلِمْتَ تكرُّمَه وشمائلَه، كما ذكره الشيخُ، فلله الحمدُ.

8 - باب إذا أعتق عبدا بينه وبين آخر

6716 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ دَبَّرَ مَمْلُوكًا لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّى». فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَسَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ عَبْدًا قِبْطِيًّا مَاتَ عَامَ أَوَّلَ. أطرافه 2141، 2230، 2321، 2403، 2415، 2534، 6947، 7186 تحفة 2515 - 182/ 8 8 - باب إذا أعتق عبدًا بينه وبين آخر 9 - باب إِذَا أَعْتَقَ فِى الْكَفَّارَةِ لِمَنْ يَكُونُ وَلاَؤُهُ 6717 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِىَ بَرِيرَةَ فَاشْتَرَطُوا عَلَيْهَا الْوَلاَءَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اشْتَرِيهَا إِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». أطرافه 456، 1493، 2155، 2168، 2536، 2560، 2561، 2563، 2564، 2565، 2578، 2717، 2726، 2729، 2735، 5097، 5279، 5284، 5430، 6751، 6754، 6758، 6760 - تحفة 15930 10 - باب الاِسْتِثْنَاءِ فِى الأَيْمَانِ 6718 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ غَيْلاَنَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ بْنِ أَبِى مُوسَى عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى رَهْطٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ أَسْتَحْمِلُهُ فَقَالَ «وَاللَّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ، مَا عِنْدِى مَا أَحْمِلُكُمْ». ثُمَّ لَبِثْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ، فَأُتِىَ بِإِبِلٍ فَأَمَرَ لَنَا بِثَلاَثَةِ ذَوْدٍ، فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ لاَ يُبَارِكُ اللَّهُ لَنَا، أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَسْتَحْمِلُهُ فَحَلَفَ أَنْ لاَ يَحْمِلَنَا فَحَمَلَنَا. فَقَالَ أَبُو مُوسَى فَأَتَيْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ «مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ بَلِ اللَّهُ حَمَلَكُمْ، إِنِّى وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلاَّ كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِى، وَأَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ». أطرافه 3133، 4385، 4415، 5517، 5518، 6623، 6649، 6678، 6680، 6719، 6721، 7555 - تحفة 9122 6719 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ وَقَالَ «إِلاَّ كَفَّرْتُ يَمِينِى، وَأَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ». أَوْ «أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ، وَكَفَّرْتُ». أطرافه 3133، 4385، 4415، 5517، 5518، 6623، 6649، 6678، 6680، 6718، 6721، 7555 - تحفة 9122 6720 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ عَنْ طَاوُسٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ سُلَيْمَانُ لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً، كُلٌّ تَلِدُ غُلاَمًا يُقَاتِلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ. فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ - قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِى الْمَلَكَ - قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَنَسِىَ، فَطَافَ بِهِنَّ، فَلَمْ تَأْتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ بِوَلَدٍ، إِلاَّ وَاحِدَةٌ بِشِقِّ غُلاَمٍ. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَرْوِيهِ قَالَ «لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَمْ يَحْنَثْ وَكَانَ دَرَكًا فِى حَاجَتِهِ». وَقَالَ مَرَّةً قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوِ اسْتَثْنَى». وَحَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِى هُرَيْرَةَ. أطرافه 2819، 3424، 5242، 6639، 7469 - تحفة 13535، 13682 6718 - قوله: (ما أَنَا حَمَلْتُكُم، بَلِ اللهُ حَمَلَكُمْ) وقد التزمَ السيوطي في «عقود الجمان» أن لا يأتي بِمِثَالٍ من علم المعاني، والبيان، والبديع إلَّا من القرآن والحديث.

11 - باب الكفارة قبل الحنث وبعده

فلم يَجِدْ لمسألة: «مِثَالًا فيهما، فأتى بشعر المتنبِّي. قلتُ: ولعلَّه لم يتوجَّه إلى حديث البخاريِّ هذا، فدونك منِّي مثالُه من البخاريِّ، وتشكر. 11 - باب الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ وَبَعْدَهُ 6721 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ الْقَاسِمِ التَّمِيمِىِّ عَنْ زَهْدَمٍ الْجَرْمِىِّ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أَبِى مُوسَى وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ هَذَا الْحَىِّ مِنْ جَرْمٍ إِخَاءٌ وَمَعْرُوفٌ - قَالَ - فَقُدِّمَ طَعَامٌ - قَالَ - وَقُدِّمَ فِى طَعَامِهِ لَحْمُ دَجَاجٍ - قَالَ - وَفِى الْقَوْمِ رَجُلٌ مِنْ بَنِى تَيْمِ اللَّهِ أَحْمَرُ كَأَنَّهُ مَوْلًى - قَالَ - فَلَمْ يَدْنُ فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى ادْنُ، فَإِنِّى قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ مِنْهُ. قَالَ إِنِّى رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا قَذِرْتُهُ، فَحَلَفْتُ أَنْ لاَ أَطْعَمَهُ أَبَدًا. فَقَالَ ادْنُ أُخْبِرْكَ عَنْ ذَلِكَ، أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى رَهْطٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ أَسْتَحْمِلُهُ، وَهْوَ يُقْسِمُ نَعَمًا مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ - قَالَ أَيُّوبُ أَحْسِبُهُ قَالَ وَهْوَ غَضْبَانُ - قَالَ «وَاللَّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ، وَمَا عِنْدِى مَا أَحْمِلُكُمْ». قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِنَهْبِ إِبِلٍ، فَقِيلَ أَيْنَ هَؤُلاَءِ الأَشْعَرِيُّونَ فَأَتَيْنَا فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى، قَالَ فَانْدَفَعْنَا فَقُلْتُ لأَصْحَابِى أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَسْتَحْمِلُهُ، فَحَلَفَ أَنْ لاَ يَحْمِلَنَا، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْنَا فَحَمَلَنَا، نَسِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمِينَهُ، وَاللَّهِ لَئِنْ تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمِينَهُ لاَ نُفْلِحُ أَبَدًا، ارْجِعُوا بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلْنُذَكِّرْهُ يَمِينَهُ. فَرَجَعْنَا فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَيْنَاكَ نَسْتَحْمِلُكَ، فَحَلَفْتَ أَنْ لاَ تَحْمِلَنَا ثُمَّ حَمَلْتَنَا فَظَنَنَّا - أَوْ فَعَرَفْنَا - أَنَّكَ نَسِيتَ يَمِينَكَ. قَالَ «انْطَلِقُوا، فَإِنَّمَا حَمَلَكُمُ اللَّهُ، إِنِّى وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلاَّ أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا». تَابَعَهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ وَالْقَاسِمِ بْنِ عَاصِمٍ الْكُلَيْبِىِّ. أطرافه 3133، 4385، 4415، 5517، 5518، 6623، 6649، 6678، 6680، 6718، 6719، 7555 - تحفة 8990 - 183/ 8 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ وَالْقَاسِمِ التَّمِيمِىِّ عَنْ زَهْدَمٍ بِهَذَا. حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ زَهْدَمٍ بِهَذَا. تحفة 8990 6722 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَأْتِ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ». تَابَعَهُ أَشْهَلُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ. وَتَابَعَهُ يُونُسُ وَسِمَاكُ بْنُ عَطِيَّةَ وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ وَحُمَيْدٌ وَقَتَادَةُ وَمَنْصُورٌ وَهِشَامٌ وَالرَّبِيعُ. أطرافه 6622، 7146، 7147 - تحفة 9695 - 184/ 8

واعلم أن الراوي لمَّا لم تَثْبُت له قدمٌ عند ذكر الكفَّارة قبل الحِنْثِ، فتارةً قدَّم الكفَّارةَ قبل الحِنْثِ، وتارةً أخَّرها عنه في الذكر. والمصنِّف بوَّب بالأمرين، وأَجَازَ بهما لمَّا لم يتعيَّن عنده أحدُ اللفظين. قلتُ: وذلك صنيعٌ ضعيفٌ جدًا، إلَّا أنَّ البخاريَّ قد يَرْكَبُه أيضًا. ثم اعلم أنَّه لم يَقُلْ أحدٌ بجواز التقديم في الكفَّارة البدنية. نعم أجاز بها الشافعيةُ في الماية. وأمَّا ما أخرجه البخاريُّ من الروايات في ذلك، فهي أوفقُ بنظر الحنفية (¬1). ... ¬

_ (¬1) قال الشافعيُّ: إن كفَّر قبل الحِنثِ بالطعام رَجَوْتُ أن يُجْزِىءَ عنه، وذلك أنا نَزْعُمُ أن لله حقًّا على العباد في أنفسهم وأموالهم، فالذي في أموالهم إذا قدَّموه أَجْزَأَ. وأصلُه أنه عليه الصلاة والسلام تسلَّف من العباد صدقةَ عامٍ، وأنَّ المسلمين قدَّموا صدقةَ الفطر. قلتُ: بحث معه الطحاويُّ بما ملخصه: أنَّه لم يَجُز تعجيلُ الصيام، فكذا بقيةُ الكفَّاراتِ، إذ الكفَّارة بالكفَّارةِ أشبهُ منها بالزكاة، ولئن شبَّه الإِطعامَ بالزكاة، فمن أين جوَّز تقديمَ العتق؟ ولا أصلَ له يَرُدُّه إليه. ولو أعتق قبل أن يُظَاهِرَ لم يَجُز عنده، ولا عند غيره، فوجبَ أن يَرُدَّ رقبةَ اليمين إلى هذه الرقبة. فإن قال: لم يُظَاهِر بعدُ. قلتُ: ولم يَحْنَث بعدُ. والنكاحُ سببٌ للظهار، كما أنَّ الحَلِفَ سببٌ لليمين، ولا فرقَ بينهما اهـ كلامه. ولأنّ الكفارةَ للتغطية، ولم يوجد معنى يَصِحُّ أن تكونَ الكفارَة تغطيةً له. ولأنَّ قولَه: "فَلْيُكَفِّر" أمرٌ، وظاهرُه للوجوب، والكفَّارةُ لا تجب إلَّا بعد الحِنثِ، ولأنَّ الكفَّارةَ اسمٌ لجميع أنواعها، فبعد الحِنْثِ يمكن حملُ اللفظ على جميعها، وقبل الحِنْثِ خصَّص الشافعيُّ اللفظَ ببعضها، فَتَرَكَ الظاهرَ من ثلاثة أوجه: أحدِها: تسميتُها كفَّارةٌ، وليس هناك ما يُكفِّر. والثاني: صرفُ الأمر عن الوجوب إلى الجواز. والثالثِ: تخصيصُ التكفير ببعض الأنواع. وإذا قدَّمنا الحِنْثَ سَلِمْنَا من ذلك كلِّه، ويَجعَلُ "ثم" في الرواية التي لفظها: "فَلْيُكَفِّر عن يمينه، ثم ليأتِ الذي هو خيرٌ"، بمعنى الواو، كقوله تعالى: {فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 13] إلى أن قال تعالى: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [البلد: 17]. إذ الإِيمانُ يتقدَّمُ على هذه الأفعال. ثم إن حَوَلاَن الحولِ شرطٌ لوجوب الزكاة، والسببُ هو النِّصَابُ، فلذلك جاز تقديمُ الزكاة على الحول بوجود السبب. بخلاف كفَّارة اليمين، لأن سَبَبَها هو الحِنْثُ، فلذلك لم يَجُز تقديمُها على الحِنْثِ. وليست اليمينُ سببًا، بدليل أنَّه لو بَرَّ في يمينه لم يكن عليه كفَّارةٌ مع وجود اليمين. وأيضًا فاليمينُ لا يبقى على الحِنْثِ، ولا يجوز أن يكونَ سببُ الشيء ما لا يبقى معه. وأيضًا تضادُّ الحِنْثِ، لأن الحِنثَ يُوجِبُ حلُّ اليمين، وضِدُّ الشيء لا يكون سببًا له. اهـ: ص 236 - ج 2 "الجوهر النقي". قال ابنُ رُشْدٍ: وكان سببُ الخلاف من طريق المعنى هو هل الكفَّارةُ رافعةً للحِنْثِ إذا وقع، أو مانعةٌ له؟ فمن قال: مانعةٌ أجاز تقديمها على الحِنْثِ. ومن قال: رافعةٌ لم يُجِزْها إلَّا بعد وقوعها. اهـ: ص 359 - ج 1 "بداية المجتهد".

85 - كتاب الفرائض

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 85 - كتاب الفَرَائِض 1 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11) وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)} [النساء: 11 - 12]. 6723 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ مَرِضْتُ فَعَادَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ وَهُمَا مَاشِيَانِ، فَأَتَانِى وَقَدْ أُغْمِىَ عَلَىَّ فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَبَّ عَلَىَّ وَضُوءَهُ فَأَفَقْتُ. فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَصْنَعُ فِى مَالِى، كَيْفَ أَقْضِى فِى مَالِى فَلَمْ يُجِبْنِى بِشَىْءٍ حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمَوَارِيثِ. أطرافه 194، 4577، 5651، 5664، 5676، 6743، 7309 - تحفة 3028 - 185/ 8 وراجع تفصيلَ المناسخة من «حاشية الموطأ» للشاه عبد العزيز، فإنَّه أجادَ فيه جدًا، ولم أر أحدًا منهم أتى بمثله. ولي فيه نظمٌ يحتوي على مئة بيتٍ. 2 - باب تَعْلِيمِ الْفَرَائِضِ وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: تَعَلَّمُوا قَبْلَ الظَّانِّينَ. يَعْنِى: الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِالظَّنِّ. 6724 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلاَ

3 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم -: «لا نورث ما تركنا صدقة»

تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا». أطرافه 5143، 6064، 6066 - تحفة 13526 3 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» 6725 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ وَالْعَبَّاسَ - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ يَلْتَمِسَانِ مِيرَاثَهُمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُمَا حِينَئِذٍ يَطْلُبَانِ أَرْضَيْهِمَا مِنْ فَدَكَ، وَسَهْمَهُمَا مِنْ خَيْبَرَ. أطرافه 3092، 3711، 4035، 4240 - تحفة 6630 6726 - فَقَالَ لَهُمَا أَبُو بَكْرٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ لاَ أَدَعُ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُهُ فِيهِ إِلاَّ صَنَعْتُهُ. قَالَ فَهَجَرَتْهُ فَاطِمَةُ، فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى مَاتَتْ. أطرافه 3093، 3712، 4036، 4241 - تحفة 6630 6727 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ». طرفاه 4034، 6730 - تحفة 16716 6728 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ذَكَرَ لِى مِنْ حَدِيثِهِ ذَلِكَ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ انْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ فَأَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَأُ فَقَالَ هَلْ لَكَ فِى عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ قَالَ نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمْ، ثُمَّ قَالَ هَلْ لَكَ فِى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ قَالَ نَعَمْ. قَالَ عَبَّاسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِى وَبَيْنَ هَذَا. قَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ». يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَفْسَهُ. فَقَالَ الرَّهْطُ قَدْ قَالَ ذَلِكَ. فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ذَلِكَ قَالاَ قَدْ قَالَ ذَلِكَ. قَالَ عُمَرُ فَإِنِّى أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - فِى هَذَا الْفَىْءِ بِشَىْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ) إِلَى قَوْلِهِ (قَدِيرٌ) فَكَانَتْ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ، وَلاَ اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ، لَقَدْ أَعْطَاكُمُوهُ وَبَثَّهَا فِيكُمْ، حَتَّى بَقِىَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ، فَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ هَذَا الْمَالِ نَفَقَةَ سَنَتِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِىَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَعَمِلَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَيَاتَهُ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ قَالُوا نَعَمْ. ثُمَّ قَالَ لِعَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ قَالاَ نَعَمْ. فَتَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا وَلِىُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَبَضَهَا فَعَمِلَ بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ

4 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم -: «من ترك مالا فلأهله»

أَنَا وَلِىُّ وَلِىِّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ أَعْمَلُ فِيهَا مَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جِئْتُمَانِى وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ، وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ، جِئْتَنِى تَسْأَلُنِى نَصِيبَكَ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، وَأَتَانِى هَذَا يَسْأَلُنِى نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا فَقُلْتُ إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ، فَتَلْتَمِسَانِ مِنِّى قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ، فَوَاللَّهِ الَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، لاَ أَقْضِى فِيهَا قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا فَادْفَعَاهَا إِلَىَّ، فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهَا. أطرافه 2904، 3094، 4033، 4885، 5357، 5358، 7305 تحفة 10632، 10633، 6611، 5135، 5136، 3914، 3915، 10258 ل، 9834، 9724 ل - 186/ 8 6729 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَقْتَسِمُ وَرَثَتِى دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِى وَمُؤْنَةِ عَامِلِى فَهْوَ صَدَقَةٌ». طرفاه 2776، 3096 - تحفة 13805 - 187/ 8 6730 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرَدْنَ أَنْ يَبْعَثْنَ عُثْمَانَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ يَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَّ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ أَلَيْسَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ». طرفاه 4034، 6727 - تحفة 16592 4 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلأَهْلِهِ» 6731 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً، فَعَلَيْنَا قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ». أطرافه 2298، 2398، 2399، 4781، 5371، 6745، 6763 - تحفة 15316 5 - باب مِيرَاثِ الْوَلَدِ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: إِذَا تَرَكَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ بِنْتًا فَلَهَا النِّصْفُ، وَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَهُنَّ الثُّلُثَانِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ بُدِئَ بِمَنْ شَرِكَهُمْ فَيُؤْتَى فَرِيضَتَهُ، فَمَا بَقِىَ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ. 6732 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِىَ فَهْوَ لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ». أطرافه 6735، 6737، 6746 - تحفة 5705 6732 - قوله: (لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ) واعلم أنَّ العصبةَ إمَّا بنفسه، أو بالغير، أو مع الغير. فالأوَّلُ: هو أقربُ رجلٍ ذكرٍ إلى الميِّت.

6 - باب ميراث البنات

وأمَّا الثاني: فهو الإِناثُ، والغيرُ يكون عصبةً بنفسه. وأمَّا الثالثُ: فهو، والغيرُ كلاهما إناثٌ فيه. فالاستحقاقُ فيه إنَّما يأتي من قبل الاجتماع، وإلَّا فلا عَصَبِيَّةَ فيه من جهة نفسه؛ كما في القسم الأوَّل. ولا من جهة الغير، كما في الثاني. 6 - باب مِيرَاثِ الْبَنَاتِ 6733 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَرِضْتُ بِمَكَّةَ مَرَضًا، فَأَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ، فَأَتَانِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِى فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِى مَالاً كَثِيرًا، وَلَيْسَ يَرِثُنِى إِلاَّ ابْنَتِى، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَىْ مَالِى قَالَ «لاَ». قَالَ قُلْتُ فَالشَّطْرُ قَالَ «لاَ». قُلْتُ الثُّلُثُ قَالَ «الثُّلُثُ كَبِيرٌ إِنَّكَ إِنْ تَرَكْتَ وَلَدَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً إِلاَّ أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا إِلَى فِى امْرَأَتِكَ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَأُخَلَّفُ عَنْ هِجْرَتِى فَقَالَ «لَنْ تُخَلَّفَ بَعْدِى فَتَعْمَلَ عَمَلاً تُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، إِلاَّ ازْدَدْتَ بِهِ رِفْعَةً وَدَرَجَةً، وَلَعَلَّ أَنْ تُخَلَّفَ بَعْدِى حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ يَرْثِى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ». قَالَ سُفْيَانُ وَسَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ. أطرافه 56، 1295، 2742، 2744، 3936، 4409، 5354، 5659، 5668، 6373 تحفة 3890 - 188/ 8 6734 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ شَيْبَانُ عَنْ أَشْعَثَ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ أَتَانَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ بِالْيَمَنِ مُعَلِّمًا وَأَمِيرًا، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ رَجُلٍ تُوُفِّىَ وَتَرَكَ ابْنَتَهُ وَأُخْتَهُ، فَأَعْطَى الاِبْنَةَ النِّصْفَ وَالأُخْتَ النِّصْفَ. طرفه 6741 - تحفة 11307 7 - باب مِيرَاثِ ابْنِ الاِبْنِ إِذَا لَمْ يَكُنِ ابْنٌ وَقَالَ زَيْدٌ: وَلَدُ الأَبْنَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُمْ وَلَدٌ، ذَكَرُهُمْ كَذَكَرِهِمْ، وَأُنْثَاهُمْ كَأُنْثَاهُمْ، يَرِثُونَ كَمَا يَرِثُونَ، وَيَحْجُبُونَ كَمَا يَحْجُبُونَ، وَلاَ يَرِثُ وَلَدُ الاِبْنِ مَعَ الاِبْنِ. 6735 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِىَ فَهْوَ لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ». أطرافه 6732، 6737، 6746 - تحفة 5705 فابنُ العم محرومٌ عند وجود العم، وذلك لأنَّ العبرةَ فيه للطبقة، فإذا كان الابنُ الصلبيُّ موجودًا، لا يُعْبَأ بالابن بالواسطة.

8 - باب ميراث ابنة ابن مع ابنة

8 - باب مِيرَاثِ ابْنَةِ ابْنٍ مَعَ ابْنَةٍ 6736 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو قَيْسٍ سَمِعْتُ هُزَيْلَ بْنَ شُرَحْبِيلَ قَالَ سُئِلَ أَبُو مُوسَى عَنِ ابْنَةٍ وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ فَقَالَ لِلاِبْنَةِ النِّصْفُ وَلِلأُخْتِ النِّصْفُ، وَأْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ فَسَيُتَابِعُنِى. فَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأُخْبِرَ بِقَوْلِ أَبِى مُوسَى فَقَالَ لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ، أَقْضِى فِيهَا بِمَا قَضَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لِلاِبْنَةِ النِّصْفُ، وَلاِبْنَةِ ابْنٍ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وَمَا بَقِىَ فَلِلأُخْتِ». فَأَتَيْنَا أَبَا مُوسَى فَأَخْبَرْنَاهُ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ لاَ تَسْأَلُونِى مَا دَامَ هَذَا الْحَبْرُ فِيكُمْ. طرفه 6742 - تحفة 9594 قوله: (وَلاَ يَرِثُ وَلَدُ الابْنِ مَعَ الابْنِ)، أي الابن للميِّت. 9 - باب مِيرَاثِ الْجَدِّ مَعَ الأَبِ وَالإِخْوَةِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ: الْجَدُّ أَبٌ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {يَا بَنِي آدَمَ} [الأعراف: 27] {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ} [يوسف: 38] وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ أَحَدًا خَالَفَ أَبَا بَكْرٍ فِى زَمَانِهِ، وَأَصْحَابُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مُتَوَافِرُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَرِثُنِى ابْنُ ابْنِى دُونَ إِخْوَتِى وَلاَ أَرِثُ أَنَا ابْنَ ابْنِى؟ وَيُذْكَرُ عَنْ عُمَرَ وَعَلِىٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدٍ أَقَاوِيلُ مُخْتَلِفَةٌ. 189/ 8 6737 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِىَ فَلأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ». أطرافه 6732، 6735، 6746 - تحفة 5705 6738 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَمَّا الَّذِى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُهُ، وَلَكِنْ خُلَّةُ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ». أَوْ قَالَ «خَيْرٌ». فَإِنَّهُ أَنْزَلَهُ أَبًا. أَوْ قَالَ قَضَاهُ أَبًا. أطرافه 467، 3656، 3657 - تحفة 6005 والأخوةُ محرومون عندنا عند وجود الجد، وهو مذهب أبي بكرٍ الصديق. وتجري فيه المقاسمة عند صاحبيه. 10 - باب مِيرَاثِ الزَّوْجِ مَعَ الْوَلَدِ وَغَيْرِهِ 6739 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ وَرْقَاءَ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ الْمَالُ لِلْوَلَدِ، وَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، فَنَسَخَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ، فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وَجَعَلَ لِلأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ، وَجَعَلَ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنَ وَالرُّبُعَ، وَلِلزَّوْجِ الشَّطْرَ وَالرُّبُعَ. طرفاه 2747، 4578 - تحفة 5901

11 - باب ميراث المرأة والزوج مع الولد وغيره

11 - باب مِيرَاثِ الْمَرْأَةِ وَالزَّوْجِ مَعَ الْوَلَدِ وَغَيْرِهِ 6740 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِى لَحْيَانَ سَقَطَ مَيِّتًا بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ. ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِى قَضَى عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بِأَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا، وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا». أطرافه 5758، 5759، 5760، 6904، 6909، 6910 - تحفة 13225 6740 - قوله: (ثُمَّ إنَّ المَرْأَةَ التي قَضَى عَلَيْهَا) ... إلخ. وقد يقول الراوي: «قضى لها»، بدل: «عليها»، فيختلفُ المرادُ، فإنَّ الأولى هي الجانيةُ، والثانية هي المجنيةُ. والظاهرُ هو النسخةُ الأولى لِمَا فيها من بداعة، وهي أنَّ العقل يَجِبُ على عصبتها، أمَّا الوراثةُ فتكون لزوجها وولدها، ففيه استغرابٌ، ما للعصبة يغرَّمون العقلَ، ولا يحوزون الوراثةَ؟. وإن كانت النسخة: «قضى لها»، فالمرأةُ هي المجنيةُ، والضميرُ في قوله: «على عصبتها» يرجع إلى الجانية، فَيَلْزَمُ الانتشارُ في الضمائر. ويُسْتَفَادُ من كلام البخاريِّ أنَّ الابنَ ليس بعصبةٍ، فلا يُؤْخَذُ بالدِّيَةِ، مع أنَّه لو كان من عشيرتها كان عصبةً أيضًا، ويغرَّم الدِّيَةَ. نعم لو لم يكن من قبيلتها لم يكن عصبةً، ولا يغرَّم الدِّيَةَ. وراجع لحلِّ العبارة الهامشَ من طبع الهند. 12 - باب مِيرَاثِ الأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةً 6741 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ قَضَى فِينَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - النِّصْفُ لِلاِبْنَةِ وَالنِّصْفُ لِلأُخْتِ. ثُمَّ قَالَ سُلَيْمَانُ قَضَى فِينَا. وَلَمْ يَذْكُرْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6734 تحفة 11307 6742 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى قَيْسٍ عَنْ هُزَيْلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لأَقْضِيَنَّ فِيهَا بِقَضَاءِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لِلاِبْنَةِ النِّصْفُ، وَلاِبْنَةِ الاِبْنِ السُّدُسُ، وَمَا بَقِىَ فَلِلأُخْتِ. طرفه 6736 تحفة 9594 - 190/ 8 13 - باب مِيرَاثِ الأَخَوَاتِ وَالإِخْوَةِ 6743 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرًا - رضى الله عنه - قَالَ دَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا مَرِيضٌ، فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ نَضَحَ عَلَىَّ مِنْ وَضُوئِهِ فَأَفَقْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا لِى أَخَوَاتٌ. فَنَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ. أطرافه 194، 4577، 5651، 5664، 5676، 6723، 7309 - تحفة 3043

14 - باب {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة

14 - باب {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)} [النساء: 176] 6744 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ خَاتِمَةُ سُورَةِ النِّسَاءِ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ}. أطرافه 4364، 4605، 4654 - تحفة 1814 15 - باب ابْنَىْ عَمٍّ: أَحَدُهُمَا أَخٌ لِلأُمِّ، وَالآخَرُ زَوْجٌ وَقَالَ عَلِيٌّ: لِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَلِلأَخِ مِنَ الأُمِّ السُّدُسُ، وَمَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ. 6745 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَمَالُهُ لِمَوَالِى الْعَصَبَةِ، وَمَنْ تَرَكَ كَلاًّ أَوْ ضَيَاعًا، فَأَنَا وَلِيُّهُ فَلأُدْعَى لَهُ». الكَلَّ: العيالُ. أطرافه 2298، 2398، 2399، 4781، 5371، 6731، 6763 - تحفة 12831 6746 - حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ رَوْحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا تَرَكَتِ الْفَرَائِضُ فَلأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ». أطرافه 6732، 6735، 6737 - تحفة 5705 ومحصَّل الترجمة أنَّه ماذا يَصْنَعُ إذا اجتمعت القرابتان في رجلٍ واحدٍ؟ فإنَّ الآخرَ ابن عمِّها، ثم هو زوجها أيضًا. فالمسألةُ فيه أنَّ الزوجَ يَجُوزُ نصيبَه من جهة الفرضية، وكذا ابن العمِّ من حيث كونه ولدَ الأمِّ، ويشتركان في العصبية سواء. 16 - باب ذَوِى الأَرْحَامِ (¬1) 6747 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قُلْتُ لأَبِى أُسَامَةَ حَدَّثَكُمْ إِدْرِيسُ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33] {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 33] قَالَ كَانَ الْمُهَاجِرُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَرِثُ الأَنْصَارِىُّ الْمُهَاجِرِىَّ دُونَ ذَوِى رَحِمِهِ لِلأُخُوَّةِ الَّتِى آخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُمْ فَلَمَّا نَزَلَتْ {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} قَالَ نَسَخَتْهَا {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ}. طرفاه 2292، 4580 - تحفة 5523 - 191/ 8 ¬

_ (¬1) وراجع له "الجوهر النقي"، ص 49 - ج 2 فإنَّه قد بَسَطَ فيه الكلامَ، وأجاب عن إيرادات الخصوم كلِّها.

17 - باب ميراث الملاعنة

وراجع شرح الحديث من «النبراس» لمولانا عبد العزيز. 17 - باب مِيرَاثِ الْمُلاَعَنَةِ 6748 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ رَجُلاً لاَعَنَ امْرَأَتَهُ فِى زَمَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فَفَرَّقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُمَا، وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ. أطرافه 4748، 5306، 5313، 5314، 5315 - تحفة 8322 18 - باب الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً 6749 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ عُتْبَةُ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدٍ أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّى، فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ. فَلَمَّا كَانَ عَامَ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدٌ فَقَالَ ابْنُ أَخِى عَهِدَ إِلَىَّ فِيهِ. فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ أَخِى وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِى، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَتَسَاوَقَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ أَخِى قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَىَّ فِيهِ. فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ أَخِى وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِى، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ». ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ «احْتَجِبِى مِنْهُ». لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِىَ اللَّهَ. أطرافه 2053، 2218، 2421، 2533، 2745، 4303، 6765، 6817، 7182 تحفة 16605 6750 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْوَلَدُ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ». طرفه 6818 - تحفة 14392 19 - باب الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَمِيرَاثُ اللَّقِيطِ وَقَالَ عُمَرُ اللَّقِيطُ حُرٌّ. 6751 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتِ اشْتَرَيْتُ بَرِيرَةَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اشْتَرِيهَا، فَإِنَّ الْوَلاَءَ لِمَنْ أَعْتَقَ». وَأُهْدِىَ لَهَا شَاةٌ فَقَالَ «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ». قَالَ الْحَكَمُ وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا، وَقَوْلُ الْحَكَمِ مُرْسَلٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَأَيْتُهُ عَبْدًا. أطرافه 456، 1493، 2155، 2168، 2536، 2560، 2561، 2563، 2564، 2565، 2578، 2717، 2726، 2729، 2735، 5097، 5279، 5284، 5430، 6717، 6754، 6758، 6760 - تحفة 15930 6752 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». أطرافه 2156، 2169، 2562، 6757، 6759 - تحفة 8334 20 - باب مِيرَاثِ السَّائِبَةِ 6753 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى قَيْسٍ عَنْ هُزَيْلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إِنَّ أَهْلَ الإِسْلاَمِ لا يُسَيِّبُونَ، وَإِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُسَيِّبُونَ. تحفة 9596 - 192/ 8

21 - باب إثم من تبرأ من مواليه

6754 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ، لِتُعْتِقَهَا، وَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلاَءَهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى اشْتَرَيْتُ بَرِيرَةَ لأُعْتِقَهَا، وَإِنَّ أَهْلَهَا يَشْتَرِطُونَ وَلاَءَهَا. فَقَالَ «أَعْتِقِيهَا فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». أَوْ قَالَ «أَعْطَى الثَّمَنَ». قَالَ فَاشْتَرَتْهَا فَأَعْتَقَتْهَا. قَالَ وَخُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَقَالَتْ لَوْ أُعْطِيتُ كَذَا وَكَذَا مَا كُنْتُ مَعَهُ. قَالَ الأَسْوَدُ وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا. قَوْلُ الأَسْوَدِ مُنْقَطِعٌ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَأَيْتُهُ عَبْدًا. أَصَحُّ. أطرافه 456، 1493، 2155، 2168، 2536، 2560، 2561، 2563، 2564، 2565، 2578، 2717، 2726، 2729، 2735، 5097، 5279، 5284، 5430، 6717، 6751، 6758، 6760 - تحفة 15992 6754 - قوله: (فَإِنَّما الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ) واعلم أنَّ الوَلاَءَ لحمةٌ كلحمة النسب عند الشرع، وحقٌّ لازم، فلا يَسْقُطُ بالإسقاط، ولا يَصْلُحُ للانتقال. قوله: (قَالَ الأَسْوَدُ: وكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا) ... إلخ، وهذا يفيد الحنفيةُ. وتصدَّى له البخاريُّ، وحَكَمَ عليه بالانقطاع. وأجاب عنه العَيْنِيُّ، فلا يَضُرُّ انقطاعُ هذا الطريق إذا ثَبَتَ من غير طريقه. 21 - باب إِثْمِ مَنْ تَبَرَّأَ مِنْ مَوَالِيهِ 6755 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه مَا عِنْدَنَا كِتَابٌ نَقْرَؤُهُ إِلاَّ كِتَابُ اللَّهِ، غَيْرَ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. قَالَ فَأَخْرَجَهَا فَإِذَا فِيهَا أَشْيَاءُ مِنَ الْجِرَاحَاتِ وَأَسْنَانِ الإِبِلِ. قَالَ وَفِيهَا الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ، وَمَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ، وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ. أطرافه 111، 1870، 3047، 3172، 3179، 6903، 6915، 7300 تحفة 10317 6756 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ الْوَلاَءِ وَعَنْ هِبَتِهِ. طرفه 2535 - تحفة 7150 22 - باب إِذَا أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ وَكَانَ الْحَسَنُ لاَ يَرَى لَهُ وِلاَيَةً. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». وَيُذْكَرُ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِىِّ رَفَعَهُ قَالَ: هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ. وَاخْتَلَفُوا فِى صِحَّةِ هَذَا الْخَبَرِ. 193/ 8 6757 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِىَ جَارِيَةً تُعْتِقُهَا فَقَالَ أَهْلُهَا نَبِيعُكِهَا عَلَى أَنَّ وَلاَءَهَا لَنَا.

23 - باب ما يرث النساء من الولاء

فَذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لاَ يَمْنَعُكِ ذَلِكِ، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». أطرافه 2156، 2169، 2562، 6752، 6759 - تحفة 8334 6758 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اشْتَرَيْتُ بَرِيرَةَ فَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلاَءَهَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَعْتِقِيهَا فَإِنَّ الْوَلاَءَ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ». قَالَتْ فَأَعْتَقْتُهَا - قَالَتْ - فَدَعَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَخَيَّرَهَا مِنْ زَوْجِهَا فَقَالَتْ لَوْ أَعْطَانِى كَذَا وَكَذَا مَا بِتُّ عِنْدَهُ. فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا. أطرافه 456، 1493، 2155، 2168، 2536، 2560، 2561، 2563، 2564، 2565، 2578، 2717، 2726، 2729، 2735، 5097، 5279، 5284، 5430، 6717، 6751، 6754، 6760 - تحفة 15991، 15992 وهي ولاءُ الموالاة. والحديثُ فيه حسنٌ، وإن نقل البخاريُّ الاختلافَ في تصحيحه. 23 - باب مَا يَرِثُ النِّسَاءُ مِنَ الْوَلاَءِ 6759 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أَرَادَتْ عَائِشَةُ أَنْ تَشْتَرِىَ بَرِيرَةَ فَقَالَتْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ الْوَلاَءَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اشْتَرِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». أطرافه 2156، 2169، 2562، 6752، 6757 - تحفة 8516 6760 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ، وَوَلِىَ النِّعْمَةَ». أطرافه 456، 1493، 2155، 2168، 2536، 2560، 2561، 2563، 2564، 2565، 2578، 2717، 2726، 2729، 2735، 5097، 5279، 5284، 5430، 6717، 6751، 6754، 6758 - تحفة 15991 24 - باب مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَابْنُ الأُخْتِ مِنْهُمْ 6761 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ وَقَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ». أَوْ كَمَا قَالَ. تحفة 1244، 1595 6762 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ». أَوْ «مِنْ أَنْفُسِهِمْ». أطرافه 3146، 3147، 3528، 3778، 3793، 4331، 4332، 4333، 4334، 4337، 5860، 7441 - تحفة 1244 25 - باب مِيرَاثِ الأَسِيرِ قَالَ: وَكَانَ شُرَيْحٌ يُوَرِّثُ الأَسِيرَ فِى أَيْدِى الْعَدُوِّ، وَيَقُولُ: هُوَ أَحْوَجُ إِلَيْهِ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَجِزْ وَصِيَّةَ الأَسِيرِ وَعَتَاقَهُ، وَمَا صَنَعَ فِى مَالِهِ، مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ دِينِهِ، فَإِنَّمَا هُوَ مَالُهُ يَصْنَعُ فِيهِ مَا يَشَاءُ. 6763 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىٍّ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ تَرَكَ كَلاًّ فَإِلَيْنَا». أطرافه 2298، 2398، 2399، 4781، 5371، 6731، 6745 تحفة 13410 - 194/ 8

26 - باب لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم

أي من أُسِرَ في أيدي الكفَّار، فمات له مورِّث، يُوقَفُ ميراثُه. ولو تُصُرِّفَ فيه حال أسره، يُعْتَبَرُ تصرُّفه ما لم يتغيَّر عن دِينِه، أي يرتدُّ، والعياذ بالله. 26 - باب لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلاَ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ وَإِذَا أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ الْمِيرَاثُ فَلاَ مِيرَاثَ لَهُ. 6764 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلاَ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ». أطرافه 1588، 3058، 4282 - تحفة 113 27 - باب مِيرَاثِ الْعَبْدِ النَّصْرَانِىِّ وَمُكَاتَبِ النَّصْرَانِىِّ وَإِثْمِ مَنِ انْتَفَى مِنْ وَلَدِهِ 28 - باب مَنِ ادَّعَى أَخًا أَوِ ابْنَ أَخٍ 6765 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتِ اخْتَصَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فِى غُلاَمٍ فَقَالَ سَعْدٌ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ أَخِى عُتْبَةَ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَىَّ أَنَّهُ ابْنُهُ، انْظُرْ إِلَى شَبَهِهِ. وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ هَذَا أَخِى يَا رَسُولَ اللَّهِ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِى مِنْ وَلِيدَتِهِ. فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى شَبَهِهِ فَرَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ فَقَالَ «هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ، وَاحْتَجِبِى مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ». قَالَتْ فَلَمْ يَرَ سَوْدَةَ قَطُّ. أطرافه 2053، 2218، 2421، 2533، 2745، 4303، 6749، 6817، 7182 تحفة 16584 وهذا إقرارٌ بالنسب على الغير، وراجع له «الهداية». 29 - باب مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ 6766 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ - هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ - حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، وَهْوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ، فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ». طرفه 4326 - تحفة 3902 6767 - فَذَكَرْتُهُ لأَبِى بَكْرَةَ فَقَالَ وَأَنَا سَمِعَتْهُ أُذُنَاىَ وَوَعَاهُ قَلْبِى مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 4327 - تحفة 11697 6768 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ أَبِيهِ فَهُوَ كُفْرٌ». تحفة 14154

30 - باب إذا ادعت المرأة ابنا

30 - باب إِذَا ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ ابْنًا 6769 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَانَتِ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا، جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ. وَقَالَتِ الأُخْرَى إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ. فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى، فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ ائْتُونِى بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا. فَقَالَتِ الصُّغْرَى لاَ تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ. هُوَ ابْنُهَا. فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ قَطُّ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ، وَمَا كُنَّا نَقُولُ إِلاَّ الْمُدْيَةَ. طرفه 3427 - تحفة 13728 - 195/ 8 وهو مصوَّرٌ في فقهنا بكونه إقرارًا على نفسها دون الزوج. 31 - باب الْقَائِفِ 6770 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَىَّ مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ فَقَالَ «أَلَمْ تَرَىْ أَنَّ مُجَزِّزًا نَظَرَ آنِفًا إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ». أطرافه 3555، 3731، 6771 - تحفة 16581 6771 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ وَهْوَ مَسْرُورٌ فَقَالَ «يَا عَائِشَةُ أَلَمْ تَرَىْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِىَّ دَخَلَ فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ، قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا، فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ». أطرافه 3555، 3731، 6770 - تحفة 16433 ے ***

86 - كتاب الحدود

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 86 - كتاب الحُدُود 1 - باب مَا يُحْذَرُ مِنَ الْحُدُودِ 2 - باب لاَ يُشْرَبُ الْخَمْرُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُنْزَعُ مِنْهُ نُورُ الإِيمَانِ فِى الزِّنَا. 6772 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَزْنِى الزَّانِى حِينَ يَزْنِى وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ وَهْوَ مُؤْمِنٌ». وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِثْلِهِ، إِلاَّ النُّهْبَةَ. أطرافه 2475، 5578، 6810 - تحفة 14863 - 196/ 8 3 - باب مَا جَاءَ فِي ضَرْبِ شَارِبِ الْخَمْرِ 6773 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ح. وحَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ضَرَبَ فِى الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ. طرفه 6776 - تحفة 1352، 1254 4 - باب مَنْ أَمَرَ بِضَرْبِ الْحَدِّ فِى الْبَيْتِ 6774 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ جِىءَ بِالنُّعَيْمَانِ أَوْ بِابْنِ النُّعَيْمَانِ شَارِبًا، فَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ كَانَ بِالْبَيْتِ أَنْ يَضْرِبُوهُ. قَالَ فَضَرَبُوهُ، فَكُنْتُ أَنَا فِيمَنْ ضَرَبَهُ بِالنِّعَالِ. طرفاه 2316، 6775 - تحفة 9907 5 - باب الضَّرْبِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ 6775 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ

6 - باب ما يكره من لعن شارب الخمر، وإنه ليس بخارج من الملة

اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِنُعَيْمَانَ أَوْ بِابْنِ نُعَيْمَانَ وَهْوَ سَكْرَانُ فَشَقَّ عَلَيْهِ، وَأَمَرَ مَنْ فِى الْبَيْتِ أَنْ يَضْرِبُوهُ، فَضَرَبُوهُ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَكُنْتُ فِيمَنْ ضَرَبَهُ. طرفاه 2316، 6774 - تحفة 9907 6776 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ جَلَدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ. طرفه 6773 - تحفة 1352 6777 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ قَالَ «اضْرِبُوهُ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ، وَالضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ أَخْزَاكَ اللَّهُ. قَالَ «لاَ تَقُولُوا هَكَذَا لاَ تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ». طرفه 6781 - تحفة 14999 6778 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ سَمِعْتُ عُمَيْرَ بْنَ سَعِيدٍ النَّخَعِىَّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - قَالَ مَا كُنْتُ لأُقِيمَ حَدًّا عَلَى أَحَدٍ فَيَمُوتَ، فَأَجِدَ فِى نَفْسِى، إِلاَّ صَاحِبَ الْخَمْرِ، فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ وَدَيْتُهُ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَسُنَّهُ. تحفة 10254 - 197/ 8 6779 - حَدَّثَنَا مَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْجُعَيْدِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كُنَّا نُؤْتَى بِالشَّارِبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإِمْرَةِ أَبِى بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ، فَنَقُومُ إِلَيْهِ بِأَيْدِينَا وَنِعَالِنَا وَأَرْدِيَتِنَا، حَتَّى كَانَ آخِرُ إِمْرَةِ عُمَرَ، فَجَلَدَ أَرْبَعِينَ، حَتَّى إِذَا عَتَوْا وَفَسَقُوا جَلَدَ ثَمَانِينَ. تحفة 3806 6779 - قوله: (حَتَّى إذا عَتَوْا وفَسَقُوا، جَلَدَ ثَمَانِينَ)، وبه أخذ الحنفيةُ، لكونه آخرَ ما استقرَّ عليه العملُ في زمن الخلفاء. ولمَّا كان الأمرُ فيه مختلفًا في عهد صاحب النبوة، قال عليٌّ: «إنصِ لو مات ودِيَتُهُ»، كما في حديثٍ قبله. 6 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ لَعْنِ شَارِبِ الْخَمْرِ، وَإِنَّهُ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنَ الْمِلَّةِ 6780 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلاً عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ جَلَدَهُ فِى الشَّرَابِ، فَأُتِىَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ». تحفة 10396 6781 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -

7 - باب السارق حين يسرق

بِسَكْرَانَ، فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ، فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِيَدِهِ، وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِنَعْلِهِ، وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ رَجُلٌ مَالَهُ أَخْزَاهُ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَكُونُوا عَوْنَ الشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ». طرفه 6777 - تحفة 14999 انظر إلى جلالة المصنِّف، أنَّه لم يتكلَّم بهذا الحرف في كتاب الإِيمان، لأنَّه ادَّعى فيه جزئيةَ الأعمال للإِيمان، واختار أنَّه كفرٌ دون كفرٍ، فأحبَّ أن يجعله مُطَّرِدًا، ولم يَضَع فيه استثناءً، فأبقاه على عمومه. وصَدَعَ اليومَ أنَّ مرتكبَ الكبيرةِ ليس خارجًا عن الملَّةِ، وغيرَ داخلٍ في حدِّ الكفر. وقد كان هذا التعبيرُ يَضُرُّه فيما ادَّعاه في كتاب الإِيمان، فكيف أَغْمَضَ عنه ههنا، كأنَّه ليس هناك صائتٌ يُصَوِّتُ. 7 - باب السَّارِقِ حِينَ يَسْرِقُ 6782 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَزْنِى الزَّانِى حِينَ يَزْنِى وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ». طرفه 6809 - تحفة 6186 8 - باب لَعْنِ السَّارِقِ إِذَا لَمْ يُسَمَّ 6783 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ، يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ». قَالَ الأَعْمَشُ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ بَيْضُ الْحَدِيدِ، وَالْحَبْلُ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْهَا مَا يَسْوَى دَرَاهِمَ. طرفه 6799 - تحفة 12374 - 198/ 8 6783 - قوله: (لَعَنَ اللهُ السَّارِقَ يَسْرِقَ البَيْضَةَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ) ... إلخ. ولمَّا ظنَّ الراوي أن البيضةَ شيءٌ تافهٌ، وكذا الحبلُ، لا يَبْلُغُ مَبْلَغَ نصاب السرقة، حمل البيضةَ على بيضة الحديد، أي خود، وكذا الحبلَ على ما يساوي دراهم. قلتُ: لا حاجةَ إليه، لأنَّ المرادَ أنَّ المرءَ يَسْرِقُ أوّلًا محقَّرات الأشياء، فإذا اعتاد بها، سَرَقَ الثمينَ أيضًا، فَتُقْطَعُ يدُه، فتكون سرقةُ نحو الحبل سببًا لقطع يده. 9 - باب الْحُدُودُ كَفَّارَةٌ 6784 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَجْلِسٍ فَقَالَ «بَايِعُونِى عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَزْنُوا». وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ كُلَّهَا «فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ، فَهْوَ كَفَّارَتُهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ». أطرافه 18، 3892، 3893، 3999، 4894، 6801، 6873، 7055، 7199، 7213، 7468 - تحفة 5094

10 - باب ظهر المؤمن حمى إلا فى حد أو حق

10 - باب ظَهْرُ الْمُؤْمِنِ حِمًى إِلاَّ فِى حَدٍّ أَوْ حَقٍّ 6785 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ «أَلاَ أَىُّ شَهْرٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً». قَالُوا أَلاَ شَهْرُنَا هَذَا. قَالَ «أَلاَ أَىُّ بَلَدٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً». قَالُوا أَلاَ بَلَدُنَا هَذَا. قَالَ «أَلاَ أَىُّ يَوْمٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً». قَالُوا أَلاَ يَوْمُنَا هَذَا. قَالَ «فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ حَرَّمَ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ، إِلاَّ بِحَقِّهَا، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِى بَلَدِكُمْ هَذَا، فِى شَهْرِكُمْ هَذَا، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ». - ثَلاَثًا كُلُّ ذَلِكَ يُجِيبُونَهُ أَلاَ نَعَمْ - قَالَ «وَيْحَكُمْ - أَوْ وَيْلَكُمْ - لاَ تَرْجِعُنَّ بَعْدِى كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». أطرافه 1742، 4403، 6043، 6166، 6868، 7077 - تحفة 7418 11 - باب إِقَامَةِ الْحُدُودِ وَالاِنْتِقَامِ لِحُرُمَاتِ اللَّهِ 6786 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا خُيِّرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَأْثَمْ، فَإِذَا كَانَ الإِثْمُ كَانَ أَبْعَدَهُمَا مِنْهُ، وَاللَّهِ مَا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ فِى شَىْءٍ يُؤْتَى إِلَيْهِ قَطُّ، حَتَّى تُنْتَهَكَ حُرُمَاتُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ. أطرافه 3560، 6126، 6853 - تحفة 16560 - 199/ 8 12 - باب إِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ 6787 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُسَامَةَ كَلَّمَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى امْرَأَةٍ فَقَالَ «إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُقِيمُونَ الْحَدَّ عَلَى الْوَضِيعِ، وَيَتْرُكُونَ الشَّرِيفَ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ فَاطِمَةُ فَعَلَتْ ذَلِكَ لَقَطَعْتُ يَدَهَا». أطرافه 2648، 3475، 3732، 3733، 4304، 6788، 6800 - تحفة 16578 13 - باب كَرَاهِيَةِ الشَّفَاعَةِ فِى الْحَدِّ إِذَا رُفِعَ إِلَى السُّلْطَانِ 6788 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّتْهُمُ الْمَرْأَةُ الْمَخْزُومِيَّةُ الَّتِى سَرَقَتْ فَقَالُوا مَنْ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَتَشْفَعُ فِى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ». ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ قَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا ضَلَّ مَنْ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ فِيهِمْ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا». أطرافه 2648، 3475، 3732، 3733، 4304، 6787، 6800 - تحفة 16578 وهو المسألةُ عندنا. أمَّا قبل الرفع إلى القاضي، فتستحبُّ له الشفاعةُ، إذا عُلِمَ أنَّ

14 - باب قول الله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} [المائدة: 38] وفى كم يقطع

موجبَ الحدِّ صدر منه اتفاقًا. ثم إنَّه لا قطعَ عندنا بعد قطع اليد اليمنى، والقدم اليسرى، لأنَّه يُفحضِي إلى تفويت جنس المنفعة (¬1). 14 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وَفِى كَمْ يُقْطَعُ وَقَطَعَ عَلِىٌّ مِنَ الْكَفِّ، وَقَالَ قَتَادَةُ، فِى امْرَأَةٍ سَرَقَتْ فَقُطِعَتْ شِمَالُهَا: لَيْسَ إِلَّا ذَلِكَ. 6789 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تُقْطَعُ الْيَدُ فِى رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا». تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ وَابْنُ أَخِى الزُّهْرِىِّ وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. طرفاه 6790، 6791 - تحفة 17920 6790 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِى رُبُعِ دِينَارٍ». طرفاه 6789، 6791 - تحفة 16695، 17920 6791 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِىِّ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَتْهُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - حَدَّثَتْهُمْ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُقْطَعُ فِى رُبُعِ دِينَارٍ». طرفاه 6789، 6790 - تحفة 17916 - 200/ 8 6792 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَخْبَرَتْنِى عَائِشَةُ أَنَّ يَدَ السَّارِقِ لَمْ تُقْطَعْ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَّا فِى ثَمَنِ مِجَنٍّ حَجَفَةٍ أَوْ تُرْسٍ. طرفاه 6793، 6794 - تحفة 17053 حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ. تحفة 16885 ¬

_ (¬1) أخرج المَاردِينيُّ في رواية ابن أبي شيبة، عن عمر، قال: "إذا سرق السارقُ، فاقطعوا يدَه. ثم إذا عاد، فاقطعوا رجلَه، ولا تقطعوا يدَه الأخرى، وذَرُوه يأكلُ بها الطعام، ويستنجي بها من الغائط، ولكن احبسوه عن المسلمين". وأخرج نحوَه عن عليٍّ: "أنَّه إذا أُتِي بالسارق بعد قطع اليد والرجل، قال: إني لأستحي أن لا يتطهَّرَ لصلاته، ولكن أمسكوا كلَّه عن المسلمين، وأنفقوا عليه من بيت المال". وأخرج عن ابن عبَّاسٍ: "أنَّه كتب إلى نجدة نحو قول عليّ"،. وبه قال الثوريُّ، وأبو حنيفة، وصاحباه، وهو قولُ الزهريِّ، والنَّخَعِيِّ، والشعبي والأوزاعيِّ، وحمَّاد، وأحمد. ورُوِي عن جماعةٍ من الصحابة، ومن بعدهم اهـ: ص 186 - ج 2 "الجوهر النقي" مختصرًا. ونقل الخطَّابيُّ نحوَه من مذهب هؤلاء "معالم" ص 314 - ج 3.

6793 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمْ تَكُنْ تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِى أَدْنَى مِنْ حَجَفَةٍ أَوْ تُرْسٍ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذُو ثَمَنٍ. رَوَاهُ وَكِيعٌ وَابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا. طرفاه 6792، 6794 - تحفة 19026، 16970 6794 - حَدَّثَنِى يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَخْبَرَنَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمْ تُقْطَعْ يَدُ سَارِقٍ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى أَدْنَى مِنْ ثَمَنِ الْمِجَنِّ، تُرْسٍ أَوْ حَجَفَةٍ، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَا ثَمَنٍ. طرفاه 6792، 6793 - تحفة 16804 6795 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَطَعَ فِى مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ. أطرافه 6796، 6797، 6798 - تحفة 8333 6796 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَطَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ. أطرافه 6795، 6797، 6798 - تحفة 7627 6797 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَطَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ. أطرافه 6795، 6796، 6798 - تحفة 8163 6798 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَطَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَ سَارِقٍ فِى مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ. تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى نَافِعٌ «قِيمَتُهُ». أطرافه 6795، 6796، 6797 - تحفة 8459، 8407، 8278 6799 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَعَنَ اللهُ السَّارِقَ، يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ». طرفه 6783 - تحفة 12438 - 201/ 8 قوله: (تُقْطَعُ اليَدُ في رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا) ... إلخ. واعلم أنَّ نصابَ السرقة عند مالك: ربعُ الدينار، وهو درهمانَ ونصف. وعند الشافعية: ربعُ الدينار في الذهب، وثلاثةُ دراهم في الفضة. وعندنا: عشرةُ دراهم. وهو أيضًا مرويٌّ عند النَّسائي بإِسنادٍ صحيحٍ. ثم للحنفية في وجه التفصِّي عمَّا يُخَالِفُهم وجوهٌ: منها أنَّهم ادَّعوا فيه الاضطرابَ (¬1)، وذهب بعضُهم إلى النسخ. ¬

_ (¬1) حقَّقه المارديني في "الجوهر النقي" ص 178 - ج 2.

15 - باب توبة السارق

قلتُ: والأمرُ عندي أنَّ القطعَ أوَّلًا، كان في ثمن المِجَنِّ، كما في الحديث الآتي عند البخاريِّ، وغيرِه، عن عائشةَ: «أنَّ يدَ السارق لم تُقْطَع على عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم إلَّا في ثمن مِجَنَ» ... إلخ. وكان المسلمون في أوَّل أمرهم في العُسْرَةِ، فكان المِجَنُّ يساوي ثلاثةَ دراهم. حتَّى إذا جاء اللهُ لهم بالسَّعَة والفراغ، ازداد ثمنُه أيضًا، فبلغ إلى عشرة دراهم، كما هو عند النسائيِّ، عن ابن عبَّاسٍ: «كان ثمن المِجَنِّ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقوَّم عشرةَ دراهمٍ». وكذا عند أبي داود، عن عطاء، عن ابن عبَّاسٍ قال: «قطع رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم يدَ رجلٍ في مَجَنَ قيمتُه دينارٌ، أو عشرةُ دراهم» (¬1) اهـ. فدلَّ على أنَّ الأصلَ عندهم في نصاب السرقة، كان هو المِجَنُّ، وإنَّما تدرَّج (¬2) نِصَابُه من ثلاثة إلى خمسةٍ وعشرةِ، بتدرُّج قيمة المِجَنِّ. وإذن انجلى الوجهُ، فلا أقولُ بالنسخ، ولكن أقولُ: إنَّ الأمرَ استقرَّ آخرًا على كون النصاب عشرةَ دراهمٍ. وقد سلك الطحاويُّ فيه مسلك التعارض، فتركتُه أيضًا، وأقررتُ أنَّ كلَّ ما رُوِي في الأحاديث ثابتٌ بلا ريبٍ، إلَّا أنَّ آخرَ الأمر ما قلنا. وهكذا فعلتُ في حدِّ الخمر، ومسألة المهر. فلا بُعْدَ أن يكونَ المهرُ في ابتداء الإِسلام نحو خاتم حديدٍ، إذا كان الناسُ صعاليكَ، ليس عندهم دينارٌ، ولا درهمٌ، فلمَّا جاءهم اللهُ بالسَّعَة، استقرَّ الأمرُ على عشرة دراهمٍ واللَّهُ تعالى أعلمُ، وعلمُه أحكمُ. 15 - باب تَوْبَةِ السَّارِقِ 6800 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَطَعَ يَدَ امْرَأَةٍ. قَالَتْ عَائِشَةُ وَكَانَتْ تَأْتِى بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَابَتْ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا. أطرافه 2648، 3475، 3732، 3733، 4304، 6787، 6788 - تحفة 16694 6801 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى إِدْرِيسَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضى الله عنه - قَالَ بَايَعْتُ ¬

_ (¬1) وراجع له "الجوهر النقي"، من: ص 179، وص 180، وص 181 - ج 2 وهو مهمٌّ، وتكلَّم الشيخُ أيضًا في أيمن، وأمِّ أيمن في تقرير الترمذيّ. (¬2) قلتُ: فهو إذن كالتدرج في أمر الدِّيَةِ، كما أخرج أبو داود، والنَّسائي، عن عمرو بن شُعَيْب، عن أبيه، عن جده، قال: "كان يقوِّم دِيَةَ الخطأ على أهل القرى -إلى أن قال-: ويقوِّمُها على أثمان الإِبل. فإذا غَلَت، رَفع في قيمتها. وإذا هَاجَت رَخِصًا، نَقَصَ من قيمتها". وفي روايةٍ أخرى عند أبي داود بهذا الإِسناد: "أنَّ عمر لما اسْتُخْلِفَ، قام خطيبًا، فقال: إنَّ الإِبلَ قد غَلَت. قال: فَفَرَضَها عمرُ على أهل الذهب ألفَ دينارٍ، وعلى أهل الوَرِقِ اثني عشر ألفًا ... " إلخ، فهذا نظيرُ ما ذكره الشيخُ في نِصَاب السرقة. ثم رأيتُ في تقرير الترمذيّ عندي أن الشيخَ كان قاله بعينه.

رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى رَهْطٍ، فَقَالَ «أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ، وَلاَ تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلاَ تَعْصُونِى فِى مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَأُخِذَ بِهِ فِى الدُّنْيَا فَهْوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَطَهُورٌ، وَمَنْ سَتَرَهُ اللَّهُ فَذَلِكَ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِذَا تَابَ السَّارِقُ بَعْدَ مَا قُطِعَ يَدُهُ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَكُلُّ مَحْدُودٍ كَذَلِكَ إِذَا تَابَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ. أطرافه 18، 3892، 3893، 3999، 4894، 6784، 6873، 7055، 7199، 7213، 7468 - تحفة 5094 والتوبةُ: الكفُّ عن المعصية. والاستغفارُ: طلب الغفران. فَيَقْتَصِرُ الأوَّل على من اقترفَ ذنبًا، بخلاف الثاني، فإنَّه يكون لنفسه، ولغيره، وقد مرَّ. وكذا التوبةُ لا تجامع الذنب، بخلاف الاستغفار، فإنَّه يُجَامِعُه، فإنه يتمكَّنُ أن يأتي بذنبٍ، وهو يستغفرُ أيضًا، ويمكن أن ينفع له أيضًا. أمَّا التوبةُ، فهي ضِدُّه، فلا يُجَامِعُه. والله تعالى أعلم. ***

87 - كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 87 - كتاب المُحَارِبِينَ مِنْ أَهْلِ الكُفرِ وَالرِّدَّة 1 - باب قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: 33] 6802 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو قِلاَبَةَ الْجَرْمِىُّ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نَفَرٌ مِنْ عُكْلٍ، فَأَسْلَمُوا فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْتُوا إِبِلَ الصَّدَقَةِ، فَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، فَفَعَلُوا فَصَحُّوا، فَارْتَدُّوا وَقَتَلُوا رُعَاتَهَا وَاسْتَاقُوا، فَبَعَثَ فِى آثَارِهِمْ فَأُتِىَ بِهِمْ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ، ثُمَّ لَمْ يَحْسِمْهُمْ حَتَّى مَاتُوا. أطرافه 233، 1501، 3018، 4192، 4193، 4610، 5685، 5686، 5727، 6803، 6804، 6805، 6899 - تحفة 945 - 202/ 8 واعلم أنَّ الجمهورَ حملوا المحاربةَ في قوله تعالى المذكور على قطع الطريق. ولعلَّ البخاريَّ حملها على الكفر والارتداد. ولا شكَّ أنَّ الجناباتِ كلَّها كانت متحقِّقةً فيمن نزلت فيهم الآية. ومن ههنا تردَّدت الأنظارُ أنَّ مدارَ الحكم ما هو؟ الكفرُ والارتدادُ، أم قطعُ الطريقِ. 6802 - قوله: (ثم لَمْ يَحْسِمْهُمْ)، وذلك لأنَّه أراد قتلَهم. والحسمُ لئلَّا يَخْرُجَ الدَّمُ كلُّه، فيموتوا. 2 - باب لَمْ يَحْسِمِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُحَارِبِينَ مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ حَتَّى هَلَكُوا 6803 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ أَبُو يَعْلَى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنِى الأَوْزَاعِىُّ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَطَعَ الْعُرَنِيِّينَ وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ حَتَّى مَاتُوا. أطرافه 233، 1501، 3018، 4192، 4193، 4610، 5685، 5686، 5727، 6802، 6804، 6805، 6899 - تحفة 945 3 - باب لَمْ يُسْقَ الْمُرْتَدُّونَ الْمُحَارِبُونَ حَتَّى مَاتُوا 6804 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ وُهَيْبٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُكْلٍ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - كَانُوا فِى الصُّفَّةِ، فَاجْتَوَوُا

4 - باب سمر النبى - صلى الله عليه وسلم - أعين المحاربين

الْمَدِينَةَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْغِنَا رِسْلاً. فَقَالَ «مَا أَجِدُ لَكُمْ إِلاَّ أَنْ تَلْحَقُوا بِإِبِلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -». فَأَتَوْهَا فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا حَتَّى صَحُّوا وَسَمِنُوا، وَقَتَلُوا الرَّاعِىَ وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - الصَّرِيخُ، فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِى آثَارِهِمْ، فَمَا تَرَجَّلَ النَّهَارُ حَتَّى أُتِىَ بِهِمْ، فَأَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَحَلَهُمْ وَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَمَا حَسَمَهُمْ، ثُمَّ أُلْقُوا فِى الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَمَا سُقُوا حَتَّى مَاتُوا. قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ. أطرافه 233، 1501، 3018، 4192، 4193، 4610، 5685، 5686، 5727، 6802، 6803، 6805، 6899 - تحفة 945 4 - باب سَمْرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْيُنَ الْمُحَارِبِينَ 6805 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ - أَوْ قَالَ عُرَيْنَةَ وَلاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ قَالَ مِنْ عُكْلٍ - قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَ لَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِلِقَاحٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، فَشَرِبُوا حَتَّى إِذَا بَرِئُوا قَتَلُوا الرَّاعِىَ وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ، فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - غُدْوَةً فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِى إِثْرِهِمْ، فَمَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ حَتَّى جِىءَ بِهِمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، فَأُلْقُوا بِالْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلاَ يُسْقَوْنَ. قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ هَؤُلاَءِ قَوْمٌ سَرَقُوا، وَقَتَلُوا، وَكَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ. أطرافه 233، 1501، 3018، 4192، 4193، 4610، 5685، 5686، 5727، 6802، 6803، 6804، 6899 - تحفة 945 - 203/ 8 6805 - قوله: (قَالَ أَبُوا قِلاَبَةَ: هَؤُلاَءِ قَوْمٌ سَرَقُوا، وقَتَلُوا، وكَفَرُوا بعد إِيمَانِهِمْ، وحَارَبُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ) ... إلخ. ويترشَّحُ منه أنَّ المحاربةَ غيرُ الارتداد، فإنَّه عَطَفَ المحاربةَ على الكفر بعد الإِيمان، وهو الارتدادُ. وهذا يُخَالِفُ ما رامه البخاريُّ. 5 - باب فَضْلِ مَنْ تَرَكَ الْفَوَاحِشَ 6806 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِى ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِى عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ فِى خَلاَءٍ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِى الْمَسْجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِى اللَّهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا قَالَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ. وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا، حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ». أطرافه 660، 1423، 6479 - تحفة 12264 6807 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِىٍّ. وَحَدَّثَنِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ تَوَكَّلَ لِى مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَمَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ، تَوَكَّلْتُ لَهُ بِالْجَنَّةِ». طرفه 6474 - تحفة 4736 6806 - قوله: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ) قال الشارحون: إنَّ المرادَ بظلِّ الله ظلُّ عرشه.

6 - باب إثم الزناة

وإنَّما الإِضافةُ فيه للتشريف، لا لأنَّ ظلاًّ. أقول: إن كان عندهم روايةٌ على هذا المعنى، فذاك هو المرادُ، وإلَّا فالكلامُ على ظاهره. والظنُّ يكون نحوًا من تجلِّيه تبارك وتعالى، ويكون مرئيًا يُشَاهِدُه الناسُ، ويراه عيانًا، ويَجْلِسُون فيه. ثم إنَّ ذلك الظلّ ليس حادثًا من ذاته تعالى، بل هو مخلوقٌ تعالى. وإن كنتَ دَرَيْتَ حقيقةَ التجلِّي، لم يَبْعُد عندك ما قلنا. والله تعالى أعلم. 6 - باب إِثْمِ الزُّنَاةِ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68]. {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32]. 6808 - أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ أَخْبَرَنَا أَنَسٌ قَالَ لأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لاَ يُحَدِّثُكُمُوهُ أَحَدٌ بَعْدِى، سَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ - وَإِمَّا قَالَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ - أَنَّ يُرْفَعَ الْعِلْمُ وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ، حَتَّى يَكُونَ لِلْخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ». أطرافه 80، 81، 5231، 5577 - تحفة 1407 6809 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَزْنِى الْعَبْدُ حِينَ يَزْنِى وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ حِينَ يَشْرَبُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَقْتُلُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ». قَالَ عِكْرِمَةُ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ كَيْفَ يُنْزَعُ الإِيمَانُ مِنْهُ قَالَ هَكَذَا - وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا - فَإِنْ تَابَ عَادَ إِلَيْهِ هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ طرفه 6782 - تحفة 6186 - 204/ 8 6810 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَزْنِى الزَّانِى حِينَ يَزْنِى وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ». أطرافه 2475، 5578، 6772 - تحفة 12395 6811 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى مَنْصُورٌ وَسُلَيْمَانُ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مَيْسَرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ قَالَ «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهْوَ خَلَقَكَ». قُلْتُ ثُمَّ أَىٌّ قَالَ «أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ». قُلْتُ ثُمَّ أَىٌّ قَالَ «أَنْ تُزَانِىَ حَلِيلَةَ جَارِكَ». قَالَ يَحْيَى وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِى وَاصِلٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِثْلَهُ، قَالَ عَمْرٌو فَذَكَرْتُهُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَكَانَ حَدَّثَنَا عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ وَمَنْصُورٍ وَوَاصِلٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مَيْسَرَةَ قَالَ دَعْهُ دَعْهُ. أطرافه 4477، 4761، 6001، 6861، 7520، 7532 - تحفة 9480

7 - باب رجم المحصن

6709 - قوله: (هَكَذَا، وشَبَّكَ بين أَصَابِعِهِ) واعلم أنَّ في نزع الإِيمان تشبيهان: الأوَّلُ: ما في حديث الباب. والثاني: أنَّ الإِيمان يكونُ على رأسه كالظُّلَّة، فإذا نُزِعَ عنه عاد إليه. وبينهما فرقٌ، فالتشبيهُ الأوَّلُ لبيان صورة الاتصال والانفصال، والثاني لبيان محله بعد الانفصال، وأنَّه لا يزول عنه بالكليَّةِ، ولا يُسْلَبُ عنه اسمُ الإِيمان، فإذا انْتُزِعَ عنه بقي فيه أثرُه، وهو التنجُّس لا غير، وذلك لا يُنَافِيه. وإله يُشِيرُ قول أبي هريرة: «والتوبةُ معروفةٌ بعدُ». قلتُ: وإذا كان الإِيمانُ يُنْزَعُ عنه مرَّةً، فلعلَّه يُحْدِثُ فيه ضعْفٌ، فإنَّ الساقطَ لا يعود، وأنَّى تَحْي الأمواتُ قبل النشور!. 7 - باب رَجْمِ الْمُحْصَنِ وَقَالَ الْحَسَنُ: مَنْ زَنَى بِأُخْتِهِ حَدُّهُ حَدُّ الزَّانِى. 6812 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ يُحَدِّثُ عَنْ عَلِىٍّ رضى الله عنه حِينَ رَجَمَ الْمَرْأَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَالَ قَدْ رَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 10148 6813 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى هَلْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ قَبْلَ سُورَةِ النُّورِ أَمْ بَعْدُ قَالَ لاَ أَدْرِى. طرفه 6840 - تحفة 5165 6814 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىِّ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَحَدَّثَهُ أَنَّهُ قَدْ زَنَى، فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرُجِمَ، وَكَانَ قَدْ أُحْصِنَ. أطرافه 5270، 5272، 6816، 6820، 6826، 7168 - تحفة 3149 6812 - قوله: (رَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم) لم يخرِّج المصنِّفُ الروايةَ بتمامها، وأخرجها الحافظُ في «الفتح»، وفيها: «إنِّي جلدتُها بالقرآن، ورجمتُها بالسنة» وحملها النَّاسُ على النسخ. قلتُ: والذي تبيَّن لي أنَّ أصلَ (¬1) الحدِّ فيه ما ذكره القرآن، وهو الجلدُ. أمَّا الرجمُ، فحدٌّ ثانويٌّ. وإنَّما لم يأخذه القرآنُ في النظم إخمالًا لذكره، ليندريء عن الناس ما اندرأ، فكان الجلدُ حدًّا مقصودًا، لا ينفكُّ عنه بحالٍ. ¬

_ (¬1) قلتُ: ويُستَفَادُ ذلك ممَّا نقله الحافظُ عن بعض العلماء في الجواب عن رجم مَاعِز، بدون الجمع بين الحدَّين. قال: وليس في قصة ماعز، ومن ذُكِرَ معه تصريحٌ بسقوط الجلد عن المرجوم، لاحتمال أن يكونَ تركُ ذكره بوضوحه، ولكونه الأصلَ ... إلخ. فهذا يُشْعِرُ بأنَّ الحدَّ الأصلَ عندهم هو الجلدُ، كما في النصِّ، فانظره.

8 - باب لا يرجم المجنون والمجنونة

وأمَّا الرجمُ فهذا، وإن كان حدًّا، لكنَّ المقصودَ درؤُه متى ما أمكن. فلو أخذه في النظم لحصل تنويهُ أمره، وتشهيرُ ذكره، والمقصودُ إخمالُه. كيف ولو كان في القرآن، لكان وحيًا يُتْلَى إلى مدى الدهر، فلم يَحْصُل المقصودُ. ولهذا المعنى جَمَعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بينهما مرَّةً، واكتفى بأحدهما أخرى وهو معنى ما عن عمر في «الفتح» حين سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أن يَكْتُبَ آيةَ الرجم، حيث قال له: «كيف وأنَّهم يَتَهَارَجُون تهارُجَ الحُمُرِ». أراد به أنَّ التهارُجَ شائعٌ، وجزاءَه الرجمُ، فلو أَكْتُبُهُ لحصل تنويهٌ. فالأوْلى أن يكونَ الرجمُ باقيًا في العمل، وخاملًا في القرآن، ولو كتبتُه في القرآن لتأكد أمرُه، فلا يُنَاسِبُهُ الدرءُ، والمقصودُ هو ذلك مهما أمكن (¬1). ثم في حديث عليّ: أنَّ رجمَه إيَّاها كان بالسنة. وقال الفقهاء: إنَّه بالآيةِ المنسوخةِ التلاوة، الباقيةِ الحكمِ. قلتُ: وتلك الآية، وإن نُسِخَت في حقِّ التلاوة، إلَّا أن هذا الركوعَ كلَّه في قصة الرجم. 6814 - قوله: (فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ) ... إلخ. وهي شرطٌ (¬2) عندنا لهذا الحديث. وإذا وَرَدَ التفصيلُ في موضعٍ، فَلْيُحْمَل عليه الإِجمالُ من موضعٍ آخر. 8 - باب لاَ يُرْجَمُ الْمَجْنُونُ وَالْمَجْنُونَةُ وَقَالَ عَلِيٌّ لِعُمَرَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْقَلَمَ رُفِعَ عَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ ¬

_ (¬1) قلتُ: ونصُّ الحافظِ هكذا: عن زيد بن أسلمَ أن عمرَ خَطَبَ النَّاسَ، فقال: لا تَشُكُّوا في الرجم، فإنَّه حقٌّ. ولقد هَمَمْتُ أن أكتُبَهُ في المصحف، فسألتُ أُبيَّ بن كعب، فقال: أليس أنني - وأنا استقرؤها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدفعت في صدري، وقلت: استقرئه آية الرجم، وهم يتسافدون تسافد الحُمُر" اهـ. قال الحافظُ: ورجالُه ثقاتٌ: ص 117 - ج 12 قُبَيْل باب رجم الحبلى. قلتُ: ولعلَّ هذا الذي أراده الشيخُ، إلَّا أن الظاهرَ أنَّ في النسخة سقمًا. وراجعتُ له النسخة الميرية، فوجدتُ فيها كذلك، فَلْيُصَحَّحْ الألفاظُ من مظانِّها. (¬2) قلتُ: وعند أبي داود عن يزيد بن نُعَيْم بن هَزَّال، عن أبيه، كما في "المشكاة" في قصة ماعز: "أنَّه حين أقرَّ أربعَ مرَّاتٍ. قال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: إنَّك قد قلتها أربعَ مرَّاتٍ، فبمن؟ ". وتمسَّك بها الشيخُ ابن الهُمَام في "الفتح". وكذا بروايةٍ أخرجها أحمدُ، وابنُ أبي شيبة، وغيرُهما، عن أبي بكر، قال: "أتى ماعزٌ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فاعترف وأنا عنده مرَّةً، فردَّه. فاعترف عنده الثانيةَ، فردَّه. فاعترف عنده الثانيةَ، فردَّه. ثم جاء، فاعترف عنده الثالثة، فردَّه. قلتُ: إن اعترفت الرابعةَ رَجَمَكَ. قال: فاعترف الرابعةَ، فحبسه". اهـ ففيه دليل على أنَّه لا بدَّ للرجم من الاعتراف أربع مرَّاتٍ، وأنَّ ذلك كان معروفًا بينهم. قال العلَّامةُ المَاردِيني: وفي "الاستذكار" قال أبو حنيفة، وأصحابُه، والثوريُّ، وابنُ أبي ليلى، والحسنُ بن حَيّ، والحكمُ بن عُتَيبَة، وأحمدُ، وإسحاقُ: لا يُحَدُّ حتى يُقِرَّ أربع مرَّاتٍ اهـ. قال المارديني: قولُ أبي بكرٍ: "إن اعترفت الرابعة"، وقول الراوي: "يَشْهَدُ على نفسه أربع شهاداتٍ"، وقوله عليه الصلاة والسلام: "إنَّك قلتها أربع مرَّاتٍ"، دليلٌ على أن الإقراراتِ الماضيةَ معتبرةٌ، مفسَّرةٌ بالزنا. وإنَّما قال عليه الصلاة والسلام: "فلعلَّك"، تلقينًا له. هكذا في النسخة ليرجع إليه. اهـ: ص 175 - ج 2 "الجوهر النقي".

حَتَّى يُدْرِكَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ؟ 205/ 8 6815 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِى الْمَسْجِدِ فَنَادَاهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى زَنَيْتُ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ، حَتَّى رَدَّدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، دَعَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَبِكَ جُنُونٌ». قَالَ لاَ. قَالَ «فَهَلْ أَحْصَنْتَ». قَالَ نَعَمْ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ». أطرافه 5271، 6825، 7167 - تحفة 15217، 13208 6816 - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ هَرَبَ، فَأَدْرَكْنَاهُ بِالْحَرَّةِ فَرَجَمْنَاهُ. أطرافه 5270، 5272، 6814، 6820، 6826، 7168 - تحفة 3169 قوله: (وعن النَّائِمِ حتَّى يَسْتَيْقِظَ) وراجع له كلامَ شمس الأئمة السَّرَخْسِيّ، فإنَّه أجاد فيه، ووضع له فصلًا مستقلاًّ في كتابه. 6816 - قوله: (فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الحِجَارَةُ) ... إلخ. واعلم أنَّ الرجمَ إن كان بالبينة، فلا عِبْرَةَ برجوعه، وفراره. وإن كان بالإِقرار، فإن فرَّ قبل إقامة الرجم يُتْرَكُ، ويكون فرارُه دليلًا على رجوعه. وإن فرَّ بعدَه فرارَ المتألِّم، يُرْجَمُ، ولا يَسْقُطُ عنه الرجمُ. وذلك لأنَّ فرارَه هذا طبعيٌّ، والإِنسانُ مجبولٌ على ذلك. وإليه يُشِيرُ كلامُ "البدائع": وهو الظاهرُ من قوله: "فلمَّا أَذْلَقَتْهُ الحجارةُ (¬1) ". وقال المالكيةُ (¬2): إنه يُسْأَلُ لِمَ يَفِرُّ؟ فإن كان من ألم الحجارة، يُرْجَمُ، وإلَّا لا. وقال الشافعيةُ: إن له خيارًا في الرجوع قبل أن يُرْجَمَ، فإذا دخل النَّاسُ في الرجم لا يعتبر بفراره. ومذهبُ الحنفية، والجوابُ على طورهم ما سمعت. ولنا أيضًا أن نقولَ: إنَّا لو سلَّمنا سقوطَ الرجم عنه في القصة المذكورة، فإِنَّما لم ¬

_ (¬1) والذي يقوِّي أن فرارَه لم يكن للرجوع ما رواه مسلم عن أبي سعيدٍ في قصته، قال: "فاشتدَّ واشتددنا خلفه حتى أتى عُرْضَ الحَرَّةِ، فانْتَصَبَ لنا، فَرَمَيْنَاهُ بِجَلاَمِيدِ الحَرَّةِ -يعني الحجارة- حتى مات" اهـ. قال النوويُّ: عُرْضُ الحَرَّةِ: جانبُها. فالانتصابُ دليلٌ على أن فِرَارَه كان للتألُّم لا للرجوع. (¬2) قال ابن رُشْدٍ: وفصَّل مالكٌ، فقال: إن رَجَعَ إلى شبهةٍ، قُبِلَ رجوعُه. وأمَّا إن رَجَعَ إلى غير شبهةٍ، فعنه في ذلك روايتان: إحداهما يُقْبَلُ، وهي الروايةُ المشهورة. والثانية: لا يُقْبَلُ. اهـ: ص 377 - ج 2 "بداية المجتهد". قلتُ: وأخرج ابنُ رُشْدٍ فيه لفظًا يُشْكِلُ جوابُه علينا، وهو: "أنَّ ماعزًا لمَّا هرب، فاتبعوه. فقال لهم: رُدُّوني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقتلوه رجمًا، وذكروا ذلك للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: هلَّا تركتموه؟!. اهـ.

9 - باب للعاهر الحجر

يُوجِبْ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عليهم الدِّيَةَ، لأنَّها قصة الأوائل، والناسُ بعدُ حديثو عهدهم بالجاهلية، فاعتبر جهلَهم عُذْرًا إذ ذاك. وقد مرَّ الكلامُ منِّي في اعتبار الجهل، وعدمه مبسوطًا في العلم فراجعه. 9 - باب لِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ 6817 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اخْتَصَمَ سَعْدٌ وَابْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَاحْتَجِبِى مِنْهُ يَا سَوْدَةُ». زَادَ لَنَا قُتَيْبَةُ عَنِ اللَّيْثِ «وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ». أطرافه 2053، 2218، 2421، 2533، 2745، 4303، 6749، 6765، 7182 تحفة 16584 6818 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ». طرفه 6750 - تحفة 14392 10 - باب الرَّجْمِ فِي الْبَلاَطِ 6819 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَهُودِىٍّ وَيَهُودِيَّةٍ قَدْ أَحْدَثَا جَمِيعًا فَقَالَ لَهُمْ «مَا تَجِدُونَ فِى كِتَابِكُمْ». قَالُوا إِنَّ أَحْبَارَنَا أَحْدَثُوا تَحْمِيمَ الْوَجْهِ وَالتَّجْبِيَةَ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ ادْعُهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِالتَّوْرَاةِ. فَأُتِىَ بِهَا فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، وَجَعَلَ يَقْرَأُ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فَقَالَ لَهُ ابْنُ سَلاَمٍ ارْفَعْ يَدَكَ. فَإِذَا آيَةُ الرَّجْمِ تَحْتَ يَدِهِ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرُجِمَا. قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَرُجِمَا عِنْدَ الْبَلاَطِ، فَرَأَيْتُ الْيَهُودِىَّ أَجْنَأَ عَلَيْهَا. أطرافه 1329، 3635، 4556، 6841، 7332، 7543 - تحفة 7184 كان موضعًا خارج المسجد، مفروشًا بالحجارة. 11 - باب الرَّجْمِ بِالْمُصَلَّى 6820 - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ جَاءَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ. قَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَبِكَ جُنُونٌ». قَالَ لاَ. قَالَ «آحْصَنْتَ». قَالَ نَعَمْ. فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ فَرَّ، فَأُدْرِكَ فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْرًا وَصَلَّى عَلَيْهِ. لَمْ يَقُلْ يُونُسُ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ فَصَلَّى عَلَيْهِ. أطرافه 5270، 5272، 6814، 6816، 6826، 7168 - تحفة 3149 - 206/ 8 يمكن أن يكونَ المرادُ منه مصلَّى العيد، أو الجنائز.

12 - باب من أصاب ذنبا دون الحد، فأخبر الإمام، فلا عقوبة عليه بعد التوبة، إذا جاء مستفتيا

قوله: (سُئِلَ عليه أبو عبد اللَّهِ، يَصِحُّ) ... إلخ، مال البخاريُّ إلى أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يُصَلِّ عليه. والراجحُ عندي أنه صلَّى عليه صلى الله عليه وسلّم (¬1). 12 - باب مَنْ أَصَابَ ذَنْبًا دُونَ الْحَدِّ، فَأَخْبَرَ الإِمَامَ، فَلاَ عُقُوبَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ، إِذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا قَالَ عَطَاءٌ: لَمْ يُعَاقِبْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَلَمْ يُعَاقِبِ الَّذِى جَامَعَ فِى رَمَضَانَ، وَلَمْ يُعَاقِبْ عُمَرُ صَاحِبَ الظَّبْيِ، وَفِيهِ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 9376 6821 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلًا وَقَعَ بِامْرَأَتِهِ فِى رَمَضَانَ، فَاسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً». قَالَ لاَ. قَالَ «هَلْ تَسْتَطِيعُ صِيَامَ شَهْرَيْنِ». قَالَ لاَ. قَالَ «فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا». أطرافه 1936، 1937، 2600، 5368، 6087، 6164، 6709، 6710، 6711 تحفة 12275 6822 - وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَتَى رَجُلٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمَسْجِدِ قَالَ احْتَرَقْتُ. قَالَ «مِمَّ ذَاكَ». قَالَ وَقَعْتُ بِامْرَأَتِى فِى رَمَضَانَ. قَالَ لَهُ «تَصَدَّقْ». قَالَ مَا عِنْدِى شَىْءٌ. فَجَلَسَ وَأَتَاهُ إِنْسَانٌ يَسُوقُ حِمَارًا وَمَعَهُ طَعَامٌ - قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَا أَدْرِى مَا هُوَ - إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَيْنَ الْمُحْتَرِقُ». فَقَالَ هَا أَنَا ذَا. قَالَ «خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ». قَالَ عَلَى أَحْوَجَ مِنِّى مَا لأَهْلِى طَعَامٌ قَالَ «فَكُلُوهُ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَدِيثُ الأَوَّلُ أَبْيَنُ قَوْلُهُ «أَطْعِمْ أَهْلَكَ». طرفه 1935 - تحفة 16176 قوله: (وَلَمْ يُعَاقِبْ عُمَرُ صَاحِبَ الظبْي) ... إلخ، وإنَّما لم يعاقبه عمرُ، لأنَّه حضره بنفسه. وفي القصة أنَّه لما حَضَرَ عمرُ تلفَّظ: الظبيّ (¬2)، بلهجة شابهت بالضاد، ¬

_ (¬1) قلتُ: وإليه جَنَحَ الحافظُ، كما في "الهامش" وأتى عليه بالرواية. (¬2) قلتُ: وقصةُ صاحب الظبي ما ذكره الحافظُ عن "سنن سعيد بن منصور" بسندٍ صحيح، عن قَبِيصَةَ بن جابر، قال: "خرجنا حجَّاجًا، فَسَنَحَ لي ظبيٌ، فرميته بحجرٍ، فمات. فلمَّا قَدِمْنَا مكَّةَ، سألنا عمر. قال عبد الرحمن بن عوفٍ: فحكمنا فبه بِعَنْزٍ. فقلتُ: إنَّ أميرَ المؤمنين لم يدرِ ما يقولُ حتَّى سأل غيره. قال: فعلاني بالدِّرَّةِ، فقال: أتقتلُ الصيدَ في الحَرَمِ، وتسفِّه الحكَم؟! قال الله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95] وهذا عبد الرحمن بن عوفٍ، وأنا عمر" اهـ. قال الحافظُ: ولا يُعَارِضُ هذا النفي الذي في الترجمة، لأن عمرَ إنَّما علاه بالدِّرَّةِ لمَّا طَعَنَ في الحكم، وإلَّا لو وَجَبَت عليه عقوبةٌ بمجرد الفعلِ المذكورِ لَمَا أخَّرها اهـ.

13 - باب إذا أقر بالحد ولم يبين هل للإمام أن يستر عليه

فلم يفهم عمرُ ما يقول، فاستفهم الناسَ، فقالوا: يُريدُ الظبيَ. ففيه دليلٌ على أنَّ الضاد، والظاء، بينهما تشابه جدًا، حتى يُوضَعَ أحدُهما مكانَ الآخر. والمسألةُ لمَّا نوَّه بها غيرُ المقلَّدين، تُوُهِّم أنَّها من مسائلهم، وليس كذلك. 13 - باب إِذَا أَقَرَّ بِالْحَدِّ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ لِلإِمَامِ أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهِ 6823 - حَدَّثَنِى عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلاَبِىُّ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَىَّ. قَالَ وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهُ. قَالَ وَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا قَضَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلاَةَ قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أَصَبْتُ حَدًّا، فَأَقِمْ فِىَّ كِتَابَ اللَّهِ. قَالَ «أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ». أَوْ قَالَ «حَدَّكَ». تحفة 212 - 207/ 8 14 - باب هَلْ يَقُولُ الإِمَامُ لِلْمُقِرِّ: لَعَلَّكَ لَمَسْتَ أَوْ غَمَزْتَ 6824 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا أَتَى مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ «لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ غَمَزْتَ أَوْ نَظَرْتَ». قَالَ لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «أَنِكْتَهَا». لاَ يَكْنِى. قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ بِرَجْمِهِ. تحفة 6276 15 - باب سُؤَالِ الإِمَامِ الْمُقِرَّ: هَلْ أَحْصَنْتَ 6825 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ وَهْوَ فِى الْمَسْجِدِ فَنَادَاهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى زَنَيْتُ. يُرِيدُ نَفْسَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ الَّذِى أَعْرَضَ قِبَلَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى زَنَيْتُ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَجَاءَ لِشِقِّ وَجْهِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الَّذِى أَعْرَضَ عَنْهُ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَبِكَ جُنُونٌ». قَالَ لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ «أَحْصَنْتَ». قَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «اذْهَبُوا فَارْجُمُوهُ». أطرافه 5271، 6815، 7167 - تحفة 13185، 15197 6826 - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى مَنْ سَمِعَ جَابِرًا قَالَ فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ، فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ جَمَزَ حَتَّى أَدْرَكْنَاهُ بِالْحَرَّةِ فَرَجَمْنَاهُ. أطرافه 5270، 5272، 6814، 6816، 6820، 7168 - تحفة 3169

16 - باب الاعتراف بالزنا

16 - باب الاِعْتِرَافِ بِالزِّنَا 6827 و 6828 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْنَاهُ مِنْ فِى الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَزَيْدَ بْنَ خَالِدٍ قَالاَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلاَّ قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ. فَقَامَ خَصْمُهُ - وَكَانَ أَفْقَهَ مِنْهُ - فَقَالَ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَأْذَنْ لِى. قَالَ «قُلْ». قَالَ إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ رِجَالاً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَأَخْبَرُونِى أَنَّ عَلَى ابْنِى جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ، وَعَلَى امْرَأَتِهِ الرَّجْمَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ، الْمِائَةُ شَاةٍ وَالْخَادِمُ رَدٌّ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا». فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا. قُلْتُ لِسُفْيَانَ لَمْ يَقُلْ فَأَخْبَرُونِى أَنَّ عَلَى ابْنِى الرَّجْمَ. فَقَالَ أَشُكُّ فِيهَا مِنَ الزُّهْرِىِّ، فَرُبَّمَا قُلْتُهَا وَرُبَّمَا سَكَتُّ. حديث 6827 أطرافه 2315، 2695، 2724، 6633، 6833، 6835، 6842، 6859، 7193، 7258، 7260، 7278 - تحفة 14106 حديث 6828 أطرافه 2314، 2649، 2696، 2725، 6634، 6831، 6836، 6843، 6860، 7194، 7259، 7279 - تحفة 3755 6829 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ عُمَرُ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَطُولَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ حَتَّى يَقُولَ قَائِلٌ لاَ نَجِدُ الرَّجْمَ فِى كِتَابِ اللَّهِ. فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ، أَلاَ وَإِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى، وَقَدْ أَحْصَنَ، إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ الْحَمْلُ أَوْ الاِعْتِرَافُ - قَالَ سُفْيَانُ كَذَا حَفِظْتُ - أَلاَ وَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ. أطرافه 2462، 3445، 3928، 4021، 6830، 7323 - تحفة 10508 17 - باب رَجْمِ الْحُبْلَى مِنَ الزِّنَا إِذَا أَحْصَنَتْ 6830 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالاً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَبَيْنَمَا أَنَا فِى مَنْزِلِهِ بِمِنًى، وَهْوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِى آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا، إِذْ رَجَعَ إِلَىَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ لَوْ رَأَيْتَ رَجُلاً أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْيَوْمَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلْ لَكَ فِى فُلاَنٍ يَقُولُ لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ لَقَدْ بَايَعْتُ فُلاَنًا، فَوَاللَّهِ مَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِى بَكْرٍ إِلاَّ فَلْتَةً، فَتَمَّتْ. فَغَضِبَ عُمَرُ ثُمَّ قَالَ إِنِّى إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَقَائِمٌ الْعَشِيَّةَ فِى النَّاسِ، فَمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ أُمُورَهُمْ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لاَ تَفْعَلْ فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ، فَإِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ عَلَى قُرْبِكَ حِينَ تَقُومُ فِى النَّاسِ، وَأَنَا أَخْشَى أَنْ تَقُومَ فَتَقُولَ مَقَالَةً يُطَيِّرُهَا عَنْكَ كُلُّ مُطَيِّرٍ، وَأَنْ لاَ يَعُوهَا، وَأَنْ لاَ يَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا، فَأَمْهِلْ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ، فَتَخْلُصَ بِأَهْلِ الْفِقْهِ وَأَشْرَافِ النَّاسِ، فَتَقُولَ مَا قُلْتَ مُتَمَكِّنًا، فَيَعِى أَهْلُ الْعِلْمِ مَقَالَتَكَ، وَيَضَعُونَهَا عَلَى

مَوَاضِعِهَا. فَقَالَ عُمَرُ أَمَا وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لأَقُومَنَّ بِذَلِكَ أَوَّلَ مَقَامٍ أَقُومُهُ بِالْمَدِينَةِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فِى عَقِبِ ذِى الْحَجَّةِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ عَجَّلْنَا الرَّوَاحَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ، حَتَّى أَجِدَ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ جَالِسًا إِلَى رُكْنِ الْمِنْبَرِ، فَجَلَسْتُ حَوْلَهُ تَمَسُّ رُكْبَتِى رُكْبَتَهُ، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ مُقْبِلاً قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، لَيَقُولَنَّ الْعَشِيَّةَ مَقَالَةً لَمْ يَقُلْهَا مُنْذُ اسْتُخْلِفَ، فَأَنْكَرَ عَلَىَّ وَقَالَ مَا عَسَيْتَ أَنْ يَقُولَ مَا لَمْ يَقُلْ. قَبْلَهُ فَجَلَسَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمَّا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُونَ قَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّى قَائِلٌ لَكُمْ مَقَالَةً قَدْ قُدِّرَ لِى أَنْ أَقُولَهَا، لاَ أَدْرِى لَعَلَّهَا بَيْنَ يَدَىْ أَجَلِى، فَمَنْ عَقَلَهَا وَوَعَاهَا فَلْيُحَدِّثْ بِهَا حَيْثُ انْتَهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَمَنْ خَشِىَ أَنْ لاَ يَعْقِلَهَا فَلاَ أُحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَكْذِبَ عَلَىَّ، إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَرَأْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا، رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ وَاللَّهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِى كِتَابِ اللَّهِ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ، وَالرَّجْمُ فِى كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أُحْصِنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوْ الاِعْتِرَافُ، ثُمَّ إِنَّا كُنَّا نَقْرَأُ فِيمَا نَقْرَأُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَنْ لاَ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، أَوْ إِنَّ كُفْرًا بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، أَلاَ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُطْرُونِى كَمَا أُطْرِىَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ». ثُمَّ إِنَّهُ بَلَغَنِى أَنَّ قَائِلاً مِنْكُمْ يَقُولُ وَاللَّهِ لَوْ مَاتَ عُمَرُ بَايَعْتُ فُلاَنًا. فَلاَ يَغْتَرَّنَّ امْرُؤٌ أَنْ يَقُولَ إِنَّمَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِى بَكْرٍ فَلْتَةً وَتَمَّتْ أَلاَ وَإِنَّهَا قَدْ كَانَتْ كَذَلِكَ وَلَكِنَّ اللَّهَ وَقَى شَرَّهَا، وَلَيْسَ مِنْكُمْ مَنْ تُقْطَعُ الأَعْنَاقُ إِلَيْهِ مِثْلُ أَبِى بَكْرٍ، مَنْ بَايَعَ رَجُلاً عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلاَ يُبَايَعُ هُوَ وَلاَ الَّذِى بَايَعَهُ تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلاَ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ خَبَرِنَا حِينَ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ أَنَّ الأَنْصَارَ خَالَفُونَا وَاجْتَمَعُوا بِأَسْرِهِمْ فِى سَقِيفَةِ بَنِى سَاعِدَةَ، وَخَالَفَ عَنَّا عَلِىٌّ وَالزُّبَيْرُ وَمَنْ مَعَهُمَا، وَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ فَقُلْتُ لأَبِى بَكْرٍ يَا أَبَا بَكْرٍ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا هَؤُلاَءِ مِنَ الأَنْصَارِ. فَانْطَلَقْنَا نُرِيدُهُمْ فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْهُمْ لَقِيَنَا مِنْهُمْ رَجُلاَنِ صَالِحَانِ، فَذَكَرَا مَا تَمَالَى عَلَيْهِ الْقَوْمُ فَقَالاَ أَيْنَ تُرِيدُونَ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ فَقُلْنَا نُرِيدُ إِخْوَانَنَا هَؤُلاَءِ مِنَ الأَنْصَارِ. فَقَالاَ لاَ عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَقْرَبُوهُمُ اقْضُوا أَمْرَكُمْ. فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّهُمْ. فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَاهُمْ فِى سَقِيفَةِ بَنِى سَاعِدَةَ، فَإِذَا رَجُلٌ مُزَمَّلٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالُوا هَذَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ. فَقُلْتُ مَا لَهُ قَالُوا يُوعَكُ. فَلَمَّا جَلَسْنَا قَلِيلاً تَشَهَّدَ خَطِيبُهُمْ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ وَكَتِيبَةُ الإِسْلاَمِ، وَأَنْتُمْ مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ رَهْطٌ، وَقَدْ دَفَّتْ دَافَّةٌ مِنْ قَوْمِكُمْ، فَإِذَا هُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْتَزِلُونَا مِنْ أَصْلِنَا وَأَنْ يَحْضُنُونَا

مِنَ الأَمْرِ. فَلَمَّا سَكَتَ أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ وَكُنْتُ زَوَّرْتُ مَقَالَةً أَعْجَبَتْنِى أُرِيدُ أَنْ أُقَدِّمَهَا بَيْنَ يَدَىْ أَبِى بَكْرٍ، وَكُنْتُ أُدَارِى مِنْهُ بَعْضَ الْحَدِّ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى رِسْلِكَ. فَكَرِهْتُ أَنْ أُغْضِبَهُ، فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ هُوَ أَحْلَمَ مِنِّى وَأَوْقَرَ، وَاللَّهِ مَا تَرَكَ مِنْ كَلِمَةٍ أَعْجَبَتْنِى فِى تَزْوِيرِى إِلَّا قَالَ فِى بَدِيهَتِهِ مِثْلَهَا أَوْ أَفْضَلَ مِنْهَا حَتَّى سَكَتَ فَقَالَ مَا ذَكَرْتُمْ فِيكُمْ مِنْ خَيْرٍ فَأَنْتُمْ لَهُ أَهْلٌ، وَلَنْ يُعْرَفَ هَذَا الأَمْرُ إِلَّا لِهَذَا الْحَىِّ مِنْ قُرَيْشٍ، هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَبًا وَدَارًا، وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، فَبَايِعُوا أَيَّهُمَا شِئْتُمْ. فَأَخَذَ بِيَدِى وَبِيَدِ أَبِى عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَهْوَ جَالِسٌ بَيْنَنَا، فَلَمْ أَكْرَهْ مِمَّا قَالَ غَيْرَهَا، كَانَ وَاللَّهِ أَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِى لاَ يُقَرِّبُنِى ذَلِكَ مِنْ إِثْمٍ، أَحَبَّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ تُسَوِّلَ إِلَىَّ نَفْسِى عِنْدَ الْمَوْتِ شَيْئًا لاَ أَجِدُهُ الآنَ. فَقَالَ قَائِلٌ مِنَ الأَنْصَارِ أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ، وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ، مِنَّا أَمِيرٌ، وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ. فَكَثُرَ اللَّغَطُ، وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ حَتَّى فَرِقْتُ مِنَ الاِخْتِلاَفِ. فَقُلْتُ ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ. فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعْتُهُ، وَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ، ثُمَّ بَايَعَتْهُ الأَنْصَارُ، وَنَزَوْنَا عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ. فَقُلْتُ قَتَلَ اللهُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ. قَالَ عُمَرُ وَإِنَّا وَاللَّهِ مَا وَجَدْنَا فِيمَا حَضَرْنَا مِنْ أَمْرٍ أَقْوَى مِنْ مُبَايَعَةِ أَبِى بَكْرٍ خَشِينَا إِنْ فَارَقْنَا الْقَوْمَ وَلَمْ تَكُنْ بَيْعَةٌ أَنْ يُبَايِعُوا رَجُلًا مِنْهُمْ بَعْدَنَا، فَإِمَّا بَايَعْنَاهُمْ عَلَى مَا لاَ نَرْضَى، وَإِمَّا نُخَالِفُهُمْ فَيَكُونُ فَسَادٌ، فَمَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَلَى غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلاَ يُتَابَعُ هُوَ وَلاَ الَّذِى بَايَعَهُ تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلاَ. أطرافه 2462، 3445، 3928، 4021، 6829، 7323 - تحفة 10508 - 211/ 8 قوله: (إذَا قَامَتِ البَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ الحَبَلُ، أَوْ الاعْتِرَافُ) ... إلخ. واعلم أنَّ الحبلَ عند المالكية (¬1) كالبيِّنة، والاعترافِ. فإن ظَهَرَ بها الحملُ ولم تَنْكَحْ، تَرْجَم، إلَّا أن تُقِيمَ بيِّنةً على الحِلِّ، أو الاستكراه. وعندنا، وعند الشافعية: الرجمُ بالبيِّنة، أو الاعراف، فحسب، ولا عِبْرَةَ بالحبل. وليس الإِمامُ مأمورًا أن يتَّبع عورات الناس، فيفتِّش عن ¬

_ (¬1) قال ابنُ رُشْدٍ: وأمَّا اختلافُهم في إقامة الحدود بظهور الحمل، مع دعوى الاستكراه، فإنَّ طائفةً أوجبت فيه الحدَّ، على ما ذكره مالك في "الموطأ" من حديث عمر، وبه قال مالك: إلَّا أن تكونَ جاءت بأمارةٍ على استكراهها، مثل أن تكونَ بِكْرًا، فتأتي وهي تَدْمَى، أو تفضحُ نفسَها بأثر الاستكراه. وكذلك عنده الأمرُ إذا ادَّعت الزوجية، إلَّا أن تقيمَ البينةَ على ذلك، ما عدا الطارئة. فإنَّ ابنَ القاسم قال: إذا ادَّعت الزوجيةَ، وكانت طارئة، قُبِلَ قولُها. وقال أبو حنيفة، والشافعيُّ: لا يُقَامُ عليها الحدُّ بظهور الحمل مع دعوى الاستكراه، وكذلك مع دعوى الزوجية، وإن لم تأتِ في دعوى الاستكراه بأمارةٍ، ولا في دعوى الزوجية ببينةٍ، لأنَّها بمنزلة من أقرَّ، ثم ادَّعى الاستكراهَ. ومن الحُجَّةِ لهم ما جاء في حديث شُرَاحة: "أن عليًّا قال لها: اسْتُكرِهْتِ؟ قالت: لا، قال: فلعلَّ رجلًا أتاكِ في نومكِ؟ ". قالوا: ورُوِيَ الأثباتُ عن عمر: أنه قَبِلَ قولَ امرأةٍ ادَّعت أنها ثقيلةُ النوم، وأن رجلًا طرَقَها، فمضى عنها، ولم تدرِ من هو بعدُ. ولا خلافَ بين أهل الإِسلام أن المستكرهةَ لا حدَّ عليها. اهـ "بداية المجتهد".

الحبل، كيف هو؟ ومن أين هو؟ والعجبُ من الحافظ أنَّه أجاب به المالكيةَ ههنا، ونسيه، أو تناساه في مسألة ثبوت النسب في المشرقية والغربي. وقد مرَّ مفصَّلًا: أن الحنفيةَ لم يقولوا في مسألة المشرقية إلَّا عينَ ما قاله الحافظُ (¬1) في مقابلة المالكية في تلك المسألة. أمَّا الجوابُ (¬2) عمَّا في الحديث: أنَّ الحَبَلَ، وإن لم يكن سببًا مستقلاًّ للرجم، إلَّا أنَّه سببٌ في الجملة، لأنَّ الحديثَ لا ينقطع عن الحبل إلَّا بعد تساؤل الناس، وتحادثِهم عنه، فإِمَّا أن ينتهيَ الأمرُ إلى الاعتراف، أو البينة. فالسببُ انتهاءً هو هذان. نعم، قد يسبقهما حبلٌ، فيصيرُ كالسبب البعيد للرجم، فعدَّه سببًا مستقلاًّ. 6830 - قوله: (فلمَّا سَكَتَ المُؤَذِّنُونَ) ... إلخ. فيه دليلٌ على تعدُّد المؤذِّنين في عهد عمر، فحكمُ البِدْعَةِ على أذان الجوق، شطط، أما تعدد الأذان في الجمعة، فقد ثبت عن عثمان ثبوتًا فاشيًا، غير أن المصنف لم يضع في كتابه ترجمة على أذان الجوق. ¬

_ (¬1) قلتُ: وراجعتُ "الفتح" من هذا الموضع، فلم أجده فيه. والذي وجدتُه فيه ما يُقَارِبُه في المعنى. قال الحافظُ في استدلال المالكية ما حاصلُه: إنَّ الرجمَ بالحبل مقتضى قياس الدلالة، فإنَّه إذا ظهر بها الحبلُ، ولم يَسْبِقْه سببٌ جائزٌ يُعْلَمُ قطعًا أنه من حرام، كالدخان من النار ثم نقل عن الباجي استنباطًا، أن من وَطِىء في غير الفرج، فدخل ماؤه فيه، فادَّعت المرأةُ أنَّ الولدَ منه، لا يُقْبَلُ، ولا يُلْحَقُ به، إذا لم يعترف به، لأنَّه لو لَحِقَ به لَمَا وجب الرجمُ على حبلى، لجواز مثل ذلك. وعَكَسَه غيرُه، فقال: هذا يقتضي أن لا يَجِبَ على الحبلى بمجرد الحبل حدٌّ، لاحتمال مثل هذه الشبهة، وهو قولُ الجمهور. اهـ. قلتُ: ولعلَّ الشيخَ أراد هذه الشبهة، فإنَّ ثبوتَ النسب مع عدم الوطء ممكنٌ في بعض الصور، عند الحنفية. وقد استبعده بعضهم، مع قيام البَكَارَةِ. فإذا جوَّزه الحافظ ههنا بدخول الماء بدون جِمَاعٍ في الفرج، فهكذا فليجوِّزه في الباكرة، فلينظر. (¬2) قلتُ: ولعلَّ هذا الجوابَ يؤوَّلُ إلى ما أجاب به الطحاويُّ، كما في "الفتح". قال الطحاويُّ: إنَّ المستفادَ من قول عمر: "الرجمُ حقٌّ على من زنى"، أنَّ الحبلَ إذا كان من زنا، وجب فيه الرجمُ، وهو كذلك. ولكن لا بدَّ من ثبوت كونه من زنا، ولا تُرْجَمُ بمجرد الحبل، مع قيام الاحتمال فيه، لأنَّ عمرَ لمَّا أُتِي بالمرأة الحبلى -إشارةً إلى قضية أخرى ذكرها الحافظُ- وقالوا: إنَّها زنت، وهي تبكي. فسألها ما يُبْكيِكِ؟ فأخبرت أن رجلًا رَكِبَهَا، وهي نائمةٌ فدَرَأَ عنها الحدَّ بذلك اهـ. يريدُ أنَّ فيه دليلًا على أن الحبلَ مطلقًا لا يُوجِبُ الحدّ، بل إذا ثبت كونه من زنا. وأورد عليه الحافظُ، وقال: إنَّه لا يخفى تكلُّفه، فإنَّ عمرَ قَابَلَ الحبلَ بالاعتراف. وقسيمُ الشيء لا يكون قسَمَهُ اهـ. قلت: ورحم اللهُ الحافظَ، حيث لا يَترُكُ الطحاويَّ إلَّا بالتعقُّب عليه فيما وافقه فيه أيضًا، مع أن الطحاوي كان أحقَّ بأن يَشْكُرَ له بِجَذرِ القلب، فإنه أخرج سبيلًا لنا وله، حيث ذكر وجه التفصِّي عن قول عمر. إلَّا أنَّ اللهَ تعالى قال: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13] ومن أصدق من الله قيلا. أمَّا إيرادُ الحافظ، فيندفعُ ممَّا ذكره الشيخ، بأن الحبلَ أيضًا سببٌ، كأخويه، إلَّا أنَّه سببٌ بعيدٌ. والبينة، والاعترافُ سببان قريبان. وغفر اللهُ لشيخي، ونضَّر وجهَهُ يوم القيامة، حيث كان يقرِّرَّ الكلامَ بما يكون، ناظرًا إلى ما أورده القومُ في المقام. ولذا لا أحبُّ أن أغيِّرَ في كلامه شيئًا لأنَّ الغافلَ الجاهلَ مثلي، لا يدري مرامي الشيخ. فافهم.

18 - باب البكران يجلدان وينفيان

قوله: (فَأَخْشَى إنْ طَالَ بالنَّاسِ زمانٌ أنْ يَقُولَ قائلٌ: واللَّهِ ما نَجِدُ آيةَ الرَّجْمِ في كتابِ اللَّهِ) ... إلخ وقد كان عمرُ أرادَ أَنْ يكتُبَها في المُصْحَف. فإنْ قلت: إِنَّها إِن كانت مِنْ كِتَابِ الله، وَجَبَ أَنْ تَكْتُبَ، وإلا وَجَبَ أَنْ لا تُكْتَب، فما معنى قولُ عُمر؟ قلتُ: أَخْرَجَ الحافظُ عنه: لكَتَبْتُها في آخر القرآن (¬1). 18 - باب الْبِكْرَانِ يُجْلَدَانِ وَيُنْفَيَانِ (¬2) {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)} [النور: 2 - 3]. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: رَأْفَةٌ فِى إِقَامَةِ الْحُدُودِ. 212/ 8 6831 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُ فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصَنْ جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ. أطرافه 2314، 2649، 2696، 2725، 6634، 6828، 6836، 6843، 6860، 7194، 7259، 7279 - تحفة 3755 6832 - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِى عُرْوَةَ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ غَرَّبَ، ثُمَّ لَمْ تَزَلْ تِلْكَ السُّنَّةَ. تحفة 10608 6833 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصَنْ بِنَفْىِ عَامٍ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ. أطرافه 2315، 2695، 2724، 6633، 6827، 6835، 6842، 6859، 7193، 7258، 7260، 7278 - تحفة 13213 لا يُرِيدُ بزِنَى البِكْرَانِ: الزاني، والمَزْنِيَّةَ، بل هو عام، سواءٌ زَنَى البِكْرُ الزاني من ثَيِّب، أَوْ الثيِّبُ مِنْ باكِرة. ¬

_ (¬1) قلت: أخرجه عن سعيد بن المسيب عن عمر: لكتبتها في آخر القرآن، اهـ: ص 177 - ج 12 من أواخر "باب الاعتراف بالزنا"، وكان في مذكرتي: لكتبتها على الهامش، فراجعت "الفتح" فما وجدت فيه هذا اللفظ، ولكن فيه ما ذكرت لك الآن، فلذا غيرت لفظ الشيخ، على ما في مذكرتي، ووضعت بدله لفظ: آخر القرآن، كما وجدت، والأصرح فيه ما ذكره الشيخ، فمن وجده في "الفتح" فليصحح، فليتنبه. (¬2) قلتُ: قال ابن رُشْدٍ: وأَمَّا عُمدةُ الحنفية فظاهرُ الكتاب، وهو مَبْنيٌّ على رَأيِهم أن الزِّيادَةَ على النَّص نَسْخٌ، وأنَّه ليس يُنْسَخُ الكتاب بأخبار الآحاد، ورووا عَن عمر وغيرِهِ أنَّه حد، ولم يُغَرِّبْ ... إلخ ص 375 - ج 2 "بداية المجتهد". وفَضلَة الشيخ ابن الهُمَام في "الفتح": ص 134 - ج 4 ولنا: قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا ... } [النور: 2] شارعًا في بيانِ حُكْمِ الزِّنَا ما هو، فكان المذكورُ تَمامَ حُكمِهِ، وإلا كان تجهيلًا. إذ يُفْهَمُ أَنَّهُ تمامُ الحُكمَ، وليس تَمامُهُ في الواقِعِ، فكان مَعَ الشُّروع في البيانِ، أبعدُ منْ تَرْك البيان، لأنَّهُ يُوقِعُ في الَجَهْلِ المُرَكَّبِ، وذلك =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= في البَسِيط، ولأَنَّه هو المفهوم، لأنَّه جعل جَزاءً للشرط، فيفيد أَنَّ الواقعَ هذا فقط، فلو ثبت مَعَهُ شيء آخر -كان شبهة معارِضة، لا مثبتةً- لَمَا سكت عنه في الكتاب، وهو الزيادة الممنوعة، وأمَّا ما يفيدُ كلامَ بعضِهم أَن الزيادةَ بخبَر الواحدِ إثباتُ ما لم يُوجِبْهُ القرآن، وذلك لا يمتنع، وإلا بَطَلت أكثرُ السُّنَنَ، وأَنَّها ليست نَسخًا، وتسميتُها نسخًا مجردُ اصطلاحٍ، ولذا زيد في عدة المُتَوفَى عنها زوجها الإِحداد على المأمور به في القرآن، وهو التربُص، فهو يُفيدُ عدم معرفة الاصطلاحِ، وذلك لأنَّه ليسَ المرادُ مِنَ الزِّيادةِ إثباتُ ما لم يُثبِتهُ القرآن، ولم يَنفِهِ، لا يقول بهذا عاقل، فضلًا عن عالم، بل تقييد مطلَقِهِ على ما عُرِفَ مِنْ أَنَّ الإطلاقَ مما يُراد، وقد دَلَّ عليه باللفظ المُطْلَقِ، وباللفظ يُفَادُ المعنى، فأفاد أَنَّ الإِطلاقَ مُرَادٌ، وبالتقييدِ يَنتَفي حُكمُه عَنْ بَعضِ ما أثبتَه فيه اللفظُ المطلق، ثمَّ لا شَكَّ أَنَّ هذا نَسخٌ، وبخَبَرِ الواحدِ لا يجوزُ نسخ الكتاب، وظنُّ المعترض -أَنَّ الإِحدادَ زيادةُ- غلطٌ، لأنَّه ليس تقييدًا للتَّرَبُص، وإلا لو تربصت، ولم تَحدَّ في تَرَبُّصِها، حتى انقَضَتْ العِدة، لم تَخرُج عن العُهدةِ، وليس كذلك، بل تكونُ عاصيةً بتركِ واجبٍ في العِدة، فإنَّما أَثبَت الحديثُ واجبًا، لا أَنَّه قَيَّدَ مُطلَقُ الكتاب. ثُمَّ تعرَّضَ الشيخُ ابن الهُمام إلى أَنَّ في نفي المَرْأَةِ عَرْضُها للفتنة، وأَخرَجَ عن عبدِ الرزاق، و"كتاب الآثار" لمُحمد ابنِ الحسن عن عليٌّ قال: "حَسْبُهِما مِن الفتنةِ أَنْ يُنفيا"، وعَنْ محمد بسَنَدِهِ عَنْ إبراهيمَ النَّخَعِي، قال: "كفى بالنَّفي فتنة". ورَوَى عبدُ الرَّزاق عن ابن المُسَيَّب، قال: غَرَّبَ عُمر رَبيعةَ بنُ أُمية بنِ خَلَف في الشَّرَاب إلى خيْرَ، فَلَحِقَ بِهرَقْل، فَتَنَصَّرَ، فقال عمر: "لا أُغَرِّبُ بعدَهُ مسلمًا". ثُمَّ تعرَّضَ الشيخ إلى أَنَّه ثابتٌ عَنْ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أَمْ لا؟ فقال بعدما تَكَلَّم على الرُّوايات مِنْ هذا الباب: والحاصل أَنَّ في ثُبوتِه عنه - صلى الله عليه وسلم - اختلافًا عَنْ الحُفَّاظ، وأَمَّا عن أبي بكر وعمر فلا اختلاف فيه. وقد أَخرَج ذلك عنهما أيضًا في "الموطأ" وأَمَّا روايتُه عن عثمانَ، ففي -مُصَنَّف ابنِ أبي شَيبَةَ- عن ابنِ يَسَار مولى لعُثمان، قال: "جَلَدَ عثمانُ امرأةً في زنا، ثُمَّ أَرْسَلَ بها مولى لهُ يُقالُ له: المهري، إلى خَيْبَر نفاها إليه". فهذا التغريبُ المَرْوي عَمَّنْ ذَكَرْنَا، كَتَغْرِيبِ عُمرُ نَصْرَ بنَ حجاجٍ وغيرَهُ، بِسَبَبِ أنَّهُ لجَمالِه افْتَتَنَ بهِ بعضُ النَّساءِ، حتى سَمِعَ قولَ قائلةٍ: هل مِنْ سبيلٍ إلى خَمْرٍ، فأشْربُها ... أوْ مِنْ سَبيلٍ إلى نَصرِ بنِ حجاجِ، إلى فتى ماجد الأعرافِ مُقْتَبَل، ... سهلُ المُحَيَّا، كريمٌ، غيرَ ملجاجِ؟ ومثل هذا، أو ما هو قريبٌ منه، هو الذي يَنْبَغي أَنْ يَقَعَ عليه رأي القاضي في التغريبِ -أي إذا كان الرجلُ حَيِيَاً كَرِيمًا، وإِنَّما ذُلَّ ذُلةً لِغَلَبةِ النَّفس، فَزَنى- أمَّا مَنْ لم يَسْتَحِ، وله حالٌ يشهدُ عليه بغلبةِ النَّفس، فنفيُه لا شَكَّ أَنَّه يُوسِّعُ طُرُقَ الفَساد، ويسهلها عليه. انتهى بغايةِ اختصارٍ، مَعَ حَذْفِ الأسانيد، وحَذفِ حَرْفٍ، أو حَرْفَيْن مِنْ آخرِ السَّطْر. قال العلامةُ المارديني: وهو كنفي الإِمامُ أهلَ الدَّعارَةِ، وكنفيهِ عليه الصلاة والسلام، وفيما ذَكَرَهُ البيهقيُ -في باب مَنْ قَتَل- أنه عليه الصلاة والسلام نَفَى الذي قَتَلَ عَبدَهُ سنةً. ولمَّا لم يَكُنْ في حَدِّ القَذْفِ والخَمْرِ تغريب، دلَّ على أنَّه تأديبٌ لهُ لدَعَارَتِه، اهـ مختصرًا: ص 174 - ج 2. قلتُ: وقد وَجَدْتُ له نظيرًا آخر عند أبي داود عَنْ أبي هريرة، قال: "أُتِيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بمُخَنَّثٍ قد خضَبَ يَدَيهِ ورِجْلَيهِ بالحِنَّاءِ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ما بالُ هذا؟ قال: يَتَشَبَّهُ بالنِّساءِ، فَأَمَر بِهِ. فنُفِيَ إلى البَقيع ... " إلخ، وإِذْ قد وَجَدْنَا هذا البابَ في غير بابِ الزنا أيضًا، فَغَرَّبَ عُمر في الخَمْرِ، كما ذَكَرهُ الشيخُ ابنُ الهُمَامِ. وَغَرَّبَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ قَتَلَ عَبَدَهُ، كما ذَكَرَهُ البيهقي. ونَفَى المُحَنَّثُ، كمَا عند أبي داود. عَلِمْنَا أنه لا خُصُوصِية لهُ مِنْ باب الزنا، وإنَّما هو مِنْ بابِ التَّعزيرِ، ولمَّا كان الزنَا أشَدُّ، كان التعزيرُ فيه أَلزَم. وراجع معه العَيني: ص 410 - ج 6 فقد زَادَ أشياء، وأجادَ، والله تعالى أعلمُ بالصواب.

6833 - قوله: (قَضَى فِمَنْ زَنَى، ولم يُحْصَنْ: بنفي عامٍ، وبإِقامةِ الحَدِّ عليه) ... إلخ، وفي روَايةٍ: «مَعَ إقامة الحد» (¬1). وتَمَسَكَ منها الشيخُ ابنُ الهُمامِ على كَوْنِ النفي خارجًا عن الحدِّ. ¬

_ قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: الهامش التالي وقع في المطبوع في ص 367، فنقلته لموضعه الصحيح هنا (¬1) قُلتُ: وعَزَاها الحافظُ إلى النَّسائي، ولفْظُهُ مختَصَرًا وقع في رواية النَّسائي: أن يُنْفَى عامًا، مع إقامةِ الحدِّ عليه، وقد تَمسَّكَ بِهذِهِ الرواية مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّفيَ تعزيرٌ، وأَنَّه ليس جُزءً مِنْ الحدِّ. وأجيب: بأَنَّ الحَدِيثَ يُفَسِّرُ بعضُهُ بعضًا، وقد وقع التصريحُ في قِصة العَسِيف مِنْ لفظ النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، أَنَّ عليه جلدُ مِائةٍ، وتغريبُ عامٍ ... إلخ. قلتُ: وهل فيه تصريحٌ عن النبيِّ أَنَّ التغريبَ كان حَدًا؟ نَعم، ولمَّا كان الحديثُ يُفسرُ بَعضُه بَعضًا، نقولُ: إِنَّه خارجٌ عَنِ الحدِّ، كما فسَّرهُ حديثُ النَّسائي، والذي يَظْهَرُ أنَّه متفرِّعٌ على اختلافٍ آخر بَيْنَهُم في الزِّيادَةِ بالخَبَرِ على كتابِ الله، وأَنَّه هل يُفِيدُ الكِتَاب، مع ضمِّ الحديثِ حُكْمًا واحدًا، أو هما حُكْمان: حُكْمٌ في الكِتَاب، وحُكْمٌ في الحديث. فالأوَّلُ ذَهَب إليه الشافعية، كما فعلوا في مَسأَلةِ القِرَاءة، فقالوا: بأنَّ قولَه تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20] مع قولِه - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاةَ إلا بفَاتِحةِ الكتاب". يُفِيدُ حُكمًا واحدًا، فاخْتَارُوا رُكْنِيَةَ الفَاتِحة. وذَهبَ الحنفيةُ إلى الثاني، فَوَضَعوا كلًا منهما على مَرَاتِبِهِما، ولَهُ نظَائِر، كقولِهِ تعالى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] مع أحاديثِ تَعْدِيلِ الأَرْكانِ، وكَقولِهِ تعالى: {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 15] مع قولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "تحريمُها التَّكْبِير". وكقولِه تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] مع قَولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "الطواف بالبيت صلاة". -أو كما قال- إلى غيرِ ذلك، فكذلكَ الجَلَدُ، والتَّغْريبُ، فإنَّ القرآنَ لم يَتعرَّضْ إلى التغريبِ، فالحدّ هو الذي اكتَفى به القُرآن، والتغريبُ زائدٌ في الحديث، فَحَمِلَهُ الحنفيةُ على السياسةِ، وذلك بابٌ واسعٌ في الأحاديثِ، ثُمَّ الحافظُ قد اسْتَشْعَرَ بهِ، وَفَطِنَ أَنَّ سكوتَ آيةُ النُّورِ عن ذِكْرِ التغريبِ في موضعِ البيانِ، بيانٌ فأجابَ عنه بأنَّه لا يلزِمُ مِنْ خُلوِّ آية النُّورِ عن النَّفي، عَدَمُ مَشرُوعيتِه، كما لم يَلْزَم مِنْ خُلُوها مِنَ الرَّجمِ ذلك، ومِنَ الحُجَجِ القَوِيةِ أَنَّ قِصةَ العَسِيفِ كانت بعدَ آيةِ النُّور ... إلخ. قلتُ: أمَّا ما ذكَرَهُ الحافظُ العلامةُ في الرجم، فلا نُسلِّم أَن الآيةَ خالية عنه، كيف! وحالُ الرَّجْم مع الجَلْد ليس كحالِ الجَلدِ مع التغريبِ عندَهُم. وهل يجبُ عند الشافعيةِ الجَلْدُ مع الرَّجْمِ؟ ثمَّ الرَّجْمُ ثابثٌ من كتابِ الله، والإِجماع على ما سبَقَ في غَيرِ واحدٍ مِنْ أحاديث البخاري، وباحث في الصحابةُ رضي الله تعالى عنهم، حتى يَخْلُصَ الأمر إلى أنَّه حقٌ ثابتٌ، ولولا مخافة الناسِ، لَكَتَبَها عمر في آخر القرآن. وأما الجَلْد فأين هم من ذاك؟ وأمَّا كونُ قِصَةِ العَسِيفِ بعد آيةِ النُّور، فلا حُجةَ لهم فيها، فإنَّ قِصَةَ العَسِيف لا تَصْلُحُ ناسخةً، فإنَّا لمَّا حَمِلْنَاها على السِّياسَةِ لا حاجةَ إلى النُّسخِ، كيف! والعملُ بالنَّسخ مع وُضُوحِ وجه التوفيقِ أَبْعَد. وسمعت مِنْ شيخي أَنَّ عمر غَرَّبَ مرةً رجلًا، فارتدَّ ولَحِقَ بالكُفَّارِ، فلم يُغَرَّبْ عمر بَعدَهُ أيضًا. ففي ذلك حجةً قويةً على أَنَّ التَّغريبَ لم يَكُنْ مِنَ الحدِّ، ومَنْ أَرَادَ البَسْطَ فَليَرْجِع إلى "شرح معاني الآثار" للطَّحَاوي، فإنَّه أَغْنَى، وأَقْنَى، وليس بَسَطُ المَسائِل، والأسئلةِ، والأجوبةِ مِنْ موضُوعِنا في هذا التعْلِيقِ، وقد مَرَّ بعضُ التَّفْصِيل آنفًا.

19 - باب نفى أهل المعاصى والمخنثين

19 - باب نَفْىِ أَهْلِ الْمَعَاصِى وَالْمُخَنَّثِينَ 6834 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ

20 - باب من أمر غير الإمام بإقامة الحد غائبا عنه

عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالْمُتَرَجِّلاَتِ مِنَ النِّسَاءِ، وَقَالَ «أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ». وَأَخْرَجَ فُلاَنًا، وَأَخْرَجَ عُمَرُ فُلاَنًا. طرفاه 5885، 5886 - تحفة 6240 20 - باب مَنْ أَمَرَ غَيْرَ الإِمَامِ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ غَائِبًا عَنْهُ 6835 و 6836 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَعْرَابِ جَاءَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ جَالِسٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ بِكِتَابِ اللَّهِ. فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَالَ صَدَقَ اقْضِ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِكِتَابِ اللَّهِ، إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأَخْبَرُونِى أَنَّ عَلَى ابْنِى الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ بِمِائَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ، فَزَعَمُوا أَنَّ مَا عَلَى ابْنِى جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ. فَقَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا الْغَنَمُ وَالْوَلِيدَةُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَارْجُمْهَا». فَغَدَا أُنَيْسٌ فَرَجَمَهَا. حديث 6835 أطرافه 2315، 2695، 2724، 6633، 6827، 6833، 6842، 6859، 7193، 7258، 7260، 7278 - تحفة 14106 حديث 6836 أطرافه 2314، 2649، 2696، 2725، 6634، 6828، 6831، 6843، 6860، 7194، 7259، 7279 - تحفة 3755 6835، 6836 - قوله: (فَاغْدُ على امْرَأَةِ هَذَا) إلخ، وإنَّما أَمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أُنَيْسًا أَنْ يَغْدُو إِليها، وَيَسْأَلَ عَنْ أَمْرها، مَعَ أَنَّ مَبْنَى الحدِّ على الستر، والدُّرْءِ، لأنَّ قِصَةَ العَسِيفِ تَضمَّنَتْ قَذْفًا أيضًا، وذلك مِنْ حُقُوقِ العِبَادِ الذي يَجِبُ استيفَاؤُه، فحقق أَمْرَها، حتى اعْتَرَفت، فَرُجِمَتْ. 21 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25)} [النساء: 25]. 22 - باب إِذَا زَنَتِ الأَمَةُ 6837 و 6838 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنِ الأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ قَالَ «إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ لاَ أَدْرِى بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ. حديث 6837 أطرافه 2152، 2153، 2233، 2234، 2555، 6839 - تحفة 14107 حديث 6838 أطرافه 2154، 2232، 2556 - تحفة 3756 6837 - 6838 قوله: (ولم تُحْصَنْ) وللإِحصانِ شَرائِطَ عند الفقهاء، أما في

23 - باب لا يثرب على الأمة إذا زنت ولا تنفى

الأحادِيثِ فأكْثَرَ ما يُسْتَعْمَلُ فيه بمعنى التَّزَوج، والمراد به ههنا العِفَّة، لأنَّ الأَمةَ حدّها الجَلْدُ، سواءٌ تزوجت أوْ لا. 23 - باب لاَ يُثَرَّبُ عَلَى الأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلاَ تُنْفَى 6839 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا زَنَتِ الأَمَةُ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا وَلاَ يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا وَلاَ يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ». تَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2152، 2153، 2233، 2234، 2555، 6837 - تحفة 14311، 12951 24 - باب أَحْكَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَإِحْصَانِهِمْ، إِذَا زَنَوْا وَرُفِعُوا إِلَى الإِمَامِ 6840 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى عَنِ الرَّجْمِ فَقَالَ رَجَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. فَقُلْتُ أَقَبْلَ النُّورِ أَمْ بَعْدَهُ قَالَ لاَ أَدْرِى. تَابَعَهُ عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَالْمُحَارِبِىُّ وَعَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ. وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْمَائِدَةُ. وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. طرفه 6813 - تحفة 5165 6841 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلاً مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا تَجِدُونَ فِى التَّوْرَاةِ فِى شَأْنِ الرَّجْمِ». فَقَالُوا نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ. فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا، فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ ارْفَعْ يَدَكَ. فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ. قَالُوا صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ. فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرُجِمَا، فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِى عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ. أطرافه 1329، 3635، 4556، 6819، 7332، 7543 - تحفة 8324 - 214/ 8 وافَقَ الفقهاءُ الثلاثةُ في حُكْمِ الإِحصان على أَهْلِ الذِّمَّة، وعندنا - مِنْ شَرَائطِ الإِحصان: الإِسلامُ - فليسوا بمُحصِنينَ، ولا يكونُ حدُّهم الرَّجْم. أَمَّا رَجْمُ اليهوديين كما في الحديث، فكان بحُكْمِ التَّورَاة، كما أَجَابَ بهِ الطَّحاوي، وقد بَسطْنَاه مِنْ قَبْل. 25 - باب إِذَا رَمَى امْرَأَتَهُ أَوِ امْرَأَةَ غَيْرِهِ بِالزِّنَا، عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالنَّاسِ، هَلْ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهَا فَيَسْأَلَهَا عَمَّا رُمِيَتْ بِهِ 6842 و 6843 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَحَدُهُمَا اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ. وَقَالَ الآخَرُ وَهْوَ أَفْقَهُهُمَا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَأْذَنْ لِى أَنْ أَتَكَلَّمَ. قَالَ

«تَكَلَّمْ». قَالَ إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا - قَالَ مَالِكٌ وَالْعَسِيفُ الأَجِيرُ - فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَأَخْبَرُونِى أَنَّ عَلَى ابْنِى الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَبِجَارِيَةٍ لِى، ثُمَّ إِنِّى سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِى أَنَّ مَا عَلَى ابْنِى جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَا وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ عَلَيْكَ». وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا، وَأَمَرَ أُنَيْسًا الأَسْلَمِىَّ أَنْ يَأْتِىَ امْرَأَةَ الآخَرِ، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا، فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا. حديث 6842 أطرافه 2315، 2695، 2724، 6633، 6827، 6833، 6835، 6859، 7193، 7258، 7260، 7278 - تحفة 14106 حديث 6843 أطرافه 2314، 2649، 2696، 2725، 6634، 6828، 6831، 6836، 6860، 7194، 7259، 7279 - تحفة 3755

26 - باب من أدب أهله أو غيره دون السلطان

26 - باب مَنْ أَدَّبَ أَهْلَهُ أَوْ غَيْرَهُ دُونَ السُّلْطَانِ (¬1) وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا صَلَّى، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ». وَفَعَلَهُ أَبُو سَعِيدٍ. 215/ 8 6844 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَ أَبُو بَكْرِ - رضى الله عنه - وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِى فَقَالَ حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ. فَعَاتَبَنِى، وَجَعَلَ يَطْعُنُ بِيَدِهِ فِى خَاصِرَتِى، وَلاَ يَمْنَعُنِى مِنَ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ. أطرافه 334، 336، 3672، 3773، 4583، 4607، 4608، 5164، 5250، 5882، 6845 - تحفة 17519 6845 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَكَزَنِى لَكْزَةً شَدِيدَةً وَقَالَ حَبَسْتِ النَّاسَ فِى قِلاَدَةٍ. فَبِى الْمَوْتُ لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ أَوْجَعَنِى. نَحْوَهُ. أطرافه 334، 336، 3672، 3773، 4583، 4607، 4608، 5164، 5250، 5882، 6844 - تحفة 17509 27 - باب مَنْ رَأَى مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ (¬2) 6846 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِى لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّى». طرفه 7416 - تحفة 11538 ¬

_ (¬1) قلت: وقد سمعتُ مِنَ الشيخ: أنَّ الفقهاءَ ذَكرُوا في -باب الأَمْرِ بالمعروفِ، والنَّهي عن المُنكر- أَنَّ التغييرَ باليدِ يَقتَصِرُ على الزَّمانِ الذي أَتَى فيه الرجلُ ذلك المنكر، وأمَّا بَعْدَ ذلك فليسَ لهُ إلا المرافعَةَ إلى الحاكمِ. وقد مرَّ تفصيله. (¬2) قلتُ: وسمعتُ من الشيخِ: أنَّ مَنِ ابْتُلِيَ بمثلِهِ، فَقَتَلَ الزَّاني لا يُؤَاخَذُ به عند رَبِّهِ، ويُبَاحُ له أَنْ يَقْتُلَه فيما بينَهُ وبينَ اللهِ عزَّ وَجَلَّ، وإِنْ كان حُكْمُ القَضَاءِ القِصَاص، إذا لم يأتِ عليه بِبَيِّنةٍ، وبذلك صَرَّح النَّوويُ مِنْ مَذْهَبِهِ في "شرح مسلم" -في باب اللعان ص 488 - ج 1. وقال الخَطَّابي: قد اخْتَلَفَ الناسُ في هذه المسألةِ، فكان عليّ بنُ أبي طالب كَرَّمَ اللهُ تعالى وجهَهُ، يقولُ: "إن لم يأتِ بأربعةِ شُهداء أُعطِيَ برْمَتَهُ"، أي أُقيدَ بهِ؛ ورويَ عَنْ عمرِ بنِ الخَطَّاب أنَّه أَهْدَرَ دَمَهُ، ولم يَرَ فيه قِصَاصًا. قلتُ: ويُشْبِه أَنْ يكونَ إِنَّما رَأَى دَمَهُ مباحًا فيما بينَهُ وبينَ اللهِ عزَّ وَجلَّ إذا تَحقَّقَ الزِّنا مِنه فِعْلًا، وكان الزَّاني مُحْصَنًا، وذَكرَ الشافعيُّ حديثَ عليٌ، ثُمَّ قال: "وبهذا نَأخُذ، غَيرَ أَنَّه قال: وَيَسَعُهُ فيما بَينَهُ وبَين اللهِ عزَّ وجلَّ، قَتْلَ الرَّجُلِ وامرأتُه إذا كانا ثَيِّبَيْنِ، وعَلِمَ أَنَّهُ قد نَالَ منها ما يُوجِبُ الغُسْلَ، ولا يَسقُطُ عنه القَوَدُ في الحُكم، وكذلك قال أبو ثور. وقال أحمدُ بن حنبل: إِنْ جاء بِبَيِّنَةٍ أَنَّه قد وجدَهُ مع امرأتِه في بَيتِهِ، فَقَتَلَهُ، يُهْدَرُ دمُه، وكذلك قال إسحاق، اهـ: ص 19، وص 20 - ج 4. "معالم السنن".

28 - باب ما جاء فى التعريض

28 - باب مَا جَاءَ فِى التَّعْرِيضِ 6847 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَهُ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِى وَلَدَتْ غُلاَمًا أَسْوَدَ. فَقَالَ «هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «مَا أَلْوَانُهَا». قَالَ حُمْرٌ. قَالَ «فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَأَنَّى كَانَ ذَلِكَ». قَالَ أُرَاهُ عِرْقٌ نَزَعَهُ. قَالَ «فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ». طرفاه 5305، 7314 - تحفة 13242 29 - باب كَمِ التَّعْزِيرُ وَالأَدَبُ 6848 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ إِلاَّ فِى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ». طرفاه 6849، 6850 - تحفة 11720 6849 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ عَمَّنْ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ عُقُوبَةَ فَوْقَ عَشْرِ ضَرَبَاتٍ إِلاَّ فِى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ». طرفاه 6848، 6850 تحفة 15619 - 216/ 8 6850 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ إِذْ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ فَحَدَّثَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ فَقَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بُرْدَةَ الأَنْصَارِىَّ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ تَجْلِدُوا فَوْقَ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ إِلاَّ فِى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ». طرفاه 6848، 6849 - تحفة 11720 6851 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْوِصَالِ فَقَالَ لَهُ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُوَاصِلُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَيُّكُمْ مِثْلِى إِنِّى أَبِيتُ يُطْعِمُنِى رَبِّى وَيَسْقِينِ». فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الْوِصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا ثُمَّ رَأَوُا الْهِلاَلَ فَقَالَ «لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ». كَالْمُنَكِّلِ بِهِمْ حِينَ أَبَوْا. تَابَعَهُ شُعَيْبٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1965، 1966، 7242، 7299 تحفة 15321، 15305، 15225، 15163، 13188 6852 - حَدَّثَنِى عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُضْرَبُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اشْتَرَوْا طَعَامًا جِزَافًا أَنْ يَبِيعُوهُ فِى مَكَانِهِمْ حَتَّى يُئْوُوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ. أطرافه 2123، 2131، 2137، 2166، 2167 - تحفة 6933

6853 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِنَفْسِهِ فِى شَىْءٍ يُؤْتَى إِلَيْهِ حَتَّى تُنْتَهَكَ مِنْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ. أطرافه 3560، 6126، 6786 تحفة 16709 6848 - قوله: (لا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ، إلَّا في حدَ من حُدُودِ اللَّهِ). واعلم أنَّ التعزِيزَ عندنا لا يَنْبَغي أَنْ يَبْلُغَ أخفَّ الحُدُودِ. فلا يُزادُ على تِسعٍ وثلاثينَ ضربات. ولا تحديدَ (¬1) فيه عند أبي يوسف، كما في «شرح معاني الآثار» للطَّحاوي، فهو مَؤْكُولٌ إلى رأي الإِمامِ عنده، وذلك في التَّعْزِيرِ مِنَ السِّياط. أمَّا إذا خَرَجَ مِنْ ذلك النَّوع، وأَرَادَ التَّعزيرَ بغيرِهِ، فيجوزُ له حتى القَتْل، عند إِمَامَنَا الأعظمُ رحمه الله تعالى أيضًا. والجوابُ عن (¬2) الحديثِ على ما نقله الشيخُ تقي الدين بنُ دقيق العيد عن فَاضِلٍ ¬

_ (¬1) قلتُ: هكذا ذَكَرَهُ الشيخُ بدرُ الدينِ العيني رحمَهُ اللهُ تعالى في "عُمْدَةِ القاري" ص 668 - ج 5، ثم لم يَذْكُر فيه خلافًا عَنْ أبي حنيفةَ رحمَهُ الله تعالى، وقال الخَطَّابي: قد اخْتَلَفَت أقاويلُ العُلماءِ في مِقْدَارِ التعزير، وُيُشْبِهُ أَنْ يكونَ السببُ في اختلافِ مَقَادِيرِهِ عندَهُم ما روَاهُ مِنَ اختلافِ مقاديرِ الجِنَاياتِ والإِجْرَامِ، فزادوا في الأَدَبِ، ونَقَصُوا منه حَسَبَ ذلك، وكان أحمد بن حنبل يقول: للرَّجُلِ أَنْ يَضْرِبَ عبدَهُ على تَرْكِ الصَّلاةِ؛ وعلى المعصية: فلا يَضْرِبُ فوقَ عشرِ جَلْدات. وكذلك قال إسحاق بنُ رَاهُوَيه؛ وكان الشَّعْبيُ يقولُ: التعزيرُ ما بين سَوْطٍ إلى ثلاثين. وقال الشافعيُّ: لا يَبلغُ بعقوبَتهِ أَرْبَعين، وكذلك قال أبو حنيفةَ، ومحمدُ بنُ الحسنِ. وقال أبو يوسف: التعزيرُ -على قَدْرِ عِظَمِ الذَّنْبِ وصِغَرِهِ- على قَدْرِ ما يَرَىَ الحاكمُ مِنَ احتمالِ المَضْرُوبِ، فيما بَينَهُ وبين أقلِّ من ثمانين. وعن ابنِ أبي لَيلَى إلى خمسةِ وسبعينَ سوطًا. وقال مالك بن أَنَس: التعزيرُ على قَدْرِ الجُرْمِ، فإِنْ كان جُرْمُه أعظمُ مِنَ القَذفِ ضُرِبَ مائة، أو أكثر، وقال أبو ثور: التعزيرُ على قَدْرِ الجنَاية، وتسرع الفَاعلِ في الشر، وعلى ما يكونَ أَنْكَلُ وأَبْلَغُ في الأَدَبِ، وإِنْ جَاوَزَ التَّعزِيرُ الحدَّ، إذا كان الجُرّمُ عظيمًا، مثلَ أَنْ يَقْتُلَ الرجلُ عبدَهُ، أو يَقْطَعَ منهُ شيئًا، أو يعاقِبَهُ عقوبةً يُسْرِفُ فيها، فتكونُ العقوبةُ فيه على قَدْرِ ذلك، وما يَرَاهُ الإِمامُ إذا كان مَأْمُونًا عدلًا. وقال بعضهم: لا يبلغُ بالأَدَبِ عشرين، لأنَّها أَقل الحدُودِ، وذلك أَنَّ العبدَ يُضرَبُ في شُرْبِ الخَمْرِ عشرون، وقد تَأَوَّلَ بعضُ أَصحابِ الشافعي قولَهُ في جوازِ الزِّيادَةِ على الجَلدَات العَشْرِ، إلى ما دونَ الأَرْبَعين، أَنَّها لا تزَادُ بالأَسْوَاط، ولَكِنْ بالَأَيْدِي، والنِّعالِ، والثِّيَابِ ونَحْوِها، على ما يَرَاهُ الإمامُ، كما رُوِيَ في حديث عبدُ الرحمنِ بنُ الأَزْهَرِ. قلت: التعزيرُ على مَذَاهبِ أَكْثَرِ الفُقَهاءِ إنَّما هو أَدَبٌ يُقصِرُ عن مِقْدَارِ أَقلِّ الحُدودِ، إذا كانت الجِنايةُ الموجبَةُ للتَّعْزِيرِ قاصرةَ على مَبلَغِ الَجنايةِ الموجبةِ للحدِّ، كما أَنَّ أَرْشَ الجِنَايةِ الواقعةِ في العضوِ أبدًا قاصرٌ عن كمالِ ذلك العضو، وذلك أَنَّ العُضو إذا كان في كُلِّهِ شيء معلوم، فوقعت الجنايةُ على بَعْضِهِ، كان معقولًا أَنَّه لا يَسْتَحقُ فيه كل ما في العضو، اهـ: ص 340، وص 341 - ج 3 "معالم السنن". (¬2) قلتُ: وقد تَلَخَّصَ مِنَ المجموعِ ثلاثةُ أجوبة: الأولُ: إَنَّ المرادَ مِنَ الحدودِ حدودُ اللهِ، والمعنى أَنَّه لا ينبغي أَنْ يُجْلَدَ فوقَ عَشْرِ جَلْدَات في صِغَارِ الذنوبِ، وإِنما يُناسِبُ ذلك في المعاصي الكبيرةِ التي تُنْتَهَكُ فيها حُرُمُ الله عز وجل، وهذا هو جوابُ الحافظُ ابنُ تيمية، =

30 - باب من أظهر الفاحشة واللطخ والتهمة بغير بينة

لم يَذْكُر اسمَهُ: أَنَّ الحدَّ فيه ليس بالمعنى المُصْطَلح، بل على حدِّ قوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: 229]. قلتُ: وذلك الفاضلُ هو الحافظُ ابنُ تيمية، ولعله لم يَذْكُرهُ باسمِهِ، لأنَّه كان مِنْ كِبَارِ أولياءِ الله، معاصرًا لابن تيمية، وكان ابن تيمية يُشَدِّدُ الكلامَ في أولئكَ، فأحَبَّ أَنْ لا يَذْكُرَ اسمهُ، والله تعالى أعلم بالصواب. والذي ظهر لي في هذا الباب أَنَّ المسألةَ، كما ذكرها أبو يوسف، لما قد ثَبَتَتْ الزيادة على العشر في غيرِ واحدٍ من الأحاديث، إلا أَنَّ العملَ بِها لا يُسوَّغ، إلا لمُتدين يُراعي حدودَ الله، ويحفظُ أوامرَ الشرع، ولا ينبغي الافتاءُ بها عامة، فَتَبْسُط الظلمةُ أيديَهم، فَيُضَيِّقون أرضَ الله تعالى على النَّاس. هذا في التعزير، وأما التأديب، فله أَنْ يفعَلَهُ في عشيرَتِهِ بغيرِ إذْنِ السلطان. 30 - باب مَنْ أَظْهَرَ الْفَاحِشَةَ وَاللَّطْخَ وَالتُّهَمَةَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ 6854 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِىُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ شَهِدْتُ الْمُتَلاَعِنَيْنِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ، فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ زَوْجُهَا كَذَبْتُ عَلَيْهَا إِنْ أَمْسَكْتُهَا. قَالَ فَحَفِظْتُ ذَاكَ مِنَ الزُّهْرِىِّ «إِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا فَهْوَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ فَهُوَ». وَسَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ يَقُولُ جَاءَتْ بِهِ لِلَّذِى يُكْرَهُ أطرافه 423، 4745، 4746، 5259، 5308، 5309، 7165، 7166، 7304 تحفة 4805 - 217/ 8 6855 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ ذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْمُتَلاَعِنَيْنِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ هِىَ الَّتِى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا امْرَأَةً عَنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ». قَالَ لاَ، تِلْكَ امْرَأَةٌ أَعْلَنَتْ. أطرافه 5310، 5316، 6856، 7238 - تحفة 6327 6856 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - ذُكِرَ التَّلاَعُنُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِىٍّ فِى ذَلِكَ قَوْلًا، ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ ¬

_ = ومحصل جواب الشيخ، وهو الثاني: أَنَّ التجاوزَ عنها، وإِنْ جازَ في الحُكْمِ، غير أَنَّه نهى عنه مصلحةً، لِئلاَ يَتَسَاهلَ فيه أئمة الجَوْرِ، ففيه نصحٌ للأئِمةِ، وَشَفقةٌ على الرَّعِيَّةِ؛ والثالثُ: أجابَ به الشيخُ العيني، أَنَّه في حقِّ من يرتدعُ بالرَّدْعِ، ويُؤثْرُ فيه أَدْنَى الزَّجْرِ، كأشرافِ النَّاس، وأَشْرَافِ أَشْرَافِهم، وأمَّا السَّفَلة، وأسقاط الناس، فلا يُؤَثِّرُ فيهم عشرُ جَلْدَات، ولا عشرونَ، فَيُعزِّرُهم الإِمامُ بِقَدْرِ ما يَرَاهُ، اهـ: ص 668 - ج 5. وكأني أَرَى أَنَّ مَرْمَى الكلِّ هو ما ذكَرَهُ الشيخ، فالعباراتُ شَتَّى، وحسنك واحد، أَعْني النَّهي عن التَّعدي، والجَوْرِ على الخُلْقِ، وإذن هو مِن قَبيل النَّهي، سدًا للذَّرَائِع، واللهُ تعالى أعلمُ بالصَّواب.

31 - باب رمى المحصنات

قَوْمِهِ يَشْكُو أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ فَقَالَ عَاصِمٌ مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا إِلاَّ لِقَوْلِى فَذَهَبَ بِهِ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِى وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا، قَلِيلَ اللَّحْمِ، سَبِطَ الشَّعَرِ، وَكَانَ الَّذِى ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَ أَهْلِهِ آدَمَ، خَدْلاً، كَثِيرَ اللَّحْمِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ بَيِّنْ». فَوَضَعَتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِى ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَهَا فَلاَعَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُمَا فَقَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ فِى الْمَجْلِسِ هِىَ الَّتِى قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ رَجَمْتُ هَذِهِ». فَقَالَ لاَ، تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِى الإِسْلاَمِ السُّوءَ. أطرافه 5310، 5316، 6855، 7238 - تحفة 6328 6855 - قوله: (تلكَ امْرَأةٌ أَعْلَنَتْ) ... إلخ، ترجمته "آواراتهى"، وإنَّما لم يُقِمْ عليها الحدَّ، لأنَّها كانت أَخف مِنْ أَنْ يَهْتَم لها أحدٌ، فيأتي عليها ببينة. 6856 - قوله: (فَوَضَعَتْ شَبِيهًا بالرَّجُل الذي ذَكَرَ زَوْجُهَا أنَّه وَجَدَهُ عندها، فَلاَعَنَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بينهما) وهذا الراوي يوافقنا في أَنَّ القَذْفَ كان في حالِ الحَمْلِ، ولم يَحْكُم النبيُّ صلى الله عليه وسلّم باللَّعانِ بينهما إلا بَعْدَ الوضعِ. 31 - باب رَمْىِ الْمُحْصَنَاتِ وقَوْلِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)} [النور: 4 - 5] {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)} [النور: 23]. وقَوْلِ اللهِ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا} الآية [النور: 4]. 6857 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ قَالَ «الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّى يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاَتِ». طرفاه 2766، 5764 - تحفة 12915 - 218/ 8 32 - باب قَذْفِ الْعَبِيدِ 6858 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنِ ابْنِ أَبِى نُعْمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ وَهْوَ بَرِىءٌ مِمَّا قَالَ، جُلِدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ». تحفة 13624 ولمَّا كان الحدُّ ساقطًا عَنْ مولاهُ في الدنيا، فلو قَذَفَهُ وهو بَرِيءٌ، يُقَامُ عليه الحدُّ في الآخرة.

33 - باب هل يأمر الإمام رجلا فيضرب الحد غائبا عنه

33 - باب هَلْ يَأْمُرُ الإِمَامُ رَجُلًا فَيَضْرِبُ الْحَدَّ غَائِبًا عَنْهُ وَقَدْ فَعَلَهُ عُمَرُ. 6859 و 6860 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ قَالاَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَّا قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ. فَقَامَ خَصْمُهُ وَكَانَ أَفْقَهَ مِنْهُ فَقَالَ صَدَقَ، اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَأْذَنْ لِى يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قُلْ». فَقَالَ إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفًا فِى أَهْلِ، هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ وَإِنِّى سَأَلْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِى أَنَّ عَلَى ابْنِى جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ، وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ. فَقَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، الْمِائَةُ وَالْخَادِمُ رَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَيَا أُنَيْسُ اغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَسَلْهَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا». فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا. حديث 6859 أطرافه 2315، 2695، 2724، 6633، 6827، 6833، 6835، 6842، 7193، 7258، 7260، 7278 - تحفة 14106 حديث 6860 أطرافه 2314، 2649، 2696، 2725، 6634، 6828، 6831، 6836، 6843، 7194، 7259، 7279 - تحفة 3755 وقد مَرَّتْ قَبْلَها ترجمةٌ مثلُها: - باب: مَنْ أَمَرَ غيرَ الإِمَام بأِقَامَةِ الحدِّ غائبًا عنه، فلا بُدَّ مِنَ الفَرْقِ بينَهُمَا. فأقول: إنَّ المقْصُودَ في تلكَ الترجمةِ بيانُ أنَّ الإِمامَ هل لهُ ولاَيةٌ على تَوْلِيةِ غَيْرِهِ لإِقامةِ الحدِّ؟ وكان المقصودُ فيما سَبَقَ هو حالُ الغَيْرِ، أي هل للغيرِ إقامة الحَدِّ عند غَيْبُوبةِ الإِمامِ إذا كان وَلَّاه عليها، ولذا لف الفاعل ههنا، ولم يُصرح أَنَّ الآمِرَ مَنْ هو، وإِنْ كان الآمِرَ في الخارجِ هو الإِمامُ، إلا أَنَّ الغَرَضَ فيه لم يَكُنْ إلا حالَ المأمورِ، بخلافه في تلك الترجمة، فإنَّ المحط بيان حال الإِمام، ولذا صرَّح بهِ، وقال: وهل يأمرُ الإِمامُ ... إلخ، وحينئذ يَخْتَلِفُ الجوابُ فيهما أيضًا، فإنَّ جوابَ التَّجمةِ السَّابِقَةِ أَنَّهُ يجوزُ للغيرِ إقامةُ الحدِّ، إذا كان الإِمامُ أَمَرَهُ بِهِ، كما أقامَهُ أُنيسٌ في قِصة العَسِيف؟ وجوابُ تلك الترجمةِ: أَنَّ لزِمامِ ولايةٌ لتوليةِ الغيرِ عليها، كما ولى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أُنيسًا على إقامةِ الحدِّ، فافترقتا، وبعبارة أخرى: إن الترجمة السابقة كانت في قوله: «فَرَجَمَها»، وهذه التَّرْجَمةُ في قوله: «أغْدُ يا أُنيس». وحينئذٍ لم يَبْقَ بينهما التباسٌ، واللَّهُ تعالى أعلمُ بالصَّواب. ***

88 - كتاب الديات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 88 - كتاب الدِّيَات 1 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93] 6861 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ «أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا، وَهْوَ خَلَقَكَ». قَالَ ثُمَّ أَىٌّ قَالَ «ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ، أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ». قَالَ ثُمَّ أَىٌّ قَالَ «ثُمَّ أَنْ تُزَانِىَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ». فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقَهَا {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)} [الفرقان: 68] الآيَةَ. أطرافه 4477، 4761، 6001، 6811، 7520، 7532 - تحفة 9480 - 2/ 9 6862 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِى فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا». طرفه 6863 - تحفة 7079 6863 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ سَمِعْتُ أَبِى يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ إِنَّ مِنْ وَرْطَاتِ الأُمُورِ الَّتِى لاَ مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا، سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ. طرفه 6862 - تحفة 7079 - 3/ 9 6864 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِى الدِّمَاءِ». طرفه 6533 - تحفة 9246 6865 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِىٍّ حَدَّثَهُ أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو الْكِنْدِىَّ حَلِيفَ بَنِى زُهْرَةَ حَدَّثَهُ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَقِيتُ كَافِرًا فَاقْتَتَلْنَا، فَضَرَبَ يَدِى بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا، ثُمَّ لاَذَ بِشَجَرَةٍ وَقَالَ أَسْلَمْتُ لِلَّهِ. آقْتُلُهُ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقْتُلْهُ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّهُ طَرَحَ إِحْدَى يَدَىَّ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ مَا قَطَعَهَا، آقْتُلُهُ قَالَ «لاَ تَقْتُلْهُ، فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ، وَأَنْتَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِى قَالَ». طرفه 4019 - تحفة 11547

2 - باب قول الله تعالى: {ومن أحياها} [المائدة: 32]

6866 - وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلْمِقْدَادِ «إِذَا كَانَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ يُخْفِى إِيمَانَهُ مَعَ قَوْمٍ كُفَّارٍ، فَأَظْهَرَ إِيمَانَهُ، فَقَتَلْتَهُ، فَكَذَلِكَ كُنْتَ أَنْتَ تُخْفِى إِيمَانَكَ بِمَكَّةَ مِنْ قَبْلُ». تحفة 5490 6861 - قوله: (أَنْ تُزَانِيَ (¬1) حَلِيلَةَ جَارِكَ) ... إلخ. 6865 - قوله: (يا رسولَ اللَّهِ، إن لَقِيتُ كَافِرًا) ... إلخ، هذا سؤال فَرَضِيٌ. وحاصل جوابه صلى الله عليه وسلّم إنَّكَ إنْ قَتَلْتَ رَجُلًا، قال: لا إِله إلا اللهُ، فقد صِرْتَ إلى مَكَانِه، وصَارَ مكانِكَ في إِبَاحَةِ القَتْلِ وحَظْرِهِ، أَي صارَ هو مَحْقُونُ الدَّمِ، وأَنْتَ مُبَاحٌ الدَّمِ، كما كان هو قَبْلَ قولِهِ هذا القول. فائدة: واعلم أَنَّ دِيَّةَ الرَّجُلِ الذي أَسْلَمَ فَقُتِلَ، ولم يَكُنْ مِنْ أَوْليائِهِ مُسْلِمٌ، تُحْرَزُ إلى بيتِ المال، وتُصْرَفُ في مصالحِ المُسْلِمين. 2 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا} [المائدة: 32] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ حَرَّمَ قَتْلَهَا إِلَّا بِحَقٍّ فكَأَنَّما أحيَا النَّاسُ جَمِيعًا. 6867 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُقْتَلُ نَفْسٌ إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْهَا». طرفاه 3335، 7321 - تحفة 9568 6868 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِى عَنْ أَبِيهِ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». أطرافه 1742، 4403، 6043، 6166، 6785، 7077 - تحفة 7418 6869 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلِىِّ بْنِ مُدْرِكٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ بْنَ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّةِ ¬

_ (¬1) قلت: وقد نبهاك سابقًا على الفرق بين قولك: تَزْني، وقوله: تزاني، ثمَّ رَأيتُ إليه إشارةً في كلامِ النَّووِي، قال: ومعنى تزاني، أي تَزْني برِضَاها، وذلك يتضمنُ: الزِّنا، وإفسادُها على زَوْجِها، واستمالَةَ قَلْبِها إلى الزَّاني، وذلك أفحش، وهو مَعَ امرأةِ الجَارِ أشدُّ قُبْحًا، وأعظمُ جُرْمًا، اهـ. وحاصل ما ذكرنا سابقًا أَنَّ قولَك: تَزني، لا يَدُل إلا على إتيانِ ذلك الفِعْلِ، أَمَّا المُفَاعَلَة منه، فَتَدُل على مُرَاوَدَتِها، واستمالةِ قَلبِها، وطولِ المُعَامَلَةِ معها، حتى أَرْضَاهَا على تلك الفَاحِشة، فصارت المرأةُ، والرجلُ متساويينِ في انتساب الفعلِ إليهما، ولم تَبقَ للرَّجُلِ مَزِيَّة، وحصلت المُفَاعلةُ، وأَمَّا إذا لم يَكُنْ الأمر بتلك المَثَابَةِ، فكان الزاني هو الرَّجلُ، وإِنَّما المرأةُ محَلُّ له، فلم تَصْلُح لانتسابِ الفِعْلِ صلوحها فيما إذا مَكَّنَتْ على نَفْسِها بِرِضَاها، وطَوَاعِيَّتِها، كأَنَّها هي التي حَمَلَت الرَّجُل على تلك السَّوأة، كما حَملها هو إياها عليه، فتساويا، وإنَّما كَرَّرنا فيه الكلام، لأنَّا وَجَدْنَا في هذا المعنى بلاغة، تُدْهَشُ منها العقول، ويُقدَّر منه قَدْرُ الرسولِ عليه الصلاة والسلام.

الْوَدَاعِ «اسْتَنْصِتِ النَّاسَ، لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». رَوَاهُ أَبُو بَكْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 121، 4405، 7080 - تحفة 3236 - 4/ 9 6870 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ فِرَاسٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْكَبَائِرُ الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ». أَوْ قَالَ «الْيَمِينُ الْغَمُوسُ». شَكَّ شُعْبَةُ. وَقَالَ مُعَاذٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ «الْكَبَائِرُ الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ». أَوْ قَالَ «وَقَتْلُ النَّفْسِ». طرفاه 6675، 6920 - تحفة 8835 6871 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ سَمِعَ أَنَسًا - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْكَبَائِرُ». وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ ابْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَوْلُ الزُّورِ». أَوْ قَالَ «وَشَهَادَةُ الزُّورِ». طرفاه 2653، 5977 - تحفة 1077 6872 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ حَدَّثَنَا أَبُو ظَبْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ - رضى الله عنهما - يُحَدِّثُ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ - قَالَ - فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ - قَالَ - وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلاً مِنْهُمْ - قَالَ - فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ - قَالَ - فَكَفَّ عَنْهُ الأَنْصَارِىُّ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِى حَتَّى قَتَلْتُهُ - قَالَ - فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَقَالَ لِى «يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا. قَالَ «أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ». قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَىَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّى لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ. طرفه 4269 - تحفة 88 6873 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنِ الصُّنَابِحِىِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضى الله عنه - قَالَ إِنِّى مِنَ النُّقَبَاءِ الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لاَ نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلاَ نَسْرِقَ وَلاَ نَزْنِىَ، وَلاَ نَقْتُلَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ، وَلاَ نَنْتَهِبَ، وَلاَ نَعْصِىَ، بِالْجَنَّةِ إِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ، فَإِنْ غَشِينَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا كَانَ قَضَاءُ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ. أطرافه 18، 3892، 3893، 3999، 4894، 6784، 6801، 7055، 7199، 7213، 7468 - تحفة 5100 6874 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا». رَوَاهُ أَبُو مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 7070 - تحفة 7628 - 5/ 9 6875 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ

3 - باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم (178)} [البقرة: 178]

وَيُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ ذَهَبْتُ لأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ، فَلَقِيَنِى أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قُلْتُ أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ. قَالَ ارْجِعْ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِى النَّارِ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ «إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ». طرفاه 31، 7083 - تحفة 11655 6872 - قوله: (حتَّى تَمَنَّيْتُ أنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ) ... إلخ، ومَنْ لا يَدْرِي مَجارِيَ العُرْفِ، ومَوَارِدَ الاستعمالِ يَتَحَيَّرُ منه، فإنَّ الظَّاهرَ منه أَنَّه تَمنِّي للكُفرِ فيما سَبَق، وهو رِضاءٌ بالكفر، وليس بمرادٍ أصلًا، ولكنَّهُ يُريدُ به فَظَاعةَ هذه الجريمة، بحيثُ يَتمنَّى إسلامَه اليوم، ليَجُبَّ إسلامُه ما سَبَقَ منهُ مِنَ المعاصي، فَتَدْخُلُ تلك الجريمةُ أيضًا في الكَفَّارَةِ، وراجع الهامش. 3 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178)} [البقرة: 178] 4 - باب سُؤَالِ الْقَاتِلِ حَتَّى يُقِرَّ، وَالإِقْرَارِ فِى الْحُدُودِ 6876 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا مَنْ فَعَلَ بِكِ هَذَا أَفُلاَنٌ أَوْ فُلاَنٌ حَتَّى سُمِّىَ الْيَهُودِىُّ، فَأُتِىَ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَقَرَّ بِهِ، فَرُضَّ رَأْسُهُ بِالْحِجَارَةِ. أطرافه 2413، 2746، 5295، 6877، 6879، 6884، 6885 - تحفة 1391 6876 - قوله: (فَرُضَّ رَأْسُهُ بالحِجَارَةِ) واعلم أنَّ القَتْلَ بالمُثَقَّلِ دَاخِلٌ في العَمْدِ عند الجمهور، ولا عَمْدَ عندنا إلا القتلُ بالمُحَدَّدِ، فإِذن هو شِبْهُ العَمْدِ، وفيه الدِّية، دونَ القِصَاص؛ فالحديثُ عندنا مَخْمُولٌ على السِّياسةِ، على أَنَّ الطَّحاويَ حَمَلَهُ على قَطْعِ الطَّرِيقِ. 5 - باب إِذَا قَتَلَ بِحَجَرٍ أَوْ بِعَصًا 6877 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ جَدِّهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ خَرَجَتْ جَارِيَةٌ عَلَيْهَا أَوْضَاحٌ بِالْمَدِينَةِ - قَالَ - فَرَمَاهَا يَهُودِىٌّ بِحَجَرٍ - قَالَ - فَجِىءَ بِهَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَبِهَا رَمَقٌ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فُلاَنٌ قَتَلَكِ». فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا، فَأَعَادَ عَلَيْهَا قَالَ «فُلاَنٌ قَتَلَكِ». فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا، فَقَالَ

6 - باب قول الله تعالى: {أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} [المائدة: 45]

لَهَا فِى الثَّالِثَةِ «فُلاَنٌ قَتَلَكِ». فَخَفَضَتْ رَأْسَهَا، فَدَعَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَتَلَهُ بَيْنَ الْحَجَرَيْنِ. أطرافه 2413، 2746، 5295، 6876، 6879، 6884، 6885 - تحفة 1631 - 6/ 9 6 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45] 6878 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِى، وَالْمَارِقُ مِنَ الدِّينِ التَّارِكُ الْجَمَاعَةَ». تحفة 9567 6878 - قوله: (والمُفَارِق لِدِينِهِ، التَّارِكُ للجماعةِ) هل المُفَارَقَةُ للدِّينِ، وتَرْكُ الجماعةِ أَمْرَ، أو معناهُما واحدٌ؟ فَهُمَا رَأْيَان، فإِنْ كان الأولُ كان مِنْ مُوجِبَاتِ القَتْلِ أربعًا، وإلا ثَلاثًا، ثمَّ إنْ مُوجِبَاتِ القَتْلِ سِوَاها بعدَ تَنْقِيحِ المَنَاطِ، راجعةٌ إلى هذه الأمورِ، فهي أصولٌ ودَعَامَةٌ. وعن أحمد: يجوزُ قَتْل كُلِّ مُبْتَدعٍ. 7 - باب مَنْ أَقَادَ بِالْحَجَرِ 6879 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا، فَقَتَلَهَا بِحَجَرٍ، فَجِىءَ بِهَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَبِهَا رَمَقٌ فَقَالَ «أَقَتَلَكِ فُلاَنٌ». فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لاَ، ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ، فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لاَ، ثُمَّ سَأَلَهَا الثَّالِثَةَ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ نَعَمْ، فَقَتَلَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِحَجَرَيْنِ. أطرافه 2413، 2746، 5295، 6876، 6877، 6884، 6885 - تحفة 1631 8 - باب مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهْوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ 6880 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ خُزَاعَةَ قَتَلُوا رَجُلاً. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا حَرْبٌ عَنْ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّهُ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ قَتَلَتْ خُزَاعَةُ رَجُلاً مِنْ بَنِى لَيْثٍ بِقَتِيلٍ لَهُمْ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، أَلاَ وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِى، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِى، أَلاَ وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِى سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، أَلاَ وَإِنَّهَا سَاعَتِى هَذِهِ حَرَامٌ لاَ يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ يَلْتَقِطُ سَاقِطَتَهَا إِلاَّ مُنْشِدٌ، وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهْوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِمَّا

9 - باب من طلب دم امرئ بغير حق

يُودَى وَإِمَّا يُقَادُ». فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ أَبُو شَاهٍ فَقَالَ اكْتُبْ لِى يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اكْتُبُوا لأَبِى شَاهٍ». ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا الإِذْخِرَ، فَإِنَّمَا نَجْعَلُهُ فِى بُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِلَّا الإِذْخِرَ». وَتَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ شَيْبَانَ فِى الْفِيلِ، قَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ أَبِى نُعَيْمٍ الْقَتْلَ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ الْقَتِيلِ. طرفاه 112، 2434 - تحفة 15365، 15372 - 7/ 9 6881 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَتْ فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ قِصَاصٌ، وَلَمْ تَكُنْ فِيهِمُ الدِّيَةُ فَقَالَ اللهُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}، {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة: 178]. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَالْعَفْوُ أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ فِى الْعَمْدِ، قَالَ {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} أَنْ يَطْلُبَ بِمَعْرُوفٍ وَيُؤَدِّىَ بِإِحْسَانٍ. طرفه 4498 - تحفة 6415 6880 - قوله: (وإنَّها سَاعَتِي هذه حَرَامٌ (¬1) يُخْتَلَى شَوْكُهَا)، ويَنْبَغي أَنْ تكونَ ههنا حرفُ النَّفي، أي لا يُخْتلَى شوكُها. 9 - باب مَنْ طَلَبَ دَمَ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ 6882 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلاَثَةٌ مُلْحِدٌ فِى الْحَرَمِ، وَمُبْتَغٍ فِى الإِسْلاَمِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ». تحفة 6421 6882 - قوله: (ومُبْتَغٍ في الإِسلامِ سُنَّةَ الجَاهِليَّةِ)، أي كانت له دِمَاءٌ على النَّاسِ في الجاهلية (¬2)، فَجَعَلَ يَسْتَوْفِيها بعدَ الإِسلامِ، ولمَّا كان (¬3) هذا الحديثُ وَارِدًا في دِمَاءِ الجاهليةِ، ودُخُولِها، أَمْكَنَ حَمْلُ الحديثِ العام عليه أيضًا، وهو قولُه صلى الله عليه وسلّم «لا يُقْتَلُ ¬

_ (¬1) قلت: وفي النَّسْخَةِ الخَيْرِية هكذا: "لا يُخْتَلى شوكُها"، كما ذَكَرهُ الشيخُ، فهو إذن سَهْوٌ الكاتِب، فليصحح. (¬2) قلتُ: وجملةُ الشروحِ التي ذَكَرَها الحافظُ، قال: أي يكونُ لهُ الحقُّ عند شخصٍ، فيطْلُبُه مِنْ غَيْرِهِ مِمَنْ لا يكونُ له فيه مشاركة، كوالِدِهِ، أَوْ وَلَدِهِ، أوْ قَريبهِ. وقيل: المرادُ مَنْ يُريدُ بقاء سيرةِ الجاهليةِ، أَوْ إِشَاعتِها، أو تَنْفِيذِها. وسنةُ الجاهلية اسم جنسٍ يَعُم جَمِيعَ ما كان أهلُ الجاهليةِ يَعْتَمِدُونَهُ مِنْ أَخْذِ الجَارِ بجَارِهِ، والحليفِ بحليفه، ونَحْوِ ذلك. ويَلْحَقُ بذلك ما كانوا يَعتَقِدُونَهُ، والمراد منه ما جاءَ الإِسلامُ بتَرْكِهِ، كالطِيَرَة، والكَهَانَةِ، وغير ذلك. وقد أَخرَجَ الطبرانيُ، والدَّارَقُطْني مِنْ حديثِ أَبي شُريح رَفَعَهُ: أن أعني الناس على الله من قتل غير قاتله، أو طَلَب بِدَمِ الجاهلية في الإِسلام"، فيمكن أن يفسر به سنة الجاهلية في هذا الحديث، اهـ. قلتُ: الاحتمالُ الأخير أَشَارَ إليهِ الشيخ. (¬3) قلتُ: ومِنْ ههنا فأدرك مدَارِك الكبار، فإنَّ الشيخ إِنَّما اخْتَارَ مِنَ الشُّروحِ هذا، لِكَونِه مفيدًا لنا في مَوْضِعٍ آخر، وكذاك، فأقْدر مرامي الحافظ، حيث جعله محتملًا، كالاحتمالاتِ المُرْجُوحَةِ، وكأَنَّه وَجَدَ منهُ رائحةُ الفائِدَة للحَنفِية فَغَمَزَهُ، ولم يَكُن بُد من دَرْجِه، فيرمي بعدم إطلاعه عليه، فكَتبَهُ مع تَعَقُبٍ عليه.

10 - باب العفو في الخطإ بعد الموت

مسلمٌ بكافرٍ، أي لا يُقْتَل مُسْلِمٌ بعد الإِسلامِ في قِصَاصِ كافرٍ قَتَلَهُ في الجاهليةِ، وحينئذٍ لا يكون الحديثُ مخالفًا للحنَفِيةِ. 10 - باب الْعَفْوِ فِي الْخَطَإِ بَعْدَ الْمَوْتِ 6883 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ يَحْيَى بْنُ أَبِى زَكَرِيَّاءَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ صَرَخَ إِبْلِيسُ يَوْمَ أُحُدٍ فِى النَّاسِ يَا عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ. فَرَجَعَتْ أُولاَهُمْ عَلَى أُخْرَاهُمْ حَتَّى قَتَلُوا الْيَمَانَ فَقَالَ حُذَيْفَةُ أَبِى أَبِى. فَقَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ وَقَدْ كَانَ انْهَزَمَ مِنْهُمْ قَوْمٌ حَتَّى لَحِقُوا بِالطَّائِفِ. أطرافه 3290، 3824، 4065، 6668، 6890 - تحفة 17303، 17114 6883 - قوله: (حتَّى لَحِقُوا بالطَّائِفِ) ولم يَذْكُر الرَّاوي هذا الحرفَ إلا ههنا، وأَظُنُّهُ اختلاطًا منه، فإنَّ هزيمةَ الكُفَّارِ يوم أُحد في الكَرَّةِ الأُولى قد ذَكَرَها الآخرون أيضًا، أَمَّا إِنَّهم لحقوا بالطَّائفِ الذي بمرَاحلَ مِنْ أُحُدْ، فلم يَذْكُرْهُ أحدٌ إلا هذا الراوي، فلينظره. 11 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92)} [النساء: 92] 12 - باب إِذَا أَقَرَّ بِالْقَتْلِ مَرَّةً قُتِلَ بِهِ 6884 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا مَنْ فَعَلَ بِكِ هَذَا أَفُلاَنٌ أَفُلاَنٌ حَتَّى سُمِّىَ الْيَهُودِىُّ فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَجِىءَ بِالْيَهُودِىِّ فَاعْتَرَفَ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرُضَّ رَأْسُهُ بِالْحِجَارَةِ. وَقَدْ قَالَ هَمَّامٌ بِحَجَرَيْنِ. أطرافه 2413، 2746، 5295، 6876، 6877، 6879، 6885 - تحفة 1391 - 8/ 9 وهكذا عندنا الإِقرارُ مَرةً يكفي، وليس الإِقرارُ فيه، كالإِقرارِ في الزِّنا. 13 - باب قَتْلِ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ 6885 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ

14 - باب القصاص بين الرجال والنساء فى الجراحات

مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَتَلَ يَهُودِيًّا بِجَارِيَةٍ قَتَلَهَا عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا. أطرافه 2413، 2746، 5295، 6876، 6877، 6879، 6884 - تحفة 1188 14 - باب الْقِصَاصِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِى الْجِرَاحَاتِ وَقَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ: يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ. وَيُذْكَرُ عَنْ عُمَرَ: تُقَادُ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ فِى كُلِّ عَمْدٍ يَبْلُغُ نَفْسَهُ فَمَا دُونَهَا مِنَ الْجِرَاحِ. وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَأَبُو الزِّنَادِ عَنْ أَصْحَابِهِ. وَجَرَحَتْ أُخْتُ الرُّبَيِّعِ إِنْسَانًا، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْقِصَاصُ». 6886 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِى عَائِشَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَدَدْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَرَضِهِ فَقَالَ «لاَ تَلُدُّونِى». فَقُلْنَا كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ. فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ «لاَ يَبْقَى أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَّا لُدَّ، غَيْرَ الْعَبَّاسِ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ». أطرافه 4458، 5712، 6897 - تحفة 16318 ولا قِصَاصَ عندنا بين المَرْأَةِ والرَّجُلِ في الأَطْرَافِ والجِرَاحاتِ التي لا يُمكِنُ المساواةُ فيها، أَمَّا في النَّفْسِ، ونحوِ قَلْعِ السِّن، ففيهِ ذلك، وَبَوَّبَ عليه الطَّحاوي (¬1)، وأتَى بأَشْيَاءٍ فقهية، تُفيدُ جدًا؛ وخالفنَا البُخاريُ في قِصَاصِ الجِرَاحاتِ ولنا: أَثرُ ابنُ مسعودٍ في «كتاب الأُم» يَدُل على أَنَّ لا قِصَاصَ بين الرَّجُلِ والمرأةِ في الأطرافِ. قوله: (وجَرَحَتْ أُخْتُ الرُّبَيِّع إنْسَانًا) قلت (¬2): ولم تَثْبُتْ فيه قَدَمُ للرَّاوي، فيقولُ ¬

_ (¬1) قلتُ: وراجعتُ له "شرح معاني الآثار" فلم أجِدْ فيه بابًا على هذا المعنَى، ثُمَّ سَرَحْتُ النَّظَرَ في ذُيولِ أبْواب أُخَر، فلم أَجِدْ فيها أيضًا ما يَتَعَلَّقُ به، فليُرجِعَ البصرُ كَرَّتَيْنِ في كِتَابِه، فإِنْ وَجدتَ فيه أدْنَى تصنيفٍ آخرَ له، فذاك، وإلا فهو مِنْ سَبقِ قلمي، عند ضَبْطِ دَرْسِهِ. (¬2) قال البَيْهَقيّ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُما قِصَّتَان، وهو الأَظْهَر. قال العلامةُ المارْدِيني: كونُهما قِصَّتَين في غاية البُعْدِ، والصوابُ التَّرْجِيح، وروايةُ حُمَيْد فيه أرجح مِنْ رِوَايةِ ثابت، ولهذا أخرَجَهَا البُخَاريُّ دون رِوَايةِ ثابت. وفي شرح مسلم للنَّووي، قال العلماء: المَعْرُوفُ في الرِّوَاياتِ رِوَايةُ البُخاري، ثُمَّ أجابَ العلامة عمَّا رُويَ عن الزُّهْري، بطريقِ المُعَارَضَةِ، فقال: وقد جاءَ عن الزُّهري خِلافُ ذلك، قال: لا يُقصُّ للمرأةِ مِن زَوْجِها، ذَكَرهُ ابنُ أبي شيبةَ بسندٍ صحيح. وفي "موطأ مالك": سمع ابنُ شِهَابٍ يقول: مَضتِ السُّنَّةُ أَنَّ الرَّجُلَ إذا أصابَ امرأتَهُ بجُرْحٍ أَن عليه عَقْلُ ذلك الجُرح، ولا يُقَادُ منه، والمرادُ بذلك ما دُون النَّفْسِ، إذ لو قَتَلَها، قُتِلَ إجماعًا، حكاهُ غيرُ واحدٍ من العلماء. ولابنِ أبي شيبة بسندٍ صحيح عن الحسنِ في رَجُلٍ لَطَمَ امرأةً فأبتْ بطَلَبِ القِصَاص، فجعلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بينهما القِصَاصَ -هكذا وجدتُ في النَّسخَةِ الموجودة عندنا. والظاهر: فأَبَت إلا بِطَلَبِ القِصَاص- فأَنْزَل اللهُ تعالى: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} [طه: 114]، ونَزَلت: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 34] وله أيضًا بسندٍ صحيحٍ عن محمد بنِ زياد، وهو الأصْبَهاني: قال: "كانت جَدَّتي أُمُّ ولدِ عثمانَ بنَ مظعون، فلمَّا ماتَ: جَرَحَها ابنٌ له، فذكرتُ ذلك لعمرِ بنِ الخطَّاب، فقال له عَمر: إعْطها أَرْشَاً بما صنعتَ بها" اهـ مختصرًا، ص 150 وص 151 "الجوهر النقي". قلتُ: وما اختَارَهُ المارديني هو الذي ذَهَبَ إليه الشيخُ، كما مرَّ.

15 - باب من أخذ حقه، أو اقتص دون السلطان

تارةً: إِنَّها كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ رَجُل، ففيه دليلٌ على ما رَامَهُ البُخاري، ويقولُ أُخْرى: إنَّها كَسَرَت ثَنِيَّة جَارِيَة، كما مرَّ في «التفسير»، وحينئذ فلا حجةَ لهُ فيه، فَمَا دَامَ لم يَنْفَصِل الأمرُ على جَلِيَّتهِ، لا يَنْبَغِي له أَنْ يَتَمَسَّكَ به. وأَمَّا قوله في الحديثِ التالي: «لا يَبْقَى أحدٌ منكم إلا لُدَّ ... » فليس مِنْ بَابِ الفِصَاصِ الذي نحن فيه، وبالجُملَةِ لم يَأْتِ المُصنِّفُ بما يُثْبِتُ مُدَّعَاهُ. 15 - باب مَنْ أَخَذَ حَقَّهُ، أَوِ اقْتَصَّ دُونَ السُّلْطَانِ 6887 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». أطرافه 238، 876، 896، 2956، 3486، 6624، 7036، 7495 - تحفة 13744 6888 - وَبِإِسْنَادِهِ «لَوِ اطَّلَعَ فِى بَيْتِكَ أَحَدٌ وَلَمْ تَأْذَنْ لَهُ، خَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ، مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ جُنَاحٍ». طرفه 6902 - تحفة 13760 - 9/ 9 6889 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ حُمَيْدٍ، أَنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ فِى بَيْتِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَدَّدَ إِلَيْهِ مِشْقَصًا. فَقُلْتُ مَنْ حَدَّثَكَ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ. طرفاه 6242، 6900 - تحفة 803 يريدُ أَنَّ القِصَاصَ مختصٌ بالسَّلطانِ، وليس لأحدٍ غيرُه أَنْ يَقْتَصَ مِنَ الظَّالمِ، إلا أَنَّ أولياءَ المقْتُولِ لو اقْتَصُّوا مِنَ القَاتِل بعدَ إقامةِ البينةِ لا يُقْتَصُ منهم للقَاتِل، غيرَ أَنَّهم آثمون. 6888 - قوله: (لَوِ اطَّلَعَ في بَيْتِكَ أَحَدٌ، ولَمْ تَأْذَنْ لَهُ، خَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ) ... إلخ، فإنْ فَقَأْتَ عينَهُ، فهل تَجِبُ عليك الدية أو لا؟ ففيه تعارضٌ بين «مِعْرَاجِ الدِّرَاية» و «القِنية» ففي أَحَدِ الكِتَابينِ وجوبُ الأَرْشِ، وفي الآخَرِ لا أَرْشَ عليه لو لم يَتَأَخر المُطَّلِع في البيتِ. 16 - باب إِذَا مَاتَ فِى الزِّحَامِ أَوْ قُتِلَ 6890 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ هِشَامٌ أَخْبَرَنَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ فَصَاحَ إِبْلِيسُ أَىْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ. فَرَجَعَتْ أُولاَهُمْ، فَاجْتَلَدَتْ هِىَ وَأُخْرَاهُمْ، فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ فَقَالَ أَىْ عِبَادَ اللَّهِ أَبِى أَبِى. قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ. قَالَ حُذَيْفَةُ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ عُرْوَةُ فَمَا زَالَتْ فِى حُذَيْفَةَ مِنْهُ بَقِيَّةٌ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ. أطرافه 3290، 3824، 4065، 6668، 6883 - تحفة 16824، 19025 أ وراجع مسائله مِنَ «الدُّر المختار».

17 - باب إذا قتل نفسه خطأ فلا دية له

17 - باب إِذَا قَتَلَ نَفْسَهُ خَطَأً فَلاَ دِيَةَ لَهُ 6891 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خَيْبَرَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَسْمِعْنَا يَا عَامِرُ مِنْ هُنَيْهَاتِكَ. فَحَدَا بِهِمْ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنِ السَّائِقُ» قَالُوا عَامِرٌ. فَقَالَ «رَحِمَهُ اللَّهُ». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلاَّ أَمْتَعْتَنَا بِهِ. فَأُصِيبَ صَبِيحَةَ لَيْلَتِهِ فَقَالَ الْقَوْمُ حَبِطَ عَمَلُهُ، قَتَلَ نَفْسَهُ. فَلَمَّا رَجَعْتُ وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ، فَجِئْتُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ فَدَاكَ أَبِى وَأُمِّى، زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ. فَقَالَ «كَذَبَ مَنْ قَالَهَا، إِنَّ لَهُ لأَجْرَيْنِ اثْنَيْنِ، إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ، وَأَىُّ قَتْلٍ يَزِيدُهُ عَلَيْهِ». أطرافه 2477، 4196، 5497، 6148، 6331 - تحفة 4542 وإِنَّما تَعَرَّضَ إلى تلكَ المسألةِ، لأنَّ قَتْلَ المُسلم في دَارِ الإِسلامِ لا يَنْفَكُ عن دِيَّةٍ، أو قِصَاصٍ، وهذا لا يَجِبُ له قِصَاص، ولا دِيَّة، ففيه غَرابةٌ، ولذا تَعَرَّضَ إليه. 18 - باب إِذَا عَضَّ رَجُلاً فَوَقَعَتْ ثَنَايَاهُ 6892 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَمِعْتُ زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَجُلاً عَضَّ يَدَ رَجُلٍ، فَنَزَعَ يَدَهُ مِنْ فَمِهِ، فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «يَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ، لاَ دِيَةَ لَكَ». تحفة 10823 6893 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجْتُ فِى غَزْوَةٍ، فَعَضَّ رَجُلٌ فَانْتَزَعَ ثَنِيَّتَهُ، فَأَبْطَلَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 1848، 2265، 2973، 4417 - تحفة 11837 19 - باب {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} [المائدة: 45] 6894 - حَدَّثَنَا الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ ابْنَةَ النَّضْرِ لَطَمَتْ جَارِيَةً، فَكَسَرَتْ ثَنِيَّتَهَا، فَأَتَوُا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَ بِالْقِصَاصِ. أطرافه 2703، 2806، 4499، 4500، 4611 - تحفة 749 - 10/ 9 6894 - قوله: (لَطَمَتْ جَارِيَةً، فَكَسَرَتْ ثَنِيَّتَهَا) ففيه تصريحٌ أَنَّ مِنْ كَسَرَتْ ثَنِيِّتَها كانت امرأةً، ولم يَكُن رجلًا، فلا حُجةَ فيه للبُخاري. 20 - باب دِيَةِ الأَصَابِعِ 6895 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ»، يَعْنِى الْخِنْصَرَ وَالإِبْهَامَ. تحفة 6187 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ. تحفة 6187

21 - باب إذا أصاب قوم من رجل، هل يعاقب أو يقتص منهم كلهم

21 - باب إِذَا أَصَابَ قَوْمٌ مِنْ رَجُلٍ، هَلْ يُعَاقِبُ أَوْ يَقْتَصُّ مِنْهُمْ كُلِّهِمْ وَقَالَ مُطَرِّفٌ، عَنِ الشَّعْبِىِّ: فِى رَجُلَيْنِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ، فَقَطَعَهُ عَلِىٌّ، ثُمَّ جَاءَا بِآخَرَ وَقَالاَ: أَخْطَأْنَا، فَأَبْطَلَ شَهَادَتَهُمَا، وَأُخِذَا بِدِيَةِ الأَوَّلِ، وَقَالَ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعْتُكُمَا. 6896 - وَقَالَ لِى ابْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ غُلاَمًا قُتِلَ غِيلَةً فَقَالَ عُمَرُ لَوِ اشْتَرَكَ فِيهَا أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ. وَقَالَ مُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ إِنَّ أَرْبَعَةً قَتَلُوا صَبِيًّا فَقَالَ عُمَرُ مِثْلَهُ. وَأَقَادَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَعَلِىٌّ وَسُوَيْدُ بْنُ مُقَرِّنٍ مِنْ لَطْمَةٍ. وَأَقَادَ عُمَرُ مِنْ ضَرْبَةٍ بِالدِّرَّةِ. وَأَقَادَ عَلِىٌّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَسْوَاطٍ. وَاقْتَصَّ شُرَيْحٌ مِنْ سَوْطٍ وَخُمُوشٍ. تحفة 10562، 10434، 18588 6897 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِى عَائِشَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ لَدَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَرَضِهِ، وَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا «لاَ تَلُدُّونِى». قَالَ فَقُلْنَا كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ بِالدَّوَاءِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ «أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِى». قَالَ قُلْنَا كَرَاهِيَةٌ لِلدَّوَاءِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَبْقَى مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا لُدَّ - وَأَنَا أَنْظُرُ - إِلَّا الْعَبَّاسَ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ». أطرافه 4458، 5712، 6886 - تحفة 16318 فإن اشْتَرَكَتْ جماعةٌ في قَتْلِ رجلٍ قُتِلُوا جميعًا. قوله: (لَوْ عَلِمْتُ أنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعْتُكُمَا) أي قِصَاصًا. 6896 - قوله: (وأَقَادَ أبو بَكْرٍ .... مِن لَطْمَةٍ) ولا قِصَاص في اللَّطْمَةِ عندنا، نعم للقاضي أَنْ يُعَزِّرَ بما شاء، ثُمَّ إِنَّه حُكْم القَضَاءِ، أما الدِّيانة، فمن يدخل فيها. واعلم أَنَّ التَّعْزِيرَ مختصٌ بالحاكم، أو مأمورِه، والقِصَاصُ يَخْتَصُ بصاحبِ الحقِّ. 22 - باب الْقَسَامَةِ وَقَالَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ». وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ لَمْ يُقِدْ بِهَا مُعَاوِيَةُ. وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِىِّ بْنِ أَرْطَاةَ، وَكَانَ أَمَّرَهُ عَلَى الْبَصْرَةِ، فِى قَتِيلٍ وُجِدَ عِنْدَ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ السَّمَّانِينَ: إِنْ وَجَدَ أَصْحَابُهُ بَيِّنَةً، وَإِلاَّ فَلاَ تَظْلِمِ النَّاسَ، فَإِنَّ هَذَا لاَ يُقْضَى فِيهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. 11/ 9 6898 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ زَعَمَ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ سَهْلُ بْنُ أَبِى حَثْمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ نَفَرًا مِنْ قَوْمِهِ انْطَلَقُوا إِلَى خَيْبَرَ فَتَفَرَّقُوا فِيهَا، وَوَجَدُوا أَحَدَهُمْ قَتِيلاً، وَقَالُوا لِلَّذِى وُجِدَ فِيهِمْ قَتَلْتُمْ صَاحِبَنَا. قَالُوا مَا قَتَلْنَا وَلاَ عَلِمْنَا قَاتِلاً. فَانْطَلَقُوا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ انْطَلَقْنَا إِلَى خَيْبَرَ

فَوَجَدْنَا أَحَدَنَا قَتِيلاً. فَقَالَ «الْكُبْرَ الْكُبْرَ». فَقَالَ لَهُمْ «تَأْتُونَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ». قَالُوا مَا لَنَا بَيِّنَةٌ. قَالَ «فَيَحْلِفُونَ». قَالُوا لاَ نَرْضَى بِأَيْمَانِ الْيَهُودِ. فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُبْطِلَ دَمَهُ، فَوَدَاهُ مِائَةً مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ. أطرافه 2702، 3173، 6143، 7192 - تحفة 4644 6899 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِىُّ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِى عُثْمَانَ حَدَّثَنِى أَبُو رَجَاءٍ مِنْ آلِ أَبِى قِلاَبَةَ حَدَّثَنِى أَبُو قِلاَبَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَبْرَزَ سَرِيرَهُ يَوْمًا لِلنَّاسِ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا فَقَالَ مَا تَقُولُونَ فِى الْقَسَامَةِ قَالَ نَقُولُ الْقَسَامَةُ الْقَوَدُ بِهَا حَقٌّ، وَقَدْ أَقَادَتْ بِهَا الْخُلَفَاءُ. قَالَ لِى مَا تَقُولُ يَا أَبَا قِلاَبَةَ وَنَصَبَنِى لِلنَّاسِ. فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَكَ رُءُوسُ الأَجْنَادِ وَأَشْرَافُ الْعَرَبِ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ خَمْسِينَ مِنْهُمْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ مُحْصَنٍ بِدِمَشْقَ أَنَّهُ قَدْ زَنَى، لَمْ يَرَوْهُ أَكُنْتَ تَرْجُمُهُ قَالَ لاَ. قُلْتُ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ خَمْسِينَ مِنْهُمْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِحِمْصَ أَنَّهُ سَرَقَ أَكُنْتَ تَقْطَعُهُ وَلَمْ يَرَوْهُ قَالَ لاَ. قُلْتُ فَوَاللَّهِ مَا قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَطُّ، إِلاَّ فِى إِحْدَى ثَلاَثِ خِصَالٍ رَجُلٌ قَتَلَ بِجَرِيرَةِ نَفْسِهِ فَقُتِلَ، أَوْ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ رَجُلٌ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَارْتَدَّ عَنِ الإِسْلاَمِ. فَقَالَ الْقَوْمُ أَوَلَيْسَ قَدْ حَدَّثَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَطَعَ فِى السَّرَقِ وَسَمَرَ الأَعْيُنَ، ثُمَّ نَبَذَهُمْ فِى الشَّمْسِ. فَقُلْتُ أَنَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثَ أَنَسٍ، حَدَّثَنِى أَنَسٌ أَنَّ نَفَرًا مِنْ عُكْلٍ ثَمَانِيَةً قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَبَايَعُوهُ عَلَى الإِسْلاَمِ، فَاسْتَوْخَمُوا الأَرْضَ فَسَقِمَتْ أَجْسَامُهُمْ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَفَلاَ تَخْرُجُونَ مَعَ رَاعِينَا فِى إِبِلِهِ، فَتُصِيبُونَ مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا». قَالُوا بَلَى، فَخَرَجُوا فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَصَحُّوا، فَقَتَلُوا رَاعِىَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَطْرَدُوا النَّعَمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَرْسَلَ فِى آثَارِهِمْ، فَأُدْرِكُوا فَجِىءَ بِهِمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَقُطِّعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، ثُمَّ نَبَذَهُمْ فِى الشَّمْسِ حَتَّى مَاتُوا. قُلْتُ وَأَىُّ شَىْءٍ أَشَدُّ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاَءِ ارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلاَمِ وَقَتَلُوا وَسَرَقُوا. فَقَالَ عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ. فَقُلْتُ أَتَرُدُّ عَلَىَّ حَدِيثِى يَا عَنْبَسَةُ قَالَ لاَ، وَلَكِنْ جِئْتَ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ، وَاللَّهِ لاَ يَزَالُ هَذَا الْجُنْدُ بِخَيْرٍ مَا عَاشَ هَذَا الشَّيْخُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ. قُلْتُ وَقَدْ كَانَ فِى هَذَا سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهِ نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَتَحَدَّثُوا عِنْدَهُ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَقُتِلَ، فَخَرَجُوا بَعْدَهُ، فَإِذَا هُمْ بِصَاحِبِهِمْ يَتَشَحَّطُ فِى الدَّمِ، فَرَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَاحِبُنَا كَانَ تَحَدَّثَ مَعَنَا، فَخَرَجَ بَيْنَ أَيْدِينَا، فَإِذَا نَحْنُ بِهِ يَتَشَحَّطُ فِى الدَّمِ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «بِمَنْ تَظُنُّونَ أَوْ تَرَوْنَ قَتَلَهُ». قَالُوا نَرَى أَنَّ الْيَهُودَ قَتَلَتْهُ. فَأَرْسَلَ إِلَى الْيَهُودِ فَدَعَاهُمْ. فَقَالَ «آنْتُمْ قَتَلْتُمْ هَذَا». قَالُوا لاَ. قَالَ «أَتَرْضَوْنَ نَفَلَ خَمْسِينَ مِنَ الْيَهُودِ مَا قَتَلُوهُ». فَقَالُوا مَا يُبَالُونَ أَنْ يَقْتُلُونَا أَجْمَعِينَ ثُمَّ يَنْتَفِلُونَ. قَالَ «أَفَتَسْتَحِقُّونَ

23 - باب من اطلع فى بيت قوم ففقؤوا عينه فلا دية له

الدِّيَةَ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْكُمْ». قَالُوا مَا كُنَّا لِنَحْلِفَ، فَوَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ. قُلْتُ وَقَدْ كَانَتْ هُذَيْلٌ خَلَعُوا خَلِيعًا لَهُمْ فِى الْجَاهِلِيَّةِ فَطَرَقَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ الْيَمَنِ بِالْبَطْحَاءِ فَانْتَبَهَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَحَذَفَهُ بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ، فَجَاءَتْ هُذَيْلٌ فَأَخَذُوا الْيَمَانِىَ فَرَفَعُوهُ إِلَى عُمَرَ بِالْمَوْسِمِ وَقَالُوا قَتَلَ صَاحِبَنَا. فَقَالَ إِنَّهُمْ قَدْ خَلَعُوهُ. فَقَالَ يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْ هُذَيْلٍ مَا خَلَعُوهُ. قَالَ فَأَقْسَمَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا، وَقَدِمَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مِنَ الشَّأْمِ فَسَأَلُوهُ أَنْ يُقْسِمَ فَافْتَدَى يَمِينَهُ مِنْهُمْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَدْخَلُوا مَكَانَهُ رَجُلًا آخَرَ، فَدَفَعَهُ إِلَى أَخِى الْمَقْتُولِ فَقُرِنَتْ يَدُهُ بِيَدِهِ، قَالُوا فَانْطَلَقَا وَالْخَمْسُونَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِنَخْلَةَ، أَخَذَتْهُمُ السَّمَاءُ فَدَخَلُوا فِى غَارٍ فِى الْجَبَلِ، فَانْهَجَمَ الْغَارُ عَلَى الْخَمْسِينَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا فَمَاتُوا جَمِيعًا، وَأَفْلَتَ الْقَرِينَانِ وَاتَّبَعَهُمَا حَجَرٌ فَكَسَرَ رِجْلَ أَخِى الْمَقْتُولِ، فَعَاشَ حَوْلًا ثُمَّ مَاتَ. قُلْتُ وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ أَقَادَ رَجُلًا بِالْقَسَامَةِ ثُمَّ نَدِمَ بَعْدَ مَا صَنَعَ، فَأَمَرَ بِالْخَمْسِينَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا فَمُحُوا مِنَ الدِّيوَانِ وَسَيَّرَهُمْ إِلَى الشَّأْمِ. أطرافه 233، 1501، 3018، 4192، 4193، 4610، 5685، 5686، 5727، 6802، 6803، 6804، 6805 - تحفة 945 - 13/ 9 واعلم أَنَّ اليمينَ لا يَتوجَّهُ عندنا في القَسَامةِ إلى المُدعي، وكذا لا قِصَاصَ فيها على المدعى عليه، وأمَّا فائدة الأَيمان، فتظهَرُ في حَقِّ اكتشافِ الحال، ووافقنا المُصنِّفُ على ذلك، وقد تَكلَّمْنَا على مسائِلها مِنْ قبل مبسوطًا، فلا نُعيدُه. 23 - باب مَنِ اطَّلَعَ فِى بَيْتِ قَوْمٍ فَفَقَؤُوا عَيْنَهُ فَلاَ دِيَةَ لَهُ 6900 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ فِى بَعْضِ حُجَرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ إِلَيْهِ بِمِشْقَصٍ أَوْ بِمَشَاقِصَ وَجَعَلَ يَخْتِلُهُ لِيَطْعُنَهُ. طرفاه 6242، 6889 - تحفة 1078 6901 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِىَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ فِى جُحْرٍ فِى بَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْ أَعْلَمُ أَنْ تَنْتَظِرَنِى لَطَعَنْتُ بِهِ فِى عَيْنَيْكَ». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا جُعِلَ الإِذْنُ مِنْ قِبَلِ الْبَصَرِ». طرفاه 5924، 6241 - تحفة 4806 6902 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ، فَخَذَفْتَهُ بِعَصَاةٍ، فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ». طرفه 6888 - تحفة 13676 يقول الجامع: قلتُ (¬1): وقد تَكَلَّمَ عليه العلامةُ المارْدِيني مَبْسوطًا، ولم أَقْدِر على تَلْخِيصِهِ، ولا ¬

_ (¬1) هذا من زوائد تعليقات الجامع [المصحح].

أَرَدْتُ تَلْخِيصَهُ، فإنَّه حسنٌ كُلُّه، فأَحببتُ أَنْ آتِيه بِرُمَّتِه، فهذا نَصُهُ مِنْ كتابه «الجوهر النقي». قال: ذَكَرَ فيه - عن الشافعي عن مالكٍ عن ابنِ أبي لَيْلَى عن سَهْلٍ أَنَّه أخبرَهُ هو، ورجالٌ مِنْ كُبَراء قومِهِ - وذَكَرَهُ مِنْ طريقِ ابن بُكَيْر عن مالكٍ، ولفظُهُ: أَنَّه أخبرَهُ رجلٌ من كُبَراءِ قومِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ: أَنَّ ابْن وَهْب قاله عن مالكٍ: كروايةِ الشافعي؛ قلتُ: ذَكَرَهُ يَحيىَ بنُ يحيى عن مالكٍ، كرِواية ابن بُكَيْر، ولفظُهُ أَنَّه أخبرَهُ رجالٌ مِنْ كُبَراءِ قومِهِ، وذَكَرَ صاحبُ «التمهيدِ» أَنَّ ابنَ وَهْبٍ تابَعَ يَحيَى على ذلك، بخلافِ ما ذَكَرَهُ البَيْهَقي عن ابن وهب، ثم ذَكَرَ البيهقيُّ حدِيثَ سَهْلٍ مِنْ طُرُقٍ، وفيها البداءةُ بأيمانِ المُدَّعِين، ثُمَّ قال: ورَو اهُ ابنُ عُيَيْنَةَ عن يَحْيَى، فَخَالَفَ الجماعةَ في لفْظِهِ، ثمَّ أَسْنَدَهُ مِنْ رِوَايةِ الحُميدي عن ابنِ عُيَيْنَةَ، وفيهِ البِدَاءةُ بأَيمانِ المُدَّعَى عليهم، وهُم اليهودُ. قلتُ: رَوَيْنَاهُ في - مُسْنَد الحُمَيْدِي - عن ابنِ عُيَيْنَة، فبدأَ بأَيمان المدَّعِين، موافقًا للجماعةِ، وكَذَا أخرجَهُ النَّسائي عن محمد بن منصور عن ابنِ عُيَيْنَة، ثُمَّ ذَكَر البيهقيُّ حديثُ سعيدِ بنِ عُبيد عن بَشِير بن يَسَار عن سَهْلٍ، وفيه: أَنَّه عليه الصلاة والسَّلام، قال لهم: «تَأْتُونَ بالبينةِ على مَنْ قَتَلَ؟ قالوا: ما لنا بيِّنةٌ، قال: فيحلفُونَ لكم ... الحديثَ، ثم قال: رواه البُخاري. وأَخْرَجَهُ مُسلمٌ دون سِيَاقِ مَتْنِهِ، ثُمَّ ذَكَر عن مسلمٍ: أَنَّ يحيى بنَ سعيد أَحْفَظُ من سعيد بنِ عُبيد، ثم قال البَيهقيُّ: وإِنْ صَحَّتْ روايةُ سعيد، فهي لا تُخَالفُ رِوَايةَ يحيَى، لأنَّه قد يُرِيدُ بالبينةِ الأَيمان مع اللوث، إلى آخر ما تَأَوَّلَهُ به. قلتُ: لا وجه لتشكيك البيهقي بقوله: وإنْ صَحَّتْ رِوايةُ سعيد، مع بقيتِهِ، وإخْراج البخاري حديثَهُ هذا، وأَخْرَجَهُ مسلِمٌ أيضًا، ولم يَشُكْ في صحته، وإِنَّما رَجَّح يحيَى على سعيد، وقد جَاءَتْ أَحَاديثٌ تُعضِّدُ روايةَ سعيد، وتقويها: منها ما سيذْكُرُه البيهقيُّ، ومنها ما أَخْرَجَهُ أبو داود بسندٍ حسن عن رَافِع بنِ خَدِيج، قال: «أَصْبَحَ رجلٌ مِنَ الأَنْصَارِ مَقْتُولًا بخَيْبَر، فانْطَلَق أَوْلِيَاؤُه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فَذَكَرُوا ذلك له، فقال: أَلكُم شاهدان يَشْهَدَان على قَاتِل صاحِبِكُم؟ قالوا: يا رسولَ اللَّهِ لم يَكُن بهِ أَحَدٌ مِنَ المُسلمين، وإنَّما هم يهود، وقد يَجْتَرِءُونَ على أَعْظَمَ من هذا، قال: فاختارُوا منهم خمسينَ، فأسْتَحْلَفَهُم، فَأَبوا، فَوَدَاهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم مِنْ عندِه». وقد ذَكَر البيهقيُّ هذا الحديث بعدُ في بابِ الشَّهادةِ على الجِنَاية. ورَوَىَ ابنُ أبي شَيْبَةَ بسندٍ صحيحٍ عن القَاسِم بنِ عبدِ الرَّحمنِ الهُذَلي الكُوفي، قال: «انطلقَ رَجُلانِ مِنْ أَهْلِ الكُوفةِ إلى عمرَ بنِ الخَطَّاب، فوجَدَاهُ قد صَدَرَ عن البيتِ، فقالا: إنَّ ابنَ عمَ لنا قُتِلَ، ونحن إليه شَرَعٌ سِواءٌ في الدَّم، وهو ساكتٌ عنهما، فقال: شاهدان ذوا عَدْلٍ، يَحُثَّان به على مَنْ قَتَلَهُ، فَنُقِيدَكم منه». وهذا هو الذي تَشْهدُ له

الأصولُ الشرعية، مِنْ أَنَّ البينةَ على المُدعي، واليمينَ على المدعَى عليه، فكان الوجهُ ترجيحَ هذه الأدلة على ما يُعارِضُها، وتأويلُ البيهقي لروايةِ سعيد تَعَسُّفٌ، ومُخَالِفَةٌ للظَّاهِرِ، وحين قالوا: ما لنا بينةٌ عَقَّبَ عليه الصَّلاة والسّلام ذلك بقوله: «فيحْلِفُونَ لكم». فكيف يقولُ البيهقيُّ: وقد يُطالبُهم بالبيِّنَةِ، ثم يَعْرِضُ عليهم الأَيمان، ثُمَّ يَرُدُها على المُدَّعَى عليهم، ثُمَّ ذَكَرَ البيهقيُّ حديثَ عبدِ الرحمن بنِ بُجَيْدٍ، وإنكارِه على سَهْل، ثُمَّ حَكَى عن الشافعي أَنَّه قال: لا أَعْلَمُ ابنَ بُجَيْد سَمِعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم فإِنْ لم يَكُن سَمِعَ منه، فهو مُرْسَلٌ، ولسنا ولا إِيَّاكَ نُثْبِتُ المُرْسَل، وسَهْلٌ صَحِبَ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم وسَمِعَ منه، فأخذت بحديثه. قلتُ: ابنُ بُجَيْدٍ أدرك النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وذَكَرَهُ ابنُ حِبَّان وغيرُه في الصحابة. وقال: العَسْكَري أُثْبِتُ له صُحبة، وصحح الترمذي مِنْ روايةِ حديث: «رُدوا السائل، ولو بِظُلْفِ محرق». وقد تَقَدَّمَ غير مرةٍ، أنّ مسلمًا أَنْكَرَ في اشْتِرَاطِ الاتصال، ثُبوتَ اللقاءِ والسَّمَاعِ، واكْتَفَى بإِمكان اللقَاءِ، فعلَى هذا لا يكونُ الحديثُ مرسلًا، وإنْ لم يَثْبُتْ سماعُه. وقولُ الشافعي: ولسنا ولا إياك. صوابُه أَنْ يُقال: ولا أنت، ثم الظاهر أَنَّ كلامَه مع محمد بنِ الحسن، والذي في كُتبِ الحنفيةِ، أَنَّ مذهبَهُ ومذهبَ أصحابِه قَبول المُرْسل، وكذا مذهبُ مالك، وقد حَكَى ابنُ جرير الطبري أَنَّ ذلك مذهبَ السَلَفِ، وأَنَّ رَدَّ المُرْسَلِ لم يَحْدُث إلا بعد المئتين، وَسَهْلٌ وإِنْ سَمِعَ مِنَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ولكن روايتُه لهذا الحديثِ مُرْسَلة، لأنَّه كان صغيرًا في ذلك الوقت، وذلك أَنَّه وُلِدَ سنةَ ثلاثٍ مِنَ الهِجْرَةِ، وغزوةُ خَيْبَر كانت سنةَ سَبْعٍ، وهذه القضيةُ قَبْلَ ذلك، حين كانت خَيْبَر صُلْحًا، لأَنَّه وَرَدَ في بَعْضِ طُرُقِ هذا الحديث في «الصحيحين» «وهي يومئذٍ صُلحٌ»، وأيضًا فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال لهم: «إما أَنْ يَدُوا صاحبكم، وإما أَنْ يُؤْذَنُوا بِحَرْبٍ». وهذا اللفظ لا يُقال إلا لمن كان في صُلْحٍ وأَمَانٍ. وقد صَرَّحَ سَهْلٌ في روايةٍ مالك: أَنَّهُ أَخْبَرَهُ رجالٌ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِه. فهذا يَكْشِفُ لك أَنَّه أخَذَ القضيةَ عن هؤلاء، ولم يَشْهَدْها، فَتَبيَّنَ أَنَّ روايتُهُ لهذا الحديثِ مُرْسَلةٌ، ثُمَّ إِنَّ حديثَهُ مضطربٌ إسنادًا ومتنًا، أمَّا الإِسنادُ، فَلِمَا في اختلافِ الرُّواةِ عَنْ مالكٍ في قوله: أخبرَهُ رجالٌ مِنْ كُبَرَاءِ قومِهِ، أو هو ورجالٌ، كما تقدم. وأمَّا المتن، فَمِنْ جِهةِ اختلافِ روايةِ يَحيَى، وروايةِ سعيد، ولمخالَفةِ ابنِ عُيَيْنَةَ، كما مرَّ، ومع إِرْسَالِه واضْطِرَابهِ خَالفَ الأصولَ الشرعية. وحديثُ ابن بُجَيْد سَلِمَ مِنْ ذلك كلِّه، وروى معناهُ مِنْ وجوهٍ تَقَدَّم بعضُها، وسيأتي البعضُ، وهو الأَوْلَى بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم أَنْ لا يَأْمُرَ أحدًا بالحَلْفِ على ما لا عِلْمَ له،

وأيضًا، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال لحويصة، ومُحيِّصَة، وعبدُ الرَّحمن: «أَتَحْلِفُونَ، وتَسْتَحِقُونَ دَمَ صاحِبكُم؟». وعند الشافعي: اليمينُ يجب على عبدِ الرَّحمن وحْدَهُ، لأنَّهُ أخو المقْتُولِ، وحويصة ومُحَيِّصَة عمَّاه، ولا يمينَ عَليهما، ثُمَّ ذَكَرَ البَيْهَقي: أَنَّ الشافعيَّ قيلَ له: ما مَنَعَكَ أَنْ يَأْخُذَ بحديثِ ابنِ شِهَاب؟ فقال: مُرْسلٌ، والقتيلُ أنصاري، والأنصارِيُون بالعِنَايةِ أوْلَى بالعِلْمِ به من غيرِهم. قال البيهقي: كأَنَّه عنَى حديثَ الزُّهْرِي عَنْ أَبي سَلَمةَ، وسُليمانَ بنِ يَسَارٍ عَنْ رِجَالٍ مِنَ الأنصار أَنَّه عليه الصلاة والسَّلام، قال: «اليهود» ... وبدأ بهم، الحديث. قال: وهو يُخَالِفُ الحديثَ المُتصل في البَداءةِ بالقَسَامَة، وفي إعطاء الدِّيَة، والثابتُ أَنَّه عليه السصلاة والسَّلام ودَاهُ من عندِهِ، وخَالَفَهُ ابنُ جُرَيج وغيرُه في لفظه. قلتُ: في «مصنَّف عبدِ الرَّزاق» أنا مَعْمَرِ عن الزُّهْري عن أبي سَلَمَةَ، وسُلَيْمَانَ بنِ يَسَار عن رِجَالٍ مِنْ أَصْحابِ النَّبي صلى الله عليه وسلّم مِنَ الأَنْصَارِ أَنَّه عليه الصّلاة والسَّلامِ قال ليهود بدأ بهم: «يحلفون منكم خَمْسُونَ رَجُلًا، فأبوا، فقال للأنْصَارِ: أَتْحِلُفونَ؟ فقالوا: لا نَحْلِفِ على الغَيْبِ». فجعلها رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم دِيةً على اليهودِ، لأنَّهُ وَجَدَ بين أَظْهُرِهم، وهذه حجةٌ قاطعةٌ للثَّوْرِي، وأبي حنيفةَ، وسائرِ أَهْلِ الكوفة، كذا في «الاسْتذكارِ». وقال في «التمهيدِ»: هو حديثٌ ثابت. وقد قَدَّمْنَا في - باب النَّهي عَنْ فَضْلِ المُحْدِث - مِنْ كلامِ البَيْهَقي وغيرِهِ، أَنَّ هذا الحديثَ وأشباهه مسندٌ متصلٌ، ولو سَلَّمنَا أَنَّه مُرْسَلٌ فقد تَقَدَّمَ أَنَّ حديثَ سَهْل أيضًا غيرَ متصلٍ، وقول الشافعي: والأنصاريون أولى بالعلم به. قلنا: ابنُ بُجَيْد أيضًا منهم، وحديثُ ابنُ شِهَابٍ أَخْرَجَهُ أبو داود، وهو أيضًا عنهم، وهو وإنْ خَالفَ حديثَ سَهْل في البَدَاءَةِ بالقَسَامَة، فقد تَأيَّدَ بعدَّةِ أحاديث، تقدَّمَ بعضُها، وسيأتي بعضُها، وتأَيَّدَ أيضًا بدَلاَلةِ الأُصولِ، ولأنَّ رواتَهُ أئمةٌ فقهاء، حفاظٌ، لا يَعْدِلُ بهم غيرهم، وما فيه مِنْ جَعْلِ الدِّية عليهم يُؤَيِدُهُ ما في حديثِ ابن بُجَيْد، أنه عليه الصَّلاة والسلام كَتَبَ إليهم «أَنَّه قد وُجِدَ فيكم قَتيلٌ بين أثنائكم، فدُوه»، وما في «الصحيحين» مِنْ قولِهِ عليه الصَّلاة والسلام: «إمَّا أَنْ يَدُوا صاحبكم، وإمَّا أَنْ يُؤذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ ورَسُولِه». وجهُ التَّوْفِيقِ بَيْنَ هذه الأحاديث، وبَيْنَ ما في حديثِ سَهْلٍ أَنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أَوْجَبَهَا عليهم، ثم تَبَرَّعَ بها عنهم. قال النووي في «شرح مسلم»: المختار قال جمهور أصحابنا، وغيرهم: إِنَّ معنَاهُ أَنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام اشْتَرَاها مِنْ أَهْل الصَّدَقات، بعد أَنْ مَلَكُوها، ثُمَّ دَفَعَها تبرعًا إلى أهلِ القَتِيل، انتهى كلامه. وبهذا يَزُول الاختلافُ، وقد ذَكَرَ البَيْهقيُّ فيما بعد في «بابِ وجوبِ الكَفَّارَةِ»: أَنَّ قومًا استعصَمُوا بالسُّجُودِ، فقتَلَهُم المسلمون، فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: «أعْطُهم نِصْفَ العَقْلِ». ثُمّ ذَكَرَ عن الشافعي أَنَّهُ كان تطوعًا، ثم ذَكَرَهُ مِنْ وجهٍ

آخر، وفيه: «فَوَادَهُم رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم نِصْفَ الدِّيَةِ، ثُمَّ قال البَيْهقيُّ: قوله: «فوادَهم» أَظْهَر في أَنَّه أعطاهُ متطوعًا. وأخْرَجَ النَّسائي بسندٍ جيدٍ عَنْ عمرو بنِ شُعَيب عن أبيهِ عن جَدِّهِ «أنَّ ابنَ محيصة الأصغرُ وجدَ قتيلًا على أَبوابِ خَيْبَر ... » الحديث، وفي آخره: «فَقَسَم رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم دِيَّتَهُ مجمِلٌ، فَيُرَدُ إلى المُفَسَّر، ولا يكونُ بينهما اخْتِلافٌ، ثُمَّ إنَّ لَفْظَ حديث ابن جُرَيْج أَنَّهُ عليه الصَّلاة والسَّلام أَقَرَّ القَسَامة على ما كانت عليه في الجاهلية، فَقَضَى بها بين أُنَاسٍ مِنَ الأنصاريِ في قَتِيلٍ ادَّعوه على اليهودِ، فَصَرَّحَ في هذا الحديثِ الصحيحِ، أَنَّه قَضَى بها في قَتيلِ الأَنْصَارِ كَقَسَامةِ الجاهلية، وقد ذَكَر البَيْهَقيُّ فيما بعد في «باب ما جاء في قَسَامَةِ الجاهلية» مِنْ طريقِ البُخاري عن ابنِ عباسٍ أَنَّ أبا طالبٍ بدا بأَيمانِ المُدَّعَى عليهم، فدَلَّ ذلك على أَنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام بدأ أيضًا في قَتِيلِ الأَنْصارِ بالمُدَّعَى عليهِم، وذَكَرَ أَيضًا فيما بعد - في: باب ترك القود بالقسامة - حديثًا عزاه إلى البخاري، وفيه أيضًا أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام بَدَأَ بأَيمانِ اليهود، وأَنَّ عمرَ فَعَلَ ذلك، ثُمَّ إِنَّ لفظَ مسلمٍ عن أبي سَلَمَةَ، وسُليمانَ بنِ يَسَارٍ عن رَجُلٍ مِنْ أصحابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلّم مِنْ الأَنْصَارِ أَنَّه صلى الله عليه وسلّم أَقَرَّ القَسَامَةَ، وأَخْرَجَهُ عبدُ الرَّزَّاقِ في «مُصَنَّفِهِ»، ولَفْظُهُ عن رِجَالٍ مِنْ أَصْحابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلّم والظَّاهِرُ أَنَّ الجميعَ حديثٌ واحدً، فلا نُسَلِّمَ أَنَّ الحديثَ مُرْسَلٌ، كما زَعَمَ الشافعيُّ، ولو كان مُرْسَلًا لَمَا أَخْرَجَهُ مسلمٌ في «صحيحه» وقد قَدَّمْنَا عَنْ صاحبِ «التمهيدِ» أَنَّهُ حديثٌ ثابتٌ، ثُمَّ ذَكَرَ البَيْهقيُّ حديثَ الزِّنْجِي: عن ابنِ جُرَيْجٍ عن عَمْرو بنِ شُعَيْبٍ عن أَبِيهِ عن جَدِّهِ أَنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام، قال: «البينةُ على المُدَّعي، واليمينُ على مَنْ أَنْكَرَ، إلا في القَسَامَةِ». قلتُ: في إِسْنَادِهِ لِينٌ، كذا في «التمهيدِ»، وذلك أَنَّ الزِّنْجِي ضَعيفٌ، كذا قال البَيْهَقيُّ في - بابِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ التراويحَ بالجماعةِ أَفْضَل، وقال ابنُ المَدِيني: ليس بشيءٍ، وقال أبُو زرعة، والبخاري: مُنْكَرُ الحديث، وابنُ جُرَيْجٍ لم يَسْمَعْ مِنْ عمر، وحَكَاهُ البَيْهقيُّ في - بابِ وجُوبِ الفِطْرةِ على أهلِ الباديةِ - عن البخاريِّ، والكلامُ في عورو بن شُعَيْبٍ عن أبيه عن جَدِّهِ مَعْرُوفٌ، ومَعَ ضَعْفِ الزِّنْجِي خالَفَهُ عبدُ الرَزَّاقِ، وحَجَّاج، وقَتَادَة، فَرَوَوْهُ عَنْ ابنِ جُرَيْجٍ عن عَمروٍ مُرْسَلًا، كذا ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْني في «سُنَنِهِ»، واخْتَلَفَ فيه أيضًا على الزِّنْجِي، وقالَ صاحبُ «المِيزَان»: عثمانُ بنُ محمد بن عثمان الرَّازي ثنا مسملٌ الزِّنْجِي عن ابنِ جُرَيْجٍ عن عَطَاءٍ عن أبي هريرة أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم قال: «البينةُ على مَنِ ادَّعَى، واليمينُ على مَنْ أَنْكَرَ إلا في القَسَامَةِ». ثُمَّ ذَكَرَ البيهقيُّ: عَنِ الشافعي أَنَّ عمرَ كَتَبَ في قَتيلٍ وُجِدَ بين خَيْوَان ووادِعَة، إلى آخره، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ

الشافعيَّ أجابَ عنهُ بما يُخَالِفُونَ عمرَ في هذه القضيةِ مِنَ الأَحْكَامِ. قلتُ: إِنَّما خَالَفُوهُ في تلك الأَحْكامِ، لأَنَّهُ قامتْ عندَهُم فيها أَدلةً أَقْوَى مِنْ قَوْلِ عُمر رضي الله تعالى عنه، وقد ذَكَرَ عيسى بنُ أَبَان في «كتابِ الحج» أَنَّ مُخَالِفَهُ قال: قَدْ تَرَكْتُم مِنْ حديثِ عمرَ أشياءُ، لأنَّهُ كَتَبَ إلى عامِلِهِ باليمينِ: «إِبْعَثْ بهم إليَّ بمكةَ»، وأنتم تقولون: تُدْفع إلى أَقْربِ القُضَاةِ وفيه: أَنَّه اسْتَحْلَفَهُم في الحِجْر، وأَنتم تُنْكِرُونَ أَنْ لا يَسْتَحْلِفَ إلا في مَجْلِسِ الحُكْمِ حيثُ كان، وفيه أَنَّهُ قال لعامِلِهِ: «إبْعَثْ إليَّ بخمسينَ رَجُلًا»، وعندَكُم: الخيار للمدَّعي، وفيه: «حَقَنْتُم بأَيمانِكم دِمَاءَكم»، وعندَكُم: إِنْ لم يَحْلِفُوا لم يُقْتَلُوا، ثُمَّ أجابَ ابنُ أَبَان عَنْ ذلك بما مُلَخَّصُه: أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَتولَّى الحُكْمَ أَنَّ عاملَهُ لا يقومُ فيه مُقَامه، لِيَنْتَشِرَ في البلادِ، ويعملَ به مِنْ بَعْدِهِ، ولهذا فَعَلَهُ في أَشْهُر المَواضِع، وهو الحِجْر، ليَرَاهُ أهلُ المَوْسِم، ويَنْقُلُوهُ إلى الآفَاقِ، ولا شَكَّ أَنَّ نُوَّابَهُ كانوا يَقْضُونَ في البلادِ النَّائِيَةِ، ولو وَجَبَ حَمْلُ كلَّ أحدٍ إليه لم يَكْتُب إلى أبي موسَى وغيرِهِ في الأَحْكَامِ، ولهذا لم يَسْتَحْلِف عمرُ والأئمةُ بعدَهُ أحدًا في الحِجْر، وإِنَّما كَتَبَ عُمَرُ أَنْ لا يُقْتَل نفسٌ دُونَهُ احتياطًا، واستعظامًا للدَّم، ولم يَقُل: إِبْعَث إليَّ خمسينَ تَتَخَيَّرُهم أَنْتَ، ولم يَكُنْ يولي جاهلًا، فإِنَّما كَتَبَ إلى مَنْ يَعْلَم أَنَّ الخِيَار للمُدَّعين، لأَنَّه لهم يَسْتَحْلِف، فكيفَ يَسْتَحْلِفُ مَنْ لا يُرِيدُونَهُ، وإِنَّما قال: حَقَنْتُم بأَيْمَانِكُم دِمَاءَكُم، لأَنَّهم لو لم يَحْلِفُوا حُبِسُوا حتى يُقِرُّوا، فَيُقْتَلُو، أو يَحْلِفُوا، فأَيْمَانُهم حَقَنَتْ دِمَاءَهم، إِذْ تَخَلَّصُوا بها مِنَ القَتْلِ، أَوْ الحَبْسِ، كقولِهِ تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ} [النور: 8] فلو لم تُلاَعِن حُبِسَتْ حتى تُلاعِن، فَتَنْجُو، أَو تُقِرَّ، فَتُرْجَم. ثُمَّ ذَكَرَ البيهقيُّ: أَنَّ الشافعيَّ قِيلَ له: أَثَابِتٌ هو عندَكَ - أي قَضِية عُمر؟ فقال: لا، إِنَّما رَواهُ الشَّعْبِيُّ عنِ الحارثِ الأَعْوَرِ، والحارثُ مجهولٌ، ونحنُ نَرُوي بالإِسنادِ الثَّابتِ أَنَّه بَدَأَ بالمُدَّعِين، فَلَمَّا لم يَحْلِفُوا، قال: «فَتُبْرئكم يهود بخمسين يمينًا»، وإِذْ قال: «فتبرئكم»، فلا يكون عليهم غَرَامة، ولمَّا لم يَقْبَل الأنْصَارِيُّون أَيْمَانَهُم، ودَاه عليه الصَّلاة والسَّلام، ولم يَجْعَل على يهود شيئًا. قلتُ: لم يَذْكُر أَحَدٌ فيما عَلِمْنَا أَنَّ الشَّعْبيَّ رَواهُ عنِ الحَارِثِ الأَعْوَرِ غيرَ الشافعي، ولم يَذْكُر سندَهُ في ذلك، وقد رَواهُ الطَّحاويُّ بِسَنَدِهِ عنِ الشَّعْبي عن الحارثِ الوادعي، هو ابن الأزمع، وسيأتي أَنَّ مُجَالِدًا رواه عن الشَّعْبي كذلك، ورِوَايةُ أبي إسحاقٍ لهذا الأَثَرَ عن الحارثِ هذا عن عُمرَ أَمارَةٌ على أَنَّهُ هو الواسِطةُ، لا الحارثُ الأَعْورُ، كما زَعَم الشَّافعي، ورواهُ أيضًا عبدُ الرَزَّاقِ عن الثَّوْرِيِّ عن منصورٍ عن الحَكَمِ عنِ الحَارِثِ بنِ الأزمع، والحارثُ هذا ذَكَرَهُ أبو عُمر وغيرُه في الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وذَكَرَهُ ابنُ حِبَّانَ في الثِّقَاتِ مِنَ التابعين، ثُمَّ إنَّ الحارثَ الأعورَ، وإنْ تَكَلَّموا فيه، فليس

بمجهولٍ، كما زَعَمَ الشافعيُّ، بل هو مَعْرُوفٌ، رَوَىَ عنه الضَّحَّاكُ، والشَّعْبيُّ، والسَّبِيْعِي وغيرُهم، وهذا الأثرُ وإِنْ كان مُنْقَطِعًا، فقد عَضَّدَهُ ما تَقَدَمَ مِنَ الأَحاديث. وفي «التمهيدِ» رَوَىَ مالكٌ عن ابنِ شِهَابٍ عن عِرَاك بنِ مالك، وسليمانَ بنِ يَسَارٍ «أَنَّ عُمَر بنِ الخطَّابِ بَدَأَ المُدَّعَى عليهم بالأَيْمَانِ في القَسَامة». والبَيْهَقيُّ أيضًا ذَكَرَ هذا في آخرِ هذا الباب، وسيأتي إِنْ شاء اللهُ تعالى في باب النكول، ورد اليمين، مِنْ رَوَايَةِ الشافعيِّ عن مالكٍ عن ابنِ شِهَابٍ عن سُليمانَ بنِ يَسَارٍ أَنَّ عمرَ بَدَأَ بأَيْمَان المُدَّعَى عليهم. وقال ابنُ أبي شَيْبَةَ: ثنا شَابَةَ، وأبو معاوية عن ابنِ أبي ذِئْبٍ عن الزُّهْرِيِّ «أَنَّهُ عليه الصَّلاة والسَّلام قَضَى في القَسَامَةِ أَنَّ اليمينَ على المُدَّعَى عليهم». وقال أيضًا: ثنا أبو معاوية عن مُطِيع عن فُضَيْلِ بنِ عَمْرو عن ابنِ عباس أَنصِ قَضَى بالقَصَامَة على المُدَّعَى عليهم. وثنا أبو معاوية، ومَعْمَرُ بنُ عيسى عن ابنِ أبي ذِئْبٍ عن الزُّهْرِيِّ عن سَعيدِ بنِ المُسَيَّب أَنَّه كان يَرَى القَسَامَةَ على المُدَّعَىَ عليهم. وأَخْرَجَ أَيضًا بسندِهِ عن عُمَر بنِ عبدِ العزيزِ أَنَّه بَدأَ بالمُدَّعَى عليهم بالميين، ثُمَّ ضَمَّنَهُم العَقْلَ، وقد جَمَعَ في هذا بين اليمينِ والغَرَامَةِ، وكذا فَعَلَ عُمر. ودَلَّ عليه ما في الحديثِ الصحيحِ: «إمَّا أن يَدُو صاحبكم ... إلى آخره، فَأَلْزَمَهُم أحدَ الأمرينِ: إِمَّا أَنْ يَدْفَعُوها، وإِمَّا أَنْ يَمتَنِعوا، فَيُنْقَضُ عَهْدُهُم، ويَصِيرُوا حربًا، ولم يَنَص في حديثِ سَهْلٍ أَنَّهم يُبَرِّئُونَهم مِنَ الغَرَامة، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُراد: تُبْرِئُكُم عن دَعْوَى القَتْلِ، أو عَنِ الحَبْسِ والقَوَدِ إِنْ أَقَروا. وقولُ الشافعي: لم يَجْعَل على يهود شيئًا، قَدْ تقدَّمَ خِلافُه، وأَنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام جَعَلَها على يهود، لأَنَّهُ وُجِدَ بَيْنَ أَظْهُرهم، وتقدَّم أيضًا ما يُؤيِّدُه. ثم قال البَيْهَقيُّ: وَرَوَى عن مُجَالِد عن الشَّعْبيِّ عن مَسْرُوقٍ عن عُمر، ومُجَالِد غيرُ مُحْتَجّ به، قُلْتُ: أَخْرَجَ له مسلمٌ في «صحيحه» ثُمَّ قال البيهقيُّ: قال الشافعي: وَيُرْوَىَ عن عُمر أَنَّهُ بَدَأَ بالمُدَّعَى عليهم، ثم رَدَّ الأَيمانَ على المُدَّعَين، ثُمَّ أَسْنَدَهُ البيهقيُّ، ولفظُهُ: «أَنَّ رجلًا من بني سعد أَجْرَى فرسًا، فَوَطَىءَ على إِصْبَعِ رَجُلٍ مِن جُهَيْنَةَ، فَبَرِىءَ منها، فماتَ، فقال عُمر للذين ادعى عليهم: أتحلِفُونَ بالله خمسينَ يمينًا ما ماتَ منها؟ فأَبَوْا، فقال للآخَرِين: إِحْلِفُوا أنتم، فأَبَوا، فقَضَى عُمر بِشَطْرِ الدِّيَة على السَّعْدِيينَ». قلتُ: هذا الأَثَر عُرِفَ فيه الجاني، لكن لم يُدْرَ ماتَ مِن جِنَايةٍ، أو مِنْ غَيْرِها، فأَمْكَنَ أَنْ يُجَعَلَ في حالٍ قتيلًا، فتجبُ الدِّية، وفي حالٍ غيرُ قتيلٍ، فَقَضَى بالنِّصفِ، وليس هذا كحديثِ سَهْلٍ، لأَنَّهُ وَرَدَ في قتيلٍ وُجِدَ في مَحَلَّةٍ، ولم يُدْرَ مَنْ قَتَلَهُ، ومذهبُ الشافعي أَنَّهُ لو أَبَى المُدَّعَى عليه، والمُدَّعي أن يَحْلِفَ لا يُقْضَى بِنِصْفِ الحقَّ، ولا يُقْضَى بشيءٍ حتى يَحْلِفَ المُدَّعي، فَتَركَ هذا الأثرِ في نُكُولِ الفَرِيقَيْنِ، فلم يَقْضِ بالنِّصفِ، بل أَبْطَلَ الحقَّ كلَّهُ، وإِنَّما تَرَكَ خَصْمُ الشافعي هذا الأثرَ في رَدِّ اليمينِ، لأَنَّهُ

جاءَ مخالفًا للأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ، والسُّنَنِ القائِمَةِ، كحديثِ: «البينةُ على المُدَّعي، واليمينُ على مَنْ أَنْكَرَ». فكما يَقْضي للمُدَّعي إذا أَقَامَ البيِّنَةَ، فكذا يَقْضي على المُدَّعى عليه إذا أَبَى اليمينَ، ولا تُرَدُّ على المُدَّعي، ولا يُكَلَّفُ بما لم يَجْعَلْهُ عليه الصَّلاة والسَّلام. وقَدْ قَضَى عثمانُ بنُ عفان، وأبو موسى الأَشْعَري، وغيرُهما مِنَ الصحابة رضي الله تعالى عنهم بإِباءِ اليمينِ، فإنْ احتجَّ الشافعيُّ في رَدِّها بحديثِ القَسَامةِ يُقال: أعنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ القَسَامَةَ مخالفة لغَيْرِها، وقد رَدَّ عليه الصَّلاة والسَّلام فيها من المُدَّعين إلى المُدَّعى عليهم، وعندَكَ في غيرِها: لا يَحْلِفُ المُدَّعي، إلا إذا أَبَى المُدَّعَى عليه، فكيفَ احتججتَ بها فيما لا يُشْبِهُهَا بِزَعْمِكَ؟ وكما لا يجوزُ أَنْ يَقْضي للمُدَّعي بلا بَيِنَةٍ إذا حَلَفَ خمسينَ يمينًا قياسًا على القَسَامَة، فكذَا في رَدِّ اليمينِ. وهذا مُلَخَّصٌ مِنْ كلامِ عيسى بن أَبَان في «كتاب الحج». - قوله: (ولم يُقِدْ بها مُعَاوِيةُ) خلافًا لمالكٍ، فإنَّه يُوجِبُ فيها القِصَاص. - قوله: (وكَتَبَ عُمَرُ بن عبد العزيز .... : إنْ وَجَدَ أَصْحَابُه بَيِّنَةً، وإلَّا فَلاَ تَظْلِم) وليس فيه تصريحٌ بأَخْذِ الدِّية، وعَدَمِهِ أيضًا. 6898 - قوله: (فَقَالَ لهم: تَأْتُونَ بالبَيِّنَةِ على مَنْ قَتَلَهُ؟ قالوا: ما لنا بَيِّنَةٌ، قال: فَيَحْلِفُونَ) وهذا بعينِهِ ما قاله الحنفيةُ مِنْ أَنَّ البينةَ على المُدَّعي، واليمينَ على مَنْ أَنْكَرَ: ثُمَّ أَخْرَجَ البخاريُّ فيه مناظَرَةً بين أبي قِلاَبة، وعَنْبَسَة بحضْرَةِ عمرَ بنَ عبدِ العزيز، وحَجَّ فيها أبو قِلابَة عَنْبَسَةَ، واسْتَحْسَنَ الحاضِرُونَ أيضًا كلام أبي قِلابَة، ولمَّا رآهُ النَّاسُ موافقًا لأبي حنيفةَ جعلوا يَقْدَحُونَ فيه، فمِنْ قَائِلٍ: إنَّهُ لم يَكُن فقيهًا، ومِنْ قائِلٍ: إنَّه كان بَلِيدًا (سيدهى)، ولا حَوْلَ ولا قُوةَ إلا باللَّهِ، نعم إِنَّه كان رجلًا رأى مَنْ رأى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلّم فإِذا خَالَفَكُم، فإِذا أَنْتُم تَرْمُونَهُ بما ليس لكُمْ به حقٌّ، فصبرٌ جَمِيلٌ، واللَّهُ المستعانُ على ما تَصِفُونَ، ثُمَّ ليُعْلَم أَنَّ الراوي قد وَهِمَ في سَرْدِ القِصَّة، فإِنَّها كانت في خَيْبَرَ، فجعَلَها مِنْ أَدْنَى المدينة، ثُمَّ أَخْرَجَ البخاريُّ قِصةً أُخْرَى في الجاهلية. قوله: (وقد كانت هُذيل خَلَعوا خَلِيعًا) أي أَخْرَجُوه عن مُخَالفتهم، فقُتِلَ هذا الخلِيع، فادَّعَى الخالِعُون بعد الإِسلامِ بدَمِهِ، فاعْتَذَرَ المُدَّعَى عليهم أَنَّ هؤلاءِ كانوا خَلَعُوه، ونَقَضُوا حِلْفَهُم فليس لهم في حقّ، فَرُفِعَ الأمرُ إلى عُمْرَ، فَحَكَمَ فيهم: «أَنَّه لو حَلَفْتُم خمسون مِنْكُم أَنَّكم لم تخلَعُوه يُسمع دعواكم ... » إلى آخر القصة، فتلك الأَيمان كانت في سِلْسِلة القَسَامة، ومتعلقاتِها، لإِثبَاتِ نَفْسِ المُخَالعة، فهذه غير ما يُؤخَذُ بها في القسَامة. ولنشرح الآن بعض الألفاظ من قِصَةِ أبي قِلابَة:

6899 - قوله: (عِنْدَكَ رُؤُوسُ الأَجْنَادِ، وأَشْرَافُ العَرَبِ) ... إلخ، أَي إِنَّكَ تَأْمُرُني أَنْ أَتَكَلَّمَ بَيْنَ أَيْدِي هؤلاءِ في أَمْرِ القَسَامَةِ، فَانْظُر أَنْتَ عاقبتَهُ، هل يَصْلُح لمثلي أَنْ أَتَكَلَّمَ فيها، أَمْ لا؟. قوله: (أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ خَمْسِينَ مِنْهُم شَهِدُوا على رَجُلٍ بِحِمْصَ أنَّهُ سَرَقَ، أَكُنْتَ تَقْطَعُهُ، ولم يَرَوْهُ؟ قال: لا) (¬1). قوله: (بِجَرِيرَةِ نَفْسِهِ) أي يَقْتُل رجلًا، فَيُقْتَلُ بِقِصَاصِه. قوله: (فَقَالَ القَوْمُ: أَوَلَيْسَ) ... إلخ، وحاصِلُه أَنَّ القومَ أَوْرَدُوا عليه قِصَةَ العُرَنِيينَ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلّم أَوْجَبَ قَتْلَهُم حينَ أُخْبِرَ أَنَّهم قَتَلُوا رَاعِيه، واسْتَاقُوا الإِبْلَ، مَعَ عَدَمِ مشاهدةِ أَحَدٍ بقتلهم أيضًا، فكما وَجَبَ القِصَاصُ في قِصَّتِهم، كذلكَ فَلْيَجِبْ في القَسَامَةِ، فإِنَّهما مُشْتَرِكَتَانِ في عَدَمِ رؤيةِ أَحَدٍ القاتلَ. قوله: (وأَيُّ شَيْءٍ أَشَدُّ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاَءِ) أي ما للقَسَامَةِ، وقِصةِ العُرَنيين، فإِنَّ العُرَنِيين اجْتَمَعَتْ فيهم أسبابٌ عديدةٌ للقَتْلِ، فإِنَّهم قَتَلُوا رَاعي رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم وَارْتَدُّوا عنِ الإِسلامِ، وسَرَقُوا وفي «لسانِ الحُكَّامِ» للشيخ عبدِ البر بن الشِّحْنَة، تلميذ الشيخ ابن الهُمَام أَنَّ رجلًا لو خَرَجَ من بيتٍ بسيفٍ في يده يتشحطُ دمًا، وَوُجِدَ مقتولًا في البيت، ولم يَكُنْ هناك غيرُه، يُقْتَصُ منه، لاحْتِفَافِ القرائنِ على أَنَّ القاتِلَ ليس إلا هو، فَدَلَّ على أَنَّ القرائنَ إذا أَفادَت القَطْعَ، أَوجَبَتْ القِصَاصَ أيضًا، وإِنْ لم تُوجَدِ البيِّنَة. قوله: (إنْ سَمِعْتُ كاليَوْمِ قَطُّ) (¬2). قوله: (لا، ولكِنْ جِئْتَ بالحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ) (¬3). قوله: (وقد (¬4) كان في هذا سُنَّةٌ، إلى قوله: دَخَلَ عليه نَفَرٌ من الأَنْصَارِ) ... إلخ. ¬

_ (¬1) قلتُ: وفي "الفتح" قال -أي أبو قِلابَة-: يا أميرَ المؤمنينَ هذا، أي القَتْلُ في القَسَامَةِ أَعْظَمُ مِنْ ذلك، اهـ. (¬2) قلتُ: وفي "الفتح" والتقديرُ: ما سمعتُ قَبْلَ اليومِ مثل ما سمِعتُ مِنْكَ، وفي روايةِ ابن عَوْنٍ قال أبو قِلابَة: فلمَّا فَرَغْتُ، قال عَنْبَسَة: سبحان الله، اهـ مختصرًا. (¬3) قلتُ: وفي "الفتح" في رواية ابنِ عَوْن، قال: لا، هكذا حدَّثنا أنسٌ، وهذا دَالٌّ على أَنَّ عَنبَسَةَ كان سَمِعَ حديثَ العُكْلِيين -أي الذين كانوا مِنْ قَبِيلةِ عُكْلٍ- مِنْ أنسٍ، وفيه إِشعَارٌ بأنَّه كان غيرَ ضابطٍ له على ما حدَّثَ به أنسٌ، فكان يَظُنُّ أَنَّ فيه دَلالةً على جَوازِ القَتْلِ في المعصيةِ، ولو لم يقع الكفرُ، فلمَّا ساقَ أبو قِلابَة الحديثَ، تَذَكَّرَ أَنَّه هو الذي حَدَّثَهُم به أنس، فاعْتَرَفَ لأبي قِلابَة بضبْطِهِ، ثُمَّ أثْنَى عليه. (¬4) قال الحافظُ: وَيغْلُبُ على الظَّنَّ أنَّها قِصة عبدُ الله بنُ سَهْلٍ، ومُحَيْصةً، فإنْ كان كذلك، فلعلَّ عبدَ الله بنَ سَهْلٍ، ورفقتهُ تحدَّثُوا عند النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قبلَ أَنْ يتوجَّهوا إلى خَيْبَرَ، ثم توجهوا، فَقُتِلَ عبد الله بن سهل، كما تقدم، وهو المرادُ بقولهِ ههنا: "فَخَرَجَ رجلٌ منهم بين أيديهم فَقُتِل"، اهـ. قوله: فَخَرَجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، لعله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا جاءوه كان داخِلَ بيتِهِ، أو المسجدِ، فَكلَّمُوهُ، فَخَرَجَ إليهم، فأجَابَهُم، اهـ.

24 - باب العاقلة

قوله: (قُلْتُ: وقد كَانَتْ هُذَيْلٌ خَلَعُوا خَلِيعًا) وهذه قصة أخرى. قوله: (فَقُرِنَتْ يَدُهُ بِيَدِهِ)، وهذا على عادةِ العربِ أَنَّهُم كانوا يُفَوِّضُونَ القاتِلَ إلى أَوْلياءِ المقْتُولِ بسعير، ليقْتَصُوا منه حيث أَرَادُوا. 24 - باب الْعَاقِلَةِ 6903 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ قَالَ سَأَلْتُ عَلِيًّا - رضى الله عنه - هَلْ عِنْدَكُمْ شَىْءٌ مَا لَيْسَ فِى الْقُرْآنِ وَقَالَ مَرَّةً مَا لَيْسَ عِنْدَ النَّاسِ فَقَالَ وَالَّذِى فَلَقَ الْحَبَّ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا عِنْدَنَا إِلاَّ مَا فِى الْقُرْآنِ، إِلاَّ فَهْمًا يُعْطَى رَجُلٌ فِى كِتَابِهِ، وَمَا فِى الصَّحِيفَةِ. قُلْتُ وَمَا فِى الصَّحِيفَةِ قَالَ الْعَقْلُ، وَفِكَاكُ الأَسِيرِ، وَأَنْ لاَ يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ. أطرافه 111، 1870، 3047، 3172، 3179، 6755، 6915، 7300 تحفة 10311 - 14/ 9 وهم الذين يُغَرَّمُونَ الدِّيَةَ، وهم العَصَاباتِ، وسمَّاهُم الفقهاءُ - بكتاب المَعَاقِل - والقياسُ فيه أَنْ يَكُونَ - كتاب العواقل - فإِنَّ المَعَاقِل هي الدِّيات، والمذكورُ في هذا البابِ مسائلَ مَنْ تُؤْخَذُ منهم الدِّية. 25 - باب جَنِينِ الْمَرْأَةِ 6904 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى، فَطَرَحَتْ جَنِينَهَا، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ. أطرافه 5758، 5759، 5760، 6740، 6909، 6910 - تحفة 15245 6905 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ اسْتَشَارَهُمْ فِى إِمْلاَصِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ قَضَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ. أطرافه 6907، 6908 م، 7317 - تحفة 11511 6906 - فَقَالَ ائْتِ مَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ، فَشَهِدَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى بِهِ. طرفاه 6908، 7318 - تحفة 11231 6907 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنْ عُمَرَ نَشَدَ النَّاسَ مَنْ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى فِى السِّقْطِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ أَنَا سَمِعْتُهُ قَضَى فِيهِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ. قَالَ ائْتِ مَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ عَلَى هَذَا فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَنَا أَشْهَدُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِثْلِ هَذَا. أطرافه 6905، 6908 م، 7317 تحفة 11511 6908 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ حَدَّثَنَا

26 - باب جنين المرأة، وأن العقل على الوالد وعصبة الوالد، لا على الولد

هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ اسْتَشَارَهُمْ فِى إِمْلاَصِ الْمَرْأَةِ مِثْلَهُ. أطرافه 6905، 6907، 7317 - تحفة 11511 26 - باب جَنِينِ الْمَرْأَةِ، وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى الْوَالِدِ وَعَصَبَةِ الْوَالِدِ، لاَ عَلَى الْوَلَدِ 6909 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى فِى جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِى لِحْيَانَ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ. ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِى قَضَى عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا، وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا. أطرافه 5758، 5759، 5760، 6740، 6904، 6910 - تحفة 13225 6910 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ قَتَلَتْهَا وَمَا فِى بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَضَى أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ، وَقَضَى دِيَةَ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا. أطرافه 5758، 5759، 5760، 6740، 6904، 6909 تحفة 15308، 13320 - 15/ 9 يعني أَنَّ دِيَةَ المَجْنِيَّة تُسْتَوفَى مِنَ الوالدِ، وعصبتهِ، لا مِنْ وَلدِ الجانيةِ، وقد مَرَّ مني أَنَّ ولدَ الجانِيةِ إِنْ كان مِنْ قَوْمٍ أمها يعد من العصبات أيضًا، وإلا لا. 6910 - قوله: (فَقَتَلَتْهَا، وما في بَطْنِهَا) وكان الرَّاوي ذَكَرَ أَوَّلًا موتَ الجنينِ فقط، وسَرَّح ههنا بموتِ المرأةِ المجنيةِ أيضًا. 27 - باب مَنِ اسْتَعَانَ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا وَيُذْكَرُ: أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ بَعَثَتْ إِلَى مُعَلِّمِ الْكُتَّابِ: ابْعَثْ إِلَىَّ غِلْمَانًا يَنْفُشُونَ صُوفًا، وَلاَ تَبْعَثْ إِلَىَّ حُرًّا. 6911 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ أَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِى فَانْطَلَقَ بِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَنَسًا غُلاَمٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ. قَالَ فَخَدَمْتُهُ فِى الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَوَاللَّهِ مَا قَالَ لِى لِشَىْءٍ صَنَعْتُهُ، لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا وَلاَ لِشَىْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا طرفاه 2768، 6038 - تحفة 1000 قوله: (مُعَلِّمِ الكُتَّابِ) "مكتب كاميانجى". 28 - باب الْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ 6912 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ

29 - باب العجماء جبار

الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِى الرِّكَازِ الْخُمُسُ». أطرافه 1499، 2355، 6913 - تحفة 13227، 15238 29 - باب الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَانُوا لاَ يُضَمِّنُونَ مِنَ النَّفْحَةِ، وَيُضَمِّنُونَ مِنْ رَدِّ الْعِنَانِ. وَقَالَ حَمَّادٌ: لاَ تُضْمَنُ النَّفْحَةُ إِلاَّ أَنْ يَنْخُسَ إِنْسَانٌ الدَّابَّةَ. وَقَالَ شُرَيْحٌ: لاَ تُضْمَنُ مَا عَاقَبَتْ، أَنْ يَضْرِبَهَا فَتَضْرِبَ بِرِجْلِهَا. وَقَالَ الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ: إِذَا سَاقَ الْمُكَارِيُ حِمَارًا عَلَيْهِ امْرَأَةٌ فَتَخِرُّ، لاَ شَىْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الشَّعْبِىُّ: إِذَا سَاقَ دَابَّةً فَأَتْعَبَهَا، فَهْوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ، وَإِنْ كَانَ خَلْفَهَا مُتَرَسِّلاً لَمْ يَضْمَنْ. 6913 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْعَجْمَاءُ عَقْلُهَا جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِى الرِّكَازِ الْخُمُسُ». أطرافه 1499، 2355، 6912 - تحفة 14387 - 16/ 9 والحديثُ صادقٌ على مَذْهَبِنَا باعتبارِ المَسَائلِ العامَّةِ، وهناك مستثنيات أيضًا للوجوهِ الخاصَّة، وله بابٌ في «الهداية» فَراجِعْهُ. قوله: (لا يُضَمِّنُونَ من النَّفْحَةِ) ... إلخ، أي نَفْحَةِ الدَّابَّةِ، وأمَّا إذا رَدَّ عِنَان فَرَسِهِ إلى جانبٍ، فَنَفَحَ أحدًا، فضمَّنوه. قوله: (مُتَرَسِّلًا) "آهستهه اها هى". 30 - باب إِثْمِ مَنْ قَتَلَ ذِمِّيًّا بِغَيْرِ جُرْمٍ 6914 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا». طرفه 3166 - تحفة 8917 31 - باب لاَ يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ 6915 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ أَنَّ عَامِرًا حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ قُلْتُ لِعَلِىٍّ. وَحَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ يُحَدِّثُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ قَالَ سَأَلْتُ عَلِيًّا - رضى الله عنه - هَلْ عِنْدَكُمْ شَىْءٌ مِمَّا لَيْسَ فِى الْقُرْآنِ - وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ مَرَّةً مَا لَيْسَ عِنْدَ النَّاسِ - فَقَالَ وَالَّذِى فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا عِنْدَنَا إِلاَّ مَا فِى الْقُرْآنِ إِلاَّ فَهْمًا يُعْطَى رَجُلٌ فِى كِتَابِهِ وَمَا فِى الصَّحِيفَةِ. قُلْتُ وَمَا فِى الصَّحِيفَةِ قَالَ الْعَقْلُ، وَفِكَاكُ الأَسِيرِ، وَأَنْ لاَ يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ. أطرافه 111، 1870، 3047، 3172، 3179، 6755، 6903، 7300 - تحفة 10311

32 - باب إذا لطم المسلم يهوديا عند الغضب

32 - باب إِذَا لَطَمَ الْمُسْلِمُ يَهُودِيًّا عِنْدَ الْغَضَبِ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 6916 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ». أطرافه 2412، 3398، 4638، 6917، 7427 - تحفة 4405 6917 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ لُطِمَ وَجْهُهُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِكَ مِنَ الأَنْصَارِ لَطَمَ فِى وَجْهِى. قَالَ «ادْعُوهُ». فَدَعَوْهُ. قَالَ «لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى مَرَرْتُ بِالْيَهُودِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ. قَالَ قُلْتُ وَعَلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَأَخَذَتْنِى غَضْبَةٌ فَلَطَمْتُهُ. قَالَ «لاَ تُخَيِّرُونِى مِنْ بَيْنِ الأَنْبِيَاءِ فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِى أَفَاقَ قَبْلِى أَمْ جُزِىَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ». أطرافه 2412، 3398، 4638، 6916، 7427 - تحفة 4405 ***

89 - كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 89 - كتاب اسْتِتَابَةِ المُرْتَدِّينَ وَالمُعَانِدِينَ وَقِتَالِهِم 1 - باب إِثْمِ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65]. 17/ 9 6918 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]. شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالُوا أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّهُ لَيْسَ بِذَاكَ، أَلاَ تَسْمَعُونَ إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]». أطرافه 32، 3360، 3428، 3429، 4629، 4776، 6937 - تحفة 9420 6919 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِىُّ وَحَدَّثَنِى قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ - ثَلاَثًا - أَوْ قَوْلُ الزُّورِ». فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ. أطرافه 2654، 5976، 6273، 6274 - تحفة 11679 6920 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ عَنْ فِرَاسٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - قَالَ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْكَبَائِرُ قَالَ «الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ». قَالَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ «ثُمَّ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ». قَالَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ «الْيَمِينُ الْغَمُوسُ». قُلْتُ وَمَا الْيَمِينُ الْغَمُوسُ قَالَ «الَّذِى يَقْتَطِعُ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا كَاذِبٌ». طرفاه 6675، 6870 - تحفة 8835 6921 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ وَالأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْنَا فِى الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ «مَنْ أَحْسَنَ فِى الإِسْلاَمِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أَسَاءَ فِى الإِسْلاَمِ أُخِذَ بِالأَوَّلِ وَالآخِرِ». تحفة 9303، 9258 - 18/ 9 أَي صبرَهُم على التوبةِ، والقِتَالِ مَعَهُم.

2 - باب حكم المرتد والمرتدة

6921 - قوله: (مِن أَسَاءَ في الإِسلامِ، أُخِذَ بالأوَّلِ والآخِرِ) ... إلخ، وهذا لا يُخالفُ ما رُوِيَ مِنْ حديثِ الهدْمِ، فإِنَّه فيما إذا تَضَمَّنَ إِسْلاَمَهُ التَّوبةَ، وإلا فالْحكْمُ فيه، كما في حديثِ الباب، وقد مَرَّ تَفْصِيلُهُ في - الإِيمان. 2 - باب حُكْمِ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَالزُّهْرِىُّ وَإِبْرَاهِيمُ: تُقْتَلُ الْمُرْتَدَّةُ. وَاسْتِتَابَتِهِمْ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (88) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (89) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (90)} [آل عمران: 86 - 90] وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100)} [آل عمران: 100] وَقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا (137)} [النساء: 137]. وَقَالَ: {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة: 54]. {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (107) أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (108) لَا جَرَمَ} يَقُولُ: حَقًّا {أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: 107 - 110]. {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 217]. 6922 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ أُتِىَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه - بِزَنَادِقَةٍ فَأَحْرَقَهُمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحْرِقْهُمْ لِنَهْىِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَقَتَلْتُهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ». طرفه 3017 - تحفة 5987 - 19/ 9 6923 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ حَدَّثَنِى حُمَيْدُ بْنُ هِلاَلٍ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعِى رَجُلاَنِ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ، أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِى، وَالآخَرُ عَنْ يَسَارِى وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَاكُ فَكِلاَهُمَا سَأَلَ. فَقَالَ «يَا أَبَا مُوسَى». أَوْ «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ». قَالَ قُلْتُ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَطْلَعَانِى عَلَى مَا فِى أَنْفُسِهِمَا، وَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ الْعَمَلَ. فَكَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى سِوَاكِهِ تَحْتِ شَفَتِهِ قَلَصَتْ فَقَالَ «لَنْ - أَوْ - لاَ نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ يَا أَبَا

تنبيه مهم لا يسوغ الجهل عنه طرفة عين

مُوسَى - أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ - إِلَى الْيَمَنِ». ثُمَّ أَتْبَعَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ أَلْقَى لَهُ وِسَادَةً قَالَ انْزِلْ، وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ. قَالَ مَا هَذَا قَالَ كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ. قَالَ اجْلِسْ. قَالَ لاَ أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ. قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ، ثُمَّ تَذَاكَرْنَا قِيَامَ اللَّيْلِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا أَمَّا أَنَا فَأَقُومُ وَأَنَامُ، وَأَرْجُو فِى نَوْمَتِى مَا أَرْجُو فِى قَوْمَتِى. أطرافه 2261، 3038، 4341، 4343، 4344، 6124، 7149، 7156، 7157، 7172 - تحفة 9083، 11327 ولا تُقْتَلُ المرتدةُ عندنا خلافًا للجمهور، لعمومِ نَهْي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلّم عَنْ قَتْلِ النِّسْوان والصبيان، نعم إن كانت تَسُبُّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلّم تُقْتَلُ عندنا أيضاف، وهو المَحْمَلُ عندي فيما يُرْوَىَ مِنْ قَتْلِ المرأةِ في بعضِ المَوَاضِعِ. ({لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ}) [النساء: 137] ليس فيه أَنَّ الإِسلامَ لا يَقْبَلُ عنه بعد المرَّةِ الثالثةِ، لأنَّ الآيةَ فيمَنْ صارَ أَمْرُهم إلى الكُفْرِ في الثالثة، ولم تَذْكُر أَنَّهُم رَجَعوا بعدَها إلى الإِسلامِ، فهذه فيمَنْ كان آخرُ أَمْرِهم الكُفْرِ، والعياذُ بالله، وأمَّا مَنْ تَابَ، وآمَنَ، وعمِلَ عملًا صالحًا، فإنَّه يَجِدُ عند اللَّهَ متابًا، وإِنْ بَلَغَتْ ذُنُوبَهُ عَنانَ السَّمَاءِ. 6922 - قوله: (أُتِيَ عليٌّ (¬1) بِزَنَادِقَةٍ) ... إلخ، والزَّنَادِيق قيل هم: الذين يَتَعبَّدُونَ - بالزند - والقاف ملحق في المعربات؛ قُلْتُ: والزِّنْدِيق مَنْ يُحَرِّفُ في معاني الأَلفَاظِ، مع إِبْقَاءِ ألفاظِ الإِسلام كهذا اللعين في القاديان، يَدَّعِي أَنَّهُ يُؤْمِنُ بِخَتْمِ النُّبُوةِ، ثُمَّ يَخْتَرِعُ لهُ معنىً مِنْ عندِه يَصْلُحُ لهُ بعدَهُ الخَتم دليلًا على فَتْحِ بابِ النُّبُوةِ، فهذا هو الزَّنْدَقَةُ حقًا، أي التغيير في المصاديق، وتبديلِ المعاني على خِلاَفِ ما عُرِفَتْ عند أَهْلِ الشَّرْعِ، وصَرْفِها إلى أَهْوَائِه مع إِبْقَاءِ اللفظِ على ظَاهِرِهِ، والعياذُ بالله. تنبيه مهم لا يسوغ الجهل عنه طرفة عين وَاعْلَم أَنَّ في كُتُبِ فُقْهِنا أَنَّ مَنْ كان فيه تِسْعٌ وتسعونَ وجهًا مِنَ الكُفْرِ، وَوَجْهٌ مِنَ ¬

_ (¬1) قال الخَطَّابيُّ: قَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فيما كان مِنْ عليِّ كَرَّمَ اللهُ وجهَهُ في أَمْرِ المُرتَدِّين، فَرَوَى عكْرِمَة أَنَّه أَحْرَقَهُم بالنَّارِ، وَزَعَمَ بَعْضُهم أنَّه لم يُحْرِقْهُم بالنَّار، ولَكِنَّهُ حَفَرَ لهم أَسْرَابًا، وَدَخَّنَ عليهم، واسْتَتَابَهُم، فلم يَتوبوا، حتى قَتَلَهُم الدُّخَان، واحْتَجَّ أهلُ الرِّوايةِ الأُولَى لقول الشاعر فيهم، أنشدنا ابنُ الأعْرَابي عن أبي مَيْسَرة عن الحُمَيْدِي عن سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ عن بَعْضِهم في هذه القصيدةِ: لترمِ بي المَنَايا حيثُ شْاءَتْ ... إذا لم تَرْمِ بي في الحُفْرَتيْنِ إذا ما قَرَّبُوا حَطَبًا، ونَارَاً ... فَذَاكَ الموتُ نَقْدًا غير دَيْنِ زَعَمُوا آَنَّه حَفَرَ لهم حُفَرًا، وأَشعَلَ النَّار، وَأَمَرَ أَنْ يُرْمَى بهم فيها، اهـ: ص 293 - ج 3 "معالم السنن" وقد ذَكَرْنَا مسألة التَّحْرِيق فِيما مَرَّ مُفَصَّلًا.

3 - باب قتل من أبى قبول الفرائض وما نسبوا إلى الردة

الإِسلامِ، فإِنَّهُ لا يُحْكَمُ عليه بالكُفْرِ، والتبسَ ذلك على بَعْضِ مَنْ لا دِرَايةَ لهم في الفقَه، فَغَلِطُوا في مُرَادِهِ. فَزَعَمُوا أَنَّ أحدًا لو أَتَى على أَفْعَالِ الكُفْرِ عدَدَ ما ذَكَرْنَا وأَتَى بفعلِ واحدٍ من الإِسلامِ، فإنَّه لا يَكْفُر، وهو باطلٌ، ليس فيه أَدْنى ريبٍ وريبةٍ، كيفَ وأَنَّ مسلمًا لو أتَى بفِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِ الكُفْر، فإِنَّه يَكْفُر، فكيف إذا كان جُلُّ أَفْعَالِه كُفْرًا. وإِنَّما كانت مسألةُ الفُقَهاءِ في جنسِ الأَقْوال، فَنَقَلُوهُ في الأفعال، ومُرَادُهم أَنَّ أحدًا منهم لو قال كلمةً احْتَمَلَت وجهًا مِنَ الإِسلامِ، نَحْمِلُها عليه، ولا نَحْمِلُها على أَوْجُه الكُفْرِ وإِنْ كثرت، لأَنَّا ما لم نتبين الحال، ولم نَدْرِ أَنَّه أَرَادَ هذا الاحتمال، لا نَحْكُم عليه بالكفر بتلكَ الكلمة المحتملة، ولا نبادر إلى الإِكْفَارِ، أَمَّا إذا تَبيَّنَ غَيُه من رُشْدِهِ، وانْفَصَل اللَّبَنُ عَنِ الرَّغْوَة، وحَصْحَصَ الحقُّ، وظَهَرَ الباطلُ، ولم يَبْقَ أَمْرُهُ كالأفواه، تَنَقَّلَ مِنْ بلدٍ إلى بلدٍ، بل أَعْلنَ بكُفْرِهِ على المنائِرِ والمنابرِ، وسود به الصحائف والدفاتر، فإِنَّه كافرٌ مُكَفَّر بلا رَيبٍ، ولا يَتَأَخَّرُ عن إِكْفَارِه إلا مُصَابٌ أو مجهولٌ ولو كان معنى كلامِهم ما فهموه، لما سَاغَ حُكْمُ الكُفْرِ على أحدٍ أَبَدَ الدَّهْرِ، ومَنْ يَعْجَزُ عن إُخْرَاجِ احتمالٍ ضعيفٍ. وهذا مسيلمة الكذَّاب، قد كان يَشْهَدُ بنوبةِ سيدِنا ونبيِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلّم إلا أَنَّهُ كان يُحبُ أَنْ يَشْتَرِكَ معه في الأمر، فهل أَنْقَذَهُ ذلك مِنَ الكُفْرِ والضَّلالِ، فليَتَنَبَّه العلماءُ لهذه الدَّقِيقةِ، ولا يَتَأَخرُوا في مثلِ هذه المحال، ولْيَخْشَ العزيز الجبار، فإِنَّه شديدُ المَحال. 3 - باب قَتْلِ مَنْ أَبَى قَبُولَ الْفَرَائِضِ وَمَا نُسِبُوا إِلَى الرِّدَّةِ 6924 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ عُمَرُ يَا أَبَا بَكْرٍ، كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَمَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. عَصَمَ مِنِّى مَالَهُ وَنَفْسَهُ، إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ». أطرافه 1399، 1457، 7284 - تحفة 10666، 14118 6925 - قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِى عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا. قَالَ عُمَرُ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ رَأَيْتُ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِى بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ. أطرافه 1400، 1456، 7285 تحفة 6623 - 20/ 9 يَعْني أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بكلمةِ الإِسلامِ، وأَنْكَرَ فرائِضَهُ، فإِنَّه كافرٌ ما لم يُؤْمِنْ بالدِّين كُلِّه، وإِنَّما بَوَّبَ بتلكَ المسألةِ إِزَاحَةً لِمَا عَسَى أَنْ يَخْتَلِجَ مِنَ التَّرَدُدِ في الحُكْمِ بالكُفْر، مع إِقْرَارِهِ بالإِسلامِ.

4 - باب إذا عرض الذمى وغيره بسب النبى - صلى الله عليه وسلم - ولم يصرح، نحو قوله: السام عليك

4 - باب إِذَا عَرَّضَ الذِّمِّىُّ وَغَيْرُهُ بِسَبِّ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يُصَرِّحْ، نَحْوَ قَوْلِهِ: السَّامُ عَلَيْكَ 6926 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ مَرَّ يَهُودِىٌّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ السَّامُ عَلَيْكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَعَلَيْكَ». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَتَدْرُونَ مَا يَقُولُ قَالَ السَّامُ عَلَيْكَ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ نَقْتُلُهُ قَالَ «لاَ، إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ». طرفه 6258 - تحفة 1638 6927 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اسْتَأْذَنَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكَ. فَقُلْتُ بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ. فَقَالَ «يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِى الأَمْرِ كُلِّهِ». قُلْتُ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ «قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ». أطرافه 2935، 6024، 6030، 6256، 6395، 6401 - تحفة 16437 6928 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالاَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الْيَهُودَ إِذَا سَلَّمُوا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنَّمَا يَقُولُونَ سَامٌ عَلَيْكَ. فَقُلْ عَلَيْكَ». طرفه 6257 - تحفة 7151، 7248 5 - باب 6929 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَحْكِى نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، فَهْوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِى، فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ. طرفه 3477 - تحفة 9260 6 - باب قَتْلِ الْخَوَارِجِ وَالْمُلْحِدِينَ بَعْدَ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [التوبة: 115]. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرَاهُمْ شِرَارَ خَلْقِ اللَّهِ وَقَالَ إِنَّهُمُ انْطَلَقُوا إِلَى آيَاتٍ نَزَلَتْ فِى الْكُفَّارِ فَجَعَلُوهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. 21/ 9 6930 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا خَيْثَمَةُ حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ قَالَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه - إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثًا فَوَاللَّهِ، لأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ، وَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِى

آخِرِ الزَّمَانِ، حُدَّاثُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ، لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ فِى قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفاه 3611، 5057 - تحفة 10121 6931 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُمَا أَتَيَا أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ فَسَأَلاَهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ أَسَمِعْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ لاَ أَدْرِى مَا الْحَرُورِيَّةُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَخْرُجُ فِى هَذِهِ الأُمَّةِ - وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا - قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلاَتَكُمْ مَعَ صَلاَتِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حُلُوقَهُمْ - أَوْ حَنَاجِرَهُمْ - يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فَيَنْظُرُ الرَّامِى إِلَى سَهْمِهِ إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ، فَيَتَمَارَى فِى الْفُوقَةِ، هَلْ عَلِقَ بِهَا مِنَ الدَّمِ شَىْءٌ». أطرافه 3344، 3610، 4351، 4667، 5058، 6163، 6933، 7432، 7562 تحفة 4421، 4174 6932 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانُ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى عُمَرُ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - وَذَكَرَ الْحَرُورِيَّةَ - فَقَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ». تحفة 7426 وكان مالك يُفْتي الخَوارِجِ والمُلحِدُون: هم الذين يُؤولونَ في ضروريات الدين، لإِجْرَاءِ أَهْوَائِهم. - قوله: (إقامة الحُجَّةِ عليهم) أي بَعْدَ تَبْلِيغِهم. - قوله: (فَجَعَلُوهَا على المُؤْمِنِينَ) وهذا كحَالِ المُدَّعِينَ العَملَ بالحديثِ في دِيَارِنا، فإِنَّ كل آياتٍ نَزَلتْ في حق الكُفَّار، فإِنَّهم يَجْعَلُونَها في حَقِّ المُقَلِّدِين، سِيما الحَنَفَية، كَثَّرَ الله تعالى حِزْبَهم، وقد رَأَيْنَا بعضع هذا في كلامِ الحافظِ ابنِ تيمية أيضًا، ولَيْس أَحَدٌ يتجاوزُ عن حَدِّ الاعتِدَالِ إلا يَضْطَرُ إلى الاقتحامِ في مِثْلِه، فليُحْتَرَزْ عن الإِفْرَاطِ والتَّفْرِيطِ، وليحل حول حمى الحق. فإِنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: «سَدِّدُوا وقارِبوا». ألا تَرى أَنَّ الأشْعَرِيَّ لمَّا بَالغَ في التنيهِ وشَدَّدَ فيه، لَزِمَهُ نفي كثيرٍ مِنَ الصِّفاتِ التي أَثْبَتَها السَّمْعُ حتى قارَن المُعَطِّلة، فلم يَبْقَ للاستواءِ المَنْصُوصِ عِنْدَهُ مصداق، وصارَ نحو ذلك كُلُّه مِنْ بابِ المُجَازَاتِ عِنْدَهُ، فالقُرْآنُ يَأْبَى عمَّا يُرِيدُهُ الأشعري من تنزيههِ هذا تباركَ وتعالى؛ وقد نَقَلْنَا لك فيما أَسْلَفْنَا أَنَّا لم نَجِدْ تعبيرًا في القرآن أَزْيَد إِيهامًا مِنْ قوله تعالى: إني أنا الله ومِنْ قولِهِ: {بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ} [النمل: 8] وكان ذلك مسموعًا مِنَ النارِ. قلتُ: فعليه أَنْ يَكْرَهَ هذا التعبيرَ أيضًا، ولكنَّ القرآن قد أَتَى به، ولم يُبَالِ بذلكَ الإيهام، ولا رَآهُ مخالِفًا للتنزيهِ، وذلك لأَنَّ إِيهام الظرفية ههنا كالعَدَمِ، فإِنَّه لا يَجْعلُ

الشجرةَ إلهًا إلا مصابٌ، أو مجنونٌ، فلم يَكُنْ فيه محلُ ريبٍ، وكان بديهيًا أَنَّ هناك أَمْرٌ غيبي، وليس المُتَكَلمُ هو الشَّجَرةُ حقيقةً؛ وبالجملةِ قد ثبت إسنادُ كثيرٍ من الأشياءِ في السَّمْعِ، ولا يَرْضَى الأشعريُّ إلا بقَطْعِها عنِ اللَّهِ تعالى، مع أَنَّ القرآنَ على ما يَظْهر لا يَسْلكَ مَسْلَكَ تلكَ التنزيهاتَ العَقْلِيةِ، وعلى نِقَاضَتِه الحافظُ ابنُ تيمية، فإِنَّه لمَّا بالغٍ في إثباتِها، وشدَّد فيه قاربَ المُشَبِّهةَ في التعبيرِ، فهذا حالُ التَّجَاوز عن الحدودِ، ومن أَتَى عليه لا يَخْلصُ عن العدولِ عن الصَّوابِ. والفَصْلُ في تلك الأسانيد عندي، أَنَّها تُتْرَكُ على ظاهرِها إذا لم تَكُن موهمةٌ مَغْلَطة، كحالِ الشجرة، فإنَّه يُسْتَحَقُ مِنْ يَدَّعي كونَ تلكَ الشجرة إلهًا، مع إِذْعَانِهِ أَنَّها كانت شجرة كسائرِا لأشجار، قَبْلَ تَكلُمِها بالكلامِ الذي كلمته الآن، فهل ههنا مَغْلَطة بكونِا إلهًا بَعْدَ التكلم بتلكَ الكلمة، وإِذَا كان بُطلانُه مِنْ أَجْلَى البديهاتِ، يُتْرَك القُرآنُ في مثله على ظاهِرهِ، وأَمَّا إذا كان غيرَ ذلك، فغير ذلك، والعياذُ بالله مِنَ الزيغِ والإِلحادِ. وبالجملةِ قولوا: إِنَّ اللَّهَ تعالى ليسَ كمثلِهِ شيءٌ، واكتَفُوا بهذا القدرِ مِنَ التنزِيهِ، ولا تَحْكُموا على اللَّهِ بِشيءٍ مِنْ عند أَنْفُسِكُم، وبعدَ ذلك أَسْنِدُوا إليه كلَّ ما هو مسندٌ إليه في نفس كلامِهِ، ولا تَخَافُوا، ولا تَحْزَنوا، أَليس أهلُ العُرفِ قد يَحْذِفُون الوسائِطَ في بعضِ المَواضِع، ويُسْنِدون الفعل إلى ما ليس بفاعلٍ له، ولا يعدون ذلك شيئًا له، كقولهِم: بَنَى الأميرُ المدينةَ، وهزمَ الأميرُ الجُندَ، مَعَ أَنَّه معلومٌ أَنَّ البِنَاءَ لم يُسْنَدْ إلا إلى البَاني حقيقةً، والأميرُ ليسَ بِبَاني، غيرَ أَنَّهُ لمَّا كان آمِرًا ومُسَبِبًا حَلَّ مَحلَّ الباني، وأُسْنِد إليه ما يُسْنَدُ إلى البَاني، فهكذا حالُ الأسانيدِ التي وَرَدَت في السمع، فليتْرُكْهَا على ظواهِرِها، كما وَرَدَتْ في النَّصِ مُسْنَدَةً، والأشعريُ يَنْفِيهَا أيضًا، وأمَّا الحافظُ ابنُ تيمية فَحَقَّقَها في الخارج حتى قَارَبَ التَّشْبِيه، كما كُنْتُ سَمِعْتُ مِنْ حالِه، أَنَّهُ كان جالسًا على المِنْبَرِ، فَسَأَلَهُ سائِلٌ عن نُزُولِهِ تعالى، فَنَزَلَ ابنُ تيمية إلى الدَّرَجةِ الثانيةِ، فقال: هَكَذَا النُّزُول، فَحقَّقَهُ في الخَارِجِ، وبالَغَ فيه، حتى أَوْهَم كلامُهُ التَّشْبِيه. والصَّوابُ إِنْ شاء الله تعالى ما ذَكَرْنَا (¬1). 6931 - قوله: (يَخْرُجُ في هذه الأُمَّةِ - ولم يَقُلْ منها - قومٌ) أي لمَّا وَصَفَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلّم الخَوارِجَ، لم يَقُل في حقهم: يَخْرُجُ مِنْ هذه الأمةِ قومٌ سِمَاتُهم كذا، بل قال: «في هذه الأمة» وبينهما فَرْقٌ، فإنَّ قولَهُ صلى الله عليه وسلّم من هذه الأمة، يَدُلُّ على كَوْنِهم مِنْ أَفْرَادِ هذه الأمة ¬

_ (¬1) قلتُ: وسَمِعْتُ مِنَ الشَّيخِ أنَّ ابنًا للإِمامِ أحمد، كان يشرحُ قولَه - صلى الله عليه وسلم -: "قلوبُ بني آدم بين إصبَعي الرَّحمن" -أو كما قال- فَأَشَارَ بإِصبَعيه، يُصَوِّرُه، فَكَرِهَهُ أحمد، ولم يُحب تلكَ الإِشَارة عند ذِكْرِ أصَابعِ الرَّحمنِ، فإِنَّها توهمُ التَّشبِيه، واللهُ تعالى أعلم بالصَّواب.

7 - باب من ترك قتال الخوارج للتألف، وأن لا ينفر الناس عنه

أَوّلًا ثُمَّ تحولُهم إلى ما صاروا إليه، بخلاف الثاني، فإنَّه لا دُلالةَ فيه على كونِهم مِنْ هذه الأمةِ في أَوَّلِ أَمْرِهم أيضًا. 7 - باب مَنْ تَرَكَ قِتَالَ الْخَوَارِجِ لِلتَّأَلُّفِ، وَأَنْ لاَ يَنْفِرَ النَّاسُ عَنْهُ 6933 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ بَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْسِمُ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذِى الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِىُّ فَقَالَ اعْدِلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ «وَيْلَكَ مَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ». قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ دَعْنِى أَضْرِبْ عُنُقَهُ. قَالَ «دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ فِى قُذَذِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، يُنْظَرُ فِى نَصْلِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِى رِصَافِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِى نَضِيِّهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ إِحْدَى يَدَيْهِ - أَوْ قَالَ ثَدْيَيْهِ - مِثْلُ ثَدْىِ الْمَرْأَةِ - أَوْ قَالَ مِثْلُ الْبَضْعَةِ - تَدَرْدَرُ، يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَشْهَدُ سَمِعْتُ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيًّا قَتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، جِىءَ بِالرَّجُلِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِى نَعَتَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ فَنَزَلَتْ فِيهِ {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التوبة: 58]. أطرافه 3344، 3610، 4351، 4667، 5058، 6163، 6931، 7432، 7562 تحفة 4421 - 22/ 9 6934 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ حَدَّثَنَا يُسَيْرُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ قُلْتُ لِسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ هَلْ سَمِعْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِى الْخَوَارِجِ شَيْئًا قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ - وَأَهْوَى بِيَدِهِ قِبَلَ الْعِرَاقِ - «يَخْرُجُ مِنْهُ قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ». تحفة 4665 أَرَادَ منه البُخاري التنبيهِ على بيانِ التوجيه لعدم قتل ذي الخُوَيْصِرَة رأسِ الخَوارِج، فَذِكْرُهُ له تَأْوِيلًا، وهذا البابُ مخصوصٌ بالأنبياءِ عليهم السّلام، لا يجوزُ العملُ به لِغَيْرِهم، فانْتَهَى بانتهائِهم، وقد بَسَطْنَاهُ مِنْ قَبْل. 8 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتَتِلَ فِئَتَانِ، دَعْوَتُهُمَا وَاحِدَةٌ» 6935 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ». أطرافه 85، 1036، 1412، 3608، 3609، 4635، 4636، 6037، 6506، 7061، 7115، 7121 - تحفة 13694 9 - باب مَا جَاءَ فِى الْمُتَأَوِّلِينَ 6936 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قال

أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِىَّ أَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِى حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ، فَإِذَا هُوَ يَقْرَؤُهَا عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَذَلِكَ، فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِى الصَّلاَةِ فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى سَلَّمَ، ثُمَّ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ أَوْ بِرِدَائِى فَقُلْتُ مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ قَالَ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ لَهُ كَذَبْتَ فَوَاللَّهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَقْرَأَنِى هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِى سَمِعْتُكَ تَقْرَؤُهَا. فَانْطَلَقْتُ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ بِسُورَةِ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا، وَأَنْتَ أَقْرَأْتَنِى سُورَةَ الْفُرْقَانِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَرْسِلْهُ يَا عُمَرُ، اقْرَأْ يَا هِشَامُ». فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ الَّتِى سَمِعْتُهُ يَقْرَؤُهَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَكَذَا أُنْزِلَتْ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اقْرَأْ يَا عُمَرُ». فَقَرَأْتُ فَقَالَ «هَكَذَا أُنْزِلَتْ». ثُمَّ قَالَ «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ». أطرافه 2419، 4992، 5041، 7550 - تحفة 10642، 10591 - 23/ 9 6937 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ ح حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالُوا أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ كَمَا تَظُنُّونَ. إِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]». أطرافه 32، 3360، 3428، 3429، 4629، 4776، 6918 تحفة 9420، 10591 6938 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ سَمِعْتُ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ غَدَا عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَجُلٌ أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَّا ذَلِكَ مُنَافِقٌ لاَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ تَقُولُوهُ يَقُولُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَبْتَغِى. بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ». قَالَ بَلَى. قَالَ «فَإِنَّهُ لاَ يُوَافَى عَبْدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ». أطرافه 424، 425، 667، 686، 838، 840، 1186، 4009، 4010، 5401، 6423 - تحفة 9750 6939 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ فُلاَنٍ قَالَ تَنَازَعَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَحِبَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِحِبَّانَ لَقَدْ عَلِمْتُ الَّذِى جَرَّأَ صَاحِبَكَ عَلَى الدِّمَاءِ يَعْنِى عَلِيًّا. قَالَ مَا هُوَ لاَ أَبَا لَكَ قَالَ شَىْءٌ سَمِعْتُهُ يَقُولُهُ. قَالَ مَا هُوَ قَالَ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالزُّبَيْرَ وَأَبَا مَرْثَدٍ وَكُلُّنَا فَارِسٌ قَالَ «انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ حَاجٍ - قَالَ أَبُو سَلَمَةَ هَكَذَا قَالَ أَبُو عَوَانَةَ حَاجٍ - فَإِنَّ فِيهَا امْرَأَةً مَعَهَا صَحِيفَةٌ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِى بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَأْتُونِى بِهَا». فَانْطَلَقْنَا عَلَى أَفْرَاسِنَا حَتَّى أَدْرَكْنَاهَا حَيْثُ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَسِيرُ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا، وَكَانَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ بِمَسِيرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِمْ. فَقُلْنَا أَيْنَ الْكِتَابُ الَّذِى مَعَكِ قَالَتْ مَا مَعِى كِتَابٌ.

فَأَنَخْنَا بِهَا بَعِيرَهَا، فَابْتَغَيْنَا فِى رَحْلِهَا فَمَا وَجَدْنَا شَيْئًا. فَقَالَ صَاحِبِى مَا نَرَى مَعَهَا كِتَابًا. قَالَ فَقُلْتُ لَقَدْ عَلِمْنَا مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ حَلَفَ عَلِىٌّ وَالَّذِى يُحْلَفُ بِهِ لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لأُجَرِّدَنَّكِ. فَأَهْوَتْ إِلَى حُجْزَتِهَا وَهْىَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ فَأَخْرَجَتِ الصَّحِيفَةَ، فَأَتَوْا بِهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ. دَعْنِى فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا حَاطِبُ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَالِى أَنْ لاَ أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَكِنِّى أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِى عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ، يُدْفَعُ بِهَا عَنْ أَهْلِى وَمَالِى، وَلَيْسَ مِنْ أَصْحَابِكَ أَحَدٌ إِلاَّ لَهُ هُنَالِكَ مِنْ قَوْمِهِ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ. قَالَ «صَدَقَ، لاَ تَقُولُوا لَهُ إِلاَّ خَيْرًا». قَالَ فَعَادَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولُ اللَّهِ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، دَعْنِى فَلأَضْرِبَ عُنُقَهُ. قَالَ «أَوَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ أَوْجَبْتُ لَكُمُ الْجَنَّةَ». فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. أطرافه 3007، 3081، 3983، 4274، 4890، 6259 - تحفة 10169 - 24/ 9 ے قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: خَاخٍ أَصَحُّ؛ ولكنْ كذلك قَالَ أَبُو عَوَانَةَ: حَاجٍ، وحَاجٌ تَصْحِيفٌ، وهُوَ مَوْضِعٌ؛ وهِشَامٌ يَقُولُ: خَاخٍ. يعني أَنَّ مَنْ سَبَقَ على لسانِهِ كلمةَ الكفر بمنشأ صحيح، فإِنَّهُ لا يُكْفَر، كما أُنْكَر عمرُ قراءةَ هِشام بن حَكِيم - سورة الفرقان - حينَ سَمِعَهُ يَقْرَؤُها على غيرِ ما أَقْرَأَها النَّبي صلى الله عليه وسلّم عُمرَ، ولكنَّه كان بمنشأ صحيح، فلم يَعْبَأْ به، وكذا رَمَى عمر صحابيًا مُخْلِصًا بالنِّفاق، كما في هذا البابِ، ولكنَّهُ أيضًا كان بمنشأ صحيح، وذلك لِكَثْرَةِ مجالسةِ هذا الصحابي الكُفَّار. قلتُ: وممَّا يَنْبَغي أَنْ يُعْلَم أَنَّ التأويلَ إِنَّما يُقْبَلُ في غيرِ ضَرُورِيَّات الدِّين، أَمَّا في ضَرُورِيَّاتِ الدِّين فلا يُسْمَع، ومن أَرَادَ التفصيلَ، فَلْيَرْجِع إلى رسالتِنا في هذا المَوْضِع «إِكْفَارُ المُلْحِدِينَ، في شيءٍ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الدِّين». ***

90 - كتاب الإكراه

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 90 - كتاب الإِكْرَاه وقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: 106]. وَقَالَ: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: 28]، وَهيَ تَقِيَّةٌ. وَقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ} إِلَى قَوْلِهِ: {عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 97 - 99] {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} [النساء: 75] فَعَذَرَ اللهُ المسْتَضْعَفِينَ الذِينَ لاَ يَمْتَنِعُونَ مِنْ تَرْكِ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ، وَالمُكْرَهُ لاَ يَكُونُ إِلَّا مُسْتَضْعَفًا، غَيرَ مُمْتَنِعٍ مِنْ فِعْلِ مَا أُمِرَ بِهِ. وَقَالَ الحَسَنُ: التَّقِيَّةُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِيمَنْ يُكْرِهُهُ اللُّصُوصُ فَيُطَلِّقُ: لَيسَ بِشَيءٍ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيرِ وَالشَّعْبِيُّ وَالحَسَنُ. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم «الأعْمَالُ بِالنِّيَّةِ». 6940 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ عَنْ هِلاَلِ بْنِ أُسَامَةَ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَدْعُو فِى الصَّلاَةِ «اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِى رَبِيعَةَ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَالْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، وَابْعَثْ عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ». أطرافه 797، 804، 1006، 2932، 3386، 4560، 4598، 6200، 6393 تحفة 15350 واعلم أَنَّ الإِمامَ البُخاري شدَّدَ الكلامَ في هذا البابِ على الإِمام أبي حنيفةَ النُّعمان، وكذا في كتابِ الحِيَل، ووجْهُ ذلك: أَنَّ البخاريَّ لم يَتَعَلَّم فِقْهَ الحنفيةِ حقَّ التَّعَلُّم، وإِنْ نُقِلَ عنهُ أَنَّه رَأَىَ فِقْهَ الحنفية، لكن ما يَتَرَشَّح مِنْ كِتَابِهِ هو أنه لم يُحَقِّقْ فُقْهَنا، ولم يَبْلُغْهُ إلا شَذَرَاتٍ منه، وهذا الذي دَعاهُ إلى ما أَتَى عليه في هذا الباب، ولو دَرَىَ ما الإِكراهُ في فُقْهِنَا لَمَا أَوْرَدَ علينا شيئًا. وجملةُ الكلامِ فيه، أَنَّ الإِكْرَاهَ عندنا لا يَتُمُّ إلا بتَهْدِيدِ إيقَاعِ الفِعْلِ المُهَدَّدِ به على ذاته، أو أَطْرَافِهِ، أو القَرِيبِ مِنْ أَقَارِبِهِ، فإِنَّ سَابَّهُ أو هَدَّدَهُ بإِيقاعِ الفَعْلِ على غَيْرِهِ، لا يكونُ مَكْرَهًا، فإِنْ قال لهُ: اشرَبِ الخَمْرَ وإلا أَقْتُلُ زيدًا، لا يكون مكرهًا، وإِنْ وَجَبَ

1 - باب من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر

عليه أَنْ يَشْرَبَ الخَمْرَ، وذلك لأنَّ حَقْنَ دَمِ امْرِىءٍ، مُسْلِمٍ فَرِيضة، ولَكِنَّهُ بابٌ آخر، والبخاريُّ لمَّا عدَّ كله مِنْ وَادٍ واحدٍ، فَجَعَلَ الإِكْرَاه على نفسِهِ وأقارِبه، والإِكْرَاهَ على الغيرِ، والبعيدِ مِنْ أقارِبِه، والتَّسَابُبِ كُلَّه مِنْ بابٍ واحدٍ، فَوَقع فيما وَقَعَ، ولو تَنَبَه على هذا الفَرْقِ لَمَا تَقَدَّمَ إلى مِثْلِ هذِهِ الإِيرَادَاتِ. ورَاجِع أَقْسَامَ الإِكْرَاهِ، وأحكامِه مِنَ «الهِدَايةِ». - قوله: ({إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106]) وهذا الإِكْرَاهُ بإِجْرَاءِ كلمةِ الكُفْرِ، ثُمَّ إِنَّ في فُقْهِنَا تفصيلًا بأَنَّ فِعْلَ المُكْرَهَ عليه قَدْ يَكُونُ عزيمةً، وقد يكونُ رخصةً، فالعزيمةُ في مسألةِ إِجْرَاءِ كلمةُ الكُفْرِ أَنْ يَمْتَنِعَ عنه، ويَسْمَحَ بنفْسِهِ، والأَوْلَى في شُرْبِ الخَمْر أَنْ يَشْرَبَهُ، ويُنْقِذَ نَفْسَهُ، وذلك لأنَّ حُرْمَةَ إِجْرَاءِ كلمةِ الكُفْرِ بَدِيهي، ولم تَزلْ تلكَ الكلمةُ حَرَامًّف مِنْ لَدُنْ آدمَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ إلى يومِنَا، بخلافِ شربِ الخمرِ فإنَّه وإِنْ كان حَرَامًا أيضًا، إلا أَنَّه كان حلالًا في زمانٍ، ثم نُسخ، فسُومِحَ فيه بشربِ الخَمْرِ عندَ الإِكْرَاهِ. - قوله: (والمُكْرَهُ لا يَكُونُ إلَّا مُسْتَضْعَفًا) ... إلخ، وهذه مقدمةٌ للتنبيهِ على أَنَّ المُكْرَه - بالفتح - ليس إلا من ضعَّفَه المكرِه -بالكسر-. - قوله: (وقال الحَسَنُ) ... إلخ، يريدُ أَنَّ تَحْصِلَ التُقَاة باقٍ إلى يومِ القيامةِ، وليس مختصًا بعهدِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلّم. - قوله: (وقال ابنُ عبَّاسٍ، فِيمَنْ يُكْرِهُهُ اللُّصُوصُ، فَيُطَلِّقُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ) قلنا: إِنَّ طلاق المُكْره واقعٌ، فإِنَّ الإِكْرَاه يَعْدِمُ الرِّضاء دُونَ الاخْتِيَار. - قوله: (وبه قال ابنُ عُمَرَ) ... إلخ، قلنا: قَدْ ذَهَبَ غيرُ واحدٍ مِنَ العلماءِ إلى ما ذَهَبَ إليه الإِمامُ الهُمامُ أيضًا (¬1). - قوله: (الأعمالُ بالنِّيَّةِ) وقد بَسَطَنَا الكلامَ فيه في أَوَّلِ الكتابِ، وأَنَّه لا تُعلقَ له بموضِع النِّزَاعِ. 1 - باب مَنِ اخْتَارَ الضَّرْبَ وَالْقَتْلَ وَالْهَوَانَ عَلَى الْكُفْرِ 6941 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ الطَّائِفِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ ¬

_ (¬1) وفي -"البِنَايةِ"- وعمدةِ القاري: "أَنَّ مَذْهَبَنَا مذهب عمر، وعليٍّ، وعبد الله بن عمر، وبه قال الشَّعْبيُ، وابنُ جُبَيْرٍ، والنَّخَعي، والزُّهْرِي، وسعيدُ بنُ المسَيَّب، وشُرَيْحٍ القاضي، وأبو قِلابَةَ، وقَتَادَةُ، والثوريُّ رحمهُ الله تعالى عليهم أجمعين، وقدْ ذَكَرْنَاهُ فيما مَرَّ مَبْسُوطًا.

2 - باب فى بيع المكره ونحوه، في الحق وغيره

يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِى الْكُفْرِ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِى النَّارِ». أطرافه 16، 21، 6041 - تحفة 946 6942 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ سَمِعْتُ قَيْسًا سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ لَقَدْ رَأَيْتُنِى وَإِنَّ عُمَرَ مُوثِقِى عَلَى الإِسْلاَمِ، وَلَوِ انْقَضَّ أُحُدٌ مِمَّا فَعَلْتُمْ بِعُثْمَانَ كَانَ مَحْقُوقًا أَنْ يَنْقَضَّ. طرفاه 3862، 3867 - تحفة 4466 6943 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ قَالَ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِى ظِلِّ الْكَعْبَةِ فَقُلْنَا أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلاَ تَدْعُو لَنَا. فَقَالَ «قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِى الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهَا، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، وَيُمَشَّطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ، فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لاَ يَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ». طرفاه 3612، 3852 - تحفة 3519 - 26/ 9 أي مَنْ أُكْرِهَ على الكُفْر، فأَبَى عنه، واختارَ هذه الأشياء، وتَحَمَّلَ التأذي، وبهِ نقول. 2 - باب فِى بَيْعِ الْمُكْرَهِ وَنَحْوِهِ، فِي الْحَقِّ وَغَيْرِهِ 6944 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ فِى الْمَسْجِدِ إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ». فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى جِئْنَا بَيْتَ الْمِدْرَاسِ فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَادَاهُمْ «يَا مَعْشَرَ يَهُودَ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا». فَقَالُوا قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَقَالَ «ذَلِكَ أُرِيدُ»، ثُمَّ قَالَهَا الثَّانِيَةَ. فَقَالُوا قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. ثُمَّ قَالَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ «اعْلَمُوا أَنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئًا فَلْيَبِعْهُ، وَإِلاَّ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا الأَرْضُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ». طرفاه 3167، 7348 تحفة 14310 وبيعِ المُكْرَه موقوفٌ عندنا، بخلافِ الطَّلاقِ، لأنَّهُ مِنَ الإِسقَاطَاتِ، والبيعُ مِنَ الإِثبَاتَاتِ، فَيتَوَقف. - قوله: (ونَحْوِهِ) وفَسَّرَهُ العَيْنِي بالمُضْطَرِ، ليَعُمَّ الإِكْرَاهَ الفِقَهي وغيرِهِ، كالبيعِ في أيامِ القَحْطِ، فإِنَّ النَّاسَ يَعبايَعُونَ فيها بالغَبْنِ الفَاحِشْ، ولا يُسَمَّى ذلك إِكْرَاهًا فِقْهيًا، فهو إِذَن بيعُ المُضْطَر، ولا بُدَّ مِنْ مُرَاجَعةِ كُتْبِ الفِقْه لحكْمِ مثلِ هذه البُيوع، فإِنَّ عامةَ ما يُوجَدُ فيها حُكْمُ الغَبن الفَاحِشْ، أَمَّا أَمْثَال تلك البُيوع ما حُكْكُها؟ فلم أَرَه فلْيفتَّش. - قوله: (في الحَقِّ) أي إِنَّ الإِكْرَاه وإِنْ تحقق، لكِنْ المكْرِه - بالكسر - كان فيه على الحقِّ، كما أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلّم أَكْرَه اليهودَ على الجَلاءِ، وكان على الحقِّ في ذلك.

3 - باب لا يجوز نكاح المكره

قلتُ: وهذا ليس إِكْرَاهًا فِقْهًا، فإِنَّه تحقق لو كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلّم هَدَّدَهُم بِقَتْلِ أَنْفُسِهم، أو بِقَطْتِ عضوهم، وإِذْ ليس، فليس. - قوله: (وغَيْرِهِ) أَي إنَّ الإِكْرَاه قد يكونُ على غيرِ الحقِّ أيضًا. 3 - باب لاَ يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُكْرَهِ {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 33]. 6945 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُجَمِّعٍ ابْنَىْ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ الأَنْصَارِىِّ عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِذَامٍ الأَنْصَارِيَّةِ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهْىَ ثَيِّبٌ، فَكَرِهَتْ ذَلِكَ، فَأَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَدَّ نِكَاحَهَا. أطرافه 5138، 5139، 6969 - تحفة 15824 6946 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ أَبِى عَمْرٍو - هُوَ ذَكْوَانُ - عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يُسْتَأْمَرُ النِّسَاءُ فِى أَبْضَاعِهِنَّ قَالَ «نَعَمْ». قُلْتُ فَإِنَّ الْبِكْرَ تُسْتَأْمَرُ فَتَسْتَحِى فَتَسْكُتُ. قَالَ «سُكَاتُهَا إِذْنُهَا». طرفاه 5137، 6971 - تحفة 16075 - 27/ 9 والإِكْرَاه على النِّكَاحِ بأَنْ يُهدِّدَهُ بالنَّفْسِ، أعلأْ العُضْوِ، إِلا أَنْ يَتَكَلَّم بالإِيجابِ أو القَبُولِ؛ وحينئذٍ حديثُ خَنْسَاءَ في غيرِ مَحِله، فإِنَّ أباها كان زَوَّجَها بعبَارَتِه، ولم يَكُنْ أَكْرَهَها على الإِيجاب والقَبُولِ، وليست وِلاَيَةُ الإِجْبَارِ مِنْ بابِ الإِكراه في شيءٍ، فإِنَّ مَعْنَاها نفاذُ القَوْلِ عليها بدونِ رِضَاها، وليس معناها أَنْ يَضْرِبَها الأبُ أَو الوليُّ، فيُجْبِرَها أَنْ تُنْكِحَ نَفْسَها، كما زَعَم. 4 - باب إِذَا أُكْرِهَ حَتَّى وَهَبَ عَبْدًا أَوْ بَاعَهُ لَمْ يَجُزْ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: فَإِنْ نَذَرَ الْمُشْتَرِى فِيهِ نَذْرًا، فَهْوَ جَائِزٌ بِزَعْمِهِ، وَكَذَلِكَ إِنْ دَبَّرَهُ. 6947 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ دَبَّرَ مَمْلُوكًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّى». فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ. قَالَ فَسَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ عَبْدًا قِبْطِيًّا مَاتَ عَامَ أَوَّلَ. أطرافه 2141، 2230، 2321، 2403، 2415، 2534، 6716، 7186 - تحفة 2515 5 - باب مِنَ الإِكْرَاهِ {كُرْهًا} [الأحقاف: 15] وَ {كَرْهًا} [آل عمران: 83] وَاحِدٌ.

6 - باب إذا استكرهت المرأة على الزنا فلا حد عليها

6948 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِىُّ سُلَيْمَانُ بْنُ فَيْرُوزَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ الشَّيْبَانِىُّ وَحَدَّثَنِى عَطَاءٌ أَبُو الْحَسَنِ السُّوَائِىُّ، وَلاَ أَظُنُّهُ إِلاَّ ذَكَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} [النساء: 19] الآيَةَ قَالَ كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ، إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا، وَإِنْ شَاءُوا زَوَّجَهَا، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجْهَا، فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ بِذَلِكَ. طرفه 4579 - تحفة 6100، 5982 وبه قال بعضُ النَّاسِ: فإِنْ نَذَرَ المُشْتَري فيه نَذْرًا، فهو جَائزٌ بزَعْمِهِ، وكذلِكَ إِنْ دَبَّرَهُ. والمرادُ بقولِه: لم يَجُزْ أي لم يَلْزَم، بل يَبْقَى موقوفًا. وأمَّا مسألةُ النذر، فإن كان البُخَاري نَقَلَها لمُنَاقَضَتِها بمسألةِ البيعِ والهبةِ، فهذا غيرُ وارِدٍ، لأنَّ التَّدْبِرَ ونحوَهُ مِنَ التَّصرُفاتِ اللَّازِمَةِ، والمُشْتَري إذا أَتَى بتلكَ التَّصرُّفَاتِ، وَجَبَ القَوْلُ بِنَفَاذِهَا، ولُزُومِ البيعِ لا مَحالَة، كما في - البِيَاعاتِ الفاسدة - فإِنَّ المُشْتَرِي إذا أَتَى فيها بِتَصَرُّفٍ غيرِ قابلٍ للنقض، يَلزمُ البيع، ولا يَبْقَى خيارُ الفَسْخِ. ورَاجِع «الهداية». 6 - باب إِذَا اسْتُكْرِهَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى الزِّنَا فَلاَ حَدَّ عَلَيْهَا فِى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 33]. 6949 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى نَافِعٌ أَنَّ صَفِيَّةَ ابْنَةَ أَبِى عُبَيْدٍ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ عَبْدًا مِنْ رَقِيقِ الإِمَارَةِ وَقَعَ عَلَى وَلِيدَةٍ مِنَ الْخُمُسِ، فَاسْتَكْرَهَهَا حَتَّى افْتَضَّهَا، فَجَلَدَهُ عُمَرُ الْحَدَّ وَنَفَاهُ، وَلَمْ يَجْلِدِ الْوَلِيدَةَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا. قَالَ الزُّهْرِىُّ فِى الأَمَةِ الْبِكْرِ، يَفْتَرِعُهَا الْحُرُّ، يُقِيمُ ذَلِكَ الْحَكَمُ مِنَ الأَمَةِ الْعَذْرَاءِ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا، وَيُجْلَدُ، وَلَيْسَ فِى الأَمَةِ الثَّيِّبِ فِى قَضَاءِ الأَئِمَّةِ غُرْمٌ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ الْحَدُّ. تحفة 10677 6950 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ بِسَارَةَ، دَخَلَ بِهَا قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ مِنَ الْمُلُوكِ أَوْ جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنْ أَرْسِلْ إِلَىَّ بِهَا. فَأَرْسَلَ بِهَا، فَقَامَ إِلَيْهَا فَقَامَتْ تَوَضَّأُ وَتُصَلِّى فَقَالَتِ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ فَلاَ تُسَلِّطْ عَلَىَّ الْكَافِرَ، فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ». أطرافه 2217، 2635، 3357، 3358، 5084 - تحفة 13764 - 28/ 9 وهي المسألةُ عندنا. 6949 - قوله: (رَقِيقِ الإِمَارَةِ) وهو العبدُ الذي لم يُسْهَم لأحدٍ بعد، فإِنَّه يُضاف إلى بيتِ المَالِ.

7 - باب يمين الرجل لصاحبه إنه أخوه، إذا خاف عليه القتل أو نحوه

قوله: (يُقِيمُ ذَلِكَ الحَكَمُ - أي المُنْصِفُ العَادِلُ - من الأَمَةِ العَذْرَاءِ بِقَدْرِ ثَمَنِهَا) وهذا هو الأَرْش. قوله: (ويُجْلَدُ) الزاني هذا إذا كان غيرُ مُحْصَنٍ، وإلا فَيُرْجَم، أَوْ تكونُ المسألةُ عندَهُ في الأمةِ المَزْنِية، هي هذه، أي لا يكونُ الرَّجْمُ واجبًا على مَنْ زَنَى بها، ويُمكِنُ أنْ يكونَ المرادُ منه أقلَّ ما يجبُ عليه، وهو الجَلَد. قوله: (ولَيْسَ في الأَمَةِ الثَّيِّبِ في قَضَاءِ الأَئِمَّةِ غُرْمٌ) أي في حُكْم العُلماء. 7 - باب يَمِينِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ إِنَّهُ أَخُوهُ، إِذَا خَافَ عَلَيْهِ الْقَتْلَ أَوْ نَحْوَهُ وَكَذلِكَ كُلُّ مُكْرَهٍ يَخَافُ، فَإِنَّهُ يَذُبُّ عَنْهُ المَظَالِمَ، وَيُقَاتِلُ دُونَهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ، فَإِنْ قَاتَلَ دُونَ المُظْلُومِ فَلاَ قَوَدَ عَلَيهِ وَلاَ قِصَاصَ. وَإِنْ قِيلَ لَهُ: لَتَشْرَبَنَّ الخَمْرَ، أَوْ لَتَأْكُلَنَّ المَيتَةَ، أَوْ لَتَبِيعَنَّ عَبْدَكَ، أَوْ تُقِرُّ بِدَينٍ، أَوْ تَهَب هِبَةً، وَتَحُلُّ عُقْدَةً، أَوْ لَنَقْتُلَنَّ أَبَاكَ أَوْ أَخَاكَ في الإِسْلاَمِ، وَسِعَهُ ذلِكَ، لِقَوْلِ النبي صلى الله عليه وسلّم «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ». وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَوْ قِيلَ لَهُ لتَشْرَبَنَّ الخَمْرَ، أَوْ لَتَأْكُلَنَّ المَيتَةَ، أَوْ لَنَقْتُلَنَّ ابْنَكَ أَوْ أَبَاكَ، أَوْ ذَا رَحِمٍ مُحَرَّمٍ، لَمْ يَسَعْهُ، لأَنَّ هذا لَيسَ بِمْضْطَرّ، ثُمَّ نَاقَضَ فَقَالَ: إِنْ قِيلَ لَهُ: لَنَقْتُلَنَّ أَبَاكَ أَوِ ابْنَكَ أَوْ لَتَبِيعَنَّ هذا العَبْدَ، أَوْ تُقِرُّ بِدَينٍ أَوْ تَهَبُ، يَلزَمُهُ في القِيَاسِ، وَلكِنَّا نَسْتَحْسِنُ وَنَقُولُ: البَيعُ وَالهِبَةُ، وَكُلُّ عُقْدَةٍ في ذلِكَ بَاطِلٌ. فَرَّقُوا بَينَ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ وَغَيرِهِ، بِغَيرِ كِتَابٍ وَلاَ سُنَّةٍ. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم «قَالَ إِبْرَاهِيمُ لاِمْرَأَتِهِ: هذهِ أُخْتِي، وَذلِكَ في اللَّهِ». وَقَالَ النَّخَعِيُّ: إِذَا كَانَ المُسْتَحْلِفُ ظَالِمًا فَنِيَّةُ الحَالِفِ، وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا فَنِيَّةُ المُسْتَحْلِفِ. 6951 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِى حَاجَةِ أَخِيهِ، كَانَ اللَّهُ فِى حَاجَتِهِ». طرفه 2442 - تحفة 6877 6952 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ قَالَ «تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ». طرفاه 2443، 2444 - تحفة 1083 - 29/ 9 قوله: (وإنْ قِيلَ لَهُ: لَتَشْرَبَنَّ الخَمْرَ، أَوْ لَتَأْكُلَنَّ المَيْتَةَ، إلى قوله: أو تَحُلُّ عُقْدَةً)، وهذه ستةُ أَشْياءَ عَدِيل واحد، وعَدِيلُه الآخر قوله: {أو لنقتلن أباك أو أخاك أو لنقتلن أباك, أو أخاك. وحاصله:

أَنِ أُكْرِهَ على هذه الأشياء، وهَدَّدَهُ بقتلِ الأبِ، أَوْ أَخٍ في الإِسلامِ، فهو مُكْرَهٌ عند المصنف. قُلنا: إِنَّه ليس بإِكْرَاهٍ، ولَكِنَّه بابٌ آخر، فإِنَّ حِفْظَ دمِ امْرِىءٍ مسلمٍ واجبٌ في كلِّ أَوَانٍ. - قوله: (يَلْزَمُهُ في القِيَاسِ) أي يكونُ البيعُ لازمًا، ولا يكونُ موقوفًا، فكان الإِكْرَاه غيرَ معتبرٍ فيه، وإن كان الاسْتَحْسَانُ يُوجِبُ اعتبارَهُ وبُطْلانَ البيعِ، ثُمَّ الإِكْرَاهُ عِنْدَنا لا يكونُ إلا إذا أَوْقَع بقتْلِه، أو بِقَتْلِ أَقَارِبِهِ، أَمَّا إذا هَدَّدَ بِقَتْلِ أَجْنَبيّ فليس بإِكْرَاهٍ، والبُخاريُّ يُسَوِّي الأقارب والأخ في الإِسلام (¬1). ¬

_ (¬1) قلتُ: تَفْصِيلُ المَقَامِ بحيثُ يَنْحَلُّ به المَرَامُ، أَنَّ الإِكْرَاه عندنا على نَحْوَيْنِ. مُلجىءٌ، وغيرُ ملجىءٍ. والإِلجاء يَتَحَقَّقُ فيما إذا خَانَ به على نفسِهِ، وعضوٍ مِنْ أعْضَائِه، فإِنَّه يُعْدِمُ الرّضاءَ، ويُوجِبُ الإِلجاءَ، فإِنَّ الإِنسانَ مَجْبُولٌ على حِفْظِ نَفْسِهِ. وغيرُ الملجىءِ: وهو الإِكْرَاهُ القَاصِر، بأنْ لا يَخافَ به على نَفْسِهِ، ولا على تَلَف عُضوٍ مِنْ أَعْضَائِه، كالإِكْرَاهِ بالضَّرْبِ الشَّدِيدِ والحبسِ، فإنَّه يُعْدِمُ الرَّخاءَ، ولا يُوجِبُ الإِلجاءَ، ولا يُفْسِد الاختيار، بخلافِ النَّوعِ الأَوَّل، وهذا النَّوع لا يُؤَثِّر إلا في تَصْرُّفٍ يَحْتَاجُ فيه إلى الرِّضَاء، كالبيعِ، والأول يُؤَثِّر في الكُل، ومِن ههُنَا علمتَ أنَّ الإِكْرَاه في شُرْب الخَمْرِ وأكل الميتة، ليس كالإِكرَاه في البيع ونحوِه. فإِنْ قال لهُ: لَتَشْرَبَنَّ الخَمْرَ، أو لِنَقْتُلَنَّ أبَاكَ أو ابنَكَ، لم يَسَعْهُ أَنْ يَشْرَبَها، لأَنَّ حُرْمَةَ هذه الأشياء ثابتة بالنَّصِ، ولا تُباحُ إلا عند قيام الضَّرُورَةِ، وهي حالة الاضطِرَارِ، كما في المَخمَصَةِ، وهو لا يَتَحَقَّقُ إلا بإِكراه مُلْجىءٍ، بأنْ يخاف على نَفْسِهِ، أو عُضْوِهِ، ولو أَكْرَهَهُ على البيعِ في الصُّورَةِ المذكورةِ، لم يَلْزَمْه البيعَ استحسانًا، ويُعْتبَرُ في مِثله الإِكرَاه، لأنَّهُ مما يَحْتَاجُ إلى الرِّضَاء، والإِكرَاهِ بِكِلاَ نَوْعَيْهِ -المُلْجِىء، وغيرِ الملجىء- يُفْسِدُ الرِّضا الذي هو شَرْطُ هذه التَّصرفات. وجملةُ الكلامَ أَنَّ الإِكرَاهَ المُلْجِىء يُؤثِّرُ في سائرِ الأَنوَاعِ، فلو أَكرَهَهُ على شُرْبِ الخَمرِ بِقَتْلِ نَفْسِهِ أو عُضْوِهِ، وَسِعَهُ أَنْ يَشْربَها، وإِنْ فَعَلَهُ في البيعِ لا يَلْزمْهُ. أَمَّا في غيرِ المُلْجِىءِ، فإنْ تَحَقَّقَ فيما لا يَعْتَمِدُ الرِّضَاء، كشُرْبِ الخَمْرِ، لم يَسَعْهُ شُرْبها، وإنْ تَحَقَّقَ فيما يَعْتَمِدُ الرِّضَاء كالبيعِ يُعْتَبَر بهِ، ولا يَلْزَمُهُ البيعَ في الاستحسانِ، كما ذكرنا، وإن كان القياسُ يَحْكم بالتسويةِ بَيْنَ الفَصْلَيْنِ، ثُمَّ إِنَّ التهديدَ بِقَتْل الأبِ أو ذي رَحِم مُحْرَم، يُحَقِّقُ الإِلْجَاءَ ولو قاصرًا، فإنَّ الإِنسانَ حَرِيصٌ على القِتَالِ دُونَهم، ومولعٌ بصيَانَةِ دِمَائِهم ولوعَه بِصِيَانةِ دَمِه، أَمَّا إذا هَدَّدَهُ بِقَتلِ أجنبي، فإِنَّه ليس مِن الإِكرَاهِ في شيءٍ. أمَّا كونُه واجبًا في نَفْسِهِ، فلا نُنْكِرُهُ، ولكنَّه بابٌ آخر، وليس كُلُّ ما يجبُ على الإِنسانِ فِعْلُه يتحقَّقُ به الإِلْجَاءِ، والبُخاريُ لمَّا لم يُدْرِكْ الفَرْقَ بين الطَّائِفَتَيْن، جَعَلَ الإِكرَاه بِقَتْلِ الأبِ كالإِكْرَاهِ بقتله الأجْنَبِي، وقد أَدْرَكَهُ إمامُنا أبو حنيفةَ، فقال به: كيفَ! ومسائلُ الميراثُ، ووجوبُ النفقة ونحوُها تنادي بأعْلَى نِدَاءٍ على أَنَّ بين الأَجْنَبي، وذي رَحِم مَحْرَمٍ بَوْنَاً بعيدًا، حيث يثبتُ الميراثُ لهم دون الأجنبي، وَأوْجَبَ عليه النَّفَقَةَ لأقاربه، بخلافِ الأجانبِ، ونحوَ هذه الفُروق غيرُ قليل في الفِقْه، فكيف حَكَمَ البخاري بالتسويةِ بين الطَّائِفتَين، مع وجودِ فارقٍ بينهما مِنَ الكتابِ والسُّنَّةِ؟ ثُمَّ إنَّ حِفْظَ دَمِ امْرِىءٍ مُسْلِمٍ لو كان واجبًا على الفورِ، فَهَلَّا عَجَّلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى استيفاءِ دم خُبَيْبٍ، فَعُلِمَ أن وجوبَ حِفْظِ دم امرِىءٍ مُسلِمٍ على الفَورِ، ليس بضابطةٍ كُلَّيَةٍ. إذا علمت هذا، فاعلم أَنَّ مُلَخَّص إيرادِ البُخاري في هذا الباب أمران: الأول: تفريقُ الإِمام الأعظم بين حُكمِ الأَقاربِ وبين الأجنبي المُسلمِ، مَع قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: المسلمُ أَخُ المُسْلِم. والثاني: فَرْقُه بين حُكْمِ شُرْبِ الخَمْرِ ونحو البيع. =

- قوله: (قَالَ النَّخَخِيُّ: إذا كَانَ المُسْتَحْلِفُ ظَالِمًا) ... إلخ، ولم يَجِدْ الحافظُ تَخْرِيجَهُ إلا «من كتاب الآثار، لمحمد، فلينظر الناظر أَنَّ تعليقَ البُخَاري لو توقف إسنادُه على كتاب، ولم يُوجدْ في غيرِه، فهل يَصْلُح له أَنْ يُقال: إِنَّهُ على شَرْطِ البُخَاري أَوْ لا؟ ولَمَّا لَمْ يَكُن لهذا التَّعليقِ طريق، إلا كان محمدُ بنُ الحسنِ واقعًا فيه، ساغَ لنا أَنْ نقول: إِنَّه مِنْ رِجَال البُخاري، وإنْ كان شَأْنُه في الواقعِ أَعْلَى مِنْ هذا، عند مَنْ يَعْرِفُه. ... ¬

_ = ومِنْ ههُنا علمتَ أَنَّ تَقْرِيرَ المُناقَضةِ من البُخاري، إِنَّما يَتأتَى على حُكْمِ الاستحسانِ في بابِ البيعِ، أمَّا في القياس، فحكْمُه كحُكْمِ شُرْبِ الخَمْرِ مِنْ عَدَمِ اعتبار الإِكرَاهِ في البَابَيْنِ، وإذْ قد قُلْنا بعبْرَةِ الإِكرَاهِ، في نحوِ البيعِ استحسانًا، فَقَدْ وافَقْنَا البُخَاري في دائرةِ العَمَلِ، لأَنَّ كونَ القياسِ فيه عدمُ اعتبارِهِ عِنْدَنَا نظرٌ فقط، أَمَّا ما ظهر في العملِ فهو حكْمُ الاستحسانِ، وقد استَوَيْنَا فيه حَذْو المِثْقَالِ بالمثقالِ، فأيُّ إيرادٍ بَعْدَه، وأيُّ قَلَقٍ؟. وقد ظهر لك الجوابُ عمَّا أَوْرَدَهُ البُخَاريّ ممَّا فَصَّلْنَا لكَ مِنْ مَذْهَبِ الإِمامِ الهُمَامِ، فلا نَطولُ الكلامَ بذكرهِ؛ وفي تقريرٍ مِنْ شيخِ الهند رحمه الله تعالى عندي، أَنَّ ما احتجَّ به البُخاري -مِنْ قَولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "المسلمُ أخُ المسلم"- بعد الإِمعانِ، حجةٌ لنا، فإِنَّ المكْرَهِ إذا بَاعَ مالَهُ، وأَنْقَذَ أَخَاهُ مِنَ القَتْلِ، فقد أعَانَ أخاهُ المُسْلمِ أَلْبَتَةَ، حيث رضيَ بإِضْرَارِ نَفْسِهِ، وآثَرَهُ على ضَرَرِ أخِيِهِ، بخلافِ ما إذا قُلنا: إنَّ بَيْعَهُ غيرُ معتبرٍ، فإنَّه بالبيعِ على هذا التَّقْدير لم يَتَحَمَّل ضررًا على نفسِهِ، فإِنَّ ماله بَعْدَ زَوَالِ الإِكرَاهِ، يَرْجِعُ إلى مِلكه فلم يتَضَرَّر بشيءٍ، والأخوة في الإِعانة مع الرِّضاء بالتَّضَرُّرِ، أَظهَرُ منها بدونِه، وحينئذٍ فالحديثُ أصدقُ على مَذْهَبِنَا، واللهُ تعالى أعلمُ بالصَّوابِ.

91 - كتاب الحيل

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 91 - كتاب الحِيَل 1 - باب فِى تَرْكِ الْحِيَلِ، وَأَنَّ لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فِى الأَيْمَانِ وَغَيْرِهَا 6953 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يَخْطُبُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا لاِمْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ هَاجَرَ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ». أطرافه 1، 54، 2529، 3898، 5070، 6689 - تحفة 10612 واعْلَم أَنَّ البُخاري لم يُفَرِّقْ بين جَوازِ الحِيلَةِ ونفاذِها، فَكُلُّ ما كان يَرِدُ على القَوْلِ بالجَوازِ، أَوْرَدَهُ على القَوْلِ بالنَّفَاذِ مع فَرْقٍ جَلي بَيْنَ الأَمْرَيْنِ، فَرُبَّ شيءٍ لا يكونُ فِعْلُه جائزًا عِنْدَ الشَّرْعِ، فإِنْ تَجَاسَرَ عليه أَحدٌ يُعْتَبَرُ لا مُحَالَةَ أَلا تَرَى أَنَّ الطَّلاقَ في زَمنِ الحَيْضِ مَحْظُورٌ، مع ذلك لو طَلَّقَهَا فيه وَقَعَ ونَفَذَ، ولا أقل مِنْ أَنَّ النظرَ يتردَّدُ فيه، فالأوَّلُ لا يَسْتَلْزِم الثاني، فأِنَّ أحدًا منهم لم يَقُلْ بجوازِ الطَّلاقِ زَمَنَ الحَيْضِ، وإنْ ذَهَبَ شِرْذِمَة إلى هَدْرِهِ، وكيفَ ما كان دارَ النظرُ في الثاني، مَعَ الاتِّفَاقِ في الأوَّل. ثُمَّ إِنَّ منْ نَقْلِ الحِيَل، ولم يَنْقُل عبارةَ أَبي يُوسف في أَوَّلِها فَقَدْ قَصَّرَ جدًا، لأنَّ النَّاظِرَ إذا رَأَى الحِيَل لِدَفْعِ الحقوقِ، مضبوطةً مكتوبةً، يَظُنُّها جائزةً، فَيتَحَيَّرُ مِنْ جوازِ هذه الخديعةِ في الإِسلامِ، بَعْدَ أَنَّه قَدْ كان جَاءَ لِمحْقِهَا واسْتِئْصَالِها، فكيف بهذا الإِفسادِ بعد الإِصلاح، ولو كتبوا في أَوَّلِ الباب، أَنَّ الحِيَلَ لأَخْذِ أموالِ النَّاسِ حرامٌ عندنا، لَثَلَجَ الصَّدْرُ، فإِنَّها لِمنْ ابتُلِيَ، وَأَرَادَ تخليصَ رَقَبَتِهِ مما قد أُحِيطَ به، فأَشفَاهُ على الهَلاكِ، لا لأَنَّ المقصودَ منها ترْوِيجُها وإباحتُها لحبطِ الأموال، والعياذ بالله. والحقُّ قد يَعْتَرِيهِ سُوء تَعْبير فلم يَرِد ما وَرَدَ علينا إلا مِنْ سُوء هذا الصنيع. ولذا وَجَبَ علينا أَنْ نَأْتي أَوَّلًا بِما في الحيل من التشديد عند علمائِنا. قال الحافظُ: ونَقَلَ أبو حَفْصٍ الكبير، راوي كتابَ الحِيَل عن مُحمدٍ بنِ الحسنِ أَنَّ محمدًا قال: ما احتالَ به المسلمُ حتى يَتَخَلَّصَ به من الحرام، أو يَتَوَصَّل به إلى الحلال، فلا بأس به وما احتالَ به حتى يُبْطِلَ حقًا، أو يُحقَّ باطلًا، أو ليُدْخِلَ به شبهة في حَقٍ فهو مكْرُوه، والمكْرُوه عندَهُ إلى الحرامِ أقرب، اهـ.

2 - باب فى الصلاة

وفي «العيني» كما في الهامش، قال النَّسَفيِّ في «الكافي» عن محمدِ بنِ الحسن، قال: ليس مِنْ أَخْلاقِ المؤمنين الفِرار عن أحكام الله تعالى بالحيلِ الموصِلَةِ إلى إِبْطَالِ الحق، اهـ. وفي «الفتح»: قال أبو يوسف في كتاب الخَرَاج، بعد إِيرَادِ حديثٍ: «لا يُفَرَّقُ بين مجْتَمِعٍ» ولا يَحِلُ لرجلٍ يؤمنُ باللَّهِ واليومِ الآخرِ منعُ الصَّدَقَةِ، ولا إخراجُها عن مِلْكِهِ لمِلكِ غيرِه، ليفَرِقَها بذلك، فتبطلُ الصدقةُ عنها، بأَنْ يصيرَ لكلِّ واحدٍ منها ما لا تجبُ فيه الزَّكاة، ولا يُحتال (¬1) في إبطالِ الصَّدَقَةِ بوجهٍ، اهـ. 2 - باب فِى الصَّلاَةِ 6954 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ ¬

_ (¬1) قلتُ: أَمَّا عباراتُ أَئِمتُنَا، فَقَدْ نَقَلْتُها في الصُلب برُمَّتِها، وحسْبُكَ بعدَها من تصريحاتِ أَئِمَّتِنا رحمهمُ اللهُ تعالى، ثُم ههنا كلام مِنَ الحافظِ في صَدَّدِ البابِ يفيدُ النَّاظرَ بصيرةُ آتيكَ به أيضًا، لِمَا أرى فيه منفعةً عظيمةً، قال الحافظُ: وهي -أي الحيل- عند العلماءَ على أَقْسَامٍ، بحسب الحاملِ عليها. فإِنْ توصَّلَ بها بطريقٍ مباحٍ إلى إِبْطَالِ حقٍّ، أو إِثبَاتِ باطلٍ، فهي حرام. أَوْ إلى إثباتِ حقٍ، أو رَفعِ باطلٍ، فهي واجبةٌ، أو مستحبةٌ. وإنْ تُوصْلَ بها بطريقٍ مباحٍ إلى سَلامةٍ مِنْ وقوعٍ في مَكْرُوهٍ، فهي مستحبةٌ، أو مباحةٌ. أو إلى تَرْكِ مندوبٍ، فهي مكروهةٌ، وَوَقَع الخلافُ بين الأئمةِ في القِسْمِ الأوَّلِ، هل يصحُ مطلقًا، وَينْفُذ ظاهرًا وباطنًا، أو يَبْطلُ مطلقًا، أو يصحُ مع الإِثْمِ. ولمن أَجَازَها مطلقًا، أو أبْطَلَها مطلقًا أدلة كثيرة، فمن الأول: قولُه تعالى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} [ص: 44] وقد عَمِلَ به - صلى الله عليه وسلم - في حقِّ الضَّعِيفِ الذي زَنَى، وهو مِنْ حديثِ أَبي أُمَامَةُ بنِ سَهلٍ في -السُّنَنِ-. ومنه قولُه تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2] وفي الحِيَلِ مُخارج من المضَايق، ومنه مشروعيةُ الاستثناءِ، فإنَّ فيه تخْلِيصًا مِنَ الحِنْث، وكذلك الشُّروط كلُّها، فَإنَّ فيها سلامةً مِنَ الوقوعِ في الحَرَجِ، ومنه حديثُ أبي هريرة، وأبي سعيدٍ في قِصةِ بلالٍ: بع الجمع بالدَّراهم، ثم أَتْبعِ الدَّرَاهم جَنِيبَاً. ومن الثاني: قِصَة أصحابِ السبتِ. وحديثُ: "حرمت عليهم الشحوم، فحملوها، فبَاعُوها، وأكلوا ثمنها"، وحديث: النهي عن النجش، وحديث: "لعن الله المحلِّلَ، والمحلَّلَ له" والأصل في اختلافِ العلماءِ في ذلك اختلافهم هل المعتبر في صِيَغِ العُقُودِ أَلفاظها، أو معانيها؟ فَمَنْ قال بالأَوَّلِ أَجَازَ الحِيَل، ثم اختَلَفوا، فمنهم مَن جَعَلَها تنفذ ظَاهِرَاً، وباطنًا في جميعِ الصُّوَرِ، أو في بَعْضِها ومنهم مَن قال: تَنْفذُ ظاهرًا لا باطِنًا، ومَنْ قال بالثاني أبْطَلَها، ولم يُجِزْ منها إلا ما وَافَقَ فِيه اللَّفظُ المعنى، الذي تدل عليه القَرَائِن، وقَدْ اشتَهَرَ القولُ بالحِيَل عنِ الحنفيةِ، لكون أبي يوسف صنَّفَ فيه كتابًا، لكن المعروفُ عنه وعن كثيرٍ من أَئِمَّتهم تقييدُ أعمالِها بِقصْدِ الحقِّ. قال صاحب "المحيط": أصلُ الحِيَل قوله تعالى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا ... } [ص: 44] الآية، وضَابطها: إن كانت لِلَفَرَارِ مِنَ الحَرَامِ، والتَّبَاعُدِ مِنَ الإِثْمِ، فحسنٌ؛ وإنْ كانت لإبْطَالِ حقِ مُسْلِمٍ، فلا، بل هي إثمٌ وعدوان، اهـ. قلت: وفي هذه العبارةِ فوائد تُزري الجُمان، عليك بالتَّأمُّلِ فيها، وإِنَّما لم أَبْسُطْهَا مخَافَةَ الإِطنَابِ، ومِن أَهمِّها: أَنَّ نِسْبَةَ الحِيَلِ إِنَّما اشتَهَرَت إلى الحنفية لكونِ أبي يوسف دَوَّنَ فيها كتابًا، وأَنَّهُ قَيَّدَها بما إذا كانت لإِحياءِ حقٍ؛ وإِنَّ مِنَ الحِيَلِ ما هي واجبةٌ أو مستحبةٌ، وأَنَّها ليست مكروهةٌ على الإِطلاَقِ، وإنَّ نَفْسَها ثابتةٌ مِنَ الكتابِ والسُّنَّةِ، وأَنَّ الخِلاَفَ في النَّفَاذِ مع الاتِّفَاقِ على القَوْلِ بِعَدَمِ الجَوَازِ إلى غيرِ ذلك والله تعالى أَعْلَمُ.

3 - باب فى الزكاة، وأن لا يفرق بين مجتمع، ولا يجمع بين متفرق، خشية الصدقة

أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاَةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ». طرفه 135 - تحفة 14694 6954 - قوله: (لا يَقْبَلُ اللهُ صَلاَةَ) لعلَّ غَرَضَهُ منهُ الإِيرَادُ على القولِ بالبِنَاءِ، قلتُ: أمَّا القولُ بالبناءِ فهو رِوَايةٌ عنِ الشَّافعي في - القَدِيم - وله عندنا حُجة، ثُمَّ الاستخْلافُ معتبرٌ عند الإِمامِ البُخاري أيضًا، ويمكِنُ أَنْ يَكُونَ بين البِنَاءِ والاسْتِخْلاَفِ فرقًا عِنْدَهُ، فيقولُ بمَنْعِ البِنَاءِ دُونَه، وراجع الهامش. 3 - باب فِى الزَّكَاةِ، وَأَنْ لاَ يُفَرَّقَ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، وَلاَ يُجْمَعَ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ 6955 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِى فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَلاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ». أطرافه 1448، 1450، 1451، 1453، 1454، 1455، 2487، 3106، 5878 تحفة 6582 6956 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِى سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَائِرَ الرَّأْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِى مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنَ الصَّلاَةِ فَقَالَ «الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ شَيْئًا». فَقَالَ أَخْبِرْنِى بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنَ الصِّيَامِ قَالَ «شَهْرَ رَمَضَانَ، إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ شَيْئًا». قَالَ أَخْبِرْنِى بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنَ الزَّكَاةِ قَالَ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَرَائِعَ الإِسْلاَمِ. قَالَ وَالَّذِى أَكْرَمَكَ لاَ أَتَطَوَّعُ شَيْئًا وَلاَ أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ شَيْئًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ». أَوْ «دَخَلَ الْجَنَّةَ إِنْ صَدَقَ». وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ فِى عِشْرِينَ وَمِائَةِ بَعِيرٍ حِقَّتَانِ. فَإِنْ أَهْلَكَهَا مُتَعَمِّدًا، أَوْ وَهَبَهَا أَوِ احْتَالَ فِيهَا فِرَارًا مِنَ الزَّكَاةِ، فَلاَ شَىْءَ عَلَيْهِ. أطرافه 46، 1891، 2678 - تحفة 5009 - 30/ 9 6957 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَكُونُ كَنْزُ أَحَدِكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ، يَفِرُّ مِنْهُ صَاحِبُهُ فَيَطْلُبُهُ وَيَقُولُ أَنَا كَنْزُكَ. قَالَ وَاللَّهِ لَنْ يَزَالَ يَطْلُبُهُ حَتَّى يَبْسُطَ يَدَهُ فَيُلْقِمَهَا فَاهُ». أطرافه 1403، 4565، 4659 - تحفة 14734 6958 - وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا مَا رَبُّ النَّعَمِ لَمْ يُعْطِ حَقَّهَا، تُسَلَّطُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، تَخْبِطُ وَجْهَهُ بِأَخْفَافِهَا». وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ فِى رَجُلٍ لَهُ إِبِلٌ، فَخَافَ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ، فَبَاعَهَا بِإِبِلٍ مِثْلِهَا، أَوْ بِغَنَمٍ، أَوْ بِبَقَرٍ، أَوْ بِدَرَاهِمَ، فِرَارًا مِنَ الصَّدَقَةِ بِيَوْمٍ، احْتِيَالاً فَلاَ بَأْسَ عَلَيْهِ، وَهْوَ يَقُولُ إِنْ زَكَّى إِبِلَهُ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ الْحَوْلُ بِيَوْمٍ أَوْ بِسَنَةٍ، جَازَتْ عَنْهُ. أطرافه 1402، 2378، 3073 - تحفة 14734

6959 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ اسْتَفْتَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ الأَنْصَارِىُّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ، تُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اقْضِهِ عَنْهَا». وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِذَا بَلَغَتِ الإِبِلُ عِشْرِينَ، فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ، فَإِنْ وَهَبَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ بَاعَهَا، فِرَارًا وَاحْتِيَالاً لإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ، فَلاَ شَىْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إِنْ أَتْلَفَهَا فَمَاتَ، فَلاَ شَىْءَ فِى مَالِهِ. طرفاه 2761، 6698 - تحفة 5835 6956 - قوله: (وقَالَ بعضُ النَّاسِ: في عشرين مِئَةِ بَعِيرٍ حِقَّتَانِ، فإنْ أَهْلَكَهَا مُتَعَمِّدًا، أو وَهَبَهَا، أو احْتَالَ فيها فِرَارًا من الزَّكَاةِ، فلا شَيْءَ عليه) قوله: وقال بعضُ النَّاسِ في رجل له إبلٌ، فَخَافَ أَنْ تَجِبَ عليه الصَّدَقة، فَبَاعَها بإِبل مِثلِها، أو بِغَنَمٍ، أو بِبَقَرٍ، أو بدَرَاهِمَ، فِرَارًا من الصَّدَقَةِ بيوم، واحتيالًا، فلا شيءَ عليه، وهو يقولُ: إِن زَكَّى إبْلَهُ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ الحولُ بيومٍ، أَوْ بِسَنَةٍ جَازَتْ عنه. 6959 - قوله: (وقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إذَا بَلَغَتِ الإِبِلُ عشرين، فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ. فإنْ وَهَبَهَا قبل الحول، أو بَاعَهَا فِرَارًا، أو احْتِيَالًا لإِسقاط الزَّكَاةِ، للا شَيْءَ عليه. وكذلك إنْ أَتْلَفَهَا، فَمَاتَ، فلا شَيْءَ في ماله) وهذا كما تَرَى، ثلاثُ إِيرَادَاتٍ من المصنِّفِ على الحنفية، بثلاثِ عباراتٍ، والمآلُ واحد، فإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: إِنَّها واحدٌ، وإِنْ شِئْتَ اعتبرتَهُما ثلاثًا، ثُمَّ المُصَنِّفُ أضَافَ قَيْدَ الفِرَارِ والاحْتِيَالِ تَفْخِيمًا وتَقْبِيحًا، فالإِيرَاد الأوَّلُ على صورةِ الإِهلاكِ، أو الهِبَةِ، وذلكَ هو الثاني، بَيْدَ أَنَّه مَفْرُوضٌ في البَيْعِ، مع ذِكْرِ المُنَاقَضَةِ بين التَّخْفِيفِ في أَمْرِ الزَّكَاةِ بإِسْقَاطِها مِنْ تلكَ الحِيَلِ، وبين التَّشْدِيدِ فيه بأَدَائِها قَبْلَ الحَوْلِ؛ ولا فَرْقَ في الأَوَّلِ والثالثِ إلا بِتَغَايُرِ الصُّوَرِ، فإِنَّ الأَوَّلَ مَفْرُوضٌ في عشرين مئةِ بَعِير، والثالث في عشرين إِبْلًا، والنَّوعِ واحدٌ. وبالجملة، لم يَقْصِد به المُصَنِّف إلا تَكْثِير العَدَدِ لا غَيْر قُلنا: أَمَّا كونُ تِلكَ الحِيل وبالًا ونَكَالًا لصَاحِبها، فلا نُنْكِرُه أيضًا، كما نَقَلْنَاهُ عن أَئِمَتِنَا، وأَمَّا أنَّها لا حُمْكُ لها وإنْ فَعَلَها أَحدٌ، ففيهِ نَظَرٌ قَوِيٌ، فإِنَّ وِنَ النَّاسِ مَنْ هو فَاعِلُها لا مَحَالَةَ، لسوءِ طِبَاعِهِ، فلا بُدَّ لَنَا أَنْ نَذْكُرَ لها أَحْكَامًا ثَبَتَت عِنْدَنا مِنْ قَواعِد الشَّرْعِ، مَعَ قَطْعِ النَّظرِ عن حُكْمِهَا عِنْدَ اللَّهِ تعالى، مِنَ الإِثْمِ أَو غَيْرِهِ، فإِذَا أَهْلَكَ أحدٌ جَميعَ نِصَابِهِ، فَمَا لَنا أَنْ لا نَقُولَ بِسُقُوطِ الزَّكَاةِ عنه، كيف وإنَّها قطعة مِنَ المالِ، أَوْجَبَت عليه حَقًا للفُقَراءِ، فَإِذا عُدِمَ المالُ، فقد عُدِمَ مَحلُ وجوبِ الزَّكاةِ، فَفِي ماذا تَجِبْ، وَلِذَا قُلْنَا بِسُقُوطِهَا، وأَمَّا أَدَاؤُهَا قَبْلَ الحَوْلِ، فَلِوُجُودِ النِّصابِ، وهو سَبَبُ نَفْسِ الوجوبِ، فلم نَقُل بأَدَائِها إلا بَعْدَ تَحَقُّقِ السَّبَبِ، والأداءُ بعد تَحقُّقِ السببِ معهودٌ عند الشَّرعِ، فلا بُعْدَ فيه.

4 - باب الحيلة فى النكاح

4 - باب الْحِيلَةِ فِى النِّكَاحِ 6960 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الشِّغَارِ. قُلْتُ لِنَافِعٍ مَا الشِّغَارُ قَالَ يَنْكِحُ ابْنَةَ الرَّجُلِ وَيُنْكِحُهُ ابْنَتَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ، وَيَنْكِحُ أُخْتَ الرَّجُلِ وَيُنْكِحُهُ أُخْتَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنِ احْتَالَ حَتَّى تَزَوَّجَ عَلَى الشِّغَارِ، فَهْوَ جَائِزٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. وَقَالَ فِى الْمُتْعَةِ النِّكَاحُ فَاسِدٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْمُتْعَةُ وَالشِّغَارُ جَائِزٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. طرفه 5112 - تحفة 8141 - 31/ 9 6961 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنِ الْحَسَنِ وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَىْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ أَبِيهِمَا أَنَّ عَلِيًّا - رضى الله عنه - قِيلَ لَهُ إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لاَ يَرَى بِمُتْعَةِ النِّسَاءِ بَأْسًا. فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنِ احْتَالَ حَتَّى تَمَتَّعَ، فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمُ النِّكَاحُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. أطرافه 4216، 5115، 5523 - تحفة 10263 6960 - قوله: (وقال بَعْضُ النَّاسِ: إن احْتَالَ حتَّى تَزَوَّجَ على الشِّغَارِ، فهو جائزٌ، والشَّرْطُ باطلٌ. وقال في المُتْعَةِ: النِّكَاحُ فاسِدٌ، والشَّرْطُ بَاطِلٌ. وقال بعضُهم: المُتْعَةُ، والشِّغَارُ جائزٌ، والشَّرْطُ باطلٌ) واعْلَمْ أَنَّ نِكَاحَ الشِّغَارِ نافِذٌ عندنا، وأَمَّا وُرُودُ النَّهْي عنه فهو مُسَلَّم، إِلا أَنَّه ليس كُلُّ نَهْيٍ يَقْتَضِي البُطْلان، وإِنَّما القُبْحُ فيهِ مِنْ جِهَةِ خُلُوِّ البضعين عن العِوَضِ، وقَدْ قُلْنَا بوجُوبِ مَهْرِ المِثْل فيه، فانْعَدَمَ المعنَى، فلو فَعَلَهُ أَحَدٌ نَفَذَ، ولَزِمَهُ مَهْرُ المِثْلِ، وإِليْهِ ذَهَبَ بعضُ السَّلَفِ، كما عند الترمذي. ونظيرُه قولُه صلى الله عليه وسلّم «اشترطي لهم الوَلاَءَ»، فكذا يصح النَّكاح، ويَلْغُو الشرط، وأمَّا إِيرَادُه بِجَوازِ المُتْعَةِ، فَلَمْ يَقُلْ به مِنَّا أحدٌ، غَيْرَ أَنَّ زُفَرَ ذَهَبَ إلى تَنْفِيذِ نِكَاحِ المُوَقَّتِ، فإِنَّ لِنَفَاذِهِ صُورَةٌ بأِبْطَالِ الوَقْتِ، أَمًّا في المُتْعَةِ، فَقَدْ اتفقُوا على بُطْلانِها. فائدة: قد نَبَّهْنَاكَ فيما مَرَّ على أَنَّ الشيخَ ابنُ الهُمَامِ بَحَثَ في المُتْعَةِ، بأَنَّ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ أَنْ يَكُونَ أَمْرُها، وأَمْرُ النِّكَاحِ المُؤَقَّتِ سَوَاء، زعمًا مِنهُ أَنَّ الأحكامَ تُبْنَى على المعنى دونَ الأَلْفَاظِ، وإذ كان معناهُما واحدًا، وَجَبَ القولُ باتحادِ حُمْكَيْهِمَا، كيف وأَنَّ لَفْظَ: الميمِ، والتاءِ، والعينِ، لا دَخْلَ لها في الحُكْمِ، والمَقْصُودُ هو النِّكاحِ بأي لَفْظٍ كَان؟. قلتُ: وهذا ليس بِنَاهِضٍ، لأَنَّ الشَّرْعَ أقامَ هناك أنواعًا، وأَعْطَى لِكُلِّ نوعٍ حُكْمًا، ثُمَّ أشارَ إلى تلكَ الأنواعِ بِمادةٍ مُخْصُوصَةٍ، تَدُلُّ على ذلك النَّوعِ؛ وحاصِله: أَنَّ القَصْرَ على المعاني، وقطعَ النَّظَرِ عن الأَلْفَاظِ ليس مُطَّرِدًا، لِيُنَاطَ بهه عِبْرَةُ الأحكامِ، وهَدْرِها.

5 - باب ما يكره من الاحتيال فى البيوع، ولا يمنع فضل الماء ليمنع به فضل الكلإ

5 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الاِحْتِيَالِ فِى الْبُيُوعِ، وَلاَ يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ فَضْلُ الْكَلإِ 6962 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ فَضْلُ الْكَلإِ». طرفاه 2353، 2354 - تحفة 13811 6 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّنَاجُشِ 6963 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ النَّجْشِ. طرفه 2142 - تحفة 8348 7 - باب مَا يُنْهَى مِنَ الْخِدَاعِ فِى الْبُيُوعِ وَقَالَ أَيُّوبُ: يُخَادِعُونَ اللَّهَ كَمَا يُخَادِعُونَ آدَمِيًّا، لَوْ أَتَوُا الأَمْرَ عِيَانًا كَانَ أَهْوَنَ عَلَيَّ. 6964 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَجُلاً ذَكَرَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ يُخْدَعُ فِى الْبُيُوعِ فَقَالَ «إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لاَ خِلاَبَةَ». تحفة 7229 8 - باب مَا يُنْهَى مِنَ الاِحْتِيَالِ لِلْوَلِىِّ فِى الْيَتِيمَةِ الْمَرْغُوبَةِ، وَأَنْ لاَ يُكَمِّلَ صَدَاقَهَا 6965 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ كَانَ عُرْوَةُ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3]. قَالَتْ هِىَ الْيَتِيمَةُ فِى حَجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ فِى مَالِهَا وَجَمَالِهَا، فَيُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّةِ نِسَائِهَا، فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ، إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِى إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، ثُمَّ اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} [النساء: 127] فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. أطرافه 2494، 2763، 4573، 4574، 4600، 5064، 5092، 5098، 5128، 5131، 5140 - تحفة 16474 - 32/ 9 9 - باب إِذَا غَصَبَ جَارِيَةً فَزَعَمَ أَنَّهَا مَاتَتْ، فَقُضِىَ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ الْمَيِّتَةِ، ثُمَّ وَجَدَهَا صَاحِبُهَا فَهْىَ لَهُ، وَيَرُدُّ الْقِيمَةَ وَلاَ تَكُونُ الْقِيمَةُ ثَمَنًا وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: الْجَارِيَةُ لِلْغَاصِبِ، لأَخْذِهِ الْقِيمَةَ. وَفِى هَذَا احْتِيَالٌ لِمَنِ اشْتَهَى جَارِيَةَ رَجُلٍ لاَ يَبِيعُهَا، فَغَصَبَهَا وَاعْتَلَّ بِأَنَّهَا مَاتَتْ، حَتَّى يَأْخُذَ رَبُّهَا قِيمَتَهَا، فَيَطِيبُ لِلْغَاصِبِ جَارِيَةَ غَيْرِهِ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَمْوَالُكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ. وَلِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

6966 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعْرَفُ بِهِ». أطرافه 3188، 6177، 6178، 7111 - تحفة 7162 واعْلَم أَنَّ بِنَاءَ إِيرَادِه على خِلافيةٍ أُخْرَىَ، وهي أَنَّ قَضَاءَ القاضي بِشَهَادَةِ الزُّورِ هل يَنْفُذُ ظاهرًا وباطنًا، أَمْ لا؟ وقَدْ فَصَّلَها في - المَبْسُوطِ - بما لا مَزِيدَ عليه، والشيخُ ابنُ الهُمَامِ وإِنْ نَقَلَ بَعْضَهُ، إلا أَنَّه لا يُغْنِي عن الإِصْبَاحِ بالمِصْبَاحِ، فَرَاجِع كلامَ «المبْسُوطِ» فإِنَّه كَفَى وَشَفى. وجملةُ الكَلاَمِ أَنَّ في المَسْأَلَةِ قُيُودًا وشُرُوطًا: ومنها: كونُه في العُقُودِ والفُسُوخِ، فون الأَمْلاكِ المُرْسَلَةِ؛ ومنها: كونُ المَحَلِّ صالحًا للإِنْشَاءِ؛ ومنها: أَنْ لا يكُونَ القاضي عَلِمَ بِكَذِبِ الشَّاهِدَيْنِ. أَمَّا الفَرْقُ بين العُقُودِ والفُسُوخِ، فَعَلَى ما ذَكَرَهُ الطَّحَاوي: أَنَّها عِبَارةٌ عن الإِيجابِ والقَبُولِ، ولَيس لها مَحْكي عنه سوى هذا القول، فإذا حَكَمَ بها القاضي، فَكَأَنَّه يَتَوَلَّى بإِنْشَائِها (¬1) الآن، بخلافِ الأملاكِ المُرْسَلَةِ، فإِنَّها عبارةٌ عَنْ دَعوَى المِلْكِ بلا سَبَبٍ مُعَيَّنٍ، فَلَها محكى عنه في نَفْسِ الأمْرِ أيضًا، فلو حَكَمَ بها لأحدٍ لا يَحِلُ له أَنْ يَتَصَرَّفَ فيه تَصَرُّفَ المَالِكِ، لأَنَّه ليس بِيَدِ القاضي إِثباتُها على غير ما ثَبَتَتْ عليهِ في الواقعِ، بخلافِ العُقُودِ، فإِنَّها إِنْ لم تَكُنْ ثابتةً في الواقعِ، فَقَدْ أَثبتَها القاضي الآن مِنْ ولايَتِهِ، ففيها إِثْبَاتُ ما ليس بِثَابتٍ في الخارِجِ، لا أَنَّه تغييرُ الوَاقِع عمَّا هو عليه. وبِعِبَارَةٍ أُخْرَىَ: إنَّ الأملاكَ المرسلةِ إذا كان لها مَحْكِي عنه، فهي حاكية عن حقيقةٍ ثَابتةَ في نَفْسِ الأَمْرِ، وليس بيدِ القاضي تغييرها عمَّا هي عليه في الوَاقِعِ، بخلفِ العُقُودِ، فإِنَّها إنشاءاتٌ ليست حاكيةً عن شيء، وبِيَدِ العَاقِدَيْنِ إِنْشَاؤُها، فَكَما جَازَ لَهُما العَقْدُ والفسخُ، حال رِضَائِهما، كذلك جازَ أَنْ يَنُوبَ عنهما القاضي عند اخْتِلافِهما، وإِلَّا فأيُ حِيلةٍ لِرَفْعِ النِّزَاعِ عند تَجَاذُبِا لآرَاءِ؟ فأَقامَهُ الشَّرْعُ مَقَامَ العاقَدَيْنِ، بل يَجِبُ أَنْ يكونَ تَصرُفُه أَقْوَى مِنْهُما، حتَى يَنْفُذَ عليهما، على خلافِ رِضَاهُما. وأَمَّا اشتراط صلاحِ المَحلِّ، فلأنَّ المَحَلَّ إذا لم يَصْلُح له، كيف يَنْفُذُ قَضَاؤُه باطنًا، فإِنْ كانت امرأةٌ معتدةُ الغير، أو منكوحةً، وادعى عليها رجلٌ أَنَّها امرأتُه، وأَتَى ¬

_ (¬1) قال صَدْرُ الشَّرِيعَةِ: وجوابُه إنْ لم نَجْعَل الحرامُ المحض، وهي الشَّهَادة الكاذبة من حيث إِنَّه إخبارٌ كاذبٌ، سببًا للحِلِّ، بل حُكْمُ القاضي صارَ كإِنشاءِ عَقْدٍ جديدٍ، وهو ليس حرامًا، بل هو واجبٌ، لأنَّ القاضي غيرُ عالمٍ بِكَذِبِ الشُّهودِ، اهـ. قُلْتُ: وهذا الجوابُ غيرُ وافٍ، ما لم يُراجَع إلى ما ذَكَرَهُ الشيخُ قُدِّس سِرُّهُ، واللهُ تعالى أَعْلَمُ بالصَّوابِ.

عليها بِبَيِّنَةٍ، فَكَكَمَ بها القاضي، ليس له أَنْ يَطَأَهَا، ولا يَنْفُذُ قضاؤُه باطنًا، لأَنَّها مَشْغُولةٌ بحقِ الغَيْرِ، وقضاؤُه إِنَّما يَنْفُذُ باطنًا إذا صَادَفَ محلًا صالحًا لِنَفَاذِهِ، ولم يُوجَدْ، ولو قُلْنَا به لَزِمَ اجتماعُ الحُكْمَيْنِ المُتَنَاقِضَيْنِ في محلٍ واحدٍ. ونَعْنِي بِقَوْلِنَا: يَنْفُذُ باطنًا، أَنَّها تَحِلُّ للمُدَّعي إذا كانت فارغةً عن حقِ الغَيْرِ، ولا يكونُ الزَّوْجُ آثِمًا، بِوَطْئِها، ولا هي بَتَمْكِينِهِ، ولا القاضي بقضائه، أَمَّا عَدَمُ تَأْثِيمِ القاضي، فظاهرٌ، فإِنَّه تَابِعٌ للحُجَّةِ، فإِنَّه لا عِلْمَ له بِالبَوَاطِن، وإِذْ لم يَعْلَمِ الوَاقِعَ، فإِنَّه يَحْكُم بالحُجَّةِ لا مَحَالَة، كيفَ كانت، وهو مَعْنَى قولِهِ صلى الله عليه وسلّم «ولعلَّ بعضَكُم أَنْ يكونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ من بعض ... » إلخ، وكذا المرأةُ غيرُ آثمةٍ في التَّمْكِينِ، لأنَّ القاضي إذا حَكَمَ عليها بِحُجَّةٍ شرعيةٍ، لم يَسَع لها النُّشُوز، نعم في الزَّوْجِ بعضُ إشكالٍ، فإِنَّه قد عَلِمَ أَنَّها ليست مَنْكُوحَة، ولا هو مَجْبُورٌ في الاستِمْتَاعِ منها، فكيفَ يَحِل لهُ أَنْ يَطَأَها؟. قُلْنَا: إِنَّا لم نَحْكُم بِحِلِّ الاستمتاعِ مع قِيَامِ المُحَرَّمِ، كما زَعَمُوهُ، فأَلزَمُوا علينا أَنَّ فِيه توفيرًا للزِّنَا، وتَرْوِيجًا للفَوَاحِش، بل نقولُ: إِنَّها أَحَلَّها القَضاءُ، فَيَسْتَمْتِعُ منها، وهي حلالٌ له، أَلاَ تَرَى أَنَّ النِّكاحَ ليس عِبَارةٌ إلا عَنِ الإِيجابِ والقَبُولِ بِحَضْرَةِ الشَّاهِدَيْنِ، فإِذا تَعَذَّرَ العِلْمُ بالحقيقةِ، فَقَدْ تَوَلَّى به القاضي ونابَ عنهما؛ حتى إِنَّ بَعْضَ الحنفيةِ شَرَطُوا الشَّهَادَةَ عند صُدُورِ هذا القضاء أيضًا، لتكونَ شاكلةَ القضاءِ كشَاكِلَةِ العَقْدِ بِعَيْنِها، وهذا ليس بمُخْتَار، فإن الشهادَةَ إِنَّما تُشْتَرَطُ للعَقْدِ القَصْدي، وهذا عَقْدٌ ضِمْني، وكَمْ مِنْ شيءٍ يَثْبُت ضِمْنًا، ولا يَثْبُتُ قَصْدًا، فالصَّوابُ أَنَّ الشَهَادَةَ لا تُشْتَرَطُ له. وبالجملة إنَّ الإِشْكَالَ (¬1) إِنَّما هو على مَنْ قالَ بهْلِّ الاسْتِمْتَاعِ مع عَدَمِ النِّكاح، أَمَّا مَنْ قال: إِنَّ قَضَاءَهُ حَلَّ مَحَلَّ النِّكاحِ، فلا إِيرَادَ عليه أصلًا، نعم يَلْزَمُ الزِّنا على مَذْهبِ الشافعيةِ، فإِنَّه إذا قَضَى عليها بالنِّكَاحِ، ولم يَنْفُذ قَضَاؤُه باطنًا، فحينئذٍ لا يكونُ استمتَاعُه إلا حَرَامًا، وزِنَا، فليَعْدِل أَنَّ توفِيرَ الزِّنَا على أي المَذْهَبَيْنِ أَلزَم، على أَنَّه ماذا يكونُ حُكْمُ الأَوْلادِ عِنْدَهُم؟ فإِنَّها كُلُّها ولدُ زَنْيَة على هذا التقدير؛ وبالجملة يَلْزَمُ عليه مَفَاسد غير عديدة، ولذا تَرَدَّدَ فيه الشيخُ الأكبر أيضًا. ولعلَّ أصلَ النِّزاعِ في أَنَّ فَصْلَ الأقْضِيَةِ إذا وَقَعَ حسبَ قَواعِدِ الشَّرْعِ، فهل يكونُ ذلك قضاءً على الوَاقِعِ، أَوْ لاَ؟ فَمَنِ اخْتَارَ أَنَّهُ فَصْلٌ بِحَسَبِ الوَاقِعِ أيضًا ذَهَبَ إلى نَفَاذِهِ ¬

_ (¬1) قال مولانا فَتحُ محمد: إِن القضاءَ بشهادةِ الزُّورِ مُشْكِلٌ، فخلافُه أيضًا مُشْكِلٌ في مسألةِ القَضَاءِ للرَّجُلِ على المرأةِ، لأنَّ القضاءَ إن لم يَنْفُذ باطنًا، فيجبُ على المرأةِ المظلومة إما أَنْ تَعْصي الإِمامَ، أو تَفِرُّ وتَخْتَفي، حيثُ لا يَجِدْهَا أحدٌ، أو تَرْضَى بما لا تَرْضَى به النَّفْسُ، وهو الوطءُ الحَرَامُ، ويلزَمُها أَنْ لا تَأْخُذ منه النفقةَ، ولا المهرَ، ولا الميراثَ، إلى آخر ما قال في حاشية "شرحِ الوقاية".

ظَاهرًا وبَاطِنًا، ومَنْ أَنْكَرَهُ قَصَرَ على الظَّاهِرِ فَقَط، ولم يَقُل بِنَفَاذِهِ في البَاطِنِ، وهناكَ مسألةٌ أُخْرَى عند المَالِكِية عَبَّرُوا عنها بَقَضَاءِ القاضي بخلافِ عِلْمِهِ، فقالوا: إِنَّه إذا عَلِمَ الواقِعَ، ثم جَاءَ عندَهُ المُدَّعي يُقِيمُ البينةَ بخِلافِهِ ليس لهُ أَنْ يَقْضي بِها، ولَكِنَّه يَرْفَعُهَا إلى قاضٍ آخر لِيَحْكُم بها بما أَرَاهُ اللهُ، وإليهِ ذَهَبَ الشيخُ الأَكْبَرَ، وقال: إِنَّ العَمَلَ بقَوَاعِدِ الشَّرْعِ لا يَجِبُ أَنْ تُطَابِقَ الواقِعَ دائمًا، فإذا خَالفَ الواقعَ لا يكونُ موجبًا للبَرَكَةِ، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلّم «ولعلَّ بعضكم ألحن من بعض». ومن ههنا اخْتَلَفت الأَنْظَارُ، فَذَهَبَ بعضُهم إلى أَنَّ الحُكْمَ إذا وَقَعَ على قَواعدِ الشَّرْعِ، قامَ مَقَامَ الواقعِ، فكأَنَّهُ الواقع، وإِنْ كان خِلافُه في نَفْسِ الأَمْرِ، وسَنَحَ لبَعْضِهم أَنَّه بَعُدَ على خلافِ الواقعِ كما كان، واختارَ الشيخُ الأكبر اعتبارَهُ كالواقعِ في حق الأموالِ، دون الحُدُودِ والنُّفُوسِ، لأَنَّ أَمْرَهَا أشَدُّ إلا أَنَّه سَمَّاهُ بقضاءِ القاضي بخلافِ علمه. ولنا ما في «البَدَائعِ» نَقْلًا عن «المَبْسُوطِ» (¬1): أَنَّ عليًا قَضَى في رَجُلٍ ادَّعَى على امرَأَةٍ بمثلِ ذلك، فَلمَّا رَأت المرأةُ ذلكَ قالت: زَوِّجْني يا أميرَ المؤمنين، تريدُ العَفَافَ عَنِ الزِّنَا: فقال لها: شاهِدَاكِ زَوَّجَاكِ فَتَأَيَّدَ ما قُلْنا، بِقَضَاءِ مَنْ كان أَقْضَاهُم وأَرْضَاهُم له، ولعلَّ قضاءَ عليّ هذا لم يَبْلُغ أهلَ المدينةِ، وإلا لقالوا به أَلْبَتَةَ، وذلك لأَنَّ مالكًا لم يَتَعَلَّم فتاوَى عليّ إلا من قِبَلِ ابنِ إِدْرِيس، فإِنَّه كان يَخْتَلِفُ إليه، ولم تَكُنْ عندَهُ ذَرِيعةٌ مستقلةٌ، فَأَخَذَ عنه ما كان عِنْدَهُ، وما فاتَ عنه فقد فاتَ عنه أيضًا. ثُمَّ إِنَّ الطَّحَاوِي قد استدلَّ للمذهبِ من القياسِ على اللِّعان، فإِنَّ الواقِعَ فيه غَيرُ معلومٍ للقاضي، ثُمَّ إِنَّكم قلتم: إِنَّهُ يُفَرَّقُ بين الزَّوْجَيْنِ، ورأَيتُم أَنَّ تَفْرِيقَه نافذٌ باطنًا أيضًا، فإِذا نَابَ القاضي عن الزَّوْجِ في حقِ التفريقِ عندَكم حتى قُلتُم: إِنَّ تفريقَهُ طلاقٌ كذلك. قلنا: بقيامه مقامهُ في حقِّ التزويجِ، كيفَ وقد عَلِمْتُم أَنَّ الشرْعَ لم يَجْعَل الطلاقَ إلا بيدِ منْ كان له عُقْدَةُ النِّكاحِ، فلا نَرَى بين الأَمرينِ فرقًا، فكما قُلْتُم: إنَّها حَرُمَتْ عليه بعد التفريقِ، مع أَنَّها كانت حلالًا له، كذلك قلنا: إِنَّها حلَّتْ له بعدَ قضائه، وإِنْ كانت حرامًا قَبْلَهُ، وعلى عكْسِهِ نقولُ: إِنَّ القاضي إِنْ كان لا ينوبُ عنه في التزويجِ، فكيفَ نابَ عنه في التفريقِ؟ فتبيَّنَ منه أَنَّ الشرعَ عند جهالةِ الواقِعِ أَقَامَ القضاءَ مقامَ الواقعِ، وجعَلَهُ إنشاءً في الحال مِنْ ولايَتِه. ولذا قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلّم في قِصَة اللعانِ: «إِنَّ أحدَكُما كاذبٌ»، ثُمَّ لم ¬

_ (¬1) قلتُ: قال الشيخُ في -دَرْسِ الترمذي- لم أجِدْهُ إلا عند السَّرَخْسِي في "المبسوطِ" ولا أَذْكُر أَنَّه ذَكَرَ له إسنادًا، ولعلهُ من المبلَّغاتِ، غَيْرَ أَن الحافظَ نقلَهُ في "الفتحِ" ثم سَكَتَ عنه، وفي "المبسوط" فتوَى الشَّعْبي أيضًا، بمثل ما مرَّ عن عليِّ.

يتوجه إلى إثباتِ كَذِبِ أحدِهِما، بل فَرَّقَ بينهما، ورآه تَفْريقًا في الوَاقِعِ، وإلا لَزِمَ أَنْ يكونَ حق الرجل باقيًا في تلكَ المرأَةِ بعد قضائِه صلى الله عليه وسلّم أيضًا، فافهم. قلتُ: ولي فيهِ نَظَرٌ مَرَّ، فَتَذَكَّرْهُ، وإِنْ صحَّ قيامُ الطحاوي، فأقولُ: إِنَّ للفسخِ عند علمائِهم صُوَرًا أُخْرَى أيضًا، فقالوا بالتَّفريق في صورةِ إِعْسَارِ الزوجِ، ولا دَليلَ عليه عندَهُم غيرَ ما نقلوهُ عن سعيد بن المسَيَّب، ولا شيءَ له في المرفوعِ، ولا عنِ السَّلفِ، وكذا قالوا به في العيوب الخَمسةِ في الزوج، فالعجبُ أَنَّهم ضَيَّقُوا في العقودِ، حتى طَعَنُوا على مَنْ قال بها، ووسَّعُوا في الفُسوخ أزيدَ منَّا، فقالوا بنفاذِهَا ظاهِرًا وباطِنًا. ثمَّ إِنَّ الشامي سها في الردِّ على مَنْ قال: إِنَّ القضاءَ مثبتٌ، واخْتَارَ أَنَّه مُظْهِرٌ، قلتُ: فيه جهتانِ: جهةُ الإِثباتِ، وجهةُ الإِظهارِ، فَقَضاؤُه مثبتٌ أيضًا، إلا أَنَّ الحنفيةَ احتاطوا في الحُدُودِ، وقصرُوه في العقودِ والفسوخِ، وذلك أيضًا بشرائِطَ، ولذا أَقُول: إِنَّ صاحبَ «الهدايةِ» لو أَتَى بلفظِا لأموالِ، بدلَ الأملاكِ المُرْسَلَةِ، فكان أحسن، لدَلالتِه على خِفَّةِ أمرِ الأَمْوَالِ بالنِّسبةِ إلى الحدودِ، إلا أَنَّ مِنَ اوالِ ما كان يَدْخُلُ تحتَ العقودِ والفسوخِ، فأَدْرَجَها فيها، وَوَضَع لفظ: الأملاكِ المرسلةِ بَدَلَها، ويَدُلَّك على ما قلنا ما ذَكَرَهُ صاحبِ «الهداية»: أَنَّ تَصَرُّفاتِ الصبي إذا لَحِقَهُ القضاءُ يصيرُ مُحْكمًا، لأنَّ فيها ضَعْفًا، فإِذا لَحِقَهُ القضاءُ زال، وما ذلك إلا أَنَّه اعتُبِرَ فيه جهةُ الأثباتِ، والله تعالى أعلم بالصواب (¬1). فإن قلتَ: إِنَّ قوله صلى الله عليه وسلّم «لعل بعضَكم» أَنْ يكونَ ألحنَ بحجتِه من بعض، فأَقْضِي له على نحو ما سَمِعَ، فمن قَضَيْتُ له مِن أخيهِ شيئًا، فلا يَأْخُذ، فإِنَّما أَقْطَع له قطعة من النار» صريحٌ في عدمِ نفاذِ قَضَائِه باطنًا قلتُ: أَيْنَ أنتَ منهُ، فإِن الحديثَ لا يَمَسُ بموضعِ النِّزاعِ، لأنَّه لم يَرِدْ فيمن أَتَى ببينةٍ كاذبةٍ، إِنَّما هو فِيمَن قَطَعَ له النَّبي صلى الله عليه وسلّم مالًا مِنْ أَجْلِ طلاقةِ لسانِه، وفصاحَةِ مَنْطِقِه، وهو المرادُ بلحن الحُجَّة، لا أَنَّه أَتَى بشهادةِ الزُّور، ومعلومٌ أَنَّ الإِنسانَ قد يتأثرُ من سورةِ الكلامِ، - وإِنَّ منَ البيانِ لسِحْرًا - فذلكَ بابٌ آخر، فَأَمْعَنَ النَّظر فيه بعينِ القَبُولِ، ولا تُسرع في الرَّدِ والقبولِ، وترجمةُ اللَّحْنِ في الحُجةِ جرب زبانى، وأنت تَعلمُ أَنَّه لا دخلَ له في القضاءِ، فهو كذلك عندنا أيضًا، لأَنَّه ليس بشهادةٍ، بضابطةِ الشَّرْعِ. وحاصلُه في لسانِنَا كه اكر زبان زورى اور جرب زبانى سى هى كوئى فيصله كراى تواو سكايه حكم هى ثم إِنَّه قد يَذْهَب إلى بعض الأَوْهَامِ أَنَّه لا غَائِلةَ بإِتيانِ شهادةِ الزُّورِ عندنا، قلتُ: حاشا للحنفيةِ أَنْ يقولوا به: ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد بلغني أنَّ في المسألةِ كلامًا شريفًا مِنْ شيخِ الهندِ ذَكَرَه في رسالتِه "إيضاحُ الأَدِلَّةِ" إلا أَني أتأسفُ على أني لم أَنْتَهِزَ فرصةً لمراجَعَتِها، فعليكَ بها.

10 - باب

*هم نَقَلُوا عني ما لم أَفِه بهِ ... وما آفةُ الأَخْبَارِ إلا رُواتُها! فإنَّهم قد صَرَّحوا أَنَّ صاحبَهُ استوجبَ النَّار (¬1). 10 - باب 6967 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَأَقْضِىَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا، فَلاَ يَأْخُذْ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ». أطرافه 2458، 2680، 7169، 7181، 7185 - تحفة 18261 11 - باب فِى النِّكَاحِ 6968 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ، وَلاَ الثَّيِّبُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ». فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ إِذْنُهَا قَالَ «إِذَا سَكَتَتْ». وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنْ لَمْ تُسْتَأْذَنِ الْبِكْرُ وَلَمْ تَزَوَّجْ. فَاحْتَالَ رَجُلٌ فَأَقَامَ شَاهِدَىْ زُورٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِرِضَاهَا، ¬

_ (¬1) قلتُ: وحينئذٍ ساغَ لك أنْ تحمِلَ عليه الوعيدَ الوارِدَ في الحديث، فهو إِذَن على الفِعْل، لا أَنَّ القضاءَ لا يَنْفُذُ باطنًا، وسمعتُ مِنَ الشيخِ في -دَرْسِ الترمذي- أَنَّ الوعيدَ فيه يُمكِن أَنْ يكونَ على الجِنْسِ، ولا ريبَ أَنَّ هذا الفِعْلَ يستوجبُ النارَ في الجِنْسِ، كما في الأملاكِ المرسَلَةِ، فإنَّه لا يَثْبثُ له بقضائِه حقُّ، وهذا كما قَرَّرَ الشيخُ في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها، فإِنَّه وَصْفٌ لها بِحَسَبِ حُكْمِها في الجنس، وإِنْ لم يَتحقَّقْ في حقِّ المقتدي خاصةً، فهكذا لمَّا كان القضاءُ بشهادةِ الزُّورِ، قد لا يَنْفُذُ باطنًا، صحَّ أَنْ يُوصَف بالنَّارِ مطلقًا، باعتبارِ الجنسِ، تُخْويفَاً وتعظيمًا لأمْرِها، فإنَّها وإن تَخلَّفَ عنها مقْتَضاها لخصوصِ المقامِ، لكنَّها شيءٌ يُوجِبُ النَّارَ، فإِنَّ فاعِلَها لا يُمدَحُ عند أحدٍ، وإِنَّما الكلامُ إذا أَتَى بها، فهل لها أثَرٌ في الباطنِ، أمْ لا؟. فقلنا به في محلٍ أَمْكَنُ القولُ به، مع أَنَّ فيه مَخْلصًا عن الزِّنا، وعن الحُكمِ بكونِ الأولادِ أولادُ زَنيَة، ثم رأيتُ جوابًا آخرَ عن الشيخِ في تقريرِهِ للترمذي عندي، أَنَّه يمكنُ أَنْ يكونَ من باب وصفِ الشيءِ بحالِ سببهِ، والسببُ لمَّا كان محظُورًا، أي اللحنُ في الحُجةِ، وصفُه بالنَّار، نظرًا إليه، وذلك مُسلَّمٌ عندنا أيضًا، وأمثالُ تلك التوسعاتِ في وصفِ الأشياءِ معروفٌ، ألا تَرَى أَنَّ النُّحاةَ قسَّمُوا الوصفَ إلى كونِه باعتبارِ حالِ نفسِ الشيء، وكونِه باعتبار متعلقه؛ وحينئذٍ حاصِلُه أَنَّكَ وإِنْ ملكتَ المالَ بعد القضاءِ، إلا أَنَّ سببه وهو اللحنُ في الحُجةِ، يستوجبُ النَّارَ، فكان الوعيدُ في الحقيقةِ وَصفَاً للسْبَبِ، لكنَّه وُصِفَ به المسبب على طريقِ ما قلنا، فَتَلَخَّصَ مِنَ المجموعِ ثلاثة أجوبة: الأول: أَنَّه من بابِ وصفِ المُسَبَّبِ بصفةِ السَّبَبِ. والثاني: أَنَّه من بابِ وصفِ الشيءِ بالنَّظرِ إلى الجِنْسِ. والثالث: أَنَّه منِ باب القضاءِ على طريق التَّحْكِيم، فإِنَّ القضاءَ قد يكونُ بالشاهدَيْنِ، وقَد يكون من يمين المُدَّعَى عليه، وهو المعروفُ في القضاءِ، أمَّا القضاء بشهادَةِ الوِجْدَان بعد سَماع حجةِ الخَصْمَينِ على طريقِ الأمورِ البينيةِ، فذلك بابٌ آخر، وهو أيضًا معروفٌ بين الناسِ، كقضاءِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على بعضِ الصحابةِ أَنْ يضع شطر دَيْنِه، واللهُ تعالى أعلم.

فَأَثْبَتَ الْقَاضِى نِكَاحَهَا، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ أَنَّ الشَّهَادَةَ بَاطِلَةٌ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَطَأَهَا، وَهْوَ تَزْوِيجٌ صَحِيحٌ. طرفاه 5136، 6970 - تحفة 15425 6969 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ وَلَدِ جَعْفَرٍ تَخَوَّفَتْ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَلِيُّهَا وَهْىَ كَارِهَةٌ فَأَرْسَلَتْ إِلَى شَيْخَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُجَمِّعٍ ابْنَىْ جَارِيَةَ قَالاَ فَلاَ تَخْشَيْنَ، فَإِنَّ خَنْسَاءَ بِنْتَ خِذَامٍ أَنْكَحَهَا أَبُوهَا وَهْىَ كَارِهَةٌ، فَرَدَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَلِكَ. قَالَ سُفْيَانُ وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ عَنْ أَبِيهِ إِنَّ خَنْسَاءَ. أطرافه 5138، 5139، 6945 - تحفة 15824، 19202 - 33/ 9 6970 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلاَ تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ». قَالُوا كَيْفَ إِذْنُهَا قَالَ «أَنْ تَسْكُتَ». وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنِ احْتَالَ إِنْسَانٌ بِشَاهِدَىْ زُورٍ عَلَى تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ ثَيِّبٍ بِأَمْرِهَا، فَأَثْبَتَ الْقَاضِى نِكَاحَهَا إِيَّاهُ، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا قَطُّ، فَإِنَّهُ يَسَعُهُ هَذَا النِّكَاحُ، وَلاَ بَأْسَ بِالْمُقَامِ لَهُ مَعَهَا. طرفاه 5136، 6968 - تحفة 15371 6971 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ». قُلْتُ إِنَّ الْبِكْرَ تَسْتَحْيِى قَالَ «إِذْنُهَا صُمَاتُهَا». وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنْ هَوِىَ رَجُلٌ جَارِيَةً يَتِيمَةً أَوْ بِكْرًا، فَأَبَتْ فَاحْتَالَ فَجَاءَ بِشَاهِدَىْ زُورٍ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا، فَأَدْرَكَتْ فَرَضِيَتِ الْيَتِيمَةُ، فَقَبِلَ الْقَاضِى شَهَادَةَ الزُّورِ، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ بِبُطْلاَنِ ذَلِكَ، حَلَّ لَهُ الْوَطْءُ. طرفاه 5137، 6946 - تحفة 16075 6968 - قوله: (قال بعضُ النَّاسِ: إن لم تَسْتَأْذِنِ البِكْرُ ولم تَزوج، فاحْتالَ رجلٌ، فأقامَ شاهِدَيْ زورٍ ... ) إلخ، وهذا الإِيرادُ أيضًا يُنْبيء على خِلافِيَةٍ ذَكَرْنَاهَا. والجوابُ الجواب. 6969 - قوله: (قال سُفْيَانُ: وأمَّا عبدُ الرحمنِ، فسمعتُهُ يقولُ عن أبيه: إِنَّ خنساء ... ) إلخ، واختلف الرُّواةُ في خنساء، أَنَّها كانت بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ ثُمَّ إِنَّ في الحديثِ دَلالة على أَنَّه لا إجبار على البِكْرِ البَالِغَة، كما قُلنا، فإِنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلّم رَدَّ نِكَاحَها حين عَلِمَ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَها وهي كارهة، وأَقرَّ الشيخُ تقي الدين السُّبْكي الشافعي أَنَّ مذهب الحنفيةِ فيه أَقْوَى؛ فإِنَّ كونَ الصِغَرِ علةً للولايةِ قد ظَهَرَ في أبوابِ الأموالِ، وشَهِدَ بها الشَّرعُ، وهو الذي اعتبرَهُ الحنفيةُ في النِّكاحِ، أَمَّا البَكَارَة والثِّيَابة، فلم يَثْبُت لها أَثَرٌ. 6970 - قوله: (وقال بعضُ النَّاسِ: إِنِ احتالَ إنسانٌ بشاهدَيْ زُورٍ على تَزْوِيجِ امرأةٍ ثيبٍ بأَمْرِهَا ... ) إلخ. 6971 - قوله: (قال بعضُ النَّاسِ: إِنْ هَوَيَ رجلٌ جاريةً يتيمةً، أو بِكْرًا،

12 - باب ما يكره من احتيال المرأة مع الزوج والضرائر، وما نزل على النبى - صلى الله عليه وسلم - فى ذلك

فَأَبَتْ، فاحتَالَ ... ) إلخ، كل ذلك تكريرٌ في اللَّفْظِ، مع أَنَّ المعنى في كلِّها واحدٌ، وهو الخلافيةُ المذكورةُ، وكأَنَّ الإِمامَ البُخاري يتلذَّذُ بها التكْرِيرِ، فيأتي بِه كل مرةٍ، مع تغييرٍ يسير، تكثيرًا لعدَدِ الإِيرَادَاتِ لا غير. 12 - باب مَا يُكْرَهُ مِنِ احْتِيَالِ الْمَرْأَةِ مَعَ الزَّوْجِ وَالضَّرَائِرِ، وَمَا نَزَلَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى ذَلِكَ 6972 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ، وَيُحِبُّ الْعَسَلَ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ أَجَازَ عَلَى نِسَائِهِ فَيَدْنُو مِنْهُنَّ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ، فَاحْتَبَسَ عِنْدَهَا أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَحْتَبِسُ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لِى أَهْدَتِ امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِهَا عُكَّةَ عَسَلٍ، فَسَقَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُ شَرْبَةً. فَقُلْتُ أَمَا وَاللَّهِ لَنَحْتَالَنَّ لَهُ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَوْدَةَ قُلْتُ إِذَا دَخَلَ عَلَيْكِ فَإِنَّهُ سَيَدْنُو مِنْكِ فَقُولِى لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَلْتَ مَغَافِيرَ فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لاَ. فَقُولِى لَهُ مَا هَذِهِ الرِّيحُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَشْتَدُّ عَلَيْهِ أَنْ تُوجَدُ مِنْهُ الرِّيحُ، فَإِنَّهُ سَيَقُولُ سَقَتْنِى حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ. فَقُولِى لَهُ جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ. وَسَأَقُولُ ذَلِكَ، وَقُولِيهِ أَنْتِ يَا صَفِيَّةُ. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى سَوْدَةَ، قُلْتُ تَقُولُ سَوْدَةُ وَالَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَقَدْ كِدْتُ أَنْ أُبَادِرَهُ بِالَّذِى قُلْتِ لِى، وَإِنَّهُ لَعَلَى الْبَابِ فَرَقًا مِنْكِ، فَلَمَّا دَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَلْتَ مَغَافِيرَ قَالَ «لاَ». قُلْتُ فَمَا هَذِهِ الرِّيحُ قَالَ «سَقَتْنِى حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ». قُلْتُ جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَىَّ قُلْتُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ. وَدَخَلَ عَلَى صَفِيَّةَ فَقَالَتْ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ قَالَتْ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ أَسْقِيكَ مِنْهُ قَالَ «لاَ حَاجَةَ لِى بِهِ». قَالَتْ تَقُولُ سَوْدَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ لَقَدْ حَرَمْنَاهُ. قَالَتْ قُلْتُ لَهَا اسْكُتِى. أطرافه 4912، 5216، 5267، 5268، 5431، 5599، 5614، 5682، 6691 تحفة 16796 - 34/ 9 أي ما يَقَعُ بين الضَّرَائِر مِنَ الاخْتِلاَفَاتِ، والاحتيالِ فيها. 6972 - قوله: (فَدَخَل على حَفْصَةَ)، وهو وَهْمٌ، وإِنَّما هي قِصَةٌ في بيتِ زَيْنَبَ. قوله: (قلتُ لها: اسكُتي) أي لا تقولي الآن شيئًا، فإِنَّ فيه شرًا، فاسْكُتي. 13 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الاِحْتِيَالِ فِى الْفِرَارِ مِنَ الطَّاعُونِ 6973 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ، فَلَمَّا جَاءَ بِسَرْغَ بَلَغَهُ أَنَّ الْوَبَاءَ وَقَعَ بِالشَّأْمِ فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا سَمِعْتُمْ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ». فَرَجَعَ

14 - باب فى الهبة والشفعة

عُمَرُ مِنْ سَرْغَ. وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا انْصَرَفَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. طرفاه 5729، 5730 - تحفة 9720 6974 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ أَنَّهُ سَمِعَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ سَعْدًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ الْوَجَعَ فَقَالَ «رِجْزٌ - أَوْ عَذَابٌ - عُذِّبَ بِهِ بَعْضُ الأُمَمِ، ثُمَّ بَقِىَ مِنْهُ بَقِيَّةٌ، فَيَذْهَبُ الْمَرَّةَ وَيَأْتِى الأُخْرَى، فَمَنْ سَمِعَ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ يَقْدَمَنَّ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ بِأَرْضٍ وَقَعَ بِهَا فَلاَ يَخْرُجْ فِرَارًا مِنْهُ». طرفاه 3473، 5728 - تحفة 92 14 - باب فِى الْهِبَةِ وَالشُّفْعَةِ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنْ وَهَبَ هِبَةً، أَلفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرَ، حَتَّى مَكَثَ عِنْدَهُ سِنِينَ، وَاحْتَالَ في ذلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ الوَاهِب فِيهَا فَلاَ زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. فَخَالَفَ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلّم في الهِبَةِ، وَأَسْقَطَ الزَّكَاةَ. 6975 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِىِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْعَائِدُ فِى هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِى قَيْئِهِ، لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ». أطرافه 2589، 2621، 2622 - تحفة 5992 6976 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إِنَّمَا جَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الشُّفْعَةَ فِى كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلاَ شُفْعَةَ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ الشُّفْعَةُ لِلْجِوَارِ. ثُمَّ عَمَدَ إِلَى مَا شَدَّدَهُ فَأَبْطَلَهُ، وَقَالَ إِنِ اشْتَرَى دَارًا فَخَافَ أَنْ يَأْخُذَ الْجَارُ بِالشُّفْعَةِ، فَاشْتَرَى سَهْمًا مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ، ثُمَّ اشْتَرَى الْبَاقِىَ، وَكَانَ لِلْجَارِ الشُّفْعَةُ فِى السَّهْمِ الأَوَّلِ، وَلاَ شُفْعَةَ لَهُ فِى بَاقِى الدَّارِ، وَلَهُ أَنْ يَحْتَالَ فِى ذَلِكَ. أطرافه 2213، 2214، 2257، 2495، 2496 - تحفة 3153 6977 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الشَّرِيدِ قَالَ جَاءَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِى، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ إِلَى سَعْدٍ فَقَالَ أَبُو رَافِعٍ لِلْمِسْوَرِ أَلاَ تَأْمُرُ هَذَا أَنْ يَشْتَرِىَ مِنِّى بَيْتِى الَّذِى فِى دَارِى. فَقَالَ لاَ أَزِيدُهُ عَلَى أَرْبَعِمِائَةٍ، إِمَّا مُقَطَّعَةٍ وَإِمَّا مُنَجَّمَةٍ. قَالَ أُعْطِيتُ خَمْسَمِائَةٍ نَقْدًا، فَمَنَعْتُهُ، وَلَوْلاَ أَنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ». مَا بِعْتُكَهُ أَوْ قَالَ مَا أَعْطَيْتُكَهُ. قُلْتُ لِسُفْيَانَ إِنَّ مَعْمَرًا لَمْ يَقُلْ هَكَذَا. قَالَ لَكِنَّهُ قَالَ لِى هَكَذَا. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ الشُّفْعَةَ فَلَهُ أَنْ يَحْتَالَ حَتَّى يُبْطِلَ الشُّفْعَةَ فَيَهَبُ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِى الدَّارَ، وَيَحُدُّهَا وَيَدْفَعُهَا إِلَيْهِ، وَيُعَوِّضُهُ الْمُشْتَرِى أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَلاَ يَكُونُ لِلشَّفِيعِ فِيهَا شُفْعَةٌ. أطرافه 2258، 6978، 6980، 6981 - تحفة 12027

6978 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِى رَافِعٍ أَنَّ سَعْدًا سَاوَمَهُ بَيْتًا بِأَرْبَعِمِائَةِ مِثْقَالٍ فَقَالَ لَوْلاَ أَنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ». لَمَا أَعْطَيْتُكَ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنِ اشْتَرَى نَصِيبَ دَارٍ، فَأَرَادَ أَنْ يُبْطِلَ الشُّفْعَةَ، وَهَبَ لاِبْنِهِ الصَّغِيرِ وَلاَ يَكُونُ عَلَيْهِ يَمِينٌ. أطرافه 2258، 6977، 6980، 6981 تحفة 12027 - 36/ 9 قوله: (وقال بعضُ النَّاسِ: إِنْ وَهَبَ هِبَةً، ألفَ درهم أَوْ أَكْثَرَ، حتى مَكَثَ عندَهُ سِنِينَ، واحتَالَ في ذلكَ، ثُمَّ رَجَعَ الوَاهِبُ فيها فلا زَكَاةَ على واحدٍ منهمَا - قال أبو عبد الله - فَخَالَفَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم في الهبةِ، وأَسْقَطَ الزكاةَ) ومْحصِّلُه، أَنَّ القُبْحَ في مَذْهَبِ الحنفيةِ مِنْ وجْهَينِ: الأول: مِنْ قولِهم بجوَازِ الرُّجوعِ في الهبةِ، والثاني: بحكْمِهِم بسقوطِ الزَّكاةِ بالحِيلَةِ، وفيهما نظرٌ. أمَّا الرجوع في الهبة، فمكْرُوهٌ عندنَا تحريمًا أو تَنْزِيهًا ديانة، وإِنْ نَفَذَ بالقضاءِ أو الرضاء؛ فإذا رَجَعَ فيها يَتَمَلَّكُها بمِلْكِ مستَأْنَفٍ، فإِذا ثَبَتَ له المِلْكُ الآن كيف تجبُ عليه الزَّكاةُ لِسنين قَبْلَه، أَمَّا الموهوبُ له، فقد تَلِفَ مالُه، وظَهَرَ أَنَّه لم يكُنْ ذلك مالُه مِن يومِ وهِبَ له، فكيفَ نُوجِبُ عليه الزكاةَ في مالٍ ظَهَر أَنَّه لم يتمَلَّكْهُ، ولا أَرَى أحدًا يُنكِرُ مقدِّمات الدِّليل، فكيف بالنَّتِيحَةِ، وكذلك الدَّليلُ يَعْملُ العجائب، نعم من قال لإِسْقَاطِ الزكاة، فقد سوَّدَ وَجْهَهُ عند الله تعالى، وذلك أَمْرٌ آخر، إِنَّما البحثُ باعتبارِ أحكامِ الدُّنيا. 6976 - قوله: (قال بعضُ النَّاسِ: الشُّفْعَةُ للجوارِ، ثُمَّ عَمَدَ إلى ما شدَّدَهُ، فأَبْطَلَهُ ... ) إلخ، أَي أَثْبَتَ أَوَّلًا للجَارِ شُفْعَةً، ثُمَّ وَضَعَ لإِبْطَالِها حيلةً، ويه أَنْ يَشْتَرِيَ المُشْتَري سهمًا مِنْ مئةِ سَهْمٍ أَوَّلًا، لِئَلَّا يُزَاحِمَ الجَار، فإِنَّه ما يَفْعَل بهذا السهم الواحد من مئةٍ، وبعد الشِّراءِ يكونُ شريكًا في نَفْسِ المَبِيعِ، وهو مُقَدَّمٌ على الجَار؛ وحينئذٍ له أَنْ يَشْتَرِيَ الباقي، فلا يكونُ لِجَارِه حقُّ الشُّفْعَةِ، ففي تِلْكَ الحِيلَةِ إبطالٌ لحقِّ الجَارِ. قلتُ: لم يأتِ البُخَاري بشيءٍ مما يُخالِفُ ما ذَهَبَ إليه الإِمامُ غيرَ الاستعجابِ، والاستبعادِ، قُلنا: إِنَّ الاستَعْجَابَ إِنْ كان مِنْ إِبْطَالِ حقِّ الغيرِ بلا وَجْهٍ، فهو حقٌ، ولم نَقُل به، وإِنْ كانَ للتَّحرُّزِ عن تَأَذِي الجارِ الفَاسِق، فلا استِعْجَاب فيه {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة: 251]. 6977 - قوله: (وقال بعضُ النَّاسِ: إذا أَرَادَ أن يَبِيعَ الشُّفعة، فلهُ أَنْ يَحْتَال ... ) إلخ، وهذه صورةٌ أُخْرى لإِسقاطِ حقِّ الجَارِ، وهي أَنْ يَعْمَلَ العاقِدَان عَملَ البيعِ والشراءِ معنًى، وعقدَ الهِبَةِ لفظًا، وحينئذٍ ليس للشَّفِيعِ أَنْ يَدَّعي بالشُّفْعَةِ، فإِنَّ صاحبَ الدَّارِ يقول:

15 - باب احتيال العامل ليهدى له

إِني لم أَعْقِد عَقْدَ البيعِ، ولكِنِّي وهبْتُها له، فلا تكونُ له شُفْعة، فَفِيهِ إبطالٌ لِحَقِّهِ، قُلْنَا: إِنْ أَرَادَ بهِ إِبْطَالَ حق أَخِيهِ ظُلْمًا، فهو ظلماتٌ يومَ القِيَامَةِ، وإِنْ كان لمعنًى غيرِ ذلك، فلا غَائِلَةَ، فإِنَّ الإِبْطَال ليس إِلا عَنْ قَواعِد مستنبطة من الشَّرْعِ، ولذا لم يَسْتَطِع المصنِّف أَنْ يَسْتَدِلّ على خِلاَفِه بشيء. قوله: (وَيحُدُّها) "حد بندى كردى". 6978 - قوله: (وقال بعضُ النَّاسِ: إِنِ اشترَى نصيبَ دارٍ، فأَرَادَ أَنْ يُبْطِلَ الشُّفْعَةَ، وَهَبَ لابْنِهِ الصغيرِ، ولا يكونُ عليه يمينٌ) أي إذا وَهَبَ الأبُ لابْنِهِ الصغيرِ دارًا يكونُ الصغيرُ شريكًا في نَفْسِ المَبيعِ، فلو ادَّعَى عليه الشَّفِيعُ لا يتوجَهُ إليه اليمينُ حتى يَبْلُغ. 15 - باب احْتِيَالِ الْعَامِلِ لِيُهْدَى لَهُ 6979 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً عَلَى صَدَقَاتِ بَنِى سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ اللُّتَبِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ قَالَ هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَهَلاَّ جَلَسْتَ فِى بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ، حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا». ثُمَّ خَطَبَنَا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّى أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى الْعَمَلِ مِمَّا وَلاَّنِى اللَّهُ، فَيَأْتِى فَيَقُولُ هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِى. أَفَلاَ جَلَسَ فِى بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ، وَاللَّهِ لاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ، إِلاَّ لَقِىَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَلأَعْرِفَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَقِىَ اللَّهَ يَحْمِلُ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ». ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ حَتَّى رُئِىَ بَيَاضُ إِبْطِهِ يَقُولُ «اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ». بَصْرَ عَيْنِى وَسَمْعَ أُذُنِى. أطرافه 925، 1500، 2597، 6636، 7174، 7197 - تحفة 11895 6980 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِى رَافِعٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ». وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنِ اشْتَرَى دَارًا بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَحْتَالَ حَتَّى يَشْتَرِىَ الدَّارَ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَيَنْقُدَهُ تِسْعَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ وَتِسْعَمِائَةَ دِرْهَمٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، وَيَنْقُدَهُ دِينَارًا بِمَا بَقِىَ مِنَ الْعِشْرِينَ الأَلْفَ، فَإِنْ طَلَبَ الشَّفِيعُ أَخَذَهَا بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَإِلاَّ فَلاَ سَبِيلَ لَهُ عَلَى الدَّارِ، فَإِنِ اسْتُحِقَّتِ الدَّارُ، رَجَعَ الْمُشْتَرِى عَلَى الْبَائِعِ بِمَا دَفَعَ إِلَيْهِ، وَهْوَ تِسْعَةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ وَتِسْعُمِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا وَدِينَارٌ، لأَنَّ الْبَيْعَ حِينَ اسْتُحِقَّ انْتَقَضَ الصَّرْفُ فِى الدِّينَارِ، فَإِنْ وَجَدَ بِهَذِهِ الدَّارِ عَيْبًا وَلَمْ تُسْتَحَقَّ، فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. قَالَ فَأَجَازَ هَذَا الْخِدَاعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ دَاءَ وَلاَ خِبْثَةَ وَلاَ غَائِلَةَ». أطرافه 2258، 6977، 6978، 6981 - تحفة 12027 - 37/ 9

6981 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ أَنَّ أَبَا رَافِعٍ سَاوَمَ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ بَيْتًا بِأَرْبَعِمِائَةِ مِثْقَالٍ وَقَالَ لَوْلاَ أَنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ». مَا أَعْطَيْتُكَ. أطرافه 2258، 6977، 6978، 6980 - تحفة 12027 6980 - قوله: (وقال بعضُ النَّاسِ: إذا اشتَرَى دارًا بعشرينَ ألف دِرْهَم ... ) إلخ، ومُحصِّل الحِيلَةِ أَنْ يجعل الثمن أَوَّلًا عشرين ألف دِرْهَم، ثم يَنْقُدُه منه تسعة آلافِ دِرْهَم، وتسع مئة وتسعة وتسعين، وينقده بما بقي دِينَارًا، باعتبارِ بيعِ الصَّرْفِ، وحينئذٍ يُقَوِّمُ له الدَّار بعشرةِ آلافِ دِرْهم إلا دِرهم وبدينار، ولا يكونُ للشفيعِ إليها سبيل، لأنَّه إِنْ يأْخُذَها يأخذ بعشرين ألفِ دِرْهَم، وفيه غَبْنٌ فاحشٌ، فيتركها استعظامًا للثَّمَنِ، ويأخذَها المشتري بنقد عشرة آلاف إلا دِرهَمٍ، وبنقدِ دينارٍ من حيث عقد المُصَارَفَةِ، ثم إِنْ ظَهَرَ الاستحقاقُ لا يَرِدُ البائعُ إلا ما أَخَذَ، وهو عشرةُ آلافٍ إلا درهمٍ ودينارٍ، وذلك لأنَّ بَيْع الصَّرْفِ كان مبنيًا على شِرَاءِ الدَّارِ، فإِذا انْفَسَخَ ما بنَى عليه، فلا يَلْزَمُ عليه إلا رَدُّ ما قَبَضَهُ، أَمَّا إذا لم يَظْهَر الاستحقاق، ولكن ردَّ البيعَ بعيبٍ في الدَّارِ، فإِنَّه يَرد عليه عشرينَ أَلفَ دِرْهَمٍ. ووجهُ الفَرْقِ أَنَّ ظُهورَ العَيْبِ لا يَمْنَعُ صحةَ العَقْدِ، بل الرجوعُ فيه بعد تَمامِ الصَّفَقَةِ، ولذا احتيجَ إلى القضاءِ، فلا يَلْزَمُ مِنْ فَسْخِهِ بطلانُ الصَّرْفِ، قال الكَرْماني: فإِنْ قُلْتَ: ما الغرضُ في جَعْلِ الدِّينَارِ في مُقَابَلَةِ عَشْرَةِ آلافِ ودِرْهَمِ، ولم لم يَجْعَلُه في مقابلةِ عشرةِ آلافٍ فقط؟ قلتُ: رِعايةً لنُكْتَةٍ، وهي أَنَّ الثَّمنَ بالحقيقةِ عشرةُ آلاف، بقرينةِ نَقْدِه هذا القدر، فلو جَعَل العَشَرةَ - و - الدينار في مقابلة الثَّمنِ، لَزِمَ الربا، بخلافِ ما إِذَا نقصَ دِرهمًا، فإِنَّ الدِّينارَ في مقابَلَةِ ذلك الواحد. والألف إلا واحدًا في مقابلة الألف إلا واحدًا، فلا مُفَاضَلة، كذا في الهامش. أقولُ: بل تطويلُ الحسابِ، لِئلَّا ينتقلُ منه الذهن إلى حيلَتِه، وهكذا دَيْدَنُ معاشرَ التُّجَارِ، فإِنَّهم إذا أَرَادُوا التَّلبِيسَ في الثمنِ ذَكَروا معه الكُسور، فلا ينتقل ذهن المشتري إلى أَنَّهم عدلوا عن أصل الثمنِ، فينخَدِعُونَ، فالوجه فيه أَنَّ المقصودَ في هذا التطويلِ إخفاءُ عَقْدِ المصارَفَةِ، فافهم. ***

92 - كتاب التعبير

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 92 - كتاب التَّعْبِير (¬1) 1 - باب أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْوَحْىِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ 6982 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. وَحَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ قَالَ الزُّهْرِىُّ فَأَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْوَحْىِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِى النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، فَكَانَ يَأْتِى حِرَاءً فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - وَهْوَ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِىَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَتُزَوِّدُهُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهْوَ فِى غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فِيهِ فَقَالَ اقْرَأْ. فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِى فَغَطَّنِى حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِى. فَقَالَ اقْرَأْ. فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَأَخَذَنِى فَغَطَّنِى الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَقَالَ اقْرَأْ. فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَغَطَّنِى الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجَهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَقَالَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ». حَتَّى بَلَغَ (مَا لَمْ يَعْلَمْ) فَرَجَعَ بِهَا تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ «زَمِّلُونِى زَمِّلُونِى». فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ فَقَالَ «يَا خَدِيجَةُ مَا لِى». وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ وَقَالَ «قَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِى». فَقَالَتْ لَهُ كَلَّا أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِى الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. ثُمَّ انْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَىٍّ - وَهْوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخُو أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِىَّ فَيَكْتُبُ بِالْعَرَبِيَّةِ مِنَ الإِنْجِيلِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِىَ - فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ أَىِ ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ. فَقَالَ وَرَقَةُ ابْنَ أَخِى مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَا رَأَى فَقَالَ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِى فِيهَا جَذَعًا أَكُونُ حَيًّا، حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَمُخْرِجِىَّ هُمْ». فَقَالَ وَرَقَةُ نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِىَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِى ¬

_ (¬1) واعلم أنَّ الشيخَ الألوسي قد أجادَ في تحقيق الرُّؤيا، فراجعه من تفسيره: ص 242 وص 243 وص 244 - ج 3 "روح المعاني".

2 - باب رؤيا الصالحين

يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّىَ، وَفَتَرَ الْوَحْىُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا بَلَغَنَا حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَىْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَىْ يُلْقِىَ مِنْهُ نَفْسَهُ، تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا. فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ وَتَقِرُّ نَفْسُهُ فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْىِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ} [الأنعام: 96] ضَوْءُ الشَّمْسِ بِالنَّهَارِ، وَضَوْءُ الْقَمَرِ بِاللَّيْلِ. أطرافه 3، 3392، 4953، 4955، 4956، 4957 - تحفة 16540، 16637 - 38/ 9 وراجع لتحقيق الرُؤيا رسالة الشاه ولي الله «الأنوارُ الملكية» وما ذَكَرَهُ في «مجمع البِحَارِ» نقلًا عن البَغَوي، وللتعبيرِ ما صَنَّفَهُ الشيخُ عبدُ الغني النَّابُلْسي في مجلدين، وهو معاصرٌ لصاحب «الدُّر المُختَار»، وصوفي غال، وقد رَدَّ عليه في مسألة. 2 - باب رُؤْيَا الصَّالِحِينَ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27)} [الفتح: 27]. 6983 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ». طرفه 6994 - تحفة 206 - 39/ 9 6983 - قوله: (الرؤيا الحسنةُ من الرجلِ الصالح، حُزءٌ من ستةٍ وأربعينَ جُزْأً من النُّبوةِ) وقد تَصَدَّى العلماءُ إلى إِحْدَاثِ المناسباتِ في العددِ المخصُوصِ، فتصحُ في بعضٍ دونَ بَعْضٍ، ومَنْ شاء الكلامَ فيها على طَوْرِ الصوفيةِ، فليُرَاجِع له «الإِبريز» ثُمَّ إِنَّه لا يَلْزَم مِنْ بَقَاءِ جُزْءٍ من النُّبُوة كونَ النبوة باقية أيضًا، لما عند الطبري: ذهبت النبوة، وبقيت المُبَشِرَات. فإِنَّ جزء الشيء يُغَايِرُهُ، ألا تَرَى أَنَّا قد اشْتَرَكْنَا مع اللَّهِ سبحانه في كثير مِنَ الأشياءِ، وإن كانت شَرِكَةً اسمية، كالوجودِ، والعِلْمِ، والسمعِ، والبصرِ ... إلخ. فهل يُصَحَّحُ ذلك الاشتراكُ، إِطلاقَ اسم الله أيضًا، أو الاشتراك في الألوهية، والعياذ بالله، فما بال هذا المتنبي الكاذب يدَّعي النُّبوة من الاشتراكِ في جُزْءٍ من ستةٍ وأربعينَ جزءً مِنَ النُّبوةِ - لو كان - وهلَّا يدَّعي الحمارية لاشتراكِه معه في سائر الأجزاء، غيرَ جُزءٍ واحدٍ، وهو الناهقية (¬1). ¬

_ (¬1) قلتُ: وماذا يَتعلقُ بهذا الشقي من قوله - صلى الله عليه وسلم -، فإِنَّ الجزئيةَ في نصِّ الحديثِ للرَّجُلِ الصالح، أَمَّا مَنْ كان أَشقَاهُم، فما له وللمُبَشِّرَاتِ، فليُثْبِتْ أَوَّلًا صلاحَهُ، ثم ليتعلق به، كما قيل: ثَبتْ العَرْشَ، ثم انقُش، وبالجُملَةِ لا مَسْكةَ له فيه، ولو كان فيه مساغًا له، لكشَفْنَا عنه بحمدِ اللهِ تعالى، حتى ظَهَرَ مثلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، إِنْ شاءَ اللهُ تعالى.

3 - باب الرؤيا من الله

3 - باب الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ 6984 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى - هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ - قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ». أطرافه 3292، 5747، 6986، 6995، 6996، 7005، 7044 - تحفة 12135 6985 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّمَا هِىَ مِنَ اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا، وَلْيُحَدِّثْ بِهَا، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ، فَإِنَّمَا هِىَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا، وَلاَ يَذْكُرْهَا لأَحَدٍ، فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ». تحفة 4092 6985 - قوله: (إذا رَأَى أَحَدُكم رُؤْيَا يحبُّها، فإِنَّما هي مِنَ الله ... وإذا رَأَى غيرَ ذلك مما يكره، فإِنَّما هي مِنَ الشيطان ... ) فتلك علامةٌ مِنَ الشَّرِيعَةِ، لكونِ الرُّؤْيَا مِنَ الله، ومِنَ الشيطان، وهذه هي السبيل إلى عِلْمِنَا بها، وليست تلك أيضًا كُلِّيَّة، ولكِنَّها علامةً باعتبارِ الأَكْثَرِ (¬1). 4 - باب الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ 6986 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ - وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا لَقِيتُهُ بِالْيَمَامَةِ - عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ¬

_ (¬1) قُلْتُ: وذلك لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رُؤيا فيما لقي مِنَ الكُفَّارِ في غَزْوةِ أُحد، وكذا رَأَى في كذَّابَيْن يَخرجَانِ بعدَه، إلى غيرِ ذلك؛ وكذلك قد يَرَى عامةُ النَّاسِ أيضًا في رُؤْيَاهُم، ممَّا يَكْرَهُون، ثُمَّ لا يكونُ فيها مُدْخَلٌ للشَّيْطانِ، بل تكونُ مِنَ الله، فلا بُدَّ أَنْ يُقَال: إِنَّها أكْثَرِيَّة، نَعمَ ما في بَعْضِ الرُّواياتِ بُشْرَى مِنَ اللهِ، وتَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطانِ، يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَقِيم الحصرُ فيه باعتبارِ أَنَّ مَقصُودَ الشيطانِ ممَّا يُلْقَى في صَدْرِ النَّائِم، ليس إلا تَحْزِينُه، بخلاَفِ ما كان مِنَ اللهِ، فإنَّه لا يكونُ للتَّحْزِين، ثُمَّ تبيَّنَ لي أنَّ هذه النِّسب منْ بابِ الآدَاب، فإِنَّ البركاتِ والخَيْرَاتِ كلَّها تُنْسَبُ إلى اللهِ تعالى، والشُّرُورَ كلَّها تُنْسَبُ إلى الشيطانِ، كما في قوله تعالى: {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} [الكهف: 63] وقوله تعالى: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} [الكهف: 63] وكما في سورةِ يوسف: {فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ} [يوسف: 42]. وإنْ كانت الأمورُ كلُّها بيدِ اللهِ المتعال، إلا أَنَّ الأدَبَ أَنْ تُنْسَب الخيراتُ إليه تعالى، وما كان خلافها فالأولى فيه إمَّا أنْ تَنسِبْها إلى نَفْسِكَ أو إلى الشيطان، وما أَلطفُ ما ذَكَرَهُ العَيْني: أَنَّ الحُلُم في عُرْفِ الشَّرْعِ مُخْتَصٌ بالشيطان، والرؤيا بما كان مِنَ اللهِ تعالى، وعلى هذا ما يَراهُ النائم مما يَكْرَهُ، فهو مِنْ بابِ الحُلُم، ويَقْرُبُ ممَّا ذَكَرْنَا ما في "مَجْمَعِ البِحَار" أَنَّ حقيقتَهُ عند أَهْلِ السُّنَّةِ: أَنَّهُ تعالى يَخْلُقُ في قَلْبِ النَّائِمِ اعتقادات جَعَلَها عَلَمًا على أمورٍ تَلْحَقُها بعد، كما جَعَل الغَيْمَ عَلَمًا على المَطَرِ، ويَخْلُق عِلْمَ المَسَرَّةِ بغيرِ حُضُورِ الشيطان، وعلم المُساءَةِ بحضُورِهِ، فيُنْسَبُ إليه مجازًا، لا أنَّه يَفْعَل شيئًا، واللهُ تعالى أَعْلَمُ بالصَّواب.

5 - باب المبشرات

«الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا حَلَمَ فَلْيَتَعَوَّذْ مِنْهُ وَلْيَبْصُقْ عَنْ شِمَالِهِ، فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ». وَعَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. أطرافه 3292، 5747، 6984، 6995، 6996، 7005، 7044 تحفة 12112، 12135 6987 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ». تحفة 5069 6988 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ». رَوَاهُ ثَابِتٌ وَحُمَيْدٌ وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَشُعَيْبٌ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 7017 - تحفة 206، 13105، 497، 819، 224، 917 6989 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِىُّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ». تحفة 4098 5 - باب الْمُبَشِّرَاتِ 6990 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إِلاَّ الْمُبَشِّرَاتُ». قَالُوا وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ قَالَ «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ». تحفة 13160 - 40/ 9 6 - باب رُؤْيَا يُوسُفَ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6)} [يوسف: 4 - 6]. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)} [يوسف: 100 - 101]. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: فاطِرٌ وَالبَدِيعُ وَالمُبْدِعُ وَالبَارِىءُ وَالخَالِقُ وَاحِدٌ مِنَ البَدْءِ: بَادِئَةٍ.

7 - باب رؤيا إبراهيم عليه السلام

7 - باب رُؤْيَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105)} [الصافات: 102 - 105]. قَالَ مُجَاهِدٌ: أَسْلَمَا: سَلَّمَا مَا أُمِرَا بِهِ، وَتَلَّهُ: وَضَعَ وَجْهَهُ بِالأَرْضِ. 8 - باب التَّوَاطُؤُ عَلَى الرُّؤْيَا 6991 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنه - أَنَّ أُنَاسًا أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِى السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، وَأَنَّ أُنَاسًا أُرُوا أَنَّهَا فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْتَمِسُوهَا فِى السَّبْعِ الأَوَاخِرِ». طرفاه 1158، 2015 - تحفة 6886 - 41/ 9 9 - باب رُؤْيَا أَهْلِ السُّجُونِ وَالْفَسَادِ وَالشِّرْكِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (38) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ} [الآيات: 36 - 39] وَقَالَ الفُضَيلُ لِبَعْضِ الأَتْبَاعِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ: {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41) وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42) وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44) وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ

10 - باب من رأى النبى - صلى الله عليه وسلم - فى المنام

لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49) وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} [يوسف: 39 - 50]. وَادَّكَرَ: افتَعَلَ مِنْ ذَكَرَ، أُمَّةٍ: قَرْنٍ، وَيُقْرَأُ: أَمَهٍ: نِسْيَانٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْصِرُونَ: الأَعْنَابَ وَالدُّهْنَ. تُحْصِنُونَ: تَحْرُسُونَ. 6992 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَأَبَا عُبَيْدٍ أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ لَبِثْتُ فِى السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ، ثُمَّ أَتَانِى الدَّاعِى لأَجَبْتُهُ». أطرافه 3372، 3375، 3387، 4537، 4694 - تحفة 13237، 12931 6992 - قوله: (لو لبثتُ في السِّجْنِ ما لَبِثَ يُوسف ... ) إلخ، أخرج الحديثُ لِذِكْرِ السَّجن فيه، وإلا ليس فيه ذِكْرُ الرُّؤيا. 10 - باب مَنْ رَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمَنَامِ 6993 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ رَآنِى فِى الْمَنَامِ فَسَيَرَانِى فِى الْيَقَظَةِ، وَلاَ يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِى». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا رَآهُ فِى صُورَتِهِ. أطرافه 110، 3539، 6188، 6197 - تحفة 15310 6994 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِىُّ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ رَآنِى فِى الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِى، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَخَيَّلُ بِى، وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ». طرفه 6983 - تحفة 455 6995 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفِثْ عَنْ شِمَالِهِ ثَلاَثًا، وَلْيَتَعَوَّذْ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَزَايَا بِى». أطرافه 3292، 5747، 6984، 6986، 6996، 7005، 7044 - تحفة 12135 6996 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خَلِىٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنِى الزُّبَيْدِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ قَالَ أَبُو قَتَادَةَ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ رَآنِى فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ». تَابَعَهُ يُونُسُ وَابْنُ أَخِى الزُّهْرِىِّ. أطرافه 3292، 5747، 6984، 6986، 6995، 7005، 7044 - تحفة 12136 6997 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ رَآنِى فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَكَوَّنُنِى». تحفة 4097 - 43/ 9

11 - باب رؤيا الليل

6993 - قوله: (من رَآني في المَنَامِ، فسيراني في اليقطةِ، ولا يتمثَّلُ الشيطانُ بي) (¬1). 11 - باب رُؤْيَا اللَّيْلِ رَوَاهُ سَمُرَةُ. 6998 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِىُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِىُّ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَبَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ الْبَارِحَةَ إِذْ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ حَتَّى وُضِعَتْ فِى يَدِى». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنْتُمْ تَنْتَقِلُونَهَا. أطرافه 2977، 7013، 7273 - تحفة 14450 6999 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أُرَانِى اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَرَأَيْتُ رَجُلًا آدَمَ ¬

_ (¬1) قلتُ: قال الحافظُ في "التعبير": زَادَ مسلمٌ مِنْ هذا الوجهِ: "أو فَكَأنَّما رآني في اليقظة"؛ وعند الإِسماعيلي: "فقد رآني في اليقظة"، بدلَ قوله: "فسيرَاني"، وعند ابن ماجه: "فكأَنَّما رآني في اليقظة"، وجُلُّ أحاديث الباب كلفظ ابن ماجه، إلا قوله: "في اليقظة". ثم ذَكَرَ أنَّ معنى قوله: "فسيراني في اليقظة" عند بعضهم: فَسَيَرَى تفسير ما رأى، لأنَّه حقٌ وغَيْبٌ ألْقَى فيه، وقيل: معناهُ فسيراني في القيامة، ولا فائدة فيه. قلتُ: وقد مرَّ عن الشيخ أَنَّه مَضمُونٌ آخر: يَقْتَصِرُ على حياةِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومعناه أَنَّ من رَآهُ في حياتِه الطيبة، فليُرْجِ نَفْسَهُ أَنَّه سوفَ يَراهُ في اليقظة بعيني رأسه أيضًا إنْ شاء الله تعالى، ذَكَرَهُ الحافظ احتمالًا. أما قوله: "فكأنما رآني في اليقظة"، فهو تشبيهٌ، ومعناهُ: أَنَّه لو رآه في اليقظةِ لطَابَقَ ما رَآهُ في المنام، فيكونُ الأولُ حقًا وحقيقةً، والثاني حقًا وتمثيلًا، ثُمَّ ذَكَرَ الحافظ قُبيلَ تنبيهٍ -في هذا البابِ- أَنَّ مَن رَآه على صفةٍ أو أكثر، مما يَخْتَصُ به، فقد رَآهُ، ولو كانت سائر الصفات مخالِفة، وعلى ذلك فتتفاوتُ رؤيا مَنْ رآهُ، فمن رآه على هيئتِهِ الكاملة، فرؤياه الحقُّ الذي لا يَحْتَاجُ إلى تعبير، وعليها يَتَنَزَّل قولُه: "فقد رأى الحق"، ومهما نَقَصَ من صِفَاتِه، فيدْخُل التأويل بحسب ذلك، ويصحُ إطلاقُ: أَنَّ كلَّ مَن رَآهُ في أي حالةٍ كانت من ذلك فقد رَآه حقيقةً. ثُم ذكر الحافظُ تنبيهًا مهمًا جدًا، قال: جَوَّزَ أهلُ التعبير رؤية الباري عز وجل في المنام مطلقًا، قال الغزالي: ليس معنى قوله: "رآني"، أَنَّه رأى جسْمي وبَدَني، وإنَّما المرادُ أَنَّه رَأَى المثَالَ، صارَ ذلك المِثَال آلةً يَتَأَدَّى بها المعنى الذي في نفسي إليه، كذلك قوله: "فسيراني في اليقظة"، ليس المرادُ أَنَّه يَرَى بَدَني وجِسْمي، قال: والآلةُ تارةً تكونُ حقيقية، وتارةً تكونُ خَيَالِيَّة، والنَّفْسُ غيرُ المِثَالِ المُتَخَيَّلِ، فلمَّا رَآهُ مِنَ الشَّكْلِ ليس هو رُوح المُصْطَفَى ولا شَخصِه بل هو مثالٌ على التَّحقيقِ. قال: ومِثلُ ذلك مَن يَرَى الله سبحانَهُ وتعالى في المَنام، فإِنَّ ذاتَهُ منزَّهَةٌ عن الشَّكْلِ والصُّورَةِ، ولكن تَنْتَهي تعريفاتُه إلى العبدِ بوَاسِطَةِ مثالٍ مَحْسُوسٍ مِنْ نُورٍ أو غَيرِه، ويكونُ ذلك المِثَالَ حقًا في كونه واسِطَةُ التَّعريفِ، فيقولُ الرائي: رأيتُ الله في المَنامِ، لا يعني: أني رأيتُ ذاتَ اللهِ تعالى، كما يقولُ في غيرِه، اهـ. قلت: وهذا معنى التَّجَلي على ما فصَّلْنَا لك مِرَارَاً عن الشَّيْخِ، فأدْرِكْهُ مِنْ كلامِ الغزَّالي، فإِنَّ عبارَتَهُ أَوْفَى، وإنْ لم تَكن لك رَغبةٌ فيه، فانح عنَّا لا رَغْبَةَ لنا فيكَ أيضًا، ثُمَّ إِنَّ هذا مُلْتَقَطٌ مِنْ كلامِ الحافظِ، مُلخصًا غايةَ التلخيصِ باعتبارِ الأغراضِ التي أردتها، وقد بَسَطَها الحافظُ فيه بما لا مزيدَ عليه، فراجِعْ كلامَهُ، فإِنَّه يحتوي على دُوَرِ النُّقُولِ، وغُرَرِ الأفكَارِ.

12 - باب الرؤيا بالنهار

كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ، لَهُ لِمَّةٌ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ اللِّمَمِ، قَدْ رَجَّلَهَا تَقْطُرُ مَاءً، مُتَّكِئًا عَلَى رَجُلَيْنِ - أَوْ عَلَى عَوَاتِقِ رَجُلَيْنِ - يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَسَأَلْتُ مَنْ هَذَا فَقِيلَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ. ثُمَّ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ جَعْدٍ قَطَطٍ أَعْوَرِ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، فَسَأَلْتُ مَنْ هَذَا فَقِيلَ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ». أطرافه 3440، 3441، 5902، 7026، 7128 - تحفة 8373 7000 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنِّى أُرِيتُ اللَّيْلَةَ فِى الْمَنَامِ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ. وَتَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ أَخِى الزُّهْرِىِّ وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ الزُّبَيْدِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَوْ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ شُعَيْبٌ وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الزُّهْرِىِّ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ مَعْمَرٌ لاَ يُسْنِدُهُ حَتَّى كَانَ بَعْدُ. طرفه 7046 - تحفة 5838، 14109، 13575 ل 12 - باب الرُّؤْيَا بِالنَّهَارِ وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: رُؤْيَا النَّهَارِ مِثْلُ رُؤْيَا اللَّيلِ. 7001 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ، وَكَانَتْ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمًا فَأَطْعَمَتْهُ، وَجَعَلَتْ تَفْلِى رَأْسَهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهْوَ يَضْحَكُ. أطرافه 2788، 2799، 2877، 2894، 6282 - تحفة 199، 18307 - 44/ 9 7002 - قَالَتْ فَقُلْتُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَىَّ، غُزَاةً فِى سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ، مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ». شَكَّ إِسْحَاقُ. قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ، فَدَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهْوَ يَضْحَكُ. فَقُلْتُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَىَّ، غُزَاةً فِى سَبِيلِ اللَّهِ». كَمَا قَالَ فِى الأُولَى. قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. قَالَ «أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ». فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ فِى زَمَانِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِى سُفْيَانَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ، فَهَلَكَتْ. أطرافه 2789، 2800، 2878، 2895، 2924، 6283 - تحفة 199 13 - باب رُؤْيَا النِّسَاءِ 7003 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ أُمَّ الْعَلاَءِ - امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ بَايَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -

14 - باب الحلم من الشيطان، فإذا حلم فليبصق عن يساره، وليستعذ بالله عز وجل

أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمُ اقْتَسَمُوا الْمُهَاجِرِينَ قُرْعَةً. قَالَتْ فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، وَأَنْزَلْنَاهُ فِى أَبْيَاتِنَا، فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ، فَلَمَّا تُوُفِّىَ غُسِّلَ وَكُفِّنَ فِى أَثْوَابِهِ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِى عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ». فَقُلْتُ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنْ يُكْرِمُهُ اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمَّا هُوَ فَوَاللَّهِ لَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ، وَاللَّهِ إِنِّى لأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ، وَوَاللَّهِ مَا أَدْرِى وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَاذَا يُفْعَلُ بِى». فَقَالَتْ وَاللَّهِ لاَ أُزَكِّى بَعْدَهُ أَحَدًا أَبَدًا. أطرافه 1243، 2687، 3929، 7004، 7018 - تحفة 18338 7004 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ بِهَذَا وَقَالَ «مَا أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِهِ». قَالَتْ وَأَحْزَنَنِى فَنِمْتُ، فَرَأَيْتُ لِعُثْمَانَ عَيْنًا تَجْرِى، فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «ذَلِكَ عَمَلُهُ». أطرافه 1243، 2687، 3929، 7003، 7018 - تحفة 18338 - 45/ 9 14 - باب الْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا حَلَمَ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ 7005 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ الأَنْصَارِىَّ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَفُرْسَانِهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمُ الْحُلُمَ يَكْرَهُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْهُ، فَلَنْ يَضُرَّهُ». أطرافه 3292، 5747، 6984، 6986، 6995، 6996، 7044 - تحفة 12135 15 - باب اللَّبَنِ 7006 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ، حَتَّى إِنِّى لأَرَى الرِّىَّ يَخْرُجُ مِنْ أَظْفَارِى، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِى». يَعْنِى عُمَرَ. قَالُوا فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الْعِلْمَ». أطرافه 82، 3681، 7007، 7027، 7032 - تحفة 6700 7006 - قوله: (فما أَوَّلْتَهُ يا رسولَ اللَّهِ؟ قال: العِلْمَ) فكما أَنَّ صورتَهُ كانت صورةَ اللبن، وكان المعنى معنى العِلْم، كذلك رؤيته تعالى تكون رؤيةً للأمثالِ والضُّرُبِ، أَعْنِي بها التَّجلِّيات، ثم تُسمَّى برؤية الذَّاتِ، نظرًا إلى المعنى والمَرْمَى. وفي الحديثِ دليلٌ على أَنَّ الرؤيا قد تَحْتَاجُ إلى التعبيرِ حتى رُؤْيَا الأنبياءِ عليهم الصلاة والسَّلام أيضًا، وقد مرَّ في - العِلم - قِصَةَ بَقي بن مَخْلَد، تلميذُ الإِمامِ محمدٍ رحمه الله تعالى، حيثُ رَأَى في المنامِ أأعنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم سقاه لَبَنًا، فلمَّا أصبح استقاءَ تَصْدِيقًا للرُؤْيَا، واعترضَ عليه الشيخُ الأكبر، وقال: خطأ بَقي في الاسْتِقَاءِ، فإِنَّ اللبَنَ كان

16 - باب إذا جرى اللبن فى أطرافه أو أظافيره

العِلْم، فلمَّا استَقَاءَ خَرَجَ منه. وقد مَرَّ مني جوابه أَنَّ اللبن، وإن كان عِلمًا، لكنَّه معنى لا يُخْرَجُ مِنَ الاسْتِقَاءِ، وإِنَّما ذلك مِن جَلالةِ قَدْرِهِ، حيث عاملَ مع عطاياهُ في المنامِ، ما يُعامِل مع ذاتِه الشريفة، فَحَملَ عطايَاهُ أيضًا على الحقيقةِ، لا مَدْخَلَ فيها للشيطانِ، كما لا مُدْخَلَ له في رؤيةِ ذاتِه المباركةِ الطيبةِ، وبالاستِقَاءِ لم يَخْرُج منه شيء، ألا تَرَى إلى عِلْمِه وغزارتِه حيث احْتَوَى مُسندَهُ على ثلاثين ألف حديث، فذلك الذي كان مِنْ بَرَكَةِ اللبنِ الذي سقاهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلّم. 16 - باب إِذَا جَرَى اللَّبَنُ فِى أَطْرَافِهِ أَوْ أَظَافِيرِهِ 7007 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ، حَتَّى إِنِّى لأَرَى الرِّىَّ يَخْرُجُ مِنْ أَطْرَافِى، فَأَعْطَيْتُ فَضْلِى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ». فَقَالَ مَنْ حَوْلَهُ فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الْعِلْمَ». أطرافه 82، 3681، 7006، 7027، 7032 - تحفة 6700 17 - باب الْقَمِيصِ فِى الْمَنَامِ 7008 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَىَّ، وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْىَ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَمَرَّ عَلَىَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ». قَالُوا مَا أَوَّلْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الدِّينَ». أطرافه 23، 3691، 7009 - تحفة 3961 18 - باب جَرِّ الْقَمِيصِ فِى الْمَنَامِ 7009 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ عُرِضُوا عَلَىَّ، وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْىَ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَىَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجْتَرُّهُ». قَالُوا فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الدِّينَ». أطرافه 23، 3691، 7008 - تحفة 3961 - 46/ 9 والجَرُّ لمَّا كان في عال الرُؤْيَا لم يَكُن فيه بأسٌ، وإلا فهو ممنوعٌ في اليقَظَةِ. 19 - باب الْخُضَرِ فِى الْمَنَامِ وَالرَّوْضَةِ الْخَضْرَاءِ 7010 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا حَرَمِىُّ بْنُ عُمَارَةَ حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ

20 - باب كشف المرأة فى المنام

خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ قَالَ قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ كُنْتُ فِى حَلْقَةٍ فِيهَا سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَابْنُ عُمَرَ فَمَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ فَقَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. فَقُلْتُ لَهُ إِنَّهُمْ قَالُوا كَذَا وَكَذَا. قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا كَانَ يَنْبَغِى لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا مَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ، إِنَّمَا رَأَيْتُ كَأَنَّمَا عَمُودٌ وُضِعَ فِى رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ، فَنُصِبَ فِيهَا وَفِى رَأْسِهَا عُرْوَةٌ وَفِى أَسْفَلِهَا مِنْصَفٌ - وَالْمِنْصَفُ الْوَصِيفُ - فَقِيلَ ارْقَهْ. فَرَقِيتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ. فَقَصَصْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَمُوتُ عَبْدُ اللَّهِ وَهْوَ آخِذٌ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى». طرفاه 3813، 7014 - تحفة 5332 20 - باب كَشْفِ الْمَرْأَةِ فِى الْمَنَامِ 7011 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُرِيتُكِ فِى الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ، إِذَا رَجُلٌ يَحْمِلُكِ فِى سَرَقَةِ حَرِيرٍ فَيَقُولُ هَذِهِ امْرَأَتُكَ. فَأَكْشِفُهَا فَإِذَا هِىَ أَنْتِ فَأَقُولُ إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ». أطرافه 3895، 5078، 5125، 7012 - تحفة 16810 7011 - قوله: (فأقولُ: إِنْ يَكُنْ هذا مِنْ عندِ اللَّهِ يُمْضِهِ) (¬1). 21 - باب ثِيَابِ الْحَرِيرِ فِى الْمَنَامِ 7012 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُرِيتُكِ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ مَرَّتَيْنِ، رَأَيْتُ الْمَلَكَ يَحْمِلُكِ فِى سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ فَقُلْتُ لَهُ اكْشِفْ. فَكَشَفَ فَإِذَا هِىَ أَنْتِ، فَقُلْتُ إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ. ثُمَّ أُرِيتُكِ يَحْمِلُكِ فِى سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ فَقُلْتُ اكْشِفْ. فَكَشَفَ فَإِذَا هِىَ أَنْتِ فَقُلْتُ إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ». أطرافه 3895، 5078، 5125، 7011 - تحفة 17209 - 47/ 9 22 - باب الْمَفَاتِيحِ فِى الْيَدِ 7013 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ¬

_ (¬1) قلتُ: لا ريب أنَّ رؤيا الأنبياءِ عليهم الصَّلاة والسَّلام حقٌّ، فاختلفَ النَّاسُ في قولهِ: "إن يَكُن هذا ... " إلخ، فذهبَ القَسْطَلَّاني إلى أَنَّ مُرَادَهُ إنْ تَكُنْ هذه الرُؤْيَا على وجْهِهَا، بأنْ لا تَحْتَاج إلى تعبير وتفسيرٍ، فيُمضِيها اللهُ وُينْجِزُها، فالشَّكُ عائدٌ إلى أَنَّها رُؤْيَا على ظَاهِرَها، أو تَحْتَاجُ إلى التفسيرِ، اهـ. قلت: قال القُرطبي: قد تَقَرَّرَ أَنَّ الذي يَرَى في المنام أمثلةً للمرئياتِ، لا أَنْفُسِها، غَيْرَ أَنَّ تلك الأمثلةَ تارةً تقعُ مطابِقَةً، وتارةً يقعُ معناها، فَمِنَ الأوَّل: رؤياهُ - صلى الله عليه وسلم - عائشةَ، وفيه: "فإذا هي أَنْتِ" فأخبر أنَّه رَأَى في اليقظة ما رَآهُ في نَومِهِ بعينِهِ، ومِنَ الثاني: رُؤيا البقر التي تُنحر ... " إلخ، كذا في "الفتح"، في بحثِ رُؤيةِ النبي - صلى الله عليه وسلم -. ونُقِلَ عن القاضي أجوبةً: منها: ما ذكرنا، وأَرْضَاها عندي أَنَّه أتى بصورةِ الشَّكِ، وهو نوع من البديع يسمى بتجاهل العارِف، اهـ.

23 - باب التعليق بالعروة والحلقة

أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ، فَوُضِعَتْ فِى يَدِى». قَالَ مُحَمَّدٌ وَبَلَغَنِى أَنَّ جَوَامِعَ الْكَلِمِ أَنَّ اللَّهَ يَجْمَعُ الأُمُورَ الْكَثِيرَةَ الَّتِى كَانَتْ تُكْتَبُ فِى الْكُتُبِ قَبْلَهُ فِى الأَمْرِ الْوَاحِدِ وَالأَمْرَيْنِ. أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. أطرافه 2977، 6998، 7273 - تحفة 13216 23 - باب التَّعْلِيقِ بِالْعُرْوَةِ وَالْحَلْقَةِ 7014 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ح وَحَدَّثَنِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا مُعَاذٌ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ قَالَ رَأَيْتُ كَأَنِّى فِى رَوْضَةٍ، وَسَطَ الرَّوْضَةِ عَمُودٌ فِى أَعْلَى الْعَمُودِ عُرْوَةٌ، فَقِيلَ لِى ارْقَهْ. قُلْتُ لاَ أَسْتَطِيعُ. فَأَتَانِى وَصِيفٌ فَرَفَعَ ثِيَابِى فَرَقِيتُ، فَاسْتَمْسَكْتُ بِالْعُرْوَةِ، فَانْتَبَهْتُ وَأَنَا مُسْتَمْسِكٌ بِهَا، فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «تِلْكَ الرَّوْضَةُ رَوْضَةُ الإِسْلاَمِ، وَذَلِكَ الْعَمُودُ عَمُودُ الإِسْلاَمِ، وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عُرْوَةُ الْوُثْقَى، لاَ تَزَالُ مُسْتَمْسِكًا بِالإِسْلاَمِ حَتَّى تَمُوتَ». طرفاه 3813، 7010 - تحفة 5332 24 - باب عَمُودِ الْفُسْطَاطِ تَحْتَ وِسَادَتِهِ 25 - باب الإِسْتَبْرَقِ وَدُخُولِ الْجَنَّةِ فِى الْمَنَامِ 7015 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَأَيْتُ فِى الْمَنَامِ كَأَنَّ فِى يَدِى سَرَقَةً مِنْ حَرِيرٍ لاَ أَهْوِى بِهَا إِلَى مَكَانٍ فِى الْجَنَّةِ إِلاَّ طَارَتْ بِى إِلَيْهِ. أطرافه 440، 1121، 1156، 3738، 3740، 7028، 7030 - تحفة 7514. 7016 - فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّ أَخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ». أَوْ قَالَ «إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ». أطرافه 1122، 1157، 3739، 3741، 7029، 7031 - تحفة 15803 26 - باب الْقَيْدِ فِى الْمَنَامِ 7017 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ عَوْفًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ تَكْذِبُ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ، وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ.» قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَقُولُ هَذِهِ قَالَ وَكَانَ يُقَالُ الرُّؤْيَا ثَلاَثٌ حَدِيثُ النَّفْسِ، وَتَخْوِيفُ الشَّيْطَانِ، وَبُشْرَى مِنَ اللَّهِ، فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلاَ يَقُصُّهُ عَلَى أَحَدٍ، وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ. قَالَ وَكَانَ يُكْرَهُ الْغُلُّ فِى النَّوْمِ، وَكَانَ يُعْجِبُهُمُ الْقَيْدُ، وَيُقَالُ الْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِى الدِّينِ. وَرَوَى قَتَادَةُ وَيُونُسُ وَهِشَامٌ وَأَبُو هِلاَلٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ

27 - باب العين الجارية فى المنام

النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَدْرَجَهُ بَعْضُهُمْ كُلَّهُ فِى الْحَدِيثِ، وَحَدِيثُ عَوْفٍ أَبْيَنُ. وَقَالَ يُونُسُ لاَ أَحْسِبُهُ إِلاَّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْقَيْدِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لاَ تَكُونُ الأَغْلاَلُ إِلاَّ فِى الأَعْنَاقِ. طرفه 6988 - تحفة 14484، 14494، 14582، 14576، 14504، 14575 - 48/ 9 7017 - قوله: (إذا اقتربَ الزَّمَانُ لم تَكَدْ تَكْذِبُ رُؤْيَا المُؤْمِن ... ) أَي إذا اقْتَرَبَتْ الساعةُ ... إلخ، وذلك لأنَّ المطلوب الآن إخفاءُ المغيبات، ثُمَّ تَنْعَقِدُ المشيئةُ بكَشْفِهَا عند إِبانِ الساعةِ، وكذلك اللهُ يَفْعَلُ ما يشاء، ويَحْكُمُ ما يُرِيد. 27 - باب الْعَيْنِ الْجَارِيَةِ فِى الْمَنَامِ 7018 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أُمِّ الْعَلاَءِ - وَهْىَ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِمْ بَايَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ طَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فِى السُّكْنَى حِينَ اقْتَرَعَتِ الأَنْصَارُ عَلَى سُكْنَى الْمُهَاجِرِينَ، فَاشْتَكَى فَمَرَّضْنَاهُ حَتَّى تُوُفِّىَ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ فِى أَثْوَابِهِ فَدَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِى عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ. قَالَ «وَمَا يُدْرِيكِ». قُلْتُ لاَ أَدْرِى وَاللَّهِ. قَالَ «أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ، إِنِّى لأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ مِنَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِى وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِى وَلاَ بِكُمْ». قَالَتْ أُمُّ الْعَلاَءِ فَوَاللَّهِ لاَ أُزَكِّى أَحَدًا بَعْدَهُ. قَالَتْ وَرَأَيْتُ لِعُثْمَانَ فِى النَّوْمِ عَيْنًا تَجْرِى، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ «ذَاكِ عَمَلُهُ يَجْرِى لَهُ» أطرافه 1243، 2687، 3929، 7003، 7004 - تحفة 18338 28 - باب نَزْعِ الْمَاءِ مِنَ الْبِئْرِ حَتَّى يَرْوَى النَّاسُ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 7019 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - حَدَّثَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَا أَنَا عَلَى بِئْرٍ أَنْزِعُ مِنْهَا إِذْ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ الدَّلْوَ، فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِى نَزْعِهِ ضَعْفٌ، فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ مِنْ يَدِ أَبِى بَكْرٍ فَاسْتَحَالَتْ فِى يَدِهِ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَفْرِى فَرْيَهُ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ». أطرافه 3633، 3676، 3682، 7020 - تحفة 7692 - 49/ 9 7019 - قوله: (فاستحالت في يدِهِ غَرْبًا) واعلم أَنَّ الاستحالةَ في الذاتِ، والتحولَ في العَوارِضِ والصفاتِ، ولذا استَعْمَلَ ههنا لفظَ الاستحالةِ، كأَنَّ ذاتَ الدَّلوِ استحَالتْ غَرْبًا، واستُعْمِلَ لفظُ التَّحَوُّلِ في حديثِ المَحْشَر في مجيء الربِّ في صورةٍ يَعْرِفُها المُؤْمِنُونَ. فافهم.

29 - باب نزع الذنوب والذنوبين من البئر بضعف

29 - باب نَزْعِ الذَّنُوبِ وَالذَّنُوبَيْنِ مِنَ الْبِئْرِ بِضَعْفٍ 7020 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا مُوسَى عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رُؤْيَا النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ قَالَ «رَأَيْتُ النَّاسَ اجْتَمَعُوا فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِى نَزْعِهِ ضَعْفٌ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ قَامَ ابْنُ الْخَطَّابِ، فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا فَمَا رَأَيْتُ مِنَ النَّاسِ يَفْرِى فَرْيَهُ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ». أطرافه 3633، 3676، 3682، 7019 - تحفة 7022 7021 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى سَعِيدٌ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى عَلَى قَلِيبٍ وَعَلَيْهَا دَلْوٌ، فَنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِى قُحَافَةَ فَنَزَعَ مِنْهَا ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِى نَزْعِهِ ضَعْفٌ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ اسْتَحَالَتْ غَرْبًا، فَأَخَذَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَنْزِعُ نَزْعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ». أطرافه 3664، 7022، 7475 - تحفة 13212 30 - باب الاِسْتِرَاحَةِ فِى الْمَنَامِ 7022 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ أَنِّى عَلَى حَوْضٍ أَسْقِى النَّاسَ، فَأَتَانِى أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ الدَّلْوَ مِنْ يَدِى لِيُرِيحَنِى، فَنَزَعَ ذَنُوبَيْنِ وَفِى نَزْعِهِ ضَعْفٌ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، فَأَتَى ابْنُ الْخَطَّابِ فَأَخَذَ مِنْهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَنْزِعُ، حَتَّى تَوَلَّى النَّاسُ وَالْحَوْضُ يَتَفَجَّرُ». أطرافه 3664، 7021، 7475 - تحفة 14733 31 - باب الْقَصْرِ فِى الْمَنَامِ 7023 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى فِى الْجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، قُلْتُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ قَالُوا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَبَكَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثُمَّ قَالَ أَعَلَيْكَ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغَارُ أطرافه 3242، 3680، 5227، 7025 - تحفة 13214 - 50/ 9 7024 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا أَنَا بِقَصْرٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا فَقَالُوا لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ. فَمَا مَنَعَنِى أَنْ أَدْخُلَهُ

32 - باب الوضوء فى المنام

يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِلاَّ مَا أَعْلَمُ مِنْ غَيْرَتِكَ». قَالَ وَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ طرفاه 3679، 5226 - تحفة 3065 32 - باب الْوُضُوءِ فِى الْمَنَامِ 7025 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى فِى الْجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ فَقَالُوا لِعُمَرَ. فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا». فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ عَلَيْكَ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغَارُ أطرافه 3242، 3680، 5227، 7023 - تحفة 13214 33 - باب الطَّوَافِ بِالْكَعْبَةِ فِى الْمَنَامِ 7026 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ بَيْنَ رَجُلَيْنٍ يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً، فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا ابْنُ مَرْيَمَ. فَذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ جَعْدُ الرَّأْسِ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا هَذَا الدَّجَّالُ. أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ». وَابْنُ قَطَنٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِى الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ. أطرافه 3440، 3441، 5902، 6999، 7128 - تحفة 6854 7026 - قوله: (فإذا رجلٌ أحمرٌ، جسيمٌ، جَعْدُ ... ) إلخ، واعلم أَنَّ الحديثَ رواهُ مالكٌ، ونافعٌ، وسالمٌ عن ابن عمرِ، أما نافعٌ فلا ذِكْرَ في حديثِه لطوافِ الدَّجَالِ أصلًا، وكذلكَ عند مالكٍ، كما مرَّ عند البخاري في «بابِ رُؤْيَا الليلِ» عنه بَقِيَ سالمٌ، فاضطربوا عليه في ذِكْرِ الطَّوَافِ وعَدَمِهِ، فهذا الزُّهْرِي لا يَذْكُرُ عنه الطوافُ. فهذا هو النَّظر التَّامُّ في حديثِ ابن عمر. ومن ههنا علمت أن ما ذكر فيه القاضي عياض، ونَقَلَهُ النّوويُّ نظرٌ قاصرٌ، فإِنَّه نَفَى ذِكْرَ الطَّوافِ عن حديثِه مِنْ طريقِ مالكٍ فقط، وقد بَيَّنْتُ لكَ أَنَّ حَدِيثَهُ عن سالمٍ أيضًا مُضْطَرِبٌ، والزُّهرِي لا يَذْكُر عنه الطَّواف، فهذا هو الكلامُ التَّامُّ، والنَّظَرُ الكاملُ في طريقه، ومن ههنا طاحَ ما تَعَلَّقَ به - لعينُ القاديان - وقد ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَبْل. 34 - باب إِذَا أَعْطَى فَضْلَهُ غَيْرَهُ فِى النَّوْمِ 7027 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ مِنْهُ، حَتَّى إِنِّى لأَرَى الرِّىَّ يَجْرِى، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلَهُ عُمَرَ». قَالُوا فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الْعِلْمُ». أطرافه 82، 3681، 7006، 7007، 7032 - تحفة 6700 - 51/ 9

35 - باب الأمن وذهاب الروع فى المنام

35 - باب الأَمْنِ وَذَهَابِ الرَّوْعِ فِى الْمَنَامِ 7028 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ إِنَّ رِجَالاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانُوا يَرَوْنَ الرُّؤْيَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُصُّونَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولُ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ اللَّهُ، وَأَنَا غُلاَمٌ حَدِيثُ السِّنِّ وَبَيْتِى الْمَسْجِدُ قَبْلَ أَنْ أَنْكِحَ، فَقُلْتُ فِى نَفْسِى لَوْ كَانَ فِيكَ خَيْرٌ لَرَأَيْتَ مِثْلَ مَا يَرَى هَؤُلاَءِ. فَلَمَّا اضْطَجَعْتُ لَيْلَةً قُلْتُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ فِىَّ خَيْرًا فَأَرِنِى رُؤْيَا. فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ جَاءَنِى مَلَكَانِ فِى يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، يُقْبِلاَ بِى إِلَى جَهَنَّمَ، وَأَنَا بَيْنَهُمَا أَدْعُو اللَّهَ اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهَنَّمَ. ثُمَّ أُرَانِى لَقِيَنِى مَلَكٌ فِى يَدِهِ مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ لَنْ تُرَاعَ، نِعْمَ الرَّجُلُ أَنْتَ لَوْ تُكْثِرُ الصَّلاَةَ. فَانْطَلَقُوا بِى حَتَّى وَقَفُوا بِى عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ فَإِذَا هِىَ مَطْوِيَّةٌ كَطَىِّ الْبِئْرِ، لَهُ قُرُونٌ كَقَرْنِ الْبِئْرِ، بَيْنَ كُلِّ قَرْنَيْنِ مَلَكٌ بِيَدِهِ مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، وَأَرَى فِيهَا رِجَالاً مُعَلَّقِينَ بِالسَّلاَسِلِ، رُءُوسُهُمْ أَسْفَلَهُمْ، عَرَفْتُ فِيهَا رِجَالاً مِنْ قُرَيْشٍ، فَانْصَرَفُوا بِى عَنْ ذَاتِ الْيَمِينِ. أطرافه 440، 1121، 1156، 3738، 3740، 7015، 7030 - تحفة 7694 7029 - فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ». فَقَالَ نَافِعٌ لَمْ يَزَلْ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْثِرُ الصَّلاَةَ. أطرافه 1122، 1157، 3739، 3741، 7016، 7031 - تحفة 15805 36 - باب الأَخْذِ عَلَى الْيَمِينِ فِى النَّوْمِ 7030 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كُنْتُ غُلاَمًا شَابًّا عَزَبًا فِى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَكُنْتُ أَبِيتُ فِى الْمَسْجِدِ، وَكَانَ مَنْ رَأَى مَنَامًا قَصَّهُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ لِى عِنْدَكَ خَيْرٌ فَأَرِنِى مَنَامًا يُعَبِّرُهُ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَنِمْتُ فَرَأَيْتُ مَلَكَيْنِ أَتَيَانِى فَانْطَلَقَا بِى، فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ آخَرُ فَقَالَ لِى لَنْ تُرَاعَ، إِنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَانْطَلَقَا بِى إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِىَ مَطْوِيَّةٌ كَطَىِّ الْبِئْرِ، وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُ بَعْضَهُمْ، فَأَخَذَا بِى ذَاتَ الْيَمِينِ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِحَفْصَةَ. أطرافه 440، 1121، 1156، 3738، 3740، 7015، 7028 - تحفة 6936، 15805 - 52/ 9 7031 - فَزَعَمَتْ حَفْصَةُ أَنَّهَا قَصَّتْهَا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ لَوْ كَانَ يُكْثِرُ الصَّلاَةَ مِنَ اللَّيْلِ». قَالَ الزُّهْرِىُّ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْثِرُ الصَّلاَةَ مِنَ اللَّيْلِ. أطرافه 1122، 1157، 3739، 3741، 7016، 7029 - تحفة 15805 ولما كان لحاظُ التيامنِ في النَّومِ أيضًا من العجائبِ بَوَّبَ عليه.

37 - باب القدح فى النوم

37 - باب الْقَدَحِ فِى النَّوْمِ 7032 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ مِنْهُ، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ». قَالُوا فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الْعِلْمَ». أطرافه 82، 3681، 7006، 7007، 7027 - تحفة 6700 38 - باب إِذَا طَارَ الشَّىْءُ فِى الْمَنَامِ 7033 - حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عُبَيْدَةَ بْنِ نَشِيطٍ قَالَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنْ رُؤْيَا رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الَّتِى ذَكَرَ. أطرافه 3620، 4373، 4378، 7461 - تحفة 5829 7034 - فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ذُكِرَ لِى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ أَنَّهُ وُضِعَ فِى يَدَىَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَفُظِعْتُهُمَا وَكَرِهْتُهُمَا، فَأُذِنَ لِى، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ». فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَحَدُهُمَا الْعَنْسِىُّ الَّذِى قَتَلَهُ فَيْرُوزٌ بِالْيَمَنِ، وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةُ. أطرافه 3621، 4374، 4375، 4379، 7037 تحفة 15613 أ 39 - باب إِذَا رَأَى بَقَرًا تُنْحَرُ 7035 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ جَدِّهِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى أُرَاهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رَأَيْتُ فِى الْمَنَامِ أَنِّى أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهَلِى إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرٌ، فَإِذَا هِىَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ، وَرَأَيْتُ فِيهَا بَقَرًا وَاللَّهُ خَيْرٌ، فَإِذَا هُمُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ مِنَ الْخَيْرِ وَثَوَابِ الصِّدْقِ الَّذِى أَتَانَا اللَّهُ بِهِ بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ». أطرافه 3622، 3987، 4081، 7041 - تحفة 9043 - 53/ 9 40 - باب النَّفْخِ فِى الْمَنَامِ 7036 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ». أطرافه 238، 876، 896، 2956، 3486، 6624، 6887، 7495 - تحفة 14707 7037 - وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أُوتِيتُ خَزَائِنَ الأَرْضِ، فَوُضِعَ فِى يَدَىَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَكَبُرَا عَلَىَّ وَأَهَمَّانِى، فَأُوحِىَ إِلَىَّ أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا الْكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا صَاحِبَ صَنْعَاءَ وَصَاحِبَ الْيَمَامَةِ». أطرافه 3621، 4374، 4375، 4379، 7034 - تحفة 14707

41 - باب إذا رأى أنه أخرج الشىء من كورة، فأسكنه موضعا آخر

41 - باب إِذَا رَأَى أَنَّهُ أَخْرَجَ الشَّىْءَ مِنْ كُورَةٍ، فَأَسْكَنَهُ مَوْضِعًا آخَرَ 7038 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَخِى عَبْدُ الْحَمِيدِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رَأَيْتُ كَأَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ، خَرَجَتْ مِنَ الْمَدِينَةِ، حَتَّى قَامَتْ بِمَهْيَعَةَ - وَهْىَ الْجُحْفَةُ - فَأَوَّلْتُ أَنَّ وَبَاءَ الْمَدِينَةِ نُقِلَ إِلَيْهَا». طرفاه 7039، 7040 - تحفة 7023 42 - باب الْمَرْأَةِ السَّوْدَاءِ 7039 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - فِى رُؤْيَا النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمَدِينَةِ «رَأَيْتُ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ، خَرَجَتْ مِنَ الْمَدِينَةِ، حَتَّى نَزَلَتْ بِمَهْيَعَةَ، فَتَأَوَّلْتُهَا أَنَّ وَبَاءَ الْمَدِينَةِ نُقِلَ إِلَى مَهْيَعَةَ، وَهْىَ الْجُحْفَةُ». طرفاه 7038، 7040 - تحفة 7023 43 - باب الْمَرْأَةِ الثَّائِرَةِ الرَّأْسِ 7040 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رَأَيْتُ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ، خَرَجَتْ مِنَ الْمَدِينَةِ، حَتَّى قَامَتْ بِمَهْيَعَةَ فَأَوَّلْتُ أَنَّ وَبَاءَ الْمَدِينَةِ نُقِلَ إِلَى مَهْيَعَةَ، وَهْىَ الْجُحْفَةُ». طرفاه 7038، 7039 - تحفة 7023 44 - باب إِذَا هَزَّ سَيْفًا فِى الْمَنَامِ 7041 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ جَدِّهِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى أُرَاهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «رَأَيْتُ فِى رُؤْيَا أَنِّى هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ، فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ هَزَزْتُهُ أُخْرَى، فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْفَتْحِ، وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ». أطرافه 3622، 3987، 4081، 7035 - تحفة 9043 - 54/ 9 45 - باب مَنْ كَذَبَ فِى حُلُمِهِ 7042 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلُمٍ لَمْ يَرَهُ، كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ، وَلَنْ يَفْعَلَ، وَمَنِ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ أَوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ، صُبَّ فِى أُذُنِهِ الآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ صَوَّرَ صُورَةً، عُذِّبِ وَكُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ». قَالَ سُفْيَانُ وَصَلَهُ لَنَا أَيُّوبُ. وَقَالَ قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِى

46 - باب إذا رأى ما يكره، فلا يخبر بها ولا يذكرها

هُرَيْرَةَ قَوْلَهُ مَنْ كَذَبَ فِى رُؤْيَاهُ. وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ أَبِى هَاشِمٍ الرُّمَّانِىِّ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَوْلَهُ مَنْ صَوَّرَ، وَمَنْ تَحَلَّمَ، وَمَنِ اسْتَمَعَ. حَدَّثَنا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «مَنِ اسْتَمَعَ، وَمَنْ تَحَلَّمَ، وَمَنْ صَوَّرَ». نَحْوَهُ. تَابَعَهُ هِشَامٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ. طرفاه 2225، 5963 - تحفة 5986 7043 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مِنْ أَفْرَى الْفِرَى أَنْ يُرِىَ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَ». تحفة 7206 7042 - قوله: (كُلِّفَ أن يَعْقِدَ بين شَهِيرَتَيْنِ ... ) لأنَّه كَذَبَ في الدنيا، فجمَعَ بين كلامَيْنِ غيرَ متنَاسِبَيْن (¬1)، فالجَزَاءُ فيه، مِنْ جِنْسِ العَملِ. 46 - باب إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ، فَلاَ يُخْبِرْ بِهَا وَلاَ يَذْكُرْهَا 7044 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ يَقُولُ لَقَدْ كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا فَتُمْرِضُنِى حَتَّى سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ وَأَنَا كُنْتُ لأَرَى الرُّؤْيَا تُمْرِضُنِى، حَتَّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ فَلاَ يُحَدِّثْ بِهِ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ، وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَلْيَتْفِلْ ثَلاَثًا وَلاَ يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ». أطرافه 3292، 5747، 6984، 6986، 6995، 6996، 7005 تحفة 12135 - 55/ 9 7045 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِىُّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يُحِبُّهَا، فَإِنَّهَا مِنَ اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا، وَلْيُحَدِّثْ بِهَا، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ، فَإِنَّمَا هِىَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا، وَلاَ يَذْكُرْهَا لأَحَدٍ، فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ» تحفة 4092 47 - باب مَنْ لَمْ يَرَ الرُّؤْيَا لأَوَّلِ عَابِرٍ إِذَا لَمْ يُصِبْ 7046 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلًا أَتَى ¬

_ (¬1) يقول الجامعُ: ورأيتُ في شرح -ولعله في "الفتح"- أَنَّهُ اشتدَّ عَذَابُهُ، لأنَّه كَذَّبَ في أمرٍ كان من أجزاءِ النُّبوةِ، فادره، فإنَّه لطيفٌ.

رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنِّى رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِى الْمَنَامِ ظُلَّةً تَنْطِفُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ، فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ، وَإِذَا سَبَبٌ وَاصِلٌ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، فَأَرَاكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلاَ بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلاَ بِهِ ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ ثُمَّ وُصِلَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِى أَنْتَ وَاللَّهِ لَتَدَعَنِّى فَأَعْبُرَهَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اعْبُرْ». قَالَ أَمَّا الظُّلَّةُ فَالإِسْلاَمُ، وَأَمَّا الَّذِى يَنْطِفُ مِنَ الْعَسَلِ وَالسَّمْنِ فَالْقُرْآنُ حَلاَوَتُهُ تَنْطُفُ، فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْمُسْتَقِلُّ، وَأَمَّا السَّبَبُ الْوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ فَالْحَقُّ الَّذِى أَنْتَ عَلَيْهِ تَأْخُذُ بِهِ فَيُعْلِيكَ اللهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ ثُمَّ يُوَصَّلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ، فَأَخْبِرْنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِى أَنْتَ أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا». قَالَ فَوَاللَّهِ لَتُحَدِّثَنِّى بِالَّذِى أَخْطَأْتُ. قَالَ «لاَ تُقْسِمْ». طرفه 7000 - تحفة 5838 واعْلَمْ أَنَّهُم اخْتَلَفُوا في أَنَّ الرُؤْيَا هل لها حقيقة مستقرةٌ بأنْفُسِها، أو هي تابعةٌ للتَّعْبِيرِ، كيفما عُبِّرَت؟. فذهبَ جماعةٌ إلى الأوَّل، ومنهم البخاري، وتَمَسَّكَ بقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم «أصبتَ بَعْضًا، وأخطأتَ بَعْضًا»، فَدَلَّ على أَنَّ الرُؤْيَا لها حقيقة، حيث لم يُدْرِكْ بعضَها أبو بكرٍ، وأَخْطَأَ فيها، ثُمَّ بتعبيرِهِ لم تَتَغَيَّرْ حقيقَتُها، وتَمَسَّكَ الأولونَ بما عند الترمذي: «الرُؤْيا على رِجْل طائرٍ، ما لم تعبر»، أو كما قال. قلتُ: واخْتَارَ التوزيع، فبعضُ أنواعِهَا يَنْقَلِبُ بالتعبيرِ، وبعضُها لا، وحينئذٍ ما في الترمذي قضيةٌ مهملةٌ، وهي تلازِمُ الجُزْئِيَة، ثُمَّ وقوعُها بعدَ التعبيرِ عبارةٌ عن زَوَالِ التردُّدِ للرَّائي، فإِنَّه لا تزال نَفْسُه تَتَرَدَّدُ إليه في تعبيرِهِ، فإِذا عَبَّرَ وَعَقَ تعبِيرُهُ عندَهُ، وليس فيه أَنَّ الواقِعَ أيضًا يَتْبَعُ تعبيرَهُ، وإِنَّما المَضَرَّةُ في تعبيرِ الرُؤْيَا المشوهةِ هو التحزينُ لا غير (¬1)؛ ¬

_ (¬1) قلتُ: وقد كنتُ ذَكَرْتُ لشيخي أَنَّ الرُّؤْيَا لمَّا كانت حقيقةً مُتَرَدِّدَةً بين النَّومِ واليقظةِ، كانت حقيقتُهُ، كحقيقةِ الجنس، لا تَحْصُلُ له بالفِعْلِ، فإذا قَارَنَها التعبيرُ صارَتْ ماهيةً متأكدة غيرُ مُتَزَلْزِلَة، ووقعت على وَجْهٍ ما، وهذا معنى قوله: "إِنَّ الرؤيا على رِجْلِ طائر"، فلم يَعْبَأ به الشيخُ، لأجلِ هذا الحديث الذي عند البخاري. قلتُ: فهذا الوجهُ يَصْلُحُ للرُؤْيَا التي تكونُ تابعةَ للتعبيرِ، أمَّا ما كان منها مستقرة في الخارج، فلا يَجْرِي فيه، وحيئنذٍ لا يكونُ له معنى، ولذا لم يَعْبَأ به الشيخُ، فالله ما أضبط عِلمه، وأدقَّ نظره، لم يَكُنْ يزل قدمه عن الحق، لأجل الحكم التي تشبه التُّرَهاتِ، واللهُ تعالى أعلمُ بالصَّواب. ثمَّ رأيتُ في "مُشكِلِ الآثارِ" أَنَّ قولَهُ: "على رِجلِ طائر"، قد يَحْتَمِلُ أَنْ تكونَ الرُؤيَا قبل أَنْ تعبر مُعَلَّقة في الهواءِ غير ساقطة، وغيرُ عاملةِ شيئًا، حتى تُعَبَّر، فإِذا عُبِّرَتْ عملت حينئذ، وذَكرها بأنَّها على رِجْلِ طائرٍ، أي أنها غَيرُ مستقِرَة، ثُمَّ أَجاب عمَّا كان يَرِدْ عليه مِن قولِ النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر: "أَصبتَ بعضًا وأخطات بعضًا"، أنَّ العبِارَةَ إِنَّما =

48 - باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح

ثم يُقْضَى العجبُ من الشارِحينَ حيث تَصَدُّوا إلى بيانِ ما أخطأ فيه أبو بكر قلتُ: كيف ولمَّا لم يُبَيِّنْهُ النبي صلى الله عليه وسلّم لأبي بكرٍ حتى قال له: «لا تُقْسِم»، فلا ينبغي لأحدٍ أَنْ يَتَصَدَّى لهُ مِنْ بَعْدِهِ (¬1). 48 - باب تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ 7047 - حَدَّثَنِى مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ أَبُو هِشَامٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لأَصْحَابِهِ «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا». قَالَ فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُصَّ، وَإِنَّهُ قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ «إِنَّهُ أَتَانِى اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِى، وَإِنَّهُمَا قَالاَ لِى انْطَلِقْ. وَإِنِّى انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِى بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ، فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ فَيَتَهَدْهَدُ الْحَجَرُ هَا هُنَا، فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ، فَلاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى. قَالَ قُلْتُ لَهُمَا سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقْ - قَالَ - فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِى أَحَدَ شِقَّىْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ - قَالَ وَرُبَّمَا قَالَ أَبُو رَجَاءٍ فَيَشُقُّ - قَالَ ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى. قَالَ قُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ - قَالَ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ ¬

_ = يكونُ عملها في الرُؤْيَا إذا عبرت بها، إِنَّما يكون يعمل إذا كانت العبارَةُ صوابًا، أو كانت الرُؤْيَا تَحْمِلُ وَجهينِ اثنين: واحدٌ منهما أَوْلَى بها مِنَ الآخر، فتكونُ معلَّقة على العِبَارة التي يردها إلى أَحَدِهما، حتى يعبر عليه، ويراد إليه، فتسقط بذلك، وتكونُ تلكَ العِبارَة هي عبارتها، وينتفي عنها الوَجهُ الذي قد كان محتملًا لها. اهـ: ص 296 - ج 1. (¬1) قلتُ: وقد تَكَلَّم فيه الطحاوي في "مشكِله" ص 290 - ج 1 من شاء فليراجِع إليه، ثُمَّ ذَكَرَ الطحاوي شَرْحَ قولِه - صلى الله عليه وسلم - حين أَقْسَمَ عليه أبو بَكْرٍ: "لا تقسم"، قيل له: إِنَّ قسم أبي بكرٍ كان عليه ليُخْبِرَهُ بحقيقةِ الخَطأِ من حقيقةِ الصَّواب، وكان ذَلِكَ غيرُ موصولٍ إليه في ذلك المعنى، لأنَّ العبارةُ إِنَّما هي بالظَّن والتحري، لا بما هو سِواهُما، وقد رَوَى مثل هذا فيها، كما حدَّثَنا يزيد بن سنان حدثنا نُعَيم بنُ حمَّاد حدثنا أبو قتيبة عن مهدي بن مَيْمُون عن محمد بن سِيرينِ، قال: التفسيرُ -يعني الرُؤْيَا- إِنَّما هو أظُنُّه، وليس بحلالٍ ولا حَرَامٍ، ثُمَّ قَرَأ {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا} [يوسف: 42] قال أحمدُ: يعني أَنَّ يوسفَ عليه الصَّلاة والسَّلام، قال للذي ظَنَّ أَنَّه ناجٍ مِنْهُما، فكان تعبيرُ رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لِمثْلها مِنْ هذين الحدِيثَينِ أيضًا، وكان نَهيُهُ عليه الصَّلاة والسَّلام لأبي بكر عن القسم عليه ليخبر به بما أقْسَمَ عليه، ليخبر به إياه لهذا المعنى، لا لِمَا سِوَاهُ، اهـ. وحينئذٍ لا تعارُضَ بين أَمْرِهِ بإِبْرَارِ المَقْسَم به، وبين قوله: لا تُقْسَم.

يَقُولُ - فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ - قَالَ - فَاطَّلَعْنَا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا - قَالَ - قُلْتُ لَهُمَا مَا هَؤُلاَءِ قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقِ انْطَلِقْ. قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ - حَسِبْتُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ - أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ، وَإِذَا فِى النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأْتِى ذَلِكَ الَّذِى قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ، كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا - قَالَ - قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَانِ قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقِ انْطَلِقْ. قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ الْمَرْآةِ كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلاً مَرْآةً، وَإِذَا عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا - قَالَ - قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَا قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقِ انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ فِيهَا مِنْ كُلِّ نَوْرِ الرَّبِيعِ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَىِ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ لاَ أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولاً فِى السَّمَاءِ، وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ - قَالَ - قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَا مَا هَؤُلاَءِ قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقِ انْطَلِقْ. - قَالَ - فَانْطَلَقْنَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ عَظِيمَةٍ لَمْ أَرَ رَوْضَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا وَلاَ أَحْسَنَ. - قَالَ - قَالاَ لِى ارْقَ فِيهَا. قَالَ فَارْتَقَيْنَا فِيهَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ، فَأَتَيْنَا بَابَ الْمَدِينَةِ فَاسْتَفْتَحْنَا فَفُتِحَ لَنَا، فَدَخَلْنَاهَا فَتَلَقَّانَا فِيهَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ - قَالَ - قَالاَ لَهُمُ اذْهَبُوا فَقَعُوا فِى ذَلِكَ النَّهَرِ. قَالَ وَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِى كَأَنَّ مَاءَهُ الْمَحْضُ فِى الْبَيَاضِ، فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ، فَصَارُوا فِى أَحْسَنِ صُورَةٍ - قَالَ - قَالاَ لِى هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ، وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ. قَالَ فَسَمَا بَصَرِى صُعُدًا، فَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ الْبَيْضَاءِ - قَالَ - قَالاَ هَذَاكَ مَنْزِلُكَ. قَالَ قُلْتُ لَهُمَا بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا، ذَرَانِى فَأَدْخُلَهُ. قَالاَ أَمَّا الآنَ فَلاَ وَأَنْتَ دَاخِلُهُ. قَالَ قُلْتُ لَهُمَا فَإِنِّى قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا، فَمَا هَذَا الَّذِى رَأَيْتُ قَالَ قَالاَ لِى أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ، أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِى أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِى أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ، وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِى مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِى. وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِى أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِى النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الْحَجَرَ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا، وَأَمَّا الرَّجُلُ الْكَرِيهُ الْمَرْآةِ الَّذِى عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا، فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِى فِى الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ - صلى الله عليه وسلم - وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الْفِطْرَةِ». قَالَ فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَوْلاَدُ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَأَوْلاَدُ الْمُشْرِكِينَ. وَأَمَّا الْقَوْمُ

الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنًا وَشَطَرٌ مِنْهُمْ قَبِيحًا، فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا، تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ». أطرافه 845، 1143، 1386، 2085، 2791، 3236، 3354، 4674، 6096 تحفة 4630 - 58/ 9 7047 - قوله: (وإذا حَوْلَ الرَّجُل مِنْ أَكْثَرِ ولدانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ)، ولذا كُنْتُ قُلْتُ فيما سبق: إن الذين رآهم النبيُّ صلى الله عليه وسلّم من الصبيان هم الذين سَبَقُوا بالسعادة، ونَجَوْا، لا أنَّ كلَّهم كانوا حوله. ولذا قيل له: أمَّا الولدان الذين حوله، فكلُّ مولودٍ مات على الفِطْرَةِ. ففيه دليلٌ على أن كلَّ مولودٍ لا يموت على الفِطْرَةِ، وإنما كان عنده من مات منهم على الفِطْرَةِ فقط. فلم يتحصَّل أن أطفالَ المشركين نَاجُونَ مطلقًا، بل هم الذين مَاتُوا منهم على الفِطْرَةِ فقط. ***

93 - كتاب الفتن

كِتَابُ الِفتَنِ والفتنةُ ما يتميَّزُ بها المُخْلِصُ من غير المُخْلِص. وفي الحديث: إنَّ الأمَّةَ المحمديَّةَ تَكْثُرُ فيها الفِتَنُ، ولم أَزَلْ أَتَفَكَّرُ في مراده حتى تبيَّن: أن الأمَمَ السابقةَ كان عذابُهم الاستئصالَ، ولَمَّا قُدِّرَ بقاء تلك الأمة، ولا بُدَّ أن لا يزال يتميَّز الفاجرُ من الصالح، قُدِّرَتْ فيها الفتنُ، لأنها هي التي يَحْصُلُ بها التمييز. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 93 - كِتَابُ الِفتَنِ 1 - باب مَا جَاءَ فِى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25] وَمَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُحَذِّرُ مِنَ الْفِتَنِ 7048 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِىِّ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ قَالَتْ أَسْمَاءُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَنَا عَلَى حَوْضِى أَنْتَظِرُ مَنْ يَرِدُ عَلَىَّ، فَيُؤْخَذُ بِنَاسٍ مِنْ دُونِى فَأَقُولُ أُمَّتِى. فَيَقُولُ لاَ تَدْرِى، مَشَوْا عَلَى الْقَهْقَرَى». قَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَرْجِعَ عَلَى أَعْقَابِنَا أَوْ نُفْتَنَ. طرفه 6593 - تحفة 15719 7049 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، لَيُرْفَعَنَّ إِلَىَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ حَتَّى إِذَا أَهْوَيْتُ لأُنَاوِلَهُمُ اخْتُلِجُوا دُونِى فَأَقُولُ أَىْ رَبِّ أَصْحَابِى. يَقُولُ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ». طرفاه 6575، 6576 - تحفة 9292 7050، 7051 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، مَنْ وَرَدَهُ شَرِبَ مِنْهُ، وَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهُ أَبَدًا، لَيَرِدُ عَلَىَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِى، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ». قَالَ أَبُو حَازِمٍ فَسَمِعَنِى النُّعْمَانُ بْنُ أَبِى عَيَّاشٍ وَأَنَا أُحَدِّثُهُمْ هَذَا فَقَالَ هَكَذَا سَمِعْتَ سَهْلاً فَقُلْتُ نَعَمْ. قَالَ وَأَنَا أَشْهَدُ عَلَى أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ لَسَمِعْتُهُ يَزِيدُ فِيهِ قَالَ «إِنَّهُمْ مِنِّى. فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا بَدَّلُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِى». طرفاه في 6583، 6584

2 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم -: «سترون بعدى أمورا تنكرونها»

2 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «سَتَرَوْنَ بَعْدِى أُمُورًا تُنْكِرُونَهَا» وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ: قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى عَلَى الْحَوْضِ». 7052 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِى أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا. قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ». طرفه 3603 - تحفة 9229 7053 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنِ الْجَعْدِ عَنْ أَبِى رَجَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». طرفاه 7054، 7143 - تحفة 6319 7054 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْجَعْدِ أَبِى عُثْمَانَ حَدَّثَنِى أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِىُّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ، إِلاَّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». طرفاه 7053، 7143 - تحفة 6319 7055 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِى أُمَيَّةَ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهْوَ مَرِيضٌ قُلْنَا أَصْلَحَكَ اللَّهُ حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ دَعَانَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَايَعْنَاهُ أطرافه 18، 3892، 3893، 3999، 4894، 6784، 6801، 6873، 7199، 7213، 7468 - تحفة 5077 7056 - فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِى مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا، وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا، عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ. طرفه 7200 - تحفة 5077 - 60/ 9 7057 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَعْمَلْتَ فُلاَنًا وَلَمْ تَسْتَعْمِلْنِى. قَالَ «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِى أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى». طرفه 3792 - تحفة 148 7053 - قوله: (مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ). قد مرَّ: أن الشريعةَ في مثل تلك الأمور التي تَنْتَظِمُ من الطرفين تَرِدُ بمثله، أعني أنها توجِّهُ كلاًّ منهما إلى أداء وظيفته، حتى يَتَرَاءى منه أنه ليس للآخر حقٌّ. وهكذا فعل في باب الزكاة، في تعدِّي المُصَدِّقِ، حتَّى جَعَلَ رضاهم من تمامية الزكاة. وهو دَأْبُهُ في النكاح، حتَّى يُتَوَهَّم أنه لم يَتْرُكْ للمَوْلِيَّةِ حقًّا، وجَعَل نِكَاحَهَا بدون إذن وليِّها باطلًا. وهو وتيرتُه في نهي الرجال عن نهي خروج النِّساء إلى المساجد، حتى يُظَنَّ أنه أمرٌ مطلوبٌ عنده. ومن هذا الباب أمر الرَّعِيَّةِ

3 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم -: «هلاك أمتى على يدى أغيلمة سفهاء»

والسلطان، أمرهم بالصبر حتى يُتَخَيَّلَ أن الحقَّ كلَّه عليهم. والوجهُ فيه قد ذَكَرْنَاه بأنه قد سَلَكَ فيه مسلكًا يقوم به النظام، فَأَقَامَ لكلَ بابًا، فجعل من وظيفة الرعية الصبر، وجعل من وظيفة الإِمام العدل مهما أمكن، ثم وعد كلًّ بترك وظيفته، ولو ترك الأمرَ إلى العوام لَفَسَدَتِ الأرض. نعم إذا رَأَوْا منه كفرًا بَوَاحًا لا يبقى فيه تأويلٌ، فحينئذٍ يَجِبُ عليهم أن يَخْلَعُوا رِبْقَتَهُ عن أعناقهم، فإنَّ حقَّ اللَّهِ أَوْكَدُ. ثم هل من طاقة البشر أن لا يختار إلَّا حقًّا في جميع الأبواب، فإذا تعذَّر أخذ الحقِّ في جميع الأبواب - وإن أَمْكَنَ ذهنًا - لا بُدَّ أن يُحدَّ له حَدٌّ، وهو الإغماضُ في الفروع، فإذا وَصَلَ الأمرُ إلى الأصول حَرُمَ السكوتُ، ووجب الخَلْعُ. وهو معنى قوله: «وإن أُمِّرَ عليكم عبدٌ حبشيٌّ»، فافهم. 7054 - قوله: (مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ شِبْرًا) ... إلخ، قد احتجَّ به الأصوليون على حُجِّية الإِجماع. وفيه نظرٌ، فإن تلك الأحاديث وَرَدَتْ في إطاعة الأمير، فالجماعةُ فيه، هي الجماعةُ مع الأمير، كما في لفظٍ آخر عند المصنِّف: «تَلْزَمُ جماعةَ المسلمين وإمامَهم»، وحينئذٍ فالتمسُّكُ به على حُجِّية الإِجماع في غير محله. فعلى الأصوليين أن يتصرَّفوا في تقريرهم. 3 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «هَلاَكُ أُمَّتِى عَلَى يَدَىْ أُغَيْلِمَةٍ سُفَهَاءَ» 7058 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى جَدِّى قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِى هُرَيْرَةَ فِى مَسْجِدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ وَمَعَنَا مَرْوَانُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ يَقُولُ «هَلَكَةُ أُمَّتِى عَلَى يَدَىْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ». فَقَالَ مَرْوَانُ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ غِلْمَةً. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ بَنِى فُلاَنٍ وَبَنِى فُلاَنٍ لَفَعَلْتُ. فَكُنْتُ أَخْرُجُ مَعَ جَدِّى إِلَى بَنِى مَرْوَانَ حِينَ مَلَكُوا بِالشَّأْمِ، فَإِذَا رَآهُمْ غِلْمَانًا أَحْدَاثًا قَالَ لَنَا عَسَى هَؤُلاَءِ أَنْ يَكُونُوا مِنْهُمْ قُلْنَا أَنْتَ أَعْلَمُ. طرفاه 3604، 3605 - تحفة 13084 4 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ» 7059 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ سَمِعَ الزُّهْرِىَّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ - رضى الله عنهن - أَنَّهَا قَالَتِ اسْتَيْقَظَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ النَّوْمِ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ يَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَاجُوجَ وَمَاجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ». وَعَقَدَ سُفْيَانُ تِسْعِينَ أَوْ مِائَةً. قِيلَ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ «نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ». أطرافه 3346، 3598، 7135 - تحفة 15880

5 - باب ظهور الفتن

7060 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَحَدَّثَنِى مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَشْرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ «هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى». قَالُوا لاَ. قَالَ «فَإِنِّى لأَرَى الْفِتَنَ تَقَعُ خِلاَلَ بُيُوتِكُمْ كَوَقْعِ الْقَطْرِ». أطرافه 1878، 2467، 3597 - تحفة 106 5 - باب ظُهُورِ الْفِتَنِ 7061 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ، وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ، وَيُلْقَى الشُّحُّ، وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّمَ هُوَ. قَالَ «الْقَتْلُ الْقَتْلُ». وَقَالَ شُعَيْبٌ وَيُونُسُ وَاللَّيْثُ وَابْنُ أَخِى الزُّهْرِىِّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 85، 1036، 1412، 3608، 3609، 4635، 4636، 6037، 6506، 6935، 7115، 7121 تحفة 13272 - 61/ 9 7062، 7063 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِى مُوسَى فَقَالاَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ لأَيَّامًا يَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ، وَيُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ، وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ، وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ». طرفاه 7064، 7065 - تحفة 9259، 9000 7064 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ قَالَ جَلَسَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَبُو مُوسَى فَتَحَدَّثَا فَقَالَ أَبُو مُوسَى قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ أَيَّامًا يُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ، وَيَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ، وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ، وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ». طرفاه 7063، 7065 - تحفة 9000، 9259 7065 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ إِنِّى لَجَالِسٌ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِى مُوسَى - رضى الله عنهما - فَقَالَ أَبُو مُوسَى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ، وَالْهَرْجُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ الْقَتْلُ. طرفاه 7063، 7064 - تحفة 9000، 9259 7066 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاصِلٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَأَحْسِبُهُ رَفَعَهُ قَالَ «بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ أَيَّامُ الْهَرْجِ، يَزُولُ الْعِلْمُ، وَيَظْهَرُ فِيهَا الْجَهْلُ». قَالَ أَبُو مُوسَى وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ. طرفه 7062 - تحفة 9313، 9000 7067 - وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنِ الأَشْعَرِىِّ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ تَعْلَمُ الأَيَّامَ الَّتِى ذَكَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَيَّامَ الْهَرْجِ. نَحْوَهُ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ». تحفة 9277، 9350، 9000

6 - باب لا يأتى زمان إلا الذى بعده شر منه

6 - باب لاَ يَأْتِى زَمَانٌ إِلاَّ الَّذِى بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ 7068 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِىٍّ قَالَ أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ «اصْبِرُوا، فَإِنَّهُ لاَ يَأْتِى عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلاَّ الَّذِى بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ». سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 836 - 62/ 9 7069 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ ح وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ الْفِرَاسِيَّةِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتِ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً فَزِعًا يَقُولُ «سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْخَزَائِنِ وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْفِتَنِ، مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ - يُرِيدُ أَزْوَاجَهُ - لِكَىْ يُصَلِّينَ، رُبَّ كَاسِيَةٍ فِى الدُّنْيَا، عَارِيَةٍ فِى الآخِرَةِ». أطرافه 115، 1126، 3599، 5844، 6218 - تحفة 18290 7 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا» 7070 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا». طرفه 6874 - تحفة 8364 7071 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا». تحفة 9042 7072 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يُشِيرُ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ بِالسِّلاَحِ، فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِى لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِى يَدِهِ، فَيَقَعُ فِى حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ». تحفة 14710 7073 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قُلْتُ لِعَمْرٍو يَا أَبَا مُحَمَّدٍ سَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ مَرَّ رَجُلٌ بِسِهَامٍ فِى الْمَسْجِدِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَمْسِكْ بِنِصَالِهَا». قَالَ نَعَمْ. طرفاه 451، 7074 - تحفة 2527 7074 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلاً مَرَّ فِى الْمَسْجِدِ بِأَسْهُمٍ قَدْ أَبْدَى نُصُولَهَا، فَأُمِرَ أَنْ يَأْخُذَ بِنُصُولِهَا، لاَ يَخْدِشُ مُسْلِمًا. طرفاه 451، 7073 - تحفة 2513 7075 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِى مَسْجِدِنَا أَوْ فِى سُوقِنَا وَمَعَهُ نَبْلٌ فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا - أَوْ قَالَ فَلْيَقْبِضْ بِكَفِّهِ - أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا شَىْءٌ». طرفه 452 - تحفة 9039

8 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم -: «لا ترجعوا بعدى كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض»

8 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» 7076 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ». طرفاه 48، 6044 - تحفة 9251 - 63/ 9 7077 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِى وَاقِدٌ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». أطرافه 1742، 4403، 6043، 6166، 6785، 6868 - تحفة 7418 7078 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ وَعَنْ رَجُلٍ آخَرَ هُوَ أَفْضَلُ فِى نَفْسِى مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ «أَلاَ تَدْرُونَ أَىُّ يَوْمٍ هَذَا». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. فَقَالَ «أَلَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ». قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «أَىُّ بَلَدٍ، هَذَا أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ». قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِى شَهْرِكُمْ هَذَا، فِى بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ». قُلْنَا نَعَمْ. قَالَ «اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلِّغٍ يُبَلِّغُهُ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ فَكَانَ كَذَلِكَ - قَالَ - لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ حُرِّقَ ابْنُ الْحَضْرَمِىِّ، حِينَ حَرَّقَهُ جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ. قَالَ أَشْرِفُوا عَلَى أَبِى بَكْرَةَ. فَقَالُوا هَذَا أَبُو بَكْرَةَ يَرَاكَ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَحَدَّثَتْنِى أُمِّى عَنْ أَبِى بَكْرَةَ أَنَّهُ قَالَ لَوْ دَخَلُوا عَلَىَّ مَا بَهَشْتُ بِقَصَبَةٍ. أطرافه 67، 105، 1741، 3197، 4406، 4662، 5550، 7447 تحفة 11682، 11708، 11671 7079 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِشْكَابٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَرْتَدُّوا بَعْدِى كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». طرفه 1739 - تحفة 6185 7080 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلِىِّ بْنِ مُدْرِكٍ سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ بْنَ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ جَدِّهِ جَرِيرٍ قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ «اسْتَنْصِتِ النَّاسَ». ثُمَّ قَالَ «لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». أطرافه 121، 4405، 6869 - تحفة 3236 - 64/ 9 9 - باب تَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ 7081 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى

10 - باب إذا التقى المسلمان بسيفيهما

سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَحَدَّثَنِى صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِى، وَالْمَاشِى فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِى، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، فَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ». طرفاه 3601، 7082 - تحفة 14953، 13179 7082 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِى، وَالْمَاشِى فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِى، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، فَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ». طرفاه 3601، 7081 - تحفة 15169 7081 - قوله: (مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ) "جسنى ادهر سى جهانكا ادهر سى وه فتنه اوسى جهانك هى ليكا". 10 - باب إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا 7083 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ رَجُلٍ لَمْ يُسَمِّهِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ خَرَجْتُ بِسِلاَحِى لَيَالِىَ الْفِتْنَةِ فَاسْتَقْبَلَنِى أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قُلْتُ أُرِيدُ نُصْرَةَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَكِلاَهُمَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ». قِيلَ فَهَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ «إِنَّهُ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ». قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لأَيُّوبَ وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ يُحَدِّثَانِى بِهِ فَقَالاَ إِنَّمَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الْحَسَنُ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ. طرفاه 31، 6875 تحفة 11655 حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ بِهَذَا. وَقَالَ مُؤَمَّلٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ وَيُونُسُ وَهِشَامٌ وَمُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ الأَحْنَفِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ. وَرَوَاهُ بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ. وَقَالَ غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَلَمْ يَرْفَعْهُ سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ. تحفة 11655، 11699 - 65/ 9 7083 - قوله: (فقالا: إنَّما رَوَى هذا الحديثَ: الحَسَنُ عن، الأَحْنَفِ بن قَيْسٍ، عن أبي بَكْرَةَ)، يريدُ أن الحسنَ البصري لم يَلْقَ عليًا، فما في الحديث عن الحسن، قال: «خَرَجْتُ بسلاحي»، أي يُرِيدُ نصرة عليّ، ليس بصحيحٍ. فإن البصريَّ لم يُدْرِكْ زمن عليّ حتى يَنْصُرَهُ، ولكنه مقولةُ الأَحْنَفِ أنه خَرَجَ لذلك، إلى آخر القصة.

11 - باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة

11 - باب كَيْفَ الأَمْرُ إِذَا لَمْ تَكُنْ جَمَاعَةٌ 7084 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ حَدَّثَنِى بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىَّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ، مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِى فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِى جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ «نَعَمْ». قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ «نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ». قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ «قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْىٍ، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ». قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ «نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا. قَالَ «هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا». قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِى إِنْ أَدْرَكَنِى ذَلِكَ قَالَ «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ». قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ قَالَ «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ، وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ». طرفاه 3606، 3607 - تحفة 3362 12 - باب مَنْ كَرِهَ أَنْ يُكَثِّرَ سَوَادَ الْفِتَنِ وَالظُّلْمِ 7085 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ وَغَيْرُهُ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَسْوَدِ. وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ قَالَ قُطِعَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فَنَهَانِى أَشَدَّ النَّهْىِ ثُمَّ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ أُنَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ يُكَثِّرُونَ سَوَادَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَأْتِى السَّهْمُ فَيُرْمَى فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ، فَيَقْتُلُهُ أَوْ يَضْرِبُهُ فَيَقْتُلُهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: 97] طرفه 4596 - تحفة 6210 13 - باب إِذَا بَقِىَ فِى حُثَالَةٍ مِنَ النَّاسِ 7086 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثَيْنِ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ حَدَّثَنَا «أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِى جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ». وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا قَالَ «يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى فِيهَا أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْمَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَىْءٌ، وَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ فَلاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّى الأَمَانَةَ فَيُقَالُ إِنَّ فِى بَنِى فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِينًا. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ مَا أَعْقَلَهُ، وَمَا أَظْرَفَهُ، وَمَا أَجْلَدَهُ، وَمَا فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، وَلَقَدْ أَتَى عَلَىَّ زَمَانٌ، وَلاَ أُبَالِى

14 - باب التعرب فى الفتنة

أَيُّكُمْ بَايَعْتُ، لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا رَدَّهُ عَلَىَّ الإِسْلاَمُ، وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَىَّ سَاعِيهِ، وَأَمَّا الْيَوْمَ فَمَا كُنْتُ أُبَايِعُ إِلاَّ فُلاَنًا وَفُلاَنًا». طرفاه 6497، 7276 - تحفة 3328 - 66/ 9 14 - باب التَّعَرُّبِ فِى الْفِتْنَةِ 7087 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ فَقَالَ يَا ابْنَ الأَكْوَعِ ارْتَدَدْتَ عَلَى عَقِبَيْكَ تَعَرَّبْتَ قَالَ لاَ وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَذِنَ لِى فِى الْبَدْوِ. وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ خَرَجَ سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ إِلَى الرَّبَذَةِ، وَتَزَوَّجَ هُنَاكَ امْرَأَةً وَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلاَدًا، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِلَيَالٍ، فَنَزَلَ الْمَدِينَةَ. تحفة 4539 7088 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ، يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ». أطرافه 19، 3300، 3600، 6495 - تحفة 4103 15 - باب التَّعَوُّذِ مِنَ الْفِتَنِ 7089 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ، فَصَعِدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ الْمِنْبَرَ فَقَالَ «لاَ تَسْأَلُونِى عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ بَيَّنْتُ لَكُمْ». فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ يَمِينًا وَشِمَالاً، فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ رَأْسُهُ فِى ثَوْبِهِ يَبْكِى، فَأَنْشَأَ رَجُلٌ كَانَ إِذَا لاَحَى يُدْعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ مَنْ أَبِى فَقَالَ «أَبُوكَ حُذَافَةُ». ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ فَقَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا رَأَيْتُ فِى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَالْيَوْمِ قَطُّ، إِنَّهُ صُوِّرَتْ لِى الْجَنَّةُ وَالنَّارُ حَتَّى رَأَيْتُهُمَا دُونَ الْحَائِطِ». قَالَ قَتَادَةُ يُذْكَرُ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ هَذِهِ الآيَةِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101]. أطرافه 93، 540، 749، 4621، 6362، 6468، 6486، 7090، 7091، 7294، 7295 - تحفة 1362 - 67/ 9 7090 - وَقَالَ عَبَّاسٌ النَّرْسِىُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا وَقَالَ كُلُّ رَجُلٍ لاَفًّا رَأْسَهُ فِى ثَوْبِهِ يَبْكِى. وَقَالَ عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ. أَوْ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ. أطرافه 93، 540، 749، 4621، 6362، 6468، 6486، 7089، 7091، 7294، 7295 - تحفة 1184 7091 - وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَمُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا وَقَالَ عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ. أطرافه 93، 540، 749، 4621، 6362، 6468، 6486، 7089، 7090، 7294، 7295 - تحفة 1228، 1184

16 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم - «الفتنة من قبل المشرق»

16 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «الْفِتْنَةُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ» 7092 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَامَ إِلَى جَنْبِ الْمِنْبَرِ فَقَالَ «الْفِتْنَةُ هَا هُنَا الْفِتْنَةُ هَا هُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ». أَوْ قَالَ «قَرْنُ الشَّمْسِ». أطرافه 3104، 3279، 3511، 5296، 7093 - تحفة 6939 7093 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُسْتَقْبِلٌ الْمَشْرِقَ يَقُولُ «أَلاَ إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ». أطرافه 3104، 3279، 3511، 5296، 7092 - تحفة 8290 7094 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ ذَكَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِى شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِى يَمَنِنَا». قَالُوا وَفِى نَجْدِنَا. قَالَ «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِى شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِى يَمَنِنَا». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَفِى نَجْدِنَا فَأَظُنُّهُ قَالَ فِى الثَّالِثَةَ «هُنَاكَ الزَّلاَزِلُ وَالْفِتَنُ، وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ». طرفه 1037 - تحفة 7745 - 68/ 9 7095 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِىُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ بَيَانٍ عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَرَجَوْنَا أَنْ يُحَدِّثَنَا حَدِيثًا حَسَنًا - قَالَ - فَبَادَرَنَا إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدِّثْنَا عَنِ الْقِتَالِ فِى الْفِتْنَةِ وَاللَّهُ يَقُولُ {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: 193] فَقَالَ هَلْ تَدْرِى مَا الْفِتْنَةُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، إِنَّمَا كَانَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ الدُّخُولُ فِى دِينِهِمْ فِتْنَةً، وَلَيْسَ كَقِتَالِكُمْ عَلَى الْمُلْكِ. أطرافه 3130، 3698، 3704، 4066، 4513، 4514، 4650، 4651 - تحفة 7059 17 - باب الْفِتْنَةِ الَّتِى تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ وَقَالَ ابْنُ عُيَينَةَ، عَنْ خَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَتَمَثَّلُوا بِهذهِ الأَبْيَاتِ عِنْدَ الفِتَنِ، قَالَ امْرُؤُ القَيسِ: *الحَرْب أَوَّلُ مَا تَكُونُ فَتِيَّةً ... تَسْعَى بِزِينَتِهَا لِكُلِّ جَهُولِ *حَتَّى إِذَا اشْتَعَلَتْ وَشَبَّ ضِرَامُهَا ... وَلَّتْ عَجُوزًا غَيرَ ذَاتِ حَلِيلِ *شَمْطَاءَ يُنْكَرُ لَوْنُهَا وَتَغَيَّرَتْ ... مَكْرُوهَةً لِلشَّمِّ وَالتَّقْبِيلِ تحفة 18614 7096 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ يَقُولُ بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ عُمَرَ قَالَ أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْفِتْنَةِ. قَالَ «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِى أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ». قَالَ لَيْسَ عَنْ هَذَا أَسْأَلُكَ، وَلَكِنِ الَّتِى تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ. قَالَ لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا

بَابًا مُغْلَقًا. قَالَ عُمَرُ أَيُكْسَرُ الْبَابُ أَمْ يُفْتَحُ قَالَ بَلْ يُكْسَرُ. قَالَ عُمَرُ إِذًا لاَ يُغْلَقَ أَبَدًا. قُلْتُ أَجَلْ. قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ الْبَابَ قَالَ نَعَمْ كَمَا أَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَدٍ لَيْلَةً، وَذَلِكَ أَنِّى حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ. فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ مَنِ الْبَابُ فَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ مَنِ الْبَابُ قَالَ عُمَرُ. أطرافه 525، 1435، 1895، 3586 - تحفة 3337 - 69/ 9 7097 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى حَائِطٍ مِنْ حَوَائِطِ الْمَدِينَةِ لِحَاجَتِهِ، وَخَرَجْتُ فِى إِثْرِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ الْحَائِطَ جَلَسْتُ عَلَى بَابِهِ وَقُلْتُ لأَكُونَنَّ الْيَوْمَ بَوَّابَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يَأْمُرْنِى فَذَهَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَضَى حَاجَتَهُ، وَجَلَسَ عَلَى قُفِّ الْبِئْرِ، فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلاَّهُمَا فِى الْبِئْرِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ لِيَدْخُلَ فَقُلْتُ كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ، فَوَقَفَ فَجِئْتُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكَ. قَالَ «ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». فَدَخَلَ فَجَاءَ عَنْ يَمِينِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلاَّهُمَا فِى الْبِئْرِ، فَجَاءَ عُمَرُ فَقُلْتُ كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». فَجَاءَ عَنْ يَسَارِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ فَدَلاَّهُمَا فِى الْبِئْرِ، فَامْتَلأَ الْقُفُّ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَجْلِسٌ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَقُلْتُ كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، مَعَهَا بَلاَءٌ يُصِيبُهُ». فَدَخَلَ فَلَمْ يَجِدْ مَعَهُمْ مَجْلِسًا، فَتَحَوَّلَ حَتَّى جَاءَ مُقَابِلَهُمْ عَلَى شَفَةِ الْبِئْرِ، فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ ثُمَّ دَلاَّهُمَا فِى الْبِئْرِ. فَجَعَلْتُ أَتَمَنَّى أَخًا لِى وَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَأْتِىَ. قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ فَتَأَوَّلْتُ ذَلِكَ قُبُورَهُمُ اجْتَمَعَتْ هَا هُنَا وَانْفَرَدَ عُثْمَانُ. أطرافه 3674، 3693، 3695، 6216، 7262 - تحفة 8996 7098 - حَدَّثَنِى بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ قِيلَ لأُسَامَةَ أَلاَ تُكَلِّمُ هَذَا. قَالَ قَدْ كَلَّمْتُهُ مَا دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بَابًا، أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَفْتَحُهُ، وَمَا أَنَا بِالَّذِى أَقُولُ لِرَجُلٍ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ أَمِيرًا عَلَى رَجُلَيْنِ أَنْتَ خَيْرٌ. بَعْدَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يُجَاءُ بِرَجُلٍ فَيُطْرَحُ فِى النَّارِ، فَيَطْحَنُ فِيهَا كَطَحْنِ الْحِمَارِ بِرَحَاهُ، فَيُطِيفُ بِهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ أَىْ فُلاَنُ أَلَسْتَ كُنْتَ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَيَقُولُ إِنِّى كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ أَفْعَلُهُ، وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَأَفْعَلُهُ». طرفه 3267 - تحفة 91 - 70/ 9 وفيه أشعارٌ مذكورةٌ في كتاب سيبوبه أيضًا، وهذه ترجمتها: "جنك اول اول توايك جوان عورت هى جوزينت كركى هرجاهل شخص كواينى طرف بلاتى هى". "يهانتك كه جب مشتعل هو جاتى هى اوراوسكى لبتين اتهنى لكتى هين تويشت

18 - باب

بهيرتى هى برهياهو كربى شوهر بنكر - كوثى برسان حال نهين هوتا". "ادهير هوتى هى اوبرا هوتا هى اوسكارنك اور متغير نه قابل سونكنهى كى اورنه قابل منه لكانيكى". 18 - باب 7099 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ قَالَ لَقَدْ نَفَعَنِى اللَّهُ بِكَلِمَةٍ أَيَّامَ الْجَمَلِ لَمَّا بَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ فَارِسًا مَلَّكُوا ابْنَةَ كِسْرَى قَالَ «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً». طرفه 4425 - تحفة 11660 7100 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَرْيَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ الأَسَدِىُّ قَالَ لَمَّا سَارَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَائِشَةُ إِلَى الْبَصْرَةِ بَعَثَ عَلِىٌّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَحَسَنَ بْنَ عَلِىٍّ، فَقَدِمَا عَلَيْنَا الْكُوفَةَ فَصَعِدَا الْمِنْبَرَ، فَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ فَوْقَ الْمِنْبَرِ فِى أَعْلاَهُ، وَقَامَ عَمَّارٌ أَسْفَلَ مِنَ الْحَسَنِ، فَاجْتَمَعْنَا إِلَيْهِ فَسَمِعْتُ عَمَّارًا يَقُولُ إِنَّ عَائِشَةَ قَدْ سَارَتْ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَوَاللَّهِ إِنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ابْتَلاَكُمْ، لِيَعْلَمَ إِيَّاهُ تُطِيعُونَ أَمْ هِىَ. طرفاه 3772، 7101 - تحفة 10356 19 - باب 7101 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى غَنِيَّةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَامَ عَمَّارٌ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ، فَذَكَرَ عَائِشَةَ وَذَكَرَ مَسِيرَهَا وَقَالَ إِنَّهَا زَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّهَا مِمَّا ابْتُلِيتُمْ. طرفاه 3772، 7100 - تحفة 10351 7102 و 7103 و 7104 - حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يَقُولُ دَخَلَ أَبُو مُوسَى وَأَبُو مَسْعُودٍ عَلَى عَمَّارٍ حَيْثُ بَعَثَهُ عَلِىٌّ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ يَسْتَنْفِرُهُمْ فَقَالاَ مَا رَأَيْنَاكَ أَتَيْتَ أَمْرًا أَكْرَهَ عِنْدَنَا مِنْ إِسْرَاعِكَ فِى هَذَا الأَمْرِ مُنْذُ أَسْلَمْتَ. فَقَالَ عَمَّارٌ مَا رَأَيْتُ مِنْكُمَا مُنْذُ أَسْلَمْتُمَا أَمْرًا أَكْرَهَ عِنْدِى مِنْ إِبْطَائِكُمَا عَنْ هَذَا الأَمْرِ. وَكَسَاهُمَا حُلَّةً حُلَّةً، ثُمَّ رَاحُوا إِلَى الْمَسْجِدِ. طرفه 7106 - تحفة 10352 7105 و 7106 و 7107 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِى مَسْعُودٍ وَأَبِى مُوسَى وَعَمَّارٍ فَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ مَا مِنْ أَصْحَابِكَ أَحَدٌ إِلاَّ لَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ فِيهِ غَيْرَكَ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْكَ شَيْئًا مُنْذُ صَحِبْتَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْيَبَ عِنْدِى مِنِ اسْتِسْرَاعِكَ فِى هَذَا الأَمْرِ. قَالَ عَمَّارٌ يَا أَبَا مَسْعُودٍ وَمَا

20 - باب إذا أنزل الله بقوم عذابا

رَأَيْتُ مِنْكَ وَلاَ مِنْ صَاحِبِكَ هَذَا شَيْئًا مُنْذُ صَحِبْتُمَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْيَبَ عِنْدِى مِنْ إِبْطَائِكُمَا فِى هَذَا الأَمْرِ. فَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ وَكَانَ مُوسِرًا يَا غُلاَمُ هَاتِ حُلَّتَيْنِ. فَأَعْطَى إِحْدَاهُمَا أَبَا مُوسَى وَالأُخْرَى عَمَّارًا وَقَالَ رُوحَا فِيهِ إِلَى الْجُمُعَةِ. طرفه 7103 - تحفة 10352 - 71/ 9 20 - باب إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا 7108 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا، أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ، ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ». تحفة 6703 21 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ: «إِنَّ ابْنِى هَذَا لَسَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» 7109 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ أَبُو مُوسَى وَلَقِيتُهُ بِالْكُوفَةِ جَاءَ إِلَى ابْنِ شُبْرُمَةَ فَقَالَ أَدْخِلْنِى عَلَى عِيسَى فَأَعِظَهُ. فَكَأَنَّ ابْنَ شُبْرُمَةَ خَافَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَفْعَلْ. قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ لَمَّا سَارَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ - رضى الله عنهما - إِلَى مُعَاوِيَةَ بِالْكَتَائِبِ. قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِمُعَاوِيَةَ أَرَى كَتِيبَةً لاَ تُوَلِّى حَتَّى تُدْبِرَ أُخْرَاهَا. قَالَ مُعَاوِيَةُ مَنْ لِذَرَارِىِّ الْمُسْلِمِينَ. فَقَالَ أَنَا. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ نَلْقَاهُ فَنَقُولُ لَهُ الصُّلْحَ. قَالَ الْحَسَنُ وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ قَالَ بَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ جَاءَ الْحَسَنُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ابْنِى هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ». أطرافه 2704، 3629، 3746 - تحفة 11658 7110 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قَالَ عَمْرٌو أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِىٍّ أَنَّ حَرْمَلَةَ مَوْلَى أُسَامَةَ أَخْبَرَهُ قَالَ عَمْرٌو وَقَدْ رَأَيْتُ حَرْمَلَةَ قَالَ أَرْسَلَنِى أُسَامَةُ إِلَى عَلِىٍّ وَقَالَ إِنَّهُ سَيَسْأَلُكَ الآنَ فَيَقُولُ مَا خَلَّفَ صَاحِبَكَ فَقُلْ لَهُ يَقُولُ لَكَ لَوْ كُنْتَ فِى شِدْقِ الأَسَدِ لأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فِيهِ، وَلَكِنَّ هَذَا أَمْرٌ لَمْ أَرَهُ، فَلَمْ يُعْطِنِى شَيْئًا، فَذَهَبْتُ إِلَى حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ وَابْنِ جَعْفَرٍ فَأَوْقَرُوا لِى رَاحِلَتِى. تحفة 85 - 72/ 9 22 - باب إِذَا قَالَ عِنْدَ قَوْمٍ شَيْئًا، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ بِخِلاَفِهِ 7111 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ لَمَّا خَلَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ جَمَعَ ابْنُ عُمَرَ حَشَمَهُ وَوَلَدَهُ فَقَالَ إِنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وَإِنَّا قَدْ بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّى لاَ أَعْلَمُ غَدْرًا أَعْظَمَ مِنْ أَنْ يُبَايَعَ رَجُلٌ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، ثُمَّ يُنْصَبُ

23 - باب لا تقوم الساعة حتى يغبط أهل القبور

لَهُ الْقِتَالُ، وَإِنِّى لاَ أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْكُمْ خَلَعَهُ، وَلاَ بَايَعَ فِى هَذَا الأَمْرِ، إِلاَّ كَانَتِ الْفَيْصَلَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ. أطرافه 3188، 6177، 6178، 6966 - تحفة 7529 7112 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ عَوْفٍ عَنْ أَبِى الْمِنْهَالِ قَالَ لَمَّا كَانَ ابْنُ زِيَادٍ وَمَرْوَانُ بِالشَّأْمِ، وَوَثَبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، وَوَثَبَ الْقُرَّاءُ بِالْبَصْرَةِ، فَانْطَلَقْتُ مَعَ أَبِى إِلَى أَبِى بَرْزَةَ الأَسْلَمِىِّ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَيْهِ فِى دَارِهِ وَهْوَ جَالِسٌ فِى ظِلِّ عُلِّيَّةٍ لَهُ مِنْ قَصَبٍ، فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ فَأَنْشَأَ أَبِى يَسْتَطْعِمُهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ يَا أَبَا بَرْزَةَ أَلاَ تَرَى مَا وَقَعَ فِيهِ النَّاسُ فَأَوَّلُ شَىْءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ إِنِّى احْتَسَبْتُ عِنْدَ اللَّهِ أَنِّى أَصْبَحْتُ سَاخِطًا عَلَى أَحْيَاءِ قُرَيْشٍ، إِنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ كُنْتُمْ عَلَى الْحَالِ الَّذِى عَلِمْتُمْ مِنَ الذِّلَّةِ وَالْقِلَّةِ وَالضَّلاَلَةِ، وَإِنَّ اللَّهَ أَنْقَذَكُمْ بِالإِسْلاَمِ وَبِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَلَغَ بِكُمْ مَا تَرَوْنَ، وَهَذِهِ الدُّنْيَا الَّتِى أَفْسَدَتْ بَيْنَكُمْ، إِنَّ ذَاكَ الَّذِى بِالشَّأْمِ وَاللَّهِ إِنْ يُقَاتِلُ إِلاَّ عَلَى الدُّنْيَا. طرفه 7271 - تحفة 11608 7113 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاصِلٍ الأَحْدَبِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ الْيَوْمَ شَرٌّ مِنْهُمْ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - كَانُوا يَوْمَئِذٍ يُسِرُّونَ وَالْيَوْمَ يَجْهَرُونَ. تحفة 3342 7114 - حَدَّثَنَا خَلاَّدٌ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى ثَابِتٍ عَنْ أَبِى الشَّعْثَاءِ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ إِنَّمَا كَانَ النِّفَاقُ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَّا الْيَوْمَ فَإِنَّمَا هُوَ الْكُفْرُ بَعْدَ الإِيمَانِ. تحفة 3334 - 73/ 9 23 - باب لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُغْبَطَ أَهْلُ الْقُبُورِ 7115 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِى مَكَانَهُ». أطرافه 85، 1036، 1412، 3608، 3609، 4635، 4636، 6037، 6506، 6935، 7061، 7121 - تحفة 13824 24 - باب تَغْيِيرِ الزَّمَانِ حَتَّى يَعْبُدُوا الأَوْثَانَ 7116 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَخْبَرَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذِى الْخَلَصَةِ». وَذُو الْخَلَصَةَ طَاغِيَةُ دَوْسٍ الَّتِى كَانُوا يَعْبُدُونَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ. تحفة 13163 7117 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ أَبِى الْغَيْثِ

25 - باب خروج النار

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ». طرفه 3517 - تحفة 12918 25 - باب خُرُوجِ النَّارِ وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلَّم: «أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ نَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ المَشْرِقِ إِلَى المَغْرِبِ». 7118 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَخْبَرَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ، تُضِىءُ أَعْنَاقَ الإِبِلِ بِبُصْرَى». تحفة 13162 7119 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِىُّ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَدِّهِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَمَنْ حَضَرَهُ فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا». قَالَ عُقْبَةُ وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ «يَحْسِرُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ». تحفة 12263 26 - باب 7120 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنَا مَعْبَدٌ سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «تَصَدَّقُوا، فَسَيَأْتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَمْشِى الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ، فَلاَ يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا». قَالَ مُسَدَّدٌ حَارِثَةُ أَخُو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لأُمِّهِ؛ قَالَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ. طرفاه 1411، 1424 - تحفة 3286 - 74/ 9 7121 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ، يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، دَعْوَتُهُمَا وَاحِدَةٌ، وَحَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ، قَرِيبٌ مِنْ ثَلاَثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَحَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ وَهْوَ الْقَتْلُ، وَحَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضَ، حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، وَحَتَّى يَعْرِضَهُ فَيَقُولَ الَّذِى يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ لاَ أَرَبَ لِى بِهِ. وَحَتَّى يَتَطَاوَلَ النَّاسُ فِى الْبُنْيَانِ، وَحَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِى مَكَانَهُ. وَحَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ - يَعْنِى - آمَنُوا أَجْمَعُونَ، فَذَلِكَ حِينَ لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِى إِيمَانِهَا خَيْرًا، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلاَنِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا، فَلاَ يَتَبَايَعَانِهِ وَلاَ يَطْوِيَانِهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ

27 - باب ذكر الدجال

الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ فَلاَ يَطْعَمُهُ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهْوَ يُلِيطُ حَوْضَهُ فَلاَ يَسْقِى فِيهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلاَ يَطْعَمُهَا». أطرافه 85، 1036، 1412، 3608، 3609، 4635، 4636، 6037، 6506، 6935، 7061، 7115 - تحفة 13747 27 - باب ذِكْرِ الدَّجَّالِ 7122 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى قَيْسٌ قَالَ قَالَ لِى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ مَا سَأَلَ أَحَدٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الدَّجَّالِ مَا سَأَلْتُهُ وَإِنَّهُ قَالَ لِى «مَا يَضُرُّكَ مِنْهُ». قُلْتُ لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ مَعَهُ جَبَلَ خُبْزٍ وَنَهَرَ مَاءٍ. قَالَ «هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ». تحفة 11523 7123 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَجِىءُ الدَّجَّالُ حَتَّى يَنْزِلَ فِى نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ تَرْجُفُ الْمَدِينَةُ ثَلاَثَ رَجَفَاتٍ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ كُلُّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ». أطرافه 1881، 7134، 7473 - تحفة 221 - 75/ 9 7124 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ رُعْبُ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَلَهَا يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ، عَلَى كُلِّ بَابٍ مَلَكَانِ». طرفاه 1879، 7126 - تحفة 11654 7125 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أُرَاهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ». أطرافه 3057، 3337، 3439، 4402، 6175، 7127، 7407 - تحفة 7530 7126 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ رُعْبُ الْمَسِيحِ، لَهَا يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ، عَلَى كُلِّ بَابٍ مَلَكَانِ». قَالَ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ فَقَالَ لِى أَبُو بَكْرَةَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا. طرفاه 1879، 7125 - تحفة 11654 7127 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى النَّاسِ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ «إِنِّى لأُنْذِرُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ وَقَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، وَلَكِنِّى سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلاً لَمْ يَقُلْهُ نَبِىٌّ لِقَوْمِهِ، إِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ». أطرافه 3057، 3337، 3439، 4402، 6175، 7123، 7407 - تحفة 6859 7128 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ يَنْطُفُ - أَوْ يُهَرَاقُ - رَأْسُهُ مَاءً قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا ابْنُ مَرْيَمَ. ثُمَّ ذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ، فَإِذَا رَجُلٌ جَسِيمٌ أَحْمَرُ جَعْدُ الرَّأْسِ أَعْوَرُ الْعَيْنِ، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ

28 - باب لا يدخل الدجال المدينة

قَالُوا هَذَا الدَّجَّالُ. أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ». رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ. أطرافه 3440، 3441، 5902، 6999، 7026 - تحفة 6887 7129 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَعِيذُ فِى صَلاَتِهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ. أطرافه 832، 833، 2397، 6368، 6375، 6376، 6377 - تحفة 16496 7130 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِىٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِى الدَّجَّالِ «إِنَّ مَعَهُ مَاءً وَنَارًا، فَنَارُهُ مَاءٌ بَارِدٌ، وَمَاؤُهُ نَارٌ». قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 3450 - تحفة 3309، 9981 7131 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا بُعِثَ نَبِىٌّ إِلاَّ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الْكَذَّابَ، أَلاَ إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَإِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ». فِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 7408 - تحفة 1241 - 76/ 9 وما أَكْفَرَ لعين القاديان حيث يتفوَّهُ، ولا يستحي أنه لم تُكْشَفْ حقيقته على من كان أُوتِيَ علم الأولين والآخرين، ومن أَنْذَرَ به أمَّتهُ، ومن دَلَّ على اسمه وابم أبيه، وذَكَرَ حليته، وعيَّن من يَقْتُلُه، وأين يَقْتُلُهُ، وماذا يَصِيرُ إليه أمره، وأين يَدْخُلُ وأين لا يَدْخُلُ، وماذا يكون مسيره في الأرض، وما مدَّة إقامته فيها، وماذا يَظْهَرُ في الاستدراج على يديه، إلى غير ذلك من التفاصيل. وإنما كُشِفَتْ حقيقته لِزْقَ رياحٍ إذا تحرَّك فيها، أو هَذَى. لَعَنَهُ اللهُ لعنًا كبيرًا، وأَذَاقَهُ أشدَّ العذاب. بلى إنه قد أَخْبَرَنا عنه كأنَّا به رأي عينٍ، ونَعْلَمُ أيها الشقيُّ أنك أيضًا من أذنابه، فتمشي مَشْيَتَهُ. وكُنْتَ تَسْتَحْصِدُ اليوم ما كنت تَزْرَعُهُ، فَذُقْ إنك أنت العزيز الكريم. 7122 - قوله: (أَهْوَنْ على اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ)، أي ما يَظْهَرُ على يديه لا يكون إلَّا من قبيل التخييل. وما يَصْنَعُهُ المُشَعْبِذُونَ، ولا تكون له حقيقةٌ، فإنه أهونُ وأدحرُ من أن يَظْهَرَ على يديه هذه الأمور حقيقةً. 28 - باب لاَ يَدْخُلُ الدَّجَّالُ الْمَدِينَةَ 7132 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا حَدِيثًا طَوِيلاً عَنِ الدَّجَّالِ، فَكَانَ فِيمَا يُحَدِّثُنَا بِهِ أَنَّهُ قَالَ «يَأْتِى الدَّجَّالُ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَةِ، فَيَنْزِلُ بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتِى تَلِى الْمَدِينَةَ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ وَهْوَ خَيْرُ النَّاسِ أَوْ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ، فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِى حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثَهُ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ، هَلْ تَشُكُّونَ فِى الأَمْرِ فَيَقُولُونَ

29 - باب يأجوج ومأجوج

لاَ. فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ فَيَقُولُ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ فِيكَ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّى الْيَوْمَ. فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلاَ يُسَلَّطُ عَلَيْهِ». طرفه 1882 - تحفة 4139 7133 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلاَئِكَةٌ، لاَ يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلاَ الدَّجَّالُ». طرفاه 1880، 5731 - تحفة 14642 7134 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْمَدِينَةُ يَأْتِيهَا الدَّجَّالُ، فَيَجِدُ الْمَلاَئِكَةَ يَحْرُسُونَهَا، فَلاَ يَقْرَبُهَا الدَّجَّالُ - قَالَ - وَلاَ الطَّاعُونُ، إِنْ شَاءَ اللهُ». أطرافه 1881، 7124، 7473 - تحفة 1269 29 - باب يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ 7135 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ ح وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِى سُفْيَانَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمًا فَزِعًا يَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ». وَحَلَّقَ بِإِصْبَعَيْهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِى تَلِيهَا. قَالَتْ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ «نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخُبْثُ». أطرافه 3346، 3598، 7059 - تحفة 15880 - 77/ 9 7136 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُفْتَحُ الرَّدْمُ رَدْمُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلَ هَذِهِ». وَعَقَدَ وُهَيْبٌ تِسْعِينَ. طرفه 3347 - تحفة 13524 7132 - قوله: (فَلاَ يُسَلَّطُ عَلَيْهِ)، ويَظُنُّ راوٍ عند مسلم أنه يكونُ الخَضِر عليه السلام، قلتُ: إنه غير متعيِّنٍ بَعْدُ (¬1). ¬

_ (¬1) قلت: فعند مسلم: ص 402 - ج 2 على الهامش. قال أبو إسحاق: يقال. إن هذا الرجل هو الخضر عليه السلام، اهـ. قال النووي: أبو إسحاق هذا -هو إبراهيم بن سفيان- راوي الكتاب عن مسلم، وكذا قال معمر في "جامعه" في إثر هذا الحديث، كما ذكره ابن سفيان، وهذا تصريح منه بحياة الخضر عليه السلام، وهو الصحيح، اهـ: قال بعض المحققين في شرحه على "منظومة في العقائد" قال الحافظ ابن جحر، بعد ما نقل في فتح الباري "عن إبراهيم بن محمد بن سفيان الزاهد، ومعمر: إن الذي يقتله الدجال هو الخضر"، قال: قال ابن العربي: وهذه دعوى لا برهان لها، ثم قال: قلت: وقد يتمسك من قاله، بما أخرجه ابن حبان في "صحيحه" من حديث أبي عبيدة بن الجراح، رفعه في ذكر الدجال، لعله يدرك بعض من رآني، أو سمع كلامي، الحديث، اهـ. قلت: ويتمم ذلك ما قال في "الإصابة": روى الدارقطني في "الأفراد" عن ابن عباس. قال: نسىء الخضر في أجله، حتى يكذب الدجال، وسنده ضعيف، لكنه يشهد له حديث ابن حبان السابق، فيتقوى به، فيفسر المبهم فيه بالخضر، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وبمجموع الحديثين يتحصل أن الخضر اجتمع بالنبي، وسمع كلامه، وصححه -الكشف- ويؤيده ما في "صحيح مسلم" من حديث أبي سعيد الخدري، قال حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثًا طويلًا عن الدجال، إلى أن قال: فيخرج إليه يومئذ رجل هو من خير الناس، أو من خير الناس، فيقول: أشهد أنك الدجال، الذى حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثه، اهـ. وذلك لأن -حدثنا- صريح في السمع المستلزم للاجتماع، وهو دليل على أن الذي يكذب الدجال، ويقتله الدجال صحابي، فإذا ضم إلى حديث ابن عباس المعتضد بحديث أبي عبيدة، دل المجموع على أنه الخضر عليه السلام، وبالله التوفيق. يقول الجامع: وقد مر عن الشيخ في "كتاب العلم" أن -حدثنا- لا يستعمل في السماع دائمًا، واستشهد له بهذا الحديث، فتذكره.

94 - كتاب الأحكام

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 94 - كتاب الأَحْكَام 1 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] 7137 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَطَاعَنِى فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِى فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِى فَقَدْ أَطَاعَنِى، وَمَنْ عَصَى أَمِيرِى فَقَدْ عَصَانِى». طرفه 2957 - تحفة 15319 7138 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ الَّذِى عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ وَهِىَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». أطرافه 893، 2409، 2554، 2558، 2751، 5188، 5200 - تحفة 7231 أمَّا في الفِقْهِ، فقد يُرَادُ بالحكم: خِطَابُ الله تعالى المتعلِّق بأفعال المكلَّفين. وقد يكونُ مقابل الديانة، أي بمعنى إحضار المدَّعَى عليه في مجلس الحاكم. ولا يُدْرَى ماذا يريد به المحدِّثُون، فإنهم يَعْقِدُونَ بابَ الأحكامِ، ثم يخرِّجُون تحته جزئياتِ القضاء. قوله: ({أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ})، أَرَادَ به الإِعلانَ باستقلال إطاعة ا، وإطاعة رسوله، وهذا الذي قد كان تَرَكَهُ رجلٌ في خُطْبَتِهِ، فقال: ومن يَعْصِهما، حيث جَمَعَ بينهما من غير فصلٍ، فقال له النبيُّ: بِئْسَ الخطيبُ أنت. حيث ما راعيتَ ما كان ينبغي للخطيب أن يُرَاعِيَهُ، فتركتَ التنبيه على الاستقلال، وسلكتَ سبيل الإِدراج، مع أن المُنَاسِبَ للخطيب أن يُنَبِّهَ على أن إطاعةَ الرسول، ومعصيتَهُ أيضًا مستقلٌّ، لئلَّا يَظُنُّ ظانٌّ أن ليس للرسول حقٌّ، فَيَسْتَخِفُّ أوامرَه ونواهيه. ومن ههنا تبيَّن أن إصلاحَ النبيِّ إيَّاه كان من باب الآداب، لا من باب الحلال والحرام. 7138 قوله: (كُلُّكُمْ رَاعٍ) ... إلخ، وهذا الحديثُ يتعلَّق بالديانات، وقد عَقَدَ المصنِّفُ بابًا للحكم، فلعلَّه لم يفرِّق بينهما.

2 - باب الأمراء من قريش

2 - باب الأُمَرَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ 7139 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ وَهْوَ عِنْدَهُ فِى وَفْدٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَيَكُونُ مَلِكٌ مِنْ قَحْطَانَ فَغَضِبَ، فَقَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِى أَنَّ رِجَالاً مِنْكُمْ يُحَدِّثُونَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِى كِتَابِ اللَّهِ، وَلاَ تُؤْثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأُولَئِكَ جُهَّالُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَالأَمَانِىَّ الَّتِى تُضِلُّ أَهْلَهَا، فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ هَذَا الأَمْرَ فِى قُرَيْشٍ، لاَ يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلاَّ كَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ». تَابَعَهُ نُعَيْمٌ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ. طرفه 3500 - تحفة 11438 - 78/ 9 7140 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ أَبِى يَقُولُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَزَالُ الأَمْرُ فِى قُرَيْشٍ مَا بَقِىَ مِنْهُمُ اثْنَانِ». طرفه 3501 - تحفة 7420 والمشهورُ في كُتُبِ الكلام أن القريشية شرطٌ للخلافة الكبرى. وفي «الدر المختار»، في باب الإِمامة: أن الإِمامةَ على نحوين: إمامةٌ صُغْرَى، وإمامةٌ كُبْرَى، وتُشْتَرَطُ القريشية في الكُبْرَى، ولا يُشْتَرَطُ كونه سيدًا. نعم في «مواهب الرحمن»: أنها ليست بشرطٍ عند إمامنا. ثم لا أَدْري أنه روايةٌ عنه، أو ماذا. وفي «تحرير المختار في المناقضات على ردِّ المختار» لعالم مصريَ، عن أبي يوسف مثله. وكيفما كان إذا تغلَّب رجلٌ فاستولى على بلدٍ تَجِبُ طاعته، ويُمْنَعُ عن الخروج عليه بعده. فإنَّ الاحترازَ عن سَفْكِ دماء المسلمين، وشَقِّ عصاهم أيضًا، أمرٌ مهمٌّ، فإِن الفتنةَ أشدُّ من القتل. وليُعْلَمْ أن هذه المسألة كانت في الأصل من موضوع الفقهاء دون علماء الكلام، وإنَّما أَخَذَهَا علماءُ الكلام، لأنَّ الروافضَ عَدُّوها من الأصول، وإلَّا فلا بحثَ لهم عن الفروع. وليست الإِمامةُ من الأصول عندنا، فإذا بَحَثَ عنها علماءُ الكلام تَرَكَهَا الفقهاءُ اعتمادًا عليهم. بقي الكلامُ في جواز تعدُّد الخليفة، فالجمهورُ إلى عدم الجواز، وذَهَبَ قليلٌ منهم إلى الجواز إذا احْتَاجُوا إليه، نحو أن لا يكون الواحد يَسْتَطِيعُ بقيام أمورها لأجل البُعْدِ، أو غيره، فحينئذٍ أَجَازَ هؤلاء بالتعدُّد أيضًا. فائدةٌ: قد مرَّ عند البخاريِّ التصريحُ من أخذ الرواة في باب إذا قال عند قومٍ شيئًا ... إلخ، أن ذاك الذي بالشَّام - أي مروان - والله إن يُقَاتِلَ إلَّا على الدنيا. أمَّا

3 - باب أجر من قضى بالحكمة

معاويةُ فأقول من جانبه: إنه رضي الله تعالى عنه، لعله كان يَرَى التعدُّدَ جائزًا، وقد بَحَثَ فيه ابن خلدون فَرَاجِعْهُ. 3 - باب أَجْرِ مَنْ قَضَى بِالْحِكْمَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47]. 7141 - حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِى اثْنَتَيْنِ، رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِى الْحَقِّ، وَآخَرُ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً فَهْوَ يَقْضِى بِهَا وَيُعَلِّمُهَا». أطرافه 73، 1409، 7316 - تحفة 9537 4 - باب السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلإِمَامِ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً 7142 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِىٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ». طرفاه 693، 696 - تحفة 1699 7143 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنِ الْجَعْدِ عَنْ أَبِى رَجَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْوِيهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَكَرِهَهُ فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُفَارِقُ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَيَمُوتُ إِلاَّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». طرفاه 7053، 7054 - تحفة 6319 7144 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ، فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ». طرفه 2955 - تحفة 8150 7145 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ تُطِيعُونِى قَالُوا بَلَى. قَالَ عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ لَمَا جَمَعْتُمْ حَطَبًا وَأَوْقَدْتُمْ نَارًا، ثُمَّ دَخَلْتُمْ فِيهَا، فَجَمَعُوا حَطَبًا فَأَوْقَدُوا، فَلَمَّا هَمُّوا بِالدُّخُولِ فَقَامَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، قَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا تَبِعْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِرَارًا مِنَ النَّارِ، أَفَنَدْخُلُهَا، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ خَمَدَتِ النَّارُ، وَسَكَنَ غَضَبُهُ، فَذُكِرَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِى الْمَعْرُوفِ». طرفاه 4340، 7257 - تحفة 10168 - 79/ 9 واعلم أنه يَجِبُ عندنا طاعةُ الأمير في السياسيات إذا كان فيه مصلحةٌ. أمَّا إذا لم يَشْتَمِلْ على معنىً صحيحٍ، أو مصلحةٍ عامَّةٍ أو خاصَّةٍ، فلا تَجِبُ عليهم طاعته، نحو أن

5 - باب من لم يسأل الإمارة أعانه الله

يَأْمُرَهُمْ أن يَصْعَدُوا هذا الجبلَ، ويَنْزِلُوا منه، فهذا الوجوبُ غير ما يكون في أبواب الفقه، أي الفروع الاجتهادية والمسائل. وهذا معنى قوله: «إنَّما الطاعةُ في المعروف». وعلى هذا معنى المعصية ما ليس فيه معنًى صحيحٌ، فلا طاعةَ له فيه. وترجمةُ المعروف والمعصية "معقول بات اورنا معقول بات"، لا أُرِيدُ به بيان اللغة، إنما أُرِيدُ به المعنى والمَرْمَى، كما يَتَّضِحُ لمن أَمْعَنَ النظر فيه. ومن ههنا يَظْهَرُ معنى قوله: «لو دَخَلُوها - أي النار بأمر أميرهم - ما خَرَجُوا منها أبدًا»، فإنَّ الأمرَ بدخول النار مما لا معنى له، فلا طاعةَ فيه. فلو كانوا دَخَلُوا فيها، ما خَرَجُوا منها إلى يوم الحشر. وأمَّا بعده فيكون أمرهم حسب أعمالهم، إمَّا إلى الجنَّة أو إلى النار، وهذا معنى الأبد. وهذا يَدُلُّكَ ثانيًا على أن التأبيدَ في قاتل النفس هو التأبيدُ في البَرْزَخِ، دون التأبيد في نار جهنَّم. وهؤلاء لو دَخَلُوهَا لكانوا في حكم قاتلي النفس، فكان حكمُهم حكمَهم. وجملةُ الأمر فيه: أن الإِمامَ لو أَمَرَ بالكفر البَوَاجِ، يَجِبُ الخروجُ عليه وخَلْعُه عن الإِمارة، وإن عَصَى أو آذى الناسَ يَجِبُ عليهم الصبرُ، وإن أَمَر غيرَه بها لا تَجِبُ طاعتُهُ. 5 - باب مَنْ لَمْ يَسْأَلِ الإِمَارَةَ أَعَانَهُ اللَّهُ 7146 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ لاَ تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَكَفِّرْ يَمِينَكَ، وَأْتِ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ». أطرافه 6622، 6722، 7147 - تحفة 9695 7146 - قوله: (وإذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا) ... إلخ. واعلم أن الخلافَ في تقديم الحِنْث والكفَّارة مشهورةٌ، وأصلُ النظر في أن الأليقَ في اليمين على المعصية هو تقديمُ الحِنْثِ على الكفَّارة، أو تقديمُ الكفَّارة على الحِنْثِ: فذهب بعضُهم إلى أن الأنسبَ أن يَحْنَثَ أوَّلًا، ثم يأتي بالكفَّارة. وذهب آخرون إلى أنه يؤدِّي الكفَّارةَ أوَّلًا، ثم يأتي بالذي هو خيرٌ. وذلك لأن الفقهاءَ يُرَاعون التناسب بين الحكم والوصف، فاختلفت أنظارُهم فيه نظرًا إلى هذا التناسُبِ. 6 - باب مَنْ سَأَلَ الإِمَارَةَ وُكِلَ إِلَيْهَا 7147 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، لاَ تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ

7 - باب ما يكره من الحرص على الإمارة

عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَأْتِ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ». أطرافه 6622، 6722، 7146 - تحفة 9695 7 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الْحِرْصِ عَلَى الإِمَارَةِ 7148 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإِمَارَةِ، وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَنِعْمَ الْمُرْضِعَةُ وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ». وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمْرَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَوْلَهُ. تحفة 13017 7149 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَرَجُلاَنِ مِنْ قَوْمِى فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ أَمِّرْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَقَالَ الآخَرُ مِثْلَهُ. فَقَالَ «إِنَّا لاَ نُوَلِّى هَذَا مَنْ سَأَلَهُ، وَلاَ مَنْ حَرَصَ عَلَيْهِ». أطرافه 2261، 3038، 4341، 4344، 6124، 6923، 7156، 7157، 7172 تحفة 9054 8 - باب مَنِ اسْتُرْعِىَ رَعِيَّةً فَلَمْ يَنْصَحْ 7150 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ عَادَ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ فِى مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ إِنِّى مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً، فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ، إِلاَّ لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ». تحفة 11466 7151 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِىُّ قَالَ زَائِدَةُ ذَكَرَهُ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ أَتَيْنَا مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ نَعُودُهُ فَدَخَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «مَا مِنْ وَالٍ يَلِى رَعِيَّةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَيَمُوتُ وَهْوَ غَاشٌّ لَهُمْ، إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ». تحفة 11466 7150 - قوله: (لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ) ... إلخ. وذلك الذي قُلْتُ: إنَّ الأمرَ إذا انتظم من جانبين، يَرِدُ الشرعُ فيه نظرًا للطرفين، ويُحَذر كلاًّ منهما، ويُتَخَيَّلُ من أحاديث كلَ من الجانبين أن لا حقَّ للآخر. فقد مرَّ حديثُ الصبر على إيذاء الأئمة وظُلْمِهم، حتَّى أَوْهَمَ أنه لا حقَّ للرعية، وهذا حديث في الأئمة يحدِّرُهم أنهم لا يَشمُّون رائحةَ الجنَّة إِن ظَلَمُوا رعيتَهم، فافهم. 9 - باب مَنْ شَاقَّ شَقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ 7152 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِىُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنِ الْجُرَيْرِىِّ عَنِ طَرِيفٍ أَبِى تَمِيمَةَ قَالَ شَهِدْتُ صَفْوَانَ وَجُنْدَبًا وَأَصْحَابَهُ وَهْوَ يُوصِيهِمْ فَقَالُوا هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ

10 - باب القضاء والفتيا فى الطريق

- صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ - قَالَ - وَمَنْ يُشَاقِقْ يَشْقُقِ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». فَقَالُوا أَوْصِنَا. فَقَالَ إِنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنَ الإِنْسَانِ بَطْنُهُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ يَأْكُلَ إِلاَّ طَيِّبًا فَلْيَفْعَلْ، وَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ بِمِلْءِ كَفِّهِ مِنْ دَمٍ أَهْرَاقَهُ فَلْيَفْعَلْ». قُلْتُ لأَبِى عَبْدِ اللَّهِ مَنْ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جُنْدَبٌ قَالَ نَعَمْ جُنْدَبٌ. طرفه 6499 - تحفة 3259 10 - باب الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا فِى الطَّرِيقِ وَقَضَى يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ فِى الطَّرِيقِ. وَقَضَى الشَّعْبِىُّ عَلَى بَابِ دَارِهِ. 7153 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا أَنَا وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَارِجَانِ مِنَ الْمَسْجِدِ فَلَقِيَنَا رَجُلٌ عِنْدَ سُدَّةِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا أَعْدَدْتَ لَهَا» فَكَأَنَّ الرَّجُلَ اسْتَكَانَ ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صِيَامٍ وَلاَ صَلاَةٍ وَلاَ صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّى أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ». أطرافه 3688، 6167، 6171 - تحفة 844 - 81/ 9 يعني أن القضاءَ بالقصاص لا يختصُّ بالحاكم الأعلى، بل يُقْضَى به بمن كان تحت من الحُكَّام أيضًا. 11 - باب مَا ذُكِرَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ لَهُ بَوَّابٌ 7154 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِىُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ يَقُولُ لاِمْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ تَعْرِفِينَ فُلاَنَةَ قَالَتْ نَعَمْ. قَالَ فَإِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بِهَا وَهْىَ تَبْكِى عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ «اتَّقِى اللَّهَ وَاصْبِرِى». فَقَالَتْ إِلَيْكَ عَنِّى، فَإِنَّكَ خِلْوٌ مِنْ مُصِيبَتِى. قَالَ فَجَاوَزَهَا وَمَضَى فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ فَقَالَ مَا قَالَ لَكِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَتْ مَا عَرَفْتُهُ قَالَ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَجَاءَتْ إِلَى بَابِهِ فَلَمْ تَجِدْ عَلَيْهِ بَوَّابًا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا عَرَفْتُكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الصَّبْرَ عِنْدَ أَوَّلِ صَدْمَةٍ». أطرافه 1252، 1283، 1302 - تحفة 439 وقد مرَّ أنهما يختلفان في الفِقْهِ، والظاهرُ من كلام المصنِّف أن لا فرقَ في القضاء والفتوى عنده، والله تعالى أَعْلَمُ بالصَّواب. 12 - باب الْحَاكِمِ يَحْكُمُ بِالْقَتْلِ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ، دُونَ الإِمَامِ الَّذِى فَوْقَهُ 7155 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الذُّهْلِىُّ حَدَّثَنَا الأَنْصَارِىُّ مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ

13 - باب هل يقضى الحاكم أو يفتى وهو غضبان

ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ كَانَ يَكُونُ بَيْنَ يَدَىِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرَطِ مِنَ الأَمِيرِ. تحفة 501 7156 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ قُرَّةَ حَدَّثَنِى حُمَيْدُ بْنُ هِلاَلٍ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَهُ وَأَتْبَعَهُ بِمُعَاذٍ. أطرافه 2261، 3038، 4341، 4344، 6124، 6923، 7149، 7157، 7172 تحفة 9083 7157 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى أَنَّ رَجُلاً أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ، فَأَتَى مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَهْوَ عِنْدَ أَبِى مُوسَى فَقَالَ مَا هَذَا قَالَ أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ. قَالَ لاَ أَجْلِسُ حَتَّى أَقْتُلَهُ، قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2261، 3038، 4341، 4344، 6124، 6923، 7149، 7156، 7172 تحفة 9083، 11327 7155 - قوله: (بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرَطِ)، والشرطةُ في اللغة: العلامة، وإنَّما سُمِّيَ به أعوان الأمير لكونهم معلَّمين بتلك العلامة. 13 - باب هَلْ يَقْضِى الْحَاكِمُ أَوْ يُفْتِى وَهْوَ غَضْبَانُ 7158 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرَةَ قَالَ كَتَبَ أَبُو بَكْرَةَ إِلَى ابْنِهِ وَكَانَ بِسِجِسْتَانَ بِأَنْ لاَ تَقْضِىَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَنْتَ غَضْبَانُ، فَإِنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهْوَ غَضْبَانُ». تحفة 11676 - 82/ 9 7159 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى وَاللَّهِ لأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلاَةِ الْغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلاَنٍ، مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فِيهَا. قَالَ فَمَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَطُّ أَشَدَّ غَضَبًا فِى مَوْعِظَةٍ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ قَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُوجِزْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ». أطرافه 90، 702، 704، 6110 - تحفة 10004 7160 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى يَعْقُوبَ الْكِرْمَانِىُّ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ عُمَرُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَتَغَيَّظَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «لِيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لْيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا». أطرافه 4908، 5251، 5252، 5253، 5258، 5264، 5332، 5333 - تحفة 6996 وقد وَرَدَ عنه النيهُ في الحديث. وأَشَارَ المصنِّفُ إلى تقسيمٍ فيه، فإن مَلَكَ نفسَه، ولم يُغْلَبْ عقلُه، جَازَ له القضاءُ، وإلَّا لا.

14 - باب من رأى للقاضى أن يحكم بعلمه فى أمر الناس، إذا لم يخف الظنون والتهمة

7159 - قوله: (فإنَّ فِيهِمُ الكَبِيرَ) ... إلخ. وتردَّد الحافظُ في أن تلك الجملة هل هي قطعةٌ من حديث مُعَاذ، أو لا؟ كما مرَّ. 7160 - قوله: (ثُمَّ قَالَ: لِيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ ليُمْسِكْهَا حتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ، فإنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا) واعلم أن الطلاقَ في الحيض بدعةٌ، كما قد علمته. وأمَّا الحكمةُ في كونه بدعةً، ووجوبِ الرجوع عنه ماذا؟ فاعلم أن العِدَّةَ في نظر العوام هي بحكم الطلاق فقط. أقولُ: بل لها تأثيرًا في البينونة أيضًا، ولذا لا يَصِحُّ النكاحُ في العِدَّةِ. وتنبَّه له ابنُ رُشْدٍ. فمن طلَّقها في الحيض، فقد أَرَادَ التخليطَ في وجه العِدَّة، بأن تلك الحيضة تُعْتَبَرُ منها أو لا. فإذا كان الطلاقُ في الحيض يُوجِبُ الالتباس في العِدَّة، ولم يَكُنْ في الحيض، بل في الطُّهْر، ظَهَرَ أن العِدَّةَ لا تكون إذن إلَّا بالحيض. وحينئذٍ لم يَبْقَ التبادُر، لكون العِدَّة من الطُّهْرِ في قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1]. 14 - باب مَنْ رَأَى لِلْقَاضِى أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ فِى أَمْرِ النَّاسِ، إِذَا لَمْ يَخَفِ الظُّنُونَ وَالتُّهَمَةَ كَمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِهِنْدَ: «خُذِى مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ». وَذَلِكَ إِذَا كَانَ أَمْرًا مَشْهُورًا. 7161 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ جَاءَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ أَنْ يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، وَمَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ. ثُمَّ قَالَتْ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَىَّ مِنْ حَرَجٍ أَنْ أُطْعِمَ الَّذِى لَهُ عِيَالَنَا قَالَ لَهَا «لاَ حَرَجَ عَلَيْكِ أَنْ تُطْعِمِيهِمْ مِنْ مَعْرُوفٍ». أطرافه 2211، 2460، 3825، 5359، 5364، 5370، 6641، 7180 - تحفة 16475 واعلم أنَّهم اخْتَلَفُوا أنه هل يَصِحُّ للقاضي أن يَحْكُمَ في أمرٍ حسب ما عَلِمَهُ بدون بَيِّنةٍ ولا يمينٍ: فَأَنْكَرَهُ الحجازيون، وهو المشهورُ عندنا، فإنَّ القضاءَ إمَّا بالبيِّنةِ أو اليمين. ورُوِيَ عن محمد جوازه إذا لم يَخْشَ التهمةَ. 7161 - قوله: (لا حَرَجَ عَلَيْكِ أَنْ تُطْعِمِيهِمْ) ... إلخ، خَرَجَ من ترجمته أن حُكْمَهُ لهند بالإِنفاق كان قضاءً. وللشافعية بحثٌ في أنه كان قضاءً، أو ديانةً. 15 - باب الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ الْمَخْتُومِ، وَمَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا يَضِيقُ عَلَيْهِمْ، وَكِتَابِ الْحَاكِمِ إِلَى عَامِلِهِ وَالْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: كِتَاب الحَاكِمِ جَائِزٌ إِلَّا في الحُدُودِ، ثُمَّ قَالَ: إِنْ كَانَ القَتْلُ

خَطَأً فَهُوَ جَائِزٌ، لأَنَّ هذا مَالٌ بِزُعْمِهِ، وَإِنَّمَا صَارَ مَالًا بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ القَتْلُ، فَالخَطَأُ وَالعَمْدُ وَاحِدٌ. وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ إِلَى عامِلِهِ في الحُدُودِ. وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيرِ في سِنّ كُسِرَتْ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: كِتَاب القَاضِي إِلَى القَاضِي جَائِزٌ إِذَا عَرَفَ الكِتَابَ وَالخَاتَمَ. وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يُجِيزُ الكِتَابَ المَخْتُومَ بِمَا فِيهِ مِنَ القَاضِي. وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الكَرِيمِ الثَّقَفِيُّ: شَهِدْتُ عَبْدَ المَلِكِ بْنَ يَعْلَى قاضِيَ البَصْرَةِ، وَإِيَاسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، وَالحَسَنَ، وَثُمَامَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، وَبِلاَلَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُرَيدَةَ الأَسْلَمِيَّ، وَعامِرَ بْنَ عَبِيدَةَ، وَعَبَّادَ بْنَ مَنْصُورٍ، يُجِيزُونَ كُتُبَ القُضَاةِ بِغَيرِ مَحْضَرٍ مِنَ الشُّهُودِ، فَإِنْ قَالَ الَّذِي جِيءَ عَلَيهِ بِالكِتَابِ: إِنَّهُ زُورٌ، قِيلَ لَهُ: اذْهَبْ فَالتَمِسِ المَخْرَجَ مِنْ ذلِكَ. وَأَوَّلُ مَنْ سَأَلَ عَلَى كِتَابِ القَاضِي البَيِّنَةَ ابْنُ أَبِي لَيلَى وَسَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَقَالَ لَنَا أَبُو نُعَيمٍ: حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللَّهِ بْنُ مُحْرِزٍ: جِئْتُ بِكِتَابٍ مِنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ قَاضِي البَصْرَةِ، وَأَقَمْتُ عِنْدَهُ البَيِّنَةَ: أَنَّ لِي عِنْدَ فُلاَنٍ كَذَا وَكَذَا، وَهُوَ بِالكُوفَةِ، وَجِئْتُ بِهِ القَاسِمَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمنِ فَأَجَازَهُ. وَكَرِهَ الحَسَنُ وَأَبُو قِلاَبَةَ: أَنْ يَشْهَدَ عَلَى وَصِيَّةٍ حَتَّى يَعْلَمَ مَا فِيهَا، لأَنَّهُ لاَ يَدْرِي لَعَلَّ فِيهَا جَوْرًا. وَقَدْ كَتَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم إِلَى أَهْلِ خَيبَرَ: «إِمَّا أَنْ تَدُوا صَاحِبَكُمُ، وَإِمَّا أَنْ تُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ». وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، في شَهَادَةٍ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ: إِنْ عَرَفتَهَا فاشْهَدْ، وَإِلَّا فَلاَ تَشْهَدْ. 7162 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَمَّا أَرَادَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ قَالُوا إِنَّهُمْ لاَ يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلاَّ مَخْتُومًا. فَاتَّخَذَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِهِ، وَنَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. أطرافه 65، 2938، 5870، 5872، 5874، 5875، 5877 - تحفة 1256 - 84/ 9 واخْتَلَفَ العُرْفُ في الختم. ففي الأوائل كانوا يَخْتِمُونَ خارج الخط لحفظه، ومنه قوله تعالى: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40]. واليومَ انْتَقَلَ الختمُ إلى داخله، ويُرَادُ به التصديق بما تضمَّنه لا غير. ثم اشتهر أن الخطَّ غير معتبرٍ عندنا، لأن الخَطَّ يُشْبِهُ الخَطَّ. قلتُ: وذلك عندما يقع الجحود، وأمَّا في البين فهو معتبرٌ، كما أيَّدَهُ الشاميُّ في رسالةٍ سمَّاها «نشر العرف»، وحقَّق اعتباره إذا أُمِنَ من التزوير، واعْتَبَرُوه في كتاب القاضي إلى القاضي أيضًا. وراجع شروطه من بابه. قوله: (وقَالَ بَعْضُ النَّاس: كِتَابُ الحَاكِمِ جَائِزٌ) ... إلخ. وراجع تقريرَه، وتقريرَ جوابه من الهامش. قوله: (يُجِيزُونَ كُتُبَ القُضَاةِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنَ الشُّهُودِ) ... إلخ، وهذا غير مختارٍ

16 - باب متى يستوجب الرجل القضاء

عندنا، بل لا بُدَّ من شهود الكتابة عندنا. قوله: (اذْهَبْ، فَالْتَمِسِ المَخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ)، يعني لا نَحَمَلُ بقوله: «إنه زُورٌ»، ولكن نقولُ: إِنا نَحْكُمُ بالبيِّنة، فإن كان عندك ثبوتٌ، فالتمسه. قوله: (وقَدْ كَتَبَ النَّبيُّ إلى أَهْلِ خَيْبَرَ: إمَّا أن تَدُوا صَاحِبَكُمْ، وإِمَّا أن تُؤْذِنُوا بحربٍ) ... إلخ. أي تُعْطُوا الدِّيَةَ، قوله: «تَدُوا»، بصيغة الخِطَابِ غير مربوطٍ. والصوابُ ما عند المصنِّف في باب كتاب الحاكم إلى عمَّاله: «فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم إمَّا أن يَدُو صَاحِبكم» ... إلخ بصيغة الغيبة. 16 - باب مَتَى يَسْتَوْجِبُ الرَّجُلُ الْقَضَاءَ وَقَالَ الحَسَنُ: أَخَذَ اللهُ عَلَى الحُكَّامِ أَنْ لاَ يَتَّبِعُوا الهَوَى، وَلاَ يَخْشَوُا النَّاسَ، وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا، ثُمَّ قَرَأَ: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)} [ص: 26]. وَقَرَأَ: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا} اسْتُودِعُوا {مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]. وَقَرَأَ: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الأنبياء: 78 - 79]. فَحَمِدَ سُلَيمَانَ وَلَمْ يَلُمْ دَاوُدَ، وَلَوْلاَ مَا ذَكَرَ اللهُ مِنْ أَمْرِ هذَيْنِ لَرَأَيتُ أَنَّ القُضَاةَ هَلَكُوا، فَإِنَّهُ أَثْنى عَلَى هذا بِعِلمِهِ وَعَذَرَ هذا بِاجْتِهَادِهِ. وَقَالَ مُزَاحِمُبْنُ زُفَرَ: قَالَ لَنَا عُمَرُبْنُ عَبْدِ العَزِيزِ: خَمْسٌ إِذَا أَخْطَأَ القَاضِي مِنْهُنَّ خَصْلَةً، كَانَتْ فِيهِ وَصْمَةٌ: أَنْ يَكُوْنَ فَقِيهًا، حَلِيمًا، عَفِيفًا، صَلِيبًا، عالِمًا سَؤُولًا عَنِ العِلمِ. قوله: ({يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ}) أَطْلَقَ اللهُ سبحانه لفظ الخليفة على النبيين من أنبيائه، ومرَّ عليه الشيخُ الأكبرُ، فراجع كلامه. قوله: ({إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ}) ... إلخ، ذكر ابنُ خلدون في مقدمته: أن اليهودَ كانوا تفرَّقُوا فرقتين: منهم من كان يَعْمَلُ بالقياس، ويُسَمَّوا بالربانيين. ومنهم من كان يُنْكِرُهُ، ويُقَالُ لهم: الأَحْبَار. وأَبْعَدَ ابنُ حزمٍ حيث شدَّد الكلام في القائسين، ومن دان دينهم. قلتُ: كيف! والقرآنُ قد أثنى عليهم أيضًا، وقد كان الصادقُ المصدوقُ صلى الله عليه وسلّم أَخْبَرَ: «بأن أمَّته تتبع سنَنَ من قبلها شِبْرًا بِشِبْرٍ» ... إلخ، فكان لا بُدَّ أن تَفْتَرِقَ هذه الأمَّةُ أيضًا في أمر القياس افتراق اليهود فيه. فقال به بعضُهم كالربانيين، وأنكره بعضُهم كالأحبار.

17 - باب رزق الحكام والعاملين عليها

وقد تجشَّم الناسُ في الاستدلال على حُجِّية القياس. قلتُ: ولو احتجُّوا من هذه الآية، مع انضمام كلام ابن خلدون، لكفاهم عن مرامهم. قوله: (ولَوْلا ما ذَكَرَ اللهُ مِنْ أَمْرِ هذَيْنِ، لَرَأْتُ أَنَّ القُضَاةَ هَلَكُوا) ... إلخ. يقولُ: إن اللَّهَ سبحانه لمَّا ذكر النبيين أنهما أخطآ في الحكم، عَلِمْتَ أن المخطيءَ المجتهدَ بمعزلٍ عن اللوم. ولولا قصتهما لَرَأَيْتُ أن القضاةَ هَلَكُوا لقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] بقي الكلامُ في مسألةِ وحدة الحقِّ، وتعدُّده. فراجع له «عقد الجيد»، و «الإِنصاف»، الكِتَابَيْنِ للشاه ولي الله، فإنه قد أَتَى فيهما على جوانب المسألة. والجمهور إلى أنه واحدٌ ودائرٌ، وأصلُ النِّزَاع في أن هل في كلِّ حادثةٍ اجتهاديةٍ حكمٌ من الله تعالى، أو لا؟ فقال به بعضُهم، وقال بعضُهم: إن المجتهدَ مأمورٌ بابتغائه، فمنهم من أصابه، ومنهم من أخطأه. وقال آخرون: أن لا حكمَ فيه من الله، والمجتهدُ مأمورٌ باستخراج حكمه، فإذا اسْتَنْبَطَهُ، فَذَاكَ حكمُ الله فيه (¬1). تنبيهٌ: وليعلم أن مسألةَ تعدُّد الحقِّ ووحدته مسألةٌ أخرى. أمَّا دورانُ المستفتي بين المذاه الأربعة، فذلك باطلٌ، لما مرَّ منِّي: أن التناقضَ في الدين مما لا نظيرَ له، والدورانُ يُوجِبُ ذلك، وإن لم يُشْعِرْ به. ومن ههنا عُلِمَ ضرورة التقليد الشخصيِّ، فإن تقليدَ الأئمة الأربعة في وقتٍ واحدٍ يُوجِبُ التزام التناقُض، كما قرَّرناه. 17 - باب رِزْقِ الْحُكَّامِ وَالْعَامِلِينِ عَلَيْهَا وَكَانَ شُرَيْحٌ الْقَاضِى يَأْخُذُ عَلَى الْقَضَاءِ أَجْرًا. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَأْكُلُ الْوَصِىُّ بِقَدْرِ عُمَالَتِهِ، وَأَكَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. 7163 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى السَّائِبُ بْنُ ¬

_ (¬1) قلت: وفي تقرير الترمذي عندي أن الإمام أبا حنيفة ذهب إلى وحدة الحق، وصاحباه إلى تعدده، كذا في "جمع الجوامع"، وفي بعض الكتب أن تعدد الحق، قول الأئمة الأربعة، إلا أنه غير مشهور، والشيخ ابن الهمام. وابن نجيم، وغيرهما اختاروا وحدة الحق، ثم جوزوا الخروج عن تحقيقه في مسألة، إلى تحقيق إمام آخر في تلك المسألة، حتى جوز ابن عابدين أن يصلي الظهر على مذهب إمام، والعصر على مذهب إمام آخر. وأقول تبعًا لابن المبارك: إنه غير جائز، قال ابن المبارك فيمن علق الطلاق في غير الملك، ثم أراد أن يعمل بمذهب من لا يعتبر بهذا التعلق، قال: إن كان يرى هذا القول حقًا من قبل أن يبتلى بهذه المسألة، فله أن يأخذ بقولهم، فأما من لم يرض بهذا، فلما ابتلي أحب أن يأخذ بقولهم، فلا أرى له ذلك، اهـ، ترمذي: ص 141 - ج 1، فدل على أن التقيد بمذهبه ضروري، والخروج عنه غير جائز، وهو المختار عندي.

18 - باب من قضى ولاعن فى المسجد

يَزِيدَ ابْنُ أُخْتِ نَمِرٍ أَنَّ حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ السَّعْدِىِّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ فِى خِلاَفَتِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَلِى مِنْ أَعْمَالِ النَّاسِ أَعْمَالاً، فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعُمَالَةَ كَرِهْتَهَا. فَقُلْتُ بَلَى. فَقَالَ عُمَرُ مَا تُرِيدُ إِلَى ذَلِكَ قُلْتُ إِنَّ لِى أَفْرَاسًا وَأَعْبُدًا، وَأَنَا بِخَيْرٍ، وَأَرِيدُ أَنْ تَكُونَ عُمَالَتِى صَدَقَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ. قَالَ عُمَرُ لاَ تَفْعَلْ فَإِنِّى كُنْتُ أَرَدْتُ الَّذِى أَرَدْتَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِينِى الْعَطَاءَ فَأَقُولُ أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّى. حَتَّى أَعْطَانِى مَرَّةً مَالاً فَقُلْتُ أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّى. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ، فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلاَ سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَإِلاَّ فَلاَ تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ» طرفاه 1473، 7164 - تحفة 10487 - 85/ 9 7164 - وَعَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِينِى الْعَطَاءَ فَأَقُولُ أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّى. حَتَّى أَعْطَانِى مَرَّةً مَالاً فَقُلْتُ أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّى. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ، فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلاَ سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَمَا لاَ فَلاَ تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ». طرفاه 1473، 7163 - تحفة 10520 18 - باب مَنْ قَضَى وَلاَعَنَ فِى الْمَسْجِدِ وَلاَعَنَ عُمَرُ عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَضَى شُرَيْحٌ وَالشَّعْبِىُّ وَيَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ فِى الْمَسْجِدِ، وَقَضَى مَرْوَانُ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِالْيَمِينِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ. وَكَانَ الْحَسَنُ وَزُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى يَقْضِيَانِ فِى الرَّحَبَةِ خَارِجًا مِنَ الْمَسْجِدِ. 7165 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِىُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ شَهِدْتُ الْمُتَلاَعِنَيْنِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا. أطرافه 423، 4745، 4746، 5259، 5308، 5309، 6854، 7166، 7304 تحفة 4805 7166 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَهْلٍ أَخِى بَنِى سَاعِدَةَ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ فَتَلاَعَنَا فِى الْمَسْجِدِ وَأَنَا شَاهِدٌ. أطرافه 423، 4745، 4746، 5259، 5308، 5309، 6854، 7165، 7304 تحفة 4805 وافق أبا حنيفةُ في أن القضاءَ عبادةٌ، فَيَصِحُّ في المسجد. فإِن كان المدَّعَى عليه ممن لا يَجُوزُ له الدخول في المسجد، كالحائض، يَخْرُجُ إليه، أو يُرْسِلُ نائبه، وقال الشافعيةُ: إنه ليس بعبادةٍ، فلا يُقْضَى في المسجد. 19 - باب مَنْ حَكَمَ فِى الْمَسْجِدِ، حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حَدٍّ أَمَرَ أَنْ يُخْرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَيُقَامَ وَقَالَ عُمَرُ: أَخْرِجَاهُ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوُهُ.

20 - باب موعظة الإمام للخصوم

7167 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِى الْمَسْجِدِ فَنَادَاهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى زَنَيْتُ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ. فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعًا قَالَ «أَبِكَ جُنُونٌ». قَالَ لاَ. قَالَ «اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ». أطرافه 5271، 6815، 6825 - تحفة 15217، 13208 - 86/ 9 قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ بِالْمُصَلَّى. رَوَاهُ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الرَّجْمِ. أطرافه 5270، 5272، 6814، 6816، 6820، 6826 - تحفة 3169، 3149 7168 - قوله: (كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ بالمُصَلَّى) كُتِبَ بين السُّطِور: أن مُصَلَّى الجنائز هو البقيع. قلتُ: وهو غلطٌ، بل البقيعُ غير كما عُرِفَ. 20 - باب مَوْعِظَةِ الإِمَامِ لِلْخُصُومِ 7168، 7169 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَىَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِى نَحْوَ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلاَ يَأْخُذْهُ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ». أطرافه 2458، 2680، 6967، 7181، 7185 - تحفة 18261 21 - باب الشَّهَادَةِ تَكُونُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، فِي وِلاَيَتِهِ الْقَضَاءِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ، لِلْخَصْمِ وَقَالَ شُرَيْحٌ الْقَاضِي، وَسَأَلَهُ إِنْسَانٌ الشَّهَادَةَ، فَقَالَ: ائْتِ الأَمِيرَ حَتَّى أَشْهَدَ لَكَ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: قَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: لَوْ رَأَيْتَ رَجُلاً عَلَى حَدٍّ، زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ، وَأَنْتَ أَمِيرٌ؟ فَقَالَ: شَهَادَتُكَ شَهَادَةُ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ عُمَرُ: لَوْلاَ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ، لَكَتَبْتُ آيَةَ الرَّجْمِ بِيَدِي. وَأَقَرَّ مَاعِزٌ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالزِّنَا أَرْبَعًا فَأَمَرَ بِرَجْمِهِ، وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَشْهَدَ مَنْ حَضَرَهُ. وَقَالَ حَمَّادٌ: إِذَا أَقَرَّ مَرَّةً عِنْدَ الْحَاكِمِ رُجِمَ. وَقَالَ الْحَكَمُ أَرْبَعًا. 7170 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِى مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ حُنَيْنٍ «مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى قَتِيلٍ قَتَلَهُ، فَلَهُ سَلَبُهُ». فَقُمْتُ لأَلْتَمِسَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلٍ، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَشْهَدُ لِى، فَجَلَسْتُ، ثُمَّ بَدَا لِى فَذَكَرْتُ أَمْرَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ سِلاَحُ هَذَا الْقَتِيلِ الَّذِى يَذْكُرُ عِنْدِى. قَالَ فَأَرْضِهِ مِنْهُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ كَلاَّ لاَ يُعْطِهِ أُصَيْبِغَ مِنْ قُرَيْشٍ وَيَدَعَ أَسَدًا

22 - باب أمر الوالى إذا وجه أميرين إلى موضع أن يتطاوعا ولا يتعاصيا

مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. قَالَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَدَّاهُ إِلَىَّ فَاشْتَرَيْتُ مِنْهُ خِرَافًا فَكَانَ أَوَّلَ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ. قَالَ لِى عَبْدُ اللَّهِ عَنِ اللَّيْثِ فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَدَّاهُ إِلَىَّ. وَقَالَ أَهْلُ الْحِجَازِ الْحَاكِمُ لاَ يَقْضِى بِعِلْمِهِ، شَهِدَ بِذَلِكَ فِى وِلاَيَتِهِ أَوْ قَبْلَهَا. وَلَوْ أَقَرَّ خَصْمٌ عِنْدَهُ لآخَرَ بِحَقٍّ فِى مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، فَإِنَّهُ لاَ يَقْضِى عَلَيْهِ فِى قَوْلِ بَعْضِهِمْ، حَتَّى يَدْعُوَ بِشَاهِدَيْنِ فَيُحْضِرَهُمَا إِقْرَارَهُ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِرَاقِ مَا سَمِعَ أَوْ رَآهُ فِى مَجْلِسِ الْقَضَاءِ قَضَى بِهِ، وَمَا كَانَ فِى غَيْرِهِ لَمْ يَقْضِ إِلاَّ بِشَاهِدَيْنِ. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ بَلْ يَقْضِى بِهِ، لأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ، وَإِنَّمَا يُرَادُ مِنَ الشَّهَادَةِ مَعْرِفَةُ الْحَقِّ، فَعِلْمُهُ أَكْثَرُ مِنَ الشَّهَادَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَقْضِى بِعِلْمِهِ فِى الأَمْوَالِ، وَلاَ يَقْضِى فِى غَيْرِهَا. وَقَالَ الْقَاسِمُ لاَ يَنْبَغِى لِلْحَاكِمِ أَنْ يُمْضِىَ قَضَاءً بِعِلْمِهِ دُونَ عِلْمِ غَيْرِهِ، مَعَ أَنَّ عِلْمَهُ أَكْثَرُ مِنْ شَهَادَةِ غَيْرِهِ، وَلَكِنَّ فِيهِ تَعَرُّضًا لِتُهَمَةِ نَفْسِهِ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِيقَاعًا لَهُمْ فِى الظُّنُونِ، وَقَدْ كَرِهَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الظَّنَّ فَقَالَ «إِنَّمَا هَذِهِ صَفِيَّةُ». أطرافه 2100، 3142، 4321، 4322 - تحفة 12132 - 87/ 9 7171 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَتْهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَىٍّ فَلَمَّا رَجَعَتِ انْطَلَقَ مَعَهَا، فَمَرَّ بِهِ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ فَدَعَاهُمَا فَقَالَ «إِنَّمَا هِىَ صَفِيَّةُ». قَالاَ سُبْحَانَ اللَّهِ. قَالَ «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ». رَوَاهُ شُعَيْبٌ وَابْنُ مُسَافِرٍ وَابْنُ أَبِى عَتِيقٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَلِىٍّ - يَعْنِى ابْنَ حُسَيْنٍ - عَنْ صَفِيَّةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2035، 2038، 2039، 3101، 3281، 6219 - تحفة 15901، 19129 يعني إذا كانت عند القاضي شهادةٌ في أمرٍ لا يَسَعُ له أن يقضي بها بنفسه، ولكنه يُؤَدِّيها بمحضر قاضٍ آخر أو نائبه، ثم يُحِقُّ بها ذلك القاضي. قوله: (ولَمْ يُذْكَرْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلّم أَشْهَدَ مَنْ حَضَرَهُ) وهذه مسألةٌ أخرى، وهي أنه لا يَجِبُ على القاضي أن يُعِيدَ جميع قصة المتخاصميْن بين يدي الشاهديْن. 7170 - قوله: (وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِرَاقِ)، أَرَادَ بهم الحنيفةَ، ثم لم يَرُدَّ عليهم بشيءٍ. 22 - باب أَمْرِ الْوَالِى إِذَا وَجَّهَ أَمِيرَيْنِ إِلَى مَوْضِعٍ أَنْ يَتَطَاوَعَا وَلاَ يَتَعَاصَيَا 7172 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا الْعَقَدِىُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَبِى وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ عَلَى الْيَمَنِ فَقَالَ «يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا». فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى إِنَّهُ يُصْنَعُ بِأَرْضِنَا الْبِتْعُ. فَقَالَ «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ». وَقَالَ النَّضْرُ وَأَبُو دَاوُدَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَوَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2261، 3038، 4341، 4343، 4344، 6124، 6923، 7149، 7156، 7157 تحفة 19560، 9086 - 88/ 9

23 - باب إجابة الحاكم الدعوة

23 - باب إِجَابَةِ الْحَاكِمِ الدَّعْوَةَ وَقَدْ أَجَابَ عُثْمَانُ عَبْدًا لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. 7173 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِى مَنْصُورٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فُكُّوا الْعَانِىَ وَأَجِيبُوا الدَّاعِىَ». أطرافه 3046، 5174، 5373، 5649 - تحفة 9001 جاز له إجابتها إذا تَعَارَفَ من الداعي قبل أن يتولَّى الحكومةَ. وأمَّا المُفْتُون، فَيُبَاح الإِجابة مطلقًا، غير أنَّهم إذا كاوا موظَّفين من الحكومة، ففيهم تردُّدٌ أيضًا. فإنَّ القاضي في السلطنة العيمانية لم يَكُنْ إلَّا حنفيًا، وكان المُفْتُون من المذاهب الأربعة تُحَطَى لهم وظائف من السلطنة، كما مرَّ في «العلم». 24 - باب هَدَايَا الْعُمَّالِ 7174 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِىُّ قَالَ اسْتَعْمَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً مِنْ بَنِى أَسَدٍ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الأُتَبِيَّةِ عَلَى صَدَقَةٍ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِىَ لِى. فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ - قَالَ سُفْيَانُ أَيْضًا فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ - فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ، فَيَأْتِى يَقُولُ هَذَا لَكَ وَهَذَا لِى. فَهَلاَّ جَلَسَ فِى بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لاَ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ يَأْتِى بِشَىْءٍ إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ». ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَىْ إِبْطَيْهِ «أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ» ثَلاَثًا. قَالَ سُفْيَانُ قَصَّهُ عَلَيْنَا الزُّهْرِىُّ. وَزَادَ هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعَ أُذُنَاىَ وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنِى، وَسَلُوا زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَإِنَّهُ سَمِعَهُ مَعِى. وَلَمْ يَقُلِ الزُّهْرِىُّ سَمِعَ أُذُنِى. {خُوَارٌ} [الأعراف: 148]: صَوْتٌ، وَالْجُؤَارُ مِنْ {تَجْأَرُونَ} [النحل: 53] كَصَوْتِ الْبَقَرَةِ. أطرافه 925، 1500، 2597، 6636، 6979، 7197 - تحفة 11895 25 - باب اسْتِقْضَاءِ الْمَوَالِي وَاسْتِعْمَالِهِمْ 7175 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ قَالَ كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِى حُذَيْفَةَ يَؤُمُّ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ وَأَصْحَابَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَسْجِدِ قُبَاءٍ، فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَبُو سَلَمَةَ وَزَيْدٌ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ. طرفه 692 - تحفة 7780 - 89/ 9 يجوز للعبد أن يُقْضِيَ في بعض الأمور. أمَّا إذا عُتِقَ، فالأمرُ ظاهرٌ. 7175 - قوله: (كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أبي حُذَيْفَة يَؤُمُّ المُهَاجِرِينَ) قلتُ: وهذه إمامةُ

26 - باب العرفاء للناس

الصلاة لا إمامةُ عامَّةِ المسلمين، إلَّا أن المصنِّفَ تمسَّكَ من الجنس. 26 - باب الْعُرَفَاءِ لِلنَّاسِ 7176 و 7177 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ حَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ حِينَ أَذِنَ لَهُمُ الْمُسْلِمُونَ فِى عِتْقِ سَبْىِ هَوَازِنَ «إِنِّى لاَ أَدْرِى مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ». فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، فَرَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ النَّاسَ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا. حديث 7176 أطرافه 2307، 2539، 2584، 2607، 3131، 4318 - تحفة 11251 حديث 7177 أطرافه 2308، 2540، 2583، 2608، 3132، 4319 - تحفة 11271 7176 - 7177 - قوله: (قَالَ حِينَ أَذِنَ لَهُمُ المُسْلِمُونَ في عِتْقِ سَبْيِ هَوَازِنَ) هذا ما وعدتُكَ من أن المسلمين كانوا عَتَقُوا سبيَ هَوَازِن، لا أنه كان هبةً منهم. فَسَقَطَتْ منه ستةُ، أو سبعةُ تراجم المصنِّفِ في «باب الهبة» على هذا الحديث، فإن كلَّها تُبْنَى على كونه هبةً. وههنا تصريحٌ بأنه لم يَكُنْ هبةً: بل كان عِتْقًا، فاعلمه. 27 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ ثَنَاءِ السُّلْطَانِ، وَإِذَا خَرَجَ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ 7178 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أُنَاسٌ لاِبْنِ عُمَرَ إِنَّا نَدْخُلُ عَلَى سُلْطَانِنَا فَنَقُولُ لَهُمْ خِلاَفَ مَا نَتَكَلَّمُ إِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِمْ قَالَ كُنَّا نَعُدُّهَا نِفَاقًا. تحفة 7427 7179 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ عِرَاكٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنْ شَرَّ النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ، الَّذِى يَأْتِى هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ». طرفاه 3494، 6058 - تحفة 14155 28 - باب الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ 7180 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ هِنْدَ قَالَتْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، فَأَحْتَاجُ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ. قَالَ «خُذِى مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ». أطرافه 2211، 2460، 3825، 5359، 5364، 5370، 6641، 7161 - تحفة 16909 وذا لا يَجُوزُ عندنا، إلَّا أن يَظْهَرَ أنه غاب إضرارًا بصاحبه. فحينئذٍ يُكْتَبُ على بابه: أن فلانًا ادَّعَى عليكَ كذا، فإن حَضَرْتَ، وإلَّا يُحْكَمُ عليكَ. ونُقِلَ عن محمد في بعض الصُّوَر: أن القاضي يَنْصِبُ نائبًا عن الغايب يُخَاصِمُ عنه، ثم يَحْكُمُ.

29 - باب من قضى له بحق أخيه فلا يأخذه، فإن قضاء الحاكم لا يحل حراما ولا يحرم حلالا

29 - باب مَنْ قُضِىَ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ فَلاَ يَأْخُذْهُ، فَإِنَّ قَضَاءَ الْحَاكِمِ لاَ يُحِلُّ حَرَامًا وَلاَ يُحَرِّمُ حَلاَلاً 7181 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ سَمِعَ خُصُومَةً بِبَابِ حُجْرَتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّهُ يَأْتِينِى الْخَصْمُ، فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ، فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ فَأَقْضِى لَهُ بِذَلِكَ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ، فَإِنَّمَا هِىَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ، فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ لِيَتْرُكْهَا». أطرافه 2458، 2680، 6967، 7169، 7185 - تحفة 18261 - 90/ 9 7182 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّى فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ. فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدٌ فَقَالَ ابْنُ أَخِى، قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَىَّ فِيهِ، فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ أَخِى وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِى، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَتَسَاوَقَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ أَخِى، كَانَ عَهِدَ إِلَىَّ فِيهِ. وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ أَخِى وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِى، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ». ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ «احْتَجِبِى مِنْهُ»، لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِىَ اللَّهَ تَعَالَى. أطرافه 2053، 2218، 2421، 2533، 2745، 4303، 6749، 6765، 6817 تحفة 16605 يريد أن القضاءَ لا يَنْفُذُ باطنًا. قلنا: إن هذا مسلَّمٌ في الأملاك المُرْسَلة دون العقود والفسوخ. وما اسْتَشْهَدَ به البخاريُّ ليس منها، بل هو من باب ثبوت النَّسَبِ، وليس الكلامُ فيه. 30 - باب الْحُكْمِ فِى الْبِئْرِ وَنَحْوِهَا 7183 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ وَالأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَحْلِفُ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ، يَقْتَطِعُ مَالاً وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ، إِلاَّ لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] الآيَةَ. أطرافه 2356، 2416، 2515، 2666، 2669، 2673، 2676، 4549، 6659، 6676، 7445 - تحفة 9304، 9244 فَجَاءَ الأَشْعَثُ وَعَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُهُمْ فَقَالَ فِىَّ نَزَلَتْ وَفِى رَجُلٍ خَاصَمْتُهُ فِى بِئْرٍ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلَكَ بَيِّنَةٌ». قُلْتُ لاَ. قَالَ «فَلْيَحْلِفْ». قُلْتُ إِذًا يَحْلِفُ. فَنَزَلَتْ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] الآيَةَ. أطرافه 2357، 2417، 2516، 2667، 2670، 2677، 4550، 6660، 6677 تحفة 158

31 - باب القضاء فى كثير المال وقليله

31 - باب الْقَضَاءِ فِى كَثِيرِ الْمَالِ وَقَلِيلِهِ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ: الْقَضَاءُ فِى قَلِيلِ الْمَالِ وَكَثِيرِهِ سَوَاءٌ. 7184، 7185 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ سَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - جَلَبَةَ خِصَامٍ عِنْدَ بَابِهِ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّهُ يَأْتِينِى الْخَصْمُ، فَلَعَلَّ بَعْضًا أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ، أَقْضِى لَهُ بِذَلِكَ وَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِىَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ، فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ لِيَدَعْهَا». أطرافه 2458، 2680، 6967، 7169، 7181 - تحفة 18261 - 91/ 9 يريد أنه لا فرقَ بين القضاء في المال القليل والكثير، ليكونَ القضاءُ في القليل ضعيفًا، وفي الكثير قويًا، بل فيهما على السواء، وهو ظاهرٌ. 32 - باب بَيْعِ الإِمَامِ عَلَى النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَضِيَاعَهُمْ وَقَدْ بَاعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُدَبَّرًا مِنْ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ. 7186 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ بَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِهِ أَعْتَقَ غُلاَمًا عَنْ دُبُرٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُ، فَبَاعَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ بِثَمَنِهِ إِلَيْهِ. أطرافه 2141، 2230، 2321، 2403، 2415، 2534، 6716، 6947 - تحفة 2416 33 - باب مَنْ لَمْ يَكْتَرِثْ بِطَعْنِ مَنْ لاَ يَعْلَمُ فِى الأُمَرَاءِ حَدِيثًا 7187 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْثًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَطُعِنَ فِى إِمَارَتِهِ، وَقَالَ «إِنْ تَطْعَنُوا فِى إِمَارَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِى إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلإِمْرَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ بَعْدَهُ». أطرافه 3730، 4250، 4468، 4469، 6627 - تحفة 7217 أي إذا طَعَنَ النَّاسُ في الأمراء بلا وجهٍ، لا يُبَالي به الإِمامُ. 34 - باب الأَلَدِّ الْخَصِمِ وَهْوَ الدَّائِمُ فِى الْخُصُومَةِ {لُدًّا} [مريم: 97]: عُوجًا. 7188 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الأَلَدُّ الْخَصِمُ». طرفاه 2457، 4523 - تحفة 16248

35 - باب إذا قضى الحاكم بجور أو خلاف أهل العلم فهو رد

35 - باب إِذَا قَضَى الْحَاكِمُ بِجَوْرٍ أَوْ خِلاَفِ أَهْلِ الْعِلْمِ فَهْوَ رَدٌّ 7189 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَالِدًا ح وَحَدَّثَنِى نُعَيْمٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِى جَذِيمَةَ فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا أَسْلَمْنَا. فَقَالُوا صَبَأْنَا صَبَأْنَا، فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ وَيَأْسِرُ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٌ مِنَّا أَسِيرَهُ، فَأَمَرَ كُلَّ رَجُلٍ مِنَّا أَنْ يَقْتُلَ أَسِيرَهُ، فَقُلْتُ وَاللَّهِ لاَ أَقْتُلُ أَسِيرِى وَلاَ يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِى أَسِيرَهُ. فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ»، مَرَّتَيْنِ. طرفه 4339 - تحفة 6941 - 92/ 9 يعني به: أن القاضي إذا حَكَمَ بشيءٍ، ولم يَكُنْ ذلك حكمَه في الفِقْهِ، قُلْنَا: إن حَكَمَ به في فصلٍ مُجْتَهَدٍ فيه لا يَرُدُّ حكمه، وإن كان في غيره فَيُرَدُّ، أعني بغير المُجْتَهَدِ فيه ما كان خلافًا للكتاب، والسنة المشهورة، والإِجماع. 36 - باب الإِمَامِ يَأْتِى قَوْمًا فَيُصْلِحُ بَيْنَهُمْ هـ 7190 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ الْمَدِينِىُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ كَانَ قِتَالٌ بَيْنَ بَنِى عَمْرٍو، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَتَاهُمْ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا حَضَرَتْ صَلاَةُ الْعَصْرِ فَأَذَّنَ بِلاَلٌ وَأَقَامَ وَأَمَرَ أَبَا بَكْرٍ فَتَقَدَّمَ، وَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ فِى الصَّلاَةِ، فَشَقَّ النَّاسَ حَتَّى قَامَ خَلْفَ أَبِى بَكْرٍ، فَتَقَدَّمَ فِى الصَّفِّ الَّذِى يَلِيهِ. قَالَ وَصَفَّحَ الْقَوْمُ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا دَخَلَ فِى الصَّلاَةِ لَمْ يَلْتَفِتْ حَتَّى يَفْرُغَ، فَلَمَّا رَأَى التَّصْفِيحَ لاَ يُمْسَكُ عَلَيْهِ الْتَفَتَ فَرَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَلْفَهُ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنِ امْضِهْ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ هُنَيَّةً يَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ مَشَى الْقَهْقَرَى، فَلَمَّا رَأَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَلِكَ تَقَدَّمَ فَصَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالنَّاسِ، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ قَالَ «يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ إِذْ أَوْمَأْتُ إِلَيْكَ أَنْ لاَ تَكُونَ مَضَيْتَ». قَالَ لَمْ يَكُنْ لاِبْنِ أَبِى قُحَافَةَ أَنْ يَؤُمَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ لِلْقَوْمِ «إِذَا نَابَكُمْ أَمْرٌ، فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ، وَلْيُصَفِّحِ النِّسَاءُ». أطرافه 684، 1201، 1204، 1218، 1234، 2690، 2693 - تحفة 4669 37 - باب يُسْتَحَبُّ لِلْكَاتِبِ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا عَاقِلاً 7191 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ أَبُو ثَابِتٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ بَعَثَ إِلَىَّ أَبُو بَكْرٍ لِمَقْتَلِ أَهْلِ الْيَمَامَةِ وَعِنْدَهُ عُمَرُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ عُمَرَ أَتَانِى فَقَالَ إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ، وَإِنِّى أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ فِى الْمَوَاطِنِ كُلِّهَا، فَيَذْهَبَ قُرْآنٌ

38 - باب كتاب الحاكم إلى عماله، والقاضى إلى أمنائه

كَثِيرٌ، وَإِنِّى أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ. قُلْتُ كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عُمَرُ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ. فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِى فِى ذَلِكَ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِى لِلَّذِى شَرَحَ لَهُ صَدْرَ عُمَرَ، وَرَأَيْتُ فِى ذَلِكَ الَّذِى رَأَى عُمَرُ. قَالَ زَيْدٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَإِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لاَ نَتَّهِمُكَ، قَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْىَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ. قَالَ زَيْدٌ فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفَنِى نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ بِأَثْقَلَ عَلَىَّ مِمَّا كَلَّفَنِى مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ. قُلْتُ كَيْفَ تَفْعَلاَنِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ. فَلَمْ يَزَلْ يَحُثُّ مُرَاجَعَتِى حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِى لِلَّذِى شَرَحَ اللَّهُ لَهُ صَدْرَ أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَرَأَيْتُ فِى ذَلِكَ الَّذِى رَأَيَا، فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الْعُسُبِ وَالرِّقَاعِ وَاللِّخَافِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ، فَوَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة: 128] إِلَى آخِرِهَا مَعَ خُزَيْمَةَ أَوْ أَبِى خُزَيْمَةَ فَأَلْحَقْتُهَا فِى سُورَتِهَا، وَكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِى بَكْرٍ حَيَاتَهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ اللِّخَافُ يَعْنِى الْخَزَفَ. أطرافه 2807، 4049، 4679، 4784، 4986، 4988، 4989، 7425 تحفة 6594، 3527 أ، 3729، 10439 - 93/ 9 يعني إذا احْتَاجَ القاضي إلى كاتبٍ بين يديه، فماذا يكون صفاته. 38 - باب كِتَابِ الْحَاكِمِ إِلَى عُمَّالِهِ، وَالْقَاضِى إِلَى أُمَنَائِهِ 7192 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى لَيْلَى ح حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى لَيْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ هُوَ وَرِجَالٌ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُمْ، فَأُخْبِرَ مُحَيِّصَةُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قُتِلَ وَطُرِحَ فِى فَقِيرٍ أَوْ عَيْنٍ، فَأَتَى يَهُودَ فَقَالَ أَنْتُمْ وَاللَّهِ قَتَلْتُمُوهُ. قَالُوا مَا قَتَلْنَاهُ وَاللَّهِ. ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ فَذَكَرَ لَهُمْ، وَأَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ - وَهْوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ، فَذَهَبَ لِيَتَكَلَّمَ وَهْوَ الَّذِى كَانَ بِخَيْبَرَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِمُحَيِّصَةَ «كَبِّرْ كَبِّرْ». يُرِيدُ السِّنَّ، فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ، وَإِمَّا أَنْ يُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ». فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِمْ بِهِ، فَكُتِبَ مَا قَتَلْنَاهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ «أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ». قَالُوا لاَ. قَالَ «أَفَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ». قَالُوا لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ. فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ عِنْدِهِ مِائَةَ نَاقَةٍ حَتَّى أُدْخِلَتِ الدَّارَ. قَالَ سَهْلٌ فَرَكَضَتْنِى مِنْهَا نَاقَةٌ. أطرافه 2702، 3173، 6143، 6898 - تحفة 4644، 15694 ل - 94/ 9 39 - باب هَلْ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَبْعَثَ رَجُلاً وَحْدَهُ لِلنَّظَرِ فِى الأُمُورِ 7193، 7194 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ

40 - باب ترجمة الحكام، وهل يجوز ترجمان واحد

عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ قَالاَ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَالَ صَدَقَ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ. فَقَالَ الأَعْرَابِىُّ إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَقَالُوا لِى عَلَى ابْنِكَ الرَّجْمُ. فَفَدَيْتُ ابْنِى مِنْهُ بِمِائَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَقَالُوا إِنَّمَا عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ - لِرَجُلٍ - فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَارْجُمْهَا». فَغَدَا عَلَيْهَا أُنَيْسٌ فَرَجَمَهَا. حديث 7193 أطرافه 2315، 2695، 2724، 6633، 6827، 6833، 6835، 6842، 6859، 7258، 7260، 7278 - تحفة 14106 حديث 7194 أطرافه 2314، 2649، 2696، 2725، 6634، 6828، 6831، 6836، 6843، 6860، 7259، 7279 - تحفة 3755 يعني أن القاضي إذا احْتَاجَ إلى المعاينة، لا يُشْتَرَطُ لها العدد. 40 - باب تَرْجَمَةِ الْحُكَّامِ، وَهَلْ يَجُوزُ تُرْجُمَانٌ وَاحِدٌ 7195 - وَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَهُ أَنْ يَتَعَلَّمَ كِتَابَ الْيَهُودِ، حَتَّى كَتَبْتُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - كُتُبَهُ، وَأَقْرَأْتُهُ كُتُبَهُمْ إِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ، وَقَالَ عُمَرُ وَعِنْدَهُ عَلِىٌّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعُثْمَانُ مَاذَا تَقُولُ هَذِهِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ فَقُلْتُ تُخْبِرُكَ بِصَاحِبِهِمَا الَّذِى صَنَعَ بِهِمَا. وَقَالَ أَبُو جَمْرَةَ كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ النَّاسِ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لاَ بُدَّ لِلْحَاكِمِ مِنْ مُتَرْجِمَيْنِ. تحفة 3702، 6534 7196 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِى رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُمْ إِنِّى سَائِلٌ هَذَا، فَإِنْ كَذَبَنِى فَكَذِّبُوهُ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ قُلْ لَهُ إِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَىَّ هَاتَيْنِ. أطرافه 7، 51، 2681، 2804، 2941، 2978، 3174، 4553، 5980، 6260، 7541 - تحفة 4850 - 95/ 9 أي تفسير الكلام بلسان غيره، ويُشْتَرَطُ له عندنا أحدُ شطري الشهادة: إمَّا العددُ، أو العدالةُ. 7195 - قوله: (وقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لا بُدَّ لِلْحَاكِمِ مِنْ مُتَرْجِمَيْنِ)، والمراد منه الإِمام الشافعيّ، فلا يُرِيدُ به الإِمامَ أبا حنيفة في جملة المواضع كما زَعَمَ، وكذلك لا يُرِدُ به الرَّدَّ دائمًا، كما مرَّ آنفًا. 41 - باب مُحَاسَبَةِ الإِمَامِ عُمَّالَهُ 7197 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَعْمَلَ ابْنَ الأُتَبِيَّةِ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِى سُلَيْمٍ، فَلَمَّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَحَاسَبَهُ قَالَ هَذَا الَّذِى لَكُمْ، وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ

42 - باب بطانة الإمام وأهل مشورته

- صلى الله عليه وسلم - «فَهَلاَّ جَلَسْتَ فِى بَيْتِ أَبِيكَ وَبَيْتِ أُمِّكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ، إِنْ كُنْتَ صَادِقًا». ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَخَطَبَ النَّاسَ وَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّى أَسْتَعْمِلُ رِجَالاً مِنْكُمْ عَلَى أُمُورٍ مِمَّا وَلاَّنِى اللَّهُ، فَيَأْتِى أَحَدُكُمْ فَيَقُولُ هَذَا لَكُمْ وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِى فَهَلاَّ جَلَسَ فِى بَيْتِ أَبِيهِ وَبَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا، فَوَاللَّهِ لاَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئًا - قَالَ هِشَامٌ - بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلاَّ جَاءَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَلاَ فَلأَعْرِفَنَّ مَا جَاءَ اللَّهَ رَجُلٌ بِبَعِيرٍ لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بِبَقَرَةٍ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٍ تَيْعَرُ». ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ «أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ». أطرافه 925، 1500، 2597، 6636، 6979، 7174 - تحفة 11895 42 - باب بِطَانَةِ الإِمَامِ وَأَهْلِ مَشُورَتِهِ الْبِطَانَةُ: الدُّخَلاَءُ. 7198 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِىٍّ وَلاَ اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ، إِلاَّ كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ، بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، فَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ تَعَالَى». وَقَالَ سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ بِهَذَا، وَعَنِ ابْنِ أَبِى عَتِيقٍ وَمُوسَى عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مِثْلَهُ، وَقَالَ شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَوْلَهُ. وَقَالَ الأَوْزَاعِىُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ سَلاَّمٍ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ ابْنُ أَبِى حُسَيْنٍ وَسَعِيدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَوْلَهُ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى جَعْفَرٍ حَدَّثَنِى صَفْوَانُ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6611 - تحفة 3494، 4423، 15204، 15269 - 96/ 9 43 - باب كَيْفَ يُبَايِعُ الإِمَامُ النَّاسَ 7199، 7200 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِى الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ. أطرافه 18، 3892، 3893، 3999، 4894، 6784، 6801، 6873، 7055، 7213، 7468 تحفة 5118 وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، وَأَنْ نَقُومَ - أَوْ نَقُولَ - بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لاَ نَخَافُ فِى اللَّهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ». طرفه 7056 تحفة 5118 7201 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَدَاةٍ بَارِدَةٍ وَالْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ فَقَالَ

«* اللَّهُمَّ إِنَّ الْخَيْرَ خَيْرُ الآخِرَهْ ... فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ» فَأَجَابُوا * نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدا ... عَلَى الجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا أطرافه 2834، 2835، 2961، 3795، 3796، 4099، 4100، 6413 - تحفة 634 7202 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ يَقُولُ لَنَا «فِيمَا اسْتَطَعْتَ». تحفة 7244 7203 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ شَهِدْتُ ابْنَ عُمَرَ حَيْثُ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ - قَالَ - كَتَبَ إِنِّى أُقِرُّ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ مَا اسْتَطَعْتُ، وَإِنَّ بَنِىَّ قَدْ أَقَرُّوا بِمِثْلِ ذَلِكَ. طرفاه 7205، 7272 - تحفة 7164 7204 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَايَعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فَلَقَّنَنِى، فِيمَا اسْتَطَعْتُ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. أطرافه 57، 524، 1401، 2157، 2714، 2715 - تحفة 3216 7205 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ لَمَّا بَايَعَ النَّاسُ عَبْدَ الْمَلِكِ كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّى أُقِرُّ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِعَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، فِيمَا اسْتَطَعْتُ، وَإِنَّ بَنِىَّ قَدْ أَقَرُّوا بِذَلِكَ. طرفاه 7203، 7272 - تحفة 7164 - 97/ 9 7206 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ قَالَ قُلْتُ لِسَلَمَةَ عَلَى أَىِّ شَىْءٍ بَايَعْتُمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ عَلَى الْمَوْتِ. أطرافه 2960، 4169، 7208 - تحفة 4536 7207 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ. أَنَّ الرَّهْطَ الَّذِينَ وَلاَّهُمْ عُمَرُ اجْتَمَعُوا فَتَشَاوَرُوا، قَالَ لَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لَسْتُ بِالَّذِى أُنَافِسُكُمْ عَلَى هَذَا الأَمْرِ، وَلَكِنَّكُمْ إِنْ شِئْتُمُ اخْتَرْتُ لَكُمْ مِنْكُمْ. فَجَعَلُوا ذَلِكَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَلَمَّا وَلَّوْا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَمْرَهُمْ فَمَالَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَتَّى مَا أَرَى أَحَدًا مِنَ النَّاسِ يَتْبَعُ أُولَئِكَ الرَّهْطَ وَلاَ يَطَأُ عَقِبَهُ، وَمَالَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُشَاوِرُونَهُ تِلْكَ اللَّيَالِىَ حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِى أَصْبَحْنَا مِنْهَا، فَبَايَعْنَا عُثْمَانَ قَالَ الْمِسْوَرُ طَرَقَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَعْدَ هَجْعٍ مِنَ اللَّيْلِ فَضَرَبَ الْبَابَ حَتَّى اسْتَيْقَظْتُ فَقَالَ أَرَاكَ نَائِمًا، فَوَاللَّهِ مَا اكْتَحَلْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِكَبِيرِ نَوْمٍ، انْطَلِقْ فَادْعُ الزُّبَيْرَ وَسَعْدًا، فَدَعَوْتُهُمَا لَهُ فَشَاوَرَهُمَا ثُمَّ دَعَانِى فَقَالَ ادْعُ لِى عَلِيًّا. فَدَعَوْتُهُ فَنَاجَاهُ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ، ثُمَّ قَامَ عَلِىٌّ مِنْ عِنْدِهِ، وَهْوَ عَلَى طَمَعٍ، وَقَدْ

44 - باب من بايع مرتين

كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَخْشَى مِنْ عَلِىٍّ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ ادْعُ لِى عُثْمَانَ، فَدَعَوْتُهُ فَنَاجَاهُ حَتَّى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْمُؤَذِّنُ بِالصُّبْحِ، فَلَمَّا صَلَّى لِلنَّاسِ الصُّبْحَ وَاجْتَمَعَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَنْ كَانَ حَاضِرًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَأَرْسَلَ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ وَكَانُوا وَافَوْا تِلْكَ الْحَجَّةَ مَعَ عُمَرَ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا تَشَهَّدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ يَا عَلِىُّ، إِنِّى قَدْ نَظَرْتُ فِى أَمْرِ النَّاسِ فَلَمْ أَرَهُمْ يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ، فَلاَ تَجْعَلَنَّ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلًا. فَقَالَ أُبَايِعُكَ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ. فَبَايَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ وَأُمَرَاءُ الأَجْنَادِ وَالْمُسْلِمُونَ. أطرافه 1392، 3052، 3162، 3700، 4888 - تحفة 9726، 10643 - 98/ 9 44 - باب مَنْ بَايَعَ مَرَّتَيْنِ 7208 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ بَايَعْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَقَالَ لِى «يَا سَلَمَةُ أَلاَ تُبَايِعُ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ بَايَعْتُ فِى الأَوَّلِ. قَالَ «وَفِى الثَّانِى». أطرافه 2960، 4169، 7206 - تحفة 4551 45 - باب بَيْعَةِ الأَعْرَابِ 7209 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الإِسْلاَمِ، فَأَصَابَهُ وَعْكٌ فَقَالَ أَقِلْنِى بَيْعَتِى. فَأَبَى، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ أَقِلْنِى بَيْعَتِى. فَأَبَى، فَخَرَجَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ، تَنْفِى خَبَثَهَا، وَيَنْصَعُ طِيبُهَا». أطرافه 1883، 7211، 7216، 7322 - تحفة 3071 46 - باب بَيْعَةِ الصَّغِيرِ 7210 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ - هُوَ ابْنُ أَبِى أَيُّوبَ - قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَذَهَبَتْ بِهِ أُمُّهُ زَيْنَبُ ابْنَةُ حُمَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ صَغِيرٌ» فَمَسَحَ رَأْسَهُ وَدَعَا لَهُ، وَكَانَ يُضَحِّى بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِهِ. طرفه 2501 - تحفة 9668، 9669 أ، 9669 7210 - قوله: (وكان يُضَحِّي بالشَّاةِ الوَاحِدَةِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِهِ)، وظاهرُه يُوافِقُ مذهب مالك. قُلْنَا: إن الشاةَ كانت أُضْحِيَةً من جانبه فقط. أمّا سائرُ أهله، فكانوا يَشْتَرِكُون معه في اللحم. وهذا معنى كونها عن جميع أهله، فإنهم كلَّهم اشتركوا في تلكا لأُضْحِيَةِ الكائنةِ من جانب المُضَحِّي فقط (¬1). ¬

_ (¬1) قلت: ونظيره: فإن لم يجد، فالماء له طيب في أحاديث طيب يوم الجمعة. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: فخذ من شعرك، وذلك =

47 - باب من بايع ثم استقال البيعة

47 - باب مَنْ بَايَعَ ثُمَّ اسْتَقَالَ الْبَيْعَةَ 7211 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الإِسْلاَمِ فَأَصَابَ الأَعْرَابِىَّ وَعْكٌ بِالْمَدِينَةِ، فَأَتَى الأَعْرَابِىُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِلْنِى بَيْعَتِى، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ أَقِلْنِى بَيْعَتِى فَأَبَى، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ أَقِلْنِى بَيْعَتِى فَأَبَى فَخَرَجَ الأَعْرَابِىُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِى خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طِيبُهَا». أطرافه 1883، 7209، 7216، 7322 - تحفة 3071 48 - باب مَنْ بَايَعَ رَجُلًا لاَ يُبَايِعُهُ إِلَّا لِلدُّنْيَا 7212 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ يَمْنَعُ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لاَ يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَاهُ، إِنْ أَعْطَاهُ مَا يُرِيدُ وَفَى لَهُ، وَإِلَّا لَمْ يَفِ لَهُ، وَرَجُلٌ يُبَايِعُ رَجُلًا بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أُعْطِىَ بِهَا كَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ، فَأَخَذَهَا، وَلَمْ يُعْطَ بِهَا». أطرافه 2358، 2369، 2672، 7446 - تحفة 12493 - 99/ 9 49 - باب بَيْعَةِ النِّسَاءِ رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 7213 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ يَقُولُ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ فِى مَجْلِسٍ «تُبَايِعُونِى عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَزْنُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ، وَلاَ تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ وَلاَ تَعْصُوا فِى مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِى الدُّنْيَا فَهْوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللهُ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ»، فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ. أطرافه 18، 3892، 3893، 3999، 4894، 6784، 6801، 6873، 7055، 7199، 7468 - تحفة 5094 7214 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ ¬

_ = أضحيتك عند الله. فليس الشعر طيبًا له. ولا أخذ الشعر بأضحية، ولكنه لما عجز عن الطيب والأضحية. فكان الماء، وأخذ الماء صار نائبين عما كان عليه فافهم، ويقربه: ومن لم يكن له ولد، فأنا شافع له، لن يصابوا بمثلي، في حديث: من يموت له ولد. أو ولدين، والله تعالى أعلم.

50 - باب من نكث بيعة

عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُبَايِعُ النِّسَاءَ بِالْكَلاَمِ بِهَذِهِ الآيَةِ {لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [الممتحنة: 12] قَالَتْ وَمَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَ امْرَأَةٍ، إِلاَّ امْرَأَةً يَمْلِكُهَا. أطرافه 2713، 2733، 4182، 4891، 5288 - تحفة 16640 7215 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ بَايَعْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَ عَلَىَّ {أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [الممتحنة: 12] وَنَهَانَا عَنِ النِّيَاحَةِ، فَقَبَضَتِ امْرَأَةٌ مِنَّا يَدَهَا فَقَالَتْ فُلاَنَةُ أَسْعَدَتْنِى وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَهَا، فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَمَا وَفَتِ امْرَأَةٌ إِلاَّ أُمُّ سُلَيْمٍ وَأُمُّ الْعَلاَءِ، وَابْنَةُ أَبِى سَبْرَةَ امْرَأَةُ مُعَاذٍ أَوِ ابْنَةُ أَبِى سَبْرَةَ وَامْرَأَةُ مُعَاذٍ. طرفاه 1306، 4892 - تحفة 18120 7215 - قوله: (فَقَبَضَتِ امْرَأَةٌ مِنَّا يَدَهَا)، لا دليلَ فيه على أن بيعةَ النساء كانت بقبض الأيدي. كيف! وقد صرَّحت عائشةُ في الحديث السابق: ما مسَّت يدُ رسول الله صلى الله عليه وسلّم يَد امرأةٍ، إلَّا امرأة يَمْلِكُهَا. بل المراد منه: قبضُ اليد دون الثوب الذي كان بينه وبينها. 50 - باب مَنْ نَكَثَ بَيْعَةً وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)} [الفتح: 10]. 100/ 9 7216 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ سَمِعْتُ جَابِرًا قَالَ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ بَايِعْنِى عَلَى الإِسْلاَمِ. فَبَايَعَهُ عَلَى الإِسْلاَمِ، ثُمَّ جَاءَ الْغَدَ مَحْمُومًا فَقَالَ أَقِلْنِى. فَأَبَى، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ «الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ، تَنْفِى خَبَثَهَا، وَيَنْصَعُ طِيبُهَا». أطرافه 1883، 7209، 7211، 7322 - تحفة 3025 51 - باب الاِسْتِخْلاَفِ 7217 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - وَارَأْسَاهْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ذَاكِ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَىٌّ فَأَسْتَغْفِرُ لَكِ وَأَدْعُو لَكِ». فَقَالَتْ عَائِشَةُ وَاثُكْلِيَاهْ وَاللَّهِ إِنِّى لأَظُنُّكَ تُحِبُّ مَوْتِى وَلَوْ كَانَ ذَاكَ لَظَلِلْتَ آخِرَ يَوْمِكَ مُعَرِّسًا بِبَعْضِ أَزْوَاجِكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهْ لَقَدْ هَمَمْتُ - أَوْ أَرَدْتُ - أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ وَابْنِهِ فَأَعْهَدَ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُونَ أَوْ يَتَمَنَّى الْمُتَمَنُّونَ». ثُمَّ قُلْتُ يَأْبَى اللَّهُ وَيَدْفَعُ الْمُؤْمِنُونَ، أَوْ يَدْفَعُ اللَّهُ وَيَأْبَى الْمُؤْمِنُونَ. طرفه 5666 - تحفة 17561 7218 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قِيلَ لِعُمَرَ أَلاَ تَسْتَخْلِفُ قَالَ إِنْ أَسْتَخْلِفْ

52 - باب

فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّى أَبُو بَكْرٍ، وَإِنْ أَتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ فَقَالَ رَاغِبٌ رَاهِبٌ، وَدِدْتُ أَنِّى نَجَوْتُ مِنْهَا كَفَافًا لاَ لِى وَلاَ عَلَىَّ لاَ أَتَحَمَّلُهَا حَيًّا وَمَيِّتًا. تحفة 10543 7219 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ خُطْبَةَ عُمَرَ الآخِرَةَ حِينَ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَذَلِكَ الْغَدُ مِنْ يَوْمٍ تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَشَهَّدَ وَأَبُو بَكْرٍ صَامِتٌ لاَ يَتَكَلَّمُ قَالَ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى يَدْبُرَنَا - يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ آخِرَهُمْ - فَإِنْ يَكُ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ مَاتَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ نُورًا تَهْتَدُونَ بِهِ بِمَا هَدَى اللَّهُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَانِى اثْنَيْنِ، فَإِنَّهُ أَوْلَى الْمُسْلِمِينَ بِأُمُورِكُمْ، فَقُومُوا فَبَايِعُوهُ. وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَدْ بَايَعُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِى سَقِيفَةِ بَنِى سَاعِدَةَ، وَكَانَتْ بَيْعَةُ الْعَامَّةِ عَلَى الْمِنْبَرِ. قَالَ الزُّهْرِىُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ لأَبِى بَكْرٍ يَوْمَئِذٍ اصْعَدِ الْمِنْبَرَ. فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَبَايَعَهُ النَّاسُ عَامَّةً. طرفه 7269 - تحفة 10412 - 101/ 9 7220 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - امْرَأَةٌ فَكَلَّمَتْهُ فِى شَىْءٍ فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ، كَأَنَّهَا تُرِيدُ الْمَوْتَ، قَالَ «إِنْ لَمْ تَجِدِينِى فَأْتِى أَبَا بَكْرٍ». طرفاه 3659، 7360 - تحفة 3192 7221 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِى قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - قَالَ لِوَفْدِ بُزَاخَةَ تَتْبَعُونَ أَذْنَابَ الإِبِلِ حَتَّى يُرِىَ اللَّهُ خَلِيفَةَ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُهَاجِرِينَ أَمْرًا يَعْذِرُونَكُمْ بِهِ. تحفة 6598 7217 - قوله: (لقد هَمَمْتُ، أو أَرَدْتُ أَنْ أُرْسِلَ إلى أبي بَكْرٍ)، أَشَارَ المصنِّفُ إلى أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لو صرَّح بالاستخلاف لسمَّى أبا بكرٍ، مع أنه قد نبَّه من عرض الكلام: أن اللَّهَ ورسولَه لا يرضيان إلَّا بخلافه رضي الله تعالى عنه، فكان كما قد قدَّره اللهُ تعالى. 7219 - قوله: (سمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ لأبي بَكْرٍ يَوْمَئِذٍ: اصْعَدِ المِنْبَرَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى صَعِدَ)، أي ما كان أبو بكر يَصْعَدُ المِنْبَرَ حتَّى أصرَّ عليه عمر، فَصَعِدَهُ. 52 - باب 7222 و 7223 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «يَكُونُ اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا - فَقَالَ كَلِمَةً لَمْ أَسْمَعْهَا فَقَالَ أَبِى إِنَّهُ قَالَ - كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ». تحفة 2205، 4571 قوله: (يَكُونُ اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا)، قيل: إنهم مُتَفَاصِلُون. وقيل: مُتَوَالُون. وقيل: هم

53 - باب إخراج الخصوم وأهل الريب من البيوت بعد المعرفة

الخلفاءُ الأربعةُ، والإِمامُ الحسن، والأميرُ معاوية، وبعضٌ من الخلفاء العبَّاسيين، حتى يكونَ آخرُهم المهدي. وقيل: دعوه على إبهامه. 53 - باب إِخْرَاجِ الْخُصُومِ وَأَهْلِ الرِّيَبِ مِنَ الْبُيُوتِ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ وَقَدْ أَخْرَجَ عُمَرُ أُخْتَ أَبِي بَكْرٍ حِينَ نَاحَتْ. 7224 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ يُحْتَطَبُ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أَوْ مَرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ». قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ يُونُسُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مِرْمَاةٌ مَا بَيْنَ ظِلْفِ الشَّاةِ مِنَ اللَّحْمِ مِثْلُ مِنْسَاةٍ وَمِيضَاةٍ. الْمِيمُ مَخْفُوضَةٌ. أطرافه 644، 657، 2420 - تحفة 13832 - 102/ 9 54 - باب هَلْ لِلإِمَامِ أَنْ يَمْنَعَ الْمُجْرِمِينَ وَأَهْلَ الْمَعْصِيَةِ مِنَ الْكَلاَمِ مَعَهُ وَالزِّيَارَةِ وَنَحْوِهِ 7225 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِىَ - قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ لَمَّا تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ - فَذَكَرَ حَدِيثَهُ - وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلاَمِنَا، فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، وَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا. أطرافه 2757، 2947، 2948، 2949، 2950، 3088، 3556، 3889، 3951، 4418، 4673، 4676، 4677، 4678، 6255، 6690 - تحفة 11131 ***

95 - كتاب التمني

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 95 - كتاب التَّمَنِّي 1 - باب مَا جَاءَ فِى التَّمَنِّي، وَمَنْ تَمَنَّى الشَّهَادَةَ 7226 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْلاَ أَنَّ رِجَالًا يَكْرَهُونَ أَنْ يَتَخَلَّفُوا بَعْدِى وَلاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ مَا تَخَلَّفْتُ، لَوَدِدْتُ أَنِّى أُقْتَلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ». أطرافه 36، 2787، 2797، 2972، 3123، 7227، 7457، 7463 تحفة 13186، 15198 7227 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ وَدِدْتُ أَنِّى لأُقَاتِلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا». فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُهُنَّ ثَلاَثًا أَشْهَدُ بِاللَّهِ. أطرافه 36، 2787، 2797، 2972، 3123، 7226، 7457، 7463 - تحفة 13844 عند مسلمٍ: إيَّاكَ (¬1) واللو. وشَرَحَهُ ابن تَيْمِيَةَ: أن التمنِّي على الأفعال الماضية لا ¬

_ (¬1) قلت: قد تكلم عليه الطحاوي في "مشكله" فقال: إنه قد بان لنا معنى -لو- المحذور منها في هذا الحديث، بعد وقوفنا على أن -لو- ليست مكروهة في كل الأشياء، إذا كان الله قد ذكرها في كتابه إباحتها في شيء ذكرها فيه، وهو قوله لنبيه فيما ذكر جوابه عن الساعة: {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ}، ثم استشهد بحديث أبي كبشة الأنصاري، وفيه استعمال لفظ: لو، قال: ورجل لم يؤته مالًا، ولم يؤته علمًا، فهو يقول: لو أن الله آتاني مثل ما أتى فلانًا، لفعلت فيه مثل ما يفعل، إلخ، قال الطحاوي: فلم تكن -لو- مكروهة فيما ذكرنا، فعقلنا بذلك أنها إنما هي مكروهة يحذر منها في غير ما وصفنا، ثم تأملنا ذلك لنقف على الموضع الذي هي مكروهة فيه. فوجدنا الله تعالى قد ذكر في كتابه ما كان من قوم، ذمهم بما كان منهم، وهو قوله تعالى: {يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ} فيرد ذلك عليهم بقوله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} إلخ، ثم عاد تعالى بعد يخبر عنهم بما كانوا يقولون، فقال: {يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} فرد الله عليهم بما أمر نبيه أن يقول لهم: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ} إلخ، ثم عاد بعد ذلك إلى المؤمنين فحذرهم أن يكونوا أمثالهم، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا} ووجدناه تعالى قال في كتابه: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} إلى قوله: {أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} إلى قوله: {مِنَ الْمُحْسِنِينَ} قال: فكان ما تلونا من -اللوات- ما قد عقل به ما هي فيه غير مذمومة، وما هي فيه مذمومة، وكذا فيما روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب من حديث أبي كبشة: ص 100، وص 101، وص 103 - ج 1 ملخصًا.

2 - باب تمنى الخير

يُنَاسِبُ عند الشرع. وأشار البخاريُّ إلى أن فيه تقسيمًا بِحَسَبِ الحال والمحال. ولذا جاء فيه: بما، ومن. وحاصلُه: أن المقامَ لو كان بحيث يُوهِمُ استعمالُ «اللَّو» فيه، ردَّ التقدير، لم يُنَاسِبْ استعماله، وإلَّا جاز. ولفظ اللَّو، والتمنِّي، والود، كلُّ ذلك سواءٌ في الامتناع. فائدة: واعلم أن الحرفَ الثنائيَّ إذا جُعِلَ اسمًا يُشَدَّدَ حرفه الآخر، كما كما رَأَيْتَ في «اللَّو». 2 - باب تَمَنِّى الْخَيْرِ وَقَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ كَانَ لِي أُحُدٌ ذَهَبًا». 7228 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْ كَانَ عِنْدِى أُحُدٌ ذَهَبًا، لأَحْبَبْتُ أَنْ لاَ يَأْتِىَ ثَلاَثٌ وَعِنْدِى مِنْهُ دِينَارٌ، لَيْسَ شَىْءٌ أُرْصِدُهُ فِى دَيْنٍ عَلَىَّ أَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهُ». طرفاه 2389، 6445 - تحفة 14737 - 103/ 9 3 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ» 7229 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْىَ، وَلَحَلَلْتُ مَعَ النَّاسِ حِينَ حَلُّوا». أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157 - تحفة 16559 7230 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَبَّيْنَا بِالْحَجِّ وَقَدِمْنَا مَكَّةَ لأَرْبَعٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِى الْحِجَّةِ، فَأَمَرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَنْ نَجْعَلَهَا عُمْرَةً وَلْنَحِلَّ، إِلاَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْىٌ قَالَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَ أَحَدٍ مِنَّا هَدْىٌ غَيْرَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَطَلْحَةَ، وَجَاءَ عَلِىٌّ مِنَ الْيَمَنِ مَعَهُ الْهَدْىُ فَقَالَ أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا نَنْطَلِقُ إِلَى مِنًى وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلاَ أَنَّ مَعِى الْهَدْىَ لَحَلَلْتُ». قَالَ وَلَقِيَهُ سُرَاقَةُ وَهْوَ يَرْمِى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَنَا هَذِهِ خَاصَّةً قَالَ «لاَ بَلْ لأَبَدٍ». قَالَ وَكَانَتْ عَائِشَةُ قَدِمَتْ مَكَّةَ وَهْىَ حَائِضٌ، فَأَمَرَهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تَنْسُكَ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا، غَيْرَ أَنَّهَا لاَ تَطُوفُ وَلاَ تُصَلِّى حَتَّى تَطْهُرَ، فَلَمَّا نَزَلُوا الْبَطْحَاءَ قَالَتْ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنْطَلِقُونَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَأَنْطَلِقُ بِحَجَّةٍ. قَالَ ثُمَّ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنْ يَنْطَلِقَ مَعَهَا إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرَتْ عُمْرَةً فِى ذِى الْحَجَّةِ بَعْدَ أَيَّامِ الْحَجِّ. تحفة 2405

4 - باب قوله - صلى الله عليه وسلم -: ليت كذا وكذا

4 - باب قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: لَيْتَ كَذَا وَكَذَا 7231 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ أَرِقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ «لَيْتَ رَجُلاً صَالِحًا مِنْ أَصْحَابِى يَحْرُسُنِى اللَّيْلَةَ». إِذْ سَمِعْنَا صَوْتَ السِّلاَحِ قَالَ «مَنْ هَذَا». قِيلَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ أَحْرُسُكَ. فَنَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى سَمِعْنَا غَطِيطَهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ بِلاَلٌ *أَلاَ لَيتَ شِعْرِي هَل أَبِيتَنَّ لَيلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ فَأَخْبَرْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2885 - تحفة 16225، 2048 ب - 104/ 9 5 - باب تَمَنِّى الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ 7232 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَحَاسُدَ إِلاَّ فِى اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ، فَهْوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ يَقُولُ لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِىَ هَذَا لَفَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً يُنْفِقُهُ فِى حَقِّهِ فَيَقُولُ لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِىَ لَفَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ». طرفاه 5026، 7528 - تحفة 12339 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ بِهَذَا. تحفة 12339 6 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّمَنِّي {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)} [النساء: 32] 7233 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ قَالَ أَنَسٌ - رضى الله عنه - لَوْلاَ أَنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ تَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ» لَتَمَنَّيْتُ. طرفاه 5671، 6351 - تحفة 1622 7234 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنِ ابْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسٍ قَالَ أَتَيْنَا خَبَّابَ بْنَ الأَرَتِّ نَعُودُهُ وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعًا فَقَالَ لَوْلاَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ. أطرافه 5672، 6349، 6350، 6430، 6431 - تحفة 3518 7235 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى عُبَيْدٍ - اسْمُهُ سَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ يَزْدَادُ، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ». أطرافه 39، 5673، 6463 - تحفة 12933

7 - باب قول الرجل: لولا الله ما اهتدينا

بَّوب أوَّلًا بما يَحْسُنُ من التمنِّي، ثم بوَّب بما يُضَادُّه. 7 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ: لَوْلاَ اللهُ مَا اهْتَدَيْنَا 7236 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ يَوْمَ الأَحْزَابِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ يَقُولُ «لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا نَحْنُ، وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا، فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا، إِنَّ الأُلَى وَرُبَّمَا قَالَ الْمَلاَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا، إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا» أَبَيْنَا يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ. أطرافه 2836، 2837، 3034، 4104، 4106، 6620 - تحفة 1875 - 105/ 9 8 - باب كَرَاهِيَةِ تَّمَنِّي لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَرَوَاهُ الأَعْرَجُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 13874 7237 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ - وَكَانَ كَاتِبًا لَهُ - قَالَ كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أَوْفَى فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ». أطرافه 2818، 2833، 2966، 3024 - تحفة 5161 7237 - قوله: (لا تَتَمَنَّوْا (¬1) لِقَاءَ العَدُوِّ). 9 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ اللَّوْ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً} [هود: 80]. 7238 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ ذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْمُتَلاَعِنَيْنِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ أَهِىَ الَّتِى قَالَ رَسُولُ ¬

_ (¬1) قلت: وقد يشكل أن تمني الشهادة مطلوب، وذلك لا يحصل إلا بلقاء العدو، فكيف يكره تمني أسباب الشيء، مع أنه لا يحصل إلا من تلقاء أسبابه؟ قلت: والوجه فيه أن لقاء العدو، وإن كان وسيلة للشهادة بحسب الأكثر، إلا أنه ليس مطلوبًا في نفسه، أعني به أنه ليس مطلوبًا من كل وجه، فإن الإنسان قد يفر من الزحف فيتضرر به أكثر منه، وكذلك الطاعون شهادة، ولكن الإنسان قد لا يصبر عليه، ويأتي بما يعود وبالا عليه، فالشرع نهى عن التعرض بالبلايا، ومن ابتلى بها علمه الصبر، فمن صبر نال الكرامة، فالشهادة أمر مطلوب من كل وجه، وبأي طريق كانت، والموت من أسبابها لا يليق به التمني، فالأسباب كالمعاني الحرفية، ليست مطلوبة إلا من جهة مسبباتها، والدعاء إنما يليق للمقاصد والمطالب، ثم يجمع الله تعالى أسبابه إن شاء، وهو المسمى بالتوفيق، فافهم، وتشكر، فإني رأيت كثيرًا من الطلبة لا يدركون مراده؛ وتحصل مما قلنا: إن وسائل المقاصد لا تكون مطلوبة دائمًا، والله تعالى قادر على أن يجمع له تلك المقاصد من غير تلك الأسباب أيضًا، فحينئذ لا ينبغي له أن يعرض نفسه للبلايا، وليسأل الله العافية.

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا امْرَأَةً مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ». قَالَ لاَ، تِلْكَ امْرَأَةٌ أَعْلَنَتْ. أطرافه 5310، 5316، 6855، 6856 - تحفة 6327 7239 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو حَدَّثَنَا عَطَاءٌ قَالَ أَعْتَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعِشَاءِ فَخَرَجَ عُمَرُ فَقَالَ الصَّلاَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَقَدَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، فَخَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ يَقُولُ «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى - أَوْ عَلَى النَّاسِ، وَقَالَ سُفْيَانُ أَيْضًا، عَلَى أُمَّتِى - لأَمَرْتُهُمْ بِالصَّلاَةِ هَذِهِ السَّاعَةَ». قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخَّرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - هَذِهِ الصَّلاَةَ فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَقَدَ النِّسَاءُ وَالْوِلْدَانُ. فَخَرَجَ وَهْوَ يَمْسَحُ الْمَاءَ عَنْ شِقِّهِ يَقُولُ «إِنَّهُ لَلْوَقْتُ، لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى». وَقَالَ عَمْرٌو حَدَّثَنَا عَطَاءٌ لَيْسَ فِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَّا عَمْرٌو فَقَالَ رَأْسُهُ يَقْطُرُ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ يَمْسَحُ الْمَاءَ عَنْ شِقِّهِ. وَقَالَ عَمْرٌو لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ إِنَّهُ لَلْوَقْتُ، لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مَعْنٌ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 571 - تحفة 5915، 19077 7240 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ». تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ مُغِيرَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 887 - تحفة 13635 - 106/ 9 7241 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ وَاصَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - آخِرَ الشَّهْرِ، وَوَاصَلَ أُنَاسٌ، مِنَ النَّاسِ فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لَوْ مُدَّ بِىَ الشَّهْرُ لَوَاصَلْتُ وِصَالاً يَدَعُ الْمُتَعَمِّقُونَ تَعَمُّقَهُمْ، إِنِّى لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّى أَظَلُّ يُطْعِمُنِى رَبِّى وَيَسْقِينِ». تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ المُغِيرَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 1961 - تحفة 394، 407 7242 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْوِصَالِ، قَالُوا فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ «أَيُّكُمْ مِثْلِى، إِنِّى أَبِيتُ يُطْعِمُنِى رَبِّى وَيَسْقِينِ». فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا ثُمَّ رَأَوُا الْهِلاَلَ فَقَالَ «لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ». كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ. أطرافه 1965، 1966، 6851، 7299 - تحفة 13167، 13188 7243 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْجَدْرِ أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ قَالَ «نَعَمْ». قُلْتُ فَمَا لَهُمْ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِى الْبَيْتِ قَالَ «إِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ». قُلْتُ فَمَا شَأْنُ بَابِهِ

مُرْتَفِعًا قَالَ «فَعَلَ ذَاكِ قَوْمُكِ، لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا، وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاءُوا، لَوْلاَ أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِالْجَاهِلِيَّةِ، فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ أَنْ أُدْخِلَ الْجَدْرَ فِى الْبَيْتِ، وَأَنْ أُلْصِقَ بَابَهُ فِى الأَرْضِ». أطرافه 126، 1583، 1584، 1585، 1586، 3368، 4484 - تحفة 16005 7244 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ وَادِيًا - أَوْ شِعْبًا - لَسَلَكْتُ وَادِىَ الأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَ الأَنْصَارِ». طرفه 3779 - تحفة 13777 7245 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وَادِىَ الأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا». تَابَعَهُ أَبُو التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الشِّعْبِ. طرفه 4330 - تحفة 5303، 1699 أ - 107/ 9

96 - كتاب أخبار الآحاد

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 96 - كتاب أَخْبَارِ الآحَاد 1 - باب مَا جَاءَ فِى إِجَازَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ الصَّدُوقِ فِى الأَذَانِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ وَالْفَرَائِضِ وَالأَحْكَامِ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122]، وَيُسَمَّى الرَّجُلُ طَائِفَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9]، فَلَوِ اقْتَتَلَ رَجُلاَنِ دَخَلَ فِى مَعْنَى الآيَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6]، وَكَيْفَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أُمَرَاءَهُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، فَإِنْ سَهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ رُدَّ إِلَى السُّنَّةِ. 7246 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ قَالَ أَتَيْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَفِيقًا، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّا قَدِ اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا أَوْ قَدِ اشْتَقْنَا سَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا بَعْدَنَا فَأَخْبَرْنَاهُ قَالَ «ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ، فَأَقِيمُوا فِيهِمْ، وَعَلِّمُوهُمْ، وَمُرُوهُمْ - وَذَكَرَ أَشْيَاءَ أَحْفَظُهَا أَوْ لاَ أَحْفَظُهَا - وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِى أُصَلِّى، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ». أطرافه 628، 630، 631، 658، 685، 819، 2848، 6008 - تحفة 11182 7247 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنِ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلاَلٍ مِنْ سَحُورِهِ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ - أَوْ قَالَ يُنَادِى - لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ، وَيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ، وَلَيْسَ الْفَجْرُ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا - وَجَمَعَ يَحْيَى كَفَّيْهِ - حَتَّى يَقُولَ هَكَذَا». وَمَدَّ يَحْيَى إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَتَيْنِ. طرفاه 621، 5298 - تحفة 9375 7248 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ بِلاَلاً يُنَادِى بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِىَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ». أطرافه 617، 620، 623، 1918، 2656 - تحفة 7218 - 108/ 9 7249 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ صَلَّى بِنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ خَمْسًا فَقِيلَ أَزِيدَ فِى الصَّلاَةِ قَالَ «وَمَا ذَاكَ». قَالُوا صَلَّيْتَ خَمْسًا. فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ. أطرافه 401، 404، 1226، 6671 - تحفة 9411

7250 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - انْصَرَفَ مِنِ اثْنَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ أَقَصُرَتِ الصَّلاَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمْ نَسِيتَ فَقَالَ «أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ». فَقَالَ النَّاسُ نَعَمْ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، ثُمَّ سَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ كَبَّرَ، فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ، ثُمَّ رَفَعَ. أطرافه 482، 714، 715، 1227، 1228، 1229، 6051 - تحفة 14449 7251 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِى صَلاَةِ الصُّبْحِ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا. وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ. أطرافه 403، 4488، 4490، 4491، 4493، 4494 - تحفة 7228 7252 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة: 144] فَوُجِّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، وَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ الْعَصْرَ، ثُمَّ خَرَجَ فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَّهُ قَدْ وُجِّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ. فَانْحَرَفُوا وَهُمْ رُكُوعٌ فِى صَلاَةِ الْعَصْرِ. أطرافه 40، 399، 4486، 4492 - تحفة 1804 7253 - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ أَسْقِى أَبَا طَلْحَةَ الأَنْصَارِىَّ وَأَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَأُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ شَرَابًا مِنْ فَضِيخٍ وَهْوَ تَمْرٌ فَجَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ. فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ يَا أَنَسُ قُمْ إِلَى هَذِهِ الْجِرَارِ فَاكْسِرْهَا، قَالَ أَنَسٌ فَقُمْتُ إِلَى مِهْرَاسٍ لَنَا فَضَرَبْتُهَا بِأَسْفَلِهِ حَتَّى انْكَسَرَتْ. أطرافه 2464، 4617، 4620، 5580، 5582، 5583، 5584، 5600، 5622 تحفة 207 - 109/ 9 7254 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ صِلَةَ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لأَهْلِ نَجْرَانَ «لأَبْعَثَنَّ إِلَيْكُمْ رَجُلاً أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ». فَاسْتَشْرَفَ لَهَا أَصْحَابُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ. أطرافه 3745، 4380، 4381 - تحفة 3350 7255 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ». طرفاه 3744، 4382 - تحفة 948 7256 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنهم - قَالَ وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِذَا غَابَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَشَهِدْتُهُ أَتَيْتُهُ بِمَا يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإِذَا غِبْتُ عَنْ

رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَشَهِدَ أَتَانِى بِمَا يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 89، 2468، 4913، 4914، 4915، 5191، 5218، 5843، 7263 تحفة 10512 7257 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ جَيْشًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا، فَأَوْقَدَ نَارًا وَقَالَ ادْخُلُوهَا. فَأَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا، وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا فَرَرْنَا مِنْهَا، فَذَكَرُوا لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا «لَوْ دَخَلُوهَا لَمْ يَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». وَقَالَ لِلآخَرِينَ «لاَ طَاعَةَ فِى مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِى الْمَعْرُوفِ». طرفاه 4340، 7145 - تحفة 10168 7258 و 7259 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَزَيْدَ بْنَ خَالِدٍ أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. حديث 7258 أطرافه 2315، 2695، 2724، 6633، 6827، 6833، 6835، 6842، 6859، 7193، 7260، 7278 - تحفة 14106 حديث 7259 أطرافه 2314، 2649، 2696، 2725، 6634، 6828، 6831، 6836، 6843، 6860، 7194، 7279 - تحفة 3755 7260 - وَحَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَعْرَابِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ لِى بِكِتَابِ اللَّهِ. فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَالَ صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، اقْضِ لَهُ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَأْذَنْ لِى. فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قُلْ». فَقَالَ إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا - وَالْعَسِيفُ الأَجِيرُ - فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأَخْبَرُونِى أَنَّ عَلَى ابْنِى الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِى أَنَّ عَلَى امْرَأَتِهِ الرَّجْمَ، وَأَنَّمَا عَلَى ابْنِى جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ. فَقَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ فَرُدُّوهَا، وَأَمَّا ابْنُكَ فَعَلَيْهِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ - لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ - فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا». فَغَدَا عَلَيْهَا أُنَيْسٌ فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا. أطرافه 2315، 2695، 2724، 6633، 6827، 6833، 6835، 6842، 6859، 7193، 7258، 7278 - تحفة 14106 - 110/ 9 دَخَلَ المصنِّفُ في بعض مسائل الأصول، فَذَكَرَ إجازةَ خبر الواحد، وقد تكلَّمنا على المسألة فيما مرَّ مبسوطًا. وحاصلُهُ: أنه يُفِيدُ القطعَ إذا احتفَّ بالقرائن، كخبر الصحيحين على الصحيح، بيد أنه يكون نظريًا. ونُسِبَ إلى أحمد: أن أخبارَ الآحاد تُفِيدُ القطعَ مطلقًا. ثم إن ما ذكَرَه المحدِّثون في تعريفات أقسام الحديث من المتواتر، وخبر الآحاد، والمشهور ليس بجيدٍ، والأحسن ما ذَكَرَهُ الحَسَامِي، كأنه روحُ الكلام ومُخُّه، فراجعه (¬1). ¬

_ (¬1) قلت: وفي تقرير الفاضل مولانا عبدالعزيز زيد بحده ما تعريبه: إن المتواتر ما عمل به في قرن الصحابة رضي الله تعالى عنهم -أي عملًا فاشيًا- والمشهور ما عمل به في قرن التابعين، وتلقى بالقبول، وإن كان يرويه صحابي واحد، وخبر الواحد مالم يظهر به العمل في القرنين، انتهى. قلت: وحاصله -على ما فهمت- أن المحدثين أخذوا بتلك الأقسام، باعتبار حال الإسناد، فنظروا إلى رواتها، وكثرتهم، وقلتهم، واما الفقهاء فنظروا إلى حال التعامل، والله تعالى أعلم بالصواب.

2 - باب بعث النبى - صلى الله عليه وسلم - الزبير طليعة وحده

2 - باب بَعْثِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الزُّبَيْرَ طَلِيعَةً وَحْدَهُ 7261 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَدَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ فَقَالَ «لِكُلِّ نَبِىٍّ حَوَارِىٌّ وَحَوَارِىِّ الزُّبَيْرُ». قَالَ سُفْيَانُ حَفِظْتُهُ مِنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ. وَقَالَ لَهُ أَيُّوبُ يَا أَبَا بَكْرٍ حَدِّثْهُمْ عَنْ جَابِرٍ، فَإِنَّ الْقَوْمَ يُعْجِبُهُمْ أَنْ تُحَدِّثَهُمْ عَنْ جَابِرٍ. فَقَالَ فِى ذَلِكَ الْمَجْلِسِ سَمِعْتُ جَابِرًا فَتَابَعَ بَيْنَ أَحَادِيثَ سَمِعْتُ جِابِرًا، قُلْتُ لِسُفْيَانَ فَإِنَّ الثَّوْرِىَّ يَقُولُ يَوْمَ قُرَيْظَةَ فَقَالَ كَذَا حَفِظْتُهُ كَمَا أَنَّكَ جَالِسٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ. قَالَ سُفْيَانُ هُوَ يَوْمٌ وَاحِدٌ. وَتَبَسَّمَ سُفْيَانُ. أطرافه 2846، 2847، 2997، 3719، 4113 - تحفة 3031 3 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 53] فَإِذَا أَذِنَ لَهُ وَاحِدٌ جَازَ. 7262 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أَبِى مُوسَى أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ حَائِطًا وَأَمَرَنِى بِحِفْظِ الْبَابِ فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ «ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ «ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَقَالَ «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». أطرافه 3674، 3693، 3695، 6216، 7097 - تحفة 9018 7263 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنهم - قَالَ جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَشْرُبَةٍ لَهُ، وَغُلاَمٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَسْوَدُ عَلَى رَأْسِ الدَّرَجَةِ فَقُلْتُ قُلْ هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَذِنَ لِى. أطرافه 89، 2468، 4913، 4914، 4915، 5191، 5218، 5843، 7256 تحفة 10512 - 111/ 9 4 - باب مَا كَانَ يَبْعَثُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الأُمَرَاءِ وَالرُّسُلِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - دِحْيَةَ الْكَلْبِىَّ بِكِتَابِهِ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى: أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ. 7264 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى، فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ، يَدْفَعُهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ كِسْرَى مَزَّقَهُ، فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ. أطرافه 64، 2939، 4424 - تحفة 5845، 18728 7265 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ

5 - باب وصاة النبى - صلى الله عليه وسلم - وفود العرب أن يبلغوا من وراءهم

الأَكْوَعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ «أَذِّنْ فِى قَوْمِكَ - أَوْ فِى النَّاسِ - يَوْمَ عَاشُورَاءَ أَنَّ مَنْ أَكَلَ فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ». طرفاه 1924، 2007 - تحفة 4538 5 - باب وَصَاةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وُفُودَ الْعَرَبِ أَنْ يُبَلِّغُوا مَنْ وَرَاءَهُمْ قَالَهُ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ. 7266 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ. وَحَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ قَالَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُقْعِدُنِى عَلَى سَرِيرِهِ فَقَالَ إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنِ الْوَفْدُ». قَالُوا رَبِيعَةُ. قَالَ «مَرْحَبًا بِالْوَفْدِ وَالْقَوْمِ، غَيْرَ خَزَايَا وَلاَ نَدَامَى». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارَ مُضَرَ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ، وَنُخْبِرُ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا فَسَأَلُوا عَنِ الأَشْرِبَةِ، فَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ وَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ أَمَرَهُمْ بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ قَالَ «هَلْ تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ - وَأَظُنُّ فِيهِ - صِيَامُ رَمَضَانَ، وَتُؤْتُوا مِنَ الْمَغَانِمِ الْخُمُسَ». وَنَهَاهُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالْمُزَفَّتِ، وَالنَّقِيرِ، وَرُبَّمَا قَالَ الْمُقَيَّرِ. قَالَ «احْفَظُوهُنَّ، وَأَبْلِغُوهُنَّ مَنْ وَرَاءَكُمْ». أطرافه 53، 87، 523، 1398، 3095، 3510، 4368، 4369، 6176، 7556 تحفة 6524 - 112/ 9 قوله: ({كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ}) ولا أرى اللغويين أن يجوِّزوا صدقَ لفظ الطائفة على فردٍ واحدٍ، فلا يستقيمُ تمسُّكه منه. وللمصنِّف أن يَجْعَلَهُ صادقًا على الواحد أيضًا، كما في قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9]، فإن الواحدَ من الجانبين أيضًا داخلٌ في سياق الآية. قوله: (فإن سَهَا أَحَدٌ مِنْهُم، رُدَّ إلى السُّنَّةِ)، أي إن أَخْطَأَ أحدُهم، فَدُلُّوه إلى الصواب. 6 - باب خَبَرِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ 7267 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ تَوْبَةَ الْعَنْبَرِىِّ قَالَ قَالَ لِى الشَّعْبِىُّ أَرَأَيْتَ حَدِيثَ الْحَسَنِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَاعَدْتُ ابْنَ عُمَرَ قَرِيبًا مِنْ سَنَتَيْنِ أَوْ سَنَةٍ وَنِصْفٍ فَلَمْ أَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرَ هَذَا قَالَ كَانَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِمْ سَعْدٌ فَذَهَبُوا يَأْكُلُونَ مِنْ لَحْمٍ، فَنَادَتْهُمُ امْرَأَةٌ مِنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّهُ لَحْمُ ضَبٍّ فَأَمْسَكُوا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُوا - أَوِ اطْعَمُوا - فَإِنَّهُ حَلاَلٌ - أَوْ قَالَ لاَ بَأْسَ بِهِ. شَكَّ فِيهِ - وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِى». تحفة 7111

7267 - قوله: (قال: قال لي الشَّعْبِيُّ: أَرَأَيْتَ حَدِيثَ الحَسَنِ - أي البصريّ - عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم؟، يعني يتعجَّبُ منه أنه يُكْثِرُ الأحاديثَ، مع أنه تابعيٌّ لم يَلْقَ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم فأحاديثُه مراسيلُ. 7267 - قوله: (وقَاعَدْتُ ابْنَ عُمَرَ قَرِيبًا من سَنَتَيْنِ) ... إلخ. وذَكَرْتُ في «نيل الفرقدين»: أن الشعبيَّ مع طول ملازمته بابن عمر إلى سنتين، ما بالُه لم يَرَهُ يَرْفَعُ يديه. فراجع تفصيله من «نيل الفرقدين». ***

97 - كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 97 - كتاب الاعْتِصَامِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّة 7268 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مِسْعَرٍ وَغَيْرِهِ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ لِعُمَرَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ أَنَّ عَلَيْنَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا. فَقَالَ عُمَرُ إِنِّى لأَعْلَمُ أَىَّ يَوْمٍ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، نَزَلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ فِى يَوْمِ جُمُعَةٍ. سَمِعَ سُفْيَانُ مِنْ مِسْعَرٍ وَمِسْعَرٌ قَيْسًا وَقَيْسٌ طَارِقًا. أطرافه 45، 4407، 4606 - تحفة 10468 7269 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ الْغَدَ حِينَ بَايَعَ الْمُسْلِمُونَ أَبَا بَكْرٍ، وَاسْتَوَى عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَشَهَّدَ قَبْلَ أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ أَمَّا بَعْدُ فَاخْتَارَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - الَّذِى عِنْدَهُ عَلَى الَّذِى عِنْدَكُمْ، وَهَذَا الْكِتَابُ الَّذِى هَدَى اللَّهُ بِهِ رَسُولَكُمْ فَخُذُوا بِهِ تَهْتَدُوا وَإِنَّمَا هَدَى اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ. طرفه 7219 - تحفة 10412 - 113/ 9 7270 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ضَمَّنِى إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ». أطرافه 75، 143، 3756 - تحفة 6049 7271 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ عَوْفًا أَنَّ أَبَا الْمِنْهَالِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَرْزَةَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يُغْنِيكُمْ أَوْ نَغَشَكُمْ بِالإِسْلاَمِ وَبِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 7112 - تحفة 11608 قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَعَ هُنَا يُغْنِيكُمْ وإِنَّما هو نَعَشَكُمْ. يُنْظَر في أَصْل كتاب الاعتصام. 7272 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يُبَايِعُهُ، وَأُقِرُّ لَكَ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، فِيمَا اسْتَطَعْتُ. طرفاه 7203، 7205 - تحفة 7245 أي في حُجِّيَّتِهِمَا. ولعلَّ المصنِّفَ لا يَعْمَلُ بالقياس مطلقًا، ولذا لم يتعرَّض إلى إثبات حُجِّيَّتِهِ، بل بوَّب على خلافه كما يَظْهَرُ من تبويبه بباب ما يُذْكَرُ مِنْ ذَمِّ الرَّأي

1 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم -: «بعثت بجوامع الكلم»

وتَكَلُّفِ القِيَاسِ، وقوله في الباب بعده: ممَّا عَلَّمَه اللهُ، لَيْسَ برأي ولا تمثيلٍ. فَأَطْلَقَ في ذمِّ القياس، ولم يُوم إِلى تفصيلٍ بين قياسٍ وقياس. ولذا أَقُولُ: إنه يُنْكِرُهُ مطلقًا. ولمَّا كان الشَّارِحُون مُتَمَذْهِبينَ بمذاهب الأئمة الأربعة، وفيها العملُ بالقياس، قالوا: إن المصنِّفَ إنَّما ذَمَّ الفاسدَ منه لا مطلقًا. قلتُ: أمَّا حُجِّية القياس، فكما ذكرتم، وأمَّا كون البخاريِّ أيضًا ذَهَبَ إليه، فلا أَفْهَمُهُ من كلامه. وإنما السبيلُ أن يُدْرَكَ مراد المتكلِّم أولًا على وجهٍ أَرَادَهُ، لا تأويله من الرأس، فإنه ربما يَعُودُ توجيهًا للقول بما لا يَرْضَى به قائله. فالذي يَظْهَرُ لي أن مذهبَهُ فيه كالظاهريِّ، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال. فإن قلتَ: إنه كيف يُنْكِرُ القياسَ، مع وفور الأقيسة منه في كتابه؟ قلتُ: ولعلّه لا يسمِّيه قياسًا، ولا يَعْمَلُ به، ولكن يَعْمَلُ بتنقيح المناط. ومحصَّل الفرق بينهما: أن النصَّ إذا وَرَدَ بموردٍ يَنْظُرُ فيه المجتهدُ، فيميِّز بين الأوصاف المؤثِّرة وغيرها، فإذا نقَّحها يَعُمُّ النصُّ لا محالة عن مورد النصِّ، ويَدُورُ حكمُهُ على تلك الأوصاف أينما وُجِدَت. وحينئذٍ متى ما يتحقَّق المناط الذي حقَّقه، يتحقَّق الحكمُ المنصوصُ أيضًا. فالنظرُ فيه أولًا يكون في النصِّ، وثانيًا في الجزئيات الخارجية، ثم حكمُها لا يُتَلَقَّى من جهة قياسها على أصلٍ، بل من تحقُّق ذلك المناط فيها. بخلاف القياس، فإنَّه لا نَظَرَ فيه أولًا إلى النصِّ، بل النظرُ أولًا في الجزئيات، فإذا طَلَبَ لها المجتهدُ حكمًا، نَظَرَ إلى النصوص لِيُلْحِقَهَا بأقربها، فإذا صادق نصًّا علَّله، وبالتعليل يَعُمُّ لا محالة. وحينئذٍ يَسُوغ له أن يَأخُذَ حكم تلك الجزئيات من ذلك النصِّ. فالنظرُ فيهما بين النصوص والجزئيات متعاكسٌ. وهذا، وإن اتَّحدا في المآل، ولكنهما عَمَلاَن مُتَغَايِرَان يَتَفَاوَتَان قوةً وضعفًا. وقد أَجَادَ الغزاليُّ في إثبات حُجِّية القياس، فراجعه من «مستصفاه». قلتُ: إن أكثر الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا يَعْمَلُون بالقياس الجليِّ، ولا أراهم يتأخَّرُونَ عنه، حتَّى قال ابنُ جرير الطبري: إن إنكارَه بدعةٌ، وقد ذكرنا الاستدلالَ على حُجِّيته آنفًا بالنصِّ. 1 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ» 7273 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ، فَوُضِعَتْ فِى يَدِى». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَدْ ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنْتُمْ تَلْغَثُونَهَا أَوْ تَرْغَثُونَهَا، أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا. أطرافه 2977، 6998، 7013 - تحفة 13106

2 - باب الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

7274 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِىٌّ إِلاَّ أُعْطِىَ مِنَ الآيَاتِ مَا مِثْلُهُ أُومِنَ - أَوْ آمَنَ - عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِى أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَىَّ، فَأَرْجُو أَنِّى أَكْثَرُهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفه 4981 - تحفة 14313 2 - باب الاِقْتِدَاءِ بِسُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74]، قَالَ: أَئِمَّةً نَقْتَدِي بِمَنْ قَبْلَنَا، وَيَقْتَدِي بِنَا مَنْ بَعْدَنَا. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: ثَلاَثٌ أُحِبُّهُنَّ لِنَفْسِي وَلإِخْوَانِي: هَذِهِ السُّنَّةُ أَنْ يَتَعَلَّمُوهَا وَيَسْأَلُوا عَنْهَا، وَالْقُرْآنُ أَنْ يَتَفَهَّمُوهُ وَيَسْأَلُوا عَنْهُ، وَيَدَعُوا النَّاسَ إِلاَّ مِنْ خَيْرٍ. 7275 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ وَاصِلٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ جَلَسْتُ إِلَى شَيْبَةَ فِى هَذَا الْمَسْجِدِ قَالَ جَلَسَ إِلَىَّ عُمَرُ فِى مَجْلِسِكَ هَذَا فَقَالَ هَمَمْتُ أَنْ لاَ أَدَعَ فِيهَا صَفْرَاءَ وَلاَ بَيْضَاءَ إِلاَّ قَسَمْتُهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. قُلْتُ مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ. قَالَ لِمَ. قُلْتُ لَمْ يَفْعَلْهُ صَاحِبَاكَ قَالَ هُمَا الْمَرْآنِ يُقْتَدَى بِهِمَا. طرفه 1594 - تحفة 4849، 10465 - 114/ 9 7276 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَأَلْتُ الأَعْمَشَ فَقَالَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ يَقُولُ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ فِى جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ فَقَرَءُوا الْقُرْآنَ وَعَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ». طرفاه 6497، 7086 - تحفة 3328 7277 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ سَمِعْتُ مُرَّةَ الْهَمْدَانِىَّ يَقُولُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْىِ هَدْىُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَ {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (134)} [الأنعام: 134]. طرفه 6098 - تحفة 9551 7278 و 7279 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالاَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ». حديث 7278 أطرافه 2315، 2695، 2724، 6633، 6827، 6833، 6835، 6842، 6859، 7193، 7258، 7260 - تحفة 14106 حديث 7279 أطرافه 2314، 2649، 2696، 2725، 6634، 6828، 6831، 6836، 6843، 6860، 7194، 7259 - تحفة 3755 7280 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا هِلاَلُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كُلُّ أُمَّتِى يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، إِلاَّ مَنْ أَبَى». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى قَالَ «مَنْ أَطَاعَنِى دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِى فَقَدْ أَبَى». تحفة 14237 7281 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَادَةَ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ - وَأَثْنَى عَلَيْهِ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ حَدَّثَنَا أَوْ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ جَاءَتْ مَلاَئِكَةٌ إِلَى

النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ نَائِمٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ. فَقَالُوا إِنَّ لِصَاحِبِكُمْ هَذَا مَثَلاً فَاضْرِبُوا لَهُ مَثَلاً. فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ. فَقَالُوا مَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا، وَجَعَلَ فِيهَا مَأْدُبَةً وَبَعَثَ دَاعِيًا، فَمَنْ أَجَابَ الدَّاعِىَ دَخَلَ الدَّارَ وَأَكَلَ مِنَ الْمَأْدُبَةِ، وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّاعِىَ لَمْ يَدْخُلِ الدَّارَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنَ الْمَأْدُبَةِ. فَقَالُوا أَوِّلُوهَا لَهُ يَفْقَهْهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ. فَقَالُوا فَالدَّارُ الْجَنَّةُ، وَالدَّاعِى مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - فَمَنْ أَطَاعَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَى مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - فَرْقٌ بَيْنَ النَّاسِ. تَابَعَهُ قُتَيْبَةُ عَنْ لَيْثٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ عَنْ جَابِرٍ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 2264 - 115/ 9 7282 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ اسْتَقِيمُوا فَقَدْ سُبِقْتُمْ سَبْقًا بَعِيدًا فَإِنْ أَخَذْتُمْ يَمِينًا وَشِمَالاً، لَقَدْ ضَلَلْتُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا. تحفة 3387 7283 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا مَثَلِى وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِى اللَّهُ بِهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَالَ يَا قَوْمِ إِنِّى رَأَيْتُ الْجَيْشَ بِعَيْنَىَّ، وَإِنِّى أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ فَالنَّجَاءَ. فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ قَوْمِهِ فَأَدْلَجُوا، فَانْطَلَقُوا عَلَى مَهَلِهِمْ فَنَجَوْا، وَكَذَّبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فَأَصْبَحُوا مَكَانَهُمْ، فَصَبَّحَهُمُ الْجَيْشُ، فَأَهْلَكَهُمْ وَاجْتَاحَهُمْ، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ أَطَاعَنِى، فَاتَّبَعَ مَا جِئْتُ بِهِ، وَمَثَلُ مَنْ عَصَانِى وَكَذَّبَ بِمَا جِئْتُ بِهِ مِنَ الْحَقِّ». تحفة 9065 7284، 7285 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ قَالَ عُمَرُ لأَبِى بَكْرٍ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَمَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. عَصَمَ مِنِّى مَالَهُ وَنَفْسَهُ، إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ». فَقَالَ وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِى عِقَالاً كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ. فَقَالَ عُمَرُ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِى بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ. قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ عَنِ اللَّيْثِ عَنَاقًا. وَهْوَ أَصَحُّ. أطرافه 1399، 1457، 6924 تحفة 10666، 14118 7286 - حَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ

3 - باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه

الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ، وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجْلِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولاً كَانُوا أَوْ شُبَّانًا فَقَالَ عُيَيْنَةُ لاِبْنِ أَخِيهِ يَا ابْنَ أَخِى هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأَمِيرِ فَتَسْتَأْذِنَ لِى عَلَيْهِ قَالَ سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَاسْتَأْذَنَ لِعُيَيْنَةَ فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ، وَمَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ. فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ بِأَنْ يَقَعَ بِهِ فَقَالَ الْحُرُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)} [الأعراف: 199] وَإِنَّ هَذَا مِنَ الْجَاهِلِينَ. فَوَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلاَهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ. طرفه 4642 - تحفة 5852، 10511 7287 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهَا قَالَتْ أَتَيْتُ عَائِشَةَ حِينَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ، وَالنَّاسُ قِيَامٌ وَهْىَ قَائِمَةٌ تُصَلِّى فَقُلْتُ مَا لِلنَّاسِ فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا نَحْوَ السَّمَاءِ فَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ. فَقُلْتُ آيَةٌ. قَالَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ نَعَمْ. فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «مَا مِنْ شَىْءٍ لَمْ أَرَهُ إِلاَّ وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِى مَقَامِى، حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَأُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِى الْقُبُورِ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ - أَوِ الْمُسْلِمُ لاَ أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ فَأَجَبْنَا وَآمَنَّا. فَيُقَالُ نَمْ صَالِحًا عَلِمْنَا أَنَّكَ مُوقِنٌ. وَأَمَّا الْمُنَافِقُ - أَوِ الْمُرْتَابُ لاَ أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ لاَ أَدْرِى سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ». أطرافه 86، 184، 922، 1053، 1054، 1061، 1235، 1373، 2519، 2520 تحفة 15750 7288 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «دَعُونِى مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَىْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ». تحفة 13850 - 117/ 9 7282 - قوله: (يا مَعْشَرَ القُرَّاءِ) ... إلخ، أي يا من لهم الاشتغالُ بالقرآن استقيموا، فإن كثيرًا من الناس قد سَبَقُوكم، فلو أَخَذْتُم عن يمين الصراط السويِّ وشماله ... إلخ. 3 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ وَتَكَلُّفِ مَا لاَ يَعْنِيهِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] 7289 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَىْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ، فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ». تحفة 3892 7290 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ

سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ يُحَدِّثُ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اتَّخَذَ حُجْرَةً فِى الْمَسْجِدِ مِنْ حَصِيرٍ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا لَيَالِىَ، حَتَّى اجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ، ثُمَّ فَقَدُوا صَوْتَهُ لَيْلَةً فَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ نَامَ، فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَتَنَحْنَحُ لِيَخْرُجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ «مَا زَالَ بِكُمُ الَّذِى رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ، حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ، وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ مَا قُمْتُمْ بِهِ فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِى بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلاَةِ الْمَرْءِ فِى بَيْتِهِ، إِلاَّ الصَّلاَةَ الْمَكْتُوبَةَ». طرفاه 731، 6113 - تحفة 3698 7291 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا، فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ غَضِبَ وَقَالَ «سَلُونِى». فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبِى قَالَ «أَبُوكَ حُذَافَةُ». ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبِى فَقَالَ «أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شَيْبَةَ». فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا بِوَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْغَضَبِ قَالَ إِنَّا نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. طرفه 92 - تحفة 9052 7292 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ قَالَ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ اكْتُبْ إِلَىَّ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ فِى دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِىَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ». وَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ، وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقُوقِ الأُمَّهَاتِ وَوَأْدِ الْبَنَاتِ وَمَنْعٍ وَهَاتِ. أطرافه 844، 1477، 2408، 5975، 6330، 6473، 6615 - تحفة 11535 - 118/ 9 7293 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ. تحفة 10413 7294 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَحَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه. أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَذَكَرَ السَّاعَةَ، وَذَكَرَ أَنَّ بَيْنَ يَدَيْهَا أُمُورًا عِظَامًا ثُمَّ قَالَ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَىْءٍ فَلْيَسْأَلْ عَنْهُ، فَوَاللَّهِ لاَ تَسْأَلُونِى عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ، مَا دُمْتُ فِى مَقَامِى هَذَا». قَالَ أَنَسٌ فَأَكْثَرَ النَّاسُ الْبُكَاءَ، وَأَكْثَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَقُولَ «سَلُونِى». فَقَالَ أَنَسٌ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ أَيْنَ مَدْخَلِى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «النَّارُ». فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ فَقَالَ مَنْ أَبِى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «أَبُوكَ حُذَافَةُ». قَالَ ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ «سَلُونِى سَلُونِى». فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - رَسُولاً. قَالَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَالَ عُمَرُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَقَدْ

عُرِضَتْ عَلَىَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِى عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ وَأَنَا أُصَلِّى، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ». أطرافه 93، 540، 749، 4621، 6362، 6468، 6486، 7089، 7090، 7091، 7295 - تحفة 1493، 1538 7295 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ أَنَسٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا نَبِىَّ اللَّهِ مَنْ أَبِى قَالَ «أَبُوكَ فُلاَنٌ». وَنَزَلَتْ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ} الآية [المائدة: 101] الآيَةَ. أطرافه 93، 540، 749، 4621، 6362، 6468، 6486، 7089، 7090، 7091، 7294 - تحفة 1608 - 119/ 9 7296 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَنْ يَبْرَحَ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يَقُولُوا هَذَا اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ». تحفة 973 7297 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَرْثٍ بِالْمَدِينَةِ، وَهْوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ، فَمَرَّ بِنَفَرٍ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ تَسْأَلُوهُ لاَ يُسْمِعْكُمْ مَا تَكْرَهُونَ. فَقَامُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا يَا أَبَا الْقَاسِمِ حَدِّثْنَا عَنِ الرُّوحِ. فَقَامَ سَاعَةً يَنْظُرُ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَتَأَخَّرْتُ عَنْهُ حَتَّى صَعِدَ الْوَحْىُ، ثُمَّ قَالَ {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: 85]. أطرافه 125، 4721، 7456، 7462 - تحفة 9419 7294 - قوله: (لقد عُرِضَتْ عليَّ الجَنَّةُ) ... إلخ. ومرَّ من قبل لفظ: صُوِّرَت، ومُثِّلت، وبينهما فرقٌ. فإنَّ التصويرَ والتمثيلَ يَدُلُّ على اقتراب الجنة بنحوٍ، ويَصِحُّ لفظ العرض فيما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم رآها وهي بمكانها برفع حُجُبٍ، أو غيره. 7296 - قوله: (لن يَبْرَحَ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ) ... إلخ. أي لا يَزَالُون يَقِيسُون المخلوقَ على مخلوقٍ آخر، حتَّى يَقِسُون الخالقَ أيضًا على المخلوق، فيقولون: من خَلَقَ الله، وهو باطلٌ. فإن الأمرَ إذا وَصَلَ إلى ما بالذات انتهى. وفيه دليلٌ على استحالة تسلسل العِلَل. 7297 - قوله: ({قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: 85]) وهي ما لم تتصل بالجسم، ولم تتلوَّث بالألواث البشرية، تسمَّى روحًا، فإذا اتَّصلت بها سُمِّيت نفسًا ونَسَمَةً، وحينئذٍ تتغيَّر بعضُ صفاتها أيضًا. وقد وَرَدَ إطلاقُ المولود على النَّسَمَةِ دون الروح، وقد ذَكَرْنَا الفرقَ بينهما من قبل. ثم التنقيحُ، وإن ساوى القياسَ في المآل، لكنهما أَمْرَان مُتَغَايِرَان. فإنَّ المجتهدَ في التنقيح يفرِّقُ بين الأوصاف الدخيلة في الحكم وغيرها من غير التفاتٍ منه إلى الخارج، فإذا تقرَّر المناطُ عنده عَمَّ حكمُ النصِّ، وحينئذٍ فيجريه إلى الجزئيات. بخلاف القياس، فإنه يَحْتَاجُ إلى التعليل بعد التفاته إلى الجزئيات، فإنَّ إلحاقها بنصَ

4 - باب الاقتداء بأفعال النبى - صلى الله عليه وسلم -

يحتاج إلى تجريد النصِّ عن خصوصيات المورد، لِيَعُمَّ حكمُه، فإذا نَظَرَ في علَّة الحكم عَمَّ حكمُهُ، لكنه من خارج. فكأنَّ الحاكمَ في التنقيح هو النصُّ، والحاكمَ في القياس هو الإِلحاقُ، فإن التعليلَ لأجل الإِلحاق لا غير. ومن ههنا ظَهَرَ السِّرُّ في كون التنقيح أقوى. ثم اعلم أن اللَّهَ سبحانه ذَمَّ الظَّنَّ لمعنًى آخر، وهو أن الظَّنَّ المذمومَ هو إيجادُ الشيء من جانبه بدون نظرٍ في الخارج. والعلمُ هو ما يُتَلَقَّى من الخارج، فإِذا تفحَّصت عن الواقع، ثم عَلِمْتَ أنه على تلك الصفة مثلًا، فذلك هو العلمُ. وأمَّا إذا جَلَسْتَ على أَرِيكَتِكَ مطمئنًا، ولم تُتْعِبْ نفسك، ثم جعلتَ تَحْكي عن الواقع تخمينًا لا غير، فذلك هو الظَّنُّ المذمومُ. وإلَّا فأكثرُ علومنا من قبيل الظنون لا غير. 4 - باب الاِقْتِدَاءِ بِأَفْعَالِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - 7298 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ اتَّخَذَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَاتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى اتَّخَذْتُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ». فَنَبَذَهُ وَقَالَ «إِنِّى لَنْ أَلْبَسَهُ أَبَدًا» فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ. أطرافه 5865، 5866، 5867، 5873، 5876، 6651 - تحفة 7161 دَخَلَ في بيان حكم أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلّم بعد الفراغ عن بيان حكم أقواله عليه الصَّلاة والسَّلام. والغُلُوُّ في البِدَع: بأن يُحْرَمَ عن العمل بالسُّنَّةِ، فجعل يَخْتَرِعُ البِدَعَ لِيَعْمَلَ بها. 5 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّعَمُّقِ وَالتَّنَازُعِ فِى الْعِلْمِ، وَالْغُلُوِّ فِى الدِّينِ وَالْبِدَعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [النساء: 171] 7299 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُوَاصِلُوا». قَالُوا إِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ «إِنِّى لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّى أَبِيتُ يُطْعِمُنِى رَبِّى وَيَسْقِينِى». فَلَمْ يَنْتَهُوا عَنِ الْوِصَالِ - قَالَ - فَوَاصَلَ بِهِمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَيْنِ أَوْ لَيْلَتَيْنِ، ثُمَّ رَأَوُا الْهِلاَلَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ تَأَخَّرَ الْهِلاَلُ لَزِدْتُكُمْ». كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ. أطرافه 1965، 1966، 6851، 7242 - تحفة 15281 7300 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِىُّ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ خَطَبَنَا عَلِىٌّ - رضى الله عنه - عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ آجُرٍّ، وَعَلَيْهِ

سَيْفٌ فِيهِ صَحِيفَةٌ مُعَلَّقَةٌ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا مِنْ كِتَابٍ يُقْرَأُ إِلاَّ كِتَابُ اللَّهِ وَمَا فِى هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. فَنَشَرَهَا فَإِذَا فِيهَا أَسْنَانُ الإِبِلِ وَإِذَا فِيهَا «الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ عَيْرٍ إِلَى كَذَا، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً». وَإِذَا فِيهِ «ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً». وَإِذَا فِيهَا «مَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً». أطرافه 111، 1870، 3047، 3172، 3179، 6755، 6903، 6915 تحفة 10317 - 120/ 9 7301 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِىَ الله عنها - صَنَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا تَرَخَّصَ وَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنِ الشَّىْءِ أَصْنَعُهُ، فَوَاللَّهِ إِنِّى أَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ، وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً». طرفه 6101 - تحفة 17640 7302 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ كَادَ الْخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلِكَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ لَمَّا قَدِمَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَفْدُ بَنِى تَمِيمٍ، أَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِىِّ أَخِى بَنِى مُجَاشِعٍ، وَأَشَارَ الآخَرُ بِغَيْرِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ إِنَّمَا أَرَدْتَ خِلاَفِى. فَقَالَ عُمَرُ مَا أَرَدْتُ خِلاَفَكَ. فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَزَلَتْ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} إِلَى قَوْلِهِ {عَظِيمٌ} [الحجرات: 3] [الحجرات: 2] قَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَكَانَ عُمَرُ بَعْدُ - وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ يَعْنِى أَبَا بَكْرٍ - إِذَا حَدَّثَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِحَدِيثٍ حَدَّثَهُ كَأَخِى السِّرَارِ، لَمْ يُسْمِعْهُ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ. أطرافه 4367، 4845، 4847 - تحفة 5269 7303 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِى مَرَضِهِ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّى بِالنَّاسِ». قَالَتْ عَائِشَةُ قُلْتُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِى مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ. فَقَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ». فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ قُولِى إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِى مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّكُنَّ لأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ». قَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ مَا كُنْتُ لأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا. أطرافه 198، 664، 665، 679، 683، 687، 712، 713، 716، 2588، 3099، 3384، 4442، 4445، 5714 - تحفة 17153 - 121/ 9 7304 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ جَاءَ عُوَيْمِرٌ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِىٍّ فَقَالَ أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً فَيَقْتُلُهُ، أَتَقْتُلُونَهُ بِهِ سَلْ لِى يَا عَاصِمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ فَكَرِهَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَسَائِلَ وَعَابَ، فَرَجَعَ عَاصِمٌ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَرِهَ الْمَسَائِلَ فَقَالَ عُوَيْمِرٌ وَاللَّهِ

لآتِيَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَجَاءَ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْقُرْآنَ خَلْفَ عَاصِمٍ فَقَالَ لَهُ «قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكُمْ قُرْآنًا». فَدَعَا بِهِمَا فَتَقَدَّمَا فَتَلاَعَنَا، ثُمَّ قَالَ عُوَيْمِرٌ كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ أَمْسَكْتُهَا. فَفَارَقَهَا وَلَمْ يَأْمُرْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِفِرَاقِهَا، فَجَرَتِ السُّنَّةُ فِى الْمُتَلاَعِنَيْنِ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «انْظُرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ قَصِيرًا مِثْلَ وَحَرَةٍ فَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ قَدْ كَذَبَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ أَعْيَنَ ذَا أَلْيَتَيْنِ فَلاَ أَحْسِبُ إِلاَّ قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا». فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى الأَمْرِ الْمَكْرُوهِ. أطرافه 423، 4745، 4746، 5259، 5308، 5309، 6854، 7165، 7166 تحفة 4805 7305 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ النَّصْرِىُّ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ذَكَرَ لِى ذِكْرًا مِنْ ذَلِكَ فَدَخَلْتُ عَلَى مَالِكٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ انْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ أَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا فَقَالَ هَلْ لَكَ فِى عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ يَسْتَأْذِنُونَ. قَالَ نَعَمْ. فَدَخَلُوا فَسَلَّمُوا وَجَلَسُوا. فَقَالَ هَلْ لَكَ فِى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ. فَأَذِنَ لَهُمَا. قَالَ الْعَبَّاسُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِى وَبَيْنَ الظَّالِمِ. اسْتَبَّا. فَقَالَ الرَّهْطُ عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ. فَقَالَ اتَّئِدُوا أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ». يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَفْسَهُ. قَالَ الرَّهْطُ قَدْ قَالَ ذَلِكَ. فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ذَلِكَ. قَالاَ نَعَمْ. قَالَ عُمَرُ فَإِنِّى مُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - فِى هَذَا الْمَالِ بِشَىْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ} [الحشر: 6] الآيَةَ، فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ وَلاَ اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ، وَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ، حَتَّى بَقِىَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِىَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَعَمِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِذَلِكَ حَيَاتَهُ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ فَقَالُوا نَعَمْ. ثُمَّ قَالَ لِعَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ أَنْشُدُكُمَا اللَّهَ هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ قَالاَ نَعَمْ. ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا وَلِىُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَبَضَهَا أَبُو بَكْرٍ فَعَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَنْتُمَا حِينَئِذٍ - وَأَقْبَلَ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ - تَزْعُمَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ فِيهَا كَذَا، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ فِيهَا صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ أَنَا وَلِىُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ. فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جِئْتُمَانِى وَكَلِمَتُكُمَا عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ، جِئْتَنِى تَسْأَلُنِى نَصِيبَكَ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، وَأَتَانِى هَذَا يَسْأَلُنِى نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا فَقُلْتُ إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا، عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ تَعْمَلاَنِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِمَا عَمِلَ فِيهَا

6 - باب إثم من آوى محدثا

أَبُو بَكْرٍ وَبِمَا عَمِلْتُ فِيهَا مُنْذُ وَلِيتُهَا، وَإِلاَّ فَلاَ تُكَلِّمَانِى فِيهَا. فَقُلْتُمَا ادْفَعْهَا إِلَيْنَا بِذَلِكَ. فَدَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ قَالَ الرَّهْطُ نَعَمْ. فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ. قَالاَ نَعَمْ. قَالَ أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّى قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ فَوَالَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ أَقْضِى فِيهَا قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا إِلَىَّ، فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهَا. أطرافه 2904، 3094، 4033، 4885، 5357، 5358، 6728 تحفة 10632، 3644، 10633، 6611، 5136، 5135، 3914، 9834، 3915، 10258 ل، 9724 ل - 123/ 9 6 - باب إِثْمِ مَنْ آوَى مُحْدِثًا رَوَاهُ عَلِيٌّ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 7306 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ قُلْتُ لأَنَسٍ أَحَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ. قَالَ نَعَمْ مَا بَيْنَ كَذَا إِلَى كَذَا، لاَ يُقْطَعُ شَجَرُهَا، مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. قَالَ عَاصِمٌ فَأَخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ أَوْ آوَى مُحْدِثًا. طرفه 1867 - تحفة 932، 1613 أ 7300 - قوله: (ذِمَّةُ المُسْلِمينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بها أَذْنَاهُمْ)، وهو حالُ صلاة الجماعة عندنا، فيتحمَّلُ الإِمامُ عن قراءة الجميع، حتى تكونَ قراءتُهم واحدةً. 7302 - قوله: (قال: كَادَ الخَيِّرَانِ أن يَهْلِكَا)، يريد أبا بكرٍ، وعمر. قوله: (كأخي السِّرَار)، وهو عندي بمعنى الصاحب، أي: "سر كوشى والا". 7304 - قوله: (ولم يَأْمُرْهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بِفِرَاقِهَا) وأَخْطَأَ هذا الراوي، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قد كان أَمَرَهُ بفراقها، كما مرَّ مِرَارًا. أو يُقَالُ معناه: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يَأْمُرْهُ أن يطلِّقَهَا، ولكنَّه طلَّقها هو من عند نفسه. 7305 - قوله: (قَالَ العَبَّاسُ: يا أميرَ المؤمنين اقْضِي بيني وبين الظَّالِمِ، اسْتَبَّا) وترجمة السِّبَاب: "برا بهلا كهنا". ومثلُه يسعُ للعبَّاس، فإن له كان قرابةً وسنًا، وإن كان الأفضلُ عليًا، فإن القرابةَ والسِّنَّ مُرَخِّصٌ لمثل هذه الأمور. 7 - باب مَا يُذْكَرُ مِنْ ذَمِّ الرَّأْىِ وَتَكَلُّفِ الْقِيَاسِ {وَلَا تَقْفُ}: لاَ تَقُلْ {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36]. 7307 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ حَجَّ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْزِعُ الْعِلْمَ بَعْدَ أَنْ أَعْطَاهُمُوهُ انْتِزَاعًا، وَلَكِنْ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُمْ مَعَ قَبْضِ الْعُلَمَاءِ بِعِلْمِهِمْ، فَيَبْقَى نَاسٌ جُهَّالٌ يُسْتَفْتَوْنَ فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ، فَيُضِلُّونَ

8 - باب ما كان النبى - صلى الله عليه وسلم - يسأل مما لم ينزل عليه الوحى، فيقول: «لا أدرى». أو لم يجب حتى ينزل عليه الوحى، ولم يقل برأى ولا بقياس

وَيَضِلُّونَ». فَحَدَّثْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو حَجَّ بَعْدُ فَقَالَتْ يَا ابْنَ أُخْتِى انْطَلِقْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فَاسْتَثْبِتْ لِى مِنْهُ الَّذِى حَدَّثْتَنِى عَنْهُ. فَجِئْتُهُ فَسَأَلْتُهُ فَحَدَّثَنِى بِهِ كَنَحْوِ مَا حَدَّثَنِى، فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ فَأَخْبَرْتُهَا فَعَجِبَتْ فَقَالَتْ وَاللَّهِ لَقَدْ حَفِظَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو. طرفه 100 - تحفة 8883 7308 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ سَمِعْتُ الأَعْمَشَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا وَائِلٍ هَلْ شَهِدْتَ صِفِّينَ قَالَ نَعَمْ. فَسَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ يَقُولُ ح وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ قَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، لَقَدْ رَأَيْتُنِى يَوْمَ أَبِى جَنْدَلٍ وَلَوْ أَسْتَطِيعُ أَنَّ أَرُدَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَرَدَدْتُهُ، وَمَا وَضَعْنَا سُيُوفَنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا إِلَى أَمْرٍ يُفْظِعُنَا إِلاَّ أَسْهَلْنَ بِنَا إِلَى أَمْرٍ نَعْرِفُهُ غَيْرَ هَذَا الأَمْرِ. قَالَ وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ شَهِدْتُ صِفِّينَ وَبِئْسَتْ صِفُّونَ. أطرافه 3181، 3182، 4189، 4844 - تحفة 4661 - 124/ 9 وقد مرَّ منِّي أنه مِنْكِرٌ للقياس مطلقًا، وهو حقُّ ألفاظه، وتراجمه. والشَّارِحُون حَمَلُوا كلامه على مختاراتهم. والذي ينبغي أن يُعْطَى أولًا حقُّ كلام المتكلِّم لِيَظْهَرَ مراده. فالمصنِّفُ عَمِلَ في كتابه بالتنقيح، وعَدَلَ عن القياس. 8 - باب مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُسْأَلُ مِمَّا لَمْ يُنْزَلْ عَلَيْهِ الْوَحْىُ، فَيَقُولُ: «لاَ أَدْرِى». أَوْ لَمْ يُجِبْ حَتَّى يُنْزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْىُ، وَلَمْ يَقُلْ بِرَأْىٍ وَلاَ بِقِيَاسٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105]. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الرُّوحِ فَسَكَتَ حَتَّى نَزَلَتِ الآيَةُ. 7309 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ يَقُولُ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ مَرِضْتُ فَجَاءَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِى وَأَبُو بَكْرٍ وَهُمَا مَاشِيَانِ، فَأَتَانِى وَقَدْ أُغْمِىَ عَلَىَّ فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ صَبَّ وَضُوءَهُ عَلَىَّ فَأَفَقْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ - وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ فَقُلْتُ أَىْ رَسُولَ اللَّهِ - كَيْفَ أَقْضِى فِى مَالِى كَيْفَ أَصْنَعُ فِى مَالِى قَالَ فَمَا أَجَابَنِى بِشَىْءٍ حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ. أطرافه 194، 4577، 5651، 5664، 5676، 6723، 6743 - تحفة 3028 9 - باب تَعْلِيمِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أُمَّتَهُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ، لَيْسَ بِرَأْىٍ وَلاَ تَمْثِيلٍ 7310 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِىِّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ، يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ.

10 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق يقاتلون»

فَقَالَ «اجْتَمِعْنَ فِى يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فِى مَكَانِ كَذَا وَكَذَا». فَاجْتَمَعْنَ فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ «مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ وَلَدِهَا ثَلاَثَةً، إِلاَّ كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ». فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ اثْنَيْنِ قَالَ فَأَعَادَتْهَا مَرَّتَيْنِ ثُمَّ قَالَ «وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ». طرفاه 101، 1249 - تحفة 4028 10 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ يُقَاتِلُونَ» وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ. 7311 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ». طرفاه 3640، 7459 - تحفة 11524 - 125/ 9 7312 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى حُمَيْدٌ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِى سُفْيَانَ يَخْطُبُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِى الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَيُعْطِى اللَّهُ، وَلَنْ يَزَالَ أَمْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ مُسْتَقِيمًا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، أَوْ حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللَّهِ». أطرافه 71، 3116، 3641، 7460 - تحفة 11409 أقولُ: مرادُه أن القائسين لا يَنْعَدِمُون، وإن قَلُّوا. 11 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} [الأنعام: 65] 7313 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ لَمَّا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قَالَ «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ». {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65] قَالَ «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ». فَلَمَّا نَزَلَتْ {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قَالَ «هَاتَانِ أَهْوَنُ أَوْ أَيْسَرُ». طرفاه 4628، 7406 - تحفة 2536 12 - باب مَنْ شَبَّهَ أَصْلاً مَعْلُومًا بِأَصْلٍ مُبَيَّنٍ، قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ حُكْمَهُمَا، لِيُفْهِمَ السَّائِلَ 7314 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّ امْرَأَتِى وَلَدَتْ غُلاَمًا أَسْوَدَ، وَإِنِّى أَنْكَرْتُهُ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَمَا أَلْوَانُهَا». قَالَ حُمْرٌ. قَالَ «هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ». قَالَ إِنَّ فِيهَا

13 - باب ما جاء فى اجتهاد القضاة بما أنزل الله تعالى

لَوُرْقًا. قَالَ «فَأَنَّى تُرَى ذَلِكَ جَاءَهَا». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِرْقٌ نَزَعَهَا. قَالَ «وَلَعَلَّ هَذَا عِرْقٌ نَزَعَهُ». وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِى الاِنْتِفَاءِ مِنْهُ. طرفاه 5305، 6847 - تحفة 15311 7315 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ إِنَّ أُمِّى نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَحُجَّ أَفَأَحُجَّ عَنْهَا قَالَ «نَعَمْ حُجِّى عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ». قَالَتْ نَعَمْ. فَقَالَ «فَاقْضُوا الَّذِى لَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ». طرفاه 1852، 6699 - تحفة 5457 - 126/ 9 دَفْعُ دَخَلٍ مقدَّرٍ. أمَّا تقريرُ الدَّخَل، فبأنك قد أَنْكَرْتَ القياسَ مع ثبوته من الحديث، كقوله صلى الله عليه وسلّم «لَعَلَّ هذا عِرْقٌ نَزَعَهُ»، وكقوله صلى الله عليه وسلّم «أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ على أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قاضَيْتِهِ؟ قالت: نعم» ... إلخ. فهذا كما ترى، كلُّه قياسٌ، فكيف يَسُوغُ لك إنكاره؟ وأمَّا تقريرُ الدفع، فبأنه من باب التنظير للتفهيم والإِيضاح، لأن الحكمَ فيهما من نصَ مستقلَ، وليس أن حكمَ المشبَّه اسْتُقَى من النصِّ المشبَّه به. فإذا كان حكمُ المشبَّه، والمشبَّه به من النصِّ، ظَهَرَ أنه لا قياسَ فيه، بل تشبيهٌ للتفهيم والتوضيح لا غير. 13 - باب مَا جَاءَ فِى اجْتِهَادِ الْقُضَاةِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى لِقَوْلِهِ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45] وَمَدَحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صَاحِبَ الْحِكْمَةِ حِينَ يَقْضِى بِهَا وَيُعَلِّمُهَا لاَ يَتَكَلَّفُ مِنْ قِبَلِهِ، وَمُشَاوَرَةِ الْخُلَفَاءِ وَسُؤَالِهِمْ أَهْلَ الْعِلْمِ. 7316 - حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِى اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِى الْحَقِّ، وَآخَرُ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً فَهْوَ يَقْضِى بِهَا وَيُعَلِّمُهَا». أطرافه 73، 1409، 7141 - تحفة 9537 7317 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ سَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ إِمْلاَصِ الْمَرْأَةِ - هِىَ الَّتِى يُضْرَبُ بَطْنُهَا فَتُلْقِى جَنِينًا - فَقَالَ أَيُّكُمْ سَمِعَ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِ شَيْئًا فَقُلْتُ أَنَا. فَقَالَ مَا هُوَ قُلْتُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «فِيهِ غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ». فَقَالَ لاَ تَبْرَحْ حَتَّى تَجِيئَنِى بِالْمَخْرَجِ فِيمَا قُلْتَ. أطرافه 6905، 6907، 6908 م تحفة 11511 7318 - فَخَرَجْتُ فَوَجَدْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ فَجِئْتُ بِهِ، فَشَهِدَ مَعِى أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «فِيهِ غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ». تَابَعَهُ ابْنُ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ. طرفاه 6906، 6908 تحفة 11231، 11511 يريدُ أن الاجتهادَ غيرُ القياس. فإن الغَوْرَ في إطلاق القرآن، وتقييده، والعموم،

14 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم -: «لتتبعن سنن من كان قبلكم»

والخصوص، وما ذَكَرَهُ الأصوليون من تقاسيم الكتاب كلُّها يجري فيها الاجتهادُ. فمحلُّ الاجتهاد هذه دون القياس، فإنه مذمومٌ عنده. قوله: (لا يَتَكَلَّفُ مِنْ قِبَلِهِ)، كأنَّه يُرِيدُ أن القياسَ تكلُّفٌ من قِبَلِهِ، فلا يَفْعَلُهُ. وليعلم أن النَّسائيَّ قد تَبِعَ البخاريَّ في كثيرٍ من التراجم من كتاب القضاء من «صغراه» فترجم: باب الحكم بالتشبيه والتمثيل، ثم أَخْرَجَ تحته الأحاديثَ التي أخرجها المصنِّفُ في باب من شَبَّه أصلًا مَعْلُومًا ... إلخ. وكذلك تراجمه الأخرى، فليراجع من كتابه. 14 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» 7319 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِى بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا، شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ». فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَفَارِسَ وَالرُّومِ. فَقَالَ «وَمَنِ النَّاسُ إِلاَّ أُولَئِكَ». تحفة 13025 7320 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الصَّنْعَانِىُّ - مِنَ الْيَمَنِ - عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ». قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ «فَمَنْ». طرفاه 3456 - تحفة 4171 - 127/ 9 15 - باب إِثْمِ مَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ، أَوْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل: 25] الآيَةَ. 7321 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ مِنْ نَفْسٍ تُقْتَلُ ظُلْمًا إِلاَّ كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْهَا - وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ مِنْ دَمِهَا - لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ أَوَّلاً». طرفاه 3335، 6867 - تحفة 9568 وتلك من سُنَّة الله عزَّ وجلَّ: أن من سَنَّ سُنَّةً لم تَكُنْ من قبل فابتدعها للناس، أنه لا يَزَالُ يَقَعُ على مبدعها كِفْلٌ منها من أجرٍ، أو وزرِ ما دام يَفْعَلُهَا الناسُ. 16 - باب مَا ذَكَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَحَضَّ عَلَى اتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْحَرَمَانِ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ، وَمَا كَانَ بِهَا مِنْ مَشَاهِدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَمُصَلَّى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمِنْبَرِ وَالْقَبْرِ 7322 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ

اللَّهِ السَّلَمِىِّ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الإِسْلاَمِ، فَأَصَابَ الأَعْرَابِىَّ وَعْكٌ بِالْمَدِينَةِ، فَجَاءَ الأَعْرَابِىُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِلْنِى بَيْعَتِى. فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ أَقِلْنِى بَيْعَتِى. فَأَبَى ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ أَقِلْنِى بَيْعَتِى. فَأَبَى فَخَرَجَ الأَعْرَابِىُّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ، تَنْفِى خَبَثَهَا، وَيَنْصَعُ طِيبُهَا». أطرافه 1883، 7209، 7211، 7216 - تحفة 3071 7323 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنْتُ أُقْرِئُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَلَمَّا كَانَ آخِرَ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِمِنًى، لَوْ شَهِدْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَتَاهُ رَجُلٌ قَالَ إِنَّ فُلاَنًا يَقُولُ لَوْ مَاتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَبَايَعْنَا فُلاَنًا. فَقَالَ عُمَرُ لأَقُومَنَّ الْعَشِيَّةَ فَأُحَذِّرَ هَؤُلاَءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ. قُلْتُ لاَ تَفْعَلْ فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ يَغْلِبُونَ عَلَى مَجْلِسِكَ، فَأَخَافُ أَنْ لاَ يُنْزِلُوهَا عَلَى وَجْهِهَا فَيُطِيرُ بِهَا كُلُّ مُطِيرٍ، فَأَمْهِلْ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ دَارَ الْهِجْرَةِ وَدَارَ السُّنَّةِ، فَتَخْلُصُ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ فَيَحْفَظُوا مَقَالَتَكَ، وَيُنَزِّلُوهَا عَلَى وَجْهِهَا. فَقَالَ وَاللَّهِ لأَقُومَنَّ بِهِ فِى أَوَّلِ مَقَامٍ أَقُومُهُ بِالْمَدِينَةِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ فِيمَا أُنْزِلَ آيَةُ الرَّجْمِ. أطرافه 2462، 3445، 3928، 4021، 6829، 6830 - تحفة 10508 - 128/ 9 7324 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أَبِى هُرَيْرَةَ وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَشَّقَانِ مِنْ كَتَّانٍ فَتَمَخَّطَ فَقَالَ بَخْ بَخْ أَبُو هُرَيْرَةَ يَتَمَخَّطُ فِى الْكَتَّانِ، لَقَدْ رَأَيْتُنِى وَإِنِّى لأَخِرُّ فِيمَا بَيْنَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ مَغْشِيًّا عَلَىَّ، فَيَجِىءُ الْجَائِى فَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى عُنُقِى، وَيُرَى أَنِّى مَجْنُونٌ، وَمَا بِى مِنْ جُنُونٍ، مَا بِى إِلاَّ الْجُوعُ. تحفة 14414 7325 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ قَالَ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَشَهِدْتَ الْعِيدَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ نَعَمْ وَلَوْلاَ مَنْزِلَتِى مِنْهُ مَا شَهِدْتُهُ مِنَ الصِّغَرِ، فَأَتَى الْعَلَمَ الَّذِى عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا وَلاَ إِقَامَةً، ثُمَّ أَمَرَ بِالصَّدَقَةِ فَجَعَلَ النِّسَاءُ يُشِرْنَ إِلَى آذَانِهِنَّ وَحُلُوقِهِنَّ، فَأَمَرَ بِلاَلاً فَأَتَاهُنَّ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 98، 863، 962، 964، 975، 977، 979، 989، 1431، 1449، 4895، 5249، 5880، 5881، 5883 - تحفة 5816 7326 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَأْتِى قُبَاءً مَاشِيًا وَرَاكِبًا. أطرافه 1191، 1193، 1194 - تحفة 7152 7327 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ

عَائِشَةَ قَالَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ادْفِنِّى مَعَ صَوَاحِبِى وَلاَ تَدْفِنِّى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْبَيْتِ، فَإِنِّى أَكْرَهُ أَنْ أُزَكَّى. طرفه 1391 - تحفة 16833 7328 - وَعَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ ائْذَنِى لِى أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَىَّ فَقَالَتْ إِى وَاللَّهِ. قَالَ وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرْسَلَ إِلَيْهَا مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَتْ لاَ وَاللَّهِ لاَ أُوثِرُهُمْ بِأَحَدٍ أَبَدًا. تحفة 16833 7329 - حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى الْعَصْرَ فَيَأْتِى الْعَوَالِىَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ. وَزَادَ اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ، وَبُعْدُ الْعَوَالِى أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ أَوْ ثَلاَثَةٌ. أطرافه 551، 550، 548 - تحفة 1509، 1566 - 129/ 9 7330 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ الْجُعَيْدِ سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ كَانَ الصَّاعُ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مُدًّا وَثُلُثًا بِمُدِّكُمُ الْيَوْمَ، وَقَدْ زِيدَ فِيهِ. طرفاه 1859، 6712 - تحفة 3795 سَمِعَ الْقَاسِمُ بْنُ مَالكٍ الْجُعَيْدَ. 7331 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِى مِكْيَالِهِمْ، وَبَارِكْ لَهُمْ فِى صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ» يَعْنِى أَهْلَ الْمَدِينَةِ. طرفاه 2130، 6714 - تحفة 203 7332 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا، فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا قَرِيبًا مِنْ حَيْثُ تُوضَعُ الْجَنَائِزُ عِنْدَ الْمَسْجِدِ. أطرافه 1329، 3635، 4556، 6819، 6841، 7543 - تحفة 8458 7333 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ فَقَالَ «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَإِنِّى أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا». تَابَعَهُ سَهْلٌ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى أُحُدٍ. أطرافه 371، 610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 2943، 2944، 2945، 2991، 3085، 3086، 3367، 3647، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369 تحفة 1116 7334 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ جِدَارِ الْمَسْجِدِ مِمَّا يَلِى الْقِبْلَةَ وَبَيْنَ الْمِنْبَرِ مَمَرُّ الشَّاةِ. طرفه 496 تحفة 4761 7335 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا بَيْنَ بَيْتِى وَمِنْبَرِى رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِى عَلَى حَوْضِى». أطرافه 1196، 1888، 6588 - تحفة 12267

7336 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَابَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ الْخَيْلِ، فَأُرْسِلَتِ الَّتِى ضُمِّرَتْ مِنْهَا وَأَمَدُهَا إِلَى الْحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَالَّتِى لَمْ تُضَمَّرْ أَمَدُهَا ثَنِيَّةُ الْوَدَاعِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِى زُرَيْقٍ، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ فِيمَنْ سَابَقَ. أطرافه 420، 2868، 2869، 2870 - تحفة 7636، 8280 7337 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ لَيْثٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَحَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عِيسَى وَابْنُ إِدْرِيسَ وَابْنُ أَبِى غَنِيَّةَ عَنْ أَبِى حَيَّانَ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ عَلَى مِنْبَرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 4619، 5581، 5588، 5589 - تحفة 10538 - 130/ 9 7338 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ خَطَبَنَا عَلَى مِنْبَرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 9802 7339 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ أَنَّ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ يُوضَعُ لِى وَلِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَذَا الْمِرْكَنُ فَنَشْرَعُ فِيهِ جَمِيعًا. أطرافه 250، 261، 263، 273، 299، 5956 - تحفة 17257 7340 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ حَالَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ الأَنْصَارِ وَقُرَيْشٍ فِى دَارِى الَّتِى بِالْمَدِينَةِ. طرفاه 2294، 6083 - تحفة 930 وَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِى سُلَيْمٍ. أطرافه 1001، 1002، 1003، 1300، 2801، 2814، 3064، 3170، 4088، 4089، 4090، 4091، 4092، 4094، 4095، 4096، 6394 - تحفة 930 7341، 7342 - حَدَّثَنِى أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا بُرَيْدٌ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ فَقَالَ لِى انْطَلِقْ إِلَى الْمَنْزِلِ فَأَسْقِيَكَ فِى قَدَحٍ شَرِبَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَتُصَلِّى فِى مَسْجِدٍ صَلَّى فِيهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَسَقَانِى سَوِيقًا، وَأَطْعَمَنِى تَمْرًا، وَصَلَّيْتُ فِى مَسْجِدِهِ. طرفه 3814 - تحفة 5339 7343 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ حَدَّثَنِى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَتَانِى اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّى وَهْوَ بِالْعَقِيقِ أَنْ صَلِّ فِى هَذَا الْوَادِى الْمُبَارَكِ وَقُلْ عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ». وَقَالَ هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَلِىٌّ عُمْرَةٌ فِى حَجَّةٍ. طرفاه 1534، 2337 - تحفة 10513 7344 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَقَّتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَرْنًا لأَهْلِ نَجْدٍ، وَالْجُحْفَةَ لأَهْلِ الشَّأْمِ، وَذَا الْحُلَيْفَةِ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ. قَالَ سَمِعْتُ هَذَا مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَبَلَغَنِى أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ». وَذُكِرَ الْعِرَاقُ فَقَالَ لَمْ يَكُنْ عِرَاقٌ يَوْمَئِذٍ. أطرافه 133، 1522، 1525، 1527، 1528 - تحفة 7159 7345 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ أُرِىَ وَهْوَ فِى مُعَرَّسِهِ بِذِى

17 - باب قول الله تعالى: {ليس لك من الأمر شيء} [آل عمران: 128]

الْحُلَيْفَةِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ. أطرافه 483، 1535، 2336 - تحفة 7025 - 131/ 9 شرح في بيان حُجِّية الإِجماع، لا سِيَّما إجماعُ أهل الحرمين. قوله: (ومَا كَان بهما من مَشَاهِدِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلّم) أَشَارَ منه إلى التوارث، وذاك لا يَحْتَاجُ إلى الإِسناد، بل الأخذُ فيه يكون من طبقةٍ عن طبقةٍ، وأَخْرَجَ له أحاديث، والمقصودُ منها ذكر الأشياء الثابتة من التوارث، كالمنبر، والمُصَلَّى، والقَبَاء، ومدفن أمهات المؤمنين، إلى غير ذلك مما ثَبَتَ كلّه من التوارث. 7322 - قوله: (إنَّما المَدِينَةُ كالكِيرِ)، شبَّهها بالكِيرِ، لأنَّ الكِيرَ إنَّما ينفي الخَبَثَ عن الحديد بعد شِدَّةٍ ومدَّةٍ، فكذلك المدينة (¬1). 17 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] 7346 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِى صَلاَةِ الْفَجْرِ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ «اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ فِى الأَخِيرَةِ». ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا». فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128)}. أطرافه 4069، 4070، 4559 - تحفة 6940 18 - باب قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت: 46] 7347 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ ح حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عَلِىُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِىٍّ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُمْ «أَلاَ تُصَلُّونَ». فَقَالَ عَلِىٌّ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَالَ لَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ شَيْئًا، ثُمَّ سَمِعَهُ وَهْوَ مُدْبِرٌ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَهْوَ يَقُولُ {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يُقَالُ مَا أَتَاكَ لَيْلًا فَهْوَ طَارِقٌ. وَيُقَالُ الطَّارِقُ النَّجْمُ، وَالثَّاقِبُ الْمُضِىءُ، يُقَالُ أَثْقِبْ نَارَكَ لِلْمُوقِدِ. أطرافه 1127، 4724، 7465 - تحفة 10070 7348 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَا نَحْنُ فِى الْمَسْجِدِ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ». فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى جِئْنَا ¬

_ (¬1) قلت: ولذا ورد الفضل لمن صبر على لأوائها، والله تعالى أعلم بالصواب.

19 - باب قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} [البقرة: 143] وما أمر النبى - صلى الله عليه وسلم - بلزوم الجماعة، وهم أهل العلم

بَيْتَ الْمِدْرَاسِ فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَادَاهُمْ فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ يَهُودَ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا». فَقَالُوا بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. قَالَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ذَلِكَ أُرِيدُ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا». فَقَالُوا قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «ذَلِكَ أُرِيدُ». ثُمَّ قَالَهَا الثَّالِثَةَ فَقَالَ «اعْلَمُوا أَنَّمَا الأَرْضُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَرْضِ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئًا فَلْيَبِعْهُ، وَإِلاَّ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا الأَرْضُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ». طرفاه 3167، 6944 تحفة 14310 - 132/ 9 19 - باب قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] وَمَا أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِلُزُومِ الْجَمَاعَةِ، وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ 7349 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُجَاءُ بِنُوحٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ هَلْ بَلَّغْتَ فَيَقُولُ نَعَمْ يَا رَبِّ. فَتُسْأَلُ أُمَّتُهُ هَلْ بَلَّغَكُمْ فَيَقُولُونَ مَا جَاءَنَا مِنْ نَذِيرٍ. فَيَقُولُ مَنْ شُهُودُكَ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ. فَيُجَاءُ بِكُمْ فَتَشْهَدُونَ». ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} قَالَ عَدْلاً {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}. وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا. طرفاه 3339، 4487 - تحفة 4003 وراجع تفسيرَه من «فتح العزيز»، وقد احتجَّ به الشافعيُّ في الإِجماع، بأن شهادتنا إذا اعْتُبِرَت فيمن سَلَفُوا، فكيف لا يُعْتَبَرُ بها فينا. والوسطُ: أي بين الإِفراط والتفريط. قوله: (وما أَمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بِلُزُومِ الجماعَةِ، وهُمْ أَهْلُ العِلْمِ) وقد مرَّ منِّي التنبيه على أن أحاديثَ الأمر بلزوم الجماعة إنَّما وَرَدَتْ في الجماعة مع الأمير، وعرضُها في مسألة الباب بعيدٌ إلَّا بضربٍ من التأويل. أو يُقَالُ: إن مِصْدَاقَ لزوم الجماعة هي إطاعةُ الأمير أوَّلًا، والإِجماع ثانيًا، وقد نبَّهناك على أنه قد يُرَادُ من اللفظ معنيان: يكونُ أحدهما مُرَادًا أوليًّا، والآخر ثانويًا. 20 - باب إِذَا اجْتَهَدَ الْعَامِلُ أَوِ الْحَاكِمُ، فَأَخْطَأَ خِلاَفَ الرَّسُولِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ، فَحُكْمُهُ مَرْدُودٌ لِقَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهْوَ رَدٌّ». 7350، 7351 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَخِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يُحَدِّثُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ وَأَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ أَخَا بَنِى عَدِىٍّ الأَنْصَارِىَّ وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى خَيْبَرَ، فَقَدِمَ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا».

21 - باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ

قَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنَشْتَرِى الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ مِنَ الْجَمْعِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَفْعَلُوا، وَلَكِنْ مِثْلاً بِمِثْلٍ، أَوْ بِيعُوا هَذَا وَاشْتَرُوا بِثَمَنِهِ مِنْ هَذَا وَكَذَلِكَ الْمِيزَانُ». حديث 7350 أطرافه 2201، 2302، 4244، 4246 - تحفة 4044 حديث 7351 أطرافه 2202، 2303، 4245، 4247 - تحفة 13096 وعند الترمذيِّ: «أن المجتهدَ إذا اجتهد فَأَصَابَ، فله أجران، وإن أَخْطَأَ، فله أجرٌ» وقد كان يَخْطُرُ بالبال أنه ماذا يَقُولُون إذًا في حديث: «الحسنةُ بعشر أمثالها؟» حتى وَجَدْتُ في حديثٍ عند أحمد في «مسنده»: «أن له الأجر بعشر أمثاله»، وحينئذٍ تبيَّن أن ما عند الترمذيِّ بيانٌ للأجر الأصليِّ، وما عند أحمد بيانٌ للفضليِّ. 21 - باب أَجْرِ الْحَاكِمِ إِذَا اجْتَهَدَ فَأَصَابَ أَوْ أَخْطَأَ 7352 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ». قَالَ فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَقَالَ هَكَذَا حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. تحفة 10748، 15437 - 133/ 9 22 - باب الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ قَالَ: إِنَّ أَحْكَامَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَتْ ظَاهِرَةً، وَمَا كَانَ يَغِيبُ بَعْضُهُمْ عَنْ مَشَاهِدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأُمُورِ الإِسْلاَمِ 7353 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِى عَطَاءٌ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ اسْتَأْذَنَ أَبُو مُوسَى عَلَى عُمَرَ فَكَأَنَّهُ وَجَدَهُ مَشْغُولاً فَرَجَعَ، فَقَالَ عُمَرُ أَلَمْ أَسْمَعْ صَوْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ، ائْذَنُوا لَهُ. فَدُعِىَ لَهُ فَقَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ فَقَالَ إِنَّا كُنَّا نُؤْمَرُ بِهَذَا. قَالَ فَأْتِنِى عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ لأَفْعَلَنَّ بِكَ. فَانْطَلَقَ إِلَى مَجْلِسٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالُوا لاَ يَشْهَدُ إِلاَّ أَصَاغِرُنَا. فَقَامَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ فَقَالَ قَدْ كُنَّا نُؤْمَرُ بِهَذَا. فَقَالَ عُمَرُ خَفِىَ عَلَىَّ هَذَا مِنْ أَمْرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، أَلْهَانِى الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ. طرفاه 2062، 6245 - تحفة 4146، 10601، 9020 ل 7354 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنَ الأَعْرَجِ يَقُولُ أَخْبَرَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ، إِنِّى كُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى مِلْءِ بَطْنِى، وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ، وَكَانَتِ الأَنْصَارُ يَشْغَلُهُمُ الْقِيَامُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، فَشَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ وَقَالَ «مَنْ يَبْسُطْ رِدَاءَهُ حَتَّى أَقْضِىَ مَقَالَتِى ثُمَّ

23 - باب من رأى ترك النكير من النبى - صلى الله عليه وسلم - حجة، لا من غير الرسول

يَقْبِضْهُ، فَلَنْ يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ مِنِّى». فَبَسَطْتُ بُرْدَةً كَانَتْ عَلَىَّ، فَوَالَّذِى بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا نَسِيتُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْهُ. أطرافه 118، 119، 2047، 2350، 3648 - تحفة 13957 فيه رَدٌّ على الباطنية حيث زَعَمُوا: أن المرادَ من الجنة والنار ليس ما يَظْهَرُ من اسميهما، بل هما عبارتان عن نعيمٍ، أو عذابٍ معنويين، فَرَدَّ عليهم المصنِّفُ: أن أحكامَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كلَّها محمولةٌ على ظاهرها، لا أن لها بواطن مُخَالِفُ ظواهرها حتى يَتِمَّ ما راموه. وكذلك نبَّه على أن كثيرًا من الصحابة رضي الله تعالى عنهم (¬1) لم يُدْرِكُوا كلَّ المشاهد، وجملة تعليمه صلى الله عليه وسلّم فليس أن كلَّ الدين قد بَلَغَ إلى كلِّ صحابيَ. 23 - باب مَنْ رَأَى تَرْكَ النَّكِيرِ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حُجَّةً، لاَ مِنْ غَيْرِ الرَّسُولِ 7355 - حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّ ابْنَ الصَّائِدِ الدَّجَّالُ قُلْتُ تَحْلِفُ بِاللَّهِ. قَالَ إِنِّى سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة 3019 - 134/ 9 وهذه مسألةُ التقرير. فاعلم أن التقريرَ إنما يكون حُجَّةً من صاحب الشرع، دون غيره 7355 - قوله: (قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرَ بن عَبْدِ اللَّهِ يَحْلِفُ باللَّهِ بأن ابن الصَّيَّاد الدَّجَّال، قُلْتُ: تَحْلِفُ باللَّهِ؟ قال: إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ على ذَلِكَ عند النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فم يُنْكِرْهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم قلتُ: فما الريب إذًا في كونه دجَّالًا، وإن لم يَكُنْ الأكبر. وله روايةٌ أيضًا في «مصنف عبد الرزاق» (¬2) تكفي لدحض جميع الأباطيل التي زَخْرَفَها لعين القاديان. ¬

_ (¬1) قلت: وهذا تنبيه عظيم القدر لمن اشتغل بالفن، والغافل عنه يراه ظاهرًا، ولا يعتني بشأنه، وإنما لم أذكر فوائدها، لأن المشتغل قد علمها، وغيره لا يفقهها، نعم لا يدري قدر المصيبة إلا المبتلى. (¬2) قلت: ولقد أطال الحافظ الكلام في أحدايث ابن صياد، فسرحت فيها النظر، فلم أظفر بتلك الرواية من كتابه من هذا الموضع، فليطلبها من مظانها، نعم فيه رواية عن المصنف المذكور، إلا أني لم أفهم فيها معنى يزيد على الأحاديث المشهور فى الباب، ولكن فيه كلام متين ذكره عن ابن دقيق العيد ملخصًا من كتابه "الإلمام" وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أخبر عن أمر ليس فيه حكم شرعي، فهل يكون سكوته - صلى الله عليه وسلم - دليلا على مطابقة ما في الواقع، كما وقع لعمر في حلفه على ابن صياد: هو الدجال، فلم ينكر عليه، فهل يدل عدم إنكاره، على أن ابن صياد هو الدجال، كما فهمه جابر، حتى صار يحلف عليه ويستند إلى حلف عمر، أو لا يدل؟ فيه نظر، قال: والأقرب عندي أنه لايدل، لأن مأخذ المسألة ومناطها هو العصمة من التقرير على باطل، وذلك يتوقف على تحقق البطلان، ولا يكفي فيه عدم تحقق الصحة، إلا أن يدعي مدعي أنه يكفي في وجوب البيان عدم تحقق الصحة، فيحتاج إلى دليل، وهو عاجز عنه، نعم التقرير يسوغ الحلف على ذلك على غلبة الظن، لعدم توقف ذلك على العلم. =

24 - باب الأحكام التى تعرف بالدلائل، وكيف معنى الدلالة وتفسيرها

24 - باب الأَحْكَامِ الَّتِى تُعْرَفُ بِالدَّلاَئِلِ، وَكَيْفَ مَعْنَى الدِّلاَلَةِ وَتَفْسِيرِهَا وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَمْرَ الْخَيْلِ وَغَيْرِهَا، ثُمَّ سُئِلَ عَنِ الْحُمُرِ، فَدَلَّهُمْ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)} وَسُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الضَّبِّ، فَقَالَ: «لاَ آكُلُهُ وَلاَ أُحَرِّمُهُ». وَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الضَّبُّ، فَاسْتَدَلَّ ابْنُ عَبَّاسٍ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ. 7356 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْخَيْلُ لِثَلاَثَةٍ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِى لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَأَطَالَ فِى مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِى طِيَلِهَا ذَلِكَ الْمَرْجِ وَالرَّوْضَةِ كَانَ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِىَ بِهِ كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ، وَهِىَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَجْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِى رِقَابِهَا وَلاَ ظُهُورِهَا، فَهْىَ لَهُ سِتْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً، فَهِىَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ». وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْحُمُرِ قَالَ «مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَىَّ فِيهَا إِلَّا هَذِهِ الآيَةَ الْفَاذَّةَ الْجَامِعَةَ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} [الزلزلة: 7 - 8]. أطرافه 2371، 2860، 3646، 4962، 4963 - تحفة 12316 7357 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ - هُوَ ابْنُ عُقْبَةَ - حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِىُّ الْبَصْرِىُّ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنُ شَيْبَةَ حَدَّثَتْنِى أُمِّى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْحَيْضِ كَيْفَ تَغْتَسِلُ مِنْهُ قَالَ «تَأْخُذِينَ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَوَضَّئِينَ بِهَا». قَالَتْ كَيْفَ أَتَوَضَّأُ بِهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَوَضَّئِى». قَالَتْ كَيْفَ ¬

_ = قلت: وقد استفدت من كلام الشيخ في بعض المواضع أن التردد وعدم الانفصال في أمر لا يدل على تردد النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضًا فيه، فإن التردد عندنا قد يحدث من جهة مخالفة الرواة بعضهم بعضًا، فجاز أن يكون شيء ثابتًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فاختفى علينا من جهة اختلاف الرواة، وذلك غير قليل في باب الأحاديث، فإن أكثر الاحاديث لم ندرك مرادها على وجهها إلا على سبيل الظن، وما ذلك إلا لتجاذب الروايات، ثم ما ذلك بعجيب، بل العجب من أن الرواه مع تفاوتهم في الحفظ والإتقان، وبعدهم عن حضرة الرسالة، كيف حفظوا تلك الروايات، حيث يتعين مرادها بعد جمع ألفاظهم، لا محالة، ولو ظنًا، بل قد يفيد اليقين أيضًا، مع أن الظاهر أنه لا يمكن أخذ المراد منها أصلًا، ولو كان حالهم كما في زماننا، لكان كذلك، ولكنهم كانوا قومًا خلقهم الله تعالى لحفظ أحاديث نبيه، فبلغوها إلى من لم يسمعوها رحمهم الله تعالى.

25 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم -: «لا تسألوا أهل الكتاب عن شىء»

أَتَوَضَّأُ بِهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَوَضَّئِينَ بِهَا». قَالَتْ عَائِشَةُ فَعَرَفْتُ الَّذِى يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَذَبْتُهَا إِلَىَّ فَعَلَّمْتُهَا. طرفاه 314، 315 - تحفة 17859 - 135/ 9 7358 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أُمَّ حُفَيْدٍ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ حَزْنٍ أَهْدَتْ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - سَمْنًا وَأَقِطًا وَأَضُبًّا، فَدَعَا بِهِنَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأُكِلْنَ عَلَى مَائِدَتِهِ، فَتَرَكَهُنَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كَالْمُتَقَذِّرِ لَهُ، وَلَوْ كُنَّ حَرَامًا مَا أُكِلْنَ عَلَى مَائِدَتِهِ، وَلاَ أَمَرَ بِأَكْلِهِنَّ. أطرافه 2575، 5389، 5402 - تحفة 5448 7359 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عَطَاءُ بْنُ أَبِى رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلاً، فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فِى بَيْتِهِ». وَإِنَّهُ أُتِىَ بِبَدْرٍ - قَالَ ابْنُ وَهْبٍ يَعْنِى طَبَقًا - فِيهِ خَضِرَاتٌ مِنْ بُقُولٍ، فَوَجَدَ لَهَا رِيحًا فَسَأَلَ عَنْهَا - أُخْبِرَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْبُقُولِ - فَقَالَ قَرِّبُوهَا فَقَرَّبُوهَا إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ كَانَ مَعَهُ، فَلَمَّا رَآهُ كَرِهَ أَكْلَهَا قَالَ «كُلْ، فَإِنِّى أُنَاجِى مَنْ لاَ تُنَاجِى». وَقَالَ ابْنُ عُفَيْرٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ بِقِدْرٍ فِيهِ خَضِرَاتٌ. وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّيْثُ وَأَبُو صَفْوَانَ عَنْ يُونُسَ قِصَّةَ الْقِدْرِ، فَلاَ أَدْرِى هُوَ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِىِّ أَوْ فِى الْحَدِيثِ. أطرافه 854، 855، 5452 - تحفة 2485 7360 - حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى وَعَمِّى قَالاَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ أَبِيهِ أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَنَّ أَبَاهُ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَلَّمَتْهُ فِى شَىْءٍ، فَأَمَرَهَا بِأَمْرٍ فَقَالَتْ أَرَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ أَجِدْكَ قَالَ «إِنْ لَمْ تَجِدِينِى فَأْتِى أَبَا بَكْرٍ». زَادَ الْحُمَيْدِىُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ كَأَنَّهَا تَعْنِى الْمَوْتَ. طرفاه 3659، 7220 - تحفة 3192 والظاهرُ: أنه إشارةٌ إلى تقاسيم الاستدلال من الكتاب التي ذكروها في الأصول من دلالة النصِّ وغيرها. قوله: (وكَيْفَ مَعْنَى الدِّلاَلَةِ)، ولمَّا تعسَّر على المصنِّف تعيينها على الوجه الأتمِّ، أتى بأمثلتها للتقريب إلى الذهن. فأخذ من الحديثِ الأوَّلِ: أن الأصلَ الاستدلالُ بالخاصِّ، فإذا لم يُوجَدْ الخاصُّ في الباب فبالعامِّ. وهذا، وإن كان مختار الشافعيِّ، إلَّا أنه قويٌّ عندي من حيث الدليل، وعليه اعتمادي. 7357 - قوله: (قَالَتْ عَاِئَةُ: فَعَرَفْتُ الذي يُرِيدُ)، أي فعائشة فَهِمْتَ مراده صلى الله عليه وسلّم أمَّا من أيِّ طريقٍ فَهِمَتْ: من الدلالة، أو الإِشارة؟ فالله تعالى أعلم به. 25 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لاَ تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَىْءٍ» 7361 - وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ

26 - باب كراهية الخلاف

الرَّحْمَنِ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يُحَدِّثُ رَهْطًا مِنْ قُرَيْشٍ بِالْمَدِينَةِ، وَذَكَرَ كَعْبَ الأَحْبَارِ فَقَالَ إِنْ كَانَ مِنْ أَصْدَقِ هَؤُلاَءِ الْمُحَدِّثِينَ الَّذِينَ يُحَدِّثُونَ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَإِنْ كُنَّا مَعَ ذَلِكَ لَنَبْلُو عَلَيْهِ الْكَذِبَ. تحفة 11410 - 136/ 9 7362 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لأَهْلِ الإِسْلاَمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ، وَلاَ تُكَذِّبُوهُمْ وَقُولُوا {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا ... } [البقرة: 136]». الآيَةَ. طرفاه 4485، 7542 - تحفة 15405 7363 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَىْءٍ، وَكِتَابُكُمُ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحْدَثُ، تَقْرَءُونَهُ مَحْضًا لَمْ يُشَبْ وَقَدْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ بَدَّلُوا كِتَابَ اللَّهِ وَغَيَّرُوهُ وَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِمُ الْكِتَابَ وَقَالُوا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا، أَلاَ يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنَ الْعِلْمِ عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ، لاَ وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلًا يَسْأَلُكُمْ عَنِ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ. أطرافه 2685، 7522، 7523 - تحفة 5851 يريد به بيان حُجِّية شرائع من قَبْلِنَا. وقد أَجَادَ الكلامَ فيه الحُسَامي. 7361 - قوله: (وإنْ كُنَّا مَعَ ذَلِكَ لَنَبْلُو عَلَيْهِ الكَذِبَ)، أي الغلط دون الكذب العمد، لأنه تابعيٌّ جليلُ القدر، كان يكلِّم مع ابن عمر، ويَسْتَفِيدُ منه علمًا. وإطلاقُ الكذب على الأغلاط كثيرٌ فيهم، فتنبيَّه له. فإِن الإِنسانَ يتعجَّبُ أنهم يَصِفُون رجلًا بالصيام والصلاة، ثم يَنْقُلُون عنه أنه يَكْذِبُ، مع أن الكذبَ أقبحُ في الملل كلِّها، فكيف بمن صام وصلَّى، وذلك أنهم أَطْلَقُوا الكذبَ على الغلطِ أيضًا. 26 - باب كَرَاهِيَةِ الْخِلاَفِ 7364 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ عَنْ سَلَّامِ بْنِ أَبِى مُطِيعٍ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ الْجَوْنِىِّ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ قُلُوبُكُمْ فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ». قَالَ أَبُو عَبْدِ الله: سَمِعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَلامًا. أطرافه 5060، 5061، 7365 - تحفة 3261 7365 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِىُّ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ». قَالَ أَبُو عَبْدِ الله: وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ هَارُونَ الأَعْوَرِ حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ عَنْ جُنْدَبٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 5060، 5061، 7364 - تحفة 3261 - 137/ 9

27 - باب نهى النبى - صلى الله عليه وسلم - على التحريم إلا ما تعرف إباحته، وكذلك أمره

7366 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا حُضِرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَفِى الْبَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - قَالَ «هَلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ». قَالَ عُمَرُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - غَلَبَهُ الْوَجَعُ وَعِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ، فَحَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ وَاخْتَصَمُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَالَ عُمَرُ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغَطَ وَالاِخْتِلاَفَ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قُومُوا عَنِّى». قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ مِنِ اخْتِلاَفِهِمْ وَلَغَطِهِمْ. أطرافه 114، 3053، 3168، 4431، 4432، 5669 - تحفة 5841 27 - باب نَهْىِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى التَّحْرِيمِ إِلاَّ مَا تُعْرَفُ إِبَاحَتُهُ، وَكَذَلِكَ أَمْرُهُ نَحْوَ قَوْلِهِ حِينَ أَحَلُّوا: «أَصِيبُوا مِنَ النِّسَاءِ»، وَقَالَ جَابِرٌ: وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنْ أَحَلَّهُنَّ لَهُمْ. وَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ: نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَازَةِ وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا. 7367 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ عَطَاءٌ قَالَ جَابِرٌ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِى أُنَاسٍ مَعَهُ قَالَ أَهْلَلْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْحَجِّ خَالِصًا لَيْسَ مَعَهُ عُمْرَةٌ - قَالَ عَطَاءٌ قَالَ جَابِرٌ - فَقَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صُبْحَ رَابِعَةٍ مَضَتْ مِنْ ذِى الْحِجَّةِ فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نَحِلَّ وَقَالَ «أَحِلُّوا وَأَصِيبُوا مِنَ النِّسَاءِ». قَالَ عَطَاءٌ قَالَ جَابِرٌ وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ أَحَلَّهُنَّ لَهُمْ فَبَلَغَهُ أَنَّا نَقُولُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَرَفَةَ إِلاَّ خَمْسٌ أَمَرَنَا أَنْ نَحِلَّ إِلَى نِسَائِنَا فَنَأْتِى عَرَفَةَ تَقْطُرُ مَذَاكِيرُنَا الْمَذْىَ قَالَ وَيَقُولُ جَابِرٌ بِيَدِهِ هَكَذَا وَحَرَّكَهَا فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «قَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّى أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَصْدَقُكُمْ وَأَبَرُّكُمْ وَلَوْلاَ هَدْيِى لَحَلَلْتُ كَمَا تَحِلُّونَ فَحِلُّوا فَلَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ». فَحَلَلْنَا وَسَمِعْنَا وَأَطَعْنَا. تحفة 2462 - 138/ 9 7368 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنِ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ الْمُزَنِىُّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «صَلُّوا قَبْلَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ - قَالَ فِى الثَّالِثَةِ - لِمَنْ شَاءَ». كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً. طرفه 1183 - تحفة 9660 دخل في مسألةٍ أصوليةٍ أخرى، وهي: أن الأمرَ عند الإِطلاق للوجوب، والنهي للتحريم، إلَّا أن تقومَ قرينةٌ بخلافه. قلتُ: ويُسْتَفَادُ من كلام جابر، وأم عَطِيَّة: أن تحتَ الأمرِ والنهيِ مراتبَ.

28 - باب

28 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38]، {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ} [آل عمران: 159]. وَأَنَّ المُشَارَوَةَ قَبْلَ العَزْمِ وَالتَّبَيُّنِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: 159]. فَإِذَا عَزَمَ الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ لِبَشَرٍ التَّقَدُّمُ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَشَاوَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَصْحَابَهُ يَوْمَ أُحُدٍ في المُقَامِ وَالخرُوجِ فَرَأَوْا لَهُ الخرُوجَ، فَلَمَّا لَبِسَ لأْمَتَهُ وَعَزَمَ قالُوا: أَقِمْ، فَلَمْ يَمِل إِلَيهِمْ بَعْدَ العَزْمِ وَقَالَ: «لاَ يَنْبَغِي لِنَبِيّ يَلبَسُ لأْمَتَهُ فَيَضَعُهَا، حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ». وَشَاوَرَ عَلِيًّا وَأُسَامَةَ فِيمَا رَمى بِهِ أَهْلُ الإفكِ عَائِشَةَ فَسَمِعَ مِنْهُمَا حَتَّى نَزَلَ القُرْآنُ، فَجَلَدَ الرَّامِينَ وَلَمْ يَلتَفِتْ إِلَى تَنَازُعِهِمْ، وَلكِنْ حَكَمَ بِمَا أَمَرَهُ اللهُ. وَكَانَتِ الأَئِمَةُ بَعْدَ النبي صلى الله عليه وسلّم يَسْتَشِيرُونَ الأُمَنَاءَ مِنْ أَهْلِ العِلمِ في الأُمُورِ المُبَاحَةِ لِيَأْخُذُوا بِأَسْهَلِهَا، فَإِذَا وَضَحَ الكِتَاب أَوِ السُّنَّةُ لَمْ يَتَعَدَّوْهُ إِلَى غَيرِهِ، اقْتِدَاءً بِالنبي صلى الله عليه وسلّم. وَرَأَى أَبُو بَكْرٍ قِتَالَ مَنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ، فَقَالَ عُمَرُ: كَيفَ تُقَاتِلُ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلّم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلهَ إِلَّا اللهُ، فَإِذَا قَالُوا لاَ إِلهَ إِلَّا اللهُ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَينَ مَا جَمَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلّم، ثُمَّ تَابَعَهُ بَعْدُ عُمَرُ. فَلَمْ يَلتَفتْ أَبُو بَكْرٍ إِلَى مَشُورَةٍ، إِذْ كَانَ عِنْدَهُ حُكْمُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلّم في الَّذِينَ فَرَّقُوا بَينَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، وَأَرَادُوا تَبْدِيلَ الدِّينِ وَأَحْكَامِهِ، وقَالَ النبي صلى الله عليه وسلّم: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ». وَكَانَ القُرَّاءُ أَصْحَابَ مَشُورَةِ عُمَرَ، كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. 7369 - حَدَّثَنَا الأُوَيْسِىُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ وَابْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ قَالَتْ وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْىُ يَسْأَلُهُمَا، وَهْوَ يَسْتَشِيرُهُمَا فِى فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ بِالَّذِى يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَأَمَّا عَلِىٌّ فَقَالَ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ. فَقَالَ «هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَىْءٍ يَرِيبُكِ». قَالَتْ مَا رَأَيْتُ أَمْرًا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا فَتَأْتِى الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ. فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِى مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِى أَذَاهُ فِى أَهْلِى، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ خَيْرًا». فَذَكَرَ بَرَاءَةَ عَائِشَةَ. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ. أطرافه 2593، 2637، 2661، 2688، 2879، 4025، 4141، 4690، 4749، 4750، 4757، 5212، 6662، 6679، 7370، 7500، 7545 تحفة 16494، 16126، 17409، 16798، 16311

7370 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى زَكَرِيَّاءَ الْغَسَّانِىُّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ «مَا تُشِيرُونَ عَلَىَّ فِى قَوْمٍ يَسُبُّونَ أَهْلِى مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُوءٍ قَطُّ». وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ لَمَّا أُخْبِرَتْ عَائِشَةُ بِالأَمْرِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَأْذَنُ لِى أَنْ أَنْطَلِقَ إِلَى أَهْلِى. فَأَذِنَ لَهَا وَأَرْسَلَ مَعَهَا الْغُلاَمَ. وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا، سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ. أطرافه 2593، 2637، 2661، 2688، 2879، 4025، 4141، 4690، 4749، 4750، 4757، 5212، 6662، 6679، 7369، 7500، 7545 - تحفة 17302 ے ***

98 - كتاب التوحيد

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 98 - كتاب التَّوْحِيد 1 - باب مَا جَاءَ فِى دُعَاءِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أُمَّتَهُ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى 7371 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِىٍّ عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ. أطرافه 1395، 1458، 1496، 2448، 4347، 7372 تحفة 6511 - 140/ 9 7372 - وَحَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِىٍّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ لَمَّا بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُعَاذًا نَحْوَ الْيَمَنِ قَالَ لَهُ «إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِى يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإِذَا صَلُّوا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً فِى أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ غَنِيِّهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فَقِيرِهِمْ، فَإِذَا أَقَرُّوا بِذَلِكَ فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ». أطرافه 1395، 1458، 1496، 2448، 4347، 7371 تحفة 6511 7373 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى حَصِينٍ وَالأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ سَمِعَا الأَسْوَدَ بْنَ هِلاَلٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا مُعَاذُ أَتَدْرِى مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ». قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، أَتَدْرِى مَا حَقُّهُمْ عَلَيْهِ». قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ». أطرافه 2856، 5967، 6267، 6500 - تحفة 11306 7374 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ رَجُلاً سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} يُرَدِّدُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ». زَادَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَخْبَرَنِى أَخِى قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 5013، 6643 - تحفة 4104 7375 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا عَمْرٌو

عَنِ ابْنِ أَبِى هِلاَلٍ أَنَّ أَبَا الرِّجَالِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَكَانَتْ فِى حَجْرِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لأَصْحَابِهِ فِى صَلاَتِهِ فَيَخْتِمُ بِـ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «سَلُوهُ لأَىِّ شَىْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ». فَسَأَلُوهُ فَقَالَ لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ». تحفة 17914 - 141/ 9 دَخَلَ المصنِّفُ العلَّامة في بعض المسائل الكلامية، بعد فراغه عن مسائل الأصول. قوله: (التَّوْحِيد) بالنصب، والرفع. أمَّا النصبُ، فبناءً على أنه مفعولٌ للردِّ، أي هذا كتاب في الرَّدِّ على توحيدهم الذي اعتقدوه. وأمَّا الرفعُ، فلعطفه على كتاب الرَّدِّ، أي الرد عليه هو التوحيد. ثم جَهْم بن صَفْوَان (¬1) -رجلٌ مبتدعٌ، نَشَأَ من تِرْمذ في أواخر عهد التابعين- تُنْقَلُ عنه الأشياء الفلسفية من نفي الصفات، وغيرها. وفي «المسايرة»، عن أبي حنيفة: أنه قال له بعدما ناظره في مسألةٍ: أخرج عنِّي يا كافر، وقد أُوِّل قوله هناك. قلتُ: بل ما قاله صحيحٌ، لا ينبغي أن يُؤَوَّلَ قوله، فإن شأنَ الإِمام أرفعُ من أن تجري كلمةٌ على لسانه لا يَرْضَاهَا اللهُ ورسولُه. وكان جَهْمُ ينفي الصفات السبعة، كالفلاسفة. وإليه ذَهَبَ المعتزلةُ، زعمًا منهم أن الصفات إن لم تَكُنْ عينَ الذات، فإِمَّا أن تكون واجبةً، أو ممكنةً، فعلى الأوَّلِ يَلْزَمُ تعدُّد الواجب، وعلى الثاني يَلْزَمُ الحدوث. وقام التَّفْتَازَانيُّ بجوابه، فلم يسوِّ شيئًا، غير أن قال: إنها ممكنةٌ لذاتها، وواجبةٌ لغيرها. قلتُ: إن الإِمكانَ بالذات، والاستحالةَ بالغير من مخترعات ابن سِينَا، وكان الشيءُ عند قدمائهم إمَّا واجبًا، أو ممكنًا. وكان الواجبُ عندهم ما يُوجَدُ أزلًا وأبدًا، والممكن ¬

_ (¬1) قلت: وآتيك نقولا من "الفتح" تزيدك بصيرة في أمره، قال الحافظ: وأما الجهمية فلم يختلف أحد ممن صنف في المقالات أنهم ينفون الصفات، حتى نسبوا إلى التعطيل، قال: والجهمية أتباع جهم بن صفوان، الذى قال بالإجبار، والاضطرار إلى الأعمال، وقال: لا فعل لأحد غير الله تعالى، وإنما ينسب الفعل إلى العبد مجازًا من غير أن يكون فاعلًا، أو مستطيعًا لشيء، وزعم أن علم الله حادث، وامتنع من وصف الله تعالى بأنه شيء روحي، أو عالم، أو مريد، حتى قال: لا أصفه بوصف يجوز إطلاقه على غيره، وثبت عن أبي حنيفة أنه قال: بالغ جهم في نفي التشبيه، حتى قال: إن الله ليس بشيء. وعن ابن مبارك: إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى، ونستعظم أن نحكي قول جهم، وأخرج ابن خزيمة في "التوحيد"، ومن طريقه البيهقي في "الأسماء" قال: سمعت أبا قدامة يقول: سمعت أبا معاذ البلخي، يقول: كان جهم على معبر ترمذ، وكان كوفي الأصل، فصيحًا، ولم يكن له علم، ولا مجالسة أهل العلم؛ فقيل له: صف لنا ربك، فدخل البيت لا يخرج كذا، ثم خرج بعد أيام، فقال: هو هذا الهواء، وفي كل شيء، ولا خلو منه شيء، ثم ذكر الحافظ بعض ما يتعلق بجهله، ثم قتل في آخر أمره، وإنما ذكرت شذرًا منه، لبعض الفوائد، والله تعالى أعلم.

ما يُوجَدُ مرَّةً، ويَنْعَدِمُ أخرى. وما لا يُوجَدُ أزلًا، وأبدًا فهو ممتنعٌ عندهم. هكذا صرَّح به ابن رُشْد. فلمَّا جاء ابنُ سِينَا، ورأى أن بعضَ قواعدهم لا يُوَافِقُ الشرع، أَرَادَ أن يتخذَ بين ذلك سبيلًا، فاخْتَرَعَ الإِمكانَ بالذات، والمستحيلَ بالغير. فإِطلاقُ الممكن بالذات مع الاستحالة بالغير إنما يَسُوغُ على مذهبه، ولا يَجِبُ علينا تسليم اصطلاحه، بل هي واجبةٌ عندنا، لكونها ضروريةَ الوجود، وليست بحيث تُوجَدُ مرَّةً، وتَنْعَدِمُ أخرى، فلا تكون ممكنةً. بقي أن وجوبَها هذا بالنظر إلى ماذا؟ فذاك أمرٌ لم يَخُضْ فيه قدماء الفلاسفة ولا يُعْقَلُ، وذلك اعتبارٌ ذهنيٌّ، فإن الواجبَ بالغير إذا سَاوَقَ الواجب بالذات في استحالة الانعدام، لم يَبْقَ بينهما كثيرُ فرقٍ إلَّا باعتبار الذهن، وذلك أيضًا ينبني على اعتبار هذا الغير خارجًا. فلو اعْتَبَرْنَاهُ داخلًا، عاد إلى الواجب بالذات، لكون الوجوب حينئذٍ من مقتضيات الذات دون الخارج. وأمَّا قولُهم: إن القيامَ بالغير يُلاَزِمُ الاحتياج، وهو مناطُ الإِمكان، فباطلٌ أيضًا، لبنائه على قواعد ابن سِينَا. فإن نفسَ الاحتياج لا يُوجِبُ الإِمكان عندنا، لأنه عبارةٌ عن وجود شيءٍ مرَّةً، وانعدامه أخرى. فإذا لَزِمَتْ تلك الصفات ذات الواجب لزومَ الضوء لجرم الشمس، فقد وُجِدَتْ مع الذات أزلًا وأبدًا، ولم تنفكَّ عنها في الخارج أصلًا. فهي إذن واجبةٌ على مذهبنا، فإِنا لا نقول: إلَّا أنَّ الممكنَ ما يَنْعَدِمُ ويُوجَدُ. وصرَّح ابن رُشْدٍ: أن قدماءَهم كانوا يَقُولُون: بأن الفلكَ واجبٌ بالذات، وممكنٌ بالتحرُّك. فلمَّا جاء ابنُ سِينَا، وزَعَمَ أنه قولٌ لا يَسُوغُ في الشرع أصلًا، غيَّر في التعبير إلى ما رَأَيْتَ. أمَّا قولُهم: بأن زيادةَ الصفات تُوجِبُ الاستكمال بالغير، فليس بشيءٍ. كيف وأن الشيخين منهم ذَهَبَا إلى أن علمَ الباري تعالى حصوليٌّ، فهل لَزِمَ منه الاستكمال بالغير. والعجبُ من هؤلاء أنهم نفوا كثيرًا من صفاته تعالى، فنفوا عنه القدرة، والإِرادة، وغيرها. بقي العلم، فقالوا: بأنه حصوليٌّ، فيكون غير الذات لا محالة. فلم يَبْقَ إذن لقولهم بعينيَّةِ الصفات مفهومٌ محصَّلٌ. وقد كَشَفْنَا عن مغالطتهم في المقدمة مفصَّلًا، فراجعه منه. فالصوابُ أن الله سبحانه عزَّ برهانه، ليس مجرَّدًا عن الكمالات في مرتبةٍ من المراتب، بل تلك الصفات من فروع كمال الذات، كما عبَّر بهذا ابن الهُمَام في «التحرير». ولولا الذاتُ كاملةٌ بحسب نفسها، لَمَا كانت فيها تلكل الصفات، فإنها

2 - باب قول الله تبارك وتعالى: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} [الإسراء: 110]

مبدؤها. فإن الذاتَ لبساطتها عينُ علمٍ، وعينُ كلِّ كمالٍ، بمعنى مبادىء تلك الصفات، إذ يَسْتَحِيلُ أن تتكثَّرَ الذاتُ في مرتبة ذاتها. 7375 - قوله: (لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمنِ)، وإطلاقُ الصفة في ذاته تعالى غير مُنَاسِبٍ عند الشيخ الأكبر. قلتُ: كيف! وقد وَرَدَ في صريح لفظ الحديث. 2 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: 110] 7376 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَأَبِى ظَبْيَانَ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَرْحَمُ اللهُ مَنْ لاَ يَرْحَمُ النَّاسَ». طرفه 6013 - تحفة 3211 7377 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ إِحْدَى بَنَاتِهِ يَدْعُوهُ إِلَى ابْنِهَا فِى الْمَوْتِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ارْجِعْ فَأَخْبِرْهَا أَنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَىْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَمُرْهَا فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ». فَأَعَادَتِ الرَّسُولَ أَنَّهَا أَقْسَمَتْ لَتَأْتِيَنَّهَا، فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَامَ مَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَدُفِعَ الصَّبِىُّ إِلَيْهِ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ كَأَنَّهَا فِى شَنٍّ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللهُ فِى قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ». أطرافه 1284، 5655، 6602، 6655، 7448 - تحفة 98 3 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58] 7378 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا أَحَدٌ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ، يَدَّعُونَ لَهُ الْوَلَدَ، ثُمَّ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ». طرفه 6099 - تحفة 9015 قال العلماءُ: إن اسمَ الرحمن كان مشهورًا عند بني إسرائيل، واسمَ الله عزَّ وجلَّ عند بني إسماعيل. فَلِذَا (¬1) جمع القرآن بينهما في التسمية، ودَلَّ على أن تعالى أسماءَ ¬

_ (¬1) قلت: وهذا كالجمع بين القبلتين للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن الجهات مختلفة، والمستقبل فيها واحد {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} فكذلك الأسماء مختلفة، والمسمى ليس إلا هو، فادعوه بهذا الاسم، أو بهذا، فإن له الأسماء الحسنى، والمدعو من كلها هو ذات الله تبارك وتقدس، فلما أراد الله تعالى أن تتحد الأديان، ويختم على الوحي، ويطوي بساط العالم، جمع بين القبلتين، وجمع بين اسميه في التسمية، ليدل أن الدين كله لله، ولم يكن الاختلاف فيه اختلاف أصول، بل اختلاف فصول، فعاد الكل إلى أصل واحد.

4 - باب

كلَّها حُسْنَى، والذاتَ واحدةٌ. وذَهَبَ بعضُ النحاة إلى أن «الرحمن» أيضًا من أسماء الذات. وأَظُنُّ أنه لا بُعْدَ في أن تكونَ الرحمةُ من الصفات الذاتية، لا من صفات الأفعال. فإن قلتَ: إن لها ضِدًّا، وهو الغضبُ، وكلاهما من صفات الرَّبِّ جلَّ مجده، فيكون من صفات الأفعال لا محالة. قلتُ: جاز أن يكونَ الغضبُ في مرتبة الأفعال، ولا يكون للصفة شيءٌ يقابلها. وحينئذٍ خَرَجَ شرحٌ آخر لقوله صلى الله عليه وسلّم «سَبَقَتْ رحمتي غضبي»، بمعنى أن الرحمةَ لم يُوجَدْ لها ضِدٌّ، وصفاتِ الأفعال لها أضدادٌ. وقد تكلَّمنا على الحديث، فيما مرَّ مبسوطًا، فتذكَّرْهُ. 4 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26)} [الجن: 26]، وَ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: 34]، وَ {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: 166]، وَ {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ} [فاطر: 11]، {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ} [فصلت: 47]، قَالَ يَحْيَى: الظَّاهِرُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ عِلْمًا، وَالْبَاطِنُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ عِلْمًا. 142/ 9 7379 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ اللَّهُ، لاَ يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ إِلاَّ اللَّهُ، وَلاَ يَعْلَمُ مَا فِى غَدٍ إِلاَّ اللَّهُ، وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِى الْمَطَرُ أَحَدٌ إِلاَّ اللَّهُ، وَلاَ تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِلاَّ اللَّهُ، وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ اللَّهُ». أطرافه 1039، 4627، 4697، 4778 - تحفة 7183 7380 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ وَهْوَ يَقُولُ {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: 103] وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْغَيْبَ فَقَدْ كَذَبَ، وَهْوَ يَقُولُ لاَ يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ. أطرافه 3234، 3235، 4612، 4855، 7531 - تحفة 17613 ولم يَقُلْ: فلا يَظْهَرُ غَيْبَهُ على أحدٍ، لأن الغيبَ خِزَانةٌ، ولا يريد اللهُ سبحانه أن يطَّلِعَ أحدٌ على غيبه. ومن ههنا جاء هذا التعبير. قال الزمخشريُّ: إن اللَّهَ سبحانه أخبر بعدم إظهار غيبه إلَّا ما كان بالوحي، فانتفى الشكفُ، ولم يَبْقَ منه شيءٌ. قلتُ: إن الاستئناءَ منقطعٌ، والجملةُ بأسرها مستثنًى، والمعنى: أن الاطِّلاعَ بهذه الصفة يَخْتَصُّ بالأنبياء عليهم السَّلام. والمرادُ منها القطع، فالاطِّلاعُ على سبيل القطع من خواص الأنبياء عليهم السَّلام، فبقي الكشفُ مسكوتًا عنه. ومعلومٌ أن ما يتلقَّوْن من أوليائه تعالى من الإِلهام والكشف، فهو على سبيل الظنِّ دون القطع. وما يَدُلُّكَ على أن الاستثناءَ منقطعٌ، قوله تعالى في موضعٍ آخر: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ} [آل عمران: 179]

5 - باب قول الله تعالى: {السلام المؤمن} [الحشر: 23]

فجاء بحرف «لكن»، وذلك صريحٌ في المنقطع. 5 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ} [الحشر: 23] 7381 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ حَدَّثَنَا شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كُنَّا نُصَلِّى خَلْفَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَقُولُ السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ وَلَكِنْ قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِىُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ». أطرافه 831، 835، 1202، 6230، 6265، 6328 - تحفة 9293 والسَّلامُ بمعنى من يُسَلِّم غيرَه، لا بمعنى من يكون سالمًا بنفسه، وإن تحقَّق بهذا المعنى في ذاته تعالى أيضًا. 6 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {مَلِكِ النَّاسِ (2)} [الناس: 2] فِيهِ ابْنُ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 7382 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَطْوِى السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ». وَقَالَ شُعَيْبٌ وَالزُّبَيْدِىُّ وَابْنُ مُسَافِرٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ. أطرافه 4812، 6519، 7413 تحفة 13322، 15176، 15265، 15195، 15137 7 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [إبراهيم: 4] {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180)} [الصافات: 180]. {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ} [المنافقون: 8]، وَمَنْ حَلَفَ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَصَفَاتِهِ. وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم «تَقُولُ جَهَنَّمُ: قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ». وَقَالَ أَبُو هُرَيرَةَ، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلّم «يَبْقى رَجُلٌ بَينَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولًا الجَنَّةَ، فَيَقُولُ: رَبِّ اصْرِف وَجْهِي عَنِ النَّارِ، لاَ وَعِزَّتِكَ لاَ أَسْأَلُكَ غَيرَهَا». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلّم قَالَ: «قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَكَ ذلِكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ». وَقَالَ أَيُّوبُ: «وَعِزَّتِكَ، لاَ غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ». 7383 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ «أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، الَّذِى لاَ يَمُوتُ وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ يَمُوتُونَ». تحفة 6550

8 - باب قول الله تعالى: {وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق} [الأنعام: 73]

7384 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا حَرَمِىٌّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُلْقَى فِى النَّارِ». وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ. وَعَنْ مُعْتَمِرٍ سَمِعْتُ أَبِى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَزَالُ يُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ. حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَدَمَهُ فَيَنْزَوِى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ تَقُولُ قَدْ قَدْ بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ. وَلاَ تَزَالُ الْجَنَّةُ تَفْضُلُ حَتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ لَهَا خَلْقًا فَيُسْكِنَهُمْ فَضْلَ الْجَنَّةِ». طرفاه 4848، 6661 - تحفة 1279، 1177، 1230 8 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} [الأنعام: 73] 7385 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُو مِنَ اللَّيْلِ «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، قَوْلُكَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِى لاَ إِلَهَ لِى غَيْرُكَ». حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِهَذَا وَقَالَ أَنْتَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ. أطرافه 1120، 6317، 7442، 7499 - تحفة 5702 - 144/ 9 9 - باب {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 134] وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ تَمِيمٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى عَلَى النبي صلى الله عليه وسلّم {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1]. تحفة 16332. 7386 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ فَكُنَّا إِذَا عَلَوْنَا كَبَّرْنَا فَقَالَ «ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا قَرِيبًا». ثُمَّ أَتَى عَلَىَّ وَأَنَا أَقُولُ فِى نَفْسِى لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. فَقَالَ لِى «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ قُلْ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ». أَوْ قَالَ أَلاَ أَدُلُّكَ بِهِ. أطرافه 2992، 4205، 6384، 6409، 6610 - تحفة 9017 7387 و 7388 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رضى الله عنه - قَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِى دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِى صَلاَتِى. قَالَ «قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّى ظَلَمْتُ

نَفْسِى ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِى مِنْ عِنْدِكَ مَغْفِرَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ». طرفاه 834، 6326 - تحفة 8928، 6606 7389 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - حَدَّثَتْهُ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ نَادَانِى قَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ». طرفه 3231 تحفة 16700، 16718 قد أَشْكَلَ عليهم إثباتُ السمع والبصر تعالى، من حيث أن علمَ الله تعالى محيطٌ بجميع الأشياء، فلم يَبْقَ شيءٌ ما إلَّا وقد دَخَلَ في حيطته، مُبْصَرًا كان أو مَسْمُوعًا، فليس شيءٌ إلَّا وقد عَلِمَهُ اللهُ تعالى من علمه المحيط. وحينئذٍ لو أثبتنا له السمعَ والبصرَ، لا تكون فيه فائدةٌ، وإنَّما كان السمعُ والبصرُ في الممكنات، لأنَّ علمَ البشر ناقصٌ جدًا لا يشمل غير الكليات، أو بعض الجزئيات المجرَّدة. أمَّا المسموعات والمُبْصَرَات، وكذلك سائر ما يُدْرَكُ بالحواس، فلا عِلْمَ لهم بهما أصلًا، فكانت تلك الصفات لتكميل علمهم. فَذَهَبَ الغزاليُّ إلى أنهما عبارتان عن حصتين من العلم، فالعلمُ بالمسموعات هو المعبَّرُ عنه بالسمع، وكذلك البصر. فكأنَّه أرجعهما إلى العلم، ولم يَجْعَلْ لهما مِصْدَاقًا غيره، وهذا هو المنسوبُ إلى الأشاعرة. وذهب المَاتُرِيدِيُّ إلى كونهما غير العلم، غير أن علماءَنا لم يَذْكُرُوا لإِيضاحه شيئًا. قلتُ: وهذا الذي عرض لشيخ الإِشراق، حيث ذَهَبَ إلى أن عِلْمَه تعالى كلَّه بالإِبصار، وذلك عنده علمٌ حضوريٌّ، فَأَرْجَعَ العلمَ إلى البصر، على خلاف الغزاليِّ، فالعلمُ عنده ليس أمرًا غير الرؤية، فانْحَصَرَ علمُه تعالى كلُّه في الإِبصار عنده. أمَّا قدماءُ الفلاسفة، فلم يتعرَّض أحدٌ منهم إلى أن صفةَ السمع مذا، وصفةَ البصر ماذا. وما لهم أن يتكلَّموا بعدما لم يُرْزَقُوا الاعتقاد بهاتين الصفتين، فإنَّ الأغبياءَ قد نفوها رأسًا. نعم جاء الإِشراقيُّ في الدورة الإِسلامية، فتكلَّم هو في السمع والبصر، وأَرْجَعَ العلمَ أيضًا إلى البصر. وبالجملة تفرَّقت فيها كلمات القوم، فمنهم من نفاهما، ومنهم من أَدْرَجَها تحت العلم، ومنهم من عَكَسَ، فَجَعَلَ العلمَ كلَّه البَصَرَ لا غير. فهذا ما سَمِعْتُ سعيهم في هذا الباب. والذي أرى هو أنه لا بُدَّ من هاتين الصفتين في ذاته تعالى، فإنهما أيضًا من الصفات الكمالية، وليس من الكمالات شيءٌ إلَّا والله تعالى سبحانه جامعٌ له. ومحصَّل الكلام: أن العَالَمَ قبل وجوده كان في حيطة علمه تعالى بكشفٍ تفصيليَ، فلمَّا خَرَجَ إلى ساحة الوجود تعلَّق به السمعُ والبصرُ أيضًا، لا بمعنى زيادة شيءٍ في الكشف والانجلاء بعده، بل بمعنى تكرُّر العلم بهذين النحوين أيضًا. فهذان نحوان

10 - باب قول الله تعالى: {قل هو القادر} [الأنعام: 65]

للانكشاف، وإن اتحدا مع العلم في الثمرة، إلَّا أن الانكشافَ في العلم بنحوٍ آخر، وفي هاتين بنحوٍ آخر، وكلا النحوين يُغْنِي أحدُهما عن الآخر من حيث أن الانكشافَ تامٌّ فيهما. فحينئذٍ لا يُفِيدَان إلَّا تكرُّر العلم بهذين الطريقين أيضًا، فالسمعُ يَقْتَصِرُ على المسموعات، أمَّا البصرُ فَيَعُمُّ المبصرات. وهذا التكرُّر إنما يكون بالنسبة إلى الباري تعالى، أمَّا في البعد فلا، فإنَّ السمعَ والبصرَ فيه يتعلَّقان بما لا يُدْرِكُهُ العقلُ، كما عَلِمْتَ، فمدركاتهما غير مدركات العقل. وذهب جماعةٌ من المتكلِّمين إلى تعميم السمع، فجوَّز تعلُّقه بالأجساد أيضًا: فَيُقَالُ: سَمِعْتُ هذا الجسد. بقي الذَّوْقُ، والشَّمُّ، وغيرهما، فهي من خواص الماديات. فإن قلتَ: إذا كان السمعُ والبصرُ غيرَ العلم، فما معنى قِدَمهما؟ فإنَّهما لا يتعلَّقان إلَّا بالمسموعات والمبصرات، وتلك حادثةٌ بالضرورة. قلتُ: قِدَمُهما كَقِدَم صِفات الأفعال عند المَاتُرِيدِيَّة، فالحلُّ هو الحلُّ، والتقريرُ هو التقريرُ، وسيأتي إيضاحُ ذلك. 7386 - قوله: (فإنَّكُم لا تَدْعُونَ أَصَمَّ، ولا غائبًا، تَدْعُون سَمِيعًا بَصِيرًا قَرِيبًا). واستفدتُ منه: أن السمعَ خاصٌّ بالمسموعات، لأنه قَابَلَهُ بالأصمِّ، والبصرُ عامٌّ، لأنه قَابَلَهُ بالغائب. 10 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ} [الأنعام: 65] 7390 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى الْمَوَالِى قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يُحَدِّثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ يَقُولُ أَخْبَرَنِى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّلَمِىُّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ الاِسْتِخَارَةَ فِى الأُمُورِ كُلِّهَا، كَمَا يُعَلِّمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ «إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الأَمْرَ - ثُمَّ تُسَمِّيهِ بِعَيْنِهِ - خَيْرًا لِى فِى عَاجِلِ أَمْرِى وَآجِلِهِ - قَالَ أَوْ فِى دِينِى وَمَعَاشِى وَعَاقِبَةِ أَمْرِى - فَاقْدُرْهُ لِى، وَيَسِّرْهُ لِى، ثُمَّ بَارِكْ لِى فِيهِ، اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ شَرٌّ لِى فِى دِينِى وَمَعَاشِى وَعَاقِبَةِ أَمْرِى - أَوْ قَالَ فِى عَاجِلِ أَمْرِى وَآجِلِهِ - فَاصْرِفْنِى عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِىَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِى بِهِ». طرفاه 1162، 6382 - تحفة 3055 - 145/ 9 11 - باب مُقَلِّبِ الْقُلُوبِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ} [الأنعام: 110]. 7391 - حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ

12 - باب إن لله مائة اسم إلا واحدا

سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَكْثَرُ مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَحْلِفُ «لاَ وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ». طرفاه 6617، 6628 - تحفة 7024 12 - باب إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ اسْمٍ إِلاَّ وَاحِدًا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {ذُو الْجَلَالِ} [الرحمن: 27] الْعَظَمَةِ، {الْبَرُّ} [الطور: 28] اللَّطِيفُ. 7392 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ». {أَحْصَيْنَاهُ} [يس: 12] حَفِظْنَاهُ. طرفاه 2736، 6410 - تحفة 13727 والأسماءُ الحُسْنَى عند الأشاعرة عبارةٌ عن الإِضافات، وأما عند المَاتَرِيدِيَّة فكلها مندرجةٌ في صفة التكوين. ثم إن قولَه: «مئة إلَّا واحدة»، بعد قوله: «إن تسعةً وتسعين اسمًا»، ليس إلَّا تفنُّنًا في التعبير. واعلم أنَّ للقوم نِزَاعًا في أن أسماءَه تعالى عينُ المسمَّى، أو غيره؟ ولا يُعْلَمُ ماذا منشؤه، كما نيَّة عليه في بعض حواشي البيضاويِّ وقد كان السيد الجُرْجَاني أراده في «شرح المواقف»، لكنه اخطتفته المنايا قبل تكميله. وذكر الغزاليُّ، وغيرُه: أن أصلَ نزاعهم كان في صفاته تعالى، أنها عينُه، أو غيره. ولما كانت الأسماءُ مشتقةً من تلك الصفات، سَرَى هذا الاختلاف في الأسماء أيضًا. 13 - باب السُّؤَالِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَالاِسْتِعَاذَةِ بِهَا 7393 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ فِرَاشَهُ فَلْيَنْفُضْهُ بِصَنِفَةِ ثَوْبِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَلْيَقُلْ بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِى وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِى فَاغْفِرْ لَهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ». تَابَعَهُ يَحْيَى وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَزَادَ زُهَيْرٌ وَأَبُو ضَمْرَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلاَنَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تَابَعَهُ مُحمدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَأُسَامَةُ بْنُ حَفصٍ. طرفه 6320 - تحفة 12984، 13012، 13037، 14306 - 146/ 9 7394 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِىٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ «اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَحْيَا وَأَمُوتُ». وَإِذَا أَصْبَحَ قَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ». أطرافه 6312، 6314، 6324 - تحفة 3308 7395 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ

14 - باب ما يذكر فى الذات والنعوت وأسامى الله

عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ «بِاسْمِكَ نَمُوتُ وَنَحْيَا، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ». طرفه 6325 - تحفة 11910 7396 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِىَ أَهْلَهُ فَقَالَ بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا. فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِى ذَلِكَ لَمْ يَضُرُّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا». أطرافه 141، 3271، 3283، 5165، 6388 - تحفة 6349 7397 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ أُرْسِلُ كِلاَبِى الْمُعَلَّمَةَ. قَالَ «إِذَا أَرْسَلْتَ كِلاَبَكَ الْمُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَأَمْسَكْنَ فَكُلْ، وَإِذَا رَمَيْتَ بِالْمِعْرَاضِ فَخَزَقَ فَكُلْ». أطرافه 175، 2054، 5475، 5476، 5477، 5483، 5484، 5485، 5486، 5487 تحفة 9878 7398 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ قَالَ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هُنَا أَقْوَامًا حَدِيثًا عَهْدُهُمْ بِشِرْكٍ، يَأْتُونَا بِلُحْمَانٍ لاَ نَدْرِى يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا أَمْ لاَ. قَالَ «اذْكُرُوا أَنْتُمُ اسْمَ اللَّهِ وَكُلُوا». تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالدَّرَاوَرْدِىُّ وَأُسَامَةُ بْنُ حَفْصٍ. طرفاه 2057، 5507 - تحفة 16950، 17235، 17033، 16762 7399 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ ضَحَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِكَبْشَيْنِ، يُسَمِّى وَيُكَبِّرُ. أطرافه 5553، 5554، 5558، 5564، 5565 - تحفة 1364 7400 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ جُنْدَبٍ أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ النَّحْرِ صَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّىَ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ». أطرافه 985، 5500، 5562، 6674 - تحفة 3251 - 147/ 9 7401 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، وَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ». تحفة 7258 14 - باب مَا يُذْكَرُ فِى الذَّاتِ وَالنُّعُوتِ وَأَسَامِى اللَّهِ وَقَالَ خُبَيْبٌ: وَذَلِكَ فِى ذَاتِ الإِلَهِ، فَذَكَرَ الذَّاتَ بِاسْمِهِ تَعَالَى. 7402 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ أَبِى سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِىُّ - حَلِيفٌ لِبَنِى زُهْرَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِى هُرَيْرَةَ - أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَةً مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الأَنْصَارِىُّ، فَأَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ

15 - باب قول الله تعالى: {ويحذركم الله نفسه} [آل عمران: 28]

عِيَاضٍ أَنَّ ابْنَةَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ قَالَ خُبَيْبٌ الأَنْصَارِىُّ * وَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلى أَيِّ شِقّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي * وَذلِكَ في ذَاتِ الإِلهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلوٍ مُمَزَّعِ فَقَتَلَهُ ابْنُ الْحَارِثِ فَأَخْبَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ يَوْمَ أُصِيبُوا. أطرافه 3045، 3989، 4086 - تحفة 14271 قد تردَّد بعضُهم في إطلاق الذات على الله تعالى، لكونها مؤنَّث ذو، فَأَزَاحَهُ المصنِّفُ وجوَّزه، سواء قلتَ: إنها مؤنَّث ذو، أو قلتَ: إنها اسمٌ مستقلٌّ، وعلى الأوَّلِ تكون منسلخةً عن معنى التأنيث، وتكون للجزء المعيَّن فقط. ثم لفظُ النعت أَوْلَى من لفظ الصفة، وذلك لأنَّ المتكلِّمين قسَّمُوهَا إلى قسمين: عقلية، وسمعية، وأَرَادُوا من العقلية: الصفات السبع، ومن السمعية نحو: يد، ووجه، وغيرهما من المُتَشَابِهَات. وإنما سمَّوها صفاتٍ سمعيةً لكونها مما لا يُدْرَكُ إلَّا من جهة السمع. وعبَّر المصنِّفُ عن تلك الصفات بالنعوت، وهو الأقربُ. فإن لفظَ الصفة على مصطلح أهل العرف يَدُلُّ على كونها معانٍ خارجةً عن الذات. فتسميتها بالنعت أَوْلَى، لأن النعتَ هو وصفٌ حلية لأحد، ليفيد معرفته كما في حديث مسلم في حديث ذي الخُوَيْصِرَةِ، فإذا هو على النعت الذي نعته النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وقد سمَّاها الشاهُ عبد العزيز حقائقَ إلهيةً، وكُنْتُ أرى أن تعبيرَها بالنعت أَوْلَى من تعبيره، ثم بدا لي أنه لعلَّه أخذه من الشيخ الأكبر. 15 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 28] وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: 116]. 7403 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ، وَمَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ». أطرافه 4634، 4637، 5220 - تحفة 9256 7404 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِى كِتَابِهِ - هُوَ يَكْتُبُ عَلَى نَفْسِهِ، وَهْوَ وَضْعٌ عِنْدَهُ عَلَى الْعَرْشِ - إِنَّ رَحْمَتِى تَغْلِبُ غَضَبِى». أطرافه 3194، 7412، 7453، 7553، 7554 - تحفة 12494 7405 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِى، فَإِنْ ذَكَرَنِى فِى نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِى نَفْسِى، وَإِنْ ذَكَرَنِى فِى مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِى مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ ذِرَاعًا

16 - باب قول الله تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه} [القصص: 88]

تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِى يَمْشِى أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً». طرفه 7505، 7537 - تحفة 12373 - 148/ 9 والظاهرُ حَجْرُ إطلاق النفس على ذاته تعالى، لأنَّه من التنفُّس. إلَّا أن المصنِّفَ جوَّزه، نظرًا إلى ورود الشرع به، فيكون مبنيًّا على الانسلاخ. 7405 - قوله: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي) وآخرُ ما وَضَحَ لي في مراده: أنَّ كلَّ أحدٍ يُحِبُّ صاحبًا يكون معه ليَسْكُنَ إليه، ويطمئنَ به، فذلك من خاصَّة الذكر. فَمَنْ ذَكَرَ الله تعالى يَجِد الله تعالى جليسه، وعنده يطمئنُّ بذكره قلبه، ويَنْشَرِحُ به صدره، قال تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]. وهكذا وَرَدَ في لفظٍ: «أنا معه إذا ذَكَرَني»، فمعيته تعالى هي من خاصة ذكره جلَّ مجده. فإنَّ الإِنسانَ يَشْمَئِزُّ من الوحدة والانفراد، ويَحْرِصُ على أن يكونَ معه آخر يَسْتَأْنِسُ به. فمن ذَكَرَ اللَّهَ تعالى، فإنَّه يجده عنده ومعه يَسْتَأْنِسُ به، ويَسْتَلِذُّ بقربه. كيف لا وهو الرفيقُ الأعلى. وحينئذٍ ظَهَرَ معنى الفاء في قوله: «فإن ذكرني في نفسه» ... إلخ. وهل أَدْرَكْتَ معنى قوله: «في نفسي؟»، ولعلَّك ما ذُقْتَهُ. فاعلم أنه مقابلٌ لقوله: «فإن ذكرني في ملأ». ومعلومٌ أن التكلُّمَ يَستدعي أن يكونَ هناك أحدٌ يَسْمَعُ كلامه ليخاطبه، وإذا لم يَكُنْ هناك أحدٌ، لا بُدَّ إلى قيدٍ في النفس، أو يَحْذُوَ حَذْوَهُ. فإذا قلتَ: تكلَّمتُ في نفسي، يكون معقولًا ولو لم يَكُنْ هناك أحدٌ. فلو لم يَكُنْ هناك أحدٌ يَسْمَعُ كلامك، وقلتَ: تكلَّمْتُ - بدون قيدٍ - لم يعقَّل المعنى. وههنا لمَّا كان الذكرُ في النفس مقابلًا لذكره في ملأٍ، قيَّده به ليعقل الذكر بدون ملأٍ. فافهم، ولا تَعْجَل، فَرُبَّ عَجَلَةٍ تُفْضِي إلى عَثُرَةٍ. ثم إنه لا دليلَ فيه على فضل الذكر السريِّ على الجهريِّ، والذي فيه: أن الجزاءَ من جنس عمله، فَجُوزِيَ كما عَمِلَ. فإذا ذَكَرَهُ في ملأٍ يُذْكَرُ في ملأٍ، لأن هذا جزاءه من جنس عمله. وإذا ذَكَرَ خاليًا، يُذْكَرُ كذلك لكون ذلك جزاءه، لا لأنَّه أفضل أو مفضول. 16 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] 7406 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأنعام: 65] قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ». فَقَالَ {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ». قَالَ {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هَذَا أَيْسَرُ». طرفاه 4628، 7313 - تحفة 2516 17 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39] تُغَذَّى. وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14]. 7407 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ

18 - باب قول الله تعالى: {هو الله الخالق البارئ المصور} [الحشر: 24]

ذُكِرَ الدَّجَّالُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَخْفَى عَلَيْكُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَيْنِهِ - وَإِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ». أطرافه 3057، 3337، 3439، 4402، 6175، 7123، 7127 - تحفة 7639 7408 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ أَنْذَرَ قَوْمَهُ الأَعْوَرَ الْكَذَّابَ، إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ». طرفه 7131 - تحفة 1241 فالعينُ، والوجهُ، وأمثالُهما كلُّها من النعوت. وما أحلى تلك الكلمات في شأن موسى عليه الصلاة والسَّلام. 18 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} [الحشر: 24] 7409 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا مُوسَى - هُوَ ابْنُ عُقْبَةَ - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ فِى غَزْوَةِ بَنِى الْمُصْطَلِقِ أَنَّهُمْ أَصَابُوا سَبَايَا فَأَرَادُوا أَنْ يَسْتَمْتِعُوا بِهِنَّ وَلاَ يَحْمِلْنَ فَسَأَلُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْعَزْلِ فَقَالَ «مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَفْعَلُوا، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ كَتَبَ مَنْ هُوَ خَالِقٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». وَقَالَ مُجَاهِدٌ عَنْ قَزَعَةَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ فَقَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَتْ نَفْسٌ مَخْلُوقَةٌ إِلاَّ اللَّهُ خَالِقُهَا». أطرافه 2229، 2542، 4138، 5210، 6603 - تحفة 4111، 4280 - 149/ 9 19 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] 7410 - حَدَّثَنِى مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَجْمَعُ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ فَيَقُولُونَ لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا. فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ يَا آدَمُ أَمَا تَرَى النَّاسَ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْجَدَ لَكَ مَلاَئِكَتَهُ وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَىْءٍ، شَفِّعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا. فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكَ - وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِى أَصَابَ - وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا، فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ. فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِى أَصَابَ - وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ. فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطَايَاهُ الَّتِى أَصَابَهَا - وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى عَبْدًا أَتَاهُ اللَّهُ التَّوْرَاةَ وَكَلَّمَهُ تَكْلِيمًا - فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِى أَصَابَ - وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ وَكَلِمَتَهُ وَرُوحَهُ. فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ وَلَكِنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - عَبْدًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. فَيَأْتُونِى فَأَنْطَلِقُ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّى فَيُؤْذَنُ لِى عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّى وَقَعْتُ لَهُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِى مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِى ثُمَّ يُقَالُ لِى

ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَحْمَدُ رَبِّى بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِى حَدًّا فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَرْجِعُ فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّى وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِى مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِى ثُمَّ يُقَالُ ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَحْمَدُ رَبِّى بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا رَبِّى ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِى حَدًّا فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَرْجِعُ فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّى وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِى مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِى ثُمَّ يُقَالُ ارْفَعْ مُحَمَّدُ، قُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَحْمَدُ رَبِّى بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِى حَدًّا فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَرْجِعُ فَأَقُولُ يَا رَبِّ مَا بَقِىَ فِى النَّارِ إِلاَّ مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ». قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. وَكَانَ فِى قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ شَعِيرَةً، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. وَكَانَ فِى قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ بُرَّةً، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. وَكَانَ فِى قَلْبِهِ مَا يَزِنُ مِنَ الْخَيْرِ ذَرَّةً». أطرافه 44، 4476، 6565، 7440، 7509، 7510، 7516 - تحفة 1356 - 150/ 9 7411 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَدُ اللَّهِ مَلأَى لاَ يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ - وَقَالَ - أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِى يَدِهِ - وَقَالَ - عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَبِيَدِهِ الأُخْرَى الْمِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ». أطرافه 4684، 5352، 7419، 7496 - تحفة 13740 7412 - حَدَّثَنَا مُقَدَّمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَمِّى الْقَاسِمُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ يَقْبِضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الأَرْضَ وَتَكُونُ السَّمَوَاتُ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ». رَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ مَالِكٍ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ سَمِعْتُ سَالِمًا سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا. أطرافه 3194، 7404، 7453، 7553، 7554 - تحفة 8087، 8392، 6774 7413 - وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ». أطرافه 4812، 6519، 7382 - تحفة 15176 7414 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِى مَنْصُورٌ وَسُلَيْمَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ يَهُودِيًّا جَاءَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْخَلاَئِقَ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَرَأَ {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الزمر: 67]. قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَزَادَ فِيهِ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا لَهُ. أطرافه 4811، 7415، 7451، 7513 - تحفة 9404 - 151/ 9 7415 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ سَمِعْتُ

20 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم -: «لا شخص أغير من الله»

إِبْرَاهِيمَ قَالَ سَمِعْتُ عَلْقَمَةَ يَقُولُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْخَلاَئِقَ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْمَلِكُ. فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَرَأَ {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}. أطرافه 4811، 7414، 7451، 7513 - تحفة 9422 20 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لاَ شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ» وَقَالَ عُبَيدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ المَلِكِ: لاَ شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ. 7416 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِى لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «تَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، وَاللَّهِ لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّى، وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ الْمُبَشِّرِينَ وَالْمُنْذِرِينَ وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللهُ الْجَنَّةَ». طرفه 6846 - تحفة 11538 فيه إطلاقُ الشخص على ذاته تعالى، مع عدم صُلُوحه لغةً، فهو أيضًا مبنيٌّ على التجريد والانسلاخ عن معناه الأصليِّ. ونُوقِشَ (¬1) أن الحديث في مورد النفي، والمقصودُ هو إثباتُ إطلاقه عليه تعالى. قلتُ: فلينظر في أن «من» التفضيلية إذا وَرَدَتْ بعد النفي، فهل يكون فيه إطلاق المنفي على مدخولها، أو لا؟. 21 - باب {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً} [الأنعام: 19] وَسَمَّى اللهُ تَعَالَى نَفْسَهُ شَيْئًا، قُلِ اللهُ، وَسَمَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْقُرْآنَ شَيْئًا، وَهْوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ. وَقَالَ: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88]. 7417 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِرَجُلٍ «أَمَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَىْءٌ». قَالَ نَعَمْ سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا. لِسُوَرٍ سَمَّاهَا. أطرافه 2310، 5029، 5030، 5087، 5121، 5126، 5132، 5135، 5141، 5149، 5150، 5871 - تحفة 4742 ¬

_ (¬1) قلت: ونحوه تكلموا في قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يمل حتى تملوا، قالوا فيه ما معناه: هل فيه إثبات الملال لله تعالى، أو نفيه عنه؟ فأجاب عنه الطحاوي في "مشكله" ص 274 - ج 1، ونعم الجواب، فقال ما حاصله: إنه كلام مخرج على حد قولهم: لا ينقطع فلان من خصومة خصمه، حتى ينقطع خصمه، فإنهم لا يريدون بذلك أنه ينقطع بعد انقطاع خصمه، ولكنهم يريدون أنه لا ينقطع بعد انقطاع خصمه عنه، فمثل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يمل الله. الخ، أي أنكم قد تملون فتنقطعون، والله بعد مللكم وانقطاعكم، على الحال التي كان عليها قبل ذلك، من انتفاه الملل والانقطاع، والله تعالى أعلم بالصواب.

22 - باب {وكان عرشه على الماء} [هود: 7]

22 - باب {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: 7] {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة: 129]. قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} ارْتَفَعَ. {فَسَوَّاهُنَّ} [البقرة: 29]: خَلَقَهُنَّ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {اسْتَوَى} عَلاَ {عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54]، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الْمَجِيدُ} [البروج: 15] الْكَرِيمُ، {الْوَدُودُ} [البروج: 14] الْحَبِيبُ، يُقَالُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، كَأَنَّهُ فَعِيلٌ مِنْ مَاجِدٍ، مَحْمُودٌ مِنْ حَمِيدٍ. 152/ 9 7418 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ إِنِّى عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ جَاءَهُ قَوْمٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ فَقَالَ «اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِى تَمِيمٍ». قَالُوا بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا. فَدَخَلَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ «اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ». قَالُوا قَبِلْنَا. جِئْنَاكَ لِنَتَفَقَّهَ فِى الدِّينِ وَلِنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الأَمْرِ مَا كَانَ. قَالَ «كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَىْءٌ قَبْلَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، وَكَتَبَ فِى الذِّكْرِ كُلَّ شَىْءٍ». ثُمَّ أَتَانِى رَجُلٌ فَقَالَ يَا عِمْرَانُ أَدْرِكْ نَاقَتَكَ فَقَدْ ذَهَبَتْ فَانْطَلَقْتُ أَطْلُبُهَا، فَإِذَا السَّرَابُ يَنْقَطِعُ دُونَهَا، وَايْمُ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّهَا قَدْ ذَهَبَتْ وَلَمْ أَقُمْ. أطرافه 3190، 3191، 4365، 4386 - تحفة 10829 7419 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ يَمِينَ اللَّهِ مَلأَى لاَ يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مَا فِى يَمِينِهِ، وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَبِيَدِهِ الأُخْرَى الْفَيْضُ - أَوِ الْقَبْضُ - يَرْفَعُ وَيَخْفِضُ». أطرافه 4684، 5352، 7411، 7496 - تحفة 14711 7420 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَشْكُو فَجَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «اتَّقِ اللَّهَ، وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ». قَالَتْ عَائِشَةُ لَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَاتِمًا شَيْئًا لَكَتَمَ هَذِهِ. قَالَ فَكَانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - تَقُولُ زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ، وَزَوَّجَنِى اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ. وَعَنْ ثَابِتٍ {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ} [الأحزاب: 37] نَزَلَتْ فِى شَأْنِ زَيْنَبَ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ. طرفه 4787 - تحفة 305، 16039 أ 7421 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ نَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ فِى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَأَطْعَمَ عَلَيْهَا يَوْمَئِذٍ خُبْزًا وَلَحْمًا وَكَانَتْ تَفْخَرُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَتْ تَقُولُ إِنَّ اللَّهَ أَنْكَحَنِى فِى السَّمَاءِ. أطرافه 4791، 4792، 4793، 4794، 5154، 5163، 5166، 5168، 5170، 5171، 5466، 6238، 6239، 6271 - تحفة 1124 - 153/ 9 7422 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى

هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ لَمَّا قَضَى الْخَلْقَ كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ إِنَّ رَحْمَتِى سَبَقَتْ غَضَبِى». تحفة 13770 7423 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنِى هِلاَلٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَأَقَامَ الصَّلاَةَ، وَصَامَ رَمَضَانَ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ هَاجَرَ، فِى سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ جَلَسَ فِى أَرْضِهِ الَّتِى وُلِدَ فِيهَا». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نُنَبِّئُ النَّاسَ بِذَلِكَ. قَالَ «إِنَّ فِى الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِى سَبِيلِهِ، كُلُّ دَرَجَتَيْنِ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ». طرفه 2790 - تحفة 14236 7424 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ - هُوَ التَّيْمِىُّ - عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ «يَا أَبَا ذَرٍّ هَلْ تَدْرِى أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ». قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ «فَإِنَّهَا تَذْهَبُ تَسْتَأْذِنُ فِى السُّجُودِ فَيُؤْذَنُ لَهَا، وَكَأَنَّهَا قَدْ قِيلَ لَهَا ارْجِعِى مِنْ حَيْثُ جِئْتِ. فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا». ثُمَّ قَرَأَ " ذَلِكَ مُسْتَقَرٌّ لَهَا " فِى قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ. أطرافه 3199، 4802، 4803، 7433 - تحفة 11993 7425 - حَدَّثَنَا مُوسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ السَّبَّاقِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ حَدَّثَهُ قَالَ أَرْسَلَ إِلَىَّ أَبُو بَكْرٍ فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِى خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِىِّ لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة: 128] حَتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةٌ. أطرافه 2807، 4049، 4679، 4784، 4986، 4988، 4989، 7191 تحفة 6594، 3527 أ، 3729 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ بِهَذَا وَقَالَ مَعَ أَبِى خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِىِّ. تحفة 6594 7426 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْعَلِيمُ الْحَلِيمُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ». تحفة 5420 - 154/ 9 7427 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «النَّاسُ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ». أطرافه 2412، 3398، 4638، 6916، 6917 - تحفة 4405 7428 - وَقَالَ الْمَاجِشُونُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى

23 - باب قول الله تعالى: {تعرج الملائكة والروح إليه} [المعارج: 4]

هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بِالْعَرْشِ». أطرافه 2411، 3408، 3414، 6517، 6518، 7472 - تحفة 14966 23 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4] وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10]. وَقَالَ أَبُو جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ لأَخِيهِ: اعْلَمْ لِى عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ، الَّذِى يَزْعُمُ أَنَّهُ يَأْتِيهِ الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ} [فاطر: 10] يَرْفَعُ الْكَلِمَ الطَّيِّبَ، يُقَالُ {ذِي الْمَعَارِجِ} [المعارج: 3]: الْمَلاَئِكَةُ تَعْرُجُ إِلَى اللَّهِ. تحفة 6528 7429 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِى صَلاَةِ الْعَصْرِ وَصَلاَةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ بِكُمْ فَيَقُولُ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِى فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ». أطرافه 555، 3223، 7486 - تحفة 13809 7430 - وَقَالَ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلاَ يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلاَّ الطَّيِّبُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّى أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ». وَرَوَاهُ وَرْقَاءُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «وَلاَ يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلاَّ الطَّيِّبُ». طرفه 1410 - تحفة 12819، 13379 - 155/ 9 7431 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَدْعُو بِهِنَّ عِنْدَ الْكَرْبِ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ». أطرافه 6345، 6346 - تحفة 5420 7432 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِى نُعْمٍ - أَوْ أَبِى نُعْمٍ شَكَّ قَبِيصَةُ - عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ بُعِثَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِذُهَيْبَةٍ فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةٍ. وَحَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِى نُعْمٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ بَعَثَ عَلِىٌّ وَهْوَ بِالْيَمَنِ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِذُهَيْبَةٍ فِى تُرْبَتِهَا، فَقَسَمَهَا بَيْنَ الأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِىِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِى مُجَاشِعٍ، وَبَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِىِّ، وَبَيْنَ عَلْقَمَةَ بْنِ عُلاَثَةَ الْعَامِرِىِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِى كِلاَبٍ، وَبَيْنَ زَيْدِ الْخَيْلِ الطَّائِىِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِى نَبْهَانَ، فَتَغَضَّبَتْ قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ فَقَالُوا يُعْطِيهِ صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا قَالَ «إِنَّمَا

أَتَأَلَّفُهُمْ». فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، نَاتِئُ الْجَبِينِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ اتَّقِ اللَّهَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَمَنْ يُطِيعُ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُهُ فَيَأْمَنِّى عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَلاَ تَأْمَنُونِى». فَسَأَلَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ - قَتْلَهُ أُرَاهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ - فَمَنَعَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا وَلَّى قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ». أطرافه 3344، 3610، 4351، 4667، 5058، 6163، 6931، 6933، 7562 تحفة 4132 7433 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ قَوْلِهِ {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: 38] قَالَ «مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ». أطرافه 3199، 4802، 4803، 7424 - تحفة 11993 ذَهَبَ الحافظُ ابن تَيْمِيَة إلى قِدَمِ العرش - قِدَمًا نوعيًّا، وذلك لأنه إذا أخذ الاستواء بالمعنى المعروف، اضْطَرَّ إلى قِدَم العرش لا محالة، مع حديثٍ صريحٍ عند الترمذيِّ في حدوثه، ففيه: «ثم خَلَقَ عرشه على الماء». بَقِيَ الأشعريُّ، فلا حقيقةَ له عنده غير تعلُّق صفةٍ من صفات الله تعالى به. قلتُ: أمَّا الاستواءُ بمعنى جلوسه تعالى عليه، فهو باطلٌ لا يَذْهَبُ إليه إلَّا غبيٌّ، أو غويٌّ. كيف وأن العرشَ قد مرَّت عليه أحقابٌ من الدهر لم يَكُنْ شيئًا مذكورًا، فهل يُتَعَقَّلُ الآن الاستواء عليه بذلك المعنى؟ نعم أقول: إن هناك حقيقةً معهودةً عبَّر عنها بهذا اللفظ، فليس الاستواءُ عندي محمولًا على الاستعارة، ولا على الحسيِّ الذي نتعقَّلُه، بل هو نحوٌ من التجلي، وقد كشفنا عنه من قبل. قوله: ({اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ}) ... إلخ، أثبت تعالى العُلُوَ على ما يَلِيقُ بشأنه. قال الحافظُ ابن تَيْمِيَة: من أَنْكَرَ الجهَةَ تعالى، فهو كمن أَنْكَرَ وجودَه عزَّ برهانه. فإِنه وجودُ الممكن، كما لا يكون إلَّا في جهةٍ، وإنكارُ الجهة له يَؤُول إلى إنكار وجوده. كذلك الله سبحانه، لا يكون إلَّا في جهةٍ وهي العُلُو، وإنكارها يَنْجَرُّ إلى إنكار وجوده. قلتُ: ويا للعجبَ ويا للأسف، كيف سوَّى أمرَ الممكن، والواجب؟ أَمَا كان له أن يَنْظُرَ أنَّ من أَخْرَجَ العالمَ كلَّه من كتم العدم إلى بقعة الوجود، كيف تكون علاقته معه كعلاقة سائر المخلوقات؟ فإنَّ اللَّهَ تعالى كان ولم يكن معه شيءٌ، فهو خالقٌ للجهات. وإذن كيف يكون استواؤه في جهةٍ كاستواء المخلوقات، بل استواؤه كمعيته تعالى بالممكنات، وكأقربيته. والغُلُو في هذا الباب يُشْبِهُ القولَ بالتجسيم، والعياذ بالله أن نتعدَّى حدودَ الشرع.

24 - باب قول الله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة (22) إلى ربها ناظرة (23)} [القيامة: 22 - 23]

قوله: ({إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}) يَحْتَمِلُ معنيين: الأول: أن الكَلِمَ الطَّيِّبِ يَصْعَدُ إلى الله تعالى، لكنه لا بُدَّ للصعود من مَصْعَدٍ يُصْعِدُهُ، فَدَلَّ على أنه العملُ الصالحُ. والثاني: أن الكلمات الطيبات تَصْعَدُ إلى الله تعالى، ولا تحتاج إلى مصعد. وأمَّا العملُ الصالح، فإنه لا يُرْفَعُ إلَّا برفعه إليه، وذاك إذا كان خالصًا لوجهه الكريم. وما فسَّر به مجاهد، فَيُوَافِقُ التفسيرَ الأوَّل. 24 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة: 22 - 23] 7434 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ وَهُشَيْمٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ قَالَ «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لاَ تُضَامُّونَ فِى رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَلاَةٍ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَافْعَلُوا». أطرافه 554، 573، 4851، 7435، 7436 - تحفة 3223 - 156/ 9 7435 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ الْيَرْبُوعِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عِيَانًا». أطرافه 554، 573، 4851، 7434، 7436 - تحفة 3223 7436 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِىُّ عَنْ زَائِدَةَ حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَقَالَ «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا، لاَ تُضَامُّونَ فِى رُؤْيَتِهِ». أطرافه 554، 573، 4851، 7434، 7435 - تحفة 3223 7437 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّاسَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ تُضَارُّونَ فِى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ». قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَهَلْ تُضَارُّونَ فِى الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ». قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ، يَجْمَعُ اللهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ. فَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ الْقَمَرَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا شَافِعُوهَا - أَوْ مُنَافِقُوهَا شَكَّ إِبْرَاهِيمُ - فَيَأْتِيهِمُ اللهُ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإِذَا جَاءَنَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمُ اللهُ فِى صُورَتِهِ الَّتِى يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا. فَيَتْبَعُونَهُ وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَىْ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِى أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُهَا، وَلاَ يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الرُّسُلُ، وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ. وَفِى جَهَنَّمَ كَلاَلِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، هَلْ رَأَيْتُمُ السَّعْدَانَ». قَالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أَنَّهُ

لاَ يَعْلَمُ مَا قَدْرُ عِظَمِهَا إِلاَّ اللَّهُ، تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمُ الْمُوبَقُ بَقِىَ بِعَمَلِهِ، أَوِ الْمُوثَقُ بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمُ الْمُخَرْدَلُ أَوِ الْمُجَازَى أَوْ نَحْوُهُ، ثُمَّ يَتَجَلَّى حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ بِرَحْمَتِهِ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَمَرَ الْمَلاَئِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، مِمَّنْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَرْحَمَهُ مِمَّنْ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَيَعْرِفُونَهُمْ فِى النَّارِ بِأَثَرِ السُّجُودِ، تَأْكُلُ النَّارُ ابْنَ آدَمَ إِلاَّ أَثَرَ السُّجُودِ، حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ قَدِ امْتُحِشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ تَحْتَهُ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِى حَمِيلِ السَّيْلِ، ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَيَبْقَى رَجُلٌ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ هُوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولاً الْجَنَّةَ فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِى عَنِ النَّارِ، فَإِنَّهُ قَدْ قَشَبَنِى رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِى ذَكَاؤُهَا. فَيَدْعُو اللَّهَ بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَهُ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ هَلْ عَسَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ أَنْ تَسْأَلَنِى غَيْرَهُ. فَيَقُولُ لاَ وَعِزَّتِكَ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ، وَيُعْطِى رَبَّهُ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ مَا شَاءَ، فَيَصْرِفُ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، فَإِذَا أَقْبَلَ عَلَى الْجَنَّةِ وَرَآهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ ثُمَّ يَقُولُ أَىْ رَبِّ قَدِّمْنِى إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ أَلَسْتَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ أَنْ لاَ تَسْأَلَنِى غَيْرَ الَّذِى أُعْطِيتَ أَبَدًا، وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ. فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ. وَيَدْعُو اللَّهَ حَتَّى يَقُولَ هَلْ عَسَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَهُ. فَيَقُولُ لاَ وَعِزَّتِكَ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ، وَيُعْطِى مَا شَاءَ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ، فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا قَامَ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ انْفَهَقَتْ لَهُ الْجَنَّةُ فَرَأَى مَا فِيهَا مِنَ الْحَبْرَةِ وَالسُّرُورِ، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ ثُمَّ يَقُولُ أَىْ رَبِّ أَدْخِلْنِى الْجَنَّةَ. فَيَقُولُ اللَّهُ أَلَسْتَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ أَنْ لاَ تَسْأَلَ غَيْرَ مَا أُعْطِيتَ - فَيَقُولُ - وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ. فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ لاَ أَكُونَنَّ أَشْقَى خَلْقِكَ فَلاَ يَزَالُ يَدْعُو حَتَّى يَضْحَكَ اللَّهُ مِنْهُ فَإِذَا ضَحِكَ مِنْهُ قَالَ لَهُ ادْخُلِ الْجَنَّةَ. فَإِذَا دَخَلَهَا قَالَ اللَّهُ لَهُ تَمَنَّهْ. فَسَأَلَ رَبَّهُ وَتَمَنَّى حَتَّى إِنَّ اللَّهَ لَيُذَكِّرُهُ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا، حَتَّى انْقَطَعَتْ بِهِ الأَمَانِىُّ قَالَ اللَّهُ ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ». طرفاه 806، 6573 - تحفة 14213 - 158/ 9 7438 - قَالَ عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ مَعَ أَبِى هُرَيْرَةَ لاَ يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا حَتَّى إِذَا حَدَّثَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ «ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ «وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ مَعَهُ». يَا أَبَا هُرَيْرَةَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا حَفِظْتُ إِلاَّ قَوْلَهُ «ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ أَشْهَدُ أَنِّى حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَوْلَهُ «ذَلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً الْجَنَّةَ. أطرافه 22، 4581، 4919، 6560، 6574، 7439 - تحفة 4172 7439 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ عَنْ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ قُلْنَا يَا

رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ «هَلْ تُضَارُونَ فِى رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ إِذَا كَانَتْ صَحْوًا». قُلْنَا لاَ. قَالَ «فَإِنَّكُمْ لاَ تُضَارُونَ فِى رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ يَوْمَئِذٍ، إِلاَّ كَمَا تُضَارُونَ فِى رُؤْيَتِهِمَا - ثُمَّ قَالَ - يُنَادِى مُنَادٍ لِيَذْهَبْ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ. فَيَذْهَبُ أَصْحَابُ الصَّلِيبِ مَعَ صَلِيبِهِمْ، وَأَصْحَابُ الأَوْثَانِ مَعَ أَوْثَانِهِمْ، وَأَصْحَابُ كُلِّ آلِهَةٍ مَعَ آلِهَتِهِمْ حَتَّى يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ، وَغُبَّرَاتٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ تُعْرَضُ كَأَنَّهَا سَرَابٌ فَيُقَالُ لِلْيَهُودِ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ. فَيُقَالُ كَذَبْتُمْ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ صَاحِبَةٌ وَلاَ وَلَدٌ فَمَا تُرِيدُونَ قَالُوا نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا، فَيُقَالُ اشْرَبُوا فَيَتَسَاقَطُونَ فِى جَهَنَّمَ ثُمَّ يُقَالُ لِلنَّصَارَى مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ فَيَقُولُونَ كُنَّا نَعْبُدُ الْمَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ. فَيُقَالُ كَذَبْتُمْ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ صَاحِبَةٌ وَلاَ وَلَدٌ، فَمَا تُرِيدُونَ فَيَقُولُونَ نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا. فَيُقَالُ اشْرَبُوا. فَيَتَسَاقَطُونَ حَتَّى يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ فَيُقَالُ لَهُمْ مَا يَحْبِسُكُمْ وَقَدْ ذَهَبَ النَّاسُ فَيَقُولُونَ فَارَقْنَاهُمْ وَنَحْنُ أَحْوَجُ مِنَّا إِلَيْهِ الْيَوْمَ وَإِنَّا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِى لِيَلْحَقْ كُلُّ قَوْمٍ بِمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ. وَإِنَّمَا نَنْتَظِرُ رَبَّنَا - قَالَ - فَيَأْتِيهِمُ الْجَبَّارُ. فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا. فَلاَ يُكَلِّمُهُ إِلاَّ الأَنْبِيَاءُ فَيَقُولُ هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ تَعْرِفُونَهُ فَيَقُولُونَ السَّاقُ. فَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ رِيَاءً وَسُمْعَةً، فَيَذْهَبُ كَيْمَا يَسْجُدَ فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا، ثُمَّ يُؤْتَى بِالْجَسْرِ فَيُجْعَلُ بَيْنَ ظَهْرَىْ جَهَنَّمَ». قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْجَسْرُ قَالَ «مَدْحَضَةٌ مَزِلَّةٌ، عَلَيْهِ خَطَاطِيفُ وَكَلاَلِيبُ وَحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ، لَهَا شَوْكَةٌ عُقَيْفَاءُ تَكُونُ بِنَجْدٍ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ، الْمُؤْمِنُ عَلَيْهَا كَالطَّرْفِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ وَمَكْدُوسٌ فِى نَارِ جَهَنَّمَ، حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْبًا، فَمَا أَنْتُمْ بِأَشَدَّ لِى مُنَاشَدَةً فِى الْحَقِّ، قَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِ يَوْمَئِذٍ لِلْجَبَّارِ، وَإِذَا رَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ نَجَوْا فِى إِخْوَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِخْوَانُنَا كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا وَيَصُومُونَ مَعَنَا وَيَعْمَلُونَ مَعَنَا. فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ. وَيُحَرِّمُ اللَّهُ صُوَرَهُمْ عَلَى النَّارِ، فَيَأْتُونَهُمْ وَبَعْضُهُمْ قَدْ غَابَ فِى النَّارِ إِلَى قَدَمِهِ وَإِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا، ثُمَّ يَعُودُونَ فَيَقُولُ اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا، ثُمَّ يَعُودُونَ فَيَقُولُ اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقُونِى فَاقْرَءُوا {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} [النساء: 40] «فَيَشْفَعُ النَّبِيُّونَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ فَيَقُولُ الْجَبَّارُ بَقِيَتْ شَفَاعَتِى. فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ فَيُخْرِجُ أَقْوَامًا قَدِ امْتُحِشُوا، فَيُلْقَوْنَ فِى نَهَرٍ بِأَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ مَاءُ الْحَيَاةِ،

فَيَنْبُتُونَ فِى حَافَتَيْهِ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِى حَمِيلِ السَّيْلِ، قَدْ رَأَيْتُمُوهَا إِلَى جَانِبِ الصَّخْرَةِ إِلَى جَانِبِ الشَّجَرَةِ، فَمَا كَانَ إِلَى الشَّمْسِ مِنْهَا كَانَ أَخْضَرَ، وَمَا كَانَ مِنْهَا إِلَى الظِّلِّ كَانَ أَبْيَضَ، فَيَخْرُجُونَ كَأَنَّهُمُ اللُّؤْلُؤُ، فَيُجْعَلُ فِى رِقَابِهِمُ الْخَوَاتِيمُ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فَيَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ هَؤُلاَءِ عُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ وَلاَ خَيْرٍ قَدَّمُوهُ. فَيُقَالُ لَهُمْ لَكُمْ مَا رَأَيْتُمْ وَمِثْلُهُ مَعَهُ». أطرافه 22، 4581، 4919، 6560، 6574، 7438 - تحفة 4172 - 160/ 9 7440 - وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُحْبَسُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُهِمُّوا بِذَلِكَ فَيَقُولُونَ لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا فَيُرِيحُنَا مِنْ مَكَانِنَا. فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ أَنْتَ آدَمُ أَبُو النَّاسِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْكَنَكَ جَنَّتَهُ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلاَئِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَىْءٍ، لِتَشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، قَالَ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ - قَالَ وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِى أَصَابَ أَكْلَهُ مِنَ الشَّجَرَةِ وَقَدْ نُهِىَ عَنْهَا - وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا أَوَّلَ نَبِىٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ. فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِى أَصَابَ سُؤَالَهُ رَبَّهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ - وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ. قَالَ فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ إِنِّى لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ ثَلاَثَ كَلِمَاتٍ كَذَبَهُنَّ - وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى عَبْدًا آتَاهُ اللَّهُ التَّوْرَاةَ وَكَلَّمَهُ وَقَرَّبَهُ نَجِيًّا. قَالَ فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ إِنِّى لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِى أَصَابَ قَتْلَهُ النَّفْسَ - وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ وَرُوحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ. قَالَ فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ وَلَكِنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - عَبْدًا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. فَيَأْتُونِى فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّى فِى دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِى عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِى مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِى فَيَقُولُ ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَ - قَالَ - فَأَرْفَعُ رَأْسِى فَأُثْنِى عَلَى رَبِّى بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، فَيَحُدُّ لِى حَدًّا فَأَخْرُجُ فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ». قَالَ قَتَادَةُ وَسَمِعْتُهُ أَيْضًا يَقُولُ «فَأَخْرُجُ فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّى فِى دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِى عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِى مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِى ثُمَّ يَقُولُ ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَ - قَالَ - فَأَرْفَعُ رَأْسِى فَأُثْنِى عَلَى رَبِّى بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ - قَالَ - ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِى حَدًّا فَأَخْرُجُ فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ». قَالَ قَتَادَةُ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ «فَأَخْرُجُ فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ الثَّالِثَةَ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّى فِى دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِى عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِى مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِى ثُمَّ يَقُولُ ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ - قَالَ - فَأَرْفَعُ رَأْسِى فَأُثْنِى عَلَى رَبِّى بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ - قَالَ - ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِى حَدًّا فَأَخْرُجُ فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ». قَالَ قَتَادَةُ وَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ «فَأَخْرُجُ فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، حَتَّى مَا يَبْقَى فِى النَّارِ إِلاَّ مَنْ

حَبَسَهُ الْقُرْآنُ أَىْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ - قَالَ - ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ وَهَذَا الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الَّذِى وُعِدَهُ نَبِيُّكُمْ - صلى الله عليه وسلم -». أطرافه 44، 4476، 6565، 7410، 7509، 7510، 7516 - تحفة 1417 - 161/ 9 7441 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنِى عَمِّى حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَ إِلَى الأَنْصَارِ فَجَمَعَهُمْ فِى قُبَّةٍ وَقَالَ لَهُمُ «اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَإِنِّى عَلَى الْحَوْضِ». أطرافه 3146، 3147، 3528، 3778، 3793، 4331، 4332، 4333، 4334، 4337، 5860، 6762 - تحفة 1506 - 162/ 9 7442 - حَدَّثَنِى ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ «اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ الْحَقُّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ خَاصَمْتُ، وَبِكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّى، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ وَأَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ طَاوُسٍ قَيَّامٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْقَيُّومُ الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ. وَقَرَأَ عُمَرُ الْقَيَّامُ، وَكِلاَهُمَا مَدْحٌ. أطرافه 1120، 6317، 7385، 7499 - تحفة 5702، 5744، 5751 7443 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنِى الأَعْمَشُ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ وَلاَ حِجَابٌ يَحْجُبُهُ». أطرافه 1413، 1417، 3595، 6023، 6539، 6540، 6563، 7512 - تحفة 9852 7444 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلاَّ رِدَاءُ الْكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِى جَنَّةِ عَدْنٍ». طرفاه 4878، 4880 - تحفة 9135 7445 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكُ بْنُ أَعْيَنَ وَجَامِعُ بْنُ أَبِى رَاشِدٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنِ اقْتَطَعَ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ، لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِصْدَاقَهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 77] الآيَةَ. أطرافه 2356، 2416، 2515، 2666، 2669، 2673، 2676، 4549، 6659، 6676، 7183 - تحفة 9238، 9283 - 163/ 9 7446 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ

أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَهْوَ كَاذِبٌ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ فَيَقُولُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِى، كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ». أطرافه 2358، 2369، 2672، 7212 - تحفة 12855 7447 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعَدَةِ وَذُو الْحَجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ، أَىُّ شَهْرٍ هَذَا». قُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ «أَلَيْسَ ذَا الْحَجَّةِ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «أَىُّ بَلَدٍ هَذَا». قُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ «أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «فَأَىُّ يَوْمٍ هَذَا». قُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ «أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ - قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَحْسِبُهُ قَالَ وَأَعْرَاضَكُمْ - عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِى بَلَدِكُمْ هَذَا فِى شَهْرِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، أَلاَ فَلاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى ضُلَّالًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلاَ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ أَنْ يَكُونَ أَوْعَى مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ». فَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا ذَكَرَهُ قَالَ صَدَقَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ». أطرافه 67، 105، 1741، 3197، 4406، 4662، 5550، 7078 - تحفة 11682 شرع في مسألة الرؤية. 7437 - قوله: (ثُمَّ يَفْرُغُ اللهُ منَ القَضَاءِ بَيْنَ العِبَادِ) لا يريد أن اللَّهَ تعالى كان ممنوعًا عن شيءٍ إلى الآن، ثم فَرَغَ، فإن الله تعالى كل يومٍ هو في شأنٍ، لا يُشْغِلُهُ شيءٌ عن شيءٍ، فلو أراد أن يَفْعَلَ جملةَ الأمور في آنٍ واحدٍ لفعل، لكنه لمَّا كان خروجُ الأشياء في الخارج مترتبًا، عبَّر عن ترك شيءٍ والأخذ بالآخر بالفراغ. أعني أنه صورةُ الفراغ من الشغل، مع أنه لا شغلَ ولا فراغَ عند التحقيق (¬1). قوله: (انْفَهَقَت): "كهلكهلانا". قوله: (فإذَا ضَحِكَ - اللهُ - مِنْهُ، قَالَ لَهُ: ادْخُلِ الجَنَّةِ)، وفيه: ثبوتُ باب الظرافة عند ربِّك أيضًا. ¬

_ (¬1) قلت: وراجع له كلام الحافظ التوربشتي في معنى تردده تعالى عند موت عبده، نقلناه في "البدر الساري" يفيدك لكشف معنى الفراغ، وهو الذي عناه الشيخ إن شاء الله تعالى، وكذلك معنى الضحك من ذلك الموضع.

25 - باب ما جاء فى قول الله تعالى: {إن رحمت الله قريب من المحسنين} [الأعراف: 56]

قوله: (حَسَكَةٌ): "كوكهرو". قوله: (ويُحَرِّمُ اللهُ صُوَرَهُمْ عَلَى النَّارِ)، وفيه: أن صورةَ الشيء غيره، فإن هؤلاء كانوا قد امْتُحِشُوا، وصاروا كالحُمَمِ، ثم يُقَال فيهم: إن اللَّهَ تعالى يُحَرِّمُ صُوَرَهم على النار. وقد مرَّ: أن هؤلاء هم الذين عندهم الإِيمان فقط، ولا عملَ عندهم من الخيرات، وليسوا من أهل الفَتْرَةِ، وقد مرَّ التفصيل في كتاب الإيمان. فائدةٌ: وهل دريت السِّرَّ في قوله: «ثم يُؤْتَى بجهنَّمَ تُعْرَضُ كأنَّها سَرَابٌ»، وذلك أن اليهودَ كانوا في الدنيا في تلبيسٍ وتخليطٍ، يَخْبِطُون في مفاوز الضلال، فَخُلِطَ عليهم الأمر في المحشر أيضًا. وبالجملة: الناسُ في المحشر يكونون على أحوال: منهم من يُسْحَبُ على وجهه، ومنهم من يَبْقَى في تخليطه حتى يُقْضَى عليه، ومنهم من يَلْتَقِطُه عنقٌ من جهنَّم. والعياذ بالله العلي العظيم. 25 - باب مَا جَاءَ فِى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56] 7448 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ قَالَ كَانَ ابْنٌ لِبَعْضِ بَنَاتِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْضِى، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهَا فَأَرْسَلَ «إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ». فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ فَأَقْسَمَتْ عَلَيْهِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقُمْتُ مَعَهُ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، فَلَمَّا دَخَلْنَا نَاوَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الصَّبِىَّ وَنَفْسُهُ تَقَلْقَلُ فِى صَدْرِهِ - حَسِبْتُهُ قَالَ - كَأَنَّهَا شَنَّةٌ، فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ أَتَبْكِى فَقَالَ «إِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ». أطرافه 1284، 5655، 6602، 6655، 7377 - تحفة 98 - 164/ 9 7449 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اخْتَصَمَتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ إِلَى رَبِّهِمَا فَقَالَتِ الْجَنَّةُ يَا رَبِّ مَا لَهَا لاَ يَدْخُلُهَا إِلاَّ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ. وَقَالَتِ النَّارُ - يَعْنِى - أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ. فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْجَنَّةِ أَنْتِ رَحْمَتِى. وَقَالَ لِلنَّارِ أَنْتِ عَذَابِى أُصِيبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا - قَالَ - فَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَإِنَّهُ يُنْشِئُ لِلنَّارِ مَنْ يَشَاءُ فَيُلْقَوْنَ فِيهَا فَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ. ثَلاَثًا، حَتَّى يَضَعَ فِيهَا قَدَمَهُ فَتَمْتَلِئُ وَيُرَدُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَتَقُولُ قَطْ قَطْ قَطْ». طرفاه 4849، 4850 - تحفة 13651 7450 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه -

26 - باب قول الله تعالى: {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا} [فاطر: 41]

عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيُصِيبَنَّ أَقْوَامًا سَفْعٌ مِنَ النَّارِ بِذُنُوبٍ أَصَابُوهَا عُقُوبَةً، ثُمَّ يُدْخِلُهُمُ اللهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ يُقَالُ لَهُمُ الْجَهَنَّمِيُّونَ». وَقَالَ هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةٌ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6559 تحفة 1357، 1371، 1415 يريد إثباتَ الرحمة، أو قربها. 7449 - قوله: (فَأمَّا الجَنَّةُ، فإنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِنْ خَلْقِهِ أحدًا، وإنَّهُ يُنْشِيءُ للنَّارِ مَنْ يَشَاءُ، فَيُلْقَوْنَ فِيهَا) قلتُ: وهذا غلطٌ من الراوي بلا ريب، وما كان لأرحم الراحمين أن يُنْشِيءَ خلقًا للنار، فَيُلْقَى فيها، ولكن الأمرَ على عكسه، فإنه يَخْلُقُ خلقًا، ويُدْخِلُهُ في الجنة من فضله. ولا يَظْلِمُ أحدًا، فَيُلْقِي في النار بلا عملٍ (¬1). 26 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} [فاطر: 41] 7451 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَاءَ حَبْرٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ يَضَعُ السَّمَاءَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرْضَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ وَالأَنْهَارَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الْخَلْقِ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَقُولُ بِيَدِهِ أَنَا الْمَلِكُ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ «{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الزمر: 67]». أطرافه 4811، 7414، 7415، 7513 تحفة 9422 - 165/ 9 واعلم أنَّ من الأشياء ما نَرَاهَا موجودةً ومعدومةً بأعيننا كسائر الحيوانات والنباتات، فإن الحيواناتِ نراها موجودةً بعد انعدامها، ثم تَفْنَى. وكذلك النباتات تَنْبُتُ فَتَخْضَرُّ، ثم تَهِيجُ مصفرًةً حتى تذروها الرياح. ومن أشياء ما لم نَرَ انعدامها كالأفلاك، وسائر الأجسام الأَثِيرِيَّةَ، مثل الشمس والقمر. ومن ههنا ذَهَبَ بعضُ من لا دراية لهم من الناس أنها قديمةٌ بالشخص. وما أجهلهم، ما غرَّ هؤلاء إلَّا استحالة الخَرْقِ والالتئام فيها. وقد ثَبَتَ اليومَ أن الشمسَ مركَّبةٌ، حتى أنهم دوَّنوا عناصرها، ويدَّعون فيه مشاهدتهم، ولا أقلَّ من أن انعدامَ إذا ثَبَتَ في العالم السُّفْليِّ الذي هو من جنسه، لا بُدَّ من القول به في العالم العُلْويِّ أيضًا، كذلك الاشتراك. وقد أقرَّ به أرسطو في أثولوجيا، وقد أقرَّ فيه بقيام القيامة لهذا الدليل. ثم لا أدري لِمَ نَكَصَ على عَقِبَيْهِ. نعم القدر يَغْلُبُ، وإليه يَرْجِعُ الإِنسانُ آخرًا. وبالجملة: إذا كان الممكنُ معدومًا حقيقة ¬

_ (¬1) قلت: ورأيت في تقرير مولانا عبد العزيز دام مجده شيئًا آخر، لطيفًا جدًا، وهو أن الله تعالى يزيد الكافر جسامة وبدانة، حتى يكون ضرسه مثل أحد، فيحصل منه أيضًا نحوًا من الامتلاء، فافهم، وذق من حقائق الشيخ، واشكر له، قال تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}.

27 - باب ما جاء فى تخليق السموات والأرض وغيرها من الخلائق

العَدَمِ، لا بُدَّ لوجوده من يُمْسِكُهُ، وهذا معنى قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} ... إلخ (¬1) [فاطر: 41]. 27 - باب مَا جَاءَ فِى تَخْلِيقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْخَلاَئِقِ وَهْوَ فِعْلُ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَأَمْرُهُ، فَالرَّبُّ بِصِفَاتِهِ وَفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ، وَهْوَ الْخَالِقُ هُوَ الْمُكَوِّنُ، غَيْرُ مَخْلُوقٍ. وَمَا كَانَ بِفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ وَتَخْلِيقِهِ وَتَكْوِينِهِ، فَهْوَ مَفْعُولٌ مَخْلُوقٌ مُكَوَّنٌ. 7452 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِى شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى نَمِرٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بِتُّ فِى بَيْتِ مَيْمُونَةَ لَيْلَةً وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَهَا لأَنْظُرَ كَيْفَ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِاللَّيْلِ، فَتَحَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ أَهْلِهِ سَاعَةً ثُمَّ رَقَدَ، فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ أَوْ بَعْضُهُ قَعَدَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَقَرَأَ {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} إِلَى قَوْلِهِ {لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)} [آل عمران: 190] ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَاسْتَنَّ، ثُمَّ صَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ أَذَّنَ بِلاَلٌ بِالصَّلاَةِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى لِلنَّاسِ الصُّبْحَ. أطرافه 117، 138، 183، 697، 698، 699، 726، 728، 859، 1198، 4569، 4570، 4571، 4572، 5919، 6215، 6316 - تحفة 6355 واعلم أن المصنِّفَ أشار في تلك الترجمة إلى أمرين: الأوَّل إلى إثبات صفة التكوين، القائل بها علماؤنا المَاتُرِيدِيَّة، حتى صرَّح به الحافظُ مع أنه ممكن لا يُرْجَى منه أن يتكلَّمَ بكلمةٍ يكون فيها نفعٌ للحنفية. وأَنْكَرَهَا الأشاعرةُ. فالتفصيلُ: أن الصفات عند الأشاعرة سبع، واللَّهُ تعالى مع صفاته السبع قديمٌ. وقالوا في نحو صفة الإِحياء، والإِماتة، والترزيق أنها عبارةٌ عن تعلُّق القدرة بها. فالإِحياءُ عندهم عبارةٌ عن تعلُّق القدرة والإِرادة مع حياة أحدٍ، وكذلك أمثالها. فاستغنوا عن صفة التكوين، ورَأُوْا أن لهم بمجموع القدرة والإِرادة غُنْيَةً عن التكوين. ثم قالوا: إن تلك الصفات، وإن كانت قديمةً، إلَّا أن تعلُّقَهَا بالمرزوقات ونحوها حادثٌ. وزاد المَاتُرِيِدَّيَّةُ على هذه السبع، صفةً ثامنةً سَمَّوْهَا بالتكون، وقالوا: إن القدرةَ تكون على الجانبين. أمَّا الإِرادةُ فأيضًا تتعلَّق بالجانبين - وإن كان بدلًا - فتارةً تتعلَّق بوجود الشيء، وأخرى بعدمه، بخلاف التكوين، فإنه يتعلَّق بوجود الشيء فقط، ولا يتعلَّق بالعَدَمِ أصلًا. ¬

_ (¬1) قلت: وإنما خصص من بين سائر الممكنات السماوات والأرضين، لكونهما أشد المخلوقات، وأكبرها، وأحفظها من التغيرات، فلما كان حالها ما سمعت، فما بال ما كان محطًا للتحولات، مهادًا للتغيرات أضعف خلق الله؟! كالإنسان، فاعلمه.

قلتُ: ولعلَّهم أَخَذُوهَا من قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)} [يس: 82]، والمشيئةُ عندي ما به تَحْصُلُ الشيئية في الشيء، فإذا أراد اللهُ أن يُلْبِسَهُ لباسَ الوجود جاء التكوين، وقال له: كن. ففي الآية ما يُشِيرُ إلى أن الشيئيةَ في الشيء تكون مقدمةً على تكوينه. وبالجملة القدرةُ والإِرادةُ إذا تعلَّقتا بجانبي الشيء، ولم تُفِيدَا فعلية وجوده، احتاج إلى صفةٍ تكون منشأ للفعلية، وهي التكوين. فإِذا أراد الفعلية، قال له: كُنْ، أي جاء التكوين فَأَوْجَدَهُ. ثم إن تلك مراتب عقلية، لا أنه يتخلَّل بين ذلك زمان، ولكنه إذا أراد شيئًا لم يتخلَّف عنه مراده طرفة عين (¬1). فالصفاتُ عند علمائنا، كما في «الدر المختار» في باب الإِيمان على نحوين: صفات ذاتية، وصفات فِعْليَّة: والأولى ما تكون هي صفة الله تعالى دون ضدها، كالعلم، فإنه صفةُ الله تعالى، وليس ضده - أعني الجهل - صفةً له تعالى. وكذلك الحياة، فليس الموت من صفاته تعالى. وهكذا فليقس عليه سائر الصفات. والثانية ما هي صفةٌ تعالى وكذلك أضدادها، كالإِحياء، فإن ضده الإِماتة، وهو أيضًا صفةٌ له تعالى. والصفاتُ بنحويها قديمةٌ، ذاتيةً كانت أو فعليةً. نعم تعلُّقاتها حادثةٌ. فهناك ثلاثةُ أمورٍ عند الأشاعرة، وأربعةٌ عند المَاتُرِيدِيَّة: الذات، وصفاتها السبع، وهاتان بالاتفاق. أمَّا الصفاتُ الفعليةُ، فقال بها المَاتُرِيدِيَّةُ فقط، واستغنى عنها الأشاعرةُ، فقالوا: إنَّها ليست إلَّا تعلُّقات القدرة، وتلك التعلُّقات حادثةٌ عندهم. فالاثنان من الثلاث قديمةٌ عندهم، والواحد [حادثة]. أمَّا عندنا، فالصلاتُ الفِعْلِيّةُ أيضًا قديمةٌ، كالصفات الذاتية. نعم تعلُّقاتها حادثةٌ. فالمراتبُ أربعٌ، الثلاث منها قديمةٌ، والرابعة حادثةٌ. ثم إن صفةَ التكوين هل هي مباديء الصفات الفعلية، أو القدرُ المُشْتَرَكُ بينهما؟ ¬

_ (¬1) قلت: وقد كنت سمعت من الشيخ أن مغزى الآية التنبيه على أن الله عز وجل لا يحتاج في أفعاله إلى المزاولة، بخلاف غيره من المخلوقات، فإنهم إذا أرادوا أن يفعلوا شيئًا لا بد لهم من القيام بأسبابه، ومزاولتها، وبعدها أيضًا لا يلزم أن لا يتخلف مرادهم، والله عز وجل إذا أراد شيئًا استغنى عن أسبابه والمزاولة بها، ولكن أمره إذا أراد، قال له: كن فيكون، بدون مباشرة الأسباب منه، مع لزوم المراد واستحالة التخلف عنه، كيف! وأن التأثير في الأسباب أيضًا ليس إلا من جهته تعالى، وهو القوي العزيز، فهذا معنى الآية على ما فهمت، والله تعالى بحقيقة الحال أعلم، وأنت أيضًا تفكر فيه تجد نورها إن شاء الله تعالى. ومن أراد البسط في تقرير هذا المرام، فليرجع إلى المكاتيب الشريفة للشيخ المجدد السرهندي رحمه الله تعالى، فقد بسط فيه بما لا مزيد عليه.

ففيه اختلافٌ لأصحابنا، فبعضُهم ذَهَبَ إلى أنها اسمٌ للقدر المشترك، وآخرون إلى أنها مباديء تلك الصفات. قلتُ: وقد أَحْسَنَ المَاتُرِيدِيَّةُ حيث جَعَلُوها صفةً برأسها مستقلَّةً، فإنَّ القرآنَ يُشْعِرُ باستقلالها، فإنه سمَّى اللَّهَ تعالى مميتًا، ومحييًا. وإرجاعُ تلك كلِّها إلى القدرة والإِرادة بعيدٌ، فالأَوْلَى أن تُسَمَّى تلك أيضًا باسمٍ، وهو صفةُ التكوين. بَقِيَ الأفعالُ الجزئيةُ المُسْنَدةُ إلى الله تعالى كالنزول، والاستواء، وأمثالهما، فاختلفوا فيها بأنها قائمةٌ بالباري تعالى، أو منفصلةٌ عنه، مع الاتفاق على حدوثها. فذهب الجمهورُ إلى أنها منفصلةٌ. وذَهَبَ الحافظُ بن تَيْمِيَة إلى كونها قائمةً بالباري تعالى، وأَنْكَرَ استحالةَ قيام الحوادث بالباري تعالى، وأصرَّ على أن كون الشيء محلاًّ للحوادث لا يُوجِبُ حدوثه. واسْتَبْشَعَهُ الآخرون، لأن قيامَ الحوادث به يَسْتَلْزِمُ كونه محلاًّ لها، وهذا يَسْتَتْبِعُ حدوثه، والعياذ بالله. قلتُ: أما كون الباري عزَّ اسمه محلاًّ للحوادث، فأنكره هذا التعبير، غير أن السمعَ وَرَدَ بنسبتها إليه تعالى. ويرى المتكلِّمون كافةً إلى تلك الأفعالَ كلَّها مخلوقةٌ حادثةٌ. والحافظُ ابن تَيْمِيَة مع قوله بحدوثهما، لا يقولُ: إنها مخلوقةٌ، ففرَّق بين الحدوث والخلق. وإليه مال المصنِّفُ، فجعل الأفعالُ حادثةً قائمةً بالباري تعالى على ما يَلِيقُ بشأنه، غير مخلوقةٍ. وأمَّا الثاني، فهو تأسيسٌ للجواب عمَّا أُورِدَ عليه في مسألة كلام الباري تعالى، وهذه هي المسألةُ التي ابْتُلِي بها البخاريُّ، وقاسى فيها المصائب. فترجم أوّلًا ترجمةً طويلةً جامعةً كالباب، ثم ترجم تراجمَ أخرى في هذا المعنى كالفصول له. كما كان فعل في كتاب الإِيمان حيث ترجم أوّلًا تَرجمةً مبسوطةً مفصَّلةً، ثم ترجم بعدها كالفصول لها، إلَّا أنه لم يُفْصِحْ بالجواب، ولكنَّه عَرَضَ إليه بالإِيماءات والإِشارات. فاعلم أنه لم يَذْهَبْ أحدٌ من أئمة الدين إلى أن القرآنَ مخلوقٌ، وامْتَنَعُوا بإِطلاق المخلوق عليه. كيف وأنه صفةٌ للرَّبِّ، والصفاتُ ليست مخلوقةً، وإلَّا كانت حادثةً، وإذ ليست، فليست. ولمَّا جاء البخاريُّ قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ. ولم يَكُنْ البخاريُّ يُحِبُّ أن يُفْشِيَه بين الناس، إلَّا أن محمد بن يحيى الذُّهْلي شيخ مسلم لم يَتْرُكْهُ، واضْطَرَّه إلى التكلُّم به، فكرَّر عليه بالمسائل. فلمَّا لم يَجِدْ المصنِّفُ بُدًّا إلَّا من إفصاح مراده، قال للسائلين عنه: لفظي بالقرآن مخلوقٌ. فلم يُدْرِكِ الناسُ مرادَه، فصاحوا عليه، ورَمَوْهُ

بالابتداع والاعتزال. حتى جَلَبُوا عليه من المصائب ما لا حاجةَ لنا إلى نشرها، والله يَغْفِرُ لنا، ولهم (¬1). وإذن لا بُدَّ لنا أن نوضِّحَ مراده رحمه الله تعالى، ولنمهِّد له مقدمةً تُعِينُكَ في فَهْم المراد، وهي: أن المفعولَ المطلقَ أصلٌ سائر المفاعيل، ولذا قدَّموه في الذكر، وذلك لكونه فعلَ الفاعل حقيقةً، نحو ضَرَبْتَ ضرًا، فلا شكَّ أن ما هو فعلٌ هو الضربُ لا غير. أمَّا المفعولُ به، فليس من فعلك أصلًا، ولكن هو لذي يَقَعُ عليه فعلُك، فنحو ضَرَبْتَ زيدًا، معناه أن ضَرْبَكَ الذي هو فعلُك وَقَعَ على زيدٍ الذي ليس من فعلك. فالمفعولُ به ليس من فعل الفاعل، ولا تأثيرَ له فيه، فهو مُسْتَغْنًى عنه باعتبار ذاته، وإن كان مَوْرِدًا لفعله. نعم أثرُ فعله هو المفعولُ المطلق. قال ابنُ الحَاجِبِ: إن السماوات والأرض في قوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [الأنعام: 1] مفعولٌ مطلقٌ، وذهب الجمهورُ إلى أنها مفعولٌ به. وذلك لأنَّ المفعولَ المطلقَ عند ابن الحاجب لا يكون موجودًا من قبلِ، بل يُوجَدُ من فعل الفاعل. والمفعول به ما كان موجودًا من قبل، ثم يَقَعُ عليه فعل الفاعل. ولمَّا كانت السمواتُ والأرضون معدومةً من قبل، أَوْجَدَها فعل الرَّبِّ سبحانه، سمَّاها مفعولًا مطلقًا على اصطلاحه. كسائر أفعال الممكنات، فإِنها من أفعال الفاعلين، تُوجَدُ بفعلهم. فالضربُ لا يتحقَّقُ إلَّا بضرب زيدٍ، وكذلك الأفعالُ الجزئيةُ الخاصَّةُ لا تحقُّق لها إلَّا من جهة فاعلها. وأنت تَعْلَمُ أن كلَّ فاعلٍ لا يَحْتَاجُ في فعله إلى مادَّةٍ، ولكن الاحتياجُ إليها إنما يكون إذا كانت المادةُ موردَ الفعل. فالضاربُ لا يحتاج في ضربه إلى مادَّةٍ، ولكنه يُحْدِثُهُ من كتم العَدَمِ. ومن ههنا قلتُ: إن العالمَ بأسره فعلٌ للرَّبِّ سبحانه، كالمفعول المطلق لفاعله، فَيَحْدُثُ بلا مادةٍ. ولو فَهِمَهُ الفلاسفةُ الأغبياءُ لَمَا تَسَارَعُوا إلى القول بِقِدَمِها، ولكن المحرومون لم يَهْتَدُوا إلى الفرق بين المفعولين، فَجَعَلُوا الله سبحانه محتاجًا إلى المادة لِيُظْهِرَ فيها خلقَه وتصويرَه. كيف وإن المادَّةَ نفسها مخلوقةٌ له. ولنا فيه كلامٌ طويلٌ، بَسَطْنَاه في رسالتنا «في حدوث العالم»، وليس ههنا موضع بسطه. وإنَّما المقصودُ ههنا بيانُ أن ابنَ الحَاجِبِ ذَهَبَ إلى أن السمواتِ والأرضَ مفعولٌ ¬

_ (¬1) قلت: وهذا هو ذنب الحنفية في -باب الإيمان- حيث قالوا: إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، ولما كان من مقولة السلف: الإيمان يزيد وينقص، وترك هؤلاء عنوانهم، لما سنح لهم فيه مصالح، أكبوا عليهم، وجعلوا يطعنونهم أيضًا، فإن كان ترك العنوانات مأثمة، ومجلبة للمطاعن، فلسنا متفردين فيه، ولكن البخاري أيضًا شاركنا فيه، فهلا فعلوا به فعالهم بنا؟ ولكنه كما قيل: أصم عن الشيء الذي لا أريده ... وأسمع خلق الله حين أريد

مطلقٌ، لِمَا تقرَّر عنده أن ما يُوجَدُ من فعل الفاعل مفعولٌ مطلقٌ، وما وَقَعَ عليه فعلُه، فهو مفعولٌ به. أمَّا المعاني المصدريَّةُ، فكلُّها مفعولٌ مطلقٌ عندهم. غير أن الجُرْجَانيَّ ذَهَبَ إلى أن المفعولَ المطلقَ هو الحاصلُ بالمصدر. ولم يَذْهَبْ إليه أحدٌ من النحاة غيره، وذلك لأن الحاصلَ بالمصدر خفيٌّ عندهم، وإنما نوَّه بشأنه المعقوليُّون. فإن قلتَ: ما حَمَلَ الجُرْجَانيُّ على جعل الحاصل بالمصدر - الذي هو أثرُ فعل الفاعل - مفعولًا مطلقًا؟ قلتُ: نعم، الذي حَمَلَهُ عليه هو أن الحاصلَ بالمصدر قد يكون هيئةً مُبْصَرَةً، كحركة اليد، كما صرَّح بحرُ العلوم في «حاشية الملا جلال» فإذا جَعَلْنَا المعنى المصدريَّ مفعولًا مطلقًا، وزيدًا مثلًا مفعولًا به، فماذا نسمِّي تلك الهيئة المشهودة، فَأَدْخَلَهُ على المفعول المطلق لهذا التشويش. وبعبارةٍ أخرى: إن الضربَ إذا صَدَرَ من فاعلٍ، فهناك ثلاثة أمور: الضرب الذي هو فعلُه، أعني به المعنى المصدريَّ. والثاني: أثرُ هذا الضرب الذي قام بالفاعل، أعني هيئةَ الضَّرْب، وهيئةَ تلك الحركة. ولا شَكَّ أنها غير المعنى المصدريِّ، فإنها تابعةٌ وأثرٌ له. والثالث: محلُّ وقوع ذلك الفعل. فإذا كان الأوَّلُ: مفعولًا مطلقًا، والثالث: مفعولًا به عندهم، حدث التردُّدُ في الثاني ماذا نسمِّيه، وماذا نقول فيه؟ فَرَأَوْهُ أشبهَ بالمفعول المطلق، وأَدْرَجُوه تحته. وهذا الذي عُرِضَ لابن الحاجب حيث جَعَلَ السمواتِ والأرضَ في قوله تعالى المذكور مفعولًا مطلقًا. وأمَّا عند الجمهور، فالحاصلُ بالمصدر داخلٌ في المفعول به فضربًا في قولنا: ضَرَبْتُ ضربًا، مفعولٌ مطلقٌ عندهم إن قلنا: إنه مصدرٌ، وإن أخذناه حاصلًا بالمصدر، فكذلك عند الجُرْجَانيِّ. وبالجملة: اتَّفَقُوا على أن الحاصلَ بالمصدر ليس قسمًا ثالثًا، فهو إمَّا داخلٌ في المفعول المطلق، كما اختاره الجُرْجَانيُّ، أو في المفعول به، كما هو عند الجمهور. وبعد اللَّتَيَّا والتي، إن المفعولَ المطلقَ غيرُ المفعول به، وهَدْرُ الفرق بين فعل الفاعل، ومورد فعله غباوةٌ. والخَلْطُ بين فعل العبد، ومورد فعله شقاوةٌ، وسيأتي تفصيله. إذا عَلِمْتَ هذا، فاعلم أن البخاريَّ لم يَقُلْ: إن القرآنَ مخلوقٌ. كيف وهو صفةُ الرَّبِّ عزَّ وجلَّ، ولكنه قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ. فهناك شيآن: التلفُّظُ، وهو فعلُه. والقرآنُ. وهو الذي وَرَدَ عليه فعلُه. فالحكمُ بالخلق على لفظي، دون القرآن. والأوَّلُ نائبٌ مناب المفعول المطلق، والثاني مناب المفعول به. وقد عَلِمْتَ أن المفعولَ به يكون مفروغًا عن تأثُّر فعل المتكلِّم، ولا يكون لإِيجاده دَخْلٌ إلَّا في فعله، وهو المفعولُ المطلقُ، وليس هو في المثال المذكور غير التلفُّظ.

28 - باب قوله تعالى: {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين (171)} [الصافات: 171]

وحاصلُ معنى كلامه: أن التلفُّظَ الذي هو من فعل العبد مخلوقٌ، وهذا التلفُّظُ تعلَّق بالقرآن الذي هو غيرُ مخلوق، وصفةٌ للرَّبِّ جلَّ مجده. ومن لا يميِّزُ بين فعل العبد، وصفة الرَّبِّ جلَّ مجده، يَقَعُ في الخبط. فهذا أصلُ جوابه، أَوْمَأَ إليه في هذه الترجمة، حيث قال: إن الرَّبَّ بصفاته، وأمره، وفعله، وكلامه هو الخالقُ المكوَّنُ. فكلامُ الله من حيث كونه صفةً له تعالى في جانب الخالق، ومن يَجْتَرِىءُ أن يقولَ: إنه مخلوقٌ من هذه الجهة؟ وأمَّا تلفُّظُنَا به، فذاك ليس من صفته تعالى، بل من صفاتنا، ونحن بما فينا من الصفات مخلوقون تعالى. وجملته أن الواردَ مخلوقٌ، والمورد غيرُ مخلوقٍ. وهاك أجلى نظيرٍ له، فإِنك إذ تَقْرَأُ كتابًا، فيكون هناك أوَّلًا قراءتك، ولا يَمْتَرِي أحدٌ أنه فعلُك. وثانيًا الذي تَقْرَأُهُ، ولا يَشُكُّ أحدٌ أيضًا أنه ليس من فعلك، بل هو من الشيخ السعدي. فهكذا القرآن، وقراءتنا به. ومحصَّل تلك الترجمة: أن اللَّهَ تعالى وما يتعلَّق به من صفاته وأمره كلِّها غيرُ مخلوقٍ، والعالمَ بقَضِّه وقَضِيضِه مخلوقٌ. 28 - باب قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171)} [الصافات: 171] 7453 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ، إِنَّ رَحْمَتِى سَبَقَتْ غَضَبِى». أطرافه 3194، 7404، 7412، 7553، 7554 - تحفة 13828 7454 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ «إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِى بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَهُ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَهُ، ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيُؤْذَنُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، فَيَكْتُبُ رِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَعَمَلَهُ وَشَقِىٌّ أَمْ سَعِيدٌ ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، حَتَّى لاَ يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلاَّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا». أطرافه 3208، 3332، 6594 - تحفة 9228 - 166/ 9 7455 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ سَمِعْتُ أَبِى يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَا جِبْرِيلُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا». فَنَزَلَتْ {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} [مريم: 64] إِلَى آخِرِ الآيَةِ. قَالَ هَذَا كَانَ الْجَوَابَ لِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 3218، 4731 - تحفة 5505 7456 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ

عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنْتُ أَمْشِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَرْثٍ بِالْمَدِينَةِ وَهْوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَسِيبٍ، فَمَرَّ بِقَوْمٍ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ تَسْأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ. فَسَأَلُوهُ فَقَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى الْعَسِيبِ وَأَنَا خَلْفَهُ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ فَقَالَ {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)} [الإسراء: 85] فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ قَدْ قُلْنَا لَكُمْ لاَ تَسْأَلُوهُ. أطرافه 125، 4721، 7297، 7462 - تحفة 9419 7457 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِى سَبِيلِهِ، لاَ يُخْرِجُهُ إِلاَّ الْجِهَادُ فِى سَبِيلِهِ، وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ، بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِى خَرَجَ مِنْهُ، مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ». أطرافه 36، 2787، 2797، 2972، 3123، 7226، 7227، 7463 - تحفة 13833 7458 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ حَمِيَّةً وَيُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، فَأَىُّ ذَلِكَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا، فَهْوَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ». أطرافه 123، 2810، 3126 - تحفة 8999 يعني أن الكلمةَ والكلامَ، والقرآن كلَّه يُطْلَقُ ف يجَنَابِهِ تعالى، بخلاف اللفظ، فإنَّه لا يُسْتَعْمَلُ في جَنَابِهِ تعالى، لِمَا عُرِفَ في «حواشي شرح الجامي». وقد جوَّز المصنِّفُ إطلاق الصوت أيضًا، وأَبَى عنه الجمهور من أهل السنة. وسيجيء. 7454 - قوله: (ثُمَّ يَنْفُخْ فِيهِ الرُّوحَ) وقد عَلِمْتَ الفرقَ بين النَّسَمَةِ، والروح. فإنَّ النَّسَمَةَ تُوصَفُ بالولادة، فورد في الخبر: «أنَّ ما من نسمةٍ مولودةٍ» ... إلخ. بخلاف الروح، فإنها لا تتصفُ به، وإن اتَّصَفَتْ بالنفخ، والخلق. وبالجملةِ: إن الروحَ بعد نفخها في الجسد تَكْتَسِبُ أحوالًا تتغيَّر منها خواصُّها، فَتُسَمَّى نَسَمَةً، وغيرها. وقد مرَّ بسطه. فالشيءُ واحدٌ، وله مراتب، فهو نَسَمَةٌ في المرتبة التحتانية، وما دام لم تتعلَّق بالجسد، وكانت تُسْنَدُ إلى اللَّهِ تعالى وأمرهِ روحٌ. ولعلَّ فوقها مراتب أخرى أيضًا، بعضها فوق بعضٍ في التجرُّد، أَدْرَكَهَا الصوفيَّةُ، بها تتصل سلسلة الأكوان، مع ربِّها، ولم يتعرَّض إليها العلماء، فإنَّ لكلِّ فنّ موضوعًا، ولكلِّ موضوعٍ باحثًا. 7456 - قوله: ({قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}) قد مرَّ بعضُ الكلام في كتاب العلم. والحاصلُ: أنهم اختلفوا في تحديد عَالَمِ الأمر والخلق. قال الغزاليُّ: إن فيه اصطلاحًا عديدةً. فقيل: ما تُدْرِكُهُ الحواس، فهو عالمُ الخلق، وما لا، فهو عالم الأمر. وقال الشيخُ المجدِّد السَّرْهَنْدِي: إن الذي تحت العرش عالم الخلق، وما هو فوقه فعالم الأمر. وقال الشيخُ الأكبرُ: إن ما خَلَقَهُ اللهُ تعالى بلا واسطةٍ، فهو عالمُ

29 - باب قول الله تعالى: {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} [النحل: 40]

الأمرِ، وما خَلَقَ الشيء من الشيء - أعني بالواسطة - فعالمُ الخلق. فالروحُ من عالم الأمر، لكونها مخلوقة بلا واسطة، بخلاف الجسم، فإنه من العناصر. وذَهَبَ ذاهبٌ إلى أن نفس الجسمية عالم الخلق، وتحريكها من عالم الأمر، كالآلات الميكانيكية، التي تتخذ من الحديد إذا تعلَّقت بها الكهربائية تتحرَّك وتجري. فهذه أربعةُ فروقٍ من نحو أربعة أوجهٍ. 7460 - قوله: (وَهُمْ بالشَّام)، يريد معاويةُ رضي الله تعالى عنه: أن قولَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم «لا يَزَالُ قومٌ من أمتي» ... إلخ، صادقٌ عليه، وعلى أصحابه، لكونهم بالشام. مع أن في الحديث: «أنهم الأَبْدَال الذين يكون أربعون منهم بالشام». أمَّا الحديثُ، فقد أَثْبَتَهُ من كان على طريق الصوفية، وأَسْقَطَهُ المحدِّثُون. فإن لم يَكُنْ في حقِّهم، فهو في عيسى عليه الصلاة والسلام وأصحابه الذين يَكُونُونَ معه بعد نزوله من السماء. 29 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: 40] 7459 - حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِى قَوْمٌ ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ». طرفاه 3640، 7311 - تحفة 11524 - 167/ 9 7460 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ حَدَّثَنِى عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِى أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، مَا يَضُرُّهُمْ مَنْ كَذَّبَهُمْ، وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ». فَقَالَ مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ سَمِعْتُ مُعَاذًا يَقُولُ وَهُمْ بِالشَّأْمِ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ هَذَا مَالِكٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذًا يَقُولُ وَهُمْ بِالشَّأْمِ. أطرافه 71، 3116، 3641، 7312 - تحفة 11432، 11360 7461 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ وَقَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِى أَصْحَابِهِ فَقَالَ «لَوْ سَأَلْتَنِى هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا، وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ». أطرافه 3620، 4373، 4378، 7033 - تحفة 6518 7462 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ بَيْنَا أَنَا أَمْشِى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَعْضِ حَرْثِ الْمَدِينَةِ وَهْوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ مَعَهُ، فَمَرَرْنَا عَلَى نَفَرٍ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ تَسْأَلُوهُ أَنْ يَجِىءَ فِيهِ بِشَىْءٍ تَكْرَهُونَهُ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَنَسْأَلَنَّهُ. فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ مَا الرُّوحُ فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلِمْتُ أَنَّهُ

30 - باب قول الله تعالى

يُوحَى إِلَيْهِ فَقَالَ {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)} [الإسراء: 85]. قَالَ الأَعْمَشُ هَكَذَا فِى قِرِاءَتِنَا. أطرافه 125، 4721، 7297، 7456 - تحفة 9419 30 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109)} [الكهف: 109]، {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} [لقمان: 27]، {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)} [الأعراف: 54]. سَخَّرَ: ذَلَّلَ. 7463 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِى سَبِيلِهِ، لاَ يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلاَّ الْجِهَادُ فِى سَبِيلِهِ، وَتَصْدِيقُ كَلِمَتِهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرُدَّهُ إِلَى مَسْكَنِهِ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ». أطرافه 36، 2787، 2797، 2972، 3123، 7226، 7227، 7457 - تحفة 13833 قوله: ({إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ})، قد أَعْلَنَ القرآنُ جِهَارًا: أن العالمَ خُلِقَ في ستة أيَّامٍ، ثم حصل الاستواء بعدها. وحينئذٍ فالخلقُ بُدِيءَ من يوم السبت، وتَمَّ على يوم الخميس، هكذا عند مسلم عن أبي هريرة. وفي «مسند الشافعيِّ»، عن أنس: «أن الاستواءَ كان يوم الجمعة». نعم لمَّا أراد اللهُ سبحانه بعد ذلك بأزمانٍ متطاولةٍ - لا يعلمها إلَّا هو - خَلْقَ آدم عليه الصلاة والسَّلام يوم الجمعة، فَتَبَادَرَ إلى بعض الأوهام أن تلك الجمعة هي التي كانت عَقِيب الستة التي خَلَقَ فيها العالم، وليس كذلك. هكذا قرَّر ابنُ دقيق العيد: أن الجمعة التالية كان فيها تعطيلًا، ولم يَخْلُقْ الربُّ سبحانه فيها شيئًا، وهو معنى الاستواء. وقد اضطرب الناس في معناه، والرَّزِيَّةُ في القرآنَ، والحديثَ يعبِّران عن المغيبات بما في عالمنا، فيجيءُ قليلُ الفَهْم، قليلُ الديانة، كثيرُ الجهل، فَيَحْمِلُهَا على ظواهرها، ثم يؤوِّلها بعين ما في عالمنا، ومن ثَمَّ يقع في الإِلحاد. مع أن أعدلَ الأمورِ إمرارُها على ظواهرها مع عدم التكلُّم في معناها، كما مرَّ عن أئمة الدين رحمهم الله تعالى. وذَهَبَ الحافظُ ابن تَيْمِيَة إلى أن الخلقَ بُدِيء من يوم الأحد، وتمَّ على يوم الجمعة، ويوم التعطيل يوم السبت، وذلك لأنه رأى أن الحديثَ يَدُلُّ على أن آدم عليه الصلاة والسَّلام خُلِقَ يوم الجمعة، وأنها آخر يومٍ تَمَّ فيها الخلق. ودَلَّ القرآنُ أن الخلقَ تمَّ في ستة أيامٍ. وإذن فالستةُ لا تكون إلَّا من يوم الأحد، ويكون التعطيلُ في يوم السبت. بقي حديث مسلم: فقال: إن أصلَه عن أُبَيّ بن كعبٍ، وليس عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم،

31 - باب فى المشيئة والإرادة

ولكنه سَمِعَهُ أبي هريرة من أبيّ، والصوابَ ما ذكرناه. 31 - باب فِى الْمَشِيئَةِ وَالإِرَادَةِ {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} - وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} [آل عمران: 26]، {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23، 24]، {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56]، قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِيهِ: نَزَلَتْ فِى أَبِى طَالِبٍ. {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]. تحفة 11281 7464 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا دَعَوْتُمُ اللَّهَ فَاعْزِمُوا فِى الدُّعَاءِ، وَلاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِى، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ مُسْتَكْرِهَ لَهُ». طرفه 6338 - تحفة 1055 7465 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى أَخِى عَبْدُ الْحَمِيدِ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِىٍّ - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً فَقَالَ لَهُمْ «أَلاَ تُصَلُّونَ». قَالَ عَلِىٌّ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قُلْتُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَىَّ شَيْئًا، ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهْوَ مُدْبِرٌ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَيَقُولُ «{وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54]». أطرافه 1127، 4724، 7347 - تحفة 10070 7466 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا هِلاَلُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ خَامَةِ الزَّرْعِ، يَفِىءُ وَرَقُهُ مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ تُكَفِّئُهَا، فَإِذَا سَكَنَتِ اعْتَدَلَتْ، وَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ يُكَفَّأُ بِالْبَلاَءِ، وَمَثَلُ الْكَافِرِ كَمَثَلِ الأَرْزَةِ صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً حَتَّى يَقْصِمَهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ». طرفه 5644 تحفة 14239 - 169/ 9 7467 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ «إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ، كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، أُعْطِىَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ، فَعَمِلُوا بِهَا حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ، ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُعْطِىَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ، فَعَمِلُوا بِهِ حَتَّى صَلاَةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُعْطِيتُمُ الْقُرْآنَ فَعَمِلْتُمْ بِهِ حَتَّى غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَأُعْطِيتُمْ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، قَالَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ رَبَّنَا هَؤُلاَءِ أَقَلُّ عَمَلاً وَأَكْثَرُ أَجْرًا. قَالَ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ

مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَىْءٍ قَالُوا لاَ. فَقَالَ فَذَلِكَ فَضْلِى أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ». أطرافه 557، 2268، 2269، 3459، 5021، 7533 - تحفة 6855 7468 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْمُسْنَدِىُّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى إِدْرِيسَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى رَهْطٍ فَقَالَ «أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَزْنُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ، وَلاَ تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ وَلاَ تَعْصُونِى فِى مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَأُخِذَ بِهِ فِى الدُّنْيَا فَهْوَ لَهُ كَفَّارَةٌ وَطَهُورٌ، وَمَنْ سَتَرَهُ اللَّهُ فَذَلِكَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ». أطرافه 18، 3892، 3893، 3999، 4894، 6784، 6801، 6873، 7055، 7199، 7213 - تحفة 5094 7469 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ سُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - كَانَ لَهُ سِتُّونَ امْرَأَةً فَقَالَ لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى نِسَائِى، فَلْتَحْمِلْنَ كُلُّ امْرَأَةٍ وَلْتَلِدْنَ فَارِسًا يُقَاتِلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، فَطَافَ عَلَى نِسَائِهِ، فَمَا وَلَدَتْ مِنْهُنَّ إِلاَّ امْرَأَةٌ وَلَدَتْ شِقَّ غُلاَمٍ. قَالَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ كَانَ سُلَيْمَانُ اسْتَثْنَى لَحَمَلَتْ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ، فَوَلَدَتْ فَارِسًا يُقَاتِلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ». أطرافه 2819، 3424، 5242، 6639، 6720 - تحفة 14457 7470 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِىُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِىٍّ يَعُودُهُ فَقَالَ «لاَ بَأْسَ عَلَيْكَ طَهُورٌ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ». قَالَ قَالَ الأَعْرَابِىُّ طَهُورٌ، بَلْ هِىَ حُمَّى تَفُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ الْقُبُورَ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَنَعَمْ إِذًا». أطرافه 3616، 5656، 5662 - تحفة 6055 - 170/ 9 7471 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ حِينَ نَامُوا عَنِ الصَّلاَةِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ، وَرَدَّهَا حِينَ شَاءَ». فَقَضَوْا حَوَائِجَهُمْ وَتَوَضَّئُوا إِلَى أَنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَابْيَضَّتْ فَقَامَ فَصَلَّى. طرفه 595 - تحفة 12096 7472 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَالأَعْرَجِ. وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ اسْتَبَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ الْمُسْلِمُ وَالَّذِى اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى الْعَالَمِينَ فِى قَسَمٍ يُقْسِمُ بِهِ، فَقَالَ الْيَهُودِىُّ وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ، فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ يَدَهُ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَطَمَ الْيَهُودِىَّ، فَذَهَبَ الْيَهُودِىُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِى كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُخَيِّرُونِى عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِى أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِى أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ». أطرافه 2411، 3408، 3414، 6517، 6518، 7428 تحفة 15127، 15260، 13245، 13956

7473 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِى عِيسَى أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْمَدِينَةُ يَأْتِيهَا الدَّجَّالُ فَيَجِدُ الْمَلاَئِكَةَ يَحْرُسُونَهَا فَلاَ يَقْرَبُهَا الدَّجَّالُ وَلاَ الطَّاعُونُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». أطرافه 1881، 7124، 7134 - تحفة 1269 7474 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لِكُلِّ نَبِىٍّ دَعْوَةٌ، فَأُرِيدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَخْتَبِىَ دَعْوَتِى شَفَاعَةً لأُمَّتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ». طرفه 6304 - تحفة 15171 7475 - حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِىُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى عَلَى قَلِيبٍ فَنَزَعْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَنْزِعَ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِى قُحَافَةَ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ وَفِى نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا عُمَرُ فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَفْرِى فَرِيَّهُ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ حَوْلَهُ بِعَطَنٍ». أطرافه 3664، 7021، 7022 - تحفة 13107 - 171/ 9 7476 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَتَاهُ السَّائِلُ - وَرُبَّمَا قَالَ جَاءَهُ السَّائِلُ - أَوْ صَاحِبُ الْحَاجَةِ قَالَ «اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا، وَيَقْضِى اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مَا شَاءَ». أطرافه 1432، 6027، 6028 - تحفة 9036 7477 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى إِنْ شِئْتَ، ارْحَمْنِى إِنْ شِئْتَ، ارْزُقْنِى إِنْ شِئْتَ، وَلْيَعْزِمْ مَسْأَلَتَهُ، إِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، لاَ مُكْرِهَ لَهُ». طرفه 6339 - تحفة 14731 7478 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عَمْرٌو حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالْحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الْفَزَارِىُّ فِى صَاحِبِ مُوسَى أَهُوَ خَضِرٌ، فَمَرَّ بِهِمَا أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ الأَنْصَارِىُّ، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ إِنِّى تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِى هَذَا فِى صَاحِبِ مُوسَى الَّذِى سَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ شَأْنَهُ قَالَ نَعَمْ إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «بَيْنَا مُوسَى فِى مَلإِ بَنِى إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ فَقَالَ مُوسَى لاَ. فَأُوحِىَ إِلَى مُوسَى بَلَى عَبْدُنَا خَضِرٌ. فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الْحُوتَ آيَةً وَقِيلَ لَهُ إِذَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَارْجِعْ فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ. فَكَانَ مُوسَى يَتْبَعُ أَثَرَ الْحُوتِ فِى الْبَحْرِ فَقَالَ فَتَى مُوسَى لِمُوسَى {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ

الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} [الكهف: 63]، قَالَ مُوسَى {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (64) فَوَجَدَا} [الكهف: 64 - 65] خَضِرًا، وَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا مَا قَصَّ اللَّهُ». أطرافه 74، 78، 122، 2267، 2728، 3278، 3400، 3401، 4725، 4726، 4727، 6672 - تحفة 39 - 172/ 9 7479 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «نَنْزِلُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِى كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ». يُرِيدُ الْمُحَصَّبَ. أطرافه 1589، 1590، 3882، 4284، 4285 - تحفة 15172، 15318 7480 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى الْعَبَّاسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَاصَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَهْلَ الطَّائِفِ فَلَمْ يَفْتَحْهَا فَقَالَ «إِنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ نَقْفُلُ وَلَمْ نَفْتَحْ. قَالَ «فَاغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ». فَغَدَوْا فَأَصَابَتْهُمْ جِرَاحَاتٌ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ»، فَكَأَنَّ ذَلِكَ أَعْجَبَهُمْ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 4325، 6086 - تحفة 7043 جَزَمَ المتكلِّمُون باتحادهما في جَنَابه تعالى، كما في «فتح القدير» من باب تفويض الطلاق. وقد مرَّ منِّي الفرقُ بينهما، فالمشيئةُ ما به شيئية الشيء، فهي مساوقة للعلم، أي هي في مرتبيته. غير أن العلمَ ما به الانكشاف، وهذه ما به الشيئية. فالمعلومُ في جَنَابِهِ تعالى لا يجيء من الخارج، ولكن علم الله تعالى هو الذي يُوجِدُ المعلوم. وأمَّا الإِرادةُ، فتتعلَّق بالإِيجاد والإِعدام سواء، والتكوين لا يتعلَّق إلَّا بالإِيجاد. وبالجملة: المشيئةُ قويةٌ من الإِرادة، حتى إنه لا شيء فوقها. وفي تلك المرتبة صفة العلم. ومن ههنا عَلِمْتَ أن صفة المشيئة، والعلم تتقدَّمان على وجود الشيء، ومرتبةُ المعلوم في جَنَابِه تعالى لا تُوجَدُ إلَّا من تلقاء المشيئة، بخلاف الممكنات. فمعنى صفة المشيئة: أن اللَّهَ تعالى لا مُسْتَنْكِرهُ له، فلا مخصِّص، ولا مرجِّح فوقها، فهي صفةٌ متقدِّمةٌ على الإِرادة. فافهم. 7464 - قوله: (وَلاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: إنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي، فإنَّ اللَّهَ لا مُسْتَكْرِهَ لَهُ)، أي ما أنتم تَرْخُون العنان في المسألة، فإن اللَّهَ تعالى فاعلٌ ما هو شاء، سواء قُلْتُمْ: إن شِئْتَ، أو لا، فإنَّه لا يَسْتَكْرِهُ عليه أحدٌ، فهذا القول منكم لَغْوٌ. 7471 - قوله: (إنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُم حِينَ شَاءَ) وعن بعض السَّلَفِ: إن في الإِنسان روحين: واحدةً لليقظة، وأخرى تَسْبَحُ في النوم. قلتُ: وهؤلاء لمَّا لم تَلْتَئِمْ عندهم أطوار الروح، قالوا بتعدُّدها، مع أنها واحدةٌ في الحالين، والفرق بصرفها. ففي اليقظة تكون مصروفةً إلى عالم المشهود، وفي النوم تتعطَّل منه، وتُصْرَفُ إلى عالمٍ آخر.

32 - باب قول الله تعالى: {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير (23)} [سبأ: 23].

وليس معنى القبضِ أن اللَّهَ تعالى يَذْهَبُ بها، ليحتاجَ إلى القول بالتعدُّد. بل معناه العصر، فإذا قَبَضَهَا الله، أي كما تَقْبِضُ القطنَ المفوشَ المنتفخَ، فَيَنْقَبِضُ في يدك، فَتَظْهَرُ أفعالها في الباطن أكثر من الظاهر، لانزوائها إلى الباطن. وهذا القبضُ كالقبض من المُشَعْبِذِينَ، كما هو مذكورٌ في التاريخ، أعني به "نظر بندى". 7473 - قوله: (فَلاَ يَقْرَبُهَا الدَّجَّالُ ولا الطَّاعُونُ إنْ شَاءَ اللهُ تعالى)، هذا هو الصوابُ في الترتيب، فإن عدمَ دخول الدَّجَّالِ المدينة حَتْمٌ، والاستثناءُ مع دخول الطاعون فقط. ويُتَوَهَّمُ من سوء ترتيب بعض الرواة أن عدمَ دخول الدَّجَّالِ أيضًا أمرٌ مرجوٌ، لا أنه حَتْمٌ، وليس كذلك. 32 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23)} [سبأ: 23]. وَلَمْ يَقُل: مَاذَا خَلَقَ رَبُّكُمْ. وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255]، وقَالَ مَسْرُوقٌ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: إِذَا تَكَلَّمَ اللهُ بِالوَحْيِ سَمِعَ أَهْلُ السِّماوَاتِ شَيئًا، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ وَسَكَنَ الصَّوْتُ، عَرَفُوا أَنَّهُ الحَقُّ وَنَادَوْا: {مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ}، وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيسٍ قَالَ: سَمِعْتُ النبي صلى الله عليه وسلّم يَقُولُ: «يَحْشُرُ اللهُ العِبَادَ، فَيُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ: أَنَا المَلِكُ، أَنَا الدَّيَّانُ». تحفة 9580، 5143 أ 7481 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِى السَّمَاءِ ضَرَبَتِ الْمَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ، كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ - قَالَ عَلِىٌّ وَقَالَ غَيْرُهُ صَفَوَانٍ - يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ، فَإِذَا {فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}». قَالَ عَلِىٌّ وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ بِهَذَا. قَالَ سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ. قَالَ عَلِىٌّ قُلْتُ لِسُفْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ لِسُفْيَانَ إِنَّ إِنْسَانًا رَوَى عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ أَنَّهُ قَرَأَ {فُزِّعَ}. قَالَ سُفْيَانُ هَكَذَا قَرَأَ عَمْرٌو فَلاَ أَدْرِى سَمِعَهُ هَكَذَا أَمْ لاَ، قَالَ سُفْيَانُ وَهْىَ قِرَاءَتُنَا. أطرافه 4701، 4701 م، 4800 - تحفة 14249 - 173/ 9 7482 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا أَذِنَ

33 - باب كلام الرب مع جبريل، ونداء الله الملائكة

اللَّهُ لِشَىْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ». وَقَالَ صَاحِبٌ لَهُ يُرِيدُ أَنْ يَجْهَرَ بِهِ. أطرافه 5023، 5024، 7544 - تحفة 15224 7483 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَقُولُ اللَّهُ يَا آدَمُ. فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ. فَيُنَادَى بِصَوْتٍ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ». أطرافه 3348، 4741، 6530 - تحفة 4005 7484 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِى الْجَنَّةِ. أطرافه 3816، 3817، 3818، 5229، 6004 - تحفة 16815 ترجم بالإِذن، وهو كلمةٌ، أو كلامٌ. قوله: ({قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ})، أي أهل السماوات السُّفْلَى سَأَلُوا أهل السموات العليا. {قَالُوا الْحَقَّ}، أي أهل السموات العليا قالوا لمن تحتهم من الملائكة، {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}. [قوله:] (ولم يَقلْ: ماذا خَلَقَ)، وذلك لأن القولَ قائمٌ بالباري تعالى، ولا يُطْلَقُ عليه لفظُ المخلوق، لأنه منفصلٌ، وسيجيء تفصله. قوله: (وسَكَنَ الصَّوْتُ) ذَهَبَ البخاريُّ إلى إثبات الصوت تعالى، وأَنْكَرَهُ الآخرون. قلتُ: لو قيل به، فلا بُدَّ فيه من قيدٍ، وهو بحيث لا يُشْبِهُ أصوات المخلوقين. وهذا الصوتُ عند العلماء: إمَّا صوتُ الملائكة، أو مخلوقةٌ في محلَ. واستدلَّ البخاريُّ على كونها صوتًا للباري تعالى، من قوله صلى الله عليه وسلّم «يَسْمَعُهُ من بَعُدَ، كما يَسْمَعُهُ من قَرُبَ»، فإن فيه استغرابًا. ولو كان صوتُ المَلَكِ، لَمَا كان فيها استغرابٌ. 7482 - قوله: (ما أَذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ) ... إلخ. قلتُ: والإِذنُ فيه بمعنى الاستماع، وكان في الترجمة بمعنى الإِجازة، إلَّا أن يُقَالَ: إن اللَّهَ تعالى أَجَازَ نبيَّه بالقراءة، فلمَّا قَرَأَ استمعها. فاسْتُعْمِلَ الإِذنُ في الاستماع، بهذا الطريق. ثم إن اللغويين صرَّحُوا بكونه بمعنى الاستماع، وحينئذٍ لا حاجةَ إلى هذا التَّمَحُّل أيضًا. 33 - باب كَلاَمِ الرَّبِّ مَعَ جِبْرِيلَ، وَنِدَاءِ اللَّهِ الْمَلاَئِكَةَ وَقَالَ مَعْمَرٌ: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ} [النمل: 6] أَيْ يُلْقَى عَلَيْكَ وَتَلَقَّاهُ أَنْتَ، أَيْ تَأْخُذُهُ عَنْهُ، وَمِثْلُهُ: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة: 37].

7485 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ - هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ - عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلاَنًا فَأَحِبَّهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِى جِبْرِيلُ فِى السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَيُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِى أَهْلِ الأَرْضِ». طرفاه 3209، 6040 - تحفة 12824 - 174/ 9 7486 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِى صَلاَةِ الْعَصْرِ وَصَلاَةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِى فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ». أطرافه 555، 3223، 7429 - تحفة 13809 7487 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاصِلٍ عَنِ الْمَعْرُورِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَتَانِى جِبْرِيلُ فَبَشَّرَنِى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ». قُلْتُ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى قَالَ «وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى». أطرافه 1237، 1408، 2388، 3222، 5827، 6268، 6443، 6444 تحفة 11982 شَرَعَ في صلة الكلام، وتراجمه فيه على نحوين: الأُولَى في إثبات قِدَم كلام الله تعالى، والثانيةُ في إثبات حدوث فعله الوارد عليه. فاعلم أن الكلامَ إمَّا كلامٌ نفسيٌّ، أو لفظيٌّ. والأوَّلُ أقرَّ به الأشعريُّ، وأنكره الحافظ ابن تَيْمِيَة. قلتُ: أمَّا إنكارُ الحافظ ابن تَيْمِيَة، فتطاولٌ، فإنه ثابتٌ بلا مِرْيَة. وتفصيلُه (¬1) أن في الكلام ثلاثَ مراتب: ¬

_ (¬1) قلت: قد أجاد في تفصيله بعض المحققين، كما في رسالته -في علم الكلام- قال: وليعلم أن التصديق اللساني بالمعنى المصدري هو التكلم اللساني بما يدل على صدقه ذلك الخبر، كذلك التصديق القلبي بالمعنى المصدري، هو التكلم القلبي، بما يدل على صدق ذلك الخبر، مكفل من اللسان، والقلب، كلام بالمعنى المصدري الذي هو التكلم بمعنى، ولعله بالمعنى المصدري. وكلام بمعنى الحاصل بالمصدر الذي هو المتكلم به. وكما أن الكلام اللساني بالمعنى المصدري الذي هو التكلم فعل اللسان كذلك الكلام القلبي بالمعنى المصدري الذي هو التكلم، فعل القلب. وكما أن الكلام اللساني بالمعنى الثاني كيفية، كذلك الكلام القلبي، إلا أن الكلام اللساني كيفية فى الصوت الذي هو كيفية في الهواء المتموج، بخلاف الكلام القلبي، فإنه كيفية في النفس، ولا استبعاد في كون المصدر فعلًا، بمعنى التأثير. والحاصل به كيفية. محسوسة كانت، أو نفسانية، فإنهم صرحوا بأن التسخين مثلا من مقولة الفعل، والحاصل به السخونة، وهي من مقولة الكيف، ولهذا تبقى السخونة بعد تصرم التسخين، والتسخن اللذين هما الفعل والانفعال، ثم القلب من حيث أنه مصدق، أي متكلم بما يدل على صدق الخبر، أو المخبر في خبره غيره، =

الأُولَى: عبارةٌ عن حالةٍ بسيطةٍ إجماليةٍ غيرِ متجزئةٍ، من شأنها الإِفادة، فلا تقدُّم ¬

_ = من حيث أنه قابل لأثر ذلك التكلم، أعني الكلام النفسي، بمعنى الحاصل بالمصدر، الذي هو عبارة عن كلمات مخيلة، وألفاظ ذهنية، مرتبة ترتيبًا ذهنيًا، على وجه لو برزت كانت عين الكلام اللفظي لمن رتبها، والمغايرة الاعتبارية كافية في مثل ذلك، كما قالوا في الطبيب إذا عالج نفسه في أمراضه النفسانية، فإن النفس الناطقة حينئذ هي المعالجة، وللمعالجة باعتبارين مختلفين. ومما ينص على أن للنفس كلامًا نفسيًا بالمعنيين، قوله تعالى: {فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا} فإن {قَالَ} بدل من -أسر- أو استئناف جواب عن سؤال مقدر، نشأ من الإخبار بالإسرار المذكور، كأنه قيل: فماذا قال في نفسه في ذلك الإسرار؟ فقيل: {قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا}. وعلى التقديرين، فالآية دالة على أن للنفس كلامًا وقولًا، بالمعنى المصدري الذي هو التكلم، الذي هو فعل اختياري للنفس، وكلامًا وقولًا، بمعنى الحاصل والمصدر، الذي هو المتكلم به، والمقول الذي هو كيفية في النفس، والأول في الآية مستفاد من {قَالَ} و -أسر- والثاني هو جملة {أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا}، وقوله تعالى: {يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} دليل أيضًا على المطلوب في أحد تفسيريه؛ والآيات في هذا المعنى كثيرة، مثل قوله تعالى: {فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ}، وقوله: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} وقوله: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ}، وقوله: {يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} ونحوها، فإن السر ما حدث الرجل به نفسه، أو غيره في مكان خال، كما في "الكشاف". فتحديث الرجل نفسه الذي هو إسراره، وإكنانه في نفسه، تكلمه النفسي الذي هو فعل اختياري للنفس، وما حدث به كلامه النفسي بمعنى المتكلم به الذي هو كيفية في النفس؛ والأحاديث أيضًا في هذا المعنى كثيرة: منها الحديث القدسي الصحيح: فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وذكرنا له تعالى في أنفسنا، تكلمنا النفسي بما يشتمل على اسمه، نحو لا إله إلا الله، أو بمجرد اسمه نحو: الله الله الله، فلأنفسنا تكلم وكلام، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها، مالم تتكلم به أو تعمل به، فتحديث الأمة أنفسها، فعل اختياري لأنفسها، وما حدثت به أنفسها من الكلام النفسي، كيفية نفسانية، وفي "المعجم الصغير" للحافظ أبى القاسم سليمان بن أحمد الطبراني عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسأله رجل، فقال: إني لأحدث نفسي بالشيء، لو تكلمت به لأحبطت أجري، فقال: لا يلقي ذلك الكلام إلا مؤمن، اهـ. فتحدث الرجل السائل نفسه بالشيء المنعوت بما ذكره، هو تكلمه النفسي، والشيء المتحدث به المنعوت بالنعت المذكور، هو كلامه النفسي، بمعنى المتكلم به، وقد سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم كلامًا في صريح كلامه، ثم في "الجامع الكبير" للسيوطي عن قباث بن أشيم أنه قال: شهدت بدرًا مع المشركين، وإني لأنظر إلى قلة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في عيني، وكثرة من معنا من الخيل والرجال، فانهزمت فيمن انهزم، فلقد رأيتني، وإني لأنظر إلى المشركين في كل وجه، وإني لأقول في نفسي ما رأيت مثل هذا الأمر، فر منه إلا النساء، فلما كان بعد الخندق، قلت: لو قدمت المدينة، فنظرت ما يقول محمد صلى الله عليه وسلم، وقد وقع في قلب -قلبي- الإسلام، فقدمت المدينة، فسألت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: هو ذاك، في ظل المسجد، في ملأ من أصحابه، فأتيته، وأنا لا أعرفه من بينهم، فسلمت، فقال: يا قباث بن أشيم، أنت القائل يوم بدر: ما رأيت مثل هذا الأمر، فر منه إلا النساء؟ قال: فقلت: أشهد أنك رسول الله، فإن هذا الأمر ما خرج مني لأحد قط، وما تزمزت به، إلا شيئًا حدثت به نفسي، فلولا أنك نبي ما أطلعك الله عليه، هلم حتى أبايعك، قال: فعرض علي الإسلام، فأسلمت، اهـ. =

فيها، ولا تأخُّر، كالقرآن في ذهن من حَفِظَهُ، فإنه يَحْضُرُ في ذهنه جملةً، حتَّى إنه يُدْرِكُهُ أيضًا. إلَّا أنه لا تفصيلَ في تلك المرتبة، وهي مبدأٌ للتفصيل. والثانيةُ: عبارةٌ عن الصور المخيَّلة المنفعلة في الذهن. تعرَّض إليها بحرُ العلوم في «شرح مسلم». وفي تلك المرتبة يَحْضُرُه تفصيله، نحو أن تَقْرَأَ القرآنَ في نفسك، ففيها انكشافٌ تامٌّ، وتصيلٌ كاملٌ، وإن لم يَشْعُرْ به المُخَاطَبُ. والثالثة: عبارةٌ عن إجراء تلك الكلمات على اللسان، فالكلامُ ما دام دائرًا في النفس بسيطٌ، فإذا نَزَلَ في الخيال صار عبارةً عن كلمات مخيَّلة، ثم إذا نَزَلَ على اللسان صار كلماتٍ ملفوظةً. فالكلامُ النفسيُّ ثابتٌ عقلًا. نعم، كلامُ المصنِّف ليس إلَّا في اللفظيِّ، ومع ذلك تلك الحوادث القائمة ليست مخلوقةً. واسْتَبْعَدَهُ الحافظُ: فقال: إن في إثبات حدوثها، ونفي كونها مخلوقةً تناقضًا، لأنه لا فرقَ بين الحادث والمخلوق. قلتُ: وهذا إنَّما نَشَأ من عدم اطلاعه على اصطلاح القدماء، فإن المخلوقَ عندهم هو المُحْدَثُ المُنْفَصِلُ، أمَّا إذا كان قائمًا لفاعله، فلا يُقَالُ له: إنه مخلوقٌ. وهذا عينُ اللغة، فإنك تقولُ: قام زيدٌ، وقَعَدَ عمرٌو، ولا تقولُ: خَلَقَ زيدٌ القيامَ، وخَلَقَ عمرٌو القعودَ، وذلك لأن القيامَ والقعودَ، وإن كانا حَادثَيْن، إلَّا أنهما ليسا بمنفصلين عن زيدٍ، وعمرٍو، فالشيءُ إذا قام بفاعله، فهو حادثٌ غيرُ مخلوقٍ. والعجب من الحافظ حيث خَفِي عليه هذا الاصطلاحُ الجليُّ، فإن بين اللفظين بَوْنًا بعيدًا. أَلاَ ترى أن المُحْدَثَ قد أطلقه القرآن بنفسه، فقال تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} ... إلخ [الأنبياء: 2]، وأمَّا المخلوقُ، فقد نُقِلَ عن أبي حنيفة وصاحبَيْهِ: أن من قال بخلق القرآن فقد كَفَرَ، هكذا نقله البيهقُّ في كتاب «الأسماء والصفات». فالمُحْدَثُ وَرَد في القرآن، وإطلاقُ المخلوق أفضى إلى الكفر. وإذا دَرَيْتَ الفرقَ بينهما، هان عليك إطلاقُ الحادث على القرآن، مع نفي المخلوق عنه، ولم يَبْقَ بينهما تناقضٌ. أمَّا الكلامُ اللفظيُّ في دائرة البشر، فهو حادثٌ ومخلوقٌ، ومعنى قول المصنِّف: «لفظي بالقرآن مخلوقٌ»، أي إن المَوْرِدَ الذي هو صفةٌ تعالى، وإن كان قديمًا، لكن تلفُّظُنا الواردُ عليه فعلَنا وصفتَنا، وهو مخلوقٌ. ومن لم يُدْرِكْ مرادَه، ظَنَّ أنه جَعَلَ القرآنَ مخلوقًا. ومعلومٌ أن المَوْرِدَ الذي هو قائمٌ بالباري تعالى كيف يكون مخلوقًا؟ هذا تقريرُ ¬

_ = فتحديثه بذلك الكلام نفسه فعل اختياري، وذلك الكلام كيفية نفسانية، إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة ههنا، انتهى من -شرح مخطوط عندي، على منظومة في العقائد- ثم إن كلامه هذا، وإن كان في المرتبة الثانية، دون الأولى التي هي بسيطة من كل وجه، لا تفصيل فيها أصلًا، إلا أني أتيت به ههنا، لمتانة في نفسه، فتفكر فيه.

34 - باب قول الله تعالى: {أنزله بعلمه والملائكة يشهدون} [النساء: 166]

مرام المصنِّف، وتقريبه. أمَّا المحدِّثون، فهم فيه على فرقتين: منهم من أَنْكَرَ قيام الحوادث بالباري تعالى، ومنهم من أقرَّه. بقي المتكلِّمون، فاتَّفَقُوا على إنكاره، وهو المذهبُ الأسلمُ والأحكمُ. والذي تلخَّص من مذهب المصنِّف: أن الذاتَ، وصفاتَه السبع، والتكوين كلَّها قديمٌ. بَقِيَتِ الأفعالُ الجزئيةُ، كالنزول، والضحك، وأمثالهما، فهي قائمةٌ بالباري تعالى، وحادثةٌ عنده. وتكل مُنْفَصِلَةٌ عند المَاتُرِدِيَّةِ. 34 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ} [النساء: 166] قَالَ مُجَاهِدٌ: {يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} [الطلاق: 12] بَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَالأَرْضِ السَّابِعَةِ. 7488 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِىُّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا فُلاَنُ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَقُلِ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِى إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِى إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِى إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِى إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِى أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ. فَإِنَّكَ إِنْ مُتَّ فِى لَيْلَتِكَ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَإِنْ أَصْبَحْتَ أَصَبْتَ أَجْرًا». أطرافه 247، 6311، 6313، 6315 - تحفة 1860 7489 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الأَحْزَابِ «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ، اهْزِمِ الأَحْزَابَ وَزَلْزِلْ بِهِمْ». زَادَ الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى خَالِدٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2933، 2965، 3025، 4115، 6392 - تحفة 5154 7490 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] قَالَ أُنْزِلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُتَوَارٍ بِمَكَّةَ، فَكَانَ إِذَا رَفَعَ صَوْتَهُ سَمِعَ الْمُشْرِكُونَ فَسَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} لاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ حَتَّى يَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ، {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} عَنْ أَصْحَابِكَ فَلاَ تُسْمِعُهُمْ {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} أَسْمِعْهُمْ وَلاَ تَجْهَرْ حَتَّى يَأْخُذُوا عَنْكَ الْقُرْآنَ. أطرافه 4722، 7525، 7547 - تحفة 5451 - 175/ 9 فالإِنزالُ صفةٌ للباري تعالى، وليس بمخلوقٍ، مع كونه حادثًا. وفيه إشارةٌ إلى أني أؤمِنُ بكون القرآن كلامَه تعالى، وهو الجزءُ الأوَّلُ من مَلْحَظَيْهِ، أعني كون القرآن صفةً تعالى، والواردُ عليه هو فعلُنا، وهو مخلوقٌ حادثٌ، وهو الجزءُ الثاني.

35 - باب قول الله تعالى: {يريدون أن يبدلوا كلام الله} [الفتح: 15]

35 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} [الفتح: 15] {لَقَوْلٌ فَصْلٌ} حَقٌّ {وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14)} [الطارق: 13 - 14] بِاللَّعِبِ. 7491 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يُؤْذِينِى ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِى الأَمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ». طرفاه 4826، 6181 - تحفة 13131 7492 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الصَّوْمُ لِى وَأَنَا أَجْزِى بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِى، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ وَفَرْحَةٌ حِينَ يَلْقَى رَبَّهُ، وَلَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ». أطرافه 1894، 1904، 5927، 7538 - تحفة 12553 7493 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ فَجَعَلَ يَحْثِى فِى ثَوْبِهِ، فَنَادَى رَبُّهُ يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى قَالَ بَلَى يَا رَبِّ وَلَكِنْ لاَ غِنَى بِى عَنْ بَرَكَتِكَ». طرفاه 279، 3391 - تحفة 14724 7494 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَتَنَزَّلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِى فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ». طرفاه 1145، 6321 - تحفة 13463 7495 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». أطرافه 238، 876، 896، 2956، 3486، 6624، 6887، 7036 تحفة 13744 - 176/ 9 7496 - وَبِهَذَا الإِسْنَادِ «قَالَ اللَّهُ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ». أطرافه 4684، 5352، 7411، 7419 - تحفة 13740 7497 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ فَقَالَ «هَذِهِ خَدِيجَةُ أَتَتْكَ بِإِنَاءٍ فِيهِ طَعَامٌ أَوْ إِنَاءٍ فِيهِ شَرَابٌ فَأَقْرِئْهَا مِنْ رَبِّهَا السَّلاَمَ وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَبَ». طرفه 3820 - تحفة 14902 7498 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ اللَّهُ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِى الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ». أطرافه 3244، 4779، 4780 - تحفة 14683

7499 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى سُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ أَنَّ طَاوُسًا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَمَنْ فِيهِنَّ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ الْحَقُّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِى، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ». أطرافه 1120، 6317، 7385، 7442 - تحفة 5702 7500 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِىُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِىُّ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ قَالَ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِمَّا قَالُوا - وَكُلٌّ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِى حَدَّثَنِى - عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ يُنْزِلُ فِى بَرَاءَتِى وَحْيًا يُتْلَى، وَلَشَأْنِى فِى نَفْسِى كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِىَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنِّى كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِى اللَّهُ بِهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ} [النور: 11] الْعَشْرَ الآيَاتِ. أطرافه 2593، 2637، 2661، 2688، 2879، 4025، 4141، 4690، 4749، 4750، 4757، 5212، 6662، 6679، 7369، 7370، 7545 تحفة 16708، 16126، 17409، 16311 - 177/ 9 7501 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَقُولُ اللَّهُ إِذَا أَرَادَ عَبْدِى أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً فَلاَ تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَهَا، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا بِمِثْلِهَا وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ أَجْلِى فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةٍ». تحفة 13887 7502 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِى مُزَرِّدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ فَقَالَ مَهْ. قَالَتْ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ. فَقَالَ أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ قَالَتْ بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ فَذَلِكِ لَكِ». ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)} [محمد: 22]. أطرافه 4830، 4831، 4832، 5987 - تحفة 13382 7503 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ صَالِحٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ مُطِرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «قَالَ اللَّهُ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِى كَافِرٌ بِى وَمُؤْمِنٌ بِى». أطرافه 846، 1038، 4147 - تحفة 3757

7504 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ اللَّهُ إِذَا أَحَبَّ عَبْدِى لِقَائِى أَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ، وَإِذَا كَرِهَ لِقَائِى كَرِهْتُ لِقَاءَهُ». تحفة 13831 7505 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ اللَّهُ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى». طرفاه 7405، 7537 - تحفة 13771 7506 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «قَالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، فَإِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوهُ وَاذْرُوا نِصْفَهُ فِى الْبَرِّ وَنِصْفَهُ فِى الْبَحْرِ فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا لاَ يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ، وَأَمَرَ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ ثُمَّ قَالَ لِمَ فَعَلْتَ قَالَ مِنْ خَشْيَتِكَ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ، فَغَفَرَ لَهُ». طرفه 3481 - تحفة 13810 - 178/ 9 7507 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى عَمْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا - وَرُبَّمَا قَالَ أَذْنَبَ ذَنْبًا - فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ - وَرُبَّمَا قَالَ أَصَبْتُ - فَاغْفِرْ لِى فَقَالَ رَبُّهُ أَعَلِمَ عَبْدِى أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِى. ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ - أَوْ أَصَبْتُ - آخَرَ فَاغْفِرْهُ. فَقَالَ أَعَلِمَ عَبْدِى أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِى، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا - وَرُبَّمَا قَالَ أَصَابَ ذَنْبًا - قَالَ قَالَ رَبِّ أَصَبْتُ - أَوْ أَذْنَبْتُ - آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِى. فَقَالَ أَعَلِمَ عَبْدِى أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِى - ثَلاَثًا - فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ». تحفة 13601 7508 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ أَبِى حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلاً فِيمَنْ سَلَفَ - أَوْ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ قَالَ كَلِمَةً يَعْنِى - أَعْطَاهُ اللَّهُ مَالاً وَوَلَدًا - فَلَمَّا حَضَرَتِ الْوَفَاةُ قَالَ لِبَنِيهِ أَىَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ قَالُوا خَيْرَ أَبٍ. قَالَ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْتَئِرْ - أَوْ لَمْ يَبْتَئِزْ - عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا، وَإِنْ يَقْدِرِ اللَّهُ عَلَيْهِ يُعَذِّبْهُ، فَانْظُرُوا إِذَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِى حَتَّى إِذَا صِرْتُ فَحْمًا فَاسْحَقُونِى - أَوْ قَالَ فَاسْحَكُونِى - فَإِذَا كَانَ يَوْمُ رِيحٍ عَاصِفٍ فَأَذْرُونِى فِيهَا» فَقَالَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَأَخَذَ مَوَاثِيقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَرَبِّى، فَفَعَلُوا ثُمَّ أَذْرَوْهُ فِى يَوْمٍ عَاصِفٍ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كُنْ. فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ قَائِمٌ. قَالَ اللَّهُ أَىْ عَبْدِى مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ قَالَ مَخَافَتُكَ أَوْ فَرَقٌ مِنْكَ قَالَ فَمَا تَلاَفَاهُ أَنْ رَحِمَهُ عِنْدَهَا - وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى فَمَا تَلاَفَاهُ غَيْرُهَا -». فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبَا عُثْمَانَ فَقَالَ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ سَلْمَانَ غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ فِيهِ أَذْرُونِى فِى الْبَحْرِ. أَوْ كَمَا حَدَّثَ. طرفاه 3478، 6481 - تحفة 4247، 4499 أ - 179/ 9

حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ وَقَالَ لَمْ يَبْتَئِرْ. وَقَالَ خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ وَقَالَ لَمْ يَبْتَئِزْ. فَسَّرَهُ قَتَادَةُ لَمْ يَدَّخِرْ. تحفة 4247 فهناك أمران: كلامُ الله، وهو صفةٌ تعالى، من يتمكَّن على تغييرها وتبديلها. والثاني هو فعلُنا، وهذا الذي أرادوا فيه التبديلَ، فالمُوْرِدُ محفوظٌ على مكانه، والوارد متغيِّرٌ متبدِّلٌ. والإِشكالُ إنما نَشَأَ من جهة اشتراك الاسم، فإِنَّما هو صفةٌ لنا يُقَال لها: القرآن أيضًا. وهكذا يُطْلَقُ القرآن على ما هو صفةٌ تعالى، والأوَّلُ مخلوقٌ، مكوَّنٌ متبدِّلٌ، متغيِّرٌ، بخلاف الثاني. ومَنْ لا يُمْعِنُ النظر يَلْتَبِسُ عليه الحال نظرًا إلى اشتراك الاسم، فَيَجُرُّ صفات القرآن عندنا إلى القرآن الذي عنده تعالى، مع أن المخلوقَ هو الذي مفعولٌ مطلقٌ للعباد، أي فعلٌ لهم، وقراءتهم. وأمَّا ما هو مفعولٌ به، فهو محدَثٌ غير مخلوقٍ، صفةٌ للرَّبِ عز وجلَّ. فأشار المصنِّفُ إلى ذكر التبديل: أن ما سَرَى إليه التغير، كيف يكون من صفة الله؟ فإن اللَّهَ تعالى لا يتغيَّرُ، ولا يتبدَّلُ، ثم إن المصنِّفَ أخرج في هذا الباب أحاديثَ كثيرةً تَدُلُّ على إقراره بكلام الله تعالى، إلَّا أنه لا يُرِيدُ الإِفصاحَ به، ففي كلِّ حديثه ذكرٌ لكلام الله تعالى. 7501 - قوله: (وإنْ تَرَكَهَا مِنْ أَجْلي، فاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً) وكان اللفظُ في عامة الروايات هكذا: «فإن لَمْ يَعْمَلْهَا» ... إلخ. وهذا صادقٌ على السلب البسيط أيضًا، ولا يُعْقَلُ فيه أجرٌ. وقد كُنْتُ قلتُ: إن المرادَ به تركُ العمل بالاختيار، لأنَّ عدمَ العمل بشيءٍ في العُرْفِ إنما يُطْلَقُ إذا كان تركُهُ باختياره. فمعنى قوله: «لم يَعْمَلْهَا»، أي بالاختيار. وحينئذٍ الأجرُ عليه معقولٍ. وفي تلك الرواية تصريحٌ بما كُنْتُ شَرَحْتُ به من قبل، فإن قوله: «تركها من أجلي»، يَدُلُّ على اختيارٍ منه، وسُنُوح نَصُوح النية له. 7502 - قوله: (قَامَتِ الرَّحِمُ)، وهذا نحو تجلي عندي. 7506 - قوله: (لَئِنْ (¬1) قَدَرَ اللهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا لا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا من العَالَمِينَ) ¬

_ (¬1) قلت: واضطرب الناس في توجيه كلامه، فإن قوله: لئن قدر الله تعالى، الخ، يدل على تردده في قدرته تعالى، هو كفر بلا ريب، فكيف غفر له؟! فأجاب عنه العارف ابن أبي جمرة أن من أوصى بأن يحرق إذا مات، فلعله كان جائزا في شرعهم ذلك، لتصحيح التوبة، فقد ثبت في شرع بني إسرائيل قتلهم أنفسهم، لصحة التوبة، اهـ. كذا في "الفتح - من باب الخوف من الله عز وجل" قلت: وكأن العارف رام التفصي عن إيصائه بالتحريق، وفيه تردده أيضًا، وهو أشد، فالجواب على ما ذكره الشيخ في رسالته "إكفار الملحدين" ص: 48 ما نصه، قلت: والمراد بقوله: لئن قدر الله علي، لئن وافاني، وأنا جميع. وأدركني قبل التوبة، وذلك بأن أراد ذلك وقضاه، عليّ، لا التردد في نفس القدرة، فقد ذم الله تعالى شأنه. ونعى على اليهود في قوله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} إلى قوله: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ففي بعض الروايات أنها نزلت في ذلك، ولعل الإشراك على هذا، =

36 - باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم

واعلم أنَّهم اخْتَلَفُوا في أنَّ أَثَرَ النفخ هو فكُّ النظم، أو العدمُ المحضُ، وذهب الشيخُ الأكبرُ، إلى أنه يجيء وقتٌ ما لا يكون فيه موجودٌ سوى الله تعالى، ويتحوَّل العالمُ بنقيره وقِطْمِيره إلى العدم المحض. 36 - باب كَلاَمِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ 7509 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ شُفِّعْتُ، فَقُلْتُ يَا رَبِّ أَدْخِلِ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ خَرْدَلَةٌ. فَيَدْخُلُونَ، ثُمَّ أَقُولُ أَدْخِلِ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ أَدْنَى شَىْءٍ». فَقَالَ أَنَسٌ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 44، 4476، 6565، 7410، 7440، 7510، 7516 - تحفة 817 7510 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ هِلاَلٍ الْعَنَزِىُّ قَالَ اجْتَمَعْنَا نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَذَهَبْنَا إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَذَهَبْنَا مَعَنَا بِثَابِتٍ ¬

_ = هو إحصاء قدرة الله تعالى بمكيال عقولهم السقيمة، وقياسها بما في أذهانهم وخيالهم، اهـ. ومحصل جوابه على ما فهمته أن الرجل ظن أنه لما يذري نصفه في الهوا، ونصفه في قاموس الماء، فالله تعالى. وإن كان قادرًا بجمعه، ولكنه يحتاج إلى اهتمام بشأنه، فلعله لا يهتم له بذلك، فالتردد في إجراء قدرته لأجله، لا في نفس القدرة، وكثيرًا من الأشياء تكون تحت قدرتك، ثم لا تفعله لمصالح تسنح لك، أو لعدم المبالاة بها، كذلك يمكن أن لا يبالي الله له مبالاة، فلا يجمعه من الهواء والماء، فيبقى كذلك منتشر الأجزاء غير محاسب، ولا مناقش، فهذا نحو حيلة يحتال بها الإنسان، عند الإياس، وشدة الخوف، على نحو قولهم، الغريق يتشبث بكل حشيش. فافهم، وتشكر، فإن الناس قد تحيروا فى جوابه، ولم يأتوا بما يعلق بالقلب، وبعبارة أخرى: ليس المراد من القدرة ما هي عند المتكلمين، بل المراد منها ما عند أهل العرف، فيقولون: هل تقدر على ذلك؟ أي تريد أن تفعله، فإرادة الفعل هي التي يعنون بالقدرة عليه في مجاري محاوراتهم، وإذن معناه لئن أراد أن يحشرني، وأنا جميع، والله تعالى أعلم. ثم رأيت الطحاوي مر عليه في "مشكله" ص 233 - ج 1، وقرر معنى قوله: لا يقدر الله عليّ رب العالمين، أي لا يضيق الله علي أبدًا، فيعذبني بتضييقه علي، لما قدمت في الدنيا من عذابي نفسي، الذي أوصيتكم به، واستشهد عليه بما في قصة يونس، {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} وقوله تعالى: {فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ} ثم أخرجه من طريق معاوية ابن حيدة، وفيه: لعلي أضل الله، ونقل تأويله عن بعض العلماء أنه قال ذلك جهلًا منه بلطيف قدرة الله تعالى، مع إيمانه به جل وعز بخشية عقوبته، فجعلوه بخشية عقوبته مؤمنًا، وبطمعه أن لا يظلمه جاهلًا، فكان الغفران من الله تعالى له بإيمانه، ولم يؤاخذه لجهله الذي لم يخرجه من الإيمان به، إلى الكفر بالله تعالى، أما الطحاوي فجعل لفظه الوارد فيه هو الأول، وحكم على اللفظ الذي عند معاوية بن حيدة بالتفرد، والله تعالى أعلم، ثم في أمره بالذرى، ومغفرته تعالى عليه إشارة إلى أن نفخ الصور أثره في الإذراء، دون الإعدام، والأمر بعد في علم الغيب لا يعلمه إلا هو.

إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ لَنَا عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ، فَإِذَا هُوَ فِى قَصْرِهِ فَوَافَقْنَاهُ يُصَلِّى الضُّحَى، فَاسْتَأْذَنَّا، فَأَذِنَ لَنَا وَهْوَ قَاعِدٌ عَلَى فِرَاشِهِ فَقُلْنَا لِثَابِتٍ لاَ تَسْأَلْهُ عَنْ شَىْءٍ أَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فَقَالَ يَا أَبَا حَمْزَةَ هَؤُلاَءِ إِخْوَانُكَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ جَاءُوكَ يَسْأَلُونَكَ عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ. فَقَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِى بَعْضٍ فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ. فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ فَإِنَّهُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ. فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللَّهِ. فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى فَإِنَّهُ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ. فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَيَأْتُونِى فَأَقُولُ أَنَا لَهَا. فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّى فَيُؤْذَنُ لِى وَيُلْهِمُنِى مَحَامِدَ أَحْمَدُهُ بِهَا لاَ تَحْضُرُنِى الآنَ، فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ وَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِى أُمَّتِى. فَيُقَالُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ. فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِى أُمَّتِى. فَيُقَالُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ أَوْ خَرْدَلَةٍ مِنْ إِيمَانٍ. فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِى أُمَّتِى. فَيَقُولُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ. فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ». فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ أَنَسٍ قُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا لَوْ مَرَرْنَا بِالْحَسَنِ وَهْوَ مُتَوَارٍ فِى مَنْزِلِ أَبِى خَلِيفَةَ فَحَدَّثَنَا بِمَا حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، فَأَتَيْنَاهُ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَنَا فَقُلْنَا لَهُ يَا أَبَا سَعِيدٍ جِئْنَاكَ مِنْ عِنْدِ أَخِيكَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَلَمْ نَرَ مِثْلَ مَا حَدَّثَنَا فِى الشَّفَاعَةِ، فَقَالَ هِيهِ، فَحَدَّثْنَاهُ بِالْحَدِيثِ فَانْتَهَى إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ هِيهِ، فَقُلْنَا لَمْ يَزِدْ لَنَا عَلَى هَذَا. فَقَالَ لَقَدْ حَدَّثَنِى وَهْوَ جَمِيعٌ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً فَلاَ أَدْرِى أَنَسِىَ أَمْ كَرِهَ أَنْ تَتَّكِلُوا. قُلْنَا يَا أَبَا سَعِيدٍ فَحَدِّثْنَا، فَضَحِكَ وَقَالَ خُلِقَ الإِنْسَانُ عَجُولاً مَا ذَكَرْتُهُ إِلاَّ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَكُمْ حَدَّثَنِى كَمَا حَدَّثَكُمْ بِهِ قَالَ «ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَقُولُ يَا رَبِّ ائْذَنْ لِى فِيمَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَيَقُولُ وَعِزَّتِى وَجَلاَلِى وَكِبْرِيَائِى وَعَظَمَتِى لأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ». أطرافه 44، 4476، 6565، 7410، 7440، 7509، 7516 تحفة 1599، 523 - 180/ 9 7511 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ آخِرَ أَهْلِ

الْجَنَّةِ دُخُولاً الْجَنَّةَ، وَآخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنَ النَّارِ رَجُلٌ يَخْرُجُ حَبْوًا فَيَقُولُ لَهُ رَبُّهُ ادْخُلِ الْجَنَّةَ. فَيَقُولُ رَبِّ الْجَنَّةُ مَلأَى. فَيَقُولُ لَهُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَكُلُّ ذَلِكَ يُعِيدُ عَلَيْهِ الْجَنَّةُ مَلأَى. فَيَقُولُ إِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا عَشْرَ مِرَارٍ». طرفه 6571 - تحفة 9405 - 181/ 9 7512 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ». قَالَ الأَعْمَشُ وَحَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ خَيْثَمَةَ مِثْلَهُ وَزَادَ فِيهِ «وَلَوْ بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ». أطرافه 1413، 1417، 3595، 6023، 6539، 6540، 6563، 7443 - تحفة 9852 7513 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ إِنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَعَلَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْخَلاَئِقَ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْمَلِكُ. فَلَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَضْحَكُ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا، لِقَوْلِهِ ثُمَّ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} إِلَى قَوْلِهِ {يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67]. أطرافه 4811، 7414، 7415، 7451 - تحفة 9404 7514 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِى النَّجْوَى قَالَ «يَدْنُو أَحَدُكُمْ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ فَيَقُولُ أَعَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ. وَيَقُولُ عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ. فَيُقَرِّرُهُ، ثُمَّ يَقُولُ إِنِّى سَتَرْتُ عَلَيْكَ فِى الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ». وَقَالَ آدَمُ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه 2441، 4685، 6070 - تحفة 7096 ترجم المصنِّفُ إلى الآن تراجم عديدة على إثبات الكلام، ولم يُتَرْجِمْ بعدُ على ما هو مرامه خاصَّةً، أي: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، غير أن تلك التراجم باعتبار إثبات الكلام في مواضع مختلفةٍ، وهذه في إثبات الكلام في المحشر. 7510 - قوله: (ويُلْهِمُني مَحَامِدَ أَحْمَدُهُ بِهَا، لا تَحْضُرُني الآنَ)، وهذا اللفظ في هذا الموضع فقط، فمن الزيغُ أي زيغِ ادِّعاءُ العلم المحيط للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم. قوله: (فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ المَحَامِدِ، وأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا) واعلم أن راويه لم يَثْبُتْ له قَدَمٌ في تقديم الحمد على السجدة، فتارةً ذكر: أنه حَمِدَ أولًا، ثم خرَّ ساجدًا. وتارةً قال: إنه خرَّ أولًا، ثم سجد. والفصلُ عندي في مثل هذا الموضع أن يُنْظَرَ إلى ما هو الأليقُ

37 - باب قوله تعالى: {وكلم الله موسى تكليما} [النساء: 164]

بالمقام، ويكون هو الراجحُ، وقد ذكرته في «نيل الفرقدين». 37 - باب قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] 7515 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ مُوسَى أَنْتَ آدَمُ الَّذِى أَخْرَجْتَ ذُرِّيَّتَكَ مِنَ الْجَنَّةِ. قَالَ آدَمُ أَنْتَ مُوسَى الَّذِى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالاَتِهِ وَكَلاَمِهِ، ثُمَّ تَلُومُنِى عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِّرَ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ. فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى». أطرافه 3409، 4736، 4738، 6614 - تحفة 12283 7516 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُجْمَعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُونَ لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا، فَيُرِيحُنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا. فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ لَهُ أَنْتَ آدَمُ أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْجَدَ لَكَ الْمَلاَئِكَةَ وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَىْءٍ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا. فَيَقُولُ لَهُمْ لَسْتُ هُنَاكُمْ. فَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِى أَصَابَ». أطرافه 44، 4476، 6565، 7410، 7440، 7509، 7510 - تحفة 1357 7517 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ مَالِكٍ يَقُولُ لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهْوَ نَائِمٌ فِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَقَالَ أَوَّلُهُمْ أَيُّهُمْ هُوَ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ هُوَ خَيْرُهُمْ. فَقَالَ آخِرُهُمْ خُذُوا خَيْرَهُمْ. فَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى أَتَوْهُ لَيْلَةً أُخْرَى فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ، وَتَنَامُ عَيْنُهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلاَ تَنَامُ قُلُوبُهُمْ، فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ حَتَّى احْتَمَلُوهُ فَوَضَعُوهُ عِنْدَ بِئْرِ زَمْزَمَ فَتَوَلاَّهُ مِنْهُمْ جِبْرِيلُ فَشَقَّ جِبْرِيلُ مَا بَيْنَ نَحْرِهِ إِلَى لَبَّتِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَدْرِهِ وَجَوْفِهِ، فَغَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ بِيَدِهِ، حَتَّى أَنْقَى جَوْفَهُ، ثُمَّ أُتِىَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ تَوْرٌ مِنْ ذَهَبٍ مَحْشُوًّا إِيمَانًا وَحِكْمَةً، فَحَشَا بِهِ صَدْرَهُ وَلَغَادِيدَهُ - يَعْنِى عُرُوقَ حَلْقِهِ - ثُمَّ أَطْبَقَهُ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَضَرَبَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا فَنَادَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ مَنْ هَذَا فَقَالَ جِبْرِيلُ. قَالُوا وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مَعِى مُحَمَّدٌ. قَالَ وَقَدْ بُعِثَ قَالَ نَعَمْ. قَالُوا فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلاً. فَيَسْتَبْشِرُ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ، لاَ يَعْلَمُ أَهْلُ السَّمَاءِ بِمَا يُرِيدُ اللَّهُ بِهِ فِى الأَرْضِ حَتَّى يُعْلِمَهُمْ، فَوَجَدَ فِى السَّمَاءِ الدُّنْيَا آدَمَ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَرَدَّ عَلَيْهِ آدَمُ وَقَالَ مَرْحَبًا وَأَهْلاً بِابْنِى، نِعْمَ الاِبْنُ أَنْتَ. فَإِذَا هُوَ فِى السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِنَهَرَيْنِ يَطَّرِدَانِ فَقَالَ مَا هَذَانِ النَّهَرَانِ يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا النِّيلُ وَالْفُرَاتُ عُنْصُرُهُمَا. ثُمَّ مَضَى بِهِ فِى السَّمَاءِ فَإِذَا هُوَ بِنَهَرٍ آخَرَ عَلَيْهِ قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ فَضَرَبَ يَدَهُ فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ قَالَ مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِى خَبَأَ لَكَ رَبُّكَ. ثُمَّ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَقَالَتِ

الْمَلاَئِكَةُ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتْ لَهُ الأُولَى مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قَالُوا وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -. قَالُوا وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. قَالُوا مَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلاً. ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ وَقَالُوا لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتِ الأُولَى وَالثَّانِيَةُ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى الرَّابِعَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، كُلُّ سَمَاءٍ فِيهَا أَنْبِيَاءُ قَدْ سَمَّاهُمْ فَأَوْعَيْتُ مِنْهُمْ إِدْرِيسَ فِى الثَّانِيَةِ، وَهَارُونَ فِى الرَّابِعَةِ، وَآخَرَ فِى الْخَامِسَةِ لَمْ أَحْفَظِ اسْمَهُ، وَإِبْرَاهِيمَ فِى السَّادِسَةِ، وَمُوسَى فِى السَّابِعَةِ بِتَفْضِيلِ كَلاَمِ اللَّهِ، فَقَالَ مُوسَى رَبِّ لَمْ أَظُنَّ أَنْ يُرْفَعَ عَلَىَّ أَحَدٌ. ثُمَّ عَلاَ بِهِ فَوْقَ ذَلِكَ بِمَا لاَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ اللَّهُ، حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى وَدَنَا الْجَبَّارُ رَبُّ الْعِزَّةِ فَتَدَلَّى حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى اللَّهُ فِيمَا أَوْحَى إِلَيْهِ خَمْسِينَ صَلاَةً عَلَى أُمَّتِكَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. ثُمَّ هَبَطَ حَتَّى بَلَغَ مُوسَى فَاحْتَبَسَهُ مُوسَى فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ مَاذَا عَهِدَ إِلَيْكَ رَبُّكَ قَالَ عَهِدَ إِلَىَّ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. قَالَ إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ وَعَنْهُمْ. فَالْتَفَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى جِبْرِيلَ كَأَنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ فِى ذَلِكَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ أَنْ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ. فَعَلاَ بِهِ إِلَى الْجَبَّارِ فَقَالَ وَهْوَ مَكَانَهُ يَا رَبِّ خَفِّفْ عَنَّا، فَإِنَّ أُمَّتِى لاَ تَسْتَطِيعُ هَذَا. فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرَ صَلَوَاتٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى فَاحْتَبَسَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهُ مُوسَى إِلَى رَبِّهِ حَتَّى صَارَتْ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ، ثُمَّ احْتَبَسَهُ مُوسَى عِنْدَ الْخَمْسِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ لَقَدْ رَاوَدْتُ بَنِى إِسْرَائِيلَ قَوْمِى عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذَا فَضَعُفُوا فَتَرَكُوهُ فَأُمَّتُكَ أَضْعَفُ أَجْسَادًا وَقُلُوبًا وَأَبْدَانًا وَأَبْصَارًا وَأَسْمَاعًا، فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ، كُلَّ ذَلِكَ يَلْتَفِتُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى جِبْرِيلَ لِيُشِيرَ عَلَيْهِ وَلاَ يَكْرَهُ ذَلِكَ جِبْرِيلُ، فَرَفَعَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ فَقَالَ يَا رَبِّ إِنَّ أُمَّتِى ضُعَفَاءُ أَجْسَادُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ وَأَسْمَاعُهُمْ وَأَبْدَانُهُمْ فَخَفِّفْ عَنَّا فَقَالَ الْجَبَّارُ يَا مُحَمَّدُ. قَالَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ إِنَّهُ لاَ يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَىَّ، كَمَا فَرَضْتُ عَلَيْكَ فِى أُمِّ الْكِتَابِ - قَالَ - فَكُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، فَهْىَ خَمْسُونَ فِى أُمِّ الْكِتَابِ وَهْىَ خَمْسٌ عَلَيْكَ. فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى فَقَالَ كَيْفَ فَعَلْتَ فَقَالَ خَفَّفَ عَنَّا أَعْطَانَا بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا. قَالَ مُوسَى قَدْ وَاللَّهِ رَاوَدْتُ بَنِى إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ فَتَرَكُوهُ، ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ أَيْضًا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَا مُوسَى قَدْ وَاللَّهِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّى مِمَّا اخْتَلَفْتُ إِلَيْهِ. قَالَ فَاهْبِطْ بِاسْمِ اللَّهِ. قَالَ وَاسْتَيْقَظَ وَهْوَ فِى مَسْجِدِ الْحَرَامِ. أطرافه 3570، 4964، 5610، 6581 - تحفة 909 - 184/ 9 أخرج فيه المصنِّفُ حديثًا طويلًا في «المعراج». وعدَّ ابنُ الجوزيِّ عشرةَ أوهامٍ في تلك الرواية، أشدُّها ما في آخر الحديث: «فاستيقظ وهو في المسجد»، فَيَدُلُّ على أن المعراجَ كان منامًا لا يَقَظَةَ. ويَتْلُوه في الشناعة قوله: «ودنا الجبَّارُ، رَبُّ العِزَّةِ، فَتَدَلَّى»،

38 - باب كلام الرب مع أهل الجنة

قال الخطابيُّ: ليس في هذا الكتاب - يعني «صحيح البخاريِّ» - حديثٌ أشنعُ ظاهرًا، ولا أشنعُ مذاقًا من هذا الفصل، فإنَّه يقتضي تحديد المسافة بين أحد المذكورين، وبين الآخر، وتمييز مكان كلِّ واحد منهما ... إلخ. واعلم أنه كان للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم في ليلة المِعْرَاجِ معاملةٌ مع جبرئيل عليه الصَّلاة والسَّلام، ومعاملةٌ مع ربِّه عزَّ وجلَّ. وقد جَمَعَتْ سورة النجم بينهما، فاختلط الأمرُ على الرواة أيضًا. ثم إن الرؤيةَ لمَّا كانت رؤيةَ التجلِّيات، جاء فيها النفيُ والإِثباتُ، فقيل: نورٌ أنَّى أَرَاه، وقيل: نورٌ إنِّي أَرَاه. وقد قدَّمنا الكلامَ في بَدْء الوحي: أن الرؤيةَ كانت رؤيةً بصريَّةً محقَّقةً، إلَّا أن رؤيةَ الماديِّ للمجرد، لا تكون إلَّا ما ناسبه، فلا توفِّيها الألفاظ، ويَتَجَاذَبُ فيه النفيُ والإِثباتُ، فهي كقوله (¬1): *أشْتَاقُهُ، فإذا بَدَا ... أَطْرَقْتُ من إجلالِ! 38 - باب كَلاَمِ الرَّبِّ مَعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ 7518 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ. فَيَقُولُونَ لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِى يَدَيْكَ. فَيَقُولُ هَلْ رَضِيتُمْ فَيَقُولُونَ وَمَا لَنَا لاَ نَرْضَى يَا رَبِّ وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ. فَيَقُولُ أَلاَ أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. فَيَقُولُونَ يَا رَبِّ وَأَىُّ شَىْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ فَيَقُولُ أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِى فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا». طرفه 6549 - تحفة 4162 - 185/ 9 7519 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا هِلاَلٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ¬

_ (¬1) قلت: إن الشيخ سمى تلك الرؤية رؤية التجليات، بناء على مختار الشيخ الأكبر، فإن رؤية الذات عنده، ليست إلا رؤية التجليات، حتى قال: إنه لا يرتفع رداء الكبرياء في المحشر أيضًا، فلا تحسب أنه إنكار للرؤية البصرية، حاشا، ثم حاشا، بل الكلام في أن الرؤية البصرية التي كانت، هل تعلقت بنفس ذاته تعالى، أعني بدون تجلي، أو تجلى له تعالى، ثم تعلقت به رؤيته. فهذا بحث في الحقائق، وقد ذهب فيه أربابها إلى نحوين، فمن نظر إلى ظواهر النصوص، قال: برؤية عين الذات، تعالت وتقدست، ومن نظر إلى أن جلاله تعالى يمنع أن تدركه الأبصار مطلقًا، ولو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره، زعم أنها عبارة عن نحو تجلى، نعم بين التجلي، والتجلي فرق، لا يدركه بصر، ولا فهم، ولا وهم، فمنه ما يكون للأولياء، ومنه ما كان لموسى عليه الصلاة والسلام على جبل الطور، ومنه ما كان لمحمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج، فإذا جاء باب الحقائق، فلا تغمس فيه، فإن لكل فن رجالًا، وليس لنا فيه حظ غير الاستماع، ولعلك سمعت: كن يهوديًا صرفًا، وإلا فلا تلعب بالتوراة، ونسأل الله الإيمان، والسلامة عن الزيغ، وسوء الفهم، والله تعالى أعلم.

39 - باب ذكر الله بالأمر، وذكر العباد بالدعاء، والتضرع والرسالة والإبلاغ

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ «أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِى الزَّرْعِ فَقَالَ أَوَ لَسْتَ فِيمَا شِئْتَ. قَالَ بَلَى وَلَكِنِّى أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ. فَأَسْرَعَ وَبَذَرَ فَتَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ وَتَكْوِيرُهُ أَمْثَالَ الْجِبَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ فَإِنَّهُ لاَ يُشْبِعُكَ شَىْءٌ». فَقَالَ الأَعْرَابِىُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ تَجِدُ هَذَا إِلاَّ قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، فَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 2348 - تحفة 14235 39 - باب ذِكْرِ اللَّهِ بِالأَمْرِ، وَذِكْرِ الْعِبَادِ بِالدُّعَاءِ، وَالتَّضَرُّعِ وَالرِّسَالَةِ وَالإِبْلاَغِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152] {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ (71) فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72)} [يونس: 71 - 72] غُمَّةٌ: هَمٌّ وَضِيقٌ. قَالَ مُجَاهِدٌ: اقْضُوا إِلَىَّ مَا فِى أَنْفُسِكُمْ، يُقَالُ افْرُقِ: اقْضِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6]، إِنْسَانٌ يَأْتِيهِ، فَيَسْتَمِعُ مَا يَقُولُ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَهْوَ آمِنٌ حَتَّى يَأْتِيَهُ فَيَسْمَعَ منه كَلاَمَ اللَّهِ، وَحَتَّى يَبْلُغَ مَأْمَنَهُ حَيْثُ جَاءَهُ. {النَّبَإِ الْعَظِيمِ} [النبأ: 2] الْقُرْآنُ {صَوَابًا} [النبأ: 38] حَقًّا فِى الدُّنْيَا، وَعَمَلٌ بِهِ. 40 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة: 22]، وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [فصلت: 9]، وَقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68] {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)} [الزمر: 65 - 66] وَقَالَ عِكْرِمَةُ: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)} [يوسف: 106] {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ} [الزخرف: 87] {مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان: 25]. فَذلِكَ إِيمَانُهُمْ، وَهُمْ يَعْبُدُونَ غَيرَهُ. وَمَا ذُكِرَ في خَلقِ أَفعَالِ العِبَادِ واكْتِسَابِهِمْ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2]. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الحجر: 8] بِالرِّسَالَةِ وَالعَذَابِ {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ} [الأحزاب: 8]: المُبَلِّغِينَ المُؤَدِّينَ مِنَ الرُّسُلِ {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]: عِنْدَنَا {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} القُرْآنُ {وَصَدَّقَ بِهِ} [الزمر: 33]

41 - باب قول الله تعالى: {وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون (22)} [فصلت: 22]

المُؤْمِنُ، يَقُولُ يَوْمَ القِيَامَةِ: هذا الَّذِي أَعْطَيتَنِي عَمِلتُ بِمَا فِيهِ. 7520 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهْوَ خَلَقَكَ». قُلْتُ إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ. قُلْتُ ثُمَّ أَىّ قَالَ «ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ». قُلْتُ ثُمَّ أَىّ قَالَ «ثُمَّ أَنْ تُزَانِىَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ». أطرافه 4477، 4761، 6001، 6811، 6861، 7532 - تحفة 9480 41 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22)} [فصلت: 22] 7521 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِىٌّ، أَوْ قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِىٌّ، كَثِيرَةٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ قَلِيلَةٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ فَقَالَ أَحَدُهُمْ أَتَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ قَالَ الآخَرُ يَسْمَعُ إِنْ جَهَرْنَا وَلاَ يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَيْنَا وَقَالَ الآخَرُ إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا فَإِنَّهُ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ} الآيَةَ. طرفاه 4816، 4817 تحفة 9335 فيه احتراسٌ آخر عمَّا يَنْشَأُ من قوله: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، بأن لفظَكَ إذا كان مخلوقًا، فكأنَّكَ صِرْتَ خالقًا لأفعالك، وهذا بعينه مذهبُ أهل الاعتزال. فيكون ضِغْثًا على إبَّالَة، فَأَزَاحَهُ، وقال: إن أفعالَ العبادِ، وإن كانت مخلوقةً، لكنَّها مخلوقةٌ تعالى. ولو جعلنا العبادَ خالقين لأفعالهم، لَزِمَ إثباتُ الندّ تعالى، والعياذ بالله. 42 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29] {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1]. وَأَنَّ حَدَثَهُ لاَ يُشْبِهُ حَدَثَ المَخْلُوقِينَ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلّم: «إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْره مَا يَشَاءُ، وَإِنَّ مِمَّا أَحْدَثَ: أَنْ لاَ تَكَلَّمُوا في الصَّلاَةِ». 7522 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ كُتُبِهِمْ وَعِنْدَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ أَقْرَبُ الْكُتُبِ عَهْدًا بِاللَّهِ، تَقْرَءُونَهُ مَحْضًا لَمْ يُشَبْ أطرافه 2685، 7363، 7523 - تحفة 6009

43 - باب قول الله تعالى: {لا تحرك به لسانك} [القيامة: 16]

7523 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَىْءٍ وَكِتَابُكُمُ الَّذِى أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - أَحْدَثُ الأَخْبَارِ بِاللَّهِ مَحْضًا لَمْ يُشَبْ وَقَدْ حَدَّثَكُمُ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ بَدَّلُوا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ وَغَيَّرُوا فَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِمْ، قَالُوا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. لِيَشْتَرُوا بِذَلِكَ ثَمَنًا قَلِيلاً، أَوَ لاَ يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنَ الْعِلْمِ عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ، فَلاَ وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا رَجُلاً مِنْهُمْ يَسْأَلُكُمْ عَنِ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ. أطرافه 2685، 7363، 7522 - تحفة 5851 يريد به إثباتَ قيام الحوادث بالله تعالى. 43 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} [القيامة: 16] وَفِعْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حَيْثُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ الْوَحْىُ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا مَعَ عَبْدِي حَيْثُمَا ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ». تحفة 15512 أ 7524 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِى عَائِشَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى (لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ) قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً، وَكَانَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ - فَقَالَ لِى ابْنُ عَبَّاسٍ أُحَرِّكُهُمَا لَكَ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحَرِّكُهُمَا فَقَالَ سَعِيدٌ أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)} قَالَ جَمْعُهُ فِى صَدْرِكَ ثُمَّ تَقْرَؤُهُ. {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18)} قَالَ فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ. قَالَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - اسْتَمَعَ فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا أَقْرَأَهُ. أطرافه 5، 4927، 4928، 4929، 5044 - تحفة 5637 - 188/ 9 يريد الفرقَ بين الوارد والمَوْرِد، نحو حركة اللسان واردةٌ على القرآن، وهو مَوْرِدٌ. والمخلوقُ هو الأوَّلُ دون الثاني، وذكر منه الحركةَ التي هي من فِعْلِ العبد. 44 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)} [الملك: 13 - 14] {يَتَخَافَتُونَ} [القلم: 23] [طه: 103] يَتَسَارُّونَ. 7525 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ عَنْ هُشَيْمٍ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فِى قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] قَالَ نَزَلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُخْتَفٍ بِمَكَّةَ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ

45 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم -: «رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار، ورجل يقول: لو أوتيت مثل ما أوتى هذا فعلت كما يفعل»

صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ، فَإِذَا سَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللهُ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} أَىْ بِقِرَاءَتِكَ، فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ، فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ {وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} عَنْ أَصْحَابِكَ فَلاَ تُسْمِعُهُمْ {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}. أطرافه 4722، 7490، 7547 - تحفة 5451 7526 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} فِى الدُّعَاءِ. طرفاه 4723، 6327 - تحفة 16806 7527 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ». وَزَادَ غَيْرُهُ «يَجْهَرُ بِهِ». تحفة 15211 فالسِّرُّ، والجَهْرُ فعلُ العبد، وكلٌّ منهما يَرِدُ على قوله تعالى، فالواردُ مختلفٌ، والمَوْرِد غيرُ مختلفٍ. ثم إنَّ في الآية اختلافًا، فعن ابن عبَّاس: «أنه في الصلاة»، وعن عائشةَ: «أنها في الدعاء»، كما روى عنهما البخاريُّ في الباب. قلتُ: وقولُ ابن عبَّاسٍ أقربُ إلى نظم القرآن، وتأويل قولها: إن المرادَ من الدعاءِ الدعاءُ في الصلاة، أو أن الدعاءَ مِصْدَاقُها أيضًا. ثم إنه قد مرَّ منِّي أن الجهرَ في الآية ليس على ما عُرِفَ عند الفقهاء، ولكنه جهرٌ لغويٌّ. أمَّا السِّرُّ، فذهب الهنْدُواني إلى أنه لا يُعْتَبَرُ فيه إسماعُ (¬1) نفسه أيضًا، واعْتَبَرَهُ الكَرْخِيُّ، وبقوله أخذ العلماءُ. قوله: ({أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)}) تعرَّض أوَّلًا إلى الجهر والسِّرِّ اللذين هما من الأضداد، ويتعلَّقان بالقرآن. ثم صرَّح بمن {خَلَقَ}، لِيُعْلَمَ أن مع القرآن جزءًا مخلوقًا أيضًا، وليس هو إلَّا من أفعالنا. 45 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الْقُرْآنَ فَهْوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَرَجُلٌ يَقُولُ: لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِىَ هَذَا فَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ» فَبَيَّنَ اللهُ: أَنَّ قِيَامَهُ بِالْكِتَابِ هُوَ فِعْلُهُ. وَقَالَ: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} [الروم: 22]. وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77]. 7528 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ¬

_ (¬1) قلت: فيكفي عنده تصحيح الحروف، أعني به تحريك اللسان من دون أن يهمس همسًا.

46 - باب قول الله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} [المائدة: 67]

قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَحَاسُدَ إِلاَّ فِى اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهْوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَهْوَ يَقُولُ لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِىَ هَذَا، لَفَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ. وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَهْوَ يُنْفِقُهُ فِى حَقِّهِ فَيَقُولُ لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِىَ عَمِلْتُ فِيهِ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ». طرفاه 5026، 7232 - تحفة 12339 - 189/ 9 7529 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِىُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِى اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهْوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَهْوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ». سَمِعْتُ سُفْيَانَ مِرَارًا لَمْ أَسْمَعْهُ يَذْكُرُ الْخَبَرَ وَهْوَ مِنْ صَحِيحِ حَدِيثِهِ. طرفه 5025 - تحفة 6815 وقد مرَّ منِّي أن نظيرَه، كفعلك، وقراءتك بجلستان للسعدي. فإن قراءتَك فعلُكَ، بخلاف المقروء. 46 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67] وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مِنَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ الرِّسَالَةُ، وَعَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلّم البَلاَغُ، وَعَلينَا التَّسْلِيمُ. وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ} [الجن: 28]، وَقَالَ تَعَالَى: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي} [الأعراف: 62]. وَقَالَ كَعْب بْنُ مَالِكٍ، حِينَ تَخَلَّفَ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلّم: {وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 94]. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِذَا أَعْجَبَكَ حُسْنُ عَمَلِ امْرِىءٍ فَقُلِ: {اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 105] وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ أَحَدٌ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: {ذَلِكَ الْكِتَابُ} هذا القُرْآنُ {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] بَيَانٌ وَدِلاَلَةٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ} [الممتحنة: 10]: هذا حُكْمُ اللَّهِ {لاَ رَيْبَ} [البقرة: 2]: لاَ شَكَّ. تِلكَ آيَاتُ اللَّهِ: يَعْنِي هذهِ أَعْلاَمُ القُرْآنِ، وَمِثْلُهُ: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: 22]: يَعْنِي بِكُمْ، وَقَالَ أَنَسٌ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم خَالَهُ حَرَامًا إِلَى قَوْمِهِ وَقَالَ: أَتُؤْمِنُونِي أُبَلِّغُ رِسَالَةَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلّم فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُمْ. 7530 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّىُّ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِىُّ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِىُّ وَزِيَادُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ قَالَ الْمُغِيرَةُ أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا - صلى الله عليه وسلم - عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا «أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الْجَنَّةِ». طرفه 3159 - تحفة 11491 7531 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - كَتَمَ شَيْئًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِىُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ

47 - باب قول الله تعالى: {قل فأتوا بالتوراة فاتلوها} [آل عمران: 93]

عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَتَمَ شَيْئًا مِنَ الْوَحْىِ، فَلاَ تُصَدِّقْهُ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67] أطرافه 3234، 3235، 4612، 4855، 7380 تحفة 17613 - 190/ 9 7532 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ «أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا، وَهْوَ خَلَقَكَ». قَالَ ثُمَّ أَىّ قَالَ «ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ، أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ». قَالَ ثُمَّ أَىّ قَالَ «أَنْ تُزَانِىَ حَلِيلَةَ جَارِكَ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَهَا {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ} [الفرقان: 68] الآيَةَ. أطرافه 4477، 4761، 6001، 6811، 6861، 7520 تحفة 9480 قوله: ({وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ})، فَأَسْنَدَ إلينا العملَ في مرتبةٍ. فَزَيدٌ مع أفعاله منفصلٌ عن الباري عزَّ اسمه، ومخلوقٌ له. وليس أفعالُ زيدٍ منفصلةً عنه، ولذا لا يُقَال: إنها مخلوقةٌ له، يريد هذا. 47 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا} [آل عمران: 93] وَقَوْلِ النبي صلى الله عليه وسلّم: «أُعْطِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا بِهَا، وَأُعْطِيَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا بِهِ، وَأُعْطِيتُمُ القُرْآنَ فَعَمِلتُمْ بِهِ». وَقَالَ أَبُو رَزِينٍ: {يَتْلُونَهُ} [البقرة: 121]: يَتَّبِعُونَهُ وَيَعْمَلُونَ بِهِ حَقَّ عَمَلِهِ، يُقَالُ {يُتْلَى} [النساء: 127] يُقْرَأُ، حَسَنُ التِّلاَوَةِ: حَسَنُ القِرَاءَةِ لِلقُرْآنِ {لَّا يَمَسُّهُ} [الواقعة: 79]: لاَ يَجِدُ طَعْمَهُ وَنَفعَهُ إِلَّا مَنْ آمَنَ بِالقُرْآنِ، وَلاَ يَحْمِلُهُ بِحَقِّهِ إِلَّا المُوقِنُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5)} [الجمعة: 5] وَسَمَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم الإِسْلاَمَ وَالإِيمَانَ عَمَلًا، قَالَ أَبُو هُرَيرَةَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم لِبِلاَلٍ: «أَخْبِرْنِي بِأَرْجى عَمَلٍ عَمِلتَهُ في الإِسْلاَمِ؟». قَالَ: مَا عَمِلتُ عَمَلًا أَرْجى عِنْدِي أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ إِلَّا صَلَّيتُ، وَسُئِلَ: أَيُّ العَمَلِ أَفضَلُ؟ قَالَ: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، ثُمَّ الجِهَادُ، ثُمَّ حَجٌّ مَبْرُورٌ». 7533 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَنْ سَلَفَ مِنَ الأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، أُوتِىَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا بِهَا حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ، ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِىَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا بِهِ حَتَّى صُلِّيَتِ الْعَصْرُ، ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِيتُمُ

48 - باب وسمى النبى - صلى الله عليه وسلم - الصلاة عملا، وقال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»

الْقُرْآنَ فَعَمِلْتُمْ بِهِ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَأُعْطِيتُمْ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ هَؤُلاَءِ أَقَلُّ مِنَّا عَمَلًا وَأَكْثَرُ أَجْرًا. قَالَ اللهُ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا قَالُوا لاَ. قَالَ فَهْوَ فَضْلِى أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ». أطرافه 557، 2268، 2269، 3459، 5021، 7467 - تحفة 7004 قوله: (أُعْطِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ، فَعَمِلُو بِهَا) ... إلخ، فاستدلَّ من قوله: «عَمِلُوا بها»، أن التوراةَ كتابُ الرَّبِّ، والعملَ بها فعلٌ من جانب العباد، وتعلقَ بها. وهكذا القرآنُ، صفةٌ تعالى، وأفعالُنا تَرِدُ عليه. 48 - باب وَسَمَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلاَةَ عَمَلًا، وَقَالَ: «لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» 7534 - حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْوَلِيدِ. وَحَدَّثَنِى عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَسَدِىُّ أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْعَيْزَارِ عَنْ أَبِى عَمْرٍو الشَّيْبَانِىِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ «الصَّلاَةُ لِوَقْتِهَا، وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ، ثُمَّ الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ». أطرافه 527، 2782، 5970 - تحفة 9232 يريد أن الصلاةَ تحتوي على القرآن، وهو صفةٌ تعالى، ومع ذلك سمَّاها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عملًا، فلا يَكُونُ إلَّا باعتبار الوارد. أمَّا المَوْرِدُ، فظاهرٌ أنه ليس من عمله، فتبيَّن أنه لا بُدَّ من الفرق بين الوارد والمَوْرِد، وهَدْرُ الفرق بينهما يُفْضِي إلى التسوية بين فعل الخالق والمخلوق. 49 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21)} [المعارج: 19 - 21]: هَلُوعًا: ضَجُورًا 7535 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنِ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ قَالَ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مَالٌ فَأَعْطَى قَوْمًا وَمَنَعَ آخَرِينَ فَبَلَغَهُ أَنَّهُمْ عَتَبُوا فَقَالَ «إِنِّى أُعْطِى الرَّجُلَ وَأَدَعُ الرَّجُلَ، وَالَّذِى أَدَعُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنَ الَّذِى أُعْطِى، أُعْطِى أَقْوَامًا لِمَا فِى قُلُوبِهِمْ مِنَ الْجَزَعِ وَالْهَلَعِ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللهُ فِى قُلُوبِهِمْ مِنَ الْغِنَى وَالْخَيْرِ مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ». فَقَالَ عَمْرٌو مَا أُحِبُّ أَنَّ لِى بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حُمْرَ النَّعَمِ. طرفاه 923، 3145 - تحفة 10711 ولعلَّ في هذه الترجمة له نظرٌ إلى الخلق (¬1). ¬

_ (¬1) قلت: قال ابن بطال: مراده في هذا الباب إثبات خلق الله تعالى للإنسان بأخلاقه، من الهلع والصبر، والمنع، كذا في "الفتح".

50 - باب ذكر النبى - صلى الله عليه وسلم - وروايته عن ربه

50 - باب ذِكْرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَرِوَايَتِهِ عَنْ رَبِّهِ 7536 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ الْهَرَوِىُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ قَالَ «إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَىَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّى ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِذَا أَتَانِى مَشْيًا أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً». تحفة 1280 - 192/ 9 7537 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنِ التَّيْمِىِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ - رُبَّمَا ذَكَرَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ مِنِّى شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّى ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا أَوْ بُوعًا». وَقَالَ مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ أَبِى سَمِعْتُ أَنَسًا عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ. طرفاه 7405، 7505 - تحفة 12201 7538 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّكُمْ قَالَ «لِكُلِّ عَمَلٍ كَفَّارَةٌ، وَالصَّوْمُ لِى وَأَنَا أَجْزِى بِهِ، وَلَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ». أطرافه 1894، 1904، 5927، 7492 - تحفة 14393 7539 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ. وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ قَالَ «لاَ يَنْبَغِى لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ إِنَّهُ خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى». وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ. أطرافه 3395، 3413، 4630 - تحفة 5421 7540 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى سُرَيْجٍ أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِىِّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْفَتْحِ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَتْحِ، أَوْ مِنْ سُورَةِ الْفَتْحِ - قَالَ - فَرَجَّعَ فِيهَا - قَالَ - ثُمَّ قَرَأَ مُعَاوِيَةُ يَحْكِى قِرَاءَةَ ابْنِ مُغَفَّلٍ وَقَالَ «لَوْلاَ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْكُمْ لَرَجَّعْتُ كَمَا رَجَّعَ ابْنُ مُغَفَّلٍ». يَحْكِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ كَيْفَ كَانَ تَرْجِيعُهُ قَالَ آآ آثَلاَثَ مَرَّاتٍ. أطرافه 4281، 4835، 5034، 5047 - تحفة 9666 فهناك أيضًا أمران: أمرٌ من النبيِّ، وأمرٌ آخر يتعلَّق بجَنَاب الرَّبِّ عزَّ اسمه، تعلَّق به فعلُ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم 7538 - قوله: (لكُلِّ عَمَلٍ كَفَّارَةٌ، والصَّوْمُ لي) ... إلخ، نظر المصنِّفُ إلى لفظ العمل (¬1). وهذا اللفظُ لم يخرِّجْهُ البخاريُّ إلَّا في هذا الموضع، ولا بُدَّ من النظر إليه عند بيان معناه (¬2). ¬

_ (¬1) قلت: أما كون الحديث رواية عن الله تعالى، فهو ظاهر لا يحتاج إلى تنبيه، ولذا لم يتعرض إليه الشيخ. (¬2) وقد تكلم الشيخ على ألفاظ الحديث، مع التنبيه على الفروق بين معانيها في -كتاب الصيام- فراجعه.

51 - باب ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها من كتب الله، بالعربية وغيرها

51 - باب مَا يَجُوزُ مِنْ تَفْسِيرِ التَّوْرَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ، بِالْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهَا لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 93]. 7541 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنِى أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ أَنَّ هِرَقْلَ دَعَا تَرْجُمَانَهُ، ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَهُ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ، وَ {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64]» الآيَةَ. أطرافه 7، 51، 2681، 2804، 2941، 2978، 3174، 4553، 5980، 6260، 7196 تحفة 4850 - 3/ 9 7542 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لأَهْلِ الإِسْلاَمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ، وَلاَ تُكَذِّبُوهُمْ وَ {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ} [البقرة: 136] الآيَةَ». طرفاه 4485، 7362 - تحفة 15405 7543 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنَ الْيَهُودِ قَدْ زَنَيَا فَقَالَ لِلْيَهُودِ «مَا تَصْنَعُونَ بِهِمَا». قَالُوا نُسَخِّمُ وُجُوهَهُمَا وَنُخْزِيهِمَا. قَالَ «{فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}». فَجَاءُوا فَقَالُوا لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَرْضَوْنَ يَا أَعْوَرُ اقْرَأْ. فَقَرَأَ حَتَّى انْتَهَى عَلَى مَوْضِعٍ مِنْهَا فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ. قَالَ «ارْفَعْ يَدَكَ». فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهِ آيَةُ الرَّجْمِ تَلُوحُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ عَلَيْهِمَا الرَّجْمَ. وَلَكِنَّا نُكَاتِمُهُ بَيْنَنَا. فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا، فَرَأَيْتُهُ يُجَانِئُ عَلَيْهَا الْحِجَارَةَ. أطرافه 1329، 3635، 4556، 6819، 6841، 7332 - تحفة 7519 فالتوراةُ من الله تعالى، وتفسيرُها من أفعال العباد، وكذا الكتابةُ من أفعالهم. فهل يقول عاقلٌ: إن التلاوةَ، والكتابةَ، وأمثالَهما من صفاته تعالى. وإذن وَجَبَ الفرقُ بين الوارد والمَوْرِد، وفعل العبد، وصفة الله تعالى، ويقضي العجب مما نَسَبَ إلى الحنابلة: أن المكتوبَ ما بين الدفتين أيضًا قديمٌ. 52 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ» و «زَيِّنُوا (¬1) القُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ». ¬

_ (¬1) فإن قلت: ما معنى تزيين الصوت بالقرآن أو تزيين القرآن بالصوت؟ قلت: معناه -كما رواه الدارمي- أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الناس أحسن صوتًا للقرآن، وأحسن قراءة؟ قال: من إذا سمعته يقرأ أريت أنه يخشى الله. الخ، وأما ما كان بنحو تمطيط، وتهييج، فأمره -كما روى البيهقي في "شعب الإيمان"، ورزين =

7544 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَا أَذِنَ اللهُ لِشَىْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِىٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ». أطرافه 5023، 5024، 7482 - تحفة 14997 7545 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا - وَكُلٌّ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ - قَالَتْ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِى، وَأَنَا حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّى بَرِيئَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ يُبَرِّئُنِى، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ يُنْزِلُ فِى شَأْنِى وَحْيًا يُتْلَى، وَلَشَأْنِى فِى نَفْسِى كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللهُ فِىَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11] الْعَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا. أطرافه 2593، 2637، 2661، 2688، 2879، 4025، 4141، 4690، 4749، 4750، 4757، 5212، 6662، 6679، 7369، 7370، 7500 تحفة 16126، 16311، 17409، 16708 - 194/ 9 7546 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ أُرَاهُ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِى الْعِشَاءِ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1)} فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ صَوْتًا أَوْ قِرَاءَةً مِنْهُ. أطرافه 767، 769، 4952 - تحفة 1791 7547 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُتَوَارِيًا بِمَكَّةَ، وَكَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ، فَإِذَا سَمِعَ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110]. أطرافه 4722، 7490، 7525 - تحفة 5451 7548 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - قَالَ لَهُ «إِنِّى أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِى غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ لِلصَّلاَةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلاَ إِنْسٌ وَلاَ شَىْءٌ، إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه 609، 3296 - تحفة 4105 ¬

_ = في "كتابه" -عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرؤوا القرآن بلحون العرب، وأصواتها، وإياكم ولحون أهل العشق، ولحون أهل الكتابين، وسيجيء بعدي قوم يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم، وقلوب الذين يعجبهم شأنهم، اهـ. ومن الناس من جعل الحديث من باب القلب، فإن الظاهر: زينوا الأصوات بالقرآن، فجوابه -كما عند الدارمي- عن البراء ابن عازب، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: حسنوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنًا، فظهر أن حمله على المجاز خلاف المراد؛ الأحاديث كلها في "المشكاة".

53 - باب قول الله تعالى: {فاقرءوا ما تيسر من القرآن} [المزمل: 20]

7549 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَرَأْسُهُ فِى حَجْرِى وَأَنَا حَائِضٌ. طرفه 297 - تحفة 17858 فالقرآنُ من الله تعالى، وأمَّا الصوتُ فمن العبد، حتى أنه يتمكَّنُ تزيينه وعدمه. بخلاف كلام الله الذي هو مَوْرِد صوته، فإنه عالٍ متعالٍ عنهما. 53 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20] 7550 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِىَّ حَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِى حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ، فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِى الصَّلاَةِ، فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ، فَلَبَبْتُهُ بِرِدَائِهِ فَقُلْتُ مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِى سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ قَالَ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ كَذَبْتَ، أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ. فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ إِنِّى سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا. فَقَالَ «أَرْسِلْهُ، اقْرَأْ يَا هِشَامُ». فَقَرَأَ الْقِرَاءَةَ الَّتِى سَمِعْتُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اقْرَأْ يَا عُمَرُ». فَقَرَأْتُ الَّتِى أَقْرَأَنِى فَقَالَ «كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ». أطرافه 2419، 4992، 5041، 6936 - تحفة 10642، 10591 - 195/ 9 هذه الترجمةُ مع نظرائها كلِّها في الفرق بين الوارد والمَوْرِد. فإنَّ القرآنَ من الله تعالى، والقراءةَ فعلُ العبد. وكذا التيسيرُ من الله تعالى وفعله، والقرآن مورد فعله، وهو معنى قوله: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} [القمر: 17]. 54 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 17] وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ». يُقَالُ مُيَسَّرٌ مُهَيَّأٌ. وَقَالَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17)} [القمر: 17]. قَالَ: هَلْ مِنْ طَالِبِ عِلْمٍ فَيُعَانَ عَلَيْهِ. 7551 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ يَزِيدُ حَدَّثَنِى مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ

55 - باب قول الله تعالى: {بل هو قرآن مجيد (21) في لوح محفوظ (22)} [البروج: 21 - 22]

اللَّهِ عَنْ عِمْرَانَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِيمَا يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ قَالَ «كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ». طرفه 6596 - تحفة 10859 7552 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ وَالأَعْمَشِ سَمِعَا سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ فِى جِنَازَةٍ فَأَخَذَ عُودًا فَجَعَلَ يَنْكُتُ فِى الأَرْضِ فَقَالَ «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ أَوْ مِنَ الْجَنَّةِ». قَالُوا أَلاَ نَتَّكِلُ. قَالَ «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5)} [الليل: 5]». الآيَةَ. أطرافه 1362، 4945، 4946، 4947، 4948، 4949، 6217، 6605 - تحفة 10167 55 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22)} [البروج: 21 - 22] {وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2)} [الطور: 1 - 2] قَالَ قَتَادَةُ: مَكْتُوبٌ. {يَسْطُرُونَ} [القلم: 1] يَخُطُّونَ {فِي أُمّ الْكِتَابِ} [الزخرف: 4]: جُمْلَةِ الكِتَابِ وَأَصْلِهِ. {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ} [ق: 18]: مَا يَتَكَلَّمُ مِنْ شَيءٍ إِلَّا كُتِبَ عَلَيهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُكْتَب الخَيرُ وَالشَّرُّ. {يُحَرّفُونَ} [النساء: 46] يُزِيلُونَ، وَلَيسَ أَحَدٌ يُزِيلُ لَفظَ كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلكِنَّهُمْ يُحَرِّفُونَهُ، يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيرِ تَأْوِيلِهِ. {دِرَاسَتِهِمْ} [الأنعام: 156]: تِلاَوَتُهُمْ. {واعِيَةٌ} حَافِظَةٌ {وَتَعِيَهَا} [الحَاقة: 12] تَحْفَظُهَا. {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ} يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ {وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19] هذا القُرْآنُ فَهُوَ لَهُ نَذِيرٌ. 7553 - وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ أَبِى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ كِتَابًا عِنْدَهُ غَلَبَتْ - أَوْ قَالَ سَبَقَتْ - رَحْمَتِى غَضَبِى. فَهْوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ». أطرافه 3194، 7404، 7412، 7453، 7554 - تحفة 14671 7554 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى غَالِبٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ أَبِى يَقُولُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ أَبَا رَافِعٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ إِنَّ رَحْمَتِى سَبَقَتْ غَضَبِى. فَهْوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ». أطرافه 3194، 7404، 7412، 7453، 7553 - تحفة 14671 قوله: (قال ابنُ عَبَّاسٍ: ... {يُحَرّفُونَ} يُزِيلُونَ، ولَيْسَ أَحَدٌ يُزِيلُ لفْظَ كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ، ولكِنَّهُمْ يُحَرِّفُونَهُ، يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ) واعلم أن أقوالَ العلماء في وقوع التحريف، ودلائلَهمن كلَّها قد قضى عنه الوَطَرَ المُحَشِّي، فراجعه. والذي ينبغي فيه النظرُ ههنا أنه كيف سَاغَ لابن عبَّاس إنكارُ التحريف اللفظيِّ، مع أن شاهد الوجود يُخَالِفُهُ. كيف وقد نعى عليهم القرآن أنَّهم كانوا يَكْتُبُونَ بأيديهم، ثم يقولون {هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران: 78]، وهل هذا إلَّا تحريفٌ لفظيٌّ، ولعلَّ مرادَه أنَّهم ما كانوا

56 - باب قول الله تعالى: {والله خلقكم وما تعملون (96)} [الصافات: 96]

يُحَرِّفونها قصدًا، ولكن سَلَفهم كانوا يَكْتُبُون مرادها كما فَهِمُوه. ثم كان خَلَفُهم يُدْخِلُنَه في نفس التوراة، فكان التفسيرُ يَخْتَلِطُ بالتوراة من هذا الطريق. 7553 - قوله: (فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ) فالمكتوبُ، وإن كان فوق العرش، إلَّا أنه مع ذلك جارٍ على ألسنتنا أيضًا، فذاك من فعلنا، لا عين المكتوب. أمَّا الرحمةُ والغضبُ، فهما من صفات الفعل. 56 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)} [الصافات: 96] {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} [القمر: 49]. وَيُقَالُ لِلْمُصَوِّرِينَ: "أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ". {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)} [الأعراف: 54]. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: بَيَّنَ اللَّهُ الْخَلْقَ مِنَ الأَمْرِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]. وَسَمَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الإِيمَانَ عَمَلاً، قَالَ أَبُو ذَرٍّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ: سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: أَىُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَجِهَادٌ فِى سَبِيلِهِ». وَقَالَ: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17]». وَقَالَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: مُرْنَا بِجُمَلٍ مِنَ الأَمْرِ، إِنْ عَمِلْنَا بِهَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ فَأَمَرَهُمْ بِالإِيمَانِ وَالشَّهَادَةِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ. فَجَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ عَمَلاً. 7555 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ وَالْقَاسِمِ التَّمِيمِىِّ عَنْ زَهْدَمٍ قَالَ كَانَ بَيْنَ هَذَا الْحَىِّ مِنْ جُرْمٍ وَبَيْنَ الأَشْعَرِيِّينَ وُدٌّ وَإِخَاءٌ، فَكُنَّا عِنْدَ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ فَقُرِّبَ إِلَيْهِ الطَّعَامُ فِيهِ لَحْمُ دَجَاجٍ، وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِى تَيْمِ اللَّهِ كَأَنَّهُ مِنَ الْمَوَالِى، فَدَعَاهُ إِلَيْهِ فَقَالَ إِنِّى رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ، فَحَلَفْتُ لاَ آكُلُهُ. فَقَالَ هَلُمَّ فَلأُحَدِّثْكَ عَنْ ذَاكَ، إِنِّى أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ قَالَ «وَاللَّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ وَمَا عِنْدِى مَا أَحْمِلُكُمْ». فَأُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِنَهْبِ إِبِلٍ فَسَأَلَ عَنَّا فَقَالَ «أَيْنَ النَّفَرُ الأَشْعَرِيُّونَ». فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى، ثُمَّ انْطَلَقْنَا قُلْنَا مَا صَنَعْنَا حَلَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَحْمِلُنَا، وَمَا عِنْدَهُ مَا يَحْمِلُنَا، ثُمَّ حَمَلَنَا، تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمِينَهُ، وَاللَّهِ لاَ نُفْلِحُ أَبَدًا، فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا لَهُ فَقَالَ «لَسْتُ أَنَا أَحْمِلُكُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ، إِنِّى وَاللَّهِ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلاَّ أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَتَحَلَّلْتُهَا». أطرافه 3133، 4385، 4415، 5517، 5518، 6623، 6649، 6678، 6680، 6718، 6719، 6721 - تحفة 8990 - 197/ 9 7556 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ الضُّبَعِىُّ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -

57 - باب قراءة الفاجر والمنافق، وأصواتهم وتلاوتهم لا تجاوز حناجرهم

فَقَالُوا إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ مُضَرَ، وَإِنَّا لاَ نَصِلُ إِلَيْكَ إِلاَّ فِى أَشْهُرٍ حُرُمٍ، فَمُرْنَا بِجُمَلٍ مِنَ الأَمْرِ، إِنْ عَمِلْنَا بِهِ دَخَلْنَا الْجَنَّةَ، وَنَدْعُو إِلَيْهَا مَنْ وَرَاءَنَا. قَالَ «آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، آمُرُكُمْ بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ، وَهَلْ تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَتُعْطُوا مِنَ الْمَغْنَمِ الْخُمُسَ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ لاَ تَشْرَبُوا فِى الدُّبَّاءِ، وَالنَّقِيرِ، وَالظُّرُوفِ الْمُزَفَّتَةِ، وَالْحَنْتَمَةِ». أطرافه 53، 87، 523، 1398، 3095، 3510، 4368، 4369، 6176، 7266 تحفة 6524 7557 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ». أطرافه 2105، 3224، 5181، 5957، 5961 - تحفة 17557 7558 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ». طرفه 5951 - تحفة 7520 7559 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِى، فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً، أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً أَوْ شَعِيرَةً». طرفه 5953 - تحفة 14906 - 198/ 9 قيل: إن «ما» مصدريةٌ، والمعنى: واللَّهُ خلقكم، وعملكم، فيكون فيه ردًا على المعتزلة القائلين: بأن أفعالَ العباد مخلوقةٌ لهم. كذا في «شرح العقائد» للنسفي. قلتُ: والصوابُ أن ما موصولةٌ، والمعنى: أنكم وما تَعْمَلُونَهُ بأيديكم من الأصنام كلَّها مخلوقةٌ تعالى، فكيف تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُون بأيديكم. قوله: ({أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ}) فالقرآنُ تحت الأمر، وأفعالُنا تحت الخلق. قوله: (سُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قال: إيمانٌ باللَّهِ)، ولذا حقَّقت في كتاب الإِيمان: أن الإِيمانَ عملُ القلب. 57 - باب قِرَاءَةِ الْفَاجِرِ وَالْمُنَافِقِ، وَأَصْوَاتُهُمْ وَتِلاَوَتُهُمْ لاَ تُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ 7560 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالأُتْرُجَّةِ،

58 - باب قول الله تعالى: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} [الأنبياء: 47] وأن أعمال بني آدم وقولهم يوزن

طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَالَّذِى لاَ يَقْرَأُ كَالتَّمْرَةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلاَ رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِى لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ، طَعْمُهَا مُرٌّ وَلاَ رِيحَ لَهَا». أطرافه 5020، 5059، 5427 - تحفة 8981 7561 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ ح وَحَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - سَأَلَ أُنَاسٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْكُهَّانِ فَقَالَ «إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِشَىْءٍ». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ بِالشَّىْءِ يَكُونُ حَقًّا. قَالَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّىُّ فَيُقَرْقِرُهَا فِى أُذُنِ وَلِيِّهِ كَقَرْقَرَةِ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ». أطرافه 3210، 3288، 5762، 6213 - تحفة 17349 7562 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا مَهْدِىُّ بْنُ مَيْمُونٍ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يُحَدِّثُ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لاَ يَعُودُونَ فِيهِ حَتَّى يَعُودَ السَّهْمُ إِلَى فُوقِهِ». قِيلَ مَا سِيمَاهُمْ. قَالَ «سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ». أَوْ قَالَ «التَّسْبِيدُ». أطرافه 3344، 3610، 4351، 4667، 5058، 6163، 6931، 6933، 7432 تحفة 4304 يريدُ أن الفرقَ بين الواردِ والمَوْرِد ممَّا لا يَكَادُ يخفي، فإن الواردَ لا يختصُّ بالمؤمنين أيضًا. بل أصواتُ المنافقين أيضًا تتعلَّقُ بالقرآن، وذلك فعلهم قطعًا. ثم الذي لا يُجاوِزُ حناجرَهم ليس إلَّا فعلُهم، وإلَّا فالقرآنُ على مكانه ومرتبته. فالمَوْرِدُ غير الوارد. 58 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47] وَأَنَّ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ وَقَوْلَهُمْ يُوزَنُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: القُسْطَاسُ: العَدْلُ بِالرُّوميَّةِ، وَيُقَالُ: القِسْطُ مَصْدَرُ المُقْسِطِ وَهُوَ العَادِلُ، وَأَمَّا القَاسِطُ فَهُوَ الجَائِرُ. 7563 - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ إِشْكَابٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِى الْمِيزَانِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ». طرفاه 6406، 6682 - تحفة 14899 - 199/ 9

(تَمَّ صَحِيحُ الإِمَامِ الْبُخَارِيِّ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). يريد أن أفعالَنا متميِّزةٌ من القرآن غايةَ التمييز، حتَّى إن أفعالَهم يُنْصَبُ لها الميزان. وأمَّا القرآنُ، فمن يَزْعُمُ أنه يُوضَعُ له الميزان، فافترقا من كلِّ وجهٍ. ثم اعلم أن (¬1) المصنِّفَ بدأ كتابه بمبدأ المبادي، وهو: الوحي، والنية، وخَتَم بغاية الغايات، وهو قوله: «سبحانه الله، وبحمده، سبحان الله العظيم». تم بعونه تعالى كتاب "فيض الباري على صحيح البخاري" ¬

_ (¬1) قلت: ولا بأس أن نأتيك ببعض كلام الشيخ الحافظ العلامة، في ذلك، قال: لما كان أصل العصمة أولًا وآخرًا، هو توحيد الله، فختم بكتاب التوحيد، وكان آخر الأمور التي يظهر بها المفلح من الخاسر، ثقل الموازين، وخفتها، فجعله آخر تراجم الكتاب، فبدأ بحديث "الأعمال بالنيات" وذلك في الدنيا، وختم بأن الأعمال توزن يوم القيامة، وأشار إلى أنه إنما يثقل منها ما كان بالنية الخالصة لله تعالى، وفي الحديث الذي ذكره ترغيب وتخفيف، وحث على الذكر المذكور لمحبة الرحمن له، والخفة بالنسبة لما يتعلق بالعمل، والثقل بالنسبة لإظهار الثواب، وجاء ترتيب هذا الحديث على أسلوب عظيم، وهو أن حب الرب سابق، وذكر العبد، وخفة الذكر على لسانه قال، ثم بين ما فيهما من الثواب العظيم النافع يوم القيامة، انتهى كلام شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني، شيخ الحافظ شهاب الدين ابن حجر العسقلاني. قلت: وهذا الذي أراده شيخنا إمام العصر قدس سره بقوله: مبدأ المبادىء، وغاية الغايات، والله تعالى أعلم بالصواب، والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله، وأصحابه، وأزواجه، وذريته. والتابعين لهم بإحسان، وسلم تسليمًا كثيرًا، اللهم اجعله شرحًا كافلًا حافلًا، لا رياء فيه، ولا سمعة.

§1/1